منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   179 - الشلالات البعيدة - آن مثير - روايات عبير القديمة ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t150510.html)

rosi 31-10-10 10:57 PM

9_صرخة في واد


مرت ثلاثة أيام قبل أن يخرج غلين مع كاترين لركوب الخيل ، ثلاثة أيام قضاها في فراشة ن ماعدا ساعات المساء فقط حيث كان ينضم فيها إلى بقية أفراد العائلة على مائدة العشاء ، أو في غرفة الجلوس ، وأما كاترين فكانت تجد سلوى في رفقة ماريا في المطبخ تستمع إلى حكايتها المثيرة الجميلة
غير أنها بعد ظهر أحد هذه الأيام ، رافقت بن فريزر في جولة في أنحاء الطابق الأرضي وهو يحكي لها تاريخ العائلة ، أخذا ينتقلان من غرفة إلى أخرى ، وهي في حالة من الذهول أمام فخامة وأناقة ما ترى ، والواقع أن كاترين لم تعرف عدد الغرف التي مرت بها ، ولم تستطع أن تقدر المساحات التي بنيت عليها ، وجميعها لا تقل رحابة ، وزخارفها لا تقل جمالاً عما سبق ورأته من أجزاء المبنى ، وعجبت في نفسها ، وتسألت لم كل هذه القاعات ، ولم كل هذه الغرف ؟!!
منتدى ليلاس
كان بن قد قرأ أفكارها فقال وهما لم ينهيا جولتهما بعد :
في الواقع ، لم يكن من الضروري بناء جميع هذه الغرف ، ولكن ماكدونالد أراد أن يبني أكبر وأفضل بيت في الجوار ، وهذا ما فعله
مرا بغرفة خاصة للموسيقى ، مزخرفة بأجمل الزخارف وأتقنها في وسطها بيانو فخم لم يفقد رونقه ولمعانه ، وفي إحدى الزوايا قيثارة كأنما لم تمسها يد
مر بن بأصابعه على مفاتيح البيانو ، وقال وفي صوته نغمة حزن عميق :
مارغريت اعتادت أن تعزف عليه كثيراً ، ولكن بعد ولادة أنجس وجيرد، لمتعد تملك الوقت الكافي لذلك
شعرت كاترين بأن جيرد احتفظ بهذه الغرفة كما هي لذكرى أمه ، ولما نظرت إلى بن رأت ملامح أسى دفين ترتسم على وجهه
وصلا إلى غرفة المكتبة ، فكانت كبقية الغرف باتساعها وزخارفها وترتيبها وفخامة أثاثها ، ألقت كاترين بنفسها على إحدى الأرائك طلباً للراحة ووقف بن قبالتها يتكئ على حافة مكتبة تغطي الجدار صفت فيها الكتب من الأرض حتى السقف ثم قال :
في هذا المكان يقضي جيرد معظم وقته ، هذا إذا لم يكن في غرفته التي يخلو إلى نفسه فيها
سحب من بين الكتب مجلداً ضخماً وأخذ يقلبه بين يديه ، وقال :
لقد اشترى ماكدونالد هذا المجلد لأنجس ولدي الأكبر ، لقد كان صياداً ماهراً ، وكان يسعده الخروج للصيد في كل الأجواء
ومرة أخرى مرت سحابة حزن على وجه بن واستمر في الكلام ، واستمرت كاترين في الإصغاء إلى حديثه ، ولكنها فجأة لمحت جيرد من خلال النافذة
فوقفت مسرعة وتراجعت تخفي نفسها وراء الستائر المخملية ، لئلا يظن أنها أخذت حريتها أكثر مما يجب أما بن فإنه لم يلمح ولده الأصغر وتابع :
انجس قتل ، الطائرة التي كانت تقله سقطت في الغابة ، على الجهة الشمالية من هنا ، في طريق عودته من رحلة صيد ، مسكين انجس
لم يدخل جيرد إلى الغرفة ، ويبدو أنه صعد مباشرة إلى سريره ، أما هما فقد أكتفا بهذا القدر من التجول ، وافترقا كل إلى غرفته
أصبح الهواء عليلاً ، والشمس دافئة ، مع إطلالة صبح اليوم التالي ، وحالة غلين تسمح له بالخروج برفقة كاترين لركوب الخيل
كان الإسطبل قريباً من مساكن العمال ، ولكن قلة منهم كانوا قد خرجوا في ساعات الصباح ، رأت كاترين اثنين من العاملين هناك ، فصاحا يحييان غلين ، وقام غلين بمصافحتهما وتقديم كاترين إليهما ، وقال أحدهما :
لقد سمعنا بما أصابك ، ولكن يبدو أنك عوفيت تماماً ، فإن دماء ماكدونالد تجري في عروقك ، ولن يستسلم أي ماكدونالد!
أني مسرور لسماع ذلك ، هل فو قريب من هنا ؟ أريد أ، أعرفه على فالنتينا
رأت كاترين أنهما كانا مولعين بغلين ، وبعد أن ودعهما ، قادها إلى مبنى وجدا فو في المطبخ فتبادلا معه التحية ، وبينما كانت كاترين تلقي نظرة على الغرفة التي يتناول الرجال فيها طعامهم ، أخذ فو يشرح لها بعض الأحداث التي تجري هناك ، فقال :
يسكن هنا خمسون عاملاً ، بعضهم يعيش مع أهله
تعجبت كاترين :
كنت أحسب أن جميعهم يعيشون مع عائلاتهم في هذه البيوت
قال غلين :
كانوا يفعلون ذلك منذ سنين ، لكن جيرد حفاظاً على سعادة وراحة عماله ، ترك لهم حرية العيش أينما يريدون ، كي يتمتعوا بأوقات فراغهم على فراغهم على النحو الذي يشاؤون
أن جيرد يقدر على ذلك
قال فو باعتزاز :
جيرد رجل بكل معنى الكلمة ، فهو يستحق أن يكون حفيد ماكدونالد
قال غلين معلقاً :
فو يحب جيرد ويخلص له ، فقد أنقذ حياته ذات مرة من الغرق
وأضاف فو :
فعلاً ، أنقذ حياتي من الغرق ، أو الموت برداً ، وخاطر بحياته من أجلي ، مع أنه كان من الممكن أن يتجمد مثلي
لم يرض غلين بالحصان الذي قدمه له تروي ، ذلك الشاب اليافع الذي لاقاهم في المطار ، وألح على ركوب حصانه برنس ولكن تروي قال :
إن جيرد هو الذي حدد لي أي حصان أعطيك ، وللآنسة فالنتينا
أنا لا أبالي بما يقوله جيرد ، أريد برنس ، أين برنس ؟
لقد ركبه جيرد هذا الصباح
قال غلين غاضباً :
لا بأس ، سوف أركب بيكر ، ولكن أخبر جيرد ، أنني لست مبتدئاً ، ولو كنت أعمى
منتدى ليلاس
كان الصبح رائقاً ن والشمس ترتفع تدريجياً إلى كبد السماء ، تلوّن الجبال البعيدة بريشتها الذهبية ، فتبدو كسلاسل من الذهب الخالص
قال غلين لكاترين وحصانهما يسيران جنباً إلى جنب :
آسف على تصرفي ، لكن مثل هذه الأمور تقلب كياني
لا تبالي غلين ، والآن أعلمني إلى أين نذهب ، فالمساحات شاسعة ، ولا أستطيع أن أقرر وحدي
حسناً ، هل ترين تلك الجبال التي تقع على يسارنا ؟ إنها تبدو قريبة ولكنها في الواقع بعيدة جداً
إنها تبدو غاية في الجمال ، أليس كذلك ؟
وتمنت كاترين لو قُطع لسانها قبل أن تعطي مثل هذه الملاحظة ، ولكن غلين أخذ الأمر بروح طيبة وأضاف :
أظن أنها أجمل جبال في الدنيا ، ولكن إضافة إلى بعدها فهي خطيرة جداً
إني أتوقع ذلك ، إلى أين نذهب ؟
حوّل غلين رأسه وقال :
من جهة اليمين ، - إذا لم أكن مخطئاً – هناك غابات كثيفة الأشجار ، شاسعة المساحة ن ثم تنحدر بشدة إلى واد ضيق عميق ، وهناك تشاهدين الشلالات التي أعطت منطقتنا اسم شلالات موز
ولكن غلين ، أليس هذا خطراً علينا أيضاً ؟ ألا يمكن أن نتجول فقط في هذه المراعي الفسيحة ؟
ماذا ؟ أميال وأميال من المراعي ، و الآف من المواشي ، فهل هذا كل ما تريدين رؤيته ؟
لا ليس هذا كل ما أريد رؤيته ولكن هذه أول مرة نخرج فيها ، وأمك
قاطعها بغضب :
أمي ، أمي متى تحافظ على وجودي إلى هذا الحد ؟ كل ذلك من أجل جيرد ، هو يريدها أن تعنى بي ، ولذا فهي تفعل ما يريد ، وهذا كل ما في الأمر
آه غلين , أنا متأكدة
منتدى ليلاس
متأكدة من ماذا ؟ أنها أم صالحة ؟ أنها تهتم لما يحدث لي ؟ فالنتينا ، هي فقط تريد جيرد ، وهي مستعدة لتفعل أي شيء ممكن لتتزوج منه ، دعينا نمضي الآن
حرك غلين حصانه إلى الأمام ، وتبعته كاترين ثم تقدمته تشق الطريق ، فرأت الأرض تزداد وعورة كلما توغلا إلى داخل الإحراج ، ثم إلى المنحدرات التي تؤدي إلى الوادي ، كما كانت الأشجار تزداد كثافة فضاق الممر الذي يعبرونه


rosi 31-10-10 10:58 PM

أطلت كاترين من فوق ، فأذهلها مشهد بحيرة تترجرج مياهها لامعة تحت ضوء الشمس الفضي ، وخرير المياه التي تتدفق من فوق الصخور ، وعندما بلغا مكانا فوق الشلال مباشرة ، وقفت مسحورة أمام هذا الجمال الأخاذ
سمعت غلين يقول :
شلالات موز ، كم كنا نسبح في الصيف في هذه البحيرة ، دعينا ننزل إليها
لا ، لا، يا غلين ، الطريق صعبة جداً ، إلى هنا ويكفي اليوم ن دع ذلك إلي يوم آخر ، فأنت لا شك متعب الآن
أنا بخير فالنتينا

أصر غلين على الاستمرار في الرحلة ، فهمزت الحصان بقدمها تحثه على المسير
أصبحت الطريق أشد انحداراً عندما اقترب من القاعدة ، وأشعة الشمس لم تعد تجد لها منفذاً من بين أوراق الشجر الكثيفة ، ورائحة العفن تنتشر في كل مكان من النباتات الكثة الرطبة
كانت كاترين كلما تقدمت قليلاً تلتفت لتراقب غلين بكثير من الخوف والقلق ، وإذا بها تجد نفسها ترتفع عن ظهر جوادها ، عالقة بأحد الأغصان القاسية الناتئة عرض الممر
صرخت بأعلى صوتها وهي تسقط عن صهوة الجواد على ظهرها ، فوق النباتات الندية الشائكة ، وسقط فرع الشجرة بعنف على وسطها ، غابت عن وعيها لبضع ثوان ن ولما جاءها صوت غلين المضطرب منادياً ، لم تستطع أن تجيبه
كرر غلين النداء ، ولكن بلا مجيب ، نزل عن ظهر حصانه ، وأخذ يتلمس الأرض بحثاً عنها وهو يصيح :
فالنتنا ؟ أين أنت ؟ ما الذي أصابك ؟
ولما وجدها جثا بقربها وتناول يديها بين يديه بحب وحنان ، حاولت التكلم و بصعوبة خرجت الكلمات متقطعة من بين شفتيها وقالت :
أنا أنا بخير غلين
هل أنت حقاً بخير ؟ كان من الممكن أن يدق عنقك ، إنها غلطتي ، ما كان علي أن أجبرك على النزول

استطاعت كاترين الجلوس ، وحركت جسمها ، فاطمأنت أنها على الأقل لم تصب بكسور ، ثم تناولت الشعر المستعار الذي سقط عن رأسها وثبتته مكانه ، وقالت :
غلين لا تكن أحمق ، لست المسؤول عن ذلك ، هيا بنا ألان نعود إلى البيت ، وإني آسفة إذ قطعت عليك هذه النزهة ، ومن جهتي ، اطمئن فسوف أكون بخير عندما أغتسل وأبدل ثيابي
ضحكت كاترين من نفسها وهما عائدان ، لأنها هي التي سقطت وليس غلين ، وتأكدت أن هذا سيفرح ليزا ، وتمنت ألا تراها وهي على هذه الحالة ، وألا يراها جيرد أيضاً وهذه الأوحال تغطي ثيابها
تجاهلت كاترين ألآمها وسمحت لغلين أن يتكئ عليها طوال الطريق من الإسطبل إلى البيت ، وقالت في نفسها : كان يجب ألا أستجيب لإلحاحه وشعرت لو أنها رفضت النزول على الوادي ، لكان قد تخلى عن ذلك وما أجبرها عليه
رأتهما ماريا عندما دخلا البيت ، ولكنها لم تعلق على مظهر كاترين الملطخ بالأوحال ، ودعت غلين ليرافقها إلى المطبخ ويتناول فنجان من القهوة ن بينما ذهبت كاترين لتغتسل وتبدل ملابسها
خلعت ثيابها بصعوبة ، فقد كانت جميع أعضائها تؤلمها ، بالإضافة إلى البرد الذي تسلل إلى جسمها من خلال ملابسها المبتلة ن فكان الحمام الساخن بلسماً شافياً لجروحها ورضوض ظهرها ، وأسلمت عينيها لاغماضة قصيرة ليتسنى لحرارة المياه الساخنة أن تتسرب إلى عظامها التي تتجمد من البرد
نبهتها الأصوات المنبعثة من تحت النافذة ، إلى أن الرجال عادوا من أعمالهم ، وعرفت أن وقت الغداء قد حان
أسرعت خارجة من الحمام لترتدي ثيابها ، حانت منها التفاته إلى مرآة الحمام التي كانت خلفها ، فهالها ما رأت من بقع أرجوانية تنتشر في كل مكان على ظهرها ، وأدركت أن السقطة لم تكن بسيطة أبداً كما تصورت
لبست كاترين بنطال أخضر جميل مع قميص أنيق سكري اللون وتحملت على مضض كل ما تحس به من أوجاع ، ونزلت إلى الطابق الأرضي ، حيث رأت في القاعة الكبرى حشداً من الناس ، كما رأت غلين يجلس على إحدى الأرائك يتحدث إلى عجوز معه فتاة صغيرة ،
وليزا تقف قرب جيرد تجامل بعض الضيوف وعيناها تنظران نحو المخل ، أما جيرد فلم يكن له أثر هناك ، أسرع إليها بن فريزر وتناول يدها وقال :
تعالي يا فالنتينا ، لأعرفك على زوارنا
ثم سار بها بين الضيوف يقوم بمهمة التعارف ، ولما انتهى من ذلك قدم لها كأساً وتناول هو كأس آخر من
عصير البرتقال.
أخذت إحدى الزائرات تتحدث إليها قائلة :
السيد بن أخبرنا أنك ممرضة ، آنسة فالنتينا ، لقد كنت أنا أيضاً ممرضة عندما التقيت بزوجي
أني طالبة تمريض فقط ، ولم ابتدئ بذلك إلا منذ ستة أشهر
سمع غلين صوتها وطلب منها الانضمام إليه ، فاستأذنت بن والمرأة التي كانت تحادثها ، وهي تشعر بالارتياح لابتعادها عنها ومضت إلى غلين حيث جلست بجانبه ، فقال :
دعيني أعرفك على فرانك ستيفنس ، ولوري صديقين من أيام الدراسة
لم تكن لوري بالفتاة الجميلة ولكنها – والحق يقال – كانت كثيرة الجاذبية وقد لاحظت كاترين أنها تميل إلى غلين ، فتمنت لو أنها تستطيع أن تخبرها الحقيقة ، وأنها لا تشكل خطراً عليها
انفض الزوار في الساعة الواحدة والنصف تقريباً من غير أن يظهر جيرد ، مما اضطر الآخرين إلى تناول غداءهم معاً من دونه تقوم على خدمتهم ماريا ومساعدتها كاترين
نظرت ليزا إلى بن وسألته :
لماذا لم ينظم جيرد إلينا ؟ وهو يعرف أني سألته أن يطلب من مارتن المجيء وإلقاء نظرة على غلين ؟
كان غلين هو الذي أجاب :
أنت تعرفين يا أمي أن جيرد مشغول وليس لديه الوقت للثرثرة أثناء النهار في أية حال لماذا يجب أن يأتي جيرد إلى هنا الآن ؟ أتمنى ألا تقحميني في أمورك الشخصية
ماذا تعني بأموري الشخصية ؟
لا أدري ، أنت تفهمين قصدي تماماً ، وأنا لا أحتاج إلى طبيب أخرق مثل مارتن ليشرف على علاجي ، الدكتور سنغ عمل الترتيبات اللازمة لأقابل الطبيب المختص في مشفى ماكنزي ، في كالجري ، بعد أسبوعين ، وحتى ذلك الحين لا أحد يمكنه أن يفعل شيئاً مطلقاً
قالت ليزا باقتضاب :
أنا فقط أفكر فيك يا ولدي ، وأريد أن أفعل أي شيء لمساعدتك ، ولا أظنك تتوقع مني التصرف وكأنك لم تصب بشيء
شرب غلين العصير الذي في كأسه دفعة واحدة ، وأزاح الصحن من أمامه ، وقال :
حسناً ، أنا لست عاجزاً يا أمي ، وأتمنى أن تتذكري ذلك دائماً
بعد الغداء طلب بن من كاترين البقاء معه ، ريثما يذهب غلين ليستريح وبعد معارضة قصيرة من غلين مضى إلى غرفته ، تتبعه ليزا
يبدو أن جيرد يكرس كل وقته للمزرعة ، مع أني أعرف أن لديه من ينوب عنه في أعماله


rosi 31-10-10 11:00 PM

هناك فعلاً من يشرف على المزرعة ، ولكن جيرد لا يوكل أحداً وهو موجود هنا ، هذه ليست طريقته في العمل ، لم تكن طريقة ماكدونالد من قبل ن إن حب المزرعة وتربية المواشي يجري في عروقه ، كما انه يستمتع بصحبة العاملين عنده وخصوصاً هورس
هورس ؟ آه ، نعم ، تعني ابن ماريا
لقد نشأ هو وهورس معاً ، فبعد وفاة والدته مارغريت ، أصبحت ماريا بمثابة أمه
آه ، لقد فهمت
ما رأيك في ركوب الخيل معاً في جولة قصيرة ؟ أم أنك ركبت اليوم بما فيه الكفاية ؟
أجل ، لقد فعلت ، وأحب الآن قضاء بعض الوقت في المكتبة ، فأنا أحب الكتب ، وفي الواقع أني لم أر مجموعة كبيرة من الكتب كهذه ، إلا في المكتبات العامة
لم ما شئت ، وأنا سأجد شيئاً آخر أفعله
هل ستذهب وحدك إلى الإسطبل ؟
لا أدري ، ربما ، وسوف أراك فيما بعد
بقيت كاترين في غرفة المكتبة طيلة بعد الظهر ، وعيناها تنظران إلى الطريق بين الحين والحين ، ربما كانت تنتظر مجيء جيرد ، لاشك أنها تحاول جاهدة إبعاده عن مخيلتها ، ولكن بالرغم من جميع محاولاتها ، لم تستطع تجاهله ، وأيقنت أن عدم حبها لليزا كان بسببه
منتدى ليلاس
بعد حين تركت المكتبة إلى غرفتها ولما كان ظهرها يؤلمها وتشعر بتصلب في أنحاء جسمها ، وجدت أنه من الأفضل أن تأوي إلى فراشها ، وتمنت أن تجد لها حجة كالصداع مثلاً لتتحاشى بها الاجتماع على طاولة الطعام
وفي المساء ، وبعد أن استراحت كاترين بضع ساعات ، لم تجد مناصاً من النزول إلى غرفة الطعام ، وهناك على المائدة ، رأت جيرد ومعه هورس ابن ماريا
لم تأكل كاترين كثيراً ، وكذلك غلين ، أما جيرد وهورس فقد امضيا مدة تناولهما الطعام يتحدثان عن تجارة الماشية ، حتى أن ليزا لم تعد لديها القدرة على تحمل ذلك ، وقالت :
هل من الضروري أن تدخل موضوع المواشي إلى غرفة الطعام ؟ أنا لم أتحدث معك طيلة النهار يا جيرد ، أكثير على أن تبدي لي – على الأقل – شيئاً من الاحترام في المساء ؟
أجاب هورس بصوت منخفض فيه معنى الاعتذار :
إني آسف يا سيدة ليزا ، إنها غلطتي أنا ، لدينا أمور كثيرة يجب أن نبحثها ولكن الحق معك ، فإن مائدة الطعام ليست مكاناً لهذا البحث
قال جيرد وهو ينظر إلى أرملة أخيه نظرة تحذير:
حسناً ياهورس ، ليزا لم تقصد ذلك بالضبط ، لكن أين بن ؟ لا تقولي أنه لم يكن هنا طيلة بعد الظهر ؟
أظن ذلك ، في الواقع أنا لا أعرف ، فقد قضيت فترة بعد الظهر في غرفتي أستريح لأني كنت أحس بصداع شديد ، وأنت تعلم أن خدمة الضيوف ليست سهلة
ضاقت عينا جيرد وقال :
ضيوفك ، ماذا تعنين بأنك تظنين ؟ إما أنه كان أو لم يكن ، أريد أن أعرف
لقد تناول طعام الغداء معنا
وبعدئذ ؟
تدخل غلين قائلاً :
أنا وفالنتينا ذهبنا في نزهة نستمتع بركوب الخيل هذا الصباح ، أما بعد الغداء فقد ذهبت إلى غرفتي أستريح ، وبقي بن مع فالنتينا
قالت كاترين :
هذا صحيح ، وقد طلب مني مرافقته في جولة قصيرة على الخيل ، ولكني اعتذرت منه ، لأني كنت متعبة قليلاً
إذن أين ذهب ؟
ضاقت ليزا ذراعاً بهذا النقاش وهي تكره اهتمام جيرد بأحد حتى ولو كلن أباه ، وقالت :
لم كل هذه الضجة حول غيابه ؟ لا بد وأنه في مكان قريب ، قد يكون أخذ العربة إلى موزباي
قال جيرد :
يبدو عليك يا ليزا الكثير من الضجر ، وتحتاجين بعض التغيير ، أليس كذلك ؟ وأنا أشعر أن الحياة في المزرعة موحشة لامرأة مثلك ، وعليك أن تري حلاً لذلك
لمعت عينا ليزا ، وقالت :
جيرد هل تعني ما تقول ؟ أنت تعرف كم أحب قضاء أسبوعين في نيويورك ، أشتري ما أريد ، أتمتع ، أشاهد آخر المسرحيات ، هل تظن أننا نستطيع ذلك ؟ وطالما فالنتينا هنا ، فلن يكون غلين بحاجة إلينا
قال جيرد جازماً :
يمكنك الذهاب ، حيث تشائين ، ونحن نستطيع التغلب على الصعاب ، وكما قلت ، فإن غلين لا يحتاج إليك الآن
شحب وجه ليزا وقالت :
ماذا تعني نستطيع التغلب على الصعاب ؟ هل تعني أنك لست قادماً معي ؟
تراخى جيرد على كرسيه وأجاب :
ليزا ، أنت تعلمين أنني لا أستطيع ترك المزرعة الآن ، بالإضافة إلى أني لا أحب نيويورك
أجابت ليزا بوقاحة :
أية حيلة عفنة هذه التي تلعبها ؟
نظر جيرد حوله وقد نفذ صبره وقال :
أية حيلة تعنين ؟ ليزا أنا لا أمنعك أن تفعلي ما تشائين ، اذهبي إلى نيويورك ، خذي معك بام بالمير إن أردت ، أنت تعرفين أنها تسر بمرافقتك
منتدى ليلاس
كاترين لمست موجة كره تتدفق من عيني ليزا ، من آخر الطاولة ، وهي تجيب :
أنا لا أريد أن أذهب مع بام بالمير ، سأبقى هنا حتى يكون لديك الوقت الكافي لتذهب معي ، حتى لو انتظرت الصيف كله
لم تخف هذه الملاحظة على كاترين ، أما جيرد فقد هز كتفيه وانثنى إلى هورس يتابع حديثه
عندما انتهى العشاء ، اختفى الرجلان ، واختليا في غرفة جيرد الخاصة ، ليتابعا بحثهما ، وغادرت ليزا الغرفة وفي صدرها عاصفة من غضب مكتوم ، أما كاترين فقد وقفت قبل أن تترك مجالاً لغلين ليبدأ أي حديث وقالت :
غلين هل يزعجك أن أذهب إلى فراشي ؟ إني أحس ببعض التعب
هل أنت بخير ؟ أليس هناك ما يؤلمك ؟
قالت كاترين لتزيل مخاوفه :
يا لله ، غلين لا ، ليس هناك ما يؤلمني ، أنا متعبة فقط ، سوف أراك في الصباح
لما طلع الصباح ، لم تستطع كاترين التحرك مطلقاً ، فقد أحست بالآم لا تطاق في جميع أنحاء جسمها ، دفنت وجهها في وسادتها تمسح دموعها ، فما هذه الورطة التي أوقعت نفسها فيها ؟
لم تستطع النزول لتتناول الفطور ، وقالت في نفسها ، سوف يخرج جيرد مبكراً كالمعتاد ، وإذا خرج معه بن ، فلن يبقى سوى غلين وماريا ، من المتوقع أن يسألا عنها ، ستتدبر الأمر مع ماريا ، أما غلين فسوف تخبره بما تحس به من الآم
انقضى الصباح إلا أقله من دون أن يسأل عنها أحد ، وأخيراً وقبل الساعة الثانية عشرة بقليل ، سمعت نقراً على الباب ، فقالت وهي تشعر بدوار :
أدخل
ولدهشتها لم يكن غلين هو الذي يسأل عنها وكذلك لم تكن ماريا !!!!
واعتدلت في فراشها عندما دخل جيرد ، وسأل باختصار :
هل أنت مريضة ؟
لا ، أني فقط أشعر ببعض التعب ، هذا كل ما هناك ، ووجدت أنه من الأفضل قضاء فترة الصباح في فراشي
اتكأ جيرد على حافة القنطرة المؤدية إلى غرفة نومها :
هل هذا صحيح ؟ أم تراك تتهربين بهذه الطريقة من مواجهة الأسئلة التي أجد نفسي مضطراً لسؤالك إياها ؟
صاحت كاترين باستغراب :
أسئلة ؟ أية أسئلة ؟ أنا لا أ‘عرف عن أي شيء تتكلم
ألا تعرفين لماذا خالف أبي تعليماتي ؟ أو لماذا ارتفعت حرارة غلين هذا الصباح ؟!
نهاية الفصل التاسع

rosi 06-11-10 03:33 AM

10_الاعتراف

قالت كاترين بارتباك :
والدك ؟ غلين ؟ ماذا حصل ؟
أجاب جيرد بأسلوب فظ :
تسألين ؟ أنت التي ذهبت مع غلين في نزهة على الجياد يوم أمس ، وأنت آخر من تكلبم مع أبي
كان يبدو بحالة جيدة عندما تركته بعد ظهر أمي ، وأما غلين فقد حسبته أستأذنك في ذلك
لم يستأذنني مطلقاً ، يلله !! كاترين هل فقدت عقلك ؟ كان المفروض أن تعتني به
غلين ليس طفلاً صغيراً ، يجب أن يكون له رأيه الخاص ، وحان الوقت لكي يبني شخصيته ويثبت وجوده بمفرده
قلب جيرد شفته وقال :
وهكذا اخترت النزول معه إلى الوادي ، حيث الهواء الرطب والطريق الوعرة ، لا شك أنك مجنونة ، كان من الممكن أن يدق عنقه هناك
لم أكن أريد النزول ، ولكنني نزلت على رغبته
وأنت لم تحاولي منعه ، كاترين ، إذا حصل له أي شيء
ولكن لم يحصل ، فكيف تلومني على شيء لم يحدث ؟
والآن من المفروض أن تكوني إلى جانب غلين ، ولكني أراك هنا تستلقين في فراشك غير مبالية
أنا أشعر ببعض التعب ، اذهب الآن ، وسأغادر الفراش بعد قليل ، أم أنك ستعيد تصرفاتك المشينة التي سلكتها معي في تلك الليلة ؟ لماذا لا تذهب ؟ أخبر غلين أني سآتي إليه حالما أرتدي ثيابي وأكون جاهزة
منتدى ليلاس
سأطلب من ماريا إبلاغه رسالتك
دع شخصاً آخر غيرها يخبره ، لا أظنك ترغب أن يعرف غلين أو ليزا بأية حرية تدخل إلى جناحي
دعينا نستبعد ليزا من هذا الموضوع ، ممكن ؟
زمّت كاترين شفتيها وهو يغيب عن ناظريها ، وحاولت أن تتحرك لتمد رجليها خارج الفراش ، فأحست بضعف شديد ، وإذا بالدموع تنساب من عينيها البنفسجيتين الجميلتين على وجهها الشاحب ، من الآلم المبرح الذي المّ بظهرها ، فدفنت وجهها في الوسادة وهي تسأل نفسها ، كيف سيمر عليها النهار ، إذا كانت أطرافها ترتجف حتى من تلك الحركة البسيطة ؟
لم تكن لطيفة اليدان اللتان رفعتا رأسها عن الوسادة ، يبدو أن جيرد لم يذهب بعيداً عندما ظنت أنه مضى ، فهز كتفيها وقال :
يا الله لم كل هذا البكاء ؟
إن سحابة الألم التي مرت على وجهها من جراء تلك الهزة ، جعلته يقطب حاجبيه بتعجب ويقول :
يا لله ، أنا لا أريد أن أؤذيك ، بالله عليك توقفي عن النظر الي وكأنني وحش كاسر
أدارت كاترين رأسها من جهة لأخرى ، وهمست :
أرجوك أذهب
دفعها إلى الوسادة بحركة تدل على خيبة أمل ، فلم تستطع إخفاء أنينها عندها حاول أن يكشف عنها الغطاء ليعرف ما بها وقال :
كاترين أرجوك ، بحق الله ، قولي ما الذي حلّ بك ؟
نظر في عينيها الفاتنتين اللتين بدت فيهما نظرات التأنيب ، ولكن كاترين تنفست بصعوبة ويداها ترتجفان وهي تعيد الغطاء على جسمها ثم قالت :
لقد سقطت عن الجواد يوم أمس ولم يكن بودي أن أخبرك
سألها بخشونة :
كيف سقطت ؟ وأين ؟ لماذا لم تخبريني منذ البدء ؟ فقد كان بإمكاني مساعدتك
ليس الأمر مهماً إلى هذا الحد ، فقط أحس بتصلب في جسمي ، وألم في ظهري ، هذا كل ما في الأمر ، وأنا متأكدة أنني سوف أتحسن بعد قليل
ولم تدر إلا وقد أزاح عنها الغطاء وقلبها على فراشها وهي تصرخ ، فكتم أنفاسه عندما رأى من خلال قميص نومها اللون القاتم الذي ينتشر على ظهرها
ارتعشت كاترين من غير إرادة منها ، عندما لامست يده أماكن الكدمات في ظهرها وبالرغم من معرفتها أنها ستحتقر ذاتها فيما بعد ، ولكنها لم تنكر بينها وبين نفسها أن شعوراً بالارتياح قد غمرها لتلك اللمسات ، وقالت :
جيرد ، أرجوك ، اتركني ، وأخرج من هنا
جلس إلى جانب السرير ، وقال بصوت غليظ :
يا الهي ، لماذا لم تخبريني ؟ كان من الممكن أن تدق عنقك ، لا تتحركي ابقي كما أنت ، عندي شيء قد يساعدك سأعود فوراً
استدارت كاترين قليلاً ، ولكن هذه المحاولة كلفتها الكثير من الجهد والألم
بقيت مستلقية على جانبها ، حتى سمعت وقع خطوات ، فظنت أن ماريا هي القادمة ، وقد أرسلها جيرد ومعها وصفة تفيدها ن ولكنها كانت مخطئة في ظنها ، فإن جيرد هو نفسه الذي عاد مرة أخرى وفي يده علبة صغيرة ، وقال :
إنه علاج قديم عندي ، رائحته غير مستحبة ، أما نتائجه فمضمونة
شكراً لك
ردت كاترين عليه وهي تمد يدها لتتناول العلبة من يده ، ولكنه أبعدها عنها وقال :
لا يمكنك دهان ظهرك بنفسك ، فأنا سأفعل ذلك ، والآن وعلى مهل ، عودي إلى الوضع الذي تركتك عليه ، سأحاول قدر استطاعتي ألا أوجعك
نشر جيرد المرهم في أماكن متعددة من ظهرها ، وأخذ يدلكه بلطف ونعومة ن وكاترين تحس بالارتياح من هذا التدليك ، وهي تتمنى ألا يتوقف ولكن جيرد كف عن ذلك ، وذهب إلى الحمام ، غسل يديه وعاد قائلاً :
منتدى ليلاس
هذا يكفي الآن ، واقترح أن تستريحي في فراشك طوال اليوم ، غلين سيتدبر أمر نفسه ، ولو مرة واحدة من دون مساعدتك
أدارت كاترين رأسها لتلتقي عيناها بعينيه ، ثم قالت معترضة :
آه ، لا ، جير، إني أشعر بتحسن كبير
حتى ولو كان ، فأنت بحاجة ملحة للراحة ، ماريا سترسل إليك الطعام هنا
حسناً ، إذا كان هذا ما تريد
أجاب بصراحة :
ما أريده لا علاقة له بهذا ، سأذهب الآن وأخبر غلين بما آلت إليه حالتك
شكراً
حسناً حاولي أن تستريحي قدر الامكان ، فنحن لا نريد ثلاثة مرضى في العائلة
قاطعته بعصبية :
ثلاثة
أنهى جيرد الحديث من غير إبداء مشاعر ، وخرج ، أخذت كاترين تسأل نفسها ، ترى ماذا يعني بقوله : ثلاثة مرضى في العائلة ؟ هل يعني أنها ستصبح عضواً في هذه العائلة ؟
بكت كاترين ، ألمّ بها شعور بالاشقاف على نفسها وعلى بن أيضاً ، وعندما دخلت ماريا تحمل صينية الطعام وجدت عيني المريضة متورمتين
تركت ماريا الصينية جانباً ، ووضعت الوسادة وراء كاترين وأسندتها عليها بصورة مريحة ، وقالت :
والآن أخبريني ماذا حدث ؟. جيرد أعلمني أنك سقطت عن ظهر الحصان ، ولم يخبرني أنه أزعجك إلى هذا الحد
مسحت كاترين أنفها بمنديلها ثم قالت :
لا ، بالحقيقة لم يزعجني ، بل أحضر المرهم ، ودلك ظهري به حتى أحسست أني صرت أحسن حالاً

rosi 06-11-10 03:34 AM

لمحت ماريا العلبة الصغيرة وقالت :
حسناً ، لقد مرت بي هواجس متعددة عندما رأيته يصعد إلى هنا كالمجنون ، ولكنه كان مختلفاً تماماً عندما رجع
قالت كاترين :
أنت مولعة جداً بجيرد، أليس كذلك يا ماريا ؟
أجابت ببساطة :
إنه مثل ولدي
وضعت ماريا الصينية أمام كاترين وقالت :
هل تريدين شيئاً آخر ؟
آه ، لا ، وشكراً

ابتسمت ماريا وهي تتجه نحو الباب كي تغادر الغرفة ، ولكنها توقفت برهة ، والتفتت إلى كاترين وقالت :
أنا أعلم أنه ليس من شأني التدخل في أمور الآخرين ، ولكن لدي رغبة في معرفة ، متى تريدان أنت وجيرد إخبار غلين أنك لست الفتاة التي يظن ؟
أنت أنت تعرفين ؟
بالتأكيد لأنه ، لا يمكن أن أتصور أية فتاة بكامل قواها العقلية ، من الممكن أن تخفي شعراً جميلاً كهذا ، وراء شعر مستعار ، إلا إذا كان هناك سبب يدفعها لذلك
رفعت كاترين يدها إلى رأسها وقالت قلقلة :
آه ، لقد نسيت
منتدى ليلاس
لا بأس ، لا بأس ، جيرد أخبرني الحقيقة منذ أيام أنك أخت فالنتينا ووافقت على المجيء إلى هنا بموجب نصيحة الطبيب ، كما اخبرني أيضا أنك مخطوبة لشاب في لندن ، هل هذا صحيح ؟ أم قال ذلك من أجل ليزا ؟
بان الارتباك على وجه كاترين على الفور ورددت :
ليزا ؟
نعم ، فأنا ألاحظ أن جيرد مهتم جداً بك
ازدادت خفقات قلب كاترين ، وقالت متلعثمة :
جيرد ، لا تكوني حمقاء
أنا لست جاهلة يا كاترين ، لقد رأيت الطريقة التي ينظر بها إليك ، ولم لا ؟ فإذا كانت ليزا قد طلبت منه رعاية مصالحها ومصالح ولدها ، فهذا لا يعني أنه ملزم بالارتباط بها
ارتجفت كاترين عند سماعها هذا الكلام ، إذن ليس هناك حب بينهما
وجيرد لا يريد الزواج من ليزا ، لقد أوضحت ماريا بكلامها ما كان غامضاً
وفجأة غادرت ماريا المكان وكأنها ندمت على ما بدر منها :
سأرسل لك كارين بعد قليل لتأخذ الصينية ، حاولي النوم لبعض الوقت
لم تأكل كاترين إلا قليلاً ، لم تعد لها شهية لذلك وعندما جاءت كاترين مساعدة ماريا لتأخذ الصينية ، تظاهرت بالنوم وهي تتمنى لو أنها أخذت بنصيحة سيمون ولم تأت إلى كندا ، لو أنها فعلت ، لكانت أعفت نفسها من أمور كثيرة ، على الأقل من الوقوع في حب رجل لا تستطيع الزواج منه
في المساء كانت تشعر بتحسن جسدي على الأقل ، لا شك أن المرهم قد أفادها إلى حد كبير ، وظنت أنه في الصباح سيكون لديها القدرة أن تتجاوز هذه الحادثة التي أصابتها
عندما حان وقت العشاء أحضرت كارين الطعام إلى غرفة كاترين ، تناولت ما اشتهت من الطعام الذي قدم لها ، وكانت تمسح شفتيها بمنديلها ، عندما أحست أن هناك من يراقبها ، فرفعت رأسها لتجد جيرد متكئاً بجانب القنطرة ، بدا شاحب اللون ، كأنه أمضى يومه كاملاً في غرفته الخلوية بدلاً من التجول في الهواء الطلق تقدم قليلاً وقال :
ماذا تفعلين خارج الفراش ؟ أظن أنني قلت لك ألا تغادريه طيلة النهار ، إن جلوسك على الكرسي لن يساعد عضلاتك على الاسترخاء
أزاحت جسمها قليلاً إلى طرف الكرسي لتريه المخدة الصغيرة التي تجلس عليها وقالت :
الكرسي ليس قاسياً كما ترى ، وأنا لا أحب تناول طعامي في الفراش
والآن هل انتهيت ؟
نعم ، لماذا ؟ هل جئت لتأخذ الصينية ؟
لوى جيرد شفتيه وتقدم نحو الطاولة التي بجانبها وتناول علبة المرهم وقال :
جئت من أجل هذه ، هورس لوى كتفه وهو يجر بعض الأخشاب وسأدلكه له
هزت كاترين رأسها في تأثر وقالت :
أني آسفة ، هل هو بخير ؟
إنه على قيد الحياة ، ماذا عنك ؟
أشعر الآن بكثير من التحسن ، كيف أحوال غلين ؟
لقد هبطت حرارته ، وأنا متأكد أنه سيسعدك أن تعلمي أن أبي أيضاً بخير
فعلاً لقد أسعدتني
مرت لحظة صمت ، قال بعدها :
أظن أن ليزا قالت له ما يزعجه مما جعله يتعثر ويسقط ، عادة يحدث ذلك منها كثيراً
لم تقل كاترين شيئاً تعليقاً على تلك الكلمات ن فاستمر جيرد في الحديث :
أنا سعيد لأنك تشعرين بتحسن ، غلين أخبرني عما حدث ، و لا أريد إخبارك بما قلته أنا
يمكنني أن أتكهن
اقترب منها أكثر فأكثر وقال :
هل تقدرين ؟ هل دلكت ماريا ظهرك بالمرهم ؟ طلبت منها أن تفعل ذلك
لا ، لم تفعل
لماذا ؟
لأني لم أرها منذ وقت الغداء ، كارين أحضرت لي طعام العشاء
إذن سأدلكه أنا ، فقط استلقي على الفراش
ولكنها لم تستلق وقالت :
جيرد إنه ليس ضرورياً مطلقاً
قال بخشونة :
لقد قلت إنني
ومدّ يده يعبث بشعرها الناعم وبرفق يرفعه نحو شفتيه ويتمتم :
كاترين إني أحبك وأعرف أنك تحبينني أيضاً
فوجئت به يطوقها بذراعيه ، يضمها إلى صدره ، وبصعوبة استطاعت التخلص منه وهي تقول :
جيرد أنا أسمع حركة
منتدى ليلاس
ابتعد جيرد عنها مستطلعاً ولكنه لم يلاحظ أي شيء ، لم يكن أي صوت هناك أو حركة في غرفة الجلوس ، ما عدا صوت تكتكة الساعة الكبيرة المعلقة على الجدار
هزت كاترين رأسها ، وقالت هامسة :
هناك من دخل الغرفة أنا متأكدة من ذلك
هل هذا صحيح ؟ أين هو إذن فأنا لا أراه

سار إلى القنطرة وتطلع إلى الغرفة الأخرى فلم يجد أحداً ، ثم تابع حديثه :
لا يوجد أحد كاترين وهزّ رأسه آه ، لقد فهمت ، لعلي فقدت عقلي
جيرد إني متأكدة أنه كان هناك شخص ما ، صدقني ، أرجوك
نظر إليها نظرة مليئة بالألم ، وكأن غشاوة أزيحت عنهما ، وقال :
اذهبي الآن إلى النوم يا كارين
حمل الصينية وتابع :
سوف أعيد هذه إلى ماريا ، لعلها هي التي أتت بسبب الصينية ، ما عدا ماريا ، لا يمكن أن يدخل شخص آخر إلى هنا من غير دعوة




الساعة الآن 08:32 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية