منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   167_دون ان تدري _ روزميري كارتر _ روايات عبير القديمة ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t146997.html)

اماريج 19-08-10 11:32 PM

9_غصة في صدر السعادة
***********************
كان النوم حلما مستحيلا بالنسبة الى كيلي هذه الليلة , فأفكارها موزعة ومشتتة في كل أتجاه , وبين الحلم واليقظة , أستطاعت أن تسرق دقائق معدودة من النوم.

وهكذا, عندما أنبلج شعاع الفجر الأول كانت كيلي أول المستيقظين , وفي غرفة الجلوس , شاهدت نيكولاس ما زال غافيا فوقفت تتأمل وجهه الذي أخذ منه النوم قسوته , وتركه جذابا هادئا كما لم تشاهده من قبل.

هذه هي المرة الأولى التي تراه على حقيقته , دون قسوة أو سخرية أو غضب , وقد أشعرتها سكينته بالرغبة في لمس وجهه وشعره , لكنها أستدارت بعنف وعادت الى غرفة النوم للأستعداد ليوم آخر في الفندق.

وأذا ما أستغرب نيكولاس أستيقاظها المبكر وأنهماكها في العمل قبل مطلع الفجر , فعليه أن يدرك أنها لم تنم جيدا بالأمس بعد المواجهة الحامية بينهما في الحديقة...
في حين أنه نام ملء جفونه دون أن يؤرق ضميره شيء عندما ألتقيا في وقت لاحق ذلك الصباح.
منتديات ليلاس
أخبرها بهدوء ولطف أن المؤتمر على وشك الأنتهاء ,وأن المنظمين قرروا أقامة حفلة غداء خاصة تكريما للمهندسين المشتركين .... وطلب منها أن تتول بنفسها الأشراف على هذه الحفلة.
سألته بدهشة:
" أنا؟".
أجابها ببساطة:
" أجل, أنت".

" لا يا نيكولاس , لا أستطيع ذلك".
رد بلا مبالاة:
" بلى , ستتولين الأشراف بنفسك ".
نظرت اليه طويلا , ثم قالت:
" ولماذا يا نيكولاس؟".
" هذا شيء تتولاه ماري عادة ... وأنت تقومين مسؤولياتها الآن".
" لكن يا نيكولاس....".

رددت باحثة عن الكلمات المناسبة التي تخفي أضطرابها :
" أقصد أن المأدبة مهمة جدا , فماذا أذا أرتكبت خطأ ما؟".
أحست كيلي في تعابير وجهه شيئا جديدا أتجاهها , شيئا لم تعهده فيه من قبل , لكنه قال بهدوء:
" لن ترتكبي أي خطأ يا كيلي".

" لكن.....".
قاطعها بأبتسامة دافئة , وهو يحدق فيها مباشرة:
" أنت قادرة أكثر مما تتصورين ".
شعرت بخفقات غريبة في صدرها , وهي تتساءل بلهفة :
" هل تقصد ذلك حقا؟".

أجابها بالأبتسامة الدافئة نفسها:
" طبعا... سوف تنجحين يا كيلي!".
لو أن هذه الكلمات جاءت من أي أنسان آخر , لما تركت التأثير الذي تركته عبارة نيكولاس , لكن من نطق بها هو الرجل القاسي الجذاب الذي لا يشبهه أحد...
والذي لم تخف كراهيتها وأحتقارها له منذ اللحظة الأولى التي وقعت عيناها عليه.

والغريب أن هذه الكلمات غمرتها بسعادة طاغية فور رحيل نيكولاس عنها , فهو أظهر ثقته بها , خاصة وأن المأدبة تعني الكثير بالنسبة الى مستقبل الفندق
ورجل مثله لا يمكن أن يضع ثقته الا أذا كان متأكدا من أهلية الشخص الذي منحه أياها.

باتت مشاعرها خارج أطار السيطرة , أن أية كلمة طيبة من هذا الرجل تجعلها تطير من الفرحة وتحلق في سماوات لم تعرفها من قبل , لربما كان نيكولاس لا يحبها
ولربما كان يكرهها ... لكن مجرد أعرابه عن الثقة بها يعني أن هناك تحسنا ما في العلاقات , ويعني أيضا أنه يراها أنسانا ويا ذا قيمة خاصة بعيدا عن أموال الأب الثري
ومع ذلك فهي تريد أكثر من الأحترام ... خاصة وأن نظرته اليها لم تعد نظرته الى أنسان هامشي يعيش على جهد الآخرين وتعبهم , وتعهدت لنفسها بأن تنجح
مع أنها لم تواجه مثل هذه المهمة الصعبة من قبل ...

وأن كانت ضيفة الشرف في عشرات الحفلات المماثلة
فمن أجل ماري وجورج ستحاول أن تجعل المأدبة مناسبة لا تنسى كي تجذب المهندسين مرات أخرى , أما فيما يتعلق بنيكولاس فسوف تثبت له مرة والى الأبد أنه أساء الظن بها كثيرا.
منتديات ليلاس
وهكذا مر اليومان التاليان وكيلي لا تجد وقتا للراحة , كان من المفروض أن يقوم الخدم بالطهي وأعداد الموائد
لكنها أصرت على الأشراف عليها بنفسها أضافة الى تنظيم القاعة وتنسيق الزهور وأقامة نوع من الديكور الخاص
في البدء كانت الأمور صعبة نوعا ما , غير أن الشكل النهائي بدأ يأخذ طابعه الخاص مع مضي الوقت وأضافة لمسات جديدة كل لحظة.

حاول أندرو التقرب منها خلال هذه الفترة , لكنها كانت ترده بسبب أنهماكها في العمل , وحدث عندما رفضت بأدب لاحظت على وجهه تعبيرا هو مزيج من الضيق والأشمئزاز
ولم يدم هذا التعبير سوى لحظات قصيرة , عاد بعدها كما عهدته ودودا ولطيفا , ليذكرها بأنه باق في الفندق بعد أنفضاض المؤتمر ... فأكدت له أنها سترافقه في النزهة حينذاك.

اماريج 19-08-10 11:33 PM

بين الحين والآخر كان نيكولاس يطل عليها وهي غارقة في اللوائح المتعددة للمأدبة , يستمع منها بصمت الى خططها وأفكارها , مبديا بعض الملاحظات العابرة
لم تكن تلاحظ على نفسها الحماس وهي تتحدث اليه , الشيء الوحيد الذي كانت تعرفه أن نيكولاس يعاملها ولأول مرة منذ تعارفهما كأنسان سوي يحمل أفكار جديرة بالأحترام , وفي المرات القليلة التي تكلم فيها
كانت لهجة السخرية والتهكم قد ذهبت الى غير رجعة من عباراته.

كالعادة , كان وجوده يؤثر عليها بشكل لا يوصف , وتجد صعوبة في كبت خفقات قلبها التي تزداد كلما شاهدته , وكذلك في منع رغبتها بلمس يده وشعره والبقاء الى جانبه.
سألته ذات مرة:
" هل تظن أن ماري ستعود قبل المأدبة؟".

أجابها وهو يتأمل وجهها الهادىء:
" لا أعتقد ذلك!".
ردت والفضول يملأ نفسها:
"لا؟".
" سوف تندمين لو أنها أتت فعلا؟".

كان على وجهه تعبير غريب لم تجد كيلي له تفسيرا , وأن أشعرها بفرح غامر حرك أحاسيسها الساكنة
قالت وهي تبتسم بلطف ونعومة:
" في هذه المرحلة أفضل أن أنهي الأعداد على طريقتي الخاصة".

مد يده ببساطة وأبعد خصلة من شعرها تناثرت على جبيتها البض , كانت كيلي تعرف أنه تصرف طبيعي من رجل يريد أن يرى مضيفته بأجمل صورة أمام المدعوين في المأدبة , لكن الأمر بالنسبة اليها كان يعني لمسة سحرية مذهلة.
منتديات ليلاس
قال لها مبتسما:
"سوف تنجحين بالتأكيد يا كيلي".
" جرب أن تمنعني ... وسترى!".
وضحكا معا , ضحكة من الأعماق هي الأولى منذ تعارفهما ... ثم أنصرفا كل الى أعماله.

الحفلة كانت ناجحة تماما ,وقد سارت الأمور على أفضل ما يرام.الطعام يختلف عما أعتاد الطهاة أعداده, وذلك بناء على تعليمات كيلي التي نفذت على أكمل وجه...
وقد أضافت المزهريات وتنسيقات الورود جوا رومنطيقيا ساحرا على القاعة , أنتزع الأطراء من معظم المهندسين وضيوفهم
وأفضل أطراء كان تعهد رئيس المؤتمر بالعمل على عقد الدورة السنوية المقبلة في هذا الفندق بالذات.

رد نيكولاس الذي كان يقف الى جانب كيلي:
" هذه أخبار جيدة بالنسبة الى ماري وجورج".
في هذه اللحظة ظهر أندرو
وأقترب من المجموعة ليشترك مع كيلي في حديث طويل.

اماريج 19-08-10 11:35 PM

لم تجد كيلي نيكولاس في الكوخ عندما عادت في وقت متأخر من الليل , فشعرت من جهة بخيبة الأمل لأنها ستنام دون أن تراه
ومن جهة أخرى أحست بالأرتياح لخوفها من حدوث شجار بينهما يعكر صفو هذا اليوم الناجح جدا , لكن النظرة الأخيرة التي جاءت بعد أنتهاء المأدبة كانت تحمل التقدير والأحترام ...
وأشياء أخرى عديدة تسيطر على أفكارها الآن وهي مستلقية على السرير تستعيد أحداث اليوم وتطوراته.

ومن بين أجنحة النوم وأحلام اليقظة , جاءها صوت دافى لم تميزه للوهلة الأولى , ثم فتحت عينيها بدهشة قائلة:
"نيكولاس؟ هل غرقت في النوم؟".
" طبعا أستغرقت في النوم!".
" أنا آسفة ,كان يجب عليك أن توقظني".

وبدلا من اللهجة الساخرة المعتادة , أجابها بصوت حنون:
" أنت تستحقين النوم الآن يا كيلي".

وعادت الى ذهنها على الفور تفاصيل اليوم الماضي , نجاح المأدبة , أطراء الضيوف , تعهد المهندس....
والأهم من كل ذلك عبارات المديح من نيكولاس نفسه

وتذكرت أنها حاولت البقاء مستيقظة أمس في أنتظار عودته , لكنه تأخر فسرقها النوم , ماذا كان يفعل؟
هل أمضى سهرته مع المهندسين أم شغلته أمور أخرى في الفندق؟ لربما موعد مسائي مع سيرينا دي ياغر ؟ الأمر ليس مهما الآن , فها هي الشمس مشرقة دافئة والنهار جميل ونيكولاس موجود الى جانبها .
منتديات ليلاس
قالت له مشيرة الى الباب:
" دعني أرتدي ملابس , فقد تأخرت على الفندق".
" لا عمل لديك اليوم ".
وضحك بصوت مرتفع عندما لاحظ دهشتها وأضاف:
" أنت تستحقين أكثر من النوم يا كيلي ... بل نحن تستحقين يوم عطلة كاملا".

حدقت فيه وهي لا تصدق أذنيها , يوم عطلة كامل تكتشف فيه الحدائق وتذهب في نزهة الى الجبال والوديان والسواقي ؟
يوم كامل وحدها , فأندرو سيكون مشغولا في الجلسة المهائية للمؤتمر بينما سيذهب نيكولاس الى سيرينا التي طال غيابه عنها.

قالت بفرح طفولي:
" فكرة ممتازة جدا , سوف أذهب الى النهر , وربما أستلقي عند البركة طول النهار للتمتع بأشعة الشمس!".

وأنتظرت أن يعلق بسخريته المعهودة , لكنه فاجأها مرة أخرى بأبتسامة لطيفة وهو يقول:
" سوف تشعرين بالملل سريعا , سآخذك معي كي تتعرفي الى المزرعة التي أملكها!".

اماريج 19-08-10 11:36 PM

كانت الشمس ساطعة في كبد السماء الصافية الزرقاء , والجبال تلتمع بألوانها الخضراء الداكنة
وعبر نوافذ سيارة نيكولاس كانت تتناهى اليهما أصوات طيور الغابة متمازجة مع خرير السواقي والينابيع التي لا تعد ولا تحصى
وبعد فترة قصيرة أخذ الطريق الجبلي يضيق ويمتلىء بالمنحنيات التي يعرف نيكولاس كيف يتعامل معها بدقة , نتيجة المعرفة الطويلة له بهذه المنطقة.

عندما أخبرها برغبته في تمضية اليوم معا , وفي مزرعته , لم تكن قادرة على وصف سعادتها الغامرة , ومع ذلك كان عليها أن لا تدعه يشعر بأهمية وجودها معه بعيدا عن الناس والمشاغل
فهو سيسخر منها , ويذكرها بغاري خطيبها الذي لا يعرف شيئا عن تصرفاتها وهي بعيدة عنه.

خطيبها... هزت رأسها وفكرت بما قالته له في آخر أتصال بينهما , يجب أن نفكر في أوضاعنا , لا شك أنه يتساءل الآن عن مضمون قرارها , وبالتالي عليها أن تعطيه جوابا
, لقد أتضح الجواب الآن, لكنها ستحاول أن تبلغه أياه بلطف كي لا تجرح مشاعره ,لن تخبره عن قدرة نيكولاس على زحزحته من قلبها وأحتلال مكانه ...
فهذا شيء يجب أن ينسى , ويجب أن تنساه هي بالذات عندما تغادر الفندق دون رجعة.
منتديات ليلاس
جاهدت كيلي كي تعيد تركيزها على الطبيعة الساحرة التي تعبر بها , فأذا ما ظلت سائحة م أفكارها ومشاعرها , فسوف تعكر جمال هذااليوم ليس لنيكولاس وحده بل لها هي أيضا كونها تريد من أعماقها أن تستفيد من المناسبة الى أقصى حد
هذا اليوم سيظل في ذاكرتها طويلا , ذكرى مهمة جدا ستخفيها في أعماق عقلها بعيدا عن الناس كلهم.

وصلت السيارة الى طريق مواز لجدول مائي صغير, ولسبب ما أحست كيلي أن نيكولاس يراقبها , فألتفتت اليه لتجد عينيه مسمرتين عليها بنظرة متفحصة هادئة
خالية من كل القسوة التي عهدتها فيه... فوق أبتسامة ساحرة جعلتها تتساءل عن سبب أرتسامها على شفتيه, تضرجت وجنتيها بحمرة أرتباك ردا على تعابيره اللطيفة
, ثم أسبلت جفنيها هربا من مشاعرها المتفجرة.

قال لها بلهجة هي مزيج من الأمر والنصح:
" تمتعي بيومك هذا يا كيلي".
ردت وهي تدير وجهها عبر النافذة الى المناظر الطبيعية الخلابة :
" هذا ما أنوي فعله".

وأخيرا أطلا على باينفيل , المحاطة بالغابات الكثيفة من كل جانب ,كانت كيلي تظن أن هذه الأراضي ملك للعوامة , لكن نيكولاس شرح لها أن هناك العديد من المزارع الخاصة جنبا الى جنب مع أملاك الدولة ... وباينفيل مزرعة خاصة به.

اماريج 19-08-10 11:37 PM

وجلست تستمع اليه بصمت وهو يحدثها عن الأراضي والأشجار وصناعة الأخشاب والورق الموجودة في المنطقة
وكانت تسأله بين الحين والآخر ما خفي عنها
فيرد عليها بآراء شخص خبير يعرف مهنته تمام المعرفة , ولم يمض وقت حتى أستطاعت أن تدرك عظمة المسؤولية الملقاة على عاتقه ي هذا العمل الكبير والواسع.

وأهم ما أسعد كيلي في هذه الأثناء , أنها ترى نيكولاس لأول مرة يتكلم بعيدا عن القسوة والسخرية والتهكم التي واجهها بها طيلة الأيام الماضية , لقد شاهدت لطفه مع ماري , وحنانه مع سيرينا ...
وكان عليها أن تنتظر حتى الآن كي تشاهد الجانب الآخر من شخصيته ,ألا وهو الجانب العملي الناجح , هذا الجانب الذي تدعمه وتبرزه صفات القوة والصلابة والحزم أضافة الى بعد النظر وحسن الأدارة والتدبير .

أنها ترى الآن سخصية أخرى تماما , وكأنها لم تعرف نيكولاس من قبل على الأطلاق , فهو قد أسقط القناع عن وجهه, ليكشف لها عن حبه للأرض وتعلقه بالمزرعة وعلاقته الحميمة الخاصة بمسقط رأسه ومكان معيشته.

هكذا ستتذكره عندما تغادر هذا المكان , فرحلة اليوم أعطتها الفرصة لتدخل الى أعماق الرجل الذي أثّرعليها كما لم يفعل أي رجل من قبل ... هذا هو الزاد الذي سترحل به عن الرجل الذي أحبته.
منتديات ليلاس
أنها تحب نيكولاس فعلا , ولم يعد من المناسب النكران , لقد ظلت حتى ليلة أمس تحاول الكذب على نفسها , على أساس أنه حب لا مستقبل له , فنيكولاس فان ميجدين رجل لن يبادلها المشاعر
أنه يكرهها وسيظل يكرهها الى الأبد , كما وأن زواجه من سيرينا مسألة وقت فقط.

كان هناك الكثير مما يثير الأعجاب في باينفيل , وتبين لكيلي أن ما من شيء يقوم به نيكولاس , ألا وينجزه على أتم وجه
كما وأن الأبداع الموجود في المزرعة كشف لها أسباب تعامله الفوقي معها بالرغم من أنها أبنة أكبر أثرياء البلد
فهو رجل لا يعتمد على أي أنسان آخر
بل يشق طريقه في الحياة كما يريد وبناء على مخططاته الخاصة , أنه سيد نفسه وفخور بذلك , وغير متأثر بالثروة سواء كبرت أو صغرت , مع أن مظاهر مزرعته تدل على الثروة الهائلة.



الساعة الآن 01:06 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية