منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء (https://www.liilas.com/vb3/f498/)
-   -   ملاك الحب .. (https://www.liilas.com/vb3/t141448.html)

my faith 21-05-10 12:22 AM

ملاك الحب ..
 

السلام عليكم هذه اول مشاركه لي معكم .
واحببت ان اشارككم بروايه كتبتها بقلمي اتمنى ان تنال اعجابكم ..
ساترككم الان مع اول فصل فيها .. وارجوا ان اقراء ردودكم عنها .. حتى انزل بقيه الفصول .. دمتم بامان .. وقراءه ممتعه ..




ملاك الحب



(1)
وهل نسيته ؟

قلت له : لو كنت نصيبي مؤكد .. سيأتي اليوم الذي تعود لي فيه .
وقال لي : يستحسن أن تنسيني .
هكذا افترقنا .. بأمل مني .. وكبرياء منه .

وكانت تلك الكلمات التي أغلقت أبواب حبنا ..

جرحت ؟؟.. مؤكد جرحت .. ولذلك طلقت ما يسمى بالحب .. ونزعت من قلبي نبضاته حتى لا يخفق له ولا لغيره .. ليس وفاء مني لذكرى حبي الأول .. ولكن حتى أجنب قلبي الغض وجيعة أخرى .. والأهم من ذلك حتى ارضى ربي .. ولا أخون ثقة والدي .. هكذا أنا فتاة بسيطة لا زالت تتمسك بالتقاليد القديمة .. والتي لم يستطع فهمها يوما ..
نعم أحببته .. ولكنه كان يحب العجينة التي تشكلها يداه مثلما يهوى .. قد أكون أظلمه بقولي هذا .. ولكن هكذا كانت خلافاتنا .. صدام بين شبابه المتحرر .. وأفكاري المتحفظة ..

أنا لم ابكي عليه أبدا .. ولكني بكيت ذلك الزمن الجميل الذي عشناه معا منذ أن احتضنتنا نسمات الحياة الأولى .. خلقت لأجده أمامي .. وكبرت بجانبه وبصحبته .. حتى كبر الحب بيننا ..
كان يقول لي إن الحب الأول لا يستمر أبدا وإننا معا سنثبت العكس .. توهمت أنني اعرفه حق المعرفه .. ولكني اكتشفت أن معرفتنا للناس لا تقاس بالسنين ..
لم يخدعني أبدا .. ولكن غروره وثقته بنفسه لم تدعه يراني مثلما أكون حقا .. ومن جهتي كنت أتوهم فيه رؤية صورة لفارس الأحلام الذي كنت أتمناه ..
لقد أحبني .. ولكن بطريقته الصبيانية .. وبالرغم من كبرياءه إلا أن عيناه تفضحان حب لا يزال يكتمه لي .. ربما يكون الفراق غيره .. أو جعله يدرك جوانب في شخصيتي كان يجهلها .. وربما هذا ما صوره لي الحنين ..
لذلك أتساءل .. هل نسيته أنا ؟!.
مؤكد لا .. فهو احد أولاد عمي الذي خلق الله حبهما في قلبي .. ولن اقدر أبدا على نسيانه .. أو محو ذكرياتي عنه .. ولكن السؤال الأهم .. هل كنت أحبه ؟.. لا أدري فأيامي لم تتوقف عنده .. ولكن كلما ابتعدت عنه أجدني مشتاقة إليه .. وهذا ليس بغريب ولكن الأغرب أنني عندما ألقاه لا أحس بلهفتي عليه .. أهو كبريائي أنا أيضا أم أنني لم أكن أحبه منذ البداية .. وكنت مخطئه في تفسير مشاعري اتجاهه .. واشتياقي ما هو إلا مجرد حنين لصداقتنا وللحب الأخوي بيننا .. ربما .. ولكن ما أنا متأكدة منه .. هو أنني لم أنساه أبدا فهو باقي بداخلي .. لا استطيع أن اعرف حقيقة مكانته في قلبي .. ولكن ما يهمني الآن هو أنه موجود فيه .. وأنني لا أزال قادرة على محبه كل من حولي ..
------------

اغلقت نور الكراسة التي خطت عليها تلك المشاعر المحتشده بداخلها .. والتي كانت تلح عليها منذ زمن لكي تترجم بالكلمات ..
أخذت بعد ذلك نفسا عميقا ثم اخرجته ببطء وهي تحمله كل ذلك الالم الذي يغزوها .. وحرمها نومها في هذه الساعه المتأخره من الليل ..
ابتسمت بسخريه على نفسها .. وهي تنظر الى الساعه وتعيد كراستها الجامعيه الى مكانها ..
لقد كانت اقرب منقذ لها .. لتفرج على سطورها عن احاسيسها المضطربه .. والتي عانت مده طويله من الاسر بداخلها ..
ما بالي ؟.. هكذا حدثت نفسها باستغراب .. فهي لم تكن ابدا في مثل هذا الضعف .. اضافه الا ان انفصالها عنه مر عليه ما يقرب السنتين والنصف ..
حاولت ان تغمض عينيها .. وتطرد كل الافكار عنها.. فغدا لديها كليه ويجب ان تستيقظ باكرا .. كما أنها لا تجد مبررا لحالتها هذه .. خصوصا انها هي من كانت صاحبه قرار الانفصال ..

(( الله لا اله الا هو الواحد القهار .. رب السماوات والارض وما بينهما الغزيز الجبار ))
بدأت تردد دعاء النوم .. والذي كان يساعدها كثيرا في تلك الليالي القلائل التي تحس فيها بالأرق .. وما هي الا ثواني حتى غضت في نوم عميق خالي من الاحلام .. لشده ارهاقها ..

في الصباح لم يفلح المنبه في ايقاظها .. ولكنها استيقظت على صوت امها الذي يعلو من الغرفه المجاوره بحنق :
- استيقظ يا نبيل .. هيا انهض يا رجل ..
رد عليها صوت ذكوري خشن .. وكأن الرصاص ينطلق من فمه وليس الكلمات :
- اتركيني يا حياه .. ايجب عليك ان تزعجينني يوميا ..
قاطعته بحده :
- نعم .. لانك في اخر الشهر تتذمر من راتبك الضئيل الذي بترته استقطاعات غيابك عن العمل ..
- ليس لك شان براتبي الضئيل ..
- ومن قال انني بحاجته .. ولكنك تظل تضايقني طيله الشهر كي اعطيك مالا ..
وضعت نور الوساده فوق راسها وهي تزفر بضيق من هذا السيناريو الممل الذي تؤديه والدتها وزوجها كل يوم .. حتى صارت تحفظه عن ظهر قلب ..
ما هي الا ثواني حتى انتبهت نور الى الساعه .. واكتشفت ان وقت المحاضره قد بدأ ..
قفزت بسرعه من على السرير .. وهي تصيح مردده :
- لقد تأخرت .. لقد تاخرت ..
ومن اللحظه التي وضعت فيها قدمها على الارض بدات بتحضير نفسها للذهاب الى الكليه .. اخذت حمام سريع .. ونظفت اسنانها .. ثم عادت الى حجرتها .. وكانت تقوم بعملين في نفس الوقت ترتدي ملابسها .. وتحظر حقيبتها .. كان منظرها مضحكا جدا .. ولكنها كانت بارعه في ذلك ..
خصوصا وهي تحضر نفسها على وقع تلك السيمفونيه الحاده التي مازالت مستمرة من الغرفه المجاوره .. والتي تصل اذنيها وكانه لحن تحفيزي شغل ليجاري خطواتها السريعه ..
خرجت من الغرفه بعد ان وضعت العباءه والحجاب عليها .. فارتطمت بوالدتها التي كانت قد استسلمت كعادتها .. قالت نور بعجله :
- اسفه يا امي .
ثم اردفت وهي تقبل وجنه والدتها :
- صباح الخير .
لم تنتظر نور الاجابه على تحيتها وكانت تسابق الدرج وهي تسرع بالخروج .. وقالت الأم وهي تتبعها موبخه :
- نور .. ألن تتناولي افطارك يا ابنتي ؟.
اجابتها وهي تشوح بيدها بعد ان اتمت اغلاق ازرار عباءتها :
- ساتناوله في الكليه يا امي ..

وما هي الا ثواني حتى صارت تسير في الشارع الرئيسي لمدينتها الجميله المعلا .. والكائنه في بلدها الحبيب اليمن ..
نظرت الى الساعه في يدها .. وهي تبتسم بفخر .. فلقد استغرقت عشر دقائق فقط منذ ان استيقظت .. انها تحطم بذلك ارقامها القياسيه ..
ان كليه الهندسه لم تكن تبعد كثيرا عن بيتها .. ولكنها كانت تعلم انها تاخرت على المحاضره الاولى خمس دقائق .. وان الاستاذ مؤكد لن يسمح لها بالدخول .. ولكن رغم ذلك استمرت بسيرها الذي يميل الى السرعه .. لم تكن تسير على ذلك النحو بسبب تأخرها ولكنه ما اعتادت عليه عندما تكون لوحدها ..
كانت نور على قدر متواضع من الجمال .. ذلك الجمال البريء الذي يشعرك بالانجذاب نحوه .. كانت ملامحها لطيفه .. عينان سوداوان واسعتان .. تغطيهما مجموعه كثيفه من الرموش التي كانت ترسم ظلالا على خدودها فتزيدها جمالا .. كان انفها يرتسم على وجهها وكأنه حد السيف .. من تحته تسكنان شفتاها المكتنزتين اكتنازه خفيفه .. وكان لون بشرتها اسمر فاتح بل قريب الى البياض .. لم تكن طويله .. ولكنها كانت تميل الى النحافه ..
كانت كاشفه الوجه .. فهي لم تشعر يوما بأنها فاتنه وتحتاج الى تغطيه وجهها .. اضافه الى قناعات ابيها الصحفي المشهور حسام عبد الرحمن .. رحمه الله .. والذي كان يؤمن بحريتها وحقها في اتخاذ قراراتها .. وكان هو السبب في وثوقها العالي بنفسها .. وبذلك النجاح الذي حققته في حياتها الدراسيه .. وايضا كان له الفضل في تنميه كل مواهبها التي تمتلكها .. من رسم للاعمال اليدويه .. وبالطبع أسلوب الكتابه المرهف الذي ورثته عنه ..
بدأت نور تشرد عندما غزت افكارها ذكرى والدها الحبيب الراحل منذ ما يقرب الخمس سنوات .. لم تكن علاقتها به تشبه علاقه اي بنت عربيه باباها .. لقد أنشاها دون ان يشعرها يوما بالنقص لكونها فتاه .. بل كان يسعى دائما لان يجعلها تدرك انها تصبح مميزه يوما عن يوم باخلاقها ومحبه الناس لها .. فاضحت بالنسبه له افضل من مئه ولد .. بل هي ابنته الوحيده والمدلله .. وبالمقابل كانت نور تحبه كثيرا .. وكانت تنشد فخره بها دائما .. ولا تخفي عنه شي من امور حياتها .. فهي تسير على مبدأ انها اذا لم تستطع البوح له بكل ما يحدث معها .. اذا فهي قد قامت بعمل خاطئ استحق الكتمان ..
إن اباها لم يكن الشخص الوحيد في حياتها والذي ساهم بخلق كيانها هذا .. لقد كان هنالك ايضا ابن عمها الذي يكبرها بثمانيه سنين ويبلغ من العمر ثمانيه وعشرين سنه .. والذي كان يحمل نفس اسم اباها .. اضافه الى انه يتحلى بالكثير من صفاته المحببه واخلاقه الرفيعه .. إن حسام كان دائما بالنسبه لها الاخ الاكبر .. والصدر الحنون الذي يحتوي جميع مشاكلها الصبيانيه .. من مشاجرات بين الصديقات .. الى حدث انفصالها عن اخيه .. فهي لم تحب سامح الا بعد ان توفي والدها .. فاصبح حسام يلعب دور الاب ايضا .. وهي لن تستطيع تخيل حياتها بدون دفئ ابيها لولا وجود حسام فيها ..

نفضت نور عن راسها هذا الكم الهائل من الذكريات .. عندما اوشكت على دخول فصلها .. وكانت مستغربه ان الدكتور لم يكن قد حضر الى الان .. كان قسم تكنلوجيا المعلومات يعج بالفوضى .. في خضم ذلك النقاش الدموي الدائر بين البنات والشباب .. وكان مندوب الدفعه يقف في مقدمه الفصل وهو يحاول ان يستمع لاكبر كم من الحوارات التي تلفه ..
لم تستغرق نور الكثير حتى وجدت صديقتها الحميمه رهف تشير اليها لتجلس بجانبها ..
تقدمت نور من صديقتها اللطيفه والتي كانت تشبهها في نواحي كثيره ابتداء من نحافه الهيئه .. ونعومه تعابير الوجه .. وصولا الى حسن الاخلاق .. وطيبه النفس ..
قالت محاوله منع ضحكها :
- ماالذي يحدث هنا .. هل ينون القيام بانقلاب على المدرسين ؟.
- لا بل ينون قتل بعضهم البعض كما هو ظاهر ..
أفلتت نور ضحكتها ثم تذكرت :
- لماذا لم يأتي الدكتور حتى الان .
أجابتها رهف :
- لقد خرج قبل قليل ....
قاطعتها نور :
- حقا .. ولماذا خرج ؟.
قالت رهف مهدئه :
- ألن تكفي عن استعجالك الدائم هذا .. لقد طرد نصف الفصل فور دخوله الى القاعه .. بحجه انهم لم يكونوا يجلسون على كراسيهم استعدادا لمجيئه .. من ثم أتى بحجه اننا لا نلتزم الصمت التام في القاعه .. فخرج بعد إعلانه ان الدرس مشروح ..
أضافت نور بحرقه :
- وكاننا بحاجه لشرحه الذي لا يصل سوى الجالسين في السطرين الاماميين في الفصل ..
ايدتها رهف بهزه من راسها .. وعادت تتابع ذلك النقاش الدائر في الفصل .. فعادت نور تتساءل :
- وما هو سبب هذه الفوضى ؟.
اجابت وهف باستهتار :
- كالمعتاد في اول كل فصل دراسي .. يتنازعون على كيفيه تقسيم المجموعه الدراسيه التي ستحظر المختبرات التطبيقيه ..
لم تضف نور شيئا .. واخذت هي الاخرى تتابع ذلك الحوار ولكن ما هي الا ثواني حتى تهيء لها أن صديقتها تقول شيئا مع ان رهف لم تكن تلتفت لها .. ولكنها نظرت متسائله :
- هل تكلمينني يا رهف ؟.
هزت رهف راسها بالنفي وهي مستمره بما تقوله .. قربت نور رأسها وارهفت السمع ففوجئت بان صديقتها تغني بصوت مسموع ولكنه غير مفهوم بنفس الوقت بفعل ارتفاع الاصوات من حولهم .. انفجرت نور ضاحكه وهي تتساءل :
- ما الذي تفعلينه ايتها المجنونه ؟.
ابتسمت رهف تلك الابتسامه الخلابه التي تكشف عن نقاء قلبها .. والتي تجعل وجهها الجميل يزداد اشراقا :
- لا عليك .. افعلي ما تشائين .. فليس هنالك من يرى او يسمع ..
عادت نور تضحك من جديد .. فقاطعتها رهف باهتمام بعد ان تذكرت :
- صحيح انت لم تخبريني عن سبب تاخرك في المجيء اليوم ؟.
- لم استطع الاستيقاظ مبكرا ..
لاحظت رهف الحزن الذي تخلل كلمات نور .. ولكنها لم تحب احراجها وقالت محاوله تغيير الموضوع :
- وكيف مجحت اخيرا في النهوض ؟.
ابتسمت نور من جديد بعد ان استطاعت التغلب على مسحه الحزن التي علت وجهها :
- بفضل السيمفونيه المشهوره لامي والخال نبيل ..
- اما زال مثلما هو ؟.
هزت نور راسها وهي تقلب عينيها بسخريه .. فاردفت رهف :
- على الاقل هنالك شيء مفيد قدمه لك اليوم .. بان جعلك تستيقظي .
ظلت نور صامته وكأنها ترفض الاعتراف باي فضل يقدمه زوج امها حتى ولو من باب المزح .. تساءلت رهف بأسى :
- والله انا لا اعرف ما الذي يدفع امك لتحمله كل هذه المده .. فهي مدرسه وراتبها سيعيشكما مثل الامراء ؟.
اجابت نور ببرود .. فلقد وطنت نفسها لتتعايش مع هذا الوضع المزري الذي خلق منذ دخول زوج امها نبيل حياتهما :
- امي وافقت عليه بعد الحاح منه .. وعدم معرفه كامله به .. واضافه الى تأييد الاصدقاء والاقارب لها .. فنحن كما تعلمين لا يوجد لدينا رجال في المنزل بعد والدي رحمه الله .. ومجتمعاتنا الشرقيه لا ترحم النساء الوحيدات امثالنا ..
أطلقت نور زفره سخريه من انفها وهي تردف :
- وكأن المرأة لن تصبح كامله الا بوجود رجل في حياتها .. حتى لو كان مثل الخال نبيل .

توقف حديث الصديقتان .. وتوقف نقاش كل الموجودين في الفصل .. مع دخول الدكتور ليلقي المحاضره التاليه .. لقد كانت نور تستمتع كثيرا بهذه المحاضره ..
فهنالك دكاتره يشعرونها بالملل الشديد .. وتحس كأنها تجلس على كرسي من الجمر ولا تستطيع سوى ان تحصي الدقائق التي تمر وهي تتعذب .. ولكن البعض الاخر تحس بانها تعيش معهم جو المحاضره وتكون متفاعل بكل حواسك .. ولا يعاملونهاعلى انها مثل الحصاله .. خزن مؤقت من ثم تفريغ .. لتعود وتخزن من جديد .. مع العلم بان النوع الاخر نادر جدا في كليتها المشهوره بمزاجيه الدكاتره وظلهمهم ..
توجهت الصديقتان نحو ساحه الكليه بعد انتهاء المحاضره الاخيره .. وتهياتا للجلوس في ركن من اركانها والتي تظللها الاشجار حتى تستذكران بعض الدروس .. اشارت رهف لصديقتها بعينها حتى تلتفت خلفها نحو الساحه والتي كانت لا تزال تعطيها ظهرها ..
حين التفتت فوجئت برؤيتها لذلك الشاب الابيض طويل القامه ذو الوجه الوسيم .. والذي كان يسير برفقه زملائه ويسترق النظر اليها بين الحين والاخر من خلال عينيه البنيتين .. التقت عينيهما للحظه مما جعل قلبها يخفق بعنف .. لم تستطع سوى ان تبتسم له بلطف ثم اشاحت بوجهها عنه بسرعه .. وقالت مؤنبه لرهف من خلال أنفاسها المتلاحقه :
- لماذا جعلتني التفت اليه ؟.
أجابت رهف مدافعه عن نفسها :
- لان ما تفعلينه معه ليس صحيحا .
تحدتها نور وهي ترفع احد حاجبيها :
- وما الذي افعله ؟.
- انك تحاولين دائما تجاهله يانور .. الى متى ستستمرين في عنادك هذا .. لا تنكري انك لازلت تحبينه .. وهو ايضا يكاد الحب ينطق من عينيه عندما ينظر اليك ..
جلست نور وهي تحاول السيطره على انتفاضات احاسيسها لرؤيته .. إنه لا يكبرها إلا بسنتين .. وهو فيي سنته الاخيره في قسم الكهرباء .. وهذا يشكل احد الاسباب التي تجعل نسيانه مستحيلا ..
فتحت كراستها بهدوء على الصفحه التي كتبتها بالامس .. واعطتها لرهف ..
لم تجد رهف كلمات تقولها بعد ان قرات ذلك الحزن الكائن في اسطر الكراسه التي بين يديها .. ثم قالت وهي تغالب مشاعر العطف الذي تحسه دوما نحو نور :
- من الممكن أن يكون تغير يا نور .. فالسنين كفيله بان تجلعه اكثر نضجا .. حتى أنت تغيرت ..
- أنا لا اريد ان اعيش الاوهام ..
- إن حبه لك حقيقه تكاد تكون مؤكده في حياتك يا نور .. لماذا تستمرين بتغذيب نفسك وتغذيبه معك .. ألا تشعرين بشوقه لك ..
سرحت نور قليلا .. ثم اردفت وكأن عقلها يسعى لاقناع قلبها الهائج :
- وهل يكفي ذلك ؟.
- وما الذي تريدينه ..
- انا لم اكن اشعر بنقص في مشاعره نحوي يا رهف .. ولكن الخلل مني انا .. فانا انسانه لم تخلق لتؤدي ادوار الحب والصبابه ..
- ومن قال لك ذلك ؟. بالعكس أنت انسانه محبه .. وحساسه جدا .. وانا اشعر دائما انك من الاشخاص الذي خلقهم الله ليسعدوا من حولهم ..
ظهر اعوجاج خفيف على شفتي نور وهي تبتسم بسخريه :
- لقد كنت احبه حقا .. بل اعشقه .. ولشده حبي كنت احرص على كل فعل وقول اقوم به نحوه .. امله ان يبارك الله لنا في كل ايامنا معا .. ولكنني كنت اخدع نفسي عندما توهمت انه يفكر مثلي ..
- انه شاب يا نور .. ولا احد يستطيع لومه ..
- وهل يقع اللوم علي انا ؟.
- لا .. لقد قمت بما هو صواب ولكنني لتمنى ان تمنحيه فرصه اخرى ..
- لا اعرف يا رهف .. فانا لا اود ان اجازف من جديد بمشاعري .. انها اغلى ما املك .. لقد نصحني بالنسيان .. وهذا ما احاول فعله الان .. بعد أن نسي هو روابط الاخوه التي كانت ومازالت تشدنا لبعض ..
حاولت رهف قول شيء .. ولكن نور قاطعتها بحدة :
- كفانا حديثا عن سامح الان .. ولنبدأ بالمذاكره .. التي يبدوا اننا لن نكملها ابدا ..
ابتسمت رهف برقه بعد ان استسلمت .. ثم اضافت وهي تنظر الى الساعه على معصمها :
- نعم .. يجب علينا ان نسرع فاحمد سيحضر بعد اقل من نصف ساعه ليصطحبني معه الى البيت ..
اشرق وجه نور بنفس تلك الفرحه التي تتوهج على وجه صديقتها .. وتلون خدودها بحمره خفيفه :
- هل عاد احمد من سفره ؟.
- نعم .. ألم اقل لك بأنه سيأخذ اجازه حتى يستطيع الاشراف على بناء منزلنا ..
- بلا ولكنك لم تقولي انه سياتي اليوم ..
وقبل ان تجبها رهف اضافت قائله وهي تبتسم وتنظر من خلف كتفها :
- يبدوا اننا فعلا لن نستطيع استذكرا شيء من دروسنا هذا اليوم..

حاولت رهف نظرها .. لترى ذلك الشاب لطيف الملمح الذي كان يقترب منهما بخطواته الواثقه .. وعيناه مصوبتان نحوها .. وكانه لا يحس الا بوجودها هي .. رغم كل الازعاج الذي كان يغمر الساحه ..
تساءلت نور باستغراب وهي تشارك صديقتها النظر الى ذلك الشاب :
- كيف يستطيع خطيبك المحافظه على صفاء بشرته وهو يعمل على متن السفن .
قالت رهف مازحه :
- انا اعطيه خلطه سريه في كل مره يسافر فيها .
ضحكت نور عليها :
- إن هذا شيء غير مستبعد عليك .
اجابت رهف هذه المره عن السؤال بجديه وهما تقفان لاستقبال احمد :
- انه لا يتعرض للشمس كثيرا .. فهو يعمل كمهندس لمكائن الباخره .
هزت نور رأسها .. وانقطع الحوار بينهما عندما اصبح احمد امامهما .. تبادل الثلاثه كلمات التحيه .. وكانت نور تحس بالخجل الشديد وهي تقف مع هذان المحبان .. في لقائهما الاول بعد طول فراق .. وسرعان ما استأذنت منهما :
- سأترككما الان .. فلقد تأخرت كثيرا عن العوده الى البيت .
رد عليها احمد :
- لما لا تاتين معنا ؟.. فسيارتي في الخارج ويمكننا ايصالك الى حيث تريدين .
اجابت نور بحياء .. وهي تودعهما مجددا :
- لا ليس هنالك داع لذلك .. فمنزلي لا يبعد كثيرا .. كما اني اود ان اذهب الى مشوار .
رفعت رهف حاجبها وهي ترمفها بنظرات شك :
- واي مشوار هذا يا نور ؟.. والذي لا اعلم عنه شيئا .
- سأذهب الى عياده حسام .. هل ارتحت الان .
قال الخطيبان معا :
- ابلغيه سلامنا .
ضحك الجميع .. واخذت نور تبتعد عنهما متجهه نحو عياده حسام .. والتي كانت في الطريق المؤدي الى بيتها .. كانت قد اتفقت مسبقا معه ليزور والدتها ويقس ضغطها الذي تشك هي في ارتفاعه المستمر .. مؤكد ان السبب معروف ..
دخلت نور العياده .. فقابلتها الممرضه بابتسامه عريضه وهي تتاملها باعجاب :
- اهلا بمهندستنا الجميله .
ابتسمت نور بحياء بالغ .. فهي لم تكن تفلح بالتعامل مع كلمات الاطراء التي تربكها :
- اشكرك يا خاله .. هل الطبيب حسام موجود .
- نعم ولكنه برفقه اخر مريض له .
ظلت نور تتحدث مع الخاله نظره .. تلك الانسانه اللطيفه التي لا تملك اي شهادات او حرف في الحياه .. ولكنها تملك فقط خمسه اولاد صغار .. تركهم والدهم لها بعد ان هجرها ..
ولكن حسام كان المنقذ لها .. فعندما جاء من لندن وقرر فتح عيادته الخاصه .. عرض على نور ان يوظفها معه كممرضه .. فتعاون الاثنان في تدريبها .. كان هو يلقيها كل المهارات الضروريه لجعلها ممرضه ماهره .. وانت نور تدرسها يوميا الكتابه والقراءه ..

عرضت الخاله نظره على نور قائله :
- لما لا تدخلين وتستعجليه .. فمؤكد انه قد اكمل عمله .. وهو الان يمازح الطفله الصغيره .. وكما بدا لي ان والدها صديقه ..
ابتسمت نور بحب صادق وهي تتكلم عن ابن عمها :
- اعلم هذا .. فهو ينسى نفسه احيانا عندما يدير حديث مع الاطفال .. ولكني لا اود ازعاجه .

في تلك الاثناء فتح باب الحجره .. وخرج الشاب برفقه حسام الذي كان يحتضن طفله بين ذراعيه .. ويحدثها قائلا بصوته الدافئ المليء بالحنان وابتسامته الساحره تعلو وجهه الاسمر الجذاب :
- يجب ان تاتي دائما وتزوريني .. حتى اطمئن عليك ..
هزت الطفله راسها بحماس الموافقه :
- سأزورك كل يوم عندما اعود من الروضه .
انتبه حسام لنور التي كانت تشاركهم الضحك .. وتقدمت لتاخذ الطفله منه .. وهي تحاول التعرف عليها .. اشار حسام الى صديقه :
- آه يا نور .. هل أتيت .. اعرفك بصديقي محمد وزميل دراستي .
حيت نور محمد بهزه من راسها .. وبتلك الابتسامه اللطيفه التي لا تفارق شفتاها :
- تشرفت بمعرفتك .
أكمل حسام حوار التعارف بان اشار الى نور :
- هذه هي صغيرتي نور .
لم يقم محمد باي رد .. لقد كان ينظر الى نور وعلى وجهه دهشه بالغه .. وشيء من الاعجاب مما اخجلها كثيرا .. وجعلها تحول نظرها نحو الطفله التي بين احضانها .. وما هي الا ثواني حتى قال محمد بحده :
- هل هذه صغيرتك نور ؟..
هز حسام راسه بالايجاب وهو يبتسم .. لصديقه الذي اردف :
- لقد كنت اتخيلها فتاه في الثانيه من عمرها .
كتمت نور ضحكتها .. فهي تدرك مدى محبه حسام لها .. ولم تستبعد وصول صديقه لمثل هذا الاستنتاج .. فاضافت مازحه :
- لقد اقتربت كثيرا من تخمين عمري .. ولكنك حذفت الصفر منه .
اردف محمد بعد ان احس بما سببه لها من خجل :
- انت لا تعلمين كم كان حسام يتحدث عنك .. ولكنه كان دائما يقول ( صغيرتي نور ) .. اعذريني يا انسه نور .
شدد محمد على عبارته لاخيره وهو يرمق حيام بنظره مازحه .. فتدخلت طفلته متسائله :
- هل اسمك نور ؟.
- نعم يا حبيبتي ..
- إن دميتي ايضا اسمها نور .
- وهل هي جميله مثلي ؟.
- لا .. بل انت أجمل .
قالت نور وهي تحتضنها بحب :
- بل أنت هي الاجمل بين كل الفتيات .
شهقت الطفله بفرحه رافعه حاجباها .. وهي تنظر لاباها :
- هل سمعت يا ابي ؟.
اخذها حسام وقبلها قبل ان ينزلها على الارض :
- وهل ما زلت على وعدك لي ايتها الجميله ؟.
ابتسمت الطفله بمرح وهي تلوح بيدها مودعه :
- بالطبع ..
أردف محمد :
- الى اللقاء يا حسام .. لقد كانت مصادفه لطيفه .. جعلتنا نتعرف بها على صغيرتينا ..

التفت حسام لنور والخاله نظره قائلا :
- ما رايكما بخطيبتي ؟.
ضحكت نور :
- ليتك تكون جادا وتعلن خطبتك على اي فتاه تعيسه الحظ .. فأنت لم تعد صغيرا ايه العجوز .
أجابت الخاله نظره مدافعه عنه :
- تعيسه الحظ .. يجب ان تحمد ربها ليلا ونهارا من سيقع اختياره عليها ..
ثم اردفت وهي تنظر لهما بحب صادق :
- انشاء الله يأتي اليوم الذي أراكما عريسين فيه ..
احمر وجه نور خجلا .. فهي تعلم محبه الخاله نظره لهما .. وكم تتمنى ارتباطهما ببعض ..
ولكنها قالت محاوله توضيح دعوتها :
- أنا مؤكد ستفرحين بي قبله .
رد حسام على تعليقها .. وهو يشير لها بيده حتى تسير امامه :
- هيا .. هيا وكفاك ثرثره .. ولنذهب الى البيت .
وقبل ان يخرجا من العياده .. التفت حسام للخاله نظره التي كانت لا تزال ترتب المكان :
- ألن تاتي معنا يا خاله ؟.
- لا يا حبيبي .. انا ساجلس قليلا لانهي بعض الاعمال .
- كما تشائين .

في المنزل .. وبعد أن طمئن حسام والدتها بان ضغطها في حاله جيده .. واعطاها بعض التعليمات .. خرجت الام من الحجره لتعد له الشاي .. ولتتركه برفقه نور .. فهي تعلم مدى تعلق ابنتها به .. ومؤكد أن في جعبتها الكثير لتخبره ..
افاقت نور من شرودها .. بسبب ذلك الصوت الدافئ الحنون :
- ما بك صغيرتي ؟.
هزت نور رأسها بعنف وكانها تنفي عن نفسها تهمه :
- لا شيء .
لم يستطع حسام التغلب على تلك الابتسامه الجذابه .. التي تخطف الانظار :
- ولكني لا اصدقك .
وقبل ان تعاود الحديث .. اضاف متسائلا :
- هل رايته ؟.
عاد الصمت يلف نور .. من ثم هزت راسها ببطء علامه على الإيجاب :
- متى ساستطيع ان انساه ؟.
- ولماذا تودين نسيانه .. انه سيظل دائما جزءا من حياتك .. ويجب ان تعود العلاقه بينكما كما كانت دائما .. فانتم في الاخير اخوه ..
- معك حق ..
كان حسام يود ان يضيف شيئا ولكنه سرعان ما عدل عن ذلك .. فهمت نور ان امها قد عادت وبيدها صينيه الشاي .. فوقفت مسرعه لتاخذها منها .. فبدأ حسام يتحدث مع العمه حياة حتى أكمل فنجانه .. واستأذن للخروج .. لم تفلح محاولاتهما في استبقاءه على الغذاء .. فلقد كان حسام خجول جدا .. ولم يتعود دخول البيت كثيرا بعد وفاه عمه .. الا عند الضروره طبعا ..
رافقته نور حتى باب الخروج .. وهناك حدثها والاهتمام ينبض من عينيه :
- هل ستجعلينني اخرج .. وانا ارى الحزن يلمع في عيني صغيرتي .
هزت نور راسها بسرعه .. وهي تضع على شفتيها اجمل ابتسامه .. فهي لم تكن ابدا تميل الى الكابه .. بادلها حسام الابتسام :
- هذا ما اود ان اراه دائما .. لا تقسي كثيرا على نفسك يا نور .. وتذكري انه كان اول شخص يدخل حياتك .. وانت لا تزالين في مقتبل العمر .. ولن تستطيعي فهم الكثير من مشاعرك .. وتاكدي ايضا من انني سأظل بجانبك .. وساحمل همك ما حييت فانت ستبقي اختي الصغيره مهما حدث .
- معك حق .. وانا لم اشك في اخوتك وحبتك لي ابدا .. رغم كل شيء ..
- اكيد معي حق .. فانا لا اخطئ ابدا .
قلبت نور عينيها متصنعه الاستخفاف بحديثه .. بعد ان افلح بتغيير مزاجها .. ثم اضاف وهو يسمع حركه الخاله حياه داخل البيت :
- وداعا الان .. يجب ان اذهب قبل ان تاتي والدتك وتحاول اقناعي من جديد بالبقاء .
ودعت نور ابن عمتها .. وهي تحس وكانها وجدت نفسها الضائعه ..
وجدت تلك الفتاه المرحه التي اعتادت عليها ..
والتي لم يكن يتخلل ايامها سوى المرح ..
انها تحس الان تماما وكانها نسيته ..
ليس بالمعنى الحرفي للكلمه .. ولكن كان الذي كان بينهم لم يكن يوما ..

العامريه 21-05-10 01:21 AM

السلام عليكم ورحمة الله وبركة

حيااك الله ياقلبي وهلافيك بين
اول مرحبا بك بليلاس



كاتبه يسعدنا انضمامهابين
اتمنى ان ارى حماس
حتى نهاية القصة

ولانجديوما القصة في رفوف القصص المهملة
نتظر تكملتهاوبدايه جيده واستمر
في طرح اجزاءك حتى تكتمل الصوره

dew 21-05-10 01:33 AM

جزء جميل جدا كبداية للرواية

لغتك الفصحى رائعة ومنسابة ...

أنتظر الجزء القادم بشوق لمعرفة التفاصيل عن حياة نور أكثر

مرحبا بك كاتبة بيننا ..وخصوصا أنك أول كاتبة من اليمن الشقيق ^_^

ارادة الحياة 21-05-10 09:21 AM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حروف جميلة تدل على موهبة راقية
رغم بساطة الفكرة الا ان موهبتك احسنت في اخراجها
نور الفتاة البسيطة المظهر الجذابة المنظر
هل تعرفين عندما تصفيها اتذكر طبيبة الاسنان التي اراجع عندها
فهي كما تقولين عن بطلتك ناعمة بسيطة ولكنها جذابة
اعجبني وصفك لكل شيء
حتى طريبقة التقاء عيني نور وسامح وصل لي وتخليته كأنه مشهد مصور
تجدين وصف المشاهد وجعلها تنبض بالحياة
انتي موهبة حقيقية
وفقتي اختي الكريمة
وننتظر الاجزاء القادمة

إماراتية نصراوية 21-05-10 10:26 PM

بطلة القصة " نور" حتى الآن شخصيتها غير واضحة لي

عرفتِ كيف توظفين اللغة العربية ببساطة وخفة ...استمتعت بقراءة البداية

أسلوب جميل ووصف حساس لمشاعر "نور"

كلي أمل أن أقرأ ما تبقى من "ملاك الحب" لنتعرف بقرب من هى "نور" وما هدفها في الحياة

ونرى وصف الأشخاص الذين يحركون الأحداث وتحركهم

كنتُ هنا..كوني بخير


ملاحظة: كبري خط مرة أخرى :)

my faith 22-05-10 03:39 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة العامريه (المشاركة 2314896)
السلام عليكم ورحمة الله وبركة

حيااك الله ياقلبي وهلافيك بين
اول مرحبا بك بليلاس



كاتبه يسعدنا انضمامهابين
اتمنى ان ارى حماس
حتى نهاية القصة

ولانجديوما القصة في رفوف القصص المهملة
نتظر تكملتهاوبدايه جيده واستمر
في طرح اجزاءك حتى تكتمل الصوره

اختي الحبيبه .. ومشرفتنا اللطيفه .. شكرا لك على كلامك الجميل .. والذي يبعث في نفسي مزد من الثقه ..
انشاء الله تظل روايه ملاك الحب .. بتنال عجابكم على طول .
اشكرك غاليتي ودمتي لي ..
-----------------------

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة dew (المشاركة 2314908)
جزء جميل جدا كبداية للرواية

لغتك الفصحى رائعة ومنسابة ...

أنتظر الجزء القادم بشوق لمعرفة التفاصيل عن حياة نور أكثر

مرحبا بك كاتبة بيننا ..وخصوصا أنك أول كاتبة من اليمن الشقيق ^_^

تسلمي غاليتي على ترحيبك .. بس وانا سعيده انني اول كاتبه يمنيه تشارك اسرتكم المحبه والمتواضعه .. انشاء الله بتتعرفوا عليا وعلى اليمن .. اكثر من خلال ردودي ومن خلال روايه ملاك الحب .. لاني اتعمدت اخلي احداثها باليمن عشان انقل لكم اجواء بلدي الحبيب .
دمتي لي غاليتي .. وانشاء الله بحط لكم البارت الجديد الان .
-------------------------------

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ارادة الحياة (المشاركة 2315478)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حروف جميلة تدل على موهبة راقية
رغم بساطة الفكرة الا ان موهبتك احسنت في اخراجها
نور الفتاة البسيطة المظهر الجذابة المنظر
هل تعرفين عندما تصفيها اتذكر طبيبة الاسنان التي اراجع عندها
فهي كما تقولين عن بطلتك ناعمة بسيطة ولكنها جذابة
اعجبني وصفك لكل شيء
حتى طريبقة التقاء عيني نور وسامح وصل لي وتخليته كأنه مشهد مصور
تجدين وصف المشاهد وجعلها تنبض بالحياة
انتي موهبة حقيقية
وفقتي اختي الكريمة
وننتظر الاجزاء القادمة

اختي الحبيبه اراده الحياه ..
والله عن جد خجلتيني بكل كلمه كتبتيها .. تسلمي يا عمري على كلامك الحلو والمشجع .. وانشاء الله تظل الروايه عاجباك على طول ..
دمتي لي وفي امان الله .
----------------------

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة إماراتية نصراوية (المشاركة 2316336)
بطلة القصة " نور" حتى الآن شخصيتها غير واضحة لي

عرفتِ كيف توظفين اللغة العربية ببساطة وخفة ...استمتعت بقراءة البداية

أسلوب جميل ووصف حساس لمشاعر "نور"

كلي أمل أن أقرأ ما تبقى من "ملاك الحب" لنتعرف بقرب من هى "نور" وما هدفها في الحياة

ونرى وصف الأشخاص الذين يحركون الأحداث وتحركهم

كنتُ هنا..كوني بخير


ملاحظة: كبري خط مرة أخرى :)

اختي الغاليه اماراتيه .. اشكر لك مرورك اللطيف على روايه ملاك الحب .. وانشاء الله شخصيه نور بتتوضح اكثر واكثر معك ..
احببت ردك لي .. وخصوصا موضوع كبري خطك .. هههههههههههههه
انشاء الله بكبره في البارت الجاي يا عمري .. انت بس امري ..
دمتي لي حبيبتي .. وفي امان الله .

my faith 22-05-10 03:43 PM

(2)
هدنة


كانت نور تقف امام مركز التصوير الكائن في كليتها .. في الوقت الذي رن هاتفها معلنا عن اسم حسام على شاشته ..
- السلام عليكم ..
- وعليكم السلام ..
- نور .. هل أنت في الكلية ؟.
- نعم يا حسام .. هل حدث شيء ؟.
لم يكن متعودا أن يتصل بها في مثل هذا الوقت المبكر من النهار .. وعاود الرد على تساءلها القلق بسؤال اخر :
- لا .. ولكن كنت اود أن اسالك .. هل يوجد لديك آلة حاسبة ؟
كانت نور تحاول الربط بين اسئلته والحيرة الباديه على ملامحها .. ثم اجابت بخيبه امل :
- لا .. للأسف ..
ولكنها وجهت حديثها نحو صديقتها التي كانت تنتظر معها اوراق نماذج الامتحانات التي لا تزال في مركز التصوير :
- رهف .. هل لديك آلة حاسبة ؟.
فتحت رهف حقيبتها بتلقائه باحثة .. من ثم اعطت لنور الآلة :
- الحمد لله .. يبدو انني لم اخرجها من الحقيبة .
عادت نور تخبر حسام الذي كان منتظرا على الهاتف :
- لقد وجدتها يا حسام ..
- حسنا .. هل يمكنني أن اطلب منك طلب ؟.
- بالطبع .
بدأ حسام يشرح لها :
- لقد خرج سامح من البيت وهو على عجلة من امره ونسى اخذ الآلة الحاسبة .. وهو الآن لديه اختبار بعد نصف ساعة .. وكان يعتمد عليّ في احضارها .. ولكن في الحقيقه ليس لدي هذا الصباح اي ارتباطات عمل في العياده .. وفكرت بأنك ستكونين منقذتي الوحيدة من أن اقطع كل هذه المسافة من عدن للمعلا .. حتى احضر له آلته .

كانت نور تستمع لحسام .. والى نبض قلبها الثائر نتيجة تردد اسم سامح على مسامعها ..
احست وكانها لم تعد تدرك مكانها وزمانها ..
لقد ذهب بها الخيال الى حيث سيكون سامح الآن واقفا بين زملاءه ..
كم هو بارع هذا القلب في تجسيد أي عاطفة تتعلق بسامح ..
لقد بدأت الآن يسفق بين الضلوع .. فرحا بهذا اللقاء القريب بالحبيب المهجور ..

استدعاها صوت حسام القلق .. بتلك النبرة العميقة التي تشعرك بدفئ مشاعره الحنونة :
- نور .. هل ازعجتك ؟.
حاولت أن تتمالك نفسها .. وجاهدت لكي تسيطر على مشاعرها قبل أن تجيب :
- لا .. سوف ابحث عنه الآن .. وساعطيه الآلة .. لا تقلق .
- اشكرك يا نور .. أنت حقا منقذتي .. فأنا لا ازال اشعر بنعاس شديد .. وسأذهب لانام .. في امان الله صغيرتي .
- في امان الله يا حسام .

اغلقت نور المكالمة .. وبدأت كل التساؤلات تتدافع الى راسها مرة واحدة ..
كيف ستستطيع مخاطبته بعد كل هذه المدة التي صحبت فراقهما ..
صحيح أنها لم تكن تنوي ابدا ما وصلا اليه من شبه قطيعة .. وكانت دائما هي البادئة بالسلام ..
ولكن هل ستجرء أن تكون هي ايضا البدئة ايضا بإذابت ذلك الحاجر الجليدي بينهما ..
وهل هذا النبض الذي اصبح يؤلمها لشدتة .. وتلك الأطراف الباردة .. تعبر عن الخوف من اللقاء أم توق إليه ..

تقدمت منها رهف .. بعد أن اخذت الاوراق .. وتساءلت بفضول :
- ما الذي يريده حسام من الآلة الحاسبة ؟.
اجابت نور وهي تصطنع الامبالاة :
- ليس هو من يحتاجها ..
- ومن إذا ؟.
- سامح .
- من ؟.
زفرت نور بسخرية .. ردا على دهشة صديقتها .. ومحاوله لإخماد عواطفها التي بدأت بالإشتعال :
- إنه سامح .. وهل غريب أن يحتاج لآلة حاسبة ؟.
هزت رهف راسها بعد أن سيطرت على دهشتها :
- لا .. ولكن ما هي القصة ..
- القصة أنه نسى الآلة الحاسبة .. ومطلوب مني الآن ايصالها إليه لأن لديه اختبار .
- حسنا إذا .. مؤكد اننا سنجده في ذلك الركن في الساحة .

لم تضف نور شيئا على حديثها .. وظلت تسير باتجاه الساحة بصمت .. وهدوء تام .. فالمعركة الكبرى كانت تدور احداثها بداخلها هي ..

تقدمت قليلا من مجموعة الشباب والذي كان سامح يقف معهم .. بعد أن انتظرتها رهف على مسافة قريبة .. حاولت أن تشير الى سامح ولكنه كان يواجهها بظهره .. احس الشاب الواقف بجانبه بنظرات نور الملحة نحو سامح .. فلكمه بإنفعال حتى يلتفت .. مؤكد أن اللكمة كانت قوية بعض الشيء .. فلقد رأت سامح يتاوه وهو يعقد حاجبيه وينظر لصديقه باستغراب من ذلك التصرف .. ولكنه سرعان ما حول نظره إليها بعد أن راى نظرات الشباب موجهه اليها .. كانت نور تشير له بعصبية حتى يأتي الى حيث كانت تقف .. تسمر سامح في مكانه .. وهو يحاول التدقيق في ما تقوم به .. وكأنه لا يصدق أنه هو المعني بإشاره يدها .. بدأ الضيق يعلو ملامحها .. لماذا يأخذ كل هذا الوقت ..
ولما لا ياتي وينقذها من هذا الإحراج الذي تشعر به جراء كل تلك الانظار الموجهه إليها ..
اخيرا تدارك الموقف وجاء مسرعا اليها .. ووضع حاجبيه المعقودين لا يزال كما هما ..
قالت نور ببساطة .. وهي تحاول رسم ابتسامة لطيفة على شفتيها :
- كيف حالك يا سامح .
كانت تستطيع أن ترى بوضوح صدره الذي كان يعلو ويهبط بطريقة غير منتظمة وكأنه يجد صعوبة في التنفس .. هل يا ترى هي السبب ؟.. سرعان ما طردت الفكرة من راسها .. وعادت تقول له وهي تعطيه الآلة بعد أن لم يرد عليها سوى بكلمة الحمد لله :
- لقد اتصل بي حسام .. واخبرني بأنك تحتاج اليها .. فاحضرتها لك .. موفق انشاء الله .. ويمكنك أن تعيدها في اي وقت ..
ألقت نور بتلك الكلمات وكأنها تتخلص من حمل اثقل عليها .. فلقد كانت ترددها في سرها منذ أن بدات بالبحث عنه .. حتى لا تخطء بالحديث .. ولا تجعله طويلا ايضا ..
فيزيد توترها بقربها منه ..
مؤكد أنها ادت مهمتها بمهارة .. فلقد لاحظت براعتها في التعامل مع الإضطرابات التي تشعر بها لحديثها القصير معه .. ربما كانت افضل منه ايضا .. هذا إذا اعتبرت أن ما تراه من ارتباك عليه هي احدى اسبابه ..
كم هو مخادع هذا القلب .. بل كم هو متمرد عليها .. حديث قصير كهذا .. يجعله يقيم عرس بداخلها دون حياء ..
اخذ سامح الآلة وهو يمعن النظر اليها غير مصدقا :
- شكرا لك .
- العفو .. هل تحتاج الى شيء اخر .
- لا .
- إذا الى اللقاء الان .
- الى اللقاء .

واصلت نور سيرها مع رهف نحو الفصل الدراسي الذي سيتلقون فيه المحاضرة التالية .. لم تحرجها رهف بأيه إستجوابات .. وكانت نور شاكرة لصديقتها هذا الفعل .. فمؤكد أنها ستكشف نبرتها المهزوزة إذا ما حاولت الحديث الآن ..

انتهت تلك المحاضرة .. ولكن يومها الدراسي لم يكن قد انتهى بعد .. لقد كان اسواء يوم في اسبوعها .. فبعد تلك المحاضرة كان لديها وقت فراغ مدة ساعتين .. من ثم ثلاث فصول تطبيقية .. وبعد ذلك يأتي دور المحاضرة الاخيرة والتي تنتهي في المساء ..

رن هاتفها .. ولكن هذه المرة كانت الأم تتساءل بقلق :
- نور .. أين انتي ياحبيبتي .. ألن تحضري للغداء ؟.
- أمي .. هل نسيتي أن اليوم هو يوم الاثنين .. وأنني لن اعود الى المنزل إلا في المساء .
- صحيح .. اعذريني يا ابنتي .. يبدو أنني نسيت ذلك كليا ..
- لا عليك ..
- حسنا حبيبتي .. اهتمي بنفسك .. ولا تنسي أن تتناولي وجبة الغداء ..
- حاضر يا امي لا تهتمي .. ستتولى رهف مهمه اطعامي .
رفعت رهف صوتها .. حتى تستطيع الأم سماعها :
- هل ينفع أن نقدم لها رسالة لمنظمة حقوق الإنسان حتى ينقذوها قبل أن تشارف على الانقراض .
ضحكت نور وعادت تطمئن أمها :
- أمي .. لا تستمعي إليها .. إنها تحرص على اطعامي حتى التخمة .
شهقت رهف وهي ترفع حاجبيها :
- ايتها الكاذبة .
انهت الأم شجارهما المازح وهي تضحك :
- حسنا الى اللقاء الآن .. وابلغي رهف سلامي .
- في امان الله يا أمي .

في ذلك الوقت .. جاء زميلها خالد لكي يناقشهما في المشروع المطلوب تقديمه في نهاية الفصل .. كان الثلاثه يتشاركون الحديث .. من ثم بدأت نور تشرح له كيفية تقسيم العمل بينهم .. لإتمام المشروع في اسرع وقت ممكن ..
كانت رهف تقف بعيدة عنهما بعض الشيء عنهما .. لتلقيها مكالمهة هاتفيهة من خطيبها ..
شعرت نور بأن هنالك ظل لشاب يحاول التقدم نحوهما وهو يسلط نظراته عليها .. التفت لترى سامح يرمقها بنظرة لم تستطع تفسيرها .. اعتذرت من زميلها .. وذهبت لتحدثه .. تساءلت نور بقلق صادق .. وهي ترى ذلك الغضب المكتوم الذي يغطي ملامحه :
- كيف اديت اختبارك ؟.
رد عليها باقتضاب :
- جيد .
- حقا .. ولماذا يظهر عليك العكس ؟.
اعطاها سامح الآلة .. واردف قائلا بحدة .. وكان يبدو عليه أنه يحاول الهجوم عليها .. اكثر من عرفانه بالجميل :
- اشكرك على مساعدتك لي .. والى اللقاء الآن .

ردت نور على تحيته .. من ثم عادت لتعرف مستجدات حديث رهف مع زميلهما .. ولتكمل يومها الذي استنزف كل الطاقات المختزنة في جسدها .. هي وجميع زملائها وزميلاتها ..

ابتسمت نور وهي ترى ذلك التوتر البادي على رهف :
- ما بك يا فتاة .. كل يوم اثنين تعيشين هذا الرعب .. متى ستتشجعين .
اجابتها رهف وهي تحرك راسها بالنفي لتلك الحافة المتجهة الى منطقة عدن .. وتبحث بعينيها عن الحافلات المتجهات الى منطقة المنصورة :
- أنت تعرفين أنني لم اعتد ركوب المواصلات العامة في مثل هذا الوقت وبمفردي ايضا .
- لقد قلت بنفسك مواصلات عامة .. بما معنى أنه لا داعي لهذا الخوف فأنت لن تكوني بمفردك .. وبلادنا آمنة والحمد لله .
زفرت رهف بضيق :
- متى تنوي حافلة المنصورة المجيء .. لابد أنني تاخرت كثيرا عن العوده ..
في تلك الاثناء جاءت الحافلة التي يوجد في مقدمتها علامهة حمراء بشكل مربع .. تعلوها كتابة تشير الى أن وجهتها نحو منطقة المنصورة ..
ودعت نور صديقتها الرقيقة .. بعد أن اطمئنتا أن هنالك عائلة بداخل تلك الحافلة ..
عادت تحث الخطى نحو بيتها والإجهاد يتملكها جراء يومها الطويل .. لذلك لم تستطع التفكير بتلك المستجدات التي حدثت فيه .. فلقد كانت تحن كثيرا لأخذ حمام بارد في هذا الجو الحار .. من ثم الغوص في احضان سريرها .. والغرق في نوم عميق .. صحيح أن الساعه لم تتجاوز الثامنه مساء .. ولكن كان هذا هو شعورها الحالي ..

- أهلا بمهندستنا الشابة .. واخير شرفتنا بحضورك ..
كان هذا ترحيب الخال نبيل بها عادة عندما تتاخر بالعودة في كل يوم اثنين .. من ثم اضاف ساخرا وموجها حديثه للأم :
- ألم انصحك دائما بأن لا تدخليها هذه الكلية التي لا نعرف مواعيدها .. في الآخير هي تربية حسام عبد الرحمن وكل شيء متوقع منها ..
ضغطت نور على اسنانها بعصبية .. وهي تتمالك نفسها حتى لا ترد عليه .. ووجهت حديثها لكليهما بصوت ميت :
- السلام عليكم ..
لم تنتظر اجابة وتوجهت نحو حجرتها .. لقد كانت تدرك أنه يحاول استفزازها .. و يسعى دائما لإغتنام اي فرصه يثبت من خلالها سوء تربية والدها رحمه الله لها .. ولذلك هي تترفع عن الحديث معه حتى لا تفلت اعصابها وتعطيه تلك الفرصة التي ينتظرها بفارغ الصبر .


في الصباح .. استيقظت نور على صوت والدتها ولكن هذه المرة كانت توقضها هي .. فتحت عينيها لترى الساعة .. لقد كانت السابعة وخمسة وعشرين دقيقة :
- آه يا امي .. لماذا تيقظينني .
كان الإستياء باد عليها وهي تعاود النوم من جديد .. فاردفت الأم بحيرة :
- أليس لديك محاضرات اليوم ؟.
- بلا .. ولكن محاضراتي تبدأ في الساعة الثامنة .. وكنت أود أن اصحو في السابعة والنصف .
ضحكت الأم :
- نور .. وهل تفرق الخمس الدقائق .. هيا انهضي يا ابنتي وكفاك كسلا .
ردت بصوتها الناعس :
- بالله عليك يا أمي اتركيني أنام .
خرجت حياه وهي تبتسم .. وفي ذلك الحين عاودت نور النوم .. ولم يمضي سوى دقائق قليلة حتى رن هاتفها معنا عن موعد الإستيقاظ .. فنهضت مستسلمة .. وتوجهت الى مطبخ بعد خروجها من الحمام .. احتضنت أمها من الخلف والتي كانت تعد طعام الإفطار بفكر شارد .. وقبلتها على وجنتها :
- صباح الخير يا احلى أم .
خرجت من شفتي والدتها ضحكة صادقة لطالما افتقدتها .. والتي كانت تعاودها عند رؤيتها لابنتها فقط .. فنور اصبحت أهم الاسباب التي تسيرها في هذه الحياه وتجعلها تحس أن لحياتها معنى وهدف :
- واخيرا نهضت ايتها الأميرة النائمة ؟.
- نعم .
- وما الفرق الذي وجدتيه ؟.
رفعت نور حاجبيها بدهشة وهي تجيب أمها بجدية بالغة :
- لو كنت تدركين مدى خطورة هذه الدقائق بالنسبة لي لما سالتي هذا السؤال .
علقت الأم بسخرية مازحة .. وهي تعطي نور تلك الشطيرة التي لفتها لها :
- آه .. حقا .. انا اسفة إذا ايتها الخبيرة لجهلي بخطورتها .. هيا اذهبي الآن لتحضري نفسك قبل أن تتاخري عن محاضراتك .
ثم تداركت متسائلة :
- هل ستتاخري اليوم ايضا في الكلية ؟.
- لا يا أمي بل ساعود بسرعة لأن لدي محاضرة واحدة فقط .. إنني سأكمل الفصل وأنت لازلتي لا تحفظين جدولي ..
- اعذريني يا حبيبتي .

ردت نور على امها بابتسامتها الدائمة .. ثم اتمت تحضير نفسها وما هي إلا دقائق أخرى حتى كانت تحث خطاها نحو الكلية .. وبدأت التفكير .. فهنالك شي غريب في والدتها اليوم .. فهي لم تيقظ الخال نبيل كعادتها .. كما أنه لم يخفى عليا ذلك الشرود والحزن البادي على ملامحها .. لابد أن ما حدث بالأمس من محاولات الخال نبيل لإستفزازها وتعليقاته على اباها هو ما يثقل عليها .. فهي تدرك مقدار حب والدتها لابيها الراحل .. قطع صوت من الخلف تسلسل افكارها :
- نور .. نور .
- رهف كيف حالك يا حبيبتي ؟.
- انا في احسن حال اليوم .. ولكنك لا تعلمين ما الذي صار معي بالامس .
تساءلت نور بقلق فلقد احست أن صديقتها تتكلم بجدية :
- خير انشاء الله .
- اتذكرين تلك العائلة التي كانت تعتلي الحافلة معنا بالأمس .
- نعم ماذا بهم ؟.
- ليس بهم شيء .. ولكنهم لم يكملوا طريقهم معي الى المنصورة كما كنت متوقعه .. ونزلوا في منطقة خورمكسر .
- وما المشكلة في ذلك ؟.
- نور يبدو أنك لاتزالين نائمة .. لقد بقيت أنا بمفردي برفقة ثلاثة شبان .. والوقت كان متاخرا .. حقا لقد كدت امت من الرعب .. ولقد هممت بالنزول مع العائلة .
هنا بدأ الخوف يتملك نور :
- هل جننت يا رهف .. تنزلين في منطقة لا تعرفين احدا فيها .. وما الحل برأيك .. مزيدا من التاخير في انتظار حافلة اخرى ؟.
- لا اعرف يا نور .. ولكن هذا ما فكرت به .. ولكني لم انزل .
- وما الذي حدث إذا ؟.
- لقد كان يبدو على احد الثلاثة الشبان بأنه من الشمال .. والإثنان هما شابان صغيران بعض الشيء وكان يبدو انهما جنوبيان .. قام الشاب الشمالي باستوقافي وكان يحاول اقناعي بالبقاء .. خصوصا أن المنطقة مقفرة بعض الشيء ولا يصح أن انزل في ذلك الوقت ..
- وماذا كان ردك ؟.
- لم اعرف بماذا اجيبه وفظللت صامته ومتردده بنفس الوقت .. فوجه هو كلامه للسائق بأن لا يجعل أي راكب يجلس في الكرسيين الذين بجانبي .. وأن حسابهما عليه .. ثم سألني هل هذا سيطمئنك .
عادت نور تستحث رهف لتواصل حديثها :
- وبعد ما الذي حدث ؟.
- عدلت عن رايي بالطبع .. بعد أن ايداه الشابان ايضا .. ولم اراى مبرر لترددي .. كما انني كنت خجلة من تلك العائلة التي لم تتابع سيرها الى بعد ان اطمئنت علي .
تنفست نور الصعداء بعد أن كان الخوف يسيطر عليها :
- حمدا لله ..
- لا لم ينتهي الامر بعد .
بدأت الهواجس تغزوا نور .. وراحت ترسم في خيالها صور بشعة عما يمكن أن يحدث لصديقتها .. ولكن سلواها الوحيد كان رؤيتها لرهف في تلك اللحظة سالمة والتي عاودت الحديث :
- لقد صعد معنا رجل شمالي اخر يبدو أنه غير طبيعي بعض الشيء .. وكأنه مخدر .. وبالرغم من أن الحافلة شبه فارغه .. لم يرقه سوى الجلوس بجانبي .. لم استطع سوى النظر الى الشاب الذي وعدني وكأنني استنجد به .. ففهم هو نظرتي وطلب من ذلك الراكب الجلوس في مكان اخر بتهذيب .. إني اكاد اقسم بأنه كان قد تعاطى شيء معين .. فبالرغم من تنفيده للطلب الى أن كلامه طول الطريق كان يشعرني بالتوتر .. ولكن في الاخير وصلت بسلام .. وكنت شاكرة لذلك الشاب موقفه الشهم معي .
شردت نور والخوف لا يزال يتملكها :
- اتعرفين يا رهف .. مؤكد لم يكن سيحدث لك شيء سيء .. ولكن ما شعرتي به طبيعي لأن الوقت متاخر وكونك الفتاة الوحيدة في الحافلة .. ولكن اتعرفين هذا يبين لنا أن ليس كل الشباب الشماليين كما يفكر بهم البعض .
هزت رهف راسها بحماس مؤكدة :
- بالطبع .. فأنا اكره مثل هذا التصنيف السياسي السخيف .. فنحن بالاخير يمن واحد .
- ان ما دفع الناس لهذا التصنيف السخيف .. هو سوء الاحوال وتدهور المعيشة .. ولكن هذا ساري على الكل .. صحيح أن بعض الشمالين يتمتعون ببعض الصلاحيات اكثر منا .. ولكن هذا ليس مبررا يجعلنا نحقد على البسطاء من الشعب .. فهم ايضا يعانون مثلنا .
- كلامك حق يا نور .
- هل تعرفين .. لقد كنت قبل يومين ساهم بخلق مشكلة مع شاب من شباب الكلية ..
ضحكت رهف :
- غريبة مع انك انسانة مسالمة .. لا بد انه استثار غضبك لابعد الحدود .
- نعم .. لأنه كان يقف خارج الكلية مع زملائه عندما كنت انا في طريقي الى البيت .. وفي ذلك الوقت تقدم منهم ولد صغير السن يبيع المناديل الورقية .. زجره بعنف ليبتعد عنهم .. وبدأ يهيل عليه بالشتائم قائلا له : ( متى ستخرجون من بلادنا ايها الدحابشه الشماليين ) .. لقد كدت اتقدم منه واصفعه من شدة الغيض .
تسائلت رهف بحنق :
- وما الذي منعك ؟.
- إن صديقاه عنفاه بقسوة .. وافهموه أنه لا يملك الحق في إهانه طفل صغير بغض النظر عن اصله .. لقد تألمت كثيرا على ذلك الصبي .. والذي مؤكد ان حاله اسواء بكثير من احوالنا نحن .
- أنا حقا .. لا احس أن هنالك فرق بين شمالي وجنوبي كلنا بشر .. والشيء الوحيد الذي يميزنا عن بعضنا هو اخلاقنا فقط ..
- هذا صحيح ..

بعد انتهاء المحاضرة .. جلستا في مكانهما المعتاد .. حتى يتما تصميم ذلك العرض الذي سيستعينون به في تقديم مشروعهم .. وكانتا تتحدثان بين الحين والاخر .. وفجأه تذكرت رهف عندما رأت سامح يمر بقربهم ويختلس النظر كعادته نحو صديقتها الملتهيه بالكتبة :
- صحيح .. لم تخبريني بالأمس ما الذي حدث مع سامح ؟.
نظرت نور اليها وهي تعقد حاجبيها باستغراب :
- وما الذي سيحدث بإعتقادك ؟.
- لقد رايت وجهه يكاد ينفجر من الغضب عندما اعاد لك الآلة .
- آه .. صحيح .. حتى انا لاحظت هذا الشيء .. ولكني لا اعلم سبب ذلك .
- الا تعتقدين ان حديثنا مع خالد هو السبب ؟.
- ربما .. فهو لم يكن يحبذ حديثي مع اي شاب .
استغربت نور ابتسامة رهف الواسعة .. والتي فسرتها مازحة :
- يبدو أنه يشعر بالغيرة .
اجابت نور بحدة :
- إن علاقتنا لا تسمح له بذلك .. كما انني لا اجد مبررا لغيرته .
- اي محب يجب أن يغار .
ابتسمت نور ردا على تلك العبارة :
- هل تعرفين يا رهف .. انا لم اشعر ابدا بالغيرة نحو سامح .. بالرغم من كثره الفتيات الآتي كان يعرفهم قبلي .. يبدو انني كنت واثقه من اخلاصه لي .
- ولقد كان فعلا مخلصا في حبه لك .
- نعم .. ولكنه ايضا كان يحاول أن يطبق معي كل ما كان يفعله برفقتهم .. ومبرره الوحيد انني عرضه ولن يخلف وعده لي ابدا .
- صحيح أن سامح شاب وسيم .. وقد اقام علاقات كثيرة مع الفتيات .. ولكني لا اشك في صدق وعوده لك .
- هذا صحيح .. ولكني لن اسمح له ابدا بأن يعاملني مثل اي فتاة عرفها .. فأنا اختلف عنهم تماما .. ولكنه لم يحاول ابدا ان يفهم ذلك .
بدات نور تضيق من ذكرى سامح المؤلمة :
- لماذا لا يكون مثل حسام ؟.
- هذه مقارنه غير عادلة يا نور .. فحسام يتميز عنه باشياء كثيره اولها العمر والثقافة .. اضافه الى أن حسام تعلم فترة طويلة في لندن .. لذلك تجدينه منفتح في افكاره ..
اضافت رهف مازحه :
- حقا يا نور .. الا ينوي حسام الإرتباط .. والله لو لم اكن مخطوبه .. لما تركته يفلت من يدي .
ضحكت نور وهددت صديقتها وهي ترفع سبابتها في وجهها :
- اعقلي يا فتاة .. والا ابلغت خطيبك بهذا الحوار .
- لا .. لا .. انا في اتم قواي العقلية .. ولا داعي لتهورك هذا .
من ثم اضافت بجدية :
- لما لا يتقدم حسام لخطبتك ؟.
عقدت الدهشة لسان نور .. ولكنها سرعان ما اجابت ضاحكه :
- والله مؤكد انك جننتِ .. وتقولين أنك في كامل قواك العقلية .
- انا لا امزح .. حقا ما الذي يمنعكما من ذلك ؟.
- اشياء كثيره ..
- مثل ؟.
- انه ابن عمي الأكبر .. والذي يشعرني دوما بحنان الاخوه الذي افتقده .. كما أن حسام لم يبدي ابدا رغبه في الارتباط باي فتاة .
- وما هو سبب عزوفه يا ترى عن الزواج ؟.
تجاهلت نور تلميح صديقتها .. بأنها السبب في ذلك .. واجابت وهي تحاول التنقيب عن اسباب اكثر اقناعا :
- ربما حبه للعلم .. ولعمله الذي يجعله يخالط كل هؤلاء الاطفال .. فهو محبوب جدا من قبلهم .. وربما يشعر بنوع من الإكتفاء من الارتباط معهم .
- هذا ليس سببا كافيا .
رفعت نور حاجبها وهي تمعن النظر في صديقتها :
- ما بالك اليوم ؟!.. لقد كنت قبل قليل تقنعينني بحب سامح .. والآن تتمنين ارتباطي بحسام ؟!.
وضحت رهف صدق مشاعرها الحنونه اتجاه صديقتها :
- انا لا اتمنى إلا ما هو مناسب لك حبيبتي .. ولا يهمني إن كان ذلك في عودتك لسامح .. او ارتباطك بحسام ..
شوحت نور بتلك الاوراق التي في يدها .. ومحاوله انهاء ذلك الحديث :
- ولكن اهم شي الان هو ان نكرس جهدنا في الدراسه فالامتحانات على الابواب .

------------
استيقظت نور وهي تشعر بأنها مشوشة بعض الشيء .. ولجأت للهاتف الذي بجابنها لكي تعرف أن الساعة هي الرابعة عصرا .. وأنه يوم الثلاثاء .. ابعدت جهاز الحاسوب المحمول والذي يبدو أنها كانت ترقد فوقه .. وذهبت الى المطبخ لتعد لها كوب من الشاي .. حتى تستعيد نشاطها .. وهناك وجدت امها تصنع بعض الفطائر كعادتها في مثل هذا الوقت من كل يوم ..
- نور .. هل كنت نائمه يا حبيبتي ؟.
اجابت نور ببعض الشرود فهي لا تعلم كيف غلبها النعاس .. بعد أن فضلت المذاكرة على اخذ قيلولتها المعتادة :
- اعتقد ذلك .
- لقد دخلت لاتفقدك .. ورايتك تغرقين في نوم عميق .. حتى انني حاولت ايقاظك حتى تعدلي من وضعيتك الغير مريحه .. ولكني لم افلح ابدا .
رفعت نور حاجبيها باندهاش واضح فهي لم تكن ابدا من هذا النوع من الاشخاص الذين لا يشعرون بمن حلوهم اثناء النوم .. بل انها كانت تفيق من ابسط صوت يصدر بجانبها :
- غير معقول !.
- بلى .. لقد اضطررت الى التربيت على كتفك .. ولكن كان يبدو عليك الارهاق يا حبيبتي .. لا تجهدي نفسك كثيرا في المذاكرة واعطي جسمك ما يستحقه من الراحة .
- حسنا يا امي .
ظلت نور تجلس على طاولة المطبخ .. وهي تشارك امها الحديث .. وتساعدها في صنع الفطائر .. لقد كان هذا وقتهما الخاص والمحبب الى قلب نور .. وكانت تستغله الى ابعد الحدود .. وتحاول أن تشرك والدتها في كل مستجدات حياتها .. من اتفه الاحداث الى اهمها .. فلطالما كانت مدللتها الدائمة .. والتي لا تمل من سماع اي شيء يخصها ..

عندما عادت الى حجرتها لتكمل استذكار دروسها .. عاودها الشرود وهي تدقق النظر الى جهازها المحمول وتلك الكتب والكراسات المتناثرة فوق فراشها والتي كانت ترقد فوقهم قبل قليل .. كيف استطاعت ان تنام في وضع كهذا .. لا بد انها ترهق نفسها بشدة كما اخبرتها والدتها .. في تلك الاثناء جائتها رسالة من حسام على الهاتف :
" مساء الخير .. صغيرتي ..
لقد انشغلت كثيرا بالأمس .. ولم استطع أن اشكر لك صنيعك معي ..
اتمنى ان تكوني في احسن حال ..
ولا تجهدي نفسك بالمذاكرة فانا اعلم مدى قسوتك على نفسك عند قرب الامتحانات ..
اتصلي بي إن احتجت لشيء .. "
كانت تبتسم بحب وهي تنقل عينيا بين السطور ..
ثم اخذت نفس عميق .. كم كانت ستتالم لو لم يكن حسام في حياتها ..
انها تدرك انه تعمد افتعال تلك الحركه بالأمس ..
انها دائما ما تشعر بالراحة لكل اراءه وتصرفاته .. وهي تحس انها بفضله قد بدأت عهد جديد مع سامح ..
اضافه الى تلك الهدنة التي فرضتها على مشاعرها .. لكي تتخلى عن حنينها لذلك الحبيب .. والتركيز في دراستها ..
لذلك هي تشعر بأن الفضل يعود لحسام الذي استطاع خلق تلك الهدنة في نفسها بكسر الحاجز الوهمي بينها وبين سامح ...

ارادة الحياة 22-05-10 07:02 PM

السلام عليكم
كيف الاحوال غاليتي
جزء رائع جدا
لابدأ مع
رهف
اجدتي وصف مشاعرها وخوفها من الركوب مع الغرباء ولاني مررت بتجربة التنقل في الجامعة وصلني المشهد بأكمله فقد كنا نحرص عندما كنا طلاب بالركوب في حافلة فيها عائلة لتجنب الاحتكاك بالشباب
كم كانت فترة الجامعة مميزة حتى مع هذا الشعور بالخوف

حتى احاديث رهف ونور والتحضير للمختبرات العلمية المشهد اجده رائع جدا
رائعة انتي في الوصف
وفي تحريك المشهد
نأتي الى نورة وسامح
انتي بالقصة تعطين مساحة واسعة لنورة بأن تعبر عن مشاعرها في حين سامح
قابع في صمت
هلا افرجتي عن مشاعره الا اذا كان لكي توقيت معين في إظهار هذه المشاعر ؟؟؟؟

حسام ومشاعر الابوة
هو ليس بالكبير حتى يكون اب لنور اخ اكبر معقولة
السؤال مالذي يريده حسام من وراء حركة الحاسبة
هل يريد ان يلتقيا نور وسامح لكي يحددا نوع مشاعرهما اتجاه بعضهما
وبالتالي هو يحدد مشاعره ايضا
الا من غير المعقول شاب بال 28 يعشق الاطفال لايرغب بالزواج الا اذا كان قلبه معلق >>وجهة نظر

وفقك الله عزيزتي
ننتظرك

my faith 24-05-10 05:24 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ارادة الحياة (المشاركة 2317131)
السلام عليكم
كيف الاحوال غاليتي
جزء رائع جدا
لابدأ مع
رهف
اجدتي وصف مشاعرها وخوفها من الركوب مع الغرباء ولاني مررت بتجربة التنقل في الجامعة وصلني المشهد بأكمله فقد كنا نحرص عندما كنا طلاب بالركوب في حافلة فيها عائلة لتجنب الاحتكاك بالشباب
كم كانت فترة الجامعة مميزة حتى مع هذا الشعور بالخوف

حتى احاديث رهف ونور والتحضير للمختبرات العلمية المشهد اجده رائع جدا
رائعة انتي في الوصف
وفي تحريك المشهد
نأتي الى نورة وسامح
انتي بالقصة تعطين مساحة واسعة لنورة بأن تعبر عن مشاعرها في حين سامح
قابع في صمت
هلا افرجتي عن مشاعره الا اذا كان لكي توقيت معين في إظهار هذه المشاعر ؟؟؟؟

حسام ومشاعر الابوة
هو ليس بالكبير حتى يكون اب لنور اخ اكبر معقولة
السؤال مالذي يريده حسام من وراء حركة الحاسبة
هل يريد ان يلتقيا نور وسامح لكي يحددا نوع مشاعرهما اتجاه بعضهما
وبالتالي هو يحدد مشاعره ايضا
الا من غير المعقول شاب بال 28 يعشق الاطفال لايرغب بالزواج الا اذا كان قلبه معلق >>وجهة نظر

وفقك الله عزيزتي
ننتظرك


اختي الحبيبه ارادة الحياة ..
اشكر لك مرورك بروايه ملاك الحب .. واحببت حديثك عن الشخصيات ..
وان شاء الله تجدين ردا لكل تلك التساؤلات في الاجزاء القادمه ..
تسلمي على ردك اللطيف لي ..
دمتي لي حبيبتي .. وفي امان الله ..

my faith 24-05-10 05:27 PM


(3)
شعور بالغيرة

كان هذا الأسبوع الأخير في السنة الدراسية .. وكان الضغط على أشدة .. ما بين نسخ للمحاضرات .. والإستذكار المكثفف .. وتوتر الأعصاب ..
لم تجد الصديقتان مكاناً مناسباً لإنتظار بدء المحاضرة التالية .. سوى مشاركة فتيات الفصل الجلوس على ذلك الدرج الواسع في ساحة الكلية ..
كانت رهف تحرك الملزمة التي بين يديها بعصبية وهي تجلس بين الفتيات :
- كلية بمثل أهمية كليتنا ولا يوجد بها مكان مناسب للجلوس ؟.
كان حديث رهف بمثابة شرارة جديدة خلقت زوبعة من النقاش بين فتيات الفصل .. فلا يستطيع المستمع معرفة من تكلمت .. ومن ردت على من .. كان نقاشهن رغم تعدد أطرافه .. إلا أنه يظهر مدى ترابطهم .. ولطف العلاقة التي تجمعهم :
- لقد اشتدت الحرارة هذه السنة .
- ماذا ؟.. حرارة ؟.. لم تري شيئا بعد يا حبيبتي ..
ضحكت الفتيات .. وقالت إحداهن بضيق :
- متى سينقلونا إلى مبنى كليتنا الجديد .. في منطقة الشعب .
هنا صرخت نور معارضة :
- لا .. أنا لا اود الإنتقال .. فأنا أحب هذا المبنى .
- مؤكد .. فهو بجانب بيتك يا نور .
اضافت رهف :
- لا تتخاصموا .. فهم لن ينقلونا إليه بسهولة .
- هذا صحيح .. مرت سنين وهم يعدون من كانوا قبلنا بمجر بناءه .
أردفت أخرى مازحة :
- وعندما انتهوا منه .. جعلونا نتفرج عليه ..
- مؤكد أنهم يملكون أسبابهم الخاصة .
- وماهي هذة الأسباب يا أستاذة أحلام ؟.
كانت نور لا تستطيع تقبل هذه الفتاة وتحاول تجنبها قدر المستطاع .. فهي تتصنع الرقة والدلال .. ودائمة الحديث عن نفسها .. وعن كثرة معجبيها الذين تتوهمهم .. تولت إحدى الفتيات حسم النقاش :
- أنتم لا تعلمون آخر الأخبار التي سمعتها .
ردت عليها رهف بسخرية :
- عدم توفر كل المعدات المطلوبة .
- لا .. بل لأن المبنى مسكون ..
لم تستطع نور تمالك نفسها من الضحك .. كغيرها من الفتيات .. وتساءلت :
- ما به المبنى ؟.
- مسكون ..
عادت الفتاة تدافع عن الإشاعة التي تنقلها .. بحماس :
- لقد سمعت هذا الخبر قريبا .. بأن عمال البناء .. كانوا يشعرون باشياء غريبة أثناء اداء عملهم .. وفسروا ذلك بأنه قد يكون مسكوننا بالجن ..
- ربما .. خصوصا أن المنطقة نائية بعض الشيء ..
تساءلت رهف بإستغراب :
- وماهو الرابط العجيب ؟.. فحتى وإن كان ما تقولينه صحيحا .. مؤكد أنه سينتهي ما إن نباشر دراستنا فيه ..
أجابتها الفتاة مبتسمه :
- إن دكاترة كليتنا هم من رفضوا الذهاب .
- مع أنهم أقدر الناس على طرد إبليس بنفسه .. وإشعاره بالضجر .
توقف الحديث بينهم لبرهة .. عندما خرج ذلك الشاب الأسمر الجذاب من سيارته الحمراء واخذ يحرك اصابعه بخفه فوق ازرار هاتفه .. وقفت نور كمن قرصها عقرب عند رؤيته .. وشاعت فرحة صادقة على ملامحها الطفولية .. ثم هتفت وهي تهم بالتقدم منه :
- حسام ..
ما هي إلا خطوات معدودة حتى اصبحت تقف خلفه وتحدثه ممازحة .. عندما كان هو يرفع هاتفه نحو اذنه :
- بمن تحاول الإتصال ؟.
التفت إليها حسام .. فلم يكن قد لاحظ اقترابها منه :
- صغيرتي .. كيف حالك ؟.
- أنا في احسن حال .
ثم رفعت حاجبها وهي تتساءل بجدية :
- هيا .. قل لي من تكون ؟.
- من ؟.
اجابت وهي تغمز له بعينها .. محاولة إحراجه :
- تلك التي تكبدت من أجلها عناء المجيء .. وكنت تحاول الإتصال بها .
ابتسم حسام .. تلك الإبتسامة الساحرة والتي كانت نور متأكدة من أنها تخطف الأبصار لشدة جاذبيتها .. رفع هاتفه نحوها حتى ترى اسمها على الشاشة :
- آه .. حقا .. لا اصدقك أيه المخادع .
- ومن لدي غير صغيرتي حتى أهتم به ؟.
كانت رهف قد اصبحت بجانبهما والقت تحيتها نحو حسام بوجها الباسم جميل الملامح :
- مرحبا بك يا حسام ..
اجابها حسام بحياء :
- مرحبا يا رهف .. كيف حالك ؟.
ثم تدارك متساءلا :
- وكيف هي أمورك مع أحمد ؟.
علت حمرة خفيفة وجنتاها عندما سمعت اسم خطيبها الغائب .. ذلك الحبيب الذي تعيش معه دوما لوعة الفراق :
- الحمد لله .. نحن في أحسن حال .. لقد كان هنا قبل أيام وابلغناك سلامنا مع نور .
رسمت نور أعرض إبتسامة مشاكسة على وجهها وهي تنظر نحو حسام مبررة :
- لا بد أن الإنزهايمر المبكر الذي اعاني منه هو السبب .
أيدتها رهف :
- هذا شيء متوقع منك .. اسمع يا حسام .. بما أنك طبيب .. يجب أن تخترع دواء يعالجها من هذا التوهان الذي تعيشه .
ابتسم حسام وهو يعدها :
- حسنا سابدل قصار جهدي .
ثم وجه كلامه لنور :
- هل يمكننا الذهاب الآن صغيرتي ؟.
- إلى اين ؟.
- إلى بيتنا .
تساءلت نور بقلق :
- هل حدث مكروة ما لعمي ؟.
- لا صغيرتي .. ولكنه كان مشتاقاً لك .. وشعرت بالأمس بأنه مستاء من هجرك لبيتنا .
شردت نور قليلا .. فهي لم تعد تحس بالراحة عند دخولها بيت عمها صلاح بعد انفصالها عن إبنه .. قطعت رهف شرودها مشجعة :
- هيا اذهبي يا نور .. ولا تحملي هم المحاضرة .. غدا سنلتقى كما تواعدنا وساشرح لك محتواها .
أضاف حسام مقنعا :
- لقد اتصلت بالخالة حياه قبل مجيئي .. واخذت لك اذناً منها بأن تقظي اليوم معنا .
استسلمت نور تحت وطأت الحاحهما .. كما أنها كانت شديدة الإشتياق لعمها .. والذي لم تعد تكفيه اتصالاتها المتباعدة به :
- حسنا .. انتظرني قليلا حتى اجلب اشيائي .
ثم وجهت حديثها نحو رهف وهي تهم بالذهاب :
- إذا احضر خالد كراستي .. احتفظِ بها حتى القاك غدا .

الآن فقط .. استطاعت نور رؤية ذلك الفضول البادي على وجوه فتيات فصلها .. عندما تقدمت منهم وجمعت ملازمها وودعتهم .. لا تعرف لماذا لم يرقها نظراتهم نحو حسام .. ولكنها سرعان ما تجاهلت الأمر عندما كانت تجلس بجانبه في السيارة.. قطع الصمت متسائلا ببساطة :
- من هو خالد هذا ؟.
- إنه زميلنا .. ولقد كان شريكنا أنا ورهف في المشروع .
عاد حسام يسأل بفضول :
- ولكنك لم تخبريني عنه من قبل ؟.
- لم تاتي فرصة لذلك .
طال صمت حسام .. وظلت هي تترقب متابعته للحديث حتى تحدث اخيرا :
- وهل هو شاب مهذب ؟.
ابتسمت نور باستغراب :
- ما بك يا حسام .. وهل كنا سنقبل اشتراكنا معه إن لم يكن كذلك ؟.
عادت تحدثه بحماستها المعهودة .. محاولة وصف خالد له :
- إنه أيضا شاب لطيف .. وكل الفتيات لا يجدون حرجا في سؤاله عن أي شيء .. بسبب تعامله المحترم معنا .
لم يضف شيئا على حديثها .. واستمر الاثنان يطرقان شتى المواضيع .. ماعدا موضوع خالد الذي احست بعدم ارتياح حسام الغير مبرر له .. مما جعلها تحتار .. فهو لم يكن ابدا يمنعها من مخالطة الشباب .. في حدود الزمالة ..
عندما توقفت سيارته أمام المنزل .. بدأ نبضها بخوض سباقه المعهود كلما شعر بإحتمال رؤيتها لسامح .. في البيت لقيت ترحيب حار من عمها .. وشعرت بالخجل جراء تقصيرها نحوه .. ثم نظرت لحسام بإمتنان .. إذ رد نظرتها بإبتسامة حنونة .. فلطالما كانت لدية القدرة على قراءة عينيها وما يجول في فكرها ..
احتضنتها العمه هدى بصدق هي الأخرى .. مما زادها احساسا بالمدة التي غابتها عن هذا البيت الذي كان يكتنفها دائما في أيام الإجازات منذ أن كانت صغيرة .
لم يكن ينقص سوى سامح .. لكي يتشارك الجميع طعام الغذاء .. وما أن وصل دخلت نور مسرعة بعد أن ردت تحيته التي ألقاها على الجميع .. لتساعد زوجة عمها في إعداد المائدة .. لم تستطع تناول الكثير من طعامها مع إحساسها بتلك النظرات الصامته التي كان يخصها بها .. إضافة إلى شعورها بالحياء بسبب ذلك الإهتمام المبالغ في إطعامها من قبل حسام والعم صلاح .. حتى أن زوجة عمها أيضا كانت تحثها على تناول المزيد .. لابد أنها لاحظت توتر العلاقة بين نور إبنها في الفترة الأخيرة .. مما جعلها أكثر راحة في التعامل معها الآن .. فسامح هو الإبن المدلل للعمة هدى .. ومنذ أن شعرت بميوله نحو نور حتى بدأت تقيم حرب صامته عليها .. فمؤكد أن نور لم تكن كافية بالنسبة لإبنها الحبيب ..


كان شعورها بالغربة يزول تدريجيا مع إنقضاء الوقت وهي تجلس بجانب عمها الذي يلف ذراعه حول كتفيها .. ويستمع لحديثها اللطيف .. ويضحك بين الحين والآخر لما تفتعله من شغب مع حسام .. حتى أنها نسيت توترها من وجود سامح في نفس المكان .. ولقد لاحظت أنه كان يتحجج بين الحين والآخر حتى يدخل إلى حجرة الإستقبال التي كان يجلس فيها الكل .. ليشاركهم الحديث في بعض المواضيع .. لم تكن تصدق مدى مهارتها في التعامل معه .. ولقد شعرت بقربة الطبيعي منها .. مثلما كانا دائما .. مما زادها رضا .. كم كانت تفتقد هذا الجو الملئ بالحب ..
وفي المساء سمعت زوجة عمها تتذكر وهي تنبه سامح :
- ألم تكن تنوي الذهاب للدراسة مع زملائك ؟.
ارتبك قليلا وهو يجيبها :
- آه .. نعم .. ولكنهم اجلوا الموعد .
ثم نظر إلى ساعته التي كانت تشير إلى السابعة والنصف مساءً ووجه حديثه لأخيه :
- سوف اذهب الآن .. هل يمكنني أخذ سيارتك يا حسام ؟.
وقبل أن يجيبه .. وجهت له نور سؤال آخر :
- لما لا توصلني إلى البيت أولا ؟.
عرض حسام ببساطة وهو يرمي المفاتيح نحو سامح :
- لما لا تتولى أنت مهمة إيصال اختك ؟.
كادت الدهشة أن تفضح اضطراب كليهما .. ولكن سرعان ما تدارك هو الموقف .. إذ اخذ المفاتيح وقال لها :
- سوف انتظرك في الأسف يا نور .. لا تتاخري .
وقفت هي لتودع عمها وزوجته .. بعد أن تلقت توبيخا منه بسبب غيابها .. عندما كان يقبل راسها :
- لا تجعليني أقلق عليك يا ابنتي .. أم تريدينني أن احضر بنفسي وأختطفك من الكلية مثلما فعل حسام اليوم ؟.
أجابته بخجل :
- العفو يا عمي .. ولكنك تعلم مدى انشغالنا .
أيدتها العمة هدى :
- معك حق يا حبيبتي .. فأنا أرى كيف تجهد الدراسة سامح .. ولكن يبدو أنها تؤثر في وزنك وصحتك أيضا .
قاطعها حسام مجيبا :
- لابد أنها تسعى لتشويه سمعتي كطبيب لا يحافظ على سلامة أسرته .
كانت نور لا تزال تحت تأثير تلك المفاجاءة التي قام بها حسام .. فلم تستطع الإجابة إلا بإبتسامة مهزوزة ثم توجهت نحو باب الخروج بصحبته .. وعندما شعرت بالإطمئنان إلا خلوتهما .. عاتبته بحدة :
- ما الذي كنت تفكر فيه يا حسام ؟.
- ماذا ؟.
- ألم يكن بمقدورك ايصالي ؟.
- بلى .. ولكن ما الذي يمنعك من الذهاب برفقة سامح ؟.
- أنت تعرف ما الذي يمنعني .
ابتسم لها بحب محاولا تخفيف توترها :
- هيا صغيرتي .. لاتبالغي كثيرا في ردود افعالك .. ودعي الأمر يمر بسلام .
تعالى صوت بوق السيارة .. تعبيرا عن نفاذ صبر سامح .. الذي لم يكن يحب الإنتظار .. فأسرعت تسابق الدرج وهي تشير لحسام بسبابتها مهددة :
- لا تعتقد أنك نجوت بفعلتك هذه .. وحسابي معك لاحقا .

صعدت السيارة .. وهي تدعوا الله أن لا يلحظ تلك الرعشة السارية في اوصالها .. فهي تكره أن تظهر بمظهر الضعف أمامه .. لم تشعر إلا والمناظر تتحرك أمام عينيها فور صعودها بجانبه .. وظلت تحول نظرها عنه حتى بدا لها ذلك المشهد الذي لا تمل منه ابدا .. لقد كان ذلك الإرتفاع المسمى بطريق العقبة .. والذي يفصل مدينة عدن عن المعلا .. يمثل أحب الأماكن إلى قلبها .. فبأسفله يستقر بحرها الجميل بصفاءه وزرقة مياهه .. وما أجمله الآن في سكون هذا الليل .. والأنوار البرتقالية تتلألأ حوله وكأنها تكلله بتاج من ذهب .. وهذا القمر الثلجي الذي يطرزه بخيوط فضية .. ليظهر بريقه كأجمل لوحة فنية خيالية الألوان ..

لم تشعر بأن سامح كان يحول نظره إليها بين الحين والآخر .. إلا أن قطع الصمت :
- هل حضّرتِ نفسك للإمتحانات ؟.
غيرت من وضعيتها عندما أجابته .. فوضعت يديها على حجرها ونظرت إليه لبرهة ثم إلى الطريق أمامها :
- نعم .. وأنت ؟
ابتسم لها :
- لقد انهيت امتحاني منذ مدة .. فنحن طلاب السنة الأخيرة نؤدي إمتحاننا قبلكم لكي نتفرغ لمشاريع التخرج .
لم تكن تعرف هذة المعلومة من قبل .. ولكنها لم تجد في عقلها المضطرب شيئا تضيفه .. فعاد هو يتسائل بنبرة جادة بعض الشيء :
- من ذلك الشاب الذي كنتِ تتحدثين معه ؟.
كادت أن تفلت تعابير دهشتها .. ولكنها أجابت بهدوء بالغ :
- إنه زميلي خالد .
هُياء لها أنها لمحته يضغط على اسنانه بعصبية :
- وما الذي سمح له بالوقوف معك ؟.
بدأت تشعر بالغضب .. ما بالهم اليوم يضايقونها بسبب زمالتها لخالد .. ذلك الشاب المهذب والذي لا تجد حرجا في نفسها من تعاملها معه .. لابد أنهما اتفقا على اغاضتها .. ولكنها عادت تسأله مصطنعه اللامبالاة :
- وما هو سبب فضولك ؟.
زفر بسخرية من أنفه .. ثم عاد يتساءل مما زاد حرقه لأعصابها :
- وهل تصعب عليك الإجابة ؟.
- طبعا لا .. ولقد قلت لك مسبقا إنه زميلي .. ونحن نتشارك معه أنا ورهف في تقديم مشروعنا هذا الفصل .
- وهل هذا المشورع كبير عليكما حتى تحتاجان لمساعدته ؟.
رفعت حاجبها بعناد وهي تشد على كلامها وتنظر إليه بملئ عينيها :
- أنا لم اقل أنه يساعدنا .. بل قلت يشاركنا .
لم يتستطع سامح التمسك بأسلوبه المستفز في الحوار عندما نظر إلى تلك العينين السوداوين والتي تكمن فيهما فتنة ساحرة .. لطالما اشتاق إليه .. كانت السيارة قد توقفت أمام بيتها .. واستدار هو ليواجهها محاولا احتضان يدها بين يديه .. ولكنها سرعان ما اختطفت يدها قبل أن يمسها .. وخرجت مسرعة وهي تلقي بتحية خافتة دون أن تنتظر رداً عليها .. لقد اغضبها حقا .. فبعد كل تلك السخرية .. يحاول لمسها .. كيف تجرأ على فعل ذلك .. وهو يعلم مدى استياءها من مثل هذة الأفعال ..
دخلت الى البيت دون أن تسلم على والدتها كعادتها .. وأتجهت مباشرة إلى حجرتها وراحت تخلع عباءتها وحجابها .. وتوجهت بعصبية نحو الحمام .. لتنعم بكمية كافية من المياة الباردة .. والتي مؤكد ستساهم في إزالة كل ما عانته من توتر خلال هذا المساء ..
عندما خرجت كانت والدتها تنتظرها في الحجرة :
- كيف كان يومك يا حبيبتي ؟. هل استمتعتي ؟.
اجابت باقتضاب غير معتاد منها :
- نعم .
ثم اردفت مبررة بعد أن رأت أمارات قلق ترتسم على وجه والدتها :
- ولكنه كان يوما مرهقا جدا .. حتى أنني اشعر بنعاس شديد .
قبلتها الأم وهي تخرج :
- فالتصبحي على خير يا بنتي .
- وأنت من أهل الخير .

لم تكن تكذب عندما قالت أنها تشعر بالنعاس .. ولكن مشاعرها المشتعلة .. لم تسمح لها أن ترتمي بسلام في حضن النوم ..فكانت تحس بأنها ترقد فوق جمر .. وظلت تصارع الأرق مدة طويلة من الليل ..

كم هو مشابه ذلك الموقف الأخير معه .. ليوم أن صرح بحبه لها ..
كان سامح قد أخبرها في ذلك الوقت بأنه يعيش قصة حب جديدة .. ولكنه لم يرضا بالبوح بإسم حبيبته كما كان معتاداً أن يشركها بجميع أسراره .. منذ الصغر .. وإنما ظل يعطيها إشارات وتلميحات طول الأسبوع عن شكلها وأخلاقها .. كانت تدرك بإحساس الأنثى أنها هي المقصودة بكلامة .. فما الذي يمنعه هذه المرة بالذات من معرفتها للفتاة .. إضافة إلى تصرفاته الغريبة معها منذ فترة .. ولكنها أيضا كانت تطرد تلك الأحاسيس فهي لم تكن تستطيع التفكير به سوى كأخ وصديق طفولة .. لم تكن تجد مبرر لذلك الإنقلاب في مشاعره نحوها ..
وأخيرا عندما قرر أن يفصح عن حبه لها .. كان يوصلها بسيارة والده بعد أن كانت في زيارتهم .. ظل يعطيها مزيدا من التلميحات عن فتاته .. وما إن توقفت السيارة أمام بيتها .. استدار نحوها قائلا :
- إنها تضع اسوارة فضية حول معصمها تحمل قلب صغير عليه حرف اسمي .
انفجرت نور ضاحكة وهي تمازحة :
- حقا .. لم يكن هنالك بد من هذا التوضيح الخطير .
لم يتجاوب هو مع ضحكتها .. وظلت عيناه البنيتان تركزان نظرهما على وجهها الملائكي البريء .. وأمسك يدها اليمنى .. فأخمدت لمسته كل حماستها المرحة .. واحمر خداها خجلا .. في الوقت الذي لم تستطع أن تجد طريقة لطيفة لتسحب يدها من بين يديه .. ولكنه كان قد أخرج شيئا من جيبه بهدوء .. ثم راح يضع اسوارة فضية حول معصمها يتدلى منها قلب صغير منحوت عليه حرف اسمه بالإنجليزية .
لقد كانت تلك الحركة الخفيفة لأنامله حول معصمها .. والتي لم تستغرق سوى ثوانٍ .. سببا في قلب كيانها كله .. لم تعد تستطيع السيطرة على اياً من أعضاءها .. ولم يكن قلبها هو المتمرد الوحيد عليها في ذلك اليوم .. لقد شاركه جسدها كله في انتفاضته .. اطرافها الباردة .. وساقاها المهزوزان .. صوتها المرتعش .. والذي امتنعت عن استخدامه حتى لا يفضح ارتباكها .. ولم تستطع سوى الهرب منه مثلما فعلت اليوم .. ولكن مع اختلاف الإحساس طبعا .. ففي ذلك اليوم لم تنم أيضا لأنها كانت تفكر بذلك الحبيب القريب منها .. والذي علقت عليه أمالها منذ أول يوم .. وظلت تتوهم أنه أكثر الأشخاص معرفة بها .. وأنه مؤكد في حبه لها سيحرص عليها اكثر من حرصها على نفسها .. فكانت تعيش معه حقيقة أن الحب أعمى .. أعمى عن غيره من الشباب .. وأعمى عن رؤية أكبر اخطاءه ..
لقد ارسل لها رسالة في اليوم التالي يخبرها بقلقه من ردة فعلها .. وبأنه يكفيه أن يرى اسوارته حول معصمها ليدرك قبولها بحبه ..
راحت نور تتحسس معصمها الأيمن بأنامل يدها الأخرى .. باحثه عن تلك الاسوارة التي لم تخلعها منذ ذلك اليوم .. لم تكن تجد سببا لتعلقها بها .. حتى بعد انفصالهما .. هل هو استمرار حبها له .. أم تعودها على وجودهما في حياتها ..
نهضت نور بفزع بعد أن فشلت في لمس اسوارتها .. واضاءت ضوء الحجرة وراحت تبحث في ارجاءها .. وفي حقيبتها .. كادت أن تقلب البيت بحثا عنها .. لولا أن نبهت نفسها لتأخر الوقت .. فعادت باستسلام مؤلم تصارع الأرق .. وتستعين عليه بدعائها المعتاد ..

-------------------

أين أنا .. ما هذا المكان الموحش .. ولماذا يلفني الظلام من كل إتجاة .. ولما هنالك جزء بداخلي يشعرني بغرابة ما أحسه الآن .. مؤلم عندما تدرك بأنك تائه لا تعي المكان ولا الزمان .. وكأنك فصلت عن عالمك .. دون سابق إنذار .. ولا تملك سوى يقينك بأن هنالك شيء غير حقيقي في هذا الظلام .. رغم ذلك فهو يشدني إليه دون رحمة .. ولكني يجب ألا استسلم .. أن اجاهد .. فهذا لن يكون مكاني ابدا .. أنا لا انتمي إلى هذة الظلمة ولم أخلق لها .. نعم .. فأنا أدرك .. بأنني أمتلك القدرة على المقاومة .. على الصراع .. على التغلب .. حتى أفلت من قبضة ذلك المجهول ..

فتحت نور عينيها ببطء لتجد نفسها تجلس بهدوء تام .. واضعة مرفقها على النافذة مسندة رأسها بيدها ومحوله نظرها نحو الخارج .. رمشت بإرتباك شديد تحت وقع نبضها المتسارع .. لم يشعر بغفوتها أحد من ركاب تلك الحافلة المتجهه لمدينة المنصورة .. فحركتها الساكنة منذ صعودها لم تشعرهم بالريبة .. ولكن هي من كادت تجن عندما بدأت تميز وتعي لتلك المعالم التي تمر أمامها .. طرقت المساحة التي تعلو نافذة الحافلة .. كما هو متعود .. لتنبئ السائق برغبتها في النزول .. وما هي إلا ثواني حتى كانت تسلك الإتجاة المعاكس لمرور الحافلات .. فيبدو أنها تجاوزت بيت رهف بمسافة .. أيعقل هذا .. مؤكد أن هنالك شيء غريب يحدث معها .. كانت تفكر بشرود في ذلك الطريق البحري الذي يصل منطقة المنصورة بالمعلا .. مؤكد أنه طويل بعض الشيء .. ولكن هل بلغ بها الإرهاق الدرجة التي تجعلها تنام خلاله .. تنهدت نور محاوله إزالة ذلك الحزن الرابض فوق قلبها بإصرار ..
وعندما وصلت إلى بيت رهف كادت ألا ترى والدها الذي كان يقف خارج البيت أمام سيارته :
- كيف حالك يا خال ؟.
شاع السرور وجهه عندما رأى صديقة إبنته اللطيفة .. ذات الأخلاق العالية :
- كيف حالك أنت ايتها المهندسة ؟.
تقبلت ذلك الترحيب بهزة من رأسها .. وبإبتسامة خفيفة تشك بأنها ظهرت للعيان .. فلم تكن في حالة تسمح لها بمزاحها المعتاد مع والد صديقتها .. فأسرعت تسأله عن رهف حتى يدعوها للدخول إلى البيت .. بعد أن تبادلت التحيه مع رهف ووالدتها واختها الصغرى .. توجهتا إلى حجرة رهف لبدء المذاكرة ولم يصعب على صديقتها الحساسة إدراك ذلك الشرود الذي يسيطر على نور منذ أن دخلت :
- ما بك يا نور ؟.
لم تجبها منذ الوهلة الاولى :
- ماذا قلت ؟.
- كنت أسألك عن سبب هذا الشرود ؟.
هزت نور رأسها بالنفي :
- أي شرود ؟.
رمقتها رهف بنظرة فاحصة .. واضافت معاتبة :
- هل تخفين علي أمراً ؟. هل حدث شيء ما بالأمس ؟.
كان حدث اليوم أكبر بكثير من أحداث الأمس بالنسبة لها .. ولكنها أصرت قائلة :
- لم يحدث شيء .. حقا .. لماذا لا تصدقينني ؟.
كانت لا تزال غير مصدقه ولكنها تخلت عن فضولها حتى تستطيع نور مصارحتها بنفسها .. فغيرت دفة الحديث سريعا :
- هل تعرفين أنك كنت محظوظة بذهابك مع حسام ؟.
كانت نور تحاول استعادة مرحها الطبيعي :
- لماذا ؟.
- لأن الدكتور لم يحضر .. إضافة إلا أنني تلقيت مهمة الإجابة عن تساؤلات الفتيات حول حسام بدلا منك .
عقدت حاجبيها وهي تتساءل :
- أية تساؤلات ؟.
- المعتاد .. من هو ؟.. وما علاقته بك ؟.. وما طبيعة عمله ؟.. وكم يبلغ من العمر ؟.. والأهم هل هو مرتبط أم لا ؟.
زفرت نور بسخرية .. وهي تشعر بضيقها يزداد :
- وهل جميعهن شاركن في هذا التحقيق ؟.
- لا .. البعض كان يتساءل من باب الفضول .. والبعض الآخر اكتفى بالإنصات .. أما اكثر المهتمات .. والتي اعلنت إعجابها الصريح بحسام هي أحلام .
هنا صرخت نور :
- ماذا ؟.
ضحكت رهف عليها .. وفشلت في محاولة تهدئتها :
- وما الذي يغضبك انت ؟.
- ما الذي يعنيها هي بالسؤال عن حسام ؟.
عاودت رهف الضحك .. وهي تضيف تفاصيل اخرى جعلت الغضب يبلغ مبلغه في صدر نور :
- ماذا كنتِ ستفعلين إذا طاوعت رغبتها في أخذ رقم هاتفك .. بعد أن انكرت بالطبع معرفتي لرقم حسام .
- حقا إن عدم ارتياحي لها في محله .
- حمداً لله أنها لم تدّعي اعجابه بها .

لم تستطع نور الإحتفاظ بذلك الشعور الغريب والذي لم تتعوده من قبل .. وسرعان ما شاركت صديقتها الضحك .. وراحتا يستذكران دروسهما .. تارة يتملكهم الإحباط عند استعصاء فهمهمها لنقطة معينة .. وتارة أخرى يشعران بإزدياد حماسهما لمواصلة الإستذكار .. وكان هنالك تناغم غريب بينهما فنور كانت متميزة في مواد الحاسوب والبرمجة .. أما رهف فكانت تبرع في مواد الاتصالات والشبكات .. وكانهما تكملان بعضهما .
لم تكن نور قد اكملت شرح المادة عندما اوقفتها رهف بضجر :
- يكفي .
- ولكني لم اكمل بعد .
- لقد امتلأت حقا .. بل إن الأكواد البرمجية تكاد تتساقط من راسي .
ضحكت نور وهي ترى رهف تغلق الملزمة بحماس وتفتح ملزمة الشبكات :
- دعيني أُفهمك أولا ما استطعت إستذكاره بالأمس .. وإن بقي لدينا وقت سنعود لتلك الطلاسم والحروز .
كانت رهف تملك اسلوبا سلسا في الشرح .. فعقل نور لم يكن يتقبل أبدا كل ما له علاقة بالفيزياء .. ولكن مؤكد أن صديقتها كانت تملك قدرات سحرية لإدخال ذلك الكم من المعلومات إلى دماغها دون عناء .. وبعد أن إنتهت رهف من الشرح .. قالت لها مازحة :
- حمدا لله .. إنني لن اضطر لإستئصاله ؟.
رمقتها رهف متساءله :
- استئصال ماذا ؟.
- عقلي .. فيبدوا أنه عاد للعمل مجددا ..


كان هذا آخر يوم دراسي عندما دخلت الكلية .. فوقع نظرها على ذلك الشاب الجالس بجانب فتاة في إحدى أركان الساحة المنزوية تظللهما بضعة شجيرات .. لم يكن ذلك المنظر جديداً عليها .. ولكن ما جعل الدم يتصاعد إلى وجهها هو رؤيتها للشاب يلقي بيده خلف ظهر الفتاة ويداعب بأناملة خدها .. ضغطت على أسنانها .. ثم قالت وهي تشيح بنظرها عنهما :
- أهذا منظر لائق بطلبة جامعة ؟.
لم تعي رهف التي كانت تسير بجانبها ما تقصده .. ولكنها سرعان ما فهمت بعد أن رأت حركة ذلك الشاب .. وعادت تحدثها مبررة :
- نور .. يبدوا أنهما مخطوبان .. فهنالك دبل في إصبع كلٍ منهما .
رفعت نور حاجبيها بإستغراب :
- وهل هذا مبرر .. فحتى وإن كانت زوجته .. لو كان يحترمها .. لما تصرف معها بهذا الشكل المهين أمام الناس .
أيدتها رهف مازحة :
- معك حق .. ويبدو أن نظرية أحمد عن آخر الرجال صحيحة .
إنفجرت نور ضاحكة دون أن يكون لديها سابق علم بتلك النظرية :
- وما هو محتواها ؟.
- إنه يقول إن شباب هذة الأيام لا يستطيع تحمل المسئولية .. ويعتبر أن الحياة مجرد متعة ولهو .. وأن آخر الرجال هم مواليد عام 1986
عاودت نور الضحك متسائلة بمتعة من حديث صديقتها :
- ولماذا هذا العام تحديدا ؟.
إبتسمت رهف وهي تجيب :
- لأنه هو من مواليد هذا العام .
- كان يجب أن استنتج ذلك بنفسي ؟.

دخلت نور القاعة .. وهي تفكر بمدى حب الله لها .. إذ احاطها بأناس بمثل حنان صديقتها وطيبة روحها .. فلطالما امتلكت رهف القدرة على تغيير مزاجها .. ومحاربت هموم قلبها ..
بعد انقضاء آخر لحظات التعذيب في هذة السنة الدراسية .. اخرجت نور هاتفها لكي تعيده إلى الوضع النشط بعد أن كان صامتا بسبب المحاضرة .. فاندهشت من رؤية عدد المكالمات المستلمة من سامح .. وفي نفس اللحظة وقبل أن تخبر رهف بذلك .. رن هاتفها معلننا عن اسمه .. فوقفت مشدوهة دون حراك .. رداً على إلحاح ذلك الرنين الصادر من هاتفها ..

ارادة الحياة 24-05-10 06:51 PM

السلام عليكم
عزيزتي
جزء اليوم اوضح بداية سامح ونور
وكان وصفك لمشاعر الفتاة في لحظة ولادة الحب رائع جدا جدا ابدعت وصف عذراء المشاعر
هل تعرفين الفتاة في مثل عمر نور في مجتمعاتنا وخاصة تلك الطاهرة المشاعر ممكن ان تتقبل هذا الارتباط العاطفي مع ابن العم لانه واثقة انها بأيداي ايمينة
وبأعتقادي ان هذه المبادرة التي قام بها سامح لو كانت من قبل حسام لشعرت نور بنفس المشاعر
فهما كانا بنفس المنزلة عندها ولكن سامح قرر تغير دفة مشاعرها بأتحاه اخر واستطاع ذلك
العجيب بالموضوع هو والدة حسام اي ام في مكانها كانت لترغب بأقتران ابنها بفتاة مثل نور لا ادري لما هذا التحامل على علاقة نور مع سامح مع الاحتفاظ بمعزة نور عندما انتهت العلاقة
سؤال انتظر جوابه
هسة نجي على حسام
بدت مشاعره واضحة جدا فهو في داخله يشعر انه استغفل لان نور لم تتكلم عن خالد معه وهو الذي تخبره بأدق تفاصيل حياتها اذن لما لم تتكلم عن خالد
اعتقد هناك الف وسواس دحل تفكير حسام عن هذا التعمد في اخفاء خالد عنه لما تخفيه اذا لم يكن هناك امر لاترغب في اخباره عنه
اعتقد هذه افكار حسام التي سوف تدفعه لمزيد من التصرفات التي من خلالها يكشف اهتمام اكثر من اخوي بنور


اخر الرجال مواليد 1986
يافرحة اخي بهذه المقولة ربما للمقولة شيء من الصحة قبل فترة فتح موضوع مع ابني وابن عمته الذان يبلغان من العمر 14 ونصف و 14 الذي لفت انتباهي انهما يخططان لحلق شاربهما ما ان يظهر
وضعت علامة استفهام كبير على هذا التصرف وازداد استغرابي عندما عرفتة ان اغلب من هم بعمرهم يفكرون نفس التفكير
للعلم على ايامنا كان الشارب هو عنوان الرجولة الظاهرية على الاقل
نرجع الى تصرف المخطوبين داخل الجامعة شوفي عزيزتي
ممكن اذا وضع ايده بأيده ومشو سويا اشوف المنظر عادي ولطيف
بس اكو تصرفات لاتدل على ذوق وخوصوصية للعلاقة يعني تصرفات وقحة
كما وصفتي بالمشهد وهناك من يذهب الى ابعد من ذلك عندما ينعدم الحياء
طرح موفق جدا
غاليتي لبساطة سطورك وذلك النقاء المنثور بين السطور
دافع لي لكي استمر بمتابعتك
اتمنى الا تضجري مني وتهجريني وتدعني ملعقة بسطورك
وفقك الله غاليتي

نوف بنت نايف 26-05-10 05:13 PM

السلام عليكم
اهلا بك اختي بين كتاب ليلاس بدايه اعجبتني
ولم اشعر الا بعدان ختمت البارت صراح تميز بللغه الام
جد ابهرتيني
نور وسامح يبدو مابينهم من طرف واحد
بينما مع حسام الكفه متعادله
توقعي ان نهايه نور مع حسام افضل يبدو لي سامح متهور جداااا

اتمنى لك التوفيق وانتظر القادم بشوووووووووق
تحياتي

my faith 27-05-10 09:58 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ارادة الحياة (المشاركة 2319832)
السلام عليكم
عزيزتي
جزء اليوم اوضح بداية سامح ونور
وكان وصفك لمشاعر الفتاة في لحظة ولادة الحب رائع جدا جدا ابدعت وصف عذراء المشاعر
هل تعرفين الفتاة في مثل عمر نور في مجتمعاتنا وخاصة تلك الطاهرة المشاعر ممكن ان تتقبل هذا الارتباط العاطفي مع ابن العم لانه واثقة انها بأيداي ايمينة
وبأعتقادي ان هذه المبادرة التي قام بها سامح لو كانت من قبل حسام لشعرت نور بنفس المشاعر
فهما كانا بنفس المنزلة عندها ولكن سامح قرر تغير دفة مشاعرها بأتحاه اخر واستطاع ذلك
العجيب بالموضوع هو والدة حسام اي ام في مكانها كانت لترغب بأقتران ابنها بفتاة مثل نور لا ادري لما هذا التحامل على علاقة نور مع سامح مع الاحتفاظ بمعزة نور عندما انتهت العلاقة
سؤال انتظر جوابه
هسة نجي على حسام
بدت مشاعره واضحة جدا فهو في داخله يشعر انه استغفل لان نور لم تتكلم عن خالد معه وهو الذي تخبره بأدق تفاصيل حياتها اذن لما لم تتكلم عن خالد
اعتقد هناك الف وسواس دحل تفكير حسام عن هذا التعمد في اخفاء خالد عنه لما تخفيه اذا لم يكن هناك امر لاترغب في اخباره عنه
اعتقد هذه افكار حسام التي سوف تدفعه لمزيد من التصرفات التي من خلالها يكشف اهتمام اكثر من اخوي بنور


اخر الرجال مواليد 1986
يافرحة اخي بهذه المقولة ربما للمقولة شيء من الصحة قبل فترة فتح موضوع مع ابني وابن عمته الذان يبلغان من العمر 14 ونصف و 14 الذي لفت انتباهي انهما يخططان لحلق شاربهما ما ان يظهر
وضعت علامة استفهام كبير على هذا التصرف وازداد استغرابي عندما عرفتة ان اغلب من هم بعمرهم يفكرون نفس التفكير
للعلم على ايامنا كان الشارب هو عنوان الرجولة الظاهرية على الاقل
نرجع الى تصرف المخطوبين داخل الجامعة شوفي عزيزتي
ممكن اذا وضع ايده بأيده ومشو سويا اشوف المنظر عادي ولطيف
بس اكو تصرفات لاتدل على ذوق وخوصوصية للعلاقة يعني تصرفات وقحة
كما وصفتي بالمشهد وهناك من يذهب الى ابعد من ذلك عندما ينعدم الحياء
طرح موفق جدا
غاليتي لبساطة سطورك وذلك النقاء المنثور بين السطور
دافع لي لكي استمر بمتابعتك
اتمنى الا تضجري مني وتهجريني وتدعني ملعقة بسطورك
وفقك الله غاليتي

اختي الحبيبه .. اراده .. انا حبيت ردك كثير وعن جد انا بستمتع كثير لما بقراء ردودكم حبيباتي ..
اول شي بشكرك على كل كلمه لطيفه كتبتيها لي ..
وثانيا بتفق معك بالنسبه لموضوع نور وان اي فتاه في سنها .. كانت بتتعلق بابن عمتها .. اذا بادر مثل سامح .. وصحيح كان ممكن تحب حسام لو هو اللي بادر ..

بالنسبه لاخر الرجال .. ههههههه
في الحقيقه هذي مقوله مشهوره بيقولوها شباب اسرتي .. وطبعا كل واحد بيقولها على حسب سنه مولده هو هههههههههه
اضحكتيني كثير على اخوك الصغير .. وذكرتيني باولاد خالتي .. هما كمان عملوا مثله اول ما بداوا يصيروا شباب .. ههههههه
مش عارفه مستعجلين على ايش .. هههههه
المهم غاليتي اكيد انا حبيت ردك كثير وما بخفيك سر انشاء الله ما بعلقك بالروايه لما الجزء ال 7 ههههههه
اصلا انا للان كتبت لما الجزء السابع .. وان شاء الله كل ما بكمل جزء بنزله بس الله يستر شكلي بعذبكم معي ايام الامتحانات ..
تسلمي يا روحي على متابعتك لي وانشاء الله تظل الروايه بتنال اعجابك على طول ..
في امان الله يا حلوه ..
------------------

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نوف بنت نــــايف (المشاركة 2322528)
السلام عليكم
اهلا بك اختي بين كتاب ليلاس بدايه اعجبتني
ولم اشعر الا بعدان ختمت البارت صراح تميز بللغه الام
جد ابهرتيني
نور وسامح يبدو مابينهم من طرف واحد
بينما مع حسام الكفه متعادله
توقعي ان نهايه نور مع حسام افضل يبدو لي سامح متهور جداااا

اتمنى لك التوفيق وانتظر القادم بشوووووووووق
تحياتي

اختي الحبيبه نوف .. اشكر لك مرورك بروايه ملاك الحب .. واشكرك على متابعتك الحماسيه لي وكلامك المشجع واللطيف ..
وبالنسبه لتوقعاتك اكيد ما رح اضيف عليها .. ههههههههه
واكيد كمان رح تعرفي اذا كانت صحيحه او لا من خلال الروايه .. ههههه
تسلمي يا روحي على متابعتك لي .. وان شاء الله تبقي متشوقه للروايه على طول ..
في امان الله حياتي .

my faith 27-05-10 10:54 PM


(4)
ذكرى



- مابك لاتردين على الهاتف ؟.
لم تجب نور على صديقتها التي كانت تنظر لها باستغراب .. ولكنها أسكتت ذلك الرنين المتزايد معه نبض قلبها .. بعد أن استطاعت ضبط أعصابها :
- مرحبا .
جاءها صوت سامح قائلا بتلقائية :
- مرحبا يا نور .. هل أنت في الكلية ؟.
- نعم .
- هل يمكنني أن ألقاك إذا ؟.
أجابته دون تفكير .. متمنية أن تساعدها خطوط الهاتف في عدم إظهار أرتباكها الشديد :
- حسنا .. سأكون في الساحة بعد قليل .

تسائلت رهف ما أن أغلقت الهاتف :
- من كان هذا ؟.
أجابتها وهي لا تزال شاردة :
- إنه سامح .. ويود لقائي الآن .
- حقا .. ماذا يريد منك يا ترى ؟.
قلبت نور شفتها ورفعت كتفيها .. ثم عادت تقول لرهف وهي تقبلها مودعة :
- أنا سأذهب وأراه .. من ثم ساعود إلى البيت .. في أمان الله حبيبتي .. واستذكري دروسك جيدا ..
ردت عليها رهف بإستسلام :
- حسنا إلى اللقاء .
كانت نور لا تملك أدنى فكرة عن سبب هذا اللقاء .. كما أن عقلها كان خاليا من أي أسباب تدفع سامح ليطلب لقاءها .. ولكنها ذهبت إليه مثلما وعدت ..
وجدته في أحد أركان تلك الساحة الواسعة ينتظرها .. واصلت تقدمها نحوه .. واحست كأنها تقترب من كتلة من الجليد .. فهي لم تعرف سببا آخرا لتلك البرودة التي تشعر بها .. عندما أصبحت أمامه حاولت إيجاد تبرير لتلك الفرحة المشعة من ملامح وجهه الوسيم .. تحدث هو أولا وإبتسامة مشرقة تعلو شفتيه :
- كيف حالك يا نور ؟.
- الحمد لله .
مد لها قبضة يده المضمومة :
- خذي ..
ظلت تنظر إليه والإستغراب يعقد حاجبيها .. فإبتسم لها مطمئنا وشجعها بإيماءة من عينيه البنيتين .. ففردت كفها ببطء ودون وعي منها .. في حين أن أفلت هو ما كان يحويه في قبضته .. سقطت تلك الإسوارة الفضية ذات القلب الصغير لتستقر على راحتها وبين أناملها .. إتسعت عينيها بدهشة لم تستطع السيطرة عليها .. أردف سامح ببساطة :
- لقد اصلحتها لك .. فيبدو أن قفلها كان مكسورا .
لقد كانت الكلمات تتعثر على لسانها .. ولم تستطع حتى النظر إليه .. فعاد هو يرجوها ولكن بصوت خافت ملؤه الشجن :
- لا تفقديها مرة أخرى يا نور ..
هنا رفعت عينيها إليه .. محاولة أن تجد بين الحروف الأبجدية ما هو مناسب لخلق جملة مفيدة .. ولكنها عادت تحولهما نحو تلك الإسورة التي ماتزال بين أناملها الممدودة .. لقد كانت فرحته المتراقصة في عينيه .. وذلك الحب الساكن فيهما .. أكبر من أن تتحمله ..
إبتسم لها بود وهو يودعها :
- إلى اللقاء الآن .. انتبهي لنفسك .. واهتمي بدروسك .
مؤكد أنه يدرك مدى ارتباكها .. فخديها المتوهجان كانا أكبر دليل على ذلك .. ولقد تولى هو منذ الوهلة الأولى إدارة ذلك الحديث .. ولم ينتظر منها حتى ردا على وداعه .. وابتعد عنها بهدوء .. تاركا إياها تغرق في بحر من الحيرة ..
كيف وصلت تلك الإسوارة إليه ..
ولماذا يعاملها بهذا اللطف .. بعد أن قرر هو قطع كل صلة بينهما إن لم تكن حبا ..
ولما تلك الفرحة البادية عليه ..
لابد أنه قد تأكد الآن من استمرار حبها له .. هل هو سعيد بذلك .. أم أن ذلك قد ارضا غروره ..
كم هي حمقاء كيف وقفت هكذا من دون كلام .. لقد اعطته سببا آخر ليدرك أنها ماتزال تحبه ..

أخذت نور نفسا عميقا حملته كل توترها .. وعادت تجر رجليها نحو البيت كمن هزم في معركة .. في الطريق أعادت الإسوارة إلى معصمها دون وعي منها .. وكأنه مكانها الطبيعي .. ومع صفاء ذهنها بدأت تجد إجابات لتلك الحيرة التي تتملكها ..
لابد أنها أفلتت إسوارتها في بيت عمها .. أو ربما في سيارة حسام ..
حاولت جاهدة أن تنزع من فكرها أي شيء يتعلق بسامح .. لكن دون جدوى ..
فيبدو أن ذكرياتها معه أقسمت على ألا تتركها تكمل يومها بسلام ..

عندما كانت تجلس في البيت على سريرها والكتب والمراجع متناثرة حولها .. لم يكن عقلها يستوعب شيئا من تلك السطور ..
لقد كانت الأحرف تتحرك على الأوراق وترسم وتجسد كل ما عاشته مع سامح ..
كيف كانت نظراته المليئه بالإعجاب تدخل الغرور إلى نفسها ..
فلقد كان دائم التغزل بها .. ويشعرها في كل لحظة بأنها أجمل فتاة رأتها عيناه ..
كان دوما عندما يجدها تجلس على جهاز الحاسوب يباغتها من الخلف متحججا بأنه يود استخدامه .. واضعا يده فوق يدها التي تمسك بالفارة .. كانت تصرفاته تلك تخجلها كثيرا .. وتشعرها أيضا بعدم الرضا ..
ولكنه كان عنيدا جدا في حبه لها .. ولا يستمع ابدا لزجرها .. او تانيبها إياه ..
كان يشعرها بأنها ملكه .. وإنها مستحيل أن تكون لغيره ..
كم كان يخبرها بأنه سيحبها دوما .. وأنه لن يمل من رؤية عينيها الفاتنتين أبدا ..

اسندت نور رأسها على حائط حجرتها مغمضة العينين .. وهي تجاهد تلك الذكريات التي تلهب أحاسيسها الرقيقة ..
في تلك الليلة .. حلمت به .. لم تكن المرة الأولى ولكن هذا الحلم كان مختلفا .. كان حقيقيا .. كانت ترى وتشعر بكل التفاصيل فيه .. لقد حلمت بأنها تجلس بجانبه في بيت عمها .. وكان الوضع بينهما مثلما هو الآن .. ولكن مع اختلاف واحد وهو أنهما يمزحان مع بعضهما ..
قال لها وهو يأخذ كراسة وقلم :
- دعيني أذكر لك كل الفتيات التي عرفتهم في حياتي ..
أجابته بإبتسامة مشاكسة .. فعاد يقول لها :
- سأبداء بكتابة اسم أصدق حب عشته ..
هنا بدأ نبضها يتسارع كما يحدث في واقعها وكانت تحدث نفسها .. هل ياترى سيكتب اسمي .. غير معقول أن يملك الجرأه لفعل ذلك .. ولكنها لم تستطع سوى التطلع إلى ما تخطه يده .. بعد أن كتب أول اسم .. زال قلقها وضحكت بمرح وهي ترى اسماء فتيات مشهورات في عالم السينما تملاء السطور .. ولكنه عندما أحس بزوال توترها .. كتب لها في إحدى الأسطر ( وأنت يا ملاكي ) ..
كانت لا تعرف لماذا تساقط دمعها في ذلك الحلم .. وهمت بالخروج من الحجرة .. ولكنه أمسك بها .. وبدأ يحدثها بنفس تلك النبرة التي سمعتها منه عندما طلب منها الإحتفاظ بإسوارته :
- نور .. حبيبتي .. أرجوك دعينا ننسى الماضي .. ولنبدأ من جديد ..
كانت ترى ذلك الألم في عينيه .. وكانت تود أن تحدثه .. تود أن تخبره بأنها لم تغضب منه يوما .. وأنها كانت على يقين بمجيء هذا اليوم .. ولكنها لم تستطع الكلام .. كانت عبراتها الحارة تذيب كل حروفها ..
عندما استيقظت كادت أن ترى تلك العبارة التي خطها سامح ( وأنت يا ملاكي ) .. كانت تشعر بحزن شديد .. وذلك الحنين يعذبها .. بعد أن خارت قواه أمام ذلك التحالف المعلن بين ذكرياتها وأحلامها ..

مر الأسبوع الذي يسبق الإمتحانات .. مشحونا بكل التوتر والسهر وتزاحم المعلومات في عقلها .. وفي ليلة الإمتحان .. كان القلق يتملك الجميع .. ولم تستسلم نور للنعاس إلا بعد أن حضرت كل أشياءها وتأكدت من وجود بطاقتها الجامعية .. والتي لن تدخل قاعة الإمتحان إلى بها .. وكانت تستيقظ كل نصف ساعة لتتفقد الوقت خوفا من أن تفوت وقت حضور الإمتحان .. ومع أذآن الفجر استيقظت لتصلي وتعيد الاستذكار .. من ثم توجهت إلى كليتها .. بعد أن ودعت والدتها وسالتها الدعاء .. وفور وصولها وجدت رهف :
- صباح الخير يا رهف .. هل احضرتي بطاقتك الجامعة ؟.
ابتسمت لها ردا على ذلك القلق البادي عليها :
- صباح الخير .. ونعم لقد احضرتها ..
تبادلة الصديقتين الحديث عن المذاكرة .. بعد ذلك رن هاتف نور :
- مرحبا يا حسام .
- مرحبا صغيرتي .. كيف حالك ؟
- حمدا لله .
- هل أنت مستعدة للإمتحان ؟. أنا أعرف مدى قلقك من أول إمتحان .. وأحببت أن اتصل حتى أطمئن عليك .
شكرته على اهتمامه وراح هو يحدثها .. ويمازحها حتى يبث الطمائنينة إلى قلبها .. وبعد أن أغلقت الخط رن هاتفها مجددا .. فظنت أنه نسي شيئا .. وأجابت وهي لا تزال تضحك جراء حديثه معها :
- نعم يا حسام .
- هل كنت تتوقعين اتصاله بك ؟.
كان هذا صوت سامح يتسائل بإستغراب بالغ .. أجابته بسرعة :
- نعم .. لا .. أقصد ..
أطبقت فمها .. وهي تحاول أن تهدئ نفسها أولا :
- لقد حدثني قبلك .. واعتقدت بأنه عاود الاتصال .
- آه .. حسننا .
حل عليهما الصمت قليلا .. فعادت تتساءل بتوجس :
- هل حدث شيء ما ؟.
- لا .. وهل يجب أن يحدث شيء حتى اتصل بك ؟.
لم تعرف بماذا تجيبه .. فعاد يقول لها بصوت خافت :
- ألا يحق لي الإطمئنان عليك ؟.
أجابت بنفس نبرته الخافته :
- بلى .
- إذا موفقه في إمتحانك .. وإذا احتجتي لشيء أخبريني .
ردت عليه وهي لاتزال مذهولة بهزة من رأسها .. ثم أدركت أنه لا يراها فأسرعت تقول :
- حسنا يا سامح .. أشكرك .
اغلقت الهاتف بعد أن تبادلا كلمات الوداع .. ثم أجابت تلك التساؤلات البادية على ملامح رهف :
- إنه سامح .. وهو يطمئن علي .
- يبدو أنه بداء يتغير يا نور .
سكن الحزن في عينيها الجميلتين .. مما جعل رهف تسألها بحنان :
- لما أنت حزينة الآن ؟.
- لأنني لا أعرف ما هو الشيء الذي يجمعنا .. وما نهايته .
سقطت دمعة وحيدة من إحدى عينيها .. لقد أصبحت شديدة الحساسية مؤخرا .. أو ربما هو هذا التوتر الذي خلقته الإمتحانات .. كانت رهف تشعر بألم صديقتها .. ولكنها لم تجد كلاما تواسيها به .. فمسحت نور دمعتها وهي تنظر إلى الساعة .. وتودع رهف :
- يجب أن نذهب .. لقد حان الوقت .. ولا تشغلي بالك كثيرا بي .
هزت رهف رأسها وافترقت الصديقتان كلا إلى قاعته .. مرالإمتحان بسلام .. وتوالت بعده بقية الإمتحانات ..
وفي اليوم الأخير .. كانت نور قد أكملت حل جميع الأسئلة المطلوبة منها .. وكانت معتاده بأن تكون أول من يكمل الحل .. وخصوصا في مثل هذة المادة التي تحبها .. رفعت يدها لكي تعلم المراقب بإنتهاءها .. ولكنه رفض استلام ورقتها إلى أن يمر نصف الوقت .. انزلقت نور قليلا في جلستا وأسندت خدها بيدها وهي تشعر بالملل .. وتحصي الدقائق .. متى سينتهي هذا السجن القهري الذي حكم به مراقبها ..
لا تدري من أين جاء ذلك الظلام ليشدها إليه مجددا .. وكيف يستطيع أن ينتشلها من عالمها بهذا الشكل المفاجئ .. لقد أدركت هذه المرة بأن هنالك شيء في جسدها أقوى منها .. يسلبها إرادتها .. وقدرتها على التحكم .. فما أن فتحت عينيها حتى رأت ذلك المراقب يتقدم نحوها ويختطف الملف من تحت مرفقها .. ويزجرها بعنف .. أمرا إياها بمغادرة قاعة الإمتحان .. لم تعد نور تعي شيئا مما يحدث حولها .. فتلك الدموع المنهمرة من عينيها كانت كفيلة بأن تحجب الرؤية عنها .. وخرجت مسرعة .. وشتائم ذلك المراقب تشيعها دون أن تفهم كلمة مما يقوله ..
ما هذا الظلام الذي يغشاها .. لا يمكن أن يكون إرهاق المذاكرة سببا في اجبارها على النوم في القاعة .. غير معقول .. ولن تستطيع إيجاد أي مبررات لذلك .. في ذلك الحين كانت تسير بخطى سريعة في ممرات الكلية الخالية من الطلاب .. وكانت تحمد الله على ذلك .. فمؤكد أن منظرها الباكي هذا كان ليثير التساؤلات ..
فجأة شعرت باصطدامها بشخص ما .. كانت تود الإعتذار منه .. ولكن عبراتها كانت تخنقها وتمنعها من الحديث .. في الحين أن أمسكها هو من ذراعيها حتى يوازنها .. وجعل صوته القلق .. قلبها يقفز من بين الضلوع :
- نور .. ما بك .. لماذا تبكين ؟.
كان صوته يصلها كالخيال .. وهي ترفع عينيها الدامعتين محاوله رؤية وجهه .. لقد كان سامح .. ما الذي أتى به إلى هنا .. إنها لن تستطيع أن تخبره بشيء .. هزت رأسها بالنفي .. من ثم حاولت جاهدة أن تتخلص من قبضة يده على ذراعيها .. لكنه ابى أن يتركها وعاد يسألها بمزيد من القلق :
- نور .. لما لا تحدثيني .. هل هنالك شخص ضايقك ؟.
كانت تعلم أنه لن يتركها حتى تجيبه .. فقالت وهي تنشج :
- لا .. اتركني يا سامح ارجوك .
- كيف اتركك وأنا لا أعلم ما بك ؟.
- ماذا اخبرك .. وأنا أيضا لا اعرف ما بي ؟.
عادت تترجاه بصوت موجع قبل أن يتحدث :
- أرجوك .. اتركني ..
سقطت يداه باستسلام .. وراحت هي تحث الخطى مبتعده عنه .. وكأنها تتمنى الهرب منه ومن كل مجهول يحيط بها ..
عندما دخلت البيت كانت لا تزال في تلك الحالة من البكاء .. لم يفد حديث أمها القلق في إجبارها على فتح باب حجرتها .. ولكنها فتحته أخيرا بعد أن ابتلت وسادتا .. وهدأت نفسها قليلا ..
خرجت نحو الحمام لتتوضئ وتصلي .. فمؤكد أن لجوأها لربها سيريحها كما كانت تفعل دائما عندما يتملكها الضيق .. ولكن حديث خالها نبيل مع والدتها في الغرفة المجاورة استوقفها وجعل الدم يغلي في عروقها ..

- هذا لكي تستمعي لكلامي مرة أخرى .
- كفى يا نبيل .. هذا ليس وقتا مناسبا لمثل هذا الكلام .
زفر هو بسخرية .. وعاد يحدثها بإسلوبه المستفز :
- هل لك أن تخبريني .. ما الذي يجعلها تأتي باكية .. لابد أن هنالك مصيبة وراءها .
ثم أردف وهو يرفع يديه للسماء مستهزءً :
- الله يرحمك يا حسام عبد الرحمن .. يبدو أنك لن تورثني سوى العار .
دخلت نور عليهما وكأنها تنوي صفعه .. مما جعل والدتها تسرع وتحتضنها مهدئه .. ولكنها لم تفلح .. فلقد كانت نور تشعر بأنها لم تعد تملك عقلا ليرشدها .. فصرخت في وجهه بحرقة :
- كفى .. كفى ..
هزت تلك الصرخة كيانهم جميعا .. وعادت هي تبكي وتحدثه من بين أسنانها وصدرها يعلو ويهبط بإنفعال بالغ .. وعيناها تشتعلان بغضب يكاد يحرقه :
- تأكد من أن الله سيرحمه .. فهو أفضل منك وليس بحاجة دعائك هذا .. واعلم أنني لن أترك لك الفرصة لتشفي حقدك عليه .. وإياك أن تعتقد بأن سكوتي هو ضعف مني .. أو خوف منك .. وإنما لكي تعرف أن حسام عبد الرحمن لا يورث إلا الأخلاق الراقية التي تجهلها أنت ..
لم تعرف نور كيف استطاعت النطق بتلك الكلمات .. فهي لم تتعود أبدا أن ترد على من هم أكبر منها حتى وإن كانت على حق .. ولكن يبدو أن ذلك الألم الذي تشعر به ساعدها في إخراج كل ما تدخره من كلام للخال نبيل .. حتى أنها ومن فرط إنفعالها .. لم تستطع رؤية تلك الدموع المنسابة على وجنتي والدتها .. فلقد كان جسدها كله يهتز بقوة .. والدموع لا تجف في مقلتيها .. خرجت مسرعة بعد أن تركتهما مشدوهين تحت وقع الصدمة .. حاولت والدتها الدخول إليها ولكنها وجدتها تصلي وتقراء القران .. فتركتها حتى تهداء أعصابها ..


- نور .. نور .. صغيرتي .. هيا استيقظي .
جائها ذلك الصوت الدافء الحنون .. ليوقظها من سباتها .. فتحت عينيها بضعف لترى وجه حسام .. والذي كان القلق مسيطرا على كل تعابير وجهه الجذاب .. جلست نور مفزوعة وهي تمد يدها نحو رأسها بحركة سريعة محاولة الإطمئنان إلى أن شعرها مغطى .. لقد كانت لا تزال ترتدي ثوب الصلاة .. يبدو أنها غفلت دون وعي منها فوق السرير وهي تقراء القرآن .. مؤكد أن أمها إطمئنت على وضعها قبل أن تدخل حسام .. جلس هو بجانبها على السرير .. وراحت تلف ركبتيها بذراعيها وهي تسند ظهرها ألى الجدار ..
قطع حسام ذلك الصمت المطبق الذي يلفهما :
- صغيرتي .. هل أنت بخير ؟.
كانت نور تنظر أمامها بشرود .. ولكنها كانت تسمعه جيدا .. فهزت له رأسها بالإيجاب .. فهي تدرك بأنها لو تحدثت الآن مؤكد سيعاودها ذلك البكاء ..
ولكن حركة صغيرة من حسام أثارت مشاعرها .. وهيجت ذلك الدمع في مقلتيها .. فلقد أخذ يربت على رأسها بحنان .. وهو يحدثها بصوته الدافئ العطوف :
- ألا تودين إخباري بما حدث معك ؟.
راحت نور تحدثه من خلال نشيجها بعد فترة قصيرة من الصمت .. فلم يعد هنالك بد من السكوت بعد أن أطلق هو دون قصد منه العنان لدموعها :
- ماذا تود أن تسمع أنت ؟. ففي جعبتي الكثير .
كانت تسخر من نفسها والألم يغلف كلماتها .. وراح هو يستحثها بلطف وكانه يحدث طفلة :
- أود أن اسمع كل شيء .
كانت مشاعرها الرقيقة تترنح تحت وطأة ذلك الألم .. وأفكارها مشتته .. لم تعرف من أين تبدأ ولكنها لا تحتاج لتفكير في ما تقوله مع حسام :
- أنا أشتاق إليه كثيرا يا حسام .. ولا اعرف كيف استطعت العيش من دونه كل هذه المدة .
عادت تكمل وهي تمسح دموعها عن وجنتيها لتحل محلهما دموعا جديدة :
- احيانا أفكر بأنني لم أعد مهمة في هذة الحياة .. ولو أخذني الله معه لكنت في راحة مثله .
فهم حسام أن صغرته تبكي أباها .. فخف ذلك الوجع الذي كان يحس به قليلا .. ولكنه ظل صامتا بصبر .. حتى تكمل حديثها المتقطع بسبب الدموع :
- حتى والدتي .. أحس بأن وجود الخال نبيل معنا أحدث شرخا في علاقتنا .
أسرعت تجيب نفسها مبررة :
- أنا أعلم أنها تحبني .. وتحاول جاهدة أن تسعدني .. ولكني أحيانا أشعر بأنني لو لم أكن موجوده في حياتها لربما أصبحت علاقتها أفضل بالخال نبيل .. فهو دائما ما يعبر عن تدمره من وجودي .
كانت تتحدث دون أن تنظر إليه .. وكأنها تحدث نفسها .. ثم رفت عينيها فجأة وكأنها تستنجد به :
- لقد رفعت صوتي عليه اليوم .. مؤكد أن سلوكي هذا كان سيغضب والدي .
ظلت تغالب دموعها .. وكان حسام يشعر بأن هنالك يد قاسية تعتصر قلبه .. وهو يقف مكتوف اليدين أمام هذا الحزن العيق .. ولكنه يدرك أن نور إنسانه متفائلة ومحبه للحياة .. وهذة المشاكل اليومية ليست سببا في ما تمر به الآن :
- وماذا أيضا .. صغيرتي ؟.
- سامح .
أغمض حسام عينيه وهو يضغط على أسنانه بعصبيه :
- هل تسبب سامح في إزعاجك ؟.
أجابته نور وهي تعاود البكاء :
- لا .. بل هي الذكريات ما يزعجني .. عدم مقدرتي على تخطي ذلك الجرح في قلبي هو ما يزعجني .
حولت نظرها إليه مرة أخرى :
- أنا لم أكن بمثل هذا الضعف أبدا يا حسام .. كما أنني أشعر بأني أفقد نفسي .. هل تعرف أنني نمت في قاعه الإمتحان هذا اليوم .
إتسعت عينا حسام بالدهشة .. من ثم عقد حاجبيه وهو يتسائل بقلق واضح :
- كيف حدث هذا يا نور ؟.
- لم تكن هذه المرة الأولى ايضا .
- لماذا لم تخبريني بالأمر ؟.
اجابته مبررة :
- لم اكن أعطي للأمر أهمية .
ظل حسام صامتا بعض الوقت وكانه يحل مسألة حسابية معقدهة .. من ثم أمرها بجدية :
- يجب أن تاتي إلى عيادتي غدا حتى أجري لك بعض الفحوصات وأطمئن عليك .
- حسنا .
كانت ترتجف بجانبه جراء تلك الأحاسيس التي تمزقها .. فتزيد من عذابه هو .. كم يود لو استطاع تطويقها بيديه واحتضانها ليزيل عنها كل ألم .. وكم يود لو يملك القدرة على مسح دموعها .. فهو يشعر إتجاهها بأحاسيس لم يحسها مع غيرها من قبل .. كان دوما يتمنى لو تمكن من شق صدره وجعلها تسكن فيه إلى الأبد حتى يجنب صغيرته قسوة الحياة .. أخذ نفسا عميقا وهو يبتسم لها بحنان :
- اسمعيني جيدا يا نور .. أنت انسانة مؤمنة يا صغيرتي .. وأنا لا أحتاج أن أذكرك بأن الله قد اختار ما هو أفضل لك ولأباك .. وأنه مؤكد سيأتي يوم نلقاه فيه جميعا .
تعالى صوت نشيجها مجددا .. مع إدراكها لحقيقه رحيل والدها الحبيب .. فعاد هو يحدثها :
- والدتك .. لا تقسي عليها .. فهي تعاني أكثر منك .. ولا تسمحي لأحد بأن يشعرك بعدم أهميتك فأنت تدركين مدى إحاجتنا جميعا لك .. وكم يسعدنا رؤية تلك الإبتسامة التي تكلل وجهك دائما .
هزت نور رأسها بالموافقة .. وهي تحاول السيطرة على ما تبقى من دموعها :
- يجب أن تعتذري أيضا من الخال نبيل .. فمهما أخطاء في حقك لم يكن مقبولا تصرفك معه .
أردف يقول لها بحنان .. بعد أن أيدته مجددا :
- إن ذكرياتنا يا نور هي التي تشكل شخصياتنا .. وتخلق منا أناسا أقوياء مع كل تجربة خضناها .. ومهما نسينا منها أو حاولنا أن نتناسى بعضها سيبقى أثرها ظاهرا علينا .. فلا يمكنك يا صغيرتي أن تنتزعي بعضها حتى وإن كانت مؤلمة بالنسبة لك .
فهمت نور حديثه جيدا .. فابتسمت بوهن .. والحزن لا يزال يكمن في نظراتها .. فعاد يخبرها بصوت خافت وكأنه يحدث نفسه :
- لو تعلمين كم كدت أجن وأنا بعيد عنك .
كانت كلماته الصادقه تفعل مفعول السحر على قلبها .. وتستطيع بسهولة انتزاع الإبتسامة من شفتيها .. كانت تستطيع أن ترى بوضوح إنعكاس أحاسيسها في صفحة وجهة .. عندما قال لها :
- حقا .. أنا لا اعلم كيف انقضت فترة دراستي في لندن .
هنا أجابته نور بشيء من المرح بعد أن تذكرت تلك الفترة :
- هل تذكر أول رسالة كتبتها لي يا حسام .. عندما كنت هناك ؟.
هز رأسه .. فراحت هي تخرج من دولابها صندوقا صغيرا .. كانت تضع فيه كنورزها منذ أن كانت صغيرة .. تلك الكنوز المؤلفة من قصاصات وبقايا ألعاب وكل الذكريات الملموسة التي استطاعت الإحتفاظ بها .. عادت تقول له بعد أن جلبت رسالته لتعطيه إياها :
- أظن أنك كتبتها في ليلة رأس السنة .
فرد حسام الرسالة بأنامله السمراء الطويلة .. وراح يقرأها :
" إلى التي أحب .. كثير من الوجوه تمر أمامي وجوه جميلة بعيون كلها ألوان .. عسلية .. زرقاء .. خضراء .. بنية .. كعيون المها ..
وصورة وصور تحاكي وتتربع على عرش الجمال .. وخدود كلها ألوان تفاحية عنابية .. ونساء وشابات .. ألوان كثيرة في تلك الزيارة وذلك العيد .. من كل الأجناس والأعراق ومن كل الدول والشعوب ..
ولكن .. لا أدري لماذا أنت ؟.
لماذا أنت تبدين أمام أعيني اجمل منهم ؟.
عندما يظهر وجهك من بينهم جميعا .. وتبدين من بين الجموع في ذلك اليوم .. وذلك العيد يبدو وجهك كالعيد بالبهجة والسرور .. لذا عند رؤياك يدب إلي قلبي ذلك السرور وأبتسم من أعماقي متجاهلا تلك الجموع .. وتلك الحشود وتلك الأعراق والشعوب .. ولذا ينظرون إليك بغيرة وحسد ويتمتمون تجاهلتنا جميعا ؟.. ويظلون يتسائلون ويحتارون دون جواب مني .. لأني قد عرفت أين هو الجواب عن سؤالي .. وتركت أسئلتهم تبحث عن الحيرة .
فالجواب .. بأنك لست كغيرك بل أنت مني وإلي .. وفي داخل شرايين دمي .. بل أنت ضربات قلبي .. وخفق فؤادي الذي يسيرني في الدنيا .. وأراك فيها كالورد والفل والياسمين .. وحدائق غناء بعيون العاشقين والمحبين .. فالحب لا يقال لمقامات بل يقال في كل الأحوال في التعبير عن ما في داخلنا نحو من نحب وذلك ليشعروا بالمكانة التي يتربعونها في النفوس .. كما تسيطرين على حدود نفسي ومساحات مشاعري .. فلك تطير هذة الكلمات ولك تطير في السماء الغائمة الممطرة قطرات مشاعري متمنية لك السعاة والراحة ..
فإليك صغيرتي والتي أحب .. "
كانت نور تستمع بهدوء لصوته الدافئ العميق وهي تضع ذقنها فوق ركبتيها اللتان تضمهما بيديها نحو صدرها .. فقطع هو شرودها عندما أخرج رسالة وردية اللون من محفظته وأعطاها إياها .. احتضنت تلك الرسالة بين يديها الصغيرتين والفرحة بادية عليها :
- هل مازلت محتفظا بها ؟.
- لم تفرقني ابدا .
فضت نور رسالتها لحسام .. وبدأت تقراءها مثلما فعل :
" إلى أحب من أحب .. لقد حار قلمي كثيرا وهو يحاول ترجمة تلك الخفقات النابضة في قلبي السارية في دمي .. الكائنة في حنايا صدري .. والهامسة مع انفاسي بمدى حبي الشديد لك .. فأنا لا أعتب عليه تواضع إدراكه لأحاسيسي الدافئه نحوك .. فأحاسيسي أرقى من أن تسطر على الأوراق أو تجسد بالكلمات ..
ولكن .. إن ابيت إلا معرفتها .. فستجدها قريبة منك ..
في برائه الأطفال .. ومشاكسات الاصدقاء ..
في حنين الإخوه .. وتأنيب الأباء .. ولهفة الأمهات ..
في هيام المحبين .. وكلام العاشقين ..
إنه كل صورة جميلة لامست أعيننا .. وكل إحساس رقيق يمس شغاف قلوبنا .. وكل شعور ناعم يختلج في صدورنا .. إنه ذلك الإحساس الذي يغمرني عندما أناديك بأخي فأجد لوقعها صدى في قلبي لكلمه " أبي " ..
فأنت تحمل في حنايا صدرك الطاهر روحان هما روح الأخ والأب ..
وإن كنت تراني بعيونك المحبة فل وورد وياسمين فما إزدهاري إلا امتداد لجذور تلك الروحان الكائنتان في صدرك .. وإن حققت من النجاح ما يرفع رأسيكما عاليا فما عبق عبيري الساري في الهواء إلا بفضل قطرات مشاعرك الحنونة .. لهذا أنا جميلة في عيون الناس لحبكما لي .. وما زرعتماه في نفسي من بذور اخلاقكما .. وأنا إن كنت أسيطر على حدود نفسك ومساحات مشاعرك .. فأنت نفسي وأنت مشاعري .. بل أنت الروح الجميلة التي تفعم نفسي بالثقة والأمل والحب لكل من حولي ..
فدمت لي مدى الحياة .. الأخ .. والأب .. والصديق .. وأحب من أحب ..
صغيرتك نور .. "

ارادة الحياة 29-05-10 03:18 PM

مساء الورد غاليتي
اشلونج عيوني
جزء اليوم اوضح جزء بسيط
من مشاعر حسام الدفينة اتجاه نور
كما جدد مشاعر سامح لنور
لا ادري كيف يمكن حل هذا الاشكال ولكن اكيد في جعبتك الكثير لمثل هذه المواقف
الخال نبيل
افقد نور اعصابها مع ضغط الامتحانات واشعرها بقهر اتجاه نفسها من هذه التصرفات التي هي بعيدة عنها
وهذه نقطة بحد ذاتها تبين مدى شفافية نور وحسن اخلاقها
بكل الشوق انتظرك وانتظر ما تحوي اجزائك
وفقك الله ا

my faith 30-05-10 11:54 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ارادة الحياة (المشاركة 2325967)
مساء الورد غاليتي
اشلونج عيوني
جزء اليوم اوضح جزء بسيط
من مشاعر حسام الدفينة اتجاه نور
كما جدد مشاعر سامح لنور
لا ادري كيف يمكن حل هذا الاشكال ولكن اكيد في جعبتك الكثير لمثل هذه المواقف
الخال نبيل
افقد نور اعصابها مع ضغط الامتحانات واشعرها بقهر اتجاه نفسها من هذه التصرفات التي هي بعيدة عنها
وهذه نقطة بحد ذاتها تبين مدى شفافية نور وحسن اخلاقها
بكل الشوق انتظرك وانتظر ما تحوي اجزائك
وفقك الله ا

يا عمري انت يا اراده دائما كلامك بيكون لطيف .. ومتابعتك لي وحديثك عن الروايه والشخصيات بيسعدني كثير ..
ان شاء الله الجزء الجاي كمان ينال اعجابك ..
في امان الله غاليتي .. ودمتي لي ..
ههههههههههه على فكره في شي بيصيب نور وانتوا مش مركزين عليه ههههههههه
بس اكيد رح تركزوا في البارت الجاي هههههههههه

my faith 31-05-10 12:17 AM

(5)
المجهول !.


كان السرور يتسلل إلى قلب نور بخلسة .. كلما قضت وقت أكبر برفقة حسام .. نظرت إليه والإبتسامة تشرق في ملامحها :
- هل تعرف يا حسام .. لو كنت أملك أخاً .. لما أحبني واهتم بي مثلما تفعل أنت .
رد حسام بإبتسامته الجذابة .. وعيناه تنطقان حنانا .. ثم وقف متهيئا للرحيل :
- يجب علىّ الذهاب صغيرتي .. حاولي أن تأخذي قسطاُ من الراحة .
لمح طيف حزين يطل من عينيها السوداوين .. فسارع قائلا :
- لا تحملي هم شيء .. سوف أطمئن والدتك .. وسأقدم أعتذارك للخال نبيل .
- شكرا لك .. يا حسام .
في ذلك الوقت أضاء هاتفها دالاً على اتصال أحدهم .. فلقد كان مضبوطا على الوضع الصامت .. لم ترد كانت تنظر إلي هاتفها بشرود شديد ..
- نور .. ألن تجيبي ؟.
- لابد أنه سامح أو رهف .. وأنا حقا لا أعرف بماذا اخبرهم .
تساءل حسام باستغراب .. وهو يعقد حاجباه :
- ولماذا يتصل بك سامح ؟.
- لقد رآني عندما خرجت من قاعة الإمتحان باكية .
- وما الذي جعله يذهب إلى هناك ؟.
وقفت نور صامتة أمام تلك التساؤلات .. وشعرت بالتوتر وهي تطالع وجهة الأسمر وقد ارتسمت خطوط جدية عليه .. كما أن قلبها بدأ يهزها بعنف جراء إلحاح ذلك الاتصال ..
أخذ حسام الهاتف .. ورد بهدوء بعد أن رأى اسم المتصل :
- مرحبا يا سامح .
ظلت هي تتابع الكلمات التي تخرج من شفتيه بأعصاب مشدودة .. فعاد يحدثه بجفاف :
- إنها بخير الآن .. لا تقلق .. لقد كان لديها مشكلة صغيرة في الكلية .
يبدو أن سامح لم يصدقه .. فعاد حسام يجيبه بعد أن تخلل صوته شيء من القسوة .. لم تعتادها في حديثه :
- ألا تعرف أنت مدى حساسية نور ؟.
ثم قال منهياً الحديث :
- إلى اللقاء الآن .. وسنلتقي في البيت إنشاء الله .
زم شفتيه بضيق ثم قال وهو ينظر إلى نور كأنه يوجه حديثه إليها :
- حسنا .. سابلغها سلامك .
مد حسام الهاتف لنور وكانت تشعر بالألم .. وهي تراه يغالب شفتيه حتى ينتزع إبتسامة حنونة يهديها لها .. خفضت عينيها بخجل .. إنها تشركه في كل تفاصيل حياتها .. حتى تكاد ترى كل انفعالاتها ومشاعرها تتجسد على صفحة وجهه .. ولم تفكر من قبل أنها يجب أن تخفي عنه بعض الأمور .. مثل مشاعرها نحو سامح .. فهي تنسى بأنهما أخوان .. ولابد أنه يجد صعوبة في التعامل معهما .. ويتألم لوضعهما الغير طبيعي .. لقد خسرت علاقه الاخوه التي تربطها بسامح منذ أن صرح لها بحبه .. وهي الآن تسبب الألم لحسام .. إنه لا يستحق منها مثل هذة المعاملة الأنانية .. يجب أن تصبح أقوى من ذلك فهي لم تعد صغيرة .
- صغيرتي .
استدعاها صوته الدافئ من شرودها الحزين .. فوضعت على شفتيها إبتسامة تسخر بها من نفسها .. كيف تستطيع أن تعالج مشاكلها بنفسها .. وهو لا يزال يشعرها بأنها طفلة صغيرة بحاجة رعايته واهتمامه ..
ودعها بعد ذلك محاولا ممازحتها .. وعيناه تلمعان وتكاد تكشفان نقاء روحه الجميلة :
- لا تنسي موعدنا غدا .. وستبقى مهمة طمئنت رهف عليك .
لم تستطع إلا الإبتسام له بصدق وهزت رأسها موافقة بصمت .. وهي تفكر بمدى جاذبيته حتى مع ملامح الضيق الذي يحاول اخفائه عنها .. مؤكد إنها لاتستحق إنسان مثل حسام ..
هكذا فكرت وهي تسمع صوت خالها نبيل المزعج من الحجرة المجاورة رداً على حديث حسام الهادئ .. والذي لم تفهم منه شيء .. بعد دقائق من خروجه سمعت نقراً خفيفاً على بابها .. من ثم دخلت والدتها والقلق يفيض من عينيها ويسيطر على تعابيرها .. جلست واحتضنت نور بحب .. وظلت بجانبها تربت عليها وتتخلل خصلات شعرها الأسود الناعم بأناملها الحنونه :
- هل تعلمين كم تؤلمني رؤية دموعك ؟.
كادت نور أن تعاود البكاء .. ولكنها استنفذت كل ما تدخره من دموع في يومها الطويل هذا .. فعادت الأم تحدثها بصوت منخفض :
- لقد شعرت اليوم وكأن الآف الخناجر تجرحني .. وأنا أطالع حزنك مكتوفة اليدين .
أجابتها نور بصوت غير مسموع :
- أنا حقا أسفه .
- لا عليك حبيبتي .. فأنا أشعر بتحسن شديد بعد مجيء حسام .. ولا يهمني إن كان صادقا فيما قاله لنا .. يكفيني فقط أنه قريب منك .
- صحيح .. كيف علم حسام بالأمر ؟.
- لقد استدعيته أنا .
شعرت نور ببعض الخجل من والدتها .. ولم تعرف بماذا تجيبها .. أطلقت حياة تنهيدة حارة وأردفت قائلة :
- كم يذكرني بوالدك .. فهو يشبهه في كل شيء .
ظلت حياة تتحدث بصوت حالم عن ذلك الزوج الحبيب .. الذي يكاد اشتياقها له يقتلها .. والذي لم تكن تجد فرصة لتتذكره .. إلا في فكرها المشغول دوما بإقتفاء أثاره في بيتها .. فهي لا تزال تراه في كل ركن وكل زاوية .. تكاد تسمع صوته .. وترى إبتسامتة العطوفه .. حتى أنها تشعر بطيفه يرافقها في كل خطوة تخطوها .. فهي مؤمنة بأنه لايزال موجودا في حياتها .. وسيظل كذلك .. مثلما كان دائما ..

في الصباح الباكر كانت تحس بالكثير من النشاط .. وتشعر بارتفاع معنوياتها بعد ذلك النوم العميق الذي حضيت به .. وكان أول ما قامت به هو اتصالها برهف وطمئنتها .. والتي ردت عليها بصوت مذعور :
- نور .. حبيبتي .. هل أنت بخير ؟.. ما الذي حدث لك بالأمس ؟.. ولما لم تجيبي على اتصالاتي ؟.
ضحكت نور بمرح ثم أجابت عن التساؤلات :
- صباح الخير أولا .. أنا بخير .. ولم يحدث لي شيء مهم .. ولكني كنت مرهقة بعض الشئ ولم أستطع الحديث .
- هل تدركين كم أقلقتني يا آنسة ؟.
بدأت نور تقص عليها أحداث أمسها بعد أن أعتذرت منها .. وقبل أن تغلق الهاتف ذكرتها رهف بموعدها مع حسام .. وحذرتها من الإستخافها المعتاد بصحتها .. خاصة بعد أن بعث حديث نور القلق إلى صدرها ..

بعد العصر بدأت نور تحضر نفسها للذهاب إلى عيادة حسام .. كانت تتوقع بعض المضايقات المعتادة من الخال نبيل ولكنها فوجئت بتجنبه لها .. عندما وصلت وجدت الخالة نظرة هناك فأحتضنتها بصدق وقبلتها وهي تنظر لها بإعجاب :
- إنك تكبرين وتزدادين جمالا ..
شكرتها بحياء شديد .. ثم سألتها عن أحوالها .. وعن أولادها الصغار .. محاولة أن تحول دفة الحديث عنها بعد أن شعرت بالإحراج الشديد من نظرات بعض الأشخاص الذين كانوا يتفحصونها لكي يتأكدوا من مدى صحة تلك العبارة ..
بعد دقائق كانت تجلس أمام حسام .. رحب بها بإهتمام بالغ .. وبدأ يجري عليها الفحوصات المعتاده ويسألها الكثير من الأسئلة .. ولا يدع تفصيلا صغيرا عن كل عاداتها مؤخرا إلا ووجه الآف الأسئلة عنه .. كانت نور تجيبه جادة في بعض الأحيان .. ومازحه في أحيان أخرى فهي لم تتعود منه هذا الأسلوب الطبي الجاد في الحديث .. كما أنها كانت تسعى لتخفيف توترها أيضا .. في الأخير أعطاها بعض النصائح الطبية .. فتسائلت :
- هل هنالك مايقلقك في حالتي ؟.
نفى بسرعة شديدة سؤالها :
- أبدا صغيرتي .. ولكن يجب أن تحرصي على النوم بشكل كافي ومنتظم .. ولا تجهدي نفسك .
- حسنا ..
تبادلا كلمات الوداع .. من ثم توجهت عائدة نحو بيتها ..
كانت الأيام تمر عليها بشكل رتيب جدا .. وفي ترقب ممل لظهور نتائج الإمتحانات .. وفي يوم وهي تجلس أمام حاسوبها المحمول .. وتسعى لتدريب سمعها في نفس الوقت .. على عدم سماع تردد صوت الخال نبيل وهو يؤدي سمفونياته الكثيرة والمعتادة .. فلقد كانت الساعة الواحدة بعد الظهر .. وهو وقت مقطوعته الشهيرة التي يستجدي بها المال من والدتها حتى يستطيع شراء القات ..

قلبت نور شفتيها وهي تفكر بتلك الورقات الخضراء التي تدمر بلدها الحبيب بصمت قاتل ..
كيف يفقد الرجل عقله عندما يحين وقت القات .. ويبدأ يسخر تفكيره في كيفية جلب المال لشراءه ..
متجاهلا أي أولويات في حياته .. فخالها هو أكبر مثال تضربه لتلك الدمى التي يحركها القات بخيوطه الوهمية .. فهو يكون مستعدا أن يقلب البيت رأسا على عقب ولن يمل أبدا حتى يحصد غايته .. وما أن يصبح المال في جيبه .. لا تدري من أين تاتيه تلك السرعة الخيالة للخروج من البيت ..
من ثم تأتي المرحلة التالية عندما يعود وبيده ذلك الكيس البلاستيكي المحتوي على الورقات التي تمص الحياة من كل البيوت .. وقد بدأ يمضغ بفمه بعضا منها كانت تلك المرحلة تعتبر من أفضل المراحل .. فهو يشعر بالسعادة والإنشراح حتى أنه يبدأ يدندن مع أي لحن يسمعه ..
وما هي إلا دقائق حتى تنشط مخيلته بسبب ذلك السم الأخضر الذي يلوكه في فمه .. فيعتقد بأنه أحد المشاهير في أي وكل المجالات أيضا .. ويبدا تغير وضعه .. ووضع أسرته .. من ثم بلده .. ووطنه العربي .. وقد يصل إلى تغير العالم كله نحو الأفضل من وجهة نظره وتحليله الشخصي ..
أما أسواء الأوقات عندما ينتهي المساء وتنتهي معه كل وريقات القات .. فينقلب ذلك السرور والإسهاب في الحديث .. إلى تجهم وضيق .. وعزوف تام عن الكلام .. وكأنه نسى طرق التخاطب مع من حوله إلا ليلقي الأوامر في طلب العشاء .. وغيرها من الأحتياجات ..

أفزعها ذلك الصوت الغير متوقع من خلفها .. عندما جذبها من أفكارها الساخرة والتي ترثي بها حال فئة كبيرة من شعبها :
- نور .. هل تودين شيئا من الخارج لأجلبه لك ؟.
كادت أن تفغر فاهها من شدة الدهشة بعد رؤيتها لذلك الشخص الواقف على باب حجرتها منتظرا .. فسارعت مجيبه :
- لا .. لا ..
ثم تداركت نفسها وعادت تقول بصعوبة بالغة :
- أشكرك .
أجابها الخال نبيل ببساطة :
- حسنا .
كانت تتابع بسمعها خطواته المتجهه نحو باب الخروج .. فسمعت والدتها تخاطبه :
- إلى أين ؟.. ألن تتناول الغذاء معنا ؟.
- لا .. فهنالك صديق سيدعوني للغذاء .
ما هي إلا ثوان وأصبح البيت هادئا جدا بعد خروج ذلك الإعصار الحي منه .. كانت نور لا تزال تحت تأثير الصدمة .. ما هذا التصرف الغير معهود منه .. لا يمكن أن يصدق عقلها ما شاهدته عينيها قبل قليل .. كان نداء والدتها هو المنقذ الوحيد لإنتشالها من الذهول .. فأسرعت تجيبها وهي تغلق جهازها .. وعندما دخلت المطبخ وجدتها تضع اواني الطعام بعصبية على الطاولة .. وهي تحدث نفسها بصوت مرتفع :
- من سيتناول كل هذا الطعام ؟.
جلست نور بهدوء ولم تضف كلمة واحدة .. ولا حتى تعبيرا ساخرا بملامح وجهها .. فهي لاتحب مثل هذة الأحاديث لأنها تدرك مدى قدرتها على الإحتمال .. ومؤكد ستفقد أعصابها .. وهي لا تود أن تجرح والدتها .. لذلك تفضل المشاركة بالصمت في كل المواضع التي تخص الخال نبيل .. عادت والدتها تكمل تساؤلاتها :
- أنا لا أعرف من أين ظهر لنا هذا الصديق .. الذي يغدق عليه بالمال والعزائم من الحين للآخر .
تنهدت حياة ثم قررت تناول غدائها بصمت كما تفعل ابنتها .. نظرت إليها نور برثاء ثم حدثتها لتغير ذلك الجو الكئيب الذي يلفهم والذي تكرهه هي كثيرا :
- أمي .. سوف ألتقي اليوم برهف في المجمع التجاري ..
- لماذا ؟.
- إنها تود أن تشتري هدية لخطيبها بمناسبة ترقيه في العمل .. ولقد نسيت أن اخبرك بذلك .
- لا باس .. ولكن لا تتاخري في العودة إلى المنزل .
- حسنا ..
بعد أن أدت نور صلاة العصر بدأت تتجهز للخروج .. وعندما صارت الساعة الخامسة كانت تعبر البوابة الضخمة للمجمع التجاري الكائن في مدينة عدن .. ومثلما أتفقت مع رهف وجدتها في أنتظارها .. تبادلتا كلمات السلام .. والتعبير عن اشتياقهما لبعض ..
لقد كان يوما جميلا قضته برفقه رهف .. فلم يكن التسوق وحده ما يجعلها تحس بتلك السعادة ولكنها تلك الصديقة المرهفة المشاعر خفيفه الظل .. والتي تجعل كل حدث يمر بحياة نور ذات طعم ومعنى مختلف ..
- هل تعرفين أن الخال نبيل عاملني بلطف هذا اليوم ؟.
- غير معقول .. هل قرأتم عليه بعض الآيات القرانية ؟.
ابتسمت نور نافية .. ثم أردفت :
- لقد كنت أفكر بالقات عندما جاء وقطع شرودي .
- وبماذا فكرتي ؟.
- كنت أحصي مراحله النفسية والتي يحركها في صدور متناوليه .. ورحلة شبابنا معه .. وخاصة هؤلاء الأولاد اللذين لم يكملوا دراستهم الثانوية بعد .. والذين يدمرون حياتهم بأيديهم قبل أن تبنى .
- معك حق .. فحتى شباب الجامعة الواعي يقع فريسة تلك المبررات .. بأنه يبعث على النشاط ويفيد في الإستذكار .
- لقد اصبح مجتمعنا لا يسير إلا به .. وأكثرية العلاقات والناسبات الإجتماعية تقوم بوجودة .. حتى في أداء واجب العزاء .
كانت رهف تستمع بإهتمام بالغ .. بعد أن وصلت مشاعر الأسى إلى قلبها .. ثم تحدثت فجأة بمرح :
- هل تعرفين أنهم كانوا يوقفون القتال في حرب 94 .. عندما يحين وقت القات .. ثم يعاودونه بعد أن ينتهي موعده .
هنا ضحكت نور مؤيدة حديث صديقتها .. وقبل أن تضيف شيئا .. رن هاتف رهف وأجابت والفرحة ترن في صوتها :
- مرحبا يا أحمد .
كانت نور تستمع لحديثهما بحب .. وبعد أن أبلغت أحمد سلامها على لسان خطيبته .. أجابت رهف لسؤال أحمد الذي لم تسمعه هي :
- نحن الآن في المجمع التجاري .. ألم أخبرك بذلك ؟.
رد عليها أحمد مازحنا :
- بلى .. ولكنك لم تخبريني بأنك تودين شراء هدية لي .
رفعت رهف حاجبيها بإستغراب بعد أن نظرت إلى نور بشك .. فهي لم تطلع أحدا على نيتها تلك :
- من أخبرك بذلك ؟.
- أخبرني هذا الكيس الذي تحملينه بيدك .. والمسجل عليه اسم إحدى محلات الذكور .
تلفتت رهف حولها وفرحتها تكاد تقفز من عينيها .. فرأت أحمد ينتظرها بجانب سيارته في أحد أركان الساحه التي امام المركز .. توجهت نحوه مندفعة .. وكان هو يتمنى لو استطاع تطويقها ليخمد ذلك الشوق الذي يعذبه في بعدها .. كانت نور تتقدم نحوهما بخطوات بطيئة .. حتى تسمح لهما بقضاء وقت أكبر مع بعضهما .. ثم ألقت التحية على أحمد .. فحدثتها رهف بحماسة :
- أليست مفاجأة رائعة يا نور ؟.
هزت نور رأسها بخجل وهي تحاول منع إبتسامتها .. فلقد كان أحمد يطالع ملامح خطيبته الجميلة والتي تزداد جمالاً في وجوده .. حقا إنها لا تعرف من أين يأتي هذا السحر الكامن بين عيني رهف عندما ترى حبيبها والذي يغمر كل ملامحها .. أشار أحمد لرهف بعينيه نحو ما تحمله بين يديها :
- ألا تودين المساعدة ؟.
احتضنت رهف ذلك الكيس .. وهي تمازحه :
- لا .. وأشكرك أيها الشاب الشهم .
ضحك أحمد وهو يفتح لهما باب سيارته .. بعد دقائق كان الثلاثة يتوجهون بسيارة أحمد نحو مدينة المعلا .. طلبت منهم نور إيقافها عند عيادة حسام .. فلقد مر وقت طويل لم يتصل بها منذ أن كانت عنده في العيادة للإطمئنان عليها .. رحب الخطيبان بذلك الإقتراح حتى يستطيعان إلقاء التحية على حسام ..
كانت نور تشعر بفخر شديد وهي تعرف أحمد بأبن عمها .. وبعد أن تبادل الأربعة الأحاديث الخفيفة .. وانسحبت رهف برفقة أحمد ليعيدها إلى بيتها .. جلست نور تنتظر حسام حتى يتجهز للرحيل فلقد كان قد انتهى من عمله ..
ظلت هي تتطلع لتلك الصور المعلقة على الحائط والتي لا تمل من رؤية الأطفال الذين يظهرون عليها .. وجدت بعض الملفات على مكتبه .. فأخذت إحداها لتتصفحه .. لم تكن لتفعل ذلك لولا إذ جذبها اسمها المكتوب عليه .. بالطبع لم تفهم شيئا من تلك الكلمات الإنجليزية الدالة على مصطلحات طبية .. ولكنها لا تدري لماذا تسلل الخوف إلى قلبها وهي تحاول حفظ تلك الكلمة المكتوبة أمام مربع المرض .. اختطف حسام الملف من بين يديها .. وكانت تدرك بأنه يخفي عينيه عنها عندما أعاده إلى مكانه وهو يدير لها ظهره .. تسائلت هي بصوت منخفض :
- حسام .. هل أعاني من مرض ما ؟.
- لا صغيرتي .. ما هذا الكلام الغريب .
لم يكن حسام يجيد الكذب أبدا .. كما أنه لا يستطيع إخفاء شيء عليها .. فوقفت لتواجهه بعينيها المتسائلتين :
- لا تكذب علي .. فأنا أعرف أنك تخفي علي أمرا .
رفع عينيه إليها .. محاولا التحدث ببساطة :
- أنا لا أخفي شيئا .. ما بك اليوم .. وما الذي دفع بهذة الفكرة إلى رأسك ؟.
- هذا الملف الطبي .
بدأ حسام يحدثها بهدوء :
- ألم أقم بفحصك قبل أيام ؟.
- بلى .
- إذا ألا يجوز أن أحفظ لك بياناتك في ملف كهذا ؟.
هزت رأسها باستسلام .. وكان هو يدرك بأنها لم تقتنع .. ومؤكد ستعاود استجوابه .. فراح يشتت انتباهها :
- كيف أنت هذة الأيام ؟.. وكيف علاقتك بالخال نبيل ؟.
نظرت له بإستغراب بالغ :
- هل أنت السبب ؟.
أجابها مسرعا كمن ينفي تهمة عن نفسه :
- السبب في ماذا ؟.
- لقد تغيرت معاملته معي كليا وأصبح شديد اللطف .. هل حدثته بشيء ذلك اليوم .
- لقد أعتذرت بالنيابه عنك فقط .. ربما هو يحاول التغيير من تصرفاته معكما نحو الأفضل .
- لا أظن فتغيره مقتصر في معاملته لي .
- وهل يضايقك هذا الشي ؟.
لم تجبه نور فهي حقا لا تستطيع أن تعبر بحرية عن أي شيء يخص الخال نبيل .. نظر هو إلى الساعة ثم استحثها على الرحيل قائلا :
- دعيني أوصلك الآن إلى البيت أنت والخالة نظرة .. حتى لا تتاخري .
بعد أن دخلت البيت وألقت التحية على والدتها .. وحدثتها بشكل مقتضب عن أحداث يومها .. توجهت مسرعة نحو جهازها .. لتتصفح من خلاله شبكة الإنترنت وبدأت تبحث عن تلك الكلمة التي قرأتها بالإنجليزية في ملفها الطبي .. لقد كانت لغتها الإنجليزية جيدة جدا .. ولكنها لا تفهم هذة الكلمات الطبية التي تظهر أمامها والتي لم تستطع ايجاد معضم المعاني في المعجم .. والقليل الذي فهمته زاد مخاوفها .. فأغلقت جهازها بعصبية ورمت نفسها على سريرها .. وهي تحس بأن رأسها سينفجر من كثرة تلك الأشياء التي تجهلها ..
أولا هذا التغير الذي أصاب خالها .. والمتبلور عليها هي فقط .. هل كان صراخها عليه هو السبب .. فهي تشك في أنه ينوي تحسين أخلاقه بدءً بها .. أو أن حسام هو من دفعه إلى ذلك التغيير .. ولم يرضى أن يطلعها على حقيقة الأمر بينهما ..
ولكن منذ متى وحسام يخفي عنها مثل هذة الأمور .. تذكرت في ذلك الوقت الإرتباك الذي أصابه عندما وجدها تقراء في ملفها .. يبدو أنه بدأ بتعلم كيفية اتقان الكذب عليها .. ولكن ما حاجته لذلك .. هي هي مصابه بمرض خطير .. وهو يخشى أن يصارحها بحقيقه ما تعانيه .. ويفظل ان يهتم بها دون أن تعلم .. أو ربما لن يحتاج الإهتمام بها بعد اكتشافه بأن حالتها لا تقبل العلاج .. هزت رأسها بسخريه وهي تحاول طرد تلك الأفكار منه .. مؤكد أن خيالها الخصب يساهم في تضخيم الأمور .. فيجعلها تبالغ في ردود أفعالها ..
زفرت بضيق عندما فكرت بنتائج إمتحاناتها .. إن كليتا أيضا شاركت في نسج خيوط المجهول التي تلفها .. وأقسمت على تعذيبها وعدم إظهار النتائج بشكل سريع .. فهي تكره هذا الوقت .. والذي تعده أسواء من فترة الإمتحانات نفسها ..
حتى أن سامح أبا أن يظل متفرجا .. وبدأ يؤدي دوره بأتقان .. ومع كل يوم يمضي يمعن في إرباكها واللهو بعواطفها ..
متى سيدركون جميعا .. بأنها تكره هذا الغموض .. ولا تود أن تقيد بحلقات سلسله المجهول التي يصنعونها ..

نوف بنت نايف 31-05-10 10:34 PM

السلام عليكم

يعطيك العافيه ياقلبي مشكوره على البارت الصغنون الروعه

حسام مشاعره تجاه نور واضحه وضوح الشمس لاكن هي متخبطه مابين غيرتها عليه ومشاعر اخوتها له وضيقها من كلمه صغيرتي وسامح الذي للان يبدو انها لاتعرف موقعه اعرابيا
مرض نور هل يعقل انها تعاني من مرض خطير قد يقودها الى نهايه متوقعه ام اان مابها مجرد هواجس ارجح سالفه المرض وذالك واضح من ردة فعل حسام وسحبه للملف بشده

ربما هذا المرض مايجعل سامح يصرف نظر عن حبها والزواج منها ويترك الطريق لحسام ليتربع على عروش قلب نور

*************
الرجل الغني اللي يقابل الخال نبيل اعتقد انه حسام يجعل يريح نور مقابل مبلغ مادي

my faith 01-06-10 09:19 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نوف بنت نــــايف (المشاركة 2328263)
السلام عليكم

يعطيك العافيه ياقلبي مشكوره على البارت الصغنون الروعه

حسام مشاعره تجاه نور واضحه وضوح الشمس لاكن هي متخبطه مابين غيرتها عليه ومشاعر اخوتها له وضيقها من كلمه صغيرتي وسامح الذي للان يبدو انها لاتعرف موقعه اعرابيا
مرض نور هل يعقل انها تعاني من مرض خطير قد يقودها الى نهايه متوقعه ام اان مابها مجرد هواجس ارجح سالفه المرض وذالك واضح من ردة فعل حسام وسحبه للملف بشده

ربما هذا المرض مايجعل سامح يصرف نظر عن حبها والزواج منها ويترك الطريق لحسام ليتربع على عروش قلب نور

*************
الرجل الغني اللي يقابل الخال نبيل اعتقد انه حسام يجعل يريح نور مقابل مبلغ مادي

حبيبتي الغاليه نوف ..
ان شاء الله يكون البارت نال اعجابك .. وانا حبيت تعليقاتك عليه .. وتخميناتك كمان .. بس اكيد في اشياء رح تتوضح لك في البارت الجاي ..
قراءه ممتعه لك ولكل احبتي..
وانا في انتظار مزيد من ردودكم وتخميناتك ..
دمتي لي وفي امان الله غاليتي

my faith 01-06-10 09:23 PM


(6)
لماذا ؟!.


وقفت نور بجانب طاولة الطعام .. لتعد طبق السلطة الغني بمكوناته الطازجة .. وكانت تحاول بين الحين والآخر أن تمد يد العون لوالدتها التي كانت تطهو طعام الغداء ..
حاولت اخفاء ابتسامتها المرحه .. وهي تتابع خطوات والدتها السريعة في المطبخ .. لقد كان هذا المنظر القلق لوالدتها يتكرر دائما عندما كان والدها لا يزال على قيد الحياة .. ذلك القلق من أن تكون اخفقت في طهو الطعام .. أو أن الوليمه التي تعدها لن تشرف زوجها أمام ضيوفه .. لم يكن لدى نور خبرة كبيرة في المطبخ .. لذلك كانت تكتفي بإعداد أطباق السلطة .. وتقطيع الخضار ..

- ألم تنتهوا بعد .. إن الرجل سيصل بعد قيل ..
ركزت نور نظرها على تلك القطعة من الخيار التي كانت تبشرها .. محاولة تجاهل حديث الخال نبيل المزعج .. وتركت مهمة الرد على والدتها كالعادة :
- صبرا يا نبيل .. إن اللوم يقع عليك فأنت لم تخبرنا من قبل .
- وهل هو محرم في هذا البيت دعوة الاصدقاء .. إن الرجل يكرمني يوميا .. ألا أرد له الجميل .
زفرت حياه بضيق وهي تتفقد قدر الأرز .. وتطفئ تحته النار بعد أن نضجت حبيباته :
- أنا لم أقل ذلك .. وكفى صراخا فالغذاء جاهز .
نظر إلى نور التي توشك على الإنتهاء هي الأخرى .. وكأنه يود أن يوجه لها بعضا من كلماته العدائيه .. ولكنه سرعان ما غير رايه .. وخرج بصمت .. تبعته نور بعينين متعجبتين من ذلك التصرف المسالم معها .. وقلبت شفتيها بإستغراب ..
إن والدتها تعودت على مثل هذة المفاجآت ولكن ليس مع الخال نبيل .. فهو لم يتصف ابدا بالكرم .. وإن فكر في دعوة أحدهم على الغداء فمؤكد أن هنالك مصلحة بينهما تقتضي ذلك .. بعكس والدها الذي كان دوما ما يدعو الأهل والأصدقاء .. حتى أصبحت الأم لا تعد وجبة لثلاث أشخاص فقط ..
تنهدت نور عند تذكرها لوالدها الحبيب .. ولكنها سرعان ما رسمت إبتسامة صادقة على شفتيها لتطمئن والدتها .. وتسائلت وهي تحمل وعاء السلطة بين يديها :
- هل أضعه في الثلاجة .
وقبل أن تجيب الأم .. سمعتا الباب يطرق .. ثم تلاه صوت الخال نبيل بترحيب مبالغ فيه .. فقالت والتجهم لا يزال باديا على ملامحها :
- لا داعي لذلك ..
ثم دخلت حجرتها لتستريح .. وتركت لنور مهمة تحضير أطباق الغداء وإعطاءها للخال نبيل حتى يدخلها للضيف .. من ثم دخلت هي أيضا حجرتها .. بعد أن إنتهى الرجلان من تناول الطعام جائت والدتها بصينية الشاي .. ومدتها لنور :
- ارتدي حجابك وأدخلي لخالك وضيفه الصينية .
عقدت نور حاجبيها وهي تحاول استيعاب ماتأمرها والدتها به :
- ولما لا يدخلها هو ؟.
اخذت الأم نفسا عميقا محاولة أن تهدئ نفسها .. كانت نور تشعر بالأسى على حال والدتها فهي دائمة التوتر من أفعال الخال نبيل الغير موزونة :
- لا تتعبيني يا نور .. لن يحدث شيء إن أدخلتي لهم الشاي .
إعترضت نور بحدة :
- وبأي حق يطالبني بذلك ؟.
خرجت حياه من الحجرة دون أن تضيف كلمة أخرى .. وكانت نور تدرك توافق أرائهما معا .. بعد دقائق جاء الخال نبيل إليها قائلا ببساطه :
- إرتدي حجابك يا نور .. وتعالي .
بداء الضيق يتملكها .. ونظرت إليه بنظرتها الجامدة :
- إلى أين بالضبط ؟.
أجابها الخال نبيل بتلقائية وهو يشير إلى جهازها المحمول الذي كانت تعمل عليه .. وبتلك الطريقة اللطيفة والحديثة في تعامله معها :
- إن صديقي يود أن يسالك بخصوص الأجهزة التي تستخدمونها .
- ألا تستطيع أنت أن تنقل لي سؤاله ؟.
- بالطبع لا .. فأنا لا أفهم شيء مما يتعلق بهذة الأجهزة .
ضغطت نور على أسنانها بحرقة .. وهي ترى نظرات والدتها المتوسلة من وراء الخال نبيل .. فحاولت أن تتمالك أعصابها بعد أن شعرت أن الكل تحالف ضدها حتى تنفذ رغبتهم الغير مفهومة لها .. وبدأت تشعر بأن اليوم لن يمر بسلام .. إلا برؤيتها لصديق الخال نبيل .. وقفت بعصبية وأخذت ترتدي عبائتها وحجابها .. وحاولت أن توطن نفسها بأنها تؤدي مهمة رسمية .. وكأنها مهندسة تعالج مشكلة لأي عميل .. تبعت الخال نبيل إلى حجرة الضيوف ولكنها لم تدخل معه بل وقفت في الباب .. وسرعان ما بدى عليها الإستغراب فور رؤيتها لذلك الصديق المجهول .. إنه شاب صغير .. ربما يكون في عمر سامح .. ما هي العلاقة التي تربط بينه وبين خالها يا ترى .. ارتبكت نور قليلا فهي لم تعد تفهم شيئا .. وتملكها إحساس بالخيانة لا تدري مصدره ..
سمعت الخال نبيل يحدثها مشجعا :
- إدخلي يا نور .
تجاهلت حديثه .. وحولت نظرها لذلك الشاب الذي لم تستصغ نظراته إليها .. لا تستطيع أن تصف تلك النظرات بالوقاحة .. ولكنها أيضا لم ترقها طريقة تفحصه لها .. ولكنها بادلته بنظرة ميتة خالية من أي تعابير وهي توجه له سؤالها دون أن تتقدم خطوة واحدها الى الداخل :
- بماذا استطيع أن اخدمك ؟.
شعرت للحظة أنه فوجئ بسؤالها فحاولت تغيره :
- ما هي مشكلة جهازك ؟.
قال مستغربا :
- جهازي .. آه .. نعم .. نعم .. جهازي .
هنا زمت نور شفتيها .. كي لا تفلت السيطرة على أعصابها .. فلقد بدأت تشعر بمدى سخافة هذا الموقف الذي وضعت فيه .. ولكنها استمعت إلى مشكلته والتي لا تستطيع عدها كمشكله .. فيبدو أنها مجرد عذر .. بدليل هذا الوقت الذي استغرقه في تأليف تلك المشكلة .. ولكنها أجابته بكل تهذيب .. ولكن بكلمات مقتضبه أيضا ثم سحبت نفسها بسرعة دون أن تنتظر رد أحدهما عليها .
دخلت غرفتها وهي تشعر بأن الدماء تغلي في عروقها .. إنها ليست غبية لكي يخفى عليها مقصد الخال نبيل من كل هذة التمثيلية الهوجاء .. خلعت عبائتها وحجابها ورمتهما على الكرسي .. وكأنها تصفعه وتلقي عليه باللوم لما حدث معها .. كم تود لو واجهت الملام الحقيقي .. لم يطل إنتظارها وسرعان ما سمعت صوت الخال نبيل يودع ذلك الشاب .. فخرجت عند ذلك لتواجهه .. إبتسم لها والفرحه تكلل وجهه .. وأخذها من يدها نحو حجرة والدتها .. ثم أجلسها قائلا :
- مبروك .
أجابته الأم بفتور :
- على ماذا ؟.
- لقد تقدم لنور عريس .
قبل أن تردف والدتها بشيء .. قاطعتها هي بحدة محاولة تصنع الفرح :
- آه .. حقا .. يبدو أنني نلت إعجابه ؟.
أجابها بحماس بالغ :
- جدا .
- وهل سيدفع الكثير ؟.
إتسعت عينيه بسعادة .. وتحدث بفخر :
- نعم .. وهل تعتقدين بأنك رخيصة بالنسبة لي .
هنا تدخلت الأم وهي تحس أن بينهما شيء لا تفهمه :
- ما الذي تتحدثان عنه .
إلتفت إليها الخال نبيل .. وبداء يشرح لها بإهتمام :
- صديقي هذا شاب في مقتبل العمر .. وهو يعمل مع والده في التجارة .. كما أنه الوريث الوحيد لكل الأملاك .. ولقد جاء اليوم لخطبة إبنتنا نور .
وقفت نور بشكل مباغث .. وهي تقول بصوت قاسي :
- أولا أنا لست ابنتك ولن أكون ابدا .. ثانيا لن أوافق على هذة الزيجة .
تسائلت الأم بقلق :
- أوليس شابا خلوقا يا نبيل ؟.
أجابها بسرعة .. ودون تفكير :
- نعم .. نعم .
هنا حولت الأم نظرها لابنتها التي تبشر ملامحها بنوبة بكاء :
- إذا لماذا ترفضينه يا نور ؟.
- لأنني .. لأنني ..
- لأنك ماذا .
كانت نور تجاهد نفسها حتى تتغلب على تلك المشاعر التي تتصارع بداخلها والتي تحس بأنها أكبر من قدرتها على الإحتمال .. فيكفيها ما تعانيه من تشوش احاسيسها .. كانت تقف بعصبية وهي تضغط على أناملها وكأنها تحاول إعتصار مبرر مقبول لرفضها .. ثم نطقت أخيرا :
- لأنني لست سلعة أباع لمن يدفع اكثر .
رد عليها الخال بلطف .. وكأنه يغري طفلة صغيرة :
- إنه سيجعلك تعيشين مثل الأمراء .. وستستطيعين أن تقيمي عرسك في افخم الفنادق يا نور .. ولن تحتاجي معه لأي شيء .. حتى يمكنك أن تتركي الدراسة فما حاجتك للعمل .. وأنت زوجة شاب غني مثله .
كانت نور تشعر بأن معدتها تكاد تنقلب .. فهي تكرة مثل هذا التفكير المريض :
- وهل تعتقد أن هذا كفيل بإقناعي ؟.
- وماذا تريدين إذا ؟.
- ومن قال بأنني طلبت منك شيء ؟
تحدثت الأم وهي تمسك بيدها .. وتحاول تهدئتها و اجلاسها :
- نور .. حبيبتي .. لما لا تدعينا نناقش الموضوع بهدوء .. فنحن ايضا لن نرميك يا ابنتي .. ومؤكد اننا سنتأكد من حسن أخلاقه .
قاطعها الخال نبيل :
- ليس هنالك داعي .. فلقد قمت أنا بذلك مسبقا ..
نظرت له نور بحدة :
- أنت لن تستطيع إجباري على شيء .
هنا إرتفع صوت الخال نبيل :
- بل أستطيع .. إن كنت لا تدركين مصلحتك .
- إن مصلحتي ليست مع شاب غني يشعرني بأنني قطعة اشتراها بنقوده .. لا تملك حتى حق إمتلاكها لنفسها .
زفر ساخرا .. وقد عاوده أسلوبه المستفز بالحديث معها :
- وأين هي مصلحتك ؟.. مع موظف بسيط مثل والدك ؟.
أغمضت عينيا محاولة تمالك نفسها ثم فتحتهما .. وهي ترفع حاجبها بتحدي ظاهر :
- نعم .. ما دمت سأعيش بكرامة معه .. وسيظل يشعرني بكياني مثلما كان يفعل والدي ..
ألقت نور بتلك الكلمات عليه وخرجت قبل أن تفقد أعصابها أكثر من ذلك .. ورمت بنفسها على سريرها .. ثم أفلتت تلك الدموع الساخنة لتبلل وسادتها .. بعد أن ناضلت طويلا للتسيطر عليهم ..
هل يستطيع الخال نبيل إجبارها على ذلك ..
هل يملك من خبث النفس ما يمكنه من تدمير مستقبلها ..
بدأت تتخيل نفسها بتلك الحياة التي رسمتها كلماته ..
فتاة شابة لم تكمل تعليمها الجامعي .. لا تُعرف إلا باسم زوجها الغني .. الذي تعيش معه حياة مترفة خالية من الأحاسيس .. تملاء أيامهما أعمال روتينية تافهة .. ولا تبربطهما إلا حجرة المعيشة الزوجية .. والأطفال ..
ضغطت نور على الوسادة التي كانت تحضنها بقبضة يديها .. وهي تحس بأن قلبها يحترق من شدة الألم ..

رن هاتفها .. وكانت لا تشعر برغبة في الرد .. لولا أن رأت اسم صديقتها الحنونة رهف .. فسارعت بالإجابة بصوتها المهزوز من أثار البكاء .. روع رهف حالها وتساءلت بقلق :
- حبيبتي نور .. ما بك .. هل حدث لكم مكروه ؟.
- رهف أنقذيني .
لم تستطع نور أن تنطق بأكثر من ذلك .. وانفجرت باكية .. حاولت رهف تهدئتها وتهدئة نفسها أيضا .. وطردت تلك الأفكار المتشائمة التي تغزوا تفكيرها فهي لم تستطع إستنتاج ما يضايق صدقتها المرهفة المشاعر :
- نور هل لك أن تهدئي لتطمئنينني ؟.
حاولت نور أن تجعل صوتها مفهوما وحدثت رهف بكل شي .. فعادت الصديقة تتسائل بعطف :
- لماذا ترفضينه يا نور ؟.
- حتى أنت يا رهف ؟.
أجابتها مربررة كمن ينفي تهمة عنه :
- أنا لا أثق بالخال نبيل .. ولكن ربما هذا الشاب مناسبا لك بالفعل ..
- أنا لا أود أن أرتبط به ؟.
سكتت رهف .. ولم تود أن تزيد من توتر صديقتها :
- حسنا .. سنتحدث فيما بعد .. لا تتعبي نفسك الآن .. وحاولي أن ترتاحي .

نفذت نور أوامر رهف فلقد كانت تشعر بالإجهاد الشديد .. وفي المساء جاءت والدتها متسلله إلى حجرتها .. تنهدت نور بعد أن فهمت نيتها .
جلست حياه بجانبها واحتضنتها بحب بالغ .. ثم قبلتها على رأسها وهي لا تزال تحتضنها وتهزها كالأطفال :
- حبيبتي .. لماذا انفعلت بذلك الشكل ؟.
- ألا تدركين ما قام به الخال نبيل يا أمي ؟.
- وما الذي قام به ؟.
إبتعدت نور عن والدتها وهي ترفع حاجبيها بدهشة :
- لقد احضر الشاب حتى يتفرج علي .. حتى يرى إن كنت سأنال إعجابه أم لا ..
تنهدت الأم .. ثم أجابت محاولة تبرر عمل زوجها الغير مبرر :
- ولكنه أعجب بك ؟.
- وهل هذا جواب مقنع بالنسبة لك ؟.
- لماذا تحاولين قطع نصيبك يا حبيبتي ؟..
ردت عليها بعناد :
- أنا لا أزال صغيرة .. كما أود أن أكمل دراستي .
- تستطيعين أن تشترطي عليه ذلك .. حتى يدعك تكملين الدراسة بعد الزواج .
- أنا لا أريده يا أمي ؟.
كانت حياه ستهم بالحديث .. عندما وقفت نور مقاطعة لها :
- قولي أنني أصبحت حملا ثقيلا عليكما .. وأنكما تودان التخلص مني ..
عقدت الدهشة لسان والدتها .. وسارعت نور بإرتداء عباءتها وحجابها .. فتساءلت الأم بقلق :
- إلى أين يا نور .. أنا لم أقل كلاما يزعجك يا حبيبتي .
أفلتت نور دموعها وهي لا تقوى على مواجهة نظرات والدتها القلقة .. فهي لم تتعود أن تكون سببا في حزنها :
- بل أنا من يزعجك بكلامي .
أجابتها الأم برقة واللوعة بادية في نبرتها :
- لا تقولي مثل هذا الكلام يا نور .. أنت ابنتي .. أنت قطعة مني .. بل أنت الشيء الوحيد الذي يسيرني في هذة الحياة ..
تدفقت دموع أخرى على خدي نور .. وهي تتوسل لوالدتها :
- سامحيني يا أمي .. ولكنني يجب أن أخرج فأنا أشعر بأنني سأختنق .
- ألى أين ستذهبين ؟.
فكرت نور ثم قالت مطمئنة وهي تمسح دموعها :
- إلى حسام .
أشاع اسم حسام السكينة في قلب والدتها .. وكانت هي تدرك ذلك عندما نطقت باسمه .. كما أنها لم تكذب .. فهي حقا بحاجة لمنقذها الوحيد ..
خرجت من البيت بعد أن جففت دموعها .. ولم تشعر بالوقت ولا بالطريق الذي يبعد بيتها عن عيادة حسام .. ففكرها كان مشغولا ولم يسمح لها بتتمييز ما يمر حولها ..
لاحظت الخاله نظرة توترها .. فسارعت في إجلاسها على إحدى المقاعد بإهتمام صادق .. وحدثتها مطمئنة :
- لن تنتظري كثيرا .. فلم يعد يوجد سوى مريض واحد لدى الدكتور حسام غير الذي بالداخل ..
هزت نور رأسها بإستسلام .. مما جعل الخالة نظرة تشفق عليها وتردف قائلة :
- أتودين أن أخبره بحضورك ؟.
سارعت تجيبها وهي تحاول أن ترسم إبتسامة مطمئنة على شفتيها .. ولكن يبدوا بأنها زادت من قلق الخالة نظرة عليها :
- لا .. لاداعي لذلك .. سأكتفي بالإنتظار .
- حسنا يا حبيبتي .
كانت نور تجلس شاردة وعندما فتح باب حجرة حسام .. وخرج منها ذلك الطفل اللطيف .. وهو ينط أمام والدته بفرح .. لم تستطع منع إبتسامة داهمة شفتيها المطبقتين .. وظلت تتابع حركاته الشقية بفرحة صادقة وكأنها تتمنى بداخلها أن تعود إلى هذة المرحلة التي يعيشها .. مرحلة النقاء واللامبالة .. مرحله اللاهموم .. كم تحن إلى تلك الأيام .. أيام أن كان والدها موجودا .. يغمرها بكل الحنان والحب الذي تحتاجه .. تلك الأيام التي كان حضن والدتها لا يفرقها أبدا .. وكانت وسادتها الوحيدة عند النوم هما ذراعيها النعمين .. لم تشعر نور بتلك الدموع التي إنسابت منها إلى عندما جائها ذلك الصوت الدافئ الذي لطالما إنتشلها من أحزانها .. كان مرتاعا بعض الشيء :
- نور .. ما بك يا صغيرتي ؟.
رفعت عينيها دون وعي منها .. ثم هزت رأسها بسرعة متداركه الموقف .. وهي تمسح دموعها وتبتسم بسخرية من نفسها .. ثم أردفت بعد أن وقفت أمامه :
- كم أنا سخيفة ؟.
لم تفلح كلمتها ببث الإطمئنان إلى قلبه المحب لها .. وعاد يحدثها بحنانه المعهود :
- هل أنت بخير صغيرتي ؟.
أومأت بعينيها وقد أشفقت عليه :
- نعم يا حسام .. لا تقلق .
أدخلها إلى حجرته وهو يستحثها قائلا :
- إذا ما الذي يبكيك ؟.
- مجرد مشكلة بسيطة .. كالمعتاد .
صمت حسام وهو يرهف السمع لها .. فعاودها الإكتئاب وهي تخبره .. كمن ينقل خبر نعي عزيز :
- لقد تقدم لي عريس .
- ماذا ؟.
أطلق حسام سؤاله بنبرة قريبة للصراخ .. ولكنه تمالك نفسه .. وتساءل بإهتمام بعد أن رأى ملامح الإستغراب من تصرفه تكلل ملامحها الطفولية :
- هل هذا ما يزعجك إذا ؟.
- نعم .
عاود أسئلته .. بإحساس من ينتظر حكما بالإعدام :
- وهل وافقت ؟.
- بالطبع لا .
اخذ حسام نفسا عميقا .. ولكنه ظل يتفحصها بعينيه .. وأدركت هي أن هنالك شيء غريب في نظراته شيء لم تستطيع فهمه بعد :
- وما هو سبب رفضك ؟.
أجابت ببساطة محاولة اقناعه بإجابتها :
- لأنني لا أعرفه .
عادت تقول بعد أن أحست بأن إجابتها ليست كافية :
- كما أنني لا أحبه ؟.
تسائل بإستغراب :
- وهل شرط أن ترتبطي بشخص تحبينه ؟.
- لا .. ولكن على الأقل .. أكون مطمئنه له .. ولمشاعره نحوي .
ظل حسام يرمقها بتلك النظرة الغريبة .. والتي لمحت فيها نفس الغذاب الذي تعانيه :
- صغيرتي .. أنا على إستعداد من أن أسال عنه حتى تطمئني .. وصدقيني أنا لن ارضى أن ترغمي على شيء أنت لا تودينه .
- ولكن لماذا ستتعب نفسك وأنا سأرفض في النهاية .
احست نور أن جملتها الأخيرة زادت من عذاب حسام الذي تسائل بصوت خفيض متوجس :
- لماذا ؟
هنا وقفت نور بعصبية :
- كفى .. لقد مللت من سماع هذة الكلمة .
- يجب أن تجيبي عليها يا نور .. يجب أن تكوني صادقة مع نفسك .. ما الذي يمنعك من الإرتباط بأي شخص ؟.
ظلت نور صامته وهي تحاول مغالبة دموعها .. فعاد هو يسألها بلطف أكبر .. والألم يعتصر ملامحة .. لابد أنها تسبب لحسام الكثير من المضايقات فهي دائما ما تشركه في معاناتها :
- لما لا تجيبيني يا نور ؟.
تحجر الدمع في عينيها وهي تنظر له بتحدي بعد أن تذكرت شيئا فجأة :
- لما لا تجيبني أنت ؟.
على الإستغراب ملامحه .. فعادت تشرح له وهي تشير بعينيها لذلك الملف الكائن على طاولته :
- أنا على يقين أنك أعلم بالإجابة .. وبسبب رفضي للإرتباط بأي شخص .
إرتبك قليلا .. ولكنه سرعان ما تصنع عدم الفهم وهو يتحدث معها بشكل أكثر هدوئا :
- وما هي الإجابة التي تنتظرينها مني ؟.
- ما هو المرض الذي أعاني منه يا حسام ؟.
تقدم حسام منها وحاول أن يجلسها وهو يطل عليها بعينيه الجذابتين واللتان تلمعان بصفاء روحه :
- لما لا تودين تصديقي .. صغيرتي ؟.
صحيح لما لا تستطيع تصديقه ..
لماذا تشعر في قرارة نفسها بالخوف كلما سألته هذا السؤال ..
وإلى متى ستظل توهم نفسها بصدق كلماته ..
ابتعدت نور منه ولم تستجب لتهدئته .. ثم توجهت نحو باب الخروج بصمت .. فسارع هو يستوقفها :
- إلى أاين .. صغيرتي ؟.
كانت تدرك مدى الخوف الذي يتملكه من أجلها .. فحاولت ما استطاعت حتى تجيبه بشكل طبيعي :
- لا تقلق يا حسام .. سأعود إلى البيت .. وسأحاول مؤقتا أن أنسى كل ما حدث معي اليوم ..
- وهل تعتقدين بأنني أقوى على تركك هكذا ؟.
ابتسمت له وهي تمسح دموعها .. ولكنه يدرك بأنها مجرد إبتسامة مخادعة .. ظل يطوف بعينيه على صفحة وجهها .. ولكنه لم يملك في الأخير سوى الإستسلام لرغبتها .. فراح يبتسم لها هو الآخر .. تلك الإبتسامة الدافئة المفعمة بالحنان والتي تملك القدرة على تبديد سمائها الملبدة بالأحزان :
- حسنا صغيرتي .. لا تجعليني أقلق عليك .. ولتتصلي بي غدا فور استيقاضك .
هزت راسها بالموافقة .. ثم خرجت من العيادة وهي تشعر بأنها تائهه وسط أفكارها ومشاعرها .. هل كانت صادقة مع نفسها في كل تلك الإجابات التي تفسر ذلك السؤال الوحيد ( لماذا ؟؟) .. إنها تدرك في أعماقها أن المانع أبعد من كل تلك الإجابات .. تعلم أن ذلك المانع يتجسد في شخص ما .. إنه نفس الشخص الذي تشعر بمدى حاجتها له الآن .. بشدة إشتياقها إليه .. بدأت الدموع تخنقها وهي تفكر بذلك الحبيب الغائب والذي لا يعلم عنها شيء .. ياترى ماذا سيكون رد فعل سامح عند معرفته لخبر زواجها .. زفرت نور بسخرية بعد أن أفلتت دمعة من عينيها .. كم هي موهومة .. ما الذي يدعوها للتسائل عن مشاعره .. مؤكد لن يؤثر الخبر عليه .. ألم ينصحها هو بالنسيان .. مسحت دمعتها لتعود وتسقط دمعة أخرى .. ولكن متى ستستطيع هي العمل بنصيحته ..
لم تكن نور تدرك شيئا حولها لذلك لم تشعر بذلك الشاب الذي يسير بسيارته بشكل بطيء بجانبها .. كما أنه كان يطلق بوق السيارة محاولا استرعاء انتباهها .. تسلل الخوف إلى قلبها .. وهي تعود وتتفقد دموعها التي جفت تلقائيا جراء التوتر الذي أصابها .. ولكن الشاب ظل صامدا وعاود إطلاق البوق وكان صبره بداء بالنفاذ .. ولكنها توقفت متصلبة عندما سمعته يهتف بإسمها بإلحاح :
- نور .. نور .. هل أصبتي بالصمم ؟.
إلتفت إليه بإستغراب بعد أن ميزت فيه نبرة سامح الساخرة .. فتح لها باب السيارة وهو يدعوها للركوب :
- هيا اركبي .
لم تعرف سبب تغير صلابة الأرض تحتها .. فلقد شعرت بأنها تقف على أرض رخوة .. كما أن إرتعاشة جسدها زادت من عدم توازنها .. فوجدت أن ذلك الكرسي الثابت والكائن بجانب سامح .. أقرب ملجاء لها .. حتى لا يغشى عليها في الطريق العام ..فدخلت الى السياره بإستسلام ..
لم ينطلق سامح بالسيارة مباشرة وعندما حولت نظرها إليه وجدت أنه كان يتفحص ملامحها بإستغراب يتخلله بعض القلق .. أو أنها هكذا توهمت .. أشاحت بوجهها سريعا وهي تحاول تفقد خديها من مدى جفافاهما .. وزاد وجودها بجانبه من سرعة نبض قلبها المتمرد .. حتى بدأ يراودها احساس بأنه يصل مسامع سامح بوضوح .. فاسترقت نظرة إليه محاولة التأكد من ذلك .. فجأة تحدثت عندما وجدته ينحرف بالسيارة إلى طريق مدينة التواهي :
- إلى أين تذهب ؟.
- ما بك خائفة ؟.. سوف أذهب لأحضر كتابا من صديقي .. بعد ذلك ساوصلك إلى البيت عند طريق عودتي .
عادت تحول نظرها نحو النافذة .. ولكن إحساسها بوجوده .. طغى على كل شعور لديها .. بل زاد في هيجان مشاعرها .. إسترعاها هو من شرودها :
- أين كنتي ؟.
أجابت باقتضاب .. ودون أن تنظر إليه :
- في عيادة حسام .
- هل كنت تبكين ؟.
داهمها بسؤاله ذلك .. ولكنها أجابته بنفس الطريقة المقتضبه حتى لا يكشف كذبها :
- لا .
- لا اصدقك .
ظلت صامتة فهي لا تشعر بقابلية لخوض معركة جديدة في حديث سامح الذي يتعمد به إستفزازها .. لم يضف هو شيئا .. وشعرت به يوقف السيارة ويخرج منها .. غاب قليلا ثم عاد وهو يمسك كتابا في يده ..
أخذت نفسا عميا وحاولت أن تطلق معه كل الشحنات السلبية التي يعج صدرها بها .. ولكن دون جدوى .. ولم تستطع سوى أن تدعوا الله أن ينقذها من هذا الموقف .. فهي تدرك أن سامح لن يدعها وشأنها .. بعد أن رآها في مثل هذة الحالة .. فهي لن تخبره بشيء ..
في طريق العودة .. لم تلحظ بأنها كانت تلعب بالإسوارة الملفوفة حول معصمها بتوتر .. محاولة التخفيف من حدة مشاعرها .. ولكنها أدركت ذلك مع نظرة سامح إليها .. وتلك الإبتسامة المغرورة التي اجتاحت وجهه الوسيم .. أسرعت هي بإخفاء الإسوارة تحت كم عبائتها .. وعقدت أناملها فوق حجرها .. وكأنها أعلنت سجنهما على فعلتهما .. لقد كانت تشعر فعلا بأنها سجينة ..
سجينة لقرارات الخال نبيل وتحكمه بمستقبلها .. وضعفها المتوقع أمامه ..
سجينة لمرضها المجهول والذي يصر حسام على إخفاءه عنها ..
سجينة حبها لهذا الشاب الذي يجلس بجابنها بهدوء ..
كم أصبحت شديدة الحساسية هذا اليوم .. فهي تشعر بأنها تفقد كل الخيوط التي تسيطر بها على إنفعالاتها .. فما الداعي الآن لهذا الدمع الذي ينساب من عينيا بصمت ..
- نور .. لماذا تبكين يا حبيب.....
قطع سامح كلمته الأخيرة بسرعة .. ولكنه لم يدرك أنه بذلك يعتصر قلبها الرقيق .. وكأنه يقطع آخر أمل لها في رجوعه إليها ..
للحظة شعرت بأنها لا تستطيع سماع صوته .. ولا تشعر بوجوده .. وكأن المسافة الصغيرة التي تفصل بينهما إتسعت بشكل مفاجئ لتفصل بينهما .. نعم إنهما لا يملكان الحق بحب بعضهما .. فإن لم يكن حبهما قد مات .. فهو يحتضر الآن بين يدي الخال نبيل ..
عاود سامح تساؤله القلق .. وهو يمد يده ويمسح بأنامله دموع عينيها :
- أرجوك يا نور توقفي عن البكاء .. واخبريني عما يزعجك ؟.
أشاحت هي بوجهها عنه بطريقة عصبية .. وتحدثت بصعوبة من خلال نشيجها المفاجئ :
- أوقف السيارة .. يا سامح .
- هل جننت يا نور ؟.. لقد قلت بأنني سأوصلك .
- وأنا لا أريد منك شيئا ..
- أنت تتهربين من سؤالي ؟.
- أنت تعلم بأنني لن أجيبك ؟.
- لماذا ؟.
نظرت إليه بتوسل والدموع تغشى عينيها فتشوش عليها الرؤيه .. والألم يعتصر قلبها الصغير :
- إنك حقا تمعن في تعذيبي .. أنا لا أفهم ما الذي تريده مني .. هل يرضيك أن تتلاعب بمشاعري .. أن أظل سجينة هواك .
نظر إليها بصدق .. وهو يشفق عليها :
- ألم تفهمي بعد يا نور ؟.
لم تكن تجد سببا لبكائها .. ولكنها ظلت تجيبه بكلماتها المهزوزة :
- متى ستفهم أنت بأنك خسرتني .. حتى كمجرد أخت .. متى ستدرك بأنني أستطيع أن أحيا من غيرك .. وأن قلبي مؤكد سيعشق سواك .
صمتت لبرهة وهي تنظر إلى الأسفل بحزن شديد .. ثم عادت تقول له بعد أن أوقف السيارة محاولا استيعاب كلامها الجارح :
- حتى وإن كان ما اقوله كاذبا .. فالقرار لم يعد بيدي الآن ..
لم يكن بيتها يبعد كثيرا .. ففتحت السيارة وكأنها تحاول الهرب منه .. من نظراته الحزينة التي تزيد وجيعة قلبها .. مما سيقرر قوله ردا على حديثها .. لقد تركته يغرق في ذهول .. أصابها هي أيضا جراء ذلك الكلام الذي لم تكن لتفكر يوما بقولها له ..

ارادة الحياة 01-06-10 10:07 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مساء الورد
جزء ملأ شجن
اجدتي في وصف تعابير الوجوه عندما تتغير من الدهشة الى الغضب الى الحزن

رائعة انتي في وصف المشاعر

اجد ان القصة وصلت الى قمة الهرم
والاخوان سامح وحسام يقفان متحفزان ليعرفا ماهي الخطوة التالية لهما
وكلاهما مراقب جيد للاخر
هل تعرفين اجد سامح على علم بما يكن حسام لنور
فليس من الصعب على الرجل قراءة عيون الرجل خاصة اذا كان عاشق
ننتظر ما يجود قلمك بفارغ الصبر
وفقك الله عزيزتي

my faith 01-06-10 11:18 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ارادة الحياة (المشاركة 2329362)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مساء الورد
جزء ملأ شجن
اجدتي في وصف تعابير الوجوه عندما تتغير من الدهشة الى الغضب الى الحزن

رائعة انتي في وصف المشاعر

اجد ان القصة وصلت الى قمة الهرم
والاخوان سامح وحسام يقفان متحفزان ليعرفا ماهي الخطوة التالية لهما
وكلاهما مراقب جيد للاخر
هل تعرفين اجد سامح على علم بما يكن حسام لنور
فليس من الصعب على الرجل قراءة عيون الرجل خاصة اذا كان عاشق
ننتظر ما يجود قلمك بفارغ الصبر
وفقك الله عزيزتي

تسلمي يا روحي على كلامك الحلو .. والمشجع معي .. وانا سعيده انك حبيتي البارت ..
واسعدين ياكثر تحليلك للمواقف .. ان شاء الله كمان البارت الجاي ينال اعجابك ..
دمتي لي .. وفي امان الله غاليتي

نوف بنت نايف 03-06-10 05:00 PM

يعطيك العافيه اختي
فعلا كل يوم عن يوم تثبتين اقدامك في ارض الابداع غاليتي

الخال نبيل فعلا يبدو انسان يسعى لمصلحته بالدرجه الاولى

حسام ماذا كان ينتظر من نور ان تقول مثلا سارفضه من اجلك
بصراحه اجد حساام شخص بالغ الرومنسيه والاحلام ان اعتقد ان الفتاه ستصارحه بحبها عليه ان يتخذ الخطوه الحاسمه
لا اعلم لاكن اتوقع مرض نور ربما السرطان الله يبعده عن المسلمين ومن يحبون
وربما يكون حسام طبيبها الذي لا يياس
my faith
انتظرك بشوووووق لما تخطه اناملك الذهبيه
همسه ما لاحظتي ان الحسام والمهند لهم نفس المعنى
ونور رابط مشترك
فيس كان مدمن دراما تركش بس بطل الحمد لله

my faith 03-06-10 06:02 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نوف بنت نــــايف (المشاركة 2330716)
يعطيك العافيه اختي
فعلا كل يوم عن يوم تثبتين اقدامك في ارض الابداع غاليتي

الخال نبيل فعلا يبدو انسان يسعى لمصلحته بالدرجه الاولى

حسام ماذا كان ينتظر من نور ان تقول مثلا سارفضه من اجلك
بصراحه اجد حساام شخص بالغ الرومنسيه والاحلام ان اعتقد ان الفتاه ستصارحه بحبها عليه ان يتخذ الخطوه الحاسمه
لا اعلم لاكن اتوقع مرض نور ربما السرطان الله يبعده عن المسلمين ومن يحبون
وربما يكون حسام طبيبها الذي لا يياس
my faith
انتظرك بشوووووق لما تخطه اناملك الذهبيه
همسه ما لاحظتي ان الحسام والمهند لهم نفس المعنى
ونور رابط مشترك
فيس كان مدمن دراما تركش بس بطل الحمد لله

حبيبتي نوف .. والله انه كلامك كثييييييييييييير بيخجلني
وانا يوم عن يوم بسعد بوجودي بينكم يا احلى البنات ..
وبالنسبه لمرض نور .. رح ينكشف لكم في البارت الجاي ان شاء الله .. وبتعرفي اذا كان تخمينك صحيح او لا هههههههههه

وعلى مسأله حسام ومهند ههههههههههههه والله انك ضحكتيني كثير وانا عن جد ما ركزت على هذا الشي ههههههههههه
تسلمي يا روحي على مرورك الاكثر من لطيف .. ودمتي لي غاليتي

my faith 03-06-10 09:21 PM


(7)
عرض



عندما عادت نور إلى منزلها .. توجهت مباشرة إلى الحمام لتستحم وتجعل المياه الباردة تخفف من سخونة جسدها جراء حرارة الصيف .. وحرارة مشاعرها المتضاربة .. من ثم لجأت لسريرها الناعم هربا من كل مشاكلها .. حاولت أن تطرد كل الأفكار من رأسها .. وأن تنام بذهن خالي من الهموم ..
كانت نور تشعر بإرهاق شديد بعد كل ذلك التوتر الذي عانت منه خلال يومها .. فلم يستعصي النعاس عليها .. وسرعان ما غرقت في نوم عميق يشوبه الكثير من الأحلام الغير مفهومة ..
لقد رأت نفسها وكأنها عروس في حفل من دون عريس .. وكانت بالحلم تبحث عن عريسها بقلق بين ذلك الكم الهائل من المدعوين .. وبين الجموع لمحت سامح يبتسم لها بحب ثم يدير ظهره .. ويختفي .. ظلت تركض ورائه والدموع تغرق عينيها .. كانت تصرخ به :
- أنا هنا يا سامح .. لا تتركيني وحيدة .. لما لا تراني ؟..
إلى أن وقعت على الأرض بيأس .. أحست بيد تطوق خصرها.. وتوقفها على قدميها .. أمعنت النظر في ذلك الشخص لتجد أنه والدها الحبيب .. كم سعدت برؤيته في حلمها واحتضنته بشوق شديد .. ظل والدها يربت عليها بحنان بالغ دون أن يحدثها بشيء .. من ثم أخذها من يدها إلى حجرة منعزلة .. لتجد أن حسام يقف هناك بانتظارها والحزن يرتسم على ملامحه بوضوح .. تقدمت منه بخوف .. ولا تدري كيف اختفى والدها .. ولكنها كانت مشغولة بذلك السر الذي يخفيه حسام عنها .. أخذ يديها بعطف وكأنه يخشى على أناملها الرقيقة أن تتكسر بين يديه .. ثم قال لها :
- نور .. صغيرتي .. لقد أخفيت عنك هذا طويلا وحان الوقت لكي أخبرك بحقيقة مرضك ..
في تلك اللحظة بالذات .. نسيت نور كل شيء .. نسيت العرس الذي يفتقر للعريس .. المدعوين .. ذلك الحبيب الهارب .. وأباها العائد .. كانت لا تسمع إلا وقع نبض قلبها .. أخبرها حسام وهو ينظر بألم إلى عينيها السوداويين الجميلتين .. وكأنه يشفق عليها قسوة هذه الحياة ولكنه نطق أخيرا :
- نور أنت مصابة بـ .......
كانت نور ترى شفتيه تتحركان لكن دون أن تسمع كلمة واحدة .. كان صوت قلبها يتعالى ويطغى على كل صوت سواه .. وكلما تزايد النبض أصبح أقرب إلى لحن ثم إلى أغنية ..
كانت تلك الأغنية صادرة من هاتفها المحمول .. والذي كان سببا باستيقاظها قبل أن يفصح لها حسام عن حقيقة مرضها بالحلم .. زفرت نور بضيق .. لقد كانت تأمل نسيان كل أحداث أمسها ولكن يبدو أن الأحلام .. لم توافقها الرأي .. أخذت الهاتف بكسل .. وأجابت بصوت ناعس وعينين مغمضتين :
- مرحبا .
- نور .. حبيبتي .. كيف حالك اليوم ؟.
- أنا بخير يا رهف لا تقلقي عليّ .
- هل جد شيء منذ الأمس ؟.
- لا .. ولكني قررت تجاهل الأمر مؤقتا ..
كانت نور تجيبها بخمول .. فقالت لها رهف بهدوء :
- نور هل استيقظت أم أنك تهلوسين ؟.
ابتسمت نور .. وأجابتها بصوت خامل :
- لا أنا مستيقظة ما بك ؟. هل حدث شيء ما معك ؟.
- نعم .. لقد علمت أن النتائج قد ظهرت في الكلية .. وفكرت بأن أخبرك حتى تذهبي لتريها .
هنا قفزت نور من على السرير .. وهي تصرخ :
- حقا .. لما لم تتصلي بي قبل هذا الوقت ؟.
- اهدئي أنا لم أعلم سوى الآن ..
- حسنا .. أنا سأذهب لأراها وسأطمئنك فور وصولي .
أغلقت الصديقتان هاتفيهما والهواجس تتسلل إلى قلبيهما .. أسرعت نور في تحضير نفسها .. ثم خرجت مسرعة تسابق الدرج .. وهي تخبر والدتها بأن النتائج قد ظهرت .. شيعتها حياة بدعوات صادقة بالتوفيق .. وبأن يطمئن الله قلبها ..
ما هي إلا لحظات حتى كانت نور بين مجاميع الطلبة الذين يحاولون تفقد علامتهم .. سرعان ما اندست بينهم .. وبدأت تنقب عن اسمها واسم رهف .. لقد نجت الاثنتان بتقييمات متفاوتة بين الامتياز والجيد جدا والجيد وحتى المقبول .. ففي كليتها كان الطلبة يخافون الفشل ولا ينشدون الامتياز إلا نادرا .. فكل هذا يعتمد على أساتذة الكلية وأساليبهم المتعددة ومزاجيتهم في التصحيح ..
كانت نور فرحة كثيرا .. وحين همت بالاتصال برهف وجدت أن هاتفها يرن :
- مرحبا .. يا رهف ألم تستطيعي الانتظار حتى أتصل بك ؟.
- مؤكد لا .. هيا .. أخبريني ؟.
أجابتها نور باستهتار :
- بماذا ؟.
صرخت رهف مازحة :
- نور .. لا تجعليني أغضب منك .
ضحكت نور بفرح وهي تجيبها .. لقد كانت سعادتها كبيرة جدا لدرجة أنها للحظة نسيت كل همومها :
- حسنا .. حسنا .. لقد نجح كلانا وبتقديرات جيدة جدا .
أطلقت رهف تنهيدة حارة .. وردت عليها وهي تشاركها فرحتها :
- آه .. حمدا لله .. مبروك يا نور .
- مبروك يا رهف ..
ضحكت الصديقتان مرة أخرى .. من ثم تبادلا كلمات الوداع .. وأغلقت نور هاتفها متوجهة إلى باب الخروج في الكلية ..
في ذلك الحين رأت سامح يقف في أحدى الأركان .. وكأنه ينتظر أحدهم .. ولكنها أدركت أنها هي المعنية عندما تقدمت منه أكثر ورأته يركز عينيه عليها .. كانت نظرته سببا في برودة يديها .. فكرت أن تتجاهله .. ولكنها عزمت على أن تذهب وتطمئن عليه .. وتدع الأمور تمر ببساطة بينهما .. كان وجهه يعلوه أمارات حزن مكتوم .. مما جعل القلق يتسلل إليها فحدثته بحيرة :
- سامح .. هل ظهرت نتائج امتحاناتك ؟.
- نعم .
- وهل كانت مرضية .
هز رأسه مطمئنا :
- نعم .. لا تقلقي .
ظل يتفحصها مما زاد ارتباكها .. وجعل نبض قلبها يتعالى .. وكأنه يعلن عدم قدرته على مواجهة تلك العينين البنيتين .. سألها هو هذه المرة :
- وكيف كانت نتائجك أنت ؟.
حاولت أن تحدثه ببساطة متجاهلة كل ما تمر به من توتر لأحاسيسها بقربه :
- الحمد لله .. لقد كانت مثلما توقعت تماما .
هز رأسه وهو يحاول انتزاع ابتسامة من شفتيه .. لقد بدأ حزنه هذا يقلقها .. فعادت تسأله :
- سامح .. هل بك شيء ؟.
- هل يمكنني أن أحدثك قليلا ..
- نعم .. بالطبع .
سارت بجانبه .. ليجلسا في ساحة الكلية .. كانت الكلية شبه فارغة .. فكل الطلبة المتواجدين .. متجمهرين أمام لائحة نتائج الامتحانات .. ظل هو صامتا فترة من الزمن وكانت تنظر إليه بتوجس .. وهي تراه يغالب نفسه حتى يبدأ الحديث .. فشرعت هي بالحديث أولا :
- ماذا هناك يا سامح .. لقد بدأت تقلقني ؟.
أبتسم لها مطمئنا ثم أجاب :
- هل يمكنني أن أتحدث معك بصراحة يا نور ؟.
لا تدري لماذا كلمته هذه زادت من توتر أعصابها ولكنها ردت عليه بهدوء :
- تحدث بما تريد .
- هل تحبينه ؟.
نظرت إليه باستغراب شديد متسائلة :
- من ؟!.
- ذلك العريس الذي تقدم لك ؟.
- ومن أخبرك بذلك ؟.
- لقد سمعت حسام يحدث أبي عنه .
- آه .
لم تكن تجد كلاما آخراً تقوله له .. وكانت تحاول منع مشاعرها من الهيجان .. فهي تشعر بجرح عميق في قلبها .. يسهل على أي شخص أن يدميه .. سمعت سامح يسألها بحدة :
- هل ستوافقين عليه ؟.
أخذت نفسا عميقا ثم نظرت له تتصنع الاستخفاف :
- وما الذي يجبرني على الإجابة ؟.
- لقد وافقت على أن نتحدث بصراحة .
ظلت صامته وقد بدأ الحزن يتسلل إلى قلبها .. فتساءل بإلحاح :
- أرجوك .. أجيبيني يا نور .
- هل لي أن أعرف أولا بأي صفة تسألني ؟.
- وهل يفرق ذلك ؟.
- نعم .
- إذا قلت أنني أسالك كابن عمك .. وصديقك القديم ؟.
أطلقت نور تنهيدة أخرى .. محاولة إبعاد هذا الضيق الذي يتملكها .. وأجابته بصوت خافت وهي تنظر إلى الأسفل :
- أنا حقا لا أعرف إن كنت سأوافق أم سأرفض .. فأنا لا أجد سببا يجعلني أقوم بأحد الخيارين .
هنا تغيرت نبرة سامح .. وأصبحت أكثر شجنا .. وتحمل الكثير من الصبابة في طياتها :
- وإذا قلت بأنني أسألك كحبيب .. لا يقوى على رؤيتك تضيعين من بين يديه ؟.
رفعت نور نظرها إليه والدهشة تعلو ملامحها البريئة .. وكانت تحوم بعينيها على قسمات وجهه الأبيض الوسيم .. محاولة أن ترى ثغرة تكشف بها كذبة .. ولكن محاولاتها باءت بالفشل .. فعينيه توحيان بمدى صدقه .. خفضت نور عينيها مرة أخرى .. وهي تحاول ابتلاع تلك الغصة التي تخنقها .. ولا تدري كيف استطاعت كلماته أن تجعل الدمع ينبثق من عينيها .. فأجابته بصوت مهزوز :
- لماذا تقول هذا الكلام .. ألا يكفي ما حدث بالأمس .. ألم يرضي غرورك بعد .
- أنا لا أريد إرضاء غروري يا نور .. أنت تعلمين أنني أحبك .. وأنني لطالما فعلت .
واجهته بعينيها الدامعتين :
- وبعد .
- ماذا تقصدين ؟.
- ماذا سيحدث بعد كل هذا الحب .. سنعود وندمره من جديد .
- لا .. لن يحدث ذلك .. وأنا أعدك .
كانت نور تشعر بأن ما تمر به الآن مجرد حلم .. هل من المعقول أن يعود إليها سامح .. كيف تستطيع إقناع نفسها بهذا .. ولكنها لا تجد في نفسها أي إحساس بالفرح .. هل لا تزال مجروحة منه لهذه الدرجة أم أن هنالك شيء آخر يسلبها فرحتها به .. لم يستطع سامح الصبر على صمتها .. فعاد يقول لها مطمئنا :
- أرجوك أن تصدقيني يا نور .. أنا حقا احبك .. ولطالما عانيت من بعدك عني .
عادت نور لتواجهه بعينيها السوداويين الجميلتين .. فراح يحدثها وهو يتأملهما بشغف :
- تزوجيني يا نور .
اتسعت عينيها .. ورمشت بهما غير مصدقة لتنثر تلك الدموع التي تبللهما .. في تلك اللحظة .. تذكرت شيئا .. شيئا حاولت جاهدة أن تطرده من تفكيرها .. شيئا جعل عبراتها تنساب بغزارة أكثر .. وهي تنظر إلى ذلك الحبيب الذي تدرك أنها لن تحصل عليه يوما .. فلقد تذكرت ذلك المرض مجهول الهوية :
- لا أستطيع .
عقدت الدهشة لسانه .. ولكنه سرعان ما تساءل بقلق يشوبه بعض الغضب :
- لماذا يا نور ؟.
وقفت نور وكأنها تعلن انتهاء حديثهما .. ولكنه أمسك بيدها ليوقفها .. اشتبكت تلك الإسواره التي أهداها إياها بين أنامله .. فعاد يتساءل وهو ينظر إليها :
- أولست تحبينني أنت أيضا .
عضت نور على شفتها السفلى وهي تحاول منع نشيجها .. ثم نزعت يدها برفق من قبضته .. وراحت تخلع اسوارته بيد مرتجفة .. ثم أعادتها إليه :
- إنساني يا سامح .. ألم تنصحني أنت بذلك ؟.
- ولكني لم أستطع ..
أجابته بتوسل .. والدموع ترثي حالها :
- أفهمني أرجوك .. أنا لم أعد أصلح لك .
- أهذه طريقتك الجديدة في رفضي ؟.
عادت نور تعض شفتها ثم أدارت ظهرها له وحاولت الرحيل حتى لا تعذب نفسها أكثر .. وتعذبه معها .. كان سامح يقف كالمذهول وهو يشعر بتلك الإسواره التي تستقر بين أنامله .. وكأنه لم يكن يتوقع رد فعل كهذا منها .. ثم أستيقظ من شروده فجأة وناداها باسمها .. فتوقفت فور سماعها لصوته .. تقدم منها اعتقادا منه بأنها استجابت لندائه .. ولكنه ما أن أقترب .. حتى رآها تسقط مغشيا عليها .. استطاع هو التقاطها قبل أن ترتطم بالأرض .. وحاول أن يوقظها وهو يربت على خدها بقلق ويحتضنها بذراعه الأخرى :
- نور .. ما بك يا نور ؟.
كان القلق يتملكه وحمد الله أن سيارة حسام كانت بحوزته .. حملها بين ذراعيه .. ثم أجلسها بالمقعد الذي بجانبه .. وربط حزام الأمان حولها .. وأتجه بأقصى سرعته نحو عيادة حسام .. كان الخوف يستبد به مع كل دقيقه تمر .. فنور لا تزال مغمى عليها .. وكأنها تغض في نوم عميق .. في العيادة وقفت الخالة نظرة فزعه .. عندما رأت سامح يحمل نور بين ذراعيه ويصرخ بها :
- أنقذيني يا خالة .. نادي حسام بسرعة .. فلقد أغمي على نور .
خرج حسام من حجرته على إثر ذلك الصراخ .. وروعه منظر نور بين ذراعي أخيه .. ولكنه سرعان ما استعاد هدوءه وأخذها من سامح برفق .. ثم وضعها على السرير .. بينما راحت الخالة نظرة تعتذر من والدة ذلك الطفل المريض وتخرجها من الحجرة لتنتظر الطبيب حسام حتى يفرغ .. بدأ حسام يرخي من حجاب نور الملفوف حول رأسها .. وراح يتفقد نبضها ويقوم ببعض الإجراءات الأولية للتأكد من سلامتها .. في الوقت الذي كان سامح يحوم مثل الطائر الجريح .. وهو يراها مغمضة العينين :
- ما الذي يحدث لها ؟.
ظل حسام صامتا .. فعاد سامح يلح عليه بالسؤال وبقلق واضح :
- لما لا تجيبني ؟.
- إهداء يا سامح .. ربما هو مجرد هبوط في السكر .. سبب لها الإغماء .
كان سامح يتابع حركات أخيه التي تحاول إيقاظ نور .. وكان يدرك أنها كانت لتستيقظ بشكل أسرع من هذا لو كان مجرد إغماء .. فتساءل بقلق أشد :
- إذا لماذا لا تستيقظ ؟.
- سوف تستيقظ عندما تستطيع ذلك .
كان سامح يشعر في قراره نفسه أن حسام يخفي عنه شيئا فبرودة المتعمد هذا لم يخدعه .. وكان يدرك وهو يرى حاجبيه المعقدين .. أنه يعاني من خوفه عليها .. مرت دقائق أخرى .. وبعدها فتحت نور عينيها بهدوء .. نظرت باستغراب وهي ترى حسام أمامها .. والذي كان يبتسم لها بحنان بالغ تلك الابتسامة الجذابة .. والتي لم تستطع إلا الرد عليها بأخرى وهنه ..
لفها بذراعه ورفعها حتى يساعدها على الجلوس .. تقدم سامح منهما بسرعة واحتضن وجهها الملائكي بين يديه وهو ينظر إليها بملء عينيه :
- هل أنت بخير يا نور ؟.
أحست ببعض الضيق من جرأته ولمسته لها .. وشعرت بالكثير من الخجل .. فأمسكت بيديه وأبعدتهما عنها ..اضطربت ملامحه قليلا .. عندما ذكرته حركتها بذلك الموقف الذي سبق إغمائها .. وأحس من نظرتها تأكيدا على رفضها لعرضه .. ولكنه ظل واقفا أمامها بحيرة فهو لم يتعود أبدا مثل تلك المعاملة منها .. قالت وهي تنظر إليه ببساطة محاولة إخفاء ما تعانيه من وجيعة .. وكانت تشعر بأنها تحكم على قلبها بالعذاب لقسوتها عليه .. ولكنها تدرك أنها مجبرة على هذه القسوة :
- لا تقلق يا سامح .. وليس هنالك داعي لوجودك هنا .. فحسام سيحرص على إيصالي إلى البيت .
نظر سامح لأخاه الذي أوماء له بعينيه مطمئنا .. فعاد وحول نظرة نحو نور التي كان وجهها هادئ القسمات .. فودعها مستسلما :
- حسنا .. انتبهي لنفسك يا نور .
هزت رأسها بالإيجاب .. ومع خروجه بدأت عزيمتها بالانهيار .. وظلت تتطلع للباب بعينين دامعتين .. كانت تشعر بالألم يطبق عليها الخناق .. يعتصر قلبها .. لم تشعر من قبل بمثل هذه الوجيعة حتى يوم فراقهما الأول .. كان هنالك شيء مختلف هذه المرة .. شيء أكبر منهما الاثنين .. قرار اتخذته رغما عنها .. لا تدري لماذا تذكرت حلم الأمس .. كم هو مشابه لما يمر بها اليوم من أحداث حزينة .. شعرت بأنامل حسام الدافئة تمسح الدموع من عينيها .. أتاها صوته العميق المليء بالحنان :
- هل أنت بخير .. صغيرتي ؟.
أغمضت نور عينيها وجاهدت لكي تستطيع السيطرة على دموعها المنسابة بحرقة على خديها الناعمين .. كانت تحتاج لكل ما تملكه من قوة تحمل .. كانت مصرة على أن تجعل حسام يفصح لها عن سره .. فهي تدرك أن ما أصابها اليوم لم يكن مجرد إغماء .. نظرت إليه بعد أن أخذت نفسا عميقا حاولت معه تهدئة نفسها وإعادة صوتها إلى نبرته الطبيعية .. ثم نظرت له ملئ عينيها .. وبتحدي واضح :
- متى سيحين الوقت لتخبرني .. يا حسام ؟.
ارتبكت قليلا .. بعد أن كانت اللوعة والقلق يسيطران عليه .. ولكنه أجابها بهدوء كالمعتاد :
- أخبرك بماذا صغيرتي ؟.
- أنا لست صغيرة يا حسام .. ويمكنني تحمل الأمر .
وقبل أن يهم بإقناعها .. قاطعته قائلة بإصرار أشد .. بعد أن سكن الدمع على رموشها الندية :
- أرجوك .. لا تكذب علي مجدد .. لأني لن أسمح لك بذلك .
أخذ حسام نفسا عميقا .. ثم جلس بجانبها شارد الدهن .. كان يدرك أن لا مفر من معرفتها للحقيقة .. ولكنه لا يدري كيف يواجهها بذلك .. كم هو صعب عليه أن يرى صغيرته تعاني الحيرة .. ولكن هل يهون عليه أن يجعلها تعاني الصدمة .. مؤكد أنه لن يقوى على ذلك .. راحت نور تستحثه مجددا .. والخوف يتلصص على قلبها :
- يجب أن تخبرني يا حسام .
نظر إليها وحاول أن يحدثها ببساطة :
- لقد كنت أشك بالأعراض التي تعاني منها .. ولكني لم أكن متأكدا من ذلك .. لهذا راسلت أساتذتي في لندن .. وكان ردهم مجرد تأييد لشكوكي .. ولكنهم أيضا لن يستطيعون الجزم بشيء إلا بعد إجراء الفحوصات والاختبارات عليك .
كانت نور تستمع له والدهشة تتملكها .. والخوف يستبد بها .. أنها لا تستطيع شرح تلك الاضطرابات التي أصابتها فجأة مع كل كلمة ينطق بها حسام .. كمن يعلم أن هنالك خطر محدق يتربص به .. عادت تستحثه على الحديث بعد أن صمت ونظر إلى الأرض :
- أكمل .. ألا يوجد لهذا المرض اسم معين ؟.
ضغط حسام على أسنانه وكأنه يحاول كتمان تلك المعلومات التي لابد أن يقولها :
- بلى .. إنه مرض يعرف باسم (( الخُدر )) ..
عقدت نور حاجبيها .. وتغضن وجهها وهي تحاول تحليل ما تسمعه من ابن عمها .. فعاد هو يوضح لها برفق وقد شعر باصفرار وجهها :
- إن لديه اسم شائع وهو (( النوم القهري )) .. إنه مرض نادر جدا .......
لم تعد نور تعي شيئا مما يقوله .. كانت دموعها الصامتة والتي عاودت الانسياب على مجرى خديها .. تحجبان عنها الرؤية .. وأفكارها المحتشدة تمنعانها من سماعه .. صمت حسام بعد أن أدرك ما أصابها من ذهول .. ولكنها انزلقت بجسدها بسلاسة .. من على السرير ووقفت على الأرض ثم اتجهت نحو الباب .. دون أن تنطق ببنت شفه .. شعرت بيده تمسك بذراعها فنظرت إليه وكأنها تستغرب فعلته ..
- صغيرتي .. هل أنت على ما يرام ؟.
مسحت نور دموعها بيدها الحرة .. ووضعت ابتسامة لم تستطع إخفاء الحزن منها .. ثم أجابته بهدوء وكأن الحياة قد توقفت بداخلها :
- أنا في أحسن حال .. حقا .. لا داعي للقلق .
ظل حسام يتشبث بذراعها وملامحه تقطر مرارة .. كانت تشك للحظة أنه يوشك على مشاطرتها الدموع .. رغم كل ما تحسه وتعانيه إلا أنها تحب حسام .. ولا تقوى أبدا على رؤيته في مثل هذه الحالة .. فقالت بصوت خافت وفي نيتها أن تطمئنه :
- هل تعرف .. أنا سعيدة .
ظل حسام يتفحصها بقلق .. فنظرت هي إلى عينيه :
- فلقد كنت على حق عندما .. رفضت عرض سامح للارتباط بي .
هنا سقطت يد حسام من على ذراعها .. وتاهت كل المفردات من ذاكرته .. لم يجد كلاما يحدثها به .. أحست نور بأنه يعذب نفسه من أجلها .. فودعته مجددا وهي تبتسم بشكل أكثر إقناعا :
- لا تقلق يا حسام .. فهذا مجرد اختبار من الله .
خرجت نور .. لتتركه يعاني الذهول بدلا عنها .. فهي لم تكن يوما ضعيفة الإيمان .. حتى يوم موت والدها كانت حزينة حدا ولكنها قوية أيضا .. في حين توقع الكل انهيارها .. إنه فضل من الله عليها .. إذ يلهمها الصبر عند الأزمات ..
ما إن وصلت إلى البيت .. أطمئنت على شكلها قبل أن تدخل .. وتفقدت خديها المبلولين من آثار الدموع .. وراحت ترسم على شفتيها أوسع وأصدق ابتسامة استطاعت اصطناعها .. كانت والدتها تنتظرها بقلق :
- لما تأخرت يا نور ؟.
- أخذني الحديث مع زميلاتي .
يبدو أن والدتها لم تقتنع بالإجابة وكانت ستهم بطرح سؤال آخر عليها .. ولكن قاطعتها نور وهي تقبلها وتتوجه إلى حجرتها :
- لقد نجحت وحصدت علامات مشرفة .
تبعتها والدتها بعيون قلقة :
- ما بك يا نور ؟. تبدين متعبة يا حبيبتي .
- نعم قليلا .. لذلك لا أجد في نفسي قابلية لتناول الطعام .. وأود أن أنام فقط .
لم تستطع حياة معارضتها .. فلقد كان يبدوا الإرهاق واضحا عليها .. ولابد أنها بحاجة للراحة ..
حمدت نور ربها إذ أن والدتها لم تلح عليها كثيرا في تناول طعام الغداء .. فهي لم تكن لتقوى على احتمال مزيد من الحوار معها .. ولا بد أنها كانت لتنهار وتفضح أمرها .. ألقت بجسدها على السرير .. وظلت تسترجع كل ما مر بها اليوم من أحداث .. وما هي إلا ثواني حتى أنتشلها النوم من أفكارها اليائسة .. بعد أن أحرقت مخدتها بدموعها الساخنة .. لم تشعر بنفسها حتى جاءت والدتها في المساء لتيقظها برفق :
- نور .. نور .. هيا استيقظي يا ابنتي .
كانت تشعر بأنها لا تستطيع التحكم بجسدها .. فلقد كان يتملكها خمول شديد .. وكأنها تود أن تهرب من واقعها بهذا النوم المريح .. عادت والدتها تيقظها :
- هيا يا حبيبتي .. فابن عمك ينتظرك بالخارج .
نهضت نور فزعه :
- من .. سامح ؟.
- لا يا حبيبتي .. إنه حسام .
- آه .
- هيا .. أنهضي كي تتناولي غدائك قبل أن تخرجي معه ..
تساءلت نور بحيرة :
- إلى أين ؟.
- لقد أخبرني أن عمك يود رؤيتك .
نظرت نور إلى الساعة لتجد أنها السابعة مساءً .. تعجبت من نفسها .. فهي لم تتعود أبدا النوم كل هذه المدة بعد الظهر .. أخذت حماما منعشا .. من ثم شرعت في تحضير نفسها .. وتناولت لقمتين بشكل سريع لتحاول تهدئة والدتها فهي تدرك أنها لن تخرج من البيت إذا لم تتناولهما .. وما هي إلا ربع ساعة حتى أصبحت تجلس بجانب حسام في سيارته .. نظر إليها متفحصا .. فابتسمت له بصدق مما بث الاطمئنان إلى قلبه المحب لها .. لم يحدثها بشيء .. وإنما حرك سيارته باتجاه مدينة عدن الكائن بها منزلهم .. كانت تشعر أنه يتصرف على غير العادة لابد أن هنالك أمرا يشغل تفكيره .. أو أنه لا يزال يؤنب نفسه على بوحه لها بحقيقة مرضها .. كانت هي أيضا شاردة الذهن .. ولم تشعر إلا والسيارة تتوقف وينزل منها حسام .. نظرت حولها فوجدت أنه أوقفها في العقبة ذلك الطريق المطل على أحب المناظر إلى قلبها .. نزلت من السيارة تتبعه باستغراب .. وما أن رأت ذلك المنظر الخلاب حتى أسرها بجماله الطبيعي .. أخذت نفسا عميقا وملئت رئتيها بالعبير الصادر من بحرها الصافي .. بأمواجه المتراقصة بهدوء تحت ضوء القمر المكتمل .. كانت أضواء الليل الحالمة تشاركه رقصته الرومانسية .. فتهتز بنعومة على صفحات مياهه الداكنة ..
رأت حسام يجلس على صخرة مستطيلة الشكل .. وأشار لها كي تجلس بجانبه .. لم تمانع ذلك .. فلقد كانت تشعر بسعادة شديدة لوجودها هناك .. أخبرته وهي تجلس بجانبه :
- هل تعرف أنني أعشق هذا المكان ؟.
هز رأسه وابتسامته الجذابة تشرق في ملامحه :
- لهذا أحضرتك .
نظرت له نور بتعجب وشعرت أن حسام يعرف عنها الكثير .. دون أن تكلف نفسها حتى مشقة الحديث .. ابتسمت برضى وهي تتساءل :
- كيف تستطيع معرفة كل شيء يتعلق بي يا حسام ؟.. لابد أن لديك قدرة على قراءة أفكاري .
ضحك بمرح .. بعد أن لاحظ تعدل مزاجها .. وعلو حالتها النفسية .. فأجابها مشاغبا :
- ربما .
حولت نور نظرها نحو ذلك الجمال المتلألئ أمامها .. كان المكان مرتفعا .. وكانت تشعر بأنها تملك الدنيا .. أو على الأقل تملك استقرارها النفسي .. وهي تجلس هنا مغمضة العينين .. تنصت بسكون لهدير البحر وإيقاع أمواجهه .. كان ذلك الجو الشاعري الذي يحيط بها يعمل على تصفيه صدرها من كل ما علق به من هموم .. عندما فتحت عينيها .. وجدت حسام يتأملها بنظرات ملؤها الإعجاب .. خفضت رأسها بخجل شديد .. وتورد خداها بسبب تلك النظرة .. إنها تعرف كيف يراها هو بالذات .. فلطالما رأت نفسها من خلال عينيه كأجمل ما تكون الفتاة .. قطع حسام ذلك الصمت الحيي الذي يلفهما :
- لقد كذبت بشأن رغبة والدي في رؤيتك .. وذلك لكي استطيع الإنفراد بك .
أحست نور ببعض القلق .. وتساءلت وهي تحاول أن تستشف من خلال عينيه ما يخفيه عنها .. ولكن لم يظهر عليه سوى الارتباك :
- خير .. إن شاء الله .
- لقد كنت أود أن أحدثك عن مرضك صغيرتي .
حولت نور نظرها نحو البحر .. وكأنها تستنجد به من هذا الواقع الذي يصر على أن يمسك بتلابيبها .. ظلت تستمع إليه بهدوء وهو يحدثها بصوته العطوف :
- إنه مرض نادر مثلما أخبرتك سابقا .. ويعرف باسم (( الخُدار )) .. يظهر هذا المرض لدى حوالي 1–2 % من أقارب الدرجة الأولى لمرضى الخُدار .. وذلك مقارنة ب 0.2–0.18 من الفئة العامة لأفراد المجتمع .
- ما الذي تود قوله يا حسام .. فأنا لم أفهم شيء ؟.
- ما أريد قوله أنه نادر ومزمن أيضا .. ولم يكتشف علاج له بعد .. ولكن في نفس الوقت .. يستطيع الإنسان التعايش معه .. وهنالك بعض العقاقير المنبهة والتي تساعد على تباعد فترات حدوثه .
صمت حسام قليلا محاولا تفسير ملامح نور المعقدة والتي علتها الكآبة .. ثم عاود الحديث مطمئنا :
- أنا لا أريدك أن تستسلمي صغيرتي ... فنحن قادرون على التعايش معه ... ولكن تظل هنالك مشكلة .
سارعت نور بالسؤال :
- وما هي ؟.
- يجب أن نسافر بك إلى لندن حتى تجرى عليك بعض الاختبارات ليستطيع الأطباء معرفة العلاج الذي يناسبك .
هنا توترت نور وهي تجيبه متوسلة :
- أرجوك يا حسام .. أنا لا استطيع السفر .. فأنا لا أود أن نطلع أحدا على هذا الخبر .. فوالدتي مؤكد ستنهار إن علمت به .
حاول تهدئتها كعادته :
- صغيرتي .. إنه حقا ليس بالسوء الذي تتخيلينه .
عادت نور تشرد بعينيها .. لقد كانت تدرك أن حسام يحاول بث الأمل بداخلها .. فهي ليست صغيرة لتجهل ذلك :
- يكفي أنه مرض لم تسمع به من قبل يا حسام .
حلق الصمت مجددا فوق رأسيهما ليضيف مزيدا من الحزن في قلبيهما .. كان هو أيضا البادئ بالحديث :
- صغيرتي .
استرعت كلمته انتباهها .. وراح هو يحدثها .. وكأنه يصارع الكلمات بداخله ويخرجها بصعوبة :
- لم يكن هذا فقط ما أردت الحديث به معك .
ظلت نور تنصت له بترقب .. فحدثها ممازحا ومحاولا تخفيف توترهما معا :
- لقد قررت أن أعرض عليك ثلاثة عروض .. وأنتي مضطرة لاختيار أحدهم .
ضحكت نور .. وردت على حديثه المازح :
- ألا أملك حق الاتصال بصديق ؟.
- لا .. فأنا هنا ويمكنك استشارتي .
هزت نور برأسها معلنه موافقتها .. واستعدادها لسماع ما في جعبته :
- أول عرض .. أن توافقي على ذلك العريس الذي تقدم لك .. بعد أن أتأكد من حسن أخلاقه طبعا .
شعرت نور بضيق شديد .. فلقد نسيت تماما مشكلة ذلك العريس .. لذلك سارعت بالرد عليه :
- لا .
_ لماذا ؟.
أجابته بعصبية بعض الشيء :
- لأن أمواله لن تستطيع شرائي أبدا .
- حسنا .. حسنا .. صغيرتي اهدئي أنا لم أكمل بعد كل خياراتك .
أحست نور بأنها بالغت بالانفعال .. فصمتت من جديد في الوقت الذي راح هو يعرض عليها الخيار الثاني محدثا إياها بصوت خافت .. كان الوقت الذي يمر يزيد بداخلها إحساسها بغرابه حسام .. فهو يتصرف على غير عادته .. والمعاناة تظهر جليه في ملامحه .. يبدوا أنه منزعج من شيء ما .. أو لعله مشغول البال .. ولكنها الآن لم تعد تستغرب ذلك .. فمؤكد أنه يحمل همها هي :
- ثاني عرض أن ترتبطي بسامح .
هنا تسارع نبض قلبها .. عند سماعها لاسم حبيبها المجروح .. تذكرت كل تلك الكلمات التي قالتها له .. كم كانت قاسية عليه .. كيف استطاعت ذلك .. كيف تحملت رؤيته ملتاعا من أجلها .. ولكنها مع ذلك ليست نادمة على ما فعلته :
- ما هو الخيار الثالث ؟.
- أنتِ لم تجيبي على الثاني ؟.
- مؤكد لن أوافق ؟.
- وهل يمكنني معرفة السبب ؟
- لأنني لم أعد أصلح للارتباط بأي شاب .
- لما تقولين هذا الكلام صغيرتي .. أنت حلم جميل يتمنى الجميع تحققه .
زفرت نور بسخرية :
- هذا لا يعطيني الحق بتدمير حياة سامح .
- لقد أخبرتك يا نور أنك تستطيعين التعايش مع مرضك .
أجابته بحرقة :
- وما ذنبه هو ليتعايش مع إنسانه مريضة .
ظل حسام صامتا .. كانت تحس بآلامها هي ترتسم على ملامح وجهه الجذاب .. لم تسمح لدموعها بالاستسلام .. كفاها ضعفا .. فالدموع لن تحل أياً من مشاكلها .. عندما طال الصمت بينهما وأحست بتردده وكأنه عاجز عن مواصله الحديث .. استحثته هي :
- وما هو العرض الأخير ؟.
نظر إليها والشغف ينبض من عينيه .. كانت نظرته حارة .. صادقة .. نظرة لم تتعودها منه .. كانت تشعر بأن وراء هذه النظرة الدافئة .. بحر كبير من الأسرار .. ما الذي يخفيه عنها يا ترى .. وهل تستطيع هي تحمل مزيد من المفاجآت في يومها هذا ..
أخذ حسام نفسا عميقا .. وهو يحول نظره إلى البحر ثم عاد يخصها .. بتلك النظرة المميزة .. التي تشعر وكأنه لم يرمق فتاة قبلها بهذه الطريقة .. إحساس جديد يخلقه بداخلها .. لا تستطيع تفسيره .. ولكنه يجعلها تشعر بالارتباك .. والكثير من الخجل .. لم تكن يوما لتشعر بالخجل أمام حسام .. لذلك ابتسمت متعجبة من مشاعرها الغريبة تلك .. وحتى تشجعه على مواصلة حديثه .. كانت تفكر بداخلها .. بمدى روعة حسام .. إنه يشعرها دوما بالأمان .. وأنه لن يتخلى عنها مهما حاصرتها الهموم .. فرغم كل ما عانته اليوم .. يبقى وجوده بجانبها .. أهم شيء في حياتها .. واليد الرحيمة التي تمسكها بحرص حتى لا تقع في هاوية الأحزان .. رد حسام على ابتسامتها بابتسامته الجذابة التي تخطف الأبصار .. ثم نطق أخيرا بما لم تكن تتوقعه أبدا .. وكادت لوهلة أن تشكك في سلامة سمعها :
- تزوجيني .. صغيرتي نور ؟.

نوف بنت نايف 06-06-10 07:21 PM

مرحبا ميمي
اخبارك
واووووووووووووو وااااااااااوووووووو
روعه البارت وفيه انقلاب بالاحداث
الخُدار صراحه مرض غريب جدااااا وعمري ماسمعت عنه
بس تدرين ميمي ارحم ميه مره من الكنسر اقلها ممكن الشخص يتعايش معاه

سامح اليوم كسر خاطري بقووووووووووه
بس احس نور ظلمته بقرارها ربما يكون شخص يتحمل المسؤليه وكان عطته الخيار واخبرته بمرضها ولاكنها التضحيه في غير محلها ماحدث هناااااا
حسام بانت مشاعره اليوم واضحه وطلبه الزواج كان رومنسي جدا في قالب يخفي مشاعره ظاهرها احتوى ومشاركه وجدانيه وباطنها عشق وحب نهايته الطبيعيه الزواج

ميمي انتظر القادم بشووووووووووووووووق فلا تتاخرين علينا

my faith 06-06-10 09:46 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نوف بنت نــــايف (المشاركة 2334245)
مرحبا ميمي
اخبارك
واووووووووووووو وااااااااااوووووووو
روعه البارت وفيه انقلاب بالاحداث
الخُدار صراحه مرض غريب جدااااا وعمري ماسمعت عنه
بس تدرين ميمي ارحم ميه مره من الكنسر اقلها ممكن الشخص يتعايش معاه

سامح اليوم كسر خاطري بقووووووووووه
بس احس نور ظلمته بقرارها ربما يكون شخص يتحمل المسؤليه وكان عطته الخيار واخبرته بمرضها ولاكنها التضحيه في غير محلها ماحدث هناااااا
حسام بانت مشاعره اليوم واضحه وطلبه الزواج كان رومنسي جدا في قالب يخفي مشاعره ظاهرها احتوى ومشاركه وجدانيه وباطنها عشق وحب نهايته الطبيعيه الزواج

ميمي انتظر القادم بشووووووووووووووووق فلا تتاخرين علينا

يا عمري انت يا نوف .. عن جد كلامك الاكثر من رائع .. خجلني كثير والله
تسلمي يا روحي .. على تشجيعك المستمر لي .. وانا سعيده انك حبيتي البارت .. وان شاء الله ما رح اتأخر عليكم في البارت الجاي ..
في امان الله ودمتي لي ..

my faith 12-06-10 12:34 AM

(8)
صراع


تساءلت نور وهي تحاول السيطرة على ضحكتها :
- هل تمزح يا حسام ؟!.
- وما الذي يدعوني للمزح صغيرتي ؟.
صمتت نور والمرح ينطفئ بداخلها .. بعد أن أدركت مدى جديته وهو يحدثها بصوته العميق والهادئ .. كانت عينيه الصافيتين تخصانها بتلك النظرة الغريبة .. والتي لم تتعودها منه .. لكن على غرابتها كانت نظره لطيفه جدا .. إنها تدرك مدى حب حسام لها .. وتعلم جيدا كيف يراها هو دون الجميع .. جعلها إحساسه الصادق تختبر مشاعر عنيفة لا عهد لها بها من قبل .. جعلها تحس بأنه لم ينظر لأي فتاة من قبل بتلك الطريقة .. وهذا كان كفيلا بتسارع نبض قلبها .. حاولت جاهده أن تهدئ ذلك القلب الهائج دائم التمرد عليها .. فهي تستغرب سبب عصيانه هذه المرة .. طال صمت نور .. ولم تشعر بذلك إلا عندما عاود حسام الحديث :
- صغيرتي .. بماذا تفكرين ؟.
- أنا .. أنا ..
لم تكن تجد كلمات مناسبة لتعبر عما يختلج بداخلها من مشاعر .. اكبر من قدرتها على الاستيعاب .. كيف تستطيع تقبل هذا الإحساس الجديد الذي يشتعل في عيني حسام .. كيف تقوى على تحويل تلك الأخوة .. إلى رباط مقدس يجمعهما مدى الحياة .. لا .. لا .. إنها لن تقدر أبدا أن تتخلى عن علاقة الأخوة المتينة التي تشدهما لبعض .. نظرت لعيني حسام .. ولكنها سرعان ما حولتهما بعيدا .. بعد أن حركت تلك النظرة المميزة بداخلها الكثير من الأحاسيس .. والتي لا تستطيع تفسير معظمها .. ولكن أقواها كان شعور الحياء .. مؤكد أن الحمرة علت وجنتيها .. مما جعل حسام يبتسم بمرح :
- هل تعلمين أنني أحب هذا اللون الذي يزين وجنتيك ؟.
لم تعد وجنتيها فقط من تتزينان بالحمرة .. كانت تعتقد أن ابتسامة حسام ستتحول إلى قهقهة جراء حماقتها وذلك الخجل الذي يلفها .. ولكنها رأت الحزن يسكن بين عينيه فجأة .. وهو يحدثها بصوت خافت يغلفه الأسى :
- أنا لم اعد استطيع الاحتمال أكثر من هذا .
ظلت نور تلوذ بصمتها .. وأردف حسام بنفس تلك النبرة الخافتة وهو يطالع ذلك البحر الهادئ بحزن :
- لن أرضى أبدا .. أن أتخذ دور المشاهد بعد الآن .. كيف استطعت أن أرى صغيرتي تعاني واقف مكتوف اليدين .
حول حسام نظره نحو نور الشاردة متسائلا :
- صغيرتي .. هل تثقين بي ؟.
هزت نور رأسها بالإيجاب بسرعة بالغه دون تفكير منها .. مما جعل حسام يبتسم من جديد وهو يقنعها :
- إن ارتباطنا ضروري جدا .. وخاصة في مثل هذا الوقت .
كانت نور تشعر بالحيرة أمام ذلك الإصرار .. وتلك الأحاسيس الفياضة التي يغمرها بها .. فراحت تستنجد به قائله بحيرة :
- حسام .. ولكن .
- لكن .. ماذا صغيرتي ؟.
كانت الأحرف تتساقط في مخيلتها كلما فكرت بجملة تصف ما تشعر به الآن .. عاد حسام يلح عليها متسائلا :
- افهميني يا نور .. أنا لن اسمح أبدا أن يتحكم احد بمستقبلك وبقراراتك .. هل تعتقدين أنك ستخلصين من ظلم الخال نبيل .. أو أن تجاهلك لمرضك سيعمل على شفاءك .
بثت كلماته الحزن المنسي إلى قلبها الصغير .. وعاودها الشرود وهي تنظر إلى ذلك البحر الجميل الذي لا يزال يؤدي رقصته الرومانسية تحت خيوط القمر الفضي المكتمل .. أتاها صوته العميق أكثر دفئاً :
- صغيرتي .. أنت ملاكي الناعم والذي أحب .. وسعادتك هي همي الوحيد ..
لا تعرف نور كيف هزتها تلك الكلمات .. وجعلت رعده غريبة تسري في أوصالها .. حاولت أن تتحدث ولكنه قاطعها محذرا :
- اعلمي أنني لن أرضى بأي رفض غير مبرر .
أخذت نور نفسا عميقا وهي تحاول تهدئه نفسها :
- أنت .. يا حسام .. أنت لا تعلم مكانتك بالنسبة لي .
- بلى صغيرتي أنا اعلم .. لهذا اطلب الارتباط بك .. لأنه سيسمح لك بكسر تلك القيود في حياتك .. وسيتيح لي رعايتك والاهتمام بك .. والأهم من ذلك سيمكنني من السفر بك إلى لندن للاطمئنان على صحتك .
كان حسام يدرك مدى الارتباك الذي تسببه كلماته لها .. فلطالما كان بارعا في قراءه تعابير وجهها ومعرفه كل ما يجول في خاطرها بمجرد رؤيته لتلك العينين السوداويين اللامعتان ببراءتها .. واللتان يعشقهما .. لذلك حدثها مطمئنا :
- لا تقلقي صغيرتي .. فارتباطنا هو مجرد ارتباط شكلي .. وسر سيجمع كلينا فقط .
هنا بدأت مشاعر نور تصفو وتتضح أمامها .. ولم يعد يسيطر عليها سوى شعور واحد دون سواه وهو الغضب :
- ماذا تقصد يا حسام ؟.
وقبل أن يجيبها .. سألته سؤال آخر :
- هل هكذا تراني .. إنسانة أنانية تقوى على تدمير حياة أحب الناس إليها .
أسرع يجيبها مبررا :
- ومن قال انك ستدمرين حياتي .. أنت حياتي يا نور .. صغيرتي .. إن كنت أود تكوين حياة خاصة لكان لدي أطفال يتنططون حولنا الآن .. ولكنك تعلمين بأني قد كرست حياتي للعلم .
- وهل هذا مبرر يجعلني أسلبك احتماليه عيشك حياة طبيعية ... خاليه من التضحيات .
ظلت ملامح الحنق تسيطر على وجهها .. فعاد يخبرها مقنعا :
- صغيرتي .. إن الشيء الوحيد الذي كان سيمنعني من هذا العرض هو رغبتك في الارتباط بإنسان آخر .. ولكن .. ألم تخبريني منذ قليل بأنك لا تودين الارتباط بأي شاب ؟.
أجابته باقتضاب وهي وشعورها بالحنق لا يفارقها :
- بلى .
- إذا ما الذي يمنعك من الارتباط بي ؟..
رفعت حاجبيها وهي تقول باستنكار :
- وهل يحق لي أن احكم عليك أنت بالمعاناة .. لا تجعلني اشعر أن أخوتك لي ذنبا تعاقب عليه يا حسام .
عادت تلك النظرة تشع من عينيه وهو يجيبها .. مما جعل ارتباكها أمام نظراته العميقة والمليئة بالأسرار يعاودها ويخلق مشاعر عنيفة بداخلها :
- ليته كان ذنبا .. وليتك عاقبتني به منذ زمن .. صغيرتي .
حاولت طرد حيائها .. وراحت تؤنبه :
- هل هذا وقت للمزاح ؟
ضحك حسام ورد عليها بسؤال آخر :
- وهل أنا بشع لهذه الدرجة ؟.
عبارته تلك جعلتها تضحك رغما عنها :
- يالك من شاب لحوح .. إن أي فتاة لن تقوى على رفض مطالبك .. ما أن تستخدم هذا الأسلوب .
تساءل بخبث هذه المرة .. والمرح يغزو وجهه الأسمر الجذاب :
- هل اعتبر هذا ردا بالموافقة ؟.
ابتسمت نور بحياء ووجنتاها تتوهجان من تلك الحمرة التي غزتهما فجأة .. كم تستغرب هذا الشعور الذي يجتاحها .. عندما تتخيل نفسها زوجه لحسام .. فهي لا تجد مبررا له .. وخاصة بعد أن أدركت شكليه هذا الارتباط .. وقف حسام فجأة وفتح لها باب السيارة مشيرا لها بالركوب .. تساءلت باستغراب :
- إلى أين ؟.
أجابها وفرحه العاشق عند لقاءه بمعشوقته .. ترن في صوته الدافئ :
- إلى والدتك .. حتى أطلبك رسميا منها .
ركبت نور بجانبه وهي تشعر بأن ما تمر به غير حقيقي .. وكأنها مجرد مزحه من قبل حسام للتخفيف عنها بعد كل ما عانته في يومها القاسي هذا .. ولكنها تدرك في قراره نفسها أن حسام على استعداد للقيام بأي شيء في سبيلها هي .. اختلست النظر إليه .. ثم غمرها شعور بالمرارة .. لطالما سببت له الكثير من المشاكل في إشراكه بكل تفاصيل حياتها .. ولكنها حقا ترفض التخلي عنه .. وكانت دوما تخشى اليوم الذي سيرتبط فيه وسيحتم عليها التخفيف من حدة تلك العلاقة الأخوية التي تربطهما .. والتي قد لا تستسيغها زوجته .. وها هي الآن تقدم على خطوه .. تسلب بها حياته الخاصة كليا .. أهكذا ترد لحسام كل ما قدمه لها من اهتمام ومشاعر صادقه ..

لم يطل تفكيرها .. فلقد أصبحا الآن في بيتها .. دخلت هي مباشرة إلى حجرتها .. وهي ترهف السمع لما يدور في الحجرة المجاورة لها .. والتي يجلس فيها حسام برفقه والدتها والخال نبيل .. بالطبع لم تستطع سماع الكثير .. إلا صوت الخال نبيل والذي يزعج أذانها .. كانت تشعر بقلق غريب .. وكأنه قلق عروس تخاف رفض أهلها لحبيب العمر .. بعد فترة سمعت حسام يودعهما على الباب .. وفهمت من توديع الخال نبيل المبالغ به لحسام بأنه سيبارك هذه الزيجة .. فحسام وإن كان لا يوازي ذلك العريس من الناحية المادية .. إلا إنه يندرج في قائمة الخال نبيل للعريس المناسب لها ..
ما هي إلا ثواني حتى جاءت والدتها حياة والفرحة ترقص في عينيها احتضنتها بحب بالغ وبفرحه صادقه .. وهي تبارك لها وتقبلها في كل أنحاء وجهها :
- مبروك .. مبروك يا حبيبتي .. إني حقا سعيدة لهذا الارتباط المبارك .
كادت نور تفلت دمعتها .. من تلك المشاعر الطيبة التي تشع من والدتها .. وبعد أن قالت لها بحنان :
- الآن استطيع الاطمئنان عليك .. بعد أن ارتبطت بالنسخة المصغرة لأباك حسام .
رن هاتف نور لينقذها من ذلك الموقف الحساس المليء بالمشاعر .. اختطفت حياة الهاتف بعد أن علمت بهويه المتصل .. وفتحته ثم أطلقت زغرودة عاليه .. قبل أن تلقي السلام .. انفجرت رهف ضاحكه من تلك الفعلة ثم تساءلت بفرحه :
- ما هو سبب تلك الزغرودة يا خاله حياة ؟.
- وكيف عرفت بأنني لست نور ؟.
- لأن نور لا تعرف كيف تزغرد .
أجابتها الخالة حياة بمرح :
- كما أن العروس لا تزغرد لنفسها .
كادت رهف أن تشارك والدته نور فرحتها .. ولكنها سرعان ما تساءلت بحيرة :
- هل وافقت نور على ذلك العريس ؟.
- لا يا حبيبتي بل هو عريس آخر .. وأفضل بكثير .
تساءلت رهف بحماسة :
- من ؟.
- أنه حسام .
- حسام ابن العم صلاح ؟.
- نعم هو بعينه .
كانت نور تبتسم لتلك الفرحة التي تتخلل صوت والدتها .. ثم أخذت الهاتف منها بعد أن ودعت رهف .. وغادرت الحجرة لتعد العشاء وتسكت ذلك الصخب الصادر من زوجها الجائع :
- مرحبا يا رهف .
أطلقت رهف زغرد أخرى ملئ صوتها .. ما أن سمعت صوت نور على الهاتف .. فتساءلت نور بمرح :
- هل أصبتي بالعدوى من والدتي يا رهف .
- حبيبتي ألف مبروك .. لقد أسعدني هذا الخبر كثيرا .. ربي يبارك في أيامكما معا يا نور .
انطفأت الفرحة بداخل نور وتساءلت حزن :
- ألم تستغربي هذا الخبر يا رهف ؟.
كانت مشاعر نور تصل رهف دون أن تراها .. فالحب الذي يجمعها لا يستطيع حجب إحساسهما القوي ببعضهما .. فراحت تجيب بثقة :
- لا .. لم استغرب .. وأحببت كثيرا هذا الخبر .. والذي كنت ارجوا حدوثه منذ زمن .
- وسامح ؟.
لا تدري كيف تجرأت وأطلقت بعض ما يشغل تفكيرها .. إنها لا تستطيع أن تخفي عن رهف شيئا .. ولكن هنالك أشياء بالمقابل لن تقوى على البوح بها لمخلوق .. كإصابتها بذلك المرض النادر .. و ارتباطها الشكلي بحسام .. ردت رهف بصوت هادئ .. محاولة التخفيف من حيرة نور :
- نور .. لا تجعلي حبك القديم والمراهق .. يعمي عينيك عن حب حسام الحقيقي والصادق لك .
تنهدت نور .. لابد انه ما من شخص سيستطيع فهم ما تعانيه .. أغلقت الهاتف بعد أن عاودت رهف مباركتها .. وودعتها بحماس لكي تنقل ذلك الخبر السعيد لأسرتها ..
لجأت نور لسريرها الصغير .. واحتضنت وسادتها .. كانت تدرك أن النوم سيخاصمها هذه الليلة فما مرت به من أحداث مؤكد كفيله بذلك ..
أفلتت لتلك العبرة الحارة التي خنقتها طويلا .. ثم مسحتها بسرعة وهي تصف نفسها بالحمقاء .. لماذا تبكي هل هي دموع فرحه .. فرحه ارتباطها بهذا الإنسان المتميز .. حسام .. كم هي محظوظة بوجوده في حياتها .. وكم هو قادر على تأجيج مشاعر الحب بداخلها يوما بعد يوم .. في تلك اللحظة شعرت باحتدام ذلك الصراع بداخلها .. صراع نشب في قلبها الصغير .. قلب سجين مشاعرها المضطربة .. مشاعر ألم وقهر على ذلك الحبيب المرفوض .. بسبب ظروف اكبر منها .. ومشاعر جديدة لم تعد تستطيع تسميتها اتجاه حسام .. ذلك الأخ الحنون .. الذي لطالما ساندها .. عاودتها المرارة وهي تشعر بمدى فداحة القرار الذي اتخذته هذا اليوم .. إن كانت قد قرر أن توئد قلبها بداخلها .. ما ذنب حسام في أن تحكم عليه بنفس المصير ..

-----------------------

في منزل العم صلاح .. جمع حسام والديه حتى يخبرهما بقراره .. حدثهما بصوته الهادئ الرزين :
- لقد أردت أن أخبركما بأمر .
تساءلت الخالة هدى بقلق :
- خير يا حبيبي .
ابتسم لها بود .. ثم وجه حديثه لكليهما :
- لقد نويت أن أتزوج .
- أحقا ما تقول يا حسام .
كانت الأم هي الأسبق أيضا بالرد .. ثم أردفت بحماسة :
- سوف اختار لك أفضل عروس .
- في الحقيقة يا أمي لقد قمت باختيارها بنفسي ... ولقد خطبتها اليوم أيضا بعد إذنكما .
هنا تحدث الأب بما يشبه الغضب :
- كيف تقوم بعمل مثل هذا يا حسام .. ألا يوجد لديك والدين لتستشيرهما ؟.
رد عليه حسام بهدوئه المعتاد .. محاولا التخفيف من حدتهما .. بعد أن أحس بخيبة أملهما :
- اعذرني يا أبي أنا اعلم أن تصرفي غير مبرر .. ولكني على يقين من مباركتكما لفتاتي .
تساءلت الأم :
- ومن تكون ؟.
- إنها نور .. ابنه عمي حسام .
وقفت الأم كمن لدغتها حية .. وهي تصرخ :
- هل جننت يا حسام ؟.
كان حسام يتوقع رد فعل مشابهه من والدته .. لذلك لم يتوتر وظل قلقا من صمت والده الذي لا يستطيع توقع رده .. أجاب والدته بنفس تلك النبرة الهادئة :
- وهل تعد رغبتي بالزواج جنوناً ؟.
- أنت تدرك يا حسام مقصدي .
أغمض حسام عينيه بضيق وهو يحاول تهدئه نفسه .. فهو يدرك أن والدته على رغم رفضها لارتباط ولدها المدلل سامح بنور .. إلا أنها أيضا ترفض ارتباطها بغيره .. عاودت الأم صراخها قائلها :
- كيف تجرأت يا حسام .. كيف تجرأت على طعن أخاك في ظهره ؟.

- لماذا تصرخين يا أمي ؟.. وما هذا الكلام الذي تقولينه ؟.
التفت الثلاثة إلى سامح الذي كان يقف بانتظار إجابة لتساؤلاته .. واجهه حسام بنظرات باردة وقطع الصمت الذي لف الجميع :
- لقد كنت اخبرهم باني أقدمت على خطبه نور .
للحظه شعر حسام أن سامح لم يسمعه .. ولكنه تساءل أخيرا :
- نور من ؟.
- نور ابنه العم حسام رحمه الله .
عقد سامح حاجبيه وهو يمعن بالتفكير وينظر لحسام بنظره اتهام .. ثم قال بحده :
- هل هذا هو سبب رفضها لي ؟.
لم يجب حسام .. فتقدم سامح من أخاه الأكبر والذي وقف لمقابلته :
- منذ متى يا حسام ؟.
لم تكن تفصل بين الأخوين سوى سنتيمترات معدودة .. ولكن حسام ظل محافظا على هدوءه وهو يرد على السؤال بسؤال أخر :
- منذ متى ماذا ؟.
هنا صرخ سامح بحرقه :
- منذ متى وأنت تخدعني مع تلك الخائنة ؟.
اشتعل الغضب في عيني حسام .. بعد أن مس حديث أخاه صغيرته الغالية .. وأجاب مهددا :
- إياك أن تذكرها بسوء مره أخرى يا سامح .
اقترب سامح منه أكثر وهو يتساءل ساخرا وبشكل مستفز :
- وماذا ستفعل ؟.. هل ستضربني ؟.
في تلك اللحظة .. حاول سامح أن يوجه لكمه لكتف أخاه .. ولكن حسام امسك قبضته بقبضه اقوي :
- إن اضطررتني لذالك .
صرخ الأب صلاح محذراٍ كليهما :
- إن كنتما تنويان العراك .. فليكن خارج بيتي .
انتزع سامح قبضته بعصبيه .. ثم خرج والأم في أعقابه .. لم تفلح دموعها ولا توسلاتها له بإبقائه .. وبعد أن خرج وصفع الباب خلفه .. عادت لتصب جام غضبها على حسام قائله :
- اعلم بأنك السبب .. وان حدث لولدي شيء .. لن أسامحك يا حسام .
ضغط حسام على أسنانه بعصبيه .. لقد كان يدرك أن رغبته ستنشب ذلك الصراع في بيته الهادئ .. وبالرغم من يقينه من صحة ما يقوم به .. ورفضه بان يتنازل عن صغيرته الرقيقة .. إلا أن ما يسببه من الم لوالدته يزعجه كثيرا .. نظر حسام لوالده وكأنه يستأذنه .. ثم هم بالخروج .. استوقفه والده :
- إلى أين يا حسام .. أنا لم أعهدك بهذا الضعف .
- سأبات في العيادة .. فيبدوا أنني أصبحت غير مرحب بي في هذا البيت .
تقدم والده منه وأمعن النظر في عيني ابنه الحزين .. ثم أنبه قائلا :
- هذا بيت أباك .. ولن يغلق أبوابه أبدا في واجه أحدكما .
تنهد حسام محاولا التخفيف من ذلك الضيق الذي يتملكه .. ثم تساءل بقلق :
- هل تؤيدني يا أبي في ما قمت به هذا اليوم ؟.
صمت الوالد لبرهة جعلت قلق حسام يشتد .. ثم أجابه أخيرا :
- لما لا نؤجل هذا الحديث للغد .. ولتحضر نور إلى هنا .. فانا مشتاق إليها .
احترم حسام رغبه والده في لقاء نور .. ثم استأذنه كي ينفذ رغبته هو في المبيت بالعيادة ..

------------------
في المساء كانت سيارة حسام تقف أمام بيت نور .. منتظرا إياها بعد أن اعلمها برغبة والده للقائها .. كانت نور تشعر بالتوتر طيلة النهار .. وكانت تحوم في أرجاء البيت دون هدف .. وبفكر شارد .. إلى أن سمعت صوت سيارة حسام .. وخرجت مسرعه كي لا تؤخره .. صعدت بجانبه فابتسم ما أن شعر بارتباكها :
- كيف أنت صغيرتي ؟.
بادلته نور بابتسامتها البريئة التي تنير وجهها الملائكي :
- بخير .. وأنت ؟.
كان حسام يزيد من ارتباكها .. ويجعل نبض قلبها يضطرب .. وهو يتأملها بنظراته الخاصة .. والتي تشعرها بغرابته .. أجابها وهو يحرك السيارة :
- لقد أصبحت الآن على خير ما يرام .
ضحكت نور وتساءلت بجديه :
- ألست خائفا ؟.
- ولما أخاف .. وصغيرتي بجانبي ؟.
عادت تحثه قائله :
- أنا جادة يا حسام .. ألا يوجد شيء يجعلك تشعر بالخوف ؟.
نظر لها والصدق ينطق من عينيه قبل شفتيه :
- أخاف أن أخسرك صغيرتي ؟.
كانت جملته هذي كفيله بزيادة قلقها .. وجعلتها تتذكر مرضها المنسي .. هل يمكن أن يسبب مرضها خسارة حسام وكل أحبتها لها .. هل من الممكن أن يكون هذا مقصده .. وأنه كان يبسط لها حقيقة مرضها ليطمئنها كعادته .. ظلت صامته .. طيلة الطريق .. وهي تحاول أن تتغلب على مشاعر الرهبة التي تتملكها .. كانت تدعو الله أن لا يكون سامح في بيت عمها .. ولم يكن لها سبب مفهوم لتلك الدعوة .. ولكن هكذا كان شعورها ..
عندما دخلت البيت .. كان عمها في استقبالها .. وقال لها معتذرا بعد أن رحب بها :
- إن عمتك هدى تعاني التوعك .. لذلك هي نائمة في حجرتها .
ابتسمت له نور .. وهي تدرك بداخلها .. أنها أصبحت الآن عدوه رسميه للخالة هدى .. رغم المرارة التي تشعر بها .. إلا أنها لا تستطيع لومها على ذلك .. فهي الفتاه الشريرة التي ستفرق بين الأخوين .. بعد أن سألها العم صلاح عن صحتها وكل الأمور الاعتيادية .. نظر لها بجديه :
- هل أنت مرتاحة لارتباطك بحسام يا نور ؟.
كان سؤاله مفاجئا .. كما انه أعاد لها ارتباكها .. وجعل وجنتيها تحمران خجلا .. فابتسم عمها لرؤيتها كذلك .. وتقدم ليجلس بجانبها .. ثم احتضنها بحب :
- يا ابنتي الحبيبة .. هل تدركين يا نور مدى قربك إلى قلبي .. إن حبي لك لا اشعر به حتى اتجاه ولداي .
أثارت تلك اللحظة المشاعر بداخلها .. وامتلأت عينيها بالدموع .. فمسح بإصبعه تلك الدمعة الوحيدة التي افلتتها :
- أنا لا ارجوا من هذه الدنيا سوى الاطمئنان عليك يا حبيبتي .. وأنا لا أنكر أن ارتباطك بولدي حسام يسعدني كثيرا .. ويجعلني أقابل أخي بقلب ملئه بالرضى ..
ذكر والدها جعلها تفلت مزيدا من دموعها .. فضمها إليه بحنان بالغ .. وقبلها على رأسها قائلا :
- لكن يهمني أيضا أن تكوني راضيه .. ومتأكدة من قرارك هذا يا نور .
نظر إليها ممازحا .. وهو يشير لحسام الذي كان ينظر لهما وألم نور يرتسم في ملامحه :
- هل أنت راضيه .. أم تودين أن ابحث لك عن زوج أفضل من هذا الولد الشقي ؟.
ضحكت نور من خلال دموعها .. فعاد العم وقبلها على جبينا :
- فليبارك الله لكما يا ولداي الحبيبان .. ولتغمر السعادة أيامكما القادمة معا .
وقف حسام ليقبل يد والده .. وكذلك فعلت نور .. ثم استأذن الاثنان ..
عند الباب كانت نور تعدل من وضع حجابها وهي تنظر إلى الأرض لتداري دموعها .. لكن حسام رفع رأسها بأنامله .. ومسح تلك القطرات الندية على وجنتيها باليد الأخرى :
- وأنت معي لا يسمح لك أبدا بالبكاء .
ابتسمت نور ثم ردت عليه مشاغبه :
- هل بدأت بسن القوانين منذ الآن ؟.
هز رأسه بالإيجاب .. فتشارك الاثنان الضحك .. في نفس تلك اللحظة سمعا مفتاحا يدور في قفل الباب .. ليظهر أمامها آخر شخص كانت تود مقابلته .. كان ذلك الشخص هو سامح .. يقف قبالتهما .. ويرشقهما بنظره حادة .. كانت نظرته تكشف عن ذلك الغضب الذي يستعر داخل صدره .

نوف بنت نايف 12-06-10 03:24 AM

السلام عليكم
ميمي روووووووعه روعه بقوه بارت يجنن

اخيرا حسم تحرك والحلوه نور وافقت
رغم انه زواج صوري بنظر نور لاكن اتوقع مستحيل يستمر كذا
اكيد حسام راح يكسب قلبها كله كزوج ويعيشون بسعاده

سامح لازلت اشفق عليه لاكن يضل اعتقادي لو عرف بمرضها راح يتخلى عنها بكل سهوله
***********
الخاله ام سامح ما اعرف بس تخيلتها ليس الام الحقيقيه لحسام ربما هي زوجه الولد وربته لذا دائما ماتدلل سامح
***********
انتظر القادم ميمي بليز لاتتاخرين علي
فيس مستاااااااانس على روعه ماتكتبين
الله يوفقك ياقلبي

هبـه الفــايد 12-06-10 03:52 AM

السلام عليكم اهلا بالكاتبة من البلد الشقيق اليمن اتمني لك كل الخير والتوفيق
اتمني اشوف الرواية بتاعتك مكتملة انا متابعاكي ان شاء اللة للاخر
اسلوب سلس ربما يحتاج لبعض التصحيحات الطفيفة لكن ما شاء اللة عليكي احس اني اقرء رواية من الواقع لكن عايزين بعض التوابل والبهارات لاكمال الحبكة لا تجعليها سرد فقط


اختك هبة الفايد

my faith 20-06-10 01:12 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نوف بنت نــــايف (المشاركة 2340080)
السلام عليكم
ميمي روووووووعه روعه بقوه بارت يجنن

اخيرا حسم تحرك والحلوه نور وافقت
رغم انه زواج صوري بنظر نور لاكن اتوقع مستحيل يستمر كذا
اكيد حسام راح يكسب قلبها كله كزوج ويعيشون بسعاده

سامح لازلت اشفق عليه لاكن يضل اعتقادي لو عرف بمرضها راح يتخلى عنها بكل سهوله
***********
الخاله ام سامح ما اعرف بس تخيلتها ليس الام الحقيقيه لحسام ربما هي زوجه الولد وربته لذا دائما ماتدلل سامح
***********
انتظر القادم ميمي بليز لاتتاخرين علي
فيس مستاااااااانس على روعه ماتكتبين
الله يوفقك ياقلبي

نوف يا روحي .. ههههههههههههه والله ضحكتيني لما قلت ام حسام مش الام الحقيقيه هههههههههههه
لا بس هي امه بس هي بتحب سامح اكثر هههههههههه
تسلمي يا عمري على كلامك المشجع وعلى متابعتك الدائمه لي .. واللي بتزيدني حماس ..
دمتي لي غاليتي ..
---------------------

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة heba-fayed (المشاركة 2340088)
السلام عليكم اهلا بالكاتبة من البلد الشقيق اليمن اتمني لك كل الخير والتوفيق
اتمني اشوف الرواية بتاعتك مكتملة انا متابعاكي ان شاء اللة للاخر
اسلوب سلس ربما يحتاج لبعض التصحيحات الطفيفة لكن ما شاء اللة عليكي احس اني اقرء رواية من الواقع لكن عايزين بعض التوابل والبهارات لاكمال الحبكة لا تجعليها سرد فقط


اختك هبة الفايد

اختي الحبيبه هبه اشكرك على نصيحتك الغاليه .. وان شاء الله تظل الروايه عاجباك ..
احببت تواجدك معي في ملاك الحب .. ولا تحرميني من ردودك الجميله ..
في امان الله غاليتي .

my faith 20-06-10 01:16 PM

احلى تحيه لعيون احلى اعضاء اول شي انا حابه اعتذر من الجميع على تاخري في طرح البارت هذا ..
وهذا كله بسبب الامتحانات .. انا امتحاناتي بتبدأ يوم الثلاثاء القادم .. وبتنتهي في تاريخ 1 من شهر 7 .. ادعولي بالتوفيق
وسامحوني مره اخرى لان هذا البارت اللي بنزله بيكون اخر بارت .. الى ان اكمل امتحاناتي ان شاء الله واكمل معاكم اجزاء الروايه ..
دمتم بامان احبتي في الله .. وقراءه ممتعه للجميع ..
---------------------




(9)
الرابط المقدس


وقفت نور تنظر إلى وجه حبيبها الوسيم بخوف .. وهي ترى الكره يتأجج في عينيه البنيتين .. وتمنت لو أنها اختفت من الوجود .. لكي تهرب من هذا الشعور المؤلم .. كانت تلك المرة الأولى التي لا يتسارع فيها نبضها عند رؤيتها لسامح .. بل على العكس .. كانت تحس بالخواء يملأ صدرها .. وكأنها لم تعد تملك قلبا لينبض ..
نظرت لحسام مستنجدة .. وكانت تعلم أنه سيتمكن من قراءه عينيها .. أوماء لها برأسه مشجعا .. نظرته العطوفة بعثت الثقة لنفسها .. فقطعت ذلك الصمت المربك .. وراحت تحدث سامح بصوت متكسر :
- كيف حالك يا سامح ؟.
تجاهل سلامها .. وهم بالدخول وعلى شفتيه ابتسامة ساخرة أدمت قلبها .. لكن يبدو أن حسام لم يرقه ذلك التصرف .. فأمسك أخاه من ذراعه .. وحدثه بلطف :
- سامح .. ألم تسمع تحية نور ؟.
رفع سامح أحد حاجبيه باستخفاف بالغ .. وحول نظره إلى نور ليحدثها بسخرية أشد :
- آه حقا .. وكيف حال عروستنا الجميلة ؟.
كانت نور تصارع نفسها .. كي تنطق بالكلمات المطلوبة دون أن تكشف عن جرحها .. ولكنه سارع بالرد وهو ينقل نظره بينهما :
- ما هذا السؤال السخيف .. فالسعادة كانت تغمركما منذ ثواني .
دخل سامح إلى حجرته دون أن ينتظر ردا .. وغير آبه لتلك الوجيعة التي سببتها كلماته لمشاعرها الرقيقة .. زمت نور شفتيها محاولة أن تتحكم بتلك العبرات التي ملأت عينيها الجميلتين .. لم تشعر إلا بيد حسام الدافئة تحتضن كفها .. ثم فتح باب الخروج .. وسار بها نحو سيارته بصمت .. لم تجرؤ على النظر إليه .. وظلت تنظر من نافذة السيارة إلى اللاشيء ..
لم تكن تبكي نفسها .. بل كانت تبكي تلك الأسرة التي أحبتها .. وكانت هي السبب في دمارها .. إنها تفكر الآن بكل الألم الذي يعذب أفرادها .. بكل المرارة التي يحسونها .. إنها لم تتعود أبدا أن تسبب الجرح لمن حولها .. لذلك تشعر بالوجيعة تحرق قلبها الرقيق .. أغمضت عينيها وهي تمسح تلك الدموع الصامتة .. لازالت ترى أمامها عيني سامح اللتان تنبضان كرها لها .. كيف استطاعت أن تسكن ذلك العذاب في عينيه .. وكيف تستطيع التغلب على هذا الألم الذي يأسرها .. أخذت نفسا عميقا وحاولت أن تحمله ما استطاعت من هموم ..
لم تكن تدرك معالم الطريق الذي يسلكه حسام .. لذلك التفتت إليه متسائلة :
- إلى أين تذهب ؟.
نظر إليها بحنان .. كانت ترى حزنها في عينيه .. ولكنه استطاع أن ينتزع من شفتيه تلك الابتسامة الجذابة التي تحبها :
- إلى المركز التجاري .
أردف قائلا .. ليجيب علامات الاستفهام التي ارتسمت سريعا على ملامحها :
- سنذهب لنشتري خاتما الخطوبة .. وبما أنني لا املك أختا حتى تساعدني في انتقاءهما .. سأسمح لك مؤقتا بتمثيل دور الأخت .
ابتسمت نور له بصدق .. كان التواجد بقربه كفيلا بأن يداوي كل جراحها .. أما هو فلقد تسللت خطوط المرح إلى ملامح وجهه الأسمر الجذاب .. كان يحب رؤيتها مبتسمة كما تعود أن يراها الجميع .. ويعشق ذلك النقاء الذي يشع منها .. و طريقتها البسيطة في التغلب على الهموم .. بل وإصرارها الدائم في إدخال البهجة للقلوب .
صمتت نور فجأة بفكر شارد .. فتساءل بقلق :
- ما بك صغيرتي ؟.
نظرت له بامتنان بالغ .. وأخبرته وإحساس بالذنب يتملكها :
- أنا آسفة يا حسام .
- على ماذا تتأسفين صغيرتي ؟.
- على كل ما أسببه لك من ....
لم يدعها تنهي كلامها .. وحدثها معاتبا :
- لا تقسي على نفسك صغيرتي .. أنا أدرك مدى حساسيتك .. ولكن تأكدي من أن الأمور لن تبقى على حالها أبدا .
تساءلت نور ببراءة .. كغريق وجد منقذه :
- وما الذي يجعلك متأكدا هكذا ؟.
التفت إليها حسام وابتسم لها بطريقه غريبة .. أشعرتها بالعذاب الذي يعاني منه هو الآخر :
- لأن سرنا هذا لن يدوم للأبد .. ولابد سيأتي يوم تنكشف فيه حقيقة الأمور لسامح .. وأنا متأكد أنه سيغفر لك .
راحت نور تنظر إلى النافذة من جديد .. وعاودها شرودها مع تلك التساؤلات التي غزت فكرها فجأة .. هل يصدق قول حسام .. هل يأتي اليوم الذي يجمعها الله بالحبيب الأول والوحيد .. وهل سيجد القدرة في نفسه كي يغفر لها ما أرغمتها الظروف على فعله .. في تلك الأثناء تذكرت حسام .. هذا الشاب الجالس بجانبها .. والذي يصارع بكل السبل كي يسعدها .. ويبعد الحزن عن قلبها .. تملكها الأسى من اجله .. وتمنت لو كانت تقدر على إسعاده هي أيضا .. ألتفتت إليه فجأة وحدثته وهي تغالب ضحكتها الخجولة :
- هل تعرف أنني بت احسد نفسي على محبتك .. وأخوتك لي ؟.
أبتسم لها بلطف .. ورد عليها وهو يوقف السيارة ويدعوها للخرج :
- هيا .. كفاك ثرثرة .. ولتختاري لخطيبتي أجمل خاتم تراه عيناك ..
ضحكت نور بمرح اكبر .. وبدأت تطوف المحال بجانبه .. وبداخلها إحساس خفي يجعلها تشعر بالفخر لمجرد سيرها بجانبه .. وكثيرا ما أخجلتها نظرات الإعجاب التي ترمقهما .. ودعوات الباعة لهما بالحياة المباركة .. في الأخير وبعد كثير من الصراع بينهما تم اختيار خاتم ذهبي لها وخاتم فضي له .. فلقد كانت تحاول أن تختار خاتما بسيطا لا يكلفه الكثير .. في حين أن حسام كان يرفض ذلك المنطق ..
في السيارة فتح حسام العلبة التي ضمت الخاتمين .. وامسك يدها برفق قائلا :
- هل تسمحين لي .. آنستي صغيرتي ؟.
أعطته يدها وابتسامة محبة تشرق في ملامحها .. فوضع الخاتم في إصبع يدها اليمنى .. ثم مد لها يده لكي تقوم بوضع الخاتم في إصبعه ..
كان يتملكها شعور لا تستطع وصفه .. لم تتعود نور أن تتحلى بالمجوهرات .. وكانت الإسواره التي أهداها سامح هي الشيء الوحيد الذي تضعه .. وعندما إعادتها له كانت تشعر بالغرابة الشديدة .. وكأن جزئا من كيانها قد فقد .. ولكنها تحس مع هذا الخاتم بإحساس مختلف .. فهو لا يمثل مجرد خاتم بالنسبة لها .. بل وكأنه رباط مقدس .. يشد مصيرها بهذا الإنسان المتميز .. والذي لطالما أحبها بكل ما يحمله الحب من معاني ..
ضحك حسام عليها عندما وجدها تتأمل ذلك الخاتم في إصبعا .. وحدثها برفق حتى يخرجها من شرودها :
- صغيرتي .. ما رأيك أن نقيم حفل الزفاف في الشهر القادم ؟.
لا تدري نور لما باغثها هذا الموعد القريب للزفاف .. فأسرعت لتجيبه :
- لا يا حسام .. لن استطيع تحضير نفسي ؟.
احمرت وجنتيها جراء تلك الجملة الخرقاء التي نطقت بها .. والتي لا تعبر عما كانت تعنيه .. ولكنه رد عليها ببساطه :
- إذا دعينا نعقد قراننا في الشهر القادم .. ونقيم الحفل في الشهر الذي يليه .. ما رأيك ؟.
فكرت قليلا .. وقبل أن تجيبه .. أردف قائلا :
- يجب أن نسرع صغيرتي .. حتى نستطيع السفر والاطمئنان عليك .
هنا تخللت ملامحها البريئة الكثير من الأسى .. فتساءل هو بقلق واضح :
- ماذا هنالك .. صغيرتي ؟.
أجابته والحزن ينطق من عينيا :
- ماذا لو .. ماذا لو داهمني المرض وأغمي عليّ في حفل الزفاف ؟.
- سنخبر المدعوين انك لم تستطيعي مقاومة جمالي .
حاولت نور مغالبة ضحكتها :
- أنا أحدثك بجديه يا حسام .
- حسنا صغيرتي .. حاولي أن لا تقلقي كثيرا .. ودعيها على الله يدبرها كيفما يشاء .
هزت رأسها بالإيجاب .. فبذكره لله تبارك وتعالى أراح تفكيرها .. أردف حسام متحدثا بأسلوب الطبيب اللطيف :
- وعلى كل حال حاولي أن تتناولي الكثير من المنبهات في هذه الفترة .. ولكن قبل الساعة السابعة مساء حتى لا تسبب لك الأرق .
أجابته باستسلام :
- حسنا .

------------------------

مر ذلك الشهر كلمح البصر .. بين انشغالها بتحضير نفسها .. وتلك التغييرات اللازمة التي أصابت البيت كي يستقبل كل المدعوين من العائلة والأصدقاء ..
لم تكن نور قادرة على استيعاب ذلك الكم المتدفق من المشاعر .. والتي غمرتها يوم عقد قرانها على حسام .. كان الكل في البيت يسيطر عليهم التوتر الشديد .. وكانوا مشغولين بكل شيء ولا شيء .. فالكل يستعد لاستقبال الشيخ الذي سيقوم بإتمام العقد ورجال العائلة اللذين سيصاحبونه .. فأصبح البيت كخلية نحل تضج بالعمل الدءوب .. بعد آذان العصر مباشرة جاء الشيخ ليجمع بين كف حسام ووالده .. لقد كانت رغبة نور بأن يزوجها العم صلاح لحسام ..
أنصتت النسوة من الحجرة المجاورة لحديث الشيخ المطمئن وتلاوته لبعض الآيات القرآنية .. ثم بدأ بتلقين العريس .. وولي أمر العروس ما يجب قوله .. لا تدري نور لما كانت تشعر بقشعريرة غريبة تسري في أوصالها .. حتى أنها أفلتت دمعه من عينيها .. كانت الرهبة تعم المكان .. إحساس مهيب ذلك الذي يغشى بيتها في هذا الوقت .. ففي تلك اللحظات سيربط وثاقها رسميا برجل .. ليصبحا بعد ذلك كيان واحد .. كم هو عجيب هذا الشعور .. وكم أن البعض لا يقدره .. كانت تلك الكلمة التي ألقاها الشيخ قبل قليل في حديثه ترن في أدنيها ((وأخذنا منكم ميثاقا غليظا)) .. لم تكن تفكر يوما بالارتباط .. إلا في سبيل حبها لسامح .. وبعده لم تراودها تلك الفكرة .. ولكنها الآن تفكر بمسؤوليتها أمام هذا الميثاق الغليظ والذي ستقطعه على نفسها ..
بعد لحظات .. جاء عمها يحمل دفترا طويلا ليعطيه لها .. حتى توقع على العقد .. أخذت القلم بيد مرتعشة .. وبدأت ترسم توقيعها بقلب مضطرب .. لقد تزاحمت عليها الأحاسيس فلم تعد تفهم حقيقة ما تشعر به .. كان هنالك حزن غريب يكتنفها .. لا تدري مصدره .. هل هو حزن على عمرها الضائع .. على حبها الأرمل .. أم هو ذلك الشعور الذي يخالج كل عروس في يوم كهذا .. فرحه خجولة تستتر تحت ذلك الحزن على فراق هذا الدار الذي ولدت وترعرعت بداخله .. وتلك الأم الحنونة .. ولكل تلك العادات الصبيانية و اللامسؤولة .. كم هو مربك هذا الشعور .. أن يمتزج بداخلك الفرح والحزن .. وتبتسم والدموع تغرق عينيك ..
قبلها العم صلاح مباركا لها .. وانطلقت معه زغاريد عمت المكان وترددت في أرجاء البيت معلنا فرحه صادقه للعروسين الشابين .. بعدها شعرت بحضن والدتها يغمرها .. فأجهشت ببكاء طفولي .. فراح الكل يؤنبها وهم يشاركونها دموع فرح صادق .. بعد أن خرج الشيخ .. وكل الرجال .. سمعت نور والدتها تستوقف حسام ممازحه :
- ألا تنوي إلقاء التحية على زوجتك .. يا حسام ؟.
تقدم حسام من الأم بحياء شديد .. وقبلها على رأسها .. فضمته إليها وهي تدعو لهما بالحياة السعيدة .. كانت نور تشعر بأن قلبها قد جن من شده تلك النبضات الهوجاء والغير مبررة .. لقد كانت تلك المرة الأولى التي يراها حسام بعد أن أضحت شابه ومن دون حجاب .. كانت ترتدي فستانا بسيطا بلون زهرة السوسن .. فأظهر ذلك اللون الناعم بياض بشرتها .. كانت سيوره الرفيعة ملقاة بإهمال فوق كتفيها الناعمين .. وكان يكشف جزءً من أعلى صدرها .. يضيق في منطقه الصدر ويتسع بعده ليصل إلى أعلى ركبتيها .. كان تصميمه اقرب إلى ما ترتديه الحوامل .. ولكن قماشه الحريري المنسدل برفق .. والذي يرقد بألفه على جسدها النحيف .. استطاع أن يظهر معالم جسدها الأنثوي .. لم تكن تحب الأصباغ كثيرا لذلك لم تكثر منها .. مما جعل وجهها ينير بفتنه تلك البراءة التي تكلله .. شعرها الأسود الطويل كان معقوصا خلف رأسها بطريقه مهمله مما زادته جمالا .. فراحت خصلاته تتناثر على كتفيها وتتدلى إلى منتصف ظهرها ..
لم تكن تؤمن بجمالها .. ولطالما أنكرت نظرات إعجاب من حولها .. ولكن تلك النظرة التي استقرت في عيني حسام .. منذ أن رآها جعلت وجنتيها تشتعلان بحمرة الخجل .. كانت نظره مذهولة بعض الشيء .. وكأنه توقع أن يرى طفلته الصغيرة .. ولم يدرك بأنها قد أضحت أنثى فاتنة .. يلفها ذلك الجمال الطاهر والبريء ..
عادت نور تنظر إليه بعد أن استطاعت التأقلم مع نظرته التي كانت لتقول أنها اقرب إلى الهيام والعشق لولا معرفتها بمشاعره نحوها .. تطلعت إلى ذلك الوجه الأسمر الجذاب .. ولتلك الابتسامة الساحرة التي مؤكد قد استطاع بها خطف أبصار الموجودين .. راح قلبها يقرع طبول الارتباك .. ولكنه كان ارتباكا لذيذا .. إحساس قوي بداخلها جعلها تشعر بأنها صارت ملكا لهذا الشاب الواقف أمامها .. نعم .. لقد وقعت منذ قليل على ملكيته لها .. هي تدرك في قراره نفسها شكليه هذا الارتباط .. ولكنها قطعت وعدا على نفسها عندما كانت ترسم تلك الخطوط الملتوية المسماة بالتوقيع .. لكي تسعد هذا الشاب بكل ما تستطيع من قدره .. وأن تحافظ على قدسية هذا الرابط الذي يجمعهما .. فهو يستحق ما هو أكثر من ذلك ..
عندما وقف حسام بجسده الطويل أمامها .. ابتسم لها بحنان .. واحتضن وجهها بيديه الدافئتين .. وانحنى قليلا كي يقبلها على جبينها بلطف .. في اللحظة التي أحست بلمسه شفتيه .. تعالت الزغاريد من حولهما .. ثم أفلتها برفق وحدثها بصوت منخفض يكشف عن مدى إعجابه بها :
- هل حقا هذه أنت .. صغيرتي ؟.
ابتسمت نور بحياء بالغ وهي تهز رأسها بالإيجاب بعد أن تعقد لسانها فهي لا تزال تعجز في التعامل مع كلمات الإعجاب .. كان حسام لا يزال غارقا في بحر عينيها السوداويين .. حتى تملكها إحساس بأنه لا يدرك شيئا مما يحيط بهما .. ولا يرى سواها .. تدخلت رهف محاوله إحراجهما :
- هيا أيها العاشقان ألن تغيرا موضع الخواتم ؟.
خلع كلا منهما خاتمه .. وكان هو البادئ بتغير خاتمها ليدها اليسرى .. من ثم قامت هي بنفس الشيء معه .. لا تدري كيف خلت الحجرة فجأة .. فتساءلت ببساطه محاوله أن تكسر حاجز الصمت الذي يأسر حسام .. فهي لم تتعود ذلك الهدوء منه :
- لا اعرف لما لا يبقون على الخاتم في يد واحده ؟.
أجابها بصوته الهادئ .. وهو يمسك يدها اليسرى برفق ويمرر أنامله عليها :
- لان هنالك مقوله .. بأن هنالك وريد يصل مباشرة بين هذا الإصبع والقلب .
- حقا ؟.
هز رأسه .. وأجاب ممازحا :
- نعم .. هكذا ستقعين في حبي دون أن تدركي ذلك ؟.
أجابته بشقاوة :
- وهل هذا يعني بأني لم أكن احبك ؟.
نظر لها بتلك الطريقة التي أضحت تربكها .. وتشعرها بجديه كلامه :
- بل ستحبينني بنفس طريقتي .
صمتت نور بحياء .. كانت تسمع أحيانا رنة صادقة بين كلماته المازحة .. مما يزيد توترها .. ولكنها سرعان ما تكذب تلك الأحاسيس الغريبة ..
في المساء حضرت صديقات نور وبعض نساء الحي .. وزميلات والدتها في العمل .. وبالرغم من ذلك الجو المرح الذي كانت تشيعه الفتيات .. وتعالي الزغاريد مع تلك الألحان الصاخبة .. إلا أنها كانت تبحث بعينيها عن ذلك الشخص الذي لم يحضر إلا الآن .. مع أن الخال صلاح اخبرها بأن والدة حسام لن تستطيع الحضور فهي تشعر ببعض التعب .. إلا أنها ظلت على أمل أن تغير رأيها وتحضر ..
بعد أن خلى البيت من ضيوفه .. راحت الأم ونور ورهف يساعدن بعضهم في تنظيف البيت .. لقد فظلت رهف المبيت عند نور كي تمد يد العون لهم .. وبعد ساعة من العمل الشاق .. اغتسلن وتناولن العشاء .. ورغم الإرهاق الذي تملك الفتاتين إلا أنهما لم يستطيعا النوم ..
دخلت الخالة حياة إلى حجرة ابنتها .. فسارعت رهف بالسؤال :
- هل ستقيمين حفلا الزقرة والغسل لنور يا خاله ؟.
- بالطبع .. أنها ابنتي الوحيدة .
تغضن وجه نور .. وتساءلت بضيق فلقد كانت تكره تسلط الأضواء عليها :
- وما الداعي لذلك يا أمي ؟.
أنبتها الأم بلطف :
- إنها إحدى تقاليدنا يا نور .
تساءلت نور باستسلام هذه المرة :
- من الذي اخترع هذه الحفلات ؟.
ضحكت الخالة حياة على ابنتها وأجابت ببساطه :
- لقد كان القدماء يقيمون تلك الحفلات لهدف معين .
تساءلت رهف بشغف :
- هيا قصي لنا يا خاله كل ما تعرفيه .
- حسنا .
عدلت الصديقتان من جلستهما استعدادا للحكاية .. فانزلقتا بجلستهما وأسندت نور رأسها على كتف صديقتها .. وأسندت رهف بالمقابل رأسها على رأس نور .. ولكنها حذرتها متصنعه الجدية :
- إياك أن تنامي .. لدينا قصه يجب أن نسمعها .
ضحكت نور عليها .. ولم تغير من جلستها ولكنها ضربت فم رهف بخفه :
- إذا فلتسكتي أيتها الثرثارة .
بدأت الأم بالحديث .. وهي تبتسم لشقاوة الفتاتين :
- إننا الآن نقيم حفل الزقرة والغسل ولكن بالطريقة الحديثة .. فنحن الآن نفصل بينهما بيوم لنرتاح فيه من صخب الاحتفال .. ولكن قديما .. كانوا يقيمون الاحتفالين بشكل متتابع .
قاطعتها رهف متسائلة :
- ما الذي تقصدينه ؟.
- ما اقصده هو .. أنهم قديما كانوا يفاجئون العروس عندما تعود من المرعى .. ويغطونها بقماش اخضر .. ويجلسونها في بهو البيت .. ليبدأ حفل الزقرة .. كانت الفتيات في الماضي لا يملكن حرية الاختيار أو الموافقة على شريك الحياة .. وبهذه الطريقة كانت الفتيات يدركن أنهن سيرتبطن بشخص ما .. كانت العروس المغطاة تجلس على تلك الحالة لليوم التالي .. والكل يغني ويحتفل بجانبها .. حيث يسمى اليوم التالي بحفل الغسل .. وفيه تذبح الذبائح .. ويدعى الناس لتناول الغداء .. في الوقت الذي تدخل فيه العروس لتستحم .. وتغتسل بالحناء .. من ثم تأخذها النسوة لتزينها .. ويواصلن الاحتفال في ذلك اليوم أيضا .
تكلمت رهف بشفقه :
- يال الفتاة المسكينة .. كيف هو إحساسها وهي تزف لشاب لا تعرف عنه شيء .
ابتسمت الأم وهي تخرج من الحجرة :
- ليس بالضرورة أيضا أن يكون شابا .. فبعض الأسر الفقيرة كانت تزوج بناتهن من أجل المال .
نظرت رهف إلى نور .. فوجدتها شاردة والابتسامة تعلو شفتيها .. فضحكت وهي تحدثها :
- على ماذا تبتسمين ؟.
عدلت نور جلستها .. وهزت رأسها يمينا ويسارا وهي لا تزال تبتسم .. مما أثار فضول رهف .. فعاودت سؤالها بإلحاح اشد :
- هيا يا نور اخبريني ما الذي يضحكك .
كانت نور تعلم بأن رهف لن تتركها .. فأجابتها ببساطه :
- كم هي محظوظة تلك الفتاه التي سترتبط بشاب لا تعرفه .. لو كان ذلك الشاب حسام .
ضحكت رهف على حديث نور الغريب .. وتسامرت الفتاتان إلى أن غلبهما النعاس ..

لم تعرف نور كيف تتسرب الأيام من بين يديها كحفنة ماء .. كانت تغرق في دوامه المشتريات .. وتجهيز نفسها لحفل الزفاف .. وما يسبقه من احتفالات بعد أن أصرت والدتها على إقامتها .. كانت تتسوق بشكل شبه يومي مع رهف التي لم تكن تتركها دقيقة .. وتساعدها في كل شي .. مما جعل وجودها وذلك الجو المرح الذي تشيعه .. يخفف على نور الكثير من الضغوطات ..

وفي إحدى المرات والفتاتان تتجولان في سوق عدن .. انتبهت رهف للساعة في يدها :
- آه لقد تأخرت كثيرا .. ويجب أن أعود للمنزل الآن .
ودعتها نور بعد أن أوصلتها إلى محطة الحافلة .. واتجهت هي إلى ذلك المحل الذي كانت تود تبديل قطعه ملابس منه .. قبل أن تعود إلى البيت .. وبعد خروجها من ذلك المحل .. شعرت بسيارة خلفها .. وسائقها يطلق البوق .. ابتعدت أكثر عن الطريق .. بالرغم من أنها لم تكن تعيقه .. ولكن السيارة ظلت مصره على ملاحقتها .. استغربت نور من ذلك .. وفكرت بأنه مؤكد شاب صغير من أولائك الشباب المستهترين والذين يعتقدون أنفسهم أضحوا رجالا بامتلاكهم للسيارات وتدخينهم للسجائر ومعاكستهم للفتيات .. ابتسمت وهي تتخيل صدمته عندما يراها جيدا ويدرك بأنها اكبر منه بكثير .. ولكنها اضطرت إلى النظر إليه بعد أن نفذ صبرها .. وما أن رأته تسمرت في مكانها .. خاصة بعد أن فتح لها باب السيارة وأمرها بضيق :
- هيا اصعدي .
كانت تلك النظرة القاسية التي يرشقها بها .. تهز قلبها رعبا .. بدأت ملامحه تقسو أكثر وتعقدت حواجبه فوق عينيه البنيتين بعد أن نفذ صبره .. خاصة عندما تعالى صوت بوق لسيارة أخرى تقف خلفه وتحثه على السير .. في الوقت الذي لم تعرف نور ما الذي يجب عليها فعله للفرار من هذا الحبيب المجروح .

dew 01-07-10 11:40 PM

مراحب my faith

أولا أبغى أعتذر منك أشد الاعتذار لأني انقطعت عن قراءة روايتك الرائعة

أرجووووووووووووووووووووووك أكمليها ..لأن بصراحة الأحداث شدتني ...

حسام / آآآآآآه منه ..في منتهى الرومنسية واللطف .والشهامة ..رجل نبيل جدا ...وغارق حتى أذنيه في حب بطلتنا العزيزة ...

نور / إن شاء الله راح تفهمين نظرات حسام الغريبة واللي اسمها حب وهيام وعشق ...المرض اللي أصابها كان مفاجئ وتدرين حلو إنك خليتيه مرض غريب أول مرة نسمع فيه ..لأن لو كان السرطان مثلا كانت صارت بايخة ..لكن ماشاء الله عليش عندش قدرة تخليننا متحمسين لآخر كلمة في الجزء ...

سامح / الله يهديك يا سامح ..ايش ناوي عليه ؟
متحمسة جدا للجزء الجاي وأرجووووووووك لاتتأخرين علينا

my faith 06-07-10 12:46 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة dew (المشاركة 2364630)
مراحب my faith

أولا أبغى أعتذر منك أشد الاعتذار لأني انقطعت عن قراءة روايتك الرائعة

أرجووووووووووووووووووووووك أكمليها ..لأن بصراحة الأحداث شدتني ...

حسام / آآآآآآه منه ..في منتهى الرومنسية واللطف .والشهامة ..رجل نبيل جدا ...وغارق حتى أذنيه في حب بطلتنا العزيزة ...

نور / إن شاء الله راح تفهمين نظرات حسام الغريبة واللي اسمها حب وهيام وعشق ...المرض اللي أصابها كان مفاجئ وتدرين حلو إنك خليتيه مرض غريب أول مرة نسمع فيه ..لأن لو كان السرطان مثلا كانت صارت بايخة ..لكن ماشاء الله عليش عندش قدرة تخليننا متحمسين لآخر كلمة في الجزء ...

سامح / الله يهديك يا سامح ..ايش ناوي عليه ؟
متحمسة جدا للجزء الجاي وأرجووووووووك لاتتأخرين علينا


تسلمي اختي الغاليه .. وما تعتذري تاني مره بيكفي كلامك اللطيف لي واللي بيزيدني تشجع الله يسلمك يا روحي .. وان شاء الله تظل الروايه جاذباك على طول

my faith 06-07-10 12:48 PM


(10)
تقاليد يمنية


كانت الحيرة تلفها .. واضطرابها يزداد .. خصوصا بعد أن سببت أزمة سير .. فيبدو أن سامح قد اقسم ألا يتحرك إلا بها .. كان ينتظرها بعصبيه بالغه .. وهي تقف مشدوهة لرؤيتها اشتعال الغضب في عينيه .. بدأت ترتجف خوفا منه .. فهل تستطيع الصعود معه .. النظر في عينيه .. تلك العينين البنيتين واللتان لطالما عشقت بريقهما الصارخ بحبها .. ولكنها الآن ترى فيهما توهج كرهه لها .. شعرت نور بأنها محاصره ولم تجد مفرا من الصعود معه .. كما أنها لا تملك سببا لرفضها الصعود مع ابن عمها ..
نعم فسامح سيبقى دوما .. ابن عمها .. ومهما تغيرت المسميات .. والمشاعر التي تربط كليهما .. لن تستطيع أبدا تجاهل رابط القرابة بينهما ..
حرك سامح السيارة بسرعة جنونية .. ما أن استقرت نور بجانبه .. مما زاد خوفها منه .. كانت تود أن تأمره بان يخفف السرعة .. ولكنها لم تجرؤ على فعل ذلك .. وظلت تنظر أمامها متصنعه الهدوء وهي تلعب بأناملها بتوتر واضح .. وكأنها طفل صغير مخطئ ينتظر عقاب والديه ..
لم يحدثها هو .. فراحت تختلس النظر إليه .. روعها منظره الذي لم تدقق عليه مسبقا .. لقد كانت آثار الأرق بادية على ملامحه .. وترسم ظلالها تحت عينيه .. كما أنه أصبح أكثر نحافة .. لقد رأته غاضبا من قبل .. ولكن ما تراه اليوم كان اسوأ .. كان يمسك بمقود السيارة بقوه والعروق تبدو نافرة تحت جلد يديه ..

وفجأة التفت إليها مباغتا إياها بسؤاله الغريب والذي لم تستوعبه للوهلة الأولى :
- متى تنوين تركه ؟.
- اترك من ؟.
- حسام .
فغرت نور فاهها دون وعي منها .. ثم عقدت حاجبيها وتساءلت بحده :
- هل جننت يا سامح ؟.
كانت حاجبيه لا يزالان مقعدان فوق عينيه .. وضغط على أسنانه .. ثم أجاباها بحرقه :
- ألا يحق لي ذلك بعد كل ما تفعلينه بي يا نور ؟.
لم تستطع الرد عليه .. فخفضت رأسها وهي تحاول تهدئه ذلك القلب الذي راح يتلوى بين ضلوعها معلنا رفضه لكل قراراتها .. أنها لم ترى سامح بمثل هذا الضعف أبدا .. وهذه المرة الأولى التي يتمسك بها بهذا الشكل .. وإصراره هذا يعذبها .. يجعلها تشعر بالسخط على نفسها .. لأنها تسبب له كل تلك المعاناة ..

حلق الصمت فوق رأسيهما لبرهة .. بعدها شعرت به ينحرف بالسيارة ليوقفها على جانب الطريق .. التفت إليها وبدأت ملامحه ترق بعد أن رأى تلك الدموع التي كانت تتلألأ في عينيها السوداويين :
- لماذا يا نور ؟.. لما قررتِ تعذيبي .. ونسيتِ بأنك تجرحين نفسك بالمقابل ؟.
لقد كان محقا في كل كلمه يقولها .. نعم .. إنها تحس بجرحه يتعمق في صدرها هي .. ولكنها لا تستطيع أن تصارحه بالحقيقة ولا أن تجعله يعاني معها مرضها النادر .. فهي تحبه .. ولطالما أحبته ..
ردت عليه بصوت خافت وكأنها تجيب على أفكارها هي :
- لا استطيع يا سامح .. لا استطيع ..
- ما هو الذي لا تستطيعينه .. أنا لا أجد سببا مقنعا لهذا الارتباط .. لذلك يكفي يا نور .. لقد نجحت .
رفعت رأسها والدهشة تعلو ملامحها .. إنها لم تعد تفهم ما يرمي إليه .. أردف هو برفق اكبر :
- نور .. أن كنت تودين اختبار مشاعري نحوك .. فها أنا اعترف بأنك نجحت .. أنا أموت في كل لحظه .. ولن أتقبل أبدا فكره هذا الارتباط المزيف .. لذلك يكفي .. يجب أن تنهيا هذه المسرحية التي تقومان بها .
كان كلامه يزيد من عذابها .. ولم تعرف بماذا تجيبه .. كيف تقنعه دون أن تجرحه أكثر من ذلك .. كيف تخبره بأنها لم تعد ملكا له .. فجأة تذكرت كلمات حسام لها .. بان سامح لابد أن يغفر لها يوما .. لذلك نطقت أخيرا بكلمات خافته تقطر حزنا :
- ثق بأنه سيأتي يوم ستتوضح لك كل الأمور .. وبعدها ستكون أنت من يملك الخيار .
شعرت بملامحه تقسو من جديد .. وراح يصرخ بحده وهو يسد أدنيه :
- كفى .. كفى .. أنا لا أود أن اسمع مثل هذا الكلام ..
ثم امسك بكتفيها وهزها وعينيه تلمعان بحزنه المكتوم :
- هيا يا نور .. اتركيه .. اتركيه من اجلي .. فلتنهي هذه التمثيلية الآن .
لم تشعر نور بنفسها إلا وهي تحضن يدها اليسرى والتي يستقر على إصبعها خاتم حسام .. وكأنها تحميه من حبيبها المجنون .. فكانت حركتها تلك سببا في تشنج يدي سامح الممسكة بكتفيها .. كانت عينيه تكاد تخرجان من هول الصدمة .. بعد أن ميز أن نور أضحت الآن زوجه أخاه .. بفعل هذا الخاتم ..
بعد لحظات سقطت يديه من عليها .. وأثار الدهشة لا تزال تسيطر على كل خليه في وجهه الوسيم .. ثم ضرب مقود السيارة بقبضتيه .. فانتفضت نور رعبا .. وهي تغمض عينيها الدامعتين .. أتاها صوته المترنح تحت وطأه دموعه .. وتساءل بصعوبة :
- متى ؟.
توقف قلبها لرؤيته يبكي .. وتمنت لو استطاعت أن تحضنه .. أن تخفف عنه .. أن تنسيه كل ما سببته له من وجيعة .. حاولت أن تسيطر على نفسها كي لا تفلت نشيجها .. وأجابته بصوت مهزوز على ذلك السؤال الذي تدرك مقصده منه :
- لقد تم عقد القران قبل أسابيع .. ونحن على وشك الزواج أيضا في الشهر القادم ؟.
التفت إليها بسرعة خاطفه .. وكأنه سيهم بتكذيب حديثها .. أو هكذا تمنى .. ولكنه أدرك صدقها بعد أن عاود النظر إلى ذلك الخاتم الذي يلمع بين أناملها الرقيقة .. حاول أن يتابع حديثه معها .. ولكن الصدمة ألجمت لسانه .. مؤكد أن والدته فضلت عدم إخباره بذلك .. كما انه لم يعد يتواجد في البيت .. بعد أن أقام مع مجموعه من أصدقائه العزاب ..
غطى وجهه بيديه ليحبس تلك الدموع التي تحاول الإفلات منه .. واخذ نفسا عميقا وهو يمرر أنامله بين خصلات شعره .. لم تعد نور تحتمل هذا الجحيم الذي تعيش فيه .. رؤيتها لهذا الحبيب .. الذي تحرق قلبه بيديها .. وبالرغم من أنها لا تعرف أين هي الآن .. إلا أنها فتحت باب السيارة محاوله الهرب كعادتها .. شعرت في تلك اللحظة بيده تمسك بذراعها ليستوقفها .. ثم بدأ بتحريك السيارة .. دون إن ينطق بكلمه واحده .. أغلقت هي الباب مره أخرى .. وجلست والدموع تنزلق على وجنتيها بصمت .. وبعد لحظات كانت السيارة تقف أمام منزلها .. كانت لا تشعر بقدميها .. وأحست بأنها تجر نفسها بصعوبة .. لم يكن قلبها يقوى على فراقه وهو بتلك الحالة .. ولكنها لم تستطع سوى أن تقول له كلمتين قبل أن تخرج :
- أنا أسفه .
كان عقلها مشتتا .. وأحست بان قلبها يوشك أن يقفز من صدرها لكي يبقى بجانبه .. ولكنها لم تجد سوى كلمه أسفه لتودعه بها .. بالرغم من إحساسها .. بأنها مظلومة مثله ..


استندت بظهرها على باب منزلها بعد أن أغلقته خلفها .. وظلت تغالب دموعها .. لم تكن تود أن تراها والدتها بتلك الحالة .. ظلت صوره سامح تتحرك أمام عينيها فتزيد من وجعها .. بعد برهة أطلت والدتها من أعلى الدرج .. بعد أن سمعت صوت الباب .. صعدت نور مسرعه وهي تخفي دموعها .. فاحتضنتها الأم بقلق :
- لما تأخرت يا نور لقد قلقنا عليك ؟.. ولما هاتفك مغلق ؟.. لقد كاد حسام أن يجن بسببك .
- حسام ؟.
تساءلت بشرود .. فراحت الأم تشرح لها :
- لقد جاء لرؤيتك بعد أن انتهى من عمله .. وكان يود أن يخرج للبحث عنك لولا أننا اتصلنا برهف وطمأنتنا عليك .. هيا ادخلي فهو ينتظر في حجرتك .
تركتها والدتها عند باب الحجرة .. فراحت دموعها تنهمر بغزاره اشد عندما علمت بوجود حسام .. فتحت الباب وهي ترتجف .. كان هو يقف وسط حجرتها .. وما أن رأته .. اندفعت نحوه بسرعة بالغه وانفجرت باكيه في حضنه .. كانت تغطي وجهها في صدره .. لكي تكتم نشيجها المتزايد .. طوقها حسام بذراعيه الدافئتين .. وضمها إليه برفق وهو يربت على رأسها .. والقلق يتخلل كلماته الهادئة :
- ما بك صغيرتي .. هيا اهدئي .. ولتخبريني ما الذي حدث ؟.
لم تستطع الحديث .. فالحزن الذي تشعر به لم يدعها تتغلب على دموعها .. ولم يترك لها مجالها للحديث .. لم يحتمل حسام صمتها .. وبدأت أسئلته تنهال عليها :
- هل حدث لك مكروه ؟.. هل ضايقك احدهم ؟.
كانت نور لا تزال تتشبث به وهي تحرك رأسها يمينا ويسارا فوق صدره .. فأردف حسام بتوتر :
- إذا ما بك .. صغيرتي ؟.
هدأ نشيجها أخيرا .. بعد أن استنزفت كل دموعها .. وعندما غمرها الهدوء .. استطاعت سماع ذلك النبض الهائج والذي يرن في إذنها القريبة من صدر حسام .. انتفضت نور لذلك .. ما الذي تقترفه في حق حسام .. ها هي تعود لتعذبه بهمومها من جديد .. رفعت عينيها إليه لتحدثه بحزن اشد :
- أنا أسوأ إنسانه على هذا الوجود يا حسام .
حضن حسام وجهها ورأت الألم يرتسم على ملامحه :
- لماذا تقولين مثل هذا الكلام .. صغيرتي ؟.
- لأنني كذلك .
عاودت الحديث من خلال دموعها الجديدة :
- لأنني لم اكتفي بتعذيب سامح .. بل أشركتك معي في هذه الدوامة المؤلمة .
أطبق الصمت عليه .. وراحت هي تفرغ محتويات قلبها المجروح :
- لقد رأيته اليوم .. وجدت العذاب يسكن بين عينيه .. ولأول مره بحياتي أره يبكي .. لقد كنت أنا السبب في دموعه يا حسام . أنا السبب في كرهه لي ولك .. لقد بت اكره نفسي على ذلك ..
رفعت رأسها إليه من جديد وتساءلت متوسلة :
- ما ذنبك أنت في كل هذا يا حسام .. ومتى سينتهي هذا العذاب الذي اشعر به .. متى ؟.
أجلسها على السرير بهدوء .. وجلس هو على إحدى ركبتيه إمامها .. طوق أناملها الناعمة بيديه الدافئتين .. وبدأ يحدثها بصوته العميق الهادئ :
- متى ستدركين أنت مدى حبي لك ؟.
راح قلبها ينبض بقوه .. جراء تلك الكلمات التي هزت كيانها .. وتلك النظرة الغريبة والتي لم تعد تفهمها .. كانت تلك المشاعر التي تشع منه أقوى من أن تحتملها .. مما جعلها تشعر بسخط اكبر على نفسها عندما إجابته :
- وهل استحق أنا كل هذا الحب ؟.
راحت تنظر إلى أناملهما المتشابكة بأسى .. وسقطت إحدى دموعها لتستقر على يده .. داعبت أنامله تلك الدموع المتناثرة على خديها .. ثم رفع رأسها لكي ترى عينيه .. تلك العينين اللتان تشاركها كل انفعالاتها .. وترى فيهما تلك الروح الجميلة التي يمتلكها .. كان حبه لها .. والذي لا يقبل التنازل عنه أبدا .. يربكها كثيرا .. مؤكد أنها لم تخطئ في ذلك السؤال .. فهي لا تستحق حب حسام لها .. اخذ هو نفسا عميقا ثم ابتسم لها بود :
- أنت حقا لا تدركين قدرك في قلبي .. يا نور ؟.. ولكن ما يهمني الآن هو أن لا أرى هذه الدموع مره أخرى .
أكمل حديثه هذه المرة بعد أن عاودته سحابه الحزن :
- صغيرتي .. لقد أخبرتك مسبقا .. إن ارتباطنا هذا لن يدوم .. وأنا كفيل بتوضيح كل الأمور لسامح .
لا تدري لماذا انقبض قلبها عند قوله ذلك ولكنها ابتسمت مطمئنه بعد ذلك القلق الذي سببته له .. و قف هو ليجلس بجانبها على السرير .. ضمها إليه برفق وقبلها على رأسها :
- أن هذه الابتسامة هي ما سأظل انشده دوما .. ولا تعاودي قول هذا الكلام عن كرهك لنفسك مره أخرى .
رفعت رأسها إليه محاوله أن تتحدث ولكنه وضع إصبعه على شفتيها :
- الاعتراض غير مسموح .. ويجب أن تنفذي أوامر زوجك .
هزت رأسها بالإيجاب بسرعة .. فوقف هو مودعا إياها بعد أن نظر إلى الساعة وأدرك تأخر الوقت :
- يجب أن اذهب الآن .
أمسكت بذراعه وهي تحاول إبقاءه :
- ألن تتناول العشاء معنا ؟.
- اعذريني .. فأنا أود أن التقي شخص ما ؟.
- حسنا .
كان تواجد حسام في حياتها يشعرها بالأمان .. بالدفء .. داعب وجنتها بأنامله وهو يحدثها قبل أن يخرج :
- ليتك تستطيعين رؤية نفسك بعيوني .. يا صغيرتي الحساسة ؟.
شعرت نور بان يتعمد دفع قلبها للجنون .. فالتهبت وجنتاها بحمره حياء .. أشاع منظرها الخجل الفرح في ملامحه .. ثم امسك يدها وجرها خلفه قائلا بمرح كي يخرجها من ذلك الجو المربك والذي يدرك هو بأنها لم تتعوده منه :
- هيا .. فلتهربيني الآن .. قبل أن تمسكني والدتك للعشاء .
سارت خلفه باستسلام .. وهي تكتم ضحكتها .. حتى لا تشعر والدتها بهما .. وراحا يتسللان على الدرج .. ودعته بابتسامتها الجميلة .. وعندما عادت إلى حجرتها .. غضت في نوم عميق .. خالي من الهموم ..


----------------------
كانت نور تشعر بان الأيام تشارك من حولها فرحتهم .. وتنقضي بسرعة كي تزف العروسين الشابين لبعضهما .. وعند قدوم الشهر الجديد .. غرقت في سلسله الاحتفالات التي أصر الأهل والأصدقاء على إقامتها للعروسين المحبوبين فأصبح الغناء والرقص لا يهدأ بداخل البيت .. وعلى غير المتوقع استمتعت نور كثيرا بتلك الحفلات وخصوصا حفل الزقره .. كانت تلك الوجوه الباسمة .. والفرحة التي ترقص في عيون كل من حولها تشعرها بالسعادة .. كما أن الخالة هدى حضرت تلك الاحتفالات بعد أن استطاع حسام إقناعها بمساعده العم صلاح .. فبوجودها اكتملت الفرحة في قلب نور ..
أحبت نور عندما غطوها بالقماش الأخضر والمطرز فراحت تطالع الكل وهم يزغردن حولها ويرقصن بفرح .. كانت مستمتعة وهي تراهم من وراء ذلك الحجاب .. فبتلك الوضعية لم تكن تعاني مشاعر الخجل من تركيز الأنظار عليها .. بعد فتره ليست بالقصيره قاموا بزفها إلى الحمام .. لتغتسل .. كانت التقاليد تقتضي بان تدخل جده العروس أو والدتها معها .. لكي تساعدها بالاغتسال بالحناء والهرود .. وغيرها من مساحيق الأشجار الطبيعية .. ولكن نور احمرت خجلا عندما حاولن إقناعها بذلك .. واستطاعت أن تفلت منهم .. بعد ذلك جاء دور صديقاتها في تزيينها .. فجعلوها ترتدي الزي التقليدي لفتيات عدن وما يسمى بالدرع كان عبارة عن قماش حريري خفيف وشفاف .. تتناثر عليه بعض الفصوص اللامعة .. ويفصل بشكل بسيط وواسع كان جمال الدرع يظهر بالألوان المرسومة عليه .. وبقماشه الشفاف .. والذي ترتدي الفتاه تحته ما يشبه التنوره الطويلة وحماله صدر يكونان مطابقان للونه .. ويبقى خصرها النحيف ظاهرا من تحت قماش الشفاف .
كانت رهف تحوم حولها بمرح .. وتحاول مساعده الفتيات بإتمام زينه نور .. فقمن بتبخير شعرها بالعود والبخور .. ثم بتسريحه وذلك بعمل جديلة طويلة تلف بخيوط من زهور الفل العطرة .. فلقد كانت تلك التسريحة تعد من تقاليد حفله الزقره وكانت تسمى بالصفاء بعد ذلك ألبستها رهف الذهب .. وشدت الدرع حول خصرها بحزام من الذهب أيضا .. في الوقت الذي كانت إحدى صديقات نور تضع الأصباغ على وجهها الجميل .. وبعد نصف ساعة تقريبا .. كانت نور تشع بفتنه بريئة .. أكملن الحفل بعد ذلك .. وشاركت نور صديقاتها في الرقص اليمني المسمى بالشرح .. كما رقصت مع والدتها .. ووالدة حسام ..
في تلك الأثناء كان حسام يحتفل أيضا مع أصدقاءه .. كانت التقاليد اليمنية تقتضي من الشاب أن ينصب خيمة خشبية كبيره بجانب بيته ليقيم حفل المقيل والذي يتناولون فيه القات .. ولأن حسام لا يتناوله لم يحبذ أقامه ذلك الحفل .. لكن أصدقاءه أقمن له حفلا آخر وهو الليوه .. فهي شبابيه أكثر من المقيل .. ففيها يوضع مكبري صوت في ركني الحارة .. ويتجمع شبابها وكل أصدقاء العريس .. بحضور فرقه شعبيه .. للغناء اليمني .. ويبدأ الشباب بعمل حلقه كبيره يتشاركن فيها الرقص والمرح طول الليل ..
بعد انتهاء الحفلين .. ذهب حسام لبيت نور .. كي يحضر لرهف فستانها من عند الخياط .. فلقد كان حفل الزفاف بعد الغد .. وعندما فتحت له نور الباب .. ضحك الاثنين على بعضهما .. لم يكن حسام قد رآها من قبل ترتدي الزي التقليدي للنساء .. وهي كذالك .. ظلت تتفحصه .. وهو يقف ممشوق القامة أمامها .. كان يرتدي قميصا اسود اللون مع إزار يسمى بالمعوز .. لقد كان وسيما جدا .. وذلك اللون الأسود الذي يرتديه كان يزيد من جاذبيه بشرته السمراء .. طلت رهف من الحجرة برأسها بعد أن شعرت بصمتهما .. ثم قال بمرح :
- حسام .. حتى أنت ارتديت الزي التقليدي ؟.
جاءت الأم على حديث رهف .. وتقدمت منه لتسلم عليه .. فقبلها على رأسها بأدب :
- فليباركما المولى .. وليحرسكما من كل عين حاسده .
ابتسم العروسين بحياء .. ثم فجأة دخلت رهف إلى الحجرة وجاءت بالكاميرا .. لكي تلتقط لهما صوره .. بعد ذلك نظرت بريبه إلى حسام .. وتساءلت بقلق .. وهي تراه خالي اليدين :
- أين هو فستاني .. الم يجهز بعد ؟.
خبط حسام جبينه بيده برفق وأجابها بحياء :
- لقد نسيته في السيارة .. سأحضره حالا .
ضحكت رهف عليه وقبل أن تعلق مازحه .. أشارت لها نور بعينيها كي تكف .. فهي تدرك مدى خجل حسام .. ظلت نور تنتظره ودخلت رهف والأم إلى الحجرة .. عندما رأته أسفل الدرج .. استوقفته كي تنزل هي لأخذ الفستان .. نزلت بسرعة وعند الدرجة الأخيرة كادت تسقط فتلقاها هو بين ذراعيه .. ابتعدت من حضنه بحياء .. فحدثها مازحا :
- هل تسعين لتشويه عروستي ؟.
زاد احمرار وجنتيها .. فاقترب منها أكثر وهمس في أدنها .. وهو يضع الفستان بين يديها :
- هذا ما كنت أود رؤيته قبل أن اذهب .
ثم اختطف قبله سريعة من خدها وهو يودعها مازحا :
- تصبحين على خير صغيرتي .. ولتحلمي بي .
خرج حسام دون أن ينتظر ردا منها .. وكانت هي تحاول أن تتمالك نفسها .. وتهدئ ذلك الصخب الصادر من قلبها .. صعدت الدرج بفكر شارد .. وكأنها تحت تأثير المخدر .. وعندما دخلت الحجرة اختطفت رهف الفستان منها لتقيسه .. فحمدت الله انشغال رهف عنها .
في تلك الليلة هجر النوم عينيها .. ظلت تفكر بحسام .. وبتلك الأحاسيس الجديدة التي يشعرها بها .. ذلك الاضطراب اللذيذ الذي يدغدغ مشاعرها بلطف كلما اقترب منها .. أو همس في أذنها .. رفعت أناملها لتتحسس خدها .. ثم ابتسمت بحياء وهي تحاول طرد تلك الأفكار من رأسها .. كم هي حمقاء .. لا يمكن أن تدع هذه الأحاسيس الغريبة تسيطر عليها .. فمؤكد أن حسام مثلما هو .. يسعى دوما لإدخال الفرح إلى قلبها .. بكلامه الرقيق وبهالة الحب التي يرسمها حولها ..
استيقظت بكسل بعد أن عانت الأرق في الليلة الماضية .. كان هنالك جو كئيب يعم البيت .. فاليوم آخر يوم لها في بيتها الحبيب .. كانت تحاول تحاشي النظر إلى عيني والدتها .. ولكن عندما جاء حسام بعد أذان العصر لأخذها لصالون التجميل .. وحانت لحظه الوداع .. أحست نور بيد قاسيه تعتصر قلبها .. وخنقتها العبرات .. سلمت على كل المتواجدين في البيت بدموعها الصامتة .. حتى الخال نبيل أحست بأنها ستشتاق إليه .. وحينما احتضنتها والدتها .. كانت تود لو تصرف عمرها كله في صدرها الحنون .. خرجت من البيت بصعوبة .. وظل حسام يرمقها بصمت وهي تجفف دموعها .. لم يكن بحاجه لسؤالها فهو يدرك كل الانفعالات التي تمر بها ..
رغم كل الحزن الذي تحسه .. لكنه كان يوما جميلا .. كانت هي كالملاك الطاهر بذلك الثوب الأبيض الطويل .. وتلك الطرحة التي تغطي وجهها .. لقد رأت جمالها في مرآه عيني حسام .. عندما رفع لها طرحتها وقبلها على جبينها .. من ثم دخلا لقاعه الاحتفال على أنغام هادئة .. شعرت بجو مريح يغمر المكان .. مما زادها هدوء .. وفي منتصف الطريق حلقت عليهما شله من الصديقات وبدأن بزف العروسين بأغاني عدنيه ..
كان الخجل يتملكها .. خصوصا عندما أصرت رهف أن يرقص العريسين قبل مغادرة حسام للقاعة .. وقامت متغطية كليهما بطرحة نور الطويلة .. كانت تدرك مدى حياء حسام .. فراحت تبتسم له وتحدثه مازحه :
- أنت تتعرض لكل أصناف العذاب بجانبي .
ضحك لقولها ورد عليا وهو يقربها منه :
- ولكني لم اشتكي .
قبلها على جبينها قبل أن يغادر القاعة .. أكلمت نور الاحتفال وهي تشعر بسعادة لرؤيتها لفرحه أحبتها .. انقضاء السهرة بسرعة بالغه .. أو هكذا هيئ لنور .. وفي منتصف الليل كانت في بيتها الجديد .. رافقتها والدتها وبعض النسوة من الأهل والأصدقاء .. ثم ودعوهما بعد أن أطمئنوا عليهما .. ظلت نور تقف بقلق في حجره النوم تنتظر حسام الذي رافقهم إلى باب المنزل ..
كانت ترهف السمع إلى ما يدور بجانب الباب من أحاديث .. وتشعر باضطراب في جميع حواسها .. ثم تزايد وقع نبضاتها مع وقع خطوات حسام المقتربة نحوها .. حاولت أن تذكر نفسها بشكليه هذا الارتباط .. وبإخوة حسام المؤكدة لها .. لكن دون جدوى فذلك القلب الهائج يأبى أن يفهم ذلك ..
اقترب منها حسام بهدوء .. وطوقها من الخلف بذراعيه .. احمرت وجنتيها وسرت رعشه خفيفة في بدنها عندما شعرت بدفء جسده وهو يشدها برفق نحوه صدره العريض .. ثم اخذ نفسا عميقا من ذلك العبير المنبعث من خصلات شعرها الأسود .. وهمس في أذنها بصوت يملؤه الشغف :
- احبك .

my faith 06-07-10 12:53 PM

السلام عليكم انا حبيت بس اعتذر لكم على التاخير بس انا لسه يوم الخميس خلصت امتحانات ..
بس ليه ما بتردوا عاد على الروايه .. يا ريت اعرف ارائكم .. عن جد بيهمني كلامكم .. حتى لو كان انتقادر ..
دمتم بود احبتي في الله

نوف بنت نايف 06-07-10 01:15 PM

الحمد لله على السلامه مي مي منوره الحته
لي عوده بعد القراءه
صراحه قراءت جزءك الماضي اول مانزل
بس عاد شتقولين شفتك بتغيبين ضاق خلقي وقلت برد بعدين
وما حسيت الا الاسابيع طارت

ياهلا مليون قلبي
*****************

هلاااااااااا مليون وعدنا بعد القراءه

اووووووووووووووووووو ماي قاد واخيرا ياحسام قدرت على قلب صغيرتك نور

صراحه مي مي البارت مره عجبني وحسيت بانسجام وانا اقراءه

سامح جد مسكين كان يحسب خطوبت حسام ونور حركه لاثاره غيرته
يا قلبي عورني عليه بس اضل اقول انه مضلوم المفروض خبروه بمرضها
بس اعتقد حسام مو قادريتخيل اذا وافق اخوه وقبل نور بكل مافيها هنا راح يضيع حبه
**********
الاحتفالات اليمنيه صراحه حلو توضيفها لخدمه القصه يعني ضبط الوضع وبعد موضوع نودي الحضرميه كمله الفكره ميمي
صراحه ماقصرتو
**********
كلمه حسام الاخيره اشوفه ماقصر وضرب الحديد وهو حامي وحسسها بحبه في وقت مشاعرها كلها متوجهه له
مي مي انتظر القادم بشوووووووق واتمنى نور وحسام يتجاوزون المرض ومايكون هناك عائق يؤدي لانفصالهم
صراحه ضاق خلقي من كلمات حسام قبل الزواج وانه زواجهم وقتي
فيس خاف من الكلمه
بانتظارك دومااااااااااااااااا

my faith 06-07-10 03:42 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نوف بنت نــــايف (المشاركة 2370464)
الحمد لله على السلامه مي مي منوره الحته
لي عوده بعد القراءه
صراحه قراءت جزءك الماضي اول مانزل
بس عاد شتقولين شفتك بتغيبين ضاق خلقي وقلت برد بعدين
وما حسيت الا الاسابيع طارت

ياهلا مليون قلبي
*****************

هلاااااااااا مليون وعدنا بعد القراءه

اووووووووووووووووووو ماي قاد واخيرا ياحسام قدرت على قلب صغيرتك نور

صراحه مي مي البارت مره عجبني وحسيت بانسجام وانا اقراءه

سامح جد مسكين كان يحسب خطوبت حسام ونور حركه لاثاره غيرته
يا قلبي عورني عليه بس اضل اقول انه مضلوم المفروض خبروه بمرضها
بس اعتقد حسام مو قادريتخيل اذا وافق اخوه وقبل نور بكل مافيها هنا راح يضيع حبه
**********
الاحتفالات اليمنيه صراحه حلو توضيفها لخدمه القصه يعني ضبط الوضع وبعد موضوع نودي الحضرميه كمله الفكره ميمي
صراحه ماقصرتو
**********
كلمه حسام الاخيره اشوفه ماقصر وضرب الحديد وهو حامي وحسسها بحبه في وقت مشاعرها كلها متوجهه له
مي مي انتظر القادم بشوووووووق واتمنى نور وحسام يتجاوزون المرض ومايكون هناك عائق يؤدي لانفصالهم
صراحه ضاق خلقي من كلمات حسام قبل الزواج وانه زواجهم وقتي
فيس خاف من الكلمه
بانتظارك دومااااااااااااااااا

يا روحي انت والله انا بس انشغلت مع الامتحانات .. بس ان شاء الله الان ما باخر عليكم البارتات باذن الله
وانا والله كنت بدخل اتفقد المنتدى وبشوف محد رد هههههههههه والله صدمه هههههههه اقول شكله البارت ما عجبهم ههههههههه
بس الحمد لله ردك هذا اسعدني كثيييييييييير تسلمي يا قمر ..
وانا فرحانه كمان ان الاحتفالات اليمنيه نالت اعجابك
في امان لله غاليتي وبحبك في الله

فيتامين سي 08-07-10 06:42 AM

مشكوره يالغاليه على الروايه الرائعه

أتوقع زواح نور وحسام ماراح يكون شكلي

لأن الإثنين يحبون بعض

أرجوا إنك ماتتأخري علينا ببقية الأجزاء
منتظرينك يالغلا



my faith 08-07-10 02:50 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فيتامين سي (المشاركة 2373158)
مشكوره يالغاليه على الروايه الرائعه

أتوقع زواح نور وحسام ماراح يكون شكلي

لأن الإثنين يحبون بعض

أرجوا إنك ماتتأخري علينا ببقية الأجزاء
منتظرينك يالغلا




تسلمي حبيبتي على تواجدك معي بملاك الحب .. وان شاء الله ما اتاخر عليكم بالاجزاء

my faith 11-07-10 08:09 PM

(11)
قرار

اقترب منها حسام بهدوء .. وطوقها من الخلف بذراعيه .. احمرت وجنتيها وسرت رعشه خفيفة في بدنها عندما شعرت بدفء جسده وهو يشدها برفق نحوه صدره العريض .. ثم اخذ نفسا عميقا من ذلك العبير المنبعث من خصلات شعرها الأسود .. وهمس في أذنها بصوت يملؤه الشغف :
- احبك .
تسمرت نور بين ذراعيه .. وحبست أنفاسها .. شعور بالخوف كان يتسرب داخلها .. ابتعد حسام عنها قليلا .. وامسك بكتفيها ليديرها نحوه .. قابلتها ابتسامته الدافئة :
- هل أخفتك ؟.
هزت رأسها بالنفي بشكل غير واعي .. ولكنه راح يزيد من اضطراب مشاعرها .. عندما لثم كفيها الناعمين بين يديه .. وشبك أنامله بأناملها التي أضحت كقطع من الجليد .. كانت تشعر بخديها يلتهبان من شده خجلها وبفعل تلك الأنامل التي تداعب كفيها .. نظر إليها حسام .. ورنه العشق تصرخ في كلماته :
- هل تعلمين انك أجمل فتاه رأتها عيناي ؟.
ثم رفع يدها وقبلها .. مردفا بصوت خافت وكأنه يحدث نفسه :
- أم أن عيناي لم تعد ترى غيرك ؟.
للحظه شعرت نور بالدوار .. فكلمات حسام الهائمة تفقدها السيطرة على نفسها .. لقد قلب كيانها في هذه الدقائق القليلة .. لم يعد قلبها يحتمل المزيد .. ولم تعد هي قادرة على إخماد ثورته بين الحنايا ..
اختلست نظره سريعة نحو حسام .. وما رأته في عينيه كان كفيلا بإرباكها .. كاد قلبها يجزم بان هذا الشاب الذي يقف أمامها لا يشبه حسام ابن عمتها وأخاها الكبير .. ولكن هنالك جزء بداخلها ظل ينفي ذلك بإصرار .. غير معقول .. هل يحبني حسام ؟.. هكذا تساءلت بشك .. ولكن منذ متى ؟.. إنها تدرك عمق تلك المشاعر التي يكنها لها .. ولكنها لا تستطيع مطلقا ترجمه أحاسيسه نحوها لأكثر من أخوه صادقه .. ولكن هل ما تحسه هي يدرج تحت مسمى الأخوة .. نعم هذا سؤال أهم يجب أن تواجه به نفسها .. فهي لا تستطيع إنكار هذا الاضطراب اللذيذ الذي يختلجها .. ما إن تلمسها يداه .. دقات هذا القلب المجنون .. والذي سرعان ما يقرع طبول التوتر عندما يخصها بتلك النظرة التي تجهل أسرارها ..
جاهدت نور لكي تطرد تلك الأفكار من مخيلتها .. إن حسام مثلما هو .. وسيبقى كذلك دوما .. أكثر شخص يحبها .. ويخشى عليها من نسمات الهواء الرقيقة .. وستظل هي دائما صغيرته التي يهوى .. كم هي حمقاء حقا .. فلابد أن هذه طريقته الجديدة للتخفيف عنها ..
ابتسم لها حسام تلك الابتسامة التي تعشقها .. محاولا بث الاطمئنان فيها .. فهو قادر على قراءة تعابير الحيرة المرتسمة على ملامحها ..
سحبها حسام برفق بيديه اللتان لا تزالان تطوقان أناملها .. وأجلسها على السرير .. كانت تشعر وكأنها دمية من قماش تتعلق خيوطها بين أنامله ليحركها كيف يشاء ..
حدثها ولكن بصوت جاد هذه المرة .. وتوهمت رؤيتها لحزن يغزو عينيه .. وشعرت بتلك اللحظة انه لا يقل عنها توترا .. وكأنه يصارع شيئا بداخله :
- صغيرتي .. هل لي أن اطلب منك شيئا ؟.
أجابته نور بهزه خفيفة من رأسها .. لم تعد تفهم شيئا الآن .. لقد أصبح حسام لغزا محيرا بالنسبة لها .. فلطالما كانت تملك القدرة على قراءة عينيه مثلما يستطيع هو .. ولكنها الآن لا تقوى حتى على التكهن بما يدور في رأسه .. أخرجها صوته الدافئ من شرودها .. وراحت تنصت له مع تعالي دقات قلبها :
- أنا أدرك يا نور شكليه هذا الارتباط .. ولكني مع ذلك أتمنى أن افعل معك كل ما أمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم .. في ليله مثل هذه .
تعلقت عينيها بعينيه الحالمتين .. وابتسمت دون وعي منها .. فذكره لرسولها الحبيب أشعرها بإحساس لطيف .. أردف حسام قائلا بعد أن أحس بتجاوبها معه :
- فأنا أود أن يبارك الله لنا أيامنا القليلة معا .. صغيرتي .
رغم تذكير حسام لها بشكليه الارتباط .. إلا أن خجلها لم يفارقها .. وأشارت له برأسها بالموافقة .. وكأنها قد نسيه لغة الكلام ..
رفع حسام يده اليمنى ووضعها على جبينها .. وراح يردد :
- ((اللهم إني أسالك خيرها وخير ما خلقت له .. وأعوذ بك من شرها وشر ما خلقت له .. اللهم بارك لنا وبارك علينا .. واجمع بيننا في الخير )) .
وقف بعد ذلك ويسحبها معه :
- هيا لنتوضأ الآن .. كي نصلي ركعتين .
تبعته نور بخضوع .. وتوضأت بعد أن انتهى هو من وضوئه .. ثم ارتدت ثوب الصلاة .. وانتصبت خلفه .. لكي تؤدي تلك الصلاة المباركة .. بدأ حسام يرتل آيات من القرآن الكريم .. وكان صوته الدافئ العميق .. يثلج صدرها .. وعندما انتهيا من الصلاة .. كان توترها قد خف قليلا .. وكأنه بذلك الصوت الجميل المجود لكلمات الله تبارك وتعالى قد سحر قلبها الرقيق .. وبث الاطمئنان إليه ..
التفت إليها حسام وكانت السعادة تشع منه .. فابتسمت رغما عنها وحدثه أخيرا .. بصوت خافت مازال الحياء يسيطر عليه :
- حسام .. أنا سأذهب للاستحمام .
- حسنا صغيرتي .
دخلت للحمام .. وبدأت تستحم بفكر شارد وخالي من الأفكار بنفس الوقت .. لم تكن هنالك فكره محدده في رأسها .. وما أن شارفت على الانتهاء سمعت طرقا خفيفا على بابها .. توقفت بقلق ولم تستطع النطق بعد أن عاودها توترها .. ولكن حسام اخبرها ببساطه أراحتها :
- صغيرتي .. أنا سأنزل للخارج .. فلقد نسيت هاتفي في السيارة .
- حسنا .
لم تزد كلمه عليها .. وراحت تتنفس الصعداء بعد أن تذكرت أنها لم تحضر أيه ملابس معها إلى الحمام .. لفت فوطه الاستحمام حول جسدها .. وخرجت بهدوء .. وهي تحمد الله أن حسام في الخارج الآن .. ولكنها عندما دخلت إلى الحجرة .. وجدته يقف بجانب السرير ويبحث في جيوب سترته التي كان يرتديها .. مؤكد انه يبحث عن المفاتيح .. ولكنها في تلك الأثناء لم تعد ترى أمامها .. خاصة بعد أن التقت عينيهما .. كانت تلك المرة الأولى التي يرها بهذا الشكل .. مما جعله يقف كالمشدوه .. هي أيضا لم تتحرك بعد أن اجتاحها الحياء ..
تقدم حسام منها بعد أن أسره جمالها .. لقد كانت فاتنة بمعنى الكلمة .. وجهها الحلو التقاطيع والخالي من الأصباغ يشع حياءً .. شعرها الأسود الطويل والمنسدل بنعومة خلف ظهرها .. وتلك القطرات التي ما تزال متناثرة على جسدها الناعم .. وكأنه الندى يكلل الأزهار .. راح خديها يزدادان توردا مع كل دقيقه تمر .. مما لون وجهها الملائكي البريء بسحر طبيعي ..
أما نور فكانت تتابع بأنفاس مضطربة خطواته التي تتناغم مع دقات قلبها الهائج .. ربما كان حسام اشد منها توترا .. فلقد شعرت بتسارع أنفاسه وهو يقترب منها .. لمس وجهها بإحدى يديه .. وانحنى نحوها حتى كادت شفتيه تمسان شفتيها .. لم تعد نور تشعر سوى بذلك النبض الذي يكاد يشق صدرها .. ولكن حسام توقف متراجعا .. ليحضن خدها بيده الأخرى .. ثم طبع قبله لطيفه على جبينها .. ما إن أحست هي بملمس شفتيه الدافئتين .. حتى فقدت أي شعور آخر .. حتى أنها لم تعد تحس بصلابة الأرض تحتها .. لقد أغمي عليها ..
استطاع حسام أن يتلقفها بيديها قبل أن ترتطم بالأرض .. وحملها بسرعة ليضعها على السرير .. كان القلق يسيطر عليه حتى أنه نسي كونه طبيب .. اخذ اقرب زجاجة عطر وجدها على التسريحة ليشممها إياه .. وظل يربت على خدها برفق .. والخوف يتملكه شيئا فشيئا ..
لم يطل إغمائها .. فبعد دقائق قليله .. بدأت عينيها ترف .. ولكنها لا تشعر بجسدها بعد .. ودت نور لو طمأنته .. خصوصا وهي ترى تلك اللوعة في عينيه .. ازداد تعقد جبين حسام وهو يحتضن وجهها :
- هل أنت بخير صغيرتي ؟.. هل تشعرين بشيء ؟.
حاولت نور النهوض .. أو الحديث ولكنها لم تقوى على كليهما .. فراحت دموعها تنهمر بحزن .. إنها تكره هذا الضعف .. وإغمائها المفاجئ ذكرها بمرضها النادر .. كاد حسام أن يجن وهو يرى دموعها .. واعتذر بخجل وهو يلقي باللوم على نفسه :
- اعذريني يا نور .. فمؤكد أنني تسببت بإخافتك .. أنا حقا أسف صغيرتي .
لم تعد تتحمل كلامه الحزين .. ولم تقدر على مواساته .. كان صوته الحنون يثير أحاسيسها .. وما أن استطاعت النهوض .. احتضنته بقوه لتخفي وجهها الباكي في صدره .. ولتحاول إسكات نشيجها .. راح حسام يشدها إليه برفق مربتاً على رأسها .. وقبل أن يعاود تساؤلاته القلقة .. أجابته هي بأكثر جمله تصف مشاعرها منذ بداية يومها :
- أنا أكاد أموت شوقا له يا حسام .
تشنجت يدي حسام حلوها .. وأحس بالنار تشتعل بداخله .. انه يكره رؤية دموعها .. فرد عليها بحرقه :
- لقد حاولت إقناعه يا نور بالحضور لعرسنا اليوم .. كي تصبح الأمور طبيعيه بينكما ولكنه يرفض دائما .
رفعت نور عينيها بدهشة بالغه :
- من ؟.
- سامح .
أجابته نور بصوت خافت .. ودموع أخرى تنهمر من عينيها السوداويين :
- ولكني لم أكن اقصده .
أردفت بألم من خلال نشيجها :
- كم تمنيت أن يكون هو من يضع يده في يد زوجي يوم عقد قراننا .. وكم حلمت برؤيته لي وأنا ارتدي ثوبي الأبيض .
فهم حسام أن صغيرته تفتقد وجود والدها الحبيب .. فقاطعها وهو يحتضن وجهها بحنان بين كفيه :
- مؤكد انه يراك يا نور .. ومؤكد انه يبارك كل خطواتك في هذه الحياة .
باعثته بسؤال أخر :
- وهذا المرض ؟.
- ما به ؟.
- انه يسلبني الحياة يا حسام .
أنهت كلمتها وراح نشيجها يتعالى مره أخرى .. ضمها هو إليه وكأنه يود إسكانها في قلبه :
- لا يا صغيرتي .. إن إغماءك لم يكن بسببه .
- ولكنه قد يحدث بسببه وفي أي وقت أيضا .. أنا أشعر بالخوف منه .. ولم اعد استطيع تجاهله .
وضع حسام إصبعه على شفتيها .. ليسكتها وهو ينظر بعينيها .. كانت مشاعره الدافئة لا تحتاج للكلمات لترجمتها .. ولكنه اخبرها بثقة :
- وان يكن .. أنا هنا صغيرتي .. وسأظل بجانبك ما حييت .
شعر حسام بتجمد نور بسبب ذلك التكييف .. فأبعدها عنه قليلا ليخلع قميصه ثم البسها إياه واحكم إقفال أزراره .. كانت نشيجها قد هدأ قليلا وراح يمسح ما تبقى من دموع على وجنتيها :
- هيا صغيرتي .. ارتاحي الآن .. لقد كان يومك طويلا .. والإرهاق بادٍ عليك بوضوح ..
ثم وقف بعد أن طبع قبله على جبينها .. ولكنها تشبثه بيده .. وهي تتساءل بذعر :
- إلى أين ؟.
- سأذهب لاستحم .
ظلت نور تتشبث بيده :
- إذا اترك النور مضاءً حتى تعود .. فانا لم آلف المكان بعد .
ابتسم لها مطمئنا .. فأفلتت يده باستسلام ..
عندما عاد .. كانت لا تزال تجلس على السرير .. تضم ركبتيها بذراعيها إلى صدرها .. وتضع رأسها عليهما .. وتغرق في نوم عميق .. اشعرته ملامحها الطفولية الساكنة بالارتياح .. فجلس بالجهة الأخرى من السرير .. ثم حاول التعديل من جلستها حتى تستطيع النوم بشكل مريح .. ودون شعور منها .. راحت تتعلق بذراعه .. وتتمتم بكلمات ادغمها النعاس :
- كم أنت دافئ يا حسام .
سرت قشعريرة في جسده بسبب تلك اللمسة للأنامل الباردة .. فوضع رأسها على ذراعه .. واحتضنها برفق .. وظل يفرك ذراعيها بكفيه حتى يسري الدفء في جسدها .. لمح ابتسامه ناعمة ترتسم على شفتيها .. وعاودت حديثها الناعس :
- هل تعلم انك تشبه والدي ؟.
- نعم اعرف صغيرتي .
كان حسام يكتم ضحكه مرحه بداخله .. حتى لا يوقظها من سباتها .. أردفت هي بصوتها الخامل :
- لذلك أنا احبك .
- وأنا أيضا احبك .
اخذ حسام نفسا عميقا .. محاولا التخفيف من حده تلك المشاعر التي تختلج بداخل .. ثم شرد وهو يداعب خصلات شعرها .. وبعد أن غرقت هي في سباتها العميق .. وأردف محدثا نفسه بصوت خافت :
- احبك صغيرتي .. كما لم أحب أحدا من قبل .

--------------------

أحست نور بأنامل دافئة تداعب خدها .. وتزيح خصلات شعرها المتناثر على وجهها .. كانت لا تشعر برغبة في النهوض .. فتململت بضيق وزفرت قائله :
- كفى يا أمي .. أرجوك دعيني أنام .
هنا انطلقت ضحكه ذكوريه من شاب يجلس بجانبها على السرير .. مما جعلها تنتفض من شده الرعب .. وعندما ميزت فيه ابن عمها حسام .. وضعت يديها على فمها محاوله كتم شهقة قويه خرجت من أعماقها .. وتساءلت بصدق والحيرة تنطق في ملامحها :
- حسام .. ما الذي جاء بك إلى هنا .
لم يستطع حسام تمالك نفسه .. وعاود الضحك بصوت أعلى .. وراحت هي تتفحص المكان الذي كانت تنام فيه .. ومع اكتشافها بأنها لم تعد في بيتها ولا في حجرتها الصغيرة .. تذكرت أحداث الأمس .. فاحمرت وجنتاها من الخجل .. ورمت نفسها مجدد على السرير وهي تنظر له من خلال عينيها الضاحكتين .. فتساءل هو بمرح :
- بالأمس كنت أشبه أباك رحمه الله .. واليوم تناديني بأمي .. يجب أن أجد حلا لهذه المشكلة قبل أن تعتقدي بأنني رهف .
شاركته نور ضحكه .. وحاولت أن تدافع عن نفسها :
- للحظه نسيت بأننا قد تزوجنا .
- لا عليك صغيرتي .. هيا انهضي الآن أيتها الكسولة .
لم تبدي نور أي استعداد لنهوض بل راحت تحتضن الوسادة التي كانت بجانبها .. وتململت متذمرة :
- أوه يا حسام .. أرجوك اتركني أنام 5 دقائق أخرى .
صفق حسام بيديه ليحثها على النهوض واقترب منها أكثر وهو يشير لها مهددا :
- هيا .. هيا .. ولتنهضي قبل أن أحملك بنفسي .
قفزت نور جالسه على السرير عندما كادت يدي حسام تمسك بها .. ثم دققت النظر إليه .. وتساءلت باستغراب .. وهي ترى آثار الأرق تحت عينيه :
- متى استيقظت أنت ؟.
عاود حسام الضحك وهو يجيبها :
- بل قولي متى نمت .. فانا لم أذق طعم النوم منذ الأمس .
- ولماذا ؟.
- لأنك كنت تتحدثين طول الليل .
نظرت له نور بريبه .. وتساءلت وهي ترفع حاجبها :
- حقا ؟.. وماذا كنت أقول ؟.
بدأ حسام يقلد لهجتها الرقيقة وهو يكتم ضحكته :
- كنت تقولين .. أنا احبك يا حسام .
- أنت كاذب .
- بلى .. حتى انك كنت تتوسلين كي لا أتركك .
تعالت ضحكات نور .. ورمته بالوسادة التي كانت تحتضنها .. ثم هربت إلى السرير قبل أن يرد لها الضربة .. كانت تشعر بسعادة حقيقية .. حتى أنها استغربت توتر الأمس .. لطالما كان تواجدها مع حسام مريحا .. وهي فرحه بهذا القرب بينهما ..
ولكن فجأة عاودها شعورها بالذنب .. إلى متى ؟.. إلى متى سيظل حسام قريبا منها ؟.. وإلى متى ستظل هي تحمله همومها ؟.. انه شاب مميز .. ويستحق أن يحيا حياته الخاصة .. مع إنسانه يحبها .. تنهدت نور بعد أن شعرت بتزايد آلامها السجينة في صدرها ..
عندما جلست أمام حسام على طاوله الإفطار .. لم يخفى عليه ما تعانيه :
- ما بك صغيرتي ؟.
هزت نور رأسها بالنفي .. ووضعت ابتسامه مطمئنه على شفتيها .. ولكن ذلك لم يقنع حسام الذي راح يلح عليها :
- أنا لا أصدقك .. وأنت تعرفين ذلك .
تنهدت نور وسألته سؤال عشوائي يتلاءم مع أفكارها المشتتة :
- لماذا اعتقدت أنني كنت ابكي من اجل سامح ؟.
شعرت بان سؤالها ضايقه بعض الشيء .. فلقد رأته يضغط على أسنانه وتعقدت حاجباه .. ثم حدثها بهدوء بعد فتره ليست بالقصيرة :
- لأنني أدرك كم يؤلمك هذا الموضوع .
صمتت نور وقد شرد بها الفكر إلى سامح .. ما كانت تتخيل ولو لدقيقه أن تؤول الأمور بينهما إلى هذا المسار .. حتى يوم انفصالهما أول مره .. كان عندها إحساس قوي بان حبهما سيحيى من جديد .. أو أن الأخوة ستلفهما برباط قوي .. وليست هذه القطيعة المريرة .. والتي تعتصر قلبها ألما .. أردف حسام ببساطه :
- لقد ذهبت إليه في ذلك اليوم الذي قابلته فيه .. وعدتِ باكيه .. حاولت إقناعه بأن يتذكر الأخوة والقرابة التي تجمعكما .
رفعت نور عينيها تتابع حديثه .. وراح السخط يرتسم بوضوح على وجهه الأسمر الجذاب :
- لكن محاولاتي كلها باءت بالفشل .
حلق الصمت فوق رأسيهما .. وكان حسام يتحدث وهو يتحاشى النظر إلى عينيها .. ولكنه تساءل بقلق عندما رآها :
- نور .. صغيرتي .. ما بك ؟.
كانت عينيها تغرقان بالدموع دون أن تحس .. عبراتها تنزل حارة على وجنتيها .. وتعيقها عن الحديث .. كان إحساسها بالذنب ناحية حسام يتفاقم بداخلها .. ولكنها لم تكن تود أن تزيد من قلقه بتلك الدموع السخيفة .. ألا يكفيه كل ما يعانيه من اجلها .. إنه يستحق منها أن تشعره ولو ببعض السعادة التي يغمرها بها .. مسحت دموعها بسرعة .. لا يجب أن تبكي بعد اليوم .. فهي لم تكن أبدا ضعيفة .. علت شفتيها ابتسامتها الحلوة .. ثم حدثته بثقة :
- لقد اتخذت قرارا يا حسام .. لذلك ارجوا أن تساعدني في تنفيذه .
سكن ذلك القلق بداخله .. ليحل محله الكثير من التساؤلات المحيرة .. فماذا يا ترى سيكون قرار هذه الصغيرة الرقيقة ؟.....

نوف بنت نايف 12-07-10 01:17 PM

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
مرحبااااااااا ميمي
اخبارك ان شاء الله بخير
ووووووووووووو شو هالرومنسيه داك حسام صراحه انك شئ وبديت تقنع الحلوه نور فيك شوي شوي

********
صراحه اكثر شئ لفت نظري هو توقعه انها كانت تقصد سامح بكلامها عن والدها لهذي الدرجه مو حاس بتاثيره عليها
********
اتوقع نور هي اللي تنهار وتعترف بحبها لزوجها حسام بدون تاثيرات جانبيه من اي طرف
*********
البارت ككل ملي بالمشاعر جدا عجبني

بليز ميمي لاتطولين عليناااااا

monny 12-07-10 02:19 PM

حبيبتي يا قمراية وراكي وراكي حتى لو رحت القمر
وطبعا الرواية كما سبق وقلت تحفة وانا هاتابع واشوف هتكمل فين الاول
بالتوفيق في كل اعمالك وياريت تبدئي تحضري للرواية القادمة

سر الخلود 12-07-10 07:11 PM

السلام عليكم ورحمة الله
الأخت العزيزة My faith احب اعبرلك عن اعابي الشديد برقة الأسلوب ورقي الكلمة وتناغم الأحداث..بصراحة انا من الأشخاص يلي ماتحب تقرأ قصة ولسى ماكتملت وكنت قد بدأت اقرأ مولودتك ملاك الحب وشدني الأسلوب كتير لدرجة اني خلصت الصفحات التسع بدون احساس مني لمرور الوقت وتفاجأة انها قصة غير كاملة...ولو اني ماسويتها قبل هالمرة ولكن عشان مولودتك راح اسويهاظووراح انطر وبشوق كبير الفصلر القادم من القصة ..تسلم اناملك وذكائك الواضح لنسج خيوط هذي القصة السلسة والمشوقة.....اتمنى تكون توقعات د. حسام خاظئة وان المرض بمجمله نفسي وعدم انتباه من نور لصحتى...اتوقع تتحسن علاقة حسام وسامح بعد اكتشاف الأخير ان مشاعرة وان كانت اعجاب قوي وحب طفولة لنور يلي تستاهل كل تقدير واعجاب الا ان الحب الحقيقي لم يكن له وجود بل حب سامح كان حب لنفسه واعجاب فيها فقط لاغير ويتأكد بعد دخول بلبل جديد يصدح في سماء سامح ويسمعه تغريد يلون عالمه.
راح انطر تكملة القصة على احر من الجمر...يعطيك العافية.

my faith 12-07-10 10:56 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نوف بنت نــــايف (المشاركة 2378061)
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
مرحبااااااااا ميمي
اخبارك ان شاء الله بخير
ووووووووووووو شو هالرومنسيه داك حسام صراحه انك شئ وبديت تقنع الحلوه نور فيك شوي شوي

********
صراحه اكثر شئ لفت نظري هو توقعه انها كانت تقصد سامح بكلامها عن والدها لهذي الدرجه مو حاس بتاثيره عليها
********
اتوقع نور هي اللي تنهار وتعترف بحبها لزوجها حسام بدون تاثيرات جانبيه من اي طرف
*********
البارت ككل ملي بالمشاعر جدا عجبني

بليز ميمي لاتطولين عليناااااا

اهلين فيك يا حياتي .. عن جد انا كل ما نزل البارت بفكر ايش ممكن يكون رده فعلك عجبك ولا لا ههههههههههههه
وبكون مبسوطه كثير بمجرد اني اشوف ردك حتى من غير ما اقراه ههههههه
الله يخليك لي .. يا روحي .. ويسلملي كلامك اللطيف ..
وان شاء الله ما بطول .. انا من الان باروح اكتب باحداث البارت الجاي .. عشان بعدين اصيقغه وما اتاخر عليكم ..
--------------

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة monny (المشاركة 2378127)
حبيبتي يا قمراية وراكي وراكي حتى لو رحت القمر
وطبعا الرواية كما سبق وقلت في روايتي تحفة وانا هاتابع واشوف هتكمل فين الاول
بالتوفيق في كل اعمالك وياريت تبدئي تحضري للرواية القادمة

هههههههههه يا عمري انت وانا وين ممكن اروح من حبيبه قلبي موني
والله يا موني كلامك خجلني يعني احنا لسا بملاك الحب وانت حابه تقري الروايه التانيه هههههههههههه
الله يخليك لي غاليتي
-------------------

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سر الخلود (المشاركة 2378356)
السلام عليكم ورحمة الله
الأخت العزيزة My faith احب اعبرلك عن اعابي الشديد برقة الأسلوب ورقي الكلمة وتناغم الأحداث..بصراحة انا من الأشخاص يلي ماتحب تقرأ قصة ولسى ماكتملت وكنت قد بدأت اقرأ مولودتك ملاك الحب وشدني الأسلوب كتير لدرجة اني خلصت الصفحات التسع بدون احساس مني لمرور الوقت وتفاجأة انها قصة غير كاملة...ولو اني ماسويتها قبل هالمرة ولكن عشان مولودتك راح اسويهاظووراح انطر وبشوق كبير الفصلر القادم من القصة ..تسلم اناملك وذكائك الواضح لنسج خيوط هذي القصة السلسة والمشوقة.....اتمنى تكون توقعات د. حسام خاظئة وان المرض بمجمله نفسي وعدم انتباه من نور لصحتى...اتوقع تتحسن علاقة حسام وسامح بعد اكتشاف الأخير ان مشاعرة وان كانت اعجاب قوي وحب طفولة لنور يلي تستاهل كل تقدير واعجاب الا ان الحب الحقيقي لم يكن له وجود بل حب سامح كان حب لنفسه واعجاب فيها فقط لاغير ويتأكد بعد دخول بلبل جديد يصدح في سماء سامح ويسمعه تغريد يلون عالمه.
راح انطر تكملة القصة على احر من الجمر...يعطيك العافية.

اختي الحبيبه سر الخلود عن جد كلامك اسعدني كثير .. وانا بشكر لك متابعتك لملاك الحب .. والله هذا بيزيدني فخر ..
وان شاء الله يا عسل ما رح اتاخر بالبارت وما بعذبك معي اصلا هيا باقي لها تقريبا 4 فصول بس .. وان شاء الله ما بتاخر فيهم لاني الان اجازه من الكليه يعني متفرغالكم هههههههههههه
تسلمي غاليتي وان شاء الله البارت الجاي كمان ينال اعجابك

my faith 17-07-10 09:32 PM

(12)
مفاجئة !..




ظل حسام ينظر إليها بهدوئه المعتاد .. بينما آلاف التساؤلات تتصارع بداخله .. ولكن حيرته لم تطول فلقد بدأت نور تتحدث بعد برهة من الصمت :
- لقد أخبرتني بالأمس يا حسام .. بأنك تود أن يبارك الله أيامنا معا .
- نعم .. صغيرتي .
- لذلك اتخذت أنا قرارا .. وأريدك أن تساعدني .
كانت تحاول طرد خجلها وهي تتحدث .. وتقنع نفسها بأن هذا الحياء لا مبرر له .. فقرارها لا يتعارض مع شكليه ارتباطهما بشيء :
- يجب أن لا أفكر بسامح بعد اليوم .. إن كنت أود أن يبارك الله أيامي معك .. فيجب أن أتصرف كزوجه مخلصه .. حتى بمشاعري .
كانت تتحاشى النظر إلى عينيه .. ثم اختلست نظره سريعة وهي تردف قائله بصوت خافت :
- إن هذا اقل ما أشكرك به يا حسام ..
شعرت بكفه تتحرك فوق الطاولة لتتخلل أنامله بين أناملها الناعمة .. والتقت أعينهما .. كانت ابتسامته الجذابة تستقر بين شفتيه .. ورأت في ملامحه المبتهجة تأيده لقرارها :
- تعلمين بأنني سأقف بجانبك .. وقراراك هذا يسعدني يا نور .
شعرت نور بالفرح يتسلل إلى قلبها .. وبسعادة غريبة تغمرها .. لمجرد إحساسها بفرحة حسام .... بادلتها نور الابتسام بابتسامتها المشرقة زينت شفتيها ..
انتهيا من تناول طعام الإفطار والمزاح لا ينقطع بينهما .. ثم أسرعا بالخروج من البيت حتى يتوجهان لمطار عدن الدولي ..
تجسدت كميه زاخرة من المشاعر بداخلها .. لم تقوى على تمييز شعور محدد في تلك اللحظة .. وراحت تشرد في بحر أفكارها .. شعور بالحنين منذ الآن .. لوالدتها وصديقتها رهف .. وللبيئة التي ترعرعت فيها .. والتي ستفرقها للمرة الأولى .. ويتسرب إلى قلبها القلق والخوف .. مما ستواجهه من معاناة بسبب مرضها .. ولكن رغم كل تلك الأحاسيس السلبية يظل ينمو بداخلها شعورها بالسعادة لتواجدها مع شاب مميز مثل حسام .. يؤازرها في مشوارها القصير والصعب هذا ..
لم تكن تلقي بالا على الطريق .. فأخرجها حسام من شرودها :
- ما رأيك أن تودعي الخالة حياة قبل ذهابنا .
التفتت إليه بحماس .. وفرحه الأطفال ترن في كلماتها :
- حقا يا حسام .
- نعم .
كانت سيارته تتحرك نحو طريق بيتها .. ولكنها استوقفته فجأة بجانب محل لبيع الحلويات العدنية :
- لحظه .. لحظه .
- ماذا هنالك ؟.
- توقف هنا .. أرجوك .
أخبرته بجديه تحاول بها إخفاء خجل بدأ يتسلل إليها .. ويفضحه تورد خداها :
- هل من الممكن أن تشتري الكثير من الحلوى المتنوعة .. لتقدمها لأمي ؟.
ضحك حسام وبالرغم من أنه لم يفهم شيئا .. ولكنه نفذ كلامها .. وعندما عاد من محل الحلوى .. بدأ يتساءل وهو يحرك السيارة من جديد :
- هل ستخبرينني الآن عن سر الحلوى ؟.
نظرت إليه نور باستغراب .. وتساءلت بحياء وهي تداري ابتسامتها :
- ألا تعرف ؟.
حدثها حسام مبتسما بسعادة .. لرؤية معاناتها مع الخجل :
- لا .. فلتخبريني أنت .
اختصرت نور حديثها بكلمتين :
- إنها إحدى التقاليد اليمنية .
صمت حسام لوهلة .. ثم عاود تساؤلاته :
- إحدى تقاليدنا أن يحضر العريس لوالدة العروس كميه من الحلوى في اليوم التالي للعرس .
- ليس شرطا أن يحضر الحلوى في اليوم التالي .
- متى إذا ؟.
ضغطت نور على شفتها السفلى بأسنانها .. ثم نظرت إليه بشك :
- أحقا لا تعرف يا حسام ؟.
رفع حسام كتفيه بتلقائية وهو لا يزال يبتسم بمرح :
- ومن أين لي أن أعرف ؟.
لم يكن غريبا أن يجهل حسام بعض التقاليد اليمنية .. فلقد قضى في لندن فتره ليست بالبسيطة .. كما أن نور نفسها كانت تجهل مثل تلك الأشياء .. ولم تعرفها سوى قريبا .. ضغطت على أسنانها .. وكأنها مقبله على معركة .. ثم ألقت بجملتها بتردد .. محاوله ما استطاعت إيصال الفكرة له :
- إن العريس يقدم الحلوى لوالده العروس .. عندما تسير الأمور بينهما بشكل جيد .. وذلك لتطمئن على ابنتها .
- أوه ...
لم يضف حسام بكلمه أخرى .. ولكنه عاد يتساءل بعد أن بدأ يستمتع بإثارة حيائها :
- وهل تودين أن طمئنه الخالة حياة عنك ؟.
- نعم .
- لماذا ؟.
كادت نور تضحك في وجهه .. وهي تتخيله طفل كثير الأسئلة .. ولكن ملامحه كانت هادئة .. وكأنه يود فعلا معرفه الإجابة :
- إنها طريقه أفضل بدل أن تسألني .
راحت هي تتطلع عبر النافذة لتخفي وجهها المحمر خجلا .. ولم يحرجها حسام بتساؤلات أخرى .. أشاع تواجدهما الفرحة في البيت .. وكانت مفاجئه سارة للخالة حياة .. فاستقبلتهما بالكثير من الزغاريد والدعوات بالسلامة .. وبينما كانت نور تودع والدتها بأعين دامعة .. شعرت بالخال نبيل ينزوي بحسام ليحدثه .. لم يرقها ذلك التصرف فلقد كانت تدرك نفسه الجشعة ..
- ما الذي كان يريده منك الخال نبيل ؟.
تساءلت نور بريبه عندما كانا يتجهان إلى المطار بالسيارة .. فأجابها حسام ببساطه :
- لا شيء .
- لا تكذب يا حسام .. مؤكد أنه أحرجك بطلب المال .
- كان محتاجا لمبلغ صغير .
رفعت نور احد حاجبيها وتساءلت باشمئزاز من ذلك الإنسان الذي لا يوجد أمل من صلاح حاله :
- وهل صدقته ؟.
- إنه ليس بالمبلغ الكبير يا نور .
- نعم فهو يلبي احتياجات القات في هذا الأسبوع .
شعرت بأن دمائها تغلي من هذا التصرف المخجل .. ولكن حسام استطاع تغيير الموضوع .. وافلح بتعديل مزاجها بسرعة ..
كانت رحلتهما طويلة جدا .. وقاموا بإجراءات كثيرة في مطار بلدها وكذلك في لندن .. وكانت الفوارق تتجلى بوضوح أمام نور .. فمؤكد أن التعامل كان أسرع وأسهل في لندن .. ولكن رغم كل شيء يظل وطنها غالي على قلبها بكل ما فيه من تناقضات .. فهي منذ الآن تشتاق إليه .. وإلى ذراه الرمال التي تتناثر على أراضيه الطيبة ..
كانت البرودة هي أول أحساس شعرت به في تلك المدينة الكبيرة .. لذلك حسام يحتضن كفيها بين يديه منذ أن كانا في الطائرة حتى يشعرها بالدفء .. وفي طريقهم نحو الفندق بهرتها كل تلك المناظر الجميلة التي تمر أمامها .. كانت مدينة في غاية الرقي والجمال ..

عندما استقر بهما المقام في غرفه الفندق .. أخذ حسام حماما ساخنا .. واتجه مسرعا نحو السرير لينام بعد أن قبلها على جبينها وتمنى لها ليله سعيدة .. أشفقت عليه نور .. فالإرهاق كان بادٍ عليه .. لم تكن تشعر هي بالنعاس بعد .. ففضلت ترتيب بعض الملابس في الدولاب .. بدأت بحقيبة حسام لتفرغها .. وعندما بدأت بنقل أول كميه من ملابسه .. جذبتها تلك الرائحة اللطيفة المنبعثة منهم .. فقربتها من انفها .. لطالما كانت رائحته ذات عبق مميز ..
بعد أن انتهت من إفراغ الأشياء المهمة من الحقائب .. أخذت هي أيضا حماما ساخنا .. وأخرجت تلك الرواية التي كانت تقرأ فيها منذ بدء سفرهما .. لكاتبها المفضل يوسف السباعي .. والتي تحمل اسم ((ابتسامه على شفتيه)) .. شعرت بالبرودة تسري في أوصالها .. بالرغم من تشغيل التدفئة ..
فأخذت نور بطانية وهي تتجه نحو السرير .. تنظر لحسام الغارق في النوم باستغراب .. فلقد كان يستلقي باسترخاء تام بصدره العاري .. وذلك البنطلون القصير .. غطته نور بالبطانية .. واستلقت بجانبه .. وبدأت تقرأ الفصل الأخير من روايتها .. في تلك اللحظة غير حسام من وضعيه نومه .. فاحتضن خصرها بذراعه .. واستقر رأسه فوق صدرها .. شعرت نور بسريان ذلك الدفء اللطيف من جسده .. حبست أنفاسها .. وبدأت نبضاتها بالتسارع .. كانت تدرك استغراق حسام في النوم من ملامحه المسترخية .. وجاهدت للسيطرة على قلبها المجنون .. كي لا يزعجه ذلك الهيجان الذي يقوم به .. بعد فتره ليست بالقصيرة استطاعة تمالك أعصابها .. ولكنها لم تتجرأ على سحب نفسها حتى لا توقظه .. وتابعة قراءه روايتها بهدوء تام ..
بعد دقائق استيقظ حسام مفزوعا .. بسبب نشيجها المكتوم .. كان وجهها غارقا بالدموع .. وتطبق بإحدى يديها على فمها .. كي لا تفلت مزيدا من نشيجها .. بينما كان صدرها يتحرك بعنف ليتناغم مع بكاءها الحاد ..
مسح حسام تلك العبرات الساخنة بكلتا يديه .. وسألها والقلق ينطق في عيونه :
- نور .. ما بك ؟.
هزت نور رأسها بالنفي .. ثم حاولت أن تحدثه .. كان خوفها يزداد .. وهي ترى اللوعة تتزايد بداخله .. وشعرت بالخجل يكتنفها .. بماذا ستخبره الآن .. لكنها رغم ذلك نطقت بما تحس به :
- لقد مات عمار يا حسام .
تعقدت حاجبي حسام بتوتر بالغ .. وكأنه يحاول عصر دماغه ليتذكر عمار .. فتساءل بخوف بعد أن فشل في إنعاش ذاكرته :
- عمار .. عمار من ؟.
أشارت نور لتلك الرواية بين يديها وهي تعاود البكاء رغما عنها :
- بطل الرواية .
للحظه لم يستوعب حسام ما قالته .. ولكنه أطلق تنهيده راحة .. ثم راح يضحك عليها :
- لقد كدتِ أن تتسببين لي بجلطه .. صغيرتي .
وضعت نور يدها المرتجفة على خده وهي تزجره بخوف :
- ربي يحميك يا حسام .. لا تقل مثل هذا الكلام مره أخرى .
ابتسم لها حسام .. ثم اختطف تلك الرواية ليضعها جانبا .. وعاود نومه بعد أن احتضنها بحنان .. وراح يتخلل شعرها الطويل بأنامله الدافئة :
- هيا .. كفاك بكاءً .. وسهرا .. ينتظرنا يوم حافل بالغد .
راح قلبها ينبض من جديد .. لقربها منه .. كان حسام يتصرف بتلقائية شديدة :
- يجب أن أتأكد من نسبه دمائك .
- لما ؟.
- لان بروده جسدك هذه غير طبيعيه .
كان حسام محقا .. فلقد كانت نور بعكسه تمامه سريعا ما تتجمد .. ولكنها الآن تجد سببا آخرا غير جو لندن الشتوي .. يجعل البرودة تسري بداخلها .. لكن حسام لم يشعرها بالغرابة أبدا .. كما أنها سمعت نبضا يتسابق مع نبضات قلبها .. في حنايا ذلك الصدر العريض والذي يطوقها برفق ..

استيقظ حسام بالصباح ليجدها تجلس أمام المرآة وتسرح شعرها .. لم يشعر بها عندما أفاقت .. ظل مستلقيا بهدوء يتابع حركات المشط وتلك الأنامل الناعمة بين خصلات شعرها الأسود الطويل .. أحاسيس كثيرة تجتاحه بعنف عندما تقع عينيه عليها .. لطالما كانت أجمل فتاه .. فهي جميلة في كل شيء .. في أحاسيسها المرهفة .. في لطف تعاملها مع الآخرين .. وفي تلك البراءة التي تلون تقاسيم وجهها الجميل .. لطالما أحبها .. وأعجب بفكرها الواعي منذ صغرها .. ولكنه كان بارعا بإخفاء كل تلك المشاعر الفياضة .. التي يختزنها لهذه المحبوبة الرائعة .. ولطالما كانت سعادتها هي أقصى أمنياته .. فهو يشعر بالتمزق عندما يرى دمعه في عينيها ..
همت نور بعقص شعرها خلف رأسها بعد انتهاءها من تسريحه .. فاستوقفها حسام بصوته الدافئ والذي لا يزال النعاس مسيطرا عليه :
- اتركيه مفتوحا .
انتفضت نور بعد أن باغثها صوته .. ثم أفلتت خصلات شعرها .. وحولت نظرها نحوه مبتسمة .. كان مستلقيا على بطنه بخمول .. فراحت تشاكسه :
- هل انتقلت لك عدوى الكسل ؟.
لم يتجاوب حسام مع شقاوتها .. كان ينظر لها بتلك الطريقة الحالمة والتي تهز كيانها.. أشار لها كي تجلس بجانبه .. فاقتربت منه بخضوع .. عدل من جلسته وراح يتخلل خصلاتها الناعمة بأنامله .. ثم استنشق ذلك العبير المنبعث منها .. كان سعيدا بتلك الحمرة التي بدأت تتسلل إلى وجنتيها :
- هل تتذكرين كيف كان شعرك في الصغر ؟.
لم تستطع نور كتمان ابتسامتها المرحة وهي تهز رأسها .. أردف حسام وابتسامه كبيره تغزو شفتيه :
- لقد كنت اسمع صوتك من ركن الحارة .. عندما كانت الخالة حياة تسرحه لك .
- نعم .. معك حق .. كان تسريحه هو الجحيم بعينه .
- لذلك كنتُ أخذك للحلاق كي يقصه لك مثل الأولاد .
- نعم .. أتذكر .. وكنتَ تصرف وقتا طويلا لإقناع أمي بذلك .
تشاركا الضحك .. ثم فجأة عاودت حسام نظراته المبهمة .. والتي تحرك بداخل نور أحاسيس عميقة لم تختبرها إلا بسبب هاتين العينين اللتان تكتنفان أسرارا تجهلها :
- أنا أكره أي شيء يسبب لك العذاب صغيرتي .
لاذت نور بالصمت .. فهنالك أحساس قوي بداخلها يشعرها بأن حسام يعني ما يقوله :
- انظري كيف صرتي الآن .. آية في الجمال .
لم تستطع نور الرد عليه بنفس تلقائيته .. وفضلت التركيز والسيطرة على أنفاسها المتلاحقة ..
ابتسم حسام عند رؤيتها تغالب خجلها .. ثم احتضن وجهها بين يديه .. وطبع قبلته الدافئة على جبينها .. ثم نهض بسرعة متجها نحو الحمام .. ليتركها تعاني التوتر وحدها .. وضعت نور يدها على صدرها .. وروعها ذلك الصوت النابض بعنف بين ضلوعها .. وكأنه يحاول تكسير ضلوعها ..
كيف يستطيع حسام بلمسه .. أو قبله بريئة .. أن يدفع كل حواسها نحو الجنون .. إنه يخلق بداخلها أحاسيس اكبر منها .. هل يتعمد فعل ذلك .. هل يحاول إشعارها بمشاعر أخرى تتجاوز الأخوة .. أم أنها تبالغ في ردود أفعالها .. شعرت بالضياع للحظة .. فهي لم تعد تفهم نفسها .. كما أنها ترفض التعلق بخيوط وهميه .. والقيام بترجمة خاطئة لاهتمام حسام المعتاد ..

في الخارج .. بدأ حسام يريها أماكن غاية في الجمال .. كانت تشعر بأنه احد أبناء تلك المدينة الراقية في حواريها .. والخلابة في طبيعتها .. لكن سرعان ما خنقها القلق عندما خطت أول خطوه في ذلك المشفى النظيف .. والذي تم تحديد موعد مع طبيب مختص بحالات الخُدار .. في غرفه الانتظار كانت تجلس شاردة تفكر باللاشيء .. وراح نبضها يعد الثواني معها .. عندما شعرت بكف دافئة تطوق يديها المتجمدتين والمتشابكتين فوق فخديها .. ابتسم لها حسام تلك الابتسامة الجذابة والمهدئة .. لم يحدثها بشيء ولكن حركة أنامله البطيئة فوق أناملها زادتها اضطرابا .. ولكنه ذلك الاضطراب اللذيذ والذي يشعرها بحرارة خجل تسري في عروقها لتشتعل في وجنتيها ملوحة بحيائها ..
خرجت تلك الممرضة الجميلة .. لتنادي باسم نور بطريقه ملتوية .. فتبعاها نحو غرفه الطبيب .. بث ذلك الوجه الأشيب البشوش الطمأنينة إلى صدرها .. وقبل أن يحدثها لمحت ابتسامه حنون بين شفتيها .. وكأنه والد حنون أكثر منه طبيبا .. استقبلهما بترحيب حار .. وكاد يحتضن حسام من شده فرحته .. عرفهما حسام ببعض .. وعلمت أنه كان احد أساتذة حسام في الجامعة .. شعرت نور بسعادة الطبيب عندما وجدها تتحدث اللغة الانجليزية .. فتكونت بينهما علاقة أبويه مثلما وصفته عند دخولها ..
توالت الأيام وهي غارقة في تلك الاختبارات والتحاليل .. والتي كان ذلك الحنان الذي يفيض من طبيبها يخفف عليها حدة مشاعرها .. كما أن تواجد حسام يشعرها بالأمان ..
أكد الطبيب ديفيد إصابة نور بمرض الخُدار .. شعرت نور بالكآبة عند سماعها ذلك الخبر الذي كانت تمني نفسها بتكذيب طبيبها الأشيب الحنون له .. ولكنها حمدت الله أخيرا على ذلك الاختبار الصعب ..
ذات مساء حدثها حسام عن ذلك العرض الذي تلقاه من الطبيب ديفيد بالنيابة عن إدارة المشفى .. لكي يعمل لديهم .. رغم اشتياق نور المتزايد لبلدها وأحبتها في اليمن .. إلا أن فكره الاستقرار في لندن راقتها .. خصوصا بعد أن أغلقت في وجهها كل أبواب الشك .. وصار مرضها حقيقة .. تجبر على التعايش معها .. كما أنها شعرت برغبة حسام للاستقرار في لندن .. ظل أياما شاردا قبل أن يحدثها .. مما جعلها تعرف صفات جديدة فيه .. فهو يصبح كثير الصمت .. عندما يشغله أمر ما .. تكفل هو بإبلاغ الأهل في اليمن بذلك القرار المفاجئ .. وطالب ببعث أوراق نور الجامعية فلقد أصر على إكمال داستها في جامعه لندن .. كما أن الخال صلاح قدم لهما مساعدات كثيرة .. وأرسل لحسام مالا إضافيا فوق ثمن سيارة حسام التي باعها له كي يشتري غيرها هنا ..
وبعد شهر تقريبا .. من وصولهما للندن صارا يستقران في بيت لطيف .. يطل على حديقة غناء .. تزينها أنواع الورود .. وكان هذا أهم الأسباب التي جعلت نور تتعلق بذلك البيت الأبيض الخلاب ..
كان يوم انتقالهما الأول للبيت بمثابة التعذيب لحسام .. فنور لم يرضها أبدا ترتيب أثاث البيت .. وغيرت في كثير من الحجرات .. ولكنه كان كذلك يوما ممتعا رغم ازدحامه بالمهام ..
----------------------
كانت الأيام تمر بروتين ممتع .. بدأت نور تألف ذلك الجو الأسري الذي يجمعها مع حسام .. صارت ربه منزل ممتازة .. بعد أن جعلت من حسام حقل لتجاربها المطبخية .. واستطاعت التوفيق بين مهام منزلها .. ودراستها الجامعية في ذلك البلد الغريب عنها ..
ذات صباح يوم سبت وهو يوم الإجازة الأسبوعية .. خرج حسام ليصلح الخلل في سيارته الجديدة .. وجلست نور تتفقد بريدها الإلكتروني .. وجدت عدة رسائل من صديقتها رهف .. كانت كل رسالة تصف شوق ولوعه لفراق صديقه الطفولة ورفيقه الصبا .. كانت نور تقرأ الرسائل ودموعها تتسابق على خديها .. فهي تشعر بنار تشتعل بصدرها عند تذكرها لرهف .. ولا تقوى على ترجمه ذلك الكم من الحب الذي تكنه لها .. فهي تشتاق لمجرد النظر إليها .. للحديث معها .. ولتلك الهالة المرحة التي تغمر بها كل من حولها ..
مسحت نور دموعها الحارة .. وراحت تطبع لصديقتها اسطر تنبض خلالها دقات شوقها :
" كلمات كثيرة ادخرتها .. في قلبي .. في وجداني ..
لأقولها لك وأنت ماثلة أمامي
حقيقة .. لا حلم .. أن تكوني أمامي
ولكن كلماتي بدت تافهة لا معنى لها
وقد كانت كبيره المعاني
نعم .. صديقه عمري
حلمت كثيرا بتقطع المسافات الطويلة
التي تفصل حلمي عن حلمك
حلمت بلقاء الأماني
ولكن .. كثيرا ما خدعتني أحلامي
نعم .. توأم روحي
ها أنا أراك أمامي حقيق لا حلم
ولكنه لقاء قصير .. فتلك المسافات تهيج خلف لقائي بك
لتفتك بحلم اللقاء
ولكني لا أنسى أبدا أن المسافات مهما كانت طوال
فهي قصيرة ما دامت هناك ذكرى
صديقتي .. لا تحزني لفراقي فهناك أمل .. وهناك لقاء
صديقتي .. حزنك يرقد أيضا في صدري
ولكني انظر إليه مترقبة الفرح
الم اقل لك أن وسط الغيوم دائما هنالك شعاع من نور .."
أرسلت نور كلماتها القليلة .. والمفعمة بالألم .. وراحت تمسح دموعها قبل أن تتوجه نحو النافذة لتشاهد حسام .. لم تكن تود أن تريه مزيدا من دموعها فلطالما رأت العذاب في عينه عند بكائها ..
كان حسام يرتدي بنطالا جنزيا قصيرا .. مع قميص رياضي .. ويلف حول السيارة ليتفقدها .. تسللت ابتسامه لطيفه إلى شفتي نور .. كان حسام في غاية الجاذبية رغم بساطه شكله .. وقفت تستمع له مرهفه الأحاسيس .. وهو يدندن بأغنية لم تسمعها من قبل .. كانت كلماتها تصل أذانها بلطف عبر ذلك الصوت الحنون الخافت ..

ما هي إلا لحظات .. حتى توقفت سيارة صغيره ذات لون وردي فاقع .. خرجت منها فتاه شقراء غربيه الملامح .. كانت جميلة ولكنه جمال بارد بعض الشيء .. أو هكذا رأتها نور ..
اندفعت الشابة الأجنبية نحو حسام .. وكأنها تهم باحتضانه .. شعرت نور في تلك اللحظة وكأن ملايين من الإبر تغرز في جميع أنحاء جسدها .. حتى أنها نسيت كيف تتنفس .. هل حقا ستجرؤ على احتضانه .. لكن الفتاه تراجعت ما أن أصبحت أمامه .. سلمت على حسام وبقت أناملهما متشابكة لفترة .. لم يخفى على نور لهفه تلك الشقراء .. ولمعة العشق في عينيها الزرقاوات .. سحب حسام يده بأدب .. ولكنه كان يبتسم لها بلطف أيضا .. كانت السعادة بادية على ملامحه هو الآخر .. كانا يتحدثان ببساطه .. وكأنهما يعرفان بعض دهرا من الزمن ..
تفجرت آلاف المشاعر والأحاسيس في كيان نور .. لم تعد تدرك شيئا .. ولم تجد تسميه لتلك الحرارة التي اجتاحت جسدها لتستقر في صدرها .. ولم تشعر بتعقد حاجبيها إلى عندما نظر حسام نحو البيت ولمحها ...

سر الخلود 18-07-10 03:56 PM

سلام.....
رائع البارت بس حسافة نور تأكد مرضها وبنفس الوقت بدت تعيش الحب الحقيقي....حرام عليك خفي علينا ترا دموعي بدت تهل

نوف بنت نايف 18-07-10 05:58 PM

مرحبا ايماني (فيس يعلمك انه عرف معنا اسمك اخيراااااااااا
اخبارك
الله يعطيك مليوون عافيه يا مي مي والله كل جزء يعنافس اخوه بالروعه
بصراحه من اجمل القصص اللي بالفصحى اللي قراءتهم بجد عجبوني
مواقف نور وحسام جد حلوه وتفهمهم لبعض ومشاعرهم اللي قاعده تنضج كل يوم شوي شوي صراحه احسها هي اللي تبني علاقه صحيحه ميه بالميه
سامح يبدو ان نور مسحته من قاموس الحب ومابقى له بقلبها الا مشاعر اخوه بحته
السفر الى لندن والاستقرار ومن ثم الغيره المجنونه اللتي تعصف بقلب نور هي بدايه الراحه لقلب العاشق حساااااااااام
سامح كيف سيتمنى السعاده لنور لاشي كفيل بتصفيه النفوس الا المصارحه

بس بليز بليز ميمي لاتفكرين تموتين نور حرام مسكين حسام ماراح يعيش من غيرها (فيس يقدم مبررات
همسه احبك الله الذي احببتني فيه

والله حتى انا احبك وزاد حبي لك من خلال سطور روايتك
وربي اذا تستنين رئئ بالجزء فانا استنى القادم قبل القراءه للحالي
فيس عجووووووووووووووووووول

my faith 18-07-10 11:06 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سر الخلود (المشاركة 2385988)
سلام.....
رائع البارت بس حسافة نور تأكد مرضها وبنفس الوقت بدت تعيش الحب الحقيقي....حرام عليك خفي علينا ترا دموعي بدت تهل

هههههههههههه حياتي سر الخلود ما تبكي يا قمر هههههههه ان شاء الله بتكون الروايه سعيده باذن الله هههههههههههههه
تسلمي يا روحي على مرورك اللطيف .. ودمتي لي غاليتي
------------------


اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نوف بنت نــــايف (المشاركة 2386047)
مرحبا ايماني (فيس يعلمك انه عرف معنا اسمك اخيراااااااااا
اخبارك
الله يعطيك مليوون عافيه يا مي مي والله كل جزء يعنافس اخوه بالروعه
بصراحه من اجمل القصص اللي بالفصحى اللي قراءتهم بجد عجبوني
مواقف نور وحسام جد حلوه وتفهمهم لبعض ومشاعرهم اللي قاعده تنضج كل يوم شوي شوي صراحه احسها هي اللي تبني علاقه صحيحه ميه بالميه
سامح يبدو ان نور مسحته من قاموس الحب ومابقى له بقلبها الا مشاعر اخوه بحته
السفر الى لندن والاستقرار ومن ثم الغيره المجنونه اللتي تعصف بقلب نور هي بدايه الراحه لقلب العاشق حساااااااااام
سامح كيف سيتمنى السعاده لنور لاشي كفيل بتصفيه النفوس الا المصارحه

بس بليز بليز ميمي لاتفكرين تموتين نور حرام مسكين حسام ماراح يعيش من غيرها (فيس يقدم مبررات
همسه احبك الله الذي احببتني فيه

والله حتى انا احبك وزاد حبي لك من خلال سطور روايتك
وربي اذا تستنين رئئ بالجزء فانا استنى القادم قبل القراءه للحالي
فيس عجووووووووووووووووووول

نووووووووووووووووووووووووووووف يا حياتي .. كيفك ان شاء الله تكوني بخيره .. عن جد كلامك اسعدني حرف حرف .. هههههههه الله يديم المحبه بينا .. وربي يسعدك غاليتي ..
انا فعلا صرت احب هذي الروايه لانها خلتني اتعرف على بنوتات طيوبات مثلك والله هههههههههههه

dew 19-07-10 02:54 AM

أجزاء كانت في منتهى الروعة عزيزتي ...

فعلا أسلوب سلس وأحداث في منتهى الرومنسية ...ماشاء الله عليك ...

علاقة حسام ونور بدأت تتجه نحو الأفضل وأنا مثل صديقتنا سر الخلود بدت دموعي تهل ...بصراحة أجزاء مؤثرة وروعة ....
ماأقدر أقول غير اني انتظر بشوق الجزء القادم علشان نشوف قرون الغيرة اللي بدت تطلع لنور ....وأخيرا راح تعرفين انك تحبين بطلنا النبيل حسام ....
حسام ...آه منك يا حسام ...فيه احد مثلك في الدنيا <وحدة بدت تستخف ههههههههههه

متشوقة جدا للي بيصير وإذا تاخرت في الرد لاتخافين أنا لايمكن أترك قصتك الرائعة

my faith 20-07-10 12:55 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة dew (المشاركة 2386507)
أجزاء كانت في منتهى الروعة عزيزتي ...

فعلا أسلوب سلس وأحداث في منتهى الرومنسية ...ماشاء الله عليك ...

علاقة حسام ونور بدأت تتجه نحو الأفضل وأنا مثل صديقتنا سر الخلود بدت دموعي تهل ...بصراحة أجزاء مؤثرة وروعة ....
ماأقدر أقول غير اني انتظر بشوق الجزء القادم علشان نشوف قرون الغيرة اللي بدت تطلع لنور ....وأخيرا راح تعرفين انك تحبين بطلنا النبيل حسام ....
حسام ...آه منك يا حسام ...فيه احد مثلك في الدنيا <وحدة بدت تستخف ههههههههههه

متشوقة جدا للي بيصير وإذا تاخرت في الرد لاتخافين أنا لايمكن أترك قصتك الرائعة


حياتي الله يحليك لي ويسلملي كلامك الحلو والله كلك ذوق .. وانا سعيده انك حبيتي الورايه .. وان شاء الله ما رح اتاخر بالبارت الجاي .. وبشوفي قرون نور هههههههههههه

my faith 24-07-10 03:00 PM

(13)
الحب المستحيل



شعرت نور بالارتباك أمام تلك العيون المبتسمة لها .. والتي تدعوها للمجيء .. أخذت حجابها المعلق بجانب باب الخروج .. ولفته بأنامل مرتعشة حول رأسها .. ما الذي يحدث لي .. بدأت تحدث نفسها بشرود قبل أن تفتح الباب .. وتحاول إخماد تلك النار التي تتأجج بداخلها .. هل مجرد رؤية حسام برفقه فتاه تسبب لي كل هذا ال .. هذا ال .. أغمضت نور عينيها بضيق .. وهي لا تجد وصفا لمشاعرها .. ماذا دهاها .. مؤكد أنها رأته من قبل يتحدث مع فتيات .. فهو طبيب .. وعلاقاته يجب أن تكون كثيرة .. ولكنها لم تشعر بمثل هذا الإحساس من قبل ..
لما ؟.. ربما لأنه ينظر إلى هذه الفتاه بطريقه مختلفة .. بالطبع لم تكن نفس تلك النظرة الخاصة بها .. ولكنها نظرة تحمل عطفا بين طياتها ..
ظلت التساؤلات تغزو تفكيرها دون رحمه .. وهي تتقدم بخطوات مترددة نحوهما .. لم تنتبه لها الشابة الانجليزية .. وكأنها لا ترى سوى حسام .. مما جعلها تحس بحزن غريب يلفها في تلك اللحظة بعد أن أجزمت بإحساس الأنثى .. عشق هذه الفتاه لحسام .. كانت عينيها تلمعان بفرحه صادقه .. وعندما اقتربت نور أكثر منهما .. سمعت حديثها الملهوف :
- من المؤكد أنني أعيش حلما جميلا يا حسام .. عندما أخبرتني إحدى الممرضات في المشفى بعودتك .. كدت أن أكذبها ..
ضحك حسام ورد عليها مبررا بحياء :
- أنا حقا خجل منك يا ماري .. كان ينبغي أن أُعلمك بوجودي منذ اللحظة التي دخلت فيها أجواء لندن .
احمرت وجنتاها خجلا وتقبلت تبريره برحابه صدر :
- لا عليك .. فها أنا قد أتيت .
ثم أردفت ضاحكه :
- حتى أنني لم أرى مقياس سرعة السيارة في طريقي إلى هنا .
كانت الفتاه تتحدث العربية بطلاقه شديدة .. بل إنها تتكلم باللهجة العدنية .. لم تكن نور لتشك بأنها يمنيه لولا ملامحها الغربية .. مزيدا من التساؤلات المحيرة راحت تجول في خاطرها .. ثم أحست بان معدتها توشك أن تقلب .. لم تعد تقوى على تحمل تلك الفرحة التي تشع من تلك الشقراء .. ذلك الحريق الذي ينتشر في عروقها .. توقفت على بعد خطوات .. شعور مؤلم بالغربة اجتاحها بعنف .. وفكرت لبرهة بالهرب إلى البيت .. نعم فهي تحس وكأنها تنتهك لحظة خاصة بهما .. عضت على شفتها السفلى كي تمنع تلك العبرات التي بدأت تتلألأ في عينيها .. ومن شده اضطرابها لم تكن ترى عيون حسام المركزة عليها منذ أن خرجت من البيت .. لم تعي نظرته القلقة عليها إلا بعد أن أدارت الفتاه رأسها تتبع عيني حسام الشاردة عنها ..
ومع علامات الاستفهام التي راحت تلوح في العيون الزرقاء شعرت نور كمن يوقظها من غفوة .. وأسرعت الخطى نحو حسام .. وكأنها ترمي عليه مسؤولية الإجابة .
علت الدهشة ملامح ماري وكادت أن تفغر فاهها .. عندما انحنى حسام قليلا وراح يحدث نور بذلك الرفق المعتاد وهو يمسك بأناملها الرقيقة :
- ما بك صغيرتي ؟.
هزت نور رأسها مع تلك الابتسامة الخجولة .. لابد أن كل ما تحسه يتجلى بوضوح على صفحه وجهها .. وحتى أن استطاعت إخفاء مشاعرها .. مؤكد أن عيني حسام قادرة على الإحساس بها .. تحدثت مبرره :
- لقد شعرت ببعض الصداع .. اعتذر على مقاطعتكما .
لم تنطق ماري بشيء .. وتكفل حسام بالرد حينما عرفهما على بعض ونبره السرور ترن في كلماته :
- نور هذه زميله دراستي في لندن ماري .
ثم أردف وهو يحول نظره نحو زميلته التي تحولت حيرتها إلى ما يشبه الصدمة بعد أن انتهى من جملته :
- ماري .. أعرفك بزوجتي نور .
خفضت نور عينيها بحياء تحت تلك النظرات الزرقاء المتفحصة .. كانت تشعر بارتباك ماري التي انطفأ بريق عينيها ولفها صمت كئيب .. بعد ثواني تساءلت باستغراب :
- هل هي صغيرتك نور ؟.
رد عليها حسام مبتسما .. وهو يضغط على أنامل نور التي تسكن بين أنامله :
- نعم .
- لكن .. لكن ..
خشيت نور على الفتاه التي شحب لونها الأبيض الثلجي متحولا إلى الأصفر .. لم تجد ماري كلاما تكمل به جملتها .. فأنقذتها من تلك المعاناة :
- لابد انك تخيلتني طفله صغيره .
هزت ماري رأسها بالإيجاب .. وكان هذه الفتاه العربية الجميلة تنطق بما لم تستطع التعبير عنه هي .. عادت نور تمازحها بلطف :
- هذه عاده حسام في الحديث عني .. ولستِ الوحيدة التي وصلت إلى مثل هذا الاستنتاج .
كانت كلمات نور اللطيفة بمثابة يد حنون تربت على ماري .. ابتلعت ريقها بصعوبة .. وراحت تنظر لحسام الذي خبت ابتسامته وهو يرى اضطرابها :
- مبروك يا حسام .. لم اعرف سوى الآن .. اعذرني .
- لم يمر على زواجنا سوى بضعه أشهر .
أزاحت ماري عن وجهها إحدى تلك الخصلات الشقراء والتي حركتها نسمات خفيفة .. ونظرت إلى نور مره أخرى :
- مبروك مدام نور .. مؤكد انك إنسانه رائعة ليوفقك الله بزوج مثل حسام .
كانت كلماتها الحزينة بحدة خنجر يغرس في صدر نور .. إنها تشعر الآن بقوه تلك العلاقة التي تربطهما مما يزيد من الحرقة بداخلها .. ولكنها في نفس الوقت ترثي حال هذه الشابة المصدومة .. فهي لم تتعود رؤية شخصا يعاني الألم .. فردت بتهذيب بعد أن اختلست نظره خجولة نحو حسام :
- شكرا لك .
تلفتت ماري حولها باضطراب وكأنها تبحث عن منفذ للهرب في ساحة البيت الجميلة .. والمليئة بالورود الطبيعية .. ثم حدثتهما أخيرا وهي تحاول وضع ابتسامه لطيفه على شفتيها :
- يجب أن اذهب الآن .
استوقفها حسام وشعور بالقلق ينموا بداخله :
- لما لا تدخلين قليلا .. حتى تتعرف عليك نور .
أيدته نور بسرعة :
- نعم .. فأنت لم تمضي الكثير هنا .
ردت ماري بحياء على كلماتها اللطيفة .. ولكن كان يجب أن تتركهما الآن .. خصوصا أن حسام لا يزال يشبك أنامله بين أنامل زوجته الرقيقة .. يجب أن ترحل قبل أن تفضحها عبراتها الحارة .. والتي تستغرب قدرتها على حبسها إلى الآن .. لذلك اعتذرت محاوله تحاشى عيني حسام :
- أنا حقا على عجله من أمري .. وإن شاء الله سيأتي يوم أتعرف به على نور .
رد عليها الزوجان في آن واحد وبنفس النبرة الرءوفة :
- إن شاء الله .
دخل حسام برفقه نور إلى المنزل .. بعد أن ودعا ماري التي ركبت سيارتها الوردية الجميلة واختفت من أمامهما بسرعة ..
لم تكن تلك المعلومات التي عرفتها نور عن ماري خلال الحديث معها بالكافية .. بل أن مزيدا من التساؤلات راحت تحتشد بفكرها .. هنالك حقائق مؤكده لها ولا تحتاج الاستفسار عنها .. وأهمها أن ماري مغرمه بحسام .. مؤكد أنها كذلك .. شعرت نور بيد قاسيه تعتصر قلبها .. وراحت تختلس النظر نحو حسام الذي بدى طبيعيا .. يا ترى هل يكن لها هو نفس المشاعر .. فنظرته كانت حنونة .. مثلما هو حسام دائما ..
دخلت نور إلى المطبخ لتعد طعام الغداء بصمت مطبق بينما الحوار كان يحتد بداخلها .. لم تنتبه حتى لتلك النظرات المختلسة التي كان حسام يجس حالتها بها .. وعادت تتساءل .. عندما ارتسمت صوره ماري بعينيها الزرقاوات وشعرها الشقر وبشرتها الثلجية أمام عينيها .. كيف تستطيع التحدث باللهجة اليمنية والعدنية أيضا ؟.. كما أنها قالت إن شاء الله .. هل هي مسلمه ؟.. أم أن لحسام دخل في ذلك ؟.. هل هذا جواب يخبرها بقوه علاقتهما ببعض ؟..
شعرت بضيق صدرها .. وأخذت نفسا عميقا لتطلقه محاوله عدم التفكير بشيء .. دون جدوى .. عندما أوشكت على الانتهاء شعرت بشخص يقف خلفها .. انتفضت قليلا فهي لم تشعر بقدومه نحوها .. طل حسام برأسه من فوق كتفها ليلقي نظره على الطعام الذي شارف على النضج .. وتساءل بلهجة مرحه :
- ما هي الأخبار أيتها الطاهية نور ؟.
عادت تلك الحالة الهستيرية لقلبها وراح نبضه المجنون يتزايد .. وللحظه تبخرت كل الأفكار من رأسها .. لم تعد تشعر إلا بهذا الجسد الطويل الواقف خلفها وهذا الوجه الأسمر الجذاب والذي يكاد يلتصق بخدها .. التفتت إليه مبتسمة .. ومحاوله تهدئه أنفاسها الثائرة .. استغربت تلك السعادة التي تلمع في عينيه وهو يرمقها .. وقبل أن ترد على سؤاله خبت ابتسامتها وحلت محلها تعقيده خفيفة لحواجبها تترجم بها ذلك الاستنتاج الطارئ .. فمؤكد أن حسام سعيد لرؤية ماري .. مرت سحابه حزن على وجهها البريء .. كانت تكره هذه المشاعر الغريبة عنها .. تشعر بأنها تنتزعها من عالم لطيف كانت تحيى فيه مع حسام .. لقد أصبحت الآن تحس بالضياع .. أشياء كثيرة تجهلها .. بل وتخشى معرفتها بنفس الوقت ..
شعرت بأنامل دافئة تداعب خدها .. واسترعاها حسام من ذلك الشرود الكئيب بصوته العميق :
- نور .. هل ما زلتي تشعرين بالصداع ؟.
نظرته الحنونة والمليئة بالقلق .. جعلتها تخجل من تصرفها .. وطمأنته وهي تتحدث بحماستها المعهودة :
- لا .. انه يخف مع الوقت .
ظل حسام يتابع خطواتها في المطبخ .. وعندما شعرت بأنه لم يقتنع .. عادت تمازحه وهي تلتف خلفه وتدفعه نحو مخرج ذلك المطبخ النظيف والمطل على الصالة :
- هيا فلتخرج الآن كي لا تعرف أسرار الأكلات التي أعدها ..
ضحك حسام .. وأطاع أوامرها لكنه جلس على كرسي أمام تلك الطاولة التي تفصل بين المطبخ والصالة .. شعرت ببعض الارتياح لتواجد حسام بجانبها .. ولرؤيتها تلك النظرة الخاصة بها .. وكأنه يحميها من كل إحساس سيئ قد تشعر به ..
سألته بحياء شيئا مختلفا عما كانت تفكر فيه :
- حسام ..
- نعم صغيرتي .
- ما هي تلك الأغنية التي كنت تدندن بها وأنت تصلح سيارتك .
لم تسمع رده .. وطال الصمت .. فالتفتت لتجده ما يزال يطالعها بتلك النظرة الدافئة والتي تبعث بالحرارة إلى صدرها لتترك قلبها ينبض بجنون .. كانت ترتسم على شفتيه ابتسامه بها شيء من الحزن .. أو أنها لم تعد تستطيع تفسير ما يدور حلوها اليوم .. ولكنه تحدث مع التفاتتها :
- إنها أغنيه لكاظم .. واسمها الحب المستحيل .
أردف بعد ذلك بمرح :
- هل أعجبتك ؟.
- كثيرا .
عاد الصمت يحلق فوق رأسيهما .. ثم تساءل حسام ببساطه .. وهو يدخل للمطبخ مجددا ليساعدها في نقل الأطباق إلى مائدة الطعام :
- متى تنوين إخباري ؟.
تساءلت نور بسرعة وكأنها تنفي تهمه عن نفسها :
- بماذا ؟.
- بما يشغل تفكيرك .
نظرت له نور بمرح وشاغبته قائله :
- أنت تشغل تفكيري .
شاع السرور في ملامح حسام .. ورد عليها بنفس طريقتها :
- حقا .. لابد أن تفكرك محظوظ لأني اشغله .
ضحكت نور رغما عنها .. وضربة كتفه بخفه :
- أيها المغرور .
كانت ترى بوضوح هذه الفرحة المتراقصة بين عينيه .. والتي زادتها حيره .. راحا يتناولان طعامهما .. ولم تستطع هي الاحتفاظ بتساؤلاتها مطولا :
- حسام .. هل لي أن أسألك سؤالا ؟.
ابتسم لها وكأنه كان يتوقع استسلامها :
- اسألي .
- كيف تستطيع ماري التحدث بالعربية .. بل باللهجة العدنية .. هل علمتها أنت ؟.
- لا لم اعلمها فهي فتاه يمنيه .
- وكيف ذلك ؟.
ضحك حسام لتساؤلاتها .. وبدأ يحدثها بمرح وهو مستمع بالحيرة التي تطل من عينيها السوداويين الجميلتين :
- نور .. كيف تكون الفتاه يمنيه برأيك ؟.. يأتي شاب يمني ويتزوج من فتاه وعندما يرزق بالأطفال يصبحون يمنيين .
قلبت نور عيونها تسخر من حديثه الموجه للأطفال .. وحاولت التغلب على ابتسامتها :
- أنا اعرف هذا .
قاطعها مشاغبا :
- إذا لماذا تسألين ؟.
نهرته نور وهي تضحك :
- حسام .. دعني أفهمك قصدي .
- حسنا فلتفهميني .
- كيف تكون يمنيه وهي تشبه الأجنبيات .
- آه .. حسنا .. ماري أباها من اليمن .. ووالدتها من لندن .
أردفت نور وهي تهز رأسها :
- لابد أنها تشبه أمها إذا .
أشار لها حسام برأسه إيجابا وهو يمضغ بعض الطعام الذي لم تتناول نور منه الكثير .. وعادت تتساءل :
- هل هي مسلمه ؟.
- نعم .. هي ووالدتها أيضا .
- لكنها لا ترتدي الحجاب .
قلب حسام شفتيه ببساطه :
- مثل كثير من المسلمات والغير محجبات .
صمتت نور .. فأردف هو مبررا :
- إن ماري خلقت في لندن .. وهي فتاه في غاية الأخلاق .. والرقي .. تلتزم بكثير من التقاليد الإسلامية .. بدافع منها ولحبها للإسلام .. لذلك والدها يترك لها حرية القرار في شتى الأمور ومن بينهم مسألة الحجاب .
- لابد انك تعرف الكثير عنها .
شعرت نور بالندم بعد أن نطقت بجملتها الأخيرة .. مؤكد أن نبرتها الباردة ضايقت حسام .. ولكن على العكس وجدته يبتسم لها بمرح اكبر .. وكأنه لا يحس بهذا الغضب الذي يتملكها عندنا يتحدث عن ماري :
- نور .. إنها زميلة دراسة دامت سبع سنوات .. مؤكد أننا نعرف الكثير عن بعضنا .
ظلت نور تمطر عليه بشتى التساؤلات .. حتى بعد أن انتهيا من طعامهما واتجه هو نحو حجره النوم .. تبعته بعد أن انتهت من تنظيف أطباق الطعام .. دخلت إلى الحجرة بهدوء :
- حسام .
- نعم .
- هل نمت ؟.
- نعم .
ابتسمت وجلست بجانبه :
- لا تنام فانا لم انتهي بعد .
فتح حسام إحدى عينيه .. ثم وضع رأسه على فخدها وأردف قائلا :
- حسنا .. فلتسأليني إلا أن أنام .
بدأت نبضات قلبها تتسارع .. وراحت تعمل على تهدئتها .. بينا تتخلل بأناملها تلك الخصلات القصيرة في شعر حسام :
- هل ماري مرتبطة ؟.
هنا أجاب حسام باقتضاب .. أو هكذا تهيأ لها :
- لا .
- لما وهي فتاه جميله ؟.
- وما أدرني أنا يا نور .
- هل من الممكن أن تكون تنتظر شخص بذاته ؟.
فتح حسام عينيه .. وعلى شفتيه ابتسامه شقيه :
- ربما .
شعرت نور بان حسام يستطيع قراه تلك التساؤلات التي لم تنطق بها بعد .. مؤكد انه يملك القدرة على ذلك .. لهذا فضلت الصمت .
حثها حسام بلؤم :
- هل نفذت جعبتك ؟.
- نعم .. ربما لهذا اليوم .
فاجئها بسؤاله :
- ما سر اهتمامك بها ؟.
ترددت قليلا .. ولكنها مؤكد لن تستطيع إخفاء مشاعرها مطولا عنه .. فصارحته بما يختلج بداخلها من شكوك :
- إنها تنظر إليك بطريقه لا تعجبني .
ضحك حسام .. وعاد يستحثها على الحديث .. وبأنامله كان يداعب خصلات نور الطويلة والمتدلية من على كتفها :
- كيف ؟.
غزت الحمرة وجنتيها .. وهي تغالب تلك النار التي عادت تحرق صدرها :
- مؤكد أنها تهيم حبا بك يا حسام .
- نعم فانا شخص محبوب .
ابتسمت نور على إجابته السريعة .. وراحت تنهره كأم تؤنب صغيرها :
- كف عن هذا الغرور .. فأنا أتكلم بجديه .
- وانأ أتكلم بجديه .. وإن يكن .
شعرت نور بنبضها يكاد يشق صدرها .. رغم حديث حسام المرح .. والمليء بالمزاح لكنه لم يطمئنها بعد .. جلس حسام فجأة عندما عاودها الشرود .. واختطفها محتضنا خصرها .. ليدور بها برفق حتى صارت تستلقي بين أحضانه .. ثم همس بأذنها :
- أنا لا أحب سوى صغيرتي نور .
كانت تلك الحركة السريعة منه كفيله بإشعال انتفاضة لذلك المجنون السجين بين الضلوع .. شعرت بالتهاب وجنتيها .. وبعد ثواني قليله .. دق هاتف حسام لكي ينقذها من ذلك الصمت الخجل .. كان المشفى يطلب حضوره لوجود حاله تحتاج لعمليه سريعة .. نهض حسام مسرعا وراح يحضر نفسه بعجل .. كانت نور تجري خلفه وتناوله كل ما ينقصه .. وقلبها يعتصر ألما وهي تفكر بذلك أو بتلك الطفلة التي تحتاج لعمليه في بداية حياتها .. حمدا لله أنها لم تصبح طبيبه مؤكد أنها ستموت ألف مره مع كل أنين تسمعه من مرضاها ..
التفت إليها حسام قبل أن يخرج .. وقال لها محذرا :
- يجب أن تنامي .. ولا ترهقي نفسك بمزيد من التساؤلات تذكري فقط أني احبك صغيرتي .
أنهى جملته بقبله دافئة طبعها على خدها .. ورحل دون أن يدرك مدى الاضطراب الذي يسببه لها بتلك الحركات التلقائية .. أو لعله يدرك ويتعمد فعل ذلك .. كانت تحب هذا التقارب الذي سمحت به علاقة الزوجية بينهما .. ومؤكد أنها لا تستنكر أيا من لمساته .. لكنها شعرت بنوع من الأنانية يجتاحها .. هل يحق لها أن تحقق معه بمثل تلك الطريقة .. حتى وان كانت هنالك علاقة بينه وبين ماري تلك .. لا يحق لها أن تزعجه بتساؤلاتها .. حسام شاب خلوق ومميز .. ويستحق أن يحيا حياته الخاصة .. ولكن هل ماري هي تلك الحياة .. تغضن وجهها بشكل تلقائي .. وراحت تستبعد صوره ماري .. يبدوا أنها فتاه لطيفه ولكنها لا تليق بحسام .. هكذا حدثت نفسها .. كلمتها الأخيرة بثت الرضا إلى صدرها .. ولكنها عادت تتساءل بحيرة أكبر عن مشاعرها هي .. هل توجد فتاه مناسبة له بنظري يا ترى ؟.
لم تجب عن سؤالها خوفها من أن تعاودها تلك الأحاسيس الغريبة التي أمسكت بتلابيبها منذ رؤيتها لماري .. ودخلت إلى البيت .. أخرجت بكره الصوف وراحت تكمل غزل ذلك الشال الأبيض الذي كانت تصنعه لحسام دون أن يعلم ..
------------------

رن هاتف نور لينتشلها من بحر الأكواد البرمجية التي كانت تغوص فيها أمام جهاز الحاسوب المحمول .. والذي تقوم من خلاله بالعمل على المشروع المكلفة به من قبل الجامعة .. رأت رقم حسام .. وانتبهت في تلك اللحظة أنها لم تعد الغداء بعد .. ضغطت على أسنانها بضيق ثم ردت على ذلك الرنين المتزايد وهي تؤنب نفسها على التهائها بالدراسة :
- مرحبا .
- مرحبا .. صغيرتي .. كيف حالك ؟.
- الحمد لله .
- نور .. من الممكن أن لا أعود للغداء اليوم .. فلدي الكثير من المهام هنا .. لا تنتظريني صغيرتي .. ولا تنسي تناول دوائك .
- حسنا .

أغلقت الخط بعد أن ودعا بعضهما .. ثم أغلقت جهاز الحاسوب بعجله .. وتوجهت مسرعه نحو المطبخ .. بدأت تعد إحدى الأكلات التي يحبها حسام .. شعور قوي يجتاحها نحوه في تلك اللحظة .. فهو يرهق نفسه كثيرا من اجل رسم ابتسامه صادقه في قلب طفل مريض .. تملكتها نشوه غريبة .. لم تكن تلك المرة الأولى .. فإحساسها بان حسام سيتذوق هذا الطعام يجعلها أكثر حذرا .. بالرغم من انه يبدي إعجابه بكل شيء تصنعه ..
ابتسمت نور وهي تتذكر كيف تجلس قبالته وتبدأ بالسؤال ((هل مذاقه حلو ؟)) .. قبل أن يبتلع لقمته الأولى .. فأصبح حسام يتغزل بالطعام قبل حتى أن يتذوقه .. راحت نور تجهز نفسها بعد أن انتهت من إعداد الطعام .. ووضعه في أطباق مخصصه لحمله .. ولم تنسى وضع ذلك الشال الأبيض الدافئ والذي انتهت منه بالأمس بداخل حقيبتها ..
لم يكن المشفى الذي يعمل بها حسام غريبا عنها .. فلقد تلقت علاجها بداخلها ..
في إحدى الممرات وجدت طبيبها المعالج ديفيد برفقه ماري .. تقدمت منهما بحياء لتلقي التحية :
- السلام عليكم .
- وعليكم السلام ..
رد الاثنان .. لكن رد ذلك الطبيب المسيحي الأشيب كان أكثر حرارة .. كانت نور تعلم انه يحب المسلمين ويحب الترحيب بهم بتحيتهم :
- مرحبا بالعربية الجميلة نور .
احمرت وجنتي نور من الخجل تحت وقع ذلك الإطراء اللطيف .. أيضا ماري رحبت بها وابتسامه جميله تعلو شفتيها .. فضلت الفتاتين التحدث بالانجليزية مراعاةً للطبيب ديفيد .. بينما راح هو يمازحها :
- هل اشتقت لزوجك ؟.
- لا .. اقصد .. لقد أحضرت له الغذاء .
كان سؤاله مفاجئا ومحرجا لها بنفس الوقت .. ضحك الثلاثة على جوابها الخجول .. وودعتهما بعد أن تمنى لها طبيبها الذي يفيض بالحنان الأبوي أن يسعد الله أيامها .
نقرت نور على باب حجره حسام .. ثم طلت بوجهها لتجده منهمك على بعض الفحوصات دون أن يلقي أي التفاته نحو الباب المفتوح .. أشفقت عليه .. وقالت ممازحه وهي تقترب منه متقمصه دور شاب توصيل الطلبات :
- لقد أحضرت لك أحب الأكلات سيدي .. ولكن هذا سيكلفك ضعف ثمن الطعام .
شاع السرور على ملامح حسام المتعبة .. وبدأ الزوجان بتناول طعام الغذاء معا .. ظلت نور تحدثه عن مشروعها الجامعي الجديد .. وهو ينصت إليها باهتمام بالغ رغم انه لا يفهم الكثير مما تقوله .. وجدته يتأملها بتلك النظرة التي تفلح بخطف أنفاسها في كل مره بعد انتهاءهما من الغذاء .. أخرجت ذلك الشال الصوفي من حقيبتها وهي تعاني الاضطراب اللذيذ من نظره حسام .. وقدمته بحياء بالغ :
- ما هذا ؟.
تساءل والإعجاب بادي على ملامحه .. فأجابته وهي تتقدم منه وتلف الشال حول عنقه :
- لأنك تهمل صحتك كثيرا .. وتنسى ارتداء ما يدفئ جسدك .
- مؤكد لن أنساه بعد اليوم .
كانت عينيه الحالمتين مركزتين نحوها .. وازداد تسارع نبضها عندما شعرت بأنامله تتحسس يدها .. ثم ترفعها ببطء ليطبع قبله ناعمة على ظاهر يدها .. شعرت بالدوار يلفها .. وانتشر اللون الأحمر في وجنتيها .. سمعا نقرا خفيفا على الباب .. وظل حسام محتضنا لأناملها الرقيقة بين كفيه عندما طلب من الطارق الدخول .. تساءلت ماري بمرح وهي ترى نور :
- حمدا لله انك ما زلتي هنا .
سحبت نور يدها من بين كفي حسام بسرعة بعد أن لاحظت تغير تعابير ماري المرحة بمجرد أن انتبهت للأيدي المتشابكة .. وتساءل حسام بهدوئه المعهود :
- أهلا بك يا ماري .
- لقد جئت أخبركما أن والدتي تود أقامه حفل نسائي صغير بعد الغد .. لكي تستطيع نور التعرف على صديقاتنا اليمنيات هنا .
ظلت نور صامته تنتظر رد حسام الذي حدثها بلطف :
- مؤكد ستستمتعين برفقه والده ماري .. ما رأيك صغيرتي ؟.
هزت نور رأسها بالموافقة ووجهت حديثها لماري :
- حسنا .. وشكرا لهذه الدعوة اللطيفة .
- لا داعي للشكر حبيبتي .
استأذنت ماري بالخروج .. وراحت نور تشرد في تلك الفتاه الشقراء اللطيفة .. والتي تشعرها بالكثير من التناقضات .. فهي تجدها محببة في كثير من الأوقات .. ولكنها لا تزال تتذكر أول يوم رأتها فيه .. وذلك الشوق المشتعل في عينيها .. والذي أحست نور بأنه احرق قلبها هي .

مر اليوم الذي يسبق الحفلة بشكل سريع .. وكانت نور تعيش في حيره تامة خلاله .. فهي لا تدري ماذا ترتدي .. ولا كيف تسريح شعرها .. كادت أن تصيب حسام بالجنون من كثره الملابس التي عرضتها عليه .. ولكنها استقرت على رأي قبل الموعد بساعة .. لبست فستانا أسود قصير يحمل تصميما كلاسيكيا .. كان بسيطا جدا يغطي الصدر ويرتفع حتى العنق .. وينحسر بعض الشيء عن ركبتيها وتصميمه يبرز ضيق خصرها وتناسق جسدها .. كما انه يكشف عن ظهرها بقصه أنيقة على شكل الرقم سبعه .. وجعلت خصلاتها الطويلة الناعمة تنام بخمول على كتفها الأيمن حتى تصل إلى نهاية خصرها .. لم تبالغ كعادتها بالأصباغ .. وكانت تعرف أن حسام يفضل رؤية ملامحها البريئة .. خرجت من الحجرة تسير بحياء مع نظراته المفتونة .. ابتسم هو للخدين المتوردين بتلك الحمرة التي يعشقها .. تساءلت نور بقلق واضح :
- هل سيعجبون بي ؟.
- لما كل هذا القلق ؟.
- أحس بأنهم يودون رؤية زوجه حسام .. لذلك أحب أن انقل صوره جميله عنك .
اتسعت تلك الابتسامة الجذابة على شفتيه .. واقترب منها قليلا .. كان يود أن يهمس لها بشيء .. لكن عطسه خفيفة منعته من ذلك :
- رحمك الله .
قالتها نور وهي تغالب ضحكتها .. ثم أفلتت تلك الضحكة عندما حاول أن يرد عليها فعاوده العطس مره أخرى :
- يبدوا أن العطس لا يريدك أن تحدثني .
ثم أردفت وهي ترتدي عباءتها وحجابها :
- هيا قبل أن نتأخر .
لم يكن بيت ماري يبعد كثيرا عن بيتهم .. وقبل أن تطرق باب البيت رن هاتفها بنغمه الرسائل .. فتحتها لتجد رسالة تحتوي كلمتين فقط من حسام ((أنت الأجمل)) .. كان ذلك كفيلا ببث الاطمئنان إلى قلبها .. طرقت الباب بثقة اكبر .. جاءها صوت ماري من الداخل .. وبعد أن فتحت لها الباب .. شعرت بألفه كبيره وسط ذلك البيت القريب جدا من تصميم البيوت اليمنية .. وأحبت والدته ماري كثيرا وذكرتها بوالدتها هي مع اختلاف الملامح .. كانت حفله لطيفه .. وزادتها تقربا من ماري التي أبدت سعادة صادقه بتواجد نور بينهم ..
عندما حان موعد العودة .. ارتدت حجابها ولكن قبل أن تخرج أصر والد ماري الذي كان يجلس في مكتبه بإدخال حسام ليسلم عليه .. استغربت نور عندما وجدت والدة ماري ترتدي حجابا لتستقبل زميل ابنتها .. وشعرت بالفخر من ذلك الترحيب الحار الذي يتلقاه حسام من الجميع .. لكنها لاحظت تغير صوته قليلا .. تقدمت نحوه بقلق ظاهر ممسكه بإحدى يديه :
- هل أنت بخير يا حسام ؟.
وقبل أن يجيبها وجدت ماري تشاركها قلقها .. بل أنها تحسست جبينه وهي تردف بضيق :
- ما هذا يا حسام .. إن حرارتك مرتفعه .
ضايق ذلك التصرف نور بعض الشيء .. ولكنها عادت تحدث نفسها بأنها طبيبه وهذا يعد واجبا عليها .. بينما أجابهما حسام بحياء :
- أنا بخير حقا لا تقلقا .
ولكن ماري نهرته بحزم :
- لم تتغير أبدا .. طبيب ومهمل بصحتك .
تقبل حسام حديثها بابتسامته الخجولة .. وقبل أن يودعا تلك الأسرة الطيبة .. أعطت ماري بعض الدواء لنور وأوصتها :
- لا تقلقي يا نور .. ولكن إذا زادت حرارته أعطيه هذا الدواء مع كمادات باردة .
تلقت نور تلك النصائح بهدوء .. دون أن تبين حدة تلك المشاعر التي تجتاحها ..

في البيت ارتمى حسام على السرير فور دخولهم .. مما زادها خوفا عليه .. مسحت قطرات العرق المتجمعة على جبينه بكفها الناعمة :
- حسام .. هل تشعر بالألم ؟.
أجابها وهو لا يزال مغمضا لعينيه .. ويبدوا انه يحاول التغلب على وجعه :
- لا تقلقي صغيرتي .. ولكني احتاج لبعض النوم ..
حاولت إقناعه بتناول بعض الدواء دون جدوى .. فراحت تنفذ ما أمرتها به ماري .. وأحضرت كميه من المياه الباردة وبللت بها قطعه من القماش ثم اعتصرتها لتضعها على جبين حسام الملتهب .. ظلت ساهرة بجانبه تكرر تلك الحركات بصبر .. وشعرت كأن حرارته تتسلل إلى قلبها .. بدأت عبراتها بالانهمار عندما سمعته يئن ويهلوس بكلام غير مفهوم تحت سطوه الحمى ..
رفع يده بحركة منهكة .. وكأنه يحاول الإمساك بشيء .. لم تفهم من كلامه سوى القليل .. ولكن ما فهمته جعلها تعاود بكائها وهو يقول بصوته المحموم ((متى ستشعرين)) .. ((لا تتركيني)) .. ((فانا احبك)) .. احتضنت نور تلك اليد الملتهبة .. وقبلتها بحنان بالغ بعد أن بللتها بعبرات ساخنة .. لا تدري لما بتلك اللحظة تذكرت صوته الشجي وهو يغني كلمات الحب المستحيل .. كما أنها لا تدري سببا محدد لهذه الدموع .. هل هي رؤيته مريضا ؟.. أم ذلك العذاب الذي يعانيه وحيدا وكشفته هذه الحمى الخبيثة ؟.. أم هو ذلك الشك الذي يزداد بداخلها عن هوية الفتاه التي يقصدها حسام بهذه الكلمات المحمومة ؟.. تلك الفتاه الشقراء التي جعلتها تختبر إحساسا جديدا مؤكد انه الغيرة ؟.. نعم فهي تغار من ماري .. من تلك الذكريات المجهولة التي تشاطرها مع حسام .. من نظره الشوق في عينيها ولهفتها القلقة عليه ..
راحت دموعها تنهمر بغزاره اكبر وهي تتأمل ملامح ذلك الوجه الأسمر الجذاب .. والذي لا تملك الحق مطلقا بامتلاكه .. نعم لا يحق لي أن أغار فهو يحبها .. يجب أن اكف عن أنانيتي الطفوليه .. ولابد أن يحضا حسام بالسعادة التي يستحقها .. ويكفيني هذا الحب العذب الذي اشعر به الآن اتجاه شخص لطالما عاش لرؤية ابتسامتي ..

في الصباح استيقظت نور .. وشعرت بتحجر الدموع على خديها .. كانت تحس بيد خفيه تحاول انتزاع قلبها كلما تذكرت استنتاجات الأمس .. تلفتت حولها بهلع ولم تجد أثرا يدل على تواجد حسام .. قفزت من فوق السرير .. وراحت تفتش في أرجاء البيت وهي تناديه بصوت مهزوز .. لكن ما من مجيب .. شعرت بنبضها يتسارع كدقات قنبلة موقوتة .. أين سيذهب وهو بتلك الحالة .. دعت الله بان يحميه .. وجاهدت كي تطرد كل أفكارها السوداء .. محاوله البحث عن طريقه تطمئن بها عليه ..

my faith 24-07-10 03:02 PM

قراءه ممتعه للجميع وان شاء الله البارت ينال اعجابكم

عاشقة عمور خان 24-07-10 03:24 PM

بسم الله الرحمن الرحيم
 
انا احب الرومانسيه القصه رووووووعه انا قربت ابكي من شدة الحب
انا متشوقه للجزء الثاني شوقتيني

:c8T05285::8_4_134:

dew 25-07-10 03:30 AM


جزء في منتهى الروعة يا عزيزتي ....

غيرة نور من ماري وخصوصا ان ماري يمنية جعلت للقصة منعطف جميل ...وحزنها للهذيان الذي كان يتفوه به حسام والذي لم تعرف من يقصد به كان شفاف جدا وعميقا ..جعلني على حافة البكاء ....

أتشوق جدا لمعرفة ما سيحدث في الجزء القادم ...أرجوك لاتتأخري علينا ....

نوف بنت نايف 25-07-10 07:03 AM

مرحبا ميمي
الله يعطيك الف عافيه على روعه ماكتبتي
صراحه مره رحمه حسام وهو يتمنى نور تصرح بغيرتها عليه بجد انه شخصيه منتهى الروعه حسيتها يبيها تغار عليه رغم انه ماحاول يستثير غيرتها الا
ان الشقراء اليمنيه كانت اختبار فعلي
************
نور الان اصبحت تعرف مشاعرها تجاه حسام استغرب اين ذهب تصرف الانثى المتملكه من تصرفاتها لم لم تكره ماري
وماري الا تحب حسام اين غيره الانثى
بطلاتك منتهى الرقه والحالميه ميمي صراحه
عكس لي شخصيتك الرقيقه بشكل لاكن معلومه من مجربه كل صفات الرقه والطيبه تعدم عندما تشعر الانثى ان هناك من تحاول التربص بشريك عمرها
*************
ميمي لازلت رائعه وصاحبت قلم مميز (عاشقه للفصحى )
رغم قله متابعي القصه الا اني من اشد المعجبين بقلمك
واتنباء لك بمستقبل مبهر
انتظر القادم بشووووووووووووووووووق

من بين النآس !! 26-07-10 11:37 AM

http://www.liilas.com/upp//uploads/i...1d5dbc21bc.jpg

مرآآحب........

حروفـكِ ايمان كانت مـختلفـه في كل شي
احساس جميـل .. طرحـ رائـع .. وروحـ عذبـه

اشعه تصدر من هذه الـحروف بـ جمال ما يـحتويـه معانيها

قرئتك قبل فتره قصيره
وهآ انا .. اسجل اعجآبي بحرفك المتآلق


(الحب المستحيل)

أحبكِ جداً ... أحبكِ

و أعرف أني
أسافر في بحر عينيكِ
دون يقينِ

وأترك عقلي ورائي
وأركض
أركض
خلف جنوني

أيا امرأة تمسك القلب
بين يديها

سألتك بالله
لا تتركيني
لا تتركيني
فما أكون أنا
إذا لم تكوني

أحبك جداً وجداً وجداً

وأرفض من نار حبكِ
أن استقيلا

وهل يستطيع
المتيم بالعشق
أن يستقيلا

وما همني
من الحب أن خرجت حيا
وما همني أن خرجت قتيلا


حســــآم.. ايهآ العاشق المتيم بنور...

قليلون من هم مثلك.. وياليت صغيرتك تفهم او تقدر تضحياتك
من اجلهآآآآ

نور.. اتعب اقوولـــ >> غبيييييه

وتفسيرهــــآ لكلمات وهذيان حسام>> غبي مثلهآآآآآ

قالك انها زميله دراسه .. يعني كانت امامه اكثر من ست سنين

ومآ فكر فيهآ...

شغلي مخك شوووي يااانور.. بلآ مااايطير الملآك من بين ايدينك
سااعتهآ آالم الندم رح تكون اقوى من الم الحزن




احترامي وتقديري لشخصك الرآئع

ننتظر القادم بلهفه






my faith 26-07-10 03:38 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عاشقة عمور خان (المشاركة 2391664)
انا احب الرومانسيه القصه رووووووعه انا قربت ابكي من شدة الحب
انا متشوقه للجزء الثاني شوقتيني

:c8T05285::8_4_134:

عاشقه يا روحي تسلمي على كلامك اللطيف واني والله سعيده ان الروايه لمست مشاعرك الرقيقه ..

وانا كمان في شوق اني اعرف ردود افعالك في البارتات الجايه

my faith 26-07-10 03:41 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة dew (المشاركة 2392184)

جزء في منتهى الروعة يا عزيزتي ....

غيرة نور من ماري وخصوصا ان ماري يمنية جعلت للقصة منعطف جميل ...وحزنها للهذيان الذي كان يتفوه به حسام والذي لم تعرف من يقصد به كان شفاف جدا وعميقا ..جعلني على حافة البكاء ....

أتشوق جدا لمعرفة ما سيحدث في الجزء القادم ...أرجوك لاتتأخري علينا ....


حياتي تسلمي على كلامك اللطيف الله يخليك .. كلك ذوق والله ..

وان شاء الله البارت الجاي ينال اعجابك كمان

my faith 26-07-10 03:46 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نوف بنت نــــايف (المشاركة 2392338)
مرحبا ميمي
الله يعطيك الف عافيه على روعه ماكتبتي
صراحه مره رحمه حسام وهو يتمنى نور تصرح بغيرتها عليه بجد انه شخصيه منتهى الروعه حسيتها يبيها تغار عليه رغم انه ماحاول يستثير غيرتها الا
ان الشقراء اليمنيه كانت اختبار فعلي
************
نور الان اصبحت تعرف مشاعرها تجاه حسام استغرب اين ذهب تصرف الانثى المتملكه من تصرفاتها لم لم تكره ماري
وماري الا تحب حسام اين غيره الانثى
بطلاتك منتهى الرقه والحالميه ميمي صراحه
عكس لي شخصيتك الرقيقه بشكل لاكن معلومه من مجربه كل صفات الرقه والطيبه تعدم عندما تشعر الانثى ان هناك من تحاول التربص بشريك عمرها
*************
ميمي لازلت رائعه وصاحبت قلم مميز (عاشقه للفصحى )
رغم قله متابعي القصه الا اني من اشد المعجبين بقلمك
واتنباء لك بمستقبل مبهر
انتظر القادم بشووووووووووووووووووق

نووووووووووووووووووف يا حياتي عن جد انا تواجدك بيسعدني كثييييييييييير والله ههههههههههه

انا سعيده انك حبيتي البارت وان شاء الله غيره نور بتبين اكثر في البارت الجاي ههههههههه

وخجلتيني والله بكلامك الرقيق .. تسلمي لي يا عسل .. وان شاء الله تظل اروايه عاجباكي كذا على طول

my faith 26-07-10 03:55 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة من بين النآس !! (المشاركة 2393809)
http://www.liilas.com/upp//uploads/i...1d5dbc21bc.jpg

مرآآحب........

حروفـكِ ايمان كانت مـختلفـه في كل شي
احساس جميـل .. طرحـ رائـع .. وروحـ عذبـه

اشعه تصدر من هذه الـحروف بـ جمال ما يـحتويـه معانيها

قرئتك قبل فتره قصيره
وهآ انا .. اسجل اعجآبي بحرفك المتآلق


(الحب المستحيل)

أحبكِ جداً ... أحبكِ

و أعرف أني
أسافر في بحر عينيكِ
دون يقينِ

وأترك عقلي ورائي
وأركض
أركض
خلف جنوني

أيا امرأة تمسك القلب
بين يديها

سألتك بالله
لا تتركيني
لا تتركيني
فما أكون أنا
إذا لم تكوني

أحبك جداً وجداً وجداً

وأرفض من نار حبكِ
أن استقيلا

وهل يستطيع
المتيم بالعشق
أن يستقيلا

وما همني
من الحب أن خرجت حيا
وما همني أن خرجت قتيلا


حســــآم.. ايهآ العاشق المتيم بنور...

قليلون من هم مثلك.. وياليت صغيرتك تفهم او تقدر تضحياتك
من اجلهآآآآ

نور.. اتعب اقوولـــ >> غبيييييه

وتفسيرهــــآ لكلمات وهذيان حسام>> غبي مثلهآآآآآ

قالك انها زميله دراسه .. يعني كانت امامه اكثر من ست سنين

ومآ فكر فيهآ...

شغلي مخك شوووي يااانور.. بلآ مااايطير الملآك من بين ايدينك
سااعتهآ آالم الندم رح تكون اقوى من الم الحزن




احترامي وتقديري لشخصك الرآئع

ننتظر القادم بلهفه






حياتي الله يخليك عن جد كلامك اسعدني كثير وحبيت حماسك للروايه ..

والله تواجدك بملاك الحب اسعدني كثير واني في انتظار ارايك بالبارت الجاي ..

وعلى فكره شكرا كثيييييييييييييييييير على كلمات الحب المستحيل اللي كتبتيها عن جد هذي اكثر غنيه بحبها لكاظم وشكل بتحبي كاظم مثلي ههههه

سر الخلود 27-07-10 02:09 PM

السلام على من اتبع الهدى...
لالالالا شنوهذا؟؟؟؟ حلو؟؟؟ لالالا...رائع...لالالا هذا سحر الكلمات وشذا عبير زهور الخيالات والأحاسيس الراقية ..يعطيك العافية للبارت إلى مو قادرة اوصفه......تسلم اناملك يابنت اليمن العظيم....وياريت يكون البارت القادم قريب لأن الصراحة انا خلاص استويت على نار هادية مثل مايقولون وماعاد فيني صبر.....انا طماعة انتي كريمة واحنا نستاهل صح!!؟؟؟؟؟؟:friends:

my faith 27-07-10 07:58 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سر الخلود (المشاركة 2395096)
السلام على من اتبع الهدى...
لالالالا شنوهذا؟؟؟؟ حلو؟؟؟ لالالا...رائع...لالالا هذا سحر الكلمات وشذا عبير زهور الخيالات والأحاسيس الراقية ..يعطيك العافية للبارت إلى مو قادرة اوصفه......تسلم اناملك يابنت اليمن العظيم....وياريت يكون البارت القادم قريب لأن الصراحة انا خلاص استويت على نار هادية مثل مايقولون وماعاد فيني صبر.....انا طماعة انتي كريمة واحنا نستاهل صح!!؟؟؟؟؟؟:friends:

حياتي انتي .. والله كلامك بيخجلني كثييييييييييييير
تسلمي لي يا غاليه .. واكيد انتوا تساهلوا هذا ما فيه كلام هههههههه

خلاص ان شاء الله بنزله اليوم بالليل باذن الله ..

dew 28-07-10 01:57 AM

إهدااااااااء خاص ^_^

YouTube - &#x202b;ط§ظ„ط*ط¨ ط§ظ„ظ…ط³طھط*ظٹظ„-ظƒط§ط¸ظ… ط§ظ„ط³ط§ظ‡ط±- alhob almostaheel-Kazem el Saher&#x202c;&lrm;

يااااسلام على كاظم ..وعلى إحساس كاظم ....أنا عاد يذبحني المقطع لما يقول ...

أيا امرأة تمسك القلب بين يديها....
سألتك بالله لاتتركيني ...

آآآآآآآه ....منتهى الإحساس

my faith 29-07-10 09:29 PM

dew
حبيبتي تسلمي على الفيديو عن جد الف شكر لك يا قمر

وسامحوني والله انا كنت وعدت سر الخلود انزل البارت قبل يومين بس والله اضطريت ابيت عند جدتي وانشغلت وما قدرت انزله سامحوني اني الان بنزله وقراءه ممتعه للجميع .. واتمنى البارت ينال اعجابكم

my faith 29-07-10 09:33 PM

(14)
أميرتي النائمة



أين ذهب ؟.. ظل السؤال يتردد بداخلها دون إجابة شافيه .. بدأت تحصي دقات قلبها عوضا عن الثواني .. وبخطوات قلقة تترنح تحت سطوة مخاوفها راحت تذرع أرض الصالة ذهابا وإيابا .. هل من الممكن أن يكون ذهب للمشفى .. ولكن ماذا إن أصابه مكروه وهو بتلك الحالة .. مؤكد أنه ليس على ما يرام .. حتى أنه نسي هاتفه المحمول في البيت .. أخذتها الهواجس إلى احتمالات أكثر قسوة .. وتخيلت حياتها دون حسام .. جعلها ذلك توشك على البكاء وشعرت بغصة في بطنها .. ثم قررت أخيرا أن تخرج بحثا عنه .. دون أدنى فكرة لديها عن مكان تواجده ..

في تلك اللحظة سمعت مفتاحا يدار في قفل الباب .. ركزت عينيها بوجل وشوق نحو ذلك الجسد الطويل الذي تتوقع رؤيته .. وما أن ظهر حسام عبر الباب المفتوح .. حتى اندفعت نحوه كالمجنونة تحتضنه بكل ما تملك من قوة .. ولتخفي نشيجها في حنايا صدره العريض :
- حسام .. أين كنت ؟.. لقد خفت عليك كثيرا .
شعر حسام بالذنب أمام لوعتها .. وراح يضمها إليه برفق ويربت على رأسها ليخفف عنها :
- أنا آسف صغيرتي .. لم أكن أود أن أزعجك .. فلقد بدى عليك الإرهاق .
رفعت إليه نور عينيها الدامعتين وهي لا تزال تطوقه بيديها :
- أين ذهبت في هذا الصباح المبكر ؟.
- لقد خرجت لكي اجري قليلا .. أنت تعلمين كم اكره المرض .
لقد أنستها فرحة رؤيته الاطمئنان على حاله .. وسرعان ما رفعت إحدى يديها لتتحسس جبينه ثم خده .. ذلك الدفء الطبيعي في بشرته أثلج صدرها .. بينما التقط حسام يدها القريبة من خده .. ومال برأسه قليلا كي يقبل باطن يدها وهو لا يزال يطوقها بذراعه الأخرى .. متى ستتعود لمسه شفتيه الدافئتين دون كل هذا الاضطراب الذي يغشاها .. وتلك النبضات التي تصم آذانها ..
نظر إليها وابتسامه مرحه تتخلل شفتيه .. لابد أن تلك الحمرة التي تغزو وجنتيها قد راقته .. وضع كفها على صدره :
- يبدو أنني قد سببت لك الكثير من القلق .
شعرت بسعادة بالغه من تلك الخفقات الثائرة تحت أناملها الملامسة لصدره .. واطمأنت بأن هنالك من يشارك قلبها بعض جنونه .. سيطر عليها الخجل وعادت تحتضن حسام لتخفي وجهها المحمر خجلا :
- بل كدت أموت خوفا عليك .. لا تكرر ذلك مره أخرى .
ابتعدت عنه فجأة بشيء من الخجل .. وقد رأت بعض القطرات تبلل قميصه الرياضي :
- لقد بللتك بالدموع .
ضحك حسام وهو يبعدها عنه بلطف :
- بل أنا من بللك بالعرق .. يجب علي الاستحمام فورا قبل أن اطرد من البيت .
شاركته نور الضحك .. ولكنها خافت عليه من أن يأخذ حمام في هذا الجو البارد .. خصوصا أن صوته لم يريحها وآثار المرض تتخلله بوضوح .. لكن حسام عنيد كعادته ..

على الغداء لم تتناول نور الكثير من طعامها كانت تستمتع برؤيته يمضغ اللقيمات ببطء .. وببعض الشهية .. وراحت تحدثه بشتى المواضيع بحماستها المعهودة .. شعور غريب بالسعادة يتسلل بداخلها .. كانت مجرد رؤيته معافى أمامها تبعث السرور إلى قلبها المتعلق به :
- ألم تصلك رسائل من والدتك يا نور ؟.
- بلى .
قالتها بفرحه واضحة ثم أردفت بشيء من الاستغراب :
- لقد شعرت بقوه رسالتها هذه المرة .
- كيف ذلك .
- لقد حدثتني عن الكثير من الأشياء .. ولكنني قرأت من بين السطور بأنها أصبحت لا تأبه كثيرا للخال نبيل .. حتى صرت اشعر وكأنها لم تعد مهتمة بارتباطهما .
- هذا شيء متوقع .
عقدت نور حاجبيها بحيرة من تلك النبرة الواثقة في حديثه :
- وما هو المتوقع ؟.
- إن والدتك يا نور لم تحتج يوما لهذا الارتباط .. لكنها اعتبرته تضحية في سبيلك أنتِ .
- أنا .
- نعم صغيرتي .. أنت تعرفين كلام الناس عن بيت لا يوجد فيه رجل .. والدتك لن تهتم بذلك .. لكن سمعتك أنت أكثر أهميه بالنسبة لها .. وأنا اعتقد أن هذا الدافع الرئيسي لارتباطها بالخال نبيل .
حمل حديثه الكثير من المنطقية .. وشعرت بمعاناة والدتها من أجلها .. أردف حسام :
- لهذا هي الآن تشعر ببعض القوه .. خصوصا بعد أن اطمأنت عليكِ .
ابتسمت نور لذلك الوجه الأسمر الجذاب والذي راح يرمقها بنظرته اللطيفة والتي تجعل قلبها ينكمش خجلا :
- كيف تستطيع أن تكون هكذا ؟.
ضحك حسام على عبارتها الغريبة وعلق مازحا :
- أن أكون هكذا ؟.
- أقصد .. بهذا القدر من الحنان .. فأنت تشعر بكل من حولك .
- ربما لدي قدرات خاصة .
ابتسمت له بمرح .. كانت تلك طريقه حسام للهرب من خجله .. وبدأت هي تشاكسه :
- بل مؤكد .. مثل قراءتك لأفكاري .
- هذه ليست ضمن القدرات .
- ولما ؟.
نظر إليها حسام بتلك الطريقة الخاطفة للأنفاس .. وراح يداعب خدها بأنامله :
- أنت بريئة جدا صغيرتي .. لذلك أفكارك وانفعالاتك لا تخفى عني .
كم هو مريح تواجده معها .. فمنذ ساعات مضت كانت لا ترى مستقبلها بدونه .. وكأنه ينتهي باختفاء حسام .. وهي الآن تشعر بإحساس قوي يسيطر عليها .. وكأنها تملك سعادة أعوام قادمة .. رفعت نور إليه عينين خجولتين ثم حدثته ببساطه بما يختلج في صدرها :
- شكرا لك يا حسام .
- على ماذا صغيرتي ؟.
عادت تخفض عينيها لترفعهما من جديد :
- على هذا الحساس الجميل الذي لطالما منحتني إياه .
- لست أنا من يمنحك إياه .
هنا ابتسمت له بحب .. وهي ترى جوابا عميقا يشع في عينيه .. لا تقدر على قراءته :
- من إذا ؟.
شعرت بأنه يود الإفصاح عن ذلك السر الذي يختزنه في قلبه .. لكنه عاد يبتسم بمرح :
- سيأتي يوم وتعرفين بنفسك .

كانت تسمع حركاته السريعة في حجره النوم وهي تنهي تنظيف أواني الطعام .. وعندما دخلت عليه وجدته يتأهب للخروج :
- إلى أين ؟.
تساءلت بحده وهي تعرف الإجابة مسبقا :
- إلى المشفى .
- ومن أذن لك بذلك .. أيها الطبيب حسام .
التفت إليها ضاحكا وهو لا يزال ينهي تحضير نفسه :
- وهل ستحكمين علي بالسجن المؤبد .. أيتها المهندسة نور ؟.
- حسام .. كف عن الاستهتار بصحتك .. المشفى لن يتوقف بدونك .. ويجب أن ترتاح .
- لا استطيع أن اجلس هكذا في البيت دون عمل .
شعرت نور بأن صبرها يكاد أن ينفذ .. لكنها ما تزال مصره على عدم خروجه .. أحضرت هاتفه النقال وناولته إياه :
- فلتتصل أرجوك .. لتعتذر عن الحضور هذا اليوم .
كان الحزن يرتسم بوضوح على ملامحها الجميلة .. وهذا ما جعله يأخذ الهاتف باستسلام ويدق رقما :
- حسنا .. سأطلب من ماري أن تقدم لي أجازه مرضيه .
- لا ..
لم تشعر نور بسرعة إجابتها إلا عندما ضحك حسام عليها :
- هل غيرتي رأيك ؟.
شعرت بالخجل من تسرعها .. وراحت تبرر له :
- لا .. أنا اقصد لا تتصل بماري .. فلتطلب ذلك من الطبيب ديفيد .
رفع حسام إحدى حاجبيه يقيس مدى إدراكها لما تقوله .. ثم حدثها بلطف :
- صغيرتي .. الطبيب ديفيد رجل كبير .. ولا استطيع أن أتعبه معي بينما ماري موجودة .
ردت عليه نور بما يشبه عناد الأطفال :
- وهنالك أيضا زملاء غيرها يستطيعون تقديم الأجازة أليس كذلك ؟.
فكر حسام قليلا ثم بحث عن رقم في هاتفه .. وسمعته يخاطب احد زملائه الذكور .. وابتسامه مرحه تعلو شفتيه ..

--------------------------

إلى متى سأعيش في هذا الظلام .. إنه يأبى مفارقتي .. ويسعى دوما لاختطافي من أسعد اللحظات .. وكأنه شخص غيور لا تعجبه ابتسامتي الدائمة .. حقا إني أحاول .. أحاول جهدي أن أتغلب عليه .. أتجاهله .. أتناسى حقيقة إجباري على التعايش معه .. لكنه يرفض النسيان .. كلما غاب عني عاد ليخنقني بيدٍ من حديد .. غير آبه لمكان أو زمان .. غير مقدر لأي ظرف .. أحساس قاسي بالوحدة يكتنفني مع تسرب خيوطه السوداء حولي .. لكن يبقى شعور قوي بداخلي ليخبرني بأنه سيزول .. مهما طال الانتظار .. ومهما أطبقت علي ظلمته الموحشة .. مؤكد سيتلاشى بعد دقائق معدودة .. ليتركني وحيده أصارع ذاكرتي .. كي استرجع تلك النقطة التي توقفت عندها حياتي .. وأكمل من جديد رحلتي مع هذا الرفيق الذي يرفض الهجران ..

دخل حسام إلى البيت وتملكه أحساس بغيض من هذا الصمت المطبق الذي يلف البيت .. أين هي نور ؟؟.. هكذا تساءل بحيرة .. لقد كان الوقت متأخراً بعض الشيء ومن غير المعقول أن لا تكون في البيت .. أسرع نحو المطبخ بخطى وجله بعد أن لاحظ تلك النار المشتعلة فوق موقد الطبخ .. لبرهة نسي كيفيه التنفس عندما وجدها مرمية على أرضيه المطبخ الباردة .. وبجانبها قدر مقلوب قد افرغ محتوى الزيت الساخن على معصمها ..
أسرع في التقاطها من الأرض بعد أن أطفأ نار الموقد .. ليلقيها برفق على السرير .. ثم اخرج بعض المراهم من حقيبته ليداوي حروقها .. ثم لفها برباط طبي .. عندما شارف على الانتهاء رأى نور تفتح عينيها بوهن .. وكانت ملامحه المتجهمة .. آخر ما يود أن تراه .. لكن تلك الوجيعة التي تغرس أظافرها بوحشيه في صدره لا تترك له مجالا للابتسام .. كم يشعر بالضعف أمام هذا المرض .. بالعجز عن حماية أحب الناس إليه .. كم تمنى لو استطاع المعاناة بدلا عنها .. فكل ما يبثه في نور من آيات الصبر والقوة لا تصل إليه أبدا .. فهو لا يزال يراها طفلته الرقية والتي يود لو يصونها بداخل قلبه .. وكثيرا ما يشفق عليها من ذلك الحمل الثقيل الذي تتعامل معه وحدها ..
كانت نور تنظر باستغراب لوجهه المتجهم .. غير مدركه ما حدث لها .. لكنها سرعان ما سحبت يدها من بين أنامله كحركة تلقائية بعد أن زال عن جسدها إحساسه بالخدر .. وشعرت بذلك الحريق في معصمها .. استغرقت برهة لفهم الموقف .. ثم أعادت معصمها إلى أنامله بيأس .. أنهى هو معالجتها محاولا أن يفك تعقيدات وجهه .. وأشاحت هي بنظرها كي لا تفلت دموعها .. لم تكن تود أن تزيد ذلك الهم الساكن في عينيه .. فتحدثت بصوتها المهزوز محاوله الابتسام :
- لما تأخرت ؟.
- لقد كنت برفقه ماري .
كان يجيبها بلا مبالاة .. وهو يفرك يديها المتجمدتين بكفيه .. لكنها انتفضت جالسه :
- ولماذا ؟.
- لقد كانت تود التحدث معي .. فتناولنا العشاء سويا .
كادت نور أن تفلت تلك الدموع التي أفلحت في حبسها قبل قليل .. وبدأت تتحدث بعصبيه رغما عنها :
- لقد كنت أحاول أن اعد لك عشاءا مميزا .. وأنت فضلت تناوله مع ماري .. دون حتى أن تخبرني بذلك .
لم يعرف حسام كيف يهدئها .. كما أنها كانت محقه فيما تقوله .. نهضت نور من على السرير وهي تغالب عبراتها :
- ماذا ستظن ماري الآن .
وقف حسام قبالتها وراح يحتضن وجهها :
- لن تظن شيء .. هي تعلم أني اعزها كزميله .
ابتعدت نور خطوه للوراء وهي تصر بحده على كلامها :
- أنا اعلم أن هذا الزواج شكلي يا حسام .. ولكنه ليس كذلك أمام الناس .
كانت تشعر بان النار في معصمها تنسحب تدريجيا لتستقر في قلبها المجروح .. ولم تعد تسمع نفسها .. أدركت من خلال تلك النظرة الكئيبة في عينيه أنها تخطئ في حقه بكلامها القاسي .. فاحتضنت البطانية من فوق السرير متوجهة بها نحو الحجرة المجاورة .. شعرت بيده الدافئة على ذرعها .. وهو يستوقفها بحيرة :
- ماذا تفعلين يا نور ؟.
لم تكن تنظر إليه وهي تجيبه فعينها قد غشتهما طبقه من عبراتها :
- دعني يا حسام أرجوك .
تنهد حسام بضيق ثم أخذ البطانية من بين يديها وقبل أن يخرج من الحجرة .. مسح دمعه وحيده على خدها وقبلها على جبينها بصمت .
لم تجد نور سوى وسادتها الحزينة لتشاركها دموعها .. وراحت تفرغ ذلك الإحساس المؤلم على طيات سريرها الخالي المفتقد مثلها لدفئ حسام .. لم تغفل عينيها .. ليس بسبب هذا الحرق في معصمها والذي بدأ يضايقها بشكل مزعج .. إنما هو شعور بالذنب .. لقد بالغت بردت فعلها نحو حسام .. ولم يكن من حقها أن تلومه .. أو تعامله بتلك الطريقة الجارحة ..
أدركت بأنها لن تقدر على تركه ينام مستاءً منها .. كما أنها لن تستطيع النوم هي بعيدا عنه .. فأخذت إحدى الوسائد .. وتسللت نحو الحجرة التي يستلقي فيها بسكون .. على تلك البطانية واضعا يديه خلف رأسه .. لم يكن نائما كما توقعت بل يشرد بنظره إلى السقف .. حتى أنه لم يشعر بدخولها من الوهلة الأولى .. تقدمت منه بحياء :
- لقد أحضرت لك وسادتك .
ابتسم لها حسام مشجعا .. فتقدمت أكثر وجلست بجانبه وهي تخفض رأسها :
- أنا حقا أسفه يا حسام .. لم يكن يحق لي .....
لم يدعها تنهي جملتها .. وجذبها نحوه واضعا رأسها على صدره .. وراح يتحسس شعرها بحنان :
- لا يجب أن تعتذري .. فلقد كنتِ محقه في كل شيء صغيرتي .
لفهما الصمت ولم تعد نور تسمع سوى التناغم المتسارع بين نبضات قلبيهما .. وسرت قشعريرة في أوصالها عندما اخذ حسام يمرر أنامله بلطف فوق كفها ذو المعصم الجروح .. حركات أنامله الدافئة كانت كفيله بتحريك آلاف المشاعر بداخلها :
- كيف تشعرين الآن صغيرتي ؟.
ردت عليه بكلمات تقطر مرارة :
- كلما أحاول تخطيه والتعايش معه .. يعود ليصدمني بواقع مؤلم .. لا أملك معه سوى الإحساس بمدى ضعفي .. وما تعانيه أنت معي .
رغم أنه يحس بوجعها بل أن ألمه من اجلها اكبر مما يمكنها أن تتخيله .. إلا أنه أجابها مازحا بعد لحظه من الشرود :
- أنا لا أعاني شيئا .. فأنت أميرتي النائمة .
زفرت نور بسخرية .. فحديث الناعم لم يفلح بالتخفيف من وجيعتها :
- يالي من أميره بائسة .. لا تجد فارسا يهديها قبله الحياة .
ابتسمت هذه المرة وهي تردف بسخرية اشد :
- بل أن قبلته لن تجدي نفعا في مثل حالتي .
لم يتحمل حسام هذه المرارة التي تقطر منها .. ونهض ليجلسها معه وهو يحتضن وجهها بين كفيه .. حدثها بصوته الهادئ وعينيه تركزان النظر في عينيها السوداويين :
- أنتِ لستِ بحاجه لقبله أحد يا نور .. فقبله الحياة توجد بداخلك .. تنبع من قوة إيمانك .. ومدى توكلك على الله ..
كانت تدرك تلك الكلمات .. ولكنه يخبرها إياها بطريقه تشعرها بالأمان .. بأنها ستكون بخير طالما يداه تطوقان أناملها .. وقبل أن تجيبه تعالى صوت قرقرة خفيفة من بطنها .. ضحك الاثنان وداعب حسام خدها بخجل :
- أنا أسف .. لابد أنك لم تتناولي عشائك حتى الآن .
نهض بها واتجها نحو المطبخ .. وتتطوع كي يعد لها البيض .. كانت نور تنظر إلى طريقته الغريبة في كسر البيض وتحاول أن تغالب ضحكاتها .. بينا واصل هو قليه للبيض والسعادة تتسلل إلى ملامحه وهو يطالع انشراح أساريرها :
- كيف عشت سبع سنوات وحيدا في لندن دون أن تعرف كيفيه كسر البيض .
رد عليها حسام ببساطه :
- كان الطبخ مهمة زميلي في السكن .. فانا لا أهواه كثيرا .
بدأت تتناول طعامها بشهية .. وهي تختلس النظر نحوه بين الحين والآخر .. فسرعان ما بدأ حسام بالشرود .. لم تكن تلك المرة الأولى .. فهي تشعر ومنذ بضعه أيام بأنه يخفي عليها أمرا .. تحس بأنه يعاني جرحا بداخله .. وهي لم تتعود هذه النظرات الحزينة في عينيه :
- حسام ..
- نعم صغيرتي .
- ألن تخبرني بما يزعجك ؟.
لم يكن يشك بصفاء إحساسها هي الأخرى بمن حولها .. ولكنه ابتسم لها بود :
- لا تشغلي بالك .. إنها مجرد ضغوطات في العمل .
مؤكد أن كذبته لم تنطلي عليها .. ولكنها حدثته بلطف بعد أن غسلت يديها :
- حسنا .. دعنا ننام فأنا اشعر بنعاس شديد .
- فلتصبحي على خير صغيرتي .. أنا لا أشعر بالنعاس بعد .
- فلتصبح على خير .
تركته باستسلام .. وشعرت بأن قلبها يكاد يخلع ليجلس معه ويؤنسه في وحدته .. ليشاركه هذا الهم الذي لا تعرف سببا له .. جافاها النوم .. وظلت مستلقية بيأس على السرير ..
بعد لحظات شعرت بخطوات حسام الهادئة في ظلمه الحجرة .. ثم وجدته يتسلل نحوها .. ليضع رأسه بخفه على صدرها .. ويطوق خصرها بذراعيه .. التهبت خديها من حركته البريئة والمفاجئة .. وتملكها الخجل من سماعه لذلك المجنون الثائر بين الحنايا .. والذي سرعان ما يقرع طبول الحياء مع قرب حسام منها .. وبالرغم من هذا الاضطراب اللذيذ والمتزايد بدخلها .. إلا أنها تحس بشعور عنيف نحو حسام .. وكأنها تود أن تزيل عنه كل تلك الهموم والمشاكل التي يأبى أن يشركها بها .. فراحت تعقد ذراعيها حوله وتتحسس خصلات شعره القصير برقة ..
توقف قلبها عندما شعرت بقطره ساخنة راحت تسيل بكآبة على صدرها .. لكن سرعان ما عاد النبض يدق صدرها بعنف .. مع تلك العبرات الأكثر سخونة .. والتي بدت كأنها تشجع قلبها المجنون في شق صدرها ..
- حسام .. حسام ..
خنقتها العبرات ولم تستطع سوى مناداة اسمه .. بينما حرك رأسه بالنفي فوق صدرها كأنه يجيب عن ذلك السؤال القلق والذي لم تنطق به بعد .. جلس ببطء .. فجلست معه وحاولت التخفيف من حدة إحساسها :
- ما بك يا حسام ؟.. لما لا تود إخباري ؟.
أخذ حسام نفسا بصعوبة ليطلقه وهو يتخلل شعره بأنامل يديه .. محاولا ابتلاع دموع كان يشعر بأنها أقوى منه .. وضغط على أسنانه قبل أن يجيبها بصوته المهزوز :
- أشعر بضيق يطبق على صدري يا نور .
تدافعت دموعها لتسيل بأسى على وجنتيها .. وكأن ما يصفه من ألم هو ما تشعر به الآن .. فراح قلبها يتأوه في أعماقها .. عندها حاول أن ينتزع حسام ابتسامه حنونة من شفتيه .. ومسح دموعها بينما سقطت دمعه كئيبة من عينيه ..
نظر لها بعينين محمرتين بمزيد من الدموع المحبوسة .. وبدأ يحدثها بصوته الدافئ المليء بالشجن :
- صغيرتي .. مهما حدث .. وحتى إن فرقتنا الأيام .. أو تغيرت تلك الوجوه أمامنا .. اعلمي أن عيناي لا تستطيعان رؤية سواك .. وإحساسي بكِ أكبر من أية مسافات ..
عضت نور شفتها السفلى كي لا تفلت ذلك النشيج المتعالي بداخلها .. بينما كانت نظرته تقتلها .. نظره لم تألفها في عينيه أبدا .. وكأنه يرى حلما أمامه .. وأن تلك الأنامل الساكنة بين أنامله مجرد سراب سرعان ما سيختفي .. أردف قائلا بصعوبة أكثر :
- يجب أن تدركِ بأن قلبي لم يعرف الحب إلا ليحبك أنت .. وحتى إن لم تريني .. تأكدي بأنني وفي مكان ما من هذا العالم املك قلبا يخفق فقط ليساير خفقات قلبك ..
خفضت نور رأسها فأسنده حسام بجبينه .. ودموعهما تحرقها لم تعد تحتمل هذا الغموض الذي يأسرها فيه .. رؤيتها له وهو يعاني ألما تجهله :
- كفى يا حسام .. كفى أرجوك .
حرر أنامله من بين يديها وطوق وجهها .. لترى إصرارا في عينيه :
- نور .. أنا .....
تعالت رنه هاتفه .. فراح يمسح دموعه قبل أن يجيب بصوت حاول جهده أن يكون طبيعيا :
- نعم .... أين .... سأحضر الآن .

وقف على عجله من أمره بمجرد إنهائه لتلك المكالمة التي لم تفهم منها شيئا :
- هل ستخرج ؟.
- نعم .. إنهم يريدون حضوري في المشفى .
أجابها وهو يتحاشى النظر إلى عينيها مما أكد شكوكها .. ولكنها لم تملك سوى اللحاق به حتى استوقفته أمام المخرج .. وقفت على أصابع قدميها وقبلته على خده :
- فلتنتبه لنفسك .
أهداها حسام ابتسامه يشوبها الكثير من الحزن .. ثم طبع قبلته الدافئة على جبينها .. دون أن يردف بشيء .. ظلت تتابعه بعينين قلقتين .. وقلب وجل .. كم تتمنى لو كان باستطاعتها إيقافه .. فهي تخشى عليه من هذه الكآبة المسيطرة عليه .. وهذا الألم الذي يعانيه .. والتي لم تتعودها أبدا في عينيه المرحتين ..

تنفست بصعوبة بالغه وهي تعود إلى حجره النوم .. سماعها لرنه هاتفه المحمول جعلها تنتبه بأنه نسي هاتفه مجددا .. رأت رقما غريبا من لندن يتصل عليه .. فكرت بأنه يتصل من هاتف عمومي كي يطمئن على هاتفه النقال .. ففتحت الخط :
- أين أنت ؟.
كان المتسائل صوت ذكوري جعل قلبها يجفل من الخوف .. وراح النبض يتسارع دون إرادة منها .. أنه يشبه صوت حسام كثيرا .. ولكنها قادرة على التمييز بينهما .. فلطالما سمعت هذا الصوت اللامبالي والذي عاود التساؤل بعد أن طال صمتها :
- حسام .. هل هذا أنت ؟.
أغلقت نور الهاتف بسرعة .. وكأنها تهرب من براثن وحش كاسر .. وشعرت ببروده تتسرب من قلبها لتهز سائر جسدها .. فعلى الرغم من هدوء ذلك الصوت إلا أنه عمل على اضطراب مشاعرها .. نعم .. فهي لم تعد تعرف وصفا دقيقا لما تحسه الآن .. ولكن شخص واحد ظل مسيطرا على تفكيرها .. بل ويستحوذ على جام قلقها .. إنه ذلك الشارد الكئيب حسام ..

سر الخلود 29-07-10 11:14 PM

السلام عليكم،،
اولا أختي المبدعة العزيزة My Faith مادري شقول شوصف كل بارت احسبه هو راح يكون التوب يكون يلي بعده بنفص المستوى ويمكن اعلى..يعني اسلوبك بصراحة قوي ومتدرج تبدا الرواية ينسج خيوطها من البداية برقة ووضوح وسلاسة وتتسارع بس بدون ضعف وتكمل بروعة وقوة وتجانس وكمية المشاعر فيه ماتخف من بارت للثاني بالعكس الأحاسيس لكل الشخصيات منسوجة بوضوح وزخم...بصراحة هذا يدل على تمكن كبير من للغة ولمعرفة علم النفس البشرية وخباياه حتى تكون ابطال روايتك شخصيات حقيقي نحس فيها وكأنها من لحم ودم...يعطيك العافية.
ثانيا وهو الأهمفي مثل يقول ان انت اكرمت الكريم ملكته ولن انت اكرمت اللئيم تمردا...وبصراحة انتي كريمة وما تأخرتي لغرض بنفس يعقوب بل لظروف الحياه وانا ماراح اكون لئيمة واستعجلك..خذي راحتك ولا تهتمي روايتك لو ماكانت عاجبتني ما كنت راح انطرها ولا يوم واحد مثل ماقلت انا شخصية موله بس يلي يلفت انتباهي ويكون مميز مستحيل اتركه...فحبيبتي ما احب اضايقك وانتي لك حياتك الخاصه يلي اكيد لازم تكون لها الأولويه.
شكرا جزيلا مرة ثانيا حياتي ويسعدلي ايامك

my faith 29-07-10 11:24 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سر الخلود (المشاركة 2398437)
السلام عليكم،،
اولا أختي المبدعة العزيزة My Faith مادري شقول شوصف كل بارت احسبه هو راح يكون التوب يكون يلي بعده بنفص المستوى ويمكن اعلى..يعني اسلوبك بصراحة قوي ومتدرج تبدا الرواية ينسج خيوطها من البداية برقة ووضوح وسلاسة وتتسارع بس بدون ضعف وتكمل بروعة وقوة وتجانس وكمية المشاعر فيه ماتخف من بارت للثاني بالعكس الأحاسيس لكل الشخصيات منسوجة بوضوح وزخم...بصراحة هذا يدل على تمكن كبير من للغة ولمعرفة علم النفس البشرية وخباياه حتى تكون ابطال روايتك شخصيات حقيقي نحس فيها وكأنها من لحم ودم...يعطيك العافية.
ثانيا وهو الأهمفي مثل يقول ان انت اكرمت الكريم ملكته ولن انت اكرمت اللئيم تمردا...وبصراحة انتي كريمة وما تأخرتي لغرض بنفس يعقوب بل لظروف الحياه وانا ماراح اكون لئيمة واستعجلك..خذي راحتك ولا تهتمي روايتك لو ماكانت عاجبتني ما كنت راح انطرها ولا يوم واحد مثل ماقلت انا شخصية موله بس يلي يلفت انتباهي ويكون مميز مستحيل اتركه...فحبيبتي ما احب اضايقك وانتي لك حياتك الخاصه يلي اكيد لازم تكون لها الأولويه.
شكرا جزيلا مرة ثانيا حياتي ويسعدلي ايامك


:flowers2: :flowers2: :flowers2: :flowers2:

حياتي انتي يا خلود الله يخليلي ياك .. ويخليلي كلامك الرقيق .. والله كلامك دائما بيخجلني .. عن جد بفرح بكل حرف بتكتبيه .. واني عن جد سعديه ان ابطال روايتي صاروا لحم ودم بالنسبه لك ..

تسلمي غاليتي على مشاعرك الرقيقه لي .. وعن جد تواجدك بيزيدني فخر .. وان شاء الله ما رح تتعذبي مع الروايه خلاص هي باقي لها بارتين وبتكمل ان شاء الله ..

عن جد ردودك بتثلج صدري .. وعلى فكره ههههههه اني كل ما انزل بارت اقول اكيد ما بيعجبهم .. اكيد مش حلو مثل الي قبله مش عارفه ليش خخخخخخ بس والله اول ما بشوف ردودكم ترجع لي ثقتي بنفسي .. وتلاقي عندي حماسه عشان اكتب البارت اللي بعده ..

يعني بالاخير .. بعد ربنا طبعا .. كلامكم له الفضل في تميز ملاك الحب ..

شكرا لك يا روحي ولكل البنات اللي متابعين الروايه ..
بحبك في الله يا عمري

dew 01-08-10 12:22 AM

منتهى الروعة يا عزيزتي ...منتهى الروعة ....

بصراحة أعجز عن كتابة ما أشعر به في هذا الفصل المليء بالمشاعر ...

منتهى السلاسة ومنتهى الشفافية ...ماشاء الله تبارك الله ياإيمان ...

نبدأ بنور ....متى راح تريحين حسام يا نور وتطلعينه من الشقاء اللي هو عايش فيه ؟؟ لكن أنا أعذرك بس بسبب المرض اللي يهاجمك في أوقات تكرهينها ...
وحسام ..أشفقت عليك كثير يا حسام وحسيت بألمك ..خصوصا في مشهد بكاءك ..كان مؤثر جدا جدا ..وحسيت بضيقك لأنك ما تقدر تساعد حبيبتك نور ...لكن الله بيفرجها عليكم ..إن شاء الله يارب ...

صاحب المكالمة الغريبة ..أحس إنه سامح لكن مو معقولة ...أنتظر الجزء الجاي بشوووووووووووووووووووووووق ....وسامحيني لأني مارديت بدري شوي ...

أختك ندى ....

my faith 04-08-10 04:12 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة dew (المشاركة 2400573)
منتهى الروعة يا عزيزتي ...منتهى الروعة ....

بصراحة أعجز عن كتابة ما أشعر به في هذا الفصل المليء بالمشاعر ...

منتهى السلاسة ومنتهى الشفافية ...ماشاء الله تبارك الله ياإيمان ...

نبدأ بنور ....متى راح تريحين حسام يا نور وتطلعينه من الشقاء اللي هو عايش فيه ؟؟ لكن أنا أعذرك بس بسبب المرض اللي يهاجمك في أوقات تكرهينها ...
وحسام ..أشفقت عليك كثير يا حسام وحسيت بألمك ..خصوصا في مشهد بكاءك ..كان مؤثر جدا جدا ..وحسيت بضيقك لأنك ما تقدر تساعد حبيبتك نور ...لكن الله بيفرجها عليكم ..إن شاء الله يارب ...

صاحب المكالمة الغريبة ..أحس إنه سامح لكن مو معقولة ...أنتظر الجزء الجاي بشوووووووووووووووووووووووق ....وسامحيني لأني مارديت بدري شوي ...

أختك ندى ....


ندى يا حياااااااااااااااااااااااتي عن جد سعيده والله بكل كلمه قلتيها .. :flowers2:

الله يحميك يا روحي .. وخليك لي ..

اني الان بنزل البارت القبل الاخير ويارب ينال اعجابكم ..


-----------------

نوووووووووف يا حياتي .. وينك ما رديتي علي هذي المره ان شاء الله يكون المانع وما يكون في شي مقلق منعك من الرد ..

my faith 04-08-10 04:16 PM

(15)
مواجهة


دخل حسام ذلك المطعم المتميز بجوه اللطيف .. والذي أتفق مع سامح للقاء فيه .. كانت خطواته المتئدة وملامحه الساكنة لا تظهر شيئا من ذلك الإعصار الهائج بداخله .. استطاع التعرف على أخاه وجلس على طاولته :
- السلام عليكم .. كيف حالك ؟.
- بخير .. وأنت ؟.
- الحمد لله .
لم يعدل سامح من جلسته المسترخية .. ورد بتلك الطريقة اللامبالية .. تسللت ابتسامه ساخرة لشفتي حسام .. ثم تساءل فجأة :
- لما قررت أخيرا مقابلتي ؟.
قلب سامح شفته السفلى .. وأجاب بصدق :
- لا أعرف .
لم يكن أقل اضطرابا من حسام .. ولكن الاثنان كانا بارعين بالتستر على حقيقة مشاعرهما .. ولم يسمحا لأي من أحاسيسهما أن تطفوا على صفحه وجهيهما .. لم ترق حسام تلك الإجابة كما أن أعصابه لا تسمح بمزيد من الغموض .. فقرر أن يكون أكثر وضوحا :
- ما الذي جاء بك إلى لندن يا سامح ؟.
تغضن وجه سامح لهذا السؤال المفاجئ .. وسيطر الغضب على ملامحه .. كان يسمع نبره اتهام في صوت أخاه .. فرد عليه بعصبية :
- هذا ليس من شئنك .
زم حسام شفتيه بضيق من ذلك الرد .. وشعر سامح بأنه بالغ قليلا في ردة فعله :
- أنا الآن موظف مع إحدى الشركات .. وأرسلت في مهمة عمل لمده أسبوع .
كان ينطق بالحقيقة .. كما أنه لم يرغب أبدا بهذه السفرة .. بل أنه بغضها منذ البداية .. ولم يتعمد السؤال عن أخاه طيلة الأيام التي قضاها في لندن .. لقد شعر بالانقباض منذ الوهلة التي وضع فيها قدميه في المطار .. إحساس مؤلم نشب أظافره في صدر سامح عندما عاودته كل ذكرياته التي يحاول طردها من مخيلته ما استطاع .. ولم يكن يحسب حساب تلك اللحظة التي قابل بها حسام مصادفة .. وسرعان ما رفض طلب حسام للقائهما في البداية ..
استدعاه من شروده سؤال آخر لحسام :
- هل توظفت ؟.. متى ؟.
زفر سامح بسخرية والتوت شفتيه بابتسامه معوجه ليرد بتهكم :
- نعم .. لكن للأسف أخي الأكبر أصبح لا يعرف عني الكثير .
حاول حسام تجاهل تلك العبارة القاسية .. ولكنها استفزته ورفع إحدى حاجبيه وراح يرد بصوته الهادئ :
- أنت من حدد طبيعة علاقتنا .
- بل أنت من دفعني لذلك .
ضغط حسام على أسنانه بحرقه .. لم يرد أن يفقد أعصابه فلقد جاء ليؤدي مهمة معينه .. اخذ نفسا عميقا .. ليستعيد هدوءه :
- اسمعني يا سامح .. أنا لم أتي اليوم لأتصارع معك .. هنالك أمر يتوجب عليك معرفته .
تعقدت حاجبي سامح بينما أردف حسام بصعوبة .. وكأن الكلمات تجرح فمه قبل أن تخرج :
- في الحقيقة إنه سر .. عملنا أنا ونور على إخفائه عن الجميع .. ولكن آن الأوان لينكشف أمامك .
- سر .. سر ماذا ؟.
تساءل سامح بحيرة بعد أن هدأت ثورته هو الآخر .. فأجابه حسام :
- يجب أن تخبرك نور بنفسها .
لم يخفى على حسام ذلك الارتباك الذي غمر أخاه .. ولكنه حاول تجاهل فكرة أن اسم نور هو السبب .. بينا رقت لهجة سامح وهو يجيب :
- لكن ليس لدي الوقت الكافي للقائها .. فأنا سأعود لليمن غدا مساءً .
- إذا فلتحضر للمشفى الذي أعمل فيه قبل أن تتجه إلى المطار .
كان إصرار حسام محيرا جدا .. ولكنه وافق خاضعا على قرار أخاه الأكبر .. زم حسام شفتيه بضيق محاولا البحث عن كلمات لائقة :
- حاول أن تتفهمها يا سامح .. نور إنسانه رقيقه .. ولتكف أنت عن هذا الغرور .
رد عليه سامح بحده :
- هل ستلقي علي محاضره في الأخلاق أيها الطبيب ؟.
- لا تنسى بأنني أخاك الأكبر .
- وماذا أيضا ؟.
كانت الدماء تفور في عروق حسام .. لكنه نهض بهدوء .. ووجه لأخاه أخر كلمه من بين أسنانه :
- وتأكد من أنني لن أسمح لك بأذيتها مره أخرى .

خرج حسام يدق الأرض بخطوات عصبية ليترك سامح يغرق في بحر من الغموض .. لم يخفى عليه آلام سامح والتي يحاول مداراتها بسخريته .. ولكن ذلك زاد من وجعه هو فهذا دليل على استمرارية حب أخاه لنور ..
زفر حسام بضيق محاولا التخلص من تلك الهموم التي تجثم فوق صدره لكن دون جدوى .. ظل فكره يشرد ويطرق شتى المواضيع في طريق عودته للمنزل .. لقد أصبح مدركا لحب نور له .. تلك الغيرة التي يراها في عينيها الجميلتين .. ذلك الخجل الذي يعتريها ما أن تلمسها أنامله .. لقد بات يراقب عشقها المتزايد له يوما بعد يوم .. بل كان متوقعا لهذا التحول في مشاعرها .. أو ما يسميه هو فهم أعمق لأحاسيسها .. لطالما أحبها .. وكان على يقين أنها ستدرك في يوم ما حقيقة شعورها نحوه .. ذلك الشعور الذي تجهله هي نفسها ..
كم كانت مبهجه تلك اللحظات التي قضاها بجانب نور الرقيقة .. لكن رؤيته لسامح في لندن قلب كيانه .. أعاد له كل الذكريات المريرة .. كل كلمات الأسى .. وكل تلك الدموع التي كان يمسحها بصبر من أعين نور المنتحبة لأجله ..
أنه أكثر شخص فهما لصغيرته .. يعلم مدى رقة مشاعرها .. يدرك هشاشة قلبها الرءوف .. كان دوما يحدث نفسه بأنها لم تختبر معاني أخرى للحب .. وما تشعر به نحو سامح مجرد تعلق أخوي .. ورفض للتنازل عن علاقة نشأت من المهد .. لكن رغم ذلك اشتعلت الغيرة بداخله عندما رآه في لندن .. وهو لن يستطيع العيش مع هاجس أن نور لا تزال تحب سامح .. لذلك كان يجب أن يقلب كل الموازين .. حتى تستطيع نور مواجهه نفسها قبل كل شيء .
شعر بتجهم وجهه يزداد وسرعان ما داهمته الابتسامة عندما تذكر ملامح نور الغاضب منه عند علمها بتناوله العشاء مع ماري .. كان باستطاعته الكذب عليها خصوصا أنه لا يكن لماري سوى مشاعر الزميل والأخ التي لا يلام عليها .. لكنه لم يتعود أن يخفي على نور مثل هذه الأمور ..

صار يرى الآن وجه ماري بعينيها الزرقاوتين .. وهي تخبره عن عريس تقدم لخطبتها .. بالرغم من أن ظاهر كلامها يحمل طلبا للمشورة .. إلا أنه أدرك ما تحس به حقا .. واستطاع قراءه تلك الرسائل الخفية التي ترسلها له .. إنها لا تزال تحبه .. تتمنى عودته لها .. كان يرى الأمل يرتسم جليا في تعابيرها الحائرة .. مؤكد أنها فسرت تلك السحابة الكئيبة التي سيطرت عليه مؤخرا باستياء الأوضاع بينه وبين نور .. مما دفع بالأمل إلى قلبها مره أخرى .

ما أن خطى حسام داخل البيت حتى لفه شعور غريب .. شعور مطمئن .. رقت أحاسيسه فجأة عندما وقعت عينيه على نور النائمة فوق مسند الأريكة في وسط الصالة .. لابد أنها انتظرت رجوعه حتى غلبها النعاس .. لقد كانت ليله شاقه بالنسبة لها .. جلس حسام على الأرض أمامها ..
لم يستطع منع نفسه من تأملها .. كانت جميله .. فاتنة .. لكن بتلك الطريقة البريئة التي تأسره .. كيف يستطيع قلبه حب غيرها .. وهو لا يملك أمره .. فلقد أضحى ملكا لهذه الملاك النائمة .. راح يتحسس يدها المصابة برفق .. وانتقلت إصبعه لتزيح خصلة من شعرها الحريري والتي كانت ترقد بخمول على وجهها .. ثم بدأ يداعب خدها نزولا إلى زاوية شفتيها ..
كيف يستطيع تخيل الحياة دونها بعد أن أضحت تحلي أيامه .. مؤكد أن أنفاسه لن تتعود استنشاق هواء لا يوجد به عبير أنفاسها .. كم أحبها .. وكم جرحه هذا الحب .. لكنه لم يكرهه أبدا .. فهو لا يرجو سوى سعادتها .. مختلف المشاعر تنتفض بداخلها لأجلها .. فهو يحبها بكل معاني الحب وأشكاله .. كابنة .. كأخت .. وكحبيبة .. يشعر بمسؤوليته نحوها .. وكأنها جزء منه .. أو هي إنسانه خاصة به .. لذلك أنتظر بصبر نضج مشاعرها نحوه ..

وقف حسام واخذ نور بين ذراعيه .. كان جسدها كقطعه من الجليد بسبب بروده الجو .. فاحتضنته هي دون وعي منها عندما شعرت بجسده الدافئ .. وضعها على السرير برفق ثم غطاها بالبطانيات .. لكنها ظلت تتشبث فيه .. فقربها منه .. واحتضنها محاولا النوم ..

-----------------------

استيقظت نور في الصباح الباكر .. وشعرت بأنفاس حسام الساخنة على عنقها .. كان يحتضنها من الخلف .. وذراعاها هي تتشابكان مع ذراعيه الملفوفتين على صدرها .. لم ترد أن تتحرك حتى لا تقلق نومه .. كما أن حضنه الدافئ كان يشعرها بلذة غريبة أبت التخلي عنها .. ظلت ساكنه في مكانها تداعب أنامله السمراء الطويلة الساكنة فوق كتفها .
- هل استيقظت صغيرتي ؟.
انتفضت نور .. فلم تدري متى استيقظ .. حولت وجهها نحوه بعد أن عاودها قلقها عليه من ذلك الحزن بالأمس .. وضعت يدها الناعمة على خده :
- كيف حالك اليوم ؟.
كانت لا تزال أسيره حضنه الدافئ .. فابتسم لها تلك الابتسامة الجذابة التي تعشقها .. وغمر وجهه بين خصلات شعرها ليهمس في إذنها بصوته العميق :
- في هذه اللحظة بالذات .. أنا على خير ما يرام .
راح صدرها يعلو ويهبط مترجما خفقات قلبها المجنون .. فأنفاس حسام الحارة على عنقها كانت كفيله بإشعال ثورته من خلف الضلوع :
- حسام .
رفع حسام رأسه ليرى وجهها .. فأردفت وهي لا تزال تعاني لوعتها عليه :
- ألا تود أخباري بما يشغل تفكيرك ؟.
داعب حسام خدها بحنان .. ثم راح يلعب بخصلات شعرها الحريري .. وهو يحاول السيطرة على مشاعره بقدر الإمكان :
- قريبا ستعرفين كل شيء .
لم تشأ نور أن تضغط عليه أكثر من ذلك وكان يكفيها عودة مزاجه الهادئ .. فعادت تدفن رأسها في حنايا صدره العريض .. وهي تحدثه بصوت خافت يغلبه الحياء :
- أنا لا أقوى على رؤية ألمك يا حسام .. وأتمنى لو أستطيع إسعادك مثلما تغمرني أنت بكل هذه الأحاسيس الجميلة .
- لطالما أسعدتني صغيرتي .. فرؤيتي لابتسامتك يكفيني .
اختلجت شتى الأحاسيس في صدر نور .. وتعقد لسانها عن الحديث .. لم تعرف بماذا تجيب هذا الكلمات التي قد ترجمها حسام بأفعاله قبل أن ينطق بها .. لكنها لم تضف شيئا وقفزت فجأة من على السرير بعد أن لمحت عقارب تلك الساعة المعلقة على الجدار :
- يا الله .. لقد تأخرت كثيرا .. ونسيت أن أضبط المنبه .
ظل حسام يتابعها بعينيه وهو يغالب ابتسامته المرحة .. لقد كان شكلها مضحكا وهي تحظر نفسها بكل ما تملك من سرعه .. وحاول هو الآخر أن يسرع في تحضير نفسه حتى يستطيع أن يقلها بسيارته إلى جامعتها .

مر يومهما الطويل بصعوبة بالغه على نور التي قضته في الجامعة بين المحاضرات ومناقشه للمشاريع .. وحسام الذي ظل يعاني ثقل دقائقه وقرب موعد حضور سامح للمشفى ..
في المساء اتصل بنور :
- مرحبا صغيرتي .. هل تستطيعين المجيء إلى المشفى .. فهنالك أمر يستدعي حضورك .
- حسنا .. لن أتأخر بإذن الله .
أغلقت نور الهاتف وهي لا تملك أدنى فكره عما يريده حسام منها .. لكنها خضعت لرغبته باستسلام .. ولم تلح عليه بالسؤال .. فما فائدة إلحاحها في حين أنها ستعرف بعد قليل سر كآبته في الليلة الماضية .. بل وذلك الشرود الذي تملكه لوقت طويل .. نعم .. هنالك إحساس قوي بداخلها ينبئها بأنها على وشك معرفه المجهول .. وسرعان ما أخذها تفكيرها نحو ذلك الصوت الذي أتاها عبر هاتف حسام بالأمس .. هل يا ترى لذلك الصوت يدا في ما يعانيه حسام .

ظل شعور الخوف يتزايد بداخلها دون مبرر مع كل خطوه تقربها من حجره حسام في المشفى .. وعندما وقفت أمام الباب .. كانت الرهبة تتملكها .. طرقته طرقتين خفيفتين .. ثم دخلت بعد ذلك بخطى حذره .. رؤيتها للشاب ذو العينين البنيتين كانت آخر ما خطر على بالها .. صعقت نور ولم تجد حسام بالحجرة كي تستنجد به .. ظلت مسمره في مكانها وفكرت بالهرب لكن قدميها أعلنتا الخيانة .. ولم تساعدها في أي حركه ..
وقف سامح بارتباك فور مجيئها ولكنه سرعان ما استعاد هدوءه :
- مرحبا يا نور .
كان الوجوم يلفها ولم ترد عليه .. فعاد يتساءل برفق :
- هل ستقفين بجانب الباب طويلا ؟.
لم تعد تفهم شيئا .. ودخلت لتجلس على الكرسي الذي أمامه .. حاولت أن تسأله احد الأسئلة التي تثور بداخلها .. والتي كان أسرعها بالخروج :
- أين حسام ؟.
تغضن وجه سامح قليلا مما بث في صدرها القلق .. بينما ضايقته لهجتها المستنجدة .. ولم تخفى عليه تغير نبرتها وهي تنطق باسم أخا .. عدل من جلسته ونظر لها ببرود :
- سيعود بعد قليل .. لا تقلقي .
أطبق عليهما الصمت قليلا .. لم يخطر ببالها موضوع للحديث .. فالتساؤلات بداخلها لا تترك لها مجالا للتفكير .. أو حتى لتحليل الموقف .. لكن سامح بدا عليه الضيق من شرودها .. وتحدث بجديه هذه المرة :
- نور .. لقد دعاني حسام لكي أراكي .
بدت علامات الدهشة على ملامحها البريئة .. فأردف هو ليجيب عن أسئلتها المحيرة :
- إنه يقول بأن هنالك سر يجب علي معرفته .. لكن منك أنت .
هنا اتسعت عيني نور للآخر .. هل يعقل أن يقوم حسام بمثل هذا الأمر .. يحضرها كي تخبر سامح بسرهما .. لم تدرك مدى الاضطراب الذي أصابها حتى أنها لم تنتبه لتهدج أنفاسها إلا عندما مال سامح نحوها متسائلا :
- هل أنت بخير يا نور ؟.
رفعت إليه عينيها .. ما الذي يحدث لي ؟.. كانت تتساءل بغرابه .. إنها تشعر بكلمات سامح تقلب كيانها .. ليس لان سامح هو من ينطق بها .. حتى أن دقات قلبها التي راحت تتسارع لرؤيته لم تكن دقات فرح برؤيته أبدا .. بل هي دقات خوف من المواجهة .. أو رفضا لحدوثها .. فهي ستعاود جرحه مره أخرى .. نعم مؤكد ستجرحه .. لما .. لما دفعها حسام لذلك .. هل ضاق من سرهما .. ففضل أن يفي بوعده الأول لها بأن يخبر سامح به عندما تحين الفرصة .

أخذت نور نفسها عميقا ثم نظرت لسامح .. كانت ملامحها الميتة صدى لتنهيدات قلبها المجروح :
- نعم .. لقد تشاركنا أنا وحسام في أخفاء سرنا عن الجميع .
بدا الاهتمام على ملامح وجهه الوسيم .. بينما عادت هي تحدثه بلهجتها الميتة وكأنها تنفد حكم حسام عليها ليس إلا :
- إن زواجنا هذا مجرد زواج شكلي .
لم تكن تنظر لسامح .. ولم ترى تعقد حاجبيه فهو لم يستوعب جملتها الأخيرة :
- لقد اضطررنا لإتمام هذا الارتباط بعد أن تأكد حسام من إصابتي بمرض نادر .. فكان هذا الحل الوحيد ليحررني من جميع مشاكلي في اليمن .. ويطمئن على صحتي .
تلك الكميه من المعلومات والتي تلقيها نور على مسمعيه كانت اكبر من قدرته على الاستيعاب .. ولكن الفرحة راحت تتسلل إليه خلسة .. فنور لا تزال فتاته التي يحب .. وهنالك ما أجبرها على هذا الارتباط :
- هل حقا ما تقولين يا نور ؟.
لمست نور فرحته .. فاعتصر الألم قلبها .. إنها لا تأمل فرحته هذه .. أدركت بأنه لم يلقي بالا على مسألة مرضها .. فراحت تخبره بتفاصيل المرض .. وكأنها تتعمد أن تصدمه :
- إن مرضي يحمل اسم ((الخُدار)) .. أو ما يسمى بالنوم القهري .
لم يعد سامح يفهم شيئا من كلامها .. واسترسلت نور في وصف كل ما تعانيه في مرضها .. وكل ما تتعرض له من مخاطر بسببه .. حتى رفعت أخيرا كم يدها المصابة لتريه حرقها الملفوف بالأربطة الطبية :
- وهذه آخر حادثه تعرضت لها بسبب مرضي .
كانت تبعض الحديث عن مرضها .. أو أن تشكي ألمها لأحد .. لم يكن الأمر مثل بكائها على صدر حسام .. وأخباره بأتفه الأمور التي تؤذي مشاعرها .. شعرت بتلك اللحظة مدى الفارق بين الاثنين .. بل بين حسام وأي شخص في حياتها .. ظلت تنظر لتلك العينين البنيتين .. وشعور بالبرودة يجتاح صدرها .. أدركت كم كانت بارعة في خديعة نفسها .. ولكن كل هذا لم يعد مهما الآن .. فيبدوا أن علاقتها بحسام تلفظ أنفاسها الأخيرة .. كادت دموعها تنهمر عندما رددت تلك الكلمة في صدرها .. نعم إن حبها يموت قبل أن يخلق بقرار من حسام نفسه .. حقا لا يجب عليها لومه .. لكن هذه الحرقة التي تتلذذ بتعذيب قلبها تأبى ذلك ..
عاودت النظر نحو سامح فقرأت في ملامحه كثير من الحيرة والذهول .. وهذا ما كانت تسعى إليه منذ البداية .. فحتى وإن كان حسام قد اتخذ القرار بدلا عنها .. وحتى إن تفهم سامح موقفها .. لم يكن ذلك ليعني شيئا بالنسبة لها .. فهي ترفض أن تصبح لعبه في يدهما .. لقد أفشت السر تنفيذا لرغبه حسام .. والآن جاء دورها هي في تحديد مستقبلها .
وقفت نور بعصبيه .. موجهه حديثها نحو سامح :
- لا تجهد نفسك يا سامح بالتفكير .. فمعرفتك لن تغير بالأمر شيئا .
وقف سامح معها وحاول أن يمسك يدها .. لكنها أبعدتها منه قبل أن يلمسها :
- لا تنسى أني بالرغم من كل شيء .. لا زلت فتاة متزوجة ..
رقت تعابيرها قليلا بمسحه ألم عندما أردفت قائله :
- حقا أنا لا أريد شفقه منك .. ولا من حسام .
نطقت بالكلمة الأخيرة محاولة ابتلاع تلك الغصة في حلقها .. ثم أخذت حقيبتها وخرجت مسرعه من الحجرة .. كانت تحث الخطى خوفا من أن يلحق بها .. لما كل هذا العذاب الذي تحس به .. ألم تأمل مجيء مثل هذه اللحظة .. ما بها الآن تبغضها .. هل لان الحيرة غمرت سامح بعد معرفته بمرضها .. أغمضت نور عينيها الدامعتين لتنهمر دموعها التي حجبت عنها الرؤية .. لا ليس هذا سبب .. بل هي وجيعتها للفراق القريب ..

استمرت في سيرها السريع رغم امتلاء عينيها بالدموع .. حتى ارتطمت بشخص أمامها .. أمسكها من كتفيها حتى لا تقع وراحت يده الدافئة تربت على خدها وهو لا يزال يحتضنها باليد الأخرى :
- صغيرتي .. ما بك ؟.. ما الذي حدث بينكما ؟.
رفعت نور عينيها الدامعتين .. هنالك الكثير مما تود أن تحدثه به .. لكن المكان لم يكن مناسب .. لم يستعصى عليه فهم ما يجول في خاطرها .. فأخذها من يدها ليعود بها إلى حجرته التي أصبحت خاليه الآن .. لابد أن سامح قد غادر بعدها ..

أغلق حسام باب الحجرة والتف سريعا كي يواجه نور الباكية .. راح يمسح دموعها بأنامله .. لكنها ابتعدت عنه بحرقه .. استغرب ردة فعلها :
- نور .
حاولت تهدئه نفسها دون جدوى .. وقررت أن تتحدث من خلال نشيجها الذي تعرف أنه لن يتوقف .. كما أن حسام قادر على فهم ما تشعر به :
- لما يا حسام .. لما ؟.
ضغط حسام على أسنانه بعصبيه :
- هل كان رده قاسيا عليك ؟.
- لا لم يكن كذلك .
- إذا ما الذي يزعجك ؟.
- أنت من يزعجني .
خرجت كلمتها كصفعه على خده .. لقد خانها التعبير .. ولم يكن هو يستحق مثل تلك القسوة .. لكن قلبها الذي يعتصر ألما لم يكن مدركا لما يقول .. وفقد قدرته على تنميق الكلمات :
- إن كنت تود الطلا .. الطلا ..
عادت نور تذرف مزيدا من دموعها الساخنة .. لم تكن تعتقد أن نطقها لكلمه صغيره مثل الطلاق سيحتاج منها كل هذا العناء .. عادت تتهمه من جديد بعد أن غيرت صيغه سؤالها :
- إن كنت تود الانفصال لما لم تخبرني ؟.. هل هذا ما كان يحزنك ؟.. أنك تخشى أن تؤذي أحاسيسي ؟.. لقد كنت كريما معي في مشاعرك واهتمامك الدائم بي .. ولكنك تستحق أن تحيى حياتك الخاصة وقت ما تريد .
أخذت نفسا عميقا ثم نظرت إليه بعد أن رقت ملامحها :
- أنا لا أريد أن أكون حملا ثقيلا عليك يا حسام .. وكفاك ما عانيته معي .
حاول أن يرد عليها لكنها قاطعته بإصرار :
- كيف فكرت إنني لن اسعد من أجلك ؟.. أو تخيلت أن أكون أنانيه في حبي لك يا حسام ؟.
- ما الذي تقصدينه صغيرتي ؟.
أجابته بسؤال آخر من أسئلتها التي كانت تجرحها هي قبل حسام :
- لما جعلتني عثرة في طريق ارتباطك بماري ؟.
إنه يتمزق معها .. ولم يعد يجد شيئا يقوله ليخفف به ألمها :
- كفى يا نور .. أنتي تسيئين الفهم .
لقد أعمى الألم قلبها .. لم تعد تريد سماع المزيد .. هذا الحنان الذي يفيض من عينيه صار الآن سببا في عذابها :
- أرجوك يا حسام .. كفاني ما تلقيته منك من شفقه ... وكفاك تدميرا لحياتك من أجلي .
كانت تبكي بشكل هستيري .. لم يعرف هو السبيل لتهدئتها .. ولا كيفيه نفي كل تلك الافتراضات الخاطئة التي راحت تطلقها عليه .. لم يتعود أبدا احتمال ألمها .. فهو يموت ألف مره مع كل دمعه تسقط من عينيها السوداوتين .. كانت المشاعر تتضارب بعنف في صدره .. ولم يعد يملك طريقه أخرى لإسكاتها ..
تقدم منها بثبات .. وأمسك وجهها بين كفيه .. وأطبق على شفتيها بقبله حملها كل ثورته .. كانت قبله عنيفة .. لكنها سرعان ما فقدت ذلك العنف .. وراحت تداعب شفتيها برقه .. شعرت نور بأنفاس حسام الحارة على خدها .. فأخذت أنفاسها هي تتسارع مع حركات شفتيه الناعمة على شفتيها .. تحجر الدمع في مقلتيها .. وللحظه نسيت كل شيء .. نسيت ما كانت تقوله منذ ثواني .. تلك الأفكار القاسية والتي كانت تجرح أحاسيسها الرقيقة .. بل أنها تستغرب الآن سبب بكائها .. وتجهل منبع ذلك الألم الذي كان مسيطرا عليها .. تملكتها حاله من الخدر .. ولكنها ليست نائمة .. فهي تسمع بوضوح دقات قلبها المجنون .. والذي راح يساير بفرح دقات مجنون آخر يخفق بعنف تحت أناملها الملامسة لصدر حسام .

نوف بنت نايف 04-08-10 04:44 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة my faith (المشاركة 2404805)


..


-----------------

نوووووووووف يا حياتي .. وينك ما رديتي علي هذي المره ان شاء الله يكون المانع وما يكون في شي مقلق منعك من الرد ..

ميمي ياحبي لك والله انشغلت حبتين عن الرد بس القراءه اوف كورس لاااااااااا
قراته اول مانزل بس بجد كنت مشغوله حبتين وكم يوم مادخلت ولما دخلت كنت مشغوله بالقسم العام شوي بس اكيد لي عوده بالرد على هذا الجزء
انتظريني

my faith 04-08-10 05:29 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نوف بنت نــــايف (المشاركة 2404831)
ميمي ياحبي لك والله انشغلت حبتين عن الرد بس القراءه اوف كورس لاااااااااا
قراته اول مانزل بس بجد كنت مشغوله حبتين وكم يوم مادخلت ولما دخلت كنت مشغوله بالقسم العام شوي بس اكيد لي عوده بالرد على هذا الجزء
انتظريني

نووووووووووووووف يا قمر .. طمنتيني عليك والله .. الله يخليك لي يارب واكيد انا بنتظرك لما تفضي وتعلقي على البارت هذا :flowers2:

نوف بنت نايف 04-08-10 08:20 PM

اوووووووووو ماي قاد ميمي حرام عليك
وربي جزء حبس انفاسي بشكل مو طبيعي
روعه روعه روعه

بداء بالمكالمه الهاتفيه مرورا بلقاء الاشقاء الحامي
ولقاء سامح مع نور واكتشاف مشاعرها تجاهه ماكانت الا وهم
نهايه بلقاء الزوجين حسام ونور
صدق صدق ابدعتي ميمي وانتظر البارت القادم الذي اتوقعه الاخير
بشووووووووووووووووق مو طبيعي

dew 05-08-10 01:04 AM

آآآآآآآآآآآآآآه منك يا إيمان ...

جزء اروع من الروعة بكل المقاييس ....ماشاء الله تبارك الله ...

أخيرا عرفت سبب بكاء حسام تلك ..وهي أنه التقى شقيقه الذي يظنه لايزال يحب نور ...

جزء حبس أنفاسي منذ الكلمة الأولى ...حتى أنني رحت ألتهم الكلمات ...
لقاء الأخوين المؤلم ..كل منهما له معاناته الخاصة ..
ولقاء سامح ونور الذي كشف لنا الكثير عن مشاعر نور الأخوية فقط نحو سامح ...

وأخيرا اللقاء القنبلة والمواجهة الرائعة بين الزوجين والحبيبين ...
روعة ..في منتهى الروعة يا إيمان ....

كلي شوق للجزء القادم ..لاتتأخري علينا ....

my faith 07-08-10 01:25 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نوف بنت نــــايف (المشاركة 2405051)
اوووووووووو ماي قاد ميمي حرام عليك
وربي جزء حبس انفاسي بشكل مو طبيعي
روعه روعه روعه

بداء بالمكالمه الهاتفيه مرورا بلقاء الاشقاء الحامي
ولقاء سامح مع نور واكتشاف مشاعرها تجاهه ماكانت الا وهم
نهايه بلقاء الزوجين حسام ونور
صدق صدق ابدعتي ميمي وانتظر البارت القادم الذي اتوقعه الاخير
بشووووووووووووووووق مو طبيعي

حياااااااااااااااااتي يا نوف عن جد مهما شكرتك ما رح وفيك .. انا الان بنزل البارت الاخير .. وعن جد رح توحشوني كثييييييييييير والله .. بس ان شاء الله نلتقي بعد رمضان .. انا كنت كاتبه روايه باسم السوسن قبل ملاك الحب وبتدور احداثها في ارضنا الحبيبه فلسطين .. ان شاء الله بنزلها بعد رمضان اذا حبيتوا وبتمنى تنال اعجابكم ..

على فكره انا كنت حابه اسالك شي .. في مشرفه راسلتني عشان اعمل ملخص للروايه عشان تعرضها ويزيد عدد القراء .. بس انا ما قدرت ارجع لها رد لاني لسه ما بقدر اسوي رساله خاصه ههههههههه فكيف اعمل لو سويت الملخص عادي يعني لو حطيته هنا مثلا ..
-------------------

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة dew (المشاركة 2405335)
آآآآآآآآآآآآآآه منك يا إيمان ...

جزء اروع من الروعة بكل المقاييس ....ماشاء الله تبارك الله ...

أخيرا عرفت سبب بكاء حسام تلك ..وهي أنه التقى شقيقه الذي يظنه لايزال يحب نور ...

جزء حبس أنفاسي منذ الكلمة الأولى ...حتى أنني رحت ألتهم الكلمات ...
لقاء الأخوين المؤلم ..كل منهما له معاناته الخاصة ..
ولقاء سامح ونور الذي كشف لنا الكثير عن مشاعر نور الأخوية فقط نحو سامح ...

وأخيرا اللقاء القنبلة والمواجهة الرائعة بين الزوجين والحبيبين ...
روعة ..في منتهى الروعة يا إيمان ....

كلي شوق للجزء القادم ..لاتتأخري علينا ....

ههههههههه يا روحي انت يا ندى .. عن جد بحب تعليقاتك كثير .. وبحس كاني بقرا البارت من جديد ههههههههه

تسلمي حياتي على متابعتك لي وان شاء الله البارت الاخير ينال اعجابك انا الان بنزله باذن الله ..

my faith 07-08-10 01:27 PM

اه صحيح حبيبه قلبي عمر همس الدموع .. عن جد مشكوره على الرساله الخاصه يا عسل بس انا ما قدرت ارد عليك بالخاص لاني لسه ما بقدر اعمل رساله خاله .. كل عام وانت بخير حياتي .. واتمنى البارت الاخير ينال اعجابك ..

وفي امان الله غاليتي

my faith 07-08-10 01:32 PM

(16)
ملاك حبي أنا



لم تعد نور تملك القدرة على التفكير .. وسط كل هذه الأحاسيس العنيفة التي تهز كيانها .. بينما كفي حسام الدافئتين تحتضنان وجهها برفق .. وجاهدت كي تستطيع تمالك نفسها مع هذا الشعور بالخدر .. وفي اللحظة التي أبعد شفتيه عنها سمعت باب الحجرة يفتح .. لتقترب منهما خطوات سريعة .. تلتها قبضه وجهت لكمه قويه ومفاجئة نحو حسام .. انتفضت نور من الرعب خصوصا عندما سمعت حسام يتأوه من الألم ..
ولكن في نفس الثانية التي ميزت وجه سامح والذي كان الغضب يشتعل في عينيه البنيتين .. احكم حسام قبضته وأعاد لكمة أكثر قوة لأخاه .. توقف نبض قلبها وكأنه يحبس أنافسه معها .. لهذا التحول السريع في الأحداث .. وفجأة وجدت نفسها تقف مشدوهة بينهما .. صرخ سامح وهو يضغط على أسنانه بعصبيه بالغة :
- هل تخدعني يا حسام ؟.
رد عليه حسام بنفس تلك الطريقة المحتدة .. كان شكله مخيفا .. فهي المرة الأولى التي تراه غاضبا إلى هذا الحد :
- إياك أن تخطئ يا سامح .
كانت نور تتوسلهما من خلال دموعها كي يكفا عن هذا الصراع .. ولكن سامح أسترسل بصراخه مهددا .. ويبدو أنه لم يعد يرى سوى حسام الواقف أمامه :
- تأكد من أني لن أغفر لك هذه الفعلة .
- مؤكد أنك فقدت عقلك .. إنها زوجتي .
ألقى حسام كلمته الأخيرة وكأنه يوجه صفعه لأخاه .. لكن سامح تساءل باستفزاز لا يخلو من الغضب :
- ومنذ متى صارت كذلك ..
- لم يعد هذا من شئنك .. إنها كذلك .. وستبقى .
ضحك سامح بسخرية وتقدم من حسام ليستفزه أكثر بكلامه الواثق :
- ليس أنت من يقرر هذا أيها الطبيب .
شعرت نور بالدماء تغلي في عروقها .. ودون وعي منها دفعت بجسدها الرقيق وسطهما محاوله تفريقهما .. تجاوب حسام مع قوتها الضئيلة ورجع خطوه للخلف .. فوقفت هي بينهما صارخة :
- هذا يكفي .. هل ستتقاتلان في المشفى ؟.
لم يلتفتا إليها .. وظل كل واحد منهما يرمق الآخر بنظراته الحاقدة .. كانت هي تدير ظهرها نحو حسام .. وبدأت تحدث ذلك الغضب أمامها بهدوء :
- إنه زوجي يا سامح .
اتسعت عينيه البنيتين من شده الدهشة .. وركزهما عليها .. فعاودت حديثها وهي تحاول منع دموعها .. كفاها ضعفا .. وكفاها خلطا للأمور .. يجب أن تقسي على قلبها الرقيق .. فهي تسبب الدمار لثلاثتهم :
- إنك شاب كامل .
قالتها بابتسامه صادقه .. فتعقدت حاجبيه ولم يعد يفهم شيئا .. لكنها راحت تخبره برفق :
- نعم أنت شاب مميز .. وكامل .. ولقد أحببتني لأنك تبحث عن فتاه صالحه لتضيف مزيدا من الكمال على حياتك .
- ما الذي تقصدينه يا نور ؟.
- ما اقصده هو أن الله مؤكد سيكرمك بتلك الفتاه .. والتي لم تعد تشبهيني أبدا .. فأنا لم أعد مناسبة لك .
تقدم سامح منها محاولا لمس خدها :
- لكني احبك أنت يا نور .
ابتعدت نور بسرعة للخلف هربا من أنامله الممتدة نحوها .. ودون إدراك منها شبكت أناملها بكف حسام .. الذي ضغط على يدها الصغيرة .. زم سامح شفتيه ولم تعجبه الطريقة المستنجدة لنور وراح يحدثها بعد أن رقت ملامحه :
- أنا لا اهتم يا نور .. حقا لا اهتم بمرضك .. ولا بهذا الزواج .. أنا أحبك وأتقبلك مثلما أنت.
- أنا أسفه يا سامح .
ظل سامح ينظر إليها ببلاهة .. بينما أردفت هي موضحه :
- أنا حقا أسفه على كل ما سببته لك من ألم .. كنت مخطئه منذ البداية .. منذ أن سايرت حبك نحوي .. فلم أكن أعرف في ذلك الوقت أن قلبي ليس ملكا لي .
لتلك اللحظة لم تكن قد رفعت عينيها لرؤية حسام وظلت كذلك .. فحديثها عنه جعل الخجل يسري كالمخدر في عروقها :
- فهو ملك لحسام .. لزوجي .. وعشقي الوحيد .
كانت تشعر بلذة غريبة وهي تنطق كلمه زوجي .. ووجدت نفسها تسترسل بالحديث دون وعي منها :
- معه رأيت وجوه مختلفة للحب .. فعشقه لي لم يكن مقتصرا بصفه الحبيب .. ولطالما أحببته أنا بكل تلك الصفات .. ولكني لم أدرك ذلك سوى مؤخرا .
غلى قلب سامح وهو يرى نور تتحدث بكل هذا الإحساس .. حاول التكلم ولكنه تراجع وخرج صافعا الباب ورائه ..
انهمرت عيني نور بدموعها الحبيسة .. كان الموقف مؤلما جدا بالنسبة لها .. ها هي في كل مره تجرحه .. ليتها لم تتجاوب مع حبه لها .. ليتها استطاعت الحفاظ على الأخوة التي تجمعهما .. ولكنها ليست نادمه على ما قالت .. لقد تحدث قلبها قبل لسانها ..
أدارها حسام لتقابل عينيه .. لم ينطق بشيء لكنه مسح دموعها .. احتضنها وراح يربت على رأسها الساكن فوق صدره .. كان يشعر براحة عجيبة أفتقدها منذ زمن .. بل بحث عنها طويلا .. لفت نور يديها حول وسطه لتحدثه من خلال نشيجها :
- أنا أحبك يا حسام .. أحبك .
- وأنا أيضا أحبك .. صغيرتي .
تشبثت فيه نور وهي تعلق عينيها السوداوتين الواسعتين بعينيه :
- عدني بأنك لن تتركني أبدا .. فأنا لا أقوى على فراقك .
شدها حسام نحوه بقوه .. ودفن وجهها في حنايا صدره .. وكأنه يتمنى سجنها بين ذراعيه إلى الأبد :
- وهل أملك أنا القدرة على ذلك ؟.
بعد أن هدأت أخذها إلى البيت .. وفور وصولهما لم يتحرك من مكانه .. التفتت إليه نور متسائلة فأجابها بهدوء :
- أحكمي إغلاق الباب ورائك .
- إلى أين ؟.
كان الرعب يتخلل صوتها .. فابتسم لها مطمئنا وهو يأخذ يدها ويطبع قبله دافئة عليها :
- لا تقلقي صغيرتي .. ولكن يجب علي أن اذهب للمطار .
فهمت نور بان حسام يود اللحاق بسامح .. كانت تعرف مدى حنانه .. ولم تستطع منعه .. نزلت بهدوء مودعه له :
- فلتنتبه على نفسك أرجوك .

سار حسام بالسيارة فور اطمئنانه على نور .. كان لابد أن يلحق بسامح .. لقد ألمه هذا اللقاء الأخير .. فبالرغم من كل شيء لم يطلب سامح شيئا مما حدث له اليوم .. كما أنه يحب أخاه .. ولا يستطيع العيش مع هذه القطيعة البغيضة ..
وجده يجلس على أحد كراسي الانتظار .. كان ينقر على الأرض بإحدى قدميه بعصبيه .. وهو يتأمل نقطه بعيده بعينيه الشاردتين .. جلس حسام بجانبه بهدوء .. وما أن شعر به سامح حتى زاد التوهج الغاضب على ملامحه :
- ما الذي جاء بك إلى هنا ؟.
- ألا يحق لي وداع أخي الصغير ؟.
زفر سامح بسخرية .. ورد بحده :
- لا تتساخف يا حسام ؟.
- بل كف أنت عن هذا العناد .. أنا لن أضيع سنوات من عمرنا في قطيعه .. ندرك كلانا بأنها ستنتهي يوما ما .
ظلت ملامح سامح معقده مثلما هي ولكنه تساءل بهدوء اكبر :
- وما هو المطلوب مني الآن ؟.
زم حسام شفتيه بيأس وشعر بأن أخاه لن يستمع إليه مطلقا .. رقت ملامح سامح قليلا وأردف قائلا :
- أتعرف .. معك حق .
ظل حسام صامتا .. واستند بظهره على ذلك الكرسي بقاعه الانتظار .. مثلما فعل سامح .. بدا على سامح الشرود .. ولكنه تحدث أخيرا :
- لقد آلمني كثيرا ذلك البريق في عينيها وهي تتحدث عنك .. لطالما شعرت بتعلقها الغير مفهوم بك .. وكأنكما شخص واحد لا يستطيع احد الفصل بينكما .
ابتسم حسام وهو يشرد مع أخاه .. وراح سامح يسترسل في الذكريات :
- كانت دائمة اللجوء إليك .. كنت تعرف أدق تفاصيل حياتها .. حتى أنها كانت تحتمي بك من عقوبات عمنا حسام على شقاوتها الطفوليه ..
التفت إليه سامح ببعض الاستغراب :
- لقد كنت مسئولا عنها نوعا ما .. وكنا نشعر أن حبك لها شيئا طبيعيا .. لم أكن أتخيل أنك تعشقها لهذه الدرجة .
تغضن وجه حسام عندما تذكر يوم أن اتصل به سامح للندن يخبره بحبه لنور .. ولكنه أجاب بهدوء متجاهلا ذلك الإحساس القاسي :
- كنت أريد أن أصبح رجلا يليق بها .
خفض سامح رأسه خجلا .. كان الحديث ينساب بسلاسة بين الأخوين .. كم اشتاق لهذا الإحساس الأخوي الدافئ .. لطالما كان التعامل مع حسام لطيفا .. أردف وكأنه يحكي لنفسه :
- أنا لا أنكر أن حياتي لم تتوقف بعدها .. لا يعني هذا أني لم أحبها .. ولكن ليس بالقدر الذي تستحقه هي .. أو بمعنى اصح ليس بمثل هذا الحب الذي ينبض في عينيك يا حسام .
رمقه حسام بنظره محبه وحدثه بصوته الهادئ :
- أنا اشكر لك هذه الصراحة .
أعلنت الطائرة اليمنية ندائها على ركابها .. فوقف الأخوين بشكل تلقائي .. أبتسم سامح ولم يخفى على حسام ذلك الألم الكامن في عينيه البنيتين :
- فليبارك لك الله يا أخي .. ولتحرص على ....
قطع حديثه ضاحكا :
- اعتقد انه لا يجب علي توصيتك على نور .
لم يرضى حسام باليد المصافحة والممدودة أمامه ولكنه امسكها ليجذب أخاه إلى حضنه .. شدا على بعضهما وحدثه حسام هامسا :
- فلتنتبه لنفسك يا أخي .. ولتكف عن نزواتك الطائشة .
أردف حسام بمرح أكبر بعد أن أخجلت كلمته الأخيرة سامح :
- هيا أذهب الآن قبل أن أطردك بنفسي .. ولا تعد مجددا إلى لندن .
- ألا تنويان الرجوع لليمن .
قلب حسام شفتيه مجيبا :
- يجب أن تنهي نور سنتها الدراسية أولا .. ربما نأتي للزيارة في الصيف .. لكن حاليا بلغ سلامنا للجميع .

خرج حسام من المطار والرضا يفعم قلبه .. لم يتوقع مثل هذا الوداع الهادئ .. ولكنه رغم ذلك لم يستطع منع نفسه من اللحاق بأخيه .. كان يقود السيارة بسرعة .. لم يكن التهور طبعه لكنه كان يشعر باشتياق شديد لنور .. وكأنه لم يراها منذ دهور ..

-------------------------

في تلك الأثناء كانت نور تغالب توترها بترتيب البيت .. وراحت تدور بالبخور في أرجاءه .. من ثم اغتسلت وارتدت فستانا لطيفا أبيض اللون .. زاد من نقاء وبرائه شكلها .. جعلت خيوط الدخان العطرة المتصاعدة من قطع البخور تتخلل شعرها الأسود الطويل .. كانت تعرف أن حسام يعشق تلك الرائحة .. كما أنها تركت خصلاتها تتناثر بإهمال حول وجهها وترقد على كتفيها وصولا إلى نهاية ظهرها .. وبعد أن أتمت زينتها جلست تحصي الثواني .. كان شعورها مختلف .. وانتظارها لحسام مختلف أيضا .. تلك اللهفة التي لطالما تجاهلتها .. صارت تستطيع تفسيرها بوضوح الآن .. إنها تتوق للقاء ذلك الحبيب الهادئ الصبور .. كانت تشعر بالأسى على حال سامح .. ولكنه لم يعد يشغل تفكيرها منذ أن قرر حسام اللحاق به .. فهي تدرك مدى حنان حسام .. وتثق بكل تصرفاته ..

فتح الباب فأسرعت نحوه لتستقبل العائد .. ونار الشوق تلهب صدرها .. قسماته الهادئة أشاعت في نفسها السرور .. لكنها سرعان ما خفضت عينيها بخجل تحت لهيب نظراته .. تقدم حسام منها بحذر وهو يقبل كل جزء فيها بعينيه الهائمتين :
- نور .. أهذه أنتي ؟.
ابتسمت بعد أن ذكرها سؤاله بيوم عقد قرانهما .. دائما ما يشعرها حسام وكأنه يراها لأول مره .. رفعت عينين قلقتين له .. وراحت تتحسس تلك الكدمة الخضراء بجانب خده :
- هل أنت بخير يا حسام ؟.
لم يجبها ولكنها جذبها نحوه وأخذها بحضن طويل .. شعرت نور بتوقف عقارب الزمن .. ولم تعد تدرك الثواني إلا من خلال خفقات قلبيهما .. مرغ حسام وجهه بين خصلات شعرها .. وهمس في أدنها بعد أن اخذ نفسا عميقا من ذلك العبير المحبب :
- أنا بخير .. ولكني اشتقت لك كثيرا .
كانت تشعر بالمثل نحوه .. تفهم ما يقصده .. لكنها حدثته مشاكسة :
- لكني أمامك .
أبعدها حسام برفق وهو يرمقها بنظره جعلت الحياء يهز كيانها :
- وهذا تحديدا ما يزيد شوقي لك .
حملها بذراعيه .. وجلس على إحدى الكراسي في الصالة ليجلسها بحضنه .. ظل صامتا يداعب خصلات شعرها .. ويتحسس تلك الحمرة التي غزت وجنتيها بأنامله :
- سامح يبلغك سلامه .
- حقا ؟.
- نعم .. لقد سارت الأمور بيننا بشكل لطيف وغير متوقع .
تنهدت نور براحه .. وظلت عينيها معلقتين بعيني حسام وهي تعاود لمس خده المصاب برفق :
- حمداً لله على ذلك .. هل تؤلمك ؟.
اخذ حسام كفها الرقيقة .. وأخذ يقبل باطن يدها قبلات كثيرة ولطيفه .. شعرت نور بالدغدغة .. لكنها لم تضحك كانت دغدغه لطيفه جدا .. لذيذه جدا .. تعجبت من نفسها .. كم كانت تغفل عن هذه الأحاسيس العنيفة .. والتي لم تشعر بها إلى في هذا الحضن الدافئ .. أسندت رأسها على كتفه باسترخاء .. وضمها حسام نحوه بذراعه .. بينما أنامل يده الأخرى صارت تلعب الآن بأناملها الرقيقة :
- لطالما انتظرت هذا اليوم .. وكنت موقنا من مجيئه .
ابتسمت نور ولم ترفع رأسها من على كتفه وهي تتساءل بدلال :
- أي يوم ؟.
- أن أرى الحب يصرخ في عينيك .. أن أسمع لخفقات قلبي صدى في صدرك .
مؤكد أنها لم تذق الخمر من قبل .. لكنها باتت الآن تشعر بنشوة السكران إثر هذه الكلمات الحالمة التي تسمعها بصوت حسام العميق .. أردف هو يحدثها بمرح :
- هل تعلمين منذ متى أحببتك ؟.
- متى ؟.
- منذ 21 سنه .
رفعت نور رأسها باستغراب وهي تغالب ضحكتها :
- هل تمزح يا حسام ؟.
- لا صغيرتي .
- قبل 21 سنه كنت في بطن والدتي .
- نعم أعرف .. لقد أحببتك منذ ذلك الوقت .
ظلت نور تضحك .. فضحك معها .. وهو يحدثها مبررا :
- لم يكن لدينا أخوات .. وكان لدي إحساس قوي بأن مولود عمي حسام سيكون فتاه .. كنت أتشوق للقائك كثيرا .. ولطالما وجدت لذة في الاستماع لك وأنت في بطن الخالة حياة .
رفعت نور حاجبيها وشعور ممتع يلفها .. لم يحدثها احد من قبل عن هذا التعلق الطفولي لحسام بها :
- أحقا ما تقول ؟.
- نعم .. لقد كانت الخالة حياة تشكي لي كل ما تقومين به من ركلات .. لذلك كنت اربت على بطنها واعدك بأشياء جميله إذا أصبحت فتاه مطيعة .
كانت نور تستمتع بحديثه .. وعادت تتساءل بعد أن نقلها حسام لعالمه الجميل :
- وهل كنت استمع لكلامك ؟.
- لا أعرف .. ففي تلك الفترة لم تكوني تجيدين التعبير عن مشاعرك سوى بالركلات .
ابتسمت نور بخجل .. وعادت تتوسد كتفه .. وهمست له :
- ماذا أيضا ؟.
- استمتعت بكل دقيقة من طفولتك وصباك .. حتى أضحيت شابه فاتنة .. تزداد جمالا يوما بعد يوم .. كنت أغار عليك كثيرا من تلك النظرات المختلسة والتي ترمقك في الطريق .. لكنك لم تبالي أبدا بها .
تنهد حسام قبل أن يكمل حديثه :
- كم كانت قاسية تلك السنوات التي ابتعدت بها عنك بسبب دراستي هنا .. لكن الأقسى فرحه سامح وهو يكشف لي عن قصه حبكما .
شعرت نور بغصة في حلقها .. إنها تعرف بأن حسام لا يلومها على شيء كما أنها لم تقم بأي تصرفات طائشة باسم الحب .. وهذا ما جعل سامح يضيق منها ويكثر من اتهامها بأنها لا تحبه .. كم كان محقا .. فهي تحبه ولا تزال .. لكنها تدرك الآن اختلاف المشاعر بين حبها الأخوي له .. وتلك الأحاسيس الذي تتفجر بداخلها بلمسه من أنامل حسام .. تساءلت بصوت ضعيف :
- هل غضبت ؟.
أجابها حسام بأسى .. بعد أن فقد السيطرة على مشاعره .. فراح يحدثها بعفويه بالغه :
- بل كدت أموت .. حتى أنني فكرت أن أعود لليمن وأتقدم لخطبتك .. لكني خفت أن أخسرك نهائيا .. ذلك الإحساس المؤلم بأن أفقدك جعلني أفكر بعمق أكبر .. كنت أحبك .. لا بل أعشقك .. ولم يكن هنالك من شيء سيغير ذلك الشعور بداخلي .
ضغط حسام على جسدها الناعم بين ذراعيه .. وكأنه يؤكد لنفسه أنها أصبحت ملكا له الآن .. ثم ملئ صدره بعبيرها العطر :
- أدركت أن أكثر ما يهمني هو سعادتك .. وأني سأظل أسعى لرؤية ابتسامتك البريئة ما حييت .
حل الصمت عليهما .. فرفع حسام رأسها بين يديه بعد أن أقلقه هذا الهدوء الذي يلفهما .. فرأى دموعها تتلألأ بحزن على خديها .. لم يكن بحاجه لسؤالها .. فهو يدرك مدى رقه أحاسيسها .. راح يقبل وجنتيها ويمسح دموعها بشفتيه الدافئتين .. وخبئت نور وجهها في صدره :
- لقد سببت لك الكثير من الألم يا حسام .. كم أنا حمقاء .
طوقها حسام بذراعيه .. وراح يهمس لها بحب :
- لم أكن أعرف معنى الألم بمجرد رؤيتك صغيرتي .. مؤكد أن الله راضٍ عني الآن لأنه وهبني إياكِ .
نطق بجملته الأخيرة وهو يعاود رفع رأسها ويحتضنه بين كفيه .. مختلف الأحاسيس غمرتها في تلك اللحظة .. وأمام عينيه بدأت تنسى نفسها .. لكن لا تدري من أين جاءها ذلك السؤال وراح يلح عليها حتى نطقت به بصوت متقطع :
- ماذا عن ماري ؟.
عقد حسام حاجبيه متعجبا :
- ماذا عنها ؟.
عضت نور شفتها السفلى ثم حدثته بما يجول في خاطرها :
- ألم .. ألم تحبا بعضكما يوما ؟.
ابتسم حسام بمرح .. كان يود مشاكستها ولكنه أجابها بصدق :
- لا .
لم تعجبها إجابته المقتضبة فعادت تصر عليه :
- لكنها تحبك .. استطيع رؤية ذلك بوضوح في عينيها .
- ربما .
كان الغرور المصطنع يرن في نبرته فضربته نور بخفه على كتفه .. فأردف ضاحكا :
- ما ذنبي أنا إن كانت تحبني .
- حسنا .. هل تريد أخباري أنها لم تلفت انتباهك أبدا .
أردفت موضحه :
- اقصد أنها فتاه لطيفه .. أضافه إلى أخلاقها وجمالها .
- نعم ماري فتاه جمليه .
زمت نور شفتيها بغيض :
- لم تسمع من كلامي سوى أنها جميله .
كان حسام يغالب ضحكاته .. ثم حدثها وهو يداعب خديها الناعمين :
- أحب أن أرى الغيرة تشتغل في عينيك .
- أنا لا أغار .
- حقا .
خفضت عينيها بحياء .. ثم عادت تعترف وهي تغرق في عينيه مجددا :
- أحاسيس كثيرة لم أختبرها إلا معك .. كيف تستطيع تحريض قلبي بهذا الشكل ؟.
ضحك حسام على سؤالها .. ووضع جبينه على جبينها ليحدثها بلطف :
- هل نسيت أن لدي قدرات خارقه ؟.
انحرفت نور برأسها قليلا لتطبع قبله سريعة على خده المصاب .. فابتسم حسام :
- لما هذه القبلة ؟.
ازدادت الحمرة على وجنتيها وهي تجيبه بمرح :
- ألا يحق لي تقبيل زوجي ؟.
- تقبيل من ؟.
كانت أيضا تغالب ابتسامه خجول راحت ترقص طربا لدقات قلبها المجنون وهي تكرر إجابتها بصوتها الناعم وكأنها تغني :
- زوجي .
رمقها حسام بنظره خطيرة والمرح يرتسم على ملامح وجهه الأسمر الجذاب .. ثم رفع أصبعه السبابة مهددا :
- تذكري أنك من حرضني .
- حرضك على ماذا ؟.
لم يجبها ولكنه حملها فجأة إلى حجرتهما .. أنزلها برفق على الأرض .. وراح يمطر وجهها بالقبل .. بدأ من جبينها .. ثم عينيها .. أحنى رأسه قليلا ليقبل خدها .. كانت نبضاتها تتسارع بصوره غير طبيعيه لم تألفها في أشد لحظات توترها .. وما أن اقتربت شفتيه من شفتيها حتى ابتعدت مسرعه .. استغرب حسام حركتها .. ولكنها تساءلت بحياء :
- حسام .
- نعم .. صغيرتي .
- هل لك أن تردد ورائي ؟.
أبتسم لها حسام موافقا .. فأردفت قائله :
- قل ((بسم الله الرحمن الرحيم .. اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا)) .
ردد حسام ورائها باستسلام .. وهو يغالب ابتسامته .. وما أن انتهى حتى انسدلت عيني نور ولم تعد تستطيع الوقوف على قدميها .. احتضنها حسام أكثر حتى لا تقع .. ثم رفعها بين يديه ليضعها برفق على السرير وجلس بجانبها .. يلعب بخصلاتها المتناثرة على الوسادة تارة ويرسم أشكالا وهميه بأنامله على ذراعها المصابة .. ثم راح يحدثها وهي لا تزال نائمة بفعل مرضها :
- خذي وقتك صغيرتي .. فمهما طال نعاسك يا أميرتي النائمة .. ستجديني في انتظارك كي أهديك قبله .. لحياة جديدة مليئة بالأمل .

مؤكد أنها لم تكن تسمعه .. لكنها لم تعد تشعر بالوحدة .. أو الخوف .. نسيت كرهها لهذا الظلام الذي يلفها .. بل أنه لم يعد ظلاما مطبقا .. فهي ترى خيوط ملونه تشيع البهجة في سواد نومها القهري .. لقد كانت تلك خيوط الحب التي ترسمها أنامل حسام .. والتي تبعث بالأمان إلى صدرها .. فبعد أن كان ظلامها ألما لا يحتمل .. أصبح الآن أكثر دفئا بقرب حسام .. وتحول لحلم جميل مفعم بالحياة ..
كان الخدر يتسرب ببطء من جسدها .. وبدأت عينيها تضطرب لتنفض عنهما نومها المفاجئ .. رفرفت جفونها على رموشها السوداء بأسى .. كانت مسحه حزينة تستقر على ملامحها .. لكن سرعان ما داعبت شفتيها ضحكه صافيه .. عندما قرب حسام وجهه منها ولامس أنفه بأنفها وهو يحدثها بحنانه المعهود :
- مرحبا صغيرتي .. لقد اشتقت لك .
- وأنا أيضا .
ابتسما لبعض والهيام ينبض في عينيهما مع خفقات قلبيهما المتزايدة .. عاد حسام يقول بنفس تلك النبرة الدافئة :
- أحبك .
- وأنا أيضا .
استلقى حسام بجانبها ليحتضنها برفق .. وراح يداعب شفتيها بأنامله :
- لم أسمع جيدا .
غمرتها مختلف المشاعر في لحظه واحده .. ولكن أقواها كانت تلك الفرحة العارمة بقربه منها .. وبدأت تتمنى لو تقضي العمر كله في هذه الأحضان الدافئة .. همست له وهي تريح رأسها فوق صدره العريض .. بينما الحياء يلهب أحاسيسها قبل خديها :
- أحبك .. فأنت ملاك حبي أنا .

نوف بنت نايف 07-08-10 01:57 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة my faith (المشاركة 2407486)


حياااااااااااااااااتي يا نوف عن جد مهما شكرتك ما رح وفيك .. انا الان بنزل البارت الاخير .. وعن جد رح توحشوني كثييييييييييير والله .. بس ان شاء الله نلتقي بعد رمضان .. انا كنت كاتبه روايه باسم السوسن قبل ملاك الحب وبتدور احداثها في ارضنا الحبيبه فلسطين .. ان شاء الله بنزلها بعد رمضان اذا حبيتوا وبتمنى تنال اعجابكم ..

على فكره انا كنت حابه اسالك شي .. في مشرفه راسلتني عشان اعمل ملخص للروايه عشان تعرضها ويزيد عدد القراء .. بس انا ما قدرت ارجع لها رد لاني لسه ما بقدر اسوي رساله خاصه ههههههههه فكيف اعمل لو سويت الملخص عادي يعني لو حطيته هنا مثلا ..
-------------------



ههههههههه يا روحي انت يا ندى .. عن جد بحب تعليقاتك كثير .. وبحس كاني بقرا البارت من جديد ههههههههه

تسلمي حياتي على متابعتك لي وان شاء الله البارت الاخير ينال اعجابك انا الان بنزله باذن الله ..

يافديت روحك ميمي مو مشكله حطيها هنا وانا باخذها وارسلها لزوزو
وبمسحها من هنا مو مشكله
ويالله شدي حيلك وزيدي مشاركاتك
بالنسبه للقصه الثانيه خلاص نزليها بعد رمضان وان شااء الله نكون لها متابعين
فيس يرد بسرعه متحمس يقراء البارت الاخير

سر الخلود 07-08-10 04:44 PM

السلام عليكم،،
والله ما ادري كيف اعبر عن انبهاري بأسلوبك والحبكة الذكية للقصة وتسلسل الأحداث الرائع واخيرا وهو المميز العواطف والأحاسيس الرقيقة والجميلة وكأنك بكلماتك بترسمي لوحة جميلة مليانه نقاء وحب طاهر وسعادة صافية وتضحية ومسؤلية....واهم شي هو التعبير الواضح والجلي لوصف الحب الحقيقي ومعانيه وصفاته في قصتك...والله باين من اسلوبك انك مشروع كاتبه قصصية ناجحة وما استبعد ابدا ان نشوف قصص منشورة بالسوق العربي بأسمك...الله يسعدك مثل ما اسعدتينا...وأتأسف على التأخير....رائع واتمنى ان نلاقي ابداعاتك القادمة بمنتدانا...رمضان كريم ياحلوة ويعم عليكم الخير والسلام ببركة هذا الشهر الكريم

روح العيون 08-08-10 06:38 PM

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
اختى الغاليه القصه اروع من جميله
واجمل من ابداع واحلى منن الخيال
انتى بااااااااااارعه فى وصف ادق المشاعر واحلى اللحظات
كنت اتوه مع وصفك لتلك المشاعر الرقيقه التى تشعر بها نور فى حضن حسام
واسرح مع تلك الابتسامات الخجوله وكنت تاره اخرى اتخيلهم امامى
سلمت يمينك اختى الغاليه

جافيني النوم 08-08-10 07:10 PM

تسلم ايدك يعطيك العافيه
بانتظار جديدك

ألما 09-08-10 12:28 AM

تسلم ايدينك ..القصة فعلا كانت في قمة الجمال لوالروعة ...نور وحسام فعلا ثنائي رائع ...

my faith 09-08-10 12:44 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نوف بنت نــــايف (المشاركة 2407511)
يافديت روحك ميمي مو مشكله حطيها هنا وانا باخذها وارسلها لزوزو
وبمسحها من هنا مو مشكله
ويالله شدي حيلك وزيدي مشاركاتك
بالنسبه للقصه الثانيه خلاص نزليها بعد رمضان وان شااء الله نكون لها متابعين
فيس يرد بسرعه متحمس يقراء البارت الاخير

حياتي انت يا نوف .. ان شاء الله لما بعمل ملخص بحطه هنا مثل ما اتفقنا مع اني من امس مش جاي براسي اي كلام انا ما بعرف اعمل تشويق لشي خخخخخخخخخخ انا بس بقول للشي اللي بيعجبني قاااااااااااااتل ههههههه تقولي ينفع اقول روايه قاتل وبس هههههههههههههه بيصيروا الناس يهربوا منها ههههههههههههه

انا في انتظار رايك على البارت الاخير والله بتمنى تكوني حبيتيه واستمتعتي بالنهايه .. :flowers2:

وكل عام وانت بخير غاليتي ..
-------------

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سر الخلود (المشاركة 2407598)
السلام عليكم،،
والله ما ادري كيف اعبر عن انبهاري بأسلوبك والحبكة الذكية للقصة وتسلسل الأحداث الرائع واخيرا وهو المميز العواطف والأحاسيس الرقيقة والجميلة وكأنك بكلماتك بترسمي لوحة جميلة مليانه نقاء وحب طاهر وسعادة صافية وتضحية ومسؤلية....واهم شي هو التعبير الواضح والجلي لوصف الحب الحقيقي ومعانيه وصفاته في قصتك...والله باين من اسلوبك انك مشروع كاتبه قصصية ناجحة وما استبعد ابدا ان نشوف قصص منشورة بالسوق العربي بأسمك...الله يسعدك مثل ما اسعدتينا...وأتأسف على التأخير....رائع واتمنى ان نلاقي ابداعاتك القادمة بمنتدانا...رمضان كريم ياحلوة ويعم عليكم الخير والسلام ببركة هذا الشهر الكريم

سر الخلود عن جد قد ما شكرتك ما رح وفيك حقك والله .. كلامك اسعدني كثير ومبسوطه والله انك حبيتي الروايه .. وان شاء الله نلتقي بعد رمضان مع روايه السوسن واتمنى تنال اعجابك .. :flowers2:
وكل عام وانت بالف خير يا حياتي ..

my faith 09-08-10 12:49 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة روح العيون (المشاركة 2408408)
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
اختى الغاليه القصه اروع من جميله
واجمل من ابداع واحلى منن الخيال
انتى بااااااااااارعه فى وصف ادق المشاعر واحلى اللحظات
كنت اتوه مع وصفك لتلك المشاعر الرقيقه التى تشعر بها نور فى حضن حسام
واسرح مع تلك الابتسامات الخجوله وكنت تاره اخرى اتخيلهم امامى
سلمت يمينك اختى الغاليه

روح العيون .. حياتي .. ربي يسعدك مثل ما اسعدني ردك .. والله فرحت كثير انك حبيتي الروايه وحبيتي وصف المشاعر اللي فيها .. تسلمي غاليتي على كلامك اللطيف .. وكل عام وانت بخير .. وعن جد انا بنبسط كثير لما بشوف ردودكم ..
-----------------

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جافيني النوم (المشاركة 2408422)
تسلم ايدك يعطيك العافيه
بانتظار جديدك

غاليتي .. تسلمي على كلامك الذوق .. الله لا يحرمني من تواجدك اللطيف .. وان شاء الله نلتقي بعد رمضان مع روايه السوسن .. واتمنى تنال اعجابكم هي كمان ..
---------------

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ألما (المشاركة 2408597)
تسلم ايدينك ..القصة فعلا كانت في قمة الجمال لوالروعة ...نور وحسام فعلا ثنائي رائع ...

الله يخليك يا عمري .. انت اللي في غايه الروعه ههههههههههه عن جد سعيده انك حبيتي الروايه .. وكل عام وانت بالف خير

dew 09-08-10 01:27 AM

:55::55::55::55::55::55::55:

روعة ...بل أروع من الروعة ...منتهى الإبداع والرقة والشفافية والرومنسية ....أهنئك عزيزتي على انتهاء القصة التي لم أرد لها أبدا أن تنتهي ...أردتها أن تستمر لأني حقا أستمتع عند قراءتها ...

لك أسلوب بسيط لكن يجذب القارئ منذ الحرف الأول حتى انتهاء الجزء ..يجعلنا نسافر إلى عالم وردي جميل ...

منذ ان قرأت عنوان الرواية عندما أنزلتها في المنتدى جذبني العنوان وأحسست أنها ستعجبني وأنا سعيدة أنني كنت محقة ...

نأتي إلى الجزء الحافل بالمشاعر التي أدمعت عيني كثيرا ..وأثرت فيني إلى أبعد حد بدءا من التقارب بين الحبيبين نور وحسام وتلك اللكمة التي فاجأتني قبل أن تفاجئ حسام ..حقا لم اتوقع تلك الانعطافة في الحدث ..اعتراف نور الخجل كان في منتهى الرقة والقوة في آن معا ..كان قويا في ثورة الأحاسيس التي غمرت كل شخص تواجد في تلك واء كان سامح أو حسام أو نور ...أعجبني جدا جدا جدا ...
ثم ذلك التقارب بين الأخوين في المطار بعد ان أدرك سامح مدى قوة الحب الذي يجمع بين الزوجين ..أعجبني الحوار جدا جدا ...

ثم وأخيرا ذلك اللقاء الرائع بين نور وحسام ..وخصوصا عندما سبحت في النوم القهري لكن لم تشعر بالتعاسة بل شعرت بالسعادة لأنها تعلم أن حسام ينتظرها ..تعلم أن زوجها وحبيبها ينتظر قدوم حبيبته التي صبر وعانى في الفوز بها .....

عزيزتي my faith أو إيمان كما أحب أن أناديك ..أنت مشروع كاتبة ناجحة ...فنمو أسلوبك مع تتابع الأجزاء يدل على موهبة تصقل بشكل رائع ...

أمتعتني قصتك الرائعة وأحببت تواجدك بيننا فلا تحرمينا من إبداعك وننتظر جديدك بكل شوق إن شاء الله ............ندى ^_^

ديمه الخير 09-08-10 05:05 AM

مرحبا القصة جميلة جدا..
نور ومرضها ..انا سمعت عن هالمرض بس ان كاتبة تذكره بروايتها اول مرة وهذا لصالحج..حسام انسان رومانسي وقدر انه يحتوي نور ومرضها..
قصة سامح تعور القلب ..اخوان يحبون بنت وحدة وقدرتي تعالجين هالمشكله روايتج حلوة بشخصياتها وتفاصيلها
..

نوف بنت نايف 10-08-10 04:18 PM

السلام عليكم
مرحبا ميمي
اخبارك تدرين لي كم يوم ابي اكتب رد يليق باعجابي بالقصه بس للاسف مالقيت
صدق لي قالو الصمت في حرم الجمال جمااااااال

تعجز مفرداتي عن بيان اعجابي بروايتك رغم قصرها ورغم ان احداثها كانت تدور اغلبها بين شخصين نور وحسام
اتمنى في كتاباتك المستقبليه تحاولين توسعين منظور ابطالك وتعالجين قضايا اكثر عمقا لان بصراحه
تمتلكين قلم حر رائع وجد جميل ولغه رهيبه فيس عاشق الفصحى
الف مبروك النهايه السعيده بين ابطالنا واكثر شئ عجبني تفهم حسام لمرض نور وماجعلوه عقبه في طريق سعادتهم
ميمي دمتى في خير ومبروك عليك الشهر

remas2007 12-08-10 04:52 AM

السلااام عليكم
صرااحه الرواايه روووووووعه قليله في حقهااااا .....واناا اول مررره اقراء رواايه يمنيه ....وكنتي خيير سفيير لثقااااافه بلدك ....اتمنى انشوووف رواااايه ثااانيه لك قريب ......شكرااا

my faith 13-08-10 02:29 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة dew (المشاركة 2408648)
:55::55::55::55::55::55::55:

روعة ...بل أروع من الروعة ...منتهى الإبداع والرقة والشفافية والرومنسية ....أهنئك عزيزتي على انتهاء القصة التي لم أرد لها أبدا أن تنتهي ...أردتها أن تستمر لأني حقا أستمتع عند قراءتها ...

لك أسلوب بسيط لكن يجذب القارئ منذ الحرف الأول حتى انتهاء الجزء ..يجعلنا نسافر إلى عالم وردي جميل ...

منذ ان قرأت عنوان الرواية عندما أنزلتها في المنتدى جذبني العنوان وأحسست أنها ستعجبني وأنا سعيدة أنني كنت محقة ...

نأتي إلى الجزء الحافل بالمشاعر التي أدمعت عيني كثيرا ..وأثرت فيني إلى أبعد حد بدءا من التقارب بين الحبيبين نور وحسام وتلك اللكمة التي فاجأتني قبل أن تفاجئ حسام ..حقا لم اتوقع تلك الانعطافة في الحدث ..اعتراف نور الخجل كان في منتهى الرقة والقوة في آن معا ..كان قويا في ثورة الأحاسيس التي غمرت كل شخص تواجد في تلك واء كان سامح أو حسام أو نور ...أعجبني جدا جدا جدا ...
ثم ذلك التقارب بين الأخوين في المطار بعد ان أدرك سامح مدى قوة الحب الذي يجمع بين الزوجين ..أعجبني الحوار جدا جدا ...

ثم وأخيرا ذلك اللقاء الرائع بين نور وحسام ..وخصوصا عندما سبحت في النوم القهري لكن لم تشعر بالتعاسة بل شعرت بالسعادة لأنها تعلم أن حسام ينتظرها ..تعلم أن زوجها وحبيبها ينتظر قدوم حبيبته التي صبر وعانى في الفوز بها .....

عزيزتي my faith أو إيمان كما أحب أن أناديك ..أنت مشروع كاتبة ناجحة ...فنمو أسلوبك مع تتابع الأجزاء يدل على موهبة تصقل بشكل رائع ...

أمتعتني قصتك الرائعة وأحببت تواجدك بيننا فلا تحرمينا من إبداعك وننتظر جديدك بكل شوق إن شاء الله ............ندى ^_^


:flowers2::flowers2::flowers2:

حياتي يا ندى .. عن جد قد ما قلت وقد ما شكرتك ما رح وفيك حقك ابدا .. تسلمي على كلامك اللطيف والمشجع معي .. وعن جد انا طايره من الفرح انك حبيتي الروايه وانها نالت اعجابك .. الله يسعدك غاليتي مثل ما اسعدني كلامك ..

ورمضان كريم حبيبتي وكل عام وانت بخير ..

----------------

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ديمه الخير (المشاركة 2408818)
مرحبا القصة جميلة جدا..
نور ومرضها ..انا سمعت عن هالمرض بس ان كاتبة تذكره بروايتها اول مرة وهذا لصالحج..حسام انسان رومانسي وقدر انه يحتوي نور ومرضها..
قصة سامح تعور القلب ..اخوان يحبون بنت وحدة وقدرتي تعالجين هالمشكله روايتج حلوة بشخصياتها وتفاصيلها
..

حبيبتي ديمه .. عن جد اسعدني تواجدك في ملاك الحب .. وفرحانه انك حبيتي الورايه .. تسلمي يا روحي على كلامك الحلو .. وكل عام وانت بخير :flowers2:
-------------------

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نوف بنت نــــايف (المشاركة 2410719)
السلام عليكم
مرحبا ميمي
اخبارك تدرين لي كم يوم ابي اكتب رد يليق باعجابي بالقصه بس للاسف مالقيت
صدق لي قالو الصمت في حرم الجمال جمااااااال

تعجز مفرداتي عن بيان اعجابي بروايتك رغم قصرها ورغم ان احداثها كانت تدور اغلبها بين شخصين نور وحسام
اتمنى في كتاباتك المستقبليه تحاولين توسعين منظور ابطالك وتعالجين قضايا اكثر عمقا لان بصراحه
تمتلكين قلم حر رائع وجد جميل ولغه رهيبه فيس عاشق الفصحى
الف مبروك النهايه السعيده بين ابطالنا واكثر شئ عجبني تفهم حسام لمرض نور وماجعلوه عقبه في طريق سعادتهم
ميمي دمتى في خير ومبروك عليك الشهر

نووووووووووووووووووووف يا روحي .. تسلمي يا قمر على كلامك المشجع .. عن جد انا فرحانه انك حبيتي الروايه والنهايه .. وانبسط كثييييييييييييير والله بتواجدك معي في ملاك الحب .. الله يسعدك يا روحي وكل عام وانت بخير :flowers2:
-------------------

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة remas2007 (المشاركة 2411726)
السلااام عليكم
صرااحه الرواايه روووووووعه قليله في حقهااااا .....واناا اول مررره اقراء رواايه يمنيه ....وكنتي خيير سفيير لثقااااافه بلدك ....اتمنى انشوووف رواااايه ثااانيه لك قريب ......شكرااا

اختي الحبيبه عن جدكلامك خجلني كثير وانا سعيده برايك هذا .. وانا كان هدفي في ملاك الحب اني ابين لكم اكبر قدر ممكن من تقاليد بلدي الحبيب .. ومبسوطه ان الروايه نالت اعجابك .. غاليتي ان شاء الله نلتقي بعد رمضان مع روايه كنت كتبتها اني قبل ملاك الحب وهي باسم السوسن .. :flowers2:

همسة حزينة 05-09-10 10:44 PM

my faith

روايتك اكثر من رائعة ..لكِ اسلوب يجذب القارئ ..

لم استطع ترك روايتك بدون تكملتها

شكرا عزيزتي علي مشاركاتنا ابداعك الرائع ..

وفي انتظار ابداعك الجديد ..

قمت بتجميع الرواية وتحويلها لكتاب .. لاني افضل قراءة اي رواية ككتاب ..وهذا رابط الكتاب لمن يريد


http://www.mediafire.com/?4818hx025q55f41

my faith 10-09-10 05:41 AM

غاليتي همسه حزينه عن جد مش عارفه كيف اشكرك اول شي على مجهودك في تجميع الروايه .. عن جد تسلمي يا روحي .. وانا سعيده والله انك حبيتي الورايه ونالت اعجابك وان شاء الله تحبي الروايه اللي بحطها الان ههههههههه انا كنت وعدت البنات اني بالعيد بنزل لهم روايه باسم السوسن وانا عند وعدي بما ان ما اجالي نوم ههههههههه
فقلت خليني اروح احط الروايه

كل عام والكل بصحه وسلام وربي يحقق كل امانيكم

mshmshty 19-09-10 10:23 PM

تسلم ايك ياmy faith بجد رواية اكتر من رائعة مليئة بالمشاعر الرقيقة والمؤثرة فى القلب بتعبيرات مميزة

ومشاعر حسام لنور مشاعر للحب الحقيقى اللى كلنا بندور عليه ونتمنى نعيشه

تسلمى ياقمر ومنتظرين منك دايما كل جديد ومميز

fadi azar 24-01-13 05:19 PM

رد: ملاك الحب ..
 
رواية رائعة جدا جدا وخاصة الحب الكبير الذي يحمله حسام لها

ندى ندى 09-03-13 04:43 AM

رد: ملاك الحب ..
 
جميله جدا ورائعه جدا جدا

يسلموووووووووووو

amalatout 07-06-14 03:47 AM

رد: ملاك الحب ..
 
ثاااااااااااااااااانكس

فلورنسيا 03-02-15 02:17 AM

رد: ملاك الحب ..
 
جميلة جدااااااااااااااااااا

عبدالله محمد سعيد 01-08-15 12:10 AM

بارك الله فيج الرواية روعة السرد راقي وجميل ننتظر جديدج

Hanita 30-01-20 08:51 AM

تسلم إيدك و الف شكر ليكي

S H 25-02-20 04:03 PM

رد: ملاك الحب ..
 
Kjhhygfxchxxdxzzzxsset

Alessia Angel 12-11-20 12:34 AM

رد: ملاك الحب ..
 
شكرا كثير على الرواية

Alessia Angel 22-11-20 12:50 AM

رد: ملاك الحب ..
 
شكراكثير على الرواية


الساعة الآن 04:38 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية