منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   31 - دخان - ايسي سامرز - قلوب عبير القديمة ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t137379.html)

اعتمادات 06-03-10 02:55 AM

لكن باب الاسطبل انفرج عن والدي انطوني . فوجئت دينا بعودتهما المبكرة , ونهضت لتهنئتهما بسلامة الوصول . فردا التحية بأحسن منها . واقتربت والدة انطوني من مرقده توقظه :
- استيقظ يا بني . استيقظ , فقد عدنا .
لم يصدق انطوني ما تراه عيناه :
- ابي ... امي ...اهلا بكما .
نهض وعانق امه , وصافح اباه قائلا :
- تسرني رؤيتكما . ما الذي عاد بكما بهذه السرعة ؟
اجابت امه على سؤاله :
اشتقت للبيت , والمزرعة , والأصدقاء , فعدنا على متن أول طائرة , وركبنا سيارة اجرة الى هنا .
استمعت دينا الى حديث الثلاثة : ( ما اروع هذين الزوجين . حديثهما مفعم بأريج الشوق والمحبة الصادقة ) .
استمرت في اطعام الجراء حتى عاتبها انطوني :
- لماذا تركتني فريسة للنوم يا دينا ؟ وعدتها ان اصطحبها الى مسرحية فكاهية يا امي , لكن اوجاع فليك كانت عقبة في طريق وفائي بوعدي .
ابتسم السيد براين مورغان :
- لايستطيع الانسان بالتحكم بالظروف دائما يا بني . واعرف انه يمكن للآنسة دينا الخضوع للأمر الواقع .
- ان دينا لاتعرف معنى الرضوخ يا ابي , اسألني انا عنها .
اشرقت الفرحة في عيني السيدة براين مورغان :
- معرفتك العميقة بالآنسة تسعدني يا بني .
تدخلت دينا :
- انطوني يحب المبالغة يا سيدتي .
قال انطوني :
- ومن قال لك انني ابالغ ؟ هل اتتك يوما يا ابي سكرتيرة ارادت تهشيم وجهك بعد أول لقاء بينكما ؟
اخفت دينا وجهها خجلى :
- كفى يا انطوني , ارجوك .
ربت والد انطوني على كتفها قائلا :
- ابني يحب المزاح , فلا تدعي ذلك يزعجك يا دينا . ان عودته الى ما كان عليه قبل سنتين تثلج صدري .
نبهها انطوني :
- هذا الجرو اخذ كفايته من الغذاء , فدعيه يتنفس يا دينا . على فكرة , اننا نحب المرح والضحك فعلا . ابي , هل عرفت عمتي بوصولكما ؟
- نعم , وهي تحضر لنا شيئا لنأكله . ماذا ستفعلان الآن يا ولدي ؟
- سآخذ فليك وجراءها الى غرفتي في صندوق , ليتسنى لي اطعامهما .
تناول الجميع وجبة خفيفة , وصعدت دينا الى غرفتها لتنام وفكرة واحدة تهدهد كيانها : ( اشكرك ربي . واحمدك , فقد اذقتني الليلة شهد السعادة ) . 8 - يوم آخر تمضية دينا وخالتها عند عائلة مورغان: زيارة اماكن مقدسة , نزهات, سباحة , وليل بلا قمر . ثم ... لقاء مفاجىء .



احضر انطوني الشاي للخالة كيت ودينا , في غرفتهما في صباح اليوم التالي :
- اسعد الله صباح الضيفتين العزيزتين .
اعتدلت دينا في سريرها :
- اسعدت صباحا يا انطوني . ياله من نهار مشرق . يؤسفني ان نهدر ساعاته بين جدران البيت . كيف حال فليك ؟
- انها في احسن حال , وسعيدة بجرائها .
تأملت دينا الخليج من النافذة , تاركة هواءه المنعش يلامس وجهها . سألها انطوني :
- اتريدين ان نذهب في جولة على ظهور الخيل ؟
- سأكون مجحفة في حقك اذا طلبت ذلك , فأنت لم تنل قسطك من النوم والراحة طوال ليلتين .
- لست متعبا . سنحظر وجبة الفطور لأهل البيت , ثم نذهب في نزهة الى التلال القريبة .
كانت تساعده في المطبخ حين قال :
- سأريح العمة هيتي اليوم , وأضع لها اللحم في الفرن , في الساعة التي تقترحها .
- من الغريب ان ترفض فكرة الزواج , وانت رجل عائلة من الطراز الأول .
- ترفقي بي يا آنسة بريتشارد , فالوقت مبكر على مثل هذا الملاحظات الشائكة .
- لم اقصد ازعاجك , لكنك قلت لي ذلك بنفسك .
- ومتى كان هذا ؟
- قلت في لقائنا الأول , ان السكرتيرة الجميلة تفطر وتدبر حتى تدفع بمديرها الى فخ الزواج .
- اجتاحني يومها اعصار غضب , فأرجوك تناسي ماقلته .
- اعدك بذلك , شرط ان تنسى انت ايضا التعليق على هفواتي .
- هل يعني هذا ان رايك بي قد تغير ؟
- بل يبرز ايماني بمبدأ " جل من لا يخطىء " ويؤكد انني لست دائما ضحية الغضب .
قرع انطوني الباب , ودخلا معا غرفة والديه :
- اتسمحان لنا بالدخول ؟ اتيناكما بالفطور .
رحبت بهما السيدة براين مورغان :
- تفضلا . ما احلى الرجوع الى البيت . اتفقت مع ابيك يا انطوني على ان نبدأ بتشيد منزلنا الجديد في الأسبوع المقبل , ان شاء الله .
- في التأني السلامة يا امي . لا داعي للاستعجال .
- اعشق البيوت الجديدة , وقد آن لأبيك ان ينقل اغراضه كلها من المستودعات .


احضرهم الى هنا يا أبي .
- ليس عندك متسع لأشيائي كلها يا بني .
تلاقت عينا السيدة بعيني دينا : ( تريحني الطيبة في عيني والدة انطوني . انها تختلف تماما عن السيدة ميلغروف ) .
عادا الى المطبخ لتحظير وجبة فطورهما , ووضع انطوني اللحم في الفرن بعد تنفيذ تعليمات العمة هيتي , ثم مازح دينا :
- الست طباخا ماهرا ؟
- بلى . انك من امهرهم .
- هل لفت احد انتباهك لى انك جميلة جدا في الصباح يا دينا ؟
- اشكرك لهذا الكلام اللطيف .
- انها الحقيقة وليست كلاما لطيفا فقط . دعينا نذهب للسباحة في الخليج الصغير القريب من هنا .
امتطيا صهوتي جوادين , واتخذا طريقهما الى شاطىء ذهبي الرمال , يلاصق خليجا صغيرا هادىء الأمواج .
استسلمت دينا لعناق اشعة الشمس الدافئة قبل ان تقول :
- ما احلى السباحة في الخريف .
- يمكنك السباحة بأمان في هذه المنطقة . تعالي نسبح نحو تلك الصخرة .
جذبها من الماء بقوة , بعد ان سبقها الى الصخرة , فتحدته :
- هل تحاول اثبات ان الرجال قوامون على النساء ؟
- نعم . خصوصا بعدما اخذت البارحة قسطي من الراحة . اراك عاقدة الحاجبين يا دينا , مابك ؟
- يشغلني الغد المجهول , وعودتنا الى العمل .
- اتقصدين عودتنا الى ديار السكرتيرة والمدير ؟
- يدخل كل هذا ضمن اطار العمل .
- كم اتمنى بقاءنا على ما نحن عليه الآن يا دينا .
- تذكر اننا هنا لإغاظة راسل فقط .
حول دفة الحديث فجأة :
- انظري . بدأت أشرعة سفينة قادمة تظهر في الأفق .
- العودة الى مناداتك سيدي , او السيد انطوني صعبة .
- تفرض اجواء المؤسسة على موظفيها التعامل الرسمي .
- اجد نفسي مضطرة لسؤالك ثانية , الا تخاف الشائعات يا انطوني ؟
- علاقتي بك وضاءة كالشمس , فلماذا اخاف الشائعات يا دينا ؟
- عادت الى الماء قائلة :
- يجب الا نتأخر عن والديك .
سمعت دينا والد انطوني يقول بعد الغداء :
- احب التقرب الى الله , ويسعدني الذهاب مع زوجتي الى اماكن العبادة دائما .
اكدت الخالة كيت :
- ان زيارة الأماكن المقدسة تدخل السكينة الى قلبينا , وانا ودينا ايضا يا سيد براين مورغان .
حضر الجميع يومها جلسة وعظ وارشاد , استمعت دينا الى الخطيب يقول فيها : " تذكر يا اخي الإنسان انه جل من لا يخطىء, وان الله يغفر الذنوب جميعا , لأنه غفور رحيم . يا اخي في الانسانية , ان سمعة الانسان السيئة لا تدل على اختلال ميزان اخلاقه , فاجتهد ان تكتشفه بنفسك قبل ان تصدر حكمك " .
ارتعدت دينا عند سماعها ذلك : ( احس ان كلام الخطيب موجه الي دون الناس جميعا . قد يكون انطوني مذنبا . لكن من منا بلا ذنوب ؟ يا واسع الرحمة والمغفرة , ارشدني سواء السبيل , فأنا اتخبط في ظلمات الشك ) .
سالها انطوني بعد خروجهما من المكان :
- احسست بك مشدودة الى كل كلمة قالها الخطيب , فهل اعجبك كلامه الى هذا الحد ؟
- نعم ... نعم ... كان لكلامه اعمق الأثر في نفسي .
- تسابق الموجودون بعد ذلك لتحية السيد براين مورغان وزوجته , اللذين وقفا يتلقيان التهاني بسلامة الوصول , في الفسحة المحيطة بقاعة الاجتماعات . وقام انطوني بتعريف دينا بهم , الواحد تلو الآخر .
كانا يستعدان للعودة الى البيت , عندما احست دينا بنظرات تلاحقها . وحين اكتشفت انها نظرات راسل وامه , اجتاحتها جيوش الخجل والحياء . فالتجأت أصابع يدها الرقيقة , دون ارادة منها الى كف انطوني تطلب الحماية والسند , فاحتوت كفه الدافئة اصابعها بحنان قبل ان ينادي :
- ابي ... امي ... السيدة ميلغروف وابنها راسل هنا , يريدان تحيتكما .
خاطب راسل دينا :
- حاولت الإتصال بك في البيت , فلم الق جوابا . واذا عرف السبب بطل العجب . لم اتوقع عودة السيد براين مورغان وقرينته بهذه السرعة . هل كنت معهما في نزهة ؟
- لا . أمضيت عطلة الأسبوع مع خالتي في مزرعة انطوني .
وقد وصل والداه فجأة , مع ساعات الصباح الأولى .
- ولماذا لم تخبريني ؟ لماذا لم تخبريني يا دينا ؟
- لم يتسنى لي مقابلتك نهار الجمعة , هذا عدا انني لم ارغب في اضاعة وقتك الثمين يا راسل .
- عفى الله عما مضى يا دينا . سأعود بك الى البيت .
- لا تتعب نفسك يا عزيزي , ستزورنا السيدة براين مورغان لرؤية مرسم خالتي . سنلتقي في الأسبوع المقبل بإذن الله . الى اللقاء .
- كانوا في طريقهم الى البيت , عندما قالت السيدة براين مورغان :
- لماذا اجبرتني على تحية السيدة ميلغروف يا طوني ؟ انت تعرف انني لا احبها .
- تعرفت دينا الى راسل هذا العام اثناء وجوده في لندن يا امي .
قالت السيدة مورغان :
- انني متأكدة من ان والدته لم تكن معه في تلك الفترة . تعلق هذا الرجل بأمه مخيف . أتعرفين يا دينا ان شقاوة


انطوني هي سبب عدائي للسيدة ميلغروف ؟ اتتني يوما تشكو سوء تصرفه مع ابنها , ولما حاولت الدفاع عنه , طعنت باخلاقه , وعزت السبب الى انه ابني بالتبني .
ضحك اليد براين مورغان :
- وما ان سمعت زوجتي هذا الكلام , حتى هبت للإنتقام هبوب الريح الهوجاء .
- شاركه انطوني الضحك ثم قال :
- كفاك مبالغة يا ابي .
تأملت دينا الثلاثة بنظرات ملؤها التقدير : ( ان عمق الروابط العائلية والعاطفية واضح بين انطوني ووالديه . يذكرون خادثة التبني بلا خجل . في هذا قوة . بل انه القوة بذاتها ) .
همس انطوني قبل وصولهما الى البيت بقليل :
- اعذري والدي على اندفاعهما في الكلام واطلاق الأحكام , فهما لا يعرفان عمق العلاقة بينك وراسل . انني اشفق على الرجل , واتمنى ان تستطيعي مستقبلا اصلاح ما افسدته امه من سنين عمره .
تلاحقت ساعات الزيارة هادئة حلوة : ( لن انسى زيارتهم لنا ما حييت . وجبة خفيفة , دفء , قهوة ساخنة , والسعادة تطل من عيني خالتي كيت ) .
عادت مع صوت انطوني الى الواقع :
- تعالي الى الشرفة لنستمتع بمرأى القمر والمناظر الطبيعية الخلابة التي تحيط بنا .
كانت صفحة الليل سوداء , مرصعة بالنجوم , والخليج هادىء الأمواج , واضواء البيوت تزين شواطئه بصمت . اما النسائم الرقيقة فقد اثقلها اريج الأزهار والورود على اختلاف انواعها .
تأملت دينا السماء بعينين خاشعتين :
- غاب القمر عن صدر السماء الليلة .
- كانت رؤية القمر حجتي للانفراد بك .
واستكانت لسماء صدره : ( ان انطوني غريب الأطوار . لماذا يريد الانفراد بي ؟ ما معنى تصرفاته ؟ ماذا سيقول والداه ؟ لماذا اعشق الضياع في متاهات صدره ؟
احتضن وجهها قائلا :
- عودي يا دينا . عودي الي من احلامك . بماذا تفكرين ؟ بماذا تحلمين ؟
- افكر بشاربيك , وافضلك من دونهما .
- ما اروع صراحتك يا دينا . لا تدعي راسل يحيلك بقيوده الى انسانة جامدة باردة , ارجوك .
- انطوني انس راسل , وتعال نعود الى الداخل .
جافاها النوم تلك الليلة : ( بدأ انطوني يستحوذ على قلبي وعقلي .
انه انسان عركته تجاربه في عالم المرأة , ويعرف كيف يتلاعب بالمشاعر والأحاسيس . لا . علي الا انسى كلام الخطيب , وامتحنه بنفسي , قبل ان اصدر حكمي ) .
اتصل راسل بدينا في اليوم التالي :
- اعرف انك من عشاق المسرح , لذلك ارى ان نذهب الى مسرحية الثلاثاء المقبل ...
قاطعته :
- شكرا لك يا راسل , لكن انطوني دعاني لحضور مسرحية يوم الأربعاء . لماذا لا ننتقي فيلما سينمائيا , يمكننا حضوره سوية يا عزيزي ؟
احست دينا بالانزعاج يتسرب الى صوت راسل , لكنها اردفت قائلة : - على فكرة , ارجوك يا راسل لا تحاول الاتصال بي ثانية في مقر عملي , فمديرالمؤسسة يكره ان تشغل خطوط الهاتف فيها بالمكالمات الشخصية .
سمع انطوني ادعاء دينا , فانتزع منها السماعة قائلا :
- اسمعني يا راسل انا انطوني مورغان , لا تصدق ما قالته الآنسة بريتشارد , فليس لمؤسستي مثل هذه الأنظمة . اتصل بخطيبتك في أي يوم اردت , وفي كل الأوقات اذا احببت . مع السلامة .

لم تستطع دينا بعد المكالمة مجابهة انطوني , وفضلت البقاء اسيرة الصمت .
دعت العمة كيت انطوني لتناول طعام العشاء معهم مساء يوم الأربعاء . فلبى انطوني الدعوة حاملا باقة من زهر الليلك , قبلتها دينا شاكرة . حاول ان يرفق هديته بكلمات , لكنه كبح جماح كلماته في اللحظة الأخيرة .
أحست دينا بتردده . وكانت لا تزال بصحبة افكارها , عندما اعطاها عقدا من حجر التوباز مع قرطيه وقال :
- ارجوا ان تقبلي مني هذا , هدية ايضا يا دينا .
صفعها طلبه :
- انها هدية ثمينة , لا يمكنني قبولها منك يا انطوني . لقد اتفقنا على التمثيل لاغاظة راسل فقط , وانا ...
- ما الذي تريدين قوله يا دينا ؟
- انني لست من الفتيات اللواتي يمكنك التلاعب بهن بتقديم مثل هذه الهدايا .
شبت نيران الغضب في اعماقه , ورقص اللهب في عينيه وهو يقول:
- آه ... صحيح ... نسيت انني بالنسبة اليك رجل سيء السمعة .
اتجه نحو الباب , فلحقت دينا به , وامسكت بذراعه قائلة :
- لا تسىء فهمي ارجوك يا انطوني , لقد تغيرت فكرتي عنك تماما , صدقني . لكنني لا استطيع تقبل فكرة شرائك لصداقتي بالهدايا .
اطفأ غيث الدموع في مآقيها نار غضبه , فقال :
- سامحيني اذا آلمتك يا دينا , لكن الماضي ما زال يلاحقني بظلاله السوداء , وقلة هم الذين يؤمنون بقدرة صبي متبنى , على الصلاح.
تخبطت في بحر عينيه قبل ان تقول :
- سأحتفظ بهديتك , ما دامت احتفظ بقلبي , شكرا لك .
- ضعيها لتراها الخالة كيت . لكن ... لكن اخشى ان ترفض هي ايضا فكرة قبول الهدية .
- لا تقلق , يكفي انني قررت الاحتفاظ بها .
تأمل وجهها قبل ان يقول :
- لا اعتقد ان خالتك تكبدت مشقة في تربيتك .

اعتمادات 06-03-10 02:56 AM

- اشكرك على حسن ظنك بي , واصارحك بأن المسكينة عانت الكثير في تربيتنا أنا وأخي ديفيد .
اعجبت الخالة كيت بالهدية :
- ما اجمل عقدك يا دينا . انه اكبر دليل على ذوقك الرفيع يا انطوني .
قال انطوني فجأة :
- يا الهي , كدت انسى ان أدعوكما باسم امي وابي الى مزرعة شقيقتي ميغان في عطلة نهاية الأسبوع المقبل .
شكرته الخالة كيت :
- يسرنا تلبية دعوتكم , لكن الا يفضل والدك قضاء عطلة أسبوع عائلية مع شقيقتك , بعيدا عن الغرباء ؟
- ومن قال انكم غرباء يا خالة ؟
- حسنا ... حسنا ... اشكر لكم دعوتكم .
- سنضطر الى السفر في وقت مبكر , ليتسنى لنا كسب ساعات النهار , لأن المسافات التي سنقطعها طويلة .
- لماذا لاتمضون ليلة الخميس عندنا اذا, توفيرا للوقت يا بني ؟
- يخلق الله ما لاتعلمون حتى ذلك الحين يا خالة , شكرا لك .
رحل انطوني , وأوت دينا الى فراشها تاركة الأفكار تمزقها :
( اصحيح ان الابن بالتبني غير قادر على الصلاح ؟ حرام ان تبقى سنين الملجأ وصمة عار في حياة انطوني . أراني مهتمة بأموره , بمشاعره واحاسيسه . لماذا ؟ لماذا ؟ انني انسانة رقيقة الاحاسيس , مرهفة . هذا كل ما في الأمر . هذا كل ما في الأمر ) .
وسكن الليل , فغفت دينا وهي تردد : آه ... كم اخشى غدي هذا , وارجوه اقترابا . 9- قطعت دينا المسافات الطويلة من اجل حلم , فاصطدمت بواقع مقيت . وها هي تعلن لراسل اخيرا انها تغيرت ... تغيرت كثيرا .

فاجأت السيدة ميلغروف دينا بدعوتها الى العشاء : ( تناثرت توقعاتي اشلاء على درب الواقع . اختطفتني المخاوف بعيدا حين خيل الي ان آثار سلبية ستترتب على رؤية السيد ميلغروف لي مع انطوني . هاهي الظروف تثبت العكس . ان تلطفها في دعوتي يخجلني , يربكني ويحيرني . علي ان اتفهمها اكثر ).
سألتها الخالة كيت وهما على الغداء:
- ما الذي قررت ارتداءه الليلة يا دينا ؟ ان الفستان النحاسي اللون مناسب ورائع التصميم .
- سألبس فستاني الأخضر يا خالتي .
- لكن الفستان الأخضر مخملي , ولا يتناسب مع الأجواء الحارة اليوم .
- اللون النحاسي لافت للنظر , وانا لا انوي اجتذاب الأنظار .
- ينتابني شعور غريب بأنك تحاولين مجاراة الأوضاع حولك , وقد اثبت كلامك صدق حدسي . يؤسفني ان يثقلك راسل ووالدته بالقيود , لأنك تعشقين الحرية .
- انت تكررين ما قاله انطوني قبل ايام . لا تدعي القلق يتعبك يا خالتي . الى اللقاء .
- لن انتظر عودتك , فقد تتأخرين , تصبحين على خير يا عزيزتي .
- لن اتأخر يا خالتي , فراسل سيرجع الى البيت بمجرد انتهاء الفيلم , رأفة بأمه التي تهرب من النوم حتى عودته .
ودعت دينا خالتها , وتركتها وحدها مع الأفكار : ( بدأت دينا تزن راسل بميزان العقل , وفي هذا الخير كله . تعذبني رؤية آمالها تذهب ادراج الرياح , لكنني احمد الله واشكره , لأن احلامها الزائفة بالعيش مع راسل تتبدد , فأنا لا اريدها ان تسقط في يوم من الأيام ضحية السراب ) .
كانت تصرفات السيدة ميلغروف طبيعية اثناء العشاء , لكن الشك في حسن نواياها بقي يدمي قلب دينا .
عندما انتهتا من نقل الصحون وغسلها , قالت السيدة ميلغروف :
- دينا يا عزيزتي , هل تتقبلين نصيحة انسانة عركتها الحياة ؟
- بالطبع يا سيدتي . تفضلي .
- ان اختيارك هذه الفترة بالذات لمصادقة انطوني براين مورغان وعائلته , غير مناسب ابدا يا عزيزتي .
- الحب والصداقة طارقان بلا استئذان يا سيدتي .
- لكن علاقتك بأنطوني براين مورغان تعدت حدود الصداقة يا عزيزتي .
حاولت دينا اخماد بركان اعصابها :
- كفاك كلاما عن انطوني براين مورغان يا سيدتي . انني قادرة على تكوين آرائي الخاصة في الناس , لكنني اتبع مبدأ التروي , الذي رفعت رايته بعد وفاة ابي .
- قصدت تذكيرك بأن خطيبة راسل السابقة في المدينة الآن , وقد خرجا البارحة معا , بعد ان فضلت صحبة انطوني مورغان عليه .
- ولماذا لا تقولين انهما التقيا مصادفة ؟ ورب صدفة خير من الف ميعاد . أتعرفين ان اتفاقنا على تأجيل اعلان الخطوبة ستة اشهر ساعدني على معرفة راسل اكثر ؟
- انا التي لم اعد اعرف ابني يا دينا . عودني الصراحة , واراه اليوم متقوقعا على نفسه .
- لكل منا عالمه الخاص يا سيدة ميلغروف .
- الم يثر كلامي غيرتك يا دينا ؟
- الغيرة جنون , وقد اعتدت التعقل في اتخاذ قراراتي . على راسل ان يتزوج الانسانة التي يحب , ولن اقبل بأن اكون بديلة من احد على عرش قلبه .
- هذا استهتار بمشاعر ابني . هل استحوذ انطوني مورغان بخبثه ودهائه عليك الى هذا الحد ؟ انه انسان لا اخلاقي فعلا .
- يزعجني كلامك عن السيد انطوني بهذه الطريقة .
- انت يا دينا زهرة بالنسبة الى انطوني مورغان , سيمتص رحيقها ثم يرميها .
- لا دخل للسيد انطوني بموضوعي مع راسل .
تركت دينا المطبخ اسيرة للانزعاج , فلحقت بها السيدة متسائلة :
- هل ستخبرين راسل بما دار بيننا من حديث ؟
- لا . فهو لا يملك الوقت الكافي لايجاد التوازن بيننا .
صرفت روعة الفيلم دينا عن التفكير بما يحيطها من مشاكل , وحين ارجعها راسل الى البيت قالت له :
- امك تنتظرك يا راسل , فعد اليها .


- لقد تغيرت يا دينا .
- نعم تغيرت . لم اعد تلك الفتاة الحالمة , التي تعدو وراء العواطف . لقد اصبحت متزنة , عاقلة . اليس هذا ما تريده ؟
اجبرها راسل على مواجهته :
- ما هذا كله يا دينا ؟ هل حدث ما ازعجك الليلة ؟
وسألتها نبضات قلبها : ( دينا ... دينا ... ماذا اقول له ان جاء يسألني ان كنت اهواه ؟ اني لست اهواه . اني لست اهواه ) .
اصمت دينا اذنيها عن صرخات قلبها وقالت :
- لقد عدت يا راسل الى الواقع , لم يعد يهمني شيء . لم يعد يهمني أي شيء .
ابتسم راسل قائلا :
- عزيزتي , لن تكون امي الليلة في انتظاري , واستطيع البقاء معك لفترة اطول , فما رايك ؟
- يمكننا تناول وجبة خفيفة , شرط ان نعود بعدها الى البيت , فأنا متعبة جدا .
- قال لها بعد العشاء :
- لماذا لا نرتاح قرب النافذة , في ذلك المقعد الوثير ؟
- انني مرهقة , سآوي الى الفراش استعدادا لعطلة اسبوع طويلة.
- ماذا تعنيين يا دينا ؟
- سنذهب مع السيد براين مورغان وعائلته الى مزرعة ابنتهم ميغان على ضفاف بحيرة هيز .
- كنت اود اصطحابك الى تلك المناطق , لكن مشاغلي ...
- اعرف ... اعرف ... مشاغلك كثيرة . هلكنت تهمل جيني دائما يا راسل ؟ هل كان تناسيك اياها السبب في فسخ خطوبتكما ؟
- كل هذا دفنه الماضي .
- اتمنى تصديقك لكن ...
زرع راسل الغرفة جيئة وذهابا قبل ان يسألها :
- هل تحبين انطوني يا دينا ؟

- انت بالنسبة اليه ...
- انا بالنسبة اليه زهرة في روض , سيمتص رحيقها وينساها .
افهمتني والدتك ذلك , ومع هذا لن تنجحا ابدا في زعزعة ثقتي بنفسي . اذهب يا راسل . اذهب الى امك , فهي وحدها القادرة على تحمل اخطائك .
- هل غيرتك من جيني هي سبب ثورتك ؟
- لم تنهش الغيرة قلبي بعد , ويظهر انني قطعت المسافات سعيا وراء حلم , فاصطدمت بواقع مقيت .
- اعتدلت الخالة كيت في سريرها تستمع لنقاشهما : ( ارجوا ان يكون هذا بداية النهاية بينهما . الصبر جميل . الصبر جميل ).
ابتلعت الحيرة دينا بعد خروج راسل : ( من انا بالنسبة الى انطوني ؟ من انا بالنسبة اليه ؟ ) .
دخل انطوني
المكتب صباح يوم الجمعة مسرورا :
- قلبي يحدثني اننا سنمضي عطلة اسبوعية رائعة بإذن الله , سيكون ابي وامي في بيتكم عند الظهر , وقد قررنا الانطلاق الى المزرعة في السابعة من صباح الغد , فكوني على اتم الاستعداد .
كانت جذوة الأمل بقضاء عطلة لا تنسى قد خبت في اعماق دينا :
( ذكريات داعبت فكري , ولست ادري ايها اقرب الي . لا تزال ذكرى اقوال راسل وامه تعبر افق خيالي , فماذا افعل يا رب ؟ ماذا افعل ؟ ) .
وجدت نفسها تقول :
- لك ما تريد .
- ما رايك في الذهاب الى الهضبة القريبة بعد انتهاء ساعات العمل , لنستقبل جحافل الليل هناك ؟
كان الليل قد بدأ يزدرد بقايا النهار ببطء , عندما وقفت دينا تتأمل انطوني على قمة الهضبة : ( انك يا انطوني الرجل الذي احب . انت الرجل الذي اهوى ) .
افزعتها افكارها , فسألت انطوني :
- هل تعرف جيني , خطيبة راسل السابقة ؟
- رأيتها معه مرة .
- هل ذهبت يوما برفقتها ؟
- ولماذا اذهب برفقتها يا دينا ؟
- سألتك لارضاء فضولي فقط .
- ما اغرب اسألتك . هل انت متعبة ؟ اراك شاحبة يا عزيزتي .
- اتعبتني كثافة العمل قليلا .
احاطتها ذراعاه بكل حنان وهو يقول :
- امضينا نهار عمل مرهق . معك حق . ستريحك عطلة هذا الأسبوع ان شاء الله .
تلاشت في افق صدره : ( يا حبيبي كل شيء بقضاء / لاتقل شئنا فإن الحظ شاء . احبك يا انطوني , وحبك قضائي وقدري ) .
في صباح اليوم التالي , وعندما كانت السيارة تتجه بالجميع الى ضفاف بحيرة هيز , صافحت دينا بأنظارها الجبال والسهول , الوديان والأنهار , فأنساها جمال الطبيعة الهموم كلها .
توقع انطوني ان تكون ميغان في انتظارهم , لكنهم وجدوها في المطبخ توبخ ابنتها برونوين :
- ما هذا الذي فعلته ؟ الم يكن في وسعك الانتظار ؟
اجابتها الطفلة :
- اردت الحصول على المادة اللاصقة دون تأخير . ساعديني يا امي. بدأت المادة تتسرب الى فمي . طعمها فظيع .

اسرعت ميغان لمساعدة طفلتها , متناسية صراخ طفلها الرضيع .
تأمل الزائرون الأم وطفليها قبل ان يستسلموا للضحك . التفتت ميغان مذعورة , فوجدتهم وقوفا بباب المطبخ , فشاركتهم ضحكهم , واسرعت الصغيرة لتحية جدتها متناسية وضعها , فاندفعت السيدة براين مورغان نحوها قبل ان تصرخ :
- برونوين عزيزتي . انتظري . لا تحيطيني بذراعيك .
تدخل انطوني :
- ما رأيك في تأجيل العناق حتى تنتهي من تنظيف الغراء ؟
قالت ميغان :
كان كل شيء يسير على ما يرام قبل دقائق . ما اسوأ حظي .
سأذهب لتنظيف الصغيرة . تعالي معي يا امي . وانت يا انطوني , ارجوك احتضن الصغير , عله يهدأ قليلا .
تأملت دينا انطوني : ( انه صورة رائعة للحنان والعطاء والمحبة ) .
اعادها اعتذار ميغان الى الواقع :
- أسفة لهذا الاستقبال يا دينا , سأنتهي من تنظيف برونوين , ثم نشرب سوية قدحا من الشاي .
- لا تعتذري يا ميغان , دعيني اساعدك .
انهى الثلاثة تنظيف الطفلة , وخلال دقائق كانت الحياة في البيت قد عادت الى طبيعتها .
لاحظ انطوني ذلك فقال :
- تحضر العمة هيتي بعض المآكل , وابي يتفقد قطعان الماشية , فلماذا لا انادي ايفان ولويد يا ميغان ؟
- ناديهما بأعلى صوتك حتى يسمعاك .
مضت دقائق قبل ان يدخل ايفان زوج ميغان , ومعه ابنهما البكر لويد الذي لم يتجاوز الثامنة من عمره .
اخبرت ميغان زوجها بما حدث لبرونوين , فقال :
- ارجو ان لا يضطرنا الحادث الى قص شعرها .
طمأنته دينا :
- لن نضطر الى قص الشعر , لكنه قد يحتاج الى عملية تنظيف اخرى قبل النوم .
تأمل انطوني دينا مبتسما , فأشاحت بصرها عنه : ( ان رماح نظراته تخترق اعماقي , وتهتك ستر اسراري . نظرات اخته تقلقني. هل انا اول فتاة يأتي بها الى هنا ؟ ) .
كان الليل قد ارخى سدوله عندما سألتها ميغان :
- ما الذي اتى بك الى نيوزليندا يا دينا ؟
اجابها انطوني :
- اتت لتزيد معرفتها براسل ميلغروف .
فوجئت ميغان :
- لا اصدق انك اتيت الى نيوزيلندا اكراما لراسل ميلغروف . انه ... انه... اسوأ مثال للشباب النيوزلندي .
اسكتها شقيقها :
- ولم هذا الكلام يا ميغان ؟
- آسفة لازعاجكم بكلامي , لكن الرجل ترك اسوأ الأثر في نفسي منذ اللحظة الأولى التي عرفته فيها .
ذهب الأطفال للنوم بعد العشاء , وتركوا الكبار يفكرون بأفضل وسيلة لقضاء الأمسية .
قال انطوني :
- سأصطحب دينا في جولة استكشافية .
- أفضل الصعود الى غرفتي اولا , اذا سمحت .
وقفت دينا امام نافذة غرفتها , تراقب عظمة الخالق في خلقه .
قالت بلا تفكير :
كل شيء هنا رائع يا خالتي , المروج , والهضاب , وسكون الليل ...
فسمعت صوت انطوني يتساءل :
- الست انا رائعا ايضا يا دينا ؟
- لا اعرف يا انطوني. لا اعرف .
- ستتخلصين من حيرتك قريبا .
- ماذا تعني ؟
- لست مضطرا لتفسير ما اعنيه منذ الآن يا عزيزتي .
اقترب منها واحتضن وجهها متسائلا :
- لماذا لا المح شعاع الفرح في عينيك يا دينا ؟ هل راسل هو السبب ؟
- تستطيع قول ذلك , نعم .
- ما الذي يزعجك ؟
- ارجوك دعني وشأني .
- لا بد انك متعبة .
- لست متعبة ابدا .
- عندما تتوتر اعصابك تتحولين الى طفلة صغيرة .
غاصت دينا في بحر عينيه : ( الى متى تنوي تعذيبي يا انطوني ؟ الى متى ؟ ) .
قالت له :
- انني متعبة فعلا , لكن وجودي هنا سيريحني حتما .
- انني متأكد من هذا . فكرت قبل موت اخي اوين بشراء قطعة ارض في هذه المنطقة .
- لفهما بعد ذلك الصمت , الى ان قالت دينا :
- لنشرب القهوة مع الأهل يا انطوني .
- لكنهم لا يمانعون على بقائنا هنا يا عزيزتي .
استعصت الكلمات على دينا , ففضلت السكوت , وعندما انتهت من شرب قهوتها , سمعت انطوني يقول :
- لن ارهق دينا بنزهة الليلة . تعالي يا عزيزتي .


اعتمادات 06-03-10 02:57 AM

- يريحني السير لمسافات طويلة يا انطوني , فلا تقلق .
- سارا على مهل في الخارج , سألها انطوني :
- ايريحك السير من اعبائك حقا ؟
- في بعض الأحيان . سامحني على توتر اعصابي قبل قليل .
لامس اصابعها بحنان :
لا لزوم للاعتذار , فنحن بشر يا عزيزتي . ثم اننا اصدقاء , والصديق وقت الضيق .
- اشكرك ... اشكرك يا انطوني .
- ارتدي سترتك , فالأجواء تميل إلى البرودة .
جلسا على صخرة , فأحاطها انطونيو بذراعه قائلا :
- لا أريد لنبوءات الصخر آن تؤذيك .
غلب النوم دينا وهي مستكينة لصدر انطوني , وحين داعب اسماعها بتحية المساء , فاجأته بسؤال :
- لماذا اسأت التصرف مع راسل في الماضي يا انطوني ؟
- ما هذا الأهتمام المفاجىء بالماضي ؟
- لأرضي فضولي فقط .
- كانت شقاوة أطفال , لا أكثر .
- حسنا ... حسنا .
- انسي راسل يا دينا . انسيه , إن كلامك عنه يزعجني .
- تذكر إنني قطعت من اجله مسافات طويلة . طويلة جدا .
- اعرف هذا . ومع ذلك , ارجو ان ترحميني من ذكره .



10. لهذا جاءت الى بيت راسل . طلبت منه , بلسانها , ان يعطيها الحرية . وبقلبها اخذتها .




بانت السعادة واضحة على وجه براين مورغان وهو يـتأمل بحب افراد عائلته الكبيرة , واستولت الغبطة على دينا وهي تراقب ميغان بين زوجها واطفالها : ( حياة ميغان فيها استقرار وحب . ما احلى العائلة ) .
استمتع الجميع بعد الغداء بدفء الشمس وظلال الأشجار .
وقال ايفان :
- يفكر جيراننا بطرح مزرعتهم للبيع في الأسبوع المقبل .
ضغط انطوني على يد دينا بحنان وهو يقول :
- انها مزرعة رائعة , ما رأيكم في ان نترك ايفان بعض الوقت مع ميغان ونذهب جميعا في نزهة مع الأولاد ؟
امسكت ميغان بذراع دينا قائلة :
- اتمنى ان تكوني اعتدت تصرفات اخي المفاجئة يا عزيزتي . لا تنسوا العشاء في الخامسة .
تأملت دينا انطوني وهو يلاعب الاطفال في الحقول : ( استغرب ان يرفض رجل عائلة من الطراز الأول مثله , فكرة الزواج . قد تباعد الأيام بيني وبين انطوني , لكني احلم باليوم الذي سأبعد فيه راسل عن ساحة حياتي ) .
قال والد انطوني في طريق العودة :
- هناك بعض الأعمال التي تتطلب الانجاز في مدينة كرايست تشيرتش . خذ دينا معك في عطلة الأسبوع المقبل , واذهب الى هناك , تستطيع ايريني القيام بمسؤليات المكتب اثناء غيابكما .
- فكرة حسنة يا ابي , لكنني افضل وجود السيدة بتسون سكرتيرتك معنا , رفقا بسمعة دينا .
تساءلت امه :
- الم تنسى الماضي بعد يا بني ؟
- لا يا امي ... لم ولن انساه ما حييت .
غيرت الخالة كيت مسار الحديث :
- من فضلك يا انطوني , توقف هنا قليلا , فالمناظر تستحق الرسم .
بقي الندم يؤرق دينا اياما بعد ذلك : ( لماذا غيرت خالتي مسار الحديث ؟ كنت اتمنى معرفة اصول الحادثة وجذورها ) .
اعتذر راسل عن رؤيتها نهار الاثنين , فاتفقت معه على الذهاب في نزهة بالسيارة نهار الاربعاء: ( يجب ان احطم قيود راسل . علي ان امحو آثاره من حياتي مهما كان كلفني الأمر ) .
دعت السيدة ميلغروف دينا الى العشاء يوم الثلثاء , فلم تستطع رفض الدعوة : ( اردت الاجتماع براسل وحدي . لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن ) . استغربت دينا حسن استقبال السيدة لها : ( ما الذي تحاول السيدة ميلغروف فعله ) .
كانتا تتناولان العشاء عندما سألتها السيدة :
- ما رايك في الاقامة معي بعد زواجكما يا دينا ؟ لا ... لا اعتقد انك تفضلين فكرة الاستقلال , اليس كذلك ؟
- ان مثل هذا الحديث سابق لأوانه يا سيدتي , ومازال امامنا الكثير من الوقت للتفكير .
- لا لزوم للتفكير يا دينا , فقد عرفتك , ويسرني ان تكوني زوجة لابني .
- جاء دوري الآن للتأكد من مشاعري يا سيدة ميلغروف .
دخلتا غرفة الجلوس بعد انتهاء العشاء . فقالت السيدة ميلغروف :
- سأقيم في عطلة الأسبوع حفل عشاء كبير , اعرفك فيه الى اصدقائنا .
- آسفة يا سيدتي , سأذهب مع مديري في عطلة الأسبوع الى كرايست تشيرش , في رحلة عمل .
- وهل يعقل ان تظهر خطيبة ابني بصحبة هذا الرجل اللااخلاقي .
- لست خطيبة ابنك يا سيدتي , وانا اثق باخلاق السيد انطوني مورغان ثقة عمياء .



- انه لايستحق ثقتك يا عزيزتي .
قاطعتها دينا غاضبة :
- انه رجل بكل معنى الكلمة .
استغربت السيدة :
- ما هذا الدفاع المستميت عن الرجل يا دينا ؟ ان فضيحته ما زالت على كل لسان .
- احكي لي بالتفصيل عما تسميه فضيحة يا سيدتي .
استمعت دينا الى تفاصيل القصة بانتباه , فتبين لها ان انطوني انتشل سكرتيرته من مأزق وقعت فيه , وقام برعايتها , كما يرعى أي موظف في المؤسسة . فجابهت السيدة ميلغروف برأيها , وسفهت محاولتها تشويه سمعة انطوني .
دخل راسل في تلك اللحظة وقال :
- لا بد ان انطوني هذا قد خلب لبك , وملأ راسك بالأكاذيب عني يا دينا .
- لم يفعل شيئا من هذا يا راسل . اما ما تسميه انت وامك فضيحة , فأنت تعرف انه كان تصرفا انسانيا , انقذ به
احدى الموظفات . انك انسان جبان وضعيف الشخصية يا راسل . وانا هنا الليلة لأمحو اسمك من قاموس حياتي . وكلي امل في ان تعود الى جيني التي كنت معها ليلة السبت .
تدخلت السيدة ميلغروف :
- لم يكن مع جيني مساء السبت , كان مع كليو .
سخرت دينا منها :
- وماذا في ذلك ؟ كليو فتاة طموحة وجميلة وتستحق الخير , واسم كليوباترا يناسب الأوضاع في هذا البيت اكثر من اسمي .
اسكتها راسل بقوله :
- كفاك سخرية من امي يا دينا , واؤكد لك مرة اخرى انك لست بالنسبة الى انطوني مورغان الا وسيلة تسلية .
- وكيف اكون بالنسبة اليه وسيلة للتسلية , وهو لا يعرف بعد عمق مشاعري نحوه , ولا هيامي المجنون به ؟
حاولت السيدة ميلغروف تدارك الموقف :
- اهدئي يا دينا , اهدئي . لا اجد ضرورة لهذا , فأنت الفتاة المناسبة لابني .
- لم ولن اكون الفتاة المناسبة لابنك في يوم من الأيام يا سيدتي . ان انطوني مورغان هو الرجل الوحيد الذي ملك علي قلبي وعقلي . انصحك بأن تعيدي ابنك الى حبيبته الأولى , مع اطمئنانها بأنني خرجت من حياته والى الأبد .
تلقفها جوف الليل وسمعت نجومه كل ذرة من كيانها وكأنها تصرخ : أعطني حريتي أطلق يدي .
إنني أعطيت ما استبقيت شيئا . 11- رحلة مثيرة وشاقة يذوق انطوني ودينا الأمرين , في يوم ممطر وعاصف . وعلى بعد خطوة يكمن لهما الموت .
فضلت دينا تأجيل إخبار العمة كيت بانفصالها عن راسل :
( سأتجرع كأس الألم الخيبة وحدي . لا اريد مساعدة احد . لا اريد مشاركة احد لا سيما انطوني براين مورغان ) .
فاجأها انطوني في صباح اليوم التالي بقوله :
- هناك اشياء يجب ان تعريفيها يا دينا .
تحسبت دينا لأي طارىء : ( هذه المرة الأولى التي يناديني فيها باسمي مجردا في المؤسسة . علام تنطوي الدقائق المقبلة يا ترى؟ )
سألته :
- وما هي يا سيد انطوني ؟
- ما سأقوله قد يغير مجرى حياتنا يا دينا .
جنت نبضات قلبها : ( ترفق بي يا انطوني . ترفق بي ارجوك ) .
سمعته يقول :
- سأبتاع المزرعة القريبة من بيت اختي ميغان , واتفرغ للزراعة . تلاقت نظراتهما : ( نعم يا انطوني . قتلني سهم حبك مرة , وسيقتلني غيابك الف مرة ) .
قالت له :
- ان اتخاذ أي قرار في مثل هذه الشؤون يعود اليك وحدك .
- هذا ما قاله ابي ايضا , لكنني تصورت ان في امكانك مساعدتي .
- لن استطيع ذلك , حتى لو حاولت .
ترك مقعده متجها نحو النافذة وقال :
- لهذه المؤسسة تاريخ عريق يا دينا . عريق جدا .
اقتربت منه بقلب واجف :
- تنبئني نبرات صوتك بتوصلك الى قرار .
- نعم يا دينا . بعد شعوري الليلة الماضية قررت البقاء . فإن ادارة المؤسسة تشدني بسلاسل من حرير .
ازدحمت مآقيها بدموع الفرح , فأشاحت بوجهها عنه . لكنه اجبرها على مواجهته :
- دينا ... انظري الي . احب دموعك . سأستدعي ابي من قسم المعروضات , لأبلغه قراري في الحال .
- لاح الفرح في عيني دينا :
- اسمح لي ان استدعيه بنفسي .
اسرعت الى قسم المعروضات , فوجدت براين مورغان يناقش الموظفين في افضل الطرق لعرض البضائع .
انتظرت انتهاء المناقشة , ثم حيته قائلة :
- انت مطلوب في مكتب السيد انطوني يا سيدي .
حملت نظراته اسئلة كثيرة :
- هل اخبرك انطوني بشيء يا دينا ؟
- نعم يا سيدي , اخبرني بالعرض المقدم له .
- وهل اطلعك على قراره ؟
- سيخبرك قراره بنفسه . اعذرني , سأذهب لشراء الحاجيات .
مرت دينا بزاوية كليو , فسرت الفتاة لرؤيتها :

اعتمادات 06-03-10 02:58 AM

- هناك امور اود مصارحتك بها .
- اعرف انك كنت بصحبة راسل مساء السبت الماضي يا كليو .
علاقتي به استقرت في جوف النسيان .
- احمد الله على ذلك , فراسل لا يستحقك . عرفني يومها بفتاة اسمها جيني .
ابتسمت دينا : ( اراد ان يثير غيرة جيني , بوجوده مع كليو . مسكين ) .
رجتها كليو :
- عودي الي يا دينا بعد انتهائك من شراء حاجياتك . هناك سؤال يتردد في خاطري باحثا عن جواب .
استجابت دينا للرجاء , فسألتها كليو :
- هل صارحك المدير بمكنونات قلبه ؟
فهمت دينا ما عنته كليو بسؤالها , فأكدت لها :
- علاقتي بالمدير لا تتعدى الصداقة , وهو ليس سبب انهاء ارتباطاتي براسل .
- لا اصدق ما تقولين . اخبريني ... هل وصلتك الاشاعات المغرضة ؟ لا تعيري انتباها لما تسمعينه يا دينا , ارجوك . ان السيد انطوني رجل شهم وكريم , اما سكرتيرته السابقة ايلويز هاربر ف ... استغفر الله العظيم دائما .
- اخبريني يا كليو , هل انتشلها من مأزقها لأنها موظفة في الشركة فقط ؟
- نعم , سا عدها , ونسي المثل القائل : اتق شر من احسنت اليه.
- اشكرك على تزويدي بالمعلومات . الى اللقاء .
دعاها انطوني بعد ذلك لمشاهدة فيلم سينمائي . فرفضت الدعوة قائلة :
- آسفة . علي التفرغ لخالتي كيت في اليومين المقبلين .
- اليست مواعيدك مع السيد ميلغروف هي سبب اعتذارك ؟
- ابدا ... صدقني .
اتسمت نبرات انطوني بالجدية وهو يقول لدينا مساء يوم الاثنين :
- ايحق لي ارهاقك بساعات عمل اضافية , قبل يومين من رحلتنا الى مدينة كرايست تشيرش يا آنسة بريتشارد ؟
- ان طلبي للعمل هو من ابسط حقوقك علي يا سيدي, اما اذا كنت تعتقد انني لن استطيع تحمل اعباء الرحلة ومسؤولياتها , فاختر غيري .
- لا تحولي العمل الى مرآة تعكس مشاكلك مع السيد ميلغروف .
- ومن قال لك انني اعاني من راسل ووالدته ؟ اننا ولله الحمد على احسن حال .
- اقبلي تهاني الحارة اذا . سأكون في مستودعات التخزين , اذا دعت الحاجة الي .
جلست دينا في ذلك اليوم تتناول غداءها على مائدة واحدة مع المسؤول عن مستودعات التخزين فصارحها :
- اعتقد ان السيد انطوني متوتر الأعصاب في هذه الفترة , فقد وبخ عمال المستودعات اليوم لأتفه الأسباب .
- لا شك انه متعب .
بقي انطوني مورغان عصبي المزاج طوال يومين , لكنه عاد للتحكم بدقه مزاجه مساء يوم الثلثاء اذ قال لها :
- سأوصلك الى البيت يا دينا .
- اشكرك . طلبت ذلك من احد الزملاء . ستكون رحلتنا طويلة وشاقة في الغد .
- نعم . وسترافقنا الآنسة موريسون ايضا . يبدو عليك الهزال . ارجوا ان تعود الرحلة عليك بالصحة والعافية .
- اشكرك على اهتمامك يا سيدي .
- سأمر بك يا آنسة بريتشارد في التاسعة من صباح الغد , ثم بالسيدة بيتسون , واخيرا بالآنسة موريسون . ماذا بك يا دينا ؟
معاناتك واضحة . لكن مما تعانين ؟
- لا اريد ان اثقل كاهلك بمشاكلي دائما ياسيد انطوني .
- نادني انطوني , ارجوك . هل ازعجتك السيدة ميلغروف بتصرفاتها مؤخرا ؟
- لا ابدا . كانت ستقيم حفل عشاء لتعرفني الى اصدقائها في عطلة هذا الأسبوع .
- وما الذي اعاد الأمور بينكما الى نصابها ؟
- باركت خطواتي مع راسل , بعدما تفحصت جذوري العائلية والأخلاقية .
- اهنئك , واتمنى لك حياة سعيدة .
- اشكرك .
- ارجوا ان يحقق هذا الزواج آمالك واحلامك .
- ان الزواج ليس جنة نعيم دائم , لذلك لا يسعني الا طلب التوفيق من الله .
- كان الله معك يا آنسة بريتشارد , فراسل يحتاج الى فتاة مثلك , تصلح اعوجاج طريق حياته . تصبحين على خير .
تأخر انطوني بالوصول في صباح اليوم التالي , وعندما مر ببيت دينا , كانت السيدة بيتسون تحتل المقعد الى جانبه .
حين تقدم نحو دينا تصاعد انين قلبها : ( انطوني ... حبيبي ... اتراك تسمع آهات قلبي ؟ اتراك تحس بعذابي ؟) .
حيا انطوني الخالة كيت قائلا :
- ارجوا ان تقبلي دعوة والدتي لشرب قدح من الشاي معها . في الثالثة من بعد ظهر اليوم يا سيدتي .
- بكل سرور يا بني . سأوافيها في الموعد المحدد بإذن الله . مع السلامة .
- فتح انطوني باب السيارة الخلفي لدينا قائلا :
- بقاء السيدة بيتسون في المقعد الأمامي ضروري , لئلا تصاب بالدوار .
حجب الألم عن دينا نعمة الاستمتاع بمناظر الطبيعة , والمدن الصغيرة الحلوة التي تناثرت هنا وهناك . لكن حناياها بقيت تردد :
( الحب طارق بلا استئذان . الحب طارق بلا استئذان ) .
انذرتهم الغيوم التي كست السماء بردائها الرمادي , بقرب هبوب العاصفة . فاقترحت عليهم السيدة بيتسون قضاء الليل في بيت صغير تملكه , قريب من المدينة التي ينوون زيارتها . لكن انطوني قال معتذرا :
- اشكرك يا سيدة بيتسون , افضل متابعة الرحلة , وسيكون كل شيء على ما يرام ان شاء الله بمساعدة الآنسة بريتشارد .
تابعا رحلتهما , بعد ان اطمأن انطوني على احوال السيدتين في البيت الصغير . كانت السماء تلك الليلة تغني



بأمطارها للأرض اغنية حب خالدة , فحلقت دينا في افق الخيال , وسماء الأحلام , حتى اصطدمت سيارتهما فجأة بصخرة كبيرة اسقطتها السيول من عل , فتربعت في منتصف الطريق . حاول انطوني تخفيف الصدمة فانحرف بالسيارة عن مسارها , فتدهورت في خندق جانبي .
عاد الهدوء يغمر كل شيء بعد قليل من الحادث , وسمعت دينا انطوني يسألها مذعورا :
- دينا عزيزتي هل اصبت بسوء ؟
كانت الرجفة تسري في اوصالها وهي تقول :
- اطمئن . اطمئن يا انطوني انني بخير . ما هذا ؟ الدماء تسيل من رسغك .
- انه جرح بسيط . لا تقلقي . من الأفضل لنا ان نخرج من السيارة . اصبح الخروج من جهتي مستحيلا . ماذا عن جهتك؟ انفتح باب دينا بعد جهد , واستسلم الاثنان لجنون العاصفة , وهما يبتعدان السيارة المهشمة رويدا رويدا .
كان زئير العاصفة يصم الآذان , فرفع انطوني صوته قائلا :
- علينا الاتصال بالشرطة لاخبارهم بالحادث , ولكن انى لنا بجهاز هاتف ؟
لاحت لهما من بعيد انوار كوخ ريفي تشامخ على قمة الهضبة , فأملت دينا خيرا , وقال انطوني :
- قد نجد جهازا للهاتف في ذلك البيت . هيا بنا .
- احست دينا بالدم يسير حارا من جرح انطوني :
- مازال جرحك ينزف .
- لا تقلقي يا دينا , انه جرح بسيط . انظري . علينا ان نجتاز ذلك الجسر الخشبي قبل الوصول الى البيت .
- كأني به على وشك الانهيار .
- فلنتقدم .
احس انطوني بالجسر ينهار , فقفز الى الطرف الآخر مع دينا , التي صرخت فزعة عندما شعرت بنفسها قاب قوسين او ادنى من الموت . بقي انطوني ممسكا بها وجذبها معه , وعندما اطمئن على سلامتها قال بلهفة :
- دينا يا حبيبتي , احمد الله على نجاتك .
عجز لسانها عن النطق بكلمة , فأشارت الى البيت قائلة :
- من الصعب علينا الوصول الى البيت يا انطوني , فهو بعيد , وعلى مرتفع .
- علينا ان نحاول الوصول اليه يا عزيزتي . هيا بنا . اراك مرتبكة الخطوات . ماذا بك ؟
- عندما انهار الجسر , فقدت حذائي , لا تخف .
لف انطوني قدم دينا بمنديله وهو يقول :
- سيقيك هذا المنديل من الجروح اثناء السير .
كانت ابواب البيت مقفلة , الا بابا جانبيا دخلا منه , واسرع انطوني الى الهاتف ليبلغ رجال الشرطة بالحادث , واوكلهم باخبار الأهل بانهما بخير . بحث بعد ذلك بمساعدة عاملة الهاتف عن مكان وجود صاحب البيت , واتصل به ليخبره بما حدث . فهنأهما بالسلامة
وطلبت منهما زوجته اعتبار نفسيهما في بيتهما .
بعد الاستحمام ومعالجة الجروح . وتناول وجبة خفيفة , قال انطوني:
- اذا تجرأ راسل على الاحتجاج في الغد فسأتدبر امره .
- لن يحرك راسل ساكنا , فاطمئن .
- ثقتك به كبيرة .
لامست ذراعه قائلة :
- لكن ثقتي بك اكبر يا انطوني . حمدا لله على سلامتك . وتصبح على خير .
نامت يدها بين يديه وهو يقول :
- وانت بألف خير يا عزيزتي . اشكرك على ثقتك .
اشرقت ابتسامة الشمس دافئة على وجه السماء في صباح اليوم التالي , وغصت الطريق برجال الشرطة الذين جاؤوا لسحب السيارة المهشمة , بينما كان الصحافيون يتساءلون عن تفاصيل الحادث .
وصلت الخالة كيت ودمع العين يسبقها :
- احمد الله على سلامتكما .
سأل انطوني :
- لماذا لم يأت راسل حتى الآن يا دينا ؟
- ربما لم يسمع بالحادث بعد .
- اغبطه على ثقتك به .
شرب الجميع الشاي في منزل الخالة كيت , قبل ان يتابعوا طريقهم الى المزرعة .
وفي الساعة الحادية عشرة من مساء ذلك اليوم , اتصلت ميغان :
- احمد الله على سلامتك يا دينا . كيف حال انطوني ؟
- كلنا بخير والحمد لله , شكرا لك .
- حاولت الاتصال بالبيت بمجرد سماعي بالنبأ , لكن محاولاتي باءت بالاخفاق , فتركت ايفان مع الأولاد . واتيت لأطمئن بنفسي . لكن حادثاوقع لسيارتين على الطريق , اجبرني على التأخر .
- اين انت الآن يا ميغان ؟
- في مكان قريب من بيتكم .
- لماذا لاتمضين الليلة معنا , وتتابعين رحلتك الى المزرعة غدا صباحا ؟
- الوقت متأخر لفعل أي شيء آخر , اشكرك على دعوتك , سآتي في الحال .
تربعت شمس يوم جديد وضاءة في كبد السماء , واستيقظت ميغان على صوت الخالة كيت ودينا :
- صباح الخير يا ميغان , جئناك بالفطور .
شكرتهما ميغان وتناولت فطورها قبل ان تستحم , ثم شربت قدحا من الشاي , واستعدت للانطلاق بعد يأسها من اقناع كيت ودينا بمرافقتها . سألتها دينا قبل ان ترحل :
- لماذا اساء انطوني التصرف مع راسل في الماضي يا ميغان ؟
- التقط راسل في ذلك اليوم ضفدعا , وراح يعذبه باسم التسلية , وعندما رأى انطوني ذلك اطلق سراح الضفدع , والقى براسل في البحيرة . قد نكون اخطأنا , لكن راسل لا يعرف معنى الرفق بالحيوان .

اكدت دينا :
هذا صحيح , كان الله معك في حلك وترحالك يا ميغان . مع السلامة .
12- ... وتنكشف الحقيقة على حدثين كبيرين : براءة انطوني مورغان من الشائعات , وكلمتين عميقتين قالهما انطوني ودينا : احبك ... احبك .
نشرت الصحف خبر الحادث , فاهتم الموظفون طوال يومين بمعرفة التفاصيل .
سأل انطوني دينا :
- ماذا كان تعليق راسل على الحادث ؟
- ترك الأمور بلا تعليق . ماذا تريدني ان افعل بهذه الرسومات يا سيد انطوني ؟
- سلميها الى الموظف المختص , انه يعمل على تنظيم احدى الواجهات .
- كانت كليو تتكلم على الهاتف عندما مرت بها دينا :
- هناك مكالمة خارجية للسيد كلادستون , ناديه من فضلك .
اخبرت دينا السيد كلادستون بالمكالمة الخارجية , فانزعج وقال :
- في اضيق الأوقات اتانا عزيز كتابكم . ارجوا منك الوقوف مكاني , لتثبيت قطعة القماش , حتى اعود يا آنسة بريتشارد .
احتلت مكانه لحظات , سمعت خلالها امرأة شقراء الشعر تقول لرجل معها :
- ما زلت افضل القيام بالمحاولة خارج اوقات الدوام .
- اما انا فأفضلها بوجود الموظفين , لأن ذلك يضعفه .
فكرت دينا : ( من هو هذا المسكين الذي سيثيرون زوبعة من المشاكل في افق حياته يا ترى ؟ ها قد عاد السيد كلادستون . سأبحث عنهما بنفسي ... لم اجد احدا ... ماذا افعل ؟ سأبلغ السيد انطوني في الحال ) .
سمعت اصواتا في مكتب انطوني , فترددت في الدخول . تسربل صوته غاضبا وهو يقول :
- كان علي ان امنع دخولك , او اطلب من سكرتيرتي تسجيل ما سيدور بيننا من حديث يا ايلويز .
صعقت دينا : ( ان سكرتيرة انطوني السابقة في مكتبه , يجب ان انقذه من براثنها بكتابة ما يقال على الورق , سأسجله على شريط ايضا . هاهي الآلة امامي ) .
ضحكت ايلويز قائلة :
- يالك من جبان , ان اعطائي بعض المال سينقذك من المشاكل . فلم الرفض ؟
- لأنني اكره المبتزين , وامقت محاولات الابتزاز .
- اعطني الفين من الجنيهات, وسأختفي من حياتك الى الأبد .
اما اذا رفضت , سأثبت شائعة فضيحتي بين الناس , واتركهم يشوهون سمعتك .
فكرت دينا في استدعاء بعض الموظفين ليكونوا شهودا على ما يقال, فأتت بالسيد ويلسون المحاسب , مع ضيفه رجل المباحث , وجارة انطوني ايريني كاهيكا . ثم عادت الى تدوين ما يقال :
هدد انطوني ايلويز :
- ان الابتزاز جريمة يعاقب عليها القانون , ولن ادعك تهربين من قبضة العدالة هذه المرة .
- سيصدقني الناس ويكذبونك يا انطوني , خصوصا بعد قضائك عطلة الأسبوع في كوخ صغير مع سكرتيرتك الجديدة .
- اياك ان تحاولي تلويث اسمها . انها على خلق رفيع , وانا احترمها .
- ان دفاعك عنها يثبت حبك لها .
- نعم , انني احبها ... احبها .
- عظيم ... سيساعدني هذا على تنفيذ ما عزمت عليه .
- صدق من قال : ( ان انت اكرمت اللئيم تمردا ) . سأتصل بالشرطة لتمنعك من نفث سمومك بين الناس .
دخل رجل المباحث في تلك اللحظة قائلا :
- الشرطة هنا , وفي خدمتك يا سيد انطوني . قامت سكرتيرتك بتدوين ما حدث وتسجيله . وفي استطاعتك اعتبارنا شهودا . انت رجل محظوظ يا سيدي .
اغمي على ايلويز , وطغت الفرحة على الجميع . لكن دينا ذكرت رجل المباحث بضرورة القبض على زوج ايلويز ايضا . ورافقته لمساعدته في التعرف عليه .
خرج رجل المباحث مع دينا من المكتب , فقال المحاسب لأنطوني :
- تحطيمك طوق الشائعات يستحق احتفالا كبيرا .
- معك حق كدت افقد الأمل في اثبات براءتي , لكن لاتقل ضاع الرجاء , ان للباطل جولة ...
تعرفت دينا على زوج ايلويز , وتم القبض عليهما , وذهب الجميع معهما للمخفر للادلاء بشهاداتهم . وعندما تمت الاجراءات القانونية , طلبت دينا من الموجودين تركها وحدها مع انطوني , فكان لها ما ارادت .
خاطبها انطوني :
- اعتقد انك سمعت وسجلت اعترافي بحبك , ولكن لا تدعي ذلك يؤثر على حياتك مع راسل . اتمنى لكما السعادة والهناء الدائمين . انني نادم على ما فعلته اليوم بالزوجين . كان علي تهديدهما فقط .
- لكن تسليمهما للشرطة هو وسيلتك الوحيدة لتنقية سمعتك من الشوائب التي قد تؤثر على اولادنا في المستقبل .
- لم يصدق انطوني ما سمعته اذناه , لكن دينا اردفت قائلة :
- خرج راسل من حياتي قبل اسبوعين . او يكفي اعترافي لك بأنني احبك حبا جما ...
ضمها اليه فرحا , وقال بلهفة :
- دينا حبيبتي ... يا كل الحاضر والماضي ... ياعمر العمر .
اغرورقت عيناها بالدموع , بينما كانت كل ذرة من كيانها تردد :
- ما اضيع اليوم الذي مر بي
من غير ان اهوى وان اعشق .



(تمت )


( اتمنى تعجبكم )

اعتمادات 06-03-10 03:14 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مس وااااااو (المشاركة 2197812)
بانتظاار الملخص....


وشكرا لك مقدما,,,



:8_4_134:

العفو اختى . انا نزلتها كلها واتمنى تعجبك
:lol:


الساعة الآن 04:52 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية