أما بالنسبة للمرأة التي تختار العيش مع أندريه ... وتحبه ويحبها ... فكيف ستكون حياتها ؟
حاولت سالي تجاهل الطعنه الصغيرة المؤلمة التي أحس بها قلبها , عندما أدركت بأقتناع راسخ أن هذا السؤال الذي لن تتمكن أبدا من معرفة جوابه . برز المنزل فجأة أمامهما , فحبست أنفاسها لصعوبة أخفاء أعجابها ... ولخوفها في الوقت ذاته من كشف خبايا مشاعرها له .أنه أشبه بالقصور ... يشرف على سفح جبل تغطيه أشجار الصنوبر بكثافة مذهلة , وتحيط بجرانه البيضاء الرائعة من ثلاثة جوانب حديقة غناء تضم أجمل أنواع الزهور . هل هذا هو المكان الذي يقيم فيه أندريه كونورز ؟ كانت تظن أن بيته مختلف كل الأختلاف عما هو عليه من جمال الهندسة وحسن الذوق , هل يعقل أن يكون لهذا الرجل الفظ القاسي مثل هذا المنزل , الذي يعتبر رمزا للفن والابداع ؟ أوقف الشاحنة ونظر أليها بأرتياح , فأحست أنها مخطئة في تقييمها له . هذا البيت الرائع هو الأنعكاس الحقيقي لشخصيته القوية ..... نسيت في تلك اللحظة تحفظها أتجاهه , فقالت ببساطه وبراءة : أنه جميل جدا " . منتدى ليلاس " يسرني أنه أعجبك , يا سالي " . لم تسمع صوته أو تشاهد في عينيه أي سخرية أو تهكم , بل حرارة ومودة غير متوقعتين . الدفء والحنان مع هذا الرجل المتحجر القلب , شيئان نادران ... ورائعان للغاية . ولكن هذا السحر لم يدم سوى بضع لحظات . أذ عاد ألى تركيز أهتمامه على الطريق لقطع المسافة القصيرة المتبقية . أقبل جميع الخدم لتحية صاحب البيت العائد , بالمحبة والأحترام ذاتهما اللذين لاحظتهما قبل قليل في وجوه العمال وعيونهم . كلهم مسرورين بعودته ... أخذتها مدبرة المنزل, ماريا ألى غرفتها وأبلغتها بأن الغداء سيكون جاهزا خلال نصف ساعه . أحست سالي بكثير من الأرتياح لوجود أشخاص آخرين في هذا المنزل . على الرغم من أن الوضع الحالي سخيف جدا فيما لو تمت مقارنته بأحداث اليومين السابقين . تسللت ألى شاحنة رجل لا تعرفه , دونما أعتبار للمظاهر أو المضاعفات .... وأمضت معه ليلة بكاملها على مقعد ضيق وتحت غطاء واحد ... وهاهي الأن تشعر بالأرتياح والأمان لوجود أناس آخرين في مثل هذا القصر الكبير , الذي يضم بالتأكيد أكثر من خمس غرف نوم وعدد من القاعات والممرات . لن يكون أندريه كونورز وحده الذي سيقول لها أنها تأخرت كثيرا في العودة ألى رشدها . فهي نفسها أحست بسخافة تفكيرها , وعدم جدوى قلقها أو فزعها . ومع ذلك , فأن مجرد وجود خدم في هذا البيت يمنحها شعورا بالاطمئنان والراحة . هل يعقل أنها ليست خائفة من أندريه , بل من عدم قدرتها بعد الآن على كبح جماح رغباتها وأحلامها ؟ هل هي واثقة تماما من أن قلبها لن يخونها , فيما لو حصل الأن أي أحتكاك مماثل لما جرى معها سابقا . تبا لهذه الافكار والتساؤلات المنافية للعقل وللمنطق ! لا يمكنها أضاعة المزيد من الوقت, أذ عليها التوجه ألى قاعة الطعام خلال اقل من خمس وعشرين دقيقة . خلعت ثيابها بسرعه ودخلت ألى الحمام الداخلي ... الذي أعجبها كالغرفة المخصصه لها . لم تر الشيء الكثير من هذا المنزل , الا أن الذي رأته حتى الآن يوحي بالذوق الرفيع والسخاء . الستائر والسجاد وغطاء السرير , حتى مناشف الحمام, ذات ألوان جميلة هادئة ...... وتتناسق مع بعضها كلوحة زيتيه لفنان مرهف الحس رقيق المشاعر .أناقة جذابة وبعيدة عن التكلف , وجودة في العمل حتى الآتقان التام ... هل هو متزوج ؟ لم تسأله ... ربما لأنها خائفة من الجواب ! من المؤكد أنه ليس متزوجا . وألا لكانت سيدة القصر واقفةأمام الباب لأستقبال زوجها وضمه ألى صدرها , ولكن ... أليس ممكنا أيضا أن زوجته لاتعرف موعد عودته , وأنها تقوم الآن بنزهة على ظهر حصانها أو تقود سيارتها السريعه ألى أقرب قرية لأبتياع بعض الحاجيات ؟ لو أنها زوجته لما كانت تركت البيت أبدا.. وظلت قابعة فيه لحين عودته |
كفى , كفى ! خرجت من الحمام بأنفعال شديد , وأخذت تجفف نفسها بخشونه وعصبية , أصبح عقلها كقلبها ... لا يمكن التكهن بتصرفاته أو التحكم بأندفاعه . كم سيضحك عليها أندريه وزوجته , ففيما لو علما بما يجول في خاطرها من أفكار وآراء ! قد يكونان الآن غارقين في الضحك , وهو يروي لها قصة العروس النافذة الصبر التي تسللت مع فستان زواجها ألى شاحنة رجل غريب !
أنتهت من تجفيف نفسها , ففتحت حقيبتها وراحت تقلب ثيابها لأختيار أفضلها وأجملها . لم يكن يهمها قبل دقائق معدودة سوى خلع ثيابها الوسخة وأستبدالها بأخرى نظيفة منعشة . أما الآن فمن الأهمية بمكان أن تبدو أنيقة ..... وسمعت صوتا خفيفا يضيف كلمة الجمال ألى الأناقة . منتدى ليلاس قد يسخر منها أندريه كونورز وزوجته ,ولكنها ستفرض عليهما أحترامها , لن تسمح لهما أو لغيرهما بالقول أنها عروس لا تليق بجون . وقفت أمام المرآة لتتأمل النتائج التي توصلت أليها , مع أنها لم تكن أبدا من النوع الذي يهتم بالمظاهر الخارجية ألى هذه الدرجة . قد يصر أندريه على رأيه , ولكن ذلك المتعجرف المتغطرس سيراها ..... ولهذه المرة فقط ..... في ذروة اناقتها وتبرجها . تذكرت بصعوبة الأرشادات التي أعطتها أياها ماريا للوصول الى قاعة الطعام . دخلت تلك الغرفة الفسيحة فلم تجد أحدا , ولكنها لا حظت بسرعه ان المائدة معده لثلاثة أشخاص .سمعت أصواتا في الخارج , أعقبتها على الفور ضحكة أندريه المرحة . أخذت نفسا عميقا , وكأنها تشجع نفسها على مواجهة محنة رهيبة , ثم خرجت الى الشرفة . توقف الحديث فور ظهورها , واستدار نحوها وجهان ...... لرجل يدعى أندريه وأمرأة لابد وأنها زوجته . دعاها للأنضمام أليهما , فلم تتمكن من التحرك . أصطكت ركبتاها , وأحست بأنها على وشك الأنهيار , كانت تتوقع أن يكون متزوجا , فلماذا الشعور بالصدمة ؟ هل لأن الصورة التي رسمتها في ذهنها عن زوجة أندريه تختلف عن الحقيقة والواقع ؟ هل جعلها الجمال الفائق لهذه المرأة تشعر بالضعف ..... أو بعقدة نفسية هي بغنى عنها ؟ مهما كان الأمر , فكيف تفسر الصدمة التي أصيبت بها ؟ ستحاول فهم الموضوع على حقيقته , عندما تعود ألى غرفتها في وقت لاحق . نظرت اليها السيدة الجذابة بعينين فاحصتين وقالت لها ببرودة : " المتسللة الصغيرة ! يالها من فكرة جريئة وغير عادية !". شعرت سالي بأن هذه الأمرأة تتهمها ضمنا بالغباء والرعونة ... وقد تكون على حق . فهل من الممكن مثلا أن تلجأ سيدة مثلها ألى وسيلة نقل مماثلة , مهما كانت الظروف ؟ ألا يفسر هذا الأمر طريقة تصرف أندريه أتجاهها ؟ جلست قربهما , وهي تتمتم قائلة : " الغاية احيانا تبرر الوسيلة " . شاهدت بريقا خاطفا في عينيه , هل أعجبه الجواب , أم أغضبه تجرؤها على أستفزاز زوجته ؟ مهما كان الأمر فقد سبق السيف العذل ... وعليها الآن تقديم واجب الشكر لهذه المرأة على حسن ضيافتها . قالت لها بلهجة اكثر ودا : " انا ممتنه لقبولك استضافتي , يا سيدة كونورز " . " انا لست السيدة كونورز " . قفز قلبها من مكانه, ولكنها تمكنت من أخفاء فرحتها العارمة . لم يتدخل أندريه لتوضيح الامر , فقالت السيدة الرائعة الجمال بصوت دافئ حنون : " يبدو أنك أهملت واجبا أجتماعيا ضروريا , أيها الحبيب . " لم تعش فرحتها طويلا , أذ أوحت لها الكلمة الأخيرة بأن هذه الأمرأة الجذابة لم تصبح بعد زوجة أندريه ..... ولكنها على وشك ذلك , سمعته يقدمهما ألى بعضهما مكتفيا بذكر الأسمين : " بربارة سنكلير ... سالي اوبريان " . سألها عن نوع الشراب الذي تفضله قبل الغداء , فطلبت كوبا من عصير الليمون .... وليقولا عنها مايريدان . أنهما يعتبرانها في أي حال, طفلة صغيرة او فتاة مراهقة غبية . أحضر لها كوب العصير , فوجدت فيه حلا ولو جزئيا لمشكلتها الحالية . ركزت نظراتها عليه كيف تخفي الأرتباك الذي يشتعل في داخلها , والألم الذي يحز في نفسها . عاد أندريه وبربارة ألى الحديث , الذي كانا يتبادلانه قبل وصولها ألى الشرفة , ولاحظت سالي بمرارة أن السيدة الجميلة توجه الحديث حسب مشيئتها وتحاول عمدا عدم أشتراك الضيفة الشابة فيه . |
سلمت يداكي عزيزتي من أروع الروايات التي قرأتها شكرااا جزيلااااا |
تسلم ايدك حبيبتي علي الرواية بس ممكن تكمليها
|
بتكملها ان شاء الله بس نعطيهاا الفرصه
فالكتابه تستهلك الوقت والجهد ومانزال بالانتظاار ان الانتظاار يزيد من روعة القصه |
الساعة الآن 09:30 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية