438 - فتاة الزنبق - سارة كريفن ( كاملة )
فتاة الزنبق سارة كريفن روايات احلام الجديدة الملخص قال دانيال بخشونة : يا الهي , لاين . هذه ليلة زفافنا . هل تريدين ان اركع على ركبتي اتوسل اليك . ردت بنبرة عنيفة , انت لا تصغي الى ما اقوله . يجب ان تفهم انني لا استطيع تحمل البقاء بقربك . انا افضل الموت على البقاء معك ,لأن كل شيء انتهى .. انتهى . هل تسمعني , ما كان يجب ان اكون هنا . وما كان عليّ القبول بالقيام بهذا الأمر المخيف . ارتفع صوتها بشكل عاصف : - عليك ان تتركني وشأني . راقبت وجهه يمتلئ غضبا وكرها . سمعت صوته يصلها عبر اجواء مليئة بالمرارة : - لا تقلقي ايتها الكاذبة , المخادعة . سأدعك وشأنك . لن ألوث يدي بك حتى لو اتيت زاحفة على الزجاج المكسور .منتديات ليلاس بعدئذ رحل دانيال . فأرتمت لاين على سرير زواجها الفارغ . شعرت بالألم في حلقها يكاذ يخنقها . الى درجة جعلتها عاجزة عن البكاء للامانة منقول |
1 - لقـــاء وجفــــاء ! ما إن أنطلق المصعد إلى الطابق الرابع ، حتى وضعت لاين سنكلير حقيبة سفرها الكبيرة أرضاً ، وحركت أصابعها المتشنجة ، ثم تراجعت واتكأت على الجدار المعدني . أوصلها الأدرينالين إلى هنا من الغضب وخيبة الأمل ، وبالرغم من التعب والإرهاق اللذين أصاباها أثناء السفر ، وبالإضافة إلى كاحلها المتورم الذي يؤلمها بشدة . ما من أحد في الشقة في هذا الوقت . جيمي في عمله ، ولن يكون هناك من يدللها على الرغم من احتياجها المطلق إلى ذلك . لكن من المؤكد أنها ستنعم بالهدوء والسلام لفترة قبل بدء انهمار الأسئلة عليها ، ما الذي أتى بك؟منتديات ليلاس ما الذي حدث لعملك في السفينة ؟ أين هو آندي ؟ ما إن توقف المصعد وفتح الأبواب حتى رفعت لاين حقيبتها ، ثم خرجت إلى الممر ، إلا أنها أجفلت عندما آلمها كاحلها . دخلت الشقة ، ووضعت حقيبتها على الأرض ، ثم وقفت تحدق بإعجاب حولها في غرفة الجلوس الكبيرة مع المطبخ الصغير المواجة لها . هذا الجزء يمثل المنطقة المحايدة من الشقة التي تضم أيضاً غرفتي النوم الرئيسيتن المواجهتين لبعضهما وهي المساحة المشتركة بينهما هي وجيمي . لاحظت وهي ترفع حاجبيها ، إن الشقة تبدو مرتبة على غير عادتها . ما من زجاجات فارغة أو جرائد مجمعة أو علب كرتون فارغة من بقايا الأطعمة ، وهي علامات مميزة في حياة أخيها . أيكون تذمرها الدائم قد أعطى نتيجة في النهاية ، ولم تعد بحاجة إلى تنظيف الممر لتتمكن من الوصول إلى غرفة نومها النظيفة ؟ مع تلك الفكرة لمعت برأسها فكرتان : الأولى ، باب غرفتها مفتوح في حين أنه يجب أن يبقى مغلقاً ، والثانية ، يمكنها أن تسمع بوضوح أن هناك من يتجول في داخلها . حسناً ! أنا لم أتواجد في هذه الشقة منذ أكثر من شهر . ربما بدلت السيدة آرشر ، التي تنظف الشقة ، دوام عملها ، وربما لهذا السبب يبدو المكان نظيفاً للمرة الأولى . فتحت شفتيها لتعلن حضورها وتتأكد مما تفكر به ، لكن الكلمات لم تخرج من فمها مطلقاً .بدلاً من ذلك فتح باب غرفتها على مصراعيه ، وخرج رجل شبه عار ليدخل إلى غرفة الجلوس . أجفلت لاين ، وأغمضت عينيها ، ثم تراجعت إلى الوراء بسرعة . فتعثرت بحقيبتها التي وضعتها على الأرض قبل قليل . ارتطمت الحقيبة بكاحلها من جديد ، ما أرسل وخزات من الألم في ساقها كلها جعلت أسنانها تصطك على بعضها . أطلق المتطفل شتيمه ، ثم اختفى داخل الغرفة التي غادرها للتو ، تاركاً لاين واقفة هناك وكأنها تحولت إلى حجر . صوت مرعب ضعيف في رأسها أخذ يهمس بتوسل : لا . . . آه ! لا . . . ! هي تعرف هذا الصوت . تعرفه جيداً كما تعرف صوتها تماماً ، مع أنها لم تتوقع مطلقاً أن تسمعه من جديد . لم تشك للحظة بهوية الدخيل ، لذا أمسكت حقيبتها واستدارت لتغادر المكان على الفور . ما إن أصبحت في منتصف الطريق وهي تتجه نحو الباب حتى سمعت صوته مرة ثانية : ( لاين ؟!). تلفظ بأسمها الكامل بنبرة كريهة تحمل شيئاً من القرف والإشمئزاز . - من بين كل سكان العالم . . . ما الذي تفعلينه هنا بحق الجحيم ؟ بطريقة ما تمكنت من التلفظ باسمه . قالت بصوت عالِ : ( دانيال . . . فلاين ؟!) استدارت لاين ببطء وحذر ، وهي تشعر بجفاف في فمها . لاحظت أنه لفّ جسمه بمنشفة كبيرة . وقف دانيال عند مدخل غرفة نومها ، وقد لامس كتفه العاري بزهو كبرياء إطار الباب . فكرت وهي تشعر بالخدر يسيطر عليها وأنه لم يتغير كثيراً خلال السنتين الماضيتين ، فشعره الأٍسود القاسي يلمع من الرطوبة ، أما وجهه النحيل الواضح المعالم وخداه البارزان وفمه المنحوت فما زالت تسبب لها اضطراباً في دقات قلبها كالعادة . جالت نظراته من رأسها حتى قدميها . حدقت بها عينان بلون البندق من تحت رموشه الكثيفة السوداء ، متأملة سروالها الأبيض الواسع المصنوع من الكتان وقميصها المجعد ذات اللون الأزرق الداكن . رفعت لاين ذقنها بكبرياء ، محاولة أن تتجاهل توهج خديها من الخجل والإحراج ، وقالت : ( ما الذي تفعله هنا ؟). بدا وجهه الأسمر مليئاً بالعداوة نحوها حين أجاب : ( أستحم . أليس هذا واضحاً ؟) - والأمر الأكثر وضوحاً هو أن ليس هذا ما أقصدة . حاولت بقوة أن تبقى صوتها ثابتاً ، لأنها تريد أن تحظى ببعض القوة والسيطرة على هذا الوضع المزعج والمفاجئ ، فتابعت : ( أنا أسألك ما الذي تفعله في هذه الشقة ؟) قال : ( لكن أنا سألتك أولاً . ما الذي تفعلينه هنا بدلاً مت إعداد الشراب المثلج في مؤخرة السفينة ). أجابت لاين ببرودة : ( كل ما عليك معرفته هو أنني الآن في منزل ، وأنني أريد البقاء فيه ، لذا بإمكانك أن تذهب بعيداً عن شقتي ، قبل أن أتصل بالشرطة كي تخرجك بالقوة ).منتديات ليلاس بدت نظرته مليئة بالإزدراء قبل أن يقول : ( آه ! من المفترض أن أرتجف وأطيع . أليس كذلك ؟ لا مجال لذلك يا عزيزتي إلا إذا كان أخوك العزيز قد خدعني . وبصراحة أنا لا أعتقد أنه يجرؤ على القيام بذلك ، فنصف هذه الشقة له ، وأنا أستعمل هذا النصف بالتحديد ). سألته لاين ببطء : ( أنت . . . تعيش هنا ؟ بأي حق ؟) أجابها : ( لدي عقد إيجار لمدة ثلاثة أشهر ، تمت صياغته بطريقة قانونية ، وهو قيد التنفيذ ). شعرت بقلبها يدق بعنف وبدون انتظام بين ضلوعها ، وقالت : ( أنا لم أوافق على هذا العقد ). قال يذكرها : ( أنت لم تكوني هنا ، وجيمي أكد لي أن تلك العلاقة الغرامية السعيدة ستستمر ، إذا اعتقد أنك وصاحب تلك السفينة ستبقيان معاً لفترة طويلة ). نظر إلى يدها اليسرى الخالية من أي خاتم زفاف ، ثم لوى شفتيه قائلاً : ( أم تراه فهم ما قلته بطريقة خاطئة ؟) فكرت لاين ، بالطبع! بطريقة خاطئة تماماً . لكن في ذلك الوقت بدا لها أن من الأفضل أن يعتقد جيمي ذلك . قالت بصوت عالٍ : ( حصل تبديل طفيف في الخطة ). قال : ( أحقاً ؟ إذا ، هل تركت خلفك ضحية أخرى ؟ أخشى أن يصبح هذا الأمر عادة لديك ). انتظر لدى سماعة تنفسها العميق الذي لم تستطع أن تتجنبه ، ثم أكمل بصوت ناعم : ( مهما يكن الأمر ، قررت الإقامة في الشقة أثناء غياب أخيك في الولايات المتحدة ). رددت كلامه بصورة آلية : ( غياب . . . من ؟ ومنذ متى . . . ؟) . - منذ ثلاثة أسابيع . وهذا . . . وضع مؤقت . - ولماذا لم يخبرني ؟ صوته الأجش بدأ أكثر وضوحاً وهو يوضح : ( حاول جيمي الإتصال بك ، إلا أن الاتصالات الهاتفية أو حتى الفاكس عبر مكتبك بقيت دون إجابة ). رفع دانيال كتفيه ، ما جذب انتباهها رغماً عن إرداتها إلى عضلاته القوية . فقالت من خلال أسنانها : ( لنفرض أن هذا الإتفاق قانوني ، إلا أنه يفسر سبب خروجك من غرفة نومي ). قال وهو يبتسم : ( إنها الآن غرفتي . . . طوال فترة الإيجار . أخيراً ها أنا أنام في سريرك ، يا عزيزتي . وهكذا أصبح لدي فكرة أستمتع بها ). صاحت لاين محتجة : ( لا ! هذا الأمر مستحيل بالنسبة لي ). قال دانيال بنعومة : ( دغدغت هذه الفكرة أحلامك في وقت من الأوقات ، وحملت لك السعادة ولو لوقت قصير). علقت لاين بحدة : ( حصل ذلك قبل أن أتحول إلى مخادعة وكاذبة ومستهترة ، فهذا ما قلته عني بالتحديد ). قال : ( ما تقولينه صحيح ، لكن الإنتقال للعيش في غرفتك ليس فيه إساءة ، وليس سببه الحنين إلى ما كان يجب أن يحدث بيننا ). |
لوى شفتيه بسخرية وتابع : ( ببساطة . . . هو مجرد آمر ملائم لي ). تابعت لاين كلامها كأنه بم يقل شيئأً : ( مهما يكن ، يجب أن تفهم أنني لا أرغب في العيش تحت سقف واحد معك الآن ، تماماً كما كان عليه الأمر منذ سنتين ). وافقها بالقول : ( يمكنني أن أرى أنها مشكلة بالنسبة لك ). - يسعدني أن أرى أنك مستعد للتفكير بمنطق . فاجأها ذلك بالفعل ، وهذا دفعها لتتنفس بهدوء أكثر قبل أن تتابع : ( إذا ، لِمَ لا تقدم على تدابير فورية لتنتقل أنت وكل ما تملكه إلى مكان أفضل وأكثر ملاءمة لك ؟) ظهرت على وجهه ابتسامة عريضة وهو يقول : ( ما يحصل هنا هو مشكلتك وحدك ، ولا علاقة لي بالأمر ، لأنني لن أذهب إلى أي مكان ، وما تقررينه هو شأنك الخاص ). قالت بصوت مرتجف : ( لكنك لا تريد أن تعيش هنا حقاً ). - لِمَ لا ؟ قبل هذه الدقائق الخمس الأخيرة ، كنت سعيداً جداً . - لكن هذا المكان دون مستواك ، فهو ليس منزلاً رائعاً يليق بمليونير . . . توقفت عن الكلام قليلاً لتفكر ، ثم أكملت : ( . . . إلا إذا تمت تصفية مؤسسة النشر العالمية ، وبما أنك أنت من يدير شؤونها ، فهذا كل ما تستطيع الحصول عليه هذه الأيام ).منتديات ليلاس قال دانيال وقد خلت ملامح وجهه من أي تعبير : ( آسف لتخييب أملك ، لكن الأعمال تسير على أتم ما يرام ، وأنا باق هنا لأن الأمر يناسبني ولو بسكل مؤقت ). ضم ذراعيه إلى صدره وتابع : ( واجهي الأمر ، لاين ، أنت اخترت العودة من دون أن تخبري جيمي على الأقل من بين كل الناس ، فهو يعتقد أنك لن تعودي إلى هنا مطلقاً . مهما يكن ، أنا وقعت اتفاقاً مع جيمي ، لذلك يمكنك استعمال النصف الأخر من الشقة إذا رغبت في ذلك ). لم تنظر لاين إليه وهي تقول : (هذا أمر مستحيل ، وأنت تعلم ذلك جيداً) . أجابها : ( في الواقع ، لا أعلم شيئاً . إن أردت البقاء أو الذهاب فالأمر سيان لدي . إلا إذا كنت تخدعين نفسك ظناً منك أنني ما زلت أحمل بعض الميل الطفيف إليك . إن كان الأمر كذلك ففكري جيداً ) . توقف عن الكلام وظهر التجهم على وجهه . راقت كيف تلون خداها من الإحراج ، ثم تابع : ( . . . لكني أحذرك أنني لن أتحمل أية إهانه منك ، كما أن الإعتماد على طيبة قلبي لن تنجح أيضاً ). - لم أكلن أعلم أنك طيب القلب . تجاهل دانيال تعليقها ، وقال بعد قليل : ( إن كنت لا تريدين المشاركة في الشقة ، فارحلي ). قال : ( هذا بيتي ، وليس لدي مكان آخر لأذهب إليه ). - إذاً افعلي ما قلته لك . أضافت بعد قليل بشيء من القسوة : ( مع أنني أشك بصعوبة الامر ، لكن أنت وأخوك تدينان للناس بالكثير من المواقف الحسنة ) . نظر إليها من دون اهتمام ، وتابع : ( إن قررت البقاء هنا أفضل من الذهاب إلى مكان آخر ، أقترح عليك التوقف عن الشجار والبدء بتنظيم أمورك ، فلديك عمل يحتاج إلى وقت طويل جداً ) . استدار دانيال ليغادر الغرفة وهو يقول : ( ولا تطلبي مني أن أعيد لك غرفتك . فقد رفضت ذلك من قبل ). قالت لايم من بين أسنانها : ( ما كنت لأحلم بذلك . في النهاية ، وبعد مرور عدة أسابيع سترحل ، وحتى حلول ذلك اليوم السعيد سأخيم في غرفة جيمي ) . رمته بتلك الكلمات مع أنه أغلف باب الغرفة وراءه . للحظة ، وقفت لاين في مكانها تحدق بالباب الخشبي . قالت لنفسها إنها تعيش كابوساً ، وإنها ستستيقظ في لحظة ما لتجد أن كل ما عاشته في الدقائق الأخيرة قد زال . شعرت أنها ترتجف بقوة من الداخل ، وكل ما رغبت به هو أن ترتمي على الأرض وتبقى هناك . لكن دانياب قد يخرج من الغرفة في أية لحظة ، وآخر ما تريده هو أن يجدها رابضة على الارض المخططة اللماعة عند قدميه ، كأنها حيوان صغير جريح . لم يخطر ببالها لحظة أنها قد تراه من جديد ، أو تقابله وجهاً لوجه كما حصل الآن . فقد أقنعت نفسها أنه خرج من حياتها إلى الأبد . تعمدت أن تذهب إلى مكان بعيد كي توفر على نفسها الألم إذا ما لمحته ولو للحظة واحدة عن طريق الصدفة ، آملة أن تتلاشى الذكريات التي جمعتها شيئاً فشيئأً . لكن ها هو هنا من جديد ، ويبدو أن ذلك الشعور بالعار والعذاب الذي تحمله من ماضيهما سيبقى حياً ومؤلماً لديها إلى الأبد . قالت لنفسها بعناد : ( لم أسمح له بأن يعتقد أنني ما زلت أهتم لأمره . لا أستطيع تحمل ذلك . علي أن أقنعه أن الأمر لا يعنيني مطلقاً أنا أيضاً ـ انتظرت إلى أن هدأت دقات قلبها وانتظمت أنفاسها قليلاً ، ثم سارت ببطء نحو غرفة جيمي ، محاذرة أن تثقل كاحلها المتورم أثناء السير . أدارت مقبض الباب ودفعته ليفتح ، لكنه قاوم بعناد . وضعت لاين كتفها عليه وراحت تدفعه إلى الداخل محاولة الحصول على فتحة واسعة بما يكفي لتتمكن من المرور من خلالها ، وما إن نجحت في مسعاها حتى أجفلت . توقفت كم أصيب بصاعقة ، وشهقت من خيبة الأمل . ما رآته لم يكن غرفة نوم بالتحديد ، بل مخزناً مختلف الأغراض ، فكل بوصة من المكان ملئت بشيء ما . رأت مجموعة من الصناديق موضوعة على الأرض ، إلى جانبها أقفاص مليئة بالكتب والأقراص المدمجة ، بالإضافة إلى عدد من الحقائب المختلفة الأحجام القديمة الطراز . لاحظت وهي غير قادرة على تصديق ما تراه أن فراش السرير الخالي من أية أغطية مغطى بأكمله بمحتويات خزانتها ، وأن الأشياء التي تعيق فتح الباب هي مجموعة من الصناديق المختلفة الأحجام التي وضعت على الأرض بصورة عشوائيةمشكلة كومة كبيرة . إنها بحاجة إلى ساعات من العمل لتتمكن من تأمين مساحة كافية فقط للسير في الغرفة ، وهذا ما تحتاجه أيضاً إلى مكان الإستحمام أو النوم الذي هي في أمس الحاجة إليه . شعرت بالدموع تحرق عينيها . فبعد كل المشاكل المروعة مع آندي ، ها هي تعود إلى منزلها لتجد هذه الفوضى ! بالإضافة إلى وجود اللعين دانيال فلاين . إنه ينام في غرفتها ، ويستعمل هذه الغرفة كمستودع لوضع حاجياته . تمتمت بغضب ، محطمة كل إحساس بالشفقة على النفس : ( لو أنني أستطيع الوصل إلى النافذة ، لرميت هذه القذارة كلها في الشارع ) . لقد أفرغ كل ما تملكه على السرير . مجرد التفكير بذلك جعلها تنكمس على نفسها . لم ينجو بفعلته تلك ! أقسمت بذلك وهي تعرج عائدة إلى غرفة الجلوس ، ثم تطرق بقوة على باب الغرفة الأخرى . فتح الباب على الفور ، وواجهها دانيال بوجه عابس . كان قد ارتدى سروال جينز ، لكنه لا يزال حافي القدمين ، عاردي الصدر . شعرت لاين بجفاف في فمها ما إن عاودتها الذكريات التي تهرب منها . سألها : ( ماذا تريدين الآن ؟ ) قالت بصوت مضطرب : ( الغرفة الأخرى تصلح زريبة للحيونات . إنها مكب للنفايات . اريد أن أعرف ما الذي تنوي أن تفعله بشأنها ). أجاب بضيق : ( لا شيء فتلك الأغراض لا تخصني . هذه ليست مشكلتي ) .منتديات ليلاس شهقت لاين وسألته : ( ما ذا تقصد بحق السماء ؟ إنها مليئة حتى السقف بأشياء تخصك ، وأريدك أن تنقلها من هناك على الفور ) . لوى شفتيه بإستهزاء وقال : ( عملك في البحر لم يذهب سدى . ماذا هناك أيضاً في برنامج عملك ، سيدتي القائدة ؟ أيقتصر الأمر على التوبيخ أم يتعداه إلى القصاص الصارم ؟) . أشارت بإصبعها نحو الغرفة وراءها ، وقالت : ( تلك هي الجهة التي أشغلها الآن من الشقة ، وأريد أن أراها خالية ) . - إذا أقترح عليك أن تبدأي العمل منذ الآن . بدأ كأنه يشعر بالملل من رؤيتها وهو يتابع : ( مع أن الله وحده يعلم أين ستضعين تلك الصناديق . من أجل توضيح المسأله فقط ، لا علاقة لي بأس شيء في تلك الغرفة . بعض تلك الأغراض هي لأخيك . لكن الجزء الأكبر منها هو لفتاة تدعى ساندرا . وأعتقد أن تلك الفتاة رافقته في رحلته إلى نيويورك ) . حدقت لاين به غير مصدقة : ( جيمي ترك كل هذه الأشياء ، وتركني لأتعامل مع تلك الفوضى المرعبة ؟ آه ! لا يعقل أنه فعل ذلك ) . ابتسم دانيال بسخرية ، ,علق قائلاً : ( ألا يفل ؟ إذا كنت ترغبين في التحدث بالأمر معه ، بإمكاني أ نأعطيك رقم هاتفه في مانهاتن ) . أجابت بضيق وتوتر : ( من فضلك ، لا تزعج نفسك ، سأتولى الأمر بنفسي ) . قررت أن تستدير على الفور وتسير مبتعدة ، بعد أن رفت رأسها عالياً ، لكن بينما هي تستدير شعرت بطعنة قوية جداً من الألم في كاحلها جعلتها تصرخ بصوت عالٍ وتترنح . بخطوة واحدة سريعة أصبح دانيال قربها . وضع يده تحت مرفقها وهو يقول : ( ما الأمر ؟ ) . - لا تلمسني ! |
حاولت أن تبتعد عنه ، ولكنه رأى الضمادة على قدينها فشد قبضة يده على مرفقها . سألها : ( ما ذا فعلت بنفسك بحق السماء ؟) .
أجابت بإقتضاب : ( التوى كاحلي . هذا كل شيء . من فضلك دعني وشأني ، ولا داعي لهذه الجلبة ) . - لست أنا من يزعق من شدة الألم . رفعها دانيال بين ذراعيه ، وحملها إلى أحد المقاعد الطويلة الموضوعة أمام المدفأة ، ومددها على الوسائد . مع أن تصرفه هذا لم يكن سوى وليد اللحظة الراهنة ، لكنه أجبرها على التذكر بكل ما لديها من وعي نعومة بشرته ورائحتها العطرة . فكرت ، آه . . . يا آلهي ! أنا لست بحاجة لذلك . . . وانتشر إحساس بالرعب في إعماقها . ركع دانيال أمامها ، وبدأ ينزع الضمادة عن كاحلها . قالت بتوتر : ( يمكنني أن أفعل ذلك بنفسي ) . رماها بنظرة ساخرة ، وعلق قائلاً : ( والآن ، من الذي تيثير جلبة بسبب أمر تافة ؟ ) التزمت لاين الصمت شاعرة أن وجهها يتقد من الخجل والأرتباك . حدقت من وراء كتفه ، وهي تعض بأسنانها على شفتها السفلى ، بينما راح دانيال يعاين مفصل قدمها المتورمة . سألها : ( متى حدث ذلك ؟) .منتديات ليلاس رفعت كتفها ،، وقال : ( منذ يومين ) . قال بحزم : ( كان عليك أن تريحيها على الفور ، لذا يجب أن تبدأي منذ الآن ) . نهض برشاقة ، وتوجه إلى المطبخ . عاد بعد عدة دقائق وهو يحمل كيساً مليئاً بمكعبات الثلج . - خذي ! ضعي هذا عليها . أطاعته لاين على مضض ، وبدت تعابير الثورة على وجهها بينما راح دانيال يثبت كيس الثلج بالضمادة التي نزعها عن قدمها . قالت بضيق ما إن أنهى عمله : ( شكراً لك ) . - لا داعي للشكر . تابع بنبرة لاذعة وهو يقف بإستقامة : ( لدي اهتمام ثابت وأكيد بأن أرى ساقيك تعملان بصورة جيدة . فالبحث عن عمل يحتاج إلى الكثير من الجهد ، وأنت بحاجة إلى راتب بدون أي تأخير ) . وعاد ليختفي في المطبخ ، تاركاً إياها تشهق من الغضب . عندما عاد ، كان يحمل كوباُ من الماء موضوعاً على صحن ، إلى جانبه قرصان من الدواء ، قال : ( هيا ! خذي هذه ) . - و ما هي تلك ؟ قال بصوت لاذع : ( مخفف للألم . . . ولا تقلقي ، فلن تستيقظي لتجدي نفسك في مكان سيء السمعة ) . فيما هي تبتلع الدواء على مضض وتعيد له الكوب فكرت : ( لو أنك تملك أدنى فكرة عما حدث في الأيام القليلة الماضية ، لربما ستفهم لماذا أنا مشدودة كالأسلاك ، لكنك لا تعلم . في مطلق الأحوال ، أنت هو الشخص الأخير في العالم الذي يمكنني أن أخبره بما حدث . نظر إليها دانيال بتجهم ، وسألها : ( سأعد القهوة ، هل تريدين فنجاناً ؟) . هزت لاين رأسها ، وقالت : ( لا ! شكراً ) . اتكأت إلى الوراء على الوسائد ، وأغمضت عينيها وهي تفكر بحزن ، التخلص من رؤيته ستكون البداية . بداية صراع طويل وقاس لتتخلص من الذكريات التي أثارها فيها ، والتي فشلت السنتان الأخيرتان اللتان مرتا في محوها . لكن حواسها ظلت متأثرة به حتى بعد أن سار مبتعداً . يا له من أمر محزن ! كيف يمكنها أن تتأثر بهذا القدر برجل دمر ثقتها بنفسها وبكل ما حولها ، فتركها مشتته ضائعة . شعرت بحركته وهو يستخدم أدوات المطبخ ، فتحركت بعدم ارتياح على الوسائد . آه ، يا إلهي ! الأسابيع القادمة ستكون نوعاً من العذاب الذي لا يمكن لأي مهدئ للألام أن يسكنه . لكن مهما كان شعورها ، فلن تستطيع الإنتقال من هنا على الفور ، ومن المحتمل أن يعرف ذلك . لطالما تمنت أن تكون متألقة جداً بنجاحها وبسعادتها إذا ما التقيا صدفة يوماً ما ، كي تتمكن من التحديق بعينيه بدون أي إهتمام . لكن يبدو أن للقدر خطة مختلفة تماماً . لا فكرة لديها مطلقاً كم هو المبلغ المتبقي من المال في حسابها المصرفي ، لكنه بالتأكيد ليس بذي أهمية . فقد استعملت ما لديها من مال في بطاقة اعتمادها لشراء بطاقة السفر للعودة إلى بلادها . ومع رحيل جيمي ، لن تستطيع حتى أن تحصل على قرض مؤقت . - لا تستسلمي للنوم ، لاين .منتديات ليلاس صوته جعلها تقفز مجفلة ، وهي تسمعه يتابع : ( حاولي أن تتأقلمي مع الوقت في لندن ، وإلا فإنك ستعانين من آثار السفر لعدة أيام ) . فتحت عينيها على مضض ، ونظرت إليه ، فرأت أنه يحمل في يده كوباً كبيراً . - أقترح عليك أن تشربي هذا ، فأنت بحاجة إلى الكافيين لتتمكني من الإستيقاظ . - جلس على الأريكة قبالتها ، وراح يراقبها بعينين ضيقتين . - ما هي خطة عملك الآن بعد أن اصطدم شريكك البحار بالصخور ؟ لفها التوتر ، وقالت بنبرة هجومية : ( أنا لم أقل ذلك بالتحديد ) . - لا داعي لتقولي ذلك . رشفت لاين رشفة من القهوة وهي تحاول أن تجد جواباً مقبولاً . - لنقل فقط إنني وشريكي اكتشفنا أن لدينا أفكاراُ متناقضة ومتضاربة . أظن ذلك كافياً . رفع دانيال حاجبيه بسخرية ، وعلق : ( حسناً ! لا شك أن ما قلته مألوف لدي ) . شعرت بأحشائها تعتصر من الألم المفاجئ ، لكنها قالت بهدوء : ( أتمنى إلا تتحدث عن الأمر أكثر من ذلك ) . قال دانيال بنعومة : ( رفض التحدث عن الأمور هو أشبه بمحاولة تغطية بركان . إلا تعتقدين ذلك ؟) . قالت بحزم وعناد : ( لا ! لا أعتقد ذلك . أعتقد أنه يجب على المرء إلاحتفاظ بخصوصيته ) . - ألهذا السبب لم يستطيع أحد الاتصال بك في فلوريدا ؟ لا ! فكرت بضيق أن سبب ذلك هو أن آندي لم يدفع إيجار المكتب ، فقام المالك بإقفاله . لكنني لم أعلم بالأمر في ذلك الوقت . أجابت : ( أنا وجيمي شقيقان ، لكن لكل منا حياته الخاصة واستقلاليته ) . - أنت توقفت عن الاتصال بأخيك ، أما أنا وجيمي فبقينا على اتصال دائم خلال الأشهر الماضية . شيء ما في كلامه أو ربما في صوته جعلها تشعر بوخز غريب في عمودها الفقري . في الواقع ، ما من داع لأن تتقاطع طريقيهما . جيمي شخص عادي يعمل في شركة للمحاسبة في المدينة ، أما دانيال فقد ورث إمبراطورية عائلته ، وأصبح صاحب سلطة قبل أن يبلغ الثلاثين من عمره . كما أن دانيال هو صديق سيمون ، وليس أي شخص آخر ، سيمون . . . أخوها الأكبر المميز ، والصبي اللامع الذي يكبرها بعشر سنوات . فكرت بذلك وهي تشعر بألم حاد مدمر ، لطالما كان سيمون الصديق المفضل لدانيال منذ أيان المدرسة . كلاهما عملا في السلاح الجوي ، وكانا من الاعضاء المميزين في علبة الكريكيت ، وفي فريق التنس . لكن هناك يتوقف التشابة بيينهما ، دانيال هو الأبن الوحيد لأب مندفع وجه كل طاقاته وعاطفت نحو العمل بعد وفاة زوجته ، ساعياًُ وراء التوسع والربح بنهم لا يشبع ، ولم يترك لابنه الصغير سوى القليل من وقته . في أسام العطل المدرسية كان الصبي يترك تحت رحمة فريق العمل الذي يعينه والده ويدفع له ، أو ينتقل للإقامة مع معارف والده المختلفين ، والذين لديهم أولاد في مثل سنه .منتديات ليلاس أما سيمون فعاش في كنف أمه واثنين من الأخوة الأصغر منه سناً في آبونسيروك ، ذلك المنزل الرائع مع حديقته الكبيرة ، حيث كان يأتي إليه في كل عطلة صيف وبعد نهاية كل فصل داراسي . كان روبرت فلاين يوافق على أن يمضي ابنه جزءاً من العطلة مع عائلة صديقه ، ولطالما قالت أنجيلا سنكلير إن المنلز معتاد على استقبال الضيوف ، لذا فإن ضيفاً جديداً لن يشكل أي فرق . إلا بالنسبة لي ! فكرت لاين بذلك وهي تشعر بألم مفاجئ . فقد شكل حضورة كل الفرق في العالم بالنسبة لها . . . لكن تلك المنطقة محرمة عليها ، وهي لا تجرؤ على الذهاب إلى هناك ، لا سيما الآن . أنهت احتساء قهوتها ، ووضعت الكوب على الأرض . - أنت وجيمي لستما صديقين ، أليس كذلك ؟ لطالما اعتبرته إدنى مستوى منك . ومن المؤكد أنك لا تواجه مشكلة في إيجاد مكان تمكث فيه ، فلماذا أنت هنا إذاً ؟ - إنه أتفاق مناسب لنا معاً . لكنها تابعت بعد قليل : ( كنما أن ( كوبر دايموند ) لا تملك فروعاً في نيويورك ، فما الذي يفعله جيمي هناك ؟ ) |
قال دانيال : ( إنه يعمل لدي ، في القسم الملكي في هيروندلابوكس ) تضاعف إحساسها بالقلق والتوتر ، وسألته غير مصدقة : ( أيعمل لديك ؟ لماذا بدل عمله ؟ ) - ربما كان هذا موضوعاً آخر يجب أن تبحثيه معه ؟ أنهى داينال شرب قهوته ، ثم نهض وهو يتابع : ( إنه ينتظر اتصالك . ) حدقت به لاين وهي تسأله : ( هل تحدثت إليه ، وأخبرته أنني هنا ؟ ) - فعلت ذلك وأنا في المطبخ ، قلت له إن غرفته يجب أن تنظف ، وإن توضع كل محتوياتها في مخزن خاص به ، ووافق على ذلك ، لكن لسوء الحظ ، شركة النقل التي اتصلت بها لا تستطيع القدوم قبل نهار الغد ، وهكذا عليك أن تمضي الليلة على الأريكة , رفعت لاين ذقنها قائلة : ( هل اتصلت بشركة النقل أيضاً ؟ إنني قادرة تماماً على القيام بذلك . ) اقترح دانيال بهدوء وبساطة : ( هل تريدين أن أتصل بهم ثانية وألغي الحجز ؟ )منتديات ليلاس أرادت لاين أن تقول نعم ، لكنها أدركت أن ذلك تصرف غبي من قبلها . لا سيما أنه بذل مجهوداً ليتم العمل بأقصى سرعة ، كما أن النوم في غرفة الجلوس لفترة طويلة أمر لا يعجبها مطلقاً . قالت على مضض : ( لا ! لتدع الأمور على حالها ) . قال برضى : ( قرار صائب ، لا بد أنك تتعلمين ) . توقف قليلاًُ عن الكلام ، ثم تابع : ( علي الذهاب إلى المكتب لعدة ساعات ، وهكذا ستتمكنين من تقريع أخيك قدر ما تشائين بسبب عدم رغبتك في وجودي هنا . ) قرأ الرسالة من خلال عينيها اللتين ازدادتا التماعاً ، فأبتسم ، وتابع ينصحها : ( حاولي إلا تنهضي لكي يشفى كاحلك بسرعة ، فأنت بحاجة إلى ذلك ، هكذا ستتمكنين من السير على الأرصفة بدلاً من المكوث هنا ) .منتديات ليلاس معرفتها أنه لم يقل إلا الحقيقة لم تحسن من طبعها المتقد أو تهدئ من اضطراب مشاعرها المندفع كاندفاع المد نحو الشاطئ ، وهي تراقبه يسير مبتعداً ليدخل إلى الغرفة . . . غرفة نومها ، ويغلق الباب وراءه . |
الساعة الآن 08:32 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية