- هل لي أن أدخل ؟
تراجعت دون أن تعي أنها كانت تسد طريقه . . وسارت أمامه بصمتٍ إلي غرفة الجلوس. - اجلس . منتديات ليلاس أجفلت لألم مفاجئ في رأسها فسألها : ما الأمر ؟ رفعت يدها إلي عضلات عنقها المتألمة قبل أن تومئ إلي الصوفا : - لا شيء . . رأسي يؤلمني . قال وحاجباه معقودان معاً في خط مستقيم : - يجب أن لا تخيطي . اجلسي وسأصنع لك فنجان شاي . هل تناولت دواء للصداع ؟ - ما أحتاجه هو بعض الهواء النعش فقط . . ولا أحتاج إلي شاي أو قهوة . . ماذا تريد ؟ وضع حقيبة أوراقه على خزانة الأدراج متجاهلاً خشونتها وراقبته وهو يخرج منها عدة أوراق : - هذه نسخة عن تخمين قيمة المجوهرات التي تركها لك دانيال . - لكنني ظننت. . - ظننت ماذا ؟ - ظننتك لن تستطيع فل شيء إلي أن يقرر ولداه الطعن بالوصية. - لن يكون هناك طعنٌ. . لهذا ما من سببٍ قانوني يمنعك من تسلم المجوهرات . مرّر عينيه بازدراء على طول الجسد النحيل . . وتسارع اللون الداكن إلي وجنتيها وهي تقول : |
- فهمت . . شكراً لك .
أثار هدوءها غضبه ، فسألها بوحشية: - أتريدين أن يتفحصها جواهري آخر ؟ أؤكد لك أن ليس من عادتي أن أغش زبائني لكن لو شعرت بأنك ستكونين سعيدة أكثر ، اذهبي إلي شخص آخر. أجابت بخشونة : - أوه. . أصدق أنك لست معتاداً على الغش لكنني واثقة أنك تجاوزت هذه القاعدة لأجلي. اشتعلت القسمات المتعجرفة غضباً . - لا. . ليس معك . . فلست استغلالياً أبداً ناتالي . . أبداً . وكان هذا تهديداً أثار الذعر في نفسها . . لكن لو أنها تركته يرى تأثيره عليها ، فلن تتحرر أبداً من خوفها . قالت دون اكتراث : أثق بك . - لماذا ؟ قالت بسخريةٍ باردةٍ تخفي أفكارها : - لأن دانيال كان يثق بك . . ولقد كان حكماً ممتازاً على الشخصيات . ردّ بوضوح وقح : - قبل أن يُفسِدٌ جهل الخرف قدرته على الحكم . . أتتساءلين إذا كنت أنا مثله ؟ لأنك إذا كنت تحلمين بعلاقة معي تذكري شيئاً واحداً . . أنا شخصية مختلفةٌ تماماً عن خالي المريض . أعدك بهذا . تصاعد الاحمرار تحت بشرتها ، ثم تلاشي ، ليتركها صفراء باهتة: |
- أوه . . أنا واثقة من هذا . . لا، أنا لا أستهدفك . . وبإمكانك أن تستريح . . لأنني أكره الغرور الشديد في الرجال حتى وهم لطفاء مثلك .
ارتفع ذقنها ، ولزمها قوة إرادة لهذا ، لكنها ابتسمت للكراهية الباردة على وجهه وقالت : - لا أحتاج إلي مالك . . لقد ترك لي دانيال ما لا أحتاج به لأحد ، ولا تستطيع أن تقدّم لي أي شيء آخر أريده. - لا ؟ ألهذا اتخذت حبيباً عجوزاً ؟ لأنك باردة ؟ منتديات ليلاس التقط معصمها ويدها تطير إلي وجهه ولوى بحركة بطيئة مؤلمة ذراعها خلف ظهرها وشدها إليه . فكرت بمرارة المزيد من الألم ، لكنها هذه المرة لم تقاوم . . فلا جدوى من المقاومة . . كما أنها تعرف أنه لن يؤذيها جسدياً . والتهديد الذي يمثله هو لمشاعرها ، وإرادتها . وعرف بالطبع ، فهو أكثر ذكاء من أن لا يكتشف غضبها ، مهما حاولت إخفاء الأمر عليه . . قال بصوت شرير : - لا تحبين أن يدعوك أحد " بالباردة". . أتساءل لماذا ؟ هل هذا قريب جداً من الواقع ؟ همست ساخطة : - أخرج . . لا أهتم لرأيك بي . . لا يمكنك احتقاري أكثر مما أكرهك ، أيها المتعجرف المغرور بنفسك ، المتكبر ، والمتوحش . . من تظن نفسك ؟ تضع نفسك على قمة الأخلاق بينما يعرف العالم كله أنك . . أنك . . |
قاطعها ببرودٍ مثلجٍ : تابعي. .
رمت برأسها إلي الوراء ، تنظر إليه بكراهيةٍ ظاهرة. - أنت تعرف ما أعني. . لكن بالطبع ، الأمر يختلف بالنسبة لرجل . . أنا " فاسقة" وأنت " خبير"! هذا وصفٌ يبدو أفضل بكثير. . ألاتظن هذا ؟ الآن ، أخرج من منزلي. رد من بين أسنانه المشدودة : - بكل سرور. . لكن أولاً ، دعينا نري كم اقتربت من الواقع . . أتسمحين ؟ أخذت ناتالي ترفس ، وتلوي برأسها بعيداً وبقيت للحظات طويلة مقطوعة الأنفاس ، جامدة بين ذراعيه ، لا تستجيب ، لكن لا تقاوم . . تستمع إلي ما يحاول جسدها أن يقول لها . رفع رأسه يبتسم لها ، ويسخر بنعومة: - كما قلت . . باردة . . يا للأسف . - ردت تكرهه أكثر : - - إذن يجب أن تفتش في مكان آخر عن امرأة غيري. تراجع : - ما من شك في هذا . . بالرغم من أن معظم المراجع تدفعنا للتفكير أن لا وجود لنساءٍ بارداتٍ، بل رجال غير كفؤين . . ولسوف أدعك وشأنك الآن ، ليس لأنني لن أتمتع بتذويب برودتك فأنا أجدك جذابة بل لأنني أشعر بالقذارة على بعد عشر أقدام منك. . |
ارتعشت ولو أنه كان لا زال يطوقها بذراعيه لأحس بارتجاج جسمها من جراء كلامه القارص . . أغمضت عينيها لحظة كي لا يرى ألمها ، ثم رفعت ذقنها لترد ببرود :
- لا تزعج نفسك في هذه الحالة ، بالقدوم إلي هنا مرة أخرى . . إذ يكفيني مخابرة هاتفية لأعرف عما تريد إخباري به ! - بكل سرور . . سأراك في مكتبي صباح الغد في تمام الحادية عشرة . . أيمكنك ترك عملك ؟ منتديات ليلاس - أوه . . أجل . . هذه ليست مشكلة . كانت تلك الليلة ماطرة ، واستمرت هكذا حتى اليوم التالي . كانت تسير في الشارع نحو محطة الباص ، وتيتمد الراحة من ألوان زهور الكاميليا الزهرية والحمراء ، في كل حديقة تمر بها . كان اليوم يشبه أيام الربيع ، مع أن هناك شهراً آخراً للشتاء بعد . وقد أحست ناتالي بوخز الحنين إلي موطنها . كان شارع أوكلاند الرئيسي ، كوين ستريت مزدحماً ، واجهات المحلات مزهوة بموضة الصيف التالي . سارت ناتالي ببطء ، تتطلع إلي واجهات كل محلات الكتب . . ونظرت إلي ساعتها ، فأجفلت فلم يترك لها الوقت سوى خمس دقائق لتصل إلي مكتب تشاد ، ولحسن الحظ لم يكطن بعيداً . . لكنها وصلت مقطوعة الأنفاس وغاضبة ، لتقول لها موظفة الاستقبال بأن السيد غرايزر مشغول ، وطلبت منها الانتظار. جلست بأدبٍ ، وتجنبت نظرة موظفة الاستقبال المهتمة بها كثيراً ، ونظرت خارج النافذة . كانت أظافر أصابع موظفة الاستقبال تلمع مهي تطبع عدداً من الكلمات التي يستحيل عدّها في الدقيقة . . على أي حال ، لن يستخدم تشاد سوى |
الساعة الآن 02:45 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية