اقتباس:
العفووووو حبيبتي نورت الرواية فيك وشكرا لمتابعتك ومرورك الرائع دمتي بخير |
8– كل شيء ما عدا القلب ! *********************************** جلست روز ماري ولوسيا فى مقعديهما المريحين فى الدرجة الاولى من الطائرة المتوجهة الى اسبانيا وراحتا ترتشفان الشراب الذى قدم إليهما . وبعد لحظات من جلوسهما سمعتا المضيفة تقول ، وهى تشير إلى مقعدين شاغرين بجوارهما : " هنا ، يا سيدى " . هتفت الأم وهى ترى القادم : " غراى . ماذا تفعل هنا ؟ " . - أخذت أجازة لبضعة أيام . هل تمانعان أن أرافقكما ؟ كان السؤال موجها إلى لوسيا أيضا ، لكن أمه بادرت بالإجابة نيابة عنهما معا : " يا لها من مفاجأة جميلة . ولكن لماذا جعلتها مفاجأة ؟ لو أخبرتنا الليلة الماضية لمررنا بك وأحضرناك معنا " - كان يمكن أن ألغى سفرى فى آخر لحظة . سألته المضيفة : " هل أساعدك فى ترتيب أغراضك ، يا سيدى ؟ " وأشارت إلى الخزانة الصغيرة فوق رأسه : " يمكننى تدبر امرى . شكرا " منتديات ليلاس نظرت لوسيا إليهما وهى تفكر فى أن الفتاة مازالت مضيفة بالنسبة إليه رغم الانتباه الواضح الذى أولاها إياه . بقيت الابتسامة مرسومة على شفتيها ، لكن لوسيا شعرت أن أحاسيسها جرحت لعدم إكتراثه بفتنتها الواضحة . ما الذى يجعله يهتم بامرأة ؟ يبدو أن ذلك يتطلب أكثر من مظهر ملكة جمال العالم وجاءت مضيفة أخرى تسأله : " أتريد شرابا يا سيدى ؟ " . - شكرا ، سآخذ ما تشربه هاتان السيدتان من فضلك . وعندما إنتهى من ترتيب حاجياته فى الخزانة ، كانت صدمة لوسيا لحضوره قد تلاشت ، فوقفت تقول له : " يمكننا أن نستبدل مقعدينا " . - لا ، لا ، إبقى مكانك . ووضع يديه على كتفيها ليجعلها تجلس . مجرد حركة بسيطة لكن تأثيرها كان كبيرا عليها ربما أكثر مما قصده ، فضغط راحتيه وأنامله أرسل قشعريرة فى جسدها كله . وعادت إلى مقعدها وهى ترتجف . جلس بمحاذاتها ، مادا ساقيه بارتياح ، فيما همست أمه فى أذنها بسعادة : " يمكننا الان أن نرتاح حقا . فأى مشكلة تواجهنا سيحلها غراى " . ابتسمت لوسيا لها . لم تشعر مثلها بالارتياح لحضور ابنها ، فسرورها بأول زيارة إلى أسبانيا سيفسده الاحساس بأنها عرضة لنظراته النافذة . * * * لم يكن العثور على القرية صعبا ، لكنهم واجهوا صعوبة فى العثور على البيت لولا وجود غراى . يقع البيت فى شارع ضيق ، ونوافذه كلها مغلقة كما أقيم أمام الباب حاجز من البلاستيك . |
كان على غراى تجاوز هذا الحاجز وإبعاده ليتمكن من فتح الباب . دخلت المرأتان إلى ردهة معتمة تضم عدة أبواب ، كان الباب الذى فتحته روزمارى يؤدى إلى مطبخ واسع فيه نافذة صغيرة تطل على زاوية شارع . وفيما حاولت روزمارى فتح نافذة المطبخ ، اتجهت لوسيا إلى الباب الآخر لتزيح ستائره التى كان تلامس الأرض المرصوفة بالآجر . إزاحة الستائر لم تنفع فى إدخال الضوء لأن الزجاج الخارجى معتم كزجاج الباب الأمامى . كانت تحاول أن تتبين طريقة فتحه عندما جاء غراى من خلفها وعثر على شريط من القماش مخفيا وراء الستارة اليمنى . عندما جذبه بدا أمامهما مشهد هتفت له لوسيا سرورا . رأت شرفة ضيقة يحيط بها درابزين وتعلو فناء تغطيه نباتات متسلقة . خلف سطوح المنازل بدت عرائش العنب وظهرت خلفهما سلسلة من الجبال . فقال غراى : " لا يمكنك أن تجدى عيبا فى هذا المشهد " . انتبهت فجأة إلى مقدار قربهما من بعضهما البعض ثم ابتعد عنها قائلا : " ماذا يوجد هناك ؟ " . التفتت فرأته يحرك قبضة نحاسية استخدمت لتثبيت بابين مغلقين قام بفتحهما . - يا له من سقف غير عادى . قالت روزمارى هذا فرفعت لوسيا نظرها باتجاه ألواح خشبية مائلة مزينة بالجفصين . كانت الألواح مطلية باللون الأبيض والسقف والجدران بلون الفخار الأحمر الباهت . منتديات ليلاس أعاد غراى إغلاق الباب ، فبانت غرفة مجاورة لهذا ذات نافذتين مستطيلتين .وبعد ان عرفت لوسيا ما يتوجب عليها فعله ،أخذت تحاول فتح إحدى النافذتين بينما تولى هو أمر الأخرى . وبعد لحظات ، امتلأت الغرفة الأخرى بالضوء فبدت غرفة جلوس مريحة جدرانها مغطاة بالكتب واللوحات الفنية . كما رأت قطع ضخمة من الحطب قرب المدفأة التى قامت على جانبيها أريكتان مريحتان . قالت روزمارى : " ما أجمل هذا ، منذ دقيقة كنت أتساءل ما الذى جاء بنا إلى هنا . لنرى غرف النوم " فقال غراى : " سأحضر الأمتعة أثناء قيامكما بذلك " كان البيت مكونا من طابقين . فى الطابق الأرضى ، وجدا غرفة نوم وحمام ، أما الطابق الأعلى فهناك غرفتان تشتركان بحمام واحد قالت الأم : " الأفضل أن يأخذ غراى غرفة الطابق الأرضى ، ونحن سننام هنا . سآخذ هذه الغرفة لأننى معتادة على السرير المزدوج " . |
سرت لوسيا بغرفتها ذات السريرين المتجاورين . ومع أن كل من الغرفتين يحتوى على نافذتين ، إلا أن نافذتى غرفتها تطلان على منظرين مختلفين للجبال المحيطة بالمنزل . كانت تتفرج على بطاقات بريدية مصورة ومرسلة من أنحاء العالم عندما سمعت غراى يصعد السلم . وبعد أن وضع حقيبة أمه فى غرفتها أتى بحقيبة لوسيا إلى غرفتها . وضعها على السرير الأقرب إلى الباب ، ثم نظر فى أنحاء الغرفة قبل أن يقول : - أنا لا أحب أن ينزل غرباء فى منزلى .هل أنت كذلك ؟ - لعلهم بحاجة للمال الذى يحصلون عليه من تأجيره . ربما . رغم أن طريقة بنائه وتأثيثه لا تدل على حاجتهم للمال . وأخذ يربت على تحفة أثرية بجانبه . فقالت موافقة : " هذا صحيح . ربما تغيرت أحوالهم بعد أن اشتروه وأثثوه ، فالخطط لا تنجح دوما . الأمور تسوء بالنسبة إلى الكثيرين ، وتأجير بيتك للغير أفضل من بيعه " . فقال هازا كتفيه : " ربما " . وعندما غادر الغرفة ، فكرت فى صعوبة أن يفهم رجل غارق فى الثراء منذ مولده ، معنى الحاجة إلى المال . * * * فى اليوم التالى ، وفيما كانت المرأتان ترسمان ، قصد غراى الساحل ليرى التغيرات التى طرأت على بلدة صيد السمك الصغيرة التى عرفها فى الماضى كانت مجرد بلدة حينذاك ، بالكاد تبدو أكبر من قرية ، لكنها الآن توسعت ونمت إلى حد كبير . لكن الكهف الصغير خلف الميناء ما زال كما هو ، منذ ثمانية عشر عاما . مارس السباحة والغوص لمدة ساعة ثم قصد إلى أحد المقاهى على الرصيف التى تقدم طعاما للسياح وكبار السن من الأجانب المتقاعدين الذين يقضون حياتهم فى هذا المكان . منتديات ليلاس وأثناء عودته إلى حيث أوقف السيارة ، لاحظ مكتبة صغيرة تحوى واجهتها كتبا مستعملة ذات عناوين إنكليزية . فخطر بباله أن يبحث عن الكتاب الذى كانت أمه تحدثت عنه أثناء الفطور وقالت لوسيا إنها تحب أن تقرأه عند عودتهم إلى إنكلترا . * * * ذهب غراى إلى سريره مبكرا ليقرأ الكتاب الذى اشتراه وعندما سمع نقرا على الباب ، أخفى الكتاب وتناول آخر ثم نادى : " أدخلى " . دخلت أمه وهى تلبس كيمونو من القطن كان قد أحضره هدية لها من رحلة إلى اليابان فقالت : " ليس من عادتك أن تذهب إلى السرير مبكرا يا حبيبى ، هل تشعر بوعكة ؟ " . فابتسم لها : " أشعر بأننى فى أحسن حال ، لقد استيقظت هذا الصباح قبلك " كان قد استيقظ مع بزوع الفجر وتمشى نحو ساعة على ضفاف النهر ، وتأمل النباتات النادرة الجمال . |
جلست الأم على حافة السرير وقالت : - لطف منك أن تشترى ذلك الكتاب للوسيا . هل رضيت عن وجودها الآن أكثر مما كنت فى البداية ؟ - أنت تعلمين أننى لا أستطيع مقاومة أى مكتبة . ولقد رأيته مصادفة وأنا أنظر حولى . - أنت تتهرب من السؤال . - ليس الأمر كذلك ، فأنا لم أحدد شعورى نحوها . فالرجال لا يمضون الساعات فى تحليل مشاعرهم كما تفعل النساء . إلا إذا تعلق الأمر بشئ هام كالعمل مثلا . فقالت : " العلاقات الإنسانية هامة جدا . لم لم تكن راضيا عن لوسيا ، لما اشتريت كتابا لها . لا أفهم كيف لا يحبها أى شخص استطاع معرفتها عن قرب " . - لم أقض معها من الوقت ما قضيته أنت . ويبدو أنها ذات شخصية جيدة أكثر مما كنت أظن منذ عام . - عاجلا ام آجلا ، عليك أن تبحث الأمر معها ،فتعرف منها لماذا فعلت ما فعلت . هذا سيصفى الأجواء بينكما . منتديات ليلاس - بالنسبة إلى ، كل ما يهمنى هو أن تكون مفيدة لك . وما دامت كذلك لن تحصل لها مشكلة إلا إذا تجاوزت الحد . الأمر فى غاية البساطة . تنهدت الأم : " موقفك هذا طبيعى كما أعتقد . على الأقل لست حقودا مثل أبيك وجدك . إنهما لم يرتكبا معصية قط ،ولديهما فكرة دراكولية بالنسبة لعقاب من يفعل ذلك . وقطبت جبينها قبل أن تسأل : " ما هو أصل هذه الكلمة يا ترى؟". فقال : " كان دراكولا حاكما فى بلاد الإغريق ففرض الموت على كل من يرتكب ذنبا مهما كان نوعه . وبعد ذلك بقرن تقريبا سن حاكم آخر إسمه سولون عقوبات أكثر تسامحا ووضع الأسس للديموقراطية الإغريقية " . - يا لك من مثقف ! أنا جاهلة بالنسبة إليك . لكننى ، على الأقل أفهم الناس ، وهذا ما لا أظنك تفعله دوما . إن لم تدن لا تدان يا عزيزى . نهضت واقتربت منه ثم انحنت وقبلته على جبينه كما كانت تفعل وهو صبى صغير . ثم دثرته بالغطاء جيدا ، قائلة : " ما أجمل ان تكون هنا . أنت بهجة حياتى يا غراى . تصبح على خير " . - تصبحين على خير يا ماما . |
الساعة الآن 04:59 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية