منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   31 - دخان - ايسي سامرز - قلوب عبير القديمة ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t137379.html)

اعتمادات 05-03-10 11:13 PM

31 - دخان - ايسي سامرز - قلوب عبير القديمة ( كاملة )
 
http://www.hawahome.com/vb/nupload/1...1210451651.gif


حبيت اشارككم برواية من روايات قلوب عبير القديمة

الرواية: دخان
الكاتبة : أيسى سامرز



للأمانة الرواية منقولة مع كل الشكر والتقدير للى كتبتها

http://www.alhnuf.com/gallery/albums...0%28192%29.gif

أتمنى قراءة ممتعه للجميع

مس وااااااو 05-03-10 11:21 PM

بانتظاار الملخص....


وشكرا لك مقدما,,,



:8_4_134:

اعتمادات 05-03-10 11:29 PM

الملخص

:liilas::liilase::liilas::liilase:


" ما الحب إلا للحبيب الأول " هل هذا صحيح ؟ وعداوة الكنه والحماة ، هل هي حقيقة تاريخية أم مجرد خرافة ؟ مسافات طويلة قطعتها دينا لتتأكد من ذلك ، ولتعرف أن الأمثال أحيانا تكذب ، والخرافات ربما تكون صادقة .
رفض قلبها تصديق أن حبها الأول سيتحول كذبة . وأن عمرا بكامله ، مع حبيبها راسل ، سيلغى بلقاء .
وتعرفت إلى مديرها الجديد ، انطونيو مورغان الذي
تحوم حوله الشائعات ، وقررت الا تصدق وتختبره بنفسها حتى النهاية ، محافظة على المسافات اللازمة بينهما ... لترى جيدا قلبه. منتدى ليلاس
ورأت ... وقاومت ما استطاعت . ومن يستطيع مقاومة القلب ؟ الأمر في النهاية له . هو القائد . وهي الطائعة .



:8_4_134::8_4_134:
:8_4_134:

اعتمادات 06-03-10 02:39 AM

دخان

فتح راسل باب البيت أمام دينا : ( سينادي الآن امه وستأتي سيدة هذا البيت الكبير خافقة القلب ، سريعة الخطى لاستقبالي ) . لكن آمال دينا في استقبال حافل ذهبت إدراج الرياح ، واجتازت مع زوج المستقبل الردهة بصمت في اتجاه حجرة الاستقبال حيث كانت السيدة ميلغروف تنتظرهما . تأملت دينا السيدة الواقفة أمامها مليا : ( إن السيدة ميلغروف اكبر سنا مما توقعت ، ويبدو لي انها من السيدات المتمسكات بحبال التقاليد القديمة الموروثة . ورؤيتها تقف في جمود امام تلك الباقة الحلوة من الأزهار الربيعية ، اكبر دليل على صدق إحساسي ) .
خطت السيدة مليغروف نحو دينا فتبعثرت أفكار الفتاة ، ومدت لها يدها مصافحة . فلامست السيدة اطراف اصابع اليد المدودة بترفع قبل ان تقول :
- اهلا بك يا دينا .
فوجئت دينا بما لاحظته من تصرفات وما سمعته من كلام : ( ما هذه المقبلة الجافة وهذا الكلام المدروس ؟ آه . . . لابد ان السيدة متوترة الأعصاب . عني شيئا ، وهذه المرة الأولى التي تلقاني فيها . لا شك في ان مستقبلنا يقلقها بما يطويه بين جنباته من مجهول ) .
تخلصت دينا من افكارها ، وتبعت السيدة ميلغروف الى غرفة نوم خاصة بالضيوف ، حيث خلعت قبعتها ، ووقفت امام المرآة تصلح من هندامها ، في الوقت الذي كانت فيه السيدة مليغروف تزيح الستائر عن النوافذ تاركة اشعة الشمس تحتل الغرفة ، وتستوطن كل زاوية من زاواياها . حين اصطدمت الأشعة الفضية الدافئة بخصلات شعر دينا داعبتها ، وغرقت في خضمها مبرزة لونها الناري الرائع . فجأة ارتعدت دينا مثل ورقة صفراء داعبتها رياح الخريف ، عندما اشتبكت عيناها في المرآة بعيني السيدة مليغروف : ( يا الهي . . . ما بال نظرات حماتي تقطر كراهية وحقدا ؟ ساعدني يا رب على الخلاص من حراب نظراتها المؤلمة . . . لا . . . لا . . . لا يمكن . . . اني انسانة ذات خيال جامح بلا شك . لذلك بت اتصور اشياء غير صحيحة . ما اغباني . . . ) .
هربت دينا من افكارها ، واستدارت لتجدالسيدة مليغروف تعيد اسدال الستائر قائلة :
- ان اشعة الشمس محرقة في انيوزيلندا ، ومن الممكن ان تضر بالمفروشات اذا لم يلتزم الإنسان جانب الحذر .
- اصارحك انني وخالتي من عاشقات الاستمتاع بدفء اشعة اشمس في أي مكان وزمان . لذلك لايسعني الا التمني بألا تعود بالضرر على مفروشاتنا .
- انصحكما بارخاء الستائر اكثر ساعات النهار ، ان اردت ان تصبح امنيتك حقيقية .
- ان الخوف من اشعة الشمس الحارقة على البضائع المعروضة في واجهات المحلات التجارية هو السبب في بناء الشرفات امامها اذا.
في الأيام الأولى لوجوديهنا ، تصورت انها لحماية الزبائن من الأمطار ، لكنني لاحظت في ما بعد اختفاء القبعات السوداء المستديرة والمظلات الواقية .
- لكن ابني راسل يلبس قبعة في شكل دائم .
تقطعت عند هذا الحد اوصال الحديث بينهما في شكل اربك دينا : ( يا رب . . . يا قادر على كل شيء. . . اعني . فهذه هي المرة الأولى التي اشعر فيها انني عاجزة تماما عن الخوض في اية مواضيع مع انسان مثلي . صحيح انها المرة الأولى التي اقابل فيها والدة راسل ، لكنني اقسم بعضمتك وعزتك انها المرة الأولى التي اسأل فيها نفسي : ما الذي سنتكلم عنه فيما بعد ؟ وانت الأعلم بذات الصدور . لقد اقترب موعد تناول الغداء . ما من شك في ان تناولي طعام الغداء معهما سيريحني من اعباء كثيرة ، ويغطي الهوة القائمة بيني وبينها ؟ ما هي المواضيع التي يسعدها خوض غمارها يا ترى ؟ لا شك في ان تنسيق الأزهار واحد منها ، ثم هناك الكلام عن راسل . فلأبدأ با لأزهار ) .
قالت دينا للسيدة ميلغروف :
- ان موهبتك في تنسيق الأزهار واضحة يا سيدتي .
- لقد اخذت دروسا في اصول التنسيق لكي اتقنه . وبعد ذلك جعلت الورود جزءا لايتجزأ من حياة راسل .
- ما اجمل هذا .
اختطف التفكير في الورود والأزهار دينا من الواقع : ( انا ايضا احب الأزهار واهوى تنسيقها ) .
عندما اجتمع الثلاثة في حجرة الجلوس ، اكملت دينا حديثها عن الأزهار فقالت :
- ان رسم الورود يدخل ضمن اختصاصات خالتي الفنية .
- من الشيق ان نسمع بانسانة تتلاعب بالألوان .
- لكن خالتي لا تتلاعب بالألوان يا سيدتي ، انها فنانة تتقن الرسم وتعتبره قوام حياتها ، ولديها مرسم خاص بها .
قاطع راسل دينا فجأة ، وقال وقد وضح في صوته رنين الاعتذار :
- ان خالة دينا يا امي فنانة لاتؤمن بالفن التجريدي ، واعتقد انك ستعجبين بلوحاتها المستوحاة من صميم البيئة بكل سهولها ووديانها ، وبيوتها وشوارعها ، وحتى ورودها ورياحينها .
بعدما مضت دقائق حل الصمت فيها ثقيلا على الثلاثة ، لكن راسل حطم سلاسل السكون بقوله :
- رايت دينا اول مرة في معرض فني . . .
فأسكتته امه بقولها :
- اعرف . . . اعرف هذا كله يا بني .


تاهت دينا مع افكارها : ( لايا سيدتي ، لا اعتقد انك تعرفين الا القليل من روعة اللحظات التي امضيتها مع راسل بعد لقائنا ) .
ردتها السيدة مليغروف الى الواقع بقولها :
- اتمنى الا تكون فكرة الإنتظار ستة اشهر قبل اعلان أي ارتباط رسمي لك براسل قد ازعجتك . اعرف ان الشباب في ايامنا هذه لا يقيمون وزنا للوقت ، لكنني فخورة بأنني انتمي الى جيل يؤمن بالتعقل وينبذ الاستعجال .
- ان رسالتك التي وصلتني حاملة فكرة الانتظارلم تزعجني مطلقا
يا سيدتي ، كما انها نزلت بردا وسلاما على قلب خالتي التي تؤمن
بالتصرفات والقرارات الموزونة مثلك تماما . لذلك اصرت على ان تأتي معي ، وتتعرف الى راسل في وطنه وبين اهله .
ازعج كلام دينا السيدة مليغروف : ( ما شاء الله . . . ما شاء الله . . . الا يكفي اضاعة الوقت مع هذه الفتاة حتى اتحمل خالتها التي اتت الى هنا خصيصا لتتأكد من صلاحيات ابني وصفاته ؟ اكاد اجن . ماذا فعلت لأستحق هذا ؟ ) .
كسا الغضب صوت السيدة مليغروفوهي تقول :
- تأكدي يا آنسة ان راسل عريق الحسب اصيل النسب ، فأجداده معروفون في دنيا المصارف ، واولهم المرحوم فيليب لانغ الذي اقام مؤسسة للخدمات المصرفية في هذا البلد .
- لاداعي لأن تتعبي نفسك بالشرح والتفصيل يا سيدة ميلغروف ، فانا اعرف هذا عن راسل . لكن خالتي لم تتعود الحكم على مظاهر الناس ، وتفضل دائما صقل البواطن والأعماق . وقد خيل ألي ان هذه الطريقة في معرفة أي انسان سوف ترضيك ، ولن تزعجك .
صوب راسل الى امه نظرات غامضة لم تفهم دينا ، لكنها سمعت
السيدة تقول :
- ومن قال انها تزعجني ؟ لكنني استغربت اتفاقي مع خالتك على المبدأ الواحد .
انصاعت
دينا لالحاح افكارها : ( عندما حططت الرحال في هذه البلاد ، سحرني لطف اهلها وطيبتهم ، حتى انني تمنيت لقاء والدة راسل في اسرع وقت ممكن ، متصورة انها لن تختلف عنهم . لكن صدق والدي ، حين اكد انه في التأني السلامة وفي العجلة الندامة ، خصوصا في الحكم على الناس ) .
حان وقت الغداء ، فجلس الثلاثة حول مائدة حفلت بأطايب الطعام : ( من امستغرب ان تستطيع سيدة قادمة من رحلة طويلة كللها الحزن ، تحضير مثل هذه الأصناف الفاخرة . لماذا اشعر بكل هذا التوتر ؟ انتهى الغداء وقد ابت السيدة علي مساعدتها حتى في نقل الأطباق ، ووضعتها على طاولة متحركة قريبة . ربما فعلت ذلك لكسب الوقت وللتعرف علي اكثر ، لأن راسل سيعود الى المكتب في الثانية تماما) .
اكدت السيدة ميلغروف لابنها :
- ان عودتك الى المكتب ستفتح امامي مجال الانفراد بالآنسة دينا .
سارعت دينا الى القول :
- كنت اتمنى اطالة الزيارة اكثر يا سيدتي ، لكنني مرتبطة بموعد سابق مع رئيس الشركة التي ارجو ان اصبح من موظفيها .
ظهرت خيبة الأمل واضحة في صوت راسل وهو يقول :
- اليس من الأفضل لك استكشاف المدينة وضواحيها قبل البدء بأي
عمل ؟
- ان فرصة العمل في شركة براين مورغان واولاده للاقمشة فرصة ذهبية يا راسل . وقد اكد لي مؤسس الشركة براين ، عندما التقيته مع زوجته في كندا ، ان ابنه انطوني في حاجة ماسة الى سكرتيرة مثلي للعمل معه . لذلك ارسلت اوراقي اليه قبل يومين فحدد لي السيد انطوني اليوم موعدا للقائه .
صرخ راسل :
- يا الهي . . . لااستطيع ان اصدق انك ستعملين لدى . . .
قاطعته والدته :
- ان العمل مع انطوني براين مورغان شبه مستحيل ، فهو رجل لا اخلاقي ، ينقصه اللطف و اللباقة .
- يصعب علي تصديق ما تقولين ياسيدتي ، لأن والدي السيد انطوني تركا ابلغ الأثر في نفسي بعد لقائنا الأول .
- معك حق بالتأثر بالوالدين ، لكنه يختلف عنهما تماما .
خافت دينا : ( هل صحيح ما تقوله السيدة مليغروف عن انطوني براين مورغان ؟ ام ان في قولها بعض المبالغة ؟ الله وحده اعلم ) .
حاولت دينا ان تذكر السيدة ببعض صفات انطوني التي سمعتها من والده :
- اعتقد انك مخطئة يا سيدتي ، فأنطوني مورغان الذي اتكلم عنه انسان يعمل جاهدا في سبيل خير الشركة وموظفيها .
اكد لها راسل :
- ان امي محقة في كل ما تقول يا دينا ، وارجوك ان تنسي فكرة العمل مع براين مورغان .
- لماذا انساها يا راسل ؟ اذا كان هذا الانسان لا اخلاقيا كما تقولان ، فعملي معه لا يعني اطلاقا انني سأنحرف عن خط المثل والمبادىء التي نشأ ت عليها وارتضيتها لنفسي .
اشتعلت نار الغضب في عيني السيدة مليغروف :
- اعتبر قولك محاولة طعن صريحة بآرائي .
- انتظرت السيدة الغاضبة كلمة اعتذار ، لكن دينا لم تنطق بحرف واحد ، فتدخل راسل لانقاذ الموقف قائلا :
- يظهر انك لست على ما يرام اليوم يا دينا ، لذلك سأتصل بالسيد مورغان وابلغه انك عدلت عن الحضور لمقابلته ، واعد ان اساعدك قيبا في البحث عن عمل .
- لم اغير رأيي يا راسل . ما زلت مصرة على مقابلة السيد مورغان . اولا ، لأنني وعدت اهله بمقابلته ، ووعد الحر دين عليه . ثانيا ، انا في حاجة الى عمل شريف يؤمن لي مصاريفي خلال فترة اقامتي هنا ،لأنني اكره ان اكون عالة على احد . ثالثا، احس رغم كل ما سمعت ان السيد مورغان سيلزم حدود الأدب واللباقة معي ، واحساسي قلما يخطىء . لهذا كله ارجوك ان تتمنى لي التوفيق في مساعيي يا راسل .


فقالت السيدة مليغروف :
- بل ادعو الله لك بالاخفاق مع مثل هذا الرجل ، وذلك حرصا مني على مصلحتك .
شعرت دينا بغصة مفاجئة ، ولم تتمالك نفسها عن القول :
انا واثقة من خوفك على مصالحي يا سيدتي ، لكنني افضل اتخاذ قراراتي بنفسي .
تشعبت الأحاديث بعد ذلك وتغيرت مجاريها حتى حان موعد انصراف راسل ، فرافقته دينا الى السيارة حيث عانقها مودعا وقال : ارجوك يا دينا ، اعذري امي اذا كان بدر منها ما يزعجك .
لقد عانت الكثير منذ وفاة العمة ايفي .
- لاتقلقفي شأني يا راسل . الم تكن العمة ايفي صديقة عمرها ؟
يصعب على أي انسان فقدان صديق الطفولة .
- لم تكن العمة ايفي صديقة طفولة ، بل كانت شقيقة ابي . وكان من المفروض ان ارثها بعد وفاتها . لكن جرت الرياح بما لاتشتهي السفن ، وهذا ازعج امي .
- ماذا تعني يا راسل ؟
- لقد اوصت عمتي بكل ما تملك لشقيقتي روبن .
- وماذا في ذلك ؟ اليس المهم ا يبقى الارث في العائلة ؟
- نعم ... لكن امي تكره زوج اختي وتعتبره مبذرا كبيرا .
- ولماذا ؟ اهو رجل سيء الى هذا الحد ؟
- بريت زوج اختي كاتب يعشق الاسفار والتنقلات ولايعرف للاستقرار معنى . وروبين تحبه بجنون ، ويسرها ان ترافقه في اسفاره كلها . ويعيش الاثنان حاليا حياة الغجر ، ويتنقلان من مكان الى آخر دون كلل او ملل . اتعرفين انهما موجودان الآن في سوفا في جزيرة فيجي ؟
- ان حياة التنقل والسفر الدائم حياة مثالية بالنسبة الى كاتب اذا اراد ان يضفي على كتاباته لمسات واقعية .
- لكن امي من اللواتي تعتقدن ان اموال عمتي ستذهب هدرا ، اذا لم تستثمر في مجال العقارات اوالأراضي .
- تأكد ان استثمارها في مجال تأليف كتاب جديد ، تلذ قراءته للناس ، مشروع رابح ايضا .
ضحك راسل :
- تعجبني المثالية في تفكيرك يا عزيزتي . سأذهب الآن راجيا ان تعيدي النظر في قرارك الخاص بالعمل لدى مؤسسة براين مورغان . اعتذرت دينا :
- لن استطيع تنفيذ رغبتك هذه المرة ، مع الأسف يا حبيبي . فقد اعتدت الوفاء بوعودي ، ثم ان لدي الثقة بكفاءتي وقدرتي على القيام بأعباء الوظيفة التي تنتظرني . رافقتك السلامة يا راسل.
بقيت دينا وحدها مع السيدة مليغروف ما يقارب نصف الساعة ، امضتها في التعرف على البيت الكبير ، واستكشاف حديقته الغناء . وعندما اقترب موعد المقابلة ، طلبت سيارة اجرة ، ووقفت امام المرآة في غرفة النوم الخاصة بالضيوف تمشط شعرها . في تلك اللحظة سمعت السيدة تقول :
- اتعرفين يا دينا ان احدى صديقاتي كانت حمراء الشعر مثلك تماما ، لكنها استطاعت تغيير لونه باستعمال زيت الزيتون ؟ خانت الكلمات دينا : ( سمعت الكثير من الملاحظات حول جمال شعري وروعة لونه ، لكنني لم اسمع مثل هذا التلميح حوله من قبل . ماذا افعل ؟ هل تكفي ابتسامة ؟ ) .
ابتسمت دينا قائلة :
- ان تطبيق مثل هذه الوصفات مزعج بالنسبة لخالتي التي تهمها نظافة البيت قبل أي شيء آخر . اعتقد يا سيدتي انك لا تحبين الشعرالاحمر ، اليس كذلك ؟
- بلى يا عزيزتي ، بلى ، لكنني بصراحة اكره الفتيان ذوي الشعر الأحمر لأنه يكون مصحوبا عندهم بالغش والمكر والخبث .
سخرت دينا من السيدة بصمت : ( يظهر ان حماتي لاتريد احفادا بشعر احمر . كم اتمنى لو استطيع الضحك بصوت عال ، لكن يجب الا أنسى ان اضبط النفس من الفضائل ) .
جابهت دينا السيدة :
- لله في خلقه شؤون يا سيدتي . صدقيني ، لدي صديقة انجبت قبل فترة توأما من الذكور بشعر احمر ، مع انها وزوجها ذوو شعر اسود . على كل حال ، اعتقد ان وقت انصرافي قد حان . اشكرك على وجبة الغداء اللذيذة ، وعلى ما وهبتني اياه من وقت . واتمنى تشريفك لنا مع راسل في اقرب فرصة .
حملت دينا حقيبتها وهبطت الدرجات امام الباب الرئيسي ، متجهة نحو سيارة الجرة التي كانت تنتظرها .
استولت عليها في طريق العودة رغبة مجنونة بالتحدي : (بما ان حماتي لاتحب انطوني مورغان هذا ، فسأقبل الوظيفة عنده مهما
كانت شروطها ، وذلك ليقيني بأنني سأحب ما تكره) . 2- لقاؤها الأول بمديرها الشاب انطوني مورغان كان اشبه بالعاصفة . وبعد العاصفة الهدوء : السكرتيرة الجميلة ستمل لديه ، لدى الشاب الوسيم المغامر .


وقفت دينا وجها لوجه امام انطوني براين مورغان : ( استغرب رغبتي في الضحك ... ماذا دهاني ؟ آه ... ربما لأن الصورة التي رسمها خيالي للسيد مورغان تختلف تماما عما اراه امامي . انه رجل عريض المنكبين ، متوسط القامة ، شديد الجاذبية ، رسمت التجارب على وجهه خطوطا زادته رجولة . اما عينيه الزرقاوان فهما عالم قائم في ذاته ، عالم يختلط فيه الصفاء بالعمق ، والطيبة بالقوة . وترتاح عيناي اخيرا عند خصلات شعره التي اختطفت لون الرمال . لماذا اطيل النظر اليه هكذا ؟ يتملكني شعور فريد بأن المقابلة ستكون عاصفة ) .
وصدق حدس دينا ، اذ لم يمض على وجودها خمس دقائق في مكتب انطوني براين مورغان ، حتى بدأت موجة نقاشهما تعلو . حاولت السيطرة على جموح اعصابها وهي تؤكد له :
- لم افهم ما ترمي اليه مع الأسف يا سيدي .
- بل فهمت ما اعنيه تماما . لقد خدعني والدي يا آنسة ، وارسلك الي عوضا عن سكرتيرة بسيطة المظهر ، رزينة ، ناضجة . اذكر انه امتدح صفاتك ومؤهلاتك كثيرا ، لكنني اعتقد انه كان يرزح تحت ثقل تأثيرات معينة في ذلك الوقت . آسف يا آنسة بريتشارد . لا يمكنني استخدام شابة جميلة مثلك في مؤسستي .
عجزت دينا عن اطفاء نار غضبها ، فقالت له والشرر يتطاير من عينيها :
- لم يكن جمالي يوما عثرة في طريق نجاحي العملي . اما اذا كانت المقاييس تختلف في نيوزيلندا ، فالأفضل ان


ابحث عن أي عمل آخر ، بعيدا عن دنيا السكريتارية .
- انني لست في حاجة هنا الا الى سكرتيرة ، وافضلها جدية المظهر ، ومتفانية في عملها .
- يظهر انك تبحث في موظفاتك عما تفتقده في حياتك الخاصة .
- ماذا تعنين يا آنسة بريتشارد ؟
- انت تفهم ما اعنيه تماما ، لكنك تحاول التهرب من انك انسان سيء السمعة ، وتلوك الألسنة سيرتك في كل مكان .
كان الغضب يمضغ تقاطيع وجه انطوني مورغان وهو يقول :
-احذرك من الاستمرار يا آنسة برتشارد .
- كف عن تهديدي يا سيدي وافعل ما يحلو لك . كان من واجبي ان استمع الى نصيحة السيدة الجليلة التي حذرتني اليوم من مقابلتك لأنك انسان لا اخلاقي ، لكن رغبتي في الحفاظ على وعد قطعته لأبيك منعني من الاستجابة لطلبها ، وصممت على القدوم لأكتشف
مع الأسف انها على حق ... نعم كانت على حق في كل ما قالته عنك . اختفى صفاء عينيه وراء غيوم الغضب وهو يقول :
- انني ارفض توظيف السكرتيرات الجميلات يا آنسة ، لأنهن يأتين الى هنا واحلام اصطيادي كزوج تملك خيالهن . فاذا كانت مثل هذه الافكار تداعب راسك ، فأرجو تناسيها لأنني اعشق حريتي وحياة العزوبية .
جن جنون دينا :
- اذا كنت تعتقد انك فارس احلامي يا سيدي فأنت مخطىء ، لأنني اهرب من اصحاب القامات القصيرة ، المنتفخين كالطبل ، ذوي لأشقر المائل الى الحمرة امثالك . فاطمئن . اكمئن وقر عينا . يا الهي ... يا الهي ... ماذا زرعت حتى احصد هذا كله ؟
تهلكت دينا على مقعد قريب ، وتركت ذكريات صباح مضى تتلاحق امام ناظريها : ( استخفت والدة راسل بي ، والقتني الأقدار على درب رجل متوحش اسمه انطوني براين هدم بمعول رفضه صرح آمالي واحلامي بحياة عملية ناجحة ، دون اي رحمة او شفقة . ترى ، ماذا تخبىء الساعات المقبلة لمسكينة مثلي ؟ انني خائفة .
مضت دقائق قبل ان تعاود دينا الوقوف قائلة :
- اقسم بالله العظيم ، انه لولا اعادتي السيطرة على اعصابي يا سيد مورغان ، لقذفتك بما يهشم وجهك ، وينسيك السخافات التي نطق بها لسانك . مساء الخير .
خرجت دينا من حجرة المكتب مسرعة ، لتصطدم بوجوه الموظفين في الحجرة الخارجية . تأملته عينا موظف او اثنين ، لكنها لم تكن في حالة تسمح لها بأن تعير ايا من الموجودين انتباها : ( كفوا عن النظر الي . اريد ان اخرج من هنا ... ساعدني يا رب ).
تجاهلت دينا المصعد وهبطت الدرجات بسرعة : ( لن اركب المصعد لئلا اضطر الى شكر الموظف امسؤول عن سلامة الركاب فيه ، فأنا لا اريد مخاطبة احد العاملين في مؤسسة يديرها انطوني مورغان ).
عندما وصلت الى اقسام بيع القفازات والسلع الصغيرة والجوارب ،
اجتازتها بسرعة البرق : ( اريد ان اخرج من هذا المكان ، وبودي لو ابتعد عنه بأسرع وقت ).
بحثت في الشارع عن سيارة اجرة ، وركبت اول سيارة صادفتها قائلة :
- خذني الى منطقة بيل نوز من فضللك .
- لك ما تريدين يا آنسة .
وصل انطوني مورغان الى الشارع بعد ركوبها السيارة بثوان .
حاول اللحاق بها ، لكن اعصابها المتوترة منعتها من رؤيته ، وبدأت السيارة مسيرتها عبر الشوارع المؤدية الى منطقة سكناها .
كانت دينا في تلك الأثناء تسعى لاطفاء سعير الغضب الممزوج بالألم في داخلها : ( لن يكون لدي الوقت الكافي لاخفاء عذابي عن خالتي كيت . هل احدثها عن الصفعة الأليمة التي وجهها الي السيد مورغان ؟ لن تصدقني حتما ، وستعتبرني المسؤولة عما حدث ، لأنني لم اعالج الأمور بهدوء وروية . ساحكي لها كل شيء . كل شيء ... وبأدق التفاصيل . يا الهي ... ذكريات هذا النهار التعس تحاصرني من جديد . ماذا افعل ... ؟ ماذا افعل ... ؟ ) .
فجأة سمع السائق صوتها :
- قف لي عند المنعطف ارجوك . اريد ان امضي بعض الوقت في الغابة القريبة من هنا .
استولت الحيرة على السائق : ( غريب امر هذه الانسة . عندما استقلت السيارة امام المؤسسة ، خيل الي انها تهرب من شيء ما ، وهاهي الآن تطلب مني انزالها لتمضي بعض الوقت في الغابة ، اف ... حسبي الله ونعم الوكيل من زبائن هذه الأيام ) .
دفعت دينا الأجرة المترتبة عليها ، ومشت عبر تقاطع شارعين حتى وصلت الى الطريق الترابية المؤدية الى غابة خضراء صغيرة . مشت الهوينا ، ودخلت البقعة الزمردية التي لم تغتالها بعد فأس الانسان : ( هنا في حضن الطبيعة ، وفي ظل هذه الأشجار الباسقة ، سأنسى همومي ، واطفىء جمرات غضبي قبل ان اعود الى البيت )
مشت دينا على مهل بين الأشجار المتعانقة ، الوارفة الظلال ، وتغلصت من اثقال الهموم ولآلام . وهي تصغي الى نجوى الطيور على الأغصان . قادتها خطواتها البطيئة الى ممر مفروش بالحصى ، كان صلة وصل بين دغلين متشابهين للغابة الصغيرة التي عبرتها : ( سأكمل سيري ، واترك حنان الطبيعة يغمرني اكثر واكثر) .
لكن صوتا ينضح بالرجولة منعها من تنفيذ ما عزمت عليه :
- ان المكان مناسب جدا لتهدئة الأعصاب يا لآنسة بريتشارد .
افزعها الصوت ، فاستدارت على عجل لتفاجأ بأنطوني براين مورغان يقف على بعد خطوات منها :
- ماذا تفعل هنا بحق السماء ؟
- ركبت سيارة اجرة ، وجئت بحثا عن الراحة مثلك .
تعالت ضربات قلبها : ( لماذا يلاحقني ؟ لاشك في انه هنا ليكمل تعذيبي بسياط غضبه ) .
قرأ انطوني مورغان افكارها فطمأنها :
- لا تقلقي يا آنسة بريتشارد ، فأنا هنا لأعتذر .
- ومن قال لك اني قلقة ؟ ولماذا اقلق يا سيد مورغان ؟
ارتسمت على ثغره ابتسامة ساخرة وهو يقول :
- سؤال وجيه يا آنسة بريتشارد .

اعتمادات 06-03-10 02:45 AM

توقفت ديتا في منتصف الممر ، واستدارت لمواجهته ، فسألها :
- الى اين تريدين متابعة المسير ؟
اجابته ببرود :
- لا اعرف . ولا يهمني ان اعرف .
- ان توتر الأعصلب يناسب ذوات الشعر الأحمر ، وانا شخصيا افضلك غارقة في خضم الغضب ... لا ... لا... ارجوك لا تفقدي السيطرة على اعصابك مرة اخرى ، وتذكري اني هنا للاعتذار .
- وما الذي تنوي الاعتذار عنه ؟
- اعتذر عن عدم التزامي حدود اللياقة معك ، وعن انني اشعلت نار غضبك بكلامي وتصرفاتي .
- اما انا فلست آسفة على أي شيء قلته او فعلته ، لأنني اكره الرجل المغرور .
- لست مغرورا يا آنسة ، لكن التجارب التي مررت بها مع السكرتيرات السابقات علمتني ان اكون حذرا ، هذا كل ما في الأمر.
- نظرة واحدة اليك تكفي لفضح غرورك يا سيدي .
- كيف تصفينني بالغرور ، وقد اكدت لي قبل دقائق انني لن اكون يوما الرجل المثالي لأية فتاة ؟ اتذكرين ؟ انا ذو الشعر الأشقر المائل الى الحمرة ، القصير القامة ، المنتفخ كالطبل ! فكيف يمكن لرجل بمثل هذه الأوصاف ان يغتر بنفسه ؟ لماذا لاتجيبيني ؟
- قرأت يوما ان اصحاب الشوار يميلون الى الغرور .
ضحك انطوني مورغان ملء شدقيه قبل ان يمسك بذراعها ويقول :
- مارأيك في ان نكمل مناقشتنا اثناء السير ؟ منتدى ليلاس
اطاعته دينا لمسافة قصيرة ثم توقفت فجأة ، وانتزعت ذراعها من قبضته قائلة :
- ما الذي يحدث ؟ انت تصدر الأوامر وانا انفذها ؟ شيءغريب عجيب . اذا كنت قد اتيت لتعتذر ، فقد قبلت اعتذارك . يمكنك الآن ان تعود الى المدينة ، وتتركني اعود الى البيت ، وكأن شيئا لم يكن . اما والدك فتستطيع اخباره ان العمل في الشركة لم يرق لي .
لديك شخصية غريبة ... غريبة فعلا .
- اهدئي يا آنسة بريتشارد ، واسمحي لي بأن اعرض عليك الوظيفة مرة اخرى .
- يبدو لي انك فقدت عقلك . من المستحيل ان اعود للعمل معك .
- لماذا ترفضين فكرة العودة بهذا الشكل القاطع ؟
على الغضب في اعماق دينا :
- كيف تجرؤ على سؤالي ؟ حسنا اذا ... اليك الجواب . انا لا احب العمل مع الرجال امثالك . افضل ان يكون مديري رجلا جادا ، لبقا ، مهذبا ، ومتقدما في السن تماما مثل والدك . لقد اخطأت عندم تصورتك نسخة مصغرة عنه ، لكن جل من لا يخطىء .
- وكيف اكون نسخة عنه ، وانا ابنه بالتبني يا آنسة ؟
عقدت المفاجأة لسان دينا ، وتركتها مغمضة العينين ، ثقيلة الأنفاس ، تبحث بجنون عن مخرج من مأزقها : ( يا الهي ماذا فعلت ؟ كيف سمحت للغضب بأن يسيطر علي الى هذا الحد ؟ صحيح ان لسان الانسان سيف ذو حدين . لقد قسوت على هذا الانسان .
قسوت عليه دون وعي مني . لكني لم اكن اعلم . لم اكن اعلم يا سيد مورغان ... صدقني . اغفر لي يا رب ... اغفر لي قسوتي وجهلي ) . وانسابت دموع الندم من عيني دينا حارة مدرارة ، صادقة .
تأملها انطوني مورغان لحظات قبل ان يعطيها منديله قائلا :
- كفكفي دموعك يا آنسة . كفكفيها . اتصدقين انها المرة الأولى التي المح فيها دموعا لمجرد تصريحي بأنني لقيط ؟ تأكدي انني لااجد داعيا للدموع ، فأنا مع شقيقي وشقيقتي نعتبر انفسنا من اللقطاء المحظوظين بوالدين مثل براين مورغان وزوجته ، فقد احاطونا منذ الصغر بكل الرعاية والعطف والعناية . اتعرفين انني كنت احمر الشعر ، وذا وجه مليء بالنمش عندما تبنياني ؟
سألته دينا بصوت مختنق :
- ام تكن عظام ركبتيك بارزة ايضا ؟
ضحك انطوني مورغان قائلا :
- لا ... برزت عظام الركبتين فيما بعد . يا الهي ... الهاني الحديث عن الخوض في الموضوع الأساسي الذي انا هنا في صدده .
متى يمكنك البدء بالعمل ؟ هل تفضلين الانتظار حتى يوم الاثنين المقبل ؟
- اعذرني يا سيدي ، فأنا لم اعد اعي اقوالي بعدما حدث .
- لا اطلب سوى موافقتك علىان تصبحي سكرتيرتي . ان ما حدث بيننا خلال دقائق يشجعني على معرفتك اكثر .
- سأقبل الوظيفة شرط ان تبقى العلاقة بيننا علاقة عمل يا سيد مورغان .
عادت الابتسامة الساخرة الى شفتيه وهو يقول :
- لك ما شئت يا آنسة بريتشارد .
- واريدك ان تطمئن يا سيدي الى ان قلبي مشغول بحب انسان
رائع .
- عظيم ... عظيم ... اين الخاتم الذي يثبت ذلك ؟
- تأكد انني لم اخلعه للحصول على اوظيفة عندك . لكننا بعد اجتماعنا في لندن قررنا ، انا وحبيبي ، التريث لمدة ستة اشهر ، آتي خلالها الى هنا ، وامتحن قدراتي على معايشة المحيط النيوزلندي ، قبل اعلان أي ارتباط رمي بيننا ، وقد وافقت والدته وخالتي على قرارنا .
- لم اتوقع مثل هذا التروي والتعقل من انسانة ذات شعر احمر ، كانت هذا الصباح مثالا حيا للاندفاع ، وعدم القدرة على ضبط النفس . لكن ما شأني بطريقة ادارتك لدفة حياتك الخاصة ؟ اذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب في مثل هذه المواضيع .
تاهت دينا في بحر عيني : ( سأثبت لك يا سيد مورغان انني انسانة مختلفة ، وسكرتيرة نا جحة ، وسأبذل اقصى الجهود لأغير انطباعك الأول عني . من اين لك ان تفهم يا سيدي ؟ من اين لك ان تفهم ان براكين الغضب التي تفجرت اليوم ماهي الا محاولة لكسر قيود اسمها الأمل بمستقبل باهر ، والرغبة في الاستقرار ، حاولت من خلالها




تنظيم حياتي ، لكن ... لا ... لا يمكنني ان انجرف مع هذا التيار من الأفكار . يجب ان انسى . عليان انسى ) .
وافقت دينا على تسلم الوظيفة ، فأطلعها انطوني مورغان على ساعات الدوام الرسمي ، وذكر لها الساعات الاضافية التي قد تضطرها للعمل في امسيات ايام الجمعة وعندما وصلا الى الطريق العام اسرعت دينا الى القول :
- اعتقد ان سيل مناقشاتنا يجب ان يتوقف ، وافضل ان اعود الى البيت وحدي . اشكر لك صحبتك .
- لايمكنني ان اتركك تجتازين الدغل بمفردك .
- لست طفلة صغيرة يا سيدي ، واصر على العودة وحدي .
- آه ... فهمت ، انت لاتريدين الظهور برفقة رجل لااخلاقي ، اليس هذا مانعتني به هذا الصباح ؟
- ارجوك دعنا نلتزم حدود المدير والموظفة ، وننسى ما حدث هذا الصباح .
- معك حق . اعتذر لكنني اصر على مرافقتك عبر الدغل .
تضايقت دينا : ( انك انسان ملحاح ، وتعرف كيف تصل الى ما تريد يا سيد انطوني . ليتني ما عرفتك ) .
رافقته حتى المنعطف ، ثم توقفت وقالت بعناد :
- اعتقد ان رؤية خالتي ترسم هناك على الشرفة ، اكبر داع للاطمئنان ، وانا لا اريدها ان ترانا سوية ، لأنني احب الفصل بين العملية والخاصة . لذلك كله ، ارجوك اذهب .
-لك ما تريدين يا آنسة بريتشارد . سأختفي من امامك في الحال ،
آملا ان نلتقي يوم الخميس في التاسعة صباحا . على فكرة ، انا من الذين يحبون المحافظة على على المواعيد . مع السلامة .
ردت دينا تحيته باقتضاب ، وسارت متجهة نحو البيت .
بقيت اصداء المقابلة تتردد في حنايا دين رغم اطلالة يوم جديد :
( ان جمر الكلمات التي احرقت بها انطوني مورغان البارحة ، كانت وسيلتي الوحيدة للتعبير عن ثورتي على حماتي ، ومن رفضي للطريقة التي عاملتني بها اثناء الزيارة ، وكأنها نسيت انني سأصبح قريبا زوجة لابنها ).
زارهم راسل مع والدته يوم الأربعاء ، ولاحظت دينا ان السيدة مليغروف كانت مثلا يحتذى بطيب معشرها طوال الزيارة : ( ان لطف حماتي ينثر في قلبي بذور الأمل بمستقبل مشرق مع راسل . لابد انه نبهها الى ضرورة تحسين معاملتها معي . لذلك ، ابدت اليوم اعجابها بخالتي وبالبيت الذي نسكنه . اما خالتي كيت فلم تشب تصرفاتها شائبة ، واظهرت كل الامتنان للسيدة مليغروف عندما وعدتها حماتي بتنسيق باقة من الورود البيضاء خصيصا لها لترسمها ) .
شكرت دينا خالتها بعد رحيل الضيفين :
- كنت مضيفة رائعة يا خالتي ، شكرا لك .
- لا شكر على واجب يا ابنتي . دينا . اتذكرين ذلك الكتاب الذي كانت بطلته لقيطة متبناة ؟
- نعم اذكره .
- هل تذكرين منه الفصل الذي اجتمعت فيه البطلة بانسانة تكرهها؟
- يصعب علي تذكر التفاصيل ، لماذا ؟
- ما زلت احفظ بعضا من وصفها لذلك الاجتماع ، واذكر احساسها بأن اروع الكلام بينهما كان يتحول الى جماد بمجرد التفوه به .
فهمت دينا ما تعنيه خالتها ، وقهقهت المرأتن ضاحكتين.
حاولت الخالة كيت بعد ذلك تناسي احساسها وقالت :
- قد تتغير نظرتي اليها اذا عرفتها اكثر ، لكنها في الحقيقة تختلف اختلافا تاما عن السيدة براين مورغان التي تركت في نفسي اطيب الأثرمنذ اللحظات الأولى للقائنا .
اشرقت شمس يوم الخميس ، ونزلت دينا لتناول الفطور مع خالتها بعدما ارتدت قميصا ابيض ، ولبست فوقه ثوبا اسود بلا اكمام .
استغربت خالتها :
- ما هذه الألوان القاتمة يا دينا ؟ انها لا تناسبك اطلاقا .
- لكنها تناسب مزاجي يا خالتي ، ثم ان الموظفة الجادة يجب ان تبتعد عن الألوان الفاقعة واملابس الملفتة للنظر .
- من الرائع ان يستيقظ الانسان على درس في الفلسفة . ما الذي حدث يا دينا ؟ اخبريني.
- عادت بي الذكريات الى المرة الأولى التي استلمت فيها وظيفة ، وتذكرت رعونة ابن المدير آنذاك .
- اتعنين ان ابن براين مورغان ارعن ، ولا يشبه اباه في شيء ؟ لا
يمكنني تصديق هذا .
- مديري الجديد لا يشبه اباه ، لأنه ابنه بالتبني .
- من قال لك هذا ؟ ابوه ؟ امه ؟ ثم لماذا لم تخبريني من قبل ؟
- صرح لي بذلك بنفسه .
- معنى هذا انه وثق بك ، واراد التقرب منك .
- ليس الأمر كما تتصورين يا خالتي ، لقد اخطأت ، وكان من نتائج خطأي ان صرح لي بذلك .
- وهل شعر بالندم في ما بعد ؟
- لا ... ابدا .
- ان بعض الآباء يحبون ابنائهم بالتبني حبا حقيقيا ، ويتفوقون في ذلك على الكثير من الآباء الحقيقين .
ضحكت دينا قائلة :
- اتمنى سماع رد والة راسل على مثل هذا الكلام .
- رغم انني لا اعرف السيد انطوني براين مورغان ، الا انه بدأ يعجبني . صدق من قال ان الأذن تعشق قبل القلب احيانا .
ازعج الكلام دينا :
- لن اسمح لك بدعوته الى بيتنا لمجرد اننا التقينا والديه في كندا يا خالتي .
- لكنني وعدتهما بزيارة ودية بعد عودتهما من رحلتهما السياحية .
- حتى ذلك الحين يخلق الله ما لا تعلمون .
- استحلفك بالله ... الست معجبة به ؟
- لا افضل امثاله من الرجال ، وقد قبلت الوظيفة عنده لئلا ابقى بلا عمل .
وفضلت الخالة الصمت منتدى ليلاس


الساعة الآن 08:28 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية