منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   90 - أيام معها - آن ميثر - روايات عبير القديمة ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t146653.html)

dalia cool 07-08-10 10:38 PM

90 - أيام معها - آن ميثر - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
http://www.liilas.com/upp/uploads/im...117bb2e940.gif




رح انزل رواية ايام معها اتمنا تنال اعجابكم

للامانة الرواية منقولة



اسم الرواية:ايام معها(عبير القديمة)
المؤلفة:ان ميثر
الاسم الاصلي:The Medici Lover
1977


الغلاف الاصلي

http://www.liilas.com/upp/uploads/im...1b4b777406.jpg


الملخص


حين يطرق احدهم بابك , فأنت لا تراه الا اذا فتحت الباب , او استرقت النظر اليه من الثقب .
و سوزان حين طرق الحب بابها لم ترى فارس احلامها في بادئ الامر , ولكنها حين اقتربت منه و حدقت في وحهه راته رجلاً لا يشبه الرجال , مشوهاً , معاقاً يمشي على عكازتين , عابس الملامح , وللوهلة الاولى خافت منه و خفق قلبها هلعاً .
منتدى ليلاس
و لكن مارشلليو المشوه فرض حبه عليها , و احتل مشاعرها و تفكيرها و استعمر اوقاتها و ملك كيانها , ومتى علمت بموته باتت كالمجنونه لا تنام الليل .
اذن هي تحبه و تخافه , تريده و تنفر منه ,لكن يد القدر حين تلامس شغاف القلب تضرم في الشرايين ناراً لا تنطفئ , فهل تخمد النار المستعره اذا عاد مارشيللو حياً يرزق ؟وهل الصدمه تفك عقدة لسان سوزان فتنطق بكلمة الحب ؟

dalia cool 07-08-10 10:50 PM

1-زيارة للمقبرة!

منذ اللحظة التي أنقضّت فيها الطائرة ذات اللون الفضي على البحيرة قبل أن تهبط بهدوء في مدرج مطار البندقية , أحست سوزان بالقلق.
في الواقع , هذا التخوف يعود الى زمن بعيد وهذا ما كانت سوزان تفكر فيه وهي تنظر الى يدي بيترو المربعتين الموضوعتين بخفة على مقعد سيارته , كانت متضايقة ومشغولة البال , وكلما أقتربت السيارة من منزل بيترو ,كانت تقتنع أكثر فأكثر بأنه ما كان ينبغي أن توافق على المجيء الى هنا , ماذا تعرف عن عائلة بيترو ؟ ليس لديه أخوة ووالده مات.... هذا قليل , ويبدو أنه يرفض أن يطلعها على المزيد , ولو لم تكن لسوزان حجة لمغادرة لندن , لما فكرت لحظة واحدة بتلبية دعوته .
منتدى ليلاس
في كل حال , لماذا كل هذا الندم المتأخر؟ أنها وبيترو صديقان حميمان ,وهي تعتقد بأن في رأسه أفكار معينة , ومنها أنه يأمل أن يرى هذه الصداقة تتطور نحو وضع أكثر جدية ,وفي الوقت الحاضر , هو المسؤول عن هذا الوضع.
في ظروف أخرى , من الطبيعي أن تفكر مليا قبل أن تقبل بقضاء بضعة أيام مع أشخاص غريبين كليا عنها , تتكلم اللغة الأيطالية في طلاقة , وسبق لها أن أمضت عدة أشهر خلال السنة الماضية في ريمني , في أحد الفنادق المنضمة الى سلسلة الفنادق التي تعمل فيها.

dalia cool 07-08-10 10:52 PM

لقد تعرفت سوزان الى بيترو قبل ستة أسابيع , وكانت يومها تعمل في فندق يقع في حي لندني رفيع , ولقاؤهما كان مصادفة .
وبعدها أخبرها أنه طالب في كلية الفنون الجميلة , لكن في الصباح الذي ألتقت فيه للمرة الأولى , عند محل التحف القديمة , في شارع بورتوبيللو , كان سائحا مثل الآخرين , يحاول من دون جدوى أن يعبّر عما يريده في لغة أنكليزية ضعيفة , وللحال نسيت سوزان السبب الذي من أجله دخلت الى المحل وأسرعت بصورة غريزية لتساعده ,وبدا مسحورا بعينيها السوداوين ورموشهما الطويلة , وشعرها العسلي المنسدل على كتفيها كالشلال.
كان يريد معرفة ثمن تمثال برونزي لوالدته , وبما أن التمثال غالي الثمن فلم يشتره , لكنه دعا سوزان الى أحتساء فنجان قهوة عربون شكر لمساعدتها له.
وبينما كانت جالسة في حانة صغيرة رأت سيارة المرسيدس المعروفة تحوم في الشارع , وتذكرت السبب الذي من أجله دخلت المحل عندما ألتقت ببيترو , فشعرت بأرتياح لم تشعر به منذ أسابيع عديدة , وتصرف بيترو معها تصرف الرفيق اللطيف ووافقت على أن تراه مرة أخرى , لا لأنها ترغب في الخروج معه , لكن من أجل تجنب سائق المرسيدس .... وفرحت لقرارها هذا عندما شاهدت هذا الأخير , وأسمه عبد الفايز يقتحم مكتبها في غضب , على الأقل , لديها الآن حجة كافية لرفض دعوات هذا الرجل التركي المتواصلة , أنه ثري وقادر وفوق ذلك حسن المنظر , لم يتعود أن يرفض أحد دعواته , خاصة من أمرأة تعمل من أجل أن تؤمن لنفسها العيش....
منذ زمان وسوزان تعرف أن جمالها أوشك أن يصبح عائقا أمام رغبتها في النجاح في المهنة التي أختارتها لنفسها , أن أصحاب العمل يفضلون الفتيات الجميلات ويعتبرونهن , أما فرائس سهلة , وأما فيتات يبحثن عن زوج من خلال الوظيفة ,هذه العقلية ترغب سوزان وهي الت رأت تفتت عائلتها وأنفصال والدها عن أمها , ولا تنوي أرتكاب الأخطاء نفسها.
منتدى ليلاس
ولحسن حظها , منذ ثلاث سنوات وهي تعمل لهذه المؤسسة , ولم تصطدم بهذا النوع من المشاكل , ربما لأنها لم تبق مدة طويلة في مكان واحد , أذ أن المؤسسة أرسلتها الى عدد لا يستهان به من البلدان للعمل في الفنادق التابعة لها , في الرابعة والعشرين من العمر , نجحت في المؤسسة والجميع يقدرون ذلك كثيرا , ولحسن حظها , أن نكولا ستاسي , صاحب المؤسسة , لم يكن لديه أي رأي مسبق وغير مستحسن أتجاه النساء , فهو يحكم على موظفيه من خلال أعمالهم.
لذلك فقد كانت ردة فعل سوزان قوية أمام تصرف عبر الفايز السيء , الذي يعتقد أن أمرأة جميلة لا ينبغي أن تبقى وحدها .... لذلك, في ذلك اليوم , بدا لها بيترو كمنقذ من السماء.
لكن كان عليها أن تشك في الأمر , لأن الأمور لا تجري بسهولة كما تتصور , لم يكن بيترو دمية متحركة يمكن أن تتصرف بها كما تشاء , وبالنسبة الى عبد الفايز , فهو ليس من نوع الرجال الذين يفقدون حماستهم لمجرد وجود منافس لهم , أنه يعمل في لندن على حساب دولته وكان يعيش في فندق , لا يفوته شيء في كل ما تقوم سوزان بهأو تفعله , الى درجة أنها تساءلت أحيانا , كيف يجد الوقت ليقوم بالعمل الذي أوكلته اليه حكومته.

dalia cool 07-08-10 10:58 PM

كانت تحب كثيرا الخروج مع بيترو , وكلما تتعرف اليه أكثر , تشعر بأنها تستحسن رفقته غير المتطلبة , ولطفه , ورقته وروح النكتة التي يتمتع بها , وكان يقول لها , أن حبه للفنون وخاصة للرسم والنحت عائد لحبه للأمور الجميلة , ولفت أنتباهها أن بيترو على معرفة واسعة بثروات بلاده الفنية , لم يخبرها كثيرا عن عائلته , ولا يبدو غنيا , ملابسه نظيفة وعادية ,وينبع من شخصيته شعور يناقض مظهره الخارجي , وطالما أرادت سوزان أن توجه اليه الأسئلة حول ذلك , لكنها فضلت كبت رغبتها هذه , ليس بيترو سوى صديق وعاطفتها أتجاهه لا تذهب أبعد من ذلك.
وخلال بضعة أسابيع , أزدادت معرفتهما , فأخبرته سوزان عن طلاق والديها ثم وفاة والدها , في حادث سيارة , وتزوجت والدتها من جديد , وزواجها الثاني لم يكن موفقا كالزواج الأول , ومن وقت الى آخر , كانت تأتي والدتها من مدينة بريستول لتمضي يومها في لندن حيث كانتا تتناولان العشاء معا , لكن الرحلات التي قامت بها سوزان والأيام العديدة التي أمضتها خارج البلاد أدت الى أيجاد هوة بينهما , واليوم تعيشان حياة مختلفة ,ولم يعد بينهما أحاديث تتبادلانها ولا أشياء تتقاسمانها.
عندما أخبرها بيترو عن رغبته في العودة الى ايطاليا خلال عطلة الفصح لقضاء عشرة أيام , وأقترح عليها أن ترافقه , أدركت أنها ترغب في تلبية دعوته , أذا كانت والدة بيترو تشبه ابنها , فلا شك أنها أمرأة لطية , فضلا عن أنها في أجازة لمدة أربعة أيام.
لكنها عارضت في بادىء الأمر بحجة أنها لا تعرف بيترو الا قليلا ولا يمكنها قبول دعوته , لكن بيترو أصر عليها مقترحا أن يبعث برسالة الى والدته طالبا منها أن تدعو سوزان بنفسها ,لكن الفتاة أستمرت في الرفض , لأنها ليست من نوع النساء اللواتي يقبلن بسهولة قضاء بضعة أيام مع شاب بالكاد تعرفه.
منتدى ليلاس
لكن القدر تدخل من جديد , في شكل أنسان تركي , يدعة عبد الفايز , بعد مرور ثلاثة أيام على دعوة بيترو أستدعى مدير الفندق سوزان ليعلمها عن رغبة أحد زبائنه , السيد عبد الفايز بالذات.
ومرة أخرى فوجئت الفتاة بعناد ورباطة جأش هذا الرجل التركي , أعتقدت أنه لن يتشجع بعد الآن ويصر على رؤيتها , ومن دون أن تأخذ وقتها في التفكير , أجابت مديرها بأنها آسفة لرفضها العرض , لأنها سبق أن أعدت برنامجا يقضي بأن تمضي عيد الفصح في أيطاليا عند أصدقائها.
ولدهشتها بدا السيد نورتون مرتاحا لهذا الجواب , هل هو على علم بما يجري تحت سقف فندقه؟ وبأبتسامة لطيفة أكد لها أنها غير مضطرة الى تغيير برنامجها, وتمنى لها قضاء عطلة سعيدة في أيطاليا .
وفرح بيترو لموافقة سوزان بالمجيء الى أيطاليا , لكنه غضب في شدة عندما طلبت منه أن يحجز لها غرفة في فندق قريب من منزله , فأحتج في لغة أنكليزية ضعيفة قائلا:
" كاسيل فالكونيه قرية صغيرة ليس فيها فنادق , أنما هناك مكان عائلي ينزل فيه السياح العابرون , ومن المستحيل أن أسمح لك بالنزول هناك لأن أهله أهلي , ويعتبرون ذلك أهانة لهم".
لم تصر سوزان , وأتفقا على الذهاب يوم الخميس على أن تعود سوزان لأستئناف عملها يوم الثلاثاء المقبل , والمسألة ليست سوى خمسة أيام فحسب.
ولحظة أقلاع الطائرة شعرت سوزان فجأة بالأنزعاج لهذا الوضع الغامض , لقد قال لها بيترو أنه كتب لوالدته وأعلمها بالأمر , وكم تمنت لو كان في أمكانها أن تعرف محتوى الرسالة.
سيارة بيترو الصغيرة كانت في أنتظارهما في المطار ,وبعد المرور بالجمرك , أصبحا في الهواء الطلق , السماء غائمة لكن أنعكاس الضوء قوي , فأضطرت سوزان لوضع نظارتها على عينيها , ولدى رؤيتها المسافرين يتجهون لأخذ الباص , ندمت سوزان لأنها ليست ذهبة مثلهم الى البندقية حيث كان في أمكانها النزول في فندق, من دون أن تجابه عائلة بيترو.

dalia cool 07-08-10 11:03 PM

وتوجهت السيارة شمالا , وكان السير بطيئا , أنها زحمة الأعياد , وجنّ جنون سوزان لقيادة بيترو الغريبة التي تظهره أنسانا مختلفا , كأنها ما عرفته من قبل , كانت يداها رطبتين عندما قطعا الطريق الدولية ليتجها نحو طريق فرعية ضيقة ومتعرجة.
ولأن سوزان أرادت أن تفكر بأشياء أخرى سمحت لنفسها بأن تطرح الأسئلة التي تحاشتها حتى الآن.
سالت في لغة أيطالية لتسهيل الحديث:
" هل تعيش وحدك مع والدتك؟".
أجاب بعد صمت طويل , منهمكا في تجاوز عربة تجرها بقرتان .
" كلا , نعيش عند أبن خالي".
قالت سوزان رافعة حاجبيها أندهاشا:
" آه".
أضاف بيترو وهو يقلص يديه على مقود السيارة :
" قلت لك .... أن والدي توفي منذ بضع سنوات".
قالت سوزان في تردد:
" أوه .... نعم .... وأبن خالك يسكن في كاسيل فالكونيه؟".
" نعم".
عضّت على شفتيها , أن بيترو يختصر الأمور ,ولا يحب الأسترسال في الأحاديث.
منتدى ليلاس
| هل أبن خالك .... متزوج؟".
أشار بيترو برأسه ايجابا , وراحت تتخيل العائلة , هل هناك أولاد؟ ما هو وضع والدة بيترو؟ هل هي مربية أطفال؟ أو خادمة؟
ندمت سوزان لأنها لم تستعلم عن هذه الأمور قبل السفر.
سألته في خجل:
" وماذا يعمل أبن خالك؟".
قال في جفاف:
" أبن خالي رجل معاق , حصل له حادث أليم منذ ثلاث سنوات".
قالت سوزان في أستغراب , متأسفة لتطفلها:
" آه , أعذرني".
رفع بيترو كتفيه وقال:
" أمور كهذه غالبا ما تحصل , ومارشيللو محظوظ لأنه ما زال على قيد الحياة".
" مارشيللو؟ هذا أسم أبن خالك؟".
" نعم , يدعى مارشيللو دي فالكونيه".
توقفت سوزان عن الأسئلة وراحت تتأمل المنطقة التي تجتازها السيارة على قمة رابية كنيسة بيضاء تلمع تحت أشعة الشمس , والطريق تتبع تعرجات النهر قبل أن تصعد فوق واد مليء بحقول القمح والشعير والحنطة , وأجتازت السيارة عدة قرى , معظمها صغير , وبدت أمامها هضبات الدولوميت العالية المؤلفة من الكلس والمغنزيوم والمكسوة سفوحها بأشجار الصنوبر.
المنظر رائع ومع ذلك ظلت سوزان سارحة في أفكارها , أن كلمة فالكونيه تعني لها شيئا .....لكن بعد قليل أنتبهت أنها تشبه اسم القرية , كاسيل فالكونيه.
وبينما كانت على أستعداد لتفتح فمها لتطرح عليه سؤالا آخر , أبتسم لها بيترو وأعلن أنهما سيصلان قريبا جدا , فقالت سوزان لنفسها حينئذ , أنه لا بد أن تعرف الكثير خلال أقامتها هنا ما دام صديقها لا يحب أن يتحدث عن عائلته.
ولما رأت كاسيل فالكونيه على قمة التلة , تذكرت سوزان جمهورية سان مارينو الصغيرة , وقرية كاسيل فالكونيه قلعة محصنة طرقاتها محددة بالقنب ومليئة بالأساطير والحوادث التاريخية , والساحة العامة , تكسو أرضها الأشجار المزهرة , وعجقة الناس لا توصف , وعلى شرفة مطعم , يجلس الزوار تحت شماسي مقلمة ويتنشقون هواء المساء المنعش.
صرخت غير قادرة أن تكبت أحاسيسها:
" يا لهذا الجمال!".
قال بيترو ضاحكا:
" نعم , وهناك سياح كثيرون في عطلة عيد الفصح".
سألته سوزان وهي تلاحظ أنه يتجه خارج القرية :
" لكن أين يعيش أبن خالك؟".
وفي أشارة من يده دلها الى أعلان , في نهاية منحدر , يقول( قصر فالكوني) ولا شعوريا حبست سوزان أنفاسها عندما أسرع بيترو وهو يقترب من المنحدر.
وتوقفت السيارة أمام باب حديدي كبير , أطاره أشجار ضخمة ,وخرج من السيارة , فلاحظت سوزان المنزل من وراء الحديد وبدأ قلبها ينبض في جنون , ويكفي رؤية الشعارات التي تعلو المدخل الكبير لمعرفة أن هذا المسكن من أغنى القصور الأيطالية.

dalia cool 07-08-10 11:08 PM

ولما صعد بيترو الى السيارة , صرخت في لهجة معاتبة:
" لكن لماذا لم تخبرني شيئا عن كل هذا؟".
أجابها من دون أن ينظر اليها:
" لو قلت لك , فهل كنت تقبلين بالمجيء؟".
" ربما لا".
" هذا ما كنت أتوقعه".
" لكن , يا بيترو , لا يمكنني أن أبقى هنا!".
" لماذا؟".
أجابته:
"أخيرا , يا بيترو , أرجوك أن تفهمني.... أذا كنا عند أبن خالك...".
" لماذا أنت قلقة, يا سوزان؟ أؤكد لك أنه ليس برجل مليادير , أذا كان هذا الذي يقلقك!".
" لا أصدق ما تقوله!".
" هل تعتقدين أن التضخم المالي المرتفع والضرائب المالية , غير موجودة ألا في أنكلترا؟ لم يعد هناك وجود للثروات الضخمة في أيطاليا...".
" لكن.... هذا.... هذا المكان....".
منتدى ليلاس
هز بيترو كتفيه ثم قال:
" ما ترينه يا سوزان , متحف , الغرف مليئة بالأثاث واللوحات , والخزانات الزجاجية تعج بالخزف والكريستال والفضة والمجوهرات , ورفوف الكتب المغلفة بأغلفة رائعة وثمينة ولا أحد يفتحها , أنها مقبرة حقيقية , بعد بضعة أسابيع يصل السياح وأمي تطوف بهم في القصر , يشترون دليلا وبعض الهدايا التذكارية والبطاقات البريدية , هل تفهمين الآن؟".
فوجئت سوزان بلهجة بيترو الشرسة والمليئة بالأحتقار:
" لكن .... كل هذه اللوحات ..... كل هذه الأشياء ..... التحف.... لا شك أن ثمنها مرتفع , أليس كذلك؟".
" طبعا".
" أذن .... لماذا..... أريد أن أقول, في هذه الأيام الناس تتمنى شراء أشياء كهذه!".
نظر بيترو اليها ساخرا ومصدوما وقال:
" سوزان! ما بالك! أن ما تقولينه الآن يعتبر أنتهاكا وتدنيسا !".
" حسنا! ما أفهمه أن أبن خالك يرفض بيع محتويات القصر!".
قال بيترو وهو يخرج من سيارته ليغلق الباب الحديدي:
" نعم ,كلامك صحيح".
ولما عاد أعتذر منها قائلا:
" المعذرة يا سوزان لعصبيتي القوية , لكن أنانية أبن خالي تجعلني مريضا , ربما تتساءلين أيضا أين نسكن , أننا نسكن في الجناح الغربي , كما سترين , فالقصر مبني وحوله ساحة ورواق خارجي يستعمل للأيام الحارة , وفي وسط الساحة , بركة ماء , أننس متأكد أن القصر سيعجبك".
بدأت سوزان تشك في الأمر , طبعا كيف لا يعجبها القصر وأروقته المسقوفة بعقود الياسمين , وبلاطه الرخامي الملون؟ لكن أن تسكن فيه فهذا شيء آخر.....
منتدى ليلاس
وفجأة ظهر رجل عجوز حيّاهما بدون حرارة فأستغربت سوزان هذا الأستقبال البارد , والمعروف أن بيترو غائب عن أيطاليا منذ مدة طويلة , لكن بيترو لم يلاحظ أستغراب سوزان ولا أستقبال العجوز البارد وأكتفى بأخراج الحقائب من صندوق السيارة وأشار لسوزان بأن تتبعه.
حل الغسق ولما رأت سوزان من خلال أوراق الشجر الأضواء داخل القصر شعرت بقلبها ينبض بسرعة قوية , وبالرغم منها , بدا لغز هذه العائلة يشغلها وكانت ترغب في أن تعرف المزيد عن هؤلاء الأشخاص الذين يعتبرون كل هذه الروعة شيئا سخيفا.

dalia cool 07-08-10 11:15 PM

ودخلا في بهو طويل , أرضه من البلاط الأبيض ومضاء بالثريات البرونز المصقولة بأناقة , وبين الركائز والأعمدة سارا وعينا سوزان تنظران الى السقف في أنبهار أمام هذه العظمة الفنية , وهنا وهناك المرايا المحفورة الموضوعة على الأثاث العاجي والضخم...
وضع بيترو الحقائب وهو ينظر اليها نظرة متسامحة وقال في جفاف:
" أرى أنك تتحسنين الفن والهندسة المعمارية , تعالي الآن , يجب أن تحيي والدتي".
لم تحبذ سوزان هذه الفكرة وهي تنظر الى سروالها الأحمر المخملي الذي يبدو متناقضا مع هذا الأطار والجو , لكن كيف في أمكانها أن تتصور مسبقا ماذا ينتظرها !
وفي هذه اللحظة أنفتح باب على اليسار وظهر شبح طويل مشوه , فتقلصت سوزان وعرفت أنه صاحب المكان , صاحب قصر فالكونيه.
وبادىء الأمر جذبتها عيناه , تلك العينان الرائعتان , بلونهما الأخضر الفاتح , والمحاطتان برموش سميكة سوداء.
كانت تظن أنها سترى رجلا أصغر سنا , ذلك لأن بيترو في العشرين من عمره , وكانت تعتقد أن أبن خاله لا بد أن يكون في سنه , كلا , أن مارشيللو دي فالكونيه يبدو في الأربعين من العمر , وشعره الأسود السميك يحتوي على بعض الشعيرات الرمادية , أنه طويل أكثر من المعدل المعروف عند الأيطاليين ,وجسمه النحيف والمعضل يستند الى عكازتين , خطواته بطيئة وغير واثقة , ويبدو من تقلص ملامحه أنه يشعر بألم حاد , والكدمات في وجهه وعنقه تظهره غريبا وشيطانيا.
قال بيترو وهو يقترب نحو أبن خاله , مشيرا اى سوزان أن تتبعه:
" مساء الخير , يا مارشيللو , لقد وصلنا لتونا , أقدم لك.... صديقتي , سوزان هانت , سوزان ,هذا أبن خالي , الكونت دي فالكونيه".
منتدى ليلاس
قال مارشيللو في لغة أنكليزية جيدة جدا:
" مساء الخير يا آنسة , آسف أنني غير قادر أن أسلم عليك باليد , لكن , أهلا وسهلا بك في قصر فالكونيه".
قالت سوزان وهي تنظر الى بيترو في أنزعاج:
" شكرا , يا سيد فالكونيه ,أنني .... هذا لطف منك أن تسمح لي بالمجيء الى هذا القصر".
" والدتك في الصالون الصغير , يا بيترو , أنها تنتظر وصولك بفارغ الصبر , والآن أرجو أن تعذراني........".
كان يتكلم باللغة الأنكليزية , لكن بيترو قاطعه في شدة قائلا:
" سوزان تتكلم الأيطالية بطلاقة , فلا داعي أن تبرهن لها أن لغتك الأنكليزية رائعة".
أمام هذه الوقاحة المتعمدة , أكتفى مارشيللو دي فالكونيه بالنظر الى أبن عمته في سخرية وقال في لغة أيطالية:
" وهكذا تتمكن من أن تفهم ما نقوله يا بيترو , أليس كذلك؟".
تجهم وجه بيترو , لكن مارشيللو أكتفى بما قاله وبأشارة من رأسه أتجاه سوزان , ابتعد في خطوات متعبة.
فقال بيترو لسوزان , وهو يتأبط ذراعها:
" تعالي يا سوزان , من هنا الصالون الصغير".
وبينما كانت سوزان تمر في الغرفة التي خرج منها مارشييلو دي فالكونيه , أرادت أن تسرق النظر الى هذه القاعة , فلاحظت أن سقف الغرفة مرتفع وأثاثها معتدل , وأحد جدرانها مليء بالكتب المغلفة والموضوعة على سلسلة رفوف عريضة , ولما وصلا أمام الباب , ظهرت منه فتاة تتجاوز العاشرة من العمر وراحت تتعلق بعنق بيترو وتصرخ بفرح وأنفعال:
" بيترو! بيترو! تصورت أنك لن تصل بسهولة!".
وبعد العناق والقبل , وضع بيترو الفتاة أرضا وتوجه نحو أمرأة عجوز جالسة على مقعد قرب مدفأة حطب مصنوعة من الرخام , وقال بحرارة:
" كم أنا سعيد لرؤيتك يا أمي".
وفي هذا الوقت , ألتفتت الفتاة نحو سوزان غير قادرة أن تخفي فضولها , أنها فتاة عادية , بشرتها سمراء كما هي معظم سكان البلدان الحارة , وشعرها الأسود مسرح بلباقة ,لكن ملابسها غير لائقة بها , وتضيف لها عمرا , لدرجة الأهمال , كأن لا أحد يهتم بها كما يجب.
أبتسمت سوزان بقوة وقالت:
" صباح الخير , أدعى سوزان , وأنت؟".
وقبل أن تتمكن لفتاة من الرد , سمع صوت السيدة فيتاليه تقول:
" ايلينا! تعالي الى هنا , في الحال".
أطاعت ايلينا من دون تذمر ولحقت بعمتها , تاركة المرأة الغريبة وحدها على عتبة الباب.
وفكرت سوزان مندهشة : هذا ما يسمونه بالصالون الصغير , أنه كبير وشاسع كصالون فندق درجة أولى ... جدرانه مزينة باللوحات الخشبية المرسومة وجميعها تمثل مشاهد الصيد , وأمام نظرات السيدة فيتاليه المتعالية الجالسة في مقعد ضخم , المغلف بالسجاد العجمي والمصنوع من الخشب المطلي والملمّع , شعرت سوزان أنها تشبه الظبية التي يلحق بها عدد من الكلاب الجائعة.

dalia cool 07-08-10 11:26 PM

وبيترو كان ينظر أيضا الى سوزان , لكن في لطف وأشار لها أن تتقدم ليقدمها الى أمه , وبينما كانت سوزان تقترب رأت أن والدة بيترو طاعنة في السن أكثر مما كانت تتصور.
وبعدما أستقبلت سوزان في نوع من التأسف المكتوم, ربما لأن بدلتها الحمراء وقحة , طرحت عليها المرأة الغجوز عددا من الأسئلة , فحاولت سوزان الأجابة عليها قدر الأمكان , ولما علمت المرأة العجوز بطلاق والديها , أشمأزت .
وكان بيترو ينظر اليها في تأسف كأنه يقول لها :
" أرجوك لا تهتمي بما تقوله".
للحال كبتت سوزان ما كانت على وشكوله وقالت للفتاة الصغيرة:
" أيلينا ,يا له من أسم جميل!".
لكن لم تترك لها الوقت للرد أذ أن السيدة فيتاليه جذبت الفتاة نحوها وقبلتها على خديها وهمست تقول لها:
" والآن , الى فراشك , يا أيلينا ,وغدا سترين بيترو مطولا وتثرثرين معه".
تجهمت ايلينا لكنها عانقت بيترو من دون أن تقول له شيئا , وبعد أبتسامة صغيرة لسوزان وعمتها , خرجت راكضة , وشاهدتها سوزان تذهب رغما عنها , وشعرت بأنزعاج مرة أخرى.
قالتالسيدة فيتاليه من جديد:
" أنت تعملين في فندق , يا آنسة , كما قال لي بيترو".
" نعم , العام الماضي أقمت بضعة أشهر في ريميني".
قالت المرأة العجوز في أحتقار:
" ريميني! جنة السياح! أهذا كل ما تعرفينه في أيطاليا؟".
منتدى ليلاس
" طبعا لا , لقد زرت روما والبندقية وعندما كنت في ريميني قمت بزيارة فلورنسا عدة مرات".
" وأي بلد تفضلين يا آنسة؟".
خيّل لسوزان أن هذا السؤال أمتحان لها , وجوابها سيؤثر على اعلاقة المستقبلية بين والدة صديقها وبينها , ثم أنّبت نفسها على هذه الأفكار ,فلن تبقى هنا سوى أربعة أيام , فلماذا لا تكون صريحة في الرد عليها؟
فقالت بدون تردد:
" أحب فلورنسا , بلد الزهور!".
" آه صحيح! تحبين فلورنسا؟".
لان تعبير السيدة فيتاليه وتنفست سوزان الصعداء.
الظاهر أنها وقفت الى جانبها.
" أنه البلد الذي أفضله يا آنسة , فهو مهد الحضارة".
قال بيترو:
"أن والدتي ضليعة في الفن والهندسة المعمارية في عصر النهضة".
تجرأت سوزان في القول:
" لا شك أذن أنك تحبين هذا القصر".
أجابت السيدة فيتاليه في نبرة جافة:
" أنني أحب قصر فالكونيه , لكن لا أحب أن أفتحه للسياح الأميين الذين يتدخلون في كل شيء........".
قال صوت خفيف:
" عمتي لويزا ! أنني متأكدة من أن الآنسة هانت لا توافقك ,أليس هذا صحيحا , يا آنسة؟".
ألتفتت سوزان ورأت أمرأة جميلة تقف على عتبة الباب , أنيقة في كل شيء , من رأسها حتى قدميها , راحت سوزان تتأملها ولاحظت بعض التجاعيد في زاوية عينيها وفمها , لا شك أنها أكبر سنا مما تبدو عليه.
صرخ بيترو:
" صوفيا!".
أقترب منها وضمّها بين ذراعيه في حنان , وتجاوبت معه الى درجة أن سوزان كانت تشك في علاقتهما لو لم يحدث ذلك أمام والدة بيترو.
وأخيرا أحتجت وهي تتخلص من ذراعيه وتسرح شعرها الأسمر وتقول:
" بيترو , أنك تخرب تسريحة شعري!".
منتدى ليلاس
ثم ألتفتت نحو سوزان وقالت بأبتسامة حارة وفضفاضة , كانت أول أبتسامة تتلقاها سوزان منذ وصولها الى قصر فالكونيه :
" وهذه هي صديقتك الأنكليزية , أهلا وسهلا بك في كاسيل فالكونيه ,يا آنسة , أتمنى لك أقامة سعيدة بيننا".
وقال صوت ساخر من ورائها:
" أذا تدخلت في الأمر يا صوفيا فلن يحصل ما كنت تودينه للأنسة".
ألتفتت سوزان وشاهدت سيد المنزل يدخل.
تقدم بيترو خطوة الى الأمام , مستعدا للرد عليه , لكن صوفيا أوقفته في حركة من يدها المليئة بالخواتم البراقة.
فقالت في لهجة خفيفة خفّفت من حدة الجو:
"والآن , أنت مسرور لمزاجك التاف ,يا مارشيللو , أليس كذلك؟ آنستي , هل سبق أن ألتقيت بزوجي؟".
أجاب مارشيللو في برود هو يلقي الى سوزان نظرة حارة:
" نعم , العشاء جاهز يا عمتي لويزا ,لوسيا طلبت مني أعلامك بالأمر".




نهاية الفصل الاول.........................

أحاااسيس مجنووونة 08-08-10 12:05 AM

عجييييييييييييييييييييييييييبة حبيبتي جدا رائعة لا تتأخري علينا بانتظارك وسلمت يداك

أحاااسيس مجنووونة 08-08-10 12:22 AM

حلوووووووووووووووووووووووووووة

dalia cool 08-08-10 02:29 PM

شكرا على مرورك ام مريم:flowers2::flowers2:

dalia cool 08-08-10 02:31 PM

2- زهرة الوزال

أرتجفت أصابع سوزان قليلا وهي تحاول في أقل ضجة ممكنة فتح الباب الزجاجي الذي يطل من غرفتها على الشرفة , أنها لا تريد أزعاج أحد , لكن بعد ساعات طويلة قضتها تتقلب في سريرها غير قادرة على النوم , شعرت بأنها لم تعد تطيق ذلك وأنها في حاجة الى أستنشاق الهواء.
وأنفتح الباب بسهولة فتنفست الصعداء وشعرت بأرتياح كبير , ما أطيب الهواء المنعش على بشرتها الرطبة! أغمضت عينيها لحظة وهي تدفع شعرها الى الوراء بحركة من يدها.
ألقت نظرة خاطفة نحو الغرفة , أنها حقا غرفة جميلة والسرير مريح , لكنها متوترة كثيرا , فلن تستطيع النوم , أشياء كثيرة تدعها مستيقظة ! ولم يتغلب تعب الرحلة على ذكرى السهرة التي أمضتها.
راحت تتمشى في الشرفة , في الساحة الصمت يعم , تقطعه من وقت الى آخر ريح آتية من القمم , تعصف في هدوء بين أعمدة الرواق الخارجي , فجأة أرتعشت بردا فهي لا ترتدي ألا قميص نوم شفافا , والطقس بارد أكثر مما كانت تتصوره , ومع ذلك لم تكن ترغب في العودة الى غرفتها لتجد نفسها من جديد متوترة والهموم ثقيلة على وسادتها.
من بعيد سلسلة الجبال المتقطعة تبرز بوضوح في الأفق , وتساءلت سوزان كيف في أمكان الأنسان أن يعيش في مثل هذا الأطار البديع من دون أن يشعر بالخلود؟ ولهذا هل يحق له أن يعامل قريبه في أحتقار؟ كانت سوزان مقطبة الحاجبين مرتبكة , وهي تفكر بسكان القصر الخمسة الذين يشكلون كل نوع للعلاقات الأنسانية , وبدأت تدرك الآن لماذا كام بيترو كتوما فلم يحدثها عن عائلته , كيف بأمكان أي أنسان أن يشرح الوضع الذي يسيطر على قصر فالكونيه؟
وتصرف بيترو هذا ليس من السهل أن يفهمه أحد , صحيح أ والدتهتتمتع بأخلاق صعبة للغاية , لكنها أمرأة عجوز وهذا عذرها , وبيترو يحب والدته كثيرا كما يحب الفتاة أيلينا ووالدتها صوفيا , لكنه يبدو في صراع دائم مع أبن خاله , أما بالنسبة الى صوفيا , فيبدو أن زوجها يجعل من حياتها جحيما , أنها تبدو أمرأة لطيفة , وهي أبدت أهتمام كبيرا لما تقوم به سوزان من أعمال , والحياة التي تعيشها والبلدان المختلفة التي زارتها , أنها الأنسان الوحيد الذي عرف كيف يجعلها تشعر بأرتياح خلال العشاء الطويل.
غير أن سوزان ما زالت ترتعش وهي تتذكر تصرف مارشيللو دي فالكونيه , كان يرتدي بدلة سوداء تتناسب مع نظرته الشيطانية , ترأس المائدة في غرفة الطعام الرائع , في أستبداد بارد .... أضواء الشموع المعطرة الشحيحة ترمي ظلالا متحركة على السقف المحفور , وتخفي الكدمات البشعة في وجه الكونت دي فالكونيه, والتي تبدأ من عينه اليمنى الى خده ثم عنقه , لم يكن يرتدي ربطة عنق , وكانت سوزان تقوم بجهد كبير كي لا تنظر الى المكان حيث تنتهي هذه الكدماتتحت ياقة قميصه الحريرية المفتوحة.
لكن لم يكن منظره الخارجي سبب أضطرابها , أن وجهه المقطب لا ينفرها , بل العكس هو الصحيح , كانت تشعر بأنجذابها الى عينيه الخضراوين ونظرته الثاقبة , كلا , أن تصرفه الغامض أتجاه زوجته يحيّر سوزان ويثير سخطها , خلال العشاء حاولت صوفيا عدة مرات أن تجعل زوجها يشترك في الحديث , وفي كل مرة كان يرد عليها بعنف ,كأنه يشعر بلذة في معاملتها بقسوة , وهي كانت تكتفي بتجاهل هذه الوقاحة بأبتسامة مترددة وتتابع حديثها مع سوزان كأن شيئا لم يكن ,لكن بيترو كان متقلص المعصمين على أستعداد لبدء المعركة , لكنه لم يفعل....
ويبدو قلقا ومضطربا لتصرف أبن خاله أتجاه صوفيا , هذا شيء طبيعي , ومن جهة ثانية كان مارشيللو يعامل عمته في لطف ورقة ,لذلك لا يمكن أعتباره شخصا فظا , أذن لماذا يعامل زوجته هذكا؟ ولماذا لا تعامله بالمثل؟
خفضت نظرها نحو أصابعها المتقلصة وفي الوقت نفسه لاحظت ظلا يتحرك في الساحة , فأنتفضت فجأة ورجعت الى الوراء وشعرت بحلقها يجف.
كادت سوزان تصرخ عاليا وهي ترى مارشيللو دي فالكونيه , كان يعرج قليلا , لكنه كان يمشي من دون عكازيه وفي طريقة واضحة.
ولبضع لحظات ظلت جامدة تحبس أنفاسها , لكنها أقنعت نفسها بأن لا علاقة لها بكل ما يجري هنا , فرجعت الى الوراء في صمت حتى وصلت الى باب غرفتها , لكنها لم تستطع الأمتناع عن طرح أسئلة عديدة ,ماذا يعني كل هذا؟ مارشيللو يتمشى في ساحة القصر , الساعة الثانية صباحا ,وحده , ومن دون عكازيه؟ من على علم بذلك؟ هل أفضى بسرّه الى أحد؟ ربما هذا هو السبب الذي من أجله يعامل زوجته في أحتقار , لا شك أن صوفيا لا تعرف أن زوجها يمشي بدون عكازين , وألا لما تصرفت أتجاهه في طول بال ,لكن ما هو السبب الذي من أجله يحافظ على هذا السر , ويرفض أن تفرح عائلته عندما تعرف أنه شفي؟
بدأت مخيلتها تغلي , فتمددت على السرير ونامت لتوها.

dalia cool 08-08-10 02:36 PM

أستيقظت لدى سماعها طرقات على الباب , وخلال لحظات عديدة , وجدت صعوبة في أستعادة وعيها , لكن لدى رؤيتها باب الشرفة مفتوحا , أستردت وعيها وقالت وهي تنتصب في سريرها:
" أدخل!".
دخلت الخادمة لوسيا , حاملة صينية فضية , وراحت تبتسم بصدق وتقول بالأيطالية مقتربة من السرير :
" صباح الخير , يا آنسة".
" صباح الخير , يا لوسيا , كم الساعة".
قالت وهي تضع الصينية على ركبتي الفتاة :
" العاشرة والنصف , يا آنسة , هل نمت جيدا؟".
"يا ألهي! أن الوقت متأخر ! لم يسبق أن أستيقت متأخرة ! ". لكنها تذكرت أنها نامت بعد الساعة الثانية صباحا.
" آسفة لأزعاجك , يا لوسيا , فقد أضطررت الى أحضار فطور الصباح الى الغرفة".
" ليس هناك من أزعاج , يا آنسة , قال لي بيترو لا بد أن تكون الرحلة أرهقتك".
وبينما كانت لوسيا تتكلم ,كانت سوزان تتفحص محتوى الصينية , ركوة القهوة الفضية , وأبريق عصير الليمون الطازج , والخبز الساخن والزبدة بشكل أصفاد , كلها موضوعة بأناقة فوق شرشف مطرز , وقرب الصحن وضعت وردة بيضاء رائعة في أناء صغير.
تناولت الزهرة وأستنشقت عطرها الناعم , يا لذوق بيترو الرفيع!
أخيرا قالت:
" ما أجمل هذه الزهرة , أشكريه عني من فضلك".
قالت لوسيا:
" قطفها الكونت بنفسه من حديقة القصر , صباح هذا اليوم , وهو يقدمها اليك في فرح".
رمت سوزان الوردة جانبا كأن الشوكة شكت بيدها , لا يحق لمارشيللو دي فالكونيه أن يتصرف هكذا واضعا سوزان في موقف حرج... ألا .... ألا أذا كان قد لمحها تلك الليلة على الشرفة ولم يجد غير هذه الطريقة ليعلمها بالأمر.
قالت سوزان رافعة أبريق العصير في يد مرتجفة:
" صحيح , أذن , أشكرك, و.... أذا رأيت بيترو , قولي له أنني سأكون مستعدة قريبا".
" لا تقلقي , يا آنسة , أصطحب بيترو والدته الى القرية , والأحتفال لن ينتهي ألا بعد وقت غير قصير".
" أين الكونتيسة دي فالكونيه".
هزت لوسيا كتفيها قائلة:
"لا تستيق ألا في ساعة متأخرة من النهار , لا تستعجلي , يا آنسة , أنت هنا لقضاء عطلة ,أليس كذلك ؟ الى اللقاء , يا آنسة".
أغلقت الباب وراءها , وبعد أن شربت عصير البرتقال , سكبت سوزان لنفسها فنجان قهوة وراحت تتأمل الوردة الموضوعة على الصينية , لم يسبق أن رأت وردة بهذا الجمال الكامل , ولا أن تنشقت عطرا لذيذا كهذا.... وتساءلت : لماذا قدّم الكونت هذه الوردة اليها وشعرت بقلبها ينبض في سرعة وهي تتذكر مارشيللو دي فالكونيه.
وضعت الصينية على الطاولة قرب السرير ونهضت وتوجهت ال الباب الزجاجي الذي يطل على الشرفة , هل كان ما رأته أمس حلما؟ هل شاهدت حقا مارشيللو وهو يمشي من دون عكازيه؟
ورغم تشويش أفكارها , كانت تتأمل بسحر, المنظر أمامها , من وراء جدار القصر يطل الجبل وأشجار الصنوبر والقمم التي ما يزال الثلج يكسوها , وعن قريب , لاحظت وجود شلال ينحدر على الصخور ويصب في مجرى المياه , وفي الوادي أزهار الوزال الصفراء تضيف لمعانا على العشب الأخضر في المروج.
ووسط هذا المنظر الساحر يبدو القصر وكأنه ينام تحت أشعة الشمس التي تدفىء حجارة جدرانه , والماء يسيل من السبيل مثل باقة قطرات ملونة.
دخلت سوزان الى غرفتها , ثم دخلت الى غرفة الحمام من باب بشكل قبة , أنها من الرخام الأبيض , بنيت حديثا ولا تبدو غريبة وسط هذا الأطار القديم.
وبعد أن أخذت حماما كاملا, راحت توضب محتوى حقائبها , وتعلق فساتينها في الخزانة , فالبارحة كانت متعبة وأكتفت بأفراغ حقيبتها من الأشياء الدقيقة والسريعة العطب واضعة أياها على الكرسي , وبعدما أنتهت من تعليق ملابسها في الخزانة الخشبية المنحوتة , راحت تفكر بما سترتديه , ولو كانت في ظروف مغايرة لأرتدت سروالا وقميصا عاديا , لكن في قصر فالكونيه , تبدو هذه الملابس غير لائقة , لأن سوزان كانت متأكدة من أن السيدة فيتاليه لم تستحسن بدلتها الحمراء التي أرتدتها بالأمس.
أختارت أن ترتدي قميصا أخضر وتنورة من القطن المعرق التي تظهر نحافة ساقيها الطويلتين , ولم تضع الجوارب لأن الطقس حار , وأنتعلت صندلا من الفلين , ثم جلست أمام طاولة الزينة تسرح شعرها , أخيرا وضعت في عنقها سلسلة ذهبية وزينت وجهها .
وقبل أن تغادر الغرفة , أقتربت من السرير ونرت من جديد الى الوردة البيضاء المتروكة على الشرشف المطرز , قامت بحركة لأخذها.... ثم غيّرت رأيها , مهما كانت لعبة مارشيللو دي فالكونيه , فهي لا تريد أن تشاركه هذه اللعبة , فتركت الوردة مكانها لتعود الى صاحبها , ومع ذلك كانت سوزان نضطربة لأن مارشيللو , بهذه الحركة البسيطة , نجح في أن يفقد سوزان برودة أعصابها التي كانت تتحلى بها , خاصة أمام ألحاح عبد الفايز المستمر , وراح قلبها ينبض بسرعة ,وبدأت تلوم نفسها لأنها علّقت أهمية كبيرة على هذا الولاء من جانب رجل أيطالي عاطفي.

dalia cool 08-08-10 02:40 PM

أدارت ظهرها للوردة وخرجت من غرفتها وهبطت الى الطابق الأرضي سالكة سلالم الرخام , مستندة الى الدرابزين الحديدي المصقول الذي يشكل تحفة فنية صغيرة , أشعة الشمس تدخل بقوة من وراء الزجاج المزاييك , راحت سوزان تسمع صوت خطواتها على الأدراج وحفيف تنورتها فوق ساقيها.
ثم أقتربت ببطء في البهو وهي تعي كل الروائع المحيطة بها ,لكنها أرادت أن تكون كتومة , فهي مدعوة وليست سائحة , فقررت للحال الأتجاه نحو الصالون الصغير ,وعندما يأتي بيترو تسأله أذا كان في أمكانها القيام بزيارة كاملة في أرجاء القصر.
كان باب قاعة الأستقبال مقفلا , وضعت سوزان يدها على م*** الباب وترددت في الدخول عندما سمعت خطوات , وعرفت صاحبها وألتفتت في عصبية , كان مارشيللو يتقدم على عكازيه , مرتديا السروال الأسود والقميص الحمراء الغامقة.
وفي وضح النهار كانت كدمة وجهه بيضاء الى جانب بشرته السمراء الداكنة , ولم تتمكن سوزان من تجاهل النظر اليه وأضطرت أن تقوم بجهد لتزيح نظرها , فقال باللغة الأنكليزية مع أشارة في رأسه:
" صباح الخير , يا آنسة , آمل أن تكوني قد نمت جيدا؟".
تساءلت سوزان عن سبب طرحه هذا السؤال بالذات , بينما كانت تحدق في عينيه الخضراوين الساحرتين , أجابت من دون أن تخاطر بنفسها:
"أنني .......... أوه........كان الحر شديدا هذه الليلة , ونمت جيدا , شكرا".
" عظيم".
ومن دون أن يترك عكازيه , أشار نحو الغرفة التي خرج منها البارحة وقال:
" هل تسمحين بأحتساء فنجان قهوة معي ؟ وتفضلي بفتح الباب.........".
كانت لهجته آمرة , فأطاعت سوزان غير قادرة على معارضته .
الغرفة مريحة ومليئة بالكتب المرصوصة على رفوف عريضة , سبق أن مرّت سوزان من هنا بالأمس , قرب النافذة , مكتب خشبي تعلوه المستندات والأوراق المختلفة , كراسي ومقاعد جلدية تكمّل أثاث الغرفة , أنها غرفة المكتبة , تبدو حميمة أكثر من بقية غرف المنزل التي رأتها حتى الآن.
منتديات ليلاس

وبعد أن دخلا , أشار مارشيللة برأسه لكي تغلق الباب , فأطاعت متأسفة لعدم بقائها في غرفتها حتى عودة بيترو , لكن كيف كان بأمكانها معرفة أن مارشيللو دي فالكونيه سيجد نفسه مضطرا للأهتمام بها في غياب أبن عمته؟
ووقفت لحظة جامدة وراء مصرعي الباب , وعيناها تحدقان في النوافذ العليا والأبواب الزجاجية التي تطل على ساحة القصر , كانت كلها مقفلة ولا مجال للهرب من هنا.
كان مارشيللو ينظر اليها في حدّة وحرج الى أن شعرت سوزان بأنزعاج مثقل , في عملها كانت تتعرض بأستمرار للأتصال بعدد كبير من الرجال , من مختلف الأعمار والجنسيات , وعدد كبير منهم صرحوا لها عن أعجابهم بها , لماذا يثير سخطها هذا الكونت الأيطالي الذي يكبرها بعدد لا يستهان به من السنوات , والذي يجر نفسه على عكازين , ووجهه يدعو للشفقة والخوف
سألها فجأة كأنه عرف بما تفكر:
" هل تعتبرينني أنسانا كريها ومنفرا".
قالت بسرعة وقد أحمرت وجنتاها:
" لا , أبدا!".
" صحيح خيّل اليّ أنك لا ترغبين بالبقاء معي!".
هذه الصراحة وتّرتها , فأجابت في تلعثم:
" لا.... أنني.... كنت أتساءل.... متى سيعود بيترو من الكنيسة.......".
قال مارشيللو رافعا حاجبيه ومشيرا اليها للجلوس في أحد الكراسي الجلدية الواقعة قرب المكتب:
" آه صحيح , لن يعود قبل وقت قصير , ألا تريدين الجلوس يا آنسة؟ أو تفضلين البقاء واقفة , على أستعداد للهرب , أنني أؤكد لك أن في أمكانك التغلب عليّ في مجال الركض".
تقدمت سوزان وجلست في الكرسي قرب المكتب , فوضع مارشيللو يده ذات الأصابع الطويلة على ذراع المقعد ,وخاتم الماس يلمع في أصبع يده اليسرى , خجولة من مواجهته وجها لوجه, تركت سوزان نظرها يسرد على المكتب المليء بالأوراق حيث شاهدت في وسطه مجرة من الذهب وتمثالا من البرونز يمثل نورا , أنها تحفة صغيرة وسوزان تحدق بها غير قادرة على أزاحة نرها عن التمثال .
" هل تعرّفت الى بيترو منذ مدة طويلة؟".
أنتفضت لدى سماعها صوت مارشيللو ورفعت رأسها , كان يحدّق فيها من خلال عينيه نصف المقفلتين , فتلعثمت وهي تقول:
" ماذا...... لا , لا , لم أعرفه منذ وقت طويل!".
" منذ متى تعرفينه".
" أنني....... لا أتذكر بالضبط , منذ شهرين تقريبا..........".
" هذا واضح و.... هل تعتقدين أنك تعرفينه جيدا؟".
أجابت سوزان في أنزعاج أمام نرته الثاقبة:
" أوه.... أعرفه كفاية.......".
" هل تعتقدين أن الوقت يلعب دورا أساسيا هنا؟".
" نعم , بالضرورة , وما رأيك أنت؟".
لم يرد , وفي هذه اللحظة بالذات طرق الباب وشعرت سوزان بأرتياح وأبعدت نظرها عنه , دخلت لوسيا حاملة صينية القهوة التي طلبها مارشيللو , وعلى الصينية فنجان واحد , فطلب منها مارشيللو أحضار فنجان آخر.
ولاحظت سوزان نظرات لوسيا وهي تدخل الى غرفة المكتبة , ماذا يا ترى تفكر في شأن علاقة صديقة بيترو مع صاحب قصر كاسيل فالكونيه؟

dalia cool 08-08-10 02:44 PM

وبينما كانت الخادمة العجوز تجلب فنجانا آخر ,سكب مارشيللو القهوة في الفنجان الأول , وأعطاه الى سوزان التي أضافت ملعقتي سكر من دون أن تنطق بكلمة , ثم راحت تحرك الملعقة داخل الفنجان شاعرة بنظرات الرجل الساخرة التي تحدق فيها بشراسة.
عادت لوسيا بعد وقت قصير وشكرها مارشيللو بحرارة فأجابته في أبتسامة مسموعة:
" لا شكر على الواجب يا سيدي , أذا أحتجب شيئا ما.....".
" سأرن لك الجرس , يا لوسيا , شكرا".
ولما توارت المرأة عن الأنظار , عادت سوزان تخفض عينيها , أنها الفرصة المناسبة لتسأله لماذا وضع لها وردة بيضاء على صينية الفطور , لا شك أنه لاح أن تصرفه هذا يعطي دلالة خاطئة للخادمة , فتسلحت بالشجاعة ورفعت عينيها لتلتقيا بالنظرات المحدقة بها , فبدأت تقول:
" يا سيد.........".
لكنه قاطعها بقوة قائلا:
" رأيتك تنظرين بأعجاب الى هذا التمثال الصغير , هل أنت ملمّة بالأشياء الفنية".
" أنه.... من البرونز , أليس كذلك؟ هل هذا تمثال أيطالي؟".
أبتسم وقال وهو يحمل التمثال بين يديه ويداعبه بأصبعه:
" كلا , يا آنسة , هذا التمثال الحيواني صنع في مصر , منذ دهور , لكنك على حق , فهو مصنوع من الرونز".
أنحنت الى الأمام وهمست:
" لا شك أنه يساوي مبلغا كبيرا من المال....".
أجابها في تأكيد وبساطة :
" لا ثمن له , بالنسبة اليّ , هذه الأشياء تبدو غير ثمينة , مقارنة بأشياء أخرى أجمعها".
منتدى ليلاس
ثم سألها وهو يمد يده حاملا التمثال:
" أتريدين أن تريه عن قرب؟".
" لكن أذا.... أخاف أن.... يمكنه أ يقع من يدي....".
قال في أبتسامة قصيرة:
" أنني أثق بك , هيا , خذيه".
أخذت من يده التمثال جاهدة ألا تلمس يد الكونت , تفحصته مطولا وهي تفكر بمسكن الرجل المصري الثري حيث كان هذا التمثال يزين المكان منذ آلاف السنين.
صرخت فجأة وهي تنظر اليه:
" ألا تخاف أن تفقد مثل هذه التحفة؟ ماذا لو سرقت".
أجابها مارشيللو وهو يهز كتفيه:
" سأشعر بالأسف لفقدانها , لكنني أتساءل أحيانا ما أذا كان يحق لي التعلق بشيء بشكل حميمي , في كل حال , فهو ملكي وحسب".
" لكن لا شك أن عائلتك ملكته قبلك منذ......".
" منذ سنين عديدة , نعم , أعرف ذلك , لكن هذا لا يبدل الأمور , ولا حتى عندما أستغل أسلافي جهل أصحاب هذا التمثال ليمتلكوه بالقوة".
" لكن أنت, أتعتقد أنك تستحسن هذا النوع من الأشياء الفنية!".
" هل تدافعين عن أسلافي , يا آنسة , أو عن شرفي".
أصرّت وهي تهز كتفيها:
" مهما قلت , لا شك أنك تفضل أن ترى هذا الشيء بين أيدي أشخاص مثلك , بدلا من أن تراه عند بائع تاجر غير مبال وغير مهتم بالأمور الفنية , أليس كذلك؟".
" أرى أن أنانيتي نالت جزاءها , أنني سعيد بأن تكوني في صفي , يا آنسة".
شعرت بأضطراب لكلامه , فوضعت التمثال الصغير بسرعة على المكتب , يا ألهي , أنها تعلق أهمية كبيرة على كلامه ولماذا , من جهة ثانية , يبدو أنه يرغب في الحصول على موافقتها؟

dalia cool 08-08-10 02:52 PM

سألها عندما رآها تحول نظرها عنه وتحدّق في أتجاه ساحة القصر:
" هل هناك شيء على غير ما يرام؟ أن شركة التأمين تصر على وجوب أقفال المخارج بأحكام خلال الليل , لذلك فقد جهّزنا المكان بجهاز أمان , يلتقط الأصوات والحركات الخفيفة ولا يسمعه أحد غيري , كل حركة مشبوهة تطلق جهاز الخطر الموجود داخل المنزل".
قالت سوزان وهي تتذكر أنها فتحت باب الشرفة من دون أي صعوبة:
" أنني أفهم الآن".
لم تقدر أن تمنع نفسها من الأرتعاش لفكرة أن لصا لابما أجتاز الطريق نفسه , فسألها الكونت وهو يتمسك بعكازيه ليقف:
" هل هناك ما يزعجك أو يشغل بالك".
عضّت سوزان على سفتيها ثم قالت:
"أنني... أنني أتساءل ما يمكن أن يحدث أذا نسي أحد سكان المنزل جهاز الأنذار وخرج".
أقترب منها وسألها في صوت ناعم:
" مثل ما فعلت مساء أمس , مثلا".
تثاءبت وشعرت بحرج وقالت:
" أنت.... أنت تعرف؟".
" كنت على الشرفة في الساعة الثانية بعد منتصف الليل؟ نعم يا آنسة , أعرف ذلك".
" لكن أذن, لا شك أنك عرفت أنني.... أنني......".
قال وهو يرفع أحد عكازيه:
" أنك رأيتني أمشي من دونهما نعم , يا آنسة".
أرادت سوزان أن تقف هي أيضا , لكنها أذا فعلت ,ستجد نفسها شديدة لقرب من مارشيللو دي فالكونيه , همست في صوت غير مسموع:
" أنني..... أنني لا أفهم".
" وكيف في أمكانك أن تفهمي".
فصرخت تقول:
" أذن , أنت لم تعد تحتاج الى هذين العكازين".
" لم أعد في حاجة اليهما بعد الآن , فقط عندما أكون مرهقا , وعندما أجد صعوبة في المشي".
وبعد لحظة صمت ثقيلة , أضافت سوزان:
" لكن.... ألا يزعجك أنني عرفت بالأمر؟".
هز كتفيه قائلا:
" لم أقصد ذلك , سمعت صوت الأنذار يرن قرب سريري , وكنت في ساحة لقصر حينذاك ولم أكن أتوقع أن أراك".
منتدى ليلاس
" لكن أذا كان هناك لصوص".
قال في أبتسامة صغيرة:
"أهتمامك يؤثر بي يا آنسة , لكنني كنت مسلحا".
" ربما لا تريدني أن أخبر بيترو بالأمر؟".
" لا يمكنني أن أمنعك من ذلك".
" لكن , لماذا لا تقول له أنت ؟ وستكون زوجتك مسرورة حتما ....".
تقلص فجأة , فعرفت أن ما قالته غلطة ,فقال في جفاف وهو يبتعد نحو الباب الزجاجي:
" لا تهتمي بأحاسيس زوجتي , يا آنسة , أرجوك".
" أذن... هل تفضل أن أحتفظ بالسر لوحدي".
أدار وجهه ول صامتا مدة طويلة , فسألته أذا كان قد سمع ما قالته , فقال من دون أن يلتفت اليها:
" لنقل أن أسباب خاصة تجعلني أرفض البوح بهذا السر , لكن أذا كنت عاجزة عن حفظه , فلن ألومك".
نهضت سوزان فجأة وسألته:
" لماذا أرسلت اليّ وردة , يا سيد دي فالكونيه".
أستدار في لطف ونظر اليها في سخرية وقال:
" لا شك أنك أعتبرت الأمر وقاحة , وأن رجلا مثلي لا يحق له أن يكون حساسا أمام جمال أمرأة".
" لا أفهم ما تريد قوله".
" ربما أنا أنسان معاق , يا آنسة , لكنني لست ضريرا ,وأضافة الى ذلك ,كنت مصرا على أن أتحدث معك وحققت هدفي".
قالت سوزان في تردد:
" لكن... وما دخل عاهتك بالأمر , ألا يحق للمعاق أن يبعث بزهرة الى أمرأة جميلة؟".
" لا تكوني ساذجة أكثر مما أنت حقيقة".
" لا أريد أن أجرح شعورك , لكنني لا أرى ما هي العلاقة بين المنر الخارجي للأنسان وشخصيته..".
" تنقصك الجرأة يا آنسة , يجب أن تعرفي أن الناس تحكم على الشخص من خلال منظره الخارجي , الجمال يقوّي الثقة بالنفس, والذين لا يتمتعون بالجمال يشعرون بمرارة وحزن كبيرين".
" لكن , لست رجلا حزينا أو مرا!".
" وتعتقدين بوجود أسباب لأكون هكذا؟".
قالت من دون تفكير :
" لا , أنني أشفق على .....الذي يستحق...".
أنهى كلامها قائلا:
"الشفقة؟ لكن هذه الحال لا تنطبق عليّ ,في رأيك؟".
ترددت لحظة وهي تعي المأزق الذي وقعت فيه , فقالت أخيرا في صوت هادىء وواضح وبطيء:
" كلا , لا أشفق عليك , يا سيدي".
ساد صمت ثقيل وشعرت سوزان بالندم , ألم تكن وقحة
ألا يلومها على صراحتها المفاجئة
كان يستند في صمت على طرف المكتب , في يد يحمل عكازيه وفي يد أخرى يلمس شعره في حركة آلية , وفي هذه الحركة أنفتحت قميصه على الجرح , فقال أخيرا:
" جيد جدا , يا آنسة , الآن , نعرف تماما أين تقع الأمور".
لم تكن قادرة على الرد من كثرة أنفعالها , وشعرت بأن شيئا يحصل لها من دون أن تكون قادرة على أن تفعل شيئا ما , أن هذا الرجل يجذبها بسرعة , بطريقة لا تمكن مقاومتها!




نهاية الفصل الثاني................

أحاااسيس مجنووونة 08-08-10 07:58 PM

يعطيك الف عافية يا دودو وسلمت يداااااك ونحن في الانتظار

:friends::friends::friends:

نجمة33 10-08-10 12:54 AM

يعطيك الف عافية

dalia cool 10-08-10 12:43 PM

شكرا على مروركم يا حلوين

dalia cool 10-08-10 09:28 PM

3-رنين اجراس القلب


وفي أرتياح كبير , أزاحت نظرها لدى سماعها الباب ينفتح فجأة , كانت أيلينا , الشاحبة في ثوب حريري نظيف , وفي يدها قبعتها, شرحت تقول:
" أبي.........".
ثم توقفت , مترددة لدى رؤيتها سوزان واقفة في وسط الغرفة.
كان مارشيللو يستند الى عكازيه , فأنتصب وهو يراها تدخل , فصرخت لوسيا التي كانت وراء الفتاة:
" أيلينا! كم مرة قلت لك ألا تدخلي الى مكتب والدك قبل طرق الباب ؟ المعذرة يا سيدي".
" لا بأس , يا لوسيا , في أمكانك الذهاب الآن , هل عادت عمتي؟".
قالت الخادمة وهي ترمق سوزان بنظرة خاطفة:
" نعم , يا سيدي , هل تريد المزيد من القهوة؟".
" كلا , شكرا , يا لوسيا".
عندما ذهبت لوسيا نظرت سوزان الى الفتاة الواقفة على عتبة الباب تلعب بشريط قبعتها , هل عصبيتها ناتجة عن وجود سوزان , أم للتوبيخ الذي نالته لأنها دخلت من دون أن تطرق الباب؟
سألها مارشيللو باللغة الأنكليزية :
" هل سبق أن تعرفت الى الآنسة هانت , يا ايلينا؟".
ومن دون جواب ألقت الفتاة بنظرة سوداء الى سوزان.
فقالت هذه الأخيرة لتخفّف من حدة الجو:
" لقد تبادلنا التعارف مساء أمس , أليس كذلك , يا أيلينا؟".
ظلت ساكتة تفرك بقدميها في عصبية , فقال مارشيللو في قلق:
" أيلينا , طرحت عليك سؤالا !".
ظلت جامدة , وأحنت رأسها من دون أن ترد .
" أنني آسف حقا لتصرف أبنتي اللاخلاقي".
قالت سوزان في لهجة خفيفة وهي تتجه نحو الباب :
" لا أهمية لذلك , أرجو المعذرة يا سيدي.... لا شك أن بيترو عاد.....".
منتدى ليلاس
" لحظة , من فضلك".
وبرغم لهجته الآمرة , وضعت يدها على م*** الباب , عازمة على أن لا تدعه يسيطر عليها , لكنه أجتاز الغرفة في سرعة من دون الأتكاء على عكازيه وتمسك بذراعها بقوة كادت أن تصرخ منها , وفي سرعة , أوقع أحدى عكازيه , فأسرعت أيلينا لتلمها , فسألها مارشيللو:
" هل ستخبرين بيترو كل ما سمعته ورأيته؟".
قدمت ايلينا العكاز الى والدها وتخلصت سوزان من قبضته في أرتياح , وقالت وهي تحك ذراعها المؤلمة:
" لست هنا ألا لأيام قليلة , يا سيدي , ولا أنوي اتدخل في أمور لا تعنيني".
ومن دون أنتظار ردة فعله , خرجت بسرعة من الغرفة.
وبعدما أجتازت البهو الكبير , وقدماها ترتجفان أنفعالا , خرجت من جهة الساحة وتنفست الصعداء مثل سجين أستعاد حريته.
ظلت تتقدم نحو السبيل المنعش , وأشعة الشمس تعكس نورها في كل مكان , وجلست على طرف البركة الرخامية ,وسرحت في أفكارها تاركة أصابعها تتبلل في ماء السبيل , بينما كانت تتأمل حورية في ويط المياه , وأخيرا , ألتفتت فجأة , فلم تر أحدا وراء زجاج مكتب مارشيللو وشعرت بحماقتها , وكانت على وشك الأشاحة بنظرها عندما رأت شيئا يتحرك في شرفة الطابق الأول , رفعت عينيها وشاهدت وجه صوفيا دي فالكونيه المتقلص.
قالت في أستغراب:
" آه , صباح الخير , يا سيدة فالكونيه".
الظاهر أن المرأة كانت قد أستيقظت لتوها من النوم , شعرها مشعث وهي ترتدي قميص نوم حريريا شفافا.
" صباح الخير , يا آنسة هانت , هل أنت من المعجبات بأفروديت؟".
قالت سوزان وهي تغمز بعينيها في أرتباك تحت أشعة الشمس القوية:
" أفروديت ؟ آه تعنين التمثال......".
قالت صوفيا في جفاف:
" لا أعتقد أن أفروديت تحب أن تنال مثل هذا الوصف , هل هناك أبعد , أو أجمد من تمثال على قاعدته؟أن الذين يعشقون أفروديت , رمز الحب , يحمرون خجلا لدى سماعهم ما تقولينه".
لم تكن سوزان تنوي الدخول في حوار حول هذا الموضوع , يكفي ما عانته , فغيرت الحديث وقالت:
" الطقس جميل , ما رأيك؟".
بدا على صوفيا خيبة الأمل , وأجابت وهي تهز كتفيها قبل أن تدخل الى غرفتها:
" يوم كهذا , أرى مثله كل يوم , يا آنسة".
هل هذه غرفتها ,أو غرفة.......... آه .... لا دخل لسوزان بالأمر ..... لديها أحساس بأن صوفيا تنام في غرفة مستقلة ..... لكنها قررت أن تحاول عدم التفكير بكل هذا وعادت تنظر الى السبيل , وخيل اليها أن التمثال الرخامي يحدق فيها بعينيه الفارغتين وفي سخرية , أبتعدت سوزان نحو بقعة مزروعة بالزهور.
" آه , سوزان , أنت هنا ! أنني أبحث عنك في كل مكان!".
شعرت بأرتياح لسماعها صوت بيترو , الذي كان يرتدي سروالا من المتان وقميصا معرقة.
" آه , أنني آسفة ....".
قال في أبتسامة حنون:
" تريد الوالدة أن تأتي لأحتساء الشاي معها , هل أشتقت اليّ؟".
كانت سوزان تفضل أن تبتعد ولو لفترة عن جو المنزل الخانق وتبقى وحدها مع بيترو , لكن كيف في أمكانها أن تقترح عليه مثل هذا الأمر من دون أن يتساءل عن السبب ؟ لذلك أكتفت بالرد عليه قائلة:
" قالت لي لوسيا أنك ذهبت الى الكنيسة ,أنني آسفة جدا لأنني لم أستيقظ باكرا لأذهب معكما".

dalia cool 10-08-10 09:37 PM

قال وهو يتأبط ذراعها ليدخلها الى القصر:
" آه , لم أفكر أن أقترح عليك ذلك , أنني سعيد أنك قضيت ليلة جميلة , ليس من السهل دائما النوم في سرير غريب , لكنني أعتقد أنك بسبب الوظيفة التي تشغرينها فقد أعتدت على ذلك".
قالت في قهقهة حرة:
"آه , لو سمعوك , لأعتقدوا أمورا أخرى!".
وكانا ما زالا يضحكان وهما يدخلان الى الصالون الصغير حيث تنتظرهما السيدة فيتاليه.
قدمت لهم لوسيا الشاي والحلوى الناشفة وسوزان كانت تفضل أن تحتسي شرابا متآمرة ,وفي داخلها كانت سوزان تلعن مارشيللو الذي كان السبب في كل هذا , بماذا تفكر يا ترى؟ كم أن الناس معقدون في هذه البلاد!
لم يلاحظ بترو أنزعاجها , فأستمر في الثرثرة في فرح بأمور شتى , وشيئا فشيئا أسترخت سوزان , وفي الوقت الذي أقترح بيترو القيام بنزهة في الحديقة , دخلت صوفيا في خطى لامبالية , ترتدي سروالا أبيض وقميصا وردية وتضع حول عنقها منديلا حريريا معرقا , قبّلت عمتها , وداعبت خد بيترو وأبتسمت لسوزان وقالت:
" أنني ذاهبة , يا عمتي لويزا".
أطلق بيترو زفرة تعبر عن خيبة أمله فقالت له:
" يجب أن أذهب, يا عزيزي , لقد سبق أن وعدت وأنت تعرف معنى ذلك".
منتدى ليلاس
أحتج قائلا:
" لكنني وصلت بالأمس , وأنا مشتاق اليك".
قالت في صوت مليء بالوعود وهي تلامس مرة ثانية خده :
" ما بالك , أنت هنا لقضاء بضعة أيام , أليس كذلك؟".
شعرت سوزان ببعض الأنزعاج , أذ أنها تعتبر مثل هذه العلاقات غامضة ,هل هذا هو السبب الذي يجعل مارشيللو يتصرف هكذا أتجاه زوجته؟ هذا مستحيل , لأن صوفيا تبدو أنها تكبر بيترو بأكثر من عشر سنوات.
أنتفضت فجأة بعدما لاحظت أن السيدة فيتاليه تراقب وقاحة صوفيا وبيترو في أشمئزاز ظاهري , هل تشك هي أيضا في هذه العلاقة؟
أخيرا قالت صوفيا وهي تتوجه نحو الباب:
" سأراك في المساء على العشاء , يا آنسة , الى اللقاء عمتي لويزا , الى اللقاء يا بيترو".
وبعدما خرجت صوفيا قالت السيدة فيتاليه:
" ما كان يجب أن تشجعها , يا بيترو".
أحمر وجه بيترو ولم يرد , نهضت سوزان وقالت:
" أقترحت عليّ أن تأخذني في نزهة داخل الحديقة , يا بيترو......".
" نعم سنذهب في الحال , بالأذن , يا أمي".
وراحا يتنزهان في الحديقة , وكانت سوزان تنظر الى رفيقها الصامت في حيرة متسائلة ما أذا كان بيترو يفكر في صوفيا , فجأة ومن دون تفكير سألته:
" كيف وقع الحادث لأبن خالك؟".
كان بيترو منغمسا في أفكاره , فلم يفهم سؤالها في الحال , ثم قال بعد لحظات وفي صوت قاس:
" حادث مارشيللو؟ وقع في الوادي".
" في الوادي! كيف؟".
قال بيترو في جفاف:
" بينما كان يمارس رياضة التزلج , مع أنه يمارس هذه الرياضة ببراعة تامة".
" آه".
كانت سوزان تعتقد أنه تعرض لحادث سيارة..
" وقبل الحادث , كان يمضي أيام العطل في كورنينا".
كانت لهجة بيترو قاسية فقالت:
"ليست الغلطة غلطته!".
" بلى! كان منتشيا عندما وقع الحادث , ما كان يجب أن يقوم بالتزلج وهو في هذه الحالة".
قالت سوزان في أستغراب:
" أنت عديم الشفقة , الناس تموت في مثل هذا الحادث , أحيانا!".
قال بيترو في سخرية:
" أرى أنه وجد من يدافع عنه".
" لا! لا يحق لك أن تقول ولا حتى أن تفكر مثل هذا الشيء المؤسف , ليس لأنك غير متفق معه بالطريقة التي يتبعها للمحافظة على التراث كي......".
قال بيترو في أحتقار:
" التراث! أشياء لا تتحرك! متحف! لا , أن أبن خالي هو أكره رجل على الأرض , هل رأيت كيف يعامل زوجته ! لا , لا يمكنني أن أسمح بذلك!".

dalia cool 10-08-10 09:38 PM

أحنت سوزان رأسها ولم ترد , ما يقوله بيترو صحيح , أن مارشيللو يتصرف مع زوجته بطريقة غريبة , لكن الأسباب التي جعلته يفتح منزله أمام الجمهور , تفهمها كليا , لماذا يبيع الأشياء التي يحبها ما دام بأستطاعته أعالة عائلته كما يجب؟ هل هذه أنانية أن يتقاسم مع الآخرين حب الأشياء الفنية والتحف الرائعة التي تملأ القصر؟
بعد لحظة صمت , أضافت:
" عندما سقط مارشيللو في قعر الوادي , ماذا حدث له؟".
" تريدين معرفة كل التفاصيل ؟ حسنا , لقد كسر ساقيه والعمود الفقري , وبعد خروجه من المستشفى , قضى أكثر من سنة على الكرسي الجرار".
" و....... ماذا عن الكدمات في وجهه وعنقه؟".
" أنها ناتجة عن أغصان أشجار الصنوبر , على ما أعتقد.... لست قاسيا وأعرف أنه تألم كثيرا , لكن هذا لا يبرر تصرفه السيء أتجاه صوفيا , ووقاحته أتجاهي , لا تعرفين كم يبخل عليها.....".
لا يبدو أن صوفيا محرومة من أمور كثيرة , ووجدت نفسها منفصلة وهي تتخيّل جسم مارشيللو المحطم والمليء بالدم , والواقع في قعر الوادي في كورنينا , يا ترى كيف كانت ردة فعل صوفيا لدى معرفتها خطورة الحادث الذي تعرض له زوجها؟
لاحظت فجأة كيف كان بيترو ينظر اليها في فضول , فهزت كتفيها وغيّرت الحديث قائلة:
" ما هذا الجناح الصغير المغلّف بالعرائش والكروم؟".
" أنها أستراحة لطيفة , أمرت ببنائها والدة مارشيللو , كانت ملجأ خلال الحرب , خاصة عندما كان القصر مصادرا كمركز رئيسي لقيادة الجيش , وفي أنكلترا , حدث شيء مماثل , أليس كذلك؟".
" نعم , طبعا".
" ولحسن الحظ , لم يكن سكان القصر آنذاك من البرابرة , ولم يدمر شيء ولم يسرق شيء".
كانا قد وصلا الى السلالم التي تؤدي الى الأستراحة الصغيرة وأضطر بيترو الى أن ينزع بعض العشب والشوك كي يتمكن من فتح الباب والدخول , فاحت رائحة العفن والرطوبة ,كل شيء كان مهجورا , والمقعد الحجري المبني حول الغرفة من الداخل كان مليئا ببيوت العنكبوت.
" هل ما زالت والدة مارشيللو.... على قيد الحياة؟".
" كلا , ماتت نتيجة ذبحة قلبية بعد حادث الطائرة الذي تعرض له والد مارشيللو وأدى الى موته عام 1968 ".
" آه لا شك أن ذلك كان صعبا لأبن خالك!".
" في الوقت الذي قتل فيه والده , كان مارشيللو يعيش في روما مع صوفيا , ويعمل كخبير".
سألته سوزان وهي تخرج من الأستراحة:
" كان خبيرا ..... في التحف القديمة؟".
" طبعا , مارشيللو هو أستاذ في علم الأثريات , ألم تعرفي ذلك؟".
" كلا , كيف بأمكاني معرفة ذلك؟ وهذه الأستراحة , للأسف مهملة بهذا الشكل...".
هز بيترو كتفيه وقال:
" ميغيل البستاني الوحيد , بالكاد يستطيع صيانة الحديقة من أجل السياح , هذه مشكلة هذا المكان , المصاريف كثيرة وليس هناك الماديات الكافية لمواجهة ذلك".
صرخت سوزان تقول:
" هل تعني أن لوسيا هي وحدها التي تهتم بالمنزل".
" كلا , خلال الموسم السياحي , يسمح لها مارشيللو بالأستعانة بأحدى فتيات القرية , لكنه يفضل أن يهتم بالأشياء الثمينة والتحف الفنية بنفسه ,وهذا عمل يأخذ منه وقتا كبيرا , أنه دوام كامل".
" وماذا تريده أن يفعل؟".
" أن يبيع كل شيء! هل سمعت جيدا ! وهكذا يمكن للجميع هنا أن يعيشوا في الترف حتى آخر حياتهم".
أجابت سوزان في سرعة:
" وبعد ذلك؟".
" بعد ذلك ؟ لا أفهم".
" بلى , بعد موتك وموت الآخرين , المال لا يدوم , هل فكرت بأولاد أبن خالك؟".
" هناك ايلينا فقط".
ستتزوج ايلينا من دون شك وستنجب أولادا بدورها ,لماذا تريد أن يحرم هؤلاء من هذه الكنوز؟".

dalia cool 10-08-10 09:42 PM

رفع بيترو عينيه الى السماء وقال:
"يا ألهي! كأنني أسمع مارشيللو يتكلم ! أمور كثيرة يمكنها أن تحصل قبل أن تكبر ايلينا وتصبح في سن الزواج والأنجاب! ربما وقعت حرب , أو هزة أرضية , الله وحده عالم بالأمور! لا يجب أن نفكر بالمستقبل, الحاضر وحده يكفي!".
" ربما هذا كاف لك , لكن ألا تفكر بكل هذه الكنوز المبعثرة هنا وهناك والمحفوظة ربما في المصارف , ولا أحد في أمكانه أن يراها, هذا شيء لا يجب أن تسمح به , هنا , على الأقل الناس يقدرون أن......".
قاطعها بيترو مندهشا لحماستها:
" وتجدين هذا جميلا؟".
" نعم , أجد في ذلك نوعا من العزاء".
" أذن , أرى واضحا أن مارشيللو لقنك درسا في غيابي.... ووجد فيك حليفة له".
أحتجت سوزان وأحمرت :
" حليفة! ولماذا تعقد الأمور يا بيترو؟".
" آه , أنني أعرف أبن خالي أكثر منك , يا سوزان ,أنه ناجح مع النساء , ولن تكوني المرأة الأولى التي تقع في مخالبه!".
" لا تكن أحمق , ي بيترو !".
منتدى ليلاس
" أعترفي بأنك تدافعين عنه!".
ولحسن الظ كانا قد وصلا الى الرواق وغيّرت سوزان الحديث قائلة:
" أشعر بالغبار يلفني بعد دخولنا الى هذه الأستراحة , سآخذ حماما , أي ساعة موعد الغداء؟".
" الساعة الثانية , هل تعرفين أين تقع غرفة الطعام؟".
" نعم".
وتوجعت سوزان نحو السلالم , وقررت أن تطرد مارشيللو دي فالكونيه من أفكارها.
في غيابها , تم ترتيب محتوى حقيبتها داخل الأدراج وترتيب السرير أيضا , لا شك أن لوسيا فعلت ذلك.
نظرت الى الساعة , ما زال أمامها وقت طويل , فخرجت الى الشرفة وأتكأت لحظة على السور وراحت تتأمل المنظر الهادىء الجميل تحت أشعة الشمس الحارقة , ورأت أمامها قرية صغيرة حيث المنازل مجمعة حول كنيسة صغيرة , ثم سمعت رنين أجراس يدخل صداها في الهواء الجامد.
وفجأة لاحظت سوزان أنها غير قادرة أن تبعد أفكارها عن صاحب القصر..... وبعد تنهد عميق , دخلت الى الحمام وفرحت بأنزلاق الماء المنعشة على جلدها الساخن , وحاولت أن تتخيّل ما يمكنه أن يحدث لو كانت تعرفت الى مارشيللو في أحد الفنادق التي تعمل فيها.
في حياتها المعنية , ألتقت سوزان عددا لا يستهان به من الرجال والنساء وبعضهم من المعاقين , وما يدهش سوزان , أنها لم تفكر به كرجل معاق ,بل أنها تعتبره رجلا بكل ما في الكلمة من معنى!







نهاية الفصل الثالث........................

أحاااسيس مجنووونة 11-08-10 03:35 AM

تسلم ايدك يا غالية مع خالص حبي وشوقي انا بالانتظار

:flowers2:

dalia cool 11-08-10 06:14 PM

شكرا على مرورك ام مريم :flowers2::flowers2:

dalia cool 11-08-10 06:16 PM

4-رجل مشوة

في هذا اليوم , لم تر سوزان مرة ثانية , لا مارشيللو , ولاصوفيا , وعلى الغداء كانوا أربعة أشخاص , السيدة فيتاليه ,أيلينا , بيترو وهي.
لم تكف سوزان عن التفكير بهذه الفتاة الصغيرة المهذبة التي ترعرعت في بيئة أناس كبار , ليس فيها أي ولد من سنها , وهي تبدو منغلقة كليا على ذاتها , لا تتكلم ألا أذا وجّه أحدهم اليها الكلام . وأحست سوزان بأنها ترغب في التحدث اليها وأكتشاف ميولها , وأن تلهو وتلعب في الحديقة معها.
لكن ما أن أنتهت من الأكل , حتى أرسلت الفتاة لأخذ قيلولة النها , تلبية لأوامر العمة , ولم يتسنى لسوزان أن تراها بعد ذلك.خلال النهار نفسه.
وبعد الظهر , أصطحب بيترو سوزان الى القرية وأراها الكنيسة التي زارها في الصباح مع والدته , ومثل بقية الكنائس الأيطالية , كانت تعج بالتماثيل الرائعة.
قالت سوزان , وأنفها مرفوع وهي تتأمل القبب والزجاج الرائع:
" قرأت مرة عبارة تقول: عندما يرفع الأنسان نظره الى السماء , يعي لا نهائية الشعور بالروحانيات , ما رأيك؟".
قال وهو يهز كتفيه:
" لا شيء , لا يجب أن يؤمن الأنسان بكل شيء يقرأه ".
" حسنا..... هذه الفكرة كانت تعجبني.......".
سكتت لحظة ثم تابعت:
" هل تخلد أيلينا الى القيلولة كل يوم؟".
" أيلينا؟ أوه..... أظن ذلك , لماذا؟".
" أردت أن أعرف فقط ..... فكرت لو نصطحبها معنا مرة , أذا كنت لا تمانع بذلك , لا تبدو أنها تتسلى بشيء هنا".
قال بيترو وهو يجرها الى طريق ضيقة:
" عليك أن تتكلمي في الأمر مع والدها , وليس معي".
منتدى ليلاس
" لكن , يا بيترو , لا أرى ما يمنع أن نصطحبها معنا".
توقف لينظر بقوة الى عينيها الواسعتين وبشرتها العنبرية , وشفتيها المليئتين , ثم أنحنى وعانقها وقال في صوت مبحوح:
" أتفهمين السبب الآن........؟".
أفلتت منه بعنف وقالت:
" ماذا جرى لك يا بيترو ؟ لم يسبق أن تصرفت هكذا معي , هذه الأمور لم يسبق أن حدثت بيننا !".
" هل تريدين أن تقنعيني بأنك تجهلين حقيقة مشاعري نحوك".
" في كل حال , أحتساء فنجان قهوة ينفعك وينفعني أيضا".
جلسا أمام طاولة تحت الأشجار , وأحتسيا القهوة في صمت ثيل ,يا ألهي , أرجو ألا أجد نفسي أواجه مشاكل جديدة , هذا ما كانت سوزان تفكر فيه بينما كانت تصغي الى أصوات الزبائن والعزف على البيانو .
قالت السيدة فيتاليه لأبنها على مائدة الطعام:
" مارشيللو يتناول طعام العشاء عند آل روسي , هل تعرف أن مارينا هنا؟".
هز بيترو رأسه وأجاب:
" كلا , لم أكن أعرف ذلك , هل ستبقى مدة طويلة؟".
" لا أعرف شيئا , يبدو أنها متعبة وبحاجة الى الراحة , طبعا أن والدها مسرور لأن يراها , فهو يشتاق اليها كثيرا".
تساءلت سوزان في نفسها ,عمن يتكلمون؟ من هم آل روسي؟ ومن هي مارينا؟".
ألتفت بيترو نحو سوزان وشرح لها قائلا:
" آل روسي أصدقاء العائلة , مارشيللو ومارينا ترعرعا تقريبا معا , رغم أنها تصغره سنا , وخالي كان يأمل في أن يتزوجا عندما يكبران , لكن مارشيللو كان في ذلك الوقت يضع في رأسه أمورا مختلفة , وفضل أن يذهب الى روما ويعمل هناك , وهكذا تعرف الى صوفيا , وفي ذلك الوقت كانت مارينا قد أنهت دراسة الطب , واليوم تعيش وتعمل في روما".
قالت سوزان:
" الآن , فهمت".
قال بيترو:
" صحيح , أننا نتساءل كثيرا حول علاقتهما الحالية......".
قاطعته والدته قائلة:
"أرجوك , يا بيترو , دعك من هذا الحديث".
أحمر بيترو بعنف وقال:
" تعرفين يا أمي جيدا أن مارشيللو لم يعد يهتم بصوفيا كليا!".
" أن الحادث أحدث توترا مؤلما بينهما , هذا صحيح , ولكن لا تظن بأن هناك أكثر من علاقة صداقة بينه وبين مارينا..........".
تقلصت شفتا بيترو في عصبية وأحنت سوزان رأسها تأكل من صحنها , منزعجة , تشعر بالغيرة من مارينا التي تجهلها....
نامت على الفور رغم توتر أفكارها .
وفي الغد , أستيقظت باكرا ,وفي الثامنة كانت مستعدة , فقد قررت أن تتجاهل معارضة السيدة فيتاليه وأن ترتدي سروالا جميلا من القطن البرتقالي وقميصا مقلما بالبرتقالي والأبيض وبدت جذابة تلفت النظر.

dalia cool 11-08-10 06:20 PM

وشعرت بالجوع , وقررت النزول لتناول الفطور في غرفة الطعام , وفي البهو , ألتقت لوسيا التي صرخت:
" صباح الخير , يا آنسة , لقد أستيقظت باكرا اليوم!".
" نعم , أعرف أنني مبكرة , يا لوسيا , لكن لا أريد أزعاجك".
" ليس هناك أزعاج , فسيدي يتناول فطور الصباح في غرفة الطعام , وفي أمكانك مرافقته".
" السيد دي فالكونيه؟ الكونت؟".
" نعم , يا آنسة , وسيسر جدا أن يكون هناك من يرافقه , تفضلي , سألحق بك".
ولما دخلت بعد أن طرقت الباب رأت صاحب القصر جالسا في مكانه الأعتيادي , في طرف الطاولة , يرتدي قميصا من الحرير الأخضر الغامق مفتوحا على صدره الأسمر , فبدأ قلبها يدق بسرعة .
قال من دون أن يرفع نظره عن الجريدة التي كانت بين يديه:
" أنتهيت , يا لوسيا , شكرا".
لكن أيلينا الجالسة قربه تأكل صرخت تقول:
"لكن , يا أبي ,ليس الآتي لوسيا !".
رفع رأسه ووضع فنجانه على الطاولة وقام في جهد وهو يستند الى طرف الطاولة وقال:
" صباح الخير , يا آنسة".
" آه , المعذرة , يا سيد فالكونيه! لا تزعج نفسك , أرجوك , أرسلتني لوسيا الى هنا وهي تقول لي أنك لن تعارض أن تناولت فطور الصباح معك.........".
جلس وطوى جريدته وقال:
" للمرة الأولى , هي على حق".
" أرجوك , تابع ما تفعله كأنني لم آت , لا أريد أن تغيّر عاداتك من أجلي.......".
قال وهو يسكب لنفسه فندانا آخر من القهوة:
" الأخبار في أمكانها الأنتظار , وأعتقد أن لوسيا ستحضر لك فطور الصباح".
" نعم , شكرا".
لاحظ مارشيللو أن ملامح سوزان متقلصة فسألها:
" هل أمضيت نهارا جميلا أمس؟".
" نعم , شكرا".
" هل أخذك بيترو في نزهة".
" نعم , ذهبنا الى القرية".
" ما رأيك بكاسيل فالكونيه؟".
" أعجبتني كثيرا ".
" آه , نعم , هل لديك معرفة بالهندية الغوطية؟".
منتدى ليلاس
" لا , أبدا , أنني جاهلة في هذا المجال".
قال مارشيللو مجاملا:
" في كل حال , أنني أجهل تماما أدارة الفنادق , لا داعي للخجل يا سوزان".
" كل أنسان له مهنته , أليس كذلك؟".
" أنت أستاذ في علم الآثار , أليس كذلك؟".
" بيترو أخبرك بذلك؟ وأظن أنه أخبرك أيضا عن رأيه في فكرتي في فتح القصر للجمهور , أليس ما أقوله صحيحا؟".
" أخبرني بصورة غامضة وسطحية".
" أنني مستغرب لأن بيترو شديد الدقة".
حاولت سوزان أيجاد موضوع آخر للحديث , لكن بدون جدوى , ولحسن الحظ دخلت لوسيا حاملة صينية الفطور وعليها أبريق القهوة والخبز الصغير الطازج ووعاء مليء بعصير الليمون الطازج , وتذكرت سوزان الوردة التي أرسلها مارشيللو مع الفطور وتساءلت ما أذا كانت الخادمة تنسج حول هذه الحادثة قصصا وهمية.
ولما خرجت من الغرفة , سأل مارشيللو سوزان التي كانت تحتسي عصير الليمون:
" هل لديكما مشاريع لهذا اليوم , أنت وبيترو؟".
أجابت سوزان وهي ترفع نظرها:
" أعتقد أ والدته متكلة عليه ليأخذها الى مونافو صباح اليوم.....و ..... أنني....... أتساءل ما أذا كنت تسمح لي بأن أزور القصر........".
قطب مارشيللو حاجبيه , فخشيت سوزان أن تكون قد أغضبته, لكنه سرعان ما قال:
" حسب رأيي , في أمكان عمتي لويزا أن تنتظر رحيلك لتطلب من بيترو أن يقودها يمينا ويسارا ! أمس كان القداس , واليوم موفانو وغدا ماذا؟ ربما القداس من دون شك؟".
" لكن , لا أهمية لذلك , أؤكد لك ذلك , لست مستاءة من الوضع أبدا , أعني أنني......".
ترددت لحظة أمام نظراته الحادة ثم أضافت:
" أنه لطف من بيترو أن يدعوني لقضاء بضعة أيام مع عائلته,لكنني ....... أننا صديقان , لا أكثر وبيترو ليس مرتبطا بي".
" تريدين أن تقولي أنك لا تحبينه؟".
" بلى , أحبه , وأحترمه , وأصر على صداقته , لكنني لست مغرمة به , أذا كان هذا ما تريد معرفته".

dalia cool 11-08-10 06:25 PM

قال مارشيللو وهو يسند ظهره الى المقعد:
" شيء غريب.........".
قالت وهي تنظر اليه مواجهة في عينيه:
" وما هو هذا الشيء الغريب؟".
" تأكدت أن بيترو يهمه أمرك تماما..........".
همست سوزان وهي تهز كتفيها:
" أنه يعتقد ذلك.....".
" حسنا , لنقفل الموضوع , تريدين رؤية مجموعتي الأثرية والفنية , أليس كذلك؟".
" أذا لم يكن هناك أي مانع".
" لا أبدا , لكن الوقت ليس مناسبا ,حرام في هذا الطقس الجميل أن تبقي داخل المنزل , أنا وايلينا سنأخذك في نزهة سياحية , هل توافقين؟".
قالت سوزان وهي تنظر الى مارشيللو وأبنته في دهشة:
" أنت , يا سيدي؟".
" هل تعارضين ذلك؟".
" كلا , لكن..........".
" لكن ماذا , يا آنسة ؟ أنت حرة في أن ترفضي أذا كان هذا ما تفضلينه !".
هذا ما تفضله! ليس هذا هو السؤال! هل يجب أن تستسلم لجاذبية مارشيللو الخطرة؟ ولما رأت ايلينا تراقبها بعينين قاتمتين وفي أهتمام واضح , تذكرت أنها في الأمس كانت ترغب في أن تأخذها في نزهة , وتساعدها على الكلام والضحك.
تثاءبت وقالت:
" بلى......بلى..... أذا كنت حقا تريد ذلك....".
" يا آنسة , لماذا تترددين؟ هل تخشين أن يرى بيترو في ذلك أعتراضا؟".
" آه , لا , أبدا , سأرافقك بكل طيبة خاطر".
" عظيم".
منتدى ليلاس
نهض لتوه وبعدها غمرها بأبتسامة صغيرة , تناول عكازيه وتوجه نحو الباب وقال:
" أنتهي من تناول فطورك , يا آنسة , سأطلب من السائق ميغيل أن يحضر السيارة الى المدخل".
أسرعت ايلينا في ألتهام بقية السندويش وأفرغت كأسها ونهضت تريد أن تلتحق به , فأمرها والدها في لطف وحزم:
" ستبقين مع الآنسة هانت حتى أعود , وتحدثي معها بالأنكليزية".
" نعم , يا أبي".
" هل فهمت جيد , تكلمي الأنكليزية".
" نعم يا أبي".
جلست الفتاة من جديد وأختفى والدها , وقامت سوزان بجهد لأنهاء سندويشها , ماذا يا ترى سيفكر بيترو عندما يكتشف مشاريعها ؟ ألا يحق له الأحتجاج وهو الذي دعاها الى كاسيل فالكونيه , وماذا يحدث لو أقلعت والدته عن الذهاب الى مونافو؟
وبينما كانت تلتهم طعامها , كان نظرها يشتبك بنظرات الفتاة امحدّقة فيها فحاولت جهدها الأبتسام , لكن بيترو يعرف رغبتها في التنزه مع الفتاة , ولم يذهب بعيدا في تفكيره.
سألتها وهي تحرك السكر في فنجان القهوة:
" هل تذهبين الى المدرسة , هنا , في كاسيل فالكونيه , يا ايلينا؟".
قالت الفتاة فجأة :
"هل تحبين أبي يا آنسة؟".
صدمت سوزان وكادت تختنق وهي تبتلع القهوة غير قادرة أن ترد عليها , أخيرا توصلت الى أن تقول:
"أنني , طبعا , أحب والدك".
قالت أيلينا في لغة أبكليزية رفيعة:
" أما بيترو , فهو لا يحب والدي و وأنت صديقته , أليس كذلك؟".
" هذا لا يعني أنني أتفق دائما معه , في كل حال , أنت على خطأ أتجاه بيترو , أذ يحصل بين الأقارب , أحيانا سوء تفاهم وشجار , لكن هذا لا يعني أنهم يتبادلون الكره , أنت صغيرة كي تفهمي هذه الأمور.... والآن أجيبي عن سؤالي:
" هل تذهبين الى مدرسة القرية؟".
هزت الفتاة رأسها وأجابت:
" كلا ,أذهب الى المدرسة في ميلانو".
أستغربت سوزان الأمر وقالت:
" ميلانو؟ أنت تذهبين الى المدرسة الداخلية؟".
" نعم , يا آنسة , عندما تعرض أبي للحادث الأليم , وقالت لي أمي أنه لم يعد عندها الوقت لتأخذني كل يوم الى المدرسة في مونافو , حيث كنت أذهب , فهي مدرسة خارجية فقط".
لم يكن صعبا على سوزان أن تستنتج معاني هذه الكلمات.
قررت صوفيا أن تضع أبنتها في مدرسة داخلية ,وغياب مارشيللو كان حجة رائعة , ألا أذا كان ذلك فكرة مارشيللو ليتسنى لزوجته أن تكرس معظم أوقاتها له....
ولما عاد الكونت كانت سوزان تفرغ ما تبقى من فنجانها فسألها وهو على عتبة الباب:
" هل أنت مستعدة؟".
كان يرتدي سروالا ضيقا من المخمل المضلع ,وتذكرت سوزان للحال ما قاله عن جاذبية أبن خاله , أنه على حق , فمارشيللو , رغم عاهته والكدمات في وجهه , جذاب للغاية.

dalia cool 11-08-10 06:30 PM

نهضت ايلينا وأقتربت من والدها , وسألته سوزان وهي تقترب أيضا منه:
" هل أستيقظ بيترو من نومه؟".
قال مارشيللو وهو يهز رأسه:
" لا , لم يستيقظ بعد؟ هل أنت في حاجة الى أذنه؟".
تألمت سوزان من لهجته الساخرة وقالت بعد جهد في لهجة جدية:
" أنني مستعدة , يا سيد دي فالكونيه".
" حسنا , من الأفضل الذهاب باكرا , آه , كدت أنسى ....هل جلبت معك ثياب البحر؟".
دهشت سوزان وقالت:
" ثياب السباحة ؟ أعتقد ....نعم جئت بها من لندن".
" أذن , أجلبيها معك في نزهتنا , ولا تقلقي من أجل المناشف عندي ما فيه الكفاية داخل السيارة".
ومن دون مناقشة , صعدت سوزان الى غرفتها وأخرجت ثياب السباحة البيضاء من أحد الأدراج ,حيث وضعتها لوسيا ثم أخرجت نظارتها وأنبوبا من الزيوت الواقية من أشعة الشمس اللاهبة , وضعتها كلها في حقيبة البحر ونزلت الى البهو , كانت أشعة الشمس تطل من النوافذ ومن الباب الخارجي , وحبات الغبار تتمايل في أشعة الشمس التي تعكس ألوانها العديدة.
ترددت عندما رأت شبح مارشيللو الطويل واقفا على عتبة الباب .
قال مشيرا لها بأن تتقدمه:
" من هنا , يا آنسة".
وفي ساحة المدخل كانت سيارة مرسيدس بيضاء تلمع تحت الشمس , والرجل العجوز الذي رأته ليلة وصولها كان يلمّع السيارة بقماش جلدي , لا شك أنه ميغيل السائق.
أمر مارشيللو في لهجة بدأت سوزان تألفها قائلا:
" أصعدي ,يا آنسة".
فتح لها ميغيل باب السيارة في عجلة , كانت ايلينا جالسة في المقعد الخلفي متألقة وفرحة على غير عادة , وبدت تشبه والدها .
أقترب مارشيللو على عكازيه , فأسرع ميغيل لمساعدته على الدخول , في أهتمام زائد , فطمأنه مارشيللو قائلا:
" سأتدبر أمري , يا ميغيل , ستسهر عليّ الآنسة هانت".
منتدى ليلاس
لم تكن سوزان تنتظر أن يقود مارشيللو السيارة بنفسه , أقلع في هدوء ودخل الى الممر الطويل ثم توقف أمام الباب الحديدي الواسع وسأل سوزان:
" أيمكن الأتكال عليك في فتح هذا الباب , يا آنسة؟".
" طبعا".
خرجت بسرعة من السيارة , وبعدما فتحت الباب تقدمت السيارة ثم أغلقته وصعدت في المقعد الأمامي قرب مارشيللو , سألته سوزان في صوت خفيض:
" هل من الحكمة أن تقود السيارة بنفسك؟".
رمقها بنظرة ساخرة ومتعالية وسألها:
" هل أنت خائفة؟".
هزت رأسها وقالت:
" لا.......كنت..... أريد أن أقول..............".
قاطعها في لطف مفاجىء:
" أعرف ذلك , لنقل , أنني في نظر أفراد العائلة ,أبدو متهورا جدا , لكن أنت تعرفين أنني لست طائشا , أليس كذلك؟".
" أوه......".
قال وهو ينظر اليها من زاوية عينيه:
" أليس ما أقوله صحيحا , أذن , أسترخي يا آنسة , أؤكد لك أنك لست في خطر معي".
أي خطر يقصد ؟ فهو يتعلّق بالقيادة تصدقه , لأنها لاحظت أنه يغير سرعة السيارة في سهولة وأرتياح , لكن في ما يتعلق بالشيء الآخر..... فأنها ما زالت تطرح السؤال على نفسها....
وبعدما أجتاز القرية , أنعطفت السيارة في طريق الوادي , النوافذ المفتوحة تدخل الهواء المليء برائحة الصنوبر , والوزال متألق كالذهب على الأرض , وهنا وهناك , أشجار الكرز والتفاح التي ما زالت مزهرة.
" من قديم الزمان كانت عائلة فالكونيه تملك الوادي كله وكل الوديان حتى الأدرياتيك".
" أذن كانوا من كبار الأغنياء".
" وكانوا ذوي نفوذ كبير أيضا , أنهم أقرباء لعائلة ميديشي المشهورة , التي قام أفرادها بعدد كبير من الجرائم بتحريض منها".
شعرت سوزان بصدمة وقالت:
" لكن هذا عمل مرعب".
تابع قوله من دون أنفعال:
" أن تاريخ بلادنا مليء بهذا النوع من الرعب , كنت أقول دائما أن حضارتنا هذه ليست سوى طلاء خفيف وضع على غرائزنا الأرضية".
" هل تعتقد حقا أن المسألة مسألة طلاء وحسب؟".
" وأنت , ألا تعتقدين ذلك؟".
" لم يسبق أن طرحت على نفسي مثل هذا السؤال".
" فكري بالأمر أذن , أنت ترين جيدا , أن الرجال لم يكفوا , منذ دهور عديدة , عن أن يقاتل بعضهم البعض الآخر...".
" صحيح ........لكن هناك غرائز أخرى خطرة أيضا".

dalia cool 11-08-10 06:37 PM

وافق على ما قالته وأضاف:
" أه , نعم , وفتاة جميلة مثلك لا بد أنها تعرف ذلك".
أحمرت خجلا وقالت:
" ألا تخجل من مناكدتي بهذه الطريقة! أنا...... أين..... أين تأخذني؟".
" حسنا , يا آنسة , أرى أن هذا الحديث يزعجك ... أين نذهب ؟يجب أن نطرح هذا السؤال على أيلينا , أين نذهب , حسب رأيك , يا أيلينا؟".
قالت الفتاة في أبتهاج وهي تضع يديها الصغيرتين على مسند المقعد الأمامي:
" الى الشلال , يا أبي , أليس كذلك؟".
" نعم , يا صغيرتي, الى الشلال , هل سبق أن سبحت تحت الشلال , يا آنسة , كلا , أليس كذلك , أذن , اليوم ستختبرين ذلك".
وأمام نظرته الساخرة شعرت سوزان بالتململ , وحاولت من دون جدوى أن تتحصن ضد الأنفعال الخداع , الماكر , الذي تحتلها خانقا معدتها , فضلا عن كونها خائفة من أظهار كل هذه الأحاسيس.
وقبل أن يوقف مارشيللو محرك السيارة , سمعت سوزان قصف الشلال العذب والخفيف الذي يدوي من الوادي , العصافير تزقزق , وريح خفيفة تلوي أوراق الأشجار الخضراء.
وقبل أن يخرج من السيارة قال مارشيللو :
" أذن , هيا بنا الى الخارج".
وفي حركة لينة خرج من السيارة دون أستعمال عكازيه وقال:
" ليس المكان بعيدا من هنا".
منتدى ليلاس
ولم يبد على أيلينا الأستغراب من مرونة والدها وقالت:
" أبي , يمكنني أن أسبقكما؟".
" نعم , لكن أنتبهي , يا حبيبتي , ولا تنزلقي على الصخور".
" نعم , يا أبي".
وفي أبتسامة متألقة , أختفت الفتاة بين الأشجار وهي تقفز فرحا .وفي هذا الوقت كان مارشيللو يتجه نحو صندوق السيارة ويفتحه ويخرج منه حقيبة جلدية مليئة بالمناشف.
نظرت اليه سوزان قلقة وقالت:
"هل تعتقد أن ذلك جيد لك؟ أعني...........".
قاطعها في قوة وقال:
" لا تقلقي علي , بسبب الحادث لا أشكو ألا من تصلب بسيط وقد نصحني الأطباء ببعض التمارين لألينه".
أخفضت سوزان رأسها وقالت:
" فهمت الآن".
قال في جفاف:
" أهتمامك بي يؤثر فيّ ! لم يعودّني أحد على هذا".
أمسك يدها وأضاف:
" أعطني هذه الحقيبة سأحملها عنك , ولنسرع الآن والا سيقلق بال ايلينا علينا".
رفعت سوزان عينيها نحوه وسألته:
" أنها تعرف , أليس كذلك؟".
" نعم , هذا سر بيننا , والآن نحن الثلاثة نتقاسم هذا السر".
قالت وهي تهز كتفيها:
" أنني آسفة , لو لم أخرج الى الشرفة , تلك الليلة.....".
أكمل في لطف:
" ...... لما فرحت برفقتك , صدقيني أنني لست نادما على ذلك أبدا....".







نهاية الفصل الرابع.................

أحاااسيس مجنووونة 11-08-10 10:37 PM

يعطيك العافية........................
:flowers2:

نجمة33 12-08-10 06:04 AM

شكرا جزيلا

dalia cool 12-08-10 05:26 PM

شكر على مروركم :flowers2::flowers2:

dalia cool 12-08-10 05:27 PM

5-ابتسامة من كريستال

عندما خرج مارشيللو وسوزان من بين الأشجار , وجدا أنفسهما على فسحة خضراء , عند نهاية الشلال , الماء ينبثق من حفرة ضيقة من سفح الصخرة المغطاة بالعشب والخنشار ويتساقط على علو سبعة أمتار تقريبا , أكد لها مارشيللو وجود عدد كبير من الأنهار الجوفية , تظهر أحيانا الى الخارج , باردة ونقية كحجارة الكريستال , ويقفز الشلال في بركة واسعة عرضها أكثر من عشرة أمتار قبل أن يتصل بالنهر الواقع في قعر الوادي.
جلست سوزان على طرف البركة ووضعت قدميها العاريتين في الماء وهتفت وهي تنظر حولها مسحورة:
" يا لهذا الجمال! لم أر مثل هذا المكان من قبل!".
" أنني مسرور لأن المكان يعجبك , وكما ترين , في أمكاننا أن نسبح في البركة , أنها عميقة والماء بارد , لكن ليس هناك أمواج وبالتالي ليس هناك خطر".
نهضت أيلينا عن العشب وسألت والدها:
" أيمكنني أن أسبح الآن , يا أبي؟".
" ثوب السباحة داخل الحقيبة الجلدية , أذهبي وراء الشجرة البعيدة وأرتديه وخذي الآنسة هانت معك".
" نعم يا أبي".
فتشت ايلينا في الحقيبة الجلدية وأخرجت ثوب السباحة الأسود , وكبقية ملابسها , كان هذا الثوب قديما , وشعرت سوزان ببعض الأنزعاج لأن ثوبها سيبدو مثيرا بعض الشيء".
ولاحظ مارشيللو تردد سوزان في اللحاق بالفتاة ,فأنحنى ليأخذ حقيبتها عن الأرض ومدّها اليها قائلا:
" جلبت معك المايوه ,يا آنسة , أليس كذلك".
هزت رأسها ايجابا , فسألها:
" ألا تريدين أن تسبحي؟".
" وأنت؟".
" طبعا".
وبدأ في الحال يفك أزرار قميصه فنادت ايلينا الفارغة الصبر:
" تعالي , يا آنسة , بسرعة!".
لم تأخذا وقتا طويلا لتغيير ملابسهما , ولما رأت ايلينا سوزان في ثوبها , قالت في أستغراب وأعجاب:
" آه , كم يليق بك ! لكن عمتي لويزا لن تسمح لي أبدا بأرتداء واحد مثله!".
منتدى ليلاس
سألتها سوزان:
" وهل عمتك هي التي تختار لك ملابسك؟".
" نعم , ليس لدى أمي الوقت لتذهب معي لشراء ملابسي".
هذا يؤكد عدم أهتمام صوفيا بأبنتها الوحيدة مما أثار الحزن في قلب سوزان.
ولما خرج من وراء الشجرة ,وجدت مارشيللو جالسا فوق صخرة على طرف البركة , ولما رأت في أعلى ظهره الأسمر الكدمات , شعرت برغبة مفاجئة في أن تضع يدها على كتفه.
ولما أقتربت الفتاتان منه , وقف ليري ايلينا الضفدعة التي وجدها في مستنقع صغير في قعر الصخرة , أسرعت الفتاة , وبينما كانت تتفحص الحيوان كان مارشيللو ينظر الى سوزان مليا , كان يتفرّس فيها من رأسها حتى قدميها في وقاحة وبساطة , بماذا يفكر , يا ترى؟ تساءلت سوزان في أنزعاج , ومن حسن حظها , أدار عينيه ليرد على سؤال طرحته ايلينا عليه.
كانت سوزان تريد أيضا أن تتفحص الحيوان الصغير , لكنها لا تحب الفضول , وراحت تضع قدميها في المياه الباردة , وبعض القطرات الخفيفة تنبثق من الشلال نحو كتفيها العاريتين , فأرتعشت بفعل الملامسة المنعشة.
وبعدما تفحصت ايلينا الضفدعة في قعر الصخرة أقتربت من سوزان وقالت:
" المياه باردة جدا , يا آنسة".
ثم غطست في الماء , وبعد ثوان خرجت من الماء وهي تتمتع بقوة وفرح.
وبينما كانت سوزان جامدة وحالمة , فلم تلاحظ أن مارشيللو أقترب منها وقال:
" أنها تسبح كالسمكة , ما رأيك؟".
أنتفضت لدى سماعها صوته القريب وألتفتت وقالت:
" نعم , يبدو أنها تحب الماء كثيرا".
سألها بأبتسامة ساخرة:
"وأنت , هل تحبين الماء؟".
وفي الحال حولت نظرها عنه أذ كانت عاجزة عن رؤية الكدمات , لكنه أجبرها على أن تنظر اليه من جديد أذ قال في لطف:
" لماذا لا تجرؤين على النظر الى الكدمات في وجهي وعنقي وظهري , هل تخافين؟".
" أنني أؤكد لك أن لا شيء يؤثر في".
" صحيح؟".
وحدقت في الكدمات البشعة ثم قررت أن تسأله:
" ألا تريد أن تكلمني عن الحادث؟".
رفع ذقنها بيده وقال:
" ليس اليوم ".
" مرة أخرى أذن؟".
" أذا كنت تريدين ذلك".
أحست بنوع من الغثيان وهي ترى عيني رفيقها تحدقان بقوة في عينها , وتمنت لو تضيع في أعماق عينيه ولو كان في أمكانها أن تضمه الى ذراعيها وتشعر بحرارته القريبة.

dalia cool 12-08-10 05:31 PM

لكن , ماذا يحدث لها؟ أنها فقدت عقلها كليا , يجب أن تستعيد وعيها وفي سرعة , أفلتت من قبضته راجعة الى الوراء وقالت أشياء تافهة:
" أذا....... أذا كانت الماء.......... باردة جدا....... فكيف أيلينا.......".
لكنه وضع يده على فمها في عنف وأمرها بالسكوت.
ثم قال وهو ينحني فوق شعرها الذهبي السميك:
" لا تتحركي".
أيلينا التي كانت منهمكة في السباحة , لا يمكنها أن تلاحظ شيئا غير طبيعي , فهمس وهو يجذبها اليه ويقول:
" ألا تلاحظين أنني أريدك".
أجتاحتها قشعريرة لم تقدر أن تكبتها وقالت:
" أنت مجنون!".
فجأة أبعدها عنه في لطف بل في حزم ومن دون كلمة توجه نحو البركة وغطس نحو ابنته التي هللت له.
سمعت سوزان صرخات الفرح من الفتاة ووالدها , التي كانت تطغى على صوت هدير الشلال , ماذا جرى له؟ كيف يفكر فيها؟ لا شك أنه يعتبرها فريسة سهلة المنال , لمجرد النظر الى الطريقة التي أرتمى فيها عليها , لكن , لماذا لا تستطيع السيطرة على التوتر الذي يحتلها كلما رأته؟
خرج مارشيللو من الماء وقال:
" أتنضمين الينا؟".
منتدى ليلاس
" لا أعرف , لا أريد أزعاجكما".
" أزعاجنا ؟ يا ألهي ! أنت لا تزعجينا أبدا يا سوزان........لن أناديك بالآنسة بعد الآن , هل توافقين على ذلك؟".
" لا أبدا".
" ماذا جرى ؟ هل تلومينني لما حدث بيننا الآن؟".
" أنني ألوم نفسي".
"لماذا؟".
" لماذا؟ لأنني لست بالفتاة....لم يسبق أن ....أوه.".
توقفت منزعجة وحانقة وقالت:
" أنت تفهم ما أريد قوله".
" أنني أرى أنك أنسانة حمقاء , تضخمين الأمور أكثر من اللزوم , هل فعلنا شيئا خاطئا؟".
أنه من الطبعي أن أنجذب لسحر فتاة جميلة مثلك , لكن , أذا كنت أزعجتك , أرجو أن تسامحيني , لم أكن أنوي ذلك أبدا".
" لو لم تكن أيلينا هنا..".
" لكنها هنا! أذن, لا داعي للكلام في الموضوع بعد الآن ,كما أنني لم أفقد برودة أعصابي , أليس كذلك؟".
" أنا , فقدت وعيي".
" ولم يحدث لك ذلك من قبل؟".
" أبدا".
" ولا حتى مع بيترو؟".
" بيترو؟ لقد سبق أن قلت لك , لا شيء من هذا النوع بيننا".
" أنت لغز يحيرني..".
كان ينظر في حيرة الى وجهها المعذب وقال:
" أيعني ذلك أنك لم تعرفي الحب من قبل؟".
" بلى , لكن يجب ألا تعتبرني أمرأة سهلة المنال حتى ولو أنجذبت لسحرك".
" لكن , يا سوزان , لماذا تحكمين عليّ بهذه القسوة؟ ألا تعتقدين أنك مخطئة في حقي؟".
تنفست الصعداء وقالت:
" ربما من الأفضل عدم متابعة هذا الحديث التافه".
" لماذا؟ هل تعتقدين أنني لا أجذب النساء؟".
" ما تقوله غير صحيح وتعرف ذلك تماما , أنت رجل جذاب!".
" أنت أمرأة صادقة".
" نعم , صحيح".
" شكرا , والآن ما رأيك لو نلتحق بأيلينا؟".
توقفت سوزان عن المناقشة وغطست في الماء البارد.
وشعرت بنشاط وحيوية بعد الأسترخاء في المياه العذبة , لقد نسيت غضبها وخجلها وتردها وقلقها , من الأفضل أن تعيش اللحظة الحاضرة وألا تفكر في المستقبل القريب.
خرج مارشيللو من الماء وتوجه نحو السيارة وأخرج من الصندوق كرة كبيرة , دفعها الى المياه , ثم غطس من جديد , وراح الجميع يلعبون في الكرة بمرح كبير , وشعرت سوزان مرات عديدة بقدمي مارشيللو تلمسان قدميها عندما يندفعان معا لألتقاط الكرة ,وفي أحدى المرات , في حمى اللعب , تعلقت بكتفه المصابة.
ولما شعروا بالتعب , خرجوا من الماء , وتمدد مارشيللو في كسل على العشب , وايلينا من كثرة الأنفعال أرتمت في أحضانه لتلهو معه وتضحك.
قررت سوزان تجنب نظرات مارشيللو , فجلست على حدة , بعيدة عنهما وراحت تحدق في الماء حالمة , موجهة ظهرها للشمس الحارة.

dalia cool 12-08-10 06:32 PM

فجأة و أبتعدت ايلينا لتقطف الأزهار , فنهض مارشيللو وأخرج منشفة من حقيبة الجلد وأقترب بهدوء من سوزان وهو يجفف صدره وكتفه , ثم قال:
" لا تجلسي هكذا جامدة , وألا ضربتك الشمس".
هزت كتفيها قائلة:
ط آه , لا , ليس هناك خطر!".
أقترب منها قائلا:
" أتريدين أن أجفف ظهرك؟".
" كلا , لست في حاجة الى أحد".
" سأحضر لك منشفة".
نهضت لتوها وقالت:
" سأحضرها بنفسي".
وأخرجت سوزان منشفة حمراء , لفتها على جسمها , ثم سرحت شعرها , بينما كان مارشيللو ممددا على بطنه ,وذقنه على ذراعيه , ينظر اليها في حيرة وأرتباك.
فجأة سألها:
" أخبريني , كيف ألتقيت ببيترو".
منتدى ليلاس
" لماذا تريد معرفة ذلك؟".
" لقد تعرف ألى فتيات غيرك من قبل , ألا أن أيا منهن لم تكن تشبهك".
" تريد أن تقول......... أنه دعا فتيات غيري الى قصر فالكونيه؟".
" نعم".
" كنت أعتقد أن والدته ...... يعني ....".
" نعم , عمتي لويزا تستقبل ببرود ...".
ولتخفي أنزعاجها , ركعت على المنشفة وأخرجت من حقيبتها الأنبوب الذي يحتوي على مرهم مانع للشمس ووضعت منه على ذراعيها , وراحت تدلكه مطولا , ومع ذلك فليس سهلا أن تحافظ على برودة أعصابها أمام نظرات رفيقها الملحة.
" لم تجيبي على سؤالي بعد , كيف ألتقيت بيترو؟".
" ألتقيته عند بائع التحف القديمة حيث كان يحاول من دون جدوى أن يفهم البائع بلغته الأنكليزية الضعيفة ما يريد , وبما أنني أتكلم الأيطالية ,عرضت عليه المساعدة".
" آه , فهمت الآن , لكن , لا أفهم , كيف أقمت علاقات مع رجل أجنبي وأنت تدّعين أنك فتاة محافظة!".
قطبت حاجبيها في بادىء الأمر , ثم فهمت أنه يحاول أغاظتها , فأبتسمت , لكنه كان ينظر اليها في قوة متوترة , فأستسلمت لجاذبية عينيه الساحرتين ,وراح قلبها ينبض بسرعة , فأزاحت نظرها عنه للحال.
ولما شعرت بذراعه تلمسها , أنتفضت مذعورة , فقد ركع قربها من دون أن ينطق بكلمة , وأخذ من يدها المرهم ووضع منه على يده ثم راح يدلك ظهرها في نعومة ومداعبة بطيئة.
ولما عادت أيلينا ,ويداها محملتان بالمارغريت والورد وأنواع عديدة من النباتات الخضراء , أبتعد مارشيللو عن سوزان , وتمدّد على العشب واضعا رأسه بين يديه.
فقالت سوزان:
" أريني ما قطفت".
فرحت أيلينا بهذا العرض وأفرغت ما في يديها على الأرض قرب سوزان , التي أقترحت عليها قائلة:
" يجب أن تحضريها الى المنزل , ما رأيك لو تبدأين بتجميعها في كتاب وتنظمين هواية جديدة؟".
" لا أعرف أذا كانت العمة لويزا تسمح لي بذلك".
ومن دون تفكير , أنحنت سوزان ووضعت يدها على كتف مارشيللو الذي أنتفض ثم أنتصب مصغيا لسوزان تلفظ أسمه الصغير للمرة الأولى:
" أسمع , مارشيللو , هل في أمكان أيلينا أن تأخذ هذه الزهور والأعشاب معها الى المنزل؟ أنها...... تخشى أن تمنعها عمتك من ذلك".
" ما رأيك , يا سوزان؟".
" لا أرى ما يمنع ذلك".
" أذن , أسمح لك أن تجلبيها معك الى المنزل , وأذا لم تفرح عمتي بالأمر , سأتفاهم معها".
" آه , شكرا يا أبي!".
بعد نصف ساعة غادر الجميع الشلال , أرتدت سوزان سروالها فوق المايوه وجلست قرب مارشيللو في السيارة , وراحت تفكر بالتغيير الخطر الذي طرأ على علاقتما , هل يهتم بها كما هي تفعل؟ كلا , من دون شك , يبدو وهو في طريق العودة أقل حماسة مما كان عليه صباح اليوم , وهو الآن يركز على القيادة , صامتا وحالما.
توقفوا أمام مقهى في قرية صغيرة , ليحتسوا القهوة ,كان الوقت ظهرا والساحة مزدحمة بالناس , جلسوا أمام طاولة على الرصيف ,عدد كبير من الناس حييوا مارشيللو ورمقوا رفيقته بنظرات متسائلة لكنه لم يقدمها اليهم.

dalia cool 12-08-10 06:34 PM

ولما وصلوا الى القصر كانت الساعة الواحدة.
وكان ميغيل ينتظرهم ليفتح لهم الباب , أوقف مارشيللو السيارة في الساحة , وبينما كانت أيلينا تقدم العكازتين لوالدها , أطلقت زفرة قائلة:
" آه , يا أبي........".
لكنه نظر اليها في حدة , فشعرت بالخجل وخرجت من وراءه من دون أن تتابع كلامها , أغلق الباب وأتكأ على عكازتيه , فقالت سوزان:
" أنني .... أنني أشكرك , لقد.... لقد أمضيت صباحا رائعا".
تقدم مارشيللو وهي تتبعه , وأيلينا في المقدمة .
فقال في لهجة غريبة :
" أنني مسرور لذلك".
فنظرت اليه , في قلق وسألته في صوت خفيض:
" ما بك؟ هل تشعر بألم؟".
" لا , يا سوزان , لست متألما جسديا , وأنني أطلب أن تغفري لي ما صدر مني".
" لكن , لم....".
" تعرفين تماما أنني أزعجتك".
وأجتازا بقية الطريق في صمت ثقيل.
وفي البهو ألتقيا ببيترو الذي بدا في مزاج سيء.
فقال بالأيطالية وفي لهجة غاضبة:
" أين كنت؟".
لكنه عندما رأى مارشيللو وراء سوزان , أضاف:
"آه , هكذا أذن , يا مارشيللو .....".
" أرجوك , يا بيترو.........".
ألقت سوزان نظرة خاطفة في أتجاه أيلينا التي كانت تنظر في دهشة وقالت :
" لا داعي للغضب , كنت .....كنا........ ذهبنا لزيارة الشلال..........".
قاطعها بيترو غاضبا:
" عظيم , وبالتالي لم يخطر في بالك أعلامي بالأمر!".
قال مارشيللو مقاطعا:
" كفي ,, يا بيترو , يبدو لي , أن الآنسة هانت ليست مضطرة لأطلاعك على كل ما تريد فعله! ثم كان من المفروض أن تصطحب والدتك الى مونافو......".
" صحيح , أوصلت والدتي الى مونافو وعدت بعد ساعة , هل أعتقدت أنني سأبقى هناك وأثرثر مثل أمرأة عجوز؟".
أجابه مارشيللو في لهجة ساخرة:
" نعم ,كنت أعتقد ذلك!".
منتدى ليلاس
غضب بيترو وتقدم خطوة , فوضعت سوزان يدها على ذراع بيترو وقالت متوسلة:
" أرجوك , أنني آسفة أنك أضعت وقتك في البحث عني أو في أنتظاري , لكنني كنت أعتقد أنك ستكون غائبا فترة قبل الظهر كلها, ألم تقل لك لوسيا شيئا؟".
" لوسيا! ألا تعرفين أن الموظفين هنا لا يعرفون ألا صاحب المكان؟ لقد أفهم مارشيللو موظفيه ألا يبوحوا لأحد بمكان وجوده , وأنني لأتساءل لماذا هذا التصرف الوقح؟".
أيلينا التي كانت تنظر الى الجميع , كل واحد بدوره عبست وبدأت تجهش في البكاء وتقول بعدما أوقعت جزءا من الزهور والأعشاب التي كانت تحملها:
" أنت رجل شرير! لقد لهوت كما يجب , والآن أنت تفسد كل شيء , أنت غيور لأن والدي يحب سوزان , أليس كذلك؟".
سكتت لحظة ثم تابعت لامبالية:
" والدي لا يقول لك شيئا عندما تأخذ والدتي معك , أنت تعرف جيدا أنني رأيتك تقبل أمي , وأمرتني ألا أخبر أحدا بالأمر , لتفادي المشاكل! كنت أود لو أبي قبّل سوزان كي أرى ردة فعلك!".





نهاية الفصل الخامس......................

أحاااسيس مجنووونة 13-08-10 03:09 AM

روعة سلمت اناملك يا دودو ولا تتأخري علينا

:flowers2:

زهورحسين 13-08-10 02:43 PM

يسللللللللللللللللللللللم ذوقك يادلول بس بليييييييييييييز التكملة:friends::friends::friends:

dalia cool 13-08-10 03:16 PM

مرسي لمروركم يا قمرات :flowers2:

dalia cool 13-08-10 03:18 PM

6-الحب ينتظرك!

لم يظهر مارشيللو على الغداء , والسيدة فيتاليه كانت في مونافو , بيترو , سوزان وأيلينا كانوا وحدهم أمام الطاولة , أين صوفيا يا ترى؟ ولم يلمّح أحد الى غيابها , لكن سوزان بدأت تدرك أن الكونتيسة الجميلة تعيش وحيدة.
الجو لم يكن مسترخيا كما يجب , بعد الحادثة الصغيرة ,هربت أيلينا الى غرفتها وسوزان ألتحقت هي أيضا بغرفتها , لتغير ملابسها قبل الغداء , لكن في الواقع كانت في حاجة لأن تكون وحدها لتضع النقاط على الحروف لما يدور في رأسها.
لكن هذه الأستراحة الصغيرة لم تجد نفعا , فما زالت سوزان مضطربة داخليا , فريسة أحاسيس متناقضة , لا تعرف تماما ما هي حقيقة عواطفها أتجاه مارشيللو , وكلما تقدم الوقت كان الوضع يتدهور داخل القصر , وبدا واضحا أن العلاقات بين أفراد العائلة معقدة أكثر مما بدت عليه للوهلة الأولى , وتساءلت سوزان ما أذا كان تعلق بيترو بصوفيا أساس الأختلاف بين فالكونيه وفيتاليه , وكانت تميل الى وضع اللوم على صوفيا مع أن بيترو يلام هو أيضا , لكن حدسها كان يقول لها أن مارشيللو ليس لديه شيء ليلوم نفسه , بالرغم مما حدث هذا الصباح.
ومن جانبها , كانت ايلينا أكثر هدوءا من العادة , وسوزان لم تتوصل برغم جهودها لكي تفرح الفتاة , وتجعل أساريرها تنبسط , أما بيترو فكان صامتا وكئيبا , وللمرة الأولى كانت سوزان تتمنى وجود السيدة فيتاليه على المائدة.
وبعدما أحضرت لوسيا القهوة أختفت ايلينا بعد أعطاء حجة غامضة , وبقي بيترو وسوزان وحدهما , وأصبح الجو لا يطاق.
سكبت سوزان القهوة لبيترو , وأضافت السكر وقدمته اليه مع أبتسامة صغيرة , فقال:
" شكرا".
على الأقل كان مهذبا , ثم قالت في صوت خفيض:
" حسب رأيي, من الأفضل للجميع أن أغادر أيطاليا وأعود الى لندن".
منتدى ليلاس
أنتفض بيترو وقال:
" ماذا تقولين؟".
" فهمت ما أقوله جيدا , يا بيترو , هل تتفضل بالأتصال هاتفيا بالمطار لمعرفة أذا كان هناك مكان في طائرة المساء أو طائرة الصباح".
صرخ بيترو قائلا:
" آه , لا , لا يمكنك أن تذهبي هكذا!".
" ولم لا؟ الظاهر أن وجودي هنا لم يسبب ألا المشاكل".
" ماذا تعنين؟".
كان منظره غريبا , وتساءلت سوزان ما أذا كان يشك في الحقيقة , لكنه عاد يقول:
"آه , تفكرين بحادثة اليوم مع مارشيللو ؟ أرجوك نسيان ما حدث , في كل حال , لم يسبق أن أتفقت مع أبن خالي , أما في ما يتعلق بما قالته ايلينا حول صوفيا فأنني لا أنكر ذلك , أنا........ وهي.......نحن متعلقان جدا ببعضنا وقد شاهدتنا أيلينا نتبادل العناق , هذا صحيح , أنني أعترف بذلك , لكن.......".
" آه , أسمع , يا بيترو! لست مضطرا الى أن تبرر مواقفك أتجاهي , كل هذا لا دخل لي فيه!".
" بلى , يا سوزان...........".
" أخيرا , أعتقد أنه سبق أن وضعت لك النقاط على الحروف , وأنت تعرف تماما أن ما بيننا هي علاقة صداقة فحسب ,والآن , أرجوك أن تتوقف عن التصرف كأن هناك شيئا آخر بيننا".
" لكن , بلى ! كلما تعرفت اليك أكثر , شعرت بالسعادة لأنني دعوتك للحضور الى هذا القصر , وأمي بدأت تستلطفك ,ولا أفهم كيف أن حادثا بسيطا يحملك على الهرب".
" أي حادث يا بيترو؟ أنت تهذي كليا! لقد رددت مرارا أن لا شيء بيننا , وأذا كنت , من جهتك , تشعر أتجاهي بعاطفة أطبر من الصداقة , فهذا سبب أضافي لرحيلي".
" سوزان , سامحيني لما حدث صباح اليوم , كنت تافها بشكل كريه , أنني أعترف بذلك , لكن ضعي نفسك مكاني .......كنت غاضبا لأنك ذهبت للتنزه مع مارشيللو , أنني أعرفه جيدا , لا شك أنه أخبرك أنباء سيئة عني".
" أنت مخطىء يا بيترو".
" آه , أنه ذكي ولن يفضح لك الأمور بشكل واضح , لا شك أنه أستعمل وسائل غامضة.........".
" كفى , يا بيترو , أنك تدور في حلقة مفرغة , دعني أذهب الآن".
" لن أدعك ترحلين من هنا , جئت لقضاء أربعة أيام ولن تعودي قبل أن تنتهي عطلتك , ماذا ستقول والدتي ؟ سيساورها الشك و......".
لم يكما جملته , لكن سوزان أدركت ما يريد قوله , لن تقبل السيدة فيتاليه أن يكون بين صوفيا وبيترو علاقة ما , لكن مغادرة الفتاة بهذه العجلة ستجعل الشكوك تدخل قلب المرأة العجوز وهذا ما لا يريد بيترو أن يحصل.

dalia cool 13-08-10 03:34 PM

قالت سوزان وهي تحتسي فنجان القهوة:
" في كل حال , أظن أنه ليس في أمكانك أن تمنعني من الذهاب".
" أنني متأكد من أنك صدقت ما قالت أيلينا , أليس كذلك؟ وتتصورين أنني وصوفيا على....".
قالت وهي تقف فجأة :
" أنني أردد لك , أن كل هذا لا دخل لي فيه , وأخشى ألا يسهل وجودي هنا الأمور".
" بأسم الصداقة التي تكنينها لي , يا سوزان , أطلب منك أن تبقي هنا , الى أن تنتهي عطلتك؟".
كان ينظر اليها في توسل وأضاف:
" كوني لطيفة ! أرجوك".
" حسنا ,سأبقى حتى يوم الثلاثاء كما كان مخططا".
تهلل وجه بيترو وقال:
" شكرا , أقسم لك أنك لن تندمي على ذلك".
بعد الظهر , رافقت سوزان بيترو الذي ذهب بسيارته لأعادة والدته الى القصر , هذه النزهة الصغيرة برفقة صديق عاد لطيفا كما عرفته , كانت بالنسبة اليها مريحة وضرورية.
منتدى ليلاس
في المساء كان هناك ضيف على العشاء , الضيف كان شابا جذابا , وغنيا , وعندما دخلت سوزان الى الصالون رأت صوفيا متأبطة ذراع الضيف في صورة حميمة , فألقت سوزان نظرة خاطفة وسريعة الى مارشيللو الذي كان يستند الى حائط المدفأة وعلى وجهه أمارات اللامبالاة , وهو يرتدي بدلة السموكينغ السوداء وكان يبدو أنتهازيا أكثر من أي وقت , وشخصيته القوية تطغى على شخصية اضيف , كارلو بوتيغا.
ولم تكن سوزان تعرف أن القصر سيستقبل ضيفا تلك الليلة , وقد أرتدت فستانا أنيقا وزينت وجهها , أذ كانت ترغب أن تبدو جميلة لأن ذلك يرفع من معنوياتها , فثوبها الحريري الأسود كان يظهر أناقتها وجمالها .
ولم يخف كارلو بوتيغا أعجابه بسوزان , لكن ذلك أزعج صوفيا , كما أن بيترو نفسه أعجب بجمال سوزان الطبيعي.
أما مارشيللو فأكتفى بأشارة من رأسه لدى دخولها , ما رأيه بالأمر؟ هل يراها جميلة؟ هل ندم على تصرفه هذا الصباح؟ كيف يمكنها أن تعرف ذلك؟
تضايقت من نظرات عينيه الباردة , فتركت كارلو بوتيغا يغازلها.
ماذا حدث تلك الليلة؟ سوزان عاجزة عن الرد على هذا السؤال , لكنها تذكرت فقط الجهد الذي قامت به السيدة فيتاليه لتلهي صوفيا وبيترو , بينما كان كارلو يثرثر معها بفرح , ما هو هدف المرأة العجوز وهي تحاول أبعاد صوفيا عن كارلو الجذاب وعن أبنها بيترو؟ هل من أجل المحافظة على زواج مارشيللو ؟ ولماذا أزعجت هذه الفكرة سوزان؟
بعد العشاء عاد الجميع الى الصالون الصغير حيث الأبواب الزجاجية مفتوحة يدخل منها الهواء المنعش , حاولت صوفيا أن تجر كارلو الى الحديقة , لكن الرجل الأيطالي أظهر أهتمامه بسوزان وأستمر في الحديث معها متجاهلا صوفيا.
كان يقول للفتاة المنزعجة قليلا:
" أنني ذاهب الى لندن , غالبا , فالمؤسسة التي أديرها تصدّر الرخام ,وحاليا الطلب قوي على الرخام في أنكلترا, لا يمكنك أن تتصوري عدد الناس الذين يطلبون بناء أحواض السباحة و.......".
" آه , صحيح؟".
تابع كارلو متجاهلا غضب صوفيا:
" طبعا , لدي أوقات أكون فيها حرا , وبما أنني أحب المسرح أحاول دائما أن أحضر مسرحية جميلة كلما مررت بلندن".
" أنني أفهمك جيدا".
" أين تعملين بالضبط يا آنسة هانت؟".
كادت ترد عليه , عندما سمعت صوت عكازي مارشيللو يقترب منها , كان يبدو عليه أنه لا يوافق على هذه الصداقة التي تبدو ظاهرة بينهما , فقال:
" عمتي تريد أن تريك قطعة سجاد قديمة , يا آنسة هانت".
ثم ألتفت الى صوفيا وقال:
" كنت أعتقد أنك تحبين أن تأخذي ضيفنا الى الحديقة لتريه آخر الأنتاج الزراعي؟".
" هذا صحيح , لكن بما أن الآنسة هانت كانت تستأثر به......".
أبتعدت سوزان بعد أبتسامة سريعة من كارلو , كانت السيدة فيتاليه واضعة على ركبتيها بساطا من السجاد القديم به رسوم لطاووس , وكان بيترو واقفا قربها يتأمل البساط في أهتمام زائد.
قال وهو يؤكد لسوزان روعة هذا الرسم:
" أنظري الى هذه التحفة".
وهنا أحاطها بذراعيه فقالت السيدة فيتاليه وهي تمر بأصبعها في حذر على الألوان الباهتة:
"هذا النوع من السجاد المحاك كان شهيرا في القرن الخامس عشر , كما ترين بدأت الألوان تبهت , وأذا لم نهتن بالأمر بسرعة , فسنرى حفرة عن قريب , ويا للكارثة!".
قال بيترو في فخر وأعتزاز:
" أمي تجيد أصلاح السجاد , أنظري , لقد بدأت بالعمل هنا , لكن القطب غير مرئية ".
" أنني أقدر لك تعبك يا سيدة فيتاليه , أنا لا أستطيع أن أفعل ذلك".

dalia cool 13-08-10 03:36 PM

قال مارشيللو الذي ظهر وراءها:
" لا يمكن معرفة الشيء قبل محاولته لكنك على حق , أن عمتي ماهرة في هذا المجال , وأنني أقدر لك أشياء أخرى حصلت في الماضي ............ يا عمتي لويزا".
أجاب بيترو في سخرية:
" نعم , كانت تحافظ على مجموعاتك".
لم يرد مارشيللو عليه , فسألت العمة في فضول:
" أين صوفيا وهذا الرجل الدون جوان؟".
" أنها في مشتل الحديقة".
ثم نظر الى سوزان وقال:
" عليك رؤية أزهاري وورودي قبل رحيلك , يا آنسة , أنها من دون شك رائعة".
سألته السيدة فيتاليه:
" لم أعد أتذكر أسم آخر وردة".
" كاترين دي ميدتشي , سأريك أياها يا آنسة , أنها بيضاء نقية مثل الملكة".
أحمرت سوزان عندما تذكرت الزهرة الرائعة التي وجدتها على الصينية صباح أول يوم لوصولها.
وفي هذا الوقت كانت السيدة فيتاليه متوترة , غير مهتمة بزراعة الورد قدر ما هي منزعجة من أختفاء صوفيا.
ثم قالت:
"أذا كنت تعتقد أن صوفيا تهتم بالزراعة , فهذا يعني أنك رجل أحمق!".
منتدى ليلاس
أكتفى مارشيللو بهز كتفيه وقال:
"أفضل أن أكون أحمق على أن أكون لصا , يا عمتي لويزا".
وأبتعد نحو الباب في خطوات مترددة.
عادت صوفيا مع رفيقها بعد غياب طويل , كانت سوزان جالسة قرب السيدة فيتاليه تصغي اليها وهي تحدثها عن مرحلة ما قبل الحرب عندما كانت ما تزال فتاة غير متزوجة , وتسكن القصر مع أمها ووالدها وأخيها , وتكلمت المرأة العجوز عن زواجها وفهمت سوزان أن والديها لم يوافقا عل هذا الزواج.
لم تكن سوزان تصغي في شوق الى ذكريات المرأة العجوز , لكنها كانت تفضل ذلك على النزهة في الحديقة التي أقترحها بيترو في أصرار , لقد وافقت على البقاء حتى يوم الثلاثاء , لكنها لا تريد أن تنجرف مع بيترو في مغامرة لا تعرف نهايتها.
بدت صوفيا متضايقة لأنها لم تجد مارشيللو في الصالون...... وجهها الأحمر , وشعرها المشعث يفضحان ما حصل داخل المستل .
أنتظرت سوزان فترة قصيرة قبل أن تطلب السماح لها بالأنسحاب , بيترو وكارلو كانا متأسفين لذلك , لكن سوزان كانت ترغب أن تبقى وحدها وخرجت في سرعة من الصالون.

dalia cool 13-08-10 03:52 PM

لكن ما أن وصلت آخر درجات السلم حتى شعرت بوجود أحد وراءها , ألتفتت ووجدت في الظل ,شبح مارشيللو , وعندما عرف أنها أكتشفته , تقدم خطوة وقال في لطف:
" أنت صاعدة الى غرفتك , يا سوزان؟".
" نعم , أن الساعة تزيد عن الحادية عشرة ,يا سيد دي فالكونيه".
من المستحي أن تناديه بأسمه الصغير .
" بالنسبة ألي هذا مبكرا".
" آه , صحيح؟".
" فتيات اليوم يعشن حياة مفككة , بلا رباط".
" آه , صحيح".
لم تعرف ماذا يقصد بذلك , أقترب منها وأضاف:
" نعم , صحيح , يردن تذوق كل الملذات.......".
" ماذا تعني؟ أنني لا......".
قاطعها بقوة :
" وكاولو بوتيغا , فارس أحلام زوجتي , هل تجينه جذابا ؟".
" أنني نعم , أنه جذاب , هذه حقيقة ظاهرة ........ أنني ........ أنني آسفة..".
" لست غبيا يا سوزان,
سمعت أن هذا الرجل الأيطالي الجذاب أعطاك موعدا وأنني أنصحك بعدم القبول".
"ماذا قلت؟".
" لا تحاولي قول العكس , أن سمعي لا يضاهى".
كلا , هذا غير معقول , لماذا يتدخل في شؤوني ؟ تقلصت سوزان في غضب وقالت في لهجة رافعة ذقنها:
" لا شك أنك تملك أذنا قوية أكثر مني , أعترف أنني لم أسمع السيد بوتيغا يطلب موعدا ,وفي أمكاني أن أعود الى الصالون لأتأكد من ذلك......".
منتدى ليلاس
" هل تنكرين أنه دعاك الى حضور مسرحية معه؟".
" أنني أرفض أن أرد على سؤال وقح كهذا".
" ما دمت تسكنين قصري , فأنني مسؤول عنك , يا آنسة".
حدقت فيه سوزان بضعة ثوان من دون أن تتلفظ بشيء , ثم عادت تتسلق السلالم , فسألها في صوت غير مبال :
" تريدين رؤية مجموعتي الفنية , أليس كذلك؟".
ألتفتت اليه في سرعة , وكانت ترغب في أن تقول له أن يدعها وشأنها , فقال:
"أذا وافيني غدا صباحا الى غرفة الطعام ففي أمكاني أن آخذك في جولة داخل القصر , بعد تناول الفطور".
" شكرا , لكن عليّ أن أذهب لحضور القداس مع بيترو ووالدته ......... وأنت ألا تحضر قداس يوم الفصح؟".
" أنني لا أمارس الشعائر , منذ زمن بعيد , عندما أكتشفت ...........".
تردد قليلا فسألته سوزان في أصرار:
" عندما أكتشفت ماذا؟".
" أنا مع القول السائد , لدينا كفاية لنحب بعضنا".
" هل الحادث هو الذي ......".
" فتح لي عقلي , نعم".
" لا أعتقد أن المرارة في أمكانها أن تحل لك مشاكلك".
" المرارة ؟ من أين لك هذا يا سوزان ؟ لقد أضعت أوهامي وأنني مليء بالندم , لكنني لست مرا وبالعكس أرى أن الحادث الذي تعرضت له كان مفيدا لي , تبدين مندهشة ؟".
لم تكن سوزان قادرة على فهم كلماته.
" لو....... سمحت يا سيد , أن رأسي يؤلمني وأريد الذهاب الى فراشي".
" سامحيني لأحتجازك مطولا , تصبحين على خير".
أختفى في البهو بينما كانت سوزان تتسلق السلالم ,وهي نادمة لما قالته في ردة فعل دفاعية ضد الأنجذاب الذي يحمله اليها , كم تريد أن ترافقه وتعزّيه وتقول له أن النساء لسن كلهن متشابهات , لكن هل هو في حاجة للعزاء ؟ أخيرا....... شكرا لله, بعد يومين ترحل من هنا نهائيا لتعود الى لندن مسقط رأسها.





http://www.liilas.com/upp/uploads/im...f0b547c609.gif



نهاية الفصل السادس....................

أحاااسيس مجنووونة 14-08-10 03:46 AM

حبيبتي دودو تسلم ايديك بس خلصيها بسرعة لاني متشوقة كتيير

dalia cool 14-08-10 06:52 PM

شكرا لمرورك سوسو :flowers2::flowers2:

dalia cool 14-08-10 07:05 PM

7-زهور برية

في اليوم التالي لم تر سوزان مارشيللو طيلة النهار , في فترة قبل الظهر ذهبت الى كنيسة القرية الصغيرة برفقة السيدة فيتاليه وبيترو وأيلينا , وهناك كانت تفكر فيه , نادمة لرفضها عرضه زيارة القصر .
وبعد الغداء أقترح بيترو أخذها الى شاطىء البحر , لكن الحر كان قويا ولم ترغب في ركوب السيارة لقطع مسافة طويلة , ففضلت أن تأخذ حمام شمس على شرفتها بينما كان الآخرون يأخذون القيلولة.
وقبل المساء بقليل نزلت الى الساحة ثم الى الحديقة للتنزه وألتقت صدفة بأيلينا التي لم تتهرب منها للمرة الأولى.
سألتها سوزان:
"أين الأزهار والأعشاب التي قطفتها البارحة؟ هل وجدت لها الأسماء المناسبة؟".
قالت الفتاة وهي تهز رأسها :
" كلا , وضعتها في خزانة غرفتي لأنني أخاف أن تغضب عمتي أذا رأتها".
" لكن والدك سمح لك بأحضارها الى المنزل , ولن تقول لويزا شيئا".
" هل تصدقين ذلك يا آنسة , ربما غيّر والدي رأيه".
" ولماذا؟".
" لا أعرف , اليوم لم يكن سعيدا ولم يكلمني أبدا".
شعرت سوزان بالحزن وحاولت أن تطمئن الفتاة .
" أذا أردت , في أمكاني مساعدتك".
" أنت , يا آنسة؟".
" نعم , أنا , يا حبيبتي , هل لديك كتبا مصورة نستعين بها لأيجاد أسم لكل من الأزهار والأعشاب ؟ أعني هل لدى والدك موسوعة؟".
" نعم في مكتبه , أتريدين مني أحضارها".
صرخت سوزان وهي تتمسك بالفتاة :
" لا , لا , لا تزعجيه".
" لكنه ليس في مكتبه".
" آه؟".
منتدى ليلاس
" كلا , أنه يعمل في الصالون الكبير".
" الصالون الكبير؟".
" نعم , أما سبق لك أن رأيته؟".
" كلا".
" يجب أن تطلبي من والدي أن يريك أياه , وسيسر لذلك , أنه يحبك , أتعرفين ذلك , وأنا سعيدة لأنك تحبينه أنت أيضا".
أظطربت سوزان لهذا الكلام وقالت:
" أذن , يا أيلينا , أين الموسوعة..........؟".
لكن الفتاة أضافت:
" قبل الحادث , لم يكن والدي يجلس وحده ساعات طويلة كما يفعل الآن , ولم يكن يبدو عليه الحزن أو الغضب ,وكنا نلهو معا ونفرح كثيرا".
" وكل هذا لم يعد واردا الآن؟".
" ليس دائما , فضلا عن أنه مشغول جدا في الوقت الحاضر.......".
" وما رأيك لو نركز أفكارنا الآن على الأزهار والأعشاب ؟ قولي أين أجد الموسوعة فأذهب لأحضارها بينما تجلبين الأزهار , أمامنا متسع من الوقت قبل موعد العشاء".
" حسنا , يا آنسة , لكن ماذا لو أن العمة لويزا ..........".
" لا تخافي , سأهتم بالأمر وأرجوك , لا تناديني آنسة ..... ناديني بأسمي , سوزان".
أبتسمت الفتاة وقالت:
" نعم , كما تريدين........ يا سوزان".
شعرت بأرتباك وحيرة قبل أن تدخل مكتب مارشيللو , لكن الباب لم يكن مقفلا ولهذا لا يمكن أتهامها بالتطفل , أكتشفت سوزان نسخة قديمة لموسوعة صغيرة عنوانها( الحديقة الصغيرة الكاملة ) وفي داخلها صور عديدة تساعد على تحديد قسم كبير من الأزهار والأعشاب التي أحضرتها أيلينا , وبعدما ألقت نظرة أخيرة على هذه الغرفة الرائعة , عادت لتلحق بالفتاة في الرواق.
وهناك أمضتا معا حوالي الساعة , كان عليهما بادىء الأمر فرز الأزهار الحقيقية عن العشب السيء , وبينما كانتا تعملان بفرح تحدثتا عن كل شيء , ولم تكن الفتاة تكف عن طرح الأسئلة على سوزان حول مهنتها وحياتها , كانت متعطشة لأن تعرف ما يدور في العالم الذي يحيط بها.
وفي الحديث أخبرت سوزان أيلينا عن طلاق والديها.
فسألتها أيلينا مقطبة الحاجبين:
" ألم تحزني عندما تزوجت والدتك مرة ثانية؟".
" كلا , والداي لم يتفقا , لذا ألا يحق لهما البحث عن السعادة في مكان آخر؟".
" لكن...... العمة لويزا تقول أن الطلاق لا وجود له , عندما يتزوج شخصان فهذا يعني أن الزواج يدوم مدى الحياة".
قالت سوزان وهي تنظر الى الفتاة بحزن :
" ليس الأمر سهلا دائما:
" وتقول العمة لويزا أنه أذا شعر الأنسان بالتعاسة , فيجب أن يطلب مساعدة ".

dalia cool 14-08-10 07:11 PM

ولم ترد سوزان , بل تناولت عن الطاولة وردة صغيرة وراحت تقارنها بأحدى الصور في الموسوعة , أما أيلينا فقالت بدون أن تنظر الى الكتاب:
"هل تعتقدين , أنت , أن الله يريد تعاسة الناس؟".
" طبعا لا , لماذا تقولين هذا الكلام؟".
" لأنني كنت أفكر ....... أبي وأمي ليسا سعيدين , أذن , ربما في أمكانهما الطلاق".
قالت سوزان في صوت عال بعد أن أحمرت وجنتاها:
" آه , يا أيلينا , ما لك وهذا".
" لكن أنت التي قلت أذا كان الزوجان غير متفقين.....".
" أنا لا أعرف مشكلة والديك ولا أريد أن أتدخل في الأمر".
خافت أن يسمع أحد هذا الحديث وللحال أردت تغييره وقالت:
" أنظري الى هذه الصورة , أليست هذه عشبة الخنشار؟".
تلعثمت الفتاة المرتجفة الشفتين وقالت:
" أريدهما أن يفترقا , وأريد أن ترحل أمي من هنا".
" أيلينا , ما بك؟".
" صحيح , أنها لا تحبني , أنا أعرف ذلك , وهي سبب كارثة والدي , مساء أمس كانا يتشاجران وسمعتهما , أن غرفة أمي تقع قرب غرفتي , وأبي ....... أبي كان هناك........".
أغلقت سوزان الكتاب وقالت:
" هيا , يا أيلينا , لقد تأخرنا , سننهي هذا العمل في ما بعد".
منتدى ليلاس
" متى ؟ غدا؟".
" يجب ذلك , لأنني سأسافر يوم الثلاثاء".
" آه , لكن...... بيترو سيبقى هنا العطلة كلها!".
" أنه ما زال طالبا يا أيلينا , أما أنا , فأنني أعمل ولا أستحق عطلة أطول".
" هل ستأتين مرة ثانية؟".
" لا أعرف , ربما".
أستيقظت سوزان صباح الأثنين على صوت المطر الذي يطرق على الزجاج بصورة غير منتظمة , فأسرعت الى النافذة ولاحظت أن السماء رمادية ومليئة بالغيوم.
كانت قد أرتدت ملابسها عندما دخلت لوسيا جالبة لها فطور الصباح.
" آه ما دمت مستعدة , ربما تفضلين تناول الفطور برفقة السيد دي فالكونيه".
أجابت سوزان :
" كلا , شكرا يا لوسيا , ما دمت قد أحضرته .......سآخذه هنا".
" لكن هذا لا يزعجني , يا آنسة.......".
" لا أشعر أنني في حاجة الى أن أكون مع أحد صباح اليوم".
وضعت لوسيا الصينية على الطاولة ونظرت اليها في أعجاب وقالت:
"وأنا كذلك , يحدث لي أحيانا الشيء نفسه , هذا الطقس يوتر الأعصاب! وللأسف أنه يومك الأخير!".
حاولت سوزان ألا تعارض هذه الخادمة أو تخيب آمالها.
وما أن خرجت حتى أنكبت سوزان على الصينية وجرعت عدة فناجين قهوة من دون حليب , وأكلت سندويشا صغيرا , ثم أقتربت من النافذة تتكىء عليها , المنظر غائص في ضباب رمادي والأفق غائم في عينيها اللتين تخافان أن تريا الحقيقة , بعد أقل من 24 ساعة ستغادر القصر , ومن دون شك بلا عودة......
لكن لماذا تبقى هنا سجينة داخل غرفتها , بينما الرجل الذي ترغب في رؤيته يتناول فطوره وحيدا في الطابق الأسفل.
ونسيت قرارها الحازم وخرجت من غرفتها مسرعة وهبطت السلالم وبقيت دقيقة مترددة وراء باب غرفة الطعام , وماذا لو كان مارشيللو لا يزال يلومها على تصرفها ذلك المساء؟
طرقت الباب , لا جواب , كادت تعود , لكن لوسيا قالت لها أنه هنا , تشجعت وأدارت م*** الباب وفتحته , كان مارشيللو وحيدا يقرأ جريدته , دخلت بهدوء الى الغرفة وأغلقت الباب وراءها وظلت جامدة متكئة على الباب , رفع عينيه وقطّب وجهه بعدما رآها , لكنه مع ذلك , أزاح جريدته جانبا ونهض ليحييها في تهذيب ,خال من الحرارة.
" صباح الخير , هل جئت لتناول الفطور معي".
أقتربت سوزان في خجل وقالت متلعثمة:
" أوه .....لا ...... أنني .......لقد تناولت الفطور , لكن من فضلك , أجلس ...لم ......لم آت لأزعاجك".
" أذن , لماذا جئت؟".
" أرى جيدا أنني أزعجك ! لكنني أردت الأعتذار".
" الأعتذار ؟".
" نعم , أريد الأعتذار عن نهار ما قبل أمس , عندما أقرحت علي مرافقتي في جولة حول القصر , أعتقد أنني رفضت أقتراحك في جفاف......"

dalia cool 14-08-10 07:16 PM

" كنت مضطرة الى الذهاب الى مكان آخر , أذا كانت ذاكرتي لم تخنني.....".
" نعم , أعرف .....لكنني , بما أنني راحلة في الغد , فأنني أتساءل أذا كان في ......".
" ..... في أمكاني أن أريك المجموعة الفنية الكاملة اليوم , أليس كذلك؟".
" نعم".
" آسف , عندي موعد في مونافو بعد قليل".
" آه, أنني .......... أذن ...... أريد فقط الأعتذار لرفضي أقتراحك".
قال مارشيللو وهو يجلس في مقعده:
" لا تفكري بالأمر , يا آنسة , أهذا كل شيء؟".
كانت مضطرة للرد عليه , فأكتفت بهز رأسها , فقال وهو يفتت قطعة خبز بين يديه في طريقة آلية:
" أشكرك لأهتمامك بأيلينا خلال أقامتك هنا , قالت لي أنك أمضيت وقتا طويلا معها".
" نعم....... قمت بذلك في فرح كبير".
صمتت لحظة ثم تابعت:
" وأرجو ألا تلومني لدخولي الى غرفة المكتبة وأستعارة موسوعة تتحدث عن النباتات".
نظر اليها مارشيللو في قوة وقال في صوت خفيض:
" وماذا لو قلت لك أن كل ما أملكه هو تحت تصرفك؟".
" ماذا تعني؟".
منتدى ليلاس
نهض وأستدار حول الطاولة من دون عكاز , كان يرتدي سروالا من الجلد وقميصا حمراء حريرية , كان يبدو مخيفا تماما كسلفائه آل ميدتشي , حدق فيها وهو يقترب منها في بطء , حتى وصل اليها وكاد يلمسها:
" لا أعرف ماذا تنتظرين مني , يا سوزان , لكنك لاحظت أن بيننا ألفة وتجاوبا ....... أليس كذلك؟".
" العكازتان.....".
أطلق شتيمة وقال:
" يا ألهي , يا سوزان , هل ستواصلين أعتباري معاقا ؟ أذن , لست بالنسبة اليك ألا هكذا ؟ مخلوقا محطما , مقطبا , مسنا , ولا يشبه الرجال؟".
خرجت تقول في حدة:
" كلا , آه , مارشيللو.......".
مدت له يدها وهي ترتجف , تناولها وأغلق أصابعه في داخلها , وأرتعشت عندما رفع يدها الى شفتيه وقبّل قبضة يدها من دون أن تكف عيناه عن النظر اليها , وهمس في صوت مبحوح:
" سوزان".
وأفهمها بذلك أنهما يشعران بالأنفعال نفسه , جذبها نحوه وضمها في قوة كادت أن تخنقها.
أستعملت سوزان قوة أرادتها للتخلص من قبضته قبل أن يعانقها, فأبتعدت الى الوراء تقول أي شيء في صوت يرتجف وغير مسموع:
" يجب......... يجب أن أذهب ,عليّ أن أ‘د حقائبي".
قال مارشيللو :
" سألغي موعدي في مونافو , يا سوزان".
" لماذا؟".
" كي أبقى معك".
ثم عرج نحو عكازيه وقال:
" بقيت مدة طويلة من دون عكاز , أمس وقبل أمس واليوم أنني أدفع الثمن".
قالت في صوت متردد:
" مارشيللو.......".
" لا تخافي ,يا سوزان , لا أنوي أستغلال أهتمامك بمجموعتي , لكن بما أنك تغادرين في الغد فأنا مستعد لألغاء زيارتي لمتحف مونافو الى يوم آخر , ألا أذا غيرت رأيك".
" آه , لا , أبدا , لكن , هل تعتقد أن ذلك مفيد؟".
لكنه كان قد أصبح قرب الباب وقال:
" سأتصل بزميلي , باولو تيريني وأبلغه ألغاء الموعد , سألتقي بك في البهو بعد ربع ساعة".
صعدت سوزان الى غرفتها حالمة , تتساءل ما أذا كانت تعقّد الأمور أكثر من اللزوم , نظرت مطولا الى المرآة , الى وجهها الساخن وفمها الكبير.

dalia cool 14-08-10 07:18 PM

في الجناح الشرقي الذي يزوره السياح مجموعة من اللوحات الفنية الرائعة ذات قيمة من الصعب تقديرها , أعدها كبار الرسامين المشهورين مثل جيرجيونيه وفيروتيزيه ويليني ...... مارشيللو المعتاد على هذه الروائع يقوم بدور الدليل السياحي في رشاقة ومرح.
وفي أحدى الزوايا المضاءة بأنوار خاصة , لوحة تمثل بواقعية أحتفالا دينيا , وهي من رسم كارافاج.
قال مارشيللو في ثقة:
" هذا الرسام خلق ثورة في الرسم الأيطالي في القرن السادس عشر , ومعه ولدت نظرية جديدة للنور الذي يظهر الشخصيات في طريقة رائعة ومدهشة".
" هو الذي أشتهر بالغامق- الفاتح , أليس كذلك؟".
" نعم ,لكن هذه الصنعة لم تكن هي التي أعطته حق الشهرة , كما سبب فضيحة عندما أنفصل عن ميزات المثاليين كانت تظهر الجانب المتواضع ولا يتردد في رسمها , أيا كان مظهرها".
" لماذا؟".
هز مارشيللو كتفيه وأجاب:
"ربما لأنه كان يرى الأشياء هكذا".
" ربما لأنه يعتقد أن الأشخاص الذين عاشوا معه , في القرن السادس عشر , يطابقون بسهولة شخصيات من هذا النوع...........".
" أكيد , ومن هنا يبدو متقدما على زمنه".
توقفت عن الكلام ثم سألته:
" هل نتابع جولتنا؟".
منتدى ليلاس
كانت تتوقع أن ترى غرفا ضخمة وشاسعة , لكنها لم تكن تتوقع رؤية هذا الديكور المليء بالتحف الفنية على أختلاف أنواعها , أضافة الى الأضاءة الرائعة المنبثقة من السقوف والجدران من ثريات براقة , وعلى الأرض البلاط الرخامي المتعدد الألوان.
في بعض الغرف , لا سوجد سوى واجهات زجاجية تحتوي على أجمل وأرقى التحف التابعة للمجموعة الفنية التي تملكها عائلة فالكونيه.
القطع المالية , الحجارة الثمينة , المجوهرات البرونزية والفضية والذهبية المعلقة بسلاسل والتي تمثل عددا كبيرا من الشخصيات الشهيرة.
والذي لفت أنتباه سوزان هو الغرف المليئة بالأثاث , وأعجبتها الكراسي والطاولات اللماعة , من خشب الجوز أو الأرز , المنحوتة أو الملبسة والمرصعة بالحجارة الثقيلة , ورفع مارشيللو الحبال المخملية التي تحدد الممر الذي يسلكه الجمهور والسياح وكان في أمكان سوزان أن تلمس أي شيء تريده.
قال مارشيللو وهو يرى سوزان تبدي أعجابها بلوحات منحوتة لصندق العرس:
" حسب رأيي , بين القرن الرابع عشر والسابع عشر , كان المصممون يهتمون بجمال الأشكال أكثر من الراحة , أنظري الى هذا الكرسي مثلا , هل تتصورين أن أرجل هذه الكراسي تحمل وزني؟".
" لكنك يا مارشيللو لست توحي بأنك أنسان أيطالي!".
" صحيح؟".
" أن الأيطاليين هم أجمالا قصيرو القامة , ألست من رأيي؟".
" هل ترغبين في الصعود الى الطابق الأول؟".
" كنت أعتقد أن الطابق الأرضي وحده مفتوح للجمهور؟".
" نعم , لكنني قادر أن أريك الغرف أذا كان ذلك يهمك ....... أحذرك , أنها مليئة بالغبار برغم أهتمام لوسيا".
" سأتبعك".
" عظيم , لنصعد".
في طرف الجناح الشرقي تسلقا سلما ضيقا ومن دون تعب وصل مارشيللو الى الطابق الأعلى , حيث العتمة تسيطر داخل النوافذ الخشبية المغلقة , فتح مارشيللو أحدى النوافذ حتى يتسنى لسوزان ألقاء نظرة على القرية التي تهبط في الوادي , كان قربها وشعره يلامس كتفها , ولما أبتعد تنفست في أرتياح.
في غرفة النوم الأولى , شراشف بيضاء تغطي الكراسي والطاولة , ولم يكن ممكنا سوى رؤية الأقدام المصنوعة من البرونز , ورفع مارشيللو في سخرية الشرشف الذي يغطي أحد الكراسي , المنقوشة بالعصافير الغريبة , وفرح لرؤية سوزان تشتد أحمرارا , كما رفع زاوية الشرشف الذي يغطي أحد الأسرة ليريها التطريز الرائع على الغطاء ومن السقف المنحوت تتدلى الستائر التي تحيط بالسرير لتحمي من فيه من تيار الهواء.
لكن الغرف كانت مليئة بالغبار الخانق , وخيوط العنكبوت تملأ جميع الزوايا , وأرتجفت سوزان عندما فكرت بهذه الحشرات الصغيرة التي لا شك تملأ المكان ,وتأسفت لأن هذه الغرف على هذه الحال .
وزارا الغرف كلها , وفي كل غرفة كانت الأشياء النادرة والثمينة. ولكن وفي معظم الغرف رائحة العفن تدخل الى الحنجرة , كأن الهواء لم يدخلها منذ وقت طويل.

dalia cool 14-08-10 07:22 PM

ومن خلال هذا الأهمال المؤلم حاولت سوزان أن تتخيّل عهد البهاء والأشراق عند عائلة فالكونيه....... وفكرت بالهاوية التي تفصلها عن هذه العائلة الأرستقراطية.
سألها مارشيللو بهدوء:
" بم تفكرين؟".
مستحيل أن تقول له بماذا تفكر , أكتفت بالرد بلهجة لامبالية :
" كنت أتساءل ماذا كان الناس من زمان يلبسون وقت النوم ".
أجابها مارشيللو وهو يستند الى طرف السرير:
" حتى القرن السادس عشر , كانوا ينامون عراة , ألا أذا كان الطقس باردا , فينامون بملابسهم".
أحمرت سوزان وأجابت:
" فهمت الآن".
" هل أنصدمت؟".
" لا , أبدا".
" لكنك تبدين هكذا".
" لم أولد في الأمس".
ثم راحت تهتم بمكتب صغير وقالت:
" آه , ما أجمله , أعتقد أنه من صنع فرنسي , أليس كذلك؟".
" نعم".
أقترب منها وأنحنيا معا لتفحص المكتب الصغير وأدراجه المستترة , فلامس كتفه كتفها وتشابكت أنفاسهما وعمّ صمت لا يطاق.
هتف مارشيللو في صوت مبحوح وهو ينهض ليضع يديه على كتفي سوزان التي أغمضت عينيها كأنها أصيبت بدوار رهيب.
منتدى ليلاس
أنحنى على جفنيها المغمضتين , ثم على خديها , وراح يعانقها مطولا ......... تهيأ لسوزان أن تيارا لا يقاوم جرفها وأنها الآن تسبح في بحيرة لا عمق فيها.
بيديه المداعبتين أراد مارشيللو أن يجذبها كليا نحوه , لكنها أقامت بحركة غريزية وحاولت التخلص منه فسألها:
" هل تخافين , يا سوزان؟".
" كلا.......".
" لكن من المفروض أن تخافي...........".
" آه ,مارشيللو!".
وجذبها نحوه من جديد وعانقها بعنف وشعرت بأرتياح بين ذراعيه , هو الرجل الذي تحب ............. بالنسبة اليهما , الزمان ليس له أهمية , ولما رفع مارشيللو أخيرا رأسه , نظر الى عيني سوزان وقال:
"يجب أن نخرج من هنا".
" أعرف".
" لا أنوي الأعتذار".
" أنا لا أطلب منك ذلك".
" تعرفين أنني أريدك.......".
" نعم أعرف , وأنا كذلك".
" آه , يا سوزان , أبتعدي عني قبل أن أفقد عقلي , لست سوى رجل..........".
" أنت تلومني؟".
" يا ألهي , لا! لكن يجب أن نعود الى الأرض , الى الواقع , أتبعيني".
أسند ذراعيه على العكازين وتوجه نحو الباب , فصرخت سوزان تقول:
" لماذا تستمر في أستخدام هذين العكازين؟ لم تعد في حاجة اليهما بعد الآن ؟ لماذا؟ هل هذه وسيلة لتحمي نفسك من الآخرين؟".
" لا تحاولي تشريحي وتحليلي نفسيا!".
" أريد فقط أن أفهمك, يا مارشيللو , هل هذا يعود الى الكدمات في وجهك؟".
لم يرد عليها.
" لماذا تستمر بالمسرحية ذاتها ؟ أنت تملك جميع وسائل النجاح وجميع المؤهلات".
" وما هي؟ لنكن جديين , أملك قصرا في حالة يرثى لها , وزواجا على وشك السقوط........".
" هنا يمكنك أن تفعل شيئا..............الطلاق......".
" لا مجال للطلاق في عائلتنا , لا تتوهمي يا سوزان".
" لم أفكر بالأمر قبلا".
" نعم , أعرف ذلك ......... أنه من المؤسف أن أفكر أنه لا يمكنني أن أحبك علنا..........".

dalia cool 14-08-10 07:35 PM

تكلم في صراحة تامة , ولذا زاد أحترامها له , على الأقل , الأمور واضحة وكل شيء يعود كما كان عليه من قبل , وبينما كان يتكلم , كان يبتعد عنها تدريجيا , ولا يمكن تصديق ذلك , هو الذي كان يرتجف بين ذراعيها منذ لحظة قصيرة.
كان دائما يبدو سيد نفسه , الآن وقبل أمس عند الشلال , وهي التي فقدت برودة أعصابها , أمامه , لا تتسلح بالدفاع , بل تفقده.
وأمام تصرفه اللامبالي المفاجىء شعرت بالحزن والغضب وقالت:
" في كل حال , لم أكن أنا التي فتحت موضوع زواجك المتدهور , بل أنت!".
" أرجوك لا داعي للكلام حول هذا الموضوع".
" ولم لا؟".
" وما يجدي الكلام عن الزواج! ليس هناك أمل وأرجو المعذرة أذا جرحت شعورك في أي شيء ما........".
" من يقول هذا؟ أنت أظهرت حقيقة مشاعرك.........".
" لا تبالغي , لقد.........".
" ربما تفضل أن تنسى ما شعرنا به قبل قليل؟".
" سوزان , أحاول أن أفهمك...........".
منتدى ليلاس
" وتريدني أن أقول دون شك , كفّ عن التفكير بذلك , أليس كذلك؟".
" هيا بنا نهبط الى الساحة , هذا النقاش لن يوصلنا الى شيء".
" تشعر أنك فقدت الدور الجميل , أليس كذلك؟ وعنفوانك يتألم؟".
" سوزان.........".
" آه , مارشيللو , لماذا حصل هذا؟".
نظر اليها مطولا ثم فتح الباب وقال:
" هيا , الوقت طال وربما تساءل بيترو عنك......".
" لا يهمني ما يقوله بيترو عني؟".
" لا تتسرعي في الكلام ......... وفكري أن كل هذه الأشياء الفنية والتحف , ستصبح يوما ما ملكه , ألا أذا حدثت أعجوبة وأصبح لدي أبن".





http://www.liilas.com/upp/uploads/im...279a827599.gif



نهاية الفصل السابع................

سكر ياعنب 14-08-10 08:33 PM

يسلمووووو أيديك بصراحة رائعة جدا جدا .... في انتظار التكملة بكل شوق .... لا تطولي علينا بليييييزززز

أحاااسيس مجنووونة 15-08-10 04:07 AM

دودو حياتي مطولة لتخلصيها والله ذبحني الشوق لنهايتها الله يخليك لا تتأخري علي رح ذووووووووووووووووووووووووووووووووووووووب

dalia cool 15-08-10 09:25 PM

[SIZE="5"]مرسي على مروركم ههههههههة هو انا شوي بطيئة بالنقل انشاء اللة غدا اخلصها:flowers2:[/S:flowers2:IZE]

dalia cool 15-08-10 09:26 PM

8-لا تهربي منة

قال مدير الفندق وهو داخل الى مكتبه:
" سوزان , نهار الثلاثاء المقبل , ستصل فرقة أميركية مؤلفة من ثلاثين سائحا , نظمنا حتى الآن برنامجا حافلا لهم , زيارات الأماكن الأثرية والمتاحف ........بأختصار أنه البرنامج العادي , لكن هل ما زال أمامي أضافة سهرة أو سهرتين سنأخذهم فيها الى المسرح , هل في أمكانك الأهتمام بهذا الأمر؟".
أجابت سوزان مديرها مالكوم نورتن:
" بكل تأكيد , يا سيدي , هل عندك أقتراح بهذا الشأن؟".
" أوه .......هذا يتعلق بالأماكن الفارغة , أعتقد أن السياح يحبون المسرحيات الغنائية , لكنني أخشى أن تكون الأماكن قد حجزت قبل ثلاثة أشهر , كما هي العادة".
" سأرى ما يمكنني فعله".
" حسنا , شكرا".
كان مالكوم نورتن على وشك الخروج عندما تذكر شيئا وسألها:
" سوزان , لا أريد أن أكون متطفلا , لكن.....هل هناك شيء ما على غير ما يرام؟".
هزت كتفيها غير مبالية وقالت:
" لا , أبدا , لماذا هذا السؤال؟".
" أراك شاحبة الوجه منذ عودتك من أيطاليا , الشهر الفائت , هل ألتقطت مرضا ما أو ماذا؟".
" لا , أبدا , كل شيء على ما يرام يا سيدي , كما تعرف مررنا بفترة عمل كثيف بعد الفصح , وأشتغلت كثيرا , وربما أشعر ببعض الأرهاق".
منتدى ليلاس
هز نورتن رأسه وأصر على القول:
" أليست حالتك , متأثرة بهذا الشاب الأيطالي الذي لم تعودي تخرجين معه؟".
" بيترو صديق وحسب , لا أكثر ولا أقل و.... أوه ........ أنت تعرف كيف تحدث الأمور , أحيانا الناس تخيّب آمالك ........والعلاقات تسقط.........".
" أذن ربما أنت متضايقة من عبد الفايز؟".
" كان السيد عبد الفايز غائبا طيلة هذه المدة".
" أعرف , لكنه عاد منذ بضعة أيام ,وأتساءل ما أذا كان يستمر في مضايقتك".
" هل أنت على علم بذلك؟".
" طبعا , لكن كان من الصعب عليّ أن أتدخل في الأمر , أنه على علاقة حميمة مع العجوز ستاسي , ربما علاقة قرابة أيضا , في أي حال...... صحيح أنه رجل لجوج , لكنه ليس بالرجل السيء الذي تتصورين".
فتح الباب وأضاف:
" مهما كان الأمر , أطلب منك ألا تقلقي أو ترهقي نفسك , فستحل بي كارثة أذا مرضت , أسترخي وأرتاحي وألهي نفسك ببعض التسليات , فهمت؟".
" نعم , يا سيدي".
ولما أغلق الباب وراءه نهضت سوزان وأتكأت حالمة على النافذة التي تطل على شارع أوكسفورد اللندني , المأساة هي أن أمامها الوقت الطويل لتفكر بما حدث في كاسيل فالكونيه , فخارج العمل , لا تفعل شيئا لتعلهي نفسها عن التفكير.
منذ عودتها , لم تر بيترو , ولما غادرت أيطاليا , أفهمته بصراحة أنها لا تكن له سوى صداقة عادية , أتصل بها مرة بعد عودته الى أنكلترا , وخلال أقامتها في أيطاليا , أدركت سوزان أن بيترو ما زالت تنقصه خبرة الحياة والنضج الكافي , ولذا قررت أن تقطع الجسور بينهما من دون ندم.
أما الآن , فالأمسيات فارغة , وبسبب أقامتها العديدة في الخارج , فقد فقدت الأتصال بأصدقائها , وبما أنها لا تحب الخروج وحدها , أصبحت شقتها الصغيرة كالسجن , أحيانا , تشعر بتوتر خانق , ويأس لأنها لن ترى مارشيللو بعد الآن ونادمة لتصرفها الصريح معه , فأي ذكرى يحفظ منها؟
وأنتفضت مرتعشة وعادت الى مكتبها , لماذا تعذب نفسها هكذا؟ ما حدث قد حدث.
منتدى ليلاس
وفي مساء اليوم التالي , أتصلت بها والدتها هاتفيا:
"سوزان , حبيبتي , هذه أنت؟".
" من تريدين أن يكون غيري , هنا يا أمي؟ نعم , هذه أنا! كيف حالك؟".
" سآتي الى لندن نهار الخميس , هل في أمكاننا تناول طعام الغداء معا؟".
صرخت سوزان بسرعة , فرحة لهذا التغيير :
" طبعا , أين تريدين أن نلتقي؟".
" أقترح عليك مطعم ( المشاوي) , حيث الطعام اللذيذ والخفيف , وحيث في أمكاننا أن نتحدث في هدوء من دون أي أزعاج".
" أتفقنا , أي ساعة؟".
" الواحدة , ما رأيك؟".
" عظيم".
لكن الساعة كانت الواحدة والنصف عندما دخلت أنابيل فوريست الى المطعم.
" آه , يا حبيبتي , أنا آسفة لهذا التأخير , لكنني خرجت من عند الحلاق لتوي".
قالت سوزان بلطف:
" التسريحة تليق بك تماما , تريدين أن تشربي قبل الغداء , أم تريدين أن تأكلي في الحال؟".
" لنأكل , أنني أتضور جوعا ,لم أتناول شيئا منذ مساء أمس , ما عدا فنجان قهوة كريهة في القطار".

dalia cool 15-08-10 09:28 PM

نادت سوزان خادم المطعم وطلبت الوجبتين , ونظرت سوزان الى والدتها تسألها:
" أراك مبتهجة ومتألقة , لا شك أن لديك من الأخبار الجديدة الكثير , أخبريني!".
قالت الأم بفخر وأعتزاز:
" عقد زوجي صفقة رابحة , وقدم لي رحلة الى ألمانيا , لم يسبق أن سافرت منذ رحلة شهر العسل".
أن زوج والدتها الثاني مهندس بناء يعمل في منطقة البريستول الأنكليزية , ويميل الى البخل مما يجعل العلاقات بينهما تؤدي الى مشاجرات عنيفة , لكن مع تقدمه بالسن , بدأ يتحسن من هذه الناحية , مما يسر والدة سوزان.
أجابتها سوزان قائلة:
" آه , أنا سعيدة من أجلك! أنت تستحقين فعلا أخذ عطلة خارج البلد".
قاطعتها والدتها وقالت مدافعة عن زوجها:
" أنت تعرفين , أن نيل مشغول كثيرا.....".
أرادت أن تقول لها أنه برغم أنهماكه بالعمل , فهذا لا يمنعه من ممارسة رياضته المفضلة , الغولف , والذهاب في رحلات الصيد البحرية ......لكنها فضلت عدم الأصطدام مع والدتها , التي من حقها الدفاع عن زوجها وبخله ما دام بدأ يتغير كلما كبر في السن.
وخلال طعام الغداء , لاحظت السيدة غوريست أن قابلية سوزان شحيحة , فطرحت عليها السؤال نفسه الذي سبق لمديرها أن طرحه قبل بضعة أيام.
" أنت شاحبة الوجه , هل هناك مشاكل ؟".
" كلا , الأشياء كلها على ما يرام".
" لكنك لا تأكلين كما يجب".
" آه , أنه الحر الشديد".
" لم يضايقك الحر من قبل , يا صغيرتي ....... ماذا جرى لك؟".
منتدى ليلاس
" لا شيء , يا أمي , أؤكد لك ذلك! أرجوك دعينا نتكلم في موضوع آخر!".
" لماذا تبدين حزينة أذن؟ أنت غير سعيدة ...... أنني أحس بذلك...... ماذا فعلت في عطلة الفصح؟".
أنتفضت سوزان التي كانت تنظر الى الطاولة المليئة بالفاكهة والحلوى , وقالت بأستغراب:
"في عطلة الفصح؟ ماذا تقصدين بهذا السؤال؟".
منتدى ليلاس
" لا تغضبي يا حبيبتي ! لست في صدد فتح تحقيق معك , فقط ... كلعادة .... تأتين لزيارتنا خلال الأعياد , ولما لم تصلي , أتصلت هاتفيا بالفندق , وأجابوني أنك ذهبت ....لا يعرفون الى أين.....".
" آه , لقد فهمت! في الواقع ذهبت الى أيطاليا تلبية لدعوة صديقي الطالب الأيطالي , الذي كنت أخرج معه , وأقمنا في منزل عائلته".
" في منزل عائلته .... ولم تفكري في أعلامي بالأمر مسبقا ؟".
" قررت الذهاب في آخر لحظة ........".
" يا سوزان , أعرف أنك عشت فترة طويلة في أيطاليا , لكن........".
" أسمعي يا أمي , لا تنظري الي هكذا ,لا رى شرا في ما فعلت , أن بيترو ينحدر من عائلة عريقة......".
" بيترو! بيترو ماذا؟".
" بيترو فيتاليه ".
" وأين تعرفت عليه؟".
" ولماذا تهتمين بالأمر , يا أمي , في كل حال قطعنا علاقتنا".
" ولهذا السبب أنت في حالة توتر ؟".
" أنا أردد للمرة الأخيرة , أنني على أحسن ما يرام".
" لا أصدقك , أعرف أبنتي تمام المعرفة! ولو كنت مكانك ,لما ندمت على هذا الرجل آكل المعكرونة".
" أرجوك , يا أمي!".
" ماذا قلت؟ أردت مؤاستك".
" لست في حاجة لذلك! والآن , ألا تريدين أن تختاري بعض الحلوى أو الفاكهة؟".
أختارت السيدة فوريست قطعة تارت بالجبنة البيضاء , أما بالنسبة الى سوزان ,فبعد أصرار والدتها , قبلت تناول قطعة حلوى , لكنها لم تقدر على تذوق أكثر من قطعة صغيرة جدا.
بينما كانت سوزان تعتقد أن الحديث عن هذا الموضوع قد أنتهى أخرجت والدتها منديلا من حقيبة يدها وراحت تمسح عينيها وتقول في صوت مبحوح:
" ماذا يحدث لنا , يا سوزان؟ لماذا لا تريدين أن تكلميني عن همومك ومشاكلك؟".
" آه ,يا أمي , أنني لا أفعل ألا ذلك!".
" نعم , لكنك لاتقولين كل شيء , وأنا أشعر بذلك تماما , لو تعرفين كم أنا مشغولة البال عليك , لمعرفتي أنك تمضين أيامك وحيدة هنا في لندن".
" لست وحيدة يا أمي , أني أسكن في الفندق".
" وعندما تمضين بضعة أيام أو أسابيع وأكثر في الغربة , لا أعتقد أن ذلك يفرحك.......".
" آه , يا أمي , كفى , أنني فتاة ناضجة....".
" وأنني سعيدة لأنك أنفصلت عن صديقك الأيطالي , يا ألهي , ماذا تفعلين لو تزوجت من رجل أيطالي؟".
" آه , يا أمي , لم يكن ذلك واردا على الأطلاق..........".
" صدقيني , يا أبنتي الحبيبة , من الأفضل أن تنتهي الأمور عند هذا الحد".
وتناولت قطعة حلوى أخرى وأكلتها في سرعة غريبة , والظاهر أن الدموع لم تخفف من حدة قابليتها.

dalia cool 15-08-10 09:31 PM

ولما عادت سوزان الى الفندق, حاولت أن تفرّغ عقلها من أشياء كثيرة وتركّز على عملها , كانت تطلب رقم شركة الطيران للحصول على بعض المعلومات عندما أنفتح باب المكتب ودخل رجل في الأربعين من العمر , بنيته قوية وبشرته سمراء قاتمة.
" صباح الخير , يا سيدي , هل .......هل في أمكاني أن أخدمك في شيء؟".
وأخذ عبد الفايز وقته في النظر اليها مطولا قبل أن يرد قائلا:
" نعم , يمكنك أن تخدميني في أشياء كثيرة , يا آنسة ,لكنك لا تبدين على أستعداد لمساعدتي".
أغلقت سوزان سماعة الهاتف قبل الأنتهاء من طلب الرقم ونهضت وراحت تقول:
" أنا مشغولة جدا , يا سيدي , أذا أردت شيئا معينا .....".
" حسنا , سأختصر في الكلام , معي بطاقتان لحضور السهرة الموسيقية التي سيغني فيها أيبتيري , وأرغب في أن ترافقيني الى هناك".
وبينما كان يتكلم , وضع على المكتب ظرفا لم ترد سوزان فتحه , يا ألهي سيبدأ هذا التركي من جديد في أزعاجها......
" ومتى موعد......... هذه السهرة الموسيقية , يا سيدي؟".
" مساء الغد".
" آه , أنني آسفة جدا , لست حرة غدا".
تمنت لو يرن الهاتف في الحال حتى يفسح لها المجال لأختراع عذر مقبول , وأضافت:
" هذا لطف منك أن فكرت بي , لكن...........".
صرخ غاضبا:
" أخيرا , يا آنسة , لماذا ترفضين دائما دعواتي؟ ما الذي لا تحبينه فيّ؟ لون بشرتي؟ هل أنت عنصرية؟".
منتدى ليلاس
" لا , أبدا , يا أستاذ , لكن ليس من المفروض لموظفة في الفندق أن تبني علاقات شخصية مع أحد الزبائن".
" ولم لا؟".
" آه , يا أستاذ , لدي عملي....".
طرقة على الباب أوقفت سوزان عن المتابعة , أتجهت نحو الباب تفتحه وصرخت بأستغراب ودهشة لدى تعرفها على الزائر وقالت:
" السيد بوتيغا! يا لهذه المفاجأة !".
" أيلينا لم تخطىء , لديها ذاكرة قوية ,هذه الفتاة!".
ما دخل أيلينا هنا ؟ ولماذا كارلو بوتيغا هنا؟
ولما سمعت عبد الفايز يتنحنح , ألتفتت فجأة وقالت:
"أين........ أين كنا في الحديث , يا سيدي؟".
قال الرجل التركي :
" ما أزال في أنتظار ردك".
" آه , نعم , مساء غد؟ لا , هذا مستحيل , أنني آسفة".
وخرج عبد الفايز من الغرفة كالصاعقة , فنظر بوتيغا الى سوزان مندهشا وقال:
" ماذا يجري؟".
" لا شيء , تفضل بلجلوس".
" أن مكتبك صغير ولطيف.....".
" لقد تكلمت عن ايلينا , هل هناك شيء على غير ما يرام؟".
" لكن .. لا شيء , لماذا؟".
" لقد قلت............. أن أيلينا قالت لك ...... أين يمكن أن تجدني".
" بالضبط , أخبرتها عن مكان علمك , أليس كذلك؟".
" نعم , لكن......".
" لن تدعيني أعتقد أنك مستغربة كثيرا لرؤيتي هنا ؟ لقد قلت لك أنني آت الى لندن لقضاء بعض الأعمال".
" نعم , أتذكر ذلك جيدا..........".
" أعتقد أنك فهمت........ أن فتاة جميلة مثلك لا ينقصها المعجبون......".
" لكن .... أنا ....... أوه .........لم أفهم أنك كنت تقصد ذلك......".
قال كارلو بأبتسامة صغيرة :
" لنقل ....... أنني ألمحت لذلك بصورة غير مباشرة".
كيف في أمكانه أن يكون صريحا في تلك الليلة وصوفيا كانت تراقبه طيلة السهرة.

dalia cool 15-08-10 09:36 PM

" هل........ هل ستبقى مدة طويلة هنا في لندن , يا سيدي؟".
" سأبقى أسبوعا واحدا , لا أكثر للأسف , لكنه وقت كاف كي نتوصل للتعرف الى بعضنا البعض........".
قالت سوزان في عصبية:
" آه! لكن..... ليس عندي الوقت كي أراك.....".
قطب كارلو حاجبيه وقال:
" لا تقولي أنك تعملين أيضا في المساء؟".
" بلى , أحيانا , في كل حال , أنا مشغولة خلال سهرات الأسبوع المقبل كلها".
"لكن , يا سوزان ,جئت الى هنا خصيصا من أجلك! لم أكن قادرا على رؤيتك مطولا في أيطاليا والتعرف عليك أكثر".
" وماذا؟ لكنني كنت أعتقد أنك.... .. والكونتيسة دي فالكونيه.......على علاقة حميمة......".
" صوفيا وأنا صديقان حميمان , لكن..... لكن صوفيا في أيطاليا وأنت هنا".
يا لهذه الوقاحة , لماذا يعتقد الرجال أن النساء على أستعداد دائم للأستسلام لهم ولسحرهم وجاذبيتهم؟
" أنت تضيع وقتك , يا سيدي , أنني آسفة ,لكنني لا أنوي الخروج معك".
قال في لهجة تهديد :
" لقد خيّبت أملي , يا سوزان , وآمل أن تكوني قد نسيت أعجابك وأنجذابك بالكونت".
أنتفضت سوزان لكنها راحت تفتح أحد أدراج مكتبها متصنعة التفتيش عن شيء ما لئلا تدعه يلاحظ أنفعالها ,ثم وقع ظرف عن المكتب , ولاحظت للحال أن الرجل التركي نسي أن يأخذ بطاقاته.
" لا أعرف عما تتكلم!".
" يا سوزان , أنت تكذبين , لكن من غير مهار , وفي أمكاني أن أخبر صوفيا عن هذا....... أن مارشيللو يحتقرها دائما وذلك ...لمغامراتها ....العاطفية..... ولا شك أنها تفرح أذا عرفت أن زوجها يشبهها أيضا.....".
منتدى ليلاس
نظرت اليه سوزان وجها لوجه وقالت:
" هل هذا تهديد , يا سيدي؟".
هذا الرجل الكريه لا يطاق! ولحسن حظها , وفي هذه الحظة بالذات , أنفتح الباب ودخل عبد الفايز , فقالت له في حيوية وهي تقف لأستقاله:
" آه , سيدي , جئت في الوقت المناسب , السيد بوتيغا يستعد للخروج وأريد أن أطلب منك شيئا".
" مني؟".
فقالت للسيد بوتيغا في نظرة متعالية :
" أعتقد أنه لا يوجد شيء نقوله , يا سيدي".
غادر المكان من دون كلمة بعدما رمقه الرجل التركي بنظرة حادة .
وبعد زفرة الأرتياح , جلست سوزان على الكرسي , ووجهها شاحب , وبعدما نظر اليها عبد الفايز في صمت ,مد يده وقال:
" بطاقاتي من فضلك , يا آنسة".
" ماذا؟ آه نعم , البطاقات طبعا , ها هي شكرا".
" تريدين أن تقولي لي شيئا , أليس كذلك؟".
لم ترد فقال:
" نعم , فهمت جيدا..... الى اللقاء , يا آنسة هانت".
" آه ..... لا تذهب هكذا ! أعذرني , لكن........ هذا الرجل.......".
سألها عبد الفايز :
" ماذا جرى , هل أخافك؟".
" نعم , قليلا".
" هل في أمكاني أن أفعل شيئا ما لك؟".
أنه فجأة رجل لطيف يهتم بها في حنان ويبدو عليه القلق فقالت في صوت مرتجف:
" كلا , لا أعتقد".
أنحنى أمامها وقال:
" أنا طوع بنانك يا آنسة".
قالت في صوت متقطع:
" وبخصوص الحفلة الموسيقية ..... هل ما زال في أمكاني أن أغيّر رأيي؟".
نظر اليها غير مصدق وقال:
" هل تريدين حضورها".
" أذا ما زلت ترغب في أصطحابي..........".
" أذن , الآن , هل أنت مستعدة لقبول دعوتي؟".
" نعم........".
" آه , النساء! من في أمكانه فهمهن؟".
" أذا كنت تفضل ألا.......".
" بلى ,بلى! أنني مسرور لذلك...........".




http://www.liilas.com/upp/uploads/im...279a827599.gif



نهاية الفصل الثامن........................

lona-k 15-08-10 09:38 PM

ميرسي لتعبك ومجهودك معنا بس نحن بانتظارك على نارررررررررررررررر
فلا تطوليهل علينا

dalia cool 15-08-10 09:45 PM

9-صوت المحبوب

رنين الهاتف أيقظ سوزان من نوم عميق , ولا شعوريا وضعت أصبعها على جرس المنبه , لكن الرنين ظل مستمرا , فأزاحت الغطاء عنها ونهضت من سريرها في تأفف وتوجهت الى غرفة الجلوس.
كم الساعة الآن ؟ تساءلت سوزان وعيناها ناعستان وهي ترى الضوء يدخل من وراء الستائر السميكة , أي نهار اليوم ؟ الأحد؟ نعم , الأحد , رفعت سماعة الهاتف وقالت:
" آلو!".
" سوزان ؟".
ولما تعرّفت الى الصوت المحبوب , شعرت بدوار خفيف وقالت تاركة نفسها تنزلق في كرسي قريب:
" مارشيللو !".
" سوزان , كيف حالك؟".
قالت في صوت مخنوق :
" أنا........في تمام الصحة والعافية , من ........من أين تكلمني ؟".
" أنني هنا في لندن , أريد أن أراك ".
" آه........".
من الصعب عليها أن تدرك ما يحدث الآن , هل هذا حلم؟ وبعد لحظة ستستيقظ منه ؟ مارشيللو........في لندن ....... هذا غير معقول.
أضاف يقول في نبرة جافة:
" ألا تريدين رؤيتي؟".
" أنني...... أنني........".
ترددت متفاجئة وسألته:
" كم الساعة الآن؟".
" الساعة؟ أنها الساعة الحادية عشرة تقريبا".
صرخت الفتاة قائلة :
" الحادية عشرة!".
لم يسبق لها أن نامت حتى ساعة متأخرة من الصباح , ماذا جرى؟ فجأة أستعادت ذاكرتها , مساء أمس , أصطحبها عبد الفايز الى حضور العرض الأول لفيلم يقوم فيه أحد أبناء عمومته بدور ثانوي , ولم تخلد الى النوم حتى الرابعة صباحا , أنها المرة الثالثة تلبي فيها دعوة عبد الفايز , خلال الأسابيع الثلاثة الماضية , فقد عرفت أخيرا أن تتمتع برفقته وتتعرف اليه عن كثب , أن مديرها مالكوم نورتن على حق , أن عبد الفايز ليس مرعبا كماكانت تعتقد , سألها مارشيللو :
" هل أيقظتك من النوم , آه , المعذرة! أعتقدت أنك في مثل هذا الوقت تكونين قد أستيقظت".
منتدى ليلاس
قالت في أنزعاج:
" خلدت الى النوم في ساعة متأخرة".
ساد صمت بارد ,سألته خائفة أن يقفل السماعة وتفقده الى الأبد:
" ماذا تفعل في لندن , يا مارشيللو ؟".
" هذا شأني , على ما أعتقد , أذن , هل توافقين على أن نلتقي؟ نعم أم لا؟".
تلعثمت وهي ترد عليه:
" نعم , طبعا , متى ؟ وأين؟".
" أن فندقي غير بعيد عن الفندق الذي تعملين فيه , هل تريدين أن أمر بك بعد ساعة؟".
" حسنا , آه , مارشيللو , أنني ....... أنني سعيدة جدا.....".
" حسنا , الى اللقاء , بعد ساعة".
وأقفل السماعة من غير أن يترك لها مجال الرد عليه والأستمرار في الحديث.
وبينما كانت تعد نفسها لأستقبال مارشيللو , حاولت ألا تفكر كثيرا في الأسباب التي دعت مارشيللو للحضور الى لندن , لكن كيف بأمكانها التفكير في شيء آخر؟ لذلك وجدت نفسها في حالة متوترة ومضطربة بشكل لا يوصف ولدى التفكير باللقاء القريب بدأ قلبها ينبض بسرعة كبيرة.
ماذا ترتدي؟ أنها حائرة , يداها ترتجفان , أخرجت من خزانتها معظم فساتينها , وراحت تجرب الواحد تلو الآخر , لا شيء كان يعجبها , غير أنها ألقت بها كلها جانبا , أخيرا قررت أرتداء فستان بأكمام واسعة من الحرير المعرّق باللون الأصفر والأزرق والأحمر والأخضر , وتظهر الياقة رقبتها الطويلة وكتفيها النحيلتين , كما أن حذاءها العالي يرفع قامتها الممشوقة , وبينما خرجت من شقتها الواقعة في الطابق الأرضي , كانت سيارة جاغوار تسير في محاذة الرصيف.
راح قلبها يسرع طرقا وهي ترى السيارة تتوقف أمامها ويخرج منها مارشيللو , أنيقا في بدلة رمادية من الكتان الرفيع .
دار حول السيارة ليفتح لها الباب وتهيأ لها أنه يعرج بصعوبة أقل.
" صباح الخير يا سوزان, تفضلي بالصعود".
كانت تنظر الى وجهه , هذا الوجه المقطب الذي يملأها توترا غريبا , كيف تفسر هلعها حيال
هذا الرجل الذي لا يمكنه أن يحبها علنا؟
ومن دون كلمة , جلست سوزان في المقعد الأمامي , وصعد قربها مارشيللو وراح يقود السيارة في صمت , ومن طرف عينيها تمكنت سوزان من النظر اليه مليا , وبدا لها أن وجهه متعب , كأن الحياة لم تكن طيبة أتجاهه هو أيضا , أنقبض قلبها ألما , لكنها أستعادت وعيها وتذكرت أن مارشيللو دي فالكونيه ليس في حاجة لشفقتها ولا حتى ......لحبها.
الحب! أنه هراء..... لقد عرفت الحب وبعده أكتشفت أن الرجل الذي تحب ليس حرا..........

dalia cool 15-08-10 09:49 PM

قال أخيرا لما وصل الى ساحة بيكاديللي :
" حاولت الأتصال بك مساء أمس , لكن الظاهر لم تكوني في المنزل".
" نعم , خرجت مساء أمس".
" مع أصدقاء؟".
" نعم........مع صديق".
يا ألهي........ تمنت لو كانت في المنزل مساء أمس......
" مع صديق؟ هل أمضيتما سهرة حلوة؟".
تقلصت سوزان وغرزت أصابعها بعصبية في حقيبتها المصنوعة من القش وقالت محتجة:
"لماذا تسألني عن ذلك؟ لا أعتقد أنه يهمك معرفة ما أذا كنت قد أمضيت سهرة جميلة مع......مع شخص آخر!".
" بلى .. .... من هو هذا الشخص؟ هل أعرفه؟ بيترو؟".
هزت رأسها سلبا , فقال:
" كارلو؟".
أجابت سوزان بعدما أصفرّ وجهها:
" كارلو؟ هل.... هل هو في لندن؟".
" نعم , أذا كانت معلوماتي صحيحة , في كل حال جاء الى هنا منذ بضعة أسابيع , أليس كذلك؟".
" صحيح؟".
فسألها بنظرة مستقصية :
" ألم تعرفي بالأمر؟".
" هل......... هل قال لك كل شيء؟".
" كلا , كل ما عرفت أنه طلب من أيلينا معرفة عنوان عملك في لندن".
" آه , فهمت....".
نظرت سوزان الى رفيقها بأرتباك , يداه المتقلصتان على مقود السيارة وشفتاه المزمومتان , كلها تدل على أضطراب داخلي لديه , لكن ماذا ينتظر ليسألها ما أذا كانت قد خرجت مع كارلو؟ لكنه ظل صامتا , فأنتهت بالقول في صوت منخفض:
" لقد.........جاء الى الفندق".
منتدى ليلاس
لم يرد , فقالت:
" ماذا أذن , ألم يعد لديك أسئلة تطرحها عليّ؟".
" أنا لا أستغرب..........".
" لم أخرج مع كارلو....".
" صحيح؟".
" كلا........ كنت على حق حول رأيك فيه , وأنا لم أكن مدركة للوضع , لقد حدّد لي موعدا بشكل ما".
هز مارشيللو كتفيه وأنعطف في شارع كينغز وود متجها نحو طريق ريتشموند وكان مركزا على القيادة وسط ضوضاء السير وعلى غير أستعداد للرد عليها ,وأنتبه الى مكان فارغ قرب حديقة ريتشموند , فأوقف محرك السيارة وساد صمت طويل , ومن وراء الزجاج كانا يسمعان طنين العربات وصريخ الأولاد الذين كانوا يلعبون فوق العشب الأخضر.
أستدار مارشيللو في مقعده نصف أستدارة ووضع ذراعه على مسند مقعد سوزان وحدّق بها يراقبها ثم قال فجأة :
" تبدين متعبة , يا سوزان".
أخذت ترتجف وتقول :
" شكرا جزيلا , كنت أرغب كثيرا أن أسمع مثل هذا الكلام!".
" لماذا كنت تريدين مني قوله؟".
" في أي حال , ما دمت تعتقد ذلك ........ وأنا بأمكاني أن أرد عليك بالمثل.....".
أنخطف صوتها فقال:
" أعرف...... لم أعد أنام , يا سوزان".
قالت في قلق:
" آه! لكنني أعتقدت........ لكن يبدو أنك أصبحت تمشي بسهولة أكثر......".
" هذا صحيح , أن ظهري في تحسن ملموس , أحدى صديقاتي طبيبة ووصفت لي جلسات عدة من التدليك الطبي أفادتني بشكل واضح".
أحدى صديقاته , طبيبة....... لا شك أنه يعني بذلك مارينا روسي , لم تنس سوزان هذا الأسم , فجأة شعرت بألم الغيرة , فحدّق بها مارشيللو بقوة وقال في هدوء:
" وماذا لو قلت لك أن هذا الأرق الرهيب لا علاقة له بصحتي؟".
حبست سوزان أنفاسها , فتابع مارشيللو يقول:
" من يكون الرجل الذي خرجت برفقته مساء أمس ؟ هل تحبينه؟".
أشارت سوزان بحركة سلبية وعنيفة من رأسها وأجابت:
" أنه..... أنه أحد زبائن الفندق ,سبق أن خرجت معه مرات قليلة جدا , لو عرفت ....... أنك.......".
توقفت فجأة عن الكلام ! ألم تكن تفضح نفسها؟ وهذا الرجل , هل يهتم بها؟ كان يجب أن يأتي كارلو بوتيغا الى لندن حتى يقرر مارشيللو الأتصال بها.
" أكملي حديثك؟ لو عرفت ماذا؟".
" آه , لو أعطيتني علما مسبقا ........بمجيئك , لا شك أنني كنت أعتذرت من الزبون.....".

dalia cool 15-08-10 09:52 PM

قال في سخرية وهو يلمس شعرها بيده ويقول:
" أفهم الآن , هل تخرجين كثيرا في الأمسيات؟".
ضحكت سوزان من دون فرح , لم تخرج للسهرة ألا ثلاث مرات خلال أسابيع عديدة , أي منذ عودتها من أيطاليا ,لكن كيف تقول له أنها تفضل البقاء وحيدة مع أفكارها الحزينة وقضاء الأمسيات في شقتها , بدلا من التظاهر بالمرح المفتعل؟ هذا مستحيل , سألته أخيرا من دون أن ترد على سؤاله:
" وأنت؟".
أسقط يده على ركبته وأجاب:
" والى أين أذهب؟".
"في مثل مقامك ووضعك الأجتماعي , لا شك أنك تتلقى دعوات الى عدد لا يستهان به من الحفلات........".
" ........... التي ألبيها برفقة زوجتي الرائعة , أليس هذا ما تريدين قوله؟".
" من ....... من دون شك..........".
شدّ على معصميه بعنف وقال:
" يجب أن تعرفي أنني لا أصطحب صوفيا الى أي مكان".
" ولماذا ؟ أنها أمرأة رائعة الجمال , وهذا ما قلته عنها الآن , لماذا تكرهها الى هذه الدرجة .؟........ أذا........ أذا لم تتصرف كما يجب بعد الحادث , لماذا تستمر في أهانتها وأتهامها ؟ وفي أي حال , ليست سوى أنسانة ضعيفة وهذا من السهل فهمه.....".
قال في حدة وعنف:
" لم آت الى هنا لأسمعك تتكلمين عن ضعف زوجتي المفروض مني أن أتقبله وأفهمه , وبالتالي أن أسامخها على ذلك.......".
أخترقتها نظرته الثاقبة , فكبتت دموعها وخرجت كالمجنونة من السيارة ولم تنظر الى الوراء بل أختفت مسرعة على العشب الأخضر.
وبعدما أطلق شتيمة سريعة , نزل من السيارة وناداها , لكن ,هل بأمكانها أن تسمعه وسط ضحكات الأولاد الفرحين اللذين يلعبون في الكرة؟ ومن دون تردد , أخذ يتبعها.
لاهثة , صاخبة , مشعثة الشعر ,توقفت سوزان تحت مجموعة أشجار متما*** لتأخذ نفسا عميقا وتمسح العرق المتصبب على جبينها , وأذا بها تنتفض من الألم , من جراء قبضة قوية على ذراعها.
ألتفتت فسألها بلهجة عنيفة:
" ماذا جرى لك ؟ لماذا تتصرفين هكذا؟".
كان وجهه الضعيف شاحبا , لا شك أنه قام بجهد كبير للوصول اليها , فقد فك ربطة عنقه وفتح أزرار قميصه , كان صدره يعلو وينخفض , من شدة التعب ." أنا........ أنا...... دعني وشأني!".
" أنك لا تنوين العودة الى الفندق مشيا على أقدامك؟".
" ولم لا؟".
" ليس من عادتي أن أترك أمرأة , مهما كانت........".
تنهد بصعوبة فقالت:
" ولماذا كل هذا , يا مارشيللو ؟ لن يكون هناك أي مخرج ....... أو حل.....".
وضع يديه على كتفيها وبحركة سريعة , جذبها نحوه وعانقها مطولا , وهي , عديمة القوى , غير قادرة على مقاومة رغبتها التي تجتاحها , وراحت ترتجف مثل ورقة وتتعلق بعنقه كغريقة, فهمس في أذنيها:
" هل ما زلت تنوين الهرب مني؟".
قالت في صوت منخفض:
" كفى , سيرانا الناس".
" وهل هذا يزعجك؟".
" كم من الوقت ستبقى هنا؟".
"هنا , تحت هذه الشجرة أم في أنكلترا؟".
" في أنكلترا , طبعا".
قال وهو يبتعد عنها قليلا :
" هذا يتعلق بأمور كثيرة .... هيا بنا , سأصطحبك الى مكان نأخذ فيه طعام الغداء , لدي أشياء كثيرة أحدثك عنها".
ومن دون كلمة , تبعته حتى السيارة , وهي تقوم بجهد كبير لتتنفس بشكل طبيعي , عناقه أضعف قوتها وجعلها تشتعل من الداخل.........
تناولا طعام الغداء في مطعم قريب , من شرفة تطل على النهر . وأكلا شرائح العجل المشوية مع الخضرة المسلوقة , ثم حلوى الفراولة ,وبينما كانا حتسيان الشراب , قال مارشيللو :
" هل كنت تعنين ما تقولينه , في ما يتعلق بصوفيا ؟ أو كنت تحاولين أن تجرحي شعوري؟".
" ولماذا أريد أن أجرح لك شعورك؟".
" لا أعرف , ربما من أجل الأنتقام".
" الأنتقام ؟ لكن....... مارشيللو , أنك أسأت فهمي........".

dalia cool 15-08-10 09:55 PM

قال وهو يحدق في عينيها :
" آه , ما هذا الكلام؟ هذا الجدل لن يؤدي بنا الى أي مكان".
أحمرت ثم شحبت وقالت:
" هل...... هل جرحت شعورك؟".
" يا ألهي, يجب أن تعرفي ذلك , هل يجب عليّ أن أريك كدماتي؟".
" أنت ............. أنت أردت أن تحدثني؟".
" ليس هنا , هذا غير معقول".
فأقترحت في صوت منخفض :
" ربما في أمكاننا ..... أن نذهب الى شقتي بعد الغداء".
قال وهو يضع يده بيدها:
" عظيم! يسرني أن أعرف أين تسكنين؟".
سألته سوزان بصوت متقطع:
" كيف......... كيف حال ايلينا ؟ كنت .........فكرت أن أكتب اليها بعد عودتي , لكنني كنت أخشى ألا يعجبك ذلك".
ضحك قليلا وقال:
" ربما أحتفظت بهذه الرسائل من أجلي , لو تعرفين الى أي درجة كنت أرغب برؤيتك , أصبحت كالمجانين!".
" ومع ذلك ...... كان يجب أن يأتي كارلو الى لندن ليدفعك الى أن تفعل مثله".
" هل تعتقدين ذلك؟".
" أليس هذا صحيحا؟".
" يا ألهي , كلا! لم أكن أعرف أين تعملين , يا سوزان , الفنادق في لندن عددها هائل!".
" كان بأمكان بيترو أن يدلك على مركز عملي".
" هل تتصورين أن بأستطاعتي أن أسأله ذلك؟".
منتدى ليلاس
" أذن , أنها ايلينا .........التي.....".
هز رأسه ايجابا وترك يدها وقال:
" لقد أنتبهت الى أن كارلو جعلها تعترف بكل شيء عنك , فأنزعجت من الأمر , وأخبرتني كل شيء".
" ولهذا السبب , قررت المجيء الى لندن؟".
" ترددت قليلا , لم أكن واثقا من نفسي............. ولا منك ....... وكنت حينذاك قد بدأت سلسلة التدليك , وكان من الحماقة أن أتوقف عنها".
قالت سوزان بجفاف:
" وبرفقة صديقتك الطبيبة , أليس كذلك؟".
رمقها بنظرة سريعة وقال:
" نعم , ماذا , هل لديك شيء ضد التدليك؟".
" كلا........".
" أذن , ضد صديقتي؟".
لم ترد عليه , فسألها وهو ينظر اليها في حيرة وأرتباك :
" لقد سمعت عنها , على ما أظن".
" نعم .............. خلال أقامتي في قصرك , دعيت ليلة الى العشاء عند آل روسي , أليس ما أقوله صحيحا؟".
" صحيح".
" وأكدت عمتك أن مارينا روسي طبيبة شابة عادت الى ذويها وأضاف بيترو أنكما......... أنكما صديقان منذ عهد الطفولة".
" هذا كل ما قاله , ألم يقل بطريق المصادفة أن الجميع كانوا يريدون مني أن أتزوجها؟".
" بلى.........".
" هل أنت غيورة ؟".
لم ترد , لكن نظرتها كانت معبرة .
" لكن لماذا ؟ لو أردت الزواج منها , لفعلت ذلك قبل 15 سنة".
" هل أنت متأكد مما تقوله؟".
" نعم , تماما , يا ألهي , لا داعي يا سوزان لأن تغاري من مارينا , أرجوك صدقيني!".
" لكن , أنها هي التي ...... تدللك .....".
" يا حبيبتي المسكينة , ما تفعله شيء صعيب ولا يسلي كما تعتقدين".

dalia cool 15-08-10 10:41 PM

سألته سوزان في صوت متردد:
" كيف هي؟".
" من؟ مارينا؟ قصيرة القامة , سمراء , جافة وعصبية , لديها حماسة رائعة وطاقة كبيرة , أذا تعرفت عليها , ستحبينها يا سوزان , أنها أنسانة شديدة الطيبة".
" " ولماذا لم تتزوجها؟".
" أنها صديقة فقط , لا أكثر ولا أقل".
" هل كانت عائلتاكما تريدان أن تتزوجا؟".
" آه , نعم ! أن آل روسي أغنياء جدا , وكان والدي يرغب بأن أتزوج من مارينا , وذلك من أجل رفع شأن آل فالكونيه".
" وماذا بعد؟".
" لو أحببت مارينا , لما كان هناك أي مانع من أن أتزوجها , لكن الوضع كان مختلفا , لقد حصل بيني وبين والدي شجار عنيف , لكنني كنت مصرا على موقفي , وبعد مشاداة حادة , قررت الرحيل وجئت الى روما وعملت في أحد الفنادق".
" وهناك تعرفت الى صوفيا".
" نعم , في روما تعرفت الى صوفيا".
جاء الخادم ليفرغ الطاولة , فأقترحت سوزان على مارشيللو أن يحتسيا القهوة في شقتها , فوافق على عرضها وطلب من الخادم أحضار الفاتورة في الحال".
وبعدما أوقف مارشيللو السيارة في مرآب الفندق , توجها معا الى شقة سوزان , وفي زحمة الصباح وتشنج سوزان , نسيت أن تفتح النوافذ , فكان الجو داخل الشقة خانقا , وبينما أسرعت لتفتح النوافذ أغلق مارشيللو الباب وراح ينظر حوله بأهتمام , وتساءلت سوزان في أنزعاج بماذا يفكر الآن ؟ بالطبع , لا شيء هناك يمكن مقارنته بقصر فالكونيه.
منتدى ليلاس
فصرخ في أقتناع ظاهر:
" لكن , هذا المكان رائع!".
صرخت سوزان وهي تتناول أحدى الوسائد المخملية وتضعها في مكانها :
" آه , لا يمكنك أن تقول ذلك! لكن , على الأقل , هنا ,أشعر بحريتي".
تناول الوسادة ورماها على المقعد , ثم أخذ وجهها بين يديه وقال وهو يلامس وجنتها:
" أنني أحب طريقة تنظيمك للغرفة , لا يوجد هناك أي خطأ في الذوق".
" آه , لا يوجد شيء جميل حقا........".
لكنه لم يدعها تكمل جملتها أذ قال:
" أنها شقة عصرية , واضحة وعملية , ماذا تطلبين أكثر من ذلك؟".
" آه , لا تمثل عليّ , ترى جيدا أن الجو داخل الشقة خانقا , كما أنه لم يتسن لي الوقت لتنظيف السجاد.........".
" والآن , أين القهوة؟أليست جاهزة بعد؟ هل تسمحين لي أن أخلع سترتي؟".
قالت سوزان وهي تتوجه نحو المطبخ الصغير:
" طبعا ".
كانت تحضر الصينية عندما لحق بها , كان قد فتح أزرار قميصه ورفع الكمين على ذراعيه القويتين , أسند ظهره على باب المطبخ وراح يحدّق فيها بقوة جعلتها تفقد توازن عقلها , فتلعثمت وهي تقول:
" أعذرني , أنها قهوة مصنوعة من البن الأصطناعي.....".
وبيد مرتجفة سكبت الماء المغلي على القهوة فقال في لهجة جافة:
" لا بأس , أنها قهوة , أليس كذلك ؟ هل تريدين أن أحمل الصينية الى قاعة الأستقبال؟".
" لا , سأقوم أنا بذلك".

dalia cool 15-08-10 10:43 PM

قامت بحركة مفاجئة لتمنعه من حمل الصينية , فأنقلب أبريق القهوة بقوة على الطاولة وأمتلأ وجه سوزان بالقهوة الساخنة , فصرخت من الألم وأمسكت فوطة وراحت تمسح وجهها ويديها بسرعة , ومارشيللو أطلق شتيمة , ثم أخذها من معصمها وسحبها نحو المغسلة وفتح الماء البارد على يد سوزان الساخنة.
" هذه المرة , أنا سأحمل الصينية".
حمل الصينية ووضعها على الطاولة المنخفضة قرب المقعد الواسع.
همست بصوت متقطع:
" شكرا , أنني.......... أنني لست هكذا عادة ...........".
حدّق بها في نظرة طويلة مليئة بعواطف لم يبح بها علنا ,وفي قفزة سريعة أصبح قربها , وأخذ يديها ووضعهما على شفتيه وقال:
" سوزان , لماذا المقاومة أكثر فأكثر؟".
عديمة القوى , وغير قادرة على القيام بأي حركة , شعرت سوزان بالخدر وهي تنظر اليه ,وفي بطء ونعومة كان يلمس كف يدها بفمه....... وأمام هذه المداعبة الحنونة , كانت الرعشة تحتل كل أنحاء جسم سوزان , ولما جذبها اليه , أستسلمت وأنجرفت بأنفعالها الذي لم تكن قادرة أن تسيطر عليه ,ووجهها المندس فوق صدره حيث كانت تسمع نبضات قلبه , فضمته اليها شابكة يديها حول خصره .
همس مارشيللو :
" آه , يا سوزان , يا حبيبتي , ضميني اليك أكثر فأكثر".
أنتفض لدى سماعهما طرقا على الباب.
" أرجوك , من أجل السماء , لا تردي".
دفعته في هدوء وقالت:
" بلى , يجب أن أفتح الباب , ربما جاء أحد من الفندق".
" بأمكان أي كان أن يتصل بك هاتفيا قبل المجيء الى هنا".
" لن أدع الطارق يبقى طويلا , سأعود في الحال".
فتحت الباب وأطلقت صرخة رعب وهي ترى رجلا غريبا يقتحم المكان ويدخل الى غرفة الأستقبال , لكن , عندما شاهدت الرجل الذي كان يتبعه , بدا على وجهها الأستغراب.
قال كارلو بوتيغا في سخرية بينما دخل الرجل الآخر الى غرفة النوم :
" مرحبا , يا سوزان , ألتقينا مرة أخرى!".
منتدى ليلاس
" ماذا...........ماذا تفعل هنا ؟ كيف تجرؤ على الدخول من دون أن أدعوك ؟ ومن هذا الرجل؟".
قال مارشيللو من عتبة باب غرفة النوم:
" هذا واضح وجلي , زائرنا ......... جاء الى هنا........ في مهمة خاصة , أليس كذلك؟".
ثم أضاف في سخط:
" أنني أرى أن زوجتي العزيزة لم تضع وقتها وعادت تعيد الكرة مرة أخرى.....".
قالت سوزان وهي تمسح العرق المتصبب من جبينها:
" أنني........أنني......... لا أفهم".
أجابها مارشيللو وهو يشير الى الرجل الخارج من الغرفة:
" لكن بلى , المسألة بسيطة وواضحة , هذا ........هذا الرجل.....هو مخبر سري........ وأنني أراهن........... أننا أعطينا الآن حجة جلية لصوفيا كي تطلب الطلاق وتربحه!".




http://www.liilas.com/upp/uploads/im...f0b547c609.gif




نهاية الفصل التاسع..................

أحاااسيس مجنووونة 16-08-10 04:30 AM

يا حلوة انت والله وانا بحبك كتييير بس يا حياتي خلصيها بسرعة ارجوك:Taj52::Taj52::Taj52::Taj52::Taj52::Taj52::Taj52::Taj52 :

سكر ياعنب 16-08-10 05:49 AM

ياناس انا تعبت خلاص ,,,, تكفين لا تطولين بسرعة علينا ,,,,, والف الف شكر ,,,,,

dalia cool 16-08-10 10:06 PM

هههههههههههة خلص هانت اليوم اخر فصلين و تخلص

dalia cool 16-08-10 10:08 PM

10-اثنان في غرفة

" لكن لم........".
رمقها مارشيللو بنظرة ذات معنى , فسكتت.
" لا داعي لأخبارهما عن أسرارنا , يا سوزان! لقد وجدانا معا , وهذا يكفي! هل تفهمين جيدا ماذا أعني؟".
قال كارلو ساخرا:
" طبعا , هي فهمت , أما بالنسبة اليك يا سيد دي فالكونيه , فأنا سعيد أذ أراك تتقبل الأمور بطيبة خاطر , كنت أخشى ردة فعل ......قوية ....... من جانبك".
جابهه مارشيللو في عزة نفس:
" نحن الآن في شقة الآنسة هانت , يا بوتيغا , ولا أريد فضيحة هنا , ومن جهة ثانية , لست مجنونا كي أتشاجر معكما , وكذلك لست جبانا أيضا وسأبره بذلك عندما تريد.....".
" هل هذا تهديد؟".
" فسّر كلامي كما تشلء , والآن , هل ستوضح لنا سبب هذه الزيارة؟".
نادى كارلو قائلا:
" بيتياني؟".
تقدّم المخبر السري خطوة الى الأمام وقال في لهجة شنيعة:
" أنا هنا بأمر الكونتيسة دي فالكونيه , لأوكد...".
قاطعه مارشيللو وهو ينظر الى سوزان التي كانت ترتجف كورقة في الهواء:
" حسنا , حسنا , فهمنا ذلك , لقد قمت بما طلب منك , والآن بأمكانك الخروج في الحال".
منتدى ليلاس
خرج بيتياني وتبعه كارلو , ولما أنغلق الباب وراءهما , تنفست سوزان الصعداء وقالت في قلق:
" آه , يا مارشيللو !".
كان يذرع الغرفة ذهابا وأيابا مثل نسر في قفص.
وبعد لحظة , همست قائلة:
" هل .... تلومني ؟".
" ألومك؟ أنت يا سوزان؟".
توقف عن المشي وراح يتأملها في أعجاب ومحبة وقال:
" ولماذا ألومك؟ ألا تعرفين أنني أحبك؟".
ردّدت في صوت مخنوق من شدة الأنفعال:
" تحبني؟ لكن......... ماذا سنفعل الآن ؟".
" يجب أن أفكر قبل كل شيء.....".
عاد يجوب الغرفة , ثم قال بغضب ساخط:
" صوفيا أمرأة شريرة! لن تتغير أبدا , كان يجب عليّ أن أشك في الأمر .....".
تلعثمت سوزان وهي تقول:
" لكن هي .... أنت .....ليست المرة الأولى ..........؟".
قال حانقا:
" ومن تعتقدين أكون , لقد قلت لك الآن أنني أحبك , يا سوزان! وأنت تتصورين ........".
" المعذرة يا مارشيللو , لكنك قلت الآن أن زوجتك لم تضغ وقتها أنما تعاود الكرة مرة أخرى , لذلك أستنتجت ...........".
" نعم , بالطبع ......يجب أن أفسر لك أمورا كثيرة وهذا ما كنت سأفعله , عاجلا أم آجلا , ولا شك أنك فهمت...........".
" أفهم ماذا ؟".
أظلق زفرة عميقة ونظر اليها في حنان كبير وقال:
" يجب أن أكلمك قبل كل شيء".
دخلت سوزان غرفتها في أضطراب ثم خرجت بعد قليل مرتدية سروال جينز وقميصا قطنيا , فأشار اليها بالجلوس وقال:
" من أين أبدا.؟".
" قل لي لماذا تزوجت صوفيا , هل كنت تحبها؟".
تردد قليلا قبل أن يقول:
" حسنا , سبق أن أخبرتك في أي ظروف وصلت الى روما , هل في أمكانك أن تفهمي حالتي عندما ألتقيت بصوفيا؟ كنت شابا , وحرا للمرة الأولى في حياتي , ولم تكن ..... تبخل عليّ ....بحسنها و......".
" في نهاية الأمر , أستسلمتما لبعضكما , أليس هذا ما تريد أن تقوله؟".
" نعم , كانت جميلة وجذابة , وكنت فريستها المنتظرة , ولما أخبرتني أنها كانت تنتظر مولودا سعيدا , فعلت ما كتب لي الشرف وتزوجتها , لكنني أكتشفت بعد ذلك أنها تزوجتني فقط من أجل أسمي وشهتي , كي تصبح الكونتيسة دي فالكونيه.........".

dalia cool 16-08-10 10:10 PM

" لكن ......... أيلينا؟".
" ولدت بعد ثلاث سنوات على زواجنا....".
" آه! لكن أنت .......كنت تحبها؟".
" من دون شك , في بادىء الأمر كنت أحبها كثيرا , لكن , بعد وفاة والديّ , جئنا لنعيش في كاسيل فالكونيه وهناك أكتشفت صوفيا أن كونها كونتيسة ليس شيئا مريحا وجذابا في هذه البقعة من العالم , ولم يكن لديّ الوقت الكافي للأهتمام بها , من كثرة ما كنت منهمكا في أعمالي , أستدان والدي في سنواته الأخيرة , أموالا طائلة محاولا المحافظة على نمط حياته , مما أضطرني للبحث عن حلول متنوعة للخروج من هذا المأزق تامادي , وكانت صوفيا من جهتها تمل وتحاول البحث .......عن .......بعض التعويض ....في مكان آخر.........".
" وهل كنت على علم بالأمر؟".
" في مثل هذه الأمور؟ الزوج آخر من يعلم كما تعرفين , لا , لم أعرف بالمغامرات العاطفية التي كانت تخوضها خلال السنوات الفائتة , وما علمت ألا بعد زمن طويل......".
" لكن ...... لكن , كيف.......؟".
" كيف علمت بالأمر؟".
" بأبسط وأتفه الطرق , كنت أحب التزلج على الثلج وكنا نذهب الى كوتينا في جبال الألب بصورة منتظمة , أمضي طيلة النهار في التزلج , أخرج في الصباح قبل أن تستيقظ وأعود بعد الظهر لأجدها في قاعة الأستقبال محاطة بمعجبين كثيرين".

تردد قليلا ثم تابع:
"ثم , في أحد الأيام ,عدت أبكر من العادة........ وفاجأتها مع أحد مدربي التزلج في غرفتنا".
" يا ألهي!".
منتدى ليلاس
" وتتصورين في أي حال كنت , خرجت من الفندق كالمجنون , وكبت المصعد السلكي حتى القمة , ومن هناك هبطت في ساحة التزلج الأكثر خطورة , بالكاد أتذكر اللحظة التي فقدت فيها السيطرة على معدات اتزلج , لا شك أنه أغمي عليّ في الحال , وعندما فتحت عيني , الرجل الذي فاجأته بصحبة صوفيا كان يرشني بسائل منبه وسط الضباب الذي كان يلفني , هذا هو الشيء الوحيد الذي تذكرته بتأكيد ووضوح , أتصور أن صوفيا وصديقها تبعاني ليريا ما يمكنني فعله, ولما وجداني في الحالة المرعبة , لا شك أنهما فقدا عقليهما أيضا , هل خشيت صوفيا أن أتهمه عندما أعود الى وعيي؟ أو أنها , بالعكس كانت تخاف من أن تضطر للرد على الأجوبة الحرجة ؟ لكنني , مهما كان الأمر , فأن رشي بالماء لم يكن ألا حيلة للأشارة الى أنني كنت مترنحا حتى الموت , ولا يمكن لأي أنسان أن يبحث عن سبب أبعد من ذلك".
" وهل....... وهل تركاك وحدك في هذه الحال؟".
" نعم , لأنني فقدت الوعي من جديد , وبعد وقت طويل عثر عليّ مدرب آخر لدى أغلاق ساحة التزلج".
نهضت سوزان مشمئزة , فهز! مارشيللو كتفيه وأضاف:
" واليوم , تأمل أن تحقق أهدافها في تهديدي بالحصول على أيلينا".
" ماذا تعني ؟".
" لا يمكنك أن تفهمي , يا سوزان".
" وضح لي الأمر أكثر , يا حبيبي! أتريد أن تقول أن صوفيا تريد الطلاق...".
" ليس هناك شيء أكيد , لو كانت تريد الطلاق , لكان بأمكانها الحصول عليه , منذ زمن بعيد".
" لكن.........ماذا؟".
نظر اليها مطولا وكان يبدو أنه فقد شجاعته.
" لا..... لا أعرف كيف سأشرح لك أي نوع من النساء هي........ هل تفهمين أذا قلت لك أنها ..... أنسانة شبقة؟".
قالت سوزان وهي شاحبة اللون:
" آه ".
" شيء لا يصدق , أليس كذلك؟ هناك نساء هكذا , لا يشعرن بالأكتفاء أبدا , وكل ما يجدنه في دروبهن يتمسكن به , عشاقا , أزواجا......... أي شيء.......".
" ولكن , وصلت الى أن تتركك تموت.......".
" نعم , لأنني كنت في ذلك الوقت رجلا لا جدوى منه ,وعندما كنت بين الحياة والموت أسابيع طويلة راحت تتحرش ببيترو ....... أنه الوريث الوحيد للقصر , لكن حين بدأت صحتي تتحسن قليلا , عادت من جديد تهتم بي , لكن حبي لها مات في مركز التزلج , في كورتينا , الى الأبد , لذلك أضطررت الى التصنع........".
وفي لحظة البرق فهمت سوزان كل شيء.
" ولهذا السبب أردت أن تدعها تجهل حقيقة وضعك الصحي.....".
" نعم , لم أكن أريدها أن تعرف أنني قادر على المشي , كان يجب أن أدعها , تعتقد أنني معاق ....... وهذا, يخدم كل النواحي , هل تفهمين؟".

dalia cool 16-08-10 10:15 PM

ثم أضاف يقول :
" ربما قررت أن تطلب الطلاق......... وبعدها ألتقيت بك , والباقي , تعرفينه , لقد تصنعت اللامبالاة أتجاهك , لكن صوفيا أمرأة بارعة ولا شك أنها فطنت في الحال لما أشعر به نحوك".
" لكن .... أنا لا أرى حتى الآن , أي مانع لديك من الطلاق!".
" وأيلينا يا حبيبتي , لا تنسي أن صوفيا بأمكانها أن تجذب أي أنسان , وذلك يعني أن في أستطاعتها أن تقنع القاضي بطريقتها الخاصة بأن يوكل لها رعاية أيلينا".
" لكنها قليلا ما تبالي بأبنتها!".
" ومع ذلك تعرف كم أحب أيلينا".
" وأي علاقة لكارلو هنا؟".
" أنها لا تكن له محبة مختلفة عن بقية الرجال الذين تعاشرهم , بل تحاول بكل الطرق كي تدعني اغر".
" و....... الآن؟".
" لم تدخل أي أمرأة أخرى في حياتي قبل الآن , يا سوزان , وللأسف أعطيت لصوفيا , من دون أن أدري الأسلحة اللازمة ضدي".
" هذا أمر شنيع للغاية".
" لا شك أنها في روما الآن , عند بعض الأصدقاء , كيف نجحت في أقناع كارلو لكي يقوم لها بهذه الخدمة؟ واضح أنها تفرض عليه سلطتها.........".
" ولكن , كيف عرفت بوجودك في لندن؟".
فكر لحظة وقال:
" قطعا بواسطة بيترو.......".
" لماذا سألتني لما وصلت ما أذا كنت قد رأيت كارلو بوتيغا ؟".
منتدى ليلاس
" التفت اليها في بطء وقال:
" أذا كنت لا أغار من عشاق صوفيا , هذا لا يعني أنني أجهل الغيرة , تصورت أنك فهمت جيدا , ولما كنت أراك تجذبين هذا الرجل شعرت بقسوة الغيرة , وحين علمت من أيلينا أنه ذاهب الى لندن كي يراك.....".
توقف قليلا , فكر ثانية ثم أضاف:
" من دون أي شك , أن تصرفك أتجاهه زاد من رغبته لمساعدة صوفيا ".
" آه , يا حبيبي!".
مدّت له يدها فهمس في صوت مبحوح:
" كلا , عليّ أن أسوي بعض الأمور قبل أن يصير بأمكاننا أن نكون أحرارا ....... كي نحب بعضنا".
سألته وهي تحدق فيه بنظرة قلقة:
" ماذا بأمكانك فعله من دون أن تضطر ألى خسارة أيلينا ؟".
" أنا مستعد أن أفعل أي شيء مهما كان , من أجل المحافظة عليها معي".
بدأت سوزان ترتجف وتقول:
" هذا مستحيل , يا مارشيللو , أنت تعرف ذلك تماما".
" لماذا؟ ربما أنانيتي هي التي تجعلني أتخيّل أيلينا تعيسة مع والدتها".
قالت سوزان وعيناها مليئتان بالدمع:
" أنت تعرف أن ما تقوله خاطىء , يا حبيبي , صوفيا لا تحب أبنتها ,ولا يحق لك أن تدعها تحصل عليها , ويوما ما , ستلوم نفسك على هذا وستلومني أنا أيضا لأنني كنت سبب هذا الأنفصال".
" أذن ...... هل تطردينني؟".
كان هذا أكثر ما بأمكان سوزان تحمله , فأنفجرت دموعها وخبأت وجهها في صدره وهي تبكي بمرارة وتفكر , ذراعا مارشيللو تحتويانها , ولمدة طويلة ظلا هكذا , فريسة حزن رهيب.

dalia cool 16-08-10 10:17 PM

فجأة قال مارشيللو :
" ربما هناك أمل......".
" وما هو؟".
" المجموعات".
" ماذا تعني؟".
" لست حرا في أن أتصرف بالقصر , يا سوزان , لأسباب تتعلّق بقانون الأرث الأبوي , لكن المجموعات هي ملكي كليا".
" وماذا؟".
" تشكين بقيمتها ...... ماذا لو قدمتها الى صوفيا......".
" هذا غير معقول , أنت مصر على المحافظة على هذه المجموعات . أنها تعني لك الكثير!".
" ليس كفاية , أنت تعنين لي أكثر , يا حبيبتي".
" كلا ........... أنها حياتك وأنت تعرف ذلك جيدا".
" حياتي , الآن , هي أنت , يا حبي! فقط ,لو أنني أكيد بأن هذا العرض ستقبله صوفيا!".
" تخشى أن ترفض؟".
" لا أعرف .....لكن ذلك هو أملنا الأخير , ولا يمكننا أن نتجاهل ذلك".
" وماذا.... لو قبلت.........؟".
" سأطلقها وأحصل على وصاية أيلينا , وهكذا نعيش أنت وأنا وأيلينا ....... هذا رائع".
" و....... المجموعات؟".
" لا تقارن بحبي لك ".
منتدى ليلاس
" مسكينة صوفيا , أرى أنه لم يعد هناك سبب لأن أغار منها".
" هل كنت تغارين منها؟".
" نعم ......... أنني أحبك , يا مارشيللو ".
ضمها اليه أكثر , ونسيا للحظة كل الهموم والظروف القاسية , ثم قال فجأة وهو يبتعد عنها :
" ةالآن , يجب أن أرحل".
" في الحال؟".
" نعم , سأذهب الى مكتب السفريات وأحاول أن أحجز مكانا في رحلة الغد صباحا الى البندقية ".
" هل ستتصل بي هاتفيا؟".
" نعم , يا حبيبتي , لا شيء يمكن أن يفصلنا ,أنا أكيد من ذلك , أيلينا تبلغ العاشرة من العمر , وبعد أقل من عشر سنوات بأمكانها أن تحتار بنفسها ".
" لا يمكنك أن تتركها في رعاية والدتها كل هذا الوقت , يا مارشيللو , أنا أعرفك جيدا , لكن ما دمت تحبني , فسأنتظرك , ولو لسنوات عديدة".





http://www.liilas.com/upp/uploads/im...44a04acff2.gif




نهاية الفصل العاشر.................

dalia cool 16-08-10 10:36 PM

11-موت مارشيلو

كانت سوزان تقفل باب مكتبها عندما شاهدت عبد الفايز يدخل برفقة مالكوم نورتن , ولما لمحها الرجل التركي ترك المدير وتقدم منها وسألها مازحا:
" أين تختبئين؟ حاولت الأتصال بك صباح أمس , واليوم بعد الظهر , كنت أريد أن أسألك أذا أحببت فيلم السبت".
قامت سوزان بجهد لتتذكر ما كان يقوله , أمور كثيرة حدثت , منذ مساء السبت.....
أكدّت له قائلة:
"" آه , لا بأس ....... شخصية المخبر السري مركة تماما ومتما***".
" أذن , أعجبك الفيلم؟".
قالت بأبتسامة صغيرة:
" أؤكد لك أنني شاهدت أفلاما أسوأ بكثير".
" ماذا فعلت طيلة النهار ؟ كان من المستحيل أن أجدك في المكتب".
" رافقت مجموعة من السياح اليابانيين الذين كانوا بحاجة ماسة الى دليل , وطلب مني السيد نورتن أن آخذهم الى هامتون كورت , ولم يكن بين الفرقة ألا بعض الأشخاص ممن يفهمون الأنكليزية , لذلك فالعملية ليست سهلة ومسلية".
" آه , أذن أمضيت نهارا متعبا, أرجو ألا تضطري لمرافقتهم مرة أخرى".
" آمل ذلك".
في الواقع لم تكن مستاءة لمغادرة الفندق , فهذه الرحلة أبعدت عنها التفكير بمارشيللو طيلة النهار , وعن الهموم التي سيصاددفها خلال حديثه مع صوفيا".
سألها التركي:
" هل لديك مشاريع لهذا المساء؟".
" أنني......عفوا؟".
" هذا المساء؟ هل تحبين الخروج معي؟".
" أنا؟ أوه ......لا ... أنني متعبة وأريد أن أخلد الى النوم باكرا ".
تردد عبد الفايز لحظة ثم وافق قائلا :
" هذا أفضل لك , أنت شاحبة اللون , يا سوزان , مساء الخير والى اللقاء".
" الى اللقاء".
منتدى ليلاس
شعرت بأرتياح وتوجهت الى شقتها , كانت رائحة العفن تملأها , فأسرعت وفتحت النوافذ ليدخل الهواء النقي المنعش , ثم دخلت المطبخ وفتحت البراد لترى ما تبقى فيه من طعام.
لم تكت جائعة بالضبط , لكن يجب عليها أن تأكل شيئا , وبسرعة صنعت لنفسها عجة بالبيض والجبن ووضعتها على صينية مع كأس من اللبن وحملت الصينية الى غرفة الجلوس.
كانت تأكل من غير شهية وهي تشاهد التلفزيون , لكنها كانت سارحة في أفكارها , في كاسيل فالكونيه حيث مارشيللو يحاول كل ما في وسعه للوصول الى حل مع زوجته , ماذا سيحدث؟ هل ستقبل صوفيا المجموعة الرائعة؟ أو أنها ستتصلب في موقفها مع مارشيللو أمام مشكلة لا حل لها؟
وتجهمت سوزان قلقا , لأنها لو كانت محل صوفيا لما تخلت عن مارشيللو أتجاه أي شيء في العالم.
وبعدما أخذت حماما ساخنا وأرتدت قميص نوم من القطن الشفاف , وعادت الى غرفة الجلوس لتحتسي آخر فنجان قهوة وهي تشاهد على شاشة التلفزيون أخبار الساعة العاشرة.
أعلن المذيع في مطلع النشرة عن حادث تحطم طائرة , وهذا النوع من الحوادث لا يحصل يوميا , هناك 147 راكبا وطاقم الطائرة لاقوا جميعا حتفهم , ومعظمهم من السياح البريطانيين , حصل الحادث فوق جبال الألب , ثم أعلن المذيع أسم شركة الطيران ورقم الرحلة : ( رحلة رقم 407 الى البندقية.......
وبعد ذلك , لم تسمع سوزان شيئا , وقع من يدها فنجان القهوة من شدة ذعرها ومن دون أن تعي السائل الساخن الذي وقع على قدميها العاريتين , أقتربت من جهاز التلفزيون كالمسحورة.
كانت سوزان ترى مشاهد الحطام المعروضة على الشاشة وراح قلبها ينبض حتى الجنون , فهي لا تصدق ما حصل , وعلّق المذيع على سبب الحادث الذي يعود الى خطأ أرتكبه الطيار الذي أسرع أكثر من اللزوم في الهبوط في المطار , ثم ردد مرات عديدة رقم الهاتف لمن يريد الحصول على معلومات أكيدة أضافية ,وبطرية آلية سجلته سوزان على زاوية مجلة أمامها.
الأخبار تستمر ........الحياة تستمر ....... لكن , سوزان ما زالت تحدق في الشاشة , من دون أن ترى شيئا , بالنسبة اليها , كل شيء توقف ...... مات.
بعد وقت غير قصير , أقفلت التلفزيون وتناولت سماعة الهاتف , الخط مشغول بأستمرار , وبعد جهد طويل , تمكنت من التحدث , فرد صوت أمرأة طلبت منها أن تدلي بأسمها وعنوانها والسبب الذي من أجله طلبت الرقم.
شرحت لها سوزان أنها تريد معرفة ما أذا كان أصدقائها في الطائرة , ترددت المرأة لحظة , المعلومات تعطى فقط الى عائلة الضحايا , لكن , أمام ألحاح الفتاة , قبلت المرأة أن تلبي طلبها وذهبت تستعلم ثم عادت تعلن أن هذا الأسم صاحبه كان على متن الطائرة , وكان أمام سوزان الوقت الكافي لتقفل السماعة قبل أن يغمى عليها.

dalia cool 16-08-10 10:38 PM

أمضت سوزان ليلة طويلة , لا نهاية لها , ستتذكرها دائما , مدى الحياة , لم تتوقف عن البكاء لحظة واحدة , وشعرت ببشاعة الوحدة , أمام هذا القضاء واقدر , لأنها لم تجد أحدا في أمكانها أن تبوح له بهمومها.
ماذا يمكن أن تفعل ؟ لا شيء , مارشيللو مات ولا أحد يمكن أن يعيده اليها ......... أنه القدر.
وفي الصباح , علمت بعد سماعها الأخبار المفصلة , أن عائلات الضحايا سينقلون الى مكان الحادث للتعرف على ذويهم , وللضحايا الذين لا يريد أهاليهم أعادتهم الى بلادهم تم تحضير الجنازات والدفن في مكان الحادث.
أما مارشيللو , فسيدفن بلا شك في كاسيل فالكونيه , في مدافن العائلة , وفكرت لحظة بالذهاب الى كاسيل فالكونيه , لكن أمام فكرة المجابهة مع صوفيا , أقلعت عن هذا التصرف , ثم , أذا عرف كارلو بالحادث , فسيتخلى من دون شك عن الشهادة ضدهما في المحكمة , أذن لماذا التظاهر والأساءة الى سعادة ايلينا؟
وبعد هذه الليلة السوداء , توجهت سوزان في الصباح الى مكتب عملها , فوجدها مالكون نورتن شاحبة ومنهارة , فقال بأستغراب:
" يا ألهي , ماذا حدث لك , يا سوزان ؟ هل الأمر خطير؟".
شعرت بأرتياح وهي تقول بصوت متقطع:
" أحد أصدقائي قتل أمس في حادث الطائرة المتوجهة الى البندقية".
قال بلطف كبير :
" آه , يا سوزان , يا لهذا الخبر الشنيع! لو أتصلت بي لكنت طلبت منك ألا تأتي الى العمل اليوم ".
" فكرت بالأمر...... لكنني تصورت أنه من الأفضل لي أن أرى الناس وألا أبقى وحيدة في المنزل ,لكن , معك كل الحق , فلست الآن في حالة جيدة للقيام بأي عمل".
منتدى ليلاس
تقدم نورتن منها ووضع يده على كتفها وقال في محبة صادقة :
" لا شك أنك تكنين لصديقك حبا كبيرا , أنا آسف جدا".
تأثرت سوزان من كلامه , ولم تكن قادرة على الرد , فأكتفت بأنحناءة من رأسها , وفي حركة سريعة , ساعدها على الوقوف وحمل حقيبة يدها ووضعها بحزم بين يديها وقال:
" هل تعرفين ما يجب فعله؟ عليك أن تأخذي بضعة أيام عطلة.........".
أحتجت على عرضه فقال:
" بلى , بلى , أنا مصر على ما أقوله , أذهبي الى بريستول وقومي بزيارة والدتك , أنني أكيد أنها ستسر لرؤيتك ".
هزت سوزان رأسها في بطء وقالت:
" أن والدتي تقوم برحلة سياحية مع زوجها".
" آه , يا لسوء حظك".
" لا تبال كثيرا لهمومي , يا سيد نورتن!".
" لكن بلى , يا سوزان , أفضّل ألا تكوني وحيدة.....".
" ستتحسن أحوالي , أؤكد لك ذلك".
تأثرت سوزان لهذا الأهتمام الكبير , لكنها لم تكن تتمنى أبدا الذهاب الى منزل والدتها , في جميع الأحوال , أذ من الصعب عليها أن تشرح لها جميع التفاصيل , لكن فكرة الرحيل لبضعة أيام بدأت تروق لها.
سألها نورتن:
" أذن....... ماذا تنوين فعله؟".
" هل كنت جادا عندما أقترحت عليّ منذ قليل أن آخذ بضعة أيام عطلة وأذهب الى مكان ما بعيدا من هنا؟".
" نعم , كليا".
" أذن , سأقبل أقتراحك , أعتقد أن من الأفضل أن أغيّر .......... الجو , وربما سأذهب الى شاطىء البحر".
" الى أين؟".
" آه , لا أعرف , عندما كنت صغيرة , كنا نذهب بشكل منتظم الى قرية صغيرة تقع قرب مدينة , المكان رائع , ربما أذهب الى هناك".
قال نورتن في قلق عليها :
" لن تأخذي سيارتك ,أليس كذلك؟".
" لكنني لست مريضة , يا سيدي".
" أنت مضطربة كثيرا , ولا يمكنك قيادة السيارة ".
" المكان ليس بعيدا في أي حال , أذا ذهبت بعد الغداء , سأصل وقت العشاء".
" وماذا يدعى المكان ؟ عليّ أن أعرف ذلك".
" ويست هامتون ريجيس , أنها قرية صغيرة حسب ما أذكر".
" وأين ستنزلين ؟".
" لا أعرف , لا شك هناك فندق صغير في القرية , لقد نسيت, سأتدبر مكان سكني عندما أصل !".
" أفضّل لو تطلبين من عبد الفايز أن يقودك الى هناك .........".
" هذا غير وارد على الأطلاق , كما أطلب منك ألا تقول له الى أين أنا ذاهبة".
" لكن , تهيأ لي أنك بدأت ترتاحين للخروج معه".
" نعم , لكن هذا لا يعني شيئا , وليس عندي شيء ضده , غير أنني...... أنني...... في حاجة لأكون لوحدي بضعة أيام".
" حسنا , يا سوزان , أنت فتاة ناضجة وتعرفين جيدا ما تفعلينه".

dalia cool 16-08-10 10:41 PM

منذ وقت طويل, لم تخرج سوزان سيارتها الأوستن الميني من المرآب , لأنها تفضل أستعمال الباصأو القطار للتنقل في المدينة , وعند الأضطرار تأخذ سيارة تاكسي , وفرحت لوجودها وراء مقود السيارة ! لكنها تجهمت وتذكرت رحلة الأحد الماضي برفقة مارشيللو .
كانت الساعة قد تجاوزت الخامسة بعد الظهر عندما وصلت سوزان الى وستهامتون ريجنس , لكنها لم تتذكر قرية طفولتها التي توسعت بشكل ملموس , المنازل والفنادق بنيت كالطحلب وسط المركز التجاري الجديد , ومن الشوارع الصغيرة الضيقة , تعود العائلات عن الشاطىء , نحو الفنادق والبيوت .
وتساءلت سوزان , أنه موسم السياحة , ماذا لو كانت جميع الفنادق مزدحمة ؟ وشعرت بفراغ عميق بعد ليلة سوداء ورحلة غير قصيرة ,ولم تكن في حاجة ألا أن تأخذ حماما ساخنا وتنام.
شاهدت فندقا صغيرا قرب البحر , فأوفت سيارتها ودخلت الى البهو , مديرة الأستقبال منهمكة على الهاتف , بينما مجموعة أولاد , يدخلون ويخرجون من دون توقف في غرفة التلفزيون.
وبعدما أقفلت السماعة قالت مديرة الأستقبال:
" هل بأمكاني أن أخدمك؟".
" أريد غرفة".
" بسرير أو سريرين ؟".
" سرير واحد".
" آسفة , ليس في الفندق غرفة بسرير واحد فارغة , هل سألت في فندق ستراند؟".
هزت سوزان رأسها وقالت:
" كلا".
لقد شاهدت الفندق الكبير المطل على البحر , لكنها لم تنجذب اليه.
" أنه المكان الوحيد حيث بأمكانك أن تجدي غرفة".
منتدى ليلاس
شكرتها سوزان , فربما كانت على حق.
وبينما كانت تتوجهت نحو الفندق المذكور عرّجت على مكان لفت نظرها يدعى ( الحورية) وتذكرت للحال , أنه الفندق الذي كانت تقصده لسنوات عديدة برفقة والديها , ربما كان هذا المكان بشرى سارة , لماذا لا تحاول معرفة ما أذا كان لديهم غرفة فارغة.
أجابتها مديرة الأستقبال:
" لم يعد هناك ألا غرفة واحدة بسريرين ".
ترددت سوزان لحظة , هل تحاول الذهاب الى فندق ستراند , ربما تجد هناك غرفة بسرير واحد؟ لكنها تذكرت أنها أذا ذهبت الى الستراند عليها أن تكون أنيقة كلما أرادت تناول العشاء , كما ستلتقي هناك أشخاصا أثرياء يرمقونها بنظرات أستغراب ,كونها وحيدة هنا .
قررت سوزان وهي تقول:
" سآخذها , مهما كان".
فوجئت الموظفة , لكن سوزان أصرت تقول:
"سأدفع ما يطلب مني , سأحضر حقيبتي من السيارة".
" لا تهتمي بالأمر , سيجلبها الخادم , وفي هذا الوقت , أرجوك أن توقعي أسمك وعنوانك على هذا الملف......".
كانت الغرفة تطل على البحر , أنها مريحة وتحتوي على أثاث حديث , وفوق الباب لائحة تشرح الأسعار ومواعيد الطعام وكيفية التصرف لدى وقوع حريق , لم تكن سوزان تشعر بالجوع , بل كانت منهكة من التعب , فأخذت حماما ساخنا وتمددت على سريرها.
طقطقة فناجين الشاي في الممشى أيقظت سوزان من نومها في الصباح التالي , نامت أكثر من 24 ساعة متواصلة , لكنها ما أن فتحت عينيها حتى عادت الذكريات الى عقلها كالبرق , فتجهم قلبها ألما , أمام الساعات والأيام والأشهر والسنوات التي تنتظرها , كأنها شاطىء واسع فارغ يسير فيه المرء بلا هدف.....
وخلال الأيام المقبلة , كانت سوزان تمر في معمعة ضبابية داخلية رهيبة , في الصباح , تنهض باكرا وتتناول الفطور ثم تذهب الى شاطىء البحر , حيث تجلس حتى الساعة الواحدة ظهرا تصغي الى الراديو الصغير الذي حملته معها من لندن , وبعدها تأخذ قسطا وافرا من الشمس والضجيج , تعود الى الفندق اتناول غذاء خفيفا , ثم تعود في سيارتها كيفما أتفق لها , من دون أن ترى شيئا من جمال المناظر الجذابة , توقف سيارتها في أي مكان وتمشي حتى يرهقها التعب , وتعود الى الفندق وقت العشاء , ثم تخلد الى النوم باكرا , كي تنسى همومها ومصائبها.

dalia cool 16-08-10 10:45 PM

حولها , العائلات تمضي العطلة بفرح كبير , وهي تقول لنفسها , أنه لن يتسنى لها أن تعرف السعادة بعد الآن , مات مارشيللو ولن يكون لديها حبيب سواه ....... مات فمات معه كل أمل وكل فرح .
وهكذا أمضت أسبوعا كاملا في حالة أنحطاط وأرهاق.
وجاء الوقت كي تفكر في العودة , لم يحدد لها نورتن تاريخ العودة , وفكرة العودة الى شقتها وألبقاء فيها وحيدة تزيد من أنهيار صحتها , فقررت البقاء ثلاثة أيام أضافية تعود بعدها الى العمل نهار الخميس بعدما تكون قد أمضت حوال عشرة أيام.
وبعد عودتها من النزهة اليومية , مساء الأثنين , شاهدت أمام باب الفندق سيارة مرسيدس برّاقة.
وقرب مكتب الأستقبال وقفت أمرأة سمراء , قصيرة القامة , ترتدي بأناقة تامة سروالا من الكتان البني اللون وقميصا من القطن البيج , وحول الياقة مشلح مرقط معقود بفن وذوق كبيرين , تبدو أنها أجنبية أو غريبة عن البلد , ولما تقدمت سوزان لأخذ مفتاحها سمعتها تتكلم باللغة الأيطالية , فتراجعت آليا وراح قلبها يخفق بسرعة هائلة , لا ينقصها بعد ألا رؤية السياح الطليان يغزون المكان! وبدأت تفكر بالرحيل في وقت قريب.
وما أن رأتها مديرة الأستقبال حتى أطلقت زفرة أرتياح , وقالت:
" آه , ها أنت , يا آنسة! هذه المرأة تنتظرك منذ وقت غير قصير".
" أنا؟".
منتدى ليلاس
وفي حركة سريعة ألتفتت المرأة الأيطالية لتنظر اليها بأمعان , فشعرت سوزان بخوار قدميها لكنها بذلك كل جهدها لكي تبقى هادئة.
فقالت المرأة مستعلمة:
" أنت الآنسة سوزان هانت , أليس كذلك؟".
" أوه .....نعم ......لكن.....".
" تعالي , من المستحيل أن أكلمك هنا , هل بأمكاننا الذهاب الى غرفتك؟".
" لكن , من أنت , ولماذا تريدين التحدث اليّ؟".
" نعم , أعذريني ! كان يجب أن أقدم لك نفسي , أدعى مارينا روسي........".
" مارينا روسي!".
" نعم , قال لي مارشيللو أنه حدثك عني".
بدأت سوزان بفقدان برودة أعصابها , فقالت في تلعثم:
"لكنني .....ما زلت.... لا أعرف لماذا أنت هنا, لكن.....".
قالت المرأة الأيطالية بلطف ونعومة :
" أرسلني مارشيللو كي أراك".
بدأت سوزان ترتجف كورقة الخريف وقالت في تلعثم واضح:
" أنه.....ما......مارشيللو .......الذي.......الذي......".
" نعم , مارشيللو هو الذي أرسلني".
" لماذا؟ لماذا........؟".
حدّقت مارينا بالفتاة في أستغراب وقالت :
" لكن , أنت لا تجهلين مدى عاطفته أتجاهك؟".
" لا أفهم ماذا تريدين , لا يمكن تغيير......".
قاطعتها المرأة الأيطالية قائلة:
" لماذا تهربين من مارشيللو؟".
" أنا ؟لكن.... مارشيللو .....مات , وأنت تعرفين ذلك! لماذا جئت الى هنا لتعذبيني ؟".
" ماذا تقولين ؟ مارشيللو ......مات!".
صرخت المرأة الأيطالية وأشارت الى شخص يدخل البهو وقالت:
" مارشيللو وجدتها , كانت تعتقد أنك أنسان ميت".
أعتقدت سوزان أنها تعيش كابوسا مستمرا , فألتفتت الى الوراء ببطء , ورأت شبحا تعرفه...... وللمرة الثانية خلال ثمانية أيام , يغمى عليها.

dalia cool 16-08-10 10:47 PM

وعندما فتحت عينيها كانت الغرفة غارقة في الظلام , وعادت تغوص من جديد لئلا تع ذكرى الحلم يهرب منها , هذا الحلم المجنون , المستحيل بنعومته الجارحة.... لقد شعرت بذراعي مارشيللو القويتين والحنونتين تضمانها........لكنها كانت تعرف أن ذلك حلم مستحيل , لأن مارشيللو مات , فأعتراها ألم قوي , وبدأت تجهش بالبكاء , ورأسها على الوسادة.
همس الصوت الحبيب في أذنيها:
" سوزان! أنا هنا , يا حبيبتي , أنظري اليّ , أنني حي ارزق!".
فتحت عينيها من جديد وهي لا تصدق , قربها عللا طرف السرير , شاب يرتدي سروالا مخمليا وقميصا من الحرير الأخضر المفتوح قليلا عند عنقه الأسمر , وفي العتمة , لم تميّز ملامحه ألا بصعوبة ,لكن عندما خفض رأسه لينظر اليها , تعرفت الى عينيه الخضراوين اللتين لم تنساهما , والى الكدمات على خده المجوف .
فأنتفض بعنف واضعا يديه بنعومة على كتفيها وعاد يقول بصوت هادىء وناعم:
" هذا أنا , يا سوزان , أنا , مارشيللو , لا تخافي , يا حبيبتي".
قالت بصوت متقطع:
" مارشيللو , لكن....قيل لي .. أنك...مت......".
" أنظري اليّ يا حبيبتي , هل أبدو لك شبحا خياليا؟".
" لكن.......الحادث ......؟ أتصلت هاتفيا لمعرفة..... وقيل لي أنك كنت أحد ركاب الطائرة.....".
منتدى ليلاس
" أنها غلطة شنيعة , يا حبيبتي , أنت ترين جيدا أنني هنا , أليس كذلك؟".
راحت سوزان تحدّق فيه , غير مصدقة , وبأستغراب قلق , أنتصبت وأرتمت بين ذراعيه وراحت تنفجر بالبكاء.
تركها تبكي على سجيتها مكتفيا بتأرجحها في لطف بين ذراعيه , وفمه فوق شعرها الأشقر , ولما هدأت أبعدها قليلا عنه ليراها أفضل وقال:
" آه , يا سوزان , أي عذاب كبدتني!".
" أنا؟ وكيف؟".
" منذ نهار الأثنين الفائت وأنا أحاول الأتصال بك".
" الأثنين الفائت ؟ يوم الحادث........".
" نعم....".
" لكن لم يعلمني أحد بذلك ..".
" لم أعرف بذلك ألا اليوم".
كانت سوزان تحدّق فيه من دون أن تفهم شيئا , فقالت:
"وماذا أذن؟".
" آه يا سوزان ,لو كان بأمكاني أن ألتحق بك.........".
جذبها نحوه , فنسيت الأسئلة التي أرادت أن تطرحها عليه , أذ كانت فرحة وسعيدة أن تكون من جديد بين ذراعيه.
فجأة قال مارشيللو في صوت غير واضح:
" يجب أن أحدثك بأمور مهمة , يا سوزان".
تذكرت للحال أنه لم يصل وحده, فأعتراها القلق وتقلّصت مثل حيوان مفترس وحدقت فيه , فقال لها متوسلا:
" أرجوك , لا تنظري اليّ هكذا , فقد تفقدين القدرة على مساعدتي".
" هل......... هل تحدثت بالأمر مع صوفيا؟".
" لا , يا حبيبتي , لا".
" لم تقل شيئا , هل غيرت رأيك؟".
" لا , بل.........".
تلعثمت وهي ترتجف كلها:
" أنها تلك المرأة , أليس كذلك؟ مارينا روسي؟ أين هي الآن؟ لم تقل لي أنها جميلة ؟ ما هي فعلا بالنسبة اليك؟".
ضمها من جديد الى صدره وراح يقول:
" سوزان , هدئي أعصابك , أرجوك وأصغي لما سأقوله , ماتت صوفيا .......هل تسمعين ؟ أنها هي التي قتلت في حادث الطائرة".

dalia cool 16-08-10 10:51 PM

هدأت سوزان ورفعت بصرها الى مارشيللو في صمت غريب وقالت:
" ماذا؟ ...... تريد أن تقول..".
" كانت صوفيا على متن الطائرة اتي تحطمت ..... وبرفقة كارلو......".
" آه , يا حبيبي , هذا مؤلم حقا".
تابع يقول:
"في الواقع كنت قد حجزت مكانا لي في هذه الرحلة , لكنني تذكرت أن صوفيا قالت لي أنها ستذهب الى روما , فقررت اللحاق بها , كنت مصرا أن أحدّثها في سرعة كي نقرر مستقبلنا ....لكن القدر شاء.....".
" هل ......هل ذهبت الى روما؟".
" نعم , في طائرة التاسعة صباحا , بينما أقلعت طائرة البندقية بعد ساعتين , ولما لم أجد صوفيا في العنوان المفترض أنها ستذهب اليه , أستأجرت سيارة لأعود الى كاسيل فالكونيه , وفي الطريق علمت بحادث سقوط الطائرة , ولما وصلت الى المنزل , لم أجد صوفيا , فبدأت أشك أنها ربما ذهبت الى لندن برفقة كارلو , وأنتظرتها...... الى أن وصلنا الخبر......".
منتدى ليلاس
ساد صمت طويل ثم تابع يقول:
" وحينئذ أتصلت بك هاتفيا , كنت بحاجة لأن أسمع صوتك , يا حبيبتي , وخاصة أنني كنت أرغب في أعلامك أنني ما زلت على قيد الحياة".
" آه , يا مارشيللو!".
" وأجابوني أنك غير موجودة في الفندق.......".
" صحيح , أصطحبت بعض السياح الى هامتون كورت".
" أتصلت في اليوم التالي , قيل لي أنك لا تريدين أن تتحدثي معي".
" صحيح؟".
" نعم , لم.........لم أكن أريد تصديق ما قيل لي".
" آه , يا حبيبي!".
" وفي الأيام التالية , كنت أتصل مجددا , وفي كل مرة , الجواب نفسه , لذلك طلبت مساعدة مارينا , كان عليّ اللحاق بك ومعرفة ماذا حدث كي....".
" آه , يا ألهي!".
" تتصورين قليلا الحالة التي كنت بها! موت صوفيا........ مراسم الدفن...... أسئلة العائلة ......صمتك...قلقي ...لذلك طلبت من مارينا أن تذهب مكاني الى لندن لتحدثك , وتقول لك الى أي درجة أنا متعلق بك , وأن تشرح لك أن الحياة بدونك لا معنى لها.......".
صمت قليلا عانقته سوزان فقال في صوت مبحوح:
" دعيني أنتهي من الكلام , لما وصلت مارينا الى الفندق حيث تعملين وقابلت المدير......".
" السيد نورتن؟".
" نعم ,لكنه رفض أن يقول لها عن مكان وجودك".
" طلبت منه ألا يخبر أحدا".
" وبالفعل , أعلمها بأنك مريضة وأنك ذهبت في عطلة راحة لبضعة أيام , ولم يعطها أية تفاصيل , لكن مارينا كانت عنيدة , فبقيت في الفندق , ومساء السبت تمكنت من التعرف الى أحد أصدقائك , عبد الفايز , الذي تحدثت عنه مرة , هل تتذكرين؟".
" نعم".
" فراحت تطرح عليه الأسئلة العديدة , وفهمت منه أنه هو المسؤول عن الأجوبة التي كنت أتلقاها على الهاتف".
" لكن كيف ؟ لا أفهم؟".
" هو علم أيضا من قبل المدير أنك مريضة وأنك ذهبت لقضاء بضعة أيام طلبا للراحة , ولم يعرف المزيد لأن مالكوم نورتن لم يعطه أي تفصيل عن سبب مرضك , لكن عبد الفايز قام بأستنتاجاته".
" أي أستنتاجات؟".
" لقد صرّح لمارينا أنك خفت مرّة من رجل أيطالي جاء ليراك في الفندق".
" كارلو!".
" نعم , كارلو , ولما أتصلت بك تلفونيا , لم تعرف الموظفة المسؤولة عن المكالمات الهاتفية أين تجدك , فطرحت السؤال على عبد الفايز الذي كان موجودا هناك بالصدفة ,ولما عرف أن المتكلم أيطالي الجنسية , أعتقد أنني كارلو......".
" آه , يا ألهي , هذا غير معقول!".
" ولما أخبرتني مارينا كل هذا على الهاتف , لم أتردد لحظة واحدة , كان يجب عليّ معرفة مصيرك , فأخذت أول طائرة مسافرة الى لندن وذهبت الى الفندق وقابلت المدير وتكلمت معه بصراحة تامة , وفهمت حينئذ أنك كنت تعتقدين أنني مت في حادث الطائرة , فخفت جدا أن تكوني قد صنعت لنفسك شيئا أندم عليه , لذلك أخبرنا نورتن عن مكان وجودك ومنذ صباح اليوم ونحن نجوب في هذه القرية الصغيرة ,ونبحث عنك في كل الفنادق.....".

dalia cool 16-08-10 10:55 PM

همست بصوت خفيض وهي تندس بين ذراعيه:
"آه , يا مارشيللو , لا أعرف ما أقوله لك".
" قولي أنك تحبيني".
" آه يا حبيبي , أنت تعرف ذلك جيدا , لكن.... لا أستطيع حتى الآن أن أصدق.........".
" بدأت تفهمين ماذا تعني لنا وفاة صوفيا , أليس كذلك؟".
هزرت رأسها ببطء, فقال :
" أنا حر , حر , هل تسمعيني ...... حر أن أحبك , أن أتزوجك بعد فترة غير طويلة طبعا".
قالت سوزان وشفتاها ترتجفان:
" سأصبح زوجتك متى شئت ذلك.... .و.....أيلينا؟".
" أيلينا؟ أنها تحبك كثيرا , وهي في حاجة الى أم , الى أم بما في الكلمة من معنى".
" ربما يكون صعبا أن تقتنع العائلة بزواجنا؟".
" ربما بيترو فقط , لكن هذا ليس بالشيء المهم , المهم أن نعرف أين سنعيش بعد الزواج".
" كنت أعتقد أن القصر......".
" سأفهم جيدا أذا قلت لي أنك لا تريدين أن تعيشي في كاسيل فالكونيه".
" لماذا يا حبيبي ؟ هل بسبب صوفيا , كلا , الماضي لا يخيفني؟".
" هل أنت أكيدة من ذلك؟".
" أنت لا ترغب في مغادرة القصر , أليس كذلك؟".
" بالطبع".
منتدى ليلاس
" أنه منزلك وسوف يصبح منزلي أيضا".
وفي أنفعال غريب , أغرق مارشيللو وجهه في شعرها الأشقر ثم تابع يقول:
" أنوي أن أعوّض عل بيترو بأعطائه جزءا من مجموعتي , لا أعرف ماذا سيفعل بها , أنه يتذوق التحف الفنية , من يعرف , ربما قرر أخيرا أن يؤسس مستقبلا لحياته ......بعدما فقد سيطرة صوفيا عليه , أما بالنسبة الى العمة لويزا , فأنوي أن أسكنها في المنزل الذي أملكه في القرية , وبأمكانها الأستمرار في العمل داخل القصر".
" هل تعتقد أنها ستوافق على ذلك؟".
" طبعا , لكن هناك شيء آخر......".
" ماذا؟".
" أريدك أن تعودي الى أيطاليا معي".
" متى؟".
" غدا....... أو بعد غد....".
" لكن........ وعملي....".
" تحدثت مع نورتن , وفهم تماما أنك تريدين تغيير الجو , وأي مكان أفضل من سماء أيطاليا؟".
" لكن , يا حبيبي , لا يمكننا أن نتزوج في الحال!".
" أعرف ذلك , سأنتظر , لكن لا تطلبي مني أن أتركك في أنكلترا , لا يمكنني تحمل ذلك".
" أرى...... أنك خططت لكل شيء.........".
" سأفعل كل ما في وسعي لأجعلك سعيدة , لكن لا يمكني أن أتركك وحدك ...... بعد الآن , أذن ,هل تقبلين بقضاء بقية حياتك في كاسيل فالكونيه؟".
" لا أنوي العيش في مكان آخر , يا حبي".




http://www.liilas.com/upp/uploads/im...a50eeeb38a.gif



النهاية




قراءة ممتعة:flowers2::flowers2:

أحاااسيس مجنووونة 16-08-10 11:04 PM

يلا دودو حماس بدنا التكملة بسرعة انا عم استنى


:flowers2::flowers2::flowers2:

dalia cool 16-08-10 11:24 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ام مريم 2010 (المشاركة 2415578)
يلا دودو حماس بدنا التكملة بسرعة انا عم استنى


:flowers2::flowers2::flowers2:



سوسو حبيبتي الرواية خلصت بعد مافي تكملة هههههههههههههة لك ودي:flowers2::flowers2:


أحاااسيس مجنووونة 16-08-10 11:26 PM

يلا حبيبتي دود انا عم استنى التكملة يلا

أحاااسيس مجنووونة 16-08-10 11:36 PM

جدا رائعة وسلمت يداك يا غالية وانا النت وقف عندي لهيك ما شفت المقطع الاخير وشكرا الك وهلق لازم تكمليلنا عدوي العزيز ماشي يا حلوة انت ويعطيك العافية

:flowers2::flowers2::flowers2:

زهورحسين 17-08-10 02:15 PM

هاي دلول000يسلم ذوقك000الرواية مرة ممتعة00 ننتظر جديدك00وياريت تنزلين اللمسات الحلمة اذا كانت عندك000ومثل ما يكولون اغابي مسي غابو:Welcome Pills4::Welcome Pills4::Welcome Pills4:

سكر ياعنب 18-08-10 05:15 AM

وأخيرا خلصت .... من جد كانت رووووووعة .... يعطيك ألف عافية حياتي وتسلم ايديك الحلوة .... ننتظر جديدك بكل شوق ....

lona-k 18-08-10 05:54 AM

تسلميلي حبيبتي رواية روعة
نتسنى منك اختيارتك الحلوة لرواية حلوة متل هي

اماريج 18-08-10 11:43 PM

داليا ياامورة
يعطيك العافية حبيبتي على هذه الرواية الجميلة
دمتي بخير

http://www.iraqnaa.com/ico/image/t031.gif

نجمة33 19-08-10 07:17 AM

رائعه شكرا لك

Rehana 20-08-10 12:57 AM

يعطيك العافية داليا على مجهودك

شاهد 25-08-10 02:39 PM

مشكووووووووووووووووووووووووورة

dalia cool 26-08-10 12:26 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ام مريم 2010 (المشاركة 2415633)
جدا رائعة وسلمت يداك يا غالية وانا النت وقف عندي لهيك ما شفت المقطع الاخير وشكرا الك وهلق لازم تكمليلنا عدوي العزيز ماشي يا حلوة انت ويعطيك العافية

:flowers2::flowers2::flowers2:


ماصار شي و انشاء اللة اكملها و شكرا على مرورك يا احلا ام مريم:flowers2::flowers2:

dalia cool 26-08-10 12:29 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زهورحسين (المشاركة 2416155)
هاي دلول000يسلم ذوقك000الرواية مرة ممتعة00 ننتظر جديدك00وياريت تنزلين اللمسات الحلمة اذا كانت عندك000ومثل ما يكولون اغابي مسي غابو:Welcome Pills4::Welcome Pills4::Welcome Pills4:


شكرا على مرورك زهور حياتي :flowers2::flowers2:

dalia cool 26-08-10 12:34 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سكر ياعنب (المشاركة 2416889)
وأخيرا خلصت .... من جد كانت رووووووعة .... يعطيك ألف عافية حياتي وتسلم ايديك الحلوة .... ننتظر جديدك بكل شوق ....



الاروع هو مرورك سكر عنب لك ودي:flowers2:

dalia cool 26-08-10 12:37 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة lona-k (المشاركة 2416920)
تسلميلي حبيبتي رواية روعة
نتسنى منك اختيارتك الحلوة لرواية حلوة متل هي


مرورك الاحلا lona و انا فرحانة لان الرواية عجبتكم :flowers2::flowers2:

dalia cool 26-08-10 12:43 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة اماريج (المشاركة 2417493)
داليا ياامورة
يعطيك العافية حبيبتي على هذه الرواية الجميلة
دمتي بخير

http://www.iraqnaa.com/ico/image/t031.gif

شكرا على مرورك يا اماريج يا عسل و دمتي بالف خير و محبة لك ودي:flowers2::flowers2:

dalia cool 26-08-10 12:46 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نجمة33 (المشاركة 2418067)
رائعه شكرا لك


الرائع هو مرورك نجمة33:flowers2:

dalia cool 26-08-10 12:49 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Rehana (المشاركة 2418537)
يعطيك العافية داليا على مجهودك


شكرا على مرورك حياتي ريحانة لك ودي

dalia cool 26-08-10 12:52 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شاهد (المشاركة 2424969)
مشكووووووووووووووووووووووووورة


شكر على مرورك شاهد لكي ودي

بنوتهـ عسل 27-08-10 01:14 AM

يعطيك العافية حبيبتي ،،

يسلمووووو ،،

فرفوشة 31-08-10 02:36 AM

رواية جميله اوي انا قراتها اكتر من مرة
ميرسي يا جميل

جوريات111 27-09-10 07:39 PM

شكرا جزيلا

dalia cool 27-09-10 10:21 PM

شكرا على مروركم يا قمرات لكم ودي :flowers2:

جوريات111 28-09-10 02:36 AM

رواية رائعة يسلموووووووووو

صداقة للابد 29-09-10 12:33 AM

شكرا رواية رهيييييييييييييييييبة
يسلموا ايديكى على المجهود الرائع
:flowers2:

الجبل الاخضر 29-09-10 10:28 AM

:55::55::55::55::55::55::55::55::55::55::55::55::55::55::55: :55::55:
يسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسلمو على هادا ذوق اختيار رائع ياعسل
:0041::f63:

hoob 23-12-10 09:26 PM

:flowers2::55:

قماري طيبة 25-12-10 08:45 PM

Thaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaa aaanks

ليلى3 26-12-10 08:03 PM

مشكورة داليا على الرواية الحلوة يسلمووووووووووووووووووووو

ساكنه 08-01-11 03:40 PM

واااااااااااااااووااااااااااااااااااوحلوةحلوة:flowers2::flowers2:منتضرين الكملة بشووووووووووق وتسلمين ياقمرودمتي لي سكنة

ساكنه 08-01-11 04:42 PM

تحياتي الى اعضاء فريق المنتدى ليلاس الغالية عندي سوءل احاول اقرء قصص الف ليلة وليلة وللاسف كيفهذا ولكم جزيل الشكر ودمتم لي سكنة

ساكنه 08-01-11 09:27 PM

:flowers2:الف شكر من الاعمااااااااااااااااق الك ياقمر نهاية وااااااااااو تجنن ودمتي لي في قلبي سكنة

زهرة منسية 16-03-11 10:14 PM

انا قريتها قبل كده وعرف قد ايه هى حلوه ومن حلاوة احدثها هقراها تانى مشكوره على تنزلها شكرآ كتير

fairbeauty 18-03-11 07:17 PM

جميلة، تسلم ايديكي

lily12 23-03-11 03:56 AM

جميييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييلة

hamesha 03-10-11 12:55 AM

مشكورة كتتتتتتتتتير

ندى ندى 15-12-11 01:48 AM

جميله جدا جدا جدا

سما يحيى 18-06-14 05:35 AM

رد: 90-ايام معها -ان ميثر - روايات عبير القديمة (كاملة)
 
مشكوووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووورة علي مجهوووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووداتك

روز ما 25-03-15 08:43 PM

رد: 90 -ايام معها -ان ميثر - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
واااااااااااو شكرا ع القصة الروعة
عنجد عزبناكي معنا يسلموو كتيير حبي

منى على سيد 25-04-15 08:42 PM

رد: 90 -ايام معها -ان ميثر - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
واووووووووووو باين عليها تحفة سلمت ايدك

ناناجولي 29-04-15 11:10 PM

رد: 90 -ايام معها -ان ميثر - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
حلوووووووووه

سعيدةصدقي 09-05-15 02:02 AM

رد: 90 -ايام معها -ان ميثر - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
:55::55::55:الله يعطيك الصحة

وهج اليامي 03-09-15 04:32 PM

رد: 90 -ايام معها -ان ميثر - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
فعلا يعطيك العافية
الروايه مبدعة

fadi azar 07-09-15 10:17 PM

رد: 90 -ايام معها -ان ميثر - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
مشكورة على الرواية الرائعة

Bosykat 17-09-15 06:01 AM

رد: 90 -ايام معها -ان ميثر - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
حلووووووووووووووووووووة اووووووي

هتونا 28-01-16 08:26 AM

رد: 90 -ايام معها -ان ميثر - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
رؤعة سلمت الانامل والف شكر الكم جميعا ودمتم

توووووم 02-02-16 06:11 PM

رد: 90 -ايام معها -ان ميثر - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
شكرا لك عزيزتى الرواية اكثر من رائعة
انتظر مزيدك:8_4_134:

شمس الزهراء 04-02-16 04:47 PM

رد: 90 -ايام معها -ان ميثر - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
Mموفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

Majuxna 13-02-16 06:41 PM

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
شكرا جزيلا لك مني اجمل تحيه

كفاية 19-10-16 09:29 PM

رد: 90 - أيام معها - آن ميثر - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
حلوة كتير ورائعة

مانجو سكرى 06-02-21 04:57 AM

رد: 90 - أيام معها - آن ميثر - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
روووووووعة تسلم ايديك


الساعة الآن 09:35 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية