منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   89_ جرح الغزالة _ آن هامبسون _ روايات عبير القديمة ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t146009.html)

اماريج 27-07-10 09:23 PM

89_ جرح الغزالة _ آن هامبسون _ روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
http://www.liillas.com/up3//uploads/...5fd64fe8dc.gif
http://www.liillas.com/up3//uploads/...21f90bda2d.gif
يسعد مساءكم ياحلوين :flowers2:
حابة تشاكوني ياحلوين متعة قراءة هذه الرواية الحلوة والممتعة من روايات عبير القديمة ويارب انو تنال رضاكم

للامانة الرواية منقولة

اسم الرواية :جرح الغزالة
الكاتبة:ان هامبسون

:liilas:
قراءة ممتعة للجميع

اماريج 27-07-10 09:24 PM

جرح الغزالة
الملخص

*******************
المرارة و اليأٍس غلفا حياة غايل بعد تعرضها لحادث سيارة ادى الى اصابتها بجروح بارزه و عقم دائم , مما جعل خطيبها يفسخ الخطوبة , و يقلل من فرصتها في الزواج و الاستقرار و أنشاء عائلة .......
و تلتقي غايل باللورد الاسكتلندي الارمل اندرو, الحاقد على النساء نتجية خيانة زوجته ... اندرو
يبحث عن مربية لطفليه الصغيرين و ابنته المراهقة , فتغتنم غايل هذه الفرصه , لكنه يفاجئها بطلبه عقد زواج اداري .
منتدى ليلاس
ويأتي قبولها اشباعا لغزيزة الاموة لديها , لا انجذاباً نحوه , لكن اندرو يجعل مهمتها صعبة , فحضوره قوي و شراسته لا تطاق , وغايل الغزالة الباكية تدور في القصر لتلبية رغباته , عزاؤها كان حب الصغيرين لها , لكنها جنت ووقعت في هوى صيادها , فهل يطلق عليها طلقة الرحمة و يحبها ؟
*****************

اماريج 27-07-10 09:28 PM

1- طلب مفاجىء
*******************
أنزلقت بجعتان رشيقتان على صفحة البحيرة , فيما أصطف عند ضفتها سرب من البط والأوز يسوي ريشه بمنقاره تحت أشعة شمس شباط , وبسبب أرتفاع الحرارة غير المألوف في هذا الفصل , خرج عمال المكتب والمتجر الى المنتزه يتجولون حول ضفاف البحيرة , أو يجلسون على التلال المعشوبة قرب أزهار اللبن الثلجية والزعفران.

وجلست غايل في فرصة الغداء , ومدتها ساعة , على مقعد طويل تحضن كتابا لم تفتحه , وخلال الدقائق العشرين الماضية أستمتعت بالهواء المنعش والأزهار وتغريد العصافير , لكنها سرعان ما تجمّدت أذ رأت طفلين يعبران الممر قفزا وقد لحق بهما والدهما , هل يسعها الأنصراف بدون أن يراها أحد؟
كلا, فالأشجار العارية لا توفر لها غطاء أو مظلة , لذا أضطرت أن تلزم مقعدها وقد رجت الله ألا يراها أحد.
منتدى ليلاس
ورفعت أبنة الرابعة وجهها الجميل لتسأل والدها الذي أبتسم لها :
" هل نستطيع أطعام البجعتين يا أبي؟".
أعطاها والدها كسرة خبز فأخذها شقيقها , الذي يكبرها بثلاث سنوات , وقال:
" أريد مزيدا من الخبز".

أما والدتهما وهي شابة عادية المظهر تبلغ التاسعة والعشرين من العمر , فقد وقفت بجانب عربة أطفال تراقب ولديها وتحذرهما:
" لا تقتربا كثيرا من حافة البحيرة".
وغرق الجميع في ضحك ومسامرة , بينما رقد الصبي , الذي ولد قبل ستة أسابيع في عربته بسلام.

وركزت غايل عينيها على الرجل , أنه الآن في الثالثة والثلاثين من عمره , وسيبلغ الرابعة والثلاثين في العاشر من تموز...
أنقضت تسع سنوات على الحادث , ورغم أن غايل شعرت بالمرارة كلما تذكرته , فالحنين أشرق في عينيها البنيتين الجميلتين , وعصر اليأس قلبها لدى رؤية الأطفال الأبرياء الذين كان يمكن أن يغدوا أطفالها لو شاء القدر.

ذعرت غايل أذ فطنت أن المرأة لمحتها , وتحدّثت عنها الى زوجها , الذي أستدار نحوها , فنهضت وسارت نحو حافة البحيرة مسمّرة عينيها على الطفلة الملحة في طلب المزيد من الخبز.
" كيف حالك يا غايل؟ لم أرك منذ زمن بعيد".
" بخير يا مايكل".

ثم أبتسمت بلطف لجون , وهي تهز رأسها , أما مايكل , فحدّق بها وتأمل ملامحها الدقيقة ونضارة جلدها الصافي , وأهدابها السوداء الطويلة التي طالما أطرى على حسنها , ورأى شعرها الكستنائي اللماع , ففتنته خصلة مجعدة منه سترت صدغها , وقال مايكل بأندفاع عقد له جبين زوجته قليلا:
" أرى أنك لم تكبري يوما واحدا , متى ألتقينا للمرة الأخيرة؟".

علا شفتي غايل طيف أبتسامة , ومع أنها عرفت التاريخ بالضبط
فقد قالت:
" منذ سنوات عدة , لم يكن قد ولد لك سوى داريل".
وخفضت غايل ناظريها مبتسمة , فيما رفع الصبي رأسه لدى ذكر أسمه , وتحرك الطفل في نومه , فأنحنت غايل فوق العربة تسأل:
" ما أسمه؟".

لم تخف جون دهشتها عندما ردت:
"يبدو أنك عرفت أننا رزقنا بمولود ذكر".
طرفت عينا غايل:
" قرأت الخبر في الصحيفة".
" أسميناه وليم تيمنا بوالد مايكل".
" سيفرحه الأمر كثيرا".
منتدى ليلاس
كانت غايل على وفاق مع والد مايكل , السيد وليم بانكفوت , الذي قال لها أن أبنه أوفر الرجال حظا وأسعدهم على الأطلاق , وقد أنزعج كثيرا للقطيعة بينهما , وساءت علاقته بأبنه فترة طويلة.
هنا جذبت تريسيا كم والدها قائلة:
" أريد مزيدا من الخبز يا أب , فالبجعتان تبتعدان , أسرع".

ثم نظرت غايل الى ساعتها وقالت:
" علي أن أذهب , وألا تأخرت".
سألت جون بتهذيب:
" هل ما زلت تعملين في المكتب ذاته؟".
" أجل".
وأستدارت غايل نحو مايكل لتخاطبه بأرتباك:
" حسنا يا مايكل , الوداع الآن".
" الوداع يا غايل".


اماريج 27-07-10 09:29 PM

عاشت غايل بعد مقابلة خطيبها السابق حالة قلق دامت طوال ما بعد الظهر , والى حين عودتها عند السادسة والنصف الى البيت الذي عاشت فيه منذ وفاة والدتها مع شقيقتها بيث وصهرها هارفي ,وفور دخولها البيت , حيّاها أبن شقيقتها وأبنتها تحيتهما المألوفة:
" مساء الخير يا خالة غايل".

طبعت غايل على خد كل من الصغيرين قبلة وهي تقول:
" مرحبا يا حبيبي".
ثم أستمعت غايل منهما الى أخبار اليوم , فأعلن توماس بفخر :
" اليوم أصبحت عضوا في فريق كرة القدم , وأنا أصغر اللاعبين فيه على الأطلاق وذلك لأنني لم أبلغ الحادية عشرة بعد".
منتدى ليلاس
" هذا عظيم يا توماس , لكنني كنت أعرف أنك ستنتدب لهذا العمل".
ونزعت معطفها , وحملته على ذراعها :
"وماذا عنك يا ماريلين؟".
" أنا المشرفة الجديدة في وقت تأمين وجبة الحليب".

عقب شقيقها بأحتقار:
"عمل بسيط , ليس من الفخر بشيء مراقبة هؤلاء الصغار".
وافقته أمه من المطبخ:
" أنني أشاطرك الرأي يا طوماس , فأنا بكل تأكيد لا أرغب بالحصول على وظيفة تقديم زجاجات الحليب لأربعين طفلا قاصرين".
عبست ماريلين :
" أنك شديدة القسوة يا أماه , فنحن لسنا أطفالا عاجزين وأنما أولاد مهذبون حسنو المعشر".

دخلت بيث ضاحكة وهي تحمل الصينية:
" هذه وجهة نظر".
ثم وضعت الصينية على الطاولة وأمرت ولديها بالأنصراف:
" نريد أن نشرب الشاي بسلام".

ولما جلست غايل قبالة بيث , أخبرتها:
" اليوم رأيت مايكل وجون , لقد رزقا طفلا جديدا أسمياه وليام تيمنا بوالد مايكل".
" رائع!".
لماذا تكلمت , ولم تحافظ على صمتها؟
فها هو لون بيث يتغيّر ومع ذلك , حاولت السيطرة على أعصابها ولم تقل سوى:
" أعرف يا غايل أنك تفتنين بالأولاد , ولكن , أنسي مايكل وأولاده , لأنك جميلة ,وعاجلا أم آجلا سوف......".
منتدى ليلاس
رفعت غايل حاجبيها:
" هل أنا جميلة على رغم كل هذه الجراح؟".
" جميع جراحك بأستثناء واحد منها وكلها مغطاة ولا ترى , وفي أي حال ,بوسعك أن تزيليها لأن الجراحة تقدمت كثيرا في السنوات التسع المنصرمة".

هذا صحيح , ألا أن قدرة الجراحة على أزالة التشوهات من جسمها , لا تعني قدرتها على معالجة ما أحدثه مايكل عندما صدم السيارة , وعادت بيث تردد:
" أنت جميلة وذكية , وستتزوجين على رغم كل ما يصدر عنك من معارضة , وثقي أن من سيتزوجك , سيتزوجك لذاتك فقط".

وذكّرتها غايل بمرارة:
" أنني في الثامنة والعشرين من عمري , وبعد , من هو الذي يريد الزواج بأمرأة عاقر؟".
أكفهر وجه بيث فورا:
" لا تتلفظي بهذه الكلمة".


اماريج 27-07-10 09:32 PM

" هل هناك كلمة أفضل منها؟".
أكتنفت كلمات غايل برودة أخفت مشاعرها , ألا أن أفكارها دارت حول أولاد مايكل , وقد فاض بها الحنين , فهي تتأثر برغبات أية أمرأة طبيعية , وتتوق الى كمال أنوثتها الذي توفره الأمومة وحدها , ولم يغب عن ذهنها , ولو للحظة , الشعور المخيف بالخسارة الجسيمة ,والحكم المبرم الذي أصدره الطبيب بشأن عقمها ,وقالت:
" كلا يا بيث, لا يوجد بصيص أمل واحد بزواجي".

أنفجرت بيث:
" لماذا لم يصب مايكل بانكفوت هذا بخدش واحد؟ لماذا لم يشوّه , ويتحول معاقا مدى حياته؟".
قاطعتها غايل وقد صدمت :
" بيث!".
منتدى ليلاس
" أنا أعرف أنني حقودة , ولكن , أنت أختي , وهذا لا يعني لي شيئا , خصوصا بعد هجره لك لعدم قدرتك على أنجاب الأولاد , علما بأنه هو الذي يتحمّل مسؤولية وضعك هذا ".
" أنه يهوى الأولاد حتى ......".
" وأنت كذلك , ألا أنه تصرف بمنتهى الخبث والأنانية أتجاهك , وما يزيدني غيظا وحنقا , أن أموره تسير على ما يرام , فيما أنت........".

وصمتت أذ سمعت هدير سيارة زوجها تجتاز الممر المؤدي الى المنزل .
ثم أضافت:
" ستجدين زوجا أفضل من مايكل بانكفوت بكثير".
" سأحذر أي رجل تماما كما حذرت جيري لايثون".
عقبت بيث:
" أن جيري لطيف , لكنك تسرعت في أطلاعه على الأمر".

" لا أوافقك في ذلك".
" كان بوسعك أن تنتظري حتى يقع في هواك حقا , لكنك أخبرته بعد تعارفكما بشهر واحد".
" لأنني كنت مطلعة على مجرى الأمور ,فحبنا أخذ يتعمق ويزداد , عندئذ وجدت لزاما عليّ أن أخبره من أجلنا نحن الأثنين ,ولولا أنه لم يكترث للأمر , لبلغت علاقتنا نهايتها المرجوة , بيد أنه أهتم بأنجاب الأولاد لرغبته في أنشاء أسرة , وهذا أمر طبيعي , وهكذا وقعت القطيعة قبل أن يحب أحدنا الآخر حبا يجرحه جرحا بليغا في حال كبته , ولذا شكرني على صدقي وأمانتي , وأنا أدرك أنني فعلت خيرا أذ أخبرته آنذاك".

أجبرت بيث على الموافقة:
" أظن ذلك , ولكن , أنا لم أسألك أذا كنت لا زلت تحبين مايكل".
نظرت غايل اليها وهي تهز رأسها:
" كلا , الأولاد هم الذين جعلوني أشعر بالتعاسة اليوم خصوصا أنني أعرف أنهم لن يكونوا يوما أولادي , فيما لا أستطيع منع نفسي من التفكير بأن أولادي سيشبهونهم".

وأضافت بعد تفكير:
" كلا يا بيث , فمايكل قتل حبي عندما هجرني ,وأنا لا أستطيع القيام بدور بطلة شابة متسامحة لأنني بشر , ولأن مايكل يتحمل مسؤولية ما حدث لي , وجب عليه ألا يفسخ خطوبتنا , ولكن كان الحادث أختبارا لحبه , فلم يقو على التجربة , وهكذا حكم علي بالبقاء عانسا".
تنهدت بيث بعصبية بدون أن تتكلم ,وبعد لحظات دخلت المطبخ لتضع اللمسات الأخيرة على وجبة العشاء.
منتدى ليلاس
أما غايل ,فصعدت الى غرفتها حيث أدخلت شعرها تحت قبعة واقية من الماء وأستعدت للأستحمام , وأرتفعت خصلة الشعر عن صدغها , فبرز جرحها قاتما وقبيحا بالمقارنة مع جلدها النضر والدراقي اللون , وظهر جرحان آخران على فخديها , فيما أمتد ثالث قبيح من كتفها اليمنى الى وسط ظهرها , ونظرا الى أن جراحها كانت مضاعفة , أعتبر الأطباء بقاءها على قيد الحياة معجزة.

لقد فكرت مرات عدة بدخول المستشفى لأجراء العملية التي أصبحت ممكنة , لكنها غيّرت رأيها دائما , لأن لا أحد سواها يرى هذه الجراح , فلم كل هذا العناء؟
توجب على غايل أن تقضي قبل نهاية آذار عطلة أسبوع أستحقت لها من أجازتها السنوية العام الماضي , فخططت أن تمضيها مع شقيقتها الصغرى هيذر , التي تزوجت رجلا ثريا وسكنت معه منزلا فخما عند أطراف غابة شيروود وهي الآن ترنو الى تلك الزيارة لأنها تتأخر في مغادرة الفراش , فتحضر لها الخادمة الشاي الى السرير قبل أن تسخن مياه الحمام وتجري التنظيفات الضرورية.

اماريج 27-07-10 09:34 PM

غادرت غايل عملها يوم الجمعة بأتجاه محطة الحديد , ولدى وصولها الى هناك , فوجئت برؤية السائق روجر بدل شقيقتها التي دأبت على ملاقاتها بنفسها , وسرعان ما أوضح لها الأمر وأخبرها أن والدى روجر وقعت , فذهبت هيذر الى أسعافها والأطمئنان عليها , ثم أضاف:
" لقد أوصلت شقيقتك الى هناك قبل أن أحضر للقائك , وسأوصلك الآن الى المنزل , ثم أعود فأحضر سيدني".
منتدى ليلاس
" هل أصبت السيدة سوينبورن بأذى كبير؟".
" كلا , فمدبرة المنزل أبلغتنا فى أتصالها أن السيدة سونبورن أصيبت , ألا أننا لم نجد أثرا لأصابة فعلية".
عندما وصلت غايل الى منزل هيذر , حيتها ترودي , وهي خادمة مقيمة في المنزل , ثم رافقتها الى غرفة في مقدم البيت شغلتها غايل عادة أثناء زيارتها , وقالت:
" سأفرد أمتعتك بنفسي يا آنسة كرسلي , فأذهبي وأشربي بعض الشاي الذي الذي ستعده لك غرتا".

" لست متعبة ولا عطشانة , ولذا سأساعدك في فض الأمتعة".
ثم حملت أدوات الزينة والتنظيف الى الحمام , ولدى عودتها , قالت ترودي:
"نستضيف اليوم ولدين , وهكذا أصبح عدد الأولاد عندنا أربعة , وأوؤكد لك أنهم لا يريحونا لحظة ,ولذا أنا سعيدة لأنهم لن يطيلوا البقاء".
" ولدان؟ لم تذكر لي هيذر أي شيء عن هذا الموضوع عندما صادفتها يوم الثلاثاء".

" لأنهم وصلوا مساء الأربعاء , ووالدهما لورد أسكوتلندي , وهو صديق السيد سوينبورن منذ أيام الدراسة".
" لورد أسكوتلندي ! آه , أنه لورد دنلوكري".
" صح , لقد نسيت أنك تعرفينه".

" أنا لا أعرفه , ألا أن شقيقتي ذكرت أسمه مرة أو مرتين أمامي".
وتذكّرت غايل أن هيذر تكرهه كثيرا , وتقول أنه قليل الكلام يختصر في حديثه الى حد الوقاحة.
" أليس هو مع أولاده هنا؟".
" كلا , فقد ذهب الى لندن لتصريف بعض الأعمال , ويبدو أن السيد مكنيل ترك ولديه هنا على أن يصطحبهما في طريق عودته الأسبوع المقبل".

قالت غايل فيما أخرجت قميص نومها من الحقيبة ووضعتها تحت غطاء سريرها:
" أحسبه فقد زوجته منذ مدة".
" أجل".
وترددت ترودي قليلا قبل أن تضيف :
" لم أتمالك نفسي من أستراق السمع الى بعض الحديث الذي دار بين السيد مكنيل والسيد سوينبورن ليلة وصول الأول الى هنا حين أعلن أنه ذاهب الى لندن للعثور على مربية لأولاده الثلاثة على ما أظن".

" ثلاثة؟".
" أن له أبنة في الخامسة عشرة من عمرها , وقد تركها في البيت".
لم تذكر هيذر , سوى ولدين هما روبي وهو في السابعة من العمر , وشنا وهي أبنة خمس سنوات ونصف".
" ما أسم أبنته الكبرى؟".
" موراغ".
منتدى ليلاس
توقفت ترودي قليلا , ثم قالت:
" هناك فرق ملحوظ بين أعمار الأولاد , أليس كذلك؟".
" تقصدين بين عمري روبي وموراغ , أجل , هناك فرق شاسع".
لقد ردّدت هيذر ذات مرة أن آندرو مكنيل يبلغ السابعة والثلاثين من العمر , أذن , لا بد أنه تزوج في سن مبكرة جدا أذا كانت له أبنة تبلغ الخامسة عشر من العمر.

أخرجت ترودي السترتين الأخيرتين من الحقيبة , وأودعتهما الدرج , ثم أغلقت الحقيبة وأدخلتها الى غرفة تبديل الملابس , وعادت لتقول:
" ها قد أنتهيت يا آنسة كرسلي , فهل ترغبين أن أصنع لك بعض الشاي؟".
" من فضلك يا ترودي , سأنزل حالا".


اماريج 27-07-10 09:35 PM

وبعد أن غسلت غايل وجهها وسرحت شعرها ,نزلت الى قاعة الأستقبال قبل ثوان من دخول هيذر عليها معتذرة عن عدم تمكنها من مقابلتها في المحطة.
" أتصلت بي مدبرة منزل الجدة لتبلغنا أن قدم السيدة سويتبورن زلت , فوقعت , وكان عليّ أن أذهب , كما وعدتها بأن يزورها روجر مساء , لكننا سنبقى ساعة أو ساعتين معا".

كانت الأخوات الثلاث مودة عظيمة لبعضهن مع قلة التشابه بينهن , فيذر شقراء جذابة , بيث سمراء عادية المظهر , وأما غايل ,بملامحها الكلاسيكية الدقيقة , فتوحي بالضعف للوهلة الأولى مع أنها أقوى الأخوات الثلاث شخصية , ووقفت هيذر برهة وهي تبتسم لغايل:
" هل تناولت شيئا ؟".

" ترودي تعد لي الشاي , وها هي ذي قادمة".
" لقد أعددت بعض الشطائر , أما الكعك فساخن , والآن , هل ترغب سيدتي بأحضار شيء آخر؟".
" كلا يا ترودي ,شكرا , هذا جيد , ولكن , أين الأولاد؟".
وتحولت هيذر نحو غايل:
" هل أخبرتك ترودي عن ضيوفنا؟".

وما أن جهّزت ترودي الطاولة , حتى خرجت , وسألت غايل فورا عن أولاد لورد ديلوكري , فأخبرتها هيذر:
" أنهما طيبان , لا سيما روبي , لكنني لا أطيق والدهما ".
" أخبرتني ترودي بأنه في لندن".
" أجل , فمن الواضح أنه يعاني بعض المشكلات مع المربيات......".
" يبدو أنه وظف بضع مربيات حتى الآن".

" هذا صحيح , غير أنني لا أعرف الكثير عنه لأنه صديق روجر لا صديقي أنا , روجر قلّما يتكلم , لكن ما أسمعه يؤكد لي أن زوجة آندرو كانت سيئة السمعة , وحظه كان تعيسا معها , وأن أبنته الكبرى تتبع خطاها ,وهي مصدر الأزعاج وليس بوسع أية مربية تحمل تعجرفها وغرورها وتكبّرها".
" أليس من الصعب أن تعتني بها مربية وقد أصبحت في سن المراهقة".
منتدى ليلاس
" ليس المقصود أن تعتني المربية بها أصلا , ألا أنها تنغص على المربية عيشها , فتجبرها على مغادرة المنزل , ومعلوم أنك لا تستطيعين معاملة الخدم بهذه الطريقة في أيامنا الحاضرة لأنك سرعان ما تخسرينهم".
" لكن السيد مكنيل يبحث عن مربية جديدة!".

" لقد نشر أعلانا عن حاجته في الصحف اللندنية , الأمر الذي يعني أنه يريد فتاة أنكليزية , لذلك , قصد المدينة ليقابل المرشحات في شقة وضعها أحد أصدقائه تحت تصرفه".
حركت غايل الشاي وقد غرقت في تفكير عميق , ثم قالت:
" هناك فرق شاسع بين أعمار الأولاد , أقصد الأبنة الكبرى البالغة خمس عشرة سنة على حد قول ترودي , وروبي".

" لا أعرف القصة بكاملها , ولكن , كما قلت , روجر لا يتكلم كثيرا , بدافع الأخلاص لصديقه وكل هذا الهراء الذي يملأ الرجال به رؤوسهم , على أنني سمعت أن زوجة آندرو هجرته بعد أن بلغت موراغ الثالثة من العمر , ثم عادت اليه سنة كاملة".
" هل صفح عنها؟".

" لا بد أنه فعل , وأنني أعتبره رجلا طيبا من حيث الجوهر , ويلتزم بعهده , ويقدس الزواج كرباط أبدي , وأظنه أمتنع عن أنجاب الأولاد لئلا يترك معهم وحده في حال هجرته زوجته ثانية أن عادت الى سابق عهدها , الأمر الذي تكرر بالفعل , وقد ولد روبي بعد رجوعها حيث قرر أندرو , على ما أرى , أن يكون وريثا ولم تمض سنة ونصف السنة حتى ولدت شنا ,ثم قتلت والدتهما في حادث تزلج في النمسا حيث كانت تقضي عطلة مع أحد أصدقائها الشبان في حين زعمت أنها ستقضي تلك العطلة مع أحدى صديقاتها من أيام الدراسة".


اماريج 27-07-10 09:36 PM

" أحد أصدقائها الشبان!".
" يحب روجر أن يصف تصرفها بعبارة أرق, غير أنني جازمة وأستعمل كلمة مختلفة تماما".
ثم صبّت الشاي وأضافت:
" أما أبنتها , فتسير سيرها , ولا تكف عن أزعاج والدها ".

" وهي في الخامسة عشرة من عمرها؟".
" يبدأ الشبان مغامراتهم في سن أصغر من ذلك بكثير هذه الأيام".
" مسكين السيد مكنيل , أنه لأمر مخز أن يتعرّض رجل في مثل مستواه للفضيحة".
سألت غايل بفضول:
" حدثيني عنه".
" ألم أقل لك عنه أي شيء؟".
منتدى ليلاس
أبتسمت غايل:
" لم تقولي لي الكثير , فأنا أعرف منك أنه في السابعة والثلاثين , وأنه لورد أسكوتلندي , وهذا كل شيء , وقد أخبرتني أيضا أنه دعاكما الى منزله , فلم تذهبي لأنك لا تطيقينه ".
" أذكر دعوته لنا الى حفلة صيد الغزلان , فقد رغب أن يزوره روجر, وأرتأى من اللياقة أن تشملني دعوته , غير أنني رفضت بلطف , فذهب روجر وحده".

" لماذا تكرهينه؟".
" أنه شديد الكبرياء والغرور , والحقيقة أنني لا أعرف ماذا يرى روجر فيه حتى يغتاظ كلما ذكرت أسمه , من هنا لا أتحدث عن الرجل التعس مطلقا , كما أنني لم أره ألا في مناسبات ثلاث لم يظهر في أي منها رغبة وصبرا في التحدث اليّ , وأدركت من كلامه أنه يكره النساء".
" هذا محتمل بسبب ما لقيه من عذاب ومعاناة على يد زوجته وأبنته".

" لا يمكنني تصوره يتألم لشدة قساوته وصلابته , فهو من هذه الناحية أسكوتلندي مثالي , وأنما أعتقد أن الأذلال والهوان لاالألم والعذاب هما ما يقلقه".
" ولكن , لا بد أنه أحب زوجته حتى أعادها اليه مرتين".
" هذا ما لا يمكن أن أعرفه لأن آندرو يبدو في نظري عاجزا عن أن يحب".

صمتت غايل هنيهة وهي تتساءل أذا كان أسترداد آندرو لزوجته ناتجا عن حبه لها أو عن رغبته بحفظ عهوده ثم لاحظت:
" من المخزي أن تكون أبنته الآن مصدر أذلاله وهوانه خصوصا أن الخبر سينتشر بين الناس".
" لا يمكن أبقاء مثل هذا الأمر سرا ".

سكتت لبرهة ثم أضافت:
" أنا لا أعرف الكثير عنه , لكني رأيته للمرة الثانية في بيت أحد أصدقاء روجر من أيام الدراسة , فأطلعتني ماري , زوجة ذلك الصديق الثرثارة , على القليل الذي تعرفه عن آندرو , وليس هناك أدنى شك في أن موراغ تحاكي أمها خبثا , وهي مولعة بالرجال أيضا , وخير دليل على قلة أمانتها , سرقتها بعض النقود من أحد أصدقائها بقصد مرافقة أحد الشبان الى الخارج".
منتدى ليلاس
" هل هي خبيثة الى هذا الحد؟".
" تعتقد ماري أن موراغ مكنيل لا تستحق أن تعيش ,وفي الحقيقة تلمح الى أنها ليست أبنة آندرو".
" ليست أبنته ؟ يا له من تصريح خطير".
" لقد ولدت موراغ في مرحلة مبكرة كان من الطبيعي أن يثق آندرو بزوجته , وألا يتهمها بالخيانة , ولن يعرف أحد أذا داخله الشك في هذا الأمر أو لا".

" لا أستغرب أذن قساوته وبلادته , وهو بالفعل يستحق الشفقة".
" يستحق الشفقة! أنه لا يشكر من يرثي له , أصبري حتى تتقابلا".
" هل سألقاه؟".
" أنه سيحضر يوم الأربعاء فيما لن تغادري أنت قبل يوم السبت".
" أعتقد أنه يملك عزبة واسعة".


اماريج 27-07-10 09:38 PM


" لا يحمل لقب لورد من لا يملك عزبة واسعة , والعزبة التي يقوم فيها منزله تمتد على آلاف الأفدنة , وهو يملك عزبا أكبر منها في الشمال , وله أسهم في بعض المصانع أيضا على حد قول روجر , وأقر أنه يجهد نفسه في العمل , وأنه رفيع الشأن لالمع عضو في حرس الملكة الشخصي , وفي فرقة رماة النشاب الملكية".

أصغت هيذر قبل أن تصيح:
" ها قد رجع الأولاد, أسمعي ضجيجهم".
ألتفتت غايل عبر النافذة , فرأت الأولاد الأربعة يتسابقون في الروضة ويهتفون بأعلى صوتهم , وفي ثوان فتح الباب على مصراعيه , ودخل ولدان أحمرا خجلا وضاق نفسهما , ثم عانقت ماندا خالتها وصرخت:
" خالتي غايل , هل حضرت منذ وقت طويل ؟ عندنا ضيوف , هل رأيتهم؟".
منتدى ليلاس
" لقد رأيتهم الآن".
ثم أشارت ماندا الى الصغيرين الواقفين في الباب .
" هيا , أقتربا وصافحا خالتي غايل".
ضحك سيمون :
" هما خجولان , هيا , فخالتي غايل لا تأكل بشرا".
تقدم روبي أولا , وهو يمد يده الصغيرة وقد أتسخت قليلا:
" كيف حالك؟".

نظرت اليه غايل , فرأت في ملامحه الصلابة والقوة والجرأة على رغم صغر سنه .
" أنني سعيدة بلقائك يا روبي, هل هذه شقيقتك؟".
" أنا شنا".
تأملت شنا غايل بحذر قبل أن تمد لها يدها بحرارة وعفوية أقل من تلك التي أظهرها روبي فيما قطبت جبينها على نحو لا مبرر له:
" هل ستبقين هنا؟".

" مدة قصيرة".
وسحبت الطفلة يدها الباردة بسرعة , بينما دعا سيمون خالته لملاعبتهم:
" تعالي وألعبي معنا كما تفعلين دائما".
" خالتك غايل تشرب الشاي".

وأخيرا خرجت غايل , فشارك الجميع في لعب الكريكيت , فوق أعشاب الروضة , وفي اليوم التالي أصطحبت غايل وهيذر الأولاد الى الأحراج , أما روجر , فرافقهم يوم الأحد في نزهة بالسيارة تناولوا خلالها الشاي في نزل ريفي , وبسبب عطلة نصف الفصل , قضى سيمون وماندا اليومين التاليين في البيت , وسمح لهم دفء الجو وصحوه باللعب في الخارج.

وذات مرة تخلّت هيذر عن حذرها
وقالت لغايل:
" لقد أحببت هذين الطفلين , أليس كذلك؟".
أطرقت غايل فيما فكرت أنها أستمتعت برفقة الصغيرين فعلا مع أن الأيام مرت سريعة ومع أنها تاقت الى لقاء والدهما , فأنها حزنت على مرور الوقت.

وصل آندرو يوم الأربعاء قبل العشاء بقليل , وبينما كانت غايل تبدل ملابسها في غرفة نومها , رأت السيارة تتوقف في الممر المؤدي الى المنزل وترجل منها أثنان , وبدا آندرو مكنيل مهيبا بقامته الطويلة المنتصبة وكتفيه العريضتين القويتين , ألا أنه أستدار نحو البيت قبل أن تتمكن غايل من تفحص قسماته , فتابعت أرتداء ملابسها , وبعد أن ألقت نظرة أخيرة على نفسها في المرآة
منتدى ليلاس
نزلت الى قاعة الجلوس حيث أستقبلت شقيقتها وصهرها ضيفهما , ولما دخلت , أستدار آندرو ورمقها بنظرة لامبالاة قبل أن يتابع حديثه مع روجر , الذي أبتسم وتكلم بسرعة , أما غايل فغضت الطرف عن سوء سلوك آندرو.

ضغط آندرو على يد غايل , فأجفلت , ولكن سرعان ما تلاشى أهتمامه بها , كما تجاهل هيذر التي دعت غايل لمساعدتها في أعداد العشاء , وبينما قطعتا الممر الصغير
سألت غايل:
" ألا تحضر ترودي ولويز العشاء؟".

أجابت هيذر بأستياء:
" بلى , لكنني أضطررت للخروج ,ألم تجدي أنه رجل لا يطاق؟ سيغضب روجر مني , لكنني لن أساير أصدقاءه المتعجرفين والسيئي الطبع".
قهقهت غايل:
" هل هناك آخرون مثله؟".
" صديق واحد وحسب , ولا يمكن أن يوجد له مثيل".

" لعله يفضل صحبة الرجال".
" ربما , بل من المؤكد أنه يفضل صحبة الرجال".
فسألتهما لويز فيما أخرجت قطعة لحم كبيرة كانت تشويها في الفرن:
" هل تتحدثان عن السيد مكنيل؟".
" بالضبط يا لويز".


اماريج 27-07-10 09:39 PM

علّقت لويز برقة:
" أنه يفوق أناقة سائر الرجال الذي رأيتهم , كما أنه ينزع الى السيطرة مثل أبطال الأفلام , ولعلك تفهمين قصدي".
ألتقت نظرات الشقيقتين , وضحكتا بينما قالت توردي:
" يبدو أن لويز وقعت في هوى السيد مكنيل".

أبدت هيذر ملاحظة سريعة أتسمت بالحدة:
" لكل شخص ذوقه , هل يسير كل شيء على ما يرام؟".
" على خير ما يرام , لقد أتقنت صنع الصلصة , وأرجو أن تعجب السيد مكنيل".

أوضحت هيذر :
" لدينا ضيفان".
تطلّعت لويز الى غايل:
" آسفة يا آنسة كرسلي , آمل أن تنال الصلصة أعجابك".
" أنني واثقة من ذلك يا لويز , وأنا دائما أقول أن لا أحد يتقن تحضير الصلصة مثلك".

جلست غايل الى طاولة العشاء قبالة آندرو , الذي لم يعرها أي أهتمام ,لذلك لم تحرج وهي تتفحص ملامح وجهه السمراء النحيلة القاسية , وفمه الثابت القوي , وتماوج شعره الأسود المسرّح الى الوراء قليلا , بينما تحول الشعر عند الصدغين الى رمادي , ولونت زرقة داكنة عينيه الشبيهتين بعيني الصقر فيما علاهما حاجبان كثيفان مستقيمان , وبدا شرسا وهمجيا بعض الشيءعلى رغم أن سيماء وجهه ومظهره المهيب طبعته بطابع الأرستقراطية الأسكوتلندية.

وأخيرا , كان لا بد أن يفطن آندرو الى أهتمام غايل به , فتفحصها بنظرة غرور , فأستحت , وخفضت عينيها , وركزتهما على طبقها , ألا أنها أحست أن عينيه ما زالتا مسمرتين عليها , فوضعت يدها على خصلة الشعر المنسدلة فوق صدغها بدون أن تدري , ولمست الجرح خلاله , وتساءلت لماذا أضطربت لمجرد التفكير بأن الجرح قد يبرز.
منتدى ليلاس
وبعد قليل أستنتجت من حديثه مع روجر أنه لم يجد مربية , ولما صعدت شقيقتها الى الدور الأعلى , وخرج صهرها ليودع السيارة في الكاراج قالت وهي تحس صعوبة في التنفس:
" أخبرتني شقيقتي أنك أعلنت عن حاجتك الى مربية".
" هذا ما أفهمتها أياه هي وروجر".

بالكاد لاحظت غايل صوته العميق البارد وذلك لأنشغالها بالمراوغة في جوابه والغرابة في كلامها , وتعذر عليها أن تتحدث ثانية بعد أن دخلت توردي بصينية العشاء , وما هي ألا دقائق حتى عادت هيذر , فساد الغرفة صمت الى أن قطعه روجر:
" هل ينبغي أن تذهب غدا؟ ما رأيك أن تتخلف بضعة أيام عندنا ؟".
أكفهر وجه هيذر فيما أنتظرت جواب آندرو:
" سأفعل بأمتنان".

ظلّ صوته جامدا على رغم ظهور نبرة كآبة مخالفة لشخصيته , ألا أنه سرعان ما نجح في أخفاء عواطفه بعد أن عاد يتحدث الى صديقه.

أحب روبي غايل منذ اللقاء الأول , في حين حافظت شقيقته على حذرها أتجاهها وبعدها عنها , علاوة على شعور بالتعالي بدا غريبا في طفل من عمرها , مع ذلك رغب الأولاد الأربعة في أن تلاعبهم غايل


اماريج 27-07-10 09:40 PM

التي لاحظت غير مرة نظرات آندرو الغريبة اليها , وتجلّى ذلك ذات يوم بعد تناول الشاي , فقد جلست غايل في البهو الصغير تقرأ قصة للأولاد الذين أفترشوا البساط عند قدميها , وأقترب روبي كثيرا منها
وألقى رأسه الأسود الجعد على ركبتها , ورفعت نظرها من ثم لترى آندرو منتصبا في الباب وهو يركز نظره عليها , فتوقفت عن القراءة محرجة بسبب مراقبته الصامتة لها , فأبتسم روبي لها راجيا:
"أرجوك تابعي القراءة يا خالة غايل , فالقصة ممتعة".

بادلت غايل روبي الأبتسام وهي تستغرب أن يكون قد تقرّب منها في هذه المدة القصيرة .
" هل أعجبتك القصة؟".
" أنها قصة رائعة , لا أحد يقرأ لنا في البيت".
منتدى ليلاس
وجدّدت النظر الى الرجل الطويل الواقف في الباب , وكادت تغلق كتابها برهة لو لم يسرع الى القول:
" لن أقاطعك يا آنسة كرسلي , لأن الأولاد منسجمون كما يبدو".
ثم تراجع وأغلق الباب بهدوء.

وقفت غايل على الشرفة في مساء اليوم التالي تتمتع بالسكينة بضع دقائق قبل أن تأوي الى فراشها بعد أن تمنت ليلة سعيدة , وودعت آندرو الذي سيسافر في الغد , ولف الجو الدفء والهدوء بينما أندفع القمر بين الغيوم وهبت نسيمات لطيفة
ألا أن غايل أضطربت نتيجة وداعها الأخير لروبي وشنا اللذين , على الأرجح , لن تلتقيهما ثانية , فقد حلّ روبي محلا رفيعا في قلبها بكل تأكيد , ففكرت أنها لو كانت ترزق بولد لما تمنت أن ترزق ألا بولد يشبهه.

وأستدارت فجأة وقد لفها الأضطراب لأنها رأت آندرو يقف في باب الغرفة وراءها يراقبها , وأستدارت ثانية وهي تتوقع أن يتراجع الى الداخل , غير أنه أندفع الى الشرفة ووقف بجانبها بقامته المديدة المنتصبة وشخصيته المهيبة , فتكلمت على الفور لرغبتها في قطع حبل الصمت قبل أن يطغى عليهما:
" الجو رائع الليلة , لذلك خرجت لتنشق الهواء الطلق قبل أن آوي الى الفراش".

لم يعلق آندرو بشيء , فتابعت حديثها بالسرعة نفسها :
" يبدو أن رحلتك غدا ستكون ممتعة".
" غاية في المتعة".
" أخبرتني هيذر أنك أودعت سيارتك هنا".
" أجل , لقد أودعتها".

لماذا قصد أن يراها هنا؟
فهو لغاية الآن لم يبد سوى أهتمام بسيط بها وذلك أثناء وجودها مع الأولاد فقط , ولم يتكرم عليها حتى بنظرة طوال الوقت الباقي , لماذا جاء؟
سألت نفسها هذا السؤال مرة ثانية , ومع أنّ قلبها أخذ يخفق بسرعة فائقة , فأنها لم تتهيأ مطلقا لكلمات آندرو التالية:
" أعترف يا آنسة كرسلي أنني راقبتك فيما كنت مع أولادي , وكما تعرفين , فقد كنت أبحث عمن يعتني بهم".
منتدى ليلاس
قالت وهي تتنفس بصعوبة لشدة فرحها:
" أعرف أنك تبحث عن مربية".
تلا ذلك صمت قصير , وتوارى القمر خلف الغيوم , فغاب وجهه في الظلمة :
" أريد شخصا يعتني بأولادي".

أنتظرت وهي تعرف ماذا سيقول , أو أحست أنها تعرف , وبان القمر ثانية , فبدا وجهه صلبا وجامدا فيما حافظت غايل على صمتها وحزنها , ثم قالت:
" أ .... ألم تجد مربية مناسبة ل.......لهم؟".


اماريج 27-07-10 09:41 PM

بم ستجيبه أن هو طرح السؤال آخر الأمر؟ أنها تتمنى أن تعيش مع الأولاد وتعتني بهم وتحبهم وكأنهم أولادها , وقد أحبّت روبي وأحبها , أما شنا.....
"لم أكن أبحث عن مربية ".
" لم....؟ لقد قالت لي هيذر أنك أعلنت عن حاجتك الى واحدة , ولذلك قصدت لندن".

ما كادت غايل تنطق بهذه الكلمات حتى تذكرت جوابه المراوغ قبل بضع ليال.
" صحيح أنني أعلنت عن حاجتي الى مربية".
سكت طويلا , ثم أضاف:
"لكن أحدا من المرشحات لم تتوافر فيها شروطي".
" لا أفهمك, فأنك قد قلت قبل قليل أنك كنت تبحث عن مربية".
منتدى ليلاس
" أنني أبحث عن زوجة , لكن , من الطبيعي ألا أعلن عن ذلك , وكم تمنيت أن تلائمني أحدى المرشحات ,غير أن أمنيتي لم تتحقق".
" زوجة يا سيد مكنيل؟".
" أن أولادي محرومون منذ ولادتهم من حنان الأم , والمربية لا تقدم حلا حتى لو طالت أقامتها , لذا أريد أما لأولادي".

أنتابتها خيبة الأمل أذ فكرت لماذا يقول لي ذلك؟ الآن فقط عرفت أنها كانت ستعبّر عن قبولها لمنصب مربية بشغف ومن دون تردد , فرفعت عينيها وقد بانت فيهما آمالها المهشمة , قالت بتردد:
" فهمت .... لقد ظننت لحظة.... للحظة .... أنك تعرض عليّ وظيفة مربية".
" هل كنت ستوافقين؟".
أطرقت تعسة:
" أجل يا سيد مكنيل , كنت سأقبل".

تراجع , وأسند ظهره على الدعامة الحجرية , وقال:
" وماذا لو طلبت اليك أن تعتني بهم وكأنك أمهم؟".
بالطبع , كان يجب أن تعرف , ورغم ذلك نظرت اليه وهي مدهوشة , ثم تسارع نبضها , لقد تمنت أن تكون زوجة وأما قبل حصول الحادث , وكان ذلك قدرها المحتوم.
" لا أقدر.... أعني...".
صمتت وقد أرتبكت وأحتارت.

" هذا مستحيل يا سيد مكنيل , فنحن لا نكاد نعرف بعضنا".
" لا ريب أنك رغبت في قبول وظيفة المربية....".
" أجل , سأقبل ذلك بفرح".
" لا يختلف المنصب الذي أعرضه عليك ألا قليلا , فهو ترتيب أداري , لكنه ملزم غاية الألزام يا آنسة كرسلي , فعلي أن أتزوج من أجل أولادي".

توقف وهو ينتظر جوابها , لكنها لم ترد , فتابع حديثه:
" لعلك لا تعرفين شيئا عن أبنتي الكبرى , لقد حرمت من حنان الأم , وكانت نتائج هذا الحرمان مريعة , فهي الآن في حال لا يمكن أصلاحها معه , وأنا لا أريد أن يسير صغيراي سيرتها".
" لا يمكن أصلاحها؟ كيف يمكنك أن تقول ذلك؟".
منتدى ليلاس
" ينبغي علي التصريح بالحقيقة , ولست أدري ماذا سيحل بها , فقد جربت مساعدتها , ألا أن تأثير الرجل وحده لا يكفي , لقد أضعتها ولكنني لا زلت أحتفظ بروبي وشنا حتى الآن على الأقل".
" أنك لن تخسرهما لأنهما يحبانك , أؤكد لك أنهما يحبانك حبا جما".

" صحيح أن روبي يحبني , لكنني لست واثقا من حب شنا التي تحولت الى طفلة عنيدة يصعب التعامل معها".
هنا أنقطع عن الكلام , لكنه عندما عاد الى الحديث تهدج صوته من شدة المشاعر التي أختلج بها صدره.
" لا يجب أن تنهج شنا نهج أختها".

فكرت غايل بما قالته هيذر عن أن موراغ ليست أبنة آندرو , ولما نظرت الى وجهه ورأت ملامح شخصيته المعذبة , تحققت من صحة ذلك أذ لا يمكن أن تصل الى حال لا يمكن أصلاحها معه , يا له من تصريح خطير يقال في حق أبنة خمس عشرة سنة
ثم تساءلت غايل:( هل يسعها مساعدة موراغ؟ هل تستطيع أعادتها الى الصراط المستقيم؟).
أنقضت ساعة قبل أن يدخل آندرو وغايل الى البيت.

******نهاية الفصل الاول*******


زهورحسين 28-07-10 12:25 AM

الروايه روعه وموعجيبه لان اختياراتك دومامميزه000بانتظار التكمله ونطلب منك رواية اللمسات الحالمه000يافله000:55::55:

dalia cool 28-07-10 02:08 AM

الرواية رووووعة اماريج نحن بالانتظار

Rehana 28-07-10 10:42 AM

حبيبتي الملخص حلووووو كثيررر..ومشوووقة

بالتوفيق حبيبتي في تنزيل

♥°°♥ملاك الحب♥°°♥ 28-07-10 07:19 PM

بليز خلصيها بسرعه
روايه روعه ياروحي

اماريج 28-07-10 11:26 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زهورحسين (المشاركة 2395606)
الروايه روعه وموعجيبه لان اختياراتك دومامميزه000بانتظار التكمله ونطلب منك رواية اللمسات الحالمه000يافله000:55::55:

الشكر لمرورك العطرومتابعتك ياقلبي
وان شاءالله بس اخلص يلي بين ايدي بشوف بالنسبة للرواية ههههههه
تحياااااااتي العطرة لك ياعسل


اماريج 28-07-10 11:27 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة dalia cool (المشاركة 2395770)
الرواية رووووعة اماريج نحن بالانتظار

الاروع ياعمري هو مرورك ولاتحرميني هالطلة الحلوة
لك ودي

اماريج 28-07-10 11:31 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Rehana (المشاركة 2396032)
حبيبتي الملخص حلووووو كثيررر..ومشوووقة

بالتوفيق حبيبتي في تنزيل

ريحانة انتي منورة يالغلا
وشاكرة لك مرورك وتعليقك الحلو كلك ذوقك ياعمري
لك ودي
http://www.iraqnaa.com/ico/image/t037.gif


اماريج 28-07-10 11:33 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ♥°°♥ملاك الحب♥°°♥ (المشاركة 2396393)
بليز خلصيها بسرعه
روايه روعه ياروحي

تسلمي ياحلوة على مرورك وتعليقك
وان شاءالله مابتاخر في تنزيل الاجزاء ياهلا بيك
منورة وتحيااااتي العطرة لك


اماريج 28-07-10 11:35 PM

2- الزواج المر
********************
ذرعت هيذر غرفة شقيقتها ذهابا وأيابا وقد أمتقع وجهها.
" لا ريب أنك جننت يا غايل , وقد أثّر هوسك بالأولاد على تفكيرك".
" سوف أصبح زوجة وأما , ومن المؤكد أنك لاتنكرين عليّ هذا الحق".

" لن تنعمي بشيء من ذلك , أنما أنت تخدعين نفسك , فهو قد أكد بنفسه أن الأمر لن يعدو أن يكون ترتيبا أداريا , فكيف يمكن أن تكوني زوجة؟".
" ليست المعاشرة محور الحياة الزوجية..........".
" أنك طبيعية , وسوف تلتقين الرجل الذي يحبك وينشىء معك علاقة عادية ناجحة , أن أحدا لم يفلح في أنشاء شراكة غير طبيعية كالتي تطمحين اليها".

ووقفت هيذر بجانب الكرسي الذي جلست عليه غايل , ونظرت اليها متوسلة:
" تريثي , بحق السماء تريثي".
" لقد وعدته , ولن أخل بوعدي".
" هل تتوقين الى الأخلال؟".
" أريد أن أتزوجه".

" ألم تري أي صنف من الرجال هو؟ أنه فظ قاس".
" قاس!".
" أوليست لك عينان؟ ألم تري وجهه وتعرفي أنه لا يحب النساء؟ في أي حال , توافرت لك شواهد كثيرة على ما أقول في الأيام القليلة الماضية , فهو قد ضاق ذرعا حتى بنا أنا وأنت".
" لا يهمني كرهه للنساء , فأنا سأعنى بالأطفال , ولا أتصور أنني سأحتك به كثيرا".
" ألا تحتكين بزوجك؟ ما هذه الحياة؟".
منتدى ليلاس
" أنت تعرفين الوضع تماما لأنني شرحته لك بالتفصيل , فنحن سنتزوج , ألا أننا لن نضع قيودا على بعضنا وهذا هو الفارق الوحيد".
" هل سترضين بمثل هذا الوضع؟".
" لقد قررت بملء أرادتي أن أخطو هذه الخطوة , وأنا أعرف ماذا ينتظرني بالضبط".
" لا بد أن تؤثر عليك حقيقة كراهيته للنساء سواء كان ذلك ضمن ترتيب أداري أم لا".

" من المعروف أنه يكره النساء ".
" أنني أقر بهزيمتي , ولا أستغرب أن تقدمي التبريرات المختلفة لتصرفاته بعد شهر من الآن".

" شهر! أن ذلك لمدة قصيرة".
" سوف تظهر لك حقيقته فور أن يقبض عليك بمخالبه".
" أرجوك ألا تكوني عاطفية وتتصوري الأمور بسذاجة".


اماريج 28-07-10 11:36 PM

" كيف تقبل فتاة عاقلة ومتزنة أن تعلق بالفخ من دون أن تفكر للحظة ؟ لن تفعلي ذلك يا غايل".
" ماذا يمكنك أن تفعلي حتى تمنعيني ؟ أنه رجل صادق وشريف , وأنا أثق بكلامه , وهو لا يريد أكثر من أم لأولاده , ولذلك من الطبيعي أن يظهر المودة في معاملته لي , وقد قبلت العرض لأنه كان واضحا وصريحا , وفي أي حال نحن غريبان عن بعضنا , وهذا ربما أفضل".

عادت هيذر تسير ذهابا وأيابا , ثم قالت:
" أن أفكارك غريبة للغاية , ولكن , أرجو ألا تأتي الي عندما تكتشفين أنك حولت حياتك جحيما , وأؤكد لك أن بيث لن تصدق كل ما حدث".

" أن سني تسمح لي بالتحكم بمصيري كما أشاء , وبوسعي أن أحب الصغيرين , ومن الأفضل أن أساعد موراغ أذا أستطعت , وهكذا لن تذهب حياتي هدرا يا هيذر كما هي الحال الآن , ربما صعب عليك أن تفهميني لأنك تتمتعين بوجود روجر وولديك , لكن , ستطغى الوحدة والوحشة على مستقبلي أذا لم أتزوج آندرو , وأنا لا أستطيع التنبؤ بما قد يغير حياتي سوى هذا القرار الذي أعتبره حكيما , ولا تساورني بشأنه أية مخاوف".

تطلعت هيذر الى غايل وهي تهز رأسها:
" هل تظنين فعلا أنك تستطيعين مساعدة هذه الفتاة علما بأن والدها أعلن أن حالها لا يقبل الأصلاح؟ وهل يقر رجل مثل آندرو بالهزيمة أذا لم يقتنع تمام الأقتناع بهزيمته؟".
" أعترف أن آندرو لن يقر بهزيمته بسهولة , ومع ذلك فسأحاول".

" لماذا تحاولين ؟ أنها أبنة أمها , وقد أخبرتك أن ماري قالت أن الفتاة لا تستحق أن تعيش".
" هذا تصريح خطير يا هيذر , لا يمكن أن يكون أحد على هذا القدر من الشر".
" لا يجوز أن يكون الجميع مخطئين , هل تقصدين أن أباها يبالغ في أقواله؟".

تحولت غايل عن شقيقتها وقد أبيّض وجهها وبرق الدمع في عينيها , وأخيرا أكدت بأصرار:
" سأحاول".
" ستخفقين".
" ربما , ولكن , يبقى الولدان الآخران , سأنشئهما نشأة صالحة يفخر بها آندرو , وهذا سيعوض عن موراغ بعض الشيء".
" هذه بطولة خارقة".
منتدى ليلاس
نظرت غايل الى هيذر الهائجة والتي تفوهت بأقوال لم تكن لتتلفظ بها في ظروف عادية , ألا أنها كانت قلقة على غايل وخافت عليها أكثر من نفسها , بل الحقيقة أن غايل لم تعرف الخوف أبدا , فلقد عرفت بالغريزة أنها أختارت الطريق القويم ووضعت ثقتها الكاملة بغريزتها لتلك.
" لست بطلة , لقد أخبرت بيث بذلك منذ بعض الوقت , فأنا بشر , وهذه الخطوة هي لمصلحتي ومصلحة الأولاد , وهذه هي الطريقة الوحيدة التي أصبح بها أما , لقد واتتني الفرصة مرة واحدة في حياتي , ومن السخف والجنون ألا أنتهزها".

" لو أستطيع أن أعيد دورة الزمان الى الوراء , لما كنت قابلت آندرو ".
لاحظت غايل وقد أغتاظت:
" كلنا نتمنى أن نعيد دورة الزمان الى الوراء , أنما ليس بوسع أحدنا أن يفعل ذلك , لقد قابلت آندرو , وأنا عازمة على الزواج به مهما قلتم".
" أحذرك من أن بيث وهارفي سيقولان أشياء كثيرة".


اماريج 28-07-10 11:37 PM

والحقيقة أنهما فعلا , فعاشت غايل الجدال والمشادات ثانية في اليوم التالي عندما ذهبت لحزم أمتعتها , وقد وصلت الى البيت برفقة روجر , وهو الوحيد من أقاربها الذي لم يفه بكلمة أقناع واحدة , أما بيث فقالت:
" عليك أن تصبري حتى تجدي الرجل الذي يحبك".

وأستطردت أن بوسع غايل أن تعيش حياة طبيعية وأن تتبنى مع زوجها الأولاد , وعلى رغم أن الجدال لم يتوقف لحظة أثناء حزم غايل لأمتعتها
فأنها ظلت على أصرارها وحزمها , علما أنها أستغربت أحيانا رباطة جأشها , ولم تتصور أية مشكلة أو صعوبة لأن الولدان سيكونان تحت أمرتها , وآندرو لن يتدخل أذا لم تحد عن الخط القويم
فهو لا يطمع بأكثر من الحياة الهادئة , وهي لا تتمنى سوى ذلك , ومن المؤكد أنها ستدبر شؤون منزله كأي زوجة عادية ,ومن البديهي أن يتوقع منها ذلك , أذن فغايل لا ترى أية ثغرة في تلك الترتيبات , وهكذا , على رغم أشمئزاز وأعتراض جميع أقاربها بأستثناء روجر , أقترنت غايل بآندرو يوم الثلاثاء التالي , وغادرا في اليوم نفسه الى عزبته في برتشاير.

ولم يتكلم آندرو كثيرا في الطريق , وكذلك فعلت شنا ,التي أخفقت محاولات غايل العديدة لأزالة تحفظها , أما روبي , فأبتهج كثيرا , ولم يجد صعوبة في مناداة غايل ( ماما) تحقيقا لرغبة والده , في حين بدت شنا مصممة كل التصميم على ألا تحذو حذوه , لكن غايل لم تنزعج من تصرفها هذا لشدة تفاؤلها وثقتها بأنها ستقضي على عناد الطفلة في المستقبل القريب.

ولما وصلوا الى أدمبرة , عاصمة أسكوتلندا
سأل آندرو غايل :
" هل زرت أدمبره من قبل؟".
" أذكر أننا قضينا بضعة أيام في أسكوتلندا عندما كنت صغيرة".
وصدمت غايل أذ فطنت أنها لا تعرف مكان سكن زوجها , فسألت:
" هل يبعد بيتك كثيرا عن هنا؟".

فأعلمها روبي على الفور:
" نحن نقيم في منطقة المرتفعات الهايلاند , لكننا نملك بيتا آخر يبعد كثيرا , أليس كذلك يا بابا؟".
أجاب آندرو:
" أجل يا روبي , أنه مقر للصيد".
فعلق روبي:
" لكنه كبير".
" أجل أنه كبير".
منتدى ليلاس
وأجتازوا المدينة , فبرزت أمامهم القلعة الشهيرة التي ولدت فيها الملكة ماري , وهنا سألت غايل :
" ماذا تصطادون؟".
" الغزلان".
أنحنى روبي فوق المسند الخلفي لمقعد والده:
" عندما أكبر سوف أصطاد الغزلان , لقد أعتدت ألا تصطحبنا معك عندما تذهب الى الصيد , ولكن , هل يمكننا أن نرافقك الآن وقد أصبح لنا أم؟".

" ربما , سوف أفكر في الأمر لاحقا".
" هل ستصيدين يا ماما؟".
" كلا يا روبي , لن أفعل".
" لا يسعها أن تكون صيادة ماهرة".
" يبدو أصطياد الغزلان وسيلة لتغيير الأجواء".
" هذا جزء من حياتنا لا شك أنك ستألفينه".

وأدار آندرو رأسه لحظة , فلاحظ دهشتها وأضاف:
" أن القضاء على الغزلان الضعيفة ضرورة لقطيع الغزلان نفسه , فلو بقيت جميع الغزلان على قيد الحياة وتضاعف عددها , لحلت بها الجاعة , ولعلك تتعزين أذا علمت أنني لا أسمح بالصيد داخل أراضيّ الا للرماة البارعين".
قالت غايل بعبوس:
" ولكن , يمكن للرامي ألا يصيب".
رد آندرو مقطبا جبينه:
" من الخير ألا يفعل".

" هل تقصد أن الحيوان يقتل على الفور دائما؟".
" أذا لم يقتل الغزال , فعلى الصياد المسؤول عن الفريسة أن يلحق بها ويقتلها مهما كلفه ذلك من وقت , على أنني لا أسمح ألا للرماة الماهرين بالصيد داخل أراضي , ونحن لا نطلق النار ألا أذا تيقنا من الأصابة المباشرة والموت السريع".


اماريج 28-07-10 11:38 PM

أقفلت غايل الحديث , وظلت على أقتناعها بخطأ أصطياد الغزلان مع قول آندرو أن العملية مفيدة للقطيع نفسه.
وعبروا جسر فورث المخيف شمالا نحو الهايلاند مجتازين منطقة أوكيلز.

وبعد توقفهم في نزل برث لتناول المرطبات , فاجأ آندرو غايل بألتفافه حول المدينة , فتمكنت أن تتفرج عليها من قمة كينول وهي أحد مرتفعات سلسلة سيدلو, وهنا تكلمت شنا , التي صمتت طويلا فيما أدخلت يدها في يد والدها.

" ألم نزر هذا المكان من قبل؟ أليس بأستطاعتنا أن نرى من هنا على مسافة بعيدة؟".
لقد أرتفعت خلف وادي تاي الأبيض والأخضر تلال أوكيلز التي أجتازوها قبل قليل , في حين أمتدت الى الغرب جبال بنز وجبال غراميبانت.
" أنه منظر رائع".
نطقت غايل بهذه الكلمات وهي تشعر بالحماسة والتأثر في بداية حياتها الجديدة.

وأخيرا تحول آندرو عن الطريق العام ليتسلق منحدرا شديدا يؤدي الى قوس بوابة عال مصنوع من الحديد المصبوب ومحاط ببرجين حجريين ضخمين على الجانبين يقع عند أسفلهما المسكن , وجرى على جانب الممر المؤدي الى المنزل والذي يمتد مسافة ميل جدول صاخب , كما أحاطت به أشجار الصنوبر الأرزية ونباتات زهر الربيع , وتجمعت أفراس سمراء محمرة حول أصطبلاتها , بينما رعت أغنام ذات وجوه سوداء فوق أحد السفوح , وأحتجبت أبقار الهايلاند في الظلال على مسافة بعيدة.

وأحاطت رياض غناء بالبيت الذي علت بابه لوحة من حجر رملي نفش عليها أصل عشيرة مكنيل.
ودفع آندرو السيارة الى ساحة البيت الأمامية حيث وقف وكيل أعماله الذي خرج من الظل , وقال:
" هل أستمتعت بالرحلة يا سيدي؟".
" كثيرا يا سينكلاير".

ترجل آندرو من السيارة , بينما فتح سينكلاير الباب من جهة غايل , وقد ظهرت الدهشة على وجهه ذي القسمات العميقة والجلد القاسي , وأنطلق الولدان صوب الباب الأمامي في الوقت الذي قال آندرو ببساطة
وكأنه يتحدث عن حالة الجو:
" أقدم لك يا مدير العزبة زوجتي غايل"
"زو..............؟".
منتدى ليلاس
ولكن سرعان ما تنبه سينكلاير للأمر , فمد يده ليصافح غايل فيما ألقى عليها نظرة باردة :
"يسعدني أن ألقاك يا سيدة مكنيل , لقد أحضرت معك طقسا جميلا ".
ضحكت غايل وقد سرها قوله:
" شكرا ,أنه للطف عظيم منك أن تقول ذلك , لكنني أفترض أنكم لم تشهدوا شتاء على هذه الدرجة من الغرابة والأعتدال لسنوات عديدة".

" صحيح يا سيدتي , فقد كان عندنا السنة خريف وربيع وحسب".
عقب آندرو:
" من الأفضل أن تقول حتى الآن , فمن الجائز أن فصل الشتاء قد تأخر لذلك لا تتوق الى التفاؤل".
وما أن دخل آندرو وغايل البهو الكبير , الذي صمم بشكل قرن وعل , حتى قابلت غايل عددا آخر من الخدم , وبالتالي جرى مزيد من التعارف وتبادل عبارات الترحيب المصحوبة بنظرات باردة
وعلق آندرو:
" ستتحدث عنا الأخبار بعد ساعة من الآن , أرجوك يا ماري أن ترافقي السيدة مكنيل الى حجرتها".


اماريج 28-07-10 11:40 PM

جاورت غرفتها غرفة آندرو , وتساءلت غايل أذا كان أحد قد نام فيها بعد وفاة زوجة آندرو , فمالت الى نبذ الفكرة , ولم ترغب بالتالي أن تنام هي فيها , ألا أنها لم تقدر أن تطلع زوجها على الأمر , وخمنت أن كل ما ستعرفه لن يعدو كونه سطحيا لأن زوجها أغلب الظن لن يثق فيها يوما , وقالت ماري , وهي سيدة سمراء في مقتبل العمر ذات أبتسامة دائمة وصوت لطيف:
" آمل أن تعجبك المناظر من هنا يا سيدتي".

" أنها فتانة , والآن , أرجو أن تتركي أمتعتي قليلا لأنني أرغب ببعض الوحدة".
" حاضر يا سيدتي".
وتطلعت غايل الى الجبال والمروج ,وقد أنتشرت فوقها الظلال وأستحمت بأشعة الشمس المتلاشية ولونها القرمزي , ورأت غديرا متاوجا وبحيرة علاوة على مجموعة من أشجار الصنوبر المغروسة بمحاذاة جنينة معلقة , وبركة سباحة الى يمين المنزل.
منتدى ليلاس
ثم أستدارت لتتأمل الغرفة الواسعة والمدفأة عل نحو مريح بواسطة نظام تدفئة مركزي شأنها شأن سائر أجزاء المنزل , وفيما وقفت هناك تتأمل ما حولها , أدركت للمرة الأولى الأثر البالغ لعملها المتسرع , هل كان كل هذا البذخ من أجلها؟
هل يمكن أن يكون ذلك حلما؟ أو هل تزوجت حقا؟ وأنتقلت عيناها الى الباب الكبير المصنوع من خشب السنديان ونهضت لتجربه , أنه موصد , وأنحنت , فلم تر مفتاحا في الجانب الآخر , من الطبيعي أن يتناقل الخدم الحديث , وقد تبلغ الحقيقة مسامع أصدقاء آندرو , وأسرعت الى الباب الخارجي فور سماعها قرعا خفيفا عليه , ففتحته لتعلمها خادمة شابة وهي تبتسم:
" سيكون العشاء جاهزا بعد ساعة يا سيدتي".

" أشكرك".
أبتسمت الشابة مجددا قبل أن تبتعد.
تساءلت غايل عما يجب أن تفعله , فواجبها هو الأعتناء بالصغيرين اللذين تواريا بعد دخولهما الى البيت بسرعة , ولكن , متى يأويان الى الفراش؟ وهل يريدان أن يتناولا العشاء , أو هل أهتمت أحدى الخادمات بهذا الأمر؟
هل يجب أن تنزل لتتلقى تعليماتها من آندرو ؟ هذا هو الحل الوحيد , ولكن , ما أن فتحت الباب , حتى سمعت لآندرو يتحرك في الغرفة المجاورة.

وترددت قبل أن تقرع الباب , وتسمعه يجيب بحدة وعصبية , أو هكذا خيل لها:
" من هناك؟".
" أردت أن أعرف ماذا يجب أن أفعل؟ هل أساعد الصغيرين حتى يدخلا الفراش؟".
لم تفلح محاولته لفتح الباب.
" هل لديك مفتاح؟".
" كلا".
" أذن , تعالي من الباب الآخر".

فعلت ما أمرها به , ووجدت بابه مشرعا , فقرعته , ودخلت , وقالت وهي تحس بأضطراب للمرة الأولى منذ قرارها المتسرع بالزواج منه.
" أحسبني مكلفة بالأعتناء بالصغيرين".
تفحصها آندرو:
" عليك في الأوقات العادية أن تقدمي لهما الشاي في ساعة أبكر من هذه طبعا , وأن تضعيهما في السرير , ألا أن أحدى االفتيات ستقوم بالمهمة الليلية لأن المربية تركتنا منذ أسابيع عديدة , أخبريني , هل أعجبتك الغرفة؟".
منتدى ليلاس
أستغربت غايل الطريقة التي نظر بها اليها , هل كانت متعبة أو.... ووضعت يدها على رأسها للحال مع أن الجرح لم يبرز للعيان , وأجابت:
" أنها جيدة , شكرا".
وطمأنها كأنما عرف ما دار في خلدها.


" لم تستعمل هذه الغرفة منذ أيام جدتي , وقد رممت هذا الجناح وجددته وأنتقلت اليه في السنة الماضية , وأرجو أن تشعري بالراحة والطمأنينة يا غايل , وأذا أحتجت شيئا , فما عليك ألا أن تطلبيه مني".
" سأفعل , أشكرك".

ونهض ليغلق الباب في أشارة لها بالأنصراف , فتراجعت الى غرفتها التي بدت أجمل وأحلى , وأبتسمت لظنها أن من الطبيعي ألا تريد أستعمال الغرفة التي شغلتها زوجة آندرو المتوفاة.

ولما كانت موراغ تزور أصدقاءها , لم تجد غايل سوى آندرو لمسامرتها , وبعد أن جلسا للعشاء في قاعة واسعة لا توحي بالراحة , تملكها تدريجيا شعور بعدم تصديق ما هي عليه.

أجهدت الوجبة غايل لفرط ما أستغرقته من وقت , أما آندرو , فلم يفه ألا بكلمات قليلة عندما فرغا آخر الأمر من طعامهما:
" سنتناول القهوة في البهو".
وتصفح آندرو مجلة بينما جلست غايل بلا حراك وهي تشعر بالوحدة والضياع.
وفور أنتهائها من رشف قهوتها , أستأذنت:
" أفضل أن أصعد الى غرفتي".

نظر آندرو الى ساعته وقال:
" الوقت مبكر , لكنني أعتقد أن الرحلة أنهكتك".
" قليلا".
ثم نهضت بأرتباك ,وتمنت له ليلة سعيدة.


اماريج 28-07-10 11:42 PM

زوجة وأم..... وقفت غايل على المنحدر وقد تطاير شعرها وبدت خائفة والكآبة في عينيها , لقد أنقضى شهر على دخولها منزل دنلوكري , بيد أنها ما زالت غريبة عن زوجها كما كانت في الأمسية الأولى , زوجة وأم , لقد قالت هيذر أنها لن تنعم بشيء من ذلك ,وها هي كلماتها تبدو صائبة الآن.

صحيح أن روبي أزداد منها قربا ,لكن شنا كانت صعبة المراس كما قال والدها , وحافظت على برودتها وأنطوائها , وبالنسبة الى موراغ..... كشفت أبتسامة غايل المليئة بالمرارة وأحزن أفكارها , فموراغ تكرهها , ولا تبذل أي جهد لأخفاء كراهيتها لها.

وفي حين حذرت غايل من موراغ , فأنها لم تحضر لمقابلة حماة آندرو , التي سمح لها بدخول البيت لزيارة أحفادها مرة في الأسبوع على الأقل , فقد كانت السيدة دافيز بقامتها الطويلة وعظامها البارزة وملامحها القاسية وشعرها الفاحم السواد نوعا مخيفا وبغيضا من النساء , ولم توفر فرصة ألا وأظهرت فيها كرها لغايل , التي تساءلت كم سيمر من الوقت قبل أن تجبر على الرد عليها , فهي بالرغم من طبيعتها المسالمة وتجنبها للشر , تثور على نحو عنيف عندما تستفز.

" هل عرفت آندرو منذ وقت طويل؟".
هذا أول سؤال طرحته السيدة دافنز على غايل بعد أن تركهما آندرو أثر تعارف وجيز وبعد وصول غايل الى منزل دنلوكري بيومين
فأجابت غايل متملصة:
" ليس لزمن طويل".
سددت اليها عينا السيدة دافنز السوداوان المتعجرفان نظرة أحتقار:
" كم هي المدة؟".

" الحقيقة أنني تزوجت آندرو يا سيدة دافنز لأنه طلب الي ذلك , ولأنني أقتنعت أن بوسعي مساعدة طفليه".
" ولدي أبنتي؟".
" لم يكن بوسع غايل الرد على هذا الكلام , فظلت ساكتة
وأستطردت السيدة دافنز:
" وهل أستطعت مساعدتهما؟".
"لم يمض على وصولي الى هنا سوى يومين , والزمان وحده سيثبت قدرتي على مساعدة روبي وشنا".

برز طيف أبتسام خفيفة مليئة بالسخرية على فمها النحيل القاسي :
" وماذا عن موراغ ؟ ماذا تظنين أنك ستفعلين بها؟".
" موراغ صعبة المراس لكنني آمل أن أصادقها في المدى البعيد".
لقد مر شهر على هذا الحوار , وها هي غايل الآن تقر بصحة أعتراف آندرو أن ليس بالأمكان أصلاح موراغ.

وفجأة ظهرت الفتاة فوق مرتفع صغير وهي تركب حصانا جميلا وتقوده بسهولة ومهارة , ثم أنحدرت عن المرتفع وقد تدلى شعرها الذهبي الطويل على ظهرها بلا نظام , وقد أتسخ , وللحال وضعت غايل يدها على رأسها لترتب شعرها المتطاير عن جبهتها والذي كشف جرحها.

وتوقفت الفتاة وهي على ظهر الجواد ,وبدت متكبرة بطبيعتها المتمردة , فيما أعطت أنطباعا بأنها لم تغسل وجهها المحمر في الصباح , وقالت ساخرة والمرح يلتمع في عينيها:
" عسى أن تكون زوجة أبي بخير بعد ظهر هذا اليوم".
ردت غايل بغضب:
" أنني بخير يا موراغ".

أكفهر وجه الفتاة:
" يا لك من سيدة مصون يا حضرة حرم لورد دنلوكري المتعالية ".
نظرت غايل ثانية الى موراغ وقالت بسرعة:
" قولي لي لماذا تعاملينني بهذه الوقاحة , ألا تعلمين أن من الممكن أن نكون صديقتين؟".
عقدت الفتاة حاجبيها الأشقرين:
" أصادقك؟ أنا أشكر سخاءك , لكنني لا أجهد نفسي في أكتساب الأصدقاء".
منتدى ليلاس
وترجلت موراغ عن الحصان برشاقة حين لمحت سيارة لاندروفر عند منعطف الطريق الذي يلف العزبة الشاسعة , وقالت:
" سينكلاير , أطلب من أحد العمال أن يعيد رستي الى الأسطبل".
" حاضر يا آنستي".

وقللت سيارة اللاندروفر سرعتها , وأختفت على الفور وراء منعطف آخر , وراقبت موراغ بعبوس السيارة حتى توارت ,وصاحت , وهي تهبط التل وتجتاز الممر المؤدي الى المنزل بسرعة دون أن تلتفت الى غايل:
" سأسمع هذا الوغد كلاما يرضيه".

لحقت غايل بموراغ على مهل وهي تشعر بأنقباض في معدتها , ماذا سيحل بالفتاة وهي تعامل جميع من في العزبة بوقاحة , وتعاشر هذا النمط من الأصدقاء والأصحاب , وتعيش على هذه الطريقة.........؟
لقد جربتها غايل ,ولو أظهرت موراغ أي أستعداد للتجاوب معها , لأستمرت في بذل الجهود , ألا أن غايل تقر الآن بالهزيمة أمام موراغ.

ولما وصلت غايل الى المنزل , سمعت أصواتا مرتفعة تنبعث من قاعة الجلوس , فوقفت تتنصت قليلا , فسمعت موراغ تصيح:
" أنا أتحدث الى سينكلاير بالطريقة التي تعجبني , فهو ليس ألا خادما , وعليه أن يعرف مكانه هنا".
" عليك أن تظهري للخدم الأحترام نفسه الذي يظهرونه نحوك.....".

" أنهم لا يبدون نحوي أي أحترام......".
رفع آندرو صوته بطريقة مهددة:
" لا تقاطعيني أثناء الحديث , حاذري غضبي يا موراغ , فأنا على أتم الأستعداد لأرسالك بعيدا".

أطلقت الفتاة ضحكة ساخرة مدوية:
" الى أين؟ الى مدرسة داخلية؟ تعلم أنني طردت من مدرستين حتى الآن ,وسأعمل على أن أطرد من الثالثة بأقصى سرعة , فليس بوسعك أو بوسع أي شخص آخر أن يسجنني , هل زوجتك المغرورة المدعية هي التي ترغب في أزاحتي من طريقها.........؟".


اماريج 28-07-10 11:45 PM

أخرس موراغ حالا , وجفلت غايل كأنما هي التي صفعت
ففتحت الباب مستأذنة:
"آندرو , أرجوك ....هل .... هل يمكنني التحدث الى موراغ؟".

سكتت غايل وقد أرعبتها نظرة آندرو الغاضبة والمليئة بالدهشة , بينما سترت موراغ يدها بوجهها , ألا أن آثار صفعة آندرو لم تختف كليا , وزمجر آندرو غيظا:
" أخرجي من هنا , أخرجي , وأهتمي بشؤونك".

صعدت غايل السلم مرتجفة , لقد عرفت خطأها منذ تفوهت بكلماتها الأولى , فآندرو عاجز عن التأثير على موراغ بالرغم من شخصيته القوية ... ولذلك يجب أن يقاسي الذل والهوان المعيب وحده سرا , ولا بد أن يستشيط غضبا أن رآه أحد في لحظات معاناته , ولم تلبث غايل أن أكتشفت حنقه عليها , أذ شرع بابها على مصراعيه بعنف في غضون دقائق معدودة , وأقتحم آندرو غرفتها وقد أكفهر وجهه سخطا وتطاير الشرر من عينيه وهو يركز بصره عليها , فتلعثمت وهي تتراجع:
" آسفة يا آندرو , كان يجب ألا أتدخل , ولكن.....".

صرخ بصوت حاد كلدغ السياط:
" هل تجسرين على تكرار فعلتك هذه؟ سأطلب مساعدتك ونصيحتك عندما أحتاجها , والى أن يحين الوقت , ألزمي مكانك".
ردت بصوت خفيف متهدج:
"أجل.... أنني آسفة , لقد ظننت .... ظننت أنني بأمكاني أن.... أن أساعدك".

" أخبرتك أنني عندما أحتاج مساعدتك , فلن أتردد بطلبها , هل تفهمين كلامي؟".
أطرقت غايل بحزن من دون أن تنبس ببنت شفة , ثم شاهدت طيفها في المرآة , ولاحظت أن وجهها حاكى بلوزتها بياضا.
أغلق الباب , وجلست غايل على السرير ويدها على قلبها الذي خفق بشدة.

نهضت غايل بعد قليل , وأعادت تسريح شعرها , وكان عليها أن تحضر الأولاد من المدرسة بعد مدة قصيرة
فأستقلت السيارة الصغيرة ثم قصدت القرية لشراء بعض الحاجيات , فأبتاعت لنفسها سترة صوفية وتنورة من قماش التويد , وجذبت بعض أزهار الربيع المعروضة في واجهة أحد المتاجر نظرها ,فأشترت لنفسها باقة كبيرة وضعتها على المقعد المجاور لها , وفي طريقها الى المدرسة , كانت تنظر اليها فتنتعش نفسيتها وترتفع معنوياتها , فالأزهار دائما تريحها , وهي لا تشعر بالتعاسة عندما تجد أزهارا في الغرفة حولها.
منتدى ليلاس
خرج الأولاد من المدرسة , وأسرعوا في الجلوس على مقعد السيارة الخلفي , فعرض روبي بفخر بطاقة الفصح التي أعدها:
" أنظري ماذا صنعت , لقد كتبت عليها (الى أمي وأبي) كما أمرتني المعلمة".
" هذا رائع".

دب الدفء في كيان غايل وهي تتناول البطاقة وتتفحصها وتقرأ الكلمات المكتوبة بداخلها بخط أنيق , ثم سألت شنا:
" ألم تعدي واحدة مثلها يا شنا؟".
أجابت الطفلة بسرعة:
"لم أفرغ من أعدادها , لقد كان علينا أن نترك بطاقاتنا الى الغد لأن دهانها لم ينشف بعد".

" لا شك أنها أستعملت كمية كبيرة من الدهان , فأنا نفسي كنت أفعل ذلك عندما كنت صغيرا , وكل الأطفال يستعملون كمية كبيرة من الدهان".
" لست طفلة".
" لا بد أن تكوني طفلة ما دمت في روضة الأطفال".
علقت غايل بلطف وهي تدير السيارة:
" أن شنا في السنة الأولى يا روبي ,لكنها ليست طفلة".

" سأبلغ السادسة عما قريب".
أعترض روبي:
" بل بعد مدة طويلة , فعيد ميلادك يحل في تموز , أي أثناء عطلتنا الصيفية".
صمتت شنا , وحاولت غايل طوال الرحلة أن تخرجها عن صمتها , فأخفقت , وعقدت جبينها لحظة , ولكن , لم يكن لها غنى عن الصبر خصوصا أن آندرو نفسه أعترف أن شنا طفلة عنيدة.


اماريج 28-07-10 11:46 PM

عندما أوقفت غايل السيارة في باحة البيت الأمامية , كانت موراغ تجلس على أحدى درجات السلم المبنية من حجر أبيض وهي ترتدي بنطالا لركوب الخيل , أما روبي وشنا , فأسرعا نحو الأراجيح والروضة فيما أخرجت غايل أمتعتها والأزهار من سوسن وزنبق ونرجس وهي تتأملها , وبينما حاولت أن تتجاوز موراغ لتدخل البيت سألتها الفتاة بقحة:
"من أشترى هذه لك؟".

وقفت غايل مبتسمة للفتاة:
" أشتريتها بنفسي, هل ترغبين ببعضها؟".
" لا تكوني على هذا القدر من الشهامة , فنحن نملك ثلاثة بيوت زجاجية مليئة بأزهار أفضل ألف مرة من أزاهيرك الصغيرة هذه".
أجابت غايل بغرو وهي تداعب بأصابعها اللطيفة زنبقة صفراء وقرنفلية:
" ليست الأزاهير بالضرورة صغيرة".

" أذا كنت قد ألفت هذا النوع من الأزهار , فأعلمي أن والدي لا يسمح بأدخالها الى البيت , فهو لا يطيق ما هو حقير وصغير".
" أذا لم أقارن هذه الأزهار بغيرها , فلا يمكنني أعتبارها حقيرة أو صغيرة , أليس كذلك؟".
" تقارنينها بماذا؟".
" بالأزهار الجميلة في البيت الزجاجي طبعا".

رمتها الفتاة بنظرة حادة أخرى فيما وقفت وهي تقترب منها وتقول:
" لا شك أن أحدا أشتراها لك , فلو كنت تريدين أزهارا لأمكنك قطع أكبر عدد منها من البيت الزجاجي , لذلك يبدو واضحا أن أحدا قد أشتراها لك".

أنقطعت موراغ عن الكلام , بينما حافظت غايل على صمتها
ثم عادت تقول:
" من هو؟ هل هو وسيم؟ هل هو أسكوتلندي؟ من جهتي , أنا أفضل الأنكليز....".
" ألا تخجلين من نفسك؟".
" لماذا أخجل؟ أنا لست متزوجة مثلك.... ولو كنت زوجة حسب القانون وبالزعم فقط..........".

" أنت لا تعرفين ذلك يا موراغ , لذلك أرجو ألا تكرري مثل هذا الكلام".
أتسعت عينا موراغ الكبيرتان:
" لم يفتح الباب يا سيدة مكنيل منذ قدمت الى البيت".
تطلعت غايل اليها غاضبة:
" هل تدخلين غرفتي؟".

ردت موراغ بلا حياء:
" أحب أن أعرف ماذا يجري من حولي ,فقد ضاع هذا المفتاح منذ سنوات عديدة , ولم يجر تبديله , فوالدي بالطبع قد يأتي من الباب الخارجي لو شعر برغبة شديدة نحوك , لكنه لا يتحمس".
لم تجب غايل بشيء , بل أكتفت بالنظر الى موراغ بأشمئزاز وهي تستأنف حديثها:
" حتى ولو كنت زوجة بالزعم , فلا يحق لك أن تتلقي هدايا من رجل آخر , أخجل من نفسي؟ يعجبني قولك ,أنت التي يجب أن تخجلي من نفسك وأنت التي تسمحين لرجل غريب بشراء زهور لك".

نطقت كلماتها الأخيرة وقد تعمدت أن ترفع صوتها علما بأن كلماتها لم تكن ضرورية لأنها رددتها قبل دقائق بالنبرة نفسها , فتطلعت موراغ وراء غايل التي أستدارت وهي تشعر وخزا غريبا في جسمها , فرأت آندرو يقف على بعد خطوات منها.
وقالت:
" قلت لك أنني أشتريت الأزهار بنفسي".

وعلت وجنتيها حمرة لا يمكن وصفها , فما كان من آندرو ألا أن لاحظ ذلك , وطغا العبوس على قسماته القاسية فجأة , ولحق بغايل الى القاعة , وسألها وهو يراقبها عن كثب:
" لدينا أزهار كثيرة في البيت الزجاجي".

هل كان يفكر بزوجته المتوفاة ؟ وهل تساءل أذا كان التاريخ يعيد نفسه؟
" أعرف ذلك يا آندرو , ولو فكرت بالأمر لأنتظرت حتى عودتي لأجمع الزهور , لكنني رأيت هذه الزهور في المتجر ورغبت في شرائها فورا ".
بدا تبريرها ضعيفا حتى في نظرها , فعضت شفتها وتابعت:
" أظن أن هذا يسمى الشراء العفوي , وهذه الأزهار جميلة لذلك وضعتها على المقعد الأمامي حتى أراها طوال الوقت".
منتدى ليلاس
وشعرت بسخافتها , فأشتدت حمرة الخجل في خديها , وكذلك عبوس زوجها , ألا أن نبرته كانت هادئة ورقيقة وهو يقول:
" أرجو ألا تتأخري عن شراء الزهور يا غايل أن أنت شعرت برغبة في ذلك , على أننا ننتج ما يكفينا من الأزهار بقصد أستعمالها في البيت".

أحست غايل بغصة في حلقها ,بينما لان زوجها قليلا وقد نسي , على ما يبدو , ذلك المشهد الذي دفعها بصورة غير مباشرة الى أبتياع الأزهار وعصفت بغايل رغبة جامحة بالتحدث اليه مثل أي زوجة أخرى , وفي أن تشرح له تعاستها وخوفها من المستقبل , وبأن الأزهار أنعشت آمالها من جديد , ألا أنها عجزت لأنهما لا يزالان غريبين عن بعضهما , وهكذا أقسمت وهي تتمتم أنها لن تشتري الأزهار ثانية , وتابعت حديثها ردا على نظراته المستفسرة وقد ألتقت عيناها بعيني زوجها وهي لا تدري شيئا عن بريقهما وأهتزاز شفتيها:
" كان ذلك تصرفا سخيفا من قبلي لا أستطيع له تفسيرا".

ولما تذكرت قول موراغ أنه لا يسمح بأدخال هذه الأزهار الى البيت , سألته :
" هل يمكنني أن أضعها في البهو؟".
عبس ثانية:
" بالطبع يمكن أن تضعيها في البهو , فأنت لست بحاجة لأن تسألي ذلك يا غايل".

أبتسمت وقد زالت شكوكها , وجدت نفسها تردد لحنا قصيرا وهي تعبر القاعة بأتجاه مخزن أقيم في جانبها لتحضر مزهرية تضع فيها أزهارها.

****نهاية الفصل الثاني****


اماريج 28-07-10 11:47 PM

2- فرح عابر
******************
مر روبي وشنا أمام آندرو وغايل اللذين لحقا بهما على مهل , وكانت تلك المرة الأولى التي يرافق فيها آندرو غايل عندما تصطحب الصغيرين في نزهة بعد ظهر الأحد , وقد سرّ الأولاد , وأدهش غايل بقراره:
" سأحضر معكم".
هتف روبي وقد رفع وجنتيه الموردتين وأبتسم بفرح كأنه يشكر والده:
" أن ذهابك معنا ممتع ومسل يا أبي".

أما شنا فقالت لغايل وهي تبتسم لها:
" أحب أن يرافقنا أبي".
وكانت غايل قد بدأت تتغلب تدريجيا على حالة الأنطواء والشك التي أنتابت الطفلة , ولم تضع ثقتها الكاملة في غايل ,بل أعربت دائما عن عدم رغبتها في أصطحاب زوجة والدها وروبي في نزهاتهما عبر الوديان ومراعي الطيور , ولم تتأكد غايل من محبة الطفلة لها ألا ساعة أيوائها الى الفراش.

وبدا أن النصر قد عقد لغايل ذات مساء حين أسترجعتها شنا اليها أثناء مغادرتها غرفة نوم الطفلة:
" ماما....".
أستدارت غايل وقد غمر قلبها الأمتنان والفرح:
" نعم يا حبيبتي".
منتدى ليلاس
" خرج الغطاء من موضعه لأني تحركت".
" أذن , علي أدخال غطائك الى مكانه ثانية , أليس كذلك؟".
صمتت شنا برهة بينما حدّقت الى غايل بعينيها الزرقاوين الكبيرتين اللتين تشبهان عيني آندرو:
" هل أنت أمي حقا؟".
" لست أمك الحقيقية يا شنا , وأنت تعرفين هذه الحقيقة , أليس كذلك؟".
" بلى.

"أمرني والدي مرات عديدة أن أناديك ماما , ألا أنني لم أرغب في ذلك أول الأمر , أما الآن , فأود أن أفعل مثل روبي".
أنحنت غايل فوقها لتقبلها وقد خانتها الكلمات , وظنت أن جهادها أنتهى.... غير أنها سرعان ما أدركت خطأها , فعلى رغم أن شنا لم تجد صعوبة في مناداة غايل(ماما) منذ ذلك الوقت , فأنها كانت أحيانا تعود الى أنطوائها وسلبيتها , وعرفت غايل بالتالي أن عليها متابعة تعاملها الحذر مع شنا , وممارسة أقصى درجات ضبط النفس نحوها أن هي أرادت تحقيق رغباتها.

قطع صوت آندرو على غايل تأملاتها أذ صاح في وجه روبي الذي قرر تسلق الشجرة:
" روبي ! هيا أنزل فورا".
أطاعه روبي , وقفز عن الغصن المنخفض , ثم وقف ينتظرهما , ولما وصلا قال مازحا:
" لم يكن عليّ أي خطر من السقوط".
" ربما , غير أنك ما زلت صغيرا جدا على تسلق الأشجار".
وكشر بقصد خداع آندرو .

" ربما سمحت لي ماما أن أتسلق الشجرة لو لم تكن معنا".
علقت غايل بتصلب:
" لم أفعل شيئا من هذا".
ردد روبي بلطف ودعابة:
" حسنا , سأنتظر حتى أكبر أذن".


اماريج 28-07-10 11:49 PM

تجولوا أولا في منطقة تعلو عن الطريق الحيوية للتنقل بين هذه المراعي الواسعة , ألا أن آندرو أستدار الآن ,وبدأوا بالسير نحو بحيرة الصغيرة الجميلة والمحاطة بأشجار البتولا , التي ألتمعت جذوعها تحت أشعة الشمس الساطعة , وتمايلت غصونها المثقلة بالبراعم المنتفخة .
وصاح روبي:
" أنظر الغربان ذات الأعراف يا أبي , ألن تطلق النار عليها؟".
" من دون أن أحمل بندقية؟".

" كان يجب أن تحضر البندقية معك لأننا لا نريد هذه الغربان".
وبينما تكلم روبي , أطلقت النار من الوادي , فسألت غايل فيما توقف الجميع:
" ما هذا؟".
أجاب آندرو بعدم أكتراث:
" يبدو أن ميريديث هبط الوادي ليقضي على أحد الأعشاش".
" عش؟".

" أحد أعشاش الغربان ذات الأعراف التي تبنيها هنا في الوادي , وهي فرصة مؤاتية للتخلص منا , ونحن لا نسمح لهذه المخلوقات بمضاعفة نسلها أذا أمكننا ذلك".
قال روبي بأندفاع:
" أتمنى لو أرى أو أعلم أذا كان ميريديث قد أخرج كل بيوضها".
منتدى ليلاس
" لا شك أنها فقست يا روبي , وأحسبه قد قتل أحد الوالدين ليتمكن من القضاء على الفراخ.....".
شهقت غايل وقد تصورت ميريديث وهو يخنق الفراخ من دون أن يتألم أو يندم:
" هذا ظلم.... أقصد قتل الفراخ".
تحول آندرو اليها وهو يبتسم متفهما:
" أحسب أن شعورك سيختلف لو رأيت نعجة مريضة ومتعبة وقد فقئت عيناها,أن الحياة قاسية وصعبة في منطقة الهايلاند يا غايل ,وقد يبدو لك أننا قساة وغلاظ القلوب , لكنك سرعان ما ستدركين أننا لا نقتل رغبة في القتل ,ولا يمكن لصياد جدير بلقبه أن يسمح لفراخ الغربان ذات الأعراف بالعيش أن هو عثر على عشها".

لم تجب بشيء , فساروا صامتين بعض الوقت , ثم أشارت بيدها وهي تهمس كمن يحدث نفسه:
" هذا كله لك؟ أنني لم أكتشف جزءا من مئة من أملاكك حتى الآن".
" أمامك وقت طويل".
تكلم آندرو بلهجته المقتضبة المعهودة , على رغم رقة مظهره ولينه اليوم , وللمرة الأولى كشف ذاته وخفض جناحه , فأحست غايل بخفقان قلبها .

وبلغوا ضفة البحيرة , فسألت غايل عن المبنى الصغير القائم عند ضفتها اليسرى:
" أنه كوخ للصيد".
" هل تصطاد في البحيرة؟".
أطرق:
" هل تصطاد السلمون؟".
أعلمها روبي على الفور:
" يعيس سمك السلمون في النهر".

وأضافت شنا:
" هم يقفزون , يجب عليك أن تشاهدي سمك السلمون يقفز".
سألت غايل وهي ترفع نظرها الى زوجها:
" هل هي في نهرنا.... نهرك؟".

رد وهو يدير رأسه نحوها ويشدد على كلمة نهرنا:
" أجل , أنها في نهرنا , ألا أن الدوق يحتفظ بحقوق صيد السلمون".
" هل يملك كل الأراضي الممتدة على ضفة النهر الأخرى؟".
" أجل , فالنهر يشكل الحد الفاصل بين أراضينا".
" هل يسعه أن يعرف أذا أصدطدت السلمون من النهر؟".
منتدى ليلاس
عقد آندرو حاجبيه:
" الأرجح أنه لا يعرف , لكننا لم نتعود سرقة السمك".
أحمرت خجلا , غير أن مزاجه المرح دفعها للقول:
"في هذه الأيام , سيرة الأسكوتلنديين في هذا المجال سيئة ومخيفة".
ضحك آندرو , فألتقطت غايل أنفاسها وتذكرت قول لويز أنه أكثر الشبان الذين رأتهم أناقة.

" كنا في أحدى حقبات تاريخنا الطويل نعيش في حالة من الحروب القبلية المتواصلة , وكنا نفضل أن ننهب جيراننا , والأصح أننا كنا نجتاز الحدود لنهب الأثرياء الأنكليز العاجزين".
فردت غايل مقهقهة:
" هذه ليست سيرة حسنة".
ذكّها آندرو:
" أنت تتكلمين عن حقبة موغلة في التاريخ البعيد".

" هل كنتم فعلا أشرارا كما يصوركم المؤرخون؟".
أجاب معترفا:
" أظن ذلك , فأنت تعلمين أن أسكوتلندا تطوّرت في ظل نظام العشائر , وكان شيوخ القبائل المنحدرون من أعرق الأسر النبيلة في البلاد هم أنفسهم متوحشين وهمجيين على رغم صدقهم وشجاعتهم , وقد أظهرت الثأرات المتبادلة أسوأ ما في نفوس المتحاربين , ولم يبالغ في تصوير الأعمال الدموية والفظائع المرتكبة".

ومضى يشرح التاريخ وغايل تصغي اليه بأهتمام شديد , وتفجر التفاؤل في داخلها وهي تفكر كم بدا مختلفا اليوم , لو أن المودة تظل جامعهم , ويبقى بأمكانهما أن يتنزها مع الأولاد ويتسامروا معهم ..... وتطلعت شنا الى والدها بتمن:
"هل يمكننا أن نسير بمحاذاة الغدير؟ لا أحب أن أرجع الى البيت الآن".


اماريج 28-07-10 11:50 PM

كانت الشمس قد بدأت تنحدر عبر الجبال الموحشة والمنعزلة , وقد أصطبغت المراعي بلون أحمر وردي , فقال آندرو:
" ليس بوسعنا أن نطيل البقاء كثيرا في الخارج , فبرودة الجو تشتد عندما تغيب الشمس".
وتردد قبل أن يضيف:
" حسنا , بأمكاننا أن نسير بعض الوقت بمحاذاة الغدير".

وأزبد الغدير الصغير وأرغى , بينما أشتدت رطوبة الأرض عند ضفتيه :
" أننا نولد الكهرباء بواسطة الغدير , أليس كذلك يا بابا؟".
أبتسم آندرو لأبنه مطرقا , بينما أمسك روبي يد غايل وقال:
" ينحدر الماء في الحفرة.... تعالي أريك المكان , هل ترين الأنبوب الداخل في جوف الأرض ؟ أنه متصل بمحطة التوليد التي شيدها بابا".
أنهى روبي كلامه بفخر , فسألت غايل:
" هل أنت بنيتها فعلا؟".

" لم أعمل بمفردي ,بل ساعدت في البناء".
تكلم آندرو بعفوية وكأن هذا العمل لم يكن فوق طاقة رجل بمستواه , ولما رجعوا نحو البيت , بدأت غايل تفكر بقصة حياة زوجها , وفي أي نوع من الرجال هو , فقد تزوج في مطلع شبابه بأمرأة جميلة ,لا تزال صورتها معلقة في البهو , ولدت له طفلة بعد سبعة أشهر , عندئذ تعاظم يقينه بخيانة زوجته له , ألا أنه سامح هجرها له وأستردها مرتين مما يؤكد أنه يعتبر الزواج رابطة أبدية وملزمة في السراء والضراء.

فكان من الطبيعي أن يكره النساء بسبب خيانة زوجته المستمرة , وعناد أبنته وتماديها في خرق أعراف العفاف والطهارة والأمانة , على أن غايل لم تقتنع أن آندرو يكره النساء , فهو ليس ظالما حتى يتهم كل النساء بالغدر والخيانة , ولا بد يشعر بنتيجة الخزي وخيبة الأمل الى جانب الذل الناجم عن سلوك موراغ المشين والمرارة التي أدت بدورها , حسب رأي غايل , الى تحفظه الظاهر وقسوته الدائمة.

وحين أقتربوا من المنزل الرمادي الكبير المستحم بنور الشمس العارية وأشعتها القرمزية الذهبية والبرتقالية , قال روبي:
" هل ترافقنا ثانية يا بابا؟ فلقد قضينا وقتا ممتعا".
" أجل يا روبي , سأرافقكم الأحد المقبل أذا كان الجو لطيفا".
منتدى ليلاس
أستلقت غايل في سريرها الأبيض الكبير وقد ألتمعت أطرافه النحاسية المزخرفة في وهج المصباح الموضوع على المنضدة بجانبها , وتأملت سعادتها في هذا النهار متذكرة أحداثه.
اليوم تحدث آندرو أثناء الغداء , كما سمح على غير عادته للأولاد أن يتحدثوا , وأثر الوجبة العائلية الحميمة , أعلن آندرو عزمه على مرافقتهم في نزهة الأسبوع داخل جزء من العزبة , وقد عجزت غايل عن أخفاء فرحتها , ورأته يتطلع اليها متفحصا ملامحها , فوضعت يدها على صدغها آليا.

وأهتمت غايل بالجرح وأثره للمرة الأولى.... فموراغ قالت ذات مرة أن آندرو لا يطيق ما هو حقير.
وتناولوا الشاي بعد رجوعهم من النزهة , وأذن آندرو مجدا لروبي وشنا أن يتحادثا , بينما غرق هو في مقعده وأصغى بشغف الى كلامهما , وغالبا ما ألتفت الى غايل وأبتسم لها كلما تقابلت عيونهما.
" آه , لو يعيشان هكذا دوما...

تثاءبت غايل وقد شعرت بالنعاس , فأطفأت النور وأدارت رأسها فوق المخدة .
غير أنهما لم ينعما بالسعادة التي عرفاها في ذلك الأحد الذي لا ينسى . فقد عادت موراغ من زيارتها لأصدقائها يوم الأربعاء التالي , وعاد معها الى مسكن دنلوكري محموم تأثر به الخدم , وحلّ العبوس على وجوههم محل الأبتسامة كلما ألتقوا الفتاة , التي بدا كأنها تصيب جميع سكان العزبة بالكآبة.


اماريج 28-07-10 11:51 PM

رجعت كايل يوم الجمعة من المدرسة – بعد أيصالها الصغيرين اليها- وسط وابل من المطر وضباب كثيف حجب الرؤية كلية تقريبا , فوجدت أن موراغ قد أستيقظت قبل الأوان , وجلست في البهو الخلفي الصغير تدخن سيكارة وتحتسي بعض الشراب وتقول:
" لو كنت أملك بعض المال , لسافرت".
" مع من تسافرين؟".

" هل فعلا تريدين أن تعرفي يا سيدة مكنيل؟".
" لست أريد أن أتطفل يا موراغ , وأنما أحاول محادثتك".
" كم يزعجني تظاهرك بالطيبة والكياسة لأنني واثقة أنك لست في الحقيقة خيرا منا".
ثم بدأت موراغ تشتم , فأستاءت غايل , فضحكت الفتاة وهي تمجّ سيكارتها بنهم:
" يا للورع الذي لا يعدو أن يكون قناعا كاذبا".
منتدى ليلاس
وأنحنت الفتاة في مقعدها الى الأمام , وهي تتطلع الى غايل بعينين ضيقتين , وتحدثت بصوت تعمدت أن تخفضه:
" أذا لم تحصل الزوجة على ما تريد من زوجها , فأنها تبدأ بالبحث عن غيره".
" يبدو أنك شديدة الأهتمام بحياتي الخاصة يا موراغ , فلماذا؟".
" أؤكد لك أن ليس بوسعك خداع أبي".
" هلا أوضحت قصدك؟".

" أنتبهي , فهو كثير الشكوك في النساء , ولا بد أن يعرف فورا أن أنت صادقت رجلا آخر , هذا أذا لم تكوني حذرة , وأمي , هذه المرأة المجنونة لم تراع مبدأ الحذر , أما أنا فسأكون أكثر منها حرصا وأنتباها".
أبيض وجه غايل , وأحست الألم في جسمها ,وقد حزنت على الفتاة , فهل الذنب ذنبها في كونها بغيضة؟

" هل تخالين أنك ستجدين من يتزوجك أن بقيت على هذا الحال؟".
" أشك في أنني سأتزوج أذ بوسعي الحصول على متعة كبيرة في عزوبيتي".
" موراغ , لماذا نتخاصم ؟ أذا كنت ترغبين بالسفر , فبأمكاني أن أسأل والدك أذا كنا نستطيع أن نسافر جميعا أثناء عطلة روبي وشنا المدرسية , فهل يعجبك أقتراحي؟".

" هل تريدين أن أسافر معك حتى أسمع عظاتك المليئة بالنفاق , وأتضايق من شقيقيّ المزعجين؟ الأرجح أنني لن أفعل , بل سأذهب بمفردي , وعلى الأقل مع صديق أختاره بنفسي".
علّقت غايل بجفاء شديد:
" لن يعطيك والدك أي درهم للسفر".
" لعله سيسر بأعطائي المال عندما أنتهي من حديثي معه".

" الأفضل أن تسجني داخل غرفة موصدة الأبواب".
" الحقيقة أن والدي جرب ذلك مدة أربعة أيام , فألتفت محتويات المكان , وكلّفه ترميمه وأصلاحه مبلغا كبيرا من المال ,وهو أذكى من أن يكرر خطأه".
" هل تعتقدين فعلا أنك تستطيعين الأستمرار في تحديك له؟".
" ماذا يمكنه أن يفعل أزاء ذلك؟".

" بأمكانه أن ينبذك كليا , هل خطر ذلك على بالك؟".
" أنه لم ينبذ أمي أبدا...".
قاطعتها غايل بحدة:
" لا تذكري أمك في حدثنا يا موراغ".
" من الطبيعي أن تكرهي ذكر أسمها أو التحدث عنها لأن طيفها يقضي على كل أمل لك بالمستقبل , لقد أحبها والدي حتى الجنون, وسيحفظ ذكراها الى الأبد".

توقفت موراغ قليلا وهي تراقب قسمات غايل:
" أحسب أن بعضهم أخبرك عنها".
أندفعت غايل نحو الباب وفتحته:
" أنا لا أتحدث عن أمك يا موراغ".
" من الواضح أن أحدا أخبرك عنها , لقد أسترجعها والدي مرتين , مرتين..... ألا يدل ذلك على أنه أحبها حتى الجنون, لقد كانت جميلة فاتنة".
منتدى ليلاس
تحوّلت غايل نحوها:
" ماذا تقصدين؟".
" لا شيء أكثر مما قلته".
تنهدت غايل بأرتياح أذ أمتقع لون موراغ:
" كانت والدتي جميلة وخالية من النقائص , ولذلك أحبها والدي , وقد قلت لك أنه لا يطيق ما هو حقير".

وحاولت موراغ التحدث عن صورة أمها , غير أن غايل خرجت وهي مرفوعة الرأس وقد أرتعشت شفتاها فيما صعدت السلم الى غرفتها الهادئة , الحقيقة أن طيف السيدة مكنيل قضى على آمال غايل بالمستقبل
فآندرو أحبها.... وقد أستردها مرتين....
كلا , أن طيف زوجته الدائم الحضور لن يؤثر على حياة غايل في أي حال .... ولكن , لماذا شعرت بهذا الثقل يجثم على صدرها؟ لقد أحست في أعماق ضميرها فراغا يشبه ذاك الذي يشعر به من يتسكع في بحثه عن أمر غامض يجهله.

*****نهاية الفصل الثالث******


اماريج 28-07-10 11:53 PM

4_ تلاحقها عيناه
********************
نشب خلاف آخر , فحاذرت غايل الدخول فيه , غير أنها سرعان ما عرفت سببه أذ صعدت موراغ الى غرفة نوم الأطفال حيث كانت غايل تقلب بعض الملابس لتوصلها الى المعرض الخيري ,وكان وجه موراغ محمرا:
" أنني أكره هذا الرجل الخسيس البخيل , فهو مع كل ثرائه يرفض أن يعطيني مئات من الجنيهات".

" ربما توافر لك حظ أكبر بالنجاح , لو تصرفت بطريقة مختلفة".
" ماذا؟ يبدو أن نصائحك لا تنفذ فأرجو أن تزوديني ببعضها".
" لست أطيق المزاح , فأذا لم يكن لديك شيء ممتع تقولينه , فأرجو أن تتركيني وعملي".
" من تظنين نفسك حتى تكلميني أنا موراغ مكنيل بهذه الطريقة؟ ".

" أعرف أنك موراغ مكنيل , لكنني مع الأسف لا أحكم على الناس من جهة وضعهم أو طبقتهم الأجتماعية , وأنما من جهة سلوكهم أتجاه الآخرين , أما أنت , فتظهرين الخسة أتجاه الناس عموما , وأتجاهي أنا خصوصا رغم محاولاتي المتكررة لمصادقتك , فقد رغبت مخلصة أن أكون صديقتك , لكنك أبيت دوما , ففرغ صبري".
منتدى ليلاس
" بوسعي أن أصفعك الآن".
" لا أنصحك بذلك يا موراغ , وأذكري أنني طلبت اليك الخروج".
" سأخرج متى شئت , فهذا بيت أبي ,وأنت لست سوى خادمة متميزة ومتطفلة".

ثم أخرجت موراغ علبة سجائر من جيبها وأشعلت واحدة
ونفثت دخانها في وجه غايل مقهقهة:
" سألتك نصيحة حول حاجتي الى المال".
تجاهلت غايل سؤالها , فصاحت موراغ بحدة:
" أجيبيني , كيف تخدعينه ؟ أنه يغدق عليك المال بالقناطير , فيما لا يمنحني ولو درهما".
" أنا أحصل على مخصص شهري مثلما تفعلين على ما أظن, غير أننا نختلف على طريق الأنفاق".

قالت موراغ:
" أود أن أعرف كم تقبضين , وهل تتدخرين لئلا تمس بك الحاجة بعد أن يطردك حين يتوقف أعتماد روبي وشنا عليك؟".
ولما لم تتكلم غايل , كررت موراغ سؤالها:
" هل تدخرين , وتسعين وراء الكسب؟".
" أنا أدخر لأنني بطبيعتي أقتصادية".

وأغلقت غايل الدرج , وحملت كومة الملابس المكدسة على المقعد , ثم غادرت الغرفة وكلها أنتباه لنظرة موراغ المخيفة.
وفي طريقها الى المدرسة لأحضار روبي وشنا , أودعت غايل الملابس في المعرض الذي يقام دائما لأعمال البر والأحسان , فشكرتها السيدة ستيوارت المسؤولة الأولى:
" شكرا جزيلا على هذه الملابس الجميلة , أحسبك في طريقك لأحضار الصغيرين , فهل لديك بعض الوقت لتناول فنجان شاي؟".

" هذا لطف منك , لكنني سأصل في الموعد , أعدك أن أتناول الشاي عندما أحضر الألعاب".
" شكرا يا سيدة مكنيل , وأنني آمل تشريفك".

وعند عودة غايل الى البيت مع الصغيرين , لم تجد موراغ , وبعد ساعة سمعت هدير سيارة , فأتجهت الى النافذة فرأت موراغ تترجل من السيارة , كانت غايل تعلم أن موراغ تقود السيارة , وغالبا ما شاهدتها تتجول بها في العزبة , ولكن , أن تخرج بها الى الشارع العام....
صحيح أنها بدت كأبنة ثماني عشرة سنة , ألا أن رجال الشرطة هنا لا بد يعرفونها , وللحظة تملك الخوف غايل من أن يقبض على موراغ , بينما أخرجت الأخيرة بعدم أكتراث علبة وحزمتين من صندوق السيارة , فعبست غايل , كيف يسعها أن تبتاع أغراضا من السوق وهي لا تملك نقودا؟

ثم سمعت صوت خطوات رشيقة تصعد السلم قبل أن يقفل باب غرفة موراغ بعنف , فلحقت غايل بها عمدا , وأقتحمت عليها الغرفة , فرأتها تستدير وتتحرك أمام المرآة وهي تقيس ثوبا على جسمها
وتقدمت غايل صارخة :
" لماذا تقودين السيارة في الشارع العام بنفسك؟".


اماريج 28-07-10 11:54 PM

تحولت موراغ نحوها ببطء وهي لا تكاد تصدق , فغايل لم يسبق أن أستجوبتها بهذه الطريقة أو تدخلت في شؤونها بأي وجه.
" وما شأنك في ذلك؟ فأنا أقود سيارات أصدقائي عندما أزورهم , تفضلي أخرجي وأعتني بالصغيرين ,فأنت هنا لهذا الغرض".
" ألم تفكري بعواقب أكتشاف مخالفتك؟ لا شك أن رجال الشرطة هنا يعرفون أنك دون السن القانونية".

" أخرجي بحق السماء , فألتزامك بالقانون يزعجني حتى الجنون , هل تبالين بالعواقب؟ أذن , فأنت لا تهتمين بي".
" الواقع أن أهتمامي في الوقت الحاضر ينصب على والدك".
" حقا! يا للغاربة! هل جننت؟ النساء غالبا ما.......".
منتدى ليلاس
وأرجعت موراغ رأسها الى الوراء , وضحكت:
" ولكن , يا له من حب نادر! أنه حب من طرف واحد , أصبري حتى أطلع الجمهور على النكتة فنضحك قليلا".

" ألا تعرفين معنى الحياء؟ ألا تبالين بما قد يصيب والدك من ذل عندما تحالين الى القضاء؟ وهذا لا بد حاصل يوما أذا كنت تقودين السيارات من غير رخصة كما تعلنين".

" كفي عن مواعظك , وأخرجي من حجرتي".
غادرت غايل أذ لم يكن بوسعها فعل شيء آخر , غير أنها عزمت على أبلاغ آندرو بما حدث.
لم تتعود موراغ أن تتأخر عن العشاء , وهذا أحد الأمور التي أجبرت على أطاعة والدها فيها , فأن هي تأخرت دقيقة , أمر بأخلاء مكانها وتنظيفه , وأن رغبت بالطعام , فعلت ذلك في غرفة أخرى.

والليلة ألغي مكان موراغ , لكن غايل شعرت بالقلق , ومن دون تفكير سألت:
" هل موراغ في المنزل؟".
تطلع آندرو اليها بعبوس:
" في المنزل؟ أظن ذلك , ولكن , ما الذي يدفعك للسؤال؟".

" لست أدري لماذا سألت , ولكن .... لكنني أحسبها قد غادرت .آندرو .... لقد قادت موراغ السيارة بنفسها الى السوق بعد ظهر اليوم لشراء..........".

قاطعها آندرو غاضبا:
" هل أنت متأكدة مما تقولين؟".
" لم أرغب في التدخل لأنني أعرف أن أمورها لا تعنيني , غير أنني شاهدتها تقود السيارة بنفسها الى ساحة البيت الأمامية , وقد حدثتها بصراحة عن خروجها بالسيارة الى الشارع العام".

ساد الغرفة صمت مطبق , وتفجر وجه آندرو غيظا كالبركان , بيد أن غايل سارعت لتطمئنه بأنه لم يلق القبض على موراغ , فلم يتبدد غضبه
بل نهض عن كرسيه وغادر الغرفة , فعضت غايل شفتها لشعورها بالذنب , وتساءلت أذا كان بأمكانها معالجة الأمر بطريقة أفضل , آه! لو تصغي موراغ الى نداء العقل , وتكون أقل عصيانا وغرورا وعدوانية .

عندما رجع آندرو ,كان غضبه قد تضاءل , لكن وجهه ظل متجهما وعيناه تتطايران شررا , وقال لغايل:
" تركت لي موراغ رسالة على الطاولة في البهو تخبرني فيها أنها ذهبت لزيارة أصدقائها , وقد طلبت الى أحد رجالي أيصالها بالسيارة الى المحطة".
منتدى ليلاس
تنفست غايل الصعداء مع أن الحيرة ظلت تستبد بها:
" أذن , هي لم تقد السيارة بنفسها , على أنها لم تذكر لي شيئا عن زيارة أصدقائها".
" تؤكد في رسالتها أنها ستبقى هناك أسبوعين".
هذه أول مرة ناقش فيها آندرو موراغ مع غايل منذ أعترافه أمامها بفقدان كل سيطرة له عليها.
ثم جلس ولم يحاول مس طعامه.

" قلت أنها ذهبت لشراء بعض الحاجات , فماذا أبتاعت؟".
" ثوبا , لكنني لا أعرف الباقي".
غرق في التفكير لحظة , ثم أوضح:
" أعلمتني في الصباح أنها لا تملك نقودا , فهل أقرضتها أنت؟".


اماريج 28-07-10 11:55 PM

حمل سؤاله تهديدا مبطنا , فيما هزت غايل رأسها نفيا , ألا أنها شعرت برعشة في ظهرها , لماذا تخطر على بالها الآن أسئلة موراغ الوقحة عن مخصصها.......؟ لقد أكدت غايل ( أنا أدخر).

أودعت غايل نقودها في علبة صغيرة موضوعة على طاولة الزينة من دون قفل وذلك لأن غايل لم تمر في تجربة تدفعها الى الشك بالآخرين , فهي قد عاشت أولا في منزل والديها , مع شقيقتها قبل أن تنتقل الى مسكن دنلوكري حيث تعرف أن الخدم جديرون بالثقة , وألا لما وظفهم آندرو , وما كادوا يفرغون من العشاء
حتى أسرعت غايل بالصعود الى حجرتها , وفتحت العلبة , فارغة , لقد كانت تحوي أكثر من مئة جنيه , أي يحمل مخصصها لهذا الشهر علاوة على مدخراتها من مرتبات الشهور السابقة .

" لو كنت أملك بعض المال , لسافرت ".
هدرت كلمات موراغ في مسامع غايل , هل سافرت موراغ مع صديق شاب كما فعلت من قبل.... ولم تخجل من سرقة النقود لهذا الهدف ؟ ماذا ينبغي أن تفعل؟ وقفت غايل مرتجفة وهي تحدق في العلبة الفارغة وقد تملكتها الحيرة والشك فيما وبخت نفسها لتركها المال هنا , وقد زادت بذلك من تعرض موراغ للتجربة .

لم يطل ضياعها , فأذا كانت موراغ قد سافرت , فأنه ليس بوسع غايل القيام بأي شيء الآن لجهلها بمكان الفتاة وهدفها , كما لا يمكن ربح شيء من أطلاع آندرو على السرقة وتعريضه لمزيد من الهوان , بالقول أن موراغ سلبت أموال زوجته , أن أنقاذ كبرياء زوجها أهم بكثير من خسارة أموالها.

فسدت السهرة كما كان متوقعا , فمر الوقت بطيئا أزاء صمت آندرو وحاولت غايل مرتين أن تفتح مجالا للحديث , فكان يجيبها زوجا بأقتضاب وحدة , لكن المرح عاد يلف البيت مع مرور الأيام , وتصرف الجميع بمن فيهم آندرو بصورة مختلفة أثناء غياب موراغ , وكانت غايل تتمنى لو تكبر موراغ وتتزوج لولا خوفها وقلقها على الرجل المسكين الذي سيصبح زوجا لتلك الفتاة.

لم يذهب الصغيران الى المدرسة يوم الأربعاء بأعتباره عطلة , ولما كانا مصابين بزكام خفيف , لم تخرج بهما غايل للنزهة , فعلى رغم صحو الجو ,فأن الهواء قارس وبارد , وقد لف الضباب رؤوس الجبال وأزدادت رطوبة الأرض أثر الأمطار التي هطلت مؤخرا.

وعلمت السيدة دافيز أن اليوم عطلة , فحضرت بعد الغداء لأصطحاب الصغيرين الى منزلها , ووعدت بأعادتهما بعد تناول الشاي , فقالت غايل وهي تتساءل عن مدى سلطتها في هذا الأمر:
" لم أشأ أن يخرجا , فهما مصابان بالزكام , وأريد أن أدفئهما".

كانت غايل تلعب الورق مع الصغيرين قرب النار , ولم تخطىء أذ لمحت خيبة الأمل على وجهيهما عند سماعهما أقتراح خروجهما مع جدتهما .
تطلعت السيدة دافيز الى غايل بغرور , وظلت مرتدية معطفها بعد أن رفضت عرض غايل بمساعدتها على خلعه , ثم صاحت:
" لن يصيبهما ضير في السيارة , هلما بأرتداء معطفيكما يا روبي وشنا".
منتدى ليلاس
" البرد شديد يا سيدة دافيز......".
" أريد أن أتنزه مع ولدي أبنتي , فأرجو أن تعديهما للخروج".
عندئذ أعلن روبي بخشونة غير مألوفة:
" لا أريد الخروج , فنحن وماما نلعب ونمرح".
أيدته شنا وقد جلست على كرسيها براحة تتفحص الورق في يدها:
" ولا أنا أريد الذهاب".

أحمر وجه السيدة العجوز :
" ما هذه الوقاحة ؟ يجب أن أحدث آندرو في الأمر , من الواضح أنك لا تفعلين ما يجب فعله وما تتقاضين عليه أجرا".
" أتقاضى عليه أجرا يا سيدة دافيز ؟ هذا قول غريب يقال لزوجة".
" لن تجديك وقاحتك نفعا معي , قد تكونين زوجة آندرو , ألا أنك لست في الواقع أكثر من أجيرة تزوجها آندرو لغرض الأعتناء بأولاد أبنتي".

ثم وجّهت المرأة أوامرها وهي تستدير نحو شنا:
" من فضلك أسرعي في تهيئتهما للخروج , وأنت يا شنا , أفعلي ما آمرك به , وأرتدي معطفك , وأنت أيضا يا روبي , فكلاكما ستخرجان معي".
قالت غايل مكرهة وهي تتجنب عيني روبي:
" أذا كان لا بد من أخذهما , فأنا لا أستطيع ممانعتك , ألا أنني أرجوك أن تدفئيهما لأن آندرو سينزعج كثيرا أن هما مرضا".


اماريج 28-07-10 11:57 PM

وبعد قليل ركبا السيارة وقد ظهر العبوس على وجه روبي , ولم تختف الدموع من عيني شنا , ووقفت غايل تراقب السيارة وهي تختفي عند أسفل الممر فيما لوحت بيدها لروبي الذي خر راكعا على المقعد الخلفي ومد نظره الى خارج النافذة.

رجع آندرو في موعد الشاي وهو يقود سيارة اللاندروفر ,ولما أستفسر عن الأولاد , أعلمته غايل بمكانهما قبل أن تضيف بتردد:
" كان البرد شديدا , ولم أرد أن يخرجا.........".

قاطعها آندرو , ولم تتمكن من ذكر شيء عن زكامهما :
" من الطبيعي أن ترغب جدتهما في مشاهدتهما , وأنا أسمح لها بأخذهما في هذه المناسبات , كما أن جدهما لم يرهما منذ زمن , وهو طريح الفراش , ولا أخالني أطلعتك على هذا الأمر من قبل , ويشعر هذا الرجل بالوحدة , كما أنه يحب روبي وشنا , ولا شك أنه يفرح برؤيتهما".

شعرت غايل بأرتياح بعد ذلك , ورأت أنه من الخير أن يزور الصغيران جدهما , ثم بدأت بالتفكير في ذلك ا لرجل المجهول الذي قال آندرو أنه يشعر بالوحدة , فكيف يتعامل مع أمرأة وزوجة مثل السيدة دافيز؟ لقد تصورت غايل دائما أن هذه المرأة أرملة , ولم يأت آندرو أو أي من الأولاد الثلاثة على ذكر زوجها.

وما أن رجع الصغيران , حتى عرفت غايل أن شنا مريضة , فقد ألتمعت عيناها الزرقاوان الكبيرتان بالدموع , وأحمرت وجنتاها , وسال أنفها , فأخرجت غايل منديلا تمسح به أنفها بينما لمست جبهتها , وكانت حارة كالجمر , وقالت السيدة دافيز بوقاحة وبدون لباقة:
"أنك على حق في أنهما مزكومان , وزكام شنا يؤذيها أكثر من العادة , علما بأن أخلاقها قد ساءت مؤخرا , في أي حال , أدخليها الى الفراش , وستكون بخير في الصباح , ولا داعي لأستدعاء الطبيب".

غير أن آندرو وغايل ظنا عكس ذلك ,وسرعان ما تحققا من أصابة شنا بالأنفلونزا وبحمى في معدتها , وبعد ذهاب الطبيب , وقف كل من الزوجين عند جانب من جانبي السرير , وقال آندرو :
" لا بد أنها كانت مريضة قبل خروجها".
" كنت أعرف أنها مصابة بالزكام.........".

زمجر حنقا:
" أذن , كان ينبغي أن تبقيها في الداخل , فهل كنت سترسلينها الى المدرسة؟".
" لا أظن ذلك , ألا أنني لم أكن لأتخذ القرار بسبب عطلتهما , وفي أي حال , لم يكن زكامها ملحوظا الا بعد الغداء......".
" ومع ذلك سمحت لها بالخروج؟".
منتدى ليلاس
أخرستها نبرته الحادة برهة فهل نسي أعلان موافقته على خروجهما مع جدتهما؟ وأخيرا قالت:
" أخبرتك بأنني لم أرد أن يخرجا مع السيدة دافيز , لكنك قلت أن لا ضير من خروجهما".
" لكنك لم تخبريني أن شنا كانت مريضة .
لا أفهم أبدا عدم أنتباهك وأدراكك لمدى مرضها , فقد كان يجب أن تكون في السرير قبل ساعات من الآن ".

فجر اللوم والعتاب في صوته والظلم في أتهاماته الدموع المحبوسة في عيني غايل ثم أجبرت أن تدافع عن نفسها بالقول:
" أبقيتهما في الداخل , ودفأتهما , وظلا قرب النار طوال النهار الى أن حضرت السيدة دافيز وقالت أنها تريد أن تأخذهما الى بيتها لتناول الشاي , وأنا واثقة لو أنها لم تأخذهما , لأدخلت شنا الى الفراش باكرا بعد الظهر".

لما أبتعد آندرو , جلست غايل على السرير لتعيد ترتيب الأغطية التي قذفتها الطفلة الهائجة , وركز زوجها عينيه الزرقاوين عليها بغضب.
" لماذا لم تخبري السيدة دافيز بأن شنا مصابة بالزكام؟ فأنا لا يمكنني أن أفهم عدم أكتراثك".
" الواقع أن السيدة دافيز أبدت أصرارا وعنادا شديدين".

" لم تكن لتعاند وتكابر لو عارضتها بقوة كافية.........".
عزمت غايل على مقاطعته , لكن حركة قوية من يده أسكتتها قبل أن تتلفظ بكلمة واحدة.
" الصغيران في عهدتك , وأفترض أنك تستعملين حكمتك وصواب رأيك في ما يتعلق بمصلحتهما".


اماريج 28-07-10 11:58 PM

توعكت صحة شنا بضعة أيام , لكن ما أغدقته غايل من الحب والحنان والأعتناء آتى ثماره آخر الأمر , ولم تتحسن الطفلة فحسب , بل أزدادت تقربا من غايل خلال النصف الثاني من الفترة التي قضتها طريحة الفراش , وبعد أسبوع حل اليوم الذي نهضت فيه شنا , فحملها آندرو الى البهو الخلفي الصغير حيث تأججت نار من قطع الحطب الكبيرة علاوة على دفء وحرارة المرجل الرئيسي ,ووضعها فوق الأريكة مسندا أياها الى الوسائد التي وضعتها غايل ,وسألها:
" ما رأيك ؟ هل جو الغرفة دافىء؟".

" أنه رائع ودافىء يا أبي , شكرا".
وأبتسمت لكليهما , فيما نقلت عيناها الجميلتان بينهما , ولم تبد فيهما آثار للتحفظ أو الأنطواء , لقد أنقذت شنا خلال فترة مرضها , وصعدت غايل صلاة حمد حارة بينما جلست معها ترودي تروي لها القصص وتقدم لها الشراب وتساعدها على التمدد قبل أن تشد الستائر الى بعضها حين أرادت شنا أخيرا أن تنام.

وذهب آندرو لأحضار روبي الذي لم يقعده زكامه عن المدرسة سوى يومين.
بدا آندرو وكأنه يرى غايل للمرة الأولى على حقيقتها من خلال رعايتها لشنا وأهتمامها بها , وأخذ يراقبها أحيانا وقسماته تنطق بتعبير جديد لم تألفه , فكانت وجنتاها تحمران ويفيض قلبها شوقا , ومن دون أن تدري كانت ترفع يدها لتلمس الجرح من فوق شعرها وتتمنى لو أنها دخلت المستشفى وأزالت الجرح عندما أقترح طبيبها عليها ذلك , صحيح أن الوقت لم يفت ,ألا أن غايل لم ترد أن تترك الصغيرين , والى ذلك لم ترغب أن يعرف زوجها بالجرح.
منتدى ليلاس
دخل روبي الغرفة وهو يرقص, فوضعت غايل أصبعها على شفتيها وهمست:
" أصمت , أن شنا نائمة".
دنا روبي من غايل وهمس في أذنها:
" أنها معافاة الآن ,فهل سنذهب غدا الى المدرسة؟".
هزت غايل رأسها مبتسمة فيما تطلعت الى الباب الذي دخل منه آندرو الحجرة المعتمة , وأجابت:
" ليس قبل أسبوع".

تجهم وجه روبي:
" ليس هذا عادلا , فهي لا شك أفضل أن كانت قد غادرت الفراش".
أحتجت شنا وقد أيقظتها الهمسات والتحركات من حولها في الغرفة:
" لم أغادر الفراش فعليا , فأنا قد غادرته جزئيا , أليس كذلك يا ماما؟".
" بلى يا حبيبتي , لقد غادرته جزئيا".
" كيف حال طفلتي الآن؟".

قال آندرو ذلك , ثم أقترب من شنا وقد أفعم وجهه الأسمر صحة نتيجة أنصرافه للعمل في البراري , وأسترخت ملامحه في وهج النار المتأججة , وتشعث شعره الكثيف الأسود قليلا بعد أن عبثت به الرياح الغريبة , ثم أنحنى فوق أبنته الصغيرة التي جلست وطوقت عنقه بأحد ذراعيها وقبلت وجنته قائلة:
" لست طفلة".


اماريج 28-07-10 11:59 PM

" أذن , فأنت لا تريدين أن أحضنك".
" هل كنت تنوي أن تحضنني؟".
" أجل , كنت أنوي أن أضعك على ركبتي".

ثم جلس قرب النار وهو يلتفت اليها :
" من أحضن بدلا عنك؟ هل أحضن روبي؟".
" كلا , بل أحضن ماما".
هكذا أجاب روبي , وهو ينظر نظرة غاضبة كأنه يقول:
" أيحضن رجل مثلي؟".

أعقب الصمت كلمات روبي , وأستقرت عينا آندرو على غايل لتتفحصها بمرح , فتصاعد الدم الى خديها ,ولم تعرف كم بدت ملامحها الدقيقة الجذابة فاتنة في وهج النار , مع أنها حجبت قليلا بأهدابها الطويلة الناعمة , التي أسدلت لأخفاء الشوق والحنين المضطرمين في عينيها البنيتين الرائعتين , ألا أن شنا قطعت الصمت وعقبت بسخرية:
" لا تحضن الأمهات لكبر حجمهن".

" ليست ماما كبيرة الحجم , فهي أصغر من بابا بكثير ولا تبلغ مستوى كتفيه".
أضطربت غايل , ونهضت على عجل لترفع الستائر وتسمح للضوء بالدخول , ولما عادت الى مقعدها , كانت عينا آندرو لا تزلان مسمرتين على وجهها , ثم أنتقلت الى عنقها وباقي أجزاء جسمها بسرعة خاطفة , فأنحنت لترفع عباءة محاكة من صوف الغنم , ثم سألت شنا وقد تراءى لها فجأة جسمها المثخن بآثار الجراح:
" هل ستسمحين لوالدك أن يحضنك؟".
منتدى ليلاس
" أجل......... مع أنني لست طفلة , فالفتيات تحضن أحيانا , أليس كذلك؟".
قال آندرو وقد حول أنتباهه آخر الأمر الى أبنته الصغيرة الحلوة:
" طبعا , خاصة أذا لم يتجاوز عمر الفتاة خمس سنوات ونصفا".
جلست شنا على ركبة والدها , وهزت قدميها فيما طوقت عنقه بأحد ذراعيها.

وتطلع روبي الى غايل , فأبتسمت له , وأدنى نفسه منها بينما أستقر رأس شنا تحت ذقن والدها , وفكرت غايل بشرود في أن المشهد عائلي حميم بالرغم من فقدان أحدى روابط الحب.............
" هل تريد أن تشرب الشاي الآن؟".

وجهت غايل هذا السؤال للآندرو , فهو غالبا ما يرافقهم في هذا الوقت من النهار , ألا أنه منذ توعك صحة شنا ,تولى مسؤولية نقل روبي بين المدرسة واليت , وبذلك تمكن من تناول الشاي معهم في غرفة شنا حتى اليوم , ورد بلطف:
" سنشربه عندما يصبح جاهزا , فأنا لست جائعا , وأنما أتوقع أن يكون الجوع قد أصاب روبي".
ثم تراجع الى الوراء وسأل شنا:
" وماذا عنك؟".

" أشعر بالجوع , وأرغب ببعض الشطائر والكعك والبسكويت والمربى ".
" من الخير أن أهتم بالأمر بنفسي , فلا يمكننا أن نسمح للجوع بمهاجمة مريضتنا".
وأثناء تناولهم الشاي بعد حوالي نصف ساعة , سألت شنا:
" هل ستحزن موراغ عندما تعلم بمرضي؟".
أجاب آندرو :
" لا أظن ذلك".

ألتمعت عينا آندرو فجأة عند ذكر أسم موراغ , خصوصا أنه على حد علم غايل , لم يسع للبحث عنها منذ غيابها لما عم البيت من طمأنينة في الأيام القليلة الماضية.
ثم سأل روبي وهو يدفع الى فمه كمية كبيرة من الطعام:
" أين هي موراغ يا أبي؟".
" أنها تقضي عطلة في مكان بعيد".

وأرسل آندرو نظرة حادة الى غايل قبل أن يحول بصره عنها
فسارعت الى تغيير الموضوع:
" ماذا درستم اليوم في المدرسة يا روبي؟".
" الحساب والكتابة والرسم الى جانب درس في علوم الطبيعة والأحياء فقد تحدثنا عن الثعالب , وأخبرت رفاقي أن الثعالب تخطف الحملان الصغيرة في مزرعتنا , وقد سمحت لي الآنسة سبنسر بأطلاع زملائي على كل ما أعرفه , والحقيقة أنني أعجبت بالمهمة , ولذا سأعمل أستاذا عندما أكبر".

" ليكون بأمكانك أطلاع الأولاد على قصص الثعالب , أليس كذلك؟".
دهن آندرو كعكة بالزبدة وقدمها لشنا على طبق , ثم أمسك صفيحة المربى وحاول أن يغرف منها بعض الشيء:
" ألم تقولي أنك تريدين بعض المربى؟".
" أجل , لكنني لا أرغب بهذا النوع منه ".

" اي نوع تحبين أذن؟".
" المربى الأحمر , أما هذا فأسود".
عقبت غايل بشيء من الندم:
"أحاول دائما أن أجعلها تتناول بعضا من مربى التوت , ألا أنني سأحضر لها الفريز".
قال آندرو وهو يعبس قليلا:
" لا تنهضي , أقرعي الجرس".

كانت الفكرة جديدة بالنسبة الى غايل , وشعرت ببعض السعادة لأهتمامه غير المتوقع , وفيما قرعت غايل الجرس , سأل روبي:
" هل أصطاد مريديث الثعالب؟".
وأجاب آندرو:
" قتلت بعض الثعالب , وهذا يعني أننا لن نخسر كثيرا من حملاننا".
منتدى ليلاس
وسألت غايل:
" هل يهاجم الثعلب الحملان في أوقات الأنجاب فقط؟".
" أجل , فالثعلب في الصيف يفترس الأرانب , أما في فصل الشتاء , فأنه يأكل جيف الغزلان المريضة أو الهرمة والحيوانات الأخرى التي يقضي عليها شتاء الهايلاند القاسي الذي لا يرحم".

لم تتصور غايل أنها ستألف عادة القتل هذه , ولكنها فوجئت عندما وجدت نفسها تعترف بضرورتها
وقال آندرو وكأنه قرأ أفكارها :
" أحسبك ألفت طريقتنا في العيش".
أطرقت:
" أجل , بدأت أعتاد عليها".
وسألها روبي بشغف:
" هل ستتعلمين الصيد وأطلاق النار؟".
ردت غايل بأصرار وهي تهز رأسها بعنف:
" كلا يا روبي , لن أتعلم ذلك".

*****نهاية الفصل الرابع*****


اماريج 29-07-10 10:46 PM

5_شرخ في العلاقة
********************
لم ترجع موراغ مع نهاية الأسبوعين , وبرز الأضطراب والأنزعاج على محيا آندرو , الذي أجرى أستطلاعات أولية بسبب شكوكه.
ومع مرور الأيام على غياب موراغ , تحوّل قلق آندرو المتفاقم الى كآبة تجلّت في عدم أكتراثه الكلي بزوجته , وعلى رغم غياب موراغ , عانت غايل من فراغ في نفسها.

وفي اليوم الأول لرجوع شنا الى المدرسة , دخل آندرو البيت بينما تناولت غايل والصغيران الفطور , ونمّت عيناه عن التعب , وأكتست ملابسه بالوحل , وعلق التراب الرطب بشعره
ثم سأل غايل:
" هل تؤدين لي معروفا؟".

فلما أطرقت , أضاف:
" اليك هذه القائمة بحاجات جونسون من معدات السياج من مسامير وبراغي مشابك وغيرها , فهل يمكنك بعد أن توصلي روبي وشنا الى المدرسة أن تذهبي الى برث وتشتري هذه الأغراض؟".
" بالطبع".
منتدى ليلاس
ثم مضى يدلها على مكان المتجر , وأضاف:
" أشتري بنقودك ,وأنا سأصفي حسابي معك فيما بعد , أليس بحوزتك مال كاف؟".
لم يعطها فرصة للرد عليه , بل أجاب بنفسه على سؤاله:
" طبعا , فأنا أذكر قولك بأنك تدخرين معظم مرتبك , أما الآن , فأنا صاعد لأستحم وأنام قليلا".

ثم غادر الغرفة قبل أن تتمكن غايل من قول أي كلمة.
أشتري بنقودك......
نهضت غايل عازمة على اللحاق به , وهي تجهد النفس في البحث عن مبررات لعدم وجود مال كاف في حوزتها , وأختارت شنا هذه اللحظة بالذات لتحرك ملعقتها في كوب الحليب فقلبته
وقهقه روبي :
" أيتها الحمقاء , لقد أبتل ثوبك النظيف الجميل".

نظرت غايل الى الباب المغلق , ثم الى الساعة قبل أن تتنهد عميقا , ولم يكن أمامها ألا أن تبدل ثوب شنا فورا , ولما تأخروا عن موعد الأنطلاق , قررت غايل أيصال الصغيرين الى المدرسة أولا , ثم العودة لطلب المال , ألا أنها ذعرت عندما علمت بعد رجوعها أن آندرو قد آوى الى الفراش.

فسألت مدبرة المنزل االسيدة بيرشن:
" هل تناول فطوره؟".

اماريج 29-07-10 10:47 PM

ردت المرأة بأستياء:
" كلا , علما بأن طبقا من الحساء كان سيدفئه بعد قضاء الليل بطوله في الخارج , لكن هذه هي حال الرجال , فأنت لا تقدرين أن تثنيهم عن عنادهم".

وبعد دقائق تنصتت غايل عبر الباب الذي يفصل غرفتها عن غرفة آندرو , فلم تسمع صوتا ,ولما قرعت الباب الخارجي لغرفة آندرو , لم تتلق جوابا.

فحركت المقبض بهدوء وفتحت الباب , ثم تطلّعت داخل الغرفة , فوجدت الستائر مشدودة الى بعضها وآندرو في سريره وقد غرق في نوم عميق , ولم يكن شعره المغسول منذ قليل قد نشف بعد , فعضّت شفتها لأنه من غير المعقول أيقاظه مع أنه لا مفر من الحصول على المال لأبتياع الحاجات الضرورية المستعجلة.
منتدى ليلاس
وتحرك آندرو في نومه , فتقدمت غايل داخل الغرفة مجبرة وحزينة لتقف بجوار سريره وتهمس:
" آندرو!".
ولما لم تتلق جوابا , رددت أسمه بنبرة عادية , ثم فتح عينيه وقطب حاجبيه لحظة , ثم نهض جالسا وصاح فيها:
" ماذا جرى".

أسرعت لطمأنته وهي تعرف أنه كان يفكر بموراغ.
فسألها بعصبية:
" أذا , ماذا تريدين؟".
وعلى رغم الألم الذي أصاب غايل , فقد كان بمقدورها أن تفهم شعوره خصوصا أنه حرم من لذة النوم.
" لا أملك المال الكافي لشراء الحاجيات التي طلبت اليّ أحضارها........".

أنقطعت عن الكلام أذ لمحت الدهشة في عينيه:
" أنها لن تكلف أكثر من عشرة أو أثني عشر جنيها".
" لا أملك هذا المبلغ".
" فهمت".

لقد عرفت أنه لم يفهم شيئا على الأطلاق , والحقيقة أن غايل تيقنت عدم تصديقه لها
فسارعت الى القول:
" لو كنت أملك المال الكافي , لما أيقظتك يا آندرو".
" حسنا , سأخرج لك المال من الخزانة".

وفي الطريق الى برث , تملّك الغضب والشقاء غايل , فلا بد أن آندرو ظن , أذ لم يصدق كلامها , أنها رفضت أقراضه المال خوفا من أن لا يرده لها.
وتسبب الحادث في شرخ في علاقتهما , فتعاظمت لامبالاة آندرو وبرودته , وكثيرا ما أسترجعت غايل قول شقيقتها أنه يكره النساء.

وأبغضت غايل موراغ , والحقيقة أنه عند عودة الأخيرة الى البيت , أسرعت غايل في معالجة الفتاة , وكان زوال النضارة السريع من بشرة موراغ , هو كل ما أحتاجته غايل ,فأنهالت على الفتاة توبيخا وقد أظهرت بذلك غضبها للمرة الأولى منذ دخولها مسكن دنلوكري , وصمتت موراغ برهة لفرط دهشتها , وبعد أن أستفاقت من ذهولها , نفت أن تكون قد سلبت المال.

" أنا لا أصدقك , ومهما قلت , فلن تقنعيني بأنك لم تسرقي المال , وفي أي حال , فأين كنت طوال هذه المدة؟".
" كنت مع الشمس , فهل تحسديني على ذلك؟".
" كاد والدك يجن من القلق عليك........".
" هراء, فهو لا يبالي أنى ذهبت ومهما فعلت , بل أنه يسعد بخروجي من المنزل".
منتدى ليلاس
" لا يسع المرء أن يلومه على ذلك أذا كان صحيحا , أنت أبنة خمس عشرة سنة وتحت وصايته وعهدته , فأن كنت تشعرين نحوه بأي مقدار من الحب , فعليك أن تحسني التصرف والسلوك".
" حسنا , أنا لا ولن أحبه ,كما أنني لا أحب أحدا , وهذا مفيد لأنه يدرأ الأذى عني , وقد عاشت أمي حياة سعيدة لأنها لم تهتم بأحد ,ولم تحب أحدا".

" لا سعادة من دون حب يا موراغ, وأنني أرجو أن تحاولي من أجل والدك فقط".
" أيتها الواعظة , ألم تفكري كم تبدين مضحكة وأنت تقفين وتظهرين شعورك بالتفوق والكبرياء ؟ لماذا لا تكفين عن مطاردتي؟ فأنت لست هنا لأنقاذي , وأنما للتأكد من أن الصغيرين الجميلين لا يسلكان الطريق المعوج والمنحدر الذي أسلكه".

ثم أخذت تقهقه وقد حاولت أن تنقر بأصبعها ذقن غايل , التي تراجعت وقد نطقت عيناها بالكره لموراغ التي سألت بعد قليل:
" هل أخبرت والدي أنني أختلست المال؟".
" هنا أمور كثيرة تشغل بال والدك".
" آه.... يا لأهتمامك العظيم , فأنت الزوجة التي تحمي زوجها المسكين من خطر معرفة الطرق الملتوية التي تتبعها أبنته , أما هو فلا يهتم بزوجته المحرومة من الحب , ولكن , هل حدث تغيير منذ غيابي؟".

ودت غايل أن تقول أن تغييرا للأسوأ قد حدث , الا أن كبرياءها منعها من ذلك , وقالت:
"أتوقع أن ترجعي كل درهم أختلسته".
قاطعتها بضحكة ساخرة:
" أمل خادع , لقد قلت أنني لم أسلب المال , وأنا أصر على قولي , لا بد أن أحد الخدم قد نهب مالك , هذا أذا كان قد سرق".


اماريج 29-07-10 10:49 PM

" أنك عديمة الحياء".
" هذا ما يقوله والدي , ويبدو أنكما تتفقان على بعض الأمور".
وكادت غايل أن تختنق من الأشمئزاز , فأستدارت نحو الباب صارخة:
" أنك عار على بنات جنسك".

ونشب خلاف آخر بين آندرو وأبنته بعد عودة الأخيرة الى البيت الى البيت في موعد الشاي , وعلى رغم حضور غايل في بداية الشجار , لقد نسي آندرو أو تناسى وجودها , فأنها لم تلبث أن غادرت , ومهما يكن الأمر , فأن الشجار أنتهى هذه المرة بذرف موراغ الدموع على نحو مفاجىء , على أن آندرو دفع ضريبته من الألم الناشيء عن هذا الشقاق, فأصبحت قسوته وصراحته مزعجتين ولا تطاقان , وكالعادة , تحملت غايل القسط الأكبر منها.

وعزت سوء تصرف آندرو للأزعاج اللذي سببته له موراغ , ألا أنها كانت بشرا , مما حتم تعاظم حزنها الى أن بلغ ذروته ذات يوم عندما تلقت هي وآندرو دعوة لحفلة راقصة في القلعة
وقال ما أعتبرته لباقة مقصودة :
" هذه حفلة رسمية ترتدي فيها السيدات أثوابا بلا أكمام عادة , فهل تملكين واحدا منها؟ وأنا أسألك ذلك لأنني لاحظت تفضيلك للأثواب ذات الأكمام أنها أكمام قصيرة ليس ألا ".

وشحب لونها قليلا لأن منظر الجرح على كتفها كان شنيعا , فقالت متمنية ألا يمضي في حديثه في هذه المرحلة :
" في أي حال , أنا أفضل الأكمام القصيرة ".
" يسرني كثيرا أن ترتدي الثوب المناسب لهذه المناسبة".
" لا أقدر...... لا أشعر بالراحة".

" هراء , أذا لم يكن بحوزتك ثوب من هذا النوع , فسوف أعطيك المال لتتمكني من شراء واحد".
" لا أقدر , من المؤكد أن بوسعي أرتداء ما أحب , أليس كذلك؟".
هل أعتبرها عنيدة؟ تساءلت وهي تتجنب أن توفر له سببا لمناقشتها , فهو لا يطيق ما هو حقير .... أسترجعت غايل كلمات موراغ
وأضافت بصلابة مفاجئة:
" لا بد أن أرتدي ما يعجبني يا آندرو.... ما يوفر لي أكبر قسط من الراحة ".
منتدى ليلاس
فصاح وهو يغادر الغرفة:
" عليك أن تلتزمي برغبتي هذه".
وعاد بعد بضع دقائق وبيده شيك أبيض وضعه على الطاولة هاتفا :
" أبتاعي ما تريدين شريطة أن يكون بلا أكمام".
سمحت غايل لنفسها أن ترتدي ثوبا بأكمام قصيرة , ولما كانت ترتدي رداء فضفاضا غطّى ملابسها , لم يعرف آندرو بعصيانها أوامره ألا بعد وصولهما الى الحفلة الراقصة
فنزلت من غرفة تبديل الملابس الفخمة لتلتقي بنظرته النامة عن الدهشة والغضب , وأرتدت سائر النسوة أثوابا بلا أكمام , فيما أختارت بعضهن شرائط كتف ضيقة لغاية , وفطنت غايل الى أختلافها عن الجميع , ألا أنها فضلت ذلك على أظهار تشوهها القبيح

وزجرها آندرو عندما أستطاع أن يكلم بدون أن يسمعه أحد:
" كيف تجرؤين على عصياني ؟ كيف تجرؤين على ذلك؟".
وللمرة الأولى أحست غايل أنه يصب عليها جام غضبه
فأبيض وجهها وتلعثمت:
" آسفة , لكنني لم أقدر على تنفيذ مشيئتك لأنني أشعر بسعادة أعظم هكذا".


ولو أستفسر عن السبب , لكانت قد أوضحته لما تملكها من تعاسة نتيجة غيظه , لكنه لم يسأل , وتيقنت أنه حسبها تتصرف كما تتصرف أبنته دائما , ومثلما تصرفت زوجته الأولى , وتنبهت طوال السهرة الى حنقه المكبوت عند الضرورة والظاهر أحيانا في نظراته التي رماها بها خلال رقصهما معا , وظل يختصر كلامه الى أن أستقلا السيارة في طريق عودتهما الى المنزل حين تعرّضت لبعض ما تستحقه أبنته المتمردة من تأنيب وتوبيخ أحيانا
فحافظت غايل على صمتها مع تزايد أنتباهها من سلوكه , لكن صمته أثار غضبه , فأستدار نحوها عند دخولهما البيت , وسدّد اليها نظرة شحب لها وجهها , وتهدّدها قائلا:
"لا تعودي الى أستفزازي ثانية بهذه الطريقة , وأقسم أنك ستندمين أن فعلت".

وأخيرا تمكنت من النطق بتلعثم :
" لا أعتبر ذلك تحديا لأن لي الحق في أرتداء ما يعجبني".
" شريطة ألا أخزى كما حدث الليلة".
" آسفة , أعتذر أذا كنت قد تسببت لك بفضيحة أو أهانة".
" لا تحسبني جاهلا , فأنا متيقن أن عنادك هو السبب , لأن لا شيء على الأطلاق يمنعك من أرتداء الثوب المناسب..........".

قاطعته وقد قررت أن تطلعه على الحقيقة وتنهي هذا العذاب :
" لست تدري أذا كان السبب هو العناد فعلا ,فالحقيقة..........".
أسكتها مزمجرا:
" لا شك عندي أنه العناد , فهذه ميزة كل النساء".
" أذن , فأنت تعتبر النساء سواسية , أليس كذلك؟".



اماريج 29-07-10 10:50 PM

ثم أستطردت بصوت مرتعش وقد تنبهت الى غصة في حلقها:
" أنك لم تعرفني مدة طويلة حتى تحكم علي , أو تتعرف الى خصالي , لذلك لا تتسرع في أحكامك , ولكن ,سواء أعتبرت ذلك عنادا أو لا , فأنني سأستمر في أرتداء ما يلائمني وأن تعارض أختياري للأثواب مع أفكارك عما هو مناسب , فهذا لا يؤثر بشيء".

أعقب ذلك صمت مخيف , فهي لحد الآن لم تظهر سوى اللطف والمودة بحيث لم يظن أنها قد تكون عصبية ,وعندما عاد يتحدث
كان غضبه قد تبدّد مع العلم بأن الحدة لم تفارق كلماته :
" دعيني أقدم لك نصيحة مفيدة يا غايل , لا تظني أن بأمكانك أن تتحديني وتستفزيني مثل موراغ , فهي جموحة ومتمردة لأنها لا تحس بالألم , أما أنت , فلست عديمة الأحساس مثلها , وأن كان من الصعب أيذاؤها ,فمن السهل أيذاؤك , وما عليك ألا أن تتحدي سلطتي حتى أؤدبك على نحو تذكرينه مدى عمرك , أعملي بنصيحتي هذه".

وتابع كلامه بلهجة رقيقة فيما لم تفارق عيناه الزرقاوان وجهها:
" أعملي بمشيئتي , وأن لم تفعلي , فستجدين أن حياتك قد تحولت جحيما".

لم تغب عن بالها كلماته طوال الليل , لأنها لم تنم الا قليلا , فقد كشفت عباراته أمورا كثيرة , فهمه المطلق لشخصية موراغ ولشخصية غايل , فقد أدّعت الأخيرة في ثورة غضبها أنه لم يعرفها طويلا حتى يتعرف على خصالها المميزة.
منتدى ليلاس
غير أنها أعترفت بخطئها الآن , لقد أكد بأصرار أنه ليس من الصعب أيذاؤها.... ولكن , هل عرف كم كان الأمر سهلا؟
وأضطرت غايل للأعتراف بأمر واحد هو أن أشارات موراغ الساخرة الى حقيقة وقوع غايل في هوى آندرو أقلقت أستقرارها لمدة طويلة بعد التلفظ بها.

وأنقضى ربيع نيسان العابق بالشذا , وحل محله أيار ببهائه وحسنه , وزال معه كل خوف من قسوة الجو وجنونه , غير أن جو البيت ظل مشحونا بتوتر ضئيل , وأرتاحت غايل حين أعلن آندرو عزمه على قضاء أسبوعين في مزرعته الواقعة الى الشمال

وأثناء غيابه ألتقت بروبن شيلدون وهو شاب ممتلىء الجسم قوي ووسيم , باع والده أعمالهما في أنكلترا , وتقاعد باكرا , وأقاما في أسكوتلندا حيث سكنا كوخا صغيرا أنيقا يقع على التلال المشرفة على القرية أما روبن , فكان يعمل في مدينة برث ويعيش مع عمة له , ولا يزور والديه ألا في أيام العطل والأعياد
وقد قابل غايل في الشارع عندما توقفت سيارتها , وككل أمرأة تتعطل سيارتها , وقفت غايل يتنازعها اليأس والأمل , فعين على العجلة وعين على السيارات المارة تبحث عن السائق الشهم الذي لا محالة سيهب لنجدتها , وأوقف روبن سيارته عند حافة الشارع ليسألها:
" ماذا جرى؟".

" ثقب , أخالني أستطيع تغيير العجلة ,ولكن........".
وبدأ روبن بعد دقائق معدودة بتبديل العجلة فيما نظر بين حين وآخر اليها مظهرا أعجابه بقدها الرشيق وجمال وجهها النادر , ثم قال:
" تفضلي , فها قد أنتهينا".


اماريج 29-07-10 10:51 PM

" شكرا جزيلا , لا بد لي أن أطلب الى زوجي أو أحد العمال أن يشرح لي ماذا يجب أن أفعل في حال حدوث ثقب آخر".
" زوجك! آه! أنه حظي التعيس".
وتقابلا ثانية يوم الأحد التالي عندما خرجت غايل مع الصغيرين من الكنيسة.

وبعد تبادل التحيات , سأل روبن غايل:
" أهذان صغيراك؟".
" أنهما ولدا زوجي , روبي وشنا".
" أين تقيمين؟".
فأشارت الى المنزل الكبير الواقع في أعلى التلة:
" هذا هو منزلنا".
" مسكن دنلوكري..........".
" لكن هناك فتاة أخرى".
منتدى ليلاس
أطرقت غايل وقد أدركت أنه يعرف كل شيء عن موراغ وأعمالها الطائشة وفرارها المتكرر.
وسأل روبن غايل أثناء خروجهما من ساحة الكنيسة بأتجاه سيارتيهما :
" وهل موراغ موجودة في المنزل الآن؟".
" أجل , أنها في المنزل ".

وأفهمه جواب غايل القصير أنها لا ترغب محادثته عن أبنة لورد دنلوركي المتمردة
ومع ذلك أضاف:
" أنها تكثر من الأقامة خارج البيت كما أعلم".
" أن لها أصدقاء كثيرين , ومن الطبيعي أن تزورهم لأن الهدوء هنا يزعج فتاة مراهقة في عمرها".
" لا شك أنها لا زالت على مقاعد الدراسة ".

ووصلوا الى سيارة غايل , ووجهت اليه غايل نظرة مباشرة:
" هذا من أختصاص والدها , وأنا لا أناقش هذه الأمور مع أي شخص كان".
ثم قال روبن في محاولة لتأخيرها بعد أن دخلت السيارة :
" ألا يحضر زوجك الى الكنيسة ؟".

أغلقت الباب وأنزلت زجاج السيارة :
" أنه غائب حاليا , ولولا ذلك لحضر معنا الى الكنيسة".
أدارت غايل محرك السيارة بينما طلب بألحاح غريب:
" أود أن أتسلى بصيد السمك , فهل يمكنني أن أحضر الى البحيرة؟".

" البحيرة؟ لست أدري أذا كان زوجي يسمح بذلك".
" لست تدرين!".
رفع حاجبيه.... فرأت الفضول يرتسم على قسماته الحلوة , لكنه لم يفه بأكثر من:
" سمعت أنه يسمح بالصيد في البحيرة , فهل يمكنني الحضور لرؤية وكيل أعماله؟".

وقعت في مأزق بسبب جهلها بالأذن الذي ألمح اليه روبن , وقالت:
" أظن أنه لا مانع في مقابلتك السيد سينكلاير".
هتف مسرعا فيما أفلتت غايل مقبض الباب :
" حسنا , سأصعد اليكم بعد الظهر".
ودعته , وأنطلقت في السيارة وقد لفها أزعاج لم يغب عنها على رغم أحاديث الطفلين المتواصلة.
منتدى ليلاس
ظهر روبن عند الثانية ظهرا , ولما فتحت السيدو بيرشن الباب , سأل عن غايل , فأدخلته مدبرة المنزل الى قاعة الجلوس حيث كانت غايل تلبس روبي معطفه ووشاحه , ففوجئت.
" آه.... أنك تود مقابلة سينكلاير , سأبعث في في أثره".

قرعت غايل الجرس , فحضرت أحدى الخادمات , فطلبت اليها غايل أن تحضر وكيل المزرعة , ثم دعت روبن للجلوس , وقال:
" هل تنوون الخروج؟".
رد روبي قبل أن تتمكن غايل من النطق:
" أننا نخرج بعد ظهر الأحد عادة في نزهة يرافقنا فيها والدي , لكنه ليس هنا اليوم , فهل ترغب في مرافقتنا؟".

تأمل الشاب غايل , ثم تحدث الى روبي:
" هل ترغب في ذلك؟".
تطلع روبي أيضا الى غايل وأجاب:
" أجل....أذا كانت أمي تسمح بذلك".
ولما دخل سينكلاير الغرفة , أدارت غايل رأسها نحوه وقالت بسرعة:
"السيد شيلدون حضر هنا بقصد الصيد".

ثم عرفته بروبن الذي أعرب له عن رغبته , ثم أعلنت شنا وقد أستعدت للخروج بعد أن أرتدت معطفها الأحمر البراق وقبعتها المزينين بالفرو:
" لم أجد قفازاتي , لقد وعتها في الجوارب , لكنني لا أجدها هناك الآن".
طمأنتها غايل:
" قفازاتك على الطاولة في القاعة".


اماريج 29-07-10 10:52 PM

ثم طلب سينكلاير الى روبن أن يلحق به الى مكتبه , وقد غادر هو أيضا الغرفة مرغما وقد أبتسم لغايل فيما تجاوزها.

وأعطي الأذن لروبن بالصيد , ولما غادرت غايل والصغيرين المنزل , كان يخرج عدة الصيد من سيارته فقالت له غايل :
" البحيرة بعيدة بعض الشيء , والأفضل أن تستقل السيارة لأن الطريق لا يبعد كثيرا عن البحيرة".

" السير على الأقدام مفيد لصحتي".
ثم سكت قليلا قبل أن يستأنف:
" أرجو ألا أزعجك أذا رافقتك".
ترددت قليلا قبل أن تجيب:
"لم أنو أن أسلك هذه الطريق".

فتدخل روبي قائلا:
" لكننا نتجه دائما نحو البحيرة , وأنا أرغب بالذهاب الى هناك حتى نرى السيد شيلدون يصطاد".
منتدى ليلاس
" لن يكون بوسعك أن ترى السيد شيلدون يصطاد لأنه سيركب الزورق".
فأصر روبي :
" أذن , دعينا نرافق السيد شيلدون ونراه يستقل الزورق".
أيدته شنا :
" أرجوك , أسمحي لنا".

*****نهاية الفصل الخامس******


اماريج 29-07-10 10:53 PM

6- خطوة نحو الحب
**************************
من المؤكد أن الجو هدد بهطول المطر , وأثبتت ظلال الغيوم المنخفضة والمتدافعة فوق قمة بييغلو وما يحيط بها من آكام أقتراب المطر
وقالت غايل للحال:
" يجب أن نرجع".
وأنتقلت أفكارها فورا الى روبن الذي كان على الأرجح لا يزال وسط البحيرة , عندما بلغوا المنزل كانت سيارة السيدة دافيز في الساحة الأمامية, وقد جلست هي وموراغ يشربان الشاي في البهو الصغير حيث أضطرمت في الموقد نار من قطع حطب كبيرة زاد لهيبها من وهج المصباح الوردي الموضوع في الزاوية.

وتوقفت المرأتان عن الحديث فور دخول غايل والصغيرين الى القاعة بوجوههم المحمرة , وعند دخولهم القاعة , وضع الصغيران يدهما في يد غايل , ولاحظت جدتهما ذلك بينما وقف الثلاثة أمامها وقد أرتسم الفضول والأستغراب على محيا غايل التي همست معتذرة:
" آسفة لأننا كنا في الخارج , فأنت لا تزورينا يوم الأحد عادة".

رمت السيدة دافيز غايل بنظرة أحتقار مألوفة فيما أبتسمت للصغيرين :
" ليس ذلك من عادتي حين يكون آندرو في البيت , لأنه يحب أن يقضي عطلة الأسبوع وحده".
" لو أتصلت بي بالهاتف لما خرجت بالصغيرين".
" في أي حال لم ننزعج هنا بمفردنا".

ظهر في عيني موراغ مزيج غريب من الأهتمام والفضول لم تعرف له غايل سببا ألا بعد أن رحلت السيدة دافيز بعد نصف ساعة , وكان الصغيران قد ذهبا لغسل أيديهما , سألت موراغ:
" من هو صديقك الشاب؟".
أرسلت غايل الى موراغ نظرة كبرياء.
" أنني لا أفهمك".
" هل هو الذي أشترى الأزهار؟".

" لم أعرف السيد شيلدون ألا منذ أيام قليلة".
" لا شك أنه سريع الوصول الى هدفه حتى يحضر لرؤيتك اليوم , آه , أجل , لقد رأيته وراقبتك تخرجين معه , هل تلتقيان سرا؟ أظن ذلك ممتعا".
منتدى ليلاس
وأستطردت موراغ فيما تأملت النار المضطرمة:
" ربما قررت أن أتزوج في نهاية المطاف , فمن المثير للغاية أن تستنبطي طرقا للهرب , والزوج يوفر حاجزا تجسرين على تخطيه وتحسين عندئذ بنشوة الأنتصار وبقدرتك على أنجاز شيء مهم".

رمقت غايل الفتاة بنظرة أزدراء , لكن موراغ أكتفت بالضحك بينما قذفت الشطيرة في الطبق بأهمال , فوقعت على الأرض , ولم تحاول رفعها فيما أصرت:
" ستقعين في مأزق أن أكتشف والدي أمر صديقك الشاب لأنه سيستنتج أن التاريخ يعيد نفسه , لقد دأبت أمي على مصادقة الرجال ولا شك أنك تعرفين ذلك".

أستاءت غايل , وغادرت الحجرة بأتجاه المطبخ لتعلم الخادمة أنهم سيتناولون الشاي في البهو الخلفي الصغير , وبعد عودة آندرو بوقت قصير , واجه زوجته في غرفة نوم الأطفال حيث عملت على تنظيم الخزائن وترتيب الألعاب التي قلبها الأولاد , بأعادتها الى علبها الصحيحة
وسألها بحنق أسكتها برهة:
" من هو ذلك الشاب الذي زارك هنا؟".

لقد عرفت مصدر النبأ , ألا أنها سألت على مهل:
" هل تحدثت الى سينكلاير؟".
صاح وهو يعبس في وجهها لمجرد السؤال:
"كنت أتحدث مع موراغ".
لم تجبه فورا , بل نظرت اليه وهي تتذكر عزمها على تسوية الأمور بينهما وأطلاعه على السبب الحقيقي لرفضها أرتداء ثوب يعجبه
لكنها حين رأت أتهامهه لها وتعنته, غابت كل نواياها الطيبة , وأتقد وجهها سخطا , وسألته وهي تتحكم بنفسها:
" لعلك تخبرني بما قالته حرفيا".

" أبلغتني بخروجك للتنزه معه بعد ظهر الأحد............".
" مع الصغيرين؟ هل أخبرتك أن الصغيرين كانا معي؟".
أطرق وقد تقلصت عضلات فمه , فأستطردت:
" يجب أن أعترف أنه هب لمساعدتي عندما ثقبت عجلة السيارة..........".


اماريج 29-07-10 10:54 PM

تساءل ببرودة وسخرية:
" ثقبت عجلة السيارة؟ يا للصدفة".
كاد غيظ غايل يقتلها , لكنها أستأنفت حديثها بهدوء يثير الأعجاب:
" وألتقينا للمرة الثانية عند خروجنا من الكنيسة , فطلب مني أذنا بالصيد في البحيرة".

" لقد فعل.... بعد هذا التعارف السريع............".
لم تجب بكلمة فيما أستطرد وتلك البرودة المصطنعة لا تفارق نبرة صوته:
" وهل أعطيته أذنا بالصيد في البحيرة؟".
" كان من الطبيعي أن أحوله الى سينكلاير , الأمر الذي أظنه صائبا".

أحدث آندرو حركة في حلقه , فكانت الدليل الوحيد على مشاعره فيما قال بروية:
" أنتبهي يا غايل جيدا , ولا تنسي مع من تتحدثين".
خفضت رأسها فورا فيما أستطرد يقول:
" هل أعطى سينكلاير صديقك أذنا للصيد في البحيرة؟".
منتدى ليلاس
" صديقي؟ لقد أعطى سينكلاير السيد شيلدون أذنا بالصيد , الأمر الذي جعلنا نرافقه , لقد أراد الصغيران ذلك , فوافقت".
ردد عاقدا حاجبيه:
" الصغيران؟".
رفعت رأسها ونظرت اليه بثبات:
" أجل يا آندرو , الصغيران".

" سوف أرى سينكلاير , فهذا الرجل لن يحضر الى هنا ثانية ,كما أنك لن تتحدثي اليه ثانية , هل تفهمين؟".
هنا فقدت غايل السيطرة على أعصابها , وثار ثائرها:
" أنني لا أفهم شيئا , فموراغ لها أفكارها الخاصة عن علاقتي بروبن.......".

أكفهر وجه آندرو , فأصلحت كلامها وهي تضيف:
" أقصد السيد شيلدون , ويبدو أن موراغ نقلت اليك أفكارها , فصدقها أذا كنت تريد ذلك لأنني لا أملك سيطرة على شكوكك , أما بالنسبة الى مخاطبة السيد شيلدون .... فسأفعل ما يرضيني , ماذا تريدني أن أفعل؟ هل أزجره عندما نلتقي ثانية ؟ هل هذا ما تقصده؟".
" هذا ما قصدته بالضبط".

" أذن فأنك ستصدم , لأن تهذيبي لا يسمح لي بمعاملته على هذا النحو الوقح".
فأندفع نحوها بقامته المديدة وعضلاته المفتولة والشرر يتطاير من عينيه , فتراجعت غايل مرتجفة وقد أمتقع لونها ووضعت يدها على رأسها بدون أن تدري , وأنتفخ الجرح فوق صدغها النابض بالألم , وأوقف الجدار تراجعها فوصل آندرو اليها مهددا متوعدا فيما تكلم بصوت منخفض:
" هل سأصدم؟ صدقيني أنه لو صدمت , فستندمين أشد الندم".

تسارعت دقات قلبها بصورة مؤلمة , ولشد ما دهشت أذ غلب خوفها على غيظها بعد أن رأت في زوجها قسوة وهياجا لم تعرفهما من قبل , وبدا كأن كل وحشية وهمجية العصور السابقة قد علت ملامحه وأعطته مظهرا قاسيا بل شيطانيا.
" حسنا , أنتظر حتى ترى أذا كنت سأندم".

" هل تنوين أستفزازي وتحديّ؟".
" أنني عازمة على معاملة السيد شيلدون بالطريقة التي تمليها علي الأخلاق الرفيعة وأصول السلوك الحسن".
فهدر صوته وقد تراقصت خطوط بيضاء على جانبي فمه:
" أنك لن تتكلمي معه ثانية , وأنني آمرك بتجاهله مهما تكن ظروف لقائكما".

شعرت غايل بالوهن في رجليها والأضطراب في أعصابها.
ومع ما أعتراها من خوف في هذه الحظة , فقد رفضت الأذعان لرغبات آندرو ومعاملة روبن بهذه الطريقة السيئة , وقالت:
" آندرو.... لا يمكنني تجاهله بدون أي سبب...........".

فأخذ يهزها بعنف , لكنه توقف فجأة , وتكلم أخيرا بعناء وبطء:
" كيف أصبت بهذا الجرح في رأسك؟".
هزت رأسها وقد أنكها التعب , وتمنت في تعاستها وشقائها وبؤسها لو أنها لم تره أبدا , وقالت:
" أنه....... أنه......".

وردد للحال بصوت يعبر عن الذهول والندامة والرقة :
" غايل.... لا تبكي يا عزيزتي , أنني آسف لما سببته لك من أذى... ولكن , أخبريني ماذا حدث".
منتدى ليلاس
غير أن غايل لم تستطع ألا أن ترفع رأسها وتحدق اليه بعينين متسعتين وقد ضاق نفسها فيما حاولت أستيعاب تغيره المفاجىء , لقد تأمل الجرح النابض بعنف مستغربا وقد شحب لونه على أثر الأجهاد العاطفي الذي أصاب غايل
التي همست بسرعة:
" وقعت ضحية حادث سيارة خلّف هذا الجرح وجرحا آخر أكثر قبحا في كتفي.......".

فسألها بحدة وقد علا الشحوب فمه لسبب آخر مختلف هذه المرة:
" كتفك؟ أذن, لذلك لم.......".
قطع حديثه على الفور لأنها هزت رأسها , ثم أستطرد :
" لماذا لم تخبريني بالأمر أيتها الفتاة السخيفة؟".


اماريج 29-07-10 10:55 PM

فخطر لها مجدا قول موراغ أنه لا يطيق ما هو حقير , وعرفت أنها ليست قادرة على أبلاغه بأمر جراحها الباقية , ربما أخبرته لاحقا.....فردت بدون أن تحسن تبرير نفسها:
" الحقيقة أنني أردت أخبارك , لكنني أظن أن أبائي وعنادي منعاني..... بعد....".
فحملق فيها مستفهما:
" بعد؟".

فأعترفت:
" في البداية لم أرد أطلاعك على قصة الجراح".
" لم تريديني أن أعرف! ولكن, لماذا؟".
من البديهي ألا تردد ما تفوهت به موراغ , لذلك أجابت:
" أتصور أنك لا تحب ما هو حقير ".
" أوتعتبرين نفسك حقيرة ودون المستوى؟".
منتدى ليلاس
ولم يعطها آندرو فرصة للرد على سؤال أذ مضى يوبخها ولكن بطريقة مختلفة عن طريقته القاسية والمستبدة وسألها:
" ما الذي أوحى لك أنني لا أحب ما هو حقير ودون المستوى؟".
" المرء يكوّن أنطباعات........".

وخالجها أرتياح لأنه لم يستفسر أكثر عن القضية , بل هز رأسه محتارا وكأنه يتساءل عما دفعها الى هذا الأستنتاج.
جففت دموعها وأبتسمت بعد أن طمأنتها رقته في تجاوز أمر التشوهات.
وسألته بعد قليل وقد أطمأنت الى هدوئه وأستعداده للأصغاء اليها وقربه منها:
" هل يمكنني أن أخبرك عن روبن؟".

أجاب بلطف وروية :
" أجل , تعالي وأجلسي بجانبي على الأريكة وأخبريني بكل شيء ".
لم تختلف أقوالها الآن عن السابق , لكنه رأى الأمر على حقيقته من خلال شعوره الجديد بالصبر والتسامح والتفاهم لا من منظار الشك الذي يشوه الحقائق , وأعتذر أخيرا:
" آسف يا غايل , وعذري الوحيد هو أن..........".

صمت وقد ظهرت الكآبة في عينيه:
" لا , لا أستطيع ذكره , ولكن , صدقيني كان هنالك عذر".
ثم أبتسم لها فتسارع نبضها , يا الله كم تغيرت سيماؤه .... وكم بدا جذابا.

وقربت الحادثة بينهما , وكان أحد معلم التغيير في آندرو تناوله الشاي مع غايل والصغيرين بعد الظهر حين قضوا جميعا وقتا ممتعا تسوده الألفة.
وتتالت نزهات الأحد بعد الظهر , وأحيانا رافق آندرو غايل في رحلتها لأسترجاع الصغيرين من المدرسة حين تقل مشاغله , ثم أخذا يقومان ببعض الزيارات في المساء , وسمعت غايل بعض الملاحظات عن تأثيرها الأيجابي على آندرو , وعن أرتياح أصدقائه لبعض السعادة التي بدأ يعرفها
وأقام الزوجان مآدب عشاء في قاعة الطعام الكبرى المزدانة بالرسوم والتي كانت تشع ببريق الفضة والزجاج المقطوع والجواهر التي تتزين بها السيدات.

لكن موراغ ظلت بالطبع عائقا كبيرا أمام سعادة آندرو وهدوئه ومصدرا عظيما لأقلاق غايل وأزعاجها , فأي شجار حاد بين آندرو وموراغ كان يعني دائما تحكم الأنقباض والكآبة من جديد , عندئذ تبدأ غايل بالتساؤل عما يدور في رأسه من أفكار , وعما أذا شك في أن موراغ ليست أبنته
وفي حال صحة هذا الشك , ألا يخامره أستياء عارم لأنها تزعجه كل هذا الأزعاج ؟ لكنه أزداد طوال الوقت تقربا من غايل وأستمد منها سعادة وطمأنينة , والطريقة التي تحدث بها الى زوجته عن موراغ أعطت دليلا على العلاقة الجديدة بينهما
وبينما جلس مع غايل ذات يوم في البهو الخلفي الصغير قال:
" أنني أنوي أرسال موراغ الى مدرسة داخلية".

ولم يشر الى أن الفتاة طردت مرتين من مدارس داخلية في السابق , ومن الطبيعي أن غايل لم تحاول أعلامه بما أسترقت السمع اليه , بل سألته بحذر:
" هل تفكر بمدرسة معينة؟".
منتدى ليلاس
" هناك مدرستان , أولاهما قرب أدمبرة والثانية في أنكلترا ,وسأكتب اليهما , ويحتمل ألا تقبل المدرسة الواقعة في أدمبرة موراغ لأن مديرها لا شك يعرف ماضي الفتاة الأكاديمي , في حين لا توجد هذه المشكلة مع المدرسة التي تقع في أنكلترا , فرتبت الأمور بحيث تبدأ موراغ دراستها في شهر أيلول".

وتحتم على غايل أن تعترف , وهي تتذكر تفاؤلها بقدرتها على مساعدة موراغ , أن المنزل سيغدو جنة في غيابها , فقد أخفقت غايل في مساعدة الفتاة , وأقرت بعد وصولها بوقت قصير أن لا شيء يمكن عمله لمساعدة المسكينة , التي أحتفلت بعيد ميلادها السادس عشر مؤخرا حين أشترت لها غايل فرشاة فضية ومجموعة من أدوات تسريح الشعر وتزيينه , ويذكر أنها علمت ذلك بواسطة أبحاثها الدقيقة , الأمر الذي أدهشها , وأن كان قد سهل عليها شراء الهدية , كما طلبت غايل من روبي وشنا أن يبتاعا هديتين لشقيقتهما , ثم عرضت جميع الهدايا على آندرو علما بأنها سمعته يهدد موراغ بأنه لن يهديها شيئا في عيد ميلادها , وسألت غايل آندرو في محاولة منها لدفعه الى شراء هدية لأبنته:
" ماذا تنوي أن تهديها؟".


اماريج 29-07-10 10:56 PM

" لا شيء , لقد أخبرتها بأنني لن أهديها شيئا".
ثم تفحص الهدايا بلطف , وأتقدت عيناه غضبا عندما لمح هدية غايل , لكن زوجته لم تعرف السبب الا حين قدمت الهدية الى الفتاة , التي لم تظهر أهتمامها وأمتنانها عندما فتحت العلبة , فقالت:
" أجد نفعا أكبر في السجائر , لكنني سأبيع هذه كما بعت غيرها , فشكرا في أي حال".

" هل بعت واحدة أخرى؟".
" عندما كان والدي في أحدى لحظات كرمه , أهداني مجموعة قديمة من أدوات تسريح الشعر وتزيينه أحتفظت بها أسرتنا لأجيال عديدة , بعدئذ أخذ يقطر علي بالمال , فأضطرتت لبيعها".

وفي بداية تموز ذهبت موراغ لزيارة أصدقائها ثانية , تركت رسالة لوالدها تبلغه فيها عن غيابها لثلاثة أسابيع بدون أن تترك عنوانا أو تشير الى ما تملكه من المال , على أن غايل شعرت أن الفتاة لم تملك مالا وفيرا يمكنها من السفر الى الخارج , وفوجئت غيل أذ لم يظهر الأهتمام على آندرو , الذي أكتفى من معالم الغضب بتمزيق الرسالة ورميها في سلة المهملات.
منتدى ليلاس
وحضر روبن بعد دقائق , ولم تكن غايل قد رأته بعد شجارها مع آندرو سوى مرتين , فتطلعت الآن الى زوجها بقلق وقد خافت أن يكون التعامل معه صعبا الآن خصوصا بعد تلقيه رسالة موراغ , لكنه أستقبل روبن بترحاب وأعطاء أذنا بالصيد , وقبل أن يعود الشاب الى بيته , رأت غايل آندرو يحادثه قرب سيارته.

وسأل آندرو غايل بعد غياب موراغ ببضعة أيام أذا كانت ترغب بدعوة هيذر وروجر لقضاء مدة عندهما , فاجأها الأقتراح مفاجأة تامة , وقد فرحت به , ألا أنها كبتت بحذر لما داخلها من شكوك وهي تعلم أن هيذر تبغض آندرو
وأنها رفضت دعوة شبيهة , وتبادلت الشقيقات الثلاث منذ البداية رسائل ضمتها هيذر أسئلة تعبر عن خشيتها , وكانت غايل ترد عليها برسائل مطمئنة تعرب فيها عن سعادتها
ولم يعذبها ضميرها بسبب أجوبتها الكاذبة التي قصدت بها حماية شقيقتها من القلق الزائد , أما بيث , فلم تكثر من الأسئلة , لا لأنها أحبت غايل أقل مما أحبتها هيذر , ولكن لأنها ألتقت آندرو للمرة الأولى يوم العرس لمدة قصيرة لم تساعدها على تكوين أنطباع عن صهرها.

ثم سألت غايل:
" هل يمكن لبيث وعائلتها أن يحضروا لاحقا؟".
أقترح آندرو فورا أن يحضروا جميعا , وعقب مبتسما:
" ستفرحين كثيرا بأجتماع الأسرة من جديد".
فتساءلت غايل أذا كان العمل لا يتعب الخدم.
" سيكون عليهم الأعتناء بأربعة أولاد جدد".
غير أن زوجها أبتسم ثانية:
" لا تخشي شيئا على الخدم , فهم سيتدبرون الأمر".

وأكتمل سرور غايل بقبول شقيقتيها دعوتها , ثم حضر أفراد الأسرتين جميعا مستقلين سيارتين.
وعرف سيمون وماندا للحال ولدي آندرو , وأنطلقا معهما الى الأراجيح , أما طوماس وماريلين فأتصقا بولديهما خجلين , فيما تأملا تذكارات الصيد المعلقة بالجدران , وقد ظهر الخوف والأعجاب في عيونهما .
فنادت غايل روبي على عجل:
" هيا , فلنتسابق نحو الأراجيح".

ثم حضرت خادمتان لتنقلا الأمتعة الى الطبقة العليا , ألا أن غايل تقدمت شقيقتيها , وأدخلت بيث أولا الى غرفتها وغرفتي ولديها الواقعتين في الطرف الآخر من الممر , وقالت قبل أصطحاب هيذر الى ثلاث حجرات متشابهة:
" سأراك في الطبقة السفلى عما قريب".

وسألت هيذر:
" ماذا حل بالرجال؟".
" أنهم يتناولون الشراب".
ثم أتجهت غايل صوب الخادمة:
" أرجو أن تتركي الحقائب في مكانها يا دورا , فسأساعد شقيقتي بنفسي على فض أمتعتها".
فتركت الفتاة الحقائب , وغادرت الحجرة , وعلقت هيذر بشيء من التندر:
" لا زال آندرو كما كان, يفضل صحبة الرجال".

فردت غايل بقسوة غير مألوفة:
" لم ينس أن يدعوك أنت وبيث لمشاركتك الشراب عندما تنتهيان من عملكما , لكنك كنت مشغولة بالحديث معي , فلم تسمعيني".
نظرت هيذر الى شقيقتها بأستغراب لتتفحص وجهها وتقول مداعبة:
" أنك شديدة الحساسية , أليس كذلك؟ آمل أن تكوني قد وقعت في هوى هذا الوحش".
منتدى ليلاس
وبعد أن وضعت غايل الحقائب على كرسي ورفعت غطاءها , سألت شقبقتها:
" هل أعجبك جناحكم؟".
" هل تتهربين من سؤالي ؟ أجل , أنها غرف جميلة , والمنظر رائع من هنا , يا لها من جبال ومروج ! ويا لزرقة السماء! طالما حسبت أن المطر لا ينقطع في أسكوتلندا".

" وكذلك أنا , لكن السنة كانت مختلفة , فلم يسقط الثلج عندنا ألا على قمم الجبال العالية في الشمال وبعض القمم هنا , وقد ذاب الثلج عن قمة بينيغلو قبل شهر من الآن".
" أين يقع جبل بنيغلو؟".
" أنه يقع بين ذينك الجبلين , وهو يدعى أيضا جبل الضباب".

" لكن الضباب لا يكتنفه الآن , ولذا أتوقع أن نستمتع بطقس رائع . والحقيقة أنني سعيدة بدعوتك لنا".
" أنني سعيدة بقدومكم , فقد خشيت أن ترفضي الدعوة".
" لم يمكنني أن أفعل ذلك هذه المرة لأنك هنا".


اماريج 29-07-10 10:57 PM

ثم نظرت الى أسفل وقالت بفظاظة:
" لا ريب أنك تزوجت المال , الأمر الذي يعوضك عن بعض من خسارتك".

لم تعقب غايل على قول هيذر بشيء , أما هيذر فأضافت وهي تتطلع الى شقيقتها بفضول:
" أنك تتهربين دائما من أسئلتي عن موراغ , بينما أتحرق شوقا لمقابلتها".
" لن تتاح لك الفرصة لأنها في زيارة لأصدقائها , هل أفرد هذه الحقيبة؟".

" في زيارة لأصدقائها؟".
ثم صمتت قبل أن تضيف:
" هل تقصدين أنها فارة كعادتها؟".
" أظن ذلك".
وهزت غايل كتفيها وغيرت الموضوع:
" سنقيم حفلة شواء يوم الخميس أذا سمح لنا الطقس بذلك".

تطلعت هيذر اليها وقد أدركت مرماها , لكنها لم تتحول عن الموضوع .
" أتصور أنك دعوتنا للزيارة لأن موراغ بعيدة".
فجاء جوابها ملتبسا:
" آندرو هو صاحب الفكرة".
منتدى ليلاس
غير أن هيذر أكتفت بالأبتسام:
" ألا تزعجك؟ لا ريب أنها تمقتك".
" كثيرا ما نتشاجر , لكنني لا أتعاطى كثيرا بشؤونها".
" هكذا أذن؟ فقد أخفقت نواياك الحسنة , ولم توفقي الى أصلاحها".

" يجب أن أقر.... ولكن... أنه أمر فظيع يا هيذر أقول أن ليس بالأمكان أصلاح موراغ".
" حتى ولو أقترنت بزوج مستقيم؟".
تنهدت غايل بينما تذكرت ما قالته موراغ عن متعة خداع زوجها وخيانته:
" الشبان المستقيمون يتجنبونها".

ثم أضافت وقد لاحظت التغير السريع في ملامح شقيقتها:
" وآندرو............؟".
لم ترد غايل , فمضت هيذر على مهل:
" تذكرين أشارتي الى أنه من الممكن أن تكوني قد وقعت في هواه؟".
أحمرت غايل خجلا , وأطرقت مرغمة بينما أعترفت لأنهما لم تتعودا أخفاء الأسرار عن بعضهما.
" أجل أني أجد أهتمامي به قد تزايد كثيرا بحيث هدد طمأنينتي".


اماريج 29-07-10 10:59 PM

" هل هو حادث مؤسف لم تأخذيه في عين الأعتبار؟".
عبست غايل:
" لا يمكنني أن أسميه كذلك.......".
قاطعتها هيذر فورا:
" ألا تفعلين؟ هل تقصدين أنه هو أيضا قد وقع في حبك؟".

وهزت هيذر رأسها:
" أن قسوته وصلابته يمنعانه من أن يعشق يا غايل".
" يخيل الي أنك رسمت له صورة خاصة , أليس كذلك؟".

" لم يظهر لي منه الا الغرور, في كل مناسبة جعلني سوء حظي .... أقصد.......".
عدلت هيذر كلامها أذ تذكرت أنها تنزل في منزل آندرو:
" في كل مناسبة ألتقيه فيها , وأنت نفسك تذكرين أنه بالكاد أطال التحدث الى أي منا في زيارتك الأخيرة لنا".

فتحت غايل درجا وضعت فيه ملابس هيذر الداخلية:
" لكنه تحدث الي , وطلب مني أن أتزوجه".
ثم سددت غايل نظرة مرحة الى شقيقتها:
" الحقيقة أنه ليس كما تقولين على الأطلاق , فهو قد تحمل أكثر من الذين في سنه, ولا يمكن لومه أن هو أظهر مرارة وتصلبا , لكنه في جوهره متسامح ومتفهم و.... وبوسعه أن يعشق...........".

ومع ذلك صمتت , بينما أغرورقت عيناها بالدموع , ترى , هل كانت تمني النفس بأمل خادع؟
وقالت هيذر مغضبة:
" أتمنى ألا تتعرضي لصدمة أخرى".
" لا أنكرك القول بأن أندرو أصبح في الأونة الأخيرة أشد لطفا , ولولا أن موراغ تغضبه , لما كان يفقد أعصابه ويثور في وجه الجميع".
منتدى ليلاس
وأنتصبت غايل واقفة بعد أن أغلقت الدرج وتابعت:
" الزمان هو الشاهد الوحيد على كلامي , فلم ينقض وقت طويل على زواجنا حتى الآن , ولا أحس أنني قد خدعت , فأندرو قد أفهمني أن زواجنا سيكون شكليا , وقد وافقت على ذلك لرغبتي آنذاك بأن أصبح زوجة ".
" ليس من المألوف أن تستمري في تجاهل رغباتك الطبيعية , ولا شك أن لأندرو رغباته أيضا".

وتجهم وجه هيذر قبل أن تسأل على حين غرة :
" ولكن , هل يظهر رغباته من تلقاء نفسه؟".

" أذا كنت تقصدين بسؤالك معاشرته للنساء , فأنني أؤكد لك أن ليس له أي خليلة".
" آسفة , لم أقصد أيذاءك , ولا أتصور أنه ينخذ خليلة ".

وغيّرت هيذر الموضوع , فتسنى لغايل أن تطلع آخر الأمر على الأخبار التي طال أنتظارها , فروجر وقع على صفقة كبيرة , وها هو يسعى للتوقيع على أخرى , أما ماريلين فقد فازت بميدالية فضية هي الخامسة من نوعها لحسن رقصها , وقد عثر سيمون في الروضة على طائر شبيه بالحجل , فبكى عليه الجميع ما عدا روجر....


اماريج 29-07-10 11:00 PM

ونقلت اليها أخبار بيث بعد أن أنضمت الشقيقات الثلاث , في قاعة الجلوس , وتنصت آندرو أحيانا الى حديثهن , بينما تأمل وجه زوجته وأبتسم لها كلما ألتقت عيونهما , فغمرتها سعادة عارمة لأستضافتها شقيقتيها اللتين طالما أقامت عندهما لأنه لم يكن لها منزل خاص بها , وعندما دخل الصغيران وقد علت وجهيهما الحمرة وأحسا بالجوع , وصاحا ماما وكأن غايل هي أمهما حقا , طرحت غايل آمالها العريضة وفرحت بحظها
وقال روبي لاهثا:
" ماما .... أريد أن آكل".

ووافقت شنا فيما كادت أنفاسها تنقطع كشقيقها:
" وكذلك أنا".
أما طوماس , وهو أكبر منهما سنا , فقال برصانة:
" كلنا جياع , فهل يمكن أن نتناول بعض الشطائر يا خالة غايل؟".
فرد آندرو وهو يمد يده الى حبل الجرس:
" أظن أن الشاي سيحضر بسرعة".
منتدى ليلاس
وحضرت دورا على الفور ,وردا على سؤاله , قالت أن الشاي سيحضر بعد خمس دقائق.
وجلس الجميع الى الشاي , فأحتل الستى الكبار طاولة , بينما شغل الأولاد طاولة أخرى , وساد الضجيج طوال الوجبة , لكن أحدا لم يكترث لذلك , ورأت غايل في زوجها رب الأسرة النموذجي بكرمه ومرحه وأسترخائه وأحتفاظه بكبريائه فوق كل شي , ولما تيقنت بيث من أن آندرو لا يسمعها , همست:
" أنني معجبة بزوجك , كيف تخيلت هيذر أنه مقيت؟".

" لم تكن تعرفه جيدا".
" أستغرب أنك لا تحبينه".
" من قال أنني لم أفعل؟ هل ترغبين بمزيد من الكعك؟".
" هذا ضروري يا غايل البلهاء".
" الزبدة الى يسارك , فهل تريدين مزيدا من الشاي؟".

" هل تظنين أنه سيقع في هواك؟".
" ربما , ولكن , شريطة أن يظل نجمي متصاعدا".
فقالت بيث بقلق:
"ولكن , أفترضي أن هذا لم يحدث".
تلعثمت في ردها:
" يبقى الصغيران لدي".

الآن فقط أدركت أنها لن تحقق ذاتها بالحصول على الأولاد فحسب , وتساءلت أذا كانت تطلب المستحيل , فالأقدار قد رأفت بها وأنتشلتها من عنوستها الكئيبة ,وقدمت لها ولدين رائعين , ومنزلا يفخر الأنسان به , ورخاء ليس من طبقة الأناس العاديين , لذا , هل يجب أن ترضى بنصيبها ولا تطلب المزيد , بل تحمد الله على ما هي فيه من نعم.

وبعد أن صبت غايل الشاي ثانية في فنجان بيث , سألتها الأخيرة :
" هل يعرف آندرو كل شيء؟".
" علم بالحادث لأنه رأى الجرح في رأسي , فأستفسر عن سببه , فكان لزاما علي أن أخبره أنني تعرضت لحادث أصطدام بالسيارة , لكنه لا يعرف شيئا آخر".

وبح صوتها أذ خطر لها خاطر آخر , لنفرض أن آندرو أحبها فعلا , فهل سيرغب بأنجاب مزيد من الأولاد؟ أرهبتها الفكرة , فطردتها من رأسها , وأخذت تتحدث الى روجر قبل أن تشارك اجماعة في حديثهم.

ولشد ما كان سرورها ورضاها عظيمين عندما أعلن آندرو عزمه على ألا يعمل طول مدة أقامة زوارهما , فقد رأت أنه بحاجة للراحة , وبما أن عطلته صادفت في وقت غياب موراغ لم تجد حائلا بينه وبين راحته الجسدية وأسترخائه النفسي.

كانت عطلة ريفية رائعة قضى معظمها في العراء لأن الجو كان لطيفا ومشمسا , وقد سمح أرتفاع الحرارة في بعض الأيام بأخذ حمام شمسي , وأستغلت بركة السباحة أحسن أستغلال وكذلك المرج الذي غرس منذ سنة في جزء من الروضة عند أحد جوانب المنزل.
وأستمع الجميع بالتجوال عبر الحقول والمراعي والوديان ومراقبة الطبيعة , علما بأن صخب الأولاد لدى رؤيتهم حدوث أمر مثير كان يضيع قسما كبيرا من المتعة.
منتدى ليلاس
وأثارت الغزلان أعجابهم , لكنهم حاذروا الأقتراب منها , وغالبا ما أطلقوا صيحات الأستهجان الخفيفة , وبعد أصطياد أحداها , كانت غزلان القطيع الباقية تولي الأدبار بأتجاه التلال حيث تختفي.
وأمطر الأولاد آندرو بوابل من الأسئلة أجاب عليها عادة بصبر نظرا الى أهتمامه الشديد بما جرى من حوله.

وسألت ماندا , التي أرتاحت لأندرو أكثر من غيرها من الأولاد وطرحت عليه أسئلة كثيرة:
" هل راقبت النسور وهي تطعم فراخها يا عم آندرو؟".
" أجل يا ماندا".


اماريج 29-07-10 11:02 PM

" هل تسلقت الهضبة لتقترب من العش؟".
" بالفعل تسلقت , لكن هذا يجري منذ وقت بعيد".
فسأله سيمون بشغف :
" هل كانت العملية خطرة ؟ وهل يمكننا نحن أن نتسلق المرتفع؟".
أجاب آندرو:
"لم تكن العملية خطرة , ألا أنه من الصعب عليكم أن تتسلقوا الآن لا سيما أننا لا نعرف أين توجد الأعشاش".

فعلّق روبي:
" مريديث يعرف , فقد قال أنه راقب أحد الأعشاش , ووجد فيه بيضتين قد فقستا".
تعجب طوماس:
" بيضتان فقط؟ هذا قليل جدا".
لكن آندرو أكد له:
" النسور تضع بيضة واحدة في العادة ".
منتدى ليلاس
وهنا توقفت ماريلين , التي كانت تركض أمامهم برفقة شنا , لتستوضح آندرو:
" لماذا توفي أحد الفرخين؟".
" لا بد أنه كان عصفورا ضعيفا , هل قال مريديث كم كان عمره حين مات يا روبي؟".

" مات بعد أن بلغ ستة أسابيع من العمر , وأصبح حجمه كبيرا مثل بقية فراخ النسور".
" حسنا , أن أنثى النسر تطعم فراخها في الأسابيع الأولى , فتتقاسم الفراخ الطعام فيما بينها , ولكنها حين تبلغ الأسبوع السادس من العمر , تترك لها أمها الطعام ووتوقع أن تتقاسم هي الغداء بدون مساعدتها , فأذا كان أحد الفرخين ضعيفا , ألتهم الفرخ الآخر الطعام كله".

فعلق روجر:
" هذا هو الأختيار الصحيح".
" تماما".
أستفسرت شنا:
" ما هو الأختيار الطبيعي؟".
لم يجب آندرو على سؤالها , بل أكتفى بمداعبة شعرها , ولما عادت الى أستيضاحها , قال:
" ستتعلمين الأمر عندما تكبرين".

ثم صاح فجأة :
" أنظروا , هناك نسر على قمة الصخر".
وتوقفوا جميعا للحال , وقد أخذهم الأعجاب بينما راقبوا عرضا رائعا لنسر ذهبي أنقض بمحاذاة الصخر بدون أن يفرد جناحيه فتحة كاملة , ثم أرتفع ليبسط جناحيه وينطلق بسهولة عبر الوادي الواسع , وعاد يحلق بسهولة نتيجة مهارته في مجاراة تيارات الهواء.

" لا بد أن عشه في أعلى الصخر , أليس كذلك يا بابا؟".
أطرق آندرو , ثم أجاب:
" أجل يا روبي , أنظر أنه يحط هناك".
وأختفى عن أبصارهم بسرعة , فأستأنفوا سيرهم في ممر بعلو الوادي .

وهتف هارفي:
" ما أعظم حجمه , كم أخشى أن يهاجمني".
فعقبت زوجته:
" لا تنقض النسور على الرجال , أليس كذلك يا غايل؟".
قهقهت مؤكدة أنها لا تعرف , وتولى آندرو الرد عنها:
" بوسع النسور فعل ذلك أن أقتربت كثيرا من عشها , والواقع أن هذا معروف منذ القدم , غير أنه نادر , وفي أي حال, لا يتعدى عمله عرضا بجناحيه يقصد به التخويف , وقد تعرّض أحد صياديّ لهجوم من هذا النوع , والحقيقة أن النسر لم يمسه بسوء".

" هل صحيح أن النسور تخطف الحملان؟".
" أجل , أنها تخطف الحملان , وتقتنص الثعالب , وأسارع للقول أن جراء الثعالب أو بالأحرى بقاياها التي لا تؤكل, غالبا ما تشاهد خارج أعشاش النسور".

أستغربت غايل , وقالت:
" يسهل عليّ تصور نسر يخطف جرو ثعلب , أما الحيوانات الكبيرة..... أفلا تقاوم تلك الحيونات النسر؟".
تطلع آندرو اليها , ورد:
" أحسبها تقاوم بعض الشيء , لكن , هل حدث أن رأيت مخلب النسر؟".

جاوبته وهي ترتعد خوفا:
" كلا , ولا أظن أنني أرغب في الأقتراب منه لرؤية مخالبه".
وهنا , علق روبي بتبسط:
" لا ينزعج أبي أذا خطفت النسور بعض الحملان , أليس كذلك؟".
" بالطبع أنزعج, كيف يسعك أن تفكر بهذه الطريقة؟".
منتدى ليلاس
" أنك لا تصطادها , وكذلك مريديث لا يفعل لها شيئا علما بأنه يجن عندما يجد ثعلبا ويطارده ليدمر وجاره".
" صحيح أننا لا نقتل النسور , ولكننا لا نرحب بخطفها الحملان".
علقت بيث بحزن:
" يبدو لي أن كل مخلوق يسعى لقتل الآخر".

أوضح آندرو:
" لا مفر من ذلك بين حيوانات الغابة , والحيوانات عادة تقتل بعضها لتكسب قوتها , وكم أحزن أحيانا على الثعالب التي لا بد يتملكها اليأس عندما يتوجب عليها أطعام جرائها النهمة".

لم تتوقع غايل أن تسمع منه هذه الكلمات , فرفعت رأسها مبتسمة وقد أطمأنت , وغمرها الفرح والدفء , فتطلع اليها آندرو قائلا:
" أجل يا غايل , أن لي قلبا".

*****نهاية الفصل السادس*****


اماريج 30-07-10 06:04 AM

7- قلب مريض
*******************
أنقضى الوقت بسرعة مذهلة , وقبل أنتهاء العطلة بيومين , وجدت هيذر نفسها تخاطب غايل والكآبة تعلو وجهها:
" لم أستمتع بعطلة مثل هذه , وكم أمقت العودة الى المنزل , وأنني أرجو أن تدعينا ثانية , فهلا فعلت؟".

أبتسمت غايل فيما هزت رأسها , فقد سرت بصحبة شقيقتيها , ألا أن السعادة , التي حصل عليها آندرو من الراحة والتغيير , كانت الأمر الأهم بالنسبة اليها , فالمعروف أن روجر صديق قديم لآندرو , لكن هارفي شارك آندرو في العديد من الآراء والأهتمامات , وعليه , أمكن غايل أن تتوقع زيارات أخرى.

وبعد ظهر اليوم الذي سبق رحيل الأسرتين , أقيمت حفلة عيد ميلاد شنا , وكان آندرو قد أقترح تقديمها بضعة أيام ليتسنى لأولاد خالتيهما حضورها , وساهمت الشقيقات الثلاث بالقسم الأكبر من الأستعدادات , فتعجب آندرو للأمر عندما سمع به , وبدا أنه لا يفهم لماذا تأخذ زوجته وشقيقتاها على عاتقهن مهمات عمال المطبخ, فأوضحت هيذر:
" تحب الأم ممارسة هذا النوع من العمل بقصد التعبير عن حبها".

ولم تكن غايل لتقول ذلك لأنها لمحت حركة مفاجئة في عيني آندرو , الذي تأمل وجه زوجته المعبر بينما همس:
"كم أنا سعيد لأنني تزوجتك".
أجابته وقد أحمرت خجلا:
" شكرا يا آندرو".
وسألت بيث زوجها فور أنضمامه اليهم:
" هل ستحضر الحفلة؟".
لم يستطع أن يرد بأكثر من:
" حسنا...........".
منتدى ليلاس
فشددت عليه بيث:
" ينبغي أن تحضر , لذا لا تحاول التهرب والأختلاء بنفسك".
ووجهت كلامها الى آندرو أيضا , فيما ضحكت , فتطلعت غايل الى زوجها وهي على أتم الأستعداد لرؤية حاجبيه يعقدان قليلا قبل أن ينطق بجملة لبقة توقف بيث عند حدها , لكنها دهشت أذ لم يرد ,بل أكتفى بالضحك , وهنا أضافت بيث:
" بأمكانكم أن ترفهوا عن الأولاد , فنحن لا نريد رؤيتهم ألا في وقت تناول الشاي".

فأحتج هارفي:
" أسمحي لي بكلمة , ليست رعاية الأولاد من أختصاص الرجال".
أتسعت عينا بيث , وأجابت بصورة حاسمة:
" أنكم مسؤولون عن أنجابهم , وعليكم بالتالي تحمّل نصيبكم في رعايتهم".
وقهقه آندرو فيما وعدها بلطف:
" سنخرج بهم الى الروضة ونسليهم".

وأقترح سيمون بينما ناقشوا النشاطات التي يريدون القيام بها:
" هيا نلعب في المرج".
فقالت أمه:
" لم تغب عن المرج طوال الوقت الا لحظات معدودة , ويبدو أن أسرتنا ستصدر للعالم لاعب غولف من الطراز الأول".

" أما أنا , فأحب أن ألعب الكريكيت".
" لدينا الوقت لممارسة الرياضتين ,وربما السباحة أيضا".
وأستعملت قاعة الطعام بكاملها لأنه علاوة على الأولاد الستة , فقد دعي ما يزيد على عشرين من رفاق روبي وشنا , وظلت غايل وشقيقتاها يعملن الى حين الغداء

فزيّن الغرفة بقصاصات الورق الملون والبالونات والأضواء البراقة أضافة الى كميات كبيرة من الأزهار , وقررن تحضير الطاولة فور الأنتهاء من الغداء حيث سيجلس الرجال الثلاثة مع أولادهم , وتقوم الشقيقات الثلاث بخدمتهم , ولما حان الغداء , دخل روبي وشنا مع والدهما
وقال روبي:
" سنغسل أيدينا".


اماريج 30-07-10 06:06 AM

ثم أنطلقا الى حمام يقع في مؤخر الممر , فعلّقت هيذر وهي تنقل نظرها بين آندرو وغايل:
" لو كان أبني وأبنتي هنا , لأصرّا على مشاهدة الغرفة مع علمهما المسبق بأنهما سيطردان منها".
رد آندرو بشيء من المرارة:
" لم يتعود روبي وشنا رؤية الغرفة مزينة , وهذه المرة الأولى التي يحدث فيها مثل هذا الأمر".
" المرة......".

وتمالكت هيذر نفسهاأذ أدركت عدم لياقتها , فأضافت:
" ستكون مفاجأة سارة لهما".
ورد وهو يوزع نظرات الأمتنان بين الشقيقات الثلاث:
" بكل تأكيد".

كانت مفاجأة حقا , فحفلات عيد الميلاد السابقة , التي نظمتها مربيات لم يكترثن بالأولاد ولم يرغبن بمزيد من العمل الأضافي , لم تتعد ملء الطاولة بشطائر اللحم المقدد والكعك وسائر أنواع الأطعمة التي يؤمر عمال المطبخ بتجهيزها , أما الشقيقات الثلاث , فتميزن بخبرتهن الواسعة في أعداد حفىت الأطفال , خصوصا أن غايل أبدت حماسة ونشاطا بالغين في هذه الأمور.

وفيما عملت الشقيقات الثلاث على ترتيب الطاولة , أنشغل أزواجهن بأستنباط الألعاب والمباريات والجوائز للفائزين من أفراد الأسرة المتزايدين عددا , أو لكل الحاضرين من الأولاد في الحقيقة , وأقترحت هيذر:
" أرى بما أنه لم يستمتع أي من شنا وروبي بمأدبة مثل هذه من قبل , فعلينا أن ندخلهما أولا حتى يلقيا نظرة دقيقة وشاملة على الغرفة".
فوافقت بيث قائلة:
" فكرة حسنة , سأذهب وأحضرهما".

لكنها عادت بآندرو أيضا , فوقف في الباب , وألتفتت غايل اليه , وظنت أنها رأت حركة أنفعال في حلقه , وطوّقت شنا غايل بذراعيها هامسة :
" ماما , ماذا فعلت؟ لم تقم لي حفلة مثل هذه من قبل , أنها رائعة".
تأمل روبي وشنا الغرفة بجذل وأعجاب هنيهة , ثم قالت شنا لآندرو:
" أليست غاية في الروعة يا بابا؟".
" أنها كذلك يا شنا".

وبدا آندرو عاجزا لبرهة عن النطق بأي كلمة أخرى , لكنه في نهاية المطاف نظر الى طفلته وطلب اليها أن تشكر خالتيها وأمها للجهد الذي بذلنه , ففعلت على الفور , وأبتسمن لها , وهنا لكزت هيذر غايل لتنبهها الى روبي الواقف جانبا بعينين متسعتين وقد سال لعابه فيما ركز بصره على الطاولة , ولما أدرك أن الجميع يحدق فيه , سأل:
" هل ستقام لي حفلة مثل هذه؟".
منتدى ليلاس
فأجابت غايل:
" طبعا يا روبي".
أما زوجها , فأضاف:
" ألا تدعو خالتيك لحضور الحفلة , ومساعدتنا؟".
وأعلم هيذر وبيث بموعد الحفلة:
" يصادف عيد مولد روبي عشية عيد الميلاد".

حملت كلماته دعوة واضحة , ودّلت قسمات وجهي السيدتين عن قبولهما لها , فأشاحت غايل بنظرها بعيدا وهي تحس أنقباضا بحلقها أذ لم يكن بوسعها أستيعاب كل ذلك دفعة واحدة ,وخشيت أن تفضح نفسها أن هي سمحت للدموع أن تسيل من مقلتيها , ثم سأل آندرو:
" هل أدعو الآخرين الى الداخل؟".
أطرقت هيذر , وقالت بأسف:
" أجل , فنحن مستعدون لهم , لكنك ستجلس وسط ضجة عظيمة فهل فكرت بذلك؟".


اماريج 30-07-10 06:07 AM

رد بوضوح وأصرار:
" سأستمتع بها للغاية".
وعمّت الفوضى ساعة أو ساعتين قبل أن يحضر الآباء لأصطحاب أولادهم الى منازلهم.

وأدخلت شنا الى السرير وهي متعبة لفرط سعادتها , وبعد أن أدخلت غايل الأغطية تحت فراش شنا , جلست الأخيرة وطوقت غايل بذراعيها قائلة:
" كم أحبك يا ماما , أنني أحبك حبا جما , وأشكرك لحفلتي الرائعة هذه".
منتدى ليلاس
تجاهلت غايل الجملة الأخيرة فيما أجابت وقد ظهرت البحة في صوتها:
" وأنا أحبك يا حلوتي الصغيرة , أما الآن , فتصبحين على خير يا حبيبتي".
شعّت عينا غايل بالفرح حين أنضمت الى بقية الجماعة, حيث أرتمت شقيقتاها على الأريكة متعبتين , وتناولت هيذر الكوب من آندرو شاكرة:
" أنني أدّعي دوما أنني لن أقيم الحفلات , فأنا الآن منهكة للغاية".

فرمقها آندرو بنظرة أمتنان , وأجابها:
" لا أعجب من قولك , فقد عملت عمل الأبطال , وأؤكد لك أن شنا لن تنسى هذه الحفلة طوال حياتها".
فقاطعته بيث وهي تتظاهر بأن عملهن لم يكن جبارا الى هذا الحد .
" لم تتخلفوا أنتم الرجال عن آداء دوركم , ولا أظن أن النجاح ألا نتيجة عملنا المشترك ضمن فريق واحد".

فعقب زوجها ومسحة الحزن ترن في صوته:
" شكرا , لقد أخذت أتساءل أذا كانت مساهمتنا تستحق الشكر أم لا".
وذهب جميع أفراد الأسرتين في اليوم التالي باكرا عند الصباح , ولم ينس آندرو أن يوجه لهم دعوة بالرجوع في غضون أسابيع قليلة للمشاركة في الصيد
فأضطر هارفي للأعتذار لأنه غير ماهر في الصيد ,ولا يستطيع الحصول على أجازة أخرى من العمل , أما روجر , وهو يعمل لحسابه , فقد قبل الدعوة , وفرح ولداه لأن بوسعهما ترك المدرسة بضعة أيام ومرافقته مع أمهما.

" ألا أن آندرو نظر الى الطفلين الآخرين , وقد أكتأبا , وقال:
" لا بد أن تحضروا جميعا في عيد الميلاد".
أطرق هارفي:
" كم نتوق الى مثل هذه المناسبة , ونحن شاكرون دعوتك يا آندرو".
وأستقل الجميع السيارتين لينطلقوا بعيدا , فيما وقفت غايل في الساحة الأمامية بجانب آندرو والطفلين يلوحون لهم بأيديهم الى أن أختفت السيارتان من الممر المؤدي الى الطريق العام.
منتدى ليلاس
وبعد أن تناولت غايل الغداء مع زوجها , سألته:
" أود أن أسأل , لماذا لم تحضر السيدة دافيز؟".
رد بأقتضاب:
" أتصلت بها هاتفيا لأطلب اليها عدم الحضور".
ومع أنه لم يقل كل شيء , فأن غايل أدركت رغبته بعدم التعرض لما يعكر صفو هناء عطلته , ووجود حماته يكدر الجميع بكل تأكيد.

وتضاءل جو المرح بعد أستئناف آندرو عمله وأحساس الصغيرين ببعض الضياع بسبب غياب أولاد خالتيهما الذين ملأوا المنزل صخبا وضجيجا , وتذمر روبي متنهدا:
" ألم يكن بوسعهم قضاء وقت أطول؟".
أما شنا , فتطلعت الى غايل بلهفة وتوسل:
" هلا قمنا برحلة".

" غدا يا حبيبتي.........".
" لماذا لا نذهب اليوم؟".
" لأن جدتك قادمة لزيارتكما , وقد أتصلت هاتفيا صباح اليوم لتعلمني بقدومها".

وهلعت غايل لرؤية الصغيران يكشران , فقالت لهما:
" أنني واثقة من فرحكما بزيارة جدتكما لكما , وأرجو أن تظهرا اللطف نحوها وتعبرا عن سروركما بقدومها".
ردّ روبي بأنزعاج :
" سرورنا؟ أنني لا أطيقها".


اماريج 30-07-10 06:10 AM

وألتمعت عينا شنا , وهي تؤكد قول شقيقها:
" وكذلك أنا , فأن أنت أصطحبتني في رحلة , فسوف لن نلتقيها".

أمالت غايل رأسها موبخة:
" منذ قليل قلت لك يا شنا أن جدتك أتصلت بي هاتفيا هذا الصباح لتعلمني بزيارتها , فمن الوقاحة أذن أن نخرج حتى لا نراها , أليس كذلك؟".
فحملق روبي في غايل بعينين شعّ فيهما بريق أدراك غريب:
" هل ترغبين أنت بقدومها؟".

فردت على الفور:
" هي تحضر لرؤيتكما لا لرؤيتي".
ولم تلبث أن غيّرت الموضوع بلباقة:
" أذا كان الجو لطيفا وصحوا غدا , فسنستقل السيارة ونذهب بعيدا , ثم نتناول غداءنا في الغابة , فما رأيكما بهذا الأقتراح؟".

سعد الصغيران بالأقتراح , ألا أنهما عادا يكشران حين حضرت السيدة دافيز بعد قرابة ساعة , وبعد أن رفضت الجدة عرض غايل بتقديم المرطبات لها , أعلنت:
" سأصطحب الصغيرين الى المنزل لأن جدهما يرغب برؤيتهما".
" أنا لا أريد".

هنا تدخلت غايل:
" هيا , أسرعا في غسل وجهيكما وأرتداء ملابسكما , هيا يا شنا , فأنا سأساعدك , أما أنت يا روبي , فأعمل ما أمرت به".

وفيما أعملت غايل الأسفنجة في وجه شنا فركا وتنظيفا , سألتها الصغيرة وهي تبكي:
" هل يجب أن نذهب يا ماما؟".
أجابت غايل بثبات:
" بالطبع , يجب أن تذهبا".

لكنها شعرت بالذنب لأجبار الأولاد على الذهاب مع الجدة , صحيح أن جدهما يستمتع بزيارتهما له , لكنهما يحسان بالتعاسة , فهما ليسا كبيرين الى حد يسمح لهما بفهم الموقف , والأدراك أن عليهما التضحية لأسعاد الآخرين أحيانا.

ولما عاد الصغيران مغسولي الوجه وقد أرتديا ملابسهما الجديدة , رأت دافيز الكآبة على محياهما , فصاحت:
" لشد ما تتسلطين على الصغيرين وتستأثرين بهما , فهما لم يظهر هذا القدر من الرفض سابقا , لذا يجب أن أحدث آندرو بالأمر".
منتدى ليلاس
ردت غايل محاولة تبسيط الأمر:
" أنه عارض طارىء , فقد أستمتعا طوال الأسبوعين الماضيين برفقة أولاد من عمرهما , وهما الآن يشعران بالضياع".
فسددت المرأة الى غايل نظرة أزدراء وهي تقول:
" أتصور أن أولاد شقيقتيك كانوا هنا , هل أستحى آندرو بأقاربه حتى طلب الي الأبتعاد".
تطابر الشر من عيني غايل:
" لا يعتبر آندرو نفسه أفضل من أهلي يا سيدة دافيز".

ردت بسرعة:
" أذن , لا بد أنه قد تغيّر , فطالما أعتبر نفسه أرفع شأنا من الآخرين".
علّقت غايل ببرودة شديدة:
" لست أرغب في تناول زوجي وعائلتي معك في الحديث , أما الأولاد , فمستعدون للذهاب ساعة تستعدين أنت".

ثم راقبت غايل الصغيرين يبتعدان مع جدتهما , ولما أبتعدت عن النافذة في نهاية المطاف ,كان دمها يغلي حنقا , لقد رغبت في الحفاظ على هدوئها , وتجاهل الملاحظات الوقحة التي أطلقتها تلك المرأة , ألا أنها كلما فكرت بها تفاقم غيظها

وأقل ما يقال أنه من سوء الحظ أن تكون موراغ قد وصلت في هذه اللحظة بالذات وهي تستقل سيارة يقودها شاب زري الملبس راقب الفتاة تخرج أمتعتها بمفردها من صندوق سيارته قبل أن يدور بها حول الساحة وينطلق بسرعة منحدرا الممر
وتبعت غايل الفتاة بنظراتها وهي تدخل البيت بخطوات غير ثابتة , وهنا طلبت موراغ الى غايل وهي تقهقه :
" هلا تفضلت بأحضار بعض الشراب؟".

صاحت غايل في وجهها:
" يخيل الي أنك تناولت ما فيه الكفاية , ثم , منذ متى يفترض فيّ أن أجدمك؟".
وتقدمت الفتاة من أحد المقاعد بخطى غير متوازنة :
" أنك شديدة الغضب , فهل وقع شجار بينك وبين زوجك يا سيدة مكنيل؟".


اماريج 30-07-10 06:16 AM

وقفت غايل خجلة أذ رأت آندرو في الباب خصوصا أنها تعاطت في أمر لا يعنيها , ولولا غضبها من ملاحظة السيدة دافيز عن أسرتها , لما تدخلت , ثم دخل آندرو الغرفة مركزا عينيه على موراغ وقد حلّ فيهما القلق محل الغضب , الأمر الذي أدهش غايل , وسألها:
" ماذا جرى يا موراغ؟ هل أنت مريضة؟".
ردّت موراغ وهي تنظر بحنق الى زوجة أبيها:
" لست في حالة جيدة".

مريضة.... خفق قلب غايل خوفا , هل أساءت الظن بالفتاة؟ ثم سألت بذعر وقد لاحظت أن موراغ ضغطت بيدها على قلبها:
" هل هي مريضة ؟ لم أعرف.... بل ظننت.......".

وقف آندرو بجانب موراغ وأمسك معصمها فيما قال:
" صبي بعض الشراب الدافىء لها , ثم أتصلي بالطبيب هاتفيا".
ناولت غايل الكوب لآندرو وهي تتلون أمام نظراته , وأعتراها الندم فيما سألته متلعثمة:
" هل حالتها خطرة؟".

ولما فطن آندرو الى أضطراب زوجته العنيف , هز رأسه بشيء من العصبية , وطمأنها فيما أمسك الكوب:
" لا تقلقي ,ولا تضطربي , ولكن , أتصلي بالطبيب كما قلت لك".
"سأفعل".

وهرعت غايل فيما تسارعت دقات قلبها أذ لمحت الجمود والخوف في وجه آندرو , هل كانت حالة موراغ خطرة فعلا؟ وبعد ذهاب الطبيب وأدخال موراغ الى السرير برز الذعر والخشية على وجه غايل الممتقع فيما سألت زوجها:
"هل تحسب حال موراغ خطرة الى حد أستدعاء الطبيب؟".

" لا أخاله يبالغ , فقلب موراغ مريض بالتأكيد , والطبيب يؤكد أنه أذا لم تشف عن طريق المعالجة بالحبوب , فلا بد من أخضاعها لعملية جراحية".

أطرقت غايل وقد خفضت ناظريها وأجتاحها شعور عارم بالذنب لأنها لم تفطن الى أحتمال مرض موراغ فورا
وقالت بشيء من الغم:
" أنني آسفة , فأنا لم أتصرف بلطف أتجاه موراغ ساعة دخولها... بل الحقيقة أنني أغتظت منها الى حد أنني دفعتها لأجبارها على الجلوس , آندرو, هل تظن أنني بسلوكي قد أسأت اليها؟".
منتدى ليلاس
أستدار آندرو من موقفه قرب غايل عند النافذة حيث يتسنى لهما مراقبة الصغيرين يلعبان فوق الأراجيح , وتكلّف أبتسامة بقصد طمأنة غايل:
" غايل , عزيزتي , ينبغي ألا تلومي نفسك".
" علينا أن نظهر لها اللطف يا آندرو".
" أجل , يجب أن نكون غاية في اللطف معها يا غايل".
منتدى ليلاس
ولم يحاول الشاب ,الذي أوصل موراغ الى المنزل , أن يتصل بها هاتفيا , وعندما أستفسر آندرو عنه بلباقة , أكدت أنه أحد أصدقائها الشبان , وأنها لا تعلق عليه أي أهمية.
فعلق آندرو بحزن:
" لم يسأل عنها أحد من أصدقائها الكثر , وأملي أن تعرف الآن قيمتها الحقيقية".

على أن روبن سأل عن موراغ ذات يوم حين قصد البحيرة للصيد , فتوقعت غايل أن ترحب الفتاة بزائر شاب ,ولذلك دعته الى الدخول:
"هلا تفضلت بالدخول والتحدث معها؟".
أجاب روبن:
" لست أدري , فمع تأكيد أحترامي الشديد لك يا غايل , لا أكتمك القول بأنني لا أحترم الفتاة ولا أقدرها".

" هل يؤثر ذلك في شيء؟ أنها رهينة البيت بشكل دائم , ولعلها تشعر بالملل والكآبة , فهيا أدخل وتحدث اليها يا روبن".
وأخيرا وافق:
" حسنا , سأدخل وأحادثها".

اماريج 30-07-10 06:20 AM

وتولت غايل تعريفهما ببعضهما بدون أن تدرك النتائج التي أنطوى عليها عملها , خصوصا أن موراغ لم تتغير , فما أن ذهب روبن حتى قالت لغايل بسخريتها ووقاحتها المألوفتين:
" ما الهدف من عملك؟ لا تحسبي أن بأستطاعتك أستعمالي لتحقيق أغراضك , فروبن صديقك ,وليس صديقي, وسأحرص على ألا يخدع والدي".

هال الأمر غايل , فحدقت اليها برهة وهي عاجزة عن تصديق ما سمعته وأخيرا قالت:
" كيف تجرؤين يا موراغ على هذا القول؟ فأنا أحضرت روبن على أمل أن تكون صحبته تغييرا ممتعا لك , فروبن لا يعني لي شيئا , وكذلك أنا بالنسبة اليه".

ظهر بريق الشر في عيني موراغ وهي تعلق:
" يا لك من ممثلة بارعة , لكن براعتك لن تجدي نفعا يا سيدة مكنيل , ومع أنني لست أدري كيف أسترضيت والدي في المرة السابقة! خصوصا أنه غضب أشد الغضب عندما أخبرته عنك وعن روبن , فأنني أؤكد لك أنك لن تخدعيه ثانية , فأمي كانت خائنة مثلك".
منتدى ليلاس
غايل بأي كلمة لفرط ما أصابها من خيبة أمل وأشمئزاز , غير أن موراغ تابعت حديثها وقد سرت مما رأت من تعابير ترتسم على وجه غايل :
" لا يحتاج المرء ألا أن يراقب نظرات روبن اليك حتى يعرف ما بينكما".
" نظراته؟".

أنقطعت غايل عن الحديث وقد علت وجنتيها حمرة ضئيلة أذ تذكرت قول روبن بأن من سوء حظه أن تكون متزوجة , غير أنها ضحكت آنذاك ولم تحسب أن قوله أنطوى على أي معنى خفي , لكن قلقا غريبا راودها عندما أراد روبن الصيد , ثم أسترجعت غضب آندرو ومنعه لها من مخاطبة روبن ثانية , ولا ريب أن موراغ هي التي أثارت شكوك آندرو , بيد أن سعيها لخلق شرخ دائم في علاقته مع زوجته لم يفلح , فأزداد تقربا من غايل , الأمر الذي حيّر موراغ أعظم الحيرة وقالت بصوت خافت وضعيف:
" أنك تتصورين أمورا لا أساس لها".

قهقهت موراغ وتراجعت فوق الأريكة بحيث ألقت رأسها فوق المساند وهي ترد:
" هل خفت؟ أن خوفك سيتضاعف عندما تثار شكوك أبي بصورة جدية , فأنت لم تري مثلي الجانب المتوحش في شخصيته , لكنك سترينه أن لم تأخذي حذرك , ولو كنت تعرفينه على حقيقته , لما سمحت لصديقك بزيارتك هنا , ولا شك أن لديك فرصا كثيرة لمقابلته في الخارج , ولو كنت مكانك , لقابلته أثناء دوام روبي وشنا في المدرسة".

تقززت غايل وهي تسألها:
" ألم تتغيري ولو قليلا؟".
" أتغير؟ ولماذا أتغير؟".

" ظننت أن مرضك جعلك تعقلين وتدركين الأذى اللاحق بك نتيجة حياتك المستهترة".
أستوضحتها موراغ بأهتمام:
" أي حياة تقصدين؟".

" طالما تباهيت بقدرتك على السهر طوال الليل , خصوصا في تلك الحفلات التي حضرتها , وبقدرتك على الشرب والتدخين , وهذه كلها أمور تضر بك وتؤذيك , وقد جعلتك مريضة".
" لست مريضة , فأنا قد تعافيت".
" ما زال عليك ألتزام جانب الحذر , وأنت تدركين أنك لم تتحسني وتشفي".

تقلصت عضلات فم الفتاة , وأجابت:
" لم أتحسن وأتعافى فقط , بل أنني ذاهبة عما قريب , والبارحة أتصلت بأحد أصدقائي , فدعاني للأنضمام اليه والى شلة من الأصحاب المصممين على قضاء أجازة في مكان بعيد".
جفلت غايل , وسألتها أذا كانت قد أبلغت والدها , فلما هزت الفتاة رأسها نفيا
سارعت غايل للنطق قبل الفتاة:
" أذن , سأخبره , فمن غير المعقول أن تعصي أوامر الطبيب القاضية بالراحةالتامة".

ألتمعت عينا الفتاة تهديدا ووعيدا , ورفعت رأسها عن المساند لتنتحي الى الأمام وتقول:
" ستدفعين ثمنا باهظا أن فعلت".
كشّرت غايل وهي تستوضحها:
" هلا تفضلت بأفهامي ماذا تقصدين؟".
" أقصد أنني أستطيع أعلام أبي بأمرك أنت وروبن , أخبريه أنني ذاهبة , وسأعلمه أنك أحضرت روبن الى هنا اليوم".
منتدى ليلاس
أمتعضت غايل ألا أن تصميمها لم يهن , وأكدت عزمها على أطلاع آندرو على نوايا موراغ , وأستغربت جفاف فمها حين أنهت حديثها:
" سأعلمه لماذا أحضرت روبن , وهو لا شك سيصدقني".
" أخشى ألا تطابق توقعاتك تفكيره , فلا أحد يستطيع لوم أبي لظنه السوء بكل النساء".

ثم أضافت ضاحكة:
" أمي أولا , وأنا من ثم.......".
وقهقهت موراغ بصلف ثانية , فتحولت غايل عنها لعدم قدرتها رؤية الشر يرتسم على قسمات الفتاة.

******نهاية الفصل السابع*****


اماريج 30-07-10 06:22 AM

8- الماضي ملكي وحدي
**************************
ما أن طلع آندرو على الأخبار من غايل , حتى أندفع فورا لمواجهة موراغ وغضبه يشتد مع كل خطوة خطاها , وفتح الباب ثم أغلقه بعنف عندئذ صعدت غايل الى غرفة نوم الصغيرين حيث شغلت نفسها بترتيب كتبهما وألعابهما منتظرة بقلب خافق ردة فعل زوجها , ومع أن غايل أرتجفت لذكرى الشجار المرعب , فأنها تصورت أن آندرو سيعتبر أقاويل موراغ محاولة للأنتقام وأظهار خيبة الأمل بكل تأكيد.

وما لبثت أن سمعته يصعد السلم درجتين درجتين , وتساءلت أذا كان قد بحث عنها في الطبقة السفلى , وأذا كان بحثه قد زاد من غضبه.... فأذا كان غاضبا...
ولمحت تشنج فكيه وأسوداد عينيه الزرقاوين الفولاذيتين وهو يدخل الغرفة ثم يقف ليتأمل زوجته بعض الوقت قبل أن يصيح:
" هل فعلا أدخلت روبن الى المنزل اليوم؟".

ردّت وهي ترفع أحد كتب روبي أمامها كوسيلة لحمايتها أو درع لصد هجومه الوشيك:
" فعلت ذلك يا آندرو على أمل توفير السلوى لموراغ".
كشّر تكشيرة حادة ملأت غايل أحساسا بالظلم وذلك قبل أن يتفوه بكلمة .
" سلوى لموراغ؟ هل تخالينني أصدق ذلك؟".
" بم تتهمني يا آندرو؟".
منتدى ليلاس
" لقد طلبت اليك ألا تخاطبي الرجل ثانية".
سدّدت اليه نظرة ثابتة فيما تألقت عيناها دليلا على تزايد سخطها:
" ليست المراوغة من طبيعتك , فأنا قد سألتك سؤالا محددا , وفي أي حال , أعتقد أننا سوينا مسألة مخاطبتي لروبن , أنت ما زلت تسمح له بزيارة البحيرة".

أستمر في التملص من الرد عليها:
" أود أن أعرف سبب زيارته".
" قلت لك أني حسبته سيسلي موراغ".

ثم قال آندرو بلهجة جارحة:
" في المرة السابقة جعلت الصغيرين وسيلة لتبرير اللقاء , أذ أدّعيت أنهما رغبا بمرافقة هذا الرجل.........".
أجابت مرتجفة:
" لا شيء يدفعني لخلق الأعذار , فلا أحد يختلق الأعذار ألا أذا كان لديه ما يحرص على أخفائه".

" أوليس لديك ما تخفينه؟".
أحمرت خجلا:
" لا شيء على الأطلاق , وفي أي حال , كيف تجرؤ أن تحدثني بهذه الطريقة؟ وكيف تتجاسر أن تضعنا في المستوى نفسه .... المستوى.......؟".
توقفت لعجزها حتى في ساعة غضبها أن تذكّره بخيانة زوجته المتوفاة له.

ثم أستطردت وقد تمالكت أعصابها أكثر من ذي قبل:
" تصورت أن فهمك لشخصية موراغ يجعلك تدرك أن أقاويلها نابعة من حقدها علي".
أمتقع لونه قليلا , وأدركت أنه فوجىء أذ علم أنها سمعت قصصا عن زوجته المتوفاة , وأسترجعت قوله أثناء شجارهما الأخير أن هناك مبررات لشكوكه , ألا أنه رفض الأفصاح عن تلك المبررات لعدم رغبته الطبيعية بالتحدث عن الماضي وذكرياته الأليمة
وسألها بسرعة وهو لا زال يتفحصها فيما ألتمعت عيناه صرامة وشكا:
" ما هو السبب وراء أفتراضك أن موراغ تحقد عليك؟".

" لست صريحا كعادتك".
أزداد بريق عينيه , فخشيت أن يهزها ثانية أن هي تمادت في مخاطبته على هذا النحو
وكلمها ناصحا:
" حاذري غضبي , ألا تذكرين تنبيهي لك؟".

لم تجب ,بل تحولت جانبا لتضع الكتاب على مكتب روبي الصغير
أما هو فرجع الى الحديث عن روبن:
" فيما يخص هذا الرجل , فأنه لن يزورنا بعد اليوم , هل هذا واضح؟".


اماريج 30-07-10 10:22 PM

لم تجب ,بل تحولت جانبا لتضع الكتاب على مكتب روبي الصغير
أما هو فرجع الى الحديث عن روبن:
" فيما يخص هذا الرجل , فأنه لن يزورنا بعد اليوم , هل هذا واضح؟".

وأجهته غايل مجددا:
" أذا قصدت أنه لا يمكن أن يزورنا , فأنه لا يمكن أن يفعل".
صمتت غايل قليلا أذ رأت دهشته أمام قبولها لسلطاته , ثم قالت:
" سألتك عما تتهمني به".

وهنا راقبته عن كثب , فلاحظت تضاؤل غيظه مع بقاء التشنج في فمه:
" لا أتهمك بشيء في الوقت الحاضر ,لكنني أنوي ألا أبدو مغفلا من جديد , أجل , فمن الواضح أنك تعرفين شيئا عن تجربتي السابقة , ولذا لا داعي لصمتي بعد اليوم , فزوجتي هذه المرة ستتصرف بالحشمة واللياقة التي يفرضها مركزها عليها , وعليه , لا أريد أن يزورنا الرجال أثناء غيابي , أحفظي هذا جيدا , وألا حولت حياتك جحيما".

وتركها مع هذا التحذير القاسي وهي منهكة وتعسة كما كانت في المرة الماضية.

ولما خرج , جلست والدموع تملأ عينيها , لماذا أنقذت موراغ ودفعت هذا الثمن الباهظ من راحتها؟ لقد كان الصمت أسلم الطرق وأفضلها , لكن غايل فعلت ما أملاه عليها ضميرها مراهنة على ثقة آندرو بها , لكن رهانها خسر , ومع ذلك, علمت أنها ستفعل الشيء نفسه حتى في أشد حالات تعاستها لأن الواجب يحتم أنقاذ موراغ من آثار طيشها.

كان الصغيران يتلقيان درسا في الرقص , وأجفلت غايل عندما أكتشفت الوقت , فأسرعت في نزول السلم حيث ألتقت آندرو الذي صاح بدون أن تبدو عليه أمارات اللين أمام منظر الدموع في عينيها:
" كنت سأرسل في طلبك لأنك ستتأخرين على الصغيرين".
أرتعشت شفتاها للحدة في صوته.

هتفت شنا بحماسة وهي تدخل السيارة بعد قليل:
" ماما , كم سيمر من الوقت قبل أن يصل سيمون وماندا؟".
" ثلاثة أيام , وسوف تنقضي بسرعة".
" كم سيسعدني لقاؤهما , هل سيقضيان عندنا وقتا طويلا؟".
" أعتقد أنهما سيمضيان معنا أسبوعا على الأقل".
" هذا وقت طويل , آه , كم أتمنى لو يحضران غدا , فأنا لا أقوى على الأنتظار".

أما روبي , فحضر على مهل وهو يتأمل غايل , ثم قال بنبرة قلق غير مألوفة في أولاد من سنه:
" هل كنت تبكين يا ماما؟".
" أبكي؟ كلا........".
توقفت قبل أن تنكر مكرهة لعدم رغبتها بأن تكذب عليه:
" أحسست بألم بسيط يا روبي".
" ألم؟ هل خف الآن؟".

أستقل روبي السيارة , ثم أنحنى فوق مقعدها مضيفا:
" لا أطيق أن تتألمي".
" الآن , خف الألم يا حبيبي".
لقد تيقنت أنه سينسى الأمر
لكنه ما أن دخل المنزل حتى بادر آندرو:
" كانت أمي تبكي لأنها شعرت بالألم".
منتدى ليلاس
لم يبال آندرو , بل ألقى عليها نظرة ساخرة , فأضاف روبي مكشرا:
" ألا تهتم بألم أمي؟".
علّقت غايل بعجلة:
" قلت أن الألم قد خف".
" أجل....ولكن , لا بد أنه آذاك لما بكيت , أبي.....".
" تقول أمك أن الألم قد خف , لذا أقفل الحديث".

تملكت الدهشة الصغير للقسوة في كلام والده , فأرتعشت شفتاه وخرج آندرو بعد أن وجّه ألتفات عاتبة الى غايل ,وللمرة الأولى في غضون أسابيع تناول الصغيران وغايل الشاي بمفردهم.
من الطبيعي أن موراغ لم تخف فضولها أمام غايل , فوالدها أخذ كل نقودها , وطلب الى السيدة بيرشن أن تشدد الرقابة عليها خلال النهار , كما أمر بأن تنام أحدى الخادمات في الغرفة معها أثناء الليل , ثم أنذر موراغ:
" أذا عدت الى أي من تصرفاتك الطائشة , فأنك ستصابين بنوبة أخرى وتحملين الى المستشفى فورا".


اماريج 30-07-10 10:24 PM

ووجهت موراغ التهمة الى غايل:
" هذا كله من عمل يديك , أنت بغيضة وحاقدة... وأنني أكرهك".
أجابت غايل بسرعة لخوفها من عواقب أثارة الفتاة:
" لم أتصرف ألا بوحي من مصلحتك الخاصة , فأنت تحتاجين كثيرا من الراحة , ولن تحصلي عليها أذا ذهبت لقضاء أجازة مع أصدقائك".

" أذن, هناك من يهتم بي , أليس كذلك؟".
أمالت غايل رأسها:
" أجل يا موراغ".
" لقد حذرتك بأنني سأطلع أبي على حقيقة علاقتك بروبن........".

" أن أقوالك باطلة , ولا تتعدى كونها أكاذيب".
" ليس ما تقولينه صحيحا , لذا لا تتظاهري أن براءتك قد طعنت , هل تصرف والدي معك بجنون ؟ لقد كان في أشد حالاته غضبا عندما تركني ".

أطلقت غايل تنهيدة عميقة ,لم يكن هناك ما يرضيها ألا أن تصفع الفتاة , ولكنها لم تجرؤ على خلق وضع يهيج مشاعر موراغ.
" سأريحك , وأخبرك بأن أكاذيبك خلقت شرخا لا مبرر له بيننا , أو ليس عندك ضمير؟ أولا تخجلين من نفسك أبدا؟".
قهقهت موراغ بعدم أكتراث:
" كلا , أما من حيث الضمير , فأنا سعيدة بأن ليس لي ضمير".
منتدى ليلاس
وتوقفت الفتاة لتتأمل غايل بمرح:
" أذن , والدي مغتاظ منك هذه المرة .... وكم تبدين كئيبة , أنني سعيدة لأنه عرف حقيقتك آخر الأمر ,فلا بد أن اللين قد عرف طريقه الى قلبه في كهولته".
صححت غايل قول الفتاة:
" لا بد أنه أصبح أسعد من ذي قبل , لكنك أفسدت عليه سعادته الآن".
" أسعد؟ وهل تعزين ذلك الأمر أليك؟".
" لم أقل ذلك".

" هذا ما قصدته , يا ألهي , كم هو عظيم غرورك , ولكن , أسمحي لي يا سيدة مكنيل أن أؤكد لك أنك لن تكوني أكثر من مربية , فلو تمنى أبي زواجا سعيدا , لبحث عن أمرأة يحبها , ولما تزوج بسيدة تهتم بصغيريه".
وأتكأت موراغ على المساند فيما حملقت في غايل طويلا والسخرية ترتسم على شفتيها:
" ألا تدركين أنك تضيعين وقتك ؟ فهو لن يحبك , والأفضل أن تقلعي عن هذه المحاولات ".
تجاوزت غايل الموضوع ونبّهت موراغ الى أن الوقت قد حان لتتناول الحبة.
" سأحضر لك كوب ماء".

نهضت عن الكرسي وهي تستغرب تخصيصها وقتا للجلوس مع موراغ كل يوم , فمحادثاتهما تزعج غايل دوما , وهي تنزع الى ترك الفتاة وشأنها في المستقبل , ألا أنها نبذت هذه الأفكار , عند عودتها كانت موراغ قد أستلقت على ظهرها فوق الأريكة وقد أزرقت شفتاها وضاق نفسها
فأستفسرت بخوف:
" هل عاودتك النوبة من جديد؟".

وتساءلت عن مكان وجود آندرو الذي ملأ البيت بحركته قبل نصف ساعة , ثم رفعت رأس موراغ بلطف:
" هيا , تناولي حبتك".
أبتلعت موراغ الحبة , ولم يمض وقت طويل , حتى تحسنت.
فسألتها غايل:
" هل تشعرين ببعض الألم؟".
" يا لك من حمقاء , طبعا أنا أشعر ببعض الألم".

" سأستدعي السيدة بيرشن لتدخلك الى السرير.....".
" لن آوي الى الفراش فقد قضيت في السرير أسبوعين طويلين جدا".
وقف آندرو في الباب مكشرا:
" ماذا جرى؟ هل أصيبت بنوبة أخرى؟".
فأطرقت غايل , وعاد يكرر سؤاله:
" هل كانت شديدة؟".

صرخت موراغ:
" لم تكن شديدة بالطبع ,ولكنها تنوي التخلص مني , غير أنني لن آوي الى الفراش".
علق آندرو بقسوة:
" سنرى , غايل , أستدعي السيدة بيرشن".
أعترضت موراغ , لكنها لم تقدر على مقاومة المرأتين اللتين أدخلتاها السرير فيما أتصل آندرو هاتفيا بالطبيب امره:
" أبقها في السرير , وسأعطيها الحبوب مدة أسبوعين آخرين , ثم أرى ما ينبغي فعله".
منتدى ليلاس
بقي الطبيب مع آندرو في القاعة , وبينما نزلت غايل السلم بعد أن تركت مدبرة المنزل مع موراغ , سمعتهما يتحدثان , فسأله آندرو:
"أليس من الخير أجراء العملية فورا؟".
ركز الطبيب نظره عليه وهو يقول:
" أننا أصدقاء قدامى يا آندرو , وآمل ألا تنزعج مما سأقوله , لقد قوّضت حياة موراغ كيانها , والعملية لن تعدو أمرا متعجلا فيه".
" فهمت......".

بان الأضطراب والتجهم على وجه آندرو وهو يستدير مذهولا وينظر الى غايل , التي كانت قد بلغت أسفل السلم , فطار قلبها اليه وتمنت لو تقدر أن تعزيه , لكنه لحق بالطبيب بشرود , في حين سارت هي الى المطبخ لتعد الشاي للصغيرين.

أستمرت القطيعة بينهما , ألا أن آندرو كان لطيفا الى حد التظاهر بمودة مصطنعة أتجاه زوجته خلال حفلة الصيد التي , بعد بعض التردد , قرر عدم تأجيلها , فليس بمقدوره أن يربح شيئا من التأجيل , لأن الممرضة تسهر عل موراغ نهارا , فيما تنام الخادمة في غرفتها ليلا , علما بأن هذا مخالف لرغبة موراغ , التي لم ترحب بمشاركة فتاة غريبة لها غرفتها.


اماريج 30-07-10 10:25 PM

وسمح دفء الطقس للرجال بالخروج للصيد , وتحدث روجر وآندرو وبعض أصدقائه الذين دعاهم للصيد , عن طرائدهم ومغانمهم أثناء العشاء
فكانت غايل تتأملهم واحدا واحدا متعجبة من متعتهم في قتل الطيور الضعيفة , لقد شكلت الثعالب قضية مختلفة , وتوجب القضاء عليها لأنها تقتل الحملان , لكن الطيور لم تكن تؤذي شيئا على حد ما عرفت غايل , وذات مساء لاحظ آندرو فقدان غايل لشهيتها
فقال:
" غايل تكره هذه الرياضة , ربما توجب علينا تغيير الحديث".

ألتفتت غايل اليه شاكرة , لكنه لم يلبث أن حول بصره عنها , فلم تستطع أن تعرف أن كان قد تلفظ بهذه الكلمات , أظهارا لمودته المصطنعة أو تقديرا لمشاعرها الحقيقية.

وفي اليوم التالي أعلمها أيان , وهو أحد الضيوف , أن أحدى جولاتهم قد فشلت بسبب تحليق نسر كبير فوق منطقة الصيد , وكان مثير والطرائد يدفعون الطيور الى المرمى عندما أحدث ظهور النسر خوفا هائلا بينها , ولم ترتفع هذه الطيور في بداية الموسم في الأرض , لكن ظهور هذا العدو أدى الى طيران جماعي للطيور , فرددت غايل بفرح بدون أن تكترث لأهتمامه بكلماتها أو عدمه:
" أنني سعيدة بهربها , فأنا لست أدري كيف يمكنكم أن تكونوا قساة الى هذا الحد".

أطلق آندرو زفرة غاضبة وهو يذكرها بأقواله:
" لقد أوضحت لك أن قتل الطيور واجب لتوفير الطعام لها ,وعلاوة على ذلك , أن أزدياد عدد الطيور يؤدي الى تعاظم عدد الوفيات بينها".

وساند روجر صديقه أذ أضاف:
" وهنالك أمر آخر , فنحن لا نحمل بنادق تطلق رشقا من الرصاص دفعة واحدة".
أستوضحته هيذر وهي لا تقل تعاسة عن شقيقتها أزاء هذه الرياضة :
" أي فرق في هذا؟".

" أننا نطلق طلقتين , ثم نتوقف لملء بنادقنا من جديد , مما يعني أن أمام الطيور فرصة للهرب".
ردت زوجته بسخرية:
" يا لكم من رجال لطفاء وكرام , أخشى يا روجر أن تكون محاولاتك لتبرير عملكم غير مقنعة ومجدية".
منتدى ليلاس
وألتقت عيناها المليئتان بالأستفزاز والتحدي بعيني صهرها المعبرتين عن الأزدراء لمشاعرهما , وهنا دعتهم غايل بسرعة :
" هلاّ تفضلتم بالدخول الى البهو لنشرب القهوة؟".
هكذا هتفت هيذر بأشمئزاز وهي تجلس بجانب غايل فوق الأريكة في البهو , فيما وضعت قهوتها على طاولة صغيرة أمامهما , أما الرجال , فتحلقوا للحديث عن الصيد , ما حوّل أنتباههم عن المرأتين.

" حسبته تغيّر عندما كنت هنا في المرة السابقة لأنه أظهر لطفا أتجاهك وأتجاه بيث وأتجاهي , لكن هذه المرة......".
وهزّت رأسها قبل أن تستطرد:
" أنه لا يطيق النساء يا غايل , فكيف تجارينه , وأنني واثقة أنه لو كان زوجي لضربته".
" لا شك أنك ستندمين".

" صحيح؟ هل غيرت رأيك فيه؟".
أجابت غايل مكتئبة:
" لا أستطيع أن أقول ذلك".
ولما لاحظت غايل تعبير شقيقتها المقنع والمستفهم , أنتقلت الى رواية الأحداث التي أعقبت معرفتها البريئة بروبن , وبعد صمت قصير تابعت حديثها:
" لا يمكنني ألقاء اللوم على آندرو وحده , فقد عانى كثيرا يا هيذر , وأصيب كبرياؤه , وهو الآن يتعذب , لقد غضبت وأستفززته , لكنن الآن آسفة أذ لم أتفهمه , لو أنني عقلت ولم أفقد السيطرة على أعصابي , لأظهر تسامحا أتجاهي".


اماريج 30-07-10 10:26 PM

كان جواب شقيقتها السريع والحاد:
" هل سمحت له بأن يخيفك ؟ هل تعنين ذلك؟".
هزت غايل رأسها وقد غرقت في تفكير عميق بعض الوقت , وما أن لاحظت غايل أن شقيقتها تنتظر دها , حتى أضافت:
" لم يكن تصرفه أرهابا بالضبط , فآندرو قلق ويخشى الشائعات , لذلك طلب مني ألا أخاطب روبن ثانية , فثرت في وجهه الأمر الذي جعله ينفجر و......".

أنقطعت عن الكلام وهي تهز كتفيها بتعاسة:
" ونتيجة لذلك , تضاءلت مودتنا أتجاه بعضنا".
عقبت هيذر فيما تطلعت الى آندرو:
" لم يبد لنا منذ مجيئنا أنه يقسو عليك , لكن هناك تغيرا في تصرفه ومعاملته نحوك , علما أنني أتوقع أنه يعتبر نفسه ناجحا في أخفاء الأمر".
لم تفه غايل بكلمة , فيما مضت هيذر مترددة:
" أما زلت تحبينه؟".

ضحكت غايل ضحكة رقيقة فيها الكثير من الدهشة:
" أوتظنين أنني ما عدت أحبه؟".
همست شقيقتها:
" أنك مجنونة يا غايل , آه , لو أنك أنتظرت قليلا".
" أنتظر؟ ماذا أنتظر؟".
" شخصا لطيفا حقا , ولا بد أنه كان سيظهر عاجلا أم آجلا".
منتدى ليلاس
" وماذا عن روبي وشنا ؟ ماذا كان سيحل بهما؟".
لم ترد هيذر بشيء , غير أنه لم يكن من الصعب معرفة أفكارها , لا شك أن شخصا آخر كان سيرز ... أزعجت تلك الفكرة غايل كثيرا.

" هما بحاجة اليّ يا هيذر .... وأنا بحاجة أليهما , وهذا قدري وقدرهما ,ولو عاد الزمان دورته , لما تزوجت سوى آندرو".
وكانت منه ألتفاتة اليها , فأحمرت خجلا , وضاقت عيناه كما تشنّج فمه غيظا لأدراكه أنه موضوع حديثهما
وأوقفها في القاعة وهي على أهبة الصعود الى سريرها وخاطبها ببرودة شديدة:
" أذا كان لا مفر من التحدث عني , فلتكن عندك اللياقة الكافية لذكري أثناء غيابي".

تألمت كثيرا في نفسها وجسمها , وأجابته بعينين عاتبتين:
" ربما لم تكن لتتكلم معي بهذه القسوة يا آندرو لو عرفت ماذا قلت عنك".
ومع أنها تنبهت الى أرتجافه العفوي ,فأنها لم تعطه فرصة للتعقيب , بل تجاوزته وأرتقت السلم بسرعة.

لم يقدر لأولاد الأربعة على ضبط أنفسهم وهم ينتظرون أنتهاء غايل وهيذر من أعداد الأطعمة والأشربة للرحلة , وسأل سيمون بعصبية:
" متى نذهب ؟ أننا لا نريد كل هذا الطعام ".
فدفعته هيذر , وهي تقطع الشطائر على طاولة المطبخ:
" أخرج وألا فلن أسمح لك بمرافقتنا ".

أحتجت غايل:
" هيذر , من البديهي أن يضيقوا ذرعا بالأنتظار".
" لا ريب أنك تتساهلين معهم كثيرا......".
وأنقطعت عن حديثها لتلوح بيدها للأولاد المتجمعين عند الباب محذرة:
" قلت أخرجوا , كلكم".


اماريج 30-07-10 10:28 PM

أبتعدوا جميعا وقد خفضوا رؤسهم , فما كان من غايل ألا أن أبتسمت لأن هذا النمط من المعاملة كان غريبا كليا على روبي وشنا وذلك منذ دخول زوجة أبيهم المنزل على الأقل.

" أنتظري وقتا أطول بعد , ولن تعودي تسمحين لهم بأرهاقك على هذا النحو".
وسألت غايل بعد دقائق قليلة:
" هل يمكنك أن تتدبري أمرك؟ فأنا أريد أن أصعد قليلا الى غرفة موراغ".
" أجل , بأمكاني تدبر أمري , لكن , كم قنينة سنأخذ معنا؟".
" أثنتين , فقد صنعت الليموناضة للأولاد".
منتدى ليلاس
أنتصبت موراغ في الفراش متجهمة الوجه , أما الممرضة , فجلست على الكرسي تقرأ صحيفة , وفيما تجاوزتها غايل , هزت رأسها مبتسمة لها , ثم جلست على السرير.

" كيف حالك اليوم؟ أنك أفضل بكثير".
أجابت موراغ بينما حدقت بحنق الى الممرضة:
" أنني أفضل بكثير , وأريد النهوض".

أكتفت المرضة برفع رأسها , ثم متابعة قراءاتها , فذكّرت غايل موراغ بلطف:
" قرر الطبيب أنه لمصلحتك أن تبقي أسبوعين في الفراش أذ يجب أن تستريحي كليا".
" أعرف ما تقتضيه مصلحتي , أين هو أبي؟".
" سيحضر سريعا".
" لن يسمح لي بالنهوض , آه , كم أود أن أصرخ".

" لماذا لا تقرأين؟ هل أفتش لك عن بعض الكتب وأحضرها اليك؟".
" أن ما تختارينه من الكتب لا يسليني , وأنا لا أريد أن أقرأ في أي حال ".
سكتت قليلا , ثم تابعت حديثها برقة:
" أريد سيكارة أدخنها بينما تذهب الممرضة لتناول قهوتها".

" آسفة يا موراغ , لن يجدي ذلك نفعا , فالطبيب شدّد على ألا تدخني".
" هل ترفضين بسبب أهتمامك بي , أو بسبب خوفك مما سيقوله أبي؟".
لم تبر غايل حتى ترد عليها.
نهضت , وأختصرت زيارتها المقصودة , لكنها , ما أن أغلقت الباب ,حتى تملكها شعور بالذنب , ولما عادت الى المطبخ قالت لهيذر:
" أشعر بلؤمي وأنانيتي , وكم أتمنى لو يكون صدري أرحب وأوسع لتصرفات موراغ".
منتدى ليلاس
" أوسع صدرا ! مع هذه الفتاة؟ أنا لم أزرها سوى مرتين , فرغبت أن أفارق الفتاة قبل أن تنطق ببضع كلمات , أنها لا تستحق أي أعتبار أو أهتمام , وكل ما روي عنها ليس مبالغا , وليس من الصعب تبيان ذلك".
فهمست غايل وكأنها تسأل نفسها بحزن:
" ولكن , ماذا سيحل بها؟".
" لماذا تهتمين بمصيرها؟".

" لأنه من المخزي يا هيذر أن تري فتاة تدمر حياتها فيما تعجزين عن مساعدتها في أي حال".
تنهدت هيذر بيأس فيما قدّمت أقتراحا عمليا:
" تناسيها الآن, ودعينا نستمتع بوقتنا ,هلاّ وضعت السلة في السيارة, وأخبرت الأولاد أننا مستعدون ريثما أصعد الى الطبقة العليا وأحضر حقيبة يدي ".

قادت هيذر سيارة روجر عبر الطريق المؤدي الى شؤاطيء بحيرة الرائعة حيث تظلل الطريق أشجار الصنوبر العملاقة القائمة عند أسفل التلال الشاهقة الواقفة على جانبي البحيرة , ولما أقتربوا من شاطىء البحيرة الغربي


اماريج 30-07-10 10:33 PM

سألت ماندا:
" هل يمكننا أن نتوقف هنا؟ فنحن نرغب في اللعب في الأحراج".
" نتوقف؟ الآن؟ ألا تستمتعون بركوب السيارة؟".

" أجل , ولكننا نود أن نلعب قليلا".
" ما رأيك يا غايل؟".
" المكان جميل هنا , وأظن أن علينا السماح لهم بالركض واللعب لأفراغ بعض نشاطهم ".
قهقهت هيذر:
" كان بأمكاني أن أتوقع ذلك فلا شك أنك ستفسدين الصغيرين قبل أن تنشئيهما".

ردّت غايل بثقة:
" لا أوافقك في ذلك".
رشفت غايل وهيذر قهوتهما عند ضفة البحيرة , فيما لعب الأولاد الأربعة في الأحراج , وبعد أن ساد الصمت طويلا بين الشقيقتين
همست هيذر:
" من المؤكد أن المكان يسحرك".
" بكل تأكيد".
عادت غايل الى صمتها ثانية , وغرقت في تفكير حالم بما أحاط بها.

وأستأنفت هيذر كلامها:
" لا بد أن المشهد يزداد روعة في الشتاء , وآمل أن يسقط الثلج في عيد الميلاد".
" أنني واثقة من ذلك".
وأبتسمت غايل أذ أخرجها صوت هيذر من عالم أحلامها الحلوة :
" هل ترغبين بقيادة السيارة؟".
" أوغلت بعدا في الزمان والمكان , كلا , لا أرغب بقيادة السيارة , أنه غير لطيف أن تستقلي السيارة وتسلمي زمام قيادتها للآخرين".
منتدى ليلاس
تطلعت هيذر مشدوهة:
"أنكما لا تخرجان أنت وآندرو ,على ما يدو".
هزت غايل رأسها مرغمة وأكتفت بالقول:
" ليس لديه متسع من الوقت".
ألا أن كلمات هيذر التالية أوضحت أفكارها:
"أن رجلا في مستوى آندرو يستطيع توفير الوقت لو شاء ,ويبدو أن لديه موظفين وعمالا كثرا في عزبته".
" أنه يحب أن يعمل بنفسه".

ثم تحولت بالحديث الى سؤال هيذر عما أذا أرادت التوجه جنوبا الى بحيرة تاي, أو بالأنطلاق عبر الوادي.
" لا يهمني , في أي حال , سننطلق عبر هذا الوادي لأنه يبدو جذابا ".
ونادت هيذر الأولاد , فأستقلوا السيارة جميعا.
" أنه طريق بديع , وأنني سعيدة بسلوكه".
" بأمكاننا أن نتناول غداءنا في أي مكان على شاطىء البحيرة".

وشاركت غايل وهيذر الأولاد في لعبة ( الغميضة) الى أن أستقلوا السيارة من جديد وأنطلقوا عائدين الى المنزل حيث أخبر روبي أباه:
" قضينا وقتا رائعا , ولو أنك رافقتنا لزادت المتعة".
ألتقت عينا آندرو بعيني زوجته , فأبتسم لها مكرها وذلك تأدبا منه أمام هيذر وروجر وواحد أو أثنين من ضيوفهما الموجودين هناك , وفيما أخرج سيمون منديلا متسخا من جيبه , قال:
" زرنا الغابة السوداء".

وسقطت منه عقدة قذرة , ومسماران علاهما الصدأ وبضع قطع صغيرة من الحلوى وعدد من الصور الملفوفة والمتجعدة , فصاحت أمه:
" سيمون..... ما هذا؟ هذا الصبي الوقح يفضحني".
وحركت يديها في أيماءة توحي معجزها ويأسها:
" تأملوا هذه الأشياء التي يضعها في جيبه , وأنظروا لون منديله".

فضحك الجميع على هيذر وأبنها , ثم أنحنى آندرو ليلتقط الصور التي أسترعت أنتباهه فورا , فسألت هيذر أبنها بينما وقفت بجانب آندرو تتطلع الى أحدى الصور:
" من أين حصلت على هذه الصور؟".
" ألا تذكرين أنك رتبت صورك , ثم رميت بهذه قائلة أنها ليست جيدة؟ وكذلك صورة خالتي غايل وأصدقائها الشبان كانت مزعجة وقبيحة".

ثم تمخّط بصوت عال قبل أن يلف منديله ويدخله في جيبه ثانية , ثم أضاف وهو يقف على رؤوس أصابعه ليتأمل الصور:
" وقد أحتفظت ببعض الصور الأخرى لأنها أجمل من هذه , ولما لم أرغب في رؤية هذه الصور تدخل صندوق القمامة , أخرجتها من سلة المهملات ووضعتها في جيبي".
وأعاد آندرو الصور الى هيذر بعد أن تفحصها بعدم أكتراث ظاهر , ولما ألتقت نظراته بنظرات زوجته , لاحظ تورد خديها المفاجىء.

ولم يستطع الأختلاء بزوجته الا في صباح اليوم التالي
فوجه اليها الأسئلة التي توقعت أن يطرحها عليها:
" من هو الرجل الذي شاركته الحمام الشمسي".
" أنه خطيبي السابق.....".
لوت غايل يديها فوق بعضهما في حركة لاواعية تدل على عصبيتها , فقطب زوجها جبينه.
" هل كنت مخطوبة ؟ أنك لم تذكري شيئا عن هذا الأمر".

أفتر ثغرها عن أبتسامة خفيفة فيما ذكرته بحنو:
" لم يسمح لنا الوقت بأن نصارح بعضنا".
فتطلع آندرو اليها بعينين ضيقتين وهو يسألها:
" هل فسخت خطوبتك؟".
ترددت غايل قبل أن تجيبه , لكن صدقها وصراحتها دفعاها الى القول:
" كلا , فمايكل هو الذي فسخ الخطوبة".
فسألها وهو يرفع حاجبيه بحدة وسرعة:
" من فعل؟ لماذا؟".

" أفضل الأحتفاظ بالسبب لنفسي".
ألقى عليها نظرة أزدراء , وكان واضحا أنه أستنتج من مراوغتها أن اللوم يقع عليها , ولا بد أن سببا وجيها دفع مايكل ال أتخاذ قراره بفسخ الخطوبة.
" هل خطبت لوقت طويل؟".
" لسنة تقريبا".
تردد قليلا ثم قال:
" لا بد أن الحادث الذي أشرت اليه وقع بعد أخذ تلك الصورة ".
" أجل , بعد بضعة أشهر منها".
منتدى ليلاس
بماذا كان يفكر؟ لعلها كانت بصحبة رجل آخر عندما وقع الحادث, فكان ذلك سببا لفسخ الخطوبة؟ آلمتها الفكرة الى حد أنها أحست حربة تطعنها في الصميم , فأرادت أن تخبره بكل شيء , لكنها قبل أن تقرر , سألها آندرو ثانية وطغت الأدانة على نبرة صوته:
" من هو ذلك الرجل الذي ظهر معك في الصورة الأخرى؟".

تفاقم حنق غايل بحيث قضى على كل رغبة لها في تبرير نفسها , فصاحت في وجه آندرو:
" كل ما فعلته قبل أن ألتقيك هو من شؤوني الخاصة ,ولا يحق لك الأستفسار عن ماضيّ خصوصا أني لا أسألك عن ماضيك".

*****نهاية الفصل الثامن******


اماريج 30-07-10 10:34 PM

9_لم يغب
***************
لم تسهم كلماتها في تحسين موقفها وترطيب الجو , وأعتراها الهلع وهي تراقب السيارة تبتعد بشقيقتها وأسرتها...وتركها وحيدة مع آندرو ,ولم تعرف مثل هذا الخوف والأنقباض في المرة الماضية لأن التفاؤل بالمستقبل ملأ عليها حياتها , وتشبثت بأمل عودة آندرو اليها ذات يوم , وهكذا أجبرت غايل نفسها على قبول الحقيقة بأن السعادة التي تستمدها من شنا وروبي هي كل ما يمكنها الحصول عليه , والحقيقة أنها كانت مبتغاها , آه , لو لم تجن وتقع في هوى زوجها.

لكن غايل أمتنت لأتاحة الفرصة أمامها لتحب روبي وشنا , ويحبها الصغيرين بالمقابل , وأكتشفت مع أنقضاء الأسابيع أن أستسلامها للقدر وقبولها لواقعها أكسبها سلاما داخليا وأحيا فيها قدرة التمتع بالجمال من حولها.

شهر أيلول أحزنها قليلا لأنه يشهد ذروة المواسم الرياضية , أي صيد الأيائل.
على أن غايل بدأت تتقبل تدريجيا فكرة صيد الغزلان خصوصا بعد أن حدثها سينكلاير بجدية عن خطر تزايد الغزلان في منطقة الهايلاند , وينصح الصياد عادة بأستعمال العبوات الجديدة المكدسة لصيد الغزلان الهرمة والمريضة لمصلحة القطيع نفسه , لقد ردد سينكلاير معظم ما قاله آندرو بلطف وصبر عظيمين , فأذا تحلى الصياد بالمهارة والأهتمام , فأن الحيوان لن يشعر بأنه مطارد , ولن يعاني بالتالي الخوف والخشية من الصيد , وأذا تم الصيد بدقة , فأن الحيوان لا يتأمل.
منتدى ليلاس
لكن سينكلاير أعترف بأن الصيد ليس دقيقا دائما , وتحدث عن قاون شفوي يقضي بضرورة ملاحقة أي حيوان مصاب ليقى عليه حتى ولو أدى ذلك الى أفساد بقية النهار على الصياد
ثم أضاف:
" أن الحيوان المصاب يسبب قلقا عظيما للجميع حتى يقضى عليه ,وستجدين أن معظم اللوردات لا يسمحون ألا للصيادين المهرة بدخول أراضيهم".

وجدير بالذكر أن آندرو يصطاد الغزلان في عزبة تقع الى شمال عزبته هذه ,لكنه لم يذهب اليها السنة لسبب لم تستوضحه غايل لأن محادثاتهما لم تتطرق الى أمور شخصية
لكن موراغ وفرت لها الجواب:
" لم يذهب أبي للصيد هذه السنة خشية أن أغادر البيت , أنني أكرهه.... وقد أخبرته بذلك.... فهو يذهب عادة الى العزبة في أيلول ولم أتصور أنه سيضيع فرصة لصيد على نفسه من أجل البقاء هنا ومراقبتي".

مشت موراغ والشرر يتطاير من عينيها بعد مغادرتها للفراش ببضعة أسابيع حتى أستعادت عافيتها التامة , وأحست غايل برغبتها في الفرار ,فأجبرت نفسها على مراقبتها كلما أمكنها ذلك
ألا أن غايل كان لا بد أن تغيب بعض النهار عن البيت وذلك عند نقل روبي وشنا الى المدرسة ومنها , ويبدو أن آندرو أيضا عرف برغبة موراغ بالهرب , فصمم هذه المرة على أحتجازها في البيت حتى ولو على حساب أستجمامه ومتعته , ومع أن آندرو أوقف مخص موراغ
فأنه ظل يقدم لها مبالغ صغيرة من المال بين حين وآخر , فأستعملت النقود لأبتياع ودخنت ما أشترته أثناء غياب والدها.

وتوقفت موراغ أمام غايل , وصاحت مهددة:
" سأفر فور توافر المال الكافي لدي , أذ يستحيل على والدي مراقبتي طوال الوقت".
" أنك تعرفين أن كل ما يفعله والدك هو لمصلحتك الخاصة , فأنت لست معافاة تماما يا موراغ , ولذلك.......".


"أنني في أتم العافية , وأنا أعرف نفسي , وأعرف أن حالي لم تكن أفضل في السابق , لكنني سأمرض أن أحتجزت مدة أطول , سيختل عقلي , وأجن".
أقفلت غايل الحديث لعزمها ألا تنغص العيش على نفسها بسبب نوبات الغضب التي تجتاح موراغ , وأستأنفت حياتهم اليومية الرتيبة , أذ أنشغلت غايل بالصغيرين , وقضى آندرو معظم وقته في العمل , فيما عاشت موراغ وكأنها غريبة في المنزل , فهي قلما تتحدث الى شقيقيها , ونادرا ما تجلس الى المائدة.

لم تلتق غايل روبن منذ شجارها الأخير مع آندرو , وأدركت أن زوجها نفذ تهديده وحظّر على الشاب أن يصطاد في البحيرة , ولم تر غايل روبن لبضعة أسابيع , ألا أنها أدركت أن لا مفر من فعل ذلك يوما ما خصوصا أنه لا يقيم بعيدا عن مكان سكنهم , وخشيت لقاءها به كثيرا , وقد تم ذلك اللقاء بينما خرجت من محل بائع الحلوى في القرية , فحيّاها روبن بينما نظر الى السيارة الواقفة في الشارع ,وطلب اليها أن تقلّه بسيارتها , وحين لم يسعها رفض طلبه بدون سبب ,فأنها أكرهت على دعوته لركوب السيارة , وما أن فتح فمه ليتكلم , حتى أدركت أن طلبه كان بقصد مناقشتها في أمر المنع.

" غايل , ماذا حدث بعد زيارتي الأخيرة لكم؟ فقد كان زوجك صلبا ومقتضبا في حديثه معي أثناء زيارتي التالية , ومنعني من أستعمال البحيرة أو زيارة المنزل ثانية ,ولست أرى أنني أرتكبت أي خطأ , صحيح أنني حادثت موراغ قليلا , ألا أنني تركتها لمتابعة عملي , كما أنني لم أستعمل الزورق بدون أذن من وكيل العزبة".


اماريج 30-07-10 10:36 PM


لم تجب غايل على الفور
فأستطرد روبن:
" غايل , أنني رجل عادي الذكاء , لكن بوسعي فهم صدور تصرف زوجك عن غضب وأستياء شديدين مني , فماذا فعلت؟".
أدارت غايل السيارة , ثم هزت رأسها رافضة سيكارة قدمها اليها , ثم سألته متحاشية أقحام أي أمر شخصي في حديثهما:
" ألم تسأله؟".
رفع حاجبيه هاتفا:
" أسأله؟ كلا , لم أفعل , فمزاج زوجك لم يسمح مثلي بأستجوابه , لكن , لا شك أنك تعرفين كل شيء ".

ثم ردد:
" ماذا فعلت؟".
فكرت غايل قليلا قبل أن تقرر أن الصدق هو الحل الأمثل خصوصا أنها أعتبرت أن له عليها حق توضيح الأمر , فأخبرته ماذا فعلت موراغ ,ولشد ما دهشت أذ لم ينفجر غاضبا , وفطنت الى أنها أرتكبت خطأ بمصارحتها له أذ عقب:
" حسنا يا غايل , لم تخطىء موراغ , فأنا قد أحببتك مذ رأيتك.....".
" روبن , أرجوك.......".

أستأنف حديثه متجاهلا مقاطعتها له:
" سأكون صريحا معك قدر صراحتك معي , فالقرية كلها تتحدث بأن آندرو مكنيل يفضل أن تقيم في بيته أم لصغيريه على أن توجد فيه مربية وذلك لأنه لم يتمكن من الأحتفاظ بمربية , ولأنه مقتنع بأن شعور ولديه سيكون مختلفا مع وجود أم ترعاهما".
منتدى ليلاس
وأنقطع عن الكلام قليلا , لكن غايل لم تجد ما تقوله لما أصابها من ذل نتيجة هذه الأشاعة المشينة بحقها وبحق مركزها في منزل دنلوكري.
" هل هذا صحيح ؟ ولكني لست بحاجة للسؤال يا غايل لأن آندرو مكنيل لم يحب...... وليس من طبيعته أن يحب , فهو قاس جدا , غايل , هذا النمط من الحياة ليس لك".

وكانوا قد بلغوا شارعا فرعيا منعزلا دخلته غايل , وأوقفت سيارتها بعد أن أمالتها الى جانب الطريق المعشوشب
ثم قالت وهي تستدير في مقعدها:
" روبن , أنك لم تعرفني بشكل يسمح لك أن تحدثني بهذه الطريقة , فنحن لم نقض مع بعضنا أكثر من ساعات قليلة.....".

" الوقت! ما هو الوقت؟".
وسكت فيما مد يده ليمسك بيدها , ألا أنها أبعدتها بسرعة عن مقود السيارة.
" لماذا تظنين أنني رغبت في زيارة البحيرة ؟ بالطبع حتى أراك , لكنك كنت دائما تتجنبينني".

تطلعت غايل حولها بقلق , وقد خافت أن يراها أحد فيشير الى الأمر أمام زوجها عرضا
وتكلمت الى روبن بسرعة آخر الأمر:
" لقد منعني آندرو من التحدث اليك, وقدقررت ألتزام رغبته بعد أن نطقت بهذه الكلمات , فالواضح أن الجميع يعرفون ما عاناه , وأنا سأكون آخر من يضيف أذى الى أذاه وهوانا الى هوانه".


اماريج 30-07-10 10:38 PM

حملق فيها بعدم تصديق:
" ألن تتحدثي معي ؟ حتى كلمة! لكن , من واجب زوجة اللورد أن تظهر المودة والصداقة للجميع , وهذا ما يفرضه عليها مركزها , واللورد نفسه هو زعيم القرية , ويعرض سكان القرية عليه مشاكلهم , ويعتبر هو وزوجته صديقين للجميع , وقد قضيت هنا مدة طويلة تكفي لمعرفة كل ذلك".

" لقد جعلت من المستحيل عليّ مصادقتك , فأنا يا روبن متزوجة وهانئة وراضية في حياتي الزوجية بعكس كل هذه الشائعات".
" هل أنت.... هل أنت غاضبة مني؟".
" أنني بكل تأكيد لست راضية عن الطريقة التي تحدثت بها الي , فأنا لم ولن أعطيك ما قد يشجعك على ذلك لأنني راضية بحياتي كما قلت".
" لا أصدقك".
منتدى ليلاس
أكتفت غايل بتسديد نظرة غرور اليه , فيما هز كتفيه مذعنا.
" أذن , فأنت ستتجاوزيني عندما نلتقي , أليس كذلك؟".
أطرقت غايل , فسأل:
" هل تريدينني أن أترجل من سيارتك هنا؟".
" من فضلك يا روبن , فمن الخير أن تفعل ذلك لئلا يرانا أحد".

" لن يهتم أحد بالأمر في الأحوال الطبيعية , فليس غريبا أن يتولى اللورد أو زوجته نقل أحد القرويين".
" لن يهتم أحد بالأمر في الأحوال العادية".
ثم زادت :
" على أن الأحوال ليست عادية".
وأدرات المحرك فيما سحق روبن سيكارة لم يكمل تدخينها في المنفضة , ثم ترجل من السيارة بدون أن يلقي نظرة خلفه.

سارت غايل مسافة قصيرة في الشارع المهجور بأعصاب مشدودة وقلب سريع الخفقان لما ظهر من خسة في محادثتها مع روبن , الذي بدا مستعدا لمغازلتها , فهو لم يظهر الأحترام المتوجب عليه أتجاه زوجة اللورد, فيما قاست هي من الخزي , وكأنها شجعته على تصرفه , الأمر الذي لم ولن تفعله بالطبع كما أكدت له.

وأندفعت غايل بسيارتها على الفور بعيدا بأعصاب أكثر هدوءا بعد أن أنتعش عقلها وجسمها بفعل الهواء الطلق والسكينة الشاملة التي لقتها .
ومر أسبوع قبل أن يقود آندرو السيارة بنفسه ,ومعروف أنه لا يدخن , ولذا , فهو يستعمل منفضة السيارة لأيداع النفايات والأوراق من بيانات أجرة توقيف السيارة وغيرها , ولدى ألقائه أحدى هذه الأوراق في المنفظة , أسترعت أنتباهه السيكارة التي سحلها روبن بدون أن يكمل تدخينها وذلك قبل أن يترجل من السيارة بسرعة غاضبا , ولم تنتبه غايل للأمر ألا عندما تطرق آندرو للموضوع بأستجواب أولي.

" هل تدخنين؟".
حانت منها ألتفاتة أرتباك:
" لا , بالطبع أنت تعرف أنني لا أدخن".
" هل أستعملت موراغ السيارة؟".
هزت رأسها , ماذا يريد أن يعرف؟
" كلا , أنها تركب السيارة الأخرى".
منتدى ليلاس
أن موراغ تحب قيادة السيارات وهي تقضي الساعات الطوال تجوب طرقات العزبة في سيارة لرنابوت الصغيرة.
" لا يستعمل أحد السيارة الصغيرة سواي , وسواك أنت أحيانا".

تفحصها آندرو بعينين نصف مغمضتين وقد أزدادت القسوة في سمائه وبرز فيها الأتهام ,
ثم سأل بلطف:
" من أذن أودع في المنفضة سيكارة لم يكمل تدخينها؟".
ألتقطت غايل أنفاسها , فهي قد فكرت بالسيكارة وعزمت على أخراجها من المنفضة , ألا أن ذاكرتها خانتها , ونتيجة قلقها الآن وسعيها لمنع تدهور آخر في علاقتهما , قالت متلعثمة:
"أنا أدخن أحيانا , وربما تركت السيكارة هناك.....".

" لا تكذبي , فقد أدخلت هذا الرجل في السيارة.... في سيارتي".
أمتقع لون غايل , وأرتجفت بينما أقرت أنها نقلت روبن بالسيارة , وأجبرتها ملامح زوجها الشرسة الغاضبة على القول أنها أبلغت روبن أنها لن تكلمه ثانية , ودهشت أذ لم تر الأثر المرجو على وجه آندرو نتيجة ألتزامها برغباته.
" الحقيقة أنك تحدثت معه عني".


اماريج 30-07-10 10:39 PM


" كلا يا آندرو".
" لا بد أنك فعلت , ولا شك أن حديثا جرى بينكما حتى قلت له أنك لن تكلميه ثانية".
ردّت بأنقباض:
" كان لزاما عليّ أن أوضح له سبب عدم تحدثي اليه أذ ليس بوسعي مقاطعته فجأة كما أقترحت , غير أنني لم أكثر من الشرح".

تقلصت عضلات فمه , وغرقت غايل في تعاسة مؤلمة نتيجة تعاسة نظرته الحادة .
" أنك تتحدثين عني علانية , وتحاولين أذلالي".
أطرقت فيما أغرورقت عيناها بالدموع:
" لم أفعل يا آندرو , ما الذي يجعلك تظن أنني أسعى لأذلالك؟".
أقتربت منه خطوة:
" لو أنني أستطيع أقناعك بأنني لا أرغب في أيذائك , حينئذ سيزول شكك فيّ".

ثم تأملت وجهه بعينين مبيضتين غشيهما الدمع فشوّهت رؤيتهما :
" لقد طلبت أليّ ألا أخاطب روبن , وأنا مستعدة لأطاعة رغباتك , ومن المؤكد الآن أننا نستطيع أقفال الموضوع وعدم التعرض له ثانية".
وقفت على مقربة منه , ثم أسدلت يديها على جبينها بأنقباض , تبدد غضبه , وغابت الشراسة من عينيه , ووعدها:
" حسنا يا غايل , لن نعود الى هذا الحديث ثانية".

لكنه لم يعتذر على أتهاماته الجائرة , كما لم يقدم أي دليل بعزمه على التراجع عنها.
ومذ ذاك أستأنفوا حياتهم المعتادة المليئة ببرودة آندرو وقلة أهتمامه , فلم بيد لطفا أو تفهما ألا في حضور روبي وشنا وذلك في مواعيد تناول الشاي , ويوم الأحد أثناء زيارتهم الكنيسة صباحا ونزهة بعد ظهر الأحد التي قاموا ببها في كل الظروف الجوية ألا في حال هطول المطر الغزير.
منتدى ليلاس
ولما كانت عطلة نصف الفصل , شعرت غايل بضرورة التغيير الذي يريح أعصابها المرهقة , فسألت آندرو الأذن بقضاء أسبوع عند بيث , ثم أعلنت:
" سيسر روبي وشنا بالتغيير".
وأفهمتها عقدة حاجبيه أنه أستنتج أنها ترغب بالذهاب وحيدة ,فعلّق فيما أفترت شفتاه عن أبتسامة متكلفة وغير منتظرة :
" لقد ألمحت الآن الى حاجتك لبعض الراحة , لكنك لن ترتاحي أن أصطحبت الصغيرين معك".

ردت ببساطة:
" لن أذهب ألا برفقتهما".
دقق نظره اليها هنيهة بصمت , وبدا باردا وخاليا من العاطفة لولا تحرك عضلة في وجهه.
" حسنا , هل ترغبين بقيادة السيارة؟".
" أذا كان الأمر لا يزعجك , وألا , فبأمكاننا ركوب القطار الى المحطة حيث يكون هارفي أو بيث في لقائنا".
" أركبوا القطار أذن , فالطريق طويلة , ومن المؤكد أن الصغيرين سيزعجانك".

أبتسمت له وهي لا تدري أذا كان أقتراحه بركوب القطار مستندا الى أهتمامه الصادق بها أو الى تصرفه العملي في حياته.
أرسل آندرو غايل والصغيرين الى المحطة , ثم شيّعهما الى باب القطار بعد أن أشترى لهم جميعا الكتب والحلوى , ولما تحرك القطار , لوّح لهم بيديه , فتطلع الصغيران من النافذة وهما يلوحان بأيديهما الى أن غاب والدهما عن مجال رؤيتهما

عندئذ جلسا وفتحا كتابيهما , لكن غايل ظلت واقفة قرب النافذة الى أن تجاوز القطار المبنى المنحني الأخير حيث كان آندرو يتجه الى سيارته , وفجأة أحس أن أحدا يراقبه , فتطلع الى أعلى , فلوّحت له غايل مودعة , ورد على تحيتها بمثلها , ونظرا الى بعد المسافة بينهما , لم تتأكد غايل أنه أبتسم لها.


اماريج 30-07-10 10:40 PM

أستقبلت بيث ضيوفها الثلاثة في المحطة ,وفي أقل من نصف ساعة عادت غايل الى البيت الذي آواها على حياة أمها , وعلى الفور أصطحب طوماس وماريلين , الذين أمضيا أجازة مدرسية أيضا , وروبي وشنا الى الحديقة حيث لعبوا بناء على أقتراح طوماس الذي خاطب أمه وخالته:
" سنخرج حتى تتناولا الشاي بسلام".

فنبهتهم بيث :
" أدخلوا فور هطول المطر الذي يبدو أنه سينزل في أية لحظة".
" كم يشبه اليوم الأمس".
" ألست سعيدة؟".
" سعيدة؟ بالطبع أنا سعيدة , لماذا توجهين الي مثل هذا السؤال؟".
منتدى ليلاس
صبت بيث فنجان شاي لغايل:
" لا داعي للأنكار , فهيذر غير مقتنعة بأن الأمور تجري على ما يرام بينك وبين آندرو".

" هل أفترض أنها أخبرتك بكل شيء؟".
" لقد فعلت, ويبدو لي أن أحدا يجب أن يتخذ أجراء بحق موراغ , ألا يمكن أرسالها الى المدرسة أو الى.......".
طرفت عينا غايل:
" لماذا؟".
" لأبعادها عن المشاكل ومنعها من أفتعالها , فلماذا تسعى الى فسخ زواجكما؟".

" أنها لا تسعى الى فسخ زواجنا بالضبط , لكنها برمت بحياتها على ما أظن , وهي تفعل أي شيء يخفف رتابة حياتها ويسليها ".
" لن يصيبها الملل أن هي ألتحقت بمدرسة , ألم تقولي أن آندرو كان سيرسلها الى المدرسة في شهر أيلول؟".
" أجل , فقد وضع ترتيبات أرسالها الى مدرسة داخلية , لكنها مرضت بعد ذلك , والطبيب لا ينصح بأدخالها الى المدرسة , وهو يصر على أبقائها في البيت".

" لا أتصور وفاقا بينك وبين آندرو ما دامت بقيت في المنزل , فهي ستتدخل بينكما بكذبها وخداعها وأفتعالها للمشاكل".
" يئست من فكرة قيام وفاق بيني وبين آندرو , فهو لا يريد لعلاقتنا أن تبنى ألا على تنظيم أداري".
وأرسلت نظرها عبر الطاولة الى شقيقتها:
"أنه لن يحبني أبدا يا بيث , وقد كنت مجنونة حين فكرت بهذا الأمر".

" لم تكوني متشائمة حين ألتقيتك آخر مرة , فقد كنت تحلقين على جناحي الأمل ,وبدوت واثقة تمام الثقة من أنه سيحبك مع مرور الزمن".
بدأت حبات المطر المنهمر تطرق ألواح النافذة , وأسرع الأولاد الى الداخل
فصاحت بيث بهم:
" أدخلوا غرفة الألعاب من فضلكم , فنحن لم ننته من تناول الشاي بعد".
ورددت غايل عن أبتعاد الأولاد:
" لقد قلت أنني كنت مجنونة , فهو لم يشجعني أو يعزز آمالي ولو للحظة".
منتدى ليلاس
أشرق وجه غايل بأبتسامة حزينة , فيما وجهت اليها شقيقتها نظرة أستفام , ففصلت الأحداث التي أعقبت أكتشاف جرحها , ولما صمتت , همست بيث بلهجة معبرة رقيقة:
"لماذا يكلف نفسه عناء تعزيتك؟ ألم يخطر لك هذا السؤال على بال؟".
هزت غايل رأسها , وتطلعت بأرتباك , فأستطردت بيث:
" لقد نشب خلاف عنيف بينكما , وفجأة هدأ وأصبح لطيفا , فهل كل ذلك جزء من الترتيب الأداري الذي أتفقتما عليه؟".

" لست أدري ماذا تقصدين يا بيث".
أعلنت بيث بأصرار وقد ضاقت عيناها وزادت القسوة فيهما:
" لو لم تسمم هذه الفتاة الشقية الحقودة أفكاره وتذكّره بكل ما قاساه من زوجته الأولى , لجرت أمورك مع آندرو على خير ما يرام ,لكنك لن تحرزي أي تقدم من وجود هذه الفتاة كما قلت سابقا , فهل أمكنك أقناع آندرو بأرسالها الى المدرسة؟".
" لن يسمح الطبيب بذلك يا بيث, وهكذا ستبقى موراغ في المنزل".


اماريج 30-07-10 10:41 PM

" أنها ليست حاجزا بينك وبين آندرو فقط , أنما عقبة في طريق آندرو الى الأستقرار ".
لم تعلّق غايل بشيء , بل تذكرت أن ما قالته بيث خطر لها من قبل , فموراغ عقبة في طريق آندرو للأستقرار , وأن لم يتحقق الأستقرار لآندرو , فهو لن يسعى في أثر السعادة... حتى ولو تمنى ذلك, ثم تنهدت وصرّحت بشيء من الفتور:
"ربما تزوجت في غضون سنوات قليلة".
" لو لم يكن فرحي بزواجها من أجلك فقط , لما تمنيت أن يتزوجها ألد أعدائي ".

وقبل أن تتفوه غايل بأي رد , وقف الأولاد في الباب لخوفهم من دخول الغرفة , وتذمّر طوماس الذي ركّز بصره على قطع البسكويت الموضوعة على الصينية:
" أننا جائعون , ولم يتناول أي من روبي وشنا شيئا منذ ساعات طوال".
تأملت غايل أبن شقيقتها بجذل:
" سنحضر أنا وأمك شيئا لذيذا لكم ,فأذهبوا وأغسلوا وجوهكم وأيديكم , وعندما تنتهون سيكون الشاي جاهزا".

وقالت بيث بينما قطعت الشقيقتان شطائر الأولاد:
" لقد رتبت موعدا مع مزين الشعر غدا الثلاثاء , ويحتاج طوماس وماريلين الى قص شعرهما , فهلا رغبت بجولة حول المدينة حتى نلتقي ونتناول الغداء في الخارج ؟ ويمكنني ألغاء موعد مزين الشعر".

أستوقفتها غايل:
" لا تفعلي ذلك لأن بأمكاني القيام بجولة حول المتاجر , فأنا قد أشتقت اليها , وسيكون ذلك تغييرا لطيفا , وربما تمكنت من شراء ثوب من محل أنيتا حيث أجد دائما ما يناسبني بالضبط , والحقيقة أنني لم أشتر قط شيئا بجمال الأثواب التي أشتريتها منها".
أيّدت بيث رأيها :
" صحيح أن معروضاتها ثمينة ,لكنك تحصلين على أفضل الأنواع".
منتدى ليلاس
أنزلت بيث غايل والصغيرين في الشارع العام , ثم ذهبت لتوقف سيارتها , وأتفقوا على اللقاء قرب فندق غراند هوتيل حيث سيتناولون الغداء
وبينما أمسكت شنا يد غايل وسارت بجانبها سألت:
" أتسمحين بأن أشتري لك هدية يا ماما؟".
وأضاف روبي , الذي أمسك بيد شقيقته الأخرى :
" وأنا كذلك أتمنى أن أشتري لك هدية , كما أنني أرغب بشراء شيء لبابا وموراغ".

" نويت أن أقترح عليكما أن تشتريا لهما شيئا , أفعلا ذلك أولا , وأذا بقي لديكما نقود , تبتاعان لي شيئا".
" أريد أبتياع هديتك أولا , ثم هدية والدي , وأخيرا هدية موراغ , أه أنظري يا ماما".
وجذبت شنا أمها وشقيقها الى واجهة أحد المتاجر:
" حقائب يد؟ تريدين حقيبة يد جديدة؟".

هزأ روبي منها:
" ليس لديك مال كاف لذلك".
" بلى لدي , أليس كذلك يا ماما؟".
" لا أحتاج حقيبة يد يا حبيبتي , لماذا لا ندخل المخزن الكبير ونتفرج , فهناك تتوافر لنا أختيارات أكثر".


اماريج 30-07-10 10:42 PM

أشترى الصغيران لآندرو حيوانين صغيرين مصنوعين من الزجاج المنفوخ ليتأملهما أثناء العمل, على حد قول روبي المبالغة اللطيفة , ثم تشاركا في دفع ثمن زجاجة عطر لموراغ , في حين تولت غايل تغطية باقي ثمنها بدون أن يعرفا , وفي حين أشترت شنا لغايل دمية تضعها على منضدة الزينة , أبتاع روبي لها صورة كوخ صغير أنيق سقف بالقش وزينت جدرانه بورود حمراء قانية.

وبعد أن أبتاعت غايل هدايا للأولاد الأربعة , أقترحت على الصغيرين شراء هدية لخالتهما بيث.
وأخيرا تمكنت غايل من زيارة متجر الألبسة المفضل عندها , وأسعدها الحظ بأن مكّنها من أبتياع ثوب نهاري جميل صنع من صوف غنم ناعم , وثوب لحضور الحفلات الراقصة له أكمام طويلة الى حد يغطي جرحها ليس ألا , فهتف روبي متحمسا:
" أنك تبدين جميلة في هذا الثوب , فهل سترتدينه الليلة؟".

" ليس الليلة يا روبي , وربما أرتديه عندما أذهب الى حفلة".
ولما خرجوا من المتجر
سألتها شنا:
" هل تسمحين لي بأن أحمل ثوبك يا ماما؟".
" شكرا يا شنا , فأن علبته كبيرة , وأفضل أن أحملها بنفسي , الى ذلك , فأنت تحملين حزما كثيرة".

فصلتهم عشر دقائق عن موعدهم مع بيث , وفيما أخذوا يتسكعون في الشارع ويتفرجون على واجهات المتاجر
أستدارت غايل فجأة أذ سمعت صوتا يناديها:
" مايكل.... كيف حالك؟".
لاحظت أهتمامه بروبي وشنا:
" أنني بخير يا غايل".
توقف قليلا , ثم قال:
" هل صحيح أنك تزوجت؟".
منتدى ليلاس
أطرقت , وأزدادت أبتسامتها أتساعا , ولم تحس بأي ضغينة أتجاهه , فسلوكه قد ساعدها على تنظيم حياتها , وهي سعيدة لأنها لم تتزوج منه
وعرّفته بالصغيرين فيما تابعت تحديقها اليهما:
" هذا روبي , وهذه شنا".
" هل تزوجت رجلا مطلقا؟".
" توفيت زوجة آندرو الأولى منذ سنوات عدة".

" آه , أنني آسف , وكان طبيعيا أن أستنتج أن أمهما ما زالت على قيد الحياة".
كرر أسفه وهو يضيف:
" آسف , لقد سمعت عن قصة زواجك عرضا , ولم يعرف أحد شيئا محددا عن زوجك سوى أن له أولادا , ثلاثة على ما أظن".
" أن له أبنة أخرى أكبر سنا".

لم تتوسع غايل في الشرح , ومضى مايكل ليقول أنهم مقيمون عند بيث على الأرجح.
" أجل , فقد واتتنا الفرصة لزيارتها لأن الصغيرين في أجازة مدرسية".
" هل صحيح أن زوجك أسكوتلندي؟".
" أنه لورد دنلوكري".

" يا ألهي , أن هذا لفخر عظيم , هل تقيمين في منزل كبير؟".
أبتسم روبي فجأة لمايكل وأجابه:
" هو كذلك , لأن أناسا كثيرين يقيمون فيه , ولأن والدي يستقبل زوارا عديدين , أحيانا , أليس كذلك يا ماما؟".
فسأل مايكل بدون أن يعطي غايل فرصة للرد على سؤال روب:
" هل يقيم كثير من الناس معكم؟".

" أجل ...فالبيت يضم بابا وماما وأنا وشنا وموراغ أضافة الى ثلاث خادمات والسيدة بيرشن.....".
ضحكت غايل :
" روبي , السيد بانكفوت لا يريد معرفة كل ذلك".
" لكنه سأل أذا كان عدد كبير من الأشخاص يقيم معنا , فهل أخبره عن كل الرجال؟".
" لا يا حبيبي".

ثم ألتفتت غايل الى ساعتها
وخاطبت مايكل:
" علينا أن نذهب , فسنلتقي بيث بعد بضع دقائق".
" كنت أنوي دعوتك لمشاركتي الغداء , فأنا أرتاد المقهى الواقع على الطرف الآخر من الشارع".
أعتذرت مبتسمة :
" أشكرك يا مايكل , لكننا لا نستطيع , وبالمناسبة , كيف حال صغارك؟ لم أستطع حتى الآن أن أسأل سؤالا واحدا".
منتدى ليلاس
" بخير".
" حسنا , بلغ تحياتي لجون".
" سأفعل".
" الوداع , علينا أن نسرع , روبي وشنا ودّعا العم مايكل".
" الوداع".

ولوّح الصغيران بأيديهما لمايكل
ثم سألت شنا:
" من هو هذا الرجل يا ماما؟".
" صديق قديم.......".
أختفى صوت غايل وتجهّم وجهها بسبب ذعرها وأضطرابها في هذه الأيام من شكوك زوجها الدائمة , فهل سيشير روبي أو شنا الى هذه المقابلة ؟أعترى غايل القلق علما بأنها تخطىء أن هي قلقت , ولما لم يكن بوسعها فعل شيء هزت كتفيها وهي تقرر أن أسوأ ما قد يحدث هو أن يحدّث روبي أو شنا آندرو بالأمر
وعزمت أن تطلع آندرو على الحقيقة كما فعلت دائما , وتقول أن لقاءهما حدث مصادفة , وقد دام قرابة خمس دقائق , وأذا رغب في أصطناع شجار , فما عليها ألا أن تتحمله كما تحملته في السابق.


اماريج 30-07-10 10:44 PM

10- الحب يشفي الجراح
**************************
رجعت غايل والصغيرين يوم السبت , لرغبة غايل بقضاء يوم الأحد في المنزل حيث تجتمع الأسرة ويستمتع أفرادها بنهارهم , فأستقبلهم آندرو في المحطة , ولم ينقطع روبي وشنا عن الحديث مدة نصف ساعة, وهي المدة التي تستغرقها الرحلة من المحطة الى المنزل , ذكرا كل ما أعتبراه مهما , ولشد ما أرتاحت غايل لأنهما لم يذكرا شيئا عن مقابلتهم لخطيب غايل السابق
وفجأة سأل روبي أباه:
" هل أشتقت لنا؟".

" كثيرا يا روبي".
نطق آندرو كلماته بحنو غير معتاد وبصوت مرتعش أجفل غايل أذ لم تلحظ رقة في مشاعر زوجها منذ أمد بعيد , فقد عكس , وهو أبن الهايدلاند , قوة الطبيعة وصرامة البيئة حيث ولد ونشأ , وأمسكت شنا يد غايل , فيما أنحنت الا الأمام لتطبع قبلة على خد والدها.

" ونحن أشتقنا لك , أليس كذلك يا ماما؟ لماذا لم ترافقنا؟".
" كان علي أن أعمل يا شنا".
فحثه روبي:
"ألن تحضر معنا في المرة القادمة؟ من المستحب أن نجتمع كلنا , كما نحن الآن".

وهنا أستدارت غايل في مقعدها نصف أستدارة لتتأمل آندرو بفضول , وتذكرت لسبب غامض وقفتها عند النافذة في عربة القطار , وتلويحها لآندرو وهو يقصد سيارته , لقد لوح لها.... وتصورت أنه أبتسم لها آنذاك , أما الآن , فلم يبتسم , وأنما كان جامدا ورابط الجأش كعادته , لكنه عاش في جو حالم بشفتين مفتوحتين قليلا فيما ركز بصره على الطريق الممتد أمامه.

وتنبه آندرو الى أن غايل تركز نظرها عليه , فأستدار نحوها , وفجأة أحست أن قلبها قد أنعصر , وذهلت أذ رأته كئيبا , الأمر الذي أثارها من الأعماق , فيما بدا ذلك فرصة مؤاتية لتحسين علاقتهما.
منتدى ليلاس
وأخبرت شنا والدها:
" أشترينا أنا وروبي هدايا لك , وهدية روبي.....".
فقاطعها روبي:
" أنها مفاجأة ".

" لماذا؟ أنا أريد أن أخبر أبي عن هدايانا".
" عليك بالأنتظار حتى نصل الى البيت فيفتح الهدايا ويفرح بالمفاجأة ".
" ولكن......".

فأعترضت عليها غايل:
" أذا كان روبي يريد أن يبقي هديته مفاجأة , فما عليك ألا أن تخبري والدك بما أشتريته أنت".
" لكننا أشترينا الشيء نفسه".

فصاح روبي وهو يطقق بأسنانه بعصبية:
" هل كان يجب أن تخبريه ؟ الآن , لا يمكنك أن تقولي ماذا أشتريت".

ربتت شنا على كتف آندرو ثانية:
" أنهما ليسا الشيء نفسه بالضبط , فهديتي زرقاء , وهدية روبي خضراء, أيا من اللونين تحب أكثر؟".


اماريج 30-07-10 10:45 PM

أجاب آندرو برصانة فيما تحول عن الطريق العام الى الممر الضيق الموصل الى القرية:
" أحبهما بالدرجة نفسها".
" أرجوك يا ماما, أمنعيها من أن تخبر بابا , فأنا أريد أن تكون هديتي مفاجأة .... وهي ستخبره , أنا أعرف أنها ستفعل".

فدفعتها غايل الى الوراء
وأجبرتها على الجلوس :
" يجب ألا تخبريه يا شنا , فنحن سنبلغ البيت بعد دقائق ,ومن المؤكد أن بأمكانك الأنتظار".
" حسنا سأنتظر".
وعقب روبي بحدة:
" أنها لا تستطيع الأنتظار لأنها صغيرة".
منتدى ليلاس
فضحك كل من آندرو وغايل , وأستفسر آندرو عن بيث:
" كيف حال بيث ؟ أنك لم تستطيعي أن تتفوهي بكلمة حتى الآن".
فتحدثت عن عطلتهم عرضا , فيما حانت منها ألتفاتة نحوه بين الفينة وأخرى , وقد تساءلت أذا كان أهتمامه عفويا أو متكلفا لمجرد أظهار لطفه.

ودخلوا البهو الخلفي الصغير بعد قليل , فسألته شنا:
" هل أعجبتك الهدايا؟".
" هذه هي المرة الثالثة التي تسألين فيها بابا أذا كان يحب الهدايا ,بالطبع أنه يحبها".
هكذا تكلم روبي بكل جدية , فأفلتت من غايل تنهيدة خفيفة , وتصورت أنه غدا شديد النضج بالنسبة الى عمره , وتمنت لو أنه لا يكبر بسرعة.

لكنه تحول بعد لحظة صبيا صغيرا من جديد , فدعا شقيقة بلذة لمشاركته في ترتيب لعبه , وأخبر ولده:
" لم نتعرف على اللعبة بعد , فقد أشترتها ماما لنا , لكن , لم يكن لدينا وقت للعب فيها في منزل الخالة بيث لأننا كنا نخرج يوميا ".
قهقه آندرو:
" يخيّل لي أنكم قضيتم وقتا طويلا في شراء الهدايا للجميع".
" لقد زارت الخالة بيث مزين الشعر مرة ذات صباح , وذهبنا نحن الى السوق.....".

وأضافت شنا بمرح:
" وهناك ألتقينا رجلا لطيفا أراد دعوتنا الى الغداء , أنه صديق لماما".
رفع كل من غايل وآندرو عينيهما , وألتقت نظراتهما , وأمتعضت غايل , وتحرقت لهفة لو ينتهي الأمر عند هذا الحد , ثم أخبرته بهدوء:
" أنه مايكل".
تجهم وجهه:
"مايكل؟".
" لقد رأيت صورته.......".
" أذكره , وأذكر أنك خطبت له".
منتدى ليلاس
فأعلمته بصوت منخفض:
" أنه متزوج الآن , وله ثلاثة أولاد".
" من الواضح أنكم لم تتغدوا معه".
" كلا , فلم يكن لدينا متسع من الوقت لأنا كنا سنلتقي بيث قرب الغراند هيل".
" وأذا لم تكونوا ستلتقون بيث؟".
" لم أكن لأقبل الدعوة".

وخطر لها فجأة أنها أحتدت غضبا عند ذكر أسم مايكل في المرة الأخيرة , وأعلمت آندرو أن لا حق له في السؤال عن ماضيها , فأزداد الشرخ بينهما, الأمر الذي لم تتمن أن يحدث ثانية.
" ليس هناك شيء يجمعني بمايكل".
" لكنكما لا زلتما صديقين؟".
أبتسمت فيما غرقت في تفكيرها:
" من الأفضل أن تقول أننا لسنا أعداء".

لم ينقطع عن التحديق اليها , ألا أنه تحول عنها بعد برهة ليلتقط أحد الحيوانين الزجاجيين الصغيرين , وأخذ يحركه بيده , فأنعكس وهج النار عليه , مما غير لونه , وتراجعت غايل في مقعدها لتراقبه بقلب خافق بالفرح , فقد أظهر بأعراضه عن الحديث ثقته بها.


اماريج 30-07-10 10:48 PM

وقد أشترت هي بدورها هدية لآندرو لم يعرف بها الصغيران , وقد أجّلت تقديمها له الى حين دخول روبي وشنا السرير , وظلت على ترددها وخجلها في ذلك الوقت بسبب الفتور الذي ساد علاقتهما حتى لحظة أنطلاقها لزيارة بيث.

ولم تنس الكآبة التي لمحتها في آندرو قبل قليل أثناء جلوسه قبالتها عند طرف الموقد الآخر حين بدا اللين في قسماته في وهج النار المشتعلة في خشب اصنوبر , وهمست مبتسمة:
" أشتريت لك هدية".

ثم مالت جانبا لترفع عن الطاولة الصغيرة رزمة قدمتها اليه:
" سمعتك تخبر السيدة بيرشن أنك كسرت محبرتك.........".
" شكرا يا غايل".
وتناول الرزمة من يدها الممدودة , ثم فتحها ببطء , لقد سعدت غايل كثيرا بالعثور على المحبرة القديمة المصنوعة من الفضة والكريستال المقطوع , ولا شك أن مقدارا من السعادة نفسها غمر آندرو نتيجة الحصول عليها.
" أنها ثمينة ونفيسة".

انتظرت طويلا وهو يبلع ريقه بين حين وآخر , وحيرتها نظراته.
" أشكرك كثيرا يا عزيزتي , لا شك أنني سأحسن أستعمال هذه الهدية الصغيرة الرائعة".
" كم يسرني أن تفوز برضاك".

ودفعت رأسها جانبا بقصد أخفاء السعادة التي خيمت عليها بسبب كلماته , ولا ريب أن السماح له بمشاهدة أنفعالاتها سيشوه سعادتها.
ولما نهضا ليأويا الى فراشيهما , تعمد أن يقطع تعمد أن يقطع الطريق عليها لا بحركة واضحة , لكنه حال بطريقة أو بأخرى بينها وبين الباب بعد أن تمنت له ليلة سعيدة , وصممت على مغادرة الغرفة.

" غايل.......".
وسكت , فلف الصمت الغرفة لحظة قبل أن يزيد:
" أشكرك مرة أخرى على هديتك يا غايل , ما أجمل وألطف أن تفكري بي".
" أشكرك مرة أخرى على هديتك........". رددت غايل هذه الكلمات وهي تصعد السلم ..... لقد أقتنعت بما يشبه اليقين أن كلمات أخرى تجمدت على لسانه.... كلمات وجد من الصعوبة بمكان أن يتلفظ بها.
منتدى ليلاس
وزاروا الكنيسة في اليوم التالي , ولا ريب أنهم شكلوا أسرة متناسقة شديدة الأناقة حتى ولو لم يكن آندرو هو اللورد الغني والمحترم ,وهؤلاء زوجته وصغيريه , وخفض الناس رؤوسهم مبتسمين عند دخولهم وخروجهم , ووقفت الأسرة برهة فيما أستمع آندرو لعرض مشكلة أو مشكلتين وعد بحلهما , ثم أستقلوا السيارة منطلقين الى البيت في جو صاف شديد البرودة وتحت أشعة الشمس المشرقة في سماء خلت من الغيوم.

وشرعوا بعد الغداء بنزهتهم المعتادة , وغمر قلب غايل السعادة والسلام , بينما سارت بجانب زوجها فيما عدا روبي وشنا أمامهما ثم عادا نحوهما قاطعين المسافة بذلك مرتين أو أكثر.

رمقها زوجها بنظرة قصد أطلاق ملاحظة عابرة , لكن عوض التفوه بتلك الملاحظة
سأل غايل عما دهاها , فرددت بأرتباك:
" ماذا دهاني؟".
" أنك لست سعيدة".

فجفلت :
" ما الذي يدفعك لقول ذلك؟".
" أن التعاسة مرتسمة على محياك....".
" لست تعيسة".

وأجبرت غايل نفسها على أطلاق ضحكة قبل أن تضيف:
" ليس هناك شيء يمكنني أن أحزن عليه".
" ربما كان قولك قاسيا بعض الشيء".
وأعقب قوله صمت طويل مفعم بالتأمل :
" هل أنت حزينة يا غايل؟".
" هل يمكن لأحد أن يشعر بالسعادة التامة في هذه الحياة؟".


اماريج 30-07-10 10:49 PM

" لم أذكر الكمال من قريب أو بعيد لأنه يصبح تصورا مبهما عندما يتعلق الأمر بالعواطف الأنسانية , التي تنطوي على مقدار كبير من السلبية , وعدد وافر من التشبيهات والمقارنات عند تقويم قوتها وشدتها ,أما الكمال , فلا يعرف شيئا من ذلك".
لم ترغب بالخوض عميقا , فحافظت على صمتها , أما آندرو , فأضاف بأقتضاب أجفلها:
" هل تشعرين بالندم يا غايل؟".
" على زواجنا؟".

ورفعت عينيها لتراه وحده بقامته المديدة وجسمه القوي ووسامته ورجولته الطاغيتين , ولم تفطن الى أن دفء الشمس المنحدرة بدأ يضعف , وأن قطيعا من الغزلان وقف يرعى فوق تلة عالية , وبدا غاية في الروعة تحت قبة السماء , كما أنها لم تنتبه الى توقف الصغيرين عن العدو والضجيج وقد جلسا فوق كومة من الصخور بأنتظار أن يلحق بهما والداهما , وأخيرا همست:
" كلا , لا أشعر بالندم".
منتدى ليلاس
" هل كان هناك أي شيء ترغبين في تغييره؟".
" أي شيء؟".
وفكرت كم بدا غريبا خصوصا بعد أن أبطأ خطوته حتى كادا يتوقفان عن السير , ماذا أرادها أن تقول؟ لقد بدا متوترا ومشدود الأعصاب وكأن مصيره كله يتوقف على جوابها
وأحست فجأة أنها فهمت الأمر , لقد خشي أن تكون غير راضية عن حياتها هنا , ولعله خاف ألا تكون آمالها قد تحققت , أجل , لقد أزعجه ذلك الأمر , ولكن يجب ألا يضطرب , فهناك أمور كثيرة تشغله , فرفعت نظرها اليه مبتسمة:
" كلا يا آندرو...... لم يكن هناك شيء أرغب في تغييره".

غير أن قلبها هتف:
" آه , لكنني أرغب , أرغب بتغيير علاقتنا .... أرغب أن تحبني".
ووقف فيما بدا لغايل أنه أطلق تنهيدة عظيمة مخيفة:
" ولن تتركيني , أليس كذلك؟".
" لن أتركك , كلا , لن أتركك يا آندرو , فلماذا أفعل؟".
وتجاهل سؤالها فيما قال وهو يقف بقربها متفحصا وجهها بدقة:
" حتى ولو كبر الصغيران وتزوجا وتركانا؟".

أطبقت جفونها بأحكام , عندما يتزوج الصغيران ويتركانا .... ماذا يبقى لها عندئذ ؟ وجود آلي , منصب وهمي غير محدد , فهي لن تكون زوجة ولا خادمة , بل مجرد شخص يعيش في مسكن دنلوكري , شخص يؤنس اللورد عندما يشتاق الى نديم , سيدة تقوم بدور المضيفة , فتبتسم لضيوفه كما يقتضيها واجبها, هل يمكنها أن تحيا مثل هذه الحياة وهي مقيمة على حب آندرو؟

" من المستحيل أن يدرك الأنسان مشاعره بعد سنوات عديدة من الآن".
فضغط شفتيه على بعضهما:
" لقد أخبرتك أن رابطة الزواج ملزمة".

وظهرت الحدة في صوته والقسوة في عينيه الزرقاوين ثانية , فآلمها مزاجه المتغير , لكنها لم تجد وسيلة لرده الى لطفه وهدوئه السابقين , فحافظت على صمتها ,وتكلم آندرو مجددا .... فبدا وكأنه ينطق بهذه الكلمات مجبرا وبنبرة أختلفت تمام الأختلاف عن نبرته عندما قال أن رابطة الزواج ملزمة , وعادت لهجته تعكس الشك والقلق الذي لاحظته غايل قبل دقائق.
منتدى ليلاس
" بناء على شعورك الحالي , هل تتصورين أنك ستتركيني؟".
" بناء على شعوري الحالي , لا أتصور أنني سأتركك".
تنفس الصعداء , وعاد يسير برشاقة وسرعة جعلت غايل تعدو للحاق به فخفف سرعته وسدد الها نظرة:
" هل تعجزين عن مجاراتي في السير؟".

توجب على آندرو يوم الخميس أن يذهب الى أحد المصانع التي يمولها , ويقوم المصنع في منطقة الميدلاند حيث سيقضي بضعة أيام, فنبه غايل:
" راقبي موراغ , وأنا أعلم أنك تخرجين بمهماتك اليومية , لكن السيدة بيرشن ستراقبها عندئذ ,كما أنني تدبرت أمر حضور المرضة بضع ساعات في النهار........".

وتوقف ليهز كتفيه:
" وليس في وسعي فعل أي شيء آخر سوى حبسها في حجرة موصدة أذ ينهكها الأنفعال الذي نسعى الى تجنيبها اياه".
وكشفت رنة الشك صوته عن خوفه العميق من أحتمال نجاح موراغ في الهرب من المنزل أثناء غيابه , الأمر الذي جعل غايل تتوسل اليه بألحاح ألا يلومها أن أفلحت الفتاة في الفرار
فأبتسم لها:
" كلا يا غايل, لن ألومك".


اماريج 30-07-10 10:51 PM

" أنني خائفة يا آندرو , فهل يمكننا مراقبتها طوال الوقت؟".
هز رأسه:
"يجب علي أن أخوض هذه المغامرة يا غايل , لقد حرمت على نفسي السلوى والمتعة , لكنني لن أهمل أعمالي , وماذا يفعل المرء بمثل هذه الفتاة الجموحة ؟ هل يراهن على تعقلها؟".

لم يسبق أن حدثها بهذه الطريقة , الأمر الذي أسعد غايل وشجعها على القول:
" لقد فعلت كل ما في وسعك يا آندرو , ولا يمكنك لوم نفسك في أي حال".
تأملها بأستغراب لحظة وكأنه يبحث عن دليل على أفكارها , وأخيرا وافق على رأيها , وقد ظهرت في صوته مرارة تزعج سامعيه:
" كلا يا غايل , لا يمكنني أن ألوم نفسي أبدا".

لكن المرارة أختفت من صوت آندرو عندما هم بقيادة سيارته , فخفض زجاج النافذة وودع غايل الواقفة في ساحة البيت الأمامية:
" الوداع يا حبيبتي , أرجو أن تأخذي حذرك".

ثم لوح بيده قليلا مبتسما لها , لكن هذه الأمور كادت تفوت غايل لأنشغالها بما قاله , وتساؤلها عما أذا كان تشديده على كلمة ( أرجوك) مقصودا أم عفويا.
أزدادت أستفزازات موراغ وسخريتها بروزا اليوم , لكنها أمتزجت بتهديدات خفية:
" سأهرب بطريقة أو بأخرى ,وسيحملك والدي المسؤولية".
" تحدثنا في الأمر وأكد والدك أنني لا ولن ألام".

" أذن , فقد تحدثت عني في غيابي , أليس كذلك؟".
" هذا ليس من عادتي , ألا أنني أرغب التأكد من أنني لن أتحمل مسؤولية رعاية أثناء غياب والدك".
ضحكت موراغ ضحكة عالية:
" تحاولين تخليص نفسك ؟ أستمري في سعيك للتملص منه".
منتدى ليلاس
تحولت غايل عنها لفرط أشمئزازها , وكان موعد رجوع الممرضة من غدائها قد أقترب , فلم تضيع غايل لحظة بعد رجوعها , ولما أغلقت غايل الباب وراءها , سمعت موراغ تصيح:
" مرحبا أيتها السجانة رقم أثنين , ألا تفارقيني لحظة؟ لكنني أراهن على أبتعادكم جميعا عني..... فقط , أصبروا لتروا".

أندفعت غايل نحو المطبخ وحدقت السيدة بيرشن بما جرى فأكدت لها الأخيرة:
" لا يمكنها الهروب , فالسيد مكنيل طلب من سينكلاير الأحتفاظ بالسيارة في منزله حاليا لآن الآنسة موراغ تعرف كيف تديرها بدون مفتاح وبما أن السيارة الأخرى الباقية هي سيارتك , لا يمكنها الهرب ما دمت أبقيت المفتاح معك".

ردت غايل بعبوس:
" لن ألقيه جانبا , لكنها ذهبت من دون أن تملك سيارة في السابق".
" كانت تملك المال الكافي لدفع أجرة التاكسي أو القطار , وقد تأكد والدها أنها لا تملك مالا , لقد أحرجته كثيرا هذا الصباح عندما خرجت بالصغيرين الى المدرسة , لكنه أكد أنه لن يعطيها درهما واحدا".
تنهدت غايل:
" يا لها من فتاة سخيفة , ألن تتعلم أبدا؟".


اماريج 30-07-10 10:52 PM

" كلا يا سيدة مكنيل , أنها لن تتعلم لأن لا عقل لها يساعدها على الفهم والأدراك".
وضربت السيدة بيرشن جبهتها بيدها:
" كم كان مشؤوما اليوم الذي ولدت فيه موراغ السوداء..... لا تجفلي يا سيدة مكنيل , فهذا هو الأسم الذي يطلقه عليها أهل القرية".

وقذفت بالمنشفة فوق الطاولة :
" لقد كان يوما مشؤوما على السيد الذي أفتخر كثيرا بالطفلة , أيه! لقد كان شابا لا يحسن الأدراك , وأنني أذكر ألتماع الفرح والذهول في عينيه , أرجو أن تفهمي قصدي , لقد بدا كمن شهد معجزة في حين كان شابا لين العريكة ذا قلب كبير , كبير........".
وسكتت لتسترجع بعض الذكريات , فساد الصمت دقيقة أو دقيقتين.

" والآن أتساءل أحيانا أذا كان لا يزال عنده قلب بعد كل ما جرى له على يدي موراغ السوداء وأمها , لا يجب أن أتفوه بهذه الأقوال أمامك , ألا أن الحماسة أخذت مني كل مأخذ , فقد قلت سابقا أنني لن أمنعها من الخروج , ولو كان الخيار خياري , وأذا حدث أن آذت أحدا ,فأن الخطأ سيكون خطأها وحدها وستتحمل نتائجه".

" لا يمكن أن تذهب يا سيدة بيرشن , بل يجب مراقبتها بحرص شديد من أجلها فقط , وأني قلقة من تلك الأحتياطات الممكنة التي أتخذها زوجي".
منتدى ليلاس
" أليست الممرضة معها؟".
أطرقت غايل:
" أنها معها الآن , لكن عملها ينتهي عند الساعة السادسة".
" سيكون كل شيء على ما يرام , فنحن نكون هنا جميعا عند المساء , ولا يمكن لموراغ أن تذهب خلال الليل , وعلاوة على ذلك , فهي لا تملك وسيلة نقل أو مالا , ولا يمكن لأحد أن يسافر بدون دفع الأجرة".

قالت السيدة بيرشن ذلك وهي تبتسم لغايل مطمئنة , غير أنها زادت :
" ربما كان عليك أن تضعي سيارتك في الكاراج بدل أيقافها عند البوابة , فلعلها تملك مفتاحا يلائمها".
" سأضع السيارة بعيدا عندما أنتهي من أستعمالها".

عندئذ تجاوزت غايل قصة موراغ وتهديداتها بالهرب لأن الفتاة لن تستطيع الأبتعاد كثيرا من دون وسيلة نقل أو مال على حد قول السيدة بيرشن.
لكن أحدا منهم لم يفكر بأن موراغ قد تحصل على مساعدة من الخارج.... وأعلنت السيدة بيرشن بحزن بعد أكتشاف أمر فرار الفتاة في الصباح التالي:
" لا بد أنها رتبت كل شيء بواسطة الهاتف , وأحسب أنني سمعت أحدا يقفل باب سيارة في الليل , ولما نهضت , لم أر أثرا للضوء , لذلك أظنهم قد فروا بدون أن يديروا المحرك , فالطريق المؤدية الى الساحة الأمامية الى الطريق العام شديدة الأنحدار".

" سأتصل بزوجي....., سينكلاير , كنت أبحث عنك ,هلا تفضلت بأيصال روبي وشنا الى المدرسة؟"
.حانت منه ألتفاتة عطف نحوها , ثم حول عينيه الى مدبرة المنزل التي نمّ وجهها المتحجر عن غضبها.
" طبعا يا سيدة مكنيل".
ثم سأل غايل:
"هل هما جاهزان ؟".

" انهما في السيارة , وأنني أشكرك كثيرا , كما آمل ألا يزعجك ذلك".
" أن هذا لا يزعجني على الأطلاق , هل يمكنني عمل شيء آخر؟".
" ربما , لكنني سأبحث الأمر لاحق".
كان آندرو قد أعطى غايل رقمي هاتف , أحدهما للفندق الذي ينزل فيه ,والآخر للمصنع حيث يقضي نهاره , وتلقت الجواب نفسه من المكانين :
" ليس هناك".
منتدى ليلاس
فقالت للسيدة بيرشن:
" سأتصل به لاحقا".
ألا أن غايل لم تستطع أن تستريح , فصعدت الى غرفة موراغ لتنقب فيها بدون أن تدري عما تبحث.
وعثرت غايل فوق مسند الكنبة الموضوع بجانب جهاز الهاتف على كتابات خطّت بتكاسل أثناء حديث موراغ بالهاتف , فقلبت الصفحة بشرود , وأكتشفت كتابات أخرى..... عنوان هذه المرة.... فكشرت غايل , أنه عنوان في أسكوتلندا.... وأعلمتها السيدة بيرشن:
" أنه عنوان عزبة السيد مكنيل في منطقة روس وكرومانزي حيث يذهب لصيد الغزلان الحمر".

أزدد تجهم غايل:
" لن تكون هناك".
" بالطبع لن تكون".
ترددت غايل قليلا وهي تحاول تصور الظروف التي كتب فيها هذا العنوان:
" لقد كانت تتحدث بالهاتف عندما دونت العنوان.... وهو مكتوب مثل كل الأشياء التي دونتها بشرود , هل يوجد موظفون في مسكن الصيد؟".


اماريج 30-07-10 10:53 PM

" فقط عندما يكون السيد هناك , فهو يوظف زوجين متقدمين في السن يعيشان على مقربة من المكان الذي يعتنيان به أثناء غيابه , وينتقلان اليه في حضوره , فهو لا يزور العزبة الا للصيد , الأمر الذي يحول دون توظيف العمال , ومعروف أن كل عمال العزبة يعيشون في منازلهم , كذلك وكيلها".
"لا أحد هناك........".
" كم تبعد عن هذه العزبة يا سيدة بيرشن؟".

رفعت مدبرة المنزل عينيها:
" هل ستزورينها؟".
" أجل , سأذهب , هناك دافع يحفزني للذهاب".
" لن تذهب الآنسة موراغ الى مثل هذا المكان الموحش , أما من حيث المسافة , فيتعذر قيادة السيارة اليها لبعدها".
" حيثما توجد الطرق , يمكن للأنسان أن يقود سيارته".

وبعد محاولة أخرى فاشلة للأتصال بزوجها , قررت أن تتصرف بسرعة , ولم تثنها كل المناقشات والنصائح وحتى تحذير سينكلاير الشديد بخطر هبوب عاصفة وشيكة عن عزمها , فلقنت مدبرة المنزل التعليمات الخاصةبالأولاد

كما تلقت وعدا من سينكلاير بالخروج بالصغيرين الى المدرسة ومنها ,والأستمرار في محاولات أتصاله بآندرو حتى يبلغه الخبر , ثم أنطلقت وقد تبددت الغيوم في السماء ,
التي أزدادت أسودادا وتهديدا مع كل ميل قطعته الى أن بدأ الثلج بالتراكم على زجاج السيارة الأمامي في موعد تناول الشاي , الأمر الذي أضطرها للخروج من وقت الى آخر بقصد تنظيف واجهتها
فأبتلت ملابسها وألتصقت بجسمها فيما تحركت السيارة ببطء وغشي بصر غايل بسبب دوران قطع الثلج الرقيقة في دائرة النور المنبعثة من أضواء السيارة الأمامية.

لكن قيادة السيارة أزدادت صعوبة , وأجبرت غايل على السير ببطء أشد , هل جسرت على التوقف وتأمل الخريطة وهل المسافة الباقية أمامها طويلة؟ وهل صور لها خيالها أن الثلج تحول بردا , أم أن ذلك حدث فعلا؟ أجل , هذا هو قد تحول بردا , وأنشرح قلب غايل لهذه الحقيقة ,فتوقفت وأشعلت النور الداخلي لتلقي نظرة على الخريطة , لم تكن المسافة أمامها طويلة...

وكانت الرحلة طويلة ومضنية , ولما وصلت غايل الى البحيرة , وتطلعت الى النوافذ كانت خيوط الفجر الأولى قد لاحت فوق الجبال , لا أثر لحياة هنا , هل تكلفت عناء الرحلة في مقابل لا شيء؟ وكيف يمكنها الرجوع أذا تحول البرد المتساقط ثلجا مرة أخرى ؟ فلن يعود بالأمكان عبور الشوارع ساعتئذ , وهل سيثير تصرفها العفوي آندرو؟

توقفت السيارة , وترجلت غايل منها , فلاحظت بروز جهاز تخفيف الصدمات في سيارة أخرى متوقفة عند زاوية المبنى , فأتجهت نحوها لتكتشف سيارة قديمة فيها صدمات كثيرة ,وقد وقاها الثلج وتساقطه غطاء سميك من القماش , وقد وقفت على مقربة منها سيارة أخرى غطاها الثلج , لكنها أوحت في أنها لم تكن في حال أفضل من الأولى.
منتدى ليلاس
ودارت غايل حول البناية حتى وجدت الباب الخلفي , ولشد ما دهشت أذ نفتح لمجرد لمسها له , فدخلت للمرة الأولى بيتا آخر يملكه زوجها , يا له من مكان بارد ومهجور ولكن, عندما فتحت باب غرفة الجلوس , أدركت فورا أن أحدا يسكن فيه , فلمحت رمادا أنطفأت ناره قبل قليل في الموقد , وحاكيا وقناني وأكوابا وأذرعة كراس .... على الطاولة , وأسطوانات موضوعة فوق الكراسي وعلى الأرض, كما لفت السجادة عند أحد أطراف الغرفة...

" بحق الشيطان ,من أنت؟".
وأشعل النور بعصبية , فأستدارت غايل وقد خفق قلبها رهبة
وصاحت غاضبة:
" لقد أجفلتني , في حين علي أنا أن أسألك من تكون".
أرتدى الشاب ثوبا فضفاضا ,وبدا كأنه سهر الليل بطوله وتأملت عيناه ملابس غايل المبتلة , قبل أن تستقرا على وجها.

" أسمي باول , قولي من تكونين , وكيف دخلت الى هنا؟ قال ديف , أن فتاة أخرى ستحضر .... ولكن , لا , فسنك كبيرة جدا".
" اين هي أبنة زوجي؟".
تلعثم زاعقا:
" أنت.... أنت زو .... زوجة والد موراغ؟ ولكن, كيف عرفت أنها هنا؟ فهي قد أقسمت أنها لم تخبر أحدا , وألا لما حضرنا".

شحب وجهه , فيما أنقطع عن الحديث , ثم أستأنف أسئلته:
" ووالدها؟ هل هو هنا أيضا؟".
"لن يمر وقت طويل قبل أن يصل".


اماريج 30-07-10 10:54 PM

لم يؤنبها ضميرها على كذبها , لكنها لم تزد على ما قالته , بل عادت تستفسر عن مكان موراغ:
"في السرير.... أين تحسبينها توجد في هذا الوقت المبكر من الصباح؟ أنا نفسي كنت سأغرق في نوم عميق لولا ألم رأسي , لقد نزلت الى هنا حتى أشرب , لكنني , لن أبقى , فسأخرج من هذا المنزل قبل وصول والد موراغ , أن موراغ في حجرة النوم الواقعة عند أسفل السلم , وهي قد أفسدت علينا الحفلة الماضية لأنها مرضت , فتوجب على كارول أن تدخلها السرير عند الثامنة , ولم نرها منذ ذلك الوقت.....".

" لم..... تروها؟ ألم يزرها أحد..... لاحقا؟".
" كنا نحيي حفلة .... ونسيناها".
" هل نسيتم أن هناك شخصا مريضا ينام في السرير؟".

لم تستطع فهم موقفهم , لكنها لم تضيع مزيدا من الوقت , ودخلت غرفة موراغ بعد ثوان قليلة , فتزايد خوفها لما رأت شفتيها المزرقتين وصدرها الخافق بجهد , فنطقت موراغ بصعوبة:
" أنت...؟ كيف وصلت الى هنا؟".
وقبل أن تتمكن غايل من الرد أستغاثت موراغ:
" جرعة ماء بحق السماء , أحضري لي جرعة ماء من فضلك".

ولما خرجت غايل من غرفة النوم , سمعت جلبة وحديثا في غرفة أخرى تقع في طرف الممر.
" .... لا أصدقك".
" قالت المرأة أنه لن يمر وقت طويل قبل أن يصل , أستمتعوا أذا كنتم تريدون البقاء , أما أنا فخارج الآن".

لم تسمع غايل أكثر من ذلك لأنها بلغت أسفل السلم عند هذا الحد , وبينما جلست غايل فوق السرير بعد قليل تدني الكوب من شفتي موراغ , سمعت خطوات تتجاوز باب الغرفة
وصوتا ينادي :
" وداعا يا موراغ".
ثم أنطلقت السيارتان بعيدا , فأنسحق الثلج المتجمد تحت النافذة بجلبة , وبعد أن ألقت غايل موراغ برفق على السرير ثانية , أبلغتها:
" علي أن أتركك بضع دقائق لأجراء بعض المكالمات الهاتفية , وسأحاول ألا أحداث أي ضجة".

زود سينكلاير غايل برقم الهاتف الخاص بوكيل آندرو المسمى باركلي وأعطاها أيضا رقم هاتف الطبيب , وحضر الوكيل بعد نصف ساعة من مكالمتها فرأت رجلا طويلا متجعد الوجه في عقده الخامس من العمر , وقد أصغى برصانة الى ما قالته غايل , فكان يهز برأسه أحيانا أما غضبا وأما أشمئزازا.
منتدى ليلاس
" تحتم على السيد مكنيل أن يرتب أمرا ما , لكنها لم تحضر أصدقاءها الى هنا من قبل".
وعلمت غايل فورا أن السبب هو عدم توافر مال كاف لدى أي من الشبان , وزادت موراغ بالرغم من طلب غايل اليها أن تصمت وتستريح:
" لقد أحضروا جميعا الأطعمة كلها من منازلهم , وأغرت بنفسي على مستودعنا المبرد , أما من حيث الأشربة , فوالدي يحتفظ بالكثير منها هنا بسبب حفلات الصيد علما بأنه لا يشرب كثيرا".

" لا تتكلمي , هل الألم شديد؟".
" للغاية , آمل أن يحضر الطبيب علاجه معه".
وأنقطعت عن الكلام لتتنفس بصعوبة .
" لقد ذهبوا جميعا بدون أن يحضروا لوداعي , كم أتمنى لو أنني لم أدعهم وعندما أفكر أنني سمحت لهم بالصيد.....".
" الصيد؟ ماذا أصطادوا؟".

" الغزلان .... الحقيقة أن الشبان الثلاثة حملوا البندقية لهذا الغرض , لكنهم لم يثبتوا مهارتهم , فقد أصاب دايف غزالة غير أنها هربت قبل أن يتمكن من قتلها".
" هل تقصدين ..... أنها مصابة و.... وأنها هائمة في هذا الطقس الردىء؟".
" لا بد أن تموت آخر الأمر لأنها لن تحصل على الطعام أذا كانت أصابتها بالغة".


اماريج 30-07-10 10:55 PM

وأستطاعت موراغ أن تطلق ضحكة ساخرة من تعبير غايل:
" يا لله كم أنت رقيقة , أنها مجرد حيوان".
نهضت غايل , وغادرت الغرفة لتلتقي بباركلي في القاعة وهو مكب على تفحص بندقية عثر عليها عند المدخل الرئيسي ,وأبلغته بالنبأ عندما هم بأعلامها أن البندقية أستعملت قبل قليل.
" غزال جريح؟ سأستدعي روبرتسون على الفور , أنه رئيس صيادي السيد مكنيل هنا".
منتدى ليلاس
جلست غايل قرب النار مسترخية , وتأملت ألسنة اللهب بجسم وعقل مخدرين , فكانت تنحني بين حين وآخر لتلقي من قطع الحطب فوق النار , فيما آلمتها عيناها لحرمانهما من النوم , وكان الفجر قد بدأ يبزغ عندما أتجهت الى النافذة من جديد لتدفع الستائر المخملية السميكة جانبا , عالم أبيض مخيف , زوجها والصياد في الخارج يحاولان قتل الغزالة المسكينة لتخليصها من شقائها , وقد كانت شقية فعلا , أذ على روبرتسون أنها شوهدت تجر رجلها المصابة وتطلق صيحات مرعبة لشدة جوعها وألمها.

وأعادت غايل شد الستائر الى بعضها , ثم رجعت الى مقعدها قرب النار وهي غرقة في تفكير عميق حتى لا يغمض لها جفن.
لقد وقعت أحداث كثيرة في وقت قصير بدءا من الرحلة المرهقة للأعصاب في سيارة الأسعاف التي تزحلقت فوق الزقاق الضيق المتعرج وأنحرفت بين جنباته , ثم أرتياح غايل لدى بلوغهم الطريق العام حيث أسرعت السيارة بعض الشيء.
ألا أن كل ذلك ذهب سدى أذ ماتت موراغ بعد عشرين دقيقة من دخولها المستشفى , وأقترب الطبيب من غايل في غرفة الأنتظار الباردة والمعتمة... وعاشت كابوسا أثناء رحلة العودة الى المنزل....
وأنتابها الحزن والتعب , ولن تنسى غايل هذه الليلة ما عاشت , وأعلمت فور عودتها أن آندرو وصل قبل دقائق وقرر الخروج مع روبرتسون للبحث عن الغزالة , أذ أعلمه باركلي بوفاة موراغ , فأدرك أن زيارته للمستشفى لن تجديه نفعا.

وقضى الرجلان الليل بطوله في الخارج , وتحول البرد ثلجا من جديد كما توقعت عايل , لكن الثلج توقف عن السقوط بعد عودة غايل من المستشفى , وأنار السماء الصافية قمر صغير , ومعروف أن مثل هذا الطقس ينذر بحدوث جليد قاس , لذلك أرتجفت غايل خوفا وبردا كلما أبتعدت عن النار قاصدة النافذة , آندرو في الخارج يطارد الغزالة زحفا على بطنه بقصد الأقتراب منها أكثر فأكثر حتى يتمكن من أصابة رأسها أو عنقها .

كم سيمضيان في الخارج؟ أنهما لن يعودا ألا أذا أهلكا الغزالة التعسة , ولن تقبل غايل ألا بذلك..... لكن خوفها على آندرو عظيم وعظيم جدا الى حد أنه آلمها , وليس من الجائز أن يصاب بألتهاب في رئتيه؟ أو بمرض أخطر من ذلك؟".
ووقفت ثانية وهي تفرك يديها , ثم أرتمت على كرسيها بعد دقيقة .

تحرك شخص في المطبخ , لقد بدأت السيدة أيرفن وزوجها بالعمل لأشعال النيران وتسخين المرجل وأعداد الفطور.

السيد والسيدة أيرفن هما الزوجان اللذان وظفهما آندرو لرعاية شؤون منزله , ولما عادت غايل من المستشفى وجدتهما في المنزل أذ أرسل باركلي في أثرهما , وكانا قد رتبا غرفة الجلوس , وأشعلا فيها النار , وتغير شكل الغرفة كليا أثناء غياب موراغ , وأضرمت النيران في غرف النوم , وأعلنت المرأة بكل القسوة التي ورثتها عن أجدادها الأسكوتلنديين :
" أذهبي الى سريرك , فأنت شاحبة , لقد سمعت أنك قدت السيارة خلال الليل , ثم قضيت ساعات طوالا مع موراغ تنتظرين سيارة الأسعاف".

وتفحصت السيدة ايرفن غايل طويلا وأضافت:
" نظفت الفراش وعرضته للهواء , وأضرمت نارا في مدفأة الحجرة , وأنني ذاهبة لترتيب السرير حتى أدعوك حين أنتهي من ذلك".
" سأنتظر عودة زوجي........".
صاحت السيدة ايرفن بعناد:
" لماذا تنتظرينه؟ فأنا واثقة أنه لن يعود الليلة ".

" لن أنام وهو في الخارج , فأنا..... أنا أريد أنتظاره حتى أرى أذا كان بخير".
" بخير؟ طبعا أنه بخير , أما أنت , فأصعدي عندما أناديك , وكفي عن هذا الهراء".

لم ترغب غايل بمزيد من المناقشة , فأسرعت بأرتقاء السلم متظاهرة بالخضوع لرغبة السيدة العجوز الى أن غادرت غرفتها , ولما سمعت غايل الزوجين يأويان الى فراشهما بعد نصف ساعة , أنسلت الى غرفة الجلوس حيث كانت تجلس.
منتدى ليلاس
وأمكنها سماع خطوات السيدة أيرفن وهي تجتاز الممر وتفتح باب القاعة وهي تحمل بيدها سطلا ومسحة , فحملقت في غايل المرتدية ملابسها الكاملة والجالسة قرب نار شبه هامدة قبل أن تصرخ:
" ماذا....؟ سيدة مكنيل! أنك لم تذهبي الى السرير".
" بكل أسف , كلا , فأنا لن أذوق طعم النوم ما دام زوجي في خطر , آه يا سيدة ايرفن , ماذا يمكن أن يكون قد حدث لهما ؟ هل تظنين أنهما وقعا في البحيرة؟".

" سقطا..........؟ ما الذي يدفعهما للوقوع في البحيرة؟".
" أذا كانت البحيرة مغطاة بالثلج والجليد , هما لن يرياها.......".
سكتت لتتفحص ما حولها أذ خيل لها أنها رأت شبحا , ووقف آندرو في الباب عابسا وقد أبتلت ملابسه حتى جلده , وأتسخت بالوحل , كما علقت بها وبشعره نباتات خضراء كريهة الرائحة , وتقدمت منه غايل بخطوات متعثرة وقد علت الزرقة جرحها فيما أمتقع لون جلدها.
" آندرو ... أنك بخير ! أجل , أنك بخير".


اماريج 30-07-10 10:57 PM

وتداعت رجلاها , ألا أن آندرو أمسك بها قبل أن تهوي.
" يا حبيبتي........".
وأسندها برفق على الأريكة فيما أبتسمت له أبتسامة ضعيفة.
" أنك بخير يا حبيبتي , فلماذا لا تأوي الى الفراش؟".

تثاقلت جفونها , فأغمضتها , وحاولت النطق , لكن أعصابها خانتها , فأكتفت بهز رأسها بوهن , وهنا أخبرته السيدة ايرفن بما حدث:
" طمأنتها أنك بخير يا سيدي , وطلبت اليها أن تأوي الى الفراش.... فهي لم تدخل السرير لليلتين متتاليتين , لكنها صممت ألا تنام ما دمت أنت في الخارج .... وبدا أنها شعرت أنك في بعض الخطر".

وتنهدت غايل بعد أن ألقاها زوجها فوق المساند:
" آندرو.... دعو.... دعوتني.............".
تحول آندرو نحو السيدة التي أستعدت لمغادرتما:
" سيدة أيرفن , هل السرير جاهز؟".
" سأدفئه ثانية يا سيدي وأشعل النار".
" أشكرك , أسرعي قدر الأمكان , فأنا لا أريد أن تنام السيدة مكنيل هنا".
" لا أريد العودة الى غرفة النوم".

وحاولت غايل النهوض , ألا أنها منعت , ولما أغلق الباب خلف السيدة ايرفن , قالت بثبات:
"لن أذهب".
فكشر آندرو :
" لن تذهبي؟ لماذا؟".
" أنت قلت لي يا حبيبتي......".
منتدى ليلاس
فأبتسم مستفسرا:
" هل هذا مبرر لعدم ذهابك الى السرير؟".
أحمرت خجلا وقد فطنت لحماقتها فيما واصل آندرو تحديقه اليها بمرح ساخر , وتمكنت في نهاية المطاف من القول:
" أنك مبتل ,وعليك أن تستحم وتغير ملابسك".
وأغمضت جفونها بدون أن تقوى على الأستيقاظ , فصرخ بها :
" غايل , لا تنامي هنا".

غير أن النوم غلبها , فتركها زوجها على الأريكة بعد أن دثرها ببساط وشد الستائر الى بعضها بحيث غرقت الغرفة في ظلمة شبه كاملة لولا وهج النار المتأججة في الموقد.

أستيقظت غايل وقد أنتعشت قليلا بالرغم من تعبها ,ولم تنطفىء النار لأن أحدهم أهتم بأضرامه , لكن مصدر الدفء الذي أحاط بغايل كان مختلفا , أن آندرو يحبها ..... وبرزت السيدة أيرفن بعينيها الحادتين الباحثتين من وسط القاعة الساكنة:
" وأخيرا أستيقظت يا سيدة مكنيل , هل تشعرين بتحسن بعد أن نمت؟".
" زوجي .... هل هو بخير؟".

" هل هو بخير؟ طبعا أنه بخير , لقد نام مثلك , لكنه أستيقظ , وقد سمعته منذ بضع دقائق يتنحنح , والآن , هل ترغبين بفنجان شاي ساخن؟".
" بعد قليل , فأنا أريد أن أستحم أولا".

وضعت غايل بعض الملابس الداخلية وثياب النوم في حقيبة صغيرة , غير أن السيدة بيرشن أصرت على أدخال ثوبين في الحقيبة , وقد أمتنت غايل لها صنيعها خصوصا بعد أرتدائها ثوبها هذا ما يزيد عن ثمان وأربعين ساعة.
وطرحت اسدة ايرفن قطعة خشب كبيرة في النار , ثم أستدارت نحو غايل قائلة:
" أذهبي وأستحمي الآن فيما أعد لكما أبريقا من الشاي , صحيح أنني أطهي العشاء , لكنكما لن ترغبا به الآن وقد نهضتما من النوم مباشرة".

سألتها غايل بفضول:
"كم الساعة الآن؟".
" قرابة السابعة , لقد نمت أنت والسيد طوال النهار".
ولما نزلت غايل نشيطة بعد أن أستحمت وبدلت ملابسها , وقف آندرو وهو يدير ظهره للنار ويرتدي ثوبا فضفاضا , وقد بدا في تمام العافية نظيفا هادئا لا أثر عليه من جهاده في الليلة الماضية عبر الأراضي المكسوة بالجليد , ألا أن فكره مشغول بمأساة موراغ التي لم تغب عن ذهنه في الواقع , غير أن غايل بادرت الى الحديث بحزن وأسى عميقين:
" موراغ.... لم يكن بوسعي أن أعمل أكثر مما عملت يا آندرو , فقد تأخرت بالوصول , ولم تستطع سيارة الأسعاف التي حضرت الى هنا متأخرة أن تسرع , ألا عندما خلفنا الطريق الضيق ودخلنا الطريق العام , فليرحمها الله يا آندرو".

ولف الصمت الغرفة الى أن تكلم آندرو بلهجة جامدة مخالفة للهجة غايل:
" أعرف أنك فعلت كل ما في وسعك يا عزيزتي , وأنني أشكرك".
وألتقت عيناه بعينيها , فلمحت فيهما أشراقة حب وحنو مفاجئين .
" كنت رائعة , وقد سمعت القصة بكاملها من سينكلاير وباركلي والسيدة ايرفن".

وسكتت ثانية فيما خفضت رأسها لتخفي وجهها المحمر نتيجة ثنائه , ثم أستأنف حديثه باللهجة الخالية من العاطفة عينها:
" يجب أنجاز بعض الأمور المتعلقة بموراغ , وبعد الأنتهاء منها , علينا ألا نعود الى الحديث عنها أبدا , هل تفهمين يا غايل؟ لا أريد ذكر أسمها مرة أخرى".

بلعت ريقها ,وعلت وجهها مسحة معبرة عن الألم , ألا أنها أطرقت وقالت بصوت لا يكاد يسمع:
"أجل , لقد فهمت يا آندرو".
" أحسبك فهمت , بل أنت تفهمين كل شيء".

أرجعت رأسها الى الوراء فيما بدا واثقا تمام الثقة أن موراغ ليست أبنته , وأتضح أنه أقتنع بأن غايل عرفت الحقيقة.
ورفع كل منهما عينيه عندما دخلت السيدة ايرفن وهي تحمي صينية الشاي لتضعها على طاولة قرب النار , ثم سألت:
" هل تريدان الطعام الآن يا سيدي ؟ فأنا أطهي العشاء في الفرن".

" الأرجح أننا سنتعشى فيما بعد".
وألتفت الى غايل:
" هل أنت جائعة الآن؟".
هزت رأسها نفيا:
" لا أستطيع تناول شيء الآن".

ولما ذهبت السيدة ايرفن وبدآ بتناول الشاي , تكلم آندرو الى غايل بمودة أعظم من أي وقت مضى , لقد أخذ يشك بأن موراغ ليست أبنته منذ وقت مبكر , لكنه حاول أن يتناسى الأمر ويمنحها محبة الأب ورعايته عندما تركهما وحدهما , أما من ناحية زوجته , فصحيح أنه أستردها , لكنه لم يقدر أن يصفح عنها.

" هل رغبت ببداية جديدة كليا؟".
أسترجعت غايل قول شقيقتها أن آندرو رجل طيب , وأنه يعتبر الزواج رابطة أبدية , ير أن آندرو هز رأسه ببعض الحزن.
" حاولت يا غايل , لكن , كان من المستحيل أن أنسى , ولكي يتمكن الأنسان أن يصفح , عليه أن ينسى ما قاساه ,ونشأة موراغ وشخصيتها لم يساعداني على النسيان , بل جعلاني أؤمن أنها مشكلتي مدى الحياة ".

وبعد صمت قصير قال بشيء من الأرتباك:
" يا حبيبتي".
" لقد أخبرتني كل شيء , والآن أصبح من واجبي أن أطلعك على بعض الأمور".
منتدى ليلاس
ضغطت يديها على بعضهما بأحكام وكأن تصرف آندرو أعطاها القوة والشجاعة لتستمر بالحديث وتطلعه على قصة مايكل والحادث والجراح , وأخبرته أن مايكل قد تسبب بالحادث عن طريق أفراطه في الشرب , ولم تعلن الأمر الأهم والأصعب ألا عند نهاية الحديث:
" أن السبب الحقيقي لفسخه خطوبتنا هو .... هو أصابتي بجروح داخلية......".

وأعقب حديثها فترة صمت شديد أستدارت خلالها غايل لتواجه زوجها بعينيها الجميلتين الواسعتين وقد أشرق فيهما الخوف.
" آندرو ,هل تؤثر عدم قدرتنا على أنجاب أولاد آخرين عليك في شيء؟".
ثم أخبرته بعزمها على دخول المستشفى لمعالجة الجراح , فأعترض:
" لا يمكنني تحمل بعادك يا حبيبتي , ومن جهة الأولاد , فنحن عندنا منهم ما يكفينا".

فقاطعته:
" شكرا يا حبيبي , لكن لن أغيب طويلا يا آندرو , فأنا لا أريد أن أبعد عنك وعن الأولاد , ولكن سعادتي تعظم بأزالة الجرح".
" فليكن ما تريدين يا حبيبتي , وأعلمي أنني أمقت كل لحظة تغيبين فيها عني".

النهاية

اماريج 30-07-10 11:01 PM

تمت والحمدلله
قراءة ممتعة للجميع يارب انو النهاية تكون نالت رضاكم ياحلوين
:lol:
لكم ودي

http://www.iraqnaa.com/ico/image/056.gif

زهورحسين 31-07-10 01:24 PM

شكرايااحلى اماريج على احلى روايه*****ذوقك روعه****وانت اروع****بانتظار جديدك*****:flowers2::flowers2::flowers2:

اماريج 01-08-10 08:32 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زهورحسين (المشاركة 2400005)
شكرايااحلى اماريج على احلى روايه*****ذوقك روعه****وانت اروع****بانتظار جديدك*****:flowers2::flowers2::flowers2:

زهور العفوووووووو حبيبتي منورة ياعسل
سعدت بمرورك حبيبتي وبتعليقك الحلو يلي زي العسل
:flowers2:
ربي ماانحرم لا من طلتكم ولامن محبتكم
لك ودي
http://www.iraqnaa.com/ico/image2/f/n/ros143.gif

♥°°♥ملاك الحب♥°°♥ 01-08-10 10:28 PM

روووووووووووووعه
الله يحفظك ويعطيكي العافيه يارب

الجبل الاخضر 02-08-10 12:08 PM

[COLOR="Plum"]:55:[/COLOR]تسلمين الروايه مررررررررررررررره روعه واختيارك ممتاز وننتظر جديدك

اماريج 04-08-10 05:02 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ♥°°♥ملاك الحب♥°°♥ (المشاركة 2401922)
روووووووووووووعه
الله يحفظك ويعطيكي العافيه يارب

الله يعافيك يارب ياملاكي
وشاكرة لك مرورك حبيبتي منورة ياحلوة
لك ودي

اماريج 04-08-10 05:03 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الجبل الاخضر (المشاركة 2402357)
[COLOR="Plum"]:55:[/COLOR]تسلمين الروايه مررررررررررررررره روعه واختيارك ممتاز وننتظر جديدك

ياهلا وغلا ياخضرة منورة ياعسل
والله يسلمك ياعمري والاروع مرورك وتعليقك الرائع
لك ودي

نجمة33 08-08-10 01:14 AM

تسلمين الروايه روعه واختيارك ممتاز وننتظر جديدك

اماريج 10-08-10 01:59 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نجمة33 (المشاركة 2408002)
تسلمين الروايه روعه واختيارك ممتاز وننتظر جديدك

الله يسلمك ياقلبي نورت الرواية فيك ياعسل
لك ودي

rosi 15-08-10 05:34 AM

روعة مرسي خالص على المجهود الرائع لاختيار هذه الروايات الرائعة يعطيك العافية وننتظر دوما جديدك

اماريج 07-09-10 09:17 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة rosi (المشاركة 2413884)
روعة مرسي خالص على المجهود الرائع لاختيار هذه الروايات الرائعة يعطيك العافية وننتظر دوما جديدك


االاروع ياحلوة مرورك وتعليقك الحلو
وتسلمي كلك ذوق
دمتي بود

بنوتهـ عسل 01-10-10 03:23 PM

ذوقك رووووووعه ،،

رواية حلوة كثييير مثلك ،،

يعطيك العافية ياعسل ،،

:flowers2:

اماريج 02-10-10 07:32 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بنوتهـ عسل (المشاركة 2464007)
ذوقك رووووووعه ،،

رواية حلوة كثييير مثلك ،،

يعطيك العافية ياعسل ،،

:flowers2:


الله يعافيك حبيبتي وشاكرة لك مرورك يالغلا
وتعليقك الحلو ياحلوة نورت الرواية فيك تحيااااااااتي لك
:flowers2:

ليلى3 03-10-10 01:03 AM

يعطيك العافية اماريج والف شكر

asoma 03-10-10 02:32 PM

شكرا كتير عل الروايات دائما روايتك من أحلى الروايات

اماريج 10-10-10 10:53 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ليلى3 (المشاركة 2466168)
يعطيك العافية اماريج والف شكر


الله يعافيك يارب
ومرورك ياليلى دوما بسعدني حبيبتي والعفوووووو ياغاليتي منورة والله
دمت بمحبة:flowers2:


اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة asoma (المشاركة 2466858)
شكرا كتير عل الروايات دائما روايتك من أحلى الروايات


العفوووو ياحلوة
وانا يلي بشكرك لمرورك وتواجدك فيها ياعسل وكلامك اسعدني جداااااااا ربي يسعدك ويحفظك
دمت بمحبة:flowers2:

sara00 24-10-10 02:07 PM

مشكــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــورة

*Orchid 24-10-10 11:05 PM

مرررررررررررررسي استمتعت فيها
:8_4_134::flowers2::liilas:

شووقهـ 30-10-10 02:37 PM

يعطيك العافية اماريج

دائماا متميزة قمة في الروعة

مودتي لكِ

اماريج 31-10-10 04:48 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة sara00 (المشاركة 2495900)
مشكــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــورة


العفووووو يالغلا الرواية نورت فيك
ومشكورة على هالمرورالجميل :flowers2:


اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة *Orchid (المشاركة 2496580)
مرررررررررررررسي استمتعت فيها
:8_4_134::flowers2::liilas:


سعيدة كتيررررررر انه عجبتك ياعسل
والعفووو يالغلا الرواية نورت فيك ياحلوة:flowers2:


اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شووقهـ (المشاركة 2503651)
يعطيك العافية اماريج

دائماا متميزة قمة في الروعة

مودتي لكِ


الله يعافيك حبيبتي
وشاكرة لك مرورك وتواجدك فيها يالغلا
كلك ذوق حبيبتي دمت بود:flowers2:
:liilas:

قماري طيبة 02-01-11 08:07 PM

رواية رائعة جدا سلمت يداك عليها...بارك الله فيك ورحم الله والديك يعطيك الف عافية...موفقة باذن الله لك مني أجمل تحية...

سومه كاتمة الاسرار 03-01-11 04:38 AM

رووووووووووووعه اماريج تسلمين ياقمر:flowers2::flowers2::flowers2:

زهرة منسية 17-03-11 09:48 PM

تسلمى وتسلم اناملك الرقيقه حبيبتى أماريج دايمن بتمتعينا بذوقك الراقى فعلآ الروايه رووووووووووووووووووووعه:0041::0041::0041::0041::0041::Thanx: :98yyyy::000:

اماريج 18-03-11 09:26 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قماري طيبة (المشاركة 2586297)
رواية رائعة جدا سلمت يداك عليها...بارك الله فيك ورحم الله والديك يعطيك الف عافية...موفقة باذن الله لك مني أجمل تحية...


الاروع هو طلتك الحلوة ياعسل والله يسلمك ياحياتي الرواية منورة فيك ياقلبي :flowers2:
:liilas:
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سومه كاتمة الاسرار (المشاركة 2586655)
رووووووووووووعه اماريج تسلمين ياقمر:flowers2::flowers2::flowers2:

الاروع ياعسل هل تواجدك فيها والله يسلمك ياعزيزتي وثانكس على الوردات الحلوين منورة ياعمري:flowers2:
:liilas:
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة nona1979 (المشاركة 2675468)
تسلمى وتسلم اناملك الرقيقه حبيبتى أماريج دايمن بتمتعينا بذوقك الراقى فعلآ الروايه رووووووووووووووووووووعه:0041::0041::0041::0041::0041::Thanx: :98yyyy::000:



الله يسلمك حبيبتي والله طلتلك غالية وعزيزة على القلب وربي مااتحرم منها ابداااااااااا
وثانكس على الوردات الحلوين وعلى الصور الجميلة هههههه
وسعيدة كتيرررررررر انها نالت رضاك ياغالية منورة حبيبتي :flowers2:
:liilas:

ربي اسالك الجنة 20-03-11 03:47 AM

يسلمو الله يعطيكي العافية0

اماريج 22-03-11 01:01 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ربي اسالك الجنة (المشاركة 2678190)
يسلمو الله يعطيكي العافية0


الله يعافيك ويسلمك حبيبتي منورة ياحياتي:flowers2:
:liilas:

ندى ندى 23-03-11 04:42 AM

روووووووووووووووووووووووووووووعه

المتيمه 14-04-11 09:44 PM

شكرا حبيبتي والله يعطيك الصحه والعافيه^^

nounoucat 12-10-11 05:55 PM

merci beaucoup pour tes efforts

عذاب الماضي 17-03-13 12:21 PM

رد: 89_ جرح الغزالة _ ان هامبسون _ روايات عبير القديمة(كاملة)
 
روآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآية اكثر من رآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآئعة شكرآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآ:55:

جوهرة الدانة 18-03-13 06:40 PM

رد: 89_ جرح الغزالة _ ان هامبسون _ روايات عبير القديمة(كاملة)
 
اختيارك دائمارائع الروايوم اكثر من رائعة :8_4_134:

اماريج 22-03-13 07:43 PM

رد: 89_ جرح الغزالة _ ان هامبسون _ روايات عبير القديمة(كاملة)
 
الاروع طلتكم فيها ياعسولات
ويارب ماتحرم من هالطلة العطرة ابدااااا
ودي وحبي لكم
:8_4_134:

ام عبيده 30-03-13 03:59 AM

رد: 89_ جرح الغزالة _ ان هامبسون _ روايات عبير القديمة(كاملة)
 
انا اتشرف بالانضمام لكم ومن زمان بدخل اقرأ روايات عبير اللي تكتبوها بس ماكنت اعرف كيف اسجل وكانت امنيتي ارد واشكر واتكلم معاكم انا اقرأ روايات عبير م ايام المتوسطه ولحدهسه اماريج انتي خصوصا بدور ع اسمك لان اختياراتك حلوه

hayam o 16-05-15 05:34 AM

رد: 89_ جرح الغزالة _ ان هامبسون _ روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
كل الشكر والتقدير على الرواية الرائعة 😍

سهير سهير 31-05-15 12:32 AM

رد: 89_ جرح الغزالة _ ان هامبسون _ روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
يمكن الكلمه لطيفه ان تمهد الطريق والكلمه في وقتها ان تخفف التوتر والكلمه محبه ان تشفي وتبارك:lوالكلمه:liilas: تعبر عن اعجابنا والكلمه:shokrn:تعبر عن امتنانا والكلمه:0041::welcome3::coolll::nbnbc::331::103gi: كل هذه الكلمات ما هي سوا مساعده لنا عن التعبير ما يجول في خواطرنا وكذالك كرده فعل من قبلنا امل ان تنال اعجابكم

سهير سهير 31-05-15 01:13 AM

رد: 89_ جرح الغزالة _ ان هامبسون _ روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
:0041::0041::0041::0041::0041::0041::0041::0041::0041::0041: :0041::0041::0041::0041::0041::0041:كل هذا الشكر فقط الي اماريج لحسن تعاون

سهير سهير 31-05-15 01:42 AM

رد: 89_ جرح الغزالة _ ان هامبسون _ روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
عندما نقدم الشكر للمنتدي يعني لكل من يعمل بي المنتدي بكل صدق و امحبه وسعاده كل ذالك اكيد نابع من القلب لكن اقدم لكم اعتذار لعدم معرفتي مثل اسم اماريج او الباقي سواء اخت او اخ لنا في هذا المنتدي وبكل مصداقيه كلكم سواسيه لايوجد فرق لكم جزيل الاحترام
والرجاء المسامحه عند الخطاء بالتصنيف سواء ( لها او لك او لكم ) :8_4_134::liilas:

سهير سهير 31-05-15 01:46 AM

رد: 89_ جرح الغزالة _ ان هامبسون _ روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
عندما نقدم الشكر للمنتدي يعني لكل من يعمل بي المنتدي بكل صدق و محبه وسعاده كل ذالك اكيد نابع من القلب لكن اقدم لكم اعتذار لعدم معرفتي مثل اسم اماريج او الباقي سواء اخت او اخ لنا في هذا المنتدي وبكل مصداقيه كلكم سواسيه لايوجد فرق لكم جزيل الاحترام
والرجاء المسامحه عند الخطاء بالتصنيف سواء ( لها او لك او لكم )

شيماء علي 26-04-17 08:25 PM

رد: 89_ جرح الغزالة _ آن هامبسون _ روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
رواية من رواياتي المفضلة
كل مرة اقراها اغرق فيها على انها صغيرة وقصيرة
وفجاة ما احس الا وانا منتهية منها
😻😻
اندرو شخصية معقدة
يبان قاسي لكنه في الحقيقة رقيق وقلبه ابيض
كافي انه تحمل موراغووه سنين وهي ما هي بنته
😑😑

غايل تستاهل السعادة بعد اللي تعرضت له
خصوصا لما تركها مايكل النذل

اماريج اسمك على العديد والعديد من روايات القسم
غائبة حاضرة بتميز اختيارك
اتمنى لك التوفيق والسعادة وين ما كنتي


حنان محمد ابراهيم 22-05-17 03:04 PM

رد: 89_ جرح الغزالة _ آن هامبسون _ روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
الرواية جميلة جدا تسلم ايدك

paatee 06-10-17 02:34 AM

رد: 89_ جرح الغزالة _ آن هامبسون _ روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
يعطيكي العافيه تسلمي عيوني

ميناسا 24-10-17 11:35 PM

رد: 89_ جرح الغزالة _ آن هامبسون _ روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
شكرا و بارك الله فيكم

حنان محمد ابراهيم 13-02-19 08:40 PM

رد: 89_ جرح الغزالة _ آن هامبسون _ روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
رواية جميلة شكرا لمجهودك

zeze meme 17-08-19 01:59 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شيماء علي (المشاركة 3681655)
رواية من رواياتي المفضلة
كل مرة اقراها اغرق فيها على انها صغيرة وقصيرة
وفجاة ما احس الا وانا منتهية منها
😻😻
اندرو شخصية معقدة
يبان قاسي لكنه في الحقيقة رقيق وقلبه ابيض
كافي انه تحمل موراغووه سنين وهي ما هي بنته
😑😑

غايل تستاهل السعادة بعد اللي تعرضت له
خصوصا لما تركها مايكل النذل

اماريج اسمك على العديد والعديد من روايات القسم
غائبة حاضرة بتميز اختيارك
اتمنى لك التوفيق والسعادة وين ما كنتي


انا مرررره معجبتني الروايه شكرااااااً

zeze meme 17-08-19 02:00 PM

رد: 89_ جرح الغزالة _ آن هامبسون _ روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
شكراً روايه جميله جدااااااً

ghada salah 02-03-23 10:22 PM

[QUOTE=اماريج;2395423][CENTER][CENTER]" هل هناك كلمة أفضل منها؟".
أكتنفت كلمات غايل برودة أخفت مشاعرها , ألا أن أفكارها دارت حول أولاد مايكل , وقد فاض بها الحنين , فهي تتأثر برغبات أية أمرأة طبيعية , وتتوق الى كمال أنوثتها الذي توفره الأمومة وحدها , ولم يغب عن ذهنها , ولو للحظة , الشعور المخيف بالخسارة الجسيمة ,والحكم المبرم الذي أصدره الطبيب بشأن عقمها ,وقالت:
" كلا يا بيث, لا يوجد بصيص أمل واحد بزواجي".

أنفجرت بيث:
" لماذا لم يصب مايكل بانكفوت هذا بخدش واحد؟ لماذا لم يشوّه , ويتحول معاقا مدى حياته؟".
قاطعتها غايل وقد صدمت :
" بيث!".
منتدى ليلاس
" أنا أعرف أنني حقودة , ولكن , أنت أختي , وهذا لا يعني لي شيئا , خصوصا بعد هجره لك لعدم قدرتك على أنجاب الأولاد , علما بأنه هو الذي يتحمّل مسؤولية وضعك هذا ".
" أنه يهوى الأولاد حتى ......".
" وأنت كذلك , ألا أنه تصرف بمنتهى الخبث والأنانية أتجاهك , وما يزيدني غيظا وحنقا , أن أموره تسير على ما يرام , فيما أنت........".

وصمتت أذ سمعت هدير سيارة زوجها تجتاز الممر المؤدي الى المنزل .
ثم أضافت:
" ستجدين زوجا أفضل من مايكل بانكفوت بكثير".
" سأحذر أي رجل تماما كما حذرت جيري لايثون".
عقبت بيث:
" أن جيري لطيف , لكنك تسرعت في أطلاعه على الأمر".

" لا أوافقك في ذلك".
" كان بوسعك أن تنتظري حتى يقع في هواك حقا , لكنك أخبرته بعد تعارفكما بشهر واحد".
" لأنني كنت مطلعة على مجرى الأمور ,فحبنا أخذ يتعمق ويزداد , عندئذ وجدت لزاما عليّ أن أخبره من أجلنا نحن الأثنين ,ولولا أنه لم يكترث للأمر , لبلغت علاقتنا نهايتها المرجوة , بيد أنه أهتم بأنجاب الأولاد لرغبته في أنشاء أسرة , وهذا أمر طبيعي , وهكذا وقعت القطيعة قبل أن يحب أحدنا الآخر حبا يجرحه جرحا بليغا في حال كبته , ولذا شكرني على صدقي وأمانتي , وأنا أدرك أنني فعلت خيرا أذ أخبرته آنذاك".

أجبرت بيث على الموافقة:
" أظن ذلك , ولكن , أنا لم أسألك أذا كنت لا زلت تحبين مايكل".
نظرت غايل اليها وهي تهز رأسها:
" كلا , الأولاد هم الذين جعلوني أشعر بالتعاسة اليوم خصوصا أنني أعرف أنهم لن يكونوا يوما أولادي , فيما لا أستطيع منع نفسي من التفكير بأن أولادي سيشبهونهم".

وأضافت بعد تفكير:
" كلا يا بيث , فمايكل قتل حبي عندما هجرني ,وأنا لا أستطيع القيام بدور بطلة شابة متسامحة لأنني بشر , ولأن مايكل يتحمل مسؤولية ما حدث لي , وجب عليه ألا يفسخ خطوبتنا , ولكن كان الحادث أختبارا لحبه , فلم يقو على التجربة , وهكذا حكم علي بالبقاء عانسا".
تنهدت بيث بعصبية بدون أن تتكلم ,وبعد لحظات دخلت المطبخ لتضع اللمسات الأخيرة على وجبة العشاء.
منتدى ليلاس
[FONT=Arial][SIZE=5][COLOR=Black]أما غايل ,فصعدت الى غرفتها حيث أدخلت شعرها تحت قبعة واقية من الماء وأستعدت للأستحمام , وأرتفعت خصلة الشعر عن صدغها , فبرز جرحها قاتما وقبيحا بالمقارنة مع جلدها النضر والدراقي اللون , وظهر جرحان آخران على فخديها , فيما أمتد ثالث قبيح من كتفها اليمنى الى وسط ظهرها , ونظرا الى أن جراحها كانت مضاعفة , أعتبر الأطباء بقاءها على قيد الحياة معجزة.

لقد فكرت مرات عدة بدخول المستشفى لأجراء العملية التي أصبحت ممكنة , لكنها غيّرت رأيها دائما , لأن لا أحد سواها يرى هذه الجراح , فلم كل هذا العناء؟
توجب على غايل أن تقضي قبل نهاية آذار عطلة أسبوع أستحقت لها من أجازتها السنوية العام الماضي , فخططت أن تمضيها مع شقيقتها الصغرى هيذر , التي تزوجت رجلا ثريا وسكنت معه منزلا فخما عند أطراف غابة شيروود وهي الآن ترنو الى تلك الزيارة لأنها تتأخر في مغادرة الفراش , فتحضر لها الخادمة الشاي الى السرير قبل أن تسخن مياه الحمام وتجري التنظيفات الضرورية
شكرا لمجهودك

Moubel 24-04-23 09:08 AM

رد: 89_ جرح الغزالة _ آن هامبسون _ روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
من اجمل الروايات التي قراتها
شكرا

razank1 28-04-23 05:14 AM

رد: 89_ جرح الغزالة _ آن هامبسون _ روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
شكرا يا عزيزتي رواية شيقة ورابعة. رووعة اكمليها


الساعة الآن 09:32 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية