منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   153 - لا شيء يهم ! – روزميري كارتر – روايات عبير القديمة ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t150074.html)

نيو فراولة 18-10-10 10:57 PM

153 - لا شيء يهم ! – روزميري كارتر – روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
153- لا شيء يهم ! – روزميري كارتر – روايات عبير القديمة
الملخص

أصعب وأقسى الأزمات القلبية تقع حين يكون القلب مفعما بالحب,ولكن ضائعامحتارا لايعرف من يحب.
سالي في الثالثة والعشرين من عمرها احبت جون منذطفولتها,وعندما سافر الى افريقيا ليعمل طبيبا بيطريا...عاشت على رسائلهاليومية,وانتظرت يوم زواجهما بفارغ الصبر.ولكن بعد سنة خفت الرسائل الى درجةاقلقتها, فتركت اهلها وسافرت الى منطقة حوض التماسيح .الطريقالى هناك وعرة مليئة بالأخطار ... غابات ووديان موحشةتسكنها الوحوش الضارية ..بحثت سالي عن وسيلة تنقلها الى جون ولكن دون
منتدى ليلاسجدوى...وفجأةصادفت شاحنة صعدتاليهاواختبأت...وبعد مسافة طويلة اكتشفها السائق اندريه كونورز واعتبرها متسللة وهددهابعقاب وخيم,الا ان رحلة الرعب عبر غابات حارقة انتهت بوقوع قلب سالي قي أزمةخانقة.انها لاشك عاشقة,قلبها مفعمبالحب...انها لاتنام الليل...احلامها واوهامها تقض مضجعها. هي سعيدة وحزينة... حرةوسجينة,اندريه كونورز اهانها وأذهلها الى درجة مزقت عزة نفسها وهي لايمكن ان تكونغارقة في حبه.

نيو فراولة 18-10-10 11:00 PM

1- السحر المميت

ستريمز محطة صغيرة للسكك الحديدية , يتوقف القطار فيها فترة وجيزة جدا لا تكفي لنزول مسافر أو صعود آخر , جمعت سالي أوبريان أمتعتها بسرعة وهرعت نحو المخرج.
لم تلاحظ الرجل الذي كان يتوجه ألى المكان ذاته , وكأنه على غير عجلة من أمره , حملت حقيبتها الكبيرة ووضعتها قرب الباب , ثم عادت لتحضر الكيس المنتفخ الذي تضع فيه الأشياء الضرورية , رفعته , وأستدارت للتوجه ثانية نحو باب المحطة , فأصطدمت بالرجل الذي تحرك من مكانه في اللحظة ذاتها , وقع الكيس الثمين من يدها , وتدحرج بضعة أمتار بعيدا عنها , شهقت بأنفعال شديد وأسرعت لألتقاطه , فيما كان القطار يبدأ أنطلاقه بسرعة نحو وجهته التالية .
حضنت الكيس بين ذراعيها , ونظرت ألى الرجل الصامت بعينين زرقاوين تنفثان لهبا حارقا , وقفت أمام ذلك الأنسان الطويل القامة , وقالت له بلهجة حادة :
" أعتقد أن من واجبك تقديم الأعتذار عما حدث !".
منتدى ليلاس
وجّه الرجل نظرات ساخرة ألى وجهها المتعب الذي لفحته الشمس , وقال لها ببرودة :
" أنوثة غاضبة في قلب منطقة وعرة ؟ الغريب في الأمر أنني أنتظرت منك تقديم الأعتذار".
زادت حدة غضبها بسبب تصرفه المزعج وقالت له بعصبية :
" مني أنا ؟ كدت أفقد بعض أمتعتي الثمينة , وأنت تتوقع مني الأعتذار ".
" تسرعك وحده هو السبب".
تأمل وجهها الذي زاده الحنق أحمرارا , ثم حول نظراته الساخرة ببطء شديد نحو بقية جسمها النحيل الجذاب , وعندما نظر ثانية ألى عينيها الجميلتين , أبتسم وقال بلهجة قريبة من التهكم :
" يبدو لي أن الصبر ليس أحدى فضائلك المتعددة , وعليه فلن أذكرك بأنك أنت التي دفعتني ومسؤولة بالتالي عن تقديم الأعتذار ".
حاولت الرد عليه , ولكنه سبقها ألى الكلام قائلا بهدوء :
" هل تحتاجين ألى أية مساعدة ؟".
لو كانت الظروف طبيعية وعادية مع هذا الرجل , لكانت رحبت من صميم قلبها بسؤاله غير المتوقع , لكن لهجته المتغطرسة جعلت أحتمال قبول المساعدة أمرا مستحيلا , رفعت رأسها بشموخ وقالت له بنبرة جافة :
"لا , شكرا ".
لم يقل لها شيئا , بل حمل حقيبتيه الثقيلتين وأبتعد عنها بخطى ثابتة وقوية , رفعت نظرها عنه بصعوبة , فيما كانت تفكر بخطواتها المقبلة , هل كانت غبية عندما رفضت عرض المساعدة الذي قدمه ذلك الرجل ؟ لا..... طبعا لا , فقد كانت تعلم قبل توجهها ألى ستريمز أن عليها أيجاد طريقها بنفسها وبدون مساعدة أحد....... وخاصة من الرجال الأقوياء المتعجرفين.
سألها والدها بقلق قبل مغادرتها المدينة عما ستفعل لدى وصولها , وقالت لها أمها بحزن أنها خائفة من المضاعفات التي ستنجم عن قرارها الأنفعالي المفاجىء , أكدت لهما بلهجة هادئة وحازمة تصميمها على القيام برحلتها , بغض النظر عن المشكلة البسيطة التي ستواجهها في ستريمز عندما ستضطر للأستعانة بقطار أو بسيارة أجرة للوصول ألى المنطقة المسماة حوض التماسيح ..... حيث يعمل جون.
كانت الرحلة من المدينة البعيدة ألى ستريمز عادية جدا , وخلت من أي أحداث مثيرة أو مزعجة , فلماذا ستكون المرحلة المتبقية حتى حوض التماسيح مختلفة ؟ ليس عليها الآن ألا الأستفسار عن الوسيلة الفضلى لمتابعة طريقها.
تطلعت حولها علّها ترى الشخص المسؤول عن هذه المحطة الصغيرة الفقيرة , أو حتى أي أنسان آخر , فلم تشاهد أحدا , سارت أمام المبنى المتواضع , فلم تسمع صوتا أو حركة , أصبحت تلك المنطقة المنعزلة , بعد ذهاب الرجل المتغطرس , مهجورة بصورة تامة , شعرت سالي للمرة الأولى منذ مغادرتها بيتها بشيء من القلق , وتمنت بشكل عابر وسريع لو أنها قبلت مساعدة ذلك الرجل .
أنّبت نفسها لمجرد التفكير بمثل هذه الأمور , وأخذت تتأمل بأعجاب ظاهر السهول الخضراء الشاسعة الممتدة أمامها , سوف تتزوج جون وتعيش معه في هذه المناطق النائية , وستتعلم بالتالي كيف ستواجه المشاكل والصعاب , ستعلمها قساوة الحياة كيفية مجابهة العزلة والوحدة , عندما يمضي زوجها طوال النهار بعيدا عن البيت , ستضطر أحيانا لأتخاذ قرارات هامة بمفردها , لأنها قد لا تتمكن في بعض الأحوال الطارئة من أنتظار الزوج أو الأتصال به .
سمعت صوت الرعد وشاهدت الغيوم السوداء في السماء , فقررت التصرف بصورة عاجلة , وضعت علبة الحلوى تحت أبطها وحملت الحقيبة والكيس في يديها , ثم أجتازت بصعوبة الأمتار القليلة التي تفصلها عن الطريق , ولما تجاوزت الكوخ الصغير , الذي يستخدم على الأرجح كمكتب لمحطة السكك الحديدية , شاهدت بأرتياح بالغ عددا من البيوت القروية المتناثرة هنا وهناك على بعد حوالي خمسمئة متر ....... لم تعد وحدها ...... مع أن حقيبتها الكبيرة سترهقها ألى درجة كبيرة قبل تمكنها من الوصول ألى أقرب تلك البيوت.

نيو فراولة 18-10-10 11:02 PM

ربما كانت امها على حق عندما وصفتها بالانفعالية ... وكذلك الرجل المعتد بنفسه الذي اتهمها بانها متسرعه ولا تعرف الصبر والاناة . ألم يكن من الافضل لها الآن مثلا ان تكون جالسة في سيارة جون
تتحدث اليه عن المستقبل السعيد ؟ طبعا .... ولكن جون لا يعلم بوجودها هنا , لأنها تعمدت الوصول الى مكان عمله بصورة مفاجئة .
وهذا ما سيحدث بالضبط ! اين هي اذن المغامرة المثيرة التي تنتظرها منذ فترة طويلة ؟ رفعت راسها بشموخ وشجاعه , وسارت نحو تلك القرية ,
اوه يالسعادتها بماسيحدث لاحقا ! سيفاجأ جون بوصولها ..... واكثر من ذلك بفستان العرس الذي تحمله في كيسها اوه , الفستان ! قد ينهمر المطر في أي لحظة
ويتعرض الفستان للبلل . منحها خوفها عليه قوة جديدة في رجليها المتعبتين قليلا وذراعيها المنهمكتين , فأسرعت الخطى بعزيمة واصرار .
منتدى ليلاس
وصلت الى القرية خلال دقائق معدودة , وتوجهت فورا الى مبنى بدا وكانه فندق صغير , فتحت الباب , فوجدت البهو الضيق خاليا . دقت جرسا قديما موجودا على طاولة خشبية مستطيلة
فحضر شاب في الـ20 من عمره تبدو على وجهه ملامح البساطه والذهول . هز رأسه بمزيد من الدهشة والاستغراب , عندما سألته عن كيفية الانتقال الى حوض التماسيح .
قال لها انه لاتوجد قطارات من ستريمز الى تلك المنطقة . سيارات اجرة ؟ الجواب السلبي ذاته ....
" الا توجد سيارات ركاب كبيرة ؟"
" واحدة فقط , وتمر من هنا مرتين كل اسبوع .... الثلاثاء والجمعة ".
شعرت بيأس وقنوط وتساءلت بصوت حزين :
" كيف سأذهب اذن ؟ رباه ما هذه المشكلة !".
"عليك الانتظار حتى يوم الجمعة" .
كيف تنتظر يومين كاملين في هذه البقعة النائية , وماذا ستفعل اثناء ذلك , هل تتصل بخطيبها وتخبره عن ورطتها ؟ لن تكون المفاجأة المزدوجة كامله , ولكن الاتصال به الآن هو الحل الوحيد .
"هل يمكنني اجراء مكالمة هاتفيه من المركز الرئيسي لمنطقة حوض التماسيح ؟"
"آسف يا آنسة ".
هزت رأسها وهي لا تصدق ما سمعته اذناها , ثم قالت له بلهفة وتأثر :
" انا متأكده من وجود مركز للهاتف هناك !"
" صحيح يا انسة , ولكن العاصفة الهوجاء التي هبت قبل ايام قليلة قطعت جميع خطوط الاتصال الهاتفية ".
"رباه ! هل .... هل لديكم غرفة شاغرة حتى يوم الجمعة ؟".
لاشك في انها بدت مرهقة وحزينه للغاية , والا فكرت تبرر مسارعة ذلك الشاب الكسول لحمل حقيبتها الى الغرفة الصغيرة المتواضعه التي ستقيم فيها .... يومين كاملين !
استلقت على السرير الخشبي القديم , واخذت تفكر بأفضل طريقة لتمضية هذه الفترة الطويلة .
منتدى ليلاس
تذكرت ان عليها مواجهة الصعاب , وهذه هي تجربتها الاولى . ذهبت الى النافذه لتلقي نظرة الى الخارج , فلاحظت ان السماء سوداء وحزينه والبرق يلمع ويهدد بمطر غزير , والرياح تصفر وتعصف منذره متوعده .
لن تغادر الفندق الصغير هذا اليوم , ولكنها قد تذهب غدا الى احد الجداول التي سميت المنطقة تيمنا بها .... اذا كان الطقس ملائما .
استحمت واستبدلت ثيابها , فشعرت بارتياح نفسي كبير شجعها على استخدام بعض مستحضرات التجميل التي تحملها في حقيبتها .
لن يراها احد على الارجح سوى ذلك الشاب المسكين الذي لا يهمها ابدا كيف تبدو امامه وكيف ينظر اليها . ولكن سالي اوبريان لم تصل الى الـ23 من عمرها قبل اختبار امر بالغ الاهمية
وهو ان المرأة غالبا ما تشعر حسبما تبدو للاخرين .

نيو فراولة 18-10-10 11:04 PM

انتهت من التبرج , فأعجبتها النتيجة الى درجة كبيرة واحست بارتفاع محسوس في معنوياتها , ابتسمت للصبية الحلوة التي تراها امامها في المرآة ثم حيتها بمرح وسرور .
وغادرت غرفتها , لم تجد احدا في المطعم الصغير , الذي بدا نظيفا وفقير الاثاث كغرفتها , ولكن قررت البقاء فيه بعض الوقت ... أنه اكبر قليلا من المكان الذي ستنام فيه .
اختارت احدى الطاولات القريبة من النافذة وفتحت احدى المجلات . لاحظت في صفحة المحتويات دراسة عن تربية الحيوانات ومعالجتها امراضها .
فبدأت تقرأها باهتمام بالغ . هذه هي طبيعة عمل خطيبها وسوف تحظى بجانب كبير من وقتها في المستقبل القريب , انه يحب الحيوانات بشكل مذهل
وقد تعمدت منذ صغرها الاطلاع على كل ما يتعلق بهذه المخلوقات كي تتمكن من تمضية اطول وقت ممكن قرب جون والتحدث معه في المواضيع التي يحبها ويفضلها
وفيما كانت غارقة في قراءة تلك الدراسة التحليلية سمعت رجلا يسألها :
" هل تمانعين في انضمامي اليك ؟".
رفعت رأسها نحو الرجل الواقف قربها . فحل الأرتياح محل التوتر وتحول العبوس الى ابتسامة . كان شابا وسيما بهي الطلعة , ذا عينين خضراوين جميلتين , قالت له مرحبة :
" اهلا وسهلا تفضل . كنت على وشك الاقتناع بانني النزيل الوحيد في هذا المكان" .
ابتسم لها بطرقة جذابة ومهذبة , ثم قال :
" لو حدث ذلك فعلا , لكان مؤسفا للغاية ! سيبدأ النزلاء الاخرون بالوصول خلال فترة قصيرة , فهذا المكان مخصص تقريبا للجوالة ".
منتدى ليلاس
لاحظ نظرة الاستغراب في عينيها , فأوضح قائلا:
" اعني الباعة الجوالة , اذ اننا نمضي الليل هنا قبل متابعة سفرنا الى امكنة اخرى , ماذا تشربين ؟"
" عصير ليمون , شكرا ".
" هل انت متأكدة من ذلك . اعني انك فتاة كبيرة و ....." .
قاطعته قائلة بتهذيب حازم :
" عصير ليمون ".
رفع حاجبيه بصورة تدل على الدهشة والحيرة , ولكنه ابتسم وقال :
" انثي قوية الشخصية وعنيده ... ولكنها جميلة , جميلة جدا ! هل من مجال لأقناعك بشيء اخر ؟".
ضايقها سؤاله واصراره , ولكنها اخفت انفعالاتها بأتسامه رقيقه عذبة وقالت :
" الم تقل انني قوية الشخصية وعنيده ؟".
" وانا ايضا !خففي من عنادك قليلا , ايتها الفتاة الجميلة , فلدينا وقت طويل جدا حتى الصباح ويمكننا تمضيته في اللهو والمرح" .
حاولت سالي التصرف بهدوء بعيدا عن الانفعال والغضب , فقالت للشاب الذي يجلس قربها :
" شكرا , لكنني سأكتفي بكوب من عصير الليمون" .
تأفف الشاب بصوت مرتفع نسيبا , وطلب لها كوب العصير ولنفسه شرابا لم تسمع باسمه من قبل . راقبته وهو يفرغ محتويات كوبه جرعة واحده , وسألته بهدوء مميز :
"ماذا تبيع , يا سيد ... اوه , اعتقد انني لا اعرف اسمك ".
" كروجر. مارني كروجر انت سالي اوبريان . قرأت اسمك في سجل النزلاء ".
شعرت انها بدأت تتضايق منه بصورة فعلية . ولكنها قررت عدم التسرع في أعلان الحرب عليه . قررت تحويل أفكارها الى أمور متعلقه به , فسألته مرة اخرى :
- ماذا تبيع , يا سيد كروجر ؟
وضع ذراعه على كتفها وقال :
" ثياب داخلية للنساء . هل تحبين القيام بدور عارضة ازياء امامي , ولو لمرة واحدة ؟".
كيف ستواجه هذا الشاب التافه , الغضب العارم , وطبيعتها الاندفاعيه تطالبها برد سريع يناسب التصرف الرخيص الطائش .
انها انسانة طيبة لا تحب الحاق الاذى بالاخرين , ولكنها تكره الاستفزاز والتحدي . نظرت اليه بعينين قاسيتين , واجابت بصوت منخفض :
" دعني وشأني , يا سيد كروجر ! اتركني من فضلك" .
اختفت الملامح الصبيانية البريئة من ابتسامته ونظراته , وتحولت الى نار ملتهبة . ضغط على كتفها , وقال :
" لا تمانعي كثيرا , يا سالي ! تصورت اننا سنمضي معا فترة لهو رائعة يافتاتي الجميلة !".
حاولت تحرير كتفها من قبضته , ولكن اصابعه غرزت بعنف في مكانها . رفعت رأسها بشموخ وعنفوان قائلة :
" ارفع يدك عني , يا سيد كروجر , والا ....".
أطبقت يده الاخرى على فمها بسرعه هائلة لمنعها من الصراخ , فيما كان ينظر اليها والشرر يتطاير من عينيه . اختلط غضبها بالخوف والذعر ....
فمن سيهب لنجدتها حتى اذا تمكنت من الصراخ طلبا للنجدة ؟ قد يسمى هذا النزل الصغير فندق الباعه الجوالة ولكنه يبدو واضحا ان كروجر هو البائع الوحيد الذي ينزل فيه .
هل يعقل ان يساعدها ذلك الموظف الهادئ , مجازفا بأغضاب نزيل يعرفه منذ فترة طويلة ويستفيد منه بصورة شخصية ؟ لا لن يفعل ذلك ....
وعليها بالتالي الاعتماد على نفسها ومواجهة الصعاب بالوسائل المتاحه لديها .

نيو فراولة 18-10-10 11:06 PM

حصرت كل قوتها وحنقها في أسنانها , وعضت تلك اليد القذرة بعنف لم تحلم ابدا انها قادرة عليه , صرخ الرجل من شدة الالم وأبعد يده الجريحة عن فمها .
استغلت تلك اللحظة المناسبة وركضت نحو الباب بأقصى سرعتها , ولكنه كان اسرع منها , فأمسك بها وادارها نحوه بقساوة بالغة . يا لتلك النظرات السامة الحاقدة !
رفع يده لينهال على وجه سالي الشاحب , ولكن ذراعا ضخمة قوية أنقّضت فجأة على وجه المعتدي بلكمة عنيفة طرحته ارضا وفجرت الدماء على شفتيه .
اطلق كروجر الشتائم القبيح’ واستعد للوقوف والمواجهة , لكنه تسمر في مكانه عندما شاهد وجها كأنه قد من صخر , ونظرات التهديد والوعيد تنطلق كالسهام القاتلة من عينين باردتين فولاذيتين .
وفيما كان الرجل العملاق يرفع مارتي بيد واحدة , لاحظت سالي بذهول شديد ان منقذها لم يكن الا المتغطرس الذي اصطدمت به في المحطة .
قال كروجر لمهاجمه بلهجة تشتعل غضبا وانفعالا :
" ماذا تفعل يا رجل ؟".
" أمنع وقوع حادثة قبيحة" .
تأمل كروجر يده الدامية وآثار اسنان سالي , التي لا تزال بادية بوضوح , وصرخ بحدة :
"اللعنة ! التافهة ! انظر كيف عضتني !".
هزه الرجل بقوة وقال :
" اياك من التمادي في كلامك !".
ثم ابعده عنه باحتقار واضاف قائلا :
" انا متأكد من انها اضطرت للقيام بذلك , نتيجة الأستفزاز والتصرفات السيئة ".
أحست سالي أن كروجر لن يرد بشيء , أو حتى ان يلجأ الى الكذب والأفتراء , لأن الذراع الحديدية للرجل الآخر افزعته وارعبته . فتح فمه , واغلقه ثانية , ثم نظر الى سالي بعصبية ظاهرة ... وغادر القاعة .
" شكرا , انقذتني من .... ".
منتدى ليلاس
" من مصير اسوأ من الموت ؟ لا , لم تعد الامور سيئة الى هذه الدرجة في عصرنا الحالي , يمكنك القول انني انقذتك من مشكلة مزعجة ".
أرادت الرد عليه بأنفعال , ولكنها ترددت لحظة ثم قررت الأمتناع كليا عن ذلك ... اذ ليس لديها في الوقت الحاضر أي حليف سواه , قالت له بهدوء :
" سمحت له بالجلوس معي , عندما طلب مني ذلك بتهذيب فائق . لم اكن لأتصور ابدا انه يفكر بأكثر من مجالستي ودعوتي الى مشاركته كوبا من العصير ".
" لا توجهي اللوم الاّ لنفسك" .
هل قال لها حقا هذا الكلام السخيف , ام انها تتخيل ذلك ؟
نظرت اليه فرأت انه يتأملها بهدوء وبرودة فيما تعلو شفتيه الجذابتين أبتسامة رقيقة . تذكرت تصرفه القاسي معها في محطة السكك الحديدية , فقالت له بأنفعال شديد :
" توحي كلماتك هذه بانك تعتبرني فتاة سيئة السمعه !".
ضحك بصوت مرتفع , وقال بلهجة هازئة :
" معظم اللواتي تتحدثين عنهن هن اكثر دهاء وحنكة منك . لا يا آنسة اوبريان , لم اقصد الأيحاء بذلك ابدا , ما عنيته بالضبط هو انك تعرضين نفسك لمواقف مزعجة وصعبة , لأنك لا تعيرين أي اهتمام على ما يبدو لكونك شابة رائعه الجمال , تسافر وحدها بدون رفيق . هل انت في الـ18 من عمرك ؟".
" عمري 23 سنة يا سيد !".
" اذن , انت شابة متقدمة واعية ! كنت أتصورأن فتاة بمثل سنك ستفكر أكثر من مرة قبل أرتداء ثياب سهرة والتبرج , على هذا الشكل لمجرد الجلوس في فندق للباعة الجوالة .... ما لم تكن مستعده للتحرش والمغازلة , أو راغبة فيهما" .
هل تصفعه على وجهه بالقوة ذاتها التي لكم فيها الرجل الآخر ؟ لا , يكفيها عنف هذا اليوم ! رفعت وجهها نحوه بعزة وقالت له بهدوء :
"لن يتكرر هذا الأمر ثانية , سأتوجه الآن على الفور ألى غرفتي" .
" يجب عليك أولا تناول طعام العشاء , ما رأيك لو أكلنا معا ؟:
شعرت بشيء من الأرتياح , لأن وجود رجل قوي الشخصية والبنية معها سيضمن عدم تحرش احد بها , ولكن قد يفسر قبولها لدعوته بصورة خاطئة . لذلك قالت له :
" لست متاكده من أنني أريد ذلك ".
" وهل تفضلين أهتماما من نوع آخر , كالذي أبداه صديقك ؟".
نظرت اليه بتحد وسألته بشيء من الانفعال :
" وماذا يهمك من أمري , أو بما سيحدث لي ؟ ألم تقل بنفسك أنني المسؤولة عما يجري ؟".
اجبها بلهجة باردة وهادئة :
" لا يهمني أمرك أبدا يا آنسة , ولكن مالك الفندق صديقي وأهتم لأمره , انه الآن في المستشفى ولن يكون سعيدا البتة اذا وقع في فندق حادث قبيح تنعكس نتائجه على سمعة الفندق" .
ثم امسك بذراعها , وأضاف قائلا :
" هيا , يا آنسة اوبريان , لننقتل الى طاولة الطعام ".

نيو فراولة 18-10-10 11:08 PM

أزداد غضبها وحنقها بسبب هذه الغطرسة , التي لم تعرف لها مثيلا من قبل . ولكنها مضطره لتهدئة غضبها , ولو لهذه الفترة على الأقل ,لأن كلامه يحمل الكثير من الصحة .
فالحادثة التي وقعت مع كروجر أزعجتها وأرعبتها ولم تعد بالتالي قادرة على تحمل المزيد من المضايقات أو المشاكل . وجود رجل كهذا معها من شأنه الحؤول دون وقوع حوادث مماثلة .
مشت معه نحو الطاولة الكبيرة فأزدادت اعجابا بقامته الطويلة وكتفيه العريضتين ... ورجولته الساحرة . ارتعش جسمها قليلا لمجرد التفكير بذلك ,ولكنها سارعت الى السيطرة على أعصابها وأستعادة رباطة جأشها . انه رجل متعجرف قاس , ولن تدع سحره الجذاب ينسيها هذا الامر .
في أي حال , هذه هي المرة الأخيرة التي ستراه فيها ... فأين المشكلة ! هزت رأسها بعصبية , وكأنها تحاول اقناع نفسها بطرده من افكارها , فلاحظ الرجل حركتها .... وضحك .
لم تسمع في حياتها صوتا أكثر اغراء وأثارة , وعاد الأرتعاش يهز جسمها ويقلق بالها .. سألته بصوت منخفض :
" هل فعلت شيئا يضحكك ؟".
" الى حد ما , فأنت على ما يبدو تستعدين لمواجهة هجوم اخر !".
منتدى ليلاس
" وهل أنت على وشك التعرض لذلك ؟".
تاملها لحظة فشعرت بسخافة سؤالها وندمت على توجيهه .
شاهدت في عينيه سخرية لاذعة وتوقعت منه جوابا قاسيا , ولكنه قال لها بلهجة مهذبة :
" لن تتعرضي الى أي هجوم مني , يا عزيزتي , فأنا لا اهاجم الاطفال" .
أثارها في رده بتلك الملاحظة المتعلقة بسنها , فقالت له بحدة بالغة :
" انا لست طفلة !".
ضحك مرة اخرى وقال :
" حقا ؟ ستقنعينني بصحة ذلك عندما تتصرفين كشابة ناضجة راشدة . هيا , اجلسي ".
لماذا يتحدث معها وكأنها طفلة صغيرة ؟ ترددت سالي لحظة بين الرفض والقبول .... بين الأعتراض والموافقة , لكنها قررت في نهاية الأمرأن تحديه سييثبت له عدم نضجها وسيزيد من أحتقاره لتصرفاتها الصبيانية
جلست الى الطاولة ببطء وتمهل , وأمضت فترة طويلة في دراسة قوائم الطعام التي لاتضم الا طبقين رئيسيين وعددا قليلا من المقبلات .
وعندما رفعت رأسها نحوه لاحظت انه كان يتأملها بعنيني ضاحكتين ... فالقائمة القصيرة لا تحتاج الا لنظرة واحدة . سألها اذا أختارت أنواع الطعام التي سيطلبها لها , فقالت :
" طبعا , سأبدأ بالحساء ثم ... كيف عرفت أسمي ؟ من سجلات الفندق ؟"
" طبعا .انت سالي أوبريان , وتقيمين هنا حتى يوم الجمعه . هل أنت عزباء كما أتصور , أم أنك تركت خاتم الزواج في بيتك ؟".
ردت عليه بحدة ومرارة :
" انا مخطوبة لرجل لايعتبرني طفلة . وبما أنني لم أزعج نفسي بقراءة أسماء النزلاء في هذا الفندق ,فهل لي ...." .
" اندريه كونورز" .
أبلغ الخادم عما يريدانه , ثم مضى يقول :
" ألا يعترض خطيبك على سفرك بمفردك في مثل هذه المناطق النائية ؟".
لماذا يصر على معاملتها كطفلة ؟ ستواجهه بسلاحه المفضل ... السخرية ! وجهت له ابتسامة عريضة , وقالت :
" انه لا يعترض ابدا على تصرفاتي . وانا الآن في طريقي اليه لكي .... نتزوج" .
" مبروك , لا تنسي الحساء !".
نظرت الى صحنها بأنزعاج كبير , لأن أفكارها تحولت فجأة الى جون ... وألى هذا التأخير السخيف الذي يقض مضجعها ويحز في نفسها .
كان من المفترض الآن أن تصل ألى مزرعة خطيبها لتعد وأياه خطة الزواج , ولكن الظروف القاسية ارغمتها على الجلوس مع رجل غريب تحرك رجولته الفذة في نفسها مشاعر لم تعرفها من قبل .
منتدى ليلاس
رفعت رأسها نحوه , فرأته ينظر اليها بطريقة لم تفهم معناها أو تتمكن من تحليل اهدافها . أزداد توتر أعصابها ... أنه ليس وسيما من الناحية التقليدية المتعارف عليها , ولكن ملامحه تجمع بين القساوة والأغراء ... بين الوحشية والجاذبية .
أرتعش جسمها للمرة الثالثة , لأنها سمحت لشخصيته بالتأثير عليها .. بتلك الطريقة الغريبة . تظاهرت بالأبتسام وسألته بهدوء :
" هل تعرف منطقة تسمى حوض التماسيح , يا سيد كونورز ؟".
" اعرفها جيدا ".
"حقا ؟ هل تعمل هناك ؟".
" في منطقة مجاورة" .
" وهل أنت في طريقك الى مكان عملك ؟".
هز رأسه ايجابا , فكتمت أنفاسها وسألته بصوت منخفض الى حد ما :
" الليلة ؟".
" لا . غدا" .
نسيت خوفها منه وأشمئزازها من تعجرفه , فقالت بأرتياح بالغ :
" عظيم ! لن أحتاج أذن للأنتظار الى يوم الجمعة . يمكنني الذهاب معك و .... ".
" لن تذهبي معي الى أي مكان ".

نيو فراولة 18-10-10 11:10 PM

ولكن .... ولكنك قلت أنك ذاهب ألى منطقة مجاورة و ....".
توقفت عن أتمام جملتها بعد حلول الأرتباك محل اللهفة والسرور , ثم قالت له بهدوء :
" هل تعني أنني غير قادرة على مرافقتك ؟".
" حان دوري الآن لتوجيه الأسئلة . لماذا تريدين الذهاب ألى حوض التماسيح ؟".
" لدي سبب لايهمك" .
" أنت التي تطلبين خدمة , يا آنسة ".
" أنا في طريقي للقاء خطيبي" .
" ما أسمه ؟"
" جون لانج " .
" اوه !".
" هل تعرفه؟".
" طبعا" .
" لا شك في أنه ... أخبرك عني ".
" لا أذكر شيئا من هذا القبيل" .
لم تعد قادرة على تحمل برودته القاسية , فقالت له بلهجة حازمة :
" ليس ذلك مستغربا بالنسبة لي , فخطيبي لا يتحدث عن شؤونه الخاصه لكل غريب يلقاه" .
" أنه رجل حكيم " .
سألته مرة أخرى عما أذا كان يمكنها الذهاب معه الى منطقته القريبة من حوض التماسيح , فقال لها :
" ألم تسمعي جوابي قبل قليل" .
" بلى , ولكنني أريد الذهاب بأسرع وقت ممكن . سيشكرك جون كثيرا أذا أخذتني اليه" .
" هل يعرف أنك ذاهبة اليه ؟".
" لا , ولكن ....." .
" تصورت ذلك , وألا لكان ذكر شيئا عن أمر بالغ الأهمية .... كوصول زوجة المستقبل" .
" أردت مفاجأته . عندما تأكد لي اضطراري للأنتظار حتى بعد غد , قررت الأتصال به ... ولكن خطوط الهاتف مقطوعة بسبب العاصفة ".
منتدى ليلاس
" أقترح عليك العودة الى مدينتك" .
" استغرب هذا الأقتراح , يا سيد كونورز .واؤكد لك بأنني لا أستسلم بسهولة , وأن لم اتمكن من أيجاد وسيلة نقل أخرى ألى حوض التماسيح , فسوف أنتظر ألى بعد غد لأستقل سيارة الركاب الكبيرة التي ستمر من هنا" .
" كما تشائين" .
أخذ يأكل طعامه البارد بأعصاب هادئة , فيما كانت سالي تشتعل غيظا وحنقا .
ولكن ..... ما بها تعود الى تأمل قامته وثيابه ويديه , وتجد فيها جميعا جاذبية وسحرا ؟ تكره صفاته وتصرفاته كلها , فكيف تسمح لنفسها بتخّيل تفاصيل تتعلق به ؟ انها تنفر منه , ومع ذلك فهو يجذبها اليه ....
صممت على أكل طعامها وعدم التفكير به , ولكنها لم تتمكن الا من توجيه السؤال التالي اليه :
"لماذا تصر على الرفض , يا سيد كونورز ؟".
" تصورتأننا أنتهينا من هذا الموضوع ".
" هل تعتقد أن الرحلة قد تكون قاسية بالنسبة لي ؟ أنا لست فتاة رقيقة مترفة لا تعرف النوم الا على سرير من حرير" .
" حقا ؟ هل هذه هي دعوة لي لإختبار نومة سريرك , كي أثبت هذه النقطة بنفسي ؟".
حبست الأهانة أنفاسها لحظة , قالت له بعدها بحدة بالغة :
" كيف تجرؤ على التفوه بمثل هذا الكلام . أنتظر حتى أطلع جون على ذلك !".
" وهل تتصورين أنه سيشعر بغضب عارم . أنضجي قليلا يا صغيرتي !".
صغيرتي ؟ يا للوقاحة ! ها هو يتحدث معها ثانية كأنها طالبة صغيرة , بريئة , وغبية !
أحست برغبة قوية لتوجيه صفعة الى ذلك الوجه الساخر , ليعرف هذا اللعين مع من يتعامل ! صغيرتي ؟ انه حقا ..... .
بذلت جهودا مضنية للسيطرة على أعصابها , ومنع كفها المتحفز من التحرك بأتجاه وجهه . يكفيها ما حصل معها هذا اليوم من صعاب وأزمات
وتكفيها عداوة رجل واحد مثل كروجر , سيأتي يوم , وفي المستقبل القريب عندما ستقول للسيد اندريه كونورز رأيها فيه بصراحه !
لم يتصرف معها أحد غيره من قبل بمثل هذه الغطرسة والوقاحه , ولم تضطر مرة واحدة في حياتها الى الرضوخ والأستسلام لأوضاع مريرة كالتي يفرضها عليها هذا الرجل القاسي ....
تبا لهذه الظروف التي ترغمها على ذلك , وتربك مشاعرها في الوقت ذاته !
أحمر وجهها ثم شحب لونه , عندما نظرت اليه وشاهدت ذلك السحر القاتل في عينيه الباردتين . علمت في تلك اللحظة أنها لن تقدر على مواجهة نظراته الحادة , وانها هي التي ستضطر لأبعاد نظرها عنه .
تملكها شعور بالضعف أمامه , وأخذ هذا الشعور الجديد يتكثف ويتضخم للدرجة التي أزعجتها ....لذلك وضعت الشوكة والسكين على الطاولة بعصبية بالغة , ثم توجهت بسرعه الى غرفتها , تأملها اندريه كونورز بهدوء مزعج , بدون ان يتحرك من مكانه او يتفوه بكلمة واحده .لم يحاول بذل أي جهد للأعتذار أو...... لمطالبتها بالبقاء معه , ظل وجهه جامدا كالصخر , وكأنه يقول لها ......... خيرا ما فعلت .
:liilas:

نيو فراولة 18-10-10 11:13 PM




2- عروس في الشاحنة


بدت غرفتها أصغر مما كانت عليه ، وبدت السماء في ذلك اليوم
أكثر عبوساً وغضباً .لم تتوقف العاصفة أو تخف ، ومع ذلك قررت سالي الخروج من تلك الغرفة الضيقة التي تثير في نفسها المتعبة المزيد من الحزن والإنقباض .
سرها كثيراً كثيراً أنها لم تشاهد اندريه كونورز في بهو الفندق أو خارجه ،فأعصابها لم تعد قادرة على تحمل مجابهة ثانية معه .
ركضت إلى الحقول المجاورة ، آملة في أيجاد بعض السلوى والعزاء بين أشجارها وأزهارها .ولكن الرياح توقفت فجأة . فاصبح الجو خانقاً كما قي غرفتها .لم تعد ترى اغصاناً تتحرك وأشجاراً تتمايل . خيم هدوء مرعب على المنطقة ...فما من كلب ينبح أو عصفور يغرد .وكأن الطبيعة الصامتة تنتظر هبوب عاصفة أخرى .
احست ببضع قطرات من الماء تسقط على رأسها ووجهها ،
فقررت العودة إلى الفندق قبل هطول المطر بغزارة .ولدى اقترابها من المدخل الخلفي ، شاهدت مجموعة قليلة من الآليات بينهما شاحنة
وسيارة نقل متوسطة الحجم ،بالأضافة ألى عدد من السيارات العادية التي يعلوها غبار كثيف , لا شك في أن إحدهى هذه الآليات تخص ذلكا الحقير مارني كروجر.
تذكرت فوراً الحادثة المشؤومة ، وكيفية أنقاذها على يد المتغطرس الآخر اندريه كونور. يجب أن تشعر نحوه بالإمتنان لأنه أنقذها امن ورطة كبيرة , ولكن تصرفاته السيئة قللت كثيراً من أهمية الخطوة الرائعةالتي أقدم عليها . وفجأة ، خطرت ببالها فكرة أزعجتها إلى حد بعيد! هل تصور أنها تعمدت تشجيع كروجر على مغازلتها ومهاجمتها ؟ هل هذا هو سبب إقتراحه لها بالعودة إلى بيتها ؟ هل أرد حماية جون منها ؟سخرت من هذه الأفكار السخيفة وضحكت بصوت مرتفع .
منتدى ليلاس
فشعرت على الفور بتحسن كبير في معنوياتها . سيمضي هذان اليومان بخير وستذهب الجمعة إلى حوض التماسيح ..لتتزوج خطيبها .
واصلت طريقها نحو المدخل الخلفي ، ولكن حركة ما لفتت انتباهها وحملتها على التوقف مرة أخرى .وما أن استدار الرجل الذي شاهدته منحنياً بين الشاحنة ومقعدها ، حتى لاحظت انه .....اندريه كونورز . لم ينتبه لوجودها على بعد خطوات قليلة ،وعاد فوراً إلى الفندق .
شعرت سالى بالغضب أتجاهه .لأنه يملك شاحنة ضخمة إلى هذه الدرجة ويرفض مع ذلك أخذها معه .
مضت الساعات ببطء شديد . وكأن الساعةتوازي نهار بكاملة .
حتى القصة التي اختارتها بسرعة قبل ركوبها القطار .بدت
سخيفة ومملة . تساءلت بجدية وموضوعية عما اذا كان من الصواب القيام برحلة طويلة ومرهقة كهذه بدون الأعداد لها مسبقا بطريقة هادئة ومتزنة !ولكنها لم تكن لتتصور أبداً أن الجزء الثاني من الرحلة سيكون بمثل هذه الصعوبة !أستخفت بقلق والديها عليها ، إلا أنها بدأت تشعر أنهما ربما كانا على حق في مخاوفهما .هل كانت متسرعة ومتهورة في قرارها ؟ ألم يكن من الأفضل ابلاغ جون عن موعد وصولها إلى ستريمز .
وضعت الكتاب جانبا . لأنها لم تكن قادرة على القراءة أو التركيز , كان المطر ينهمر في الخارج.فهل من أي شيء آخر يمكنها القيام به الا النوم باكراً !خلعت ثيابها وارتدت قميص النوم ، ولكن أفكارها قررت على ما يبدو حرمانها من الراحة والرقاد .....إذ أنها عادت فجأة للتفكير بأندرية كونورز .ماذا يفعل الآن يا ترى ؟هل يتحدث مع مارني كروجر بسخرية لاذعة عنها ,وعن تصرفاتها السخيفة ؟ لا . فليس ذلك من طبيعته .قد يكون سيئاً ولكن الثرثرة التافهة ليست بالتأكيد احدى سيئاته .أنه يقرأ أو يكتب رسالة ، أو ربما يغط في نوم عميق !

نيو فراولة 18-10-10 11:16 PM

تخيلته نائماً تحت غطاء رقيق ، والشعيرات السوداء تفطي صدره العاري العريض وعضلاته المفتوله القوية !مهلاً ، أيتها الأفكار اللعينة ! لا يحق لك الإنجراف إلى هذه الدرجة وراء رجل لا مكان له في حياتي ..... رجل عنيف قاس يثير في نفسي الإشمئزاز والإزدراء !
أنا ذاهبة إلى حوض التماسيح .....إلى جون .....إلى خطيبي .....الذي سأتزوجه خلال أيام معدودة ..أوه !لم تتساءل مرة واحدة عن المكان الذي ستقيم فيه لحين زواجها منه ! لابأس . فهذه مشكلة بسيطة جداً بالنسبة لجون وسوف يجد لها ، كعادته حلا فورياً ومناسباُ .
منتدى ليلاس
عادت بها الذكريات إلى أيام طفولتها ، حيث كان جون دائماً يمثل جزءا هاماً من حياتها .لم يكن لديها أخ ، لذلك فقام بهذه المهمة على خير وجه .لم يكن صديقا عادياُ فحسب .بل الأٌقرب والأفضل, أقامت صداقات عديدة طوال سنوات المراهقة .ولكن صديقاتها كبرن وذهبت كل منهن في طريقها.تضاءلت الرسائل والاتصالات الهاتفية تدريجياً الى أن اخذت تقتصر على بطاقة معايده او مكالمات نادرة وفقا للظروف .واليوم ، أصبحت
اسماء صديقاتها ووجوهن صوراً باهتة متشابكة يصعب تذكرها أو حتى التفريق بينهما .
ولكن صداقة جون ظلت مستمرة وثابتة . .... لم تتعثر أو تخف أو تزول .بدأت صداقتهما عندما ابتاع والده بيتا مجاوراً .كانت امه تعمل طوال النهار, فوجد الصبي الصغير الوحيد العزاء والسلوى في بيت جارته سالي , جذبه الدفء والحنان , اللذان كان يشعر بهما في بيتها ,وعلى الرغم من السنوات الأربع التي تفصل بينهما ، فقد توطدت علاقتهما منذ البداية ....واستمررت قوية طوال الأعوام التالية لا تشوبها شائبة أو تعكر صفوها ونقاوتها أيه أحداث أو تطورات .
أحبت شجاعته واندفاعه ، عندما كان يهب للدفاع عنها بمجرد تعرضها لأية مشاكل أو مضايقات من بعض الطلبة الآخرين ، دأبت على اللحاق به .كيفما تحرك والى حيثما ذهب ، ولم تأبه لثرثرة الحاسدين ,ولكن أسعد اوقاتهما كانت تلك التي امضياها معا على انفراد ،في الحقول والبراري ومع العصافير والحيوانات ، علّمها الكثير عن هذه المخلوقات .
وكيفية معرفة حية الأعشاب المسالمة من الأفاعي السامة القاتلة , كان يشرح لها باستمرار كيف يبني العصفور عشه ويربي صغاره ،وكيف يجمع النمل طعامه في الصيف ويخزنه للشتاء .تعلمت الكثير عن حياة الحيوان وعاداته . وحاولت دائماً الإصغاء جيداً وتنفيذ كافة تعليماته وتوصياته .
باح لها بسر أحلامه للمستقبل .وبرغبته القوية لدراسة الطب البيطري ثم قرر في وثت لاحق أنه سيسعى جاهداً ليدافع قدر الامكان عن الحيوانات البرية ويمنع صيدها . كبر جون وتبدل وتغير إلا أن الصفة الوحيدة التي لا تزال تلازمه حتى الآن هي حبه للحيوان وبما أنها كانت ترغب دائما في التحدث معه حول الموضوع الذي يستهويه أكثر من شيء آخر .فقد قرأت سالي عشرات الكتب والمجلات الخاصة بالحيوانات .
منتدى ليلاس
تخرج جون من طبيباً بيطرياً . وعمل لبعض الوقت كمساعد لأحد أشهر المتخصصين في هذا الحقل .كان يتمتع بعمله إلى درجة كبيرة وكان حلمه الكبير الذي يراوده منذ صغره لم يتركه ....
أستقال من وظيفته قبل عام تقريبا ، عندما سنحت له فرصة العمل كمشرف على منطقة للحيوانات البرية التي يمنع صيدها .
كانا مخطوبان آنذاك ، فطلبت مرافقته إلى عمله بمنطقة حوض التماسيح .قال لها ان ذهابها معه منذ البداية ليس أمرا حكيما .
وعندما يستقر في عمله ويـتأكد من مستقبله ، سيأخذ اجازة لمدة أسبوع ويعود إلى المدينة لكي يتزوجا بحضور الأهل والأصدقاء .
قبلت اقتراحه على مضض .لأن الفراق مؤقت ولن يطول ستستقر أموره قريبا .ويعود إليها ليتزوجا ويعيشا معا حياة سعيدة .
كانت تمضي نهارها في مدرسة مجاورة .حيث تعلم الأطفال ، ثم تعود إلى البيت لتساعد أمها وتعد ثوب العرس .....وتحلم بالرسالة التي ستصلها في اليوم التالي .
كانت رسائله تصلها باستمرار ،وبنسبة واحدة أو أثنتين كا أسبوع ،
مشبعه بالأخبار والتفاصيل ومفعمة بالأشواق والمحبة والتلهف .
كتب لها عن سعادته الفائقة في تحقيق حلمه القديم .. ...
في حراسة الحيوانات البرية التي تمنحها الطبيعة في تلك المنطقة أهمية تفوق أهمية الأنسان.

ايمااان 19-10-10 06:28 AM

قمة الرووعه

وبانتظار التكمله

تسلم الاياادى

نيو فراولة 19-10-10 11:26 AM

ولكن عدد الرسائل بدأ ينخفض تدريجيا في الأِشهر الماضية , .
بحيث أصبحت تصلها رسالة واحدة كل عشرة أيام أ و أسبوعين .
لم يقلقها انخفاض العدد . بقدر ما أقلقتها أمور أخرى . لم يتذمر جون أبداً من عمله أو الأوضاع الحيايته في تلك المنطقة النائية .وظلت رسائلة مليئة كالعادة بالأخبار والقصص . ولكن سالى قرأت بين السطور عن انخفاض جذري في حرارة حماسته وشوقه . سألته في رسالة عاجله عما اذا كان مريضاً ، فنفى ذلك بشدة قائلاً أنه بألف خير . أليس محتملا أنه مريض فعلا ولكنه لايريد أقلاق راحتها وتفكيرها ؟ في أي حال .أن لم يكن المرض فثمة امر آخر بالتأكيد يعذبه ويحزنه .وعليها بالتالي مشاطرة احزانه ومشاكله ، ومساعدته ماديا ومعنويا .ستذهب إليه حالا ، فهي لم تعد قادرة على تحمل مرارة الانتظار ....وهو بالتأكيد سيفرح كثيراً بوصولها المفاجئ .
منتدى ليلاس
تململت سالى قليلا في سريرها الصغير . عندما انتبهت فجأة إلى انه لم يعرض عليها ابدا فكرة الزواج منه .تولدت لديهما تلك الفكرة مع مرور الزمن ، وأصبحت أمراً مفروغاً منه . أحبت جون أكثر من اي شخص آخر في العالم ،بإستثناء والديها . وكانت تعلم انه يبادلها هذا الحب .اهميته بالنسبة لها ولحياتها كأهمية الذراع بالنسبة للعامل وحياتهما معا ستكون مليئة بالحب والحنان والراحة والطمأنينة .
عقدت جبينها فجأة وتتقلبت في فراشها . فهذه هي المرة الأولى التي تفكر فيها بمشاعر الرقيقة الصافية أتجاه جون .... هل يعقل أن السبب في ذلك هو تفكيرها شبه المتواصل بذلك المتغطرس اللعين اندريه كونورز ؟ أراحها هذا السؤال قليلا ,لأن مجرد توجيهه إلى نفسها أضاف بعدا جديداً وراسخا إلى اشمئزازها من هذا الرجل .... كرهها له .
لاشك في أن الأرتباك الشديد الذي تتخبط فيه ، ناجم عن الأحداث المزعجة التي واجهتها هذا اليوم . لم يتم شيء مما توقعته ، لا بل أنها فوجئت بأمور كثيره لم تكن تتوقع حدوثها .اتعبتها مقابلة كونورز مرتين في يوم واحد . أكثر بكثير من هذا التوقف القسري في ستريمز .. ..وحتى من تلك المجابهة المرعبة مع مارتي كروجر !

لن تتمكن من النوم هذه الليلة . إلا أذا أراحت اعصابها وأفكارها القلقة المتعبة .آه ، لو كان جون معها الآن ليعيد إليها . كعادته الطمأنينة وراحة البال ! ولكنه موجود في منطقة حوض التماسيح فماذا ستفعل ؟ ستتخيله معها ....سترسم له صورة في عقلها وقلبها على حد سواء!
لاحظت بأسى عميق مدى صعوبة هذه المهمة .فالفراق لمدة طويلة والتحول في رسائله ،ونوعيتها , تركا اثرأً واضحاً في نفسها . ولكنها صممت على المثابرة والنجاح ، وماهي الا لحظات وجيزة, حتى بدأت ملامحه الطيبة المحببة تبرز شيئاً فشيئاً في مخيلتها ..إلى أن أكتملت صورة الرجل الذي تحبه منذ طفولتها . احست بالأرتياح والأمان لوجوده معها حتى على هذا الشكل الخيالي . ولكنها وجدت صعوبة بالغة غي الإحتفاظ به ،حاولت جاهدة ابعاد الصورة الأخرى التي بدأت تتسلل بقوة إلى أفكارها ، تدك الحصون وتقتحم الأسوار. افزعتها الإبتسامة الساخرة وأرعبها الفم الجذاب فقاومت
الصورة المعتدية بضراوة وشراسة .ولكنها كانت مرهقة الجسم والتفكير ، فأنهارت دفاعاتها المستميته بسرعة مذهلة .... وحلت صورة الوجه البرونزي القاسي والعينين الباردتين الخبيثتين محل صورة الخطيب البعيد .

نيو فراولة 19-10-10 11:35 AM

استيقظت سالى صباح الخميس . فتبين لها أن السماء لم تعد ماطرة
مع أنها لا تزال ملبدة بالغيوم .ارتعش جسمها بردا عندما سارت حافية القدمين نحو النافذة .فكادت تقنع نفسها بالعودة إلى فراشها ... ...وخاصة لأن الساعة لم تتجاوز السادسة والربع . ولكن الغرفة باردة . والنوم لم يعد واردا ،فما عليها إذن إلا القيام بنزهة قصيرة حتى يحين موعد الفطور . استحمت على عجل وارتدت سروالا ضيقاً أزرق اللون وقميصا تناسبه .ثم توجهت من الفندق إلى المكان عينه الذي قصدته في اليوم السابق .
ضايقتها الأرض الموحلة إلى درجة كبيرة . فقررت العودة إلى الفندق الصغير . كانت الساحة شبة فارغة ، وبدا أن معظم الباعة غادروا منطقة الجداول . . . سترميز . لم تلاحظ في تلك الساحة إلا عربتين ...إحداهما شاحنة اندريه كونورز .
حاولت فتح البابين ، فوجدتهما مقفلين . صعدت الى ظهر الشاحنة .
منتدى ليلاس
وشاهدت الغطاء السميك الذي وضعه كونورز لحماية بضاعته من البال .اللعين ! أنه يفكر بكل شيء ويتصرف بحنكة وذكاء!
خطرت ببالها فجأة فكرة مذهلة ....وقررت تنفيذها .ماذا سيفعل بها السيد كونورز عندما سيكتشف وجودها لدى وصوله إلى مكان عمله القريب من حوض التماسيح؟ هل هي مغامرة خطرة؟ لا أبدا فكل ما في الأمر أذا أكتشف أمر وجودها في الشاحنة , أنه سيصرخ غاضبا ............وقد يشتمها أو يوجه إليها كلمات قاسية !
ليفعل ذلك . فلن يهمها هذا الأمر أو تبالي به . هرعت إلى غرفتها لجمع امتعتها والعودة بسرعة ألى الشاحنة . والإختباء تحت الغطاء السميك .لن تضطر ، لحسن الحظ ، إلى إنتظار الموظف المسؤول عن الفندق لتدفع له ما يترتب عليها ..فالمبلغ الذي اعطته اياه امس كنوع من الضمانة يكفي اقامتها لمدة يومين .حملت حقيبتها وكيسها وعلبة الحلوى . وسارت بخطى سريعة نحو الشحنة .ماذا لو شاهدها كونورز أوأي شخص آخر تتسلل مع إغراضها إلى الشاحنة ؟كانت الساحة مهجورة تماما. فنفذت خطتها الخطرة بنجاح باهر .....على الرغم من توتر أعصابها الشديد وانفعالها المحرج .
لم تشعر بالطمأنينة وراحة البال .إلا عندما سمعت صوت المحرك وأحست بتحرك الشاحنة . نجحت في الإمتحان الأكثر صعوبة وخطورة فبدأت تفكر بأفضل وسيلة تمكنها من الوصول بأقل قدر من التعب والإرهاق .وضعت الكيس الذي يضم فستان العرس كوسادة تحت رأسها .وضمت علبة الحلوى إلى صدرها كيلا تتدحرج هنا وهناك وتفقد محتوياتها الثمينة . أما الحقيبة الكبيرة ،فقد ابقتها الزاوية القريبة منها لئلا يلاحظ كونورز وجودها .....في حال توقفه وإلقاء نظرة على حمولة شاحنته .
ماذا سيقول جون أو والدها . فيما إذا شاهدوها على تلك الحالة أو علموا بما قامت به ؟ من المؤكد أن والدتها ستصاب بالذعر والهلع .
ووالدها سيضحك حتى يستلقي على ظهره .أما جون ، فسوف يكون رد فعله مزيجاً من هذين الشعورين ..سيشعر بالإنقباض والإسى
لأنها واجهت جميع هذه المصاعب من أجله . ولكنه سيعجب أيضاً بقدرتها وشجاعتها .ابتسمت بإرتياح عندما تصورت نفسها جالسة قرب النار، تخبر حفيدتها الصغيرة عن المغامرة الشيقة التي قامت بها الجدة للزواج من الجد العزيز .
احست بالنعاس يدغدغ عينيها في تلك الظلمة الحالكة والجو الدفئ .ولكنها قررت البقاء مستيقظة .ومتحفزة للنزول بأسرع وقت ممكن .لم تتمكن من الصمود طويلاً ،فما هي إلا دقائق معدودة حتى وجدت نفسها غارقة في النوم.
فتحت عينيها فجأة ،فأزعجها ضوء الشمس .أين هي الآن ،ولماذا يؤلمها ظهرها وتتدلى رجلاها على هذا الشكل ؟أغمضت العينين المثقلتين بالنعاس ثم فتحتهما بسرعة .لتواجه بنظرات ساحرة هازئة وابتسامة رقيقة من كونورز .أنتبهت إلى وجودها بين ذراعية القويتين وإلى التصاق وجهها بصدره العريض , اندفعت الدماء بقوة إلى وجنتيها فزادتهما احمراراً . وتسارعت ضربات قلبها حتى أصبحت
كمحرك سيارة أو قرع طبول . حاولت القفز إلى الأرض ، ولكنه ضغط عليها بقوة وافشل محاولاتها فقالت :
" انزلني فوراً ".
منتدى ليلاس
" سأنزلك عندما أريد".
ارتعش جسمها خوفاً بسبب تلك النبرة المميزة في جملته القصيرة الجافة . وأدركت أنها تواجه مأزقاً جديداً لا تعرف كيف ستتخلص منه .
ابعدت نظراتها عن عينينه وتطلعت حولها . فلم تشاهد شيئاً إلا الأشجار والأعشاب . أنها وحدها مع هذا الرجل القوي . وفي منطقة نائية معزولة قد لا يكون فيها أي أنسان آخر على الأطلاق ! أفزعتها نظراته وأرعبتها ولكنها قررت إلا تدعه يعرف مدى خوفها وذعرها .
قالت له بلهجة حازمة وصارمة بقدر ما تسمح لها ظروفها الحالية بذلك :
" أكرر طلبي لك بإنزالي فوراً ! ".
أجابها بصوت ساخر مهين .زاد من مخاوفها واحمرار وجهها :
" لا يحق للمتسللين أبداً أصدار الأوامر" .
جف لعابها في فمها . ولكنها تظاهرت بالقوة والشجاعة وقالت له بحدة وانفعال :
"ثمة متسلل واحد ، هو أنا . يحق له ذلك".
ضحك الرجل بصوت منخفض يضج سحراً وأغراء , ،فاحست بأنفاسه تداعب خديها واذنيها .
قال لها :
" أنت مخطئة في تقديرك للأمور .لأن تسللك إلى شاحنتي جعلك رهينة بين يدي وسوف تلقين العقاب الذي أقرره ".
فتحت فمها لتصرخ بوجهه .قائلة أنه رجل متعجرف قاس ، ولكنه اسكتها بقوة وعنف لم تتصورهما من قبل .. حتى في الأحلام المزعجة .أنذرها عقلها بوجوب التخلص منه, والأبتعاد عنه بأسرع وقت ممكن . فأشبعت صدره ورأسه ضرباً لكما . لم يتأثر بضرباتها المتلاحقة ولم يأبه لمحاولاتها اليائسة واكتفىبتشديد الضغط عليها حتى كاد يحبس انفاسها .

نيو فراولة 19-10-10 11:37 AM

رفع رأسه فجأة عنها . وراح يتأمل بعينين قاسيتين باردتين أحمرار وجهها وارتعاش فمها ...ونظرات الخوف والحيرة والإرتباك في عينيها الزرقاوين ،سحب ذراعه التي يضعها تحت ركبتيها ،وقال لها بلهجة
قوية جافة :
" الآن ...بيمكنك النزول" .
مارست جهودا نفسية جبارة لتتمكن من الوقوف على قدميها ,فوقوعها على الأرض أو أضطرارها للإستعانه به سيزيدان من أضعاف موقفها امامه .نظرت إليه ثم ابعدت وجهها بسرعه ،وهي تغمض عينيها لإخفاء دموعها .فمع ان تصرفه الوحشي لم يكن إلا قصاصاً ، فقد اذهلها ذلك الشعور الذي أحست به أثناء وجودها بين ذراعيه .قالت له هامسة :
" أنا ...أنا آسفة ... على هذا الخطأ الذي أرتكبته ".
أجابها بشيء من الحدة الجافة :
" تأخرت قليلاً لتقديم الإعتذار" .
حملتها جملته ولهجته الباردتان على التراجع عن الندم الذي شعرت به قبل لحظات وجيزة .فجففت دموعها بسرعة ثم رفعت رأسها بتحد وقالت :
"هل كانت خطوتي غلطة كبرى ؟".
تأمل جسمها الجميل من قمة رأسها حتى أخمص قدميها ، وقال لها بهدوء مزعج :
" سأعدك تجيبين على هذا السؤال بنفسك".
" رفضت نقلي عندما طلبت منك...".
" فقررت التسلل . بغض النظر عن المضاعفات والعواقب .هل تقدمين دائماً على كل خطوة تريدين تحقيقها ؟".
لن تسمح لهذا الرجل المتغطرس بمعاملتها كطالبة صغيرة .لا تعرف شيئاً عن الحياة .أبتسمت بمكر , وقالت له بلهجة التكبر والتعالي :
" نعم ، عندما أشعر بأنني على حق ".
تبدلت ملامحه إلى حد ما ، وقال :
" كنت متأكدا ليلة أمس أنني أقدم خدمة كبيرة لجون برفض احضارك معي" .
سألته بصوت هادئ :
" لماذا تكرهني إلى هذا الدرجة ؟".
هز كتفيه بكثير من اللامبالاة وقال :
" أكرهك ؟ هذا إطراء لنفسك ,يا آنسة أوبريان فالكراهية شعور معين
بحاجة لنسبة ما من الحماسة والإندفاع . أنا لا أكرهك" .
أصابت سهامه الهدف ، فبرقت اسنانه البيضاء خبثاً ودهاء .وأضاف قائلاً :
" لنقل فقط أنني لا أحب رؤية حياة شاب طيب تتحطم على صخرة العذاب والألم ".
أشتعلت سالي غضباً ، وصرخت بوجهه قائله :
" هل تعتقد أنني شجعت ذلك الشاب الأحمق أمس ؟ هل تعتبرني انسانة غير عفيفة" .
نظر إليها بعينيه الفولاذيتين ، وقال :
" لا أعتقد أنك أفضل من بنات جنسك يا آنسة أوبريان . فالمرأة عادة تستغل الرجل لتحقيق مآربها" .
توقفت برهة ، فتساءلت عما حدث لهذا الرجل حتى أصبح يكره النساء ويحتقرهن .مضى إلى القول :
- أما بالنسبة إلى جون، فاعتقد أنه لا مكان في حياته لفتاة صغيرة عنيدة مثلك".
حبست أنفاسها لشدة انفعالها وتأثرها ، ولكنها مارست ضبط النفس إلى أكبر درجة ممكنة كيلا تتعرض إلى المزيد من إهاناته وسخريته القاسية .وقررت بسرعة أن الصمت بكرامة سلاح أكثر فاعليه وتأثيرا من الإنتقام الكلامي .
أستدارت نحو الشاحنة . ومشت إليها بشموخ وانفة . وعندما حملت حقيبتها في يد وثوب الزفاف في اليد الأخرى .سمعت صوتاً يقول :
" العذراء الغاضبة تجمع امتعتها !".
" ألم يكن هذا ما أردته أنت ، يا سيد كونورز ؟".
" يبدو أن الأمور التي أريدها لم تعد ذات أهمية تذكر" .
حملت سالي القطع الثلاث . وبدأت تسير بعيداً عن الشاحنة .هز الرجل رأسه بأستخفاف ، وقال لها :
"إلى أين . يا آنسة ؟".
" سأعود إلى الفندق وأانتظر حتى الغد . لكي اتوجه إلى حوض التماسيح".
" أِشك في ذلك . هل لديك فكرة على الأطلاقعن مكان وجودنا الآن ، يا آنسة أوبريان ؟".
" لا , ولكن لا داع لقلقك . سأعرف كيف أجد طريقي . يا سيد كونورز" .
أتسم الرجل ، وهو يأخذها امتعتها من يديها ، ثم قال لها :
" يقع فندقك الصغير ، يا آنسة ، على بعد خمسة وعشرين كيلومترا" .
" هل ..هل إبتعدنا عنه إلى ...إلى هذا الدرجة ؟".
" نمت فترة طويلة على ثوب الزفاف الجميل ، أيتها الصغيرة ، هيا .
أصعدي إلى الشاحنة ".

نيو فراولة 19-10-10 12:04 PM

3- النار والفراشة

نظرت اليه بأستغراب , وسألته بصوت مرتجف الى حد ما :
" هل تعني انك ستأخذني معك ؟".
أبتسم فجأة , فلاحظت بعض الدفء في عينيه القاسيتين وقالت لنفسها انه يكاد يبدو كرجل لديه صفات طيبه . اجابها بلهجة مرحة :
" حرمني تسللك حرية الاختيار , فحتى انا لا يمكنني ترك شابة جذابة مثلك هائمة وحدها في هذه البراري والادغال" .
أنطلق سؤال من فمها قبل تمكنها من حبسه داخل افكارها :
" هل تجدني حقا جذابة ؟".
ابتسم أندريه عندما شاهدها تضع يدها على فمها مذعورة من تسرعها , وقال لها بصوت رقيق ناعم :
"هل ترغبين في أي اثبات لذلك , يا آنسة اوبريان ؟".
توترت اعصابها بصورة مخيفه, وقالت له:
" لا ! في أي حال , اريد قبل صعودي ألى الشاحنه وعدا صريحا منك بأنك لن تلمسني أو تقترب مني " .
نظر أليها بعينين ثاقبتين ثم أبتسم بمكر الثعالب وقال:
"أفهمتك سابقا أن المتسسللين لا يحق لهم أصدار الأوامر . ستأتين معي حسب شروطي انا" .
" لا يمكنك ابدا أرغامي على ....".
أختفت بقية كلماتها في حلقها , عندما أمسك بكتفيها وجذبها نحوه بقوة . ألا ان رد فعلها كان أسرع من ذي قبل , فأبعدت وجهها عنه ورفعت يدها لتصفعه . تصرفت بسرعه ....
منتدى ليلاس
ولكنه كان أسرع منها , وأقوى بكثير . تصدى ليدها المرتفعة قبل وصولها الى هدفها , وحشرها بين جسميهما الملتصقتين بحيث لم تعد قادره على تحريكها .توجهت يده الأخرى في اللحظة ذاتها ألى شعرها , وشدها أليه بعنف , فأزداد خوفها , وشعرت بأن كرامتها طعنت في الصميم , فتمرد عقلها وثارت أفكارها في مواجهة هذا الأعتداء الصارخ , ولكن الموقف أيقظ في نفسها مشاعر غريبة ومؤلمة .وبدأت تتجاوب وتلين, وأحست بأنها أصبحت معلقة بين الأرض والسماء وما أن أرتفعت ذراعاها لتطوقا عنقه , حتى أبعدها عنه بعصبية اذهلتها وحدة افزعتها , وجه اليها نظرات حارقة وقال :
" أعتقد ان وجهة نظري صحيحة " .
" وجهة نظرك , وما هي ؟".
" المهم , هناك نقطة بسيطة واحدة هي أن الرحلة ستتم وفقا لشروطي أنا , دونما أي أعتراض أو تعديل " .
في تلك اللحظات المعدودة والتي توقف فيها الزمن واستجابت كافة مشاعرها وأحاسيسها لرجولته القوية المهيمنة , نسيت سالي الهدف الحقيقي لكلامه وتصرفاته . ولكن جملته القاسية تلك أعادتها الى الارض بأذلال مهين , لم تكن تتصور أنه قد يحدث لأي أنسان في العالم ماحدث لها . أحست في هذه البرهة بالذات أنها .... تكرهه . قالت له وهي تهم بالصعود الى الشاحنة :
" تساعدك قوتك الوحشية وفظاظتك العنيفة في تحديد الشروط التي تريدها .
" ستجلسين قربي . "
أرتعش جسمها قليلا, وكأنه لا يزال واقعا تحت تأثير تلك اللحظات المجنونة , وقالت له بأنفعال وبدون الألتفات أليه :
" أفضل مواصلة الرحلة كما بدأتها " .
قال لها متوعدا بلهجة ناعمة :
" هل تريدين أن أسلمك الى حبيبك, وأنتِ مصابة بصدمة عنيفة .... وبعض الكدمات ؟ تعالي وتوقفي عن المجادلة . انت تعرفين الآن من منا يصدر الأوامر " .
قالت له بعد جلوسها قربه في المقدمة :
"أرجو ألا تستخدم معي هذه اللهجة يا سيد كونورز " .
ضحك فجأة وقال :
" أنها تناسب مزاجك الحاد وطبيعتك الأندفاعية " .
أحمر خداها قليلا وأستعدت للرد عليه بلهجة قاسية , فمضى الى القول :
" ها أنت على وشك التصرف وفقا لما وصفتك به . سأناديك بالهرة الشرسة طالما انك حادة الطباع وسريعة الغضب . وعندما تتصرفين بهدوء وروية , ولن يكون ذلك الا نادرا حسبما اعتقد , فسأعود عن هذه التسمية وأستخدم اسمك الجميل سالي " .
ثم أبتسم ثانية , وأضاف قائلا :
" أستخدمي معي أسمي الأول أندريه , فالشكليات والرسميات لا تناسب رحله كهذه " .
ألا يمكنه مرة واحده على الأقل أن يتحدث معها بلهجة عادية مهذبة ؟ لماذا لا يطلب منها شيئا ألا بصفة الأمر ؟ ألا يتوقع أبدا أي عصيان او تمرد على اوامره وتعليماته ؟ ماذا يعتبر نفسه هذا المتسلط المتكبر ؟
تأملته جيدا في محاولة يائسة لتحليل شخصيته والدخول في اعماق تفكيره , ولكنها أدركت عدم جدوى ذلك ... بسبب تلك الجدران القوية العالية التي يرفعها حول ذاته وكيانه ويستحيل بالتالي اختراقها !او حتى الاقتراب منها .ألتفت نحوها باسما وكأنه قرأ افكارها او سمع التساؤلات التي تتصارع في رأسها ... وقلبها . أبعدت سالي وجهها عنه بسرعة , كيلا تقول شيئا قد تندم عليه في وقت لاحق .
كانت الشاحنه منطلقة بسرعة كبيرة , وهدير محركها يصم الآذان , لم يتحدث السائق ومرافقته أطلاقا , فالتطورات المثيرة والمتلاحقة التي حدثت بينهما خلال يوم واحد لم تعد تسمح لهما بتبادل احاديث عادية كأي شخصين مسافرين معا .

نيو فراولة 19-10-10 12:25 PM


تعمدت أبعاد نظرها وأفكارها عنه , وحاولت التركيز على تأمل الطبيعة وجمالها الساحر , أطاعتها عيناها , ولكن تفكيرها رفض الرضوخ لأوامر العقل . أبتعدت عنه قدر الأمكان , وعن نار جاذبيته واغرائه . ولكن الفراشة لاتقدر على الأبتعاد عن اللهب والأحتراق,
حتى ولو علمت مسبقا بالمصير المشؤوم الذي ينتظرها .تبا لهذه المشاعر المجنونة , وهذا التجاوب اللعين في احاسيسها الغبية !
كم تبعد ياترى المزرعة التي يقيم فيها اندريه عن حوض التماسيح ؟ لاشك في أنها ليست بعيدة أبدا , والا فكيف قامت صداقة بين الرجلين !ولكنها تمنت عكس ذلك تماما , لأنها لن تتحمل رؤيته بشكل متواصل . سوف تضطر لبذل جهود جبارة كي تتمكن من التحدث معه بلهجة مهذبة
فهي تكرهه وتنفر منه ومن تصرفاته . كذلك فأنها لن تقدر على مواجهته بدون ان تتذكر سحره ورجولته .
ضايقها تحليلها وأزعجها الى درجة كبيرة , فهي في طريقها الى الزواج من الرجل الذي احبته منذ صغرها ..... ومع ذلك فقد سمحت لنفسها ولمشاعرها بالأنجراف وراء أحلام وأوهام .
لم تكن لتصدق أبدا أنها ستتأثر الى هذا الحد بأي رجل غير جون . أشتاقت كثيرا ألى لمساته وحبه وحنانه , ولكنها لا تذكر انه أثارها مرة واحده مثلما فعل اليوم هذا الرجل المتعجرف القاسي .صعقت بقوة عندما تبين لها مدى انجذابها نحو اندريه كونورز . قد تعتبره اسوأ رجل في العالم , ومع ذلك فهي مضطره للأعتراف ضمنا بأنها شعرت معه بسعادة فائقة لم تكن لتحلم بها اطلاقا .
منتدى ليلاس
أين هي قوة أرادتها ؟ ستضعها الآن على المحك , فهذه فرصة لا تفوت للتأكيد من قدرتها وصلابتها , أنها التجربة الحقيقية الاولى في حياتها, وقد فرضت عليها فرضا ...... ومن واجبها الخروج منها منتصرة على مشاعر عابرة لاتدوم .
فتحت عينيها فجاة, فلاحظت أنهما يعبران طرقات جبلية وعرة وأن السهول الفسيحة التي كانت تمتد أمامها الى مسافات شاسعه قد أختفت تماما عن الأنظار , جبال عالية وأودية عميقة , وكل منعطف جديد يحمل معه مناظر خلابة اكثر من الذي سبق . كان واضحا أن أندريه سائق ماهر , يسيطر على شاحنته الضخمة بطريقة تثير الأعجاب وتدخل الطمأنينة الى النفس .
أستوت الطريق بعد قليل , وبدأت سالي تلاحظ كثافة المزروعات على الجانبين ....... فتأكد لها اقترابهما من حوض التماسيح . ولكن أندريه أوقف الشاحنه فجأة , وبصورة ادهشتها وأثارت أستغرابها , لم يقل شيئا , بل ضرب المقود بيديه ثم فتح بابه وقفز من الشاحنة . تطلعت سالي الى الأمام , فشاهدت جسرا صغيرا تندفع فوقه المياه بقوة وسرعه ....... بحيث لايمكن عبوره بدون مواجهة بعض الأخطار المحتمله, لحقت به وسألته بأنفعال :
" هل تشكل المياه مشكلة كبيرة ؟".
لم يرفع نظره عن الجسر , عندما اجابها :
" ألا ترين ؟".
قالت بلهجة هادئة , وكانها واثقة من قدرته على تخطي المشكلة :
" ولكن شاحنتك الكبيرة لن تتأثر بهذه الكمية القليلة من المياه " .
أدار وجهه نحوها للمرة الاولى منذ فترة طويلة . وسألها متهكما :
" هل انت خبيرة في هذه الأمور" .
لم تقدر على منع الأحمرار عن خديها , ولكنها تمكنت من التحديق بعينيه والقول له بتحد واضح: :
" لم اكن اتصور أن مشكلة بسيطة كهذه, قد تقف عائقا في وجهك " .
"من المؤكد أنها لن تعيقك أنت , لأنك من أولئك الأشخاص الذين يندفعون الى الأمام بتسرع وتهور ... وبدون التفكير بعواقب الأمور أو المخاطر " .
تجاهلت سخريته الاذعة وسألته بصوت يكاد يرتجف قلقا :
" هل ... هل تعتقد حقا ... بأن عبور هذا الجسر قد يشكل ... خطرا علينا ؟".
" لن أتأكد من ذلك ما لم اعرف عمق المياه " .

Rehana 19-10-10 12:37 PM

يعطيك العافية امل على مجهودك المتواصل والمميز
ولأن الرواية غير متوفرة في المنتدى تثبت

نيو فراولة 19-10-10 06:59 PM

أقتطع غصنا كبيرا من شجرة قريبة , ثم انزله في الماء الى ان أرتطم بالجسر . ومع ان نظراته الغاضبه كانت كافية لمعرفة النتيجة , الا انها اصرت على سماع الجواب النهائي . سألته بتردد :
" هل يمكننا العبور ؟".
" كلا " .
صمتت لحظة , ثم سألته ثانية :
"ألا توجد طريق اخرى ؟".
ضحك فجأة وقال :
" الحياة مليئة بطرق اخرى " .
" يجب تجاوز هذا الجسر أذن , مهما كانت الظروف " .
" سنضطر لقطع مسافة تبلغ حوالي ثلاثمئة وخمسين كيلومترا ".
" مستحيل" !.
" هل لديك أي اقتراح اخر ؟".
" يمكنك المجازفة بعبور الجسر " .
" انسي هذه الفكرة كليا في الوقت الحاضر " .
تأكد لها من لهجته الحازمة أنه لن يعود عن قراره هذا , حتى تنحسر المياه الى المستوى الذي يقبل به . تأملته طويلا , ثم قالت له بصوت رقيق ناعم :
" انت خائف علي ؟".
" ها قد عدت لتوجيه المديح والأطراء الى نفسك , أيتها الهرة الشرسة , المتسللون لا يستحقون العناية والأهتمام من أحد , ما يهمني في المقام الاول هو سلامة معداتي " .
تألم قلبها من تلك الطعنة الحاقده التي وجهها اليها لسانه السليط , وشعرت برغبة جامحة لتوجيه صفعة قوية الى وجهه اللعين .
رددت كلمته الاخيرة بذهول بالغ :
" معداتك ؟ معداتك ؟".
" نعم , معداتي الموجوده تحت ذلك الغطاء السميك . هيا بنا " .
" لا ....".
منتدى ليلاس
ركضت وراءه وأمسكت بذراعه لمنعه من الصعود الى الشاحنه , قائلة :
" لدي فكرة لا بأس بها " .
أستدار نحوها , وقال لها بشيء من الجدية :
" حسنا , لنسمعها " .
" سأسير أمام الشاحنة وأرشدك الى الطريق " .
لم يسارع الى التهكم عليها , فشعرت بوجود بصيص من الامل واضافت بحماسه :
" انا قادرة على ذلك , يا اندريه ! صدقني , سأقدم على هذه الخطوة بدون أي تردد !".
" ألن تخافي ؟".
" لا , ابدا ! اوه بلى , سأخاف قليلا ...... ولكنني مستعده تماما للقيام بذلك " .
لمع في عينيه بريق لم تتمكن من تفسيره , مع أنه جعل جسمها يرتعش قليلا ونبضها يتسارع الى حد ما . ثم قال لها :
" أعتقد انك ستفعلين ذلك , فيما لو سمحت لك , ولكن الجواب سيظل على حاله , هيا بنا , يا سالي ."
اوه ! ناداها بأسمها الأول ولم يستخدم ذلك التعبير المزعج ...
الهرة الشرسة ! لا شك في أنها قالت شيئا أعجبه , أو تصرفت على نحو أرتاح اليه . أحست بدفء يغمر قلبها ومشاعرها , كنتيجة فورية لذلك التحول المافجئ في اسلوبه .... ونظراته .
أدار محرك الشاحنة بعد صعود سالي الى جانبه , ثم قام ببعض المناورات الذكية والجريئة في وسط الطريق وعلى جانبيها ألى أن أصبح الجسر وراءهما .سيعودان الآن الى ستريمز ليتحولا فيما بعد ألى طريق أخرى تسمح لهما بتجاوز هذا الجسر اللعين , لن تصل ألى حوض التماسيح الا في وقت متأخر جدا , أذ لا يمكن لشاحنة ضخمة كهذه قطع مسافة تزيد على ثلاثمئة كيلومتر بأقل من خمس ساعات ..... مهما كانت الطريق خالية والسائق ماهرا.

ايمااان 19-10-10 07:06 PM

يا ألهي كم انتى راائعه نيو فراولة

انتظر البقيه بشووق

تسلم الاناامل اللتى تكتب



saeda45 19-10-10 08:47 PM

شكرا كتير على الرواية انا كان من زمان بدى اقراها تسلم ايديكى وما تطولى علينا

rehab abdo 20-10-10 02:55 PM

حلوة كتير تسلم ايدك فى انتظارك

عبق الورد 20-10-10 05:01 PM

حلوة كتير يا ريت تكمليها باسرع ما يمكن ويسلموا هالايدين الحلوين

نيو فراولة 20-10-10 09:35 PM

وفجأة, خطرت ببالها فكرة جديدة أزعجتها وضايقتها الى درجة كبيرة . كيف يمكن لرجل واع قدير مثل أندريه ألا ينتبه لأحوال الطرق التي يعرفها جيدا ؟سألته بهدوء يخفي قلقا وتوترا :
" ألم تكن تعلم بوجود ذلك الفيضان ؟".
" لا , فقد أبلغني الموظف المسؤول في الفندق بأن العبور ممكن " .
" ولكنك كنت تعرف أن أمطارا غزيرة هطلت في الأيام الماضية" !.
تأمل وجهها بعض الوقت , ثم قال لها :
" طبعا , ولكنني كنت غائبا عن المنطقة لأكثر من اسبوع . وثقت بكلام الموظف عندما أبلغني أن مستوى أرتفاع مياه النهر أنخفض الى نسبة تسمح بعبور الجسر .
كيف يمكنها مجادلة هذا الرجل وهو يتحدث بأسلوب منطقي متزن ؟ التهور لا يعني الشجاعة , والتطرف في المغامرة والمجازفة ليس دليلا على القوة والرجولة .لم تعلق بشيء على كلامه , اذ أنها بدأت تفكر بالرحلة الطويلة التي تنتظرها ابتداء من ستريمز . وما هي الا لحظات حتى تحول أندريه بشاحنته عن الطريق الرئيسية الى اخرى جانبيه ترابية , سألته سالي, وهي تعلو وتهبط بسبب الارتجاجات القوية المتواصلة :
"هل هذه هي الطريق التي سنستخدمها لتجاوز الجسر".
" نعم , ألست سعيدة لأنك جالسة عوضا عن التمدد على ظهر الشاحنة ؟".
منتدى ليلاس
لم تكن بحاجة لتوجيه سؤالها , كي تعلم مدى العذاب الذي كانت ستواجهه فيما لو سمح لها بالصعود ألى ظهر الشاحنة ,لكن سخريته اللاذعة لم تكن ضرورية ابدا ! لا شك في أنها أخطأت كثيرا في تقييمها لهذا الرجل , عندما كانا قرب الجسر , فهو بعيد كل البعد عن الانسانية والرقة والنعومة,ولا يستحق ألا الأحتقار !انه قاس ومتسلط ومتعجرف , وقادر على ان يكون فظا ومتوحشا للغاية في اعماله وتصرفاته !
لاحظت سالي أنه يركز نظره وأهتمامه على الطريق الوعرة , ومع ذلك فقد احست انه يقرأ أفكارها ويعرف حقيقة مشاعرها .لا , لن تسمح له بذلك مهما كلف الامر . قررت الرد عليه ولو بعد حين , فرفعت رأسها وقالت :
" لا فرق عندي بين الجلوس هنا أو على ظهر الشاحنة " .
ضحك بتلك الطريقة المغرية التي اصبحت مألوفة لديها, وقال :
" طفلة صغيرة , تأكدي من حسن تصرفك ,أيتها الهرة الشرسة وألا فقد تجدين نفسك مرة أخرى تحت ذلك الغطاء السميك " .
ها أنه يعود الى هذه التسمية المزعجة ! ولكن ... هل هي حقا مزعجة وتثير أعصابها وأشمئزازها لا ؟ فالغريب في الأمر أنها بدأت تعجبها الى حد ما .... مع انها لن تدعه يعرف ذلك اطلاقا .

أدارت وجهها نحو النافذه, وراحت تتأمل تلك الحقول الخضراء التي تمتد الى ما لا نهاية .
المناظر الطبيعية خلابة وتدخل البهجة والسرور الى القلوب الحزينة المعذبة , ولكن الوحدة بشعة مؤلمة وتذكر الأنسان بأنه معزول وغريب .لم تشاهد جرارا زراعيا أو مزارعا , ولم تسمع غناء راع ثغاء شاة . هل سيتابع طريقة بدون توقف , أم سيمضيان الليل في فندق صغير ليواصلا الرحلة صباح اليوم التالي ؟ وأذا قرر ذلك , فكيف سيكون رد فعل جون على وجودها وحيدةمع أندريه ؟ انه رجل واع ومنطقي , ومن المؤكد انه سيتفهم وضعها ومشكلتها .

ولكن الطريق أزدادت وعورة , وتضاءلت معها الى درجة مرعبة أحتمالات ايجاد فندق يبيتان فيه حتى الصباح , احست بتوتر شديد في أعصابها , فاق الى حد كبير الأرهاق العاطفي الذي تعاني منه .ألتفتت نحو أندريه مرتين لتوجه أليه سؤالا بسيطا للغاية , ولكنها لم تتمكن في أي منهما من حمل نفسها على ذلك .سيجيبها بسخريته المعهودة , وبطريقة لا تمكنها من الرد عليه , صممت سالي على البقاء صامتة الى ان تعرف ماذا سيفعل , وعندها فقط ستتخذ القرارات المناسبة .

نيو فراولة 21-10-10 05:17 PM

ظهرت الجبال مرة أخرى أمام عينيها المتعبتين , ولم يبد بعد أي اثر لقرية أو بيت أو ... أنسان فأزداد قلقها وارتباكها نقباضها ,ألم يكن من الأفضل لها البقاءفي ستريمز حتى يوم غد ؟ اللعنة على تسرعها , وعلى قرارها الأرعن بالتسلل الىشاحنة اندريه !لم تتبادل وأياه أي حديث على الأطلاق , منذ تلك الكلمات القليلةالقاسية حول المقارنة بين مقعد الشاحنة وظهرها,
ولكنها كانت تشعر بين الحينوالأخر أنه ينظر اليها خلسة ... ويسخر من قلقها وانزعاجها .غابت الشمس وبدأتجيوش الظلام تزحف بسرعه , فيما اخذت فلول النهار تتراجع ... وتختفي عن الأنظار .أوقف أندريه الشاحنة فجأة ثم فتح بابه وتطلع نحو سالي بعينين سوداوين براقتين . قالت لنفسها أنه يريد أعادة النشاط والحيوية الى رجليه اللتين اتعبتهما بالتأكيدقيادة شاحنة كبيرة مقل هذه المسافة الطويلة.... .وألا فما من سبب آخر يدفعه الى التوقف فيهذا المكان بالذات ! ولكنها أحست بغصة عندما راته يوقف المحرك وينزل من الشاحنة,تظاهرت بانها لا تشعر بأي انفعال او ... خوف , وقالت بهدوء :
"أستغرب توقفنا فيهذه المنطقة المهجورة ".
"حقا ؟ أعتقد أنها أختيار مناسب للغاية , أذ فيها كلشيء نحتاج اليه ... بما في ذلك مياه الشرب الصافية , التي يمكن استخدامها لأعدادالشاي ... والأغتسال "
.
منتدى ليلاس
"تعني .... تعني اننا .... لا .....".
اختنقت الكلمات فيحلقها , فقال لها ما كانت تخاف منه وتخشاه:
"سنمضي الليلة هنا , يا صغيرتي . هيا أنزلي وتحركي قليلا. "
"
لا ! لا , لن امضي الليلة هنا !".
لم يأبه للهجةالتحدي القاسية , وسألها ببرودة :
"هل تعرفين مكانا أفضل من هنا ؟".
"أي فندقمع غرفتين منفصلتين " .
قال لها بكثير من الهدوء والأرتياح , وكأنه يتمتع بذعرهاوعذابها :
"كلمة فندق غير معروفة في هذه الأدغال والبراري " .
"ولكن ... ولكنجون سيشتعل غيظا وحنقا " .
"هذا أمر يتعلق بكما , أنت وحبيبك , أنا لم اطلب منكأو أسمح لك بمرافقتي . سأتمشى قليلا قبل العشاء . اذا اردت التحرك قليلا , فهيابسرعه وبدون تردد " .
لاحظت سالي انه لم ينتظرها او يعر رغباتها أي أهتمام علىالاطلاق , فتأكد لها ان أي محاولة للأعتراض أو الأحتجاج ستكون عقيمة وفاشلة , لحقتبه رغما عنها .فرجلاها بحاجة للرياضه والبقاء على أنفراد أصعب بكثير من وجودهامع .... أي شخص آخر ..... حتى اندريه كونورز!كان الصمت مطبقا ورهيبا , بعد توقفالمحرك ,ولم يقطعه ألا صراخ طائر وحيد حلق فوقهما برهة ..... ثم أختفى . لماذا لمتختف معههذه الأفكار السوداء التي تضج في رأسها وعقلها... .. وقلبها ؟
لم تعدخائفة مما سيقوله جون , لأنه انسان عاقل وحكيم ..... ومستعد لتفهم الأمور على حقيقتها . ولكنها خائفة من نفسها , ومن هذا الرجل الذي يلهب مشاعرها ويثير احاسيسها ! ماذاسيفعل ؟ وكيف سيتصرف ؟هل سيحاول التحرش بها , وهي في هذا الوضع الضعيف الذي لايسمح لها بالدفاع عن نفسها ؟ لا , لا يمكن للرجل الذي أنقذها من مارني كروجر انيتصرف مثله ! ومع ذلك , فعليها أخذ جانب الحيطة والحذر ...


نيو فراولة 21-10-10 05:26 PM

وصلا الى جدول تتدفقمنه المياه الصافية النقية , لتتجمع في بركة صغيرة تحيط بها الصخور والأشجار . دهشتعندما شاهدت أندريه ينحني فوق الماء ليشرب ويغسل وجهه ويديه . سألته عما اذا كانتالمياه نظيفة فقال لها :
"تماما . جربيها " .
كانت الدعوة مغرية الى حد كبير . ولكن خوفها من الأمراض التي تنجم عن شرب المياه غير المعقمة في مثل هذه المناطقالحارة جعلها تحجم عن تلبية الدعوة .سألته عن أحد هذه الأمراض , وهوالبلهارسية , فأبتسم وقال :
"
انت محقه في تخوفك من هذا الداء بالذات , ويسرنيأنك تعرفين عنه وتحاولين تجنبه . ولكن هذا الجدول بالذات خال تماما من أي امراضا أوأوبئة .
لم يعد ثمة داع لتوجيه سؤال آخر , فهو رجل لا يقول شيئا ما لم يتأكد منه .....ولا يقدم على أي خطوة أذا كان يشك في صحتها أو سلامتها . شعرت بأرتياح كبيرعندما غسلت وجهها وذراعيها بتلك المياه الباردة المنعشة , وقالت له ممازحة :
"
أنني أتضور جوعا , يا أندريه , وآمل في ان يكون المطعم القريب مزودا بأطيب المأكولاتوأشهاها . "
منتدى ليلاس
أمسك بعنقها قائلا :
" أنك أكثر المتسللين الذين أعرفهم جسارةوتطلبا ".
نسيت أرتياحها ومرحها , وقالت له بصوت مخنوق
:
"حقا ؟".
"وأجملهمأيضا ".
حرمتها قساوته من بهجة التمتع بتلك الجملة الرائعة , فكررت القول أنهاجائعه الى درجة كبيرة , ابتسم وقال لها
:
"حسنا , فأنت تستحقين ذلك لأنك واجهت هذهالرحلة الشاقة حتى الآن بشجاعة وقوة . ولكنك تشعرين أن من واجب الآخرين السهر علىراحتك وخدمتك , اليس كذلك ؟".
أبعدت رأسها عنه بهدوء وروية كيلا تغضبه, ثم سألتهبلهجة صادقة :
"لماذا تكرهني يا سيد كونورز ؟".
"يبدو أنك تحبين التمثيلالمأساوي , أنا لا أكرهك , يا صغيرتي وقد قلت لك ذلك امس ".
" ولكنك لا تعتبرني زوجةمناسبة لجون !".
" تماما".
لاحظ غيظها وانفعالها, فمضى الى القول :
-
لا داع لأستخداممخالبك , أيتها القطة الصغيرة ففكرتي هذه لن يغيرها أي شيء ستقولينه لي . والآن ... ماذا تفضلين للعشاء ؟ اللحم المشوي أم المقلي أم المطبوخ ؟".

ايمااان 21-10-10 08:10 PM

تسلم الاياادى ياغاليه


اموااه

ننتظر البقيه بكل شغف

نيو فراولة 22-10-10 03:50 PM

4- شاحنة الغرام

لم تجبه ، فكرر السؤال بلهجة جدية وحازمة ،قالت له أنها مستعدة لكي تأكل طعام موجود أو يسهل إعداده ، لكنه أصرعلى معرفة النوع الذي تريده ، فأختارت اللحم المشوي .
راقبته سالي بعينين غاضبتين وهو يتوجه إلى شاحنته لأحضار ما يلزم ، وتمنت لو أنه ليس ذكيا وعمليا إلى هذه الدرجة . لا بد لها من الإعتراف رغما عنها بأنه واثق جداً من نفسه ويعرف تماما كيف يواجه كافة الأمور ويسيطر عليها.لاشك في أنه قادر على التحكم بكل شيء يتعلق به .....كشاحنته وحصانه و... ..وحتى النساء في حياته !
ومن المؤكد أن لديه تاريخاً حافلاُ في هذا المضمار ، فاسلوبه الناجح في معاملة المرأة يثبت
ذلك بشكل قاطع ، ولكن ....ألا يمكن مثلاً أن يكون متزوجاً ؟ وإذا صح هذا الأمر ، فمن هي تلك الغبية المسكينة التي رضيت بالزواج منه ؟
جمع بعض الأحجار المختلفة الأحجام ، وأعد منها موقداً صغيراً , ثم اشعل النار . بينما كانت سالي تسأل نفسها : لماذا يثبت لها بأنه قادر على فعل أي شيء ؟ لماذا يتحداها بقدرته ورجولته ؟ ما الذي يخفيه وراء شخصيته الغامضة ؟ أنها لا تعرف عنه شيئاً حتى الآن ، هل هو عامل بسيط ؟ هل يملك مزرعة ؟ لاشك في ذلك ، فهو من أولئك الرجال الذين لا يقبلون بسيطرة الآخرين عليهم .
منتدى ليلاس
ستعرف كل شيء عنه ، بعد وصولها غداً إلى حوض التماسيح .سيطلعها جون على كافة التفاصيل التي تريدها .ولكن .....هل ستظل مهتمه به غداً كما هي اليوم , لا ، لا يمكن ففرحها بلقاء خطيبها بعد هذا الغياب الطويل سينسيها أندريه كونورز وجاذبيته اللعينة .ستخصّص معظم وقتها وطاقتها استعداداً لزواج مبكر عاجل ، بحيث تزول أهمية أندريه ويتحول إلى مجرد
شخص أوصلها ألى خطيبها .
أوه ! متى سيأتي هذا الغد البعيد ؟ إلى متى ستظل اللحظات الحالية الواقع الوحيد في حياتها وكأنه فترة زمنية لا تعرف بدايتها او نهايتها ؟ اللعنة ! ما بالها لا تفكر إلا به ؟ هزت رأسها بعصبية بالغة ، علها تتمكن من التفكير بأي شيء آخر .
رفع أندريه رأسه نحوها في تلك اللحظة بالذات ، فأرتعش جسمها وضعفت ركبتاها . بدائيته ....شراسته ...... وسامته .....جاذبيته ......نظراته .....أجتمعت كلها خلال نظرة واحدة ، فأثارتها وأذابتها . ابتسم وكأنه يشعر بما تعانيه ، ثم قال :
" العشاء جاهز " .
استعادت أنفاسها بصعوبة ، وقالت :
" شكراً ......شكراً لك ".
" ماهذه الرسميات فجأة يا صغيرتي ؟".
" ليست رسميات ، بل مجرد تهذيب . "
" وهل هو التهذيب أيضاُ الذي يجعلك تجلسين بعيدة عني إلى هذا الدرجة ؟ لديّ أقتناع شبه راسخ بأنك تخافين مني " .
طعنت أنوثتها وكرامتها حتى الصميم ، وقالت له بحدة فائقة :
"أندريه كونورز ! أنت رجل لا يطاق بشكل لم أعرف له مثيلاً في حياتي !".
قال لها بنبرة لا تدل على أي شعور بالندم :
" يبدو أنك كنت مرتبطة بمعسولي الألسنة فقط ".
حاولت أجابته على الفور ، فتابع قائلاً :
" لا تقلقي أيتها الهرة فلن يؤدي ذلك إلا إلى زيادة مشاكلك . هل تعجبك رائحة اللحم المشوي ؟".
تمتمت بلهجة قاسية وعنيفة :
" إنها تكاد تخنقني".
أرتعشت عندما سمعت تلك الضحكة الخفيفة ، التي تثير أعصابها وتلعب بمشاعرها .
أكلت أول قطعة ، وهي تعلن هذا الرجل الكريه والطعام الذي أعده! لو لم تكن خائرة القوى بسبب الجوع الرهيب ، لما أكلت أو سمحت لنفسها حتى بالإقتراب من هذا الطعام .ولكنها لم تأكل شيئاً منذ الليلة السابقة ، ولن تتمكن من تناول أي طعام صباح اليوم التالي .
كان العشاء شهياً للغاية ! لا بد لها من الأعتراف بذلك ، على الرغم من العداء الذي تكنه نحو هذا الرجل . كمية اللحم التي قدمها لها ، تكفي شخصين جائعين ...... وبخاصة لأنه أضاف إليها ثلاثة أنواع من الخضار ، وأتبعها بفنجان كبير من القهوة الطازجة وقطعة من الحلوى . إنه حقاً ماهر في كل عمل يقوم به ، وكل خطوة يقدم عليها .

نيو فراولة 22-10-10 04:08 PM

ظهرت النجوم في السماء ، وخرجت حشرات الليل من مخابئها ....وتدنت درجة الحرارة بشكل ملحوظ . شدت سترتها الخفيفة بقوة حول جسمها المرتعش ، فسمعته يسألها بلهجة صادقة :
" هل تشعرين بالبرد ؟".
لم تتمكن من أخفاء الحقيقة ، مع أنها أرادت أظهار قدرتها على مواجهة الصعاب
وتحمل المشاق بقوة وشجاعة . اجابت بصوت منخفض :
" إلى حد ما " .
هل سيسخر منها أو يبدأ بتوجيه انتقاداته الجارحة إليها ؟ هل يبتسم ....هل يضحك ....ام أنه سيظل صامتاً ؟ قال لها بعد لحظات بدت طويلة مريرة:
"لنفكر إذن بالنوم " .
سألته بصوت حاولت اخفاء توتره وارتعاشه قدر الإمكان :
" أين وكيف سننام ؟".
ابتسم وقال :
" في الشاحنة .....معاً ..هل لديك آراء آخرى ؟".
لا بّد لها من أتخاذ موقف حازم ، والتحدث معه بلهجة قوية وحاسمة . رفعت رأسها بإنفعال ، وردت :
" نعم ! فمن الواضح أنه لا يمكننا النوم معاً داخل الشاحنة . "
اجابها بصوت هادئ :
" إذا أردت النوم في العراء . فهذا شأنك " .
ثم أبتسم ، وأضاف قائلاً :
" أنا شخصيأً ،سأجد الأمر مزعجاً للغاية " .
أرتبكت .....أحتارت ...وشعرت بأنقباض شديد ، قالت متلعثمة :
" لم…. ..لم أقصد النوم في..... ..في العراء ، ولكن الغطاء .....ألا يمكنك النوم تحت الغطاء يا ...أندريه ؟".
أجابها بإسلوب صريح واضح :
" هذا أمر غير وارد اطلاقا ، فأنا أنوي النوم داخل الشاحنة " .
" ولكن .....ولكن ذلك مستحيل !".
منتدى ليلاس
لم تعد نبرة صوتها قوية كما يجب . وشعرت أنها اصبحت في موقف ضعيف للغاية .إلا أنها قررت عدم الأستسلام والرضوخ .....فوراً أضافت قائلة ، كيلا يتمكن من التعليق على جملتها السابقة :
" سأنام أنا في الداخل " .
" حقاً ؟".
هل يضحك عليها ؟ أم أنها تخيلت ذلك كنتيجة لخوفها وانفعالها ؟ فتحت فمها لتواصل الأعتراض والممانعة ،فقال لها :
" عظيم . يبدو أننا سنمضي الليل معاً ، ولن يشعر أي منها بالوحدة أ والسأم " .
أحست برعب يكاد يخنق الكلمات في حلقها ، فصرخت به مذعوره :
" لا ، لا ! أصر على بقائك خارج الشاحنة " .
أطبقت أصابعة القوية على معصمها . وكأنها قيد حديدي ، وقال لها :
"أسمعي جيداً ، أيتها الهرة الشرسة . أنا لم اوجه لك أية دعوة لمرافقتي في هذه الرحلة ،
ولست مضطراً بالتالي للأهتمام بك أكثر مما تستحقين . أنا املك الشاحنة التي تسللت أليها ،
وعليه فلي ملء الحق في تحديد الشروط بأية طريقة تعجبني أو تناسبني . سأنام في الداخل ، وستفعلين مثلي .....أذا كنت تعرفين مصلحتك وتهتمين بنفسك " .
حاولت جاهدة تحرير معصمها من قبضته الفولاذية ، ولكن جميع محاولاتها فشلت .
هزت رأسها بتحد واضح ، وسألته بحدة :
" وإذا كنت لا أعرف ما يناسبني ، فما هي النتيجة ؟".
" سوف تتحملين مسؤولية المضاعفات السلبية ، التي سنتجم عن ذلك " .
ثم هز كتفيه بطريقة توحي باللامبالاة ، ومضى إلى القول :
" نحن الآن في منطقة تعج بالفهود يا عزيزتي . فأذا أردت المجازفة بأغراء فهد لتذوق لحمك الطيب الشهي ، فالأمر عائد لك " .
جف لعابها في فمها وتجمد الدم في عروقها ، لمجرد التفكير بما قد يحدث لها .
قالت له بمزيج من الغيط والأسى :
" لا يهمك أبداً ، على ما يبدو ، أذا أفترستني حيوانات برية جائعة . أليس كذلك ؟".
ردّ عليها بمرح :
" لا ، لا يهمني ذلك أبدا ".
ترك معصمها ، وانحنى لإطفاء ما تبقى من النار الخفيفة . وفجأة خطرت ببالها فكرة أعجبتها كثيراً ، سيشعر أندريه طبعاً بغضب عارم .ولكنه لن يتمكن من القيام بشيء أطلاقاً . وماذا يهمها ، فيما لو أستيقظ في الصباح وهو لا يزال غاضباً !هزت رأسها ، وقالت له بهدوء ماكر :
" يبدو أنه ليس لدّي أي خيار آخر ، ولكن ، هل تسمح لي ببضع دقائق على انفراد ؟".
" هل ستتكلمين بمثل هذه الصراحة وهذة البساطة ليلة زفافك؟".
أحست بسخريته الجارحة ، ولكنها فضلت عدم التعليق على كلامه . لا مبرر لإغاظته الآن ، والمجازفة بإفشال مخططها الذكي .أنتظرت لحظة , فسمعته يضيف قائلا :
" هيا بسرعة , وتأكدي من أنك ستكونين محتشمة".

jazz_jana 22-10-10 08:55 PM

WHERE IS THE REST OF IT?????????????
PLLLLLLLLLLLLLLLLLLLLLLLLLLLLLLLLLLLLLS
!!!!!!!!!!!I CANT WAIT ANY MORE
:toot::toot::toot::toot:

نيو فراولة 22-10-10 10:35 PM

مشت نحو الشاحنة على عجل ، غير عابئة بتهكمة وسخريته . آه ،كم سيشتمها ......وكم سيلعنها ! سيزداد كراهية لها ولتصرفاتها ,ولكنها ستكون المرة الأولى التي لن يتمكن فيها من أتخاذ أي أجراءات مضادة . ستنتصر عليه ، وستكون لها ولو لبضع ساعات قليلة ...اليد الطولى .
حبست أنفاسها ، وهي تصعد الشاحنة . أوه ، نعم ! .لا تزال المفاتيح في مكانها ! تنفست الصعداء وكتمت صرخة فرح وسعادة ، ثم سارعت إلى أقفال البابين .....وجلست بأرتياح بالغ تنتظر ردّ فعله الجنوني .
أرض الفهود ! لن يتوقف أندريه كونورز عند أي حد لأدخال الرعب في قلبها ، أو القلق والإزعاج في نفسها . ولكن حديثه عن الفهود قد يكون صحيحاً ، فهذه هي مناطق الإدغال والغابات .يا لسعادتها ! لم تعد بعيدة أذن عن منطقة حوض التماسيح ..... وخطيبها الحبيب ! ألا يعني ذلك أيضاً أن أندريه معرض لأخطار جسيمة ؟ ألم تسمع احياناً عن مشاكل يواجهها المزارعون والفلاحون بسبب أسد أو فهد أو نمر ؟ لا ، لم تحدث هذه الأمور إلا نادراً ....ولم تهاجم الحيوانات الضارية ألا المواشي ...
شعرت بوخز الضمير وتأنيبه .سوف تتعذب طوال حياتها أذا تعرض أندريه لأي حادث من هذا القبيل . هل تفتح له الباب ، وتسمح له بالدخول ؟ لا ! سيكون آمناً أذا نام تحت ذلك الغطاء السميك .
تحرك مقبض الباب مرتين بطريقة عادية ، ثم بعنف وحدة . لن يتمكن أبداً من فتح الباب ، طالما أنه مقفل من الداخل وليس معه مفتاحه . ومع ذلك ، فقد شعرت سالي بالخوف والهلع .
توقعت سماع ضربة على الزجاج ، ولكن القوة التي استخدمت فيها جعلتها تقفز من مكانها .
منتدى ليلاس
تصورت أنه سيحطم الزجاج ، ولكنه لم يفعل ذلك .....بل قال لها بلهجة قاسية :
" افتحي الباب " .
اكتفت بكلمة لا ، ثم ضحكت بصوت منخفض عندما أدركت انه لم يسمعها . ليس أمامها الآن سوى الترقب والإنتظار ، لمعرفة خطوتة المقبلة .إذا خفت حدة غضبه وتأكد لها أنه لن يقدم على أي عمل متهور ، فهي مستعدة لفتح النافذة قليلاً واعطائه ما يحتاج إليه .أدرات وجهها إلى الناحية الأخرى ، لتبحث له وراء المقعد الكبير عن غطاء أو معطف يلف به نفسه أتقاء للبرد الشديد , لن يتمكن من أتهامها بالظلم أو قلة والإهتمام .وقد يدرك وجوده أثناء وجوده بعيداً عنها السبب الحقيقي لخطوتها هذه .
سمعت حركة غريبة لم تكن لتتوقعها ، فرفعت رأسها وتطلعت نحو باب السائق بذعر وذهول .
رأت الباب مفتوحاً ،ورجلاً ضخم الجثة يدخل الشاحنة بهدوء وأرتياح .ألتصقت بالباب القريب منها ، وقد حل الخوف والرعب محل الإطمئنان وفرحة الإنتصار . سألته بصوت مرتجف :
" كيف .....كيف دخلت ؟".
أضاء النور الداخلي وحدّق بها ، فشاهدت وجهاُ متحجراً شاحب اللون وعينين قاسيتين تقدحان شرراً . قال لها :
" توجد معي دائماً مفاتيح أضافية ، يا عزيزتي " .
ثم أغلق الباب ، وأضاف قائلاً :
" أنني أشفق على جون المسكين لأنك لست ذكية على الإطلاق " .
تدحرجت دمعتان حارتان على خديها ، وقالت له بصوت حزين :
" لا ، لست غبية أبداُ .....وهذا هو السبب ..فأنا .....لا أرغب في .....في النوم .....لأنني ...".
قاطعها بحدة , قائلاً :
" لم أفكر بتاتاً بما تحاولين الإيحاء به . كل ما عنيته هو أن تنامي قربي ، لا أكثر ولا أقل " .
ثم أقترب منها قليلاً ، وسألها بصوت دافئ :
" هل يحتمل أنك ترغبين في أمور أخرى ......غير النوم العادي ؟".
تقوقعت في زاويتها وصرخت به :
" أياك أن تلمسني !".
ضحك أندريه بطريقة لا تعرف الشفقة أو الرحمة ، وقال :
" لما لا ؟".
أنه أسخف وأحقر سؤال سمعته في حياتها ! لما لا ! كيف يجرؤ أو يتجاسر على توجيه سؤال كهذا ؟ كادت تطحن اسنانها من شدة الغيظ ..والذعر ، ولكنها سيطرت إلى حد ما على أعصابها المتوترة المنهارة وقالت بحدة :
" لأنني ، ببساطة ، لا أريد ذلك " .
أبتسم بخبث ، وقال لها بأسلوب جعل جسمها يرتجف كأوراق في مهب الريح:
"هل تعرفين حقاً ماذا تريدين ؟".
أجابته بلهجة حاولت تضمينها أكبر قدر من الثقة بالنفس :
" طبعاً ، طبعاً " .
" لست متأكدا كثيراً من هذا الأمر أيتها الهرة الكاذبة ".

نيو فراولة 22-10-10 10:54 PM

لم تجد متسعاً من الوقت لتفتح الباب وتهرب ألى الخارج ، فقد أمتدت ذراعه نحوها بسرعة مذهلة لتطوقها وتجذبها بيسر وسهولة . أمسك بكتفيها ، فحبست انفاسها وانتظرت خطوته التالية ، دونما أي اعتراض أو ممانعة. هذا هو السهم الأخير في جعبتها !لن تضربه أو تصفعه ......لن تقاومه أو تحرك ساكناً ! ستكون كقطعة ثلج بين يديه ...أو كجثة هامدة ، فحتى الحيوانات الضارية تأنف من الجثث ولاتقترب منها ! سيفقد حماسته ورغبته ، أن لم يواجه بقتال او مقاومة !أين فرح الأنتصار ، إذا واجه المعتدي استسلاما فورياً وتاماً ؟
سيتراجع .....قال لها :
" ما بك ؟".
فلم تجبه بل ظلت تنظر إليه بخوف ، وغصّه تحرق حلقها .ضمها إلى صدره فأحست وكأنها هرة تبحث عن الدفء وسط صحراء من الثلج . لم تعد تفكر بالهرب منه .....لم تعد تفكر بأي شيء عقلي أو منطقي ! نسيت خوفها منه وكرهها له......وتحول خوفها إلى سكينة غريبة .
تصورته قاسياً عنيفاً ، اللعنة عليه .....لقد أوحت لها تصرفاته بأنه يكرهها ويحتقرها .ولكن الآن في هذه اللحظات تشعر بحنانه وخوفه عليها وقدرته على حمايتها . لماذا تتمنى أن يتوقف الزمن لتظل معه ؟أي سبب يشعرها برغبة في البكاء .. ..في الضحك . لماذذا تتمنى عدم مواصلة الرحلة ألى حوض التماسيح ؟ جون خطيبها , هل نسيته ؟ ألا تريد الذهاب أليه ؟ أنها تحبه منذ الطفولة . تحبه ، بلى ....لا .... بل هي .....
رفع أندريه رأسه عنها ، فأحست بخيبة أمل مريرة . كانت ترتعش كطائر مذبوح ، وصدرها يعلو ويهبط كزورق صغير في بحر هائج. حدقت به وهي زائغة العينين وغير قادرة على الكلام أو الحركة .قال لها بصوت عادي جداً أذهلها وصدمها :
" والآن ، أيتها الهرة الصغيرة ، هل أصبحت تعرفين ماذا تريدين ؟".
شعرت بالمهانة ، وبطعنة نجلاء في صميم كرامتها وعزة نفسها . لم تغظها لهجته بقدر ما أغضبها حوارها مع نفسها ومشاعرها المتضاربة فابتعدت عنه قائلة
": نعم ! أريدك إلا تقترب مني أبداً ! إذا كنت تتصور أنني ضعيفة أو مستسلمة فأنت مخطئ إلى درجة لا تصدق". !".
منتدى ليلاس
ضحك بصوت مرتفع ، وقال لها بلهجته الساخرة المعهودة :
" أعرف ما تريدين يا عزيزتي . ولو توفرت لنا ظروف مختلفة لكنت أخذت المسألة بعين الإعتبار ,أما أن أقدم على ذلك مع طفلة . وفي شاحنة ، فهذا ليس من شيمتي أو من عاداتي " .
جن جنونها ، فقالت له وقد استشاطت غضباً :
"لن يجمعنا أبداً شيء واحد ، يا أندريه كونورز ، والأفضل لك أن تقنع نفسك بذلك ".
" أنا مقتنع على الأقل بأنك أصبحت تعرفين الآن ماذا تريدين " .
رفع الغطاء الذي أدخله معه إلى الشاحنة . وأضاف قائلاً :
" ستكون ليلة طويلة وباردة . آسف لأنه ليس لديّ سوى غطاء واحد ، ولكنه يكفينا معاً " .
تسمرت في مكانها ، فيما كان يضع قسماً من الغطاء حول كتفيها والقسم الآخر فوق جسمه ، ثم قال لها :
" تصبحين على خير " .
لم تمض لحظات وجيزة ، إلا وكان أندريه كونورز يغط في نوم عميق .اللعنه عليه! أزعجتها صورته في الليلة السابقة ، وها هو الآن يفعل الشيء نفسه.. .. وبطريقة أكثر خطورة .فرأسها لا يزال مشتعلاً بالإحاسيس التي أثارها فيه ، وعقلها لا يزال غارقاً في بحر من الغيظ والغضب .
اذا تحركت قليلاً نحوه ....سيحدث أحتكاك .....أنه نائم ولن يعرف شيئاً،ولكن .....من الضروري جداً ألا يحدث هذا الأمر إطلاقاً ، يجب إلاّ يحدث ..
نظراً لما تشعر به أتجاه هذا الرجل . إنها تريد ملامسة وجهه ، وشعره الأسود الكث ، ولكنها خائفة من النتائج . لا . الأفضل لها أن تنسى كل شيء وتترك هذه اللية تمر على خير .
عليها أن تقاوم أوهامها وتخيلاتها وتفكر فقط بحياتها مع جون خطيبها . أما هذا الرجل النائم بجانبها فسوف تنساه في أقرب وقت . أبعدت سالي نظراتها عنه بصعوبة بالغة ، وحدقت إلى الظلام الدامس الذي تغرق فيه الشاحنة وعادت الأسئلة تضج في رأسها ,يجب أن تكون ، كعادتها ، صادقة وأمينة مع نفسها وضميرها . ألم تكن مشاعرها حقيقية نابعة من الصميم ، وليست نتيجة لحظات عابرة ؟ لم تعرف أبداً من قبل مثل هذه العاطفة المجنونة ، أنه لأمر مخيف جداً أن يكتشف الإنسان الواثق من نفسه . وبصورة مفاجئة ، أنه لا يعرف حقيقة ذاته وكيانه .......وعواطفة !
ما هو سرّ هذا الرجل الطويل القامة ، القاسي الملامح والبرونزي الوجه ؟ لكي يتمكن فجأة من قلب حياتها رأسها على عقب ؟ لماذا أصبحت عواطفها الجياشة قادرة على التحكم بعقلها الراجح ؟ لا يعجبها هذا الرجل ، ولا يعجبها فقط ? بل تكرهه ......فهو متغطرس ومعتد بنفسه ، ولا يبالي بها ابداً . وتكرهه أيضاُ ، لانه يجعلها تنساق وراء أوهام وأحلام ....رغماً عنها .....وهي في طريقها للزواج من حبيبها . تكرهه ، لأنه حول رحلتها ألى مغامرة مأساوية . هل يعقل أن تحب المرأة رجلاً بقلبها .....وتتجاوب مع رجل آخر باحاسيسها ؟ كانت متأكدة من الجواب.... ..حتى يوم أمس ، أما اليوم فلم تعد متأكدة من أي شيء .
تنهدت بقوة وانفعال شديدين ، لن تتمكن الليلة من النوم ، ولكنها ستحاول ......ستحاول !

يسوره 23-10-10 10:00 AM

بليززززززززززززز كملى الفضول راح يجننى اوك حياتى
لا تتاخرى علينا

نيو فراولة 23-10-10 12:53 PM

أستيقظت سالي ، عندما كانت اشعة الشمس الذهبية تنساب عبر النافذة المغلقة .....وضوء الصباح يطرد جحافل الظلام وهمومه وعذابه ، أحست بأوجاع مؤلمة في ظهرها وبقية انحاء جسمها ، مدت ذراعيها ، كما تفعل كل صباح، فارتطمتا بزجاج النافذة .... وتذكرت فجأة كافة احداث الليلة السابقة .
رفعت رأسها وتطلعت حولها ، فلاحظت أنها كانت وحدها . متى غادر أندريه الشاحنة ،
وماذا يفعل الآن ؟ وماهي خطوتها التالية ؟ فتح أندريه الشاحنة ، فبدا نشيطأ وقوياً .....ووسيماً للغاية ، سألها :
" هل نمت جيداً . "
" كطفل صغير " .
" عظيم . سيكون الفطور جاهزاً بمجرد انتهائك من الأغتسال " .
"الأغتسال ؟".
" لما الأستغراب ؟ البركة التي شاهدتها امس تنتظرك بفارغ الصبر . هيا ، فانت بحاجة ماسة للأنتعاش " .
أحمر وجهها عندما قالت له بتردد :
" لا ....لا توجد معي...اي ثياب للسباحة. "
" لم يكن لدي أنا أيضاَ أي شيء من هذا القبيل تحركي فأمامنا مسافة طويلة جداً هذا النهار هيا!".
لم تسبح مرة واحدة في حياتها بدون ارتداء الثياب الخاصة لذلك، فكيف يمكنها الأقدام على مثل هذة الخطوة الآن؟ وأندريه لا يبعد عنها سوى بضع امتار! لن يتجسس عليها،
فهذا الأمر ليس من شيمته.....كما أنه منهمك الآن في أعداد الفطور ،هل تذهب؟ لا.......بلى! أنها حقاً بحاجة ماسة لدفعة جديدة من الحيوية والنشاط،, وفكرة السباحة في تلك البركة الرائعة وقرب شلالها الجميل مغرية.......مغرية جداً. تطلعت نحوه فشاهدت ابتسامته المرحة التي توحي بأنه يفهم ما يدور في خلدها من افكار متناقضة ومتصارعة .أعطاها منشفة كبيرة ، فاخذتها بدون تردد ..... وتوجهت الى البركة .
كانت المياة باردة ....ومنعشة ، فسبحت وقفزت ولعبت . أحست بسعادة بالغة ونشاط فائق ،وهي تقف تحت ذلك الشلال الصغير الرائع . وعدت نفسها بأنها ستكرر هذه الخطوة في المستقبل ،
أذا سمحت لها فرصة مماثلة .....وتأكدت من وجودها على أنفراد .آه ، ما أعذب هذه الأصوات وما أروع هذه اللحظات !
وفجأة سمعت صوتاً آخر غير صوت خرير المياه وتغريد العصافير . سمعت نباحاً ! خافت.. ..لأن وجود كلب في هذه المنطقة يعني ايضأً وجود مزارع او فلاح أو صياد . يجب ألا يراها أحد . أندفعت بسرعة نحو حافة البركة ، وهمت بالخروج . أوه ...
منتدى ليلاس
كان أندريه جالسأً على صخرة قريبة ، يحمل ثيابها بيد والمنشفة الكبيرة باليد الأخرى .
أحست سالي أن قلبها توقف عن الخفقان . والدماء تجمدت في عروقها .كيف يجرؤ على التسلل هكذا ؟ صرخت به :
"أبتعد من هنا ! أذهب " .
أبتسم لها وقال ببرودة ومرح :
" لن أفعل ذلك " .
" أريد الخروج من الماء و ......".
" أنا بإنتظارك " .
كانت ترتجف خوفاً ......وبطريقة لم تعرف لها سبباً او تفسيراً ، ناشدته بصوت رقيق متوسل ، لا يمكن إلا لقلب من حجر أن يرفضة او يتجاهله :
"أندريه ..لا يمكنني الخروج هكذا ! أنت ....أنت تعرف ذلك!".
" هل تريدينني ان أخرجك من الماء بنفسي ؟".
" إياك ! ضع المنشفة قرب الصخرة ، وابتعد من هنا كسيد مهذب " .
لم يتحرك من مكانه . اللعنة عليه ستقلع عينيه من مكانهما ! لماذا لا يذهب ، فقد لا تتمكن من الصمود طويلاً في هذه المياة الباردة بسب ملابسها الرقيقة بدأت أسنانها تصطك من البرد الشديد ..... فانهمرت دموعها :
" أخرجي ، إيتها الصغيرة هيا !".
" سأفعل ذلك ، بمجرد ان تضع المنشفة على ....".
" وهل تتصورين أنك ستكونين عندئذ في وضع أفضل ؟".
أشار برأسه ويده اليمنى نحو الأشجار القريبة ، فتذكرت فجأة صوت النباح ، كانت الأشجار تعج بالقردة... .. هل تنبح القردة العادية ؟ ام ترى يوجد بينها ذلك النوع من القردة الكلبية الشرسة
المسى بالرباح او القردوح ؟
" هل تعني !."
" أما أنا أو القرود ! اذا وضعت ثيابك على الأرض ، فسوف تضطرين لتسلق هذه الأشجار كي تتمكني من أستعادتها " .
لم يعد أمامها أي مجال آخر ، هل تناشد شهامته لكي يدير وجهه عنها ،على الأقل ،
عندما تخرج من البركة ؟ لن يفعل ذلك ، فكلمة الشهامة غير موجوده في قاموسة .
ولكنها ستحاول ....هذه هي فرصتها الأخيرة :
" أرجوك ، يا أندريه ، ان تحيد نظرك عني لبضع لحظات !".
" أنت تعرفين الجواب ، انصحك بالخروج فوراً ، وألا فسوف تصابين بذات الرئة ....
وتشكلين عبئاً أضافياً على كاهل جون ، يكفيه ما لديه !".
لم يخطر ببالها أن تسأله عما يعنيه بجملته الأخيرة ، فأفكارها كلها كانت مركزة
على كيفية الخروج من الماء والوصول إلى المنشفة ، تباً لهذه الخطوة !
إنها أصعب خطوة في حياتـها. ....

نيو فراولة 23-10-10 03:25 PM

5- تباً لهذا الرجل !


لم تعرف كيف أقدمت على تلك الخطوة .... ولكنها خطتها , ونجحت . هل أشاح بوجهه عنها قليلا , أم أنه راقبها وتأملها فيما كانت تركض نحو المنشفة ؟ كيف لها أن تعرف ذلك , وهي لم تتمكن من النظر نحوه ... ولن تجرؤ على توجيه أي سؤال كهذا اليه !
لم تشعر مرة واحدة في حياتها بمثل هذا الضعف والوهن, وبأحتمال الأنهيار أمام رجولته الساحرة . أحست بالدموع تحرق عينيها, فأخفت وجهها بالمنشفة لئلا يراها باكية ويتأكد من هيمنته عليها .
تصورت أنها سمعته يصفها بالفتاة الشجاعه , وتخيلت أن يديه الدافئتين لا مستا شعرها المبتل . أن لم تبتعد عنه على الفور فسوف تصبح ضحية سحره الى الابد . رفعت رأسها نحوه , فرأته يتأملها بعينين شبه مغمضتين . تجاهلت الصوت الداخلي الذي كان يطالبها بالهدوء ... وقالت له بمرارة :
" لست سيدا مهذبا " .
" وهل انت سيدة مهذبة ؟ هل تعتبرين محاولتك الفاشلة لمنعي من دخول شاحنتي عملا شريفا وجديرا بالأحترام ؟
أزداد أرتجافها , مع أن جسمها أستعاد بعض دفئه وحرارته , لاحظت بصعوبة ان الارتجاف عائد الى نظراته ... ويديه اللتين تمسكان بها . حاولت طرد هذه الأفكار من رأسها , فالأعتراف بها سيكشف لها حقيقة ليست مستعده للاقرار بوجودها . سألته بألم :
" انت تعاقبني الآن, اليس كذلك ؟".
"أعاقبك ؟ أنت بحاجة لعقاب أشد وأقوى . ألا يمكنك الأعتراف أيضا بأنني أنقذتك من مشكلة كبيرة ؟".
" القردة ؟".
منتدى ليلاس
" هرعت القرود نحو الماء . بمجرد وصولك الى البركة . شاهدتها تقفز بين الأشجار وعلى أغصانها , وهي متجهة نحوك . يبدو أن أهتمام القردة تحول الى ملابسك الجميلة " .
أحمرت وجنتاها بسرعه , وقالت له متوسله بصوت منخفض :
" دعني وشأني " .
" حسنا سيكون الفطور جاهزا خلال دقائق قليلة " .
توجه نحو الشاحنة , وكأن شيئا لم يكن . أقنعت نفسها أخيرا بانها لم تكن لتقدم أبدا على مثل هذه الخطوة الجريئة المتهورة لو أنها شكت في أحتمال أقترابه منها ومشاهدته أياها على هذا النحو . كانت مقتنعه بأنه سيظل بعيدا عنها , لحين أنتهائها من السباحه والأغتسال .هذا ما كان سيفعله جون في ظروف مماثلة.. ... وهذا هو الخطأ الجسيم الذي أرتكبته . فخطيبها الدمث الطيب المهذب ليس مقياسا لبقية الرجال . وأندريه كونورز المتعجرف المتغطرس هو أصدق دليل على صحة هذا الكلام المنطقي .
ولكن وجود القردة واحتمال أقدامها على أختطاف ثيابها يبرران الى حد ما تصرف أندريه . لا , ليست مستعده بعد لأستخدام موضوع القردة لتبرير اعماله وتصرفاته . هل هي حمقاء ؟ هل يصوره عقلها وخيالها على هذا النحو الكريه , لمجرد انها تكرهه ! وهل يقدر فعلا على تحقيق كافة أغراضه ورغباته ؟
أنها حقا سخيفة وغبية ! كيف يمكن لأي رجل , حتى أندريه أقناع مجموعة من القردة بالتوجه الى هذا المكان أو ذاك ؟ أنها تفكر بالقرود وبتصرفات أندريه ... لئلا تركز اهتمامها على رد فعلها هي .يستحيل عليها بعد الآن أقناع عقلها بانها سمحت لأندريه القيام بتصرفات معينه , لأن الصدمة القوية المذهلة عقدت لسانها وشلت قدرتها على الهرب ..... أو المقومة ... أو حتى الآعتراض والممانعه .ستكون صادقه مع نفسها وتعترف بأنها تمتعت بتلك الفترة القصيرة .. وشعرت بسعادة فائقة . كيف يقدر هذا الرجل البغيض على أيقاظ حواسها ومشاعرها الى هذه الدرجة المذهلة ؟ من اين له هذا السحر الفائق الخطورة ؟
تناولا الفطور بصمت رهيب . لم تكن سالي راغبة في التحدث معه , وخاصة لأنه ليس من ذلك النوع الذي يستهويه الاحاديث العادية . كان الطعام بسيطا ولكنه شهي بشكل مدهش . حاولت الاكتفاء بفنجان قهوة وقطعة لحم صغيرة , عله يلاحظ نفورها واستياءها .ألا أن السباحه وتلك الشرائح المجففه من لحم الغزال فتحت شهيتها الى درجة مذهلة .. بحيث اكلت ما يكفي لثلاثة اشخاص

نيو فراولة 23-10-10 03:45 PM

لم ترفع عينيها عن الطعام فترة طويلة , ولكن مقاومة الأغراء بالتطلع اليه ضعفت وتحطمت . رفعت رأسها نحوه , فألتقت نظراتهما وكأنها جيوش جرارة تتحفز للأنقضاض على بعضها,
تحولت النار في عينيه, الى اضواء كاشفة تقتحم أسوارها بإغراء تصعب مجابهته . ركز نظراته في بداية الأمر على وجهها , وبرقت عيناه عندما شاهد أحمرار خديها وارتباكها . وما هي ألا لحظات قليلة حتى تحولت تلك النظرات الحارقة ببطء الى عنقها ..... وكتفيها ..... وشعرها .
لم تترك الأضواء الكاشفة شيئا ألا تفحصته بدقة وروية ... بما في ذلك تلك العروق التي كانت تنتفض بعنف في عنقها , لا شك في أن هذه النظرات قادرة تماما على اختراقها , ومشاهدة مشاعرها على طبيعتها .
وعندما رفع رأسه لينظر ثانية الى عينيها . كانت سالي مستعده للمواجهة والمجابهة . انها سيدة مهذبة بكل مافي هذه الكلمة من معنى . وبغض النظر عما قاله لها . لقد تصرف معها أندريه كونورز بطريقة غير لائقة ,وبدون ان يأخذ بعين الأعتبار كونها مخطوبة الى رجل اخر ... وكون ذلك الرجل صديقا مقربا له . أين شهامته هل يعقل أنه لا يتمتع حتى بالنذر القليل من الأخلاق الحميدة والنوايا الطيبة ؟
منتدى ليلاس
لم يتأثر بنظرات الأشمئزاز والأزدراء بل أزداد خبثا ... وأمعانا بتعذيبها ,مد يده الى شعرها , ثم قال لها بلهجة مرحة :
" حان الوقت لتنزلي من عليائك , أهتمي بالأمور هنا , فيما اعد الشاحنة للرحيل " .
انه فعلا أفضل وقت للبدء بما تبقى من هذه الرحلة اللعينة , فنسيم الصباح الباكر لا يزال قادرا على التخفيف من حراره الشمس .تأملت سالي بأعجاب واضح حقول التبغ وبساتين الحمضيات , وتلك الشلالات والجداول التي تعطي هذه المناطق الحارة وشبه الجافة سحرا خلابا وجمالا رائعا .
أختفت البساتين والحقول وراءهما , وحلت محلها الأدغال التي تزود البلاد بكميات ضخمة من الخشب . بدت السفوح ذات التربة الخصبة الغنية مكتظة بالاشجار العالية ذات الجذوع المستقيمة , وظهرت الجبال والوديان القريبة كدليل ساطع على ردعة المنطقة .
عادت التساؤلات عن ماهية عمل أندريه تضج في رأسها كقفير نحل , فهي لا تعلم ألا أن له علاقة بالزراعه والمزارع , ولكن ... ماهو نوع عمله بالتحديد ؟ مهما كانت طبيعة عمله فلابد أنه يتقنها ويجيدها . من المؤكد أنه يطاع بدون تردد , وبصورة عمياء . لا يقبل العمل تحت أمرة أحد , يقود ولا يقاد..... يمكنه التسلط على الأخرين وأصدار ما يحلو له من أوامر وتعليمات , ولا يتوقع رفضا أو مناقشة او تقاعسا . يتبعه الرجال طوعا ,لثقتهم به وبقيادته الحكيمة .
أما النساء .. فيهرعن اليه للأرتماء على قدميه, سعيا لكسب وده وأرضاءه .
ولكن سالي وحدها ... سالي الأندفاعية والسريعة الغضب , ستتحداه وتجابهه . لماذا تختلف عن غيرها من النساء , لماذا قررت مقاومته , وهي تعلم علم اليقين انه قوي وواثق من نفسه ...
ويتصرف بحكمة وحنكة ؟ ثمة صفة فيه , في شخصيته القوية ,تشعل النار في رأسها وتلهب مشاعرها وأحاسيسها ... بحيث تصطدم وأياه حول كل نقطه او مسألة .
ظهرت أمامهما فجأة شاحنة كبيرة , محملة بكميات ضخمة من جذوع الاشجار . الطريق ترابية ضيقة , والشاحنة تتمايل من هذا الجانب الى ذاك تحت وطأة حمولتها الثقيلة ....وأندريه يركز كافة أهتمامه على الأاحتمالات الضئيلة للتجاوز . ستتأمله الآن بدون علمه ومعرفته .
كان عليها أن تعرف مسبقا كيفية ألتهاب عواطفها , بمجرد النظر أليه , أرتعشت فورا عندما شاهدت أصابعه الممسكة بالمقود , رفعت رأسها نحو وجهه , فلم يبد منظره الجانبي أقل غطرسة وعنجهية . أنف قوي متناسق , ملامح قاسية , وذقن لا يعرف معنى الرقة والنعومة .

نيو فراولة 23-10-10 06:08 PM

لاحظت لأول مرة الخطين البارزين , اللذين يمتدان من أسفل أنفه حتى حافة فمه . هل يدلان هذان الخطان عادة على طبيعة مرحة تحب الأبتسام والضحك ؟ تساءلت بأستغراب عن سبب عدم ملاحظتها في وجه قاس كوجهه , ام لأنها لم تربط مرة بين أندريه والضحك ؟ سمعته يضحك مرتين أو ثلاث ولكن بصوت منخفض ... وبتلك الطريقة المثيرة التي تضج سحرا واغراء . شاهدت عينيه مرات عديدة تلمع بمرح ساخر وسرور خبيث, ولكن خطي المرح اللذين يحيطان بفمه يوحيان بحبه الحقيقي للضحك والحياة .... مع أنها لم تسمع بعد الضحكة التي تأتي عادة مع وجود هذين الخطين . آه ! ربما كان يحتفظ بمثل هذه الضحكات النقية الصافية , والخالية من السخرية الاذعة والقساوة المؤلمة . لشخص آخر ...لامرأة معينة لا يشاركها ضحكاته فحسب , بل وايضا افكاره واحلامه .
منتدى ليلاس
لم تكن مستعده لهذا الخنجر الصغير . الذي أخترق ضلوعها وغاص حتى قلبها . تألمت وتعذبت بشكل أذهلها وصعقها , فأرغمت نفسها بصعوبة بالغة على أبعاد نظراتها عنه وتحويلها الى النافذه . ولكن المناظر الطبيعية الخلابة فقدت بعض سحرها وجمالها , وبدت حزينة ... مثلها الى حد ما .
سرها أن أندريه كونورز ليس قادرا على مشاهدة الدموع المترقرقة في عينيها . انه يجمع في ذاته كافة الصفات السيئة التي تكرهها وتحتقرها في الرجال, وآخر شيء تريده الآن هو أطلاعه على مدى قدرته على ايلامها .
طوال الساعه الماضية كانت تتمتع بالرحلة وجمال الطبيعة الى درجة كبيرة , اما الآن فلم تعد ترغب ألا في الوصول بأسرع وقت ممكن .أنها بحاجة الى جون , والى الأمان والسعادة وراحة البال التي لا يمكن لأحد غيره منحها أياها . وفي غضون ذلك , ستظهر لأندريه أن رجولته الساحره وجاذبيته الهدامة لا تعنيان لها شيئا على الاطلاق .
تطلعت نحوه ثانية , وكانت هذه المرة شامخة الرأس وهادئة الاعصاب . سألته بصوت حاولت أظهاره عاديا ألى أبعد الحدود :
" متى سنصل الى حوض التماسيح ؟".
" بعد ساعة تقريبا " .
ذلك المرح الساخر في لهجته ونبرة صوته ! تجاوز الشاحنة الاخرى في تلك اللحظة بالذات , ثم أستدار نحوها وحدق بعينيها .أحست أنه كان يقرأ افكارها ! لا , لا يمكن .... مستحيل ! ولكن هذا الشعور لم يفارقها . فسألته :
" هل لا نزال بعيدين الى هذه الدرجة ؟".
تأمل بريق عينيها وأحمرار وجهها , ثم قال لها :
" تصورت انك تتمتعين بالمناظر الطبيعية " .
" كنت ... اعني أنني ... أتمتع بها . الريف جميل للغاية " .
أبتسم لها بهدوء , فاحست بشعورة غريب ! ماهي الخصائص الفذة التي يتمتع بها هذا الرجل , لتجعلها تشعر أمامه وكأنها فتاة صغيرة وضعيفة ؟
" انه جميل حقا " .
منتدى ليلاس
لاحظت مجددا أنه يهزأ منها , وراحت تفكر بأنجح طريقة لاستعادة سيطرتها على الوضع القائم بينهما, ولكنه لم يمنحها الوقت الكافي , اذ سألها بصوت هادئ :
" متى شاهدت جون لأخر مرة ؟".
نظرت أليه بشيء من القلق. لأن تلك النبرة الغريبة في صوته أزعجتها ... على الرغم من كون السؤال بحد ذاته عاديا وبريئا قالت له :
" قبل عام مضى " .
" ومنذ متى خطبتما الى بعضكما ؟".
" رسميا ... منذ سنتين , ولكننا كنا نعرف دائما اننا سنتزوج , لماذا تسأل ؟".
" لقد أنتظرتما فترة طويلة للغالية , فأستغربت أقدامك على المجيء الآن .... وبدون أطلاع جون على مثل هذا القرار الجدي " .
" هل تحاول الايحاء بشيء معين ؟".
" لماذا لم تخبري جون بانك آتية ؟".
" أردتها مفاجأة سارة له . "
" ألم تكوني خائفة من أنه قد يرفض مجيئك , فيما لو عرف بالامر مسبقا ؟".

نيو فراولة 23-10-10 06:28 PM


ثارت ثائرتها بسبب البرودة المتعمدة في لهجته , فنسيت قرارها بالبقاء هادئة الأعصاب والتصرف بحكمة ونضوج . قالت له بحدة :
" خائفة ؟ من جون ؟ لا يمكن ! لماذا هذا الحقد كله , يا أندريه كونورز ؟".
مسحت دمعتين تدحرجتا رغما عنها على وجنتيها وأضافت :
" لماذا هذا الأيحاء الصريح بأن جون لا يريدني ؟".
" قليلا من الهدوء ".
ردت على جملته الأمرة ... الناعمة, بعصبية :
" كيف يمكنني أن أكون هادئة , وأنا لم اسمع منك منذ ألتقينا ألا الأهانات والكلمات القاسية الجارحة ؟ أنا وجون مخطوبان, وهو يحبني ويريدني معه " .
لم يتأثر بانفعالها وعاد يسألها ببرودة مزعجة :
" لماذا تحضرين الأن بالذات , يا سالي , وبدون أطلاعه مسبقا على رغبتك هذه ؟".
أرتاحت أعصابها قليلا لمجرد سماع أسمها , عوضا عن تلك التسمية المقيته ... الهرة الشرسة . أجابته بصوت حزين مرتبك :
" شعرت أنه قد يكون مريضا ... رسائله .... في الفترة الأخيرة ... لم تكن كلماته توحي ... بالأرتياح . من المؤكد أنه بحاجه اليّ . هل هو ... مريض ؟".
" أنه يتمتع بصحة جيدة , حسبما أعرف " .
ها هو يستخدم ثانية هذه اللهجة الأيحائية الغامضة التي تزعجها وتثير أعصابها.
منتدى ليلاس
قالت له ببطء شديد :
" أنت تعتقد , على ما يبدو , أن جون لا يريدني " .
توقعت منه جوابا غاضبا وساخرا , ولكنه أدهشها جدا عندما سألها بصوت رقيق للغاية:
مستخدماأسمها الأول للمرة الثانية خلال دقائق :
" هل فكرت يا سالي , انه قد تكون لجون مخططات اخرى ؟".
حدقت فيه مذهولة , وغير قادرة على تصديق ما سمعته أذناها .تعرفه منذ البداية متغطرسا جدا وقاسيا لا يشفق أو يرحم , ولكنها لم تكن لتتصور أبدا أنه يكرهها ألى درجة تدفعه لمحاولة اذلالها بشتى الاساليب والوسائل . قالت له بلهجة حادة ومفعمة بالاحتقار والازدراء :
" لا ! لا , لم أفكر بمثل هذه المسألة ولو للحظة واحده . أنا أحب جون وأثق به , وهذا هو جوهر علاقتنا منذ أيام الطفولة " .
ثم نظرت اليه بتحد صارخ :
"أنها علاقة لا يمكنك فهمها أو تقديرها يا أندريه كونورز , أنت شخص معتد مغرور لا تحب أحدا أو تثق بأحد , ألا نفسك " .
أبتسم برقة أذهلتها وسألها :
" هل تعرفينني ألى هذه الدرجة ؟".
أنتظرت لحظة لتتأكد من وصول النصل السام الى نحره , ثم مضت ألى القول :
"أما بالنسبة لجون , فأرجو من صميم قلبي ان تكون أجابتي المتعلقة به كافية للرد على تساؤلاتك وحب الأستطلاع لديك " .
هز منكبيه العريضين بكثير من اللامبالاة , ولكن نظراته التي وجهها اليها بشكل عابر أوحت بأشياء لم تفهمها .... ولم تشهدها من قبل . الشفقة ؟ لا , لا يمكن ! التعاطف ؟ ربما ! ربما يشعر بتعاطف معها , ظنا منه أنها فتاة مدللة غير قادرة على التأقلم مع حياة العزلة والبساطة . ألا يمكن أيضا انه متعاطف مع جون , لأنه يكرهها ويعتبرها زوجة غير صالحة لصديقه ؟ التعاطف مع جون ... هذا هو السبب لتصرفاته العدائية تجاهها .
" أنت تعتقد أنني لست الزوجة الملائمة لجون , أليس كذلك ؟".
" صحيح " .
حصلت سالي على الجواب الذي كانت تتوقعه من أندريه كونورز , مع أن النبرة الجافة والحاسمة في صوته أزعجتها وضايقتها الى درجة كبيرة . قررت ألا تمضي قدما في هذا الحوار المثير للاعصاب , ولكن شعورا خفيا أرغمها على توجيه السؤال التالي :
" هل تعتقد أنني غير قادرة على تحمل قساوة العيش في مثل هذه المناطق ؟".
" لا يمكن لكثير من النساء تحمل هذه الحياة " .
احست بمرارة شديدة في لهجته , فقررت متابعة الهجوم , رفعت رأسها بعزة وافتخار, وقالت :
"ربما اكون مختلفة ".
" أنت أفضل من معظمهن , من حيث الشجاعه والتصميم وقوة الارادة " .

نيو فراولة 23-10-10 09:24 PM

ألا يمكنه التحدث اليها , ألا بهذه السخرية اللاذعة . قررت الرد عليه بقساوة مماثلة , ولكنه سبقها ألى الكلام قائلا بلهجة أكثر صدقا وجدية :
" يتطلب العيش في مثل مناطق الأدغال والغابات , قدرات فريدة ونادرة من أكثرية النساء . لا تدعي الحماس وحب المغامرة يخدعانك , يا سالي . ستجدين خلال فترة قصيرة جدا أنك تتحرقين شوقا لأضواء المدينة ورفاهيتها " .
" أنت مخطئ في تقديرك لي , وسوف أثبت لك ذلك " .
نظر أليها مجددا , فلاحظت ذلك الشعور بالشفقة . قال لها :
" هل ستتمكنين من ذلك ؟ أنا أعتقد العكس , ولكن كلامي لا يؤثر فيك أطلاقا . ستقتحمين أماكن قد لا يكون وجودك فيها مرغوبا , وستصرين على أرتكاب أخطاء يمكنك تجنبها وتفاديها . وسوف تشعرين بوقع المفاجأة المرة , عندما ينتهي بك المطاف محطمة القلب مهشمة الفؤاد .
تأملته بذهول شديد , وغضب عارم . لم يعد خافيا عليها أنه يريد تعذيبها وأيلامها , وان عليها تحصين نفسها في وجه سهامه الغادرة . ومع ذلك فهو لا يزال قاردا على أصابتها بجراح بالغة .... كلما قرر مهاجمتها . سترد له الصاع صاعين ...
" مهما سيحدث لي , يا أندريه كونورز , فلن أستنجد بك وأبكي على كتفيك !".
ها هي تسجل نقطة لصالحها ..... تربح معركة في حربها الضروس معه . أعجبها تلبد وجهه بملامح الأنفعال والأستياء , فالسهم الذي أطلقته أصاب مرماه .أدارت وجهها عنه , اذ لم يعد هناك على ما يبدو أي مجال أو ضرورة لحديثهما المشبع بالحقد والكراهية .
منتدى ليلاس
كانت تشتعل غضبا وتشعر بتوتر هائل في أعصابها , على الرغم من قرارها عدم أفساح المجال أمام عنجهيته وأعتداده بنفسه لأزعاجها أو التأثير عليها , كيف يجرؤ هذا اللعين على التحدث أليها بهذه الطريقة ؟ كيف يجرؤ على الأيحاء بأن جون لا يكون راغبا في حضورها أليه ....
وهو الذي يخطط منذ سنوات لزواجهما المرتقب .
أوه ! الآن عرفت السر الحقيقي الكامن وراء تصرفات أندريه كونورز أتجاهها ! لاشك في أن أحدى النساء آذته ألى درجة كبيرة في فترة ما من ماضية ... وأنه بدا يعامل جميع بنات جنسها بهذه العنجهية والمرارة نتيجة ذلك .
عاد الهدوء تدريجيا ألى أعصابها , فأخذت تتأمل بأرتياح الطبيعه ومناظرها الخلابة . بدت الطريق الترابية , وكأنها الحد الفاصل بين الاراضي المزروعه ... ومناطق الغابات والادغال .
أرتعشت فرحا وسرورا , فقد أحست بالغريزة أنها أقتربت من حوض التماسيح ... وخطيبها . نسيت تعاليها , فأستدارت نحو أندريه بصورة عفوية وسألته بشيء من اللهفة والحماسة :
" هل وصلنا الى حوض التماسيح ؟".
وجه اليها نظرات خالية من الغضب والتهكم , وقال لها بصوت هادئ .... وكانه نسي كلماتها القاسية :
" لا . ولكنها منطقة مماثلة . سنمر على بضع مناطق لتجمعات الحيوانات البرية , ومنها الحديقة الوطنية التي تضم أفضل وأكبر مجموعة من هذه الحيوانات النادرة .
آه , هذا هو المكان الذي كان يحلم جون بالعمل فيه ... ولكن العرض الخاص بحوض التماسيح كان سخيا للغاية فلم يتمكن من رفضه .وتساءلت سالي ضمنا عما اذا كانت ستفضل الحياة في هذه المنطقة التي تعج بالعمال والموظفين والسياح , على العيش في حوض التماسيح البعيدة النائية ! لا , لن تهمها الوحدة والعزلة في حوض التماسيح , طالما أنها ستكون مع جون , هذه هي الحياة التي أختارتها .....وهذه هي الحياة التي ستقبل بها وتتأقل معها . ستعتاد عليها بالرغم من مصاعبها وقساوتها وأخطارها , فهي الحياة التي يحلم بها جون منذ صغره .
شاهدت فجأة مجموعة من الغزلان تقفز وتلعب في فسحة كبيرة بين الاشجار , فحرك المنظر الجميل في نفسها مشاعر السكينة وحب الطبيعة . هتفت بارتياح واضح, وبطريقة عفوية صادقة :
" اوه , كم هي رائعة !".
وجه أليها مجددا تلك النظرات, التي تجعلها تشعر بأنها صغيرة ... وسطحية ألى حد ما وأكتفى بالقول انها حيوانات جميلة . لماذا يحاول هذا الرجل أستغلال كل فرصة تتاح له , ليحط من قدرها ويؤذيها ... وبمثل هذه السلبية التي لا تطاق ؟ أحست بأنها على وشك توجيه ملاحظة سخيفة , فحاولت خنقها في المهد ...ولكنها فشلت , دفعتها قوة غامضة الى القول :
" انا متاكده من انك تفضل الاسود , فقساوتها تعجبك وزئيرها اغنية رقيقة تدغدغ اذنية واحاسيسك .
ابتسم وقال :
- انت ذكية جدا لكي تتمكني خلال يومين فقط من معرفة خبايا نفسي وافكاري الى هذه الدرجة . تصوري كم ستبلغ معرفتك لي بعد اسبوع !

نيو فراولة 23-10-10 09:31 PM


لعنت سالي الأحمرار الذي ضج في خديها , وردت عليه بسخرية مماثلة :
" يكفيني تماما ما أعرفه عنك حتى الآن , يا أندريه كونورز " .
نظر أليها بطريقة كادت تجمد الدماء الحارة في عروقها , وسألها ببرودة اثارت سخطها وحنقها :
" هل انت متاكده من ذلك ؟".
لن تجيبه هذه المرة , لأنه سيحطمها ! زمت شفتيها بعصبية بالغة وأبعدت وجهها عنه بتمرد واضح . سمعت ضحكة خفيفة وراءها, توحي بأن سائق الشاحنه شعر برد فعلها وأدرك ما يجول في عقلها وتفكيرها . ما بالها تعود ألى تلك الافكار السخيفة الغبية ,وتتخيل هذا الرجل اللعين طبيبا نفسيا أو خبيرا في علم الفراسة ؟ أنه لا يستحق أبدا هذه المواصفات , وليس لديه الذكاء الكافي للتمتع بهذه الصفات والمزايا, ولكنها ... تشعر بقوة شخصيته ... وتأثيره عليها , حتى على الرغم من ألتصاق عينيها بالنافذه القريبة منها . كيف يمكنها تحصين نفسها ومشاعرها في وجه هذا الرجل ... الرجل ؟
ناشدته صامته أن يوصلها ألى حوض التماسيح ... وأن يدعها وشأنها . صرخ عقلها :
" أبتعد عني وعن حياتي . لا أريدك قربي ... جسما أو فكرا أو عاطفة " .
هل تريد ذلك حقا ؟ أنها ليست متأكدة على الأطلاق ! تبا لها ... ولعواطفها المجنونة , وتبا لهذا الرجل الذي يعذبها ويؤذيها ... ويجعلها تتمتع احيانا بأمور لم تكن تتصورها !

نيو فراولة 23-10-10 09:47 PM

6- سأنساك ألى الأبد
" سالي . . .".
لو ناداها الهرة الشرسة ، لكانت تجاهلته . ولكن صوته حمل نبرة معينة حثتها على النظر نحوه والإصغاء إليه . أشار إلى يمينها ، وقال :
" هناك ! هل ترينها ؟".
" ما هي ! أين ؟".
مرت لحظات وجيزة ، قبل أن تشاهد مجموعة كبيرة من النقاط السوداء تتحرك على علو شاهق . سألته مرة أخرى :
" عصافير ؟.
" عقبان . "
كانت تعرف أهمية طيور الجيف هذه ، فقالت :
" اوه ! هل تنتظر ضحايا جديدة ؟ تنتهي الأسود من أشباع بطونها ، فيأتي دور العقبان " .
" لقد علمك جون جيداً " .
ثم ألتفت نحوها ، وأضاف قائلاً بلهجة تحمل شيئاً من التهديد والوعيد :
" هل تعلمين أنها تهاجم أيضاً الصغار والمستضعفين ؟".
لم تجبه ، إذ لا حاجة للأجابة على مثل هذا السؤال . ولكن جسمها أرتجف خوفاً ، وأحست بأن أندريه لا يعني فقط الحيوانات الصغيرة الضعيفة . هل يحتمل بأنه يوحي بأمكانية أقدام عقاب على مهاجمة شابة راشدة قوية مثلها ؟ لا ، هذا غير ممكن إطلاًقاً ! ومع ذلك ... فكلماته تحذيرية مزعجة ، تزيد من رغبتها في الوصول إلى حوض التماسيح ، بأسرع وقت ممكن .
وفجأة ...ظهرت أمامها الكلمتان اللتان تنتظرهما بفارغ الصبر .حوض التماسيح!
منتدى ليلاس
تأملت بسرور بالغ الكوخ الجميل ، المبني من خشب الصنوبر ، والزهر الأحمر الرائع الذي
يغطي جدرانه . وما أن أوقف أندريه الشاحنة أمام الكوخ ، حتى فتح الباب رجل بادر إلى ألقاء
التحية بمودة وحرارة ، اوه ، لا شك في أن أندريه زائر مألوف ويحظى بمحبة الناس هنا واحترامهم .
تبادل الرجلان بضع كلمات ، ثم ...عادت عجلات الشاحنة ألى الدوران . ثمة أسئلة كثيرة تريد توجيهها إلى هذا الرجل ، ولكنها سئمت من التعرض للأذلال والردود الساخرة والقاسية .
وعلى الرغم من ذلك ، فقد جازفت بالنظر أليه ، قال لها بلهجة رقيقة ناعمة ، لم تكن تتوقعها :
" يقع المخيم على بعد حوالي ثمانية كيلومترات " .
لم تزعجها كلماته هذه المرة . بدا وكأنه يتوقع صدمة قاسية لها ... ويستعد لمساعدتها .أمتنعت عن التعليق على كلامه ، وأدارت وجهها عنه .....حزينة متألمة . ها هي تفسح له المجال مجدداً ، ليتمكن من التأثير عليها ..... حتى أن أبسط ملاحظاته تأخذ أحجاماً أكبر بكثير مما تستحقة .
ماهو هذا السر الغامض ، وكيف يمكنها تفسيره أو تحليله ؟ لماذا يقدر رجل تكرهه وتحتقره ، أن يؤثر عليها بهذه الطريقة المذهلة ؟
مهما كان السبب ، فسوف يصبح قريباً أمراً منسياً لأ أهمية له على الإطلاق . لن يتمكن أندريه بعد الآن من التسلل إلى عقلها وأفكارها ! ستطردة ، حتى من أحلامها ! سوف تركز كل اهتمامها وأنتباهها وتفكيرها على جون ، وزواجها المرتقب ، واستقرارهما في بيت جديد وحياة جديدة.
ستصل بعد دقائق إلى خطيبها .....كم هي سعيدة بقرب انتهاء هذه الرحلة ...رحلة العذاب والألم .... والأحاسيس المجنونة ! ستصل بعد قليل ...وتنساه ألى الأبد !
أرتعشت يداها فجأة ، وشعرت بألم يعصر قلبها .لماذا كل هذه المحاولات الجادة لأقناع نفسها بهذا الأمر ؟ لماذا تتمنى عدم أنتهاء هذه الرحلة ؟ اللعنة على العواطف الخفية والأحاسيس الغامضة! ألا يمكنها طرد هذه الأفكار المجنونة ؟ لماذا لا تحاول تركيز أهتمامها على الغزلان التي تسرح وتمرح في هذه البراري ، أو حتى على تلك العقبان التي تحوم فوق أحدى التلال القريبة ؟
لمحت زرافة ، فأوقف أندريه الشاحنة كي تتمكن من رؤيتها عن كثب . أخذتها بادرته الطيبة على حين غرة ، إذ لم يظهر في تصرفاته معها حتى الآن أي نوع من الأهتمام الحقيقي بها أو برغباتها . وجهت أليه أبتسامة شكر على هذه الخطوة الأيجابية النادرة ، ولكنها لم تتوقع منه أن يرد على أبتسامتها بالمثل .....فهذا الأمر ليس من طبيعة الرجل المتعجرف الذي يجلس قربها . إلا أنها لم تكن تنتظر أيضاً تلك النظرة المجهرية الفاحصة ، التي جعلتها تشعر بضعفها أمامه .. . . أغمضت عينيها ، وأبعدت وجهها بسرعة عن الزرافة الجميلة .
لو كانت الظروف عادية ، لظلت تتأمل هذا الحيوان الجميل فترة طويلة . ولكن المنظر الرائع فقد رونقة وبهجته ، وحلت الدموع الحارة محل نظرات الإعجاب والأرتياح . آه من هذه العاطفة التي أشتعلت فجأة في احشائها .....الرغبة في البقاء معه .

ايمااان 23-10-10 10:58 PM

روووووووعه

خقق بجد

ننتظر البقيه بكل حمااس

:55:

:rdd12zp1:

نيو فراولة 24-10-10 12:09 PM

أرتاحت قليلاُ عندما عادت الشاحنة الكبيرة ألى التحرك ، ولكن توتر أعصابها لا يزال على أشده . هل يحتمل أنه لا يشعر بهذا التوتر ؟ ألا يعقل أن يكون هذا الشعور بالأنفعال والتشنج مقتصراً على أفكارها ...وخيالها ؟ صرخ بها عقلها ، مطالباً اياها بالتعقل ..وبطرد هذه الأفكار الشريرة . ستصل بعد قليل ألى المخيم ، وعليها التأكد مسبقاُ من عدم قدرة جون على اكتشاف ما يجول في خاطرها من أفكار سوداء . كيف سيكون رد فعله إذا علم بمدى تأثير رجل آخر ، وألى هذه الدرجة المذهلة ، على خطيبته التي سيتزوجها خلال أيام معدودة ؟ ألن يشعر بصدمة رهيبة ، إذا تبين له أن مجرد وجود أندريه كونورز قربها ..يحرقها ويذيبها ؟
حللت الموضوع بموضوعية وعقلانية ، فلم تجد أي سبب لتخريب الصداقة بين جون وأندريه .
من المؤكد أن لهذا الرجل اللعين القوة والقدرة على أثارتها ، ولكن ذلك يقتصر على الناحية العاطفية . ألتقته قبل يومين فقط، إلا أن تسللها ألى شاحنته هو الذي أشعل الفتيل . هل كان ممكناً تصور كافة هذه الأحداث المتلاحقة ؟ هل كانت تتخيل قبلاً مدى أمكانية تجاوبها مع رجل كأندريه كونورز ..أو أي رجل على الإطلاق ؟
منتدى ليلاس
ولكن رحلة المصير بدأت تشرف على نهايتها ! ولولأ تحديد السرعة القصوى في هذه المناطق بخمسة وثلاثين كيلومتراً في الساعة ، لكانت الآن مع جون تنعم بحبه وحنانه ... بعيداً عن هذا الشرير . ستركز أهتمامها على المستقبل الذي ينتظرها وخطيبها ، وسوف تزول بالتالي ذكريات هذه الرحلة المشؤومة .... وتفاصيلها وحتى لو ألتقت أندريه مستقبلاً وفي مناسبات اجتماعية ،
فأنها ستتصرف معه بطريقة طبيعية للغاية .....ولن تدع جاذبيته تؤثر فيها أو تهمها . وأذا أشارا إلى الرحلة من قريب أو من بعيد ، فسوف يفعلان ذلك بروح مرحة .... وعلى سيبل الترفية والتسلية . لن تكون هناك ذكريات أليمة حزينة ، أو أحلام مزعجة ....حتى أحلام يقظة .
لا تحدث هذه الأمور عادة ألا مع الذين يحبون.... ..فيكف يمكنها هي بالذات الوقوع بحب رجل تحتقر جميع صفاته وتصرفاته !
تحليل منطقي ! أذن ، فلماذا العذاب والألم ؟ ظهر المخيم المنشود في فسحة من الارض تشرف على النهر . كانت صغيرة جداً عندما زرات الحديقة الوطنية ، ولكن بعض الذكريات القليلة لا تزال عالقة في ذهنها . قرأت مرات عديدة وصف جون التفصيلي لمخيم حوض التماسيح ، فصورته في عقلها على شاكلة المخيمين اللذين أقامت فيهما مع والديها عندما حضر الثلاثة لتمضية أسبوعين في أدغال أفريقيا . تخيلته مجموعة من القرى الصغيرة ، تضم مخزناً ومطعماً ومرآيا للسيارات . توقعت أن يكون مخيم حوض التماسيح آخر موقع للمدينة في هذه المناطق النائية !
تطلعت حولها بما يشبه الصدمة ، وأخذت تتأمل بذهول رهيب المكان الذي سيصبح بيتها ....
وقد تضطر للعيش فيه طوال عمرها . كانت تنتظر مخيماً صغيراً ....ولكن .....ليس إلى هذه الدرجة المزرية . شاهدت المبنى الأساسي ، فأعجبها إلى حد ما شكله المستطيل الجميل ونوافذه الكبيرة ... التي تراقب منها الحيوانات عندما تقصد النهر القريب للشرب أو الأغتسال ، أنه
بالتأكيد مخصص للسياح الذين يقصدون هذا المكان . لم يكن حوله أو قريباً منه إلا ثلاثة بيوت أصغر حجماً ، لا بد وأن يكون احدهما مخصصاً للأعمال الأدراية ..والثاني لنوم العمال ..والثالث ......
لا ، لم تتوقع عزلة مرعبة كهذه ! هي المخطئة في تصويرها مخيم حوض التماسيح كنسخة مصغرة عن المخيمين الآخرين ، اللذين زارتهما منذ سنوات عديدة . لم يحاول جون أبداً حملها على الأعتقاد بأن مخيمه يختلف عما هو عليه الآن ، وبأن الحياة ستكون أقل صعوبة مما تبدو لها في هذه اللحظات . لم يرغمها أحد على الحضور ، ولم يخدعها جون بأتخاذه قرارات مفاجئة . كانت تعرف تماماً أن هذا هو الخط الذي اختاره لنفسه منذ الصغر ، ونه لم يكن لديها أي مانع أو أعتراض على ذلك . حضرت بملء أرادتها ، وبناء على تصميم سابق ، لأنها تحب جون ولا يمكنها تحمل الحياة وهي بعيدة عنه .وأذا كانت لهذه الوحدة أو العزلة سيئات كثيرة ، فحسنتها الوحيدة تمحو جميع سلبياتها وعيوبها ، ستعمق العلاقة القائمة بينهما ، وتجعلها أكثر متأنة وديمومة .
أ

نيو فراولة 24-10-10 12:27 PM

أحست بأن أندريه يحدق بها ، فرفعت رأسها نحوه لتقابل نظراته .كان يتأملها بطريقة حنونة توحي بالتعاطف معها .. ..وكأنه شعر بصدمتها وانقباض نفسها . سارعت لأفهامه بأنه واهم في تفكيره وتصوراته ، فسـألته ببهجة وهي تشير ألى الكوخ الصغير الذي صنع سقفه من القش :
" هل هذه هو المكان المخصص لإقامة جــون ؟".
" نعــم".
" إذن .....".
ترددت لحظة ، ثم أضافت :
" سأنزل أمتعتي وأضعها هناك " .
لم تخبره أن معنوياتها أصبحت في الحضيض بسبب الصدمة المزدوجة ، لأنه سيسخر منها ويودعها بمثل ما أستقبلها من عنجهية وأذلال . يا لسخافتها وجهلها ! أنتظرت أن يهرع جون لأستقبالها ، لترتاح قليلاً .....وتثبت لهذا الوغد فداحة الخطأ الذي أرتبكه عندما أوحى لها بأن خطيبها لا يريدها . ولكن .....كيف يمكنها توقع ذلك ، وهذا هو وقت العمل بالنسبة ألى جون ؟
مدت يدها نحو أندريه ، وقالت :
" أشكرك جداً لأنك أوصلتني ألى هنا . سيكون جون أيضاً ممتناً لك " .
منتدى ليلاس
لم يصافح أندريه اليد التي مدتها نحوه بصدق وأخلاص ، فأعادتها ألى مكانها وهي تشعر بالمذلة والأهانة . لاحظت أنه لا يزال يتأملها ، ولكن بطريقة مختلفة . لو كان هذا الرجل أي شخص آخر غير أندريه كونورز ، لأعتبرت هذه النظرات دليلاً على الرضى .....أو حتى الأعجاب ,ألا أنه ليس شخصا آخر , وبالتالي فهو لا يعرف كلمة أعجاب أو معناها . في أي حال ، كيف تسمح لنفسها بتوقع الأعجاب من رجلا لا ينظر أليها ألا بأحتقار وشماتة ؟ أبعدت نظراتها عنه كيلا يكتشف مشاعرها أ و يقرأ أفكارها ، وقالت له بلهجة حاولت أظهارها عاديةألى أبعد الحدود :
" سأنزل امتعتي " .
همت بفتح الباب ، فمنعها قائلاُ :
" لنعرف أولا ً أين هو جون " .
أرادت مطالبته بعدم الأهتمام بها وبشؤونها الخاصة ، لأنها قدارة تماماً على معالجة أمورها بنفسها . ولكن عزلة المخيم الرهيبة منعتها من ذلك ، وحملتها على السير معه نحو ذلك الكوخ الصغير . وجدا الباب مفتوحاً ، فتن أندريه جانباً ليدعها تدخل قبله .
يا لسخرية الأقدار ! هذه هي اللحظة التي تحلم بها منذ فترة طويلة.. .. لحظة عبورها ألى بيتها الزوجي . كانت تمضي لياليها بكاملها ، وهي تتصور اللقاء الرائع وترسم تفاصيله السعيدة في مخيلتها . دهشة جون ، فرحته العارمة ، استعجاله بالذهاب إلى أقرب رجل دين لمباركة زواجهما ، وعودتهما على جناح السرعة إلى جنة الأحلام والسعادة ، كان سيحملها بين ذراعيه ، ويعبر بها عتبة بيت المستقبل بحب وحنان . تباً لهذه الظروف !
فعوضاً عن أن تكون الآن مع جون ، تجد نفسها واقفه قرب رجل غريب يتفجر رجولة وجاذبيه .
وبدلاً من أن تبدأ منذ هذه اللحظات بنسيانه وتركيز أهتمامها على بيتها الزوجي هاهي تشعر مرة أخرى بتلك النار المتأججه في داخلها... .. بماذا يقيدها هذا الرجل ، ويكف يتمكن من أزعاجها على هذا الشكل ؟ أستدارت نحوه لتعرف ردّ فعله على مشاعرها ، فلم تشاهد في نظراته أو تعابير وجهه ما يشير إلى أنه مهتم بما يجول في راسها من أفكار متصارعه وآراء متضاربة .
تعمدت ألهاء نفسها بالتطلع حولها ، علّها تجد في هذا البيت الصغير السلوى والعزاء ...
منتدى ليلاس
والقليل من راحة البال . لاحظت وجود غرفتين ، فدخلتهما الواحدة تلو الأخرى ،أعجبتها نظافتهما ، ولكن الفوضى ......آه ما أروع هذه الفوضى ، لأنها ذكرتها به .... ونقلتها من الخيال ألى الواقع ، ومن مجرد التصور ألى الحقيقة الثابته . أوه ، كم تحبه ! كادت تنسى كل شيء خلال اليومين الماضيين ، بسبب هذا العملاق المتعجرف ....أندريه كونورز ! ولكن وجودها الآن في بيت جون ....في بيتها أيضاُ، جعلها تدرك فجأة مدى تعلقها بخطيبها وشوقها أليه . تقزم أندريه أمامها ، فابتسمت بأرتياح وقالت :
" يمكنك أن تتركي الآن . سأنتظر جون هنا لحين عودته " .
"سأتركك عندما أجد الفرصة مناسبة لذلك " .
غادر الكوخ الصغير ليبحث على مايبدو عن جون أو أحد الرجل الذين يعملون معه .أراحها غيابه المؤقت قليلاً ، فقررت ألقاء نظرة هادئة على بيتها الزوجي . كوخ صغير يضم غرفيتن فقط ، وليس فيه إلا المفروشات الأساسية والضرورية... .. لايناسب إلا عازباً ليست لديه متطلبات كثيرة ومتعددة .

نيو فراولة 24-10-10 04:29 PM

تساءلت للمرة الأولى بجدية عما إذا كان وصولها هكذا بشكل مفاجئ ، خطوة حكيمة أو عاقلة ،
أليس من المحتمل أن جون يخطط لبناء بيت كبير لهما ، قبل أقدامهما على الزواج ؟ربما ... ولكن صغر هذا المكان لن يشكل عائقاً في وجه سعادتهما . ستحوله إلى بيت حقيقي .....
ستطلب كمية كبيرة من الأقمشة الجيدة لأعداد ستائر جديدة ، ستضع سجاد ملونة على الارض ، وستستبدل السرير الصغير بآخر مزدوج . أما في غضون ذلك .....ماذا يهمها أكثر من الزواج ، والعيش معاً بسعادة وهناء !
ولكن العزلة القاتلة ....آه منها ! أنها المشكلة الكبرى ! ماذا ستفعل طوال النهار ، أثناء وجود جون في العمل ؟ ستنتظر عودته على أحر من الجمر ، وستعوض أثناء الليل عما يفوتها خلال النهار ! ماذا عن الآن ؟ هل تبدأ بإفراغ حقيبتها وكيسها ؟ سمعت حركة قرب الباب ، فألتفتت بسرعة لتشاهد رجلاً طويل القامة عريض المنكبين ....يتأملها بتمعن وإغراء .سألته بلهفة :
" هل وجدت جون ؟".
منتدى ليلاس
" لا ، ولكني أعرف مكان وجوده . "
أفزعتها البرودة الجافة في نبرة صوته ، ولكنها سيطرت على أعصابها ، وقالت :
" عظيم ، رائع ! إذن .....الوداع ، يا أندريه " .
" لا ، يبدو أنني مضطر لأبقائك معي فترة إضافية " .
" مـاذا ؟".
" ستأتين معي " .
حدّقت به مذهولة ....لا تصدق عينيها أو أذنيها ، ولم تعد تسمع سوى نبضات قلبها ،
وأنفاسها المتقطعة .سألته بصوت مرتجف :
" هل ......هل حدث شيء ......لجون ؟".
" لا ، إنه يقوم برحلة تفقديه أستطلاعية " .
تنفست الصعداء ، ثم تنهدت وقالت :
"أوه ........، لا بأس إذن . سأنتظره هنا لحين عودته " .
" لن يعود هذه الليلة . هيا ، يا سالي ، تحركي " .
" هل ستأخذني إلى فندق ؟".
بدأ أندريه ، وكأنه متضايق من تصرفات هذه الفتاة الصغيرة . نظر إليها وقد عيل صبره ، ثم قال بمزيج من الحدة والسخرية :
" فندق ! سآخذك إلى مزرعتي " .
" لا ! لا ،لن أذهب معك!".
" بل ستأتين يا صغيرتي " .
أن لم يكن معتاداً من قبل على العصيان والتمرد ، فهذا ما ستفعله معه الآن . رفعت رأسها بعنفوان بالغ ، وقالت :
" لا يمكنك ارغامي على ذلك . "
" متأكـدة " .
كان صوته ناعما! .....ولكن اليدين اللتين أنقضتا بسرعة رهيبة على ذراعيها وأمسكتا بهما ، كانتا بعيدتين كل البعد عن الرقة والحنان والشفقة .جذبها نحوه كفراشة صغيرة ، وبدون أ ي عناء أو كلل وقال لها :
" ستفعلين ما أقوله لك ".
حاولت عبثاً التملص منه ، وهي تقول بصوت مرتعش :
"لا ! لا أقدر على ذلك!".
" يا لك من مزيج غريب عجيب ، لا يهلك أبداً التسلل ألى شاحنة أنسان لا تعرفينه .....وبعد ساعات طويلة معه . تتراجعين بغضب عارم لمجرد التفكير لتمضية ليلة واحدة داخل منزله ".
همست بصوت يفيض كرهاً وحقداً :
" لماذا تتحدث بمثل هذه البشاعة عن كل شيء ؟ أنك أخبث وأحط انسان عرفته في حياتي !".
منتدى ليلاس
" وأنت بالتأكيد أكثر الناس سخافة وغباء . "
"أعتقد أنني تصرفت بغباء ، ولكني لست مضطرة أبداً لزيادة الأمور سوء ا". !
" صحيح ، ولهذا فعليك أخذ امتعتك والتوقف عن أضاعة وقتي " .
هزت رأسها بعزة وأباء قائلة :
"لن أتحرك من هنا شبراً وحدا " .
" سأمنحك دقيقة واحدة لا غير " .
ماذا سيفعل فيها لو تحدته وتمردت عليه ؟أعجبتها الفكرة إلى حد ما ، فقالت له :
" لا يمكنك إرغامي على الذهاب معك !".
" هل ترمين قفاز التحدي والمبارزة في وجهي ؟".
ضمها نحوه بسهولة فائقة, على الرغم من محاولاتها الفاشلة للتملص منه ، ثم قال لها بلهجة ساخرة :
" استغرب إذا كانت لدى جون أي فكرة على الأطلاق عما سيواجهه معك ".

نيو فراولة 24-10-10 04:48 PM

لقسوته ..وتعجرفه ! أنه يعاقبها.... ويحاول أذلالها ....ليثبت لها من هو السيد المطاع !
ولكن قربها منه على هذا النحو . جعلها تنسى كرهها له .....وعندما أبعدها عنه قليلا , نظرت أليه كمتوسلة تطلب المزيد من الصدقة والأحسان , أحست بأن الدماء نبضت في عروقها . وحاولت دراسة وجهه والدخول إلى أعماق عقله وتفكيرة . ولكن قناعا غريبا أفشل محاولاتها ورد نظراتها على أعقابها . تطلعت ألى عينيه فلم تفهم منهما شيئاً . بسبب تلك البرودة الرهيبة التي تغطيهما . نظرت ألى فمه ، فرأته يتحرك بطريقة مرعبة .....وسمعت صوتاً ساخراً يخرج منه كخنجر حاد :
" أظن أنك أصبحت مستعدة الآن للذهاب ، أليس كذلك ؟".
ثارت ثأئرتها بشكل لم تعرف له مثيلا في اي وقت مضى ، واحست برغبة جامحة لتوجيه صفعة قاسية إليه . كيف يجرء على معاملتها هكذا ! كأنها قطة صغيرة لا حول لها .... يلعب بها ويغيظها متى شاء . ثم يرميها بلامبالاة .أنه يعرف بالتأكيد أن لديه القدرة على أغاظتها وأزعاجها . ويستغل هذه القدرة لتحطيمها .....لمعاقبتها على التسلل ألى شاحنته والتجرؤ على الحضور ألى شخص يعتقد أنها لا تناسبه . ستذيقة لأول مرة في حياته طعم الرفض والتحدي . قالت له بلهجة باردة :
" لا ! لا ، لن أذهب معك ! هل تظن أن هذا العرض الصغير التافه الذي قدمته لتوك ، سيغير موقفي ؟".
نظر إليها بعينين تشتعلان ناراً ، ثم اقترب منها مجدداً وقال :
" يبدو أنك تفضلين أساليب العنف ,ولكنك لا تعرفين تماماً ماذا تعرفين يا صغيرتي ".
منتدى ليلاس
فشلت جميع محاولاتها لمقاومته ، فهو يتمتع بقوة هائلة ، جرها إلى خارج الكوخ بطريقة تخلو من أي رقة أو شفقة ، ثم رماها داخل الشاحنة بعنف بالغ . قذف أمتعتها ألى الصندوق الكبير ، وقفز بسرعة إلى مكان السائق . أدارت وجهها عنه ، كيلا يرى الدموع الحارة التي تترقرق من عينيها . كانت دموع سخط وغضب ، وليس دموع ألم وأشفاق على الذات . أغضبتها قساوته ووحشيته .....وأغضبتها أكثر من ذلك نفسها ومشاعرها الضعيفة الخائنة . فمع أنها تكرهه بسبب معاملته الفظة والخشنة لها ، إلا أنها مطيعة وصاغرة له . لقد حدث لها شيء ما في اليومين الأخيرين ..... . شيء لا تعرفه أو تقدر على تخيله وتفسيره ....شيء تحتقر نفسها بسببه . ولكن ....لماذا هذا الضعف الشديد أمامه ؟
سألته بعد تجفيف دموعها وألتقاط أنفاسها :
" إلى أين تأخذني الآن ؟".
" إلى بيتي . ألم أقل لك ذلك ؟".
" ماذا سيقول جون عن هذا الأمر ؟".
" هل تسألين عما إذا كان سيدعوني ألى المبارزة والقتال ، لأنني أخذتك إلى عريني ؟
لا يا عزيزتي لن يفعل ذلك . سيكون سعيداً لأنني قمت بالشيء الوحيد المحتمل في مثل هذه الظروف " .
سألته بصوت هامس حزين :
" لماذا ؟ لماذا لم تتركني في حوض التماسيح ؟".
" لأن ما من أنسان ، حتى أنا ، يمكنه السماح لطفلة غبية بالبقاء وحيدة في مخيم منعزل داخل منطقة تعج بالحيوانات الضارية ، هذا هو السبب " .
" أنا قادرة على الإهتمام بنفسي " .
"هل تعرفين أوضاع هذه المناطق على حقيقتها ؟".
هزت رأسها نفياً ، وقالت :
" ولكنني متأكدة من قدرتي على معالجة مشاكلي بدون الأستعانة
بأحد ...أنا مضطرة لتعلم ذلك ، عاجلاً أم آجلاً . ثم .....لاشك في أن المنطقة ليست خالية تماماً " .
" ليس فيها الآن أي انسان على الأطلاق " .
"ضيوف ....سياح ....عمال .... .".
" لا أحد أبداً ، أنها منطقة يحافظ عليها مالكها حباً بها وبحيوناتها ، وليس بسبب الأرباح الضئيلة التي يحصل عليها من السياح " .
دهشت وأحتارت فيما يقوله لها هذا الرجل . علقت بصوت متردد :
" ولكنني تصورت.. ..قال لي جون في رسائله أن السياح يحضرون إلى هنا
لمشاهدة الحيوانات وتصويرها " .
" صحيح ، ولكن بأعداد قليلة وفي فترات متقطعة .ثمة فرق كبير بين حوض التماسيح والحديقة الوطنية ، يا سالي " .
اوه ، كم يؤثر عليها أستخدامه أسمها على هذا النحو ! قالت له :
" أعرف ذلك . ولكن ، أين بقية الحراس ؟".
" مع جـون " .
أذن ....كان تصرفه معها بداعي القلق عليها والأهتمام بها . أنه قادر احياناً على تطعيم وحشيته وقساوته ، بشيء من الليونة والحنان . قالت له :
" كنت تفكر بي ...".
ضحك بأنفعال ، وقاطعها قائلاُ :
" بك ؟ أي شيء قد يحدث لك ، لا يكون ألا بسبب تصرفاتك ,,..وأنت مسؤولة عنه ،
لا ، كنت أفكر بجون " .
سألته بحدة وعصبية :
" ألا يهمك أبداً إذا افترسني أسد ؟".
تأملها بعينين قاسيتين ، ثم قال لها بلهجة خالية من أي عطف أو حنان :
"جون هو الذي سيهمه الأمر. !".

نيو فراولة 24-10-10 07:18 PM

7- سأقتلعك من الجذور

كان بأمكانها الرد عليه بقسوة جارحة , ولكنها سيطرت على أعصابها أنقاذا لماء الوجه . فما من معركة تخوضها ضد أندريه كونورز , ألا وتنتهي بفوزه ... وخسارتها . مهما بلغت حدة جوابها , فلن تكون كلماتها كافية لمواجهة تلك الملاحظات الشريرة الاخيرة . فضلت الرد على تعليقه الخبيث بالأحتقار الصامت الذي يستحقه .
أنها في الوقت الحاضر رهينة هذا الرجل الفظ , والذي يبدو من تصرفاته القاسية المتعجرفة أنه لا يعرف معنى المدنية المتحضرة. ستبوء جميع محاولات التصدي له بالفشل الذريع , لأنه سيقتلعها من جذورها كما تفعل الرياح العاتية مع شجيرة صغيرة ضعيفة . لم يعد أمامها الآن الا أن تأمل في عودة جون المبكرة , كي تتمكن من نسيان هذا الكابوس المزعج وتبدأ في التأقلم مع حياتها بهدوء وسكينه .
الصمت التام ! يا له من دواء ناجح في مثل هذه الحالات المزعجة ! لم يقل لها أندريه شيئا عن المسافه التي تفصلهما عن مزرعته , ولا هي سألته . ماذا ينفع السؤال , عندما يكون الأنسان مجبرا على أطاعة الأوامر دونما أعتراض أو مناقشة . أنها الأن بين يديه ..... بالمعنى المجازي فقط . ولكنها لن تسمح له أبدا بعد اليوم بأي شيء اخر . ستقف له بالمرصاد , حتى ولو كلفتها المقاومة الضارية حياتها ... ومهما طالبت عواطفها بالاستسلام له !
ركزت نظراتها وأهتمامها على المناظر الطبيعية الخلابة , فأنستها بعض أحزانها وجعلتها تفهم ألى حد كبير هذا الجمال الساحر الذي جذب جون الى منطقة كحوض التماسيح .أنه ليس جمالا عاديا بالمعنى التقليدي , أو كما يظهر في البطاقات السياحية الملونه , ولكنه وحشي مثير يسلب العقل ويفعم الخيال والنفس بالحيوية والبهجة .هذه هي أدغال أفريقيا كما كانت منذ مئات السنين , وقبل أقتحام المدنية لمعاقلها وأسوارها . لا حياة هنا ألا للقوي القادر ... أنها معركة البقاء !
منتدى ليلاس
تعهدت سالي لنفسها بأنها ستكون من الأقوياء . وستثبت لأندريه أنه مخطئ تماما في أعتبارها فتاة ضعيفة مدللة .ولكنها تساءلت بأنفعال شديد عن سبب هذه الرغبة الجامحة , طالما أنها تريد طرده من حياتها وأفكارها ... وطالما أنها تحتقره وتزدريه ! ألم تعد قادرة على التفكير بهدوء وروية , وبأمور لاعلاقة لها أطلاقا بهذا الرجل اللعين ؟
تحولت الشاحنة ألى الطريق العام , فشعرت سالي أنها تدخل عالما آخر . عادت مناظر الحقول والبساتين , وغابات الاشجار المخصصه لصناعة الاخشاب .لاشك في أنهما أصبحا الآن على مقربة من منزل أندريه , ومكان عمله . لم يقل لها شيئا عندما أنعطف عن الطريق الرئيسية الى أخرى ترابية . وتؤدي ألى بوابة حديدية ضخمة تحمل الأسم الجميل ... أرض الصنوبر .
تأملته سالي وهو ينزل من الشاحنة ويفتح البوابة على مصراعيها , فتأكد لها عندئذ بوضوح تام انه يعمل في مجالي التشجير وصناعة الاخشاب . تأملت طريقة مشيته القوية , التي توحي بثقة كبيرة في النفس ,وبقدرة فائقة على تحمل الصعاب ومجابهة الأخطار.
أدخل الشاحنة ألى أرض الصنوبر , ثم أقفل البوابة الكبيرة وتابع طريقة نحو المنزل ..... دونما أي تعليق أو كلمة , أحست سالي برغبة قوية لتوجيه عدد كبير من الاسئلة , ولكن عزة نفسها منعتها من ذلك ... مع أنها لم تمنعها من مراقبة هذه المنطقة التي تضج بالنشاط والحركة .
هنا شاحنات مختلفة الأحجام والأوزان محملة بكميات ضخمة من جذوع الاشجار , وهنامجموعة من الحطابين والحمالين يشربون الشاي . وهنالك كلاب حراسة تقوم بدوريات منتظمة للمحافظة على المنطقة والمقيمين فيها . ولاحظت سالي كيف يلوح الرجال بأيديهم ويرفعون قبعاتهم تحية وأحتراما ... للسيد كونورز .أتضح لها أن تلك الابتسامات العريضة التي ترحب بوصوله , أن أندريه رجل يعرف كيف يجمع بين المقدرة والأنصاف .... وكيف يمسك بزمام الأمور بطريقة تضمن له نتائج باهرة , وطاعة عمياء مبنية على المحبة وليس على الخوف .
تساءلت مرة أخرى عما أذا كان بأمكان النساء أيضا التمتع بأطاعة أوامره . شأنهن في ذلك شأن الرجال ! ربما .... ولكنها لن تكون أحداهن ! لن تعيش مرتاحه على الأطلاق , أذا أضطرتها ظروف معينة للعمل بموجب أوامره أو تعليماته ! ما بالها تعود الى التفكير به وبأوامره !
فلديها جون الذي تعرف أن حياتها معه ستكون سهله وهادئة ومفعمة بالحب والحنان ... تماما كما كانت عليه منذ ايام الطفولة .

نيو فراولة 24-10-10 07:49 PM

أما بالنسبة للمرأة التي تختار العيش مع أندريه ... وتحبه ويحبها ... فكيف ستكون حياتها ؟
حاولت سالي تجاهل الطعنه الصغيرة المؤلمة التي أحس بها قلبها , عندما أدركت بأقتناع راسخ أن هذا السؤال الذي لن تتمكن أبدا من معرفة جوابه .
برز المنزل فجأة أمامهما , فحبست أنفاسها لصعوبة أخفاء أعجابها ... ولخوفها في الوقت ذاته من كشف خبايا مشاعرها له .أنه أشبه بالقصور ... يشرف على سفح جبل تغطيه أشجار الصنوبر بكثافة مذهلة , وتحيط بجرانه البيضاء الرائعة من ثلاثة جوانب حديقة غناء تضم أجمل أنواع الزهور . هل هذا هو المكان الذي يقيم فيه أندريه كونورز ؟
كانت تظن أن بيته مختلف كل الأختلاف عما هو عليه من جمال الهندسة وحسن الذوق , هل يعقل أن يكون لهذا الرجل الفظ القاسي مثل هذا المنزل , الذي يعتبر رمزا للفن والابداع ؟ أوقف الشاحنة ونظر أليها بأرتياح , فأحست أنها مخطئة في تقييمها له . هذا البيت الرائع هو الأنعكاس الحقيقي لشخصيته القوية .....
نسيت في تلك اللحظة تحفظها أتجاهه , فقالت ببساطه وبراءة :
أنه جميل جدا " .
منتدى ليلاس
" يسرني أنه أعجبك , يا سالي " .
لم تسمع صوته أو تشاهد في عينيه أي سخرية أو تهكم , بل حرارة ومودة غير متوقعتين . الدفء والحنان مع هذا الرجل المتحجر القلب , شيئان نادران ... ورائعان للغاية . ولكن هذا السحر لم يدم سوى بضع لحظات . أذ عاد ألى تركيز أهتمامه على الطريق لقطع المسافة القصيرة المتبقية .
أقبل جميع الخدم لتحية صاحب البيت العائد , بالمحبة والأحترام ذاتهما اللذين لاحظتهما قبل قليل في وجوه العمال وعيونهم . كلهم مسرورين بعودته ...
أخذتها مدبرة المنزل, ماريا ألى غرفتها وأبلغتها بأن الغداء سيكون جاهزا خلال نصف ساعه . أحست سالي بكثير من الأرتياح لوجود أشخاص آخرين في هذا المنزل . على الرغم من أن الوضع الحالي سخيف جدا فيما لو تمت مقارنته بأحداث اليومين السابقين .
تسللت ألى شاحنة رجل لا تعرفه , دونما أعتبار للمظاهر أو المضاعفات .... وأمضت معه ليلة بكاملها على مقعد ضيق وتحت غطاء واحد ... وهاهي الأن تشعر بالأرتياح والأمان لوجود أناس آخرين في مثل هذا القصر الكبير , الذي يضم بالتأكيد أكثر من خمس غرف نوم وعدد من القاعات والممرات . لن يكون أندريه كونورز وحده الذي سيقول لها أنها تأخرت كثيرا في العودة ألى رشدها . فهي نفسها أحست بسخافة تفكيرها , وعدم جدوى قلقها أو فزعها . ومع ذلك , فأن مجرد وجود خدم في هذا البيت يمنحها شعورا بالاطمئنان والراحة . هل يعقل أنها ليست خائفة من أندريه , بل من عدم قدرتها بعد الآن على كبح جماح رغباتها وأحلامها ؟ هل هي واثقة تماما من أن قلبها لن يخونها , فيما لو حصل الأن أي أحتكاك مماثل لما جرى معها سابقا .
تبا لهذه الافكار والتساؤلات المنافية للعقل وللمنطق ! لا يمكنها أضاعة المزيد من الوقت,
أذ عليها التوجه ألى قاعة الطعام خلال اقل من خمس وعشرين دقيقة . خلعت ثيابها بسرعه ودخلت ألى الحمام الداخلي ... الذي أعجبها كالغرفة المخصصه لها . لم تر الشيء الكثير من هذا المنزل , الا أن الذي رأته حتى الآن يوحي بالذوق الرفيع والسخاء . الستائر والسجاد وغطاء السرير , حتى مناشف الحمام, ذات ألوان جميلة هادئة ...... وتتناسق مع بعضها كلوحة زيتيه لفنان مرهف الحس رقيق المشاعر .أناقة جذابة وبعيدة عن التكلف , وجودة في العمل حتى الآتقان التام ...
هل هو متزوج ؟ لم تسأله ... ربما لأنها خائفة من الجواب ! من المؤكد أنه ليس متزوجا . وألا لكانت سيدة القصر واقفةأمام الباب لأستقبال زوجها وضمه ألى صدرها , ولكن ... أليس ممكنا أيضا أن زوجته لاتعرف موعد عودته , وأنها تقوم الآن بنزهة على ظهر حصانها أو تقود سيارتها السريعه ألى أقرب قرية لأبتياع بعض الحاجيات ؟ لو أنها زوجته لما كانت تركت البيت أبدا.. وظلت قابعة فيه لحين عودته

نيو فراولة 24-10-10 08:10 PM

كفى , كفى ! خرجت من الحمام بأنفعال شديد , وأخذت تجفف نفسها بخشونه وعصبية , أصبح عقلها كقلبها ... لا يمكن التكهن بتصرفاته أو التحكم بأندفاعه . كم سيضحك عليها أندريه وزوجته , ففيما لو علما بما يجول في خاطرها من أفكار وآراء ! قد يكونان الآن غارقين في الضحك , وهو يروي لها قصة العروس النافذة الصبر التي تسللت مع فستان زواجها ألى شاحنة رجل غريب !
أنتهت من تجفيف نفسها , ففتحت حقيبتها وراحت تقلب ثيابها لأختيار أفضلها وأجملها . لم يكن يهمها قبل دقائق معدودة سوى خلع ثيابها الوسخة وأستبدالها بأخرى نظيفة منعشة . أما الآن فمن الأهمية بمكان أن تبدو أنيقة ..... وسمعت صوتا خفيفا يضيف كلمة الجمال ألى الأناقة .
منتدى ليلاس
قد يسخر منها أندريه كونورز وزوجته ,ولكنها ستفرض عليهما أحترامها , لن تسمح لهما أو لغيرهما بالقول أنها عروس لا تليق بجون .
وقفت أمام المرآة لتتأمل النتائج التي توصلت أليها , مع أنها لم تكن أبدا من النوع الذي يهتم بالمظاهر الخارجية ألى هذه الدرجة . قد يصر أندريه على رأيه , ولكن ذلك المتعجرف المتغطرس سيراها ..... ولهذه المرة فقط ..... في ذروة اناقتها وتبرجها .
تذكرت بصعوبة الأرشادات التي أعطتها أياها ماريا للوصول الى قاعة الطعام . دخلت تلك الغرفة الفسيحة فلم تجد أحدا , ولكنها لا حظت بسرعه ان المائدة معده لثلاثة أشخاص .سمعت أصواتا في الخارج , أعقبتها على الفور ضحكة أندريه المرحة . أخذت نفسا عميقا , وكأنها تشجع نفسها على مواجهة محنة رهيبة , ثم خرجت الى الشرفة .
توقف الحديث فور ظهورها , واستدار نحوها وجهان ...... لرجل يدعى أندريه وأمرأة لابد وأنها زوجته . دعاها للأنضمام أليهما , فلم تتمكن من التحرك . أصطكت ركبتاها , وأحست بأنها على وشك الأنهيار , كانت تتوقع أن يكون متزوجا , فلماذا الشعور بالصدمة ؟ هل لأن الصورة التي رسمتها في ذهنها عن زوجة أندريه تختلف عن الحقيقة والواقع ؟ هل جعلها الجمال الفائق لهذه المرأة تشعر بالضعف ..... أو بعقدة نفسية هي بغنى عنها ؟ مهما كان الأمر , فكيف تفسر الصدمة التي أصيبت بها ؟
ستحاول فهم الموضوع على حقيقته , عندما تعود ألى غرفتها في وقت لاحق . نظرت اليها السيدة الجذابة بعينين فاحصتين وقالت لها ببرودة :
" المتسللة الصغيرة ! يالها من فكرة جريئة وغير عادية !".
شعرت سالي بأن هذه الأمرأة تتهمها ضمنا بالغباء والرعونة ... وقد تكون على حق . فهل من الممكن مثلا أن تلجأ سيدة مثلها ألى وسيلة نقل مماثلة , مهما كانت الظروف ؟ ألا يفسر هذا الأمر طريقة تصرف أندريه أتجاهها ؟ جلست قربهما , وهي تتمتم قائلة :
" الغاية احيانا تبرر الوسيلة " .
شاهدت بريقا خاطفا في عينيه , هل أعجبه الجواب , أم أغضبه تجرؤها على أستفزاز زوجته ؟ مهما كان الأمر فقد سبق السيف العذل ... وعليها الآن تقديم واجب الشكر لهذه المرأة على حسن ضيافتها . قالت لها بلهجة اكثر ودا :
" انا ممتنه لقبولك استضافتي , يا سيدة كونورز " .
" انا لست السيدة كونورز " .
قفز قلبها من مكانه, ولكنها تمكنت من أخفاء فرحتها العارمة . لم يتدخل أندريه لتوضيح الامر , فقالت السيدة الرائعة الجمال بصوت دافئ حنون :
" يبدو أنك أهملت واجبا أجتماعيا ضروريا , أيها الحبيب . "
لم تعش فرحتها طويلا , أذ أوحت لها الكلمة الأخيرة بأن هذه الأمرأة الجذابة لم تصبح بعد زوجة أندريه ..... ولكنها على وشك ذلك , سمعته يقدمهما ألى بعضهما مكتفيا بذكر الأسمين :
" بربارة سنكلير ... سالي اوبريان " .
سألها عن نوع الشراب الذي تفضله قبل الغداء , فطلبت كوبا من عصير الليمون .... وليقولا عنها مايريدان . أنهما يعتبرانها في أي حال, طفلة صغيرة او فتاة مراهقة غبية .
أحضر لها كوب العصير , فوجدت فيه حلا ولو جزئيا لمشكلتها الحالية . ركزت نظراتها عليه كيف تخفي الأرتباك الذي يشتعل في داخلها , والألم الذي يحز في نفسها . عاد أندريه وبربارة ألى الحديث , الذي كانا يتبادلانه قبل وصولها ألى الشرفة , ولاحظت سالي بمرارة أن السيدة الجميلة توجه الحديث حسب مشيئتها وتحاول عمدا عدم أشتراك الضيفة الشابة فيه .

101 White Angel 24-10-10 08:39 PM

سلمت يداكي عزيزتي
من أروع الروايات التي قرأتها

شكرااا جزيلااااا

روح الغالين 24-10-10 09:15 PM

تسلم ايدك حبيبتي علي الرواية بس ممكن تكمليها

ايمااان 24-10-10 10:30 PM

بتكملها ان شاء الله بس نعطيهاا الفرصه

فالكتابه تستهلك الوقت والجهد

ومانزال بالانتظاار
ان الانتظاار يزيد من روعة القصه

نيو فراولة 24-10-10 10:52 PM

في أي حال , لم يكن بأمكانها المشاركة في الأحاديث ... حتى ولو أرادت ذلك . فهي تتناول أماكن تجهلها وأشخاصا لا تعرفهم . ولكن العلاقة الحميمة كانت واضحة للغاية .... وضحكات أندريه توحي بأنه يتمتع بأحاديث صديقته المرحة والشيقة .
دخل الـثلاثة الى القاعة , فقدمت لهم ماريا ومساعدتها أطباق الطعام ثم أنسحبتا بهدوء وأنتظام . سألتها بربارة ببرودة :
" هل ستطيلين البقاء هنا , يا آنسة ؟".
فوجئت سالي باللهجة العدائية التي لم تحاول برباره أخفاءها كثيرا , وتساءلت عما اذا كان أندريه قد تعمد عدم أطلاع صديقته على السبب الحقيقي لمجيئها الى هذه المنطقة . قالت لها :
"أوه , لا , سأتزوج من جون لانج . تصورت أنك تعرفين ....".
توقفت عن أتمام جملتها , عندما شاهدت النظرة الغريبة التي وجهتها بربارة نحو أندريه , ولكن صوتا في داخلها دفعها الى المضي في القول وبقوة :
" أنني الآن بأنتظار عودته " .
" أوه , أنه لخبر مثير حقا ! أندريه حبيبي , ألا تعتقد أن متسللتك الصغيرة هي أفضل زوجة لحارس الحيوانات البرية ؟".
أحست سالي بوجود مودة في لهجة بربارة , وأستعدت لتحمل أحد تعليقات أندريه اللاذعة , ولكنه رفع حاجبيه بعصبية , ثم أكتفى بالقول :
"ألا تريدين مزيدا من الذرة , يا بربارة ؟".
منتدى ليلاس
ودعتهما بربارة سنكلير بعد فترة قصيرة من أنتهاء الغداء , وبعد توجيه دعوة لأندريه لتناول العشاء معها ... في بيتها ... ليلة الاحد . تأملت سالي صاحبة القد الجميل ,وهي تغادر الساحة الكبيرة أمام منزل أندريه بسيارة سباق حمراء اللون , ثم ألتفتت نحو سيد القصر . بدا متجهم الوجه ومتوتر الملامح والأعصاب , وعادت الى عينيه تلك القساوة المألوفة والعنجهية المعهودة . لم تعد تعرف ماذا تفعل , فقررت الأبتعاد عنه بطريقة مهذبة هادئة . قالت له بعد فتره صمت طويلة :
" أعتقد أنني سأقوم بنزهة في الحديقة . هل لديك مانع ؟".
" هل تركبين الخيل ؟".
" نعم " .
" أنا ذاهب الآن الى المعمل . أذا كنت راغبة في مرافقتي فسوف تعد لك ماريا الثياب الضرورية لذلك " .
أرتبكت ... وترددت , فقال لها بشيء من الحدة ونفاد الصبر :
" هيا , قرري !".
لم تتردد هذة المرة . لو لم يكن راغبا في ذهابها معه , لما كان دعاها الى ذلك . أبتسمت وقالت :
" بكل سرور " .
لم تدرك مدى أتساع عينيه الزرقاوين الجميلتين , والبريق الأخاذ الذي كان ينطلق منهما , ولكنها رأت تلك القساوة المرعبة في عينيه وتعابير وجهه . أختفت أبتسامتها , وشعرت بأنقباض شديد حبس أنفاسها وأرهق أعصابها . رفضت التراجع عن رأيها وقرارها , فثمة دافع قوي في داخلها يصر على معرفة المزيد عن هذا الرجل وحياته ..... قبل مغادرتها أرض الصنوبر .
لاحظت سالي أن الملابس المخصصة لركوب الخيل تناسبها تماما . هل هي لبربارة ؟ وأذا كانت فعلا لها , فأي ملابس اخرى تركتها هنا ايضا ؟ آلمها تصورها لأحتمال وجود ثياب هذه المرأة في منزل أندريه ... وربما في غرفة نومه بالذات . سرحت شعرها بأنفعال شديد . بسبب هذه الأفكار المزعجة التي تبرز في رأسها بين الحين والآخر .
خرجت من البيت , فوجدت أندريه بأنتظارها قرب جوادين أصليين رائعين . ساعدها على ركوب حصانها , مع أنها لم تكن بحاجة لأي مساعدة . جعلتها اليدان القويتان اللتان رفعتاها ألى ظهر الحصان تشعر بأنها ....أنثى , وتحظى برعاية رجل قوي قادر .
نسيت بربارة وكل شيء يتعلق بها , وركزت أهتمامها على الطريق التي تؤدي ألى الغابات . كانت تفصل بينهما بضع خطوات , فتمكنت من مراقبته عن كثب .أحست بسرور دافئ وهي تتأمل هذا الرجل الذي يعرف كيف يمسك بزمام الأمور في كافة المجالات والممارسات . وزاد من أرتياحها ذلك النسيم العليل , والروائح الشذية العطرة , وجمال الطبيعة الساحر , شعرت سالي بسعادة لم تعرف لها مثيلا منذ فترة طويلة .
نزلا عن جواديهما أمام المعمل الضخم , فهرع مديره للترحيب بأندريه والتحدث معه ..... فيما راحت سالي تتطلع حولها بأعجاب بالغ . كان المعمل يضج حركة ونشاطا والجو عابقا برائحة الخشب . العمل جار على قدم وساق , وعلى أعلى مستويات الكفاءة والتنظيم .ومع ذلك , كان يخيم على المعمل والعمال شعور بالطمأنينة والسكينة لا تعرفه مصانع المدن . أنها الطبيعة ... والقيادة الحكيمة والعادلة لأندريه كونورز !

نيو فراولة 24-10-10 10:59 PM

أنهى صاحب المعمل حديثه وتعليماته , ثم دعاها للقيام بجولة أستطلاعية في الداخل . أعجبت بأسلوبه السلس الممتع , وبطريقة شرحه التفصيلي لطبيعة العمليات والأشغال التي تقوم بها هذه المعامل . لم تكن تعلم شيئا تقريبا عن الجهود الجبارة والمراحل الطويلة , التي تتطلبها وتمر فيها عمليه صناعة الأخشاب , أنه الآن اندريه جديد يختلف تماما عن الرجل الآخر الذي كان يجرحها بسياط كلماته القاسية والسامة أو يفجر في قلبها عواطف مجنونة .أندريه الجديد يحب عمله ويكرس حياته لمهنته . أندريه الذي تراه أمامها الآن يفتخر ويعتز بكل شبر من أرضه وغاباته , وبكل قطعة من معداته ... وأهم منذ لك كله , معاملته لجميع العاملين معه وبخدمته .
منتدى ليلاس
لم يتحدثا أبدا أثناء عودتهما الى بيته , ولكن الصمت بدا لأول مرة خاليا من التوتر والأنزعاج ... وكأن كلا منهما غارق في افكاره وتأملاته . ركزت سالي تفكيرها على أحداث اليومين الماضيين ... قرية ستريمز , الرحلة المجنونة , أرض الصنوبر , وحوض التماسيح , شعرت فجأة بعذاب الضمير لأنها لم تفكر بجون منذ ساعات . يالهذه التطورات المثيرة , وسرعة تلاحقها على هذا النحو المذهل !
لو أنها وصلت الى ستريمز قبل يوم واحد , أو بعد يومين , لكانت أستقلت سيارة الركاب الكبيرة وتوجهت مباشرة الى خطيبها . ولكنه القدر ...
في أي حال , لم يتغير بالطبع أي شيء أساسي . سوف تتزوج جون , وسيعملان معا على تدعيم علاقتهما وتوطيدها . لن يعرف خطيبها أبدا بالفوضى والأرتباك النفسيين الرهيبيين اللذين تعرضت لهما خلال اليوميين الماضيين . أما فيما يتعلق بها شخصيا فهي تعرف تماما أن نظرتها الى الحياة لن تعود أبدا الى ما كانت عليه ... قبل هذا اللقاء مع اندريه !

بحوره 25-10-10 07:38 AM

يعطيك العافيه نيو فراوله

روايه رائعه ومميزه

يسلمووووو

نيو فراولة 25-10-10 12:04 PM

8- تعال أليّ
خرجا من منطقة الغابات ، ليجدا الظلال تغطي مساحات كبيرة من السهول .كان الحصانان متشوقان للعودة ، فأطلق أندريه العنان لجواده ولحقت به سالي بدون تردد . لم تلاحظ أنها ضحكت بصوت مرتفع ، وأن الهواء حمل الصوت ألى الرجل الذي يتقدمها ببضع خطوات.
كل ماكانت تعرفه هو أنها مسرورة لوجودها على ظهر حصان سريع ، والهواء يدغدغ شعرها برقة ونعومة .
وصلا ألى ساحة الأسطبل ، فنزل أندريه عن حصانه وأقترب منها لمساعدتها على النزول .
رفعها برفق وأوقفها على قدميها ، فضحكت له وقالت بلهجة دافئة :
" شكراً . كانت رحلة جميلة للغاية " .
" هذا يسرني " .
كانت الكلمتان بسيطتين ونبرة صوته عادية جداً ، ولكن يديه ظلتا ممسكتين بخصرها ونظراته مركزة على عينيها .أحست فجأة بضعف في رجيليها ، فحبست أنفاسها بأنتظار سماع كلمات أخرى أقل بساطة . ألاّ أن صوت حوافز حصان يعدو بسرعة ، جعلهما يستديران نحو الطريق .

أنزل أندريه يديه فوراً ، فيما أوقفت صبية جميلة حصانها قربهما وقفزت على ظهره كخيال متمرس . أبتسم أندريه وقال مرحباً :
" أهلا ، ليندي " .
ردت له الأبتسامة بالمثل ، وقالت :
"كيف حالك ، يا أندريه ؟ علمت ظهراً برجوعك ألى أرض الصنوبر " .
" يالسرعة تنقل الأخبار هذه الأيام !".
ضحكت الفتاة بطريقة أكسبتها على الفور مودة سالي وأعجابها . قالت لأندريه :
" كيف لا ، وبربارة سنكلير هي التي تتول هذه المهمة !".
منتدى ليلاس
ثم أضافت بلهجة أكثر جدية :
" طلب مني أبي أحضار التقرير الخاص بالجياد".
أجابها أندريه مداعباً ، وبأسلوب يوحي ببراءة علاقته مع هذه الصبية :
" كان بأمكانه الأنتظار حتى يوم غد . في أي حال ، شكراً لك ولوالدك العزيز".
ثم أستدار نحو سالي ، وقال :
" ليندي ، أعرفك بسالي " .
" أهلا ، سالي " .
أعجبت بأبتسامتها الرقيقة الودودة ، فتعزز أعتقادها وشعورها بأنها ستحب هذه الفتاة .أرتفعت معنوياتها كثيراً ، لمجرد علمها بأن شابة طيبة في مثل سنها تعيش في هذه المنطقة . تأكد لها قبل ساعات قليلة ، أنها لن تجد في بربارة سنكلير أي خصائص أو صفات قد تعجبها أو تقبل بها .ولكن ليندي ، ذات الأبتسامات الرقيقة الصافية والنفسية النقية الخالية من أي حقد أو تعقيد ، ستكون صديقة مخلصة . حيتها بأبتسامة لاتقل نقاء وأخلاصاً ، فيما كان أندريه يفتح فمه ليقول لها :
" هيا معنا إلى ألبيت ، فقهوة ماريا اللذيذة بأنتظارنا " .
" بكل سرور . "
ثم تطلعت نحو سالي ، وقالت بشيء من الأستغراب :
" تحدثت بربارة عن شابة أتت ألى هذه المنطقة عن طريق التسلل . من المؤكد أنها لم تكن تعنيك أنت ، يا سالي !".
حاولت سالي قدر المستطاع أخفاء أمتعاضها ، وقالت :
" بلى ، ياعزيزتي ، أنا المعنية بهذا الكلام " .
أفتر ثغرها عن أبتسامة عريضة ، وقالت بأعجاب واضح :
" حقاً ؟ ياله من أمر مثير للغاية !".
"لا بدّ لها من الأعتراف ..... ولو بتردد وأيجاز ، وقالت :
" لم تخل بالطبع من بعض اللحظات المثيرة " .
تطلعت نحو أندريه بطريقة لا شعورية ، فلاحظت انه يتأملها بطريقة لم تتمكن من تحديدها أو تحليلها . سخرية ؟ مداعبة ؟ لا ، ليس تماماً ...وربما بمزيج من هذين الشعورين ومعهما شيء آخر . حز الألم في نفسها وقلبها على حد سواء . هل يتذكر الآن تلك اللحظات التي أمضياها قرب البركة الصغيرة ، عندما لأمس شعرها المبلل وجففه لها بتلك الحركات التي ربما تعمدها أن تكون مثيرة للعواطف ؟ أم انه يتذكر الطريقة التي عانقها بها في حوض التماسيح ، قبل جرها وراءه نحو الشاحنة ؟ توقفت عن الأسترسال في تساؤلاتها المؤلمة ، عندما سمعت ليندي تقول لها :
"هل تنوين البقاء هنا ؟ أوه ، إنني أتمنى ذلك من صميم قلبي .....أذ يمكننا أقامة صداقة متينة فيما بيننا " .
سبطرت سالي على مشاعرها المتوترة ، وأرغمت نفسها على الأبتسام ثم قالت :
" طبعاً ستصبح صديقتين ،يا ليندي ، ولكنني لن أكون هنا في أرض الصنوبر" .
" أوه ؟".
" سأقيم في حوض التماسيح ، لأنني سأتزوج من جون لانج . "

نيو فراولة 25-10-10 01:32 PM

لم تعلق ليندي بشيء على هذا التصريح ، الذي بدا مفاجئاً لها . ومع أن سالي لاحظت أختفاء ذلك البريق المنير في عيني صديقتها المحتملة ، ألا أنها هي نفسها كانت لا تزال مصابة بذهول شديد بحيث أنها لم تفهم مغزى ذلك الأستغراب أو معناه . قطع أندريه الصمت المخيم على الشابتين بالقول :
" هيا بنا الآن ألى البيت ،لنشرب القهوة " .
قالت له ليندي بصوت يحمل في طياته الكثير من الأرتباك والتوتر :
" لا ، شكراً ، يا أندريه . لم أكن أفكر ......بتعقل ...عندما قلت .......".
ترددت لحظة ، ثم أضافت :
" الوقت متأخر ، ولديّ بعض المهام الأخرى التي يجب القيام بها قبل حلول الظلام " .
قال لها أندريه بلهجة رقيقة ناعمة ، لم تسمع سالي مثلها من قبل :
" كما تريدين ، يا ليندي : انقلي إلى والدك تحياتي الحارة وشكري الجزيل " .
ودعتهما ليندي بأبتسامة مهذبة ، ثم قفزت ألى ظهر حصانها أختفت عن الأنظار خلال لحظات .شعرت سالي ، وهي تمشي قرب هذا الرجل القوي , بعقم كافة محاولاتها الجادة لأبعاده عن تفكيرها . هاهي تقع مجدداً تحت تأثير أحاسيسها وعواطفها . هل يمكن لحديث عابر لا يتعلق بهما ، التخفيف قليلاً من حدة التوتر الجاثم على علاقتهما ؟ قد لا تنفعها هذه المحاولة الجديدة ، ولكنها بالتأكيد لن تضرها . قالت له ، وهي تشير بيدها ألى الجهة التي أختفت فيها ليندي قبل لحظات معدودة :
"أنها تعجبني ، وارجو مخلصة أن تقوم بيننا صداقة قوية ومتينة . "
منتدى ليلاس
أطلق أندريه تلك الضحكة الخفيفة التي تضج سحرا وأغراء . فتطلعت نحوه بأستغراب وقلق .
كان ضوء النهار لا يزال كافيا, بحيث سمح لها بمشاهدة نظراته الشاخرة تتأملها وتدرس ملامح وجهها وتعمد التركيز بعض الوقت على عينيها ثم تحاول إلى عنقها وشعرها ..... قالت له ، وهي تحاول أخفاء الأرتعاش في صوتها :
"أندريه ! لماذا .....لماذا تضحك ؟".
" ألا تعرفين حقاً لماذا ؟".
حاولت الرد عليه ، ولكنه أمسك بذقنها ورفع وجهها نحوه قائلاً :
" لديك كل صفات المرأة المكتملة ، ألا أنك لا تزالين في بعض الأمور أكثر طفولة مما كنت أعتقد ..... يا سالي الصغيرة " .
سالي الصغيرة ! لو قال هاتين الكلمتين شخص آخر غير أندريه كونورز ، لكانتا رقيقتين ناعمتين , ولكن الرقة والنعومة ليستا من صفات هذا الرجل , ذي النظرات الفولاذية القاسية والملامح الشيطانية المزعجة ... ..التي أخذت تبدو أكثر جاذبية وسحراً في عينيها ! قالت له بعصبية :
" اتصور انك تقارن بيني وبين بربارة !".
ضحك مرة أخرى وقال لها ، فيما كانت نظراته الحادة تتفحص قدها الجميل :
" المقارنة غير واردة أطلاقاً ، فما من وجه شبه بينكما ألا من حيث بعض الأشياء الظاهرة " .
أدرات وجهها عنه . ثم أبتعدت خطوات قليلة .....وهي مغمضة العينين تأثراً وانفعالاً .لا توجد . على ما يبدو ، أي حدود لسخريته اللاذعه ورغبته القوية في طعن فؤادها بسهام ملاحظاته الجارحة والسامة . فرحت ضمناً لأنه لن يحصل ألا على ما يستحقه ، عندما يتزوج بربارة سنكلير . غطرسة وقساوة من جانبه . جمال بارد وتكبر خال من الشعور من جانبها ...يا لهما من شخصين يناسبان بعضهما بشكل مذهل ! سيجد كل منهما في الآخر ما تصبو إليه النفس... ستكون لأندريه زوجة تساعدها خبرتها وحنكتها على القيام بدور المضيف الناجح للذين سيدعوهم زوجها إلى قصر الصنوبر . فيما ستكتفي هي بكونها زوجة رجل ثري وسيدة هذالمنطقة الكبيرة والرائعة , لن يهمها أنهما لن يعرفا طعم السعادة الحقيقية , الحب والمشاركة والديمومة , هي الصفات التي ستشكل العناصر الأساسية والجوهرية لزوجها من جون .
لينعما ببعضهما ، أو ليعمل كل منهما على تحطيم الآخر ...هذا شأنهما وحدهما فقط. وليس لها أي علاقة بالأمر . ولكن ......لماذا تؤلمها إلى هذه الدرجة صورة بربارة سنكلير كزوجة لاأندريه ... كالمرأة التي ستنفرد بحبه وأهتمامه ورعايته.

نيو فراولة 25-10-10 01:34 PM

تناولا العشاء صامتين .كان الطعام بسيطا وعاديا . ولكنه شهي ولذيذ الطعم .. ..ومع ذلك فقط أرغمت سالي نفسها على تناوله بشكل طبيعي . أندريه مقتنع بأنها جائعة .نظر لتلك الرحلة الطويلة التي قاما بها إلى معمله والهواء النقي المنعش الذي تنشقاه في غابات الصنوبر .
أي تكاسل أو تردد من جانبها عن أكمال طعمها .سيحفزه على توجيه المزيد من الملاحظات الجارحه ..... الأمر الذي نالت منه حتى الآن قسطاً وافرا يكفيها مدى العمر .
أنتهى العشاء ، فقال لها أندريه أنه مضطر للأطلاع على بعض الأوراق الهامة وأجراء أتصالات هاتفية ضرورية .أكدت له أنها ستجد ما يسليها ويرفه عنها ، فيما كانت تقول لنفسها ضمناً انها مرتاحه لذهابه وأبتعاده عنها .. بحيث تتمكن من خلع القناع المستعار الذي تخفي وراءه حقيقة مشاعرها وانفعالاتها .
فكرت بالذهاب فوراً ألى غرفتها وبعدم تمضية أي وقت في قاعة الجلوس ، وذلك كيلا تراه خارجاً من مكتبة المحاذي لهذه القاعة .تمنت لو أنها لا تراه ابداً بعد الآن ، ولكن هذه الأمنية صعبة المنال إلى درجة الأستحالة . فكيف يمكنها الحؤول دون قيام علاقات اجتماعية مع أندريه .. أو بالأحرى مع اندريه وبربارة ؟ أذا تمكنت من تقزيم حجم هذه العلاقة ألى أدنى حد ممكن فسوف تصبح أكثر قدرة على تحمل مضاعفاتها .
منتدى ليلاس
آه ، كم تتمنى عودة جون في الصباح... ..كي تغادر هذا المكان ألى غير رجعه ! هنياً لك ، يا بربارة سنكلير ، بهذا القصر وسيده !
تطلعت حولها في تلك الغرفة الجميلة ، فأحست بما يقرب من الأختناق بين جدرانها الأربعة . كيف يمكنها ان تنام الآن في هذا الوقت المبكر .وهي لا تشعر بأي نعاس أو أرهاق على الإطلاق ؟ تجلس وتقرأ ؟ ماذا ستقرأ وهل ستتمكن من التركيز على أي كتاب قد تجده ؟
أخرجت سترة صيفية جميلة من حقيبتها ، ثم أرتدتها وخرجت من الغرفة .كان البيت الكبير هادئاً للغاية ، ولم تر أي ضؤ سوى ذلك الذي يستلل تحت باب مغلق لغرفة لا بد وأنها مكتب أندريه .
توقفت لحظة أمام هذا الباب ، ثم سارت بسرعة نحو باب آخر يؤدي إلى الحديقة .
الجو رائع ، والسماء الصافية تعج بالنجوم المتلألئة, ونسيم الليل يعبق بالروائح العطرة الذكية .
والسكينة الشاعرية الحالمة ترفرف فوق هذا المكان فتزيده جمالا وبهجة .أنها الطبيعة الخلابة في ذروة حسنها وقمة سحرها .ولولا الظروف الحالية ، لكانت سالي الآن مرتاحة جداً وتشعر بسعادة فائقة .
إلا أن قلبها يتألم ويتعذب ، ويتوق ألى أشياء تجهلها .وكذلك أفكارها وأحاسيسها ، وفهي تتخبط بفوضى عارمة دونما أي سبب منطقي أو مبرر واضح . لا ! يتحتم عليها منذ هذه اللحظة بالذات وضع حد نهائي لمثل هذه الأحاسيس الغريبة والغامضة ،فخطيبها سيعود يعد يوم أو يومين ...وستصبح زوجة جون لانج قبل نهاية الأسبوع . ومع أن اليوم الذي تنتظره على أحر من الجمر أصبح على قاب قوسين أو أدني ، فهي تشعر الآن بأنها أقل استعداداً من أي وقت مضى لمواجهة هذه الخطوة الجبارة .
هل تحب جون ؟ سؤال لا مبرر له إطلاقاً .....فهي تحب جون منذ سنوات عديدة جداً ،بحيث أنها غير قادرة على تذكر وقت لم تكن تحبه فيه . أحست فجأة بأن مجرد التساؤل عما أذا كانت تحبه أم لا ، هو دليل على عدم الأخلاص . فجون يحبها أيضاُ ، وسيصاب بألم فظيع فيما لو أشتم رائحة هذه الشكوك التي تهاجهما الآن بضراوة وشراسة . لن يفهم ابداً كيف يمكنها أن تحب أنساناً ألى درجة كبيرة تشعر معها بأنها جزء منه . وتسمح في الوقت ذاته لرجل آخر بالتمادي ألى الحد الذي تضعف فيه كلية امامه ...جعلها اندريه تشعر منذ اللقاء الأول بأنها تضج حياة وعافية ...

نيو فراولة 25-10-10 01:36 PM

أشعل في نفسها مشاعر وردود فعل لم تكن تعرفها أو تتصورها من قبل .يمكنها الآن الأعتراف بذلك بدون خجل أو أرتباك ، فالوحدة والأنفراد يسمحان لها بألقاء نظرة موضوعية هادئة
على عواطفها وأحاسيسها . لاشك في أنها تجاوبت مع رجولة أندريه وجاذبيته ،فتمردت على عقلها وتقاليدها تلك الأنوثة البدائية . هل هي نادمة على هذه التحولات والتطورات المفاجئة ؟
نعم ، ولكن الندم موجود فقط في عقلها وتفكيرها ....وليس في قلبها أو رغباتها .
ستحاول قدر أمكانها تفادي مقابلته ، لحين مغادرتها بيته ..فأي تعرض جديد لتلك الجاذبية الساحرة المدمرة لن يؤدي ألا ألى تعميق شعورها بالخسارة ، عندما يحين وقت ذهابها .
هذا الفراق اللعين ! يجب حصوله ، وبسرعة ، حتى ولو لم يكن جون جزءاً من هذه القضية . هل نسيت بربارة ؟ هل نسيت ذلك الأيحاء الواضح بأنها لم تصبح بعد زوجه اندريه ؟ لا تكبرها ألا بسنتين أو ثلاث ، ولكن المقارنة غير واردة أطلاقاً بين جمالها العادي الهادئ ......وجمال بربارة الساحر . فحتى لو قررت منافستها على قلب أندريه ، فالنتيجه معروفة سلفاُ ..والخسارة المؤلمة المذلة مضمونة تماما بالنسبة أليها .
حلت فجأة في عقلها صورة شابة آخرى ....ليندي ....نعم ، ليندي .....صاحبة الوجه الحميل الذي اختفت منه تلك الأبتسامة الصافية الرائعة ، لمجرد ذكر أسم جون . ربما كانت شاردة الذهن خلال تلك اللحظات العسيرة ، ولم تتمكن آنذاك من أستيعاب الدلائل الجلية لأستياء ليندي .
أليس ممكناً ان ليندي تحب جون ؟ وأذا كان الأمر كذلك ,ألا يشكل هذا الأمر معضله جديدة ....
يصعب حلها أو تخطيها ؟
تنهدت سالي بحسرة وأسى ، وتساءلت عما أذا كان جون على علم بمشاعر ليندي أتجاهه .
من المحتمل جداً أنه لا يعرف شيئاً عن ذلك ، تماماً كأندريه ..الذي لن يعرف ابداً حقيقة شعورها أتجاهه . يا لها من حلقة فارغة ....كئيبة ورهيبة ! شخص يحب لا يحظى بأي مقابل ..يتألم كثيراً ولايقدر على البوح بمشاعره... ..يتعذب ومسبب العذاب يجهل كل شيء!
أعجبتها ليندي منذ اللحظة الأولى ، ويهمها كثيراً ألا تحلق بها أي عذاب وألم . ولكن ، ما حيلتها في هذا الأمر ! سترفض ليندي بعنف أي محاولات من جانبها للأيضاح أو تقدم الأعتذار ... وستضطر بالتالي لمعاجلة مشكلتها بنفسها وبدون مساعدة سالي .. أوه ، كم هي سريعة ومتلاحقة هذه الأحداث البالغة الأهمية ! لم تترك مدينتها وبيتها إألا منذ أيام فقط ، ولم تكن تفكر عندئذ ألا بالتخلي عن حياة المدينة الصاخبة مقابل هدوء الريف وسكونه! ماذا كانت التنيجة ؟ سلسلة لا تنتهي من المشاكل والتعقيدات ، قد تحول سعادة شخصين على الأقل ألى بؤس وشقاء .....ونعيمهما ألى جحيم !
سارت قليلا نحو نهاية الحديقة ، ثم استدارت يميناً بأتجاه الساحة الأمامية للمنزل .
لمع على بعد خطوات منها ضؤ سيكارة مشتعله ، فتوقفت ثم همت بالذهاب ألى الجهة المعاكسة . سمعت صوت أندريه يأتيها صافياً رنانا من تلك الزاوية المظلمة :
" هل أنت ذاهبة ألى مكان ما ؟".
كان أقرب أليها مما تصورت ، فأجابته بصوت مرتجف :
" عائدة إلى البيت " .
" بسببي أنا ؟".
" طبعاً لأ!".
" أنا أخيفك " .
اللعنة على هذا الرجل ! لم يوجه هاتين الكلمتين المزعجتين على شكل سؤال ،ولكنه قالهما كحقيقة واقعة ..وبتلك السخرية اللاذعه التي لم تعد قادرة على تحملها . لن تدعه يشعر بتفوقه الواضح عليها ، أو بقدرته الهائلة على أثارة أعصابها وأخافتها . قالت له ببرود كاذبة :
" يبدو أنك تحب أطراء نفسك كثيراً " .
" حقاً ؟ تعالي ألى هنا " .
" لا !".
أمسك بذراعها وقال :
"بلى . ألم تتعلمي أبداً التعامل بأدب مع مضيفك ؟".
" أنت لست مضيفي ....أعني ..أنني موجودة هنا بسب ظروف معينة...
وليس لأنك تريد ....أستضافتي " .

نيو فراولة 25-10-10 01:55 PM

علق على كلامه بلهجة ناعمة رقيقة ، أدت ألى أحمرار فوري في وجنتيها ورعشة في أوصالها :
" وماذا تعرفين عما أريده أولا أريده ، يا صغيرتي ؟".
" لقد أوضحت حقيقة مشاعرك أتجاهي منذ البداية . هل سيأتي جون غداً ؟".
" ربما . هل أنت متشوقة كثيراً لرؤيته ؟".
" طبعاً ! ماهذا السؤال الغريب ؟ أريد الزواج منه .وقطعت مئات الكيلو مترات لأجل ذلك ، طبعاً ، أنا متشوقة جداً لرؤيته " .
ضحك بتهكم جمد الدم في عروقها ، وقال :
" جملة توضيحية طويلة ، مع أن كلمة نعم وحدها كانت ستكفى للرد على سؤالي ". .
مد يده الأخرى ألى شعرها ,وأضاف قائلاً :
"هل تعرفين ماذا يعني الأندفاع في الأعتراض والأحتجاج ؟".
أنزل يده ألى عنقها ,لم تعد قادرة على التفكير بهدوء وروية ..ولكنها قالت :
" لا ....نعم .....أعني .....أنا لا احتج!".
" لن نجادل في هذه المسألة " .
أكان قريبا منها لدرجة كبيرة , بحيث أخذت أنفاسه الحارة تدغدغ خدها المشتعل أرتباكا ...أحست بضعف شديد في اطرافها كافة ، وبرغبة مجنونة في الهرب . أعدت نفسها لذلك ولكنها سمعته يقول لها :
" حدثيني عن جون " .
" أنت ....أنت .....تعرف جون " .
" أعرف رجلاً اأسمه جون يعمل كحارس لحيوانات برية نادرة ولكني أريد معرفة بعض الأمور الأخرى عن هذا الرجل الذي يتمكن من حمل فتاة مثلك على القيام برحلة أو مغامرة كهذه لتكون قربه ".
أجابته بصوت لا يزال شبة هامس :
" أننا ..أننا مخطوبان".
" سألتك عن جون ، وليس عنكما " .
" أنسان قوي وطيب ورقيق القلب ووسيم و .....".
توقفت لحظة عن أتمام جملتها ، ثم أضافت بأنفعال واضح :
" أنه يتمتع بكل الصفات التي تفتقر أليها أنت ، ياأندريه كونورز " .
تقلص جسمه فجأة , ثم ضحك وسألها بسخريته المعتادة :
" ومنذ متى تحبينه ؟".
" منذ طفولتي . لا أتوقع منك . يا أندريه . أن تفهم هذا الموضوع على حقيقته . ولكن جون كان صديقي ورفيقي ، وأخي.. ..وسيصبح الآن زوجي ".
" الفتاة لا تتزوج شقيقها ، أيتها القطة الشرسة " .
" أنه ليس شقيقي !".
هل خطر ببالك مرة أنك تعرفين جون على نحو غير عادي ؟".
أربكها سؤاله الغريب وتلك الرقة القاتلة في صوته ، فردت عليها بحدة :
" لا أعرف الهدف من وراء هذا الأيحاء ، يا أندريه كونورز . ولكنني أحب جون ....كنت دائماً أحبه ، وهو يحبني " .
" تتحدثين عن الحب بكل ثقة وأقتناع . أنت متأكدة جداً من حبك له ، يا سالي .
ولكن .....هل أنت متأكدة بالنسبة ذاتها من حبه لك ؟".
أحست بأالم شديد في قلبها .....وصدمة كهربائية عنيفة في كافة انحاء جسمها .لن تسمح له بالسيطرة عليها ، والتمتع بتحقيرها واذلالها ! أجابته بسرعة ، وبلهجة قاسية :
" متأكدة تماما ".
" لم تشاهديه منذ سنة كاملة ، أليس كذلك ؟".
أرادت الابتعاد عنه وأبلاغة بأن أسئلته مهينة ، ولا يحق له في المقام الأول التدخل في شؤونها الخاصة . ولكنها لم تتمكن من التحرك ، وأصابعه القوية مطبقة على عنقها ,قالت له :
" أنت تعلم ....".
قاطعها بلهجة عادية هادئة ، ولكنها تحمل الكثير من المعاني الهامة :
" قد تكون الامور تغيرت ألى درجة كبيرة منذ ذلك الحين " .


فهمت على التو ماذا كان يقصد ، فقالت :
" أنت تفكر بليندي . لم تفتني ... بعد ظهر اليوم ملاحظة الكيفية التي". ...
" أذن " .
أجابته بنبرة حزينة ألى حد ما :
" سوف تتمكن ليندي من تجاوز هذه المشكلة وستلتقي شخصاً آخر . ليست هذه الأمور غريبة أو نادرة ، فكثيراً ما يحدث أن يقع أنسان في الحب و .... وتكون مشاعر الغرام ...من جانب واحد . "
كما أنا أحبك ، أيها اللعين ! هكذا صرخ قلبها بصورة مفاجئة ، ولكنها هزت رأسها بعصبية بالغة وكأنها تحاول نفي هذه الحقيقة المرة التي يستحيل الإعتراف بها . لم يتمكن أندريه ، وربما للمرة الأولى ، من فهم المغزى الكامن وراء كلماتها وحركة رأسها . سألها بهدوء مذهل :
" إذن ، أنت متأكدة ؟".

نيو فراولة 25-10-10 05:56 PM

كادت الدموع تنهمر من عينيها وتفضح مشاعرها ، ولكنها سيطرت على نفسها وقالت :
" نعم , جون .....لم يتغير ؟".
" هل تغيرت أنت ؟".
سؤال بسيط للغاية ، ولكنه بدا مع ذلك كضربة قاضية ألى ثقتها وقدرتها الذاتية ...وألى التوقعات التي كانت تقبلها حتى الآن بدون أي تساؤل أو تشكيك . كادت تقول له أنها تغيرت ....نتيجة لدخوله القوي وغير المتوقع في حياتها ، ولكنها أرتبكت وفضلت الصمت سألها ثانية :
"أذن ؟ هل تغيرت ؟".
لا بد لها من أجابته بالنفي ...لأجل جون ، وأحتراماً لتلك العلاقة القائمة بينهما منذ أيام الطفولة ,قالت له بصوت هامس :
" لا ، لم أتغير ....".
ترددت لحظة ، ثم أضافت :
...."ولن أتغير أبدا "ً .
ضغطت أصابعه على عنقها وضحك بصوت قاس وتهكمي ، ثم قال :
" كلمة أبداً تعني وقتاً طويلاً للغاية ، ستتعلمين ذلك عندما تنضجين فكرياً وتصبحين راشدة " .
منتدى ليلاس
" أنا ناضجة فكرياً وراشدة " .
" وتعتقدين أنك تعرفين الجواب الصحيح لأي سؤال قد يطرح عليك .أخبريني ، ماذا ستفعلين في حوض التماسيح .ستمضين معظم وقتك وحيدة .بعد أنتهاء شهر العسل " .
ها هو يستفزها مجدداً ! عليها أتخاذ جانب الحيطة والحذر ، وألا فسوف يحطمها بدون شفقة أو رحمة . قالت له بلهجة الواثق من نفسة .
" سأجد أشياء كثيرة تهمني وتسليني " .
" هل تحبين الحيوانات ؟".
تسرعت بالأجابة ، ولم تنتبه ألى ذلك ألا بعدما قالت له :
" نعم . كانت الحيوانات دائماً مثار أهتمام جون وأعجابه ، وقد علمت نفسي بالتالي أن احذو حذوه " .
" سألتك عما أذا كنت أنت تحبين الحيوانات " .
"طبعاً . في أي حال ، ليس هذا الأمر بالموضوع الهام ... بغض النظر عن الكيفية التي تنظر بها إليه " .
قال لها باللهجة القاسية ذاتها ، التي برزت في جملته السابقة :
" أعتقد أنه موضوع هام جداً . أنت تركضين وراء الأوهام ، وأتصور جازماً أن زواجكما لن ينجح".
صرخت بوجهه ، وهي تحاول الأفلات من قبضته الفولاذية :
" لا اريد سماع المزيد !".
" لما لا ؟ هل أن خائفة من يقظتك فجأة من أحلام الطفولة ؟ لن تظلي أمينة لجون أكثر من شهر واحد بعد زواجكما " .
أستشاطت غضباَ فرفعت يدها لتصفع وجهه ، صارخة :
" كيف تجرؤ على مثل هذا الكلام !".

نيو فراولة 25-10-10 05:59 PM

كان أسرع منها بكثير ، فأمسك بيدها وطوقها بذراعيه القويتين الحديديتين ثم ضمها أليه بشكل
لم تشهد مثله سابقاً .....قائلاً :
"سأريك كيف أجرؤ " .
فهمست بصوت معذب :
"أندريه .. ." .
" نعم ؟".
كان صوته قاسياً جداً ، كملامح وجهه ونظراته ، فأصيبت بذهول شديد . نسيت كلماته الهازئة ، وسخريته اللاذعة ، وتصرفاته السيئة :
" هل تريدين المزيد من الأثباتات ؟".
أشتعلت غضباً وحنقاً ، فتمردت كرامتها على رغباتها وعزة نفسها على عواطفها الجياشة . أذلها ....قزمها ....حط من قدرها ....وحقرها ......لكي يثبت لها جملة تافهة قالها لها . دفعته عنها بقوة لم تكن تعرف أنها تمكلها ، وركضت نحو البيت . لم يحاول منعها ، أو الأعتذار منها ، أو حتى توجيه كلمة رقيقة لها . لا ، لن يفعل أندريه كونورز ذلك ! لا مبرر لأي شيء من هذا القبيل ، فهو مقتنع برأيه المتعجرف اللعين .
رمت نفسها على سريرها ، وراحت تحدق بسقف الغرفة شادرة الذهن متوترة الأعصاب .
منتدى ليلاس
لماذا قال لها أنها تظل مخلصة لجون ألا لشهر واحد بعد زواجهما ؟ هل أقنعته محاولته لاثبات نظريته ، بأنها فتاة تافهة تمنح نفسها لكل من يرغب ؟ هل سيتبدل إقتناعه هذا ، أذا عرف السبب الحقيقي لأستسلامها وتجاوبها ؟ هل سينظر أليها من زاوية مختلفة ، إذا علم بأنها تحبه كما لم تحب أحداً آخر في حياتها ..... وبأنه دخل قلبها وعقلها وأحاسيسها ، وخلال هذه الفترة القصيرة ، بهيمنة مريعة جعلتها لا تفكر ألا فيه ....حتى أثناء النوم ؟ هل سيقبل بأعادة النظر في تقييمة السلبي لها ، أذا فهم أنها تحبه .....ولاتعرف طعم السعادة ألا عندما يكون قربها ؟
ربما .... ربما ، ولكنها تفضل ألا يعلم . يجب ألا يعرف أبداً حقيقة مشاعرها أتجاهه .لقد وصلت ألى مرحلة متقدمة جداً في علاقتها مع جون ، بحيث أنها لم تعد قادرة على التراجع أو الأنسحاب .تحب أندريه .....نعم ! تحبه بطريقة مجنونة لا تعرف معنى المنطق ، ولكنها أحبت جون ايضاً ....ولو بصورة مختلفة . أحبته دائماً .....وستظل تحبه ......وستكون مخلصه له .
سوف تتزوج جون خلال هذا الأسبوع ، على أبعد تقدير . وستعيش معه في حوض التماسيح ....وتبذل جهدها بصدق وأمانة لأسعاده . قد تضطر أحياناً لمقابلة أندريه في مناسبات أجتماعية ، ولكنها ستحاول قدر أستطاعتها تجنبه وتفادية . لن يكون ذلك سهلاً . ولكن حياتها ستكون أكثر عذاباً وتعقيداً فيما لو عرف بحبها له.
أغمضت عينيها ووجهت نداء صامتاً ألى خطيبها :
" تعــال إلــي بسرعة ، يا جون ، فلن أتحمل الصمود طويلاً .....وأنا مع أندريه كونورز في بيت واحــد !

101 White Angel 25-10-10 11:12 PM

رووووووووووووووووووعة

شكرااااا عزيزتي

بانتظااااااااااااااارك

زهورحسين 26-10-10 11:51 AM

روووووووووووووووووووووعة00
التكملة بلييييييييييييييييز0000000
:liilase::liilase::liilase:

نيو فراولة 26-10-10 02:43 PM

9 - بعيد عن العين ...


تناولت سالي فطورها على أنفراد , فأحست بكثير من الأتياح لعدم وجوده قربها .... وأضطرارها بالتالي لمواجهة نظراته وتلميحاته .
تأخرت كثيرا في نومها , فلم تجد في قاعة الطعام سوى ماريا ..... التي أبلغتها بأن السيد كونورز توجه ألى المعمل باكرا , بعد أصدار التعليمات ألى الجميع للأهتمام بالضيفة الكريمة والسهر على راحتها لحين عودته قبل موعد الغداء ببعض الوقت .أستغربت هذه الرعاية الخاصة وغير المتوقعه , لأنها ليست من شيمته أو طبائعه . لابد وأنه يتبع تقليدا معينا بالنسبة لقواعد الضيافة وأصولها , ومع أي شخص يستضيفه .
وصلت بربارة سنكلير فيما كانت سالي على وشك الأنتهاء من تناول طعامها , فأحست رغما عنها بالأنزعاج من جمالها الرائع وأناقتها الفائقة . حيتها بأبتسامة خبيثة , وقالت لها بلهجة قاسية :
"أنت اول متسللة أعرفها في حياتي تتصرف بمثل هذا الأرتياح وكأنها في بيتها " .
ردت عليها سالي ببرودة رقيقة ناعمه , لم تعرف كيف صدرت عنها :
" اأنا مرتاحه جدا , الحمد لله . شكرا " .
أرتبكت بربارة قليلا لأنها , على ما يبدو , لم تكن تتوقع مثل هذه الأجابة المهذبة . لكن الدهشة لم تطل كثيرا , وحل محلها الغضب والأنفعال اللذان كانا واضحين جدا عندما سألتها :
" متى ستذهبين الى حوض التماسيح ؟".
" بمجرد عودة جون . "
منتدى ليلاس
" ولكن عودته قد تتأخر أياما " .
" ربما " .
" ألا يهمك أنك تحاولين الأيقاع بأندريه أثناء ذلك " .
شعرت سالي بالأشمئزاز الشديد , نتيجه لهذه الكلمات القاسية ,والنظرات الحاقده التي كانت توجهها بربارة من عينيها الباردتين المزعجتين . مسكين أندريه لأنه سيتزوج هذه المخلوقة الشريرة ! قد يكون متعجرفا ومتكبرا , ولكن تلك الساعات القليلة التي أمضياها بعد ظهر اليوم الفائت في المعمل كشفت لها مدى جديته واستقامته في العمل ..... وحسن معاملته وتصرفه مع الموظفين والعمال . دفعها الغضب العارم وحب الأنتقام في اليوم السابق ألى تمني زواجهما كي يحطم كلا منهما الاخر .أما الآن فمجرد تصور بربارة زوجة له يدخل الحزن والأسى الى قلبها .
اوه, لماذا تحاول خداع نفسها ؟ ستشعر بالتعاسة والعذاب والألم ..... أذا تزوج أندريه أي امرأة على الأطلاق , وليس بربارة . قالت لها بهدوء , ردا على سؤالها :
" أعتقد أن أندريه قادر تماما على الأعتناء بنفسه . لو كان يشعر بهذا الاغراء المزعوم , لبدرت عنه أشياء توحي بذلك " .
" لن يقدم على أي أمر من هذا القبيل , لأنه سيد مهذب ويحترم نفسه " .
أحست سالي بأن أشمئزازها من بربارة يزداد لحظة بعد أخرى , وكلما تطلعت أليها أو سمعتها تتفوه بكلمات كهذه . قالت لها بأنفعال واضح :
" وأنا لست سيدة مهذبة تحترم نفسها ؟".
" تذكري انك قلت ذلك ....".
توقفت برهة , ثم أضافت بلهجة حاقدة :
" أذا كانت تهمك مصلحتكما أنت وزوج المستقبل , فأنني أقترح عليك القيام ببعض الترتيبات الضرورية واللازمة " .
" هل يعني ذلك أنك تطالبيني بمغادرة أرض الصنوبر ؟".
" بالضبط " .
تأملت سالي وجه بربارة الجميل البارد , ونظرات الكراهية التي تشع في عينيها القاسيتين , وسألتها بهدوء مثير للأعصاب :
"غير واثقة أو متأكدة اطلاقا من موقفك الحالي , أليس كذلك ؟".
شحب لونها وأرتجف جسمها , وبدت كنمرة شرسة تتأهب للأنقضاض على فريستها .قالت لها بصوت مرتعش ينفث حمما :
"أنا متأكده تماما , يا آنسة أوبريان . ولكنني لن أسمح أبدا لمتشردة قليلة الحياء مثلك بتلطيخ السمعه الطيبة لما سيصبح قريبا بيتي الزوجي " .
قالت لها سالي بصوت منخفض , وهي تحاول جاهدة السيطرة على أنفعالها المتفجر :
" انا لست متشرده أو قليلة الحياء , يا بربارة سنكلير . ولكنك أنت أنانية ومتعجرفة وباردة , ولا تستحقين رجلا من أندريه " .
" أحذري من التهور يا سالي أوبريان . أنا قادرة تماما على تنغيص حياتك مع جون . ألا يكفي أن أندريه يحتقرك " .
هل ضحكا عليها معا ؟ هل أخبرها جميع التفاصيل ؟ أحست بألم حاد يعصر قلبها ويدمر فؤادها , فأبعدت وجهها عن بربارة كي لا ترى الدموع الغاضبة التي بدأت تحرق عينيها .كانت تتصور قبل لحظات وجيزة أنها قادرة على تحمل أي لقاءات أجتماعية مع أندريه وزوجته , ولكنها أكتشفت الآن حتمية تجنبهما بصورة تامة . و..

نيو فراولة 26-10-10 03:02 PM

سمعت بربارة تقول لها بتعال جارح :
" علي أخبارك منذ الآن بأنه سيتم أختيار ضيوف هذا البيت بعناية فائقة بمجرد زواجي من أندريه " .
رفعت سالي رأسها وقالت لها ببرودة مرعبة :
" سيكون ذلك من الحقوق والأمتيازات التي يمنحك أياها الزواج " .
أحست بربارة بوجوب مغادرة بيت أندريه على الفور , وقبل حصول ما لا تحمد عقباه ففعلت ذلك بدون تردد أو كلمة وداع , فيما كانت سالي تبدو متحفزة لصفعها أو ضربها بأي شيء تصل اليه يدها .
ستغادر أرض الصنوبر بأسرع وقت ممكن ... ولكن السؤال الأهم ظل هو أياه . كيف ستذهب الى حوض التماسيح التي تبعد أكثر من أربعين كيلومترا عن ارض الصنوبر ؟ هل تقطع هذه المسافة الطويلة سيرا على قدميها , حتى ولو أستغرق ذلك ساعات عديدة ؟ لو كانت الظروف مختلفة عما هي عليه هذه المناطق التي تعج بالحيوانات البرية المفترسه , لما ترددت لحظة .
يمكنها التسلل ألى ظهر شاحنة متجهة الى منطقة خطيبها . لا ! يكفيها ما حصل معها حتى الآن . قد ينسى الناس الحادثة الأولى مع مرور الزمن , وأذا سمحت لهم بربارة بذلك .... ولكنهم لن يغفروا لها أبدا الأقدام على خطوة مماثلة لا تفصل بينهما سوى أيام معدودة .سيؤثر تصرفها الأرعن على جون , وقد يفقد وظيفته .لا , لا يمكنها السماح بذلك . لابد لها من أنتظار عودة جون وممارسة ضبط النفس ...... والتحلي بالصبر .
أختارت بعض المجلات من قاعة الأستقبال , وخرجت ألى الشرفة . حاولت التركيز بعض الشيء على القراءة , أو حتى على تأمل الصور, ولكنها لم تستطع ذلك نظرا لتطلعها بأستمرار نحو الغابة ..... والتفكير بما قالته لها بربارة سنكلير . شعرت بأنها لا تريد رؤية أندريه بعد الآن , مع ذلك كانت تتوقع عودته ... بفارغ الصبر . ياله من موقف جنوني !
منتدى ليلاس
سمعت صوت محرك سيارة , فهبت واقفة ووضعت يدها فوق عينيها لتحجب عنها القليل من الضوء المتوهج . شاهدت شاحنة صغيرة تقترب من ساحة المنزل ... ماذا ستقول لأندريه , هل ستطلعه عما جرى مع بربارة ؟ لا ! توقفت السيارة ونزل سائقها فرمت سالي المجلات من يدها الأخرى وهرعت لأستقباله . أنه جون .
" جون ! اوه , جون , انت هنا !".
ألقت نفسها بين ذراعيه , فضمها أليه بقوة ورفعها قليلا عن الأرض ... فيما كانت ذراعاها تطوقان عنقه . وقلبها يخفق بقوة مذهلة .أنزلها ألى الأرض بنعومة ورقة , وهي تقول له :
" جون ! أوه , كم أنا سعيدة بمجيئك ! كيف علمت بوجودي هنا ؟".
أبتسم وقال :
" يتناقل الناس هنا أخبار بعضهم بسرعه مذهلة . اوه , سالي الحبيبة . لم أتمكن بعد من تحيتك والترحيب بك " .
" هل فوجئت بمجيئي ؟".
ضحك قليلا وقال :
"ألى حد ما . أيتها الحبيبة ! لماذا لم تخبريني مسبقا بموعد وصولك ؟.
" كنت خائفة من أنك ستطالبني بمزيد من الأنتظار . فيما أنا متأكدة من أنه لامبرر لذلك أطلاقا ثم ... أاردت مفاجئتك " .
" من المؤكد أنك نجحت في ذلك ألى حد بعيد !".
" ولكنك لم تغضب ,أليس كذلك ؟".
لم يجبها ..... فحدقت بوجهه المألوف المحبب , وتذكرت بسرعه البرق نقاء العلاقة بينهما وصفاءها . كانت دائما مرتاحه معه , ولم تشعر مرة واحدة ألا وأنها جزء لا يتجزأ من هذا الرجل الطيب الحنون . ولكن ..... لماذا هذه اللهجة الجديدة , التي لم تسمع مثلها من قبل ؟ أحتارت وزاد أرتباكها وأستغرابها عندما أحست أنه تجاهل سؤالها عمدا . ترددت قليلا , ثم قالت :
" جون ... هل أغضبتك بهذا القرار المفاجئ ؟".
" هل غضبت منك مرة واحدة من قبل , يا سالي ؟".
كان أندريه سيدعوها في ظروف مماثلة ... الهرة الشرسة , ولكن الرجل الواقف أمامها هو جون لانج وليس أندريه كونورز . لاتزال أبتسامته هي نفسها , كما تعرفها منذ سنوات عديدة... .. وكذلك علاقتهما . ولكنها شعرت بضرورة الأعتذار له , ولو لأول مرة منذ تعرفها أليه . قالت له بصوت متأثر :
" لا ..... ولكن ..... أوه ,أعتقد انه كان علي أابلاغك مسبقا عما أعتزم القيام به . جون ..... أتيت من ستريمز بواسطة التسلل ... والأختباء في شاحنة "....
" بدون التفكير بالمضاعفات والنتائج الناجمه عن ذلك "

نيو فراولة 26-10-10 03:23 PM


أعترض على تصرفها , ولكن بأسلوبه في الرفض والأعتراض الذي خلا من السخرية أو التهكم اللذين كانا سيظهران حتما لو كان أندريه في موقع مماثل . سمعته يضيف قائلا بنعومة ورقة :
" يجب ألا يدهشك كلامي ألى هذه الدرجة أيتها الحبيبة . لم تكن خطوتك تلك منطقية او ذكية , ولكنها أنتهت على الأقل بشكل سليم . أنا ممتن جدا لأن سائق الشاحنة كان أندريه وليس أي شخص آخر . "
" أنت. ....".
أرتبكت فجأة , ولم تعد قادرة على متابعة كلامها . لن يكون ممتنا على الأطلاق , لو عرف ماذا جرى بين خطيبته وصديقه ..... وكيفية شعورها نحو رجل آخر غيره . ولكنها لن تخبره أبدا ... ..أبدا !
أمسك جون يدها وسارا معا ألى الشرفة للأحتماء من حرارة الشمس الحارقة . أعجبتها ملامسة يده وأرتاحت لها , فتذكرت فورا عندما كانا يركضان معا على هذا الشكل بحثا عن العصافير أو الحيوانات الصغيرة التي تسرح وتمرح بين الحقول المجاورة . ولكنها تضايقت من نفسها ,لأن ردة فعلها أقتصرت على الأعجاب والأرتياح .... بالمقارنة مع المشاعر التي تثيرها فيلا ملامسة أندريه . قالت له وكأنها تدافع عن تلك المشاعر:
" أندريه كونورز , أنسان لا يطاق ولا يحتمل " .
منتدى ليلاس
أبتسم جون وقال :
" هل هكذا حقا تنظرين أليه ؟ سمعت النساء يستخدمن عبارات مختلفة تماما في وصفهن له ". .
نساء ...... آه كم تؤلمها هذه الكلمة الواحدة , عندما ترتبط بأسم أندريه ! هل هي الغيرة ؟ تناست موضوع أندريه وسألته :
" هل سنذهب الآن ألى حوض التماسيح ؟".
" نعم " .
" أتصور أنه يتحتم علينا أذن أيجاد أندريه و ..... أبلاغه " .
" أنه يعرف ذلك , فقد ألتقيته في معمله قبل حضوري ألى هنا " .
كيف كان رد فعله على عودة جون , وهل وجه أليها أي رسالة مع الخطيب العائد ؟ يا لسخافتها وحماقتها ! هل من المعقول أو المنطق أن يقدم أندريه كونورز على أمر كهذا ؟ لا , ولكن خيبة الأمل أنستها الحجة والبرهان , وحرمت عقلها من التفكير بموضوعية وروية . هزت رأسها وقالت :
" حسنا " .
أرعبتها البرودة الجافة في نبرة صوتها , فأضافت بلهجة أكثر أشراقا :
" سأدخل بسرعه لأحضار أمتعتي . "
" لا , يا سالي ".
"ماذا تقول ؟ أمتعتي موجوده هنا ..... حقيبتي , وثوب الزفاف . و ..... وعلبة الحلوى التي تحبها كثيرا " .
"أحضري علبة الحلوى , وأتركي بقية أمتعتك هنا . سأحتاج , أيتها الحبيبة ألى بضعة أيام لأنهاء كافة الترتيبات الضرورية . "
"أعلم ذلك , ولكن ....".
" وافق أندريه معي على أنه الأفضل لك البقاء هنا خلال هذه الفترة ...".
حدقت به مذهولة , وغير قادرة على أخفاء الأتعاش القوي الذي حل بها . لاحظ جون أنفعالها الشديد , فوضع يده برفق على رأسها وقال لها بحنان واضح:
" بضعة أيام فقط , أيتها الحبيبة " .
" ولكن أريد ان اذهب معك ! أريد البقاء معك حتى آخر يوم في حياتي " .
" لدينا متسع كافٍ من الوقت , أيتها الحبيبة , سأحضر كل يوم لرؤيتك والتحدث معك ..... مابك , يا سالي , تبدين مستاءه الى هذه الدرجة ؟ قلت لك أنها مسألة أيام فقط " .
" جون ... لا افهم ! لقد أمضينا طوال حياتنا معا . ألم نمض مرة يومين كاملين وحدنا , في خيمة نصبناها على بعد كيلو مترات عديدة عن بيتنا ؟ من المؤكد انك تذكر ذلك !".
نظر أليها بجدية , وقال :
" طبعا , أذكر ذلك . ولكننا كنا صغيرين عندئذ , يا سالي . أنت الآن أمرأة , أيتها الحبيبة , وأنا رجل . "
" لو كنا أي شخصين آخرين , لكان الامر مختلفا . أما نحن .....".
لم تتمكن من أبلاغه بأنها لا تنتظر منه سوى الأستمرار في علاقتهما الطاهرة والبريئة , التي سيزيدها الزواج عميقا وتوطيدا . لن تشعر بأي نزوات مجنونة أو رغبات هوجاء .
قال لها :
" ثمة مشاكل أخرى يجب أخذها بعين الاعتبار " .
" وهنا في أرض الصنوبر , ألا توجد مشاكل أو أخطار ؟ اذا كنت انت رجلا , فماذا تسمي أندريه كونورز اذن ؟".
" كوخي صغير جدا لا توجد به سوى غرفة واحدة , في حين أن قصر الصنوبر يعج بالغرف والقاعات . وقد أكد لي بأن ماريا ستنام هنا , لطمأنتك والسهر على راحتك " .
ماذا سينفع وجود حارس أمين أو عدد الغرف والقاعات , وكيف ستساعدها هذه الأمور على أحتمال أندريه وتصرفاته ؟ هزت كتفيها بأنفعال شديد , فسمعت جون يقول لها بلهجة لا تقبل رفضا أو أعتراضا :
" لا تعقدي الأمور بالنسبة ألي , يا سالي " .

نيو فراولة 26-10-10 03:43 PM


تحدثا عن الأهل والأصدقاء , وعن طبيعة الحياة في المدن والأرياف . وما أن أبتعدا قليلا عن أرض الصنوبر وتأكد لسالي بأنها لن تقابل أندريه لساعات عديدة على الأقل , حتى قالت لخطيبها :
" لم تكن الزائر الأول هذا الصباح , ياجون , فقد سبقتك الى ذلك بربارة سنكلير . هل تعرفها ؟".
" ما من شخص هنا ألا ويعرف بربارة " .
" تصرفت معي بقساوة بالغة , لأنها غير راضية أبدا عن وجودي في أرض الصنوبر " .
ربت على يدها مطمئنا ومشجعا , ثم قال :
" لا تدعيها تثير أعصابك , أيتها الحبيبة " .
" قالت ....".
حاولت جاهدة أستعادة أنفاسها , فلم تنجح ألا جزئيا . أكملت جملتها بصوت متهدج :
" قالت انها ستتزوج أندريه " .
" كلنا نعرف أن بربارة تلاحقه منذ فترة طويلة . "
" وهل ستفوز به ؟".
"أعتقد ذلك " .
" هل يحبها أندريه ؟".
ضحك وقال :
" لم نبحث معا هذه المسألة الخاصة . بربارة سنكلير .... ليست من النوع الذي يعجبني , ولكن لديها صفات معينة تجعلها الزوجة المناسبة لأندريه " .
أرادت سالي الأسترسال في أستفساراتها عن بربارة وأندريه , ولكنها تمكنت من ضبط أعصابها ولاذت بالصمت . بربارة اللعينة ..... هل تحب أندريه ؟ هل يمكن لتلك المرأة الجليدية الأنانية أن تحب أحدا غير نفسها ؟ هل يحبها أندريه ؟ ربما ! تألمت كثيرا لمجرد التفكير بهذا الأحتمال , فقررت ألهاء نفسها بالتحدث مع جون عن حوض التماسيح بصورة عامة ...... وعن عمله بصورة خاصة .
منتدى ليلاس
وكعادتها معه , أحست بالراحة والطمأنينة ... في حين أنها كانت تشعر مع أندريه بالتوتر والأثارة . تململت في مكانها عندما تذكرت كلام أندريه لها عن أن الفتاة لا تتزوج شقيقها .أذا تصرف جون معها كأخ , فهذا لا يعني أنه شقيقها , ألم يقل المثل ..... رب أخ لك لم تلده أمك ؟ كانا رفييقين وصديقين , وأحبا بعضهما . لم يخف أي منهما سرا عن الآخر , بأستثناء ذلك السر الوحيد الذي لا يمكن لها أطلاعه عليه . لن تحدث مفاجآت في حياتها الزوجية , بل ستكون حياة هادئة وسعيدة للغاية .
سألها جون عن تسللها ألى شاحنة أندريه , فأخبرته معظم التفاصيل ..... بما في ذلك أستخدامها الكيس المخصص لثوب الزفاف كوسادة تحت رأسها . ضحك وقال :
" أندفاعية ومجنونه ألى حد ما . لم تتغيري كثيرا , يا سالي ".
بلى , تغيرت ..... ولكنها لن تخبره أبدا عن هذا التغيير الجذري . هل تغير هو ؟ لم تتبدل صفاته الأساسية , ولكن تغييرات كثيرة طرأت عليه منذ مغادرته المدينة . فقد بعض وزنه .....ـصبح أكثر نضوجا وثقة بنفسه ..... وتبدو على وجهه ملامح حزن لم تكن موجوده من قبل . أرادت أن تسأله عما حدث معه , ولكنها لم تجرؤ على ذلك . يا للغرابة ! هذا هو جون لانج , الذي كانت تتحدث معه دائما بكل صراحة وانفتاح .....
أوقف جون السيارة داخل المخيم , ثم سار وسالي نحو كوخه الصغير وسألها :
" هل ستكونين سعيدة هنا يا سالي ؟".
" طبعا . هذا ما كنا نريده دائما , أليس كذلك ؟".
" نعم أيتها الحبيبة " .
لماذا هذه النظرة الحزينة في عينيه ؟ هل ثمة مشكلة لا تعرف عنها شيئا ؟ لو كانت الظروف كالسابق , لسألته على الفور عما يعانيه . ولكنها لم تعد كما كانت ..... فهي تغيرت ..... وجون ايضا تغير ! أحدث فراق الأثنين شرخا في العلاقة القائمة بينهما , فمن الأفضل أعادة الوضع ألى سابق عهده بأسرع وقت ممكن . قالت له بلهفة :
" جون ! لم تعانقني بعد!".
-" لم تسنح لنا حتى الآن أي فرصة لذلك " .
اللعنة ! لماذا يجد أندريه الفرص المناسبة عندما يريد ؟ قالت له بصوت مرتجف بعض الشيء :
" أعرف . ولكننا الآن .... على أنفراد ..... أرجوك , يا جون " .
" هل يمكننا تأجيل ذلك لحين حصولنا على وثيقة الزواج ؟".
ردت أبتسامته بالمثل , وقالت مداعبة :
" أذا كنت تعتقد أن التأجيل ضروري فلا بأس " .
لماذا التظاهر والأدعاء ؟ لم تضطر أبدا في حياتها لأستخدام الكذب والخداع معه , فلماذا الان ؟
تمنت من صميم قلبها أن يسعدها الزمن على التخلص من هذه المشاعر المجنونة , كي تكون علاقتها مع زوجها مخلصة وصادقة تماما كما كانت علاقتهما كصديقين . سوف تنسى أندريه كونورز ..... وتكرس حياتها لجون لانج !

101 White Angel 26-10-10 07:13 PM

يسلموووووووو عزيزتي

بانتظاااارك

مياكايوكي 26-10-10 08:33 PM

شكراااااااااا

نيو فراولة 26-10-10 09:02 PM

10- لا ............ لن ترحلي!

أبلغها جون في طريق عودتهما أنه مضطر للقيام ببعض الأعمال الضرورية ، وذلك بسبب غيابه ثلاثة أيام كاملة عن حوض التماسيح . ثم قال :
" سنذهب بعد غد إلى أقرب بلدة لأعداد الترتيبات اللازمة لزواجنا ، ثم نبتاع بعض الأشياء الأساسية . وبمجرد أن يسمح لي وقتي بالتغيب بضعة أيام عن العمل ، نعود ألى البلدة حيث تتمكنين من شراء أثاث جديد " .
ثم أبتسم وأضاف قائلاً :
" سيصبح لنا قريباً بيت أكبر وأجمل . سأبدأ في أسرع وقت ممكن بالعمل على أعداد كل ما يلزم
لبناء البيت الجديد . لو كنت أعلم بقدومك منذ بعض الوقت ، لكان البيت الآن جاهزاً ألى حد ما " .
" أعتقد أنه كان علي أبلاغك مسبقاً بقراري هذا ، يا جون " .
أمسك بيدها وضغط عليها بحنان ، قائلاً :
" سالي ! سالي ، أيتها الأندفاعية الحبيبة . لا تتغيري أبدا "ً.
أوه ، لقد تغيرت سالي كثيراً ، يا جون ....وكذلك أنت .... ومن غير الممكن على الأرجح أعادة أي منا ألى طبيعته السابقة !
" هل تحبين رعاية الأيتام ؟".
" الأيتام ؟".
منتدى ليلاس
" أحضر معي ألى المخيم بين الحين والآخر حيواناً رضيعاً ، لأن أمه تكون قد قتلت أو نفقت " .
" ماذا تترك أذن للطبيعة ؟".
" في بعض الأوقات ، تكون فرص الحياة والبقاء بالنسبة لحيوان صغير وحيد ضعيفة جداً . . .
فأحاول مساعدة الطبيعة على أانقاذه من براثن الموت المحتم .هل تقبلين بمساعدتي في هذا المجال ، يا سالي ؟".
هذا هو المجال الوحيد الذي لم يتغير فيه جون أطلاقاً . كان يعرف منذ حداثة سنة ماذا يريد في المستقبل ، وقد حقق الآن أمنيته . ألم يكن يحضر ألى بيته كلاباً صغيرة ويعتني بها . ... .
ويعلم سالي كيفية الأهتمام بها ورعايتها ؟ ومع أن الكلاب شيء وصغار الحيوانات البرية المتوحشة شيء آخر إلا أنها ستتعلم كيف سترعاها وتهتم بها . لقد تعلمت دائماً القيام بالأعمال التي كان جون يتوقعها منها ، فلماذا لا تقدر الآن ... . . وهي أكثر خبرة ونضوجاً ، وأكثر رغبة في ـسعادة ! أبتسمت وقالت :
" أعتقد أنني سأحب ذلك ، أذا علمتني كالعادة كيفية معالجة الأمور المطلوبة مني ".
نجح جون في جعل يومها ممتعاً ومسلياً للغاية ، بحيث أنها تمكنت فعلاً من نسيان تعلقها بأندريه . ولكن مشاعرها ثارت مجدداً ، وهما في طريق العودة ألى أرض الصنوبر . قالت لخطيبها بلهفة :
" دعني أبقى معك " .
" ليس خلال الأيام القليلة المقبلة ، يا سالي " .
" أرجوك . . . لا أريد العودة ألى أرض الصنوبر . . . ألى أندريه . "
" لماذا تكرهين أندريه إلى هذه الدرجة ؟".
" لأنه . . . لأنه متعجرف و . . . وقاس جداً " .
" يبدو أنه اثارك من الناحية السلبية . لا تكوني قاسية جداً على أندريه ، أيتها الحبيبة .
أذا كان ظالماً مع النساء ، فثمة سبب لذلك " .
" أي سبب ؟".
" تركت أمه أرض الصنوبر وهو لا يزال طفلاً صغيرا "ً.
" أوه . . . لم أكن . . . أعلم ذلك . لماذا تركت بيتها وأبنها ؟".
نظر أليها بكثير من الجدية والأهتمام ، وقال :
" لم تتمكن من تحمل الحياة . ... . والوحدة هنا . أنها ليست حياة سهلة بالنسبة للنساء " .
أوه ! هذا هو أذن سبب أحتقاره للنساء ، وأعتقاده بأن فتاة المدينة لن ترضى بالبقاء طويلاً في مناطق الغابات والأدغال .... . وبأنها لن تخلص لزوجها طويلاً . وجهت ألى جون سؤالاً ، وأحست أنها تعرف جوابه مسبقا :
" ماذا حدث لأندريه ؟ هل أخذته مًعها ؟".
"ألتقت رجلاً .. . . وذهبت معه . أما أندريه ، فقد تولى والده مهمة رعايته وتربيته . "
منتدى ليلاس
" من الؤكد أن ثمة نساء يقدرن على مواجهة الحياة هنا ، مهما بلغت صعوبتها وقساوتها " .
" طبعاً ، أيتها الحبيبة ، وأنت أحداهن " .
" نعم . . . ولكن . . . لا توجد علاقة بين هذه الأمور كافة . . . وموضوع أقامتي في أرض الصنوبر ، أنا لا أريد ذلك . جون ، أرجوك ! أنت لا تعرف ... . . أعني ... . . كان اندريه مستاء جداً عندما أكتشف وجودي على ظهر شاحنته " .
ضحك جون وقال :
" هذا أمر طبيعي . أسمعي يا سالي . لن تطول أقامتك هنا ،والأيام القليلة ستمر بسرعة أكبر مما تتصورين " .
أوه ، جون ! قد أخسر قلبي بصورة كاملة ، بحيث سأجد صعوبة بالغة في طرد أندريه من حياتي . سيظل يلاحقني كشبح مخيف طوال عمري . ... . ولكن ، كيف يمكنني الأعتراض على كلماتك هذه بدون اللجوء ألى الحجة والبرهان . . . والتفاصيل المخجلة المؤلمة !

نيو فراولة 26-10-10 09:08 PM


وصلا ألى قصر الصنوبر ، فوجدا أندريه يعمل في الحديقة . رحب بهما ودعا جون ، الذي لم ينزل من سيارته ، ألى البقاء معهما لتناول العشاء . أعتذر جون ، قائلاً أن عليه القيام ببعض الأعمال الضرورية قبل حلول المساء . ثم أضاف يقول لسالي :
" سأراك صباح الغد بإذن الله " .
سألها اندريه بعد ذهاب جون :
" جولة أخرى في مخيم حوض التماسيح ؟".
لم تعلم سالي بأن عينيها كانتا تشعان عاطفة ، بمجرد النظر إليه . . . على الرغم من وجود ذلك القناع القاسي على وجهه ، وتلك الشراسة العنيفة في نظراته . قالت له :
"ألى حد ما ، وسنذهب بعد غد لأعداد الترتيبات الخاصة بالزواج " .
علق على كلامها قائلاً بلهجة مشبعة بتلك السخرية اللاذعة التي تكرهها :
" يبدو أنك تحصلين على ما كنت تريدين " .
شعرت برغبة قوية في ألقاء رأسها على كتفه وغسل أحزانها بالدموع ، ولكنها قررت المضي في تحديه . . ... مخافة أفتضاح أمرها . قالت له بعنفوان :
" نحصل على ما نريده معاً منذ زمن طويل " .
" أنت مقتنعة تماماً بهذا الأمر ، أليس كذلك ؟".
" طبعاً ، طبعاً . لما لا ؟".
منتدى ليلاس
" لو لم تكوني طفلة صغيرة ، لعرفت الجواب بنفسك " .
لم تغير الأيام القليلة الماضية رأيه فيها ، كطفلة لا تستحق زوجاً مثل جون . .. . ولكنها بدأت تفهم بوضوح سبب هذه الروح العدائية . ومع ذلك ، لا يحق له التحدث معها على هذا النحو .
هزت رأسها بعصبية ، وقالت له :
" وماذا عن برباره سنكلير ؟ تتصور أنك تفهم أمور الآخرين وماذا يناسبهم ، ولكنك لا تطبق هذه النظرية على نفسك . عندما ستتزوج تلك المرأة ، سوف تجد أنك مرتبط بقطعة من الجليد لا تعرف أي معنى للحب أو الحنان " .
نظر أليها بغضب عارم ، يكاد يصل ألى درجة توجيه صفعة قوية ألى وجهها ، ثم قال لها بعد بضع لحظات :
" لماذا لا تترك برباره وشأنها ؟".
" ولكن ستتزوجها ، أليس كذلك ؟".
" لست مضطراً للأفصاح عن مخططاتي ومشاريعي لأحد . نحن على طرفي نقيض . فأنا أعرف ما أريد ، فيما أنت لا تعرفين . هيا ، لندخل إلى البيت . "
مشت قربه . فبدأ قلبها يئن ويتلوى . . . .ويتعذب ويتألم . لم يلمسها . . . . لم يتحدث أليها ، ولكن جاذبيته الوحشيه كانت تثير في نفسها مشاعر غريبة تدفعها ألى حالة من اللاوعي . أرتطم ذراعه فجأة بكتفها ، فأحست بقشعريرة في كافة أنحاء جسمها . .. . وبصعوبة بالغة في تنفسها . تطلعت نحوه بسرعة ، فبدا وكأنه لم يحس بهذه اللمسة التي كادت تصعقها . كيف يمكنها أن تحب رجلاً ألى هذه الدرجة ، وهو غير مهتم بها أو شاعر بوجودها ! يا للجنون !
ظلت تتقلب في سريرها طوال تلك الليلة ، بدون أن يغمض لها جفن أو ترتاح عقلاً وقلباً .
تأكد لها أنها ستكون أكثر أماناً في حوض التماسيح ، حتى لو أضطرت للنوم مع جون في سرير واحد . صحيح أنه لديها الآن غرفة خاصة بها ، ومدبرة المنزل ماريا تنام في غرفة مجاورة كحارس أمين . . . ولكن هذه الترتيبات غير كافية لمواجهة رغباتها وأحلامها . أذا دخل أندريه غرفتها الآن وأخذها بين ذراعيه ، فلن تستطيع أبداً مقاومته . . . لا بل أنها تحاول ذلك !
أمضت سالي اليوم التالي في حوض التماسيح ، حيث راقبت عن كثب طبيعة عمل جون وبعض المهام الملقاة على عاتقه وعندما أعادها إلى أرض الصنوبر مع حلول المساء ، تبين لهما أن أندريه أعد حفلة عشاء غير رسمية يتم خلالها التعارف بين سالي . . . الزوجة المقبلة لجون لانج . . . ومجموعة مختارة من الأشخاص المقيمين في هذه المنطقة .
توترت أعصاب سالي كثيراُ لدى سماعها النبأ ، لأنها ليست مستعدة لمواجهة أناس يعرفون بالتأكيد أخبار مغامرتها المثيرة . . . بفضل تلك الأنسانة الخبيثة الماكرة برباره سنكلير .كما أنها لم تكن راغبة أبدا في مقابلة هذه المخلوقة الشريرة , وخاصة لأنها ستقوم بدور المضيفة بفي بيت أندريه.

نيو فراولة 26-10-10 09:33 PM

تطلعت نحو جون , فبدا متضايقا ومتوتر الأعصاب مثلها , أبتسم لها مشجعا , ولكنها أحست بأشمئزازه من أقدام أندريه على خطوة كهذه بدون أستشارتهما , قالت لنفسها : أنه أذا لم يكن هناك بد من حضور هذه الحفلة ومواجهة الأمر الواقع , فمن واجبها على أقل تقدير الظهور بأجمل حلة وزينة.
ذهبت ألى غرفتها حيث أستحمت , وتبرجت , وتأنقت .......ثم عادت ألى الحديقة وهي تختال زهوا وتكبرا , بدأ الضيوف يتوافدون على قصر الصنوبر , أبتداء من الساعة الثامنة , وكانوا جميعا متشوقين لمقابلة الفتاة التي تسللت ألى شاحنة أندريه وتخفت فيها , لقد قامت بربارة سنكلير بمهمتها الحقيرة على خير وجه , أذ لم يكن بين المدعوين أحد لا يعرف قصة التخفي في الشاحنة , ولكن سالي سجلت أول أنتصار لها على بربارة , فعوضا عن تعرضها للقدح والذم والأنتقاد , ولنظرات الأزدراء والأستهجان , أكتشفت أنها أبحت خلال فترة وجيزة جدا محور أهتمام الجميع ومحط أعجابهم وتقديرهم .
لم تتبادل مع باربرة سوى بضع كلمات , أقتصرت في معظمها على الشكليات والرسميات , تعمدت تجنبها وعدم النظر أليها , وخاصة لأن تصرفات بربارة معها كانت باردة وجافة وعدائية ألى درجة مذهلة........ ألا عندما يكون أندريه قريبا منهما , فتتظاهر بالود والصداقة.
منتدى ليلاس
كانت ليندي أيضا مدعوة ألى الحفلة , فشعرت سالي مجددا بالأرتياح لوجودها .... ولتلك الأبتسامات الحلوة الطيبة التي تعلو ثغرها طوال الوقت , ولكن مسحة الحزن الخفيفة التي كانت تظهر بين الحين والآخر على وجهها البشوش وفي عينيها الضاحكتين , أدمت قلب سالي , فهي وحدها قادرة على فهم معاناة ليندي وعذابها , لأنها مثلها تحب رجلا لا يحبها.
لم تر جون كثيرا منذ وصولها ألى أرض الصنوبر , ولكنه ظهر فجأة أمامها وهو يحمل لها صحنا تنبعث منه الرائحة الشهية للحم المشوي , شكرته على أهتمامه بها , ثم سألته بهدوء:
" هل أزعجك أقدام أندريه على أقامة هذه الحفلة بدون أستشارتنا ؟".
" لا , أبدا!".
" يا له من متغطرس متعجرف ! لا يستشير أحدا , بل يفعل ما يريد".
" من النادر جدا أن يقدم أندريه على أي خطوة , بدون وجود أسباب كافية".
نعم , لديه أسبابه ..... وهي تعرفها جيدا , ولكنها ليست قادرة على كشفها أمام جون , تبا لهذه التحولات التي طرأت على علاقتهما ! لم تكن لتردد أبدا في السابق ....في أطلاعه على أي موضوع كان , وكانت تعلم دائما أنه سيتفهم المسألة برحابة صدر وأستعداد كامل للتحليل والمناقشة , ألا أن جون الجديد لم يعد كالسابق , على الرغم من أنه لا يزال الرفيق الطيب الذي أحبته دائما , يا للغارابة , ويا لسخرية الأقدار ! ها هي الآن على وشك تحقيق حلمها بالزواج من جون لانج , ومع ذلك فهي تشعر بالتردد معه..... لأول مرة في حياتها.
أنتهى الجميع من تناول طعام الطعام الشهي , وتحولوا ألى حلبة الرقص التي أقيمت في وسط الحديقة , رقصت سالي مع خطيبها , الذي تولى منذ الصغر تدريبها على كافة الرقصات التقليدية والعصرية , وسرها أنها لا تزال قادرة على تتبع خطواته بدون تعثر أو تردد , هكذا سيكون مستقبلهما .... مبنيا على التنسيق والتعاون ....... والوفاق التام في الفكر والروح , رفعت رأسها نحوه باسمة , وقالت له عندما رد على أبتسامتها بالمثل :
" سنكون سعيدين مع بعضنا ".
أنتهت الرقصة الأولى , فتهافت معظم الرجال على دعوتها ....... ربما لأنها حديثة العهد في مجتمعهم الصغير المحدود , لبت كافة الدعوات , الواحدة تلو الأخرى .... ألى أن أصبح أندريه كونورز الرجل الوحيد في تلك الحفلة الذي لم يوجه أليها دعوة للرقص , راقص معظم النساء الموجودات , ربما بداعي الضيافة واللياقة , ولكنه خص بربارة سنكلير بحصة الأسد , وعندما كادت تفقد الأمل , أقترب منها بهدوء ودعاها ألى الرقص معه.
هل سترفض دعوة هذا المتكبر المتغطرس؟ لا , لا يمكنها ذلك.... أذ يكفيها ما تعانيه منه ومن معاملته لها كطفلة صغيرة , تظاهرت بعدم الأكتراث , وبأنها توافق على دعوته لمجرد كونه صاحب الدار , وتمنت ألا يشاهد الأرتجاف القوي في شفتيها أو يشعر بصعوبة تنفسها.

نيو فراولة 26-10-10 09:56 PM

حاولت التصرف ببرودة متناهية , ولكن قلبها ذاب وتلاشى , بمجرد ألتصاقها به , ضمها أليه أندريه بقوة وطوقها بذراعيه , ففقدت أي رغبة في المقاومة , تضافرت ضدها قوى كثيرة متعددة ...... موسيقة هادئة حالمة , جو دافىء .....رائع ... رجل لا كالرجال , فأحست بسعادة عارمة لا حدود لها .حل منتصف الليل , فبدأ الساهرون للنهوض باكرا بمغادرة أرض الصنوبر الواحد تلو الآخر , كانت الظلمة حالكة , فلم تعد سالي قادرة على رؤية وجوه الباقين بوضوح , هل يهمها ذلك؟ لا , فمعها أندريه , نسيت أنها ستذهب صباح اليوم التالي مع جون لأعداد ترتيبات الزواج , فأفكارها كلها مركزة على هذا الرجل الجذاب الذي يثير أحاسيسها , وفجأة ...... تحطم صوت السعادة الذي بنته مؤقتا حولهما , عندما سمعت بربارة تناديه :
" أندريه حبيبي , ضيوفنا ذاهبون".
ضيوفنا! أزعجها هذا التعبير أكثر من كلمة حبيبي , فبدأ جسمها ينتفض بقوة عندما تركها أندريه وذهب لوداع ضيوفه ......ضيوفهما! شكرت سواد الليل الشديد لأخفائه دموعها عن عيون الموجودين , وسارت نحو أشجار الصنوبر المحيطة بالحديقة...... لتبكي على أنفراد.
شعرت تدريجيا بأنها لم تكن وحدها .....سمعت أصواتا خافتة لحبيبين يظنان أنهما بعيدان عن الآخرين , قررت الأبتعاد عنهما , ليتمتعا بعزلتهما ...... ولكنها تسمرت في مكانها عندما سمعت صوت جون , حبست أنفاسها وأصغت بأنتباه بالغ ألى الصوت النسائي , فتأكد لها أن صاحبته ليست ألا صديقتها المحتملة..... ليندي .
أقتربت منهما بخفة ورشاقة , بدون محاسبة نفسها على هذا التصرف غير اللائق ....وبدأت تتنصت بعناية , كانا قريبين جدا لبعضهما , وكأنهما ملتصقان , وسمعت جون يثول بصوت منخفض , يوحي بالألم والمرارة :
" آسف جدا , يا حبيبتي".
" أعرف....".
"لا شك في أن ليندي تبكي......".
" أنا وحدي مسؤول عن هذا الخطأ الفادح , كان من واجبي أن أكتب لها وأخبرها......".
صمت جون بضع لحظات , ثم أضاف:
"ليندي , حبيبتي! لا يمكنني الآن التخلي عن سالي , فهي تعني لي الكثير منذ صغرنا , آه ,تلك الخطوة المجنونة التي أقدمت عليها...... هذه هي سالي , الأندفاعية والمتحمسة دائما".
" سيكون الأمر بالغ الصعوبة".
بدت ليندي وكأنها تبذل جهودا جبارة وشجاعة للسيطرة على نفسها , ولكن الأرتجاف كان واضحا في صوتها , وسمعت سالي جواب جون :
" سيكون جحيما ......عندما أراك ...... وأفكر بالمشاعر القوية التي نكنها لبعضنا , أحببت سالي دائما , وقد بادلتني هذا الحب بمثله أو حتى بأقوى منه , ولكنني لا أحبها بالطريقة ذاتها التي أحبك أنت فيها , لماذا لم أكتب لها , وأطلعها على الحقيقة ؟ تبا لي ولهذه التصرفات الرعناء! أعذريني , يا حبيبتي , أنا آسف جدا".
أقتربت منهما سالي , وقالت له بحدة وأنفعال:
" هذا هو أقل ما يقال !".
شهقت ليندي وأبتعدت بسرعة عن جون , ولكن الرجل ظل واقفا بدون حراك........ ثم سألها بعد لحظات صمت رهيبة :
" هل......هل سمعت؟".
" كل كلمة , وأشكر الظروف على ذلك! كان يفترض بك أن تكتب لي عن هذا الأمر , كنت سأتفهم وضعك".
" هل ستتفهمين حقا , يا سالي؟".
" أتصور .... أتصور ذلك , كنت سأشعر على الأرجح بألم شديد , ألا أنني كنت سأتجاوز المحنة..... بطريقة أو بأخرى ...عاجلا أو آجلا ".
قامت بهذه الرحلة الطويلة المضنية بدون أي مقابل ... ولتواجه بمثل هذا الفشل الذريع , لو أبلغها مسبقا , لكان وفر عليها مشقة القيام بهذه المغامرة المجنونة ...... وعذاب الوقوع بحب رجل سيتزوج غيرها , لن تحب أحد بعد أندريه! قالت لها ليندي :
" سالي! أنا آسفة".
" لا , يا عزيزتي , فأنت تناسبين جون ألى درجة كبيرة".
سمعتهما يتنفسان الصعداء , فضحكت بنعومة وأضافت قائلة:
" يتحتم عليك بالطبع الزواج منه , وسأكون أول المهنئين , تأكدي أنني لا أسلمه ألى أي فتاة تعجبه أو يعجبها , لأنني أحبه من صميم قلبي ..... ولكن كمجرد أخ".

نيو فراولة 26-10-10 10:14 PM

قال لها جون بسرعة ولهفة:
" سالي... يالي , هل تعنين ذلك؟".
" نعم , تزوج ليندي , فأنتما...... تناسبان بعضكما تماما ".
" وأنت ؟ ماذا سيحل بك ؟".
أصبح الموقف الآن أكثر صعوبة وتعقيدا , ولكنها تحاملت على نفسها وقالت :
" عرفت .....عرفت خلال الأيام الثلاثة الماضية أنني....... أنني لا أحبك , كما يجب على المرأة أن تحب زوجها ".
" ولكنك لم تقولي لي ذلك أبدا! كنت تحاولين القيام بدور مماثل ..... ترفضين التخلي عني!".
صمت لحظة , ثم أضاف قائلا .... مستوضحا أمرا ما يزال يجهله :
" لماذا أتيت أذن؟ هل كنت تعتقدين .....هل ثمة شخص آخر الآن ؟".
لم تتمكن سالي من الأجابة على هذا السؤال المحرج , فصرخت ليندي بصوت خرق جدار الصمت :
" أندريه! أنه أندريه , أليس كذلك؟".
" نعم , ولكنه لا يريدني ".
قالت لها ليندي بلهجة أيجابية جدا :
" أنت مخطئة ! هل تذكرين ما حدث بعد ظهر ذلك اليوم , عندما أحضرت له بعض الأوراق ؟ شاهدت وجهه وهو ينظر أليك , ولاحظت على الفور مدى تعلقه بك , ولما ذكرت أسم جون وعزمك على الزواج منه , أصبت بهلع شديد حرمني من التفكير بموضوعكما".
" أندريه .... سيتزوج برباره , أعتقد أنني سأعود الآن , لأنني أشعر بالبرد".
منتدى ليلاس
أقتربت من ليندي , ثم عانقتها بحرارة وقالت لها :
" أعتني بجون لأجلي , يا ليندي".
قبلت جون , ولكنها لم تقل له شيئا بسبب تأثرها البالغ , الآن ...... عادت علاقتهما ألى سابق عهدها أثناء الطفولة وسنوات المراهقة , وسوف يفهم حقيقة مشاعرها حتى ولو لم تتفوه بكلمة واحدة.
عادت ألى الحديقة , حيث كانت الحفلة لا تزال في أوجها , ولكنها فقدت أي رغبة في الرقص أو التحدث مع أحد , ولم يعد يهمها سوى التوجه فورا ألى غرفتها وتوضيب أمتعتها , ستطلب من أندريه في الصباح نقلها ألى أقرب قرية , لتنتقل منها ألى ستريمز ..... ثم ألى بيتها وعائلتها.
جميع الأحتمالات والبدائل أفضل من البقاء في أرض الصنوبر , فسخت خطوبتها مع جون , ولم يعد هناك بالتالي أي سبب لتمضية يوم واحد فقط في منزل أندريه , لو كانت قادرة على مغادرة بيته هذه الليلة , لما ترددت.
أعجبها تصرفها مع جون , لأنه التصرف السليم الوحيد .....ليس بالنسبة أليه فقط , ولكن بالنسبة أليها أيضا , ألم يتأكد لها قبل هذه الحفلة , أنها قد لا تتمكن أبدا من طرد أندريه من حياتها وقلبها؟
وضعت جميع ملابسها في الحقيبة , بما في ذلك الثياب التي كانت عليها أثناء الحفلة ......المشؤومة , وأرتدت قميص النوم الحريرية الشفافة أستعدادا للنوم , يا لسخرية الأقدار! هذه هي القميص التي كانت تنوي أرتداءها في أول ليلة بعد زواجها من جون....
فتح أندريه الباب فجأة , ودخل بدون أستئذان , بدا جذابا , قويا , متوحشا , فتاكا , مثيرا...... هكذا ستتذكره دائما , كم هي سخيفة عندما تحاول أقناع نفسها بأنها ستنساه , وبأن صورته لن تلاحقها طوال العمر! رفعت يديها بسرعة وغطت صدرها...... فأطلق أندريه تلك الضحكة الخفيفة المغرية , وقال :
" لقد شاهدت أكثر مما تحاولين أخفاءه الآن ".
اللعنة عليه ! كان يراقبها أذن , عندما خرجت من تلك البركة .
هزت رأسها بعصبية , وكأنها تحاول أبعاد تلك المناظر عن عقلها وتفكيرها , قال لها :
" لا مبرر للتهرب مما حصل".

نيو فراولة 26-10-10 10:35 PM

أحنت رأسها خجلا , فأمسك بيديها , تجمدت في مكانها , وهو يتأمل وجهها الجميل , مرت لحظات عسيرة جدا , أضاف بعدها بصوت ناعم رقيق:
" جميلة.... جميلة جدا , مسكين جون , فهو لا يعرف قيمة التي سيتخلى عنها ".
ذهلت وأرتبكت ......فسألته بصوت هامس تقريبا :
" كيف عرفت ذلك؟".
رفع أحدى يديه وأمسك بذقنها , بحيث يتمكن من النظر ألى عينيها مباشرة .... وقال :
" أعرف , هل أنت مستاءة , يا سالي ؟".
لم تجبه على الفور , فنظراته أخرستها وجاذبيته حبست الهواء عن رئتيها , مضى ألى القول :
" وجدت جون وليندي معا بين أشجار الصنوبر , فقررت أطلاق سراحه ...... أليس كذلك؟".
توقف لحظة وهو يوجه ألى عينيها نظرات حارقة , ثم سألها :
" هل هي طعنة في الكبرياء وعزة النفس ؟".
منتدى ليلاس
هزت رأسها , ولم تتمكن من الأجابة , لمعت عيناه فجأة , وسمعته يأخذ نفسا عميقا , ثم عاد ألى الكلام مجددا :
" يقول جون أنكما أدركتما أن الحب الذي يجمع بينكما ليس حب رجل وأمرأة , هل هذا صحيح , يا سالي؟".
سالي! ها هو يكرر الأسم للمرة الثانية خلال لحظات ! لم يعد يهمها أن أندريه سيتزوج برباره , وأن كرامتها ستكون أكثر مناعة وقوة أذا تمكنت الآن من أختلاق أعذار مناسبة , لا تزال يده ممسكة بذقنها , وبظراته مركزة على عينيها لتسحب منهما الحقيقة التي لم تعد قادرة على تغطيتها , قالت له بصوت هاديء:
" نعم , هذا صحيح".
ظهر الأرتياح في وجهه وعينيه ,فأنهمرت دموعها , حاولت أبعاد وجهها عنه , ولكن يده القوية منعتها من تحقيق ذلك , أدركت سالي عندئذ , أنها لم تعد عابئة بما أذا كان قادرا على قراءة أفكارها وفهم مشاعرها , ليقل عنها ما يشاء ....... ليقل أنها سخيفة وقليلة الحياء , فأين الكبرياء وعزة النفس أو ما تبقى منهما! وضع يده على كتفها , وسألها بهدوء ورقة :
" والآن , ماذا كنت تفعلين عندما أقتحمت غرفتك؟".
" أعد نفسي للسفر , أنا ذاهبة , يا أندريه".
قال لها بلهجة صارمة :
" لا , لن ترحلي ".
نظرت أليه بدهشة وأستغراب بالغين , وقد لمحت بصيص أمل في كلماته الثلاث القوية , سألته متلعثمة ومترددة :
" ماذا ....... ماذا تعني ؟ لا يسعني البقاء هنا ..... بعد فشلي في تحقيق الزواج الذي كنت أصبو أليه ....... منذ سنوات".
" يمكنك البقاء هنا كزوجتي , يا حبيبتي , أيتها الهرة الضائعة".
قالت له بصوت مرتبك تغمره السعادة :
" زو... زو.... زوجتك ؟".
" طبعا , هل تقبلين بالزواج مني؟".
أهذا حلم أم حقيقة ؟ هل تصدق ما سمعته أذناها ؟
" ولكن ..... ولكن برباره .......قالت....".
" لم تكن أمنيات برباره يوما مطابقة لأمنياتي ".
منتدى ليلاس
كان يبتسم , ولكنها شعرت بتململ ونفاذ صبر في يديه اللتين بدأتا تجذبانها نحوه بمحبة وحنان واضحين , أرادت سماع تلك الكلمات الرقيقة التي تحلمبها منذ أيام ,ولكنها وجدت صعوبة بالغة..... فأكتفت بالقول :
" هل تعني أنك.....".
" نعم أحبك , يا صغيرتي الأندفاعية ....... يا حبيبتي الهرة , أحببتك منذ اللحظة التي وجدتك فيها نائمة على ظهر شاحنتي , هل أجبتك على سؤالك؟".
قالت له هامسة :
" أوه , نعم , نعم , وأنا أحبك , ولذلك......".
لم يدعها تنهي جملتها بأن حبها له منعها من الزواج بجون......مع أنها كانت قادرة تماما على ذلك , عانقها بطريقة لا تسمح بمتابعة الكلام .... وأحست بعد لحظات بأنه لا حاجة لأي كلام على الأطلاق , فهمها أندريه الآن ..... وسيظل يفهمها أل الأبد.



تمت

101 White Angel 27-10-10 02:56 PM

سلمت الايااااااااااادي حبيبتي

رواية رائعة جداااااا

rehab abdo 27-10-10 10:26 PM

جميلة جدا تسلم ايدك

samahss 28-10-10 07:24 AM

تسلمى الروابه رائعه:55:

قصائد 28-10-10 06:43 PM

سلام الرواية مرة روعة يسلمووووووووووو

يسوره 29-10-10 01:49 PM

الرواية ررررررررروعه بتجنن تسلم ايدك
وشكرا كثيرا لك

hoob 29-10-10 10:31 PM

تسلم الايادى ونتمنا المزيد من الروايات الرائعه

micheal j 06-11-10 01:39 PM

:mo2::mo2:مشكوره ياعسل
وراية سوبر روووووووووووووووووووووووووووووعة

*mero* 23-11-10 06:23 PM

رواية بطلة وانت رائعة وذوقك أروع بالتوفيق

الجبل الاخضر 24-11-10 09:03 AM

برافو:55:تسسلمين:friends:شكرا لك:flowers2:وننتظر جديدك:party0033:

فجر الكون 24-11-10 11:17 PM

شكرا كتير على الرواية ....

ام سلمي 13-12-10 10:17 PM

تسلم يداك حبيبتي الف شكر

عمر بن الخطاب 27-12-10 01:39 PM

روعة ياروعة:8_4_134::va126XN::va126XN::va122XN::congrats::mok39ev 7:

ساكنه 09-01-11 03:25 PM

مشكوووووووووووووووووووووووووووووورة نهااااااااااااااااااااااايةجنااااااااااااااااااااااااانالف شكر وتلمين على الاختار والكتابة ودمتي لي في قلبي سكنة

سومه كاتمة الاسرار 09-01-11 09:34 PM

روايه جميله تسلمين ياعسل
:flowers2::flowers2::flowers2::flowers2::flowers2:
:liilase:

ندى ندى 14-02-11 10:39 PM

حلوه حلوه حلوه

قماري طيبة 26-02-11 05:54 AM

رواية جميلة جدا سلمت يداك عليها

fadi azar 11-05-11 04:58 PM

كتييييييييييييييييييير حلووووووووووووووووي

faiza531 13-05-11 03:12 PM

شكراً علي الابداع

سماري كول 24-01-12 02:55 PM

تسلمين ع الروايه الحلوه

عصافير الجنة 31-01-12 07:52 AM

:rdd12zp1::rdd12zp1::rdd12zp1::rdd12zp1::rdd12zp1::rdd12zp1: :rdd12zp1::rdd12zp1::rdd12zp1:

mongia 06-10-15 09:34 PM

رد: 153 - لا شيء يهم ! – روزميري كارتر – روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
يعطيك الصحة والعافية مشكورة كثيييييييييييييييييييييييييييييييييييييير


الساعة الآن 04:22 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية