منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   41 - شاطىء العناق - آن ويل - روايات عبير القديمة ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t149601.html)

نيو فراولة 08-10-10 08:46 PM

41 - شاطىء العناق - آن ويل - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
41- شاطىء العناق - آن ويل - روايات عبير القديمة

الملخص



الى اي حد يمكن للعاشقة ان تنتظر؟ اذا كان الحب يقاس بالسنوات والظروف فأي حب هو هذا الذي يربط شارلوت اليافعة بليام البالغ الخبرة الواسع التجربة !
منتديات ليلاس

وسط شواطيء البحر الكاريبي وفي جزيرة سوليفان المهجورة التقيا وكان هو كالصخر تتدفق عليها امواج العاطفة من قلب شارلوت الملتهب فلا يتحرك ,غير انه انشق كالبركان حين عادت اليه بعد غياب لتجد الجزيرة النائية جميلة كالجنة , وليام يفتح ذراعيه بشوق كبير .فهل تبقى شارلوت في جزيرتها المفضلة ام تقرر العودة الى لندن حيث خبرت نوعاً آخر من الحياة !

dalia cool 08-10-10 10:13 PM

يعطيكي العافية امل:flowers2:

نيو فراولة 08-10-10 10:14 PM

1- لا يسعني ألا أن أذكر تلك الأشياء كانت الأشياء الأثيرة ألى نفسي
شكسبير ( ماكيت )


كان الجميع يحبون شارلوت مارتن وفقا لأعمارهم , ذكورا أو أناثا , مفتونين بسلوكها المعصوم من الخطأ , أو بقوامها المشوق , أو بأستعدادها لأن تعير ثيابها الثمينة لكن من بحاجة ألى ثوب خاص لموعد خاص .
كان أصدقاؤها يتفاوتون ما بين صبية صغار ومتقاعدين وحيدين , والجميع وضعوا ثقتهم في شارلوت , فساعي البريد يحدثها عن أصابته بمرض الدوالي والمسؤول عن نظاف المكتب تصف لها بتفصيل مرهق ولاداتها السبع , أما البقال الأرمل فكان يطلب نصيحتها بشأن أبنته العنيدة المراهقة , بل كان الغرباء أحيانا يسكبون مشكلاتهم في أذنها المتعاطفة !
لكن يا ترى هل لدى شارلوت مشكلات خاصة بها , لو كان الرد بالأيجاب فهي لم تذكرها لأحد فأفترض معظم الناس أن الطريق مفروش بالورود أمام فتاة جميلة مثلها في الحادية والعشرين من عمرها تشغل وظيفة مرموقة وتقتني مفكرة مزدحمة بالمواعيد.
الذين عرفوها لفترة طويلة أدركوا تدريجيا أنهم يكادون لا يعرفونها , وأنهم برغم ما تبدو عليه من روح أجتماعية منشرحة , متحفظ للغاية , فحتى أنيتا موراي , صديقتها الحميمة لم تكن تطلع على مشاعر شارلوت الدفين – أو على سبب علاقاتها المحيّرة مع الرجال الذين تعرفت بهم .
كانت أنيتا وشارلوت تتقاسمان شقة في لندن ,وقد عاشتا معا حتى الليلة التي كشفت فيها شارلوت عن ذاتها.
كانتا في غرفة نومها تتبادلان أطراف الحديث وشارلوت تحزم حقيبتيها , الوقت شتاء غير أن الملابس التي تناثرت على فراشها الآن كانت ملابس صيفية كلها جديدة – فيها عدد من السراويل القصيرة – الشورتات – وأثواب األأستحمام , وأثواب الشاطىء وأخرى بلا أكمام بينما وضعت فوق خرانتعا جواز سفر ونظارة شمسية وأنبوب ضخم من الكريم الذي يضفي على البشرة سمرة حقيقية تحميها من أشعة الشمس , وكانت أنيتا مسترخية أمامها على الفراش الآخر , ترقبها وهي تلف صنادلها في ورق شفاف , فبادرتها قائلة :
" يا لك من فتاة هادئة ورصينة , لو كنت مكانك لكنت الآن في شدة الأنفعال , فكري في الأمر ! غدا في مثل هذا الوقت ستكونين هناك ".
مرّت لحظة ولم تجب شارلوت , ثم قالت في صوت خفيض:
"أنا لا أشعر بالهدوء ..... بل أشعر ...... بالفزع".
هبت أنيتا جالسة مرددة كلمة شارلوت :
" فزع !".
لم تكن شارلوت من النوع الذي ينزع ألى المبالغة , فهي لم تكن لتستخدم هذه الكلمة في وصف حالة بسيطة من الأضطراب العصبي الذي يحدث في الدقائق الأخيرة قبل السفر .
قضمت شارلوت شفتيها لدى رؤية التعبير على وجه أنيتا ,وهي تتأرجح ما بين أحساس بالندم على أعترافها التلقائي , وأحساس بالراحة لأنها أقدمت على هذا الأعتراف , فلأسابيع منذ أن حجزت تذكرة سفرها وهي في حال من القلق والتردد المتصاعدين , ومّرات أحست بالرغبة في أن تشرك رفيقتها في ورطتها , لكنها تراجعت في كل مرة , أما الآن وليلتها الأخيرة في أنكلترا ولم يبق على سفرها سوى ساعات تواجه بعدها ألتزامها النهائي , أحست برغبة جارفة لتصرح بما في نفسها ألى شخص تثق به.
منتديات ليلاس

" ماذا تعنين يا شارلوت !".
" حسنا ...... هذه ليست عطلة عادية".
" لماذا تقولين ذلك؟".
في فتر أعياد رأس السنة , عندما ذكرت شارلوت أنها ستأخذ أجازتها في شهر شباط ( فبراير) وتسافر ألى جزر الكاريبي فكرت أنيتا أنها تمزح , فقضاء العطلات الشتوية في جزر الهند الغربية أمر قاصر على الأغنياء فقط , وليس أمرا متاحا للفتيات العاديات – حتى لو كن مثل شارلوت شققن طريقهن في العمل من موظفة آلة كاتبة ألى سكرتيرة خاصة ذات كفاءة عالي تتقاضى راتبا مجزيا .
عندما أدركت أنيتا أن تلك لم تكن دعابة جاء رد فعلها الثاني بصورة شك في أن صديقتها ربما لن تتحمل بنفسها نفقات عطلتها هذه.
فشارلوت تستطيع أذا أرادت أن تتناول عشاءها في المطاعم الفاخرة غير مرة في الأسبوع الواحد , فألى جانب شكلها الجميل الذي يؤكده ذوقها الرفيع في الملبس , كان هناك شيء من الغموض يكتنفها , الأمر الذي يثير فضول الرجال , وكانت وظيفتها تجعلها على صلة بالعديد من رجال الأعمال الموسرين , كان معظمهم متزوجين , ولكن ذلك لم يمنعهم بالضرورة من أن يطلبوا منها أن تلتقي بهم خارج العمل , كان البعض الذي ستفزه سبر أغوارها العميقة , والذي لا يثنيه رفضها المهذب يمضي ألى أبعد الحدود في محاولة لسحق مقاومتها.
وهكذا فكرت أنيتا بشيء من الأستياء أنه ليس مستحيلا أن يكون قد نجح في النهاي رجل جذاب مثابر في أن يقنع شارلوت بأن تترك لنفسها العنان , ولكنها لم تفصح عن هذا الظن لصديقتها خشية أن تجرح أحساسها , وكان هناك أحتمال آخر – وأن بدا بعيدا – وهو أن صديقتها نجحت في أن توفر نفقات تلك العطلة فهي لم تكن مبذرة مثل أنيتا أثناء الأسبوع الذي تدير فيه شارلوت المنزل , كان يتبقى من المال ما تشتريان به مشروباتهما المحببة أو شريط تسجيل لأغنياتهما المفضلة , كانت حذرة جدا عند أختيار أصناف جديدة من أدوات التجميل , صحيح أنها تشتري الثياب الجيدة ولكن أذا كانت فقط بحاجة ألى أستبدال ثوب جديد بآخر أستغنت عنه من المجموعة المنتقاة بعناي في خزانتها , ونظرا لجود خامتها وعنايتها الفائق بها , كانت ثيابها تبقى صالحة للأستعمال أضعاف أضعاف المدة التتي تتحملها ثياب أنيتا الرخيصة التي كانت تشتريها بشكل عشوائي تأسف عليه دائما فيما بعد .
" حسنا- أستمري في الحديث".
أستحثتها أنيتا قائل وهي لا يسعها ألا أن تسأل نفسها أذا كانت شكوكها على وشك أن تتأكد بأن شارلوت كما خمنت من قبل , أن تكون بمفردها في هذه الرحل الباهظ التكاليف ".

نيو فراولة 09-10-10 12:21 PM

" كان يجب أن أخبرك من قبل – فهي قصة طويلة معقدة ".
" أوه , يا ألهي , لقد كنت محقة ".
هكذا حدثت أنيتا نفسها – فمنذ سنوات عندما كانتا تتحدثان عن فتاة أخرى أتعستها علاقة عاطفية طائشة , أتفقتا على أنه من الغباء التورط مع الرجال المتزوجين , أو حتى أقامة علاقات مع العازبين منهم , فرغم أنه من المفروض أن فتيات من وطنهما قد تحرن تماما هذه الأيام , ألا أن مثل هذه العلاقات تنتهي دائما بشكل سيء للفتيات أن لم يكن للرجال أيضا .
قالت أنيتا بصوت مسموع :
" ليس من الضروري أن تذهبي أذا كنت قد عدلت عن رأيك , فمن الأفضل أن تتراجعي الآن في اللحظة الأخيرة من أن تستمري في شيء لست واثق منه".
نظرت أليها شارلوت بعينين متكدرتين قائلة :
" هذا هو ما يجعل الأمر أكثر صعوبة , فقد كنت واثقة من الأمر , لم يكن لدي أدنى شك , كان يجب أن أقدم على ذلك , مهما بدا جنونا للآخرين , ولكن بمجرد أن أنتهيت من كل الترتيبات بدأت أقلق .... أتساءل ما أذا كنت قد أخطأت ".
كتمت أنيتا أنينا في داخلها وقالت :
" لماذا لا تفصحين عن الأمر لي ؟ فالحديث عن مشكلة يساعدك أحيانا على رؤيتها في ضوء جديد , أتريدين فنجانا من القهوة؟".
وبعد القهو قدمت أنيتا سيكارة لصديقتها , ولم تكن شارلوت تدخن ولكنها أخذت السيكارة , كانت يداها ترتعشان وهي تضعها بين شفتيها .
منتديات ليلاس

حدثت أنيتا نفسها قائل وهي تشعل لها السيكارة :
" يا ألهي , أنها في حالة غريبة , فرغم أنهما في السن نفسها , ألا أن أنيتا كانت دائما تعتبر صديقتها أكثر منها نضوجا وأتزانا , ولكن , في تلك اللحظة لم تكن شارلوت تبدو الموظفة المتزنة الثابتة , كانت قد غسلت وجهها من المساحيق , فبدا شاحبا للغاية , وكان شعرها الأشقر الطويل الذي أعتادت أن تشبكه فوق رأسها بالدبابيس وقت العمل مسترسلا الآن على كتفيها , وبدت وهي تنفث السيكارة بلا خبرة , صغيرة , ضعيفة للغاية هشة الشخصية .
بدأت حديثها قائلة :
" لن تكون هذه هي المرة الأولى التي أذهب فيها ألى جزر الهند الغربية , فقد نشأت هناك في الواقع".
" ماذا؟ ولكنني كنت أعتقد أنك ولدت في أنكلترا , لقد قلت لي .....".
" نعم , ولدت في لندن , ولكن والدي سافرا ألى الخارج وأنا في الرابعة من عمري , وعدت عندما كنت في الثامن عشرة , لم أقل لك ذلك لأنني لم أكن أود الحديث عن هذه الفترة من حياتي".
ظلت شارلوت تغدو وتروح في الغرفة في قلق وقالت :
" عندما جئت ألى لندن كنت أحس بادىء الأمر أنني تعيس وحيدة , زهدت الحيا , فلندن تصبح مكانا مرعبا أذا كنت تعيشين وحدك ولست معتادة على العيش في مدينة كبيرة , المرة الأولى ضاق صدري في قطار تحت الأرض , وشعرت بذعر حقيقي , كنت أشعر أحيانا أنني لو سقطت ميتة في أحد الشوارع , سيدوسني الناس بأقدامهم ولن يهتم أحد بي , فجميعهم مشغولون بالتزاحم بالمناكب لقضاء مصالحهم الخاصة ".
" أعرف ماذا تعنين ".
قالت أنيتا بمرارة , فقد كانت هي يوما وافدة جديدة على لندن , وتذكر جيدا أنها أحتاجت ألى بعض الوقت لتتلمس الطريق.
وأستطردت شارلوت قائل :
" وأخيرا أدركت أن عليّ أن أستجمع نفسي , فعزمت على ألا أفكر فيما مضى وأن أركز على حياتي الحديدة , وهكذا لم أعد أتحدث عن الماضي مطلقا , محاولة ألا أفكر فيه كثيرا , ولكنني عزمت أن أعود ألى هناك يوما ,وبمجرد أن حصلت على زظيفة مناسبة بدأت أوفر جزءا من راتبي كل أسبوع , كنت أعلم أن عليّ أنتظار وقت طويل قبل أن أوفر المال اللازم لتلك الرحل , أعطيت لنفسي أربع سنوات ... ليس فقط لأوفر المال اللازم ولكن أنضج وأغيّر نفسي ".
توقفت عن الحديث , رأتها أنيت ترتجف , ثم أستطردت قائلة :
" عندما تكونين في الثامن عشرة , فأن أربع سنوات تبدو كأنها حكم بالسجن المؤبد, في بادىء الأمر أعتدت أن أشطب من أيام الرزنامة كل يوم يمر , فالأسبوع بدا كأنه شهر , وبعدئذ وبعد أن أنهيت تدريبي على أعمال السكرتارية , لم تصبح الأمور بهذا السوء , كنت أعمل بجد في وظيفتي الأولى , وبدأت أنشىء صداقات , وبعد أن أمضيت عاما أدركت أنني لم أكن تعيسة ولكنني لم أكن سعيدة , جاء وقت قبل أن ألتقي بك , ظننت فيه أن بوسعي أن أكون سعيدة , ظننت أنني وقعت في حب شخص ما , ولكن هذا الحب لم يدم – كما أنه لا يدوم في سائر التجارب , فبصورة ما , وبعد فترة أجدني دائما أبتعد عن الناس – أقصد الرجل وكأنه....... كأنه ليس بوسعي أن أبدأ من جديد قبل أن أتأكد أن ما حدث من قبل قد أنتهى – أنتهى تماما ".
" أسمعي يا عزيزتي , كل هذا يبدو محيرا لي , أليس من الأفضل أن تعودي ألى البداية ".
" البداية؟".
منتديات ليلاس

رددت شارلوت تلك الكلمة بشكل غامض , ثم تنهدت وجلست وكأنها أحست بالتعب .
" أعتقد أن الأمر بدأ عندما ذهبت ألى الجزيرة للمرة الأولى , ليتني لم أذهب ألى هناك ".
قاطعتها أنيتا قائلة :
" ما هي تلك الجزيرة , وأين هي؟".
" أنها جزيرة سوليفان , كنت معتادة أن أذهب ألى هناك كثيرا .........".

نيو فراولة 09-10-10 12:54 PM

2- أبدو كمن يتحرك في عالم الأشباح وأحس نفسي وكأنني طيف من حلم ...
" تيسون والأميرة "
" نراك وقت العشاء ألى اللقاء يا عزيزتي ".
كانت شارلوت تمسك في يدها سلة غدائها وفي اليد الأخرى قناع الغطس وزعانفه , قبّلت وجنتي أمها ثم ركضت عبر الممر نحو مرفأ الزوارق .
كانت في السابعة عشرة من عمرها تقريبا , لم تعد طفلة , ولكنها لم تصبح أمرأة بعد...... من ثلاث سنوات مضت كانت نحيفة بشكل أثار قلق هيلين مارتن , والآن , عندما تذهبان ألى المدينة , يحدق الرجال في أبنتها في طريقة تثير قلقا من نوع آخر .
أما شارلوت فلم تكن تعي أهتمامهم هذا , وبالتأكيد لم تبادله , فأذا وضعنا في الأعتبار المقاييس الجسدية – خاصة أذا كانت ترتدي نظارة شمسية داكنة – يمكن بسهولة أن تعتبرها فتاة في التاسعة عشرة أو العشرين من عمرها , ولكن عندما تخلع النظارة فأنك ترى في عينيها الرماديتين براءة الطفولة وصراحتخت وعلى المسوى العاطفي , كانت لا تزال فتا غير معقدة , غير خجلة .
أطلقت شارلوت زفرة أرتياح وهي تستقل زورق العائلة الذي كان اليوم تحت تصرفها , ولم تسألها أمها عن مقصدها , فأن رافاس وهيلين مارتن لم يكونا أبوين يصعب أرضائهما , وبشكل عام كانا يشجعان أبناءهما الخمسة على روح الأستقلال وحب المغامرة .
منتديات ليلاس

وبرغم ذلك , كان لدى شارلوت شعور غير مريح بأنهما لن يقرا رحلاتها ألى تلك الجزيرة الغامض المهجورة , المشهورة بالنحس .....جزيرة سوليفان .
فحتى لو نجحت في أقناعهما بأنه ليس هناك ضرر في ذهابها , لن يبى الحال على ما هو بمجرد معرفتهما , فالآخرون سيودون الذهاب ألى هناك بدورهم , ولن تبقى الجزيرة ملكها بعد ذلك ....... مكانها السري ...... مملكة سحر خاصة بها .
كانت جزيرة سوليفان الصغيرة تبعد قليلا عن ساحل جزيرة التوابل الجميلة التي أنتشرت فيها أسرة مارتن من زمن بعيد , وهي أحدى جزر الهند القريبة , كان بينهم على الساحل بالقرب من قرية للصيادين , يبعد عن عاصمة الجزيرة , حوال نصف ساعة بالمواصلات العامة- وأن كان أستخدام كلمة عاصمة قد يكون مضللا بالنسبة ألى مدينة تعدادها لا يتعدى سبعة آلاف نسمة , وهي أيضا ميناء لسفن الخطوط الملاحية في موسم الشتاء , لكنها لا تقارن بالميناء الجديدة في باربادوس ذات العمق الكبير , أو بأرصفة ميناء دولي صاخب مثل بورت أوف سبين في ترينداد .
كان على شارلوت أن تبحر عدة أميال بطول اساحل لتصل ألى الجزيرة مارة بمستوطنين صغيرتين للصيادين , كانت أحداهما موطن السيدة العجوز التي عرفت منها السبب وراء أثارة جزير هذا القدر من الذعر بين السكان المحليين .
كانت تعرف دائما أن جزيرة سوليفان مكان سيء , مكان مليء بالشر , ولكن كان من الصعب أن تستكشف بالتحديد سبب ذلك , فلأكثر من عشرين سنة لم يجسر أحد أن يطأها , السكان الذين يعيشون على مقربب من جزيرة سوليفان قوم بسطلء يؤمنون بالخرافات ويخافونها لدرجة دفعتهم ألى تحاشي الكلام عنها , أو حتى مجرد التفكير فيها في بادىء الأمر قوبلت تساؤلاتها بتبويخ وذعر من السكان الذين كانوا أحيانا يرسمون أشارة في عصبية طلبا للأمان .
وكان من الطبيعي أن يؤدي كل هذا ألى شحذ حب أستطلاعها , وأخيرا , بعد أسابيع من الملاطفة , نجحت في أقناع العجوز ماري المسكينة العمياء بأن تكشف لها تاريخ الجزيرة.
كانت الجزيرة محاطة بتشعبات مرجانية خطير , وهناك ممر واحد يتسع لمرور زورق ألى البحيرة المحيطة بالجزيرة , شرط أن تقوده يد ماهرة , وكان هذا المدخل الوحيد يقع ناحي البحر بعيدا عن أعين سكان الساحل .
كان الوقت ظهرا عندما كانت شارلوت , وقد وضعت يدا واثقة على الدف , تعبر الممر المائي للمرة الرابعة عشرة منذ قامت بأول زيارة للجزيرة منذ عام , ولو كان ذلك ممكنا , لقضت شارلوت معظم أوقات فراغها في الجزيرة , ولكن لم يكن الزورق تحت تصرفها الخاص طوال يوم كامل مرّات كثيرة .
تذكرت شارلوت وهي ترسو على شاطىء الجزيرة وقد أرتدت لباس بحر كان لونه ذات يوم في زرقة سماء البحر الكاريبي , لكنه أصبح الآن أبيض بفعل أشعة الشمس والمياه المالحة , تذكرت المرة الأولى التي وطأت فيها قدماها أرض الجزيرة.
منتديات ليلاس

فلأستكشاف مكان يمثل هذه السمعة السيئة بمفردها , حتى لو كان ذلك في وضح النهار , كانت شارلوت في حاج ألى قدر كبير من الشجاع , فحتى الآن , لا تسعى ألى قضاء ليلة في الجزيرة برغم زياراتها المتعدد لها , وبرغم أنه يمكنها الآن أن تتجول في الجزيرة بدون أن تتلفت وراءها.
سمعت أباها يقول مرارا أنه ليست هناك قوى خارقة للطبيعة , وأن أكثر الحوادث غموضا لها تفسير منطقي , أذا أهتم الناس بالبحث عنه ,عندما كانت شارلوت في السابع من عمرها , كان على والدتها أن تلازم الفراش ثلاثة أشهر قبل أن تلد أخاها الأصغر , وخلال تلك الفترة , جاءت أمرأة طيبة ومرحة ولكنها أمية تدعى فيوليت لتتولى مهام الطهي والتنظيف وهي ما زالت حتى الآن درة محببة ألى نفوس أسرة مارتن , وبدون علم رافاس مارتن عمدت فيوليت ألى أمتاع أبنائه بالقصص الشعبية في الهند الغربية عن الأشباح ومصاصي الدماء.

نيو فراولة 09-10-10 04:34 PM

وتركت قصص فيوليت المرعبة أثرا عميقا في نفس شارلوت الصغيرة , وكانت تستمع ألى تلك الأقاصيص بعينين محملقتين .
لكن الآن عندما تحملق فيوليت عينيها وتبدأ الحديث عن سكان الليل , تأخذ شارلوت في الضحك وفي أغاظتها في أعماقها .ولم تستطع أن تقنع نفسها بأن تلك الأقاصيص هراء تماما .
وهكذا وجدت نفسها في زيارتها الأولى للجزيرة تشق طريقها عبر النباتات الكثيفة التي تحجب الرؤية بين قلب الجزيرة والسفن والزوارق المارة ,وهي في حالة من الذعر الكبير.
عندما أخبرتها ماري العجوز أن هناك منزلا في الجزيرة , تخيّلته على غرار بيتهم الصغير الساحلي , ولم تكن تتوقع أن يتبقى منه الكثير بعد مرور عشرين عاما على هجره .
بعد أن شقت شارلوت طريقها وسط سياج من ثمار الكروم المتدلي , وجدت نفسها على مشارف أرض منبسطة , وأطلقت شهقة دهشة لما رأت وتوقفت لحظة تحدق في أنبهار فهو ذلك السر الذي كشفت عنه الآن زيارتها للجزيرة , فمنزل جزيرة سوليفان لم يكن حطاما متداعيا من الأخشاب العفنة تكسوها النباتات المتسلقة التي تنمو في أنطلاق في ذلك الجو الأستوائي , حقا , كانت أشجار الغابة تطوّق الدرابزين وتتسلق الأعمدة الطويلة في بهو الطابق الأرضي , بل أن هذه النباتات أقتحمت بعض الحجرات .
بعد أن أعتادت شارلوت نسبيا الأحساس الغريب الذي راودها وهي تقف وحيدة في مكان لم تطأه قدم أنسان ولم يسمع فيه صوت منذ زمن بعيد يعود ألى ما قبل مولدها , كلفت نفسها بعمل بطولي هو وضع حد لزحف نباتات الغابة على المنزل , وتمكنت مستعينة بمنجل حاد أن تتخلص من الحاجز النباتي الذي يسد الباب الرئيسي , كانت مهمتها الآن , أن تنظف الدرج الملتوي الذي يتوسط البهو الواسع .
منتديات ليلاس

ففي وقت خلال سنوات الأهمال , سقطت شجرة في فناء المنزل بفعل أعصار , فأخترقت بعض فروعها النافذة التي تتوسط الدرج لتصبح فيما بعد نواة لنمو طفيلي تحول ألى مانع لا يمكن تخطيه بين الطابق الأرضي والطابق العلوي .
صعدت شارلوت ألى الطابق العلوي متسلقة أحد الأعمدة الحجرية , وفكرت بعد ذلك أنه أذا زلّت قدمها وكسرت قد تعاني أياما عدة من الفزع والألم قبل أن يستكشف أحد زورقها الراسي في الممر المائي المؤدي ألى الجزير .
ظلت طوال نصف ساعة تقطع الفروع المتشابكة المنبثقة من جذور الشجرة حتى لمع جسمها بعدما أن تصبب عرقا وتساقطت قطرات العرق على ذراعيها وظهرها أذ أنه لم تقو أية نسمة ملطفة على أختراق هذا الساتر الخانق طاقة شارلوت المتدفقة .
جلست على الدرج تستريح لبضع دقائق , وبينما كانت تفكر في الأشخاص الذين عاشوا في هذا المنزل من قبل سمعت صوتا يتحرك جعلها تشهق وتكتم أنفاسها , أحست طوال خمس عشرة ثانية تقريبا بخوف لم تحسه في حياتها من قبل , خدر يسري في رأسها أستحال جسمها الحار ألى كتلة ثلج وأخذ قلبها يخفق خفقات بطيئة , ثم أستعادت قدرتها على التفكير السليم , لم يكن من بالخارج شبحا , أنه أنسان , أو حيوان , لا , لا يمكن أن يكون حيوانا ؟ أنه أنسان , لكن من؟ بالتأكيد أنه ليس من أهالي المنطقة! أهو غريب ؟ شخص لا يعرف شيئا عن الجزيرة؟
وبينما كانت تلك الأفكار تومض في ذهنها سمعت وقع أقدام في الشرفة , أنتظرت شارلوت في حذر , وقد زايلها الخوف , لترى الشخص الآخر الذي يتحرى بدون وعي منه الجزير المحرمة .
كان الرجل الذي ظهر , بعد لحظات في البهو السفلي , وهي جالسة على رأس السلم , غريبا ,لون بشرته كان يتيما كعامة سكان جزر الهند الغربية , لكنه كان أوروبيا , أنطباعها الأول عنه , أنه طويل القامة , في مثل سن والدها تقريبا – ذلك النوع من الشخصيات الذي يصفه أبوها بقوله ( أنه شخص قذر المظهر ) , وبنت شارلوت حكمها هذا , على أساس أنه في حاجة ألى حلاقة ذقنه وأنه عابس الوجه.
للوهلة الأولى لم يرها , كان هذا أمرا غريبا بالنسبة أليها , فقد كان ذلك السلم هو أول شيء لحظته عند دخولها البهو , والواضح أنه صمم على أن يصوّب العين ألى أعلى نحو سقف الطابق الأول , حيث كانت تعلق في هذا المكان , على الأرجح , ثريا ضخمة , ولكن كان الباب المؤدي ألى غرفة الأستقبال أول ما لفت نظر الرجل , فسار نحوه.
تمنت شارلوت أن يدخل الغرفة , فلو فعل , تسلقت خلسة هابطة الدرج وحاولت أن تخرج بدون أن يلحظها , فهي لا تعرف لماذا أحست أنه من الأفضل أن تفعل ذلك , ظل واقفا مكانه عدة لحظات , بدت لا نهاية لها , وأخيرا , تحرك نحو الظلمة اتي تظلل أكبر غرفة في المنزل , وأن كان يتخللها بعض الضوء المتوهج .

نيو فراولة 09-10-10 05:00 PM

ألتقطت شارلوت بهدوء وخلسة المنجل , وبدأت تهبط الدرج بخطوات جانبية , بلغت آخر الدرج , وفجأة ظهر من جديد , حملق كل منهما في الآخر دقيقة ,والآن بعدما رأته وجها لوجه , لم يعد لدى شارلوت أدنى شك أنه لم يكن هذا النوع من البشر الذي يأمل المرء أن يلقاه في مكان كهذا تضيع فيه هباء صرخة الأستغاثة , لقد حذّرتها أمها من الرجال ليسوا كلهم مثل أبيها , وأن بعضهم لا يمكن الوثوق به , بل يجب تحاشيه لم تكن السيد مارتن واضحة بشأن ما يمكن أن يقدموا عليه , وأذا ما أخطأ المرء ووثق بهم , ورغم أن شارلوت لم تلق بالا ألى كلام أمها في ذلك الوقت , لكنها تذكرت ذلك التحذير الآن , وأدركت بحدسها أن هذا الرجل هو من ذلك النوع الذي عنته أمها , فهي لم تر من قبل ذلك التعبير الذي علا وجهه وهو خارج من غرفة الأستقبال , ولا تستطيع أن تعرفه الآن ,ولكنها كانت نظرة جعلتها تندفع عبر البهو , منطلقة خارج الباب لتلقي بنفسها وسط الغابة وكأن شيطانا يطاردها .
بلغت الشاطىء لكنه لحق بها , وأحست أنه يحاول الأمساك بها , راوغته ولوحت بالمنجل في وجهه , ثم وجهت أليه ضربة كان من الممكن أن تبتر ذراعه لو أصابت ولكنها لم تمسه , وبينما كان السلاح يقطع الهواء , قفز جانبا , ثم أستدار وأندفع نحوها , دار صراع قصير بينهمت ثم جذب المنجل من يدها وقذف به بعيدا , وبعد لحظة وجدت وجهها منبطحا على الرمال , بينما أنحنى الرجل بجانبها , ممسكا برسغيها خلف ظهرها , لم يكن بوسعها أن تفعل شيئا سوى أن تلتقط أنفاسها بعدما أحست بالتعب , وتملكها الفزع , فحتى لو كان لديها مزيد من القوة لتقاومه لكان ذلك بدون جدوى , وفجأة أحست بيديها وقد تحررتا , دحرجها على ظهرها بلطف قائلا :
" لا تفزعي , لن أمسك بأذى ".
فتحت عينيها ونظرت أليه , للحظة تصورت أن الرجل الذي أمامها الآن هو رجل آخر , فلم يكن هذا هو الوجه الذي أفزعها منذ قليل في المنزل , بل بدا ودودا ضاحكا – يصغر عشر سنوات عما رأته منذ قليل .
منتديات ليلاس

جلس على الرمال قائلا :
"أنا آسف أذا أضطررت أن أكون فظا معك , ولكنك كدت تقسمينني نصفين , أنت في حاجة ألى شيء تشربينه , أنتظري سأحضر لك شيئا ".
وبينما كان يبتعد جلست شارلوت وبصقت الرمال من فمها , كان هناك الآن في المجرى المائي زورقان زورقها وزورق سباق قرمزي اللون , جلست ترقبه وهي ترتعش وهو يخوض في المياه ناحي زورقه.
وعاد بالزجاجة وسترة صوفيه قائلا :
" من الأفضل أن تضعي هذا على كتفيك ولو لعشر دقائق , فلقد تلقيت صدمة قوي , أن أسنانك تصطك ".
وبعدها لاحظ أنها ترتعش ألى حد يمنعها من القيام بأي رد فعل طبيعي وضع السترة على كتفيها قائلا وهو يضع الزجاجة أمام شفتيها :
" والآن خذي جرعة قوية من هذا".
كان رافاس مارتن يمنع أولاده من المشروبات بصرامة , لذا أحست شارلوت بالأختناق وهي تبتلع المشروب , كادت تنهار على الرمال مرة أخرى لو لم يساعدها ذلك الرجل الذي أخذ يربت على ظهرها بقوة لتلتقط أنفاسها , وعندما أستعادت قدرتها على التنفس , تناول هو مشروبه , كان من الواضح أنه معتاد عليه , فقد تناول جرعة كبيرة من المشروب وكأنه يشرب عصير الليمون .
" أتشعرين بتحسن ؟".
أومأت برأسها أيجابا , أحست بسترته وقد وضعتها على كتفيها , خفيفة , ولكنها غاي في النعومة , تشع دفئا , وبادرته قائلة :
" ماذا تفعل هنا؟".
" أستكشف المكان , سمعت أشياء عن هذا المكان أثارت فضولي لرؤيته ".
" ماذا سمعت؟".
" أن هذا المكان لم تطأه قدم منذ زمن بعيد , يبدو أن من أبلغني ذلك أخطأ , من أنت؟ وماذا تفعلين هنا؟".
" أنا شارلوت مارتن , وأعيش هنا ".
أتسعت عيناه قائلا :
"هنا ؟".
" كلا , ليس هنا , ولكن في البلد المجاور لهذا المكان ".
مد يده مبتسما يقول :
" مرحبا بك يا شارلوت مارتن , أسمي ليام ... ليام هاملتون ".
" أهلا بك ".
أدركت وهما يتصافحان أنها لم تر من قبل شخصا لديه مثل هاتين العينين الزرقاوين الداكنتين .
" أهذا كل ما سمعت ؟".
" حسنا , كلا , كان هناك المزيد , ولكنني أعتقد أنه قيل لجذب أهتمامي , فهم لم يقولوا شيئا محددا, بل الكثير من التلميحات المثيرة والقليل من الحقائق ,قررت أن أحضر وألقي نظر , فلم يكن لديّ ما أفعله اليوم أفضل من ذلك , وما دمت تأتين ألى هنا فمن المؤكد أن المكان ليس به شيء ".
" أنا الأنسان الوحيد الذي يجيء ألى هنا , فلا يجرؤ أحد من أهالي المنطقة على ذلك ".
" تعنين أن هناك شيئا مرعبا بالنسب ألى الجزيرة؟".
" من المفروض أنها مسكونة بالأرواح !".
" حقا؟ ألهذا ركضت بعيدا , هل تصورت أنني شبح , هل تصورت أنني شبح ؟".
" كلا , ولكنني لم أسترح لمنظرك ".
أبتسم قائلا :
" أنت فتاة لا تختارين الألفاظ اللطيفة! أعتقد أن شكلي بدا شعثا بعض الشيء ".

نيو فراولة 09-10-10 10:25 PM

حك ذقنه قائلا :
" لم أتصور أنني أذا أهملت حلاقة ذقني يوما فسيجعلني ذلك أبدو شريرا ".
" أنت لا تبدو كذلك ..... الآن , ولكن عندما خرجت من غرفة الأستقبال ....".
" قلت أنه من المعتقد أن الجزير تسكنها الأرواح , أرواح من؟".
" أرواح من عاشوا فيها منذ سنوات مضت ...... أرواح أسرة لوليفان ".
" هل أفهم من هذا أنهم ماتوا جميعا , ماذا حدث بالضبط ؟".
" كان السيد سوليفان رجلا هرما وكان غنيا...... أعتقد أنه ملك الملايين وكانت زوجته تصغره كثيرا , ولم ترغب في الزواج برغم جمالها , لكن أسرتها أجبرتها على ذلك لأن أباها كان مدينا له بالمال وكان بوسعه أن يحطمه , من المؤكد أنه كان رجلا فظيعا , وغيورا عليها حتى أنه أشترى هذه الجزيرة وبنى هذا المنزل وأبقى زوجته سجينة هنا , ثم بدأ يسيء معاملتها , بطبع حاد يصرخ ويلعن , بل يضربها أحيانا , وفي النهاية جن وقتلها , كان سيقتل أبنه أيضا لكنه تمكن من الهرب وأختبأ حتى جاء أحد أقاربه وأصطحبه ألى أنكلترا , لكنني لا أعتقد أنه تخطى تلك الواقعة , تصور لو أنك رأيت أباك يطلق الرصاص على أمك! لا يمكن لصبي أن ينسى هذا أبدا , أليس كذلك؟".
" كلا , أتصور أنه لا يمكنه ذلك, لكن من قال لك كل هذا ؟".
" أمرأة عجوز أعتادت أن تخدم في بيت سوليفان , كانت في المنزل عندما حدثت تلك الواقعة , كانت تهبط الدرج عندما سمعت طلقة رصاص ورأت الصبي الصغير يركض في ابهو وخلفه والده يحمل في يده بندقية , لكن عندما رأى ماري – الخادمة – لم يخرج وراء الصبي ألى الحديقة ب دخل مكتبه وأنتحر ".
" أعتقد أنك لا تشاركين أهل المنطق خوفهم من هذا المكان؟".
" كلا , ليس الآن , في بادىء الأمر كنت أخاف , ولكن رغم ما يمكن أن يحدث ليلا , لم أحس بشيء مخيف أثناء النهار , أما في الليل , فمن المعتقد أن الناس رأوا أنوارا وسمعوا صرخات , ومن الأرجح أن هذا من صنع خيالهم , مع ذلك فأنا أخاف المكوث في الجزيرة بعد غروب الشمس , أعتقد أن هذا يجعلني في حماقة السكان المحليين تماما ".
منتديات ليلاس

" بالعكس , أنا أعتقد أنك شجاعة بشكل غير عادي لتأتي ألى هنا وحدك نهارا , لماذا تأتين ألى هنا؟".
" المنزل يبدو جميلا للغاية , ومن العار أن تترك الغاب تحطمه".
ثم أفضت أليه بحلمها الدفين وهي لا تدري أن هذا المشروب جعلها كثيرة الكلام بشكل يتنافى مع شخصيتها !
" سأشتري هذه الجزيرة يوما وأعيش هنا , سأنظف المنطقة الفاصلة بين المنزل والشاطىء من الأشجار وأحولها ألى حديقة جميلة, سيصبح هذا المنزل أجمل منزل في جزر الهند الغربية , سيسعى ألى شرائه الأميركيون الأثرياء , الذين يأتون ألى هنا في الشتاء , ولكنني لن أبيعه حتى لو عرضوا عليّ ملايين الدولارات ".
" مقارنة بأسعار المنازل في الجزر الكبرى , أعتقد أنك ستضطرين ألى دفع الكثير في مقابل ذلك ".
" أوه , كلا , سأشتريه بثمن بخس , فالأثرياء يشترون مكانا لا يستطيعون أن يجدوا من يعمل على خدمتهم ".
" ألا تظنين أن السكان قد يتغلبون على خوفهم أذا ما كانت الأجور عالية؟".
هزت رأسها نفيا قائلة :
" منذ سنوات قليلة حدث شيء جعلهم أكثر خوفا , مر من هنا يخت خاص ظن ركابه أن جزيرة سوليفان غير مأهولة , وقرروا شواء اللحم على الشاطىء ولكنهم لم يعلموا كم كان الممر ضيقا ولم تكن لهم دراية بالتيارات المائية الخفية وأشرفوا على الغرق , أخذ سكان القرية هذا الواقعة كدليل على أن الأرواح لا تريد أن يقترب أحد من الجزيرة , لقد كنت محظوظا أذ تمكنت من أجتياز الممر بأمان , من الأفضل أن تسير أمامي في طريق العودة حتى أتمكن من أنقاذك أذا تعرضت للخطر ".
" أتتمنين أن أتعرض لشيء كهذا؟".
" كلا , أبدا , ولكنك لن تقول لأحد أنك جئت ألى هنا...... أو أنني كنت هنا , أليس كذلك؟".
" كلا , لن أقول لأحد ".
" أتعدني بذلك؟".
" نعم أعدك".
" معي بعض الطعام في الزورق , هل تريد أن تأكل شيئا , هناك ما يكفي لأثنين".
" أشكرك كثيرا".
أحست بالدوار وهي تتجه ألى البحر , وقبل أن تأتي بالسلة من الزورق , غطست رأسها في الماء كالبطة لتتخلص من هذا الأحساس".
وعندما عادت وهي تسوي شعرها الطويل بادرها قائلا :
" كنت تبدين كالحورية عندما غطتك المياه حتى وسطك".
مسحت وجهها بيديها وهي تجلس بجواره قائلة :
" كنت أتمنى أن أكون حورية بحر , فأنا أحب العيش في كهف في جزيرة , هل أنت في عطل ؟ لا يبدو عليك أنك سائح".
" حقا! لماذا؟".
توقفت عن حلّ سل الطعام , ورمقته بنظر فاحصة محاولة تحديد مبررها وراء حكمها هذا.

نيو فراولة 10-10-10 02:32 PM

فالسياح على وجه العموم يرتدون ثيابا جديدة أنيقة , أشتروها خصيصا لعطلتهم , وجميعهم تقريبا بلا أستثناء يحملون آلات تصوير , ولكن هذا الرجل لا يبدو مهاجرا من شتاء الشمال , ليس فقط لأنه بحاجة ألى حلاقة , أو لأنه يرتدي بنطلونا قديما من الجينز وحذاءا رخيصا لشاطىء مصنوعا من القماش.
كان من الصعب تصنيف هذا الرجل في فئة معينة , لم يكن حتى بوسعها أن تخمن سنه فبنيانه بنيان شباب , نحيل رشيق , أكثر قوة مما تكشف عنه حركاته المتراخية , كان وجهه يبدو صغيرا أيضا عندما يبتسم , ولكن خطوطا ظهرت حول عينيه لم ترها من قبل لدى شخص يقل عن الخامسة والثلاثين من عمره وشعره الداكن المتموج خطه الشيب فوق أذنيه ,وقالت :
" لا أعلم..... لكنك لا تبدو كسائح وهذا كل شيء ".
" تلك رائحة طيبة".
قال لها ذلك وهي تفتح غطاء الترموس لتنبعث منه نكهة لذيذة.
لحسن الحظ كان هناك دورق آخر من عصير الفاكهة المثلج وبذا أصبح لديها فنجانان من البلاستيك أستخدمتهما ككوبين ملأت الكوب الكبير بحساء سرطان البحر الساخن قائلة :
" أنها ساخنة , فلا تحرق لسانك , تناول ما تريد من الخبز".
قال لها وقد وضعت أمامه بقية الطعام :
" هل تتناولين عادة كل هذا الطعام!".
" نعم – لكن لا تقلق فنحن نتناول وجبتنا الأساسية في المنزل عند غروب الشمس , ولذا يمكنك أن تقاسمني هذا بكل سرور".
أبتسم قائلا :
" لم يكن هذا ما أعني , فمعظم الفتيات النحيلات يعشن على ثمار الليمون الهندي وأوراق الخس ".
" أوه! حسنا لا يمكنني التخلص من نحافتي ".
كانت شارلوت أعتادت سماع صوت أمها وفيوليت يستحثانها على الطعام , ومع أنهما أستسلمتا , كما يبدو , لنحولها كأمر واقع , ظلت تفكر في أنها نحيفة , خاصة أذا ما قارنت نفسها مع أختها فلافيا الممتلئة الجميلة .
رفع حاجبيه قائلا :
" لا يمكنني أن أصفك بأنك نحيلة يا عزيزتي".
كانت نبرة صوته , ونظرته أليها تقييم معجبة متأنية , ومناداته أياها بكلمة عزيزتي , كل هذا جديد على شارلوت , جديد ومثير بشكل غريب في آن , فطريقة نشأتها المتشددة , وطبيعتها القانعة , عملتا على تأخير تلك اللحظة التي تحس فيها , كفراشة حبيسة , برغبة قوية لخلع رداء طفولتها وبدء مرحلة جديدة من حياتها , لكن عندما قطب ليام هاملتون عينيه الزرقاوين الداكنتين , ونظر أليها كأنها فتاة ناضجة جميل , أحدث أول شق في هذا الغلاف , لم يخطر في بالها أن جاذبيته وأعجابه قد يكون فيهما زيف , فهي تعرف الكثير عن مخاطر البحر ولكن القليل عن الأشخاص الخطرين .
منتديات ليلاس

بعد أن تناولا طعامهما بادرته قائلة :
" أنت لم تر المنزل جيدا , تعال ,دعني أريك أياه ".
" ألا يمكننا أن نستريح قليلا بعد الغداء ".
" هل أنت متعب؟ أنا لست متعبة ".
وقف بتكاسل ثم تبعها قائلا :
" حسنا , سآتي معك ".
" آمل أن تراه في الصيف وقد توهجت أزهاره خلف المنزل أشجار ذات أوراق مذهبة , أما تلك النباتات المتسللة التي تحيط بالأعمدة فتأتي أزهارا برقية برتقالية اللون , وبينها أيضا نبات الجهنمية وأنا أنوي تشذيبها لكنني لن أزيلها تماما ".
" هل كان للجزيرة أسم آخر قبل أن تشتريها أسرة سوليفان ؟".
" نعم , كانت تدعى جزيرة المانغو , أسمها ولا سيما باللهجة المحلية له رنين حزين يذكرني بأشياء تعسة حدثت منذ زمن بعيد , حروب جرت في الزمن الغابر ".
" هل هناك مكان لزوج في خططك للمستقبل".
" زوج؟".
رددت الكلمة من بعده بذعر فقال :
" حسنا , أعتقد أنك تستمتعين بوقتك جيدا بما لا يسمح لك التفكير في الأستقرار , لكنني لن آخذها كقضية مسلّم بها أن يشاركك شريك حياتك حماسك هذا , ربما يفضل العيش في مكان أكثر عصرية وحداثة".
" ألا تحب أن تعيش هنا؟".
" ربما , أذا كان معي شخص مثلك يمسك بيدي عندما تظهر الأشباح في الليل!".
مرة أخرى أحست بالأثارة والأرتباك , لم يكن لديها شك الآن في أنه يعتقد أنها على الأقل في عمر فلافيا , كانت تعرف في أعماقها , أن والديها لن يوافقا على مثل هذا الرجل , ولكنها كانت تستلطفه وأحست فجأة برغبة في أن تكون أكبر سنا .

نيو فراولة 10-10-10 03:03 PM

بادرها متسائلا بعد أن دخلا المنزل :
" أتأتين ألى هنا دائما ".
" مرة كل شهر تقريبا , وهذه هي المشكلة , فكلما شذّبت النباتات نمت من جديد , أمكث ساكنا لحظة , وقل لي أذا كنت تحس أن المنزل تسكنه الأرواح".
فعل كما طلبت منه , لم يقطع الصمت المطلق سوى حفيف سحلية في مكان ما وسط النباتات المتسلقة.
همست قائلة :
" حسنا , ماذا ترى؟".
خفض صوته قائلا :
" أنت لا تنتظرين مني أن أنفعل بالكائنات الروحية بينما أنا في حضرة شقراء جميلة ترتدي رداء بحر , أليس كذلك؟".
ضحك ثم جذبها أليه لم يكن هذا العناق مشبوب بالعاطفة كتلك العناقات التي تصفها قصص الجيب التي تهربها فلافيا ألى المنزل بين حين وآخر , لتقرأها في سريرها عندما لا يكون هناك أحتمال أن يباغتها أبوها , وبعد لحظات رفع ليام رأسه صائحا :
"يا ألهي , أهذه هي المرة الأولى ؟".
" نعم".
" ما عمرك؟".
قالت شارلوت بصدق متأصل خاصة عندما تواجه بسؤال مباشر :
" ست عشرة سنة , سبعة عشرة تقريبا ".
أطلقها من بين ذراعيه وأخذ يضحك :
" ماذا يضحكك؟".
تساءلت في حيرة وخيبة أمل , بل في غضب أيضا :
" ألديك فكرة كم أبلغ أنا من العمر؟".
منتديات ليلاس

هزت رأسها نفيا :
" عندما كنت في السادس عشرة من عمري , كنت أنت في المهد , يعلم الليه أنني لست رجل مبادىء , لكنني أقف عند حد عشاق فتيات المدارس الصغيرات , الأفضل أن أوصلك ألى المنزل , وأحذر عائلتك حتى تلاحظك بشكل أكثر صرامة يا طفلتي , تعالي معي!".
" لا يمكنك أن تفعل ذلك!".
" طبعا يمكنني ".
" ولكنهم لا يعرفون أنني آتي ألى هنا , ما من أحد يعرف ذلك , فهذا سر , ولو قلت لهم سيمنعونني ".
" كان يجب أن تفكري في ذلك من قبل ".
كان مستحيلا أن تدخل معه في جدل أو تستعطفه بينما هو يستحثها على السير وسط النباتات , ولكن عندما وصلا ألى الشاطىء , أرتخت قبضته على يدها وتمكنت من جذبها .
" ولكنك وعدتني ! عاهدتني ألا تقول لأحد".
" لم أكن أعرف حينذاك كم أنت صغيرة ".
" ولكن ما علاقة هذا بذاك , فالوعد وعد".
" كلا , أذا كنت قد حصلت عليه بناء على مظاهر كاذبة , أنت تعلمين أنني ظننتك أكبر سنا , أليس كذلك؟".
" نعم , لكنني لا أرى أهمي لسني , أراهن أنك لم تكن لتثير هذه الضجة لو كانت فلافيا في مكاني , وهي لم تتعد التاسعة عشرة من عمرها".
" هناك فارق كبير بين التاسعة عشرة والسادسة عشرة يا صغيرتي , شارلوت ....... أنا لا أعرف من تكون فلافيا , لكنها أذا كانت في التاسعة عشرة فلا شك أنها عرفت العناق وأنها تفوقك أدراكا ".
" أنها أختي , ولم يقبلها أحد من قبل , فأبي لا يسمح لها بالخروج مع الفتيان ".
" لماذا؟".
" يقول أنها ما زالت صغيرة".
" صغيرة حتى التاسعة عشرة؟ حسنا دعينا من فلافيا , أنا قلق بشأنك أنت , من المؤكد أن والديك نبهاك لتحذري الأغراب , خاصة الرجال ".
ذكّرته قائلة :
" أخذت حذري في البداي ".
أضاءت عينيه لمعة ذكرى فقال :
" ألى أقصى حد , ألا ترين أن هناك تناقضا بعض الشيء بين محاولتك بتر ذراعي قبل الغداء , وبين أن تدعيني أعانقك؟".
" أنا لم أدعك ..... أنت لم تستأذنني , كيف كان بوسعي أن أمنعك؟".
قال بهدوء وقد أتسم تعبيره بالجدية مرة ثانية:
" كيف أذا كنت ستمنعينني لو أخترت الحصول على ما هو أكثر من العناق؟".
صعدت الدماء ألى وجهها الذي لوحته الشمس وهي تقول :
" أنت لست على هذه الشاكلة".
" ماذا يجعلك متأكدة هكذا؟ ألأنني لا أتحدث والطعام في فمي , وأنطق الكلمات بطريقة صحيحة ؟ أم لأنه يبدو عليّ أنني أغتسل بأنتظام وأن كنت لا أحلق دائما ؟ أذا كانت تلك هي مقاييسك فستنتظرك صدمات قاسية قبل أن تكبري".
" ليست هذه هي مقايسي , وأنا لم أقصد هذا".
" ماذا كنت تقصدين أذا ؟ وماذا يجعلك تثقين بي ؟".
" أنا , أنا لا أستطيع أن أشرح لك هذا , لكنني عرفت ............ وكنت على حق".
" أعتمدت يا صغيرتي على الحظ أكثر من الحكمة".
ظلت واقفة مكانها دقائق عدة تقاوم رغبة غريبة في البكاء , ثم لحقت به قائلة :
" أرجوك يا ليام ..... لا تقل لأبي , لن أحتمل أذا منعني من المجيء ألى هنا بعد الآن ".

نيو فراولة 10-10-10 07:33 PM

" مجيئك ألى هنا ليس مأمونا , فلنفرض أنك أخطأت التقدير , وأحدثت فجوة في زورقك , وأنت تخترقين هذا الممر ؟ ما من أحد سيكون هنا لينقذك , حتى لو أنك لويت كاحلك فقط فأن هذا ستكون له عواقب وخيمة في مكان مهجور ولن يفكر أحد في البحث عنك هنا , هناك أكثر من سبب يحتم معرفة أهلك برحلاتك ".
" أوه , لماذا جئت ؟ ستفسد كل شيء الآن , لماذا لا تهتم بشؤونك فقط؟".
" أذا رأيت طفلا رضيعا يحبو وسط الطريق العام , هل ستتجاهلينه؟".
" تلك مقارنة ظالمة , أنا أستطيع أن أعنى بنفسي ".
" برهنت لتوك أنك لا تستطيعين ذلك يا أيتها الصغيرة العتيدة".
وضع يدا على كتفها ورفع وجهها نحوه بالأخرى قائلا :
" ربما من الأفضل حتى تفهمي أن أعطيك مثالا عما يمكن أن يحدث ".
ضغط على كتفيها بأصابعه بينما أنسلت يده اليمنى خلف ظهرها , وبرغم أنه أفزعها في بادىء الأمر فأن خوفها منه تقلص ألى مجرد خوفا من أن ينفذ تهديده ويبلغ والديها .
تحول غضبه الآن ألى أهتمام لا أرادي بما بدا عليها من سكينة ثم قال :
" غيرت رأيي , فربما يكون من الأجدى أن ألجأ ألى أسلوب تربية عتيق وأضربك على مؤخرتك".
تراجع قليلا ووضع يديه في جسمه قائلا :
" أنت صغيرة جدا على الأسلوب الأول , وكبيرة على الأسلوب الثاني , سأترك الأمر لوالديك , بمجرد أن نبتعد عن الجزيرة , ستأتين في زورقي ويمكننا أن نسحب زورقك , فهيا بنا ... لا تلجأي ألى أي خدعة".
منتديات ليلاس

ظلا صامتين معظم الطريق , وعندما أقتربا من جليج هورتينسيا قالت بجفاء :
" أنا أقطن في الخليج التالي".
ولدهشتها خفف سرعة الزورق حتى يتمكن من وقف المحرك , ثم قال :
" حسنا هنا سنفترق ".
أضاء وجهها وقالت :
"أتقصد أنك لن تأتي معي ألى المنزل ".
" غيّرت رأيي ".
" أوه , ليام شكرا لك".
لمعت عيناها وهي تقول تلك الكلمات , بل كادت تحتضنه .
لم تفكر أن تسأله عن سبب تراجعه ألا بعد أن عادت آمتة ألى زورقها .
وأنطلق وقال بشكل غامض لحظة أفتراق الزورقين :
" ستكتشفين ذلك فيما بعد ألى اللقاء ".
أتجهت صوب الدار وهي تحس بالحيرة أزاء ما تعنيه كلماته تلك , وتسأل نفسها ما أذا كانت ستراه مرة ثانية .
هبط الليل عندما كانت أسرة مارتن تنتهي من وجبتها المسائية , وخفض الجميع رؤوسهم عندما كان رافاس مارتن يردد الدعاء , وبعد أن رفعت شارلوت وفلافيا بقايا الطعام عن المائدة , حملتا الأطباق ألى المطبخ الذي كان في مبنى منفصل عن المنزل , وبرغم أن فيوليت لم تكن تعارض أن تتركا مهمة غسل الأطباق لها حتى الصباح , ألا أن أباهما لم يكن يسمح بمثل هذا التواني , فهو لا يوافق على تشغيل الخدم في مهام يمكن للمرء أن يقوم بها بنفسه , ويرى أن الأحتفاظ بخادمة وسط أسرة بها فتاتان ناضجتان تشاركان زوجته في الواجبات المنزلية أمر غير ضروري بل مؤسف أيضا.
كانت هيلين مارتن قلّما تعارض زوجها , ولكن بعد مرضها الذي جعل أستخدام فيوليت ضروريا , أصرت على الأحتفاظ بها , ليس فقط مراعاة لمصلحتهم ولكن أيضا لأنها كانت تعلم أن فيوليت بحاجة ألى هذا العمل , كانت هيلين تحس أحيانا أنه بدون صحبة فيوليت المرحة لم تكن لتقوى على تحمل الضغوط التي يفرضها عليها تزمت زوجها القاسي , كانت تحب زوجها , ولكنه لم يكن رجلا سهل المعاشرة.
وبمجرد أن وصلت الفتاتان ألى المطبخ , وأصبحتا بعيدتين عن سمع من في المنزل , أنطلقت فلافيا بدون تفكير :
" لن تتصوري ما حدث اليوم".
أثناء العشاء , كانت شارلوت مستغرقة في التفكير في أحداث يومها حتى أنها لم تستشف أي أثر لحماس مكبوت في سلوك شقيقتها .
" سأذهب ألى حفل راقص !".
" حفل راقص؟".
رددت شارلوت هذه الكلمات بدون أدنى تعبير , فلم تذهب أي منهما ألى حفل راقص على الأطلاق , لأنهما لا تختلطان أجتماعيا مع نوع الأشخاص الذين يقيمون حفلات راقصة.
" كنت أتمنى أن يكون لديّ شيء لطيف أرتديه , لكنني أعتقد أن ثوبي الأزرق سيكون مناسبا , فجون يقول أن الحفل لن يكون رسميا , أوه , كنت أتمنى أن تلتقي به يا شارلي يا شارلي , أنه جذاب للغاية".
" أين ألتقيت به ؟".
" في القرية , كان يتسكع وحده هنا مع مجموعة من السياح تطوف البحر في يخت , أن يختهم يرسو مع مجموعة بالقرب من سولت بوينت , أعتقد أن يخته كبير ".

نيو فراولة 10-10-10 10:01 PM

" ما موعد هذا الحفل ؟ تعرفين أن أبي لن يسمح لك بالذهاب".
" الليلة , وأنا لن أستأذن أبي , سئمت من معاملتي كطفلة , أريد أن ألهو قليلا مثل باقي الفتيات , بمجرد أن يخلد الجميع ألى النوم , سأتسلل من النافذة".
" فلافيا , من المستحيل أن تفعلي ذلك , أذا عرف أبي سيغضب كثيرا , أنه ..... ولا أعرف ماذا يمكن أن يفعل".
" لن يعرف , كيف سيتسنى له ذلك ؟ هو يأتي ألى غرفة نومنا بعد أن نذهب ألى النوم".
" أفترضي..... أفترضي أن البيت شب فيه حريق , حين ذاك سيكتشف الأمر".
" أوه , لا تكوني ساذجة يا تشارلي , لن يشب حريق في البيت , في كل حال , أنا لا أرتكب جريمة أذا لم يكن أبي سخيفا بعض الشيء لما أضطررت للتسلل خارج المنزل ".
" فلافيا ! كيف تقولين هذا !".
" لأن هذه هي الحقيقة , وأنت تعرفينها , أنا لا أقول أنه فقد صوابه بالفعل ولكنه ليش شخصا طبيعيا , فلولا أمي ما كنا حصلنا على أي قدر من الحرية , أنها لا توافق على أفكاره الغريبة , قد لا تقول هذا , لكنني أعرف أنها لا تتفق معه , هي أستمتعت بوقتها عندما كانت في مثل سني , لم يمنعها أبوها من العمل أو الخروج مع الفتيان وأستخدام أدوات التجميل , أما أبي فيكرر أن مكان المرأ هو بيتها , ولكن كيف لي أن أتزوج بينما ليس مسموحا لي أن ألتقي بالفتيان ؟".
" سيسمح لك بالخروج مع شخص مهذب".
" ولكن جون شخص مهذب بالفعل , أن مفهوم أبي عن الشخص المهذب هو ألا يتناول المشروبات ولا يرقص , ولا يدخن , ولا يقبل أية فتاة ألا أذا كانت خطيبته , ومثل هؤلاء الفتية لا يوجدون الآن , وأن وجدوا فأنا لا أريد واحدا منهم".
عندما عادتا ألى المنزل , كانت أمهما تحيك بينما كان أبوهما ينتظر عودتهما ليقرأ لأولاده كعادته دائما في الفترة ما بين العشاء ووقت النوم , كان الكتاب الذي يقرأه لهم الآن بعنوان سلوك الحياة.
حين كانت هيلين ترمق وجه أبنتيها لم تكن لتنخدع بما يظهر عليهما من تركيز , فقد كانتا ترقبان والدهما ولكن لا تستمعان أليه.
منتديات ليلاس

كان هناك وقت , عندما كانتا أصغر , لم تحسا بشيء غير عادي أو محافظ في أسلوب حياتهما , كانتا حين ذاك تستمعان مشدوهتين ألى صوت أبيهما العميق المسرحي وهو يقرأ لهما القصص , مثل قصة كوبرفيلد أو قصص كيلنغ.
ولكنه أخيرا عمد ألى قراءة كتب ذات مضمون فلسفس لا تلطفه الأحداث أو المغامرات , كان الصبيان يتململون بينما لجأت الفتاتان ألى أحلام اليقظة , بل أن هيلين نفسها كانت تجد أفكارها سارحة .
عندما تزوجا كان رافاس يعمل ناظر مدرسة , وبعد مولد شارلوت بقليل ورث ميراثا غير متوقع , فقرر مغادرة أنكلترا , ليبحث عن مكان يستطيع فيه هو وهيلين أن يهربا من ضغوط مجتمع تتصاعد فيه المادية , ويبنيان سويا مدينتهما الفاضلة , ولأنها كانت تحبه ولا تأبه ألا بسعادته , تجاهلت هيلين أعتراضات أهلها وأصدقائها , فيالها من راحة أن تراه مرة ثانية في حال معنوية مرحة , ولذلك كانت على أستعداد لأن تتبعه ألى أي مكان.
وهكذا قدما ألى جزر الهند الغربية , وطوال عشر سنوات لم يحدث أي صدع جوهري في سعادتهما , كانت تشعر بالوحدة أحيانا , فقد كان رافاس يرفض الأحتلاط مع بقية المستوطنين الأوروبيين , ولكن مناخ الجزر المثالي , مع مناظرها الخلابة عرضها ألى حد ما عن هذا النقص أثناء تلك الفترة , نشر رافاس عددا من الكتب الأكاديمية عن تاريخ الجزر , وكان دخل هذه الكتب كافيا لتغطية النفقات المعتدلة لحياتهم في الكاريبي .
بدأت هيلين تقلق عندما بلغت الفتاتان سن المراهقة , تلقتا تعليمهما على يد أبيهما في المنزل , كانتا على الدرجة نفسها من التعليم مثل الأطفال الذين يلتحقون بالمدرسة أن لم تكونا أفضل , ورغم أن رافاس كان يؤمن بتعليم المرأة فأنه يعارض بشدة توظفها الذي كان في رأيه يتعارض بالضرورة مع دورها التقليدي القيّم كزوجة وأم , وأعلن عزمه على أن يبقي الفتاتين في المنزل حتى تتزوجا , ولم تنجح حجج هيلين في جعل آرائه أكثر أعتدالا.
" لكن ماذا سيصبح من أمرهما أذا حدث لنا شيء , قبل أن تتزوجا؟".
" هذا أفتراض غير محتمل يا عزيزتي , فأنا أتمتع بصحة جيد وأتوقع أن أحيا لسنوات مقبلة كثير".
" حمدا لله , أننا أنتهينا من هذا".
قالت فلافيا وقد تنفست الصعداء وهي تأوي ألى حجرة نومها مع شارلوت , فأسرة مارتن تخلد ألى النوم في ساعة مبكرة وتستيقظ مع الفجر .
" يمكنني الآن أن أستعد للحفل ".
" فلافيا , لا تذهبي .... أرجوك ..... لا تذهبي ".
" تشارلي , لا تقلقي".
وقفت أختها على أطراف أصابعها ومدت يدها لتسحب من فوق خزانة الملابس صندوقا كرتونيا أفرغت محتوياته على الفراش .

نيو فراولة 10-10-10 10:21 PM

تساءلت شارلوت في دهشة :
" من أين جئت بهذا؟".
" كنت أشتريتها واحدة تلو الأخرى على مراحل بعيد , كنت أعرف أنه ستحين الفرصة لأستعملها عاجلا أم آجلا ".
تناولت فلافيا مرآتهما الصغيرة المعلقة على الحائط وأسندتها على مجموعة من الكتب , ثم أحضرت صورة فوتوغرافية منتزعة من أحدى مجلات الأزياء التي لا يرونها ألا عند ذهابهم ألى طبيب الأسنان , كانت صورة لوجه فتاة , أما الكلمات التي كانت تحت الصورة كانت تقول البشرة هذا الشتاء شاحبة , العينان واسعتان بأهداب كثيفة , الشفتان مغريتان , تلك هي السمات الأساسية لوجهك في السهرة هذا الموسم .
" ما من شيء يجعلك تبدين شاحبة هكذا ".
" كلا , ولكنني أستطيع أن أحاكي عينيها , كما أن أصبع الشفاه الذي لديّ هو من اللون الذي تستخدمه ......أسكتي يا شارلوت , فأنا أريد أن أركز".
جلست شارلوت القرفصاء على فراشها ولم تتكلم ألا بعد أن أنتهت أختها من التزيين .
" في أية ساعة ستعودين ؟".
" لا أعرف , ليس قبل منتصف الليل , وربما بعد ذلك".
" كوني حذرة فيما تشربين ".
نصحتها شارلوت بذلك وقد تذكرت كم أصبحت متحررة بشكل غريب بعد أن أبتلعت جرعة واحدة من ذلك الشراب...
ولكن فلافيا لم تكن مصغية أليها ودمدمت قائلة وهي تنظر ألى صندلها :
" أوه , أنظري كم الساعة الآن ! جون سيكون في أنتظاري , ألى اللقاء يا تشارلي , لا تقلقي سأستمتع بوقتي وسأقص عليك كل شيء في الصباح ".
ولكن شارلوت لم تتمكن من أن تمنع نفسها من القلق , ولم يكن مجرد خوفها من أنفضا الأمر هو الذي جعلها في قلق وتوتر , فهي من وقت لآخر تلمح هذا النوع من الناس الذين يطوفون البحار في يخت كبير فخم ,ولذا كان لديها شك غير مريح من أن فلافيا قد تجد في الحفل محنة أكثر مما تجد متعة.
كانت تأمل في ألا تظهر نساء الحفل أزدراءهن لثوب فلافيا الذي حاكته لها أمها أو لطريقتها الساذجة في التزين .
لم يكن قد مضى على ذهابها أكثر من ساع عندما أرتعدت شارلوت من ومض خيال عبر عتبة النافذة المضاءة بشعاع القمر .
" فلافيا! لم أتوقع عودتك قبل ساعات ".
تسلقت فلافيا من النافذة ودخلت الغرفة لترتمي على الفراش وتنفجر باكية .
ماذا حدث ؟ أوه , أخفضي صوتك , ستوقظين أمي وأبي".
دفنت فلافيا وجهها في الوسادة بينما كان جسمها كله يرتعش بنشيج مكتوم , وعندما وضعت شارلوت يدها على كتفها , أشاحتها بعيدا , ورفعت رأسها لتنفجر في صوت مخنوق :
" أبعدي عني ! دعيني وشأني! أن هذا نتاج غلطتك".
" أنا؟ ماذا فعلت؟ عم تتحدثين؟".
قالت بحدة وقد نسيت أن تخفض صوتها :
" كنت تتظاهرين بالقلق لغيابي , بينما لم تنبسي ببنت شفة عما فعلت , أليس كذلك؟ لم تحذريني من أنك سردت تاريخ أسرتنا بالكامل على شخص غريب عنا تماما , ماذا تظنين كان شعوري عندما سألني ذلك الرجل المتوحش ما أذا كنت أختك , جعلتني أظهر كالبلهاء أمام الجميع؟ لم أشعر بمثل هذا الذل من قبل ! فللمرة الأولى في حياتي كنت سأستمتع بوقتي , وقد حطمت كل شيء!".
وأمام تخبطها بين الغضب والأحباط أسلمت نفسها لموجة ثانية من البكاء.

نيو فراولة 11-10-10 03:10 PM

3- أنها فتاة بلا دروس ولا مدرسة ولا خبرة , وهي سعيدة بهذا! أنها ليست عجوزا بعد لذا يمكنها أن تتعلم
شكسبير ( تاجر البندقية )


صاحت شارلوت مستحثة أختها :
" لقد أستيقظوا , فهناك شخص قادم , أسرعي! أدخلي في الفراش".
برغم ضيقها , لم تكن شارلوت بحاجة ألى ترديد هذا الكلام مرة ثانية ,وبسرعة البرق كانت فلافيا تحت أغطية الفراش , وبالكاد كان هناك وقت لتقفز شارلوت في فراشها قبل أن ينفتح الباب .
لم تكنأمها هي التي جاءت لتحقق فيهما وقد رقدتا ساكنتين بصورة غير طبيعية بدون أدنى حركة , فتحت شارلوت عينا واحدة لترى أخاها الصغير وقد وقف فوق رأسها فأطلقت زفرة أرتياح!
" كيث ! ماذا تفعل هنا ؟".
" سمعت أحدا يبكي , ماذا هناك؟".
" بالتأكيد كنت تحلم , فلافيا نائمة , وأنا لا أبكي ".
" ولكنني سمعت بكاء , أنا واثق من ذلك".
" هراء , عد ألى فراشك".
نهضت شارلوت من فراشها وساقته أمامها ألى غرفة الصبية .
كانت تحب كل أخوتها , ولكن كيث كان حملها الوديع , كان أخاها المفضل فمولده واكب المرحلة في نموها حين أصبحت ناضجة بالقدر الكافي حتى لم ترفض مقدمه ,وصغيرة ألى الحد الذي يمكنها من التمتع بدور الأم معه.
" لم يكن ما سمعت حلما".
قال كيث بأصرار وهي تدس أطراف الغطاء تحته.
" أسكت , ستوقظ الآخرين , نم جيدا".
أنحنت لتقبله فتلقت بالمقابل عناقا حميما وهو يقول :
" تصبحين على خير يا عزيزتي تشارلي ".
منتديات ليلاس

زل لسانه بهذا التدليل لأنه كان يشعر بالنعاس , فقد كان يناديها هكذا عندما كان صغيرا وقد أشتق أسم التدليل هذا من أغنية أسكتلندية عن الفارس الصغير.
كانت الأغنيات الشعبية لبريطانيا وجزر الهند الغربية وبعض الأسطوانات الكلاسيكية هي كل ما يعرف أبناء مارتن عن الموسيقى سمعوها من جهاز عتيق عندهم للأسطوانات , أما معرفتهم بالأغاني الحديثة الواسعة الأنتشار فلا تتعدى وصول بعض المقتطفات ألى سمعهم من أجهزة الراديو المجاورة .
عندما عادت شارلوت كانت فلافيا قد خلعت ثيابها فالرعب الذي سبه لها كيث نجح في تهدئتها .
جلست شارلوت على حافة فراش أختها قائلة :
" فلافيا , أنا آسفة لما حدث , ولكن كيف لي أن أعرف أن ليام هاملتون له علاقة بمعارفك أصحاب اليخت ؟ لم يكن يبدو عليه أنه سائح غني , وأنا لم أخبرك عن لقائي معه لأنك كنت في حال أنفعال شديد بشأن الحفل , ظننت أنك لن تهتمي بهذا الموضوع ألا بعد عودتك".
" أين ألتقيت به؟".
" أوه...... على بعد أميال قليلة من الساحل".
" أنت تعرفين أنه ما كان لك أن تتحدثي مع أغراب".
" ولكنك تحدثت مع جون".
" هذا وضع مختلف , فجون يقربني سنا , أنا لم أكن لأصادق رجلا في سن هاملتون هذا ,فبوسع أي شخص أن يرى كم هو كريه".
" كريه؟ لماذا تقولين هذا؟".
" أظن أنك أستلطفته؟".
" ليس في بادىء الأمر , ولكنني أستلطفته فيما بعد".
" ما كنت ستفعلين ذلك لو أنك رأيته وهو يتصرف بحماقة مع تلك المرأة ".
" يتصرف بحماقة؟ ماذا تعنين؟".
" كانا يرقصان معا , وكانت تحيط عنقه بذراعيها , بينما كان هو يهمس شيئا في أذنها . بل أنني رأيته يقبلها – أمام الجميع – أعتقد أنه كان منتشيا ... وكانت هي التي جعلته يلحظني , فقد قالت له شيئا عني .... أعتقد أنها كانت تهزأ بثوبي , وهي ترتدي ثوبا من الحرير الشيفون وكثيرا من المجوهرات , بعد ذلك ظلّ يحدق فيّ , ثم طلب من جون أن يقدمه أليّ , وبمجرد أن سمع أسمي قال : ( أنت أخت شارلوت؟ ) ثم سألني أذا كان والديّ يعرفان بمجيئي – كنت – كنت أود أن تبتلعني الأرض في تلك اللحظة عاد جون ومعه مشروب لي , ولكن هاملتون هذا رفض أن يتركني أتناوله وشربه هو , وعندما غضب جون دفعه ألى أحد المقاعد وجذبني من ذراعي ليعيدني ألى المنزل , قائلا لتلك المرأة ( تارا ) سأعيد هذه الطفلة ألى منزلها , فقد تأخرت عن موعد ذهابها ألى الفراش , ( هذه الطفلة) يا له من جبان حقا ! وفي تلك اللحظة كان الجميع يحملقون بي!".
" كان محقا , فقد تأخرت فعلا عن موعد ذهابك ألى الفراش , ولا أعتقد أنك تصفينه بأنه كريه لمجرد أنه أستنتج أنه ليس من المفروض أن تكوني في مثل هذا المكان ".
" ليس هذا هو كل ما هنالك , فقد عانقني !".
" ماذا؟".
قال : والآن تعرفين ما هو العناق فلا تدعي فضولك يقودك ألى التهلكة مرة أخرى , لو لم أكن قد ألتقيت بأختك , ربما كنت ستندمين على مغامرتك الطائشة هذه , ماذا كان يعني بقوله هذا؟".
" أعتقد أنه يقصد أنه لو لم أكن قد ذكرت أسمك , لم يكن سيتعرف عليك , وأنك ما كان يجب أن تذهبي ألى هناك".
" كيف عرف هذا؟ من المؤكد أنك قلت له أكثر من أسمي".
" قلت أنه رغم أنك أكبر مني سنا , أبي لا يسمح لك بالخروج مع الفتيان".
" قلت هذا لشخص غريب ؟ أكيد أنك جننت , ليس من حقك أن تناقشي حالتي ".
" لم أفعل ذلك تماما , جاءت السيرة صدفة أستطرادا لشيء كان يتحدث عنه".
" بالقطع , أكنتما تتبادلان حديثا ذا طبيعة خاصة , هل لي أن أسأل ماذا كنتما تناقشان ؟".

نجمة33 11-10-10 04:47 PM

تسلم الايادي
شكرالك

snow whight 11-10-10 10:33 PM

الروايه دى تحفه اخر حاجه وانا بحبها جدا لانها اول روايه قريتهافى روايات عبير

نيو فراولة 13-10-10 12:10 AM

أدركت شارلوت أن عليها أن تقول لفلافيا الحقيقة , وبدون أن تكشف لها عن مكان لقائها بهاملتون , شرحت لها كل شيء وكيف أنه عانقها أيضا , ظانا أنها أكبر سنا من حقيقتها.
أستشاطت فلافيا غضبا من هذا الأعتراف .
" تشارلي , يا له من أمر فظيع بالنسبة أليك!".
" لم يكن فظيعا , بل أرتحت ألى ذلك العناق ".
أرتعشت فلافيا تقززا لأستعادتها هذه الذكرى قائلة :
" حقا أرتحت أليها؟ أما أنا فقد كرهتها , حسنا , أن هذا يثبت كم هو شخص سيء فما من رجل مهذب يقدم على عناقي وعناقك وعناق تلك المرأة في يوم واحد".
كانت هناك لحظة صمت قبل أن تقول شارلوت :
" أنا تعبة , سأنام , تصبحين على خير ".
ولكن برغم الساعة المتأخرة والتوتر غير المعتاد الذي تعرضت له طوال اليوم , مر وقت ليس بقليل قبل أن تتمكن من النوم , كان آخر ما تفكر فيه عادة قبل أن تغمض عينيها هو منزل جزيرة سوليفان الذي ستملكه , ولكن الليلة لم يكن بوسعها أن تفكر في المنزل بدون أن تفكر في ليام هاملتون.
هل كانت فلافيا محقة؟ هل هو حقا رجل سيء؟ ومن هي تلك المرأة التي تدعى تارا؟
ولراحة بال الفتاتين , لم يشر كيث مارتن صباح اليوم التالي ألى ما أزعجه في نومه الليلة الماضية.
بعد الأفطار أعطى رافاس الأولاد الثلاثة دروسهم , أما شارلوت فقد أعفيت من هذا الروتين منذ عيد ميلادها السادس عشر , ألا أنها حتى الآن ينبغي عليها أن تخصص بضع ساعات كل أسبوع للدراسة , ولكنها أعطيت حرية أختيار مكان وزمان أنجاز تلك المهمة ما دامت تقرأ الكتب التي يختارها لها أبوها , وحتى يضمن أنها لا تهمل واجبها كان رافاس يضع لها أمتحانا كل شهر تقريبا أو يطلب منها كتابة بحث في موضوع دراستها الحالي.
بعد تناول وجبة الغداء , أصطحب رافاس أولاده الثلاثة وذهبوا ألى المكتبة العامة في العاصمة وبينما كانت أمها وفلافيا منشغلتين ببعض الأصلاحات المنزلية , أنسحبت شارلوت ألى أقصى الشرفة لكتابة مذكراتها وحينئذ رفعت رأسها وتطلعت صوب البحر عندما شدّها أزيز بعيد لصوت محرك , كان هناك زورق سباق قرمزي يعبر وسط مياه الخليج مقبلا من ناحية سولت بوينت .
منتديات ليلاس

ومع أن عينيها سجلتا بريق ذلك اللون الزاهي كان عقلها مستغرقا للغاية , مرّت بضع لحظات قبل أن تعود ألى الحاضر , وفي نفسها أدركت أن الزورق حوّل مساره وبدأ يلف في خط شبه دائري واسع لينتهي بالقرب من مرفأ عائلة مارتن .
" ترى من هذا؟".
تساءلت هيلين مارتن بعدما أصبح جليا أن زائرا قادما نحوهم .
ولكن ما من واحدة من بناتها تطوعت للأجابة , أما هي فلم تلحظ التعبير الذي علا وجهيهما والذي يؤكد أنه كان بوسعهما أن تفعلا ذلك .
وبينما كان ليام يقترب من المنزل رأت أنه كان حليق الذقن اليوم وأنه يرتدي قميصا وسروالا ملتصقين بجسده بطريقة تختلف عن ملابس أبيها وأخوتها .
وصل ألى حافة الشرفة وقد بدا عليه أنه لم يلحظ الفتاتين , وجّه أبتسامته لهيلين التي نهضت في حيرة لتحيته , ثم قال :
" مساء الخير , هل أنت السيدة مارتن ؟ أعرفك بنفسي , أسمي هاملتون".
مدّت يدها لمصافحته , وقالت في تردد :
" كيف حالك ؟ زوجي ليس في المنزل الآن أظنك جئت لرؤيته ؟".
" نعم – كنت آمل أن أراه ".
" أخشى أنه لن يعود سريعا , أيمكنك أن تحضر غدا ؟ هل هناك رسالة يمكنني أبلاغه أياها؟".
" أنا لست هنا لمهمة معينة يا سيدة مارتن , أنها مجرد زيارة أجتماعية".
" أوه!".
للحظة وقفت هيلين مأخوذة , منذ زمن لم يأتيهم زائر فأحست بالأضطراب .
" ربما جئت في وقت غير مناسب؟".
" أوه , كلا , كلا على الأطلاق , تفضل بالجلوس , كل ما في الأمر أننا لا نرى كثيرا من الناس , فظننت.....".
جمعت شتات نفسها ثم أستطردت قائلة :
" هذه هي فلافيا ,أبنتي الكبرى".
" كيف حال , يا آنسة مارتن؟".
كانت شارلوت قد تركت مقعدها فلم يمكنها أن ترى وجه أختها هذه اللحظة ولكنها كانت ترى وجه ليام , لم يكن في تعبير وجهه ما يدل على أنه ليس بحاجة ألى هذا التعريف.

نيو فراولة 13-10-10 12:39 PM

ثم قالت هيلين قبل أن تعرّفه بشارلوت :
" فلافيا , أذهبي وأبلغي فيوليت أن لدينا زائرا ! ماذا تفضل يا سيد هاملتون ؟ قهوة أم شرابا باردا؟".
" شراب بارد لو سمحت".
وبينما كانت فلافيا تجري ألى الداخل واصلت السيدة مارتن كلامها :
" وهذه شارلوت".
لم يمد ليام يده هذه المرة ولمعت عيناه الزرقاوان بأهتمام واضح وهو يقول :
" مرحبا مرة ثانية , لقد ألتقيت أنا وشارلوت من قبل".
لاح الفزع على هيلين وهي تقول :
" هل ألتقيتما من قبل؟".
" نعم..... بالأمس , وجدتني أعتدي على أحد شواطئها المفضلة في البداية وأظهرت ضيقها لكنها لانت فيما بعد وسمحت لي أن أقاسمها غداءها".
لم تسأل هيلين عن سبب تجاهل شارلوت ذكر تلك المقابلة , فهي تعرف السبب , أذ كان السبب نفسه الذي تحسه الآن حين تفكر أنها ستضطر لأن تقول لزوجها عن زيارة السيد هاملتون , سيكون عليها أن تواجه أستياءه , بل ربما غضبه لما قد يعتبره أقتحاما غير مبرر لحياته الخاصة , ولكنها أبعدت ذلك القلق لشعورها بالغبطة في التحدث مع زائر ما.... أي زائر.
" هل جئت لتقيم هنا يا سيد هاملتون ؟".
" لم أحضر بهذه النية , ولكن الخاطر مر بعقلي , أعتقد أنك أقمت هنا عدة سنوات ! فهل تنصحينني بذلك؟".
" المناخ هنا رائع , والجزيرة في غاية الجمال والهدوء, ولكن هناك بعض السلبيات ".
" ما هي؟".
منتديات ليلاس

" أعتقد أن السلبية الأساسية هي صعوبة حصولك على دخل يغطي نفقات الحياة , ولذا كان من الصعب علىّ ذلك النمط من الناس الذي يفضل الهجرة ألى أستراليا أو كندا على أن يأتي ألى هنا , فلا توجد فرص عمل تكفي لتغطية حاجات السكان الأصليين , فجزر الهند الغربية تناسب فقط الأثرياء , أو قلة , التي على شاكلتنا وترضى بحياة بسيطة , زوجي كان يعمل ناظر مدرسة , أما الآن فهو كاتب , ولذا يمكننا أن نقيم في المكان الذي يحلو لنا , هل أنت أيضا حر بهذا المعنى يا سيد هاملتون".
" نعم , بكل المعاني".
" أليس لك أسرة ترعاها؟".
" كلا , لا أحد غيري ".
" في هذه الحالة , ألن تشعر بقدر من الوحدة هنا؟ أن هناك الكثير لتفعله طوال النهار ولكن المكان يصبح هادئا للغاية بعدغروب الشمس , أعتقد أن باربادوس أو ترينيداد قد تتناسب أكثر مع حياة الأعزب ".
" نعم , معك حق , كما قلت لك أنا لم أعط هذه الفكرة تفكيرا جادا بعد".
" أين تقطن الآن يا سيد هاملتون ؟".
" ليس لي منزل , نشأت في أنكلترا , ولكنني قضيت معظم سنوات حياتي بعد بلوغي سن النضج في الترحال".
" أوه , حقا؟ يا له من شيء مثير".
أنتظرته حتى يكمل حديثه , ثم ترددت في أن تستحثه عندما لم يفعل ذلك , أما شارلوت , فقد كانت أقل حياء في رغبتها أرضاء فضولها , فقالت:
" هل اليخت ملكك؟".
" اليخت".
بعد فوات الأوان تذكرت أنها لم تعرف بأمر هذا اليخت ألا بسبب تسلل فلافيا خارج البيت , فأستطردت :
" أشرت أليه في حديثك أمس".
" حقا , لا أذكر , لكن هذا اليخت ليس ملكي , أنه ملك تارا مونتيفالكو ...... الأميرة مونتيفالكو".
" الأميرة مونتفالكو؟ هل تعني أنها أميرة حقيقية؟".
" هذا يعتمد على ما تعنيه أنت بكلمة حقيقية , فمونتيفالكو هو لقب من بين مئات الألقاب الأيطالية الغامضة , أنها اليوم مجرد أسماء , أكتسبت تارا هذا اللقب عن طريق الزواج ".
تذكرت شارلوت ما قالته لها فلافيا عن ليام وتارا , فتساءلت :
" وأين الأمير مونتيفالكو ؟ هل هو معكم على اليخت أيضا؟".
" كلا , أنه في مكان ما في أوروبا , فهما منفصلان".
عادت فلافيا وهي تحمل أكواب عصير الليمون , وعندما وقف ليام , رمقته بنظرة عصبية عدائية , غمز أليها فصعدت الدماء ألى وجهها , ولكن هيلين لم تلحظ غمزة العين ولا أحمرار الوجه , أما شارلوت فقد لاحظتهما , ومن هذه اللحظة وثقت أنه لن يخون أيا منهما , ويكشف أمرها ولكن في هذه الحالة ترى لماذا جاء؟ مكث قرابة نصف ساعة تحدث في معظمها مع أمها , وعندما نهض ليرحل سار معه الجميع حتى المرفأ لم يصافح شارلوت ولكنه ربّت على كتفها وكأنها في عمر كيث قائلا :
" وداعا يا صغيرتي شارلوت , شكرا لدعوتي ألى الغداء , ولكن الأفضل ألا تكرري الدعوة ".

نيو فراولة 13-10-10 01:49 PM

وعندما أختفى الزورق عن الأنظار قالت شارلوت لأمها :
" أرجو ألا تكوني غاضبة لأنني تحدثت معه بالأمس ؟".
" كلا...... ولكن ليس من الحكمة أن يكون المرء ودودا بهذا الشكل مع الأغراب ".
" هل أستلطفته ".
" لم أكرهه , يبدو أنه مشتت".
أضافت هيلين تلك الكلمات الأخيرة وهي تفكر بصوت عال.
" تماما – تلك هي الكلمة التي كنت أبحث عنها بالأمس , كنت أعرف أن هناك كلمة تصفه تماما ".
" هل أنت متأكدة أنك تعرفين معنى هذه الكلمة يا عزيزتي؟".
" بالطبع , فأنا أذا لم أعرف معنى كلمة أبحث عنها في القاموس , ومشتت تعني مسرف وغير مستقر , ولكنها عادة تستخدم لوصف الأشخاص ...... الأشخاص الذين يبددون حياتهم".
أخفت أمها دهشتها , فكانت تظن أن شارلوت ما زالت صغيرة على القيام بعملية ربط بين ما تقرأ في الكتب وبين الناس الذين تلقاهم في الحياة , كانت هيلين تشك في أن أيا من أبنائها أبتعد عن تفهم أمور الحياة كما كان يريد لهم أبوهم , وبرغم وعيها هذا كانت مفاجأة لها أن تدرك أن شارلوت التي تبدو غاية في البراءة بوسعها أن تكوّن رأيا صائبا بالنسبة ألى شخصيات البشر.
" هل ستقولين لأبي عن مجيئه ؟".
" هل هناك سبب يمنعني من ذلك ؟".
منتديات ليلاس

" كلا.... بالتأكيد , ولكنه لا يحب الأغراب عادة ...... وأعتقد ...... حسنا أعتقد أن معرفة الناس أمر مثير للأهتمام".
" ولكنني لا أظن أن السيدة هاملتون أو رفاقه يجدون فينا شيئا يثير أهتمامهم , وأشك في أنه سيزورنا مرة أخرى ولذا فليس من الأهمية في شيء أن يستلطفه أبوك أم لا , فهيا بنا ألى عملنا ".
ولكن عند عودتهما ألى الشرفة لم يكن من السهل على أي منهما أن تركز في العمل الذي أوقفه مجيء هاملتون , فجلست شارلوت تقطع قلمها وتفكر في أصحاب اليخت , وخاصة تارا مونتيفالكو , أما هيلين فكانت تشعر بالقلق مع أنها كانت تتوقع وتتهيّب في آن واحد مجيء الوقت الذي يبدأ فيه أبناؤها الأعتراض على آراء رافاس , لم يتخيّل أليها أن تأتي أول بادرة لعدم الأرتياح من أبنتها الصغرى .
كانت تتوقع أن فلافيا ستكون أول من سيتمرد ليس لأنها الكبرى ولكن أيضا لأنها لا تتفق مع أبيها كثيرا , فرافاس كان يريد أن يكون كل أولاده ذكورا وجاء مولد فلافيا خيبة أمل كبيرة له ,ثم صار يفضل شارلوت لأنها أكثر ذكاء ولا يجهد نفسه كثيرا لأخفاء هذا التفضيل.
ولكن عندما عاد الأب لم تبلغه هيلين بأمر الزائر , فقد بدا غريبا وعلى غير عادته , وكانت نظرة واحدة في وجهه كافية لأن تنسيها كل شيء.
وبعد أن دلف ألى غرفة نومه ومن ورائه أمها بادرت شارلوت أخوتها متسائلة :
" أجابها روب قائلا:
" لا أعرف , كان في صحة طيبة حتى وصلنا ألى منتصف طريق العودة , ثم فجأة أحس بألم فظيع ".
وأضاف بيتر قائلا:
" كان وجهه متقلصا وكان لا يقوى على الكلام , كان ذلك شيئا فظيعا".
ركضت شارلوت نحو غرفة والديها وتساءلت :
" هل أذهب لأحضر الطبيب ؟".
أنبرى رافاس قبل أن تتكلم زوجته قائلا في غضب :
" لست في حاجة ألى طبيب , لو جئتم به فلن ألقاه , أتركوني في سلام , لا داعي للقلق ودعوني أستريح".
عندما ذهبت الفتاتان لتناما تلك الليلة تساءلت قائلة :
" ما تصوّرك عن سبب مجيئه؟".
" مجيء من؟".
هكذا ردت شارلوت شاردة الذهن , فقد كانت قلقة بشأن أبيها .
" هذا الرجل الذي يدعى هاملتون , من سيكون أذن؟".
" ليس لدي أدنى فكرة , هل هذا أمر هام؟ كنت أتمنى أن يسمح أبي بمجيء الطبيب , فهو يبدو مريضا جدا".
" لن يفيده أن يفقد أعصابه – وهذا ما سيحدث أذا جاء الطبيب بدون أذن منه ".
" ولكن ليس من العدل بالنسبة ألى أمي , فهي قلقة عليه ألى حد المرض".
" أنا لم أتفهم أبدا السبب الذي جعلها تتزوجه".
" فلافيا!".
صاحت شارلوت في فزع.

نيو فراولة 13-10-10 05:01 PM

" حسنا , هل تتفهمين ذلك أنت؟ أنه لم يحاول أبدا أن يجعلها سعيدة , أما هي فعليها أن تفعل دائما ما يريد ..... علينا جميعا أن نفعل ذلك".
" أوه , أسكتي , كيف لك أن تكوني بهذه الفظاعة ؟ أن أبي مريض , وكل ما تقلقين بشأنه هو أنك لا تفعلين ما تريدين ".
أدارت كل منهما ظهرها للأخرى , ولم تتبادلا كلمة واحدة بعد هذا.
بدا رافاس مارتن في اليوم التالي وقد أستعاد صحته تماما , فأستقبلت فلافيا والأولاد الثلاثة عودته ألى الحياة الطبيعية ولم يفكروا في الأمر ثانية , أما هيلين وشارلوت فما زال يساورهما القلق .
وبعد مضي ثلاثة أيام رأت شارلوت زورقا أحمر بمحرك ينطلق عبر الخليج , أثارت رؤيته فضولها من جديد وقررت أن تذهب لمشاهدته.
ولأن الأولاد كانوا يستخدمون الزورق في ذلك اليوم ركبت الأوتوبيس ونزلت قرب طريق ينحدر بشدة نحو الشاطىء .
كان الشاطىء خاويا , جلست شارلوت تستظل تحت النخيل , وقد أحاطت ساقيها بذراعيها وهي تحدق في المركب الأبيض الضخم الذي بدا مهجورا , لم يكن الزورق مربوطا بالسلم المتدلي من جانب اليخت مما أوحى بأن الأميرة مونتفالكو وضيوفها خرجوا في جولة أستكشافية.
منتديات ليلاس

خلعت شارلوت ثوبها الذي كانت ترتديه فوق رداء البحر الأزرق الباهت ونزلت تستحم, في بادىء الأمر لم يكن لديها نية للأقتراب من اليخت , ولكن بعد أن مكثت في المياه ولم تظهر أية بادرة للحياة فوق سطح اليخت لم تستطع المقاومة ودنت حتى أمسكت بالسلم وبعد لحظات كانت قد وصلت ألى قمته .
وبينما هي واقفة على السلم في تردد سمعت صوتا يقول :
" مرحبا..... من أنت؟".
كادت شارلوت تسقط عن السلم فزعا , فحتى لو كان لها حق الدخول ألى هذا المكان لكان الصوت قد أفزعها , لقد كانت واثقة تماما من أن أحدا لم يكن في اليخت .
ناولها منشفة قائلا:
" تناولي هذه , رأيتك من قمرتي وأنت تقتربين , كان منظرك سارا للغاية , هذا اليخت أصبح طوقا لنجاة الغرقى , تعالي ألى السطح حيث الشمس وسأعد لك شيئا لتشربينه , أسمي جون , وأنت؟".
" تش......تشارلوت".
" تشارلوت ؟ ألست تشارلوت مارتن؟".
أومأت برأسها , تراجع الشاب خطوة ألى الوراء يرمقها من أسفل ألى أعلى بأبتسامة قائلا :
" أذن أنت الأخت الصغرى لفلافيا ؟".
لم تسترح شارلوت للطريقة التي كان يفحصها لها , فلفت المنشفة حول نفسها مسرورة لكونها غطتها حتى ركبتيها , وبرغم أن ليام أمتدحها بالطريقة نفسها في الجزيرة , لكنها لم تحس كالآن بمثل هذا الشعور من عدم الأرتياح والنفور مع أنه كان وسيما للغاية.
سألته في عبوس :
" ماذا يضحكك ؟".
" أعطانا ليام صورة عنك على أعتبار أنك مجرد طفلة , ظننا من الطريقة التي تحدث بها عنك , أنك في العاشرة من عمرك تقريبا , حقا سأرد له هذه الدعابة في المستقبل ..... وبالنظر ألى سمعته توقعت أنه ينوي شيئا عندما أثار هذه الضجة حول مجيء أختك , ثقي أنه يتعقب الصيد الأمثل ويلزم الصمت تماما بشأنه".
أخذت كراهية شارلوت له تتصاعد مع كل كلمة .
" ماذا تعني بقولك ( بالنظر ألى سمعته) ؟".
" حسنا , لا أخالك تصوّرته من فتيان الكشافة ؟ أختك تبدو بطيئة الفهم قليلا , أما أنت فأكثر ذكاء ".
" يا لك من فظ! كان فعلا غباء من فلافيا أن تعجب بواحد مثلك".
" آسف , لم أقصد الأهانة , فأنا أستلطف أختك , ولكن ما ذنبي أذا أستلطفتك أنت أكثر؟ تعالي لنشرب شيئا ونصبح صديقين".
" كلا , شكرا ,جئت لأرى ليام , أذا لم يكن موجودا فلن أنتظر".
" بوسعك أن تنتظري نصف ساعة أليس كذلك؟ أنهم في فترة راحة بعد الغداء ".
" لا يهم , فالأمر ليس بهذه الأهمية ".
" كلا , لا تذهبي , أنا واثق أن ليام يود أن يراك , وتارا أيضا".
" لماذا , أنها لا تعرفني ".
" كلا , ولكنها دائما تهتم بالتعرف ألى صديقات ليام....... الأخريات , يجب أن تنتظري حتى تلتقي بها , ستحبان بعضكما بعضا من النظرة الأولى ".
برغم أنه كان يبدو جادا , كان لديها أحساس داخلي بأنه يقول هذا تهكما , ومع أنها لم تأت أصلا ألى اليخت لهذا الغرض , أحست أنها تود أن ترى ليام مرة أخرى :
" حسنا , سأنتظر".

نيو فراولة 13-10-10 05:42 PM

صحبها ألى سطح اليخت ثم بادرها قائلا :
" ماذا تشربين ؟".
" شراب من فضلك".
ضغط على جرس بجواره ثم فتح صندوقا بدا بداخله شيء كبكرة الأفلام .
" ما هذا ؟".
تساءلت عندما أنتقى أحداها ووضعها في جهاز به قرصان دواران .
" عم تسألين ؟ هذا ؟ يا ألهي , ألم تري من قبل جهاز تسجيل , هذا المكان بدائي أكثر مما أتصوره , وماذا عن جهاز التلفزيون ".
" هناك محطة للتلفزيون , ولكننا لا نملك جهازا ".
بدأ الجهاز يخرج صوت موسيقى , وظهر خادم صغير أسمر من دول أميركا اللاتينية فأمره جون بأحضار المشروبات.
جلست شارلوت على حافة أحد المقاعد آملة ألا تلف ثيابها المبتلة قماش المقعد الفخم , وظهر الخادم مرة ثانية وقد حمل المشروبات على صينية من الفضة , أبتسمت له شارلوت قائلة :
" شكرا لك ".
وبعد لحظات أنضمت أليهما سيدة ,كانت شقراء , دقيقة الجسم ترتدي رداء بحرأحمر وصندلا مذهبا مزينا بأحجار حمراء , كان الجزء العلوي من وجهها قد غطته نظارة شمسية ضخمة مما جعل شارلوت ترى أول ما ترى شفتيها وقد طلتهما بلون أحمر ثقيل .
" أوه ,ها أنت يا جوني ..... من هذه؟".
" صديقة لليام , أسمها شارلوت , شارلوت هذه جينين أمي"
دمدت شارلوت بينما رفعت جينين نظارتها ثم حاجبيها قائلة :
" صديقة لليام؟".
" تلك الفتاة الصغيرة الظريفة التي لقيها عندما كان يتجول وحده ".
منتديات ليلاس

أطلقت أمه ضحكة غبيظة قائلة:
"آه , تذكرت , أين تارا؟ هل عرفت أن عندنا ضيفة ؟".
وقبل أن يجيبها صعد ألى السطح عدد آخر من الناس , وبعد أن عرّفهم جون بشارلوت , أخذوا مثل أمه , يتضاحكون ويتغامزون , الأمر الذي جعل شارلوت تشعر بمزيد من عدم الأرتياح , حاولت ألا يظهر هذا عليها , وأن تمنت أن يجيء ليام في هذه اللحظة , لم تكن تفهم لماذا يبدي الجميع كل هذا الأهتمام بها.
فجأة ظهرت أمرأة أخرى , وأدركت شارلوت فورا أن هذه هي تار مونتفالكو , وعلى خلاف الجميع الذين كانوا في ثياب السباحة , كانت ترتدي بيجاما هفهافة من حرير رقيق زاهي الألوان , كانت بشرتها سمراء , وكان شعرها أسود قصيرا ملتصقا برأسها وكان لديها أطول أهداب رأتهما شارلوت في حياتها.
" عزيزتي تارا , تعالي لتتعرفي بصديقة ليام , بدأت أفهم لماذا يقضي معظم الوقت وحده بعيدا عنا , شارلوت , هذه هي مضيفتنا الأميرة مونتيفالكو ".
أحست شارلوت أن الجميع يحبسون أنفاسهم وكان بوسعها أن تحس بالتوتر الذي يلف المكان .
قالت قي تردد:
" كيف حالك ؟ آمل ألا يكون لديك مانع لقدومي , جئت لأتحدث مع السيد هاملتون؟".
كانت عيناها الواسعتان الداكنتان لا تكشفان عما بداخلها , ثم قالت بصوت خفيض جذاب :
" سأرسل شخصا يبلغه بذلك , ولكن قبل كل شيء ألا تحبين تسريح شعرك وأرتداء قميص حتى تجف ثياب البحر , فما من شيء يثير الأحساس بعدم الراحة أكثر من الجلوس في ثياب مبتلة , تعالي ألى قمرتي ".
كان جناح المضيفة بمثابة أكتشاف لشارلوت , كانت جدران القمرة مغطاة بحرير أزرق متموج بينما الأريكة والمقاعد مغطاة بحرير ليموني اللون.
وهناك ردهة تكسوها ألواح خشبية تقود ألى قسم النوم , دفعت أحد تلك الألواح لتكشف عن خزانة ملابس مليئة بالثياب , أنتقت منها واحدا ذا ملمس مخملي وبلون أصفر .
" من الأفضل أن تأخذي حماما , لن يستغرق منك هذا أكثر من خمس دقائق".
قادتها عبر غرفة نوم وردية مذهبة ألى حمام ملحق بها وردي ناصع نادر كقلب محارة ضخمة .
" عندما تكونين مستعدة تعالي ألى غرفة الجلوس".
خلعت شارلوت ثيابها أستعدادا لأخذ الحمام وهي تشعر بذهول من تطور الأحداث , كان هناك دوش في منزل أسرة مارتن , ولكنه بدائي للغاية بالمقارنة مع القمرة المصنوعة من الزجاج والمعدن ونظامها المعقد لتدفئة المياه.

نيو فراولة 13-10-10 06:15 PM

وعندما عادت ألى غرفة النوم كان الباب مفتوحا قليلا كذلك كان الباب الواقع في نهاية الردهة , فسمعت تارا تتحدث مع شخص ما , ويبدو في صوته الضيق وهي تقول :
" كلامك مضحك وغير معقول , فأي أنسان يستطيع أن يرى أنها مجرد طفلة".
جاء صوت جينين مجيبا :
" طفلة جذابة جدا يا عزيزتي ......".
" نعم , ستكون رائعة بعد سنوات قليلة , ولكنها الآن ساذجة بالدرجة التي لا تجذب ليام".
" هل أنت واثقة من ذلك؟ أنا لا أريد أن أقلقك يا عزيزتي , ولكن يجب أن تعترفي أن أمره أصبح محيرا في الآونة الأخيرة , أين يذهب بمفرده ؟ أنه ضيفك الخاص , لو كنت مكانك لأحسست بجرح في كبريائي ".
" نعم , أتوقع أن تكوني كذلك , ولكنك أكبر مني سنا بكثير , وعندما تبلغ المرأة سنك تصبح عادة أكثر عصبية ومحبة للتملك".
عند هذا الحد , أدركت شارلوت أن ليس من حقها أن تستمع ألى هذا الحوار فأغلقت الباب , ولكن ما سمعته كان كافيا ليجعلها تدرك أن هؤلاء الناس برغم أنهم يبدون مهذبين , غير قادرين على الأذى لكنهم في حقيقة الأمر كالأسماك البحرية المتوحشة.
لم تكن قد أنتهت من تمشيط شعرها عندما عادت تارا ألى غرفة النوم , وقالت :
" يبدو أن ليام أخذ الزورق وذهب ألى مكان ما , لكنه قد يعود سريعا , تعالي وتناولي معي شرابا , وقصي علي كل شيء عن نفسك ".
تبعتها شارلوت ألى قمرة الأستقبال , حيث جلست تارا على الأريكة في أناقة , وأخرجت علبة السكائر قائلة :
" أتدخنين ؟ كم عمرك؟".
" أنا في السادسة عشرة من عمري , السابعة عشرة تقريبا".
أجابت شارلوت وهي تجلس بأرتباك على حافة المقعد.
سألتها تار أسئلة عدة , ثم أحضر الخادم الشاي على صينية من الفضة ,كان بوسعها أن تلتهم الضطائر في قضمة واحدة , لكنها نجحت في أن تستبقيها لعدة قضمات , كانت تخشى أن تسقط أو تسكب شيئا , كما أن أحساسها بأن المرأة ترقبها جعلها أكثر عصبية.
" هل هناك رسالة أبلغها لليام أذا ذهبت قبل أن يعود ؟".
" أوه , كلا , شكرا , جئت فقط لأودعه أذ قال أنكم سترحلون قريبا ".
" نعم ...... سنرحل غدا , هل تستلطفينه؟".
" نعم , أنه يبدو لطيفا".
ردت شارلوت في حذر بينما أطلقت تارا ضحكة خفيفة وسألت في تهكم :
" هل تظنين كذلك؟".
" ألا ترين أنت هكذا؟".
" ذلك يعتمد على ما تعنين بكلمة لطيف , ففي لغتي هي بمعنى شخص مسالم ولكنه ممل , فكيف تفهمين أنت هذه الكلمة؟".
" أنه ودود وطيب , في رأيي ".
ضحكت تارا مرة أخرى قائلة :
" أنت فتاة بريئة , معظم الفتيات اللواتي في سنك يجهلن الكثير عن الرجال ألى أن يتعرفن على ذلك النمط الذي يعرف بالنوع الخطر".
" ماذا تقصدين بالنوع الخطر؟ ".
" النوع المتخصص في الأيذاء ... ليام ليس رجلا لطيفا يا عزيزتي , بل أنه رجل مؤذ , وسمعته الفاضحة هي التي تجعله جذابا ألى هذا الحد , وأنا نفسي أنتمي ألى هذا النمط لكن الفرق الوحي
بيننا هو أنه كان عليّ أن أناضل من أجل الحصول على ما أريد , أما ليام فقد ورث أمواله , لقد كان حرا دائما".
تهضت السيدة ونظرت من فتحة في جانب اليخت بعد أن سمعت عن بعد هدير محرك .
" ها قد عاد الزورق , سيكون معنا بعد دقائق , ماذا تنوين أن تفعلي بحياتك ".
" لا أعرف , لم أفكر في الأمر بعد".
" أذن يجب أن تفكري , أنت قد لا تدركين أنك في موقع ممتاز هنا , فعندما كنت في السابعة عشرة من عمرى كنت حبيسة مدينة صغيرة في أنكلترا , كان عليّ أن أفلت , وأخرج للبحث عن فرصي , أما أنت فبوسعك أن تنتظري حتى تأتيك فرصتك وأنت في مكانك – ربما فوق يخت مثل هذا".
لم تقل شارلوت شيئا في البداية تأثرت بسحر تارا وأحست بالأرتياح أزاء صداقتها غير المتوقعة , ولكن كان هناك شيء منفر في نبرة تارا , وبينما هي تسمع صوت أقتراب الزورق سألت شارلوت نفسها ما أذا كان ليام أيضا سيبدو مختلفا غير محبب وسط هؤلاء القوم .

نيو فراولة 13-10-10 06:43 PM

بعد مضي بضع دقائق دخل ليام ولاحظ على افور أن تارا لم تكن وحدها , لم يبدو مسرورا لرؤية ضيفتها فسأل بفظاظة :
" ماذا تفعلين هنا؟".
أجابته تارا قائلة :
" جاءت لتراك".
" أوه ! لماذا؟".
تساءل وهو ينظر ألى شارلوت بطريقة جعلتها تحس وكأن تعارفهما كان عابرا للغاية.
أحست بالدماء تصعد ألى وجهها وقد أنربط لسانها :
" ربما من أجل أمر خاص , سأترككما".
قالت تارا تلك الكلمات وهي تتجه صوب الباب .
أتجه ليام نحوها ,وبيد خفيفة على وسطها , أرجعها نحو الأريكة , جلسا سويا , ملتصقين , ثم جذب نفسا من سيكارتها.
للحظة أخذا يتبادلان النظر في أبتسام وألفة خاصة , الأمر الذي جعل شارلوت أكثر توترا .
" أليس هذا الثوب الأصفر ملكك يا تارا؟".
تساءل ليام بعد أن لاحظ الثوب الزعفراني , ربما لم يكن يقصد ولكنه جعل شارلوت تحس أنه من الوقاحة أن ترتدي ثوبا صمم لواحدة أكثر منها أناقة ورشاقة .
" نعم , قطعت شارلوت المسافة بين الشاطىء واليخت سباحة , ولم يكن ممكنا أن تبقى في ثياب مبتلة".
قفزت شارلوت قائلة :
" يجب أن أذهب الآن , لقد جئت لأودعك , وأشكرك على أنك لم تقل عن الجزيرة".
" أية جزيرة؟".
قالت تارا متسائلة :
منتديات ليلاس

" عندما ألتقيت بشارلوت كانت تعتدي على ملكية خاصة مهجورة ".
ذكّرته شارلوت قائلة :
" وأنت أيضا".
تجاهل كلماتها وبادرها متسائلا :
"أين ملابسك لأعيدك ألى المنزل؟".
" لا تقلق سأعود بالطريقة التي أتيت بها".
ضحكت تارا وتبعتها ألى غرفة النوم , وهناك بادرتها قائلة :
" هل تخيفك الآن أمكانية وحدك مع ليام بعدما قلته لك عنه؟ لا تقلقي فأنت في مأمن معه , ليام قد يكون فاسقا ولكن لديه القدرة على التمييز وبرغم أنك جذابة جدا لكنني لا أظن أنك بلغت مجاله بعد".
تساءلت ما سيكون رد فعل تارا لو قالت لها : ( أنه لا يملك قدرة على التمييز كما تظنين , عانقني وعانق أختي أيضا) , ولكن ربما يكون العناق أمرا في بساطة الأبتسامة بالنسبة ألى قوم مثل هؤلاء , أنغمسوا في الملذات ".
بعد أن أنتهت شارلوت من أرتداء ثيابها قالت :
" شكرا لك على الشاي , أرجوك لا تزعجي نفسك بمصاحبتي ألى اليخت وداعا ".
أفسحت لها تارا الطريق قائلة :
" وداعا يا شارلوت".
وجدت ليام واقفا بجوار السلم المعلق ألى جانبي اليخت فقالت له :
" أنا لست في حاجة ألى من يوصلني , شكرا لك , وعلى العموم تركت ملابسي على الشاطىء , فوداعا وآمل أن تستمتعوا ببقية رحلتكم في البحر".
أبتسمت له أبتسامة مقتضبة ومرت أمامه لتهبط السلم , ولكن لضيقها وجدت الزورق راسيا بطريقة تحول دون غطسها في المياه من فوق السلم بل كان عليها أن تمر أولا بالزورق عند تأرجحه بعد أن تسلقته في عجلة , وجدت من يمسك بها من الخلف ويدفعها نحة المقعد الأمامي برغم مقاومتها .
لم تكن لتستسلم ألى هذه المعاملة , لو لم تلحظ جون ووالدته , وآخرين يرقبون رحيلها.
وعلى مقربة من الشاطىء قال ليام:
" والآن أذهبي وأجلبي ملابسك ولا تحاولي الفرار , فأنا أريد أن أتحدث معك يا شارلوت الصغيرة".
وفي تمرد أحضرت ثوبها ومنشفتها وألقت بهما ألى سطح الزورق ثم ألقت بنفسها من ورائها حتى جعلت الزورق يتأرجح أكثر من المرة السابقة , كان سيسرها أن ينقلب ولكن بدلا من ذلك أرتطم مرفقها به فأنفجر ليام ضاحكا . وعندما وصلا ألى نقطة بعيدة من طرف الأرض أوقف المحرك وسألها وفي نبرة صوته بقايا مرح وقد أستدار نحوها مادا ذراعه على ظهر المقعد .
" والآن , لماذا أنت غاضبة؟".
" أنا لا أحب أن يمسك بي أحد ..... وكأنني كيس من الفول!".
" أنا آسف , ولكن تلك كانت الطريقة الوحيدة أمامي لأيقافك , لكنك كنت غاضبة قبل ذلك".
" كلا , لم أكن غاضبة , أنا فقط لا أحب الأنتظار , أمنظرت قرابة نصف الساعة".
" أليس من الغريب أن تنتظري شخصا ما نصف ساعة , ثم أن تهرعي بالفرار لحظة ظهوره".
" حسنا , ظننت أنك أستأت لوجودي".
" ولماذا أكون مستاء!".
" لا أعرف , ولكن من المؤكد أن هذا ما بدا عليك".
" فوجئت , هذا كل ما في الأمر , كيف كان لقاؤك مع تارا؟".
" كانت ودودة جدا معي".
" هل ألتقيت بأي من الآخرين ؟".
" نعم , أعتقد أنهم بغيضون , خاصة جون بحذائه السخيف والعقد الذي يعلقه حول رقبته في حماقة ".
ضحك قائلا :
" لو كنت تعيشين في أنكلترا , لكان أخوتك قد زينوا أنفسهم مثله , أن هذا هو الأتجاه السائد".
" كلا من المستحيل ! فالعقود للفتيات وليست للرجال!".
" أوافقك , ولكن ذوقي عتيق".

نيو فراولة 13-10-10 10:10 PM

مد يده ليلمس خصلة مبتلة من الشعر على كتفها وقال :
" عندما أنظر أليك أحس أنني عتيق من جميع النواحي ".
" أنت لست متقدما في السن , كم عمرك؟".
" عمري بالسنوات أثنتان وثلاثون سنة ,ولكن بمقدار ما بذلت من حياتي فأنا في حوالي الخمسين من عمري".
" لا تبدو في نظري مستهلكا , بل أن جسمك يبدو أكثر قوة من جون".
أحست فجأة أن غضبها تلاشى وعاودها ذلك الأحساس الذي أحسته عندما كانا يتبادلان الحديث وهما يتناولان غداءهما سويا .
" لماذا جئت ألى منزلنا ذلك اليوم أذا لم يكن هدفك أن تبلّغ والدي بأمر الجزيرة ؟".
لم يجبها على الفور , بل جلس يداعب شعرها في أسترخاء وقد أتجهت عيناه صوب المنطقة الخضراء النائية من الجزيرة.
" أعتقد للسبب نفسه الذي جئت من أجله ألى اليخت اليوم , فضول للتعرف على طريقة معيشة النصف الآخر".
" أنا لم أدخل من قبل يختا فخما , ولم أقابل أشخاصا متمدنين , ولكنني لا أرى سببا وراء فضولك للتعرف على حياتنا , فنحن مثل أية أسرة عادية ليس فينا ما يثير الأهتمام ".
" أي شيء غير معتاد مثير للأهتمام , وأنا لم أنتمي يوما ألى أسرة عادية".
" أتفكر حقا في الأقامة هنا ؟".
منتديات ليلاس

" ما الذي جعلك تفكرين في هذا؟".
" أنت , قلت هذا لأمي ".
" هل قلت هذا؟ ربما فقط لأجد موضوعا لحديث ".
" تارا تقول عنك أنك غني جدا , أين ستذهب في باقي الرحلة؟".
لم يجب على سؤالها بل تساءل :
" كيف وردت حالتي الأقتصادية في الحوار؟".
وحتى تحول دون سؤاله أياها عن سائر ما قالته تارا عنه , بادرته قائلة :
" كانت تتحدث عنك ..... أنها جميلة جدا , هل أنت...... هل هي عشيقتك ؟".
وقبل أن تنتهي من سؤالها , فزعت لتهورها , وأعدّت نفسها لصدمة قاضية تستحقها , ولكنه قال بثبات :
" نعم".
نظرت أليه لكنها لم تجد قسمات وجهه قد تجمدت , وظلّت عيناه الزرقاوان هادئتين دون فتور .
" أنا – آسفة – ما كان يجب أن أسأل ".
أعتدل في جلسته وأستدار نحو عجلة القيادة قائلا :
" الأمر ليس سرا".
وعندما أصبح الزورق مواجها لمرفأ منزلها , أمسك به ومد أليها يده الثانية , حتى تصل ألى الشاطىء .
" وداعا يا ليام".
في اليوم التالي رأت اليخت يتخطى هورتنسيا متجها صوب الشمال , وبينما هي ترقبه يختفي عن الأنظار أحست خليطا من الراحة والقلق , فمن ناحية كانت سعيدة بذهابه , ولكن في الأيام التالية بدا لها نمط الحياة الذي كانت راضية عنه من قبل مملا بشكل باعث اليأس : روتين لا نهاية له , لا يتبدل بين الأكل والنوم وملء الفراغ بشكل قد يستمر لسنوات قبل أن يحدث أمر لكسر هذه الرتابة .
وبرغم أن هذا الأحساس بالركود تلاشى تدريجيا , لكن ذكرى ليام لم تتلاشى , كانت تعلم أنه من الحماقة أن تعيش أحلام يقظة مع رجل لن تلقاه ثانية , ويكبرها بسنوات , ومع ذلك لم يكن بوسعها أن تتخلص من التأثير الذي تركه عليها , وبعد فترة نسيت تماما زيارتها لليخت وأصبحت لا تتذكر الآن سوى لقائهما الأول , ثم بدأت تتذكره ليس كما كان , ولكن كما يحلو لها أن يكون , وبدأت تخلق قصصا خيالية تقوم فيها هي وليام , الشاب البالغ من العمر عشرين عاما بمغامرات حول العالم.
مر شهران قبل أن تتمكن شارلوت من أن تتسلل مرة أخرى في أحدى رحلاتها السرية ألى جزيرة سوليفان.
وعندما وصلت ألى المنزل ,لم تصدق عينيها , كانت النباتات الفارهة قد جزت , والمنطقة كلها خالية من النباتات الأرضية , وفي الطرف البعيد من تلك الرقعة المفتوحة رأت عددا من الأشجار المقطوعة.
وقفت شارلوت فترة طويلة من الوقت متجمدة فاغرة فاها دهشة , ثم تقدمت نحو المنزل وهي مشدوهة , كانت هناك مفاجأة أخرى تنتظرها , فالباب الذي دبّ فيه العفن , والذي كان دائما مفتوحا بعد أن جمّد الصدأ مفاصله , أستبدل بباب آخر , باب آخر مغلق.
وبحذر دفته , فتحرك ألى الخلف على مفاصل جديدة لا تخرج صريرا , وظلت واقفة في مكانها لحظات تنصت , كان المنزل ساكنا كالعادة , دخلت ثم أغلقت الباب خلفها في هدوء.
كان أول ما لاحظت في البهو هو أختفاء الفروع والنباتات المتعرشة عن الدرج , وفي المطبخ أكتشفت وجود موقد صغير وأشياء أخرى تكفي أحتياجات فرد أو أثنين.
وفي الطابق العلوي , وجدت أن غرفتين من غرف النوم أغلقتا , وضعت عينيها على ثقب المفتاح ولكنها لم تر شيئا .
كان يبدو وكأن المنزل يقطنه شخصان على الأقل , من هما؟ وأين هما في هذه اللحظة؟

نيو فراولة 14-10-10 03:18 PM

وقبل أن تعود ألى الشاطىء بحثت في كل موقع في الجزيرة , لكنها لم تجد أي شيء آخر قد تغير ,كلا ,كيف تحتمل أن تعود ألى المنزل دون أن تجد أجابة لهذه الأسئلة ؟ أذا كانت تود أن تحل هذا الغموض , فعليها أن تنتظر مكانها , لترى بنفسها هؤلاء المتطفلين.
ظلّت قابعة على الشاطىء بعين يقظة طوال ساعتين , وفي الثالثة من بعد الظهر أحست عينيها تؤلمانها من كثرة النظر صوب المياه اللامعة , أغلقت عينيها أمام هذا الوهج , وأطلقا زفرة تحوّلت فيما بعد ألى تثاؤب , أن الجلوس ساكنة أمر متعب للغاية , وأذا لم تحذر قد تستسلم ألى النعاس.
أفاقت على شيء يمس نعل حذائها :
" كف عن هذا يا كيث ".
همهمت وهي ناعسة .
ثم أدركت فجأة أنها ليست راقدة على الشاطىء بجوار منزلهم , وأن من يمسها الآن ليس أخاها الصغير , ترنّح قلبها بعنف ثم فتحت عينيها :
" أتصور أنني قلت لك من قبل ألا تجيئي ألى هنا وحدك".
جاء صوت ليام هاملتون صارما .
" ليام !".
طرفت عيناها وهي تنظر ألى وجهه المنحني الداكن – ذلك الوجه الذي توقعت ألا تراه ثانيةة – وأجتاحتها موجة من الأرتياح والغبطة.
منتديات ليلاس

ليام سيساعدها , ليام سيعرف ماذا يجب أن تفعل .... كيف تتخلص من هؤلاء المتطفلين على حريتها .
" أوه , ليام , لقد عدت! أنت الشخص الذي أحتاج أليه , حدث شيء مروع , ستساعدني , أليس كذلك؟ يجب أن تساعدني !".
" بالقطع سأفعل! أذا أستطعت , ما هي المشكلة ؟ ما هي أعمالك الشيطانية ؟ ماذا تدبرين أنت وفلافيا هذه المرة؟".
" لا شيء – لم نفعل شيئا , ليست المشكلة من هذا النوع , أوه , ليام , أنا سعيدة لرؤيتك , متى وصلت ؟ هل غيّرت رأيك ؟ هل ستقيم هنا في النهاية ؟ هل أنت وحدك ؟ أم أن الآخرين معك أيضا؟ أين.........".
" لو أعطيتني نصف فرصة , لقلت لك كل شيء , أنا سعيد لأنك سررت لرؤيتي , تصورت أن أحدا لن يحتفي بي بهذا الشكل ".
" ماذا جعلك تتصور هذا ؟ فما من أحد جدير بالأحتفاء مثلك , أنه سحر ..... معجزة ...... أنه شيء رائع!".
وحتى تريه ما تعنيه عودته بالنسبة أليها ألقت بذراعيها حول عنقه وأحتضنته .
ضحك وبادلها العناق , للحظات أحست بسعادة لا توصف و ثم بلطف نحاها جانبا وفي تلك اللحظة خبت لهفتها , وأدركت أنه ليس حليفا تثق به , أفتقدته منذ زمن طويل – أو هكذا تصورت لحظة أستيقاظها ..... بل أنه رجل لم تقع عليه عيناها منذ شهرين .
" أنا آسفة .......كنت نصف نائمة ...... أنا لم أقصد......".
همهمت في خجل وهي تقفز لتبتعد عنه .
" لا داعي للأعتذار فأنا أحب الأستقبال الحار , والآن , قولي لي ما الأمر ؟ ما هي تلك المأساة البشعة يا صغيرتي شارلوت ؟".
" ليس الأمر مزاحا , أنه أمر خطير للغاية , تعال لترى بنفسك ".
وعندما بلغا مشارف الأرض المنشرحة , أستدارت نحوه , وهي تتوقع أن تراه مدهوشا كما كانت هي منذ قليل .
ولكن ليام قال في هدوء :
" يا له من تغيير مما كان عليه المكان منذ المرة الأخيرة التي كنا فيها سويا ".
" أنت لا تفهم , لم أفعل أنا كل هذا , فأنا لم أحضر منذ ذلك اليوم , لقد فعل ذلك شخص ما , شخص ما يعيش هنا الآن ".
" شخص ما ! ألا تعرفين من؟".
" لم أرهما بعد , أعتقد أنهما أثنان ".
" لا تقولي هما يا شارلوت – بل أنا فقط الذي أعيش هنا , تصورت أنك خمنت ذلك , فأنا أقيم هنا منذ شهرين وأنوي أن أقيم هنا دائما ".
حملقت فيه غير مصدقة , وأخيرا أستعادت نفسها بالقدر الكافي لتقول في وهن :
" لا يمكنك ذلك ... لا يمكنك ذلك !".
" لماذا؟ أوه ! بسبب الأرواح ؟ لم تشكل لي أية مشكلة , وأذا لم تعترض على بقائي هنا لا أتصور أن أحدا آخر سيفعل ذلك".
أخذت نفسا عميقا ثم أنفجرت قائلة :
" أنا أعترض , لا يمكنك أن تستحوذ عليها , فهذه جزيرتي أنا , سأبتاعها , لقد قلت لك ذلك , أن جزيرة سوليفان هي جزيرتي ".
" كان هذا أملا كاذبا يا شارلوت , أنا أعرف كيف تشعرين بالنسبة ألى هذا المكان , ولكن يجب أن تدركي أنه ليس بوسعك أن تبتاعيه , يمكنني أن أفهم غضبك عندما ظننت أن أغرابا نزحوا ألى الجزيرة , ولكن أنا لن أمنعك من المجيء ".
" أطلاقا , أنا لن أحضر ألى هنا ثانية , أنت ستغيرها ........ ستفسدها , أنا أحبها كما هي".
" ليس هذا هو ما قلته المرة الماضية , كانت لك خطط عظيمة بالنسبة ألى هذه الجزيرة".
" ما كان يجب أن أكشف لك عن خططي , فولا ذلك ما فكرت في أن تعيش هنا".
" كلا , ربما ما كنت سأفكر في ذلك , ولكن ما فائدة خطط لا يمكنك تحقيقها يا شارلوت؟ عندما تفكرين في الأمر , ستكتشفين أنك لم تخسري شيئا ".
" من أين لك أن تعلم أنني لن أنجح في تنفيذ خططي؟".
راودتها فكرة جعلتها ترفع ذقنها في تحد قائلة :
" لا تكن واثقا من أن بوسعك أن تحقق فكرتك , فليس من حقك أن تضع يدك على الجزيرة , هكذا , يجب أن تشتريها , وربما لن يوافق مالكها على بيعها لك ".
ألقى عليها بنظرة جعلتها تعتقد للحظة أنها لم تفقد كل الأمل بعد , ثم قال بهدوء :
" أنا بالفعل أملك سند ملكية الجزيرة , أذا كنت تشكين في هذا , تعالي لأريك أياه".
" أوه!".
أطلقت شارلوت صرخة لا أرادية .
ثم أستدارت وركضت , ولكنه هذه المرة لم يتعقبها , وعندما وصلت ألى الشاطىء ألقت بنفسها في البحيرة.

نيو فراولة 14-10-10 04:08 PM

4- أيام كنت غرّا طائشا تعوزني البراعة في الحكم .
شكسبير – أنطونيو وكليوباترا

وقعت شارلوت في أضطراب عاطفي كبير منذ عاد ليام ألى الجزيرة , ولم يكن هناك من تبوح له بحزنها , وكان عليها أن تحتمله وحدها , ولم يكن بوسها أن تحتمل سخرية فلافيا بينما تحتوي شعورها الأليم بالضياع.منتديات ليلاس

لم يكن بعودته قد حرمها فقط من الجزيرة , بل شوّه الصورة التي رسمتها عنه بعد أن أستولى على مكان لا يبعد غير أميال قليلة عن الشاطىء وكان يخصها بكل سند خلقي.
لم تكن لتزور الجزيرة للمرة الثالية عادة قبل أن تمضي عدة أسابيع , غير أن أباها , بعد عودتها السريعة المفاجئة من الجزيرة بعشرة أيام , أشار وهو يتناول طعام العشاء قائلا :
" يمكنك أن تأخذي القارب غدا يا شارلوت أذا أردت ذلك ".
وسألته :
" حقا؟ حسنا".
كانت قبل ذلك بوقت غير بعيد تشعر بالبهجة أذا ما سنحت مثل تلك الفرصة.... ولكن هذا العرض الآن زاد من شعورها بالأحباط أذ كانت قد صممت على ألا تطأ قدمها أرض الجزيرة ثانية طالما هو هناك.
غير أن الأمر أختلف الآن بعد أن واتتها الفرصة وداخلها فيما بين العشاء والأفطار شعور بأمكان الرجوع عن مشروعها .
وأستسلمت في النهاية لشعور قوي يغريها بأن تذهب لتستطلع نوايا ليام , فهي لا تريد أن تراه بل تريد أن تعرف ما ينوي أن يفعله بجزيرتها.
وأحست بالألم عندما فكرت أنها ستضطر أن تدخل الجزيرة عن طريق القناة التي لم يجرؤ أحد سواها على أن يجتازها لسنوات طويلة , وتذكرت كيف أقتربت بعصبية من الشاطىء في أول مرة وكيف صارعت ضد الشجيرات الصغيرة .
وعندما بلغت المنزل لم تجد أي تغييرات واضحة منذ آخر مرة كانت هناك , ولكنها عندما أقتربت من الباب الأمامي وجدته هذه المرة مفتوحا على مصراعيه , وسمعت صوت منشار ..... ووقفت في الردهة تحاول أن تتعرف على مصدر الصوت , بينما أنطلق قط في مقتبل نموه من غرفة الجلوس يشمشم حولها ويحك جسمه في ساقيها البنيتين العاريتين .......
وأنحنت لتداعب القط قائلة :
" بسبس.........".
كان القط نحيلا للغاية ولم تكن فروته في حالة طيبة ,وبدا كأنه حيوان ضال يعاني من نقص التغذية , لكنه لم يكن عصبيا أو نافرا , وربتت عليه بيدها فأنس لها في أطمئنان وتقدير .
وتوقف صوت المنشار وسمعت وقع أقدام وظهر ليام في أعلى السلم فتوقف لحظة وأرتفع حاجباه , ثم هبط ألى الردهة قائلا :
" أهلا وسهلا....... كيف حالك؟".
وأحمر وجهها , وقالت في شيء من الحذر :
" صباح الخير".
" ما كنت أتوقع أن أراك قبل أسبوع أو أسبوعين .... وظننت أنك لن تستطعي الحضور ألا مرة في الشهر ".
وعلّقت في شيء من القسوة :
" أعتقد أنك لم تكن تنتظر أن تراني بالمرة :
" هل ذلك لأنك كنت مضطربة في المرة الماضية ؟ كان ذلك أمرا طبيعيا , وكنت أعرف أنك ستهدأين وتقتنعين عندما تجدين الوقت لتستعرضي الأمر من جديد ".
زقبل أن تفتح فمها لتدحض هذا الكلام أضاف :
" كنت على وشك النزول لأخذ كأسا من الشراب , ماذا تشربين ؟ كوكاكولا أم قهوة؟".
" لا أريد شيئا , شكرا ".
" لا ! حسنا! لنذهب معا ألى المطبخ ونرى – هيا يا أوليفر !".
وأشار ألى القط الذي جرى أمامهما على الفور أتجاه المطبخ .
وقال ليام وهو يفتح علبة الشراب :
" من حسن الحظ أنك جئت اليوم أذ كنت بالأمس في المدينة وتركت لك ملاحظة على الباب ".
ونظرت شارلوت ألى أوليفر , وقالت :
" من أين حصلت على هذا القط؟".
" ألتصق بي أول مر ذهبت فيها ألى المدينة وكان من الواضح أنه ليس ملكا لأحد وقد أحضرته ليؤنسني وسمّيته أوليفر لأنه كان هزيلا أعجف , ولكنه الآن أفضل حالا , أما زلت مصرّة على ألا تشربي شيئا؟".
" لا....... شكرا!".
" أذن فلنخرج ألى الهواء الطلق .... وهناك بعض الكراسي المريحة في فناء البيت".
ولاحظت شارلوت أنه قام بأخلاء مساحة كبيرة من الشجيرات والأعشاب التي كانت تنمو وراء المنزل منذ زيارتها السابقة , وكان هناك كرسيان من الألومنيوم , ومنضدة تحت شجرة من أشجار الياسمين الهندي العطرة , وسألته شارلوت بعد أن جلسا :
" هل يعرف أهل القرية أنك تعيش هنا؟ وهل أستخدمت أحدهم في أصلاح المنزل".
ووضع كأسه على المنضدة , وهز رأسه قائلا :
" أنني أعتمد على نفسي في الوقت الحاضر وعندما يصبح المكان جاهزا للسكن أحتاج ألى طاه وبستاني , ولكنني أفضل الأعتماد على نفسي في هذه المرحلة ".

نيو فراولة 14-10-10 04:36 PM

وأبتسم ثم أستطرد يقول :
" هل تظنين أنني لا أستطيع العيش بدون خدم ؟ أن أعداد الطعام أم تنظيم المسكن من الأمور التي لا تحتاج ألى مهارة كبيرة".
" تستطيع أن تحتمل لأسابيع قليلة , ولكن الأمر سوف يحتاج ألى شهور لتنجز كل شيء بنفسك".
" أقدر أنه يحتاج ألى حوالي ستة شهور شرط أن يتم تركيب المولد الكهربائي في وقت قريب".
" ولكن حتى لو توفرت الكهرباء , لا تستطيع أن تعيش هنا وحدك لعدة شهور".
" أنك لا تقدرينني حق قدري يا عزيزتي , فمن المعروف عني أنني أتم قراءة كتاب بين حين وآخر , ولا تظنين أنني محروم من المصادر ".
" أنك لم تتعود هذا اللون من الحياة ...... وبرغم أننا أعتدناه فأننا نشعر بالضيق في بعض الأحيان".
وعلق ساخرا :
" أنك شابة وطبيعي أن تشعري بالقلق , أما أنا فقد أستمتعت بالحياة وذقت ألوانا عديدة منها".
وقالت في قسوة :
" أعتقد أن بك جنونا , أنني أعرف تماما ما سوف يحدث , سوف تدخل تعديلات على المنزل وسوف تسيء أليه حتى تضيق به وتبيعه , وعند ذاك سوف ترحل وتبدد المال".
وضحك وقال :
" لا أظن أنني سأعاني من الضيق طالما أنك قريبة مني يا شارلوت".
وحدّقت في دهشة قائلة :
" ولكنني لن أكون قريبة منك....".
" جئت اليوم ".
منتديات ليلاس

وأحمرت خجلا وقالت :
" جئت لأنني نسيت شيئا هنا ".
" صحيح؟".
" على الأقل , أظن ذلك , ولكن ربما أكون فقدته في مكان آخر".
" وما هو ذاك ؟ ربما ساعدتك في البحث عنه ".
وأخذت تفكر فيما عساها أن تكون قد نسيته ؟ كتابا ؟ أم نظارة شمسية؟ أم مطواة ؟ وعلق قائلا :
" أحرى بالناس الذين تحمر وجوههم عندما يكذبون أن يلتزموا الصدق , لماذا لا تعترفين بأنك حضرت خصيصا لتسألي الأسئلة التي لم تسأليها في المرة السابقة؟".
وصمتت لحظة ثم قالت :
" أريد أن أعرف , هل أشتريت الجزيرة أم أستأجرتها ؟".
" لا هذا ولا ذاك ...... لأنها كانت دائما ملكي.......".
ولهثت شارلوت قائلة :
" ملكك ........دائما؟".
وكانت هناك علبة سيكار على المائدة ففتحها , وأخذ واحدة منها , وقال :
" ولدت هنا , وماتت أمي هنا , وأنت تعرفين القصة".
" ولكن لا يمكن أن تكون أبن سوليفان! فأسمك هاملتون....".
" غيّر الأقارب الذين تبنوني أسمي , وخيّل أليهم أن ذلك قد يمنع الفضيحة ".
وأشعل السيكار وبدأ يدخن , وواصل يقول :
" أن أردت البرهان فسأريك شهادة ميلادي ... ولقد تسجل أسمي فيها ! ليام بادريك سوليفان , أبن سين وروزالين سوليفان , من جزيرة مانغو".
" لا أكاد أصدق ... أقصد أنني أصدقك بالفعل ...... ولكن الأمر يبدو غريبا للغاية".
وتمتمت بعض الوقت ثم قالت :
"أذا هذا هو الذي جعلك تبدو مخيفا أول مرة رأيتك . كنت في غرفة الجلوس عندما......".
وتوقفت عن الكلام وهي تعض شفتيها , ولكنه أكمل لها :
" عندما أطلق شون سوليفان النار على أمي , نعم , أن هذه الواقعة صحيحة".
" ولكن , أن تعيش هنا بعدما حدث ؟ كيف يمكن لك أن تحتمل ذلك؟".
" بعد أكثر من عشرين سنة كما تعلمين تنطفىء الذكريات....... حتى المؤلم منها , وأذا بدا عليّ الأكتئاب في اليوم الأول فلأنني كنت شاردا في التفكير فيما أذا كان المكان يستحق الأصلاح ! وكنت أتوقع أن أحده في حالة سيئة بالطبع , ولكن آثار التصدع تتجسد بشكل متزايد للشخص الذي يكون قد شاهد المبنى وهو في وضع معقول".
وهيء لشارلوت أن أجابته كانت متناقضة , فكيف يذكر المبنى في حالته الأولى بينما ينسى الذكرى السيئة لوفاة والديه , وواصل ليام يقول :
" وفي أي حال ليس لي خيار في الموضوع .... هذا المكان هو آخر ما بقي لي من الميراث ... ... أنا لست واسع الثراء كما يظنون , ولذا فأنني سأصبح في أزمة مالية بعد أصلاح المنزل".
وتجاهلت تعليقه قائلة :
" هل تعني أنك ستصبح مفلسا حقا أم تعني أنك ستعاني من ضائقة مالية ".
" لن أكون في ضائقة مالية فحسب ..... ولكن معدما تماما".

نيو فراولة 14-10-10 05:15 PM

وعلقت شارلوت :
" لو عرفت كيف يكون حال من يعاني المتاعب المالية لما سخرت بهذه الطريقة".
قالت ذلك وهي تتذكر قلق أمها وغضبها كلما جدّت مطالب مالية تثقل كاهل ميزانية أسرتها المحدودة.
وعلّق ليام في مرارة :
" أن الضيق والحزن لا يفيدان شيئا".
" ولكن أذا أصبحت مفلسا حقا , فكيف ستعيش؟".
" لن أموت طالما أن هناك سمكا في البحر وأستطيع أن أزرع البطاطا والبازيلاء الهندية ..... وأذا ساءت الأمور فسأحاول أن أعمل".
" ولكن هل سبق لك العمل؟".
" لم يكن ذلك ضروريا".
" أعتقد أنه من الصعوبة بمكان أن تجد فرصة هنا ..... سكان الجزيرة أنفسهم لا يجدون فرصا كافية للعمل".
" أستطيع أن أزعم أنني سأجد فرصتي , فالشيطان يجد سبيلا لأغوائه ".
ونهض من كرسيه وقال :
" سأشرب كأسا أخرى ...... هل تشربين الكوكاكولا الآن؟".
" حسنا ..... أشكرك !".
ولاحظت وهو يعود من المطبخ بعد ذلك بدقائق قليلة وقد حمل كوبين أنه تغيّر منذ لقائهما الأول.........تخلص من تلك النظرة المنغمسة في الملذات وبدت قوته واضحة تكشف عنها عضلات كتفيه , كان يبدو أكثر قوة ولم تؤثر فيه آثار الأسابيع الخمسة الأخيرة من العمل المضني كما كانت تؤثر فيه ليالي السهر السابقة وأيام البطالة .
وسألته بعد أن جلس :
" هل قلت للآخرين أنك تنوي أن تعيش هنا ؟".
" لا........ ولكنني قلت وداعا..... وتركت السفينة في ميناء فورت دي فرانس , ولم أصرح لهم بوجهتي ".
" ألم يضايق ذلك الأميرة مونتيفالكو؟".
وأجاب ساخرا :
:
منتديات ليلاس

" فقط أنها أعتادت التخلص من ضيوفها عندما تتضايق منهم وليس حين ما يقررون هم الأنصراف عنها".
وأخذت شارلوت تحتسي شراب الكوكاكولا لكنها لم تستطع أن تقاوم فضولها , فسألته:
" ألم تكن بينكما قصة حب ؟ ولو ألى حد ما!".
كان مستلقيا في كرسيه , وأجاب بدون أن يدير رأسه .
" لم يكن بيننا شيء من ذلك , فالحب يا شارلوت لا يحصل لكل شخص".
" ألا تريد أن تتزوج ويكون لك أطفال ؟".
" لست حريضا على ذلك بشكل خاص".
" ولكنك هكذا ...... ستصبح وحيدا في شيخوختك ".
" عشت وحيدا معظم حياتي ...... وأفضل أن أعيش كذلك".
وحاول أن يغير الموضوع قائلا :
" ما رأيك في النزول ألى البحر قبل الغداء ؟ هل أحضرت معك شيئا من الطعام ؟ أذا لم تكوني قد فعلت فبوسعي أن أعد بعض المأكولات".
كانت شارلوت قد أحضرت معها طعامها العادي برغم أنها لم تكن تعتزم أن تأكله على الجزيرة , ولكن بعد أن أماط ليام اللثام عن شخصيته زلل شعورها نحوه بالعداوة وأصبحت تحس بدلا من ذلك بالعطف والفضول , وقالت :
" نعم , أحضرت بعض الطعام , ولكن أذا كنت لم تعمل قبل الآن فكيف تستطيع أن تمارس الطهو وتنجز كل هذا العمل؟".
" ربما لم يسبق لي العمل بالمعنى المتعارف عليه , ولكنني لم أكن كسولا , فلقد مارست أشياء كثيرة ".
" مثلا؟".
" التسلق والطيران والتزحلق على الماء , وغيرها ....... لننزل ألى الماء!".
كانت شارلوت قد أمضت شطرا كبيرا من حياتها في البحر فأتقنت الغوص ألى مسافة ثلاثين قدما .....وكانت تستطيع البقاء تحت الماء أل ما يقرب من ثمانين ثانية , وأدهشها أن وجدت ليام على المستوى نفسه , لم يكن هناك مكان في البحيرة تصل أليه ألا ويلحق بها وكل منهما يرى شبح الآخر يلقي بظلاله على قاع البحر .
ولم تستطع أن تكتم أعجابها ببسالته الفائقة التي لم تكن تتوقعها , وقالت وهما يتناولان الطعام :
"أستطيع أن أقرر الآن أن بوسعك أن تجد سبيلك لكسب رزقك ., فبأمكانك أن تكون صائد محار".
وأبتسم ليام وقال :
" تقصدين أن أبيع المحار ألى السيّاح".
" لا...... لا ...... أقصد المحار أو الأصداف الصغيرة التي تحتوي اللآلىء , يمكنك أن تصطاد الأصناف النادرة التي يطلبها الهواة".
" كم تساوي المحارة النادرة أذا أستطعت أن تعثري على واحدة؟".
" عثر أحدهم على محارة نادرة يطلق عليها لقب ( مجد البحار ) وبيعت بأربعمائة جنيه..... أنها من أثمن أنواع المحار في العالم , وما وجد منها قبل الآن لا يزيد على خمس وعشرين واحدة ".
وبدا عليه الأهتمام , وسألها :
" أين؟ في البحر الكاريبي ".
" لا ! المجد من سلالة ترجع ألى جزر الهند الشرقية ...... ولكن مع ذلك توجد محارات نادرة في هذه المياه , وحتى تلك التي تعتبر شبه نادرة مثل المحار الذي يطلق عليه أسم الملك فينوس والمحار الحلزوني تقدر بمبالغ طائلة وخاصة أذا كانت سليمة ".

نجمة33 14-10-10 07:51 PM

مشكورررررره علي المجهود في الكتابة وعلي الاختيار الاكثر من رائع

نيو فراولة 14-10-10 08:14 PM

" هل تجمعين المحار ؟".
" لا أجمعها وهي حيّة ....... لا أحب أن أتسبب في قتل الحيوانات التي تعيش فيها , ولكنني أحتفظ بالمحارات الفارغة التي أجدها ولديّ كميات كبيرة منها ".
" أعتقد أنني كنت ممن يبحثون عن المحار وأنا صبي ولكنني لا أذكر ذلك الآن ".
" بأمكانك أن تحصل على كتاب وتدرس كل شيء عن أنواع المحار , وستجد فيه ما يشغلك خلال فترة المساء , وربما أصبحت متخصصا في هذا العلم ".
ونظر أليها في صمت لعدة لحظات ثم قال :
" أتريدين أن تحتويني يا شارلوت ؟".
وأجابت :
" أنه مجرد أقتراح.... وأذا كنت تعتقد أنه أقتراح سخيف .....".
" على الأطلاق , بل أنه لطيف جدا منك أن تبدي هذا الأهتمام ......... وربما أخذت بنصيحتك , وسأضعها موضع الأعتبار ".
وحان وقت رحيلها فقالت :
"هل أعود مرة أخرى ؟".
" في أي وقت تريدين طالما أن أسرتك تعرف بذلك ".
" ولكن الجزيرة ستكون مكانا مأمونا طالما أنك هنا".
كانا يقفان ألى جانب قاربها , وقد بلغ الماء خصرهما , وحملها ألى القارب وهو يقول :
" ربما يصر بعض الناس على أنها ليست مكانا مأمونا بعد , وأعتقد أنني لست الرفيق المناسب لفتاة شابة بريئة ".
" لو كنت سيئا حقا لما همّك أن يعرف أبواي , وفي أي حال فقد قابلتك أمي وأحبتك".
" لا أظن أنها كانت تفعل ذلك لو عرفت أنني قد عانقت أبنتيها..... وربما حدّثتك أختك عن هذا".
وقالت شارلوت في صراحة :
" نعم ........ وكانت غاضبة ......... أنها تكرهك!".
" وهذا يوضح أنها أكثر تعقلا منك يا طفلتي".
" كلا........ فقد أحبت فلافيا جون , أما أنا فلم أثق به على الأطلاق ".
منتديات ليلاس

وأضافت في قوّة :
" ثم أنني لست طفلة".
وأومأ قائلا:
" حسنا , أنك لست طفلة ... ولكن من الأفضل أن يكون لك أصدقاء من سنك".
" مثل جون؟".
" جون مثال سيءللجيل الذي ينتمي أليه , ولكن من المؤكد أن هناك العديد من الشبان ذوو الخلق الطيب".
" ليس في هذه المنطقة , وفضلا عن ذلك ......".
وتوقفت فشجعها على مواصلة الحديث قائلا :
" وفضلا عن ذلك......".
كانت تعتزم أن تقول : وفضلا عن ذلك فأنه لو كان هناك شبان فأن أبي لن يسمح لنا بالأختلاط بهم ولكنها بدلا من ذلك قالت :
" لا شيء, ينبغي أن أنصرف الآن ...... وداعا ".
وفي اليوم التالي لعيد ميلاد شارلوت السابع عشر في نهاية ذلك الشهر .... كسرت ساقها اليمنى , ولحسن الحظ كان الكسر بسيطا في العظام الخارجية من الساق , ولم يمض وقت طويل حتى أستطاعت أن تتحرك بصعوبة في البيت وعلى الشاطىء , وأذ وضعت ساقها في الجص كان من الصعب عليها أن تركب زورقها الصغير.
وعندما شفيت ساقها كانت قد مضت فترة تصل ألى عشرة أسابيع منذ آخر مرة زارت فيها الجزيرة.
وفي اليوم التالي لأزالة الجص كانت تجلس في مرفأ الميناء تفكر فيما أذاكان ليام قد أحس بشيء من الحيرة بسبب غيابها الطويل , أو أنه لم يهتم على الأطلاق , وحينئذ لاح على مرأى البصر قارب بمحاذاة الشاطىء , وعرفته فورا , أنه قارب الصيد الأزرق الذي كان ليام قد حصل عليه كسائح متجول .
وهيء لها أنه كان يمر متجها نحو الجنوب وكاد قلبها يقنط من اليأس ولكنه حوّل طريقه وأتجه نحو الميناء , ولمعت عيناها وعادت أليها حيويتها وأنتظرته لتمسك بحبال المرساة , وأحست بأن السماء أكتسبت بزرقة صافية وأن مياه البحر قد زادت لمعانا وأصبحت التلال أكثر خضرة.

نيو فراولة 14-10-10 08:16 PM

وقال ليام عندما أدركها في الميناء :
" أهلا أيتها الغريبة؟ كيف حالك؟".
" أنا بخير , وكيف حالك أنت الآن ؟".
" على ما يرام ! ماذا حدث لساقك ؟".
" لقد كسرت , وكانت في الجصّ .... وهذا هو السبب في أنني لم أزرك ".
" يا لك من مسكينة ! يا لسوء الحظ ومع ذلك فأنها تبدو كأنما لم يصبها أذى ".
وجلس القرفصاء لينظر أليها وقال :
" أين كان الكسر؟".
ووقفت شارلوت على اليسرى ورفعت اليمنى لتحدد له بالضبط أين كان الكسر .
وتحسس ليام بأصابعه مقدّمة ساقها , وقال :
" ولكن كيف حدث ذلك؟".
" كنت ألهو مع الأولاد وسقطت عن سطح المطبخ".
وعلّق قائلا :
" كبرت على هذه الألعاب والشقاوة التي تخص الصبيان ".
" نعم .... فعمري سبعة عشر عاما الآن ".
ووضعت قدمها على الأرض وتركت يدها على كتفه للحظة أطول , وأحست بأن كتفه قوية كالصخر , ونهض يقول :
" حقا بلغت السابعة عشرة؟ كنت أحس بأن هناك شيئا تغيّر فيك , أما كان ينبغي أن تلبسي قبعة ؟".
" قبعة..... لماذا؟".
" لتمنعي تجاعيد الوجه من الظهور ..... فالنساء عندما يكبرن لا يستطعن أن يهملن مظهرهن كما تفعل فتيات السادسة عشرة".
وصاحت تقول :
" أوه , أنك متوحش!".
وأستأنف الحديث قائلا :
" كنت أظن أنك لم تحضري لأن أبويك لم يسمحا لك بذلك".
" هل أفتقدتني ؟".
منتديات ليلاس

" كانت هناك لحظات أحسست فيها أنني بحاجة ألى أن أجد شخصا أتحدث أليه ... حتى لو كان هذا الشخص أنت".
" أشكرك كثيرا....... وأذا فلن أفكر في زيارتك مرة أخرى ".
" أفهم من هذا أن أبويك وافقا على أن تزوريني ؟".
" لم أطلب أليهما ذلك بعد... فلم يكن لهذا الطلب معنى حتى تتحسن رجلي ".
" أذن سأطلب أليهما أنا بنفسي".
وبدأ يسير قرب الميناء , فأمسكت بذراعه تقول :
" هناك شيء لا تفهمه ".
" هل تعنين أن أباك من المعارضين للصداقة بينك وبين الآخرين؟".
" نعم , ألى حد ما ........ وكيف عرفت ذلك؟".
" أحسست به أحساسا داخليا ".
" قد لا يكون لطيفا أتجاهك , ولكنه لا يقصد أن يكون فظا والأمر لا يزيد عن كونه متقبلا بعض الشيء".
" هكذا يكون الأذكياء أحيانا ".
وربت على يدها يطمئنها ز
" لا تقلقي ! فلن أسبب له أي ضيق".
كانت تخشى ألا يصمد ليام للعداوة التي يظهرها أبوها لأي شخص غريب أذا ما أحس نحوه بشيء من عدم التقبل.
وظهر رافاس مارتن في الشرفة المكشوفة وهما يسيران أتجاه المنزل فأحست بشيء من الذعر ...... وبدأ يهبط الدرج ليقابلهما ...... وكانت شارلوت تأمل في أن تكون أمها موجودة في تلك اللحظة حين يتقابل الرجلان , وأخذ أبوها يتفحص ليام بنظرة غير ودية , ولكن ليام صمد ولم يبد عليه أي أضطراب , وقال :
"أأنت السيد مارتن؟ أنا هاملتون الذي يسكن جزيرة مانغو , كنت أقرأ كتابك عن تاريخ جزر الأنيل الصغرى , ولديّ بعض الوثائق التي كنت أعتزم تقديمها ألى متحف فكتوريا الملكي , ولكن خطر لي أنك ربما تجد فيها ما يهمك , وقد تستحق أن يشار أليها في الطبعة المقبلة من مؤلفك!".
" هاملتون ؟ جزيرة مانغو ؟ المعروفة بأسم جزيرة سوليفان على ما أعتقد ؟ والتي تقع على الساحل على مسافة من هنا , كنت أظن أنه لا يقطنها أحد".
" ألى وقت قريب مضى , ولكنها لم تعد كذلك الآن , فأنا أقطن هناك وأن كنت لا أريد أن أذيع النبأ , وأرى أن ما يشاع عن الجزيرة من أنباء مخيفة يعتبر في الوقت الحاضر ميزة من وجهة نظري , لأنني أريد ألا يقطع أحد عليّ هدوئي".

سفيرة الاحزان 14-10-10 08:35 PM

we love uuuuuuuuuuuuuuuuuuuu

نيو فراولة 14-10-10 10:22 PM

ونظر ألى شارلوت , وواصل حديثه قائلا :
" ومع ذلك فليس لدي أعتراض في أن تحضر أبنتك ألى الجزيرة من حين ألى حين , فقد فهمت أنها تهتم بدرجة واضحة في مجال دراستي الرخويات البحرية ".
وأحست شارلوت بشيء من المفاجأة عندما نسب أليها الأهتمام بمجال دراسته , وكان لذلك أثر السحر على أبيها ........ وبدلا من أن يسأله كيف ومتى بدأت الصداقة بينهما , ولماذا لم تحدثه أبنته بذلك , دعاه ألى الدخول وطلب ألى شارلوت أن تحضر له بعض الشراب , وكانت هذه أول مرة ترى فيها شارلوت أباها على هذه الدرجة من الكرم .
وعادت أمها ومعها فلافيا من مهمة كانتا تقومان بها في القرية , وقال قبل أن يقدم رافاس زوجته أليه :
" تقابلنا أنا وزوجتك من قبل , فقد حضرت ألى هنا مرة ولكنك لم تكن موجودا , كيف حالك يا سيدة مارتن؟".
وأبتسمت في شيء من التشكك وقالت :
" كان ذلك يوم أن نقلت ألى المستشفى يا رافاس , وقد نسيت أن أخبرك ".
" كل ما قيل عن ذلك المرض كان ضجيجا لا مبرر له , أنا بصحة كاملة , ما رأيك في أن تتناول الطعام الآن معنا يا سيد هاملتون ؟".
لم يدرك ليام أن الآخرين حوله كانوا قد صعقوا من المفاجأة لتلك الحرارة النادرة التي أبداها الأب أتجاهه , وأجاب :
" أقبل الدعوة بكل سرور شرط ألا يسبب هذا أزعاجا لبرنامج المطبخ ".
وعلقت هيلين :
" ليس هناك أي أزعاج".
وقال زوجها :
" هيا بنا ألى المكتبة لنتحدث في حرية هناك".
منتديات ليلاس

ومضى الرجلان وأسرعت هيلين ألى المطبخ لتعطي بعض التعليمات ألى فيوليت , ثم عادت وقالت :
"فلافيا , أنهضي وأحضري بعض الأزهار للمائدة ! شارلوت أسرعي لمعاونة فيوليت , من حسن الحظ أن العشاء سيتأخر حتى الثامنة , وكنت أتمنى أن يكون هناك متسع من الوقت لنصنع شيئا خاصا".
وطمأنتها شارلوت :
" لا تتضايقي يا حبيبتي , فأن ليام لا يكترث بما يقدم له على المائدة ".
كانت شارلوت على صواب , فقد شكر ليام مضيفته قبل أن ينصرف بحرارة قائلا :
" كانت هذه أفضل وجبة قدمت لي لأسابيع طويلة مضت يا سيدة مارتن , قد تعلمين أنني أعيش عيشة على جانب كبير من البساطة والقسوة في الوقت الحاضر , ولكنني أتمنى أن أرد كرمك عندما تنتظم حياتي ".
وألتفت ألى زوجها قائلا :
" قد لا أجد الفرصة للحضور لفترة معينة وفي الوقت نفسه لا أود أن أرسل أليك هذه الوثائق بطريق البريد فقد يكون من المناسب أن يحضر أولادك لأخذها".
وأجاب رافاس :
" بالتأكيد ...... بالتأكيد .... وليكن ذلك غدا أذا كان يناسبك ".
" حسنا ......... ولكن قد يكون من الأفضل أن يعهد ألى شارلوت بذلك , فالطريق خلال الجزيرة وعر بعض الشيء ولها به خبرة من قبل".
كانت شارلوت تظن أن ليام سيكون في أنتظارها عندما تصل ألى جزيرة سوليفان في صباح اليوم التالي , ولكنه لم يكن هناك , وعلى ذلك أتجهت ألى منزله وصارت تنادي :
" يو....... هو ...... أنا هنا".
ولكن أحدا لم يجب ....ولم تمض لحظلت حتى هبط القط مسرعا عبر الدرج وأخذت شارلوت تداعب أسفل ذقنه قائلة :
" أهلا .....يا أوليفر ..... أين سيدك ؟".
ونادت ولكنها لم تحظ بأجابة للمرة الثانية .... وأجتازت المطبخ ألى الباب الخلفي ووضعت يديها حول فمها وصفرت صفارة نداء ولكنها لم تسمع أجابة من خلال الأشجار , كانت الجزيرة ساكنة كما عهدتها عندما كانت تأتي وحدها ألى هناك , فيما عدا صوت أنفاس أوليفر .. ونظرت ألى القط تقول :
" ليس معقولا أنه ما زال في الفراش".
وقررت أن تصعد ألى الطابق العلوي لترى أذا ما كان قد أستغرق في النوم , لم تكن غرفة النوم مغلقة بالمفتاح , ونقرت على الباب وأنتظرت بعض الوقت ثم فتحت الباب , كان الفراش يدل على أنه قد أمضى ليلة قلقة ولكنه لم يكن هناك الآن .
وفكرت في أن ليام لا بد أن يكون موجودا في مكان قريب , فالفراش والصندوق والحقائب والمصباح على الأرض , كانت الأشياء الوحيدة الموجودة في غرفة النوم وكانت الغرفة تعكس مظهر حجرة خالية في بيت مهجور , لا بد أن أعصاب ليام من حديد أو أنه لا أعصاب له بالمرة , أيكون بأستطاعته أن يواصل العيش هنا بدون أن تؤثر فيه الوحدة أو القلق ؟
وأحست بالضيق والحيرة بعدما بحثت في سائر الغرف وفي جزء كبير من الجزيرة بلا جدوى , هل تعمّد أن يختبىء ؟ هل أراد شيئا من المزاح؟ وأستبعدت الفكرة , أيمكن أن تكون وقعت له حادثة كالسقوط من فوق شجرة أو جرح جرحا بليغا وهو يقوم بأزالة الشجيرات والأعشاب؟

نجمة33 14-10-10 11:40 PM

الرواية كتيير حلوة نحن بالانتظار ياعسل

نيو فراولة 15-10-10 12:26 PM

وأحست بذعر حقيقي , وأخذت تعدو بأسرع ما تستطيع بدون أكتراث بالجروح والخدوش الناشئة عن أختراق ذلك الممر غير الممهد وهي تخشى أن تتحقق مخاوفها.
وقادها الممر ألى الشاطىء الثاني للجزيرة , لم تكن شارلوت قد حرصت على أن تزوره مرة ثانية بعد الأستكشاف الأول الذي قامت به للجزيرة بسبب الشجيرات الكثيفة والأعشاب التي كانت تجعل الوصول أليه صعبا , كان من الممكن الوصول ألى المكان عبر طريق البحر ولكنها كانت تخشى أن يلحظ قاربها بعض المتسكعين على الرصيف في قرية الصيد على الجانب الآخر من القناة لو سلكت هذا الطريق.
وأخذت تهرول على الطريق الحلزوني الضيق وهي تتوقع عند كل أنحناءة أن تصل ألى نهاية الممر ولكنه أدى في النهاية ألى الشاطىء الصغير , وهناك كان ليام يرقد متمددا بقامته الكاملة على الرمال.
وأحست بالذعر عندما رأته في وضع الأنبطاح , كان عاريا فيما عدا منشفة تحيط بخصره وكان يرقد على بطنه وقد أسند رأسه على أحد ذراعيه .
وأنحنت فوقه وهي تلهث فتململ في مكانه , لم يكن فاقد الوعي وأنما كان فقط مستغرقا في نوم عميق , وركعت على ركبتيها تختلس النظر ألى وجهه فأستدار جانبا بحيث ظهرت أحدة وجنتيه وعين مغلقة من المكان الذي ركعت فيه .
كان من الواضح أنه لم يحلق ذقنه منذ زيارتهم لبيتهم في اليوم السابق , وكان فكه من الخارج خشنا كما رأته لأول مرة , رموش عينيه طويلة وكثيفة كرموش فلافيا وأنفه مقوس بارزا ينم عن القوة والرجولة , وبدت بشرته قاتمة كبشرة فيوليت ولكنها غير مكتنزة بالدهن مثلها.
منتديات ليلاس

ومست شارلوت بأصابعها عظام كتفه في لطف تقول :
" أنهض يا ليام".
وبدأ يتحرك في بطء , وهو يتمتم مستفسرا بدون أن يفتح عينيه :
" مم؟".
وكرّرت :
" ليام! أستيقظ".
كانت يدها لا تزال على كتفه , على أستعداد لتوقظه بطريقة أكثر قوة .
وكان مستغرقا في النوم , ودهشت عندما أستدار فجأة على ظهره وجعل يده تتسلل ألى ذراعها وتجذبها نحوه قائلا :
" كم الوقت الآن!".
وأحست بشيء من الأضطراب جعلها تعجز عن أن تجيب على الفور, ولم يكن بوسعها أن تخلص نفسها لتفرد قامتها , كانت تتوقع أن يفتح عينيه , ولكنه أبقاهما مقفلتين لأنه كان يستطيع من خلال الوهج الساقط على جفونه أن يخمن أنه يرقدد ووجهه أتجاه الشمس ويخشى أن يبهره الضوء , وقد وضع ذراعه الآخر تحت خصرها قبل أن تتمكن من الكلام.
وخرج من شارلوت صوت بين اللهاث والصرير , وفتح ليام عينيه , وتكوّر جسمه كأنما أصابته طعنة رمح وفي حركة سريعة خفيفة أنتصب جالسا يقول :
" ما الذي تفعلينه؟".
" لم أفعل شيئا ..... على العكس ..... أنت الذي فعل ....... كنت أوقظك".
" حسنا...... أذا أردت أن توقظيني فعليك أن تركليني بقدمك".
" لقد مسست ظهرك ...... ولكنك أستدرت فجأة وجذبتني ...... لا بد أنك كنت تحلم ... لا بد أنك ظننت أنني تارا".
ونهض ليام يحكم الفوطة حوله وهو يقول :
" لا...... لقد ظننت ..... نعم! محتمل..... لا أستطيع أن أتذكر.... أنني آسف....لا بد أنني سببت لك بعض الأنزعاج .. أعتذر ..... كم الساعة الآن؟".
" حوالي الحادية عشرة , على ما أظن , جئت مبكرة على غير العادة ".
" يا لله! هل تأخرت ألى هذا الحد؟ أصنعي بعض القهوة بينما أقوم بحلاقة ذقني".
وأخذ يشق طريقه أتجاه المنزل أمامها.
وعندما أقتربا من المنزل , قال :
" لن أتأخر أكثر من خمس دقائق , وأنا أشرب قهوتي بدون حليب".
وعندما هبط الدرج كان يرتدي قميصا وبنطلونا قصيرا , وقد مشّط شعره , وقال :
" أرجو ألا يضايقك أذا كنت سأحلق ذقني هنا".
ووقف يحلق ذقنه أمام مرآة صغيرة معلقة على مسمار ثبت في الحائط.
وشردت بفكرها لحظة وتذكرت أنها قد عرفت خشونة تلك الذقن مرتين بينما أختها فلافيا وهي في التاسعة عشرة من عمرها لم تعرف سوى قبلة ناعمة على وجنتيها , وأحست بأنها بذلك أكثر خبرة وسعادة.
وقطع ليام أفكارها يقول في قوة :
" تنبهي , فالغلاية تغلي على النار ! ".
وأحست أنه بذلك قد جعلها للمرة الثانية بأنها تشعر بأنها ما زالت صغيرة لم تنضج بعد.

نيو فراولة 15-10-10 12:48 PM

وسألته وهي تعد القهوة :
" أحقا ليدك بعض الوثائق التي قد تهم أبي؟".
" بالطبع .... وألا لما قلت ذلك أذا لم تكن عندي؟".
" حسنا , كان أسلوبك وأنت تحدث كخبير في علم دراسة المحار".
" كلا , على الأطلاق ...... قلت فقط أنني أدرس الرخويات البحرية , وهذا صحيح , وأعرف عنها الآن أكثر بكثير مما كنت أعرفه عندما كنت هنا في المرة السابقة".
وقدم لأوليفر بعض الحليب المحفوظ وأخذ يسرب قهوته.
وقالت شارلوت :
" كيف أحبك ؟ أنت يا من.........".
وأكمل لها :
" أنجح في التعامل مع كل الناس ".
" حسنا , ربما تتهمني بالوقاحة , ولكنني لم أكن أقصد ذلك , فقط أقصد القول أن أبي عادة لا يحب أي شخص غريب , ولم أكن أعتقد أنك ستشذ على القاعدة لأنك أنت وهو على النقيض , قطبان متنافران".
" بالنسبة ألى المرض الذي أشارت أليه أمك والذي قال أبوك أنه شيء تافه .... ماذا كانت أعراضه ؟".
وسردت شارلوت ما سبق أن أخبرها به أخوها وما شهدته بنفسها ثم قالت :
" ولم تسأل ؟".
منتديات ليلاس

" لأنني أحسست أن أباك يعاني من حالة قلق ومن الضروري أن يهتم بوضعه الصحي , وأرى أن تقنعوه بأن يضع نفسه تحت الرعاية الطبية".
" أنه عنيد للغاية , حاولت أمي ذلك , ولكنه لا يقتنع , لا أريد أن أتحدث عن أبي هكذا .... فأنا أحبه كثيرا وكلنا نحبه".
وشرب ليام قهوته بدون أن يترك فيه بقية , ثم قال :
"نسيت أن أحضر لك الأوراق..... سأصعد لأحضرها الآن ".
وعندما رجع قال :
" لدي أرتباطات بالذهاب ألى المدينة اليوم يا شارلوت , ويؤسفني أنني لا أستطيع أن أدعوك لتناول الطعام ".
كانت شارلوت تتوقع أن تمضي اليوم كله على الجزيرة , ولم تستطع أن تخفي أحساسها بالأحباط.
وأعطاها المظروف الكبير الضخم المحفوظ في حقيبة من البلاستيك وسارا معا ألى البحيرة وقال لها عند حافة الماء :
" تعالي كلما أستطعت ذلك , فأنا لا أخرج كثيرا ومرحبا بك دائما ".
وأبتسمت وهي تقول :
" حسنا ... أشكرك... ألى اللقاء يا ليام!".
وهذه المرة لم يحملها ألى زورقها وأكتفى بأن قال :
" وداعا".
وأخذ يخوض في المستنقع , وأعتلى قاربه وقال :
" أنت أولا .......".
وكان يعني بذلك أنها ينبغي أن تسبقه بقاربها عبر القناة .
وأحست شارلوت أحساسا لا يكذب أن قصة أرتباطه بالذهاب ألى المدينة لم تكن ألا كذبة بيضاء أنتحلها للتخلص منها ..... وأنه ربما قام بجولة قصيرة في القرية ثم عاد ألى الجزيرة , كانت في حيرة بسبب تلك المناورة وهي تعبر المنطقة المعروفة بأسم أولدمانز بوينت لتقترب من الميناء فلم تلحظ شبحا يخرج مسرعا من بيت مارتن ويهرول ألى الشاطىء ليقابلها , كان الشبح فيوليت تقول في صوت غريب أجش:
" أسرعي يا حبيبتي ...... أسرعي!".
وأكتشفت شارلوت أن فيوةليت كانت تبكي وترتعد في تأثر بالغ , وصاحت شارلوت:
" ما الخبر؟ ماذا حدث؟ ".
وساعدت شارلوت لتصعد ألى الميناء ثم أمسكتها بين ذراعيها وقالت في صوت غالبه الحزن :
" أنه أبوك يا طفلتي ..... ساءت حاله بدرجة كبيرة ونقلته سيارة الأسعاف ألى المستشفى , وذهبت أمك معه ثم أخذت فلافيا الأولاد في سيارة تاكسي , وهناك تاكسي آخر في أنتظارك يا عزيزتي .. ليس أمامنا وقت ....... سأذهب معك!".
مات رافاس مارتن قبل الغروب بدون أن يستعيد وعيه بعدما أصيب بالنوبة القلبية الثانية التي كانت أكثر خطورة من الأولى ودفن ظهر اليوم التالي , وعادت أسرته التي فاجأتها الصدمة ألى البيت.
ظلت هيلين مارتن لأيام عديدة تبدو كأنها لم تتأثر لوفاة زوجها , كانت تؤاسي الأطفال وفيوليت وتقوم بأعمالها العادية أو تجلس على الشرفة تحدق نحو البحر في هدوء غير طبيعي بعينين لا تدمعان.
وفي أحد الليالي أيقظ كيث شارلوت باكيا يقول :
" ماما تبكي! ماذا نفعل؟".
وأيقظت شارلوت فلافيا وذهب الثلاثة ألى غرفة أمهم , لكن الباب كان مغلقا ولم تسمح لهم بالدخول ووقفوا لفترة طويلة أمام الباب يستمعون بلا حول ولا قوة ألى نحيبها المكتوم وأخيرا ذهبوا ألى الفراش , وأخذت شارلوت تعانق كيث وتطمئنه حتى نام بين ذراعيها.
كان وجه هيلين في الصباح التالي يبدو وقد أنهكه الحزن , لكنها تخلصت من النظرة الشاردة في عينيها , وأحست شارلوت بأن تلك النظرة كانت أكثر أقلاقا من النحيب العنيف طوال الليل.
وذهبت هيلين ألى غرفة مكتب زوجها بعد الأفطار ومكثت هناك تفحص أوراقه حتى وقت الغداء.

نيو فراولة 15-10-10 08:14 PM

وبعد الوفاة بحوالي أسبوعين , وكانت قد أرسلت الأولاد ألى المدينة بقائمة للطلبات , أخبرت أبنتيها أنها تريد أن تناقش المستقبل معهما وبدأت تقول :
" أرى أنه من اللازم أن ننظر ألى المستقبل وأن كنا لا نحس بالرغبة في ذلك ... لا أريد أن يحمل الأولاد الهم ولكنكما أنتما الأثنتين أصبحتما كبيرتين الآن بدرجة تؤهلكما لمواجهة الحقائق أيا كانت .... بل أرى أنه من الواجب أن تشاركا بالرأي في أتخاذ القرارات الهامة , أن ما لدينا من النقود لا يكفينا ألا لأشهر قليلة , والمال الوحيد الثابتالذي نملكه هو هذا البيت , وهو لا يساوي كثيرا في الوقت الحاضر ولكن قيمته قد ترتفع كثيرا أذا ما قام شخص بأستثمار الخليج , وأعتقد أن ذلك سيحدث عاجلا أو آجلا , لأنه من أجمل المناطق في الجزيرة , لكننا لا نستطيع أن نعيش على ذلك , فليس لدينا الوقت ..... وأذن سيكون علينا أن نقبل أعلى مبلغ يقدم لنا ثمنا ونعود ألى أنكلترا , ولدينا مبلغ قليل في البنك ..... أما ثمن البيت فينبغي أن يغطي تكاليف رحلة العودة على أحدى سفن الموز".
" ولماذا أنكلترا؟ لم لا تذهب ألى الولايات المتحدة؟".
قالت ذلك فلافيا .... وكانت ترى أن نيويورك هي المكان الذي تطمع به .
وأحست شارلوت بالروع أذ رأت أمها تفكر في العودة ألى الوطن , فقالت :
" هل هذا ضروري يا أمي ؟ المطر يسقط دائما في انكلترا , وأعتقد أنها الآن أكثر سوءا عما كانت عندما هجرتها أنت وأبي".
منتديات ليلاس

كانت شارلوت قد عقدت صداقات مع عدد من سكان الجزيرة الذين هاجر بعضهم ألى أنكلترا , وبرغم أنهم يستمتعون بالحياة هناك فأن وصفهم في الرسائل أقنعها بأنها سوف سوف تشمئز من الحياة هناك .
وعلقت هيلين في أبتسامة باهتة :
" المطر لا يسقط هناك دائما يا حبيبتي ....... والطقس في بلادنا لطيف وعلى كل , فأنكلترا ليست كاملة , بل ليس هناك مكان يتوفر له الكمال , ولكنها أفضل من أماكن عديدة عن أنها وطننا الذي ننتمي أليه ".
وعلقت شارلوت :
" أنا أنتمي ألى هنا ".
وردّت فلافيا :
" لحسن الحظ أنا لا أنتمي ألى هذه المنطقة ".
وعلّقت الأم :
"ألا تريان أنكما تتمركزان حول نفسيكما ؟ ألم تنسيا الصبيان؟ أعتقد أن أنكلترا هي أفضل مكان لهم".
كن يجلسن على السرير في غرفة هيلين ودخلت فيوليت لتخبرهن أن السيد هاملتون في الخارج ينتظر أن يقابل السيدة مارتن , وقالت هيلين :
" لا بد أنه سمع بخبر الوفاة وأنه جاء للتعزية ".
وقالت فلافيا :
" هل تعتذر بأنك نائمة ؟".
" لا , من الأفضل أن أقابله , ويمكنكما أن تحضرا كذلك".
وبدا أن ليام لم يكن قد سمع الخبر فلم يظهر بمظهر من جاء ليبدي التعزية , وألقى عليهن التحية قائلا :
" طاب وقتكن".
ثم قال لهيلين :
" جئت أطلب مساعدتك يا سيدة مارتن , هل بوسعي أن أتحدث أليك حديثا خاصا؟ ربما أستطعنا أن نتمشى على الشاطىء لمدة خمس دقائق ؟".
" لا بأس أذا كنت تريد ذلك ".
وتمتمت فلافيا بعد أن مضت أمها مع ليام تقول :
" ماذا يريد يا ترى ؟".
وعلقت شارلوت :
" وكيف أعرف؟".
ورفعت شارلوت نفسها على الدرابزين الذي يحيط بالشرفة وجلست وظهرها يستند ألى أحدى الدعامات التي ترفع السقف وقالت :
" أما زلت تكرهينه؟".
" نعم!".
" لماذا؟".
" أنت تعرفين لماذا؟".
" أرجوك أن تقولي لماذا؟".
وأجابت فلافيا في قتامة :
" النمر لا يغيّر البقع على فرائه .... لا أثق به!".
" أنه الصديق الوحيد".
" قد يكون صديقك .... ولكنه ليس صديقي ".

نيو فراولة 15-10-10 10:08 PM

وكان على الفتاتين أن تحبسا رغبتهما في الأستطلاع لأكثر من خمس دقائق , وظل هاملتون وهيلين يروحان جيئة وذهابا حوال نصف الساعة على الشاطىء , مشغولين بحديثهما الخاص , وتوقفا عند نقطة معينة ووقفا ينظران أتجاه البيت لعدة دقائق قبل أن يستأنفا تجوالهما , وتوقفا بعد ذلك للمرة الثانية , وجلس ليام القرفصاء وبدا كأنه يحدث علامات عل الرمل المبتل على خط المد والجزر وألى جانبه السيدة مارتن تتابع ما يقوم به.
ودمدمت فلافيا في قلق تسأل :
" ماذا يناقشان , وأيا كان موضوع المناقشة , أنا لا أفهم لماذا لا يسمح لنا بالمشاركة ؟".
ونزلت شارلوت من مكانها على الدرابزين وهي تقول :
" أنهما عائدان...".
وعندما أقترب هاملتون وهيلين نظرت شارلوت ألى وجه أمها تحاول أن تستطلع ما يساعدها على أستئناف موضوع المحادثة السرية بينهما .
وقالت هيلين وهي تصعد ألى الشرفة :
" تعالا وأجلسا يا أبنتي".
وبدا كأنها في شبه مأزق.
وجلست شارلوت وفلافيا تحدقان أتجاههما , وأستند ليام ألى الدرابزين وأشعل سيكارا.
وبدأت هيلين تتحدث قائلة :
" يعرف السيد هاملتون بخبر وفاة بابا .... ولقد فكر في أننا قد تصادفنا بعض المصاعب , وأقترح أحد الحلول لمشاكلنا".
وأضاف هاملتون :
"ولمشكلتي أنا أيضا".
ونظرت أليه هيلين تقول :
" هل أنت متأكد تماما من أن.....".
وقاطعتها فلافيا :
" أرجوك أن تتجهي ألى الموضوع مباشرة يا ماما !".
وبادر ليام ألى أشباع فضولهما قائلا :
"بأختصار ...... طلبت ألى أمكما أن تحضروا جميعا لتعيشوا معي في جزيرة سوليفان ".
منتديات ليلاس

" أوه...... لا !".
" أوه..... نعم".
أجابت الفتاتان بالدرجة نفسها من القوة ولكن التناقض بين رد فعلهما كان واسعا للغاية فقد أحست فلافيا بالرعب بينما عبرت شارلوت عن الترحيب الكامل.
وسأل ليام بنبرة يغلبها يغلبها المزاح :
" ولم لا يا آنسة مارتن؟".
" لأني لا أريد أن أصبح سجينة في جزيرتك , , أنا أشعر بالمرض لأننا منعزلين عن كل شيء , أريد أن أعيش كما يعيش الآخرون".
وصاحت هيلين توبخها :
" فلافيا ".
وأصرت فلافيا على مواصلة الكلام قائلة :
" أريد أن أحصل على عمل .... أريد أن أعتمد على نفسي".
وعلّق ليام بجفاء :
" بالطبع..... ولكن ذلك سيكون من الصعوبة بمكان أذا لم تحصلي على مؤهلات , لماذا لا تدعين أمك تشرح فكرتي بالكامل قبل أن تتخذي قرارك !".
وعلّقت شارلوت تقول :
" أعتقد أنها مدهشة".
وحذّرها ليام قائلا :
" قد تغيرين رأيك أذا عرفت قدرا أكبر من التفاصيل ".

نيو فراولة 15-10-10 10:36 PM

5- الشياطين ليست سوداء جدا كما الرسم
توماس لودج – مارغريت الأمريكية –

قالت هيلين :
" أرجو أن تصمتا , أنه لكرم كبير من السيد هاملتون أن يشغل نفسه بمشكلاتنا , وينبغي أن يكون القرار في صالح الأغلبية ".
وقالت شارلوت :
" أنا آسفة".
وأصرت فلافيا على عنادها بالصمت .
ووجّه ليام الكلام ألى فلافيا :
" مواردي المالية ليست في حالى طيبة الآن والبيت الذي أسكنه بني ليكون قصرا لأسرة غنية لديها خدم وحشم ..... وهو كبير عليّ في أحوالي الراهنة , وأعتزم تحويله ألى فندق".
وأحس أن شارلوت قد ذعرت , فنظر أليها وقال :
" أذا فكرت جيدا ستجدين أنه مشروع أفضل من مشروع صيد المحار".
وسكت برهة , ثم قال :
"تعودتم على نمط غريب من الحياة يجعلكم بحاجة ألى فترة لألتقاط الأنفاس قبل أن تتخذوا قراركم بشأن المستقبل , ولهذا دعوتكم لتعيشوا معي أولا لمدة ستة شهور".
ونظر ألى هيلين وأستطرد :
"ربما كنتم تتخيلون أن نمط حياتكم الحالي يمكن أن يستمر لسنين طويلة ولم تفكروا في أي نوع من التغيير ".
وأومأت ثم طأطأت رأسها وواصل يقول :
" أنا لا أستطيع دفع الأجور الباهظة التي قد تقنع السكان المحليين بأن يتغلبوا على مخاوفهم ولكن بعد أن تعيشوا على الجزيرة فترة معينة سوف يدركون أن مخاوفهم وهمية ويقبلون العمل بالأجور العادية , وسوف تعاونونني في تنظيم المنزل ولن يتطلب ذلك ذلك قدرا كبيرا من المهارة , فأغلبية العمل يدوي , وسبعة أشخاص أفضل من شخص واحد , ليتنا نكون ثمانية أذا قبلت فيوليت الذهاب معنا ".
وأعترضت فلافيا :
" أنك تريد أن تنقلنا من القدر الذي فوق النار ألى النار ذاتها , لقد مللنا الحياة هنا ..... وعملنا كخدم مسخرين لن يكون أفضل حالا".
وأنبتها هيلين قائلة :
" فلافيا! ماذا جرى لك ؟".
" لم أكن أجرؤ فيما قبل أن أعبر عن رأيي ...... أنا أكره هذا المكان , فلقد حرمت فيه من المزايا التي تستمتع بها الفتيات الأخريات .... هذا ليس عدلا !".
وكررت العبارة الأخيرة وأنفجرت باكية , وأنطلقت ألى داخل البيت.
منتديات ليلاس

وأعتذرت هيلين قائلة :
" آسفة للغاية يا سيد هاملتون".
وحاولت أن تنهض ولكنه وضع يده على كتفها قائلا :
" لا تنشغلي ! دعيها , أنا أقدّر مشاعرها , أنها مسكينة , هل تأذنين في أن أذهب لأتكلم معها ؟ أين غرفتها؟".
" أخشى أن يسير الأمر من سيء ألى أسوأ ".
" أرجوك ...... دعيني أحاول ".
ورغم تشككها قالت :
" غرفة البنات تلي المكتبة.. .. ولكن.........".
وأبتسم قائلا :
" أتركي لي الموضوع!".
وأنصرف ..... ومضت قرابة عشرة دقائق قبل أن يعود وفي عينيه بادرة ضحك , وقال :
" كل شيء على ما يرام , وهي تعنى بهندامها الآن , لقد حضرت اليوم بطريق البر , والتاكسي ينتظر , ما رأيكم في ألقاء نظرة سريعة على الجزيرة تستطلعون صورة الحياة التي تنتظركم أذا قبلتم أقتراحي ,وسيكون بأمكانكم العودة قبل الغروب".
وقالت هيلين :
" فكرة رائعة! ليت فيوليت كانت معنا ! سأترك مذكرة للأولاد أخبرهم بمكاننا فقد يعودون قبلنا , هل تبقين يا شارلوت؟".
" أريد أن أذهب معكم!".
كانت فلافيا في غرفة نومها وكان من الصعب أن يظن أنسان أن هذه هي فلافيا التي كانت تنهمر بالبكاء , كانت روحها المعنوية قد أرتفعت بشكل واضح , وسألتها شارلوت :
" ماذا حدث؟ ماذا قال لك؟".
وأجابت فلافيا :
" لقد أعتذر".
" عن أي شيء؟".
" عن كل شيء في تلك الليلة .... وعن أبعادي عن الحفل بتلك الطريقة".
وترددت بعض الشيء ثم قالت :
" وقال أن لي عينين جميلتين , وأنني عندما أتعلم أصول الماكياج وأنتقاء الملابس سأصبح شيئا آخر ...... أنه ليس كريها كما ظننت ".
ولم تعلق شارلوت بشيء.

نيو فراولة 15-10-10 11:12 PM

وأثناء الرحلة ألى القرية المواجهة للجزيرة جلس ليام ألى جوار سائق التاكسي وجلست شارلوت صامتة بين أمها وأختها اللتين أندمجتا معه في الحديث , وكانت تلحظه وهو يلتفت ليجيب عن أسئلتهما وكانت تسأل نفسها :
" هل هو مخلص وأمين حقا ؟".
وخطر لها أنها لا تعرفه تمام المعرفة .
وركبوا الزورق عن رصيف الميناء حيث تجمع نفر من الفضوليين من أهل القرية , وعندما وصلوا ألى الجزيرة أخذت شارلوت تتجول بعيدا وحدها , وأمضى الآخرون شطرا من الوقت داخل المنزل قبل أن تعود أليهم , وساورها خاطر بأنه سيكون عليها أن تتعود على أن يشاركها في اجزيرة آخرون , ولم تكن قادرة بعد على التحكم في مشاعرها أزاء ذلك.
وعاد بهم ليام في قاربه , وقال وهو يعاون السيدة مارتن على السير قرب الشاطىء :
" سأعود يوم الأحد , وأمامكم أربعة أيام لتتوصلوا ألى قرار".
وعبّر الأولاد الثلاثة عن حماسهم للفكرة , أما فيوليت فقد عبّرت عن هلعها .
ولم تعر هيلين أهتماما للمخاطر التي تنبأت فيوليت بأنها ستقع لهم في الجزيرة ولكنها تضايقت لرفضها الذهاب معهم.
وقالت فلافيا :
" سوف تغير رأيها بعد أن تستقر هناك أسبوعا أو أسبوعين ".
وعرفت شارلوت السبب الذي جعل فلافيا تنتقل من معرض ألى مؤيد من خلال حديثهما معا في الفراش تلك الليلة حين قالت :
" وعد ليام بأن يعلمني كل الأشياء التي لم أجد الفرصة لتعلمها".
" وما هي؟".
منتديات ليلاس

" المسائل الأجتماعية مثل السلوك أذا دعيت للعشاء في الخارج... وما شابه ذلك وسوف يساعدني في الحصول على عمل ".
لم يكن لدى ليام شك في الأجابة التي تنتظره عندما جاء يوم الأحد .... كان قد حضر بحرا ووجدهم تجمعوا في الشرفة ينتظرونه , وعندما أخبرته هيلين أنهم يقبلون أقتراحه قال:
" حسنا , والأن لنناقش التفاصيل!".
وأخرج لفافة من الورق ونشرها على المنضدة قائلا:
" هذا رسم يوضح أماكن الأقامة لكل منا".
وألتف أفراد الأسرة حوله ليروا الأسم , وقال :
" أقترح أن تشغل السيدة مارتن والبنات وكيث الصغير الغرف الأربع في الطابق العلوي , أما روب وبيتر فيشغلان الغرفة التي كانت مخصصة لغسل الأطباق وسوف أنام على أريكة الغرفة المجاورة للردهة وأستخدمها كمكتب أيضا ونستخدم غرف النوم الممتازة في الطابق الأول للضيوف , هل يناسبكم هذا الأقتراح ؟".
وعلّقت هيلين :
" بالتأكيد !".
" وأذا , فأول شيء أعمله غدا هو نقلكم ألى المدينة لنشتري الطلاء , وبعض الأدوات , وحالما تجهز غرف النوم يمكنكم الأنتقال وسأرتب سيارة لنقل الأثاث ألى القرية , ثم ننقلها بالقوارب ألى الجزيرة , وبعد ذلك نعرض هذا البيت للبيع , هل ستحضر فيوليت معكم أيضا ".
وعلّقت هيلين في أسف:
" لا! ولكن ربما غيّرت رأيها فيما بعد".
وسألته هيلين :
" من كان مالك الجزيرة قبلك , يا سيد هاملتون ؟".
" لم أشترها , فهناك صلة قرابة تربطني بالمالك الأول وقد ورثتها عنه".
لم يكن راغبا في الكشف عن طبيعة الصلة بينه وبين المالك الأول لأي شخص فيما عدا شارلوت مما أدخل السرور ألى قلبها.
وتناول معهم وجبة الغداء , وبعدها خرج مع هيلين في الزورق ليواصلا حديثهما الخاص , وقد دار جزء منه حول تعليم الأولاد , فأتفقا على أنها أذا ما قررت بعد تجربة الشهور الستة الأستمرار في المعاونة في أدارة الفندق فسوف يرسل الأولاد ألى مدرسة داخلية في باربادوس.
وقالت لأبنائها :
" قرر السيد هاملتون أن يدفع لكل منكم أجرا متواضعا ودفع لكم أجر الشهر الأول مقدما فقد تحتاجون ألى شراء شيء غدا".
وأعترضت شارلوت قائلة :
" ولكننا لا نستطيع أن نأخذ نقودا منه , فليس لديه منها الكثير".
وعلّقت هيلين:
" أنه مصمم".

نيو فراولة 15-10-10 11:52 PM

لم يكن أحدهم فيما قبل قد أعتاد أن يأخذ نقودا لينفقها كما يشاء , وحصلت فلافيا على المبلغ الأكبر , وشارلوت على أقل قليلا , والأولاد بما فيهم الصغير كيث على مبالغ تتناسب مع أعمارهم .
وأنفقت فلافيا كل نقودها في اليوم التالي , فأشترت فستانا وزوجا من الأحذية الأنيقة وبعض الأقراط ومجلتين أمريكيتين للأزياء , وعاد الصبيان أيضا برزم متنوعة , وأحتفظ كل منهم ببعض النقود , وعادت شارلوت برزمة كانت ترفض فتحها , وظهر فيما بعد أنها بلوزة مطرزة , وعلّقت أمها:
" ولكنها فضاضة وكبيرة عليك يا حبيبتي ! لماذا لم تقيسيها في المحل؟".
وأجابت شارلوت :
" أنها هدية الوداع لفيوليت , أتظنين أنها ستعجبها ؟".
" بالتأكيد , أنها تلائم ذوقها ".
وسألها ليام :
" هل هذا كل ما أشتريته؟".
" نعم , فقد فكرت في أن أدخر الباقي".
ونظر ألى أمها , وقال :
" كان عليك أن تسمي هذه الفتاة حكيمة".
وأمضى أفراد الأسرة بقية الأسبوع في الجزيرة يطلون جدران غرفهم .
منتديات ليلاس

وفي اليوم المحدد للأنتقال تناول أفراد الأسرة أفطارهم قبل الفجر وأحسوا بالحزن وهم يأكلون وجبتهم الأخيرة في البيت الذي كان مسكنا لهم لسنين عدة برغم أنهم كانوا على عتبة حياة جديدة.
وحضرت الشاحنة بعد الشروق مباشرة لتنقل الدفعة الأولى من الأثاث , وقام روب وبيتر بمساعدة ليام والسائق في عملية الشحن , وعند العصر كان البيت قد أصبح خاليا تماما كما كان عندما حضرت هيلين وأبنتاها وزوجها ليسكنوه منذ زمن بعيد , وعندما حانت لحظة الرحيل , أخذت فيوليت تبكي وتشهق لأنها لن تقع عيناها عليهم مرة أخرى.
ولم ينس ليام ما عاناه طيلة اليوم من جهد في نقل الأثاث والأمتعة بطريق البحر من القرية ألى الجزيرة , أن يعد لهم وجبة العشاء , وطلب أليهم بعد العشاء أن يخلدوا ألى الفراش.
وقالت هيلين :
" ولكن ينبغي أن نغسل الأطباق أولا".
وعلّق ليام قائلا:
" سوف أعنى بها .... ولا بد أن ترتاحوا فهناك عمل كبير ينتظرنا غدا , طابت ليلتكم!".
كانت شارلوت بعد العشاء بحوال عشرين دقيقة تقف في النافذة المطلة على الجزيرة وقد سطع عليها ضوء القمر عندما تسلل كيث ألى حجرتها يقول :
" أريد أن أنام معك.... لا أريد أن أنام وحدي".
وعانقته وقالت :
" سوف تعتاد ذلك يا كيث ......سريعا".
" أخشى أن يكون البيت مسكونا كما قالت فيوليت ".
" لقد نام ليام هنا لأسابيع عديدة , ونحن في أمان معه".
وأكتفى كيث بأن ألتصق بها :
" ستنام معي .... ولكن الليلة فقط".
وفي أحد الأيام في فترة ما بعد الظهيرة , وكان قد مضى عليهم أسبوع في الجزيرة , ذهب ليام ألى الشاطىء ولكنه لم يعد كما وعد في الرابعة مساء.
وعندما رجع قالت هيلين :
" بدأنا نتعشى بدونك ..... أرجو ألا تتضايق".
" على الأطلاق ...وقد أحضرت معي شخصا .... هل لديكم طعام نقدمه أليه؟".
" عندنا فائض كبير .. من حضر معك".
وأشار ليام ألى شخص خلفه:
" فيوليت !".
وقفز الجميع من أماكنهم ليرحبوا بها , وأمتلأ المكان بالضجيج وسكّتت هيلين أولادها وسألت:
" هل حضرت لتقيمي معنا يا فيوليت؟".
وأومأت فيوليت وقالت :
" قال السيد ليام أن سعادتكم لا تكتمل بدوني .... وأنا كذلك غير سعيدة بدونكم , فأنتم بمثابة أسرتي , ولن يسمح السيد ليام بأن يقع سوء لأي منا ".
لم يمض شهران حتى تغيّرت الجزيرة تماما , وبرز المنزل للرؤية من جهة البحر , وكانت شارلوت كلما سنحت الفرصة تبحر في الفتحة التي تم توسيعها بواسطة الديناميت , لتحدق من بعد في واجهة القصر الجميلة , وأعمدته التي طليت حديثا , والحواجز التي تسطع بطلائها الأبيض في ضوء الشمس.
وكانت النوافذ تتلألأ ليلا بالأضواء التي تستمد الطاقة من المولد الجديد , وكان على كيث أن يدور في البيت ليغلق نوافذ السلك الضيق قبل الغروب لمنع الحشرات الطائرة وغيرها من الدخول , وكان هناك صندوق تثليج وحلة كهربائية وخلاط وكلها تدور بالطاقة من المولد , أعجبت بها هيلين وفيوليت كما أعجب الولدان الأكبر سنا بالرافعة الكهربائية .

نجمة33 16-10-10 10:03 AM

:نشكر لك الجهد المبذول

نيو فراولة 16-10-10 10:29 AM

وبرغم أن ليام كان كثير العودة ألى البر فأن أحدا من الآخرين لم يزر المدينة حتى حان العيد العشرون لميلاد فلافيا.
وأنتهزت شارلوت الفرصة فأشترت بذلة بحر صفراء وأشترت لفلافيا حامل أقلام شفاه دوّار ومذهب , هدية عيد ميلادها , بينما أهداها ليام مجففا للشعر , وتشارك الأولاد في شراء علبة لزينة الأظافر مانيكير , وبعد عشاء عيد الميلاد فتح ليام صندوقا كبيرا فيه آلة تسجيل وعدد من الأشرطة وقال :
" وهذه الآلة المسجلة والأشرطة لنا جميعا".
كانت شارلوت لفترة تحاول أن تخفي شعورا أنتابها بشيء من الكآبة والقلق يرجع ألى شعورها بالغيرة لا من فلافيا فقط بل من الجميع وحتى من فيوليت ذاتها.
كانت دائما تعتبر الغيرة أنفعالا خسيسا وأحست بالذعر عندما أكتشفت أن تلك بالضبط كانت الحالة التي تعاني منها , لم تكن تغار من توثق الرابطة بين ليام وأمها وأختها والأولاد , وأنما كان يضايقها أن تجد وهي التي عرفته قبلهم جميعا أن علاقة ليام بها كانت آخذة في التضاؤل , فقد بدت الآن وكأنها آخر من يهتم به من الأسرة.
منتديات ليلاس

وهبطت السيدة مارتن الدرج وجلست ألى جانب شارلوت وقالت :
" فلافيا تتعلم الرقص بسرعة , ولكنه ليس الرقص الذي كنا نعرفه , ومع ذلك فرقصة الفالس والرقصات السريعة لها ميزاتها".
وعندما توقفت الموسيقى وقف ليام على حافة الدرج يقول :
" هل ترقصين يا هيلين؟".
" كنت ....... منذ سنوات".
" تعالي لنؤدي عرضا أمام البنات".
" نسيت الخطوات ".
" غير معقول .... أنا واثق أنك لم تنسي ".
ورضخت هيلين لأقناعه , وأدهشت أطفالها وهي تتبع خطواته كأنها لم تترك الرقص لأكثر من أسابيع برغم أنها لم ترقص منذ أكثر من عشرين عاما.
وضحكت وهي تلهث قائلة :
" هلا تعطي شارلوت درسا؟".
وتردّد بعض الشيء ثم قال لها :
" أتحبين أن تجربي يا شارلوت؟".
وأجابت على الفور :
" لا...... شكرا".
كانت شارلوت في أعماقها تتمنى أن تحس بملمس ذراعه حولها , وألحت عليها أمها فهبطت الدرج ببطء وتردد لتشارك في الرقص , وكرر ليام ما سبق أن قاله لفلافيا:
"أنس كل شيء عن قدميك , وأسترخي وأستمعي ألى الأيقاع".
وأمسك يدها وأنتظرت حتى بدأت المعزوفة الثانية وبدأ يجذبها أليه ثم يدفعها ألى الخلف .
وعندما أنتهت الرقصة قالت هيلين :
" أحسنت يا حبيبتي ..... أنكما ترقصان كأن الرقص غريزيا فيكما".
وقالت فلافيا :
" أنه دوري الآن ..... هلا تعلمني رقصات أمريكا اللاتينية فيما بعد يا ليام؟".
" أستطيع أن أعطيك فكرة عامة , ولكننا نحتاج ألى موسيقى مناسبة , أما الآن فأنا بحاجة ألى شراب".
وكانت شارلوت قد ذهبت ألى الفراش قبل أن يعود , وبدا لها في الأيام التالية أنها في كل مرة تلمحه كان يبدو متشاغلا مع الآخرين , كان لديه الوقت لهم جميعا ما عدا شارلوت ...... يتحدث أليها على المائدةوكذلك في وجود الآخرين ولا يدخل غرفة ويجدها هناك ألا وجد العذر للأنسحاب.
وفي أحد الأيام حضر مصور ليلتقط صورا تنشر في كتيب عن الفندق , كان شابا يدعى ريكاردو تورتيل من جزر الهند الغربية , وكان يعمل بقية الأسبوع في البنك الذي يحتفظ ليام فيه بأمواله , وأكتشف ليام أن ريكاردو مصورا هاويا موهوبا يأمل أن يتحول ألى محترف ذات يوم .
كان ليام قد سبق أن شرح لريكاردو أن هناك أصلاحات اخرى تتم في المبنى قبل أن يستخدم كفندق ,وأنه يريد صورا فوتوغرافية تنقل ألى كبار الزوار للأنطباع الأول الذي سيكون عليه المكان عند الأفتتاح بدون مبالغة.
وأمضى ريكاردو اليوم كله في الجزيرة يلتقط صورا أكثر مما يلزم للكتيب ليبيعها لمكتبات الأفلام ووكالات الأعلان.
منتديات ليلاس

كان طعام الغداء في ذلك اليوم يتكوّن من سرطان البحر الذي قدم على طبق كبير بطريقة فاخرة , وحملته فيوليت وهي تلبس فستانها الأحمر اللامع , وعندما حان وقت الظهيرة دخل ريكاردو وأغلق حصير النوافذ وظلّل البيت بظلمة خضراء غريبة.
وذهبت شارلوت ألى غرفتها ترتدي بذلة الأستحمام الصفراء , وعندما نزلت ألى الطابق الأرضي وجدت ريكاردو وحده في الردهة , وصمّم على أن يلتقط لها بعض الصور وهي تجلس فوق قاعدة النوافذ المطلة على الدرج ..... كانت تعتبر أنه يضيّع الفيلم لأنها لا تستحق تلك الصور ومع ذلك أطاعت تعليماته , وشردت تفكر في ليام وتمنت أن تكون معها صورة له تنظر أليها في وحدتها.
وأكتشفت أنها تحب ليام وعرفت أن صداقته وحدها لم تعد كافية لتعيد أليها السعادة , فهي تريد الآن شيئا أكثر من الصداقة.. تريد أن يصبح لها عنده مكانة وأهمية كما أصبح له لديها.

غرامي غروب الشمس 16-10-10 12:10 PM

في انتظار التكملة حبيبتي لاطولي علينا

نيو فراولة 16-10-10 01:30 PM

وعاد ريكاردو ألى الجزيرة في عطلة الأسبوع التالية ليريهم بروفات الصور التي أخذها وحازت الصور أعجاب ليام , قبل أن يبدأ يعرض عدد آخر من الصور التي أخذها لشارلوت والتي كانت قد نسيت كل شيء عنها.
وقال روب يلخّص مشاعر الآخرين:
" أنظروا..... أنها شارلوت ! كنت أظن أن الكاميرا لا تكذب , ولكنها تفعل ذلك تماما , أنها ليست كذلك في الواقع على الأطلاق".
وأحست شارلوت بالدهشة نفسها أذ كانت تبدو في الصور أكبر سنا وأكثر رشاقة وجمالا , ودفعتها الغريزة للنظر ألى ليام , كان حانقا وقال موجها الكلام ألى ريكاردو :
" لماذا ألتقطت هذه الطور؟".
وألتفت ريكاردو ألى السيدة مارتن قائلا:
" أعتقد أن بوسعي بيعها .. او أذنت طبعا".
" أنها صور لطيفة .... اكن من ذا الذي يريد أن يشتريها؟".
وأجاب :
" صور الجميلات تطلب دائما ".
وقاطعه ليام :
" بالتأكيد لا ... كان ينبغي أن تستأذن قبل أن تلتقطها يا ريكاردو! تعال ألى المكتب لأسوي الموضوع معك".
وجمع كل النسخ ووضعها في ملف وترك الغرفة وعلّق روب قائلا :
" لقد خاب الأمل في أن تصبحي فتاة الغلاف يا شارلوت ".
وظل الأولاد الآخرين يضحكون في ضجيج حتى جعلتهم هيلين يغادرون المكان.
وسألتها فلافيا :
" لماذا لم تقولي أن ريكاردو ألتقط لك صورا؟".
منتديات ليلاس

وأجابت شارلوت :
" نسيت كل شيء عنها".
وظل الأولاد ليوم أو يومين يعمدون ألى أغاظة شارلوت التي ظلت تفكر في السبب الذي من أجله أبدى ليام ذلك الأمتعاض الواضح......وكانت تود لو أنها طلبت أن تحتفظ بصورة منها , ولكنها خشيت أن ينهمها بالعجب والخيلاء .
وفي اليوم الموعود الذي كان السجل القرمزي فيه موضوعا على مكتب الأستقبال ومعدا لتسجيل الضيوف الأربعة الأوائل قالت هيلين وهم يتناولون الفطور:
" ما أسرع ما يمضي الوقت عندما يكون الأنسان مشغولا بالعمل.... كأننا أمضينا أسبوع واحدا أو أسبوعين فقط منذ جئنا هنا".
حدث ذلك في أول يوم يصل فيه ضيوف ألى الفندق.
وبعد ذلك بحوال أسبوعين كان بوسعها أن تقول :
" لو أن ضيوفنا يستمتعون بوقتهم كما فعلت أسرة هويتينكر وهاياردز فلن تكون أمامنا مشكلات....".
وكانت شارلوت سعيدة كالآخرين , لأن الأسرتين الأمريكيتين أستمتعتا بأجازتهما ووعدتا بمدح فندق جزيرة مانغو لكل الأصدقاء ومع ذلك فالنزلاءالذين وصلوا ألى الفندق بعدهم مباشرة لم يكونوا أناسا رقيقين مثلهم بل ستة أشخاص يحتسون الشراب ويلعبون الورق حتى الساعات الأولى من الصباح , ثم ينامون فلا يستيقظون قبل الظهيرة , النسوة يتركن آثار أقلام الشفاه وزينة العيون على ملاءات الفراش الجديدة , وكل يوم كان هناك لفافة سكائر خالية أو صندوق شوكولاتة أو أوراق أخرى ملقاة على الشاطىء ليقوم أنسان آخر برفعها.
وقالت فيوليت وهي تبدل الأزهار في آخر يوم لأقامة أولئك النزلاء.
" أحمد الله أنهم سيرحلون غدا..... وأدعوه ألا نرى مثلهم ثانية".
وهزّت فيوليت كتفيها وعلقت متفلسفة :
" في رأيي أنهم أفضل من ألا يكون لدينا نزلاء بالمرة ".
ونظرت فيوليت ألى الساحة السفلى فرأت ليام أمام المبنى , وقالت :
" من المؤسف أن السيد ليام ليس أكبر مما هو بعشر سنوات كما أنه ليس أصغر بالقدر نفسه".
" لماذا تقولين ذلك؟".
" لو أنه كان أكبر لكان من الممكن أن يتزوج السيدة مارتن , ولو أنه أصغر كان زوجا مناسبا للآنسة فلافيا".
قالت ذلك بدون أن ترى الذعر الذي أصاب شارلوت ,ومضت لحظة صمت قالت شارلوت بعدها في حرص :
" أعتقد أن الزواج لا يعتمد فقط على السن المناسبة ....... أذ ينبغي أن يكون هناك حب متبادل".
وضحكت فيوليت بينها وبين نفسها , وقالت :
" لن يجد ليام صعوبة في أن يجعل أي سيدة تقع في حبه".
وفكرت شارلوت في كآبة هل يكنّ هو لها حقا شيئا من الحب؟

نيو فراولة 16-10-10 02:21 PM

وفي أحد الأيام قررت شارلوت في فترة ما بعد الظهر أن تستكشف لأول مرة ساحل الجزيرة الرئيسي من الجهة الشمالية .... وأرست قاربها وأخذت تسير بخطى صغيرة على حافة خليج صغير خال , عندما لحق بها شاب طويل القامة ذو شعر أشقر بقاربها في السن , وكان قد وصل على قارب بلون أصفر فاتح من الأتجاه المقابل وأوقفه منها وقال :
" هالو, هل الشاطىء هنا ملكية خاصة؟ أرجو ألا أكون قد أعتديت على أرض الغير".
وهزت شارلوت رأسها وقالت :
" ليست هناك شواطىء خاصة على الجزيرة , فالشواطىء ملك للجميع".
" أوه ؟ أنت أنكليزية أيضا , كنت أظنك أميركية , أنا أيان فريزر , كيف حالك؟".
وأبتسم ومد يده أليها :
" وأنا شارلوت مارتن".
" هل تقيمين معنا في فندق المياه الخضراء؟".
" كلا...... فأنا أقيم في فندق جزيرة مانغو وأعيش هنا".
" ماذا؟ طوال السنة؟ أنك محظوظة".
" وما موطنك أنت؟".
" أسكتلندا ..... هل تقيمين مع أهلك هنا منذ مدة طويلة .... أم أنكم مهاجرون جدد؟".
" أقمنا هنا منذ كان عمري أربع سنوات , وأخوتي الأصغر ولدوا هنا".
وسألها أيان :
" كم عمرك الآن؟".
منتديات ليلاس

" سبعة عشر عاما .... ما عمرك أنت؟".
" ثمانية عشر عاما .... أكملت تعليمي الثانوي في يوليو ( تموز) الماضي وقررت أن أتجول لمدة عام في الخارج قبل أن ألتحق بالجامعة , ولكن أجريت عملية خطيرة لأبي في أغسطس ( آب) وصمم الأطباء على أن يحضر ألى هنا للراحة ستة أسابيع , أمي ماتت منذ ثلاث سنوات ولم يشأ أبي أن يحضر بمفرده , لذلك جئت معه , وأعتقد أنني محظوظ أذ أتيحت لي هذه الفرصة , والمشكلة أن أبي يأوي ألى الفراش مبكرا فأشعر بالفراغ في الأمسيات ولا أجد شابا في الفندق فكلهم لا يقلون عن الأربعين ويصل معظمهم ألى الخمسين أو الستين , ما متوسط النزلاء في الفندق الذي تسكنين فيه؟".
" معظمهم في منتصف العمر كذلك".
وعبس قائلا :
" ومع ذلك لا ينبغي أن تحزني فالمكان يستهلك طاقة الأنسان أثناء النهار .... جربت كل شيء كالتزحلق على الماء والسباحة والغطس ..... وغيرها".
كانت شارلوت قد أحست نحوه بالتقدير منذ رأته , والآن وبعد أن حادثته خمس دقائق أحسّت بالأرتياح أليه كأخ من أخوتها ..... لم يكن حسن المظهر لكن وجهه كان صبوحا وشعره أشعث بعض الشيء ولم يكن متكلفا .... وليس مثل ذلك الشاب الذي دعا فلافيا ألى الحفلة.
وأمضيا حوال نصف ساعة يتحدثان , قال أيان:
" ليلة السبت من كل أسبوع يجري في فندق المياه الخضراء حفل راقص وفي كل ليلة تقام رقصات على الموسيقى المسجلة , لكن السبت يعتبر يوما خاصا تحضر فيه فرقة حيّة .. هل تحبين أن تحضري هذا الحفل؟".
وقالت في تشكك :
" لا أعرف!".
وعلت وجهه حمرة خجل باهتة وقال :
" كان عليّ أن أدرك أن فتاة مثلك لا بد أن تكون مرتبطة لأسابيع مقبلة".
وكررت وراءه :
" فتاة مثلي؟".
وتردد بعض الشيء ثم قال على عجل :
" أنك أجمل فتاة رأيتها".
كان يتكلم بأخلاص وطريقة جعلت شارلوت تعجز عن الكلام لحظة , وقالت بعد صمت :
" أحب أن أحضر الحفل يا أيان ولكنني سأستأذن أمي".
ووافق على الفور قائلا:
"أوه , بالطبع .. هل يبعد محل أقامتك كثيرا ؟ هل يمكن أن آتي معك لأقدم نفسي؟".
" أنه لا يأخذ وقتا طويلا في الزورق . ولكن ما مصير قاربك؟".
" يمكننا أن نربطه فسأحتاج أليه في العودة".
وأرسيا الزورق على الجزيرة عند الشاطىء الصغير , وكان أول شخص قابلاه هو ليام .... كان يقوم بحفر بؤرة لا تبعد كثيرا عن الممر أكتشفها قبل ذلك بأيام قليلة.
وقال ليام وهو ينظر بعين الأستفسار ألى رفيقها :
" أهلا.... لقد عدت مبكرة".
ووضّحت له قائلة :
" هذا أيان فريزر ..... أنه هو ووالده يقيمان في فندق المياه الخضراء".
وقال أيان :
" كيف حالك يا سيدي ؟ جئت أستأذن في السماح لشارلوت بأن تحضر الحفل الراقص يوم السبت في الفندق الذي أقيم فيه , وهناك زورق يمكنني أن أستعيره لأصطحبها في الذهاب ولأعود بها في الوقت الذي تحددونه".
وأخذ ليام يتفحصه , وقال :
" لا أرى مانعا ..... ولكن ينبغي أن تستأذن أمها ".
وأومأ أيماءة ودية ثم واصل عمله.
وقال أيان وهما يواصلان السير :
" أذا كان أبوك قد وافق .... فلا أعتقد أن أمك تعترض".
وقاطعته قائلة :
" ليام ليس أبي ؟ ألا ترى أن سنه لا يسمح بأن يكون كذلك ؟".
" آسف .... ولكن من يكون أذا؟".
وشرحت قصة وفاة أبيها ....... وكيف حضرت أسرة مارتن ألى الجزيرة.

نيو فراولة 16-10-10 02:57 PM

كانت هيلين تراجع محتوى حجرات التخزين وتكتب قائمة بالأصناف التي يحضرها ليام في رحلته المقبلة ألى المدينة , ورحبت بأيان وأبدت موافقتها على ذهاب شارلوت ألى الحفل شرط أن يعيدها قبيل منتصف الليل .
وقالت وهم يتناولون العشاء في تلك الليلة :
" يذكّرني أيان بشخص لا أستطيع أن أتذكر من يكون؟".
وعلّق ليام:
"هل لديك ما تلبسينه في هذه المناسبة يا شارلوت ؟ أنا ذاهب ألى المدينة غدا وتستطيعين أن تأتي معي لتشتري ما يلزمك ".
وقالت فلافيا :
" وأذهب معكما لأساعدها على الأختيار".
وهز ليام رأسه وقال :
" لا..... لا يمكن أن تتركا العمل أنتما الأثنتين في فترة الصباح , فعليك أن تقومي بعملك بالأضافة ألى عمل شارلوت يا فلافيا".
كانت فلافيا فيما مضى تثور على مثل هذا التحكم ولكنها الآن تقبلت الأمر ببساطة وأكتفت بأن تقول :
" لو كنت مكانك يا شارلوت لذهبت ألى المتجر الصغير في شارع الكنيسة , فصاحبته أمرأة لطيفة وتقدم خالص النصيحة ".
وتمتمت شارلوت :
" سوف أفعل".
لم تكن فكرة شراء فستان وراء ما أحست به من أثارة ولكنها المتعة للتواجد وحدها مع ليام لساعات عدة.
وللأسف لم يكن لها وحدها أثاء الرحلة في الصباح التالي فقد دعا بعض القرويين للركوب معهما وكان يتحدث أليهم لا أليها , وعندما وصلا ألى العاصمة لم يصحبها في جولتها بل أتفقا على أن يتقابلا أمام المحكمة عند منتصف النهار تماما , ومضى ألى عمله تاركا أياها تراقبه في يأس حتى أختفى .
منتديات ليلاس

ووصلت ألى المكان الذي تواعدا عليه قبل الموعد بنصف ساعة , وأنتظرته على مقعد ظليل , ولم تكن مبتهجة كثيرا برغم نجاح مهمتها في شراء ما تريده وأرتفعت روحها المعنوية عندما رأته يعبر الميدان وساعة المحكمة تشير ألى الثانية عشرة ألا عشرين دقيقة فلربما أقترح أن يتناولا وجبة الغداء في المدينة أو على الأقل مشروبا باردا ينعشهما قبل رحلة العودة.
وأخذ قلبها ينبض عندما رأته يقترب من المقعد مبتسما وقد رأى رزمة الطرود معها , ولكن توقعاتها لم تدم طويلا وكان أول ما قاله:
"لقد جئت مبكرة ......... لو تحركنا الآن فسنصل مع الغداء , أتركي لي حمل بعض الطرود عنك , ماذا بها؟".
وقالت وقد أحست بشيء من الأحباط:
" فستان وبعض الصنادل وأشياء أخرى".
" ماذا حدث؟ ألم تبتاعي كل ما كنت تريدينه؟".
ولم تنكر قنوطها , وقالت :
" ليس ذلك السبب....... ولكنني متعبة وعطشانة".
وأشترى واحدة من الآيس كريم وهما في الطريق ألى مكان أنتظار السيارة , وعندما قدمها أليها قالت بجفاء :
" لا..... أشكرك!".
ولم يكن قد سألها قبل أن يشتريها , أذا كانت تريدها أم لا .... لكنها لم تكن طفلة ...... وكانت تحس بالغضب لمعاملتها بتلك الطريقة".
وأنطلقت بهما السيارة في طريق العودة في صمت أحست معه شارلوت بالضجر , وعندما بلغا القرية كان حلقها يحترق بالدموع الحبيسة , وعندما وصلا ألى الجزيرة حاولت أن تشكره عل أصطحابه أياها فأجاب بطريقة عارضة :
" لا شكر على واجب".
كان من الصعب على شارلوت أن تنام في تلك الليلة وظلت تتقلب في فراشها حتى منتصف اليل , وفي الثانية صباحا تسللت في هدوء من غرفتها وهبطت الدرج , وأعترتها الدهشة أذ وجدت بعض الضوء يتسرّب من أسفل باب المكتب , لم يكن من اليسير أن يحس ليام بوقع قدميها وهي تهبط الدرج في سكون ألى الردهة , وفتح الباب بمحض الصدفة فوقعت عيناه عليها وهي في منتصف الطريق بين قاعدة السلم وباب غرفته.
وأصيبت بما يشبه الشلل عندما وقع عليها الضوء فجأة فنظرت بعينين طارفتين أتجاهه , وهو يقول :
" ألى أين؟".
" لا أستطيع أن أنام.....وسأخرج لأستحم في البحر".
وأتجه صوبها يقول :
" لا ينبغي أن تصابي بالأرق في مثل هذه السن ".
" أنا........ الحو الليلة حار للغاية.....".
لم يكن كما تخيّلت يقرأ في سريره , ولم يكن قد سكن ألى الفراش بعد , كان لا يزال يلبس البنطلون الذي لبسه على مائدة العشاء , وكان عاريا حتى خصره وسألها :
" هل أعتدت أن تتجولي في مثل هذه الساعة ؟".
وهزت رأسها بالنفي , وبدلا من أن يطلب أليها العودة ألى غرفتها قال :
" لا تستطيعي أن تسبحي وحدك , سأذهب معك , أنتظري حتى أغير ملابسي وأحضر منشفتي".

نجمة33 16-10-10 05:18 PM

مشكووووووووووورة علي الجهد المبذول

نيو فراولة 16-10-10 08:24 PM

ودخل غرفته وأوصد الباب بدون أن يغلقه تماما ليترك بصيصا من النور فوجدت نفسها في نوع من الظل المخيف ذكّكرها بتاريخ المبنى وبالفترة التي كان مهجورا فيها , أنطفأ مصباح المكتب ولم تستطع للحظات أن تبصر شيئا ....... وتصادف أن الضوء الذي كان يدخل عن طريق نافذة على الدرج أحتجب أيضا وأنطفأ مصباح المكتب ولم تستطع للحظات أن تبصر شيئا .... وتصادف أن الضوء الذي كان يدخل عن طريق نافذة على الدرج أحتجب أيضا بسحابة غطت وجه القمر.
ولمّا لم تسمع صوتا ينبىء عن وجود أية حركة همست :
" ليام!".
ولم تسمع أجابة.
وأحست بشيء من الذعر و وكررت :
" ليام!".
وجاءها صوته وقد أقترب منها تماما :
" هنا".
" أوه!".
ومدّت ذراعيها بطريقة غير مقصودة وكادت أن تصطدم به فقد كان قريبا منها أكثر مما تظن لولا أنه أمسك بذراعيها ليوقفها , وسألها :
" ماذا حدث؟".
" لا شيء....... فقط أحسست لدقيقة بشيء من الذعر".
كانت يداها تستندان ألى صدره الصلب , وأحست بأنه من السخافة أن تتوهم أنها محاطة بأشياء غريبة , وعلّق قائلا:
" أرجو ألا يعاودك الشعور بالخوف من الأشباح".
وعندئذ عاد ضوء القمر ألى الردهة من جديد , وأطلقها ليام بعد أن كان منظرهما يبدو وكأنهما على وشك العناق.
وأجابت في صوت خفيض وقد تمنت أن يسود الظلام لفترة أطول :
" لا....".
منتديات ليلاس

وفتح الباب الرئيسي بعناية وسار أمامها عبر الحديقة ألى الشاطىء , كانت السحابة التي حجبت القمر تتجه بعيدا والسماء تبدو صافية.
وعندما أقترب ليام من الشاطىء وأرتدى رداء كانت تتوقع أن يطلب أليها أن تخرج من الماء ولكنه لم يفعل ورأته وهي تخرج من غطسة في قاع البحيرة يتمدد على الرمل يدخن سيكارا ....... وجلست ألى جواره وأئتزرت بمنشفتها , لكنه لم يبد حراكا , ثم قال :
" هل تعرفين أن هذه المياه كانت في وقت ما مليئة بالسلاحف البحرية".
وأحست بالبهجة لأن ليام يتحدث بطريقة ودية كما كان يفعل من قبل .
وسألته :
" هل كنت تحب أن تعيش في هذا المكان في ذلك الزمن؟ منذ خمسمائة عام".
" ليس بصفة خاصة.... وأنت؟".
" لم يكن يضيرني أن أكون فتاة في شعب الأراواك ...فقد كان شعبا سعيدا محبا للسلام , ولو قدّر لي أن أعيش عند ذاك لما كنت أعتبر فتاة لا بد أني كنت سأكون متزوجة ولي طفلان أو ثلاثة أطفال".
وجففت نقطة ماء عن وجنتيها وواصلت تقول :
"أنا أتعجب لماذا كان الناس في تلك الأيام يعتبرون أنهم وصلوا ألى سن النضج في سن أصغر بكثير مما يحدث الآن ؟".
" لقد أجبت على هذا السؤال من قبل ... فحينئذ كانت النساء يوجدن ليلدن الأطفال وليقمن بالأعمال اليدوية الحقيرة ".
" أما زال ذلك واجب معظم النساء؟".
ورأته يبتسم قبل أن يجيب :
" نعم...... غير أنه لهن الآن أختيار أكبر ..... فهن لا يجبرن على أن يكن عبيدا رغما عنهن , أيضا فأننا نعيش لفترات أطول وليس من الضروري أن تبدأ الفتيات في أنجاب الأطفال فور نضوجهن , ولو كان هذا هو القرن الخامس عشر وكنت أنا من نسل الأراواك لكنت الآن رجلا هرما ليس أمامي فرصة كبيرة للحياة لفترة أطول , بل لكنت سعيدة الحظ لأنني عشت لفترة أطول مما يحدث عادة ".
ونهض قائلا:
" هل تحسّين بحاجة ألى النوم الآن؟".
" ليس كثيرا , أنها ليلة جميلة".
وخلع رداءه وقال :
" أخلعي ملابسك القطنية المبتلة وألبسي هذا بينما أصنع بعض الكاكاو".
كان الرداء المخطط يصل ألى رسغ قدمي شارلوت ولفّته حولها وثنت أكمامه وربطت حزامه على خصرها.
وبعد أن عصرت ثيابها القطنية وضعتها في منشفتها وتبعت ليام ألى داخل المنزل.
وجدته في المطبخ , كان قد خلع ثيابه المبتلة ولبس بنطلونا وقميصا , وأخذ منشفة جافة من سلة الملابس وقال :
"لا يمكنك أن تذهبي ألى الفراش وشعرك مبتل".
وشرع في دعك رأسها بقوة , ثم قال وهو يلقي بالمنشفة جانبا :
" هكذا أحسن".

زهورحسين 16-10-10 09:40 PM

رووووووووووووووووووووووووووووعة00
بانتظارك00يارب تنزلين حقيبة الجراح؟؟؟؟؟
تعبناك 00بس شونعمل احناطماعين!!!!!!!!!!!!!!
:lol::lol::lol::lol::lol::lol::lol::lol::lol:

نيو فراولة 16-10-10 09:43 PM

وأكمل ليام عمل الكاكاو وأحضر كأسين كبيرين ألى المائدة وقال :
"هل تريدين أن تأكلي شيئا ؟".
وهزت رأسها بالنفي وقالت :
" لماذا كنت يقظا في هذه الساعة المتأخرة من الليل ؟ ألم تستطع أن تنام أنت أيضا؟".
وتناول كأسه وقال :
" لا , ولعل هذه أحدى ميزات الحياة في هذا العصر , كان الأراواك يشربون عصير المنبهوت ليستغرقوا في النوم , أتعرفين كيف أكتشفوا أن نبات المنبهوت يفقد خواصه السامة أذا ما تعرض للغليان ؟".
كان لديها أحساس بأنه أدخل لقطة المنبهوت في الحديث لأنه لم يكن يريد أن يناقش معها السبب وراء قلقه , وقالت :
" لا أعرف ".
وأضاف :
" ولكنه ليس فاتحا للشهية ".
وسألته :
" ألا تشعر بالندم الآن يا ليام؟".
" أندم على أي شيء؟".
" على تحويل المنزل ألى فندق..... وعلى أنك ضممتنا جميعا تحت جناحك".
" ما الذي جعل هذه الفكرة تخطر ببالك ؟".
" فكرت أذا كنت تحس بأنك وقعت في مصيدة ...... فلقد أتخذت القرارات بطريقة متسرعة , ولم يكن لديك الوقت لتتمعن في الأمر ... والحياة التي تعيها قبل أن تأتي ألى هنا ".
وتردد قبل أن يجيب
" ليس لك أن تقلقي عليّ يا شارلوت...... أنا لا أندم على الحاضر أنما على الماضي فقط".
وسألته في حيرة :
" ماذا تعني؟".
وهز كتفيه قائلا:
" ضيعت كثيرا من الوقت والمال على أشياء لم أكن أريدها حقيقة , والنقود لا تعني الكثير ولكن الأمر يختلف فيما يخص الوقت , والأنسان قادر على تعويض الخسائر المادية , أما الوقت فلا يمكن تعويضه".
منتديات ليلاس

" أنك تتكلم كما لو كنت كبيرا في السن".
" لست كبيرا في السن ولكنني كبير على بعض الأعمال التي كان من الممكن أن أعملها منذ عشر سنوات".
" مثل ماذا؟".
وفي هذه المرة عمد الى تغيير الموضوع بطريقة مباشرة فقال :
" الكاكاو سيبرد ... وسوف تشرق الشمس قبل أن تنامي بما فيه الكفاية , الأفضل أن تأخذيه معك ألى الطابق العلوي".
" لا أستطيع , لأنني لو أضأت النور لأدى ذلك ألى أيقاظ الآخرين , وقد ينسكب في الظلام , وفي حال..........".
وأرتشفت منه رشفة بحذر , وقالت :
" أنه لا يزال ساخنا ........ وأحس بالجوع".
وذهبت لتبحث في الثلاجة , وعندما عادت ومعها بقايا الأرز وبعض قطع السجق وقطعة كبيرة من الجبن وثلاث قطع من الخبز المغطى بالزبد قال ليام :
" سبحان الله..... لن تنامي أبدا أذا أكلت هذا الخليط الذي يؤدي ألى عسر الهضم".
وقطعت شريحة من الجبن وفردتها على قطعة من الخبز المغطى بالزبد وقدمتها أليه قائلة :
" ولم لا ؟ خذ شيئا منها ".
وهز رأسه قائلا:
"أكلت بما فيه الكفاية في العشاء , ولكنك لم تكوني جائعة عندئذ".
ونظرت أليه نظرة أستغراب , كانت تظن أنه لم يكن يعيرها أي أهتمام أثناء العشاء , فكيف لاحظ نقص شهيتها للطعام!
وواصل يقول :
"يبدو لي بالفعل أنك لم تموني تأكلين لفترة , أرجو ألا تكوني تطبقين نظاما غذائيا قاسيا".
" لو كان ذلك صحيحا لما أكلت هذا السجق ".
" هكذا شأن الفتيات اللواتي يتبعن نظاما قاسيا للأكل , ثم يفقدن قوة أرادتهن بعد قليل ويكثرن من الطعام".
وجاء دورها لتغير مجرى الحديث , فقالت :
" كنت تقول على الشاطىء أن الناس يحتاجون ألى وقت لينضجوا عاطفيا, ما مقدار ذلك الوقت؟".
" المسألة تتوقف....".
" على أي شيء؟".
" على أشياء كثيرة .... الوراثة..... البيئة ..... الحالة المزاجية".
" وأذا فبعض الناس ينضجن في سن مبكرة نسبيا ؟".
" نعم........ ولكن ليس في سن مبكرة نسبيا !".
" نعم ......ولكن ليس في مثل سنك".
" لا أستطيع أن أفهم لماذا لا تسلم بحدوث ذلك في بعض الأحيان؟".
" لأن أهم عامل هو الخبرة , وخبرتك في الحياة محدودة للغاية ".
" ولكن خبرتك ليست محدودة , ومع ذلك ضيّعت عشر سنوات , فما الذي يدل على ذلك؟".
" لا شيء على الأطلاق , لأن كل منا حالة خاصة , لقد أعطيت نصيبا كبيرا من الحرية في سن مبكرة , وأنت ظللت حبيسة لفترة طويلة , والآن كفي عن الثرثرة وأشربي كأسك , ربما لا تحسين بالتعب ولكنني متعب جدا".
وشربت شارلوت كأس الكاكاو على مضض , وهمست وهو في الردهة :
"أشكرك على الوقت الذي أمضيته معك".
" حسنا....... ولكن أقلعي عن عادة التجوال أثناء الليل .... ليلة سعيدة ".
" ليلة سعيدة".
وعادت ألى غرفتها وهي في حالة نفسية أفضل مما كانت عليه عندما تسللت ألى الطابق الأرضي.

فتاة 86 16-10-10 09:54 PM

THANK YOU THANK YOU THANK YOU
A VERY INTERISTING STORY
WE'LL WAIT THE REST
WISH YOU THE BEST

نيو فراولة 16-10-10 10:24 PM

كان أوليفر أثناء غيابها قد أستقر على وسادتها يستمتع بالفراش الوثير , ونقلته في لطف ألى الحصيرة على الأرض وما كادت تستقر حتى وثب من جديد ألى الفراش وكوّر جسمه بأرتياح مستندا ألى ظهرها , وظلت يقظة لفترة قصيرة.
وخطر لها وهي تربت على فراء أوليفر أنها ربما بالغت عندما أعتقدت أن ليام كان يعاملها ببرود فلربما كان مشغولا بمشكلات عمله الجديد.
كان أول شخص رأى شارلوت مساء السبت بعد أن أستعدت للخروج شقيقتها فلافيا , تقابلتا على الدرج وسألتها :
" هل يعجبك فستاني؟".
وأخذت فلافيا تتفحص الفستان الجديد , كان فستانا طويلا أبيض , وكانت فتحة الرقبة والأكمام محلاة بشرائط خضراء , وكان الصندل أخضر اللون , كما ربطت شعرها بشرائط خضراء وضفرته في هيئة ذيل الفرس , وأستعملت زينة خفيفة بقلم الشفاه , ولم تكن قد أشترت شيئا آخرمن مواد التجميل سوى زجاجة عطر فرنسي صغيرة غالية الثمن .
منتديات ليلاس

وقالت فلافيا :
" أنك تبدين جميلة للغاية ".
ولكن شارلوت أدركت أن تعبير شقيقتها مصطنع وأنها لم تقدر الفستان التقدير الكافي ومع ذلك كانت هي مقتنعة من دراستها لمجلات الأزياء أن البساطة هي السر وراء الأناقة وربما كان ما يؤخذ على فستانها هو أنه جعلها تبدو أصغر سنا بل أقرب شبها بتلميذات المدارس.
كانت هيلين مارتن في المطبخ تعد المايونيز الطازج ورفعت بصرها فرأت أبنتها الصغرى وعبّرت على الفور عن أنفعالها قائلة:
" أوه! أنه ساحر يا شارلوت! أستديري.... أريد أن أرى ظهر الفستان , أن مظهرك جميل يا حبيبتي... أنا معجبة بتصفيف شعرك وبالشريط والزينة بسيطة للغاية ... شكرا لله".
وضحكت ثم واصلت قائلة:
" كنت أخشى ألا توفقي فتشتري فستانا غير مناسب لسنك , ولكن هذا الفستان مناسب تماما , أنه الشيء الذي كنت أختاره لك".
كانت شارلوت بينها وبين نفسها ترى في تعليق أمها شيئا من المغالاة فلم تستسغه كما لم تستسغ أطراء فلافيا الفاتر وواصلت أمها قائلة:
" أذهبي ليرى ليام مظهرك , أنه في المكتب على ما أعتقد".
وغادرت شارلوت المطبخ وأجتازت الردهة , كان باب المكتب مغلقا وتوقفت لحظة قبل أن تنقر على الباب لتعرف الرأي الوحيد الذي كانت تحرص عليه.
وسمعت صوته يقول :
" أدخلي!".
كان ليام يجلس ألى مكتبه ينسخ خطابا على الآلة الكاتبة وقال بدون أن يرفع بصره ليرى من بالباب :
" سأفرغ بعد لحظة ".
وواصل الضرب على الآلة الكاتبة.
وأغلقت شارلوت الباب , وأسندت ظهرها أليه وهي تحاول أن تبدو أكثر هدوءا , كانت الفترة التي أنشغل فيها عنها تقل عن دقيقة أتم فيها الرسالة وراجع ما كتبه ورفع الصفحة التي نسخها عن الآلة ولكنها بدت كأنها خمس دقائق , وأخيرا رفع رأسه لينظر أليها .
وأخذ يتفحصها لحظات كما فعلت فلافيا بدون أن يتكلم ثم زحزح كرسيه ألى الخلف ونهض ...... وفجأة أحست بأشراقة في عينيه جعلت حلقها يتوتر من الأثارة .
وقالت بصوت أبح :
" حسنا ...... ما رأيك فيّ؟".
كانت تعرف مسبقا رأيه فقد سبق أن نظر أليها بالطريقة نفسها وبعد ذلك بثوان كانت بين ذراعيه يعانقها , كانت المنضدة بينه وبينها في هذه المرة ولم يستطع أن يمد ذراعيه ليجذبها أليه كما أنهما لم يكونا وحيدين في المنزل , وقبل أن يدور حول المنضدة كان هناك شخص ينقر على الباب ولكنه لم ينتظر حتى يسمح له بالدخول على الفور , كان ذلك الشخص بيتر الذي قال :
" يريد السيد لانجلي مظروفين من مظاريف البريد الجوي , ولا يوجد منها شيء في الخارج , هل لديك شيء منها يا ليام ؟".
" أعتقد ذلك".
ونظر بيتر ألى شارلوت وقال :
" ماما تقول أنك في أبهى زينة لتقابلي صديقك ومظهرك ليس سيئا في أي حال ".
وأقترب منخا وأخذ يتنشق , وقال :
" وضعت عطرا نفاذا , شممته فور أن فتحت الباب".
ولم تعلق شارلوت بشيء...... ولكنها كانت تود أن تخنقه...... وعندما أعطاه ليام حزمة المظاريف , أنصرف فسألت ليام قائلة :
" هل تعتقد أن العطروضعته أكثر من اللازم ؟".
وأجاب :
"لا يزال بيتر صغيرا لا يدرك مغزى ذلك .... ولكن أيان سوف يقدره كل التقدير".
وسقط قلبها أذ أختفت الومضة التي كانت تضيء عينيه قبل أن يقطع بيتر عليهما تلك الخلوة ..... وبرغم أنهما كانا الآن في جهة واحدة من المنضدة لا تكاد تفصل بينهما ياردة واحدة عاد الحاجز غير المحسوس يفصل بينهما من جديد , وسألها :
" هل تحسين بشيء من التوتر؟".
" ولماذا أحس بالتوتر؟".
" أنه حدث كبير ....... أول موعد في حياة فتاة".
وأضاف بطريقة عارضة :
" وربما أول قبلة".
وأضطرب نبضها وهي تقول :
" سبق أن قبلني شخص آخر , هل نسيت؟ أنت قبلتني".
وأدخل ليام يديه في جيبيه بقوة وأنقبضت عضلات فكه تحت بشرته الداكنة كما أخذ يكز على أسنانه فجأة , وقال :
" نعم فعلت ذلك..... ولكنك لا يمكن أن تقيمي وزنا لتلك القبلة".
وقبل أن تقول : كيف ؟ ولم لا , واصل يقول :
" أنصرفي الآن! لا تعيري أي أهتمام لما قاله بيتر ..... أن مظهرك جميل جدا , وهذا العطر ممتاز, أستمتعي بوقتك يا شارلوت".
ومضى ألى الباب يفتحه لها وكأنه يوضح أنه لا يوجد بينهما مزيد يمكن أن يقوله أحدهما للآخر.

نيو فراولة 17-10-10 12:20 PM

6- أنا مفتون بصحبة المحتال
شكسبير – هنري الخامس-

وبلغا فندق ( المياه الخضراء) وقدّم أيان شارلوت ألى السيد فريزر وكان وجه الشبه كبيرا بين الأب والأبن غير أن شعر السيد فريزر الكثيف كان يقترب من البياض وكان بوجهه خطوط غائرة.
ووجدت فيه شارلوت شخصا ساحرا , وعبّر لها عن سعادته لأن أبنه عثر على صديقة في مثل عمره وعن أمنيته بأن يراها ثانية ثم أستأذن ومضى ألى غرفته , وقال أيان بعد أن مضى أبوه :
" يا لأبي المسكين ...... لقد كبر في السن بسرعة , كان زائد النشاط لو كانت أمي على قيد الحياة , لكانت الأمور أفضل بكثير, أنه لم يتغلب على الصدمة بعد وأنك لا شك تقدرين ذلك , وأعتقد أن أمك تحس بشيء من الضياع بدون أبيك ".
وأومأت شارلوت وقالت :
" هل لك أخوة أو أخوات يا أيان؟".
" نعم .... لي أخ وأخت , يكبراني بسنوات ليست قليلة .... أختي ماغي 24 سنة وهي متزوجة من كندي ويعيشان في فانكوفر , أما أخي أندرو فعمره 22 سنة وهو في نيوزيلندا الآن , ويبدو أنه سيقيم هناك , وأنا لا أعرف ما سأعمله بعد , وربما أقتفيت أثر والدي أذ ليس لي حتى الآن أي أهتمام خاص".
" وما عمل والدك؟".
" أنه صاحب مصنع بسكويت ولا بد أنك أكلت من أنتاجه , وشركته تسمى بأسم الشخصين اللذين أسساها ( ماكنتير وفريزر ) وكان أحدهما عم والدي".
وبعد ذلك بساعات قليلة كان أيان قد ودّعها بدون أن يقبلها بعد أن تمنى لها ليلة سعيدة , وأخذت شارلوت تتمشى على الشاطىء حتى أختفى اليخت بعيدا عن الأنظار , كانت قد أستمتعت بالأمسية ألى حد ما , ولكن ليس ألى الحد الذي يجعلها تنسى ولو لخمس دقائق ما حدث في المكتب قبل أن تخرج , كان أيان غاية في اللطف ولم يكن بينهما الأنسجام الكامل حقيقة فيما عدا تقاربهما في السن.
منتديات ليلاس

كان أيان يتصف شكلا بما يدل على نضج في شخصيته , ولكن تجاربه في الحياة وقد أمضى أكثر من ثلثي عمره في مدرسة داخلية كانت محدودة مثلها , وكانت خبرته في المسائل الأجتماعية تفوق رصيده من المعلومات العامة , أذ لم يكن له أهتمام بالمطالعة , وأحست بذلك في الساعات الأولى من المساء فبعد أن تحدث كل منهما عن نفسه لم يجد مادة للحديث يشغل بها الوقت.
وعندما دخلت المنزل وجدت ليام يقف في قاعة الأنتظار يتحدث ألى أثنين من الضيوف , ورأى شارلوت في الردهة فتوقف عن الكلام لحظة ونظر أليها مباشرة , لكنه لم يبتسم وأستأنف حديثه على الفور مع ضيفيه .
ولم يسأل أذا أستمتعت بالأمسية في فندق ( المياه الخضراء ) ألا في اليوم التالي , كانت شارلوت في غرفة البياضات تكوي المفارش والفوط وفوجئت بظهوره عند المدخل.
وأجابت على أستفساره :
" نعم.... أشكرك".
" ومتى تتقابلان ثانية؟".
" لا أعرف".
" تعرفين بالطبع أنه بأمكانك أن توجهي أليه الدعوة لتناول الطعام هنا".
" نعم , ولكنني لست متأكدة أذا كنت أريد ذلك أم لا".
" ولم لا؟".
" لست مضطرة ألى مقابلته مرة أخرى...... أليس كذلك؟".
وعبس ليام وقال :
" ماذا تعنين؟".
ولما لم تجبه قال :
" لا بد أن تتحدثي يا شارلوت .... ما الذي أغضبك ليلة الأمس؟".
وأستمرت في كيّ البياضات , وهي تقول :
" لا شيء , لقد تعشينا ...... وتكلمنا ثم أحضرني ألى هنا".
" هل قررت عندئذ ألا تقابليه ثانية؟".
كان قد ألقى السؤال في هدوء وبلا أكتراث , لكن شارلوت لم تنخدع وعرفت أنه لم يكن راضيا وبدأت تدرك السبب.
لم يكن في نيتها أن تخدعه , لكنها لم تستطع أن تقوم رغبتها الآن في أن تتعرف على ما يمكن أن يحدث لو أنها تركته يسيء الفهم لفترة أطول قليلا , فأجابت :
" نعم".
كان يستند ألى دعامة الباب , وذراعاه مطويتان , لكنه الآن أعتدل في وقفته وقال :
" أعتقد أنه من الأفضل أن تحكي لي ما حدث بالضبط ".
" ليس هناك ما يقال".

نيو فراولة 17-10-10 12:41 PM

وخطا خطوة واحدة جعلته يقترب أتجاها , وأطفأ المكواة الكهربائية وأدار وجهها نحوه , وقال :
"أنك تقولين كلاما مطاطا .... أريد أن أعرف ما أذا كان الشاب فريزر قد تصرف بشكل سيء".
وأجابت في برود:
"لا أفهم لماذا؟".
" لأنني مسؤول عنك في الوقت الحاضر ".
" وماذا عن أمي؟".
" لديها الكثير من المشاغل ..... والأفضل أن يعهد بمثل هذه المسائل ألى رجل".
" في هذه الحال لماذا لم تتدخل قبل ذلك , وكانت أمامك الفرصة , فلقد قابلت أيان قبل أن تقابله أمي , وبدا أنك تستلطفه".
" ولكن أنت قلت أنه........".
وقاطعته قائلة :
" أنا لم أقل شيئا , لكنك أنت الذي توصلت ألى أستنتاج خاطىء , أذا كان يهمك الأمر حقا , سلك أيان بطريقة مهذبة تماما في الليلة الماضية , بل بلغ به الأمر أنه لم يقبلني وهو يودعني".
وأطبقا أصابع ليام على ذراعيها , وقال :
" أذن لماذا تترددين في مقابلته ثانية؟".
وهزت كتفيها وقالت :
" أنه ليس على شاكلتي".
وقطب وقال :
" لا أدري , من أين تعلمت هذه العبارة , ولكن لا تستخدميها ثانية لأنها لا تناسبك , ما الشيء الذي لا يعجبك في أيان؟".
" لا شيء ".
وسكتت لحظة ثم أضافت في حدة :
" ولا شيء كذلك لا يعجبني في روب".
" هل تعنين أن أيان صغير جدا بالنسبة أليك؟ كم عمره؟ ثماني عشر؟ تسع عشرة سنة؟".
" عمرة ثماني عشرة سنة , ولكنه ليس ناضجا بما يتناسب وهذا العمر".
وبدا على ليام وكأنه في موقف فكاهي وهو يسأل في سخرية:
" هل خطر لك أنه ربما حاول أن يهبط ألى مستواك؟".
وأحمر وجهها وكزّت على شفتيها , وقالت :
" هذه قسوة ........بل ظلم".
منتديات ليلاس

" وهكذا الحياة؟ أليس من القسوة أن ترفضي صداقة أيان وهو يستلطفك؟".
وتركها قبل أن تجيب وخرج قرار الرد على كرم أيان بكرم مماثل من شارلوت , فلم تكد تمضي ساعة بعد حديثها مع ليام حتى نظرت من نافذة غرفة نومها ورأت أيان يقترب من المبنى وقد أحضر أباه معه , وبادرها السيد فريزر عندما قابلتهما في المدخل قائلا :
" طاب وقتك يا عزيزتي , أرجو ألا تعتبري حضوري الآن فضولا , ولكن وصف أبني لجزيرتكم جعلني تواقا لأراها بنفسي , يا له من مكان جميل , كم كنت أتمنى أن نعرف بهذا المكان قبل أن نحجز في فندقنا الحالي!".
وقال أيان وهو يبتسم لها:
" أنه الشعور نفسه بالنسبة ألي".
ورحبت بهما شارلوت , وبعد أن تحدثت معهما دقائق قليلة ذهبت لتحضر مشروبا , وعندما عادت سألها أيان :
" يبدو المكان على شيء كبير من الهدوء , هل أنت وحدك هنا؟".
" كلا , فالآخرون موجودون , ويتجولون في مكان ما ,وذهب النزلاء للصيد في قارب أستأجروه طوال اليوم , وأعتقد أن ليام ذهب ألى القرية الواقعة عند الطرف الآخر للقناة , ها هي أمي وأختى قادمتان".
قالت ذلك عندما رأت السيدة مارتن وفلافيا تأتيان من جهة المبنى.
ونهض السيد فريزر من على كرسيه وخلع قبعته , وأقبلت السيدة مارتن , فتحولت أبتسامته ألى حيرة ثم دهشة وقبل أن تقوم شارلوت بتقديمه ألى أمها , وجدته يصيح:
" هيلين ! هيلين ليستر !".
وتوقفت السيدة مارتن فجأة , ولهثت قائلة :
" يا للسماء! غوردون!".
وأمسك بيدها في يده وقد أشرق وجهه قائلا :
" الحمد لله ...... بعد كل هذه السنين , أنها مفاجأة سارة , فكرت فيك كثيرا , ولكنني لم أكن أتوقع أننا سنتقابل ثانية!".
وتمتمت قائلة :
" لا أكاد أصدق... ولا عجب أن بدا وجه أيان مألوفا لي , يا لغباوتي ! كان عليّ أن أدرك من يكون عندما سمعت أسم عائلته , ولكنني لم أفكر فيك من قبل بأسمك الكامل غوردون فريزر , أنما كنت دائما أذكرك على أنك غوردون وأعرف أنك من سلالة ماكنتير".
وسألت فلافيا :
" متى عرف كل منكما الآخر؟".
وشرحت أمها وهي تضحك :
" أوه! منذ زمن بعيد جدا , منذ خمس وعشرين سنة على الأقل , وربما أكثر , أنني مندهشة أنك عرفتني يا غوردون".
" عرفتك على الفور فأنت لم تتغيري يا فتاتي العزيزة , ولكنني أنا تغيرت كثيرا".

نيو فراولة 17-10-10 01:05 PM

قالها في مرارة :
" تغيّر شعرك , ولكن لم يتغير فيك شيء آخر , فأبتسامتك هي هي , وكنت سأعرفك مهما حدث , ولا زال بك أثر حادثة الزلاقة كما أرى , أتذكر ذلك اليوم ".
وأشار ألى جرح صغير في جبهته.
" كانت معجزة أن عنقي لم تنكسر , ظننت أنني مت! أليس كذلك؟".
" نعم , لدقائق قليلة , فلقد أنزعجت , وكانت الدماء قد غطت الثلج و......".
وتوقفت هيلين ثم قالت :
" هل تعرف أنني لم أذكر شيئا عن تلك الأيام التي قضيناها في العطلة لسنوات ...... ولكن الآن أتذكر كل شيء بوضوح كأنه بالأمس القريب".
ونظرت ألى أبنتيها , وقالت :
" لا شك أنني حدثتكما عن العطلة التي قضيتها في أسكتلندا مع خالي , بينما كان والداي في الخارج , حينئذ كانت أسرة ماكنتير تسكن في المنزل الملاصق للخالة فلورا , وكان غوردون يعيش معهم لأنه كان وحيدا أيضا".
وألتفتت أليه وقالت :
" ماذا حدث لهم جميعا..... كنت أتراسل مع مارغريت ماكنتير بعد وفاة الخالة فلورا لمدة , ولكن في النهاية قطع الأتصال بيننا".
وأحست البنتان والشاب أن أمهما وضيفها غوردون سوف يستغرقان في الذكريات لبعض الوقت , فأنسحبوا من المكان ليتركوا لهما الفرصة.
منتديات ليلاس

وقال أيان لشارلوت :
" هذا حظ عظيم , لا شك أن حديث أبي مع أمك سوف يساعده على التحسن كثيرا , فالناس في عمره يحبون أن يندمجوا في الحديث حول ما كانوا يعملونه وهم في سن الشباب , كنت قد سمعت عن حادث أصطدام الزلاقة ولكنني نسيته تماما , وأعتقد أن الشيء نفسه حدث معك".
" كلا فأنا لا أذكر أن أمي حدثتنا به من قبل , سمعنا بعض القصص عن أطفال ماكنتير وحركات الشقاوة التي كانوا يقومون بها , ولكن أمي تميل ألى الأستماع أكثر مما تميل ألى الكلام".
ومع ذلك فأن السيدة مارتن في الأيام القليلة التالية أصبحت كثيرة الكلام على غير العادة مما أثار الدهشة , بل أنهم لم يألفوا أن يروها تضحك كما كانت تفعل مع السيد فريزر.
وعلّقت فلافيا وهي تتحدث عن التغيير الذي طرأ على شخصية أمها قائلة :
" مع أن النكات التي يقولها تافهة.....".
لأول مرة أحست شرلوت بشيء من عدم الأستلطاف للسيد دريبر , ولكن نظرا لأنه كان في الخمسين من عمره على الأقل وكانت زوجته معه , فأنها لم تكن تتوقع أن تتحول كراهيتها له ألى خوف محقق من أن يريد أن تتواجد وحدها معه في مكان واحد.
وفي صباح أحد الأيام بعد مرور فترة على وصول أسرة دريبر ألى الفندق وكانت قد وضعت للتو آنية أزهار على المنضدة المقابلة لباب الغرفة فاجأها بطريقة مريبة بأن ضغط على خصرها وقال :
" صباح الخير يا عزيزتي , كيف حالك اليوم؟".
وصرخت وهي تبتعد عنه:
" أوه! يا سيد دريبر ,كنت أحسبك ذهبت ألى الشاطىء".
وتحسّس جيب قميصه وقال :
"نسيت علبة السكاير".
كانت أسنانه وأصابعه أصفرت من آثار التبغ وأنفاسه تختلط برائحة الشراب , وكان يمكن سماع صوته وهو يعاني من أزمة السعال في الصباح , وعجبت شارلوت كيف تحتمل زوجته أن تقبّله , وخمنت أنها لم تكن تفعل ذلك ألا نادرا.
ولم تكن السيدة دريبر أقل أثارة للنفور من زوجها بصوتها العالي الأجش وشعرها الذي صبغ بشكل فاضح ورموشها الصناعية التي كانت تضفي عليها مظهر العجائز لا مظهر الشباب كما كانت تريد.
لم تكن هذه أول مرة يعمد فيها السيد دريبر ألى مفاجأة شارلوت , لكنها في المرتين أو المرات الثلاث السابقة حرصت ألا تتواجد معه بمفردها بأنتحال مختلف الأعذار.
وعندما قالت في هذا الصباح :
" معذرة !".
وحاولت أن تمضي بعيدا عنه أصر على الأمساك بخصرها وهو يقول :
" سمعت أن هناك شاطئا آخر للجزيرة , ما رأيك في أن تصحبيني أليه؟".
" ولكنه شاطىء صغير للغاية , فضلا عن أنه بلا كراسي أو مظلات ".
" ولكنني أريد أن أراه برغم ذلك , أليس بوسعك أن تعطيني نصف ساعة من وقتك؟".
" آسفة يا سيد دريبر , فأمامي مسؤولية تنسيق الأزهار في أماكن متعددة".
" تعالي وبدّلي الأزهار في حجرتي , سأعد لك مشروبا , يبدو عليك التعب".
وأعتذرت وهي تحاول أن تتحدث بأدب قائلة :
"لا .... أشكرك!".
" سوف تجعلينني أظن أنك لا تستلطفينني ".
" ليس الأمر كذلك , ولكنني مشغولة جدا في الوقت الحاضر".
ووجدت ذراعه تحكم حولها فقالت :
" أرجوك يا سيد دريبر!".

نيو فراولة 17-10-10 01:29 PM

وبدا للحظة أنه ليس أمامها مفر من أن تخلّص نفسها بالقوة من عناقه الكريه , وعندما أوشكت أن تطعن خصره المتكرش بمرفقها سمعت شخصا يصعد ألى أعلى ..... ربما كان فيوليت.
لكن الحاسة السمعية للسيد دريبر كانت أقل حدة وربما ظن أنها عندما تنهدت وأسترخت فجأة كانت بذلك لا تعترض على أن يعانقها , فحاول أن يقبلها ...... ولكنه لم ينجح لأن شارلوت حوّلت وجهها عنه فجأة , ولأن شخصا أمسك بكتفه وألقى به ألى الخلف بقوة جعلته يترنح في الجانب الآخر من الممر...... ووجّه ليام الكلام أليه قائلا:
" ماذا تظن أنك فاعل ...... أيها الأحمق؟".
وحاول دريبر أن يجيب فقال :
" أرجوك أن تفهم........".
وخشي أن يلقى عنفا أكبر , ولم يجد لديه طاقة يتحدث بها فجرى ألى غرفته وأغلق الباب بعنف وراءه.
وألتفت ليام ألى شارلوت وسألها :
" هل أنت بخير ؟".
لم تكن شارلوت تظن أن ليام يمكن أن يصل به الحال ألى تلك الدرجة من العنف , ولكنها أدركت أنه يمكن أن يصل به الأمر ألى ذلك أذا ما أستثير. وأجابته بأيماءة من رأسها.
وقال في أقتضاب :
" ينبغي أن نتحدث سويا , ولكن ليس هنا.........بل وحدنا".
منتديات ليلاس

وأغلق باب مكتبه في الطابق الأرضي وأسند ظهره أليه وقال :
" أخبريني ما حدث بالضبط!".
وأخبرته بكل شيء , وختمت حديثها بقولها :
" آسفة يا ..... ليام".
وكانت تعني أنها آسفة أذ سببت له أن يتورط في ذلك العراك مع السيد دريبر وهو ينقذها منه.
وعلق في برود:
" نعم ! ينبغي أن تتأسفي ".
كانت شارلوت تريد منه أن يطيّب خاطرها ولكنها صدمت من أجابته فقد بدا لها أنه يلقي عليها اللوم وأعترضت قائلة:
" ولكنها لم تكن غلطتي".
" أنها غلطتك بالتأكيد , كان الرجل ينظر أليك نظرات خبيثة منذ حلّ في الفندق , كان ينبغي أن تتحاشي القرب منه".
" ولكنني حاولت ذلك , وكنت أتجنبه , ولم أكن أعرف أنه هنا بل على الشاطىء مع زوجته , ولم أكن أتوقع بالمرة أن يتصرف بتلك الطريقة , أنه في مثل سن أبي".
" أن هذا أنذار ..... ولقد حان الوقت لتتحري من الوهم فأنت لم تعودي فتاة صغيرة ولا ينبغي أن تنتظري المعاملة الأبوية من أحد حتى ولو كان في مثل عمر دريبر".
وعلّقت شارلوت :
" ما حدث هو غلطتك أنت..... فلقد جعلتني أحس بأنني صغيرة لدرجة أنني لا أثير رجلا كامل الرجولة , فأنت تعاملني كأنما كنت صغيرة جدا وأنت جدي , أتريدني أن أنظر أليك بأعتبارك كذلك؟".
وأتقدت عيناه بأنفعال لم تستطع أن تفهم كنهه , هل هو الغضب ؟ لم تكن متأكدة من ذلك.
وأجاب بطريقة مهذبة :
" نعم يمكنك أن تفعلي كذلك".
وتركها وكان ذلك خاتمة الموضوع في نطاق عملها.
ورحلت أسرة دريبر , وحل محلها آخرون , وظلت الحياة رتيبة لمدة أسبوع أو أسبوعين , وفي أحدى اليالي بينما كانت شارلوت تستعد للنوم جاءت أمها ألى غرفتها تقول :
" هل أنت متعبة ؟ هل يمكن أن أتحدث أليك بعض الوقت؟".
ووضعت شارلوت فرشاة شعرها جانبا , وقالت :
"عن أي شيء يا أماه ؟".
" الموضوع يخص فلافيا كذلك ........ وهي قادمة".
وجلست السيدة مارتن على الفراش تتفحص أظافرها , وكانت في الأيام الأخيرة قد بدأت تطليها بطلاء عديم اللون , وعندما وصلت فلافيا قالت :
" أغلقي الباب يا عزيزتي حتى لا يقلق صوتنا كيث".
وأغلقت فلافيا الباب وهي تقول :
" لماذا هذا المؤتمر العائلي ؟ هل هناك شيء خطير؟".
" لا.... ولكن لديّ ما أقوله لكما , ولا أدري هل هي مفاجأة , فربما تكونان قد فهمتما".
ونظرت أليهما متسائلة .
وسألتها شارلوت:
" ماذا؟".
" أن غوردون وأنا.... غوردون فريزر طلب مني أن أتزوجه".
وحدقت البنتان في أمهما بصمت , ثم سألتها فلافيا :
" وهل قبلت؟".
" لم أقبل بعد ......فلست متأكدة من شعوركما وشعور الصبيان نحو هذا الموضوع".
" ولكن , ما هو شعورك أنت ؟ هذا هو الأهم".
" لا تكترثي بنا , ما الذي تريدينه أنت؟".

نيو فراولة 17-10-10 05:29 PM

وقبل أن تجيب الأم ,واصلت فلافيا تقول :
" ينبغي أن تقولي نعم , أعتقد أنها فكرة عظيمة".
" هل تعتقدين ذلك حقا؟ ما رأيك يا شارلوت؟".
" أتفق مع فلافيا فالسيد فريزر رجل طيب .... ولقد أستلطفته منذ أول مرة تقابلنا فيها ".
وتنهدت هيلين وأسترخت وقالت :
" كنت أخشى أن يكون وقع النبأ عليكما شيئا.... ولكن يبدو أنكما كنتما مهيأتين لذلك , هل يوافق الأولاد؟".
وأجابت فلافيا :
"بالطبع ..... ولم لا يوافقون ؟ هل عرف أيان بذلك".
" قال غوردون أنه سيخبر أيان الليلة".
وأضافت شارلوت :
" أعتقد أن أيان فطن ألى ذلك , فقد قال لي منذ أيام أنه يظن أن أباه سيقيم هنا بصفة دائمة , وقالها بطريقة تلفت النظر , ولكنني لم أدرك آنذاك ما كان يعنيه".
وهزت أمها رأسها وقالت :
" أظن أن أيان لم يفهم قصد أبيه فغوردون لا يزال في السادسة والخمسين من عمره وليس في نيته أن يعتزل الخدمة بعد , وحالته المرضية مؤقتة وليست خاتمة لحياته العملية , وسوف نعش في بيته الذي يقع بالقرب من أدنبرة".
منتديات ليلاس

وسألتها فلافيا في قلق:
" متى؟ وبعد كم من الوقت نرحل؟".
" لا زال أمامنا الوقت , ولم نتوصل بعد ألى خطة محددة".
" هل تتزوجين هنا أم هناك ؟".
وقالت هيلين :
" من الممكن أن يتم الزواج هنا , ولكن حتى ذلك لم يتحدد بعد , لم نقرر شيئا حتى الآن ".
وأحست شارلوت ببرودة وصداع وسألت :
" وماذا عن ليام؟ هل عرف بالموضوع؟".
وأبتسمت أمها وقالت :
" أعتقد أنه ربما فطن ألى ذلك , فليام ذكي , وسأنزل للتحدث معه لآن".
وقالت شارلوت في تأثر :
" ولكنه يحتاج ألينا , ولا نستطيع أن نهجره".
" لا أعتقد أنه يجد صعوبة في أستخدام موظفين أكفاء , وغورددون معجب جدا بنشاط ليام وتفكيره , ويعتزم أن يسانده ماليا , ويعتقد أن الفندق أستثمار ناجح والواقع أن ليام يحتاج ألى رأس المال أكثر بكثير من حاجته ألينا وسوف تتحسن أحواله كثيرا بعد أن نتركه".
ونهضت تقول :
" ليبارككما الله , أنكما على درجة كبيرة من التعقل والفهم , طابت ليلتكما يا عزيزتيّ".
وقالت فلافيا بعد أن أنصرفت أمها :
" تخيلي أن ماما كانت تخشى ألا نوافق , في رأيي أنها فكرة ممتازة , لم أكن أحلم أبدا بأنها تتزوج من جديد وأن نجد الحل لكل مشاكلنا".
وقالت شارلوت في صوت خفيض:
" كل مشكلاتك أنت ".
" ماذا تعنين ؟ ألا تريدينها أن تتزوجه؟".
" أريدها سعيدة بالطبع , ولكنني بصفة خاصة لا أريد أن أذهب ألى أسكتلندا".
" بأمانة يا شارلوت , أنا لا أفهمك , أمضينا كل حياتنا سجناء في الغابات المنعزلة بعيدين عن كل شيء مثير , ألا تريدين أن تري العالم ؟ ألا تريدين أن تعيشي ولو قليلا ؟".
" أنا أعيش هنا وأحس بالأنتماء ألى هذا المكان , أنني أحبه".
وقالت فلافيا :
" حسنا , بأمكانك أن تأتي ألى هنا بأستمرار في المستقبل , أذا شئت".
وأحست شارلوت في الأيام التالية كأنها منجرفة في دوامة , ولم يكن بوسعها برغم ما تبديه من مقاومة وعدم أكتراث أن تتفادى تلك الدوامة , كان هناك شخص واحد يستطيع أن ينقذها , ولكنه لم يدرك المأزق الذي تجد نفسها فيه , ومن سخرية القدر أن الشخص الذي أحس بما تعانيه كان زوج أمها المنتظر.

نيو فراولة 17-10-10 05:47 PM

وسألها ذات يوم وهما يجلسان وحدهما :
" هل أنت آسفة يا شارلوت لأنك عقدت صداقة مع أيان؟".
ونظرت أليه في صمت لحظات ولم تستطع أن تتظاهر بأنها لم تفهم ما يعنيه , وقالت في هدوء:
" كلا , أنا سعيدة بهذا الصداقة التي تسعد أمي , أذ كانت حياتها قاسية وأنا مسرورة بأنها سوف تكون هانئة من جديد".
" ولكنك لا تنظرين بعين الأمل ألى مستقبلك أنت ؟".
وهزّت شارلوت رأسها وقالت :
" لا أحد من الآخرين يشعر بالأنتماء ألى هذا المكان , أما أنا فأحس بهذا الأحساس , ربما كنت أنكليزية بالمولد , ولكن فيما عدا ذلك أنتمي ألى هذه الجزيرة".
أبتسم وقال :
" ولكن هذه ليست الجزيرة الوحيدة في العالم كما تعرفين , فهناك جزر في أسكتلندا أيضا , وهي جميلة للغاية ,ولن تحرمي من الأشياء التي تحبينها كالسباحة ورياضة القوارب وغيرها في الصيف".
وقاطعته قائلة :
"ولكن الصيف قصير للغاية هناك , فهو يدوم أسابيع قليلة وأيان يقول أن الجو نادرا ما يكون حارا هناك".
وعلق السيد فريزر قائلا :
"السعادة لا ترتبط بالمكان يا شارلوت , بل تعتمد على الصحبة وحتى لو كان عمرك أكبر بسنة أو سنتين وأستطعت البقاء هنا أعتقد أنك تحسين بالشعور نفسه عندما يذهب عنك أحبابك وأعز من تعرفين".
تجرأت على الأجابة :
" وهذا هو الذي لا يفهمه أي شخص .... أن أعز شخص لدي هو ليام".
منتديات ليلاس

وتقرر بعد مناقشات طويلة أن يتم الزفاف في أسكتلندا , ورحل أيان وأبوه ألى الوطن قبل رحيل أسرة مارتن ببعض الوقت.
ومما أثار الدهشة أن ليام رفض عرض غوردون فريزر بالمشاركة في أستثمار الفندق معتذرا بأنه قد يقرر أن يتخلى عن المشروع فجأة , ومع ذلك فأنه كما توقعت هيلين لم يجد صعوبة في أستخدام عمال من القرية على الجزيرة الرئيسية بعد أن نسي الناس السمعة الشريرة.
ولم تستطع شارلوت أن تفهم سبب عدم أكتراث ليام الواضح برحيل أفراد أسرة مارتن , هل كان من الممكن أمام حبها العميق له ألا يبدي أية مشاعر أتجاه أي من أفراد الأسرة.
في الليلة الأخيرة التي قضتها الأسرة على الجزيرة كانت شارلوت تعاني من بؤس شديد جعلها تحس باليأس , وحين أوى الجميع ألى فراشهم مبكرين أستعدادا للرحلة الطويلة التي سيقومون بها في اليوم التالي , بقيت هي بدون أن تبدل ملابسها , وأنتظرت لمدة نصف ساعة حتى ساد الصمت , وفتحت باب غرفتها في حرصوتسللت تهبط الدرج الحلزوني العريض.
ووجدت شعاعا من الضوء يتسرب من أسفل باب غرفة ليام كما توقعت , وأخذت نفسا عميقا ثم نقرت على الباب وسمعت صوته يقول :
" أدخل".
كان يتمدد على كرسيه المريح وعلى حجره كتاب وألى جانب مرفقه كأس فيه بعض الشراب وبين أصابعه سيكار , كان الرضى باديا عليه تماما , وعجبت كيف يحس بذلك الرضى بينما تعاني هي كل اليأس.
وعندما عرفها , أرتفع حاجباه وقال :
" أهلا يا.......شارلوت ! أما زلت يقظة ؟ كنت أظن أنك أستغرقت في النوم الآن , وخاصة أنك ستستيقظين في وقت باكر غدا ".
" أريد أن أتحدث أليك يا ليام أذا أذنت ".
" حسنا!".
ونهض وأثار دهشتها عندما قال :
" أفضل أن نتمشى على الشاطىء حتى لا نزعج أصواتنا الآخرين , فالأصوات تسري بسهولة في الليل ".
" حسنا".
وخيّل أليها أن ضوء القمر سيساعدها على أن تبوح بمكنون نفسها .... وتبعته عبر الردهة وهي ترتعد من التوتر العصبي.

نيو فراولة 17-10-10 08:24 PM

7- ما هو الحب يا سيدي ؟ لا أعرف .... ولكن سلطانه قاهر...
( كاليبو)

وفي الطريق ألى الشاطىء , لم ينبس أحدهما بكلمة , هناك جلس ليام , وسألها وهو يجرف حفنة من الرمال :
" ما الموضوع؟".
" لا أريد أن أرحل غدا ".
" ولكن يجب أن ترحلي يا شارلوت ".
وتخلّت عن كبريائها وقالت :
" أنك لا تفهمني ... أنا أحبك , أحبك يا ليام".
ومضت لحظات بدون أن يجيب , وظل يرقب الرمال تنساب من راحة يده ثم قال :
"ما زلت صغيرة يا شارلوت , ولذا لا تخفين ما يختلج في وجدانك , كنت أعرف منذ مدة بهذا الشعور ".
وتمتمت في صوت أبح :
" ربما ظننتها دعابة ...... أو أنني صغيرة على الحب".
" كلا فالحب الأول أقوى حب وهو أكثر الأنفعالات ألما".
" أنه ليس ما تسميه الحب الأول ....... أنه حب حقيقي , دعني أبقى معك , أرجوك ! من غيري أنسب أليك ؟".
" أنسانة تقترب مني في السن".
" ولكن ما أهمية هذا؟ أعرف أنني لست جميلة أو ذات مركز أجتماعي مثل تارا , ولكنك تحبني , وفي أول مرة تقابلنا عانقتني , أنا أكبر سنا الآن , أنني أمرأة ".
وقال ساخرا :
" حقا يا شلرلوت ؟ أشك في ذلك".
" نعم , عانقني ثانية وسأثبت لك ذلك".
وخرج منه صوت كأنه ضحكة مكبوتة أو أنّة غاضبة , بينما بدأت سحابة تغطي وجه القمر ولم يعد بوسعها أن ترى وجهه بوضوح.
وقال في هدوء :
" أنت التي تطلبين ......".
وجذبها بين ذراعيه برقة , وتسلل ذراعاها حول عنقه , ولكن عندما عانقها أرتعشت وتصلبت ذراعاها .
وتمتم في أذنيها :
" هيّا ألى غرفتي الآن !".
منتديات ليلاس

وتصلّب جسمها وفتحت عينيها وهمست :
" غرفتك؟".
" ولم لا؟ أذا كنت أحببتني!".
" لكنني ما قصدت .....".
وأسكتها بعناق خشن لكنها صارعت لتخلص نفسها :
" لا.... يا ليام ! لا تحاول!".
" ظننت أنك أحببتني".
" نعم أحبك , ونعم كبرت , ولكن ليس هذا هو الحب".
وأطلقها في قسوة:
"أنا هكذا.... ما الذي صوّر لك أن بأمكانك تغييري؟".
" لم أتصور ولكنك لست هكذا!".
" أنا أنا ومعظم الرجال هكذا ..... ففي الأمور تكون المبادرة من جانب الرجل , فأن أتت من جانب المرأة يساء فهمها , ولعلك تذكرين هذه الحقيقة في المستقبل".
لم تكن لتصدق أنه يمكن أن يتحدث بتلك الطريقة الوحشية , وسألها بمرارة :
" ألم يخطر لك ...... من قبل أنني لو كنت مشغولا بك لتصرفت أي تصرف .... أنك لا تحبينني ولكن مفتونة برجل لا وجود له ألا في مخيلتك الصبيانية ".
وأحست بصدمة كبيرة , كان كثيرا ما يلجأ ألى أغاظتها ولكن لم يسبق له أن سخر منها.
وأنفلتت مبتعدة فأمسك بمعصمها يقول :
" والآن! أنك لا تتحملين الأنتظار حتى ترحلي غدا! ربما كان الوداع هو العلاج".
ووخلصت نفسها وهي تقول :
" أنه كذلك".
" ليس لك وحدك ......... فجموعة الأسرة المحيطة بي أصبحت شيئا لا يطاق.... الوحدة ليست مشكلتي على الأطلاق".
وأسرعت شارلوت ألى الهروب .
لم يكن بأمكان شارلوت أن تخفي جفنيها المتورمتين في الصباح , ولكن أحدا لم يعلق , كان الجميع يشعرون بأسى الفراق , حتى فلافيا كانت تحاول أن تكبت مشاعرها , وتغيّب ليام عن الأفطار ولم تره شارلوت ألا في الردهة قبيل العبور ألى اليابسة , وودع الجميع فيوليت على الشاطىء , وبكت فلافيا كثيرا بينما لم يبق لشارلوت دموع تذرفها , ووقفت على الميناء عند القرية تنظر عبر القناة ألى الجزيرة التي لن تراها ثانية , كانت قد أحبتها أكثر من أي فرد آخر لكنها الآن كانت أول من أدار ظهره أليها.
ووصلوا ألى المطار بينما لا يزال أمامهم بعض الوقت قبل أن تقلع الطائرة , ثم حان وقت الرحيل.
وصافحت هيلين ليام قائلة :
"لن ننسى كرمك يا ليام , أرجو أن تعنى بنفسك !".
وقبّل وجنة هيلين ووجنة فلافيا وألتفت ألى الأولاد ثم قال :
" وداعا يا شارلوت ورحلة سالمة ".
ورفعت بصرها أليه وقالت :
" وداعا!".
ولم يحاول أن يقبّلها أو يصافحها .

فتاة 86 17-10-10 09:28 PM

THANK YOU THANK YOU THANK YOU
IT'S GRATE
BUT DON'T BE LATE
WE'LL WAIT FOR THE REST

نيو فراولة 17-10-10 09:58 PM

بدأت الطائرة تضاعف من سرعتها على المدرج وألقوا جميعا النظرة الأخيرة ولوحوا بأيديهم من النوافذ فيما عدا شارلوت التي فتحت أحد كتيبات الطيران لتدرس خريطة الجزر , ولكن جزيرة سوليفان كانت أصغر من أن تسجل على الخريطة.
وسألتها أمها وهي تمس ذراعها في عطف :
" هل أنت بخير يا عزيزتي؟".
" نعم , ولماذا لا أكون كذلك ؟".
" كنت أخشى أن يعتريك شيء من الأضطراب ".
" أنا لا يضايقني الرحيل".
حلقت الطائرة فوق المناطق غير الآهلة من شمال الأطلسي , وكان الوقت ليلا وقد أخلد الجميع ألى النوم , وتذكرت ليام وهو يقول : الحب الأول أقوى حب وهو أكثر الأنفعالات ألما , وكيف أطلقها على عجل عندما قاومت وكيف حلّقت فيما قبل بقليل في آفاق السعادة , وأقنعت نفسها بأن كل ما قاله لم يكن ألا تمثيلا.
وهبطت الطائرة في أنكلترا فأحس الجميع بالسرور , وكانت أسرة فريزر في الأنتظار , ووكزت فلافيا أختها وهما تركبان السيارة الكبيرة قائلة :
" أنظري ! أنها لا تمطر".
وتوقفت السيارة عند أشارة مرور فرأت شخصين من الجزيرة شريكين في المنفى , وقد أئتزروا بملابس شتوية رمادية بدلا من الملابس القطنية الفاتحة التي يلبسانها في بلدهما , وكانا يضحكان معا وخطر لها : أذا كان بوسعهما أن يحتملا البعد عن الوطن فسيكون بوسعي أنا ذلك.
وختمت شارلوت قصتها قائلة :
" كان ذلك منذ أربع سنوات والآن آن الأوان , أنني عائدة ولكنني أحس بخوف مفاجىء , أخبريني برأيك يا أنيتا , هل أحبه حقا؟ أم أنه أنفعال مراهقة؟ وماذا لو وجدته قد تغير ؟ بل ماذا لو كففت عن حبه الآن ؟ هل أكون أسوأ حالا؟".
كانت أنيتا تنصت بأهتمام , وسألتها :
ط ألم يكتب أليك ؟".
" لم يكتب أليّ , ولكنه ظل يكتب ألى أمي بعض الوقت ".
" وهل تعرف أمك بخبر رحلتك؟".
" كلا , لم أتحدث أليها ولا ألى أي شخص على الأطلاق عنه قبل الليلة , لا بد أن تكون قد تخيلت شعوري نحوه عندما هجرنا الجزيرة ولكنها لم تقل شيئا , وربما ظنت أن مشاعري عندئذ كانت مشاعر مراهقة سرعان ما تزول , هل هي كذلك؟".
وعلقت أنيتا :
" لست متأكدة , ولكن القليل جدا من الناس من يصل ألى النصح في سن الثامنة عشرة , ومن الخطأ أن تتزوج الفتاة في تلك السن , لكنني لم أسمع عن مشاعر مراهقة تستمر لأربع سنوات , أعتقد أنك ربما أحببته حقا , هل بينك وبين نفسك تتمنين أن يكون وقع في حبك بالفعل؟".
منتديات ليلاس

" لا , فأنا متأكدة أنه لم يكن يحبني , ولكن الأمر يختلف الآن , فلقد تعلمت الكثير في هذه السنوات الأربع".
" وأذا قدّر لك أن تقابليه , فهل لا زلت تريدينه؟".
" بشرط ألا يكون أرتبط بأخرى".
" لا أعتقد أن هذا محتمل ".
" ربما! ولكن ألا يكون من سخرية القدر أن أقضي سنوات أربع أدخر أجر السفر , وأخيرا أجده تزوج".
وتهدج صوت شارلوت , وعندئذ قالت أنيتا :
"سهرت كثيرا وأنت منهكة , أنهضي ألى الفراش , سأحضر لك مشروبا ساخنا ".
" أخترت وقتا مناسبا للغاية لأحكي قصتي , يا للمسكينة أنيتا , ستكونين في غاية الأرهاق غدا".
" هراء أنا سعيدة , ولم أشعر بالضجر على الأطلاق , لم أكن أفهم لماذا تتجاهلين الرجال الذين يهتمون بك , والآن فهمت السر , لا بد أنه يستحق أهتمامك , ذلك الرجل ليام هاملتون".
" نعم , هو كذلك , أو على الأقل كنت أظنه , منذ أربع سنوات ".
وأحست شارلوت بالكآبة من جديد ودفعتها أنيتا برقة نحو غرفتها وهي تقول :
" هيا , أدخلي , لن أتغيب كثيرا ".
وسألت شارلوت عندما لحقت بها تقول :
" ألم يخطر ببالك أن تكتبي أليه لتخبريهأنك تفكرين في العودة لقضاء أجازة ؟ ولتزوري الأماكن التي كنت ترتادينها ".
" فكرت في ذلك , لكنني خفت , فربما لا يريد أن يراني ثانية , أريد أن أن أراه ولو لمرة واحدة , لأتأكد من شعوري نحوه".
" أنا لا أقول لك بأنك شارلوت مارتن الوحيدة , ولكن من المحتمل أن يعرف عن طريق أجراءات الحجز أنك شارلوت التي يعرفها وربما كتب ألى أمك للتحقق من سفرك ".
" لا فقد حجزت بأسم مستعار".
" ماذا؟".
" حجزت بأسم كلير مانيارد وأخترت كلير مانيارد ليتفق الأسم مع الحروف المنقوشة على حقيبتي ".
" أذن سوف تستطيعين أن تختلسي النظر أليه قبل أن يتعرف عليك".
" لا أعتقد بوجود فرصة ليتعرف عليّ توا.... ولسوف أضع نظارة قاتمة , وشالا على شعري".
" وأذا ما تبين لك أنه لم يكن بحال الرجل الذي أحببته؟".
" عندئذ تكون لي الحرية في أن أحب شخصا آخر".
ووضعت كفيها فوق وجهها , وقالت :
" ولكنه لن يتغير , ليس هناك رجل مثل ليام".

نيو فراولة 17-10-10 10:54 PM

وسألها كاتب الأستقبال , وهو يستكمل الأجراءات :
" هل أستمتعت برحلة طيبة يا آنسة مانيارد؟".
" نعم ....... أشكرك".
لم تكن تتوقع أن تجد تغييرا يشمل كل شيء تقريبا , وملأت البيانات المطلوبة وهي في حالة تشبه الدوار , وحرصت على ألا توقع بأسمها الحقيقي.
وشكرت الشاب الذي حمل حقيبتها ألى الطابق العلوي وأعطته البقشيش .
كان المبنى في أول الأمر يضم أربع غرف كبيرة شامخة على الواجهة , لكل منها نافذتان وباب ذو كوة في أعلاه يؤدي ألى الشرفة الخارجية , ولكن هذه الشرفة قسمت الآن ألى أربع شرفات منفصلة , وتحولت الغرف الداخلية ألى أجنحة وخصصت لشارلوت الغرفة التي كان ليام يتخذها مخدعا , وأصبحت الآن تضم غرف الجلوس والنوم وحماما صغيرا , وأستعين بسقف صناعي لتصحيح أرتفاعات السقف الأصلي , وبدا الجناح في طراز أمريكي ينسجم مع الطريقة التي تحدث بها كاتب الأستقبال .
وجذب أنتباهها لأول وهلة بطاقة دعوة من الأدارة وضعت ألى جانب برميل شراب تقول :
" أخدم نفسك بشراب كوكتيل جزيرة مانغو"
وخدمت شارلوت نفسها وخرجت وكأسها بيدها وأسندت مرفقيها ألى الدرابزين تحدق في دهشة ألى الحديقة الممتدة بين المبنى والشاطىء في تنسيق وجمال.
منتديات ليلاس

كان بعض النزلاء يتمدد على حشايا من الهواء المضغوط , أو على مقاعد وثيرة تحت سعف النخيل , وكان أحد الخدم يلبس سترة بيضاء ويقوم بتقديم المشروبات بينما يهرول زميله ألى الفندق ومعه صينية مليئة بالكؤوس الفارغة.
وتردد في سمعها صوت من الماضي .... أعلان عاطفي صدر عن فتاة صغيرة تقول : سأشتري الجزيرة في يوم ما وأعيش هنا وأزيل كل الأشجار بين المبنى والشاطىء وأنشىء حديقة جميلة ....... سيصبح أجمل مبنى ....وسيتمنى جميع الأثرياء الأمريكيين أن يشتروه .... لكنني لن أبيعه حتى بمليون دولار.
كانت الجزيرة تساوي الآن مليون دولار .... ولكن لم يكن حلمها هو الذي يتحقق , لقد أنمحت جزيرة سوليفان مركز السحر والغموض ألى الأبد ,وأصبحت جزيرة مانغو حلم السائح وليس حلمها.
وأطلقت تنهيدة : أنها ليس بحال كما رأيتها .... ربما كان كل شيء وهما وربما كان ليام هو الآخر كذلك.
وقررت أن تبقى في غرفتها حتى المساء لتستريح , فأستحمت وتعطرت , وهبطت الدرج ألى العشاء ولتسأل عنه.
كان للتلفون الموضوع في البهو ثلاثة أزرار ... أحدها لخدمة الغرف والثاني للمضيفة والثالث للمكتب , وضغطت شارلوت على الزر الخاص بالمكتب , وسمعت صوتا يجيبها فقالت :
" الآنسة مانيارد من الجناح 6 تتكلم , هل يمكن أن أتحدث ألى السيد ليام هاملتون؟".
" آسف يا آنسة مانيارد ! غير ممكن الآن ! هل ثمة مشكلة ؟ أو مساعدة؟".
" لماذا لا أستطيع التحدث ألى السيد هاملتون ؟".
" السيد هاملتون غير موجود ... ليس هنا يا آنسة مانيارد".
" أذا أين هو؟".
" في رحلة عمل يا سيدتي , ولكن السيد لندو على أستعداد لخدمتك , وسأوصله بك!".
" لا أنتظر! لا تكلف نفسك العناء ! كنت أريد أن أتحدث ألى صاحب الفندق؟ متى يعود؟".
" يوم الجمعة".
" فهمت ....... أشكرك!".
وأعادت السماعة ألى مكانها.
يوم الجمعة! خمسة أيام أنتظار! خمسة أيام! يا الله! لم يكن قد خطر لها على الأطلاق أنه ربما يكون مسافرا , يا لسخرية القدر!\وتعثرت قدماها وقد أنهكتها الرحلة الطويلة , وأتجهت ألى غرفة نومها وتمددت على الفراش وأستسلمت للبكاء ... ثم أستغرقت في النوم بعد فترة.
وأستيقظت وكانت الغرفة أكثر ظلاما وعرفت أنها نامت قرابة الساعتين , وأدركت من الضوء الذي ينفذ من خلال الدلف الخشبية أن الوقت قبيل الغروب بدقائق وقد تحول الوهج الناري من الأضواء البنفسجية والحمراء والذهبية ألى ليل , ثم تذكرت الأيام الخوالي التي كانت تعرف فيها الوقت لا من عقارب الساعة بل من لون البحر , وظل الشجر وحرارة الظهيرة , ونسمات العطر اللطفة.
وسمعت صوت موسيقى لم تكن متأكدة من مصدرها وكانت مصابيح الحديقة قد أضيئت ولبست فستانا قصيرا أخضر من الحرير الجرسيه لتحضر به العشاء.
كانت آخر نزيل دخل قاعة الطعام , وأبتهجت عندما وجدت مائدتها في أحد جوانب القاعة , وكان بوسعها أن ترقب الآخرين بمنأى عن عيونهم , وتفحصت قائمة الطعام.

نيو فراولة 17-10-10 11:19 PM

وأختارت صنفا لذيذا من الحساء وهي تمعن النظر في وجوه النزلاء لكنها أحست بشخص واحد يتفحصها من مائدة خلفها , وألتفتت بطريقة عارضة , فتقابلت عيناهما وأبتسم لها , وأستطاعت أن ترجح أنه شاب أمريكي جاء وحيدا.
أحست به طوال العشاء يحدق أليها , كانت طريقة الطهو ممتازة , والخدمة كذلك ولم تكد تفرغ من تناول الحلوى حتى جاءها الخادم يسألها:
" فنجان قهوة يا سيدتي!".
" شكرا....سأشربها في قاعة الأنتظار".
وشكرته شارلوت وتركت قاعة الطعام , وقررت أن تستطلع التغييرات التي أدخلت على مؤخرة المبنى , خطر لها أذا كانت فيوليت هنا أقابلها أن عاجلا أو آجلا .... ولن تتنكر لي".
وأكتشفت وجود ملعب للتنس وعددا من الممرات المضاءة بالمصابيح تتفرع أمام مجموعة من الأكواخ تحمل أسماء مثل كوخ دولفين كوخ المرجان وغيرهما .... وكان من الواضح أن ليام بنى العديد من الأجنحة المنفصلة التي يفضلها الأزواج الجدد وأولئك الذين لا يحرصون على الأستمتاع بالسهرات داخل المبنى , وعادت لترى التغييرات التي أدخلت على قاعة الأنتظار ووجدتها قد شغلت بأفخر الأثاث.
وأحضر الخادم القهوة وأخذت تقلب صفحات المجلة الأمريكية المعروفة بأسم هوليداي وسمعت صوتا يقول لها :
" أعتذر عن مضايقتك على مائدة العشاء... لم أستطع أن أقاوم رغبتي في أن أرسمك , ولكنني لن أكرر ذلك".
كان هو الأمريكي الذي يقيم بمفرده في الفندق , ووضع صحيفة على المجلة التي أمامها , ووجدت أن الصورة لها بالفعل وقد رسمت بدقة ومهارة وسألته :
" وكيف عرفت أنني تضايقت؟".
" لأنك جلست في توتر ألهاك الطعام عني , أكرر أعتذاري لقد جذبت الطريقة التي تصففين بها أنتباهي , والرقبة الطويلة علامة الجمال ليس هذا أطراء ولكنها الحقيقة".
وسألته :
" هل الرسم مهنتك؟".
منتديات ليلاس

" نعم , جئت ألى هنا لأسباب صحية من جهة ولأقوم بتسجسل بعض الأنطباعات كواجب مهني من جهة أخرى , آسف لم أحضر لأقص عليك قصة حياتي ولكن لأعتذر , وسأجلس مستقبلا في مكان آخر , أسعدت مساء يا آنسة!".
وخرج وقد ترك الرسم معها , وكان يعاني من عرج بسيط وعجبت كيف عرف أسمها وفكرت في الأسباب التي وراء علة ساقه وظنت أنها تستلطفه ألى حد ما .
وصعدت ألى الطابق العلوي وفي نيتها أن تنام مبكرة لتصحو مع الشروق وتستحم في البحيرة قبل أن يصحو الآخرون , لكنها قابلت على الدرج العريض أمرأة من الجزيرة ذات صدر بارز وفخذين عريضين تلبس فستانا بحريا أنيقا له ياقة بيضاء وتحمل سلة من المفاتيح ولوحا للكتابة وتثبيت الأوراق.
وأبتسمت المرأة وكادت تواصل سيرها لكن شارلوت أمسكت بذراعها قائلة :
" فيوليت ! ما أروع أن أراك ثانية!".
وتموجت عينا فيوليت وهي لا تكاد تصدق :
"يا ألهي ! شارلوت الصغيرة!".
وأغرورقت عينا شارلوت قطرات الدموع من عيني فيوليت التي ألقت بالمفاتيح وعانقتها عناقا حارا ! وأنهالت الأسئلة من كل منهما ثم توقفتا وهما تضحكان من الأضطراب الذي وقعتا فيه.
وقالت شارلوت :
" لا نستطيع أن نتكلم هنا , لنذهب ألى غرفتي , لكن لا تخبري أحدا يا فيوليت أنك تعرفينني , الأسم الذي ينادونني به هنا هو كلير مانيارد , أريد أن تكون مفاجأة لليام عندما يعود من باربادوس , كيف حاله يا فيوليت ؟ هل تزوج؟".
" ليام؟ يتزوج؟ ليس لديه وقت للزواج يا حبيبتي , لقد تزوج العمل , تغير كثيرا بعد رحيلكم أنه يريد أن يجعل الفندق أفخم من قصر باكنغهام".
وفتحت شارلوت الباب , وقالت :
" هل تظنين أنه سيسر لرؤيتي؟".
" لا أتصور أنه ينساكم بعد المساعدة التي قدمتموها أليه".
" تعالي وأحكي لي أخبارك , أنك تبدين وكأنك رئيسة مستشفى في هذا الزي , هل هو زي العمل الرسمي؟".
وقهقهت فيوليت :
" أنا مديرة الفندق الآن , ومن واجبي أن ألبس زيا أنيقا".
وتحدثتا لوقت طويل , وقالت فيوليت :
" كنت أظنك تزوجت الآن ,ولديك أطفال يا آنسة شارلوت ؟".
" أوه يا فيوليت ! لست الآنسة شارلوت , با ناديني حبيبتي , كما كنت تفعلين حتى أحس بالسعادة من جديد ".
" ألست سعيدة هناك؟".
" أوه! نعم , ولكنني كبرت الآن , والحياة ليست بالبساطة كما كانت فيما مضى , أرجو أن تحتفظي بوجودي سرا حتى يعود ليام".
وأنصرفت فيوليت ألى عملها بعدما تمنت لشارلوت ليلة سعيدة.

نيو فراولة 17-10-10 11:39 PM

كانت ظلال المبنى لا تزال تمتد على معظم الحديقة عندما خرجت شارلوت لتستحم في الصباح التالي وأنزلقت في الماء وقد أطلقت تنهيدة تعبر عن سرورها الكامل , ولم يكن ثمة شبه بين مياه البحر في أنكلترا وهذه المياه الدافئة اللامعة التي عانقتها بحب لا يقل عن حب فيوليت وعناقها في الليلة السابقة.
وفكرت بصوت عال وهي تغوص ألى ما تحت السطح تقول للمياه : أنك لم تتغيري.
لم تمكث طويلا تحت السطح فقد عانت من نقص التدريب , كما أنها خشيت أن تحمر عيناها فتشوه الصورة التي يراها ليام عندما يتقابلان بعد الزمن الطويل الذي أنقضى.
وعادت ألى سطح الماء من جديد تسبح في أسترخاء كما يفعل السياح .
وكان هناك شخص آخر أستيقظ في تلك الساعة الباكرة : السائح الأمريكي الذي لم تكن قد عرفت أسمه بعد وقد وصل ألى المكان في الوقت نفسه حين خرجت هي من المياه , وقال :
" صباح الخير , حسبت أنني الطائر الوحيد الذي يحوم في هذا الوقت".
وخلعت غطاء رأسها ونفضت الماء عن شعرها الطويل وهي تقول :
" أنه أفضل الأوقات لي".
وسألها وهو يعاونها على أرتداء زيها :
" هل حضرت ألى هنا من قبل ؟".
" نعم... وهل سبق لك أنت ذلك؟".
" لا, هذه أول زيارة لي".
منتديات ليلاس

وجفّفت وجهها وأخذت تستنشق هواء الجزيرة الطلق ,وقالت في نشوة :
" أشعر بأنني بعثت ألى الحياة , وأحس أن بوسعي أن أدفع عجلات أحدى العربات".
وسألها مبتسما :
" أطلب لك طعام الأفطار هنا أذا رغبت!".
" سأطلبه بنفسي , ويمكنك أنت أن تستحم , ولكن ....هل أطلب لك كذلك , كم ستمكث في الماء؟".
" لن أمكث طويلا".
وقابلت شارلوت أحد الخدم وهي في طريقها ألى المبنى , وطلبت الأفطار لشخصين ... وعندما عادت ألى الشاطىء كان الأمريكي يقف وقد وصل الماء ألى رقبته , وكان قد خلع رداءه وتركه قرب حافة الماء , وعندما خرج أرتداه قبل أن يجتاز الرمال ألى حيث جلست , لكنها رأت شيئا أراد أن يخفيه أنه آثار جرح مروع في ساقه , وعرف أنه رأته فقال بعد أن جلس ألى جوارها :
" آسف... كنت أود أن أخفيه... فأنه منظر بشع".
" ولكن كيف وقع ذلك؟".
" في حادث سيارة وكدت أفقد ساقي لولا حسن حظي , أرجو أن تنسي أنك رأيتها , أخشى أن يطلبوا مني مغادرة الفندق لأن منظر ساقي مزعج للنزلاء".
" ليس فيها ما يوجب الضيق للآخرين , ومع ذلك فهناك شواطىء صغيرة حيث لا يراك أحد وسأصحبك ألى أحدها أذا أحببت ".
" أشكرك! ما رأيك في أن يكون ذلك اليوم؟ أذا لم يكن لديك برنامج آخر ".
" أنا حرة حتى يوم الجمعة".
" حسنا .... حالما تنتهين من الأفطار سأحجز قاربا ونخرج للأستطلاع".
وواصل يقول :
" أسمي بنيامين بالمر وينادونني بن ".
وأخذته ألى أحد الخلجان الصغيرة بين الجزيرة والموقع المعروف بأسم هورتينسيا .
وسبحا ووأخذ حماما ثم سبحا من جديد , وحان الوقت لفتح سلال الطعام التي كان الفندق قد أعدها لهما , وسألها :
" ماذا عن يوم الجمعة ؟ قلت أنك حرة حتى ذلك الوقت ".
" أتوقع أن أقابل صديقا قديما".
" رجل".
" نعم".
" أغفري لي فضوي , ولكن , هل أنت مرتبطة بشخص آخر؟".
" لماذا تسأل؟".
" لأنك في الدقيقة التي عرضت فيها أن تريني المكان بدا عليك شيء من الضيق ".
" أنك شديد الملاحظة".

نيو فراولة 18-10-10 03:10 PM

وحولت مجري الحديث فقالت :
" أعتقد أنك شديد الحساسية لحالة العرج التي تعاني منها , أنها حالة بسيطة للغاية , الرجال ينظرون ألى سيقان الفتيات , ولكن الفتيات لا ينظرن ألى سيقان الرجال , فضلا على أنه لديك كل المقومات ".
وضحك وقال :
" حقا؟ وما هي تلك المقومات ؟ بالتأكيد ليس منها المال.... برغم وجودي في هذا المكان لبعض الوقت القصير".
وتناولا طعام العشاء معا ,وعرفت أنه سبق أن تزوج وهو في العشرين بزميلة له في الدراسة وعاشا في سعادة لمدة خمس سنوات.
ولم يكن قد مضى أسبوعان على زيارتها للطبيب الذي أكد أنها حامل قاما برحلة لزيارة والديها , وشاءت الأقدار أن تصدمها سيارة تخطت أشارات المرور , وهكذا ماتت ليزا متأثرة بجراحها بعد ثلاث أيام.
ودمدمت شارلوت وقد روعتها رواية الحادث :
" أوه...... بن!".
منتديات ليلاس

" ما كان ينبغي أن أقص عليك ذلك .... في أي حال فقد أستمتعنا أستمتاعا كاملا بخمس سنوات بينما هناك أناس لا يستمتعون ولو بقدر يسير من حياتهم ".
وعندما حان الوقت ليقول كل منهما للآخر – طابت ليلتك – أحست شارلوت كأنما تقابلا منذ زمن بعيد وذهبت في الصباح التالي لتأخذ حمامها الباكر .... فكان قد سبقها ألى الشاطىء وأمضيا معا يوما ممتعا.
ويوم الأربعاء ذهبا ألى العاصمة وأخذ بن معه أوراق الرسم وأمضى قرابة الساعة يرسم منظر الواجهة البحرية , بينما أمضت شارلوت الوقت في تجوال حول المدينة تلقي نظرة على المتاجر العديدة الجديدة التي فتحت بعد رحيلها .
وخطر لها وهي تعنى بوجهها أستعدادا للأمسية, بعد الغد سيكون ليام هنا .
وقال لها بن عندما لحقت به ألى البار :
" أود أن أقضي نهار الغد أرسم صورة لك.... أذا كان ذلك يناسبك".
ووافقت قائلة :
" لا مانع".
وقال وهما على وشك الأنتهاء من العشاء :
" يبدو عليك شيء من التغيير .... وهناك ومضة جديدة أراها فيك اليوم".
" حقا؟ ربما كان ذلك من أثر الشمس! وأنا أحب أن تصبغ بشرتي ".
وعلّق يقول :
" ولكنني أشك في أستعدادي للعيش في هذا المناخ , أنني لا أشعر بالحيوية ".
" أما أنا فالطقس البارد هو الذي يجعلني كسولة , وهنا أصحو مع الفجر وأظل يقظة حتى منتصف الليل , وطاقتي تتضاعف , وربما هذا هو السبب....".
وجاء صوت ليام هاملتون يقول :
" أسعدتما مساء!".
رفعت شارلوت بصرها ورأت ليام يقف ألى جوار المائدة يرقبها بتعبير لا تفهم كنهه , أنه التعبير الذي بدا على وجهه وهو يودعها منذ أربع سنوات , وأحسّت كأن العالم يتأرجح من حولها , وسأل وهو يلتفت ألى بن :
" السيد بالمر ؟ والآنسة مانيارد؟".
ونهض الأمريكي يقول :
" نعم".
" أنا هاملتون صاحب الفندق , أتمنى أن تكون الخدمة بالدرجة اللائقة من العناية , وأن ترضي جزيرة مانغو توقعاتكما".
" أننا نستمتع بوقتنا ألى حد بعيد".
" هل تأذنان بأن أجلس معكما لحظة؟".
" بكل سرور!".
كان بن على وشك أن يشير ألى الخادم ولكن الرجل الآخر أوقفه وأعطى أمرا بصوت خافت.
قال بن :
" لا أظن أنني رأيتك من قبل يا سيد هاملتون".
منتديات ليلاس

" لا... كنت في باربادوس , ووصلت منذ أقل من ساعة , وقيل لي يا آنسة مانيارد أنك تريدين أن تتحدثي أليّ".
قالت بصوت أبح :
" نعم..... نعم".
وقال بن أذ لاحظ أضطراب صوتها :
" أأنت بخير يا كلير ؟".
ونظرت ألى ليام وهي لا تستطيع أن تحول بصرها عنه , وواصلت تقول :
" أسمي ليس كلير يا بن , أسمي شارلوت , شارلوت مارتن , وآسفة لأنني خدعتك خدعة بريئة , أردت أن أعمل مفاجأة للسيد هاملتون , فقد تقابلنا من قبل , ولكن المفاجأة ردّت أليّ".

نيو فراولة 18-10-10 03:45 PM

ووجهت الكلام ألى ليام تقول :
" قالوا أنك سوف تتغيّب حتى الجمعة".
" أستطعت العودة قبل ما توقعت , كيف حالك؟".
" أنا بخير , وكيف حالك أنت؟".
" بخير تام ! وكيف حال الأسرة ؟ هل هم جميعا بخير ؟".
" نعم ....شكرا".
ووجّه ليام الحديث ألى بن :
" كانت الآنسة مارتن وأسرتها تعيش هنا في يوم من الأيام , وربما حدثتك بذلك".
كان بن لا يزال يعاني من أختلاط الأمر , وقال :
" عرفت أنها كانت هنا من قبل".
وأحضر الخادم المشروبات التي أمر بها ليام له ولضيفيه ورفع ليام كأسه يقول :
" في صحتكما ".
وتمتم بن بأجابة...... أما شارلوت فلم تقل شيئا وعجبت كيف أن يدها لم تكن ترتعش وهي ترفع الكأس بينما كان جسمها كله يرتعش من الداخل.
وسأل ليام بالمر :
" هل جرّبت أيّا من رياضات الصيد يا سيد بالمر؟ أم أنك تفضل أجازة فيها شيء من الأسترخاء؟".
" لا , أقصد نعم , ولكن أعتقد أن لديكما الكثير لتتحدثا عنه , فأعذراني!".
منتديات ليلاس

ونظر ليام ألى ساعته , وقال :
" لا , أنا من يجب أن ينصرف , قطعت عليكما الجلسة , وهناك مسائل كبيرة تحتاج ألى عنايتي بصفة عاجلة , سيكون بوسعي أنا والآنسة مارتن أن نتحدث فيما بعد , أسعدت مساء يا سيد بالمر!".
ونهض ومد يده مصافحا , وأنحنى لشارلوت , ومدت يدها , فقد أحست أنها بحاجة ألى أن تمس يده لتقنع نفسها أنه هو الذي كان هنا حقا , كانت قبضته لا تزال قوية , لم يتغيّر فيه شيء على الأطلاق , كان شكله كما عرفته طويل القامة ذا بشرة نحاسية , أزرق العينين , وبالنسبة لها أقوى الرجال جاذبية على الأرض.
وبقي بن بعد أن تركهما ليام عدة لحظات واقفا .... وحاولت شارلوت أن تجبر نفسها على أن تدرس رد الفعل لديه في الدقائق القليلة الماضية ومسّت بيدها كمه تقول :
" آسفة أن كذبت عليك يا بن.... أقتنعت الآن أنني كنت على درجة كبيرة من الغباء عندما أستخدمت أسما مستعارا".
وجلس وقال :
" لا يهم .... لا تشغلي بالك يا.... يا شارلوت!".
وأبتسم وقال :
" سيمضي بعض الوقت قبل أن أتعود على ندائك بأسمك .... شارلوت!".
" أنا مندهشة أنك ما زلت تتحدث أليّ".
" أوه! لا تقولي ذلك .... فأنا واثق أنه كان لديك من الأسباب مما جعلك تفعلين ذلك , وأعترف أن الموقف يحيرني ألى حد ما , فعندما ظهر ظهر هاملتون بدا عليك الأضطراب , ولكنه كان يتصرف ببرود تام".
" نعم , كان باردا , أليس كذلك ؟ شديد البرودة ".
وتمتمت :
" آنسة مارتن وأنا يمكن أن نتحدث فيما بعد!".
وقال بن :
" لا أود أن أكون متطفلا , ولكن لدي أحساس بأنه من المفيد أن تتكلمي... أعتقد أنك تحبين ذلك الرجل".
وسألته مذعورة :
" هل بدا عليّ ذلك؟".
" لا... ولكن بدا أنك أخذت بالمفاجأة لبعض الوقت ".
" هل نذهب ألى مكان نحس فيه بأننا أكثر حرية ؟ أحس أن الضوضاء زائدة في هذا المكان الليلة".
" بالتأكيد .... ما رأيك في الشرفة الخارجية ؟".

نيو فراولة 18-10-10 03:56 PM

وجلسا على كرسي هزاز عند طرف الشرفة الخارجية , وكان لا يزال بوسعهما أن يسمعا ولكن بدرجة خافتة وقال بن :
" من حسن الحظ أن هاملتون عاد في وقت أبكر مما يتوقع , ولا بد أنك أحسست بالصدمة , عندما لم تجديه هنا ".
" نعم , كان ذلك أحساسي ".
" من حسن حظك".
" قد يحدث الكثير في في يومين .... فلو لم يعد يوم الجمعة ربما كنت قد وقعت في حبك".
" أوه يا بن في خمسة أيام....".
" أعرف ... ولكني أحس بالوحدة... وأنت جميلة , وهذا المكان تلتهب فيه العواطف , وفي أي حال أوضحت منذ البداية أنك مشغولة بشكل ما , فلو حدث ذلك لما كانت غلطتك , أعتقد أن كثير من الرجال قد يقعون في حبك يا شارلوت لو أنك شجعتهم على ذلك , أنك شخصية تحب , وليس لهذا علاقة بمظهرك , فالعنصر الهام لديك هو شخصيتك , وأذا كنت قد أحببت هاملتون وهو لا يبادلك الشعور نفسه فلا بد أن في عقله خللا".
ولمّا لم تجب واصل يقول :
" وربما هو مهتم بك بالفعل , ولكنه مرتبط , هل هذه المشكلة؟".
" أوه! لا , لا شيء من هذا , ليام غير مرتبط بأحد".
ووجدت نفسها للمرة الثانية في أسبوع واحد تحكي ما حكته لأنيتا بعد أن ظلّت صامتة لسنوات.
وعلّق بن :
" فهمت , وبعد أن قابلته الآن ,ألا تزالين تحسين بالشعور نفسه ؟ ألم يتغير عن صورته التي في ذاكرتك ؟".
" أنه هو هو تماما .... ولكنه لم يبق معنا سوى دقائق قليلة , ربما يكون قد تغيّر وربما عندما أتكلم معه....".
وتوقفت ثم واصلت تقول :
" ولكنه لم يكن شديد الحماس للكلام معي ... أليس كذلك؟".
منتديات ليلاس

" كلا , ولكن للحق فأنك أنت أيضا لم تظهري حماسا كبيرا , ولم توضحي له أنك كنت معي لتمضية الوقت حتى يعود , لو كنت في مكانه ووجدت فتاتي التي لم أرها لأربع سنوات تتناول عشاء مع شخص آخر .... لتسربت أليّ الشكوك ".
ونهض يقول :
" وزيادة على ذلك , لا أعتقد أننا ينبغي أن نبقى هنا لفترة أطول... فقد نوحي ألى الآخرين بما فيهم هاملتون بأنطباع غير حقيقي , وربما هو يتحيّن الفرصة الآن ليجدك وحدك , هيا بنا ألى الداخل ! ولنودع بعضنا بعضا على مرأى من الآخرين وبعدها أذهب ألى غرفتي لأكتب بعض الرسائل.... وبوسعك أن تجلسي في قاعة الأنتظار قليلا ,ولا أعتقد أنك ستبقين وحدك لفترة طويلة ".
وسألته شارلوت:
" هل أنت واثق من ذلك؟".
" أنا واثق".
ولكنه كان مخطئا.... أذ جلست شارلوت وحدها قرابة ساعة في قاعة الأنتظار تدعو كي يظهر ليام ثانية ولكنه لم يفعل , وصعدت الدرج بفتور وهي تعرف أنها لن تجد سبيلها ألى النوم وأنها في صبيحة اليوم التالي سوف تصحو منهكة وعلى غير أستعداد لمقابلة أكثر فشلا معه.
وفكّرت: كان جنونا أن أفكر في العودة؟ لماذا لا أستطيع أن أنسى ليام وأحب شخصا آخر مثل بن؟
وعندما دخلت غرفتها وأشعلت الضوء , وجدت مظروفا في غرفتها , هل هي رسالة من بن؟ وخلعت ردائها وعلّقته , وأسترخت في كرسيها قبل أن افتح الرسالة لتقرأ :
" أتسمحين بأن نأخذ الأفطار معا في الثامنة صباح الغد في كوخ الدولفين ".
وكانت الرسالة موقّعة بالحرف الأول – (ل).

نيو فراولة 18-10-10 04:36 PM

8- ( يا له من يوط طال نهاره ....ولكم أشتاق العودة ألى البيت )
( من أغنيات عمال الجزيرة)

وبذلت شارلوت جهدا كبيرا لتتأخر عمدا بضع دقائق عن موعد الأفطار مع ليام... كانت تمشي على مهل في طريقها ألى كوخ دولفين , مع أنها ظلت تنتظر منذ الشروق بفارغ الصبر ثم بدّلت ثيابها أكثر من مرة لتبدو كأبهى ما تكون عند اللقاء , وأنفتح باب الكوخ الخشبي على الفور عندما نقرته وأشار ليام أليها بالدخول وعظامها تذوب تحت نظراته , قادها من غرفة الجلوس ألى ممر صغير تظلله أشجار الكروم يطل بزاوية مائلة على الشاطىء الصغير .
وأختفى في الداخل لحظة بعد أن أجلسها حول منضدة زجاجية مستديرة , وعاد ومعه أناءان بهما شرائح الكريب فروت وأناء آخر كبير مليء بالقهوة , وجلس على الطرف المقابل من المنضدة يقول :
" أذن رجعت يا شارلوت ... هل وراء الزيارة سبب خاص؟".
وغمست ملعقتها في الفاكهة الطازجة قائلة :
" جئت أقضي العطلة وأستطلع حال المكان... كدت لا أعرفه بعدما أدخل عليه من تغييرات , لكنك كما قالت فيوليت : تشقى كثيرا وتعطي وقتك للعمل ولا تجد فرصة للمتعة , هل أصبحت حقا من ملوك المال؟".
" أشقى ألى حد ما ... وأجد لذة عندما أبني من لا شيء ... وأنت تعيشين في لندن على ما أعتقد؟ هل تحبين الحياة هناك؟".
"هناك الأعمال المحترمة والأعلام من الناس وأفضل المتاجر والمعارض , وحفلات الموسيقى ".
" ولكن , ما عملك بالضبط؟".
منتديات ليلاس

" مديرة أعمال لرئيس أحدى الشركات العالمية للبلاستيك".
" صرت في غاية الأناقة وتبدين وكأنك عارضة أزياء!".
" أشكرك.... لعلي صرت أفضل حالا عندما رحلت من هنا وبذا قادرة على أقتحام الحياة , كان شعري كعرف فرس بري وكانت عينان حمراوين من الغطس ".
" كم من الوقت تقيمين هنا ؟".
" تسعة أيام أخرى".
" هل تواصلين أجازتك في مكان آخر؟".
" كلا... سأعود ألى لندن".
وقال وهو يقدم أليها سلة الخبز :
" رحلة طويلة وكلفة لأسبوعين فقط ! لا بد أنك تتقاضين راتبا مغريا".
وقالت في شيء من اللامبالاة :
" طبعا... أشكرك فأنا لا أفطر الآن ... فقط قهوة بدون حليب من فضلك".
ونظرت ألى شجرة الكرمة التي تلقي ظلالها المرقشة على الفناء وقالت :
" لم أتعود بعد على جدّة المكان .... هذه الأرض ... كانت برّية في يوم من الأيام".
ورفعت عيناها وقالت :
" يبدو أنك متوتر بعض يا ليام , هل تخليت عن شبابك المرح وأصبحت تفضل شؤون العمل على الحب؟ أتذكّر بالرعب تصريحي المخجل وأنا في الثامنة عشرة من عمري؟".
" نعم أذكر ولكن بدون رعب".
وأحتست قهوتها , وواصلت تقول :
" كثيرا ما فكرت فيما كان سيصيبك لو أنني أستجبت لأغوائك في تلك الليلة".
" أغوائي؟".
" نعم... أنك لم تنس بالتأكيد ... ماذا كنت تفعل لو أنني قبلت عرضك وذهبت معك ألى غرفتك؟".
وقال في لهجة مقتضبة :
" لا أعرف! لماذا رجعت يا شارلوت؟".
" قلت لك... لأقضي الأجازة ... ولأجدد صلتي بأصدقائي القدامى ... ولكن أحدهم ليس مسرورا لرؤيتي".
وعلّق قائلا :
" أنا... مسرور بالطبع ... ولكنك تغيرت كثيرا , وليس من السهل أن تلتقط الخيوط بعد الغيبة الطويلة , هل تخرجين في أجازاتك بأسم مستعار دائما؟".
" أردت أن أجعلها مفاجأة لك".
" بينما أنا الذي فاجأتك ... وأرجو ألا أكون قد سببت لك أي مشكلة , في الليلة الماضية ".
" على الأطلاق... ولماذا تظن ذلك؟".
" أحسست بشيء من الضيق في سلوك بالمر".
" لقد تخيّلت شيئا لا وجود له... فليس هناك شيء بيننا ولم أتعرف به ألا منذ بضعة أيام ولمعلوماتك فأن بن بالمر لم يشف تماما من الأزمة التي يعيشها بسبب فقد زوجته , ثم أنني لا أبحث عن أجازة غرامية ".

نيو فراولة 18-10-10 04:59 PM

ونظر ألى يدها اليسرى , وقال :
" أرى أنك لم تتزوجي أو تخطبي بعد .... أم أن عدم وجود الخاتم مسألة مقصودة ؟".
" كلا.... فأنا ما زلت حرة ".
" ربما لا تريدين الزواج ... كما تفعل فتيات كثيرات الآن ".
" لا ينبغي أن تصدق كل ما يقال عن المجتمع المنحل , ربما ينطبق ذلك على قلة من الناس ولكن ليس على الغالبية".
كانت المحادثة ينقصها الحماس وبعد صمت دام لفترة قالت شارلوت :
" حسنا.... لا شك أن لديك أعمالا تستحق أهتمامك أكثر من الحديث عن الماضي ... ومن الأفضل أن أتركك لتهتم بها".
ونهضا ولكن شيئا لمع في عينيه الزرقاوين القاتمتين وتوقعت أن يقول :
" ليذهب العمل ألى الجحيم! سأمضي اليوم معك ".
لكنه بدلا من ذلك قال :
" يجب أن نتحادث ثانية في وقت آخر".
وهرولت شارلوت ألى المبنى الرئيسي تفكر محمومة : لماذا أعيش على الأمل حتى الآن؟ أنه لم يحبني ولن يحبني ".
وأعترض البواب طريقها وسلّمها رسالة مغلقة قائلا:
" ترك السيد بالمر هذه الرسالة لك يا سيدتي".
" أشكرك".
منتديات ليلاس

وفضّت الرسالة , وقرأت عليها بخط بن الواضح الجميل :
" عزيزتي- غادرت الفندق وأنا أقاوم رغبتي في أن أودعك شخصيا , وعندما تصلك هذه الرسالة أتمنى أن يكون قد تم أصلاح كل ما بينك وبين هاملتون , حظا سعيدا يا شارلوت , وشكرا على الذكريات الغالية ... المحب : بن ".
كان بن غادر الفندق بالفعل وعبثا حاولت أن تتصل به.
وصعدت الدرج منهكة كأنها كانت تختتم يومها مع أن الوقت لا يزال في الصباح... ووقفت أمام باب الغرفة تبحث عن المفتاح ودموع اليأس على وجنتيها , وفاجأتها فيوليت تقول :
" صباح الخير يا حبيبتي , هل نمت نوما هادئا؟".
" أهلا يا فيوليت ... معذرة فأنني على عجل".
وفتحت الباب لتختفي عن الأنظار آملة ألا تكون فيوليت قد لاحظت بكاءها .
ودق جرس التلفون في غرفة شارلوت بعد أن دخلتها بعشر دقائق , وكانت قد خلعت سترتها البيضاء وألقت بها على أرض الغرفة ودفنت وجهها في الفراش .وظل الجرس يدق لمدة دقيقة , فرفعت وجهها الذي أنهكه الكاء وتحسست سماعة التلفون وقالت :
" نعم".
" شارلوت! هل أنت بخير؟".
كان المتحدث ليام ولما لم تجبه على الفور واصل قائلا :
" رأتك فيوليت تندفعين ألى غرفتك باكية ... طمّنيني !".
" كان في عيني رمش ..... وخرج الآن ".
" أذن .... آسف للأزعاج !".
ووضعت شارلوت السماعة وأستسلمت لموجة أخرى من الأسى والشقاء , وذعرت بعد ذلك بدقائق عندما سمعت مفتاحا يدور على عجل في قفل باب جناحها من الخارج , وحنقت لتلك الجرأة وتوقعت أن تظهر فيوليت على باب غرفة النوم ولكنه كان ليام , وكان أول ما قاله:
" أنك تبكين!".
منتديات ليلاس

كان الغضب قد بلغ بشارلوت مبلغه حتى أنها لم تفكر ستر جسمها وعلى كل فأن ملابسها الداخلية , لا تقل حشمة عن رداء البحر , وأنفجرت تقول :
" كيف تجرؤ على الدخول؟ فقط لأنك....".
وتلعثمت ولم تستطع أن تكمل .... فقد أحتواها بين ذراعيه وعانقها .... كأنما الزمن عاد أدراجه أربع سنوات ألى تلك الليلة التي لا تنسى قبل نفيها عن الجزيرة , لكن الأمر مختلفا تماما , لم تعد أمرأة طفلة كما كان ينظر أليها بل أختبر الزمن مشاعرها وتحقق من أنها مشاعر دائمة.
ولم يقل ليام في هذه المرة ما قاله في المرة السابقة : هيا نذهب ألى الغرفة! لكنه قال :
" يا ألهي .... لو عرفت كيف أفتقدتك !".

نيو فراولة 18-10-10 05:23 PM

وظل العناق بطريقة تعبر عن الشوق العاطفي الذي سبب لها القلق منذ زمن بعيد , وأستجابت هذه المرة بكل عواطفها , ثم قال لها :
"أنت أيتها البلهاء الصغيرة! لقد كنت على حق , فهل كنت تعودين ألى أنكلترا بدون أن تجعليني اتأكد من أنك لم تتغيري؟".
" وكيف كان لي أن أعرف أنك أنت تغيرت ؟".
" أنا! لقد أحببتك دائما .... حتى في تلك الليلة التي لجأت فيها ألى كل الطرق لأجعلك تكرهينني !".
" أحقا كنت تحبني دائما؟".
" من اليوم الذي حضرت لتقابليني على اليخت... تمنيت أن أكون فتى في العشرين لأصير فتاك".
" ولماذا تركتني أمضي؟".
" يا عزيزتي .... والدتك كانت تعجب بي ولكنها كانت تعرف ماضييّ فخشيت ألا توافق على زواجنا".
وواصل يقول :
" لا أستطيع أن أصدقك.... كنت في الليلة الماضية وفي هذا الصباح تنظرين أليّ ببرودة لدرجة أنني أحسست أنك رجعت خصيصا لتثأري مني".
" لم يكن برودا يا ليام! كان توترا فلم يكن بأستطاعتي أن أعرف ما يدور في رأسك!".
" حتى الآن ؟".
منتديات ليلاس

" الآن .. نعم ... حتى تبوح لي بكل شيء".
وهمّ بعناقها ولكنه تصلّب وأبتعد عنها فجأة , وقال :
" لا زال بيننا حاجز يا شارلوت ... ليس من حقي أن أطلب أليك أن تكوني زوجتي".
" ولم لا؟".
" أستري نفسك أولا! وسأنتظرك في غرفة الجلوس".
وغسلت وجهها ولبست قفطانا طويلا ولحقت له هناك .... فقال :
" تذكرين القصة التي سمعتها من المرأة العجوز التي كانت تعمل لدى أسرة سوليفان ؟ طبقا لرواية تلك المرأة فأن شون سوليفان كان وحشا فظا عامل زوجته بطريقة شاذّة وأصيب في النهاية بنوع من الأهتياج وقتلها".
" أليس هذا صحيحا؟".
وهز رأسه قائلا :
" قتلها حقا ثم أطلق الرصاص على نفسه ولكن باقي القصة كان عكس ما سمعت تماما فأنه لم يكن رجلا هرما ... وكان فارق السن بين الزوجين أقل مما هو بينك وبيني , ولم تجبر روزالين على الزواج منه , وأشترى الجزيرة ليحقق لها أحدى نزواتها لتبني بيتا هنا , وأما عن القول بأنها تزوجته لتنقذ أسرتها من الأفلاس فهو هراء , فلم يكن أهلها ملاك أرض جار عليهم الومن وكان أبوها موظفا عاديا في مكتب الخارجية ".
وعلّقت شارلوت :
" أنك تتحدث كما لو كنت تكرهها".
" كنت أحس أتجاهها بأكثر من الكراهية... ولم أشع نحوها بحب وقد تصدمين بهذا , فليس من الطبيعي أن يكره الأبن أمه".
وواصل يقول :
" أحببت سوليفان لأنه عاملني كأب ولكنني غير متأكد مما أذا كان حقا أبي ... وسيظل هذا سرا".
" سرّ .... لماذا؟ ماذا تعني؟".
" لقد قتل سوليفان زوجته روزالين لأنه بعد أن جعلت حياته جحيما ذهبت معه ألى حد لا يمكن أن يحتمل .....لم يفقد أعصابه بالمعنى العادي , ولكنني أعتقد أنه أصيب بحالة فقدان للوعي , فقد قالت له في تلك الليلة شيئا لا يحتمل أفقده كل سيطرة على نفسه , قالت أنني لست أبنه ,فأستجاب لغريزة عمياء دفعته ألى أن يوقها حتى لا تكرر ما قالته".
" ولكن , هل سمعت ذلك بنفسك؟".
" نعم!".
" أوه! ليام.... يا حبيبي !".
وأقتربت منه وتركت ذراعيها يلتفان حوله .

نيو فراولة 18-10-10 05:36 PM

وأزاحها في رقة وهو يقول :
" لم أقل هذا لأكسب عطفك يا شارلوت... ولكن لأجعلك تعرفين مدى المخاطرة أذا ما قبلت الزواج مني".
" أية مخاطرة؟ عن أي شيء تتحدث؟".
" لو كان سوليفان أبي فأنني أبن قاتل... وأذا لم يكن أبي فأنني متهم في نسبي .... والشيء الوحيد الثابت أن أمي كانت أمرأة سيئة الخلق".
" لا أتصور يا ليام أن يتحدث رجل في مثل ذكائك بالطريقة التي تحدث بها السيدات المسنّات عن الخزعبلات... من ذلك الذي يعير الوراثة ذرة من الأهتمام؟ أذا لم تنجب فأنك لن تعترض ولا شك على تبني أحد الأطفال ...لماذا تشغل نفسك بأصل أبويك ؟ الأنسان ليس نتاجا للخصائص الموروثة فقط ... وألا لكان أبناء العباقرة , ولكان الأغنياء ينجبون دائما أغنياء... بل العكس قد يحدث. كما يحدث أن يتحول طفل من أسرة شريفة كادحة ألى خائن متشرد".
منتديات ليلاس

" أنك تنسين شيئا ؟".
" وما هو؟".
" حتى لو كانت الوراثة لا تؤرقك .... فأن سجل حياتي لا يستحق الأعجاب".
وقالت في جدية :
" رغم ملابسات طفولتك فأنك تستمتع بالأستقرار النفسي ... عمري الآن أثنتان وعشرون سنة يا ليام , وأعرف أن أفكر وأن أقرر من هو الرجل الذي أريد أن أتزوجه".
" نعم ... مررت بخبرات لا بأس بها ولا بد أن أعترف بأنني عندما سمعت بذهابك للحياة في لندن كنت لشهور أضطجع يقظا في الليل أنظر ألى صورتك التي أحتفظ بها وأفكر كم من الرجال يحاولون غوايتك؟".
" ولكن أذا كنت قد أستطعت مقاومتك وأنت الشخص الذي أحب... هل كان من السهل أن أستسلم لغيرك؟".
" كنت أخشى أن تتحرري لدرجة لا تهتمين فيها بما تفعلين".
" لم أكن أعرف أن لديك صورة فوتوغرافية لي".
" أنها الصورة التي ألتقطها ريكاردو تورتيل... والتي جعلتك تبدين أكبر سنا مما كنت أذ ذاك".
" كنت دائما تبدو فظا معي... وذات مرة كنت تنام نوما خفيفا على الشاطىء فأيقظتك وكنت حنقا".
" كنت أحلم بك كأمرأة ناضجة وبأنني أتذوق الحب معك .... والآن كبرت بالفعل .... وبوسعنا ذلك".
وأحتواها بذراعيه , وأغلقت شارلوت عينيها ... وهي تفكر في سعادة أنه سيكون عليها أن ترسل عددا من البرقيات ... ونسيت بعد ذلك كل الأعتبارات العملية وأستسلمت لشعورها بفيض من السعادة.... السعادة لأنها ستصبح زوجة ليام أخيرا!




تمت

dalia cool 18-10-10 08:50 PM

يعطكي الف عافية على الرواية الحلوة هذي:flowers2:

hoob 19-10-10 06:13 PM

جميلة جدا فرولايه ونتمتى الامزيد من القصص الرائعه

اماريج 20-10-10 05:50 AM


يعطيك العافية حبيبتي
باين على الرواية حلوة من ملخصها
وتسلم الانامل الجميلة يلي عم بتمتعنا بااحلى الروايات
تحياااااااااتي العطر لك

http://www.9or.cc/data/media/88/t36.gif



زهورحسين 20-10-10 07:13 PM

تسلميييييييييييييين ياعسل
بانتظار جديدك والف شكرررررررا
:8_4_134::8_4_134::8_4_134:

Rehana 20-10-10 08:24 PM

تسلمى ياقلبي على الرواية ويعطيك العافية على مجهودك في كتابة الرواية
الى نفسي اقرأئها من زمااااان ^-^
وراح انقلها على جوالي ..مرة ثانية شكرا لك

http://img525.imageshack.us/img525/1990/thanks21.gif

قماري طيبة 30-12-10 04:28 PM

رواية رووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو ووووووووعة سلمت يداك عليها

سحر عاصم 19-01-11 01:19 AM

:flowers2:

طيف السما 19-01-11 05:14 AM

شكرااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا يعطيكى الف عافيه :flowers2:

حنين الاصيل 12-04-11 08:07 AM

شكرا..........................................

فجر الكون 14-04-11 09:51 AM

سلمت الايادي...ويعطيكِ العافيه على المجهود

ندى ندى 27-11-11 01:44 AM

روووووووووووووووووووووووعه

سومه كاتمة الاسرار 03-05-12 09:44 PM

قصه جميله جدااااا واختيار موفق تسلمين عليه
:8_4_134:

روبي الحنونة 28-02-15 10:20 PM

رد: 41 - شاطىء العناق - آن ويل - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
رررررررررررررررررررررررروووووووووووووووووعة


الساعة الآن 09:37 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية