منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   70_ دليلة _ جين كوري _ روايات عبير القديمة ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t144287.html)

اماريج 10-07-10 04:35 PM

70_ دليلة _ جين كوري _ روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
http://www.zahrah.com/zpix/wel001.gif


اليوم راح انزلكم رواية من روايات عبير القديمة
وحلوة كتيررررر ورووووووعة بتمنى انو تنال رضاكم ياحلوين
:lol:
للامانة الرواية منقولة

اسم الرواية:
دليلة
الكاتبة :جين كوري
:liilase:
قراءة ممتعة للجميع


اماريج 10-07-10 04:36 PM

دليلة
الملخص
عندما قصت دليلة شعر شمشون الجبار ,منتزعة بذلك قوته الخارقة ,ندمت ندما عظيما ,لا لانها خانت عهده فحسب بل لانه فقد ميزته الخاصة التي تفرقه عن بقية الرجال وايضا لانه بات رجلا حزينا .....
الا ان تامي دينتون التي اطلق عليها ريك هانون اسم دليلة بسبب عنادها ,لم تكن قادرة على انتزاع نفسها من مزرعته في استرالية واللحاق بخطيبها جوناثان......
منتدى ليلاس
وعندما عاد جوناثان يبحث عنها حاولت مرة اخيرة الخروج عن سلطة ريك هاتون........لكن الحب ,هذه المرة ,كان لها بالمرصاد..
http://www.xzx4ever.com/vb/www.xzx4e...20%2826%29.gif


اماريج 10-07-10 07:04 PM

1-خطا في العنوان
******************
أشارت تامي دانتون الى شاحنة المكتب التي أوصلتها من أدبيلاد مودعة , ثم سلكت في ممر واسع محاط بالأشجار الصغيرة المليئة بالأزهار , أنها نادمة لأنها جاءت في عجلة ولم يتح لها الوقت لتكمل زينتها قبل أن تمثل أمام رب عملها الجديد.

ألقت نظرة سريعة الى ثوبها المصنوع من الكتان لتتأكد من أنه في حالة جيدة , ثم عدلت قبعة القش على رأسها وتطلعت الى المنزل القديم الضخم وقالت في نفسها:
" يا ألهي كم هو كبير هذا المنزل! لا شك أن هناك من يصونه".

تسلقت السلالم التي تؤدي بها الى باب المدخل وهي تتساءل أين تقع المزرعة , فقد قالوا لها في مكتب التوظيف هناك مزارع,
قرعت الجرس وأنتظرت وهي تجيل بصرها في الأرضي التي تحيط بالمنزل , مروج خضراء مسيجة , تمتد من الجانبيين ... كل هذا يذكرها تماما بوطنها أنكلترا , أمام المرج والأراضي الخضراء والأشجار الصغيرة التي تتجمع حول المنزل
شعرت تامي وكأنها وسط منطقة ساري في الريف البريطاني الذي غادرته قبل سنة أسابيع.

سمعت أقداما تقترب , فأذا برجل يتفرس فيها ثم يقترب منها , أنه طويل القامة , أشقر الشعر , والشمس لوحت جلدة بشرته التي كانت سمراء داكنة , بالنسبة الى تامي , الآتية من بلاد الوجوه الشاحبة , كان ذلك تحولا جميلا ورائعا , لكن تصرف هذا الرجل كان بعيدا جدا عن الحفاوة والترحيب , أرادت أن تبتسم له لو أنه شجعها على ذلك , لكن وجهه كان يبدو وكأنه منحوت من صخر , يرتدي قميصا زرقاء مربعة وسروالا رماديا , وأناقته تدل على أنه موظف بل رب عمل , يبدو أنه من نوع الرجال الذين يحبون أصدار الأوامر وينتظرون أن تنفذ بسرعة والا ... وبرغم حرارة الطقس أرتعشت .
منتدى ليلاس
قال في جفاء:
" ماذا؟".
كأنه يقول:
" أهتمي باامورك ودعيني أهتم بأموري".
أجابت :
" أنك بحاجة الى مساعدة , وقد وصلت على الفور".
يبدو أن مما قالته لم يكن مناسبا , فقد رأت عينيه الرماديتين تضيقان , قال بنبرة ساخرة:
"صحيح؟ أذن أحب أن أبلغك يا جميلتي أن عليك الأنصراف من هنا في أسرع وقت".

حدقت تامي فيه مذعورة , أنها تعرف جيدا أنها لا تبدو في حقيقة سنها , كان عليها أن ترفع شعرها الى الوراء , ربما هذه التسريحة تجعلها تبدو أكبر سنا.
" عمري 22 سنة وأملك كفاءة ومؤهلات لا بأس بها".
" هذا أكيد , لكن كان عليك أن تستعلمي عني أكثر , أنني أفضل النساء الممشوقات والأكثر أمتلاء , أما أنت فلا تجذبينني".

لم يعد في وسعها أن تتحمل المزيد من كلماته الجارحة .
" هل أنت في حاجة الي , أم لا؟".



اماريج 10-07-10 07:04 PM

نظر اليها في برود وقال:
" أنت أنكليزية , أليس كذلك؟".

لم تجرؤ على الرد , فأضاف يقول:
" صحيح أنني في حاجة الى مساعد , لكنك لن تكوني أنت , أذا أردت الأنتظار هنا في الشرفة , فسأطلب من سائق سيارتي أن يوصلك الى المدينة".

أنصرف تاركا تامي فارغة الفم , جلست في أحد المقاعد المصنوعة من الخيزران زامّة شفتيها , كلما أمعنت التفكير في الموضوع , أدركت أنها نجت من خطر داهم , أنها ليست ممشوقة القامة , فكرت في أحدى فتيات مكتب التوظيف , كاتي التي كانت ترغب في هذه الوظيفة لأن المكان قريب من منزلها , لكن عملها الحالي لا ينتهي قبل أسبوعين , لا شك في أنها الفتاة المناسبة لهذا العمل , ولدى عودتها الى المدينة , ستتوجه تامي الى مكتب التوظيف وتطلع المسؤولين عما حدث لها , ستجعلهم يزيلون اسم الرجل من لائحة أرباب العمل.

لم يطل أنتظارها , فقد سمعت صوت سيارة جيب تقترب من المنزل , نهضت وتناولت حقيبتها وتوجهت نحو السيارة , كان السائق رجلا قصير القامة , متجعد الوجه, أسمر , ألقى اليها نظرة فضولية وهو يفتح لها باب السيارة , تناول منها الحقيبة ووضعها داخل الصندوق , ثم صعد وأقلع.

لم يطرح عليها أي سؤال مما جعلها تتضايق , كان السائق ينظر الى الطريق أمامه , ولم يبدأ الكلام الا بعد فترة طويلة أذ قال:
" ما كنت لأصدق هذا أبدا".
أنتفضت في ذهول وتفرست فيه وقالت:
" عفوا؟".
" ريك لا يحب المتطفلات".
" المتطفلات؟ قد أكون غبية , لكنني لم أفهم تماما ماذا تعني؟".

قطب حاجبيه وألقى اليها نظرة سريعة , وفي أشارة من رأسه دلها الى المنزل الذي غادرته الآن وقال:
" أن ريك هاتون هو أغنى مالكي الأراضي في الجنوب , لقد أعتدنا على هذه الآلاعيب , لكن ما زال هناك ما تنساه الفتيات دائما , وهو أن لريك رأيه الخاص في الموضوع , سيتزوج في اليوم الذي يختاره هو لنفسه , ومن المرأة التي يختارها هو بنفسه , ومن المؤكد أنه لن يتزوج من أمرأة تقطن المدينة".
منتدى ليلاس
رفعت جبينها ثم أنفجرت ضاحكة , بعدما فهمت الجانب المضحك من القضية , تلعثمت وهي تقول:
" بدأت الآن أرى الأمور في وضوح , كنت أتساءل لماذا طردني قبل أن يعرف مؤهلاتي ويتأكد منها , لا شيء أغرب من هذا , قطعت مسافة لا بأس بها لألقى مثل هذه المعاملة".
عدلت قبعتها من جديد وأضافت:
" أذا كان السيد ريك هاتون في حاجة الى سكرتيرة , ففي أمكانه أن ينتظر طويلا للحصول عليها , أنني أرفض العمل لديه حتى ولو دفع لي أضعاف ما أستحق".

بقي السائق صامتا فاغرا الفم , ثم أوقف السيارة جانبا وألتفت الى تامي وقال:
" تقصدين أنك ما أتيت الى هنا لكي توقعيه في حبالك؟".
نظرت اليه في أشفاق لأنها أدركت أن الغلطة ليست غلطته وسألته:
" ما أسمك؟".
" داني".



اماريج 10-07-10 07:06 PM

" أرجو أن تعلم يا داني أنه أذا كان الجميع يعتبرون السيد هاتون يتمتع بقدرة عجيبة على الأغراء , فأنه بالنسبة الي ليس كذلك, أتيت الى هنا أستجابة لعرض عمل".
" هل أنت أنكليزية؟".
" نعم , وصلت الى أستراليا منذ ستة أسابيع".

" آسف , لم أتمكن من معرفة لهجتك , أذ من الصعب التمييز بين اللهجات خاصة بالنسبة الى من يعيش في المدن , لقد أرتديت أحلى ثيابك آملة أن تثيري شعور ريك ومع ذلك بقي باردا".
" لا أدري ما الذي يؤثر فيه".
" أنني أعرف ريك منذ أن كان طفلا , ليس للمرء أن يعاتبه أذا كان يحقد على النساء".

سكت لحظة ثم أضاف وهو يحدق في التلة أمامه:
" لقد هجرت والدته المنزل وهو بعد في سن الطفولة , تاركة اياه مع والده , وهربت مع شاب وقعت في غرامه".
تنفست تامي الصعداء , بدأت الأمور تتضح , لكنها لم تفهم لماذا يريد ريك هاتون الأنتقام من كل نساء الأرض , وأستوضحت داني الأمر فأبتسم وقال:
" أنا لا أقول أنه ينتقم من كل النساء , فهو ليس زاهدا بهن , أنه يعجب بالفتيات مثل أي رجل آخر , ما دمن يفعلن ما يريد من دون أعتراض".

التفت من جديد نحو تامي وقال:
" هل قلت أن مكتب التوظيف هو الذي أرسلك الى هنا؟ أنك لا تشبهين خادمة في الخمسين من عمرها".
أخرجت رسالة من حقيبتها ودفعتها الى داني , فقرأها ورفع حاجبيه وقال مستغربا:
" الآن فهمت , كان عليك أن تذهبي الى منزل جيم هامتون , أنه يسكن في الطرف الآخر من المدينة".
حك رأسه وأضاف:
" فهمت الآن كيف حدث الخطأ : أن منزل ريك يدعى ( الصخرة) ومنزل جيم ( الحجر) هل تفهمين؟".

أجابت تامي التي بدا عليها التعب والتوتر:
" لا , كيف بأمكاني الذهاب الى منزل جيم هامتون؟".
أقلع داني في سيارته وأجابها في لامبالاة:
" لا داعي للقلق , سوف أوصلك".
وأخيرا أطلقت زفرة أرتياح.
أقتربت السيارة من المدينة التي لم تكن صغيرة كما قال السيد سلبي في مكتب التوظيف.
منتدى ليلاس
البيوت الخشبية تقترب من بعضها البعض, ولفت أنتباهها عدد كبير من المحلات وفندق في الشارع العام , قريبا سيصلان الى طرف المدينة.
هنا بدأت الطرقات تشبه السكك الحديدية , ثم مرت سيارة قرب غابة صنوبر صغيرة, وشاهدت تامي بعض المنازل المبنية على رأس تلة بعيدة.
قال داني:
" ها قد وصلنا, أن جيم أنسان محترم وستلقين لديه كل ضيافة وحسن معاملة ,لديه أبنة , وستكون بمثابة رفيقة لك".

دخلت السيارة المكان ورأت تامي مباني عدة تمتد حول حقل كبير , ومن بعيد قطيع بقر حلوب ومراعي واسعة .
المنظر يختلف تماما عن المزارع الأنكليزية , هنا المكان شاسع.... وسمعت صوت أشياء تتلاطم عندما مرت السيارة أمام عنبر كبير , فأدركت أنه لا بد أن يكون مصنعا للألبان , وتذكرت للحال المزارع في وطنها حيث كانت ترافق والدها الطبيب البيطري في الحالات الطارئة.

خيمت عليها سحابة حزن , هذا الزمن الهانىء ولى , وبعد وفاة والدها , أشترى عيادته طبيب بيطري آخر , كانت تتأمل أن تقيم في القرية المجاورة وتحافظ على وظيفتها كسكرتيرة ومساعدة , لكن آمالها تبددت عندما التقت زوجة المالك الجديدة , فقد أفهمتها بتهذيب ولباقة أنه لن يحتاج الى خدماتها بعد الآن , لم تصدق تامي بأن زوجته ستساعده وهي صاحبة الأظافر الطويلة المطلية, كانت أكيدة أنه سيحتاج الى مساعدة لكنه لم يكن يريدها هي بالذات , بعد أصرار الزوجة على موقفها.



اماريج 10-07-10 07:07 PM

أبتسم جوناثان عندما أخبرته في غضب لماذا لا يريدها المالك الجديد , وقال لها:
" أنظري الى نفسك في المرآة".
أتجهت بأفكارها نحو جوناثان , أنها هنا بسببه هو! يكفي هذا النهار المرهق ولا تريد أرهاق نفسها أكثر بالتفكير فيه.

أبتعدت السيارة عن المزرعة ثم دخلت ممرا يصل بهما الى المنزل , أنه كناية عن مزرعة كبيرة تربى فيها المواشي وتحيط بها حديقة واسعة.

العشب الأخضر الذي يكسو الأرض والشجيرات وأحواض الزهور , كلها تشكل ديكورا رائعا , لم تكن هذه المزرعة كبيرة كمزرعة ريك هاتون.
فتح الباب في الوقت الذي توقفت السيارة , وظهر أمام الباب رجل طويل القامة في الخمسين من عمره , أقترب منها وعلى وجهه أمارات القلق.

قال داني:
" مرحبا جيمي , هذه هي سكرتيرتك , فقد حصل التباس عند ريك هاتون الذي وبّخها بعنف".
حدقت تامي في داني بنظرة عتاب ثم تنبهت للرجل الذي كان يمد لها يده , فصافحته بعدما شعرت بأرتياح , أنه لا يشبه ريك هاتون في شيء.
" آنسة دانتون أنني سعيد جدا لرؤيتك , أن الخادمة التي طلبها ريك جاءت الى هنا , وأرسلتها اليه منذ نصف ساعة , كما أرسلت برقية الى أدبيلاند وجاءني الرد بأنك في طريقك الينا , فبدأت أقلق عليك".
قال هذا ثم دخل معها.

وأضاف وهو يدخلها الى غرفة تبدو كأنها قاعة جلوس :
" لا تلومي ريك على ما فعل , أن بعض النساء عنيدات جدا , يخترعن الأعذار من أجل اللجوء اليه , بعضهن يفتعلن الحوادث وبعضهن الآخر يدخلن في سيارتهن ويتذرعن بأنها فارغة من البنزين , الى ما هنالك من مشاكل لغاية منها فقط البقاء قرب أكبر وقت ممكن , قلت له مرات عدة أن الوقت حان كي يتزوج ويضع حدا لهذه المهزلة".

طلب من تامي أن تجلس في مقعد واسع من الخيزران وألقى اليها نظرة ثاقبة .
" أنت متعبة, سأطلب من بولا أن تأخذك الى غرفتك , أرجو أن ترتاحي حتى يحين موعد العشاء . بولا ستهتم بك".

أبتعد قليلا ليناديها , وبعد قليل دخلت القاعة فتاة شابة , شعرها الأشقر مرفوع بشكل ذنب حصان , كانت ترتدي بنطلونا من الجينز وقميصا قطنية , لا شك في أنها أبنته.
قال السيد هامتون لأبنته:
" رافقي الآنسة دانتون الى غرفتها وقولي لأدبي أن تحضر العشاء في الساعة السادسة .... تماما".
منتدى ليلاس
قالت بولا:
" من هنا من فضلك".
تبعتها تامي , فدخلت غرفة كبيرة للجلوس ,منيرة , ثم مرّتا بغرفة الطعام وأخذتا بعد ذلك ممرا وفي آخره توقفت بولا وفتحت الباب:
" هذه هي غرفتك , أما غرفتي فهي هنا , قرب غرفتك , وأما الحمام فهو هنا".

دخلت تامي الغرفة وتبعتها بولا , كانت حقيبتها موضوعة على البساط قرب السرير , الغرفة كانت بسيطة لكنها مريحة , الأثاث قديم داكن , وغطاء السرير الملون وحده يعطي رونقا للغرفة ,فقط منضدة الزينة من الطراز الحديث تبدو غريبة مع بقية الأثاث .

ألتفتت تامي وأذا بعيني بولا البنيتين تحدقان فيها , فأبتسمت لها تامي وقالت:
"أنها غرفة رائعة!".
" أنها قديمة العهد , لكن والدي لا يريد أدخال أي تغييرات على الأثاث والديكور".
ثم أشارت الى منضدة الزينة :
" لقد أشتراها فقط عندما علم بمجيئك , أنت أنكليزية , أليس كذلك؟".



اماريج 10-07-10 07:08 PM

ثم جلست على السرير وحدقت بتامي في نظرة مليئة بالأهتمام :
" كيف هي أنكلترا؟ غادرها والدي عندما كان صبيا , وهو يقول أنه يحب العودة الى هناك ولو لمرة واحدة , أذا أسعفه الحظ , لكنني أعتقد أنه لن يعود الى هناك , ما دام منهمكا بأعماله".

جلست تامي بقربها:
" أن أنكلترا لا تختلف كثيرا عن هنا , هناك مناطق خضراء شاسعة ومدن , لكنني لم أصل الى أستراليا ألا منذ ستة أسابيع وأمضيت معظم وقتي في أدلابيد , أذا طرحت علي السؤال نفسه بعد أن يمضي على وقت أطول هنا , فسأكون قادرة على أن أقول لك ما هو الفرق بين البلدين".

أبتسمت بولا أبتسامة أنارت وجهها :
" هل ينبغي أن أناديك آنسة دانتون؟ هنا نكتفي بذكر أسمائنا الآولى , ما هو أسمك الأول؟".
أجابت في نظرة ساخرة :
" تابيتا".
فوجئت بولا وقالت:
" صحيح؟".

وافقت تامي في نظرة داكنة.
" لكن أرجوك أن تناديني تامي كما تعود الجميع أن ينادوني هكذا".
" أن هذا الأسم يليق بك كثيرا".
ألقت بولا نظرة ألى ساعتها :
" يا ألهي! تأخرت عن العشاء , وسيغضب والدي , أنه يحب تناول الطعام في الوقت المحدد".

أسرعت نحو الباب وأضافت:
" أمامك عشر دقائق لتستعدي وسأحضر لأرافقك الى العشاء".
أسرعت تامي في أخراج أدوات الزينة من حقيبتها , وأخذت حماما سريعا , وأرتدت فستانا من الكتان الأخضر كان في حاجة الى تمليس , لكنها لم تعط أهمية لذلك بسبب ضيق الوقت.

وفي الوقت الذي كانت تامي تسرح شعرها , دخلت بولا وهي ترتدي فستانا من القطن الأزرق , بسيطا وجميلا في آن واحد , أرخت شعرها على كتفيها وبدت أصغر مما كانت تبدو.
" هل أنت مستعدة؟".
" نعم".
منتدى ليلاس
خرجتا معا الى قاعة الجلوس , كان السيد هامتون في أنتظارهما ومعه رجل طويل القامة , أسمر ذو وجه نحيف وحساس , يرتدي سروالا كاكيا وقميصا بيضاء , فقدم السيد هامتون الرجل:
" تلميذي , جيري تالر , جيري هذه الآنسة دانتون".

قهقهت تامي ضاحكة وقالت وهي تنظر الى بولا لترى ردة فعلها.
" أرجوك , أنني أدعى تامي دانتون".
لكن بولا ردت عليها الأبتسام وظلت ساكتة.
نظر اليها جيري بأعجاب ومد يده يصافحها .
" تشرفنا يا تامي".
وبعد قليل جلس الجميع الى مائدة الطعام , وقدمت الطعام أمرأة نشيطة تدعى آدمى , وهي متقدمة في السن شعرها الرمادي مرفوع بكعكة , أبتسمت لتامي كأنها تريد أن تقول لا : أهلا وسهلا , فهي تقوم بالأمور المنزلية بشكل عام , أما الخادمات اللواتي يقمن بالأعمال الكبيرة فهن من الأبورينالز ( السكان الأصليون) , كان العشاء مؤلفا من روستو الحمل والبطاطا المقلية والبازلاء , والصحن الأخير كان مؤلفا من قالب حلوى محشو باللوز والمربى والقشدة السميكة , بالنسبة الى تامي , كان الطعام شهيا ودسما , ولم تتمكن من أنهاء الوجبة , ولم تجد الكلمات المناسبة لتعبر عن أعجابها بكل ما أعدته أدمى أحتفاء بها.



اماريج 10-07-10 07:09 PM

طلب السيد هامتون من تامي أن تأتي بالحلوى أذ قال:
" لا بأس أذا سمنت قليلا, وأعتقد أنك بحاجة الى ذلك بعض الشيء".
فوجئت تامي بأبتسامة جيري الساخرة الذي قال في صوت مرح:
" أنتبه يا جيم! الفتيات في أيامنا هذه يحافظن على نحافتهن ورشاقتهن".

فقالت تامي:
" آه , ليس هذا هو الموضوع , يمكنني أن آكل ما يطيب لي , من دون أن أسمن , أذا كنتم تريدون مني أن أسمن فأن آمالكم ستخيب".

أشار جين هامتون الى أبنته بحركة من رأسه:
" وأبنتي أيضا كذلك , تأكل أحيانا أكثر مني , أنظري اليها , أنها نحيفة مثل والدتها ".

جيري الذي ظل صامتا , أبتسم في خجل وقال موجها كلامه الى تامي:
" لا تخافي فسوف تجذبين الآخرين من دون شك ".
فتحت بولا عينيها الواسعتين ثم حدقت من جديد في صحنها .
تناول الجميع القهوة في الشرفة حيث كان الطقس منعشا.
منتدى ليلاس
جلس جيري قرب تامي وقدم اليها سيجارة , لم يكن يتكلم كثيرا ,وفهمت أنه غير ثرثار.
طرح عليها السيد هامتون أسئلة حول بلدها أنكلترا , حدثته تامي عن القضايا السياسية والوضع في البلاد , وأستمر الحديث أكثر من ساعة وهم ما يزالون مسترخين في الشرفة , وفجأة دخلت سيارة في الممر وتوقفت أمام المنزل , كان الظلام حل والنجوم تلمع , صفق الباب , وسمعت تامي صوتا تنساه:
" مساء الخير جيم , هل يمكنني أحتساء القهوة معكم؟".
" طبعا , يا ريك , أدخل".

نهضت تامي بسرعة :
" المعذرة يا سيد هامتون , أنني أشعر بالتعب , فالنهار كان طويلا وأود أن أعود الى غرفتي وأرتاح , تصبحين على خير يا بولا , تصبح على خير , يا جيري".
توجهت نحو الباب بسرعة , فقال ريك هاتون:
" أود أن أقول لك كلمة واحدة , يا آنسة دانتون , لو سمحت".
كان ذلك أمرا أكثر مما كان طلبا.

جمدت تامي وألتفتت ببطء , كان قد أقترب منها , فلم يعد في أمكانها أن تتحاشاه , فراحت تتفرس فيه في هدوء:
" ماذا عندك؟".

كان وجه ريك هاتون غير واضح في العتمة , لكن خيل اليها أنه كان يبتسم , نعم , كان يبتسم! فقد شاهدت بريق أسنانه البيضاء الناصعة.


اماريج 10-07-10 07:11 PM

قال في بطء وسخرية :
"يبدو أن عليّ أن أعتذر منك".
لم يبد لتامي أنه نادم بالفعل.
" صحيح ؟ ولماذا؟".
سمعته يتنفس بعمق , تقدم منها وتقلص:
" لنقل أنني لم أستقبلك بحرارة كما يجب".
أجابت:
" آه , لا تشغل بالك , فقد أعتذر عنك السيد هامتون , أعتقد أن حظي كبير لأنه مديري , يبدو أنه سيعاملني معاملة جيدة".

أستدارت نحو الآخرين وتجاهلت كليا الرجل الواقف قربها .
وقالت:
" ليلة سعيدة , تصبحون على خير".
ودخلت الى غرفتها بعد أن عبرت المنزل في خطى هادئة .

كانت تنفجر غضبا وهي تخلع ملابسها وترمي حذاءها , أستحمت وسرحت شعرها وما لبثت أن سمعت خطوات , ثم فتح الباب ودخلت بولا فجأة :
" تامي! هل تعرفين ما قمت به؟ لقد أعلنت الحرب على الزعيم الأبيض الكبير".
" آه , صحيح".
منتدى ليلاس
أنفجرت بولا بالضحك ثم بدت جدية .
" أعتقد أنك لا تعرفين أي ورطة أدخلت نفسك فيها , أن أحدا لا يستطيع أن يغضب ريك".
" أنها الطريقة الفضلى ليتعلم أنه ليس وحده في هذه الدنيا , لا تخافي سيشعر بالراحة , فهو في حاجة من وقت الى آخر لأن يتحداه أحدهم وينبهه الى أخطائه ".
" تامي ! أنك تتكلمين مثل أستاذي في مدرسة في أدبلابيد".

بدّلا الموضوع وراحا يتكلمان بصداقة , وعرفت تامي أن بولا في السابعة عشرة من العمر وأنها طالبة جامعية , وهي تمضي خمسة أيام في الأسبوع في المدينة , وتأسف لعدم أستطاعتها قضاء الأسبوع كله في المزرعة وذلك لأن جامعتها بعيدة , كما أنها تعيش مع قريبة لها تسكن في المدينة.

" سأكون هنا في عطلة نهاية الأسبوع , أنني أحضر دائما السهرات الراقصة التي تقام مساء كل يوم سبت , في الغد ستقام سهرة ويجب أن تحضريها ".
قبل النوم ظلت تامي تفكر بالسهرة التي ستصحبها بولا اليها , وقالت لنفسها :
" قد أذهب , شرط ألا يحضر ( الرئيس الأبيض الكبير!).

**********نهاية الفصل الاول**********


اماريج 11-07-10 01:59 AM

2-شيء كالحلم المستحيل
***************************
أستيقظت تامي باكرا صباح اليوم التالي , دخلت الشمس غرفتها من كل الجهات , بقيت ممددة لبرهة لتتذكر أين هي وسرعان ما أستعادت حوادث الأمس , وهي الآن تنتظر بفارغ الصبر أن تبدأ العمل , لقد تدربت لمدة أسبوعين , في مدينة أدلابيد , أستعدادا للقيام بكل المهمات التي يمكن أن توكل اليها , سواء في المكتب أو في المزرعة , وكان عليها أن تختار بين ثلاثة مراكز , لكنها فضلت المزرعة التي تقع على بعد مئة كيلومتر من أدلابيد في أقصى وادي باروما الشهير.

وهمست لنفسها:
" سأفرح لوجودي هنا , أنني أشعر بذلك".
وتحولت أفكارها ألى أنكلترا , أنه شهر شباط (فبراير) , ولا شك في أن الثلج ينهمر هناك , وراحت تفكر في جوناثان, أنها لا تزال غاضبة لما حدث في المطار , فقد كان موافقا على أن تسافر لفترة معينة , فهي في حاجة الى أقامة صلات مع الحياة ... بعد وفاة والدها , كان جوناثان يعتني بها , وهي بكت على كتفه وفي منزله أستعادت صحتها لتستأنف الحياة من جديد , يتيمة الأم والأب .

جاء جوناثان الى القرية التي كانت تعيش فيها تامي قبل ثلاث سنوات , وهي قرية والدته , وأشترى قصرا ريفيا قديما كان يملكه سيد المكان
وبعد مرور وقت قليل على وجوده في القرية تعرف الى تامي , عندما جاء الى عيادة والدها الطبيب البيطري ومعه كلبه من أجل أن يحقنه بالطعم المطلوب , ومنذ ذلك الوقت وهو يبدي أعجابه بها بصورة متواصلة , وتامي الفتاة المتواضعة فوجئت بتصرفه بحوها , أذ كان جوناثان وسيما وغنيا , ورقيقا ولطيفا
ولهذا يمكنه أن يختار أغنى الفتيات وأفضلهن جمالا , لم تكن تامي تتأمل نفسها في المرآة مليا , شعرها أسود طويل ووجهها بشكل القلب وعيناها زرقاوان وكبيرتان , كلها أشارات الى الجمال المتناسق
أحب والدها جوناثان كثيرا , الذي كان يزوره بأستمرار , كان سهلا على تامي أن تقع في غرامه , لكنها لم تفكر في الأمر لحظة , القرية كلها كانت تتوقع أن يتزوجا وخصوصا والدة جوناثان

أما هو فكان يعتبر أنه ما زال مبكرا على الزواج وأمامه متسع من الوقت لذلك , في الظاهر كان مرحا ومحبا , لكن تامي أكتشفت فيه عنادا خفيا , كان يدير عملية أستيراد وتصدير مهمة ولا يسمح لأحد بأن يسيطر عليه ويفرض رأيه .
منتدى ليلاس
بعد وفاة والدها وجدت تامي نفسها وحيدة , فقد مات أمها عندما كانت صغيرة , في البداية , كانت مرهقة وحزينة , مما أتاح لجوناثان أن يسيطر عليها , لكنها بدأت تكتشف تدريجيا الى أي درجة راح يتحكم في حياتها , وفهمت بسرعة أن عليها , أما التحرر منه , وأما الأستسلام لضغطه التي كان يمارسها عليه , وقررت في النهاية أستعادة حريتها , فهي ما تزال في سن تجعلها قادرة على التصرف كما يحلو لها.

وتذكرت الأحساس بالأرتياح الذي شعرت به وهي تحلق في الطائرة بعيدة عنه , لقد فهم جوناثان ذلك وهو لا يلومها على أي شيء , كان كل شيء سيتم على ما يرام لولا أن تامي أكتشفت وجود مجهولا , وهنا بدأت ترى بوضوح أكثر , أن في نية جوناثان أن يراقبها ولو ذهبت الى آخر العالم , ولما وصلت الطائرة الى مطار سيدني , توجهت الى المكان الذي نصحها أن تنزل فيه , أذ أن لجوناثان أتصالات في معظم بلدان العالم ولا سيما في أستراليا.

وبعدما فكرت مليا بالأمر , قررت مغادرة سيدني فجأة وأختارت مدينة أدلابيد محطتها الثانية , وألقت جانبا بكل العناوين التي أعطاها أياها جوناثان قبل مغادرتها بلدها , حيث يمكنها أن تجد عملا ما , ولم يفهم عندما أصرت بأنها لا تريد مساعدة أحد وخاصة هو وأنها تنوي الأتكال على نفسها , وكان جوابه بعد أن ألقى اليها نظرة ساخرة:
" عندما تشعرين بالملل من وحدتك , أتصلي بي , فأنا في أنتظارك".



اماريج 11-07-10 02:01 AM

الآن عرفت تامي لماذا لم يعارض مشروع سفرها , أذ أنه يعرف مدى تعلقها ببلدها , فهي تحب القرية حيث ولدت وترعرعت وكبرت , وتعرف أن الغربة مخاطرة خطرة ورهيبة لا يمكنها أن تتحملها , وهو متأكد من أنها ستعود بعد فترة وجيزة , غير أن تامي كانت متأكدة من أنها ستجد في الغربة أصدقاء جدد وسوف تجدعملا بسهولة , فهي مؤهلة لأن تكون سكرتيرة ذات خبرة , لكن العمل داخل مكتب , فكرة لا تغريها.

فكرت في أن تبحث عن عمل عند طبيب بيطري , غير أن ذلك سيعيد اليها الذكريات المؤلمة ! وهي يجب أن تنسى الماضي , لكنها وجدت حلا لمشكلتها عندما قدمت لها المضيفة في الطائرة أحدى الصحف المحلية ,وقرأت فيها أعلانا يقول ( مطلوب سكرتيرات مستعدات للسفر والتنقل وتأدية وظائف مؤقتة) هذا ما تسعى تامي اليه , فستتمكن من رؤية البلد وتتخلص من رقابة جوناثان عليها .

نقرة على الباب أنتشلتها من هواجسها , دخلت فتاة صغيرة من السكان الأصليين قصيرة ونحيلة , تحمل صينية عليها أبريق الشاي.
شكرتها تامي وسألتها:
" ما أسمك؟".
قالت في خجل قبل أن تخرج بسرعة:
" ميري".

وبينما كانت تحتسي الشاي نظرت تامي الى ساعتها : أنها السابعة , وهي تعرف أن موعد فطور الصباح هو في الثامنة , أمامها متسع من الوقت لترتدي ثيابها وتقوم بنزهة قصيرة قبل الفطور , نسيت وجود بولا التي ألتقتها وهي خارجة من الحمام.
" صباح الخير يا تامي , أتحبين أن نمارس رياضة كرة المضرب , هذا الصباح؟".

رفضت تامي العرض , لأنها تعرف أن السيد هامتون سيكون في حاجة اليها , ربما ليشرح لها طريقة العمل.
منتدى ليلاس
" أذن, سوف تحضرين السهرة الراقصة , أليس كذلك؟".
" ربما , لكن هل سيكون هناك؟".
أنفجرت بولا ضاحكة , أذ أدركت تماما من كانت تامي تقصد .
وقالت:
" لا تقام سهرة من دونه , أن كل الفتيات هنا يتمنين حضوره".
" في هذه الحال , لن أذهب".
ضحكت بولا وأشارت بسبابتها متهمة تامي:
" أنت تخافينه!".
" أبدا".

" أحضري الحفلة وبرهني أنك لا تخافينه ".
" أنني لا أعرف أحدا".
" تعرفينني وتعرفين جيري , سيكون جيري حزينا أذا لم تأت".
نظرت اليها تامي وقد فاجأتها الملاحظة:
" جيري؟".
" قال أنك مناسبة له".
" وماذا يعني بذلك؟".
" هو يعني أنك تعجبينه".
" أنت تمزحين!".
" أوه , ويا لحظك , أن أهله يملكون مزرعة كبيرة في كوينزلاند".

" لم أره أكثر من خمس دقائق , أنك تذهبين بعيدا في تخيلاتك , هل نسيت أنني سكرتيرة والدك؟".
أجابت وهي تهز رأسها:
" آه ! لا أهمية لذلك".



اماريج 11-07-10 02:04 AM

خلال النهار تبين لتامي أن قرارها ألا تحضر الحفلة الراقصة سيلاقي معارضة شديدة , وقف سكان المنزل ضدها , حتى السيد هامتون بالذات.

" هنا , من النادر أقامة حفلات راقصة , وهي لا تقام الا في فصل الصيف , ومن الأفضل الأفادة من ذلك".

وفهمت تامي أن عليها حضور الحفلة , سواء شاءت أم أبت.
أمضت فترة النهار في زيارة الأمكنة التي تحيط بالمزرعة , أنطباعها الأول عن رب عملها , أنه رجل مستقيم , لطيف لكنه فظ أحيانا ,وبينما كان يشرح لها العمل داخل المكتب , كانت تامي تتساءل: منذ متى ترمل , وخيل اليها أنه خسر زوجته عندما كانت بولا ما تزال طفلة , فليس في المنزل أي دليل لوجود عنصر نسائي".
منتدى ليلاس
" أذا أحتجت الى أمر ما , فما عليك ألا أن تسأليني , اليوم , السبت , هو يوم عطلة , يمكنك أن تفعلي ما شئت للترويح عن نفسك , ستبدأين بالعمل يوم الأثنين".
راحت تامي تتنزه من جهة المزرعة , وتتساءل كم من الهكتارات تبلغ مساحتها , أبتعدت عن المباني ووقع نظرها على حقول القمح والشعير , كانت تتمتع بأريج الهواء الخفيف وتترك لنظرها حرية الأسترسال الى ما وراء المراعي , لفت نظرها نقاط بيضاء ووردية , أنها المراعي , وقفت مفتونة أمام هذا المنظر الخلاب.

لدى عودتها في المساء , طلبت منها بولا البدء بالأستعداد للحفلة الراقصة , أرتدت تامي فستانا خاصا بالسهرات ثم جلست أمام مرآة منضدة الزينة وألقت نظرة على شعرها تتساءل كيف ستسرحه , بدأت ترفعه الى الوراء عندما دخلت بولا.
" تامي! أجمل بكثير لو تركت شعرك ينسدل على كتفيك , لماذا ترفعينه الى الوراء؟".

سحبت الدبابيس وتركته يتساقط على كتفيها , وقالت:
" صحيح, معك حق , هكذا أجمل".

ثم ألقت نظرة الى فستان بولا الأزرق الفاتح المطرز بالأبيض , لكن بولا أحمرت خجلا عندما مدحتها تامي , فردت عليها بولا وهي تنظر الى فستان تامي البرتقالي والحريري:
" وأنت أيضا , فستانك أنيق وناعم".
وأضافت:
"" يجب أن ترتدي بأستمرار ثيابا في هذا اللون , أنه يناسبك تماما".

أصدقاء بولا جاؤوا الساعة الثامنة ليصطحبوا الفتاتين الى السهرة , لم يكن المكان يبعد سوى مسافة عشرين دقيقة , كانت القاعة مليئة بالناس عندما وصلتا.

وكانت تامي تعتقد بأن الحفلة ستكون سهرة فولكلورية , وفوجئت عندما أكتشفت وجود أوركسترا , كما لمحت بين الحضور جيري الذي أبتسم لها , فشعرت بالأرتياح لأنه في أمكانها أن تعتمد على رجل يراقصها , في الظاهر هذه الحفلة تشبه الحفلات التي تقام في أنكلترا , غير أن الرجال هنا يشغلون زاوية في القاعة , وهم ممشوقو القامات , أصدقاء للشمس التي لوحت أجسامهم.



اماريج 11-07-10 02:05 AM

كانت تتأملهم ضائعة كما هي عادتها , عندما لمحت وجه ريك هاتون , كان لونه الأشقر يميزه عن الآخرين , وكانت تحي به شلة صغيرة من الرجال يصغون اليه في أمعان وأهتمام.
بدأت الأوركسترا تعزف , لكن حلبة الرقص ظلت فارغة برغم حماسة البعض وأستعدادهم للرقص .

نظرت تامي الى بولا مستفسرة , فشرحت لها قائلة:
" ريك هو الذي يفتتح الرقص دائما , أنها قضية لياقة , أذ أنه يملك المنطقة كلها تقريبا".

دهشت بولا وأتسعت عيناها عندما رأت ريك هاتون يتقدم نحوهما , ورفعت تامي ذقنها ونظرت اليه , لكن ذلك لم يؤثر فيه , أذ ظل يتقدم , أعتقدت بأنه سيدعو بولا الى الرقص , تفرست فيه بنظرة مريبة عندما توقف أمامها وقال:
" آنسة دانتون".

حاولت ايجاد عذر لكنه أخذها من يدها ليرغمها على الوقوف , ثم جذبها بقوة وأتجه بها الى حلبة الرقص.
همس في أذنها قائلا:
" أظن بأن لا خيار لديك".

ذهلت تامي وهو يراقصها , محاصرا بذراعه خصرها , لم يتفوه بكلمة , وما أن أنتهت الرقصة حتى أعادها الى حيث كانت جالسة ثم توجه الى مكانه.
نظرت اليه بولا مبهورة ثم قالت لتامي:
" كان تأثيرك عليه كبيرا , سبق أن قلت لك ذلك , هل تذكرين؟".

سألتها تامي بحيرة :
" لماذا أختارني أنا بالذات لأرقص معه؟".
فكرت بولا مليا كي تجد تفسيرا لما حدث ثم قالت:
" قد يكون أراد أن يبرهن لجيري أن لا حظ له معك الليلة , لكن الغريب في الأمر أن ريك أعادك الى هنا, فقد أعتاد أن يصطحب شريكته الى ما نسميه نحن مائدة الشرف المخصصة فقط لوجهاء البلدة".
منتدى ليلاس
قالت تامي:
" أود أن أشكره لأنه لم يأخذني الى هناك , ماذا تقصدين بقولك أنه أراد أن يبرهن لجيري أنه لن يرقص معي؟".
" عندما يختار ريك فتاة للرقصة الأولى , فأنه يكون قد أختار شريكته للسهرة كلها ".

" أنا لست شريكته ولا أرغب في ذلك".
" سترقصين الليلة مع ريك فقط ولا يمكن لجيري أن يعترض".

عندما أستأنفت الأوركسترا العزف , راحت تامي تفتش عن غرفة الثياب , فأذا عاد ريك ليدعوها من جديد الى الرقص , فأنها ستتوجه الى غرفة الثياب , ولكن لماذا القلق, فقد شاهدته يراقص فتاة أخرى.

صرخت بولا في أستغراب:
" هكذا أذن!".
توقعت تامي أن تشرح لها بولا الأمر:
" لم يتصرف على هذا النحو أبدا , أنه ولا شك غاضب".

" تقصدين أنه أهانني".
" لا بأس يا تامي , قليلون هم الذين سيعرفون ماذا حدث".



اماريج 11-07-10 02:19 AM

ألقت تامي نظرة حولها وفوجئت بعيون المدعوين المملوءة دهشة , أنها ردة فعل ريك أمام برودة أعصابها عندما قدّم لها أعتذاره , ماذا كان ينتظر منها؟ أن تركع وتشكره؟ لو أنه أعتذر عما حصل بصدق لأرتضت ذلك بطيبة خاطر , لكنه صدمها بعجرفته.

زمت شفتيها وهي تقول في نفسها أنه بدلا من أن يعتذر أهانها أمام وجهاء البلدة كلهم.
" بولا, هل يتولى أحد أصدقائك ايصالي الى المنزل؟".
" هذا مستحيل , فقد يعود ريك اليك".

" آه ,لا! أنه يتصرف هكذا عن سابق تصور وتصميم , وأنا أرفض أن أبقى هنا أنتظر أهانة أخرى".
قالت بولا في توسل:
" لا يمكنني أن أطلب من أحد ايصالك الى المنزل , قبل أن تنتهي الحفلة".
منتدى ليلاس
شاب من المدعوين دعا بولا الى الرقص , وبقيت تامي وحدها, ضائعة تماما , وبعد دقائق وافاها جيري والغضب ظاهر في نظراته وهي تدرك السبب.

قال في همس:
" أعتقد بأنه رجل مدلل".
" هل يمكنك أن توصلني الى المنزل؟".
" طبعا, أرجو أن تنتظريني قليلا".

عندما عادت بولا أخبرتها تامي بما جرى بينها وبين جيري , فبدا على بولا الأنزعاج :
" هذا قد يؤدي الى معركة بين جيري وريك".
" لماذا تعقدين الأمور؟ نال ريك ما يريد ولم أعد أعني له شيئا".
لكنها كانت على خطأ , فما أن وصلت مع جيري الى الباب حتى كان ريك يسد عليها الطريق:
" هل تذهبين يا آنسة دانتون؟".

" نعم, فقد تلطف جيري وتطوع لأيصالي , أنني أشكو من صداع".
ألتفت ريك الى جيري وقال له بهدوء:
" أعتقد بأن هذا الأمر يخصني".
قالت تامي وهي لا تدرك كعادتها ماذا يجري:
" لماذا كل هذا الضجيج؟ كل ما أريده هو أن أذهب من هنا".

تناول ريك يدها وقال:
" سأعيدك الى البيت ما دمت تصرين".
ألقت تامي نظرة خاطفة الى ريك وهما يبتعدان عن المدينة , لم يتفوه بكلمة واحدة , كان يحدق في الطريق بكل أنتباه , أقتربت السيارة من المنزل , وبعدما توقفت حاولت تامي النزول , لكن الباب كان مقفلا , وبهدوء مد ريك يده ليفتحه , فقالت تامي في صوت بارد:
" شكرا يا سيد هاتون , لا داعي لأن توصلني أبعد من هذا".

صعدت السلالم راكضة , وبسرعة فائقة لحق بها ووصل الى الباب قبلها , رفعت عينيها نحوه وقالت في أنزعاج وتوتر:
" ماذا تريد بعد؟".
" هل يحق لي أن أتقدم بطلب آخر؟".

أنتفضت, من السهل معرفة ماذا يريد , لكن لماذا يحاول أن يزعجها الى هذا الحد ؟ فجأة خيّل اليها أن الرجل الماثل أمامها ضخم وهائل , وللمرة الأولى في حياتها شعرت بأنها فقدت كل وسائل الدفاع.
قالت بعصبية , وهي تحاول أن تستعيد وعيها:
" ماذا لو تجاهلت طلبك؟".
" لكن ذلك يجب أن يتم نتيجة لكل ما حدث في الحفلة".
منتدى ليلاس
أغمضت عينيها وقالت:
" خذ ما تريد بسرعة رأرحل".
أنفجر ضاحكا , ثم جذبها نحوه بقوة وراح يعانقها , ولم تدرك أن الرجل يكتشف فيها ربما حياته وأنه يحاول أن يجعلها تكتشف أنها شيء آخر , قال بنبرة غاضبة:
" أتوقع منك في المستقبل الكثير من الأحترام , ليس من أمرأة تجرأت وأدارت لي ظهرها , هنا أرضي وأملاكي , فأذا أردت الحرب فأنا مستعد , وأؤكد لك بأنك ستستسلمين بسرعة , أحب أن أتصرف كما أريد ,وستلاحظين ذلك يوما , والآن , أذهبي وأبكي على وسادتك".

فتح الباب ودفع تامي الى الداخل في قسوة لا تغتفر.
كانت تأمل ألا يأتي السيد هامتون ويسألها لماذا عادت مبكرة , توجهت الى غرفتها وسقطت في السرير مسمرة العينين , لم يسبق لها أن شعرت بمثل هذه الصدمة , ماذا فعل بها؟ نعم , لقد عانقها... لكن شيئا آخر حدث , شيئا لم يستطع عقلها أن يفهمه , شيئا هو أهم من كل شيء , ليس هو الحب ولا الشهوة ولا الرغبة , كأنه ذلك الحلم المستحيل".

كانت قد نامت عندما عادت بولا , فلم تستطع أن تعرف كيف أنتهت تلك السهرة.

********نهاية الفصل الثاني********


اماريج 11-07-10 02:52 AM

3-وظيفة مؤقتة
*******************
بدأت تامي العمل بأنتظام , بعدما شرح لها السيد هامتون كل التفاصيل المتعلقة بالعمل.
رفعت حاجبيها عندما أطلعها على مساحة المزرعة , مئتان وخمسون هكتارا , بالنسبة اليها المزرعة شاسعة , لكن السيد هامتون قال لها أن هذه المساحة صغيرة جدا بالنسبة الى المساحات في أستراليا.

وجدت العمل مثيرا ومسليا , وتبين لها أنها لن تكون طيلة النهار أسيرة المكتب , أن قسما من مهمتها ينحصر بزيارة معمل الأجبان لتسجيل المحاصيل اليومية , وهناك تعرفت الى فريدي زوج أدمى , أنه ألماني , قصير القامة, أنيق , عيناه تفيضان فرحا , هاجر الى أستراليا من أجل شراء قطعة أرض يستثمرها لزراعة الكرمة , لكن الأسعار كانت مرتفعة وهو لم يملك المال الكافي , ولا يزال يأمل في توفير المبلغ المطلوب ليحقق حلمه.

عادت تامي الى المنزل ودارت حول المزرعة حيث لمحت سيارة كبيرة أمام الباب , قطبت حاجبيها , وما أن أقتربت حتى أدركت أنها سيارة جاكوار , فتقلصت كليا , لا شك أنها سيارة ريك هاتون , مرت من أيام السيارة , وفي ذاكرتها الحفلة الراقصة وطريق العودة , وعندما دخلت الى المنزل سمعت أصواتا آتي من المكتب , فتوقفت لحظة ثم قررت ألا تظهر قبل أن يكون ريك قد أنهى حديثه مع السيد هامتون.

ألقت نظرة سريعة على ساعتها , أنه موعد تناول القهوة , فتوجهت الى المطبخ , حيث كانت أدمى تصنع عجينة ( البريوش) , فسألتها تا مي , مسرورة لأنها وجدت حجة لعدم الذهاب الى المكتب:
" هل يمكنني أن أعد القهوة بنفسي ".

" أن السيد هاتون هنا , وأرجو أن تحسبي حسابه ما دمت تعدين القهوة".
" سأفعل".
بدأت تامي تعد القهوة ببطء , لعل ريك هاتون يكون قد رحل , لكنها سمعت صوته بينما كانت تفتح باب المكتب:
" شكرا يا تامي".

سكبت القهوة من دون أن تشعر بأي أهتمام من جانب هذا الرجل , مما أسعدها , قدمت الى السيد هامتون فنجانه , ووضعت فنجان ريك على الطاولة , ثم أبتعدت , لكن السيد هامتون ناداها وهو يقول , مشيرا بيده نحو المكتب , طالبا اليها أن تقوم بعمل جديد لريك فلمعت عيناها : لمن هي تعمل بالضبط؟ وأنتبه ريك هاتون الى ردة فعلها وقال:
" المحاسب الذي يعمل لديّ مريض".

عضت على شفتها , في كل حال الغلطة ليست غلطة السيد هامتون , قالت:
" حسنا , متى تعتقد أنك ستحتاج اليّ؟".
منتدى ليلاس
بقي ريك لحظة صامتا قبل أن يرد عليها في نبرة بدت وكأنها مليئة بالتهديد:
" هل أزعجك اذا طلبت أن تكوني جاهزة بعد أربع ساعات؟".
قال السيد هامتون مستغربا:
" ماهذا يا ريك , هناك على الأقل خمسون لائحة , ألا يمكن أن تنتظر حتى صباح الغد؟".

ومن دون أن يعير أنتباها لملاحظة السيد هامتون , ظلّ ريك يراقب تامي بحدة ثم قال:
" سبق أن قلت لي أنك تملكين مؤهلات واسعة في مجال السكرتاريا , أليس كذلك؟ وأعتقد أنك تضربين على الآلة الكاتبة بسرعة, المحاسب الذي يعمل لدي يستعمل أصبعين فقط, وفي أستطاعته أن ينهي هذا العمل في ساعة ونصف".

حاولت أن تحافظ على هدوئها وأجابت:
" نعم , يمكنني أستخدام جميع أصابعي للضرب على الآلة الكاتبة , هكذا تعلمت , غير أنه ليس لدي أية فكرة عن العمل الذي تطلبه مني , لذلك لا أعرف كم من الوقت سيتطلب مني ذلك".
صرخ السيد هامتون:
" هذا صحيح يا ريك, أن جاك تينغنستون محاسب يعرف عمله تماما وكذلك الأسماء".

وألتفت نحو تامي وقال:
"العمل هو كناية عن جز صوف الماشية , ولكل عامل جدول , وعليك فقط أن تسجلي أسمه , وعدد الخراف التي جزّ صوفها ومدة العمل".
تناول اللائحة عن المكتب وسلمها أياها , قائلا:
" كل المعلومات مدونة هنا".

قرأت تامي اللائحة وقالت بدون أن تنظر اليه:
" يمكنني أن أنفذ هذا العمل في أربع ساعات , يا سيد هاتون".
تذرّعت أنها نسيت فنجان قهوتها في المطبخ , فخرجت من المكتب وهي ترتجف غضبا.

وصل داني في الرابعة تماما ليأخذ اللوائح التي أعدتها تامي , كان يبدو عليه المرح لأنه متفق تماما مع رب عمله , لقد قال لها ذات يوم:
" أن ريك رجل عظيم".



اماريج 11-07-10 02:53 AM

لم تشاهد تامي ريك هاتون خلال الأسبوع كله , لكنها لم تكن قادرة على أن تنسى وجوده , فقد كلفها أعداد الكثير من الأعمال بدون أن تنسى ذكر الوقت الذي ترى أنها قادرة على أنجازه.
ومع مرور الأيام , بدأت تعرف أمورا كثيرة عن أعمال ريك هاتون , أنه يهتم بتربية الماشية , وكانت ترهق نفسها لتنجز العمل في أسرع وقت , لا لأرضائه , أنما لأرضاء كبريائها , غير أنها لا تستطيع تفادي الأخطاء دائما.

ومرة لم تتمكن من قراءة خط المحاسب , وكان السيد هامتون غائبا , فلم يكن أمامها الا أن تقرأ بين السطور , فهي لا تحب أن ترتكب أي خطأ , رغم أن هذا الأمر لن يزعج ريك هاتون الذي يصحح الأخطاء بنفسه , وصل داني في الصباح مع مغلف في داخلة رسالة صغيرة , أحمر وجهها وهي تقرأ: في المكتب دليل سنوي , يمكنك أستخدامه في الحالات الصعبة.

خلال الأوقات الصعبة , كتن جيري يوفر لها التشجيع والتسلية والأهتمام , كان يأتي لرؤيتها بين الفينة والأخرى, ولم يكن يتكلم كثيرا, لكنها كانت معجبة بأهتمامه المتفاني بها وبحرصه على أن يسعدها وعلى أن يجعلها تضع الأمور في نصابها الصحيح.

عادت بولا الى المنزل لقضاء عطلة نهاية الأسبوع , تحدثت فقط عن حفلة الغداء في الهواء الطلق التي ستقام في مزرعة الصخرة , أي مزرعة ريك هاتون , يوم الأحد المقبل :
" في الواقع سيكون الغداء مختصرا على شواء اللحوم في الهواء الطلق, المدينة كلها مدعوة , هذه هي عادة ريك".
لم تقل تامي شيئا , أنها تعرف من سيكون منهمكا جدا في العطلة الأسبوعية.

صباح السبت عادت بولا تتحدث عن الحفلة الراقصة , وسألتها:
" هل ستأتين معنا؟".
أجابت تامي بسرعة:
" لا , شكرا , لدي رسائل عديدة , سأستفيد من هذه العطلة لأكتبها".
منتدى ليلاس
تنهدت بولا وقالت:
" مسكين جيري , أنه يضحي بلا جدوى ".
" أن جيري المسكين لم يجرؤ على أن يرمقني بنظرة عابرة في الحفلة الماضية".

" أنك تعتقدين بأن ريك صدمك , لكن مثل هذه الأمور لا تدوم طويلا , أراهن على أنه نسي كل شيء , ينبغي أن تتحلي بالروح الرياضية , ثم أن الناس سيعتبرون غيابك نوعا من الهرب".

" دعيهم يفكرون كما يشاؤون , لن أذهب الى الغداء ولن أتخلى عن قراري".
أمضت تامي الوقت في كتابة الرسائل , أنها لم تكذب على بولا , فقد تأخرت بالفعل في أنجاز الرسائل , لأن عملها خلال الأسبوع يأخذ معظم وقتها ,وعندما يهبط الليل تفضل النوم باكرا , وتساءلت ما أذا كان من الواجب أن تذكر عوانها الحالي في رسالتها الى جوناثان , لكنها قررت عدم ذكر العنوان لأنها لا تعرف ماذا يمكن أن يخطر في باله , فهو على أستعداد للمجيء كي يراها من دون أن يفكر في الأمر مليا.

كانت قد أطفأت النور وأستعدت للنوم , عندما عادت بولا من السهرة , وتوجهت نحو غرفة تامي التي أنتفضت عندما سمعت خطواتها تقترب من السرير , وقالت وهي تتثائب:
" ألا يمكن أن تنتظري حتى الصباح لتخبريني بما حصل؟".

" لقد جرحت شعور ريك مرة أخرى , لأنك لم تحضري السهرة , الجميع سألوا عنك وأنتابهم القلق".
" لماذا تضخمون الأمور ؟ عندما لا أشعر برغبة في الرقص , لا أرقص, هذا كل ما في الأمر , الآن أرجوك أن تدعيني أنام , وغدا تخبريني كل شيء".

" أردت فقط أن أحذرك ,سألني ريك أين أنت , كما لاحظ غياب جيري , وهذا لم يعجبه, فقد غادر الحفلة باكرا وهو غاضب".
أكتفت تامي بالأبتسام وتقوقعت في سريرها , كانت غارقة في سبات عميق عندما تركت بولا الغرفة.

في صباح اليوم التالي, وعندما كان الجميع يتناولون فطور الصباح , أستمعت تامي الى موعظة طويلة من بولا , السيد هامتون كان يستمع مبتسما , أما جيري فكان مقطب الجبين وقال معبرا عن سخطه:
" لا أدري لماذا يدور كل هذا اللغط, لنفترض أن تامي مرضت ولم تتمكن من الذهاب".

تدخل السيد هامتون في الحديث قائلا:
" دعيني يا تامي أشرح لك الموضوع , الأمر يتعلق بحياتنا الأجتماعية , ريك يصر على أن الجميع هنا يشكلون عائلة واحدة وسعيدة , منذ زمن ووالده يقوم بتنظيم مثل هذه الحفلات , وقد صمم ريك على الأحتفاظ بهذا التقليد , والشيء نفسه سينطبق غدا في حفلة الغداء ., وأذا تغيّب أحد بلاعذر , سيعتبر ذلك أهانة , فلا سبب للتوتر والأضطراب , أنني أعتقد أنه بعدما يفكر في الأمر سيدرك أنه لا يجوز له محاسبتك على أمور تجهلينها".

كانت تامي تتناول فنجان قهوتها في هدوء , وعندما تكلم السيد هامتون عن العائلة الواحدة والسعيدة, أستغربت الأمر بعض الشيء وقطبت حاجبيها , صحيح أنها تجهل عادات أستراليا وتقاليدها , لكن هل من الممكن أن يحل السلام بينها وبين ريك هاتون؟ ستشعر بجرح في كبريائها , لكن يمكنها أن تحاول , أنه يريد أن تظهر له الأحترام , فهل هذا ما يجعله متوترا ؟ تنفست الصعداء ثم وضعت فنجان قهوتها على الطاولة , لن يكون ذلك سهلا.

عليها أن تتعلم كيف تضبط أنفعالاتها , رفعت عينيها وفوجئت بنظرات جيري تراقبها, فأبتسمت وقالت:
" لماذا لم تذهب الى الحفلة الراقصة؟ أعتقد أن لديك عذرا ".
" لا , أبدا , لم يكن هناك عذر".

أحمرت وجنتاها وقالت بنبرة خفيفة:
" ما دمنا متورطين فأنني أقترح أن نجابه معا قرار الأعدام , فهل تساعدني؟.
" من دون شك يا تامي , أن هذا يسعدني".
في الثالثة ذهب السيد هامتون , ترافقه بولا وتامي وجيري , الى مزرعة الصخرة , أرتدت بولا فستانا من الكتان الأبيض , وأرتدت تامي فستانا أخضر.

في الحديقة , بين المدعوين , بقي جيري قرب تامي تنفيذا للمخطط الذي أتفقا عليه , ولما شاهدت تامي شبح ريك يقترب منها , ضغطت على يد جيري وهمست:
" لقد حان الوقت".
أبتسم جيري وقال:
" تشجعي!".



اماريج 11-07-10 02:56 AM

كان ريك هاتون يرتدي قميصا بنية وسروالا غامقا , بدا لها وكأنه تغيّر , كانت عينا ريك تحدقان في يد تامي الضاغطة على يد جيري , فأقترب ريك منهما وقال في لهجة ساخرة:
"تبدين في صحة جيدة, هذا لطف منك لأنك جئت".
أجابت في لهجة حادة , وقد نسيت أنها قررت أن تحقق السلام بينها وبينه:
" لقد أصررنا على المجيء , أليس كذلك يا جيري؟".

أجاب جيري وهو يبتسم:
" بكل تأكيد".
تطلع ريك الى جيري وقال:
" الرجال في حاجة الى مساعدة لنقل البراميل من المدينة , فما رأيك يا جيري؟".

صمت جيري لحظة ثم أجاب:
" كما تريد".
ثم ألتفت الى تامي وقال:
" هل في أمكانك أن تحافظي على حصتي من الطعام, يا حبيبتي؟ أنني أفضل فخد الدجاج".
قال ريك لتامي:
" لديّ شيء , أريد أن أطلبه منك".

تناول ذراعها بقسوة وجذبها نحو الجمع , حاولت التخلص منه لكنه كان يضغط عليها بقوة وهو يقول:
" أمامك الوقت كله لتشاهدي حبيبك , أما الآن فلديّ عمل لك".
دخلا المنزل بعدما ترددت تامي , لكنه حدجها بنظرة قاسية وقال:
" لاتتخيلي أفكارا سوداء , كل ما أريده منك هو العمل , عندما قلت لك أنني لا أحب الفتيات النحيلات , كنت أعني ما أقول , فما عليك الآ الأسترخاء والأطمئنان والأنصياع لما سأطلبه منك".

تنفست تامي في عمق , كان يتكلم بصدق وحرارة الى درجة جعلتها تشعر بالخجل من نفسها.
أدخلها ريك الى غرفة تطل على مؤخرة المنزل , قرب أحد الجدران , مكتب عليه آلة كاتبة , أخذها ريك وألقاها بعنف على الكرسي الموجود في مواجهة الطاولة وقال:
" عليّ أن أرد على بعض الرسائل , المحاسب لا يزال مريضا , وأذا كنت تستطيعين أن تتجاهلي حبيبك ساعة أو ساعتين , فسيكون في أمكاني أن أرسلها غداهل هذا ممكن؟"
منتدى ليلاس
" هل سعيت للحصول على التوقيع المطلوب في العقد الألزامي؟".
" أي عقد؟".
" عندما يعمل المرء عند رب عمل آخر , عليه أن يذكر ذلك في العقد , أن السيد هامتون ليس هنا ليقرر ما أذا كنت سأعمل عندك أم لا , لا أستطيع مباشرة العمل قبل أن أرى توقيعه وأنال موافقته على ذلك".

أبتسم ساخرا وقال:
" أنا رئيسه, هل تجهلين ذلك؟ أن مزرعة الحجر هي ملكي , والسيد هامتون يعمل عندي , والآن أبدأي العمل".
وقبل أن يخرج من المكتب قال:
" أذا كنت في حاجة الى أي شيء , فأرجو أن تناديني".

أنصبّ غضب تامي على الآلة الكاتبة , فقد كانت تضرب في قوة , الى درخة أن النسخات الكربونية كانت واضحة كالأصلية.
عاد ريك في الوقت الذي كانت تنهي الرسالة الأخيرة وقال:
" هل أنتهيت؟".



اماريج 11-07-10 02:57 AM

هزت رأسها ايجابا ثم سألته في لهجة جافة:
" هل بأمكاني الذهاب الآن؟".
رمقها بنظرة ساخرة وقال:
" لا تخافي , حبيبك لن ينصرف , أريد أن ألقي نظرة الى عملك, فلا اظن أنك ستكونين مسرورة أذا أعدتك الى هنا , حين أكتشف خطأ ما , أليس كذلك؟".

أطلقت زفرة عميقة ونظرت اليه وهو يقرأ بأهتمام كل رسالة , وضع الرسائل في الدرج وقال:
"العمل جيد".
توجهت تامي نحو الباب فأمرها قائلا:
" أجلسي , تمهلي , كوني صبورة".

هزت رأسها وأنتظرت مستسلمة, أما هو فقد جلس وراء مكتبه وأشار الى الكرسي المواجه له , فتقدمت في خطى بطيئة وجلست .
قال ريك:
"لماذا تخلفت عن السهرة أمس؟".
" ألم تقل لك بولا السبب؟ كان عليّ أن أكتب بعض الرسائل ".

" أنت هنا منذ أسبوع فقط , ألم يكن في وسعك أن تكتبي رسائلك في وقت آخر؟ أم أن السبب هو جيري الذي يشغل كل وقتك؟".
أجابت بعنف:
" لا , وحتى أذا كان جيري هو السبب , فهذا لا يعنيك".
شدّ على معصميه وقال:
" أليست ذاكرتك قوية ؟ أظن أنني كلمتك بوضوح...".
منتدى ليلاس
أحمرت وجنتاها , لأنها عرفت ماذا يقصد.
أضاف بقليل من الرقة:
" يجب أن أكرر ما قلت , هنا كل شيء ملكي , وجيري هو تحت حمايتي , فقد عهد به والده اليّ لأعلمه تربية المواشي , أذا كان لديك أي أمل من هذا الجانب فمن الأفضل عدم التفكير به , أن عائلته هي من أقدم عائلات كوينلاندز وهم أشخاص محترمون , لا أظن أنهم يوافقون على أن يتزوج ابنهم من سكرتيرة مجهولة".

نهضت على مهل , فلم تعد قادرة على تحمل المزيد , وقالت:
" هل أنهيت حديثك؟ لقد فهمت جيدا ما تقصد ,شكرا".
توجهت نحو الباب ومن دون توقف خرجت من المنزل.

أحرقت الدموع عينيها , يا له من رجل وقح , أنه يكرهها ويحاول تعذيبها , ماذا فعلت كي تستحق هذه المعاملة؟ شعرت فجأة بأن يدا تمسك بذراعها , فأذا بها يد ريك الذي قال:
" حقيبة يدك , يا آنسة دانتون".
أجابت من دون أن تنظر اليه :
" شكرا".

وافاها جيري بعد قليل وهي تجلس تحت جذع شجرة بعيدة عن الآخرين , ولاحظ شحوب وجهها , فسألها في قلق:
" هل أنت في حالة جيدة؟".
تمكنت من الأبتسام وقالت:
" أنه الطقس الحار الذي لم أتعوده بعد".

" سوف تعتادين على الحر بسرعة تعالي وأجلسي في الظل ".
وبعد أن أجلسها في مكان لا تخترقه أشعة الشمس, أحضر لها طعاما , وخيّل لتامي أن الطعام سيخنقها , لكنها حاولت جاهدة ألا ترفض , وهنا سمعت صوتا آمرا يقول:
" جيري, أرجو مساعدتك , أننا في حاجة اليك".

*******نهاية الفصل الثالث ******


اماريج 12-07-10 12:53 AM

4-الى مزرعة الصخرة
**********************
أتصلت تامي هاتفيا بمكتب التوظيفات , نهار الأثنين صباحا , فقد كلفها السيد هامتون تنفيذ بعض الأعمال ثم تركها ليقوم بجولته العادية.

أصغى السيد سلبي مدير مكتب التوظيفات , لكل ما قالته تامي في تهذيب:
" أنني آسفة , أذا كنت أسبب لك المشاكل , لكنني لم أكن في حالة جيدة خلال الأيام الماضية , ربما هذا بسبب شدة الحرارة , هل من الممكن أن تحل ميري جونسون مكاني؟ آسفة لأنني سأضطر الى ترك السيد هامتون , فليس عندي شيء أتذمر منه".

لم تعد تعرف ما تضيفه, لكن جواب السيد سلبي أراحها .
" عظيم , ميري أنهت عملها وهي تبحث عن عمل جديد , ولم تكن تجد شيئا قريبا من مكان سكنها , ستعجبها الفكرة من دون شك".
تنهدت تامي في أرتياح وسألته:
"ومتى يمكنها أن تحل مكاني؟".
" أوه... دقيقة... اليوم نهار الأثنين ... لنقل أنها ستكون على أستعداد لتحل مكانك يوم الأربعاء , هل هذا يوافقك؟".
منتدى ليلاس
" نعم , شكرا جزيلا , يا سيد سلبي".
" لا تنسي تأمين توقيع على العقد من أجل تأكيد اليوم الذي تتركين فيه".

وضعت سماعة الهاتف وفجأة شعرت بالتوتر , العقد ّ تذكرت أن السيد هامتون وضع توقيعه للأسبوع الأول فقط ,ويمكنه أذن أن يوقع عقد الصرف , فأحست بكآبة عندما فكرت بأن لا مفر من أعلامه بالأمر.

ولما عاد السيد هامتون من جولته العادية سألها في لهجة بشوشة كيف تدبرت أمورها , وأبلغها أرتياحه الشديد لأنه لم يعد يهتم بأمور المكتب تاركا لها كل المسؤولية , أنما هذا التصريح لا يسهل خطة تامي لترك العمل.
نظرت اليه وتنفست العداء وقالت:
" يا سيد هامتون...".
لم تستطع التطلع اليه , فجأة جابهت الصعوبات وقالت:
" لقد وجدت من يحل مكاني".

أنتفض وراح يحدق فيها بأستغراب:
" لكن , كنت أعتقد أنك مسرورة من عملك هنا , كنت آمل أن تبقي , ما الذي حدث؟".
أبتسمت له بلطف:
" في ما يتعلق بك يا سيد هامتون , كل شيء على ما يرام , أرجوك أن تصدقني أنني سعيدة أن أبقى هنا , لكن فيما يتعلق ب...".
أختفى صوتها , حدق فيها بنظرة ثاقبة ثم أنتقل الى قرب النافذة , وسألها فجأة :
" ريك هو السبب , أليس كذلك؟".



اماريج 12-07-10 12:55 AM

هزت رأسها وقالت:
" نعم".
" هكذا أذن".
قال وهو يطلق زفرة عميقة:
" كنت أشك في الأمر , عاملك بعنف , أليس كذلك؟ يا له من أبله!".

لم تقل شيئا , وضع يده على كتفها وقال:
" لاحظنا ما يجري , وليس في وسعنا أن نفعل شيئا , أنه السيد وصاحب الكلمة الأولى , لا تضطربي بسبب ذلك , كنت آمل أن تتحسن الأمور ... لا شك أنه وبخك وجرح شعورك يوم أمس , أليس كذلك؟".

ظلت صامتة ونظرتها حزينة , هز رأسه وقال:
" توقعت ذلك".
جلس قربها وتابع:
" لا بد أنك سمعت عن السيدة هاتون , على ما أظن".
" نعم , لقد هجرت والده , أليس كذلك؟".

أجابها فجأة وهو ينظر اليها :
" نعم , أنها أنكليزية أيضا , لقد عملت عند والدها في الماضي وأتذكرها جيدا , أنت تشبهينها كثيرا , كانت سمراء وقصيرة القامة , عيناها بنيتان , لكن الشبه بينكما موجود ولا شك أن ريك لاحظ ذلك".
لم تعلق تامي على كلامه , ظلت صامتة وعيناها تحدقان في المكتب , أخيرا بدأت تستوضح الأمور.

" كم كان عمر ريك عندما رحلت والدته؟".
" 14 سنة , وقد تألم كثيرا لفقدها , ولما كان والده يعاني من جراء ذلك , حاولت العودة , لكن كبرياء جاك هاتون كانت حاجزا ,لا يخترقه أحد".

فكرت لحظة في هذه القصة , ثم أبتسمت وقالت:
" شكر لأنك أخبرتني كل هذه التفاصيل , وأنني أفهم الآن جيدا , وأنت تعرف أذن لماذا أريد أن أترك العمل , أليس كذلك؟".
تنهد وهز رأسه قبل أن يصرخ فجأة:
" يا له من أبله! هذا مناف للعقل ,كيف يتهجم على فتاة لطيفة ورقيقة مثلك , أن أي أنسان يمكنه أن يلاحظ أنك لست مثل والدته!".
لم يكن في وسع تامي أن تعلق بشيء , أذ ماذا يمكن أن تقول في مثل هذه الظروف؟.
" أيمكنك أن توقع على عقد الصرف, سوف أرحل يوم الأربعاء ".
" هكذا أذن , أنت في عجلة".

" الفتاة التي ستحل مكاني من دون عمل في الوقت الحاضر ويسرها أن تبدأ العمل في أسرع وقت ممكن , أنها من كوينلاندز وسيسعدها العمل هنا".
وأضطر السيد هامتون الى الموافقة وقالت تامي:
" سيد هامتون , هل يمكنك أن تؤدي لي خدمة بسيطة؟ أرجو ألا تخبر السيد هاتون بالأمر الا بعد أن أكون قد غادرت المكان ".
تردد قليلا ونظر اليها بحزن:
" ربما هكذا أفضل, كما تريدين".

كانت تامي تشعر بأنها في حاجة الى البكاء , ومع ذلك أبتسمت وشكرته.
وفي المساء , بينما كان الجميع يسهرون في الشرفة , تحدث جيري عن السهرة القادمة التي يجب على تامي أن تحضرها , فرمقت السيد هامتون بنظرة قلقة وأجابت:
" سنرى ذلك في حينه".
ظل السيد هامتون صامتا.
منتدى ليلاس
أطل فجر اليوم التالي صافيا من دون غيوم , وفكرت تامي وهي تنظر الى النافذة بأن ذلك نذير بيوم حار جدا , كانت تصغي الى الأصوات المألوفة الآتية من المطبخ وتسمع غناء أدمى وهي تعد فطور الصباح وشعرت بالدمع ينفر من عينيها وهي تسمع أصوات الحيوانات من بعيد.

أنها سعيدة هنا وستشتاق الى مزرعة ( الحجر) رغم أنها عاشت فيها فترة قصيرة , وتساءلت ما سوف يكون عملها الجديد وتمنت ألا تتعرض لمشاكل أخرى , وبينما هي ترتدي فستانها القطني , تذكرت أنه يومها الأخير , في صباح الغد سترحل , قررت أن تعد حقيبتها في المساء كي تكون حاضرة للرحيل في الغد.

ولما وافاها السيد هامتون الى مائدة الفطور , كان حزينا, أما جيري فقد أنهى فطوره وذهب.
" اليوم هو يومك الأخير في المزرعة , وقد ترغبين القيام بنزهة في المنطقة , يمكنني أصطحابك أذا أردت...".
وضعت تامي فنجانها على الطاولة , أنه يحاول بلطفه أن يعوض ما قاسته من ريك هاتون , فأجابت بابتساك:
" هذا لطف منك , لكن لا سبب لذلك, سيكون ذلك غريبا في نظر الآخرين ,لا أريد أن أرتكب أية غلطة في الوقت الحاضر".
تمتم السيد هامتون مرة أخرى:
" يا له من أبله!".

وصل ريك عند الظهر , سمعت تامي محرك سيارته وصعدت بسرعة الى غرفتهالتعد حقيبة السفر , كانت ترتجف , يا لها من أمرأة جبانة!
سمعت طرقا على باب غرفتها , فأنتفضت وبخفة خبأت حقيبتها تحت السرير وسألت:
" من الطارق؟".
أرتاحت لدى سماعها صوت السيد هامتون الذي قال:
" أرجوك أن تكلمي السيد هاتون".

شعرت بدوار وكادت تسقط , هل أطلعه على ما تنوي فعله؟
أجابت:
" نعم".
مرت أمام المكتب وسمعت صوتا يناديها بلا مبالاة:
" أدخلي يا آنسة دانتون , تحدثت مع السيد هامتون".
أرتجفت , يبدو أنها لن تتخلص منه.

اماريج 12-07-10 12:56 AM

نظر اليها بقسوة وأضاف:
" أنني في حاجة الى مساعدتك في مزرعة ( الصخرة) فلن يعود المحاسب الى العمل قبل أسبوعين , وبعد أسبوع سأعقد سلسلة محاضرات وسيأتي لسماعها عدد كبير من المدعوين , ومعظمهم من أبزر الشخصيات , ولذلك فأنني في حاجة الى سكرتيرة , هذا يعني أن عليك أن تعيشي منذ الآن في مزرعة( الصخرة) , وسيأتي داني صباح غد ليصطحبك ,كوني مستعدة في الساعة الحادية عشرة".

توجه نحو الباب في ما كان قلب تامي ينبض بسرعة هائلة , يا لحظها السيء.
قالت بصوت خفيض:
" هل من الممكن أن يأتي بعد الظهر".
ألتفت اليها وحدق فيها تفصيلا ثم سألها بجفاف:
" لماذا؟".
تنهدت عميقا ثم أجابت:
" لأن الفتاة التي ستحل مكاني لن تأتي الا بعد الظهر".

تقدم ريك منها ووقف في مواجهتها وراح يتفحصها وهو ما يزال صامتا , ثم سألها بهدوء:
" من سيحل مكانك؟".
" أنها فتاة من كوينزلاند , وهي سكرتيرة قديرة , بأستطاعتك أن ترسل داني ليصطحبها بعض الظهر".
أختفى صوتها , أما ريك فظل يحدق فيها ثم قال:
"متى أتخذت هذا القرار؟ ألا ينبغي أعلام رب العمل بذلك من قبيل اللياقة والأدب؟".

أحمرت وجنتاها وقالت:
" لم أكن أنوي أن أغضبك , بل كنت أعتقد بأنك سترتاح عندما أذهب , ينتظرني الآن عمل آخر , كل شيء مخطط مسبقا , وأنني متأكدة من أن الآنسة جونسون ستساعدك في أعمالك أكثر مني بكثير".
منتدى ليلاس
تقدمت ومرت بقربه فأخذها بذراعها وأدارها نحوه :
" لا أحب أن يهتم الآخرون بشؤوني , وخاصة أذا لم يكن لدي علم بذلك , يمكنك أن تخبري الآنسة جونسون أنني لست في حاجة الى خدماتها , أن لديّ سكرتيرة أكتفي بها وراضيا عن أعمالها , هل فهمت؟".
توجه نحو الهاتف ورفع السماعة:
" سأقوم بهذه المهمة بنفسي".

أنتظرت تامي بصمت , سمعته يطلب من الأستعلامات مكتب التوظيفات , كان ما يزال ينظر اليها وهو في أنتظار المكالمة وفجأة قال:
" أعدي حقيبتك وتعالي معي".
حدقت به بأستغراب , لا يمكنه أن يفعل ذلك!
فصرخ بوجهها في صوت ساخر:
" ماذا تنتظرين؟".

تباطأت وهي تعد حقيبتها , كانت تأمل من السيد سلبي أن يشرح لريك أنها لا تستطيع تحمل الطقس الحار وينصحه بالأتفاق مع الآنسة جونسون , بقيت في غرفتها وهي تأمل أن يعود ريك وحده الى مزرعة ( الصخرة).
وعندما سمعت طرقا على الباب أدركت أنها لم تربح المعركة.
: ليس لديّ وقت أضيعه سدى , هل أنت جاهزة؟".

وبينما كانت تامي تتوجه نحو سيارة ريك ,جاء السيد هامتون , كان يبدو قلقا لنتيجة اللقاء بن ريك وتامي , وفهمت من تعبير وجهه أنه غاضب على ريك الذي صعد الى السيارة , فأقتربت تامي منه ووضعت يدها على ذراعه , وقالت هامسة:
" سأبقى هنا فقط أسبوعا أو أسبوعين , ثم أعود اليك".
ألقى اليها نظرة ثاقبة وربت على ذراعها مؤاسيا , فعضت على شفتيها وصعدت الى السيارة.

*******نهاية الفصل الرابع*******


اماريج 12-07-10 12:57 AM

5-لاخلاص
************
وفي الأيام اللاحقة كانت تامي منهمكة في أعمالها , فلم يتسنى لها الوقت للتفكير في وضعها الصعب , كان مكتبها يقع في نهاية المزرعة , بعيدا عن وسط المنزل , أذا كان ريك هاتون في حاجة الى خدماتها , فلا يطلب منها أي علاقة أخرى خارج العمل.

كانت غرفتها تقع قرب غرفة الوصيفة الأسكتلندية , التي كانت تتناول وجبات الطعام الثلاث معها , أنها أمرأة قاسية أسمها السيدة موريس ,لم تمل اليها تامي منذ المرة الأولى التي شاهدتها فيها , شعرها الرمادي مرفوع بكعكة , ووجهها القاسي ينم عن النفور , غير أن تامي لاحظت أن المظاهر الخارجية ربما تكون خادعة , وسرعان ما لقيت عندها الروح المرحة والآفاق الواسعة في التفكير مما جعلها تستلطفها .

لم تكن ترى ريك هاتون الا في ساعات العمل , لكنه كان دائما يشعرها بوجوده المتواصل , أنه رب عمل دقيق متطلب ومبالغ في الدقة , وذلك يجعلها تشعر بالقلق وبعض الأنزعاج كلما أرتكبت غلطة بسيطة , كما كانت تطلق زفرة أرتياح عندما يتركها بعدما يكون قد أعطاها الأوامر كي تنفذها , هكذا هي المرأة العاشقة للخضوع!

كان مكتب تامي صغيرا ومضيئا , يحتوي على طاولة وكرسي ورفوف , وذات صباح أفاقت وراحت تعد الأيام المتبقية لها للأنتهاء من عملها في مزرعة ( الصخرة) , بقي خمسة أيام , أن أملها الوحيد هو العودة في أقرب وقت ممكن الى العمل عند السيد هامتون في مزرعة الحجر.
وذات صباح كانت تنظر الى مفكرتها الصغيرة عندما دخل ريك هاتون الى المكتب , قطب حاجبيه وهو يراها مستغرقة في أفكارها , رفعت تامي عينيها , وأخفت المفكرة.
منتدى ليلاس
لم يكن يبدو عليه أنه في عجلة ليتركها وحدها , وكالعادة لم يتصرف أتجاهها بلطف ورقة , أنما كان شديد التوتر وسريع الأنفعال , عرفت تامي أنه أستضاف مساء أمس أمرأة شابة على العشاء , ذلك ما أخبرتها به السيدة موريس , ووصفتها لها بالتفصيل قائلة بالحرف الواحد:
" أمرأة شقراء مكتنزة".
ثم هزت رأسها وهمست :
" أعتقد بأن الوقت حان ليستقر".

فسألتها تامي في لهجة ساخرة:
"أية أمرأة تستطيع أن تستوعبه؟".
" على العكس تماما , أنه رجل غني ووسيم وأنيق... وأعتقد أنه يتمتع أيضا بما يسمونه في أيامنا( الجاذبية الحسية)".
" يا سيدة موريس!".

أنفجرت الوصيفة في الضحك, وقالت:
" أنت محافظة أكثر مني!".
كانت تامي تنتظر بفارغ الصبر أن يترك ريك المكتب , أنه يعرف رغبتها هذه وهو يفتعل التأخير فقط من أجل أزعاجها , أنه يجد لذة في تعذيبها.
قال لها بلامبالاة:
" لماذا جئت الى هنا؟ لتجربي حظك؟ لتجدي زوجا ثريا؟ أليس لديك حبيب يريدك هناك في أنكلترا؟ أو أنك تركت رجلك المسكين فريسة الضجر؟".

أنه يتعمد أهانتها , ولم تعرف لماذا فكرت بجوناثان , لا أحد يشبه هذا الرجل المسكين الا هو , رمقت ريك بنظرة مليئة بالحقد , ثم قالت:
" في الحقيقة , هناك رجلان , وأنت تعرف ما يعني ذلك , الأنسان يتردد بين الثراء أو الحب والحياة , والآن بعد أن هدمت كل خطة كانت لدي في ما يتعلق بجيري , فعليّ أذن أن أفكر , للأسف! كنت فعلا قد أصبحت أميل اليه , آه , هناك طرائد أخرى , مثل أصحاب المزارع الأغنياء ... لقد سمعت بوجود رجل عجوز يعيش في شمال غرب البلاد ويبدو أنه ثري كبير , وهو في حاجة الى وصيفة".



اماريج 12-07-10 12:58 AM

أنتفض ريك:
" كفى ! لقد أصبت في حكمي عليك منذ البداية , هل تعتقدين بأني سأترك لك مجال أصطيد أي رجل, مسكين , كما حدث لوالدي!".
أدار لها ظهره مستعدا للخروج , فراحت تقهقه في صوت عال وقالت:
" أحترم الرجل الحازم , ولكنك للأسف لست أسمر اللون , أنني لا أميل الى الشقر".

ألتفت نحوها وحدق فيها بنظراته البراقة , ثم أقترب منها , فلم تتحرك, توقف للحال وأدركت أنه يقاوم ليبقى مسيطرا على نفسه , ثم خرج بسرعة من الغرفة.
كادت أن تنفجر ضحكا , للمرة الأولى , أنتصرت عليه , وبالتالي شعرت بأحساس لذيذ وهي ليست نادمة أو أنها تظن أنها كذلك وتمضي في غبائها!
منتدى ليلاس
وفي المساء وبينما كانت تتناول طعام العشاء مع السيدة موريس أدركت أنها ليلتها الأخيرة في مزرعة ( الصخرة) , ستغادرها صباح الغد بعدما تنتهي أجازة المحاسب المرضية , أبلغت الوصيفة بالأمر , فراحت الأخيرة تنظر اليها بأنتباه:
" هل كنت حانقة عليه في الصباح؟".
ضحكت تامي وهزت رأسها ايجابا , فبدا على السيدة موريس الأنزعاج:
" أحترسي يا تامي, حذار ! أنه رجل يتصرف كما يحلو له ويفعل ما يجول في خاطره ,تذكري ذلك جيدا".

في صباح اليوم التالي كانت تامي قد أعدت حقيبتها ووضعتها في الغرفة الصغيرة, ثم توجهت الى المكتب.
وعندما وصل ريك في التاسعة والنصف وألقى نظرة سريعة الى حقيبتها , نظر الى تامي وسألها بهدوء:
"هل أنت ذاهبة الى مكان معين , أخشى أن تصابي بخيبة أمل ... سوف تضطرين الى أعادة أفراغ الحقيبة , بعدما أكون قد تكلمت معك لفترة قصيرة".

بحث عن سيكارة في جيبه وأشعلها , ظل صامتا يتابع بنظره دخان السيكارة المشتعلة , وكانت تامي ترمقه بنظرات حذرة , ملاحظة تقلص شفتيه وتوتر معصميه , قال:
" لقد أفصحت لي عن أحلامك , ما كان ينبغي أن تفعلي هذا , أن ركضك وراء الكنز أنتهى ... في هذه القارة على الأقل , سوف أحتفظ بك , لقد دبرت الأمر مع مكتب التوظيف , سوف تبقين هنا خلال مدة أقامتك في أستراليا".
تفرست فيه مستغربة وقالت:
" في هذه الحال , سوف أفسخ العقد".

" أذا فعلت ذلك فسوف أقيم دعوى ضد مكتب التوظيف".
لمحت في وجهه تعبيرا يدل على أنه سينفذ ما يقوله.
فكرت بالأمر مليا , لقد وقعت حقا على عقد لسنتين , وهناك شروط في العقد يجب أحترامها , في كل حال لا جدوى من محاولة ثنيه عن عزمه.

تابع كلامه وقال:
" قرأت العقد بدقة , ليس ثمة طريقة للأنسحاب بدون أن تورطي مكتب التوظيف وأجبار الموظفين فيه على الذهاب الى المحكمة , لا يمكنك أن تفسخي العقد الا بطريقة واحدة وهي الزواج , وهذه الضمانة خاسرة لأنك لم تخططي لها , وأنني سأفعل المستحيل كي لا تتوصلي اليها".

قال هذا وخرج , وبقيت تامي للحظات مذعورة , لا يمكنه أن يتصرف هكذا , أنه يكذب , وفجأة رن الهاتف , فتناولت السماعة وسمعت صوت ريك هاتون:
" السيد سلبي يريد أن يكلمك".
قالت بصوت مرتجف:
" سيد سلبي؟".
" صباح الخير , آنسة دانتون , أنا مسرور منك".
" صحيح؟".
" آه , نعم , أنتهى العقد الأول الذي وقعت عليه , لا شك في أن السيد ريك هاتون مسرور من عملك , فقد وقع على العقد النهائي الذي يلزمك بالعمل معه طيلة مدة أقامتك هنا , ويبدو لي أن لديه مشاريع أخرى بعد ذلك".
منتدى ليلاس
شعرت تامي بالضيق وتمتمت :
" نعم... يا سيد سلبي... هل حصلت على التوقيع الأساسي؟".
" طبعا , وأمامي الحوالة المصرفية , وأستطيع أن أقول أن معاملته ممتازة , سيدفع لك راتبا هو أكثر بكثير مما أتفقنا عليه , ولذلك أطلب منك أن تشكريه على حسن معاملته , لا تتردي في الأتصال بي عند الحاجة , أن مكتب التوظيف يشكر لك بادرتك النبيلة".

كانت تامي لا تزال ممسكة بالسماعة عندما صوتا عذبا يسألها:
" هل أنت راضية , يا آنسة دانتون؟".
مزّقت تامي المفكرة , فهي تريد أن تنسى الأشهر الطويلة الممتدة أمامها , أنها لا تستطيع أن تصدق كيف يمكن أن يستمر في أصراره بعد كل هذا الذي حدث؟!

وفي العشاء كانت السيدة موريس ترمقها بين حين وآخر بنظرات سريعة , بعد العشاء ذهبت تامي في جولة بين الحدائق بغية التنزه وعدم التفكير في مصيرها.
كان النسيم مليئا بأريج عطر الغار الوردي بينما هي تتنزه قرب الشجيرات المليئة بالزهور , رفعت عينيها الى السماء , النجوم أكبر بكثير من النجوم التي كانت تراها في أنكلترا, أنها تلمع في السماء الزرقاء, السلام يحل في كل مكان حولها , ما عدا في أفكارها , لقد تخلصت من سيطرة جوناثان لتقع في فخ آخر , سمعت صهيل حصان , هل ثمة من يمتطيه؟ ربما يكون ريك هاتون بالذات , وهنا قررت العودة بسرعة الى المنزل , فهي لا تريد أن تلتقيه.



اماريج 12-07-10 01:00 AM

يوم الأثنين, علمت تامي أن ريك هاتون سيستقبل بعض أرباب العمل في المساء , وأنها ستكون المضيفة , وفوجئت بهذا الدور, لكن ريك رمقها بنظرة ساخرة قائلا:
" سوف تقدمين المشروب وتحاولين أن تلبي الخدمات المطلوبة منك, ربما أحتجنا الى مساعدتك لكونك سكرتيرة, وأصر على تذكيرك بأن السهرة هي سهرة عمل ولا مجال لأغراء أحد من الضيوف, أعرف أن ذلك سيكون صعبا عليك ... ولا سيما أن بين الحاضرين ثلاثة رجال من أكبر الأغنياء وأصحاب المزارع الكبيرة".

لا جدوى من الرد عليه , وأمام صمتها ابتسم ريك وأبتعد , قالت تامي لنفسها وهي تعد نفسها للسهرة ( لست هنا لأغراء أحد!).
نظرت الى نفسها في المرآة وشاهدت فتاة نحيلة ,أهي حقا كذلك , كان جوناثان شغوفا بنحافتها.
قطبت حاجبيها , أي ثوب يجب أن ترتدي , أنها لا تملك الكثير , لكن أصابعها وقعت على فستان سهرة نصحتها بشرائه صديقتها ماري جونسون التي قالت لها بأن كل فتاة يجب أن تملك فستان سهرة مناسبا للمناسبات الكبيرة.

تناولت تامي الفستان بعدما أخرجته من الخزانة وراحت تتأمله وتصورت أنزعاج ريك هاتون أن هو رآها ترتدي مثل هذا النوع من اللباس , أنه فستان طويل , أخضر اللون ومطرز بالخيوط الذهبية, ضيق يظهر نحافة جسمها , قررت أرتداءه فوضعته على السرير وراحت تسرح شعرها رافعة اياه الى قمة رأسها , على الطريقة اليونانية , كما وضعت حبسه ذهبية في العكعكة , ثم أرتدت فستانها وأرتجفت وهي تتأمل نفسها في المرآة , كم ستكون المفاجأة عظيمة بالنسبة الى ريك ,هذا الأنسان الذي يصعب أكتشافه!
ثم همست:
" أذا أرتديت هذا الفستان في الليلة الأولى , فلن يطلب مني أن أكون موجودة في السهرات اللاحقة".

شعرت بأرتخاء في قدميها وهي تدخل القاعة , نظرة سريعة الى ريك كانت كافية لمعرفة ردة فعله , تقلصت شفتاه ونظر اليها ببرودة , وتفحصها من رأسها حتى قدميها من دون أن يفوته أي تفصيل , أحمرت خجلا لكنها قاومت أنفعالها ,كان عدد الحاضرين خمسة عشر شخصا يرتدون ثيابا أنيقة , القمصان البيضاء وبذلات السموكينغ , توقفت الأحاديث فجأة عندما دخلت تامي , فشعرت بالأنزعاج لأن الجميع كانوا يحدجونها بنظراتهم المستغربة , تمنت لو أن الأرض أبتلعتها في تلك اللحظة.
منتدى ليلاس
تقدم منها ريك هاتون وقدمها الى أصدقائه:
" أنها سكرتيرتي, الآنسة دانتون".
ثم التفت اليها وقال:
" ما بالك, أبدأي , الكؤوس موجودة هنا".

أنها لم تتعود على أمور من هذا النوع , لا تعرف كيف تكون أصول الضيافة , لكن ,لا خيار لها , أحد المدعوين ويدعى تيد كاسل أقترح أن تقوم بدورة أمام كل مدعو فتسأله ماذا يحب أن يشرب , شكرته ونفذت نصيحته , لكن أصدقاء ريك ,كانوا يستوقفونها ويطرحون عليها أسئلة بأهتمام وفضول أذ أن كونها أنكليزية , يضيف عليها أغراء وجاذبية ,كانت تشعر بنظرات ريك التي لم تتوقف لحظة عن التحديق بها.

شعرت تامي بأن رجلا ممشوق القامة , لوحت بشرته الشمس ,كان يعبر لها عن أهتمامه بصورة واضحة , يتبعها بنظراته كيفما تحركت , أما هي فلم يعجبها تعبير وجهه ولا لهجيته الجنوبية الجديدة الحدة , وتأكد ت أنه أحد الأغنياء من أصحاب المزارع الكبيرة التي ذكرها ريك في حديث سابق معها , ومن دون أن تظهر ذلك , حاولت ألا تعيره أي أنتباه.

وبرغم مكوثها بعيدة عن الجميع , سمعت ما كان يدور من أحاديث حول التنقيب عن المياه في باطن الأرض وسواها من الأعمال , وفجأة أقترب منها الرجل ذو اللكنة الجنوبية وقال:
" اسمي دان ايفرلي , وأنت؟".
" آنسة دانتون".
هز حاجبيه قليلا وقال:
" هل يمكن أن نكون صديقين , أم أنك صديقة ريك؟".

أحمرت وجنتاها لأنها لم تكن تدري ماذا يعني بسؤاله , وقالت:
" أنني سكرتيرته , لا أكثر ولا أقل".
ضحك هازئا:
" كم يدفع لك لقاء خدماتك؟".
" ماذا تريد أن تشرب , يا سيد ايفرلي".
أقترب منها وأجاب:
" ما أرغبه ليس الشراب".

تقلصت وهي تراه يضع ذراعه حول خصرها , وهنا حضر السيد هاتون , وقال:
" هل قدمت لك الآنسة دانتون ما تريده؟".
لم يسحب دان ايفرلي ذراعه عن خصر تامي :
" أرى أنني بحاجة الى سكرتيرة , يا ريك".
ثم وجه حديثه الى تامي:
" مهما كان معاشك هنا , يا آنسة دانتون , فأنني أعرض عليك أضعاف ذلك".
قال ريك:
" لا مجال للبحث في هذا الأمر , عليك أن تعرف أنني لا أتقاسم صديقاتي مع أحد".

تقلصت... فمهما كانت شتائم ريك , هذه الشتيمة هي الأسوأ! ولمعت عيناها غضبا والتقت بنظرات ريك الساخرة , فشعرت بالأحمرار يحتل وجهها.
سحب دان ذراعه وقال:
" تذكّري أسمي , يا صغيرتي , فأنا جاهز أذا أردت ذات يوم تغيير عملك".
شعرت تامي بالنفوروأبتعدت عن الرجلين , ناداها ريك هاتون بلهجة حاسمة , لكنها لم ترد!

مسكينة هي , تخاف أن تتحرر من العبودية , ولا شيء آخر , كانت غاضبة حتى الجنون عندما وصلت الى غرفتها , أخرجت حقيبتها وراحت تلفي كل حوائجها وأختلط الحابل بالنابل.
فجأة سمعت طرقا على الباب , فسألت ببرود وهي تعرف جيدا من هو الطارق.
" من الطارق؟".

ألقت بنظرة خاطفة نحو الباب , هل هناك مفتاح؟ ربما أحتاجت الى أقفال باب غرفتها , لكن للأسف , لم تجد أي مفتاح داخل القفل .
سمعت صوتا في الخارج يقول:
" هل تخرجين, أو أنك تريدين أن أدخل؟".
" أنا نائمة وأمنعك من الدخول , لست مستعدة لأستقبال أحد".
" حسنا , أردي ثيابك وتعالي الى المكتب , هل سمعت؟ أمامك خمس دقائق فقط".

راح قلب تامي ينبض بسرعة ,كان في أمكانها أن تجد ملجأ في غرفة السيدة موريس , لو لم تكن تعرف أن الوصيفة تتناول كل مساء حبوبا منومة كي تستطيع أن تنام , رفعت ذقنها , فهي لا تخاف هذا الرجل الفظ , عليها أن تذهب وتنهي الأمر معه , فلن تدعه يتهرب مما حدث بعدما أهانها أمام الجميع.

تباطأت لكنها وصلت أخيرا , كان جالسا قرب المكتب:
" أغلقي الباب , لا أريد أن يسمع أحد ما أنوي قوله".
" لم لا؟ الجميع سيعرفون بالأمر , عاجلا أم آجلا , ربما يحدث ذلك للمرة الأولى في حياتك , أذ أن أحدى صديقاتك قررت أن تهجرك نهائيا , لقد تحملت ما فيه الكفاية ولم أعد قادرة على تحمل المزيد, سأعود الى المدينة غدا صباحا حتى وأن أضطررت الى قطع المسافة سيرا على القدمين".

" هل أنهيت حديثك؟".
" نعم , شكرا".
" حسنا ,الآن أصغي اليّ , لقد صممت مسبقا لما حدث منذ قليل , بماذا كنت تفكرين؟ أنهم رجال ناضجون وليسوا مراهقين , لكن بعدما سأقوله الآن , لن يزعجك أحد بعد اليوم , الجميع يعرفون أنك ملكي ولم يتقدم أحد منهم بأية عروض , هل فهمت؟".
" نعم , فهمت".

أرادت التخلص منه , لكنه تمسك بذراعها وأضاف:
"أرجو أن تفكري مليا قبل الرحيل , ملاحقة مكتب التوظيف أمام العدالة ليست سوى البداية , فسأطلب من كل الصحف الأسترالية أن تنشر أسمك في الصفحة الأولى , وهذا بالنسبة الي سهل لأنني ذو نفوذ وسطوة , كما يمكنني أن أفضح علاقتنا في حديث صحفي أو في مقابلة تلفزيونية , ومن يجرؤ على تكذيبي؟ كلمتي هي التي ستنتصر".
منتدى ليلاس
أغمضت عينيها , فسألها:
" بماذا تفكرين؟".
همست قائلة:
" هل تعرف ماذا تفعل بي ؟ أنك تعاقبني على ما حصل لك في الماضي البعيد , أليس هذا صحيحا؟".
هز كتفيه وقال:
" ربما , لكنك أظهرت لي حقيقتك , وأنا لست نادما على شيء , أستغربت تصرفك في السهرة , ربما أردت ألا يكتشفك الآخرون على حقيقتك".

مال عليها فتراجعت الى الوراء , أنها تكرهه , ومن السهل معرفة ذلك عبر نظراتها , ضحك ريك وجذبها نحوه وقال:
" عندما تكونين على حقيقتك, أشعر بالعجز عن مقاومة أغرائك".
أمسك ذقنها ورفع رأسها وأسندها الى الباب , فراحت تتخبط بعنف , من دون جدوى , ثم عانقها بشدة مداعبا رقبتها وكتفيها , وتمتم قائلا:
" هل تعرفين؟ ربما يأتي اليوم الذي أحب فيه ما يحدث الآن".

أنفجر ضاحكا وهو يشعر برعشتها ثم دفعها عنه فجأة:
" سبق أن قلت لك أنني ما أحببت يوما أمرأة نحيلة مثلك, وها أنني أكرر ذلك الآن , فعودي الى النوم أيتها المكابرة الصغيرة".

********نهاية الفصل الخامس*******


اماريج 12-07-10 01:04 AM


6-يالها من غبية !
*******************
عادت تامي الى غرفتها وهي في ذهول وذعر , أستندت الى الباب وهزت رأسها , لا يمكن أن يحدث ما حدث! توجهت في بطء نحو سريرها وجلست, أنها لا تزال تشعر بضغط ذراعيه حول عنقها , يا لها من أمرأة حمقاء! كان ريك على حق عندما قال لها أنها هي المسؤولة عما حصل , أرادت أن تتحداه , لكنها وصلت الى ما هي عليه الآن؟

خلعت ملابسها , وأقسمت ألا ترتدي هذا الثوب مرة أخرى , ريك ينتظر منها أن تحضر أجتماعات أخرى , سوف ترتدي فستانها الرمادي , البسيط , ذا الأكمام الطويلة والقبة العالية , وهكذا تتحاشى سهرة أخرى كهذه.

فكرت بتهديدات ريك وغرابتها , لكن ذلك لم يمنعها من الخوف بعض الشيء , في نظر الآخرين هو رجل متزن , محترم وقدير , أنه لن يتراجع عن تهديداته , فهي مقتنعة بذلك , وليس من نوع الرجال الذين يلفظون تهديداتهم سدى , وقد تحتاج الى مساعدة السيد هامتون.
في أي وضع هي الآن؟ قررت مراقبة كل خطوة تقوم بها حتى تدعه يصدق أنه نجح تماما في السيطرة عليها وأخضاعها , ربما تتمكن من التخلص منه , وهكذا تتحرر من سطوته الى الأبد , فهي لا تنوي تمضية العمر معه!

أكتفت تامي بفنجان قهوة وهي تشارك كالعادة السيدة موريس في تناول فطور الصباح , وكانت السيدة موريس منهمكة في أعداد الحلوى للسهرة , فلم تكترث لحزن تامي
منتدى ليلاس
وفي التاسعة توجهت تامي الى مكتبها لتوضبه وتمسح الغبار عنه , ثم حاولت فتح نافذتها المغلقة منذ يومين , فقد نسيت أن تعلم السيدة موريس بالأمر ,ظلت تحاول فتحها بكل قوتها ,الى أن شعرت بذراع ترتطم بذراعها وبيد تدفع النافذة فتنفتح في الحال , ألتفتت ورأت ريك هاتون , كان يرتدي بذلة رمادية داكنة وقميصا وردية وربطة عنق رمادية بلون اللؤلؤ , كلها متناسقة كما تعودت أن تراه وتتجاهله , لاحظ نظرة الأعجاب لدى تامي , لكنه فهم أنها أمرأة مملوكة لسواه , أنها امرأةضعيفة , سخيفة , تخنق طموحها ولا تعترف.

" سوف أتغيّب لمدة ثلاث ساعات , ستجدين لوائح قديمة داخل خزانة الملفات , أرجو أن تبدليها بلوائح جديدة , وهذا سيشغلك بعض الوقت , ومتى أنتهيت ولم يعد لديك شيء تفعلينه , يمكنك مساعدة السيدة موريس , ولدى عودتي لدي أعمال كثيرة لك".
وودعها وخرج لتوه.

جاء داني ليصلح النافذة , وبعد أن ألقى نظرة سريعة وجد أنه يجب نشر الخشب لأن الحرارة أفسدته , قال لتامي وهو يبتسم:
" يبدو أنك نلت الوظيفة التي تطمحين اليها؟".
صمتت تامي لأنها كعادتها لم تفهم.

فأضاف بسخرية:
" هل تظنين أنك الفتاة الوحيدة التي لم يسحرها ريك هاتون؟".
أجابت وهي تفتح الملف بعنف:
" مهما قلت فلن تصدقني".
" يبدو أنه قبض عليك بالجرم المشهود , ومع ذلك فأنك لا تحقدين! غريب أمرك أيتها الأسيرة!".



اماريج 12-07-10 01:50 AM

بقيت فاغرة الفم , وبدأ داني ينشر الخشب بمنشار صغير ويقول:
" أراهن أنك خلال ثلاثة أشهر ستسقطين في حباله وتنسين الحقيقة , وستركعين لتقبلي يده , المرأة دائما هكذا , لا تعرف الحقيقة الا متأخرة".
" لا ! بل سوف أعض يده أن هي أمتدت الي!".
" تقولين ذلك لأنك غاضبة منه أليس كذلك؟".

أزعجها الحديث لأنها لم تعد تدرك أين هي الحقيقة ,وبكت ونسيت أنها يجب ألا تبكي أو تفهم أو تدرك, وأن كل شيء مؤقت وسمعته يقول:
" آه , أن هذا ما يشغل بال السيد هامتون , أنه يسألني دائما عن أخبارك".
ثم رفع قبعته وأضاف:
" كم أنا أبله! تأخرت قبل أن أفهم الحقيقة , أليس كذلك؟".
لم ترد , فهي منذ أن كانت لا تعرف ما أذا كانت الحقيقة حقيقة أم لا ؟ وسمعته يقول:
" أعتقد أن ريك وقع في غرامك , وريك هاتون لا يمكنه أن يؤذي أحدا".

وراحت تامي تدافع عن صديقها الوحيد وقالت:
" أن حس المراقبة لديه أقوى من أي أنسان آخر".
رمى داني المنشار , ثم قبعته وقال:
" لا يعني أنه يريد أن يؤذيك , أذا كان يتفوّه بكلام ساذج , أو أذا كان غليظا وفظا معك".
كان في أمكان تامي أن ترد , لكنها فضلت السكوت .

أضاف داني:
" سمعت بعض الأشاعات , لكنني لم أكترث لها , قيل أنه يحقد عليك لأنك أنكليزية".
حدقت تامي فيه وقالت في صوت مليء بالمرارة:
" هذا صحيح, لا أعرف بالضبط ما حدث في الماضي , لكني أعتقد أن ذلك كان له تأثير عليه مما أدى الى تعطيل عقله وخاصة فيما يتعلق بالمرأة الأنكليزية".
صرخ داني قائلا:
" أنك لم تتيحي له فرصة للتفكير مليا بالوضع!".

" صحيح! ولكن هل يتيح الي هو الفرصة؟".
هز داني رأسه وقال:
" أنت وريك , ديكان يتشاجران , وفيما يتعلق بدماغه , فأن أي فتى في سنه لا يتأثر بأحداث الماضي ,كان يحب والده كثيرا , والدته ماتت عندما كان صغيرا , وتزوج جاك هاتون مرة ثانية , عندما كان ريك في الثامنة من عمره , وزوجته الثانية لم تكن تهتم بريك ولا بأحد , الا بنفسها فقط , والمزرعة لم تكن كما هي عليه اليوم , كانت الأمور أصعب في تلك المرحلة , كانت أنكليزية ولا أذكر كيف تعرّف اليها جاك هاتون , لكن , بعد مرور شهر واحد على معرفته بها , تزوجها , لم تكن تعرف شيئا عن الحياة , وكانت تعتقد بأنها حققت زواجا رفيعا , ولا شك أنها أصيبت بصدمة عندما وصلت الى أدبيلايد , كانت تسعى للحصول على حياة سهلة , زاخرة بكل ما هو جميل , وفوق ذلك , كانت آية في الجمال".

نظر الى تامي وأضاف :
" أعتقد أنك تشبهينها , كان والد ريك قد وقع في غرامها حتى الجنون , وأعتقد أنه ربما مع الوقت توصل الى السيطرة عليها , لولا أن جاء ذلك الرجل الغني , ولما عرفت أنه من عائلة ثرية , تعلقت به ,وهربت معه تاركة جاك وريك وحيدين".

هز رأسه وسكت , ثم أضاف:
" أنهار جاك هاتون بعد هذه الصدمة العنيفة , وحاول ريك مساعدته , لكنه كان ما زال فتيا ومع ذلك فعل ما بوسعه , وكان يحزنني أن أرى ذلك , فلجأ والده الى الشراب , وبسرعة أصبح ريك ناضجا من دون أن يعيش مراهقته كما يجب".
منتدى ليلاس
نظر الى تامي في حزن وأضاف:
" تقولين أن هذا الحادث أثّر فيه نفسيا , وأنا أعتقد بأن الحادث ضعضع قلبه أيضا".
جلست تامي وحدّقت في الجدار من دون أن تراه , وتساءلت أذا كان ريك هاتون سيشفى من هذا الجرح العميق , في كل حال لن يتحقق ذلك ما دامت هي هنا.
ثم نظرت الى داني وقالت له بلطف:
" شكرا , أنني أفهم الآن الأمور بطريقة أفضل".

في ذلك المساء , أرتدت تامي فستانا بسيطا وقامت بجولة حول المدعوين تقدم لهم المآكل والمشروبات , وكلما توقفت مطولا مع أحد المدعوين , كان ريك هاتون يسارع الى موافاتها.
وبرغم تحفظ تامي , أخذ شاب من المدعوين يحوم حولها.
كانت تخدم أحد المدعوين عندما ألقت نظرة نحوه وفوجئت به يحدق فيها , فأبتسم لها وردت عليه بأبتسامة من دون أن تعي ما فعلته , وأذا بريك يسارع اليها ليأخذها من خصرها.

فصرخت فيه موبخة:
"أفزعتني!".
همس بأذنها قائلا:
" أردت أن أنقذك من ورطة , يا صغيرتي".
وفهمت أنه غاضب لأنها أبتسمت للشاب.

لم يخطر في بالها أن الوضع سيتأزم أكثر مما هو عليه , لكن هذا ما حصل في مساء اليوم التالي.
كانت السهرة قد بدأت منذ فترة غير قصيرة , عندما وصل أحد المدعوين متأخرا ,وشعرت تامي بأنه ينظر اليها في أمعان , لكن ذلك لم يزعجها , لكن ذلك لم يزعجها , فقد أعتادت هذه النظرات التي تتوجه اليها متفحصة.

ولما شكرها عندما قدمت له المشروب , لاحظت بأن لهجته أنكليزية , وفجأة , رفع أصبعه وصرخ قائلا:
" لقد عرفتك!".



اماريج 12-07-10 01:51 AM

أنتفضت , كان ينظر اليها مبتسما.
" هذا ما كان يحيّرني منذ وصولي".
هزّت حاجبيها , فهي لا تعرفه أبدا , ولم يسبق لها أن رأته من قبل.
فقال في لهجة أنتصار:
" خطيبة جوناثان درو!".

شعرت وكأنها ستصاب بالأغماء , يجب الأسراع في أنهاء التحدث اليه قبل أن يقترب منها ريك هاتون.
سألته تامي للحال:
" كيف حاله؟".

" ألا تعرفين شيئا عن أخباره؟ أنا أدعى نيك بولتن, هل تتذكرينني ؟ كنت أقوم ببعض الأعمال مع جوناثان , من حين الى آخر, ألتقيتك العام الماضي في أحدى السهرات , في فندق سافوي".
أحست تامي بنظرات ريك هاتون تحدق فيها , فأجابته بسرعة:
" في الأيام الأخيرة , لم أسمع عنه شيئا , هل ترغب في شيء آخر يا سيد بولتن؟".

لم تتأخر في المكوث بقربه , ما هي درجة الصداقة بين جوناثان ونيك بولتن؟ أذا عرف جوناثان ما يجري هنا , لكان أصر على الزواج بحجة أنه لم يعد قادرا على أن يعيش وحده , عضت على شفتيها , كان هناك حظ ضئيل جدا أن يأتي أحد أصدقاء جوناثان الى مزرعة ( الصخرة) وقد حصل ذلك.

وفي نهاية السهرة , حضر السيد بولتن من جديد ليحدث تامي , كان يأمل أن يراها مرة ثانية قبل مغادرته أستراليا , أنه عائد الى أنكلترا يوم الأحد المقبل , كانت تامي على أحد من الجمر , كانت تخشى أن يسألها أذا كانت تنوي كتابة رسالة الى جوناثان, لأنها شعرت بوجود ريك قريبا جدا منها , لا شك أنه سمع السيد بولتن يعبّر عن رغبته في رؤيتها مرة ثانية , وأن تامي أجابته بأنها تأمل في أن يتحقق هذا اللقاء.

رافق ريك السيد بولتن الى الباب لأنه يريد أن يحصل منه على بعض المعلومات ,وبعد قليل عندما كانت تامي تستعد للعودة الى غرفتها , أوقفها ريك وقال لها:
" أريد أن أتحدث اليك قليلا".
ألتفتت نحوه وقالت:
" أنا متعبة جدا , ألا يمكن الأنتظار حتى الغد لتحدثني؟".

أشار اليها بيده نحو باب المكتب , فأطلقت زفرة وعادت الى الوراء ودخلت المكتب.
أغلق الباب وراءه وتفرّس فيها , وسألها في لهجة قاسية:
" من هو جوناثان درو؟".
أنتفضت ثم غرزت أظافرها في راحة يدها.
" أذن , أجيبي".

أجابت بأرتباك:
" أنه رجل عرفته في الماضي".
" عرفت ذلك , كيف تعرفت اليه؟".

أجابته في لهجة مليئة بالملل:
" هذا أمر شخصي".
توجه نحوها ببطء وقال:
" هل يجب أن أهزك دائما حتى تتكلمي؟ أريد أن أعرف كل شيء, أتريدين مني أن أفرض عليك العقاب نفسه كما حدث مساء أمس؟".
جذبها نحوه بقوة, فأسرعت تقول:
" سأقول لك كل شيء!".

أنفجر ضاحكا ثم دفعها عنه , من أين لها أن تبدأ؟
" كان... كان يريد أن يتزوجني , هذا كل شيء".
" أه , لا! ليس هذا كل شيء! أعرف أنك كنت مخطوبة وأنك فسخت الخطبة , من كان هذا المسكين؟ الغني أم الفقير؟".
" هذا لا يعنيك".
أقترب بسرعة منها وقال:
" أنك لا تفهمين".

تراجعت الى الوراء وأصطدمت بالكرسي , ثم تركت نفسها تجلس فيه , ثم قالت:
" حسنا , أذا كان هذا ما تريد , أنه الغني!".
" ماذا جرى؟ هل هو متقدم في العمر؟ هل فهمت فجأة ماذا يعني الزواج لك؟ لا شك أنه رجل منفر وكريه ولذا تخليت عن ثروته".

في الوقت الحاضر, أنها فعلا تكرهه , بأي حق يقتحم ماضيها بهذه السهولة ؟ جوناثان يحبها , وهو يساوي ألف مرة هذا الرجل الوقح القاسي والهازىء!


اماريج 12-07-10 01:54 AM

نهضت وخداها ملتهبان غضبا:
" سأحاول أن أوضح الأمور , جوناثان في الثلاثين من عمره , أنه أسمر وعيناه زرقاوان , وهو رجل وسيم يعرف كي يتصرف مع النساء , كان عليّ أن اتزوجه , وأنا مشتاقة اليه كثيرا!".

لقد سجلت علامة جديدة , لكن ما جدوى ذلك؟ بدأت تشعر بحنين الى الوطن ولم تكن ترغب الا بشيء واحد , أن تعود الى غرفتها الوحيدة.
" أيمكنني الذهاب الآن؟".

لم تكن تتوقع أبدا تصرفه , أقترب منها ورفع وجهها وحدق في عينيها وقال:
" أنني لا أعرف كيف أعامل النساء , يا آنسة دانتون؟ حسنا! هذا يتعلق بالمرأة التي هي أمامي... أذا كانت تجذبني نحوها ...".

وقع نظره على فم تامي , فتراجعت بصورة غريزية , لكنه منعها بوضع ذراعه على خصرها , في حركة ناعمة لكنها حازمة , وهمس بقوله :
" قلت(أذا), وفي مثل هذه الحال عناقي يفسر كل شيء أعنيه".
أحنى رأسه وراحت تامي تتخبط للتخلص منه .
منتدى ليلاس
" لا! أرجوك , لا أريد عناقك".
" بل تريدين , لقد أردت أن تتحديني وهأنذا مستعد لرد التحدي".
وبلطف متزايد , مد يده حول عنقها ثم رفعها وراء أذنيها , الى خديها وراح يلامسها بحنان , وأدركت تامي أنه كان على حق عندما قال أن عناقه يفسر ما يعنيه.
كانت تامي ترتجف من رأسها حتى قدميها , عندما تركها والتقت عيناها بنظراته الساخرة.

قال في صوت بطيء وناعم:
" هل هذا يكفي؟".
ولّت هاربة , تبحث عن ملجأ .
وما أن وصلت الى غرفتها حتى ألقت بنفسها على السرير , وبدأت الدموع تنفجر وتسيل على خديها , فللحظة قصيرة بينما كان ريك يعانقها, أحست بشعور ناعم ومر , أنها تحب رجلا يكرهها , وظلت ممدة على السرير , تحدق في السماء السوداء من خلال النافذة, كانت النجوم تلمع , وفكرت الى أي درجة كانت ترغب في أن تعانقه وتقول له:
" بقدر ما أنت تكرهني , وما دمت تعانقني هكذا , فلن أتركك أبدا".

هزت رأسها , أنه جنون حقيقي , هل فقدت كل كرامة وعزة نفس؟ هل في أمكانها أحتمال برودة أعصابه سنتين كاملتين؟ وأذا عرف أنها تحبه, سوف يعذبها أكثر وأكثر, وسوف يستغل هذه الفرصة , نهضت وأبعدت شعرها الى الوراء في حركة مملة , وهي تقول : أتمنى أن يساعدني الله كي لا أدعه يعرف أنني أحبه!

********نهاية الفصل السادس*******


اماريج 12-07-10 02:29 AM

7-لن تذهبي الى اي مكان
************************
صباح اليوم التالي , وفي وقت الفطور , ألقت السيدة موريس الى تامي نظرة ثاقبة وقالت:
" يبدو أنك لم تنامي جيدا".
" أعتقد أنني أحن الى الوطن , والغريب أنني لم أترك أحدا ورائي , والدي كان كل شيء لي , لكنه مات منذ سنة".

قالت السيدة موريس وهي تصب القهوة في فنجانها:
" ما زلت تعتبرين أنكلترا وطنك , أما أنا فأنني أعيش هنا منذ زمن طويل وأشعر أن أستراليا بلدي".
جلست وتناولت فنجانها وأضافت:
" لكن غالبا ما كنت أشعر بالحنين الى الوطن , لا أستطيع مقاومة هذه العاطفة , يجب الأنتظار حتى يزول الحنين تلقائيا".
منتدى ليلاس
لم يسبق للسيدة موريس أن تحدثت عن أحاسسها.
فسألتها تامي:
" هل هاجرت مع عائلتك؟".
هزت الوصيفة رأسها وشدت مريولها الأبيض الناصع وأجابت:
" نعم , جئت مع زوجي".

ثم أضافت:
" كان لنا صبي, مات في حادث أنفجار".
ندمت تامي لأنها طرحت عليها السؤال , أنهت السيدة موريس أحتساء القهوة وبدأت تنظف الطاولة كأنها شعرت فجأة بأنها في حاجة الى أن تفعل شيئا ما.

أضافت تقول:
"ولهذا السبب جئنا الى هنا , كنت أعتقد أنه ليس بأمكاني أن أشفى من فقدانه , وظن زوجي توم أن حياة جديدة في بلد جديد ربما ساعدتني على تخطي محنتي , لكن ذلك لم ينجح".
تطلعت الى تامي من جديد.

" من الأفضل التفكير مليا في الأمر , أنت ما زلت شابة ويمكنك أن تعودي الى بلدك متى سئمت العيش هنا , صرت في سن يفرض عليك الأستقرار , هل لديك حبيب في أنكلترا؟".
أشارت لها تامي برأسها علامة النفي , صحيح أن جوناثان هناك , لكنها لا ترغب في الزواج منه.

بعد فترة , وهي جالسة في مكتبها , ظلت كلمات السيدة موريس ترن في أذنيها : العودة الى الوطن... ولم لا؟ أنه أملها الوحيد , يجب الرحيل في أقرب وقت ممكن.

بينما كان ريك يمل عليها رسالة , كانت تراقب وجهه البارد , كان ينظر في أتجاه السور , ورأت تقطيبة حاجبيه , لم يكن يكترث لها كأنها آلة , وبعدما أنتهى نهض وأستعد للخروج .
فقالت تامي بسرعة:
" يا سيد هاتون , هل يمكنني أن أكلمك قليلا؟".



اماريج 12-07-10 02:31 AM

أجاب ببرود :
" ماذا عندك؟".
أزدردت تامي ريقها وقالت:
" أريد العودة الى أنكلترا , وأنني أعدك أن أستقل الباخرة الأولى , أذا وافقت على تركي العمل".

خيّم صمت طويل فشعرت تامي بتوتر في أعصابها , كان ما زال يحدق فيها بأستمرار , ثم سألها في لهجة ساخرة:
" كي تعودي الى جوناثان؟".
حوّلت نظرها عنه وأجابت في صوت منخفض:
" نعم!".

فقال في قسوة:
" أتعتقدين بأنني أحمق كي أصدق قصتك الخرافية فيما يتعلق بجوناثان , أذا كان حقا كما وصفته لي فهو لا ينتظرك, لا شك في أن أمرأة أخرى جذبته اليها , لو كنت مكانك لنسيته".

توجه نحو الباب ثم التفت اليها وقال:
" لقد دفعت لك يا آنسة دانتون معاشا محترما لقاء عملك هنا , وأي تعويض سأناله منك أذا وافقت على ذهابك؟ أشدد على كلمة أذا".

نظرت اليه بهدوء وقالت:
" سوف أرد لك المال حتى آخر فلس".
فقال وهو يبتسم:
" ما زلت تدخلين جوناثان في القصة , أليس كذلك؟".
حاولت مرة أخرى:
" أرجوك!".

تقلصت شفتا ريك وقال:
" لن تذهبي الى أي مكان آخر ,ضعي ذلك في رأسك جيدا , وكفي عن هذا الضجيج فلن يفيدك".
وبسرعة البرق قال قبل أن يخرج ويصفق الباب وراءه:
" أريد هذه الرسائل قبل الغداء".

ظلت تامي وحدها تتساءل كيف يمكن للمرء أن يكره أنسانا ويحبه في الوقت نفسه , لقد فكرت بأنه لم يبق أمامها سوى الأتصال بجوناثان , لكنها , في أعماق نفسها , ترفض ذلك , هذا يعني أنها ترضى بأنهزامها.
منتدى ليلاس
أنتهت سلسلة المحاضرات ووجدت تامي نفسها من جديد حرة في المساء , أتصلت بها بولا صباح السبت , وعرفت تامي مسبقا ما تريد بولا أن تقوله لها ,عليها أن ترفض عرضها حتى لا يقع شجار جديد بين ريك وجيري , ووعدت بولا بأن تحاول الخروج معه في الأسبوع المقبل.

في نهاية الأسبوع تبدأ عطلة السيدة موريس . أحضرت لتامي بعض المأكولات مسبقا ووضعتها في البراد , أما ريك , فيمضي أوقاته في زيارة المزارع البعيدة , ومن النادر أن تجده في مزرعة( الصخرة) شعرت تامي بالأرتياح , ستكون وحيدة لمدة يومين , وخططت للقيام بنزهات في المنطقة , فالمزرعة تمتد على بعد كليومترات وكيلومترات , وهي تعرف منها فقط ما يحيط بالمنزل.

وبعد أن تناولت فطور الصباح , أعدت سلة ملأتها بالمأكولات, لأنها تنوي تناول طعام الغداء في الهواء الطلق حيث تكون قد وصلت في نزهاتها , وقبل ذهابها ,توجهت الى مكتبها لأحضار قبعتها لتحمي رأسها من حرارة الشمس اللاهبة , وأذ بها تلتقي ريك وهو يخرج من المكتب , بدأ يتفحصها في سخرية , أذ كانت ترتدي قميصا قطنيا وبنطلون جينز وتبدو مختلفة تماما عن السكرتيرة الرصينة , كانت تبدو قصيرة القامة في البنطلون والحذاء الخالي من الكعب , وهي أيضا نظرت اليه , أذ كان يرتدي قميصا كحليا وسروالا بنيا , كما لاحظت شعره الأشقر في أعلى صدره بارزا ممن القميص ذات الياقة المفتوحة, وبسرعة أدارت وجهها عنه , فقال:
" هل صحيح أن عمرك أثنتان وعشرون سنة؟ تبدين وكأنك في السادسة عشرة".




اماريج 12-07-10 02:38 AM

ورأى السلة في يدها فقال:
" الى أين أنت ذاهبة؟".
لم تعجبهاملاحظته عن سنها , فهي سريعة التأثر بهذا الموضوع بالذات لأنها كانت تفعل المستحيل لتظهر تماما حقيقة عمرها ,ثم أنتبهت الى سؤاله , كيف عرف أنها تنوي الخروج؟
فقالت في صوت مترفع:
" سوف أتنزه قرب المزرعة".
منتدى ليلاس
لم يعجبه ردها , فتقدم خطوة منها , فتراجعت الى الوراء بسرعة وأضافت:
" لا أعرف ألى أين بالضبط , لقد قررت الخروج الآن".
" هذا جواب أفضل بكثير".
لم ترد عليه , وكانت تأمل في أن يذهب ويتركها وحدها , فجأة سألها:
"ماذا تفعلين عندما تمرين أمام حاجز".


فتحت عينيها الواسعتين وقالت:
" أي حاجز؟".
" عرفت أنك لم تفهمي قصدي , أنني أتكلم عن حواجز الماشية , عليك أن تغلقيها وراءك , هل فهمت؟".

هزت رأسها ايجابا.
" أعتقد أنه من الأفضل أن أصطحبك معي".
أنتفضت وقالت له في عجلة:
" سوف أغلق الحواجز ورائي ! أعدك بذلك".
" أعتقد بأنك لاتحبين رفقتي , وأنا كذلك , لكنني لن أدعك تتنزهين في ممتلكاتي من دون حراسة , هل تجيدين ركوب الخيل؟".
" كلا".
ضحك وقال:
" أبنة المدينة الحقيقية! لم تتدربي بعد على أجتذاب أصحاب المزارع الأغنياء".
منتدى ليلاس
ظلت صامتة , وهو بدأ يفقد صبره .
" سوف أعطيك دروسا في ركوب الخيل".
" كلا , شكرا , أنني ... أنني أخاف الحصان , ولا سبب لتلك الأمور".
حدقت في السقف الأبيض في حذر وأضافت:
" لست أنوي البقاء هنا طويلا".
ألقى اليها نظرة ساخرة وقال:
" هل ما زلت تشطبين الأيام من رزنامتك؟".
أحمرت خجلا , لا شيء يفوته.

أضاف يقول:
"لو كنت مكانك , لما وضعت آمالي كلها على أنتظار نهاية العقد, من يعرف؟ ربما أقرر عدم الأستغناء عن خدماتك أذا رأيت أنك تتمتعين بموهبة رفيعة".
وأدركت تامي أن في وسعه أن يفعل ذلك , متى أراد , وستظل سكرتيرته الى أن يغزو الشيب شعرها.
كان ريك يضحك بتمهل كأنه قرأ ما يدور في أفكارها .

فأمرها بجفاف:
" أذهبي وفتشي عن قبعتك".
وأشار الى سلة المأكولات وقال:
" لن تحتاجي اليها".
أعادت تامي محتويات السلة الى البراد , ثم صعدت الى غرفتها وأخذت قبعتها , وكانت تتساءل متى سينتهي هذا الأضطهاد المستمر , حسب العقد , يحق لها بعطلة آخر الأسبوع , وهي الآن ترى نفسها تلبي أوامره ولا تجد سبيلا للتخلص من سيطرته , وضعت القبعة على رأسها وخرجت على مضض , كان ريك واقفا أمام سيارة الجيب , فتفرس فيها ثم قطب حاجبيه وقال:
" لسنا متوجيهين الى حفلة أستقبال , أليس عندك قبعة أخرى؟".

" ومما تشكو هذه القبعة؟".
" من كل شيء".
شاهدته يبتعد في خطى واسعة , خلعت قبعتها ونظرت اليها , أنها لا تشكو من شيء , بل أنها رائعةوخاصة الربطة الزرقاء في مؤخرة الرأس, ناداها ريك:
" ما بك , تعالي؟".
منتدى ليلاس
أخذ ريك يضع القبعات على رأسها لتختار ما هو مناسب منها , لكنها كانت واسعة بحيث تسقط على أذنيها وتحجب عنها النظر.
فقال بحدة:
" لا بأس أذن , ضعي قبعتك وتعالي , لقد أضعنا الكثير من الوقت".
خرجت تتبعه , ولما وصلت الى السيارة رمقها ريك وأمرها قائلا :
" أخفضي قبعتك , يجب أن تحمي عينيك وخاصة وجهك من الشمس".

فأطاعته وهمست :
" أحب أن أرى أين أمشي , فأذا أخفضت قبعتي لن أعود قادرة على رؤية شيء".
صرخ:
" يا ألهي! ضعي قبعتك كما تشائين".
وصعدت الى السيارة وهي سعيدة لأنها حققت , ولو مرة واحدة أنتصارا صغيرا عليه.


********نهاية الفصل السابع*******


اماريج 12-07-10 02:39 AM

8-ديانا سكوت
*****************
قطعت سيارة الجيب الأراضي المسورة الممتدة على مسافة شاسعة من المراعي , لم تشاهد تامي أي أثر للخراف أو الماعز , وكانت ترغب في معرفة السبب , قد تكون الماشية في أعالي التلال البعيدة التي تلمع في الأفق؟ ألقت نظرة سريعة الى وجه ريك وأطلقت زفرة وهي تتأمل المناظر أمامها , خيّل اليها أنها قطعت مسافة طويلة قبل أن تلمح أول مسكن : مزرعة صغيرة بعيدة , لا شك أن ريك متوجه الى هناك , فجأة ظهر أمامه حاجز , فقال:
" هذا حاجز".

نعم , فهي ترى ذلك بوضوح!
وقال وهو يخفف من سرعته:
"أخرجي من السيارة وأفتحي الحاجز, وبعد أن أعبر أعيدي أقفاله".
كيف بأمكان أمرأة أن تحب شخصا مثله , لا شك أنها قد أصيبت بضربة شمس عندما تصورت أنها تحبه! أنه ينفرها لكنها كانت تفعل كل ما يأمرها به.

وصلا الى أحد المنازل وطرق ريك الباب وسرعان ما ظهرت على العتبة أمرأة على مشارف الشيخوخة.

سألها بلطف:
" صباح الخير يا جين! كيف حال دان؟".
شعرت تامي بأن المرأة ترمقها بنظرات فضولية:
" بصحة جيدة , شكرا, أنه ينتظرك بفارغ الصبر".
ألتفت ريك نحو تامي:
" في المقعد الخلفي للسيارة , مجلات, أحضريها الى هنا".
منتدى ليلاس
لم يكن يقول لها ( من فضلك) أو ( شكرا) وبعد أن أحضرت المجلات, توجه ريك نحو المنزل , بقيت جين وراحت تبتسم لتامي بخجل , فلاحظت أن عليهاأن تقدم نفسها , فقالت وهي تصافحها:
" أنني .... أنني سكرتيرة ريك هاتون, وأدعى تامي دانتون ".
" آه , أنت الفتاة الأنكليزية! لقد سمعنا في الحقيقة أن لريك سكرتيرة".
وقالت تامي لنفسها:
" شرط ألا يعرفوا المزيد".

ثم سألتها:
" هل زوجك مريض؟".
" نعم , أصيب بكسور في ظهره منذ ستة أشهر ويقول الأطباء أن حاله ستتحسن مع الوقت , أي رب عمل آخر كان أستغنى عن خدماته , لكن ريك لا يفعل ذلك , أنه يأتي لزيارته كل أسبوع ويحمل اليه الصحف والمجلات".

وظهرت في زاوية البيت فتاة, رفعت تامي نظرها متسائلة , فأسرعت أمها تقول:
" هذه ابنتي ماندي , تعالي وصافحي الآنسة تامي".



اماريج 12-07-10 02:40 AM

لكن ماندي أكتفت بأن هزت رأسها بسرعة قبل أن تسرع في الدخول الى المنزل.
ألتفتت جين الى تامي وهي تقول:
" لا تكترثي لتصرفاتها , أنها تغار فقط".
رددت تامي وقد فوجئت:
" تغار؟".
منتدى ليلاس
أنفجرت جين في الضحك:
" يبدو واضحا أنك لا تعملين لدى ريك منذ وقت طويل , أن معظم النساء اللواتي تحت الثلاثين ستكرهنك خاصة اذا كان ريك يصطحبك معه في زياراته وتنقلاته العديدة".

توقفت قليلا ثم تابعت ببعض السخرية:
" هل تعرفت الى الآنسة سكوت؟".
"لا".
" اللقاء سيتم حتما , لكن عليك أن تحذري منها أذا حاولت الأستيلاء على ما تعتبره ملكها الخاص ".

قهقهت جين وأضافت:
" أحب أن أرى تعبير وجهها عندما تعرف أن ريك يصطحبك معه في السيارة , سأكون سعيدة في أخراسها ولو مرة واحدة".

سألتها تامي:
" هل هما مخطوبان؟".
" هذا يتوقف على ما تعنين بذلك , هي تريد ذلك , لكن ريك... لا أعتقد أنه يشاركها حلمها , لا شيء بينهما , أن عائلة سكوت عائلة محترمة هنا ولا شك أن الآنسة سكوت وريك يشكلان زوجين لائقين , قد يقع في غرام فتاة جميلة , لكن الزواج مسألة أخرى , أنه أنسان أناني".

تامي تعرف ذلك جيدا, وفي هذا الوقت بالذات , خرج ريك من المنزل , ودع جين وصعد الى السيارة , وأخرج منها رزمات عديدة .
وفجأة ظهرت أمرأة من أهل البلدة , ضخمة , ترتدي فستانا مخططا بمختلف الألوان , أقتربت منهما وهي تتمايل , فلمعت أسنانها البيضاء عندما صرخت:
" صباح الخير يا مدير , لقد خرج بوبو".

" صباح الخير يا تيس , لا يمكنني أن أبقى اليوم , فقد تأخرت , هل تفضلين بتوزيع هذه الرزمات على أصحابها".

صعد من جديد الى السيارة , وقبل أن يقلع صرخ في الولد الأكبر :
" اليك الرزمة الزرقاء , يا وليم , ليأخذ كل واحد حصته , أتفقنا؟".
عندما أقلعت السيارة , شردت تامي بنظرها في السهول ا, وفكرت بحزن أنها لم تتح لها الفرصة للتعرف عن قرب الى ريك ,وذلك بسبب الماضي.

قال ريك قاطعا عليها أفكارها :
" في المحطة الثانية ,سأزور جو العجوز , يمكنك أن تخرجي من السيارة وتنشطي قدميك , وأياك أن تقتربي من منزله , هل فهمت؟".
منتدى ليلاس
أومأت موافقة , فتوقفت السيارة أمام بيت شبه مهدوم , كل ما فيه يدل على أنه خربة , وكانت الشمس تسطع حرارتها في كل مكان , وقررت تامي الخروج من السيارة والتنزه حول المكان لأستنشاق الهواء العذب

رأت ريك هاتون يدخل المنزل , ثم تطلعت حولها , هنا لا أثر للمراعي الخضراء , الأرض قاحلة , بأستثناء بعض الشجيرات النادر المنثورة هنا وهناك , قد تكون قلة المياه جعلت هذه المزرعة على هذا النحو من البؤس والفقر , والمرج لم يكن سوى أرض جرداء
أطلقت تامي زفرة أمام هذا المنظر الصحراوي , شيء ما تحرك وراء أحدى الشجيرات , ظلت تنظر اليه , فجأة ظهر كلب ضامر, هزيل , وراح يحدق فيها بتردد , كان يتألم من قدمه اليمنى : يعرج ويطلق نحيبا يدعو الى الشفقة , تقدمت تامي منه خطوة.

" أبتعدي عنه.... ألا أذا كنت تريدين أن يهجم عليك ويحطمك , عودي الى السيارة".
نظرت الى ريك الذي كان يقف على سلم الشرفة قرب رجل عجوز شعره أبيض , يرتدي سترة جلدية قديمة وسروالا معلقا برباط حول الركبتين.

تقدم ريك من الكلب وأمره:
" الى حجرتك , يا جانتي!".
أبتعد الكلب وهو يعرج بألم , عضت تامي على شفتيها وشاهدت ريك يتوجه نحو العنابر برفقة الرجل العجوز.



اماريج 12-07-10 02:41 AM

وبعد قليل عاد الكلب الى قرب الشجرة , وراح يمدد قدمه المكسورة , أن هذا الكلب المسكين في حاجة الى مساعدة.
ألقت نظرة حولها ولم تشاهد ريك ولا الرجل العجوز , خرجت من السيارة وتوجهت نحو الكلب ,وما أن أقتربت منه حتى لاحظت أن عينيه العنبريتين تراقبان معظم حركاتها , وظنت تامي بأن مثل هذا الكلب لا يمكنه أن يكون متوحشا , أنه في حاجة الى مساعدة.

وتذكرت أن ريك ناداه بأسمه , وما هو اسمه؟ جانتي؟ نعم, فهي تذكر ذلك جيدا , فهمست بأسمه , وراحت تزحف وتقترب من الحيوان , لامست أولا فمه , ثم أقتربت من قدمه المصابة , شيء ما غرز في جلدته وصولا الى اللحم , أنها شوكة سوداء , والقدم متورمة , وفي لطف شدت على الشوكة , فراح الكلب ينوح , وأخيرا سحبت الشوكة ونظرت اليها وفوجئت بضخامتها.

" الآن ستزول آلامك , يا جانتي!".
وبدأت تحاول الوقوف عندما شعرت بأن شخصا يشد على معصمها , ثم يرفعها بعنف حتى كادت أن تفقد وعيها.

ألتقت عيناها عيني ريك الملتمعتين غضبا , كأنه يريد أن يقتلها , تراجعت الى الوراء , فأمسكها بكتفيها وهزها كما لو كانت دمية قماش , وفي الوقت نفسه, راح يقذفها بشتائمه , لكنها لم تكن تفهم ما يقول : كانت تعرف فقط أنه كان يؤلمها , أنغرزت أصابعه في كتفيها وتساءلت ما أذا كان عقابه القاسي قد بدأ.

وعندما أطلق سراحها أخيرا , حاولت أن تستعيد وعيها ,وسمعت الرجل العجوز يهمس قائلا:
" تمهل يا ريك , كفى الآن".

" لا تتدخل في الأمر يا جو , أنت تعرف أن القانون الأول للأدغال هو أن يمارس المرء الطاعة".
شعرت بالدوار من شدة الألم, والتقى نظرها بنظر ريك البارد , وصفعته على وجهه ,بقوة.
منتدى ليلاس
أقترب ريك منها شادا على معصميه , وما لبثت أن شعرت بشخص يحملها على كتفيه وينقلها الى السيارة كما يحملون عادة كيس البطاطا , ودفعها بشدة الى داخل السيارة.
" والآن , أبقي هنا , حتى أعود".

رأته يبتعد نحو المنزل , بالرغم منها بدأت الدموع تنهمر من عينيها , يا لحظها السيء الذي أوقعها بين يدي هذا المدير المجنون.
أنه لا يفوت فرصة واحدة من دون الأنتقام منها , فركت عينيها وفجأة شعرت بيد توضع على كتفها , فأنتفضت , أنه الرجل العجوز.

" لقد قمت بعمل جيد , يا آنسة , حتى لو أنبك ريك هاتون على ذلك, لا شك أنك غاضبة عليه كثيرا , أليس ما أقوله صحيحا؟".
أبتلعت تامي ريقها ولم تقل شيئا , فهمس قبل أن يبتعد:
" سوف أحضر لك شيئا تشربينه".
عاد بعد قليل حاملا ابريق قهوة , سكب لها فنجانا أخذته شاكرة مبتسمة.

وقدم لها جو زهرة زرقاء تشبه البنفسج , كان يشعر بالخجل وهو يقول:
" أنها في لون عينيك تقريبا".

وأمام لطفه الزائد , أغرورقت عيناها بالدموع وشكرته من كل أعماقها , ثم أحتست القهوة اللذيذة , وسألته:
" جو , ماذا وضعت في القهوة؟".
" أعتقدت بأنك في حاجة الى شيء لينعشك , فوضعت ماء الزهر".

شربت تامي في تمهل ثم أضاف العجوز:
" أنني ... أنني أعتقد أنك حانقة جدا على ريك , لكن لم يسبق لي أن رأيت شخصا خائفا ومذعورا قبل الآن , كان أبيض كالثلج عندما شاهدك تسحبين الشوكة من ساق الكلب , وأعتقد أنه غضب لهذا السبب بالذات, ما من أحد يجرؤ على الأقتراب من هذا الكلب".



اماريج 12-07-10 02:43 AM

قالت تامي:
"كان والدي طبيبا بيطريا , وكنت أساعده , الحيوانات تدرك بغريزتها ما أذا كان الأنسان يساعدها أم لا".

وافق جو على كلامها ثم ألتفت نحو منزله رأى ريك هاتون خارجا منه , فشدت تامي على سفتيها وشكرت جو على القهوة ووضعت الزهرة على ركبتيها.

صعد ريك الى السيارة من دون أن ينظر اليها , ثم أشار بيده الى جو وقال:
" الى اللقاء يا جو".
ثم أقلع ,وبينما كانت السيارة تقوم بنصف أستدارة لتأخذ طريق العودة , صرخ جو قائلا:
" أحضر الآنسة معك مرة ثانية".

لم يرد ريك وبقي قاتم الوجه , وخيم الصمت لمدة طويلة , وكانت السيارة تنحرف كلما ألتقت بطريق غير متساوية , ألتفت ريك الى تامي وسألها:
" هل تشعرين بألم؟".

لم ترد, بل راحت تتأمل المناظر أمامها , في عطلة الأسبوع المقبلة , ستنهض باكرا لتفادي القيام بنزهة مثل هذه.
همس وهو يلمس خده الأيمن:
" أنك تجيدين الصفع , هل هذا يعزيك بعض الشيء ؟".
منتدى ليلاس
أجابت تامي بلهجة مقتضبة:
"نعم ".
دفع رأسه الى الوراء وأنفجر ضاحكا , أما تامي فراحت تداعب أوراق الزهرة التي قدمها لها جو , فشاهد ريك ما تفعله وقال:
" هل أعطاك العجوز هذه الزهرة؟ لا شك أنك شكوت له همومك!".

" كان لطيفا جدا معي وحاول التعويض على المعاملة السيئة التي تلقيتها منك".
فقال في هدوء:
" ربما أضطر في أحد الأيام الى خنقك , يا آنسة , أنت تعرفين جيدا لماذا أنبتك, الكلب الذي أشفقت عليه متوحش وشرس , كان في وسعه أن يمزقك قطعا , في المرة المقبلة , سوف تطيعين أوامري , وألا سأعطيك درسا لن تنسيه , هل فهمت؟".

لا جدوى من الرد , نظرت من جديد من النافذة الى المراعي الخضراء والماشية التي تمر من بعيد.

ثم أعلن بايجاز:
" في المحطة التالية , سنصل الى منزل السيد سكوت , حيث سندعى الى الغداء , ومن دون شك الى العشاء أيضا".
رمق تامي بنظرة سريعة وأضاف:
" نظفي الغبار عن وجهك".
تفرست فيه وتساءلت في نفسها : سكوت... أليس هذا اسم عائلة خطيبته؟ لم تكن تريد التعرف الى هذه العائلة العريقة ,الأرستقراطية.

ثم قالت:
" دعني أنزل هنا , فلست في مزاج يسمح لي بأن أمضي يومي مع أناس لا أعرفهم".
" وما تنوين فعله؟ هل تريدين قطع ثلاثين كيلومترا مشيا على الأقدام , حتى تصلي الى البيت؟".

" ما عليك الا أن تدلني الى الطريق الذي سأقطعه , ويمكنك أن تقلني في طريق عودتك , ألا أذا كنت ما أزال أمشي".
" لا مجال لذلك أبدا! ستأتين معي , ولن أتراجع عن كلامي مهما كلف الأمر".

تفرس فيها وأضاف:
" يا ألهي, ماذا فعلت بوجهك؟ هناك بعض السواد حول عينيك".
" لا أعرف ما أذا كان ذلك يهم عائلة سكوت , من الأفضل أن يعرفوا كيف تعاملني , لا شك أن في أستراليا نقابة تحمي السكرتيرات وتدافع عنهن ضد أصحاب العمل المتوحشين".
منتدى ليلاس
نظر أمامه وهز كتفيه وقال:
" كان عليك أن تهتمي بتحرير النساء".
" يا له من مزاح في غير محله!".

ورمقها بنظرة مرحة ,وأخرج مرآة صغيرة , فنظرت اليه بأستغراب , أنها مرآة نسائية , وعرفت لمن تكون , ناولها المرآة وقال:
" أنني أحتفظ بها للحالات الطارئة".

أخذتها بطرف أصابعها , وتفحصت وجهها المليء بالغبار , كيف في أمكانها أن تنظف وجهها من دون منديل , أو ماء؟ أطلق زفرة وأخرج من جيبه منديلا أبيض , ثم تناول زجاجة صغيرة مليئة بالماء وراح يبلل المنديل.



اماريج 12-07-10 02:44 AM

مسكن عائلة سكوت ليس كبيرا مثل مزرعة ( الصخرة) , والأراضي أقل خصوبة من أراضي ريك هاتون , صحيح أن عائلة سكوت تنتمي الى العائلات الراقية لكنها ليست في غنى ريك وشعبيته.

عندما توقفت السيارة أمام منزل سكوت , كان الباب قد فتح, نزل ريك بسرعة من السيارة وتامي تراقب الفتاة الشابة الواقفة على درج الشرفة.

أنها الفتاة الشقراء التي أخبرتها عنها السيدة موريس, وأعترفت تامي بأنها تتتمتع بجمال نادر , ثوبها الأزرق يشد قامتها المثيرة وشعرها الطويل يتساقط على كتفيها , وأذا كان هذا هو النوع من النساء الذي يحبه ريك , فهي تفهم الآن لماذا يجدها نحيفة للغاية , فشعرت بالحزن والكآبة , خرجت من السيارة وهي متصلبة كليا , تشد على الزهرة الصغيرة الزرقاء التي قدمها اليها الرجل العجوز.
منتدى ليلاس
سمعت تامي صوت الفتاة تهمس: (حبيبي) وتساءلت تامي ماذا ستفعل عندما يقترب كل منهما من الآخر , لكن لم يحدث ما كانت تتوقعه , لمس ريك كتف الفتاة ,ثم أستدار نحو تامي وقال:
" ديانا , أقدم لك الآنسة دانتون .... سكرتيرتي , بالنسبة الي أنها فريدة من نوعها , وأنت يا آنسة دانتون , أقدم لك الآنسة ديانا سكوت , أنها صديقة قديمة".

رفعت ديانا حاجبيها , لكنها سرعان ما أنتبهت ومدت يدها الأنيقة لتامي:
" نعم".
أبتسمت لها ديانا , لكن عينيها الخضراوين ظلتا باردتين , وفكرت تامي في أن ديانا لم تعجب بها , وتبعت ريك وديانا الى داخل المنزل .

سارع لأستقبالهم رجل بدين قائلا:
" أدخل , يا ريك , أنني سعيد لرؤيتك , ومن تكون الآنسة؟".

وعرفه ريك عليها , الرجل كان والد ديانا.
" زوجتي ستأتي في الحال , تفضلا بالدخول".
أمسك بيد تامي ورافقها الى غرفة تطل على بهو كبير , أنها قاعة كبيرة ومثيرة , فيها عدة طاولات صغيرة , وخزانة صغيرة من خشب الجوز وضعت عليها أشياء عاجية وسلة زهور كبيرة , أعجبت تامي بهذا الديكور الجميل.

قال السيد سكوت بعدما جلس قربها:
"باقات الزهور هي هواية زوجتي الأولى , أنها خبيرة فيها , أليس كذلك؟".
هزت تامي رأسها وقالت:
" أنه لفن رائع".

لاحظت تامي أنها ما زالت تحمل زهرة جو في يدها.
" هل يمكنني أن أطلب قدحا وماء أضع فيها هذه الزهرة؟".

" طبعا , أذهبي وتعرفي الى زوجتي في المطبخ".
تبعته وهي تعي تماما نظرات ريك المحدقة بها , وفي الوقت نفسه كان يصغي الى ديانا التي كانت تخبره أشياء كثيرة بصوتها المبحوح .
منتدى ليلاس
السيدة سكوت أمرأة مهيبة ووقورة , وفهمت تامي من أين ورثت ديانا بدانتها , وتساءلت ما أذا كانت الفتاة ستصبح يوما ما بضخامة والدتها, لكنها أزاحت عن رأسها تلك الفكرة وصافحت السيدة سكوت في أبتسامة عريضة.

ظلت تامي تتكلم مع السيدة سكوت في المطبخ لفترة لا بأس بها , هنا , على الأقل , ريك هاتون لا يمكنه أن يسمعها أو يراها .
وشعرت بالأرتياح لأنها بعيدة عنه.

******نهاية الفصل الثامن*******


اماريج 15-07-10 05:58 AM


9-دعني ابكي
***************
أثناء تناول الطعام جلست تامي بين السيد والسيدة سكوت , وجلس ريك هاتون في مواجهة ديانا , هذا ما يوافق تامي تماما , أذ ليس في الأمكان أزعاجها , على الأقل في وقت الغداء.

وتذوقت تامي المأكولات المقدمة وأعجبت بها مما جعلها تأكل في شهية كانت تفقدها في الأيام الأخيرة , الطبق الأول كان مكونا من سلطة منعشة بعد صباح حار , أما الطبق الثاني كان مكونا من أنواع مختلفة من اللحم, فأختارت تامي لنفسها فخد دجاج.

لم تثرثر ديانا الا مع ريك , متجاهلة الآخرين , لكن تامي لم تكن تتذمر من ذلك , بالعكس كانت مرتاحة لأن ريك لم يعد يحصر أهتمامهة فيها.

سألت السيدة سكوت:
" هل أنت قريبة سيليا دانتون؟ أنهم يملكون خيولا لسباق الخيل في نيوبري".
فأجابت تامي بسرعة:
" يا ألهي , لا , أن أصل عائلتي فقير ونحن متواضعون , وكما يقال , لست سوى سكرتيرة أنكليزية عادية ومبتذلة".
أنفجر السيد سكوت بالضحك وسألها:
" ما هو أسمك الصغير؟ لن نبقى طوال السهرة نناديك بالآنسة دانتون , أننا نكره الرسميات".

كانت على وشك أن ترد عليه عندما تدخل ريك في الحديث وقال:
" أنها تدعى دليلة , وأنني أرى أن الأسم يليق بها , أليس كذلك؟".
أرادت تامي مقاطعته , ولكن ربما أذا قالت لهم أنها تدعى تامي , سيسألونها عن أصل هذا الأسم , وهي لا تريد أن يعرف ريك هاتون التفاصيل.

صرخ السيد والسيدة سكوت معا:
" هل هذا صحيح؟".
وافقت تامي ولاحظت أن ريك كان يخشى أن تكذب أقواله.
منتدى ليلاس
أما السيد سكوت فهمس قائلا:
" يا للغرابة!".
لكنه أستدرك قائلا:
"أنه حقا اسم لطيف ورائع".
وهزت تامي رأسها في جدية وقالت:
" أنه اسم شائع في عائلتنا".
وسمعت ريك يسعل أذ كاد يختنق وهو يأكل قطعة من الخبز.

وبعد الغداء أقترحت ديانا القيام بنزهة على الخيل , وبتهذيب دعت تامي الى المجيء معهم , لكنها أبلغتها أنها لا تجيد ركوب الخيل.
تدخل ريك في الحديث وقال:
" سأعطيها بعض الدروس , قريبا".

نظرت تامي اليه وأجابت في حزم:
" آسفة , متى عدت الى بلادي , فلن أحتاج الى الخيل , لذلك فلا جدوى من أعطائي دروسا في هذا المجال".
أستدارت نحو السيد سكوت وقالت:
" لن أبقى هنا الا لسنتين فقط , كما أنني أخاف من الخيل خوفا رهيبا".

فشرح ريك قائلا:
" المشكلة الوحيدة التي قد تواجهينها في ركوب الخيل هي الأقتراب من الحصان , ستنسين هذا الخوف بسرعة".

نظر السيد سكوت الى ريك أولا ثم الى تامي ثم وجه كلامه الى ريك:
" لو كنت مكانك يا ريك , لما أرغمتها على أن تتعلم ركوب الخيل , تذكر أنها فتاة أنكليزية , أن بناتنا يتعلمن ذلك منذ المهد".

" سوف تتعلم , أنا واثق من ذلك".
ثم توجه نحو ديانا وقال لها:
"حسنا , والآن , لنذهب الى التنزه".



اماريج 15-07-10 05:59 AM

وقبل الذهاب , همس لتامي:
" أعتقد أن في وسعك أن تكون مرتاحة البال ساعة أو ساعتين , يا دليلة , أليس كذلك".
كانت شديدة الغضب , فلم ترد.

وبقيت تامي مع السيد والسيدة سكوت في غياب ريك هاتون , ولاحظت تامي بأن تصرف السيدة سكوت أتجاها تغير , لم تعد صريحة , وكانت ترمقها من وقت الى آخر بنظرات نافذة , وتساءلت تامي ما أذا كانت السيدة سكوت تخشى على أبنتها منها , فهي لا تعرف لماذا يهتم ريك بها كثيرا.

عاد ريك وديانا في أقل من ساعة , الفتاة بدت عابسة وقد رمقت تامي بنظرات ماكرة.
راح الجميع يثرثرون في غرفة الجلوس الى أن حان وقت العشاء , فحل الظلام وأنيرت الغرفة بالكهرباء.

وللمرة الأولى توجهت ديانا بالحديث الى تامي:
" هل تشعرين بالحنين الى الوطن , يا دليلة؟".
فضّلت تامي لو لم تطرح ديانا هذا السؤال , أذ أن حلول الظلام والظلال ونور المصباح القديم , كلها تذكرها بمنزلها , وشعرت بأن حلقها يجف , فأجابت بهدوء:
" آه , نعم , كثيرا".
" وهل تركت أحدا وراءك؟".

بدأت تامي تدرك ما وراء هذا السؤال من أسباب .
فأجابت وهي تعرف جيدا أنها لا ترد على السؤال المطروح:
" هل تعنين أحدا من أهلي؟".
" آه , لا , أنني أقصد ما أذا كنت تركت وراءك أنسانا عزيزا على قلبك".

أجابت تامي :
" لست مخطوبة لأحد".
أرادت أن تغير الحديث , فهي تشعر بنظرات ريك منصبة عليها , حتى ولو لم تشاهد تعبير وجهه.
قالت ديانا في ترفع:
" سألت ذلك فقط لأنني شعرت بأنك تريدين العودة الى أنكلترا".

وتدخل سكوت في الحديث وقال:
" أنه شيء طبيعي أن تشعر بحنين الى الوطن , أنني أفهمها , وأنا أيضا جئت من هناك ,وشعرت بالأحساس ذاته , لكن ذلك حصل منذ سنوات عديدة , وما زلت أتذكر هذا الأحساس تماما , مرات عدة كنت على وشك الركوب في أول باخرة ذاهبة الى أنكلترا , طبعا أنني سعيد الآن لأنني لم أفعل ما كنت أشعر به حينذاك".
تدخل في الحديث وقال في لطف:
" هل رأيت يا دليلة , أنها مسألة وقت فقط".

تامي وحدها تعرف ماذا يخبىء وراء هذا اللطف الظاهر , شعرت بالدمع يصعد الى عينيها , وفجأة شعرت بالتعب والحزن والألم والحنين الى الوطن , أنها مشتاقة الى العودة الى مزرعة ( الصخرة) حتى تفرغ كل ما في داخلها.

بعد العشاء غادر ريك وتامي منزل عائلة سكوت , ولم تشأ أزعاج ريك وديانا في لحظة الوداع , لكن , فوجئت بريك وراءها , دخلت تامي الى السيارة ونظرت الى ديانا التي كانت تنتظر من ريك قبلة الوداع , لكنها لم تتلق منه سوى ربتة على كتفها , فقالت في لهجة حانقة:
" ريك!".
منتدى ليلاس
أجابها ببرود وهو يصعد الى السيارة:
" تصبحين على خير , يا ديانا".
لا شك في أنهما تعانقا طويلا خلال رحلة ركوب الخيل , لا يمكن أن يكون ريك حبيبا باردا.
خلال العودة , نامت تامي في السيارة , ولم يكن ريك مستعدا للكلام , فجأة شعرت بيد تمسك كتفها , ففتحت عينيها وأذا بريك يقول لها بحنان:
" لقد وصلنا".

هبطت من السيارة ناسية كل آلامها , لكن تقلص قدميها ذكرها بذلك , قال ريك في لهجة آمرة:
" أعدي أغراضك , لهذه الليلة فقط".
فقالت نصف نائمة:
" لم أفهم".

" أذهبي الى غرفتك وأحضري أغراضك بسرعة! ربما نسيت , لكن السيدة موريس ليست هنا , والآن , أعتقد بأنك تفهمين جيدا؟".
حاولت التركيز وقالت:
" وما علاقة ذلك بالأمر؟".

" أعتقد أنك لم تفهمي شيئا , سوف أساعدك على ذلك".
قطب حاجبيه وهمس قائلا:
" أو أنك تفهمين , لكن أذا كنت تثقين بي , فأنا لا أثق بك".
حاولت أن تركز لتفهم ماذا يعني, لكنها فشلت.

" لست أرغب في أن أقع في المصيدة , يا دليلة , بسبب وضع معرض للشبه ".
وأخيرا فهمت , فأغمضت عينيها , لقد طفح الكيل , أصفر وجهها وحولت نظرها عنه وتوجهت الى غرفتها , وضعت أغراضها في حقيبة صغيرة ولحقت بريك الى باب المدخل.

صعدت الى السيارة وجلست وهي تدير له وجهها.
فقال وهو يقلع بسيارته:
" سآخذك الى السيد هامتون ,في مزرعة ( الحجر)".



اماريج 15-07-10 06:01 AM

لم ترد... لم تكن قادرة على ذلك ., شعرت بالدمع يتصاعد الى عينيها , شدت على أسنانها , فلا يجوز أن تبكي أمام هذا الرجل.
وعندما وصلا الى مزرعة ( الحجر) كان المنزل مضاء , لا شك أن أحدا في أنتظارهما.

أمرها ريك عندما نزلا من السيارة:
"خذي حماما ساخنا, وستشعرين بتحسن".

ظلت تامي صامتة:
" هل سمعت ما قلته؟".
لم ترد.
منتدى ليلاس
" آه , أفعلي ما تريدين! سوف آتي صباح غد وأصطحبك الى مزرعة ( الصخرة) كوني حاضرة في الساعة الحادية عشرة".
قالت تامي أخيرا:
" لا مجال لأزعاجك ... أنني...".

فجأة غاب صوتها وشعرت بالدموع تتساقط على خديها , فأسرعت الى داخل المنزل , حيث كانت بولا في أنتظارها :
" تامي! ما بك؟ هل تشاجرت مع ريك مرة أخرى؟".

مسحت تامي دموعها وقالت:
"أشعر بحنين الى الوطن ., هذا كل شيء , كوني لطيفة ودعيني أبكي".

أخذت بولا تداعب يدها قائلة :
" حسنا , الى اللقاء , في صباح الغد".

**********نهاية الفصل التاسع**********



اماريج 15-07-10 06:02 AM


10-ساروضك يوما!
**********************
خلال الفطور , كانت عينا تامي متورمتين وكانت تبدو مرهقة حتى النهاية, حاولت بولا أن تسليها وأقترحت عليها مباراة في كرة المضرب , لكن تامي أعتذرت بلطف.

وبعد الفطور عادت بولا الى المنزل , السيد هامتون لم يبد عليه أنه مستعجل في مغادرة المنزل , أدركت تامي أنه ربما يريد أن يتحدث اليها , رمقها بنظرة حادة وقال في نبرة قلقة:
" كيف هي الأمور معك , يا صغيرتي؟ لم أكن أريد أن تذهبي للعمل في مزرعة ( الصخرة) لكن لم يكن في وسعي أن أفعل شيئا , لا جدوى من النقاش مع ريك هاتون , فهو متمسك برأيه وبالتالي لا ينفذ الا ما يجول في خاطره".

وضع فنجانه على الطاولة وأنحنى نحو تامي وأضاف:
" أنه رجل جيد , أعرفه منذ كان طفلا , أي أنسان آخر يعيش في القرية يقول لك الشيء نفسه , لكن لا يمكننا أن نقول أنه لا يحقد عليك , أنت وحدك , بالذات".

ثم نهض بعصبية وأقترب من النافذة وراح يحدق في الخارج ويقول:
" كيف أتصرف يا تامي؟ مهما كان وضعي فأنني أشعر بمسؤولية أتجاهك , يجب أن أفعل شيئا ما لأساعدك , لا أعرف كيف".
منتدى ليلاس
ابتسمت , لا أحد يمكن أن يغير رأي ريك هاتون فيها , وهي لا تريد أن يخسر السيد هامتون وظيفته من أجلها , شكرته وقالت له:
" ما يزعجني هو الحنين الى الوطن , فقط لا غير , وليس هناك دواء يعالج هذا المرض , أن ريك هاتون لا يسيء معاملتي , أنه يطلب مني أن أنفذ له أعمالا كثيرة وبالتالي فلا أجد الوقت للتفكير , وحتى في عطلة نهاية الأسبوع , يأخذني لزيارة المزارع البعيدة ".

لاحظت تامي أن كلامها أراح السيد هامتون كثيرا , الذي قال فجأة :
" صحيح! هذا تصرف جيد , أتعرفين ذلك".

نظرت تامي اليه , لو أنه يعرف الحقيقة ! ريك لا يصطحبها معه الا لأنه لا يريد أن يتركها وحدها في مزرعة ( الصخرة).
قال السيد هامتون :
" أنه لم يقم بهذا التصرف الا معك , كان يرفض أصطحاب الآنسة ديانا سكوت معه , رغم أصرارها الدائم على مرافقته في جولاته على المزارع البعيدة".

فجأة بدأت تامي تشعر بالقلق , أذا عرف ريك أنها تتباهى بهذه الزيارة , فلا شك أنه سيقع على قفاه , وخطرت لها فكرة , فقالت للسيد هامتون:
" أن عطلة نهاية الأسبوع تمتد من مساء الجمعة حتى صباح الأثنين , أنها طويلة جدا , أتعتقد أن بأمكاني تمضيتها هنا في مزرعة ( الحجرة؟)".



اماريج 15-07-10 06:04 AM

وافق السيد هامتون وقال:
" لم أفكر بذلك من قبل , أهلا وسهلا بك متى أردت المجيء الى هنا , بولا ستفرح لرؤيتك".
شعرت تامي بالأرتياح , وقالت:
" هل تقبل بأن تحدث السيد هاتون بذلك؟".

طمأنها قائلا بسعادة:
" أعتبري الأمر منتهيا , أعتقد أنني سأقوم بجولة , هل تحبين مرافقتي؟".

رفضت, لأنها كانت قد صممت مشاريع أخرى للنهار, وبعد ذهابه , عادت تامي الى غرفتها وراحت توضبها , ثم تناولت قبعتها , لكنها رمتها جانبا وأرتعدت لدى سماعها صوت محرك سيارة في الممر , أمام الباب , فأسرعت الى النافذة , لا يمكن أن يكون الآتي ريك نفسه , فالساعة هي العاشرة فقط , لكن عندما رأت الشاحنة , أطلقت زفرة أرتياح , الآن يجب عليها أن تغادر في الحال , ربما جاء باكرا , فلا تنوي رؤيته طيلة النهار , فخرجت من المنزل مصممة على أن تقوم باكرا بالنزهة التي حرمت نفسها اياها أمس.

وفي الهواء الطلق كان الطقس منعشا , رفعت عينيها وأذا السماء زرقاء , خالية من الغيوم , النسيم الخفيف يحرك أوراق الشجر , فندمت لأنها لم تأخذ معها شيئا تأكله , لأنها قررت أن تبقى خارج البيت حتى يهبط الليل.

وبعد أن أبتعدت عن المزرعة , نظرت حولها , أين تذهب؟ ومن بعيد شاهدت أزهارا حمراء وبيضاء , لا شك أنها المروج , أنه رائع أن تتنزه بين الأشجار والأزهار , لم تفكر في أن سحابة الحر في الجو تعطيها فكرة سيئة عن المسافة التي تبعدها عن المرج.
منتدى ليلاس
أجتازت غابة فيها أشجار صنوبر ذكّرتها بريك وبكلماته الجارحة التي تفوه بها مساء أمس , ولو لم يكن جوناثان موجودا على هذه الأرض لأعتبرت نفسها المرأة الوحيدة التي لا يحبها أحد , ووقفت فترة تتأمل أشعة الشمس تخترق كثافة الشجر , وتتنشق عطر الصنوبر وتفكر بحزن أن الحياة في أستراليا رائعة لولا وجود هذا الرجل الذي لا يطاق , وما أن خرجت من الغابة حتى أغمضت عينيها غير قادرة على تحمل نور الشمس الساطعة , وكانت على وشك أن تدخل الى أرض مسيّجة عندما سمعت صوت رجل يغني , فأختارت الممر الذي يؤدي الى بناء صغير مبني من حجارة القرميد , ولما شاهدت الأبواب العريضة والسميكة , عرفت بفرح أن البناء ليس سوى كنيسة , فدخلتها وشعرت بجو منعش , المقاعد الخشبية المنحوتة خالية ,جلست في المقعد الأخير وتطلعت حولها.

تأثرت تامي من هذا الجو الهادىء , وأطلقت زفرة وهي ترى أشعة الشمس تدخل من الشباك الوحيد , وما لبثت أن أنتفضت أذ سمعت صوتا يهمس من ورائها قائلا:
" صباح الخير , هل يمكنني مساعدتك؟".

أستدارت وأذا بها ترى وجه رجل يبتسم لها بعينيه الزرقاوين , لا شك أنه القسيس , لكن لا شيء يدل على ذلك , أذ كان يرتدي قميصا قديمة بهت لونها , وسروالا قديما وينتعل حذاء كالذي ينتعله البستاني.

قال الرجل:
" لا أحتفال اليوم".
فأبتسمت وقالت:
" صباح الخير , أخشى أن أقول أنني لجأت الى هنا كي أحتمي من الحرارة ومن أشعة الشمس اللاهبة , نسيت قبعتي في المنزل ".

لمعت عينا الرجل الزرقاوان وسألها:
" هل أنت هنا منذ وقت طويل؟".
أخبرته أنها جاءت الى أستراليا للعمل وهي تعمل منذ شهرين تقريبا.

فقال لها وهو يمسح يده بأعتناء قبل أن يصافحها :
" آه , أنت الفتاة الأنكليزية , سكرتيرة ريك هاتون , أليس كذلك؟ أذن ! فلست بحاجة الى أن أسألك أذا كنت مسرورة هنا , ريك هاتون رجل طيب , لقد فعل الكثير من أجل البلدة".

وفكرت تامي في أنها الوحيدة التي لا ترى ذلك , وتساءلت ( هل يا ترى أنا من لا يتحلى بالصفات الحسنة؟).
كادت أن تطلب من القس أن يعيرها قبعة عندما لمحت ظلا واقفا على عتبة الباب , فأستدارت , أنه هنا شخصيا.
قال:
" صباح الخير , يا مارتن".



اماريج 15-07-10 06:05 AM

ولما لمحت نظراته المحدقة بها , فكرت أن تطلب من القس حق اللجوء اليه , أخفضت عينيها بسرعة ورأت أن ريك هاتون يحمل شيئا في يده , أنها قبعتها , وهذا المنظر الغريب لرجل حاملا قبعتها أثّر فيها وشعرت بأنفعال يخالجها مما أضطرها الى أغماض عينيها للحظة.
" صباح الخير يا ريك, أنا سعيد جدا لرؤيتك , لقد تحدثت الآن مع الآنسة دانتون , هل تريد أن تشاركني في فنجان شاي مع الآنسة؟".

أشار له ريك بالنفي وأضاف:
" ضاع من وقتي ما فيه الكفاية , شكرا , في كل حال , يا مارتن".
رمق تامي من جديد بنظرة حادة وسألها بقسوة:
" هل أنت مستعدة؟".

هزت رأسها بالأيجاب وهي مرهقة الأعصاب , لا جدوى من الرفض؟ فلن تتغلب عليه أبدا , نهضت ببطء وتوجهت نحو الباب , رافقها القسيس حتى السيارة ودعا تامي للعودة متى شاءت ذلك .
جلست قرب ريك الذي كان وجهه متصلبا كالتمثال , وأنتظرت هجومه , رمى بقبعتها على حضنها وأمرها:
" ضعي القبعة على رأسك!".

ظل صامتا لبرهة , كانت تأمل بألا يفتح الحديث , لكنه ما لبث أن تكلم في صوت ناعم , وهذا ما كانت تخشاه , لأنها تفضل أن تسمع صراخه بدل من أن يتصنع اللطف.
" هل تعرفين يا دليلة , أن الناس تعتبرني خبيرا في فن ترويض الخيول المفترسة؟ سوف أخضعك يا تامي , حتى ولو كان ذلك آخر ما أفعله , على هذه الأرض".

أجابته في صوت خفيض:
" تريد أن تقول أنك سوف تحطمني".
هز كتفيه وقال:
" ستدركين يوما من هو صاحب الأمر هنا , وأذا قمت بمثل هذه الحيل الخبيثة مرة ثانية , فسألقنك درسا لن تنسيه في حياتك".

تمتمت قائلة:
" يعني أنك ستصفعني في مكان لا يمكن للآخرين أن يروه طبعا".
ضحك وقال:
" هذا يتعلق بك, هناك طرق عديدة لمعاقبتك , أليس كذلك؟".

أغمض عينيها وقالت بغضب:
"أفضّل التأديب الجسماني".
ضحك من جديد وقال:
" هل تعتقدين أنني أجها ذلك؟".

" حسنا , سأعطيك خمسة أيام في الأسبوع , وخمسة أيام فقط ,هذا مدوّن في العقد , ألم تقرأه؟ قال لي السيد هامتون أنه في أمكاني أن أمضي عطلة نهاية الأسبوع في مزرعته ... وسوف أفعل ذلك".

رمقها بنظرة ثاقبة وقال:
" أما زلت تحنين الى جيري؟ أنني آسف فلن أسمح لك بذلك, أما بالنسبة الى عطلات نهاية الأسبوع , فسنرى الأمر مرة أخرى , هذا يتعلق بوظيفتك ... كسكرتيرة خاصة".
منتدى ليلاس
أنتفضت ونظرت اليه بأمعان , فضحك وقال:
" ألم تكوني على علم بذلك , أعتقدت أن السيد سلبي قال لك ذلك , ألم يحدثك عن رفع المعاش؟".

لم ترد وظلت تنظر أمامها , وصلت السيارة الى مزرعة ( الصخرة) , وتوقفت أمام باب المسكن , أرادت الخروج , لكنه أمسكها من معصمها وقال في صوت عذب:
" كما قلت , أنت الآن سكرتيرتي الخاصة , يعني ذلك أنك تحت تصرفي في كل وقت ليلا ونهارا ,وتعويضا عن ذلك أنك تنالين معاشا محترما لم يعط لأية سكرتيرة أخرى ,وكما تعرفين, أنني لا أريدأن أبذّر أموالي وأضيعها سدى , سوف يكون لديك بعض العمل خلال عطلات نهاية الأسبوع , وسوف أكون حريصا على ذلك".

خطرت في ذهنها فكرة جنونية , فصرخت بلهجة متوسلة:
" آه , لا! ... لا دروس في ركوب الخيل , أليس كذلك؟".
سألها فجأة:
" هل صحيح أنك تخافين الخيل؟ ماذا جرى لك؟".

ظلت تحدق في المنظر أمامها , هكذا أذن أنه يريدها أن تركب الخيل , بالنسبة اليه أنها طريقة جديدة ليعاقبها , لماذا لم تفكر بذلك قبل المجيء الى هنا , أذ أن جميع سكان المزارع يركبون الخيل , أنه لن يفهم أبدا أنها لا تحب ركوب الخيل وحتى لو عرف سبب خوفها من الأحصنة , فلن يغير رأيه في الموضوع , أنه لا يشعر نحوها بأية شفقة , أغمضت عينيها , أن جوناثان على حق , لقد كان يقول لها أنها لن تستطيع البقاء في أستراليا الا ستة أشهر , وهي الآن أمضت شهرين هنا ولم يعد في وسعها الا العودة الى أنكلترا بأسرع ما يمكن.

صرخ فيها قائلا:
" أخرجي من هنا".
أنتفضت, ونزلت وظلت واقفة بقربه مترددة , وقالت:
" والآن؟".
أجابها بأقتضاب:
" الغداء! ثم نقوم بجولة في المزرعة".



اماريج 15-07-10 06:07 AM

تفحصت محتوى البراد , في داخل ما يكفي لأطعام جيش بكامله , ماذا يفضّل يا ترى؟ اللحم , السمك , البيض؟ هزت كتفيها ووضعت في طبق بعض السلطة , ثم مختلف أنواع اللحوم في طبق آخر , ثم دخلت الى غرفة الطعام , الطاولة الفخمة المصنوعة من خشب الجوز تتسع لعشرين شخصا , لا شك أنه يستقبل العديد من الناس , والغريب في الأمر أن يعيش رجل عازب في مثل هذا المنزل الواسع الضخم.

وضعت الملاعق والسكاكين والشوك الفضية وتساءلت متى توفي والده , كما فكرت بزوجة والده الثانية التي تخلت عن كل هذا , وبعدما أنتهت من تحضير المائدة ألقت نظرة أخيرة الى الغرفة , الأثاث الغامق يلمع , والسجاد السميك يتناسق لونه مع البرادي المصنوعة من القماش المشجر , وخزانة زجاجية تزين جهة واحدة من الغرفة , ويعرض في داخلها الأشياء النحاسية والعاجية ذات القيمة الفاخرة , وعلى الخزانة الصغيرة من الجهة المقابلة مجموعة رائعة من الفضيات , أطلقت تامي زفرة أمام هذا الديكور وأنتفضت لدى سماعها صوت ريك الساخر يقول:
" هل تفكرين بهذا عندما تتمنين الزواج من مزارع غني؟".
منتدى ليلاس
يا ألهي كم من الوقت مضى وهو يراقبها من دون أن تعرف ؟ فشعرت بالأحمرار يحتل وجهها.
أجابت في هدوء:
" كلا , كنت أفكر بأن هذه الغرفة ذات جمال جذاب...".
ثم أضافت وهي تحدق فيه من دون أن يرف لها جفن:
" وخاصة بالنسبة الى سكرتيرة تافهة , أنني أشعر هنا بالضياع النهائي".

مرت أمامه , فأخذها من ذراعها ونظر الى الطاولة:
" لم تضعي الا صحنا واحدا؟".
" نعم , سأتناول الغداء في المطبخ".
" لا , سوف تتناولينه معي".

أجابت وهي تزم شفتيها :
" لن أكون مرتاحة , شكرا في كل حال".
كان ما يزال يتمسك بذراعها .
" سبق أن وعدت بأن تكوني مطيعة , أتريدين أن أعلمك كيف تتناولينه معي؟".

تقلّصت , أن قربها من ريك يوترها , أنها تشعر بقلبها يخفق بسرعة , وعندما أطلق سراحها هرعت الى المطبخ.
لم تشعر بأنزعاج في حياتها مثلما شعرت وهي تتناول طعام الغداء معه , كانت جالسة في مواجهته , وكلما رفعت عينيها كانت ترى نظراته الساخرة تحدق فيها, وما أن جلست حتى أشار اليها بأنها نسيت أحضار الخبز , فهمت بالنهوض عندما أضاف في لامبالاة :
" لا داعي لذلك, الا أذا كنت تريدين خبزا لك ؟ أنا نادرا ما أتناول الخبز".

كانت ترغب في أن ترمي بوجهه شيئا ما , فهمس:
"عيناك المعبرتان تخونانك , أنهما رائعتان , أنت تعرفين ذلك من دون شك , يمكنهما أن تسحرا الرجل الطائش".
نظرت في طبقها وبدأت تأكل وتقول لنفسها ( أنه يحاول فقط أن يغضبني , فلن أرد عليه).

فسألها فجأة:
" حسنا , هل لديك أي أنتقاد فيما يتعلق بهذه الغرفة بالذات؟".
أنتفضت, فهو لا يدعها تتمتع ببعض الوقت لتستعيد وعيها وتفكيرها , ظلت تحدق في صحنها وهي ترد عليه ببطء:
" لا شيء , لا شيء , الناس البسطاء والفقراء مثلي يتأثروت قليلا بمثل هذا الغنى الفاحش".

أجتاحتها نوبة حزن لدى تذكرها منزلها القديم والأثاث الملون ببقع الوحل والشعر , غالبا ما كانوا يبعدون الحيوانات الكبيرة الى غرفة الأستقبال حتى لا يقع الشجار بينها وبين الحيوانات الصغيرة داخل غرفة الأنتظار.
سألها فجأة:
"كيف كان منزل جوناثان؟ أو أنك لم تزوريه في منزله؟".

لمعت عينا تامي مم جعله يقول:
" أنك تعرفين جيدا أعلان الحرب بنظرة , أذن , ما هو جوابك على سؤالي؟".
شدّت على شفتيها وقالت:
" في الواقع , أن جوناثان يملك العديد من المنازل , واحدا في المدينة , وآخر قرب شاطىء البحر , وفيلى في الريفييرا الفرنسية , ما عدا منزله الريفي".

هزّ حاجبيه وقال:
" ورفضت أن تتزوجيه؟ لا يمكنني أن أصدق أنك تجاهلت كل ذلك,هل هو طاعن في السن؟".
لم تشأ أن تقع في الفخ , فسألته بتهذيب:
" أتريد أحتساء القهوة الآن؟".

لم يعجبه تغيير الموضوع , فقطب حاجبيه لكنه عدل عن متابعة الحديث حول جوناثان وسألها:
" هل تجيدين تحضير القهوة؟".
أجابت وهي مغتاظة:
" طبعا".

" أذن , لدي بعض الأعمال يجب أنهاؤها , سأتناول قهوتي في المكتب".
وبعدما أحتسى ريك القهوة , أعترف لتامي بأنها حقا لذيذة الطعم.
كانت تامي قد أرتدت قبل الغداء فستانا من القطن الأزرق , لذلك فوجئت عندما أمرها بأرتداء سروال , ففتحت عينيها الواسعتين تريد معرفة السبب , فشرح لها قائلا:
"سوف نقم بجولة حول المزرعة".
وبمضض توجهت الى غرفتها وخلعت فستانها وأرتدت سروالا وتعطرت ثم عادت الى المكتب , بحثت عنه داخل المنزل من دون جدوى.

أتجهت الى السياج وأتكأت على الحاجز لتشاهد المساحة الواسعة الخضراء أمامها , وبعد دقائق سمعت صوتا أوقف شعر رأسها , كان صوت خطوات حصان يتوجه نحوها.

كان عليها أن تستجمع كل ما لديها من شجاعة للألتفات وشاهدت ريك ممتطيا حصانا أسود لم تر بضخامته من قبل.
" أقدم لك ( منتصف الليل) , أنه مهذب ولن يؤذيك , داعبي وجهه".
أطلقت تامي صرخة حادة , خيّل اليها أنها تعيش كابوسا , وبمعصميها المشدودتين راحت تشد بالسياج.
منتدى ليلاس
لكنها وصلت أن تقول:
" لا .... لا ... أرجوك, أبعده عني".
" أرجوك أن تثقي بي يا دليلة , ولو مرة واحدة ,هيا, داعبي وجهه".
راحت تامي ترتجف وتشد بالسياج , فأخذها من خصرها ومن دون أن تعرف ماذا يجري , وجدت نفسها جالسة على ظهر الحصان , أمامه.
فهمس في أذنها:
"الأنسان قادر على أن يقهر خوفه , حاولي أن تتبعي خطوات الحصان".

كانت تامي تتخبط بعنف , وللحظة أفلتت من يده وكادت أن تقع أرضا , لكن سرعان ما تمسك بها قبل أن تلمس الأرض.
" لا ... لا ... أرجوك, أتوسل اليك".
لكنه لم يكن يريد التراجع عن قراره وكان رده الوحيد:
" بل ستحاولين أمتطاء الحصان".
فتمسكت بذراعيه ووضعت رأسها على صدره وبكل قواها كانت تردد وتصرخ قائلة:
" لا أستطيع ! ألا ترى أنني لا أستطيع؟".

لكنه تخلص من تمسكها به وقال:
"أذا كان ما تفعلينه حيلة أخرى , فأنك تضيعين وقتك , على الرجل أن يمهد للأمر , أذن, كفي عن هذه المسرحية".
لم ترد, فقد غابت عن الوعي.

**********نهاية الفصل العاشر**********



اماريج 15-07-10 06:29 AM


11-الثوب الممزق
*******************
بعد ساعات أستيقظت تامي, نظرت حولها , وجدت نفسها ممددة على سرير غرفتها , حاولت أن تتذكر ما حدث لها , وعادت اليها الذاكرة تدريجيا , وآخر ما تتذكره هو أنها كانت تتأرجح في ذراع رجل يطلب منها أن تشرب.

كان الشراب مرا , لكنها أضطرت الى تناوله , قطبت حاجبيها , أعتقدت أن جوناثان هنا , أذ همست بأسمه , نهضت ببطء , لم يكن جوناثان بقربها , ووقع نظرها على ذراعيها ,ولاحظت أنها ترتدي قميص النوم , أحمر خداها , لم يكن جوناثان ... بل ... ريك هاتون...
أنفتح الباب ودخلت السيدة موريس:
" كيف تشعرين , حان لك أن تستيقظي".
" كم الساعة الآن؟".

" السادسة والنصف , أعتقد أنك في حاجة الى فنجاي شاي , سأعود بعد دقيقة".
سألتها تامي بسرعة قبل أن تغادر السيدة موريس غرفتها:
" متى عدت من أجازتك؟".

" لقد جئت في الباص , أبكر من عادتي , وعندما وصلت شاهدت السيد هاتون يعطيك حبة من دواء مسكن , كنت ترتجفين كالورقة , وقال لي ريك أنك تعرضت لصدمة بسبب خطأ أرتكبه هو في حقك , ولم يذهب الا بعدما عاينك الطبيب , وحسب رأيي لا شك أنه تناول هو أيضا مسكنا , أذ لم أره من قبل في مثل هذا التوتر".

خرجت السيدة موريس من الغرفة تاركة تامي وحدها مع أفكارها , وبعد أقل من خمس دقائق , سمعت تامي طرقة على الباب , فرفعت الغطاء حتى رقبتها:
" أدخل".
دخل ريك ووقف ينظر اليها , لم تره من قبل على هذا النحو , كأنه عاصفة على وشك الأنفجار :
" لماذا لم تخبريني بالأمر؟ هل تعتقدين أن ذلك يفرحني , أن أذكرك بما حدث لك في الماضي؟ لا شك أنك أمضيت أسابيع عديدة في المستشفى , لأن الندبات في جسمك تدل على ذلك".
منتدى ليلاس
أحمرت خجلا , هل شاهد ندباتها ؟ وتساءلت في نفسها عما أذا كان هو الذي على خلع ملابسها وأرتداء قميص النوم , لاحظ أحمرارها فقال بصوت ساخر:
" الطبيب هو الذي تولى الأمر".

جلس قربها على السرير وأضاف:
"ما هو الحادث الذي وقع لك في الماضي ؟ قال لي الطبيب أنك ربما سقطت تحت حصان داس عليك".

أطلقت زفرة وحولت نظرها عنه وقالت:
" شب حريق في أسطبل الخيول القريب من بيتنا , وبما أن والدي طبيب بيطري , فقد أستدعوه الى مكان الحادث لمعالجة المصابين من الخيول , وكنت أرافقه , ساعدته على أخراج الخيول من داخل الأسطبل , وتحمس جواد صغير وأهتاج , لم تكن الغلطة غلطته , أذ أن الأسطبل كان جحيما حقيقيا , ما كان ينبغي أن أسحبه لأساعده على الخروج".



اماريج 15-07-10 06:31 AM


11_ الثوب الممزق
********************
بعد ساعات أستيقظت تامي, نظرت حولها , وجدت نفسها ممددة على سرير غرفتها , حاولت أن تتذكر ما حدث لها , وعادت اليها الذاكرة تدريجيا , وآخر ما تتذكره هو أنها كانت تتأرجح في ذراع رجل يطلب منها أن تشرب.

كان الشراب مرا , لكنها أضطرت الى تناوله , قطبت حاجبيها , أعتقدت أن جوناثان هنا , أذ همست بأسمه , نهضت ببطء , لم يكن جوناثان بقربها , ووقع نظرها على ذراعيها ,ولاحظت أنها ترتدي قميص النوم , أحمر خداها , لم يكن جوناثان ... بل ... ريك هاتون...
أنفتح الباب ودخلت السيدة موريس:
" كيف تشعرين , حان لك أن تستيقظي".
" كم الساعة الآن؟".

" السادسة والنصف , أعتقد أنك في حاجة الى فنجاي شاي , سأعود بعد دقيقة".
سألتها تامي بسرعة قبل أن تغادر السيدة موريس غرفتها:
" متى عدت من أجازتك؟".

" لقد جئت في الباص , أبكر من عادتي , وعندما وصلت شاهدت السيد هاتون يعطيك حبة من دواء مسكن , كنت ترتجفين كالورقة , وقال لي ريك أنك تعرضت لصدمة بسبب خطأ أرتكبه هو في حقك , ولم يذهب الا بعدما عاينك الطبيب , وحسب رأيي لا شك أنه تناول هو أيضا مسكنا , أذ لم أره من قبل في مثل هذا التوتر".

خرجت السيدة موريس من الغرفة تاركة تامي وحدها مع أفكارها , وبعد أقل من خمس دقائق , سمعت تامي طرقة على الباب , فرفعت الغطاء حتى رقبتها:
" أدخل".

دخل ريك ووقف ينظر اليها , لم تره من قبل على هذا النحو , كأنه عاصفة على وشك الأنفجار :
" لماذا لم تخبريني بالأمر؟ هل تعتقدين أن ذلك يفرحني , أن أذكرك بما حدث لك في الماضي؟ لا شك أنك أمضيت أسابيع عديدة في المستشفى , لأن الندبات في جسمك تدل على ذلك".

أحمرت خجلا , هل شاهد ندباتها ؟ وتساءلت في نفسها عما أذا كان هو الذي على خلع ملابسها وأرتداء قميص النوم , لاحظ أحمرارها فقال بصوت ساخر:
" الطبيب هو الذي تولى الأمر".
جلس قربها على السرير وأضاف:
"ما هو الحادث الذي وقع لك في الماضي ؟ قال لي الطبيب أنك ربما سقطت تحت حصان داس عليك".
منتدى ليلاس
أطلقت زفرة وحولت نظرها عنه وقالت:
" شب حريق في أسطبل الخيول القريب من بيتنا , وبما أن والدي طبيب بيطري , فقد أستدعوه الى مكان الحادث لمعالجة المصابين من الخيول , وكنت أرافقه , ساعدته على أخراج الخيول من داخل الأسطبل , وتحمس جواد صغير وأهتاج , لم تكن الغلطة غلطته , أذ أن الأسطبل كان جحيما حقيقيا , ما كان ينبغي أن أسحبه لأساعده على الخروج".

وبعد صمت قصير سألها:
" متى ستثقين بي يا دليلة؟".
ونظر بعيدا ثم أضاف:
" أو ربما أنا الذي لا أثق فيك".

وفجأة أنتصب واقفا عندما دخلت السيدة موريس حاملة الشاي , وقبل أن يخرج قال لتامي:
" سأعيدك الى مزرعة ( الحجر) فقد شفي محاسبي تماما وسيبدأ عمله صباح غد".

شعرت تامي وكأن أفكارها مشوشة, فهي تدرك ما يقصد من ذلك , وبينما كانت تتناول الشاي وتحاول أن تأكل الخبز مع الزبدة , شعرت بأنها بدأت تتبدل في صورة كاملة , كان عليها أن تصرخ فرحا بالعودة الى السيد هامتون , خصوصا وأن ريك هو الذي ترك لها حرية تحقيق ذلك , هل سئم هذه المسرحية؟ هل أن السحر الجديد فقد مفعوله ؟ وأمتلأت عيناها بالدموع.



اماريج 15-07-10 06:33 AM

كفى ! قالت لنفسها : حان لك أن تتصرفي كفتاة ناضجة , فأذا كنت حمقاء لأنك وقعت في غرام رجل يكرهك , فأنت وحدك الملومة .

في صباح اليوم التالي جاء داني ليصطحبها الى مزرعة ( الحجر) , لم تشاهد ريك قبل ذهابها وأرتاحت لأن ذلك حصل.
أستقبلها السيد هامتون بيدين مفتوحتين مرحبا بها.

كم هو مفرح أن يشعر المرء بأن هناك من ينتظره ويحبه حقا , وخلال العشاء لم يكن جيري على المائدة , وبينما كانت تحتسي القهوة على الشرفة , شرح لها السيد هامتون سبب تغيب جيري :
" لقد أرسل جيري الى مزرعة بعيدة جدا من هنا , أنه وقت الجز , وفي حاجة الى الجميع , سيذهب ريك أيضا, وفي آخر الأسبوع , أي مساء السبت , سيقام أحتفال كبير , سهرة لا مثل لها , سيعود الجزارون الى المدينة بعد أسبوع عمل , وسيقدم لهم شيئا عرفانا للجميل".
منتدى ليلاس
ضحك السيد هامتون وقال:
" في السهرة, سيكون هواة الرقص كثيرين".
" هل سيأتي جيري الى السهرة أيضا؟".

" لا , ذهب الى العمل هناك لمدة ستة أشهر على الأقل , ورأى ريك أن من الأفضل البقاء هناك أكثر وقت ممكن".

مرت الأيام ووجدت تامي نفسها من جديد منغمسة في الأعمال داخل مزرعة( الحجر) لكنها كانت تشتاق الى ريك , وكان من الصعب عليها الأعتراف بالألم الذي تعانيه من جراء غيابه عنها , وبدت الحياة لها روتينة , عندما تنهي عملها داخل المكتب , كانت تامي تتنزه حول المزرعة , وكان السيد هامتون شديد الأنهماك بأعماله أكثر من قبل , لأن جيري متغيب.

وبعد الظهر يوم الجمعة , عادت بولا من الجامعة , وفرحت لعودة تامي الى مزرعة ( الحجر) , لم تتحدث الا عن حفلة الغد.
" يجب أن تحضري الحفلة , يا تامي , لا أحد يفوت مثل هذه السهرة, أن شقيقة ميري تخيط لي فستانا لهذه المناسبة بالذات , علي أن أذهب لزيارتها للتأكد من أنها أنتهت من حياكته".

وخرجت بولا تاركة تامي في أفكارها وتخيلاتها , من جهة , لم تكن تريد حضور الحفلة , ومن جهة ثانية لم تكن تريد أغضاب ريك من جديد , وفكرت بحزن وكآبة , أنها ستشعر بالسعادة لرؤيته حتى ولو كان يراقص ديانا سكوت التي ستحضر الحفلة من دون شك.

عادت بولا مسرعة وقالت بحماس:
"لقد أنتهى الفستان , ستحضره ميري في صباح الغد".
وراحت تتمشى في الغرفة وتقول:
" آه , يا تامي , سيعجبك الفستان , غدا ترينه , وأنت, ماذا سترتدين؟".
" هل من المطلوب أن نرتدي الثياب القصيرة أو الطويلة؟".
" الطويلة , بكل تأكيد , والرجال أيضا سيرتدون ثياب السهرة , أنها سهرة كبيرة".

" لست أملك سوى فستان واحد , ولا أدري ما أذا كان يصلح لمثل هذه المناسبة".
" طبعا لا , هيا بنا الى غرفتك لأراه".
منتدى ليلاس
أخذت بولا تامي بيديها وسحبتها الى غرفتها , وما أن رأت بولا الفستان , حتى وقفت فارغة الفم, كانت تلمس القماش الناعم والشفاف.
" أنه رائع! فستاني سبدو عاديا جدا بجانبه".

" هل تعتقدين أنه من الأفضل أن أرتدي ثوبا عاديا يمكن أرتداؤه في أي مناسبة ؟ سأشعر بلأنزعاج كبير أذا كنت شديدة الأناقة , أكثر من الآخرين".

" آه , لا , ستكون هناك مناسبة لأغاظة الآنسة سكوت , حان الوقت أن ينافس أحد ديانا العظيمة , أذا لم ترتد هذا الفستان , سأغضب منك وأقاطعك مدى الحياة , لو كنت في جمالك , لكنت مخطوبة الآن , هل عندك شيء ضد الرجال , يا تامي؟".

" آه , هناك أشياء أخرى في الحياة , أعتقد أنني لم ألتق بعد الرجل المناسب".
في أعماقها كانت تدرك أنها وجدته , لكن لا جدوى في أن تفكر بذلك بعد الآن , يجب الأقتناع بأن لا أمل لها في أجتذابه.
تأبط السيد هامتون ذراعي الفتاتين عندما حان الوقت للذهاب الى السهرة, أرتدت بولا فستانا من الساتان الأزرق يظهر بشرتها الشقراء.




اماريج 15-07-10 06:34 AM

وكان شعرها ينسدل على كتفيها , أما تامي فقد رفعت شعرها عاليا خلف رأسها , لكن بعذ الخصلات أفلتت وتجعدت على رقبتها , ألقت بولا نظرة الى تامي وهمست:
" يا جيري المسكين".

كانت القاعة مزدحمة بالناس عندما وصلوا, وأرتاحت تامي اذ رأت أنها ليست الوحيدة ذات الأناقة الرفيعة , الجميع أرتدوا أفضل ملابسهم وتزينوا بأروع زينة , ولفتت نظرها فساتين السهرة المختلفة الألوان, حتى الرجال لم يكونوا أقل أناقة , وهم يرتدون بذلات السموكينغ أو الغامقة.

وما أن جلست تامي في مكان أختاره لهاالسيد هامتون , حتى لاحظت وجود ريك , كان يرتدي بذلة السموكينغ , وراح قلبها ينبض بسرعة , ليس غريبا أن تقع في غرامه جميع الفتيات , أنه يفوق بقية الرجال بوسامته , وللحظة ألتقى نظرها بنظره, وكانت نظراته باردة ولا مبالية, فأشاحت تامي بعينيها للحال , خيل اليها أنها تلقت صفعة , وبعد ذلك حاولت عدم النظر في أتجاهه.
منتدى ليلاس
وبدأت الرقصة الأولى , وشاهدت تامي ريك يقود ديانا الى حلبة الرقص , كانت الفتاة رائعة الجمال بفستانها المخملي الأسود, الذي يظهر كل تفاصيل جسمها.

شعرت تامي بالغيرة تعصر قلبها , لكن سرعان ما طردت هذا الأحساس , أذا لم تكن تتمتع بالأمتياز الذي تحظى به ديانا , فهي على الأقل أحيطت بعدد كبير من الرجال راحوا يراقصونها الواحد تلو الآخر , وكانت الآنسة سكوت ترفض مراقصة الرجال ما عدا ريك.
حان وقت الطعام , كانت تامي محاطة بثلاثة رجال , كلهم يحبون أن يجلبوا لها شيئا تأكله, أرسلت واحدا ليجلب لها الساندويش , وآخر بعض الحلوى , وثالثا , فنجان شاي , أما بولا فراحت تختار لتفسها ما تريد أكله, كان السيد هامتون يتحدث مع بعض الرجال , فتنهدت تامي وجلست ترتاح , ثم راحت تبحث في حقيبة يدها عن عطرها لتنعش نفسها عندما سمعت ريك يقول:
" شرط ألا تفعلي ما تشائين وتحدثي جلبة , يا دليلة!".

رفعت عينيها بسرعة وشاهدت نظرته الباردة , ثم أضاف:
" ستعودين الى المنزل برفقة السيد هامتون , هل تفهمين؟".
كانت عينا ريك كأنهما تقولان لها:
" حاولي أن تتحديني لتري ما سأفعله!".

أخفضت رأسها , وأبتعد ريك , لا يتركها تستمتع ولو برهة, كلمات قليلة منه تكفي أن تفسد الجو كله.



اماريج 15-07-10 06:35 AM

لم تشعر تامي بأي ملل خلال بقية السهرة , لكنها كانت في أشتياق الى العودة للمزرعة, والى غرفتها ,والى سريرها, حيث تنفرد مع نفسها وتغوص في مخيلتها وتطلق العنان لأفكارها أن ترحل معها حيثما أرادت , قررت أن تكون هذه الحفلة الأخيرة التي تحضرها , لن تتيح الفرصة لريك هاتون كي يزعجها بعد الآن.

وفي أرتياح ودعت كل المعجبين بها , ورفضت أن تدع أحدهم يصطحبها , وسمح السيد هامتون لبولا أن يوصلها أبن جاره , كانت بولا تبدو متفائلة متألقة وسعيدة.
ولما خرجت تامي مع السيد هامتون كان ريك يحدث مجموعة صغيرة من الأصدقاء وديانا متعلقة بذراعه , لم تنظر تامي الى هذه الناحية , كانت تعرف جيدا أن ريك يراقبها , هزت كتفيها , وندمت لأنها لا تتمتع بشجاعة كافية للذهاب مع المعجبين فقط من أجل أن تتحداه.

ساعدها السيد هامتون بالصعود الى السيارة وسألها ما أذا كانت السهرة قد أعجبتها , وفجأة توقف المحرك عن الدوران وتوقفت السيارة.

حاول السيد هامتون أن يقلع مرة أخرى , لكن من دون جدوى , قطب حاجبيه وخرج يفتح صندوق السيارة , ثم عاد يجلب من داخل السيارة الضوء اليدوي , وقال غاضبا:
" أن مضخة البنزين مثقوبة, ولم يعد هناك زيت , أنتظري هنا يا تامي, ربما هناك من نعرفة يستطيع نقلك الى المزرعة".

توجه الى مكان السهرة , وفجأة سمعت تامي طرقا على الزجاج , كان أحد الأشخاص الذين راقصوها.
" هل هناك أي مشكلة؟".
منتدى ليلاس
وبعد أن شرحت له الوضع , أقترح ايصالها, فنزلت من السيارة ولحقت بالسيد هامتون بسرعة وقالت له:
" هناك شخص مستعد لأيصالي الى المنزل , أايمكنني الذهاب؟".
صرخ لها:
" حسنا , أخبري بولا بما حدث , ربما تأخرت بعض الشيء".
وفي هذا الوقت أحضر الشاب سيارته , فصعدت تامي وجلست بقربه, سألته وهي تبتسم:
" أنت تدعى دانييل , أليس كذلك؟ أنني أشكرك كثيرا".

" لا سبب لذلك , آمل أن تكوني أكثر سعادة بعد فترة قصيرة".
تقلصت وقالت:
" لنوضح الأمور , أرتضيت أن توصلني الى المنزل , فقط لا غير".

" أسترخي يا حبيبتي, السيد هامتون لن يعود الى المنزل الا بعد وقت طويل , أنا أعرف ذلك تماما , لأنني قمت أنا بالذات بعرقلة الأمور".
" ماذا؟".

" لقد سئمت كثيرا , أنت الفتاة الأنكليزية التي تعمل عند ريك هاتون , أليس كذلك , آه , أعرف أنني ربما قد لا أكون وسيما جذابا مثل حضرته , ولا أملك ثروة توازي ثروته , لكن في وسعي أن أدعك تمضين وقتا سعيدا ولو لفترة قصيرة".
بقيت تامي فاغرة الفم , لا شك أنه يهذي , فأجابت ببرودة أعصاب:
" أخشى أن تضيع وقتك".



اماريج 15-07-10 06:37 AM

نظرت من النافذة لتحاول معرفة أين هي من الطريق , لكن من دون جدوى , فسألته:
" هل تعرف أين تقع مزرعة ( الحجر)؟".
أجابها في لهجة متأكدة:
" طبعا , ولكنني أقوم الآن بجولة صغيرة , فلدينا الوقت الكافي للعودة الى هناك".

" توقف! سوف أعود مشيا على الأقدام".
وفوجئت تامي أنه أوقف السيارة , حاولت الخروج منها , لكنه منعها وهو يمسك بذراعها.
" أعتقد أنك تتدللين , لكنني لست أحمق".

شدها نحوه وبدأ بمداعبتها, لم تكن تامي تتمتع بقوة كافية لمقاومته , أزاحت وجهها عنه وراحت تتخبط للتخلص منه , وبدأت تشعر بالغثيان ,فأسترخت بعض الشيء , آملة أن يتركها , لكنه ظل ممسكا بها , قال:
" كنت أرغب في هذا طوال السهرة , أنت رائعة!".

وببطء , أبتعدت عنه بعد أن أرخى قبضته عنها , شعرت بحاجة لأن تصفعه على وجهه , هز رأسه ثم تذمر قائلا:
" حسنا , أذا كنت ترفضين التجاوب معي , فسأضطر الى معاملتك بقسوة".

كان يريد عناقها لكنه لم يكن قادرا الا على التمسك بكتفيها , وتمزق جزء من فستانها , فصرخت عاليا:
" خذني الى مزرعة ( الحجر) الآن! لقد مزقت أجمل ثوب أملكه!".

لم تكن في حاجة الى أن تردد ما قالته, فقد أقلع بالسيارة في الحال , وبدأ يقدم لها الأعذار ويشرح لها أنه فقد وعيه وأنه سيدفع ثمن ثوبها , وأخيرا وصلا الى المزرعة وهي مرهقة , نزلت من السيارة وتوجهت لتوها الى المنزل , كانت ترتجف وشعرت بقدميها تخوران , وراحت تجر نفسها الى الداخل جرا.

" أين كنت؟".
رفعت رأسها ببطء . لم تكن في حاجة لرؤيته كي تعرف أنه صوت ريك , ماذا يفعل هنا؟".

راح يتفحصها وأنتبه الى تمزيق كتف فستانها , فرفعت في الحال أكمامها أمام نظرة ريك الجليدية.
" تأخرت , أليس كذلك؟ ماذا فعلت لهذا الرجل المسكين؟ هل جعلته يفقد عقله؟".
منتدى ليلاس
أمسك بمعصمها بشدة وسألها:
" من هو؟".
" لا أفهم ما تقول , يدعى دانييل , لم أطلب منه شيئا في كل حال لم يمزق ثوبي عمدا , حصل ذلك عرضا وبطريق الصدفة".
قال بلهجة تدل على أنه لم يصدق طلامها :
" صحيح؟ لم تشجعيه ,طبعا , لكن تنسين أنني أعرف كل شيء , لقد رأيت الى أي درجة أنت خبيرة في هذا المجال".
هزت رأسها وأغرورقت عيناها بالدمع , ما جدوى الكلام؟

" أنك تبكين ! هذا لا يؤثر بي , أليس لديك حيل أخرى؟".
كانت ترغب في لطمه لكنها تخاف منه , تنفست في عمق وقالت بهدوء:
" لماذا لا تدعني وشأني؟".
قال بهدوء وهو يشد على معصمها :
" أعتقدت أنك تلقيت الدرس المطلوب".

وفجأة رفع يده عنها وقال في صوت خفيض وقاس:
" أغربي عن وجهي".
وولت هاربة الى غرفتها.

*********نهاية الفصل 11********


اماريج 15-07-10 10:43 PM


12-رجل وحصان ابيض
*************************
لم يعد السيد هامتون الا في الفجر , شعرت تامي بوصوله , أذ كانت لا تزال عاجزة عن النوم , وبعد قليل سمعت صوت سيارة أخرى تقلع.

هل أنتظر ريك هاتون عودة السيد هامتون؟ شعرت بحلقها يجف وهي تفكر في الطريقة التي نظر فيها اليها , غرزت رأسها في الوسادة وبدأ الدمع ينهمر من عينيها , يا لها من غبية! كم كانت ترغب في رؤيته يغضب لدى مشاهدتها! ومع هذه الأفكار أخلدت تامي الى النوم , مرهقة الأعصاب.

وفي صباح اليوم التالي , أستيقظت على صوت أدمى تغني , ظلت فترة ممددة ثم نظرت الى ساعة يدها وأطلقت صرخة , كانت الساعة الثامنة , نهضت ثم تذكرت أن اليوم هو أحد ولا عمل لديها , عادت الى فراشها من جديد , فالجميع هنا يستيقظون متأخرين في أيام الآحاد.

سمعت طرقا على الباب ومدت ميري رأسها من الباب وسألتها :
" هل تريدين أحتساء الشاي , يا آنسة دانتون؟".
أبتسمت تامي وهزت رأسها ايجابا, شربت الشاي وأبلغت ميري أنها لن تتناول فطور الصباح , ثم دخلت الحمام وأخذت حماما , وحتى ذلك الوقت لم تسمع تامي شيئا عن بولا, هل سمعت بولا صراخ ريك مساء أمس؟ هل أن بولا تتحاشى لقاء تامي حتى لا تزعجها , أو تحرج موقفها؟ أن بولا فتاة لطيفة ولا تحب أن تجرح شعورها.
منتدى ليلاس
أرتدت تامي ثيابها عندما سمعت بولا تصرخ:
" سوف أذهب لأمارس رياضة كرة المضرب , سأراك بعد ذلك , في حفلة الهواء الطلق , عند ريك".
توقفت تامي عن تزرير ثيابها ,لا! لا تريد أن تلتقيه بعد حادث أمس, لا أحد, حتى ريك نفسه لن يقنعها بالذهاب الى مزرعة ( الصخرة).
كيف يمكن لبولا أن تفكر بأنها ستلقاها هناك , لا شك أنها على علم بالأمر , أن غرفتيهما تبعدان عن المدخل , يا لحظها! لكن ماذا قال ريك للسيد هامتون؟ أغمضت عينيها , ماذا لو أنه منحاز لريك؟

أنتهت من أرتداء ملابسها وتزيين وجهها وتسريح شعرها ثم نزلت الى غرفة الجلوس , ولفترة أعتقدت أنها وحدها , لكنها سمعت سعالا ناشفا ناحية الشرفة , لا شك أن السيد هامتون هناك , توجهت نحوه .

كان يحتسي القهوة فدعاها الى الأنضمام اليه , سكبت لنفسها فنجانا وجلست قربه , شعرت بأنه يريد أن يقول لها شيئا , لكنه لم يكن يعرف من أين يبدأ...
" في ما يتعلق بليلة أمس...".

رأى وجه تامي يتقلص , فأسرع يضيف:
" أسمعيني , أعرف أن ريك سبب لك مشكلة , وهذه غلطتي , كان عليّ أن أتأكد من الرجل الذي سيقلك , وأن كل شيء على ما يرام قبل أن أوافق على أن أدعك تذهبين , لم أكن أفكر حينذاك الا في أصلاح سيارتي , أنا الذي كنت أستحق التأنيب برغم أنه لم يعفني من ذلك , أنا أيضا , لا أعرف ماذا يدور في خلده هذه الأيام , أنه يتصرف كحيوان , لقد أنبك كثيرا , أليس كذلك؟".



اماريج 15-07-10 10:45 PM

" ليس أكثر من العادة , كان علي أن أرحل , والحقيقة أن وجودي هو الذي يجعله غاضبا".

" يا له من رجل أبله! لقد كنت أعتقد أنه سيغير تصرفه".
ظلت تامي صامتة , كان بأمكانها أن تقول للسيد هامتون أن ريك لن يتغير أبدا , لكنها تذكرت الحفلة في الهواء الطلق التي ستقام ظهر اليوم.

" يا سيد هامتون , لن أذهب اليوم الى الحفلة التي ستقام في الهواء الطلق".
تنفس الصعداء ثم قال:
" أعتقد أن ريك يتوقع أن يحصل ذلك , فقد قال أنه سيغفر لك عدم حضورك".

خفضت عينيها بسرعة ونظرت الى فنجانها , هذا يناسبها تماما , ربما يكونان قد توصلا أخيرا الى نوع من الهدنة , وأذا أستمرت الأمور على حالها فستعود الى بلادها .

وخلال الغداء , سببت بولا بثرثرتها المتواصلة أنزعاج الجميع , وكانت تتحدث بمزاح عن نجاحها الباهر في مباراة كرة المضرب, وأشارت الى حفلة الهواء الطلق وأرادت معرفة سبب رفض الذهاب , فأنتبهت الى والدها يشير اليها بعينيه أن تبدل الحديث , فأطاعته وفكرت تامي بأن بولا ستكون الزوجة المثالية لرجل دبلوماسي.
وغيرت بولا الموضوع وقالت:
" صباح اليوم كان ينقصنا لاعب واحد , الفريق يجب أن يتألف من ثمانية , لكن دانييل ايفرسلي أضطر الى الذهاب في مهمة عاجلة , غادر صباح اليوم , ومساء أمس لم يذكر هذا التغير أبدا".

حدقت تامي في صحنها , لم يضيع ريك وقته , لا يمكن أن يكون قد حدث ذلك التغيير بالصدفة , كيف عرف؟ لقد سماه( الرجل المسكين) , كان يشفق عليه , أذن لماذا يعاقبه الآن ؟ هذا يتعدى تخيلاتها.
وعندما حان موعد الذهاب الى حفلة الهواء الطلق , أقترحت بولا على تامي أن تبقى معها حتى لا تتركها وحيدة , لكن تامي لم تكن تريد أن تحرمها هذه الحفلة التي تحب المشاركة فيها.
" أنني متأخرة في رسائلي , كوني لطيفة ودعيني أكملها".
منتدى ليلاس
كتبت تامي رسالتين فقط الى رفيقتين تعرفهما من أيام المدرسة , وشعرت بالندم وهي تفكر بجوناثان ,كانت تحب أن تبعث اليه بعنوانها ,لكنها تعرف تماما أنه سيحاول المجيء للقائها , يكفيها ما تعانيه من مشاكل ومجيء جوناثان سيعقد الأمور أكثر , ومع الوقت لن يعود ريك يبالي بها.

كانت قد أخلدت الى النوم عندما عاد السيد هامتون وبولا , دخلت بولا الى غرفة تامي وأيقظتها صارخة وهي تجلس في المقعد بجانبها:
" لقد جنّ جنونه ! لو رأيت ديانا سكوت كيف كانت تتبختر أمامه , أذا تزوجها ريك , فلن أتكلم معه بعد الآن!".

حزنت تامي وحاولت ضبط النفس وسألتها بلامبالاة متصنعة:
" ماذا حدث؟".
" ريك سيذهب مع ديانا الى سيدني ليقابل ذويها".
بدأ قلب تامي ينبض بسرعة جنونية:
" وماذا بعد! هل هذا شيء غريب؟".

تنهدت بولا وقالت:
" أنني أنسى دائما أنك أنكليزية , في هذه البلاد , يعني أنه يخطبها , طبعا أذا لم يعجب ريك بعائلتها , فلن يطلب منهم يدها , فأذا كان الجميع في غرورها وأدعائها , فلن تتم الخطبة , أن ريك ليس مولعا بالمظاهر".



اماريج 15-07-10 10:46 PM

" وهل يريد أن يتزوج العائلة كلها أم ديانا سكوت فقط".
قطبت بولا حاجبيها :
" في الحقيقة ,لم أسمع ريك يتكلم عن هذه الرحلة , ربما ديانا هي صاحبة الأقتراح , أنها مغرمة به حتى الجنون... أضافة الى ثروته الضخمة".

نهضت بولا للحال وقالت:
" من الأفضل أن أدعك تنامين".

لكن تامي لم تنم ما فيه الكفاية , وسبب ذلك ما أخبرتها بولا اياه , كان من المفروض أن تشعر بأرتياح لهذا الخبر , وأذا عقد ريك هاتون خطوبته على ديانا فسيكف عن ملاحقتها , وسيكون لديانا سكوت كلمتها في هذا الأمر , تذكرت تامي نظرتها العدائية.

في الغد ذهبت بولا الى الجامعة , وبدأت تامي الحزينة الكئيبة تحاول أستعادة الروتين اليومي , قريبا ستتعود على فكرة زواج ريك , لا مفر لها من ذلك , أغرورقت عيناها بالدموع , لماذا لا تتوصل الى ضبط أنفعالاتها؟
كانت تأمل ألا تسمع كلاما حول حياة ريك هاتون العاطفية متى ذهبت بولا , لكن في المساء وبينما كانت تجلس في الشرفة عاد السيد هامتون يطرح الموضوع من جديد , وكان يشعر بأنزعاج كبير مثل بولا.
منتدى ليلاس
" سبق أن قلت لك أن ريك هاتون تبدّل في الأيام الأخيرة , لم يتصرف هكذا من قبل , هذا يدل على أن الزواج وارد , لقد ذهب صباح اليوم".
لم تعد تامي قادرة على تحمل أكثر من هذا.
" هل يزعجك أن أقوم بنزهة صغيرة حول الحديقة؟أن المساء جميل".

وافق ضاحكا وقال:
" لو كنت أصغر بعشرين سنة , لكنت رافقتك".
شعرت تامي بثقل في قلبها , وهي تتنزه في الحديقة وتستنشق أريج الزهر , جمال المنظر يبدو مختلفا , كل شيء له طعم ناعم ومر , ربما مع الوقت, تصبح هذه القصة الحزينة حلما ما كانت ترغب في أن يحدث , وبرغم منها كانت تفكر بريك وديانا ,هل ستكون مجبرة على حضور حفلة زواجهما؟ لا .

لن تتحمل ذلك , عليها الرحيل في الحال , أن ريك في سيدني الآن , أي أنه بعيد جدا عن أدلايبد, ولن يتاح لها فرصة كهذه للرحيل.
كانت غارقة في أفكارها عندما سمعت صوتا آمرا يناديها.
فرفعت عينيها وحدقت بالرجل الواقف أمامها:
" حوناثان؟".

وبعد لحظة وجدت نفسها بين ذراعيه يعانقها ويقول بصوت قاس:
" أنت تستحقين صفعة , لماذا لم ترسلي عنوانك؟".

ولما أستعادت تنفسها , أرادت التخلص منه , لكنه ظل يشد على خصرها.
فأجابت:
" لم أرسل لك عنواني لأنك خدعتني , لقد شاهدت تود في الطائرة".
ضحك وقال:
" كنت قلقا جدا عليك , لقد وبخته لأنه لم يعد يعرف لك أثرا".

أبعدها عنه وراح يتفحصها بأنتباه:
" لقد لوحتك الشمس , وهذا يناسبك".
" وماذا تفعل هنا في مزرعة (الحجر)؟".
فقال مازحا:
" لم أكن أريد أن تنسي وجودي".

جذبها نحوه وأضاف بلطف:
" لقد أشتقت اليك جدا , يا حبيبتي".
" آه , جوناثان!".
" هل أشتقت الي؟".
" نعم".



اماريج 15-07-10 10:47 PM

كان ذلك صحيحا , لقد حرمت لطفه وكرمه وعنايته وأهتمامه .
" أذن , في هذه الحال , سوف نتزوج".
فصرخت متوسلة:
" آ!, آه! جوناثان, لا أعرف, أريد فقط أن أعود الى أنكلترا, غدا أو بعد غد, في أسرع وقت ممكن".

أجهشت بالبكاء , تركها تبكي ثم مسح دموعها بمنديله وقال:
" هل يمكنك أن تنتظري حتى يوم الأربعاء ؟ أخذت موعدا لزيارة أحدى المزارع التي تربي المواشي , فقد قال لي السيد بالتن أن الأجبان والألبان لذيذة الطعم وذات شهرة عالمية".
منتدى ليلاس
هزت رأسها:
" شرط أن أذهب هذا الأسبوع بالذات , لا أهمية لليوم , هل ذكرت اسم السيد بالتن؟".
" نعم , لقد وبخته هو أيضا ! لم يذكر أنه ألتقة بك , منذ مدة طويلة".
" هل تعرفت الى السيد هامتون؟".

مد ذراعه حول خصرها وأعادها الى المنزل.
" نعم , وأرسلني الى الحديقة العامة , قال لي أنني سوف أحل مكانه , أو ما يشبه ذلك".
ضحكت رغم الدموع.

" قال لي أنه لو كان أصغر بعشرين عاما لكان رافقني الى الحديقة العامة".
" صحيح؟ أذن يجب علي مراقبة السيد هامتون".
وفكرت تامي , ليس هو الذي من المفروض مراقبته , لكنها أدركت أنه من الأفضل السكوت , أن جوناثان رجل هادىء , لكن أذا عرف كيف كان ريك هاتون يعاملها , لمزق له وجهه.
شكرا يا ألهي , فقد وصل جوناثان بينما كان ريك هاتون على بعد أميال عديدة من هنا.

راودتها فكرة أخرى , أذا أخبرت السيد هامتون عن نيتها في العودة الى أنكلترا , سوف تضعه في وضع حرج وصعب للغاية , أذن لن تقول له شيئا , سوف تكتب له كلمة لتشكره للطفه ومحبته , وسيفهم تماما سبب رحيلها ويمكنه بذلك أن يثبت لريك أنه لم يكن على علم مسبق بذهابها.

" جوناثان , لا تقل للسيد هامتون أنني عائدة الى أنكلترا , ليس هو السيد هنا , وربما أراد أن يحصل على أذن ليسمح لي بمغادرة المكان , وربما أخذت تلك الأجراءات أسابيع عدة ولا أريد أن أنتظر طويلا".
منتدى ليلاس
لم يطرح عليها أسئلة , فقد أدرك أن هناك شيئا آخر يقلقها, وأحس بأن تامي غير سعيدة وتريد العودة بسرعة , وهذا ما يريده.
" أتفقنا , يا حبيبتي".
وقبل أن تدخل الى المنزل , ألتفتت اليه وسألته:
" أين تسكن الآن؟".

" في فندق ( الملكة) أنه جيد بالنسبة الى بلد صغير , في كل حال , لن أبقى طويلا , وقد حصلت الآن على ما كنت أبحث عنه".
ظهر السيد هامتون من عتمة الشرفة وتأكدت تامي أنه سمع ما قاله جوناثان أخيرا , كانت تأمل منه ألا يفكر كثيرا بالأمر.

وبعد القهوة غادر جوناثان المكان , وأتفق مع تامي على أن يأتي صباح الغد ويصطحبها معه الى مزرعة الماشية , فقد وافق السيد هامتون على أن تذهب معه , أذ شعر أن الوقت قد حان للحصول على بعض التسلية , لكن قبل أن تتوجه الى فراشها قال لها وهو يرمقها بنظرة ساخرة:
" أنه رجل حسن المظهر , يا تامي , لم يبعد نظره عنك , يخيّل اليّ أنه رجل حازم تزن ويعرف ما يريد".

وبينما كانت في السرير , راحت تفكر بكلمات السيد هامتون , فقد حكم على جوناثان جيدا في البداية , أنها وحدها تعرف الى أي درجة يمكن أن يصل عناده.

وفي تلك الليلة حلمت أن رجلا يمتطي حصانا أبيض يلاحقها , وصوت حوافر الحصان تقترب شيئا فشيئا الى أن لاحظت بالضبط أن الرجل لم يكن سوى ريك هاتون بالذات , كان يلوح لها بورقة بيضاء , وهي كانت تركض بسرعة الى أن أستيقظت مذعورة.

******نهاية الفصل 12*******


اماريج 15-07-10 10:49 PM


13-افهميني ....وصدقيني
**************************
في صباح اليوم التالي أيقظت الشمس تامي, التي ظلت ممددة في السرير لفترة تراقب أشعة الشمس المترجرجة في سقف الغرفة , وتساءلت كيف هو الطقس الآن في أنكلترا , وأرتعشت لدى تذكرها الهواء البارد والليالي المليئة بالضباب , فأنتفضت للحال وغادرت السرير , بقي أمامها يوم واحد تقضيه في أستراليا , وغدا تكون في طريق العودة.

غدا... تناولت حقيبة الزينة ومنشفة وتوجهت الى الحمام لتأخذ حماما كالعادة , فهي لا تريد أن تفكر بالمستقبل , أذ لديها كل الوقت للتفكير فيه خلال الأيام الطويلة الحزينة التي تنتظرها.

وكانت قد أنتهت من تناول فطور الصباح عندما وصل جوناثان , وهو يرتدي بذلة فاتحة اللون , شعره الأسود المشعث يلمع تحت وهج النهار , وقبل أن يتسنى لتامي أن تفعل أي شيء , كان قد أخذها بين ذراعيه , فأبتسم السيد هامتون أبتسامة متسامحة.
" هل أنت حاضرة , يا حبيبتي؟".

هزت رأسها وأخذت سترتها وحقيبة يدها وألتفتت صوب السيد هامتون :
" الى المساء , وشكرا للسماح لي بأخذ يوم عطلة".
" تمتعي بوقتك يا صغيرة, أتمنى لك كل السعادة".

توجهت الى السيارة متأبطة ذراع جوناثان , وبعد قليل, لاحظ جوناثان أن تامي مسترسلة في أفكارها , فسألها:
" ما بك يا حبيبتي؟ تبدين حزينة؟".
أبتسمت وقالت:
" لن أرتاح قبل أن أصبح في أنكلترا".
منتدى ليلاس
قطب حاجبيه وسألها:
" هل تتعذبين الى هذا الحد؟".
" طبعا لا! لقد عشت تجربة رائعة , لكنني أشعر بحنين الى الوطن , أعتقد أنني أنكليزية متعصبة".

ضحك وضغط على يدها وقال:
" غدا ,في مثل هذا الوقت , نكون في طريق العودة".
تطلعت تامي الى المنظر الذي يمر أمام عينيها , حقول القمح تشبه البساط المذهب , والنسيم الخفيف يحني قليلا سنابل القمح .
ولما وصلا الى مزرعة الماشية كانت الشمس في أوج أشراقها , وضعت تامي قبعتها القش وكذلك جوناثان الذي ساعد تامي على النزول من السيارة وتأبط ذراعها في الطريق المؤدي الى المزرعة.

أنفتح باب المستودع وجاء رجل لأستقبالهما , وراح يصافحهما مادا يده وقائلا:
" صباخ الخير يا سيد جوناثان درو , أنني أدعى جيم ديلي , صباح الخير يا آنسة , أتفضلان أحتساء الشاي أو ألقاء نظرة الى الماشية أولا؟".

سأل جوناثان تامي:
" هل تشعرين بعطش يا حبيبتي؟".
" كلا , شكرا".

فقال جوناثان:
"سوف نشرب شيئا باردا بعد جولتنا , أليس كذلك؟ يا سيد ديلي؟".
" حسنا , من هنا آنسة...".



اماريج 15-07-10 10:50 PM

فأكمل جوناثان :
" دانتون , دلنا الى الطريق ونحن نتبعك".
المزرعة كناية عن أسطبل واسع في داخله مختلف أنواع الحيوانات الصغيرة والكبيرة , أنها تشبه حديقة حيوانات , هناك أسطبل للبقر والعجول والخراف , وهناك الأرانب والدجاج والبط والوز , ألوف أطنان الحليب تتحول يوميا الى أجبان من مختلف الأنواع تصدر الى جميع أقطار المعمورة , لم يتسنى لجوناثان وتامي أن يزورا المزرعة بكاملها أذ أن مساحتها تفوق ملايين الهكتارات , وأعلن جوناثان أنه راض تماما عما شاهد , وأنه أذا ضمن المزرعة سوف يدخل اليها آليات ضخمة حديثة تعطي أنتاجا أكبر وأسرع , كما ينوي تأسيس مشروع اللحوم المعلبة , كان الحر يزداد مع قدوم الظهيرة , وبدت تامي مرهقة من شدة الرطوبة فأقترحت على جوناثان العودة لأحتساء بعض الشراب , فوافق على ذلك.

وبينما هما عائدان الى منزل السيد ديلي , ألتقت عينا تامي فجأة بعينين رماديتين باردتين , أنه ريك هاتون , مستحيل ... أنه في سيدني!

فقال السيد ديلي:
" صباح الخير يا ريك, أعتقدت أنك في سيدني".
" صباح الخير يا جيم , لقد عدت صباح اليوم".
منتدى ليلاس
كان يوجه كلامه الى السيد ديلي , لكن عينيه تحدقان بذراع جوناثان الضاغطة على خصر تامي , وكانت تامي تشعر بسعادة كونها بقرب من يحميها , فأقتربت من جوناثان أكثر فأكثر , ورأت عيني ريك تضيقان.

" صباح الخير يا آنسة دانتون, ألا تعملين اليوم؟".
أنتفضت ثم أستعادت وعيها , حكم الخوف ولى , أن جوناثان هو معها الآن.
أجابت بهدوء:
" لقد سمح لي السيد هامتون بأخذ نهار عطلة".

ثم ألتفتت الى جوناثان وأضافت:
" جوناثان , هذا رب عملي , السيد ريك هاتون , سيد هاتون أقدم لك السيد درو , صديقي العزيز".

ضحك جوناثان وأضاف:
" صديق عزيز جدا".
ثم مد يده مصافحا ريك وقال:
" تشرفنا بمعرفتك , يا سيد هاتون".

وللحظة أراد ريك أن يجهل يد جوناثان الممدودة نحوه , لكنه سرعان ما مد يده وضغط على يد جوناثان , وفكرت تامي في أن جوناثان سيفهم موقف ريك منها .

قال السيد ديلي موجها كلامه الى ريك:
" سوف آتي بكؤوس الشراب".
قال ريك:
"هل تهتم بالألبان والأجبان يا سيد درو؟".

ابتسم جوناثان وأسرع ديلي يوضح لريك قائلا:
" أنه السيد جوناثان درو , مدير شركة أستيراد الألبان والأجبان وتصديرها".
ريك حاجبيه ورمق تامي بنظرة حالمة وهمس:
" جيد , جيد".
منتدى ليلاس
كانت تامي تعرف بماذا يفكر ريك الآن , كان يشك في أن جوناثان موجود فعلا , كما أنه يشك أن يكون غنيا كما قالت له تامي ذات يوم , وتعجبت كيف يمكن لريك أن لا يكون قد سمع عن هذه الشركة التي مركزها الأساسي لندن!
كانت تامي تتمنى أن يرحل ريك , لكنه ظل جالسا غير مبال , ثم أخذه جوناثان جانبا وراح يحدثه عن صناعة اللحوم المعلبة .



اماريج 15-07-10 10:55 PM

ثم دخل الجميع الى غرفة الجلوس , فجلس جوناثان قرب تامي , وأذا بريك يجلس قربها أيضا في الجهة الثانية , بينما راح السيد ديلي يحضر الكؤوس والشراب.
عم الصمت لحظة ثم فتح جوناثان الحديث قائلا لريك:
" قال لي السيد بالتن أنك تملك معظم المزارع هنا وأن لك نفوذا كبيرا في المنطقة".

فأجابه ريك وهو يرمق تامي بنظرة قاسية:
" آه , كذا أذن , أن السيد بالتن هو الذي أعلمك بالأمر".
أدركت تامي بماذا يفكر ريك الذي قال:
" ستعودين غدا الى العمل , يا آنسة دانتون , أليس كذلك؟".

حدّق فيه جوناثان , وقالت تامي لنفسها:
" شرط ألا يبوح بالسر".
سأله جوناثان في لهجة بريئة:
" أرجو ألا تمانع في أن أستعيرها منك , يوما أو يومين؟".
" لا بأس أذا كان ذلك لمدة يوم أو يومين, فقط , أن لدي أعمالا ملحة ولا يمكنني الأستغناء عنها أكثر".

لم تكن تامي قادرة على أن تنظر اليهما , فحدقت بيديها المتقلصتين الموضوعتين على ركبتيها.
عاد السيد ديلي مع الكؤوس والشراب , فسكبت تامي للجميع , وكانت آخر من شرب رغم عطشها القوي.
منتدى ليلاس
وبعدما أنتهت تامي من شرابها الذي جرعته دفعة واحدة , قدم جوناثان لها كأسه وقال:
" خذي وأشربي من كأسي يا حبيبتي, وأشفي غليلك".

قطب ريك حاجبيه وهو يسمع هذه الكلمات الحنونة من فم جوناثان, فشربت من الكأس ونظرت الى جوناثان وقالت:
" شكرا يا حبيبي".

ثم جذبها جوناثان نحوه وطبع قبلة سريعة على خدها , فرمقها ريك بنظرة قاسية وقال لجوناثان:
" ألا تريد أن توقع العقد مع السيد ديلي؟".
وقف السيد ديلي وطلب من جوناثان:
" أتحب أن تدخل معي الى المكتب؟".

وقف جوناثان, ومد يده الى تامي , لكن ريك تدخل قائلا:
" سأسلي الآنسة دانتون في غيابك".

كان واضحا أن ذلك لم يعجب جوناثان , لكن لم يكن في وسعه أن يفعل شيئا , ثم نظر الى تامي وقال:
" أنتظري هنا , لا تتحركي من هنا!".
ثم تبع السيد ديلي الذي عبر الحديقة متجها الى المكتب.

كان قلب تامي ينبض بسرعة جنونية , ظلت عيناها تحدقان بالكأس في يدها , فأخذ ريك الكأس من يدها ووضعها على الطاولة وقال:
" هكذا أذن, وصلت الى هنا؟".
" لا أعرف عما تتكلم؟".

" آه , نعم , أنظري اليّ!".
وبالرغم منها حدقت فيه , فتابع:
" كيف تريدين أن يكون زوجك ؟ هل تريدينه كلبا يركع على قدميك ؟"
" ليس جوناثان كلبا!".

" معك , نعم , أنه واقع في غرامك الى
درجة أنه فقد السيطرة على عقله".
" شيء رائع بالنسبة الى المعاملة التي تلقيتها هنا".
صرخ قائلا:
" حسنا! لكن ماذا بوسعي أن أفعل؟ أن أزحف على قدمي؟ أنت تعرفين أنني لن أفعل ذلك أبدا , وأذا أردت أن تعرفي الحقيقة , فليس هو الوحيد الذي فقد عقله من أجلك , أنا أيضا, لقد جننت منذ اليوم الأول الذي رأيتك فيه".

لم تكن تصدق مايقوله , أنه يريد أن يقول أنه يحبها! هلعت وهزت رأسها قائلة:
" ليس هذا صحيحا ... لا أقدر ... أنك تخبرني ذلك حتى أقع في الفخ , حسنا , أنك تضيع وقتك , أنني لا أصدق هذه القصة الخرافية ".

ضغط على يدها بقسوة وقال:
"من الأفضل أن تصدقي ذلك , أنني أبدي أعجابي بك وأغازلك , ربما ما أقوله أصبح باليا في يومنا هذا , لكنني أنوي الذهاب معك الى النهاية , هل تفهميني؟".
منتدى ليلاس
أغمضت عينيها , أنها تتمنى أن تصدقه , شدت يدها على يده بقوة , تريد أن ترفعها الى خدها وتصرخ له بأنها تحبه الى درجة عالية , وشعرت بالدموع تتصاعد الى عينيها , لماذا عاد من سيدني بهذه السرعة؟ لماذا عليها أن تقاسي هذا العذاب؟".
تقلّصت وهزت رأسها ببطء وهمست في صوت خفيض :
" أنني آسفة , لا حاجة لأن أفهم شيئا ".

" لن أتخلى عنك . لن أتركك يا دليلة , أنت ملكي كما أنا ملكك ,وأنت تعرفين ذلك جيدا".
توقف لحظة ثم أضاف:
" حتى ولو أضطررت أن أكرس حياتي من أجلك , فسأتوصل يوما لأؤكد لك عاطفتي ".

الأصوات التي تقترب أعادت الى تامي وعيها , فسحبت يدها ونهضت لتذهب لملاقاة جوناثان ,يجب أن تبتعد عن ريك, لتشعر بالأمان , أذا أخذها بين ذراعيه , فأنها حتما ستفقد وعيها.

*******نهاية فصل 13******


اماريج 15-07-10 10:57 PM


14_تفسير الحب
والاخير
*******************
سألها جوناثان وهما في السيارة بعدما ودعا السيد هاتون:
" هل من مكان تحبين الذهاب اليه, يا حبيبتي؟".
" لا ".

أنها تحب أن تذهب الى أي مكان شرط أن يكون بعيدا عن ريك , لم تنظر وراءها عندما أبتعدت السيارة عن المزرعة , كانت تعرف أن عينين رماديتين تتبعان السيارة.
فسألها جوناثان:
" من هو ريك هاتون؟".
منتدى ليلاس
أجابت وهي نصف واعية:
"أنه صاحب نفوذ والجميع ينفذون أوامره".
" أتعرفين أن هذه المزرعة هي أيضا ملكه".
" صحيح؟".

فهز جوناثان رأسه وقال:
" أشتراها من السيد ديلي , والعقد الذي وقعته كان يذكر أسمه بالتفصيل".
أليس هناك حديث آخر يمكن لجوناثان أن يفتحه, لا تريد أن تسمع عنه شيئا بعد الآن!

أخيرا قررا تناول العشاء , ثم القيام بنزهة حول المراعي الخضراء والعودة الى الفندق في المساء لتناول العشاء , لا تريد تامي أن تفكر بشيء آخر, أنه يومها الأخير في أستراليا.

كان الوقت متأخرا عندما أوصلها جوناثان الى مزرعة ( الحجر) , حاولت أن تبدو مرحة , لكنها لم تستطع أن تطرد ريك هاتون من أفكارها , وببطء وهدوء عبرت البهو , وعيناها مليئتان بالدمع , وأذا بها تسمع صوتا خلفها , فتقلصت وتوقفت:
" هل أمضيت سهرة حلوة , يا دليلة؟".

قالت بدون أن تلتفتت:
" نعم , شكرا".
لم تعد تتساءل كيف يفعل ريك ليكون في كل مكان في وقت واحد.
" تعالي الى المكتب, أريد أن أكلمك".
" الوقت متأخر, ألا يمكنك أن تنتظر حتى الغد؟".



اماريج 15-07-10 10:58 PM

تذكرت تامي أنه لن يسمعها , وأنها المرة الأخيرة التي سيستعمل فيها سيطرته , ومن الأفضل أطاعته.

أغلق باب المكتب وظل واقفا يحدق فيها , ثم راح يتأمل وجهها بهدوء وهي تحدق فيه وتقول لنفسها:
" أحفرها في ذاكرتك يا سيد هاتون , أنها المرة الأخيرة التي ستراني فيها".

فجأة سألها بلطف:
" هل تكرهينني أو تحبينني؟".

أنتفض قلبها وحذرت نفسها وأجابت بهدوء:
" عليك أن تعرف الجواب , فأنت خبير في هذا المجال , أليس كذلك؟".
منتدى ليلاس
" أنني أحاول أن أبقى هادئا , لكنك لا تسهلين مهمتي"
لم تعد قادرة على التحديق فيه , فأدارت ظهرها ثم توجهت نحو الكرسي , بقرب المكتب وظلت واقفة متكئة على ظهر الكرسي بيديها المتقلصتين.

فقال بصوت قاس:
" لا تريدين أن تتنازلي عن كبريائك ولو لفترة صغيرة , أليس كذلك؟ أنت تظنين بأنني كنت أعذبك , لكن ما رأيك فيما عانيت أنا بالذات؟ لماذا , حسب رأيك أعدتك الى مزرعة (الحجر) , لحمايتك , فقط لا غير , لم أكن متأكدا من نفسي , ومعظم الوقت كنت أريد أن أخنقك لأنك كنت تعذبينني , ونادرا ما كنت أريد أن أسيطر عليك بعناق كاليوم, وأنت تعرفين أنني أكاد أفوز بذلك".

لم تقدر تامي على الخضوع, فهي غير متأكدة , لا من نفسهاولا منه.
سألته في لهجة مريرة:
" ما الذي جرى؟ وماذا قررت لمصلحتي؟ ألا تتحمل أن تفقد كبش المحرقة , أي ضحيتك؟ هل تصبح الحياة بالنسبة اليك روتينية؟".

ظل ساكنا لحظة , ثم أجاب بصوت غير ثابت:
" لن تصبح فقط روتينية , أنما لن يكون لها معنى بعد الآن , أنت الأنسانة الوحيدة التي أطلب منها أن تسامحني , لقد قلت لي مرة أنني أعاقبك لحادث في الماضي , لقد كنت أعاقب نفسي أيضا".



اماريج 15-07-10 10:59 PM

توقف لحظة ثم أضاف:
" لقد ضعت عندما رأيت عينيك الزرقاوين , كنت أعي ذلك , لكنني كنت أقاومه في الوقت نفسه ,لم أكن أريد أن يحصل لي ما حصل لوالدي في الماضي".

أقترب من تامي التي ظلت جامدة لا تجرؤ على التحرك:
" عندما يعذب المرء المرأة التي يحب , يا دليلة, يكون قد عذب نفسه أضعافا , كنت أريد أن أقنع نفسي بأنك أنسانة تحب المغامرات الطموحة , وأنك خفيفة وسطحية , وبحثت عن كل شيء حتى تكوني مذنبة أمام عيني".

جذبها نحوه وهمس في أذنها:
" ليلة الحفلة الراقصة , عرفت أن أحدا سوف يوصلك , فأنتظرت عودتك , وعندما شاهدت في أية حالة كنت , كنت على وشك أن أخنقك ,كنت أملك الدليل الذي كنت أبحث عنه طيلة الوقت , كان عليّ أن أصرخ فرحا , لأني أصبحت حرا , وأن كل شيء قد أنتهى".

توقف لحظة وكانت تامي تحبس أنفاسها ثم عاد يقول:
" مشيت طوال الليل , قررت أن أتركك تعودين الى بلادك , ثم تبين لي أنني لا أملك القوة لأقوم بذلك , كنت أريدك لي , وطلبت من دانييل ليفرسلي بعض التفسيرات , كنت أغار لدرجة أنني أريد معرفة كل شيء في الحال , فقال لي أنه حاول فقط أن يقبلك وأنت رفضت ذلك , لو حاول أكثر لكنت أرتكبت جريمة وقتلته".

شعرت أنها تستسلم له , لكنها نجحت في القول:
" غير أنك ذهبت الى سيدني مع ديانا للتعرف الى عائلتها".

" نعم , ذهبت , وألتقيت أحد أعمامها الذي يهتم ببيع الأراضي , لكن لماذا؟ ... آه , أنني أفهم الآن , لقد حيكت الأقاويل حول هذه السفرة , أليس كذلك؟".

شد على يدها وأضاف:
" أتريدين معرفة سبب ذهابي الى سيدني , هناك مزرعة منعزلة على حدود المراعي التي أملكها , أنها مهجورة منذ عدة سنوات , لكن هناك مجال لبث الحياة فيها من جديد".
منتدى ليلاس
أغمضت تامي عينيها , وفكرت بجوناثان وفي نيتها العودة الى أنكلترا , ففتح ريك الموضوع مكانها وسألها بهدوء:
" أما زلت تنوين الرحيل صباح الغد؟".
أنتفضت, لا شك أن أحدا سمع جوناثان يحجز مكانين في الطائرة.
فأجابته بصوت يرتجف:
" لا أعرف".

لو يبتعد عنها فقط حتى تفكر في الأمر, لكنه عكس ذلك كان يضغط عليها بقوة حتى أنها شعرت بأن ظهرها سيتحطم , وفجأة سحب يده وقال بصوت هادىء:
" لم أعطك الوقت الكافي للتفكير في الأمر؟ أليس كذلك؟ أنني أعرف بأن عليك أن تغادري في الصباح الباكر , أذا قررت أختيار جوناثان فليكن ما شئت , أعتقد أنني تأخرت في أن أعرض عليك الزواج مني".



اماريج 15-07-10 11:01 PM


كان صوته ناعما ويرن مثل صوت رجل ربح المعركة, نعم ريك هاتون أنتصر!
" أذهبي الى النوم , يا دليلة , ربما وجدت الجواب في الحلم".

أمتلأت عيناها بالدمع وهرعت الى غرفتها, نامت من كثرة الأرهاق , غير قادرة أن تعرف حقيقة ما جرى , أن صوت ريك الهادىء الذي يعلن لها عن حبه , يمحو كل الباقي , غدا ستحل مشكلة جوناثان....

وفي صباح اليوم التالي, وعندما فتحت عينيها , أحتلها فرح كبير , قال لها ريك أنه يحبها , وأنه أحبها منذ البداية , غادرت السرير تريد أن تصرخ أمام الجميع معلنة عن سعادتها الكبرى , لكنها فجأة تذكرت جوناثان, جلست على طرف السرير ونظرت الى ساعة يدها , سيأتي جوناثان بعد أقل من ساعة , هل في أمكانها أن تتصل به هاتفيا , أنه حل جبان , يجب أن تقول له الحقيقة وجها لوجه , وماذا لو قرر البقاء , وكيف يمكنها أن تمنع الرجلين من العراك , ريك أتخذ قراره النهائي , ولن يذهب بعيدا ليفرض رأيه.
منتدى ليلاس
أبتسمت , فهي تحبه هكذا , ولم تكن تريد أن يكون مختلفا عما هو...
دخلت الحمام وأخذت حماما سريعا ثم أرتدت ملابسها , وراحت تسرح شعرها وتفكر بتفسير يقنع جوناثان , لكن كيف في أمكانها أن تفسر له حبها لريك؟ الحب لا يفسر!

وجاءت ميري تنبهها بأن جوناثان سيأتي بعد ربع ساعة , فتناولت فنجان شاي , وشيئا فشيئا بدأت تفقد ثقتها , كانت تنظر الى ساعتها كل خمس ثوان , وقبل خمس دقائق من الساعة الثامنة , نهضت تامي وتنفست بعمق وخرجت من الغرفة.

سمعت محرك سيارة أمام المنزل , فتوجهت للقاء جوناثان , فتحت الباب ووقع نظرها على ريك هاتون الذي قال لها في هدوء:
" لن يأتي".

حدقت فيه وقد أذهلتها المفاجأة :
"سوف يسافر في الطائرة ذاتها , يمكنك أن تذهبي وتودعيه , لكن أفضّل ألا تفعلي ذلك".

وفكرت للحال بأن جوناثان لن يكون مسرورا لرؤيتها , فأسرع ريك هاتون يقول:
" أنه على ما يرام, لقد .... لقد حدثته عن الموضوع الآن"
." ولماذا من الأفضل ألا أودعه؟".



اماريج 15-07-10 11:06 PM

" لم أمض الليل كله وراء باب غرفتك , لأراقب ما أذا كنت ستغادرين المنزل في وقت باكر وتذهبين الى فندقه , كي أراك في آخر لحظة تأخذين الطائرة وترحلين!".

نظر حوله ليرى ما أذا كانت قد أعدت حقائبها , ولما تأكد من ذلك , ابتسم وقال:
"أنت تحبينني أذن؟".
أقترب منها بخطوات حازمة.

ومن جديد شعرت بالغضب أتجاهه , فهو لا يترك لها الخيار , أنه هو الذي يقرر في النهاية!

قالت له:
" يمكننني أن آخذ الطائرة , في كل حال سوف أحضر حقيبتي!".
ركضت لتدخل الى المنزل , فلحق بها وتمسك بها قبل أن تصل الى غرفتها.

فهمس وهو يأخذها بين ذراعيه:
" كما قلت لك دائما , سوف أسيطر عليك وأخضعك".
وبعد عناق طويل , سألها:
"والآن , هل توافقين على رؤية الأمور حسب طريقتي؟".
منتدى ليلاس
مازالت غاضبة قليلا عليه , لكن عندما أفلتها قالت:
" يا ريك هاتون , ألست في حاجة لأن تحلق ذقنك".

" صحيح , يا حبي؟ كانت أطول ليلة في حياتي".
رفعها بين ذراعيه وحملها حتى وصل الى مقعد في الحديقة , فهمست تسأله:
" ريك , ماذا حدث بينك وبين جوناثان؟".

نظر اليها بأنتباه ثم أجاب:
" أدركت أن جوناثان يعرفك أكثر مما كنت تتصورين , فقد حزر ما يجري بيننا , لكنه كان مستعدا أن يقبل أن تعودي اليه , فقط للتحدي , الى أن قلت له أنك لن تعودي اليه".

ثم همس:
" أتريدين يا دليلة, ريتشارد سامسون هاتون زوجا شرعيا لك؟".
أبتعدت قليلا لتنظر اليه وهمست بفرح:
" ريتشارد سامسون...".
هزّ رأسه وقال:
" أعتقد أنني عرفت منذ البداية كيف ستكون النهاية".

النهاية


اماريج 15-07-10 11:07 PM

تمت والحمدلله
قراءة ممتعة للجميع للاعضاء وللزائرين :flowers2:
وبتمنى يارب انو الرواية تكون عجبتكم ونالت رضاكم يااحلى ليلاسيات :lol:

:8_4_134:



بنوتهـ عسل 18-07-10 01:06 AM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

اماريج 20-07-10 03:49 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بنوتهـ عسل (المشاركة 2385329)
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

ياهلا وغلا منورة حبيبتي
لك ودي:flowers2:


الجبل الاخضر 22-07-10 05:36 AM

ابدعتي في الاختيار واتمنا ماننحرم منك اختيارك الجميل وشكرا على مجهودك:55:[COLOR="DarkOrchid"][/COLOR]

Rehana 24-07-10 01:12 PM

يعطيك العافية حبيبتي على مجهودك واختياراتك المميزة

http://www.commentsyard.com/graphics...hank-you45.jpg

اماريج 26-07-10 04:54 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Rehana (المشاركة 2391597)
يعطيك العافية حبيبتي على مجهودك واختياراتك المميزة

http://www.commentsyard.com/graphics...hank-you45.jpg

الله يعافيك يارب منورة ياريحانة
وتسلمي حبيبتي على كلامك كلك ذوق
دمتي بمحبة
http://www.iraqnaa.com/ico/image2/f/n/ros074.gif

اماريج 26-07-10 05:00 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الجبل الاخضر (المشاركة 2389861)
ابدعتي في الاخيار واتمنا ماتحرمين من اخيارك الجميل وشكرا على مجهودك[COLOR="DarkOrchid"][/COLOR]

شاكرة لك مرورك العطرياجبل الاخضر
منورة ياعسل
دمتي بود

ليلى3 09-08-10 03:35 AM

مرحبا اماريج الرواية اقل ما يقال عنها انها رووووووووووووووووووووووووووعة:55::55::55: تسلمي حبيبتي على المجهود امتعتينا باختيارك كالعادة

b-o-tany 09-08-10 05:43 AM

روعه روعه روعه :55::55::55::55:

اماريج 09-08-10 08:30 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ليلى3 (المشاركة 2408771)
مرحبا اماريج الرواية اقل ما يقال عنها انها رووووووووووووووووووووووووووعة:55::55::55: تسلمي حبيبتي على المجهود امتعتينا باختيارك كالعادة

الاروع دما ياليلى هو مرورك العطر والرائع
والله يسلمك ياحياتي ويلي بسعدني دوما تواجدك وتعليقاتك الحلوة ياعسل
لك كل الود

اماريج 09-08-10 08:32 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة b-o-tany (المشاركة 2408841)
روعه روعه روعه :55::55::55::55:

الحمدلله انها نالت رضاك ياعسل
وسعيدة لمرورك العطرحبيبتي ولتعليقك بانها رائعة لاني انا كمان بحبها كتير هذه الرواية
دمتي بود

سلمونتي 28-09-10 12:09 PM

الروايه ممتعه وشيقه تسلمي وحفطك الله:flowers2:

اماريج 21-10-10 06:54 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سلمونتي (المشاركة 2459378)
الروايه ممتعه وشيقه تسلمي وحفطك الله:flowers2:


شاكرة لك مرورك وتواجدك فيها حبيبتي
والله يسلمك ياحلوة وسعيدة انها عجبتك ^_*وربي يسعدك ويحفظك
دمت بود:flowers2:

انكوى قلبي 22-10-10 12:30 AM

دائما تبهريني يا اماريج باختيارك الرائع للروايات

اماريج 31-10-10 04:04 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة انكوى قلبي (المشاركة 2493080)
دائما تبهريني يا اماريج باختيارك الرائع للروايات


مشكورة يالغلا كله على هالمرور الحلو والرائع
وانا يلي بشكرك على هالكلام اللطيف كلك ذوق حبيبتي منورة ياعسل:flowers2:
:liilas:

فجر الكون 04-11-10 12:22 PM

مشكورة يعطيك العافية ,,,,

اماريج 05-11-10 01:44 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فجر الكون (المشاركة 2510571)
مشكورة يعطيك العافية ,,,,



العفووو حبيبتي والله يعافيك يارب
ومشكورة على هالمرور الحلو ياحلوة لك ودي:flowers2:
:liilas:

*mero* 26-11-10 01:57 PM

شكرا لذوقك المميز

هدىgb 29-11-10 03:32 AM

يسلمووووووووو على الروايه الرائعه

ويعطيك الف عافيه

رومنسية زمانها 29-11-10 11:22 PM

يسلمووو امـاااريــــــج ابدااااااااااع استمتعت فيها حييييييل الف شكررر ياقلبي مبدعة داائمآآآآآآآآآآ

اماريج 30-11-10 12:50 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة *mero* (المشاركة 2540716)
شكرا لذوقك المميز



العفوووووو حبيبتي منورة والله
وشاكرة لك مرورك العطر وتواجدك فيها
:flowers2:
:liilas:

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هدىgb (المشاركة 2543790)
يسلمووووووووو على الروايه الرائعه

ويعطيك الف عافيه



الله يسلمك يالغلا والاروع هو تواجدك فيها حبيبتي
والله يعافيك يارب منورة ياعسل
:flowers2:
:liilas:

اماريج 30-11-10 12:53 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رومنسية زمانها (المشاركة 2544530)
يسلمووو امـاااريــــــج ابدااااااااااع استمتعت فيها حييييييل الف شكررر ياقلبي مبدعة داائمآآآآآآآآآآ


الله يسلمك حبيبتي
ومرورك اسعدني يالغلا كله كلك ذوق ياعسولة والعفوووو ياحلوة هي عيونك الحلوة يلي شافتها هيك :lol:مررررة سعيدة لانها عجبتك ^_*
دمت بكل الود ياغالية:flowers2:
:liilas:


samahss 30-11-10 05:32 AM

:flowers2::rdd12tf:

اماريج 30-11-10 10:39 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة samahss (المشاركة 2544746)
:flowers2::rdd12tf:



شاكرة لك مرورك وتواجدك العطر فيها ياعسل منورة والله :flowers2:
:liilas:

sosolelu 22-02-11 12:38 AM

امممممممممممم قصه قمه بالروعه تسلم الايادي
ليلو

قماري طيبة 25-02-11 02:10 AM

Thank you very much
:congrats:
:flowers2:

نجلاء عبد الوهاب 10-06-11 01:51 AM

رائعة جدا دى مش اول مرة اقراها يمكن سابع اوتامن مرة:dancingmonkeyff8::8_4_134::wookie:

ندى ندى 11-06-11 04:57 AM

روووووووووووووووووووووووعه

اماريج 11-06-11 09:01 PM

الاروع والاحلى ياحلوين هو مروركم وتواجدكم العطر فيها
وانا كمان بحبها كتير وقرائتها اكثر من مرة:peace: وسعيدة كتير ^_^انو اختياري للرواية عجبكم ياامورات المنتدى
لكم مني دوما حبي وودي اماريج
:liilas:

سومه كاتمة الاسرار 13-06-11 03:26 AM

الروايه فوق الممتازه والاختيار موفق كالعاده تسلمين وسلمت اناملك
:8_4_134:

اماريج 15-06-11 07:10 PM

الله يسلمك حبيبتي منورة والله

ربي يحفظك ويسعدك في امان الله ياحلوة

wedad r 28-07-11 11:34 AM

يسلموووووووووووو

black star 14-08-11 11:16 PM

روايه رائعه ونهايه اجمل فعلا انتى دايما بتختارى كل الروايات اللى بحبها اووووى وكل الروايات الرائعه

بنت بنغازي 27-09-11 12:26 PM

إبداع ........شكرا جزيلا علي الكتابة الروايه .........انتظر منكي المزيد

حنين عربي 28-02-12 06:48 PM

رررررررررررررررررررررروعة يا اماريج

ساحرات 10-06-12 04:36 AM

دائما اختياراتك رائعة يا اماريج شكرااااااااااااااااااا على الرواية الجميلة

اماريج 12-06-12 06:07 PM

شاكرة لكم مروركم فيها
اسعدني انو اختياراتي للروايات عجبكم ياحلوات
:8_4_134:

الملآك القاسي 01-09-12 03:05 PM

حـــلوـــوووـــــــــوة يا اماريج شكـــــــــراااا لجــ

نجلاء عبد الوهاب 10-02-15 07:02 PM

رد: 70_ دليلة _ جين كوري _ روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
:8_4_134::8_4_134::8_4_134:
رائعه رائعه رائعه

سهير سهير 05-03-15 10:53 PM

رد: 70_ دليلة _ جين كوري _ روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
:8_4_134:لكم جزيل الشكر والتقدير لما يتم تقديمه لنا من قبلكم في الحقيقه انتم تبذلون مجهود كبير ملموس :rdd12zp1::Thanx::361::342::shokrn: كلمه شكر بكل الطرق ليست كافيه ائدامكم الله وحفظكم من كل مكروه

niso 09-03-15 05:39 PM

رد: 70_ دليلة _ جين كوري _ روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
الف شكر الرواية حلوة

Selmamustafa 15-03-15 05:55 PM

شكراا كتيييييير رجعتوني لايام ماأحلاها

لبني سرالختم 20-04-15 03:06 AM

رد: 70_ دليلة _ جين كوري _ روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
روايه جميله جدا واستمتعت بها جدا

الزهرة الجورية 22-09-16 02:46 AM

شكراااااااا😀😀😀

ام السعد كله 19-06-20 03:16 PM

رد: 70_ دليلة _ جين كوري _ روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
كلمة روعه قليله فيها 💐💐💐 اهنيك على اختيارك


الساعة الآن 03:36 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية