9_صرخة في واد مرت ثلاثة أيام قبل أن يخرج غلين مع كاترين لركوب الخيل ، ثلاثة أيام قضاها في فراشة ن ماعدا ساعات المساء فقط حيث كان ينضم فيها إلى بقية أفراد العائلة على مائدة العشاء ، أو في غرفة الجلوس ، وأما كاترين فكانت تجد سلوى في رفقة ماريا في المطبخ تستمع إلى حكايتها المثيرة الجميلة غير أنها بعد ظهر أحد هذه الأيام ، رافقت بن فريزر في جولة في أنحاء الطابق الأرضي وهو يحكي لها تاريخ العائلة ، أخذا ينتقلان من غرفة إلى أخرى ، وهي في حالة من الذهول أمام فخامة وأناقة ما ترى ، والواقع أن كاترين لم تعرف عدد الغرف التي مرت بها ، ولم تستطع أن تقدر المساحات التي بنيت عليها ، وجميعها لا تقل رحابة ، وزخارفها لا تقل جمالاً عما سبق ورأته من أجزاء المبنى ، وعجبت في نفسها ، وتسألت لم كل هذه القاعات ، ولم كل هذه الغرف ؟!!منتدى ليلاس كان بن قد قرأ أفكارها فقال وهما لم ينهيا جولتهما بعد : في الواقع ، لم يكن من الضروري بناء جميع هذه الغرف ، ولكن ماكدونالد أراد أن يبني أكبر وأفضل بيت في الجوار ، وهذا ما فعله مرا بغرفة خاصة للموسيقى ، مزخرفة بأجمل الزخارف وأتقنها في وسطها بيانو فخم لم يفقد رونقه ولمعانه ، وفي إحدى الزوايا قيثارة كأنما لم تمسها يد مر بن بأصابعه على مفاتيح البيانو ، وقال وفي صوته نغمة حزن عميق : مارغريت اعتادت أن تعزف عليه كثيراً ، ولكن بعد ولادة أنجس وجيرد، لمتعد تملك الوقت الكافي لذلك شعرت كاترين بأن جيرد احتفظ بهذه الغرفة كما هي لذكرى أمه ، ولما نظرت إلى بن رأت ملامح أسى دفين ترتسم على وجهه وصلا إلى غرفة المكتبة ، فكانت كبقية الغرف باتساعها وزخارفها وترتيبها وفخامة أثاثها ، ألقت كاترين بنفسها على إحدى الأرائك طلباً للراحة ووقف بن قبالتها يتكئ على حافة مكتبة تغطي الجدار صفت فيها الكتب من الأرض حتى السقف ثم قال : في هذا المكان يقضي جيرد معظم وقته ، هذا إذا لم يكن في غرفته التي يخلو إلى نفسه فيها سحب من بين الكتب مجلداً ضخماً وأخذ يقلبه بين يديه ، وقال : لقد اشترى ماكدونالد هذا المجلد لأنجس ولدي الأكبر ، لقد كان صياداً ماهراً ، وكان يسعده الخروج للصيد في كل الأجواء ومرة أخرى مرت سحابة حزن على وجه بن واستمر في الكلام ، واستمرت كاترين في الإصغاء إلى حديثه ، ولكنها فجأة لمحت جيرد من خلال النافذة فوقفت مسرعة وتراجعت تخفي نفسها وراء الستائر المخملية ، لئلا يظن أنها أخذت حريتها أكثر مما يجب أما بن فإنه لم يلمح ولده الأصغر وتابع : انجس قتل ، الطائرة التي كانت تقله سقطت في الغابة ، على الجهة الشمالية من هنا ، في طريق عودته من رحلة صيد ، مسكين انجس لم يدخل جيرد إلى الغرفة ، ويبدو أنه صعد مباشرة إلى سريره ، أما هما فقد أكتفا بهذا القدر من التجول ، وافترقا كل إلى غرفته أصبح الهواء عليلاً ، والشمس دافئة ، مع إطلالة صبح اليوم التالي ، وحالة غلين تسمح له بالخروج برفقة كاترين لركوب الخيل كان الإسطبل قريباً من مساكن العمال ، ولكن قلة منهم كانوا قد خرجوا في ساعات الصباح ، رأت كاترين اثنين من العاملين هناك ، فصاحا يحييان غلين ، وقام غلين بمصافحتهما وتقديم كاترين إليهما ، وقال أحدهما : لقد سمعنا بما أصابك ، ولكن يبدو أنك عوفيت تماماً ، فإن دماء ماكدونالد تجري في عروقك ، ولن يستسلم أي ماكدونالد! أني مسرور لسماع ذلك ، هل فو قريب من هنا ؟ أريد أ، أعرفه على فالنتينا رأت كاترين أنهما كانا مولعين بغلين ، وبعد أن ودعهما ، قادها إلى مبنى وجدا فو في المطبخ فتبادلا معه التحية ، وبينما كانت كاترين تلقي نظرة على الغرفة التي يتناول الرجال فيها طعامهم ، أخذ فو يشرح لها بعض الأحداث التي تجري هناك ، فقال : يسكن هنا خمسون عاملاً ، بعضهم يعيش مع أهله تعجبت كاترين : كنت أحسب أن جميعهم يعيشون مع عائلاتهم في هذه البيوت قال غلين : كانوا يفعلون ذلك منذ سنين ، لكن جيرد حفاظاً على سعادة وراحة عماله ، ترك لهم حرية العيش أينما يريدون ، كي يتمتعوا بأوقات فراغهم على فراغهم على النحو الذي يشاؤون أن جيرد يقدر على ذلك قال فو باعتزاز : جيرد رجل بكل معنى الكلمة ، فهو يستحق أن يكون حفيد ماكدونالد قال غلين معلقاً : فو يحب جيرد ويخلص له ، فقد أنقذ حياته ذات مرة من الغرق وأضاف فو : فعلاً ، أنقذ حياتي من الغرق ، أو الموت برداً ، وخاطر بحياته من أجلي ، مع أنه كان من الممكن أن يتجمد مثلي لم يرض غلين بالحصان الذي قدمه له تروي ، ذلك الشاب اليافع الذي لاقاهم في المطار ، وألح على ركوب حصانه برنس ولكن تروي قال : إن جيرد هو الذي حدد لي أي حصان أعطيك ، وللآنسة فالنتينا أنا لا أبالي بما يقوله جيرد ، أريد برنس ، أين برنس ؟ لقد ركبه جيرد هذا الصباح قال غلين غاضباً : لا بأس ، سوف أركب بيكر ، ولكن أخبر جيرد ، أنني لست مبتدئاً ، ولو كنت أعمىمنتدى ليلاس كان الصبح رائقاً ن والشمس ترتفع تدريجياً إلى كبد السماء ، تلوّن الجبال البعيدة بريشتها الذهبية ، فتبدو كسلاسل من الذهب الخالص قال غلين لكاترين وحصانهما يسيران جنباً إلى جنب : آسف على تصرفي ، لكن مثل هذه الأمور تقلب كياني لا تبالي غلين ، والآن أعلمني إلى أين نذهب ، فالمساحات شاسعة ، ولا أستطيع أن أقرر وحدي حسناً ، هل ترين تلك الجبال التي تقع على يسارنا ؟ إنها تبدو قريبة ولكنها في الواقع بعيدة جداً إنها تبدو غاية في الجمال ، أليس كذلك ؟ وتمنت كاترين لو قُطع لسانها قبل أن تعطي مثل هذه الملاحظة ، ولكن غلين أخذ الأمر بروح طيبة وأضاف : أظن أنها أجمل جبال في الدنيا ، ولكن إضافة إلى بعدها فهي خطيرة جداً إني أتوقع ذلك ، إلى أين نذهب ؟ حوّل غلين رأسه وقال : من جهة اليمين ، - إذا لم أكن مخطئاً – هناك غابات كثيفة الأشجار ، شاسعة المساحة ن ثم تنحدر بشدة إلى واد ضيق عميق ، وهناك تشاهدين الشلالات التي أعطت منطقتنا اسم شلالات موز ولكن غلين ، أليس هذا خطراً علينا أيضاً ؟ ألا يمكن أن نتجول فقط في هذه المراعي الفسيحة ؟ ماذا ؟ أميال وأميال من المراعي ، و الآف من المواشي ، فهل هذا كل ما تريدين رؤيته ؟ لا ليس هذا كل ما أريد رؤيته ولكن هذه أول مرة نخرج فيها ، وأمك قاطعها بغضب : أمي ، أمي متى تحافظ على وجودي إلى هذا الحد ؟ كل ذلك من أجل جيرد ، هو يريدها أن تعنى بي ، ولذا فهي تفعل ما يريد ، وهذا كل ما في الأمر آه غلين , أنا متأكدةمنتدى ليلاس متأكدة من ماذا ؟ أنها أم صالحة ؟ أنها تهتم لما يحدث لي ؟ فالنتينا ، هي فقط تريد جيرد ، وهي مستعدة لتفعل أي شيء ممكن لتتزوج منه ، دعينا نمضي الآن حرك غلين حصانه إلى الأمام ، وتبعته كاترين ثم تقدمته تشق الطريق ، فرأت الأرض تزداد وعورة كلما توغلا إلى داخل الإحراج ، ثم إلى المنحدرات التي تؤدي إلى الوادي ، كما كانت الأشجار تزداد كثافة فضاق الممر الذي يعبرونه |
أطلت كاترين من فوق ، فأذهلها مشهد بحيرة تترجرج مياهها لامعة تحت ضوء الشمس الفضي ، وخرير المياه التي تتدفق من فوق الصخور ، وعندما بلغا مكانا فوق الشلال مباشرة ، وقفت مسحورة أمام هذا الجمال الأخاذ سمعت غلين يقول : شلالات موز ، كم كنا نسبح في الصيف في هذه البحيرة ، دعينا ننزل إليها لا ، لا، يا غلين ، الطريق صعبة جداً ، إلى هنا ويكفي اليوم ن دع ذلك إلي يوم آخر ، فأنت لا شك متعب الآن أنا بخير فالنتينا أصر غلين على الاستمرار في الرحلة ، فهمزت الحصان بقدمها تحثه على المسير أصبحت الطريق أشد انحداراً عندما اقترب من القاعدة ، وأشعة الشمس لم تعد تجد لها منفذاً من بين أوراق الشجر الكثيفة ، ورائحة العفن تنتشر في كل مكان من النباتات الكثة الرطبة كانت كاترين كلما تقدمت قليلاً تلتفت لتراقب غلين بكثير من الخوف والقلق ، وإذا بها تجد نفسها ترتفع عن ظهر جوادها ، عالقة بأحد الأغصان القاسية الناتئة عرض الممر صرخت بأعلى صوتها وهي تسقط عن صهوة الجواد على ظهرها ، فوق النباتات الندية الشائكة ، وسقط فرع الشجرة بعنف على وسطها ، غابت عن وعيها لبضع ثوان ن ولما جاءها صوت غلين المضطرب منادياً ، لم تستطع أن تجيبه كرر غلين النداء ، ولكن بلا مجيب ، نزل عن ظهر حصانه ، وأخذ يتلمس الأرض بحثاً عنها وهو يصيح : فالنتنا ؟ أين أنت ؟ ما الذي أصابك ؟ ولما وجدها جثا بقربها وتناول يديها بين يديه بحب وحنان ، حاولت التكلم و بصعوبة خرجت الكلمات متقطعة من بين شفتيها وقالت : أنا أنا بخير غلين هل أنت حقاً بخير ؟ كان من الممكن أن يدق عنقك ، إنها غلطتي ، ما كان علي أن أجبرك على النزول استطاعت كاترين الجلوس ، وحركت جسمها ، فاطمأنت أنها على الأقل لم تصب بكسور ، ثم تناولت الشعر المستعار الذي سقط عن رأسها وثبتته مكانه ، وقالت : غلين لا تكن أحمق ، لست المسؤول عن ذلك ، هيا بنا ألان نعود إلى البيت ، وإني آسفة إذ قطعت عليك هذه النزهة ، ومن جهتي ، اطمئن فسوف أكون بخير عندما أغتسل وأبدل ثيابي ضحكت كاترين من نفسها وهما عائدان ، لأنها هي التي سقطت وليس غلين ، وتأكدت أن هذا سيفرح ليزا ، وتمنت ألا تراها وهي على هذه الحالة ، وألا يراها جيرد أيضاً وهذه الأوحال تغطي ثيابها تجاهلت كاترين ألآمها وسمحت لغلين أن يتكئ عليها طوال الطريق من الإسطبل إلى البيت ، وقالت في نفسها : كان يجب ألا أستجيب لإلحاحه وشعرت لو أنها رفضت النزول على الوادي ، لكان قد تخلى عن ذلك وما أجبرها عليه رأتهما ماريا عندما دخلا البيت ، ولكنها لم تعلق على مظهر كاترين الملطخ بالأوحال ، ودعت غلين ليرافقها إلى المطبخ ويتناول فنجان من القهوة ن بينما ذهبت كاترين لتغتسل وتبدل ملابسها خلعت ثيابها بصعوبة ، فقد كانت جميع أعضائها تؤلمها ، بالإضافة إلى البرد الذي تسلل إلى جسمها من خلال ملابسها المبتلة ن فكان الحمام الساخن بلسماً شافياً لجروحها ورضوض ظهرها ، وأسلمت عينيها لاغماضة قصيرة ليتسنى لحرارة المياه الساخنة أن تتسرب إلى عظامها التي تتجمد من البرد نبهتها الأصوات المنبعثة من تحت النافذة ، إلى أن الرجال عادوا من أعمالهم ، وعرفت أن وقت الغداء قد حان أسرعت خارجة من الحمام لترتدي ثيابها ، حانت منها التفاته إلى مرآة الحمام التي كانت خلفها ، فهالها ما رأت من بقع أرجوانية تنتشر في كل مكان على ظهرها ، وأدركت أن السقطة لم تكن بسيطة أبداً كما تصورت لبست كاترين بنطال أخضر جميل مع قميص أنيق سكري اللون وتحملت على مضض كل ما تحس به من أوجاع ، ونزلت إلى الطابق الأرضي ، حيث رأت في القاعة الكبرى حشداً من الناس ، كما رأت غلين يجلس على إحدى الأرائك يتحدث إلى عجوز معه فتاة صغيرة ، وليزا تقف قرب جيرد تجامل بعض الضيوف وعيناها تنظران نحو المخل ، أما جيرد فلم يكن له أثر هناك ، أسرع إليها بن فريزر وتناول يدها وقال : تعالي يا فالنتينا ، لأعرفك على زوارنا ثم سار بها بين الضيوف يقوم بمهمة التعارف ، ولما انتهى من ذلك قدم لها كأساً وتناول هو كأس آخر من عصير البرتقال. أخذت إحدى الزائرات تتحدث إليها قائلة : السيد بن أخبرنا أنك ممرضة ، آنسة فالنتينا ، لقد كنت أنا أيضاً ممرضة عندما التقيت بزوجي أني طالبة تمريض فقط ، ولم ابتدئ بذلك إلا منذ ستة أشهر سمع غلين صوتها وطلب منها الانضمام إليه ، فاستأذنت بن والمرأة التي كانت تحادثها ، وهي تشعر بالارتياح لابتعادها عنها ومضت إلى غلين حيث جلست بجانبه ، فقال : دعيني أعرفك على فرانك ستيفنس ، ولوري صديقين من أيام الدراسة لم تكن لوري بالفتاة الجميلة ولكنها – والحق يقال – كانت كثيرة الجاذبية وقد لاحظت كاترين أنها تميل إلى غلين ، فتمنت لو أنها تستطيع أن تخبرها الحقيقة ، وأنها لا تشكل خطراً عليها انفض الزوار في الساعة الواحدة والنصف تقريباً من غير أن يظهر جيرد ، مما اضطر الآخرين إلى تناول غداءهم معاً من دونه تقوم على خدمتهم ماريا ومساعدتها كاترين نظرت ليزا إلى بن وسألته : لماذا لم ينظم جيرد إلينا ؟ وهو يعرف أني سألته أن يطلب من مارتن المجيء وإلقاء نظرة على غلين ؟ كان غلين هو الذي أجاب : أنت تعرفين يا أمي أن جيرد مشغول وليس لديه الوقت للثرثرة أثناء النهار في أية حال لماذا يجب أن يأتي جيرد إلى هنا الآن ؟ أتمنى ألا تقحميني في أمورك الشخصية ماذا تعني بأموري الشخصية ؟ لا أدري ، أنت تفهمين قصدي تماماً ، وأنا لا أحتاج إلى طبيب أخرق مثل مارتن ليشرف على علاجي ، الدكتور سنغ عمل الترتيبات اللازمة لأقابل الطبيب المختص في مشفى ماكنزي ، في كالجري ، بعد أسبوعين ، وحتى ذلك الحين لا أحد يمكنه أن يفعل شيئاً مطلقاً قالت ليزا باقتضاب : أنا فقط أفكر فيك يا ولدي ، وأريد أن أفعل أي شيء لمساعدتك ، ولا أظنك تتوقع مني التصرف وكأنك لم تصب بشيء شرب غلين العصير الذي في كأسه دفعة واحدة ، وأزاح الصحن من أمامه ، وقال : حسناً ، أنا لست عاجزاً يا أمي ، وأتمنى أن تتذكري ذلك دائماً بعد الغداء طلب بن من كاترين البقاء معه ، ريثما يذهب غلين ليستريح وبعد معارضة قصيرة من غلين مضى إلى غرفته ، تتبعه ليزا يبدو أن جيرد يكرس كل وقته للمزرعة ، مع أني أعرف أن لديه من ينوب عنه في أعماله |
هناك فعلاً من يشرف على المزرعة ، ولكن جيرد لا يوكل أحداً وهو موجود هنا ، هذه ليست طريقته في العمل ، لم تكن طريقة ماكدونالد من قبل ن إن حب المزرعة وتربية المواشي يجري في عروقه ، كما انه يستمتع بصحبة العاملين عنده وخصوصاً هورس هورس ؟ آه ، نعم ، تعني ابن ماريا لقد نشأ هو وهورس معاً ، فبعد وفاة والدته مارغريت ، أصبحت ماريا بمثابة أمه آه ، لقد فهمت ما رأيك في ركوب الخيل معاً في جولة قصيرة ؟ أم أنك ركبت اليوم بما فيه الكفاية ؟ أجل ، لقد فعلت ، وأحب الآن قضاء بعض الوقت في المكتبة ، فأنا أحب الكتب ، وفي الواقع أني لم أر مجموعة كبيرة من الكتب كهذه ، إلا في المكتبات العامة لم ما شئت ، وأنا سأجد شيئاً آخر أفعله هل ستذهب وحدك إلى الإسطبل ؟ لا أدري ، ربما ، وسوف أراك فيما بعد بقيت كاترين في غرفة المكتبة طيلة بعد الظهر ، وعيناها تنظران إلى الطريق بين الحين والحين ، ربما كانت تنتظر مجيء جيرد ، لاشك أنها تحاول جاهدة إبعاده عن مخيلتها ، ولكن بالرغم من جميع محاولاتها ، لم تستطع تجاهله ، وأيقنت أن عدم حبها لليزا كان بسببهمنتدى ليلاس بعد حين تركت المكتبة إلى غرفتها ولما كان ظهرها يؤلمها وتشعر بتصلب في أنحاء جسمها ، وجدت أنه من الأفضل أن تأوي إلى فراشها ، وتمنت أن تجد لها حجة كالصداع مثلاً لتتحاشى بها الاجتماع على طاولة الطعام وفي المساء ، وبعد أن استراحت كاترين بضع ساعات ، لم تجد مناصاً من النزول إلى غرفة الطعام ، وهناك على المائدة ، رأت جيرد ومعه هورس ابن ماريا لم تأكل كاترين كثيراً ، وكذلك غلين ، أما جيرد وهورس فقد امضيا مدة تناولهما الطعام يتحدثان عن تجارة الماشية ، حتى أن ليزا لم تعد لديها القدرة على تحمل ذلك ، وقالت : هل من الضروري أن تدخل موضوع المواشي إلى غرفة الطعام ؟ أنا لم أتحدث معك طيلة النهار يا جيرد ، أكثير على أن تبدي لي – على الأقل – شيئاً من الاحترام في المساء ؟ أجاب هورس بصوت منخفض فيه معنى الاعتذار : إني آسف يا سيدة ليزا ، إنها غلطتي أنا ، لدينا أمور كثيرة يجب أن نبحثها ولكن الحق معك ، فإن مائدة الطعام ليست مكاناً لهذا البحث قال جيرد وهو ينظر إلى أرملة أخيه نظرة تحذير: حسناً ياهورس ، ليزا لم تقصد ذلك بالضبط ، لكن أين بن ؟ لا تقولي أنه لم يكن هنا طيلة بعد الظهر ؟ أظن ذلك ، في الواقع أنا لا أعرف ، فقد قضيت فترة بعد الظهر في غرفتي أستريح لأني كنت أحس بصداع شديد ، وأنت تعلم أن خدمة الضيوف ليست سهلة ضاقت عينا جيرد وقال : ضيوفك ، ماذا تعنين بأنك تظنين ؟ إما أنه كان أو لم يكن ، أريد أن أعرف لقد تناول طعام الغداء معنا وبعدئذ ؟ تدخل غلين قائلاً : أنا وفالنتينا ذهبنا في نزهة نستمتع بركوب الخيل هذا الصباح ، أما بعد الغداء فقد ذهبت إلى غرفتي أستريح ، وبقي بن مع فالنتينا قالت كاترين : هذا صحيح ، وقد طلب مني مرافقته في جولة قصيرة على الخيل ، ولكني اعتذرت منه ، لأني كنت متعبة قليلاً إذن أين ذهب ؟ ضاقت ليزا ذراعاً بهذا النقاش وهي تكره اهتمام جيرد بأحد حتى ولو كلن أباه ، وقالت : لم كل هذه الضجة حول غيابه ؟ لا بد وأنه في مكان قريب ، قد يكون أخذ العربة إلى موزباي قال جيرد : يبدو عليك يا ليزا الكثير من الضجر ، وتحتاجين بعض التغيير ، أليس كذلك ؟ وأنا أشعر أن الحياة في المزرعة موحشة لامرأة مثلك ، وعليك أن تري حلاً لذلك لمعت عينا ليزا ، وقالت : جيرد هل تعني ما تقول ؟ أنت تعرف كم أحب قضاء أسبوعين في نيويورك ، أشتري ما أريد ، أتمتع ، أشاهد آخر المسرحيات ، هل تظن أننا نستطيع ذلك ؟ وطالما فالنتينا هنا ، فلن يكون غلين بحاجة إلينا قال جيرد جازماً : يمكنك الذهاب ، حيث تشائين ، ونحن نستطيع التغلب على الصعاب ، وكما قلت ، فإن غلين لا يحتاج إليك الآن شحب وجه ليزا وقالت : ماذا تعني نستطيع التغلب على الصعاب ؟ هل تعني أنك لست قادماً معي ؟ تراخى جيرد على كرسيه وأجاب : ليزا ، أنت تعلمين أنني لا أستطيع ترك المزرعة الآن ، بالإضافة إلى أني لا أحب نيويورك أجابت ليزا بوقاحة : أية حيلة عفنة هذه التي تلعبها ؟ نظر جيرد حوله وقد نفذ صبره وقال : أية حيلة تعنين ؟ ليزا أنا لا أمنعك أن تفعلي ما تشائين ، اذهبي إلى نيويورك ، خذي معك بام بالمير إن أردت ، أنت تعرفين أنها تسر بمرافقتكمنتدى ليلاس كاترين لمست موجة كره تتدفق من عيني ليزا ، من آخر الطاولة ، وهي تجيب : أنا لا أريد أن أذهب مع بام بالمير ، سأبقى هنا حتى يكون لديك الوقت الكافي لتذهب معي ، حتى لو انتظرت الصيف كله لم تخف هذه الملاحظة على كاترين ، أما جيرد فقد هز كتفيه وانثنى إلى هورس يتابع حديثه عندما انتهى العشاء ، اختفى الرجلان ، واختليا في غرفة جيرد الخاصة ، ليتابعا بحثهما ، وغادرت ليزا الغرفة وفي صدرها عاصفة من غضب مكتوم ، أما كاترين فقد وقفت قبل أن تترك مجالاً لغلين ليبدأ أي حديث وقالت : غلين هل يزعجك أن أذهب إلى فراشي ؟ إني أحس ببعض التعب هل أنت بخير ؟ أليس هناك ما يؤلمك ؟ قالت كاترين لتزيل مخاوفه : يا لله ، غلين لا ، ليس هناك ما يؤلمني ، أنا متعبة فقط ، سوف أراك في الصباح لما طلع الصباح ، لم تستطع كاترين التحرك مطلقاً ، فقد أحست بالآم لا تطاق في جميع أنحاء جسمها ، دفنت وجهها في وسادتها تمسح دموعها ، فما هذه الورطة التي أوقعت نفسها فيها ؟ لم تستطع النزول لتتناول الفطور ، وقالت في نفسها ، سوف يخرج جيرد مبكراً كالمعتاد ، وإذا خرج معه بن ، فلن يبقى سوى غلين وماريا ، من المتوقع أن يسألا عنها ، ستتدبر الأمر مع ماريا ، أما غلين فسوف تخبره بما تحس به من الآم انقضى الصباح إلا أقله من دون أن يسأل عنها أحد ، وأخيراً وقبل الساعة الثانية عشرة بقليل ، سمعت نقراً على الباب ، فقالت وهي تشعر بدوار : أدخل ولدهشتها لم يكن غلين هو الذي يسأل عنها وكذلك لم تكن ماريا !!!! واعتدلت في فراشها عندما دخل جيرد ، وسأل باختصار : هل أنت مريضة ؟ لا ، أني فقط أشعر ببعض التعب ، هذا كل ما هناك ، ووجدت أنه من الأفضل قضاء فترة الصباح في فراشي اتكأ جيرد على حافة القنطرة المؤدية إلى غرفة نومها : هل هذا صحيح ؟ أم تراك تتهربين بهذه الطريقة من مواجهة الأسئلة التي أجد نفسي مضطراً لسؤالك إياها ؟ صاحت كاترين باستغراب : أسئلة ؟ أية أسئلة ؟ أنا لا أ‘عرف عن أي شيء تتكلم ألا تعرفين لماذا خالف أبي تعليماتي ؟ أو لماذا ارتفعت حرارة غلين هذا الصباح ؟! نهاية الفصل التاسع |
10_الاعتراف قالت كاترين بارتباك : والدك ؟ غلين ؟ ماذا حصل ؟ أجاب جيرد بأسلوب فظ : تسألين ؟ أنت التي ذهبت مع غلين في نزهة على الجياد يوم أمس ، وأنت آخر من تكلبم مع أبي كان يبدو بحالة جيدة عندما تركته بعد ظهر أمي ، وأما غلين فقد حسبته أستأذنك في ذلك لم يستأذنني مطلقاً ، يلله !! كاترين هل فقدت عقلك ؟ كان المفروض أن تعتني به غلين ليس طفلاً صغيراً ، يجب أن يكون له رأيه الخاص ، وحان الوقت لكي يبني شخصيته ويثبت وجوده بمفرده قلب جيرد شفته وقال : وهكذا اخترت النزول معه إلى الوادي ، حيث الهواء الرطب والطريق الوعرة ، لا شك أنك مجنونة ، كان من الممكن أن يدق عنقه هناك لم أكن أريد النزول ، ولكنني نزلت على رغبته وأنت لم تحاولي منعه ، كاترين ، إذا حصل له أي شيء ولكن لم يحصل ، فكيف تلومني على شيء لم يحدث ؟ والآن من المفروض أن تكوني إلى جانب غلين ، ولكني أراك هنا تستلقين في فراشك غير مبالية أنا أشعر ببعض التعب ، اذهب الآن ، وسأغادر الفراش بعد قليل ، أم أنك ستعيد تصرفاتك المشينة التي سلكتها معي في تلك الليلة ؟ لماذا لا تذهب ؟ أخبر غلين أني سآتي إليه حالما أرتدي ثيابي وأكون جاهزة منتدى ليلاس سأطلب من ماريا إبلاغه رسالتك دع شخصاً آخر غيرها يخبره ، لا أظنك ترغب أن يعرف غلين أو ليزا بأية حرية تدخل إلى جناحي دعينا نستبعد ليزا من هذا الموضوع ، ممكن ؟ زمّت كاترين شفتيها وهو يغيب عن ناظريها ، وحاولت أن تتحرك لتمد رجليها خارج الفراش ، فأحست بضعف شديد ، وإذا بالدموع تنساب من عينيها البنفسجيتين الجميلتين على وجهها الشاحب ، من الآلم المبرح الذي المّ بظهرها ، فدفنت وجهها في الوسادة وهي تسأل نفسها ، كيف سيمر عليها النهار ، إذا كانت أطرافها ترتجف حتى من تلك الحركة البسيطة ؟ لم تكن لطيفة اليدان اللتان رفعتا رأسها عن الوسادة ، يبدو أن جيرد لم يذهب بعيداً عندما ظنت أنه مضى ، فهز كتفيها وقال : يا الله لم كل هذا البكاء ؟ إن سحابة الألم التي مرت على وجهها من جراء تلك الهزة ، جعلته يقطب حاجبيه بتعجب ويقول : يا لله ، أنا لا أريد أن أؤذيك ، بالله عليك توقفي عن النظر الي وكأنني وحش كاسر أدارت كاترين رأسها من جهة لأخرى ، وهمست : أرجوك أذهب دفعها إلى الوسادة بحركة تدل على خيبة أمل ، فلم تستطع إخفاء أنينها عندها حاول أن يكشف عنها الغطاء ليعرف ما بها وقال : كاترين أرجوك ، بحق الله ، قولي ما الذي حلّ بك ؟ نظر في عينيها الفاتنتين اللتين بدت فيهما نظرات التأنيب ، ولكن كاترين تنفست بصعوبة ويداها ترتجفان وهي تعيد الغطاء على جسمها ثم قالت : لقد سقطت عن الجواد يوم أمس ولم يكن بودي أن أخبرك سألها بخشونة : كيف سقطت ؟ وأين ؟ لماذا لم تخبريني منذ البدء ؟ فقد كان بإمكاني مساعدتك ليس الأمر مهماً إلى هذا الحد ، فقط أحس بتصلب في جسمي ، وألم في ظهري ، هذا كل ما في الأمر ، وأنا متأكدة أنني سوف أتحسن بعد قليل ولم تدر إلا وقد أزاح عنها الغطاء وقلبها على فراشها وهي تصرخ ، فكتم أنفاسه عندما رأى من خلال قميص نومها اللون القاتم الذي ينتشر على ظهرها ارتعشت كاترين من غير إرادة منها ، عندما لامست يده أماكن الكدمات في ظهرها وبالرغم من معرفتها أنها ستحتقر ذاتها فيما بعد ، ولكنها لم تنكر بينها وبين نفسها أن شعوراً بالارتياح قد غمرها لتلك اللمسات ، وقالت : جيرد ، أرجوك ، اتركني ، وأخرج من هنا جلس إلى جانب السرير ، وقال بصوت غليظ : يا الهي ، لماذا لم تخبريني ؟ كان من الممكن أن تدق عنقك ، لا تتحركي ابقي كما أنت ، عندي شيء قد يساعدك سأعود فوراً استدارت كاترين قليلاً ، ولكن هذه المحاولة كلفتها الكثير من الجهد والألم بقيت مستلقية على جانبها ، حتى سمعت وقع خطوات ، فظنت أن ماريا هي القادمة ، وقد أرسلها جيرد ومعها وصفة تفيدها ن ولكنها كانت مخطئة في ظنها ، فإن جيرد هو نفسه الذي عاد مرة أخرى وفي يده علبة صغيرة ، وقال : إنه علاج قديم عندي ، رائحته غير مستحبة ، أما نتائجه فمضمونة شكراً لك ردت كاترين عليه وهي تمد يدها لتتناول العلبة من يده ، ولكنه أبعدها عنها وقال : لا يمكنك دهان ظهرك بنفسك ، فأنا سأفعل ذلك ، والآن وعلى مهل ، عودي إلى الوضع الذي تركتك عليه ، سأحاول قدر استطاعتي ألا أوجعك نشر جيرد المرهم في أماكن متعددة من ظهرها ، وأخذ يدلكه بلطف ونعومة ن وكاترين تحس بالارتياح من هذا التدليك ، وهي تتمنى ألا يتوقف ولكن جيرد كف عن ذلك ، وذهب إلى الحمام ، غسل يديه وعاد قائلاً :منتدى ليلاس هذا يكفي الآن ، واقترح أن تستريحي في فراشك طوال اليوم ، غلين سيتدبر أمر نفسه ، ولو مرة واحدة من دون مساعدتك أدارت كاترين رأسها لتلتقي عيناها بعينيه ، ثم قالت معترضة : آه ، لا ، جير، إني أشعر بتحسن كبير حتى ولو كان ، فأنت بحاجة ملحة للراحة ، ماريا سترسل إليك الطعام هنا حسناً ، إذا كان هذا ما تريد أجاب بصراحة : ما أريده لا علاقة له بهذا ، سأذهب الآن وأخبر غلين بما آلت إليه حالتك شكراً حسناً حاولي أن تستريحي قدر الامكان ، فنحن لا نريد ثلاثة مرضى في العائلة قاطعته بعصبية : ثلاثة أنهى جيرد الحديث من غير إبداء مشاعر ، وخرج ، أخذت كاترين تسأل نفسها ، ترى ماذا يعني بقوله : ثلاثة مرضى في العائلة ؟ هل يعني أنها ستصبح عضواً في هذه العائلة ؟ بكت كاترين ، ألمّ بها شعور بالاشقاف على نفسها وعلى بن أيضاً ، وعندما دخلت ماريا تحمل صينية الطعام وجدت عيني المريضة متورمتين تركت ماريا الصينية جانباً ، ووضعت الوسادة وراء كاترين وأسندتها عليها بصورة مريحة ، وقالت : والآن أخبريني ماذا حدث ؟. جيرد أعلمني أنك سقطت عن ظهر الحصان ، ولم يخبرني أنه أزعجك إلى هذا الحد مسحت كاترين أنفها بمنديلها ثم قالت : لا ، بالحقيقة لم يزعجني ، بل أحضر المرهم ، ودلك ظهري به حتى أحسست أني صرت أحسن حالاً |
لمحت ماريا العلبة الصغيرة وقالت : حسناً ، لقد مرت بي هواجس متعددة عندما رأيته يصعد إلى هنا كالمجنون ، ولكنه كان مختلفاً تماماً عندما رجع قالت كاترين : أنت مولعة جداً بجيرد، أليس كذلك يا ماريا ؟ أجابت ببساطة : إنه مثل ولدي وضعت ماريا الصينية أمام كاترين وقالت : هل تريدين شيئاً آخر ؟ آه ، لا ، وشكراً ابتسمت ماريا وهي تتجه نحو الباب كي تغادر الغرفة ، ولكنها توقفت برهة ، والتفتت إلى كاترين وقالت : أنا أعلم أنه ليس من شأني التدخل في أمور الآخرين ، ولكن لدي رغبة في معرفة ، متى تريدان أنت وجيرد إخبار غلين أنك لست الفتاة التي يظن ؟ أنت أنت تعرفين ؟ بالتأكيد لأنه ، لا يمكن أن أتصور أية فتاة بكامل قواها العقلية ، من الممكن أن تخفي شعراً جميلاً كهذا ، وراء شعر مستعار ، إلا إذا كان هناك سبب يدفعها لذلك رفعت كاترين يدها إلى رأسها وقالت قلقلة : آه ، لقد نسيت منتدى ليلاس لا بأس ، لا بأس ، جيرد أخبرني الحقيقة منذ أيام أنك أخت فالنتينا ووافقت على المجيء إلى هنا بموجب نصيحة الطبيب ، كما اخبرني أيضا أنك مخطوبة لشاب في لندن ، هل هذا صحيح ؟ أم قال ذلك من أجل ليزا ؟ بان الارتباك على وجه كاترين على الفور ورددت : ليزا ؟ نعم ، فأنا ألاحظ أن جيرد مهتم جداً بك ازدادت خفقات قلب كاترين ، وقالت متلعثمة : جيرد ، لا تكوني حمقاء أنا لست جاهلة يا كاترين ، لقد رأيت الطريقة التي ينظر بها إليك ، ولم لا ؟ فإذا كانت ليزا قد طلبت منه رعاية مصالحها ومصالح ولدها ، فهذا لا يعني أنه ملزم بالارتباط بها ارتجفت كاترين عند سماعها هذا الكلام ، إذن ليس هناك حب بينهما وجيرد لا يريد الزواج من ليزا ، لقد أوضحت ماريا بكلامها ما كان غامضاً وفجأة غادرت ماريا المكان وكأنها ندمت على ما بدر منها : سأرسل لك كارين بعد قليل لتأخذ الصينية ، حاولي النوم لبعض الوقت لم تأكل كاترين إلا قليلاً ، لم تعد لها شهية لذلك وعندما جاءت كاترين مساعدة ماريا لتأخذ الصينية ، تظاهرت بالنوم وهي تتمنى لو أنها أخذت بنصيحة سيمون ولم تأت إلى كندا ، لو أنها فعلت ، لكانت أعفت نفسها من أمور كثيرة ، على الأقل من الوقوع في حب رجل لا تستطيع الزواج منه في المساء كانت تشعر بتحسن جسدي على الأقل ، لا شك أن المرهم قد أفادها إلى حد كبير ، وظنت أنه في الصباح سيكون لديها القدرة أن تتجاوز هذه الحادثة التي أصابتها عندما حان وقت العشاء أحضرت كارين الطعام إلى غرفة كاترين ، تناولت ما اشتهت من الطعام الذي قدم لها ، وكانت تمسح شفتيها بمنديلها ، عندما أحست أن هناك من يراقبها ، فرفعت رأسها لتجد جيرد متكئاً بجانب القنطرة ، بدا شاحب اللون ، كأنه أمضى يومه كاملاً في غرفته الخلوية بدلاً من التجول في الهواء الطلق تقدم قليلاً وقال : ماذا تفعلين خارج الفراش ؟ أظن أنني قلت لك ألا تغادريه طيلة النهار ، إن جلوسك على الكرسي لن يساعد عضلاتك على الاسترخاء أزاحت جسمها قليلاً إلى طرف الكرسي لتريه المخدة الصغيرة التي تجلس عليها وقالت : الكرسي ليس قاسياً كما ترى ، وأنا لا أحب تناول طعامي في الفراش والآن هل انتهيت ؟ نعم ، لماذا ؟ هل جئت لتأخذ الصينية ؟ لوى جيرد شفتيه وتقدم نحو الطاولة التي بجانبها وتناول علبة المرهم وقال : جئت من أجل هذه ، هورس لوى كتفه وهو يجر بعض الأخشاب وسأدلكه له هزت كاترين رأسها في تأثر وقالت : أني آسفة ، هل هو بخير ؟ إنه على قيد الحياة ، ماذا عنك ؟ أشعر الآن بكثير من التحسن ، كيف أحوال غلين ؟ لقد هبطت حرارته ، وأنا متأكد أنه سيسعدك أن تعلمي أن أبي أيضاً بخير فعلاً لقد أسعدتني مرت لحظة صمت ، قال بعدها : أظن أن ليزا قالت له ما يزعجه مما جعله يتعثر ويسقط ، عادة يحدث ذلك منها كثيراً لم تقل كاترين شيئاً تعليقاً على تلك الكلمات ن فاستمر جيرد في الحديث : أنا سعيد لأنك تشعرين بتحسن ، غلين أخبرني عما حدث ، و لا أريد إخبارك بما قلته أنا يمكنني أن أتكهن اقترب منها أكثر فأكثر وقال : هل تقدرين ؟ هل دلكت ماريا ظهرك بالمرهم ؟ طلبت منها أن تفعل ذلك لا ، لم تفعل لماذا ؟ لأني لم أرها منذ وقت الغداء ، كارين أحضرت لي طعام العشاء إذن سأدلكه أنا ، فقط استلقي على الفراش ولكنها لم تستلق وقالت : جيرد إنه ليس ضرورياً مطلقاً قال بخشونة : لقد قلت إنني ومدّ يده يعبث بشعرها الناعم وبرفق يرفعه نحو شفتيه ويتمتم : كاترين إني أحبك وأعرف أنك تحبينني أيضاً فوجئت به يطوقها بذراعيه ، يضمها إلى صدره ، وبصعوبة استطاعت التخلص منه وهي تقول : جيرد أنا أسمع حركةمنتدى ليلاس ابتعد جيرد عنها مستطلعاً ولكنه لم يلاحظ أي شيء ، لم يكن أي صوت هناك أو حركة في غرفة الجلوس ، ما عدا صوت تكتكة الساعة الكبيرة المعلقة على الجدار هزت كاترين رأسها ، وقالت هامسة : هناك من دخل الغرفة أنا متأكدة من ذلك هل هذا صحيح ؟ أين هو إذن فأنا لا أراه سار إلى القنطرة وتطلع إلى الغرفة الأخرى فلم يجد أحداً ، ثم تابع حديثه : لا يوجد أحد كاترين وهزّ رأسه آه ، لقد فهمت ، لعلي فقدت عقلي جيرد إني متأكدة أنه كان هناك شخص ما ، صدقني ، أرجوك نظر إليها نظرة مليئة بالألم ، وكأن غشاوة أزيحت عنهما ، وقال : اذهبي الآن إلى النوم يا كارين حمل الصينية وتابع : سوف أعيد هذه إلى ماريا ، لعلها هي التي أتت بسبب الصينية ، ما عدا ماريا ، لا يمكن أن يدخل شخص آخر إلى هنا من غير دعوة |
الساعة الآن 08:32 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية