منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   44 - القرار الصعب - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t147593.html)

نيو فراولة 24-08-10 04:26 PM

44 - القرار الصعب - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
44- القرار الصعب - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة

الملخص


تساءلت دينا حين رأت نفسها وجها لوجه أمام زوجها المفقود ( هل تعود عقارب الزمن الى الوراء ) مع هذا عاد بليك شاندلر الى الحياة والى زوجته , بعد غياب عامين ونصف
منتدى ليلاس, وطالب بحقه الزوجي , بينما دينا رسمت لنفسها خطا آخر بخطبتها لصديق زوجها الذي ساعدها في محنتها وفي عملها كمديرة لشركات زوجها , وجدت دينا نفسها تفقد كل شيء : رئاسة الشركات ...... خطيبها ...... سلامها الداخلي .....وعاطفتها الجديدة؟ ترى هل تستطيع نسيان الزمن المفقود , وتعود زوجة وربة بيت , أم يتألق الحب الذي خبا ويضيء حياتها مرة أخرى , القرار في يدها ......... والقرار صعب !

dalia cool 24-08-10 04:54 PM

مرسي حياتي على الرواية في عندي سؤال صغير هو انت مش امل بيضون او انا غلطانة:flowers2:

نيو فراولة 24-08-10 05:09 PM

1- العروس الأرملة





كان الجو صافيا والقمر فوق رود أيلاند جديدا , ولكن ذهنها خيّمت عليه شبكة من العناكب ......... وبدت دينا شاندلر لا تعرف كيف تتخلص من تشوش أفكارها , وأغلقت أذنيها عن الأصوات التي كانت تحتفل بهدوء في بقية أرجاء المنزل وحملقت عبر النافذة.
سرت قشعريرة في جسمها وأنسلت عيناها الزرقاوان الى ذراعيها اللتين شبكتهما أمامها....... لعل القشعريرة كانت بسبب ثقل المعدن الثمين حول أصبعها ,أبتعدت دينا عن النافذة , وجالت بنظراتها القلقة في أنحاء المكتبة ,ورأت أن كل شيء مألوف , الرفوف المليئة بالكتب من الأرض حتى السقف , والآريكة مغطاة بالقطيفة أمام المدفأة وعلى جانبيها كرسيان ,وفي أحد أركان الغرفة مكتب أنبق منظم مصنوع من خشب الماهوغاني.
أنفتح باب المكتبة وألتفتت دينا ,وتألق شعرها في الضوء الخافت ,كان لونه ذهبيا أفتح من الخاتم حول أصبعها.
وأغلق شت ستانتون الباب ,وأبتسم وهو يتقدم نحوها برغم بريق الحيرة في عينيه وتمتم قائلا:
" أذا أنت هنا؟".
وأومأت دينا برأسها وقالت:
"نعم".
ولم تدرك التنهيدة في صوتها أو الأبتسامة المغتصبة التي بدت على شفتيها, وعندما أقترب منها رمقته بنظرة فاحصة ,شعره مثل شعرها أشقر , يتهدل على جبهته , ويغري الأصابع دائما بأن تزيحه الى مكانه , وعيناه زرقاوان باهتتان على عكس لون عينيها المتألق .
منتدى ليلاس
كان في السادسة والثلاثين من عمره ,ويكبرها بأثنتي عشر عاما , ومن عمر بليك , ولكن يبدو عليه جو صبياني هو جزء من سحره , والواقع أن دينا قابلت شت لأول مرة عندما كان في صحبة بليك , ونسجت العناكب خيوطها حول تلك الفكرة لتخفيها , كان شت نحيلا وقامته أطول منها بعدة بوصات فقط.
وتوقف أمامها وراحت نظراته الفاحصة تدرس وجهها الذي بدا بدون تعبير ....... وعندما أستقرت يداه على كتفيها لم تستجب للمسته ,قال وهو لا يزال يحدق في وجهها :
" ماذا تفعلين هنا؟".
" كنت أفكر".
" هذا ممنوع!".
قال هذا , ثم أحاطها بذراعيه وأستسلمت لعناقه , لم لا ؟ كانت كتفه مكانا يستقر عليها رأسها طوال السنتين والنصف الماضية , وأغمضت عينيها فقال هو يتظاهر بتأنيبها:
" كان يجب أن تكوني في غرفة الجلوس , تحتفلين بصخب مع الآخرين".
وضحكت دينا بنعومة , والت:
" أنهم لا يحتفلون بصخب , لا يفعلون أي شيء يصخب سواء كان فرحا أو حزنا".
" نعم ,ولكن حتى الحفل المتحفظ يحتاج الى وجود الخطيبين وهما أنت وأنا , وليس أنا فقط ".
وتنهدت وقالت:
"أعرف ".
لم تكن كتفه مريحة كما كانت من قبل , وتخلصت دينا من عناقه وشعرت بأعصابها تتوتر ثانية , أذ لم تتخلص من أحساسها بالضيق والأرتباك , أمتدت نظرتها المضطربة الى ظلام الليل عبر النافذة وكأنها تتوقع أن تجد الجواب هناك.
وأدارت له ظهرها , فقال:
" أسترخي يا حبيبتي".
" أن هذا رغما عني ....... لا أعرف أذا كنت أتصرف التصرف السليم".
وبدا العبوس على جبينها وقال شت:
" بالطبع تتصرفين التصرف السليم".
" حقا؟".
وأبتسمت نصف أبتسامة تنم عن الشك والسخرية من النفس .
ثم أستطردت :
" لا أعرف كيف تركتك تستدرجني الى هذه الخطبة ".
وضحك شت قائلا :
" أنا أستدرجتك؟ أنك تتحدثين وكأنني لويت ذراعك , ولا يمكن أن أفكر في هذا , فأنت أجمل من أن أمسّك بأي أذى !".
" يا لك من متملق!".
وشعرت دينا بأنها كبرت أكثر من سنها , وقال:
" وقد حصلت عليها بهذا!".
" أعرف أنني وافقت بأرادتي على هذه الخطبة".
وأضاف شت:
" بأرادتك ولكن بتردد".
" لم أكن متأكدة ولا أعرف حتى الآن أذا كنت متأكدة أم لا".
" لم أدفعك الى أتخاذ قرار سريع , لقد منحتك كل الوقت الذي أردته لأنني أفهم موقفك , ولن يتم الزفاف حتى تحددي التاريخ , أن أتفاقنا لا يزيد كثيرا عن خطبة تجريية يا دينا ".
" أعرف".
منتدى ليلاس
كان صوت دينا بلا عاطفة وأدارها شت لتواجهه وقال:
" لقد كنت أفضل صديق لبليك".
وفكرت دينا نعم , كان الساعد الأيمن لبليك , والآن أصبح ساعدها الأيمن , يؤيد قرارها ويدفع الأبتسامة الى شفتيها عندما تهبط روحها المعنوية وتثبط عزيمتها.
وأستمر يقول:
" ولذلك أعرف تماما شخصية زوجك , وأنا لا أحاول أن آخذ مكانه ,كما لا أريدك أن تخلعي خاتمه من أصبعك".
ودفعت ملاحظته نظراتها الى خاتم الماس والخاتم الذهبي حول أصبع يدها اليسرى , وأضيف اليهما خاتم ثالث من الماس كان خاتم خطبتها لشت .
ووضع يده تحت ذقنها برقة وقال:
" أن كل ما أتمناه أن أستطيع بمزيد من الصبر والمثابرة أن أحفر لنفسي مكانا في قلبك".
وقالت دينا:
" أن لك مكانا يا شت , فبدونك ماذا كنت أفعل منذ فقدت بليك , عندما لم نعرف أذا كان حيا أو ميتا , ثم عندما أبلغونا أنه قتل".
وأسكت بقية كلماتها بعناقه القوي وهو يقول:
"كان هذا في الماضي , وعليك أن تنسيه".
" لا أستطيع , ما زلت أذكر الطريقة التي تكلمت بها مع بليك , قبل أن يرحل ويقوم بتلك الرحلة في أميركا الجنوبية , كان يريدني أن أذهب معه الى المطار ولكنني رفضت".
وتنهدت بغضب وندم وأستطردت تقول:
" كانت مشاجراتنا تدور دائما حول أشياء تافهة , أشياء تبدو سخيفة جدا الآن.......".
ورفع شت رأسه لينظر الى بريق الأسى في عينيه وقال :
" كانت مشاجرات القوي مع القوي , أنني متحيز للنساء قويات العزيمة ".
وأغاظتها كلماته فأثارت الأبتسامة التي كان يريدها , وقالت:
"أعتقد أنه يتعيّن عليّ أن أعترف بذلك".
وبدا الشرر في نظرته وقال:
" وأنا أحبك لكونك قوية يا دينا".
ثم عانقها مرة أخرى , وأستسلمت لعاطفته وأستجابت لها بنفس الحرارة شيئا فشيئا , لم يحدث أبدا أن طلب منها شت أكثر مما تريد أن تعطيه كان تفهمه المتحفظ يزيد من مكانته لديها ويجعل قلبها مفعما بسعادة هادئة.

نيو فراولة 24-08-10 05:10 PM

اي حبيبتي أعتقادك مظبوط .
ع كل أنا نفس طريقة الكتابة بستعمل يعني أكيد نفس الشخص
هههههههه

dalia cool 24-08-10 05:24 PM

وانا كمان عم قول ما في غيرك يكتب بهذي الطريقة و موفقة بتنزيل الرواية :flowers2:

أحاااسيس مجنووونة 24-08-10 06:07 PM

والله قرار صعب يلا حبيبتي نيو فروالة احنا بانتظارك والرواية شكلها عذاب لا تتاخري عليناومشكورة كتييييييير

اماريج 24-08-10 06:48 PM

اهلين فيك عزيزتي في القسم
ويعطيك العافية على الرواية الجميلة بس الي طلب ياحلوة انو قبل ماتكتبي الرواية تعلني عنها في هذا الموضوع حتى ماتكون مكررة وتعبي حالك
http://www.liilas.com/vb3/t79338-52.html
الحمدلله ان الرواية غير موجودة في القسم
منورة ياعسل وتواجدك معانا مكسب حقيقي لنا
مرحبا بيك في ليلاس:flowers2:
:liilas:



نيو فراولة 24-08-10 06:58 PM

عزيزتي أنا شفت أنو الرواية مش مكتوبة قبل , ع كل حال أنا ببقى بعلن عن الرواية قبل .

نيو فراولة 24-08-10 07:29 PM

ولمس خدها برقة وقال:
" هل تشعرين بتحسن ؟".
" نعم , أشعر ببعض التحسن ".
" وفيم كنت تفكرين عندما دخلت؟".
وأمتدت يدها الى قميصه لتعدل ياقته وقالت:
" لا أعرف , لعلي كنت أتمنى .....".
" ماذا تتمنين؟".
وسكتت دينا , لم تكن تعرف ما الذي كانت تتمناه , وأخيرا قالت :
" تمنت لو أننا لم نخبر الآخرين بخطبتنا , وأحتفظنا بها سرا لفترة , ولو لم نقم حفل الخطوبة هذا".
وذكّرها شت قائلا:
" لم يعرف ألا الأقارب والأصدقاء , ولم نعلن نبأ الخطبة رسميا".
" أعرف".
كانت في العادة لا تجد صعوبة في التعبير هناك شيء ما يقلقها ولكنها لم ترف ما هو .....لم يكن السبب أنها لم تنتظر المدة المناسبة قبل أن تقرر الزواج ثانية ,مضى على أختفاء بليك عامان ونصف , ومضى أكثر من عام منذ أن أخبرتها سلطات أميركا الجنوبية , أنهم وجدوا حطام الطائرة , ولم يكن بينها أحياء ...... وليس السبب أنها لم تحب شت برغم أن حبها له لم يكن بنفس الطريقة العاصفة التي أحبت بها بليك , كانت عاطفتها نحو شت أهدأ وألطف ولعلها أعمق , وقال وهو يبتسم:
"حبيبتي ,لم يكن في وسعنا أن تخفي نبأ الخطبة عن أقاربنا وأصدقائنا , أنهم أيضا يحتاجون الى وقت حتى يتكيّفوا مع فكرة أنك لن تعودي السيدة بليك شاندلر ".
وقالت دينا معترفة:
" هذا صحيح".
فلم يكن من الممكن أن تغرس الفكرة في أذهانهم بين يوم وليلة , وأنفتح باب غرفة المكتبة , ووقفت على عتبته أمرأة أكبر سنا ترتدي ملابس سوداء , وبدت أبتسامة رقيقة على فمها وهي ترى الأثنان يتعانقان.
منتدى ليلاس
وتوترت دينا لحظة بين ذراعي شت ثم أنتزعت نفسها وهدأت .
وقالت المرأة بشيء من العتاب:
" كنا نتساءل الى أين ذهبتما ؟ لقد حان الوقت لتعودوا الى الحفل وتتلقيا بعض الأنخاب".
وردت دينا على المرأة , التي كانت أم بليك وحماتها , وقالت:
" سنعود بعد دقيقة يا ماما شاندلر".
كانت نورما شاندلر نموذجا لسيدة المجتمع التي تنتمي الى النوادي الأجتماعية , والحفلات التي تقام لجمع الأموال للأعمال الخيرية .... ودورها في الحياة هو الدو التقليدي الذي يتركز على بيتها وأسرتها , وبعد أن مات زوجها وأبنها تشبثت بدينا بأعتبارها أسرتها وبيتها ومأمنها , وقالت:
" أذا لم تعودا فأن المدعوين قد ينتقلون الى هنا ,ولا تتسع الغرفة لهم".
وأضاف شت وعده الى وعد دينا فقال:
" سنعود بعد دقيقة يا ماما شاندلر ".
وأومأت المرأة برأسها وأغلقت الباب , ونظر شت الى دينا وسألها :
" هل تعتقدين أنه بأستطاعتك أقناعها بعدم أرتداء ملابس سوداء في حفل زفافنا؟".
وأبتعدت عنه ولاحت أبتسامة ساخرة باهتة على شفتيها , وقالت:
"أشك في هذا! أن نورما شاندلر , تحب أن تظهر في صورة شخصية مأساوية".
بعد أسابيع قليلة من زواج دينا وبليك كان أبوه كايل شاندلر قد توفي فجأة أثر أزمة قلبية , وأشترت نورما شاندلر خزانة كاملة من الملابس السوداء , وما كادت تخلع ملابس الحداد حتى تلقت نبأ حادث سقوط طائرة بليك , وبدأت السيدة شاندلر ترتدي الملابس السوداء , ولم تنتظر النبأ الذي ورد منذ عام أن أبنها يعتبر ميتا رسميا ,وسأل شت:
" أنها توافق على زواجنا , وأنت تعرفين هذا , أليس كذلك؟".
" نعم ,أنها توافق عليه ..... من أجل الشركة ".
والواقعأن موافقتها كانت ترجع أيضا الى أنها لم تكن تريد أن تصبح هناك أرملتان لأسرة شاندلر ,ولكن دينا لم تصرح بذلك خشية أن يبدو هذا جحودا نحو حماتها التي كانت تفنى في حبها لها , وقال شت وهو يهز رأسه :
" أن الأم شاندلر لا تعتقد حتى الآن أنك قادرة على أدارة الشركة بعد كل هذه المدة".
" لم أكن لأستطيع ذلك بدونك يا شت".
قالت دينا وكأنها تقرّ حقيقة ولا تعبّر عن أمتنانها نحوه , ووضع يده حول خصرها بينما بدأت تسير نحو الباب لتغادر الغرفة وقال:
" أنني معك ,ولا تقلقي بهذا الشأن".
وبينما كان شت يتقدمها ليفتح لها الباب تذكرت تلك اللحظة الجامدة التي فتحت فيها نورما شاندلر الباب منذ لحظات ,وتساءلت ترى هل خطرت على بال حماتها نفس الفكرة التي خطرت على ذهنها ؟ كانت دينا قد تذكرت المرات العديدة التي كانت السيدة شاندلر تفتح فيها باب غرفة المكتبة وتجد دينا جالسة على حجر بليك , مستكينة بين ذراعيه , وفي هذه المرة كانت بين ذراعي شت بدلا من ذراعي بليك وتساءلت....... هل كانت حماتها تدرك الفارق الشاسع بين الرجلين كما أدركته هي؟
منتدى ليلاس
في الشهور الأخيرة بعد أن تأكد نبأ موت بليك , وأصبح لديها وقت للتفكير , حاولت أن تتخيل ماذا كان يمكن أن يكون عليه العامان ونصف العام لو كان بليك حيا؟ كان زواجهما قصيرا عاصفا ينذر بمزيد من السنوات من نفس النوع , وهناك دائما أحتمال بأن أية معركة قد تضع نهاية لهذا الزواج ...... أما شت فقد كان دائما يتوقع ما سيحدث , وكانت المدة التي تقضيها دينا معه سارّة دائما..
وتحت حمايته وتأييده أكتشفت في نفسها مهارات وقدرات لم تكن تعرف أنها تتمتع بها ,لقد وجه ذكاءها الى مجالات بنّاءة , ووسّع مداركها بدلا من تضييع الوقت في مشاجرات كما كان يحدث بينها وبين بليك.
وكانت شخصيتها قد نضجت بسرعة نظرا لظروف أختفاء بليك ,وقد أصبحل أمرأة واثقة من نفسها , وتعتقد أن الفضل في كل هذا يرجع الى شت.

اماريج 24-08-10 07:35 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نيو فراولة (المشاركة 2423726)
عزيزتي أنا شفت أنو الرواية مش مكتوبة قبل , ع كل حال أنا ببقى بعلن عن الرواية قبل .



صحيح هي غير متوفرة في القسم مكتوبة بس شو عرفك مايكون احد الاعضاء معلن عنها وحجزها لينزلها بس لظروف معينة تاخر في تنزيلها
لهيك ضروري حبيبتي تعلني عنها وتنتظري لحين ترد عليك المشرفة ريحانة اذا كانت متوفرة او غير متوفرة
تحياااااااتي العطرة لك
ويعطيك العافية مقدما ياعسل

زهورحسين 24-08-10 08:35 PM

رمضان كريم000الرواية حلوة من الملخص00
انشالة موفقة يارب000
:flowers2::flowers2::flowers2:

نيو فراولة 24-08-10 09:47 PM

وتلاشت بعض مخاوفها عندما ذهبت مع شت لينضما الى الحفل , لم يكن هناك ما يدعو الى عدم أستمتاعهما بالحفل , وعندما عادا الى غرفة الجلوس الواسعة أحاط بهما المدعوون وغمروهما بأطيب التمنيات , وبدا كل شخص وكأنه يحترم الأثاث الفاخر المكدس في الغرفة , واللوحات الفنية الرائعة , والجو يوحي بضرورة أتباع الرسميات والآداب الأجتماعية , وقال سام لليفسك بصوت شدّ أنتباه الحاضرين الى غيابهما عن الحفل:
" أذا فقد وجدتهما يا نورما!".
ثم غمز بعينه لدينا وأضاف:
" من المؤكد أنهما كانت في ركن منعزل , أن هذا يذكرني بالمرات التي كنت فيها تتسللين مع بليك في أحد الأركان لتتعانقا يا دينا".
ونظر الى كأسه وقال:
" أنني أفتقد هذا الرجل ".
كان تعليقا شاردا , وكأنه يعبر عن أفكاره بصوت مرتفع.
وأمتلأ الجو بالتوتر , وأستطاع شت بدبلوماسيته المعتادة أن يعيد الهدوء , فقال برقة وهو يضع ذراعه حول كتفي دينا:
" كلنا نفتقده يا سام".
" ماذا؟".
منتدى ليلاس
وأستدرك متابعا :
" بالطبع , نفتقده , ولكن هذا لا يمنعنا من أن نتمنى لكما كل السعادة في حياتكما ".
ورفع كأسه وطلب من الآخرين أن يشربوا نخب السعادة والمستقبل المشرق لدينا شت ".
وأحتفظت دينا بمظهرها الذي ينم عن السعادة , ولكنها أحست بشعور غريب لأن المحتفلين بحفل خطوبتها لشت , معظمهم من أقارب وأصدقاء بليك ! كانت هي نفسها بدون أسرة , فقد قتل أبواها في حادث تصادم سيارة قبل أن تلتقي ببليك بعام , ولم يكن لها أقارب مقربون تدعوهم , أما أسرة شت فكانت تقيم في فلوريدا.
كان من الصعب عليها هي وشت أن يرفضا طلب نورما شاندلر عندما عرضت عليهما أن تقيم حفلا بمناسبة خطوبتهما , ووجدت دينا أن هذه هي أسرع وأسهل وسيلة لأبلاغ كل أقارب وأصدقاء بليك , نبأ قرارها قبول عرض شت بالزواج , ولم تجهل دوافع حماتها , فقد كانت نورما شاندلر تريد أن تظل قريبة منها , أذ أن كل غرائزها أمومة , ودينا هي التي بقيت للأم شاندلر , ولكن أتضح أن حفل الخطوبة أثار قلق دينا أكثر مما توقعت , ولم يستطع أحد من المحتفلين أن يلحظ هذا , لأن دينا تعرف جيدا كيف تخفي مشاعرها , ولم يستطع حتى شت نفسه أن يشك في أنها لا تزال تعاني من المخاوف عندما قبلها وأنصرف.
وفي نهاية الأسبوع كان خبر خطبتهما قد وصل الى المكتب الرئيسي لشركة فنادق شاندلر في نيوبورت , وقضت دينا معظم الصباح تؤكد الأشاعات بأنها خطبت لشت , ولم ينس أي موظف في الشركة أن يمر على مكتبها ليقدم تهنئته ويوجه نظراته المتسائلة , كان فوق مكتبها رسائل تنتظر الرد , وتقارير تحتاج الى القراءة , ومذكرات كثيرة يجب أن ترسل.
وضعت دينا مرفقيها فوق المكتب وأسندت جبهتها على يديها وقد عقدت شعرها الأشقر الى الوراء , وأضافت هذه التسريحة عدّة سنوات الى مظهرها الشاب , وكانت تحرص على أرتداء ثياب لا تلفت الأنظار الى شبابها في المكتب , وفي هذا اليوم ترتدي بلوزة عاجية اللون بأكمام طويلة وتنورة أنيقة ولكنها تليق بمكان عمل , وسمعت صوت التلفون الداخلي فضغطت على الزر وجاء الرد من سكرتيرتها تقول:
" هاري لاندرز هنا ويريد مقابلتك يا سيدة شاندلر ".
منتدى ليلاس
وكانت سكرتيرتها آمي ونتورث هي الموظفة الوحيدة التي تصغر دينا , وأجابت دينا:
"دعيه يدخل".
وألتقطت نظارة القراءة ووضعتها على عينيها , وعندما أنفتح الباب لاحت أبتسامة مهذبة على فم دينا ,وقالت:
" صباح الخير يا هاري".
وأبتسم الرجل الطويل ذو الشعر الأبيض ورد التحية قائلا:
" صباح الخير يا سيدة شاندلر ".
كان شت وحده هو الذي يناديها بأسمها الأول في المكتب , ولا يفعل هذا ألا عندما يكونان وحدهما ....... وأضاف قائلا:
" سمعت لتوي أنك ستتزوجين من شت , مبروك".
وأومأت برأسها وقالت للمرة المائة تقريبا في ذلك الصباح".
" أشكرك".

نيو فراولة 24-08-10 11:16 PM

ولم يكن في نظرته اليها سؤال صامت لم يوجه , وأضاف:
" أنني مسرور جدا من أجلك يا سيدة شاندلر , أعرف أن البعض هنا يعتقد أنك لم تصوني ذكرى بليك بالزواج مرة أخرى , لكنني أرى أن زواجك الآن يدل على أنككنت سعيدة مع بليك ".
" حقا؟ هل تعتقد هذا؟".
كان صوتها باردا فلم تكن تريد أن تدخل في نقاش عن حياتها الخاصة برغم أن فضولها زاد كثيرا وهي تحاول متابعة مطقه.
" فهمت".
كانت أبتسامتها باهتة ينقصها الدفء , وأردفت:
" لقد كان زواجي من بليك سعيدا , وأعرف أن زواجي من شت سيكون سعيدا أيضا".
" ومتى الزفاف؟".
" لم نحدد الموعد بعد".
" أرجو أن ترسلي أليّ دعوة".
" سنفعل بالطبع".
كانت آمال دينا لزفاف هادىء بدون ضجة تتبدد تحت كثرة طلبات الراغبين في الحضور , وكادت تفكر في الهروب مع شت!
وقال هاري لاندرز وهو يبتسم برقة:
" على الأقل لن تضطري الى أن تزعجي نفسك بأمور الشركة بعد الزواج".
" عفوا.... ماذا تقول؟".
منتدى ليلاس
لقد تنبهت دينا فجأة ولم تعد تردد الكلمات المهذبة التي ظلّت تكررها طوال الصباح , وأجاب:
" بعد الزواج تستطيعين أن تكوني ربّة بيت بسيطة , أن شت يستطيع أن يدير الشركة بكفاءة".
وتساءلت دينا لماذا يركز على كلمة بسيطة وقالت :
" أن زواجي من شت لن يؤثر على الشركة سوف نظل نديرها سويا".
قالت ذلك وهي لا تريد أن تتذكر أن بليك وحده كان يقوم بالعمل , وألتفتت الى الأوراق فوق مكتبها وقد بدت غاضبة وقالت:
" أنني لا أرى التقرير الشهري الذي يأتي من فندق فلوريدا , هل وصل؟".
" لا أعتقد ذلك".
وشعرها الرجل بتغييرها المفاجىء للموضوع , أنها تحذره من السير في أرض ممنوعة , وتحولت صراحته السابقة الى التمسك بالرسميات , وسألته:
" أن فرانك ميللر هو المدير هنا ,أليس كذلك؟".
" نعم".
" أتثل به وأسأله عن التقرير , أريد أن يكون على مكتبي في الساعة الرابعة بعد ظهر اليوم , حتى أذا أضطر أن يحصل عليه بالتلكس".
" سوف أفعل هذا يا سيدة شاندلر".
وعندما أغلق الباب وراءه , نهضت دينا وسارت نحو النافذة , كانت لا تزال تشعر برجفة الغضب , لقد أدارت الشركة بمساعدة شت ولكن بعض الموظفين لا يزالون غير معترفين بقدرتها على شغل المنصب , فعندما أختفى بليك أثناء رحلته الى أميركا الجنوبية , كانت الشركة أشبه بسفينة بدون ربان , بدون توجيه أو أدارة , وأستمرت تعمل بهدوء فترة ,ولكنها بدأت تتعثر في يأس , كان الأعضاء الأساسيون في الهيئة التنفيذية الذين يستطيعون توليّ أدارة الشركة بكفاءة قد أستقالوا ليشغلوا مناصب في شركات أكثر ضمانا , وكأنهم فئران تركوا السفينة تغرق , وعندئذ أضطرت دينا أن تتدخل بفضل أسم شاندلر .
لم يكن الأمر سهلا , ففرص النجاح أمامها ضئيلة لأنها صغيرة , ولأنها أمرأة تجهل طرق أدارة الشركة , الى جانب خبرتها المحدودة , وصعب عليها فرض سلطتها , فقد كان معظم الموظفين في سن أبويها , وبعضهم مثل هاري لاندرز في سن جدّيها ! وأستطاعت دينا أن تتعلم بالطرق الصعبة , بالتجربة والأخطاء الكثيرة , كان يتعيّن عليها أن تحتفظ لنفسها بمخاوفها وقلقها حول بليك , وأكتشفت بسرعة أن الرجال الذين يمنحونها كتفا تبكي عليها كانوا أيضا يصرون على منحها قلوبهم!

نيو فراولة 24-08-10 11:38 PM

وفي الأيام الأولى أتجهت الى شت أكثر فأكثر , كانت مساعدته لها خالية من الأنانية والطلبات , لم يحدث أبدا أن قام بأية محاولة تودد نحوها ألا بعد أن تحقق نبأ وفاة بلك بعدّة شهور , كانت تثق فيه كثيرا , والواقع أنه لم يعطها سببا واحدا لتشك فيه.
ولكن هاري لاندرز وضع سؤال في ذهنها , سؤالا لم تكن دينا تحب أن تواجهه ,ولكنها لم تستطع أن تتهرب منه ! وعادت دينا الى مكتبها وهي تهز رأسها , وسمعت طرقة سريعة على باب مكتبها تلاها صوت فتح الباب بدون أن ينتظر الطارق أذنها بالدخول , فألتفتت الى الباب وجدت شت , قال هامسا في سرّية مبالغ فيها :
" لن تخمني أبدا ما سمعته لتوي ".
وقالت دينا وهي متوترة :
" ماذا سمعت؟".
" أن شت ستانتوت سوف يتزوج السيدة شاندلز ".
ولم يكن لدى دينا فكرة عما توقّعت أن يقوله , فضحكت من ردّه بخليط من البهجة والأرتياح أزال بعض توترها , وسألته:
" أذا لقد سمعت هذه الأشاعة أيضا !".
" هل تمزحين؟".
قال ذلك بطريقة صبيانية جعلتها تحبه أكثر , ومضى قائلا:
"منذ الساعة التاسعة صباحا وأنا أحاول الوصول الى مكتبي ولم أنجح حتى الآن وكل شخص يوقفني في الطريق .... أن هذه الردهة الطويلة عذاب حقيقي".
وعرفت شعوره , وقالت:
" كان يجب أن نجمع الجميع هذا الصباح ونعلن النبأ ثم نعود الى أعمالنا".
" لقد حدث ما حدث يا حبيبتي".
وتقدم نحوها وعانقها ووافقته دينا قائلة:
" نعم , حدث ما حدث".
وخلعت نظارتها وتظاهرت بالتركيز عليها وهي تضعها فوق مكتبها , وأضافت:
" وبعد أن علم الجميع النبأ , ينتظرون مني الآن أن أقدّم أستقالتي وأرشّحك خلفا لي على عرش شاندلر".
وراقبت رد فعل شت عن كثب بدون أن تجعله يلحظ هذا , وأجاب بدون تردد :
" آمل أن تبلغيهم الحقيقة في هذا الشأن , بأننا نكوّن فريقا رائعا , ومن المؤكد أنه لا يوجد أي سبب يجعلنا فريقا ناجحا في الشركة لمجرد أننا سنتزوج ".
منتدى ليلاس
وقالت موافقة :
" وهذا هو رأيي ".
ولمس كتفيها وأدارها لتواجهه , ومال برأسه بطريقة متسائلة وقال:
" هل قلت لك هذا الصباح كم أنت جميلة؟".
وأجابته بنفس اللهجة الجادة التي أستخدمها :
" لا , ولكنك تستطيع أن تقول لي الآن ".
" أنك جميلة جدا يا حبيبتي ".
وضمّها اليه وبينما كان يحاول تقبيلها سمعت رنين جرس الأتصال الداخلي وضغطت على الزر وقالت:
" نعم يا آمي".
وأتى الرد :
" جاكوب ستون على الخط رقم واحد".
" شكرا".
ونظرت دينا الى شت وهي تهز كتفيها بأستسلام , وقال شت :
" جاكوب ستون , أنه محامي أسرة شاندلر , أليس كذلك؟".
وأومأت برأسها وهي تمسك بسماعة التلفون وتقول:
" ربما هناك شيء يتعلّق بمزرعة بليك".
" وهذا يدفعني الى الخروج".
قال شت هذا وهو يتّجه نحو الباب ,وسألته دينا :
" العشاء الليلة في الثامنة؟".
" رائع".
" أتصل بالأم شاندلر وأخبرها أنني دعوتك ".
كان لاري لاندرز على زر الخط رقم واحد , وراقبته دينا وهو يغادر الغرفة .
كان هاري لاندرز جعلها تشك لبضع دقائق في أن شت ربما يتزوجها حتى يرفع من مركزه في الشركة , ولكن رفضه السريع العابر لفكرة أن يصبح رئيسا للشركة قضى على هذه الشكوك , ومرة أخرى عادت ثقتها فيه كاملة , وقالت :
" مرحبا بالسيد ستون .... دينا شاندلر تتحدث".
" أنا بخير , أشكرك".

نيو فراولة 25-08-10 12:35 AM

2- شبح الماضي

أستيقظت دينا صباح يوم السبت مع بزوغ الشمس ولم تستطع العودة الى النوم , وأخيرا توقفت عن المحاولة فنهضت من فراشها , وأرتدت بنطلونا وبلوزة بيضاء وفوقها سترة صوفية.
كانت أم بليك وديدر المشرفة على البيت ,وهما الشخصان الآخران في المنزل , لا تزالان نائمتين , رتبت دينا الغرفة بسرعة وغطت السرير , كانت الملابس التي أرتدتها في الليلة السابقة , ملقاة فوق وسادة الأريكة الصغيرة , وعلّقتها دينا وطوت أيشارب العنق ووضعته في مكانه في الدرج ..... وفي داخله لمعت الحافة المذهبة لأطار صورة مقلوبة على وجهها تخفي بليك , كانت فوق الطاولة الصغيرة المجاورة للسرير حتى اليوم الذي أعطاها فيه شيت خاتم الخطبة , أما الآن فهي مودعة في الدرج , لأنها صورة الماضي ولا صلة لها بالحاضر , وأغلقت دينا الدرج ونظرت حولها في الغرفة , وبدا كل شيء مرتبا .
بعد أختفاء بليك منذ عامين ونصف لم يكن من الحكمة أن تعيش كل من دينا وأمه حياة مستقلة في منزل منفصل , خاصة عندما بدأت الأيام تمتد الى أسابيع ثم شهور ,وفي نهاية الأمر أجّرت دينا الشقة التي أقامت فيها مع بليك وسط المدينة , وأنتقلت الى الضواحي لتقيم مع أمه , أعتقدت أن هذا يهوّن عليها وحدتها , ويروّدها بمخرج لمخاوفها الداخلية , ولكن هذا لم يحدث في الواقع , كانت دينا تقضي الجزء الأكبر من وقتها تسري عن الأم شاندلر , كما كانت تدعو حماتها , ولم تتلق سوى عزاء قليل مقابل ذلك , ومع هذا كان الترتيب مناسبا ضمن لها مكانا للنوم والأكل , وغيرها يتولّى القيام بكل أعمال البيت والطهو , وبعد أن أصبحت تكرّمعظم وقتها وطاقتها لأدارة الشركة أصبح لهذا الترتيب قيمة كبيرة هامة.
منتدى ليلاس
خرجت دينا من البيت في الفجر على أطراف أصابعها وهي تتوق الى عزلة منزلها الخاص بها , حيث تستطيع أن تتسلل الى المطبخ وتعد أفطارا مبكرا في الصباح بدون أن تشعر أنها تتطفل , وعندما أغلقت الباب وأتجهت الى الدرج المؤدي الى المدخل حيث وقفت سيارتها البورش البيضاء , رن جرس التلفون عاليا في صمت الصباح المبكر , وتوقفت دينا وبدأـ تبحث عن كيس نقودها الكبير عن مفتاح المنزل , لم تكن تستخدمه ألا نادرا , وقبل أن تجده توقف رنين جرس التلفون وأنتظرت عدة دقائق اترى أذا كان سيرن ثانية , وفكرت دينا ....لا بد أن شخصا في المنزل رد عليه أو لعل المتحدث قرر الأتصال في وقت لاحق من الصباح.....
وهبطت الدرج بسرعة وأتجهت نحو سيارة البورس , وأغلقت غطاءها قبل أن تجلس الى مقعد القيادة وتدير المحرك , وأنطلقت السيارة في الشوارع الهادئة , وهزت دينا رأسها وتخللت بأصابعها الباردة خصلات شعرها الذهبي الحريري........ وضاقت عيناها الزرقاوان في تصميم بينما أنعطفت بالسيارة بعيدا عن الشارع الذي يؤدي الى مبنى الالشركة , وأتجهت نحو عزلة شاطىء على المحيط في الصباح الباكر.
وجلست دينا على قطعة من الخشب جرفتها المياه , وأخذت تراقب نهاية شروق الشمس على رود أيلاند , هذه أحدى المرات التي تفكر فيها في أشياء كثيرة وهي جالسة ولكنها لا تستطيع أن تتذكر شيئا واحدا منها عندما تنهض وتغادر المكان.
كانت الساعة التاسعة صباحا وهو الوقت الذي تصل فيه عادة الى المكتب لتعمل نصف يوم , ولكن دينا لم تستطع أن تفكر في أمر واحد يعتبر عاجلا ألا الأمر الذي أتصل بها بشأنه محامي
العائلة في بداية الأسبوع.
وعادت الى سيارتها البورش التي تركتها بجلنب الشاطىء وأتجهت الى أقرب تلفون حيث توقفت , وطلبت المكتب وقالت:
"آمي ........ هذه السيدة شاندلر , لن آتي الى المكتب اليوم ولكن عندك بعض الرسائل أريد أن تكتبيها على الآلة الكاتبة هذا الصباح".
وأجابت سكرتيرتها الشابة:
" لقد بدأت كتابتها بالفعل".
منتدى ليلاس
" رائع , عندما تنتهين م كتابتها أتركيها على مكتبك ويمكنك الأنصراف , أراك يوم الأثنين".
ثم وضعت السماعة في مكانها .
وعادت الى السيارة وأستقلتها متجهة الى حيث أرسى بليك زورقه الشراعي.
وقفزت دينا من السيارة وأبتسمت للرجل الذي لم يكن قد تغيّر منذ حوالي ثلاث سنوات , وقالت:
" صباح الخير يا كابتن تيت".
وأنتظرت ليرد على التحية بصوته البطيء ولهجو نيو أنغلاند المتميزة , كان شخصية عجيبة ويعتز بذلك.
وأعتدل بكرسيه وأزاح بيده الكبيرة قبعته من فوق رأسه , وحملق فيها بعينيه الرماديتين قبل أن يتعرف عليها فنهض واقفا وقال:
" كيف حالك يا سيدة شاندلر؟".
ردت دينا :
" لم أرك منذ فترة طويلة جدا , كيف حالك؟".
" بخير يا سيدة شاندلر".

نيو فراولة 25-08-10 02:34 PM

وأبتسم صاحب المرسى ونجح في مد أبتسامته الى خديه المترهلين وأضاف:
" أعتقد أنك حضرت الى هنا لأخلاء زورقك ستارفش , لقد أسفت جدا عندما أخبرني محاميك أنك سوف تؤجرينه".
" أعرف , ولكن لم تكن هناك فائدة من أبقائه هنا بدون أستعمال".
وأختفت أبتسامتها , كان التخلص من الزورق أشبه بأغلاق الفصل الأخير حول بليك من حياتها .
وقال صاحب المرفأ بأصرار:
" أنه زورق جميل , من يدري , لعلك تحتاجين اليه في يوم من الأيام".
وسعل قليلا وهو يدخل الغرفة الصغيرة ليأتي بالمفتاح.
وقالت دينا وهي تضحك :
" أنت تعرف أنني لست سباحة ماهرة يا كابتن تيت , وأحتاج الى زجاجة كاملة من حبوب دوار البحر لمجرد أن أخرج بها من المرسى من غير أن أصاب بالدوار!".
منتدى ليلاس
وقهقه قائلا:
" وأنت تنامين طوال الوقت! لن أنسى تلك المرة التي جاء بليك من الزورق وهو يحملك وقد أستغرقت في نوم عميق , وقال لي فيما أنك لم تستيقظي حتى الصباح التالي".
" كانت هذه آخر مرة أقترح فيها أن أركب معه الزورق".
وأخذت المفتاح الذي أعطاها أياه , وبدأت الذكريات تتوارد على ذهنها وهي تحاول أن تزيحها بعيدا , وقال لها:
"هل تريدين أية مساعدة في أخلاء الزورق مما فيه؟".
" كلا , أشكرك , أستطيع أن أتولّى الأمر وحدي".
قالت هذا وهي لا تستطيع أن تتصور نفسها في القمرة الصغيرة مع كابتن تيت وكرشه البارز , ولوّح بيده المجعّدة وهو يقول:
" يجب أن تستدعيني أذا أحتجت الى أي شيء".
" أجل".
ولوّحت دينا بيدها وهي تسير في المرسى الطويل.
كانت الأعمدة الطويلة والقصيرة والمتوسطة تقف في صفوف متقطعة على طول المرسى , وقد طوى الشراع وأستقرت الزوارق ساكنة على صفحة الماء الهادىء , وقادت الذكريات خطواتها , وبرغم أنها لم تكن قد أبحرت مع بليك ألا نادرا بعد أول محاولتين فاشلتين لها في الأبحار , ألا أن دينا كانت غالبا ما تأتي الى المرسى لتنتظر عودته , أما الآن فأن بليك لن يعود.
كان أسم ستار فيش مكتوبا بحروف بارزة على ظهر الزورق الأبيض , وتوقفت دينا وأحسّت بضسق في حلقها , ثم خطت نحو ظهر القارب وهي تلوم نفسها , كان ظهر الخشبي قاتما ولم يعد لامعا متألقا كما كان بليك يحتفظ به , كانت هناك عقبات فانونية كثيرة تحيط بأختفاء بليك , ثم تحوّلت الى تعقيدات , عند أعلان نبأ وفاته , كانت مزرعته لم تتم تسويتها بعد , ولذلك لم يكن في أستطاعتها بيع الزورق حتى تصدر المحكمة قرارا بالتصرف في ممتلكاته.
كان الزورق ستارفيش مهجورا منذ أختفاء بليك , وكان كل شيء على ظهره في نفس المكان الذي تركه فيه صاحبه بعد رحلته الأخيرة , وفتحت دينا القمرة لتحزم كل حاجياته.
وعندما فتحت الأدراج والأبواب أدركت أن على ظهر الزورق أشياء أكثر مما توقعت , كان منظر أكوام الأطعمة المعلبة في الصوان يبعث السرور في نفس أي شخص يحب الطعام الجيد , فقد كان بليك دائما دقيقا في طعامه وفي الطريقة التي يعده بها.
كان أول أجراء هو أن تأخذ فكرة عامة عما يجب أن تفعله , وأستمرت في فحص محتويات القمرة , وبعثت الملابس النظيفة وأن كانت عفنة الآن , أبتسامة الى شفتيها , كان أمرا مضحكا أن تفتر ذاكرة المرء عن أشياء صغيرة على مدى فترة قصيرة لا تتعدى سنوات قليلة , أن نظرة واحدة الى ملابسه بعثت كل الذكريات , كان بليك دقيقا جدا في ملابسه ويبدو دائما نظيفا أنيقا , ولم تستطع طبقة الغبار الرقيقة أن تخفي البياض الناصع لحذائه المطاط ..... ولم تتذكر دينا مرة واحدة رأته فيها يرتدي ملابسه بطريقة يمكن أن توصف بأنها مهملة , وكان ذلك يضفي عليه قليلا من الغطرسة , ولكن هذه السمة لم تفارقه أبدا , وقد أعتاد بليط الأشياء الطيبة , منزلا جميلا وطعاما شهيا وملابس أنيقة خاصة , هل معنى هذا أنه كان مدللا أو متغطرسا؟ ربما هكذا أعترفت دينا ,كان أقرب الى فتى عابث عندما ألتقت به , يتمتّع بسحر مدمّر أذا أراد أن يتعمله , كان ذكيا ذكاء خارقا , منظما الى أقصى حد ومثيرا ومن الصعب الحياة معه , لم يكن مثل شت في أي شيء , هكذا أعترفت مرة أخرى , ولكن ما فائدة المقارنة بينهما ؟ وما الذي يمكن أن تكسبه من مقارنة حذلقة بليك الناعمة بطبيعة شت البسيطة؟ وهزت كتفيها عندما تشوشت أفكارها وأبتعدت عن الملابس حتى لا تفكر في الأسئلة التي لم تجد جوابا؟
منتدى ليلاس
ظلّت تعمل على ظهر الزورق جزءا كبيرا من النهار , تحزم ثم تحمل أمتعة بليك الى السارة البورش , حيث كدستها في كل ركن من السيارة الصغيرة , وبعد ذلك بدأت تزيل آثار الغبار والملح اللذين تراكما على مر السنين , وعرضت الوسائد للشمس والهوا , ولمّعت كل الأجزاء الخشبية في الداخل , وبعد أن أتسخت ثيابها وتصبب منها العرق وشعرت بالأرهاق , أعادت المفتاح الى حارس المرسى المتجهم , ومع ذلك خففت هذه المهمة الشاقة عن نفسها , ومن الغريب أنها تركتها وهي تشعر بالأنتعاش , كانت في الأيام الأخيرة تبدّد كل طاقتها ذهنيا , وشعرت بالراحة في العمل الجسماني الشاق.
كانت تدندن لنفسها ندما أنعطفت بسيارتها البيضاء الى الطريق الذي تقيم فيه مع حماتها.
وعندما لمحت دينا السيارات الكثيرة الواقفة أمام المدخل قطّبت , وهدأت من سرعة سيارتها , وأضطرت الى تركها على مسافة من المنزل.

نيو فراولة 25-08-10 03:14 PM

لم يكن هناك أي حفل عشاء , أو لعلها نسيت ....هكذا تساءلت بينها وبين نفسها , كانت السيارات تشبه تلك التي يملكها بعض أصدقاء الأسرة المقربين , والسيارة الكاديلاك الفضي خاصة شت , ونظرت الى ساعتها...... كان قد أخبرها أنه سيمر عليها في السابعة ليصحبها ويتناول معها العشاء في الخارج , والساعة الآن لا تتجاوز الخامسة , زمّت شفتيها علامة على الأستياء , فقد كانت تتمنى أن تغوص في حمام من فقاعات الصابون العطرة لمدة ساعة , ولكن كان واضحا أنها ستحرم من هذا الترف الآن , ولماذا لم تخبرها الأم شاندلر بأنها ستقيم حفلا هذا المساء ؟ لم يكن من طبيعتها أن تخفي عنها شيئا .منتدى ليلاس
وشعرت دينا بالحيرة فأغلقت نوافذ سيارتها , لم يكن الوقت مناسبا لتنقل الحقائب من السيارة الى المنزل , فنزلت وبينما كانت تدخل المنزل سمعت أصواتا سعيدة تتحدث مع بعضها وتنبعت من غرفة الجلوس , كانت الأبواب المزدوجة المصنوعة من خشب الزان تؤدي الى الغرفة مغلقة تخفي أصحاب الأصوات.
كان البهو خاليا بجدرانه الصفراء الباهتة المحلاة بخشب الزان , وأغراها الدرج العريض المؤدي الى الطابق الثاني , وترددت ثم قررت أن تصعد لتغتسل بسرعة وتستبدل ثيابها قبل أن ينتبه أحد الى عودتها , ولكنهم تنبهوا الى عودتها , فبينما بدأت تعبر البهو وتجه الى الدرج أنفتح أحد الأبواب ببطء وأتسعت عيناها عندما تسلل منه شت , وقد بدا التوتر والأنزعاج على ملامحه الوسيمة و وقال بصوت فيه لمحة يأس:
" أين كنت؟".
ولولا النبرة المرحة للأصوات في الغرفة الأخرى , لكان من المحتمل أن تخمّن دينا أن مصيبة ما , قد حلّت عليهم من تعبير وجه شت , وأجابت:
" في المرسى".
وكرر قائلا وهو لا يصدق:
" المرسى !".
ومرة أخرى بدا ذلك التوتر المخنوق في صوته وهو يقول:
" يا ألهي , لقد أتصلت بك في كل مكان أحاول أن أجدك ,ولم يخطر المرسى على بالي أطلاقا ,ماذا كنت تفعلين هناك بحق السماء؟".
" كنت أفك الزورق وأنظفه".
قالت ذينا ذلك وهي تحاول أن تفكر ما هي الأزمة التي جعلت شت يحتاج الى أن يتصل بها بسرعة.
" ألم تجدي يوما آخر من بين كل الأيام؟".
وقاطعته دينا بحدة قائلة:
" ماذا حدث؟".
كان سلوكه يثير القلق وهي لا تستطيع أن تجد سببا لذلك.
" أسمعي هناك شيء يجب أن أخبرك به".
وبلّل شت شفتيه بعصبية , وجالت عيناه الزرقاوان الرماديتان على وجهها وكأنه يحاول أن يعرف شيئا من تعبيرها , وأضاف:
"ولكنني لا أعرف كيف أخبرك".
" ما هو؟".
هكذا سألت بنفاذ صبر وقد أنتقلت اليه عدوى توتره , وأمسكها من كتفيها , كان وجهه جادا على نحو مفزع وهو يحملق مليا في عينيها , وأصبحت عضلاتها متقلصة وتألمت من شدة قبضته ,وبدأ يقول:
" أن الأمر.........".
ولكنه لم يرد على ذلك فقد قاطعه صوت أجش لرجل يقول:
" يبدو أن شت يعتقد أنك سوف تصابين بصدمة عندما تكتشفين أنني لا أزال حيا!".
منتدى ليلاس
وأهتزت الأرض تحت قدميها , وأستطاعت دينا أن تستدير قليلا على قدميها اللتين تهاوتا تحتها , وجذبها الصوت بقوة مغناطيسية ,وأحست بالدوار عندما رأت صاحب الصوت , ولكنها ظلت واقفة , كانت اللحظة أشبه بحلم غير حقيقي , بل أقرب الى كابوس.......... أنها دعابة قاسية من أي شخص يخطر له أن يقف في مدخل غرفة الجلوس يبدو مثل بليك ويقلّد صوته ,وحملقت بلا كلام في الجسم الطويل الواقف , كان فيه شبه كبير من بليك , الجبهة العريضة والفك والخدان المنحنيان , والذقن القوي والأنف المستقيم على نحو كلاسيكي , ومع ذلك هناك أختلافات أيضا , فالشمس أحرقت هذا الرجل وجعلته قاتما خشنا , وأضفت صلابة على الملامح التي كانت وسيمة في بليك ...... العينان بنفس اللون البني الداكن ولكنهما ضاقتا , وبدت فيهما نظرة خفية وهما تنفذان الى أعماق نفسها , وكان شعره من نفس اللون البني العنبري ولكن كثافته المموّجة أطول من شعر بليك , وقد أعطى أنطباعا بأنه أشعت بدلا من أن يكون ممشطا مرتبا , هذا الرجل له نفس قامة بليك ولكن عضلاته أكثر صلابة , وليس معنى هذا أن بليك كان ضعيفا ....لا ....... ولكن هذا الرجل بدا أكثر نموا من غير أن يبدو أكثر وزنا , لقد سجلت هذه الأختلافات بسرعة الكومبيوتر فقد كان ذهنها يعمل بجد بينما بقية كيانها ينهار من أوجه الشبه , وأستمر الطنين في رأسها بدون توقف وبدأت الحقائق تستقر في مكانها .كان بليك على قيد الحياة! واقفا عند عتبة الباب! وترنحت الى الأمام ولكن قدميها لم تتحركا , وأشتدت قبضة شت عليها لتسندها ووجهت اليه نظرتها المذهولة , كانت الحقيقة هناك في هذا الوجه الذي يراقب بأهتمام , وقالت :
" هذا صحيح".
منتدى ليلاس

نيو فراولة 25-08-10 04:26 PM

ولم يبد كلامها سؤالا ولا قرارا , وأومأ شت برأسه وقد بدا في عينيه تحذير صامت , وفي تلك اللحظة شعرت دينا بالوزن البارد لخاتم خطبته حول أصبعها وأمتدت يداها لتتسبث بذراعي شت , فقد شعرت على نحو مفاجىء ويائس بالحاجة الى أن تستند اليه حتى تظل واقفة.
" يبدو أن شت كان على حق !".
هكذا قال الصوت البطيء المألوف بنبرة جافة ثم أضاف:
" عودتي أصابتك بصدمة أكبر مما توقعت".
منتدى ليلاس
وحرّك بليك زاوية رأسه قليلا الى جانبه حتى يوجه كلماته التالية بدون أن يخلّص دينا من نظرته الثابتة.
" أنها تحتاج الى قليل من القهوة الحلوة الساخنة مع شيء منعش".
" بالضبط".
هكذا قال شت موافقا ووضع ذراعه حول خصرها , ثم أضاف:
" دعينا نجد مكانا نجلس فيه يا دينا".
وقبلت مساعدته في ضعف , وهي تلحظ نظرته الى بليك وأستطرد شت قائلا:
" رؤيتك وأنت واقف في مدخل الباب , كانت أشبه برؤية شبح , قلت لك أننا جميعا أعتقدنا أنك مت ".
" ألا أنا".
هكذا قالت الأم شاندلر معترضة وهي تتحرك لتقف بجوار أبنها وأضافت:
" كنت أشعر دائما أنه لا يزال حيا هناك في مكان ما , برغم كل ما قيل عنه".
وبسرعة أدركت دينا الكذبة السافرة في كلام حماتها ,وما كادت تكون الفكرة حتى لحظت أن هناك آخرين في غرفة الجلوس وتعرّفت على وجوه لأصدقاء مقربين للأسرة , أجتمعوا للأحتفال بعودة بليك , كانوا يراقبون جمع الشمل بين الزوج والزوجة أو بالأصح قلة جمع الشمل بينهما ! ففي اللحظة الثانية الفظيعة أدركت دينا أنها لم تلمس بليك وكان المفروض أن تلقي بنفسها بن ذراعيه , ومحاولتها المترنحة الوحيدة أوقفها شت صدفة وهو يحاول أن يساعدها لتظل واقفة على قدميها , ولو حاولت هذا الآن لبدت مفتعلى مصطنعة .... والذي أثار فزعها بنفس الدرجة أنها أكتشفت أنه يتعين عليها أن تتظاهر تفتعل, لأن الرجل الواقف أمامها كان بليك شاندلر بالتأكيد لكنه ليس مثل الرجل الذي تزوجته , شعرت وكأنها تنظر الى شخص غريب غريب عنها تماما , وكان هو يعرف تفكيرها وشعورها , وفي وسعها أن ترى هذا في جمود نظرته الباردة المتباعدة .
وبينما أقتربت مع شت من مدخل الباب تنحّى بليك جانبا ليفسح لهما الطريق , وأبتسم الى أمه ولم يكشف تعبير وجهه عن شيء للآخرين , وربما جعلهم هذا يعتقدون أنه أعتبر سلوكها غير طبيعي في هذه الظروف وقال يعاتب أمه:
" أذا كنت متأكدة من أنني حي يا أمي فلماذا أرتيديت السواد؟".
وتدفّق الدم في وجنتي نورما شاندلر فأجابت:
" من أجل والدك يا بليك".
منتدى ليلاس
كان كل عصب في جسم دينا متنبها لوجود بليك , ولم تكن قادرة على أن ترفع نظرها اليه , كان الشعور بالذنب يحترق بداخلها ويزيل أي رد فعل تلقائي ربما أحست به.
وظهرت المشرفة على المنزل , ووضعت فنجانا وطبقا من الصيني على المائدة الزجاجية الموجودة أمام الأريكة , وقالت:
" هذه قهوتك وقد صنعتها تماما كما أمر السيد بليك".
وتمتمت قائلة:
" أشكرك يا ديدر".
ومدت يدها الى الفنجان الصيني المليء بالسائل القاتم الساخن , ولكن يديها كانتا ترتجفان مثل أوراق الصفصاف ولم تستطع أن تقبض عليه , ومن طرق عينها لمحت بداية حركة من بليك وكأنه يوشك أن يميل الى الأمام ليساعدها , ولكن يد شت سبقته فرفعت الفنجان لتقربه من شفتيها , كان مجرد رد فعل آلي من ناحية شت , أذ أعتاد تأدية أشياء لها في العامين والنصف الماضية تماما كما أعتادت دينا على ذلك".
وأستطاع السائل الساخن القوي الذي أحتسته دينا أن يهدىء من التوتر القوي الذي كان يخنق صوتها , ووجدت في نفسها القوة لترفع نظرتها المترددة الى عيني بليك ,وبدأت تقول وهي تحس بما تقوله:
" كيف. ....... أعني .....متى؟".
وتوقع سؤالها وأجاب عليه بقوله :
" لقد خرجت من الأدغال منذ أسبوعين".
منتدى ليلاس
كان ذلك قبل أن توافق على الزواج من شت وسألته:
" منذ أسبوعين؟ لماذا لم تخبر أي شخص؟".
" كان من الصعب عليّ أن أقنع السلطات بحقيقة شخصيتي , لأنهم أيضا يعتقدون أنني مت".
وسألته المشرفة على المنزل قائلة:
" هل تصر على عدم شرب أي شيء يا سيد بليك؟".
" لا أريد شيئا , أشكرك".

نيو فراولة 25-08-10 04:43 PM

وقطّبت دينا جبينها ...في الماضي كان بليك يشرب دائما كأسين أن لم يكن ثلاثة كؤوس قبل العشاء , لم تكن مخطئة أذا فقد طرأ عليه فعلا أكثر من تغييرات سطحية خلال العامين والنصف , وبدون أن تشعر غطت يدها اليسرى بيدها اليمنى وهي لا تخفي فقط خاتمي الزفاف اللذين كانت بليك قد قدمهما لها وأنما خاتم خطبة شت أيضا.منتدى ليلاس
وقالت أمه مستمرة في الشرح:
" في اللحظة التي صدقوا فيها قصة بليك , أخذ أول طائرة وعاد الى بلده".
وأبتسمت له أبتسامة الأم التي أحبته وهامت به دائما.
ولم تستطع دينا ألا أن تقول:
" كان يجب أن تتصل بنا تلفونيا ".
لو أنها علمت بالنبأ لأستطاعت أن تستعد على نحو أفضل لأستقبال بليك شاندلر الجديد , هكذا فكرت.
" لقد فعلت هذا ".
وفي نفس الوقت الذي كان يتكلم فيه تذكرت دينا صوت رنين التلفون في الفجر عندما غادرت المنزل , لو أنها بقيت لحظات لما فاتها أن تعرف نبأء عودته, ثواني فقط وقالت نورما شاندلر:
" كنت قد حولت الخط الخاص بي , وكانت ديدر تضع ضمادتي أذنيها حتى لا تقلقها الأصوات , هل سمعت رنين التلفون يا دينا؟".
وأجابت دينا :
" لا , لا , كنت قد غادرت المنزل .".
وأستمر شت في رواية القصة فقال :
" وعندما لم يتلق أي رد هنا , أتصل بي تلفونيا".
وقال بليك :
" لقد أصيب شت بنفس ذهولك يا دينا".
وأبتسم .... ولكن دينا أدركت أنها الشخص الوحيد الذي لحظ خلو صوته من الأنشراح , كانت تعرف أن نظرتها ترتجف تحت نظراته النفاذة , وأكمل شت كلامه قائلا:
" وحضرت بسرعة الى هنا حتى أبلغك أنت والسيدة شاندلر ".
وقال سام ليفسك متبرما :
" أين كنت يا دينا؟".
كان الأب الروحي لبليك , كما كان صديقا قديما جدا لكل من والد ووالدة بليك , وعلى مر السنين أكتسب حق لوم وتأنيب بليك , وأمتدت قرابته الى دينا بعد ذلك , وأضاف:
" لقد كاد شت يفقد عقله وهو يبحث عنك طوال النهار".
قالت:
" كنت في المرسى".
منتدى ليلاس
ثم ألتفتت الى بليك وأستطردت تقول:
" لقد أجّرت زورق ستارفيش لزوجين وهما يعتزمان الأبحار الى فلوريدا لقضاء الشتاء ,وقضيت اليوم في تنظيفه ونقل كل حاجياتك منه".
وقال سام ليفسك بعطف وهو يخبط مسند مقعده :
" مسكين أيها الرجل , كنت داما تحب الأبحار على ذلك الزورق , والآن يعطى الزورق لشخص آخر في نفس اليوم الذي تعود فيه الى البيت".
وقال بليك :
" أنه مجرد زورق يا سام".
كانت في عينيه قتامة غامضة جعلت من المستحيل رؤية أفكاره الحقيقية , أما بالنسبة الى دينا فقد بدا لها أن كلامه يتضمن شيئا آخر , لعله لم يكن يعترض على تأجير زورقه لشخص آخر طالما أن هذا الشخص ليس زوجته ! وزاد فزعها.
وقال الرجل الأكبر سنا وهو يخبط بيده مسند مقعده مرة أخرى:
" أنك على حق , أنه مجرد زورق وهو لا يساوي شيئا أذا قورن بعودتك سالما , أنها معجزة..... معجزة فعلا".
وأثارت هذه العبارة سيلا من الأسئلة وجهت الى بليك , وكلها تدور حول سقوط الطائرة والأحداث التي أعقبت ذلك , وأستمعت دينا الى قصته ,أن كل كلمة تخرج من فمه تجعله يبدو غريبا عنها أكثر فأكثر.
كانت الطائرة الخاصة الصغيرة قد أصيبت بعطل في محركها وسقطت في الغابة الكثيفة , وعندما أفاق بليك كان الأشخاص الأربعة الآخرون على متنها قد لقوا حتفهم ,وحبس بن الحطام بساق مكسورة وبعض الكسور في الضلوع , وفي جبهته قطع عميق يقطر دما الى جانب جروح وكدمات أخرى , وعثرت نظرات دينا على أثر الجراح الذي أحدث ندبة دائمة في جبهته.
ولم يدخل بليك في تفصيلات كثيرة عن الطريقة التي خرج بها من الطائرة في اليوم التالي , ولكن دينا كان لها خيال قوي , وتصورت الألم الذي لا بد أنه تحمله وهو يشق طريقه الى الخارج بجروحه , ويجعل الحطام كفنا لأشلاء جثث الآخرين.
منتدى ليلاس
ولم تستطع دينا أن تتصوره كيف أنقذ نفسه , ففي الماضي عندما كان يحدث أي شيء يتطلب مهارة أو خبرة فنية , كان بليك دائما يستأجر أحدا لذلك كانت عملية أصلاح عظامه المكسورة , بصرف النظر عن الظروف الفظيعة التي لا تناسب طبيعته على الأطلاق ,كانت عملية لا يمكن أن يقوم بها أطلاقا الرجل الذي تعرفه.
وعندما نفذت مؤونة أطعمة الطوارىء من الطائرة أضطر بليك أن يحصل على طعامه , وكان غذاؤه يتكون من الفاكهة وأي حيوان مفترس يستطيع أن يصطاده , هل يعقل أن يفعل هذا بليك شاندلر الذي كان يعتبر قتل الحيوانات وصيدها رياضة مقزة , والذي كان يتغذّى على أصناف رائعة من الأطعمة؟

dalia cool 25-08-10 07:13 PM

مرسي نننتظر التكملة

نيو فراولة 25-08-10 07:58 PM

بليك الذي كان يحتقر الذباب والبعوض حكى عن الحشرات التي تكدست في الغابة تطير وتوحف وتقرص حتى لم يعد يلحظها , أن حرارة ورطوبة الغابة أتلفت حذائه وملابسه وأضطرته الى أن يصنع بعض الكساء من جلود الحيوانات التي قتلها , هل يعقل أن يفعل هذا بليك المتحذلق في ثيابه , والذي يحرص دائما على أن يكون في أبهى صورة؟
وبينما بدأ يروي قصة العامين اللذين أستغرقهنا خروجه من الغابة , أكتشفت دينا جوهر الأختلاف الذي طرأ عليه , أكتشفت أن بليك ترك رود أيلاند رجلا متحضرا وعاد اليها رجلا بدائيا الى حد ما , وحملقت فيه بعينين متفحصتين .
منتدى ليلاس
كان وهو يستند بكرسيه الى الوراء يبدو مسترخيا كسولا , ومع ذلك أدركت دينا أن عضلاته أشبه بأسلاك ملفوفة , وأنها مستعدة دائما لأن تقفز بسرعة الحيوان الذي يقتنص فريسته ..... كانت حواسه وأعصابه متنبهة لكل شيء يحدث حوله , فمن الأعماق المتحفّزة لهاتين العينين البنيتين الصلبتين , بدا بليك أنه ينظر اليهم جميعا بسرور ساخر , وكأنه وجد ما يسمّى بأخطار ومشاكل عالمهم المتحضر أمرا يثير الضحك عندما يقارن بمعركة البقاء التي خاضها وأنتصر فيها , وعندما أنتهى بليك من رواية قصته بأختصار قال سام ليفسك معلّقا :
" يوجد شيء لا أفهمه , لماذا أخبرتنا السلطات أنك مت بعد أن عثرت على الحطام ؟ لا بد أنهم أكتشفوا بالتأكيد أن هناك جثة ناقصة".
" لا أتصور أنهم أكتشفوا هذا".
قال بليك هذا بنبرة واقعية هادئة , وسألته أمه:
" هل دفنت جثثهم يا بليك؟ وهل هذا هو سبب عدم عثورهم على الجثث؟".
منتدى ليلاس
" لا لم أدفنها يا أمي".
كانت السعادة الساخرة التي شكّت دينا في أنه يشعر بها موجودة , تومض من خلال الأهداف البنية للنظرة الحانية التي وجهها الى أمه , وأضاف:
" كان الأمر يحتاج الى بولدوزر لحفر مقبرة في تلك الأدغال المليئة بالأشجار والجذور والنباتات , لم يكن أمامي من وسيلة أخرى ألا أن أتركهم في الطائرة , ومن سوء الحظ أن الغابة مليئة بحيوانات من أكلة اللحوم العفنة".
وشحب وجه دينا , كان صوته باردا بدون أحساس , وكان بليك من قبل رجل مفعما بالعاطفة والحيوية سريع الغضب سريع الصفح.
ما الذي حدث له؟ والى أي حد ستؤثر الوحشية التي طرأت على حياته خلال العامين والنصف الماضية على مستقبله ؟ هل ستتحول قوة عزيمته الى قسوة وتهور؟ هل ستصبح زعامته التلقائية أستبدادا ؟ هل سيتحول عطفه على الآخرين الى أحتقار ؟ هل سيصبح حبه شهوة؟ ترى هل هو رجل حقيقي أم حيوان ذكر؟ لقد كان زوجها , وأرتجفت دينا عندما تذكرت الأجوبة التي يمكن أن تكون لتلك الأسئلة.
وسمعت صوت المشرفة على المنزل تدخل الغرفة لتسأل:
" في أي وقت تحبين تقديم العشاء هذا المساء يا سيدة شاندلر؟".
وترددت نورما شاندلر قبل أن تقول:
" بعد ساعة يا ديدر , أعتقد أن هذا سيكون وقتا مناسبا للجميع . أليس كذلك؟".
وتلقّت همهمة تدل على الموافقة , ومن مكانه بجوارها على الأريكة أضاف شت الى موافقته هذه الملاحظة.
" أن هذا يعطيك وقتا كافيا كي تنتعشي قبل العشاء , أليس كذلك يا دينا؟".
منتدى ليلاس
وتشبثت بطوق النجاة الذي ألقى به اليها بدون قصد , وقالت:
" نعم , سيعطيني وقتا كافيا".
كانت تتمنى من كل قلبها أن تكون وحدها دقائق قليلة , لتجمع أفكارها المشوشة , وتخشى بشدةة أن يكون رد فعلها مبالغا فيه , وعندما نهضت واقفة وجّهت كلماتها الى الجميع قائلة:
" عن أذنكم ,لن أغيب طويلا".
وأحست دينا بقلق أن عيني بليك تتابعانها وهي تسير وتخرج من الغرفة , ولكنه لم يحاول أيخافها , كما أنه لم يقترح أن يأتي معها ليكونا وحدهما دقائق قليلة وأراحها هذا.

نيو فراولة 25-08-10 08:20 PM

3- غريب في سريري

أزال الدوش السريع ما بقي من آثار ذهولها , وسارت دينا من الحمام الخاص بها الى غرفة نومها , وأتجهت نحو خزانة الملابس في ركن الغرفة لتختار ما تلبسه للعشاء , وهي تحاول أن تؤكد لنفسها أنها تبالغ فيما يتعلق ببليك , وسمعت الباب ينفتح ورأته يدخل ....... وفتحت فمها لتأمر المتطفل بالخروج ثم أغلقته , كان زوجها فكيف يمكن أن تأمره بالخروج من غرفة نومها ؟ وأجتاحت نظرته الغرفة ثم أستقرت عليها , وحملق فيها كما يحملق حيوان في فريسته , وأمسكت ثنايا ثوبها حول عنقها , وتصببت راحتاها بالعرق , ودق الدم في رأسها مثل ألف طبلة في الغابة تنذر بالخطر......منتدى ليلاس
كانت الحلة الجديدة التي يرتديها تضفي عليه مظهرا مهذبا , ولكن طبقة الرقة الرقيقة لم تخدعها , أذ لم تخف القوة الخفية لذلك الجسم العضلي , ولم تشذب الحواف الخشنة لملامحه التي تصلبت من الشمس , وأغلق بليك الباب , ولم يحول نظرته الثاقبة عنها , وأمام الخوف الفظيع حبست أنفاسها.
" لقد قاسيت الأمرين حتى أعود اليك يا دينا , ومع ذلك لم تفكري في عبور الغرفة لتقابليني ".
وجّه بليك ذلك الأتهام بنبرة خافتة ناعمة مفعمة بسعادة ساخرة , ودفعتها كلماته الى الحركة , مضى وقت طويل جدا منذ عودته بدون أن تلقي بنفسها بين ذراعيه , كانت خطواتها جامدة وظهرها متصلبا وهي تقترب منه ...... وكان واضحا أنها تحذره , لقد شكت في قدرتها على هدم جدار التحفظ الذي شيّدته , وعندما وقفت أمامه بحثت في ذهنها عن كلمات ترحيب يمكن أن تقولها بأخلاص , وكانت الكلمات الوحيدة التي أستطاعت أن تنطقها برنة صدق هي:
" أنني سعيدة لأنك عدت سالما".
وأنتظر بليك أن تقبله...... وتقلصت العضلات في معدتها بحدّة عندما خطرت لها الفكرة , وبعد ثانية من التردد أرغمت نفسها على أن تقف على أطراف أصابعها لتقترب منه , ووضع يديه الكبيرتين حول خصرها , ولم تشعر بألفة لمسته الخفيفة , بالعكس بدت لها غريبة ,وعندما حاولت أن تنهي عناقها تحوّلت يداه الى كمّاشة , وأخذت أصابعه تعبث في شعرها الذهبي حتى يقربها منه أكثر وقفز قلبها في جنون ثم أسرعت دقاته في خوف , أنه يطلب أكثر مما تستطيع دينا أن تعطيه لرجل بدا غريبا لها أكثر مما هو زوجها , وحاولت جاهدة أن تخلّص نفسها من قبضته الحديدية , كانت أنفاسها سريعة عندما تجنبت عينيه وقالت:
" يجب أن أرتدي ثيابي , فالضيوف ينتظرون في الطابق السفلي".
قالت هذا وهي تتظاهر بأن هذا هو سبب رفضها عناقه , هاتان العينان البنيتان اللتان بلا قاع تنفذان الى داخلها , وأستطاعت دينا أن تشعر بهما حتى وهي تستدير وتتجه الى خزانة ملابسها , وشعرت بركبتيها تتهاويان , وقال بليك يصحّح كلامها بنعومة قائلا:
" تقصدين أن شت ينتظر!".
وتجمّد دمها وقالت:
" بالطبع , أليس شت موجودا مع الضيوف؟".
قالت هذا وهي تتظاهر بأنها تجهل ما يعنيه , وفي الحال ندمت على أنها لم تنتهز الفرصة التي أتاحها لها لتخبره عن خطبتها الى شت.
وقال لها:
"لقد أضطررت أن أعيش حياة الأعزب مدة طويلة يا دينا , وأنت ماذا فعلت؟".
وشعرت بدوار من الأحتقار الجاف في سؤاله , وبرقت في عينيها نيران زرقاء من الغضب , ولكن بليك لم يعطها فرصة لتدافع عن شرفها وسألها:
" متى تدخّل شت بعد أختفائي ؟".
منتدى ليلاس
وردت قائلة :
" أنه لم يتدخل".
وبسرعة الصقر المنقض قبض على يدها اليسرى , وكادت قبضته الشرسة تسحق العظام النحيلة لأصابعها , وأفلتت منها شهقة ألم , كان فمه عبارة عن خط رفيع قاس وهو يرفع يدها ويقول:
" ألا تسميّنه تدخلا عندما يضيف شخص آخر خاتما الى الخواتم التي وضعتها حول أصبعك؟ هل ظننت أنني لن أراه؟ وأنني لم ألحظ نظراتكما التي كنتما تتبادلانها والطريقة التي كان الآخرون يراقبوننا بها نحن الثلاثة؟".
وترك يدها بحركة عنيفة من الأشمئزاز , وتحسست دينا أصابعها بيدها اليمنى , وأضاف بليك :
" ولم يحاول أي منكما أن يخبرني!".

نيو فراولة 25-08-10 10:01 PM

وردّت بغضب وقد فقدت أعصابها نتيجة لثورته:
" لم يجد أي منا فرصة ليخبرك , أنه ليس تصريحا يريد المرء أن يعلنه أمام الآخرين , ماذا كنت تنتظر مني أن أقول عندما رأيت زوجا أعتقدت أنه مات؟ هل كان من المفروض أن أقول : ( أنني سعيدة جدا يا حبيبي لأنك ما تزال حيا.... أوه... بالمناسبة لقد خطبني شخص آخر! )أنني أراعي شعور غيري وأرجو أن تعترف بذلك".
ورمقها بنظرة جامدة طويلة , وسيطر على غضبه بشدّة حتى أثار فزعها , شعرت أنها تنظر الى بركان مغطى وهي تعرف أنه يغلي في الداخل ,وتساءلت ترى متى سنفجر الغطاء ؟
وقال بليك بأحتقار:
" يا له من ترحيب بالعودة , زوجة تتمنى لو كنت ميتا في القبر!".
منتدى ليلاس
" ونفت ذلك قائلة:
" أنني لا أتمنى هذا".
قال بسخرية مريرة:
" هذه الخطبة.......".
وقاطعته دينا محتجة:
" الطريقة التي تتكلم بها تجعلها تبدو تصرفا أنانيا , وهذا غير صحيح , لقد خطبني شت , منذ أسبوع فقط وفي الوقت الذي عرض عليّ الزواج كنت أعتقد أنك ميت ,وكنت حرة في قبول عرضه".
" والآن يختلف الأمر , أنني حي , وأنت زوجتي وليست أرملتي".
قال ذلك بنبرات باردة مقتضبة بدت لها أنها حكم بالأشغال الشاقة مدى الحياة!
كانت دينا ترتجف ولا تعرف سببا لذلك , وقالت بصوت متوتر مشدود حتى تخفي الرجفة:
" أعرف ذلك يا بليك , ولكن ليس هذا وقت مناقشة الوضع , أن أمك تنتظر العشاء وعليّ أن أرتدي ثيابي".
وتصورت لثوان أنه سيستمر في الجدال ولكنه قال ببطء:
" نعم , ليس هذا وقته ".
وسمعت الباب يفتح على مصراعيه ثم يصفق بشدة , أذا كانت هذه بداية جديدة لزواجهما فأنها تعتبر بداية فظيعة".
وتصادف وصولها الى الطابق السفلي مع وصول ديدر وهي تعلن أن العشاء سيقدم ,وصحبها بليك الى غرفة الطعام.
لقد أستقبل بليك بترحيب من كل شخص ألا دينا , وكانت هي تدرك هذه الحقيقة بألم , وعندما جلس الجميع حول المائدة كان التوتر في الجو يكاد يجعله مكهربا , ومع ذلك لم يلحظ هذا ألا دينا , جلس بليك على رأس المائدة , وجلست أمه في الناحية المقابلة وجلس شت الى يمينها بينما جلست دينا الى يسار بيليك , وقد حرص بليك على أن تظل دينا الى جانبه منذ عودته وكأنه يريد أن يثبت لكل واحد أنها زوجته وأنه يفصلها عن شت , كان يبتسم دائما في الظاهر وفي بعض الأحيان يرمقها بنظرات مفعمة بسحره المدمر القديم .ولكن الغضب لا يزال يعتمل في عينيه البنيتين كلما وجّه اليها نظرته , وبعد أن جلس الجميع دخلت المشرفة على المنزل تحمل وعاء كبيرا من الحساء وقالت لبليك:
" هذا هو حساؤك المفضل يا سيد بليك".
منتدى ليلاس
أبتسم أبتسامة عريضة وقال:
" بارك الله فيك ديدر , هكذا يكون الترحيب بعودة الغائب!".
وفهمت دينا ما يعنيه من عبارته ( ذات المعنى المزدوج) , وشحب وجهها ولكنها ظلت محتفظة برباطة جأشها , وكانت الوجبة شهية وأبدى بليك الأطراء والتعليق المناسبين , ولكن دينا لحظت أنه لا يتذوق الأطباق المختلفة كما كان يفعل في الماضي , وقدمت القهوة في غرفة الجلوس حتى تستطيع ديدر تنظيف المائدة ,وجلست دينا الى جانب بليك ثانية بينما جلس شت في أقصى ركن في الغرفة , وعندما نظرت ناحيته رفع وجهه وألتقت عيناه بعينيها وهمس بكلمة أعتذار سريعة للسيدة بيرنسايد صديقة نورما شاندلر التي كان يتحدث معها , ثم أتجه نحوها ومن خلال أهدابها رمقت دينا بليك بنظرة فرأت عينيه تضيقان وهو يرى شت يقترب , وبدت أبتسامة شت متوترة عندما وقف أمامهما , وخمّنت دينا أنه كان يحاول أن يجد وسيلة يخبر بها بليك نبأ خطبتهما , وتمنت لو أستطاعت أن تخبره أن بليك يعرف النبأ وبدأ شت قائلا:
ط أن اليوم أشبه بالأوقات القديمة يا بليك , عندما كنت أحضر الى منزلك وأتناول العشاء معك ومع........".
وأنتقلت نظرته الى دينا بعصبية , وقاطعه بليك بهدوء قائلا:
" لقد أخبرتني دينا عن خطبتكما يا شت".
وخيّم السكون على الغرفة حتى أيقنت دينا أنها تستطيع أن تسمع صوت ريشة أذا سقطت على السجادة ! وتركزت كل العيون على الثلاثة , وحبس الجميع أنفاسهم , ولم تعرف دينا ما الذي يمكن أن يحدث بعد نوبة الغضب الشرس التي أعترت بليك في الطابق , وقال شت متلعثما :
" يسرني أنك تعرف أنني........".
وقال بليك مقاطعا:
" أريد أن تعرف أنني لا أضمر لك أية كراهية , لقد كنت دائما صديقا طيبا وأرجو أن يستمر هذا الوضع".
وبدأت دينا تتنهد بأرتياح , ولم يهتم أحد غيرها بالتعليق الساخر الأخير , وأنشغل شت بمصافحة اليد التي مدّها بليك دليى على الصداقة , بينما أخذ الآخرون يتمتمون فيما بينهم حول اللحظة التي أنتظروها طول اليوم.
منتدى ليلاس
هكذا قال بليك بأبتسامة تناقض ملامح الجد البادية في عينيه .
ورد شت وهو يبتسم :
" بالطبع".
وشعرت دينا بالغضب لأنها نحيت جانبا بدون أن أعتراض ولم يؤخذ رأيها في هذا الموضوع , وسرعان ما لامت نفسها , كان بليك حيا وهي زوجته , ولم تكن ترغب أن تطلّقه لتتزوج شت , فلماذا تنزعج أذا؟

نيو فراولة 26-08-10 01:31 AM

وبعد المواجهة بشأن الخطبة بدأ الضيوف ينصرفون ,وعندما ودّعت دينا السيدة بيرنسايد قال بليك:
" أنها آخرهم!".
وتلفتت دينا حولها وقالت:
" أين أمك؟".
" في غرفة المائدة تساعد ديدر".
فقالت وهي تستدير :
" سوف أذهب لمساعدتهما ".
ولكن بليك قبض على ذراعها ثم تركها بسرعة وقال :
" لا داعي لذلك , تستطيعان تنظيف المائدة وحدهما".
ولم تعترض دينا , كان اليوم طويلا وكانت تشعر بالأرهاق الذهني والجسدي , وهي تحتاج الى ليلة طويلة من النوم العميق , وسارت نحو الدرج وهي تشعر أن بليك يتبعها , وذكّرها قائلا:
" أنك لم تعطي شت خاتمه!".
ورفعت يدها اليسرى وألقت نظرة على الخاتم الماسي ثم قالت:
"لا بد أنني نسيت".
منتدى ليلاس
وعندما بدأت تخفض يدها قبض عليها بليك ونزع الخاتم من أصبعها , قبل أن تستطيع منعه ووضعه بدون أهتمام على الطاولة الموضوعة بجانب حائط البهو.:
" لا يمكن وضع أشياء ثمينة هنا!".
وأخذت الخاتم بسرعة وقطبت جبينها ونظرت الى بليك الذي سألها بغطرسة باردة:
" قيّمة لمن؟".
طبقت أصابعها على الخاتم وقالت:
" سأحتفط به في غرفتي حتى أعيده اليه".
وأنتظرت أن يتحدى قرارها وعندما لم يفعل صعدت الدرج , وقال بليك وهو يتبعها :
" سيأتي غدا ....... تستطيعين أن تعيديه اليه".
" متى يحضر؟".
" الساعة العاشرة".
وعندما أنتهت من صعود الدرج أستدارت دينا , كانت غرفة نومها أول باب على اليمين , وسارت نحوها وفوجئت بذراع بليك يفتح الباب ,وتوقفت فورا عندما فتحه وبدت عليها الحيرة وهي تسأله :
" ماذا تفعل؟".
" أذهب الى فراشي!".
قال هذا وهو يرفع حاجبيه وينظر اليها ببرود , وأضاف:
" أين تصورت أنني سأنام ؟".
وأشاحت بوجهها بعيدا , وشعرت بحالة من التشوش والأضطراب من هذا السؤال , وقالت متلعثمة:
" لم أفكر في هذا الأمر....... ربما أعتدت النوم وحدي".
ووضع يده على ظهرها ودفعها داخل الغرفة وقال:
" من المؤكد أنك لا تتوقعين أن يستمر هذا الوضع".
" ربما يكون من الأفضل....... لفترة....".
ووقفت وسط الغرفة وأستدارت لتواجهه وهو يغلق الباب:
" صحيح!".
منتدى ليلاس
" نعم , أعتقد أن هذا أفضل".
وخفق قلبها بشدة وهي ترى بليك يخلع ربطة عنقه وقميصه , وحاولت أن تناقشه بتعقل فقالت:
" بليك , لقد مضى عامان ونصف العام , أنني لم أعد أعرفك , أصبحت غريبا بالنسبة اليّ".
" يمكن أن يتغير هذا".
وحاولت دينا أن تسيطر على أعصابها وقالت:
" أنك لا تحاول أن تفهم يا بليك , لا أستطيع أن أقفز الى الفراش مع....".
وأكمل الجملة بقوله:
" زوجك! من غيره تختارين؟".
وعندما خلع قميصه ظهر صدره العاري وكان بنفس لوم وجهه القاتم , وزاد أنطباع دينا بأنها مع رجل بدائي خطير وأبتعدت عنه متجهة الى خرانتها لتضع خاتم شت في علبة مجوهراتها ,وقالت:
" لا أختار أحدا.... لم أقصد ذلك".
وتقدم وراءها ورأت صورته في المرآة ,وقالت:
" أصبحت شخصا جامدا يا بليك , وساخرا , أستطيع أن أتصور ما ذقته من عذاب".
" هل تستطيعين ؟ هل تستطيعين أن تتصوري كيف تعذّبت وأنا أتشبث بصورة أمرأة بعينين زرقاوين وشعر ذهبي حريري".
ومد يده وقبض على خصلة من شعرها , وأغمضت دينا عينيها من النبرة الشرسة في صوته وأضاف:
" أنتظرت 922 ليلة وعندما رأيتها أخيرا , وجدتها تتعلّق بذراع أفضل صديق لي , هل يدهشك أذا أن أكون جامدا وأن أمتلىء بالمرارة؟ هل أفتقدتني يا دينا؟ هل حزنت عليّ؟".
وأدارت وجهها وقالت:
" عندما أختفيت يا بليك كدت أموت فزعا ,ولكن أمك كانت حزينة أكثر , فقدت زوجها ثم تصورت أنها فقدتك , وكان يتعيّن عليّ أن أقضي معظم وقتي أسري عنها , وبدأت الشركة تنهار , وأصرّ شت أن أـولى أدارتها ,وهكذا غرقت في عالم
منتدى ليلاس
آخر , أثناء اليوم كنت مشغولة جدا لا أفكر في نفسي , وفي الليل كانت أمك تعتمد علي لتستمد مني القوة , وبدأت أتناول حبوبا منومة حتى أرتاح وأستطيع العمل في اليوم التالي , الواقع يا بليك أنه لم يكن لديّ وقت للحزن".

نيو فراولة 26-08-10 01:45 AM

ولم يتأثر بكلماتها, وظلت عيناه الداكنتان باردتين جامدتين وقال بهدوء بارد :
" ولكن كان لديك وقت لشت!".
وأرتجفت دينا عندما وجد السهم الذي أطلقه هدفه وقالت:
" كان أفضل صديق لك ومن الطبيعي أن يظل على أتصال بي وبوالدتك , كنت أجده دائما بجانبي يؤيدني ويساعدني , ويشجعني ويعطيني كتفا أستند عليها في اللحظات العصيبة بدون أن يطلب أي مقابل , ومن هنا بدأت العلاقة تنمو بعد أن بلغنا النبأ أنك قتلت , كنت أحتاج اليه......".
" وأنا أحتاج اليك الآن".
منتدى ليلاس
وضمها اليه بقوة , وحاولت أن تتخلص من ذراعيه , وقالت بغضب:
" لم تستمع الى كلمة مما قلته ,لقد تغيّرت أنت , وأنا أيضا تغيرت .... ونحتاج ال وقت لنتلاءم ".
" نتلاءم؟ كيف؟ أن كلا منا حيوان من نفس الفصيلة .... وجدنا على الأرض لننام ونأمل وننجب ونعيش ونموت , لقد تعلمت في الغابة أن هذا هو جوهر الوجود!".
نطق هذه الكلمات بنبرة باردة جامدة خالية من الشعور , وقهقهت دينا بعصبية وقالت:
" يا ألهي...... تتكلم وكأنك طرزان وأنا جين!".
" هذه هي الحقيقة أذا حذفت آداب المجتمع والكلمات الجميلة".
وأعترضت قائلة:
"كلا...... أن عقولنا أكثر تطورا فنحن لنا أحاسيس ومشاعر .....نحن.....".
" أخرسي!".
وكتم كلماتها بعناق عنيف , وعبثا حاولت دينا أن تتخلص من قبضته , ولكنها ظلت تصر بقبضتي يديها حتى أبتعد عنها , ونظرت اليه بدهشة , وفكرت أن هذا الرجل الغريب هو زوجها!
وأستجمعت كل شجاعتها لتقول له:
" لا تفعل هذا يا بليك".
" هل تحاولين الظهور في صورة الزوجة الشهيدة التي تستسلم لوحشية زوجها ؟ أن هذا التظاهر بالبرود مهزلة , وأذكر جيدا أنك كنت تحبينني بجنون !".
وشحب وجه دينا عندما تذكرت هي أيضا , ولكنها عندما لمحت اليدين الخشنتين بدلا من اليدين الحانيتين اللتين كانا تحيطان بها في الماضي عادت تتوسل قائلة:
" لا تحطم زواجنا , أريد أن أحبك ثانية يا بليك".
منتدى ليلاس
" لعنة الله عليك ...لماذا لم تقولي ذلك عندما عدت , لماذا أنتظرت حتى الآن؟".
" وهل كنت ستهتم بذلك؟".
" ربما كنت أهتم , أما الآن فلا يهمني شيء , سوى أنك لي".
ومرة أخرى ضمّها بقوة وعنف مخرسا كل كلماتها!

نيو فراولة 26-08-10 01:58 PM

4- صقيع في القلب

كانت دينا ترقد في الفراش وقد شدّت الأغطية حتى عنقها , ولكنها كانت تعرف أن البطانيات لا تستطيع تدفئة البرد , شعرت بأنها باردة خاوية في داخلها , وهي تحملق الى أعلى في ظلام الغرفة , وتجمّدت دمعة فوق أهدابها , كان بليك قد أشبع رغبتها ولكنها لم تحس بأنها سمت الى السعادة القصوى التي لا يبعثها ألا الأنسجام الروحي ولا يمكن أن يحدث هذا ألا عندما يوجد الحب , وفي هذه الليلة كان عناق بليك النهم يعبر عن الرغبة فقط , ولذلك لم تشعر دينا بالدفء الذي طالما شعرت به من قبل مع بليك.منتدى ليلاس
بليك يرقد بجانبها بدون أن يتلامسا , وقد وضع أحدى ذراعيه على الوسادة فوق رأسه , كانت تستطيع أن تسمع صوت أنفاسه المنتظم , ولكنها شكّت في أنه نائم ,وبنظرة جانبية رأت جانب وجهه في الضوء الخافت , ولاح خط متجهم على وجهه وكأنه هو أيضا يشعر بنفس رد الفعل؟
وقال بصوت خافت جامد يشعر بنظراتها ويسمع تساؤلها :
" هناك شيء واحد لم تقوليه يا دينا , ولو أنك قلته لكان من المحتمل أن يمنع خيبة الأمل".
" ما هو؟".
هكذا سألته بصوت مشدود مختلج وهي تتمنى أن تعرف الشيء الذي يمكن أن يمنع هذا من أن يحدث ثانية.
" أن أستجابتك لا تعادل عامين ونصف من الأماني والتوقعات".
"لا........"
هكذا وافقت في صمت , فلم تكن هناك كلمات حب متبادل متبادلة ,ولا أنسجان بين قلبيهما وروحيهما , كانت لمسته تعبّر عن رغبة فقط أثارها الغضب والأحباط ,
وتمتمت قائلة:
" أن الرغبة البحتة لا يمكن أبدا أن تجلب السعادة يا بليك".
وأزاح جانبا البطانية عن جسمه ونهض واقفا على الأرض , وألتفتت برأسها فوق الوسادة لتحملق فيه في الظلام وسألته بهدوء:
" الى أين تذهب؟".
منتدى ليلاس
وأحسّت بصوت يقول لها لو أن بليك ضمّها بحنان بين ذراعيه فأن الفراغ المؤلم بداخلها قد يهدأ.

نيو فراولة 26-08-10 05:28 PM

كانت هناك ومضة جمال في بشرته التي لفحتها الشمس في الضوء الباهت , وأستطاعت أن تلمح كتفيه العريضتين والعضلات السوداء التي يقل عرضها تدريجيا الى خصره , كانت خطاه بدون صوت مثل خطوات الحيوان الصامتة!
" يوجد أكتشاف مزعج آخر فوجئت به منذ عودتي الى الحضارة , وهو أن الفراش ناعم أكثر مما يجب!".
منتدى ليلاس
كان يتكلم بصوت خافت ونبرة مؤلمة ساخرة , وأضاف:
" لقد أعتدت الفراش الصلب , وهذا ما ينتج عن قضاء ليال كثيرة جدا في الأشجار وعلى أرض صلبة".
ولم تستطع أن تراه في الظلام , وتقلبت في فراشها وأستندت على أحد مرفقيها وهي لا تزال تحتفظ بالأغطية محكمة حول جسمها .
ومرة أخرى سألته:
" الى أين تذهب؟".
" الى حيث أجد بطانية وأرضا صلبة !".
وسمعت صوت الباب وهو يفتحه وأضاف بنبرة حادة مؤلمة :
" لقد حققت رغبتك يا دينا , الفراش أصبح لك وتستطيعين أن تنامي وحدك!".
وعندما أغلق الباب سرت رجفة متقلصة في جسمها , ودفنت رأسها في الوسادة وتحوّل جسمها الى كرة مشدودة من الألم , وأغمضت عينيها وهي تتمنى أن تنام وتنسى كل شيء!
وهزّت يد كتفها برقة ولكن بأصرار وسمعت صوتا يقول:
" سيدة بليك .... أستيقظي ...... أرجوك......".
وتحركت دينا وعيناها تطرفان وهي تحاول أن تعرف أذا كانت تتخيل صوتا يناديها أم لا ........ ومرة أخرى ترامى الصوت الى أذنيها يقول:
" أنهضي يا سيدة بليك!".
ولكنها لم تتخيّل اليد فوق ذراعها , وشعرت برأسها ينبض ببلادة وهي تفتح عينها وتتقلّب على الجانب الآخر وتشد الأغطية معها , وتركزت نظرتها الناعسة على الوجه المضطرب لمشرفة المنزل وهي تنحني فوقها , وأصبحت دينا متنبهة لعدّة أشياء في نفس الوقت , أدركت الوسادة الملقادة بجانبها حيث رقد بليك فترة قصيرة , وقميص النوم القصير الذي ترتديه , والملابس المتناثرة في أنحاء الغرفة ....... ملابسها وملابسه , وفكرت : يا ألهي ............ أن الغرفة تغرق في الفوضى!
" ماذا حدث يا ديدر؟".
هكذا سألتها وهي تحاول أن تحتفظ برباطة جأشها برغم أحساسها بالحرج .
قالت ديدر:
" أنه السيد بليك!".
وأثارت النظرة القلقة البادية في عيني المشرفة على المنزل رد فعل سريع من جانب دينا , فهبت جالسة وأستندت على مرفقيها وقد طرد الأضطراب ما بقي في عينيها من نعاس , وقالت في فزع:
" بليك؟ ماذا حدث؟ هل أصابه سوء؟".
" لا.....لا ........ أنه فقط نائم في الطابق السفلي على الأرض في غرفة المكتبة".
وأحمر وجه المرأة خجلا وهي تضيف:
" وهو لا يرتدي البيجاما , يرتدي فقط ملابسه الداخلية!".
وأخفت دينا أبتسامة وضاع أرتياحها في شعور بالمرح , مسكينة ديدر شنايدر , هكذا فكّرت , أنها لم تتزوج في حياتها ولم تقترب من حياة زوجية , ومن المحتمل أنها أصيبت بصدمة عنيفة عندما وجدت بليك نائما في غرفة المكتبة بملابسه الداخلية!
وأومأت دينا برأسها وقالت وهي تحاول أن تحتفظ بتعبير وجهها الجاد :
" فهمت".
" أن السيد سترانتون سوف يصل بعد ساعة , وأعتقدت أنك وحدك التي تستطيعين أن توقظي السيد بليك!".
كانت المرأة تحاول جاهدة أن تتفادى لنظر الى ذراعي دينا العاريتين :
" سأفعل..............".
منتدى ليلاس
قالت دينا هذا وبدأت تنهض , ثم خشيت أن تزيد من حرج المشرفة على المنزل أذا بدت أمامها بقميص النوم القصير فقالت لها:
" أرجو أن تناوليني الروب الموجود على السرير هناك يا ديدر".
وبعد أن ناولتها الروب , أستدارت المشرفة على المنزل بلباقة بينما أندست دينا بداخله وقالت المشرفة لدينا :
" لقد أرسلت السيدة شاندلر أشياء قليلة للسيد بليك أمس , منها بيجاما وروب وقد وضعتها في الخزانة الخالية".
" سوف آخذها له ,وغدا يا ديدر أعتقد أنه من الأفضل أن تضعي ترتيبات مع السيدة شاندلر لشراء سرير بفراش صلب جدا ..... جامد مثل الصخر".
" سأفعل يا سيدة بليك".
قالت ديدر ذلك بنبرة وعد كأنها تؤدي قسما ثم أضافت:
" آسفة لأنني أيقظتك يا سيدة بليك".
وردت دينا وهي تبتسم :
" لا عليك يا ديدر".

نيو فراولة 26-08-10 07:43 PM

وبأيماءة قصيرة من رأسها غادرت المشرفة على المنزل الغرفة , وأتجهت دينا الى الخزانة الصغيرة التي كانت ديدر قد أشارت اليها ,كان هناك ثلاثة قمصان وحلّة بنية معلّقة , وفي مشجب الباب الداخلي كانت البيجاما والروب من لونين متناسقين من الحرير , تركت دينا البيجاما وأخذت الروب.منتدى ليلاس
وعندما وصلت الى الطابق الأرضي ترددت يدها فوق مقبض باب غرفة المكتبة ,وشعرت بالتوتر وتقلّصت معدتها , وحاولت جاهدة أن تحافظ على هدوئها وتتجاهل نوبة العصبية التي أنتابتها , فتحت الباب بهدوء ودخلت , وتوجهت نظرتها أولا الى الأرض والمكان الشاسع حول المدفأة , وسمعت صوت بيك يقول ساخرا من جانب الغرفة:
" لا بد أن ديدر أرسلت الأحتياطي !".
وألتفتت دينا ناحيته ورأته واقفا , كان يحيط خصره ببطانية خضراء داكنة ,وصدره العاري يلمع بسمرته الداكنة ,وقد مشّط بأصابعه شعره البنب الكثيف حتى أصبح شبه منسق , وهي فكرة أكتسبها من حياة العزلة في الغابات .
ودقّ نبض دينا فزعا ورفعت رأسها وكأنها تتوقع خطرا , وهو يبدو مثل رجل بدائي متكبر نبيل وشرس.
" هل سمعتها وهي تدخل؟".
وأدركت أنه سؤال سخيف بعد أو وجهته , أن تلك الشهور الطويلة التي قضاها في الغابة شحذت حواسه وجعلتها أكثر حدة ودقة , ورد بأحتقار ساخرا :
" نعم ولكنني رأيت أنه من الحكمة أن أتظاهر بالنوم بدلا من أن أصيبها بصدمة! لقد توقعت أن تصعد الدرج قفزا وتخبرك أنت أو أمي بسلوكي الفظيع ".
ووراء نظرته القاتمة تفحص وجهها شعرت بعدم الأرتياح , وتمنت لو أنها أرتدت ملابسها كاملة قبل أن تنزل .
" لقد أتيتك بروب".
ومدّت يدها بالروب وهي تشعر برجفة بسيطة لم تبد واضحة بعد.
" لا بد أن ديدر أقترحت هذا , لقد صدمت أكثر مما توقعت ".
ولكن بليك لم يحاول أن يتقدم نحوها فأضطرت دينا الى أن تسير نحوه :
" أن ديدر لم تتعود رؤية رجال بملابس داخلية نائمين على أرض غرفة المكتبة ".
منتدى ليلاس
قالت هذا مدافعة عن رد فعل المشرفة على المنزل ,وقد أكتشفت في نفسها رد فعل مماثلا عندما بدأ بليك يزيح البطانية من حول خصره , وأشاحت بعينيها بعيدا وأحمر وجهها خجلا وكأنه شخص غريب يخلع ملابسه أمامها وليس زوجها! وسمعت صوت حفيف الروب الحريري ثم قال بليك بلهجة ساخرة قاسية :
" تستطيعين أن تنظري اليّ الآن".
ورمقته بنظرة غامضة لأنه لحظ نوبة الخجل التي أنتابتها ثم أبتعدت , كان عرق رقبتها ينبض بعصبية شديدة , لم تستطع السيطرة عليها ,ولمست يده كتفها وتراجعت من لمسته الباردة.
فقال بصوت مختنق:
"بحق السماء يا دينا...... لن أغتصبك , لعنة الله عليك ألا أستطيع حتى لمس زوجتي!".
كانت عيناها الزرقاوان واسعتين حذرتين وهي تنظر فوق كتفها الى نظرته المتأججة الشرسة , وقالت بضيق:
" لا أشعر أنني زوجتك , لا أشعر أنني متزوجة منك!".
وفي الحال خمدت النيران في عينيه وسيطر على أعصابه بطريقة جامدة باردة على عكس طبيعته عندما كان يغضب ثم قال:
" أنك زوجتيّ!".
وسار بجانبها نحو الباب وفتحه وقال مناديا :
" ديدر أحضري بعض القهوة الى غرفة المكتبة هنا ولزوجتي !".
وركّز على كلمة زوجتي!
" أن شت سيأتي وعليّ أن أرتدي ثيابي".
هكذا قالت دينا معترضة على قضاء دقائق أكثر وحدها معه!
وقال بليك ردا على أعتراضها:
" لن يأتي قبل ساعة".
ثم سار نحو الأريكة المغطاة بالجلد ووقف لحظة بجانب الطاولة التي في طرفها ليرفع غطاء صندوق السكائر المصنوع من السيرميك , وسألها وهو يوجه نظرة ناحيتها :
" سيكارة؟".
" لا أنني لا أدخن , ألا تتذكر؟".
قالت ذلك بصوت يشوبه الضيق , وهزّ كتفيه ورد:
" ربما أكتسبت عادة التدخين أثناء غيابي".
" لم يحدث".
منتدى ليلاس
كان صوت وقع الأقدام في البهو يدل على حضور المشرفة على المنزل وبعد ثوان دخلت غرفة المكتبة وهي تحمل صينية عليها طاقم القهوة وفنجانان من الصيني و كانت لمحة من اللون الأحمر لا تزال بادية على وجنتي ديدر , وهي تتجنب النظر الى بليك مباشرة.

نيو فراولة 26-08-10 08:07 PM


وسألت دينا :
" أين تريدين أن أضع الصينية؟".
" هناك".
وبعد أن وضعت الصينية فوق المائدة على الطرف المقابل للأريكة حيث كان بليك واقفا , أستقامت ديدر في وقفتها وقالت موجهة كلامها الى دينا ثانية :
" هل تريدين أي شيء آخر؟".
وكان بليك هو الذي ردّ قائلا:
" هذا كل شيء".
ثم نفث خطا رفيعا من الدخان وأضاف:
" وأغلقي الباب وراءك يا ديدر".
" وهو كذلك يا سيدي".
وظهرت بقعتان حمراوان فوق خديها.
وبينما كانت ديدر تخرج بسرعة وتغلق الباب بأحكام سار بليك نحو الصينية ورفع وعاء القهوة وملأ الفنجانين وقدّم واحدا الى دينا وهو يغريها بالطعم:
" أنك تحبينها سادة بدون سكر كما أذكر".
منتدى ليلاس
" نعم أشكرك".
ورفضت دينا أن تعض الطعم وهي تأخذ الفنجان من يده , وتصاعد البخار الساخن من السائل البني , وترك بليك فنجانه لحظة وأخذ يتفحص الطرف المتوهج لسيكارته وطبقة الدخان الرقيقة المتصاعدة , وبدت على فمه أبتسامة ميريرة وقال وهو يفكر:
" كنت قد نسيت كيف يبدو طعم السيكارة طيبا عندما أدخنها في الصباح".
وشعرت دينا بضيق , ولم يسعها ألا أن تقول :
" ظننت أنك لم تنس شيئا".
وأجاب بليك وهو يرفع عينيه لتلتقيا بنظرتها القلقة:
" لا لم أنس الأشياء الهامة".
وبتنهيدة متقطعة سارت نحو النافذة التي تطل على واجهة العشب الفسيحة للمنزل ومدخله , وتذكرت أول مرة حملقت من النافذة في صمت مضطرب ,ومن الغريب أنها شعرت وكأن دهرا قد مضى بدلا من الوقت القصير الذي مضى فعلا.
وقال بليك وكان قريبا منها على مسافة أقدام قليلة:
" ما الذي تفكرين فيه؟".
" كنت فقط أتذكر آخر مرة وقفت فيها بجوار هذه النافذة".
وأخذت رشفة من القهوة الساخنة .
وقال وقد بدا عليه فضول كسول:
" ومتى كان ذلك؟".
وشعرت دينا بنظرته تنفذ اليها وكأنه يلمسها , وأستجمعت قوتها لتقول بصراحة:
" ليلة حفل خطبتي الى شت".
" أنسي كل شيء عنه !".
كان أمرا حادا نافذ الصبر كما خمّنت دينا , وأجابت بحدة:
" أن عودة عقارب الساعة الى الوراء ليست بهذه السهولة".
وكان الفنجان يفلت من أصابعها عندما شعرت بلمسة أصابعه الخشنة لشعرها , وتقلص حلقها حتى كتم صوتها وأنفاسها .
وقال بليك:
" هل أخبرتك أنني أحب شعرك بهذا الطول؟".
كان صوته الخافت أشبع بعناق أجش يسري في جسمها , وأزاح جانبا خصلة من شعرها الذهبي وأبعدها عن عنقها , وأحست بدفء أنفاسه تلفح جلدها , وتوقفت لحظة قبل أن تلمح قتامة شعره المتموج أمام عينيها , وراح يقبل عنقها ثم شعرت بقلبها وكأنه سقط وأخذت تلوي عنقها جانبا والى أسفل , وأهتز فنجان القهوة ولكنها أستطاعت أن تقبض عليه و وأحاطت ذراعاه بخصرها ولثانية واحدة ساحرة عادت الى زمن آخر , وفجأة شعرت بذراعين غريبتين وأمسكت بمعصمه وقالت متوسلة وهي تحاول أن تبعده عنها :
" بليك.....كلا .....كلا".
كان ضعفها لا يضارع قوته , وشهقت عندما تحرك فمه وأحست بضعف يسري في أطرافها , كان شعورا يبعث الدوار وكأن طبولا عنيفة تدق في أذنيها , وهمس بليك قريبا من أذنها:
" هل تتذكرين كيف كنا نتعانق في الصباح؟".
قالت:
"نعم".
وعادت اليها الذكريات.
وأختفى فنجان القهوة من يدها , فقد أخذه بليك بحركة ناعمة من يده ,وضغط عليها قليلا ليديرها نحوه ,ورفعت رأسها , ومرة أخرى شعرت بعناقه القوي وقال لها :
" بعد نفورك الليلة الماضية ظننت أنني لم أعد أرغبك , ولكنني أريدك أكثر من قبل".
منتدى ليلاس
وأطلقت شهقة من حلقها , فلم يذكر كلمة واحدة تدل على الحب , وفي الثانية التالية لم تعد تهتم لشيء في هذا العالم , كان يحاول أن يجعلها تستجيب , وتسللت أصابعها خلال شعره الغزير , وكأنه تعب من خفض رأسه فشدّ بليك من قبضته حول خصرها ليرفعها حتى تصل الى مستوى نظره! كان هذا دليلا آخر على قوته الزائدة عندما حملها بدون أي جهد , ونسيت دينا للحظة هذا الدليل على التغيير فسألها:
" هل عانقك شت بهذه الطريقة؟".
وحاولت أن تطرد ذكرى عناق شت من ذهنها , وتخلصت من قبضته وحملقت فيه بكبرياء جريحة ,وكرّر بليك سؤاله :
" هل فعل؟ هل أثارك بهذه الطريقة؟".
وأجابت بصوت مختنق :
" لن تعرف أبدا ...... ربما جعلني أشعر بأحساس أفضل!".

نيو فراولة 26-08-10 09:05 PM

وتقدم نحوها خطوة مهددا وقد أسودّت ملامحه من الغضب , ولم يكن هناك مكان لدينا تتراجع اليه , وكان لا بد أن تقف في مكانها برغم عدم قدرتها على الدفاع , وفي تلك اللحظة سمعت طرقا على الباب , وتوقف بليك ونظر الى الباب في غضب وسأل:
" من الطارق؟".
وأنفتح الباب ودخل شت وقال :
" لقد جئت مبكر قليلا , ولكن ديدر أخبرتني أنكما هنا تشربان القهوة , وسوغ تحضر لي فنجانا".
وسكت وكأنه أحس بالتوتر في الجو , ثم أضاف وكأنه يسأل:
" لم أعتقد أن أنضمامي لكما سيزعجكما".
وقالت دينا :
" بالطبع لا".
منتدى ليلاس
فقد أستعانت به ليخفف من التوتر , وأكمل بليك الدوعوة فقال:
" أدخل يا شت , كنا ننتحدث عنك أنا ودينا".
وقال شت مداعبا:
" أرجو أن يكون حديثا طيبا".
" نعم!".
هكذا قال بليك ثم وجّه نظرته القاتمة الى دينا وقد بدا في عينيه التجهم والتأمل , ثم أضاف:
" نعم كان حديثا طيبا".
ولكنه لم يفسر ماذا كان موضوع الحديث.
وبدأت تتنفس ثانية وهي تمد يدها الى حلقها , وتنبهت الى أنها ترتدي الروب وأتخذت هذا عذرا للأنصراف فقالت:
" أذا أسمحا لي سوف أترككما لشرب القهوة وحدكما".
وقال شت وهو يقطب جبينه:
" أرجو ألا يكون أنصرافك بسببي ".
" لا , لا".
هكذا أكدت دينا بسرعة وهي تتفادى نظرة بيك الساخرة.
وأضافت:
" كنت سأصعد الى أعلى لأرتدي ثيابي قبل أن تقدم ديدر الأفطار , لن أغيب طويلا".
وعندما غادرت دينا قابلت ديدر وهي تحضر فنجان القهوة لشت.
وبعد أن فرغت دينا من أرتداء ملابسها وضعت خاتم شت في جيب ثوبها , كانت تأمل أن تستطيع في وقت ما خلال اليون أن تتاح لها فرصة أعادته الى شت وهما وحدهما , ولكن هذه الفرصة لم تتوفر لها ألا بعد الظهر.
علمت الصحافة بنبأ عودة بليك , وكان المنزل في حالة حصار مدة طويلة من النهار , جرس الباب أو جرس التلفون يرن بصورة دائمة ,وكان يتعين على بليك أن يحدد موعدا للأحاديث حتى يرتاح , ولكن ردوده كانت مقتضبة وبدون دخول في التفاصيل , ودينا مضطرة بأعتبارها زوجته أن تكون بجانبه بينما قام شت بدور السكرتير الصحفي والمتحدث بأسم شركة شاندلر , وأخيرا حوالي الساعة الرابعة أنتهى الحصار وبدأ هدوء جميل يخيم على المنزل , وأصرت نورما شاندلر على تقديم القهوة والحلوى لكل من يحضر , وأنشغلت بمساعدة ديدر في التنظيف والترتيب بعد أنصراف الضيوف , ورن الهاتف وكان المتحدث يطلب حديثا من بليك في التلفون, بينما دينا بدأت تساعد السيدتين الأخريين في التنظيف , وعندما لحظت أن شت ذهب الى غرفة المكتبة أستأذنت , فقد عرفت أنها قد لا تجد فرصة أخرى لتتكلم معه على أنفراد.
منتدى ليلاس
وعندما دخلت غرفة المكتبة رأته يصب بعض الشراب , كان خاتم الخطبة يحرق دائرة في جيبها.
" هل تصب لي بعض الشراب يا شت؟".
قالت ذلك وهي تغلق الباب بهدوء , وهكذا منعت صوت بليك من أن يترامى الى أذنها في غرفة الجلوس .
ورفع شت رأسه الأشقر وتحولت نظرة الدهشة على وجهه الى أبتسامة وهو يقول:
" بالطبع".
وتناول كوبا آخر وقال:
" كان يوما محموما جدا".
" نعم , عتقد ذلك".
وأتجهت دينا لتأخذ كوبها , ورفع شت كوبه ليأخذ رشفة سريعة وقال:
" أن صحفيا أعرفه يعمل في أحدى الصحف المحلية أتصل بي هذا الصباح وأخرجني من الفراش , كان قد سمع أن هناك بعض التغييرؤات في شركة فنادق شاندلر وأراد أن يعرف التفاصيل ,وتظاهرت بالجهل , ولكن هذا هو الذي دفعني الى الحضور الى هنا مبكرا لأنبه بليك الى أن هجوم الصحفيين في طريقه اليه ,كنت أعرف أنهم سيعلمون النبأ بعد فترة".
" نعم".
وأومأت برأسها وهي سعيدة أن نبأ خطبتهما لم يكتب في الصحف وألا كان الصحفيون سيحولون عودة بليك الى سيرك! وقال شت بأعجاب لم يحاول أخفاءه:
" الواقع أن بليك بعرف كيف يقابل الصحفيين".
" نعم أعتقد ذلك".
وأخذت دينا رشفة من شرابها وأضاف شت:
" وسوف يكون هذا دعاية طيبة للفنادق".
" نعم".
منتدى ليلاس
وبدأت تشعر أنها أشبه بدمية يشد خيطها لتومىء برأسها موافقة على كل ما يقوله شت , في حين أنها لم تكن تريد أن تتحدث عن هذه الموضوعات .
" أعتقد أن موظفا في الشركة عرف النبأ وقال لزملائه ".

نيو فراولة 26-08-10 09:27 PM


قال ذلك وهو يحملق مفكرا في السائل العنبري في كوبه , وأضاف:
" وجمعت كبار الموظفين أمس لأخبرهم أنه عاد ,ولعل الصحفيين عرفوا النبأ بعد ذلك".
" ربما".
هكذا قالت موافقة وبسرعة بادرت بالحديث عن الموضوع الذي أتت من أجله , وقالت:
" شت..... لقد أردت أن أقابلك اليوم وحدي".
ووضعت يدها في جيبها لتخرج الخاتم الماسي وأكملت:
" لأعيد لك هذا".
منتدى ليلاس
وأخذه من يدها الممتدة وقد بدا عليه ضيق صبياني , ومسحه بأبهامه بين أصابعه وهو يحملق فيه بدون أن ينظر الى الوميض الزمردي في عينيها.
" لا أريدك أن تتصوري أنني تركتك أمس".
كان صوته مختلجا ويكاد يكون معتذرا وأضاف:
"ولكنني أعرف شعورك نحو بليك ,ولم أشأ أن أقف في طريق سعادتك".
وعندما فسّر شت السبب في أنه فسخ خطبتها بسرعة ورفع رأسه ليحملق في وجهها بحزن وفي عينيه لمحة مضطربة من الزرقة القاتمة.
وأجتاحت دينا عاطفة قوية بسبب عدم أنانيته ومراعاته لشعورها وتضحيته برغباته من أجلها , وقالت:
" نعم ,أفهم موقفك يا شت".
وبدا الأرتياح في أبتسامته وقال:
" لا بد أنك سعيدة حقا بعودته ".
" أنا".
وبدأت تكرر نفس الكلمات بأنها سعيدة بعودته التي ظلت تقولها طوال اليوم , كانت مستعدة لأن تنطق الكلمات على نحو ألي ولكنها منعت نفسها , ولكن شت أفضل صديق لها وأفضل صديق لبليك أيضا بالأضافة الى أشياء أخرى , ومعه تستطيع أن تقول رأيها بصراحة وقالت:
" لقد تغيّر يا شت".
منتدى ليلاس
وتردد لحظة قبل أن يرد وكأنه فوجىء بردها فأراد أن يصوغ أجابته بعناية وقال:
" أذا تذكرت كل ما مر به بليك لا بد أنه ترك أثرا عليه".
" أعرف , ولكن.....".
وتنهدت في قلق وخيبة أمل لأنها لم تستطع أن تجد الكلمات التي تفسر ما تعنيه بالضبط.
" لا تقلقي , أسمعي........".
هكذا بدأ شت يهوّن عليها الأمر , فوضع كوبه على المائدة وأمسكها برقة من كتفيها وأحنى رأسه ليحملق في وجهها الخانق , وأستطرد قائلا:
" عندما يكون شخصان متحابين مثلك , وبليك فأنهما يستطيعان أن يحلا خلافاتهما , ولكن هذا لا يمكن أن يحدث في يوم وليلة".
وصمت لحظة ثم عاد يقول:
" هيا , دعيني أرى أبتسامة صغيرة , ما رأيك؟ أنك تعرفين تماما أنه لم يحدث شيء سيء كما تتصورين".
ولاحت أبتسامة على شفتيها رغما عنها عندما سمعت كلماته , وشعرت بأن تأثيره عليها لا يزال كما هو , وأبتسم أبتسامة عريضة وقال لها :
" هذا أفضل".
" أوه .......شت.......".
هكذا قالت دينا بتنهيدة ضاحكة وأحاطته بذراعيها برقة وهي تحرص ألا ينسكب شرابها وعانقته بحب ثم أبعدت رأسها قليلا عنه لتحملق فيه وتقول:
" ماذا أفعل بذونك؟".
" أرجو ألا يكتشف أحد منا هذا!".
وأستدار مقبض الباب وفتح بليك باب غرفة المكتبة , وعندما رأى دينا بين ذراعي شت تجمّد وأصيبت هي بنفس الشلل , وشحب وجهها عندما رأت شفتيه تتحولان الى خط رفيع غاضب , ولكن عنف مشاعره لم يظهر في صوته عندما قال بطريقة عرضية :
" هل هذا حفل خاص أم يستطيع أن ينضم أليكما أي شخص؟".
وعندما سمعت دينا سؤاله وقفت بلا حراك , وسحبت ذراعيها من حول عنق شت لتحمل كوبها بكلتا يديها , وألتفت شت ليحييه بدون أن يشعر بالتوتر الذي زاد في الجو:
" الآن وأنت هنا يا بليك نستطيع أن نشرب نخبا لأخر مخبر صحفي".
منتدى ليلاس
قال ذلك في نبرة أحتفال بدون أن يبدي أي أهتمام بالمنظر الذي قاطعه بليك بدخوله الغرفة :
" لفترة في أي حال".
هكذا قال بليك موافقا , ثم أنتقلت نظراته الى دينا وسألها:
" ماذا تشربين؟".
وفكرت , لن يحدث أنفجار الآن............ أن بليك سوف ينتظر حتى يكونا بمفردهما , وقال:
" سوف أشرب نفس الشيء!".

نيو فراولة 26-08-10 09:41 PM

وأنصرف شت في ساعة متأخرة من ذلك المساء , وكانت كل دقيقة تمر بعد ذلك تشحذ أعصاب دينا وتحولها الى حد موسى دقيق ,وبعد أنصرافه لم تعد تستطيع أحتمال قلق الأنتظار للمواجهة التي لا بد أن تحدث مع بليك , وعندما سمعت صوت سيارة شت تخرج من الممر أمام باب المنزل وقفت دينا في البهو لتتحدى بليك , وقالت له:
"ألا تعتزم أن تقول ما يدور في ذهنك؟".
منتدى ليلاس
ولم يتظاهر بأنه يجهل سؤالها , نظرته قاسية جامدة وقال:
" أبعدي عن شت".
لقد وجه اليها وحدها اللوم على المقابلة البريئة مع شت , وكان رد فعلها نوبة عارمة من الغضب وقالت:
" وماذا عن شت؟".
" أنني أعرف شت معرفة كافية تجعلني واثقا من أنه لن يطأ أرضي ألا أذا تلقّى تشجيعا على ذلك".
وردت:
" المفروض فيّ أذا أن أتجنبه , أليس كذلك؟".
" المفروض أن أية علاقة كانت بينك وبينه في غيابي قد أنتهت".
هكذا صرّح بليك بنبردة باردة , ثم أستطرد قائلا:
" ومن الأن فصاعدا يعتبر مجرد واحد من معارفي".
" هذا مستحيل!".
وسخرت من فكرة أنها تستطيع أن تخرج شت من حياتها بأشارة من أصبعه , وقالت:
" لا أستطيع أن أنسى مكانته عندي بهذه السهولة".
منتدى ليلاس
وفوجئت بقضيبين من الحديد تغرزان في بشرة ذراعيها الناعمتين و وشدها اليه وألتهبت أنفاسها عندما لمست صدره الصلب , وسحق عظامها بنار غضب عناقه , وكان عناقا وضع علامة ملكيته عليها , وأزالت أية ذكرى لشخص آخر , وخلّصت دينا نفسها من عناقه المؤلم بنفس القوة , وتراجعت خطوة وقد أعتراها الغضب وفقدت أعصابها , وقالت بغضب يائس:
"أنت........".
وحذّرها بليك قائلا:
" لا تدمغيني يا دينا".
وحملق كل منهما في وجه الآخر في صمت غاضب , ولم تكن دينا لتعرف الى متى ستستمر معركة رغبتيهما لو لم تدخل أمه الى البهو بعد لحظات فوضع كل منهما قناعا يخفي به نزاعه الشخصي عن عينيها.
" لقد أخبرتني ديدر حالا أنك طلبت منها أن تحضر بعض البطانيات الى غرفة المكتبة يا بليك ".
كانت نورما شاندلر تبدو مقطبة الجبين وأستطردت تقول:
" لا يمكن أن تنام هنا هذه الليلة أيضا".
وردّ بأصرار:
" نعم , سأنام هنا يا أمي!".
منتدى ليلاس
وقالت معترضة:
" ولكن هذا سلوك غير متحضر".
" ربما".
هكذا أعترف بليك لحظة وهو يواجه نظرة دينا ,ثم أضاف :
" ولكنه أيضا أفضل من عدم النوم ".
" أعتقد ذلك ". وتنهدت أمه ووافقت رغما عنها ثم قالت:
" تصبح على خير يا عزيزي ".
وردّ قائلا :
" تصبحين على خير يا أمي".
ثم رفع حاجبا ونظر الى دينا وقال ببرود:
" تصبحين على خير!".

نيو فراولة 26-08-10 10:06 PM

5- قرارات بالقوة

كان باب المكتبة مفتوحا عندما هبطت دينا الى الطابق الأرضي في صباح اليوم التالي , وسارت نحو غرفة الطعام حيث كانت القهوة وعصير الفواكه موضوعة فوق المائدة , ولكن لم يكن هناك أثر لبليك , وصبت لنفسها بعض القهوة والعصير وجلست الى المائدة , وعندما قدمت المشرفة على المنزل سألتها دينا :
" ألن يتناول بليك الأفطار هذا الصباح؟".
وأجابت ديدر :
" لا يا سيدتي , لقد خرج منذ قليل , وقال أنه سيتناول الأفطار مع جيك ستون , ثم يذهب الى المكتب من هناك , ألم يخبرك؟".
" نعم , أعتقد أنه أخبرني , لا بد أنني نسيت فقط".
هكذا قالت دينا كذبا , وأغتصبت أبتسامة على شفتيها .
وقالت المرأة وهي تومىء برأسها :
" لقد أنزعجت السيدة شاندلر كثيرا من خروجه".
منتدى ليلاس
وقطبت دينا جبينها وقالت مستفسرة:
" هل أنزعجت لأنه سيقابل المحامي؟".
وقالت ديدر موضحة:
" كلا , لأنه سيذهب الى المكتب , كان من رأي السيدة شاندلر أن ينتظر أياما قليلة , أقصد أنه عاد منذ فترة وجيزة ويذهب الى العمل هكذا فورا".
" من المحتمل أنه يريد أن يطمئن على سير كل شيء".
وأنتابها شعور بالسعادة والرضى لأنه سوف يجد الأعمال كلها تسير بسهولة , والفضل في ذلك يرجع اليها الى حد كبير وسألته ديدر:
" ما الذي تريدينه للأفطار هذا الصباح يا سيدة بليك ؟ هل أعد لك طبقا من العجة؟".
" أعتقد أنني سأكتفي بالقهوة والعصير يا ديدر , أشكرك".
كانت تريد أن تكون في المكتب عندما يصل بليك حتى تستطيع أن ترى وجهه عندما يدرك كيف أدارت الأمور بكفاءة في غيابه .
" كما تريدين يا سيدتي".
هكذا قالت المشرفة على المنزل وقد بدا عليها أنها لا توافق على عدم تناول دينا أفطارها .
كانت حركة المرور في الصباح أكثر أزدحاما من المعتاد ,وتضايقت دينا من التأخير الذي نتج عن هذا , ومع ذلك أستطاعت أن تصل الى المكتب في موعدها المعتاد.
شعرت بالأرتياح لأن شت كان قد أبلغ كل موظفي الشركة بنبأ عودة بليك , وقد وفر عليها القيام بتلك المهمة , سيكون لديها وقت لمراجعة وملاحظاتها بالنسبة الى أجتماع المسؤولين بعد ظهر اليوم , ويتسع وقتها أيضا لأنجاز قسط كبير من العمل الروتيني صباح يوم الأثنين قبل أن يصل بليك.
منتدى ليلاس
وسارت في الردهة متجهة الى غرفتها .... وكانت خطاها مستقيمة بينما أخذت تومىء برأسها تحية الصباح للموظفين الذين تقابلهم في طريقها ,لم تكن ترغب أن تتوقف وتتحدث مع أي شخص حتى لا تضيّع وقتها الثمين , وبدت سعيدة جدا وهي تدخل مكتب سكرتيرتها الخاصة.
وقالت بنبرة بهيجة:
" صباح الخير يا آمي".
وردت السكرتيرة الشابة بنفس الأبتسامة السعيدة:
صباح الخير يا سيدة شاندلر, أن السعادة تبدو عليك هذا الصباح".
وقالت دينا موافقة:
" نعم ,أنني سعيدة فعلا".
كانت سكرتيرتها تتصفح بريد الصباح فسارت نحو مكتبها لترى ما أذا كان هناك شيء هام يجب أن تطلع عليه قبل أن يصل بليك".
" لا بد أن سعادتك ترجع الى عودة السيد شاندلر , أليس كذلك؟".
هكذا سألت آمي وهي تبتسم أبتسامة من يعرف مثل هذا الوضع , ولم تكن دينا في حاجة الى أن تبدي أي تعليق , وأستمرت سكرتيرتها تقول:
" جميع الموظفين هنا سعداء جدا بعودته سالما".
منتدى ليلاس
"وأنا أيضا يا آمي".
قالت دينا هذا وهي توميء برأسها وتلقي نظرة على البريد من فوق كتف الفتاة , وسألتها:
" هل يوجد أي شيء خاص في الريد هذا الصباح؟".
هكذا أجابت سكرتيرتها وهي تعيد أهتمامها الى كوم الرسائل .
" هل جاءتني مكالمات تلفونية؟".
" مكالمة واحدة فقط لقد أتصل بك فان باتن".
وسألت دينا بعد أن أنتهت بسرعة من مراجعة البريد :
" هل ترك رسالة؟".
" أوه ,كلا".
ثم أسرعت مفسرة :
" لقد تلقى السيد شاندلر المكالمة ".
وكررت دينا :
" السيد شاندلر ! هل تقصدين أن بليك وصل فعلا هنا؟".
" نعم , أنه في الغرفة".
وتحركت آمي نحو غرفة المكتب الخاصة بدينا وأستطردت قائلة:
" أنني متأكدة من أنه لن ينزعج أذا دخلت يا سيدة شاندلر !".
ومرت لحظات بدون أن تستطيع دينا أن تنطق بكلمة واحدة من شدة ذهولها , وشعرت بكبريائها تقول معترض , أنها غرفتها هي , ومع ذلك فأن سكرتيرتها هي تتنازل وتعطيها الأذن بدخول الغرفة !ككان بليك قد دخل الغرفة وأستطاع أن يعطي الأنطباع بأنها قد خرجت منها!
منتدى ليلاس

نيو فراولة 26-08-10 11:00 PM

وأسودت عيناها الزرقاوان من الغضب , وأستدارت بسرعة وسارت نحو الغرفة الخاصة , ولم تحاول أن تطرق الباب ولكنها دفعته فقط فأنفتح ودخلت الغرفة .
كان بليك جالسا خلف المكتب الكبير المصنوع من خشب الجوز , وأن هذا مكتبها هي , ورفع وجهه عندما دخلت , وفقدت أعصابها عندما رفع حاجبيه بطريقة متغطرسة متسائلة !
وسألته:
" ماذا تفعل هنا؟".
وأجاب بليك بهدوء مثير:
" كنت على وشك أن أوجه لك السؤال نفسه!".
وردت دينا بغضب:
" أعتقد أن هذا مكتبي , وهذه الفتاة في الخارج سكرتيرتي أنا!".
ولمحت بعينيها الثائرتين الأوراق بين يديه , وأدركت أنها تشمل الملاحظات التي كانت ستراجعها بشأن أجتماع المسؤولين بعد ظهر اليوم , وأستطردت قائلة:
" وهذه أوراقي أنا".
وأتكأ الى الوراء في المقعد الدائري وهو يتابع نوبة غضبها بأنفعال قليل , ولوّح بيده في حركة شاملة وقال:
" كان أعتقادي أن كل هذا يخص الشركة".
منتدى ليلاس
وقالت تذكره :
" والواقع أنني أنا المسؤولة عن الشركة".
وصحّح بليك كلامها بقوله:
" كنت مسؤولة عن الشركة , أما الآن فأتولى أمورها".
كانت ترتجف بعنف الآن ولم تعد تستطيع السيطرة على غضبها , وحاولت جاهدة أن يظل صوتها خفيضا حتى لا تكشف له مدى ما سببه لها من ضيق , وقالت مكررة :
" أنت تتولى أمورها؟ هكذا بكل سهولة؟".
وطرقعت أصابعها:
وهزّ بليك كتفيه وأمسك بعض الأوراق على المكتب وقال:
" لقد أنتهت مهمتك , وقد قمت بها على نحو رائع , وهذا واضح من كل ما رأيته هذا الصباح".
كان هذا هو المديح الذي أرادت أن تسمعه ولكنه لم ينقل اليها بالطريقة التي كانت تريدها , ولذلك لم يبعث السعادة أو الرضى في نفسها و وهكذا لم تشعر ببهجة نجاحها , وسألته:
" وما المفروض مني أن أفعل؟".
" تذهبين الى البيتوتعودين الى مكانك , زوجتي".
كان العبوس يبدو على ملامحه الخشنة التي لفحتها الشمس وكأنه لا يفهم سبب غضبها.
وقالت دينا متحدية:
" وماذا أفعل؟ أجلس مسترخية وألف أبهاميّ حول بعضهما طوال اليوم حتى تعود الى البيت ؟ ديدر تقوم بأعمال البيت من طهو وتنظيف , أنه منزل أمك يا بليك , ولا يوجد لي عمل هناك!".
" أذا أبدأي الآن في البحث عن شقة لنا , وهذا أفضل ,كانت هذه رغبتك من قبل , أن يكون لنا منزل خاص بنا , تستطيعين تزيينه وتأثيثه بالطريقة التي تحبينها ".
كان جزء منها لا يزال يرغب في ذلك , ولكن هذه الرغبة لم تعد القوة الدافعة في حياتها , وقالت:
" كان هذا من قبل يا بليك , لقد تغيرت...... وحتى أذا حدث وأصبح لنا بيت وقمت بتأثيثه وترتيبه بالطريقة التي أحبها , ماذا أفعل بعد ذلك؟ هل أجلس بلا عمل وأبدي أعجابي بما حولي ,كلا.... أنني أحب عملي هنا وأستمتع به ,أنه عمل جاد مجد".
كان يجلس في كرسيه يراقبها بعينين ضيقتين , وقال لها:
" أن كلامك معناه أنك تستمتعين بالسلطة التي تصحب هذا العمل".
" نعم , أستمتع بالسلطة".
هكذا أعترفت دينا بدون تردد , وبدت لمحة من التحدي في صوتها المشدود , وأضافت:
"أنني أستمتع بالتحديات والمسؤوليات أيضا , والرجال لا يحتكرون مثل هذه الأأحاسيس".
منتدى ليلاس
وسألها بليك :
" ماذا تقترحين يا دينا ؟ هل تريدين أن نعكس دورينا وأصبح أنا المشرف على البيت؟ فأبحث عن المنزل وأقوم يتزيينه وتنظيفه والترحيب بالضيوف؟".
" لا , أنني لا أقترح ذلك".
كان الأضطراي يمزقها ولم تعرف ما هو الحل.
وعاد بليك يقول:
" ربما تريدينني أن أقوم برحلة أخرى بالطائرة الى أميركا الجنوبية , وفي هذه المرة لا أحاول العودة!".
" لا , لا أريد ذلك ولا تحاول تحريف كلماتي !".
وتدفّقت الدموع الحارّة من عينيها , ولم تعد تستطيع السيطرة على الأضطراب العاطفي داخلها , وأشاحت بوجهها بعيدا وهي تطرف بشدة على الدموع وتحاول أن تحبسها قبل أن يراها بليك.
وأنذرها صوت الكرسي الدائري بينما نهض بليك واقفا وأقترب منها كانت رئتاها تنفجران ولكنها خائفة من أن تأخذ نفسا خشية أن يبدو مثل نشيج بكاء!
وقال يتهمها بنفاذ صبر:
" هل هذه هي الطريقة التي تواجهين بها خلافا في العمل؟".
كانت دينا تدرك أنه يقف بجانبها , وحرصت أن تحوّل وجهها بعيدا عنه حتى لا يرى الدموع في عينيها , وقالت كاذبة:
" لا أعرف ماذا تقصد".
وأطبق أبهامه على ذقنها وأدارها نحوه حتى يستطيع أن يرى وجهها وقال:
" هل أعتدت التصرف بطريقة الأنثى والبكاء بالدموع حين لا تنفذ رغباتك؟".
كان جدار الدموع صلبا جدا لدرجة أن دينا لم تر وجهه ألا بصعوبة وقالت وهي تدفع اليد التي تقبض على ذقنها.
" كلا , هل تشن هجومك دائما على مستوى شخصي كلما خالفك شخص في رأيك؟".
وسمعته يتنهد طويلا ثم أمسكت أصابعه بمؤخرة عنقها وضغط على رأسها ليسنده على صدره , ثم أحاطها بذراعيه ليجذبها نحوه , كان عناقا قويا دافئا , ولكن دينا تعمدت أن تظل غير مكترثة بمحاولة بليك لتهدئتها وشعرت بضغط ذقنه يستقر فوق رأسها .
وتمتم بليك قائلا:
" هل لك أن تخبريني ما هو المفروض مني أن أفعله في هذا الشأن؟".
ومسحت دموعها بأصابع مرتجفة وقالت وهي تتنهد:
" لا أعرف".
" خذي".
ووضع يده داخل جيب سترته ليناولها منديله , وسمعا طرقا خفيفا على الباب , ووقف بليك جامدا , ثم قال:
" من الطارق؟".
ولكن الباب فتح بالفعل , وحاولت دينا أن تتخلص من ذراعيه , ولكنه شد قبضته حولها وكأنه يريد أن يحميها من شيء , وأستسلمت لقبضته وظهرها متجه للباب , وسمعت شت يعتذر بنبرة حزن ويقول:
" آسف......... أعتقد أنني أعتدت دخول الغرفة بدون أذن".
منتدى ليلاس
ولا بد أنه أتى بحركة لينصرف لأن بليك قال له:
" أنك لا تزعجنا , تعال , أدخل يا شت".
وسحب ذراعه ببطء من حول دينا وأضاف:
" أرجو أن تلتمس العذر لدينا , فهي لا تزال تنفعل من حين الى آخر بعد عودتي".
قال هذا ليبرر دموعها والمنديل الذي كانت تستعمله لمسح آثار البكاء , وقال شت:
" أنني أفهم الوضع , لقد حضرت لأبلغك أن الجميع موجودون هنا وهم ينتظرون في غرفة الأجتماعات".

نيو فراولة 27-08-10 12:37 AM

وعندما سمعت دينا ما قاله رفعت رأسها بدهشة وفزع , وكررت الكلمة , أجتماع , وقطبت جبينها وأستطردت قائلة:
" لا يوجد أي أجتماع على جدول أعمالي هذا الصباح!".
وأعلن بليك بهدوء:
" لقد طلبت عقد أجتماع".
وألتقت نظرته الساخرة بنظرتها الحادة , ثم حوّل أهتمامه الى شت بطريقة توحي بأنه يريده أن ينصرف وقال:
" أخبرهم أنني سآتي بعد دقائق قليلة".
منتدى ليلاس
" سأخبرهم".
وغادر شت الغرفة.
عندما سمعت دينا صوت الباب وهو يغلق أنقلبت على بليك وعاد اليها غضبها وأتهمته بقولها:
" لم تكن تنوي قول أي شيء عن الأجتماع , أليس كذلك؟".
وسار بليك نحو المكتب ,وبدأ يقلب الأوراق الموضوعة فوقه , ثم قال:
" مبدئيا لا , لم أر ضرورة لأخبرك".
وسخرت دينا من عبارته المتجاهلة المتغطرسة فكررتها :
" لم تر ضرورة لتخبرني!".
" حتى أكون صادقا يا دينا".
وألتفت لينظر اليها وقد بدت ملامحه الصلبة وكأنها نحتت من حجر وأستطرد قائلا:
" الواقع أنه لم يخطر على بالي أنك ستأتين الى المكتب اليوم".
وحملقت في وجهه وهي مضطربة لا تصدق وقالت:
" ولم لا؟".
" أعتقدت أنك سوف تشعرين بالسعادة وأن لم يكن بالأمتنان أذ أتولى مسؤولية الأشراف على الشركة ثانية , وأنك كنت تعتبرين نفسك مجرد رئيسة مؤقتة ويسعدك التحرر من أعباء المسؤولية , وأنك ستسعدين بالعودة الى دور ربة البيت".
وردت دينا قائلة:
" من الواضح أنك لا تعرفني جيدا".
ورد بليك بتجهم:
" هكذا بدأت أكتشف".
قالت تتحدّاه :
"ماذا أفعل الآن ؟".
منتدى ليلاس
وقال :
"لا يوجد رجل يحب منافسة زوجته على وظيفة , وليس لدي نية في أن أتصرف معك على هذا النحو".
وجادلته دينا قائلة:
"لم لا؟ كنت أساويك في الكفاءة".
وقاطعها بليك وقد تحولت عيناه الى قطعتين من الفولاذ القاتم:
" نعم أساويك كفاءة".
من المؤكد أنه قد أثبت ذلك , وتجاهل تأكيدها ,وقال:
" أول أعتقد أن فارق السن بيننا يعطيني 14 سنة خبرة في العمل أكثر منك ,ثانيا لقد أرسلني والدي لأعمل صبي غرسون عندما كنت في اخامسة عشرة من عمري....... بعد ذلك عملت حمالا وكاتبا في مكتب وطباخا ومديرا..... معنى هذا أن مؤهلاتك لا قيمة لها أذا قورنت بمؤهلاتي!".
والواقع أن منطقه قضى على عجرفتها المنفوخة , وجعلها تبدو أشبه بفتاة حمقاء أوطفلة تحتج وتغضب لأن أحدا أخذ منها لعبتها , كانت دينا قد تعلّمت كيف تخفي مشاعرها , وقد أستعملت هذه المهارة لصالحها , وقالت بجمود:
" لعلك على حق . كنت قد نسيت أنني مجرد رئيسة صورية , وأن شت هو الذي كان يتولى مسؤولية أدارة الشركة".
ورفض بليك هذا القول بسخرية وأحتقار وقال :
" لا تكوني مضحكة, أن شت لا يستطيع أن يتخذ أي قرار هام".
وأتسعت عيناها لهذا الأتهام , وقالت:
" كيف تستطيع أن تقول هذا؟ لقد كان وفيا لك طوال هذه السنوات , أنه أصدق صديق لك".
منتدى ليلاس
كان الوميض الساخر في عينيه يضحك من أشارتها الى وفاء شت ويذكّرها بخطبة شت لها , ولكنه لم يذكر ذلك عندما تكلم وقال:
" أن مجرد كونه صديقي لا يعني أن أتغاضى عن أخطائه".
وبرغم أرتباكها لم تتابع دينا الموضوع , كانت أرضا خطرة ومن المحتمل أن تحول الحديث الى مستوى شخصي , وكانت في هذه اللحظة تريد أن يظل على مستوى العمل , وقالت:
" لا يهم شيء من هذا في الواقع , أن النتيجة الأساسية واحدة وهي أنني تركت العمل وأنك توليت المسؤولية".

نيو فراولة 27-08-10 12:44 AM

ومدّ بليك يده الى شعره وعبث فيه حتى أصبح أشعث على نحو جذاب ,وسألها في نفاذ صبر:
" ما هو المفروض مني أن أفعله يا دينا؟".
" هذا يتوقف عليك".
قالت هذا وهي تهز كتفيها وتتظاهر بعدم الأهتمام البارد , بينما كان كل جزء منها غاضبا من الضياع الذي يدخل حياتها , وأستطردت قائلة:
" أذا لم يكن لديك مانع من أن أستعير سكرتيرتك ستجد رسالة أستقالتي على مكتبك عندما تعود من أجتماعك".
وتوتر بليك من تهكمها اللاذع وقال :
" لا , لا أمانع".
منتدى ليلاس
وعندما أستدارت على عقبيها لتغادر الغرفة طوى المسافة بينهما بخطوات طويلة وقبض على مرفقها وأدارها نحوه وقال وقد تحولت عيناه الى وهج من الغضب:
" ماذا تتوقعين مني أن أفعل؟".
" لا أعرف".
وقاطع كلامها بقوله:
" هل تريدين أن أعطيك منصبا في الأدارة؟ هل تريدين هذا؟".
وقفزت لمحة أمل الى وجهها , فبعد أن عبّر بليك عن هذا بالكلمات أدركت أن ذلك هو ما تريده بالضبط ,أن يكون لها دور في أدارة الشركة , أن تشترك في أدارتها.



ولكن بليك قال بغضب:
" لا أستطيع أن أفعل هذا يا دينا".
وشعرت بخيبة أمل وسألت في صوت رفيع:
" لماذا؟".
" لا أستطيع أن أمضي في فصل الموظفين عن العمل حتى تحلي محلهم ! فبصرف النظر الى الحقيقة بأن هذا يعني تحيزا , فأنه يتضمن أيضا أنني لا أوافق على الأشخاص الذين عينتهم أنت لشغل المناصب الرئيسية , والأستنتاج المنطقي من ذلك يكون أنني أعتقدت أنك لم تقومي بعملك جيدا في أدارة الشركة أثناء غيابي".
كان وجهه جامدا متجهما , وأستطرد قائلا:
" لا بد أن تمضي عدة سنوات قبل أن أستطيع القيام بأية تغييرات لا تنعكس عليك على نحو سيء".
"هذا ينهي الموضوع أذا , أليس كذلك؟".
وكانت رجفة في صوتها تكذب نبرة التحدي فيه , وأصطكت أسنانه وظهرت عضلة على فكه ,وقال:
" أذا لم تكوني زوجتي .......".
وكاد يقدم تفسيرا آخر لأن يديه مقيدتان في هذا الموضوع .
" يمكن علاج هذا بسهولة يا بليك ".
هكذا ردت دينا بحدة وشدّت ذراعها قبل أن تزيد قبضته عليها , وتوقعت أن يمسكها ثانية ولكنه لم يحاول هذا.
قال وهو يخرج الكلمات بدقة لاذعة:
" أنك تخطئين في هذا !".
كانت دينا تهتز في داخلها أمام نظرته النافذة , وبدلا من أن تعترف بقدرته على أثارة الفزع في نفسها , ألتفتت بعيدا وقالت بشيء من الأتزان.
" هذا لا يهم في أي حال , ستكون رسالة أستقالتي فوق مكتبك خلال ساعة".
وسارت نحو الباب , ومنعها صوته الحاد من مغادرة الغرفة عندما قال:
" دينا".
قالت بدون أن تنقل يدها من مقبض الباب أو تحول وجهها ناحيته:
" ماذا؟".
" ربما أستطيع أن أعطيك منصبا أستشاريا".
كانت كلماته جامدة فقلل ذلك من حركة المصالحة معها ,وقالت دينا بغضب وهي تفتح الباب:
" لا أريد أية خدمات ومن المؤكد أنني لا أريدها من بليك شاندلر العظيم ".
منتدى ليلاس
وصفقت الباب على سيا من الكلمات الغاضبة , وعندما أبتعدت دينا عن الباب لحظت نظرة السكرتيرة الغريبة وعينيها اللتين أتسعتا دهشة , وأدركت دينا في صمت أن جدران المكتب الخاص سميكة , ولكنها شكّت في أن سمكها كاف لمنع سماع الأصوات المرتفعة في النقاش , وتساءلت ... ترى الى أي حد يبدو واضحا على وجهها أثر مشاداتها مع بليك ؟ وحاولت أن تبدو مسيطرة على نفسها وهي تتجه نحو مكتب آمي , وأمرتها قائلة وهي تحاول أن تتجاهل نظرة الدهشة التي تلقتها:
" أتركي أي شيء تعملينه يا آمي".
" ولكن.......".
قالت السكرتيرة الشابة هذا وهي تنظر بتردد ناحية المكتب الداخلي التي غادرته لتوها , وكأنها لا تعرف أذا كان عليها أن تطيع أوامر دينا أم بليك!

rosi 27-08-10 02:03 AM

مرسي خالص على الرواية الروعة ننتظر التكلمة بفارغ الصبر بتعرفي انا بحب الروايات المكتوبة لاني بحسن احملها على جولي واقرائتها امتى مابدي بارك الله فيك

نيو فراولة 27-08-10 02:47 PM

ولم تعطها دينا فرصة لتحول أفكارها الى كلمات وقالت:
" أريدك أن تكتبي على الآلة الكاتبة رسالة أستقالة مني , أنك تعرفين الصيغة الرسمية لهذه الأشياء , حاولي فقط أن يكون بسيطا ومباشرا ساري المفعول في الحال!".
" أمرك يا سيدة شاندلر".
هكذا تمتمت آمي وبسرعة أزاحت الغطاء من فوق الآلة الكاتبة الكهربائية .
وأنفتح الباب الذي يوصل للمكتب, ونظرت دينا من فوق كتفها فرأت بليك يخرج منه , وأستطاعت أن تلحظ أنه يحاول جاهدا السيطرة على نفسه ,ولكنها كانت كمن ترى حيوانا متحفزا مقيدا بسلاسل وفي اللحظة التي يتخلص فيها من قيوده سينقض على فريسته ويمزقها أربا ,وكانت هي فريسته!
وتسمّرت في مكانها بسبب النظرة الخطيرة في عينيه حتى تعرف أنه يقترب نحوها , وأنتظرت بلا حراك وهو يسير اليها , كانت قوة حيويته القائمة تتذبذب فوق أطراف أعصابها وتجعلها توخز في ألم شديد.
منتدى ليلاس
" دينا ....... أنا......".
ولم ينطق بليك بقية جملته , فقد دخل شت الغرفة من الباب المؤدي الى الردهة الخارجية وقال عندما رأى بليك :
" لقد أتيت لأعرف متى ستحضر الأجتماع , يبدو أنك في الطريق اليه".
وتحول بنظرة أهتمام الى دينا , وبدا الأضطراب في عينيه عندما لحظ خطوط التوتر البيضاء على وجهها .
وقال بليك بنبرة جامدة:
" نعم أنني في طريقي الى الأجتماع".
ثم نظر الى دينا وقال:
" أريدك أن تحضري الأجتماع يا دينا ".
كان العنف المتميز في نظرته يتحداها أن ترد عليه , ولكن دينا شعرت بالأمان في صحبة الآخرين ,وقالت:
" كلا , من الأفضل أن يدرك كل شخص أنك تتولى أدارة الشركة الآن , ولا داعي لأثارة أرتباكهم بحضور رئيس سابق للشركة".
ورأت فمه رفيعا عندما سمع ردها وألتفت بحركة توحي بأنها ترفض عرضه .
وقال شت موافقا على رأيها:
" أن دينا على حق".
ولكن نظرة حادة من بليك جعلته يتراجع ويقول:
"ألا أذا رأيت عكس ذلك بالطبع".
وقال بليك :
" دعنا نذهب ".
وفي عاصفة صامتة خرج من الغرفة وسحب شت في أعقابه ,وترك دينا تشعر بالضعف والأرهاق , كانت أعصابها أشبه بأسلاك رقيقة يمكن أن تنهار من أقل ضغط وعندما أنتهت السكرتيرة من كتابة الأستقالة أرتجفت يدها وهي تضع توقيعها عليه , وقالت للسكرتيرة وهي تعيده اليها :
" ضعيها على مكتب السيد شاندلر".
" لقد سعدت بالعمل معك يا سيدة شاندلر".
هكذا قالت السكرتيرة الشابة بينما أستدارت دينا لتنصرف , وكانت كلماتها تنطق بالأخلاص.
وأبتسمت دينا وقالت:
" أشكرك يا آمي".
ثم خرجت من الغرفة .
وتركت المبنى وأتجهت الى سيارتها , كانت لا تشعر بالرغبة في العودة الى المنزل لتستمع الى الحديث السعيد للأم شاندلر عن عودة بليك.
لم يكن في ذهنها مكان معين تتجه اليه فدخلت السيارة وأنطلقت , وأخذ الهواء يطيّر شعرها الذي تألق وكأنه ضوء شمس في هواء الصباح ,وقادت السيارة في كل مكان , في الشوارع الخلفية والطرق الرئيسية والشوارع الجانبية لمدينة نيوبورت ,كانت الدموع تعمي عينيها معظم الوقت بحيث لم تكن تعرف أين هي , ولم تلحظ صف القصور الشاهقة في بلفو أفينو و ولا الجماهير التي تجمعت على رصيف الميناء لتجربة السباقات على الكأس الأميؤكية.
منتدى ليلاس
لم تكن تعرف من هي ولا ماذا هي ولا لماذا هي...... فمنذ عودة بليك لم تعد دينا شاندلر , لقد أصبحت مرة أخرى السيدة بليك شاندلر , وضاعت في شخصية زوجها , ولم تعد سيدة أعمال ولكنها في الوقت نفسه لم تشعر بأنها زوجة وربة بيت , فلم يكن لها بيت وكان زوجها غريبا عنها , أما عن السبب فقد كانت حالة أضطراب كاملة ولا تعرف شيئا ! ومن حسن الحظ أنه ألقت نظرة على عداد البنزين , ووجدت المؤشر يحوم فوق علامة أنه فرغ , وأضطرت أمام الأمر الواقع أن تخرج من دوامة أسئلتها المضطربة , وظلت الأسئلة بعيدة حتى وصلت الى محطة بنزين , وأنتظرت في المكان المخصص لملء خزان السيارة بالبنزين , ثم عادت الأسئلة بقوة هائلة وأنكمشت دينا تحت قوتها , وتصادف أن وقعت نظرتها الباحثة القلقة على تلفون المحطة , وسارت مندفعة الى مكانه وبدون أن تشعر أدارت رقم الشخص الوحيد الذي كان دائما يساعدها عندما ينتابها مثل هذا الأضطراب العاطفي , وسمعت عاملة التلفون ترد وقالت دينا في صوت مختلج :
ط أريد التحدث الى شت ستانتون من فضلك".
" من المتحدث , من فضلك؟".
توردت دينا جزءا من الثانية قبل أن تقول:
" صديقة".

نيو فراولة 27-08-10 03:25 PM

ومرت لحظة أعتقدت دينا أثناءها أن عاملة التلفون سوف تطلب جوابا أدق من ذلك , ولكنها سمعت المكالمة تحول اليه وسمعت صوته المألوف يقول عبر التلفون:
" شت ستانتون يتكلم".
وقالت بسرعة:
"شت ...... أنا دينا".
" أوه....... أهلا".
كان صوته مدهوشا متحفظا.
وتخيّلت سبب اللهجة التي أجابها بها , فسألته:
"هل أنت وحدك؟".
" كلا".
منتدى ليلاس
وكان معنى ذلك أن بليك لا بد في مكتبه , لم تكن دينا متأكدة كيف عرفت أنه بليك وليس شخصا آخر , ولكنها أحست أن بليك بجانبه , وأنفجرت في نوبة يأس:
" شت.... يجب أن أتحدث معك .......... يجب أن أراك".
ووجّهت نظرة الى الساعة حول معصمها ولم تعطه فرصة للرد فأستطردت قائلة:
" هل تستطيع أن تقابني بتناول الغداء؟".
وسمعت النفس العميق الذي أخذه قبل أن يجيب :
" آسف ...... أخشى أنني وضعت خططا بالفعل للغداء ".
" وكرّرت قائلة:
" يجب أن أراك , هل أستطيع أن أراك في وقت لاحق؟".
" لقد مضت فترة طويلة منذ أن رأيتك".
ولحظت أن شت بدأ يدخل في روح الموضوع ولكنها لم تكن متأكدة وأضاف:
" لماذا لا نتقابل لتناول شرابا حوالي الساعة االخامسة والنصف؟".
كان عليها أن تنتظر مدة طويلة , هكذا فكرت في يأس ولكنها أيقنت أنه لا يستطيع أن يقابها قبل ذلك الوقت , فقالت موافقة:
"حسنا جدا".
ثم حدّدت أسم أول محل لتناول الشراب خطر على بالها .
ووعد شت قائلا:
" سأقابلك هناك".
وقالت دينا في تردد :
" أرجوك يا شت لا تقل لبليك أي شيء عن لقائنا , لا أريده أن يعرف , أنه لن يفهم".
ومرّت لحظة طويلة قبل أن يقول أخيرا :
" لا...لن أقول..... أراك في ذلك الموعد".
وبعد أن وضعت دينا السماعة في مكانها ألتفتت ورأت العامل في محطة البنزين يرمقها بدهشة ولكن بشيء من القلق ,وفتحت حقيبة يدها التي كانت تعلقها فوق كتفها , وبدأت تدفع ثمن البنزين , وسألها:
" هل أنت بخير يا آنسة ؟".
ولمحت وجهها الشاحب في زجاج نافذة المحطة , وفهمت سبب سؤاله , كان شعرها أشعث غير منسق , فقد طيره الهواء, وكانت الدموع قد تركت خطوطا على خديها , وتبدو مثل طفى ضائعة يائسة برغم الملابس الثمينة التي ترتديها , وقالت كاذبة :
" أنا بخير".
منتدى ليلاس
وفي السيارة أخرجت منديلا ورقيا من حقيبتها ومسحت البقع القاتمة من تحت عينيها ,ثم سوّت شعرها الذهبي حتى أصبح شبه منسق قبل أن تغطيه بالأيشارب , وأدارت المفتاح في المحرك , وأنطلقت وهي تتساءل , ترى ما الذي ستفعله بقية اليوم!

نيو فراولة 27-08-10 03:58 PM

6- رجل صلب

كانت القاعة الفاخرة مضاءة أضاءة خافتة ودينا تجلس في ركن مظلم لكنها تستطيع من مكانها رؤية الغرفة كلها وباب الدخول , وعلى مائدة أمامها كان شرابها قد ذاب الثلج فيه بدون أن تلمسه , نظرت الى ساعتها , بقي على موعد حضوره خمس دقائق أخرى ومع ذلك شعرت بأن فترة أنتظارها بلا نهاية.
كانت منذ ساعة تقريبا قد أتصلت تلفونيا بالأم شاندلر لتخبرها أنها ستتأخر , ولم تذكر السبب أو المكان الذي ستذهب اليه , وفكرت , أن بليك سيغضب , فليكن .... فليغضب ....... هكذا كان ردها الداخلي .....ستفكر فيما بعد في عواقب مقابلتها مع شت.
منتدى ليلاس
وأندفع ضوء الشمس الباهر داخل الغرفة عندما أنفتح الباب , ونظرت دينا الى أعلى وهي تحبس أنفاسها وتتمنى أن يكون القادم في هذه المرة هو شت ,ولكن نظرة سريعة الى الرجل الطويل الذي دخل القاعة أصاب رئتيها بالشلل ,وتوقف قلبها عن الخفقان ثم أسرعت دقاته في فزع.
ورأت بليك أمامها داخل القاعة يحاول أن يكيّف بالضوء الخافت , لم يكن هناك مكان تستطيع دينا أن تجري اليه بدون أن تلفت الأنظار , وحاولت أن تنكمش حتى تكون صغيرة على أمل ألا يستطيع رؤيتها في هذا الركن المظلم من الغرفة ..... رأت دنا نظرته تتركز عليها قبل أن يسير في خطوات بطيئة نحو مائدتها , وعندما توقف بجانبها لم تستطع أن تنظر اليه , كانت أسنانها مطبقة بحدة حتى أنها آلمتها , ووضعت يديها حول الشراب الذي لم تكن قد لمسته منذ أن وضع أمامها , وبرغم الغضب الذي كان يعتمل بداخلها شعرت بشيء لا مفر منه أيضا , ولم يتكلم بليك وأنتظر أن تبدأه دينا بالكلام:
" تصور أنني أقابلك هنا ..... أنه عالم صغير .... أليس كذلك؟".
قالت ذلك بنبرة من الدهشة الساخرة من دون أن ترفع نظرها عن الكأس التي أمسكتها بيديها وقال موافقا:
" أنها مجرد صدفة!".
كان في عينيها الزرقاوين بريق لامع عندما نظرت اليه أخيرا , غرقت ملامحه في الظلام بحيث كان من المستحيل رؤية وجهه ,وبدأت حيوية وجوده المثيرة تفرض نفسها عليها برغم أنها حاولت أن تتجاهلها.
" كيف عرفت أنني هنا؟".
هكذا سألته وهي تعرف أن هناك ردا واحدا يستطيع أن يقدّمه وقدّمه بليك أذ قال :
" أخبرني شت ".
" لماذا؟".
خرجت الكلمة المتقطعة بدون شعور وكأنها توجهها الى الصديق الغائب الذي كان قد خان ثقتها.
" لأنني سألته".
" لقد وعدني ألا يخبرك".
كان صوتها مختنقا ضعيفا , أذ أيقنت أنها ضائعة وحيدة تماما في حالتها المضطربة.
منتدى ليلاس
" هكذا أستنتجت ...........".
قال بليك ذلكهجة جافة.
وأشاحت دينا بوجهها لتتنفس وهي ترتجف, وقالت:
" لماذا أضطر الى أخبارك؟".
" أنني زوجك يا دينا , برغم أنك تحاولين نسيان هذا , ولي الحق في أن أعرف مكانك على الأقل".
كان صوته ناعما مثل الفولاذ الصلب المصقول , وكان مظهره هادئا حاسما , ولحظت أن يديه الكبيرتين طويتا في قبضتين الى جانبيه مما يدل على محاولة السيطرة على غضبه , كان يشعر بنوبة غضب عارمة لأن زوجته رتبت لتقابل رجلا آخر ,وشعرت دينا بالخوف ولكنه كان الخوف الذي يثير الشجاعة لتتحداه ,وقالت تتهمه:
" كنت في مكتب شت عندما أتصلت به تلفونيا , أليس كذلك؟".
" نعم , وأستطعت أن أعرف من الذنب البادي على وجهه أنه كان يتكلم معك , وبعد ذلك لم أجد صعوبة في أكتشاف ما يحدث".
" ومن الذي أستطيع أن ألجأ اليه؟ كنت بحاجة اليه".
ومثل سلك ملفوف أنفك فجأة بليك ووضع يديه على الطاولة وكانت ذراعاه جامدتين ,وفي ضوء الشموع الخافت بدت ملامحه أشبه بقناع محفور من الخشب لرمز وثني عنيف قاس مستبد على نحو خطير ! وسألها:
" متى تنزعين من ذهنك الصغير الأعمى هذا , أنك لم تحتاجي اليه أطلاقا ؟".
كان قلبها يخفق خوفا وتنفست في هلع وقالت:
" أنا لا أعرفك ,أنك رجل غريب , وتخيفني يا بليك !".
" معنى هذا أننا نحن الأثنين خائفان لأنني أخاف من نفسي".
وأستقام فجأة وقال بصبر نافذ:
" هيا نخلاج من هنا قبل أن أرتكب شيئا أندم عليه !".
وأزاحت دينا الحذر بعيدا وقالت معترضة:
" لا أريد أن أذهب معك الى أي مكان!".
" أعرف ذلك".
وقبضت يده على ذراعها ليرفعها متغلبا على مقاومتها الضعيفة , وعندما نهضت واقفة ظلت أصابعه تحيط بذراعها حتى تبقى الى جانبه.
وقال بليك يذكرها بمحتويات الكأس التي لم تلمسها على المائدة:
" هل دفعت ثمن الشراب؟".
وأستطاعت أن تقول وهي ترتجف :
" لا , لم أدفع".
وأبتعد عنها وأخرج من جيبه مبلغا وضعه فوق المائدة ومزق الفاتورة , ثم أحاط خصرها بذراعه الفولاذية ليخرج معها من القاعة وهو يتجاهل نظرات الفضول , وفي صمت تام سار معها حتى سيارة البورش البيضاء , وفتح الباب ودفعها لتجلس خلف عجلة القيادة , وبعد ذلك صفق الباب وأتكأ على السيارة وقد بدت الكآبة الشديدة على فمه وقال محذرا:
" أن سيارتي ستكون ملتصقة بمؤخرة سيارتك وتتبعك أيت=نما ذهبت , ولذلك لا تحاولي أن تنعطفي الى أي أتجاه في الطريق الى البيت تا دينا".
منتدى ليلاس
وقبل أن تستطيع دينا أن تتلفظ بأي رد , سار نحو سيارته التي كانت واقفة في الصف التالي من مكان وقوف السيارات , وأدارت دينا سيارتها بحدو وقفزت السيارة وكأنها تبدأ سباقا , وكانت الحركة تدل على التحدي العاجز!".

نيو فراولة 27-08-10 05:05 PM

وتحولت سيارته الى ظل كبير وراء سيارتها طوال الطريق , كان وجودا كريها لم تستطع أن تتخلّص منه حتى أذا حاولت , والواقع أنها لم تحاول , وعندما أوقف سيارتها في مدخل بيت أمه – بينهما – خرجت دينا مسرعة من السيارة وهي تحرص أن تدخل حيث تستطيع أن تستمد من سكان المنزل الآخرين شيئا من الأمان والحماية من بليك , وقبل أن تصل الى الباب لحق بها بليك ووضع يده بشدة على مرفقها حتى تبطىء من سيرها , وقال بصوت هامس :

" أن الحلقة الصغيرة لم تنته بعد , سوف نبحثها في وقت لاحق ".
وأبتلعت دينا رغبتها في تحدّيه , كان من الأفضل أن تظل صامتة وهي قريبة من الأمان , ودخلا المنزل سويا يخفيان حالة الحرب التي بينهما.
وظهرت الأم شاندلر في مدخل غرفة الجلوس , وكانت ترتدي ثوبا جذابا أسود من الشيفون ,وشعرها الفضي الجميل مصففا لتوه على نحو أنيق , وأشرق وجهها بأبتسامة عندما رأتهما ولم تلحظ التوتر بينهما , وصاحت تقول برقة :
" لقد عدتما سويا الى البيت ........ رائع! كنت على وشك أن أقترح على ديدر تأخير العشاء لمدة ساعة , ولكنني سعيدة جدا أذ لم يعد هذا ضروريا , أنني أعرف مدى كراهيتك للحم الذي يزيد نضجه يا بليك".
" كنت دائما تحب قطعة لحمك نصف ناضجة , أليس كذلك يا بليك؟".
هكذا قالت دينا معلّقة , وهي تنظر الى وجهه بعينين متألقتين , وأضافت :
" وكنت دائما أعتبر حبك للحم غير الناضج ميلا بربريا ".
ورد قائلا:
" يبدو أنك كنت على حق , أليس كذلك؟".
ولم يبد على الأم شاندلر أنها تلحظ تبادل الألفاظ المتوترة وهي تدفعهما داخل غرفة الجلوس وتقول لتقطع الصمت الذي خيّم عليهما:
" دعونا نشرب كأسا من الشراب ثم تروي لي كل شيء عن أول يوم لك في العمل يا بليك".
منتدى ليلاس
كان تناول العشاء وتبادل الحديث الرقيق وأخفاء أي سوء تفاهم أشبه بعبء ثقيل , وزاد الأمر سوءا بعد العشاء عندما جلس ثلاثتهم يحتسون قهوتهم في غرفة الجلوس , وكل دقة من السلعة تقرّب اللحظة التي سيحدث فيها النقاش الذي هدد به بليك.
ورن جرس التلفون ,وردّت عليه المشرفة على المنزل في الغرفة الأخرى , وبعد لحظات ظهرت لتقول:
" المكالمة لك يا سيد بليك من شخص أسمه السيد كارل لاندستروم".
ورد قائلا:
" حوّلي المكالمة الى غرفة المكتبة يا ديدر".
وأنتظرت دينا الى أن سمعت باب غرفة المكتبة يغلق ثم قالت للأم شاندبر:
" أنها مكالمة تخص العمل".
كان كارل لانستروم , رئيس قسم الحسابات , وكانت دينا تعرف أن أدبه الأصيل لا يسمح له بأن يتصل تلفونيا بعد ساعات العمل ألا أذا كان الأمر هاما , ثم أضافت:
" من المحتمل أن تستغرق المكالمة وقتا طويلا".
وأرادت أن تتخذ تلك الحقيقة حجّة للهرب وتجلب الكلام معه وقالت لحماتها :
" أرجو أن تخبريه أنني مرهقة جدا وأويت الى الفراش ".
" بالطبع يا عزيزتي".
قالت المرأة الأكبر سنا ذلك وهي تبتسم وتتنهد في أرتياح ,ثم أستطردت قائلة:
" أنه شيء جميل أن يعود الينا ,أليس كذلك؟".
كان سؤالا لا يحتاج الى رد , ولم تقدم دينا أية أجابة وهي تنحني لتقبّل خد حماتها وتقول:
" تصبحين على خير ".
وردّت عليها الأم شاندلر قائلة:
" وأنت بخير".
وصعدت دينا الى غرفتها وخلعت ثيابها وأخذت حماما سريعا .......ثم جففت نفسها ولفت المنشفة الكبيرة حول جسمها وتركت شعرها ينسدل , كانت تريد أن تكون في الفراش وتطفىء الأنوار قبل أن ينتهي بليك من محادثته التلفونية , وأذا كانت حسنة الحظ فأنه لن يحاول أن يزعجها , وبذلك تعرف أنها تؤجل المناقشة فقط ولكن كان هذا كافيا في الوقت الحاضر.
كان قميص نومها ملقى بنظام على السرير وفرشاة الشعر في يدها ولم تكن بحاجة الى أكثر من تمشيط سريع لأطراف شعرها , هكذا قررت وجلست على حافة السرير لتفعل هذا.......
ولم تلن الفرشة تحتها ,وبدت جامدة مثل كرسي من الخشب , وتسمرت دينا في مكانها بلا حراك وهي تجمع المعلومات وتدرك أن الفرشة التي طلبت شراءها لبليك قد وصلت وأن فرشتها قد نقلت ,وقفزت من السرير وكأنها أكتشفت سريرا من الجمر الساخن تحتها ,لا.......لا .. هكذا صاح قلبها , لا يمكن أن تنام معه ...لا يمكن بعد تلك التجربة الأخيرة المهينة ......لا يمكن وغضبه الشديد يعتمل في داخله ويقترب من السطح بعدما حدث اليوم .

dalia cool 27-08-10 08:24 PM

نحن في الانتظار

نيو فراولة 27-08-10 10:05 PM

وأنفتح الباب ودخل بليك , وأنفجر الشيء اوحيد في مقدمة ذهنها , وقالت في ذعر:
" لن أنام معك".
ورفع حاجبه وقال :
" أن النوم أبعد شيء عن ذهني في الوقت الحاضر!".
" لماذا أتيت الى هنا؟".
ولم تستطع أن تفكر في شيء آخر.
وسار بليك الى الكرسي الموضوع بجانب الحائط وأشار الى الكرسي المقابل وقال :
"أجلسي ......لقد أتيت لأنهي مناقشتنا".
" كلا ".
هكذا رفضت دينا أن تبقى في نفس المكان معه , برغم أنه جلس هادئا مسترخيا بينما راحت هي تذرع الغرفة في قلق , وقال:
" أريد أن أعرف لماذا كنت تريدين مقابلة شت؟".
كانت نظرته الخفية ترقبها مليا مثل حيوان يرقب فريسته التي أقتنصها وهي تبدد طاقتها العصبية قبل أن يتحرك ويقتلها.
" كان اللقاء بريئا جدا".
هكذا بدأت مدافعة عن نفسها , وفجأة غيّرت تكتيكاتها وأضافت:
" الواقع أن هذا أمر لا يخصك في شيء".
" أذا كان بريئا جدا كما تزعمين.........".
هكذا قال قال بليك وهو يتعمد أرسال نفس كلماتها ثم أضاف:
" فلماذا أذا لم تخبريني؟".
وردّت قائلة:
" أن الشيء الوحيد الذي يبدو أنك لا تستطيع أن تفهمه أو ترفض أن تفهمه هو أنني أحتاج الى شت , أحتاج الى تهدئته وتفهمه ورقته , ومن المؤكد أنني لا أتلقى ذلك منك".
وردّ بليك بسرعة :
" أذا فتحت عينيك مرة واحدة سترين أنك لا تتلقين ذلك منه أيضا".
منتدى ليلاس
" صحيح!".
كان ردّها الساخر مشوبا بعدم التصديق فقال :
" أن شت لا يهديْ , أنه فقط ينطق الكلمات التي تريدين سماعها ,وهو غير قادر على تقديم فكرة مبتكرة !".
وردّت بصوت مشدود:
" أنني أكره أن أكون صديقة لك يا بليك , أذا كانت هذه هي الطريقة التي تتكلم بها عن الأصدقاء في غيابهم وتمزقهم أربا!".
" لقد عرفت شت قبل أن تعرفيه بفترة طويلة جدا , أنه لا يستطيع البقاء ألا أذا كان مستمتعا بمجد معكوس عليه من شخص آخر , عندما أختفيت نقل ولاءه اليك لأنك كنت تمثلين القوة , أنه طفيلي يا دينا برغم كل سحره ".
وأستمر بليك في تحليله البارد قائلا :
" كان يعيش على قوتك , لقد أقنعك بأن تتولّي أدارة الشركة لأنه كان يعرف أنه لا يستطيع أن يتحمل مسؤولية الأشراف على طفل , فما بالك بشركة كبرى".
وتنفست دينا بعمق وسارت بعيدا عنه وقالت:
" أنك لا تعرف ماذا تقول".
وأمرها بليك قائلا:
" عندما تشاهدينه مرة أخرى حاولي أن تنظري اليه جيدا يا دينا , وأرجو أن تكون لديك قوّة الملاحظة بحيث تعرفين أنك كنت تساعدينه طوال تلك المدة وليس هو الذي كان يساعدك".
وهزت رأسها تنفي بعنف وقالت:
" كلا".
" ليتني بقيت بعيدا شهرين آخرين ,ربما سقطت النظارات الوردية من فوق عينيك عندئذ وأكتشفت الى أي حد كان يعتمد عليك ".
وتوقفت دينا عن خطواتها القلقة ,ووضعت يديها فوق أذنيها حتى لا تسمع الكلمات الكريهة وقالت:
" كيف تستطيع أن تقول تلك الكلمات عنه وتتظل تعتبره صديقك؟".
وأجاب بليك بهدوء:
" أنني أعرف عيوبه وهو صديقي برغم هذه العيوب , ومع ذلك كنت ستتزوجينه بدون أن تدركي أن فيه أي عيب!".
" نعم.... نعم كنت سأتزوجه".
هكذا صاحت دينا وهي ترفع يديها من فوق أذنيها وتستدير لتواجهه :
" ولكن عندما عدت تخلّى عنك بسرعة شديدة حتى أصابك بالدوار".
منتدى ليلاس
وجلس بليك بلا حركة في كرسيه وقالت مدافعة عن شت :
" كان يريد سعادتي ".
ونفى بليك قائلا:
" كلا....... كانت عودتي تعني أنك ستتركين السلطة وأتولى أنا شؤون الأدارة , وشت يريد أن يحافظ على مركزه , لم تكن هناك أية فروسية في سبب فسخ الخطبة , لم يكن يضحي بأي شيء ,بالعكس كان يريد أن يحتفظ بكل شيء!".
وقالت دينا متحدية :
" أذا لماذا ألححت عليه حتى يعترف بأنه سيقابلني اليوم؟".
" أنني لم ألح عليه , لقد شعر بالأرتياح أذ أخبرني".
" أن لديك ردا على كل شيء , أليس كذلك؟".

نيو فراولة 27-08-10 10:31 PM


ورفضت أن تعترف بصدق أية كلمة قالها بليك , وحاولت جاهدة أن تحتفظ بشعور العداء نحوه , فبدون هذا العداء كانت بدون دفاع أمامه , وعبّرت عن أفكارها بصوت مرتفع وقالت شاكية:
" أن الوضع على هذه الحال منذ عدت".
" كنت أعرف عندما أكتشف الجميع عودتي الى الحياة أنها ستكون صدمة , ولم أتصوّرها صدمة سارة".
وتنهد بليك بدعابة ساخرة وأضاف قائلا:
" وفي حالتك كنت مخطئا , كانت صدمة قبيحة ولم تفيقي منها حتى الآن!".
ولمست دينا المرارة الكائنة في نبرة صوته وأحسّت بالذنب , وحاولت أن تشرح الوضع فقالت:
" كيف تصوّرت شعوري؟ كنت سيدة نفسي , وفجأة عدت أنت , وحاولت أن تبتلعني في شخصيتك".
" وكيف تريدين أن أتصرف عندما حرصت على أن تتحديني كل دقيقة منذ عدت!".
كان ردّه سريعا , وقد أثار دفاعها عن نفسها غضبه الشديد , ولكنه لم يلبث أن سيطر على أعصابه وقال :
" يبدو أننا تعثرنا فوق قلب مشكلتنا ,فلنحاول أن نجري نقاشا متحضرا ونجد حلا".
منتدى ليلاس
" متحضرا".
قالت دينا هذا وضحكت بمرارة , ثم أضافت :
" أنك لا تعرف معنى الكلمة , لقد قضيت وقتا طويلا جدا في الأدغال , ولست متحضرا حتى بالطريقة التي تطارحني بها الحب!".
ولاح الشرر في عيني بليك , وأبيضّت العضلات فوق فكه من محاولة السيطرة على أعصابه:
" أنت تلمسين الوتر الحساس كل مرة!".
قال هذا وهبّ واقفا في حركة قوية واحدة , وقفز قلب دينا الى حلقها , كانت قد أثارت حيوانا لا تستطيع السيطرة عليه , وخطت خطوة الى الوراء , ثم أستدارت وأتجهت نحو الباب , ولكن بليك أعترض طريقها وأدارها نحوه , وأحاطها بذراعيه ,وضمّها بقوة الى جسده الطويل.
وسرت لمسته في جسمها وكأنها صدمة كهربائية , ولم تعد تستطيع الحركة , أو أبداء ذرّة من المقاومة عندما عانقها طويلا وبشدة وكأنه يعاقبها! وبدت بلا حياة ولا أنفاس ألا ما أعطاها من غضب.
أن الغضب يحتاج الى وقود حتى يظل مشتعلا , ولم تعطه دينا أي وقود ,وشيئا وشيئا خفف الضغط الوحشي ورفع رأسه قليلا , وفتحت عينيها وحملقت في عينيه القاتمتين المتألقتين وهي تكتم أنفاسها , كانت أنفاسه الدافئة تلفح وجهها وأخذ يتحسس بيده شعرها الذهبي , ويزيحه بعيدا عن خدها , وسـألها بصوت أجش :
" لماذا تكشفين دائما عن أسوأ شيء فيّ؟".
وهمست دينا قائلة :
" لأنني لن أدعك تسيطر عليّ بالطريقة التي تسيطر على أي شخص آخر".
وشعرت برجفة جسمه القوي وأحست بنفس الرجفة في جسمها , وقبّل طرف شعرها ثم قال :
"هل تشعرين بشعور القوة عندما تعرفين أنني أفقد السيطرة على أعصابي معك؟".
وعانقها مرة أخرى وقال :
" أنك الشخص الوحيد الذي يستطيع أن يجعلني أنسى العقل !".
" صحيح؟".
هكذا قالت دينا وقد بدأ الشك في صوتها لأنه بدا مسيطرا تماما على أعصابه في تلك اللحظة , وهي التي كادت تفقد عقلها!
" كان لديّ وقت طويل للتفكير وأنا أحاول أن أشق طريقي وأخرج من جحيم الغابة , وكنت دائما أتذكر مشاجراتنا العنيفة التي تبدأ من أشياء تافهة , وقلت لنفسي أذا نجحت وعدت فأن هذه المشاجرات ستكون شيئا من الماضي , ومع ذلك بعد أن رأيتك بساعات قليلة فقط بدأ كل منا يمسك بتلابيب الآخر !".
" نعم......".
وأومأت دينا برأسها , وكأنها تعتقد أن حركتها محاولة لتهرب منه , ولكن بليك أمسك ذقنها حتى يظل رأسها في مكانه , وأطبق عليها ببطء....... كانت مشاعرها أشبه بشعلة تتوهج وتزداد حرارة شيئا فشيئا , وذابت دينا أمام حرارتها , وسمعت دقات قلبها تدوّي في أذنيها بينما بدأ وهج الشعلة يسري في جسمها .
منتدى ليلاس
وقبل أن تستسلم تماما لرغبتها حاولت أن تتخلص من قبضته , كانت تعرف ماذا يريد هو وماذا تريد هي ولكن كان لا بد أن تنكر ذلك , وقالت:
" كلا يا بليك , لن تفلح محاولاتك بعد المرة الأخيرة!".
وكرر كلماتها :
" المرة الأخيرة؟".
وأبتعد قليلا , وأرتجفت بضعف , ولم تجد القوة لتبتعد عنه , ومضى بليك يقول :
" كنت أكرهك لأنك خطبت لشت , معتقدة أنني مت , وأكره نفسي لأنني لم أستطع أن أتركك بعد أن طلبت مني أن أبتعد ,ولكن هذه المرة مختلفة".
" كلا .......... لا أستطيع".
ومع ذلك أحست بالسعادة من لمسة يديه.

نيو فراولة 27-08-10 10:53 PM

ولم تعتقد دينا أن بليك سيبدي أي أهتمام بمعارضتها , ولم تكن متأكدة من أنها هي نفسها تريد أن يهتم بتلك المعارضة , ثم شعرت بتوتر عضلاته عندما وقف بلا حراك , وأستمر يضمها وكأنه يفكر , هل يستسلم لرغبتها ويتركها أم يتغلب على مقاومتها , وكان من السهل جدا أن يفعل هذا في حالتها المترددة الراهنة!
وبعد ثانية كان يبعدها عنه ويخلص نفسه من أغرائها , وقال في تجهم:
" أذا كان هذا هو ماتريدينه فأنني سأنتظر ".
" أنا...... أنا.........".
ولم يكن هذا هو ما تريده , كادت دينا تقول ذلك ولكنها منعت نفسها وقالت :
" أنني أحتاج الى وقت ".
" لك كل ما تريدين من وقت".
هكذا وافق بليك وهو يبدو هادئا تماما وكأنه وضع قناعا يخفي مشاعره, ثم قال :
"فقط لا تجعليني أنتظر طويلا قبل أن تصلي الى قرار".
"لا".
منتدى ليلاس
لم تكن دينا متأكدة من القرار الذي ستتخذه ,ولا ما الذي تريد أن تختاره!
وضمت المنشفة الكبيرة حول جسمها حتى تخفي عن بليك جسمها وأبتعد عنها وهو يعبث بأصابعه في شعره الغزير الداكن.
وقال وقد بدا عليه الضيق:
" أذهبي الى الفراش يا دينا , لأنني أريد أن أجري بعض المكالمات التلفونية".
وتحوّلت نظرتها الى السرير والغطاء الذي يخفي الفرشة الصلبة , وقالت:
" أن الفرشة التي طلبت من ديدر أحضارها لك وصلت اليوم وقد وضعتها هنا . أنا.... أنا سوف أنام في غرفة الضيوف".
ورمقها بليك بنظرة من وراء كتفه وقال :
"كلا , سوف تنامين معي".
ولم تبد دينا الأعتراض البديهي بالنسبة الى هذا الطلب , ولكنها قالت فقط :
" أن النوم على ذلك السرير أشبه بالنوم فوق حجر !".
ومط فمه بسخرية ماكرة وقال :
" أذا أستعملنا جملة قديمة يا دينا أقول أنك صنعت سريرك ويجب أن ترقدي فيه الآن!".
قالت وهي ترفع ذقنها في عناد:
" لن أفعل!".
ورمقها بنظرة طويلة لم تستطع أن تصمد أمامها وقال:
" هل أطلب الكثير عندما أقول أنني أريد من زوجتي أن تنام الى جواري؟".
وأشاحت برأسها وأغمضت عينيها لتتمتم بهدوء:
" لا , ليس هذا بالكثير!".
وكان الصوت التالي الذي سمعته هو صوت فتح الباب , وألتفتت عندما غادر بليك الغرفة , وحملقت في الباب المغلق الذي حبسها في الداخل , وتساءلت , ترى هل أخطأت عندما رضخت لرغبته؟
وسارت نحو السرير وضغطت بيدها فوق الفرشة لتختبر مدى صلابتها , كانت لا تلين أبدا تحت ثقلها , ستكون مختلفة تماما عن الفرشة اللينة التي تعوّدت أن تنام فوقها , ولكن رفيق فراشها كان رجلا مختلفا تماما عن الرجل المتحضر الذي تزوجته , وتساءلت دينا .....ترى أيهما ستعتاده أولا؟ السرير الصلب أم الرجل الصلب؟
منتدى ليلاس
وأرتدت قميص نومها , وزحفت تحت الأغطية , وعبثا حاولت أن تكيّف نفسها مع صلابتها , ولكنها لم تنجح , ولم تستطع النوم بالطبع وهي تتقلب وتغيّر أوضاعها فوق السطح الجامد تحاول أن تجد وضعا مريحا , وبعد حوال ساعتين كانت لا تزال مستيقظة , ولكنها أغمضت عينيها لتتظاهر بالنوم عندما سمعت بليك يفتح الباب , كان من الصعب عليها أن تنظم تنفسها وهي تنصت الى ترتيباته الهادئة , وبقيت بلا حراك في نهاية السرير عندما صعد ورقد الى جانبها بدون أن يلمسها! ولكنه كان قريبا على نحو يجعلها تشعر بحرارة جسمه , وتقلب بليك عدّة مرات قبل أن يستقر على نحو يجعلها تشعر بحرارة جسمه , وبعد دقائق قليلة سمعته يتنفس بعمق وقد أستغرق في النوم , وتنهّدت وهي تتخيّل ساعات طويلة قبل أن تستغرق مثله في النوم!

نيو فراولة 27-08-10 11:44 PM

7- بذور الشك

كانت يده تربت برقة على أعلى ذراعها ,ولمسته مهدئة على نحو يبعث السعادة , ثم أطبق أصابعه حول ذراعها وهزّها بلطف وقال آمرا:
" هيا يا دينا ..... أستيقظي ".
وأنطلقت أنة من حلقها وهي تتكوّر أكثر في وسدتها , ولكنها لم تكن وسادة كان هناك نبض منتظم تحت رأسها , كلا......لم تكن وسادة , أنها راقدة بين ذراعي بليك , وقد أستقر رأسها على صدره , وأستطاعت أن تشعر بشعر جسمه المجعد يدغدغ خدها وأنفها.
في وقت ما من الليل كانت قد تركت صلابة الفرشة لتتكوّر قريبا من صلابة جسمه الدافىء , وأتسعت عيناها دهشة من الألفة التي نتجت عن النوم , حاولت دينا أن تبتعد عنه ولكن ذراعه حولها شدّت من قبضتها لتظل في مكانها لحظات قليلة أخرى , ورفع ذقنها بأصبع خشن حتى تنظر اليه , وخفق قلبها من الدفء الكسول في الوجه الخشن , وتمتم بليك قائلا :
" كنت قد نسيت طعم النوم مع أخطبوط , عندما تمتد الأذرع والأرجل في كل مان".
منتدى ليلاس
وشعرت دينا بحرارة من وضعها الغريب من بليك , كان النوم قد خدّر ردود فعلها , وعندما لمس بأبهامه شفتيها وتابع حدودهما كانت دينا بطيئة جدا وهي تحاول أبعاده , وعندما أحست بلمس أصبعه لأول مرة فقد ت الرغبة في الهروب منه , وأخذ أصبعه بجلده الخشن يستكشف كل ثنية من فمها , وأصبح من الصعب عليها جدا أن تتنفس وخاصة عندما كانت نظرته تستوعب كل حركة مر حركاتها بأهتمام يثير الأضطراب , كانت دينا وهي في مكانها تضع أحدى يديها على عضلات صدره الصلبة وتخشى أن تتحرك , وشعرت وسمعت سرعة خفقان قلبه , ولم تكن دقات قلبها أبطأ , وضمها اليه بقوة وتدفق الدم في قلبها , ألتهبت حواسها وجعلتها تستجيب لعناقه , وملأت رائحته الدافئة كل حوايها وخدرت ذهنها , وعندما أبتعد عنها وضعت يدها حول عنقه لتعيده ,وبدت السعادة في بريق عينيه الداكنتين لأنه أستطاع أخيرا أن يثيرها , وأخذ ينظر الى جسمها في قميص النوم القصير ....... وأمام نظراته المفعمة بالرغبة السافرة فقدت دينا أعصابها لدرجة أنها لم تستطع أن تسمح له بأن يظل يحملق فيها , ومرة أخرى أنتابها الشعور بأن عيني رجل غريب تنظران اليها لا عينان زوجها! وأطلقت دينا شهقة وحاولت أن تبتعد عنه ولكن بليك أحبط محاولتها وأرغمها على البقاء حيث كانت راقدة فوق الفرشة الصلبة التي كانت قد أحدثت كدمات في عضلاتها وعظامها.
وقال بليك في صوت أجش مفعم بالرغبة :
" كلا يا دينا ..... أنني أريد أن أنظر اليك , لقد تصورتك هكذا عدة مرات........ لا تلوميني أذا أردت أن أتذوق متعة هذه اللحظة .....في هذه المرة لن تبعد صورتك صرخة طائر في الأدغال , أنك لي يا دينا.......لي أنا".
وضغط على الكلمات الأخيرة بشدة بينما أنحنى رأسه وتغلبت العاطفة المتأججة على محاولتها القصيرة في المقاومة , ونسيت دينا غرابة ذراعيه ,وصلابة الفرشة التي مثل الصخرة تحتها , نسيت كل شيء ألا أنها بين ذراعيه , وأستكانت دينا ووضعت رأسها على صدره وأغمضت عينيها , وأدركت أنها أقتربت جدا من أكتشاف حبها لبليك ثانية ,وكان نور الحب يتألق في الأعماق البعيدة من قلبها , وأنتقل بليك الى شعرها ........ وتمتم قائلا:
" كنت قد نسيت كم أنت فتاة مثيرة صغيرة".
وفجأة هبطت كلماته بالعاطفة الى مستوى حسي , فجأة أصبح الحب رغبة ........ وأضاف:
" لقد أستمتعت .....عفوا ......لقد أستمتعت بك".
وعاد النور يضيء قلبها!
وأحمر وجه دينا وتخلصت من ذراعيه ولم يحاول أن يمنعها , وأثارت الحركة أنّة ألم في الحال , كانت كل عظمة وكل جزء في جسمها يؤلمها ويذكرها بالليلة التي قضتها في السرير الصلب مثل الصخر! وأرادت دينا أن تغير الموضوع فسألته:
"كيف تحتمل النوم على هذا السرير ؟ أنه فظيع".
" سوف تعتادين النوم عليه".
منتدى ليلاس
وعندما تكلم بليك أدركت دينا أنه قد قفز من السرير بدون صوت بينما كانت تستكشف أوجاعها وآلامها , وألتفتت اليه وهو يرتدي بنطلون بيجامته الحريرية , وعندما شعر بليك بعينيها ترقبانه ألتفت وقال:
" أنني أرتدي البيجاما هذا الصباح من أجل ديدر وخجلها!".
وأبتسمت دينا وسألته:
" كم الساعة الآن؟".
أجابها وهو يحك الشعر الذي نبت في ذقنه.
" الساعة السابعة".
" لقد تأخرنا".
ونسيت آلامها لحظة وبدأت تنهض وقد أستولت عليها فكرة واحدة وهي أنها ستتأخر في الذهاب الى المكتب , ألا أذا أسرعت , ثم تذكرت أنه لم يعد هناك أي سبب لتذهب الى المكتب ,وغاصت في السرير ثانية وقد أجتاحها القلق والأضطراب.
وسألت نفسها بصوت مرتفع :
" لماذا أستيقظ؟ لقد أستغرقت وقتا طويلا جدا حتى نمت الليلة الماضية , لما لم تتركني أنام؟".
لو أنه تركها لما مرت بكل هذا الأرتباك والشكوك حوله وحول نفسها.

نيو فراولة 28-08-10 12:01 AM

ورد بليك بثبات :
" ستتأخرين عن العمل".
وغطت المرارة لسانها وقالت:
" وهل نسيت؟ لقد أعتزلت العمل , أنني ربة بيت الآن وسيدة فراغ!".
ورمقها بنظرة حادة وقال:
" صحيح ؟ أن رئيسك لا يعتقد هذا؟".
وقالت دينا بضحكة ساخرة:
" أي رئيس؟ أنك زوجي فقط".
" هل معنى هذا أنك ترفضين العرض؟".
" ماذا؟ هل لك أن تتوقف عن الكلام بالألغاز!".
" لو لم تكوني متغطرسة وعنيدة صباح أمس وحضرت الأجتماع الذي طلبت منك حضوره لعرفت ماذا أعني".
وضغطت بيدها على جبينها وقد شعرت بالتوتر والأرق ينبضان بين عينيها , ثم قالت:
" أنني لم أحضر الأجتماع .....ربما تستطيع أن تشرح لي".
وشرح قائلا:
" أننا نبدأ حملة جديدة لتحسين صورة سلسلة فنادق شاندلر , ولا نستطيع أطلاقا أن نتنافس مع الشركات الأكبر على أساس واسع النطاق خاصة أن معظم فنادقنا توجد في مناطق الأستراحات التي تزدحم بالسكان ,وسوف نستغل تلك الحقيقة لصالحنا , ومن الآن فصاعدا عندما يفكر الناس في فنادق للأستراحة ستكون هذه مرادفة لفنادق شاندلر".
منتدى ليلاس
وقالت دينا معترفة:
" أنها فكرة سليمة , ولكن ما شأن هذا بي؟".
" سوف تكونين مسؤولة عن الحملة".
" ماذا؟".
ونهضت واقفة بعد أعلان بليك الهادىء ,وقد بدا الشك وعدم التصديق في النظرة التي وجهتها اليه ,وأضافت:
" هل هذه دعابة قاسية؟".
وقوّس حاجبا داكنا بغطرسة , وأقترب من السرير حيث وقفت وقال:
" أبدا , لقد قدّمت الأقتراح الى بقية المسؤولين أمس مع توصيتي بأن تتولّى أنت أدارة الحملة ".
كانت تريد أن يكون هناك دافع آخر وراء العرض , قد يعني الأعتراف بشيء آخر.
" أنني أعترف أن أختياري لك بأن تقودي الحملة , كان بتأثير نوبة الغضب التي أنتابتك في المكتب صباح أمس , عندما أكتشفت أنني سأتولى رئاسة الشركة ".
كانت نظرته ثابتة لا يبدو عليها شيء من الذنب , وأضاف:
" ولكن تستطيعين أن تتأكدي يا دينا أنني ما كنت لأقترح أسمك للآخرين لو لم أعتقد أن في وسعك القيام بالمهمة , وتستطيعين أن تضعي أي تفسير تريدينه لذلك!".
وصدّقته دينا , كان أخلاصه واضحا وصريحا لا يثير أي شك وخاصة عندما أعترف بالجدال الذي حدث بينهما قبل ذلك , وأدهشها أنه لان الى هذا الحد وجعلها مسؤولة عن شيء يمكن أن يكون هاما جدا للشركة , صحيح أنها ستكون موظفة عنده , ولكنها ستستطيع أيضا أن تتخذ قراراتها بنفسها , وسألته وهي تقطب جبينها:
" لماذا لم تخبرني بذلك في الليلة الماضية؟ كنت قد أتخذت قرارك بالفعل ,وقلت منذ لحظة أنك أخبرت الموظفين أمس....... لماذا أنتظرت حتى الآن لتخبرني ؟".
وتفرّس بليك في وجهها مليّا وقال:
" كنت سأخبرك في الليلة الماضية بعد أن أنتهينا من حديثنا , ولكن الظروف جعلتني أغيّر رأيي وقررت أن أنتظر".
وسألت دينا في أصرار وهي لا تتابع منطقة:
" أية ظروف؟".
"بصراحة كنت أعتقد أنك لو عرفت في الليلة الماضية فأنك قد تقبلين أن أطارحك الحب لمجرد الشكر والأمتنان ".
هكذا رد بليك بدون أن تبدو ذرة أنفعال على وجهه الجامد , وبدا الشرر في عينيها وقالت في غضب:
" كنت تعتقد أنني سأكون شاكرة لدرجة......".
" كان هذا أحتمالا".

عاشقة سوداء القلب 28-08-10 12:59 AM

يسلموا ع المجهود حبيبتى

نيو فراولة 28-08-10 12:14 PM

وأعمى الغضب بصر دينا لدرجة أنها لم تستطع الرؤية جيدا , ولكن هذا لم يؤثر على غرضها أذ صفعت خده الصلب بكفها المفتوح ! ودخل بليك الحمام بينما تحولت العلامة البيضاء الى لون قرمزي , وراقبته دينا وهي ترتجف من حدة غضبها ! وعندما تبدد غضبها بقي سؤال يلح عليها , وهو ......... لو أنه لم يبد هذه الملاحظة المهينة هل كانت ستظل غاضبة منه؟ أم أن هذه كانت ستعتبر أول خطوة نحو وضع أساس لزواجهما من جديد؟ بعد أن أعترف بليك بأن لديها الموهبة والقدرة لتكون أكثر من مجرد ربة بيت بسيطة ؟ ولم تستطع أن تصل الى جواب.
وحول مائدة الأفطار , كان حديثهما مؤدبا باردا .
" أرجو أن تعطيني العصير ".
" هل تسمح لي بالمربى؟".
لقد زالت حالة العاطفة المشوبة بالخجل التي كانا قد أستيقظا عليها ذلك الصباح , حطّمها شك كل منهما في الآخر , وعندما أنتهيا من تناول الأفطار وضع بليك فنجانه على المائدة وقال:
" تستطيعين أن تركبي السيارة معي الى المكتب هذا الصباح".
" أنني أفضل أن أركب سيارتي الخاصة ".
" أن ركوب كل واحد سيارته الخاصة شيء غير عملي".
" أذا أضطررت أن تتأخر في المكتب لن أجد سيارة أعود بهاالى البيت ".
"أذا حدث ذلك يمكن أن تأخذي السيارة وأستطيع أنا أن أعود بسيارة تاكسي ".
هكذا قال , و كان وجهه باردا
متغطرسا , وأيقنت دينا أن بليك سيجد ردا لكا حجة تقدمها ,فأستسلمت أخيرا وقالت بقلة ذوق :
" حسنا جدا , سوف أركب معك".
منتديات ليلاس
كان أزدحام مرور الصباح في نيوبورت يبدو أشد من المعتاد........ والمسافة الى المكتب أكبر , والوقت يمر أبطأ , والجو الجليدي بين الأثتين أبرد , وتبعت دينا بليك من مكان وقوف السيارات حتى مكتبه وهي تشعر بأنها كلبة صغيرة مربوطة بحبل , وهناك جلست وأستمعت بأهتمام الى أقتراحات معينة من بليك والمظفون قدموها بشأن الحملة , كانت خطة بعيدة المدى تعمل على تجديد ديكو بعض الفنادق حتى تتناسب مع صورتها الجديدة كأستراحة.
وعند تلك النقطة لم تستطع دينا ألا أن تعلق بطريقة عابرة :
" يدهشني أن عملي لم يقتصر على تلك المهمة , فالديكور من أعمال المرأة أليس كذلك؟".
ورمقها بليك بنظرة باردة أحرقتها مثل سكين بارد , وقال:
" هل تريدين مناقشة هذا البرنامج بتعقل؟ أم تريدين أن تدخلي فيه مشاكلنا الشخصية ؟ لأنه أذا كان الأمر كذلك فأنني سأجد شخصا آخر يقوم بالعمل؟".
وأرادت كبرياؤها أن تخبره بأن يجد ذلك الشخص ولكن الحكمة أوحت اليها بأنها ستكون الخاسرة في النهاية أذا فعلت ذلك , كان المشروع يبدو تحديا , ودينا تشعر بالمتعة من ذلك , وأستطاعت أن تتغاضى عن كبريائها وقالت وهي تهز كتفيها:
" آسفة , لقد أفلتت مني هذه الملاحظة , أستمر".
ومرت لحظة صمت وقيّم بليك كلماتها قبل أن يستمر ,وعندما أتهى أعطاها نسخة من الملاحظات عن أجتماع الموظفين وميزانية أحتياطية , وألقت دينا نظرة عليها ثم سألته:
" أين سأعمل؟".
" سوف أصحبك الى مكتبك الجديد".
وتبعته وهو يخرج من المكتب , ثم سارت بجانبه في الردهة الطويلة حتى وصلا الى نهايتها , وفتح بليك الباب الأخير وقال :
" ها هو".
كان المكتب المعدني والكرسي والرفوف تكاد تملأ الغرفة , أن ثلاث غرف من هذا الحجم يمكن أن توضع في غرفة بليك ,هكذا أدركت دينا , ولم يكن هذا كل شيء , كانت الغرفة مقتطعة من الغرف الأخرى للموظفين , وفي نهاية الردهة , ومعزولة , ويمكن أن تموت فيها ولا يحس أحد بها , هكذا فكرت .
ولمح بليك الشرر يتطاير من عينيها الزرقاوين وقال مفسرا :
" هذه هي الغرفة الوحيدة التي أمكن أعدادها في وقت قصير".
وردّت في تجهم:
" صحيح؟".
وردّ بتحد:
"نعم , ألا أذا فكرت أنه يتعين علي أن أنقل أحد كبار المسؤولين من غرفته أو غرفتها لأعطيك أياها".
كانت دينا تعرف أن هذا وضع غير منطقي ويثير الفوضى بنقل الملفات , وقد يظل مكانها الجديد غير معروف لعدة أيام , ومع ذلك شعرت بالضيق من حجم وموقع مكتبها الجديد , بصرف النظر عن مدى قبولها لهذا الأختيار العملي , لم تكن في حاجة الى الشكوى طالما أن بليك عرف شعورها .
منتديات ليلاس
ونظرت الى سطح المكتب الخالي وقالت:
" لا يوجد تلفون".
" أن الترتيبات تعدّ لتركيب جهاز تلفون اليوم".
" رائع".
قالت ذلك وهي تدخل الغرفة وتعرف أن بليك ما زال واقفا في مدخل الباب , وقال بنبرة باردة:
" أذا كان لديك أية أسئلة.......".
" أشك في أنني سأسأل".
كانت نيران غضبها تبرق في زرقة عينيها الصافية ,وضاقت نظرته وتصلب وجهه , وقال:
" يمكن أن أستبدلك يا دينا !".
وردت بصوت أشبه بمواء القطة:
" على نحو دائم؟".

نيو فراولة 28-08-10 03:23 PM

وتصوّرت لحظة أنه قد يتصرف معها بعنف , ولكنه بدلا من ذلك سيطر على أعصابه وأستدار لينصرف , وشعرت بقلبها يتمزق وهو يخرج , وتساءلت دينا.......ترى هل هي تعاديه عن عمد أم أنها ترد فقط على محاولة السيطرة عليها؟
وأزاحت جانبا من السؤال الذي لم يجد جوابا , وبدأت تعمل فأخذت مذكرة بالأشياء الموجودة وحسبت الأشياء التي تحتاج اليها , وبعد أ حصلت على البنود المطلوبة من غرفة المعدات بدأت تعد قائمة معلومات ستحتاج اليها قبل وضع خطة عمل للحملة الأعلانية.
وعندما سمعت صوت وقع أقدام تقترب من نهاية الردهة رفعت عينيها عن القائمة المتزايدة , كانت قد تركت باب مكتبها مفتوحا لتخفف من شعورها بالخوف من العزلة في غرفتها , وراقبت مدخل الباب وقد أنتابها شيء من االفضول ......ترى من القادم ولأي سبب؟
وظهر شت ووقف في مدخل الباب وقد بدا بريق في عينيه الزرقاوين الرماديتين , ووضع أحدى ذراعي خلف ظهره وأبتسم قائلا:
"مرحبا".
منتديات ليلاس
وسألته دينا وهي تمط شفتيها ساخرة:
" هل ضللت الطريق أم أنك تزور الأحياء الفقيرة؟".
وقهقه ضاحكا ثم قال :
" لقد بدأت أفكر أنه لا بد من أن أقف وأسأل عن الطريق قبل أن أجدك ؟".
" من المؤكد أنني لن أنزعج من أشخاص يتوقفون ويثرثرون معي وهم في طريقهم الى مكان آخر أن هذا هو نهاية الخط.
قالت ذلك وهي تنظر حولها في الغرفة الصغيرة بنظرة ساخرة ثم أضافت:
" وهذا يدفعني الى السؤال البديهي التالي".
ورد شت بدلا عنها فقال:
" وهو ماذا أفعل هنا؟ الواقع عندما سمعت أنك نفيت الى أقصى طرف من المبنى قلت ربما تحبين فنجانا من القهوة الساخنة".
وتحرّكت الذراع التي كانت خلف ظهره الى الأمام لتكشف عن فنجاني القهوة الذين أمسك بهما بيد واحدة , وأضاف:
" على الأقل أرجو أن تكون ما زالت ساخنة , فبعد كل تلك المسافة الطويلة قد تكون باردة".
" ساخنة أو فاترة , أنها رائعة".
وأبتعدت دينا عن المكتب لتتكىء في أسترخاء على ظهر كرسيها الصلب وأضافت:
" سوف أحبك الى الأبد لأنك فكرت في هذا!".
كانت قد ألقت بالملاحظة بدون أن تفكر فيما تقوله , ولكنها تذكرت عندما لمحت نظرة أستياء على وجه شت , وأحنى رأسه وهو يدخل الغرفة حتى لا يلقي بنظرتها وقال :
" أعتقد أن هذا يؤدي بي الى السبب الثاني الذي حضرت من أجله الى هنا".
" تقصد بالنسبة الى عدم مقابلتي أمس وأرسال بليك بدلا منك؟".
" نعم".
ووضع شت الفناجين فوق المكتب وأستطرد قائلا:
" آسف لما حدث , أعرف أنك تريدين أخبار بليك ولم أكن لأخبره , لكنه كان في مكتبي عندما أتصلت بي , وقد عرف مع من كنت أتحدث ".
" هكذا قال.....".
تمتمت دينا , ولم تكن تريد في الواقع أن تتحدث في الموضوع نظرا للنقاش الذي دار بينها وبين بليك الليلة الماضية حول شت .
" بليك لم يفرض شروطا ولم يمنعني من الذهاب أو أي شيء".
وتنفست في شك وقالت:
" لم يفعل؟".
وقال شت مفسرا :
" لا , سألني أذا كان صوتك مضطربا وعندما قلت نعم , أعترف أنكما واجهتما بعض الخلافات , وأعتقد أنه من الأفضل ألا أتدخل فلم يكن يريدني أن أكون في وضع يفرض عليّ أن أقف الى جانب طرف واحد , لأنني صديق الطرفين ".
صديق! هكذا فكرت دينا , منذ أيام قليلة كان شت خطيبها وليس صديقها ....... ولكنه بدا شديد الأسف لأنه خذلها أمس بحيث لم تستطع أن تضع مزيدا من الذنب فوق رأسه المنحني ! وبدلا من ذلك منحته مخرجا سهلا أذ قالت :
" كان بليك على حق , فليس من العدل أن نضعك وسط خلافاتنا , وكان بوسعي أن أدرك هذا لولا أنني كنت مضطربة جدا......... على كل حال لا يهم الآن ".
منتديات ليلاس
وهزّت كتفيها وأستطردت قائلة:
" لقد سارت الأمور الى الأفضل".
كانت هذه كذبة بيضاء أذ كانت الأمور تسير الى الأفضل حتى حدثت المشاجرة بينهما ذلك الصباح ".
وأبتسم شت بأرتياح وقال:
" كنت أعرف أن هذا سيحدث , كما أنني لم أدهش عندما سمعت بليك يعترف أنكما بدأتما بداية عنيفة".
وسألته:
"لماذا تقول ذلك ؟".
" كان كل واحد منكما يختبر الآخر ليعرف أيكما الأقوى , ويبدو أنك لاتزالين الأقوى!".
" أيّنا الأقوى في رأيك ؟".
هكذا سألته دينا وضحك ضحكة مصحوبة بهزة غامضة من رأسه وقال:
" أوه.....لا أعرف...... ولائي لجنسي يجعلني أقول أنه بليك لكنني أخشى أن أكون قد أنقصت من قدرك".

نيو فراولة 28-08-10 04:15 PM

وأدركت دينا أن شت لم يكن متحيزا لأي طرف بتعبير آخر , كان سينتظر حتى يظهر الفائز بوضوح , أما في الوقت الحاضر فأنه يحاول أن يتقرب لكل منهما .
وحين خطرت الفكرة الأخيرة على بالها , عرفت دينا أنها تأثرت بتعليق بليك وقوله أن شت يقف دائما الى جانب الشخص القوي ولكنها صرفت الفكرة في الحال وأعتبرتها حقيرة لا يستحقها شخص في وفاء شت.
ورمقت فنجان القهوة ثم قالت:
" ولدت دبلومسيا يا شت , لا عجب أنك سند كبير لهذه الشركة".
وقال في تواضع:
" هكذا أحاول أن أكون.......".
ثم لمس فنجانه بفنجانها وقال:
" فلنشرب نخب الحملة الجديدة !".
لم تكن القهوة ساخنة تماما , أخذت دينا رشفة كبيرة منها وعندما سمعت شت يذكر المشروع الجديد نظرت الى المذكرات والأوراق واللوائح المفرودة فوق مكتبها .
" سيكون مشروعا ضخما ".
قالت هذا وأخذت نفسا عميقا مدركة ضخامة التغيير في صورة سلسلة فنادق شاندلر , وأضافت:
" ولكنني أشعر بأنها فكرة سليمة وسوف تكون ناجحة جدا".
" هذا هو السبب الثالث لكوني هنا!".
وبدت الدهشة على وجهها , وأستدارت عيناها الزرقاوان وبرقت بالتساؤل وقالت:
" ترى هل أغضبت بليك لدرجة أنه قرر أبعادها عن الحملة ؟ لماذا لم تمسك لسانها ؟ هكذا فكرت , وشعرت بلغضب من الطريقة التي ظلت تثيره بها , وقال :
" أن بليك يريدني أن أعمل معك في المشروع الجديد".
ولكن شعورها بالأرتياح لأن بليك لم يبعدها لم يدم طويلا وقالت :
" ألا يعتقد أنني قادرة على القيام به وحدي؟".
منتديات ليلاس
وبدا عليها الغضب من ذلك الشك في قدرتها , وقال شت وهو يهدئها :
" لو لم يكن متأكدا من مقدرتك لما كنت هنا ,ولكن أنت نفسك أعترفت بأنه سيكون مشروعا ضخما ,وسوف تحتاجين الى بعض المساعدة , وقد أختارني لأساعدك , هذا الى جانب أن بليك يعرف أننا عملنا معا أثناء غيابه وقمنا بعملنا على أكمل وجه".
وسكتت دينا قليلا وأرغمت نفسها على فهم منطق كلام شت , ولكنها لم تكن متأكدة من أن الفكرة راقت لها , كان هناك أحتمال بأن بليك قد عيّن شت ليكون كلب الحراسة لها , وأن شت سيذهب جريا الى بليك في اللحظة التي ترتكب فيها خطأ! لم تكن تشك فقط في دوافع بليك ولكنها كانت تشك أيضا في شخصية شت , وفكرت........... لعنة الله على بليك أذ جعلها تشك في شت!
وأخذ شت رشفة كبيرة من قهوته , ثم وضع الفنجان جانبا وقال:
" أين سنبدأ؟".
وأعادت دينا أهتمامها الى المشروع وقالت:
" كنت أعد بعض القوائم".
وراجعت القوائم مع شت وتناقشت معه في نقاط مختلفة , وبرغم أن دينا كانت لا تزال تشك في أغراض بليك بالنسبة الى مساعدة شت لها ,ألا أنها قبلت الوضع كما هو حتى تستطيع أن تثبت العكس , وبعد ساعة غادر شت مكتبها الصغير ومعه قائمة ضخمة أعدها بنفسه لينفذها , وقضت دنا الجزء الأكبر من اليوم في تنظيم المشروع ,ولم تكن المهمة في حد ذاتها سهلة , وعند الساعة الخامسة كانت تراجع القائمة الرئيسية الثانية , وتكتب ملاحظات في الهامش عندما تخطر أفكار جديدة على ذهنها.
" هل أنت مستعدة؟".
هكذا أنطلق صوت بليك من مدخل الباب المفتوح.
ورفعت رأسها عندما سمعت الصوت , وشوشت عدسات نظارتها صورته فرأت ملامح وجهه الخشنة ناعمة , وكادت دينا تبتسم أبتسامة ترحيب ولكن حدّة سؤاله الآمر دوّت في ذهنها , وأفاقت من الشعور القصير بالسعادة ومرة أخرى أحنت دينا رأسها فوق الأوراق , وعدلت نظارتها فوق أنفها وقالت :
" سأكون مستعدة بعد دقائق قليلة".
ودخل بليك وكان ضيقه بالأنتظار يشحن الجو بالتوتر , وجلس أمام مكتبها , وأحست دينا بأنه يتفحصها , ويتفحص عملها , وقال:
" منذ متى تضعين نظارات طبية؟".
منتديات ليلاس
وتذكّرت أنه لم يكن قد رآها تضع النظارت.
وقالت:
" بدأت أضعها منذ حوالي عام".
" هل تحتاجينها؟".
وردّت بسرعة :
" يا له من سؤال مضحك , بالطبع أحتاجها".
وقال بليك معارضا بتهكم جاف:
" أنه ليس مضحكا جدا , أن النظارات تعطيك مظهر المرأة العاملة الحاسمة التي أدرات ظهرها لواجباتها العائلية".
كان تعليقا مثيرا , وفضّلت دينا ألا تنساق للأثارة وقالت:
" كان يتعين عليّ أن أقوم بقدر كبير من القراءة حتى أحدث هذا توترا في عيني , وبعد أن أصبت بصداع عدة مرات نحيت غروري جانبا وبدأت أستعمل نظارات عندما أقرأ , وهي لا صلة لها بصورتي! ".
كانت تكذب , لأن أطار النظارات كان يوحي بأنها أختارته وهي تفكر في صورتها!

نيو فراولة 28-08-10 04:41 PM


وغاظها ببرود قائلا:
" أذا تعترفين أن لك صورة!".
ولم تعد تستطيع الركيز على العمل الذي أمامها .... كان كل أهتمامها موجها الى هذه المعركة الكلامية معه , وخلعت نظارتها ودستها في كيسها الجلدي , ووضعت المذكرات جانبا , ونظفت سطح المكتب , وعندما نهضت لتأخذ معطفها قال بليك بصوت هادىء على نحو خطير:
" لم تردي على سؤالي!".
" لم أدرك أن تعليقك كان سؤالا!".
وأخذت كيس نقودها من الدرج الأسفل للمكتب , بدون أن تدري أغلقته بعنف لتنفس عن بعض الغضب الذي حبسته.
" هل ترين نفسك بهذه الصورة يا دينا ...... أمرأة عاملة تدور حياتها حول عملها ولا يتسع وقتها لزوج؟".
في هذه المرة وضع بليك كلامه في صيغة سؤال , كانت الغرفة صغيرة جدا بحيث أنه سد طريقها عندما وقف , وواجهته وقد بدأت أعصابها ترتجف من قربه , وقالت:
" هذا غير صحيح".
" لا ؟".
ورفع حاجبه بثقة في تحد وعدم تصديق.
وسخرت منه بثقة في النفس وتحد وقالت :
" هل نسيت؟ كنت سأتزوج شت , لا بد أنني شعرت أن في حياتي مكانا لزوج !".
منتديات ليلاس
وقال بليك:
" أنا زوجك!".
" أنني لا أعرفك".
ونظرت دينا الى كل مكان ألا الى هاتين العينين القاتمتين الغامضتين:
" لقد عرفتني معرفة كافية هذا الصباح , عرفتني كما تعرف الزوجة زوجها".
هكذا قال بليك متعمدا أن يذكرها.
" كانت غلطة هذا الصباح!".
مرت بجانبه لتهرب الى الردهة ولكنه قبض على ذراعها وأدارها نحوه وسألها:
" لماذا كانت غلطة؟".
" لأنني تركت نفسي أستمع لكل كلامي عن ليالي الوحدة الطويلة , وبدأت أشعر بالعطف عليك , هذا هو السبب.
وزمّ فمه حتى أصبح خطا قاسيا كله وحشية وكبرياء ,وقال غاضبا:
" أن العطف هو آخر شيء أريده منك".
" أذ لا تطلب مني لملمة شمل حياتنا , لقد تغير كل شيء , أنني لا أعرفك ... بليك شاندلر الذي قضى أكثر من عامين في الأدغال يعتبر غريبا لي , ربما أضطررت الى أن تعيش كحيوان ولكن لا تطلب مني أن أصبح قرينتك , أنني أكثر من مجرد شيء تشبع به رغبتك!".
كانت الكلمات تنطلق بسرعة , وكانت كل كلمة تجعل ملامحه أعنف وأصلب حتى لو لم يبق منها شيء لطيف أو رقيق.
ودفعها بليك نحو الباب وقال:
" هيا نذهب قبل أن تدفعيني الى أن أثبت أنك على حق!".
وأدركت دينا أنها قد أيقظت نمرا نائما له شهية شرسة , وأطاعته بهدوء ,وطوال رحلة العودى الى منزل أمه ظلت صامتة ,ولم تفعل شيئا يشد الأهتمام اليها , وتجاهلها بليك ولم ينظر اليها مرة واحدة , كانت الحرب الباردة قد تفجرت لفترة قصيرة وتحولت الى معركة ساخنة ولكن الجو أصبح باردا مرة أخرى.
وبعد دقائق من دخول المنزل أختفى بليك داخل غرفة المكتبة ووجدت دينا نفسها وحيدة في غرفة الجلوس مع حماتها تستمع الى آخر القيل والقال الذي ألتقطته نورما شاندلر في أجتماع بعد الظهر في النادي.
قالت المرأة بأبتسامة مشرقة:
" بالطبع كان كل واحد حريصا على معرفة أخبار بليك بالتفصيل عن مغامراته في الأدغال , حتى ظننت أنهم لن يتركوني أعود الى المنزل , وأخيرا كان لا بد أن أخبرهم أنه يتعين عليّ أن أكون في البيت عند وصولك أنت وبليك".
كانت دينا متأكدة أن نورما شاندلر كانت محور الأهتمام , ولا شك أن المرأة أستمتعت بذلك حتى أذا كانت الأضواء أنعكاسا لأضواء أبنها , وتمتمت بذلك دينا وهي تعرف أن عليها أن تعرب عن بعض التقدير .
" كانت حركة لطيفة جدا أن تنتظري عل الباب عندما عاد بليك من المكتب".
وتنهدت نورما شاندل وقالت:
" كنت أتمنى أن ينتظر عدة أيام أخرى قبل أن يعود الى العمل , والمفروض أن يرتاح أياما قليلة بعد كل ما مر به ".
" أنني لم أقترح عليه العودة الى العمل بسرعة , أن بليك لديه مشروعات جديدة جريئة للشركة , وأعتقد أنه حرص على العودة الى العمل حتى يضعها موضع التنفيذ".
منتديات ليلاس
" أنني واثقة أنك على حق , ولكنه لا يعطينا وقتا كثيرا لنستمتع بحقيقة عودته ".
وأنّبت نورما شاندلر نفسها فقالت:
" أنني أشكو بينما المفروض أن أحمد الله , ولكنني فقط لا أستطيع ألا أن أتساءل الى متى سيظل معي!".
وقطّبت دينا جبينها وقالت:
" أن هذا قول غريب ".
وقالت مفسرة:
" من الأرجح أنكما ستنتقلان قريبا الى منزل خاص بكما ,وعندئذ لن أستطيع أن أراه ألا في عطلة نهاية الأسبوع فقط".
" لقد ناقشنا أحتمال البحث عن منزل خاص بنا ".
قالت دينا وهي تختار كلماتا بعناية بينما تتذكر نقاشهما في الصباح السابق.
وقالت:
" ولكنني لا أعتقد أن هذا سيحدث في المستقبل القريب , من الأأرجح أن كلا منا سيكون مشغولا جدا فلا يستطيع البحث عن منزل , ونحن بالطبع لا نريد أن ننتقل الى أي منزل ألا أذا كان ملائما".

نيو فراولة 28-08-10 07:13 PM

كانت دينا تكذب , فلم تكت قد أصبحت أمرأة عاملة لا تتوق الى بيت خاص بها كما جعلت بليك يعتقد , لكن في الوقت الحاضر كانت تشعر بالراحة بالحياة في منزل شاندلر حيث تستطيع أمه والمشرفة على المنزل أن تخففا من حدة النزاع , لم تكن مستعدة بعد لتعيش في بيت وحدها مع الرجل الغريب الذي يعتبر زوجها , وربما لن تعيش معه أطلاقا!
وقالت حماتها وهي تبتسم أبتسامة عريضة:
" لن أتظاهر بأنني لست مسرورة وأنا أسمعك تقولين ذلك , أنك تعرفين كيف أستمتعت بحياتك معي هنا يا دينا و وبعد أن عاد بليك تضاعفت سعادتي هناك شيء جميل في وجود رجل في المنزل أذ يضفي عليه جوا عائليا أكثر".
" نعم".
هكذا وافقت دينا وأن لم يكن من كل قلبها.
وقالت المرأة وقد بدا في صوتها وعلى وجهها شيء من التردد:
" لا أريد أن أتدخل ولكنني أشعر بأن هناك قليلا من التوتر بينك وبين بليك , أذا كنت مخطئة قولي لي هذا , لا أريد أن أكون حماة تتدخل في شؤون أبنها وزوجته ولكن.....".
وسكتت مترددة في أنتظار رد من دينا.
وأتى دور دينا في التردد ...... كانت تشك في أن الأم شاندلر ستفهم ,ولكنها شعرت بحاجة الى أن تبوح بمخاوفها لشخص ما , وأعترفت بحذر قائلة:
" نعم , يوجد شيء من التوتر بيننا , أن بليك قد تغير وأنا تغيرت ,لم نعد نفس الشخصين كما كنا منذ عامين ونصف".
منتديات ليلاس
" أنه شت , أليس كذلك؟".
هكذا خرجت نورما شاندلر بأستنتاجاتها وهي لا تكاد تستمع الى ما قالته دينا , وأضافت:
" أعرف أن بليك تصرّف أمام الآخرين وكأنه تفهّم الوضع وغفر كل شيء........... ولكنه أزعجه أليس كذلك؟".
" الى حد معين , نعم".
هكذا ردت دينا ,وفكرت.... ولكن ليس بالدرجة التي تصورتها حناتها!
" من الطبيعي أن ينزعج عندما يجد زوجته مخطوبة الى أفضل صديق له, ولكنه سيتغلب على هذا الشعور , وبعد سنوات قليلة ستضحكان من هذا الموضوع!".
وأومأت دينا برأسها وقالت:
" ربما".
ولكنها لم تستطع ألا أن تتساءل : ترى هل سيكونان سويا بعد سنوات قليلة؟ بعد شهور قليلة؟
ودخلت المشرفة على المنزل غرفة الجلوس وأعلنت:
" العشاء جاهز عندما تريدان".
وقالت نورما شاندار :
" الآن يا ديدر , بليك في غرفة المكتبة , هل لك أن تخبريه من فضلك؟".
كان جو العشاء في ذلك المساء يتسم بالحرج , ومما زاد الوضع حرجا أن نورما شاندلر بدت مصرّة على أن تقنع بليك بأن تصرف دينا كان سليما أثناء غيابه , وبدا بليك غير مهتم بالثناء الذي ثالته أمه على دينا مما دفع نورما شاندلر الى أن تضيف المزيد منه , وشعرت دينا بالأرتياح في عزلة غرفة نومها بعد أن قدّمت القهوة , كان توتر اليوم والمساء قد شد عضلاتها , وأزدادت توترا عندما رأت السرير , وتذكرت أنها ستنام بجانب بليك ليلة أخرى , كانت أسيرة أضطراب مجنون.
وسارت دينا من غرفة النوم الى الحمام ,وملأت الحوض بالماء الساخن , وأضافت اليه كمية كبيرة من الصابون المعطر , وأحضرت روبها وعلقته على المشجب وخطت في البانيو , وغاصت حتى رقبتها في الفقاعات الساخنة , وتركت الماء الدافىء يزيل التوتر , وأسترخت ببطء في الحمام المهدىء , وأنتشر عطر الفقاعات في الهواء , وكان بلسما لحواسها , وعندما برد الماء أضافت اليه دينا مزيدا من الماء الساخن وقد نسيت الوقت وهي داخل شرنقتها المائية.
وأنفتح باب غرفة النوم وأغلق , وسمعته دينا ولكنها لم تهتم في الواقع بأن بليك قد دخل الغرفة , فقد كان باب الحمام مغلقا وتوقعت منه أن يحترم رغبتها في العزلة , وعندما فتح باب الحمام أعتدلت دينا جالسة في نوبة من الأستياء , وجذب صوت الماء نظر بليك , كان قد خلع سترته ورباط عنقه وفك أزرار قميصه حتى معدته , وكشف بذلك عن كمية من العضل الصلب وشعر الصدر الداكن! وأعتذر غير صادق وقال :
" آسف , لم أعرف أنك هنا".
منتديات ليلاس
كانت الفقاعات قد تبددت ببطء أثنلء حمامها الطويل وبقيت فقط أجزاء قليلة من الرغاوي حول صدرها , ولم يفت ذلك بليك فظل واقفا وأمسكت دينا بمنشفة وغطّت بها صدرها وقالت:
" والآن بعد أن أكتشفت أنني هنا , أخرج!".
وقال بليك ساخرا:
" ظننت أنك قد ترغبين أن أغسل ظهرك , أم أنك لا تعتبرين هذا سلوكا متحضرا ".
" لا أريد أن أغسل ظهري , شكرا".
لم تكن دينا متأكدة من سبب ضيقها بالمنشفة التي أصبحت مبتلة جدا وقالت بحسم:
" أخرج من فضلك , لقد أنتهيت من حمامي وأريد أن أخرج من البانيو ".
" أنني لا أمنعك ...... وعندما تخرجين أستطيع أن آخذ دوشا".
وأستدار بليك ودخل غرفة النوم وأغلق الباب وراءه.

نيو فراولة 28-08-10 08:50 PM

ولم تثق دينا فيه فأسرعت وغسلت الفقاعات وغسلت الفقاعات التي كانت تجف فوق جلدها وخرجت من البانيو , وبعد أن جففت نفسها بالمنشفة أرتدت روبها.
وعندما دخلت غرفة النوم وأحست بحواسها ثائرة الى درجة الغليان , كان يجلس على الكرسي الصغير يدخن سيكارة وقد بدا عليه الهدوء , وأنتقلت اليها نظرته الخفية , وقالت دينا وهي تلوح بيدها نحو الحمام :
" تفضل أنه لك".
وأطفأ بليك سيكارته ونهض من الكرسي الصغير وقال :
" أشكرك".
كان رده باردا خاليا من الشكر على نحو يغيظ , وحبست دينا رجفة من أدبه البارد , وتساءلت عما أذا كانت مشاجرتهما الحامية أفضل من هذا , وبينما عبر الغرفة سارت نحو خزانة الملابس وتوقفت لحظة لتنظر اليه .
وفجأة شعرت أنه من الضروري أن توضح له أنها لن تسمح له بأن يطارحها الحب الى أن تستطيع أن تعرف حقيقة مشاعرها نحوه , كانت تريد أن تضع نهاية لهذا الأحساس بأنها متزوجة من رجل غريب قبل أن تعاشره , وبادرته دينا قائلة:
" بليك..... أنني لا أنوي........".
" ولا أنا!".
منتديات ليلاس
هكذا قاطعها بحدة , وتوقف على عتبة باب الحمام ليرمقها بنظرته وتحوّل فمه الى خط قاسي وأضاف:
" لن أمارس حقوقي الزوجية معك , ألم تعتقدي أنني أستطيع صياغتها بطريقة مؤدبة ؟".
وسخر بليك من شحوب بشرتها المفاجىء , ومضى يقول:
" ربما لو كنت وعدت بأنني لن أغتصبك لتناسب هذا أكثر مع فكرتك عني , أليس كذلك؟".
وأستدارت دينا بعيدة عن تحديه المرير وتمتمت بجمود :
" الى أن نفهم بعضنا بعضا".
" تماما ....لا يوجد أي خطأ ,لن ألمسك ثانية حتى تأتي الي! يا دينا".
كان هناك شيء أقرب الى التهديد في نبرته الهادئة على نحو شرس , وعندما أغلق باب الحمام , شعرت دينا برجفة , وأستبدلت روبها بقميص نومها , وسمعت صوت الدوش في الحمام , وحاولت ألا تتصور بليك وهو يقف تحت مائه بجسمه الأسمر الصلب!
أزاحت الصورة المثيرة وسارت نحو السرير وطوت المفرش الساتان , كانت دينا بين الملاءات الحريرية عندما بليك من الحمام وقد لفّ منشفة حول خصره , ولم ينظر نحوها عندما أطفأ النور وسار الى الجانب الآخر من السرير بدون أن يخطىء طريقه في الظلام , وشعرت بموجة من الشوق تهدد بأغراقها وأغمضت دينا عينيها بشدة , كان بليك يدرك تماما أثره عليها , ولديه سبب لكل ما يفعله , لم تصدق أنه يحرم نفسه من أمتلاكها على سبيل الأحترام , أكثر مما كانت تعتقد أنه كلّف شت بمساعدتها في المشروع الجديد , لمجرد أنها تحتاج الى شخص يساعدها ! كان يريد أن يقلّل من ثقته في شت وأقسمت أنه لن ينجح.
ولكن الأدعاءات التي كان بليك قد وجهها ضد شخصية شت طاردتها طوال الأسبوعين التاليين , وكانت المرة تلو الأخرى تلعن في أحتجاج صامت بذور الشك التي غرسها بليك في ذهنها , ولم تشتد الحرب الباردة بينها وبين بليك في هذين الأسبوعين وفي نفس الوقت لم يبد دليل على أنها ذابت قليلا!
وأفاقت من أفكارها الكئيبة عندما سمعت طرقا على الباب المفتوح , كانت تحملق في زجاج النافذة الوحيدة في مكتبها الصغير , وألتفتت وأزاحت نظارة القراءة الى مكان أعلى رأسها.
" أهلا شت".
منتديات ليلاس
وتصلّبت عندما رأته وحاولت أن تسترخي , ولكنها كانت تشعر ببعض التوتر , مؤخرا عندما تكون في صحبته , ولم تعد تشعر بالحرية والثقة والأطمئنان الذي وجدته معه في يوم من الأيام.
" أخيرا حصلت على الصور الخارجية والداخلية للفنادق التي تريدينها".
قال ذلك وأشار الى مجموعة الملفات التي كان يحملها بكلتا يديه وأضاف :
" ظننت أننا نستطيع مراجعتها سويا , هل أنت مشغولة الآن؟".
" كلا ,ضعها هنا".
وقال شت:
" لقد ألقيت عليها نظرة".
" حسنا".
وأومأت دينا برأسها وقد بدأ تفحصها هي نفسها .
وبدت الكآبة عليها , وعندما وصلت الى آخر صورة من مجموعة الصور أدركت أنها كانت قد أستهانت بكمية الوقت والمال الذي يحتاج اليه تحسين منظر الفنادق من الخارج , وقالت وهي تتنهد:
" أن المسألة أسوأ مما تصورت".
وقال شت موافقا :
" نعم , أعرف".
وتنهدت وقالت:
" دعنا نأخذ الفنادق واحدا واحدا ونكتب الملاحظات , أن الشيء الذي يجب أن نأخذه في أعتبارنا هو أن كل فندق يجب أن يكون مختلفا بحيث يتناسب الديكور الخاص به مع موقعه , لا نريد أن يشعر شخص يقضي أجازة بأنه أذا أقام في أحد فنادق شاندلر فأنه أقام فيها كلها !".
منتديات ليلاس
" هذا صحيح".
" أذا دعنا نبدأ بالفندق الموجود في فلوريدا".

نيو فراولة 28-08-10 09:16 PM

وحملقت دينا في الصور وقالت:
"سنستفيد هنا من البيئة الأستوائية , فتكون الألوان فاتحة لطيفة ولا ضرورة للسجاجيد , الأفضل أن تكون هناك أرضية من البلاط البارد , ويجب وضع الكثير من الخضرة والزرع , نريد ديكورا يشبه الموجود في فندقنا في هاواي ولكن بدون الطابع البولينيزي ".
منتديات ليلاس
" وماذا عن المظهر الخارجي ؟".
وتذكّرت دينا الميزانية وقالت :
" لا أريد أن نقوم بتحسينات كثيرة في الواجهة ألا أذا أضطررنا لذلك".
وأستمرا يدرسان قائمة الفنادق وصورها , وعندما أنتهيا من فحص الصورة الأخيرة ووضعاها جانبا نظرت دينا الى مجموعة مذكّراتها وتنهدت , وسألها شت :
" والآن ماذا؟".
وأخذت دينا نفسا عميقا وقالت:
" والآن , نحتاج الى تحويل هذه الملاحظات الى رسوم ".
" هل تريدين أن أبدأ الأتصال ببعض شركات الديكور؟".
" نعم , أعتقد ذلك , أن مجال العمل الذي يحتاج الى التنفيذ يجعلني أتساءل كيف نستطيع أن نتناوله ".
وعضّت شفتها السفلى وهي تفكر وأضافت:
" أن شيئا صغيرا أو كبيرا لا بد أن يتم عمله في كل فندق".
وذكّرها شت قائلا:
" في الماضي كنا دائما نستعين بالشركات الموجودة في منطقة الفنادق وفي نفس المدينة أذا أمكن".
" نعم , أعرف".
منتديات ليلاس
ودسّت دينا قلمها خلال شعرها الذهبي البلاتيني فوق أذنها وقالت :
" راجعت السجلات في الأسبوع الماضي لآخذ فكرة عن النفقات المحتملة ولاحظت أننا كنا دائما نستعمل الشركات المحلية في الماضي , لقد ثبت أن التعامل مع شركة في المنطقة نفسها التي يقع فيها الفندق أمر أقتصادي".
وقال ملاحظا :
" ولكن هذا لن يكون عمليا لأن كل الفنادق تحتاج الى ديكور ولا بد من السفر الكثير , ولا شك أن نفقات الرحلات سوف تستنفد أية مدخرات يمكن أن نوفرها بأستخدام شركة ديكور محلية".
وقالت بأيماءة تنم عن الأسف:
" نعم , أنك على حق ربما من المستحسن أن نكلّف شركة كبرى واحدة تستطيع القيام بكل العمل , وقد يكون هذا أفضل , من الناحية الأقتصادية على المدى الطويل".
ومال الى الأمام وقد لمعت عيناه الزرقاوان الرماديتان بأقتراح ثم قال:
" عندي فكرة , أولا دعينا نطبع على الآلة الكاتبة كل هذه المذكرات , بعد ذلك لماذا لا أتصل بشركتين كبيرتين لتعطينا كل منهما الأسعار التي نقدّرها للقيام بالعمل؟ ويمكن عقد مقارنة أذا أخترنا ستة فنادق مثلا قريبة من هنا وطلبنا من شركات محلية تقدير نفقاتها , يمكن أن نستعمل الفندق في مين والفندق هنا في نيوبورت بالطبع ,والفندق في بوكونوس ونقارن الأسعار".
وقالت موافقة وهي تفكر في الأقتراح فيروق لها:
" قد يكون هذا مفيدا ".
منتديات ليلاس
كانت الفكرة شبه مكوّنة في ذهنها ولكنها تجسّمت تماما عندما عبّر عنها شت بصوت مرتفع , وأضافت:
" أقتراح ممتاز يا شت".
" سوف أبدأ في تنفيذه فورا".
وبدأ يجمع المذكرات والصور من فوق مكتبها وأضاف:
" لا نريد أن نضيع وقتا".

نيو فراولة 28-08-10 09:17 PM

وقالت دينا لتؤخر أنصرافه:
" قبل أن تذهب يوجد شيء آخر كنت أريد بحثه معك آخذ رأيك ".
وجلس شت وقال:
" ما هو؟".
وقالت موضحة:
" يجب أن ننفذ الديكور الجديد في قاعات الأكل , حتى يظل كل فندق مختلفا عن غيره بشخصيته ".
وقطّب جبينه وقال :
" ولكن هذا هو ما نفعله و سيكون تغيير الديكور في قاعات الأكل وقاعات الشراب أيضا , لقد راجعنا هنا لتونا ".
" كلا , لقد فكرت في أن نمد الفكرة الى الطعام".
" هل تقصدين تغيير قائمة الطعام؟".
منتديات ليلاس
"ليس تماما , يجب أن نحتفظ بالأنواع مثل اللحوم وغيره ولكنني أريد أن أضيف أطباقا محلية أيضا , أننا نفعل هذا بتقديم الأطعمة البحرية على طول الساحل".
وأومأ شت برأسه وقال:
" فهمت ما تقولينه , في فندق البوكونوس مثلا يمكن أن نضيف أطعمة هولندية بنسلفانية ,ويمكن أن نضيف لمسات صغيرة فنقدم مثلا خبزا حقيقيا من الذرة مصنوعا من الذرة البيضاء مع شطائر العشاء هنا في نيوبورت".
وأومأت دينا قائلة:
" تماما".
وأقترح قائلا:
" سوف أتصل بكل مديري المطاعم لكل الفنادق , وأطلب منهم أن يرسلوا الينا قائمة تضم صنفين أو ثلاثة أصناف من الأطعمة المحلية يمكن أضافتها الى قائمة طعامهم".
" نعم , أتصل بهم , يمكن أن نبدأ في هذا التغيير فورا بمجرد أضافة صنف في قائمة الطعام , حتى نستطيع طبع قوائم الطعام الجديدة".
" أعتبري التنفيذ قد تم يا دينا".
وبدأ ينهض ثم توقف وقال:
" هل هذا هو كل شيء؟".
وضحكت وقالت:
" في الوقت الحاضر على كل حال".
" سوف أتصل بك وسوف أطلب من سكرتيرتي أن ترسل لك نسخة من هذه المذكرات".
منتديات ليلاس
هكذا وعد , ثم جمع أكوام المذكرات والصور بين يديه.
وعندما غادر شت المكتب تركت الأبتسامة وجه دينا وحل محلها تقطيبة حذرة , وحملقت في مدخل الباب المفتوح وشعرت بتلك الشكوك المزعجة تطل عليها برؤوسها القبيحة , وبهزة حاسمة من رأسها أبعدتها وعادت الى الأوراق التي كانت تتصحفها.

نيو فراولة 28-08-10 11:38 PM

8- غريبان في الجزيرة

أنحنت دينا فوق مكتبها وركزت أهتمامها على عروض وكالات الأعلان المختارة , وأدخلت طرف قلمها في شعرها شاردة ,ولم تسمع وقع أقدام في الردهة أو تلحظ الجسم الطويل الذي أظلم مدخل باب غرفتها المفتوح.
" هل تعتزمين العمل الى ساعة متأخرة ؟".
ورفعت رأسها عندما سمعت صوت بليك ,كان واقفا هناك قويا جذابا , ولونه الأسمر الداكن قد بهت قليلا وتحول الى لون برونزي أبرزه بياض قميصه ,ونظر اليها بعينين نصف مغمضتين فأعطى أنطباع أهتمام كسول ودود , ومع ذلك بدا وجهه مقنعا , وزادت سرعة نبضها كالعادة عندما يفاجئها بوجوده , وشعرت بأنقباض غريب في حلقها ,وحبست أنفاسها , وللحظة بدت الغرفة تدور بجنون .
منتديات ليلاس
وفي مثل هذه اللحظات ودّت دينا أن تترك الجاذبية القوية التي تشعر بها تجتاحها , ولكن هذا كان أمرا سهلا جدا وخطرا جدا , ولن يحل الخلافات التي كانت قد نشأت في السنوات التي أبتعدا فيها عن بعضهما.
وعندما أستوعبت سؤاله أخيرا أستطاعت أن تنزع نظرتها من عينيه المراقبتين دائما لتلقي نظرة على ساعتها , ودهشت عندما رأت أنها كادت تصل الى السادسة , ثم لحظت السكون في بقية المبنى فلم تكن هناك أصوات تترامى اليها من الردهة , ولا صوت الآلآت الكاتبة , كان كل موظف تقريبا قد غادر المبنى ألا هي وبليك.
وردت على سؤاله بقولها:
" لم ألحظ أن الوقت متأخر , سوف أرتب هذه الأشياء ثم ننصرف".
وبينما كانت تضع العروض فوق بعضها أخذ بليك يتجول في الغرفة :
" كيف تسير الحملة؟".
ونظر الى الأوراق في يدها.
وكان لا بد أن تبحث دينا عن العداء البارد حتى تبعده عنها فقالت:
" ألم يخبرك شت؟".
" كلا....... هل من المفروض أن يخبرني؟".
" ظننت أنه سيفعل".
ثم فتحت أحد أدراج المكتب لتضع ملفا.
وقال بليك وهو يضع ساقا على المكتب ليجلس على حافته:
" أذا لم تطلبي منه أن يخبرن فأنه لن يفعل , أنه يفعل فقط ما يطلب منه".
وصفقت درج المكتب وهي تقفله وقالت دينا في غضب:
" هل لك أن تكف عن ذلك؟".
ورد بليك وهو يتظاهر بالجهل :
" أكف عن ماذا؟".
" عن أبداء مثل هذه الملاحظات عن شت".
كان العداء موجودا ولم تعد في حاجة الى أن تبحث عنه .
وهزّ بليك كتفيه بدون أهتمام وقال:
" كما تشائين".
منتديات ليلاس
ووضعت بقية الأوراق والأقلام في درج مكتبها ونهضت من مكانها , كانت سترتها موضوعة على ظهر الكرسي الذي وقف بليك قريبا منه , وقالت بنبرة من الأدب البارد.
" ناولني السترة من فضلك".
وألتفت بليك حوله وناولها أياها وهي تسير حول المكتب , وسألها:
" كيف تعملان أنت وشت؟".
" نعمل على نحو رائع كما كنا دائما , هل كنت تتوقع أن يكون الوضع مختلفا؟".
قالت ذلك بتحدّ وبشيء من التعالي , ثم أضافت في تهكم:
" كنت تتوقع أن يختلف الوضع ,أليس كذلك؟".
" لا أعرف ماذا تقصدين؟".
" لماذا طلبت من شت أن يساعدني ؟ أعتقدت أنك لم تتصور أنني أستطيع القيام بالعمل , ولكن لم يكن هذا كل شيء ,أليس كذلك؟".
كان غضبها يزداد مع كل فكرة ترد على ذهنها.
وقال بليك في هدوء تام :
" أخبريني أنت".
" لقد غرست كل الشكوك عن شت في ذهني ثم جعلتني أعمل معه على أمل أن تتسمّم فكرتيضده , أليس كذلك؟".
كانت دينا غاضبة من الطريقة التي حاول بليك أن يؤثر بها عل تفكيرها.
" أنني أعترف أنه بعد حديثنا القصير عن شت كنت آمل أن تنقشع الغمامة من عينيك وتعرفيه على حقيقته".
ولم يكن هناك أثر للندم في وجهه أو صوته بعد أن كشف عن غرضه.
وقالت :
" هذا أحط وأقذر شيء سمعته .
منتديات ليلاس
كانت ترتجف في غضب , ولم تشعر بيدها وهي تمتد لتضربه ألا بعد أن قبض عليها قبل أن تصل الى هدفها , وشهقت متألمة وهو يلوي ذراعها ليقربها منه , كان قد أستقام ليقف أمامها وقال لها:
" عندما صفعتني في المرة السابقة تغاضيت عن تصرفك لأنني ربما كنت أستحق ذلك , ولكن ليس هذه المرة أنني الآن أقول الصدق".
" ولكنه ليس الصدق , ولا كلمة واحدة قلتها عن شت صادقة كلها أكاذيب , ولا كلمة منها صادقة".

نيو فراولة 29-08-10 02:47 PM

وعادت تلك النظرة القاتمة النفّاذة الى عينيه وهما تتفحصان وجهها الغاضب وقال بصوت خفيض مقتنع:
" أنك تعرفين أنه صدق أليس كذلك . لقد بدأت ترينه بنفسك وهذا هو السبب في أنك غاضبة".
ونفت قائلة:
" كلا.....ليس صحيحا أنني لم أره".
وأصر بليك بصبر متجهم وقال:
" بل رأيته , لماذا لا تعترفين ؟".
وأستمرت دينا في أنكارها , وحاولت جاهدة أن تتخلص من قبضته وقالت:
" كلا ولن أبقى هنا وأستمع اليك وأنت تمزق شت".
وزاد من ضغط قبضته وقال:
" أنني لا أحاول أن أجعله يبدو أقل من رجل , ولكنني أحاول أن أجعلك ترينه على صورته الحقيقية وليس بالطريقة التي تصورته بها , لماذا لا تستطيعين أن تفهمي أن كلامي ليس هجوما شخصيا عليه؟".
وفجأة وبدون توقع فهمته وصدقته , ونزع الأكتشاف الحرارة من غضبها وتوقفت دينا عن الشجار ووقفت هادئة , وأعترفت قائلة:
" وهو كذلك".
" وهو كذلك ماذا؟".
منتديات ليلاس
وأحنى بليك نظرته الى فمها ,وراقب شفتيها وهما تكوّنان كلمات الرد وأعترفت قائلة:
" لقد لحظت عدة أشياء".
" مثل ماذا؟".
" أنه يأخذ أقتراحا ويضيف اليه حتى يقنعك تقريبا بأن الفكرة كانت فكرته أصلا".
" هل فعل ذلك؟".
" نعم اليوم , عندما ذكرت فكرة بالنسبة لأضافة عدة أصناف محلية الى قائمة الطعام".
وتمنت لو أن بليك توقف عن مراقبتها وهي تتكلم , فقد كان ذلك يربكها ويثير حواسها وأضافت:
" أنه يتصل بمديري المطاعن ليبدأوا في تنفيذها".
وقال بليك موافقا:
" أن شت ماهر جدا في تنظيم أي أقتراح , وماذا أيضا ؟".
" لا أعرف, أشياء صغيرة كثيرة".
وتشجعت دينا بالأطرا الذي كان بليك قد وجهه الى شت فذكرت محادثة أخرى أزعجتها وقالت:
"عندما لم أتخذ قرارا اليوم بشأن أختيار شركة ديكور محلية أو كبرى لوضع الديكور للفنادق لم يتخذ شت قرارا هو أيضا , وأقترح أن نعقد مقارنة بين أسعار الشركتين ,وتجنّب الأدلاء برأي قاطع , في الأسبوعين الماضيين لا أستطيع أن أتذكر أن شت أتخذ قرارا أو قدّم فكرة من عنده".
وعندما تذكرت الماضي أدركت أ عرضه الزواج منها كان أمتدادا لحديث بينهما حول ما أذا كانت ستتزوج ثانية أم لا , وعندما قبلت فكرة أحتمال فكرة أحتمال الزواج سألها شت أذا كانت ستختار شخصا مثل بليك , وكانت أجابتها بالنفي هي التي دفعت شت الى أن يقدم نفسه بعد أن جس النبض أولا.
ولم تكن تلك علامة الرجل القوي الذي يمكن الأعتماد عليه كما تصورته , كان الأعتماد عليه يقتصر على الأوقات التي يحدد له فيها شخص آخر ما يفعله.
وشردت دينا بأفكارها ولم تنتبه الى الصمت الذي كان قد خيّم عليهما الى أن تكلم بليك وقال :
" أن لديّ سببا أنانيا آخر لأختيار شت للعمل معك في هذا المشروع".
كانت أصابعه نربت برقة على معصمها , وأحست بالدفء يسري في ذراعها وقالت:
" ما هو؟".
ونظرت في عينيه , وكاد يتغلب عليها أحساس بأنها مستعدة لأن تغرق في البركتين القاتمتين .
" كنت أعرف أن هذا المشروع سيحتاج في النهاية الى عدّة أسفار وأردت أن أتأكد من أن زوجتي لن تقوم بتلك الرحلات".
"فهمت".
منتديات ليلاس
ولم تستطع أن تفكر في شيء آخر تقوله ,وقال بليك:
" يجب أن تعرفي هذا أيضا يا دينا , أنت وأنا لن ننفصل أبدا لأي سبب".
وأرتجفت من النبرة المصممة القاسية الكامنة في قراره.
وبشيء من عدم الرغبة أنسحبت من لمسته وأستدارت الى المكتب لتأخذ حقيبة يدها , وقالت وهي تشعر بالتيارات المغناطيسية المتعارضة بينهما تجذب وتبعد :
" هيا ننصرف الآن".
ولم يبد بليك حركة للأنصراف , وظل واقفا هناك ينظر اليها مما جعلها تشعر بعدم الأرتياح وعدم التأكد من رغباتها وأحتياجاتها و وقال لها:
" عليك أن تتخذي قرارا عاجلا أم آجلا".
ورددت كلماته بنعومة :
" أعرف , عاجلا أم آجلا".
وسألها :
" لماذا تنتظرين , ما الذي يمنعك ؟ لم يعد شت هو المانع , ماذا بقي؟".
" لا أعرف ".

نيو فراولة 29-08-10 03:09 PM

وهزت دينا رأسها وهي غير متأكدة وسارت نحوالباب , وسار بليك خلفها بذلك الصمت الحيواني الذي بدأت تربطه به , ووضع يديه فوق كتفيها , وتوقفت من مجرد لمسته , وأمرها بليك متمتما بصوت منخفض:
" أتخذي قرارا الآن".
كان شعرها الطويل الذهبي معقوصا خلف رأسها , وأحست بأنفاسه الدافئة المثيرة تلفح عنقها الحساس , وضغط عليها , وسرت رجفة في جسمها , وأحست دينا بأنه يستطيع أن يصوغها كما يريد , وحاولت أن تتخلص من الأنفعالات التي كانت تعتمل بداخلها فقالت محتجة :
" لا أستطيع يا بليك".
منتديات ليلاس
وأنتقل فمه الى أذنها وقال:
" أنك تريدين....... وتعرفين ذلك....".
قالت وهي تلهث:
" لا أعرف أي شيء".
وقال بليك :
" أذا أشعري".
كانت هذه المشكلة , كانت تشعر أكثر من اللازم , وكانت مشاعرها تعوق أفكارها , ولم تكن تريد أن تتخذ قرارا في حرارة عناقه , وبالتأكيد ليس في ذلك الجحيم الذي كان يحرقها الآن".
وأزاحت يديه من حول خصرها وقالت:
" لا يا بليك".
وأبتعدت خطوة عن عناقه المغري , ووقفت وهي ترتجف وقد أحنت رأسها وشعرت بنظرته تنفذ داخل كتفيها .
وقلّد كلماتها ساخرا بلهجة لاذعة :
" لا يا بليك , هذا هو ردك دائما , الى متى ستظلين ترددين نفس العبارة ؟".
وأجابت دينا :
" الى أن أتأكد من أنني أعرف ما أفعل".
وحاول بليك أن يسيطر على أعصابه وقال لها:
" وكم سيستغرق ذلك؟".
قالت وهي تتنهد:
" لا أعرف , أنني أعرف فقط أنه من السهل الأستسلام لعاطفة متأججة الآن وليس من السهل مواجهتها غدا".
" أذن فأنت أقوى مني بكثير يا دينا , لأنني لا أفكر أطلاقا في الغد".
ووضع أحدى يديه تحت مرفقها وتصورت أنه سيتجاهل ما قالته ويعانقها حتى تستسلم , ولم يكن هذا أمرا صعبا , ولكن يده دفعتها الى الأمام وتمتم قائلا:
" هيا نذهب!".
كانت خطواته الطويلة التي تطوي الأرض تجعل من المستحيل على دينا أن تلحق به بدون أن تجري تقريبا , ولم يبطىء في سيره حتى وصل الى مكان وقوف السيارات ,وبدون أن ينظر اليها مباشرة فتح بليك باب السيارة لها ثم صفقه بشدة عندما دخلت وجلست , وسار حول السيارة وفتح بابه وجلس خلف عجلة القيادة ,ووضع المفتاح في المحرك ولكنه لم يدره , وشعرت دينا بتوتر من الصمت وأخيرا ألتفت اليها وقال:
" في اليوم الأول لعودتي زعمت أننا نحتاج الى وقت لنعرف بعضنا , وأن علينا أن نتكيّف مع بعضنا ثانية , وشعرت أننا في حاجة الى أن نتكلم".
قالت :
" يدهشني أنك تتذكر".
وكادت تعض لسانها لأنها قالت هذه الكلمات اللاذعة .
" صدقيني , أنني أتذكر كل شيء قلته".
منتديات ليلاس
هكذا رد بجمود جاف , وعاد بنظرته الى زجاج السيارة أمامه ,وتحركت دينا بقلق في مقعدها ولكنها ظلت صامتة:
" المشكلة يا دينا هي أننا لا نحاول أن نعرف بعضنا ثانية , أننا لا نتكلم ,وغرفة النوم هي المكان الوحيد الذي نقضي فيه وقتا بمفردنا , وكلانا نعرف أنه لا يتم أي أتصال هناك".
" أذا ماذا تقترح؟".
كانت لهجة دينا جامدة وقد أسرع نبضها.
وقال بلهجة ساخرة:
" لا...... أنا لا أقترح , برغم أنني أعرف أنك مقتنعة بأن رغباتي أصبحت بدائية بحتة".
وأحمر خدّاها قليلا وقالت:
" أذا ماذا تقترح؟".
" أن نقضي وقتا أكثر مع بعضنا كما كنت تريدين".
" أن هذا صعب لأن كلا منا يعمل".
وذكرّها بليك قائلا:
" ولكننا لا نعمل في نهاية الأسبوع".
" أنك تنسى أننا نقيم في منزل أمك".
والواقع أن الأم شاندلر لم تكن قد تغلّبت بعد على فرحتها بعودة أبنها , وكانت لا تزال تحوم حوله كلما أستطاعت.
ورد بليك بهدوء:
" لا .......لا أنسى ذلك , المهم أن نكون وحدنا بدون أصدقاء ولا أقارب أنا وأنت فقط , وأعتقد أن هذا لا يمكن أن يتحقق في منزل أمي , ولهذا قررت أن نقضي نهاية الأسبوع في بلوك أيلاند حتى نكون وحدنا كل الوقت الذي تزعمين أننا نحتاجه".
" بلوك أيلاند؟".
منتديات ليلاس
هكذا كررت دينا أسم الجزيرة التي كانت تقع على مسافة 14 ميلا من رود أيلاند.
" هذا ما قلته , هل لديك مانع؟".
وألتفت اليها وقد بدا بريق من التحدي في عينيه الداكنتين .
" لا مانع!".
كيف يكون هناك مانع بعد أن حاصرها بنفس كلماتها؟

نيو فراولة 29-08-10 04:27 PM

" يوجد شيء آخر يا دينا ".
وأستمر بليك يتفحصها وهو يشعر بأن موافقتها كانت على مضض , ولكن دينا لم يكن تكن تعرف لماذا وافقت على مضض".
" ما هو؟".
" أريد أن تفهمي هذا بوضوح قبل ذهابنا , أذا لم تتخذي قرارا بشأننا مساء يوم الأحد فأنني لن أنتظر أكثر من ذلك".
وعندما رأى وجهها يشحب أبتسم بدون مرح وأضاف :
" لا يهمني سواء أعتبرت هذا تهديدا أم وعدا".
وقالت محتجة :
" لا تستطيع أن تحدد وقتا معينا هكذا".
منتديات ليلاس
" ألا أستطيع؟".
وكان بليك قد ألتفت بعيدا ليحرّك السيارة , وتجاهلها بعد أن أوضح نواياه .
وردّت دينا:
" أن كل ما تفعله هو أنك تحوّل نهاية الأسبوع هذه الى مهزلة".
وقال بليك بدون أهتمام :
" كما تشائين , تذكري فقط أن تعدّي حقيبة ملابسي وتحضريها معك الى المكتب يوم الجمعة صباحا , سوف نأخذ الزورق الى بلوك أيلاند بعد العمل".
وبينما غادر الزورق مياه خليج تارا غانت أتجه الى مياه الأطنلطي في طريقه الى الجزيرة , نظرت دينا الى برج برنتون ريف , لم تكن هي وبليك قد تبادلا أكثر من خمس كلمات منذ أن غادرا المكتب ,وبدأ الصمت يزداد كثافة , كانت تعرف سبب صمتها , أنذار بليك قد جعلها تشعر وكأنه يوجه مدفعا الى رأسها , فكيف تتطلع الى عطلة نهاية الأسبوع أمامها ؟ وقد حدد النتيجة مقدما .
كان يجب أن ترفض الحضور ,لماذا لم تفعل ؟ الحبوب التي أخذتها لعلاج دوار البحر قد شوّشت أفكارها , لكن على الأقل أنقذتها من حرج القيء برغم أنها خدّرتها قليلا , وتنهدت ونظرت الى بليك الذي كان واقفا على بعد ياردات قليلة يتكلم مع أحد المسافرين.
كان واضحا أن الرجلين يتحدثان عن الطقس لأن دينا سمعت الرجل يقول:
" أرجو أن يكون الجو مشمسا صافيا في الجزيرة كما تقول , أجهل كل شيء عن تيارات المحيط وكيف تؤثر على الطقس , كل ما أعرفه أنني أريد قضاء نهاية الأسبوع في الصيد".
وثبت أن تنبؤ بليك بصحو الجو في بلوك أيلاند كان صحيحا , وعندما رسا الزورق في الميناء القديم لم يكن في السماء ألالا سحب قليلة , ولكن الصمت بين دينا وبليك لم يقطع , وبرغم ذلك شعرت بروحها المعنوية ترتفع وهما يغادران الزورق ويسيران في الجزيرة التي سميت بأسم أدريان بلوك , وهو أول أوروبي أكتشفها , كان جو الجزيرة منعشا وفهمت دينا لماذا كانت مكانا صحيا راقيا.
منتديات ليلاس
وأستغرقت في مشاهدة المناظر بينما كان بليك يقود السيارة عبر الجزيرة الى القرية الجميلة الممتدة على ضفاف غريت سولت بوند.
وعاد اليها قدر كير من التوتر السابق , عندما أوقف بليك السيارة أمام فندق ,وشعرت أن مشاركتها له في غرفة نوم واحدة منذ أن عاد بليك وأحست بالحرج وهي تسير بجانبه الى غرفة الأنتظار , نظر اليها بليك متفحصا القلق الذي بدا على وجهها وسألها:
" كيف تشعرين؟".
وأجابت دينا بسرعة:
" أنني بخير".
" هل تشعرين بالغثيان من رحلة الزورق؟".
" لا , الواقع أنني لم أشعر أبدا بالغثيان , أنني بخير فيما عدا صداع خفيف , أما أن الحبوب كانت قوية , وأما أنني لم أعد أشعر بدوار البحر".
" حسنا".
كانت أبتسامته متجهمة بعض الشيء وأضاف:
"عن أذنك , أريد أن أذهب وأتأكد من حجزنا".
وبينما سار نحو مكتب الحجز , وقفت قريبا من مائدة عليها بطاقات بريدية , وتظاهرت بأنها تهتم بتلك الصور الملونة , وشعرت بتقلّص في معدتها عندما رأت الحمال يأخذ الحقائب , وسار بليك نحوها وألتقطت بسرعة بطاقة بريدية متظاهرة بأنها تدرسها عن قرب.
" هل تنوين أرسال بطاقة بريدية الى أحد؟".
ولم ينسها السؤال الساخر تقلّص معدتها , وأعادت البطاقة الى مكانها بسرعة وقالت:
" كلا..... كنت فقط أنظر الى الصورة".
" غدا سوف نلقي نظرة على الفنار الحقيقي".
وأضطرت دينا أن تنظر الى البطاقة , كانت متنبهة جدا الى وجود بليك لدرجة أنها لم تلحظ موضوع الصورة في البطاقة , والآن أكتشفت أنه فنار!
منتديات ليلاس
وقالت لمجرد أن تقول شيئا :
" أنه يبدو شيقا".
" نعم

نيو فراولة 29-08-10 04:45 PM

هكذا وافق بليك بجفاف ,وكأنه أدرك أنها لم تعرف ماذا في الصورة , قبل ذلك وأضاف :
"هيا بنا نذهب الى غرفتينا".
" غرفتينا؟".
غرفتين أثنتين , هكذا سألت عيناها.
وأجاب :
" نعم غرفتان".
ودهشت دينا من تعبير الصبر اللطيف الحاني الذي بدا على مىمحه الصلبة عادة , وأضاف:
" أن غرفتينا متجاورتان , أعتزم أن أعطي نهاية الأسبوع هذه كل فرصة لأثبات أي شيء تشعرين بالحاجة الى أثباته يا دينا".
ولم تستطع أن تجد أي رد , ومن الغريب أن هذا بدا تنازلا أكثر من كل الليالي التي شاركها فيها الفراش بدون أن يقترب منها , لعله أراد أن يوفر لها العزلة لتفكر وحدها بدون أن يزعجها أو يؤثر عليها بوجوده.
وعندما ناولها أحد المفتاحين في يدها أستطاعت أن تقول بهدوء:
" أشكرك".
" عندما يكون المرء يائسا فأنه يجرب كل شيء".
هكذا رد بليك بغموض , ولكن دينا تصوّرت أنها لمحت ومضة من الدعابة في عينيه الداكنتين وقد جعلته يبدو أكثر بشرية.
وسارا الى غرفتيهما في صمت , ولكن الصمت لم يكن مفعما بالتوتر كما كان , وتردد بليك خارج الباب وألتقت نظراتهما لحظة قبل أن يدير المفتاح في قفله ويدخل , وعندما دخلت دينا غرفتها لحظت أن حقيبة ملابسها موجودة ,وسارت أليها معتزمة أن تفتحها ....... وبدلا من ذلك توقفت عند الباب الداخلي الذي يصل غرفتي النوم , كان بليك من الناحية الأخرى منه , وبدون أن تشعر مدّت يدها الى مقبض الباب ولم ينفتح , وتنازعها الندم مع الأرتياح وهي تعود الى حقيبة ملابسها وتفتحها.
منتديات ليلاس
وبعد ساعة كانت قد أخذت حماما وأرتدت ثوبا أنيقا في لون القمح , لم يكن بليك قد أخبرها أذا كان سيقابلها لتناول العشاء ,هل تنتظر في الغرفة أم تذهب الى المطعم , ثم قررت أن تنتظر وجلست على السرير .
ولاحت أبتسامة على شفتيها , كانت الفرشة ليّنة وثيرة , تغوص حتها مثل الريش , ستكون تغييرا رائعا عن فرشة بليك الصلبة كالصخر في المنزل .
وعندئذ سمعت طرقة على بابها , ونهضت دينا لتفتحه والأبتسامة على شفتيها , ووقف بليك في الخارج ونظر اليها وقال معلقا:
" تبدين مسرورة من شيء".
وقالت دينا وقد ظهرت غمّازتان في خديها.
" سريري ....... أنه لين".
وقهقه برقة وهدوء , وقفز قلبها ثم رفض أن يعود الى أيقاع منتظم.
" هل نذهب الى العشاء؟".
كان قرارا أكثر منه سؤالا , بينما مدّ بليك يده ليمسك بيدها ,وتركت أصابعها مستكينة في يده , ولكنه ظل يسد مدخل الباب ولا يسمح لها بالخروج , ورفع يدها الى فمه وتمتم قائلا:
" هل قلت لك كم أنت رائعة الجمال؟".
" بليك........ أرجوك".
هكذا أعترضت دينا وهي تنظر الى حيث لمست شفتاه الدافئتان يدها .
" أنها مجرد مجاملة".
وهكذا قاطعها بأبتسامة جامدة وهي تبعد يدها وأضاف:
" وليس عليك ألا أن تقول أشكرك".
" أشكرك".
هكذا كررت في صوت مشدود ,وتحرك بليك وأفسح لها الطريق لتخرج من الغرفة ومدّ يده لييغلق الباب ثم قال:
" هذا أفضل".
منتديات ليلاس
وكان طبيعيا أن يختار طعاما بحريا طازجا من قائمة الطعام , وعندما قررا ذلك جلست دينا في الكرسي المقابل لبليك , وفي داخلها كتلة من الأعصاب المتوترة , ولكنها أرغمت نفسها على أن تبدو هادئة , ولم تستطع قول أي شيء , وكان ذلك دليلا على مدى تباعدهما هي وبليك , وشعرت بلسانها وكأنه مربوط بعقدة , وقال بليك في كسل واضح:
" سأقوم بجولة الى المكتبات قريبا , أريد أن أقرأ أشياء كثيرة فاتتني".
" نعم , أعتقد ذلك".

dalia cool 29-08-10 05:34 PM

يعطيكي العافية بالانتظار:flowers2:

نيو فراولة 29-08-10 07:28 PM

وتمنت دينا أن تبكي بسبب ردها العقيم , ولكن بليك لم يلحظه أو لعله تعمد أن يتجاهله وقال :
" قد يبدو هذا جنونا ولكن القراءة كانت أكثر شيء أفتقدته , أفتقدتها أكثر من الوجبات الشهية والملابس النظيفة , لم أكن أعتبرها ضرورة هامة من قبل".
"ولا أنا".
" هل هناك كتب جديدة توصي بضرورة قراءتها؟".
وترددت دينا قليلا ثم أقترحت قائلة:
" جذور".
منتديات ليلاس
وقبل أن تدرك ماذا حدث , وجدت نفسها منهمكة في مناقشة كتب جديدة صدرت في غياب بليك . وعناوين قرأها كل منهما في الماضي , وأنتقل حديثهما من القراءة الى الأفلام وأستعراضات برودواي , وبدا أمرا طبيعيا أن تخبره عن الأشياء التي فعلتها وهو بعيد والقرارات التي أضطرت الى أتخاذها , مثل تأجير شقتهما وفرز أثاثهما.
وعندما نادى بليك الجرسون ليدفع الحساب دهشت دينا عندما أكتشفت أن الساعة تجاوزت العاشرة , وأنه لم تمر لحظة حرجة واحدة بينهما , ولم تذكر ملاحظة واحدة تثير الجدل , لم تكن تتصور أن هذا ممكن وتساءلت عما أذا كان بليك قد لحظ هذا؟ ولكنها خشيت أن تسأل , فلم تكن تريد المجازفة بتحطيم أي نوع من هدنة مؤقتة قد وصلا اليها , وبدا التفكير على كل منهما وهما يعودان الى غرفتيهما ,وشعرت دينا بيده تستقر برقة على خصرها , ولم تعترض على ذلك , وسألها بليك عندما توقفا أمام باب غرفتها.
" هل تعرفين بماذا يذكرني هذا؟".
ورفعت دينا وجهها اليه وقالت وهي تفكر بفضول:
" ماذا؟".
" كل هذه المرات التي كنت أسير فيها معك حتى باب المنزل الذي كنت تقيمين فيه مع صديقاتك وأقبّلك قبلة المساء في ركن مظلم من المبنى".
ونظر حوله في الردهة ثم قال:الطبع أي أركان مظلمة!".
" لا توجد هنا بالطبع أي أركان مظلمة!".
وعاد ينظر الى وجهها وأضاف :
" ولكنني سوف أقبلك قبلة المساء".
وأحنى رأسه ورفعت دينا رأسها لتقابله في منتصف الطريق , كان العناق حارا رقيقا متسائلا ويبحث- في نفس الوقت- عن أجوبة لأسئلة غير معروفة, وبدا أن كلا منهما يدرك أن أقل أثارة يمكن أن تحول العناق الى عاطفة متأججة , ولكن أحدا منهما لم يحاول ذلك , فقد كانا يختبران درجة حرارة الماء بدون أن يغوصا فيه ! وترك كل منهما الآخر رغما عنه , ونظرا الى بعضهما في صمت.
تراجع بيك خطوة الى الوراء وقد لاحت على وجهه نظرة غامضة وسألها:
" هل معك مفتاحك؟".
" نعم".
منتديات ليلاس
وفتحت دينا كيس نقودها وأخرجته منه , وتردد بليك نصف ثانية وقال :
" تصبحين على خير".
ثم سار نحو باب غرفته .
" تصبح على خير يا بليك ".
هكذا تمتمت دينا ودخلت غرفتها في الفندق وحدها.

نيو فراولة 29-08-10 07:57 PM

9- عطلة لم تستمر

لم تنم دينا نوما عميقا في تلك الليلة , ومن الغريب أن ذلك يرجع الى أن فرشتها لينة جدا ! وأستيقظت من نومها المتقطع على طرقة على على الباب وسارت متعثرة عبر الغرفة لتفتح الباب وأستندت اليه وهي مرهقة وقالت:
" من الطارق؟".
وجاء الرد:
" بليك , هل أنت مستعدة للأفطار؟".
وأطلقت دينا أنّة , لا يمكن أن يكون الصباح قد حل .
" هل أنت بخير ؟".
منتديات ليلاس
كانت نبرة خافتة ونافذة , وتمتمت قائلة:
" نعم أنا بخير ".
ثم أضافت في صمت :
" أحتاج فقط الى بعض النوم!".
وأمرها قائلا:
" أفتحي الباب يا دينا".
كانت مرهقة جدا فلم تقدر على التفكير في سبب للرفض , ولا أن تجادل حتى أذا وجدت سببا , وفتحت الباب وخطت جانبا بينما دفعه بليك داخلا , كان القلق باديا على وجهه , ولكنها لم تلحظه , وقالت دينا وهي تستدير لتعود الى الفراش:
" لا أريد أن أتناول الأفطار , أذهب بدوني".
ووضع بليك ذراعه حولها ليديرها , وأزاح خصلة شعرها الذهبي خلف أذنها , ورفع رأسها , كانت قوته شيئا رائعا , وتركته دينا يسندها فلم تكن تستطيع الوقوف من فرط تعبها , وقال بليك وهو يقطب جبينه:
" ماذا بك يا دينا ؟ يبدو عليك الأرهاق".
وقالت وهي تتنهد:
" أنا مرهقة , أن فراشي الجميل اللين كان لينا أكثر مما يجب , ولم أنم ألا قليلا".
وضحك بنعومة وسخر منها بلطف قائلا:
" لماذا لم تأخذي وسادة وبطانية من السرير وتنامي على الأرض؟".
" أعتقد أن هذا هو ما فعلته أنت!".
وأومأ قائلا:
" نعم".
وأضافت بلهجة حاسدة :
" ولعلك أستغرقت في النوم مثل طفل صغير !".
ونفى بليك قائلا:
" لم أستغرق الى هذا الحد".
" لم لا ؟".
ووضعت دينا ذراعيها حول جسمه الصلب الدافىء ووضعت رأسها على صدره وأغمضت عينيها , وقال بليك:
" لا أحب النوم وحدي منذ أن رأيتك".
وسرى كلامه المثير في رأسها الناعس , وأدركت دينا أنها تشعر بالراحة والدفء بين ذراعيه......... وأقتربت منه أكثر وأقترحت في همهمة ناعسة :
" لماذا لا أظل هكذا لحظة حتى أنام؟".
" لا أعتقد ذلك".
وسحب ذراعه التي كانت حولها وأبعدها عنه وأضاف:
" أذا بقيت بين ذراعي مدة أطول فلن أفكر في النوم".
وبدت نصف أبتسامة على ركن فمه , مضى قائلا:
"لماذا لا تأخذين دوشا وترتدين ملابسك ؟ سأذهب وأحضر بعض القهوة حتى تنعشك قبل أن نتناول الأفطار".
منتديات ليلاس
ولم تجد فرصة للموافقة أو المعارضة , ودفعها صوت أغلاق الباب الى أن تتحرك , ونظرت الى الفراش بأشتياق ولكنها عرفت أنه لا فائدة من النوم ,فحتى لو عادت الى النوم , فأن بليك سيأتي بعد لحظات ويوقظها , ونفّذت أقتراحه وسارت نحو الحمام.
كان الصباح قد أنتصف عندما أنتهى بليك ودينا من أفطارهما وخرجا ليقوما بجولة في الجزيرة المليئة ببرك من المياه الصافية.
وأوقف بليك السيارة على ضفة موهيغان الصخرية على الشاطىء الجنوبي الشرقي , وكان الفنار الذي في البطاقة البريدية يقع فوق الصخور , ويطل على البحر , ونوره من أقوى أنوار الفنارات البحرية على ساحل نيو أنغلاند.
كان نسيم المحيط رطبا , وأغلق بليك السيارة وأخذت طيور البحر تحوم فوق رأسيهما وهما يسيران أمام الفنار في الطريق تالمنحدر الذي يؤدي الى الشاطىء , كانت ذراع بليك حول كتفي دينا حتى تظل قريبة الى جانبه , وخطت فوق قطعة خشب , ورفعت نظرها اليه , وبدت ملامحه فيها لمحة من الرضى .
قالت وهي تخاطب نفسها أكثر مما تخاطبه:
" لماذا نشعر بالراحة مع بعضنا؟".
وأقترح بليك قائلا:
" ربما لأننا لم نعد ننظر الى بعضنا ".
" ماذا؟".
وتجعد جبينها بتقطيبة حائرة وأظلم الأضطراب زرقة عينيها.
" هذا يبدو غريبا بعض الشيء".

نيو فراولة 29-08-10 09:17 PM

ولاحت أبتسامة باهتة على فمه عندما نظر اليها ثم حوّل نظرته الى الأمام وراح يفكر ثم أضاف:
" أقصد أننا لم نعد نحاوا رؤية العيوب والأخطاء في بعضنا , لقد بدأنا ننظر سويا الى الخارج".
" هل تعتقد أن هذا هو السبب؟".
وحوّلت دينا أيضا نظرتها الى الشاطىء أمامهما .
ورد قائلا:
" لماذا تهتمين بتحليل السبب ؟ لماذا لا تستمتعين بالوضع فقط؟".
" هذا صحيح , ألا أنني أحب معرفة أسباب الأشياء !".
وتمتم بليك بجفاف وقال:
" أذكر هذا , كما حدث عندما أعطيتك خاتم خطبتك وأردت أن تعرفي لماذا عرضت عليك الزواج !".
منتديات ليلاس
وضحكت دينا :
" وقلت لأنك تريد أن تضع حلية جميلة في بيتك".
وتوقفت عن الضحك ورمقته بنظرة حذرة وأضافت:
" هل هذه هي الطريقة التي تنظر بها الى النساء ؟ مجرد حليّ؟".
وبدا عليه شيء من الضيق ونفاذ الصبر , وقال:
" يجب أن تعرفيني أفضل من ذلك يا دينا".
وظلّت صامتة لحظات ثم قالت:
"هذه هي المشكلة كما أعتقد , لم أعد واثقة من أنني أعرفك , كنت تبدو دائما مهذبا جدا .....والآن........".
ورفعت رأسها في حركة باحثة وأضافت:
" والآن تبدو بدائيا جدا ".
" لقد تعلمت أن أسس الحياة أهم , أما الباقي فهو مجرد واجهة , لا أعتقد أنني تغيرت في مبادئي".
وتساءلت بصوت مرتفع:
" ربما أنشغلت بالبحث عن الواجهة , فلم أتعرّف عليك".
وقال بليك موافقا:
" ربما".
ثم أبتسم أبتسامة سريعة وأضاف :
" كيف بدأنا هذا النقاش الجاد؟".
وأنتقلت اليه عدوى تحوله من الجد الى الدعابة فقالت دينا فورا:
"لا أعرف , أنت بدأته".
وصحّحها بنفس الطريقة المازحة:
" لم أبدأ , أنت التي بدأته عندما سألت لماذا لا نتشاجر؟".
وهزت كتفيها وقالت:
" لم تكن مضطرا لأن ترد عليّ فهي غلطتك أذا".
منتديات ليلاس
وقال بليك وهو يهز رأسه مداعبا:
" أن مثل هذا المنطق لا يمكن أن يأتي ألا من أمرأة ".
وسألته وهي تتظاهر بالغضب:
" هل تدلي بملاحظات ضد بنات جنسي ثانية؟".
وأصرّ قائلا:
" أنني أذكر حقائق فقط".
ودفعته دينا بكتفيها , وأختلّ توازنه وأنسلت ذراعه من حولها وأضطر أن يتخذ خطوة جانبا وعندما خطا بليك تلك الخطوة أستقرت قدمه وفردة حذائه وجوربه وثنية بنطلونه في الماء المالح , وشهقت دينا ضاحكة وهدّدها مداعبا وهو يتقدم نحوها:
" هل ترين شيئا مضحكا؟".
وبدون أن تشعر بدأت تتراجع وقالت:
" صدّقني يا بليك ..... أنا آسفة".
كانت تحاول جاهدة ألا تضحك , ولكن الضحك بدا في صوتها وهي تقول:
" لم أكن أعرف ........ صدقني.......لم أقصد أن أدفعك في الماء".
وأستمر بليك يقترب منها وقال :
" دعينا نرى أذا كانت الملابس المبتلة تضحك".
" كلا.......يا بليك........".
وأخذت دينا تتراجع وهي تهز خصلات شعرها الذهبي , وكان الوميض الشرير في عينيه يحذّرها من أن الكلمات لن تهدئه , وأستدارت وجرت نحو الصخرة المرتفعة بعيدا عن أمواج المحيط وجرى بليك وراءها وأستطاع أن يقترب منها بخطواته الطويلة , كانت دينا تعرف أنه سيمسك بها في أية لحظة ووجهت نظرة ضاحكة فوق كتفها ,وفجأة تعثرت في قطعة من الخشب جرفتها المياه وسقطت على الشاطىء , وخفّفت من حدة عثرتها ذراعاها الممتدتان فلم تصب بأذى وتدحرجت على ظهرها وهي تلهث وتحاول ألا تضحك بينما سقط بليك على ركبتيه بجانبها وسألها بأبتسامة قلقة:
منتديات ليلاس
" هل أنت بخير؟".
وشهقت قائلة:
" نعم...بخير..".

نيو فراولة 29-08-10 09:39 PM

وجلس بليك على كعبيه وراقبها في صمت , وتقدّم نحوها وكأنه يريد أن يساعدها لتنهض على قدميها , ورفعت دينا يديها وكأنها تريد أن تقاومه ولكنها طوّقته بذراعيها فعانقها بقوة وسرى الدم في عروقها وذابت عظامها تحت حرارة العناق , وعرفت أنها فقدت السيطرة على نفسها , ولم تحاول أن تستعيدها فقد كانت تريد أن تتركه يسيطر عليها كما يشاء , ومع كل نفس كانت تستنشق رائحته المثيرة الدافئة.
لم تشعر دينا في حياتها أنها في مثل هذا الأنتعاش , كان كل ركن من قلبها ممتلئا بالحب يتدفق ويفيض مثل البركان , وذابت كل خلافاتهما في العناق الحار.
وسمعت صوت طفل يقول :
" أسمع.......يا سيد........".
وسحب بليك رأسه وسمع الطفل يقول:
" هل رأيت كلبي الصغير؟".
كان ولدا صغيرا في السادسة من عمره يقف بجوارهما بركبتين متسختين ويضع قبعة على شعره البني الفاتح ويحملق فيهما ببراءة ..... وأستطاعت دينا أن تشعر ببليك يسيطر على نفسه ليرد عليه قائلا:
" لا لم أره يا بني".
منتديات ليلاس
وقال الصبي مفسرا:
" أن لونه أبيض وأسود وله ياقة حمراء".
وكرر بليك قائلا:
" آسف لم أره".
" أذا رأيته هل تتكرّم وتعيده أليّ؟".
" بالتأكيد".
" شكرا".
وجرى بعيدا عن الشاطىء .
ونهض بليك واقفا وأمسك بيد دينا ليشدها معه .
" ألى أين نذهب؟".
قالت ذلك وقد تورّدت وجنتاها.
" سنعود الى الفندق".
" لماذا؟".
" أنك تنسين".
ورمقها بنظرة لا تزال تحمل وميض الرغبة وأضاف:
" أن فردة حذائي وفردة جوربي وساق بنطلوني مبتلة!".
وقالت دينا بخنوع:
" أنا آسفة لذلك".
" وأنا لست آسفا".
ولمس شفتيها بأصبعه وأضاف:
" أذا كان هذا ما أحصل عليه مقابل قدم مبتلة , لا يسعني ألا أن أتساءل ماذا كان سيحدث لو أغرقن الماء من رأسي حتى أصبع قدمي!".
ولم ينتظر بليك حتى تتكلم فأبعد أصبعه من فوق شفتيها ليمسك بيدها وقال:
" هيا نذهب".
وأومأت دينا موافقة في صمت , وظلّت اللحظة الساحرة بينهما في رحلة عودتهما الى الفندق , ولم يتحدثا عن التغيير الهائل الذي كانت قد أحدثته , ولكنه كان واضحا في النظرات التي تبادلاها , في الأشياء التي لم يقولاها , وفي الطريقة التي حاول كل منهما بها أن يتجنب لمس الآخر , كان كل منهما يعرف أن لمسة واحدة يمكن أن تحرق ولم يرغب في أشعال نار كاذبة !
لم يكن أي منهما مستعدا لأن يعترف بالتغيير في علاقاتهما ..... وفي نفس الوقت لم يستطيعا العودة الى العداء البارد الذي سبق زيارتهما للجزيرة , وكل منهما يلعب لعبة الأنتظار , وبعد غداء متأخر في مطعم الفندق دخلا غرفة الأستقبال ,وتوقف بليك وألتفت الى دينا وقال:
"نخبرهم ونعود الى البيت".
وقالت محتجة:
" ولكن اليوم السبت".
ورد بشيء من نفاذ الصبر:
"نعم أعرف , ولكنني لا أنوي قضاء ليلة أخرى هنا".
وترددت دينا غير متأكدة مما يقصد وأخيرا قالت:
" أن الأسرّة ليست مريحة".
وألتوى فمه ساخرا وقال :
" نعم , أنها لينة أكثر مما يجب".
" هل لدينا وقت لنلحق بالزورق؟".
" أذا لم تضيعي وقتا طويلا في حزم الحقائب يمكن أن نلحق به".
ووعدته قائلة:
" لن أستغرق وقتا طويلا".
وقال بليك :
" سوف أخبرهم حتى تستعدي".
منتديات ليلاس
وأثناء رحلة العبور بالزورق لم يشر أي منهما ألى التغيير المفاجىء في الخطط مما جعلهما يعودان مبكرا , لم يتحدثا عنه وكأنهما لا يريدان أن يخوضا بعمق في السبب , وعندما توقف الزورق في نيوبورت توقف تماما عن الكلام , وعندما ركبا السيارة أستغرق كل منهما في أفكاره الخاصة , ولم تلحظ دينا ألا بعد لحظات أن بليك ترك منعطفا , وقالت تذكّره:
" كان المفروض أن تنعطف عند ذلك الركن".
وقال:
" لن نعود الى المنزل مباشرة".
وأنتظرت دينا أن يخبرها عن وجهتهما وعندما لم يتكلم سألته:
" ألى أين نذهب؟".
ولم يزد على أن قال:

" هناك شيء أريدك أن تريه".
وبعد عدة منعطفات أتجه ال شارع ظليل بالأشجار وقد تقّوست غصونها فوق الرؤوس حتى كادت تلمسها , وأبطأ سير السيارة وهو يقرأ أرقام البيوت , وزاد فضول دينا مع كل ثانية من صمته المستمر وأخيرا أوقف السيارة أمام مدخل منزل.
ونظرت دينا الى المنزل الأبيض الكبير المحاط بعشب أخضر به أشجار كثيرة ونباتات مزهرة ,ولم تتعرّف على المكان فسألته:
" من الذي يقيم هنا؟".
كان بليك يفتح باب السيارة ويخرج منها فقال:
" سوف ترين".

نيو فراولة 29-08-10 10:29 PM

ورمقته بنظرة قلقة وهو يلف ليفتح بابها , كان قد تمادى بعض الشيء في هذا الغموض ,ولكنها لم تقل شيئا , وسارت أمامه على الرصيف المتعرج حتى الباب الأمامي , وسمعت صوت صلصلة وراءها وألتفتت , كان بليك يخرج مجموعة من المفاتيح من جيبه , وأختار واحدا وتقدمها , وعندما فتح الباب أشار اليها وقال:
" هيا .,...... أدخلي".
ودخلت , على يمينها كانت أعمدة نحتت من خشب الزان تمتد من الأرض الى السقف لتفصل المدخل عن غرفة الجلوس الفسيحة ,وبرغم أن الغرفة كانت مفروشة بأثاث قليل فأن دينا لاحظت أن الأثاث الموجود من أثاث شقتهما المخزون.
" ماذا يعني هذا؟".
ولم تنظر اليه , وأيقنت أنها عرفت الجواب , وشعرت بغضب شديد من تصرفه بدون أن يستشيرها.
وتجاهل بليك سؤالها وأستبدله بسؤال من عنده فقال:
" هل يروق لك؟".
منتديات ليلاس
" هل أفترض أنك أشتريت هذا البيت بدون أن تأخذ رأيي".
هكذا سألت بصوت خافت مختلج وهي لا تستطيع أن تسيطر على غضبها .
" كما أذكر كنت مشغولة جدا ولا يتسع وقتك للبحث عن مكان نقيم فيه".
هكذا ذكّرها بنبرة خالية من التعبير وأضاف:
" ولكن أذا أردت ردا على سؤالك أقول كلا , أنني لم أوقع وثائق لشراء هذا المنزل".
" أذا كان هذا صحيحا ماذا يفعل كل أثاثنا هنا؟".
وأشارت بيدها بعصبية الى الأريكة والكراسي .
" لقد أستأذنت المالك في أحضاره لأرى كيف يلائم الغرف , وأعطي مصمم الديكور فكرة عما يفعله".
وألتفتت اليه دينا والشرر يتطاير من عينيها.
" أنك تواجهني بأمر واقع بتعبير آخر , ولا يهمك ما أريده ,قررت شراء هذا المنزل وأذا لم يعجبني فليس لك ألا أن تبدي الأسف فقط أليس كذلك؟".
" أن رأيك يهمني".
وبرزت عضلة على فكه وكانت هذه هي العلامة الوحيدة على مدى ألمه من كلاتها , وأضاف:
" ولهذا السبب أتيت بك الى هنا".
ورفعت ذقنها في شك , وتألق عدم التصديق في عينيها برغم لهجته النافية الناعمة.
" لماذا لم تحضرني من قبل؟ أنك لم تنقل كل هذا الأثاث الى هنا وترتبه في يوم وليلة".
وقال بليك موافقا:
" لا , لم يحدث".
وكررت دينا سؤالها:
" لماذا الآن أذا ؟".
" لأنني أخذت أنطباعا بأنك مستعدة لأن تبدأي البحث عن مكان يمكن أن نقيم فيه سويا".
عاد وسألها بليك:
" هل كنت مخطئا يا دينا".
وقالت بعدم أهتمام:
" طالما أنني هنا يمكن أن تريني بقية المنزل ".
وتردد بليك وكأنه يريد الرد على سؤاله ثم أشار بيده وقال:
" غرفة المائدة والمطبخ من هنا".
وبينما كانت دينا تتجول في المنزل أدركت أن فيه كل ما أرادا أن يوجد في بيت خاص بهما , كان واسعا وبه مكان لأستقبال الضيوف وأقامة الحفلات وكانت فيه غرفة مكتب لبليك حيث يستطيع أن يعمل بدون أزعاج في المساء . وفي الخلف يوجد رواق كبير.
منتديات ليلاس
" ما دمت تعملين فكّرت في أن نستعين بخادمة تأتي وتقوم بأعمال المنزل".
هكذا قال بليك وهما يسيران في الردهة من غرفة النوم الكبيرة ألى غرفة الجلوس.
ووافقت دينا وهي شاردة وقالت:
" نعم".
وأمام الباب المفتوح لأحدى الغرفتين الخاليتين توقفت لتنظر الى الداخل ثانية , كانت الغرفتان الأضافتيان أصغر من غرفة النوم الرئيسية ولكنهما واسعتان بقدر كاف.
وتوقف بليك بجوارها وقال :
" هناك شيء لم أسألك عنه ".
" ما هو؟".
وألتفتت لتواجه نظرته.
" لم أسألك عن رأيك في أن يكون لنا أطفال".

نيو فراولة 29-08-10 10:41 PM

وأضطربت دينا قليلا وعادت تنظر الى الغرفة الخالية وتصورتهما غرفة أطفال لا غرفة ضيوف وقالت:
" لقد تحدثنا عن هذا من قبل".
وتذكرت أنهما قد قررا أن يكون لهما طفلان وربما ثلاثة.
وقال بليك:
" كان ذلك منذ عدة سنوات , قبل أن تصبحي أمرأة عاملة".
" أن النساء العاملات تربين أطفالا".
قالت هذا وهي تتجنب ردا مباشرا وتتكلم بصورة عامة.
وأضاف:
"وهناك بعض النساء العاملات اللاتي تفضلن ألا يكون لهن أطفال , أنني أسأل ماذا تفضلين أنت يا دينا؟".
وبدا أنه يطلب منها في صمت أن تنظر اليه , ورغما عنها تركت نظرتها تتحّول اليه ولكنها لم تستطع أن تنظر الى أعلى من فمه , كان فمه قويا حاسما , وشعرت برغبة في أن ترفع أطراف أصابعها وتتحسس قوته.
" نعم , أود أن يكون لي أطفال".
كان ردّها خافتا لا يكاد يسمع.
" هل لديك أي مانع في أن أكون والدهم ؟".
قال ذلك بصوت أجش .
منتديات ليلاس
وكرر بليك قائلا:
" هل لديك مانع؟".
وعندما ظلت صامتة رفعت أصابعه ذقنها حتى تنظر اليه .
" هل كنت مخطئا بعد ظهر اليوم ونحن على الشاطىء ؟".
ولم تهتز نظرته الثابتة وهو ينظر بعمق الى عينيها , بل الى روحها.
" هل أعطيتني ردك أم أنه كان أستسلاما عابرا للرغبة؟".
" لا أعرف".
وأرادت دينا أن تنظر بعيدا ولكنها لم تستطع , كان ذهنها يلف من لمسته عاجزا عن التفكير المتناسق .
" لا أستطيع أن أفكر".
" لا تفكري ....... أخبريني بماذا تشعرين؟".
وأمسك كتفيها وشد قبضته وكأنه يريد أن ينتزع الرد منها , وحملقت دينا في الملامح الخشنة ,والبشرة السمراء ,كان هذا بليك , زوجها , وليس الرجل الغريب الذي تصورته , ومالت نحوه وأحاطها بذراعيه , في عناق دافىء , وكأنه لم يبتعد عنها أبدا , وذابا بنار حبهما الرائعة , وأدركت دينا أنه هو فقط الذي يستطيع أن يسعدها , وأحنى بليك ذراعا تحت ركبتيها وحملها الى غرفة النوم الرئيسية , الى سرير زواجهما القديم....... وعندما وضعها على الفراش طوقته بذراعيها , ولم يعد أي منهما يهتم
منتديات ليلاسبشيء ...... لا الماضي ولا المستقبل , وكل ما يهمها أنهما معا في هذه اللحظة , ودفع ذلك الدموع الى عيني دينا , دموع الفرح. متألقة سعيدة , ومسح بليك الدموع برقة ....... وحب....... وأستكانت دينا على صدره وتنهدت في سعادة ....ولم تكن تريد أن تتحرك , هنا كانت تنتمي ...... وهنا ستظل تنتمي دائما.

نيو فراولة 29-08-10 11:01 PM

10- جديد في العائلة

كان بليك يعبث بشعرها وهو شارد الذهن ,ويتحسس بأصابعه أطرافه الحريرية وهو يراقب لونه الأشقر يلمع في الضوء , وكانت عيناها مغمضتين في سعادة قصوى.
" هل هل تقولين الآن يا دينا؟".
وخرج صوته الأجش من أعماق صدره:
" أقول ماذا؟".
سألته بنعومة وهي غير متأكدة من أن الكلمات يمكن أن تعبر عن أي شيء مما تشعر به .
وقدم لها الكلمات التي أراد أن يسمعها وقال :
" قولي...... مرحبا بعودتك يا حبيبي".
وأزاحت رأسها الى الوراء ونظرت الى وجهه وقد أضفى الحب بريقا جميلا على زرقة عينها .
" مرحبا بعودتك يا حبيبي ".
هكذا كررت الكلمات بصوت مفعم بمعنى ما تقصده.
ورفع رأسها قليلا ثم لمس بأصابعه المرتجفة شفتيها وكأنه يعتذر عن أنه آلمها وقال:
" لقد أنتظرت طويلا لأسمع ذلك".
وبدا شيء من الحزن على فمه القوي , وأضاف:
" أما الآن فلا يبدو أنه أمر هام".
"تساءلت ألف مرة , هل كان ستختلف الوضع لو أنني عرفت أنك حيّ قبل أن أراك في المنزل؟".
هكذا قالت دينا في همس وقلبها يتألم من الوقت الذي صيّعه كل منهما وأضافت:
" لقد تصوّرت أن أحدا خطرت له فكرة دعابة سخيفة".
منتديات ليلاس
وقال بليك :
" كان يجب أن أبذل مجهودا أكبر حتى أتصل بك أو أجعل السلطات تتصل بك قبل أن أعود , كنت أعرف أنها ستكون صدمة ,لقد حاول أن يقنعني بأن أتركه يبلغك النبأ , ولكنني لم أستمع اليه حتى عندما أصيبت أمي نفسها بالذهول لدرجة أنها لم تصدق أنني أمامها , كنت أتوقع كثيرا , ولم يخطر على بالي أن رد فعلك سيكون هكذا ...... وفي النهاية ذهبت الى أمي ولكنني حاولت أن أجعلك تعودين أليّ".
وقال مفسرة :
" لم تكن صدمة فقط كان شعورا بالذنب أيضا لأنني كنت قد خطبت لشت , ثم فوجئت بك....... فوجئت بزوجي , أردت أن أجري اليك , ولكني لم أستطع , وفجأة رأيتك مختلفا .... رأيتك شخصا غريبا وكأنك رجل لم أعرفه".
وتنهدت دينا.
وهمسبأبتسامة ساخرة:
ط في شعوري الباطن لم أكن أريد أن أعترف بأنه حدثت أية تغييرات في أي منا , كنت أريد كل شيء على ما كان عليه ...... وكأنني لم أتغيّب أطلاقا".
" ومع ذلك كان يمكن أن يختلف الوضع لو لم أكن مخطوبة لشت".
وأستدارت دينا لتضع رأسها ثانية على صدره الرونزي وتستمع الى الأيقاع القوي لدقات قوله.
وأصر قائلا:
" لعل ذلك كان سيجعل كلامنا أقل حذرا نحو الآخر , ولكن كان سيتعين علينا برغم ذلك أن نتكيف مع نمونا بأعتبارنا بشرا".
وبدأت دينا تجادل وقالت:
" نعم , ولكن شت....".
وقاطعها بليك قائلا:
"لم يكن في يوم من الأيام خطرا على علاقتنا ,أنني مقتنع تماما بأن حتى لو حدث ولم أعد لما تزوجته أطلاقا ,ربما كنت ستوافقين على الخطبة لمدة عام , ولكنك ذكية جدا وكان لا بد أن تدركي أنه لا يناسبك".
وأرتاحت..... وفجأة عرفت أنه على حق وتلاشى الشك الصغير الأخير , وأبتسمت.
منتديات ليلاس
" ألم تشعر بقليل من الغيرة من شت؟".
كان نصف السؤال جادا ونصفه مزاحا , وقهقه ضاحكا وأمسك خصلة من شعرها وقال :
" لا , لم أشعر أبدا بالغيرة منه".
" أبدا ؟".
قالت دينا هذا وهي تشعر بشيء من خيبة الأمل .
" أبدا......".
هكذا قال بليك بنبرة واثقة تماما ثم أضاف:
" ومع ذلك شعرت في بعض الأحيان بأنني أحسده ".
" لماذا؟".
" لأنك كنت طبيعية جدا معه , لطيفة ودودة , تثقين فيه وتعتمدين عليه وتلجأين اليه عندما تشعرين بالأضطراب , كنت أتمنى أن تلجأي أليّ......".

نيو فراولة 29-08-10 11:20 PM

ومضى يقول مفسرا ما يقصده .
" أن غريزة الرجل في الرغبة في الحماية لا تقل قوة عن غريزة الأمومة في المرأة , وهذا هو الذي جعلني أحسد شت , لأنك لم تحاولي أن تلجأي أليّ لتشعري بالأمن".
" أنني أشعر بالأمن الآن ........".
وعانقته دينا وأستطردت تقول:
" أنني أحبك يا بليك , ولم أتوقف أبدا عن حبك".
"هذا هو في الواقع ما أردت أن أسمعه".
وشدّ ذراعيه حولها حتى سحق ضلوعها , وأضاف:
" مرحبا بعودتك كانت مجرد بديل لعبارتك أحبك".
وكررت قائلة:
"أنني أحبك , ولا حاجة لأن تدفعني الى أن أقول ذلك ,سوف أظل أرددها حتى تضيق بها".
ورد وهو يهز رأسه :
" أبدا..... يا حبيبتي ,لن أضيق بها".
وساد صمت طويل بينما أخذ كل منهما ينعم في داخله بأكتشاف حبهما من جديد , ويذكر الكلمات البسيطة التي عبرت عن شعورهما ببلاغة.
منتديات ليلاس
وهمست دينا قائلة:
" لا أحب أن أثير موضوعا مبتذلا ولكن أين سننام الليلة؟".
وقال بليك :
" أنني لا أريد أن أنام".
" ألا تشعر بالتعب؟".
كانت ليلتها التي قضتها بلا نوم على الحشية اللينة قد بدأت تؤثر عليها الى جانب السعادة الناعسة التي غمرتها وهي بين ذراعيه .
قال معترفا وهو يبتسم:
" أنني مرهق , ولكنني أخشى أن أنام ثم أستيقظ فأجد أنه لم يحدث شيء من هذا , أو أسوأ من هذا , أنني لا أزال في الأدغال!".
قالت وهي تتحسس صدره بأصابعها :
" سأكون معك هناك , أنت طرزان وأنا جين".
وقهقه بليك ضاحكا وقبّل شعرها وسألته دينا :
" أنني جادة يا بليك , هل سنذهب الى المنزل الليلة؟".
ورد:
" لن نذهب أذا كانت الصناديق في الكراج فيها بطانيات".
" هل أحضرت كل شيء , كنت أخزّنه؟".
وقال مؤكدا:
"كل شيء".
" أذا توجد بطانيات في الصناديق التي في الكاراج , الواقع أنه يوجد كل ما نحتاج أليه لأبدأ في القيام بأعمال البيت".
وسألها بليك:
"هل هذا هو ما تريدينه؟ أن نبقى هنا الليلة؟".
" ظننت أنك قررت فعلا أن نبقى".
وسألها موضحا :
" أنني أسألك هل هذا ما تريدينه؟".
وتمتمت دينا قائلة:
" يجب أن أتذكّر ذلك وأشير اله على مفكرة الحائط : سألني بليك عما أريد أن أفعله بدلا من أن يسألني عما سأفعله!".
وقال ضاحكا:
" وهو كذلك أيتها المثيرة للمتاعب , أنك تعرفين ما أسأل عنه حقا".
وأتكأت دينا على مرفقها وقالت:
" تريد أن تعرف أذا كان المنزل يعجبني ".
" هل يعجبك؟".
وردّت وهي تبتسم :
" نعم .,......... أنني أحبه جدا في الواقع ..... أن فيه كل ما أردنا أن يوجد في بيتنا".
منتديات ليلاس
" حسنا , هذا هو ما أعتقدته أيضا , في صباح الأثنين سأطلب من السمسار أعداد الأوراق لنوقعها , والآن لا أعتقد أنه سيتضايق أذا فتحنا الصناديق في الكاراج".
" وماذا أذا باعه لشخص آخر".
" لن يفعل , لقد دفعت مبلغا لأحتفظ به حتى تريه وتوافقي على أختياري كما كنت أرجو".
" هل كنت متأكدا من أنه سيعجبني؟".
وأجاب بليك:
" نعم , بقدر ما كنت متأكدا من أنك ستحبيني ثانية".
وقالت دينا وهي تغيظه:
"مغرور! وماذا لو أنه لم يعجبني؟".
" ولكنه يعجبك , وتستطيعين أن تقومي بما يروق لك من ديكور".
قالت محذرة :
" قد ينتهي به الأمر الى أن يبدو مثل فندق!".
" لا!".
وقهقه ضاحكا وشدّها الى ذراعيه.

نيو فراولة 30-08-10 12:18 AM

كانت الثلوج تتساقط خارج نافذة مكتبها من سماء رمادية لؤلؤية , ولاح بريق سعيد في عيني دينا وهي تبتسم الى سماعة التلفون التي وضعتها على أذنها ووعدت قائلة:
" شكرا .....سوف أخبره ... عيد سعيد".
وبعد أن وضعت السماعة حوّلت أهتمامها الى الأوراق على مكتبها وهي شاردة تردد أغنية عيد الميلاد ..... ورن جرس التلفون الداخلي وأمسكت بالسماعة ثانية ,وما كادت تقدم نفسها حتى سمعت صوت بليك يأمرها بحدة قائلا:
" أريدك في مكتبي فورا".
" لماذا؟".
" سوف نبحث الأمر عندما تأتين".
ووافقت دينا بهدوء وقالت:
" حسنا جدا ...... أمهلني ربع ساعة".
ورد قائلا:
" قلت الآن".
وذكّرته بجفاف قائلة:
" نسيت أن المسافة بين غرفتي الصغيرة ومكتبك تستغرق هذه المدة؟".
منتديات ليلاس
" الآن يا دينا".
وتنفست بعمق وحملقت في السماعة قبل أن تعيدها الى مكانها , ثم خرجت ألى الردهة وأغلقت باب غرفة مكتبها.
وبعد ثماني دقائق كانت آمي ونتورث تنظر اليها من فوق آلتها الكاتبة وتشير أليها بالدخول الى مكتب بليك , وطرقت دينا الباب مرة ثم فتحته لتدخل , كان بليك يجلس خلف مكتبه ويتكىء على ظهر كرسيه عندما دخلت دينا و والغضب يبرق في عينيه الداكنتين ولم تعرف السبب.
" أردت أن تراني يا بليك".
هكذا قالت وهي تتقدم نحو مكتبه وتبتسم برقة لزوجها , ولكن الأبتسامة لم تخفف من حدة غضبه فمضت تقول:
" هل أستدعيتني لتعاقبني على شيء؟".
" تماما كما تقولين".
وأشار الى ورقة على مكتبه ونظرته النافذة لا تغادر وجهها لحظة , قال:
" ما هذا؟".
وتناولت دينا الورقة وألقت عليها نظرة , وأجابت وهي تعبس :
" هذا طلب الميزانية الذي روجع , من أين أتيت به؟".
وقال بليك:
" من شت".
وتحول فمها الى خط مستقيم من الكآبة وقالت:
" لم يكن من المفروض أن يعطيك أياه , كنت أريد أن أراجعه معك عندما أقدمه".
" أنه لم يعطني أياه , لقد أخذته , وتستطيعين أن تراجعيه معي الآن , أنها المراجعة الثالثة أو الرابعة للميزانية؟".
" الثالثة".
كانت دينا مصرة على ألا تجاريه في اللهجة اللاذعو وأضافت :
" ولو قلت لي لماذا أردت أن تتحدث معي لأحضرت بعض المستندات".
" لا أهتم بالمستندات , أريد توضيحا , ما سبب الزيادة هذه المرة ولا تقولي لي أنه التضخم".
وبدأت تقول :
" أنها مجموعة من العوامل ...لقد أضطررنا ألى تغيير وكالات الأعلان للحملة لأن الشركة الأولى لم تستطع العمل بسبب مشكلة داخلية , ومعنى هذا زيادة في السعر".
وقال يؤنبها :
" كان يجب أن تتأكدي أكثر من الشركة الأولى".
وأجابت بحدة على نقده :
" لقد حدثت مشاكلها بعد أن وقعنا عقدا معها".
منتديات ليلاس
وبدا عدم التصديق في نظرته ولكنه لم يتابع هذه الناحة وقال:
" وماذا أيضا".
" أضطررنا ألى مراجعة التكاليف بالنسبة ألى تجديد الفنادق".
وقالمن بين أسنانه:
" نعم , أعرف , أن نفقات أعادة ديكور الفنادق زادت في كل مرة تقدمين فيها الميزانية , هل تعيدين الديكور أم تعيدين بناء الفنادق؟".
وقالت وقد بدأ الغضب يعتمل في نفسها:
" في بعض الأحيان لا أعرف أنا نفسي , هل رأيت ذلك الفندق في فلوريدا ؟ أنه أشبه بمستشفى, وحاولنا أن نغيره بالطلاء والصور , ولكنه يحتاج الى واجهة جديدة تماما ".
ورد بغضب:
" لماذا لا تقررين هدمه وبناء فندق جديد؟".
" أن هذا أفضل أقتراح سمعته حتى الآن , لماذا لا تعرض الفكرة على قسم التوسع؟".
" قد يكون هذا أرخص قرار أذا تذكرت نسبة الزيادة التي تقدمينها كل مرة ".

نيو فراولة 30-08-10 12:29 AM


ونهض بليك من مكانه , ووقف خلف المكتب ينظر اليها وقال:
" كان ينبغي أن أعرف أن هذا سيحدث , لقد كلّفت أمرأة بالمهمة وأعطيتها سلطة مطلقة فأعتقدت أن هذا يعني شيكا على بياض".
وأحترقت عيناها بالدموع الساخنة , وقالت بصوت مختنق من الألم:
" أذا كان هذا ما تتصوره لماذا لا تقوم أنت بالمهمة؟ أنني لم أطلب وظيفة أولا , وأذا أعتقدت أن الرجل يقوم بالعمل على نحو أفضل , تفضل وقم به أنت".
" لا تظني أنني لا أستطيع".
" بليك شاندلر العظيم ! أوه أنني واثقة أنك تستطيع أن تقوم بالعمل على نحو أحسن بكثير".
قالت دينا هذا ساخرة وأستدارت وهي تشعر بالأشمئزاز والألم ثم أضافت :
" لا أعرف ما الذي جعلني أعتقد أنني أريد طفلك".
ورد بليك قائلا :
" ولا أنا , من حسن الحظ أنك تستطيعين الأخيار".
" وهذه هي المشكلة , لم أعد أستطيع الأختيار!".
وأجهشت بالبكاء.
وظلّت عبارتها معلّقة في الهواء لحظات طويلة قبل أن يقطع بليك الصمت بسؤال صامت:
" ماذا قلت؟".
" ألم أخبرك؟".
منتديات ليلاس
هكذا ألقت بالسؤال فوق كتفها وذقنها يرتجف :
" أنني حامل".
وبعد لحظة كانت يداه حول كتفيها بتديراها برقة , وظلت دينا تخفض ذقنها وهي تشعر بالغضب والألم من هجومه اللاذع ,وسألها بهدوء:
" هل أنت متأكدة ؟".
وأغمضت عينيها لتمنع الدموع وقالت:
" نعم متأكدة , لقد أتصل بي تلفونيا الدكتور كوزغروف منذ دقائق ليؤكد نتيجة الأختبار".
" لماذا لم تخبريني ؟".
" كيف كنت أستطيع وأنت تثور في وجهي هكذا".
وفتحت عينيها لتنظر اليه ,ولمست أصابعه خدها برقة وقال:
" نعم , لقد كنت غاضبا".
" نعم ".
هكذا أكّدت ولكن صوتها لم يحمل أي غضب.
" لقد فقدت صوابي لحظة ,لا يهمني أن أفقد كل شيء , طالما أنني لا أفقدك".
منتديات ليلاس
كان الوهج الذي يشع من وجهه دافئا قويا , ونعمت دينا بنور الحب , وعادت اليها تلك السعادة التي غمرتها قبل شجارهما بقوة مضاعفة , وقالت موافقة:
" لا يهم أي شيء طالما أنك لي........".

نيو فراولة 30-08-10 12:30 AM

باقي الفصل النهائي من الرواية.

نيو فراولة 30-08-10 01:12 PM

وحوّلت شفتيها الى يده لتطبع قبلة على كفه المفتوح , وأحنى رأسه وعانقها......... وظلت بين ذراعيه تنعم بدفء عناقه , وسرى لحن رائع في عروقها .......لحن الحب , وعندما رفع رأسه أخيرا بدت على فمه أبتسامة ساحرة خففت من ملامحه الخشنة .
وأمتدت يداه الى شعرها ثم رفع وجهها لينظر اليها متفحا , وأدركت دينا أن هذه اللحظة ستعتز بها ألى الأبد في قلبها.
" سوف تضعين طفلا حقا؟".
كانت الدهشة في عينيه وهو يحوّل الجملة الى شبه سؤال.
وأومأت دينا قائلة:
" نعم ".
منتديات ليلاس
وقال وهو يعبس:
" هل أنت بخير؟".
" أنا بخير".
وأبتسمت ثم تنهدت وقالت:
" لماذا نتشاجر يا بليك؟".
" أعتقد أن هذه طبيعتنا".
وأبتسم هو أيضا ثم أضاف:
" يجدر بنا أن نعتاد الحقيقة لأننا قد نفعل نفس الشيء طوال حياتنا ".
" دائما نختبر بعضنا لنعرف من منا الأقوى".
" لا تقلقي يا حبيبتي , سأجعلك الأقوى من حين الى آخر".
وبدأت تحتج بغضب على ملاحظته المتعالية فقالت بحدة:
" بليك........".
وقال ضاحكا:
" هل تستطيعين أن تتصوري شخصية أطفالنا؟ يحتمل أن يكونوا متمردين صغارا يتسمون بالعناد وحب الجدل".
وردت دينا موافقة:
" يحتمل , وسوف نحب كل لحظة نزاع تحدث لتربيتهم".
منتديات ليلاس
" كما نحب كل لحظة نزاع تحدث بيني وبينك".
وعانقها برقة وحملق في عينيها وقال:
" متى تتوقعين الطفل؟".
" في شهر تموز( يوليو)".
منتديات ليلاس
" ستكون الحملة الجديدة في قمتها عندئذ , وأستطيع أن أراك تديرين العملية من عنبر الولادة".
وقهقه بليك ضاحكا,وقالت دينا بتهكم:
" تقصد أنني لا أزال أشغل الوظيفة؟".
" بالطبع".
هكذا ردّ بأبتسامة متعجرفة وأضاف:
" ألا يسعدك أن يكون رئيسك متفهما ويتركك تحدين ساعات عملك في المنزل أذا كان هذا يناسبك".
" أنني سعيدة الحظ جدا".
منتديات ليلاس
ووقفت على أطراف أصابعها وطوّقت عنقع بذراعيها وأستطردت قائلة:
" سعيدة الحظ في أكثر من شيء........"
" دينا............".
وتمتم بليك بأسمها هامسا وهو يعانقها بحب.




تمت

اماريج 30-08-10 06:03 PM


يعطيك العافية يارب
ويسلمواااااااااا ياعسولة على هل الرواية الحلوة بس مش احلى من يلي كاتبتها وامتعتنا فيها
دمتي بود

http://www.liilas.com/upp//uploads/i...35e2f001ef.gif

dalia cool 30-08-10 07:28 PM

مرسي كتير يعطيكي العافية كتير حلوة :flowers2:

Rehana 31-08-10 12:07 AM

يعطيك العافية امل

واهلين بيك في القسم

http://www.citizensam.org/graphics/Thank-you-2.jpg

جننوني 31-08-10 02:23 AM

شكرا تسلم ايديكي

زهورحسين 31-08-10 09:57 PM

الرواية حلوة جدا:flowers2:
تسلم ايديك:flowers2:
بانتظارالجديد:flowers2:

شاهد 01-09-10 01:26 PM

الرواية روعة يعطيك العافية

ربي اسالك الجنة 31-01-11 06:45 AM

يسلمووووووووووووووووووو على هاالرواية اللي اكثر من رائعه ودمتي0

زهرة منسية 30-03-11 03:49 PM

يسلم ايديكى حبيبتى الروايه دى انا بحبها قوى وقريتها اكثر من مره وفرحت قوى لما قريتها دلوقتى وهى مكتوبه من اناملك الرقيقه يعطيكى 1000000000000000 عافيه

نور سمير 19-06-11 12:54 AM

مشكووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووورة على القصه الروعه

الجبل الاخضر 21-06-11 05:29 PM

:55:برافو:55: برافو:55: برافو :55::lol:تسلمين :8_4_134:وشكرالك على الختيار الممتاز :peace:ونتظر جديدك:dancingmonkeyff8:

انجلى 22-06-11 01:58 AM

الراواية تجنن تجننننننننننننننننننننننننننننننن رائععععععععععععععععع شكرا لك على مجهودك :rdd12zp1::rdd12zp1::rdd12zp1::0041::0041::0041:

سومه كاتمة الاسرار 22-06-11 02:36 AM

واااااااااااااااااااو تسلمين ياسكر على الروايه الروووووووووووعه مثلك تمام
:8_4_134:

hantoso 15-10-11 05:22 AM

:55::lol::welcome_pills3::Welcome Pills5::1245456688zobj91845:d428a6aa93:

ندى ندى 26-10-11 01:30 AM

رووووووووووووووووووووووعه

دورونا 20-08-13 10:16 AM

رد: 44- القرار الصعب - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة(كاملة)
 
رواية رائعة جدا جدا

Laven 31-03-15 12:03 AM

رد: 44 - القرار الصعب - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
ميرسي كتييييير حلو

منى على سيد 01-04-15 12:17 PM

رد: 44 - القرار الصعب - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
شكلها تحفة

gog 06-06-15 12:23 PM

شكرا كتير علي المجهود

نسمة الجنوب 21-10-15 11:42 AM

رد: 44 - القرار الصعب - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
رواية رائعة :55:

نور كريم احمد 16-07-23 11:30 PM

الرواية جميله جدا


الساعة الآن 09:30 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية