كانت تتوقع أن تجد جيرد ينتظرها عند الباب ، ولكنها هي التي تأخرت عن الموعد المحدد بضعة دقائق ، فالسائق لفّ بها كثيراً في الطرقات ، حتى اهتدى إلى المكان الذي أشارت إليه تقدم نحوها أحد العاملين في المطعم ، فسألته على الفور عن السيد جيرد فريزر أحنى رأسه دلالة على وجوده ، وعلى شفتيه ابتسامة لطيفة سارت كاترين في رواق مظلل باللون الأخضر الجميل إلى صالة حديثة تضيئها قناديل مختلفة الأشكال والألوان ، مما زادها رونقاً وجمالاً ، فوجدت نفسها تقف إلى جانب طاولة رئيس القائمين على خدمة الرواد ، وعند ظهورها وقف بأدب ، سألته عن جيرد ، ولكن قبل أن تسمع الجواب ، كان رجل يشق طريقة نحوها تحت الأضواء الخافتة ، رجل طويل القامة ، داكن اللون لا يمكن أن تخطئه أبداً ، أنه جيرد شكراً لوجي ، الآنسة معي أحنى لوجي رأسه بأدب وصمت آسفة لأني تأخرت ، حسبتك ذهبت قاطعها جيرد : من المستحيل أن أفعل ذلك ، تعالي إلى طاولتنا هناك ، يمكننا تناول بعض الشراب ، قبل اختيار ما نريد أن نأكل بدا الارتباك على كاترين وهي تبتسم له ، وتسير حيث يقودها ، إنها تدرك أنه يراقب كل حركة من حركاتها ، فكانت تحاول أن تهدئ عواطفها ، لقد بعثت رؤيته مرة ثانية القلق في نفسها ، وتحولت عيناها إلى وجهه بافتتان لم تتمكن من إخفائه لكن يبدو أنه لم يكن ينظر إليها ، لقد كانت نظراته تتجاوزها إلى الطاولة التي يقودها إليها ، كانت هناك امرأة شابة ، تبدو أنها تكبرها ببضع سنوات فقط ، نحيلة ، سمراء ، ناعمة الملامح التفتت إلى جيرد ، ظنت أنا مخطئة ، وليس هذه طاولتهما ، ولكن تبدد شكها عندما سمعت جيرد يقول وقد أحنى رأسه بأدب : اسمحي لي أن أقدم لك أرملة أخي ، ليزا ، هذه كاترين شقيقة فالنتينا مدت ليزا يدها نحوها وهي تقول : أنا سعيدة بلقائك كاترين ، أخبرني جيرد عن كل ما فعلته من أجل ابني ، وأنا حقاً شاكرة لك فضلك تناولت كاترين اليد الممدودة إليها مصافحة ، وقالت : ليس هناك ما يستحق الشكر منتدى ليلاس جلست كاترين على الكرسي الذي سحبه جيرد لها ، وهي لا تكاد تصدق أن هذه المرأة يمكن أن تكون والدة غلين ، فهي تبدو أصغر من ذلك بكثير ، وأصغر من أن تكون أرملة أيضاً ، ولهذا خالجها نظرة شك في نظرة ليزا إلى جيرد ، وشعرت أنها لا يمكن أن تكون نظرة أرملة إلى شقيق زوجها فقط ، ثم سألتها كاترين : هل رأيت غلين سيدة ليزا ؟ نعم ذهبنا إليه من المطار مباشرة كيف حاله؟ ومن قبل أن تستطيع ليزا الإجابة أجاب جيرد : رأيناه كئيباً جداً تدخلت ليزا قائلة : لا تقل هذا يا عزيزي ، ستظن كاترين أن غلين بم يكن سعيداً برؤيتي ، وأنت تعلم العكس رد جيرد بسرعة : كاترين ليست سخيفة ، فهي تعرف حاله أكثر من أي شخص آخر , ليزا يجب أن نواجه الحقيقة أن نقدّر غلين وحالته شيء وأن تفاءل خيراٍ هو شيء آخر أمسكت ليزا ذراع جيرد بشيء من الدلال وهي تقول : لا شك عندما يعود إلى المزرعة ، عندما يستطيع السير على قدميه ويشعر بالهواء العليل يداعب وجهه قاطعها جيرد بصراحة : أتراني ألاعب أطفالاً ؟ لم لا تكوني واقعية ، ليزا ؟ أنت تعرفين أن غلين غادر موزباي ، لأنه لم يكن مغرماً بالمزرعة ولا بأعمال المزارع تغاضت ليزا عن الإهانة التي لحق بها ، وقالت : جيرد ، هذا ليس حقيقياً ، على أية حال فإن غلين يحتاج لقضاء بعض الوقت هناك ، ليتمتع بالهواء الطلق على الأقل ، وسوف يعود إليه بصره عندما يعود إلى بيته أحنت كاترين رأسها لئلا تنظر إلى المرأة الأخرى عندما كان جيرد يجيب بجدية : ليزا ، إن غلين سوف لا يرى شيئاً قبل مرور بضعة أسابيع ، أو بضعة شهور ، ولكننا سنأخذه معنا بأية حال ، لأن ليس لدينا فكرة أخرى ، ومع ذلك فعلينا معرفة رأيه أولاً تمنت كاترين لو أنها كانت بعيدة عدة أميال عن هذا المكان ، عندما التفت إليها جيرد ، وبان الارتباك على وجهها تحت نظراته الثاقبة ، وجه إليها كلامه : كاترين ، غلين يريد أن تذهبي معنا إلى المزرعة ، ولما أخبرته أنه لا يمكنك ترك الوظيفة ، أصرّ ، وقال أنه بحث معك الأمر ، ولم يكم لديك أي اعتراض أنا أنا لم تستطع كاترين قول أي شيء ، وحبست الكلمات في صدرها ، حقاً أن غلين لمّح إلى أنه يتمنى أن ترافقه إلى المزرعة ، ولكنهما لم يبحثا الأمر جدياً ، وسمعت ليزا تقول باختصار : من الواضح أن كاترين لا تعرف شيئاً عن الموضوع ، في أية حال ، فالفكرة من أصلها سخيفة ، غلين يحتاج إلى ممرضة وليس إلى صديقة لكنك نسيت أن غلين يعرف أن فالنتينا ممرضة ، وليست الفكرة سخيفة كما تظنين ، فإن غلين يحتاج إلى الراحة ، والنقاهة ، ولكن هل يتحقق له هذا برفقتنا أنا وأنت فقط ؟ قالت ليزا باحتجاج : هناك أبوك وعند هذه النقطة تدخلت كاترين : أنا أنا لا أعرف ماذا قال لك غلين سيد جيرد جيرد ، من فضلك قال ذلك بإصرار ، أما كاترين فقد أحمر وجهها وتابعت : حسناً أنا لا أستطيع مرافقته إلى كندا ، لا يمكنني الفكرة مضحكة ارتعشت شفتا جيرد وهو ينظر إليها قائلاً : هل هي مضحكة فعلاً ؟ حتى ولو كانت تضع حداً بين شقاء غلين أو عدمه ؟ نظرت ليزا إلى كاترين نظرة غامضة وتدخلت : جيرد ، لا تكن مأساوياً إلى هذا الحد ، ماذا يمكنها أن تفعل أكثر مما نفعله نحن ؟ قال جير بوضوح : حسناً ، إنها الجسر الذي يربط بين حياته هنا والحياة التي نجبره عليها في المزرعة ، ألا تعرفين أنه يعلّق على فالنتينا آماله ومستقبله ؟ تدخلت كاترين : ولكني لست فالنتينا غلين يظن أنك فالنتينا ، وهذا هو المهم في الأمر أخذت كاترين تفكر ، هل يمكن أن يخطر ببال جيرد ، أنها من الممكن أن تتنازل عن وظيفتها بهذه البساطة ، لترافقهم إلى مكان مجهول في أواسط كندا ؟!! الموضوع بأكمله يتنافى مع المنطق ، إلى جانب ذلك ماذا سيكون رأي سيمون ؟ وكأن جيرد طالع أفكارها فقال : أنا لا أطلب منك أن تتركي حياتك هنا وعملك ، وما يهمك فيها من أمور ولكن ما أطلبه منك هو فقط أن تحصلي على إجازتك السنوية وترافقينا وتأكدي انك ستعجبين كثيراً بالمزرعة ، ولن تندمي مطلقاً على قيامك بهذه الرحلة ، خصوصا وأننا هيئنا لك جميع أسباب الراحة الممكنة هناك قلبت كاترين شفتيها وقالت : جيرد غلين وقف على قدميه ، ويمكنه الآن أن يتحرك،أنت تقول أنه يعيش مأساته ولن يكتشف حقيقتي،ولكن متى عاد إلى بيته, وابتدأ يستعيد ثقته بنفسه، فإنه عاجلاً سيكتشف أنني لست فالنتينا كيف ؟ أولاً ، وهو الأهم شعري ، شعر فالنتينا قصير وأجعد ، وأنت تعرف أن شعري ليس كذلك تدخلت ليزا : يمكنك أن تقصي شعرك ، إنها فعلاً أمور سخيفة ، وأنا لا أفهم كيف تعالجان المسألة ، أنا لا أظن أن الشعر القصير المتموج فيه حل للمشكلة ولكني لا أريد أن أقص شعري تجاهل جيرد أرملة أخيه ووجه كلامه إلى كاترين ، وقال بهدوء : يمكنك أن تلبسي شعر مستعار ، ولا أظن أن هناك مانعاً عندما يكون ارتداؤه ضرورياً ، في أي حال دعونا الآن نتناول طعامنا ، ويمكننا إكمال مناقشتنا فيما بعد كان الطعام شهياً ، ولكن لم يكن لدى كاترين أي قابلية لتناوله ، فقد شعرت بشيء من الخوف من الجو المشحون الذي يخيم على المائدة تناولت كاترين فنجاناً من القهوة بدل الحلوى ، وهي تنتظر بفارغ الصبر أن يستكمل جيرد المشاحنة ، ولكنه لم يفعل ، بينما أخذت ليزا تتحدث بكل لطف وأدب مع كاترين بأمور لا علاقة لها بالمشكلة الأساسية على الإطلاق كانت الساعة الثالثة بعد الظهر تقريباً ، عندما غادروا المطعم ، وجيرد كما في المطعم لم يتحدث في السيارة إلا قليلاً اخترقت ليزا صمته ، وهي تضع يدها على كتفه من غير كلفة ، وسألت : عزيزي جيرد ، ألا تشعر أنك كنت غير لطيف معي ؟ أنا أظن أن كاترين قامت بمجهود جبّار من أجل غلين ، وآن لها أن تعيش حياتها كما تريد أحنى جيرد رأسه من غير أن يجيب بشيء ، بل كانت نظراته تنصب على كاترين ، نظرات لوم وعتاب ، وجعلها تشعر بشيء من الخوف وعدم الارتياح كان غلين في انتظارهم ، وكم كان مزعجاً لكاترين عندما أحاطها بذراعيه ، لكنها عملت جاهدة على التخلص منه بلطف ، وبقي ممسكاً بيدها وهو يحدث والدته أماه ، قولي الحقيقة ؟ أليست جميلة ؟ إنني مجنون بها ، ولولاها ما كنت أدري ما كان سيحل بي في تلك الأسابيع الماضية تصنعت ليزا ابتسامة باهتة ، وهي تجلس إلى جانب ابنها ، مما اضطره أن يترك يد كاترين ، ثم قالت : ولدي ، سوف تعود معنا إلى البيت ، بيتك ، وكل ما مرّ بك سيبدو ككابوس مخيف مضى ، وسوف تتغير جميع مشاعرك هناك ، وأنا متأكدة منتدى ليلاس سحب غلين نفسه بعيداً عنها ، وأخذ يمشي بخطوات غير ثابتة عبر الغرفة ن رأت كاترين طاولة طعامه في طريقه ، ولكن قبل أن تتمكن من الوصول إليها لتبعدها ، كان قد تعثر بها تطلعت كاترين إلى جيرد في ألم ، وهي تعيده إلى كرسيه ، ثم رد على كلام أمه : نعم ، سوف أشعر بالاختلاف ، فالاختلاف الوحيد الذي سأشعر به ، هو أن هناك مساحات شاسعة يمكن أن أقع فوقها وأشياء كثيرة يمكن أن أتعثر بها! وقفت كاترين بجانب كرسيه ، وسمحت له أن يمسك يدها ، وقالت : غلين ، لن تقع ، صدقني سوف تتحسن ، ولكن يحتاج ذلك إلى بعض الوقت وإلى بعض الصبر وأظن أنك قادر على ذلك حرّك غلين رأسه وتتطلع نحوها بعينيه الزرقاوان غير المبصرتين ، وقال : فالنتينا ، إني خائف أحست فالنتينا أن قلبها يكاد ينفطر لآلامه ، ولم تعد تحتمل ، وقالت : أريد الذهاب إلى البيت أعاد غلين كلماتها : أريد الذهاب إلى البيت ، ولكن ليس وحدي قالت الأم : لن تكون وحدك يا بني لكن هذه المرّة نظرة واحدة من جيرد كانت كافية لإسكاتها أما غلين فقد أضاف : أريدك أن تأتـي معي فالنتينا ، سوف تأتي ، أليس كذلك ؟ إذا لم تفعلي ، فلن أذهب أنا أيضاً نهاية الفصل الخامس |
6_رحلة مفاجئة عندما وصلوا إالى الفندق ، بعد خروجهم من المتشفى ، نزلت ليزل هناك ، وتابعا الدرب إلى بيت كاترين ، كالمعتاد أصر جيرد على مرافقتها إلى الداخل أنت تعرف أن هذا سيحدث ، هذا ما سيفعله غلين أليس كذلك ؟ يا لك من خسيس واجهت كاترين ، جيرد بهذه الحقيقة بعد أن دخلا إلى غرفة الجلوس ن وأدارت ظهرها نحوه ، لتخفي الدموع التي انسابت من عينيها ، ليتها لم تقل ذلك ، ليتها أعطت نفسها فرصة لتفكر بما تقول ، حتى لا يزل لسانها بما تندم عليه منتدى ليلاس هز جيرد كتفيه بلا مبالاة ، وألقى بنفسه على الأريكة ، عادت ونظرت كاترين إليه بعد أن مسحت دموعها ، وهي تحدث نفسها ، عجيب هذا الإنسان ، كم من السهل عليه التكيف مع ما يحيط به ، ,وأخذت تقارن بين شخص يطير فوق الأطلسي في طائرته الخاصة ، وبينه وهو مستلق دون اهتمام على أريكة بسيطة في شقة متواضعة بعد برهة صمت ، قال جيرد : حسناً ، أنا أعرف ما كان سيفعل غلين ، وأنت أيضاً تعرفين طالما بحث الموضوع معك دارت كاترين في مكانها ، و هي تقول : هو لم يبحث الموضوع معي ، فقط قال أنه لا يستمتع بالعطلة في المزرعة ، هذا كل شيء إني أقسم حسناً ، حسناً ، لا تكوني عصبية إلى هذا الحد ، ولكني أؤكد لك أنك ستسرين بزيارة المزرعة لا ، لن أفعل ، لأني لست ذاهبة هب جيرد على قدميه واقفاً وقال : ماذا تعنين ؟ ماذا تعنين أنك لست ذاهبة ؟ لقد أخبرت غلين أنك ستفعلين وضعت كاترين يد مرتجفة على رأسها وهي تقول: أنا أعرف ماذا قلت لغلين ، ولكني لا أستطيع ، يجب أن تعرف ذلك ، أرجوك جيرد لا تنظر إلي هكذا ، أنا لا أستطيع الاستمرار في هذه اللعبة لم لا ؟ خطا جيرد خطوة إلى الأمام باتجاهها ، ومع أنها كانت طويلة القوام ، كان عليها أن ترفع رأسها حتى تنظر إليه وأجابت : لأني لا أستطيع يمكنك أن تأخذي إجازتك السنوية،أو إجازة بلا راتب ، ولقد أخبرتك أني سأعوض عليك كل الخسائر لا ، ليس هذا هو السبب بحقك ما هو هذا السبب إذن ؟ نفذ صبر جيرد فأمسك كتفيها بشدة وتابع : أنا لا أصدق أنك لا تدركين ما تقولين ، أنت تعلمين أنك إذا لم تأتي معنا ، غلين سيرفض الذهاب ، وهذا سيحطم قلب أمه منتدى ليلاس كاترين تشك في أن هناك شيئاً يتعلق بغلين قد يحطم قلب ليزا ، أما ما يتعلق بجيرد ، فنعم ، كان واضحاً من الطريقة التي تعامله بها ، من تصرفها نحوه ، أن قرابتهما تتجاوز حدود الصداقة والألفة ، المحبون فقط يتصرفون هكذا ، وخشيت كاترين أن يكون اهتمام جيرد بليزا أكثر منه بابن أخيه ، فأصرت على موقفها ، وقالت : إني آسفة قفز من مكانه غاضباً ، وهو يشد على كتفيها ، حتى أحست أن أصابعه اجتازت اللحم حتى وصلت إلى عظامها : إنه سيمون ، أليس كذلك ؟ لا ، سيمون ليس السبب ، وإن كنت تريد معرفة السبب فإنه فجأة ومن غير أن تكمل عبارتها ، شدها نحوه قبل أن تتمكن من الاعتراض ، وضمها إليه ، ثم ابعدها عنه بسرعة ، وهو لا يزال ممسكاً بكتفيها رفع شعره المتساقط على جبينه بأصابع مرتعشة ، وقال : كاترين ، أنا آسف ، أنا لم أقصد آسف لكن ، لكنك ستذهبين معنا بالتأكيد ، كان هناك أكثر من سبب في رأي كاترين جعله يفعل ما فعل ، خصوصاً أنها لم تمثل دور البريئة ، لاتقول له أنه الملام ، فهي نفسها كانت لديها الرغبة في ذلك ، لو أرادت أن تستسلم لعواطفها ، لكنها لن تفعل وأصرت قائلة : لا أستطيع الذهاب ، قلت لا أستطيع بحق كاترين إن غلين يحتاج إليك كثيراً ، كلنا نحتاج إليك زفرت كاترين بحرارة ، وابتعدت عنه قائلة : أظن من الأفضل أن تذهب كاترين ! لآ أستطيع الذهاب معك ، و لا يمكنك إجباري على ذلك ولكن عندما نظر إليها نظرة أخيرة حزينة ، قبل أن يغادر الشقة ، عرفت أنه لنم يستسلم بسهولة كان عليها الذهاب إلى المتشفى ذلك المساء ، حتى ترى غلين للمرة الأخيرة ، وتحاول ألا تغضبه ، فاتصلت بسيمون هاتفياً تطلب منه أن يوصلها إلى هناك ، فأجاب سيمون بحدة : ثم ماذا أفعل ؟ أقف خارجاً أنتظر خطيبتي المرتقبة تلعب دور الممرضة ، لصبي ثري فاسد طائش ؟؟ لا سيمون ، أنت تعلم أن غلين ليس فاسداً ، وسأبقى عنده فقط مدة ساعة ، ألم نتفق سابقاً على أن تأتي لتأخذني من هناك إذن سآتي إلى هناك في الوقت المحدد ، في الساعة الثامنة ، أليس كذلك ؟ سيمون ، لا تتعب نفسك ، سوف استقل سيارة النقل العمومي ، ذهاباً وإياباً ، وبهذا سيكون لديك الوقت الكافي ، لتستريح بقرب والدتك بدا صوت سيمون ، كمن جرحت مشاعره وقال : لست بحاجة لاتخاذ مثل هذا الموقف،ولا يمكن أن تتوقعي مني لعب دور السائق كلما احتجت إلى ذلك قالت كاترين متأثرة بكلامه : سيمون ، إنها أول مرة أطلب منك أن توصلني ، وأنت تعرف أن زياراتي كانت ضرورية ، غلين أعمى ، ألا يمكنك أن تتخيل ما يشعر به ؟ وما أشعر به أنا أيضاً ؟ وأنا أعلم أن أختي هي المسؤولة عن كل ما حدث قال سيمون وهو يحاول أن يخفي سخطه : كما قالت والدتي ، يبدو أن أختك تعني بالنسبة إليك ، أكثر مما أعني أنا أحست كاترين بتعب شديد ، ثم تذكرت جيرد ومشاعرها نحوه ، فهزت رأسها وقالت : آه سيمون ، ربما أنت على حق ، لعله من الأفضل أن نعطي أنفسنا فرصة أطول للتفكير قال قلقاً : ماذا تعنين ؟ أ لأني أبديت بعض الانتقاد ؟ هذا لا يعني أن تذهبي بعيداً إلى النهاية لا ، ليس أنا إني آسفة ، أنا لم أقصد إيذاء مشاعرك لم تؤذي مشاعري ، ولكنك أغضبتني ، على كل فهذا ليس جديداً علي ، ليست هذه أول مرة تغضبينني فيها بسبب فالنتينا ، وأحسب أنها لن تكون الأخيرة ماذا تعني ؟ أنني أغضبك بسبب فالنتينا ؟ من الطريقة التي تجعلين بها من نفسك مسؤولة عنها ، أعني منذ كانت صغيرة وأنا أغضب عندما كنت أجدك تتعقبينها لتخرجينها من مآزق أو آخر ، كاترين أنت لست أمها ، وأبوك هو المسؤول عنها ، هذا ما أعرفه ذهلت كاترين ، لم تكن تتوقع مطلقاً اعتراض سيمون على عنايتها بفالنتينا ، ثم قالت : أظن أن الحديث قد طال بيننا سيمون ، ومن الجلي أن كلينا يحتاج إلى وقت للتفكير ، سوف اتصل بك إذا توصلت إلى حل ، ولا أظن أن نبش الحقائق الماضية يساعد على حل المشكلة لآ أظنك جادة يا كاترين ، هل تعنين أننا لن نتقابل بعد الآن ؟ لا بل أنا جادة يا سيمونمنتدى ليلاس لا لن أدعك تفعلين هذا ، إنهما جيرد وغلين ، هما السبب ، أليس كذلك ؟ لقد تظاهرت أنك فالنتينا ، فماذا يريدان أن تفعلي أكثر من هذا ؟ تذهبين معهم إلى كندا ؟ قالت كاترين بثبات : ليس عندي ما أقوله يا سيمون ، وكل شيء قمت به من أجل غلين كنت سعيدة به ، أرجو ألا تنسى ذلك بعدما قطعت المكالمة ، كانت تخشى أن يتصل بها سيمون ثانية ، ولكن عندما تهيأت للخروج وبقي جرس الهاتف صامتاً ، أيقنت أنه لن يفعل ، نظرت إلى ساعتها ، وعرفت أنها تأخرت عن المتشفى ، ومن دون تناول أي طعام ، استقلت سيارة أجرة لتصل في الوقت المحدد ووجدت غلين وحيداً ، فحيته التحية المعتادة وجلست بجانبه ، وقال مباشرة : حسناً ، ما هو قرارك ؟ هل أنت آتية معي ؟ فالنتينا إذا لم تفعلي ، لا أعلم ماذا تنهدت كاترين تنهيدة عميقة ، وقالت : آه غلين ، لا تقل شيئاً ، أنت عرف أنني لا أستطيع ، أنت عرف أنني في منتصف المدة التدريبية تمتم غلين : فالنتينا ، ألست أكثر أهمية في نظرك ، إني محتاج إليك ، لم أفكر مطلقاً أني قد أقول مثل هذا الكلام لأي مخلوق ، ولكني أقوله لك ، وعندما أتعافى ، عندما يعود بصري ، لن انتظر أكثر فسوف أربط مصيري بمصيرك إلى الأبد غلين قاطعها قائلاً : حسناً ، حسناً ما كنت أريد قول هذا ولكن ألا تظنين أنك مدينة لي بذلك ؟ غلين ! الآن أصغي إلي ، أنا، لم أقحمك في شيء ، ولكن هذا لا يغير الحقيقة ، والحقيقة أنك كنت تقودين السيارة ، أليس كذلك ؟ رفعت كاترين عينيها نحو السماء ، وقالت محتجة : ما كان عليك أن تدعني أفعل ذلك هذا صحيح ، ولكني فعلت ، على الأقل يمكنك أن تأخذي إجازة ، كما قال جيرد ، وبعدها لا يعلم أحد ماذا يمكن أن يحدث هزت كاترين رأسها ، بالتأكيد يمكنها الحصول على إجازة ، ولكن بعد الذي حصل بعد ظهر هذا اليوم ، إنه أكثر من الجنون أن تفكر بالعيش في البيت نفسه مع ذلك الرجل الذي استطاع إثارة كوامن عواطفها ، وهو في الوقت ذاته على علاقة بأرملة أخيه ، وإقحامها في هذه المشكلة العويصة يشكل خطراً عليها ، ثم عادت ونظرت نحوه قائلة : غلين ، الأمر ليس بهذه السهولة كما تظن وهو يصغي إلى نغمات صوتها ، وقف على كرسيه واتجه نحوها ، يبحث عن ذراعها ، ثم ألقى بذراعه على كتفها وقال بوضوح : لماذا ليس سهلاً جمدت كاترين مكانها ، حركة واحدة من يده نحو شعرها ، وينتهي كل شيء ، كان عليه فقط أن يلمسه ، فيحل الشريط الحريري الذي يكلل رأسها بهالة عنبرية اللون ، ليعرف أن هذا ليس شعر فالنتينا ، وأدركت في هذه اللحظات أنها لا تريده أن يكتشف الحقيقة ، فخرجت الكلمات بسرعة من بين شفتيها :منتدى ليلاس حسناً ، سوف آتي معك ، ولكن لمدة أسبوعين فقط لا ، أربعة وهناك حل وسط أبدى هذه الملاحظة صوت جاف جاء من ورائهما ، فتقدم غلين ليحيي عمه ووالدته قال غلين موافقاً : حسناً ، ثلاثة أسابيع ، هل سمعت ذلك يا أمي ؟ فالنتينا آتية معنا ، أليست هذه أخبار عظيمة ؟ عظيمة ! رددت ليزا هذه الكلمة بدون حماس ، ولما التقت عينا كاترين بعينيها ، عرفت أن هناك شخصاً لا يرحب بها في شلالات موز تأكدت جيرد أنها فبلت ذلك من أجل غلين ، أما هي فقد شعرت أنه من الممكن أن ما حصل بينهما بعد ظهر هذا اليوم قد ينمو ويزداد ، ولذا فقد عزمت بتصميم ، وهي تنظر إليه نظرة باردة عدوانية ، أن تنسى نهائياً تلك الحادثة الخاصة |
مغادرة انكلترا كانت أسهل مما توقعت ، ولا شك أن جيرد هو الذي سهل الأمور عليها ، فقد ذهب إلى رئيسها ، وطلب إجازة لمدة أسبوعين بالإضافة إلى أسبوع أخر من غير راتب ، وافق المدير على ذلك دون تعقيد ، لا شك أن جيرد شخصية مرموقة لم يبقى عليها إلا أن تطوي صفحات حياتها السابقة ، وتقوم بترتيبات لازمة مع جارتها لتنتبه إلى شقتها خلال غيابها ، وآخر ما كانت تفكر فيه هذه اللحظة هو سيمون ، فقد يأتي متسكعاً حول بيتها ويكشف ما تفعله ، الأمر الذي طالما لامها عليه ، ولكنها بررت لنفسها ذلك بأن ما تقوم به هو عمل وظيفي ، بالإضافة إلى أنها لم تكن قد زارت كندا من قبل ، وكذلك لم تعبر المحيط ، وفكرة قضاء ثلاثة أسابيع في أواسط كندا الغربية ، في تلك المساحات الطلقة الشاسعة ، راقت لها كثيراً بعد سجن المدينة ، ولكن لم يغب عن ذهنها مطلقاً ما يمكن أن تولده هذه الرحلة ، فشعرت بكثير من القلق والضيق منتدى ليلاس في التاسعة من صباح الأربعاء ، كانت سيارة أجرة تنتظرها أمام البناء لتقلها إلى المطار ، ولما وضع السائق حقائبها في السيارة ، أحست برجفة خوف من شر مرتقب ، الحقيقة أنها تقوم بمغامرة خطرة لا تعرف نتائجها ، مهما كانت نظرتها لما تفعله ، ومع أن الشعر المستعار الأشقر كان في الحقيبة فإنها لم تشعر بالأمان على الإطلاق كانوا ينتظرونها في المطار ، وكانت على المدرج طائرة خاصة ستقلهم إلى حيث يقصدون ، سألها غلين : هل أعجبتك الطائرة ؟ آلة قديرة سرعتها 55ميل في الساعة تقريباً ، سريعة كبعض الطائرات الكبيرة بقيت كاترين صامتة فسفرها في الطائرة لم يتجاوز الرحلة إلى أسبانيا ، وهذه الطائرة تبدو في نظرها أصغر من أن تستطيع عبور الأطلسي أما جيرد فقد انضم إليهم بعدما أنهى محادثته مع رجل آخر كان يقف معه بعيداً ، وسأل : هل انتم على استعداد ؟ أظن هذا أجابت كاترين وهب تحاول الاحتفاظ بثباتها ، ولكنها كانت تشعر بقربه ، وبالحقيقة التي يبدو أنه نجح في إبعادها عن ذاكرته ، من غير جهد ظاهر ، التفت جيرد إلى الرجل الذي كان يحادثه وقال مبتسماً : حسناً فنس ، يمكننا الرحيل ليزا أصرت على مساعدة ابنها عبر المدرج للوصول إلى الطائرة والصعود إليها ، مما ترك المجال لجيرد كي ينفرد بضع لحظات بكاترين ، وفال : لا تكوني عصبية ، أنا واثق أن الرحلة ستكون ممتعة ومريحة لا تقلق علي ، سأكون بخير ، المهم أن يكون غلين على ما يرام حقاً مرت بهما لحظة صمت ، وعندما وضعت قدمها على أول درجة من سلم الطائرة أمسك بها يحتجزها برهة ، وقال : أشكرك على مجيئك ، لم يسعفني الحظ لأشكرك من قبل ، وإني لأقدر هذا منك ، خصوصاً بعد سلوكي يوم أمس الذي كان سينسف كل شيء صعدت كاترين إلى الطائرة من غير إجابة ، وهي تقول لنفسها : إن ثلاثة أسابيع برفقة هذا الرجل ، ستحمل عواطفها عناء لا يطاق بد داخل الطائرة كقاعة رحبة فاخرة ، بأرائكها المريحة ، وسجادها الثمين عندما جلست إلى جانب غلين أخبرها أن هناك غرفة للنوم ، خاصة بجيرد ، يأوي إليها في حالة التعب ، أو عندما يسافر ليلاً قدمها جير إلى قبطاني الطائرة الذين يرافقانه ، فخاطبها أحدهما وهو فنس بطريقة ودية : يمكنك بعد حين المجئ إلينا لتري كيف نقود الطائرة عندما ابتدأت الطائرة ترتفع ، وأخذت تحلق في سماء لندن المظلمة ، لاحظت كاترين أن أظافر ليزا كانت تنغرز في يد جيرد ، فاستخفت بنفسها للرعشات الخفيفة التي انتابتها ، ولكن سرعان ما كبتت مشاعرها كانت الغيوم تحتضنهم برقة وحنان ، ترافقهم كيفما اتجهوا إلى أن أطل عليهم نور الشمس المشرقة ، فودعتهم تلك الغمائم ببعض الدموع وغابت عن الأنظار قدم لها المضيف الشراب والقهوة ، وفي وقت الظهيرة ، قدم لهم طعام الغداء الذي اعترفت كاترين أنه كان لذيذاً جداً لقد أمضى جيرد الجزء الأول من الرحلة ، يجلس إلى أحدى الطاولات منكباً على دراسة بعض الملفات بتركيز شديد ، وما كان يزعجه سوى ليزا بين الحين والحين ، وتقطع عليه حبل استغراقه في أرواقه أما كاترين فقد راحت في نوم هادئ لذيذ أراحها من عناء اليوم السابق ، لم تدر إن طال نومها أم قصر ، ولكن ما تدريه أنها عندما استيقظت ، بدت لناظريها معالم الحياة ، فاستفسرت قائلة وهي تلتفت إلى غلين : هل وصلنا ؟ ضحك غلين بلطف من سذاجتها وقال : هذه جزيرة ريكجافيك ، حيث سننزل فقط ، من أجل تزويد الطائرة بالوقود منتدى ليلاس حدقت من النافذة غير مصدقة وقالت باستغراب : ما كنت أعرف أننا سننزل في آيسلاند وعندما غادروا مطار ريكجافيك ، قال جيرد : الآن سننعطف نحو الشمال بالقرب من المنطقة القطبية الشمالية ، ثم نطير جنوباً فوق غرينلاند ، والمقاطعات الشمالية الغربية ، حتى نصل إلى موزباي رفعت كاترين حاجبيها وقالت : لكنني ظننت أننا سنطير إلى كالجري لنا مطار خاص في موزباي وهو يبعد بضعة أميال عن أملاكنا دخل جيرد إلى قمرة القبطان ، وبعد لحظات ظهر فنس ودعا كاترين لكي تنضم إليهم ، فرأت جيرد يجلس على كرسي القبطان يتبادل الحديث مع زميل فنس عن قيادة الطائرة ، ولما دخلت هب واقفاً وقدم لها مكانه كانت في غاية الدهشة ، أحست وكأنها تخطو في الفراغ ، قالت في نفسها : أن تجلس في غرفة الركاب شيء معقول ، على الأقل يمكنها أن تخدع نفسها بأنها تقف على الأرض ، أما في هذه القمرة ، فأحست أن لا شيء يفصل بينها وبين تلك المساحات العميقة ، وشعرت كأن الشلل يتسرب إلى أطرافها من الخوف أحس جيرد كأنها سمرت في مكانها ، فكانت شاكرة لليد التي امتدت لمساعدتها ، وجلست على الكرسي وهي تشعر بضعف ينتابها ، ولما ثبت الحزام حول خصرها ، قال : لم يطلب منك أحد قيادة الطائرة ، ولكن على الأقل تمتعي بهذا الإحساس بالفعل بدأت مخاوف كاترين تتبدد ، وأحست بكثير من السرور ، وهي تعرف أنها على ارتفاع عدة أميال فوق سطح الأرض ، ولما عادت إلى مكانها ، قال غلين : إنها مسألة بسيطة ، أليس كذلك ؟ هل تعلمين أن هناك طائرات تطير وتهبط آلياً ؟ تدخلت ليزا وهي تنظر إلى أظافرها : عندما يحدث هذا ، سأتوقف عن السفر بالطائرات حلقت الطائرة مدة ساعتين تقريباً ، فوق مساحات تتناثر فيها آلف البحيرات ، تتألق كالمرايا ، وسر كاترين أن غلين غط في النوم ، حيث ترك لها مجالاً لتستمتع بهذه المناظر الأخاذة من غير الشعور بالذنب كان الوقت قد تجاوز منتصف الليل ، ولكنها لم تشعر بالتعب ، لأن الفترة التي نامت خلالها كانت كافية لتعيد إليها النشاط ، وكانت تترقب الوصول بفارغ الصبر مساحات ومساحات من الغابات العذارى تمتد بين البحيرات وأشجارها الخضراء ، تبدو معتمة يكتنفها الغموض ، بعدما أخذت الشمس بالغروب منتدى ليلاس و أدركت كاترين لو أن الطائرة سقطت بهم هناك – لا قدّر الله – فقد تمضي عدة أسابيع قبل أن يهتدي إليهم أحد لقد رأت مدينة موزباي الصغيرة من الفضاء تمتد على شاطئ بحيرة موز ، لم يكن لبيوتها طابع موحد ، فهي تختلف عما ألفته في المدن الصغيرة في انكلترا عندما هبطت الطائرة على أرض المطار ، ألقت كاترين نظرة ذهول على القمم الأرجوانية التي تمتد إلى مسافات بعيدة ، وحيال هذه المشاهد الخلابة أحست كاترين بالخشوع تمت بسرعة المعاملات التي يتوجب انجازها للنزول إلى الأرضفجيرد وغلين مرموقان في المنطقة ، كما يبدو وما إن أصبحوا خارج المطار ،حتى بدت الدهشة على وجه كاترين ، فهي لم تعد ترى شيء سوى المساحات القاحلة ، فأين البحيرات التي كانت تراها وهي محلقة في الفضاء ؟ أين غابات الصنوبر التي كانت تمتد أميلا وأميال ؟ فكل ما تستطيع رؤيته الآن هو مسافات معبدة ولا شيء وراءها سوى الظلال التي عكستها ظلمة المساء نهاية الفصل السادس |
شكررررررررررررا ياعمري على هذه الرواية الحلوة00
لكن هي موجودة في المنتدى تحت عنوان(قرار متهور)الدار العربي000 :flowers2::flowers2::flowers2::flowers2: |
niceeeee
wr waiting u thnxxxxx |
الساعة الآن 01:27 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية