7 – عدم الهجوم على الأشخاص بأسمائهم : من مواصفات الداعية ألا يُهاجم الأشخاص ب؟أسمائهم ، فلا ينبذهم على المنابر بأسمائهم أمام الناس ، بل يفعل كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم ويقول : (( ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا )). فيعرف صاحب الخطأ خطاه ولكن لا يُشهر به . أما إن كان هناك رجل جاهر الله بكتاباته أو بانحرافاته أو بأدبه أو ببدعته ، أو بدعوته إلى المجون ، فهذا لا بأس أن يُشهر به عند أهل العلم ، حتى يبين خطره ، فقد شهر أهل العلم بالجهم بن صفوان ، وقال ابن المبارك في الجهم : هذا المجرم الذي قاد الأمة إلى الهاوية ، وابتدع في الدين قال : عجبت لدّجال دعا الناس إلى النار . واشتق أسمه من جهنم ، وشهّروا كذلك بالجعد بن درهم ، وكتبوا أسماءهم في كتب الحديث ، وحذروا الناس منهم في المجالس العامة والخاصة ، فمثل هؤلاء يُشهر بهم ، أما الذين يُتكتم على أسماءهم فهم أُناس أرادوا الخير فأخطأوا ، وأُناس زلت بهم أقدامهم ، وأُناس أساءوا في مرحلة من المراحل ، فهؤلاء لا تُحاول أن تُظهر أسماءهم في قائمة سوداء فقد يغريهم هذا إلى التمادي في الخطأ ، وقد تأخذهم العزة بالإثم ! 8 – الداعية لا يزكي نفسه عند الناس : على الداعية ألا يُزكي نفسه عند الناس ، بل يعرف أنه مقصر مهما فعل ، ويحمد ربه سبحانه وتعالى أن جعله متحدثاً إلى الناس ، مبلغاً عن رسوله صلى الله عليه وسلم ، فيشكر الله على هذه النعمة ، فإن الله قال لرسوله صلى الله عليه وسلم : (( وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً )) وقال له في آخر المطاف بعد أن أدى الرسالة كاملة (( إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً )) • قال أهل العلم : أمره أن يستغفر الله فلا يأتي الداعية فيزكي نفسه ، ويقول : أنا آمركم دائماً وتعصونني ! وأنهاكم ولا تمتثلوا نهيي ! وأنا دائماً ألاحظ عليكم .. وأنا دائماً أرى ، وأنا دائماً أقول ، أو أنا دائماً أُحدث نفسي إلى متى تعصي هذه الأمة ربها ؟! • فيخرج نفسه من اللوم والعقاب ، وكأنه بريء !! فهذا خطأ . بل بل يجعل الذنب واحداً ، والتقصير واحداً ، فيقول لهم : وقعنا كلنا في هذه المسألة ، وأخطأنا كلنا ، فما نحن إلا أسرة واحدة ، فربما يكون من الجالسين من هو أزكى من الداعية ، ومن هو أحب إلى الله ، وأقرب إليه منه ! لنا تكملة بإذن الله .. |
9- عدم الإحباط من كثرة الفساد والمفسدين : فينبغي ألا يصاب الداعية بالإحباط ، وألا يصاب بخيبة أمل ، وهو يرى الألوف المألفة تتجه إلى اللهو ، وإلى اللغو ، والقلة القليلة تتجه إلى الدروس والمحاضرات ، فهذه سنة الله في خلقه ( وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً ) الأحزاب فإن الله ذكر في محكم تنزيله أن أهل المعصية أكثر ، وأن الضلال أكثر وأن المفسدين في الأرض أكثر ، فقال : ((وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِي الشَّكُورُ )) سبأ .. وقال : ((وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ )) الأنعام .. وقال سبحانه وتعالى : ((وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ )) يوسف . وقال : ((أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ )) يونس .. وقال : ((لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ)) الغاشية .. (( لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ )) الأنعام .. (( إِنْ عَلَيْكَ إِلاَّ الْبَلاغُ)) الشورى .. فنحن لا نملك سوطاً ولا عصى ، ولا عذاباً ولا حساباً ، إنما نملك حبّا ودعوة وبسمة ونقود الناس بها إلى جنة عرضها السماوات والأرض ، فإن أجابوا حمدنا الله ، وإن لم يستجيبوا ورفضوا أوكلنا أمرهم لله الذي يحاسبهم – سبحانه وتعالى . قال بعض العلماء : ( الكفار في الأرض أكثر من المسلمين ، وأهل البدعة أكثر من أهل ألسنه ، والمخلصون من أهل ألسنه أقل من غير المخلصين )! • ومن صفات الداعية أيضاً أنه يعيش واقع الناس ويقرأ حياتهم ويتعرف على أخبارهم ، وقال – سبحانه وتعالى – لرسوله صلى الله عليه وسلم : (( وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ )) الأنعام .. ومن حكمة الله - سبحانه وتعالى – أنه أحيا رسوله أربعين سنة في مكة ، عاش في شعاب مكة ، وفي أودية مكة ، عرف مساربها ومداخلها ، عرف الأطروحات التي وقعت في مكة ، وعرف بيوت أهل مكة ، واعترض الكفار . وقالوا : (( لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ )) الأنعام .. فالله – سبحانه وتعالى – ذكر أنه لا بد أن يكون بشراً ، يعيش آمال الناس ، ويعيش هموم الناس و مشاكلهم ، ويعرف احتياجاتهم . • فحق على الداعية أن يقرأ واقعة ، ويستفيد من مجتمعه ، وأن يعرف ماذا يدور في البلد ؟ وماذا يقال ؟ وما هي القضايا المطروحة ؟ ويتعرف حتى على الباعة ، وعلى أصناف التجار ، وعلى الفلاحين ، وعلى طبقات الناس ، وأن يلوح بطرفه في الأماكن ، وفي مجامع الناس ، وفي الأسواق وفي المحلات ، وفي الجامعات ، وفي الأندية ، حتى يكون صاحب خلفية قوية ، ويتكلم عن واقع يعرفه . لذا جعل أهل العلم من لوازم الداعية إذا أتى إلى بلد أن يقرأ تاريخ هذا البلد ، وكان بعض العلماء إذا سافروا إلى الخارج يأخذون مذكرات عن البلد ، وعن تاريخه ، وعن جغرافيته ، وعن متنزهاته ، ويتعرفون على طبيعة أهله ، وكيف يعيشون وماذا يحبون ، وماذا يكرهون ؟! ويتعرفون على كيفية التربية في هذا البلد .. حتى يتكلمون عن بصيرة . 10 – عدم المزايدة على كتاب الله : فإن بعض الوعّاظ والدعاة يحملهم الإشفاق والغيرة على الدين على أن يزيدوا عليه ما ليس فيه ، فتجدهم إذا تكلموا عن معصية جعلوا عقابها أكثر مما جعله الله – عز وجل – حتى إن من يريد أن ينهى عن الدخان وعن شربه يقول مثلاً : ( يا عباد الله ، إن من شرب الدخان حرَّم الله عليه دخول الجنة ، وكان جزاؤه جهنم يصلاها مذموماً مدحوراً ) !! هذا خطأ ، لأن هناك موازين في الشريعة .. هناك شرك يخرج من الملة . وهناك كبائر ، وهناك صغائر ، وهناك مباحات . قد جعل الله لكل شيء قدراً . فوضع الندى في موضع السيف بالعلا مضر كوضع السيف في موضع الندى فعلى الداعي ألاّ يهول على الناس في جانب العقاب ، كما عليه ألا يهول عليهم في جانب الحسنات كأن يستشهد بالحديث – وهو ضعيف – الذي يقول : ( صلاة بسواك أفضل من سبعين صلاة بلا سواك ) انظر الفوائد المجموعه في الأحاديث الموضوعه للشوكاني رقم 22 .. وحديث – وهو باطل - : ( من قال لا إله إلا الله محمد رسول الله بني له سبعين قصراً في الجنة ، في كل قصر سبعون حورية ، على كل حورية سبعون وصيفاً ، ويبقى في سبعين من صلاة العصر إلى صلاة المغرب ...)! فالتهويل ليس بصحيح ، بل يكون الإنسان متزناً في عباراته ، ويعرف أنه يوقع عن رب العالمين ، وينقل عن معلم الخير صلى الله عليه وسلم .. لنا تكملة بإذن الله .. |
11 – عدم الاستدلال بالأحاديث الموضوعة : على الداعية ألاّ يستدل بحديث موضوع إلا على سبيل البيان ، ويعلم أن السنة ممحصة ومنقاة ، وأنها معروضة ، ولذلك لما أوتي بالمصلوب – هذا المجرم الذي وضع أربعة آلاف حديث على محمد صلى الله عليه وسلم كذباً وزوراً – إلى هارون الرشيد ليقتله ، فسلَّ هارون الرشيد عليه السيف ، قال هذا المجرم : اقتلني أو لا تقتلني ، والله لقد وضعت على أمة محمد أربعة آلاف حديث !! فقال هارون الرشيد : (( ما عليك يا عدو الله يتصدى لها الجهابذة يزيّفونها ، ويخرجونها كابن المبارك ، وأبي إسحاق المروزي )) . فما مرَّ ثلاثة أيام إلا نقاها عبدالله بن المبارك وأخرجها ، وبين أنها موضوعه جميعها . فالأحاديث الموضوعة – ولله الحمد – مبيَّنه ، ونحذر الدعاة من أن يذكروا للناس حديثاً موضوعاُ ، ولو قالوا إنه في مصلحة الدعوة إلى الله ، فالمصلحة كل المصلحة فيما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم صحيحاً ، لا في الأحاديث الباطلة كحديث علقمة وما واجه مع أمه ، وحديث ثعلبة والزكاة ، وكأحاديث أُخر بواطل ، وأثرها على الأمة سقيم ، لكن يجوز للداعية أن يبين للناس في محاضرة أو درس أو خطبة الأحاديث الموضوعة حتى يتعرف الناس عليها . أما الأحاديث الضعيفة فلها شروط ثلاثة للاستدلال بها : الشرط الأول : ألا يكون ضعيفاً شديد الضعف . الشرط الثاني : أن تكون القواعد الكلية في الشريعة تسانده وتؤيده . الشرط الثالث : ألا يكون في الأحكام بل يكون في فضائل الأعمال . وقد ذكر شيخ الأسلام ابن تيمية – رحمه الله – عن الإمام أحمد أنه قال : (( إذا أتى الحلال والحرام تشددنا ، وإذا أتت الفضائل تساهلنا )) مجمع الفتاوى 18/65 ... وهذا كلام جيد ، ولو أنه غير مجمع عليه . 12 – عدم القدح في الهيئات والمؤسسات والجمعيات والجماعات بأسمائها : ومما يجب على الداعية ألا يقدح في الهيئات ولا المؤسسات بذكر أسمائها ، وكذلك الجمعيات والجماعات وغيرها .. ولكن عليه أن يُبيّن المنهج الحق ، ويبين الباطل ، فيعرف صاحب الحق أنه محق ، ويعرف صاحب الباطل أنه مُخطئ ، لأنه إذا تعرض للشعوب جملة ، أو للقبائل بأسمائها أو للجمعيات ، أو للمؤسسات ، أو للشركات ، أتى الآلاف من هؤلاء فنفروا منه ، وما استجابوا له .. وتركوا دعوته ، وهذا خطأ . وفي الأدب المفرد مما يُروى عنه صلى الله عليه وسلم : (( أن من أفرى الفِرَى أن يهجو الشاعر القبيلة بأسرها )) أخرجه البخاري في الأدب المفرد رقم 126 وهو صحيح ، أنظر الصحيحة للألباني 2/402 . وهذا خطأ ، فإن من يقول قبيلة كذا كلهم فسدة وفسقة مخطئ ! لأنه ما صدق في ذلك فالتعميم عرضة للخطأ . ولا بد للداعي أن يكون لبقاً في اختيار عباراته حتى يكسب القلوب ، ولا يُثير عليه الشعب ، فإن الناس يغضبون لقبائلهم ، ويغضبون لشعوبهم ، ويغضبون لشركاتهم ، ويغضبون لمؤسساتهم ، ويغضبون لجمعياتهم .. فلينتبه لهذا ، وعليه ألا يظهر بهالة المستعلي على جمهوره ، وعلى أصحابه وعلى أحبابه ، وعلى إخوانه ، وعلى المدعوين ، وكأن يقول – مثلاً - : أنا قلتُ ، وفعلتُ ، وكتبتُ ، وأرسلتُ ، وغضبتُ ، وألفت ! فإن (( أنا )) من الكلمات التي استخدمها إبليس . يقول ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد: (( وليحذر من طغيان كلمات : أنا ، ولي ، وعندي ، ف‘ن هذه الألفاظ الثلاثة ابتلى بها إبليس وفرعون وقارون ، وقال إبليس : (( أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ )) الأعراف .. وقال فرعون : (( أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ )) الزخرف .. وقال قارون : ((إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي)) القصص .. فاجتنب أنا ، واجتنب لي ، واجتنب عندي .. ولكن تصلح (( أنا )) في مثل : أنا مقصر ، كما قال شيخ الإسلام – رحمه الله - : أنا الفقير إلى ربّ البريات *** أنا المسكين في مجموع حالاتي مدح أحد الناس ابن تيميه فقال : أنا المكدي وابن المكدي *** وهكذا كان أبي وجدي ! فقال : أنا مذنب وأبي مذنب ! وجدي مذنب ! إلى آدم عليه السلام . فواجب على الداعية أن يظهر دائماً بالتواضع ، وأن يلتمس الستر من إخوانه ، وأن يبادلهم الشعور ، وأن يطلب منهم المشورة والاقتراح ، وأن يعلم أن فيهم من هو أعلم منه ، وأفصح منه ، وأصلح منه . قال بعض السلف : (( الساكت ينتظر الأجر من الله ، والمتكلم ينتظر المقت ، فإن المتكلم خطيء )) لنا تكملة بإذن الباري |
13 – أن يجعل الداعية لكل شيء قدراً : لا ينبغي للداعية أن يعطي المسألة أكبر من حجمها ، فالدّين مؤسس ، والدينّ مفروغ منه : (( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً )) المائدة فلا يعطي الداعية المسائل أكبر من حجمها ، وكذلك لا يصغر المسائل الكبرى أو يهوّنها عند الناس .. ومن الأمثلة على ذلك : · أن بعض الدعاة يعطي مسألة إعفاء اللحية أكبر من حجمها حتى كأنها التوحيد الذي يخلد به الناس أو يدخل الناس به الجنه ، ويدخل الناس بحلقها النار ويخلدون فيها ! مع العلم أنها من السنن الواجبات ، ومن حلقها فقد ارتكب محرماً ، لكن لا تأخذ حجماً أكبر من حجمها ، وكذلك مسألة إسبال الثياب ، والأكل باليسرى ، وغيرها من المسائل . لا يتركها الداعيه أو يقول إنها قشور فيخطئ ، ولا يعطيها أكبر من حجمها ، فقد جعل الله لكل شئ قدراً . والحر ميزان ، فعليه أن يفعل كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد تكلم عن التوحيد في جّل أحاديثه ومجالسه ، وأعطى المسائل حجمها حتى لا يُصاب الناس بإحباط . · فإن التربيه الموجهة أن تصف له المسألة السهلة فتكبرها عنده ، وتصغر له المسألة الكبرى أحياناً يصغر بعض الناس من مسألة السَّحر ، واستخدام السحر ، ويقول هو مذنب ، مع العلم أنه عند الكثير من أهل العلم مخرج من الملة ، وحّد السحر ضربه بالسّيف ، ومع ذلك تجد بعض الدعاة يصغر من مسألة السحر ! وأحياناً يصغر بعض الدعاة كذلك من شأن الحداثة ، والهجوم على الإسلام في بعض الصحف والمجلات والجرائد ، ويقول : هذا ممكن ، هذا أمر محتمل ، المسألة سهلة ويسيرة !! إلى غير ذلك من الأمور . 14 – اللين في الخطاب والشفقة في النصح : على الداعية أن يكون ليَّنا في الخطاب ، فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم لين الكلام بشوش الوجه ، وكان صلى الله عليه وسلم متواضعاً محبباً إلى الكبير والصغير ، يقف مع العجوز ويقضي غرضه ، ويأخذ الطفل ويحمله ، ويذهب إلى المريض ويعوده ، ويقف مع الفقير ، ويتحمل جفاء الأعرابي ، ويرحب بالضيف ، وكان إذا صافح شخصاً لا يخلع يده من يده حتى يكون الذي يصافحه هو الذي يخلع ، وكان إذا وقف مع شخص لا يعطيه ظهر حتى ينتهي من حديثه ، وكان دائم البسمة في وجوه أصحابه صلى الله عليه وسلم لا يقابل أحداً بسوء ( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنْ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ) آل عمران .. فإذا فعل الإنسان ذلك كان أحب إلى الناس ممن يعطيهم الذهب والفضة ! ويرسل الله موسى وهارون عليهما السلام إلى فرعون أطغى الطواغيت ، ويأمرهما باللين معه فيقول : (( فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى )) طه. فالقول ألين سحر حلال ، قيل لبعض أهل العلم : ما هو السحر الحلال ؟ قال : (( تبسمك في وجوه الرجال )) . وقال أحدهم يصف الدعاة الأخيار من أمة محمد صلى الله عليه وسلم : (( حنينون ، لينون ، أيسار بني يسر ، تقول لقيت سيدهم مثل النجوم التي يسري بها الساري ))! · فأدعو الدعاة إلى لين الخطاب ، وألا يُظهروا للناس التَّزمُت ولا الغضب ، ولا الفظاظة في الأقوال والأفعال ، ولا يأخذوا الناس أخذ الجبابرة ، فإنهم حكماء معلمون أتوا رحمة للناس ((وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ )) الأنبياء . فالرسول صلى الله عليه وسلم رحمة ، وأتباعه رحمة ، وتلاميذه رحمة ، والدعاة إلى منهج الله رحمة ، وعلى الداعية كذلك أن يُثني على أهل الخير ، وأن يُشاور إخوانه ولا يستبد برأيه . والله – سبحانه وتعالى – يقول : ((وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ)) آل عمران .. وقوا : ((وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ)) الشورى فيشاور طلابه في الفصل ، ويشاورا إخوانه ، ويُشاور أهل الخير ممن هم أكبر منه سناً ، ويشاور أهل الدين ، ولا بأس أن يعرض عليهم حتى المسأل الخاصة كي يثقوا به ، ويخلصوا له النصح ، ويكونوا على قرب منه ، ويشاور أهل الحي ، وأهل الحارة ، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم جلب حب الناس بالمشاورة ، فكان يشاورهم حتى في المسائل العظيمة التي تلمّ بالأمة ، كنزوله في يوم بدر ، ومشاورته لأصحابه في الأسرى ( أنظر فتح الباري 13/399باب رقم 28 ) ونحو ذلك من الغنائم وأمثالها من القضايا الكبرى . فعلى الداعية أن يشاور المجتمع ولا بأس أن يكتب لهم بطاقات ، وأن يطلب آراءهم ، وإذا وجد منهم مجموعه يقول : ما رأيكم يا إخوة في كذا ، وكذا .. فإن رأي الاثنين أفضل من رأي الواحد ، ورأي الثلاثة أفضل من رأي الاثنين ((وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ)) آل عمران .. ولنا تكملة بإذن الله .. |
15 – حسن التعامل مع الناس وحفظ قدرهم : فعلى الداعية أ ن يُثني على أهل الخير ، ويشكر من قدم له معروفاً ، فإن الداعية إذا أثنى على أهل الخير عرفوا أنه يعرف قدرهم ، وأنه يعرف الجميل ، أما أن تترك صاحب الجميل بلا شكر و المخطئ بلا إدانة وبلا تنبيه ، فكأنك ما فعلت شيئاً ! لا بدّ أن تقول للمحسن أحسنت ، وللمسيء أسأت ، لكن بأدب ، فكبار السن يحبون منك أن تحتفل بهم ، وأن تعرف أن لهم حق سن الشيخوخة ، وأنهم سبقوك في الطاعة ، وأنهم أسلموا قبلك بسنوات ، فتعرف لهم قدرهم . · وكذلك العلماء والقضاة ،وأعيان الناس وشيوخ القبائل .. ونحو ذلك من أهل العلم والفضل ، وأهل المواهب كالشعراء الإسلاميين ، والكتاب الإسلاميين ، ومن لهم بلاء حسن ، والتجار الذين ينفقون في سبيل الله .. فتُظهر لهم المنزلة وتشكرهم على ما قدّموا حتى تحيي في قلوبهم هذا الفعل الخيَّر / كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر : (( غفر الله لعثمان ما تقدم من ذنبه وما تأخر )) أخرجه أحمد في فضائل الصحابة 1/456 رقم 736 وإسناده ضعيف .. ، (( ما ضر عثمان ما فعل بعد اليوم )) أخرجه الترمذي 3701 وحسنه الألباني في التعليق على المشكاة 3/1713 .. وكان يقول : (( دعوا لي أصحابي )) أخرجه أحمد في مسنده 3/266وصححه الألباني ...يعني أبا بكر الصديق ، وكان صلى الله عليه وسلم يشكر عمر ، ويخبر ما رأى عمر ، وكان يثني على هذا ، ويمدح هذا ، ويشكر هذا ، فإن هذه من أساليب التربية ، وليست من التملك في شيء . 16 – أن يعلن الدعوة للمصلحة ، ويسرَّ بها للمصلحة : فعلى الداعية أن يعلن الدعوة للمصلحة ، يعلن بها حيث يكون الإعلان طيباً كالمحاظرة العامة ، والموعظة العامة في قرية أو بلدة أو في مدينة ، ولكنه إذا أتى ينصح شخصاً بعينه فعليه أن يسر الدعوة ، فيأخذة على حدة ، ويتلطف له في العبارة ، وينصحه بينه وبينه ، قال الشافعي – رحمه الله : تغمدني بنصحك في انفرادِ وجنبني النصيحة في الجماعه فإن النصح بين الناس نوع من التوبيخ لا أرضى استماعه فإن خالفتني وعصيت قولي فلا تجزع إذا لم تُعط طــــاعـــه · فيقصد أنه إذا خالفتني ونصحت الإنسان أمام الناس فلا تجزع فسوف يجابهك هذا ، وينتقم لنفسه ، وقد تأخذه العزة بالإثم وكم شكى لي بعض الشباب – حفظهم الله – أن بعض الناس قد جابهم في مجتمع من الناس أو انتقدهم فأصابهم من تذمر وانقباض واشمئزاز ! وهذا ليس من المصلحة في شيء .. .. لنا تكملة بإذن الله .. |
الساعة الآن 01:23 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية