3 – مشاعر جريحة
كانت بيتسي مستلقية على بساط قرب الباب الزجاجي ، تراقب تشاد باهتمام. . كانت جافة تماماً ، وتبدو كأنها تلقت لتوها وجبة طعام. نظر تشاد إلي الفناء الغارق بالمطر . . كان يبدو كبيراً جداً وصارماً . . وتبدو خطوط العجرفة الظاهرة على وجهه خشنة . . هناك مصباح واحد مشتعل يلمع نوره الذهبي فوق بشرته السمراء، ليزيد من عتمة عينيه ، وليبرز بنية العظام المتكبرة التي تعطي وخهه مظهر القوة والجمال، إنه الرجل الأكثر جاذبية الذي عرفته في حياتها . لكنه يخيفها. منتديات ليلاس لم يصدر عنها صوت ، التفت برأسه فقط ، والتقت عيناه بعينيها ليقول: - لقد صنعت القهوة . . اشربيها . - شكراً لك . رد بوحشية: - لم تستطيعي الانتظار للخلاص من كل ذكري لدانيال ؟ لقد حذرتك أن اتخاذك حبيباً عجوزاً مثله لن تكون تجربة مثيرة . . مع ذلك كنت أظن أن العرفان بالجميل كان سيمنعك من مثل هذا الكنس . . كان هناك قطع أثاث رائعة جداً هنا ولا شك أنك حصلت على ثمنٍ جيدٍ لها . . لا تحتاج الإهانة هنا إلي دليل . . احتضنت ناتالي فنجان القهوة بين يديها ، وأجابت : - حين وصلت إلي هنا كان كل شيء قد ذهب . أخبرتني السيدة مونرو الساكنة في المنزل المجاور ، أن سيارة نقل مقفلة جاءت في اليوم التالي لموت دانيال . . وظننت أنك أنت من نظم هذا . بدا ساخطاً قبل أن تختفي رموشه ما يفكر به: - لم أفعل هذا بكل تأكيد. . وصدقته : ولداه إذن. |
- قانوناً كانا ضمن حقهم. . فقد ترك هذا المنزل لك ولم يذكر محتوياته.
هزت رأسها تشعر بالغثيان: - كان من الجيد وجود السيدة مونرو لتأوي بيتسي عندها . من الواضح جداً أنهم كانوا سيتخصون منها . قال وكأنه يدافع : - قد لا يحب الجميع الكلاب. - بالطبع لا . . هل تريد تناول ما لا أملك سوى القهوة والشاي. - - لا. . هذا كله أمر سخيف . . سأعطيك في الغد مبلغاً كسلفة لتغطية المصاريف . . هل تركت عملك ؟ - لا. . بالطبع لا . . ستكون بيتسي بخير خلال النهار . . وستأخذها السيدة مونرو عند عودتها من عطلتها ، وإلي ذلك الوقت تبدو سعيدة هنا . قال بنفاد صبر يشد الغضب فمه: - أوه . . إلي الجحيم بالكلبة . . ! أتعرفين ناتالي ، لم أستطع أن أقرر بعد ما إذا كنت ساذجة كما تبدين ، أم أنك تمثلين ببراعة ؟ - ظننتك اتخذت القرار. . وبسرعة أيضاً خلال دقائق من مقابلتي. . وفكرت. . هذا الرجل يتخذ قرارات حاسمة سريعة . خاصة بعد أن أتحفتني بقراءتك لشخصيتي بعد أسبوع من اللقاء. نظرة واحدة ، وهذا كل شيء. أصبحت كل أسراري مكشوفة أمامك. كانت سخريتها فجّة . . وتصاعدت ألوان الغضب القاتمة إلي خديه ، فقال بنعومة وهو يتقدم نحوها: |
- يجب أن تراقبي لسانك ناتالي . . وإلا سيوقعك في المتاعب، متاعب كهذه ..
أخذ منها فنجان القهوة، ووضعه بحذر على المقعد الخشبي . . وقفت متصلبة وهو يستقيم ليأخذ يديها بيديه، يشدها نحوه. . حين تكشفت لها نيته حاولت الخلاص ، لكن قبضته ثبتتها حتى حين أصبحت مقاومتها بائسة ، وقفزت بيتسي على قوائمها تدمدم . - اهدأي. جمدت الكلمة الوحيدة الكلبة، لكن ناتالي تابعت مقاومتها : - لا. . لا. . أنا لم أقصد هذا ! قال بهدوء : بلي . . قصدته . جعلها دون حراك بين ذراعيه بأن شد من شعرها إلي الوراء . . وابتسم لوجهها الخائف ، حين تكلم كانت الكلمات تتفجر على خدها . - أنت مثيرة كما تعرفين تماماً . . والآن يجب أن تتحملي النتائج. كانت قد تلقت العناق من قبل . . وقرأت أنه يُستخدم كعقاب ، لكنها لم تكن تتوقع أن تمر بمثل هذه التجربة . حين رفع رأسه ينظر إليها ، أحست برعشة فراغٍ . . قال ببرود متعمد : - رائع . . لكنه لا يكفي. انتشر الضعف في أطرافها إلي أن أخذت ترتجف. . وقفزت في أعماقها مشاعر غريبة إلي الحياة. همس بخشونة : لا تقاومي. |
قرأت في عينيه دلائل التشوق الذي بالكاد كان يخفيه. . وجعلها الخوف تنتزع نفسها من بين ذراعيه . . قال تشاد ساخراً :
- أنت خبيرة بإدعاء البراءة المجروحة . هل هذا ما جعل دانيال يعلق؟ لكن هذا لا ينفع معي . . ارتعشت ناتالي وبالكاد سمعته . غارقة بكل كيانها في نفسها ، مصدومة ، وغير قادرة أبداً على أية استجابة منطقية. . لم تتوقع حتى في كل أحلامها الرومانسية ، الاستجابة هكذا مع عناق رجل . . ومع ذلك كيف يمكن أن تكرهه ، منتديات ليلاس وتنهار أمام مشاعر شديدة ، بحيث انها حتى الآن تحس بتسارع نبضاتها لمجرد تذكرها؟ كانت هذه أول تجربة لها وكانت مع انتهاء التجربة خائفة لشدة ضعفها وتعرضها للخطر. إنه غاضب ، أمر مقتنعة به ، استدار قائلاً بخشونة فيما هي تحدق به: - أوه. . توقفي عن النظرة الخائفة .. أعدك أن لا يحدث هذا ثانية. - توالت من فمها الجاف كلمات عديدة لم تتعرف إليها : - - أنا مسرورة لهذا. . أتمانع أن تذهب ؟ أنا لست. . - هل أنت بخير ؟ . . بالطبع، هذا قناعٌ رائعٌ تضعينه على وجهك ناتالي . . عينان متسعتان خائفتان، وشفتان مرتجفتان ، وذلك التعبير الممتاز للبراءة الكاملة . لا شك بأن لديك مستقبل باهر في التحرش برجال كبار السن. قالت من بين أنفاسها : - أنت كريه لا تطاق. . أخرج من هنا ! |
جلست حين خرج على الأرض منهارة ، تخفي الدموع الساخنة المتدفقة بيديها . . إنه نذل ، نذل . . وفكرت بمرارة: البراءة أمر جيد ، لكنها لم تكن قد حضرتها لأشخاصٍ مثل تشاد غرايزر الساخر الذي يرفض تفسيراً آخر للعلاقة التي كانت بين خاله وبينها .
جاءت بيتسي لتجلس أمامها ، فمسحت ناتالي الدموع بظاهر يدها تقول لها بقلق: - أنا حمقاء بيتسي. . ساذجة وغبية. كانت تشعر في أعماقها بأن الكلبة بيتسي تشاركها عذابها وتقدم لها المواساة . فهي تحتاج حقاً للمواساة . . لو أنها في بلدتها لحاولت معالجة ارتباكها في الحديث مع أمها . منتديات ليلاس. لا شك أن فوليت أحست بمثل هذا النوع من التجاذب ، وإلا لما تنازلت عن مُثلها العليا لتحب رب عملها . . أخبرتها مرة أمها ، أن التجاذب جزء أساسي من حب الكبار ، لكن لوحده هو وهم متألق زائف ، قد يقود إلي تحطيم القلب واليأس . . واستمعت ناتالي لها دون أن تقدّر ما كانت تقوله لكنها الآن فهمت . وراعها تصرفها . . بالتأكيد من المستحيل أن يتمكن على رجل واحد لا تشعر نحوه سوى بالازدراء أن يقلب رأسها على عقب كل مبادئها وتربيتها . . وهذا ما يعني أن عليها أن تكون حذرة ، كتأكدة بأن لا تبقى معه لوحدها مرة أخرى. وجاهدت لتخلّص تفكيرها من تأثيره. وصلها بعد يومين " شيك" بالبريد. . بلهجة محام رسمية ، أوضحت لها الرسالة المرافقة بأنها دفعة مقدمة من الكمية التي ستتلقاها من وصية دانيال ، وموقعة باسم تشاد . ارتجفت الورقة في يدها . . كان التوقيع واضحاً كالدليل الساطع على شخصيته . . ويحمل الشيك |
الساعة الآن 10:21 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية