منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   41 - شاطىء العناق - آن ويل - روايات عبير القديمة ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t149601.html)

نيو فراولة 14-10-10 04:08 PM

4- أيام كنت غرّا طائشا تعوزني البراعة في الحكم .
شكسبير – أنطونيو وكليوباترا

وقعت شارلوت في أضطراب عاطفي كبير منذ عاد ليام ألى الجزيرة , ولم يكن هناك من تبوح له بحزنها , وكان عليها أن تحتمله وحدها , ولم يكن بوسها أن تحتمل سخرية فلافيا بينما تحتوي شعورها الأليم بالضياع.منتديات ليلاس

لم يكن بعودته قد حرمها فقط من الجزيرة , بل شوّه الصورة التي رسمتها عنه بعد أن أستولى على مكان لا يبعد غير أميال قليلة عن الشاطىء وكان يخصها بكل سند خلقي.
لم تكن لتزور الجزيرة للمرة الثالية عادة قبل أن تمضي عدة أسابيع , غير أن أباها , بعد عودتها السريعة المفاجئة من الجزيرة بعشرة أيام , أشار وهو يتناول طعام العشاء قائلا :
" يمكنك أن تأخذي القارب غدا يا شارلوت أذا أردت ذلك ".
وسألته :
" حقا؟ حسنا".
كانت قبل ذلك بوقت غير بعيد تشعر بالبهجة أذا ما سنحت مثل تلك الفرصة.... ولكن هذا العرض الآن زاد من شعورها بالأحباط أذ كانت قد صممت على ألا تطأ قدمها أرض الجزيرة ثانية طالما هو هناك.
غير أن الأمر أختلف الآن بعد أن واتتها الفرصة وداخلها فيما بين العشاء والأفطار شعور بأمكان الرجوع عن مشروعها .
وأستسلمت في النهاية لشعور قوي يغريها بأن تذهب لتستطلع نوايا ليام , فهي لا تريد أن تراه بل تريد أن تعرف ما ينوي أن يفعله بجزيرتها.
وأحست بالألم عندما فكرت أنها ستضطر أن تدخل الجزيرة عن طريق القناة التي لم يجرؤ أحد سواها على أن يجتازها لسنوات طويلة , وتذكرت كيف أقتربت بعصبية من الشاطىء في أول مرة وكيف صارعت ضد الشجيرات الصغيرة .
وعندما بلغت المنزل لم تجد أي تغييرات واضحة منذ آخر مرة كانت هناك , ولكنها عندما أقتربت من الباب الأمامي وجدته هذه المرة مفتوحا على مصراعيه , وسمعت صوت منشار ..... ووقفت في الردهة تحاول أن تتعرف على مصدر الصوت , بينما أنطلق قط في مقتبل نموه من غرفة الجلوس يشمشم حولها ويحك جسمه في ساقيها البنيتين العاريتين .......
وأنحنت لتداعب القط قائلة :
" بسبس.........".
كان القط نحيلا للغاية ولم تكن فروته في حالة طيبة ,وبدا كأنه حيوان ضال يعاني من نقص التغذية , لكنه لم يكن عصبيا أو نافرا , وربتت عليه بيدها فأنس لها في أطمئنان وتقدير .
وتوقف صوت المنشار وسمعت وقع أقدام وظهر ليام في أعلى السلم فتوقف لحظة وأرتفع حاجباه , ثم هبط ألى الردهة قائلا :
" أهلا وسهلا....... كيف حالك؟".
وأحمر وجهها , وقالت في شيء من الحذر :
" صباح الخير".
" ما كنت أتوقع أن أراك قبل أسبوع أو أسبوعين .... وظننت أنك لن تستطعي الحضور ألا مرة في الشهر ".
وعلّقت في شيء من القسوة :
" أعتقد أنك لم تكن تنتظر أن تراني بالمرة :
" هل ذلك لأنك كنت مضطربة في المرة الماضية ؟ كان ذلك أمرا طبيعيا , وكنت أعرف أنك ستهدأين وتقتنعين عندما تجدين الوقت لتستعرضي الأمر من جديد ".
زقبل أن تفتح فمها لتدحض هذا الكلام أضاف :
" كنت على وشك النزول لأخذ كأسا من الشراب , ماذا تشربين ؟ كوكاكولا أم قهوة؟".
" لا أريد شيئا , شكرا ".
" لا ! حسنا! لنذهب معا ألى المطبخ ونرى – هيا يا أوليفر !".
وأشار ألى القط الذي جرى أمامهما على الفور أتجاه المطبخ .
وقال ليام وهو يفتح علبة الشراب :
" من حسن الحظ أنك جئت اليوم أذ كنت بالأمس في المدينة وتركت لك ملاحظة على الباب ".
ونظرت شارلوت ألى أوليفر , وقالت :
" من أين حصلت على هذا القط؟".
" ألتصق بي أول مر ذهبت فيها ألى المدينة وكان من الواضح أنه ليس ملكا لأحد وقد أحضرته ليؤنسني وسمّيته أوليفر لأنه كان هزيلا أعجف , ولكنه الآن أفضل حالا , أما زلت مصرّة على ألا تشربي شيئا؟".
" لا....... شكرا!".
" أذن فلنخرج ألى الهواء الطلق .... وهناك بعض الكراسي المريحة في فناء البيت".
ولاحظت شارلوت أنه قام بأخلاء مساحة كبيرة من الشجيرات والأعشاب التي كانت تنمو وراء المنزل منذ زيارتها السابقة , وكان هناك كرسيان من الألومنيوم , ومنضدة تحت شجرة من أشجار الياسمين الهندي العطرة , وسألته شارلوت بعد أن جلسا :
" هل يعرف أهل القرية أنك تعيش هنا؟ وهل أستخدمت أحدهم في أصلاح المنزل".
ووضع كأسه على المنضدة , وهز رأسه قائلا :
" أنني أعتمد على نفسي في الوقت الحاضر وعندما يصبح المكان جاهزا للسكن أحتاج ألى طاه وبستاني , ولكنني أفضل الأعتماد على نفسي في هذه المرحلة ".

نيو فراولة 14-10-10 04:36 PM

وأبتسم ثم أستطرد يقول :
" هل تظنين أنني لا أستطيع العيش بدون خدم ؟ أن أعداد الطعام أم تنظيم المسكن من الأمور التي لا تحتاج ألى مهارة كبيرة".
" تستطيع أن تحتمل لأسابيع قليلة , ولكن الأمر سوف يحتاج ألى شهور لتنجز كل شيء بنفسك".
" أقدر أنه يحتاج ألى حوالي ستة شهور شرط أن يتم تركيب المولد الكهربائي في وقت قريب".
" ولكن حتى لو توفرت الكهرباء , لا تستطيع أن تعيش هنا وحدك لعدة شهور".
" أنك لا تقدرينني حق قدري يا عزيزتي , فمن المعروف عني أنني أتم قراءة كتاب بين حين وآخر , ولا تظنين أنني محروم من المصادر ".
" أنك لم تتعود هذا اللون من الحياة ...... وبرغم أننا أعتدناه فأننا نشعر بالضيق في بعض الأحيان".
وعلق ساخرا :
" أنك شابة وطبيعي أن تشعري بالقلق , أما أنا فقد أستمتعت بالحياة وذقت ألوانا عديدة منها".
وقالت في قسوة :
" أعتقد أن بك جنونا , أنني أعرف تماما ما سوف يحدث , سوف تدخل تعديلات على المنزل وسوف تسيء أليه حتى تضيق به وتبيعه , وعند ذاك سوف ترحل وتبدد المال".
وضحك وقال :
" لا أظن أنني سأعاني من الضيق طالما أنك قريبة مني يا شارلوت".
وحدّقت في دهشة قائلة :
" ولكنني لن أكون قريبة منك....".
" جئت اليوم ".
منتديات ليلاس

وأحمرت خجلا وقالت :
" جئت لأنني نسيت شيئا هنا ".
" صحيح؟".
" على الأقل , أظن ذلك , ولكن ربما أكون فقدته في مكان آخر".
" وما هو ذاك ؟ ربما ساعدتك في البحث عنه ".
وأخذت تفكر فيما عساها أن تكون قد نسيته ؟ كتابا ؟ أم نظارة شمسية؟ أم مطواة ؟ وعلق قائلا :
" أحرى بالناس الذين تحمر وجوههم عندما يكذبون أن يلتزموا الصدق , لماذا لا تعترفين بأنك حضرت خصيصا لتسألي الأسئلة التي لم تسأليها في المرة السابقة؟".
وصمتت لحظة ثم قالت :
" أريد أن أعرف , هل أشتريت الجزيرة أم أستأجرتها ؟".
" لا هذا ولا ذاك ...... لأنها كانت دائما ملكي.......".
ولهثت شارلوت قائلة :
" ملكك ........دائما؟".
وكانت هناك علبة سيكار على المائدة ففتحها , وأخذ واحدة منها , وقال :
" ولدت هنا , وماتت أمي هنا , وأنت تعرفين القصة".
" ولكن لا يمكن أن تكون أبن سوليفان! فأسمك هاملتون....".
" غيّر الأقارب الذين تبنوني أسمي , وخيّل أليهم أن ذلك قد يمنع الفضيحة ".
وأشعل السيكار وبدأ يدخن , وواصل يقول :
" أن أردت البرهان فسأريك شهادة ميلادي ... ولقد تسجل أسمي فيها ! ليام بادريك سوليفان , أبن سين وروزالين سوليفان , من جزيرة مانغو".
" لا أكاد أصدق ... أقصد أنني أصدقك بالفعل ...... ولكن الأمر يبدو غريبا للغاية".
وتمتمت بعض الوقت ثم قالت :
"أذا هذا هو الذي جعلك تبدو مخيفا أول مرة رأيتك . كنت في غرفة الجلوس عندما......".
وتوقفت عن الكلام وهي تعض شفتيها , ولكنه أكمل لها :
" عندما أطلق شون سوليفان النار على أمي , نعم , أن هذه الواقعة صحيحة".
" ولكن , أن تعيش هنا بعدما حدث ؟ كيف يمكن لك أن تحتمل ذلك؟".
" بعد أكثر من عشرين سنة كما تعلمين تنطفىء الذكريات....... حتى المؤلم منها , وأذا بدا عليّ الأكتئاب في اليوم الأول فلأنني كنت شاردا في التفكير فيما أذا كان المكان يستحق الأصلاح ! وكنت أتوقع أن أحده في حالة سيئة بالطبع , ولكن آثار التصدع تتجسد بشكل متزايد للشخص الذي يكون قد شاهد المبنى وهو في وضع معقول".
وهيء لشارلوت أن أجابته كانت متناقضة , فكيف يذكر المبنى في حالته الأولى بينما ينسى الذكرى السيئة لوفاة والديه , وواصل ليام يقول :
" وفي أي حال ليس لي خيار في الموضوع .... هذا المكان هو آخر ما بقي لي من الميراث ... ... أنا لست واسع الثراء كما يظنون , ولذا فأنني سأصبح في أزمة مالية بعد أصلاح المنزل".
وتجاهلت تعليقه قائلة :
" هل تعني أنك ستصبح مفلسا حقا أم تعني أنك ستعاني من ضائقة مالية ".
" لن أكون في ضائقة مالية فحسب ..... ولكن معدما تماما".

نيو فراولة 14-10-10 05:15 PM

وعلقت شارلوت :
" لو عرفت كيف يكون حال من يعاني المتاعب المالية لما سخرت بهذه الطريقة".
قالت ذلك وهي تتذكر قلق أمها وغضبها كلما جدّت مطالب مالية تثقل كاهل ميزانية أسرتها المحدودة.
وعلّق ليام في مرارة :
" أن الضيق والحزن لا يفيدان شيئا".
" ولكن أذا أصبحت مفلسا حقا , فكيف ستعيش؟".
" لن أموت طالما أن هناك سمكا في البحر وأستطيع أن أزرع البطاطا والبازيلاء الهندية ..... وأذا ساءت الأمور فسأحاول أن أعمل".
" ولكن هل سبق لك العمل؟".
" لم يكن ذلك ضروريا".
" أعتقد أنه من الصعوبة بمكان أن تجد فرصة هنا ..... سكان الجزيرة أنفسهم لا يجدون فرصا كافية للعمل".
" أستطيع أن أزعم أنني سأجد فرصتي , فالشيطان يجد سبيلا لأغوائه ".
ونهض من كرسيه وقال :
" سأشرب كأسا أخرى ...... هل تشربين الكوكاكولا الآن؟".
" حسنا ..... أشكرك !".
ولاحظت وهو يعود من المطبخ بعد ذلك بدقائق قليلة وقد حمل كوبين أنه تغيّر منذ لقائهما الأول.........تخلص من تلك النظرة المنغمسة في الملذات وبدت قوته واضحة تكشف عنها عضلات كتفيه , كان يبدو أكثر قوة ولم تؤثر فيه آثار الأسابيع الخمسة الأخيرة من العمل المضني كما كانت تؤثر فيه ليالي السهر السابقة وأيام البطالة .
وسألته بعد أن جلس :
" هل قلت للآخرين أنك تنوي أن تعيش هنا ؟".
" لا........ ولكنني قلت وداعا..... وتركت السفينة في ميناء فورت دي فرانس , ولم أصرح لهم بوجهتي ".
" ألم يضايق ذلك الأميرة مونتيفالكو؟".
وأجاب ساخرا :
:
منتديات ليلاس

" فقط أنها أعتادت التخلص من ضيوفها عندما تتضايق منهم وليس حين ما يقررون هم الأنصراف عنها".
وأخذت شارلوت تحتسي شراب الكوكاكولا لكنها لم تستطع أن تقاوم فضولها , فسألته:
" ألم تكن بينكما قصة حب ؟ ولو ألى حد ما!".
كان مستلقيا في كرسيه , وأجاب بدون أن يدير رأسه .
" لم يكن بيننا شيء من ذلك , فالحب يا شارلوت لا يحصل لكل شخص".
" ألا تريد أن تتزوج ويكون لك أطفال ؟".
" لست حريضا على ذلك بشكل خاص".
" ولكنك هكذا ...... ستصبح وحيدا في شيخوختك ".
" عشت وحيدا معظم حياتي ...... وأفضل أن أعيش كذلك".
وحاول أن يغير الموضوع قائلا :
" ما رأيك في النزول ألى البحر قبل الغداء ؟ هل أحضرت معك شيئا من الطعام ؟ أذا لم تكوني قد فعلت فبوسعي أن أعد بعض المأكولات".
كانت شارلوت قد أحضرت معها طعامها العادي برغم أنها لم تكن تعتزم أن تأكله على الجزيرة , ولكن بعد أن أماط ليام اللثام عن شخصيته زلل شعورها نحوه بالعداوة وأصبحت تحس بدلا من ذلك بالعطف والفضول , وقالت :
" نعم , أحضرت بعض الطعام , ولكن أذا كنت لم تعمل قبل الآن فكيف تستطيع أن تمارس الطهو وتنجز كل هذا العمل؟".
" ربما لم يسبق لي العمل بالمعنى المتعارف عليه , ولكنني لم أكن كسولا , فلقد مارست أشياء كثيرة ".
" مثلا؟".
" التسلق والطيران والتزحلق على الماء , وغيرها ....... لننزل ألى الماء!".
كانت شارلوت قد أمضت شطرا كبيرا من حياتها في البحر فأتقنت الغوص ألى مسافة ثلاثين قدما .....وكانت تستطيع البقاء تحت الماء أل ما يقرب من ثمانين ثانية , وأدهشها أن وجدت ليام على المستوى نفسه , لم يكن هناك مكان في البحيرة تصل أليه ألا ويلحق بها وكل منهما يرى شبح الآخر يلقي بظلاله على قاع البحر .
ولم تستطع أن تكتم أعجابها ببسالته الفائقة التي لم تكن تتوقعها , وقالت وهما يتناولان الطعام :
"أستطيع أن أقرر الآن أن بوسعك أن تجد سبيلك لكسب رزقك ., فبأمكانك أن تكون صائد محار".
وأبتسم ليام وقال :
" تقصدين أن أبيع المحار ألى السيّاح".
" لا...... لا ...... أقصد المحار أو الأصداف الصغيرة التي تحتوي اللآلىء , يمكنك أن تصطاد الأصناف النادرة التي يطلبها الهواة".
" كم تساوي المحارة النادرة أذا أستطعت أن تعثري على واحدة؟".
" عثر أحدهم على محارة نادرة يطلق عليها لقب ( مجد البحار ) وبيعت بأربعمائة جنيه..... أنها من أثمن أنواع المحار في العالم , وما وجد منها قبل الآن لا يزيد على خمس وعشرين واحدة ".
وبدا عليه الأهتمام , وسألها :
" أين؟ في البحر الكاريبي ".
" لا ! المجد من سلالة ترجع ألى جزر الهند الشرقية ...... ولكن مع ذلك توجد محارات نادرة في هذه المياه , وحتى تلك التي تعتبر شبه نادرة مثل المحار الذي يطلق عليه أسم الملك فينوس والمحار الحلزوني تقدر بمبالغ طائلة وخاصة أذا كانت سليمة ".

نجمة33 14-10-10 07:51 PM

مشكورررررره علي المجهود في الكتابة وعلي الاختيار الاكثر من رائع

نيو فراولة 14-10-10 08:14 PM

" هل تجمعين المحار ؟".
" لا أجمعها وهي حيّة ....... لا أحب أن أتسبب في قتل الحيوانات التي تعيش فيها , ولكنني أحتفظ بالمحارات الفارغة التي أجدها ولديّ كميات كبيرة منها ".
" أعتقد أنني كنت ممن يبحثون عن المحار وأنا صبي ولكنني لا أذكر ذلك الآن ".
" بأمكانك أن تحصل على كتاب وتدرس كل شيء عن أنواع المحار , وستجد فيه ما يشغلك خلال فترة المساء , وربما أصبحت متخصصا في هذا العلم ".
ونظر أليها في صمت لعدة لحظات ثم قال :
" أتريدين أن تحتويني يا شارلوت ؟".
وأجابت :
" أنه مجرد أقتراح.... وأذا كنت تعتقد أنه أقتراح سخيف .....".
" على الأطلاق , بل أنه لطيف جدا منك أن تبدي هذا الأهتمام ......... وربما أخذت بنصيحتك , وسأضعها موضع الأعتبار ".
وحان وقت رحيلها فقالت :
"هل أعود مرة أخرى ؟".
" في أي وقت تريدين طالما أن أسرتك تعرف بذلك ".
" ولكن الجزيرة ستكون مكانا مأمونا طالما أنك هنا".
كانا يقفان ألى جانب قاربها , وقد بلغ الماء خصرهما , وحملها ألى القارب وهو يقول :
" ربما يصر بعض الناس على أنها ليست مكانا مأمونا بعد , وأعتقد أنني لست الرفيق المناسب لفتاة شابة بريئة ".
" لو كنت سيئا حقا لما همّك أن يعرف أبواي , وفي أي حال فقد قابلتك أمي وأحبتك".
" لا أظن أنها كانت تفعل ذلك لو عرفت أنني قد عانقت أبنتيها..... وربما حدّثتك أختك عن هذا".
وقالت شارلوت في صراحة :
" نعم ........ وكانت غاضبة ......... أنها تكرهك!".
" وهذا يوضح أنها أكثر تعقلا منك يا طفلتي".
" كلا........ فقد أحبت فلافيا جون , أما أنا فلم أثق به على الأطلاق ".
منتديات ليلاس

وأضافت في قوّة :
" ثم أنني لست طفلة".
وأومأ قائلا:
" حسنا , أنك لست طفلة ... ولكن من الأفضل أن يكون لك أصدقاء من سنك".
" مثل جون؟".
" جون مثال سيءللجيل الذي ينتمي أليه , ولكن من المؤكد أن هناك العديد من الشبان ذوو الخلق الطيب".
" ليس في هذه المنطقة , وفضلا عن ذلك ......".
وتوقفت فشجعها على مواصلة الحديث قائلا :
" وفضلا عن ذلك......".
كانت تعتزم أن تقول : وفضلا عن ذلك فأنه لو كان هناك شبان فأن أبي لن يسمح لنا بالأختلاط بهم ولكنها بدلا من ذلك قالت :
" لا شيء, ينبغي أن أنصرف الآن ...... وداعا ".
وفي اليوم التالي لعيد ميلاد شارلوت السابع عشر في نهاية ذلك الشهر .... كسرت ساقها اليمنى , ولحسن الحظ كان الكسر بسيطا في العظام الخارجية من الساق , ولم يمض وقت طويل حتى أستطاعت أن تتحرك بصعوبة في البيت وعلى الشاطىء , وأذ وضعت ساقها في الجص كان من الصعب عليها أن تركب زورقها الصغير.
وعندما شفيت ساقها كانت قد مضت فترة تصل ألى عشرة أسابيع منذ آخر مرة زارت فيها الجزيرة.
وفي اليوم التالي لأزالة الجص كانت تجلس في مرفأ الميناء تفكر فيما أذاكان ليام قد أحس بشيء من الحيرة بسبب غيابها الطويل , أو أنه لم يهتم على الأطلاق , وحينئذ لاح على مرأى البصر قارب بمحاذاة الشاطىء , وعرفته فورا , أنه قارب الصيد الأزرق الذي كان ليام قد حصل عليه كسائح متجول .
وهيء لها أنه كان يمر متجها نحو الجنوب وكاد قلبها يقنط من اليأس ولكنه حوّل طريقه وأتجه نحو الميناء , ولمعت عيناها وعادت أليها حيويتها وأنتظرته لتمسك بحبال المرساة , وأحست بأن السماء أكتسبت بزرقة صافية وأن مياه البحر قد زادت لمعانا وأصبحت التلال أكثر خضرة.


الساعة الآن 05:54 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية