منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   70_ دليلة _ جين كوري _ روايات عبير القديمة ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t144287.html)

اماريج 11-07-10 02:53 AM

لم تشاهد تامي ريك هاتون خلال الأسبوع كله , لكنها لم تكن قادرة على أن تنسى وجوده , فقد كلفها أعداد الكثير من الأعمال بدون أن تنسى ذكر الوقت الذي ترى أنها قادرة على أنجازه.
ومع مرور الأيام , بدأت تعرف أمورا كثيرة عن أعمال ريك هاتون , أنه يهتم بتربية الماشية , وكانت ترهق نفسها لتنجز العمل في أسرع وقت , لا لأرضائه , أنما لأرضاء كبريائها , غير أنها لا تستطيع تفادي الأخطاء دائما.

ومرة لم تتمكن من قراءة خط المحاسب , وكان السيد هامتون غائبا , فلم يكن أمامها الا أن تقرأ بين السطور , فهي لا تحب أن ترتكب أي خطأ , رغم أن هذا الأمر لن يزعج ريك هاتون الذي يصحح الأخطاء بنفسه , وصل داني في الصباح مع مغلف في داخلة رسالة صغيرة , أحمر وجهها وهي تقرأ: في المكتب دليل سنوي , يمكنك أستخدامه في الحالات الصعبة.

خلال الأوقات الصعبة , كتن جيري يوفر لها التشجيع والتسلية والأهتمام , كان يأتي لرؤيتها بين الفينة والأخرى, ولم يكن يتكلم كثيرا, لكنها كانت معجبة بأهتمامه المتفاني بها وبحرصه على أن يسعدها وعلى أن يجعلها تضع الأمور في نصابها الصحيح.

عادت بولا الى المنزل لقضاء عطلة نهاية الأسبوع , تحدثت فقط عن حفلة الغداء في الهواء الطلق التي ستقام في مزرعة الصخرة , أي مزرعة ريك هاتون , يوم الأحد المقبل :
" في الواقع سيكون الغداء مختصرا على شواء اللحوم في الهواء الطلق, المدينة كلها مدعوة , هذه هي عادة ريك".
لم تقل تامي شيئا , أنها تعرف من سيكون منهمكا جدا في العطلة الأسبوعية.

صباح السبت عادت بولا تتحدث عن الحفلة الراقصة , وسألتها:
" هل ستأتين معنا؟".
أجابت تامي بسرعة:
" لا , شكرا , لدي رسائل عديدة , سأستفيد من هذه العطلة لأكتبها".
منتدى ليلاس
تنهدت بولا وقالت:
" مسكين جيري , أنه يضحي بلا جدوى ".
" أن جيري المسكين لم يجرؤ على أن يرمقني بنظرة عابرة في الحفلة الماضية".

" أنك تعتقدين بأن ريك صدمك , لكن مثل هذه الأمور لا تدوم طويلا , أراهن على أنه نسي كل شيء , ينبغي أن تتحلي بالروح الرياضية , ثم أن الناس سيعتبرون غيابك نوعا من الهرب".

" دعيهم يفكرون كما يشاؤون , لن أذهب الى الغداء ولن أتخلى عن قراري".
أمضت تامي الوقت في كتابة الرسائل , أنها لم تكذب على بولا , فقد تأخرت بالفعل في أنجاز الرسائل , لأن عملها خلال الأسبوع يأخذ معظم وقتها ,وعندما يهبط الليل تفضل النوم باكرا , وتساءلت ما أذا كان من الواجب أن تذكر عوانها الحالي في رسالتها الى جوناثان , لكنها قررت عدم ذكر العنوان لأنها لا تعرف ماذا يمكن أن يخطر في باله , فهو على أستعداد للمجيء كي يراها من دون أن يفكر في الأمر مليا.

كانت قد أطفأت النور وأستعدت للنوم , عندما عادت بولا من السهرة , وتوجهت نحو غرفة تامي التي أنتفضت عندما سمعت خطواتها تقترب من السرير , وقالت وهي تتثائب:
" ألا يمكن أن تنتظري حتى الصباح لتخبريني بما حصل؟".

" لقد جرحت شعور ريك مرة أخرى , لأنك لم تحضري السهرة , الجميع سألوا عنك وأنتابهم القلق".
" لماذا تضخمون الأمور ؟ عندما لا أشعر برغبة في الرقص , لا أرقص, هذا كل ما في الأمر , الآن أرجوك أن تدعيني أنام , وغدا تخبريني كل شيء".

" أردت فقط أن أحذرك ,سألني ريك أين أنت , كما لاحظ غياب جيري , وهذا لم يعجبه, فقد غادر الحفلة باكرا وهو غاضب".
أكتفت تامي بالأبتسام وتقوقعت في سريرها , كانت غارقة في سبات عميق عندما تركت بولا الغرفة.

في صباح اليوم التالي, وعندما كان الجميع يتناولون فطور الصباح , أستمعت تامي الى موعظة طويلة من بولا , السيد هامتون كان يستمع مبتسما , أما جيري فكان مقطب الجبين وقال معبرا عن سخطه:
" لا أدري لماذا يدور كل هذا اللغط, لنفترض أن تامي مرضت ولم تتمكن من الذهاب".

تدخل السيد هامتون في الحديث قائلا:
" دعيني يا تامي أشرح لك الموضوع , الأمر يتعلق بحياتنا الأجتماعية , ريك يصر على أن الجميع هنا يشكلون عائلة واحدة وسعيدة , منذ زمن ووالده يقوم بتنظيم مثل هذه الحفلات , وقد صمم ريك على الأحتفاظ بهذا التقليد , والشيء نفسه سينطبق غدا في حفلة الغداء ., وأذا تغيّب أحد بلاعذر , سيعتبر ذلك أهانة , فلا سبب للتوتر والأضطراب , أنني أعتقد أنه بعدما يفكر في الأمر سيدرك أنه لا يجوز له محاسبتك على أمور تجهلينها".

كانت تامي تتناول فنجان قهوتها في هدوء , وعندما تكلم السيد هامتون عن العائلة الواحدة والسعيدة, أستغربت الأمر بعض الشيء وقطبت حاجبيها , صحيح أنها تجهل عادات أستراليا وتقاليدها , لكن هل من الممكن أن يحل السلام بينها وبين ريك هاتون؟ ستشعر بجرح في كبريائها , لكن يمكنها أن تحاول , أنه يريد أن تظهر له الأحترام , فهل هذا ما يجعله متوترا ؟ تنفست الصعداء ثم وضعت فنجان قهوتها على الطاولة , لن يكون ذلك سهلا.

عليها أن تتعلم كيف تضبط أنفعالاتها , رفعت عينيها وفوجئت بنظرات جيري تراقبها, فأبتسمت وقالت:
" لماذا لم تذهب الى الحفلة الراقصة؟ أعتقد أن لديك عذرا ".
" لا , أبدا , لم يكن هناك عذر".

أحمرت وجنتاها وقالت بنبرة خفيفة:
" ما دمنا متورطين فأنني أقترح أن نجابه معا قرار الأعدام , فهل تساعدني؟.
" من دون شك يا تامي , أن هذا يسعدني".
في الثالثة ذهب السيد هامتون , ترافقه بولا وتامي وجيري , الى مزرعة الصخرة , أرتدت بولا فستانا من الكتان الأبيض , وأرتدت تامي فستانا أخضر.

في الحديقة , بين المدعوين , بقي جيري قرب تامي تنفيذا للمخطط الذي أتفقا عليه , ولما شاهدت تامي شبح ريك يقترب منها , ضغطت على يد جيري وهمست:
" لقد حان الوقت".
أبتسم جيري وقال:
" تشجعي!".



اماريج 11-07-10 02:56 AM

كان ريك هاتون يرتدي قميصا بنية وسروالا غامقا , بدا لها وكأنه تغيّر , كانت عينا ريك تحدقان في يد تامي الضاغطة على يد جيري , فأقترب ريك منهما وقال في لهجة ساخرة:
"تبدين في صحة جيدة, هذا لطف منك لأنك جئت".
أجابت في لهجة حادة , وقد نسيت أنها قررت أن تحقق السلام بينها وبينه:
" لقد أصررنا على المجيء , أليس كذلك يا جيري؟".

أجاب جيري وهو يبتسم:
" بكل تأكيد".
تطلع ريك الى جيري وقال:
" الرجال في حاجة الى مساعدة لنقل البراميل من المدينة , فما رأيك يا جيري؟".

صمت جيري لحظة ثم أجاب:
" كما تريد".
ثم ألتفت الى تامي وقال:
" هل في أمكانك أن تحافظي على حصتي من الطعام, يا حبيبتي؟ أنني أفضل فخد الدجاج".
قال ريك لتامي:
" لديّ شيء , أريد أن أطلبه منك".

تناول ذراعها بقسوة وجذبها نحو الجمع , حاولت التخلص منه لكنه كان يضغط عليها بقوة وهو يقول:
" أمامك الوقت كله لتشاهدي حبيبك , أما الآن فلديّ عمل لك".
دخلا المنزل بعدما ترددت تامي , لكنه حدجها بنظرة قاسية وقال:
" لاتتخيلي أفكارا سوداء , كل ما أريده منك هو العمل , عندما قلت لك أنني لا أحب الفتيات النحيلات , كنت أعني ما أقول , فما عليك الآ الأسترخاء والأطمئنان والأنصياع لما سأطلبه منك".

تنفست تامي في عمق , كان يتكلم بصدق وحرارة الى درجة جعلتها تشعر بالخجل من نفسها.
أدخلها ريك الى غرفة تطل على مؤخرة المنزل , قرب أحد الجدران , مكتب عليه آلة كاتبة , أخذها ريك وألقاها بعنف على الكرسي الموجود في مواجهة الطاولة وقال:
" عليّ أن أرد على بعض الرسائل , المحاسب لا يزال مريضا , وأذا كنت تستطيعين أن تتجاهلي حبيبك ساعة أو ساعتين , فسيكون في أمكاني أن أرسلها غداهل هذا ممكن؟"
منتدى ليلاس
" هل سعيت للحصول على التوقيع المطلوب في العقد الألزامي؟".
" أي عقد؟".
" عندما يعمل المرء عند رب عمل آخر , عليه أن يذكر ذلك في العقد , أن السيد هامتون ليس هنا ليقرر ما أذا كنت سأعمل عندك أم لا , لا أستطيع مباشرة العمل قبل أن أرى توقيعه وأنال موافقته على ذلك".

أبتسم ساخرا وقال:
" أنا رئيسه, هل تجهلين ذلك؟ أن مزرعة الحجر هي ملكي , والسيد هامتون يعمل عندي , والآن أبدأي العمل".
وقبل أن يخرج من المكتب قال:
" أذا كنت في حاجة الى أي شيء , فأرجو أن تناديني".

أنصبّ غضب تامي على الآلة الكاتبة , فقد كانت تضرب في قوة , الى درخة أن النسخات الكربونية كانت واضحة كالأصلية.
عاد ريك في الوقت الذي كانت تنهي الرسالة الأخيرة وقال:
" هل أنتهيت؟".



اماريج 11-07-10 02:57 AM

هزت رأسها ايجابا ثم سألته في لهجة جافة:
" هل بأمكاني الذهاب الآن؟".
رمقها بنظرة ساخرة وقال:
" لا تخافي , حبيبك لن ينصرف , أريد أن ألقي نظرة الى عملك, فلا اظن أنك ستكونين مسرورة أذا أعدتك الى هنا , حين أكتشف خطأ ما , أليس كذلك؟".

أطلقت زفرة عميقة ونظرت اليه وهو يقرأ بأهتمام كل رسالة , وضع الرسائل في الدرج وقال:
"العمل جيد".
توجهت تامي نحو الباب فأمرها قائلا:
" أجلسي , تمهلي , كوني صبورة".

هزت رأسها وأنتظرت مستسلمة, أما هو فقد جلس وراء مكتبه وأشار الى الكرسي المواجه له , فتقدمت في خطى بطيئة وجلست .
قال ريك:
"لماذا تخلفت عن السهرة أمس؟".
" ألم تقل لك بولا السبب؟ كان عليّ أن أكتب بعض الرسائل ".

" أنت هنا منذ أسبوع فقط , ألم يكن في وسعك أن تكتبي رسائلك في وقت آخر؟ أم أن السبب هو جيري الذي يشغل كل وقتك؟".
أجابت بعنف:
" لا , وحتى أذا كان جيري هو السبب , فهذا لا يعنيك".
شدّ على معصميه وقال:
" أليست ذاكرتك قوية ؟ أظن أنني كلمتك بوضوح...".
منتدى ليلاس
أحمرت وجنتاها , لأنها عرفت ماذا يقصد.
أضاف بقليل من الرقة:
" يجب أن أكرر ما قلت , هنا كل شيء ملكي , وجيري هو تحت حمايتي , فقد عهد به والده اليّ لأعلمه تربية المواشي , أذا كان لديك أي أمل من هذا الجانب فمن الأفضل عدم التفكير به , أن عائلته هي من أقدم عائلات كوينلاندز وهم أشخاص محترمون , لا أظن أنهم يوافقون على أن يتزوج ابنهم من سكرتيرة مجهولة".

نهضت على مهل , فلم تعد قادرة على تحمل المزيد , وقالت:
" هل أنهيت حديثك؟ لقد فهمت جيدا ما تقصد ,شكرا".
توجهت نحو الباب ومن دون توقف خرجت من المنزل.

أحرقت الدموع عينيها , يا له من رجل وقح , أنه يكرهها ويحاول تعذيبها , ماذا فعلت كي تستحق هذه المعاملة؟ شعرت فجأة بأن يدا تمسك بذراعها , فأذا بها يد ريك الذي قال:
" حقيبة يدك , يا آنسة دانتون".
أجابت من دون أن تنظر اليه :
" شكرا".

وافاها جيري بعد قليل وهي تجلس تحت جذع شجرة بعيدة عن الآخرين , ولاحظ شحوب وجهها , فسألها في قلق:
" هل أنت في حالة جيدة؟".
تمكنت من الأبتسام وقالت:
" أنه الطقس الحار الذي لم أتعوده بعد".

" سوف تعتادين على الحر بسرعة تعالي وأجلسي في الظل ".
وبعد أن أجلسها في مكان لا تخترقه أشعة الشمس, أحضر لها طعاما , وخيّل لتامي أن الطعام سيخنقها , لكنها حاولت جاهدة ألا ترفض , وهنا سمعت صوتا آمرا يقول:
" جيري, أرجو مساعدتك , أننا في حاجة اليك".

*******نهاية الفصل الثالث ******


اماريج 12-07-10 12:53 AM

4-الى مزرعة الصخرة
**********************
أتصلت تامي هاتفيا بمكتب التوظيفات , نهار الأثنين صباحا , فقد كلفها السيد هامتون تنفيذ بعض الأعمال ثم تركها ليقوم بجولته العادية.

أصغى السيد سلبي مدير مكتب التوظيفات , لكل ما قالته تامي في تهذيب:
" أنني آسفة , أذا كنت أسبب لك المشاكل , لكنني لم أكن في حالة جيدة خلال الأيام الماضية , ربما هذا بسبب شدة الحرارة , هل من الممكن أن تحل ميري جونسون مكاني؟ آسفة لأنني سأضطر الى ترك السيد هامتون , فليس عندي شيء أتذمر منه".

لم تعد تعرف ما تضيفه, لكن جواب السيد سلبي أراحها .
" عظيم , ميري أنهت عملها وهي تبحث عن عمل جديد , ولم تكن تجد شيئا قريبا من مكان سكنها , ستعجبها الفكرة من دون شك".
تنهدت تامي في أرتياح وسألته:
"ومتى يمكنها أن تحل مكاني؟".
" أوه... دقيقة... اليوم نهار الأثنين ... لنقل أنها ستكون على أستعداد لتحل مكانك يوم الأربعاء , هل هذا يوافقك؟".
منتدى ليلاس
" نعم , شكرا جزيلا , يا سيد سلبي".
" لا تنسي تأمين توقيع على العقد من أجل تأكيد اليوم الذي تتركين فيه".

وضعت سماعة الهاتف وفجأة شعرت بالتوتر , العقد ّ تذكرت أن السيد هامتون وضع توقيعه للأسبوع الأول فقط ,ويمكنه أذن أن يوقع عقد الصرف , فأحست بكآبة عندما فكرت بأن لا مفر من أعلامه بالأمر.

ولما عاد السيد هامتون من جولته العادية سألها في لهجة بشوشة كيف تدبرت أمورها , وأبلغها أرتياحه الشديد لأنه لم يعد يهتم بأمور المكتب تاركا لها كل المسؤولية , أنما هذا التصريح لا يسهل خطة تامي لترك العمل.
نظرت اليه وتنفست العداء وقالت:
" يا سيد هامتون...".
لم تستطع التطلع اليه , فجأة جابهت الصعوبات وقالت:
" لقد وجدت من يحل مكاني".

أنتفض وراح يحدق فيها بأستغراب:
" لكن , كنت أعتقد أنك مسرورة من عملك هنا , كنت آمل أن تبقي , ما الذي حدث؟".
أبتسمت له بلطف:
" في ما يتعلق بك يا سيد هامتون , كل شيء على ما يرام , أرجوك أن تصدقني أنني سعيدة أن أبقى هنا , لكن فيما يتعلق ب...".
أختفى صوتها , حدق فيها بنظرة ثاقبة ثم أنتقل الى قرب النافذة , وسألها فجأة :
" ريك هو السبب , أليس كذلك؟".



اماريج 12-07-10 12:55 AM

هزت رأسها وقالت:
" نعم".
" هكذا أذن".
قال وهو يطلق زفرة عميقة:
" كنت أشك في الأمر , عاملك بعنف , أليس كذلك؟ يا له من أبله!".

لم تقل شيئا , وضع يده على كتفها وقال:
" لاحظنا ما يجري , وليس في وسعنا أن نفعل شيئا , أنه السيد وصاحب الكلمة الأولى , لا تضطربي بسبب ذلك , كنت آمل أن تتحسن الأمور ... لا شك أنه وبخك وجرح شعورك يوم أمس , أليس كذلك؟".

ظلت صامتة ونظرتها حزينة , هز رأسه وقال:
" توقعت ذلك".
جلس قربها وتابع:
" لا بد أنك سمعت عن السيدة هاتون , على ما أظن".
" نعم , لقد هجرت والده , أليس كذلك؟".

أجابها فجأة وهو ينظر اليها :
" نعم , أنها أنكليزية أيضا , لقد عملت عند والدها في الماضي وأتذكرها جيدا , أنت تشبهينها كثيرا , كانت سمراء وقصيرة القامة , عيناها بنيتان , لكن الشبه بينكما موجود ولا شك أن ريك لاحظ ذلك".
لم تعلق تامي على كلامه , ظلت صامتة وعيناها تحدقان في المكتب , أخيرا بدأت تستوضح الأمور.

" كم كان عمر ريك عندما رحلت والدته؟".
" 14 سنة , وقد تألم كثيرا لفقدها , ولما كان والده يعاني من جراء ذلك , حاولت العودة , لكن كبرياء جاك هاتون كانت حاجزا ,لا يخترقه أحد".

فكرت لحظة في هذه القصة , ثم أبتسمت وقالت:
" شكر لأنك أخبرتني كل هذه التفاصيل , وأنني أفهم الآن جيدا , وأنت تعرف أذن لماذا أريد أن أترك العمل , أليس كذلك؟".
تنهد وهز رأسه قبل أن يصرخ فجأة:
" يا له من أبله! هذا مناف للعقل ,كيف يتهجم على فتاة لطيفة ورقيقة مثلك , أن أي أنسان يمكنه أن يلاحظ أنك لست مثل والدته!".
لم يكن في وسع تامي أن تعلق بشيء , أذ ماذا يمكن أن تقول في مثل هذه الظروف؟.
" أيمكنك أن توقع على عقد الصرف, سوف أرحل يوم الأربعاء ".
" هكذا أذن , أنت في عجلة".

" الفتاة التي ستحل مكاني من دون عمل في الوقت الحاضر ويسرها أن تبدأ العمل في أسرع وقت ممكن , أنها من كوينلاندز وسيسعدها العمل هنا".
وأضطر السيد هامتون الى الموافقة وقالت تامي:
" سيد هامتون , هل يمكنك أن تؤدي لي خدمة بسيطة؟ أرجو ألا تخبر السيد هاتون بالأمر الا بعد أن أكون قد غادرت المكان ".
تردد قليلا ونظر اليها بحزن:
" ربما هكذا أفضل, كما تريدين".

كانت تامي تشعر بأنها في حاجة الى البكاء , ومع ذلك أبتسمت وشكرته.
وفي المساء , بينما كان الجميع يسهرون في الشرفة , تحدث جيري عن السهرة القادمة التي يجب على تامي أن تحضرها , فرمقت السيد هامتون بنظرة قلقة وأجابت:
" سنرى ذلك في حينه".
ظل السيد هامتون صامتا.
منتدى ليلاس
أطل فجر اليوم التالي صافيا من دون غيوم , وفكرت تامي وهي تنظر الى النافذة بأن ذلك نذير بيوم حار جدا , كانت تصغي الى الأصوات المألوفة الآتية من المطبخ وتسمع غناء أدمى وهي تعد فطور الصباح وشعرت بالدمع ينفر من عينيها وهي تسمع أصوات الحيوانات من بعيد.

أنها سعيدة هنا وستشتاق الى مزرعة ( الحجر) رغم أنها عاشت فيها فترة قصيرة , وتساءلت ما سوف يكون عملها الجديد وتمنت ألا تتعرض لمشاكل أخرى , وبينما هي ترتدي فستانها القطني , تذكرت أنه يومها الأخير , في صباح الغد سترحل , قررت أن تعد حقيبتها في المساء كي تكون حاضرة للرحيل في الغد.

ولما وافاها السيد هامتون الى مائدة الفطور , كان حزينا, أما جيري فقد أنهى فطوره وذهب.
" اليوم هو يومك الأخير في المزرعة , وقد ترغبين القيام بنزهة في المنطقة , يمكنني أصطحابك أذا أردت...".
وضعت تامي فنجانها على الطاولة , أنه يحاول بلطفه أن يعوض ما قاسته من ريك هاتون , فأجابت بابتساك:
" هذا لطف منك , لكن لا سبب لذلك, سيكون ذلك غريبا في نظر الآخرين ,لا أريد أن أرتكب أية غلطة في الوقت الحاضر".
تمتم السيد هامتون مرة أخرى:
" يا له من أبله!".

وصل ريك عند الظهر , سمعت تامي محرك سيارته وصعدت بسرعة الى غرفتهالتعد حقيبة السفر , كانت ترتجف , يا لها من أمرأة جبانة!
سمعت طرقا على باب غرفتها , فأنتفضت وبخفة خبأت حقيبتها تحت السرير وسألت:
" من الطارق؟".
أرتاحت لدى سماعها صوت السيد هامتون الذي قال:
" أرجوك أن تكلمي السيد هاتون".

شعرت بدوار وكادت تسقط , هل أطلعه على ما تنوي فعله؟
أجابت:
" نعم".
مرت أمام المكتب وسمعت صوتا يناديها بلا مبالاة:
" أدخلي يا آنسة دانتون , تحدثت مع السيد هامتون".
أرتجفت , يبدو أنها لن تتخلص منه.


الساعة الآن 05:52 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية