منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   69 – يدان ترتجفان - كاي ثورب – روايات عبير القديمة ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t147998.html)

نيو فراولة 01-09-10 07:51 PM

مر بعض الوقت وهما في السيارة يخترقان تلاتا وسهولا في طريق يبدو أن لا نهاية لها , وأخيرا أختار جيرارد طريقا فرعية تطل على واد فسيح , أوقف السيارة على جانب الطريق , وأشعل سيكارتين له ولفانيسا وقال:
" أمس أنتظرتك طويلا , كنت أرغب في دعوتك الى السهر معي في المدينة ,ولكن لم أتمكن من التحدث معك خلال النهار , أين أخذك برانت بعد الظهر؟".
" ذهبنا لجلب توبر".
" هل أنضم الكلب الى العائلة أيضا؟".
وراح ينفث الدخان ويقول:
" أذن أكتمل عقد العائلة".
ثم سألها:
" ما رأيك بمويا؟".
" أنها فتاة ناعمة جدا , هي التي أقترحت ركوب الأحصنة اليوم , ولكنني لم أستطع مجاراة حماسهما".
" ومن يستطيع؟ هي وبرانت يركبان الخيل كل نهاية أسبوع منذ زمن بعيد , كلاهما مغرم بالخيل".
" كم عمر مويا؟".
" عشرون سنة , أحيانا أظن أنها أصغر من ذلك بكثير أنها فتاة خلقت وملعقة الذهب في فمها , أي شيء تريده تجده على الأطباق , لم تفكر يوما أن تفعل أي شيء غير أختيار ملابسها أو تصفيف شعرها , أظن أنه من المفيد أن تعمل يوما كاملا من الأشغال التي نجبر على القيام بها نحن , أن هذه الفتاة تحتاج للنضوج".
زوجة لبرانت لن تحتاج الى العمل , فكرت فانيسا أنه زوج متطلب , والمرأة التي سيتزوجها ستكون معه في دوام كامل, ولكن هل مويا قادرة على العطاء ؟ تساءلت وهي تشك في الأمر , ومع ذلك , عاطفة مويا نحو برانت لا شك فيها , خصوصا بعد حديثهما معا في الصباح , ولكن أين بلغا في العلاقة ؟ أن جيرارد كان مصيبا عندما قال أن مويا تحتاج الى نضج , بالطبع برانت يعرف هذا الواقع أيضا.
قطع جيرارد شريط أفكارها قائلا:
" عدت هذا المساء لسبب واحد , أمس لم أتمكن من دعوتك للسهرة , هل تذهبين هذه الليلة ؟ أن أحد أصدقائي يقيم حفلة راقصة , أظن أنه يفيدك أن تكوني بعيدة عن رالينغز بعض الوقت".
منتديات ليلاس
" أحب ذلك , ولكن..... يجب أن أسأل برانت أولا , فقد قال أن لدينا بعض العمل بعد موعد الشاي , ولا أعرف أذا كان العمل يستمر الى ما بعد العشاء".
" ماذا؟ حتى يوم الأحد؟ قولي له أنك لن تعملي يوم الأحد".
" لا أستطيع , أن الموضوع متفق عليه في العقد , في كل حال أنا لا أظن أنه يرغب في العمل خلال الليل , ولكن سؤاله ضروري من زاوية اللياقة".
" أرجو أن لا تخبريه أين سنذهب , أنه لا يوافق على صحبتي مع بوب فارو".
" هل لديه أسبابه الموجبة؟".
" أن أي شخص أصاحبه يجب أن يلائم مستوى أبن خالي العظيم , أظن أن يوما ما سيأتي وسيواجه صدمة حياته , وكل ما آمله أن أكون حاضرا كي أشهد النهاية".
" ولماذا لا تثبت شخصيتك أمامه يا جيرارد؟ لماذا لا تعبّر عن رغباتك وتؤكد مواقفك , ربما أذا فعلت تصبح علاقتكما أفضل مما هي عليه الآن".
" لأنني جبان يا عزيزتي , ولأنني عندما أخوض وبرانت معركة كلامية فأنه الأقوى على كيل السياط من دون جهد يذكر".
" لماذا تعمل معه ؟ لا بد أن ثمة مجالات عمل أخرى؟".
" طبعا أستطيع أن أعمل في مصنع حديد مثلا أو مساعدا في دكان , ولكن لسوء الحظ أمي تضع يدها على أموالنا , وتظن أن برانت هو الأجدر في أدارتها , هي تدعمني فقط أن كنت في شراكة مع برانت".
صمت جيرارد قليلا وبد متضايقا , ثم قال بمرارة:
" يا ألهي كم أكرهه! أن وجودي معه طيلة الأسبوع يشبه وجودي في سجن!".
" ماذا كنت تفعل يا جيرارد لو كنت تملك حرية التصرف؟".
" الأمر سهل جدا , كنت أصبح سائق سباق".
" هل تعني أنك تعمل سائقا لدى أحدى شركات سيارات السباق؟".
" كلا , بل أصنع سيارتي الخاصة , أنني رسمتها على الورق مع كامل التفاصيل الميكانيكية , تحتاج فقط الى تنفيذ , بعدها أنا متأكد أنها ستفوز في أي سابق".
" أن المشروع مكلف جدا أليس كذلك؟".
" أجل , ولكنني أحتطت للأمر , أشتري أولا مرآبا لتصليح السيارات , فأنا أهتم في كل شيء له علاقة بالسيارات , ثم أمضي في بناء سيارتي خلال سنة من أوقات الفراغ , ثم أقتحم بها أي سباق وتبدأ أيام التحدي الحقيقية ,ولكن ثمة مشكلة صغيرة , المشكلة التقليدية , المال , حاولت الحصول على قرض من برانت ولكنه رفض , قال أن المشروع في رأسي سينتهي الى أن أهمل العمل في المرآب وألهو بسيارتي وينتهي المشروع الى أفلاسي".
شعرت فانيسا أنها تلوم برانت , جيرارد كان يتحدث في جد عن مشروعه, ربما هذا هو مجاله , عمل ملموس يؤمن به , الخطة لا تبدو خيالية , بل واقعية وممكنة.
نظرت الى ساعتها وصرخت:
" جيرارد أنها الرابعة والنصف , الآخرون لا بد ينتظرونا".
" ليس مهما أمرهم , أتوقع أن يكونوا تركوا لنا بعض الشاي".
" ليس هذا ما قصدت , قلت لك أن برانت يريدني أن أعمل بعد موعد الشاي , أي الآن , أرجوك لنعد الى البيت ,وبسرعة".

نيو فراولة 01-09-10 07:52 PM


تجاوبا مع رغباتها أنطلق جيرارد بالسيارة في أقصى سرعة , ونحو الخامسة وعشر دقائق دخل الأثنان غرفة المكتبة ,برانت كان مستندا ال النافذة مغطيا بكتفيه العريضين أشعة الشمس الغاربة , سأل :
" أين كنتما؟".
أجاب جيرارد :
" أنا المسؤول عن التأخير , أقنعت فانيسا لتأتي معي في جولة في السيارة ثم نسيا الوقت , أرجو أن لا تظن السوء".
ولمح مويا تجلس الى جانب أمه فأبتسم قائلا:
" فانيسا أخبرتني أنك عدت , ألم يقنعك النمساويون بالبقاء؟".
ولم ينتظر الجواب بل سأل أن كان في الأبريق بعض الشاي له ولفانيسا , وأجابته أمه:
" سيحضر الخدم أبريقا أضافيا ".
لاحظت فانيسا نظرات برانت الباردة , أعتذرت عن التأخير ".
فقال :
" لا بأس , أنا أنتظرك في المكتب".
وخرج من الغرفة , وتبعته فانيسا , شعرت أنها في حضوره مثل تلميذة أرتكبت سلوكا سيئا وتستعد لسماع التأنيب من المدير .
" هل نسيت أننا كنا سنعمل بعد الظهر؟".
" لا , لم أنس , تأخرت قليلا , كنت وجيرارد نتحدث و.......".
" أرجوك أحتفظي بالتفاصيل , أستطيع أن أترك لمخيلتي تصور ماذا حدث؟ أنا أعرف أبن عمتي جيدا , كنت أظنك أكثر نضجا من الأنجراف وراء كلمات معسولة من شاب متهور , لا سيما أنني سمعتك صبيحة اليوم الأول من وجودك هنا تقولين له أن ثمة سلوكا يعرف بالتهذيب , وأعجبت بكلماتك , عندها ظننت أنك فهمت جيرارد على حقيقته في نظرته للمرأة بأنها جبل ينبغي تسلقه لينتصر !".
منتديات ليلاس
شعرت أنه يسيء اليها ويترجم ظنونه وكأنها وقائع , أشتعلت غيظا ولكنها كتمت مشاعرها وقالت:
" أعتذر أن تأخرت نصف ساعة , سأعوض عن ذلك في أي وقت آخر".
" التأخير ليس ما أبحث معك , أنت تعرفين ذلك , أنا أخترتك للعمل عكس قناعتي في توظيف المرأة لأنني ظننت أن الأهتمام والمعرفة عندك سيعطلان أي لهو جانبي , حتى اليوم كنت مقتنعا تماما بحسن أختياري , ولكنني الآن لم أعد متأكدا , هل خطر ببالك أن لا أحد سيعرف أين كنت أو مع من؟ أريدك أن تعرفي أن أي حياة خاصة لك تأتي بعد طلباتي الوظيفية , هذا كل شيء الآن".
قال كل ما أراد قوله ولم يترك لها مجالا للرد , لم تناقشه بل سألت:
" ماذا عن العمل الذي أردت أن نقوم به بعد الظهر؟".
" لا أظن أنه من المفيد أن نبدأ الآن , الساعة تجاوزت الخامسة والنصف".
شعرت أنه يبالغ في أنزعاجه , أذ أمامهما أكثر من ساعتين حتى موعد العشاء , وجدت نفسها مطعونة في كبريائها ومع ذلك لم تتردد في القول :
" أذن أنت لا تمانع أن ذهبت للسهرة هذا المساء , جيرارد سألني أن أسهر معه".
" أين؟".
" حفلة عند صديق".
" من هو هذا الصديق".
شعرت أن أسئلته تنهال عليها على الرغم من أن حياتها الخاصة خارج رالينغز لا يجوز أن يتدخل فيها ,ومع ذلك أجابت:
" بوب فارو".
" أنت لن تذهبي".
قالها بهدوء جعلها تظن أنه يمزح , وعندما وجدته جادا قالت :
" لا تستطيع أن تمنعني".
" طبعا أستطيع ,أنا أريدك هنا بين التاسعة والعاشرة من أجل العمل".
" لماذا؟".
" لتعوضي الوقت الضائع الذي هدرته مع أبن عمتي الطائش".
ثم أضاف:
" أن العقد بيننا واضح , ألا أذا كنت تعتبرينه مجرد ورقة".
" كلا , أن العقد واضح تماما , وهو بالنسبة الي مجرد ورقة , ولكنك تبدو ظالما".

نيو فراولة 01-09-10 07:54 PM

فكرت أن تقول له أنه يسيء الظن بها , وأن تشرح له بصدق كل ما حدث بينها وبين جيرارد بعد الظهر وكذلك عن السهرة التي لم يكن متفقا عليها سلفا ,ولكنها لم تشرح بل وجدت نفسها تسأله:
" عندي فضول أن أعرف لماذا تعترض على صديق جيرارد؟".
" أعترض لسبب بسيط , ولكنني لا أستطيع التعبير عنه في شكل لا يؤذي أذنيك , أن بوب فارو وسائر شلته ليسوا من الناس الذين أعتدت مرافقتهم".
" ولكنك لا تعرف أي نوع من الناس أعتدت مرافقتهم".
قالت ذلك وغادرت الغرفة من دون أن تسنح له فرصة للرد .
كان جيرارد ينتظر في القاعة الكبرى , مستندا الى حائط ينفث سيكارة , من دون أن يبالي بضرر الدخان على اللوحات الأثرية , وعندما رآها أقترب منها وسأل:
" ماذا ؟".
" أعتذر لا أستطيع الذهاب معك".
" تبا له!".
قال مغتاظا ورمى عقب السيكارة على الأرض وأطفأها تحت حذائه , ثم قال:
" آسف لأنك لن تستطيعي المجيء , أرجو أن تتمكني في مرة مقبلة".
فور أنتهاء العشاء شعرت فانيسا أن الساعات المقبلة لن تكون سهلة , نورا قالت لها وهما تشربان القهوة:
" أن كان يوجد بين الرجال شيء مشترك فهو التجهم والعبوس عندما يضايقهم شيء بسيط ,ومحاولة التخفيف عنهم تجعلهم أسوأ".
منتديات ليلاس
لم ترغب فانيسا أطلاقا في التخفيف عنه , أن ملاحظاته القاسية كانت كافية لتجرحها , كانت تراقب يديه تقلبان الأوراق التي راجعاها معا في اليوم الفائت وتجيب على أسئلته في عبارات سريعة ومقتضبة , وبعد عشر دقائق ما عاد الجو محتملا , فوضع الأوراق على المكتب أمامه ونظر اليها قائلا:
" أن جو التوتر لا ينفع , كنت غاضبا بعد الظهر وربما تفوهت بكلمات أكثر مما يجب, أرجو أن تكوني متفهمة وتتوقفي عن العبوس".
" أنا لست غاضبة".
قالت بغضب وما لبثت أن لاحظته يبتسم فأبتسمت .
" الآن أنت أفضل , لنبدأ مجددا بصفاء".
أختياره للكلمات من أجل أرضائها أراحها , شعرت أنه كاد أن تعتذر ولكنه لم يفعل , تناول علبة سكائر وقرّبها منها قائلا:
" دخّني علّها تنجلي".
ثم قرّب ولاعته ليشعل سيكارتها فلاحظت يديه القويتين والقليل من الشعيرات من كمي القميص وكذلك زرين ذهبيين ربما من عصر النهضة , كم هو غريب هذا الرجل أمامها , فكرت فانيسا , وهو ينفث سيكارته , يبدو قاسيا كالحديد ومع ذلك يجمع ذوقا وفنا رفيعين.
عادت تتحدث عن العمل بحماس , أقترحت أن يطلق على الغرفة الصينية أسم كونفوشيوس , وقالت:
" لا أظن أن أحدا لم يسمع بهذا الأسم , ولا يعرف شيئا من أقواله".
" تقصدين أدانته لممارسة دفن النساء والخدم أحياء مع سادتهم الرجال!".
أبتسمت فانيسا لأنه فهم عليها بسرعة , وقالت:
" أنه أقترح دفن الأواني والخزف عوضا عن الأحياء , وعبر كونفوشيوس وصلتنا عادات المعيشة في تلك الفترة من الصين القديمة ,دفنوا مختلف الأواني والخزف التي تستعمل في البيوت وهي بالغة الذوق في الزخرفة , وأنت يا برانت عندك مجموعة مهمة جدا منها في الغرفة الصينية ".
" تبدين أهتماما شديدا في الأعمال الصينية , أنا أعرف مجموعة على بعد خمسة أميال من هنا أهم بكثير من المجموعة التي عندي , هل تودين رؤيتها في يوم ما؟".
" أتمنى ذلك , أرجو أن تعطيني العنوان وأنا أذهب في أقرب فرصة".
" يجب أن ترافقيني أن رغبت في الدخول , فالمجموعة ليست مفتوحة للجمهور , ولكن جوردن بانكس لا يمانع في أستقبال زوار طارئين شرط أن يأتوا مع شخص يعرفه , لأن المجموعة لا تقدر بثمن , وهو لا يتحمل حصول أي حادث لها يسببه أشخاص لا يعرفون كيف يمسكون القطع الصينية الهشة , سنذهب يوم الأربعاء بعد الغداء , العمل في المقلع لا يكون متعبا , وأظن جيرارد يمكن أن يتولاه وحده".
شكرته على العرض , فقال:
" أنا على كل حال أحذرك من صراحة جوردن , وأنصحك ان وجدت معلوماته تفوق معلوماتك أن تلزمي الصمت وتستمعي , لأنه يكره الجدال".

نيو فراولة 01-09-10 07:55 PM

6- قراءة في كف القلب

الأثنين والثلاثاء مرا بهدوء , وجاء يوم الأربعاء , وفيما كانت فانيسا تقوم بنزهتها الصباحية في الحديقة فكرت أنه بالكاد مر أسبوع على وجودها في رالينغز , ومع ذلك تشعر أنها منذ زمن بعيد في القصر الجميل والحدائق الغنّاء.
" أنتظري حتى تثلج هنا".
قال لها جيرارد عندما عبّرت له عن شعورها أتجاه المكان الذي يمقته.
: تشعرين وكأنك معزولة عن العالم , لا بريد يصل بأنتظام , والسيارات تحتاج أن تحفر الطريق أمامها لأن الجرافات بطيئة في الوصول ,والقصر كله يتحول الى صندوق كبير مثلج , أنا أتنازل لك عن مكاني هنا , أذ أفضل مكانا عصريا يلائم الناس المتمدننين".
" تعني أنك تحب البيت – العلبة في شقق المدينة ؟".
" لا بأس , لكل منا ذوقه".
" في كل حال أنا أوافق معك على نقطة واحدة وهي أن يكون عندك بيتك الخاص يا جيرارد".
" هل أفهم من كلامك أنك تطلبيت يدي؟ أنت أصبحت فتاة تعبر عن رغباتها مباشرة".
قال مازحا ثم نظر الى ساعته:
" سأتأخر أن لم أتحرك الآن , لا بد أن برانت سبقني , أرجو أن تخبري والدتي بأنني لن أكون حاضرا على العشاء الليلة , نسيت أن أخبرها ذلك خلال الفطور".
منتديات ليلاس
لوّح بيده وغادر المكان , ودخلت فانيسا غرفة المكتب لتجد رزمة البريد الكبيرة في أنتظارها , جلست الى مكتبها وراحت تفتح رسائل العمل وتضع رسائل برانت الشخصية على مكتبه , وجدت ثلاث رسائل لنورا فحملتها اليها في غرفة المكتبة.
كانت نورا تجلس في مقعدها المعتاد قرب المدفأة , مشغولة في وضع لائحة المدعوين والمدعوات الى حفلة عشاء تنظمها في القصر الأسبوع المقبل , تناولت الرسائل من فانيسا شاكرة وقالت:
" أظن أنك وبمفيد جدا أن تغيّري أجواء العمل , الى أين أنتما ذاهبان؟".
" برانت سيأخذني لأرى مجموعة التحف لدى بانكس".
" كان يجب أن أحزر فأن رجال الأعمال مثلكما لا تخرجان ألا في مشاوير عمل, هل تحلمين بالتحف يا فانيسا ؟ ليس من الطبيعي لفتاة مثلك وفي عمرك أن تنغمس في العمل كما تفعلين".
" نيفيل كان يقول لي أنه سيأتي يوم تتشتت فيه أفكاري فلا أستطيع فعل ما أقوم به اليوم , لذلك أنا أستفيد من كل فرصة قبل أن يأتي اليوم الذي تتشتت فيه أفكاري فلا أستطيع التمتع بالتحف".
" وماذا فهمت من كلامه عن تشتت الأفكار؟ يا عزيزتي ألا تفكرين أبدا بالأشياء التي تفكر فيها كل فتاة مثل أن تكوني زوجة وأم؟".
" أحيانا أفكر في الموضوع , ولكن أمامي وقت طويل لهذه الأمور".
عادت فانيسا الى مكتبها تتابع العمل , ولكنها لم تتمكن من التركيز , وجدت أنها تستعمل الممحاة مرارا لأخطاء ترتكبها , فتوقفت عن العمل وجالت بنظرها عبر النافذة تحاول وضع ترتيب لأفكارها المتضاربة.
عاد برانت الى القصر من المقلع بعد الظهر , غيّر ثيابه وأرتدى ما أعتبره مريحا أكثر ,وبعد الغداء كانت فانيسا الى جانب برانت في السيارة , في الطريق قال:
" أن الطقس في مثل هذه الأيام لا يكون مشمسا عادة , ويجب أن نستفيد منه , لأن بينيت يتوقع تغيّرا قريبا في الطقس , ولا أظن أنه يخطىء , أن الرجل ظريف".
" ألهذا السبب تحتفظ به في رالينغز؟".
" بينيت يعمل مع آل مالوري من قبل أن أولد , أنه أقدم عامل في القصر , أقدم من أيمي , ورالينغز بيته وسيكون كذلك حتى آخر لحظة من حياته , اللانسانية ليست من طبعي كما يمكن أن تظني يا آنسة!".
" أنا لا أظن ذلك أبدا".
قال وهي تشعر أنها بدأت مشوارهما بداية سيئة وأنها توقعت معاملة أفضل , وأضافت:
"ليس الآن في كل حال".
أضحكته ملاحظتها , وشعرت بأرتياح بعد أرتباك , وخيّم المرح عليهما حتى وصلا الى منزل جوردن بانكس , صاحب البيت نفسه فتح لهما الباب , بدا في منتصف الخمسين من العمر , نحيل الجسم يضع نظارات سميكة على أرنبة أنفه الطويل , طابع سلالة عريقة.
قدّم برانت رفيقته الى جوردن بانكس الذي رحب بهما ببرودوقادهما الى قاعة خلفية حيث التحف , شعرت أن الرجل من جامعي التحف الذين لا يتمتعون بأستعمال تحفهم , لا بد أنه يأكل ويشرب بالأواني الزجاجية البسيطة فلا يغامر بأستعمال القطع الصينية الغالية التي يملكها , وفكرت أن الوضع في رالينغز يختلف تماما , أذ ليس من أشياء لا يجوز لمسها , أواني الطعام من التحف التي تعود الى أكثر من مئة سنة الى الوراء , ومفروشات غرف الأستعمال لا تقل أهمية عن تلك التي تعرض للجمهور , ولا شعوريا وجدت أنها تجري مقارنة بين الرجلين أمامها.
لاحظت أن في القاعة ثلاث خزانات صينية , لا بد أنها من عصر تانغ ,فكرت فانيسا , في الأولى , حصان مع فارسه في وضع متراجع , في الثانية حصان من دون فارس متأهب وينفث لهبا , وفي الثالثة فتاة ترقص, بدت القطع الثلاث بالغة الأتقان والروعة.

نيو فراولة 01-09-10 07:58 PM

" من عصر تانغ بين القرنين السابع والعاشر".
قال جوردون في نبرة مهنية جافة:
" الحصانان أخذا من قبر واحد , والفتاة من قبر مختلف في وقت متأخر عن الأول".
وتحرك نحو خزانة أخرى من دون أن ينتظر رد فعل زائريه , دلّهما على أناء وقال:
" أعتبر هذا الأناء تحفة مجموعاتي , أتساءل أن كنت تعرفين الى أي عصر ينتمي يا آنسة بيدج؟".
دؤست فانيسا القطعة من خلف الزجاج وراحت تدقق في الخطوط المتوازية والألوان الحالمة , وأجابت من دون عناء:
" أنه عصر سانغ , بين العام 960 و1279 , أذ أن الخوف في تلك الفترة وصل الى مستوى الكمال".
أبتسم برانت , وبدا الأهتمام في عيني صاحب البيت الذي قال :
" تبدين مطّلعة على تاريخ الصين , هل غصت بعيدا في دراسة تحف الشرق الأقصى؟".
" الى البعد الذي كان يسمح به وقتي , أمامي الكثير للتعلّم".
" كلنا نحتاج الكثير للتعلّم , ولكن الفتوة في مصلحتك يا عزيزتي , تعالي , أريد أن اعرف كمية معرفتك للأشغال الصينية".
وجدته يغيّر تصرفه من البرود الى الأهتمام , وخلال ساعة غيّرت فانيسا رأيها بالرجل ووجدته مثيرا , فتح لها الخزائن وسمح لها بلمس أي قطعة تريدها , مستمعا الى أي شيء تقوله بأهتمام وأحترام , صبره في الأجابة على أسئلتها المتعددة فاجأ برانت , الأخير لم يتحدث الا قليلا , وكانت فانيسا تلاحظ نظراته عليها وهي تنطلق في الحديث , وشعرت لأول مرة أنها لا تنزعج من هذه النظرات.
المجموعة كانت رائعة , سمعت بها فانيسا من قبل ولكنها لم تتوقع أن تسمح لها الظروف برؤيتها , فيها قطع من كل عصر تقريبا من تاريخ الصين , الكثير منها مزين بالرسم التقليدي للتنين وطائر الفينيق وتمثل الأمبراطور والأمبراكورة.
بعدما أنتهوا من الجولة في القاعة , سحب جوردن كوبين من أحد الرفوف وقدمهما لزائريه وهو يقول:
" الأكواب نفيسة أنها من عصر ميغ".
منتديات ليلاس
دققت فانيسا فيهما لتدرس تفاصيل العمل اليدوي , في الوهلة الأولى بدا الكوبان وكأنهما نسخة طبق الأصل من الخزف الأبيض وعليهما رسوم لتنين أحمر بين أمواج البحر الأزرق , ولكن بعد التدقيق لاحظت القليل من الفوارق , أحد الكوبين يميل لونه الأبيض الى الأزرق , والنسيج يكاد يختلف , فقالت معجبة بأكتشافها:
" هذه نسخة يابانية".
أبتسم جوردن وقال:
" نعم , هي كذلك , اليابان كانوا أذكياء ولكنهم كانوا يفتقدون الى الكمال الموجود في الأشغال الصينية".
وهنا ربت برانت على كتف فانيسا مهنئا وقال:
" أنني لم ألاحظ الفرق في المرة الأولى التي أراني فيها القطعتين , أنت ذكية جدا يا فانيسا".
وسألها جوردن:
" كم سنة أشتغلت في التحف؟".
أجابت:
" أثنتا عشرة سنة".
أرتفع حاجبا جوردن في تعجب ظاهر وقال:
" أذن كنت طفلة معجزة , لا بد أنك تعلمت على يد أستاذ أستثنائي !".
وعندما ودّعها على الباب قال لها:
" تعالي مرة ثانية كلما رغبت في المجيء , وأذا أحتجت الى عمل في أي يوم من الأيام أرجو أن تبلغيني الأمر".
داخل السيارة قال برانت:
" أثرت أعجاب الرجل , قليلون جدا يحظون بدعوة لزيارة ثانية , ومعدودون يحظون بدعوة في أي وقت يرغبون , مثلك".
وبعد قليل سألها:
"هل أنت نادمة لأنك لست قادرة على قبول عرض العمل معه؟".
هزت رأسها بالنفي وقالت :
" كلا , أبدا , المجموعة رائعة , وجودن بانكس رجل أستثنلئي , ولكنني لست راغبة في التخصص في مجال واحد من مجالات التحف المتعددة".
أبتسم برانت وقال:
" هذا يبدو مناسبا جدا , لأني لا أرغب أطلاقا في تحريرك من الأتفاق بيننا".
وسألته :
" هل يعيش السيد بانكس وحده؟".
" عدا عن مدبرة البيت , نعم هو يعيش وحده , لا يشعر بحاجة الى رفيقة , مجموعته ,والأضافة عليها , أهتمامه الوحيد في الحياة".
" ولكن هناك أشياء مهمة في الحياة غير التحف".
قالت فانيسا وهي تفكر في كلام نورا في الصباح , وأذ به يفاجئها بالقول:
" أذن أنت تدركين ذلك؟ كنت بدأت أتساءل".
وبعد قليل أقترح:
" لنجعل خروجنا اليوم مليء بغير زيارة جوردن , هل سمعت بمغاور بلوجون ؟".
" طبعا سمعت , هل هي قريبة؟".
" ميلين فقط , أظن أننا نستطيع زيارة واحدة منها , ستسرّين بالزيارة".


الساعة الآن 05:51 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية