منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات احلام المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f457/)
-   -   حصري 471_فرصة العمر الاخيرة_جاكي براون ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t149910.html)

اماريج 18-10-10 05:09 PM

ربما لأن مساعدته بدأت بطريقة بريئة . بدأ العرض بسيطا ، ولم يحاول أن يلمس كبرياءها مطلقا .
قال لها مرة بعد ان انتهت من عملها فى إحدى الليالى :
" مرحبا ، روزى ! اخترت لك عددا من الكتب من المكتبة ، وأعتقد أنك سوف تستمتعين بها "
رفعت نظرها وهى تستعد لتجده يبتسم لها ابتسامة قاسية ، إلا أن ملامح وجهه بدت جدية وهادئة .

- أعلم أنك لا تجيدين القراءة . لدى ابن عم عانى من المشكلة نفسها عندما كان فى المدرسة ، ونصح بقراءة هذه الكتب . فكرت فى أن نطالعها معا فى وقت ما .

رفعت روز كتفيها ولم تعلق . لكن فى الاسابيع التالية راحا يجلسان معا وراء مكتبه لمدة ساعة قبل البدء بعملهما . لم تشعر بالحماقة وهى تردد الكلمات وراءه أو تكتبها على الورقة .

وكمكافأة على مجهودها الكبير ، كان مايسون يقرأ لها عدة صفحات من أحد الكتب السميكة لديه . إنه يملك صوتا رائعا ، قويا وواثقا ، ما جعل القصة تنبض بالحياة .
إنهما يقرأن الآن قصته المفضلة " آخر الهنود الحمر " التى كتبها جايمس فينمور كوبر .
منتديات ليلاس
أرخت روز ذقنها على راحتى يديها وهى تضع مرفقيها على المكتب ، وسألته :
" هذه الحادثة وقعت فى نيويورك . أليس كذلك ؟ "
- أجل ، لكن بريطانيا بنت حصونا فى ميتشيغن أيضا . هل ذهبت يوما إلى حصن ماكيناك ؟
عندما هزت رأسها بالنقى ، قال :
" سنذهب إلى هناك فى وقت ما"

قال مايسون ذلك ببساطة بنبرة توحى بالصداقة الحقيقية . احتاجت روز إلى كل ما لديها من إرادة وقوة كى لا تفتح فمها مستغربة كالبلهاء . تساءلت متعجبة كيف يمكنه أن يفعل ذلك ؟


لدية مقدرة وبراعة فى أن يجعلها تبدو مميزة ، وهى تعلم أنها ليست كذلك . مع ذلك ، عندما يتكلم ينظر مباشرة إلى عينيها ، وعندما تتكلم ، تعلم أنه يصغى إليها بالفعل .

أمضت روز معظم حياتها غير مرئية ، فلا ينتبه الاخرون لوجودها إلا عندما يعتقدون أنها تسبب مشكلة ما . كما أنها مجهولة الهوية أيضا ، فهى مجرد رقم فى سجلات مؤسسات رعاية الأيتام .
لكن مايسون يراها ، وهويجعل الوقت الذى يمضيانه معا ممتعا ومريحا ، هذا إذا لم تحسب تسارع دقات قلبها عندما يضع يده بلا قصد منه على كتفها او عندما يبتسم لها .
كما أنها تستمتع برفقته ، تماما كما يحصل أثناء تعلم القراءة وهى مهمة يفترض أن تشعرها بالملل .

مع تحسنها الواضح فى القراءة وتصالحها مع ماضيها ، شعرت روز أنها غدت أكثر قدرة على تبادل الأحاديث والمناقشة . من جهة أخرى ، وبغض النظر عن وسامته التى تجعله شبيها بممثلى هوليوود وماضيه المثير وولعه بالموسيقى الرومنسية ، يبدو مايسون كموسوعة من المعارف متنقلة ، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالطبيعة .


إنه كريم جدا بالمشاركة فى معلوماته ، فهو يعرف أنواع الأشجار من لحائها ، ويخبرها عن نوع الحيوان الذى مر على الثلج ، كما انه مجنون بحب الطيور . فبين الحين والآخر يقف فجأة فيما هما يتزلجان ويميل برأسه إلى ناحية ما ليضعى إلى زقزقة عصفور أو صفير خافت لمخلوق ذى جناحين . وجدت تلك الصفة محببة جدا ، كما أنها معدية . بينما كانا يتزلجان هذا الصباح فكرت بذلك وهما يقطعان طريقا يبعد قرابة الميل عن المنزل ، فقررت أن تفاجئه بمعلوماتها المحدودة .


- أصغ ! أسمعت هذا ؟

توقف تماما أمامها ، واستدار لينظر إليها . سألها : " ماذا ؟ "
انتظرت حتى سمعت الصرخة العالية مجددا . أشارت نحو غراب أسود كالليل طار من فوق رأسيهما عبر السماء الواسعة .
- إنه غراب . هو يقتات على النفايات والحيوانات الميتة . هذا النوع من الطيور موجود فى كل أنحاء البلاد ، ويمكن معرفته من خلال صوته الغريب وطريقه أكله المزعجة .
حاولت أن تبقى ملامحها جدية ، لكن ارتجاف شفتيها فضحها .

- ملاحظة ذكية ً!

رفعت كتفيها وعلقت :
" لست الوحيد الذى يعرف عن الطيور "
- توقعت أن تكونى خبيرة بيمام الصخور .
- يمام الصخور .
ابتسم مايسون ، وعلمت أنها ستضيع فى ابتسامته من جديد .
- ربما يعرف أكثر بالحمام . ديترويت مليئة به . يقال إنه جالب الحظ للمدينة .

كو ! كو ! استقر الغراب على رأس شجرة قريبة منهما ، وعلا صياحه فى البرية الهادئة الباردة .

منتديات ليلاس
علقت روز باستياء وهى تشير بعصا التزلج :
" الريف لا يختلف كثيرا عن المدينة ، فهنا أيضا يثير هذا الطائر الضجيج "
- هذا صحيح . سمعت أحدهم يقول اننا لو استطعنا ترجمة نداء الطيور ، لعلمنا أن معظمها ينشد الأشعار باستثناء الغراب فهو يطلق اللعنات .
زعق الطائر الاسود الكبير بقوة مرة ثانية ، فقررت روز أن مايسون على حق .

* * * *

سالتها مارنى وهما تنظفان الطاولة الكبيرة بعد الانتهاء من العمل فى احدى الليالى :
" هل فكرت مرة فى البحث عن والديك ؟ "
رفعت روز كتفيها بلا اكتراث وأجابت :
" لا "
لكنها كاذبة فى الواقع . ربما أصابها اليأس من إمكانية العثور على والديها ، لكنها تعلم أنها ما زالت تبحث عنهما باستمرار فى كل مكان جديد تزوره . إنها تحدق فى الوجوه الغريبة باحثة عن شئ ما مألوف ، أى شئ يعطيها هوية مختلفة عن الاسم الذى أعطتها إياه المؤسسة .

اماريج 18-10-10 05:11 PM

علقت مارنى :
" لوكنت مكانك لما توقفت عن البحث حتى أجدهما وأعرف لماذا تخليا عنى "
قال مايسون من ورائهما :
" كفى كلاما ، مارنى "
لكن بالطبع ، نبرته الآمرة لم تدفع شقيقته إلى التراجع مطلقا .
- بإمكانك مساعدتها ، مايس .
استدارت لتواجه روز وهى تتابع :
" مايسون كالكلاب المعدة لمطاردة اللصوص . بإمكانه إيجاد إبرة فى كومة من القش . هل أخبرك أنه عمل لفترة تحريا خاصا ؟ "
منتديات ليلاس
- ذكر ذلك لى .
قالت روز ذلك ، ثم ألقت لمحة سريعة على رئيسها فوجدته يحدق بتجهم فى وجه شقيقته "

- ما زال لديك علاقات فى ديترويت مايسون ، وكل ما تحتاجه عدة اتصالات هاتفية لتصل إلى طرف القضية الأساسي .

- مارنى !
حملت نبرة صوته تحذيرا واضحا .
- إن كنت ستختبئ فى تشينس هاربور يمكنك أن تقوم بعمل مفيد فى وقتك الضائع هذا ، مثل إيجاد عائلة روزى .
- تبا ، مارنى ! لماذا تحاولين دائما أن تدفعى الأمور بقوة ؟ ربما لا تريد روزى إيجاد عائلتها ، وربما لا أريد أنا أن أتذكر .

توقف عن الكلام ليحف كتفه كأنها تؤلمه ، وكأن الرصاصة التى تلقاها ما زالت هناك .

- غادرت ديترويت نهائيا لسبب واضح ، كما تعلمين . وأنا لست أختبئ هنا . عدت إلى هنا لأننى أردت أن أعيش بين الناس الحقيقيين الذين يمكنك الوثوق بهم لأنهم يقولون فقط ما يقصدون.
وافقته مارنى قائلة :
" هذه ميزة رائعة "

لكنها لم تتراجع مطلقا بسبب سوء طبع أخيها ، بل تابعت :

" الصدق والنزاهة صفتان قديمتا الطراز لكنهما لا تفقدان رونقهما مطلقا "
ابتسمت لنفسها ، وبدا من الواضح أنها سعيدة بما قالته لأنهما أكملت :
" هذه الجملة تصلح لأن تكون شعار حملتك "
قال مايسون بصوت كالرعد :
" يا إلهى ! مارنى ، أنت لا تتراجعين مطلقا . اولا تحاولين إجبارى على التدخل فى ماضى روزى ، والآن أنت تخططين للحملة الانتخابية "
منتديات ليلاس
قالت شقيقته بهدوء :
" تعتقد دينا سوترلاند رئيسة الحزب الديمقراطى فى ميتشيغن أنك الشخص المطلوب للنجاح "
- وكيف تعرفين ما الذى تفكر فيه دينا سوترلاند ؟
رفعت مارنى كتفيها ، وأجابت :
" تحدثت إليها الليلة الماضية بينما كنت منشغلا بسكب الشراب للزبائن "
تبدلت ملامح وجه مايسون وأصبحت جامدة كالحجر ، وقال :
" أنا لم ادعها إلى هنا . أنا صاحب مقهى ، ولدى عمل أقوم به ، لست . . . "

أكملت مارنى :

- . . . موظفا حكوميا ؟
قال مايسون بسخرية :
" إنهم مجرد مجموعة من الأوغاد ، وأنت تعلمين ذلك . السياسة لعبة ، وهى ترتبط باهتمامات معينة وبالمال الذى يستطيعون تأمينه للحملة الانتخابية التى تهدف إلى إعادة انتخاب مرشحهم . حتى الحزب يصبح فى المرتبة الثانية بعد المصالح الشخصية . أما الناخبون فانسى أمرهم . هؤلاء لا أهمية لهم غلا يوم الانتخاب ، ولا علاقة مطلقا لذلك كله بمساعدة الناس "

قالت مارنى باصرار :

" لكن يجب أن يكون كذلك . هذا هو معنى التشريع الذى يجب أن تسعى إليه . ستكون مشرعا بكل معنى الكلمة مايسون . لن تكون مجرد سياسى "
- هل يمكنك أن تتوقفى الآن ؟ قلت لك كفاك دفعا للاخرين .
- حسنا ! على أحدهم ان يدفعك قليلا .
قالت ذلك بنبرة حادة ، ثم استدارت لتقول لروز :
" وأنت أيضا يجب دفعك "

عندما فشلت فى جر روز نحو الطعم ، تابعت مارنى : " لابد أنك ستنتخبينه . اليس كذلك ، روزى ؟ "

آه ، لا ! لا يمكن أن تجرها إلى مثل هذا الموضوع .
- أنا لست مسجلة كناخبة . فلم أمكث فى مكان ما المدة الكافية لأفكر فى الأمر .
- أرايت ، مايس ؟ يمكنك أن تكون نصيرا لأشخاص أمثال روزى . . . للناس الذين لا صوت لهم فى مجتمعنا .

تمتم مايسون شتيمة ، ثم رمى المنشفة التى كان يستعملها لمسح الطاولة أمامه ، وسار مبتعدا نحو مكتبه . بعد أن سمع صوت صفق الباب بقوة ، استدارت مارنى نحو روز وغمزتها .

قالت :
" سيبدل رأيه ، ويوافق . أنا متأكدة أنه سيوافق على مساعدتك أيضا "
منتديات ليلاس
قالت روز وهى تتنهد بقوة :
" لا أريد مساعدته ، ولا أريد ايجاد أى شخص "
لم تترك لالمجال لمارنى كى تجيب على ما قالتنه ، بل خطفت الممسحة والدلو وغادرت إلى المطبخ ، مفضلة البلاط الوسخ واهانات بارغن غير الخبيثة على مضايقة مارنى المتعمدة .

* * * *

فى تلك الليلة ، فكرت روز بكل ما قالته مارنى . بقيت مستيقظة على الفراش المتكتل الموضوع فوق الأريكة تراقب أنوار المنارة فى السماء الداكنة ، وتتساءل ما الذى ستقوله إن وجدت حقا والدتها .
اتتذكريننى ؟ ما الذى كنت تفعلينه فى السنوات العشرين الماضية ؟ هل اشتقت إلى ؟ أما السؤال الأهم الذى يحرق فؤادها فهو : لماذا لم تريدينى فى حياتك ؟

نهاية الفصل الخامس


اماريج 18-10-10 05:44 PM

6_ لحظة انسجام

بدت السماء مكفهرة فيما رقائق الثلج تتساقط ، لكن مايسون طرق باب روز صباح يوم الاحد الاخير من شهر شباط ليرى ان انت ترغب فى الذهاب للتزلج . وافقت روز بشوق وحماس ، ففكرة الجلوس فى شقتها طوال النهار حيث لا جهاز تلفزيون ولا راديو ليست فكرة جذابة .

بعد مرور ساعة عادا ، لأن الثلج المنهمر قضى على كل أمل لهما فى قضاء الوقت فى الهواء الطلق . راح مايسون يتكلم باقتضاب وإيجاز طوال الرحلة ، لهذا شعرت روز بالدهشة عندما وصلا إلى باحة منزله ودعاها لشرب الشوكولا الساخن .

كادت ترفض دعوته ، لكن بدت لها شقتها فارغة وموحشة بالمقارنة مع المنارة بأجوائها المريحة .
منتديات ليلاس
ما إن وضعا جانبا عدة التزلج ، حتى جلست على كرسى فى مطبخه واخذت تراقبه وهو يعد الشراب بالطريقة الصحيحة ، الطريقة القديمة التى تحتاج إلى الصبر .
احضر مايسون قدرا صغيرة من احدى الخزائن ، وسخن شراب الشوكولا على حرارة معتدلة . وبعد البحث فى خزانة أخرى ، أحضر كوبين كبيرين وكيسا من الحلوى الجاهزة و خطفت روز ملء قبضتها من المقرمشات ، وبدأت بالتهامها بينما راح هو يحرك الحليب .

- هل أنت جائعة ؟

استدار ما إن قال ذلك ، فتوقفت روز عن المضغ وهزت رأسها نفيا ، قال بنعومة :
" كاذبة "
سار باتجاه البراد وهو يتحرك برشاقة . بالطبع ، رجل يعيش بمفرده عليه أن يعرف كيف يجيد العمل فى المطبخ . أخرج وعاء من البلاستيك ونزع الغطاء عنه ثم شم رائحة محتوياته .
بعدئذ قال :
" ما زالت المعكرونة جيدة ، حضرتها للغداء منذ عدة أيام "
رمقها بنظرة استفهام عندما رفعت حاجبيها .
- ليس عليك أن تطعمنى .

- هناك ما يكفى لشخصين ، فأنا عادة أعد الكثير من الطعام . كما أن أمى تقول من الوقاحة أن يأكل المرء بمفرده أمام الناس ، وأنا حقا أرغب فى تناول الطعام الآن روزى ، لكننى لا أريد ان أبدو وقحا .

- حسنا ! موافقة . لا سيما عندما تتحدث بهذه الطريقة .

عندما بدأ بتسخين المعكرونة فوق الموقد وليس فى المايكروويف سكبت روز الشوكولا ، وأضافت قبضة من المقرمشات إلى كوبها . رشفت القليل من الشراب عندما برد قليلا فشعرت بشفتها العليا دبقة .

استدار مايسون في اللحظة التي كانت تمرر لسانها فوق شفتها .
التمع شئ ما في عينيه , واستمر ذلك اللمعان عندما جلس قربها إلي الطاولة . رشف رشفة من شرابه الحار وحدق بها من فوق حافة كوبه للحظة , لكنها بدت كافية لتجعلها تتساءل ما الذى يراه فيها .
هل يعتقد أن شعري قصير جدا ؟ أم انه صبياني وغير مصفف بطريقة جميلة ؟
منتديات ليلاس
كرهت نفسها لأنها تهتم برأيه في مظهرها , لكن هذا لم يبدل حقيقة أنها تهتم فعلا .
أخيرا قال :
" أظن ان المعكرونة أصبحت جاهزة . يمكننا تناولها الآن "
ابتسمت روز وقالت :
" لم لا ؟ "
وضع جبنة البارميزان على سطح المعكرونة , وسكب صحنين لهما وضعهما على الطاولة الصغيرة . تناولا الطعام بصمت لعدة لحظات . بعد ذلك وضع شوكته جانبا ليعطيها كامل انتباهه .

- فكرت بما قالته مارني عن مساعدتك في البحث عن والديك . هي علي حق . صحيح أنها مزعجة , لكنها على حق . يمكنني القيام ببعض الاتصالات الهاتفية والتحرى عن الموضوع , هذا إذا كنت تريدين أن تجديهما .

- لا أريد !
أجابت روز بصورة آلية , وكأن رفضها هو طريقة فعالة للدفاع عن نفسها , لكنها لم تنجح في إخفاء ألمها , والآن هي تدرك ذلك بوضوح .
هز مايسون رأسه ومد يده ليمسك بشوكته , لكنها ألقت يدها فوق يده قبل أن يحظي بفرصة لإمساكها .

- بل أريد . أريد أن ابحث عنهما .

خرجت الكلمات من فمها همسا بسرعة , ثم نظرت بعيدا بعد أن تفوهت بها . لسبب ما لم تستطع أن تفهمه , شعرت بوخز الدموع في عينيها .
أدار مايسون يده تحت يدها , وأمسك بأصابعها , قال ببساطة :
" لا بأس بذلك " .
- لكنهما لم يريداني .
منتديات ليلاس
قالت تلك الكلمات , وشعرت بالرعب منها . هي تكره هذا الضعف الذي تمثله تلك الكلمات .
- أنا أريدك , روزي .
قال مايسون متفاجئا بعد أن قال ذلك , لكنه لم يتراجع عن قوله . إنه رئيسها وهي عاملة لديه . هو مالك وهي مستأجرة . لديه جذور عميقة وممتدة تماما كالأشجار التي تحيط بالشاطئ , وهي أشبه بالأوراق المرمية على الأرض , لا جذور لها على الإطلاق . من الخطأ جمع العمل مع العلاقات العاطفية . هو يحفظ هذه القاعدة عن ظهر قلب .
- أنت جميلة , روزي
- لا ! لست جميلة .

سألها بنعومة :

" أتقولين إنني كاذب ؟ "
وقف وهو لايزال يمسك بيدها , وشدها لتقف على قدميها .
قالت روز وهي تبتسم لتبقى الجو بينهما هادئا :
" أعتقد أن الطقس البارد أثر على رأسك "
لم يبتسم لها , بل قال بجدية :
" أعتقد أنك تخافين أن أعانقك من جديد "
- وهل ستفعل ؟

اماريج 18-10-10 05:45 PM

تقدم نحوها , ومد يده ليمسك بيدها الأخرى ويضعها حول عنقه . ما إن أصبحت يداه خاليتين حتى أحاط بهما وجهها بحنان .
- من الأفضل ان تصدقى ذلك .
فكرت روز أنه يجدر بها أن تقدم له أي عذر وتغادر , لكنها بدلا من ذلك مالت نحوه . من المحتمل أن ما يجري معها فى هذه الفترة هو مجرد خيال , لكن من الرائع أن تشعر أن هذا هو المكان وأن مايسون هو ذلك الشخص ...

مرت بضع لحظات وهما متقاربان , لكنهما لم يبتعدا عن بعضهما . روز لا تعرف مطلقا بأساليب الإغواء بين الرجل والمرأة , لكنها قررت أن تترك الأمور تجري بصورة طبيعية .

- الجو حار هنا .
انتظرت لحظة قبل أن تخلع سترتها لتبقى مرتدية القميص القطنية التي أعطاها إياها . إنها قميص فضفاضة ليس فيها شئ من الجاذبية .
أجابها مايسون :
" أجل . حار جدا "
بعد أن قال ذلك , سحب الكنزة التي يرتديها من فوق رأسه . تحتها كان يرتدي قميصا قطنية قصيرة الكمين مثل تلك التي قدمها لها قبل البدء بدروس التزلج .
بعدئذ ساد الصمت بينهما لبرهة , إلى أن قطعت روز الصمت قائلة :
" ألن تحضر بعض الحلوي . مايسون ؟ "
- بماذا ترغبين ؟
منتديات ليلاس
فكرت روز أن بإمكانها التقاذف بحذر بالكلام ذهابا وإيابا بهذه الطريقة في الدقائق القليلة التالية , لكن ...
- حسنا ! أعجبني ذلك العناق , يمكننا أن نحاول مرة أخرى ونرى إلى أين سنصل .
لم تنتظره ليفكر بالأمر بل عانقته . سمحت ليديها بالتسلل فوق قميصه فشعرت بحرارة بشرته تحتها .
تنهدت روز بحرارة :
" آه ! "
فتنهد مايسون بدوره .
أنفاسه الحارة جعلتها ترتجف من الشوق , شعرت روز بالسعادة لمعرفتها أنها تستطيع التأثير به إلى هذا الحد , لكنها لم تشك للحظة واحدة أن ما يحدث بينهما ليس جنونا .

فكر مايسون لابد أنه فقد عقله . لم يرقب في عناق روزي عندما طلب منها الدخول إلى شقته . لكن يبدو أن جسده لايهتم مطلقا لما خطط له . تراجع إلى الوراء محاولا أن يستعيد توازنه , فحدقت روزي به بعينين واسعتين وحذرتين . رفع يده , ومرر أصابعه عبر شعرها الأجعد القصير .


قالت بنعومة :

- إنه عادة .. طويل جدا .
حاول مايسون أن يتصوره , قال بصوت منخفض : " إلى أين يصل ؟ "
رفعت إصبعها لتضعه عند منتصف الجزء الأعلى من ذراعها , وقالت :
" كان جميلا جدا "
- إنه جميل الآن .
ابتسمت له ابتسامة خجولة عصرت قلبه وهي تقول :
" لا , إنه عملي الآن "
- حسنا ! لكنني أحبه هكذا .
- أحقا ؟

أجاب :

" بالطبع ! إنه يشبه شعر ميغ رايان , وأنا دائما أحمل الكثير من الاعجاب لها "
وعانقها من جديد . فى العناق السابق ترك لها الحرية , أما الآن فهو مصمم على أن يظهر لها أنها جميلة ومحبوبة وانه يعشقها .
لم يقابل مايسون في حياته امرأة تتجاوب معه لمجرد لمسة بسيطة , ما جعل خياله يطير به إلى عالم جديد من الشوق .
سألها وهو يطوق خصرها بيديه :
" أيعجبك هذا ؟ "
لم تجبه , لكن كل ما استطاعت القيام به هو أن تهز رأسها بتوتر.
تمتم هامسا :
" لم لا تبقين هنا ؟ "

لم تحظ روزي بالفرصة لتجيب , إذ فتح الباب بقوة ودخلت مارني كالعاصفة .

قالت مارني وهي تستدير لتدخل إلى المطبخ :
" هل هناك أحد ما في المنزل "
أبعد مايسون وجهه قليلا عن روزي .
كل ما استطاعت مارني قوله :
" آه , يا إلهي ! "
حاولت روزي أن تبتعد , لكن مايسون منعها . أبقاها فى دائرة ذراعيه , إلا ان وجهه بدا متقدا من الغضب والذنب معا .
هو ليس بحاجة لينظر إلى مارني التى ستظهر على وجهها بلا شك ابتسامة الهرة التي ابتلعت العصفور ليعلم أنها تستمع بما تراه .
منتديات ليلاس
قالت :
"يبدو أننى قاطعت شيئا ما "
جالت بعينيها على الكوبين الفارغين وعلى سترة روز المرمية على احد الكراسي قبل أن تنظر من جديد إلى وجه مايسون .
قال مايسون بصوت غاضب ملئ بالتوتر :
" أجل , وربما فى المرة المقبلة ستفكرين بالاتصال أولا "

دخل صهره الذي يدعو له دائما بالخير .

- آه ! يبدو أننا جئنا فى وقت غير مناسب . تعالى مارني , سنأتي فى مرة أخري .
تراجع هال نحو الباب , لكن مارني أمسكت بيده وشدته ليعود أدراجه ويصبح من جديد داخل المطبخ .
- نحن هنا الآن , ولحظة الانسجام بينهما دمرت . أليس كذلك , مايسون ؟
ابتسمت بمكر قبل أن تتابع :
" وهكذا يمكننا البقاء لنخبرهما لماذا أتينا "
تنهد مايسون , وأخذ يصلى فى أعماقه كي يتحلي بالصبر .
سأل هال :
" ألا تستطيع أن تفعل شيئا بشأنها ؟ "
هز هال رأسه , لكنه ابتسم عندما أجاب :
" أنت تعرف أختك أكثر مني "

بالطبع ! هو يعرفها جيدا , وها هو يخطط ليجعلها تدفع ثمن فعلتها هذه . لكنها على حق , لحظة الانسجام مع روزي دمرت وتحولت إلى شظايا , مع انه لا يزال يشعر بشوق كبير إلى معانقتها .

قال من بين أسنانه المطبقة :
" هل يمكنكما على الأقل أن تتركانا بمفردنا لدقيقة فقط فتذهبان لانتظارنا في غرفة الجلوس ؟ "
على الأقل وافقت مارني على المغادرة . عندما أصبحا بمفردهما فى المطبخ مرر مايسون يده برقة على رأس روزي , وتنهد بقوة.
- آسف لما حدث .
منتديات ليلاس
قالت :
" توقيت أختك بمنتهى السوء "
سألها :
" هل أنت نادمة على ما حدث ؟ "
- لا ! وأنت ؟
- لا .
- لكنك تعتقد أن ما حدث ليس بالعمل الذكي . فهذا ..
ولوحت بيديها بينهما .
- ربما لا . فأنا فعلا معجب بك , روزي .
ابتسمت له , لكنه لم يرها مطلقا ضعيفة وحائرة هكذا من قبل .
- لكن هناك " غير أن " أليس كذلك ؟
- أخشى قول ذلك . أنا فعلا أشعر بالانجذاب نحوك , ومن الحماقة نكران ذلك بعد ما حدث بيننا الآن . لكن هناك الكثير من الامور غير المستقرة في حياتك الآن , و انا لا أريد أن أستغلك أو أستغل هذا الوضع .

اماريج 18-10-10 05:47 PM

- فهمت !
- كل ما فى الأمر أنني أفكر في ما جري ..
توقف عن الكلام ليشير بيده , وهو يجهل بالتحديد كيف سيعرف ما جري , لذا تابع قائلا :
" ... هذا ليس بالعمل الصائب لأي مننا إذا كنت سترحلين "
قالت توافقه الرأي :
" هذه هي خطتي منذ البداية "
أما زالت كذلك ؟ أنتظرت أن يسألها , لكنه لم يفعل , وهي لم تدر ما سيكون عليه جوابها إن فعل .

- أنا أسبب جلبة مما جري , أليس كذلك ؟ كل ما في الأمر أنني أحاول أن أكون لطيفا .

وهو رجل لطيف حقا , بل مثالي . مع ذلك ما زالت روز تشعر بالألم , وبانها رفضت . هذا الألم القوي الحاد يفاجئها , فبعد أن هجرتها أمها الطبيعية , وابعدها عدد من العائلات التي تبنتها , ورميت بين براثن الحياة من قبل الدولة عندما بلغت سن الرشد , ماذا بإمكان أي إنسان أن يفعل ليؤذيها ؟ لكن قلبها الملئ بتلك المآسي لم يتحطم مرة بسبب رجل ما , أما الآن فبدا كأنه يتمزق إلى أشلاء .
منتديات ليلاس
- فقط لمعلوماتك , أنا لست من النساء اللواتي يرضين بإقامة علاقات عابرة , ولاهم كيف بدا الأمر لك منذ دقائق .
- أعلم ذلك روزي , وانا ايضا لست كذلك . لا أحد منا من النوع الذى يتحذ الحياة ببساطة ويرضي بالأمور كيفما تيسر الحال . لهذا السبب أعتقد أننا بحاجة إلى التراجع عما حدث , لنتمكن من رؤية الأشياء بالمنظور الصحيح .
- المنظور الصحيح ؟
قالت الكلمة الأولي ببطء وكسل كأنها تحاول التفكير كيف تكتب كلمة الم... نظو .. ر .
- هذه الكلمة تعني ..

قاطعته بحدة :


" أعرف ما الذى تعنيه , مايسون "

محاولته تعليمها أضاءت بقوة على الهوة السحيقة ما بين وضعيهما الاجتماعيين والفرق الواضح ما بين حياتيهما . رجل مثل مايسون ما كان لينظر نظرة ثانية إليها من قبل . هي متأكدة من أنه لم يكن ليهتم لامرأة تشبهها , امرأة شبه أمية لا تعرف اسمها الحقيقي ولا تاريخ ميلادها .
لابد أن هذا هو المنظور الذى يتحدث عنه والذي يعني رؤية الأشياء بحسب موقعها الصحيح والدقيق في الحياة .

رفعت كوبها وشربت ما تبقي منه برشفة كبيرة , لكن شراب الشوكولا لم يبد كافيا ليخفف من هذا الألم القوي المفاجئ الذي شعرت به في حنجرتها .

- من المؤسف أنك أضعت وقتك على فتاة مثلي .
- لماذا تقولين ذلك , روزي ؟
رفعت روز كتفيها وأجابت :
" فقط لمجرد الفضول ، أخبرنى منذ متى لم تقم أية علاقة جسدية مع امرأة ؟ "
- ما علاقة ذلك بما يجرى بيننا ؟
سألته من جديد :
" منذ متى ؟ "

- منذ سنة .

- آه ! بسبب المرأة التى تلقيت رصاصة لأجلها . لا عجب أنك متحفظ هكذا .
إنها ليست عادلة فى ما تقوله ، لكن من الصعب أن تكون عملية الدفاع عن النفس عادلة ومنصفة . تابعت :
" مع ذلك أرى انها مدة طويلة جدا بالنسبة إلى رجل مثلك . أعتقد أننى أفهم الآن لماذا وجدتنى جميلة "
- أنت تعلمين أن القضية ليست كذلك .
لمع الغضب الحقيقى فى عينيه وهويتابع :
" التقشف ليس المشكلة هنا ، وما يحدث بيننا بعيد عن العلاقات العابرة "
منتديات ليلاس
بدا متفاجئا من نفسه ، ولم يعجبه ما قاله .
نادت مارنى من الغرفة الأخرى :
" مايسون . . . روزى . . . هل ستأتيان ؟ "
أغمض مايسون عينيه ، وشعرت روز أنه يصلى من أجل الحفاظ على صبره . علمت أنها على وشك أن تفقد هدوءها هى أيضا .
قالت :
" لنذهب ونر ما الذى تريد مارنى أن تخبرنا به بكل هذا الشوق والاندفاع "
- لكن ما بيننا لم ينته .
سيطر عليها الاحساس القديم بضرورة الدفاع عن النفس . عليها أن ترفض وتبتعد قبل ان يتم رفضها وابعادها .



الساعة الآن 10:01 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية