منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات احلام المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f457/)
-   -   119 - شمعة تحت المطر- روبين دونالد ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t142281.html)

شاذن 07-06-10 03:09 PM

119 - شمعة تحت المطر- روبين دونالد ( كاملة )
 
119 - شمعَة تحتَ المطر

الملخص

كان هناك سحر مخيف في تشاد غرايزر يجذب ناتالي كونراد فتاة الريف
الساذجة، لم تستطع مقاومته. . . وكان هناك بالمقابل كراهية واحتقار جارفين في نفس تشاد تجاهها، سببهما الظاهر علاقتها المشبوهة مع خاله، ولم تكن نتالي مستعدة للتخلي عن هذه العلاقة بأي ثمن. . .
منتديات ليلاس
وهكذا كان التوتر بينهما يزداد كلما التقيا، حتى اتخذت مشاعرهما مساراً مجنوناً لم تستطع ناتالي أن تتصوره أو تتحمله !. . .
:flowers2:

توتة 22 09-06-10 02:31 AM

منتضرينك
لاطولي علينا;)

Rehana 09-06-10 07:47 AM

شكل الرواية حلوووة ..بانتظارك ياعسل

gaviotta 10-06-10 02:37 PM

الملخص مشوق جدا
يسلمووووووو يا حلووو
بالانتظار
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

شاذن 10-06-10 03:09 PM

1 – فتاة سيئة السمعة


كانت أوكلاند، أكبر مدن نيوزيلندا، كشفاً مثيراً بالنسبة لناتالي بعد أن اعتادت العيش في القرية صغيرة على الساحل الغربي من " ساوث ايلند".
تمكنت ناتالي كونراد بعد شهر من النوم ليلاً دون أن تنزعج للأصوات غير المألوفة وازدحام السير. . لكن ، مع إنها كانت تتعلم تقدير هذه المدينة الصاخبة ، فهي لا تزال تشتاق إلي بلدتها ولهدوئها الآمن.
كانت تشتاق إلي أمها وخاصة لأخويها من أمها: الصغيرين ريكي وأندرو. .ي الثالث عشر والحادي عشر، فغالباً ما كانت أصواتهما المرتفعة، توتّر
منتديات ليلاس
أعصابها. . أما الآن فهي تتمني سماعهما يعذبانها ولو مرة أخري. . ومع أنها لم تفهم يوماً الرجل الضخم المتحفظ، زوج أمها ، إلا أنها تشتاق إليه كذلك. . فقد يكون ديسموند رجلاً متصلباً، وغير مرن، إلا أنه كان عزيزاً عليها. لم تشعر يوماً أنها وحيدة. . وهذا الإحساس يعصر قلبها. . فما من قاسم مشترك مع الفتيات الأخريات في النزل. . جميعهن قادمات من ضواحي ريفية، إلا أن معظمهن من أماكن قريبة جداً من أوكلندا. كن يبدين في عيني ناتالي السوداوين الكبيرتين محنكات ، لا يتكلمن سوى عن الأصدقاء، وعلاقات الغرام، وآخر الموضة. . كن لطيفات، لكن مشغولات ! كان الأمر في العمل مماثلاً كثيراً . . فهي الصغيرة الوحيدة والعزباء. . .

شاذن 10-06-10 03:10 PM

لم يكن لزميلاتها الخيّاطات أي اهتمام سوى التركيز على عائلاتهن. كانت تفتقد إلي وظنها ويشدها الحنين إليه أكثر فأكثر، لذا كانت تحاول جاهدة التمسك بالصبر والسلوان، وتنتظر أوقات الغداء لتسلي نفسها فتتناول سندويشاتها في آخر الشارع مع صديقها الوحيد في أوكلاند . منتديات ليلاسكانت فتيات في النزل ساخطات دائماً على سيد ويبستر. . فقد كان رجلاً بكل ما في الكلمة من معني ، لكنه يكبرها بأربعين سنة وهو ليس بالعمر الذي يثير اهتمامهن. . لكن ناتالي كانت قد ادركت أنه كذلك . فقد كان وحيداً يبتسم لها ابتسامة خجولة ثم تحول تعارفهما من الابتسام إلي الكلام. . ومن ثم إلي حديث طويل . . ثم تقدمت معرفتهما إلي نوع من الصداقة. . وكانت ناتالي تتشوق إلي وقت الغداء لأنه كان محدثاً لبقاً يثير الاهتمام، ويعاملها بكياسة وبالطريقة التي تحبها وتفضلها. وكان ينتظرها اليوم، يرتدي بذلة من الواضح أنها ليست جديدة، لكنها تحمل طابع الخياط الجيد. قال واقفاً على قدميه حين تقدمت نحوه:
- كم تبدين جميلة، كالربيع في هذا اليوم الخريفي.
ابتسمت بخجل والتمع عمق عينيها بشرارت ذهبية:
- شكراً لك، وأنت تبدو وسيماً جداً.
انتظر إلي أن جلست قبل أن يجلس بدوره.
- أوه. . سأضطر للذهاب ‘لي البلدة فيما بعد. . أخبريني، هل استقريت هنا تماماًً ؟ يبدو أنك تفقدين تلك النظرة الكئيبة التي سبق أن لا حظتها في أول مرة رأيتك فيها.
- أوه. . بدأت أعتاد على الحياة هنا.

شاذن 10-06-10 03:11 PM

فتحت علبة الغداء بحركات مرتبة، تنظر إلي محتوياتها بإزدراء. . كان النزل يؤمن غذاءً معلباً كل يوم . . لكنه مصنوع بقلة ذوق مذهلة.
منتديات ليلاس
- هل أنت أكثر سعادة ؟ أما عدتِ مشتاقة إلي موطنك ؟
ابتسمت له:
- بلي، مع أن الفتيات في النزل لا زلن يعتبرنني الرفية الخرقاء . . اكنهن لطيفات جداً معي.
- ما الذي جعلك تقررين المجيء إلي وكلاند ؟
رفعت كتفيها النحيلين وأردفت:
- لم أكن أملك شيئاً ببلدتي، حين تركت المدرسة وجد لي زوج أمي عملاً في مكتب للمحاسبة، وكنت محظوظة لهذا.
- كنت محاسباً من قبل، أتعرفين هذا؟ ألم يعجبك العمل ؟
- لا. . أردت أن أقوم بعمل يدوي. . ولطالما كنت أخيط وأطرز . كان زوج أمي يضن أنها مجرد هواية صغيرة، وأعتقد أنها هكذا ، لكنها الشيء الوحيد الذي أملكه ، وأردت استخدامه. . أحسست أنني إذا لم أبتعد ، فسأنتهي إلي لا شيء. . لا تفهمني بشكل خاطئ . . بلدتي رائع للسكن فيها ، لكنني أردت أن لأري ما إذا كنت أستطيع . . كان عليّ الابتعاد ويكاد هذا يخيفني.
أدهشتها اللهفة المفاجئة في صوتها كما أدهشته. . وقالت بخجل:
- آسفة. . لطالما لامني زوج أمي على أحلامي. . لكنني أحسست فعلاً أنني بحاجة امغادرة بلدتي.
- لا تعتذري. . فأنا مندهش قليلاً لأنني وجدت هذا الإحساس المتوقد خلف ملامح وجهك الهادئ . .

شاذن 10-06-10 03:11 PM

قالت بخشونة: أحاول السيطرة عليه قدر الإمكان. .
- وتنجحين بإعجاب. . لكن لماذا أوكلاند ؟إنها بعيدة جداً عن موطنك. .
هزت رأسها ولمعت أشعة الشمس على خصلاتها السوداء:
- اقترحت أمي عليّ هذا، مع أن زوجها أبدى الرعب للفكرة وهو شخص عزيز وطيّب ، لكنه من الطراز المتحفظ جداً. . لكن أمي أقنعته بأن أوكلاند هي المكان المنطقي للوصول إلي هدفي. . ولقد جاءت معي ، ورتبت لي أمر الوظيفة لأعمل كخياطة في محلات دوغلاس، ووجدت لي النزل لأسكن فيه.
منتديات ليلاس
- وكيف تستطيعين خياطة الستائر والوسائد والتنجيد في محلات للديكور الداخلي؟
- إنها مجرد وسيلة لكسب العيش ، وأنا أتعلم كثيراً.
- وماذا تحبين فعلاً أن تفعلي ناتالي ؟
- أحب أن أصنع أشياء جميلة. . فمنذ أن عملت في المحلات دوغلاس وأنا أري الكثير من الأشياء الجميلة: مفارش طاولات، مناديل، مفارش للأسرة وأغطية، وسائد . وأشياء كهذه. . وأرغب في أن أقدمها بدوري لمحلات الديكور أمثال دوغلاس. . وهي من الأشياء المميزة التي أستطيع صنعها. . وسوف أفعل يوماً ما . .
شجعها بصوت منخفض: جيد . . وهل هذا مربح ؟
استدارت إليه متهللة لهفة:
- أوه. . أجل ، لا تهتم النساء سوى بالأشياء التي تسترعي اهتمامهن بطريقة ملفتة جداً بغضّ النظر عن صانعها ، وهن يدفعن الكثير شرط أن تكون السلعة جميلة ومميزة عن غيرها.
ارتجف صوتها الجميل قليلاً وهي تشرح له عن الزبونات اللواتي يستخدمن المحل لمجرد إملاء وقت الفراغ، ثرثارات يشترين كل ما يستهويهن بغض النظر عن ثمنه أو نوعيته.وتراقصة أشعة الشمس على رأسها الصغير ، الكثيف الشعر، لتُضفي لوناً ذهبياً على بشرتها السمراء الفاتحة . . وجهها غير اعتيادي، وهو صغير بشكل غريب لفتاة قد تجاوزت عيد ميلادها الثاني والعشرين. .
كانت تسخر ممن يدعوها بالجميلة لأنها ليست كذلك وتضحك ممن يقول أنها تسرّ العين. . إنما في الواقع لم تكن صوتها عادياً . . كان عميقاً ، ومن المبهج جداً الاستماع إليه، وكانت محظوظة بامتلاك عذوبة ونشاط تعجبان كل من ينظر إليها بعمق. . بوجه عام، كانت حيويتها ، وجرأتها

شاذن 10-06-10 03:12 PM

، صورة مذهلة ! ابتسم دانيال ويبستر حين أنهت كلامها ، وكان بابتسامته مرارة ساخرة:
- أعرف هذه الأصناف. . نساء كهؤلاء يجعلن ريك دوغلاس سعيداً . . آه ، ها قد وصلت وسيلة إيصالي إلي البلد. .
كانت وسيلة إيصاله رجلاً طويل القامة، يتحرك بخطوات رشيقة سريعة فوق العشب. . رفعت ناتالي رأسها ، تبهرها الشمس ، لتنظر إلي وجهه وكأنه قد من حجر. . كانت القسمات البارزة بشكل خشن، أقل تأثيراً من عينين لامعتين شديدتي الزرقة، وفم رفيع ، مستقيم قاسٍ ، ترتسم ملامح السلطة عليه، حتى أن ناتالي أحست بالخوف. ارتفع ذقنها من دون وعي منها ، وقابلت التساؤل في نظرته بوقار ألزمها كل التركيز على قوتها لتحافظ عليه .
منتديات ليلاس
حيّاه السيد ويبستر بحبور:
آه تشاد. . مبكر كعادتك. . ناتالي ، هذا ابن أختي تشاد غرايزر. . تشاد، لقد سمعت بناتالي كونراد التي تتلطف دائماً بأن تمضي معي بعضاً من أوقات راحتها.
لم ترغب ناتالي لسبب ما في مصافحة تشاد غرايزر . لكنها بالطبع مضطرة، ولو أن لمسة أصابعه السمراء القوية حول أصابعها أرسلت قشعريرة في جسدها .
قال بوقارٍ متحفظٍ :
- آنسة كونراد. . أتعملين قريباً من هنا ؟
كان يتكلم بحد قاطعٍ مما زاد من صحة انطباعها الأول عنه أنه رجل خطير . . واقشعرّ جسدها مجدداً ، فسحبت يدها من يده. . إنه يحاول التأثير عليها، يعرف ما يفعل ، ويرغب أن تعرف هي كذلك. أجابت : أجل. . وأنت سيد غرايزر ؟
لمعت عيناه الشديدتا الحدة من بين رموشٍ كثيفةٍ تغطيهما. .
- لا. . مكتبي في المدينة.
كان يرتدي بذلة سوداء أنيقة التفصيل، كلّفت على الأرجح أكثر مما يصرفه زوج أمها على ملابسه في عشر سنوات. . كادت تهتز إجفالاً وهو يمرر عينيه عليها في تقييم شامل، قبل أن يصرف النظر عنها مع تصاعد اللون القاتم إلي بشرتها ، استدار إلي خاله يقول:
- أخشي أن يكون هذا وقت ذهابنا. . فأنت لا ترغب في أن يفوتك موعدك.
رد العجوز بحبور:

شاذن 10-06-10 03:12 PM

- آه. . يُبقي الأطباء المرء منتظراً كعادتهم ! على أي حال أعتقد أنه كمن الأفضل أن نذهب . . وداعاً ناتالي.
- وداعاً سيد ويبستر. . وداعاً سيد غرايزر.
بدا متعجباً من مخاطبتها له ، ورفع حاجبيه السوداوين ليرد عليها : وداعاً . . ناتالي.
أبرز بهذا ، بدون لطف ، الفارق الاجتماعي بينهما. ونظر خاله بحدة إليه وكأنه يمرر ابتسامة اعتذار نحوها ، ولم يفعل أي شيء ليرد ، حينما قاده ابن أخته بعيداً . كانم يقوده بسرعة قدر استطاعته، وكأنما وجود ناتالي قد يصيبه بالبتلوث. أحست ناتالي بموجة إذلال ساخطة. . أخفت وراء هذا الإحساس شعوراً بالغضب والكبيرياء. . من يظن السيد تشاد غرايزر نفسه؟ لقد تعمد جرحها لتحس بأنها أقل شأناً ، وقد نجح في مسعاه. . وهذا ما يفعله المال والمركز لأشخاص مثله. عجرفة
منتديات ليلاس
اصطناعية وتعصب متكبرٍ ، وكأنه أكبر منها بكثير. . إنه لا يزيدها بأكثر من عشر سنوات، لكنه نجح تماماً في إظهار حجم الهوة بينهما والتي لا يمكن ردمها. بقيت على المقعد الخشبي الطويل ، عيناها ثابتتان على الرجلين وهما يبتعدان حيث تنتظرهما سيارة فخمة، بدت كبيرة قوية . . وباهظة الثمن. رقّت استدارة فم ناتالي اللطيفة . . ثم استرخت . فمن الغباء ترك الرجل يكدرها. وجدت نفسها لدهشتها تقسم بأن تشاد غرايزر سوف ينظر إليها يوماً ، ولن يجد ما يدعوه رفع حاجبيه بازدراء. . مندهشة للشراسة التي أقسمت فيها للقدر بوعدها ، فتتت كسرة خبز في يدها وقدمتها إلي العصافير الدوري الجريئة قبل أن تقف. لم يظهر السيد ويبستر في اليوم التالي ، ولا الذي يليه. ومر أسبوع دون أن يأتي، وبدا أنه خلال هذا الأسبوع قد انكمش، وأصبح متعباً وأكبر سناً. . ولم تحاول ناتالي إخفاء سعادتها لرؤيته. . فابتسمت له بدفء جعل ابتسامته ابتسامة دهشة. . وتَلَفظَََ بجملته المعتادة:
- كم تبدين ساحرة.
ضحكت ناتالي ، فثيابها جميلة وبسيطة، لكنها بعيدة عن أي طراز محدّد
- شكراً لك. . أواثق أنت بأن الطقس هذا لن يؤثر عليك؟ أجد صعوبة في أن أصدق بأن الشتاء على وشك الوصول . . لا زال الطقس دافئاً , والأيام جميلة صافية.
- آه .. انه الخريف .. هل تناولت غدائك؟
- لا .. سأتناوله ألان .. أكاد أموت جوعاً.

شاذن 10-06-10 03:13 PM

أخذ يتكلم بسهولة وخفة وهي تزيل الأوراق عن سندويشاتها ، يشرح عما يحدث في المدينة. . واضح أنه يعرف الكثير من الناس الذين يتكلم عنهم ولم تفكر ناتالي يوماً بخلفيات حياته ، بل تقبلته كزميل لها في معانات الوحدة. . لكن ثراء تشاد غرايزر الواضح جعلها جعلها تتساءل لماذا يتنازل العجوز إلي الحديث مع فتاة التقاها على مقعد حديقة عامة.
منتديات ليلاس
وقال ملاحظاً : تبدين مفكرة.
مسحت أصابعها في منديل ورقي.
- كنت أتساءل كيف كان موعدك مع الطبيب.
ابتسم:
- أوه. . هذا. . مجرد فحص روتيني. . وكما توقعت كان عليّ أن أنتظر. . تشاد رجل نافد الصبر. . إنه ليس ابن أختي في الواقع، بل ابن أخت زوجتي الراحلة. وهذا ما يجعله يحس أنه قادر على إعطاء الأوامر لي.
- يبدو متغطرساً قليلاً.
ضحك:
- أجل. . أخلاقه منفرة. . حاله كحال جميع المحامين يرتاب دائماً بالدوافع والأفعال.
- لاحظت هذا.
- لكنه لامع الذكاء. . ومن الصعب جداً خداعه. كان ليصبح محامياً لامعاً وكاد أن ينجح في الجنايات، لكنه فضّل إدارة أموال وأسهم عائلته. . وهم زمرة ثرية جداً. . " عائلة غرايزر" . ويهتم تشاد بهم وبكل شيء: الأسهم الحصص ، عدة مؤسسات كبيرة، ومزارع. أوه. . مجموعة كبيرة من الأعمال. . إنه رجل صلب لكنه أهل للثقة، له من رجاحة العقل ما يجعلنا نحس بقلة الراحة معه.
جلس صامتاً يفكر قليلاً قبل أن يكمل:
- لكن لا داعي أن تقلقي بالك به وبطريقته المتعجرفة ، جئت أسألك ما إذا كنت ترغبين في تناول العشاء معي مساء الغد.
فغر الذهول فمها وعينيها ، وقال ضاحكاً:
- لا. . أنا لست عجوزاً قذراً. . أعدك. لكنني أحمل عبئاً منذ سنوات، وأظنك قادرة على مساعدتي به.
أحست بالفضول طبعاً فهي ساذجة في كثير من الأمور. . لكنها وثقت به غريزياً ، ولم يخطر ببالها أن الآخرين قد يستنتجون استنتاجاً خاطئاً عن موعد عشائهما. ولا حتى حين أوصلها التاكسي الذي أرسله إلي أحد

شاذن 10-06-10 03:14 PM

المنازل الفاخرة ، في ضاحية فخمة من المدينة. كان العشاء فاخر التحضير. . وقد تمتعت ناتالي به. . جلسا معاً بعد العشاء يرتشفان القهوة أمام النار المدفئة. نظرت ناتالي حولها في الغرفة. . في الخارج، كانت قد ثارت رياح خفيفة. كانت الغرفة جميلة ودافئة. . وابتسمت لمضيفها.
وضع فنجان قهوته من يده بحركة حادة:
- أخبريني عن اسمك. . إنه جميل جداً. .
ضحكت:
- اسمي الأصلي ناتاليا، وهو اسم جدة أبي، وأرادني أن أحمله لأنه يحبها جداً.
حدّقت باللهب المتوقد بتعابير حزينة:
- أعتقد أن أمي قد أحبت أبي كثيراً لأنها كانت تتألم حين تحدثني عنه. . وبعد فترة من الوقت لم أعد أسأل. لكنني أعرف أن طفولته كانت تعيسة، وكانت جدته لطيفة جداً وتحبه كثيراً، لقد مات قبل أن أولد.
منتديات ليلاس
- حقاً ؟
كان في صوته رنة غريبة لفتت انتباهها . . لكنه لم يكن ينظر إليها:
- كانت جدتي تحمل اسم ناتالي أيضاً . . وكان لها عينان قاتمتان كعينيك، لدرجة لا يعرف المرء أكانتا سوداوان أم بنيتان. . وكان في عينيها شظايا ذهبية مثلك تماماً . . وحين كانت تغضب تتحرك الشظايا وكأنها ألسنة لهب.
توقفت أنفاس ناتالي في حلقها، ليصدر منها صوت غريب، جعله يرفع نظره إليه ، وشيء ما كالتوسل في عينيه:
- ماذا ؟ لا يمكنني ، لا يمكن. .
لم يتقبل دماغها ما كان يحاول الإحاء به إليها . . لكنه بادرها قائلاً بتحفظٍ:
- لقد كتبت لي أمك حين كانت في أكلند. . لم تستطع دفع نفسها للاعتراف لك. . مع أنني واثق أنها لم تكن تحتاج إلي أن تقلق . . فأنت لن تكرهيها بسبب ما فعلت.
- أمي . . وأنت ؟
هذا كثير. . انفجرت باكيةً وأخذت ترتجف خصلها السوداء وهي منحنية الرأس فوق وسادة الصوفا . تركها تبكي لبعض الوقت. . لكن حين لم تبدِ دموعها دلائا على التوقف، تقدم إليها ليقول بهدوء:
- هس عزيزتي. . ستسببين صداعاً لنفسك لو استمريت في البكاء أكثر.

شاذن 10-06-10 03:14 PM

تقبلت المنديل وبدأت تجفف دموعها ، وجعلها ترتشف المزيد من القهوة الساخنة ، ثم أمسك يدها وسألها:
- هل لي أن أخبرك كيف حدث هذا ؟ إذا أردت بعد ذلك العودة إلي المنزل، سأستدعي تاكسياً ولن ترينني مرة أخري. وأرجو أن أجد في طيات قلبك مكاناً للغفران.
كانت قصة عادية. . قصة رجل أرمل مع ولدين يجد نفسه مكبلاً بهما، وسكرتيرة شابة وفاتنة قادمة من مدينة أخري. . جمعتهما الوحدة دون إرادة، وبدافع من حاجتهما المتبادلة للمؤاساة. . تزوجا سراً. .
منتديات ليلاس
- حين أخبرتني أنها حامل، عرضت أن أخبر أهلي . . لكن فيوليت، أمك رفضت، فقد كانت تعرف أن الزواج بيننا غير متكافئ، ولن ينجح. . تركتني فجأة وغادرت إلي ويلنغتون، إلي صديقة لها هناك. . بالطبع توليت إعالتها. . حين أنجبتك، كتبت لي أنك جميلة، سوداء العينين والشعر، تملكين بشرة سمراء كالزيتون. . فطلبت منها أن تسميك ناتاليا. .
هزت ناتالي رأسها. . تبتلع ريقها بصعوبة. . وركزت عينيها الموروثتين عن جدتها عليه وهو يكمل:
- كما قالت لك أمك . . كانت طفولتي تعيسة متجهمة. . وكانت جدتي هي لمسة الإشراق الوحيدة فيها . . حين تزوجت أول مرة، كان زواج مصلحة، دون حب. . أردت تسمية ابنتي على اسم جدتي، لكن زوجتي رفضت بعناد ، لأنها وجدت الاسم غير لائق. وسمت ولدينا آنا وريتشارد . وأنا سعيد لهذا الآن ، فابنتها تشبهها . . لكن أنت . . أنت جدتي ، وقد تجسدت مجدداً. . كانت سليلة أسرة اسبانية عريقة. . وكان جسمها صغيراً مثلك ولها نفس الضحكة الدافئة، والصوت الجميل. .
- أنا . . مسرورة لهذا. .
نظر إليها بمزيج من اللهفة والندم:
- حقاً ناتالي ؟ أرجو هذا . . وأدرك تماماً الصدمة التي أحسست بها الآن .
- لماذا لم تقل لي أمي إنك لا زلت حياً ؟ لطالما تساءلت كيف شكل أبي . . أعتقد أنني أعرف الآن سبب ادعائها أنها أرملة، لكنني أتمني لو كنت أعرف الحقيقة. . كل ما قالته عنك هو إنك . . كنت لطيفاً وذكياً. ابتسم بسخرية، وامتلأت عيناه بالحزن:
- وهي كذلك كانت لطيفة.

شاذن 10-06-10 03:15 PM

ساد صمت مثقل بالذكريات، إلي أن سألت ناتالي:
- وهل بقيتما على اتصال؟
- لا. . فما إن بلغتِ سن الدراسة حتى رحلت إلي " ساوث آيلند" رافضة أن أعيلكما أكثر . . كتبت لي قبل رحيلها تقول إنه من الأفضل للجميع أن تتوقف العلاقة عند هذا . . وطلبت أن أطلقها . كانت حياتي في ذلك الوقت تمر في فترة مضطربة. . واخشي أن أكون أحسست بالارتياح لهذا. . لسنوات طويلة نسيت وجودكما، ولو ليس تماماً.
ابتلعت ناتالي ريقها بصعوبة ونظرت إليه، بعينين مبللتين:
- أتمني لو كنت أعرف . . لكان الأمرُ رائعاً.
منتديات ليلاس
أطرق يقول ببساطة: أنا آسف.
هزت رأسها :
- لا. . لا تكن آسفاً. . لقد كان لدي طفولة سعيدة. . لكنني فقط كنت أتساءل عن أبي.
- حسناً. . أصبحت الآن تعرفينه.
ساد الصمت مجدداً، لكنه صمت مريح. . طقطق حطب المدفئة بصوت منخفض. كانت تتمدد على السجادة كلبة جميلة، ودّية. . وبدا من الغريب جداً كيف تقبلت ناتالي واقع أن هذا الرجل هو والدها. . وأحست أنها في بيتها.
قالت بعد قليل:
- قلت أن أمي كتبت لك . . متى كان هذا؟
- حين جاءت معك لتطمئن على استقرارك هنا. قالت ستشعر بسعادة أكبر بأن شخصاً مثلي سيرعاك. . وأعطتني الخيار في أن أقابلك أولاً.
تنهد:
- ولقد دهشت لاكتشافي بأن عندي رغبة قوية بمعرفة ابنتي الأخرى.
- وهكذا سعيت إليّ.
- أجل. . فكرت أنني قد أسهل عليك الأمر لو أعطيك فرصة لتحبيني أولاً .
هزت ناتالي رأسها. . ربما أراد أولاً أن يعرف كيف تبدو هذه الابنة المجهولة قبل أن يلزم نفسه. .
- ناتاليا . . هل أمك سعيدة ؟
بدت عليها الدهشة:

شاذن 10-06-10 03:16 PM

- أجل . . أجل هذا ما يبدو لي. . لماذا؟
- لأنها طلبت في رسالتها أن لا نعلن علاقتنا. . والسبب الذي أعطته هو أن زوجها سيجد صعوبة أن يسامحها لخداعها له.
- خداع . . أوه. طبعاً ، أعتقد أنه تقبل أنها أرملة ، كما تقبلته أنا . أجل. . إنه متشدد جداً في وجهات نظره. . وقد يجد كذبة كهذه لا تغتفر. . إنه طيب ومستقيم. . ومع أنه قد يسامح أمي، لكنه قد لا يمكن من الثقة بها مجدداً.
هز رأسه ليقول بهدوء:
- مسكينة فوليت. . إذن لا يجب أن ندمر سعادتها. . وهذا لسوء الحظ يعني أن الصلة الحقيقية بيننا يجب أن تبقي سراً. . وهذا ما قد يسبب ببعض الكلام.
منتديات ليلاس
انتشر الاحمرار السريع على بشرة ناتالي ، لكنها قالت بجرأة:
- أنا لا أهتم. . إذا كنت أنت لن تهتم .
- أخشي أن لا يكون لديك فكرة عما سيكون الكلام. . ستكون الشائعات من نوع البذيء . ز وبما أنني لن أستطيع المخاطرة في إخبار ابني وابنتي بأمرك. . قد أصادف أوقاتاً سيئة هنا كذلك. .
جعلها شيء ما في صوته ترفع رأسها ، لتقول مترددة:
- يبدو عليك وكأنك لا تحبهما كثيراً . . أو تثق بهما.
- هذا مكرٌ منك . . لا . .أنا لا أثق بهما . . أعتقد أنني وأمهما قد أفسدناهما. . لقد تربيا في جو من الارتياب والكراهية وحاولنا أنا وأمهما التعويض عن هذا بتدليلهما ، والنتيجة كالعادة.
قالت وصوتها متلون بمعرفتها المفاجئة عما سيكون هناك في انتظارها:
- ليس بالضرورة أن أقابلهما.
- وهذا ما أطنه الأفضل.
تنهد يمسك بيديها وينظر إلي عينيها بنظرة ماكرة متفهمة للحياة:
- ربما. . من الأفضل أن تفكري بالأمر ناتالي . . لا. .لا تقولي نعم بعد . . أنت الآن غير متوازنة. . سيصل التاكسي في أية دقيقة الآن ليأخذك إلي النزل. حين تصلين هناك فكري بحذر شديد. ز فسيكون زياراتنا للحديقة عُرضة للكلام الخبيث والسخرية، ولا أريدك أن تتأذي . . سأفهم لو فضلت أن لا تعرضي نفسك لمثل هذا . . فأنت لا تدينين لي بشيء.
بدا مستوحداً وهو يلوح لها مودعاً ، عجوز، ومتعب. . لا صحبة له سوي الكلب الصغير. . ربما هذا ما اتخذ عنها قرارها، وهذا ما حدث

شاذن 10-06-10 03:16 PM

وهي تتجه إلي الحديقة العامة في اليوم التالي، فالشمس مشرقة والسماء صافية مع أن الحدائق كانت لا تزال تلمع بزهور الصيف، إلا أن من السهل تقبل أن الشتاء ليس ببعيد. . كالعادة ، كان جالساً ينتظرها على المقعد الخشبي ، وأسرعت نحوه تنير ابتسامتها وجهها، تتلاعب الريح بخصلات شعرها الأسود القصير تدفع باللون إلي وجنتيها. حين اقتربت تعثرت خطواتها . . لم يكن الجالس هناك والدها . . بل ابن أخته تشاد. . كان يستند إلي مؤخرة المقعد، ساقاه الطويلتان ممدودتان، تعابير وجهه مفترسة. حين وصلت بقي كما هو وتسمرت عيناه البراقتان في وجهها بشكل مهين. كان الذعر من أول ردود فعلها . . وسألت مترددة:
- هل . . من خطبٍ؟ هل السيد ويبستر بخير؟
رد بكلمات باردة عن عمد ، مليئة بالسخرية:
- ليس مريضاً، ولا متعباً . . اجلسي ناتالي. .
شدت فمها لكنها أطاعت إشارته الكسولة، وجلست بعيدة عنه بقدر ما سمح المقعد الخشبي الطويل.
ابتسم وقال متشدقاً:
- فاتنة. . أجل،أستطيع أن أري ماذا يريد دانيال . . يريد شبابك، وجو النضارة البريء . . لكن ما أفشل في فهمه، هو ماذا ترين أنت فيه. . المال كما أعتقد.
كان ينظر إليها بعينين نصف مغمضتين، يراقب تلاشي اللون عن بشرتها ، ليتركها صفراء مذهولة.
أكمل بهدوء:
- لديه الكثير من المال. . فهو لم يكن محاسباً ناجحاً مقابل لا شيء. . إذا كنت تتوقعين الثراء من ورائه، فكري مرة أخرى.
إذن لقد بدأت المعركة. . جهلها التعبير المتذاكي الذي على وجهه تشعر بالغثيان . . لكنها رفعت رأسها بكبرياء .
- أنت تفترض أشياءً لا داخل لك فيها ؟
- عزيزتي . . أعرف أنك ذهبت إلى منزله ليلة أمس ، ولم تخرجي قبل الحادية عشرة!
تراجع في المقعد إلى الخلف ، ودس يديه في جيبيه. . راقبها من تحت أهدبه الطويلة ، وضاقت عيناه في مواجهة الشمس.
- مهل تمتعت بتجسسك علينا سيد غرايزر؟
ابتسم بلؤم:

شاذن 10-06-10 03:17 PM

- لدي أشياء أفضل بكثير أفعلها بدلاً من اللحاق بساقطة جميلة و صغيرة في شوارع أوكلند . . كان يكفي إجراء بضع مكالمات هاتفية لأحسم الأمر.
انبعثت من اعماق عينيها الشرارات الذهبية إلى الحياة. . وتملكها غضب بارد . . وقفت بسرعة تقول بصوت جلي : وداعاً سيد غرايزر.
و ابتعدت عنه بسرعة، ظهرها متصلب حتى كادت تحي به ينشطر.
لم تتوقع منه اللحاق بها ، حتى ان صوته من خلفها جعلها تجفل وتتعثر. . أمسك بها على الفور ليوقفها . . صاحت به بوضوح مثلج :ابتعد عني.
نظر اليها من ارتفاع هامته. تلاشت كل التعابير من قسماته الجافة:
- سأبتعد بعد أن تسمعي الى ما سأقوله. . إذا كنت بريئة كما يقترحه احمرار وجهك ، فقد يوفر عليك هذا ألم القلب .
منتديات ليلاس
ترددت فأكمل بوقار:
-أظن من الافضل أن تسمعي ناتالي. . أين هم و الديك؟
في جزيرة " ساوث ايلند".
نظر إليها طويلاً، ثم ايتسم ابتسامة فاتنة لا تقاوم.
- ما كان يجب أن يتركاك تأتين إلى هنا وحدك. . كم عمرك؟أجفلت ناتالي لهذه الفتنة غير المتوقعة. . و اتسعت عيناها وهي ترد:
- اثنان وعشرون. . وهذا سن ليس صغيراً جداً لأن أطرد من " العش".
- أهذا ما حدث؟ طردوك من العش؟
- لا! كنت . . كنت أتكلم مجازاً.
- طالت الابتسامة التي حوّلته إلى رجل جذاب جداً. .
- فهمت . . اثنان وعشرون سنة في حماية كاملة. . وبكل تأكيد حان الوقت لأن يعلمك أحد وقائع الحياة. لكن لا يجب أن يكون دانيال. . وتعرفين هذا.
- لكنه ليس. . .
صمتت تشيح برأسها ، تدرك ببؤس أن عليها الحفاظ على سرّ أمها. . قال بصوت لطيف، مما جعل نبضاتها تتسارع:
- إنه كبيرُ بما يكفي لأن يكون و الدك! لا شك أن أمك حذرتك من المدينة الكبيرة المليئة بالرجال السيئين. . يعرف دانيال تماماً أن لك جسداً نحيلاً مغرياً. . وبشرة كأنها الحرير، وعينين سوداوين . . لقد تناقشنا بأمرك يوم أخذته إلى أوكلند. ردت بخشونة غاضبة للتسلية المزدرية في كلماته.

شاذن 10-06-10 03:18 PM

- لا أصدقك . . لن أستمع إليك تقول مثل هذه الأشياء الفظيعة . . أنت لست بالنسيب المخلص.
سخر بها:
- أوه. . أنا رجل محنك. . و كذلك دانيال. .
و لن تكوني الأولى . منذ موت خالتي تتواجد نساء كثيرات في حياته. . كلهن أصغر بكثير منه. . كان دائماً هكذا . . و خالتي كانت أصغر منه.
- لست مضطرة لأن أستمع إلى . . هذا الكلام السخيف.
واستدارت لتبتعد عنه . . لم تكن ترغب في شيء أكثر من أن تصرّح بالحقيقة في وجهه، حول علاقتها بعمه . . لكنها لم تستطع . جعلتها يده على مرفقها تقفز رعباً . . لم تكن قبضة مؤلمة لكنها أحيت بنفاد الصبر في أصابعه الطويلة.
منتديات ليلاس
حذرتها غريزة ما بأنه في هذه اللحظات قد يرغب بأن يؤلمها ، وسيستغل أصغر عذر يُتاح له.
- بلى . . ستستمعين إلي أيتها الحمقاء الصغيرة . . ألا ترين . .
- كل ما أراه أمامي هو رجل يتدخل في شيء لا علاقة له فيه . . هل عيّنتك عائلة دانيال لتراقب مصالحها؟ كان يجب أن تختار مرتزقاً أكثر ملائمة منك . . فقد أكون ساذجة وآتية من مناطق ريفية . . لكنني أكره أن يتعالى عليّ أحد.
ضاقت عيناه في نظرة متشدّدة مركزة:
- وهل قلت إنك ساذجة ؟ كم هذا غباء مني . . لا شك أن احمرار وجهك من تجهيزات العمل . . حسن جداً ناتالي .. كم؟
كادت أن تهوي من لهجته الرسمية الباردة القاطعة . . وقفت فاغرة الفم صامتة إلى أن استقرت الإهانة في دماغها ، فابتلعت ريقها وشدت قبضتي يدها.
قال بنفاذ صبر :
- هيا . . لا داعي للتظاهر بعد . لقد كدت تخدعينني، و انصحك بتجربة العمل في التمثيل.
- أنت . . أيها . . أيها . .
قاطعها بحدة : كم؟
وكان صوته خنجراً وهو يسمي مبلغاً جعلها تشهق مجدداً. و أكمل بلهجة الآمر:
- فكري . . إنه مبلغ معقول جداً . . ولن تضطري إلى النوم مع عجوز لتحصلي عليه.

شاذن 10-06-10 03:19 PM

راعتها المباشرة الفجة في مساومته، فابتسم ساخراً، يمد يده ليدفع خصلة شعر إلى وراء أذنيها:
- أنا واقعي . . لا تقرري الآن . . سآخذك الليلة إلى العشاء ،وستعطينني ردك.
جعلتها الطريقة التي كان ينظر فيها إليها متوترة، و قالت باختصار: لا . . شكراً.
قال بوقاحة:
- يمكنك أن تفيدي نفسك أكثر مما سيفيدك دانيال.
- إذا كنت تعني ما أفكر به . فالرد لا . . قطعاً.
ارتبكت بشكل لا يصدق و لم يكن صوتها مرتجفاً . . لا يمكن لهذا أن يحدث لي . . لكنه يحدث . . هي ناتالي المتحفظة و التي لا تملك خبرة عما يسمونه بالحب! يخطئ هذا الرجل الظن بها على أنها "ساقطة"!
منتديات ليلاس
أكمل كلامه بهدوء توضح نظرته ما سيتحدث عنه تماماًً:
- أظنك ستتمتعين بالبديل أكثر من الطريق الذي اخترته . . دانيال ليس أخرقاً ولا فاقد الكفاءة . . لكنه عجوز. .
كان تشاد غرايزر يجبرها أن تواجه حقيقة بشعة . . فلهجته الساخرة المحنكة، تقطع براءتها إرباً . . كرهته في تلك اللحظة، كرهته كراهية ازدادت قوة مع الجاذبية الحقيقية التي شعرت بها حين ابتسم لها . وكان يتعمد الابتسام ليفتنها حتى تستسلم . .وليفعل هذا استجمع جاذبيته التي لا شك بأنه استخدمها آلاف المرات من قبل.
قالت ببرودة : ربما هذا ما أريده. .
قال بازدراء متوحش :
- فهمت . . أنت لست مستعدة لكسب مالك بشرف . . فليكن إذن . . لقد بدأت المعركة . . ولا تأتي إليّ متذمرة تطلبين الرحمة في أية مرحلة قادمة . . وإلى ان انتهي منك ناتالي ستتمنين لو أنك قبلت عرضي . . لا يمكن أن تكوني قد تعلمت الشيء الكثير عن العلاقات بين المرأة و الرجل بعد.
انتزعت مرفقها منه، خائفة من البرودة في لمسته ووجهه وكلمته: دعني!
تصلب جسدها الشاب أمام موجات الغضب التي أحست أنها تكاد تغرقها ، و اشتدت قبضتاها إلى جانبها.
- بإمكانك أن تذهب . . إلى الجحيم!
واستدارت مبتعدة . .
أحست به يراقبها . . وسارت مسرعة تحت الأشجار المائلة الغصون إلى البوابة حيث كوخ لبيع الزهور . . ووصلت إليها رائحة عطرة جميلة ، كانت عادة تقف لتبدي الإعجاب بأوراق الزهر المخملية، لكنها اليوم سارعت تمر بها دون أن تراها . . كانت رغبتها الوحيدة تتمثل في وضع أكبر مسافة بين نفسها وبين تشاد غرايزر، بأسرع وقت ممكن.



انتهي الفصل الأول

شاذن 12-06-10 08:34 AM

2- سعادة قصيرة العمر

ذهبت ناتالي تلك الليلة إلى الفراش باكراً . . استلقت مستيقظة لوقت متأخر يدور دماغها في ذاكرة الأحداث غير المعقولة التي مرت بها. خمدت ببطء أصوات النزل و ضجيجه . . خقت بعد ذلك أصوات زحمة السير في الشوارع ، حتى أن الصمت كان شديد الوطأة، ما عدا
منتديات ليلاسأصوات غريبة و مألوفة من البيوت العتيقة . .
كانت ناتالي مستلقية و يديها خلف رأسها ، تحدّق بالسقف . . وارتجفت الآن ، فاستدارت تدسّ نفسها تحت البطانيات. . لقد توصلت إلي قرار. . لن تسمح بوجود تشاد غرايزر أو بدونه ، لأي نوع من الفضيحة التي

شاذن 12-06-10 08:35 AM

يحاول نشرها ، أن تمنعها من التعرف أكثر إلي دانيال ويبستر. . كانت طوال حياتها تتوق إلي لأب . . والآن وقد وجدت هذا الأب ، لن تسمح أحد أن يخيفها كي تهرب. وهناك سبب آخر كذلك. . " دانيال" فهو وحيد. . ولا يتمتع بصحبة ابنه أوابنته. . ولم يكن بإمكان ناتالي أن تدير ظهرها لشخص هو بحاجة إليها. هكذا حين اتصل بها في النزل في الصباح التالي، واقترح أن تأتي إلي العشاء معه ، قبلت دون تردد، وسحبت بعضاً من مدخراتها من المصرف ، لتشتري لنفسها تنورة من محل في أسفل الشارع كانت قد أعجبت بها في الماضي ، وكانت منكبة جداً على التوفير فلم تشترها ، هذه الآن مناسبة ، والتنورة لائقة مع سترة حمراء من الصوف المحبوك ، وبلوزة بلون زهري وذهبي ، تزيد التركيز على شطايا الذهب في عينيها . لم يكن زوج أمها يشجع وضع الماكياج ، لكنه لم يحرّمه ، لذا كانت دائماً تضع أحمر الشفاه. . وأدركت منذ قدوها إلي أوكلند، بأن هناك طرق في وضع الماكياج أكثر بكثير من تلوين الشفاه. . استخدمت مزيجاً من اللون الزهري والذهبي على وجنتيها قبل أن تضع ظلال الرموش. . ولامست خديها بفرشاة خدود، ثم استخدمت أحمر الشفاه ، أتبعته بطبقة لماعة. حين وقفت متراجعة تنظر إلي نفسها في المرآة ، لم يبدو لها أن الكثير قد تغير، ما عدا أن عينيها الكبيرتين بدتا أكبر وأكثر لمعاناً وبرز خداها ليزيدا من جمال قسمات وجهها . قالت بصوت مرتفع ، ترفع ذقنها الصغير المربع أمام المرآة: يا إلهي !
دست حذاء جديداً تحتفظ به للمناسبات. . لم تكن مذهلة ، ولا أنيقة أو جميلة ، لكنها على الأقل ، ستبدو لائقة. كانت جاهزة حين وصل والدها منذ عشر دقائق. . وقررت أن لا تقول شيئاً عما جرى في الحديقة . . فهذا

شاذن 12-06-10 08:35 AM

سيكدر دانيال فقط ولا تريد هذا . حيّت أباها بابتسامة دافئة ، ورد عليها بمثلها ، مقبلاً خديها:
- لقد حجزت لنا طاولة في مطعم يدعي " فلامنغو" أظنه سيعجبك.
- هل هو كبير جداً ؟
- لا. . بل صغير وودّي.
منتديات ليلاس
رفعت بصرها إلي نوافد المطعم المزينة بستائر مخرمة، وأحست فجأة بالسعادة . . هذا والدها معها . . وسيتعلمان في الأشهر التي ستأتي تفهم بعضهما والتقدير المتبادل ، ليبنيا بحذر الجسر فوق فجوة الحياة التي صنعتها السنين. كانت الأرض بالداخل مرصوفة بالأسود والأبيض ، القماش الأبيض يغطي الطاولات المحاطة بكراسي خشبية بيضاء. . كان الفلامنغو منزلاً قديماً بطابقين، مع جو مرحب عفوي. على كل طاولة شمعة في شمعدان زجاجي، زهور ، وأطباق صغيرة فيها الملح والبهار والزيتون. وكان هناك أيضاً ، تشاد غرايزر مع امرأة أنيقة، ترتدي فستاناً أسود ، تبدلت نظرتها من الإثارة إلي نظرة تكبر، حين لحقت بنظرة مرافقها ورأت من دخل المطعم لتوه. أحست ناتالي بخفقة في معدتها ، وضاقت حنجرتها تحت فم أصيب بالجفاف فجأة. . يالها من صدفة بائسة! وقف تشاد، والتقت نظرته فعرفت أن الأمر ليس مصادفة. . فلقد اكتشف خطة دانيال وقرر أن يقوم بدور الحارس له . . كان يمكن لهذا أن يكون مسلياً ، لولا أنه مؤلم. قال دانيال وقد بدا عليه السرور لرؤيتهما:
- كيف حالك أونا عزيزتي؟ وأنت تشاد. . جميل أن أراكما معاً.

شاذن 12-06-10 08:36 AM

ما أن انتهت التحيات والتقديمات ، حتى استدعي تشاد رئيس السقاة ، وانتقلوا جميعاً إلي طاولة أخى. وجلست ناتالي ، تدرك ببؤس أنها لن تتمكن من تناول الطعام تحت نظرات تشاد ، ولا نظرة أونا المتعجرفة المركزة عليها . وسألتها بصوت ناعم ، مرتفع النبرات قليلاً:
- هل أنت جديدة في أوكلند ناتالي ؟
احست بقشعريرة غضب تضرب بشرتها : أجل .
ابتسمت أونا تعاطفاً. . تخفض رموشها كثيفة فوق عينين لوزيتين:
- أنه عالم كبير مربك هنا . . أيس كذلك ؟
منتديات ليلاس
ردت ناتالي بأدب ، بالكاد يخفي عداءها :
- لا. . بل أجده مثيراً جداً . الناس رائعون ، لكن كثرتهم تذكرني بالقطعان . . أغنام في الواقع ، في القطعان . . وهذا ما أنا معتادة عليه.
تدخل دانيال ليهدئ من نبرة التحدي قي صوت ناتالي وتمسكت أونا بلهفة بما قال . . وبدا أن الثلاثة يدورون في حلقة اجتماعية ضيقة . . كان والد أونا صديقاً لدانيال ، وكان صديقاً أقرب لوالد تشاد حين كان حياً .؟ والجميع يعرف هذا. فكرت ناتالي بإحباط: إنها عائلة كبيرة وسعيدة . . وأدركت أن تشاد وأونا يفعلان ما بوسعهما لإبراز هذا وليجعلا دانيال يحس أن ناتالي لا تناسب مع الدائرة. كانت ناتالي مع كل ذلك تشعر ببعض المشاعر التي تصلها من تشاد . . مشاعر أخافتها . . وأحست أونا دراير بها كذلك. . وقالت شيئاً منخفض ، وضربت أصابعها الزهرية الأظافر يده . . لكنه تجاهلها مركزاً عينيه على ناتالي . . ربما كان ينتظر منها هفوة تجعلها تبدو غبية، ووجدت أنها تكرهه

شاذن 12-06-10 08:37 AM

من كل قلبها ، وتكره أونا لأنها تحذو حذوه. . لكنها كانت حذرة في أن تبقي مشاعرها لنفسها . . فقد افسدا أمسية لها ولن تسمح لهما بإفسادها على دانيال. هكذا أصغت بهدوء لأونا تتابع أطراف الحديث . تتحدث طويلاً عن المطاعم الفاخرة التي زارتها في أنحاء العالم. . أحست ناتالي بالدفء في شرايينها ، مما حذرها بأن تتحرك قليلاً كي لا تشعر بالنعاس. وقفت معتذرة وذهبت إلي الحمام النساء، ولحقت أونا بها . . وما إن اختفتا عن الأنظار حتى سقط قناع الحيوية وأخذت أونا تنظر إلي ناتالي بإزدراءٍ متكبرٍ، كان من المفترض أن يجعلها تنكمش . . بشجاعة باردة ، كانت دائماً تهب لنجدتها كلما دعتها ، رفضت ناتالي الاستجابة لاستفزاز المرأة الأكبر سناً . إلي أن قالت أونا ببرود: منتديات ليلاس
- أتعرفين . . أعتقد أن دانيال بدأ بالخرف . . يا للمسكين العجوز ! أنا لا أتوقع منه أن يطلب الكثير من الحديث منك ، إلا أنك فعلاً غبية، ألست هكذا ؟ على أي حال لا شك ستدفعين ثمن طعامك بطريقة أو بأخرى.
أنهت ناتالي تلوين فمها مجدداً ، وبشرتها تكاد تجف من فرط التوتر ، وردت بلا مبالاة أو أي دليل في صوتها:
- كم أن لك تفكيراً مبتذلاً!
وبينما كانت أونا لا تزال فاغرة الفم، تابعت ناتالي بثقة بالنفس:
- لو كنت مكانك ، لما حاولت العجرفة أكثر من هذا لأن محاولتك تجعل كلماتك غير مترابطة.
- أيتها . . أيتها . .
ابتسمت تتراجع الى الوراء:

شاذن 12-06-10 08:37 AM

- الآن سنعرف كيف تتصرف سيدة راقية، كما أعتقد.
ووقفت تراقبها تشد قبضتيها بحقد، تقطع راحة يدها " بالمخالب" الطويلة. وصاحت أونا:
- أخرجي من هنا . . وإلا سوف . . سوف . .
منتديات ليلاس
- أنت متبجحة . . لن تفعلي شيئاً . . لكن تذكري هذا في المستقبل . . إذا كنت لا تستطيعين التحمل فلا تبدئي شيئاً . . أما أنا فلدي أخلاق . . لكن قد يدخل شخص يوماً ما لدائرتكم تختلف تربيته عن تربيتي . . وإذا لم تصوني لسانك فقد تعرفين قدر نفسك بطريقة تحطم غرورك . . مع أن هذا لن يضيرك أبداً . . بالطبع.
خرجت ناتالي بسرعة و برأس مرتفع عالياً قبل تبلور ردّ الفعل عند أونا.
وقف الرجلان ، بحركة تبرز مدى فظاظة تشاد يوم كان يراقبها من المقعد في الحديقة ممدد الساقين. وقابلت نظرته المفترّسة متحدية . . يشعل الغضب عينيها . . فمها مشدود بقوة لمنع الشفتين من الارتجاف . . إنها تحتقره الآن أكثر لإشراكه أونا إلى جانبه، و للحظات بدت مشاعرها ظاهرة . ورأت ناتالي القلق على وجه أبيها فسارعت للابتسام له . . هذا أمر سهل . . لكن كان من الصعب أكثر أبقاء الابتسامة مع عودة أونا . . صحيح أنها لم تقم بهجوم مفتوح . . إلا أنها تجاهلت وجود ناتالي تماماً . . و كان الرجلان سريعين في التقاط التوتر ، و دقيقين تماماً في تخمين السبب.
هكذا كانت بقية السهرة مكبوتة . . و أحست ناتالي بالارتياح حين تحرك دانيال للذهاب ، لكن ارتياحها تحول إلى توتر، حين سمح تشاد لنفسه بمسؤولية توصيلها.

شاذن 12-06-10 08:38 AM

- سيارتي متوقفة قريباً من هنا . . أعطني خمس دقائق و سأعود بها .
- لا . . أنا فادر تماماً على السير.
هكذا ساروا معاً إلى السيارة . . سيارة مختلفة . . عملاقة يبدو عليها المال الكثير . .
كان تشاد بالطبع سائقاً ممتازاً . . أتت ردة فعله سريعة أمام سائق أرعن تخطى الإشارة الحمراء، و كادت السيارتان تصطدمان لولا براعة تشاد . . وقفزت ناتالي غير قادرة على منع نفسها من صيحة خوف منخفضة ولا مس على الفور والدها يديها المضمومتين ، و ابتسم لها مطمئناً
منتديات ليلاس
استدارت في هذه اللحظة أونا لتلعن بلسانها اللاذع سائق السيارة الأخرى . . و تسمّرت عيناها على أيديهما المتشابكة . . لم تقل شيئاً . . لكنها التوت في مقعدها و على تعابير وجهها أنها تتشوق لأن تخبر تشاد.
للحظات، أبعدت نفسها متصلبة عن الرجل الجالس إلى جانبها، تحس بالغثيان . . لم تقل شيئاً لكنها عرفت أنه فهم و لن يحاول أن يغير رأيها لو قررت الانفصال عنه . . لقد سبق أن قال لها بأنه يحس أن ليس من حقه طلب محبتها أو وقتها.
عادت الشجاعة ، التي ساعدتها طوال السهرة لمساعدتها، مرة أخرى. . دانيال ويبستر هو والدها ولها كل الحق في صحبته . . كل الحق في بناء العلاقة معه. وارتفع ذقنها بدون وعي بحركة كبرياء. . واتخذت فوراً القرار. لكن ، فيما بعد تلك الليلة ، وفي الوقت الفاصل بين الصحو والنوم، أخذت تتساءل عما إذا كان تشاد قد عانق أونا حين أوصلها إلي منزلها. أبعدت خصلات شعر مبللة عن جبينها . ما الذي يهمها لو أن أونا

شاذن 12-06-10 08:39 AM

حبيبة تشاد؟ كلاهما كريه، ومتناسبين أكثر من اللازم . لكن تفكيرها لم يدعها ترتاح. . وأكملت تصوراتها لتغفو وتدخل في حلم حلت فيه مكان أونا.
نسيت الحلم لحسن الحظ مع اقتراب الفجر، وصرفت النظر عن الإحساس الذي عرفته واعتبرت أنه مجرد غيرة. وما تبقي منه دفعته إلي دائرة النسيان في دماغها. كانت الأسابيع التي تلت مشحونة . . طوّرت هي ووالدها ببطء روتيناً محدداً. كان يأتي في أيام الصحو إلي الحديقة أو يأخذها إلي الغداء في مطعم صغير أو مقهي. . وثلاث أو أربع مرات في الأسبوع تذهب بسيارة تاكسي إلي منزله ، حيث يقضيان الأمسيات يتحدثان ويصغيان إلي الموسيقي .
منتديات ليلاسويكتشفان بسعادة مشتركة أنهما يحبان الأوبرا ، والمؤلفات العاطفية . . لكن الكتب كان لها أقل اهتمام بالنسبة لناتالي. . ودفعتها سعادته بالقراءة لأن تقرأ أكثر مما فعلت لسنوات، لمجرد أن تتكلم عما تقرأ معه . كان يسلي نفسه بوضع قائمة بأسماء المؤلفات التي يجب أن تقرأها إذا كانت تريد أن تعد نفسها مثقفة . وكان يضحك لانتقاداتها ، ويجعلها تبرّرها ، حتى أنها اتهمته بأنه أستاذ في أعماق نفسه . وعرفت أنه لطالما أراد مزاولة مهنة التعليم ، لكن والديه ارتعبا للفكرة. وأكمل:
- فاستسلمت لهما . إنها قصة حياتي. . فلا تسمحي لأحد أن يدير لك حياتك ناتالي حتى من يحبك . ستجدين عند وصولك إلي النهاية ، أن كل ما حققته هو طموح الآخرين.
- لا أصدق بأنك سمحت لأحد ما بان يدير لك حياتك طوال عمرك. . لم تأت بعد إلي النهاية. . وأنت لست كبير السن جداً .

شاذن 12-06-10 08:39 AM

- لقد تجاوزت الستين. . ولا تحاولي القول إنك لا تعتبرينني عجوزاً . . لأنني أذكر كيف كنت أنظر لمن تجاوز الثلاثين، وأنا في سن العشرين.
- حسن جداً. . وماذا في هذا؟ يحيا الكثرون حتى التسعين. لماذا لا تذهب إلي مدرسة محلية وتعرض عليهم أن تستمع إلي قراءة الأولاد ؟ أو. .
ضحك معلقاً على شخصيتها المنفتحة وأقفلا الموضوع. لكن فيما بعد تذكرته ناتالي وبكت.
تعلمت أشياء كثيرة في تلك الأمسيات . . لكن الأشياء غير المحسوسة التي كان يرشدها إليها ، كانت أكثر أهمية لها واستوعبت دون وعي مواقف وتصرفات ومُثُلْ لم تكن تدركها من قبل. . وعرفت أنه كان يعطيها الثقة بنفسها لتكون نفسها . . ولم تكن ممتنة لهذا إلا بعد وقت طويل. أحست ناتالي أول مرة جاء فيها تشاد بالقلق . . لكنه بدا أنه لا ينوي مهاجمتها في وجود خاله. . وأمضي معظم الأمسية يتحدث إليه ، وكانت تستمع وتجد ، لدهشتها ، أنها تتمتع بلقاء دماغين رائعين.
عرض عليها تشاد في الساعة الحادية عشرة أن يوصلها إلي النزل. لكن دانيال رفض عنها ، فرفع تشاد حاجبيه ولم يقل شيئاً . قال دانيال بعد أن أقفل الباب خلف تشاد :
- لقد كان في أوستراليا في عمل . . وأنا مسرور لعودته، لأنني أتمتع بالكلام معه . إنه يشبه والده كثيراً ، وذكي مثله تماماً ويملك إحساس بالمرح كان يفتقده والده . . أنت لست معجبة به. . أليس كذلك ؟

شاذن 12-06-10 08:40 AM

- ليس كثيراً . . أنه مخيف. . قليلاً.
ضحك دانيال.
- أنت لا تظهرين هذا . . إنه يأتي لرؤيتي مرة في الأسبوع على الأقل . . ويخفي تحت ذلك القناع المتسلط قلباً لطيفاً.
ربما . . لكن بكل تأكيد ليس بالنسبة لناتالي. . أملت أن لا تتناسب أمسية زيارته اللطيفة مع زيارتها . . إلا أن زيارته لمرة في الأسبوع أصبحت مرتين، وفي بعض الأحيان ثلاثة . . وذكرت لوالدها مرة أنها بالكاد تراه وحده الآن ، ورد عليها دون التزام بحيث أدركت أنه يريد هذا ، أو على الأقل يتقبله. هكذا أجبرت نفسها على تجاهل الاضطراب الذي كان يسبّبه تشاد لها . . وكانت جهودها أسهل مع واقع أن تصرفه نحوها لم يتغير . . كان يعاملها كابنة خال صغيرة ، وحدها الاتهامات في عينيه تكشف عن رأيه بها. . كان من الواضح أن دانيال يتمتع بهذه المناسبات ، لذلك تحملتها ناتالي. . ثم استدعيت ليلة سبت إلي الهاتف ، وكان تشاد.
قال دون مقدمات:
- مات دانيال منذ ساعة.
لم تندهش ناتالي . . صحيح أنها صُدمت وفُجعت، لكن في عقلها اللاوعي كانت تتقبل الأمر . أحست بالعذاب كحد السكين، وضغطت يدها على قلبها.
- ناتالي ؟
كان صوته نافد الصبر . . فردت كالمخدرة:
- نعم . . أنا هنا . . ما سبب موته ؟

شاذن 12-06-10 08:41 AM

- نوبة قلبية. . لقد حذره الأطباء بأن لا يجهد نفسه. . ولنأمل أن لا تكوني أنت قد قتلته.
عرفت لماذا هو شرس هكذا. . وأحست بالألم الفج ، والحزن في صوته العميق .
سألت : متى الجنازة ؟
- صباح الثلاثاء. . وهذا سبب اتصالي . . أنت قطعاً غير مرحب بك في الجنازة.
منتديات ليلاس
ردت دونما تعبير : بالطبع لا. وأدركت أنها تبكي . . لم تكن تنتحب ، بل مجرد دموع صامتة تجري على وجهها . وتابع صوت تشاد دون رحمة:
- على أي حال، أنت مستفيدة في وصيته. . سآتي لآخذك يوم الأربعاء وقت الغذاء.
ابتلعت ريقها بصعوبة ، تحاول التخلص من غصة قاسية في صدرها:
- لا داعي لتزعج نفسك . . لن أذهب معك.
قاطعها :
- أوه. . وفري عليّ مشهد التنسك هذا . . كوني حاضرة . . سنتناقش الأمر يومها .
صمت الهاتف ، وقفت ناتالي بغباء والسماعة التي لم تعد لها نفع في يدها مضغوطة على أذنها . . ومرت بها فتاة توقفت تنظر باستغراب نحوها :
- أخبارٌ سيئة ؟
أدركت ناتالي كيف تبدو وردت وهي تعلق السماعة : أجل .

شاذن 12-06-10 08:41 AM

- أتريدين فنجان شاي أو شيء ما ؟
كانت الفتاة تحاول المساعدة ، وأحست ناتالي بالدفء نحوها ، فقالت :
- لا. . سأذهب لأستلقي قليلاً . . ليس بالأمر المهم .
لكن الفتاة بقيت قلقة عليها . . وأطلّت إلي الغرفة بعد ساعة مسؤلة النزل وهي امرأة متوسطة العمر ، وسألتها عما إذا كان هناك من شيء قد تفعله لأجلها ! كانت ناتالي مستلقية على سريرها جافّة الدموع :
- لا شكراً لك . . أنا . . أنا بخير الآن .
منتديات ليلاس
- موت ؟
- أجل .
- قريب ؟
- أجل .
وأكملت لنفسها بسخرية " مجرد أبي . . أبي الذي ما عرفته سوي لمدة قصيرة". ظهر إعلان الوفاة في الصحيفة مع مقالة صغيرة عن حياة دانيال . . قصّت ناتالي الإعلان والمقال ، ثم ذهبت إلي المقبرة ووضعت هناك وسط الأكاليل الضخمة من الزهور ، باقة صغيرة متواضعة دون بطاقة عليها . ز وانهمرت دموعها مرة أخرى . . لكنها كانت قد بكت معظم حزنها واستعادت بعد بضع دقائق سيطرتها على نفسها ، وعادت بالباص إلي النزل. كان تشاد يجلس حين خرجت من العمل يوم الأربعاء في سيارته بنهاية الشارع . . وخرج منها هذه المرة وهي تقترب وقد بدت تعابير وجهه متجهمة وهو يبحث في وجهها . . لم تكن في أفضل حال . . كانت تعرف أنها متعبة، لكنها

شاذن 12-06-10 08:42 AM

أعطته نظرة بنظرة ، تري دلائل محبته لخاله في بروز عظم فكه تحت جلده وتلاشي كل البريق من عينيه ، وكانتا سوداوتين باردتين .
قال وهو ينطلق بالسيارة :
- لقد حجزت طاولة غداء لنا .
كان المطعم أنيقاً ومن الواضح أنه معروف جداً هناك ، وبعد أن قام السقاة بما عليهم قال تشاد بصوت حاد:
- لقد احتفظ دانيال بمال في المصرف لمصلحتك . . وترك لك المنزل ، ومجوهرات جدته.
منتديات ليلاس
صدمتها السخرية في صوته . . وابتسمت سعيدة لأن والدها كان عطوفاً بما يكفي ليترك لها شيئاً هو ملك لناتاليا الأولي. . لقد أخبرها الكثير عن تلك المرأة القوية الصغيرة الجسم التي كانت الشخص الوحيد الذي أحبه في صغره.
قال تشاد موبّخاً :
- راضية؟ ليس بهذه السرعة ناتالي لأن ولديّ دانيال سيطعنا بالوصية ، وإذا رُفضت قضيتهما أبقي أنا وصيك الوحيد . . وأنا أسيطر في الواقع بالضبط على كل ما تحصلين عليه من الوصية . . وهذا سيكون قليلاً جداً ، قدر ما أستطيع . ومجوهرات جدته هي مجرد قطع متواضعة ، كلها بالكاد تصل إلي قيمة قطعة مجوهرات قيّمة.
اشتعلت شرارات الذهب في عينيها لتغرقهما :
- أهذا كل ما تريد أن تقوله لي ؟
- أليس ما كنت تأملين به ؟ أجل هذه حصتك من كل شيء. .

شاذن 12-06-10 08:43 AM

- إذن أنا واثقة أنك لن تمانع لو تركتك .
حاولت الوقوف بأدب ، وأمسكت يده بسرعة بمعصمها قبل أن يقول من بين أسنانه:
- لا . . الآن لا يعرف أحد ماذا أفعل . . وتظن تلك المرأة البدينة هناك بأنني أمسك يدك تودّداً . . حاولي بحركة واحدة أخرى أن تتركي هذه الطاولة وسأظهر للجميع هنا شيئاً يتكلمون عنه لأشهر طويلة.
أرتبكت للحظات . . كان وسيماً في بذلته القاتمة ، عملي المظهر . قد يرتدي الرجال مثله ، لكنهم لا يفعلون شيئاً مما تهدد به عيناه. مع ذلك استكانت في مقعدها ، وأطلقت أنفاسها طويلاً في تنهيدة.
قال : فتاة طيبة.
رفضت بعد هذا أن يكون ردها أكثر من كلمة واحدة. . لكنه أجبرها على البقاء ، وكان يأكل بينما هي تدير العجة في طبقها . . ثم قال ساخراً :
- هذه المرأة البدينة الآن مقتنعة تماماً أننا حبيبين.
جالت عينا ناتالي بشكل مهين على شكله ، ثم نظرت إلي نفسها تسأل بأدب :
- حبيبان ؟ وهل يحب رجال مثلك أمثالي ؟
لامست وتراً حساساً فيه . . لامسته ؟ بل طعنته برمح ! فقد شحب وجهه ، وهي تراقبه مذهولة ، واشتد فمه إلي خط مستقيم حاد قوي.
وصل في تلك اللحظة رئيس السقاة ، وتوقف ليسأل ما إذا كان كل شيء على ما يرام . . وأسعدت ناتالي محاولته إجبار نفسه للسيطرة على غضبه قبل أن يرد على الساقي بالإجاب . . وما إن عادا لوحدهما حتى وقف وأخرجها من المكان وأصابعه القاسية على ذراعها .

شاذن 12-06-10 08:44 AM

لم يقل شيئاً في السيارة ، سوى : سأتصل بك .
وانطلق مبتعداً. عادت ناتالي إلي عملها وكأنها أمضت ساعة الغداء تتلمس طريقها عبر حقل ألغام . . وبدأت تقلق على " بتسي" وهي في طريقها إلي النزل . لقد قال لها دانيال إن ولديه الآخرين ، لا يحبان الكلاب. . ولا شك أنهما وجدا مكاناً آخراً للكلبة الصغيرة ، ثم وجدت نفسها في الباص متجه إلي هناك . . كانت إحدى جارات دانيال تحب الكلاب ، ولا شك أنها تعرف مصير بتسي.
منتديات ليلاس
كانت بتسي في الواقع عندها.
- حين كانوا على وشك التخلص منها ، اضطررت لفعل شيء . ترك رجال النقل البوابة مفتوحة ، وكانت المسكينة تجري في كل اتجاه وكأنها تبكي على السيد ويبستر . . فجئت بها إلي هنا واستبقيتها .
- دفعت ناتالي يدها في شعرها :
- - ماذا . . أنا آسفة . . لكن أي رجال نقل ؟
- عزيزتي ؟. . كانوا في الصباح التالي لموت دانيال . . وخرجت أنظر إليهم . . تسمعين قصصاً كثيرة عن جرأة هؤلاء اللصوص هذه الأيام . . لكنهما كانا هناك . . لذا كان كل شيء على ما يرام. . رغم أن الأمر لم يكن لائقاً !
- هم. . من ؟
- ولداه . . السيدة غاردنر وريتشارد ويبستر . أخذا كل شيء ، ولم يزعجا نفسيهما حتى بالتنظيف قبل رحيلهما . . لكنني نظفت قليلاً المكان . .
انحنت ناتالي تمسح رأس بيتسي :

شاذن 12-06-10 08:44 AM

- ألديك مفتاح سيدة مونرو ؟
- أجل . . لدي مفتاح ، لقد سلمني إياه السيد ويبستر حين كان يسافر لأرعي بيتسي . . لكنني الآن مضطرة للسفر عند ابنتي ولا أعرف ماذا أفعل بشأن بيتسي . .
أحست ناتالي بالجسم الصغير الدافئ يضغط نفسه على ساقيها وأعطاها غضبها الشجاعة :
- سآخذها . . في الواقع ، وإذا أعطيتني المفتاح ، سأسكن في المنزل . . فقد تركه السيد ويبستر لي .
منتديات ليلاس
اتصلت ناتالي برقم منزل تشاد ، وبعد أن رد عليها صوت يشابه صوته ، ربما أمه ، رد عليها :
- ماذا تريدين ؟
أخبرته بما حصل ، وبقرارها أن تسكن في منزل دانيال . . لكنها لم تقل له شيئاً عن نقل الأثاث . فهو على الأرجح يعرف هذا ، وموافق عليه.
رد عليها باقتضاب:
- ليس لك حق قانوني إلي حين تثبت وصيته.
- لا أهتم. . سأنتقل إليه. . فإذا كسبتم القضية سأتركه. . وأكون حتى ذلك الوقت ، قد وجدت بيتاً لبيتسي.
ساد صمت قصير ، وتصورته يعبس مفكراً بما سيفعل ، قال أخيراً :
- حسناً . . سأتحمل المسؤلية . . لكن تأكدي من أن يكون معك مال يكفي لدفع الإجار الذي سيُطلب منك إذا ربحوا القضية.
- يا لهما من ولدين ساحرين. . أليس كذلك ؟ ولا شك أنك تشجعهما .
- هل خاب ظنك ناتالي ؟ ماذا. .

شاذن 12-06-10 08:45 AM

جاء من مكان ما صوت امرأة. . لم يكن صوت أمه اللطيف ، بل صوتاً مميزاً ، أونا دراير. ضحك تشاد لقولها وأجابها :
- سأكون معك في دقائق حبيبتي.
قبل أن يكمل كلامه المهين لها قالت ناتالي:
- هل لك لو سمحت أن تشرح للسيدة مونرو أن كل شيء على ما يرام ؟ . . أرجوك.
- أوه . . حسن جداً .
انتقلت إلي المنزل في نهاية الأسبوع . .
منتديات ليلاس
وصرفت مدخراتها لتشتري سريراً بسيطاً ، وما يكفي من أغطية كي لا تتجمد برداً . . لم يكن هناك شيء في المنزل عدا كومة بسط قديمة متروكة في الكاراج، والرفوف المثبتة التى لم يستطيعوا خلعها ، واختفت أيضاً أدوات الحديقة . اشترت صباح السبت سكيناً زملعقة وشوكة ، وبضع أدوات مطبخ ، مع بضعة عظام لبيتسي . .
كانت بوجه عام ، نهاية أسبوع حافلة . وضعت بعد ظهر السبت الرباط على بيتسي لتخرجها في نزهة طويلة طويلة. . وكانت كلبة لا تزال حزينة على دانيال . . وأظهرت موافقتها بالقفز والنباح. كان الهواء البارد منعشاً ، هادئاً بعد توتر الأسبوع المنصرم. . وأهملت ناتالي مراقبة الطقس . كانت والكلبة على بعد نصف ميل من المنزل في طريق العودة ، حين بدأ المطر ينهمر . . ولم يكن هناك مجال لأي ملاذٍ لهما . . وزاد انهمار المطر وكانت كل نقطة تضرب بقوة . . وأصبحت ناتالي قبل أن تركض لخمسين يارداً ، مبلّلة حتى العظام يرتجفان بشكل بائسٍ.

شاذن 12-06-10 08:46 AM

لم تستطع منع نفسها من نظرة الأمل حين توقفت سيارة إلي جانبها . . وسرعان ما أجفلت فقد كان السائق هو تشاد غرايزر، وهو من فتح الباب لها .
قال آمراً: أدخلي .
هزت رأسها :
- أنا مبللة أقطر ماء ، وكذلك بيتسي. ولم يعد المكان بعيداً الآن!
صاح :
- أدخلي أو أُجبركِ .
بدا غاضباً بما يكفي ليفعل ما يهدد به . . وتسلقت ناتالي إلي الداخل تحمل بيتسي بين ذراعيها ، لمنعها من أن تنفض الماء عنها داخل السيارة الفخمة.
قالت :
- است بحاجة إلي. .
منتديات ليلاس
قاطعها بوحشية :
- أصمتي . . أتسمحين ؟
وكان هذا كل حديثهما إلي أن توقف قرب كاراج المنزل .
- افتحي الباب . . أنت مبللة ، أما أنا فلا . . أوجدي لي بساطاً أجفف به السيارة . لو سمحتِ. .
- اسمع . . لم تكن مضطراً لالتقاطنا في سيارتك . .
قاطعها ثانية لكن هذه المرة من بين أسنانه :
- افعلي ما أقوله لك. . وبسرعة.

شاذن 12-06-10 08:47 AM

أسرعت . . وأحضرت له منشفة قديمة تخلي عنها ولدي دانيال . . وكان المكان داخل الكاراج مظلماً فأدارت مصبابيح الفلورسنت ، تراقب بيتسي تنفض نفسها بحماسة . . ثم قال تشاد :
- ارتدي ثياباً جافة ! وسأهتم بالكلبة اللعينة . . استحمي بماء ساخن.
حين بدأت تظهر التمرد ، هددها :
- وإلاسأفعل هذا بنفسي.
منتديات ليلاس
هربت وكأن وحشاً مفترساً يطاردها . .
كانت حين نزلت مرة أخرى بعد عشرين دقيقة ، ترتدي تنورة صوفية حمراء، وقميصاً صوفياً من اللون عينه ، طويل الأكمام. كانت خصلها المبللة تحيط برأسها ، وتجعلها تبدو في سن لا تزيد عن الستة عشر عاماً .


انتهي فصل الثاني

اماريج 18-06-10 05:13 AM


شاذن تسلم ايديك ياعسل
ننتظر عزيزتي التكملة اااااااختيار موفق
:lol:
دمتي بالف خير ياحلوة

شاذن 25-06-10 01:32 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة اماريج (المشاركة 2347457)

شاذن تسلم ايديك ياعسل
ننتظر عزيزتي التكملة اااااااختيار موفق
:lol:
دمتي بالف خير ياحلوة

مشكوووووووووووور على هذا التشجيع ...
وهذا الفصل الثالث ....

:flowers2:

شاذن 25-06-10 01:34 PM

3 – مشاعر جريحة

كانت بيتسي مستلقية على بساط قرب الباب الزجاجي ، تراقب تشاد باهتمام. . كانت جافة تماماً ، وتبدو كأنها تلقت لتوها وجبة طعام.
نظر تشاد إلي الفناء الغارق بالمطر . . كان يبدو كبيراً جداً وصارماً . . وتبدو خطوط العجرفة الظاهرة على وجهه خشنة . . هناك مصباح واحد مشتعل يلمع نوره الذهبي فوق بشرته السمراء، ليزيد من عتمة عينيه ، وليبرز بنية العظام المتكبرة التي تعطي وخهه مظهر القوة والجمال، إنه الرجل الأكثر جاذبية الذي عرفته في حياتها . لكنه يخيفها.
منتديات ليلاس
لم يصدر عنها صوت ، التفت برأسه فقط ، والتقت عيناه بعينيها ليقول:
- لقد صنعت القهوة . . اشربيها .
- شكراً لك .
رد بوحشية:
- لم تستطيعي الانتظار للخلاص من كل ذكري لدانيال ؟ لقد حذرتك أن اتخاذك حبيباً عجوزاً مثله لن تكون تجربة مثيرة . . مع ذلك كنت أظن أن العرفان بالجميل كان سيمنعك من مثل هذا الكنس . . كان هناك قطع أثاث رائعة جداً هنا ولا شك أنك حصلت على ثمنٍ جيدٍ لها . .
لا تحتاج الإهانة هنا إلي دليل . . احتضنت ناتالي فنجان القهوة بين يديها ، وأجابت :
- حين وصلت إلي هنا كان كل شيء قد ذهب . أخبرتني السيدة مونرو الساكنة في المنزل المجاور ، أن سيارة نقل مقفلة جاءت في اليوم التالي لموت دانيال . . وظننت أنك أنت من نظم هذا .
بدا ساخطاً قبل أن تختفي رموشه ما يفكر به:
- لم أفعل هذا بكل تأكيد. .
وصدقته : ولداه إذن.

شاذن 25-06-10 01:36 PM

- قانوناً كانا ضمن حقهم. . فقد ترك هذا المنزل لك ولم يذكر محتوياته.
هزت رأسها تشعر بالغثيان:
- كان من الجيد وجود السيدة مونرو لتأوي بيتسي عندها . من الواضح جداً أنهم كانوا سيتخصون منها .
قال وكأنه يدافع :
- قد لا يحب الجميع الكلاب.
- بالطبع لا . . هل تريد تناول ما لا أملك سوى القهوة والشاي.
- - لا. . هذا كله أمر سخيف . . سأعطيك في الغد مبلغاً كسلفة لتغطية المصاريف . . هل تركت عملك ؟
- لا. . بالطبع لا . . ستكون بيتسي بخير خلال النهار . . وستأخذها السيدة مونرو عند عودتها من عطلتها ، وإلي ذلك الوقت تبدو سعيدة هنا .
قال بنفاد صبر يشد الغضب فمه:
- أوه . . إلي الجحيم بالكلبة . . ! أتعرفين ناتالي ، لم أستطع أن أقرر بعد ما إذا كنت ساذجة كما تبدين ، أم أنك تمثلين ببراعة ؟
- ظننتك اتخذت القرار. . وبسرعة أيضاً خلال دقائق من مقابلتي. . وفكرت. . هذا الرجل يتخذ قرارات حاسمة سريعة . خاصة بعد أن أتحفتني بقراءتك لشخصيتي بعد أسبوع من اللقاء. نظرة واحدة ، وهذا كل شيء. أصبحت كل أسراري مكشوفة أمامك.
كانت سخريتها فجّة . . وتصاعدت ألوان الغضب القاتمة إلي خديه ، فقال بنعومة وهو يتقدم نحوها:

شاذن 25-06-10 01:37 PM

- يجب أن تراقبي لسانك ناتالي . . وإلا سيوقعك في المتاعب، متاعب كهذه ..
أخذ منها فنجان القهوة، ووضعه بحذر على المقعد الخشبي . . وقفت متصلبة وهو يستقيم ليأخذ يديها بيديه، يشدها نحوه. . حين تكشفت لها نيته حاولت الخلاص ، لكن قبضته ثبتتها حتى حين أصبحت مقاومتها بائسة ، وقفزت بيتسي على قوائمها تدمدم .
- اهدأي.
جمدت الكلمة الوحيدة الكلبة، لكن ناتالي تابعت مقاومتها :
- لا. . لا. . أنا لم أقصد هذا !
قال بهدوء : بلي . . قصدته .
جعلها دون حراك بين ذراعيه بأن شد من شعرها إلي الوراء . . وابتسم لوجهها الخائف ، حين تكلم كانت الكلمات تتفجر على خدها .
- أنت مثيرة كما تعرفين تماماً . . والآن يجب أن تتحملي النتائج.
كانت قد تلقت العناق من قبل . . وقرأت أنه يُستخدم كعقاب ، لكنها لم تكن تتوقع أن تمر بمثل هذه التجربة .
حين رفع رأسه ينظر إليها ، أحست برعشة فراغٍ . . قال ببرود متعمد :
- رائع . . لكنه لا يكفي.
انتشر الضعف في أطرافها إلي أن أخذت ترتجف. . وقفزت في أعماقها مشاعر غريبة إلي الحياة.
همس بخشونة : لا تقاومي.

شاذن 25-06-10 01:38 PM

قرأت في عينيه دلائل التشوق الذي بالكاد كان يخفيه. . وجعلها الخوف تنتزع نفسها من بين ذراعيه . . قال تشاد ساخراً :
- أنت خبيرة بإدعاء البراءة المجروحة . هل هذا ما جعل دانيال يعلق؟ لكن هذا لا ينفع معي . .
ارتعشت ناتالي وبالكاد سمعته . غارقة بكل كيانها في نفسها ، مصدومة ، وغير قادرة أبداً على أية استجابة منطقية. . لم تتوقع حتى في كل أحلامها الرومانسية ، الاستجابة هكذا مع عناق رجل . . ومع ذلك كيف يمكن أن تكرهه ،
منتديات ليلاس وتنهار أمام مشاعر شديدة ، بحيث انها حتى الآن تحس بتسارع نبضاتها لمجرد تذكرها؟ كانت هذه أول تجربة لها وكانت مع انتهاء التجربة خائفة لشدة ضعفها وتعرضها للخطر. إنه غاضب ، أمر مقتنعة به ، استدار قائلاً بخشونة فيما هي تحدق به:
- أوه. . توقفي عن النظرة الخائفة .. أعدك أن لا يحدث هذا ثانية.
- توالت من فمها الجاف كلمات عديدة لم تتعرف إليها :
- - أنا مسرورة لهذا. . أتمانع أن تذهب ؟ أنا لست. .
- هل أنت بخير ؟ . . بالطبع، هذا قناعٌ رائعٌ تضعينه على وجهك ناتالي . . عينان متسعتان خائفتان، وشفتان مرتجفتان ، وذلك التعبير الممتاز للبراءة الكاملة . لا شك بأن لديك مستقبل باهر في التحرش برجال كبار السن.
قالت من بين أنفاسها :
- أنت كريه لا تطاق. . أخرج من هنا !

شاذن 25-06-10 01:38 PM

جلست حين خرج على الأرض منهارة ، تخفي الدموع الساخنة المتدفقة بيديها . . إنه نذل ، نذل . . وفكرت بمرارة: البراءة أمر جيد ، لكنها لم تكن قد حضرتها لأشخاصٍ مثل تشاد غرايزر الساخر الذي يرفض تفسيراً آخر للعلاقة التي كانت بين خاله وبينها .
جاءت بيتسي لتجلس أمامها ، فمسحت ناتالي الدموع بظاهر يدها تقول لها بقلق:
- أنا حمقاء بيتسي. . ساذجة وغبية.
كانت تشعر في أعماقها بأن الكلبة بيتسي تشاركها عذابها وتقدم لها المواساة . فهي تحتاج حقاً للمواساة . . لو أنها في بلدتها لحاولت معالجة ارتباكها في الحديث مع أمها .
منتديات ليلاس. لا شك أن فوليت أحست بمثل هذا النوع من التجاذب ، وإلا لما تنازلت عن مُثلها العليا لتحب رب عملها . . أخبرتها مرة أمها ، أن التجاذب جزء أساسي من حب الكبار ، لكن لوحده هو وهم متألق زائف ، قد يقود إلي تحطيم القلب واليأس . . واستمعت ناتالي لها دون أن تقدّر ما كانت تقوله لكنها الآن فهمت .
وراعها تصرفها . . بالتأكيد من المستحيل أن يتمكن على رجل واحد لا تشعر نحوه سوى بالازدراء أن يقلب رأسها على عقب كل مبادئها وتربيتها . . وهذا ما يعني أن عليها أن تكون حذرة ، كتأكدة بأن لا تبقى معه لوحدها مرة أخرى. وجاهدت لتخلّص تفكيرها من تأثيره. وصلها بعد يومين " شيك" بالبريد. . بلهجة محام رسمية ، أوضحت لها الرسالة المرافقة بأنها دفعة مقدمة من الكمية التي ستتلقاها من وصية دانيال ، وموقعة باسم تشاد . ارتجفت الورقة في يدها . . كان التوقيع واضحاً كالدليل الساطع على شخصيته . . ويحمل الشيك

شاذن 25-06-10 01:39 PM

المرفق كمية من المال لم تكن تحلم يوماً أنها ستراها . اشترت بالمال ماكينة خياطة كانت تحلم بها ، كرسي ، وطاولة ، المزيد من المناشف ، وعظمة كبيرة مليئة باللحم لبيتسي . . ووضعت الباقي في حسابها المصرفي . تأخرت تلك الليلة في النوم ، تخطط ، فإن ما تفكر به يحتاج إلي العزم والجرأة. . لكنه سيكون أكثر إرضاءً من عملها الحالي،وسيبقيها مشغولة.
منتديات ليلاس
اشترت في اليوم التالي قماشاً وشرائط حريريةً، ودانتيل مخرم، وضرورات أخرى للخياطة. . قررت بعد مشاورتها مع أنجح مصممة ديكور في محلات دوغلاس ، دونا راين ، أن تستجمع شجاعتها لتدق باب مكتبها . . وقالت لها السيدة راين:
- أتمني لك الحظ. . لديك مجال مفتوح للتقدم المبدع بصنع مفارش للطاولات والوسائد. . لكنكط لن تتمكني من كسب عيشك منها في البداية . . أما إذا لفت عملك الأنظار فستصبح السماء حدودك، المهم أن تتابعي إنتاج كل جديد ومثير.
أنتجت ناتالي خلال أسبوع أول نماذجها ، مفارش طاولة ومناديلها ، وعدة أغطية لوسائد على شكل فاكهة وخضار. وتفحصتها السيدة راين بعناية:
- أجل. . إنها جذابة جداً . . ومصنوعة بشكل لائق أيضاً .
استدعت الشاري ، الذي تفحص النماذج بعينين دقيقتين ، ثم قال:
- أجل. . تعجبني .
ثم استدار إلي ناتالي ليتابع كلامه:
- ما هي الكمية التي تستطيعين إنتاجها ؟

شاذن 25-06-10 01:40 PM

ردت بلهفة: قدر ما تريد.
ضحكت السيدة راين ، وابتسم كذلك المشتري:
- حسن جداً ، انبحث في العمل.
خرجت ناتالي بعد نصف ساعة إلي الشارع تشعر وكأنها تسير في الهواء . . صحيح أن المشتري لم يكن متفائلاً جداً . . لكن ما رآه قد أعجبه.
ظهرت السيدة راين قبل أن تغادر ناتالي عملها مساءً وقالت مبتسمة :
- آه . . هذه أنت . لقد بعنا نموذجين من صنعك ، وتريد إحدى النساء مجموعة كاملة من المطرزة بالفريز أيمكنك صنعها ؟
ضحكت ناتالي : بكل تأكيد .
منتديات ليلاس
استمر حماسها إلي ما بعد العشاء السريع . . ما أن أنهت المجموعة حتى كان الوقت متأخراً ، وعينيها تحرقانها ، لكن المفرش والمناديل المطرزة بالفريز كانت منتهية ، وكذلك مجموعة أخري مطرزة بزهور " الكاوهاي" كانت تنوي عرضها على مركز محلي للتسوق مخصص للمفارش وأشياء كهذه. بعد ذلك مرت بها أسابيع محمومة ، بشكل لا يصدق. . وأصابت مفارشها النجاح بين ليلة وضحاها ، حتى أنها اض2طرت لقضاء كل دقيقة توفرها في الخياطة ، لتلبي كل الطلبات . . وتمكنت من إبعاد صورة تشاد بنجاح عن أحلامها . . ولو سألها أحد ، لقالت إيمان إنها نسيته .
قالت السيدة راين في أحد أيام الشتاء:
- ما رأيك أن تقومي بهذا لوقت كاملٍ ؟

شاذن 25-06-10 01:40 PM

- لقد فكرت بهذا ، لكنني لا أعرف ما إذا كنت سأفعل أم لا. . أنها خطوة كبيرة.
- أظنك قادرة عليها . . لديك الخيال والدافع الإبداعي . . ما تصنعينه ممتاز ويتهافت الناس الآن على مصنوعاتك . لذا ، لو كنتُ مكانك فكرت جدياً بالتخلي عن وظيفتي ، وأن تختاري محاسباً ، لأنك ستكونين مشغولة جداً ولن تتمكني من مسك دفاتر الحسابات بنفسك.
منتديات ليلاس
لم تخيط ناتالي تلك الليلة . . بل جلست على كرسيها تفكر جدياً وطويلاً ، بترك الأمان الذي تمثله لها وظيفتها . كانت خائفة في أعماقها ، ويمتزج خوفها مع الإثارة والترقب ، حتى أنها قالت لبيتسي : لا شك أنني مغامرة! قدّمت استقالتها في اليوم التالي وأمضت الخمسة عشر يوماً التالية مدة الإنذار بارتياب عما إذا كانت قد فعلت الصواب أم لا !! وتأثرت كثيراً في آخر يوم عمل لها ، حين أقامت لها الخياطات في المحل حفلة شاي وداعية. وتمنت لها السيدة راين الحظ السعيد مضيفة:
- إذا أحسست بتعب الكفاح، فلا تترددي في المجيء لرؤيتي.
ابتسمت ناتالي متأثرة : شكراً لك .
كان البقاء في المنزل تجربة غريبة عليها . . وصممت ناتالي أن تكون مرضية، لذا كانت تجلس في كل يوم عمل إلي آلة الخياطة في الثامنة والنصف ولا تتوقف عنها قبل رابعة والنصف. مرت الأيام بسرعة وبوحدة قابضة للنفس. . ووجدة نفسها تشتاق إلي عائلتها أكثر مما كانت يوم غادرت المنزل. وكذلك دانيال ، صحيح أنها عرفته لوقت

شاذن 25-06-10 01:41 PM

قصير ، إلا أن حزنها عليه كان حقيقياً ، وعميقاً. نظرت ناتالي متنهدة في الغرفة واشترت بحرص منذ وصولها الشيك أثاثاً مستعملاً، صوفا قديمة ، غطتها بغطاء جميل التصميم مطبع بألوانها المفضلة الزهري والأخضر والرمادي ، لتمتزج مع سجادة خضراء قاتمة مع خزانة أدراج خشبية منخفضة وبدأت أمها رداً على طلبها بإرسال الكتب لها . . وكانت قليلة جداً على رفوف الكتب المثبتة في الجداران. . لكنها اكتشفت محلاً لبيع الكتب المستعملة وانشغلت في أغناء مجموعتها حتى لم تعد الرفوف مهجورة. واتجهت نحو الجدار المقابل وصنعت للنوافذ لوحات وجداريه ، فيها رسومات للزنبق المائي ، كانت رومانسية تماماً ، وكان الأثاث الوحيد في الطابق الأعلى مجرد خزانة أدراج مستعملة ، وسرير وحيد واهتمت بسريرها اليتيم فوضعت عليه غطاءً مخملياً بلون زهري. لم يعد المنزل فارغاً يتردد فيه الصدى رغم فقدان الستائر فيه ، ولم تملك سوى كوب قهوة واحد ، ومجموعة " صيني" لشخص واحد . . كانت من أرخص الأنواع التي أعجبتها . . كان في خزانة المطبخ، كمية صغيرة من الطعام ، تتبضع بحذر منه ، كانت تعمل أحياناً ليلاً ودماغها يدور بمخاوف مشوشة . . تري نفسها فيها مفلسة ، ومضطرة أن تلتجئ إلي زوج أمها طلباً للعون . . وسيساعدها بالطبع . . لكنها ستشعر مسبقاً بعدم موافقته . وما تبقي من مال الشيك الذي أرسله تشاد احتفظت به في المصرف. . وهذا ما أعطاها بعض الطمأنينة . لكنها كانت مصممة أن لا تستخدم المزيد من إرث أبيها . . إنه احتياطها ، وسندها ، يجب أن لا يُمس. . وصلتها بعد بضعة أيام رسالة من مكتب تشاد ، كتبها لها شخص لا تعرفه . .

شاذن 25-06-10 01:41 PM

وشرح لها فيها أن مغلفاً مرفقاً بالرسالة ، وُجِدَ بين أوراق دانيال، وقد أُرسِلَ إليها تبعاً للتعليمات على المغلف . ولم يكن هناك دلائل على العبث به ، لذا لن يكون المحتوى معروفاً سوى لها .كانت رسالة يعترف بها أنها ابنته. . وقال أنه يرغب في إعطائها نسبة من أملاكه، هي أصلاً من حقها ، لكن لو فعل هذا ، فسيطعن ولداه بصحة الوصية. . وسترفض هي لو حدث هذا ، فضح علاقة أمها من أجل سمعتها ، وقد يكسب ولداه المعتبران شرعيان. كان يعرف بلا شك أن وقته قصير ، وشكرها على السعادة التي أعطته إياها في أوقاتهما معاً ، وأنهي الرسالة بطلبٍ أن تثق بتشاد : " أعرف أنك لا تحبينه .
منتديات ليلاس. وهو بالتأكيد لا يحبك . . لكنه أهلٌ للثقة الكاملة وسيقوم بجهده كوصيّ عليك . . اعتمدي عليه . . لكن لا تقولي له من أنت قبل أن تؤمني بأن الوقت قد حان وستعرفين متي يكون هذا " .
أنه طلب غريب . . تساءلت ناتالي خلال الأيام التالية عما يعنيه دانيال . . واستعادت ذكرى الكلمات مرة أخرى. . غاضبة من نفسها لأنها لم تستطع إبعاد صورة تشاد من ذهنها . . ليس من الإنصاف أن يكون لرجل مثل هذا التأثير عليها حتى أنها تسعى جهدها لإبقائه بعيداً عن أفكارها . كانت تجلس حالمة ، حين رن جرس الباب بصوت سريع وحادٍ. أجفلت ناتالي في مقعدها خائفة ، وكأنما مخيلتها قد أحضرته لها من حيث لا تدري. . وكان عليها أن تحوّل تعابير وجهها ألي صفحة جامدة . . فقد تحرك فيها شعور فرح أحمق دفع بنبضات قلبها للتسارع معيداً إلي الحياة شطايا الأنوار الذهبية في عينيها . سألها بصوتٍ قاطع بعد نظرةٍ مقيّمةٍ :

شاذن 25-06-10 01:42 PM

- هل لي أن أدخل ؟
تراجعت دون أن تعي أنها كانت تسد طريقه . . وسارت أمامه بصمتٍ إلي غرفة الجلوس.
- اجلس .
منتديات ليلاس
أجفلت لألم مفاجئ في رأسها فسألها : ما الأمر ؟
رفعت يدها إلي عضلات عنقها المتألمة قبل أن تومئ إلي الصوفا :
- لا شيء . . رأسي يؤلمني .
قال وحاجباه معقودان معاً في خط مستقيم :
- يجب أن لا تخيطي . اجلسي وسأصنع لك فنجان شاي . هل تناولت دواء للصداع ؟
- ما أحتاجه هو بعض الهواء النعش فقط . . ولا أحتاج إلي شاي أو قهوة . . ماذا تريد ؟
وضع حقيبة أوراقه على خزانة الأدراج متجاهلاً خشونتها وراقبته وهو يخرج منها عدة أوراق :
- هذه نسخة عن تخمين قيمة المجوهرات التي تركها لك دانيال .
- لكنني ظننت. .
- ظننت ماذا ؟
- ظننتك لن تستطيع فل شيء إلي أن يقرر ولداه الطعن بالوصية.
- لن يكون هناك طعنٌ. . لهذا ما من سببٍ قانوني يمنعك من تسلم المجوهرات .
مرّر عينيه بازدراء على طول الجسد النحيل . . وتسارع اللون الداكن إلي وجنتيها وهي تقول :

شاذن 25-06-10 01:43 PM

- فهمت . . شكراً لك .
أثار هدوءها غضبه ، فسألها بوحشية:
- أتريدين أن يتفحصها جواهري آخر ؟ أؤكد لك أن ليس من عادتي أن أغش زبائني لكن لو شعرت بأنك ستكونين سعيدة أكثر ، اذهبي إلي شخص آخر.
أجابت بخشونة :
- أوه. . أصدق أنك لست معتاداً على الغش لكنني واثقة أنك تجاوزت هذه القاعدة لأجلي.
اشتعلت القسمات المتعجرفة غضباً .
- لا. . ليس معك . . فلست استغلالياً أبداً ناتالي . . أبداً .
وكان هذا تهديداً أثار الذعر في نفسها . . لكن لو أنها تركته يرى تأثيره عليها ، فلن تتحرر أبداً من خوفها .
قالت دون اكتراث : أثق بك .
- لماذا ؟
قالت بسخريةٍ باردةٍ تخفي أفكارها :
- لأن دانيال كان يثق بك . . ولقد كان حكماً ممتازاً على الشخصيات .
ردّ بوضوح وقح :
- قبل أن يُفسِدٌ جهل الخرف قدرته على الحكم . . أتتساءلين إذا كنت أنا مثله ؟ لأنك إذا كنت تحلمين بعلاقة معي تذكري شيئاً واحداً . . أنا شخصية مختلفةٌ تماماً عن خالي المريض . أعدك بهذا .
تصاعد الاحمرار تحت بشرتها ، ثم تلاشي ، ليتركها صفراء باهتة:

شاذن 25-06-10 01:43 PM

- أوه . . أنا واثقة من هذا . . لا، أنا لا أستهدفك . . وبإمكانك أن تستريح . . لأنني أكره الغرور الشديد في الرجال حتى وهم لطفاء مثلك .
ارتفع ذقنها ، ولزمها قوة إرادة لهذا ، لكنها ابتسمت للكراهية الباردة على وجهه وقالت :
- لا أحتاج إلي مالك . . لقد ترك لي دانيال ما لا أحتاج به لأحد ، ولا تستطيع أن تقدّم لي أي شيء آخر أريده.
- لا ؟ ألهذا اتخذت حبيباً عجوزاً ؟ لأنك باردة ؟
منتديات ليلاس
التقط معصمها ويدها تطير إلي وجهه ولوى بحركة بطيئة مؤلمة ذراعها خلف ظهرها وشدها إليه .
فكرت بمرارة المزيد من الألم ، لكنها هذه المرة لم تقاوم . . فلا جدوى من المقاومة . . كما أنها تعرف أنه لن يؤذيها جسدياً . والتهديد الذي يمثله هو لمشاعرها ، وإرادتها . وعرف بالطبع ، فهو أكثر ذكاء من أن لا يكتشف غضبها ، مهما حاولت إخفاء الأمر عليه . .
قال بصوت شرير :
- لا تحبين أن يدعوك أحد " بالباردة". . أتساءل لماذا ؟ هل هذا قريب جداً من الواقع ؟
همست ساخطة :
- أخرج . . لا أهتم لرأيك بي . . لا يمكنك احتقاري أكثر مما أكرهك ، أيها المتعجرف المغرور بنفسك ، المتكبر ، والمتوحش . . من تظن نفسك ؟ تضع نفسك على قمة الأخلاق بينما يعرف العالم كله أنك . . أنك . .

شاذن 25-06-10 01:44 PM

قاطعها ببرودٍ مثلجٍ : تابعي. .
رمت برأسها إلي الوراء ، تنظر إليه بكراهيةٍ ظاهرة.
- أنت تعرف ما أعني. . لكن بالطبع ، الأمر يختلف بالنسبة لرجل . . أنا " فاسقة" وأنت " خبير"! هذا وصفٌ يبدو أفضل بكثير. . ألاتظن هذا ؟ الآن ، أخرج من منزلي.
رد من بين أسنانه المشدودة :
- بكل سرور. . لكن أولاً ، دعينا نري كم اقتربت من الواقع . . أتسمحين ؟
أخذت ناتالي ترفس ، وتلوي برأسها بعيداً وبقيت للحظات طويلة مقطوعة الأنفاس ، جامدة بين ذراعيه ، لا تستجيب ، لكن لا تقاوم . . تستمع إلي ما يحاول جسدها أن يقول لها .
رفع رأسه يبتسم لها ، ويسخر بنعومة:
- كما قلت . . باردة . . يا للأسف .
- ردت تكرهه أكثر :
- - إذن يجب أن تفتش في مكان آخر عن امرأة غيري.
تراجع :
- ما من شك في هذا . . بالرغم من أن معظم المراجع تدفعنا للتفكير أن لا وجود لنساءٍ بارداتٍ، بل رجال غير كفؤين . . ولسوف أدعك وشأنك الآن ، ليس لأنني لن أتمتع بتذويب برودتك فأنا أجدك جذابة بل لأنني أشعر بالقذارة على بعد عشر أقدام منك. .

شاذن 25-06-10 01:45 PM

ارتعشت ولو أنه كان لا زال يطوقها بذراعيه لأحس بارتجاج جسمها من جراء كلامه القارص . . أغمضت عينيها لحظة كي لا يرى ألمها ، ثم رفعت ذقنها لترد ببرود :
- لا تزعج نفسك في هذه الحالة ، بالقدوم إلي هنا مرة أخرى . . إذ يكفيني مخابرة هاتفية لأعرف عما تريد إخباري به !
- بكل سرور . . سأراك في مكتبي صباح الغد في تمام الحادية عشرة . . أيمكنك ترك عملك ؟
منتديات ليلاس
- أوه . . أجل . . هذه ليست مشكلة .
كانت تلك الليلة ماطرة ، واستمرت هكذا حتى اليوم التالي . كانت تسير في الشارع نحو محطة الباص ، وتيتمد الراحة من ألوان زهور الكاميليا الزهرية والحمراء ، في كل حديقة تمر بها . كان اليوم يشبه أيام الربيع ، مع أن هناك شهراً آخراً للشتاء بعد . وقد أحست ناتالي بوخز الحنين إلي موطنها . كان شارع أوكلاند الرئيسي ، كوين ستريت مزدحماً ، واجهات المحلات مزهوة بموضة الصيف التالي . سارت ناتالي ببطء ، تتطلع إلي واجهات كل محلات الكتب . . ونظرت إلي ساعتها ، فأجفلت فلم يترك لها الوقت سوى خمس دقائق لتصل إلي مكتب تشاد ، ولحسن الحظ لم يكطن بعيداً . . لكنها وصلت مقطوعة الأنفاس وغاضبة ، لتقول لها موظفة الاستقبال بأن السيد غرايزر مشغول ، وطلبت منها الانتظار. جلست بأدبٍ ، وتجنبت نظرة موظفة الاستقبال المهتمة بها كثيراً ، ونظرت خارج النافذة . كانت أظافر أصابع موظفة الاستقبال تلمع مهي تطبع عدداً من الكلمات التي يستحيل عدّها في الدقيقة . . على أي حال ، لن يستخدم تشاد سوى

شاذن 25-06-10 01:45 PM

الأفضل . وربما هذه الفتاة واقعة في حبه . . ومرّ شيء ما جعل دماغها يعمل بسرعة ، فأخرجت قلماً ولائحة مشترياتها لتسجيل ملاحظات حول أشياء جديدة لسلسلة مناديل المائدة . . وانغمست في تسجيل كل شيء قبل أن تنساه، وفشلت في سماع صوت باب ينفتح . . ولم ترفع نظرها إلا بعد أن وقع ظل تشاد فوقها .
قالت متوترة : أوه . . مرحباً .
منتديات ليلاس
- صباح الخير .
كان ترحيبه بشكل رسمي جداً . . وضعت ناتالي اللأحة في حقيبتها وهي تقف . . تتمني لو أنه لا يعلوها هكذا بطول قامته . . كل شيء فيه مخيف.
كان مكتبه كبيراً ، بطاولة تناسبه من تصميم إيطالي أنيق . يلفه من الخارج شرفة صغيرة مزخرفة بحجارة منقوشة من العهد الفيكتوري
سألها بلطف:
- هل لاقت إعجابك ؟
تنهدت :
- أوه . . يا إلهي . . أجل . . إنها ، وأنا أكيدة أنك تعرف هذا . . من صممها لك ؟
- أمي .
وابتسم لدهشتها . . ثم قالت :
- تملك موهبة كبيرة .
ضحك .

شاذن 25-06-10 01:46 PM

- بالتأكيد . . أمي. . حسن جداً ، لنبدأ العمل ، أيمكن ؟ هل راجعت لائحة المجوهرات ليلة أمس ؟
- لا. . وهل يجب أن أفعل ؟
- أجل ، بما أن الرجل سيسلمها لك هذا الصباح من المفترض أن توقعي له إيصالاً بها . إذن أظن من الواجب أن تراجعيها .
- هكذا إذن . . حسن جداً ، سأراجع اللائحة بوجود المجوهرات حين تصل . . ألا يجب أن يكون هنا الآن ؟
- بالتأكيد ، لماذا لا تجلسين فيما نحن ننتظره ؟
كان المقعد مريحاً ، لكن ناتالي أحست بوخز غير مريح يمر على بشرتها . . بدا تشاد محامياً بكل معني الكلمة ، ومسيطراً جداً ، وهذا لم يعجبها .
قال وهو يدفع ورقة نحوها :
- قبل أن يصل هناك شيئان يجب أن نبحثهما . . أيمكن أن تقرأي هذه وتخبرينني ماذا فهمت منها ؟
كانت وثيقة معقدة لها علاقة بمبلغ الائتمان . . قرأتها ناتالي كاملة وبعناية فائقة، ودفعت بالورقة مجدداً إليه بعد ثالث قراءة ، فأعادها وانتفض يستدير ليقف خلفها مباشرة ، فتبخر تركيزها فوراً . . ولزمها كل قوة إرادة لتجبر دماغها للتركيز على الوثيقة القانونية .
قال ينحني مشيراً إلي مقطع من الوثيقة :
- قد تجدين هذا معقداً. . !
- أوه . . أجل . . أنه كذلك فعلاً .

شاذن 25-06-10 01:48 PM

وأخذ الصوت العميق يشرح لها . . وابتعدت عنه بقدر ما سمح لها المقعد . . .
- كان دانيال مهتماً بهذا. .
صمت قليلاً ثم أكمل بنفس اللهجة:
- لشعرك رائحة الزهور.
تنفست بحدة :
- إنها رائحة الشامبو . . أو رائحة الزهور.
- لا . . لقد لاحظت هذه الرائحة من قبل .
حبست أنفاسها . . وبدأ قلبها يخفق بضرباتٍ سريعةٍ ثقيلةٍ. . وتحركت اليدان اللتان كانتا تتابعان الجمل القانونية إلي شعرها ،
فقالت مذهولةً:
- لا. . تشاد . . أنا . .
منتديات ليلاس
- بلي تشاد . . قولي نعم تشاد .
لم تستطع قول شيء ، لكن رموشها انخفضت فقد كان يجري في عروقها نهر ذهبي من الأحاسيس.
جذبت رأسها إلي الوراء ، وهي تدرك إلي أين سيأخذها مخيلتها النشيطة وشهقت تستخدم يدها لتدفعه عنها :
- لا !


انتهي الفصل الثالث
مع تحيات شاذن

شمعة منورة 25-06-10 07:23 PM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

بنيتي بنيه 25-06-10 07:45 PM

تسلمين الرويه حلوه متى التكمله بليز شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

شاذن 26-06-10 01:23 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شمعة منورة (المشاركة 2357403)
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

مشكووووووووووووور على مرورك الجميل
:flowers2::flowers2:

شاذن 26-06-10 01:33 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بنيتي [FONT="Arial Black"
بنيه[/FONT];2357407]تسلمين الرويه حلوه متى التكمله بليز شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

مشكوووووووووووورة على مرورك ...
وراح انزل الفصل الرابع . . . وأتمني أن تعجبك الرواية إلي النهاية .

:flowers2:

شاذن 26-06-10 01:43 PM

4 – رجل كالحلم
انطلق جرس الهاتف باستدعاءٍ متطفلٍ حادٍ . . فوقفا للحظاتٍ معا جامدين وكأنهما ضُبِطا يسرقان خزنة . تركها تشاد فجأة ، فترنحت ووقعت إلي كرسي ، وتلاشت المشاعر من عينيه وهو ينظر إليها ، لتنكمش لدى وؤيتها الازدراء يحل مكانها .
منتديات ليلاس
مد يده إلي الهاتف : نعم .
قال بعد لحظة :
- سأكون حاضراً بعد لحظات .
وأعاد السماعة إلي مكانها : إنه الجواهري.
مررت يدها بتوتر في شعرها الذي أشعثته اليد التي كانت تمسك برأسها . . الشوق الذي كانت تحس به الآن لا شك أنه نوع من الإحباط ، وهو يؤلمها .
إنها تشعر باحتقاره لها ، ولا تتحمل أن ترى مجدداً التعيير في تعابير وجهه خاصة عند إدراكه لمن كان يعانق. أشعلت هذه الفكرة دمها بالغضب ، ورفعت رأسها عالياً . . هي لم تبدأ هذا . . ليس من حقه أن يعانقها في لحظة، ثم أن ينضر إليها بعدها وكأنها شيء كريه ؟
سألها فجأة : أنت جاهزة ؟
- أجل .
كان رجل جواهري لطيفاً . . وقعت ناتالي الوصل بعد أن راجع الأطراف الثلاثة اللائحة . . وظهرت موضفة الاستقبال لتصطحب الجواهري إلي الخارج مخلفةً وراءها صمتاً غريباً .
قالت ناتالي بتردد ، متجنبةً النظر إلي تشاد :

شاذن 26-06-10 05:13 PM

- حسناً . . شكراً لك ، سأذهب الآن .
- سأوصلك إلي المنزل.
- لا. . سأكون على ما يرام.
- سأوصلك على أي حال ، فلن تساوي ثمن كل قطعة على حدى من هذه المجوهرات كثيراً لكنها كمجموعة باهظة الثمن . .
قال هذا بلهجةٍ مقصودةٍ وبتعبيرٍ متحفظٍ على وجهه وبثقة بالنفس. .
- سآخذ تاكسياً إذن.
- افعلي فقط ما أقوله لك . . أيمكن ؟ وإلا سأجبرك ، ولن يعجبك هذا . .
ردة بخشونة: حسن جداً.
لم يقل شيئاً وهما في طريقهما إلي منزلها ، يركز على قيلدة السيارة . لكنه قال ببرود عند باب المنزل :
- أشك في أن أراك لفترة طويلةٍ. . فأنا مضطر للسفر إلي الخارج .
- أوه . .
نظر إليها وقناعه ثابت في مكانه .
قال وكل كلمة سخرية بحد ذاتها :
- ألن تعانقيني وداعاً ؟
هزت رأسها غير قادرة على كبح ارتجاف . فأردف : لا ؟
كان يحمل حقيبة الجوهرات ، فمد يده إليها بحدةٍ:
- هاك . . خذي ما لك .
- ضعها أرضاً .
وَضَعها واستدار ليذهب.

شاذن 26-06-10 05:14 PM

تملكها في الصباح التالي صداع أليم ، وحرارة تجعل الحمى تبدو وصفاً قليلاً . التهب حلقها وأصبح جسمها متعباً واهناً . . وجمعت كل قواها لتنزل إلي المطبخ ولتُطعِمَ بيتسي . . واضطرت للاستراحة طويلاً قبل صعود السلم مجدداً .
لكن لو أن ذلك اليوم كان سيئاً ، فالذي تلاه كان أسوأ . . فقد تطور السعال لديها فأمسي حاداً يؤلم رئتيها ، تشعر مع كل حركة بأن رأسها سينقطع عن عنقها ، ولم تجد القدرة على تجهيز طعامٍ لها . . وربما هذا ما تسبب لها بالمزيد من الإرهاق.
منتديات ليلاس
انتلعت المزيد من الأسبرين وشربت الكثير من الماء ، وأمضت يومها كله نائمة ، تستيقظ فقط لتسعل أو لتعطس .
وأيقظها في وقت متأخر من بعد الظهر رنين جرس الباب . . أملت أن تكون السيدة مونرو قد عادت من جيسبورن ، فارتدت ببطء روبها وهبطت السلم بجهد كبير . لم يكن الطارق جارتها . . بل كان تشاد ، نظرة واحدة إليها جعلته يشحب، همست مسرورة جداً لرؤيته:
- إنها جرثومة زكام . . ظننتك مسافراً .
- عدتُ باكراً . . هذا لي بالشيء البسيط .
التقطها بين ذراعيه يحملها إلي غرفتها :
- منذ متي وأنت هكذا ؟
- أظن منذ يومين .
- هل ذهبت إلي طبيب ؟
ضحكت لكن الضحكة انقلبت إلي سعال ، وعادت إلي السرير فبل أن تنتهي النوبة لتتركها مقطوعة الأنفاس . وقالت مع ذلك :

شاذن 26-06-10 05:15 PM

- لا أظن أنني قادرة على الوصول إليه . . ألا تظن هذا ؟
تمتم شيئاً من بين أنفاسه ، ثم حملها مجدداً ليوقفها على الأرض . . كان الجدار بارداً على خدها ، وأسندت نفسها إليه كالحمامة ، وهو يجهز السرير ويحضره لها ، قال :
- أنت بحاجة إلي حمّام . . لا. . دوش ساخن أفضل . . أقادرة على القيام به وحدك . . ؟
هزت رأسها ، لكنه قال لها :
- سأنتظر خارج الباب ، واصرخي إذا احتجت لأية مساعدة .
منتديات ليلاس
حاولت الوقوف ، لم تستجب عضلاتها لها ، فنظرت إليه بتوسل أبكم . وسأل بخشونة :
- هل تناولت أي طعام ؟
هزت رأسها نفياً ، وآلمها هذا ، فقالت :
- لا . . لكنني لا أشعر بالجوع . . حقاً تشاد .
- أنت أصغر سشناً من تركك لوحدك . .
تمكنت من السير إلي الدوش دون دعمه . كانت المياه دافئة، هادئة على جسمها المتعب . وأبطأت في تبليل شعرها . . وبدا لها فكرة جيدة أن تغسله لكن هذا أرهقها . .
قال لها وهي تخرج إلي غرفة النوم :
- لا أدري لمَ غسلت شعرك . . لكنه يجعلك تبدين في الثانية عشر من عمرك . . وهذا أمر جيد.
تنهدت ، فأجلسها ، وجفّف شعرها قبل أن يقول:
- حسن جداً . . أيمكنك ارتداء ملابس النوم ؟

شاذن 26-06-10 05:15 PM

قالت كطفلة مطيعة : أجل .
- سأنزل إلي تحت لأُجري بعض الاتصالات.
طال بها الوقت ، لكنها تمكنت من ارتداء ثوب النوم القطني . كانت حين عاد تسعل مجدداً ، تمسح الدموع من عينيها بمنديلٍ مجعدٍ .
سألها :
- ألديك مجفف شعرٍ ؟
- لا .
لمس خصلة قرب وجهها :
- يكاد يجف . . والآن إلي سرير . . أتشعرين الآن أفضل حالاً ؟
أحست وكأنها في النعيم . . كانت المفارش باردة ونظيفة كجسمها النظيف. . وحافظت على توازن رأسها رغم دورانه، وابتسمت لتشاد :
- شكراً لك . . سأكون بخير الآن .
كذّب سعالها الحاد ما قالته لسوء الحظ ، كانت مطوية الجسم ، بذراعين مكتفيتين على صدرها تتنفس أنفاساً خفيفة مؤلمةً . . قالت حين أحست به يقترب منها :
- يجب أن لا تفعل هذا ، فقد تلتقط الجرثومة .
- أنا لا أمرض أبداً . . استلقي وسآتيك بشيء تشربينه .
غاب قليلاً ، وعاد يحمل عند عودته صينية وتقفز بيتسي في أعقابه . . فقال بنعومةٍ :
- كلي . . طبق البيض المخفوق أشتهر به . . وسأغضب إذا رفضته .
لم تشعر خلال يومين بالجوع أبداً . . ما إن وضع الطعام أمامها حتى غمرها الإحساس بالجوع ، وقالت :

شاذن 26-06-10 05:16 PM

- تبدو لذيذة ، من أين جئت بالصينية ؟
- من السيدة مونرو ، لقد وصلت منزلها لتوها .
أكلت البيض المخفوق اللذيذ ، وأنهته تماماً مع رنين جرس الباب . . فقال تشاد وهو يأخذ الصينية :
- هذا بلا شك الطبيب .
- أوه .
كان الطبيب في نفس سن تشاد تقريباً ، ابتسم لها بلطف مهني ، وأبعد تشاد بحزم والكلبة معه . . واستدعى ، بعد عشر دقائق من الإصغاء وقراءة ميزان الحرارة وتفحص النبض ، تشاد مجدداً . وقال بجدٍ:
منتديات ليلاس
- إنها حالة التهاب رئوي سيئة ، أما العطاس فسببه التهاب جيوب أنفية ، إضافة إلي قلة الطعام .
أحست ناتالي بالذنب يتصاعد إلي وجهها . . لكن الطبيب تابع :
- سأعطيك وصفةً طبية ، مضاداً للالتهاب وأقراصاًُ للألم وشراباً للسعال . . وستبقين في الفراش ليومين آخرين على الأقل . . وفي داخل المنزل ، وإذا كان لديك التفكير السليم ستمكثين حتى نهاية الأسبوع . . وكلي !
تركها دون اهتمام بشكرها له ، وسمعته يحدث تشاد في الطابق الأسفل لبضع دقائق ، ثم جاء صفق الباب الخارجي ، ووقع أقدام تشاد على السلم .
قال :
- سأذهب لأحضر لك الدواء . وجدت مُفتاحاً في حقيبتك لذا سأدخل لوحدي .

شاذن 26-06-10 05:17 PM

هزت رأسها إيجاباً . . قالت وهو يستدير ليذهب : تشاد . . شكراً لك .
نظر إليها طويلاً نظرة كانت تحاول إيجاد معني لها حين تغلب عليها النعاس . كان للأقراص تأثير غريب عليها ، جعلت رأسها أكثر تشوشاً مما كان . . لكنها استعادت وعيها في مرحلة ما من الأمسية لتقول :
- لا يمكنك البقاء هنا تشاد . . يجب أن تعود إلي بيتك .
رد بخشونة:
- لأقضي الليل كله وأنا قلق عليك ؟
- لكن أمك . . ليس من مكان هنا لك لتنام فيه .
- اتصلت بأمي ، أما النوم فهناك الصوفا.
هزت رأسها بارتباك ، جعلتها الدموع الساخنة تحس بالإرهاق ، وهمست :
- أنت لطيف جداً .
- لطيف ؟
كانت الكلمة أشبه بالانفجار أو كأنها قد أهانته :
- لا أنا لست لطيفاً عزيزتي . .
نظرت إليه بجبين مجعدٍ علّها تحاول النظر إلي ما يخفي قناعه الأسود . . سحرتها عيناه الزرقاوان المليئتان بأنوارٍ صغيرة متحركة . . مدت يدها النحيلة والمرتجفة ، لتمسك بيده الحارة القوية :
- بلي . . انت لطيف .
جذبتها إليها بحيث استطاعت وضعها بين خدها والوسادة . ونامت هكذا لتستيقظ مرة واحدة فقط خلال الليل وحلقها جاف كأنه مليء
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

شاذن 26-06-10 05:17 PM

بالرمال الخشنة . . وكان صوته هادئاً رائعاً ويداه لطيفتان وهو يجلسها في السرير ليعطيها أقراصاً للألم كان قد وصفها لها الطبيب.
تنهدت قائلة : لا تذهب .
ثم نامت مجدداً ، لتستيقظ في الصباح وقد انكسرت حدة الحمى ولتجد رأسها بثقة على كتفه وتضمها ذراعه إلي جسده .
أحست نحلقها يؤلمها لا تخرج الكلمات منه . .
منتديات ليلاس
تنفست بصعوبة وحذّرها الصفير بأن رئتيها لا زالتا تقاومان الإصابة . . لكنها ما شعرت في حياتها يوماً بسعادة مماثلة . ز كانت هذه اللحظات ثمينة جداً لها ، وبقيت مستلقية بهدوء وعيناها مغمضتان . ذراعه فوقها مقوسة بحيث تستريح يده إلي خصرها ، وخيّل إليها بأنها قادرة على الإحساس بكلطرف أصبع منها على حدة . وتساءلت بخيالٍ واسعٍ ما إذا كانت ستحمل أثرها مدى الحياة . ز
غبية ! من غير المجدي أن تطلقي العنان لخيالك هكذا ! ثم غفت . . كانت وحيدة حين استيقظت مجدداً . استلقت لعدة لحظات بهدوء ، تتساءل لماذا تحس الهجران . . إلي أن عاودتها الذكرى ، فأدارت رأسها . . ولم تجد أثراً له . أكان ذلك حلماً ؟ كيف يمكنها أن تبتعد عنه وعقلها الباطن يتلاعب بها هكذا ؟ تقلّبت مراراً في الفراش ، وأدارت رأسها متأوهة . . لكن لا . . لم يكن حلماً . . وفكرت بمرارة : من الخطر أن تصبح مدمنة على هذا ، كما من الخطر أن تقع ضحية غرامه . كانت قد غسلت وجهها حين صعد الدرج ، ونظفت أسنانها ، وأخذت الدواء الموصوف لها ، وجلست على جانب السرير لتمشط شعرها

شاذن 26-06-10 05:18 PM

الملبدّ تماماً، وأخذت تكشر ألماً مع كل تشابك للمشط في شعرها . وضع الصينية على خزانة الأدراج المنخفضة :
- هيا . . دعيني أفعل هذا .
- لا. . أستطيع أن أفعل هذا بنفسي.
بدا نافذ الصبر . ز وتناول فرشاة الشعر من الخزانة :
- هذه ستكون أسهل .
منتديات ليلاس
أرخت المشط من يدها ، واضطرّها خجلها المفاجئ أن تستدير عنه . . وأحست بجانب السرير ينخفض وهو يجلس خلفها . . أبعدت ببطء يدها عن شعرها ، لتضع المشط في حجرها . . كانت لمسته واثقة . وقال بعد احظات :
- غير معقول . . هل هذا تجعيد اصطناعي أم طبيعي؟
اهتز صوتها :
- طبيعي . . لقد ولدت وشعري هكذا .
قال بشيء من السخرية :
- كنتِ على حق ، الصوفا لا تطاق ، لذا عدت إلي هنا لأستريح ، ولم يبدُ عليك الممانعة .
لم تستطع منع نفسها من الالتفات لتري ما يعني . . كان ينظر إليها بفم نصف مبتسم وبتسلية ساخرة ، كرهتها . وقالت له :
- رجوت منك عدم البقاء .
- كلام سخيف . . لقد تمتعت بالنوم في فراشك مع أنك كنت تسعلين كثيراً . . وكنت تتحركين بارتياح بين ذراعي .
صاحت غاضبة للكلمات الساخرة :

شاذن 26-06-10 05:18 PM

- كنت نائمة .
- أجل ،كنت نائمة و لا شك عندي أنك كنت سترحبين بأي كان بنفس الحماس . . لا . . لا تبكي ، ستفسدين شهيتك للطعام . . هل ستتناولين أم أجبرك ؟
جرت الدموع على خديها فمسحتها بظاهر يدها ، بينما فتشت اليد الأخرى في جيب روبها عن منديل . . وأصدر تشاد صيحة سخطٍ وتوترٍ ، واختفي إلي الأسفل ، وكانت حين عاد حاملاً كرسي الخياطة قد عادت إلي الفراش تنفخ أنفها .
- لماذا لا تشترين بعض الأثاث بحق الله ؟ لقد أرسلت لك دفعة مقدمة .
- اشتريت ما هو ضروري . . !
- بالنسبة لي طاولة قرب السرير ضرورية . . سأذهب الآن ، لدي موعد مبكر ، لكنني سأعطي السيدة مونرو المفتاح وستأتي لتراك .
رفعت إليه وجهها مخيبة :
- لكنني لا أريدها أو أحتاجها .
- لقد عرضت صنع غذاء لك . . سأعود حوالي السادسة مساءً . . وتذكري ما قاله الطبيب ، فلا تغادري السرير !
- سأغادره ساعة أشاء .
احمرت غضباً . . وقفزت الشرارات الذهبية في عينيها :
- لا يمكنك الظن أنك قادر على التسلط عليّ لمجرد أنني مريضة . . أنا لست . .
وضع اصبعه على فمها ، قال :

شاذن 26-06-10 05:19 PM

- ستفعلين ما أقوله ، أو سأستأجر ممرضة لتلازمك . كوني فتاة طيبة . . فأنت لا تريدين أن أقلق عليك أليس كذلك ؟
قدرت بعد ان رحل وهي تأكل " الغريبفروت" والتة\ست ، أن ما قاله كان مجرد مزاح . . لكنها أدركت بأن عليها أن تضبط نفسها . . كان تشاد في الواقع مع كل عجرفته وسيطرته اللامتناهية يهتم ويحب الناس . . وتذكرت كيف ظهرت المعجزة في ليونة صوته ختى الرقة حين ذكر أمه ، كما أنه أحب دانيال بما يكفي ليتخلي عن الكثير من وقته ليسليه . وأحب بيتسي كذلك . كانت القهوة لذيذة منعشة .
منتديات ليلاستذكرت وهي تشربها أمسية كان دانيال لا يزال حياً فيها حين ذكرت أخبار التلفزيون جريمة قتل مزدوجة ، ومخططة عمداً . . فأصابها الرعب وتساءلت عن نوع ذلك الإنسان القادر على القيام بشيء فظيع كهذا . وهز تشاد كتفيه ، يقول متشدقاً :
- أنه إنسان عادي ، ناتالي .
فقالت معترضة :
- الإنسان العادي لا يقتل .
- يسري في دم معظم الناس بذور الإجرام . .
ضحك لرفضها تقبل هذا ، وقال بصوته الناعم :
- حسناً . . فلنستخدم مخيلتنا . لا أظن أن عاطفة الأمومة تتغلب عليك بشكل خاص ، لذا فلنجرب طريقة أخرى . . لا بد من وجود شخصٍ تحبينه بيأس محموم . شخص يعتمد عليك ؟
آلمها تعليقه على عدم امتلاكها لعاطفة الأمومة . . وتابع تشاد كلامه بصبرٍ:

شاذن 26-06-10 05:20 PM

- هل تتصورين طفلك مثلاً. . وهو المتعلق بيأس بك يهددكما رجل بسكين . وتعرفين أنه قادر تماماً على استخدامها . . ولنقل بأنه زوجك ، لا والد طفلك ، وقال إنه سيقتلكما معاً .
توقف صوته العميق متسائلاً . . يخفي وراء برودته لهجة مختلفة . وأيقنت بأنه اختار القصة متعمداً ، ليوصل إليها مدى احتقاره لها . . وتابع دون رحمة:
- وكنت تعرفين مسبقاً مدى غيرته وعذابه لدرجة أنه قادر على تنفيذ تهديده . . ويتواجد في الدرج قريبٍ من يدك اليمني مسدس محشو، وطفلك يبكي متعلقاً بساقيك . . وهو يتحرك نحوك . . فماذا تفعلين ؟
وقفت الشعيرات الرقيقة على ظهرها بخوف فقالت لتسكته ، أكثر من أي شيء آخر :
- أُطلق النار عليه طبعاً . . لكن ليس لأقتله بل لأوقفه لو استطعت . على أي حال ، لقد أثبت وجهة نظرك .
ابتسم يراقبها بعينين نصف مغمضتين :
- لا . . بل أنت التي أثبتها ، فأي عمل يمكن تفسيره يكون مبرّراً . . يعاني الكثرون من الندم وعذاب الضمير لأن هذا أسهل بكثير لتبرير أعمالهم . وإلا كيف تظنين بأن شخصاً ما قادر على العيش مع ضميره ؟
ابتسم دانيال بعد خروجه وقال :
- أتساءل لمَ كل هذا السيناريو ؟
- لأنه يكرهني .

شاذن 26-06-10 05:20 PM

- أتظنين هذا ؟ اعتقد أن السبب هو في أنه ينظر إليك كامرأة خطيرة جداً . . بالنسبة له على أي حال .
وعادت إلي حاضرها الآن ، وفنجان القهوة فارغ في يدها ، أخذت تفكر بأن دانيال كان له بعد نظر ثاقب ، فهي يومها لم تكن تدرك الجاذبية القسرية التي قفزت بكل قوتها إلي الحياة منذ أول لقاء لهما . . لم يخطر ببالها أن هذا التجاذب يمكن أن يكون مفعناً بالكراهية .
ماذا لو تبوح له بسرها ، وستعطيه رسالة دانيال إثباتاً ودليلاً قاطعاً . . وكم ترغب أن تراقب وجهه وهو يدرك كم كان مخطئاً . . كانت بعد ظهر ذلك اليوم مستلقية ناعسة في السرير حين دخلت عليها السيدة مونرو . . ونادت :
منتديات ليلاس
- هذه أنا ناتالي .
جاءتها بالشاي ، وجلستا تحتسيانه وتتبادلان الحديث بهدوء حول سكان الشارع. ورن جرس الباب ، فقالت السيدة مونرو :
- آه . . أجل . . لقد قال لي السيد غرايزر أن اتوقع هذا . . أيمكن أن ترتدي الروب وتنتظري قليلاً في الحمام ؟
- لكن من . .
- إنها مفاجأة .
جلست ناتالي على حافة المغطس تستمع إلي أصوات رجال قادمة من غرفة النوم . . بدوا أنهم يتحركون لبعض الوقت. . ثم لم يعد هناك سمى وقع أقدام السيدة مونرو . ز وجلست ناتالي بهدوء كالطفل المطيع بدلا ًمن الإسراع إلي الخارج لتري ماذا يجري ، لا شك أن هذا

شاذن 26-06-10 05:21 PM

من تأثير الحبوب ، فهي بالتأكيد تجعلها مخدرة . ما إن استجمعت قواها لتقف حتى فتحت السيدة الباب تعلو الإثارة وجهها .
- تعالي ألقي نظرة .
لم تصدق ناتالي في البداية عينيها . . كان الأثاث الذي اشترته قد اختفي . ز وحلّ مكانه سرير مزدوج جميل ، على جانبيه طاولتين صغيرتين ، وطاولة زينة عليها مرآة عظيمة . كان الأثاث جميلاً ، ومرتفع الثمن .
قالت بضعف : أوه .
منتديات ليلاس
قالت السيدة مونرو بلهفة وهي تساعدها لتصل إلي سرير :
- ما كان يجب أن أبقيك خارج الفراش هكذا . لكنني أردت أن تكون مفاجأة كاملة . . استلقي الآن ، وسأحضر لك فنجان شاي أخر.
ازداد ضعفها ، غضبها لما فعله تشاد ، واستمر بداخلها . . عندما حان وقت قدومه ، كانت تجلس في السرير مستقيمة . . عيناها تلمعان ، يعلو اللون الأحمر القاتم خديها . كان أول دلالة على وصوله نباح بيتسي المتلهف . ز ثم أصوات حديثه مع السيدة مونرو ، وثبتّت عينيها بتركيز مؤلم على الباب . . لكن كل هذا كان لا يقارن مع المشاعر التي أحست بها لسماع صوته من الخارج :
- سآخذ بيتسي في نزهة الآن ناتالي .
صاحت عبر أسنان مشدودةٍ :
- أوه ! أوه ! أنت . . أنت . . خنزير !

شاذن 26-06-10 05:22 PM

من تأثير الحبوب ، فهي بالتأكيد تجعلها مخدرة . ما إن استجمعت قواها لتقف حتى فتحت السيدة الباب تعلو الإثارة وجهها .
- تعالي ألقي نظرة .
لم تصدق ناتالي في البداية عينيها . . كان الأثاث الذي اشترته قد اختفي . ز وحلّ مكانه سرير مزدوج جميل ، على جانبيه طاولتين صغيرتين ، وطاولة زينة عليها مرآة عظيمة . كان الأثاث جميلاً ، ومرتفع الثمن .
قالت بضعف : أوه .
منتديات ليلاس
قالت السيدة مونرو بلهفة وهي تساعدها لتصل إلي سرير :
- ما كان يجب أن أبقيك خارج الفراش هكذا . لكنني أردت أن تكون مفاجأة كاملة . . استلقي الآن ، وسأحضر لك فنجان شاي أخر.
ازداد ضعفها ، غضبها لما فعله تشاد ، واستمر بداخلها . . عندما حان وقت قدومه ، كانت تجلس في السرير مستقيمة . . عيناها تلمعان ، يعلو اللون الأحمر القاتم خديها . كان أول دلالة على وصوله نباح بيتسي المتلهف . ز ثم أصوات حديثه مع السيدة مونرو ، وثبتّت عينيها بتركيز مؤلم على الباب . . لكن كل هذا كان لا يقارن مع المشاعر التي أحست بها لسماع صوته من الخارج :
- سآخذ بيتسي في نزهة الآن ناتالي .
صاحت عبر أسنان مشدودةٍ :
- أوه ! أوه ! أنت . . أنت . . خنزير !
لكنه كان قد ذهب . حين عاد بعد نصف ساعة كانت قد استحمت وبدلت ملابس نومها ، وأصبحت مستعدة فكرياً وجسدياً للقتال . ظهر في الباب ، طويلاً مسيطراً ، تعابير وجهه ضجرة . وقال ببرودة :
- لن أتشاجر معك . . قد أفعل في أي وقت آخر ، ما عدا الليلة . . أنت لست بصحة تسمح لك بالجهد ، وسوف لن أقبل شيئاً سوى الأفضل منك .
ردت بشراسةٍ:
- لن تحصل على شيء مني .
- ليس الليلة . . إذا أردت بإمكانك مكافأتي حين تستعدي قوتك . . ولن أقبل إلي ذلك الوقت بكلمة واحدة.
صاحت :
- لماذا سرير مزدوج ؟ إذا كنت تظن . .
تركها ووقف :
- اهدأي ، يا نافثة اللهب . . واسترخي . .لن اقاتلك الليلة وهذا أمر نهائي . . أنفك أحمر ، وعيناك متورمتان ، واضح أن حرارتك لا تزال مرتفعة ، وتسعلين بصعوبة جداً . . وأنا لست " سادياً" .
تمتمت مرتبكة من تقييمه الصحصح لمظهرها :
- كان بإمكانك أن تخدعني .
نام تلك الليلة على الصوفا ، وذهب في الليلة التي تلت إلي منزله لأن وصفة الطبيب أعطت مفعولها وقد تماثلت للشفاء.
استلقت ناتالي على السرير الذيب اشتراه لها رغماً عنها ، تُصغي إلي أصوات الليل . كان تشاد منذ وصول السرير ، مؤدباً ببرودة جداً .

شاذن 26-06-10 05:23 PM

كانت ذكى ذلك العناق الذي تبادلاه راسخة في أعماق عينيه . . وفكرت بعلاقتهما وهي تنزلق إلي النوم . . إنها كالحبال تشدهما إلي بعضهما برباطات لا يريدها أي منهما . . مع ذلك فهما لا يقدران على الخلاص منها .

[SIZE="7"][COLOR="Red"]انتهي الفصل الرابع [/COLOR][/SIZE]
مع قراءة ممتعي أن شاء الله . . شاذن

شمعة منورة 28-06-10 01:00 PM

شكرا لك على الرواية الحلوة لا تطولي علينا please

شاذن 29-06-10 03:27 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شمعة منورة (المشاركة 2360822)
شكرا لك على الرواية الحلوة لا تطولي علينا please

مشكوررررررررررررة على مرورك الحلو
وهذا الفصل الخامس
:8_4_134:

شاذن 29-06-10 03:32 PM

5 – ستكونين لي
عاد تشاد بعد ظهر يوم الجمعة ، حاملا معه الوثيقة لتوقعها ناتالي . . وأوحت لها نظراته بأن الهدنة التي فرضها مرضها قد انتهت . قال لها بعد انتهائه من قراءة الوثيقة :
- هل أنت واثقة أنك لا تريدين تكليف محامٍ خاصٍ ليتفحصها لك ؟ فقد أغشك دون أن تعلمي !
- أشك في هذا . . فقد كان دانيال يثق بك كثيراً. .
منتديات ليلاس
لم يتفوه بشيء ، لكن ما لمع من تحت رموشه الكثيفة . . وتحركت الكتفان العريضتان بعد لحظات :
- وقّعيها إذن . .
فوقعتها . . وعلق شيء في حلقها فابتلعت ريقها غصباً . وقالت بأنفاسٍ متقطعةٍ: أترغب بفنجان قهوة ؟
لا. . شكراً لك .

شاذن 29-06-10 03:33 PM

إذن . . شكراً لك .
على ماذا ؟
تنفس بحدّة . خافت من النظر إليه ، وقالت بسرعة :
- لأنك كنت لطيفاً معي حين كنت مريضة .
- لطيفاً ؟ ذلك لم يكن لطيفاً معي حين كنت مريضة .
- لطيفاً ؟ ذلك لم يكن لطفاً ناتالي . . ولا تتظاهري بالسذاجة فالمرأة التي تبيع نفسها لرجلٍ خرفٍ عجوزٍ ، لا يحق لها أن تتبني مواقف البراءة .
منتديات ليلاس
إنه يسعي لمعركة . . كان على مظهره وحشية أفلتت من كل رباطٍ ، أخافها . . فتحت فمها لترد الازدراء بازدراء مماثل ، لكنها رأت نظرة الانتظار الغريبة في عينيه ، وأدركت مع رعشة الخوف ، أنها لن تستطيع . . فردّت بهدوء :
- لكنك كنت لطيفاً .
واستدارت نحو الباب لتُظهر بوضوح أنها تريد رحيله . لكنه قال :
- إذن . . ربما أستحق بعض المكافأة على لطفي هذا . .
- لا تزعج نفسك . . فأنا أعني ما أقول . . دعني وشأني فقط .
- أفكر أحياناً بأن ضربك قد يفيد كثيراً .
- جرب ، وستري أين يصل بك هذا .
تصاعد التوتر مع لحظات الصمت ، لكنها رفضت النظر إليه . . قال بعد صمتٍ ، متعالياً :
- حسن جداً إذن . . تمتعي بالإشفاق على الذات . . وأرجو أن تكوني في مزاج أكثر تعقلاً حين أراك في المرة القادمة .

شاذن 29-06-10 03:33 PM

سمعت وقع قدامه ، خفيفة لرجل يماثل حجمه وقوته . . قال عند أسفل السلم شيئاً لبيتسي ثم صفق سيارته يبتعد . . لكن تعليقه حول الإشفاق على الذات كان يمنعها من الانغماس في البكاء . . وبدت في النهاية مصابة بصداعٍ وتورم في العينين . . استحمت وغسلت شعرها . . أعدت لنفسها حليباً ساحناً وأخذت قرصين من الأسبرين ، قبل أن تستلقي في سريرها لسعات وهي تفكر .
لا. . ! لا تحبه . . ولن تحبه أبداً . . فالحب لطف ورقة ، ومشاركة زعطاء . وما تحسه نحوه هو مزيج زئبقي مجنون من السحر والرغبة والكراهية .
ارتجفت وهي مستلقية في سريرها تفكر به ، وأحست بألم واشتياقٍ. . وهنا يكمن الخطر . ز الخطر في المشاعر التي تمدّد جذورها كالجوع المزمن لا يمكن لأحد السيطرة عليها . مع ذلك ، يجب أن تتعلم طريقة إخمادها ، حتى لو لم تستطع شيئاً أمام الجاذبية نحوه . . فلو استسلمت لمشاعرها ، سينتهي بها الأمر إلي أن يستغلها ، ثم يتخلص منها . . وفي هذا احتقار للذات وفقدان للثقة المريرة ، وعذاب للضمير المترائي لها مسبقاً .
لذا ، كانت مسرورة لأنها كانت في الطابق الأعلى حين رن جرس الباب في اليوم التالي ، ومسرورة أكثر لأنها تمكنت من كبح جماح بيتسي قبل أن تنبح وكشفت نظرةٍ سريعةٍ من النافذة وجود سيارة تشاد ، فوقفت بيدين ملتفتين حول عنق الكلبة ، بالكاد تتنفس ، آملة منه أن ينصرف .

شاذن 29-06-10 03:35 PM

رنّ الجرس مراتٍ عديدة ، قبل أن تسمع وقع خطواته السريعة على الرصيف ، فاسترخت . . لكن ليس طويلاً . . فقد جاء صوت السيدة مونرو واضحاً :
- صباح الخير سيد غرايزر . ز أنه يوم جميل ، أليس كذلك ؟
- جميل جداً . . أخبريني هل رأيت الآنسة كونراد وهي تخرج ؟
ردّت العجوز بعفوية بريئة :
- لا . . لقد أخذت بيتسي في نزهة هذا الصباح . . لكنني على ثقة بأنها في المنزل الآن . . أنها لا تخرج كثيراً ، وتعرف هذا .
- أعرف .
شيء ما في صوته جعل ناتالي تتصلب ، وجاء صوته أكثر ارتفاعاً ووضوحاً وهو يكمل :
- لم تكن على ما يرام حين تركتها بالأمس ، وأتساءل ما إذا . .
وقعت السيدة مونرو بفخه الذكي:
- أوه . . أتظن أنها مرضت مرة أخرى ؟ ماذا علينا أن نفعل ؟
- يمكنني كسر القفل . . أو ربما . . لا ، لا أظن أننا يجب أن نستدعي الشرطة . . مع ذلك ، لو دخلت فهل تظنين أنك قد . .
- أوه . . بالطبع . . يلزم المرء أسابيع عدة ليشفى من أي فيروس يلتقطه في مثل هذا الطقس . . ياللطفلة المسكينة ، قد تكون أصيبت بنكسة جديدة . .
صرّت ناتالي على أسنانها ، تدرك أنه لن يعطيها فرصة لتتجنبه . وأطلقت بيتسي من يديها في اللحظة التي رن فيها جرس الباب مجدداً .
- آه . . أنت هنا !

شاذن 29-06-10 03:36 PM

كانت نظرته الزرقاء المليئة بالحيوية ، وقحة ومتسلية ببرودة .
سألت السيدة مونرو بلهفة حقيقية :
- هل أنت بخير ؟ بدأنا نقلق .
تمكنت ناتالي من الابتسام وهي تنفي أي أثرٍ للمرض ، ودعت جارتها للدخول لشرب الشاي بعد الإدعاء أنها لم تسمع الجرس . لكن السيدة مونرو اعتذرت ، فأمامها نضعة أشياء لتنهيها في المنزل .
هذا لم يترك سوى تشاد أمامها . . ونظر إلي ناتالي . . ثم قال بتحفظٍ مثلجٍ :
- لا تفعلي هذا مرة أخرى ، فأنا قادرٌ على كسر القفل لو اضطررت .
- لماذا لا تفهم ؟ لا أريد رؤيتك !
منتديات ليلاس
ابتسم بسخرية :
- لقد أمضيت وقتاً طويلاً من ليل أمس في التفكير . . !
- أوه . .
ابتسم ثانية، وتقدم من الصوفا ليجلس عليها :
- أجل . . تعالي واجلسي إلي جانبي ناتالي
كان متعجرفاً ، يأسر عينيها بتسليةٍ سلخرةٍ . . لكن تحت تلك السيطرة الباردة على النفس ، كان غاضباً .
- ناتالي الماكرة . . أم اناديك ناتاليا . . إنه اسم جميل . . وغير اعتيادي ، اسباني ، كما قبل لي . . هل أخبرك ماذا قررت بشأنك ؟
- وهل يمكنني ان أمنعك ؟
- لا .

شاذن 29-06-10 03:36 PM

لم يكن مستعجلاً للبدء في الكلام ، بل كان يتمتعّ بلحظات السيطرة هذه . لكنه حين تكلم ، عاد إلي خشونته ، وإلي طريقة المحامي المجرد من العاطفة:
- كنت مندهشاً للإرث الذي تركه لك دانيال . . وقد أصرّ حين اقترحت عليه أنك قد تفضلين المال ، على أن تذهب مجوهرات جدته لك . . وتساءلت عن السبب ! على أي حال ، لم تكن قيمتها كبيرة ، وبما أن ابنته آنا ، كانت ستبيعها ، قررتُ أنه ربما وعدكِ بالمجوهرات ، وأن هذا كان إذعاناً لطمعك . . لكن الأمر أثارني بما يكفي لأن أبدأ بالبحث عن شهادة ميلادكِ.
- لكن . . هذا غير قانوني !
منتديات ليلاس
- صحيح . . لكنني لم أكن أنوي استخدام هذا لأي غرض غير قانوني . . كانت المعلومات عند عودتي إلي المنزل ليلة أمس الأب ، واسمك دون أدني شك ناتاليا ، وهو للصدفة اسم جدة دانيال . . أليس هذا مثيراً للاهتمام ؟
قالت بخفة :
- أنا واثقة أنك لن تستطيع الصبر لإخباري.
- هكذا ، تحدثت إلي أمي وهي تملك ذاكرة قوية . . قالت أن دانيال ، منذ ما يقارب العشرين سنة ، كان له سكرتيرة تدعى فوليت كونراد . .وهذا ليس صدفة. ز ألا توافقيني على هذا ؟
لم تردّ. . فأكمل:
- كانت سكرتيرته جذابة جداً ، امرأة رائعة ، كان قد ترمّل منذ فترة قريبة . ز وعرفت العائلة بالعلاقة فحولت حياته إلي جحيم ، إلي أن

شاذن 29-06-10 03:37 PM

تخلص من السكرتيرة. تذكر أمي هذا جيداً لأن العائلة كانت متشدّدة جداً ضد فوليت تلك . . ويمكن للمرء أن يري سبب موقف العائلتين.
قالت متصلبة :
- تهنئتي لك . . ماذا تريد أكثر ؟
رفع ذراعيه ليضعهما تحت رأسه :
- حسناً . . هل تتزوجينني ناتالي ؟
حاولت مرتين أن تتكلم ، كان العمل الآلي لدماغها مغلقاً . . وحين استعادت صوتها ، كان رفيعاً وغاضباً .
- لا تكن سخيفاً .
استدار رأسه وبدا وكأنه سيقتلها :
- لماذا ؟ انا لا أرضي بأن أظلم فتاة ساذجة مثلك دون تحمّل النتيجة . . هذا ليس أسلوبي ، وتعرفين هذا .
- حسن جداً . . ستضطر . . ولأنه لا سبيل لأن أتزوجك فأنت مضطر للتعايش مع الفكرة ، لكن لا أستطيع أن أفكر بشخصٍ مثلك ولا يمكنني الزواج به .
ردّ عليها بنعومةٍ ، رافعاً نفسه على مرفقة :
- حقاً ؟
أكّدت:
- حقاً !
بدا صوتها طبيعياً . وكانت تستشعر السعادة حين تبددت هذه السعادة بتعليقه التابي:

شاذن 29-06-10 03:37 PM

- ولماذا ؟ لقد اكتشفنا بأننا متناسبان في أشياء رئيسية ، وأضنني أرغب في إكمال الطريق !
مدّ يده ليتلمس وجهها ، فشهقت ، ودفعت عنها اليد المثيرة لأحاسيسها . . فقال بكراهية :
- أرأيت ؟
سألته غاضبة :
- وهل تخطط للزواج بي إرضاءً لرغبتك فقط ؟
قال ساخراً ، مقاوماً كل محاولاتها للخلاص :
- ليست بفكرةٍ سيئةٍ .
- بل إنها . . فكرة سيئة. أنا لست . . انا لن . .
منتديات ليلاس
كانت محبطة ، ساخطة أكثر من أن تستطيع التفكير . . رنّت ضحكته الخشنة في أذنيها وهو يرفع رأسه لينضر إلي وجهها الأحمر . . أدارت وجهها عنه في دفاعٍ متحدٍ ، غبي . تحاول بجهدٍ دفع دماغها إلي التفكير .
قال :
- بل أنت . . وستكونين لي . . أنتِ حقاً ساذجة . . صحيح كنت غاضباً، لكنني منذ رأيتك أول مرة مع خالي ، وأنا متشوق إليك . . وكرهت نفسي لضعفي ، لكن مع ذلك ، آمنت أنك لست سوى مزعجة رخيصة ، تستخدمين صِباكِ المبهرة لإغواء رجل عجوزٍ. . ولم أستطع إبعادك عن تفكيري ، ولا من دمي.
آلمتها كلماته لأن هناك رنة غريبة في صوته تكشف مدي غضبه من أن يعترف بضعفه . . وقالت بخشونة :

شاذن 29-06-10 03:39 PM

- حتى ولو كنت . ز ما ظننته بي . . لم يكن من حقك أن تقول لي ما قلت !
تردد قليلاً :
- أتظنين أنني لا أعرف هذا ؟
تسللت أصابعه من معصمها الرقيق لتلامس يدها ، كانت لهجته حين عاد للكلام ن ناعمة ، وباردة.
- لقد قلتُ لك إنني آسف .
أوقفته ضحكتها المخنوقة:
- ما الأمر ؟
- متى كان هذا ؟ أنت لم تعرض عليّ أي اعتذار. . لا أذكر قولك أبداً بأنك آسف .
- تعالي واجلسي . . !
منتديات ليلاس
انتظر إلي أن جلست إلي جانبه ، ثم ركز كتفيه على ظهر الصوفا ، ثم قال بوقارٍ :
- إذن أنا آسف لهذا أيضاً.
حرّكت غريزة الأنثي فيها شعوراً بأن ما يأسف عليه تشاد حقاً لم يكن تأثير أقواله عليها ، فهو لا يزال يمقتها ، ويبدو هذا جلياً في رنة صوته ، وتعرف لماذا . . أصبحت تفهمه خلال الفترة التي تعرفت إليه فيها . . تفهمت كل شيء عنه خاصة خلال الأمسيات التي كان يقضيها مع دانيال . ز ورغم هذا لم تكن تدرك أنها كنت مفتونة به . وتعلمت قبل أي شيء آخر أن أكثر الميزات التي يُعجب بها ، ويجدها مرغوبة وضرورية ، كانت السيطرة على النفس . . كانت هذه بالنسبة إليه حجر

شاذن 29-06-10 03:40 PM

الزاوية لحياته . كان اعتذاره مجرد استرضاء لضميره ، كما كان عرضه الزواج بها ، لا شك أنه يظنها حمقاء ـ إضافة إلي أنها لا تستأهل الثقة بها .
- ناتالي ؟
ارتجفت وأدارت رأسها إليه لتقول بخشونةٍ :
- أوه. . أقبل اعتذارك . . لكنني لن أتزوجك تشاد . .
أردفت ساخرة :
- تأخر الوقت ليؤنبك ضميرك . ز مهما كان الأمر فتأنيب الضمير ليس بالأساس الصالح للزواج .
منتديات ليلاس
لن يتوسل إليها بالطبع ، ولن يجادلها كذلك . . فقد أدهشه رفضها المصمم وأغضبه في آن واحد . . وكان من الواضح أنه من النادر رفض طلب له . . خاصة وأنه طلب زواج . . حسناً . . تفهم هذا . . لا شك ان هناك العديد من النساء اللواتي يتلهفن ليكن زوجة له . .
- هل هذه كلمتك الأخيرة ناتالي ؟
هزّت رأسها ، وقالت بوقارٍ:
- لن ينجح هذا الزواج . . وعندما أقرر الزواج أنوي أن يكون زواجاً أبدياً . . ونحن لا نحب بعضنا . . فأي نوعٍ من الزواج سيكون ؟
- من النوع الذي يعتبره أكثر المخلوقات طبيعياً .
نظرت إليه ، لكنها لم تجد شيئاً لقرأه على وجهخ . . فقالت بفمٍ جافٍ :
- أظن أنه من الأفضل رحيلك !

شاذن 29-06-10 03:43 PM

وذهب . . وقفت بعد أن أغلقت الباب خلفه ، لفترة طويلة تحدّق في الغرفة ، وعيناها مغشيتان فوق فم محمرٍ ومرتجف . إنه يريد الكثير . . لقد لا حظت نظرة التملك التي نظر بها إليه وهو يخرج . .
لن يكون لهما مستقبلٌ . . حين يبلغ الجنون ذروته . . سيبقي لهما كأسٌ فارغ من المشاعر الميتة وسيمزقان بعضهما إرباً . جلست قبل أن تخلد إلي النوم تلك الليلة قرب النافذة تراقب نقاط المطر الفضية وهي تضرب الزجاج ، وتستمع إلي أنين الرياح الخافت . ز فكرت أن كل ما يريده تشاد هو استسلامها الكامل . . وقد جعلت غريزة السيطرة والتملك فيه من
منتديات ليلاسالمستحيل عليه أن يتقبل فكرة الزواج الحقيقية وهي العلاقة التي تضم الزوجين برباط الحب والثقة ، ثم الرغبة . . أي مستقبل لهما معاً يجب أن يكونا فيه متعادلين ، لا فرق بينهما سوى واقع أنها أنثي وأنه رجل . . وإذا لم يستطع الفهم أنها بحاجة إلي تقبّله لهذا الواقع ، بقدر حاجتها إليه . . إذن لا مستقبل أمامهما معاً . . كانت لا تزال تراه كرجل يفتنها فقط . . أما كلمة الحب فلم تخطر ببالها ولو لمرةٍ واحدةٍ .
انتهي الفصل الخامس

شاذن 29-06-10 04:23 PM

6 – وجوه الكراهية
مرّت أكثر من عشرة أيام ولم يقترب منها . . ولم تتوقع منه أن يفعل . . فما حدث كان صدمة له ولها . لقد كان بحاجة لأن يستوعب سبب رفضها عرضه للزواج . وسيكون هذا وقتاً مريراً له . أشغلت نفسها في الخياطة والشوق يكبر في قلبها نحوه ، تحادث نفسها وتعاند أحاسيسها آملة عدم رؤيته مجدداً . أوصلت في يوم ممطر لفافة بضائع إلي محل ، وكانت عائدة مسرعة إلي موقف الباص ، تتجنب قدر المستطاع المجانين غير القادرين على السيطرة على مظلاتهم . . كانت السماء تمطر منذ عدة ساعات والميازيب تتدفق بالماء . كان الجميع متجهماً باستثناء صبيّ صغير كان يرتدي " منتديات ليلاسجزمة" صفراء ، ويقفز بمرح في كل بركة ماء صغيرة تصادفه . . كان على أمه مظهر من سئم محاولة منعه . . لكن حين التقت عينا ناتالي الضاحكتين بعينيها ، ضحكت بدورها . كانت حادثة صغيرة لا أهمية لها ، لكنها أدفأت قلب ناتالي وأعطت خديها بريقاً كان مفقوداً منها لبعض الوقت . . فجأة اندست يد تحت مرفقيها وهمس تشاد في أذنها :
- لو تزوجتني لأنجبت صبياً مثله .
سلبتها الصدمة قدرتها على الكلام ، وأدارت رأسها تنظر إليه . . كانت قسمات وجهه أكثر حدة ، ابتسامته متوترة ، فقدت عيناه اللون الحيّ الذي يجعلهما ساحرتين .
لكنه وضع أصبعه على فمها ، يهز رأسه :
- لا تكملي . . تعالي لتناول الغداء معي .
- تشاد . .

3boor 29-06-10 06:17 PM

شكككككككرا مررره حلوه القصة :hR604426:

شمعة منورة 29-06-10 08:25 PM

مشكورة اختي على جهدك:8_4_134: القصة روعة

شاذن 29-06-10 10:14 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شمعة منورة (المشاركة 2362695)
مشكورة اختي على جهدك:8_4_134: القصة روعة

أنا سعيدة أن الرواية نالت أعجابك . . .
وراح أكملها خلال اليومين الجايين . . .

:flowers2:

شاذن 29-06-10 10:21 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة 3boor (المشاركة 2362534)
شكككككككرا مررره حلوه القصة :hR604426:

شكراً على هذا الرئي . . .
لأنني بحب هذه الرواية كثير . . .
وأتمني أن تعجبك نهاية هذه الرواية . . .



:flowers2:

شاذن 30-06-10 06:22 PM

- دون ارتباطٍ . . مجرد غداء لطيف ، في محيط لطيف وبصحبة لطيفة .
كان يجب أن تقول لا . . لكن قلبها المتشوق تغلب على تحذيرات عقلها . .
قال بصوتٍ أجش: لا تجبري نفسك !
ابتسمت غضباً:
- أوه أنت بغيض ، يصعب التعامل معك !
- وأنت كذلك لسوء الحظ . . ويصعب نسيانك .
- أكنت تحاول ؟
- أوه . . أجل . . كثيراً .
منتديات ليلاس
أمسكت أصابعه ذراعها ، لمنعها من الخلاص :
- لقد وافقتِ على تناول الطعام معي . . لنتظاهر أننا تقابلنا للتو . . سنكون مهذبين ، لكن مهتمين جداً ببعضنا ، وسأظهر لك أنني قادر على التصرف بلباقة تامة.
ابتسمت بسخرية مجدداً وقالت بهدوء:
- لم أشك في هذا يوماً .
- أبداً ؟ أنا مندهش ، فأنا بالكاد تصرفتُ معك بأي نوع من اللباقة.
- ظننتك قلت بأننا سننسي هذا .
ابتسم لوجهها المحمر:
- بالطبع . . أتعلمين ؟ عندما تغضبين تلمع عيناك بشظايا ذهبٍ صغيرة ؟ ولك طريقة ساحرة في رفع رموشك ببطء .
- بالنسبة لشخص. . التقيته لتوي. . أنت تتكلم في أشياء شخصية .

شاذن 30-06-10 06:22 PM

ضحك ، ثم قال بوقار:
- أنا مشهور بطريقة غزلي. . أتصرف بسرعة بمجرد رؤيتي لشيءٍ أريده . . ومع أننا التقينا لتونا ، فقد اكتشفت أنني أريدك .
أوه . . إنه ميؤوس منه !
وتبددت كل المشاعر المحبطة والمريرة وكأنها لم تكن . . ضحك معها حول مائدة الغداء ومازحها وأخذ يعاملها كشيء رقيق هش قابل للانكسار ، بل وثمين جداً له . أوصلها فيما بعد إلي منزلها بالرغم من احتجاجها وقال وهو يفتح الباب لها :
- ألن تطلبي مني الدخول ؟
منتديات ليلاس
ردت برزانة:
- لا. . فأنا لا أعرفك جيداً لأدعوك .
وعدها شيء ما في لمعان عينيه بالردّ ، لكنه خبأ ما فيهما بسرعة وقال بخفة :
- إذن علينا تبديل هذا الواقع .
التقط يدها يقبّلها ، وهو ينظر خلسة إلي وجهها الأحمر . . وقال أخيراً : أورڤوار.
اتصل بها تلك الليلة ليسألها ما إذا كانت تحب الخروج معه إلي العشاء ثم السينما ، فتلعثمت وترددت ، فأكمل بهدوء:
- سأمرّ لآخذك مساء الغد في السادسة إذن .
وأقفل الخط قبل موافقتها وقبل أن تقول له إنها لا تريد الذهاب معه إلي أي مكان .

شاذن 30-06-10 06:24 PM

كان المطر مع قدوم الصباح قد رحل ، تاركاً المدينة تلمع تحت سماء ساطعة زرقاء . جاهدت بعد المشوار الصباحي لبيتسي كي تكون جاهزة عند الخامسة ، لكن صداعاً أليماً أصابها . أخذت حماماً ساخناً خلّصها من الصداع ، لكن الألم دفع إلي عينيها بالسواد الخفيف ، حتي وضعت بحذر الظلال لتخفيه . . ثم حاولت أتن ترتب شعرها المتجعد ، لكن دون جدوى ، فهذا حاله منذ الطفولة .
أظهر اللون الصدئي الأحمر القاتم للفستان لون بشرتها ، وأعطى بعض الدفء لوجهها . وارتدت حذاءً أسوداً ، ثم رشّت نفسها بعطرٍ خفيفٍ من " مس ديور". .
منتديات ليلاس
تمتم تشاد يمسك الباب ليفتحه لها :
- أتحاولين إثبات وجهة نظرٍ ما ؟ تبدين كشقيقة صغيرة .
- وهل خاب أملك ؟
- لا. . حلوتي ! لم يخب أملي أبداً .
- حتى ولو وقعت في نفس الفخ ؟
لم يتظاهر أنه لم يفهمها ، وقال بهدوء:
- لا. . أنا لا أكره هذا أبداً ، ألم تلاحظي إعجابي ؟
- بلي ، لاحظته.
ولم تستطع منع نفسها من الارتجاف.
- اسمعي ، أنا لا أتخلي عمن أريدها بسهولة ، لست مثل دانيال . . لذا إذا كان لديك أية فكرة للهرب مني ، فانسي الأمر . . لأنني سأجدك ولن تكوني مسرورة . قد لا أكون الزوج المثالي في نظرك ، لكنني لا أنوي التراجع.

شاذن 30-06-10 06:31 PM

علق شيء قاسٍ ومؤلم في حلقها : فهمت .
هل يعني هذا أنه تخلي مرحلياً عن فكرة الزواج ؟ أذهله رفضها لزواج منه بقدر ما أغضبه. . فهو غير معتاد على أي رفض من أي نوع . لا شك أن ذلك الدماغ البارد المنطقي قد أجبره على أن يدرك أن زواجاً مثل الذي اقترحه لن ينجح . لكنه عوضاً عن ذلك قد يقترح عليها ترتيبات أخرى . . لا. . فحتى مخيلتها الناشطة لا يمكنها تصوّر معاشرة تشاد لها دون زواج .
قالت لكي تُبعد هذا التفكير عن رأسها :
- إلي أين سنذهب ؟
- أوه . . إلي مطعم صغير ، الطعام فيه جيد وقريب من دار السينما.
منتديات ليلاس
وانقلب منذ لحظتها إلي ما كان عليه وقت الغداء في اليوم السابق ، يدفع نفسه لفتنتها . . يجعلها تضحك ، يمازحها بخفة عبر الطاولة . . ولم يعد هناك أي دليل على التكبر والسيطرة في الصوت العميق وهو يناقش أمر الصراع السياسي الذي حصل ذلك اليوم . . وتجاهلت ناتالي السعادة التي تتلقاها من النظرات الحاسدة حولها في المطعم . . نظرات من أشخاص جاءوا ليحيّوا تشاد ، بعد أن قدّمها لهم وأوضح لهم أنه لا يريد بقاءهم طويلاً . . وكلهم ابتسموا نفس الابتسامة لها . . وابتعدوا عنهما ، تاركين الميدان خالياً لها .
قال :
- يضنون أنني وكيلك لترتيب شؤونك .
أجابت :

شاذن 30-06-10 06:31 PM

- ويصابون بالدهشة لأنني لست امرأة من طرازك . . لو أنهم يعلمون .
- يعلمون ماذا ؟
هزت كتفيها : أنت تعرف .
- أجل . . أعرف. لكنني أشك في انك تعرفين خقاً .
- أنا لم أحاول يوماً أن أقرأ ما في الأفكار.
قال والحدة تعلو ابتسامته :
- أوه . . لست أدري. . فأنت تملكين دماغاً ناضجاً ، وبعد نظر مخيف.
منتديات ليلاس
كان يمكن لناتالي أن تضحك لهذا . . فلو كان صحيحاً أن لها بعد نظر ، لهربت راكضة وهي تصرخ إلي أن تصل " ساوت ايلند" منذ وقعت عيناها عليه . .
تحركت كتفاها ، وقالت :
- المعرفة شيء والخبرة شيء أخر . .
- دعينا نذهب .
كان الفيلم السينمائي جيداً ، دراما نفسية فيه لمحات رعبٍ إلي حد أن ناتالي في مرحلة ما تمسكت بِكُمّ سترة تشاد . رأت لمعان أسنانه البيضاء وهو يبتسم . وكانت السماء ممطرة حين خرجا إلي الشارع نحو السيارة . . انزلقت امرأة مسنة في بركة ماء ، ووقعت شاهقة . وتأوهت حين حاول زوجها مساعدتها لتقف ، وغاصت إلي الأرض مجدداً قائلة وقد تجمع الناس حولها :
- أظنني لويت كاحلي .

شاذن 30-06-10 06:32 PM

بعد قليل ، كان الناس المتجمعين قد أعطوا زمام القيادة لتشاد ، يفعلون ما يقوله لهم . . وما هي سوى ربع ساعة حتى كانت ناتالي وتشاد والزوج ينتظرون في ردهة المستشفي ، والزوج يردد للمرة السابعة ، وعيناه العجوزتان قلقتان :
- لطفٌ كبيرٌ منك سيد غرايزر. .
منتديات ليلاس
ابتسم تشاد :
- هل تمتعتما بالفيلم ؟
- - أجل ، فعلاً . . أنت والسيدة زوجتك ؟
نظر تشاد إلي ناتالي متحدياً أن تعترض : كثيراً .
هذا هو الجانب الآخر من شخصية تشاد ، الجانب اللطيف الذي يخفيه عن معظم الناس وكأنه يخجل منه . وها هو يهتم بأمر زوجين مجهولين كما اهتم بأمر دانيال ، كما وسيهتم بأولاده . كان بطريقة ما ، اختياره لعمله دليلاً آخراً على اهتمامه بالناس . ‘نه مزيج غريب من السخرية والحب واللطف . . والتفتت ناتالي لتلهي الرجل عن مخاوفه حول زوجته. وما هي سوى دقائق حتى كان يبتسم . . حتى أنه مع ظهور زوجته على كرسي متحرك ، بدا مذهولاً لمرور الوقت بسرعة.
قال الطبيب بمرح :
- مجرد التواء ، ولقد ربطت لها قدمها وأعطيتها أقراصاً ضد أي ألم قد تحسّ به . . لكن عليها أن تتحاشي الوقوف عليها أطول مدة ممكنة .
كان العجوزان مسترسلين كثيراً في شكرهما ، وزاد استرسالهما حين أوضح تشاد أنه ينوي إصالهما إلي منزلهما . . وما أن وصلوا حتى

شاذن 30-06-10 06:32 PM

حمل السيدة إلي المنزل ووضعها في سريرها ، ويرفض بابتسامة أن تشكره ، أو أن يبقي لاحتساء فنجان قهوة.
لم يقل في السيارة شيئاً . . ولم تستطع ناتالي منع نفسها عن التثاؤب. . كانت خيوط مستمرة من المطر الفضي تتجه رأساً إليهما . . لم يكن هناك سيارات كثيرة . . وتساءلت ناتالي كم من الناس سعداء الليلة؟ وكم منهم حزاني؟ وهل هناك غيرها في أوكلاند يشعر بمزيج من الانفعال والعزلة كما تشعر الآن ؟
منتديات ليلاس
حين توقف محرك السيارة أدركت أنها كانت نصف نائمة ، كان حزام الأمان وحده يبقيها في مكانها . وقال تشاد وهو يكاد يضحك :
- أتريدين أن أحملك إلي الداخل . . أيضاً ؟
- لا . . لا. . شكراً لك ، أنا متعبة فقط .
- يا للأسف !
لكنه خرج من السيارة قبل أن تُتاح لها فرصة الردّ. . فتح لها الباب كالعادة ، وضحك بخبث حين شكرته بأدب ، وقال :
- ليس بهذه السرعة حبيبتي.
كان عناقه خفيفاً ومداعباً . . وكان يجب أن تكون سعيدة . . لكنها أحست أن هذا هو جزء من الخطة ما رسمها لنفسه . دفعتها شعلة غضب صغيرةٍ فدفعته عنها قبل أن تنسحب وتصفق الباب خلفها . وتصاعد في لحظات أخري ، صوت محرك ، وصوت الإطارات وهي تشتد على الإسفلت . . وتنفست ناتالي بعمقٍ . . إنه استفزاز متعمد ، وقد أظهر لها سابقاً ردة فعله للتحدي . وحاولت جاهدة في العتمة الطويلة لليلها الخالي من النوم أن تتخذ قراراً جدياً لحياتها . .

شاذن 30-06-10 06:33 PM

لم تتردد أبداً حين اتصل بها في التاسعة من مساء اليوم التاي ودعاها للخروج معه في نهاية الأسبوع قائلة :
- لا تشاد . . شكراً لك ، لكنني أظن من الأفضل أن لا . .
كانت اللهجة العنيدة التي تكرهها في صوته قاسية حين قاطعها :
- حقاً ؟ لكنني لا أظن هذا ، وإذا كنت غير مستعدة ، فلسوف أتأكد قريباً من أن تكوني مستعدة ، ولو اضطررت أن أجبرك بالقوة !
قالت بحدة:
- لن تجرؤ !
- أتظنين حقاً أنني لن أجرؤ ؟
جمّدت موجة إدراك باردة بشرتها ، وتابعت بشراسة :
- هذا سخيف . .
لكنه قاطعها مرة أخرى:
- أعرف . . ولهذا السبب أنت مضطرة لأن ترتدي أفضل ملابسك وتجهزي في السابعة والنصف ، وتكوني بانتظاري وإلا . .
- أكرهك !
ضحك :
- أعرف حبيبتي . . ويا لها من كراهية مثيرة . . أراك مساء السبت .
وقفت تنظر إلي يديها بعدما صفقت السماعة في مكانها . . كانتا ترتجفان ، ولم تكن تعرف ما إذا كان الارتجاف لأنها تكرهه أم لأسباب ترفض الاعتراف بها .
وهمست :
- أكرهه . . أكرهه !

شاذن 30-06-10 06:34 PM

كانت جاهزة بالطبع . . ولم تكن بحاجة إلي لمعان الإعجاب في عيني تشاد لتعرف بأن مظهرها ملائم . . قال بلهجة ساخرة : رائعة !
رفعت رأسها تحدياً:
- إلي أين سنذهب ؟
- أنت تلائمين أي مكان .
قالت ساخرة :
- أتتملقني تشاد ؟
منتديات ليلاس
اشتدت قساوة صوته وهو ينظر إليها بشكل مهين :
- ألا تستطيعين معرفة الحقيقة حين تسمعينها ؟ مكتملة ، فاتنة ، حلوة، هادئة برزانة ، بريئة . . أوه .. ستتجاوزين الحدود الليلة.
قالت لتشعره بمدى بلاهته ، ولتحاول تعليمه شيئاً صعباً :
- أين سنذهب الليلة ؟
إنها لا تثق به . . ستحتاج الليلة إلي كل شجاعتها وذكائها .
رد ببرودة :
- انتظري لتري . . يمكننا بالطبع أن نبقي هنا . .
وابتسم في وجهها الغاضب . .
- أحتقركَ .
- أعرف . . لكن لسوء حظك ، تريدينني أيضاً ؟ ؟ والآن ، هل ستخرجين معي أو نبقي براحتنا هنا ؟
- هل تنحط دائماً إلي مستوى التهديد لتحصل على ما تريد ؟
- تقريباً . . فهذا يوفر عليّ الجدال وإضاعة الوقت .

شاذن 30-06-10 06:34 PM

برزت ابتسامة على أطراف فمها . . غنه صعب المراس . وأية لعبة يلعبها الآن هي نوع من العذاب الذيذ بالنسبة لها . .
كانت متكدرة المزاج حين أدار السيارة بعد عشرين دقيقة من انطلاقهما إلي طريق داخلية خاصة لمنزل ضخم في إحدي ضواحي أوكلاند الفخمة على شاطئ البحر .
سألت :
- حفلة خاصة ؟
منتديات ليلاس
- أصدقاءٌ لي . . سيعجبك باتريك وباولين .
أطفأ المحرك ، ونظر إلي وجهها المتوتر :
- استرخي ناتالي . . لن يأكلك أحد .
لا. . لا أحد يفعل هذا . . كما أنها أحبت باولين انغرام ، وزوجها الوسيم الذكي . . لكنها أدركت بسرعة خلال خمس دقائق أنهما من طبقة أجتماعية أكثر فطنة وثقافة من أي طبقة تصورتها من قبل . . باترك أوسترالي الأصل ، رجلٌ أسمرٌ وسيم إيجابي ، يشارك تشاد الثقة المكتملة بالنفس . . اما زوجته الفاتنة فكانت عارضة أزياء ، هذا ما قاله تشاد لناتالي ، وكان من السهل أن تري أنهما يحبان بعضهما كثيراً . ووجدت نفسها تقاوم اندفاعاً خبيثاً للحسدِ.
همس تشاد في أذنها بهدوء:
- تبدين غاضبة . . ظننت بأنني الوحيد الذي يسبب لك هذا . . فما الأمر؟

شاذن 30-06-10 06:34 PM

لم تكن تدري ما إذا كان قد أتي بها إلي هنا كنوع من التجربة ليري مقدارتها على التعامل في مناسبة اجتماعية كهذه ، أم أنه يتباهى ويزهو بها كصديقة جديدة .
رفعت رأسها مبتسمة له بإثارة متعمدةٍ:
أترغب في أن يتكلم عنا نصف المدعوون هنا ؟
لمع شيء بشع تحت رموش عينيه :
- لا يقلقني كلام الناس . . أما الموجودين هنا . .
منتديات ليلاس
ودارت عيناه في الغرفة :
- . . باتريك وباولين هما الوحيدان اللذان يستحقان المعرفة هنا . . وقد فكرت في أنك ستجدين أشياء كثيرة مشتركة مع باولين . .
نظرت إليه بحيرة :
- لماذا ؟
- تملكين عقدة نقصٍ مماثلة لها . . وعليك أن تدركي أنكِ بعيدة جداً عن البساطة أو القبح . . فعيناك بحيرتان جبليتان ، وفمك نديّ كالورودة. . !
ضحك في وجهها الحائر :
- . . أصارحك القول أن سبب ظني أنك ستتمتعين بصحبة باولين ، هو أنكما من الريف . . فهي آتية من براري الشمال النائية.
رفع صوته متعمداً بحيث أن مضيفتهما المقتربة منهما ، لم يكن أمامها سوى أن تسمع ، فضحكت . . كانت دون أدني شك أطول امرأة في المكان ، لكنها لم تكن تهتم بطولها . . مع ذلك ، وحتى مع كعبي الحذاء

شاذن 30-06-10 06:35 PM

الطويلين ، كانت أقصر من تشاد وزوجها . . وأحست ناتالي بأنها كالقزم أمامها . . سألت باولين بدلالٍ:
- أليس ممازحاً رهيباً ؟ وليس عجيباً أن يتفق مع باترك تماماً . . إنهما شيطانان . . تركت الشمال النائي وأنا طفلة ، وأمضيت معظم حياتي في مدن أوستراليا الكبيرة .
قال زوجها وهو يدس ذراعه حول خصرها النحيل :
منتديات ليلاس
- آه . . لكن الشمال موطنك الروحي.
التفت إلي ناتالي مبتسماً ، وأحست فجأة أنها وسط دائرة ساحرة وقال :
- نحن هنا لعرض ابنتنا على جدّيها .
منتديات ليلاس
ضحكت زوجته :
- وقليل من العمل .
مضت بعد السهرة بلطف ، وزاد من لطفها أن ناتالي وجدت نفسها معجبة بشدة بالزوجين " إنغرام". . كانت باولين مضيفة فاتنة ، وكانت تجد الوقت الكافي للحديث مع ناتالي ، ولسحرها بدفئها . انتهت الحفلة بعد منتصف الليل بقليل . . وبقي تشاد وناتالي بعد أن غادر الجميع لتناول القهوة ، وجرى حديث سائغ لطيف. . وعرفت ناتالي أن باولين وزوجها الديناميكي كانا يقيّمانها ، لكنهما كانا يخفيان هذا الواقع بذكاء دفعها إلي الارتياح ، وشاهدا قبل ذهابهما إلي المنزل الصغيرة ناني ، البالغة ثلاثة أشهر فقط ، التي بدا واضحاً أنها فرح والديها .

شاذن 30-06-10 06:36 PM

كأنما كانت هذه الحفلة إشارة ما ، فقد وجدت ناتالي نفسها مدعوة إلي حفلات أخري ودائماً مع تشاد . . أخافها في البداية هذا الاختلاط الرائع مع الناس ، لكنه كان يصرّ على ذهابها ، عندما زال قلقها بدأت تتعرف إلي الناس الذين يؤلفون دائرته الاجتماعية . . كانوا من الأغنياء الجذابين ، ومعظمهم من الأذكياء . . وتمتعت بصحبتهم ، لكنها بقيت قلقة ، تعي تماماً أنها موجودة بينهم بتسامح منهم . . واكتشفت أن أونا دراير موجودة في أمريكا لكن من المتوقع عودتها قريباً . . كانت تسمع أحياناً همسات الناس حول علاقتهما ، وبدا لها عموماً أنها مقبولة كآخر حبٍ له .
مرت أسابيع وناتالي المسكينة تسبح بالارتباك والحيرة ، وتخرج معه غصباً عنها . . كانت تقنع نفسها أن هذا بسبب سهولة الأمر عليها . لكنها سرعان ما أدركت بأن إحساسها هذا أكثر من تجاذب جسدي . .
همست لنفسها : لقد وقعت في حبه !
كانت تلك الليلة هائة ، تخفي خوفها بتحفظٍ لم تستطع أبداً التغلب عليه . . كانا في حفلة أخرى . . وكانت أونا قد عادت ، تتقاذفها أمواج الغيظ، لكنها كانت تخافه أكثر من أن تفعل شيئاً . لكن ناتالي لم تكن مرتاحة لهذا ، تعي النظرات الحادة الكبيرة كانوا يراقبون الثلاثي بأعين تواقة شرهةٍ للقيل والقال. تعامل تشاد مع الموقف بشكل متفوقٍ ولم يكن أبداً أقل لطافة واحتراماً لأونا ، لكنه أبقي ناتالي ملتصقة إلي جانبه يبتسم لها بسحره الكسول ، وفي أعماق عينيه تحذير شرس . دخل إلي المنزل كعادته لآحتساء فنجان من القهوة بعد أن عادا . .

شاذن 30-06-10 06:36 PM

وقالت له ناتالي وهما يحتسيانها ، إنهما يجب أن يفترقا . . فنظر إليها بعينين نصف مغمضتين ، وسأل : لماذا ؟
- ما من داعي لأن نري بعضنا. أعني لقد عادت أونا .
- وما دخلها بهذا ؟
- حسناً . . هذا هو سبب مرافقتك لي . . أليس كذلك ؟
- لا. . كنت أرافقك لأنك ستتزوجينني . . وأردتك أن تعرفي كيف ستكون الحياة وأنت زوجتي.
قالت بهدوء بالرغم من سماعها لدقات قلبها :
- إذن هذا هو السبب . . مؤامرة لتدفعني إلي الزواج منك .
منتديات ليلاس
- أؤكد لك ما من مؤامرة . . فأنا أتودّد إليك لأن هذا من حقك . . بما أنك ودانيال لم تثقا بي ولم تجرؤا على قول الحقيقة ، فقد كانت بدايتنا معاً خاطئة ، و لا داعي إطلاقاً لأن تفوتك سعادة تودّدي إليك.
نظرت إليه وعيناها قاتمتان :
- يبدو هذا أمراً مكتوباً في دليل العشاق بالقرن الماضي . . أكنت تتحدث إلي أمك عني ؟
لم يدعها حتي الآن للقاء أمه السيدة غرايزر . . وهذا إهمال جعلها تتساءل عدة مرات عما يجول في خاطر تشاد بالنسبة لها .
- لقد تجاوزت السن الذي أعتمد فيه على أمي لتسدي لي النصيحة حول كيفية معاملة امرأة .
ناقش إذن الأمر مع أمه . . صحيح أنه لا يحتاج لهذا ليكوِّن قناعة شريفة حمقاء . . فهو يعاملها معاملة خاصة وسيتزوجها ليعيشا بعد ذلك " بتعاسة" إلي الأبد .

شاذن 30-06-10 06:37 PM

ما من مجال لهذا . . لقد كانت فوليت حكيمة ، وخرجت من حياة دانيال عن قناعة . . ولن تكون ابنتها أقلّ قوة في إرادتها منها . وتصلبت لقرارها هذا لتقول بصوتٍ جاهدت لتجعله عادياً:
- هذا غير مهم . . لأنني لن أتزوجك ، لا الآن ، ولا أبداً . . لن ينجح زواجنا .
سألها بنعومة :
- لماذا إذن كنت تخرجين معي ؟
قالت بصوتٍ حادٍ :
- لأنني أهواك كالمجنونة . . لكنني لن أتزوجك .
منتديات ليلاس
ساد صمت كالذي يسبق الزلزال الذي يدمر الأرض زاحفاً بالموت . . وتشابكت يدا ناتالي أمامها .
غرزت أصابعه في كتفيها ، وتديرها لتواجهه . . بدا وكأنه يريد قتلها تبرق عيناه في وجهه . . وبشرته مشدودة فوق عظام برزت فجأة .
أغمضت عينيها مترقبة . . وساد صمت رهيب . . وفتحت بعد قليل عينيها لتنظر إليه . لكنه كان قد لختفي دون أن تشعر أو تلاحظ خروجه.

انتهي الفصل السادس

شاذن 30-06-10 06:38 PM

7 – الحب لا يكفي
مرت ساعات طويلة على تركه لها ، كانت مستلقية على الفراش ، تحدق في سقف الغرفة يحاول دماغها المرهق بجهد تفهّم ما يحدث . لماذا يجب أن يكون هذا الرجل بالذات الذي يجعلها من دون شجاعة ، أو تفكير ، أو إرادة ؟
إنها تستلقي الآن في السرير الكبير، والدموع تنهمر لا تحل شيئاً مع ذلك لا يمكنها منعها . . كانت تتقلب حين تغلب النعاس عليها ، دون ارتياح ، وأنفاسها تخرج بشكل شهقات صغيرة فوق الوسادة .
منتديات ليلاس
هبت في الصباح ريح تئن بشدة من الشرق ، عابقة برائحة المحيط العاصف . أخذت بيتسي تتجول بقلق قرب الباب ، وأذنيها تستديران في كل اتجاه ، وقالت ناتالي لها :
- هذا جيد لك . . تعالي ، أين قوة احتمالك ؟
وضعت لها القيد في طوقها ، ثم ارتدت معطفها . . أمر غريب ، يكاد قلبها يتحطم مع ذلك فهي تتابع روتين حياتها وكأن كل شيء يسير على ما يرام . .
وترنحت ، في الحديقة العامة ، الأغصان العارية من أوراقها لتنحني متصلبة أمام الريح . . لم يكن من داعٍ لتشجيع بيتسي على الركض ، لأن جسدها كان يتحرك ذهاباً وإيلباً . وحاولت ناتالي أن تحذو حذوها في لعبها ، لكنها لم تنجح .
أحست بالتعب سريعاً ، وقررت مراجعة الطبيب . . حاولت أن تتذكر اسم الطبيب الذي عالجها من وعكتها الأخيرة ، لكنها لم ترغب أن

شاذن 30-06-10 06:39 PM

تتعامل معه لكونه طبيب تشاد . وقررت أن تسأل السيدة مونرو عن طبيبها .
- إنه الدكتور هنتر . . إنه لطيف جداً .
وأرشدتها إلي عيادته الكائنة في ىخر الشارع . نظرت إلي وجه ناتالي المحمر من لفحة الريح .
- هل استعدت عافيتك بالكامل عزيزتي ؟ أيجب أن تمرّني بيتسي ؟ سأكون سعيدة لو فعلت هذا عنك .
قالت ناتالي لجارتها بامتنان :
- لقد كنت لطيفة جداً معي . . وأظن أن هذه النزهات تفيدني أكثر مما تفيد بيتسي .
- صحيح . . معك حق. لكن لا تبالغي .
ابتسمت ناتالي :
- أعدك أن لا أبالغ .
لكن كان أمامها طلبات يجب أن تلاحقها ، من أجل الوفاء بمصاريف معيشتها . هكذا انكبت على الخياطة إلي أن آلمها رأسها ، وشربت فنجان قهوة ، وأخذت معه قرصين قاتلين للألم ، ثم عادت إلي العمل . اتصلت قبل منتصف الصباح بقليل بعيادة الطبيب وحددت معه موعداً . أجفلت حين أخذ جرس الهاتف يرن ، ونظرت إليه وكأنها ستفقد عقلها قبل أن تلتقط السماعة . .
وكان تشاد ، الذي سأل بحدة :
- مع من كنت تتكلمين ؟
ابتلعت ريقها بصعوبة :

شاذن 30-06-10 06:39 PM

- مع محل ، لأقول لهم إن طلبهم سيتأخر قليلاً.
كان الكذب صعباً عليها ، لكنها لم ولن تستطيع ، أن تخبره عن موعدها مع الطبيب .
- لا تعملي جاهدة . . فأنت لم تشفي بعد تماماً ، وتعرفين هذا .
صمت قليلاً ، ولم تقل شيئاً ،فأكمل :
- أنا مسافر بعد الظهر . . ولا أعلم كم سيطول سفري ، لكنه لن يكون لأكثر من أسبوع . سأتصل بك حين أعود .
إنها بداية الهجران . . وأحست بقشعريرة برد اضطرت معها للسعال لتجلي حنجرتها .
- فهمت . . تمتع بوقتك .
منتديات ليلاس
بدا متحفظاً :
- أشك في هذا . . اعتني بنفسك ناتالي . . ماذا ترغبين أن أجلب لك معي ؟
جعلت لهجته السخرية في صوته رأسها يرتفع ، وقالت ببرودة:
- لا شيء . . شكراً لك . . أنتَ فقط.
ضحك :
- أوه . . سأعود إليك . . إلي اللقاء في الأسبوع المقبل إذن .
قبل أن يتشكل الردّ في رأسها ، أقفل السماعة ، وأخذت سماعتها تردّد رنين الفراغ في يدها .اشتاقت إليه . . هذه كلمات سخيفة تصف فيها الفراغ المرير للأيام التي تلت . . لكن العمل منعها من قضاء كل دقيقة صحو تتشوق إليه . . هكذا عملت طوال النهار وفي أغلب الأوقات ساعات طويلة من اليل ، لكنها كانت كل صباح ، يتملكها إحساس

شاذن 30-06-10 06:40 PM

جديد بالنقص . وحلمت به كثيراً . . كانت أحلام خسارة ووحدة وخوف ، إلي درجة أنها كانت تستيقظ مرتجفة باكية.
أدركت ببطء . . ما فعلته حين كاشفته برفضها الزواج منه . إنها تحبه ، مع ذلك أدارت ظهرها لهذا الحب . . واستخفت به . وبهذا خسرت فرصتها لتغيير مشاعره نحوها إلي لا شيء سوى المرارة ، التي تجعل كل أيامها باردة ، والمستقبل لا يحتمل . .
منتديات ليلاسآلمها الآن أن تتذكر كلمات أمها عن الحب : " إنه مقوّم أساسي وجيد جداً للحياة ويزيد بريق الحب برابط الزواج . . لكن لا تشعري يوماً أنه الشيء الوحيد الضروري . . يجب أن يكون هناك الاحترام ، الحنان ، ومجموعة اهتمامات مشتركة . . وتذكري دائماً أن هناك العديد من الرجال ، الذين يثيرون كل هذا فيك ". تنهدت ناتالي وهي تتذكر ، تسند رأسها على يدها . ربما فوليت على حق . سيتواجد ربما رجل في المستقبل يمكن أن يلهمها الحب مرة أخرى . . لكن في هذه اللحظات ، وقلبها يتضوّر شوقاً لتشاد ولوجوده معها . .فهي تشك في هذا كثيراً .
همست بيأس : عدّ إلي . . عد إليّ حبيبي ! كانت حين عاد ، تستعد للخروج مع بيتسي وكان يوم سبت ، وقد مضى على غيابه عشرة أيام . . وتوقفت أمام السيارة تنظر إليه ، لينقلب قلبها رأساً على عقب . استقام مبتسماً بعد أن داعب بيتسي واستكانت ، وتقدم إلي ناتالي المسمرة بالباب ، وعيناه اللطيفتان مسمرتان على وجهها .
- تبدين وكأنك كنت تعملين بمشقة وجهد . .

شاذن 30-06-10 06:40 PM

أحني رأسه ليعانقها . ووقفت للحظات جامدة بين يديه . . ثم أمسكت ذراعيه وتعلقت به ، والدموع الغبية تترقرق في عينيها . لكنه لم يري تلك الدموع . . وأراح خده على شعرها ، قائلاً :
- أعتقد بأنه حان الوقت لبيتسي أن تري بقرة . . اذهبي واحضري أى شيء قد يلزمك لتقضي يوماً في الريف .
منتديات ليلاس
- وهل أحتاج لأن أغيّر ملابسي ؟
- لا. . تبدين ملائمة جداً . . ألديك حذاء مطاطي ؟ عظيم ، اجلبيه إذن . . سنعود بعد العشاء.
- أوه. .
- ما الأمر ؟
- أنا لا أرتدي شيئاً للعشاء .
- إذا بقيت محتارة هكذا فلن ترتدي شيئاً . . ألم تشتاقي إليّ ؟
تراقصت الخصلات المتجعدة السوداء وهي تهز رأسها إيجاباً ، فضحك ، وتركها ، يدفع بها إلي داخل الباب .
- توقفي عن تجربة إغوائي . . أيتها الساحرة الواسعة العينين . سنتناول العشاء مع مدير مزرعتي وزوجته ، وبشكل غير رسمي .
هكذا غيّرت قميصها ، وارتدت تنورتها بدل الجينز ، فوقهما كنزة عكست لون خديها . . وابتسمت لصورتها في المرآة .
كان يوم من أيام الشتاء الجميلة . . سارت بهما السيارة عبر الضواحي ، وجسر الميناء .

شاذن 30-06-10 06:41 PM

استدارت السيارة يميناً بعد ساعة من الانطلاق شمالاً عن أوكلاند ، لتسير عبر طريق وعرة ، بحيث أن ناتالي لم تستطع منع صرخة حين واجهت السيارة أول حفرة .
ضحك . . وكانت مسرورة أنه لم يرفع نضره عن الطريق الملتوية أمامه ، وأيقنت بأنها لن تشعر بالثقة سوى مع تشاد .
- كم تبعد هذه الطريق ؟
- حتي النهاية ثمانية كيلو مترات . وستزداد سوءاً .
منتديات ليلاس
قبل نهاية الطريق ، ظهرت شجيرات شاي منخفضة مليئة بزهر أبيض صغير . وقال لها :
- هذه هي مزرعتي .
- منذ متي وهي لك ؟
- منذ ثلاث سنوات . حين اشتريتها كانت مقفرة كلها تقريباً . ولقد طورناها كثيراً . .
جعلها شيء في صوته تدير رأسها إليه . كان يبتسم وقالت بلهجة متسائلة :
- أهذا ما تحب أن تقوم به ؟
- أجل .
- أفضل من أن تكون محامياً ؟
بدا للحظاتٍ وكأنه يتجاهل سؤالها ، ثم قال :
- أجل . . أعتقد أنني أفضّله على المحاماة . . أنا أتمتع بعملي كثيراً . . لكن جعل الأرض تزدهر ، شيء آخر . . لكنني لست مزارعاً ، فبيتر كاسل يقوم بكل شيء ، وأنا أوفر له المال والحماس . .

شاذن 30-06-10 06:41 PM

صحيح ان وضعنا المادي ليس جيداً لكننا سنعيش . استدارت السيارة حول سطح تلة وظهر المنزل على حافة وادي أخضر ، منعزل وصامت ، تحت أشعة الشمس الساطعة .
- - آه . . ها قد وصلنا .
كان في الواقع ثلاثة منازل . . منزلان صغيران من طابق واحد على طراز حديث ، وفي الطرف الآخر من الوادي بناء ضخم قديم من طابقين مبني بين أشجار كثيفة ضخمة استوائية .
قال لها تشاد :
- إنه بيت المزرعة الأصلي ، لكنه في حالة سيئة مع أنني أصلحته كثيراً .
- - يبدو جميلاً . .
منتديات ليلاس
- إنه مكان لطيف جداً. . يجب إزالة هذه الأشجار طبعاً . . إنها قديمة وقريبة جداً منه . . لقد زرعت أشجاراً أخرى ن كوقاية له من الريح ، وسأقطع حينما تكبر كل الأشجار القديمة .
- عظيم . . أكره هذا النوع من الأشجار ، إنها قابضة للصدر ، ومعتمة ، لابد ان المنزل معتم من الداخل أيضاً .
- صحيح . . لقد زرع هذه الأشجار إنسان لا مخيلة واسعة له . . ولا يملك أدني فكرة له كم سيصبح ضخمة .
كان ينتظره قرب البوابة ، رجل ممتلئ الجسم صغيره متقوّس الساقين ، بابتسامة مشرقة وبعينين رماديتين ذكيتين ، تستوعبان كل ذرة من مظهر ناتالي بسرعة البرق ، وبنظرةٍ لطيفةٍ.
قال تشاد :

شاذن 30-06-10 06:42 PM

- هذا بيتر كاسل . أخبرتك بأنني سآتي ومعي ناتالي كونراد .
رد بيتر :
- زوجتي متشوقة للقائك .
صافحهما بحرارة قبل أن يقود الطريق عبر الممر بين مساكب زنابق ربيعية ، زوجتة بيتر امرأة كبيرة الجسم تملك أجمل عينين خضراوين رأتهما ناتالي ، في وجه ذكي بسيطٍ ، كانت ابتسامتها وترحيبها حذرين مع أنها رحبت بتشاد بمودة واحترام .
صنعت الشاي ، وأمضي الجميع أكثر من عشرين دقيقة ممتعة وهم يحتسونه على الشرفة في الخارج . كانت الشمس حارة رغم ان الوقت كان في منتصف الشتاء . . سألت ناتالي خلال توقف قصير للحديث :
- لا يبعد البحر أكثر من ميلين وراء هذه التلال وهو أحد حدود الجزيرة .
هزت ناتالي رأسها ، ولمعت الشمس بلون أزرق على شعرها الأسود ، تنير استدارة فمها الرقيقة وهي تقول :
- أنا أتشوق لأول عيد ميلاد هنا . . لم تسأم أمي يوماً من إخبارنا كم أن أوكلاند جميلة بأشجارها ذات الزهور الحمراء ، القرمزية ، حول الشاطئ .
قال تشاد بعفوية وهو يقف :
- سنقوم حين يأتي الميلاد برحلة خاصة لرؤيتها . . تعالي ، سأجول بك في المكان .
قالت وهو يجرها معه :
- لا. . انتظر . . سأساعد السيدة كاسل قبل أن نذهب .

شاذن 30-06-10 06:42 PM

أصرت السيدة بحزم :
- أبداً . . ليس هناك بالشيء الكثير .
حاولت ناتالي الاحتجاج لكن المرأة ابتسمت :
- لقد اشتري لنا تشاد غسّالة صحون ، فلا إزعاج في هذا ، اذهبا الآن ، قبل أن تضجر الكلبة وهي مربوطة .
ضحك الجميع ، فقد كانت بيتسي تقفز بترقب منذ جلوسهم ، وأنفها يتحرك مع كل رائحة جديدة عليها قادمة مع الهواء . . وخرجوا في سيارة لاندروفر وسارت بهم فوق شبكة طرقات داخلية نظيفة . . كانت الطريق جيدة ، لكنها مرصوفة بشكل وعر ، وكانت ناتالي تميل حين تلاقي اللاندروفر حفرة في الطريق ، لتستند إلي تشاد . . فيلف على الفور ذراعه حولها ليثبتها ، وأحست بارتباك متوتر .
تصاعدت الحرارة إلي عنقها ، وانتشرت في خديها . فسألت:
- كيف حال بيتسي في الخلف .
منتديات ليلاس
وحاولت الالتفات ، لكنه شدّ ذراعه عليها ليمنعها من النظر وقال باختصار : بخير .
وتابع حديثه مع بيتر .
وتركها تغلي غضباً وجمدت نظرها إلي الأمام . . كانت لمسته لها إظهاراً لعد احترامه لها ، لقد قال " يحصلن على الاحترام" وها هو يوضح الآن ما ستعانيه برفضها للزواج منه .
أدارت رأسها نحوه ،كان لا يزال يتحدث إلي بيتر ، بعد قليل ، انخفضت عيناه إليها يستدعي بنظرته الشرارات الذهبية في عينيها ، وترنح اللاندروفير يلتف حول جانب التل ، بينما بقيت تنظر إليه بذهول وارتباك .

شاذن 30-06-10 06:43 PM

ثم قال بيتر كاسل شيئاً ليبدد بصوته اللطيف أجواء السحر ، واشتدت يد تشاد حولها قبل أن يرفع ذراعه ليريحها على ظهر المقعد . . وتوقفت السيارة في أعلى التل ، ليقول بيتر بصوت مرح :
- المنظر جميل من هنا .
نزل تشاد وارتد إلي الخلف لينزل بيتسي ، تاركاً ناتالي تنزل لوحدها ، متخلياً عن كياسته العادية معها . ثم سأل :
- كم بيتسي جيدة في العودة حين تستدعينها ؟
هزت ناتالي كتفيها :
- نعم هي رائعة في الحديقة ، أما كيف سيكون حالها هنا ، فهذا أمرٌ لا أعرفه . .
منتديات ليلاس
- سنجرّبها .
ما إن أزال عنها القيد ، حتي انطلقت عبر العشب ، رأسها إلي الأسفل ، وأذناها متوترتان . . لكن ما إن استدعتها ناتالي حتي عادت على الفور ، ولو بشيء من الحيرة .
قالت لها ناتالي :
- عظيم . . كلبة أليفة . . انطلقي الآن .
اختار بيتر موقعه بعناية . . أعلى نقطة في كل المزرعة تقريباً . . كان يعطي منظراً رائعاً للمراعي الخضراء الرمادية ، وأشجار الصنوبر وكانها قطعة من البحر الأزرق الشفاف أمام خط الجبال الممتددة مع الأرض حتي الأفق .
تنفست بعمق :
- أوه . . إنه منظر جميل .

شاذن 30-06-10 06:44 PM

ركزت اهتمامها على ما تراه حولها ، وأعجبتها قطع الأرض الحرجية المزروعة ، وعرفت من كلام بيتر أنها باقتراح من تشاد . وسألت :
- هناك أشجار أكثر بكثير من المعتاد ، أليس كذلك ؟
هز تشاد رأسه :
- لدي نظرية تقول : يحتاج العشب والماتشية معاً إلي المزيد من الحماية . . بيتر لا يصدق هذا ، لكنه يتآلف بسرعة مع الأفكار الغريبة .
ضحك بيتر :
- ويزداد تآلفي معها حين يكون على استعداد لتوفير المال لها .
كان هنك برك للمياه يحيط بها المزيد من الأشجار ، كلها أشجار محلية ، وعلى أطرافها أشجار تفاح برّي ، وشجيرات توت بري لجذب الطيور . . راقبا في أيكة أشجار في أحد الوديان ، حمامتين من النوع المحلي الكسول ، تجلسان بتناغم هادئ على غصن ، يلمع صدرها الأبيض السمين بتناقضٍ واضحٍ مع أوراق الشجر البرونزية القاتمة . قال بيتر بصوت منخفض :
- إنها طيور غبية . تجلس هكذا وتترك لك المجال لصيدها . .
قالت ناتالي :
- أوه . . لكنهما جميلتان جداً .
كانت بيتسي تمرح فوق العشب دون تأنيب لما تفعل سوى مرة واحدة حين برزت غرائزها الموروثة واتجهت نحو مجموعة من الأبقار . وعلقت ناتالي :
- إنها فعلاً كلبة رعاة ماشية .

شاذن 30-06-10 06:45 PM

وأعاد أمر تشاد الصارم الكلبة بشيء من التردد فانحني يتلمس رأسها :
- لكن ليس لماشيتي .
ظهر لها واضحاً بأن الرجل الذي تحبه بالرغم عنها هو شبكة متناقضات : قاس ولطيف . . خشن وناعم . . شريف ودون رحمة . . معقد ومحنك .
وقف يلتقط عينيها بنظرة ساخرة طويلة ، ثم التوت شفتاه ، ماسكاً يدها ليجرها إلي اللاندروفر ، قائلاً :
- بيتر لا يستطيع العيش لأكثر من ساعتين دون فنجان شاي.
اتضح فيما بعد في المنزل ، بأن السيدة كاسل كانت بانتظارهم والمائدة محضّرة لتناول شاي بعد الظهر وقد تمتع به الجميع .

منتديات ليلاس


انتهي الفصل السابع

شاذن 30-06-10 06:47 PM

قرائه ممتعة لجميع من يتابع هذه الرواية من الأعضاء والزوار. . .
لم يتبقي إلا الفصل الثامن والتاسع ،
أرجو أن تنال إعجابكم . . .

:8_4_134:

3boor 01-07-10 10:18 PM

شوووووووكرن :flowers2:
يالله لا تطولين عليينا مابقي غير فصلينن :dancingmonkeyff8:

شاذن 02-07-10 05:50 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة 3boor (المشاركة 2364609)
شوووووووكرن :flowers2:
يالله لا تطولين عليينا مابقي غير فصلينن :dancingmonkeyff8:

للأجل عيونك راح أنزل الفصلين اليوم. . .
أرجو أن تعجبك نهاية الرواية. . .
ما تحرمينا من رأيك. . .

:flowers2:

شاذن 02-07-10 05:52 PM

8 – الموت أفضل

تنهدت ناتالي وهما يسيران عبر المرجة الخضراء باتجاه المنزل القديم خلف ستار الأشجار الصنوبرية :
- هذا كثير . . إنها طباخة رائعة .
رد باقتضاب :
- جيدة جداً .
استرقت نظرة إليه قبل أن تدير وجهها عنه . . انتشر اللون القرمزي على خديها وهي تفكر به . . وسألت :
- كم عمر هذا المنزل ؟
- قيل لبيتر إنه بني منذ مئة سنة .
منتديات ليلاس
وبدا هذا صحيحاً . . تحيط به شرفات عريضة مقنطرة معمّدة ، على علوّ درجتين فقط فوق المرجة الخضراء الممتدة أمامه . . مظلل بشكل كثيف بأشجار كبيرة قديمة ، صحيح أنه معتم وبارد ، لكن وهما يسيران عبر الغرفة الكبيرة المرتفعة السقوف ، تصورت ناتالي كم كان جذاباً في أيامه .
قالت تنظر مرتاعة إلي المطبخ الرهيب :
- يلزمه كثير من الإصلاح .
ابتسم تشاد :
- هذا صحيح ، حقاً . . رأيته أول مرة ، كانت الجدران تتمايل كلما هبّ الريح . . ولقد جرى إصلاحها بالطبع . . ماذا كنت ستفعلين به ؟

شاذن 02-07-10 05:53 PM

أحبت أن تُعرِبَ عن رأيها، لكن شيئاً ما في نظرته جعلها تهز رأسها .
- يحتاج إلي خبير ليعرف إمكانياته .
- أتظنين هذا ؟
حذرها شيء ما بأن غريزتها كانت على حق . . وقال :
- لقد قمتِ بعملٍ ممتازٍ لمنزل المدينة .
- مقارنة بهذا ، منزل المدينة مجرد لعبة .
- ظننت ان كل النساء يحببن فكرة صرف مبلغ ضخم من المال على بيوتهن .
أجفلت ، لكنه تحرك بسرعة وأمسك بكتفيها . .
منتديات ليلاس وقال بوضوح وكأنه يتحداها أن تعترض :
- فكرت حين ننجب أطفالاً أن ننتقل للسكن هنا . أعرف أن الطريق مريعة . . لكننا نستطيع إصلاح هذا . ثم هناك مدرسة لا تبعد كثيراً . . سيكون مكاناً جيداً لتربية الأطفال .
وقفت متصلبة :
- أنا واثقة من هذا . . لكننا لن ننجب أولاداً تشاد .
- ألا تحبيبن الأطفال ؟
- ليس أطفالك .
- هذا مؤسفٌ . .
أخفض رأسه ليرتاح على شعرها ، مكملاً :
- بالطبع ، إذا كانت فكرة إنجاب الأطفال تخيفك ، إذن لن ننجب . صحيح أن أمي سيخيب أملها ، في النهاية إنها حياتنا نحن ، وليست حياتها .

شاذن 02-07-10 05:53 PM

لا شك انه يعرف كم يؤلمها بهذا الكلام . .قالت عبر شفتين شاحبتين متصلبتين :
- لن أتزوجك تشاد .
ضحك :
- بالطبع ستتزوجينني . . أين تظنين بأنني أمضيت الأيام القليلة الماضية ؟
همست : أين ؟
راقبها بتسليةٍ باردةٍ :
- أتعرّف على عائلتك .
- لا . . لا تشاد .
- بلي ناتالي . . ولقد أعجبنا ببعضنا كثيراً . . أعتقد أن زوج أمك تأثر كثيراً لأنني جئت أطلب يدك منه . . وكنت واثقاً أنه سيوافق معي على أن أتزوجك .
منتديات ليلاس
رفعت يدها تصفع وجهه الساخر :
- كيف تفعل هذا ؟ أستطيع قتلك الآن .
آلمها يدها ، لكنها تمتعت بالألم ، وراقبت عينيه بغضبٍ مريرٍ ، بينما كانت بشرته تشحب ثم تحمر لقوة الصفعة .
كرّرت بخشونة أكثر :
- لن أتزوجك . . أبداً .. حتى ولو وقعت كل عائلتي ضحية فتنتك الخادعة التي تستخدمها كسلاح . . ألا تستطيع إدخال هذا في رأسك ؟ لا أريد أن أتزوجك ! لا أستطيع التفكير بشيء أسوأ من الارتباط بك إلي أن تسأم مما تريده مني ، ثم تطلقني . . أفضّل أن أموت !

شاذن 02-07-10 05:54 PM

- لا حاجة لأن تقلقي حول الطلاق ، فأنا لا أمن به . . إضافة إلي هذا ، أعتقد ، ان نقص خبرتك ، هو الذي يجعل من الصعب عليك فهم ما أريده منك . . أريدك كلك ، أريد أن أمتلكك ناتالي ، جسداً ، قلباً ، وروحاً . . أريد أن أعرف انك حين تنظرين إليّ ستعرفين من هو سيدك !
ارتعشت خائفة وظنت بان يديه ستسحقان كتفيها . . وبدأت تهز رأسها ، خائفة أكثر مما فعلت من قبل . . وقالت عاجزة :
- لن تستطيع . . لن أسمح لك .
منتديات ليلاس
- لن تستطيعي منعي .
تركها وسار إلي النافذة . . حدّق للحظات طويلة نحو الخارج . . وكان صوته حين تكلم بارداً :
- إذا كنت لن تتزوجينني . . سأخبر زوج أمك كل شيء عن أمك . . إنه رجل متدين ، ومتصلب في وجهات نظره . . ويكره الكذب والخداع .
أجفلت ناتالي ترفع يديها إلي وجهها . . لقد ظنت اته آلمها كثيراتً بحيث لن تتألم أمكثيراً . لكنه كان ذكياً جداً في اكتشاف طرق جديدة للتسبب بالألم .
استسلمت في تلك اللحظات ، كانت مدركة بأن ديسموند يجد صعوبة في مسامحة من يكذب عليه . . ولو اكتشف أن زوجته خدعته سينهار زواجهما . . كانت فوليت تعرف هذا حين طلبت من دانيال أن لا يكشف علاقته بناتالي . . ولو نفذ تشاد تهديده ، ستخسر فوليت الكثير . . وكذلك زوجها . سألها بصوتٍ متعبٍ ، لكن دون لين في تصميمه :

شاذن 02-07-10 05:54 PM

- حسناً . . ما هو قرارك ؟
سوف يدمر العالم ليحصل على ما يريده . . سألته بصوتٍ يثير الشفقة :
- لماذا ؟
رفع كتفيه دون اكثرات :
- الله يعرف . . أتظنين أنني أريد هذا وبهذه الطريقة ؟ ربما تثيرين بي تعصبي .
منتديات ليلاس
- وهل يستحق كل هذا زواجك من امرأة تكرهك لمجرد أن تأخذها إلي الفراش ؟
ضحك وعاد بسرعة ممسكاً يدها ، وقال :
- لكنني لا أريد فقط أن آخذك إلي الفراش . . أنت تفهمين لماذا . . أليس كذلك ؟ لا ، انا لا أريد خدمات جسدية فقط ناتالي . . فانا أريدك .
تنهدت ناتاليب :
- حسن جداً . .
يمكن أن تكون سعيدة في حياتها معه ، لكن ستبقي تعي أنه لا يحبها . وما يشعر به نحوها قويّ لكنه ليس الحب . تركّزت عيناها الواسعتان على وجهه ، وظنت انها تقرأ الازدراء فيهما والغضب ، فارتفعت يداها لتغطي وجهها . تمتم يبعد يديها .
- لا . . مع أنني اريدك بيأس ، لن أفعل لك شيئاً . . أستطيع الانتطار . . ولا تنظري إليّ هكذا ناتالي . . أرجوك .
قالت بمرارة :

شاذن 02-07-10 05:55 PM

- وكيف أبدو لك ؟ خجولة ؟ حسناً . . انا خجلة !
قال بهدوء ناتالي .
توقفت غير قادرة على النظر إليه ، وارتفع أصبعه ليرفع ذقنها . . نظر في وجهها للحظات طويلة ، ثم قال : لا يهم .
ثم أمسك بمرفقها بقبضة عفوية .
كان الوقت متأخراً جداً حين عادا إلي المنزل . . أمضيا أمسية سارة مع بيتر وزوجته ، ثم عادا في ليل صاف . لم تستطع ناتالي بالرغم من نفسها ، أن تمنع تسارع دقات قلبها وهما يقتربان من أوكلند. .
مرّ الوقت بعد ذلك كالحلم ، وتعشيا في الأمسية التالية عند أمه ، التي كان لها كل فتنة تشاد ، مع قليل من شدته والتي أوضحت أنها تستقبل ناتالي بارتياح تام ، قائلة بحبورٍ :
- لقد آن الوقت لأن يكون لي أحفادي .
اجرى تشاد بعد العشاء مخابرة مع " ساوث ايلند" ليخبر فوليت السعيدة بأنه نجح في إقناع ابنتها بالزواج به . . وقالت فوليت بإثارة لناتالي :
- نحن مسرورون جداً لك ، حبي . . لقد أحببناه كثيراً . . يعاني الصبيان من حالة إعجاب شديدة به كبطل .
دعا صوتها ابنتها لتشاركها الضحك ، أكملت الحديث معها مبتسمة ، وتمكنت أن تكون ناتالي التي تعرفها أمها . وسألت فوليت وكلها أمل :
- لا أظنكما ستقيمان حفل الزفاف هنا .
- أنا . . أنا لم أفكر بهذا .

شاذن 02-07-10 05:56 PM

تمرد كيان ناتالي كله ضد فكرة المضي بهذه التمثيلية الفارغة أمام أعين عائلتها المحبة ، لكن قبل أن تقول شيئاً أخذ تشاد السماعة ليعلن أنهما بالطبع سيتزوجان في موطن ناتالي ، إنما بزواج بسيط ، فهو لا أقرباء كثر له . ثم أعاد السماعة لتتكلم مع زوج أمها وأخويها الصغيرين . وانتهت المكالمة تاركة ناتالي تشهق شهقات بكاء عظيمة ، أتتها من حيث لا تدري . . دموع محرجة ، وبؤس شديبد ظنت نفسها ستموت منه . منتديات ليلاس
أمسكت ذراعا تشاد بها ، واستخدمت منديله لتجفف أسوأ تدفق للدموع مرّت به . . وقالت السيدة غرايزر :
- يا للطفلة المسكينة . . أطنك مرهقة . . تشاد توقف عن التمسك بها وكأنها ستختفي . . اذهب وأحضر لها القهوة .
- ليس القهوة . . إنها لا تحبها كثيراً .
- لا دخل لحبها بهذا ، فالقهوة تنبه حواسها . . هيا تشاد ، إنها بحاجة إلي شيءٍ ساخن .
وأستبدلت الذراعان القويان بذراعين أنثويين . . وشهقت ناتالي ، ونفخت أنفها ، تجفف الدموع التي كانت تتساقط لوحدها ، ثم قادتها حماة المستقبل إلي الصوفا ، قائلة :
- إنها إثارة قوية .
عاد تشاد بفنجان قهوة يتصاعد البخار منه :
- دون سكر . . اشربيه كله .
كان طعم القهوة المرة مريعاً ، لكنه أوقف دموعها . . وما هي إلا لحظات حتي أثرت حرارته عليها واسترخت . . واقترحت السيدة

شاذن 02-07-10 05:57 PM

غرايزر بعد نوبتين من التثاؤب ، ان تمضي ناتالي الليل عندها . لكنها قالت بسرعة :
- أوه . . لا. . شكراً لك . . لقد تركت بيتسي محبوسة في المنزل .
ابتسمت السيدة لها :
- حسناً . . يجب أن تذهبي إذن .
أدارات اهتمامات إلي ابنها :
- لا تدعها ساهرة كثيراً تشاد . . غنها تحتاج إلي النوم . . فالمسكينة تبدو سوداء العينين .
منتديات ليلاس
تفحص البيت مرة أخرى قبل توديعها . . لكن عناقه هذه المرة كان من النوع الذي تخشاه . . كأنه يشعر بالغضب ، وبحاجة لأن يعبر عن قوته أمامها . . لو أنه أدرك لمرة واحدة أنها تحبه ، سيكون في يده سلاح لا يقهر . . سلاح سيستخدمه في معركته الصامتة التي يخوفها بها وتركها لأفكارها وذهب .
مرت الأيام تلاحق بعضها بعضاً بشيء من الضبابية . كان تشاد ، قد أعلن لها أنهما سيتزوجان خلال شهر . . وأن عليها العودة إلي موطنها قبل أسبوع من الموعد . وجدت نفسها تستخدم عملها كعذر ، تخيط في كل دقيقة فراغ لها ما بين اختيار ثوب العرس وبين الجهاز ، وتحت إشراف السيدة غرايزر الحريصة . اعترضت ناتالي في البداية على كمية المال المقدمة لخزنة ثيابها ، والتي تظنها السيدة غرايزر ضرورية . . لكنها زجرتها بلطف .

شاذن 02-07-10 05:58 PM

- يجب أن تكوني مستعدة لكل شيء ، بالرغم من تحفظ تشاد وعزلته ، إلا أن له حياة اجتماعية جيدة . . من شاي الصباح إلي الباليه ، إلي الحفلات الراقصة .
- شاي الصباح ؟
ضحكت السيدة ، وأكملت :
- ربما لا. . لكن أرجوك أن لا تتعبي في موضوع الملابس عزيزتي . . تملكين جسداً صغيراً وجميلاً ، وسيسعد تشاد كثيراً بأن يلبسه أفضل الثياب . . أنا واثقة أنك لست بحاجة لمن يذكرك بأنه كان يعتبر لقطة رائعة . . حتي بعد أن يتزوج سيكون هناك الكثيرات من الشابات حوله اللواتي يسعين إلي لفت نظره .
منتديات ليلاس
- جعلها هذا التحذير الجريء تبتسم . . لو كان هذا زواجاً عادياً فلربما اهتمت بتلك النسوة المتصيدات لكنهن في هذه اللحظات آخر ما يقلقها .
- - وما سيحدث أنك يتواجهين العديد منهن ليلة الغد . . لا أستطيع أن لا أدعوهن ، فنحن نعرفهن منذ كن أطفالاً ، وأهلهن من قبل ذلك بكثير .
كانت ليلة الغد حفلة الخطوبة . . كان من المفترض أن تكون مناسبة صغيرة ، لكن يبدو أن السيدة غرايزر لم تكن قادرة على الحد من العدد . . وكان يجب أن ترتاع ناتالي لفكرة مقابلة هذا العدد الكبير من الأقرباء والمعارف ، لكن القوقعة التي غلفت نفسها بها عزلتها عن مثل هذا الخوف . وكأن هذا أمراً جيداً لها . . فأول من وصل إلي منزل العائلة الكبير والقديم ، كان أونا دراير . . وجذبت بعد أن ابتسمت بأقل

شاذن 02-07-10 05:58 PM

قدر من الكياسة لناتالي ، رأس تشاد تعانقه مهنئة بحماسه ، ثم قالت تنطربسرعة إلي ناتالي :
- حبيبي . . أنت متعب . . او قلق . ., أيزعجك شيء ؟
ضحك في وجهها :
- لا شيء من هذا أونا . . أحسني التصرف الآن . . أو ستظن ناتالي أن لا أخلاق لك .
ردت بإثارة واستفزاز :
- انا لم أدع القلق حول اخلاقي يقف يوماً في طريقي .
وابتعدت عنه متمايلة ، وتمتم تشاد في أذن ناتالي :
- تظاهري على الأقل بالغيرة . إنها تراقبنا من زاوية عينها.
منتديات ليلاس
- حسناً . . لقد حاولت جهدها بكل تأكيد . . أترغب في أن أتعلق بذراعيك وأنظر شزراً لكل امرأة تحت الأربعين تقترب منك ؟ آسفة .
- كاذبة . . أنت لا تهتمين بتمثيل أونا ، لأنك تعرفين مسبقاً بأنني لا أهتم بها أو بأي امرأة أخري .
وقفا للحظات متواجهين ضائعين في دائرة من مشاعرهما المتبادلة ، وجه مستغرق فوق وجه مستغرق أكثر ، وكأنهما ضمن دائرة سحر قوية . إلي أن قدمت السيدة غرايزر ، أنيقة بفستان ليلكي ، لتقطع الصمت . . ثم وصلت ابنة دانيال آنا وزوجها . . هو قلق ، وهي بتعابير غير راضية تعكر وجهها الجميل . وهما يبتسمان و ويتظاهران ، كانا يعيان اهتمام الضيوف الآخرين ، فالكل يعرف بان دانيال ويبستر قبل موته ، كان دائماً برفقة ناتالي .

شاذن 02-07-10 05:59 PM

لكن أنا كانت على أفضل خلق ، وكذلك ريتشاد شقيقها ، حين وصل بعد قليل . . واستقبل تشاد الموقف بكياسة . يا لنا من كاذبين . . فكرت ناتالي بعد ساعات : كنا جميعاً مختبئين وراء أقنعتنا ، نكتب ما في أنفسنا بدهاء ، بانزلاقنا قليلاً إلي النسيان .
كانت فيما مضي تحلم بحب لطيف ورقيق يراعي أحاسيسها . . وما حصلت عليه لم يكن حباً ، ولا لطيفاً أو رقيقاً . . مع ذلك ، فما على سوى ان ينظر اليها لترتجف . . ما تحس به نحوه كان حباً . . أما هو لا يحبها، ولو أنه يحبها، ولو أنه يحبها لما استخدم إخلاصها لأمها ليجبرها على هذا.
منتديات ليلاس
قال يعلق بهدوء :
- أنت صامتة جداً، سيظن ضيوفنا أننا تخاصمنا.
وكانا فعلا تحت المراقبة:
- إذن فهم مخطئون.
- أتظنين هذا ؟ نحن لم نتخاصم يوماً . . كل مشاجراتنا كانت كقتال المحترفين المتفق عليه سلفاً . . و النصر أمرُُ مسلم به .
قالت بمرارة:
- حسناً . . لقد انتصرت.
- وهل انتصرت ؟ لا . . لقد خسرت . . و النصر النهائي لك.
- غير صحيح . . فأنت حصلت على ما تريد.
رد ببرودة:
- بل حصلت على إذعانك المزدري الرافض . . على أي حال ، هذا ليس وقت البحث في هذا .

شاذن 02-07-10 06:00 PM

صفر أحدهم وتعالي الهتاف والتصفيق ، ردّ عليها تشاد بثقة المعروفة بالنفس والتي تجدها ناتالي مثيرة للتوتر . . وقالت تبتسم له ، تنظر إلي وجهه المتعجرف :
- أكرهك .
- أعرف ، ويا للأسف . . فأنا معجب بك . . مع ذلك فهذا لا شيء ، لأن ما يجمعنا معاً شيء لا نستطيع كبحه أو السيطرة عليه ، بمجرد إعجاب أو الكراهية .
قالت بسخريو :
- تعني الرغبة !
- بالضبط .
منتديات ليلاس
تظاهرت بالابتسام ، محدقة في لهيب عينيه :
- لكنت تزوجت فتاة لطيفة من أصل رفيع ، لا تهدّد صفاء بالك ، و لأعطيتها أطفالاً ، ولكنت مسيطراً تماماً على حياتك وسعادتك .
لقد أصابت وتراً حساساً فيه . . لكن وجهه لم يتغير . كان يبدو مبتسماً بحبٍ بالنسبة لأونا التي تراقبهما عن كثب ، وهو ينظر إلي ناتالي . . وشدها حتى استندت إليه :
- أتظنين انك أكثر سعادة بالحياة الرتيبة التي كان يمكن أن تختارينها مع رجل أخر ؟ بإمكاني ان أعطيك أكثر منه مجرد السعادة بكثير ناتالي .
أغوي صوته الجميل أذنيها . . صحيح انه من الصعب المقاومة ، لكنها قاومته وحاولت جعل كلماتها هادفة وهي ترد :

شاذن 02-07-10 06:00 PM

- الاختيار هو الأساس . . فما من أحد يستطيع توقع السعادة أو اختيارها . . إنها حصيلة جانبية . . لكن يجب أن يكون لنا الحق باتخاذ القرار . . إذ ليس من العدل ولا يحق لك أن تنتزع هذا الخيار مني .
- وهل تظنين أن لدّي بديل عن هذا ؟
نفذت الكلمات المريرة إلي دماغ ناتالي . . ودخلت روحها . . لكنها ردّت بعناد :
- يبقي دائماً هناك خيار .
منتديات ليلاس
فجأة ضحك ، رامياً رأسه إلي الوراء ، وكأنها تسلية . وحدها تستطيع استشفاف السخرية في ضحكته ، وفي كلماته التي تلت :
- هنا حبيبتي ، يا أعز الناس ، يا قلبي ، انت مخطئة ن هذا ما تفعله المشاعر بنا ، تتلاعب بمزاحها مع الجميع حتي لا يعود لنا خيار . . لكنه مزاحٌ مريرٌ ، مزاح قاس يترك المرء دون إرادة . تقولين إنك تكرهينني ناتالي ، ولا يمكنك كراهيتي أكثر مما أكرهك أنا . .
انكمش قلبها عذاباً ، غنه يتعذب ، وألمه يدفعه إلي مهاجمتها . . لو انه فقط يتعلم كيف يحبها . . لكن ما من جدوي من البكاء على الإطلال. ومن غير المجدي الأمل بأي شيء أكثر من التعاسة المريرة في هذه الحياة التي يجبرها عليها . . فهو يري انجذابه إليها ضعفاً منه . . بل عيباً في بنية شخصيته، ويكرهها لأنها السبب في هذا الضعف . قالت :
- أتمني . .
لكنها لا تعرف ما تتمني ، إذ لا مجال للوصول إلي حبه . . وأفلتت منها تنهيدة حادة ، فرفع ذقنها ليقول لها بقسوة :

شاذن 02-07-10 06:01 PM

- لا تستمري في مظهر الأميرة الضائعة ، وإلا سيظن الناس أنني ضربتك .
- أيهمك ما يظنه الناس ؟
ردّ بهدوء :
- أبداً . . وإلا لما كنت سأتزوج المرأة التي يقتنع معظم الناس أنها كانت صديقة خالي . . صحيح ؟
كان يمازحها وابتسمت له .. وطغت الموسيقي حولهما ، وتركهما ما تبقي من المحلقين غارقين في عالمهما الخاص . . الحب والرغبة ، واإعجاب والاحترام لرجل كان لطيفاً مع خاله ، ومع المرأة المسنة التي لوت كاحلها على
منتديات ليلاسالطريق . . وكان هناك كذلك الكراهية ، الرفض والغضب البارد ، إضافة ألي هذا الحنان الذي تشعر به ويخالج ضلوعها . لكن، ألا يري بماذا يلزمهما معاً ؟ حياة أساسها جوع مندفع من المحتمل جداً ان ينهار إلي فراغ .
ام ان هذا هو ما يتوقعه ؟ اعتراها برد مفاجئ وطغي على بشرتها ليبردها . . اكان يأمل ان ينخبو هذا الشوق بحيث يستعيد احترامه لنفسه ؟ وأحست مجدداً بذعرٍ باردٍ جعل قلبها يخفق بقسوة حتى احمرت وجنتيها . . وفكرت بجنون : يجب ان أبتعد . . أخيراً رأت بوضوح معالم الدمار الذي يحضره لها تحت قدميها . . وسيكون في النهاية أسوأ بكثير لو أن الرباط بينهما انقطع في النهاية ، ونظر إليها بغير اكتراث . . وفكرت بيأس وقنوط : أفضل أن أموت . .؟ يا إلهي . . الأفضل أن اقتله ثم اقتل نفسي ،بدلاً من اضطراري لمراقببته وهو يملّ مني ، وأنظر إلي عينيه لأري فيهما السأم والقرف .

شاذن 02-07-10 06:02 PM

لا ! لا شك بأنني هسترية في تفكيري هذا . لن أستطيع هذا . . ليس تشاد ، ليس الرجل الذي أصبحت أحبه على كراهية مني . . رفعت عينيها الواسعتين ، لتمعن في وجهه ، تجفل لقوته ولعجرفتة بنيته ، ولعينيه الزرقاوين التي لا تعرف لهما قراراً . لم يقل شيئاً ، بل ابتسم بهدوء وقسوة ، يبدو كأنه يحس بيأسها ويتمتع به .
وأدركت ماذا يجب أن تفعل .
انتهت الحفلة حوالي الثالثة صباحاً . . وكانت السيدة غرايزر تتثائب بشدة وهي تبتعد عن الباب ، قائلة :
- كانت حفلة رائعة . . تبدين متعبة ناتالي . . كان يجب أن نرتب أمر بقاءك هنا الليلة .
قبّل تشاد خدّ أمه :
- ليس المكان ببعيد . شكراً لك .
- على ماذا ؟ انا احب الحفلات ، وتعرف هذا ، ولقد أحببت هذه الفرصة جداً . . لقد انتظرت طويلاً لأراك تقع في الحب ! سأتصل بك صباحاً ناتالي . . عزيزتي . . وسنضع الخطط النهائية . . متي ستعودين إلي الجنوب ؟
رد تشاد :
- الأربعاء القادم. . تعالي حبيبتي . .
منتديات ليلاسستقعين إذا استمريت بالوقوف . كانت ذراعه قوية حولها ومطمئنة ، وتمكنت من الابتسام له ، ومن شكر أمه قبل أن يقودها إلي السيارة .
كانت المدينة ساكنة ، ما من سيارة أخرى على الطريق . امطرت السماء خلال المساء ، وكان الإسفلت مبللاً بالماء . . أنوار الشارع تنير الرصيف الفارغ الأسود . . وحدقت ناتالي من خلال الزجاج الأمامي ، تجمع شجاعتها لتبقي صامدة .
أوصلها إلي المنزل ، وتمني لها بعد أن تفحصه كالعادة ليلة سعيدة دون شيء يذكر سوى قبلة عابرة ، مماثلة كتلك التي أعطاها لأمه ، على خدها .
كانت متعبة ومرهقة جداً ، إلي درجة لم تكن قادرة على الإحساس بالارتياح لتأجيلها قرارها ، تسلقت السلم . . وقدماها تؤلمانها ، وكذلك حنجرتها . . كان هناك تحت عظام صدرها مباشرة غصة ثقيلة ، جعلت من المستحيل عليها أن تبتلع ريقها . لكنها نامت وكأنها مخدرة . . ولم تبدأ الحراك والتأوه من بين أنفاسها إلا بعد بزوغ النهار بكثير .


انتهي الفصل الثامن

شاذن 02-07-10 06:04 PM

9 – قلوب قلقة

أحست حين استيقظت بصداع رهيب ، وبإحساس كارثة قادمة بقوة . . حتى أنها بعد ان أخرجت بيتسي في نزهتها الصباحية ، كانت لا تزال متأثرة بذلك الإحساس . خف الصداع لكنها أحست بالبرد والارتجاف ، وكأنها ستصاب بالأنفلونزة . كانت مع وصول تشاد مكورة في مقعد بذراعين ، تشرب الشاي بالنعناع . . وقال معلقاً وهو يمسكها بيديه :
- تبدين كالأموات .
منتديات ليلاس
تحركت عضلات عنقها الصغيرة وهي تبتلع ريقها بصعوبة . حين تمكنت أخيراً من الكلام بدا صوتها خشناً ، ومنخفضاً .
- أنا . . تشاد ، أنا لن أتزوجك .
جمد بقوة . . ثم اقترب حاجباه من بعضهما . . وقال بهدوء :
- لقد مررنا بكل هذا أيتها السخيفة . . هل بقيت طوال الليل ساهرة لتقوي عزيمتك ؟
كرّر بثبات ، مترنحة قليلاً : لن أتزوجك .
مدّ يده بسرعة ليثبتها ، فأجفلت للمسته . . اشتدت أصابعه عليها بقوة ، ثم استرخت ، وقال بنعومة :
- بلي ، ستتزوجيني عزيزتي . . أنت الآن متعبة ، مرهقة . .
- توقف عن معاملتي وكأنني مراهقة هسترية .
كان في صوته العميق حدةٍ أو سخرية :
- أنت تتصرفين كواحدة . .

شاذن 02-07-10 06:05 PM

- لا . . بل إنني أتصرف بتعقل أخيراً . وإذا لم تكن تريد أن تتقبل واقع أن الزواج بيننا سيكون كارثة ، يجب عليّ انا أن أكون متعقلة . . لن ادخل ميدان معركة وأنا أعرف أنني انتظر الموت .
ابتسم واثقاً بنفسه :
- يا له من دماغ صغير عندك ، يا حلوتي . . أعدك انني لا أنوي قتلك .
قالت بجرأة ، تتراجع عنه وهو يقترب منها :
- سيكون الزواج بك موتاً بطيئاً .
- كلامك سخيف ، وتعرفين هذا .
كانت عيناه مركزتان على وجهها ، وشاهدت وهي تدير رأسها عنه لهيباً مفاجئاً يشتعل في عمق عينيه الزرقاوين . .
منتديات ليلاس
شهقت : لا !
لكنه ضحك وأمسكها بكتفيها ، يضمها دون شفقة أو حنان .
حين أصبحت مثقلة العينين ، ترتجف ، أرخي ذراعيه عنها وأرجع رأسه قليلاً إلي الوراء . .
قال بصوت أجش ، يمتزج مع النصر في صوته :
- أرأيت . . قولي لي الآن إنك لا تريدينني .
رفعت رموشها تنظر إليه ، تستدعي احتياطي الشجاعة في نفسها :
- أنا لم أقل بأنني لا أريدك . . لكنني لن أتزوجك .
تركها يسأل :
- أخبريني لماذا ؟

شاذن 02-07-10 06:06 PM

- لقد أخبرتك لماذا . . ما بيننا هو المشاعر الجسدية . . وهذه المشاعر تزول ، ولا حاجة لأن أقول لك هذا . فماذا سيحدث لنا حين تكتفي مني ؟ تقول إنك لن تطلقني ، لكنني لن أعيش معك وانا أعرف أنك تكرهني ولا تريدني . هل تظن أنني أهوي تعذيب نفسي ؟
منتديات ليلاس
قال وغضبه يرتفع ليماثل غضبها :
- أظن أنك امرأة غبية . . أو ربما فتاة صغيرة غبية ، وهو وصفٌ أفضل لك . هل فكرت ماذا ستفعلين بأمك إذا لم تتزوجينني ؟
- لماذا لا ترد عليّ ؟
راقبها من تحت رموشه مفكراً . . وعرفت أن افتراضها ليلة أمس صحيح . . فهو قادر على إصابة شخصيتها بضررٍ كبير بحيث لا يمكنها العودة العودة إلي ما كانت عليه إطلاقاً .
قالت بشدة : لن أتزوجك .
جذبت الخاتم الذي اختاره لها من أصبعها ، ومدّت يدها إليه ترتجف .
قال ، دون أن يتحرك ليأخذ الخاتم :
- تعملين على مبدأ ان ما يقال ثلاث مرات هو صحيح .
- بل أعني ما أقول .
هز رأسه :
- أجل . . أري أنك تعنين ما تقولين . . لكنني قادر على جعلك تغيرين رأيك .
هزت رأسها بدورها :
- لا. . يمكنك الضغط عليّ . . لكنني لن أغير رأيي .

شاذن 02-07-10 06:07 PM

أخذ الخاتم منها ، وأحذ يقلب الشيء الجميل في يده ورأسه محني . . ثم قال :
- حسن جداً إذن . . لا شيء بعد يقال .
ارتفعت يدا ناتالي إلي قلبها . . لقد توقعت . . أوه . . توقعت أن يضربها ، يهددها ، يتوعدها بالشر . . لكن هذا القبول الهاديء أربكها . . وراقبته صامتة يسير عبر الغرفة نحو الباب ، وجسده الرشيق متوتر.
قال بهدوء عند وصوله إلي الباب :
- لا داعي للقلق حول سرّ امك . . فلا أنوي أن أقول شيئاً لزوجها .
منتديات ليلاس
امتلأت أذناها بضربات قلبها الراعدة ، وأحست بالضربات تحت يدها ، وكأنما قلبها يريد الانفلات من سجن اللحم والعظم . . وهذا ما منعها من سماع ما قاله لبيتسي ، لكنها سمعته ينادي ، وينادي ، وينادي ثانية ، وكانت تركض نحوه حين سمعت صرير المكابح ، وعواءها القصير .
صاح بها تشاد من فوق كتفيه : إبقي هنا .
لكنها كانت خلفه حين وصل إلي السيارة وسائقها المرتجف المحتج . . وتوقف قرب الكومة الصغيرة من الفرو التي كانت بيتسي ، وقال السائق :
- أحمد الله أنني بالكاد كنت أتحرك . . لا يمكن أن تكون قد ماتت بالتأكيد ؟
لا مست يداً تشاد الجسد الساكن ، ثم بعد لحظة :
- لا . . إنها حية . . ربما ضلع مكسور أو ضلعين. هذا كل شيء .

شاذن 02-07-10 06:08 PM

وقف . . وأدركت ناتالي في لحظتها فقط أن الدموع تغرق وجهها . . وقال بلطف :
- حبيبتي ، اذهبي واتصلي بهذا الرقم . . إنه رقم هاتف طبيبنا البيطري . . سأضعها في السيارة .
عادا بعد ساعتين إلي المنزل ، وبيتسي هادئة بالرغم من إصابتها ، لا تزال مسترخية بسبب المخدر الذي أعطي لها . وزوّدها البيطري بقفص وضعه تشاد لها في بقعة مشمسة قرب الباب .
منتديات ليلاس
قالت ناتالي مرتجفة :
- من الغباء التعلق هكذا بالحيوانات الأليفة .
- لماذا ؟ إنها صغيرة محبوبة ، ومليئة بالمرح . . هل يجب أن يكون المرء قاسي القلب جداً كي لا يشعر نحوها بشيء ؟ أنت لست قاسية القلب ناتالي .
- حين سمعت السيارة فكرت : هذا كل شيء الآن ! لم يعد لي شيء ، كل شيء ذهب وانتهي .
قال تشاد بسهولة :
- أوه . . إنها سالمة . . لا تقلقي عليها . . سأصنع لك بعض القهوة .
وهذا ما أعطي ناتالي فرصة لاستعادة رباطة جأشها . . وهو يتحرك في المطبخ الصغير ، أخذت تراقبه وقلبها في عينيها . . وشربت القهوة وهي تستمع إلي رنة صوته . . كان يعاملها بأفضل طريقة ، يخفف عنها صدمتها بحديثه الهادئ .
قالت له بامتنان بعد أن أتمت القهوة تأثيرها المهدئ.
- أنت تمتلك مهارة في معاملة الناس .

شاذن 02-07-10 06:09 PM

زادت ابتسامته الكسولة على تعابيره نعومة متوقعة .
- هذا من ضمن تدريبات كلية الحقوق ناتالي . . ما الذي دفعك لرفضي هذا الصباح ؟
- لن أستطيع تحمل العيش معك وأنا أري ان ما تشعر به نحوي يتحول إلي عدم اكثرات بل إلي كراهية .
منتديات ليلاس
- ولماذا يحدث هذا ؟
- أليس هذا ما يحدث عادة ؟ انت بحاجة للحب ، بكرم ودون انانية ، لتعيش سعيداً إلي الأبد . . مع ذلك أحياناً لا ينجح الزواج .
سألها بنعومة :
- هكذا إذن ؟ ألم تعرفي بعد أيتها الأرنبة الصغيرة السخيفة أنني أحبك ؟ احبك بيأس لا أستطيع الصبر معه ؟ واظنني كنت هكذا منذ اول مرة رأيتك فيها تقريباً ؟
حدقت ناتالي به مذهولة ، عيناها متسعتان من الصدمة . . ثم قالت وكأنها فاقدة الحس :
- لا أصدقك .
هز كتفيه :
- أجد صعوبة في تصديق نفسي . . لكنها الحقيقة .
أبعدت نظرها عن عينيه المشتعلتين ، لتضم يديها في حجرها بشدة ولتوقف الارتجاف الذي كان يجتاحها . .
- لا . . ليس منذ البداية . . فقد كنت تظنني فاسقة ، وقلت لي هذا .
كشّر:

شاذن 02-07-10 06:48 PM

- لو كنت أذكر جيداً ، فأنا قلت لك إنك فاسقة صغيرة جميلة . . ولو لم أقع في حبك ، فلماذا لم أتركك وأبتعد ؟ لأنني لم استطع . أردتك أكثر من إرادتي أن آكل أو أنام أو أتنفس .
رفعت عينيها لتنظر إليه :
- لماذا ؟ أعني ما أقول تشاد ، أنا لست من صنفك المعتاد من النساء . . فلماذا تحبني ؟
اقترب ليجلس قربها :
- ربما السبب هو أنك لست من النوع المعتاد . . لقد التقيت بأونا ، وهي صنفي المعتاد . . جميلة ، ذكية جداً ، قوية الإرادة بحيث أن علاقتنا لن تترك أي أثر في قلبي ، ومرغوبة جداً .
منتديات ليلاس
أحست ناتالي بغيرة شرسة جعلتها تغمض عينيها . . فابتسم :
- أعرف لماذا أحبك . . لكنني لا أعرف إطلاقاً لماذا تحركينني بقسوة . . لا أعرف السبب . . أهو التجاذب الكيميائي ؟ التناغم ؟ كل ما أعرفه انني حين رأيتك أول مرة ، تجلسين إلي جانب دانيال ، والشمس تلتمع في تجاعيد شعرك . . أحسست بخفة استسلام . . وكأنك لي . وكأننا كنا زمناً لبعضنا ، ثم تفرقنا ، والتقينا مجدداً بعد دهور من التفتيش .
كان يتكلم بفتنة . . تسحر كلماته المغوية قلبها ومخيلتها ، ولم تعد تتحمل قربه منها . . اعترافه بحبها لم يكن متوقعاً حتى أنها لم تستطع حتى الآن تقبّله ، فوقفت على قدميها قائلة :
- لكن هذا لم يكن . . لقد كنت قذراً تماماً معي .

شاذن 02-07-10 06:49 PM

- هذا طبيعي . . كان واضحاً لي أنك متورطة مع دانيال . ولم أصدق أن علاقتكما جسدية ، لكن لم أجد تفسيراً آخر . . فقد كان الرباط بينكما قوياً جداص . . وكانت الغيرة تنهشني بوحشية . . وكرهت أن أكون قربك .
- مع ذلك كنت تأتي لرؤية دانيال .
- كانت تلك الأمسيات بعد أن وقعت في حبك . . كنت جريئة ، مستقلة ، وذكية ، وأردت كل هذا . . حنانك ولطفك ، وكل شيئء فيك . كنت تبتسمين لدنيال . . وكنت انا على استعداد ان اجثو على ركبتي في سبيل ابتسامة مماثلة لي .
قالت من بين أنفاسها :
- لو كنت أعلم . . لكنت وقعت في حبك منذ ذلك الوقت أيضاً . . لكنني لم أتعرف على ما تشعر به .
- إذن لماذا رفضتِ الزواج مني ؟
ابتسمت :
- لأن إحساسك بالذنب هو الذي دفعك إلي طلب يدي ! أردت . . أردت أكثر من هذا بكثير منك . . أرتك انت ، وليس فقط سعادة ما تعطيني . . أنا جشعة . . وإذا لم أستطع ان أحصل عليك دون شروط او حواجز فلا أريدك . .
ساد صمت طويل ، وبدا ان تشاد يفكر بكلماتها ، يبحث عما فيها من معاني . حين رفع رأسه ، كانت عيناه مليئتان بالمرح .
- هل أقول لك ما أشعر به نحوك ؟
- إذا أردت هذا .

شاذن 02-07-10 06:53 PM

ضحك ضحكة غريبة وكأن ردّها جرحه . ثم قال بخشونة :
- أستطيع ان أتعامل بالكلمات بأفضل طريقة . . لكن حين أحاول تصور حياتي دونك يلتصق لسلني بسقف حلقي . . ولو تركتني . .
توقف ليبتلع ريقه بصعوبة . . أمر لا يصدق . . وكانت عيناه مثبتتان على الأرض :
- أرعبتني الفكرة ولم أجرؤ على تصورها . . من المستحيل عليّ تصور أي نوع من الوجود دونك .
تحركت ناتالي بقلقٍ ، وكان صعباً عليها ان تصدق ان تشاد الساخر ، المحنك ، هو الذي يتحدث باكتئاب شديد . وتملكها الفرح لكن ليحل مكانه على الفور خوف شديد . . لكنه أكمل :
- يا أعز ما في قلبي ، كيف يمكن لي أن أقنعك ؟ لقد تصرفت معكِ كمتوحشٍ ، أُرهبك لأنني كنت أغار مما كنت تشاركينه دانيال ، بجرأة وشراسة . . ألا يمكن أن تصدقي ان قوة مشاعري هي الدليل على السلطة التي لك عليها ؟
منتديات ليلاس
- لكن . . ما إن اكتشفت من أنا ، حتى لم يعد لك سبيل للغيرة .
تنهد ، ينحني إلي الأمام ، يمد يده ليمسك يدها ويشدها إلي جانبه .
- كان كل حبك وابتساماتك ، واهتمامك ، لدانيال . وأردتك لنفسي . . ألديك فكرة عما تفعله الغيرة ؟
- قليلاً .
- أنا مسرور لهذا . . هذا يجعل منا على الأقل اثنان يعانيان منها . بالنسبة لي كانت أول مرة . . فأنا لم أهتم بامرأة إلي درجة أن يزعجني أن لا يكون اهتمامها كله لي .

شاذن 02-07-10 06:54 PM

استدار ليضع ذراعه حول كتفيها :
- كان هذا نوع من العبودية المريرة ، عبودية لمشاعري . . واضطررت لمتابعة زياراة دانيال لأنها الطريقة الوحيدة لأراك . لكن يا إلهي كم حسدته على ترابطه معك ، كرهت نفسي ، لكنني كرهتك أيضاً . . لقد وهنت إرادتي ، وأظنني جننت لفترة ما .
منتديات ليلاس
تنفست بارتياع وبحدة . . حذرها الإذلال الفج في صوته أنه بالرغم من كل حبه لها ، لا يزال يري مشاعره كنوع من الضعف . . ستكتشف السبب في يوم ما ، حين يستطيع أن يتحمل القول لها ، اما الآن فهي لا تريد سوى التخفيف عنه . صمت بخجل ، يده بين يديها الصغيرتين تشد بقوة على الأصابع النحيلة . . وقالت :
- انا آسفة . . بالرغم من كل شيء كنت لطيفاً معي . . لقد كنت في مزاج خطير ، حتى كان بإمكانك قتلي .
قال باكتئاب :
- ليس تماماً . . فلم أكن أريد موتك . . بل كانت مشاعري مزيجاً من الحقد والرغبة .
- أهذا ما كنت تعنيه بقولك ان هناك سبب لكل شيء مهما كان رهيباً ؟ تذكر أنك جعلتني أعترف بأنني ، وفي ظروف محددة ، يمكن أن أقتل ؟
- أعتقد هذا بطريقة ما ، ما عدا أنني كذبت أوهامي ، بتصور أنك تحت رحمتي تماماً ، كنت أتظاهر أنني سأسلب قلبك بغزلي ، ثم أتركك تتوسلين إلي جاثية على قدمي . لكن ، طوال الوقت ، كنت

شاذن 02-07-10 06:55 PM

أعرف أنني لن أمتلك القوة لأبعد عنك . . وأنني بدلاً من تركك ، سأعطيك حياتي وشرفي وقلبي .
جلست ناتالي جامدة ، متوقفة الأنفاس . . أدارت ببطء رأسها ، ترجعه إلي الوراء لتركيز نظرها على وجهه . .
- يا إلهي ! أنا آسفة . . آسفة . .
قال بهدوء :
- لماذا يجب ان تكوني آسفة ؟ هذه ليست غلطتك ؟
منتديات ليلاس
- لقد أسأت الحكم عليك كثيراً .. لم أكن أعرف . . لم أكن أدرك . .
- أعرف . . وأعرف أنك لو عرفت يومها لكنت أكثر خوفاً مني مما كنت .
أطرقت :
- بدوت لي محنكاً وأكثر خبرة من ان تعاني من أي نوع من المشاعر المعذبة التي كانت تمزقني . .
انخفضت رموشه تخفي عينيه . وقال :
- أضنني كنت في الخامسة عشر ة من عمري حين أدركت ان والدي لم يكن مخلصاً لأمي . . وجدتها يوما تبكي . . واخترعت عذراً لكنني عرفت أنها كانت تكذب . وسمعت بعد بضعة أيام اثنين من أصدقاء أبي يتحدثان . . وعرفت أنه لا يستطيع مقاومة أي وجه جميل . . حين كبرت ، اكتشفت أنه كان بين حين وآخر ينزلق ، وهذا ما جعل أمي تعيسة .
أخيراً فهمت :
- فهمت . .

شاذن 02-07-10 06:56 PM

- ولأنني كنت صغيراً صارحته بأمرهن . . قال إنهن لا يعنين شيئاً له . . كان يكلمني كرجل لرجل . . ولأكون صادقاً ، صدّقت أنهن لا يعنين شيئاً له . كان يحبّ أمي بقدر ما يستطيع ،و كان يؤمن أن الرجال يعبثون بطبيعتهم .
سألته بغضب:
- وهل تؤمن انت بهذا ؟
ضحك ، وهمس :
- لا. . لا. . ما أردت سوى امرأة واحدة . . فمنذو التقيتك ولم يكن هناك سواك .
أزهر وجهها بالثقة ، مما جعله يتنفس بحدة ، وقالت :
- جيد . . أخبرني كل شيء عن والدك .
منتديات ليلاس
- أعتقد أنك تستطيعين أن تخمني . . لقد لمته لأنه لا يملك السيطرة على النفس ليكبح نفسه . . كان حسب طريقته الخاصة شريفاً . . وكان يصرّ على ان لا وجود لسيد محترم يغوي بريئة . . لذا بإمكانك فهم سبب شعوري بالكراهية حين رأيتك مع دانيال .
تنهدت :
- أجل .
- ثم هاجمتك ولم أقصد أن أتحرش بك . . ظننت ، بالرغم من انجذابي إليك ، أن لدي القوة لأن أتركك . هكذا اضطررت لمواجهة واقع أنني لست أفضل من أبي . . قوي الإرادة ، كابح لنفسي ، مسيطر ، وكل الأسس التي بنيت عليها حياتي قد طارت ولم تعد لها قيمة . فيما بعد أدركت خطأي ، وانا من نظر إليك على أنك فاسقة .

شاذن 02-07-10 06:57 PM

كانت الشمس قد بدأت تأفل ، والجو تحول إلي البرود والظلمة النسبية . . عما قريب ستنار كل الأضواء ، وسيأتي في الشهر القادم فصل الربيع . .
سألت ناتالي :
- لماذا قلت لي إنني يجب أن أتزوجك ؟
- قلت لنفسي إن هذا من واجبي لتصحيح تصرفي معك ، لأنني لن أعترف ولا أستطيع أن أعترف أنني لا أريد مواجهة الحياة من دونك . . ولم يخطر ببالي أبداً انك قد ترفضينني .
رفعت يدها تداعب فكه ، واشتدت تحت أصابعها بشرته الطرية .
- لم أستطع أن اقبل . . فكرت ، وكنت واثقة ، أنك لن تحبني . وخفت . . فكرت أنني سأجن لو علقت في زواج تفرضه فرضاً عليّ . . كنت تبدو وكأنك تكرهني ومع ذلك تريدني .
- كنت مشلولة التفكير .
التقت عيناها عينيه دون وجل . . أدركتان المشاعر الجسدية لوحدها لم يكن لها قيمة . . وهذا هو الأهم ، هذا التواصل ، هذا القاء للأفكار والقلب . . ابتسمت لعينيه بخجل ، ومشاعرها شفافة ، ورأت فيهما حناناً متجاوباً ، كاد يسدّ أنفاسها .
قال بارتجاف :
- يا إلهي كم أحبك . . لم أفكر يوماً . . لم أكن أعرف أنني قادر على الحب هكذا. . من قبل كان الأمر مجرد رغبة وإعجاب ، وكنت أنا دائماً المسيطر . لم اكن أؤمن بالحب الذي يتشدق الشعراء به . .

شاذن 02-07-10 06:58 PM

ضحك ، ووقف ليذرع الغرفة مجيئاً وإياباً ، ولحقت عيناها به ، وراقبت من بين جفنيها تحرك عضلاته وهو يسير ، استقامة كتفيه العريضين فوق خصره الضيق ، وأحست بمشاعر قوية كادت تغرقها .
منتديات ليلاس
كيف يمكنه ان يفعل هذا بها ؟ لم يكن السبب هو جسده ، ولا جاذبية ملامحه . . حتى السحر الذي يستخدمه كسلاح ، لم يفسر السبب . . لا شك أنه الوعد غير المتحفظ الذي تحسه فيه كل امرأة دون كلمات .
وقد اختارها هي من بين كل النساء . . والتمعت شرارات الحب والثقة في عينيها ، لتخفي القلق من وجهها . نظر إليها يردد بهدوء :
- اجل . . لم أستطع أن أصدق بأن سعادتي تعتمد على فتاة ليست جميلة بما يكفي ، ولا ذكية . . لقد استحوذت عليّ بكل كيانك ، ووجدت نفسي أفكر بك مرات ومرات ، أخطط لطرق أسعدك بها . . إذا كان لدي فرصة أخري .
استدار ينظر إليها ، متعالياً محتقراً كما كان أول مرة :
- لقد وقفت بيني وبين عملي . . لاحقتني ، خفّضت قيمة نفسي أمام عيني . ابتعدت ، لكن التفكير بك كان يتآكل ثقتي بنفسي، مع ذلك ، لم أعترف أنني أحبك ، كانت الطريقة الوحيدة لاستبقاء بعض الكرامة هي أن أقول لنفسي ، إنك ستتزوجيني ، وأنني متي حصلت على هذا ، سأشبع نفسي منك إلي أن لا تعودي بالنسبة لي سوى امرأة اخري حصلت عليها .
كانت إذن محقة ليلة أمس . . لكن الأمر لم يعد مهمّاً الآن . .
وقالت بهدوء:
- متوحش.

شاذن 02-07-10 06:59 PM

التوت فمه بابتسامة :
- أوه . . أجل . . كنت خائفاً خلف كل هذا ، لهذا كنت ألاحقك لتخرجي معي . . كنت أتعمد العبث معك ، وأخذك إلي أماكن عدة حتى أري كيف تتصرفين .وسرني أن أشهد بأن لك الوقار الكافي لتمري بأي وضع كان . وقررت أنك قادرة أن تكوني زوجة مناسبة لي . . وكان من الواضح أنك لم تكوني دون اكتراث بي . . حاولتِ إخفاء هذا ، لكنك لم تنجحي .
منتديات ليلاس
ابتسم ساخراً لوجهها المصدوم :
- ثم ، رفضتِ طلبي للزواج بك . . هكذا رفست قلبي ، وابتسمت وأنت تفعلين هذا . . ولم يخفف ألمي سوى معرفتي بأنني أستحق هذا .
- كم كنا سخيفين . . كلانا ألا تعلم أنني كنت أفضل أن أقتل نفسي ؟ كنت أظن أن الكراهية والرغبة هي التي تربطنا . . لكن ، كان يجب أن أعترف أن الحب وحده هو الرابط القوي بيننا .
تقدم نحوها :
- ناتالي . . يا فرحي العزيز ، يا قلبي .
والتقيا ، تعانقا ، كحبيبين حرما من بعضهما لزمن طويل . . ورفع أخيراً رأسه هامساً :
- الحقيقة التي كانت تختبئ خلف كل تصرفاتي فقط أنني أحبك .
مدّد نفسه قربها على الصوفا . . وكرر بهدوء :
- مجرد أنني أحبك . . بعد أن تقبلت هذا ، لم يعد يهمني شيء ، سمى ان تبادلينني الحب .
- أوه . . أبادلك الحب . . لكنك تعرف هذا .

شاذن 02-07-10 07:00 PM

- آمل هذا . . والله وحده يعرف لماذا . .
- لأنني أحب تعذيب نفسي ، طبعاً ، وأريد أن أكون لك .
- أتمني أن أجعلك سعيدة طيلة السنوات التي نبقي فيها معاً .
- أوه . . أعرف أنك ستتمكن من هذا . . بمجرد أن تكون قربي . . هذا كل ما أريده .
وأكملت تسأل :
- تشاد . . لماذا قرر ولدا دانيال أن لا يطعنا بالوصية ؟
- لأنني أقنعتهما بأن لا يفعلا هذا .
- كيف . . ولماذا ؟
- كيف ؟ لقد أشرت إلي أن الطعن بالوصية سيؤخر توزيع الحصص ، وبما أنهما كانا بأمس الحاجة إلي المال ، اضطرا إلي الإذعان . . أما السبب . . فهو أنني أردت أن أعتني بك شخصياً . ., كرهت التفكير في أن تستمري بالكفاح من أجل مرتبٍ صغير ، واضطرارك إلي عمل إضافي . . ولم أكن أدرك أنك مصممة مبتكرة ، قادرة على إعالة نفسك جيداً دون مساعدة. فيما بعد ، حين أدركت قدراتك وعرفت من أنت أحسست بالسرور . . وأخبرت آنا وريتشاد .
تأوهت آهة دهشة ، لكنه أكمل :
- قلت لهما كذلك بأنه لو علم أحد غيرهما من أنت فسأتأكد بنفسي أن تحصلي على حصة متساوية من الأملاك كابنة لدانيال . . وبقيا صامتين لأن الطمع هو خطيئتهما الكبرى .
- أمر غريب . . إنهما أخواي من أبي . . مع ذلك لا شيء مشترك بيننا . . حتي أنني لا أحبهما كثيراً .

شاذن 02-07-10 07:01 PM

- لن تريهما كثيراً ، وحين يحصل هذا سيتصرفان معك بأدب .
وكان يعني ما يقول . . للحظات عاد ليكون تشاد غرايزر الذي التقته أول مرة ، قاسٍ ، لا رحمة في قلبه ، بتعابيره المتجهمة . . ثم ابتسم لها :
- لا تقلقي . . لقد أسعدتِ دانيال كثيراً قبل أن يموت . تذكري هذا فقط . .
منتديات ليلاس
كانت الخطة أن يكون الزفاف حفلاً صغيراً . . لكن الحال كان عكس ذلك في الضاحية الريفية ، إذ لا يوجد ما يُسمي بحفل الزفاف الصغير . جرى في النهاية الزواج بحضور كل أصدقاء ناتالي وجيرانها ، وعدد مذهل من أقارب تشاد وأصدقائه .
قالت ناتالي تمازحه :
- أنا واثقة أن الحفلة تؤكد على رأي أصدقائك بأنك جننت .
كانا في غرفة جلوس " شاليه" سبق أن استعاره تشاد من أصدقاء له . . وتقدم نحوها يدسّ ذراعيه حولها :
- لم أشاهد هذا في وجوههم . . ربما الحسد ، هذا ما رأيته بالتأكيد . . ما من رجل في الحفل التهنئة إلا وتمني لو كان مكاني .
- حتى باتريك انغرام ؟
- آه . . لكنه مفتون بباولين .
- كان لطيفاً أن نراهما معاً .
- بالكاد لاحظت وجودهما .

شاذن 02-07-10 07:02 PM

كان الشاليه مطلاً على " كوينزتاون" الجميلة ، وعلى الجبال المغطاة بالثلج عبر مياه بحيرة " واكتيبو" العميقة . . وليس ببعيد كان هناك ميدان تزلج حيث يمكن أن يتزلجا يوماً خلال إقامتهما لأسبوعين هناك .
لامست ابتسامة بطيئة خفية شفتي ناتالي . . وأستندت رأسها إلي الوراء على كتف تشاد ، وتتمتم :
- كم أنت قوي ، وأهلٌ للثقة ، ودافئ . صوت قلبك هو الأكثر هدوءاً من كل الأصوات التي سمعتها في حياتي . . لو كان لي خبرة أكبر ، لعرفت من دقات قلبك ومنذ زمن طويل ، أنني أحبك .
بدا متسلياً ، أنما غاضباً قليلاً :
- أوه . . لست أدري . . كنت غافلاً أكثر منك ، والسماء تعرف ذلك ، رغم أن خبرتي كانت كافية . .
- لكن ليس في الحب .
منتديات ليلاس
تمتم في شعرها :
- لا. . ليس في الحب . . أتعلمين بأن زوج أمك حذرني ليلة أمس لأعتني بك ؟
- لا!
- بلي . . قال إنه لم يرك بمثل هذه السعادة من قبل ، ولا يريد أن يختفي بريقها من عينيك . . وأظن أن سمعتي كزير نساء قد وصلته .
- أوه . . ماذا قلت ؟
ضحك بنعومة :

شاذن 02-07-10 07:03 PM

- أوه . . أظنني استطعت أن أقنعه ،مهما كانت حياتي قبل أن ألتقيك ، من الآن وصاعداً ، كل ما أريده هو أن أتمكن من إسعادك .
رفعت يدها إلي وجهه ، تضمها بمحبة إلي خده .
- إنها مسؤلية ضخمة ، أليس كذلك ؟
- صحيح ، حقاً . ماذا كنت تناقشين مع أمك قبل أن نرحل ؟
صمتت لحظات ، ثم قالت بهدوء :
- كانت تشرح لي قبل عودتي إلي المنزل بأنها صارحت زوجها وكشفت له عن سرها مع دانيال .
منتديات ليلاس
- و . . ؟
- كان يعرف طوال الوقت ، وانتظرها أن تصارحه طوال تلك السنين . . لطالما ظننتُ أنه كان متصلباً جداً ، قاسياً وضيق التفكير . . لكنني كنت مخطئة . . لا شك أنه يحبها كثيراً لينتظر طويلاً أن تفضي إليه بسرها .
تأثر تشاد :
- بالطبع يحبها . . ولقد وجد نفسه من خلالي . . عرف أنني مثله . . رجل لا يحب سوى مرة واحدة ، وبالكامل ، دون تحفظات أو شروط .
قطبت ناتالي :
- كما أحبك . . لكن ، لو كان يعرف هذا حبيبي ، فلماذا يحذرك ؟
- لاننا نميل سوياً إلى السيطرة . . ونجد من الصعب أن نشارك أحداً، ونكره الابتسامات التي كنت تطلقينها نحو أصدقائك القدامى اليوم.
أرجعت رأسها مجفلة، فسألها:

شاذن 02-07-10 07:04 PM

- وهل ظننت أنني لم أعرف من هم؟ أنا أغار من أي شيء أحببته، أو قضيت وقتاً معه. . وهذا ما حذرني ديسموند منه. . أريد أن أمتلكك بالكامل، أريد كل أحسيسك . . أن يتركز وجودك على إسعادي أنا وحدي وأن أبادلك نفس الاحاسيس. لقد سبق أن قلت لي مرة بأنني أخفتك . . وأنا قادر على هذا بسهولة.
منتديات ليلاس
نضرت ناتالي إليه تحسّ بمدى المسؤولية التي يلزمها حبها إلى عمق العينين الزرقاوين ورأت فيهما السؤال ، و أدركت بأنها قوية بما يكفي.
فقالت بهدوء :
- لا . . لا تستطيع هذا . . كل ما عليك أن تفعله هو أن تتذكر أنني كنت أحبك في الوقت الذي كنت فيه تتصرف معي برعونة وعجرفة. وأنك كنت صعب المراس ، مسيطراً ، أكثر مما يمكنك أن تكون. . أحبك أكتر من أي شيء . . أحبك لأنك قوي، لطيف، تراعي مشاعري . ولقد عرفت منذ رأيتك لأول مرة أنك رجل أستطيع أن أخسر قلبي لأجله . . لماذا تظن أنني كنت متصلبة و متوترة إذن؟
ابتسم:
- أظن أنك كنت تخافين أشياء أخرى.
- لا. . لا . . كان الامر أكثر من هذا . . لأنك كنت تهتم كثيراً بدانيال. .
همس:
- لا تتكلمي . . لقد فات وقت الكلام . . يكفي أنك تحبينني.
أحست ناتالي بعرفان عميق للجميل . . لم يعد هناك مجال للتراجع عن شيء الآن . . إنه يكشف أعماق نفسه لها . . واثق أخيراً بأنها لن ترفضه أو تسيء استخدام سلطتها عليه . . كما تعرف تماماً أنه لن يفعل هذا بها . . لقد وصلا أخيراً إلي بينهما ، وبيتهما هو بعضهما .
...........................................................

تمت

شاذن 02-07-10 07:13 PM

بتمني أن تعجبكم هذه الرواية . . .
ملاحظه:
لا أحل لأحد بنقل تعبي ومجهودي بدون أن يذكر أسمي وأسم المنتدي. . .

:8_4_134:

كبرتني ياجرح 03-07-10 12:44 AM

شاذن..

هلبا..هلبا..حبيت اسم الراويه..:lol:

واتمنى تكون القصه رائعه كاالاسمـ..

لروحكـ الورد:flowers2:

,,كبرتنيـ ياجرحـ,,

الشــــوق 03-07-10 12:55 AM

جميله جميله جميله ورااااائعه

شكرا لك غاليتي وبارك الله فيك

soma32 03-07-10 01:56 AM

تسلم يدك بنت بلادي...

اختيار موفق جدااا ومجهود يستحق الثناااااء..

3boor 03-07-10 02:17 AM

تمممممممت بحمد الله :dancingmonkeyff8::dancingmonkeyff8::dancingmonkeyff8:
النهاية كانت مررره حلوه و مرررره شوووكرن ع الرواية الجميلة :flowers2:

غرام الدانتيلا 03-07-10 03:16 AM

يسلمووووووووووووووووووو كثري من الرويات هذي لاعدمناكي

سفيرة الاحزان 05-07-10 12:42 PM

موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

شاذن 07-07-10 07:56 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة كبرتني ياجرح (المشاركة 2365374)
شاذن..

هلبا..هلبا..حبيت اسم الراويه..:lol:

واتمنى تكون القصه رائعه كاالاسمـ..

لروحكـ الورد:flowers2:

,,كبرتنيـ ياجرحـ,,

أتمني أن تنال أعجابك . . .
وأنتظر منك رأيك عندما تقري الرواية كاملة . . .
شكراً على هذه المشاركة الحلوة يا " كبرتني ياجرح"


:flowers2:

شاذن 07-07-10 07:59 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الشــــوق (المشاركة 2365395)
جميله جميله جميله ورااااائعه

شكرا لك غاليتي وبارك الله فيك

مشكوررررررررررررررا كثير على مرورك الحلوة . . .
وأنا سعيدة لأن الرواية قد نالت أعجابك .

:friends:

شاذن 07-07-10 08:03 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة soma32 (المشاركة 2365478)
تسلم يدك بنت بلادي...

اختيار موفق جدااا ومجهود يستحق الثناااااء..

شكراً على هذا الكلام الرائع . . .
وأتمني أن تعجبك الرواية القادمة يلي بكتبها .
مع تحياتي شاذن.

:flowers2:

شاذن 07-07-10 08:24 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة 3boor (المشاركة 2365514)
تمممممممت بحمد الله :dancingmonkeyff8::dancingmonkeyff8::dancingmonkeyff8:
النهاية كانت مررره حلوه و مرررره شوووكرن ع الرواية الجميلة :flowers2:

:flowers2:

شاذن 07-07-10 08:28 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة غرام الدانتيلا (المشاركة 2365586)
يسلمووووووووووووووووووو كثري من الرويات هذي لاعدمناكي

آه. . . حاضر من عيوني . . . وراح أنزل رواية جديدة . . .
تابعيها وقولي لي رأيك فيها . . .
أنتظرك. . .
مع تحياتي شاذن.

:flowers2:

شاذن 07-07-10 08:29 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سفيرة الاحزان (المشاركة 2368869)
موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

مشكوووووووووووووووووووورا كثير على مرورك العطر.

:flowers2:

Rehana 30-07-10 09:50 AM

يعطيك الف عافية على مجهودك في كتابة الرواية حبيبتي شاذن

http://www.commentsyard.com/graphics...hank-you83.gif

شاذن 30-07-10 11:19 PM

مشكوووووورا كثثثثثثثثثثير على هذا التعليق الحلوة. . .
وهذا طبيعي من قمر زيك. . .
مع حبي شاذن

:flowers2:

laian 31-07-10 03:16 AM

الروووواية اكثر من رائعة

laian 31-07-10 05:09 AM

شكرا على الروايةhttp://www.liilas.com/vb3/images/icons/congrats.gif

sal_sal_ma 31-07-10 03:02 PM

روووووووووووووووووووووووووعه تسلم ايديك ومستنين جديدك:55:

شاذن 02-08-10 10:46 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة laian (المشاركة 2399665)
الروووواية اكثر من رائعة

أنا سعيدة لأن الرواية قد نالت أعجابك. . .
مع حبي شاذن.

:flowers2:

شاذن 02-08-10 10:49 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة laian (المشاركة 2399710)

العفواً حبيبتي . . .
وأسعدني أنها قد نالت أعجابك. . .
مع حبي شاذن.

:8_4_134:

شاذن 02-08-10 10:51 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة sal_sal_ma (المشاركة 2400104)
روووووووووووووووووووووووووعه تسلم ايديك ومستنين جديدك:55:

مشكوووووورا كثثثثثثثير على هذا التعليق الحلوة. . .
وأتمني باقي مشاركتي تعجبك. . .
مع حبي شاذن.

:flowers2:

amelmahmoudi 01-09-10 11:04 PM

رواية في القمة رائعة جدا

سـلـطـان 03-09-10 03:31 AM

:flowers2:

دينارا 04-09-10 01:32 PM

جميلة جدا جدا جدا ميرسى يا قمر على مجهودك:8_4_134:

زاهي الكحل 04-09-10 05:14 PM

رووووووووووووووووووعه شكرا على الاختيار الموفق

أحاااسيس مجنووونة 06-09-10 01:01 AM

الله رواية روعة ......

تسلم ايدينك يا احلى شاذن...........

samahss 21-09-10 03:54 AM

شكراااا جميله جدا

الهواجر 23-09-10 01:32 AM

شكرا لك وعافاك الله

مصراوية 18-10-10 02:53 PM

البداية جميلة
تسلمى :flowers2:

مصراوية 19-10-10 12:10 PM

:toot: رواية ررررررررررائعة بجد
شكررررررا لمجودك:flowers2:

حنان محمد ابراهيم 20-10-10 10:14 PM

الرواية جميلة جدا جدا شكرا لك

sweat_tama 23-10-10 08:42 PM

thxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxx

فجر الكون 24-10-10 07:42 PM

شكراااااااااااااااااااااا حبيبتي على الروايه ,,,,

شاهد 18-11-10 09:23 AM

رووووووووووووووووووووووووووووووووعة

انكوى قلبي 01-12-10 11:23 PM

روايه رائعه جدا
شكرا على الاختيار الرائع للروايه
وتقبلي مروري

شووقهـ 04-12-10 05:58 AM

شاذن

يعطيك العافية ياعسل

قمة في الروعة

دائما اختياراتك راائعة ومميزة

مودتي لكِ

كشخه زود 04-12-10 05:54 PM

رووووووووعه

مشكوره عزيزتي ^.^

ساكنه 29-12-10 10:14 PM

وااااااااااااااااو شكلهارائعة الف شكر منتضرين التكملةودمتي في قلبي سكنة:liilas::7_5_129::7_5_129::7_5_129::55:

ساكنه 31-12-10 10:31 PM

:flowers2::liilas::55:مشكوووووووووووووووووورة نهاية كثير روعة ودمتي لي في قلبي سكنة


الساعة الآن 05:16 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية