منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   42 - الغيمة أصلها ماء - آن ميثر - روايات عبير القديمة ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t148050.html)

نيو فراولة 03-09-10 12:47 AM

42 - الغيمة أصلها ماء - آن ميثر - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
42- الغيمة أصلها ماء -آن ميثر - روايات عبير القديمة

الملخص


الحياة فصول أربعة : ربيع , صيف , خريف , شتاء , والحب أجتماع هذه الفصول في زمن واحد , وقلب العاشق طقسه متقلب , صاف ألى غائم قليلا مع أحتمال هبوط العلاقة بين جولي
منتديات ليلاسوالمغني المشهور مانويل كورتيز , أحيانا سماؤها ملبدة بالغيوم والضباب , وأحيانا عاصفة وممطرة ألى حد تساقط الثلوج , وفي أحيانا أخرى زرقاء مشمسة توحي بالحنان , ولكن عذاب جولي مع مانويل بسبب أبنته بيلار وصديقته أريفيرا كان أشبه بغيمة .... والغيمة أصلها ماء , فهل يحيي الحب أنسانا مكسور القلب ولا ثقة له بالنساء , ليقطف ثمار السعادة ويتذوق طعم الحياة؟

نيو فراولة 03-09-10 01:06 AM

1- حب أم وجع معدة !

وقفت جولي تنظر ألى نفسها في المرآة , مبتسمة بشيء من الأسف, كان بول مهتما بهذه الليلة , وهي تريد أن ترضيه , ولمعت عيناها وهي تفكر متسائلة , ترى لماذا تبدو لها هذه الليلة مفعمة بالأمل على هذا النحو.
نظرت أليها أمها وقالت:
" أليس من الأفضل أن تلبسي ثوبا للسهرة؟".
" ليس لديّ ثوب للسهرة كما تعلمين يا أماه , في أي حال ليست السهرة سوى حفل راقص للعاملين , ولم يعد أحد يرتدي لباس السهرة في مثل هذه المناسبات".
" بول يراك جميلة بغض النظر عما تلبسينه".
ضحكت جولي وأحتضنت أمها وقبّلتها , ثم نزلت أمامها ألى الطابق الأسفل حيث وقف بول بانستراز ينتظرها في غرفة الجلوس وفي يده كأس من الشراب قدّمه أليه والد جولي و بدا بول ممشوق القامة رشيقا , وسيما , وقد أبرزت ملابسه السوداء جمال ملامحه وبياض بشرته و أما الدكتور كينيدي , والد جولي فقد أسترخى مرتاحا على مقعد وثير , يدخن سيكارة ويناقش بول في أحدى الحالات التي يعالجها , فهو طبيب يمارس الطب العام في كنسنغتون , وكان بول يبدو مهتما بالحديث ولكن عينيه برقتا لدخول جولي ألى الغرفة .
منتديات ليلاس
وهمّ الدكتور كيندي بالوقوف قائلا:
" جولي أنت جميلة بكل تأكيد , ما رأيك يا بول؟".
هز بول رأسه وأجاب:
" بل أنها رائعة !".
وتبادل والدا جولي نظرات ذات مغزى , وأمسكت جولي التي أحست بأهتمام والديها , بذراع بول وهمست:
" هيّا بنا".
ساعد بول جولي على الدخول الى سيارته الأوستن الصغيرة ثم جلس جوارها وقال:
" سوف أكون أكثر المحسودين في هذه الليلة".
ضحكت جولي وردت :
" حقا؟ أليس هذا تواضعا كبيرا؟".
نظر اليها بول برهة بدون أن يفهم ثم قال:
" أنك تسخرين مني مرة ثانية , أنت تعرفين ما أعنيه".
علّقت بدلال :
" يجب أن أكف عن معاكستك يا بول".
شق بول طريقه وسط شوارع لندن ألى أيرلزكورت , وأحست جولي براحة غريبة , أنها سعيدة الحظ , لا تزال في الحادية والعشرين من عمرها وفي طريقها ألى قضاء السهرة بصحبة شاب وسيم من الواضح أنه يحبها, وفي حين أن شعورها لم يتبلور بعد , ألا أنها واثقة من زواجهما في نهاية الأمر.
صحيح أن بول له وظيفة بسيطة في شركة للتلفزيون , وعمله الآن يشمل مهاما مختلفة , ألا أنه سوف يكسب مزيدا من الخبرة بمرور الوقت ويصل ألى مركز مرموق , فهو ماهر , وأن بدا قليل الأهتمام بعمله في بعض الأحيان , ولا بد أن جهوده سوف تتكلّل بالنجاح , غير أن جولي لا تأبه كثيرا بالمال أذا قورن بالسعادة , فأبواها ليسا ثريين , غير أنها لم تفتقر أبدا ألى الحب والصحبة , وكان أهتمام بول البالغ بشغل وظيفة أفضل براتب أكبر يرجع بدون شك ألى رغبته في الزواج والأستقرار ,
منتديات ليلاس وبرغم الصعوبات المالية أستطاعت جولي الألتحاق مدرسة داخلية حيث شهدت المأسي الكثيرة التي عاشتها فتيات أكثر منها مالا وجاها , كان أباؤهن مثلا لا يحضرن أبدا أيام العطل فيبقين الوقت في صحبة المربيات بعيدا عن الأهل , في حين أن جولي كانت تفرح بالترحاب الذي تتلقاه من أبويها وبسعادتهما الواضحة بعودتها ألى البيت.

dalia cool 03-09-10 03:35 AM

مرسي كتير ننتظر التكملة :flowers2:

نيو فراولة 03-09-10 09:04 PM

وبعد أن تركت المدرسة قررت جولي العمل بأحد المتاجر في شارع أكسفورد , وقابلت أثناء عملها سامنتا أيدواردز التي أصبحت أقرب صديقة لها , فقد ألتحقت سامنتا بقسم مستحضرات التجميل حيث كانت تعمل جولي وأكتشفت أنها هي وجولي كانتا في نفس المدرسة وأن كانت تكبرها بعامين , وكان والد سامنتا من رجال البنوك , غير أن أبويها كانا مطلقين , أما سامنتا فمتزوجة من رسام أسمه بنديكت بارلو.
وعادت جولي بأفكارها ألى حفل الليلة , وهو الحفل السنوي الراقص للعاملين بشركة فينيكس للتلفزيون , كانت جولي تتطلع ألى حضور الحفل المقام في ستوديو الشركة , ولم تكن قد دخلت أستديوهات التلفزيون من قبل.
منتديات ليلاس
وبعد وقت قصير وصل بول وجولي ألى مقر شركة فينيكس في شارع وروبك , وقال بول موضحا:
" لقد خصص الطابق بأكمله للحفل , فالمكان فسيح للغاية".
وهزت جولي رأسها , فقد كانا بمفردهما بالمصعد , وتمنت ألا يكونا أول الحاضرين فلقد حددت الدعوة بالساعة السابعة والنصف , ونظرا لتقديم الطعام بطريقة البوفيه لم يكن هناك موعد نهائي للحضور , وكادت تطلب ألى بول أرجاء دخولهما عندما توقف المصعد.
كانت الموسيقى أول شيء لحظته جولي , فسارت خلف بول وسط جموع غفيرة ألى قاعة الرقص التي أخذت تزدحم بالمدعوين , الذين كانوا يتحدثون ويشربون ويضحون و مما أضفى على المكان جوا من المرح.
دخلت جولي ألى غرفة السيدات حيث أصلحت زينتها وتركت معطفها , فوجدت الغرفة مزدحمة بالسيدات اللواتي لبسن الأثواب الفاخرة والمجوهرات الثمينة , وأمسكت جولي بسوارها الفضي الذي كان كل حليها , وهزت كتفيها , فلا فائدة ترجى من التفكير في ملبسها الآن.
بول ينتظرها في الردهة وقد نفذ صبره , ولكنه لم يكن يقف وحده بل كان معه رجل وأمرأته , قال بول وهو يقدمهما ألى جولي:
" لاري يعمل هنا أيضا, وقد تزوجا هو وجين منذ ثلاثة أسابيع".
" حقا؟ هائل!".
وأبتسمت جين ذات الشعر الأحمر والوجه الجذاب قائلة:
"نعم يا جولي , ونحن نوصي جميع أصدقائنا بالزواج ".
ونظرت ألى بول وأردفت :
" ألم تفكر في الأقدام على هذه الخطوة ؟".
أبتسم بول وأجاب:
" مرات عديدة".
ثم نظر ألى جين وتابع :
" وخاصة في الأشهر القليلة الماضية".
في طرف القاعة أمتدت الموائد المليئة بمختلف أصناف الطعام والمشروبات التي قدمتها الشركة بدون مقابل فحازت قبولا كبيرا , وجلس بول وجولي في صحبة الزوجين شاندلر حول مائدة قريبة من حلبة الرقص في مواجهة المنصة المخصصة للفرقة الموسيقية , وتناثرت الموائد في القاعة بينما بدا الأستديو بالأضواء الخافتة وكأنه مغارة علاء الدين , وقد أضفت عليه الحلى المتألقة جوا من البهجة.
نظر بول حوله وقال:
" لقد نجحنا في أجتذاب عدد كبير , أليس كذلك؟".
منتديات ليلاس
ضحك لاري لأن بول تكلم وكأنه يمثل الشركة .
وتبادلت السيدتان الحديث عن الملابس وآخر فيلم لروبرت ريدفورد ,وأصطحب بول جولي لتتعرف على عدد من المنتجين وزوجاتهم , وأضطربت جولي بعض الشيء لتفاخر بول الواضح بها , ثم عادا ألى لاري وجين , كان الكثيرون يرقصون في ذلك الوقت , فطلب لاري من جولي أن ترقص معه , وافقته ألى طلبه بينما حذا بول حذو لاري وطلب من جين مراقصته , وأخذ بول ولاري يتبادلان الرفيقتين بأنتظام مما جعل الليلة أكثر متعة , وكانت السيدتان تتبادلان الحديث بين الرقصات بينما كان الرجلان يتكلمان عن عملهما .

نيو فراولة 03-09-10 09:21 PM

ومر الوقت فتناولوا العشاء سويا , بينما توقف الكثيرون ليتحدثوا معهم , فقد ساد الحفل جو ودي , لا تفرق بين الرئيس ومرؤوسيه.
وأصطحب لاري جين ليقدمها ألى رئيسه المباشر بينما أحضر بول كأسين له ولجولي , وقال وهو يقدم لها سيكارة.
" هل تقضين وقتا ممتعا؟".
ردت جولي وهي تتناول السيكارة :
" نعم , وأنت؟".
" لا بأس".
أبتسمت جولي وقالت:
" أين رئيسك؟ السيد باريسن , الذي طالما نقلت أليّ أقواله؟".
وأبتسم بول وقال :
" هل تمزحين ؟ أن السيد باريسن لا يحضر مثل هذه الحفلات! لا بد أن يعمل البعض بينما يلهو الآخرون وهناك برامج تقدم الليلة , أليس كذلك؟".
" بالطبع ,العمل في التلفزيون مثير , فيمكنك أن تلتقي في أية دقيقة بنجمك المفضل , أنني أتمنى أن أعمل أنا أيضا في التلفزيون؟".
منتديات ليلاس
وأبتسم بول وقال :
"تقدمي بطلب , فلن تواجهي أسوأ من رفضه".
" لست بهذا الحماس , فأنا أحب عملي , ولن أستبدله ألا بالتمريض أو العناية بالأطفال , أنني أتمنى في بعض الأحيان العمل كمربية لأعتني بالأطفال الذين لا يهتم أباؤهم ألا بأن يقدموا لهم الطعام والشراب والملابس الجميلة".
" تزوجيني أذا حتى ننجب أطفالنا ونتولى رعايتهم!".
وندمت جولي لأثارتها الموضوع فقد بدا بول جادا في كلامه فقالت:
" أمهلني بعض الوقت يا بول , أنظر من هذا؟ أنه يشبه مانويل كورتيز , أنني مغرمة بموسيقاه , لم تخبرني أنه يقدم برنامجا لشركة فينيكس !".
وهبّ بول وقال بشيء من الرهبة :
" أنه يصطحب السيد باريسن يا ألهي , أنني لم أتوقع حضوره ألى هنا".
" لماذا حضر أذا؟".
" ربما ليشاهد الضيف المرموق كيف يقضي العاملون بالشركة أوقات فراغهم , لقد نسيت أنك من المعجبات بمانويل كورتيز , أنه رجل جذاب , أليس كذلك؟".
" هو أيضا يعرف ذلك".
وهزّ بول كتفيه وقال :
" هيا نحضر مشروبا و فلن نحظى بأهتمام السيد باريسن في هذه الليلة"|.
ولكنه كان مخطئا في هذا , فقد مرا بالمدخل وهما في طريقهما ألى المقصف فأذا بنايل باريسن , الذي يبدو أنه أحتسى الكثير من الشراب , يصيح بمساعده قائلا:
"هل تقضي وقتا ممتعا يا بول؟".
وأبتسم بول مجاملا وقال :
" جدا يا سيد باريسن ,هل تنضم ألينا؟".
" للأسف لا".
وألتفت ألى الرجل الذي يرافقه وقال :
" أنك تعرف السيد كورتيز , أليس كذلك؟".
" نعم , أعرفه , مساء الخير , هل أنتهيت من العرض الآن ؟".
وهز مانويل كورتيز رأسه بالأيجاب وهو يرمق جولي بعينيه وأحست جولي بذلك فردت نظرته ببرود , كانت قد أعتادت نظرات الرجال الجريئة , ولكن كان الوضع يختلف بالنسبة ألى مانويل كورتيز , فهو رجل جذاب , ممشوق القامة أسمر الوجه له عينان في لون عيني النمر , وشعره الأسود ينسدل على كتفيه ليبرز لونه الأسمر , كما أن فمه مثير , أحست جولي بشعور خانق عندما ألتقت عيناه بعينيها فأسدلت جفنيها على سبيل الدفاع.
وأدركت جولي أن بول لا يزال يتحدث ألى نايل باريسن , غير أنه ما لبث أن جذبها ألى الأمام ليقدمها ألى باريسن ثم ألى مانويل كورتيز .
منتديات ليلاس
قال مانويل كورتيز بلهجة أسبانية بصوت خافت مبحوح , بينما شعرت جولي بأحساس غريب في معدتها .
" أهلا وسهلا".
وأمتدت يد باردة وقوية تمسك بيدها فقالت وهي تبحث عن أي كلام تقوله :
" هناك موضوع يثير فضولي , هل أنت من أصل كسيكي أم كوبي؟".
" أنني مكسيكي المولد ولكنني أعيش في كاليفورنيا ".

نيو فراولة 03-09-10 11:35 PM

وأومأت جولي برأسها وأحست أنها قد تصرفت بغباء , فالمكان الذي يعيش فيه لا يهمها بشيؤ , غير أنها كثيرة الأعجاب به , كما أن أسطوانته تلقى أقبالا كبيرا في كل من الولايات المتحدة وأنكلترا , فهو يعزف على كل الآلات الموسيقية ويغني على أنغام الغيتار أغان حزينة من النوع الهندي , وكانت جولي لا تعرف عنه ألا هذا , لأن أجره المرتفع كان يحول دون كثرة ظهوره على شاشة التلفزيون البريطاني , ولكنها شاهدته كضيف في برامج أميركية مختلفة عرضت في أنكلترا , كما أشترت بعض أسطواناته , وقدّرت سنه بما يقارب الخامسة والثلاثين.
وسأل بول نايل باريسن عما أذا كان يرغب في كأس في الشراب , ولكنه هز رأسه بالنفي , وأنضم أليهما كبار العاملين في شركة فينيكس , وأرتفع صوت باريسن وهو يعتذر عن البقاء , فأتجه بول وجولي ألى المقصف وقال بول:
" شيء سقيم أن يحرمنا هذا الغزو البشري من فرصة الحديث المنفرد".
وأبتسمت جولي وهي تنظر بشيء من الحسرة ألى المجموعة , فقد أنقبض صدرها فجأة , أذ كان الحديث مع نايل باريسن مثيرا كما أن مانويل كورتيز شخصية مرموقة وقالت:
" الجميع يريدون التحدث ألى مانويل كورتيز , فتلك فرصة لا تتاح في كل يوم ".
منتديات ليلاس
وأبتسمت لبول وقالت:
" لا تبتئس هكذا يا حبيبي , قلت أنك لست رجلا هاما جدا .... هل تتذكر؟".
" لم أقل ذلك أبدا".
" حسنا أرى أن عملي أكثر أهمية من ذلك يا جولي".
" لا تكن أحمق يا بول ! هيا بنا نرقص".
وأجاب بحدة :
" أنني لا أرغب بالرقص الآن أذ أشعر بالجوع".
هزّت جولي كتفيها في حركة يائسة , فقد أثارت غضب بول لسبب لا تعرفه وضغطت على نفسها لتأكل شيئا ثم وقفت تحتسي كأسا من الشراب وأذا بباريسن يتجه ألى بول ويقول:
" هل لك أن تخبر سائق سيد كورتيز أنه سوف يتأخر قليلا".
وتساءلت جولي عما يحول دون قيام باريسن نفسه بهذه المهمة ولكن بول لم ير شيئا غير عادي في هذا الطلب وقالت جولي لبارتسن :
"تبدو قلقا , هل حدث شيء؟".
" لم يحدث شيء, لقد أقنع الموظفون السيد كورتيز بالبقاء ,هل ترغبين في مشروب؟".
" نعم , أرجو أن تحضر لي كأسا؟".
ولم تستطع مقاومة الرغبة في النظر ألى الخلف , فرأت كورتيز يشرب هو أيضا , ونظر أليها فجأة , وكأنه أحس بنظراتها , وأشاحت بوجهها أذ هالها ما قرأته في عينيه من أعجاب واضح أضطربت له حواسها.
وبدا وكأن دهرا قد مر قبل عودة بول , ورقصت جولي مع نايل باريسن ثم أنضما ألى مجموعة وقفت ألى جانب المقصف , ورأت بول يتحدث ألى أحد المنتجين , ووجدت مانويل كورتيز يقف ألى جوارها وينظر أليها بعينيه العسليتين الناعستين ويطلب منها بصوت خافت مراقصته , فردت وهي مندهشة:
" هل تريدني أن أرقص معك؟".
وقال ساخرا:
" نعم , أنت نفسك".
" حسنا".
ونظرت جولي ألى بول الذي وقف يراقبها من بعد , ولكنها هزت كتفيها , وجذبها مانويل أليه ووضع أصابعه الصلبة حول خصرها وسحبها ألى حلبة الرقص , أخذا يتحركان ببطء وكأنهما يرقصان وحدهما, وكانت الموسيقى من النوع الذي يؤثر على الحواس تأثيرا يكاد يكون لا شعوريا , وكان يتعين على جولي أن تذكّر نفسها أين هي ومن يراقبها , لم تكن قد رقصت من قبل مع أحد مثل مانويل , كما لم تلتق مع أي أحد مثله , كان فيه شيء جذاب شيء بدائي جعل كل جسمها حيا بلمسته.
وحاولت أن تستعيد السيطرة على نفسها , هذا هو مانويل كورتيز الذي لم يصل ألى سنه الحالية بدون أن يعرف مدى سهولة جذب الجنس الآخر أليه , ولم تكن هي في نظره أكثر من فتاة جذابة أخرى.
وقال وهو يضع فمه على أذنها:
" أسمك جولي , أليس كذلك؟.
" نعم".
منتديات ليلاس
" وأين تعملين يا جولي؟ هل أنت موظفة في شركة فينيكس؟".
" كلا , أنني أعمل في متجر في شارع أكسفورد".
وخطا خطوة ألى الخلف ونظر أليها وقال:
" ما خطبك؟ ألا ترغبين في الرقص معي؟".
وعضت جولي شفتها ثم أبتسمت فجأة وقالت:
" بالطبع أرغب في الرقص معك , ولكن كيف لي أن أسترخي والعيون كلها موجهة أليك؟".
" أصحيح؟ أنني معتاد ذلك".
" ولكنني لم أعتده".
وتعثرت قدماها فقالت وقد أحمر وجهها :
" ألم أقل لك؟ أنني غير معتادة على ذلك؟".
" هيا بنا أذن , فسوف أحضر لك مشروبا".
ونظرت جولي أليه وقالت:
" لست مجبرا على ذلك".
وتجهم وجهه قليلا وقال:
"أعلم ذلك , أنا لا أفعل سوى ما يروق لي".

نيو فراولة 03-09-10 11:57 PM

وهزت جولي كتفيها وسارت معه , فطلب لها كأسا ولنفسه أخرى , ثم قدم أليها سيكارة وقال :
" لعل الرجل الذي حضرت معه ينفجر غضبا الآن!".
وأنتفضت جولي فقد نسيت بول تماما , وقالت:
" قد يكون من الأفضل أن أذهب".
وبدا الملل على مانويل وقال:
" لا تفكري في غيرك , أستمتعي بوقتك".
" ولكنني أهتم برأي بول!".
" هل أنت مخطوبة له؟".
"كلا , ولكنه شيء مفهوم فيما بيننا".
" هل ترغبين في كأس أخرى؟".
هزّت جولي رأسها بالنفي فطلب كأسا لنفسه وقال:
" ألا ترغبين في العمل بالتلفزيون؟".
" كلا , ثم ما عساي أن أفعل بالتلفزيون؟ فأنا لا أرقص أو أغني و كما أنني لا أجيد الكتابة على الآلة الكاتبة ".
وأبتسم مانويل وقال:
" توجد نواح عديدة , ولا ينبغي أن تواجه فتاة جميلة مثلك أية صعوبة ".
منتديات ليلاس
صاحا جولي بحرارة:
" أذا كنت تعني ما أعتقد أنك تعنيه , فلن أبيع نفسي حتى أصبح نجمة تلفزيونية ".
رد مانويل كورتيز بدهاء:
" المرأة تبيع نفسها بأقل من ذلك بكثير".
فقالت جولي بقلق:
" من الأفضل أن أنصرف".
" هل أدهشك ما قلته؟ بالطبع لا , لا بدّ أنك على دراية بما يجري؟".
فرفضت جولي أن ترد عليه , فأطفأت السيكارة , ورفعت حاجبيها بنظرة متعالية ولكن تعبيرها لم يؤثر في مانويل كورتيز.
وهبّت واقفة فجأة وقالت:
" معذرة".
ثم مشت مسرعة ألى بول ,ولم يخطر ببالها أنها قد أقدمت على خطوة غير عادية ألا عندما صاح بها بول في فزع:
" جولي! كيف لك أن تفعلي ذلك؟".
وأحمر وجه جولي وقالت:
" لقد تركت رجلا يعاملني وكأنني ........ لقد تصرف تصرفا غير لائق".
وعقد بول حاجبيه وسأل:
" على أي نحو؟".
" كلامه, سلوكه , لا يمكنني أن أوضح بالضبط".
كان الشيء الذي لم تتمكن من توضيحه لبول , هو أنها وجدته جذابا رغم سلوكه , وهذا ما ضايقها أكثر من أي شيء آخر , وقالت:
" هل يمكن أن ننصرف؟".
وكان بول ينظر بأرتباك ألى نايل باريسن الذي لحق بمانويل كورتيز وقال بول:
" ننصرف؟ نعم , ربما كان هذا هو الأفضل , الله أعلم , ما الذي سأسمعه من السيد باريسن صباح الأثنين".
وعاد بول ألى السيارة ببطء , كان الوقت لا يزال مبكرا ولا يتوقع والدا جولي حضرهما قبل ساعتين , وقالت جولي:
" أخبرني عما حدث بشأن السائق".
" لم يكن السائق منتظرا وحده , كانت هناك هذه المرأة ".
" أمرأة؟ هل تعرفها؟".
" نعم أعرفها في الواقع , فهي الراقصة دولوريس أريفيرا لعلك سمعت عنها".
" ألم تظهر في برنامج حديث المدينة؟".
" أجل , فقد ثارت ثائرتها عندما حاولت أن أوضح لها سبب تأخير كورتيز وصممت على الصعود أليه ,ولم أعرف ماذا أفعل ولكن نايل باريسن كان قد أوضح لي أنه يريدها أن تقعد , وحاولت تهدئتها , وحتى بعد أن هدأت كانت أشبه بقطة غاضبة".
" هل هي جميلة؟".
منتديات ليلاس
" جميلة جد , فشعرها أحمر وعيناها مثل عيني كورتيز ....... عينان أسبانيتان".
وضحكت جولي قائلة:
" لقد تركت أنطباعا قويا عليك بكل تأكيد!".
" بالفعل! أنني لا أتصور كيف يترك كورتيز مخلوقة كهذه ليحضر هذا الحفل الممل".
" لم يكن مملا!".
" كلا , ولكنك تعرفين ما أعني , ومع ذلك أعتقد أنه يعرف أنها مجنونة بحبه وقد تعمد تركها تنتظره حتى تزداد شوقا أليه".
وأحست جولي برجفة غريبة في معدتها فوضعت يدها عليها فجأة , وكانت تعرف أن بول يمزح ورغم ذلك شعرت بضيق من أحتمال وجود علاقة غرامية بين كورتيز ودولوريس أريفيرا!

نيو فراولة 04-09-10 12:19 AM

2- عملية أختطاف

عادت جولي ألى عملها في متجر فورد هامز في صباح الأثنين كالمعتاد , وألتفت زميلاتها وهي تصف لهن الحفل الراقص بشركة فينيكس للتلفزيون , وأدهشهن أن مانويل كورتيز قد حضر الحفل ,فسألت دونا جولي عما أذا كانت قد تعرفت عليه فقالت جولي:
" أنني رقصت معه يا عزيزتي , وهو لطيف جدا".
" وفيم تحدثتما؟ وهل غازلك؟".
" يا ألهي! لقد كانت دولوريس أريفيرا تنتظره في الطابق الأسفا ! وأضطر بول للنزول أليها ليهدىء من روعها , وكانت ثائرة غير أن بول يقول أن كورتيز يتعمد ذلك حتى يزيد من شوقها أليه!".
ولم تلاحظ جولي ودونا ومارلين وقد أنهمكن في الحديث الرجل الذي كان واقفا وسط قسم التجميل , وأحمر وجه جولي وهي ترمقه بدهشة وصاحت :
" سيد كورتيز!".
منتديات ليلاس
كانت عينا كورتيز جامدتين كالصخر وهو ينظر أليها , وشعرت بساقيها تتهاويان وهي تستطرد قائلة:
" لماذا......... لماذا جئت ألى هنا؟".
وهز كتفيه وقال :
" هذا أمر يخصني , غير أنني أكون شاكرا لو أمتنعت عن الحديث عن أمور لخاصة مع.... صديقاتك , والآن , أريد أن تساعديني على أختيار زجاجة عطر".
" بالطبع! ما نوع العطر الذي تريده؟ هل هو عطر خفيف للصباح أم ثقيل للمساء؟".
" عطر يتسم أساسا بالأنوثة ...... كيف لي أن أوضح ؟....... أريد عطرا له رائحة زكية".
وقدمت له جولي مجموعة من العطور ينطبق عليها وصفه , وبدا واضحا أنه خبير في عطور النساء , وتساءلت ترى كم عدد النساء اللواتي أشترى لهن العطور؟ وأختار زجاجة كبيرة من عطر أسمه ( الحياة المرغوبة) وبينما كانت جولي منهمكة في لف العلبة خاطبها قائلا:
" ما رأيك في تناول العشاء معي؟".
نظرت أليه برهة بدون أن تفهم لشدة دهشتها ولكنها قالت بهدوء:
" والسيدة أريفيرا؟".
" هذا أمر يخصني أنا , هل توافقين؟".
ناولته اللفة وأخذت منه الشيك قائلة:
" أنك تمزح يا سيد كورتيز في أية حال أنني مرتبطة هذه الليلة".
" ألغي أرتباطك".
" لم أتعود ألغاء مواعيدي مع بول , آسفة يا سيد كورتيز , فلن يمكنني الخروج معك".
وقال بصوت منخفض غاضب:
" كلا أنني لا أقبل ذلك!".
" لماذا؟ هل هذا شيء غير عادي؟ هل تفعل كل من تعرفهن من النساء المستحيل لقبول دعوتك؟".
" شيء من هذا القبيل!".
وشاهدت جولي أبنة فيترستون وهي تقترب منهما , كانت قد أعتقدت من حديثهما الطويل أن الرجل صديق لجولي جاء يبادلها الحديث فقالت بهدوء:
" آنسة كيندي , هل أنتهيت من خدمة السيد؟".
وألتفت مانويل غاضبا ألى آنسة فيترستون التي تعرفت عليه وصاحت:
" سيد كورتيز ! يا لها من فرصة سعيدة!".
وتحرك مانويل بشيء من الأرتباك , لقد أعتاد تعرف الناس عليه , ولكنه شعر الآن بالغضب لمقاطعتها حديثه , فأومأ برأسه وودعهما وأنصرف مسرعا.
وقالت دونا وهي تتنهد:
" كيف ترفضين الخروج معه من أجل بول؟".
منتديات ليلاس
وقالت مارلين:
" بول لا بأس به ولكنه ليس بالرجل الجذاب".
وقالت جولي مدافعة:
" أنني لا أريده جذابا".
وردّت مارلين:
" تذكّري أن الزواج يكون لمدى الحياة , والرجال من أمثال بول لا يتغيرون , بول شخص وقور , وهو يعجبني , ولكنك تخطئين أذا تزوجته".
وعلّقت دونا :
" أن مانويل كورتيز لا يبدو جادا في أهتمامه بها , كما أن جولي ليست من النوع الذي يقيم علاقة غرامية".
وصاحت جولي:
" بالطبع لا".
وأنهى هذا المحادثة.

dalia cool 04-09-10 08:25 AM

شكرا كتير ننتظر التكملة بفارغ صبر

نيو فراولة 04-09-10 04:08 PM


وبعد ظهور ذلك اليوم , توقعت جولي ظهور مانويل من جديد , فهو ليس ممن يخذلون بهذه السهولة , وقد كانت صادقة عندما قالت له أنها مرتبطة بموعد سابق , فسوف تحضر مع بول حفل عيد ميلاد , ولكن فكرة السهرة لم تعد تجنذبها.
وتركت المبنى عندما أغلقت أبواب المتجر في الساعة الخامسة والنصف مع غيرها من العاملين , كانت غارقة في أفكارها فلم تلاحظ السيارة الفارعة السبور الواقفة قريبا من المنحنى ,وفجأة سمعت صوتا خلفها :
" سوف أصطحبك ألى منزلك".
وألتفتت جولي ألى الوراء فرأت مانويل كورتيز , كانت دهشتها بلقائه الآن أكثر من دهشتها عند رؤيته في الصباح , فأتسعت عيناها الزرقاوان بأهدابهما الداكنة فبدت جميلة وجذابة.
" لا داعي لهذا , أنني أركب الباص عادة"
" وأنا لا أفعل هذا عادة ..... أدخلي وألا أعتقد المارة أنني أعاكسك".
منتديات ليلاس
ودخلت جولي السيارة الفاخرة من طراز فراري , وجلس مانويل ألى جوارها وفي فمه سيكارة , ثم أدار المحرك وأنطلقت السيارة .
كانت الشوارع مزدحمة في هذه الساعة مما أضطر مانويل ألى التركيز على القيادة , وأخذت جولي تنظر أليه بفضول , وتساءلت عما جعلها ترضخ لأمره وتصعد ألى سيارته , فهي لا تعرف شيئا عنه , في أية حال أنها تستطيع مواجهة أي موقف كارىء , ومانويل ليس سوى رجل كغيره من الرجال رغم شعبيته وذيوع صيته , وقالت بعد بضع دقائق:
" لا أعرف أذا كنت تعرف مكان سكني , فهو في كنغستون وهذا الطريق لا يؤدي ألى هناك".
" أعرف".
" ماذا تعني بقولك أعرف , قلت أنك سوف تصطحبني ألى منزلي؟".
" سوف أفعل ذلك لكن في وقت لاحق".
وتنهدت جولي ثم أتكأت ألى الوراء في مقعدها , ما الذي يمكن أن يحدث لها سوى أن أبويها كانا يتوقعان وصولها ألى المنزل الآن وقد يقلقهما تأخيرها.
قالت بشيء من العصبية:
"أن والداي يتوقعان عودتي ألى المنزل مباشرة".
ونظر أليها مانويل كورتيز ثم أوقف اسيارة على جانب الطريق وقال وهو يهز كتفيه بدون أكتراث:
" حسنا يا آنسة كيندي , أذهبي ألى منزلك".
ونظرت أليه جولي بغضب وقالت:
" أنني لا أفهمك".
وقاطعها ببرود:
" أوافقك على هذا الرأي ".
" لا أعتزم ركوب الباص الآن فعليك أن تدير هذا الوحش وتصطحبني ألى منزلي".
وأبتسم مانويل وقال بصوت أجش بدت به لكنته الأأسبانية واضحة:
" ألا تعيدين النظر في قرارك وتقضين هذه الأمسية معي؟ يسعدني أن أصطحبك ألى مطعم أعرفه يقدم طعاما وشرابا ممتازين".
وهزت جولي رأسها وقالت:
" ولكن لماذا أخترتني؟".
ورد بكسل :
" أنك جميلة وأنا أحب النساء الجميلات , هل هذا يرضي كبرياءك؟".
" ليست كبريائي هي التي تقلقني".
وتساءلت متى تتاح لها فرصة أخرى مثل هذه؟ وكم عدد الفتيات اللواتي يستطعن الخروج مع شخص مثل كورتيز , لا شك أنها ستكون حمقاء أذا لم تنتهز هذه الفرصة ,وألتفتت ألى كورتيز وقالت:
" حسنا , سأتناول العشاء معك ولكن يجب أن أتصل تلفونيا بوالدي أولا".
" حسنا يمكنك أن تفعلي ذلك من المطعم".
منتديات ليلاس
وأدار مانويل المحرك من جديد وشعرت جولي بقشعريرة , وأنتابها القلق ثانية بعد أن أتخذت هذا القرار.
وشعرت جولي بأرتياح عندما وقفت السيارة أمام مطعم الهوايت دراغون , كانا قد ظلا صامتين طوال الرحلة , وكانت تخشى أن يكون قد أختطفتها لغرض في نفسه , كانت الفكرة مضحكة في الواقع ألا أنها لم تكن تعرف شيئا عنه.
نزلت من السيارة وهي تلف معطفها حول جسمها لتحتمي من البرد والمطر الذي بدأ يتساقط وأغلق مانويل السيارة ومشى نحوها ودس ذراعه في ذراعها وقبض على معصمها , ورمقته بنظرة وقالت:
" تتصور أنك ماهر جدا أليس كذلك؟".
وأبتسم وقال:
" لماذا تعتقدين ذلك؟".

نيو فراولة 04-09-10 08:17 PM

" لأنها الحقيقة , لقد صمّمت على الخروج معي الليلة ,لماذا؟".
" لست مرتبطا بعمل معين , ألى جانب أنه لا توجد أمرأة ترفض مانويل كورتيز !".
" تقصد ليلة السبت , لم أرفضك ولكن حديثك كان غير لائق".
وقال بجفاء:
" أن كثيرا من تصرفاتي غير لائق , هل يضعني هذا في القائمة السوداء ؟".
" بما أنني أعرف أنك لا تهتم برأيي في كثير أو قليل فلن أرد على ذلك ".
وخلصت نفسها من قبضته وهما يدخلان المطعم , وتركا معطفيهما للخادم الذي أخبرهما أن المائدة سوف تكون جاهزة في الساعة السادسة والنصف وسألهما عما يرغبان أحتساءه , فطلب مانويل مشروبات بدون أن يسأل جولي عما تريده , وجلست جولي بجوار الستار ,ونظرت ألى ثوبها وقالت:
"كان عليّ أن أغير ملابسي , فتلك ملابس العمل".
وأبتسم مانويل وقال :
" تبدين على ما يرام بالنسبة أليّ , هل تحدثت ألى أمك؟".
" نعم , قلت لها أنني قابلت صديقة لم أرها منذ سنوات عديدة , كما طلبت منها أن تعتذر لبول".
وتنهّدت وهي تقول:
" أنني لا أحب الكذب".
منتديات ليلاس
" أذا لم تصارحي أمك بالحقيقة؟ أن سمعتي سيئة ولا يليق بك أن تخرجي معي ؟".
" بالطبع لا, أبي يعبد موسيقاك , لا سيما عندما تعزف على الغيتار".
وبدا الملل على وجه مانويل , وتساءلت جولي عما يمكن أن تقوله حتى ترفه عنه , لا بد أن قضاء السهرة معها كلّفه كثيرا لمجرد أرضاء كبريائه .
كان مانويل يجلس أمامها فنهض من مكانه وجلس على المقعد المنخفض بجوارها وقال:
" والآن ما خطبك؟ لماذا تبدين ساهمة هكذا؟ هل تشعرين بالملل؟".
فقالت وقد أرتبكت لقربه:
" بالطبع لا , النار جعلتني أشرد قليلا ".
وقال ساخرا:
" وتشعرين بالخوف أليس كذلك؟ لماذا؟".
وهزّت جولي كتفيها وردّت عليه بشجاعة:
" ما الذي يخيفني ؟".
رفع مانويل حاجبيه ولاحظت أن أهدابه السوداء تفوق أهدابها طولا .
" ربما لأنك تخشين أن أغازلك , فلا تقلقي , لن أفعل ذلك".
كانت قد أسترخت تحت تأثير صوته الهادىء فأعتدلت الآن في جلستها وأخذت جرعة من كأسها ثم وضعتها بسرعة على امائدة وقالت وهي تشهق:
"يا ألهي ما هذا؟".
" شراب ,مزيج خاص بي , ألا يعجبك؟".
وقالت غاضبة:
" أنه مثل النار".
فعلق بجفاء:
" أنه مشروب يناسبني , فأنني نصف هندي ,معذرة , سوف أذهب لأرى أذا كانت المائدة قد أعدت".
وهزّت كتفيها , ومن المضحك أنها شعرت برغبة في البكاء!
وبدا هادئا عند عودته فتساءلت عما أذا كانت قد تخيلت فقط أنه غاضب , وأكلت جولي كثيرا وكان الطعام شهيا كما تنبأ , وأمتلأ المطعم بالناس ولاحظت جولي أنه يتجنب من أعتقد أنهم يعرفونه ,وبعد أنتهاء الوجبة قالت وهي تدخن سيكارتها:
" أشكرك على دعوتك , قضيت وقتا ممتعا".
" حسنا , وأنا كذلك وأن لم أتوقعه".
" لماذا؟".
" تصوّرت أنك ممن لا يأكلون سوى القليل خوفا من البدانة".
" هل يعني كلامك أن الآنسة أريفيرا دقيقة في أختيار ما تأكله؟".

نيو فراولة 04-09-10 08:30 PM

وأسود وجهه لحظة وهز كتفيه وقال:
" دولورس تهتم بوزنها لأسباب بديهية , فالراقصات يجب أن يكن حريصات جدا , لماذا حدّثت صديقاتك عن دلورس؟ هل أنت من الفتيات اللواتي يقلن كل شيء للصديقات ؟ وهل ستروين لهن قصصا عن الليلة مع المبالغة بالطبع ؟".
" لن أذكر سهرتنا هذه".
وشعرت بضآلتها وتمنت لو أمكنها توضيح موقفها , فقد تحدثت عنه مع الصديقات حتى تخلّص نفسها من الألم الذي أنتابها عندما علمت بعلاقة مانويل بدولوريس أريفيرا.
ونظر أليها نظرة فاحصة وقال:
" أعتقد أنني لن أذكر أيضا , هيا بنا , هل أنتهيت؟ فعلينا أن ننصرف فأنني أستعد لتقديم أستعراض في ملهى غارديانوس".
وغاص قلب جولي فقد كانت تعتقد أنهما سيقضيان كل السهرة معا , ولم تكن تتصور أنه سيتركها في ساعة مبكرة , كما أنها شعرت أنه يعاملها بغطرسة.
كانت السيارة الدافئة , ولم يدر مانويل المحرك فورا ولكنه أقترب منها وقال :
" أنت غاضبة ؟ لماذا؟".
منتديات ليلاس
" لست طفلة توصلها ألى منزلها بعد نزهة في الساعة الثامنة والنصف".
وأبتسم مانويل أبتسامة عريضة , كان قد أضاء النور بالسيارة وأضطربت لقربه , أنها لم تلتق من قبل برجل مثل مانويل , وتمنت لو أنها كانت المرآة الخطيرة اتلتي تأسر الرجال , ونسيت أن شبابها وجمالها لهما تأثير أكبر .
" هل تظنين أنني أرغب في توصيلك ألى منزلك ؟ صدقيني يا جولي أنني أفضّل قضاء بقية السهرة معك , ولن يتعيّن أن أسافر ألى باريس في الصباح ثم أعود لأعمل بالغارديلنوس في نفس الليلة , أن وقتي مزدحم للغاية .
" أعلم ذلك , ولكنك لم تكن مرتبطا هذا المساء !".
" بل كنت مرتبطا بتناول العشاء مع برنارد هوفمان متعهد الحفلات المعروف ولكنني رغبت في تناول العشاء معك , هل يسعدك هذا؟".
ونظرت أليه جولي من طرف عينيها وقالت وهي تبتسم:
" نعم".
وضاقت عينا مانويل وظنت أنه سوف يلمسها , ولكنه أطفأ النور وأدار المحرك فأنطلقت السيارة , وعندما كانت تستعد للنزول من السيارة في نهاية طريق فولكنر أمسك بيدها وقال :
" هل تتتناولين العشاء معي يوم الأربعاء؟".
وبلعت جولي ريقها بصعوبة وقالت:
" أذا رغبت في ذلك".
وقال في كس :
" هذا ما أريده , هل أمر عليك بمكان عملك؟".
" نعم ,تصبح على خير ".
وراقبت السيارة حتى أختفت ثم سارت ألى منزلها وفتحت لتجد بول يشاهد التلفزيون في وجوم مع والديها وقالت:
" بول! لماذا لم تذهب ألى الحفل؟".
" لم أرغب في الذهاب بمفردي , هل قضيت وقتا ممتعا مع صديقتك؟ من هي؟ هل أعرفها؟".
" أنها سيلين شالمرز أنك لا تعرفها يا بول , سوف أعد قدحا من القهوة هل من راغب في القهوة؟".
وسار بول خلفها وسألها :
" ما خطبك؟ تبدين غريبة بعض الشيء؟".
" أنا متعبة , قضيت يوما مليئا بالأحداث ".
" بالطبع".
وقبلها على جبينها , وتمالكت نفسها حتى لا تبتعد عنه , وتساءلت بحسرة , لماذا أشعر هكذا مع بول , بينما كنت أتمنى أن يلمسني مانويل كورتيز؟

نيو فراولة 04-09-10 08:57 PM

3- اللقاء الأول

من الصعب على جولي التظاهر بأنها لم تر مانويل ثانية , عندما بدأت دونا ومارلين تتحدثان عنه , وكان عليها أن تجاريهما ولكن مشاعرها الداخلية مختلفة وكانت تتساءل ترى هل تكون صريحة مع أبويها وتخبرهما بما حدث أم لا؟ فقد أدركت أنهما يرغبان في زواجها من بول , ولن يروق لهما خروجها مع رجل جاد مثل كورتيز , وتنهّدت بعمق , وقررت أنها أذا كانت تريد الأستمرار في مقابلة مانويل فيجب ألا تخفي هذا الأمر .
وفي مساء يوم الثلاثاء ذهبت ألى السينما مع بول ,مرّ بها بالمتجر وتناولا العشاء في مطعم لايونز قبل ذهابهما ألى السينما , وأخبرها بول أن باريسن لم يؤنبه لما فعلته جولي في الليلة الماضية وقال:
" أن باريسن يتحين الفرص للتأنيب , ولذلك لا أفهم كيف فاته أن يلومني على ما حدث".
" عليك أن تواجهه , فليس السيد باريسن ألا بشر ".
" أنه يخيفني في بعض الأحيان".
وفي هذه اللية بينما كانت تستعد للذهاب ألى غرفتها , دخلت أمها وقالت بهدوء:
" ما بك يا جولي؟".
" لا شيء".
" بل أشعر أنك مشغول البال منذ البارحة , ما الذي قالته لك سيلين؟".
" تحدثنا عن أيام الدراسة ".
" أخبريني يا جولي , هل قابلت سيلين أم...........هل هي أمرأة التي خرجت معها بالأمس؟".
ضغطت جولي على شفتيها فلم ترغب في الكذب على أمها وقالت:
" كلا يا أمي , خرجت مع رجل , أرجو المعذرة , كنت أعرف أنك لن تتفهمي الأمر , فأنت تتوقعين أنني أنا وبول......".
وقالت السيدة كيندي وهي تتحسّر:
" جولي , أنت تعلمين أننا نرغب في سعادتك ! يا ألهي نعم! نحن نحب بول , ولكن ذلك لا يعني أن تتزوجي منه لمجرد أرضائنا , يا ألهي , أنك تخفينني , نحن نريد أن تتزوجي الرجل الذي تحبينه".
" ماذا سيحدث لو عرفت أن الرجل الذي خرجت معه ,كما يبدو لي حتى الآن ليس لديه أية فكرة عن الزواج؟".
وأضطربت أمها وقالت:
" لماذا؟ هل هو متزوج؟".
" كلا , أي ..... لا أعرف بالضبط".
" جواي ! من هو؟ هل نعرفه؟".
منتديات ليلاس
" ليس كذلك بالضبط , فأنكم تسمعون عنه , أرجوك يا أماه لا تسأليني عن أسمه أن أسفرت العلاقة عن شيء , فسوف أخبرك حينئذ".
وأزداد أضطراب السيدة كيندي , فلم تكن جولي معتادة على الكذب , كما أنها لا تخفي شيئا عن أمها , وصعب عليها أن تقبل , حقيقة أن جولي لا ترغب في أئتمانها على سرها , فلم تعد طفلة أصبحت لها حياتها الخاصة التي لا ترغب في أقتسامها معها.
أما جولي فشعرت هي أيضا بأحساس فظيع , لا سيما أنها مقتنعة بخطورة ما نفعله , فمانويل كورتيز ليس ممن يستهان به , وبرغم أن لجولي أصدقاء كثر ألا أنها لم تعاشر من قبل رجلا له خبرة كورتيز.
وتمنت لها أمها ليلة سعيدة , ودخلت جولي تحت األأغطية ونامت نوما عميقا .
وعندما أخبرت أمها في صباح يوم الأربعاء أنها لن تتناول العشاء في المنزل , رمقتخها أمها بنظرة غريبة , ولكنها لم تعلق على الموضوع , وبما أن أباها كان يتناول الأفطار معهما , فقد أسعدها تصرف أمها.
أرتدت ثوبا من الحرير الوردي , ووضعت حول عنقها عقدا من اللؤلؤ بينما أرتدت معطفا من اللون البيج ,وقال لها والدها وهو يوصلها ألى عملها بالسيارة في الصباح.
" هل هذا من أجل بول؟".
وهزّت جولي رأسها وقالت:
" كلا , فسوف أخرج مع بعض الأصدقاء , بول مشغول هذه الليلة ".
ولم ير أبوها في ذلك أمرا غير عادي , كانت جولي محبوبة , ولها أصدقاء كثيرون , ثم أنها تذهب عادة في مساء يوم الأربعاء لصديقتها سامنتا.
لاحظت دونا ومارلين ثيابها أيضا وشعرت أنهما لم تصدّقا قولها بأنها ستقضي الليلة مع سامنتا , غير أن اليوم كان مزدحما بالعمل , ولم يكن لديهن متسع من الوقت لتبادل الحديث.
وأخيرا دقّت الساعة الخامسة والنصف وخرجت جولي لمقابلة كورتيز , غير أنها لم تجد أثرا له أثرا له أو لسيارته الفخمة الملفتة للأنظار , وأحسّت بخيبة أمل كبيرة ثم بألم في معدتها , هل كان يمزح عندما طلب منها موعدا آخر ؟ هل يريد الأنتقام منها؟
وأنتظرت حتى الساعة السادسة ألا الربع ثم قررت غاضبة أنه لن يحضر , وكادت تجهش بالبكاء , وهي تؤنب نفسها على غبائها , كان يجدر بها أن تدرك أنه لا يعتزم الخروج معها مرة ثانية.
وسارت بخطوات سريعة نحو شارع أكسفورد لتركب الباص وتذهب ألى سامنتا فأي شيء تفعله أفضل من العودة ألى المنزل.
وكان شارع أكسفورد مزدحما بالناس , فعلّقت حقيبتها على كتفها ووضعت يديها في جيبها وأتجهت نحو الشارع عندما سمعت صوتا يناديها.
" جولي ‍! جولي! أنتظري".
وألتفتت ألى الخلف فرأت مانويل وهو يشق طريقه في وسط الزحام , ولم يقلل شعره الأشعث أو معطفه المخلوع من جاذبيته , وكادت ترتمي بين أحضانه وهو يقول :
" أنك غاضبة ؟ وأنا آسف , ولكن زحام لندن قاتل , تركت سارتي في مكان بعيد".
وضحكت جولي وقالت:
" هل هذا كل ما في الأمر؟".
" بالطبع , هل أعتقدت أنني لن أحضر؟".
" نعم".
" أنني هنا الآن , هيا بنا , أرى أن نتناول العشاء في شقتي أذا لم يكن عندك مانع ".
" لا أدري ........ لا ....... أدري".
بدا وكأنه لم يكن مهتما بكلامها , أمسك بذراعها وأخذ يشق طريقه وسط الناس جاذبا أياها معه ,ورأت جولي نظرات الدهشة ممن تعرفوا على شخصيته , ولكن مانويل تجاهل هذه النظرات , وأدركت أنه ليس مغرورا فيما يتعلّق بعمله.

نيو فراولة 05-09-10 12:09 AM

وأخيرا وصلا ألى السيارة ,وسرها أن تسترخي في السيارة الفاخرة , وقدّم أليها سيكارة وأدار المحرك قائلا:
" مكان مزعج ! أنني أكره الأزدحام , ما رأيك؟".
" أنا أحب لندن ولكنني أعرف مساؤئها , وأوافقك على أنها تكون مزدحمة للغاية في هذه الساعة".
" مزدحمة ! يا ألهي! شقتي في ليبانون كورت , هل تعرفينه ؟".
وأثارت كلماته من جديد مشكلة العشاء في شقته , فلا تستطيع الأعتذار الآن , ثم أنها لا ترغب حقيقة في ذلك , غير أنها أدركت أنها تتصرف بتهور وقالت:
" لا أعرف هذا الحي بالضبط أما أذا كنت تسكن أحدى العمارات السكنية التي تطل على ريجنت بارك فأعتقد أنني أعرف مكانها".
وأومأ مانويل برأسه وقال:
" نعم , أن نوافذي تطل على ريجينت بارك , غير أن الشقة تشرف على لندن بأسرها".
كان المبنى أحدى العمارات السكنية الجديدة الفاخرة التي تحيط بها الحدائق والنافورات ولها مدخل كمدخل الفنادق الفاخرة و وأمامها حارس خاص يمنع دخول غير المرغوب فيهم .
وقالت جولي بينما أرتفع بهما المصعد ألى الطابق الأخير حيث يوجد المنزل :
" شيء لطيف أن يكون المء ثريا !".
أبتسم مانويل لأن جولي كانت تسخر منه , غير أنها لم تخف أنبهارها الواضح عندما دخلت المنزل من الباب المزدوج وشهدت المنظر الذي يطل عليه , فبدت لندن في شفق الغروب من هذا الأرتفاع , وكأنها أرض الأحلام وأنتشرت في أنحائها الأنوار المتألقة اللامعة , ولم يكن هناك صوت أو ضوضاء بل هدوء زائع زاده المنظر الجميل روعة.
منتديات ليلاس
وأضاء مانويل الأنوار فبدا الجو الخيالي ليكشف عن غرفة الجلوس بكل أناقتها البسيطة , وقد فصل بين المدخل والغرفة سلم واسع من درجتين , وغطيت أرضية الغرفة بسجاد من لون العنبر القاتم وأنتشرت المقاعد والأرائك المنخفضة المكسوّة بالجلد الأخضر القاتم وجلد الفهد حول المدفأة الكهربائية المتوهجة , بينما وضع جهاز تلفزيون ضخم في أحد الأركان , وكان هناك أيضا مكتبة على الجانب الآخر من المدفأة ممتلئة بمجموعة منوعة من الكتب.
ونظرت جولي ألى كل ما في الغرفة وقالت:
" جميل جدا , أعتقد أنك تعرف ذلك , أليس كذلك؟".
ساعدها مانويل على خلع معطفها ووضعه على المشجب في المدخل , ثم خلع معطفه هو أيضا ووضعه في نفس المكان وقال:
" يسرني أن المكان يعجبك , أحتفظ بشقة في لندن لأنني أكره الفنادق حيث يغالي الخدم في خدمتي لمجرد شهرتي".
كان والدها يقول لها دائما , أن الرجل الذي يحب الأنفراد بنفسه يكون عادة أما مستريح الضمير , أو لا ضمير له عل الأطلاق , وتساءلت جولي ترى كم أمرأة أحضرها مانويل ألى هذا المكان , لا بد أنه أحضر دولوريس أريفيرا! ولكن من غيرها؟ وقد أيقظتها هذه الفكرة من غفوتها , كان يجب علي أن نتصرف بأتزان فأن مانويل كورتيز رجل ذو خبرة بالحياة وليس صبيّا مثل بول .
ودخل خادم يرتدي ثيابا سوداء من باب يبدو أنه يؤدي ألى المطبخ وقال :
" طاب مساؤك يا سيد , قمت بأعداد ما طلبته , وما عليك ألا أن تأمر لأقدم الطعام في الوقت الذي تريده".
" أمهلنا بعض الوقت لنحتسي بعض الشراب ثم قدّم لنا الطعام".
وأبتسم مانويل بينما أنسحب الخادم ,وبعد أنصرافه قال مانويل :
" أنه جوزيه وهو يعمل عندي منذ سنوات عديدة".
وأبتسمت جولي وأسترخت في مقعد منخفض أقترح أن تجلس فيه قائلا :
" تبدين جذابة هذه الليلة , هذا اللون يناسبك!".
وأضطربت جولي وقالت محاولة أن تغير مجرى الحديث :
" شكرا , هل ذهبت ألى باريس؟".
" نعم , هل ذهبت أنت أليها؟".
" كلا , للأسف".
" ألا تحبين السفر؟".
"بلى أحبه , غير أنني لا أستطيع السفر , أبي يعمل طبيبا , ونحن لسنا أثرياء".
الطبيب رجل له مركز مرموق في بلادي".
ثم أاف:
" أن ما يبدو قليلا بالنسبة أليك يبدو كثيرا بالنسبة ألى أهلي".
" أسرتك ! هل تعيش في المكسيك؟".
" بالطبع , لي سبعة أشقاء وأربع شقيقات".
ورمقها بنظرة متفحصة فأزداد وجهها أحمرار وقال:
" هل يدهشك ذلك؟".
ثم هز رأسه وأستطرد قائلا:
" أن أي شيء صغير يدهشك يا جولي كيندي , يا لها من حياة ضيقة الأفق تلك التي تعشينها".
وأحنت جولي رأسها وقالت:
" لم أدهش لما قلته , فالفقر في حد ذاته مؤلم ولكنه لا يثير الدهشة , نجد أن أسرتك..... ليست فقيرة , أليس كذلك؟".
" كلا , لم تعد فقيرة , ولكنها كانت تعاني من الفقر , والأسرة في المكسيك تتكون من أفراد عدة وهؤلاء المساكين لا يعرفون كيف يتصرفون كما تقولون في بلادكم ,فهم يأخذون ما يعطيهم الله شاكرين , أسرتي أسعدها الحظ أذ صرت أعولها , أما أنا فأنني لم أتعلم القراءة ألا في العاشرة من عمري , وقد تعلمتها وحدي كما تعلمت العزف على الغيتار وحدي أيضا ,وقد أصبحت الآن ثريا , غير أنني لا أنسى الماضي".

نيو فراولة 05-09-10 05:31 PM

وقدم العشاء في غرفة مفتوحة على الشرفة , وكانت المائدة مستديرة والمقاعد من خشب الورد مما أبرز جمال المفارش الدانتيلا فوق الخشب اللامع , وأضاءت الغرفة ثريّا من الكريستال , غير أن جولي تساءلت كيف تبدو الغرفة في ضوء الشموع؟
وبعد أنتهاء العشاء تنهدت جولي بأرتياح وقالت:
" وجبة هائلة ! يطهو جوزيه الطعام؟".
" نعم سوف أنقل له ثناءك على طهيه".
وأبتسمت جولي وقالت لا بد أنه جوهرة!
" هل أنقل له ذلك أيضا؟".
وأحمر وجه جولي وأشاحت بعينيها فهو يثير أرتباكها دائما , وقدمت القهوة والشراب الخفيف على مائدة منخفضة في غرفة الجلوس وأمسكت جولي بأبريق القهوة و غير أن مانويل فضل الشراب , وجلست جولي على الأريكة الكسوة بجلد الفهد أمام مائدة القهوة , وكانت قد تجنبت الجلوس عليها من قبل وجلس مانويل ألى جوارها وقد فك ياقته وأرخى رباط عنقه , ومال الى الخلف وأغمض عينيه وكأنه متعب , وبدا أصغر سنا , وأحست جولي بضربات قلبها السريعة , ووضعت الفنجان على المنذضدة ,وأشعلت سيكارة وأسترخت في هدوء ثم أدركت أنه يتفحصها بطرف عينيه , فأضطربت فقال:
" أرجوك أن تسترخي , هل يعجبك هذا المكان ؟ أليس أفضل من قاعات الأستقبال في الفنادق؟".
" نعم أنه رائع , هل أنت متعب؟".
" أشعر بقليل من التعب".
" ربما تجهد نفسك في العمل؟".
" أعتقد هذا ولكنني أحب عملي".
منتديات ليلاس
وتساءلت جولي في نفسها ترى كم من الوقت يقضيه مع دولوريس أريفيرا وهل تعرف دولورس أنشطته الأخرى...... علاقته معها , على سبيل المثال؟
وفاجأها قائلا:
" فيم تفكرين ؟".
" لا شيء".
وألقى نظرة على ساعة يده الذهبية وقال:
" الوقت يجري , الساعة السابعة وأربعون دقيقة".
" هل تعمل ثانية في هذه الليلة؟".
وتمطى وأستقام في جلسته وقال:
" بالطبع".
ثم أسترخى من جديد على مقعده وواصل تقييمه لها , وأخذت تتحرك بقلق على الأريكة تحت وطأة نظراته المستمرة الساخرة.
وأبتسم فجأة وقال بصوت خافت:
" أنت جميلة جدا يا جولي , هل قلت لك ذلك من قبل؟".
أطفأت جولي السيكارة بدون أن ترد أو تنظر أليه.
فقال بنعومة:
" شعرك يعجبني , وكذلك بشرتك , فهي شديدة البياض وناعمة كالورد , جولي !".
وتظاهرت بأنها لم تسمعه , فلم يمتدحها بول بمثل هذه العبارات , كما لم يذهب ألى أبعد من أن يقول بخجل : أنك فاتنة!
وهب مانويل واقفا مما أثار الهلع في نفس جولي , ولكنه سار فقط ألى المصباح بجوار التلفزيون فأضاءه , ثم أتجه ألى الباب وأطفأ نور الثريا الكريستال , مما أضفى على الغرفة جوا خلابا , وزادت خطورة مانويل وأرتعدت جولي , وجلس بجانبها من جديد , وأقترب منها أكثر هذه المرة , وأزاح مائدة القهوة بقدمه ثم أمسك بخصلة من شعر جولي وأدار وجهها أليه وقال بلهجة آمرة وغاضبة :
" لم هذا الهلع؟ تعلمين جيدا أنك تودين ألمسك , وأنا أريد أن ألمسك".
وأحست جولي بألم في معدتها , وأختنقت أنفاسها , وغلى الدم في عروقها وشعرت وكأنها تتلاشى ,وهو يضغط عليها بعاطفة متقدة , آلمها ظهرها وهي ملتصقة به عاجزة تماما ولا تستطيع أن تنكر هذا الشعور الجارف الذي ثار بداخلها ليستجيب لعاطفته , لم يعانقها أحد مثلما عانقها وعندما حرّك راسه شعرت بأنفاسه تلفح عنقها وكادت تفقد أدراكها في الدقائق الأولى وتغرق في مشاعرها ألا أنها شعرت بأجراس قوية تدق في رأسها وتحذرها , وأدركت أن هذا الرجل لا يحترم المرأة ولا يتردد في السعي ألى تحقيق مآربه.
وخرجت من عالم الأحلام ونعومته ألى عالم الحقيقة , فأبتعدت عنه بحزم , بينما ظل مانويل يراقبها وهو مستلقي فوق الأريكة كما تركته , وأدركت أنه يستطيع أذا أراد , أن يرغمها على البقاء حيث كانت , ولكنه أبتعد عنها فور مقاومتها أياه , ولم تدر ما تقوله أو ما تفعله ,وأدركت أنها تتوق ألى ذراعيه ودفئه , غير أنها تمالكت نفسها مدركة المخاطر التي تواجهها والنتيجة الحتمية لتطور هذه العلاقة .
ولم ينطق مانويل بكلمة ولكن عينيه كانتا جامدتين بدون تعبير ونظرت جولي ألى ساعتها , فوجدت أنها لا تزال الثامنة والربع , وبدا لها وكأن ساعات طويلة مرت بعد أنتهائهما من تناول العشاء.
وهز مانويل كتفيه وهب واقفا أقفل قميصه وأصلح ربطة عنقه وقال بهدوء:
" سوف أصطحبك ألى منزلك".
وسار ألى حيث ترك معطفيهما وساعدها على أرتداء معطفها ثم أرتدى معطفه وأحست جولي بشعور فظيع , كانت تعرف أنه كان يجب أن تشعر بالراحة لأنه لم يؤنبها ولكنها أحست بدلا من ذلك وكأنها مذنبة ولم تستمتع بهذا الشعور.

dalia cool 05-09-10 05:56 PM

يعطيكي العافية نحن في الانتظار

نيو فراولة 06-09-10 11:07 PM


ونزلا بالمصعد في صمت كما ظلا صامتين طوال الطريق ألى شارع فولكنر , وعندما توقفت السيارة , ألتفت أليها مانويل وهو يضع يده خلف مقعدها , وقال ببساطة وبرود:
"عودي وألعبي مع الصبية الصغار , فأنت ما زلت طفلة".
ضغطت جولي على شفتيها حتى لا ترتعدان وأحست بأنها صغيرة على نحو لا يصدق وغبية على نحو لا يصدق , وقالت بصوت مخنوق:
" أعتقد أنك كريه! هل تتصور أن كل فتاة تخرج معك تكون متلهفة على مطارحتك الغرام؟".
وأبتسم مانويل بسخرية وقال:
"عزيزتي جولي , أنك واضحة وضوح النهار! هل تتصورين أنني لا أقرأ الأفكار التي تدور في رأسك الجميل , كل ما في الأمر أنك ...... كيف أعبر عما أريد قوله , أنك ذات عقلية عتيقة , ثم أنني لا أحب المرأة التي تغيظني".
وأحتجت جولي في فزع:
"لم أكن أغيظك !".
هز كتفيه وقال :
" صحيح؟ حسنا! لنترك الموضوع عند هذا الحد , كانت تجربة في كل حال".
وضعت جولي يدها على مقبض الباب وكأنه نادم :
" لو طلبت أليك الخروج معي ثانية , هل تقبلين الدعوة؟".
وأرتبكت جولي وقالت:
" لا أدري , هل تطلب مني الخروج معك؟".
منتديات ليلاس
هزّ كتفيه وقال:
" ربما لن يتسع وقتي في هذا الأسبوع , ولكن قد نستطيع الألتقاء في الأسبوع المقبل في عشاء وداع , لأنني سأعود ألى الولايات المتحدة في نهاية الأسبوع القادم ".
" أحقا؟".
وشرد بفكره دقيقة ثم قال :
" ما رأيك في يوم الثلاثاء المقبل؟ يمكنني أن أمر عليك في المتجر , كما فعلت هذا المساء , ثم نتناول العشاء في مطعم هوايت دراغون".
أومأت جولي برأسها وخرجت من السيارة قائلة:
" حسنا".
ورغم هذا الموعد أحست بالغثيان كما أحست بالتعاسة وكادت تجهش بالبكاء .
وأختفت السيارة , وسارت جولي بخطوات بطيئة حتى منزلها , وعندما لم تجد المفتاح طرقا الباب وفتحته لها أمها , بينما لم تجد أثرا لأبيها.
قالت أمها توضح الأمور:
" أن السيدة كولنز في حالة ولادة , جولي ! ما بك؟ وجهك شاحب! هل أنت مريضة؟ ما الذي حدث؟".
" لا شيء ! أعتقد أنني مريضة!".
ثم ضغطت جولي على معدتها وقالت:
" أعتقد أنني سوف أتقيأ".
وأنحنت مرهقة فوق الحوض في الحمام وتقيأت ووتساءلت ماذا حدث للفتاة التي كانت خالية منذ أسبوعين , وشعرت جولي بالتعاسة ولم ترغب ألا أن تأوي ألى فراشها لتغرق همومها في النوم , غير أنها لم تستطع النوم من كثرة التفكير ألا عندما كان ضوء الفجر الخافت يلمس السماء في حوالي الساعة الخامسة صباحا.

نيو فراولة 06-09-10 11:30 PM

4- قناع الرطوبة

وفي الصباح كان الجو رطبا والأمطار تتساقط عندما دخلت أمها ألى غرفتها حاملة فنجان الشاي , وقالت:
" هل تشعرين بأنك في حالة جيدة تسمح لك بالذهاب ألى العمل اليوم , أم تفضلين البقاء ! أستطيع الأتصال تلفونيا بالآنسة فترستون وأبلغها بمرضك؟".
فهزت جولي رأسها وشربت الشاي وسرها أن ذهبت ألى العمل , فقد تغيبت دونا عن الحضور لأصابتها ببرد شديد , ولولا حضورها لكان على مارلين القيام بمهام الثلاثة.
ومر اليوم ببطء , وشعرت بسعادة كبيرة عندما حل موعد الخروج , فبول يحضر مساء كل يوم خميس , وهما يلعبان البريدج مع والدها أذا كان مودودا بالمنزل , كانت جولي تجد متعة في هذه الأمسيات , وهي تحب لعبة البريدج وتتقنها , وفي مساء يوم الجمعة غسلت جولي شعرها بينما خرك الدكتور كيندي وزوجته لتناول العشاء عند أصدقاء لهما , ثم خرجت في يوم السبت بصحبة بول , وذهبا ألى حفل في منزل سامنتا , كان أصدقاء أسرة باولو من أهل الفن , فهم رسامون أو نحاتون أو ممثلون وكان الذهاب ألى أسرة باولو شيئا مثيرا أذ لا يعرف المرء من سيلقاه عندهم.
وعند وصولهما وجدا المكان غاصا بالناس , غير أن سامنتا رحبت بجولي وكأنها قريبة لها أفتقدتها منذ وقت طويل , فقالت:
" أين كنت طوال الأسبوع يا عزيزتي؟ أنتظرتك كالمعتاد يوم الأربعاء ,ولكنك لم تحضري , ثم خطر لي أنك قد تتصلين بي تلفونيا , ولكنك لم تفعلي!".
وكان بنديكت قد أصطحب بول ليعرفه على مغن ناشىء أكتشفه مؤخرا , لذلك قالت جولي لصديقتها:
" يا عزيزت سام؟ هل لي أن أحدثك على أنفراد ؟ أنني في حاجة لأن أتحدث مع أحد وألا أصبت بالجنون".
ورمقت سامنتا صديقتها بقلق وقالت:
" بالطبع يا عزيزتي , بن أرجو أن تعتني بالضيوف , لأنني أريد أن أتحدث مع جولي قليلا في غرفة النوم".
منتديات ليلاس
وأومأ زوجها بن ذو الجسم الضخم والشارب الذي على طراز فان دايك , وصاح قائلا:
" حسنا يا حبيبتي".
وذهبت الصديقتان ألى غرفة النوم.
وجلست الأثنتان على السرير وقالت سامنتا بحرارة:
" هيا يا عزيزتي , أفتحي قلبك لأمك".
وتنهدت جولي وروت لسامنتا كل شيء بالتحديد وبكل صدق منذ لقائهما الأخير , وأستمعت سامنتا ألى جولي , وبدت الدهشة ثم الأرتياب على وجهها , وحدقت في جولي وقالت:
" كيف يا حبيبتي؟ مانويل كورتيز! يا له من شيء مذهل ! غير أنك شديدة الجاذبية يا حبيبت وأنا أعلم أن مانويل يتحيز جدا للنساء الجميلات".
وقالت جولي بشيء من المرارة:
" أعرف ذلك , في أية حال لقد بحت لك بما في صدري , كدت أفقد صوابي في الأيام الأخيرة".
" هل ستلتقين به يوم الثلاثاء؟".
" أعتقد ذلك , لو حضر في الموعد المحدد وأذا لم يفعل فلن أنتظره طويلا كما فعلت يوم الأربعاء , بل أنني متأكدة من أنني أتصرف تصرفا سليما بالذهاب لمقابلته".
وقالت سامنتا وهي تتنهد:
" يا حبيبتي ! لا أدري ما أقوله لك! فهو طبق شهي ولكنه شديد السخونة".
ثم هزت كتفيها وأستطردت تقول:
" أنه كما تقولين لا يحترم الجنس الناعم , ولماذا يحترم أذا كانت كل أنثى في كل مدينة في العالم المتحضر تجن به جنونا".
ووضعت يدها في جيب قميصها وأخرجت علبة السكائر وقدمت سيكارة ألى جولي وقالت:
" لقد أخفق زواجه أخفاقا ذريعا بطبيعة الحال.........".
وقاطعتها جولي التي أمتقع وجهها فجأة :
" زواجه؟".
" نعم زواجه يا جولي , قرأت تاريخ حياته في أحدى المجلات في وقت ما , ربما في مجلة لايف , تزوج وهو في السادسة عشرة من عمره بفتاة مكسيكية , وأنجبا طفلة لا أذكر أسمها الآن , غير أنه أنفصل عن زوجته بعد فترة وجيزة وذهب ألى سان فرانسيسكو وعندما ذاع صيته طلقها".
قالت جولي بصوت مكتوم:
" وماذا عن الطفلة؟".
" أعتقد أنها في حضانته , فله من الأمكانيات المادية ما يمكّنه من ذلك , وهي في السادسة عشرة من عمرها الآن , أما كورتيز فأظن أنه قد بلغ من العمر الثالثة أو الرابعة والثلاثين".
وهزّت كتفيها وواصلت حديثها قائلة:
" أظن أنه أضطر ألى الزواج , تعرفين ما يحدث في هذه الحالات ..... الحمل وما ألى ذلك........ وهذه الزيجات لا تنجح أبدا ....... أو على الأقل , قلّما تنجح".

dalia cool 07-09-10 07:18 PM

شكرا ننتظر التكملة

نيو فراولة 07-09-10 07:37 PM

وبلعت جولي ريقها وقالت:
" بالفعل , لم أكن أعرف أنه تزوج أو أن له أبنة بالطبع".
" قليلون هم الذين يعرفون ذلك , فهو يبتعد بحياته الخاصة عن الأضواء بقدر ما يستطيع , ولا يسعى ألى الأعلان عن نفسه كغيره من النجوم".
وتذكرت جولي عشاءهما في مطعم وايت دراغون وقالت:
" أعرف ذلك , فهو لا يحب ألأماكن المزدحمة , وشقته رائعة وهي في أعلى عمارة سكنية , وتطل على منظر بديع".
وربتت سامنتا على كتفها بحنان وقالت:
"جولي , لو كنت مكانك لحاولت أن أنسى مانويل كورتيز , فهو لا يصلح لك ,وأن تصورت عكس ذلك أنت تعلمين تماما , من معاملته لك , أنه ليس جادا في علاقته بك , فلا يسعى ألى التغرير بفتاة أذا كان يحبها بأخلاص , ويحترمها ".
وتنهدت جولي وقالت:
" أعلم أن ما تقولينه صحيح يا سامنتا , غير أنني لا أستطيع أن أنساه , ويبدو أن حياته كانت قاسية جدا قبل أن يصل ألى مكانته الحالية , ولا يسعني ألا أن أعتقد أن هذا هو سبب قلة أحترامه للنساء , ثم هذا الزواج أيضا........".
وهزّت رأسها وواصلت حديثها قائلة:
" من الذي يعلم حقيقة هذا الزواج ؟ من الغريب يا سامنتا ,أشعر بأنه وحيد برغم كل ثروته وذيوع صيته!".
وصاحت سامنتا بدهشة :
" ماذا تقولين ؟ قد يكون مانويل كورتيز أشياء كثيرة , ولكنه بكل تأكيد لا يثير الشفقة".
منتديات ليلاس
ووقفت جولي وسارت في أتجاه النافذة , ونظرت ألى الخارج بدون أن ترى شيئا , أن سامنتا قد تكون أكثر فهما للرجال , ولكنها لا تعرف مانويل , فهي لم تر الرجل خلف القناع الأجتماعي .
ورفعت سامنتا حاجبيها وقالت:
" الأمر متروك لك يا جولي , ولكن أعتقد بأنني أكثر منك معرفة بالرجال ".
وأبتسمت جولي قائلة:
" حسنا يا سام , أصدقك , ولكن ليت لي خطة واضحة أتبعها ".
ولم تستطع سامنتا معاونتها في هذا الموضوع , فقد عبّرت لها عن رأيها , وهو أن مانويل لا يناسبها , ولا أخلاق له وقد سبق له الزواج والطلاق , وله أبنة في سن المراهقة لا تصغرها بكثير , غير أن ذلك كله لم يساعدها في شيء , فقد ظل بنفس الجاذبية ونفس الخطورة على راحة بالها .
وكانت النتيجة أن بول بدأ يزعجها بسلوكه المهذب , فكرهت قيادته المتزنة والحريصة للسيارة , وطريقة وضعه للسيكارة بين أصبعيه , ورفضه أي شراب , يا له من شعور فظيع , أن يدي بول الناعمتين تختلفان تماما عن أصابع مانويل الخشنة , كما أن جسم بول البدين يختلف أيضا عن جسم مانويل النحيف بحيث لم يعد فمه الرقيقي سوى مبعث لأشمئزازها .
وفي يوم الأحد أعتذرت عن الغداء عند والدي بول وتظاهرت بالمرض وقضت اليوم بأكمله بالمنزل , وأحست بالملل والكآبة , ولكنها لم تكن تستطيع أحتمال تبادل الحديث في منزل بول.
وخرج أبواها في المساء , فقرأت كتابا وشاهدت وبدت كل حياتها موجهة نحو يوم الثلاثاء .......... ورفضت التفكير فيما بعد ذلك .
وبحلول يوم الثلاثاء أصبحت قلقة كالنهر , وعجزت عن الأكل أو التفكير في أي شيء آخر ألا مانويل , وأدركت أنها تقترب من حالة لا تهتم فيها بشيء ألا بالحاضر , وأنها يجب أن تأخذ ما يقدم لها , وتقبض عليه بكلتا يديها قبل أن يتسلل بعيدا عنها ألى الأبد.

نيو فراولة 07-09-10 11:13 PM

وأرتدت ثوبا ضيقا باللون الكحلي , وألقت فوقع معطفا من الجلد الأحمر , وبدت صغيرة السن غير مدركة لجمالها .
مرة ثانية خاب أملها , فلم تشاهد عند وصولها ألى الشارع مانويل كورتيز أو سيارته , وكان الجو باردا , كما كسا الضباب كل شيء بظلال رمادية .
كانت أقسمت ألا تنتظر , ولكنها ظلت في مكانها لا حول لها ولا قوة , وأخذت تدعو الله أن يعينها , وجاء العون في شكل رجل صغير الحجم يرتدي معطفا رماديا وقبعة رمادية .
قال وعيناه تبتسمان :
" أخيرا عثرت عليك يا آنسة كيندي , آسف لأنتظارك , غير أن السيد مريض , ولن يستطيع الحضور الليلة , وقد طلب مني أن أوضح لك الأمر".
ولم يكن يتقن الكلام باللغة الأنكليزية مثل كورتيز , غير أن جولي لم تهتم بذلك , فقد ركزت كل تفمكيرها على ما يقوله , ثم قالت:
" مريض؟ هل حالته سيئة ؟ هل حضر الطبيب؟".
وهز جوزيه رأسه وقال :
"ليست وجوزيه يعرف كيف يعالجه".
وحملقت جولي فيه وأردفت :
" أقصد.... ألا تظن أن ....... هل يمكنني أن أعود معك ألى الشقة؟".
وهز جوزيه كتفيه قائلا:
" لا أعتقد أن السيد يروق له ذلك ".
وأتخذت قرارا وقالت :
" ما لنا وما يقوله السيد , فأنا ذاهبة معك , أين السيارة؟".
" لم أحضر السيارة يا آنسة كيندي , بل ركبت مترو الأنفاق".
وهز جوزيه كتفيه من جديد , وبدا واضحا أنه غير مسرور بقرارها , غيرأنه لم يكن ليستطيع منعها من مصاحبته , وسارا من المحطة حتى لينانون كورت , ولم يسمح الحارس لجولي بدخول العمارة ألا بعد أن ضمنها جوزيه.
وما أن وصلا حتى بدأت عزيمتها تضعف , فما عساها أن تفعله أذا أتضح أن مانويل أرسل جوزيه بأعتذاره لمجرد أنه يريد الخروج معها , ولم تكن هذه الفكرة قد خطرت على بالها من قبل , ونظرت ألى جوزيه بعصبية بينما صعد بهما المصعد , غير أنه بدا شارد الذهن.
منتديات ليلاس
وأذ دخلت الشقة خلعت معطفها بسرعة قبل أن تخونها شجاعتها وسألت جوزيه:
" أين هو ؟ هل هو في غرفته؟".
وحاول جوزيه الأحتجاج , ثم أتجه , وكأنه قد أعترف بهزيمته , ألى باب الغرفة وفتحه وقال بصوت خافت:
" غرفة السيد , غير أنني.......".
ألا أن جولي تخطته ودخلت ألى الغرفة وسمعته يغلق الباب بهدوء , وألقت نظرة خاطفة ألى الوراء ورأت نه قد دخل خلفها ,وتساءلت هل تصور أنها تعتزم أيذاء مانويل.
كان أثاث الغرفة من الخشب القاتم والأألوان القاتمة بأستثناء السجاد الذي أختير من اللون البرتقالي الزاهي , وقد أدفأ جهاز التكييف الغرفة بالقدر المناسب , غير أن الرجل في السرير الضخم الذي بلغ طوله ستة أقدام تحرك بقلق , وقد تغطى جزئيا فقط بملاءة حريرية وبطانيتين وتصبب العرق من جبينه وصدره الأسمر العاري.
وأتجه جوزيه أليه مسرعا ووضع الغطاء عليه من جديد , متمتما بلغة أجنبية , وأتجهت جولي ببطء ألى الجانب الآخر من السرير , وبدا واضحا أن مانويل لم يحلق منذ يومين , فقد نمت له لحية صغيرة وبدا وجهه شاحبا .وهمست جولي:
" جوزيه , هل أنت واثق من سلامة علاجك له؟".
ولمعت عينا جوزيه ورد:
" أنني أحب السيد يا آنسة كيندي , وألا ما بقيت معه , أعطيته جرعة الدواء وسوف يتحسن , ولكن هذا يستغرق بعض الوقت".
" كم من الوقت يستلزمه ذلك؟".
وتنهدت عندما أبدى جوزيه تعبيرا متعاليا وقالت:
" هل جففت العرق الذي يبلل جسمه ؟ هل غيرت الملاءات؟".
" بالطبع يا آنسة كيندي , لقد غيرت الملاءات هذا الصباح".
وأمسكت جولي الملاءة , فوجدتها رطبة , وحرارة مانويل مرتفعة فقالت :
" أعتقد من الأفضل تغيير الملاءة من جديد ".
" حسنا سوف أفعل ذلك".
" سوف أساعدك".
وتأوه مانويل فجأة وقال :
" جوزيه؟ هل ذهبت ألى متجر فوردهامز ؟ هل رأيت جولي؟".
" نعم يا سيدي , وأبلغتها رسالتك".
" حسنا".
وفتح مانول عينيه برهة ثم أغمضهما من جديد .
نظرت جولي ألى جوزيه الذي هزّ كتفيه وقال :
" أنه يفيق من حين ألى حين , ولكنه يفقد وعيه عندما تلازمه الحمى".
وهزت جولي رأسها معربة عن عدم رضاها , وأتجهت ألى الباب الذي أعتقدت أنه يؤدي ألى الحمام , وعثرت فيه على قطعة من الأسفنج , ففتحت حنفية الماء البارد , وبللتها وعصرتها ثم عادت بها ألى غرفة النوم, ووضعتها على جبين مانويل , كانت باردة كالثلج فتحرك مانويل من مكانه لحظة.

نيو فراولة 07-09-10 11:32 PM

وضغط جوزيه على شفتيه وقال :
" يجب ألا تتدخلي في عملي يا آنسة كيندي , أرجو أن تغادري الغرفة , حتى أغير الملاءة ".
" سوف أساعدك".
" طلا!".
ورمقته جولي في دهشة :
" لم لا أساعدك؟ أستطيع أن أعاونك بكل تأكيد !".
" كلا! فلن يروق ذلك للسيد".
" حسنا".
وخرجت جولي ألى غرفة الجلوس وأغلقت الباب .
ومرت بضع دقائق , ثم خرج جوزيه وقال :
" لقد أنتهيت من تغيير الملاءة , والسيد ينام الآن".
وعقدت جولي حاجبيها وقالت:
" أعتقد أنك تتوقع أنصرافي الآن ".
" الأمر متروك لك يا آنسة كيندي ,فلن يتعرف عليك السيد في هذه الليلة".
" هل يمكنك أن تقدم لي شطيرة أذا بقيت؟ فلم أضع شيئا في فمي منذ أن تناولت وجبة الغداء".
وهز جوزيه كتفيه بأزدراء واضح , وسار في أتجاه المطبخ بعد أن قال:
" حسنا".
ودخلت جولي ألى غرفة النوم من جديد , ووجدت مانويل مستغرقا في النوم كما قال جوزيه , وبدا أصغر سنا , جلست في مقعد منخفض بجوار السرير وأخذت تراقبه , شعرت بلذة مشوبة بالألم وهي أمامه , فهو قريب منها وبعيد عنها في نفس الوقت , وبدت درجة حرارته أقل الآن , وكان جوزيه قد أبعد قطعة الأسفنج ووضع مكانها كيس ثلج لا بد وأنه كان في الغرفة , ولكنها لم تره.مسكين جوزيه لا شك أنها قلبت برنامجه رأسا على عقب.
عاد جوزيه وهو يحمل صينية وأشار أليها بيده أن تخرج ألى غرفة الجلوس لتأكل , ونهضت جولي وهي تتنهد لتنفذ طلبه.
ووجدت على الصينية نصف دجاجة وطبق سلاطة وبعض الخضر وشرائح من البطاطا المحمرة , كما وجدت أيضا كعكة بالفاكهة الطازجة والمثلجات , وصاحت بدهشة :
" جوزيه! لم أتوقع كل هذا الطعام , أنني آسفة جدا , فلم يكن ما يدعو ألى كل هذا التعب".
وأبتسم جوزيه وقال :
" ذلك أقل ما يمكنني فعله يا آنسة كيندي , أرجو أن يعجبك الطعام , وأن تناديني عندما تنتهين حتى أقدم أليك القهوة".
وفتح جهاز التلفزيون وهو في طريقه ألى الخروج من الغرفة , وأخذت جولي تراقب البرامج وهي شاردة الذهن , وعندما عاد أليها جوزيه بعد أن أنتهى من غسل الأطباق سأل:
" هل أستطيع أن أطلب منك خدمة يا آنسة كيندي؟".
" بالطبع يا جوزيه , ماذا تريد؟".
" تواعدت وصديق لي على الخروج اليلة , وكما ترين لا أستطيع , فهل تستطيعين الذهاب أليه لتبلغيه رسالة مني , المكان الذي أتفقنا على اللقاء فيه لا يبعد كثيرا عن المنزل , ولا أريد أن أتركه ينتظرني في الشارع".
وعقدت جولي حاجبيها وقالت:
"لم لا تذهب أليه يا جوزيه؟ يمكنك أن تفعل ذلك بسهولة , فسوف أبقى هنا ساعة أو أكثر , حافظ على موعدك معه , في أية حال ليس ثمة ما يمكن أن تعمله للسيد كورتيز , فمن المرجح أنه سينام بعض الوقت كما تقول".
وظهرت الدهشة على وجه جوزيه , وبدا واضحا أنه لم يفكر في هذا الحل , وربما رأى أن عليه التخلص من جولي وأبعادها عن المنزل , فقال:
" لا أدري , فقد يحتاج السيد ألى........".
قالت جولي بحزم:
" هراء ! أنني أبنة طبيب وعلى علم بمبادىء الأسعافات الأولية , وأنا على يقين من أنني أستطيع مواجهة الأحتمالات".
وهز جوزيه كتفيه وقال:

" حسنا يا آنسة كيندي, سوف أذهب ألى صديقي , ولكنني لن أمكث طويلا , سأعتذر أليه فقط ثم أعود, ولا أعتقد أن ذلك سيستغرق أكثر من نصف الساعة".
وأبتسمت جولي وقالت:
" أفعل ما يروق لك , فأنني لن أسرق الأواني وألوذ بالفرار".
وأبتسم جوزيه هو أيضا وقال:
" هل أةصيك بذلك؟ أنني آسف و وأشعر بقلق كبير بشأن السيد , هل تفهمينني؟".
" بالطبع , وأنصحك أن تخرج مع صديقك يا جوزيه , فلا يهمني أن أمكث وحدي بالشقة".
وقال جوزيه ببطء:
" ربما فعلت ذلك , سوف أذهب لأرتداء معطفي".

نيو فراولة 08-09-10 12:41 AM

وبعد خروجه شعرت جولي بالأسترخاء الكامل , وأسعدها أن تتصور أنها صاحبة الدار لبعض الوقت على الأقل و ورقدت على الأريكة وأمسكت بكتاب عش وأترك الآخرون يموتون , للروائي ( أيان فلمنغ) , الذي وجدته على أحد رفوف المكتبة , وأخذت تقرأ فيه , وأحست بالدفء والنعاس , كما أسعدها أن تشعر أنها على مقربة من مانويل.
ويبدو أن النعاس قد غلبها , فأستغرقت في النوم , أذ أستيقظت على جرس الباب وشخص ما يطرق على الباب بعنف , وتركت الأريكة بسرعة وبدون أن تلبس حذاءها وأتجهت ألى الباب متوقعة أن تجد جوزيه , غير أنها دهشت أذ رأت أمرأة واقفة , كانت مخلوقة قصيرة القامة , ناعمة جميلة ,لها شعر أحمر ذهبي وعينان سوداوان لامعتان , عينان أسبانيتان كما قال بول , لا بد أنها دولوريس أريفيرا !
وكانت دهشة جولي كبيرة لا تفوقها ألا دهشة دولوريس أريفيرا نفسها , التي رمقتها بنظرة وقحة وتفحصت ملابسها غير المرتبة , ثم نحتها جانبا ودخلت الشقة وسألت:
" مانويل! أين مانويل؟".
وشبكت جولي أصابعها وقالت بشيء من الحرج :
" أنه في السرير , فهو مريض".
" مريض! مانويل؟".
وشدت دولوريس أريفيرا المعطف حول جسمها وأتجهت مباشرة ألى باب غرفة نوم مانويل , وأدركت جولي وقد خانتها شجاعتها أن دولوريس تعرف مكان غرفة مانويل.
ومدت جولي يدها ألى الأمام وقالت:
" أرجوك , أنه نائم , لا توقظيع ....كنت أرقد على الأريكة فغلبني النوم".
منتديات ليلاس
توقفت دولوريس لحظة , ووضعت يدها على مقبض الباب قائلة بصوت لاذع:
" من أنت؟".
" جولي كيندي, أعتقد أنك الآنسة أريفيرا , أليس كذلك؟".
" هل حدثك مانويل عني؟".
" كلا ....... أنا أعرف".
أبتسمت دولوريس أبتسامة صفراء وتركت مقبض الباب وسارت عدة خطوات في أتجاهها وقالت بصوت حاد:
"وما سبب وجودك هنا؟ هل أنت الممرضة؟".
أحمر وجه جولي وأجابت:
" كلا , رغب جوزيه في الخروج , فأخبرته أنني أستطيع البقاء هنا ".
" أحقا ذلك؟ أنت صديقة جوزيه أذا؟".
" يمكنك أن تعتقدي ذلك , أقترح أن تأتي غدا أذا أردت مقابلة سيد كورتيز ".
" أتعتقدين ذلك؟".
وفتح باب غرفة النوم فجأة ووقف مانويل بجانبه وقد أرتدى رداء منزليا من الحرير الكحلي , قال وهو يترنح بضعف:
" لم هذه الضوضاء ؟ دولوريس! جولي! لماذا جئت ألى هنا؟".
وجرت دولوريس أليه أحتضنته وهي تتمتم بحنان:
" يا حبيبي , هل أنت مريض؟ لماذا لم تخبرني بمرضك؟ لو عرفت لأسرعت أليك لأمرضك".
وألتقت عينا مانويل بعيني جولي من فوق رأس دولوريس , وبرغم أن نظرته كانت جامدة نتيجة الحمى التي يعاني منها , ألا أن جولي أيقنت أنه سعيد برؤيتها , وأزاح بضعف دولوريس بعيدا عنه وقال:
" أرجوك يا دولوريس , أين جوزيه؟".
قالت جولي :
" ذهب لمقابلة صديق له , وأبلغته أنني سوف أنتظر حتى يعود ".
وأتجهت دولوريس أليها وقالت :
" حسنا , هذا لم يعد ضروريا! فقد جئت الآن , وسوف أقوم بتمريض مانويل المسكين".
وهز مانويل رأسه وقال :
" كلا , أذهبي أنت يا دولوريس , لماذا حضرت ؟ لقد أنتهى كل شيء بيننا".
وأرتجفت جولي , فلو أن مانويل تحدث أليها بهذه اللهجة لماتت من شدة الأسى , ولكن كان واضحا أن دولوريس أعتادت تلك اللهجة فلم تتحرك شعرة منها ,بل نظرت بسخرية وقالت:
" أرى أنك لا تزال غاضبا مني ولكنك ستنسى..... سوف أنصرف الآن ولكنني سأعود!".
وضحكت قليلا فرمقها بنظرة باردة , وأتجهت ألى الباب ببطء ثم ألتفتت ورمقته بنظرة ساخرة.
وعندما أدار مانويل وجهه , أسرعت ألى الخارج غاضبة وصفقت الباب وراءها ,ثم مال مانويل على باب غرفته .
وقد بدا عليه الوهن , فأندفعت جولي نحوه بدون تفكير وأحاطته بذراعها حتى يستند أليها وقالت:
" يجب أن تعود ألى السرير , فما كان ينبغي أن تغادره أصلا".
وقال مانويل بصوت جاف:
" لست مريضا ألى هذا الحد".
غير أنه أتكأ عليها بينما أتجهت به ألى السرير حيث كانت الملاءة غير مرتبة ,وساعدته على الجلوس بجوار السرير وقالت:
" سوف أصلح الفراش حتى تشعر براحة أكثر".

نيو فراولة 08-09-10 12:53 AM

وهز مانويل كتفيه ولكنه لم يعترض ثم ساعدته على اوقوف وقالت :
" أخلع الرداء".
ونظر أليها وكاد يضحك وقال:
" أعتقد من الأفضل ألا أفعل ذلك".
وأحمر وجه جولي وقالت:
" تعني....... أنت".
وفهمت سبب رفض جوزيه أن تساعده في تغيير الملاءة , وقالت :
" في أية حال ألى السرير".
وأطاع مانويل أمرها وتابعت جولي:
" لن يطول غياب جوزيه , هل تريد شيئا".
وتمتم بصوت خافت وهو يجذبها أليه:
"أ نت".
وأحست بدفء يديه وبالحنين أليه , فذلك هو مانويل وهاتان العينان المتسلطتان عيناه و أن أحدا لم يعانقها كما يفعل مانويل , وقاومته بشيء من التردد ثم قالت:
" يجب أن تستريح ,هذا جنون".
" أنني مستريح وأنت مخطئة يا جولي فهذا ليس جنونا".
ووضعت راحتيها على وجنتيها وتمتمت:
" يجب أن أذهب".
منتديات ليلاس
أنتبهت جولي فجأة ألى أنهما وحدهما في الشقة وأنها تحت رحمته , فهل يتمالك نفسه مثلما فعل في الأسبوع الماضي فيتركها تغادر المكان ؟ كانت قد تصرفت بغباء عندما حضرت أليه , فهو يجذبها كما يجذب النار الفراشة , ولا تستطيع مقاومته.
وشدّها أليه ثانية وتمتمت وهي تعترض بضعف وأذا باباب يفتح ويقف به جوزيه وقد أحمر وجهه.
وصاح وهو يضع يده على فمه :
" آسف يا سيد , أعتقدت أن الآنسة كيندي قد غادرت الشقة".
ونهضت جولي واقفة , وأدركت أن جوزيه يرمقها بحذر , ترى ما هو هذا الشيء في مانويل الذي يجعلها تتناسى كل مخاوفها اطبيعية وتتصرف بمثل هذا الشكل؟
ووقف مانويل وقال بشيء من السخرية:
" لقد تصرفت تصرفا سليما يا جوزيه , فمن المرجح أنك منعتنيمن عمل كنا سنندم عليه".
ونظر ألى جولي برهة ثم تنهد وقال:
" لقد حان وقت عودتك ألى منزلك".
ثم أتجه ألى جوزيه وقال :
" أخرج السيارة وأصطحبها ألى منزلها".
" نعم يا سيد".
وقالت جولي وهي تهز رأسها:
" لا داعي لذلك , من الأفضل لي أن أركب الباص وأستطيع أستنشاق بعض الهواء".
وخرجت مسرعة من غرفة النوم وأرتدت معطفها , ولم تنتظر لتسمع الرد بل جرت ألى خارج الشقة وهي تقول:
" وداعا".
وجرت حتى محطة الباص وركبت أول سيارة بدون أن تستفسر عن وجهتها , وأخيرا أدركت أنها في شارع مارنغتون وأنها تبعد أميالا عن منزلها.

نيو فراولة 08-09-10 02:59 PM

5- حبيبتي الحمقاء

أحست جولي بتعب شديد في الصباح يوم الأربعاء بعد ليلة من الأرق , ولاحظت الفتيات في المتجر شجوب وجهها وتوتر أعصابها الذي بدا في حركاتها القلقة , غير أنهن أمتنعن عن أبداء أية ملاحظة , وشعرت جولي بالأمتنان أزاء هذا التصرف , فقد أثارت فضولهن , ولكنهن تصورن أن أكتئابها يرجع ألى ما عرفته دونا , وهو أن جولي رفضت موعدين لبول , فأعتقدن أنها أختلفت معه وأن ذلك قد أحزنها , وتوقعت صلحا وشيكا بينهما ينتج عنه أعلان خطبتهما , وكان ذلك أبعد ما يكون من الحقيقة.
وفي مساء يوم الأربعاء , قررت جولي الذهاب رأسا من المنجر ألى سامنتا كما أعتادت أن تفعل وأن تبلغ أبويها ذلك بالتلفون , فسوف يريحها أن تقضي بعض الوقت مع صديقة تعرف كل شيء عن علاقتها بمانويل , بدون الحاجة ألى التهرب من الأسئلة والسكوت المحرج.
وبعد تناول وجبة شرب بنديكت وسامنتا وجولي القهوة في غرفة الجلوس , وجلسوا على مقاعد منخفضة مريحة بجانب مدفأة كهربائية , فأحست جولي بالدفء والأسترخاء.
وتفحصها بن بعمق ثم قال :
" تقول سام أنك تعرفين مانويل كورتيز ".
وقالت جولي وهي تتنهد :
" بالفعل , هل تعرفه ؟".
" يا ألهي ! كلا! بل أثارت سام فضولي بشأن رأيك فيه".
ثم هز كتفيه وتابع:
" يا عزيزتي جولي! أنني أنظر ألى كل شيء من خلال فرشاة رسمي , وقد خطر ألى أن وجه مانويل كورتيز من النوع الذي أحب أن أرسمه , فهناك شيء ما في وجهه .....لا أستطيع تحديده بالضبط غير أنني أتخليه واحدا من غزاة الأسبان أو مصارعي الثيران من يدري!".
وقالت سامنتا :
" ما لنا ومناقشة هذا الموضوع الآن ! لقد قلت لك ........".
وقالت جولي وهي تبتسم :
" لا تقلقي يا سامنتا ! فلن أنهار , والواقع أنني أحس براحة كبيرة في الحديث عن مانويل , فقد قل الألم الذي شعرت به طوال االيوم ".
منتديات ليلاس
في بداية اليوم شعرت بأنه سيحاول الأتصال بها , فهو يعلم أين تعمل كما يعرف عنوان مسكنها ,وأذا لم يستطع الأتصال هو نفسه فأن جوزيه يستطيع أن يفعل ذلك , غير أنها أيقنت الآن أنه لن يفعل , وواصلت حديثها قائلة:
" أعرف ما تعنيه , تعرفت على رجال عديدين يتسمون بالوسامة ,ولكن مانويل يتميز بما يفوق مجرد الشكل الجميل , وأرى أنك على حق و فأنه يتصف بهيمنة من نوع ما ".
وعقدت حاجبيها وأضافت:
" لم تكن حياته سهلة , غير أنه أنتصر وقد لا يستطيع أحتمال الخسارة الآن ".
وقالت سامنتا :
" أنه لا يبدو على هذا النحو , رأيت فيه دائما رجلا كبير الثقة في نفسه".
وقال بنديكت بلهجة حادة :
" هو كذلك , غير أنه ليس من السهل أن يصل شخص من بيئته ألى ذيوع الصيت في هذه السن المبكرة".
وعلّقت سامنتا على الحديث قائلة:
" أنكما مملان , ثم أنك لا تحتاج ألى نموذج موديل للصور من النوع الذي تشهد أليه , فهناك صور عديدة رسمت بالفعل للأسبان المتعالين".
وهزّ بنديكت رأسه وقال :
" يا لك من حمقاء يا حبيبتي , أن كل صورة أرسمها ملكي , تحمل توقيعي وتكشف عن شخصيتي ألى حد ما , أنني أرسم ما أرى , وأنا أرغب في رسم كورتيز".
وقالت سامنتا بزهو:
" لن يحالفك الحظ , فأن كورتيز سيغادر ألى الولايات المتحدة غدا , قرأت ذلك في صحيفة ستاندرد لهذا المساء".
وأصفر وجه جولي وأنقبض قلبها , وكادت كلمات سامنتا أن تصيبها بالشلل من فرط ألمها , لا يمكن أن يحدث هذا , لا يمكن أن يغادر البلاد بدون أن يتصل بها!
كانت الأضاءة خافتة بالغرفة فلم يلاحظ بنديكت وسامنتا أضطرابها , مما أراح جولي , فهي لن تحتمل تعاطفهما كما لا تستطيع أن تتصوّر العودة ألى منزلها في المساء لتستأنف حياتها وكأن تغييرا لم يحدث في حياتها.
وسألتها سامنتا أذا كانت تريد مزيدا من القهوة , وأومأت جولي برأسها , أن قدحا من القهوة وسيكارة يمكن أن يعطياها القوة اللازمة لمغادرة الشقة بدون أن تجهش بالبكاء.
وفي مساء يوم الخميس , شاهدت جولي على شاشة التلفزيون مانويل وهو يغادر مطار لندن , وذكر المعلق أن كورتيز ألغى بعض عروضه في الأسبوع الماضي نظرا لأصابته بفيروس ,وأنه يأمل بالعودة في فترة لاحقة من هذا العام ليفي بألتزامتاته.
وتألمت جولي عندما رأته يصعد ألى سلم الطائرة , ثم يلوح بيده لمجموعة من المعجبين الذين جاءوا ليودعوه , وبدت كأنها لا تصدق , ولا تتصور أنها كانت بين ذراعيه , وأخذت تتذكر كلامه الدافىء وأهتمامه بها........ لا فائدة من أن تقول لنفسها أنه لم يكن حسن النية , فتلك كلمات قديمة لا تساير العصر , كانت علاقتهما حلقة في حياتها سوف تختفي من الواقع وكلما قبلت هذه الحقيقة بسرعة كلما كان هذا أفضل.

نيو فراولة 08-09-10 03:30 PM

وعاد بول بانستر , الذي لم يعرف شيئا عن علاقتها بمانويل كورتيز ,دخل حياتها من جديد , ولم توجه لها أمها أسئلة غير ضرورية عندما أصبح واضحا أن جولي لم تعد تخرج مع رجل آخر , فقد تفهمت الوضع منذ البداية , وكانت سامنتا وحدها هي التي عرفت حقيقة الوضع غير أنها تجنبت الحديث فيه .
وبعد ثلاثة أسابيع أكتشفت جولي أن حياتها أكتسبت من جديد شكلا طبيعيا , ففي غياب مانويل , أصبح بول مرة أخرى شابا لطيفا , وأدركت جولي أنها تستطيع ,أذا بذلت مجهودا كبيرا , نسيان مانويل وهي في صحبة بول , فهي شابة ويمكنها بما لها من مرونة الشباب , التغلب على حالة الأكتئاب التي من شأنها أن تحطم حياتها وتقضي على جمالها.
وأقترب موعد عيد الميلاد , وأنشغل العاملون في المتجر بأقامة الزينات ,وذهب بول وجولي ألى الحفلات الراقصة والدعوات وأعد الترتيبات لقضاء ليلة العيد.
منتديات ليلاس
فقد أتفق بول وجولي على قضاء اليوم في صحبة سامنتا وبنديكت , بينما أحتفل أفراد أسرتهما بالعيد سويا , وقالت جولي لسامنتا أنها تتصرف تصرفا أحمق أذ تقيم حفلا بمنزلها يوم العيد , في حين أن موعد ولادتها كان اليوم التاسع والعشرين من دسمبر , ولكن سامنتا ضحكت وهزّت كتفيها وقالت أنها لا تريد أن تقضي يوما كئيبا في أنتظار يوم الولادة , ولم تستطع جولي أن تثنيها عن رأيها , وعلى كل حال حدث شيء وهي عند سامنتا تستطيع على الأقل مساعدتها ., وهكذا قضت جولي يوم عيد ال
غير أن سامنتا لم تنتظر مرور يوم العيد لتضع طفلها , بل وضعته في ليلة عيد الميلاد , في مستشفى سانت ديفيد للولادة , وشاهدت لأول المولود , وشعرت بألم في معدتها وهي تنظر ألى وجه المولود الصغير الذي أمسك بأصابعه الصغيرة القوية أصابعها ,وفكرت أنه شيء رائع أن تتزوج الفتاة من الرجل الذي تحبه وأن تنجب طفله.
وقالت سامنتا التي كانت منهمكة في قراءة برقيات التهنئة :
" ما بك يا عزيزتي , مرّت ستة أسابيع على سفر مانويل كورتيز ألى الولايات المتحدة ,ولا أتصور أنك لا تزالين تفكرين فيه".
وأعتدلت جولي في جلستها وهزت كتفيها وأجابت:
" أنني أفكر به في بعض الأحيان , أنا أحسدك يا سام , فعندك كل شيء , لا بد أنك في غاية السعادة".
" أنني سعيدة بالفعل".
ونظرت سامنتا بقلق ألى صديقتها وقالت:
" أن الأمر يقتضي حسم الموقف , تزوجي من بول , فلو تزوجت وأنجبت أطفالا فستنسين مانويل كورتيز ".
" أن هذا غير أكيد , لا أستطيع أن أخدع بول وأتزوجه لأكتشف بعد بضعة أعوام أنني أرغب في الطلاق".
" هذا صحيح , حسنا أذا , ربما تحتاجين ألى تغيير للبيئة , لم لا تغيرين عملك؟ لم لا تبحثين عن عمل يتصل بالأطفال ؟ فأنت دائمة القول بأن ذلك ما تريدينه , ويمكنك أيضا أن تتدربي على التمريض , فهناك نقص في عدد الممرضات".
وهزّت جولي رأسها وقالت:
" لا تكوني حمقاء يا سامنتا , أنني على ما يرام , وأتوقع أن أتزوج بول يوما ما , ولكنني لن أفعل ذلك الآن , فلا أريد أن أرتبط بهذه السرعة".
وردت سامنتا:
" لو كنت تحبين لرغبت في الزواج منه غدا".
أجابت جولي:
" هذا كلام غير واقعي".
وهزّت سامنتا كتفيها وقالت:
" ربما".
ثم غيرت الموضوع.
كان بول قد أشترى لجولي سوارا من الفضة بمناسبة عيد الميلاد وساور جول الشك في سلامة قبولها هذه الهدية , غير أن سعادته بمفااجأتها , أبعدت عنها هذه الأفكار , فشكرته بحرارة ,ووضعت ذراعيها حول عنقه وقبلته قبلة سريعة.
أما هي فقد أشترت له بعض الأسطوانات وأستمعا أليها في ظهر يوم عيد الميلاد.
وأحست جولي بالهدوء التام وهالها أن يقول بول لها بصوت خافت :
" جولي , لم لا نتزوج في الربيع المقبل؟ لا يوجد أي سبب لتأجيل ذلك و دخلي يكفي شقة مناسبة لنبدأ حياتنا".
ردت جولي بشيء من الحرج:
" بول! تعرف أنني أستلطفك ,غير أنني لست واثقة من حبي لك".
ووضع بول ذراعه على كتفيها وأدارها أليه وقال :
" لماذا؟ ما هي المشكلة التي تواجهينها؟ يمكننا مناقشة هذا الموضوع نظرا للعلاقة الطويلة بيننا".
وقالت جولي وقد بدا الشك في صوتها :
" لا أعتقد ذلك . هل كانت لك ........ أعني.......هل كانت لك في يومما علاقة بأمرأة أخرى؟ يا ألهي! لقد أسأت التعبير بول! هل رغبت في أمرأة بدون أن تريد الزواج منها؟".
ونهض بول فجأة وقال:
" جولي!".
تابعت جولي وهي تتنهد :
" هل حدث ذلك؟ يا بول! لا شك تستطيع أن ترى أنني لا أسألك بدافع الفضول ".
" لماذا تسألين أذا؟".
" يهمني أن أعرف ذلك".
" حسنا أذا , فقد أجتذبتني النسلء قبل أن أعرفك , غير أنني منذ عرفتك لم أفكر في سواك , لم هذا السؤال ؟ هل أجتذبك رجل آخر؟".
وأحمر وجه جولي وقالت :
" أن الرد على هذا السؤال ليس بالأمر السهل ولكن العلاقة بيننا كانت دائما ......علاقة الزميل بالزميلة , وقد تساءلت في الفترة الأخيرة عما أذا كنا قد أنحرفنا ألى شيء لم لم يكن موجودا أصلا!".
وقال بول بدهشة :
" جولي ! أنا واثق من شعوري نحوك!".
" كيف يمكنك أن تكون واثقا من ذلك؟".
" أن لنا ميولا مشتركة , أن كلا منا يريد منزلا وأسرة ,أن لنا أحلاما مشتركة كثيرة.....".
" هل هذا هو الحب؟ أعني أن تأسيس منزل وأسرة يستوجب أكثر من مجرد الصداقة بين شخصين , كيف تستطيع أن تتأكد من أننا سنكون سعيدين".
وبدا الضجر على بول الذي قال:
" أنك مزعجة يا جولي , ربما لأنك مرهقة قليلا ........فلم يسبق أن تحدثت من قبل بهذا الشكل ,وأنا من ناحيتي لا أرغب في مواصلة الكلام".

نيو فراولة 08-09-10 03:59 PM

وأحنت جولي كتفيها , فلم تكن تريد أزعاجه , بل كانت ترغب في زواج يدوم مدى الحياة كلها , ولم تكن تريد أن تتزوج ثم تضطر ألى طلب الطلاق لعدم وجود تكافؤ بينها وبين بول , فهناك علاقة حب تربط بين أبويها بعد مضي خمس وعشرين سنة على زواجهما وهي تعتزم أن يكون زواجها على هذا انحو.
ونهض بول واقفا وقال بقلق:
" لماذا الحديث على هذه الصورة في هذا اليوم بالذا ؟ لقد أخبرت والدي أنني سوف أعرض الزواج في هذه الليلة , ولا بد أنهما قد أخبرا والديك بذلك".
" بول , ما كان يجب أن تفعل ذلك".
" لماذا؟ كيف لي أن أعرف أنك سوف تتصرفين كفتاة مراهقة؟ لقد تصورت أنك في نفس حماسي".
وهزّت جولي رأسها وقالت:
" بول لا أستطيع الرد عليك الآن , قد أكون أصبت بشيء , غير أنني قد أتغلب عليه , في أية حال لا يمكنني الموافقة على الزواج منك الآن , فأذا رأيت أنك لا تقبل تأجيل ردي تستطيع أن تقترن الآن وينتهي الأمر فليس من الصواب أن تنتظر أن تأخذ قرارا , أن لك مطلق الحرية في أن تعيش حياتك على النحو الذي تريده , وسوف أتفهم الأمر أذا رغبت في أن نفترق الآن".
وضغط بول على شفتيه وقال :
" جولي! جولي! لا أريد أن نفترق , فأنت الفتاة الوحيدة في حياتي , أنت تعلمين ذلك , وسوف أنتظر حتى تصلي ألى قرار".
منتديات ليلاس
شعرت جولي بالندم لما أقدمت عليه , ونهضت واقفة ووضعت ذراعها في ذراع بول وقالت:
" بول أنني شديدة الأسف ! ليتني أستطعت أن أجيبك ألى طلبك".
" سوف تفعلين بعد قليل , أنني واثق من ذلك".
وأومأت جولي برأسها غير أنها تمنت لو كانت لها نفس الثقة وتمنت من كل قلبها لو أنها هي وبول لم يحضرا الحفل الراقص , كما تمنت لو أنها لم تقابل مانويل كورتيز , لولا أثره المزعج لتزوجت بول في الربيع القادم ,وكان يمكن أن يكون لهما طفل بعد عام آخر , وهكذا تستطيع أن تنعم بالسعادة التي تتحقق بعد أن تصبح أما.
وأنحنى بول وعانقها فأستجابت له بحرارة لأنها كانت ترغب في أن تعود علاقتهما ألى ما كانت عليه من قبل.
قضت سامنتا ثلاثة أسابيع بالمستشفى وأبان هذه الفترة عادت العلاقة بينها وبين جولي ألى ما كانت عليه قبل زواج سامنتا وكانتا قد تباعدتا قليلا بعد زواج سامنتا من بنديكت , كان عمل بنديكت يحول دون قضائه وقتا طويلا مع سامنتا في المستشفى ,لذلك أتجهت أكثر فأكثر ألى جولي , مما أتاح لجولي الفرصة للأبتعاد عن بول , وقصّت على سامنتا ما حدث بينها وبينه , وحاولت سامنتا جاهدة أن تصل ألى حل لمشكلة جولي وقالت:
" لعتة الله على مانويل كورتيز , فهو يشكل العقبة الحقيقية , أليس كذلك؟".
" أعتقد ذلك".
" هل تعرفين رأيي؟ عليك أن تقابلي مانويل كورتيز مرة ثانية حتى يتبدد الجو الأسطوري السحري الذي تحيطينه به؟ كم مرة ألتقيت به؟ أربع مرات؟ لا شك أنك لا تعرفينه جيدا , أعني أن المرء يرى مثل هذه المواقف بحجم أكبر من حجمها الطبيعي . فقد بدا لك في صورة الأمريكي اللاتيني الخلاب وأفقدك رشدك".
وأبتسمت جولي وقالت:
" هذا غير صحيح يا سامنتا ,وأنت تعرفين ذلك, ذلك أن بنديكت نفسه قال أنه رجل جذاب, أوه ...... دعينا ننساه".
وغيّرتا موضوع الحديث , ولبضع أسابيع , نسي الموضوع قرب نهاية شهر يناير , وفي مساء أحد الأيام أبلغت سامنتا صديقتها خبرا مثيرا.....
" لن تصدقي يا عزيزتي ما سوف أقوله لك ! فقد أتيحت لبنديكت فرصة ألقاء محاضرات في الولايات المتحدة لمدة ستة أسابيع , أليس ذلكرائعا؟ والمصروفات مدفوعة بما في ذلك النفقات الخاصة بي وبتوني".
كان توني هو الطفل الجديد.

dalia cool 08-09-10 04:00 PM

مرسي يعطيكي العافية ننتظرك

نيو فراولة 08-09-10 05:10 PM

" رائع أن هذا ما تحتاجين أليه بعد الولادة".
" أعرف ذلك يا عزيزتي".
ثم نظرت أليها وقالت:
" ما رأيك لو سافرت معنا؟".
وقالت جولي وهي في غاية الدهشة:
" أنا؟ ليست لي أمكانيات مادية تسمح لي بالقيام بمثل هذه الرحلة!".
" أعلم ذلك , غير أنني أعتقد أنك تستطيعين أن تجعلي منها رحلة عمل , فسوف أحتاج لمن يرعى توني أذا خرجت مع بن , ثم هناك غسيل ملابس الطفل وما ألى ذلك , وأنت دائمة القول بأنك تحبين العمل المتصل بالأطفال , فهذه فرفصتك".
وهزت جولي رأسها وقالت وقد وضعت يدها على عنقها:
" فرصة هائلة ! ولكن لن أستطيع أن أقوم بهذا العمل..... أقصد أنني لا خبرة لي في العناية بالأطفال".
" كذلك أنا لم أكن على دراية بذلك , ألا أنني سرعان ما أكتسبت الخبرة اللازمة , وبصراحة أنا أفضّلك على شخص غريب أرجوك أن تفكري في الموضوع".
ولكن جولي هزت رأسها مرة ثانية وقالت:
" أنني آسفة يا سامنتا , فأن الفكرة غير معقولة".
" لماذا؟ فسوف ندفع لك راتبا صغيرا كما سيدفع نفقات أقامتك بالطبع , السفر سيعطيك فرصة للأبتعاد عن بول بانستر ومن ثم ستعرفين أذا كانت مشاعرك نحوه كانت صادقة فعلا أم أنها تتبلور في عاطفة جامحة".
كانت الفكرة مغرية للغاية , فجولي تتوق ألى تغيير بيئتها لفترة قصيرة,لكنها قد تفقد عملها , وعندما ذكرت ذلك لسامنتا قالت لها:
" أعتقد أنك تستطيعين العودة ألى عملك بعد عودتك , ثم أنك قد ترغبين في تغيير عملك , فالتغيير مفيد تماما مثل الراحة , وبصراحة لقد بدأت تبدين مرهقة".
" تعلمين أنني أريد أن أقبل عرضك يا سام..... ولكنني سوف أناقش العرض مع والديّ , هل توافقين؟".
منتديات ليلاس
ودهشت جولي لموافقة أبويها على سفرها مع أسرة باولو وقال أبوها:
" أنك مكتئبة منذ فترة , ربما يرجع ذلك ألى بول , فهو شاب لطيف , غير أنه لا يهملك بل يضغط عليك حتى توافقي على طلبه , لذلك قد يكون من الأفضل أن تبتعدي عنه لفترة من الزمن".
وأقرّت أمها رأيه أذ قالت:
" أنت يا حبيبتي في الواحدة والعشرين فقط من عمرك , في حين أنني لم أتزوج أباك ألا بعد أن بلغت الرابعة والعشرين".
وأبتسمت جولي وقالت:
" أعتقدت أن الفكرة لن تروق لكما , هل تعتقدان بصدق أنني أستطيع العناية بتوني؟".
وضحك أبوها وقال:
" يا حبيبتي , أن كل أم جديدة تلد طفلها الأول تنقصها الخبرة في رعاية الأطفال".
وضحكت جولي هي أيضا وقالت:
" سوف أفكر في الموضوع ,فلن يغادرا البلاد ألا بعد عدة أسابيع ".
وبعد أيام كاد قلبها يتوقف وهي تشاهد التلفزيون مع أبويها , أذ شاهدت على الشاشة مانويل كورتيز , فقد وصل ألى مطار لندن بينما أمسكت بذراعه أجمل فتاة شاهدتها جولي في حياتها , وقد بدا لى وجهها الأحساس بالتملك وهي تنظر ألى مانويل وأبتسمت ببطء وحرارة لشيء قاله لها.
وقال المعلّق أن كورتيز عاد ألى لندن ليفي بألتزاماته التي أضطر ألى ألغائها بسبب مرضه في العام الماضي , غير أن جولي لم تستمع لما قاله فقد كان أهتمامها كله مركزا على مراقبته ومشاهدة الأبتسامة التي ألفتها..... وقدرته على توزيع سحره وعجرفة جسمه النحيل......
وأنقبض قلبها وأدركت أن أمها تراقبها بشيء من الفضول , وتمالكت نفسها وأسترخت على مقعدها محاولة أن تبدو هادئة رغم أضطرابها لرؤية مانويل مع هذه الفتاة , غير أن جولي أدركت أن أمها لا بد خمّنت حقيقة أمرها.
وفي المساء حضر بول ألى المنزل ولعب معهم البريدج ولكن جولي أدركت أنها أرتبكت عدة أخطاء أثناء اللعب وأن بول لم يكن مسرورا منها.

نيو فراولة 08-09-10 08:33 PM


6- حدث يشبه الوداع


وفي اليوم التالي كانت جولي قد تمالكت نفسها ,وسرها ألى حد ما أن رأت المرأة مع مانويل , فقد أوضح لها ذلك أكثر من أية كلمات , يلوكه الخلقي أتجاه النساء .
كانت مارلين هي أيضا قد شاهدت التلفزيون , وقالت :
"جولي! هل شاهدا مانويل كوؤتيز ؟ لقد عاد ألى أنكلترا!".
هزت جولي كتفيها وكأنها لا تعبأ بما تسمع وقالت:
" يعود أو لا يعود الأمر لا يهم".
ورمقتها مارلين بنظرة ذات مغزى وقالت :
" يا عزيزتي جولي , أنك بكل تأكيد لست على هذه الدرجة من عدم الأكتراث , أنا أعرف أنك رفضت الخروج معه غير أن ذلك كان من أجل بول بانستر".
" لماذا هذه الضجة؟ أن بول يساوي أربعة من أمثال مانويل كورتيز ".
وضحكت مارلين وقالت :
" لا بد أنك تمزحين , في أية حال لم أكن أعرف أن بول أصبح هاما ألى هذا الحد , ماذا حدث؟".
وأمتنعت جولي عن الرد فلم ترغب في مناقشة شأن بول , لأن ذلك يعني أنها ستذكر أشياء ليست صحيحة في الواقع , صحيح أنه وسيم وطويل القامة وصغير السن , ألا أنه ليس مثيرا , ولم تستطع جولي في يوم من الأيام أن تفهم منطق الفتيات اللواتي يعتقدن أن جمال الرجل كاف , بل أن الشخصية القوية هي العنصر الهام في الرجل.
وأبان فترة أستراحة الغداء أقترضت جولي جولي الجريدة من صديقتها فيثرستون أملا في قراءة بعض التفاصيل بشأن المرأة التي يصطحبها مانويل , غير أنها لم تجد سوى صورة له في المطار ومقال صغير.
كان الثلج يتساقط عند الخروج من المتجر في المساء , وكان الجو عاصفا , فأحست جولي بالبرد الذي نفذ ألى عظامها , وأحتضنت حقيبة يدها بينما لفت حول جسمها المعطف الأزرق القاتم من الصوف الدافىء , وأتجهت ألى الطريق العام في صحبة دونا ومارلين وتطاير شعرها حول وجهها فلم تكن ترتدي قبعة , وفجأة أصطدمت برجل تعمّد الوقوف في طريقها وقالت بسرعة:
" آسفة".
منتديات ليلاس
ثم أشرق وجهها بأبتسامة وقالت:
" أنت!".
وأبتسم مانويل وخفق قلبها , وتركت ذراع دونا من فرط أرتباكها , غير أن دونا ومارلين حملقتا بدهشة في وجه مانويل , بينما أمسك هو بذراع جولي وقال بهدوء وسخرية.
" عن أذنكما".
وجذب جولي وأتجه بها ألى السيارة الخضراء المألوفة .
وقالت جولي :
" أنتظر!".
ولكن مانويل فتح باب السيارة وأدخلها بينما آلمتها أصابعه القوية التي أمسكت بذراعها , وهمس :
" لا تجادلي!".
ولم ترغب جولي في أثارة ضجة في الشارع , فدخلت ألى السيارة الفاخرة الدافئة وأنسلت عبر مقعد السائق وجلس هو ألى جانبها , وأغلق الباب بقوة وأدار محرك السيارة في هدوء.
ألقت جولي نظرة أليه بينما أتجهت السيارة ألى الطريق الرئيسي ووجدت أنه لم يتغير , بالعكس أزداد جاذبية عما تذكره , وألتفت أليها بينما وقفت السيارة أمام أشارة المرور وقال:
" كيف حالك!".
تأملت جولي أظافر يديها وردت:
" أنا بخير , كيف حالك أنت؟".
هز كتفيه ولم يرد , وأحسّت بالرغبة في ضربه , كيف يجرؤ على مصاحبتها وهو يعلم أنها لا بد شاهدته مع الفتاة بالأمس! ونظرت من النافذة السيارة , وفجأة أدركت أنها لا تعرف أين يأخذها وأنها لم تبد أية ملاحظة في هذا الشأن .
فقالت بصوت حاد:
" ألى أين تذهب ؟".
" ألى منزلك , ألى أين تظنين؟ لقدرأيت أن أجنبك ركوب الباص في مثل هذا الطقس البارد كيف تتحملين هذا الجو؟ أنه فظيع؟ أنا أحب الشمس والبحر والسباحة في المياه الدافئة".
قالت جولي بحدة :
" كلنا نحب ذلك , حسنا , سوف أنزل هنا".
وكانا قد وصلا ألى نهاية شارع فولكنر .
فهز مانويل رأسه وقال:
"أين هو المنزل؟".
" في آخر الشارع , ولكن أرجوك ألا تصل أليه , لأن ذلك سوف يثير الأقاويل أذا تعرف أحد عليك".
وقال مانويل ببرود وهو يقود السيارة حتى باب المنزل:
" ذلك غير محتمل في هذه الليلة".
وأحنت جولي رأسها وهي تجيبه قائلة:
" شكرا".

نيو فراولة 08-09-10 08:47 PM

وألتفتت أتجاه الباب لتخرج من السيارة ولكن مانويل وضع يده عليها وضغط أصابعه بقوة على ذراعها وقال بصوت ساخر:
" ألست مسرورة لرؤيتي؟".
نظرت أليه جولي وقالت:
" لا أعتقد ذلك".
" لماذا؟".
" السبب واضح بالتأكيد وليس هناك ما يقوله أحدنا للآخر".
" أصحيح هذا".
" وهو كذلك".
وأزاحت جولي شعرها ألى الوراء أذ تساقط في موجات على وجهها , وكان متألقا بقطرات الثلج الصغيرة التي ذابت فوقه ولم تدرك أنها بدت رائعة الجمال .
وهزّ مانويل كتفيه وقال:
" أذهبي أذا".
منتديات ليلاس
وأحست جولي بالغضب فأن اللقاء بينهما كان ينتهي دائما بأحساسها بأنها المخطئة , وألتفتت أليه وقالت بسخط:
" لا تتخيل لدقيقة واحدة أنني أصدق أهتمامك بي ولديك أمرأة أخرى".
حدّق مانويل في وجهها وقد أمتقع وجهه.
صاحت جولي بغضب وبشيء من الرضى.
" أخيرا أستطعت أن أثير غضبك , غير أنني أنا أيضا على قدر من الذكاء , وأن لم أكن ماكرة مثلك".
وخرجت من السيارة وأغلقت الباب بعنف ولم تسمعه وهو يتحرك ولكنها فوجئت به بجانبها بينما لمعت عيناه العسليتان ببريق الغضب الذي فاق غضبها .
أستدارت جولي وكادت تجري داخل البوابة ,ولكنه أعترض طريقها وكان الغضب باديا عليه.
قالت وهي على وشك البكاء:
" أتركني أمر!".
ولم يرد مانويل عليها , غير أنه خطا ببطء نحوها وأحست بشعور غامض بأنه سوف يضربها.
وصاحت وهي تتوسل أليه:
" مانويل ! أنت لا تشعر بأي شيء أتجاهي , ولا أهمية لما أقوله , أرجوك أتركني".
وفجأة وقفت سيارة خلف سيارة مانويل ورأت شخصا يخرج منها ,ولم تعد تحس بساقيها من فرط الوهن الذي أصابها وصاحت:
" أبي!".
وبدون أن يلفظ بكلمة أخرى , أتجه مانويل بسرعة ألى السيارة وأنطلق بها بعيدا وقد بدا أضطرابه في قيادته.

نيو فراولة 08-09-10 10:35 PM

وعقد والد جولي حاجبيه وسألها وهو يتجه معها ألى باب المنزل:
" من هذا؟".
وردت جولي وهي تكذب بشيء من الحرج :
" أحد الزملاء من المتجر أوصلني ألى المنزل , هل قضيت يوما حسنا يا حبيبي؟".
ولم يشك والدتها فيما قالته.
غير أن جولي كانت تدرك تماما ما أوشك أن يحدث , ألا أنها لم تعرف الآن كيف كان مانويل سيعاقبها , كان كل ما تعرفه أن غضبه فاق غضب أي رجل آخر ألتقت به , ولسبب ما حزنت لذلك حزنا شديدا , ولم يعد يهمها الآن ما ردت على أبيها بالصدق أو بالكذب , كان كل ما يهمها أن مانويل يكرهها وأنه كاد أن يعاقبها لولا حضور أبيها في الوقت المناسب.
وبعد العشاء غسلت شعرها بينما أستعد والدها للخروج مع والدتها لزيارة أصدقائهما , وكان بول سيمر عليها وكانت تعرف بماذا سترد عليه بشأن أقتراحه بزواجهما المبكر , وتمنت من كل قلبها أن تجيبه ألى طلبه , وأعتقدت أنها لو لبست خاتم خطوبتها فأن ذلك سوف يحميها من أنتقام مانويل.
غير أن الحظ لم يحالفها أذ أحضر بول أخته الصغيرة أليسون , وهكذا لم تجد جولي فرصة للحديث مع بول على أنفراد , كانت أليسون في الثامنة عشرة من عمرها غير أنها بدت أصغر من سنها , فهي لا تزال تذهب ألى المدرسة وتتطلع لدخول الجامعة بعد عطلة الصيف , كانت طفلة ذكية تعبد الموسيقى الشعبية وهي متعتها الوحيدة , ولذلك قضوا المساء يستمعون ألى الأسطوانات وقد هال جولي أستمتعهم ألى عدد كبير من مجموعة أبيها من أسطوانات مانويل كورتيز , فمنذ أن تعرفت على مانويل تعمدت عدم الأستماع ألى أسطواناته , أذ أن صوته يفرض وجوده حتى وهو غائب , وكانت الموسيقى تارة من موسيقى الغجر العاصفة , وتارة حزينة ثرية بالنغم , وقد أضفى الغيتار جوا سحريا على الغرفة.
وأحست جولي بالهلع , وفكرت , يا ألهي , لم ألتقيت به ؟ لماذا أنا بالذات , وبعد فترة ذهبت لتعد القهوة وبعض الشطائر هاربة من الغرفة التي بدت أشبه بزنزانة وتبعها بول تاركا أليسون تختار الأسطوانات.
منتديات ليلاس
وأمسك بها في الممر الضيق بين غرفة الجلوس والمطبخ , وأسندها ألى الحائط ثم عانقها بحنان , وتحت تأثير الموسيقى تصورت لبرهة أنه مانويل الذي يعانقها , ةتحرّك فمها بقلق فأثارت حواسه , وصاح بول وهو يزيحها بعيدا عنه ويكاد لا يصدق أستجابتها له.
" جولي!".
وشدّت جولي قامتها وكأن ماء باردا قد ألقي عليها ...لم يكن هذا ما يتوقعه بول منها , وقد هاله ما أقدمت عليه.
أخذت جولي تخاطب نفسها قائلة :
" يا ألهي هل أظل دائما تحت تأثير مانويل حتى عندما أكون مع بول؟".
أما بول فرمقها بنظرة غريبة وسألها بصوت بارد:
" من الذي علّمك أن تعانقي رجلا بهذه الطريقة؟".
وأحمر وجه جولي وردّت بأرتباك :
" يا لك من أحمق يا بول , كنت نصف نائمة , ثم أنني تأثرت بالموسيقى , أتركني لأذهب وأعد القهوة".
وتركها بول , غير أنها أدركت أنه لم يقتنع بتفسيرها , أن هذا الحدث أذا أقترن بالملاحظات التي أبدتها منذ بضعة أسابيع لا بد سيجعل بول يدرك أن ثمة شيئا خطيرا يقلق جولي , وتنهدت بعمق بينما هزّ بول كتفيه وأتجه ألى غرفة الجلوس لينضم ألى أليسون.
أمسكت جولي بالأأبريق وملأته بطريقة آلية , ثم أخرجت من الخزانة فناجين وفتحت وعاء القهوة ووضعت ملعقة منها في كل فنجان ثم مرت بيدها على عينيها , شاعرة بأعياء شديد ,كانت تشعر بثقل وراء عينيها بسبب الليالي المضطربة التي تقضيها وقالت لنفسها بصوت خافت : كم يتعذب القلب حين يحب.
كان اليوم التالي يوم السبت وظلت ترجف طوال الصباح خوفا من مجيء مانويل ألى المتجر ليؤنبها , غير أنه لم يفعل ذلك , وأغلق المتجر أبوابه عند الظهر , فأسترخت حينئذ ولم تقاوم دونا ومارلين الرغبة في سؤالها عن مقابلتها لمانويل في الليلة السابقة , ألا أنها كذبت عليهما وقالت أن لقاءهما كان مجرد صدفة , وبدا عليهما عدم الأقتناع بما قالته ولكنهما لم تستطيعا أرغامها على أن تقول أي شيء آخر وقالت دونا :
" على فكرة ,هل قرأت في الصحف أنه قد أحضر أبنته معه في هذه المرة , لم أكن أعرف أن له أبنة ! ثم أنها في السابعة عشرة من عمرها".
وسألت جولي بصوت خافت:
" أين قرأت ذلك؟".
" في الصحف كما قلت , في كل حال , شاهدنا بالتلفزيون فتاة رائعة الجمال ترتدي معطفا من الفراء وتبدو وكأنها في الخامسة والعشرين , رائع أن يصطحبها مانويل كورتيز أينما ذهب".
وقالت مارلين وهي تضحك:
" أنني لا أتمنى أن أكون أبنته !".
وقهقهت دونا أيضا فأتجهت الأنظار بعيدا عن جولي التي شجب وجهها وحدّثت نفسها قائلة ( أبنته ), لا عجب أنه غضب منها لأنها قفزت ألى النتائج!
وعادت جولي ألى منزلها ظهرا , وقد أحست بأعياء شديدا جسديا وذهنيا على السواء , كما أحست بالكآبة , وفزعت أمها لوجهها الشاحب وعينيها المتعبتين , فصاحت بها:
" جولي! ما بك! هل أنت مريضة؟".
وأخرجت جولي ذراعيها من المعطف بعناء وقالت وهي تصعد السلم المؤدي ألى الطابق العلوي :
" أعتقد أنني أصبت بالبرد , هل يضايقك أن أذهب ألى السرير , فلا أرغب في تناول الغداء".
" بالطبع لا يا حبيبتي ,سوف أصعد أليك بعد قليل وأحضر لك زجاجة ماء ساخن لتضعيها ألى جانبك , أديري البطانية الكهربائية قبل أن تختفي ملابسك".
كانت جولي مريضة فعلا وأتضح أثناء النهار التالي أنها تعاني من الأنفلونزا , ولم يكن تعبها مجرد فعل لملاحظات دونا عن مانويل كورتيز مع أنه لا علاقة له بالأمر.

نيو فراولة 08-09-10 10:56 PM

بقيت جولي بقية اليوم وطوال يوم الأحد في السرير , حيث زارها بول وقد هاله أن يرى ظلالا سوداء تحت عينيها كما أقلقته أيضا حالتها العصبية .
ولم تذهب ألى المتجر يومي الأثنين والثلاثاء , غير أنها شعرت بتحسن كبير بحلول يوم الأربعاء , فصمّمت على الذهاب ألى عملها , برغم معارضة أبيها وتحذيره من الآثار الاحقة للمرض ,وذهبت مباشرة ألى سامنتا في مساء يوم الأربعاء ووجدتها ترضع الطفل , ووافقت سامنتا على أن تعتني جولي بتوني بينما تقوم هي بأعداد العشاء لثلاثتهم , وتبعت صديقتها ألى المطبخ وجلست على مقعد مريح , ثم روت لصديقتها كل شيء عن مقابلتها مع مانويل فقالت سامنتا:
" حسنا..... هل تغيّرت مشاعرك نحوه؟".
منتديات ليلاس
وهزّت جولي رأسها وهي تربت على ظهر توني وتقول :
" كنت فظة معه! يا ألهي! ترى ما رأيه فيّ الآن؟".
" حسنا , ماذا ستفعلين؟".
" لا أعرف , ربما أعتذر له".
" مستحيل!".
" أعرف ذلك , لنترك الموضوع , متى تغادران البلاد ألى الولايات المتحدة".
" بعد أسبوعين يا عزيزتي , ولم أجد مربية بعد , هل فكرت في الموضوع؟".
" تقصدين ذهابي معكما؟".
" بالطبع".
" لقد فكرت في ذلك بالفعل , كما أن والديّ يعتقدان أنها فكرة طيبة ".
وقالت سامنتا بصوت المنتصر:
" ألم أقل لك ذلك".
" أعرف , فالفكرة مغرية , ثم أنني بحاجة ألى التغيير بعد أصابتي بالأنفلونزا , ولكن هل سأكون جبانة وأهرب من مشكلاتي؟".
" أنك لا تهربين من مشكلاتك يا حبيبتي فسوف تجدينها هنا عندما تعودين ,فكيف تسمين هذا هروبا ؟ ألى جانب أنها قد تبدو مشكلات عندما تعودين!".
"ما الذي سيقوله بول , فلم أخبره بالأمر".
" ليتني أعتقد ذلك!".
ودخل بن ألى المطبخ وأبتسم لجولي وقال وهو يضحك :
" هل تتدربين على رعاية الأطفال أستعدادا لسفرنا؟".
وهزت تدربين على رعاية الأطفال أستعدادا لسفرنا؟".
وهزت جولي رأسها بالنفي وقالت:
" لم أوافق على السفر بعد".
وعقد بن حاجبيه وقال:
" ظننت أن ........ سامنتا".
ونظرت جولي ألى سامنتا التي أخذت تشير ألى زوجها بيديها فوق رأس جولي وسألتها:
" ما الذي قلته؟".
منتديات ليلاس
هز بن كتفيه وقال:
" قالت أنك سوف تسافرين معنا وسوف تتولين العناية بتوني ".
" هل قالت ذلك بالفعل؟".
وتأوهت سامنتا وقالت:
" بن! لا تتسرع ...جولي ستسافرين معنا , أليس كذلك؟".
وهزّت جولي كتفيها بشيء من اليأس وقالت:
"أنني أرغب في السفر ولكنني لا أعرف ما الذي سيقوله بول , فلم أخبره بالأمر ".
وقالت سامنتا وهي تضع شرائح اللحم فوق الشواية :
" أسأليه أذا , في كل حال أنه لم يخطبك بعد".
وأومأت جولي برأسها وهي تفكر بعد موقف والديها وسامنتا وبن لو تستطيع أن ترفض السفر حتى أذا رغبت في ذلك .
وفي بحر الأيام القليلة التالية , شاهدت جولي الأعلانات عن العروض التي يقدمها مانويل كورتيز في ملهى الغرديانوس لفترة محدودة , وتساءلت عما أذا كان يفكر فيها الآن وعما أذا كانت المشاداة الأخيرة بينهما قد أنهت علاقتهما , أنها لا تلومه أذا لم يرغب في رؤيتها مرة ثانية , قد عاملته معاملة فظة بصرف النظر عن وجود المبررات أو عدم وجودها.
وطلبتها سامنتا في التلفون لتخبرها بضرورة الذهاب ألى السفارة الأميركية لتحصل على تأشيرة الدخول و وبأنها تحتاج أيضا ألى شهادة التطعيم ضد الجدري.
ووافقت جولي بدون أهتمام كبير على أعداد الأوراق اللازمة , على الأقل هذا سيشغلها بعض الوقت , ما سيؤخر القرار النهائي , ويتعيّن عليها أخبار بول بسفرها , ثم عليها أيضا شراء بعض الملابس المناسبة , فالجو في كاليفورنيا دافىء ولن تحتاج ألى كثير من الملابس الشتوية.

نيو فراولة 08-09-10 11:23 PM


وفي مساء يوم السبت ركبت جولي الباص ألى جون وود , ولم تكن تعرف ما الذي تعتزم القيام به بالضبط غير أنها شعرت برغبة قوية في رؤية المبنى حيث يعيش مانويل , وكان الجو شديد البرودة ألا أنها لم تعبأ بذلك , أذ بدت السماء صافية , ولبست سترة من فراء الخروف وبنطلونا باللون الأخضر القاتم , وبدت طويلة رشيقة وجذابة , ووضعت يديها في جيبي سترتها وسارت بخطى بطيئة ألى المنتزه المجاور لليبانون كورت ,ونظرت ألى أعلى المبنى وتعرفت بسهولة على نوافذ الشقة , ثم أظلمت السماء مهددة بسقوط الثلوج , وأما من الداخل فظهرت أضواء تنبىء بوجود شخص في الشقة , ومن يكون هذا الشخص ؟ هل هو مانويل ؟ هل هو وحده؟ أو أن أبنته معه ؟ ثم ما فائدة وجودها في هذا المكان أذا لم تعتزم الصعود لتوضح له موقفها منه قبل أن تسافر ؟ وأدركت أن ذلك ما أعتزمت في قرارة نفسها أن تفعله , كانت الفكرة في عقلها الباطن طوال الوقت , ولكنها رفضت الأقرار بالحقيقة لنفسها , وأشعلت سيكارة وأخذت تدخن بعمق , وفكرت حالمة كم يكون الأمر رائعا لو نظر مانويل من النافذه ليراها واقفة أمامه , فينزل أليها ويحيّيها قائلا : أنني سعيد لرؤيتك , وأنني أتوق لرؤيتك؟
ومرت دقائق , وأدركت أن شخصا يمشي على العشب في أتجاهها , وخفق قلبها ,ولكنه هدأ عندما سمعت حارس مبنى ليبانون كورت يقول :
" ماذا تفعلين في هذا المكان يا آنسة , أن المنتزه خاص بالعمارة".
وأحمر وجهها وقال :
" أنني أنظر ألى المبنى , لأنني مهتمة بفن العمارة".
منتديات ليلاس
" أحقا ذلك يا آنسة؟ أن الجو بارد عصر هذا اليوم , وأنصحك بدراسة فن العمارة في مكان آخر وفي يوم أكثر دفئا".
وأومأت برأسها للحارس ومشت على العشب فأخترقت المنتزه ألى الطريق العام حيث وجدت السيارة الخضراء القاتمة واقفة بجوار الرصيف.
وأتجهت وأنفاسها تلهث بأضطراب واضح ألى مدخل العمارة , غير أن الحارس أعترض طريقها وقال:
" نعم! يا آنسة! ماذا تريدين؟".
" أنني أريد الصعود ألى شقة السيد كورتيز".
" كلا , لن أسمح بذلك يا آنسة!".
" لماذا؟ يا ألهي أنني أعرفه".
وقال الحارس وكان واضحا أنه لا يصدقها :
" أصحيح يا آنسة؟".
" بالطبع! فأسمي جولي كيندي , أطلبه بالتلفون الداخلي وأسأله".
وتفحّص الحارس جولي ثم قال :
" حسنا سوف أفعل! أنتظري هنا".
وترك جولي ودخل ألى مكتبه بالمبنى , وأضطربت أعصابها , ماذا تفعل لو رفض مقابلتها؟ ماذا تفعل حينئذ ؟
ونظرت من خلال الباب الزجاجي ألى المدخل , فوجدت مكتب الحارس على الجانب , فأذا دفعت الباب وجرت ألى المصعد, فسوف تكون في مأمن ,ونفذت الفكرة الطائشة وسمعت الحارس يصيح بها بغضب وهي تمر أمام مكتبه , لم يكترث بما فعلته لأنه يعلم أن لا جدوى لما أقدمت عليه.
صعد المصعد ببطء ألى الطابق الأول ثم الثاني ثم توقف فجأة بين الطابقين الثاني والثالث , وقالت وهي تشعر بالأحباط:
" يا ألهي , لقد أوقفه بالطبع , لم أفكر في هذا الأحتمال".
وأنتظرت وهي تشعر بالأسى هبوط المصعد الذي أستأنف صعوده , بعد فترة وجيزة , وأجتاز الطابق الثالث ثم الرابع , تركها الحارس تصعد لأن مانويل وافق على مقابلتها.
ووقف المصعد أمام شقة مانويل , وأتجهت جولي ألى باب الشقة وطرقته وفتح الباب على الفور , غير أن مانويل كورتيز لم يقف بالباب كما توقعت ,بل وقفت الفتاة الجميلة التي كانت في صحبته في مطار لدن , وأخذت تتفحص جولي بنظرها وكأنها تقييمها , وبدت أكثر جمالا عن كثب , فشعرها أسود كالليل وبشرتها ناعمة وجسمها مكتمل النمو وكأنها تكبر سنها بكثير.
وقالت لجولي:
" نعم؟ يقول الحارس أنك ترغبين في مقابلة أبي , ماذا تريدين؟ أنا بيلار كورتيز".
وبلعت ريقها ريقها وقالت :
" والدك ..... هل هو موجود؟".
" كلا , أنه في المدينة , لماذا؟".
وكان سلوكها ألى حد ما سلوك طفلة ولكن عينيها المركزتين على وجه جولي بدا فيهما الفضول والوقاحة المتعمدة.
وشبكت جولي أصابعها وقالت:
" متى يعود؟".
" بعد فترة وجيزة , فقد فات موعد عودته , غير أنه مع دولوريس أريفيرا , وهو ينسى الوقت في رفقتها ".
وخطت جولي خطوة ألى الوراء , وقالت :
" حسنا , شكرا يا آنسة".
" لا....... أنتظري ,هل تريدين أن تدخلي وتنتظري أبي ؟".
" شكرا لن أنتظر , فالأمر غير عاجل , وداعا يا آنسة".
" أقول له من حضر؟".
وأتجهت ألى المصعد وقالت وهي تدخل أليه مسرعة :
" شخص لا أهمية له".

نيو فراولة 09-09-10 12:12 AM

ونزل المصعد بهدوء وبسرعة تفوق سرعة صعوده , وخرجت جولي منه فواجهها الحارس قائلا ببرود وتهجم:
"هل كانت الآنسة شديدة الغضب؟ كيف تجرؤين عل الدخول بدون أذن؟".
" أسفة , فقد أعتقدت ....... لا أهمية لذلك , قلت لك أنني آسفة , لا يمكنني أن أقول أكثر من ذلك؟".
" بل يمكنك أن تقولي أكثر من ذلك بكثير ؟ وأين تقيمين ؟ فأنني أنوي أن أخبر السيد كورتيز بما حدث عند عودته".
وأحست جولي بتيار هواء يخترق البهو وأرتجفت .. لقد دخل شخص .
وسمعت مانويل يقول:
"ما الذي تعتزم أن تقوله لي ؟ ..... جولي!".
وحملقت جولي في كورتيظ وكأنها تحت تأثير التنويم المغناطيسي , غير أن الحارس قال بشيء من الأرتباك :
" هل تعرف هذه الفتاة يا سيد؟".
" بالطبع".
منتديات ليلاس
وحاول الحارس أن يواصل الكلام , ألا أن مانويل قاطعه قائلا:
" فيما بعد يا كورتيس فيما بعد".
ثم قال لجولي بأدب وأن كان ببرود:
" لماذا جئت ألى هنا يا ولي؟".
وهزت جولي رأسها وقالت:
" مانويل .... أنا..... أنا.... هل يمكننا الذهاب ألى مكان نستطيع التحدث فيه ".
وتردّد مانويل وتمتم وهو يفكر :
" بيلار في الشقة".
" أعلم ذلك , لقد قابلتها على التو".
" أحقا ذلك؟ يمكننا أن نذهب ألى السيارة , فهي باردة ولكن سنكون بمفردنا ".
" حسنا".
وكانت السيارة باردة ألا أن مانويل أدار المحرك وقال :
" سوف نقوم بجولة بالسيارة حتى ننعم بالدفء".
وأنطلقا في شارع أيدجوير في أتجاه سناتمور حيث أوقف السيارة بعد أن أصبحت دافئة , ثم قال :
" حسنا , قولي ما عندك".
وتنهدت جولي ونظرت أليه بضعف وقالت:
"أعرف أنني أتصرف بغباء ولكنني أشعر بضرورة الأعتذار أليك ".
" لا داعي للأعتذار".
" بل يوجد ما يدعو أليه , لقد أسأت التصرف , ثم أعتذر لك أيضا لأنني لم أكن أعلم بأمر بيلار".
" حسنا , فأنت الآن على علم ببيلار , كما قمت بالأعتذار أليّ ,هل هذا ما تريدين قوله؟ أنني أقبل أعتذارك , هل هناك شيء آخر؟".
نظرت أليه جولي وقالت:
" لا شيء".
" حسنا".
ألتفت ألى الخلف فوجد الطريق مزدحما وقال:
" هل هناك طريق آخر نسلكه لنعود ألى وسط المدينة ؟".
ورغم أن السيارة دافئة أحست جولي بالبرد وقالت :
" نعم , هل أرشدك ؟".
" أرجوك أن تفعلي".
ثم أخرج علبة السكائر وأخذ سيكارة وقال لها:
" هل ترغبين في سيكارة؟".
منتديات ليلاس
وأومأت جولي برأسها , وأخذت نفسا عميقا من السيكارة وأسندت ظهرها على المقعد ,ووضع مانويل السيكارة بين شفتيه وفك أزرار معطفه السميك , وكان شعره قد طيره الهواء عند خروجه قبل ذلك , وأحست جولي برغبة جامحة في أن تتحسس شعره , غير أنها تمالكت نفسها وأدارت وجهها , ترى هل حضر لتوه من عند دولورس أريفيرا؟ ولم تتمكن من التغلب على هذه الفكرة , ثم أنه بدا باردا متباعدا وأرادت أن تنتزعه من كراهيته لها ولكنها لم تعرف كيف تحقق ذلك.

نيو فراولة 09-09-10 01:14 AM

ولم تستطع منع نفسها من الكلمات فقالت :
" قالت لي أبنتك أنك كنت مع دولورس أريفيرا".
فردّ بأقتضاب وهو يعدل مرآه الرؤية الخلفية:
" نعم ".
" هل تحبها؟".
ونظر مانويل بطرفي عينيه وقال:
" الحبّ! ما هو الحب؟".
ثم أدار المحرك وقال:
" هل نعود الآن؟".
ورمت جولي السيكارة من النافذة , وحملقت فيه بيأس وصاحت:
" مانويل!".
وتفحّصها بسخرية ثم قال :
" ما هذا ؟ هل هو شعور بالأحباط ؟".
وأرتعدت جولي وقالت:
" أرجوك يا مانويل لا تغيظني , جئت لأراك لأنه كان يتعيّن على ذلك , فلم أتمكن من ترك الأمور على ما كانت عليه".
وقال وقد فطن ألى تفكيرها:
" والآن تودين لو أنك تركت الأمور على حالها!".
منتديات ليلاس
وهزّت جولي رأسها وقالت:
" كلا....أعني... نعم...على الأقل .. ... ألم يسرك أن تراني ؟ أعني هل تهتم بي؟".
وهز مانويل كتفيه وقال:
" ماذا تريدين أن أقول ؟ كنت معجبا بك , كما أنني كنت أرغبك , هذا كل ما في الأمر , أنت تكرهينني , وقد صارحتني بكراهيتك لي".
ومّد يديه وقال:
" أنتهى الأمر بيننا , لست في حاجة أليك يا عزيزتي".
" ولكن في تلك الليلة....".
"كنت غاضبا , كدت أجن , وكدت أضربك و لأنك جرحت كبريائي , هذا كل شيء".
وصرخت جولي صرخة من قلبها :
" لا أصدقك".
" حسنا يا عزيزتي , صدّقي ما يروق لك , لكن لا تتوقعي أن تحولي تخيلاتك ألى حقيقة واقعة , أنني مسافر ألى الولايات المتحدة بعد أسبوع , بعد أسبوع , وداعا يا جولي!".
وأدار المحرك بحزم وقال :
" والآن أرشديني ألى الطريق".

نيو فراولة 09-09-10 01:30 AM

7- ما هو الحب؟

ومر اليومان التاليان بصعوبة , وشعرت جولي أنها فقدت القدرة على الحس , وعجزت عن أستيعاب ما حدث , لم تتصور أن مانويل يمكن أن يكون بهذه القسوة.
تركها في نهاية شارع فولكنر بعد ظهر يوم السبت , وودعها بدونأكتراث , فأتجهت ألى المنزل بشكل آلي , وظلت على هذه الحال حتى مساء يوم الأحد , ثم قررت ألا تستسلم للأكتئاب , وكان سبيلها الوحيد هو أن توافق على السفر مع سامنتا ألى الولايات المتحدة , لم تكن قد شفيت تماما من مرضها كما أنها فقدت شهيتها , أما حالة الأكتئاب فقد أصبحت شيئا طبيعيا حتى أعتقدت أنها لن تعود ثانية ألى حالتها الأولى.
وذهبت ألى شقة أسرة بارلو لتبلغهم قرارها , فوجدت سامنتا تستعد للسفر.
وصاحت سامنتا:
" يا حبيبتي! أنني مسرورة جدا , فسوف تستفيدين من الرحلة , ومن يعلم من تقابلين هناك , فقد يعجب بك أستاذ بالجامعة , من يدري !".
وأبتسمت جولي وقالت:
" هذا يبدو بعيد الأحتمال في الوقت الحاضر , ولكنني أعتقد سأستفيد بعض الشيء من تغيير الجو".
" بالطبع يا عزيزتي , بن.....بن.....جولي سوف تسافر معنا".
وأعرب بن عن رضاه بقرار جولي ثم غادر المنزل , وأعدت سامنتا القهوة وقالت بعد أن جلستا وفي يديهما سيكارتين :
" فيم تفكرين ؟ ما الذي دفعك ألى أتخاذ القرار؟ هل رأيت مانويل ؟".
وتنهدت جولي وقالت:
" نعم".
وأخذت نفسا عميقا من السيكارة وأضافت:
" قال لي بوضوح أنني لا أعني شيئا له!".
" جولي!".
منتديات ليلاس
" كان صادقا على الأقل , والآن أنتهى الأمر بيننا........".
وأومأت سامنتا برأسها وقالت:
" ربما كان ذلك أفضل , فلو أنك خضعت له لندمت بمرارة , بول يناسبك أكثر , ويمكنك أن تتزوجيه بعد العودة من الرحلة , وسوف تنسين الأميركي اللاتيني الجذاب".
وأبتسمت جولي قليلا , ولاحظت سامنتا أن الأبتسامة لا تنبعث من قلبها وواصلت كلامها قائلة:
"والآن , لنتحدث عن توني , فعليّ أن أشرح لك كل تفاصيل الرضاعة وغيرها , والواقع أن غذاءه لا يقتصر الآن على السوائل , وكذلك يجب أن أعطيك أرشادات كثيرة".
وأبتسمت جولي وقالت:
" من المرجح أنني لن أحسن آداء مهامي , فأنني لم أقم من قبل برعاية أطفال....".
وقالت سامنتا بشيء من الأستخفاف:
" المسألة بسيطة , فبن نفسه أكتسب الخبرة اللازمة الآن , وهو يجد متعة كبيرة في أطعام توني , وأضطر أحيانا للضغط عليه حتى يهتم بعمله عندما يكون توني مستيقظا".
وقالت سامنتا :
" على فكرة , هل أخبرتك عن المكان الذي نقيم فيه في كاليفورنيا ؟".
وهزّت جولي رأسها فواصلت سامنتا كلامها:
" سنذهب في الواقع ألى سان فرانسيسكو , ولكن الجامعة والمنزل يقعان على الساحل في أتجاه مونتري , هل سمعت عن منتري؟".
" بالطبع".
" حسنا , الطلبة يقيمون في مونتري , كما أن المنزل الذي خصص لنا يبدو جميلا , أعتقده من طراز منازل المزارع , وهو من طابق واحد وبقربه شاطىء خاص , هل تتصورين يا جولي أننا سوف نستطيع السباحة يوميا؟".
وربّتت على معدتها وقالت:
" سوف يساعدني ذلك على أستعادة قوامي , أنجاب الأطفال لطيف , غير أنه يؤثر على القامة بدون شك".
وقالت جولي بصوت مكتوم:
" أن جسمك جميل , ولكنني أوافقك على أنه من الممتع أن نستطيع السباحة وفي حياة دافئة أيضا".
وقالت سامنتا :
" سنعود ببشرة سمراء داكنة بلون التوت".

dalia cool 09-09-10 10:07 AM

يعطيكي العافية امل :flowers2:

نيو فراولة 09-09-10 03:18 PM

وعندما رأت سامنتا الألم باديا على وجه جولي غيرت الموضوع وقد أحست جولي أنها في حالة أفضل عند مغادرتها منزل سامنتا والواقع أن قرارها بالسفر أزاح بعض كآبتها فالذهاب ألى الولايات المتحدة شيء مثير في حد ذاته , وسوف يقضي على حالة الجمود التي تعاني منها , كما أن هناك أشياء كثيرة يتعين القيام بها , ولم يبق من الوقت سوى أسبوع , وأبلغت والديها بقرارها عند وصولها ألى المنزل , وكانا يجلسان سويا يشاهدان التلفزيون عندما دخلت وأخبرتهما بالنبأ.
وقال أبوها على الفور:
" حسنا , فقد يقضي السفر على حالة الأكتئاب التي تعانين منها , أنني لا أعرف السبب الحقيقي , غير أنني أعتقد أنه يتعلق برجل أو بآخر , هل أنا على حق؟".
ولوت جولي يديها وقالت:
" نعم أنت على حق , وأمي تعرف ذلك".
" أنني واثق من ذلك , أمك لم تحدثني في الأمر , هل ترغبين في أن تفضي أليّ بما في قلبك؟".
وتنهدت جولي وقالت:
" كلا , لا أرغب في ذلك".
منتديات ليلاس
" حسنا , لن أضغط عليك ,ولكن فيما يتعلق ببول أليس من الأفضل أن توضحي الأمر له ؟".
" بالطبع , أنني لم أتخذ القرار النهائي سوى اليوم".
" أنت تعرفين هذا الرجل منذ وقت طويل , أليس كذلك؟ ماذا حدث؟ هل هو متزوج؟".
" كلا , ليس متزوجا , كان متزوجا , غير أنه مطلق الآن".
" فهمت , ألا يريد أن يتزوجك؟".
" كلا".
وهز والدها رأسه ولمست أمها يده وقالت:
" يا عزيزي جو , أتركها وشأنها , ألا ترى أنها متعبة؟".
ونهض الدكتور كيندي واقفا وسار نحو أبنته وأدار وجهها أليه وقال :
" جولي , أنك لم تخفي شيئا عنا من قبل , ألا يمكنك أن تبوحي لنا بالسبب الذي يمنع زواج هذا الرجل منك ؟ هل تحبينه؟".
" في الحقيقة , لا أعرف الآن أذا كنت لا أزال أحبه , أنه ........ أنه لا يحبني".
ولم تتمكن من مواصلة الكلام , فوضعت يديها على وجهها وأحتضنها أبوها وأخذت تبكي بكاء مريرا , حتى أرتاحت وقالت بعد برهة:
" لا يمكنني التوضيح , غير أنني لا ألومه ,فهو من بيئة تختلف عن بيئتنا , وتقاليدها تختلف عن تقاليدنا ".
وقالت أمها :
" هو أجنبي أذا".
أومأت جولي برأسها ثم سارت نحو الباب وقالت:
" سوف أذهب ألى فراشي , أذا لم يكن عندكما مانع , وسوف أخبر بول بالأمر غدا , ولا تعلقا عليّ فأنني بخير ".
كان يتعين عليها الآن أن تخبر بول بقرار السفر , ولم يقبل بول قرارها عندما أخبرته به وقال :
" لا يمكن أن تكوني جادة , أذا ذهبت الآن فلن تعودي قبل شهر أبريل".
" هذا صحيح يا بول".
" ولكن لم كل هذا؟ كنت اتصور أن كلا منا يحب الآخر".
" بول! لقد حاولت توضيح الأمور يوم عيد الميلاد فقلت أنني لست واثقة من عواطفي أتجاهك , دعني أذهب الآن , فذلك من الأفضل".
وقال وهو يهاجمها بشدة :
" أعرف أن هذه الرحلة تشدك , وفكرة السفر ألى كاليفورنيا تغريك!".
" هذا غير صحيح".
" بل صحيح , وما كان يجوز لسامنتا أن تقترح عليك السفر , فأنت لست مربية للأطفال في أية حال".
" كل ما تقوله صحيح , غير أن سامنتا لم تتخذ القرار بل أنا أتخذته ".
" ولكن لماذا؟ ألست مرتاحة في عملك بمتجر فورهامز؟".
"بل أحب عملي , وعندما أبلغت الموظف المختص بأنني أعتزم السفر قال أنني أستطيع العودة ألى عملي بعد العودة أذا رغبت في ذلك".
وقال بول وقد أحنى كتفيه:
" هل هناك رجل آخر؟".
" نعم...... ولا".
" ماذا تعنين؟".
" أعني قد يكون هناك رجل أحبه ولكنه لا يحبني ".
ونظر أليها بول بدهشة وهو لا يكاد يصدق ما تقوله :
" هل أعرفه؟".
" لا تعرفه بالضبط أرجوك يا بول , لقد سألني والد عنه من قبل , ولا أستطيع أن أقول شيئا , فالأمر لا يتعلق بي وحدي , هل تغفر لي؟".
وعضت شفتها بأرتباك وقالت:
" أنا واثقة أنني لا أناسبك ......بول , ربما ألتقيت بالفتاة التي تستحقك أثناء غيابي , لا أريد أن تنتظر عودتي , فأن العلاقة بيننا قد أنتهت للأسف ".
" هل تراسليني ؟".
وهزت جولي رأسها وقالت:
" من الأفضل ألا أفعل ذلك يا بول , عليك أن تنساني , فلست جديرة بك ".

نيو فراولة 09-09-10 03:34 PM

وقال بول بشيء من الغضب:
" ليس الأمر بهذه السهولة يا جولي , لماذا لا تعود علاقتنا ألى ما كانت عليه منذ عام , كنا سعيدين , أنني واثق من ذلك".
وأدارت جولي وجهها وقالت:
" لقد أدرك كل منا منذ فترة أن الأوضاع قد تغيرت , لا بد أنك شعرت بذلك يا بول".
وأحمر وجه بول وقال:
" حسنا , لقد لاحظت ذلك بالطبع , ولكنني لم أرغب في مصارحتك بالموضوع , كنت آمل أن أعطيك الوقت الكافي لتعودي ألى رشدك".
" ذلك ما حدث بالفعل , بول , ماذا يحدث لو تزوجنا ونحن ندرك أن الأمور ليست على ما يرام؟ بعد عام واحد سيشعر كل منا بالتعاسة ؟ وهذا ما يجب ألا يحدث , ولقد تساءلت في بعض الأحيان ترى هل لديك أية فكرة عن الحب؟ أنه الرغبة في أن تظل مع شخص واحد وأن تحن لرؤيته ......للمسته......لحبه , هذا هو الحب".
وأحس بول بالحرج , فلم يكن رجلا أستعراضيا , ولم يرق له أن تتحدث جولي على هذا النحو , فلم تفعل ذلك أبدا من قبل , وشعر بعدم الأرتياح , وزرر معطفه بسرعة وقال:
" حسنا , أذا كان الأمر هكذا , فليس لدي ما أقوله ولا أزال أعتقد أنك تعيشين في عالم الأحلام , وأنك تضعين هذا الرجل , أيا كان , على منصة عالية لا بد وأن تنهار , ولكنني لن أجادلك الآن وداعا يا جولي".
" وداعا يا بول , أنني آسفة على ما حدث".
" وأنا آسف أيضا".
ثم خرج بسرعة حتى لا يقول المزيد.
وغادرت جولي وأسرة باولو مطار لندن في نهاية شهر فبراير في الصباح الباكر , وقد أرتدوا ملابس صوفية ومعاطف ثقيلة , وكان بن قد أرسل في وقت سابق معداته حتى يتسلمها عند وصوله.
وقال بن:
" أنني أتطلع ألى الدفء".
وجلس بين المرأتين في مقدمة الطائرة ورقد توني في مخدعه بجوارهم , وأستأنف بن حديثه فقال:
" ستة أسابيع في الشمس , يا له من شيء رائع".
منتديات ليلاس
وذلك ما دار بخلد جولي , فقد تعمدت أن تركز تفكيرها على المستقبل , مما أتاح لها أن تصل ألى قدر من التوازن للمرة الأولى منذ سفر مانويل , غير أن الرحلة التي أستغرقت ما يقرب من سبع ساعات أنتهت , وسرعان ما أدركت أن الواقع يسيطر عليها ثانية عندما لمحت الليرادو وأخيرا مطار جون ف . كيندي .
ومن خلال الغيوم التي أخذت تتبدد في ضوء الصباح شاهدت الغابات والأنهار والبرك ثم مانهاتن , وهبطت الطائرة بجوار مبنى المطار.
أحست جولي أنها تركت أفكارها في مكان ما في الجو وبرغم ذلك , كانت منفعلة وكأن تيارا كهربائيا يسري في جسدها وهي تقف على الأرض الأميركية لأول مرة , كانت هناك أشياء كثيرة سوف تراها وأشياء كثيرة عليها أن تستوعبها في وقت قصير.
وقضوا أربعة أيام في نيويورك قبل أن يتجهوا ألى سان فرانسيسكو , وفي بحر هذه الأيام , سارت جولي وسامنتا ساعات طويلة على أقدامهما , وكانت سامنتا تعتقد أن المبالغة في ركوب السيارات غير صحية لطفلها توني , ومن الأفضل جره في عربته معهما أينما ذهبتا.
وهالهما أزدحام الشوارع في أول الأمر , غير أنهما أعتادتا على ذلك بعد فترة .
أنبهرت سامنتا وجولي لرؤية شارع ماديسون ومبنى أمباير ستيت أكثر مما أنبهرتا عند زيارة متحف الفن الحديث حيث قضى بن معظم وقته , وقد أثار السنترال بارك وهي الحديقة التي تتوسط المدينة , أعجاب جولي وسامنتا , وأنساهما العشب الأخضر والبرك المليئة بالقوارب أنهما في أكبر مدينة بالولايات المتحدة .
وبعد أربعة أيام محمومة شعروا بالراحة وهو يجلسون ثانية في مقاعدهم في الطائرة التي أقلتهم ألى الساحل الغربي ونقلتهم ألى نمط مختلف من الحياة.

نيو فراولة 09-09-10 04:32 PM

8- شوق تحت الصفر

أفضل وقت لزيارة كاليفورنيا يكون في الربيع أو الخريف , كان الجو هادئا والسماء صافية , وأمتلأت الحدائق بالأزهار الزاهية الألوان , وكان البيت الذي خصص لبن يواجه المحيط الهادىء , وصوت الأمواج المتواصل أشبه بخلفية لأيامهم , وأمتد الشاطىء أسفل ممر صخري شاهق يبدأ من البيت , وأرتطمت الأمواج العارمة بالشاطىء الذي كان يبدو ناصع البياض وقد أنتشرت فيه الكهوف.
أما الجامعة التي عمل بها بن فكانت في مدينة صغيرة أسمها سانتا بربارا تبعد حوال خمسة وثلاثين ميلا من سان فرانسيسكو , أما البيت على مشارف المدينة بشارع رئيسي بدت البيوت فيه كالقصور , وكان ما طابق واحد له سقف منحدر وتحيط به شرفة مسقوفة يتوسطها رواق فيه أثاث من البامبو المطلي , وكان الرواق يطل على المحيط مما أغراهم يتناول معظم وجباتهم هناك.
ولم يبدأ بن العمل ألا بعد يومين من وصولهم , وفي هذين اليومين أصطحب سامنتا وجولي والطفل توني ألى سان فرانسيكسو في السيارة الكاديلاك التي خصصتها الجامعة لبن.
وعندما بدأ بن مباشرة مهامه , قضت الفتاتان معظم الوقت في المنزل , راقدتين على الشاطىء أو سابحتين في البحر , وتولت تنظيف المنزل سيدة متوسطة العمر تدعى سركس عاشت في سانتا مارتا وأبدت أستعدادها للعناية بتوني عندما تذهب الفتاتان للسباحة , ويبدو أن توني أحب السيدة سراكس فقد كان يبكي كلما أخذته جولي منها لترضعه أو تحمله .
وعند نهاية الأسبوع الأول بدأت جولي تشعر أن وضعها غير سليم , فلم يكن هناك شيء تفعله فيما عدا الأشتراك مع سامنتا في غسيل ملابس توني والعناية به كلما صحبت سامنتا بن ألى حفلات العشاء التي يقيمها أعضاء هيئة التدريس بالجامعة , كان توني طفلا مريحا , لا يتجاوز شهرين من عمره , وكان ينام معظم الوقت , ولا يصحو ألا لتناول وجباته , وكانت سامنتا تجد متعة في العناية به ,و ولذلك بدأت جولي تحس أنها غير مفيدة لسامنتا.
وقالت لسامنتا في عصر أحد الأيام:
" أعتقد أنك لم تكوني في حاجة لي عندما أحضرتني معك ألى الولايات المتحدة , وأنا لا أسمح لنفسي بأن أتقاضى أجرا بلا عمل .....".
وضحكت سامنتا وقالت:
" يا لك من فتاة حية الضمير ! يا ألهي ألا تعتقدين أني كنت سأشعر بالملل لو أنني لم أجد من أحدثه ".
منتديات ليلاس
" حسنا , غير أنني واثقة من أنك تستطيعين عقد صلات مع سكان هذه المنطقة وتبادل الزيارات معهم , أقصد ما هو عملي؟ أنني أرضع توني في بعض الأحيان وأحمله كل ليلة , وفيما عدا هذا لا أفعل شيئا , لقد فهمت أنك تريدين أن يتسع وقتك لتفعلي ما تشائين , ولكنك تلازمينه دائما وتؤدين كل ما يطلبه".
وقهقهت سامنتا وقالت:
" حسنا لم أكن أدرك يا جولي مدى المتعة التي أجدها في العناية بتوني , صدقيني عندما دعوتك ألى الحضور معي , تصورت أنني سوف أضيق ذرعا بالعناية بتوني , ولكنني أكتشفت أن هذا غير صحيح".
" ما العمل أذا!".
" لا شيء , أسترخي يا حبيبتي , وأستمتعي بوقتك , لم لا تذهبين ألى سان فرانسيسكو في أحد الأيام؟ وأنا أستطيع البقاء وحدي هنا , فأنك لم تشاهدي سان فرانسيسكو جيدا عندما ذهبنا مع بن , فقد كنت مشغولة برعاية توني , أنني واثقة أنك سوف تقضين وقتال ممتعا أذا زرت المدينة بمفردك".
وهزّت جولي كتفيها وقالت:
" لا أدري , أعني أنك تتصرفين وكأنني في أجازة , بينما أنت التي يجب أن تكوني في أجازة".
" حسنا يا حبيبتي , لقد زالت الظلال السوداء من تحت عينيك , أعتقد أنك تستفيدين من هذه الرحلة".
وأومأت جولي برأسها وقالت:
" أنت على صواب بالطبع أشعر بتحسن ملحوظ ولكنني لاى أزال أشعر بالذنب لحضوري".
" لا داعي لذلك , فأنني سعيدة بوجودك".
وأبتسمت جولي وضغطت على يد سامنتا وقالت:
" شكرا يا سام".
وعندما عاد بن في ذلك المساء بدا وجهه محتقنا مضطربا ,وتساءلت جولي ترى هل حدث شيء ضايقه في الجامعة؟ وتركته مع سامنتا , ولم تعرف السبب ألا بعد تناول العشاء عندما تركهما بن ليعد المحاضرة التي يلقيها في اليوم التالي , وأخبرت سامنتا جولي بما حدث , قالت وهي غاضبة بعض الشيء لأنها أضطرت ألى ذكر أسم ذلك الرجل من جديد:
"لقد قابل بن مانويل؟".
وعقدت جولي حاجبيها وقالت بصوت مكتوم:
" مانويل .كيف ؟ .........أعني...... لم أكن أعرف أن بن يعرقه".
" لم يكن يعرفه أو على الأصح أنه يعرف شكله فقط وذكر لزملائه أن وجه مانويل يثير أهتمامه , كما قال لنا ذلك أيضا ....منذ مدة ".
وأومأت جولي رأسها فتنهدت سامنتا وأستطردت قائلة:
" يبدو أن أحد الأساتذة صديق لشقيق مانويل , فيليب فذكر الموضوع له فقام هو بدوره بذكره لمانويل , في أي حال لقد تناول بن الغداء مع فيليب اليوم لمجرد الحديث عن عمله وأذا بمانويل ينضم أليهما".
وقالت جولي بصوت خافت أقرب ألى الهمس:
" أذا فقد عاد ألى الولايات المتحدة".
وأومأت سامنتا برأسها وقالت:
" لقد دهش بن عندما وجد مانويل لطيفا , لقد توقع أن يرى وحشا ضاريا نظرا لما سمع عنه , ولكنه أنهر به , كانت نتيجة المقابلة أن مانويل وافق على أن يرسمه بن وأن يعرض رسمه بالمعرض المقبل لصوره , وسوف يذهب بن ألى منزل مانويل ليرسمه".
ومدّت سامنتا يديها ألى الأمام وقالت:
" كان لا بد أن أخبرك يا حبيبتي ......فلا فائدة من الكذب.....".
وهزت جولي رأسها وقالت بجمود:
" بالطبع لا , ولكن صديقيني يا سامنتا أن هذا يجعلني أسوأ حالا !".
" لماذا ؟ أنك لن تقابليه , يا ألهي , أن كاليفورنيا مكان فسيح للغاية , ثم أن مانويل لا يعيش في سان فرانسيسكو بل في مونتري ولكنني لم أستطع أن أجعل بن يذهب ألى هناك بدون أن أقول لك الحقيقة".
وقالت جولي وقد بدا عليها الأرتباك:
"أن ما يضايقني هو أحتمال أن يعرف أنني هنا , فقد يتصوّر أنني أتعقبه".

نيو فراولة 09-09-10 07:20 PM

وسخرت سامنتا من جولي وقالت:
" أن هذا سخف , غادرنا أنكلترا وهو بها , ثم أنك لم تعرفي أنه سيتوجه ألى الولايات المتحدة , كان من المحتمل أن يقوم بجولته في أوروبا قبل العودة ألى هنا , في كل حال أنك تعرفين مكان سكنه أليس كذلك؟".
" ذكر أنه يعيش في كاليفورنيا , غير أنني بكل صدق لم أتوقع أبدا أن أراه هنا".
" أعرف ذلك يا حبيبتي , في أية حال لن يذكر شيئا عنك , فعليك أن تسترخي , وأذا فكرنا في هذا بطريقة منطقية لوجدنا أنها فرصة رائعة لبن".
وأبتسمت جولي وقالت:
" أعرف ذلك يا سام ويؤسفني أن أشغلكما بمشكلاتي الخاصة ".
وهزّت سامنتا رأسها برفق وقالت:
" لا تكوني حمقاء , هيا نفّّي ما أقترحته عليك , أن تذهبي غدا ألى سان فرانسيسكو وأن تنسي كل شيء عن كورتيز".
وفي الصباح أوصل بن جولي ألى المدينة وهو في طريقه ألى الجامعة , ورغب في شراء بعض المواد التي لم يجدها في سانتا مارتا , فتركها وسط المدينة .
منتديات ليلاس
وبعد أنصراف بن شعرت جولي أنها تسير بغير هدف , كانت الموافقة على الأستكشاف وحدها شيئا , وتنفيذ الفكرة شيئا آخر , وأخيرا ركبت الترام ألى فيشرمان دورف , وقضت بعض الوقت في الميناء , ولم تعجبها المتاجر السياحية التي تبيع الهدايا التذكارية , فأخذت تقرأ في الدليل السياحي باحثة عن مكان تذهب أليه بعد ذلك....... وتركت جسر أوكلانده وراءها وسارت في أحد الشوارع الجانبية , كان هناك جزء من سان فرانسيسكو بدا وكأنه لم يتغير منذ سنوات عديدة , فكثرت فيه الحانات والمقاهي التي يتردد عليها البحارة.
وكادت أن تعود ألى الشارع الرئيسي عندما أسترعى أنتباهها سلّما يؤدي ألى مبنى كتب أسمه بأحرف باهتة وهو مستشفى الأرسالية للبحارة , وأبتسمت وتساءلت عن تاريخ المبنى , ترى هل كان موجودا في منتصف القرن الثامن عشر وقت أكتشاف الذهب وتدفق الرجال من جميع أنحاء البلاد على كاليفورنيا بحثا عن الثروة.
وفيما كانت واقفة , ظهرت أحدى الراهبات باباب وأخذت تنظر ألى الشارع وكأنها تبحث عن شخص أو عن شيء , وعندما رأت جولي قطبت جبينها وكأنها تدهش من وجود أي سائح في هذا الجزء من المدينة , ثم نزلت السلم وتقدمت نحوها وقالت وهي تحييها بحرارة:
" صباح الخير".
" صباح الخير , أن الطقس جميل , أليس كذلك؟".
وأومأت الراهبة برأسها وهي شاردة الذهن ثم قالت:
" هل تتكلمين اللغة البولندية ؟".
" آسفة , لا أتحدث بهذه اللغة".
وضغطت الراهبة على شفتيها وقالت :
" بالطبع! فلم يكن معقولا أن أجد ما أبحث عنه , غير أنني عندما رأيتك تقفين أمامي فكرت أنه ربما ....... في كل حال يستحسن أن تعودي ألى الطريق الرئيسي يا عزيزتي , لأن هذه المنطقة خطيرة بالنسبة ألى فتاة تسير بمفردها , هل ضللت الطريق؟".
" كلا , كنت أستكشف المدينة , آسفة , أستطيع مساعدتك , أنني لا أتحدث سوى الفرنسية والألمانية ألى جانب الأنكليزية بالطبع".
وعقدت الراهبة حاجبيها وقالت:
" تتحدثين اللغة الألمانية , الألمانية؟"
" جائز".
وحملقت جولي في وجهها بفضول ,وأبتسمت الراهبة ثم قالت:
" قد تظنين أنني مجنونة , ولكن هناك بجارا بولنديا أحضروه ألى المستشفى أمس , وحدوه يئن في الشارع , وهو لا يتحدث الأنكليزية , وقد أوضح الكشف الطبي عليه أنه يعاني من ألتهاب حاد في المصران الأعور ,ومن الضروري أن يفهم أنه في حاجة ألى عملية جراحية عاجلة وقد ينفجر المصران في أي وقت , ولم نستطع التفاهم معه ولا أدري ماذا أفعل , أن وصولك يعتبر نعمة أذا أستطعت التفاهم معه".
وصاحت جولي على الفور:
" بالطبع , أرجو فقط أن يفهم لهجتي".
وسارت جولي خلف الراهبة التي أجتازت عنبرا طويلا , مزدحما بالأسرة والمرضى المصابين بكسور وجروح , وبرجال ينظرون بجمود أمامهم وكأنهم لا يشعرون بمن حولهم , وقد أسترعى أنتباه الحاضرين دخول جولي العنبر , فحاولت أن تتجاهل العيون التي حملقت فيها.
وبدت حالة البحار البولندي سيئة للغاية , وقد وضعت ستائر عالية حوله لتفصله عن بقية المرضى , وجلست راهبة أخرى ألى جوار السرير , نهضت واقفة عندما رأتهما وخطت ألى الخلف , كان وجه البحار شاحبا محتقنا , ونظر أليهما وهو لا يفهم ما تريدانه بينما بدا الألم في عينيه.
جلست جولي ألى جواره وقالت باللغة الألمانية :
" هل تتحدثين الألمانية ؟".
وبرقت عينا البحار قليلا , وقال بسرعة وبصوت رتجف وقد بدت عليه الراحة لأنه وجد من يفهمه:
" يا , يا ".
وأوضحت له جولي الموقف بسرعة , وظهر من حركاته وصيحاته أنه لم يكن يعرف خطورة حالته , ووقفت جولي وقالت للراهبة:
" ظن أنه يعاني من التسمم , الطعام على السفينة كان سيئا للغاية ,ولكنه يعرف حقيقة الموقف الآن , ويرغب في أجراء العملية الجراحية , وقد أوضحت له سبب وجوده هنا , وهو مرتاح أكثر الآن".
وتنهدت الراهبة وقالت:
" أرأيت زحمة العمل هنا ؟ أننا لا نجد من يقبل العمل في المستشفى , ولن تتحسن الأمور حتى يتم بناء المستشفى الجديد".
وسألتها جولي:
" هل تشيدون مستشفى جديدا؟".
" سيتم قريبا بمشيئة الله , تمت الموافقة على الرسومات الهندسية وسوف توضع الأساسات قريبا ,وسوف تكون الأوضاع أفضل حينئذ".
وأقرّت جولي قول الراهبة وقالت:
" أنني واثقة من ذلك ".
ونظرت جولي ألى العنبر المزدحم وشعرت بالنظرات التي وجّهها المرضى أليها , وقالت الراهبة وهي تتجه ألى الباب:
" أخذنا الكثير من وقتك , أرجو ألا نكون قد أزعجناك أذا طلبنا منك الترجمة".
" بالطبع لا , هل تعتقدين أنها ستكون فكرة طيبة أذا حضرت في الصباح , فقد يحتاج البحار ألى شيء بعد العملية فأتولى الترجمة له".

نيو فراولة 09-09-10 11:38 PM

وبدت الدهشة على وجه الراهبة وقالت:
" نعم , أعتقد أنها فكرة طيبة جدا , أذا رغبت في ذلك , وأتسع وقتك , فأنت في أجازة أهذا صحيح؟".
" ألى حد ما , أنا متأكدة من أنني أستطيع الحضور أذا رأيت أن هذا مفيد ......".
وتساءلت جولي وهي تقول ذلك ترى ماذا سيكون رأي سامنتا في هذا الموضوع ؟ سامنتا سوف يسعدها أن جولي وجدت تسلية بعيدة كل البعد عن مانويل كورتيز.
وأبتسمت الراهبة وقالت:
" أنت أنكليزية أليس كذلك؟ نعم , ظننت ذلك , لماذاتستكشفين الشوارع الخلفية في سان فرانسيسكو ؟ توجد أماكن سياحية أخرى جديرة بأجتذاب أهتمامك".
وهزت جولي كتفيها وقالت:
" لا أشعر بالرغبة في مشاهدة الأماكن السياحية في الوقت الحالي , هل أحضر ألى المستشفى غدا؟".
" حسنا , سوف أنتظرك غدايا آنسة ...".
" كيندي , جولي كيندي ".
" حسنا يا آنسة كيندي , أنا أسمي الأخت موران , أسألي عني أذا لم تجديني عند وصولك".
" حسنا".
وودعتها جولي وأنصرفت , وسارت في الشارع وهي تفكر في البحار البولندي ,وسرها أن تشعر من جديد أنها مفيدة .
غير أن الشكوك عاودتها وهي تركب سيارة التاكسي التي أقلتها ألى سانتا مارتا , ماذا لو أن سامنتا أحتاجت أليها للعناية بتوني؟ وماذا لو أعترضت على ترتيب مثل هذه الأمور بدون أستشارتها , أن الراهبة بالطبع لا تعرف عنوان مسكنها , ولن تستطيع الوصول أليها أذا لم تعد ألى المستشفى , ولكنها سوف تعود لأن شيئا مجهولا يرغمها على العودة ألى المستشفى , ولم تكن ترغب في مقاومته .
منتديات ليلاس
ولم تغضب سامنتا عندما قصّت جولي عليها ما حدث , غير أنها أعربت عن قلقها بشأن سلامة جولي وصاحت قائلة:
" جولي! ما الذي دفعك للقول بأنك سوف تعودين غدا , يا ألهي , سوف تجري للرجل العملية الجراحية وهو لا يحتاج أليك".
" لا يمكنه التحدث أليهم , يستعمل الأشارات ليعبر عما يريده , أعتقد أنه أمر طبيعي أن أعرض خدماتي".
" هل يعني ذلك أنه لا يوجد من يتحدث باللغة الألمانية سواك في سان فرانسيسكو؟".
" بالطبع لا , ولكن العمل منهك بالمستشفى , فالعنابر مزدحمة بالمرضى , ووقتهم لا يتسع للبحث عن مترجم , في أية حال ما دمت لا تحتاجين أليّ فسوف أذهب , حتى أستطيع أن أقوم بعمل ما , يتعين عليّ أن أشغل وقتي كما قلت أمس".
وأعترفت سامنتا بهزيمتها وقالت:
" حسنا يا عزيزتي , أذهبي لكن لا تلومينني أذا أستغلت الأخت موران وجودك وطلبت منك تقديم الطعام للمرضى , وأعتقد أنها سوف تتصور من سلوكك أنك في حاجة ملحة للعمل".
وضحكت جولي وقالت:
" علاج بالعمل!".
وأومأت سامنتا برأسها وقالت وهي تشعل سيكارة:
" على فكرة , كيف ستصلين ألى سان فرانسيسكو ؟ أن بن لن يستطيع أن يصطحبك , فهو ذاهب ألى مونتري".
وجف فم جولي وسألتها:
" هل هو ذاهب ألى مانويل؟".
" نعم , تم الأتفاق على ذلك بالأمس , فيبدو أن مانويل وكلود كريستيان كاتب الأغاني , هل تعرفينه ؟ يشتركان في تأليف أوبريت غنائية , فيضع مانويل الموسيقى بينما يكتب كلود كريستيان الأغاني , هل فهمت؟".
" نعم , وماذا عن بن؟".
" دعا مانويل بن لقضاء بعض الوقت معهما , هو يرسم وهما يعملان , أنه ترتيب مثالي!".
" مثالي .....".
وتنهدت سامنتا وقالت:
" والآن كيف تصلين ألى المدينة؟".
" سوف أطلب سيارة أجرة , فأذا غادرت المنزل في الساعة الثامنة أستطيع العودة في الساعة الثامنة عشرة".
" أسترخي , ولا تتسرعي بالعودة من أجل توني , فأنني هنا وسوف أرعاه , تناولي الغداء بسان فرانسيسكو ثم عودي في الوقت الذي يروق لك".
وضمّتها جولي وقبّلتها وقالت:
" سام! أنت لطيفة في معاملتك لي!".
" نعم أنا كذلك ".

نيو فراولة 10-09-10 12:02 AM

وأثناء تناولهم العشاء كان لا بد لبن أن يذكر بشكل عرضي اليوم التالي , ولاحظت جولي أن سامنتا رمقت زوجها بنظرة أستياء فقالت:
" أرجوك لا تعاملني وكأنني قطعة زجاج , فلن أتحطم , لا تتكلّف يا بن , تصرّف بشكل طبيعي , تحدث عن مانويل كورتيز أذا شئت , فمن الواضح أن الأمر مثير بالنسب لك , ولا أتوقع منك أن تختزن الكلام في هذا الموضوع , فلم تكن لتفعل ذلك لو لم أكن أنا هنا , ثم أن الموضوع يهمني , يهمني حقيقة".
وقال بن:
" حسنا , سوف أغادر المنزل في الصباح ولن أعود ألا بعد موعد العشاء , ولن أجد صعوبة في التعرف على المنزل , فسوف أسلك الطريق ألى كرميل , ويبدو أن المنازل فخمة على هذا الطريق , وسأبحث عن بيت مانويل , سايبروس ليك ".
وردّت سامنتا قائلة:
" هائل".
ولم تستطع جولي أن تعرف أذا كانت سامنتا ساخرة أم جادة , وتركتهما جولي بعد العشاء وهما يناقشان أفكار بن بشأن معرضه الجديد الذي قرر أقامته في الخريف ,وسوف يتركز الفكر أساسا على موضوع مصارعة الثيران التي أستلهمها من شكل مانويل الأسمر الأسباني .
ذهبت جولي في وقت مبكر ألى فراشها غير أنها لم تنم , فقد أنطبعت في ذهنها صورة مانويل ولم ترغب في محوها.
وفي اليوم التالي أرتدت سروالا كحليا وقميصا أبيض , لزيارتها المزمعة للمستشفى ,ووضعت على كتفيها سترة قاتمة اللون ,وأنتظرت وصول سيارة الأجرة.
منتديات ليلاس
وبدا المستشفى في ضوء الصباح كئيبا مهيبا , بينما غطى الميناء ضباب أثلج الجو , وأتجهت جولي ألى داخل المستشفى حتى لا تغير رأيها وتنصرف , غير أنها وجدت المدخل مهجورا تماما ونظرت حولها وهي تتساءل أين تذهب , وشاهدت رجلا يمشي في أتجاهها , كان يرتدي معطفا أبيض مما يشير ألى أنه طبيب , غير أن وجهه بدا مألوفا في ضوء المدخل المظلم , وخفق قلبها أعتقدت لبرهة أنها قد فقدت صوابها , فالرجل الذي وقف أمامها يشبه مانويل كورتيز تماما , ولولا أنه كان أقل نحافة وأقصر قامة من المغنى لأعتقدت أنه هو نفسه.
وتمالكت جولي نفسها , فذلك الرجل ليس مانويل وهي تتصرف ببلاهة , وسألها الرجل بأدب وبصوت جاد :
" هل من شيء تريدينه؟".
" أنا......نعم , أنا جولي كيندي , كنت هنا بالأمس , جئت لأزور البحار البولندي الذي لم يجد من يفهم لغته".
وأبتسم الرجل وقال:
" نعم , فولينسكي , حالة المصران , أجريت العملية الجراحية له , وحالته تحسنت كثيرا".
وأبتسمت جولي وقد تمالكت نفسها تماما وقالت:
" حسنا..... أين هو؟ هل أستطيع أن أراه؟".
" بالطبع".
وعاد بها ألى الممر وهو يتفحصها بفضول , ولعله كان يتساءل عن سبب شحوب وجهها , وسبب اضطرابها الشديد عند أقترابه منها.
وقال ببساطة:
" أسمي كورتيز , فيليب كورتيز , وأنا الطبيب المقيم بهذه المستشفى".
وحملقت جولي في وجهه , وتساءلت : ترى هل هو الذي قدم بن ألى مانويل؟ أن هذا شقيق مانويل فهو يشبهه ألى حد كبير وخفق قلبها وتساءلت , هل هذا هو الذي جذبها ألى المستشفى؟ هل كان هذا هو سبب شعورها بضرورة العودة ألى المستشفى . هل أحس عقلها الباطن بوجود هذا الرجل وبقرابته لمانوي؟
ورأت عند باب العنبر الأخت موران وقالت :
" وهكذا عدت ألينا يا آنسة كيندي , أنني في غاية السعادة لقدومك , خشيت أن تفقدي الرغبة في العودة ألى المستشفى بعد مغادرته".
وهزت جولي رأسها وقالت ببساطة:
" كنت أريد العودة".
ثم جلست ألى جوار سرير البحار البولندي المريض.
وبدا أيغور فولينسكي أحسن حالا في هذا الصباح , حلق لحيته , ومشط شعره , وبدا مختلفا عن الرجل المضطرب الذي شاهدته سابقا.
وتحدثت أليه بعض الوقت وهي تراقب فيليب كورتيز الذي أنتقل بين المرضى وهو يعاملهم برفق , وكان واضحا أن المرضى يرتاحون أليه , فهو جذاب مثل مانويل , ويسعى ألى كسب ثقة المرضى مستخدما جاذبيته لتحقيق هذا الهدف , فغالبا ما يشعر المرضى بالوحدة بعيدا عن زملائهم من البحارة .
وعند مغادرتها العنبر ألتقت صدفة بالأخت موران التي دعتها ألى تناول القهوة في مكتبها حيث قدمتها ألى الأختين دوتاهو وجيسون , ثم أنضم أليهن فيليب بعد فترة.
وساد الغرفة جو وردي , وجلست جولي تحتسي القهوة في المكتب الضيق وتستمع ألى الراهبات اللواتي تحدثن عن المرضى , وأخذن يشرحن المهام المزعجة التي يقمن بها , وحالات السرطان المتأخرة التي لا علاج لها , والتي عادة ما تستكشف صدفة , كما تناولت الراهبات أيضا موضوع العمل المضني في العنابر , وخدمة رجال لا يقدّرون ما يقدّم لهم , بل يحاولون مخالفة القوانين في كل فرصة.

نيو فراولة 10-09-10 12:16 AM


وبعد أنتهاء فترة أستراحة القهوة تركت الراهبات المكتب في الساعة التاسعة , وأحست جولي بالفراغ في حياتها , وقالت بدون تفكير :
" هل أستطيع أن أعمل أي شيء؟ أعني , أنني أستطيع المساعدة طالما أنني هنا....".
وهزت الأخت موران رأسها في دهشة :
" هل أنت جادة فيما تقولينه يا أبنتي ؟".
" بالطبع أريد أن أساعد , أذا أستطعت".
ولم تعترض الأخت موران , بل أعطت جولي رداء وممسحة وجردلا ,وطلبت منها مسح العنابر .
وأخذت جولي تعمل بهمة ونشاط فهي تؤدي عملا مفيدا , وتجاهلت الملاحظات البذيئة من المرضى , ووجدت في أحد العنابر الجانبية فتاة في الثانية عشرة من عمرها ترقد وهي تقرأ امجلات وتأكل الشوكولاتة , أبتسمت الفتاة لجولي وقدّمت أليها الشوكولاتة , حاولت جولي أخفاء فضولها معتبرة أنه ليس من شأنها التدخل فيما لا يعنيها , وقبلت الشوكولاتة من الفتاة وشكرتها وهي تبتسم.
وبعد أن أنتهت من مسح العنابر , قامت بفرش الملاءات , كما وضعت ميزان الحرارة في أفواه المرضى أنتظارا لقدوم الراهبات لتسجيل درجة الحرارة.
منتديات ليلاس
بأستثناء الراهبات الثلاثة والدكتور كورتيز , لم يكن يعمل بالمستشفى سوى مستخدمين يقومان بعمل مماثل لعملها , وطباخ يعد الوجبات , وحيث أن المستشفى تضم ثلاثة عنابر رئيسية وعنبرا جانبيا وأمتلأت جميعها بالمرضى , فقد كان هناك نقص واضح في العاملين.
وشعرت جولي بالأرهاق عند حلول وقت الغداء , وقامت بتقديمه ألى المرضى , وكان يتكون من الحساء والكفتة والحلوى والشاي ولاحظت الأخت موران شحوب وجهها وقالت بحزم:
" حان وقت مغادرتك المكان يا آنسة كيندي , قمت بمجهود كبير غير أنه لا داعي لأرهاق نفسك , شكرا جزيلا ووداعا".
خلعت جولي الرداء وقالت للأخت موران:
" هل يزعجك أن أحضر غدا ؟ لقد وجدت متعة في العمل معكم".
وضحكت الأخت موران وقالت:
" يا عزيزتي , أحضري كلما رغبت في ذلك , فنحن لا نرفض أية مساعدة, أليس كذلك يا دكتور فيليب؟".
وحملق فيليب في جولي وقال بصوت رقيق:
" هل ستحضرين ثانية؟".
" أذا سمحتم".
وهز رأسه وقال:
" ولكن لماذا؟".
وربّتت الأخت موران على كتف جولي وقالت:
" لا توجه أسئلة يا دكتور فيليب , فالفتاة ترغب في الحضور , فلتحضر أذا كانت خير معين لي اليوم".
ورمق فيليب جولي بعينيه وهو يفكّر , وخلع معطفه الأبيض وقال:
" حسنا , هيا بنا سوف أصطحبك ألى فندقك".
وأحمر وجه جولي وقالت:
" لا ضرورة لذلك , فأنا لا أقيم هنا...... أعني أقيم في سانتا مارتا".
وقال فيليب بحزم:
"حسنا فسوف أجد متعة في جولة بالسيارة".

نيو فراولة 10-09-10 12:42 PM

وتنهدت جولي , فلم تكن تريد أن يعرف فيليب عنوان أقامتها , لأنه أذا عرف أنها تقيم مع أسرة بارلو , فأن مانويل سوف يعلم بوجودها في نهاية الأمر .
وأبتسمت الأخت موران وقالت:
" مهلا يا فيليب ,فالفتاة غير معتادة على أسلوبك اللاتيني".
وزرّر فيليب سترته الرمادية الأنيقة فبدا بدون المعطف الأبيض أكثر شبا لمانويل ببشرته السمراء وعينيه السوداوين وأسنانه السوية البيضاء وقال وهو يضحك :
" هّيا بنا".
وهزّت جولي كتفيها وقالت:
" حسنا".
وتقدّمته ألى خارج المبنى وفي موقف السيارات وجد فيليب السيارة الكاديلاك البيضاء, أسترخت جولي على المقعد المكسو بالجلد ولم تعد تحس بالآلآم في جسمها , وأسعدها أن تستلقي على المقعد وأن تترك شخصا آخر يتحمل المسؤولية.
وقال فيليب:
" هل تناولت الغداء؟".
وهزت جولي رأسها وقالت:
" كلا! هل تناولت الغداء أنت؟".
" كلا , هل نتناوله معا؟".
وأبتسمت وقالت :
" هل من اللائق أن أفعل ذلك ؟ فلم أعرفك ألا منذ فترة وجيزة".
وقال وقد انعطف بالسيارة بعيدا عن الشارع الرئيسي:
" يمكنك أن تطمئني أليّ".
وتناولا الغداء في مطعم يشرف من أرتفاع كبير على الميناء , وبعد لحظات قال فيليب لجولي:
" والآن حدثيني عن نفسك , ما الذي جاء بك ألى الولايات المتحدة والساحل الغربي بالذات؟".
أظطربت جولي ولم تعرف كيف ترد , فقالت:
" بالواقع أنا أعمل مربية لطفل , غير أن أمه تجد متعة في العناية به لذلك لا أقوم بعمل فعلي في الوقت الحاضر".
وعقد فيليب حاجبيه وقال :
" رجل أنكليزي وزوجته ؟".
" نعم".
منتديات ليلاس
وأومأ فيليب برأسه وقال:
" كثيرة الأسرة الأنكليزية التي تقيم في سانتا مارتا".
وتنهدت جولي وقد أحسّت بالراحة , فقد حالفها الحظ في هذه المرة , ترى هل هذا كل ما سوف يسأل عنه؟ ولكن فيليب سألها عن بن أو بالأصح عن مخدومها ووظيفته.
وقرّرت أن تكذب عليه فقالت أنه كاتب , وبدا أن فيليب أقتنع بما تقوله بعد أن أجابت بسؤاله عن نوع ما يكتبه بقولها أنه يؤلف كتبا عن الأسفار فأكتفى بذلك وأخذ يتحدث عن المستشفى.
وسألته جولي عن الفتاة التي رأتها في العنبر الجانبي فقالت:
" من هي؟ أعني أنه شيء غريب أن أرى فتاة صغيرة في مستشفى للرجال ".
" أسمها تيريزا , وهي من أصل أيطالي , ومن سوء الحظ أن أبويها لا يهتمان بها , فهي تعاني من العرج نتيجة لتشوه في مفصل الفخذ يمكن تحسينه بالجراحة , أن والديها لا يملكان الموارد المالية لدفع تكاليف مثل هذه العملية حتى أذا أرادا ذلك وهو شيء غير مؤكد وقد شاهد رجل أعرفه تيريزا ونظرا لأنها تذكّره بالفقر المدقع الذي كان قاسى منه في يوم ما , فقد وافق على تحمل نفقات العملية الجراحية".
" هائل! والآن ماذا يحدث؟".
" أنها في أنتظار أجراء العملية لها , وقد أجرينا التحاليل والأشعة فالأمر يقتضي تنمية العظام في الفخذ الأيسر , ونحن نأمل أن تتحسن طريقة مشها تحسنا ملحوظا نتيجة للعملية , فأذا حالفها الحظ فلن يكون عرجها ملحوظا".
وقالت جولي وهي تكرر ما قالته من قبل:
" هائل!".
وأبتسم فيليب برقة وقال :
" حسنا , أستمتعت بغدائنا ؟".
وأومأت برأسها بحماس وبدا السرور على وجهه وقال :
" يجب أن نكرر ذلك قريبا ".
" أتمنى هذا".
ونسيت لثانية من هو غير أنها سرعان ما تذكّرت فقالت :
" يجب أن أذهب الآن ".
" نعم سوف أصطحبك ألى منزلك".
" كلا , أعني .... أفضّل ألا تفعل ذلك , شكرا....... فسوف أشتري بعض ما أحتاج أليه , ويمكنني أن أجد سيارة أجرة بسهولة , شكرا لك".
وتردّد فيليب قليلا , ولكنه وافق في نهاية الأمر على تركها , وأحست جولي بالراحة.

نيو فراولة 10-09-10 01:07 PM


وهال سامنتا ما سمعته من جولي عن الأحداث التي مرت بها , وقالت غاضبة:
" ماذا تقولين ؟فيا لها من حماقة دفعتك للعودة ألى المستشفى ؟ يا ألهي يا جولي , هل فقدت رشدك حتى توافقين على القيام بمثل هذا العمل !".
وضحكت جولي قليلا وقالت:
" سام! صدقيني عندما أقول أنني كنت أود المساعدة , أشعر بسعادة امرة عندما أقوم بعمل مفيد".
" يمكنك أن تقومي بعمل مفيد هنا".
" أعرف ولكنك لست في حاجة أليّ يا سامنتا , بينما هم يحتاجوم أليّ"
" حسنا , فقد أنتهت العملية الآن على الأقل".
وأرتبكت جولي وقالت بسرعة :
" قلت لهم أنني سأعود أعني في أي وقت فراغ , لأن هذا ينسيني ... الأشياء التي....... على فكرة , الطبيب أسمه فيليب كورتيز".
وحملقت سامنتا في وجهها وقالت:
" شقيق مانويل؟".
" لا أعرف , غير أنه يشبهه تماما , فأذا لم يكن قريبا له يحمل نفس الأسم , فهو شقيقه بالفعل".
وقالت سامنتا بشيء من السخرية :
" أن هذا هو السبب الحقيقي أذا , هل يشبه فيليب مانويل تماما؟".
" أن سلوكهما مختلف ولكن يوجد تشابه بينهما أيضا , أما في الشكل فهو أقصر قامة وأقل نحافة لكنه يشبهه بحيث يبدو من بعيد وكأنه مانويل نفسه ".
" جولي!".
وقالت جولي بأنفعال :
" كلا , أن الأمر لا صلة له بفيليب , فأنا أحب عملي , وأنا صادقة في قولي في كل حال أن عملي هنا كما تقولين , وقد لا أعود ألى المستشفى أبدا".
وقالت سامنتا معارضة:
" بل ستعودين ألى المستشفى يا عزيزتي , فنحن نريد سعادتك فقط , أنت تعلمين ذلك؟ ولكن أليس من الحماقة أن تعملي مع رجل تعترفين أنت نفسك بأنه يشبه مانويل ألى حد كبير؟".
" ربما ولكنه لا يعرف من أنا , ولن أذكر مانويل أبدا , أذا ما الضرر من ذهابي ألى المستشفى؟".
وهزت سامنتا كتفيها وقالت:
"أفعلي ما يروق لك يا حبيبتي , هيا بنا نعد الطعام , فبن يعود بعد قليل ألى المنزل , على فكرة من الأفضل ألا تذكري أسم فيليب لبن , فأنت تعرفين مدى أنفعاله وقد يبوح بالسر أذا علم لأنه لا يستطيع أن يكتم سرا , وأرجو ألا يربط بين المستشفى الذي تذهبين أليه وفيليب حيث أنه يعرفه الآن".
منتديات ليلاس
وعندما عاد بن كان منفعلا بعد قضاء كل اليوم في سايبروس ليك , ولم يهتم بالأستماع ألى الأحداث التي مرت بها جولي , وأخذ يصف المنزل لهم والبركة التي سمي المنزل بأسمها , فقال:
" المكان رائع , بيت من الطراز الأسباني , غرففه ضخمة وبه كل وسائل الراحة ,والأساس ليس من الطراز الحديث , وكثير منه من خشب الورد , وهو رائع , ومن الواضح أنه ثمين , توجد مقاعد كبيرة تتسع لثلاثة أشخاص ولوحات زيتية للرسامين غويا ورينوار , وهي بالطبع الرسومات الأصلية و فمانويل لا يمتلك سوى الأصل , والديكور رائع , ومانويل....... لقد طلب أليّ أن أناديه بأسمه , أنه جذاب جدا , وهو يعرف الكثير عن فن الرسم , ويبدو أنه رجل محترم , وهو بكل تأكيد يحسن أختيار القطع الفنية".
وقال وهو يصف بيلار :
" يا لها من فتاة جميلة!".
وأضاف بشيء من السخرية :
" سامنتا! ليتك كنت سمراء لعوبا!".
ورمته سامنتا بوساة وقالت :
" لماذا ! هل هي فتاة لعوب؟".
" يا ألهي , لا , فهي صغيرة جدا , ألى جانب أأن عدد أصدقائها من الذكور يفوق عدد صديقاتها , ولكنها ترتدي هذه الثياب القصيرة التي تناسبها , وهي جميلة بحيث لا بد وأن تسحر من يراها".
وضحك ثم قال:
"لقد ذهبت للسباحة بينما كنا في الشرفة نحتسي المشروبات بعد الغداء وكانت ترتدي زي بحر من قطعتين , غير أن مانويل تجاهلها , لعله يشعر أنها تحتاج ألى بعض الحرية أذ يقال أنها قاست الأمرين وهي تعيش مع أمها".
وقالت جولي وهي تتحدث للمرة الأولى:
" هل قال لك ذلك مانويل ؟".
" كلا..... في الواقع أن دولوريس أريفيرا هي التي قالته , ويبدو أنها تعمل مع مانويل وهي تقضي بضعة أيام عنده ".
وقالت جولي وقد هالها ما سمعته:
" أوه!".
وأستأنف بن حديثه بسرعة بشيء من الأرتباك:
" أن دولوريس أريفيرا تبدو جذابة .........جدا .......لست سوى رجل....... غير أنه يبدو لي أن علاقتهما ليست علاقة عاشقين".
وأرتعدت جولي وقالت وهي تكاد تختنق:
" الأمر لا يعنيني يا بن........".
وتساءلت لماذا, برغم أنها تدرك أنه ليس بالرجل الجدير بالحب والثقة فيما يتعلق بعلاقاته بالنساء , لماذا يرفض قلبها أن يعترف بهذا الواقع ببساطة؟

نيو فراولة 10-09-10 02:16 PM

9- طقس الحب الغائم

صادقت جولي الفتاة الأيطالية الصغيرة في المستشفى , لم تكن تريزا تحسن اللغة الأنكليزية , ألا أن جولي أستطاعت التفاهم معها , وأعتادت تناول طعام الغداء مع تريزا , وقد أكتسبت ثقة الفتاة فحدّثتها عن بيتها وأشقائها وشقيقاتها الذين يصغرونها سنا , وأحضرت جولي لها الصحف والفاكهة كما حرصت على زيارتها دائما فلولاها لما كانت لتريزا أية صلة بالعالم الخارجي.
وأصبحت جولي معروفة في العنبر الذي تحدثت فيه ألى فولنسكي , عندما حضرت ألى المستشفى لأول مرة و وعرفت أسماء بعض المرضى , كما عرفت أصاباتهم , وكانت تغض النظر عندما تراهم يلعبون الوراء من وراء ظهر الراهبات , وتقبل شكواهم وتخدمهم بروح طيبة.
وفي أحد الأيام وصلت جولي ألى المستشفى في وقت متأخر , لأنها تأخرت في النوم وأحست بصداع , بالأضافة ألى أن الأمور كانت تسير على نحو سيء في هذا اليوم , فقد أنقلب السطل في الممر , وأغلق باب الصيدلية على أصابعها , وبحلول وقت الغداء أحست بالأعياء , ورغبت في العودة ألى المنزل لتأوي ألى فراشها وتستريح.
وذهبت ألى المطبخ كما تفعل عادة بعد تقديم الغداء للعنبر لتأخذ الصينية لها ولتريزا وبدا شعرها مبللا بالعرق , فأزاحته خلف أذنيها , ووضعت يدها على جبينها .قال الطاهي وهو ينظر أليها بقلق :
" عودي ألى منزلك بعد تناول الغداء , فأنت مرهقة , ولو مرضت فلن تستطيعي تقديم المساعدة لأي أحد".
وأبتسمت جولي أبتسامة صغيرة وقالت:
" أنا بخير , ولكي سوف أعود بعد قليل ألى المنزل , أشعر بصداع فظيع".
منتديات ليلاس
تابع الطاهي بصوت رقيق:
" أذهبي ولا تعودي غدا أذا لم تشعري بتحسن , فليس هناك ما يضطر فتاة جميلة مثلك ألى أرهاق نفسها من أجل هؤلاء الوحوش الذين لا يحسون بأي أمتنان ".
وحملت جولي الصينية التي وضع عليها الطاهي طبقين من حساء اللحم وطبقين من فطيرة التفاح , وبدا الممر طويلا , وأحست بثقل قدميها , وتنفست الصعداء , عند وصولها ألى غرفة تريزا , ودفعت الباب بقدمها ودخلت الغرفة بخطى بطيئة .
ورأت رجلا واقفا ألى جوار سرير تريزا وقد مال نحوها وهو يتحدث أليها , وسمعت جولي تريزا تضحك كما لم تسمعها من قبل.
قالت جولي:
" فيليب.....".
وتمنت لو أتسع وقتها لتمشيط شعرها قبل الدخول , ثم سقطت الصينية من يديها فتبللت قدماها برذاذ الحشاء وقالت وهي لا تكاد تصدق ما تراه .
" مانويل !".
" جولي!".
وحدّق مانويل في وجهها لحظة , ثم جلس القرفصاء بجوارها وهو يمسح السائل من على قدميها اللتيت كانتا ضعيفتين بحيث لا تشعر بالألم .
وقال مانويل ساخطا :
" لماذا يسخرك فيليب لهذا العمل القاسي؟".
وركل الصينية بقدمه , وأمسك بكتفيها وأخذ يهزها بعنف وقال :
" هل أنت بخير ؟ هل أحترقت ؟".
تخلصت من قبضته ومالت ألى الأرض , وأخذت تجمع الأطباق الكسورة بأصابع ترتجف , غير أن مانويل أرغمها على الوقوف وقال بغضب وبلهجة آمرة:
" أتركيه!".
ثم هز رأسه وقال :
" لم أصدق عندما أخبرني فيليب أن فتاة تدعى جولي كيندي تعمل في المستشفى , لم أصدق أنها أنت".
" حسنا .......حسنا , أرجو ألا يساورك وهم كاذب بأنني أتعقبك".
وأحنى مانويل كتفيه وقال:
" لم أقل ذلك أطلاقا.....".
" ولكن كلامك عنى ذلك".
وأدار وجهه وأدرك أن تريزا تنظر أليهما بأهتمام وقال:
" لم أقل شيئا يفهم من هذا , يا ألهي لماذا جئت ألى هنا؟ لا أقصد الساحل الغربي بل هنا في مستشفى فيليب , أنك لا تتقاضين أجرا أليس كذلك؟".
" كلا , ولكنني أجد لذة في عملي".
" غير معقول! في كل حال ,فلنذهب ألى أخير حتى يعطيك شيئا لأنك تبدين منهكة القوى".
وألتفت ألى تيريزا وقال وقد تغير صوته تغييرا ملحوظا :
" سوف أزورك مرة أخرى أيتها الصغيرة".
وقالت جولي وهي لا تدري كيف تصرف:
" وهذه الأشياء التي سقطت على الأرض؟".
" سوف ينظف البلاط شخص أخر , أما أنت فلن تفعلي ذلك".
كانت جولي متعبة فلم ناقشه , بل سارت خلفه بخطى بطيئة , بينما سار هو بخطوات واسعة في الممر , وأتجه ألى مكتب الأخت موران وبدا واضحا أنه يعرف المكان , وتساءلت ترى هل يزور تيريزا كثيرا ؟ وهل هو الرجل الذي أشار أليه فيليب؟ كلا ! هذا لا يتفق وفكرتها عن مانويل كورتيز , فسلوكه معها في العنبر عندما أرغمها على الوقوف هو ما ألفته منه وعلامة العنف التي تختفي وتظهر هي من سماته.

نيو فراولة 10-09-10 07:24 PM

ونظر مانويل ألى الخلف عند أقترابهما من المكتب وقال:
" هيا يا جولي , أرجو أن يكون عند فيليبل ما يساعدك على أستعادة نشاطك , فأنك في حاجة أليه , تبدين منهكة".
وكادت جولي تقول له أن وجهها شحب من هول مفاجأة رؤيته , فقد أثار كل أحاسيسها القديمة , كما أنها لم تنسى أن دولوريس أريفيرا تقيم معه , ومن المحتمل أن يكون قد أصطحبها ألى المستشفى , وتمنت ألا يكون الأمر كذلك .
ودهش فيليب عندما رأى أخاه , كما أدهشه أكثر أن يسمعه ينادي جولي بأسمها , ولم تحاول جولي توضيح الأمر له , لشعورها بأعياء شديد , وتفهمت الأخت موران الموقف تماما عندما قص عليها مانويل ما حدث , فخرجت على الفور لتشرف على تنظيف الأرض , وتقديم وجبة غداء أخرى لتريزا , وتركت جولي في صحبة الرجلين.
وقدّم فيليب كأسا كبيرة من العصير شربت جولي جزءا منها ثم دخنت سيكارة قدمها أليها مانويل , وبدأت تحس أنها في حالة طبيعية.
نظر فيليب ألى أخيه وهو يفكر ثم قال :
" أرى أنك تعرف جولي , لم تقل لي هذا عندما ذكرت أسمها بالأمس".
منتديات ليلاس
ردّ مانويل وهو يذرع الغرفة جيئة وذهابا :
" لم أكن أعرف أنها جولي التي أعرفها , هل يهم هذا؟".
وهز فيليب كتفيه وقال:
" هذا يتوقف على جولي , هل كنت تعرفين أن مانويل شقيقي عندما بدأت العمل هنا؟".
قالت جولي الصدق بشيء من الضيق:
" كلا! لم أكن أعرف حتى بوجودك أنت أليس كذلك؟".
وأبتسم فيليب وقال :
" بالطبع لا".
وواصلت كلامها بحزم :
" ثم أنني لا أكاد أعرف مانويل , فلم نتقابل سوى مرتين في لندن , وأستطيع القول أن معرفتي بك أكبر من معرفتي بأخيك".
أومأ فيليب برأسه وقال:
" فهمت".
غير أن مانويل توقف عن السير فجأة وحملق فيها وقال:
" هل أنتهيت من هذا؟".
وأشار برأسه ألى الكأس التي أمسكت بها بيديها :
" شربت كل ما أريد أن أشربه , لماذا؟".
نظر مانويل ألى ساعة يده وقال:
" الساعة الثانية عشرة والنصف هيا فسوف تغادرين المكان معي".
ردّت جولي بشيء من التردد:
" لا أعتقد ذلك!".
" بل أنني على يقين من ذلك".
نظر مانويل ألى فيليب وكأنه يتحداه وقال:
" أن هذا لا يزعجك يا فيليب أليس كذلك؟ أعتقد أنها متعبة".
ونظر ألى ساعة يده من جديد وقال:
"سوف أوصلها ألى منزلها".
وبدا التردد على فيليب , ونظرت أليه جولي بتوسل وقالت:
" فيليب! أنا بخير لا تطلب مني أن أنصرف!".
وقال فيليب وهو يفكر فيما يقوله:
" فيما يتعلق باليوم , أعتقد أنه من الأفضل أن تنصرفي , فأنك مرهقة , ويبدو أنك قد أنفعلت كثيرا نتيجة لسقوط الصينية من يديك".
أرادت جولي أن تقول له أن سقوط الصينية من يديها لا صلة له بهذا الأضطراب العاطفي , بل أنها لا تكاد تحس بالأحتراق من السائل الساخن ولكنها فضّلت الصمت.
وألتوى فم مانويل بشراسة وقال:
" هيا بنا لنذهب".
ونظر أليها برهة قبل أن يدير المحرك , فأحست أن ثيابها غير مناسبة , فقد أرتدت بنطلونا أزرق وقميصا أبيض بدون أكمام وسترة وضعتها على كتفيها , أما شعرها الذي أزاحته ألى الخلف فقد تساقطت خصلات منه على وجهها.
قاد السيارة على طريق مرتفع ألى خارج المدينة ثم ألى الجنوب في أتجاه منزل بن وسار في منطقة لم ترها جولي من قبل , ونظرا لأضطرابها لم تستمتع بالمناظر الخلابة , كما أنها لم تستمع ألى خرير الماء وهو يسقط من الشلالات أسفل الطريق.
وأوقف مانويل السيارة أمام مطعم وألتفت ألى جولي وقال :
"سوف نتناول الغداء هنا , هل أنت جائعة؟".
ردّت جولي بصوت جاف بدون أن تلتفت ألى مانويل.
" لا أتذكر أنك سألتني أذا كنت أرغب في تناول الغداء معك؟".
وقال مانويل بغضب:
" لا تثيريني , أخرجي من السيارة.........".

نيو فراولة 10-09-10 07:32 PM


وعلى الغداء قدم أليها مانويل سيكارة وقال :
" تناولنا الغداء معا ولم يكن ذلك فظيعا , أليس كذلك؟".
أبتسمت جولي وأجابت:
" أرجو ألا يتعرف عليك أحد فأن شكلي فظيع , وأشعر أنني أكلت حصانا ".
" يروق لي رؤية الناس يستمتعوم بالأكل , أن هذا أمر هام".
وأخذ نفسا من سيكارته وتابع:
" حسنا , ما رأيك في هذه البلاد؟".
" أنها رائعة , أشعر أنني في بلدي , الناس ودودون جدا".
وقال مانويل بجمود:
" لا سيما فيليب!".
وهزّت جولي كتفيها وقالت وهي تدافع عن نفسها:
" فيليب يعجبني , وأعتقد أنني أنا أيضا أعجبه".
وقال مانويل ببرود:
" أنا واثق من ذلك ! هل ترغبين في مزيد من القهوة , هيا بنا أذا؟".
ودخلت ألى السيارة التي بدت مقاعدها مريحة وكأنها سرير من الريش وأسترخت وهي ناعسة ,وأحست بالراحة ولم تهتم بالمكان الذي يذهبان أليه , وتوقعت أن يسألها مانويل عن عنوان مسكنها , غير أنه لم يفعل , بل أدار السيارة وأتجه بها ألى الساحل من جديد.
أخذها ألى شاطىء هادىء لم يكن به سوى رجل وأمرأته مع عدد من الأطفال يلعبون على حافة البحر , وكان الجو في ظهر هذا اليوم بديعا , فأخرج بعض المناشف من حقيبة السيارة قبل أن يقول :
" هل ترغبين في قضاء بعض الوقت على الشاطىء؟".
منتديات ليلاس
ونظرت أليه جولي وقالت:
" هل ترغب أنت في ذلك؟".
أومأ مانويل برأسه وقال :
" نعم , المكان هاديء هيا".
وأفترشا المناشف على الرمال , وخلع مانويل سترته ثم قميصه بدون حرج فكشف عن بشرته السمراء وأخرج نظارات شمس من جيب سترته ورقد بكسل على الأرض وقال وقد أحس بتوتر أعصابها :
" أسترخي".

نيو فراولة 10-09-10 08:30 PM

وترددت جولي لحظة , غير أنها رقدت ألى جواره , ولفحت أشعة الشمس ذراعيها العاريتين ,فأحست بأن أعصابها أسترخت قليلا , ولم تفهم مانويل , لماذا يهتم بها اليوم ؟ لماذا هذه المعاملة الرقيقة منذ أن غادرا المستشفى؟ ما هدفه من ذلك؟ وأهم من ذلك كله ما هو وضع دولوريس أريفيرا ؟ هل تركها ليقضي بعض الوقت مع جولي لمجرد التغيير ؟ وبدت هذه الأفكار مقيتة , وأحست بعضلات معدتها تنقبض بينما أستدار مانويل وأخذ يتفرسها , وبدا المرح في عينيه وقال بصوت خافت:
" جولي , لم هذا الذعر ؟ أنك تتصرفين وكأنك تمسكين بذيل النمر ولا تستطيعين تركه!".
وفتحت جولي شفتيها في أبتسامة لا أرادية , وقالت له:
" كيف حال أبنتك ؟".
وعقد مانويل حاجبيه وقال:
" بيلار بخير , أشكرك".
وحرّكت جولي كتفيها وقالت:
" حدثني عن أسرتك , عن أشقائك وشقيقاتك ,ماذا يعملون؟".
" يوجد طبيبان في أسرتي , ومحام وخبيران فنيان وأثنان يعملان في صناعة البناء , هؤلاء هم أشقائي , أما شقيقاتي فتزوجن بما في ذلك أصغرهن تينا التي لم تتجاوز الخامسة عشرة من عمرها".
وفجأة مد يده وأخذ يجذب مشابك الشعر من شعرها , فتساقط حول وجهها , وقال بصوت خافت:
" هذا أفضل! لا يعجبني مرفوعا ألى أعلى رأسك , شعرك جميل يا جولي , ناعم كالحرير ".
منتديات ليلاس
وأمسك بخصلة من شعرها ولفها حول أصابعه , وألتقت عيناهما فأحسّت جولي بعاصفة تهب فجأة في كيانها ألا أنها تماسكت قائلة:
" هل ستعود بي ألى البيت؟".
جلس مانويل واضعا ذراعيه حول ركبتيه وأخذ يفكر متطلعا ألى الواسع الممتد أمامه وقال :
" مثل كورتيز الشجاع عندما نظر ألى المحيط الهادىء بعينين مثل عيني النسر , بينما حملقت كل نسائه بعضهن في بعض وهن سابحات في الخيال".
ونظر أليها بسخرية وأحست بوجنتيها تحترقان وقالت بصوت جاف:
" أعتقد أن ما ورد في النص هو كل رجاله ".
وأسودّت عينا كورتيز وقال :
" أتصور أن صيغتي تناسب أكثر".
وقالت جولي محاولة أن تتمالك نفسها :
" لم ترد على سؤالي , أريد العودة ألى البيت".
فتمتم بصوت غاضب:
" أنك متعبة ........ هل تعرفين ذلك ؟".
فألتفتت أليه وقلت :
" أنا آسفة".
ونهض مانويل واقفا ونظر أليها وهو يضع القميص على كتفيه النحيلتين وقال :
" عرفت نساء كثيرات وكلهن متشابهات في الجشع والأنانية ولا بد أنك مثلهن ".
وقفت جولي أيضا وكانت غاضبة , وقبل أن يستطيع منعها صفعته على وجهه وقالت:
" لو أمكنني العودة وحدي ألى المنزل لفعلت".
ولاحظت البقع الحمراء التي ظهرت على وجهه من أثر الصفعة.
وقال مانويل بصوت بارد :
" صدقيني , ليس لدي أدنى رغبة في أن أصطحبك ألى المنزل".
" لا تفعل أذا".
وبدون أن تنظر ألى الخلف , صعدت جولي المنحدر حيث وقفت السيارة الكاديلاك , وبعزم طائش دخلت السيارة وضغطت على الزر فأدارت المحرك .
وبينما هي تفعل ذلك , رأت مانويل يقفز ألى أعلى المنحدر , غير أنه لم يتمكن من اللحاق بها , ترى لماذا تغضبه على هذا النحو كلما تقابله؟ ولماذا يتصور دائما أنه يستطيع أن يعاملها وكأنها فتاة رخيصة ؟
وأتخذت قرارا آخر , وأتجهت مباشرة ألى سان فرانسيسكو , , ثم ألى المستشفى حيث أوقفت السيارة الكاديلاك بموقف السيارات , ثم أنصرفت بسرعة قبل أن يتعرف عليها أحد , وركبت تاكسي ألى منزل بن وتنفّست الصعداء وهي تدفع الأجرة.

نيو فراولة 10-09-10 08:53 PM

10- ترويض النمرة

أقسمت جولي ألا تعود ألى المستشفى بعد لقائها بمانويل , وبعد يومين أصطحب بن سامنتا والطفل ألى منزل أحد الزملاء ليمضوا اليوم عنده ,فوجدت أمامها يوما كاملا من الفراغ تستطيع أن تفعل فيه ما يروق لها.
ذهبت ألى المستشفى وكانت مستعدة أن تقص على فيليب كل ما حدث أذا لزم الأمر , ولكنه كان في غرفة العمليات , عند وصولها ألى المستشفى , وأستطاعت العمل بهدوء طوال الصباح , ومع ذلك تساءلت عما أذا كان مانويل أخبر فيليب بما حدث بينهما , وما أذا كان أوضح له علاقته بها ؟
وشاهدت فيليب بينما كانت تتناول الغداء مع الأخت موران في مكتبها , كان يبدو مرهقا وكأنه قد أجهد نفسه كثيرا في العمل , وأحست جولي بالقلق عليه وقالت وهي تنهض واقفة:
" أجلس , يتعين عليّ أن أعود ألى عملي".
وألتقت عينا فيليب بعينيها فقال:
" كلا! لا تذهبي".
وأنتقلت نظرا الأخت موران بينهما وقالت وهي تبتسم :
"حسنا أنني ذاهبة في الحال , هل أحضر لك الغداء يا دكتور؟".
وأبتسم فيليب للراهبة وقال :
" ليس الآن ".
وأومأت الراهبة برأسها وخرجت.
نظر فيليب ألى جولي وتنهّد ثم جلس على المقعد وقال:
" ماذا حدث؟".
وأحمرّ وجه جولي وقالت:
" ماذا تعني ؟".
منتديات ليلاس
" هل قضيت وقتا ممتعا مع مانويل؟".
" ألا تعرف ما حدث؟".
" كلا , فمانويل لا يقص عليّ مغامراته , تهمني معرفة سبب وقوف السيارة الكاديلاك في موقف المستشفى , فهي لا تزال في مكانها".
وحاولت جولي أن تخفي قلقها وقالت:
" هل هذا صحيح؟".
" نعم , أرى أنك تريدين أبلاغي بما حدث ولن أرغمك".
وتنهد من جديد وقال :
" كيف تعرّفت على مانويل؟".
وقصّت جولي عليه بعض تفاصيل علاقتها بمانويل , وقال فيليب بصوت فيه شيء من السخرية :
" أفهم الوضع الآن فمانويل بالطبع يجب أن يحيط نفسه بالنساء الجميلات ".
وأعترضت جولي قائلة وهي تشعر بوجنتيها تحترقان :
" العلاقة بيننا ليست ذات أهمية , فلم نتقابل سوى مرتين".
" صحيح ؟ ومع ذلك جن جنونه عندما شاهدك بالمستشفى , لماذا يا ترى ؟ فهو لا يهتم بالنساء بعد ما ........ كان يتعيّن عليّ أن أفهم أنك لست من هؤلاء الفتيات , على كل أنسي الموضوع وولنبدأ بداية جديدة , هل توافقين على ذلك؟".
وتنفست جولي الصعداء وقالت:
" أوافق ".
واصل فيليب كلامه وقال:
"قال لي مانويل أنك تقيمين مع بنديكت بارلو وزوجته , هل هذا صحيح؟".
" كيفأمكنه معرفة ذلك؟".
رد بصوت جاف:
" مانويل يتوصل ألى معرفة كل ما يريد أن يعرفه , أعتقد أنه سأل بن , وبن كما تعلمين لا يمكنه التهرب من الأسئل , في كل حال مانويل ماهر في سحب الناس!".
وضحك وأضاف:
" أقصد بلغة رمزية بالطبع".
" فهمت .....يؤسفني أنني لم أخبرك بذلك من قبل , فلم أرغب في أن يعرف مانويل بوجودي هنا حتى لا يتصورني أتعقبه ".
ويبدو أن فيليب فهم الموقف , فلم يستمر في أستجوابها , وعادت ألى المنزل عصرا لتجد أن سامنتا وبن لم يعودا بعد ألى المنزل".
ويبدو أن فيليب فهم الموقف , فلم يستمر في أستجوابها , وعادت ألى المنزل عصرا لتجد أن سامنتا وبن لم يعودا بعد ألى المنزل.
كان الجو جميلا في هذا المساء , كشفت النوافذ الكبيرة عن الشمس التي تلونت باللونين الأحمر والذهبي , وبدت كأنها قد أنصهرت فأصبحت سائلا على الأفق , بينما أمتلأت السماء بالظلال الوردية والزرقاء.

نيو فراولة 10-09-10 10:33 PM

أخذت جولي حماما ولبست فستانا ضيقا من الكرميلين الذهبي له فتحة عنق كبيرة وكمان يغطيان ثلاثة أرباع ذراعيها , ثم أعدت لنفسها وجبة خفيفة , وبينما جلست في الشرفة لشرب القهوة , سمعت صوت سيارة تقف أمام المنزل , سارت نحو المدخل متوقعة أن ترى بن وسامنتا , ولكنها شاهدت من خلال زجاج الباب أن السيارة من طراز الكاديلاك.
وخفق قلبها هل هي سيارة مانويل ؟ هل هذا سبب سؤاله عن عنوان مسكنها . هل أراد أن يحضر أليها ويتحدث معها ؟ ثم أليس هذا أنسب وقت لذلك؟ لا بد أن بن أخبره أنه سيقضي اليوم مع سامنتا عند أسرة مرديث , فقد أمضى بن اليوم السابق في سايبروس ليك , والمعروف أن بن يبوح بكل ما في صدره.
وفكّرت في أن تنكر وجودها بالمنزل , ألا أنها وجدت أنه من الأفضل أن تقابله حتى تتفادى مواجهته في مكان عام , وعندما فتحت الباب فوجئت بفيليب وليس مانويل الذي حضر أليها , وكان الأعياء يبدو عليه كأنه منهك القوى , وذلك يتناقض وما عرفته عنه ففيليب يجد متعة في علاج مرضاه ولا يكل من العمل.
ودعته ألى الدخول وقالت:
" يا ألهي! ما بك يا فيليب؟".
تبعها فيليب ألى غرفة الجلوس وأرتمى على مقعد منخفض , ثم فك أزرار ياقته ومسح شعره بيده وقال:
" هل كنت تعرفين بأننا سوف نجري العملية لتريزااليوم ؟".
" كلا!".
منتديات ليلاس
ثم عقدت حاجبيها وقالت:
"لم أذهب ألى المستشفى في اليومين السابقين , يبدو أن الأمر فاتني , ولكنني رأيت تيريزا هذا الصباح ولم تخبرني بشيء".
" أعرف ......فرغم أنها طفلة شجاعة ألا أن فكرة العملية في حد ذاتها كانت تخيفها ".
" ماذا حدث؟ ما الخطب؟".
" لم تعد تيريزا بالمستشفى , حضر أبوها ألى المستشفى ظهرهذا اليوم وأخرجها".
" أخرجها من المستشفى ؟ لم فعل ذلك؟".
" لا أدري , كنا قد أعددناها لأجراء العملية , ولم تكن في حالة تسمح بنقلها , وفكرت في اللجوء ألى الشرطة , غير أنني خشيت أن يؤثر هذا الفتاة الصغيرة".
" كيف أستطاع أن يغعل ذلك؟".
وهزّ فيليب رأسه وقال وهو يخرج علبة السكائر من جيبه ويشعل سيكارة .
" لديّ بعض الشكوك , فقد كان أسم المحسن منذ البداية موضوع نزاع بيننا , أن والد الفتاة لا يهتم بها , ألا أنه أدرك أنه لو عرف أسم المحسن لأستطاع الحصول على أموال طائلة من الصحف أذا أفضى أليها ببعض التفاصيل .....على الأقل هكذا أعتقد ".
" يا للفظاعة , وهل تعتقد أنه قد توصل ألى معرفة أسم المحسن الآن؟".
" كلا ,لا أعتقد ذلك , ولكن أذا أجريت العملية لن يهتم أحد بتريزا لا سيما أذا كتب لها الشفاء , عندئذ لن يكون هناك مجال لأثارة عطف الجماهير بنشر الصور في الصحف والمجلات".
وقالت جولي وقد أثار ما سمعته أمتعاضها :
" يا له من شيء فظيع ! والرجل .... المحسن ....هو مانويل , أليس كذلك؟".
" نعم , هذا صحيح , ومانويل لا يحب الدعاية وأن أعتقدت غير ذلك".
" أعرف ذلك , والآن ماذا يحدث؟".
" هناك أحتمالات عديدة , قد ينشر والد تيريزا الخبر ويشوه الحقائق على النحو الذي يخدم مآربه ,وهو لا يهتم بأمر أبنته أو بشفائها ويمكنه أن يخلق المشكلات بقوله أنه لم يوافق على أجراء العملية وأنه أنقذ أبنته من أيدينا".
" ولكن هذا شيء مضحك ! من يصدق ذلك؟ ليس هناك ما يؤيد هذا الأفتراء , وفي كل حال , فأنت كنت ستشفي تيريزا من علتها ".
" يا عزيزتي جولي أنت طفلة لطيفة وساذجة , تجهلين تماما الأساليب الملتوية التي يلجأ أليها رجال الصحافة للحصول على خبر مثير ويتعين عليّ أن أفكر في الموضوع , وأذهب ألى والد تيريزا بنفسي لأحاول التوصل ألى أتفاق معه ".
وشعرت جولي أنها لا تستطيع مساعدته , وغضبت ألأن تيريزا وقعت في قبضة من لا يهتم بأمرها ويحرمها من فرصة الشفاء علتها .
وأمعت فيليب النظر فيها ثم سألها فجأة :
"حدثيني عن علاقتك بمانويل يا جولي".
" لقد أخبرتك , فليس هناك ما يضاف ألى ما قلته ".
" ولكنني أعتقد أن هناك الكثير".
وهزت جولي رأسها وقالت بعدم أكتراث :
" لا تحاول أن تحل مشكلاتي , فلك ما يكفيك من المشاكل ".
وأخذ فيليب نفسا من السيكارة وقال :
" حسنا أين بن وزوجته؟".
" ذهبا لزيارة أحد الأساتذة , أعتقد أسمه مريديث".
وأومأ فيليب برأسه وقال:
" ميريديث؟ أنني أعرفه".
وساد الصمت فترة وأضفى الظلام على الغرفة جوا من الهدوء , وفجأة سمعا صوت سيارة في الممر المؤدي ألى المنزل ,وقالت جولي:
" أعتقد أن سامنتا وبن قد حضرا".
" هل يضايقك أن أكون هنا؟".
" بالطبع لا , فأنت تعرف بن وسوف تعجبك سام , فهي لطيفة للغاية".
وأتجهت جولي ألى الباب لتفتحه وأضاءت الأنوار وهي في طريقها , فقضت على الجو الشاعري الذي ساد الغرفة بعض الوقت , وأرتبكت حين رأت الرجل الواقف أمامها , وصاحت وهي لا تكاد تصدق عينيها:
" مانويل!".

نيو فراولة 10-09-10 11:00 PM

ونهض فيليب واقفا , غير أن مانويل أتجه بسرعة ألى غرفة الجلوس فرأى الكؤوس على المائدة الجانبية , وأعقاب السكاير في المنفضة والأنوار التي أضيئت للتو.
أغلقت جولي الباب وتبعته ألى غرفة الجلوس ووضعت يديها خلف ظهرها حتى لا يلحظ مانويل أنها ترتجف , وقالت ببرود:
"لماذا تشرفنا بهذه الزيارة ؟".
وتجاهلها مانويل وقال بصوت حاد لفيليب :
" ماذا تفعل هنا يا فيليب ؟ لا أعتقد أنكما تتحدثان عن العمل في الظلام؟".
ولكن جولي غضبت وصاحت :
" كيف تجرؤ على توجيه هذا السؤال؟ أنني أرحب بوجود فيليب ولا أرحب بوجودك أنت".
وقال مانويل وهو يوجه كلامه ألى أخيه بصوت خافت أمر لا يقبل النقاش:
" أرغب في محادثة جولي على أنفراد".
ثم أضاف بصوت ساخر :
" هل يضايقك ذلك؟".
فقال فيليب بهدوء:
" لا أعتزم مغادرة المكان وأنت في هذه الحالة غير أنني سوف أترك الغرفة لعدة دقائق لأنني أشعر بالحر وأريد أن أغتسل أذا سمحت لي جولي بذلك".
ونظرت جولي ألى فيليببيأس وقالت:
" لا داعي لهذا يا فيليب , يستطيع مانويل أن يقول ما يريده في وجودك ".
منتديات ليلاس
وهز فيليب رأسه وقال:
" أهدأي يا عزيزتي , فسوف أكون بالحمام ,والآن أرجو أن ترشديني أليه".
وأوصلته جولي ألى الحمام , ثم عادت على مضض ألى غرفة الجلوس , فوجدت مانويل واقفا بالشرفة وهو يحملق في المحيط الذي بدت مياهه مضطربة في ضوء القمر ,وقالت جولي:
" حسنا , ماذا تريد ؟".
" أنت تعرفين سبب مجيئي , حضرت في الصباح فلم أجد أحدا بالمنزل , ولم أعرف مكان أقامتك سوى أمس".
وبدت جولي هادئة برغم أضطرابها وقالت :
" هذا ما فهمته".
وأشعل مانويل سيكارة وأمعن النظر فيها وقال :
" هل تدركين أنه كان من المحتمل أن تلقي حتفك في هذه السيارة؟".
" أنني أجيد قيادة السارات ".
وقال مانويل وقد نفذ صبره :
" لست على دراية بقيادة سيارة بهذه القوة , يا ألهي! عندما رأيت السيارة تتجه أل الطريق هالني أن أتخيّل النتائج التي قد تترتب على ما أقدمت عليه".
" لم يحدث مكروه كما ترى , ولا يوجد خدش في السيارة".
" لا تهمني السيارة بشيء!".
" كيف عدت؟".
" أوقفت سيارة مارة ".
وأخذ نفسا عميقا من السيكارة وقال:
" أخبرني فيليب بمكان السيارة , لم أقل له القصة , ولكنني أتوقع أنك أخبرته".
وقالت جولي بغضب:
" لم أقل شيئا , وأعتقد أنه يتعين عليّ الأعتذار لتصرفي الصبياني ".
وقال بصوت لاذع:
" هكذا تتصرفين دائما".
" حسنا , أنك تعاملني وكأنني....".
وتوقفت أذ عجزت عن نطق الكلمة .
وتمتم قائلا:
" كفى! أنا أعرف بالضبط كيف أعاملك!".
وشعرت جولي بالأهانة وقالت:
" ألا يضايقك أن تعرف أنك تتصرف تصرفا منفرا ؟".
" لا يهمني ذلك في كثير من الأحيان".
وأشاحت جولي بوجهها .
وأذهلها أذ قال :
" تعالي ألى سايبرس ليك".
لم تكن تتوقع هذا الطلب فحملقت في وجهه بدهشة وقالت:
" لا , لا أشكرك ".
وهز مانويل كتفيه وقال :
" ألا يهمك ذلك؟".
وقالت بصراحة تامة :
" بل يهمن , قال بن الكثير عن المكان , ولكن ذلك لا علاقة له بالموضوع ".
" لماذا؟ هل أنت خائفة؟ سوف أقيم حفلا بعد بضعة أيام , وسأرسل دعوة لبن وسامنتا , يمكنك الحضور معهما أو مع فيليب بالطبع".
" لا أعتقد ذلك".
قالتها وهي تشيح بوجهها بعيدا عنه.

نيو فراولة 10-09-10 11:19 PM

وأحست أنه تحرك , وشعرت بنفسه الدافىء على عنقها , وقبضة أصابعه القوية على كتفيها وهو يجذبها نحوه ويتمتم بصوت أجش قائلا:
" يا ألهي! لماذا أرغبك يا جولي؟".
وكادت أن تعجز عن مقاومة صوته الساحر , غير أنه عندما أدارها لتواجهه ومال برأسه عليها , غافلته وأبتعدت عنه قائلة:
" لا تلمسني".
وهزّ مانويل رأسه وقال بصوت مكتوم :
" أكاد أقتلك في بعض الأحيان!".
وقالت وهي ترتجف :
" لماذا حضرت ألى المنزل ؟ أنك تعلم أنه لا يوجد كلام آخر بيننا , ولن تربطني بك علاقة من أي نوع , وأذا تصورت أن أهتمامك بي يرضي كبريائي فذلك غير صحيح".
وقال بعنف:
" أسكتي ".
" لن أسكت".
قالتها وهي ترتجف قليلا , غير أن فيليب دخل ألى الغرفة , فأبتعدت عن مانويل وأشعلت سيكارة , وقال مانويل:
" يمكنك الآن يا أخي أن توضح لي سبب مجيئك ألى هنا".
وهو فيليب كتفيه وقال :
" كنت سأخبرك بالأمر , حضر أبو تيريزا ألى المستشفى ظهر هذا اليوم وأخرجها , وهي في حالة لا تسمح بنقلها لأننا أعددناها للعملية".
منتديات ليلاس
وهوى مانويل بقبضة يده على باطن يده الأخرى وقال:
" لماذا؟ لماذا؟".
وشرح له فيليب الأسباب , وذرع مانويل الغرفة جيئة وذهابا بوجه متجهم وهو يدخن السيكارة , وأستجمعت جولي شتات فكرها بينما حال أضطرابها دون أستماعها للحديث الذي دار بين الشقيقين , وشعرت بالأرياح أذ سمعت مانويل يقول أنه سوف ينصرف.
وأوصله فيليب ألى الباب ثم قال أنه هو أيضا يعتزم الأنصراف.
وقالت جولي وهي تأسف لأنصراف فيليب :
" ألا يمكنك البقاء بعض الوقت؟ قد يتأخر بن وسامنتا".
وقال فيليب برقة:
" لديّ عمل , وعليّ درس ما يمكننا أن نفعله للطفلة, مانويل ليس في حالة تسمح له بأن يتصرف في الموضوع ,ويجب أن أكون بجانبه حتى أساعده , مانويل شديد الأهتمام بتريزا ويرغب في شفائها".
وقالت جولي بحماس:
" ألا نرغب كلنا في ذلك؟".
ثم قالت وبتردد:
" فيليب".
ونظر أليها وقال:
" نعم؟".
" هل تعتقد أن مانويل يحب دولوريس أريفيرا؟".
وزرر فيليب معطفه وهو شارد الذهن ثم قال :
" مانويل لم يحب أمرأة في حياته".
" لكنه يخرج معها ".
" هذا صحيح,ولكن يجب أن تدركي يا جولي أن دولوريس فنانة ,وأن لهما ميولا مشتركة وهي تتفهم عمله , وأعتقد أنها تحب مانويل وهي ليست مروضة كما أنها غير قابلة للترويض , العلاقة بينهما ترجع ألى زمن بعيد , وبرغم أنها تراقبه وكأنها نمرة تدافع عن شبلها , ألأ أنهما غير متفاهمين , أذا كان هذا ما تقصدينه".
وبلعت جولي ريقها وقالت:
" هذا ما أقصده".
" لماذا تسألين؟".
وهزت جولي رأسها وقالت:
" لا أعرف".
" لعلك تدركين أن حبك لمانويل يعتبر قمة الطيش؟".
وبلعت جولي ريقها من جديد وقالت:
" نعم , أفهم ذلك , أنا لا أحب مانويل , فليست لنا أية ميول مشتركة , بل أنني أمقته لموقفه من النساء , ولكنني معجبة بالجهود التي يبذلها من أجل المستشفى الجديد , ومن أجل تيريزا".
وأومأ فيليب برأسه وقال:
" مانويل جل سخي , وهناك أمرأة واحدة يحبها وهي بيلار , وأعتقد أنها دائما المرأة الوحيدة في حياته".
وأبتسمت جولي وقالت:
" أشكرك يا فيليب , لا بد أنك تعجب لفضولي".
" كلا , أثار مانويل دائما أهتمام النساء , غير أنني لا أريده أن يسبب لك ألاما يا جولي".
" لن يفعل ذلك!".
قالتها بأستخفاف , ولكن بعد أن أن أغلقت الباب خلفه , وأستندت أليه لحظة أحست بالأعياء ,وفكرت بتصميم.....لا...لن أتألم الآن .........كان هذا في الماضي فقط".

نيو فراولة 11-09-10 12:55 PM

11- أحبك...... أحبك...... أحبك

لم تستطع جولي رفض الدعوة ألى سايبرس ليك منذ رغب فيليب في حضورها الحفل , وكان عليها أن تحضره وألا أثارت شكوكه بشأن مشاعرها أتجاه مانويل , وسامنتا أيضا تحمست للفكرة وحثت جولي على أصطحابها , قائلة أن السيدة سيراكس ستبقى مع توني , وهذا الحفل هو الأول الذي يحضرونه منذ وصولهم ألى الولايات المتحدة.
وكانت الرحلة ألى سايبرس ليك تستغرق ساعة لذلك لبست الفتاتان البنطلونات والقمصان على أن ترتديا ملابس السهرة عند وصولهما , وركبوا جميعا بسيارة فيليب وجلست جولي وسامنتا في المقعد الخلفي.
ومروا بمنطقة وعرة غير أنها رائعة الجمال وجلست جولي على طرف مقعدها طوال الطريق تستمع بأهتمام بالغ لما يقوله فيليب.
وكانت سايبرس ليك تقع وسط عدة أفدنة في جزر مونتري , وقد سلطت الأنوار الكشافة عليها فلمعت البحيرة في الضوء الخافت ببريق معدني , وكانت غرف الجلوس خلت من معظم الأثاث , بينما أمتدت موائد الطعام بطول الشرفة وبطول الفناء المؤدي ألى البركة.
وأوقف فيليب سيارته بين مجموعة كبيرة من السيارات ولكنه قاد الفتاتين ألى سلم جانبي وصعدوا ألى الطابق الثاني , حيث فتح فيليب بابا أدّى ألى غرفة نوم تليها حمام , وقال بهدوء:
" لا تسرعا فالوقت لا يزال مبكرا".
" شكرا يا فيليب".
منتديات ليلاس
قالتها جولي وهي تبتسم ثم تبعت سامنتا ألى الداخل.
وأفرغتا الحقائب وأغتسلتا ثم أرتدا ملابسهما وزينتا وجهيهما بمستحضرات التجميل.
" أليست الغرفة جميلة؟".
قالتها سامنتا بصوت خافت وهي تنظر حولها ثم أضافت:
" أفادتنا معرفة فيليب ,يا ألهي! يا له من سرير رائع!".
وكان السرير من الأسرة ذات الأعمدة الأربعة والسقف , وقد أنسجم في ضخامته مع الخزانة الكبيرة والسجاد الأحمر والستائر التي كانت بلون الكهرمان.
وأومأت جولي برأسها وقالت:
" هل أنتهيت؟ هل ننزل ألى الحفل؟".
وفي الطابق الأسفل وجدتا بن وفيليب ينتظرانهما , بينما وقف ألى جوارهما مانويل الذي كان يرتدي حلة السهرة البيضاء التي أبرزت لونه الأسمر , ورمق مانويل جولي بنظرة أعجاب وشعرت بالسعادة لأنها أشترت الثوب الجديد , فقد كان واضحا بلا شك أنه يلائمها وكانت عينا مانويل داكنتين غامضتين وهما تستقران عليها.
وتحدّث بلطف ألى سامنتا فأثار أحترامها , وقال لفيليب:
" أصطحب جولي وأصدقاءها ألى الشرفة حيث ألحق بهم في وقت لاحق".
ورقصت سامنتا وبن على أنغام شرائط التسجيل , وأنتقل الخدم الذين لبسوا السترات البيضاء بين المدعوين يقدمون لهم كؤوس الشراب , وقدّم فيليب جولي ألى بقية أسرة مانويل.
ونسيت جولي أسماءهم على الفور , غير أنهم رحبوا بها وكادت أن تنسى بيلار لولا وقوفها بينها وبين فيليب وقالت بيلار :
"أهلا بالعم فيليب , هل يعجبك ثوبي؟".
ورمقت جولي بنظرة فاحصة وأضافت:
" أنني أعرفك , أليس كذلك؟ فأنت جولي كيندي , لقد حضرت ألى الشقة في لندن لتقابلب أبي".
وأحمر وجه جولي , فقد تعمّدت بيلار أن تتحدث بصوت مرتفع , فهي تقصد الحديث بصوت عال عن المقابلات التي تبدو سرية.
وقال فيليب بهدوء:
" بيلار , أبحثي عن تينا وزوجها , فهما من سنك , أما جولي فسوف أبقى أنا معها".
وتحّدث فيليب بصوت رقيق وحازم , فرمقت بيلار جولي بنظرة وقحة ثم أنسحبت .
وبدت جولي مرتبكة ولكن فيليب قال لها:
" أسترخي يا جولي , فأنا أعرف بيلار جيدا , أن ما قالته يفسّر شيئا لي".
" ماذا تعني؟".
" أعني علاقتك بمانويل , هو الذي تهربين منه ؟ أليس كذلك؟".
وأدارت جولي وجهها وهمست:
" فيليب ! أرجوك!".
" مانويل لا يتزوج نساءه ,أليس كذلك؟".
قالها فيليب بصراحة بدون أن يتعمد القسوة.
وقالت جولي بصوت مكتوم:
"لست من نساء مانويل !".
وأومأ فيليب برأسه وقال:
" أعرف ذلك , وهذا يوضح سبب خوف بيلار منك".
" بيلار تخافني , يا للهراء".
" أنها تخاف منك , فعندما تتعمد بيلار الوقاحة يعني هذا أنها خائفة , قهي لم تعش كل حياتها مع مانويل , ولا تنسى ما عانته من أمها , وهي تغار على أبيها , وتريد الأستئثار به , وتدرك أنه طالما ينال مانويل غرضه من المرأة التي يرغبها فهو لن يتزوجها ".
وتذكرت جولي عدم مبالاة بيلار بدولوريس أريفيرا.
وواصل فيليب حديثه فقال:
" ربما ظننت أن الواقع يختلف بالنسبة لك , غير أنني أحذّرك يا جولي ألا تنخدعي , فأنا أحب مانويل ولكنني أجهل أخطاءه".
" وأنا أيضا لا أجهلها".
وأفرغت كأس الشراب وقالت :
" هل تحضر لي كأسا أخرى ؟".
وأومأ فيليب برأسه وأمسك بالكأس وتوجّه ألى غرفة أخرى , ونظرت جولي حولها بقلق , وتمنت ألا يشاهدها مانويل حتى لا يثيرها بتعليقاته اللاذعة وأهاناته المستترة.

نيو فراولة 11-09-10 01:22 PM

وأحست بأصابع تمسك بذراعها , وبأظافر حادة تلمسها , وأنتفضت لأنها كانت مستغرقة في خيالها.
وألتفتت وراءها فرأت دولوريس أريفيرا , وقد لمعت عيناها بالحقد وقالت ساخرة:
" حسنا , حسنا , يا آنسة , من توقعت , مانويل؟".
وهزّت جولي رأسها , ولكنها لم تستطع أن تشيح بوجهها بعيدا عن عيني دولوريس , شعرت أنها أشبه بأرنب خدّرته أفعى.
وأبتسمت دولوريس أبتسامة با هتة وقالت:
" مسكينة أنت يا آنسة كيندي , فلا يمكنك أخفاء شعورط , فأنت كتاب مفتوح بالنسبة لي , هل تعرفين أنني أدرك ما بقلبك وأنك تتشوقين ألى مانويل , أليس كذلك؟".
وأمتقع وجه جولي وقالت بصوت خافت حتى لا تلفت الأنظار أليهما :
" أتركي ذراعي من فضلك".
" لم أتركه ؟ لو فعلت ستسرعين ألى السيد فيليب الرجل الشهم , وتطلبين منه أن يصطحبك ألى المنزل لشعورط بالتعب , أليس هذا صحيحا؟".
منتديات ليلاس
وحاولت جولي التخلص من قبضة دولوريس , غير أن الأصابع التي أمسكت بذراعها كانت صلبة كالفولاذ.
ومرّت دولوريس بطرف لسانها على شفتيها ونظرت حولها حتى تتأكد من أن أحدا لا ينصت وقالت:
" لندخل في الموضوع أذا يا آنسة , دعيني أقدم لك نصيحة لمصلحتك , هل تفهمينني؟".
وأشتد غضب جولي وتمنت أن يعود فيليب لينقذها لأنها أحست أن غضبها شيء عاطفي ,وقد يسيطر عليها , وهي بالطبع لا تستطيع أن ترى أحدا يسخر منها ولن تسمح بذلك , وتوسلت قائلة:
" أرجوك , ليس هناك كلام بيننا , ولا أريد أن أسمع شيئا عن العلاقة بينك وبين مانويل , فأنا أعرف كل شيء ".
وضحكت دولوريس وقالت:
" أعرف أنك تتوقين ألى تحسين علاقتك بمانويل برغم نشأتك البرجوازية الحقيرة ,وهذا واضح لبيلار ولي ولمانويل , تعقبته من لندن أملا في أن يغير رأيه , أخبرني في لندن أن العلاقة بينكما قد أنتهت , ولكنك تواصلين مطاردته , أليس عندك كبرياء يا آنسة؟".
وشحب وجه جولي وأتسعت عيناها ولمعتا بالدموع وقالت:
" هل قال لكذلك؟".
" بالطبع يا عزيزتي , فهو يبوح لي بكل شيء ,كل شيء".
وأستطاعت جولي أخيرا التخلص من دولوريس أريفيرا , ووضعت يدها على عنقها أذ شعرت بالغثيان , وعجبت لحماقتها حين تصورت أن مانويل رجل محترم.
وكانت قد تمالكت أعصابها عندما عاد فيليب , ورفضت أن تؤكد أتهامات دولوريس أريفيرا فيما لو طلبت منه أبعادها عن الحفل , فأخذت الكأس وحاولت أن تبدو طبيعية.
وبدا السرور على وجه فيليب وقالت له جولي:
" لم طال غيابك؟ أين كنت؟".
وأبتسم فيليب أبتسامة عريضة وقال:
" كنت أتحدث مع مانويل".
ولم يلحظ وجه جولي الشاحب وأستطرد قائلا:
" لم أره منذ يومين , وقد أخبرني الآن أن تيريزا ستعود غدا ألى المستشفى ".
ونسيت جولي مشكلاتها وصاحت:
" رائع! شيء رائع!".
" نعم , أليس كذلك؟".
" ولكن كيف حدث ذلك؟ ....... أعني ........هل نشر والد تيريزا القصة في الصحف؟".
وضحك فيليب وقال:
" كلا , لم يفعل شيئا من هذا القبيل , فقد عومل والد تيريزا كما يعامل هو الآخرين".
" ماذا حدث بالضبط؟".
" كلّف مانويل مخبرا خاصا بالتحري عن جويليو رينالدي ,وهذا أسم والد تيريزا , ولم تكن مثل هذه الفكرة لتخطر على بالي , وكشفت المعلومات التي تم الحصول عليها عن علاقة رينالدي بشخص مشبوه أبعد عن البلاد وتراجع رينالدي عند مواجهته بهذه الوقائع , أذ أنه لا يرغب في أبعاده هو أيضا , وهكذا تم التوصل ألى أتفاق عن طريق أبتزاز معنوي صغير".
" هل رأيت تيريزا؟".
" لا, ولكن مانويل قابلها ويقول أنها في صحة جيدة , وأعتقد أننا نستطيع أجراء العملية في غضون أيام".
ولم تنسى جولي كلمات المرأة الأسبانية دولوريس أريفيرا , ولا مضمونها فيبدو أن لمانويل شخصيتين , شخصية الرجل السخي الذي يراعي الآخرين , وشخصية الرجل القاسي الذي أحبّه ودمّر حياتها.
ولم تلمس جولي الأكل , فقط تمنت أن تنتهي السهرة حتى تعود ألى المنزل وتنسى ما حدث , وبعد العشاء طلب المدعوون من مانويل الغناء , فعزف على الغيتار بينما صاحبه على الفلوت والطلبة أثنان من المدعوين , كما عزف قطعة من موسيقى الفلامنكو ,وأخيرا غنى أغنية جديدة بروعة.
وحملقت جولي في وجهه وهو يغني ويقول:
" أبقي معي
فأنني أتوق ألى لمسك.
وأنا أحبك كثيرا.
ولا يوجد شيء لن أعطيه أذا قلت أنك ستعيشين معي.
أبقي معي.
يا حبيبتي ,فأنت وحدك تخلقين كل أمل لي في الحياة , وأذ ا أفترقنا
فلن أكسب أبدا , أعطني الحب وقولي مرة ثانية أنك سوف تبقين معي دائما ".
وألتقت عينا مانويل بعيني جولي عبر الغرفة فوق رؤوس المدعوين الذين أخذوا يصفقوا له بحماس.
وأدارت جولي وجهها , وتعثرت قدماها وهي تتجه عبر المؤدي ألى البحيرة , حيث وجدت طريقا ضيقا للمارة , فسلكته فأنتهى بها ألى كشك لمعت قبته التي كانت على هيئة مئذنة , في نور القمر .ونظرت ألى دال الكشك فرأت الأرائك التي أمتدت بطول الغرفة كما شاهدت أيضا طاولة منخفضة وضعت فوقها مجلدات الموسيقى , وجلست جولي على الأريكة وتصفّحت بعض الأوراق , ثم مالت ألى الخلف أذ أحسّت بالأعياء وساد الغرفة جو هادىء , فأسترخت وغلبها النعاس ثم سمعت وقع أقدام بالخارج , وفوجئت ببيلار تقول:
" أنت هنا أذن , أنني أبحث عنك".
" تبحثين عني ؟ لماذا؟".
" أريد أن أتحدث أليك".
" حسنا ؟ ماذا تريدين ؟".

نيو فراولة 11-09-10 03:39 PM

وترددت بيلار لحظة ثم قالت:
" أنت مغرمة بأبي , أليس كذلك؟ لا تحاولي الكذب , أنني أعرف العلامات الآن ولدي تجارب كثيرة".
وبلعت جولي ريقها وقالت:
" أن الأمر لا يعنيك".
وقالت بيلار بغضب:
" الأمر يعنيني أذا تعلق بأبي , فأنت تطاردينه , وقد تبعته من لندن".
وهبّت جولي واقفة وقالت:
" أرجوك , لقد أنتهت العلاقة بيني وبين أبيك".
ورمقتها بيلار بأحتقار وقالت:
"لا تحولي خداعي .... أفهم ما يدور بخلدك ".
وقالت جولي بتخاذل:
" ماذا أقول حتى تصدقيني ؟ أنا لست.... ليس هناك أية علاقة بيني وبين أبيك".
" لا تقولي ذلك , لماذا كانت دولوريس في هذه الحالة العصبية أذا؟ ولماذا لا يهتم بها أبي؟".
" هراء ما تقولينه. مانويل ودولوريس منسجمان , وأعتقد أنه لن يمر وقت طويل قبل أن يدركا هذه الحقيقة ويقررا الزواج".
وبدا التوتر على وجه بيلار , وكأن الأمور لا تسير على النحو الذي أرادته وقالت:
" لا أصدقك , فذلك من تأليفك , أبي لن يتزوج دولوريس أريفيرا".
منتديات ليلاس
وحاولت جولي أن تخرج من الغرفة غير أن بيلار أعترضت طريقها وقالت:
" قولي لي , كيف توصّلت ألى هذه المعلومات ؟".
" أرتركيني أخرج , فكفاني ما سمعته منك ومن دولورس ومن أبيك".
وأزاحت بيلار , وجرت عبر الممر وهي لا تفكر ألا في الفرار , ألا أنها أصطدمت برجل أحتضنها وأمسك بها , فتخلصت من قبضته وكادت تبكي وهي تقول:
" أتركني , أتركني , فلا أريد أن أراك طوال حياتي".
وأمسك مانويل بذراعها وصاح:
" ماذا حدث؟ جولي أوضحي لي الأمر؟".
وحملقت فيه بغضب وهي تمسح دموعها بظهر يدها وقالت:
" أوضح الأمر لك؟ عليك أن تسأل أبنتك فهي تعرف كل الأجوبة , أن لها خبرة واسعة بهذه الأمور".
وضاقت عيناه وقال :
" بيلار؟ ماذا قالت لك؟".
" قالت الكثير ,ويكفيني ما سمعته من بيلار ومن دولورس أريفيرا , أتركني أذهب".
وجرت بعيدا عنه وتسلطت فكرة الهروب عليها , وتمنت العودة ألى أبيها أخطأت عندما جاءت ألى كاليفورنيا وكانت تعرف في قرارة نفسها أنها سوف تقابل مانويل.
ورأت الشرفة من خلال الأشجار , وأرادت أن تتجنب الأنضمام ألى المدعوين , فألتفتت حولها وخرجت ألى حيث وقفت السيارات ,وبدا سهلا أن تركب سيارة , فهي تريد أن تعود ألى المنزل , كان في أستطاعتها أن تطلب سيارة أجرة لو عثرت على كشك تلفون , فالساعة الحادية عشرة ولم ينتهي الحفل ألا بعد ساعات طويلة تكون قد تحدثت خلالها ألى سامنتا بالتلفون من المنزل.
وسمعت صوت البحر بعد أن تركت الممر المؤدي ألى المنزل , ولم تعد المناظر الخلاّبة تهدىء الآلآم التي يثيرها التفكير في مانويل , ورفضت التفكير ببيلار كورتيز , وما أشارت أليه بصوتها الساخر الذي لا يزال رنينه في أذنيها , وقررت العودة ألى أنكلترا فور أنتهاء أجراءات السفر , وفكّرت في فيليب وعملها بالمستشفى وكيف أن الأرهاق الجسماني نفسه لا يكون كافيا في بعض الأحيان للنسيان.
وأختبأ القمر وراء الغيوم فبدا الطريق مظلما مليئا بالظلال , وخفتت الأصوات المنبعثة من الحفل بأبتعادها عن المنزل , ولم تقطع مسافة طويلة عندما شعرت بضوء سيارة خلفها وأبتعدت عن الطريق وأتجهت بسرعة ألى الأشجار , فأزعجت حيوانا وقف في الظلام بعينيه الحمراوين من ضوء الكشاف فصرخت جولي بينما تملك الحيوان المذعور أثر الأقتحام المفاجىء لعزلته فوثب ألى الطريق , وسمعت جولي صوت الفرامل وصفير توقف الأطارات على الطريق ثم سمعت صوت أنزلاق معدني أذ أنحرفت السيارة عن خط سيرها متجهة نحو الشجر , ورأت وهي تضغط على وجنتيها بيديها السيارة وهي ترتطم بجذع شجرة ثم تميل ألى جانبها وتتوقف , وتسمرت في مكانها لحظة ثم جرت ألى الأمام , وحاولت بدون نجاح أن تفتح باب السيارة , فلم تستطع , وسمعت نفسها تجهش بالبكاء وهي تشد بقوة في يأس محاولة أن ترى ما أذا كان الرجل بداخل السيارة ميتا أم حيا.
وتوقف قلبها فقد كانت سيارة مانويل وكان الرجل الراقدعلى عجلة القيادة هو نفسه والدم يسيل على خده.
وهالها ما رأته , ألا أنها تمالكت نفسها بقوة لم تكن تعرف أنها تملكها , فلا فائدة من الهلع , وأي تأخير يقلل من فرص نجاته , ولا فائدة من البكاء هنا , لقد عجزت عن القيام بشيء وحدها , فعليها أن تطلب المساعدة وعليها أن تترك مانويل يرقد في دمه وتذهب لتأتي بمن يساعدها , وأخذت تتضرع لله:
" ....يا رب ...... نجه .... يا رب ...... أنني أحبه...... أحبه ".
وجرت عائدة ألى منزل مانويل وقد أطلقا العنان لأحاسيسها المكبوتة.

سفيرة الاحزان 11-09-10 03:47 PM

كمليها بليزززز تجنن

نيو فراولة 11-09-10 03:58 PM


12- نداء القلب للقلب


وطوال الأسبوعين التاليين للحادث عاشت جولي في قلق , ونقل مانويل ألى مستشفى ستافورد بسان فرانسيسكو , حيث عولج من شرخ في الجمجمة وجروح عديدة وكدمات , وعرفت من فيليب أن أصاباته غير خطيرة , ألا أنها أعتبرت نفسها مسؤولة عما حدث.
فهي التي تركت الحفل وخرج مانويل باحثا عنها , وهي التي صرخت عندما رأت الغزال , فوثب ألى الطريق ليصطدم بسيارة مانويل.
ولم تستطع الأفضاء بما في قلبها لسامنتا التي تعمّدت العناية بتوني , حتى تستطيع جولي الخروج على النحو الذي تبتغيه , وهكذا قضت جولي معظم وقتها مع فيليب بمستشفى البحارة.
وبحلول نهاية الأسبوع لم يبق من مدة زيارة سامنتا وبن ألى كاليفورنيا سوى عشرة أيام , وكانا يتوقعان للعودة ألى أنكلترا.
ولم تهتم جولي سوى بأن تبقى حيث يكون مانويل فماذا تفعل أذا عادت ألى أنكلترا؟ هل تعود ألى المتجر وتستأنف علاقتها ببول؟
وتاق بن وسامنتا ألى قراءة الصحف البريطانية ,وألى شرب الشاي الأنكليزي , بينما لم يدرك حقيقة وضع جولي سوى فيليب الذي كان يتحدث عن مانويل كلما رغبت في ذلك.
كان فيليب يتردد على مانويل ليتحقق من حالته , وسألته جولي همّا أذا كانت الزيارات متاحة , فأخبرها بأنه بأستثناء دولوريس لم يسمح ألا بزيارة أفراد الأسرة , وأنقبض قلبها مدركة أن دولورس أحتلت من جديد مكانتها لدى مانويل.
منتديات ليلاس
وقال لها فيليب في يوم من الأيام بطريقة عرضية.
" سأل مانويل عنك , وخشي أن يكون قد صدمك بالسيارة لأنك كنت تقفين بين الأشجار , أليس كذلك؟".
" أنت تعرف ذلك ؟ فأنا السبب في الحادث".
" أنعطف مانويل بالسيارة ليتفادى الغزال , وأنت لا ذنب لك في هذا".
" بل أنا التي أفزعت الغزال".
وأكثر ما ضايق جولي هو أحتمال سفرها , بدون أن ترى مانويل , ولم تسألها سامنتا عن أسباب مغادرتها الحفل فجأة , فأفترضت أن فيليب قد أوضح لها السبب .
وأخبرها فيليب أن بيلار تعتقد أنها قد تسببت في الحادث وقال :
" أنها تلوم نفسها كما تفعلين ربما يكون من الأفضل أن تلتقيا".
وقالت جولي وهي ترتجف :
" لا أعتقد أن هذه ستكون فكرة طيبة".
" لماذا؟ أعتقد أن كلا منكما قد تفيد من الأخرى".
وبحلول نهاية الأسبوع دعاها فيليب ألى تناول العشاء بمنزله ليلة السبت وقال :
" لا يوجد مدعوون غيرك , أنت وأحدى سيدات الأسرة , أتصورك لا ترغبين العشاء في مطعم في الوقت الحالي".
وأقرت جولي رأيه ولم تسأل عمن تكون تلك السيدة أذ أرتاحت ألى قضاء الأمسية في صحبته , كانت شقة مانويل مليئة بالأثاث , لأنه كان من هواة جمعه.
وكادت أن تعبر عن أحتجاجها لفيليب عندما فوجئت بأن السيدة الثانية هي بيلار كورتيز التي بدت وديعة وصغيرة في ثوب الحرير الأخضر , ووقفت عند دخول جولي ألى الغرفة وحيّتها بهدوء وقالت:
" العم فيليب يرى ضرورة تعارفنا ".
أرتبكت جولي وقالت لفيليب :
" لم لم يخبرني؟".
" تعمّدت ألا أخبرك حتى تحضري , بيلار قدّمي مشروبا لجولي فأنني ذاهب ألى المطبخ".
وقدّمت بيلار كأسا من الشراب لجولي وقالت لها:
" أجلسي أرجوك أنني لن أعضك!".
وأمعنت بيلار النظر في جولي ثم قالت:
" أعتقد أنه يجب أن أعتذر أليك".
" لا أهمية لذلك".
" بل أنه أمر هام ....... أبي....".
" كيف حال أبيك؟".
" يتماثل ألى الشفاء وسوف يعود ألى البيت في غضون أيام".
ووقفت بيلار وقالت:
" أنا السبب , العم فيليب يقول أنك تلومين نفسك , ولكن لولا حديثي معك لما كنت......".
وقالت جولي بصوت خافت:
"بيلار , من المؤكد أنها لم تكن غلطتك , فلم يكن هناك ما يدعو ألى أن أخرج , في كل حال مانويل يتماثل ألى الشفاء".
" أبي لن يغفر لي ما فعلته؟".
" مانويل؟ لماذا؟".
" أنه يتظاهر بأن الأمر لا يهمه غير أنني أعرف أنه مهتم".

نيو فراولة 11-09-10 09:15 PM

ودفنت بيلار وجهها في يديها وذهلت جولي ..... ثم وقفت ووضعت ذراعها حول الفتاة وقالت :
" يهمه ماذا يا بيلار؟ فلا أعتقد أن مانويل يلوم أحدا على الحادث ".
" لا أعني الحادث فوالدي ليس أنانيا".
وقالت بيلار بصوت مكتوم :
" أعرف ذلك يا بيلار, هل الأمر يتعلق بدولورس أريفيرا ؟".
وقالت بيلار بصوت مكتوم :
" كلا! لا يتعلق بدولورس , لقد طردها أبي عندما ذهبت لزيارته بالمستشفى , وفهمت الآن السبب أنني أحب أبي غير أنني أغار عليه , كانت حياتي قاسية في السنوات السبع الأولى , فلم تكن أمي تهتم بي , غير أن مانويل أنقذني من هذه الحياة ,وأراد أن يعوّضني عما قاسيته".
وقالت جولي بصوت خافت:
" بيلار , مانويل يحبك وليس ما يدعو ألى تخوفك , فلو أحب مائة أمرأة فسوف يظل يحب أبنته".
" أبي يكرهني الآن .....".
وحملقت جولي في بيلار قالت :
" لا أعتقد ذلك يا بيلار".
منتديات ليلاس
" بل لن يغفر لي أبعادك عنه , فلم أتدخل من قبل في شؤونه , غير أن الوضع أختلف فيما يتعلق بك , هل تفهمين؟".
وفهمت ما ترمي أليه بيلار , ألا أنها لم تصدق ما تضمّنه كلامها من معا.
وعاد فيليب ألى الغرفة , ووقف باباب وهو يقيّم الموقف وقالت لجولي:
" ألم أقل لك أنكما تحتاجان ألى تبادل الحديث؟".
وأبتعد بيلار , وعادت ألى الجلوس وقالت:
" ماذا سيحدث يا عم فيليب! هل يمكننا تسوية الأمور؟".
" بالطبع يا عزيزتي , مشكلتكأنك تتوقعين دائما أسوأ الأمور , وأعتقد أن جولي تفعل نفس الشيء – فجولي تعتقد أنها ليست ذات أهمية , وأنت تتصورين أن أباك سوف يتخلّى عنك أذا أحب أمرأة , بيلار يجب أن تكوني أكثر ذكاء".
وهزّت جولي رأسها وقالت:
" فيليب , ما أهمية ما يحدث بيني وبين بيلار؟ من الواضح أن مانويل لا يرغب في رؤيتي , وألا ما كان يقبل أن تمنعني من زيارته بحجة ضرورة شفائه قبل أن أراه".
وقال فيليب بصوت ساخر:
" أنت مخطئة , قلت لمانويل أنك لا ترغبين في رؤيته " .
وقالت جولي بدهشة:
" قلت له ذلك؟ ولكن لماذا؟".
وقالت بيلار بغضب :
" لأن هذا صحيح ألم تقولي ذلك للعم فيليب ؟".
وأنكرت جولي ذلك فقالت :
" بل أنني لم أفعل , فيليب أنت تعرف أنني رغبت في رؤيته , وقد سألتك أذا كانت الزيارة مباحة !".
وأومأ فيليب برأسه وقال:
" أعرف ذلك".
وربّت على كتفيها وقال:
"لا تغضبي يا عزيزتي , لقد فعلت ذلك لصالحك , ويبدو أن خطتي نجحت , سمعت ما قالته بيلار , ولم تقله ألا بعد لأن مانويل غاضب عليها لأنك ترفضين رؤيته , وهو يعرف أنك على وشك مغادرة البلاد ويعلم أن لديه ألتزامات وأنه لن يستطيع الذهاب أليك في أنكلترا قبل مضي عدة أشهر , ويخشى أن يحدث شيء أثناء هذه المدة ".
وحملقت بيلار في فيليب وقالت:
" هل يعني ذلك أن جولي لم ترفض رؤية أبي ؟".
وقال فيليب وهو يضحك:
" هذا صحيح فلا داعي أذا لقلقك يا بيلار , ألا ترين أن جولي غاضبة مني؟".
وقالت جولي :
" لم فعلت ذلك يا فيليب؟".
" الخطة عادت بالفائدة على أخي المتعجرف الذي رقد بالمستشفى وهو يعرف أن الفتاة التي يرغبها لا ترغبه".
" ومتى أستطيع أن أراه؟".
" في أي وقت تستطيعين أن تذهبي أليه أذا شئت ".
" هل تعني ما تقوله؟".
" بالطبع ولكن يجب أن نتناول العشاء أولا".
وأعترفت جولي بصراحة :
" لا أستطيع أن أتناول شيئا ".
ونظرت ألى بيلار وسألتها:
" بيلار , هل ستأتين معي؟".
وهزّت بيلار رأسها وقالت:
" كلا , لن أزوره في هذه الليلة , وأعتقد أنه من الأفضل أن تذهبي أليه وحدك".
وقال فيليب:
" حسنا , هيا نذهب ألى مانويل وتستطيع بيلار ألنتظار دقائق قليلة حتى أعود".

نيو فراولة 11-09-10 09:28 PM

كانت مستشفى ستافورد تختلف عن مستشفى البحارة , كانت كبيرة وحديثة , وأصطحب فيليب جولي ألى غرفة مانويل الخاصة في الطابق الثالث , كانت الساعة قد تجاوزت الثامنة , وأخبرها فيليب أن مانويل يشاهد التلفزيون في هذه الساعة.
وترك جولي خارج الغرفة ودخل ألى مانويل وسمعت أصواتهما , وخرج فيليب وقال :
" لم أخبره أنك هنا , قلت له أن أحد أفراد الأسرة جاء لزيارته".
وقالت جولي:
" لم قلت له ذلك؟ أنني مضطربة!".
" أدخلي , وأركبي سيارة أجرة في العودة لتخبرينا بما حدث".
وأستجمعت جولي شجاعتها ودخلت ألى الغرفة فرأته راقدا على السرير وهو يشاهد التلفزيون , وعندما نظر أليها صاح بدهشة:
" جولي ! لقد جئت!".
وقالت بأرتباك :
" مانويل , كيف حالك؟".
" أنا بخير وأنت كيف حالك ؟ تعالي.......".
وقالت وهي تقترب منه :
" أنا بخير , جئت لأعتذر لك , فلم يكن هناك ما يدعو ألى الصراخ , وأنا آسفة لما حدث".
وهزّ مانويل رأسه وقال :
" أنا بخير , جولي , متى تسافرين؟".
" بعد أسبوع".
منتديات ليلاس
ومال بالسرير أتجاهها وقال:
" تعالي , أجلسي , أريد أن أحدّثك , لا تخافي يا جولي , أنا أعرف أنك لم ترغبي في زيارتي ,غير أنني أريد أن أحدثك عن شيء".
وخطت جولي ألى الأمام , وجلست على حافة السرير وأمسك مانويل بأحدى يديها ورفعها ألى شفتيه وقبّلها ثم قال:
" جولي لا أستطيع التفكير وأنت قريبة مني , وقد يرجع ذلك ألى كثرة الأدوية التي أخذتها".
وعضّت جولي شفتيها حتى لا تتكلم غير أنها قالت:
" مانويل , كدت أن تموت".
وحملق فيها وقال:
" هل يهمك ذلك".
" بالطبع , يهمني ..... يهم أي شخص".
" وأنا لا أهتم بأي شخص غيرك".
قالها وهو يتمتم بعنف ثم قال:
" جولي كدت أجن ...... تعالي ألى هنا".
وشدّها ألى جواره وأخذ يحملق في وجهها ثم وضع فمه على شعرها وضمّها بعنف , ولم تقاومه ووضعت ذراعيها حول عنقه وضمته أليها فقال :
" جولي لن أستطيع أن أكون رقيقا معك لو تصرّفت على هذا النحو".
ونظر ألى شفتيها المتوردتين وشعرها المتساقط حول وجهها وقال:
" يجب أن تتصرف بشيء من العقل , الممرضة سوف تدخل ألى الغرفة في أية لحظة ".
" بدأت تهتم فجأة بالمظاهر".
قالتها بصوت خافت وهي تتلمس خديه بيديها.

نيو فراولة 11-09-10 09:50 PM

وأومأ مانويل برأسه وقال:
" نعم أنني أهتم بالعرف والتقاليد عندما أريد, جولي لم رفضت زيارتي من قبل؟".
وأمسك بأحدى يديها وقبّلها وقال:
" رقدت هنا لمدة ثلاثة أسابيع أكرهك تارة وأحبك تارة أخرى".
وأتسعت عينا جولي وقالت بحنان وتوسل :
"تحبني!".
أجابها ببساطة ورقة:
" نعم أحبك يا جولي , وأريد أن أتزوجك".
ثم وضع أصابعه على فمها وتابع هامسا:
" أسكتي ولا تقولي شيئا الآن , فلم أتصور أبدا أن أعرض على أمرأة الزواج بعد كنسويلا , غير أنني أحبك ألى حد الجنون , وأعتقد من الأفضل أن أتزوجك قبل أن تقضي على حياتي , أنك ترفعين حرارتي عندما أصاب بالحمى , وقد تسببين لي نكسة".
" مانويل!".
منتديات ليلاس
" نعم , وكذلك تهينيني على نحو لا يصدق أثناء عاصفة ثلجية , وتتركينني في شاطىء كوفورد بدون وسيلة للعودة , ثم أنك كدت تقتلينني في حادث سيارة , يتعين عليك أذا أن تتزوجيني , أليس كذلك؟".
وكان صوته خافتا وحانيا , وأجابت جولي:
" مانويل , رغبت في رؤيتك من قبل".
ثم تنهّدت وقالت :
" لا أستطيع أن أكذب عليك , منعني فيليب من الحضور أليك , أراد أن يخيب أملك ولو مرة , فلم يخبرني أبدا برغبتك في رؤيتي , وتصورت أن دولورس وأنت......".
وحملق مانويل فيها وقال:
" فيليب منعك! سوف أقول له رأيي فيه عندما أراه".
غير أنه كان يضحك وأدركت جولي أنه أرتاح لمعرفة الحقيقة , ثم قال :
" لقد ذهبت دولورس بغير عودة ".
" أعرف ذلك , أخبرتني بيلار".
ثم قالت بشيء من التردد:
"لم طردتها ؟".
" سألتها عندما زارتني عما قالته لك , فأخبرتني بيلار أنها شاهدتها تحدثك , وحيث أنني أعرف دولورس , توقعت أن تسيء التصرف".
وقالت وهي لا تكاد تصدق ما سمعته:
" وهل قالت لك ما حدث؟".
" لم تقل شيئا في أول الأمر , ولكن عندما صارحتها بأنني لا أفكر في الزواج منها أطلاقا , غضبت وقالت لي كل شيء , نها حادة المزاج ولكنها غير مؤذية".
وجذبته أليها وقالت:
" ضمني يا مانويل , فليس لدينا وقت كثير , وأنا أحبك كثيرا......".
وضمها مانويل أليه , ألا أنه سرعان ما دفعها برفق بعيدا عنه وقال :
" أستطيع الأنتظار ,ولكن ليس طويلا , فسوف نتزوج في أقرب وقت , ويستطيع والداك أن يأتيا ليحضرا حفل الزةاج , ولكنك لن تغادي البلاد , فلن أتركك تذهبين ألى لندن حتى لا تغيّري رأيك".
وقالت جولي وهي تحلم :
" لن أفعل ذلك".
ثم سوت شعرها وقالت :
" وبيلار , أرجو ألا تكون غاضبا منها , فهي تعسة للغاية وهي صغيرة , ولم يكن لها أن تتورط في هذه العملية , ماذا قلت لها؟".
وتنهد مانويل وقال:
" كنت تعسا أنا أيضا".
منتديات ليلاس
ثم تمتم قائلا :
" أنت أهم شيء في حياتي , أما بيلار فقد تصورت أنني أكرهها أذ أعتقدت أنها قد دمرت العلاقة التي تربطني بك , غير أنني كرهت نفسي أيضا , لا سيما أذ عرفت أن علاقتي بدولورس هي التي أغضبتك ,وأنت يا جولي هل يمكنك أن تقبلي بيلار رغم ما فعلته؟".
" نعم بيلار تحتاج ألى أمرأة ألى جوارها , أعتقد أنني أستطيع أن أساعدها ومن المؤكد أنها ستستطيع مساعدتي".
وقال مانويل بشيء من الفضول :
" كيف؟".
" حسنا أنها تعرفك أفضل مني وعندما تكون مسافرا سنظل أنا وهي معا يجمعنا جبنا لك.....".
قال مانويل وهو يمسك بيدها ثانية :
" عندما أسافر ستكونين معي , ولكنني أفكر أن أقلل من عروضي وأن أركز على التأليف ما رأيك؟".
ومالت جولي برأسها وقبّلت يده وقالت:
" طالما أننا معا ... لا شيء يهمني , مانويل قل لي لم تصرفت هكذا في لندن؟".
وتنهّد مانويل وقال:
" كنت أحس بتأثيرك عليّ وكنت أقاومك بشدة ".
" والآن؟".
وضحك برقة وقال :
" أنني كالمريض الذي يتعاطى المهدىء , لم أعد أستطيع المقاومة وأريد أن أستسلم , أنني أريدك كما لم أرد أحدا من قبل..........".
وأبتسم وقال:
" هل قلت لك أنني أحبك؟".
وهمست :
" قلها مرة ثانية ".
ولكن الممرضة دخلت في تلك اللحظة ,فوعدها مانويل قائلا :
" في وقت لاحق ......".
وعرفت جولي أن المستقبل كله لهما وحدهما......




تمت

مدهرة بمريولها 11-09-10 10:05 PM

حمااااس..:1HQ05157:

Rehana 15-09-10 02:54 PM

تسلمى اناملك ..امل

ولا ننحرم من تواجدك وجديدك

http://www.orkutpapa.com/scraps/rose...lythankyou.jpg

نجمة33 16-09-10 07:34 PM

شكرا تسلم الايادي

البلونة البنفسجية 26-09-10 06:03 PM

الله يعطيك العافيه :dancingmonkeyff8:

asmaa_amr 30-09-10 05:35 AM

رواية جميلة شكرا ويعطيك العافية

صاصا 83 03-12-10 08:43 PM

شكرا على الانامل الرائعة التي ابدعت في كتابة الرواية :55:
وشكرا على الاختيار الاروع والموفق للراوية
وننتظر جديدك دائماااااااااااااااا على احر من جمر :friends:

الجبل الاخضر 07-02-11 06:46 PM

:55:برافو :55:برافو :55:برافو :55:برافو :55:برافو :55:برافو :55:برافو :flowers2:تسسسسسسسلمين :friends::flowers2:الروايه مرررررره روعه :55::dancingmonkeyff8:اختيار يجنن :friends::flowers2:وشكرا :flowers2:لمجهودك :flowers2::8_4_134::friends:وننتظر جديدك:flowers2::fl owers2:

ساكنه 01-03-11 10:39 AM

:lol:مشكووووووووووووووووووووووووووووووووورة على المجود صراحة حمااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااس تسلمين ياقمرمنتظرين باقي التكملة :mo2::dancingmonkeyff8: ودمتي لي في قلبي سكنة

ساكنه 01-03-11 06:13 PM

:55::55::55::55::rdd12zp1::f63::f63::f63::f63::13125::rdd25h n7:رؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤعة الف شكر الك يااااااااااااااااااااااااااااااااااقمورة ودمتي لي في قلبي سكنة

زهرة منسية 18-04-11 11:04 PM

حبيبتى يسلموا ايديكى جنــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــان

ندى ندى 19-04-11 11:01 PM

روووووووووووووووووووووووووعه

قلب حائر 02-05-11 05:05 PM

رائعة جدا الرواية تسلم الايادي حبيبتي

ندى ع 03-05-11 02:53 AM

رووووعة تسلم ايدينك على الاختيار الرائع

سومه كاتمة الاسرار 08-07-11 10:59 PM

حماااااااااااااااااااااااااااااااااااس مشكوووووووووووووووووره كتيييييييييييييييييييير
:8_4_134:

سنيفير 08-08-11 01:50 AM

:55::55::55:

Moubel 28-08-20 10:41 AM

رد: 42 - الغيمة أصلها ماء - آن ميثر - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
شكرا اجتيار موفق


الساعة الآن 07:51 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية