منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   533 - تائهة وسط العاصفة - Celia Young - من دار ميوزيك ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t136062.html)

Rehana 11-02-10 10:42 AM

533 - تائهة وسط العاصفة - Celia Young - من دار ميوزيك ( كاملة )
 
http://i92.photobucket.com/albums/l2...welcome_21.gif

السلام عليكم

تائهة وسط العاصفة

للكاتبة.. Celia Young

من دار ميوزيك

غــلاف الرواية

http://www.liillas.com/up3//uploads/...a556937cdd.gif

للأمانة رواية منقولة

Rehana 11-02-10 10:44 AM

الملــخص


تعمل ناتالى محامية ناجحة فى مدينة كبرى ، وتذهب إلى مدينة
أخرى لحضور حفل زواج صديقتها ولكنها تضل الطريق وتفاجئها
عاصفة ثلجية أوشكت أن تودى بحياتها لولا أن أنقذها تروى وهو
شاب يعيش فى تلك المنطقة المعزولة ويمتلك مزرعة ومصنعاً للخوخ.
كان الشاب قد اشترك فى حرب فيتنام وأحب إحدى الفيتناميات
وأنجب منها طفلاً ولكنهما قتلا وظل حزيناً عليهما وانعزل فى هذا
الركن المهجور من العالم كما ان شقيق ناتالى التوءم قتل هو الآخر
فى حادث سيارة الأمر الذى جعل الشابة تعيش فى حزن دائم عليه .
تضطر المحامية للإقامة خمسة أيام فى بيت تروى حتى يزول
الجليد وتعود إلى حياتها الناجحة فى المدينة .
ورغم الفارق الكبير بين حياة كل منهما إلا أنهما وقعا فى حب
بعضهما بعضا لتتكاتف كل الظروف ضد هذا الحب .


******

شخصيات الرواية


- ناتالى كورتلاند : محامية ناجحة فى مدينة كبرى مضربة عن الزواج لظروفها
- تروى جوردان : صاحب مزرعة للخوخ ومصنع لتعليبه يعيش فى عزله بعد
عودته من حرب فيتنام ومقتل زوجته وطفله
- بوبى كورتلاند : شقيق ناتالى التوءم ، وقتل فى حادث سيارة وهو فى السابعة
عشر من عمره
- مى لين : زوجة تروى الفيتنامية
- آرثر: شقيق تروى رجل أعمال متحذلق
- إيرما : جارة تروى وصديقته

Rehana 12-02-10 03:49 PM


الفصل الأول

إنها ستموت ! لا توجد وسيلة لخروجها حية من تلك العاصفة الثلجية ؟كان من الواجب أن تظل فى السيارة . اى إنسان مهما كان ساذجاً كان
سيظل فى سيارته .
أطلقت ناتالى كورتلاند زفرة يأس ، وخرج من فمها بخار رمادى كان يتجمد فور خروجه من شفتيها . وكان الجليد يتساقط فى دوامة حولها
يعميها ويعقرها وكأنه يحملها إلى قلب الإعصار نفسه لتختفى داخله
وكانت كل خطوة تهزها بوحشية .
كانت الشابة ترتجف بقوة ومن فترة طويلة حتى إن عضلاتها وعظامها
كانت تصرخ ألماً ، وكانت جفونها شبه مجمدة بينما تقلصت يداهاوقدماها
من البرد . وكانت كثيراً تسقط وهى تشق طريقها وسط الأشجار حتى أصبحت
معتادة على السقوط .منتديات ليلاس

*********************

يتبع...

Rehana 12-02-10 03:53 PM

لم تدري ناتالى لماذا ابتعدت عن الطريق وبدت الآن وكأنها تدور فى دائرة مفرغة
وهى تجهل منذ كم من الوقت هى موجودة وسط تلك العاصفة وإن ظلت متأكدة من شئ واحد إن الموت على الأقل هو الذى سيخلصها من تعاستها .
لمدة ثانية واحدة اعتقدت الشابة أنها شاهدت شعاع ضوء خلال الأشجار . هل بدأ ذهنها يتصور أموراً وأوهاماً ؟
لو أنها فقط لم تترك الطريق السريع حتى تعثر على محطة وقود ... لو أنها فقط لم تقبل أن تذهب إلى شمال كالفورنيا لحضور حفل زواج صديقتها .... لو أنها فقط لم تتجه بالسيارة مباشرة إلى هوة وسط الغابة ؟ لو انها وقعت على أحد ملائكة الإنقاذ الذين يجوبون التلال المغطاة بالجليد بحثاً عن أشخاص تائهين .
ها هى قد بدأت فى الهلوسة ... إنه خطر الموت دون شك . إن ناتالى على إستعداد لأن تتنازل عن معطفها الفرو الفضى .. فراء ثعلب طبيعى مقابل أن تجد نفسها أمام نيران مدفأة وقدح قهوة فى يدها .
لم تستطع ناتالى أن تعثر على الضوء الذى رأته من قبل . لقد بدا أنه بعيد جداً بعد النجوم فى السماء . وتقدمها وسط الجليد هو التعذيب بعينه .
سمعت نفسها تبكى وتدعو متوسلة أن يأتى أحد لمساعدتها ولكن لم يعد ذلك هو صوتها الذى تسمعه فقد كانت أحبالها الصوتية تهدد بالانقطاع مع كل شهقة .
قفز تروى جوردان بعصبية من فوق المقعد المستدير بدون ظهر حيث كان جالساً . لقد حدث شئ ما نظر إلى كلبته وهى تلعق جرواً مولوداً حديثاً وقال :
- هل كل شئ بخير يا ديزى ؟
نسيت الكلبة من نوع كلاب الصيد واجبات الأمومة وشدت أذنيها لأعلى هى أيضاً سمعت شيئاً ما . وهب صاحبها ليلقى نظرة عبر النافذة.
كان الجليد يسقط ثقيلاً ووابلاً ويتكون فى طبقة سمكها ثلاثة سنتيمترات فى الساعة
لم يكن تروى قد عرف العاصفة الجليدية من قبل ولكن ليس هذا ما كان يزعجه أحس بأن حادثة على وشك الوقوع وهو رجل يستمع دائماً إلى غريزته التى أنقذت حياته أكثر من مرة وحتى يتأكد من الأمر أفضل ،ذهب ليفتح الباب الخلفى للمطبخ من الذى ادعى أنها لا تمطر جليداً فى الجنوب ؟
عندئذ سمع الضجة . هل هى الرياح ؟ شئ يدفعه لأن يذهب ليرى
ارتدى سترة مطر ضخمة ولف تلفيحة حول رقبته وحمى يديه بقفاز من الجلد المحشى بالفرو بعد أن ألقى نظرة أخيرة على ديزى وتأكد من انها بخير خرج .
على بعد خمسة أمتار وسط الجليد المجروش أدرك أنه نسى البطارية . بدأ يدور نصف دورة إلا أن صوتاً قريباً جداً منه جعله يقف فى الحال فى مكانه . إنه نشيج وبكاء ؟أخذ الجليد ينكسر تحت حذائه البوت وهو يقترب.
نهضت ناتالى بصعوبة من الفجوة الجليدية التى سقطت فيها وحاولت أن تزيل طبقة الجليد من فوق وجهها إنها لا تميز الآن شيئاً والدموع تجمدت فى جفونها سمعت ضجة فثبتت فى مكانها.
رغم الرياح التى تصفر فإن التائهة سمعت شيئا ماً . تعرفت على حركة إلى يمينها ... اللعنة تمنت فقط لو استطاعت ان ترى ؟ مسحت جفونها بيدها المغطاة بالقفاز . ظهر الشكل أمامها ثم وقف مكانه ضخماًً ورهيباً.
هل هو دب ؟ أحست ناتالى بأنها توشك أن تفقد الوعى أنها لن تتحمل مهاجمة الدب لها . بدأ ذلك الشئ يقترب ويحاول أن يصل إليها ببطء مثل التصوير البطئ فى الأفلام تجمدت من الخوف وأطلقت صيحة اخترقت الهواء المجمد قبل أن تفقد الوعى .
أخذ تروى يتأمل الجسم المحطم المنهار فوق الجليد وهو يئن . لقد سبق أن شاهد جثثاً مبعثرة على أرض المعركة ولكنه لحظات أهتز كل كيانه أمام المنظر الماثل أمام عينيه .

*******************

يتبع...

Rehana 12-02-10 03:55 PM

لقدبدت الشابة هشة وضعيفة للغاية وصغيرة وسط تلك العاصفة العنيفة . لم يضيع ثانية وحملها بين ذراعية واندفع نحو البيت .
ما إن أصبح بالداخل حتى اندفع تروى كالعاصفة إلى الحجرة الملحقة بالمطبخ ووضع الشابة برقة فوق السرير تخلص من سترة المطر الضخمة والثقيلة التى كان يرتديها وألقى بها على الأرض هى وقفازه وتلفيحته . وأخذ يلمس جبهة وخدى تلك المخلوقة التى بدت كالتمثال من الصينى . وكان معطفها الفرو يتكسر ويسقط منه كرات من الجليد وملابسها غارقة فى البلل إنها تعانى دون شك من صدمة نقص الحرارة عن المعدل الطبيعى والتشقق البردى.
ولكن ماذا يعرف عن ذلك بحق السماء ؟يجب أن يجد فى الحال ما يخلصها مما تعانيه
لا مجال للشك فى أن تروى سيضطر إلى تخلصيها من ملابسها المثلجة . خلع أولاً معطفها السميك كانت كل شعرة من الفراء مغطاة بالثلج تجعل وزنه يزيد عن طن .
ولكن لا شك أن هذا المعطف هو الذى حفظ لها حياتها ... لو كانت لا تزال على قيد الحياة . ثم خلصها من سترتها متعددة الألوان ولديه إحساس بأنه يخلع ملابس عروسة من القماش والاسفنج تلى ذلك.
بلوزتها السوداء ، لم يكن يحتاج إلى ذكاء ليعرف أنها ترتدى ملابس غالية الثمن . توقف تروى قليلاً قبل أن يفك أزرار جيبتها وبعد ذلك خلصها من ملابسها الداخلية
إن خبرة تروى مع النساء لم تتح له فرصة أن يرى ملابس داخلية بهذا الشكل من الرقة والألوان من الحرير الفاخر . فجآة ارتجفت الشابة المجهولة له ورفعت عينيها الزرقاوين مثل زهور الحقول إليه وهمست بصوت يصعب فهمه :
- من أنت ؟
- تروى .. تروى جوردان ! لقد عثرت عليك وسط الجليد
أحست ناتالى بشكل مبهم أنها لاترتدى شيئاً ولكن فى هذه اللحظة بالذات كان ذلك لا يضايقها .لأنها كانت تشعر بالإرهاق والإعياء .
سألته وهى تعلم أنها غير قادرة على المقاومة :
- هل ستغتصبنى ؟
أذهله السؤال تماماً ... ان يرعبها هو آخر شئ يتمناه فى هذا الموقف
أجابها وهو يغطيها ببطانية :
- لا ، لا يمكن أن يحدث هذا فى أول يوم للقائنا
لم تستطع ناتالى أن تنهض . وأغمضت جفونها مرة ثانية وهى تستنشق بعمق حتى تستطيع ان تسترخى.
راجع حرارة قدميها ويديها ، لقد كانت رقيقة الأصابع وقد طلت أظافرها بلون المرجان . وبقدر ما يعرفه تروى فإن بشرتها تبدو طبيعية وإن كانت الطريقة التى أفلتت بها من التجمد والتشقق الجليدى غابت عن فهمه ، على الأقل هى تبدو بصحة جيدة .
سحب تروى مقعداً وجلس بجوار السرير وقد استرخى قليلاً وأخذ يتأمل الشابة وقتاً طويلاً . ماذا سيحدث لو ماتت ؟ إنها تتنفس برقة كانت هذه الفكرة قد هزته بعنف . لقد رأى فى حياته ما يكفيه من الموتى .
قرر أن يجس نبضها وسرعان ما تأكد من وجوده فأطلق زفرة ارتياح وقال :
- ربما ستفلتين من الموت يا جميلة .
ذهب وفتح دولاباً أخرج منه زجاجة مشروب قوى . كانت يداه ترتجفان فاحتسى جرعة كبيرة مرة واحدة ..

********************

يتبع...

Rehana 12-02-10 03:57 PM


كانت ناتالى تفقد الوعى وتستعيده مرات . أحياناً كانت تسمع ضوضاء ولكن لم تكن لديها القوة لتفتح عينيها ... إنها تحس بالدفء وهذا كل ما يهمها .
عندما قررت أخيراً أن تنظر فيما حولها أحست بالاضطراب يجتاحها . ما الذى تفعله فى سرير ؟ والشمس تتسلل أشعتها خلال الستارة المفرودة على نافذة . انتبهت ناتالى فجآة لنفسها ونظرت أسفل البطانية وفغرت فمها على آخره .... إنها لا ترتدى شيئاً .
شيئاً فشيئاً عادت إلى ذاكرتها صوراً مشوشة عن الأمسية السابقة رأت نفسها تائهة وسط الجليد وهى تتجمد من البرد ... ثم ... الدب الضخم المخيف ... الذى اقترب منها . وكان هذا آخر منظر تذكره . ولكن ماذا تفعل فى هذه الحجرة المجهولة ؟
تأملت السرير الحديدى الأسود القديم والأثاث من خشب البلوط السميك وساعتها الأنيقة من ابتكار لوسبان بيكار مستقرة بجوارها على المائدة الليلية . ثم لمحت بعد ذلك بابين تمنت أن يكون أحدهما يفتح على ملابسها .
جلست ناتالى ولفت نفسها فى البطانية الطويلة المصنوعة يدوياً . لم يسبق لها أبداً أن أحست بهذا الضعف الشديد ، وعندما هبطت من فوق السرير أوشكت ساقيها أن تخوناها ، أصيبت بالدوار فاضطرات إلى الإمساك بحافة السرير . أخذت الغرفة تتراقص أمام عينيها مثل مركب عائم تتقاذها أمواج المحيط .
أحست بالشرود وبصعوبة التركيز الذهنى فاضطرات إلى أن تتوقف بعد محاولتها الأولى للنهوض . أخيراً أخذت نفساً عميقاً واتجهت برقة نحو البابين وأمكست بمقبض أقربهما إليها ودهشت وهى تحس بأن المقبض يدور من نفسه فى نفس اللحظة هناك شخص أو شئ ما وراء الباب .
انفتح مصراع الباب إلى الخارج وظهر المخلوق الرهيب ذو الفراء . كانت ناتالى لا تزال فى حالة صدمة فغطت عينيها وأطلقت صرخة هزت جدران البيت . أوشك الغطاء أن يسقط عن جسدها العارى ولكن ذلك لم يعد يقلقها .
صاح تروى وهو يرفع يديه نحو أذنيه ليسدهما :
- اللعنة ! ألن تكفى عن الصراخ هكذا ؟
كان فكه متصلباً كالخشب بدرجة مخيفة .وعندما استطاع السيطرة على الطنين الرهيب فى أذنيه أوشك أن يصاب بالإغماء أمام منظر الفتاة شبة العارية الواقفة أمامه .
رفعت ناتالى رأسها فجأة . إن من تراه أمامها لا صلة له بالدب الأسود . إنه رجل يرتدى عباءة فرو ضخمة شكلها دميم للغاية .
أطلقت زفرة ارتياح طويلة . وأخيراً أدركت الشابة وهى فى شدة الخجل والذل أنها شبه عارية أمام نظرات المجهول العميقة فغطت صدرها بسرعة .
وقالت أخيراً وقد احمر وجهها خجلاً :
- حمدا لله ... أنت من البشر !
- من كنت تتوقعين أن تريه ؟ أمنا الغولة ؟
لم يستطع تروى أن يرفع عينيه عنها : إنه منجذب إليها كالمغناطيس
.
أطلقت ناتالى ضحكة عصبية :
- لقد حلمت حلماً رهيباً أن دباً يهاجمنى .. أعرف أن هذا يبدو حمقاً .
كانت نظرات الرجل تخترقها . رفعت عينيها نحوه ولاحظت أولاً شعره الأسود الذى تخللته خطوط بيضاء . لم يكن غريباً أن يبدو لها متوحشاً ومهدداً فى الليلة السابقة .

**********************

يتبع...

Rehana 12-02-10 03:59 PM


إن طوله على الأقل مائة وتسعون سنتيمتراً وبهذه العباءة من الفرو الضخمة كانت كتلة جسده تحتل تقريباً إطار الباب . أما ذقنه فهو يوضح تماماً مدى عزيمته الوحشية وملامحه تظهر قوة لا يستهان بها . إنه يصلح دون شك لأن يكون نموذجاً لتمثال أبوللو إله الحرب .
لابد أن هذا الرجل أدار عقل أكثر من امرأة وكانت لحيته التى لم يحلقها من أيام قد أعطته نوعا من القسوة الجذابة .
قالت :
- حتى أقول الحقيقة ... أنا لا أتذكر شيئاً كثيراً .
- طبعاً لأنك كنت تهذين وتعانين من فرط البرودة . لقد سببت لى خوفاً شيطانياً . منذ كم من الوقت وأنت تائهة فى هذا الإعصار ؟
- ليست لدى أى فكرة . لقد فقدت الإحساس بالوقت
- لقد اعتقدت أنك انتقلت إلى الرفيق الأعلى .
- أنا آسفة على القلق الذى سببته لك . ولكن فى الحقيقة أنا اسمى ناتالى كورتلاند وأنا قادمة من أتلانتا .
قال وهو يمد يده لها والتى سحبها فى الحال عندما رأى أن الغطاء بدأ ينزلق من فوق جسدها .
- تروى جوردان
كان اضطرابه : لأنه لم يشاهد بالأمس ولكنه فى تلك اللحظة كان مهتماً بإنقاذ حياتها . طبعا هو يفضل النساء القويات الفارعات ذوات الشعور الطويلة السوداء ولكن هذه تقدم له مشهداً من أمتع المشاهد . رغم شعرها القصير الأشقر . وكانت شفتاها رقيقتين بلون الخوخ.
قال تروى :
- أنت لا زلت شاحبة . عودى إلى السرير حتى أستطيع أن أفحص قدميك .
ردت عليه مندهشة وخائفة من التعبير الذى يجدحها به :
- قدماى ؟
لقد كانت ناتالى مع ذلك معتادة على تحمل نظرات الرجال فى المحكمة خاصة نظرات القضاة ولكنها بدت عاجزة عن ان يستمر اتصال عينيها بعينى تروى وقال :
- أريد ببساطة التأكد من أنك لم تصابى بالتشقق الجليدى وأنت تائهة فى الغابة مثل الوصيفة الحمراء الصغيرة
- لقد كنت احاول الحصول على نجدة
- لم يكن من الواجب عليك مغادرة سيارتك وسط العاصفة الثلجية
أمسك بقدمها وسألها :
- هل تحسين بشئ ما هنا ؟
لم يحاول تروى أن يحول أنظاره عن كاحلها الذى يمسكه فى يده .
ردت عليه :
- إننى لا أحس بألم فى يدى وقدمى ولكنهما يوخزاننى قليلاً .
كانت ناتالى بجسدها الضئيل غارقة وسط هالة جسده العملاق وهو يعالجها بيديه الطويلتين الملوحتين والمعتادتين طبعا على الأشغال الشاقة ومع ذلك كانتا رقيقتين وحانيتين مما أثار عندها مشاعر لذيذة .
- لقد كان من حظك أن بقيت على قيد الحياة .
قالت وهى تسحب قدمها :
- يا سيد جوردان .
- قولى تروى .

**************************

يتبع...

Rehana 12-02-10 04:01 PM


- هل يمكن أن تخبرنى أين أنا ... ولماذا أنا .... عارية ؟
- أنت موجودة فى مزرعة خوخ ببلدة كاونز بـ كارولينا الشمالية ، وأنت عارية ؟ لأننى خلعت عنك ملابسك .
- أه ... !
لكن ذلك الرجل لا بد أن لديه تفسيراً يقدمه وإلا كان ما فعله هو انحراف وضلال
سألته وهى تحس باستمتاع وهى تراه يتضايق :
- هل يضايقك أن تقول لى لماذا فعلت ذلك ؟
لم يفت تروى أن يلاحظ تلون خديها باللون الوردى . فكر لحظات أن يتركها تعتقد أسوأ الظنون ولكن المرأة المسكينة عانت بما فيه الكفاية .
- عندما نقلتك إلى هنا كانت ملابسك مبللة ومثلجة . وكان لا بد أن يقوم بذلك شخص ما ولكن اطمئنى إلى أننى لم أجد فى ذلك أى متعة . لقد كنت فاقدة الوعى ومثلجة مثل جبل الجليد .
تجاهلت ناتالى التعليق الأخير . إن هذا الرجل تنقصه الأخلاق دون شك وهو يتحدث على المكشوف ولكن نظراً لأنه يعيش فى ركن ضائع من العالم فهو بالتأكيد ليس مضطراً للتحلى بالأخلاق .
قالت وهى تبتسم ابتسامة مصطنعة :
- لقد أنقذت حياتى يا سيد جوردان وأتعشم ألا أضايقك أو أسبب حنقك إذا عرضت عليك أن أدفع الثمن مقابل القلق والمتاعب التى سببتها لك .
بدا من التجاعيد التى ظهرت عند ركنى عينى تروى ان هذا التعليق قد أمتعه :
- كم تعتقدين أنك تساوين ؟
فهمت ناتالى أنه يريد إخافتها ولكن المحكمة عودتها على هذا النوع من التكتيك
- لا أعتقد أنه يمكن وضع ثمن لحياة أى شخص ولكنى بالتأكيد ليست لدى نية أن أبدو جاحدة . لا شك أن هناك طريقة لشكرك .
قال فى دهشة وهو يرى أن الموقف أصبح مثيراً للتسلية :
- وكيف ذلك ؟ هل لديك فكرة ؟
ردت عليه وقد بدا عليها الضيق وهى تتشبث بالبطانية :
- نعم ... أفترض أنك تزرع وتجنى الخوخ ؟
- بالضبط
- فى هذه الحالة لا بد من وجود معدة أو آلة صناعية تحتاج إليها
أتى تروى بحركة إحباط تحولت بسرعة إلى الضيق والتوتر . لو كانت هذه المرأة تعتبره فلاحاً فقيراً فليكن ... إنه ليس من عادته ان يتلقى التدليل وبالأخص من سيدة مجتمع فى أتلانتا .
- لدى كل ما يلزمنى وأنا أشكرك . ومن ناحية أخرى فأننى كنت حراً أن أفعل نفس الشئ لأى شخص آخر . وما لم يكن لديك ما تعرفينه أفضل فأنت غير مدينة لى بشئ .
نظرت إليه ناتالى نظرة ساهمة مصطنعة كان من الواضح أن كليهما اتى من عالم مختلف عن عالم الآخر . ردت عليه :
- إذا كنت تحاول أن تصدمنى او تخيفنى بلغتك وتلميحاتك يا سيد جوردان فإنك تضيع وقتك .
زفر تروى فى سخرية :
- حسنا إذن ... هأنا قد هدأت وطبت نفساً . على الأقل لن أضطر إلى مراعاة سلوكى وتصرفاتى بينما نعيش معاً .

**********************

يتبع...

Rehana 12-02-10 04:03 PM




الفصل الثانى

فزعت ناتالى أمام فكرة ... ان يعيشا معاً ؟ هل فقد هذا الرجل عقله ؟
قالت وهى تعلم أن فكرة الرحيل الآن هى الجنون المطبق :
- أنا لن أبقى هنا ! إن هناك حفل زفاف فى انتظارى فى جاستونيا فى كاليفورنيا الشمالية مساء غد . ما إن أخرج سيارتى من الحفرة ...
قاطعها تروى :
- لن تذهبى إلى أى مكان . أثناء قضائك النهار فى النوم فإن الجليد قد تجمع وارتفع فى الطرقات . إن مصلحة الأرصاد الجوية تسمى هذا الجو قطار سيبيريا السريع . هناك أربعمائة سيارة محاصرة على جميع الطرق .وأعلن المحافظ حالة الطوارئ القصوى .
كان تروى يتكلم ببطء وبطريقة تمكن ناتالى من تسجيل كل كلمة فى ذهنها فى حالة ما إذا كانت صدمة البرد قد أثرت على ذهنها .منتديات ليلاس

********************

يتبع...

Rehana 12-02-10 04:08 PM


- إنهم حتى أصدروا نداء إلى الشرطة القومية . إن شمال الشرق منطقة معزولة .
أمام تعبيرات وجهها غير المصدق . ضحك تروى ضحكة ساخرة ثم أكمل :
- لست أدرى كيف استطعت الابتعاد إلى هذه النقطة عن الحضارة ولكنك لن تجدى فى العالم بقعة أسوأ من هذه حتى تتوهى فيها .
سألته وهى تحس بغصة فى حلقها :
- متى يمكننا أن نأمل أن تصبح الطرق صالحة ؟
- حسنا ... نظرا لقلة الرجال والمعدات التى تحت يدنا فإن ذلك قد يستغرق عدة أيام . ولكن هذه المنطقة توجد على بعد ألف فرسخ من الطرق الرئيسية. إن هذا قد يتطلب أسبوعاً لكاسحات الجليد الأولى للوصول إلى هنا .
شهقت ناتالى :
- أسبوع ؟
إن مكتبها ينوء بالملفات والعملاء الجدد فى انتظارها للأسبوع المقبل . زفرت :
- يا إلهى ! ما الذى سأصبح عليه ؟
- ألا تستمعين إلى نشرات الأخبار فى الراديو أو التليفزيون أو تقرئينها فى الجرائد اليومية ؟ لقد مرت أيام طويلة وهم يعلنون عن هذه العاصفة الثلجية
- ليس لدى وقت لمشاهدة التليفزيون
لم يتصورها تروى على أية حال جالسة فى استرخاء على أريكتها تشاهد مسلسل الطريق إلى الثروة . عبرت ناتالى الحجرة ورفعت طرف الستارة . لترى ما بالخارج وهى غير منتبهه إلى نظرة رفيقها إليها ثم قال :
- بصراحة لا بد أن نستفيد بأحسن ما يمكننا من هذا الموقف
أدارت الشابة رأسها بحدة . إنها لا تعرف ما الذى يضايقها أكثر ، نظرته التى توضح أنه يسخر كلية من عذابها أم لهجته الجادة ونبرة صوته التى توحى بأمور خطيرة أم الطريقة التى يتأملها لها وكأنه يراها تحت البطانية ؟
- كيف بالضبط أفسر هذه الفكرة ؟
لقد كان يكفيها غيظاً أن ترى هذا الرجل الذى خلع لها ملابسها وأن تراه ليلاً ونهاراً فهى ليست فى حاجة إلى مغازلته لها . ولكنها تساءلت كم مر عليه من الوقت لم تقع عيناه على امرأة بشحمها ولحمها . وهو الذى يعيش هكذا كالناسك . استمرت ناتالى دون ان ترد عليه :
- هل هناك شخص آخر يعيش هنا ؟
شرح وعيناه تزدادان ارتياحاً :
- أنا وديزى فقط . إنها كلبتى للصيد
ثم قالت وهى تشعر بالخيبة عندما عرفت أن ديزى ليست سوى كلبة :
- أه ...!
- والآن أحب فعلاً أن تعودى إلى الفراش . أنت لست فى لياقة تسمح لك بالحركة .
- إننى لاأستطيع مع ذلك البقاء هنا حتى يذوب الثلج ! إننى سأصاب بالخبل قبل فترة طويلة.
مرر تروى أصابع يده فى شعره ثم زفر ..أه لقد خلق شجاراً لا معنى له ! إن الطريقة التى ترفع بها ناتالى ذقنها إلى أعلى وإلى الأمام تدل على أنها مستعدة للعراك .
- إسمعى يا سيدتى العزيزة ! أنا أيضا لدى مشاكلى ولو استمر هذا الجو فأخشى أننى قد أفقد محصول الخوخ كلية . وإذا كنت أبدو لك أننى غير مشغول . فإنه ما إن أحضر الخشب للتدفئة سأعد لك ناراً ويمكنك الراحة فوق الأريكة ..بل سأصنع لك قهوة أيضا .

*********************

يتبع...

Rehana 12-02-10 04:10 PM


قالت ببطء وهى تفكر : إنه ليس سيئاً ولا نذلاً
-سيكون هذا لطيفاً منك . هل لديك بالمناسبة روب منزلى إضافى أستطيع أن أستعيره؟ إننى فكرت فى أن أتبختر فى بطانية مثل كليوباترا .
- يمكنك أن تستعيرى روبى المنزلى إذا رغبت .
تصورت جسدها النحيل العارى تحت طيات روبه المنزلى . وكانت فكرة مسلية ومثيرة للضحك . انطلق تروى فى الحال ليحضر لها الروب وعاد ومعه قطعة ثياب طويلة من قماش البشكير الأزرق الفاتح
سألته :
- هل أستطيع أن أعرف أين ملابسى ؟
- لقد نشرت جيبتك وبلوزتك ومعطفك وغسلت السترة و ....
- هل تقصد أنك غسلت ....؟
- نعم .... ملابسك الداخلية كلها . لقد كنت أتساءل دائما عن فائدة الدورة الرفيعة للغسالة الفول أوتوماتيك عندى إلى أن وقعت عيناى على ملابسك الداخلية واعتقدت أنك ستحتاجين إليها عند استيقاظك . إنها معلقة فى الحمام ونظرا لأنها رقيقة جدا فأعتقد أنها جفت الآن .
ألقى إليها بالروب المنزلى وقال :
- إنه دون شك كبير جداً ولكنه لا يهم
خرج تروى بعد ذلك وأغلق الباب خلفه .ظلت ناتالى جامدة فى مكانها ... إن غريباً مجهولاً تماماً عنها خلع عنها ملابسها الداخلية وغسلها ونشرها لتجف .. لقد كلف نفسه هذه المشقة .
إنها تشعر مرة ثانية بالخجل وارتدت الروب المنزلى الذى يسع حجمها ثلاث مرات . شمرت أكمامه حتى رسغيها وشدت الحزام بعناية . كانت رائحة صاحبه لا تزال عالقة بقماش البشكير ولكنها جاهدت لتبعد هذه الفكرة عن ذهنها . من الأفضل أن تبحث عن الحمام .
فتحت باب الحجرة ووقعت عيناها على مطبخ فسيح مؤثث بأثاث روستيك قوى ثم عبرته لتجد نفسها فى صالون صغير ومريح ، سمعت زمجرة جعلتها تدير رأسها . رأت كلبة صيد أيرلندية من نوع سيتر تقوم بإرضاع صغارها وتنظر إلى الشابة بعين مرتابة . قالت بهدوء :
- لا تقلقى يا بنيتى ! لن أؤذى صغارك .
ثم قامت بنصف دورة لتعثر أخيراً على الحمام الذى دخلته بسرعة قبل أن تغلق الباب وراءها أرادت ناتالى أن تغلقه بالترباس ولكنها فوجئت بأنه مكسور وكانت مفاجأة سيئة لها . تساءلت هل قام هذا الرجل أيضاً بصنع ثقب فى جدران الحمام ؟
رأت ملابسها الداخلية معلقة فوق شماعة فوط وأمسكت بها فى الحال . عندما نظرت إلى المرآة ورأت صورتها امتعضت يا إلهى ! ما هذا الشكل المفزع ؟
لم يعد هناك أى وجود لآثار زينتها أما شعرها فكان كارثة ،بدا الدش لها مغرياً . تخلصت من الروب المنزلى الذى يصلح خيمة على الشاطئ وانسلت تحت الماء وهى حريصة على إغلاق الباب الزجاجى . غسلت يديها وكل جسدها وشطفت شعرها بعد حمام الشامبو . ثم سمعت ضوضاء جافة من ناحية طلمبة ضخ المياه وتغير الماء فى الحال إلى مثلج .
أطلقت صرخة وتراجعت بسرعة وتعثرت وأوشكت أن تسقط وفى محاولاتها لاستعادة توازنها تعلقت الشابة بالقضيب المعدنى المثبت على الجدار الزجاجى واصطدمت بلوح الزجاج واهتز وكأنه على وشك أن ينكسر.

********************

يتبع...

Rehana 12-02-10 04:12 PM


فزع تروى من الضجة فسارع إلى باب الحمام يدقه بشدة ولم ينتظر الرد فاندفع إلى الداخل وكان الزجاج غر الشفاف قد جنبه رؤية ناتالى .
- ماذا بحق السماء يجرى هنا ؟
سألته بصوت مرتجف :
- من فضلك ناولنى منشفة .
أمسك تروى بأول منشفة تصل إلى يده وحاول تحريك اللوح الزجاجى المنزلق ولكنه كان محشوراً فهزه بعنف ثم أعلن :
- إن الباب الزجاجى خرج من مجراه المنزلق . ما الذى فعلته ؟
- لقد تزحلقت وحاولت أن أتمسك حتى لا أقع . كانت تشرح له وأسنانها تصطك وأكملت :
- لقد أخذت دشى وفجأة أصبح الماء مثلجاً .
- لو انتظرت لأتيح لى الوقت أن أخبرك وأنبهك .
- أغلقى هذا الدش ... هل تسمعيننى ؟
- نعم عليك اللعنة ... أسمعك
انسلت مرة ثانية تحت الماء المثلج لتغلق الصنبور بسرعة . أخذت تسب وتلعن من بين أسنانها لمدة دقائق كثيرة .
أنهمك تروى فى العمل على إصلاح اللوح الزجاجى للباب ومر وقت طويل قبل أن يستطيع أن يعيده إلى مجراه المنزلق . وعندما فتحه وجد صعوبة بالغة فى كتم ضحكته . كان منظر ناتالى مثيراً للشفقة مثل القطة التى أخذت حماماً إجبارياً .
قال ساخراً :
- هل يحدث لك هذا الحظ مرات كثيرة أم أننى ضبطتك فى لحظة سيئة ؟
لم ترد عليه الشابة بشئ وبدت وكأنها منومة مغناطيسياً ولم تجد ما تفعله سوى أن تتأمله رغم جهودها المضنية لإخفاء جسداً إلا أن بعض الأجزاء ظهرت ولكن كانت تشعر بالبرد الشديد لدرجة لم تحس بها بوضعها .
- هل ... هل يمكنك مساعدتى على الخروج ؟
كز على فكيه وانحنى متجاهلاً يديها اللتين مدتهما إليه ثم رفعها وكأنه يرفع ريشة . قالت :
- ليست هذه هى المساعدة التى فكرت فيها . كانت تتكلم ببطء بصوت مفعم بالانفعال
- لقد أردت أن أجنبك السقوط على الأرض
شدت ناتالى المنشفة على جسدها بقوة وكان شعرها المبتل يتساقط منه قطرات الماء ، حرك وجهها مما أعطاها مظهراً بريئاً يتناقض تماماً مع مظهرها الراقى كفتاة مجتمع المدينة . ولكن الغريب أنه اجتاحته رغبة فى حمايتها ومواجهتها وغير ذلك من المشاعر ، أحس بها تتصلب تحت تأثير الصدمة .
إنه يرغبها منذ اللحظة التى حملها بين ذراعيه وقد ضغطت خدها بقوة على العباءة الفرو الضخمة ، قال لها :
- يا سيدتى ! إن لك موهبة فى جعل الدماء تغلى فى العروق ... إنها موهبة شيطانية
- يا سيد جوردان ...
- كفى عن مناداتى هكذا .
- سأكف عن مناداتك هكذا إذا كففت عن مناداتى بـ سيدتى والآن أرجو أن تتفضل وتضعنى على الأرض .
تجاهل تروى طلبها وحملها إلى الحجرة ثم أسقطها دون أى رحمة .
قال:
- سأعود ومعى الروب المنزلى

*****************

يتبع...

Rehana 12-02-10 04:14 PM


اختفى لحظات وعاد بالملابس التى حملها إلى أنفه وتشممها :
- إنه عطر جورجيو
- إنه ممتع جداً .
انتظرت ناتالى - نافذة الصبر - حتى يخرج وهى تحس بأن منظرها مثير للسخرية وهى ملفوفة فى البشكير ، إنها كانت تحس بنظراته تخترقها حتى لو كانت مرتدية كامل ملابسها .
أعلن تروى وهو يحاول كسب الوقت :
- كان من الواجب على أن أنبهك بالنسبة للماء من المستحيل أن تستمرى تحت هذا الدش حيث كنت ستتعرضين لأن تسقط عليك المياه المثلجة منذ قليل . لقد مر وقت طويل وأنا أحاول إصلاحه .
لم يسبق لـ ناتالى أن أحست بالحمرة تعلو وجهها كما تحس فى تلك اللحظة . إن التعبير الذى ظهر على وجهه وهو يفحص كل تفاصيلها هوالذى يجعلها تشعر بالخجل .
لا شك أن اللحظات التى مرت وهو يحملها جعلتها تفقد عقلها وربما كان من الأفضل التظاهر بأن شيئاً ما لم يحدث .
قال تروى فجأة وقد فهم أخيرا أن عليه مغادرة الغرفة :
- سأذهب لمراقبة اليخنى
- إننى أريد حقا أن أساعدك ...
بدا عليه الغضب فقالت :
- ليست عاجزة يا تروى . لا أسمح لأحد أن يخدمنى . ثم إننى أشعر بأننى أفضل تماماً وسيدهشك أن تشاهدنى أشفى بسرعة من الإنفلونزا أو نزلة البرد .
كان تروى يحب الطريقة التى يرن بها اسمه بين شفيتها .
- موافق إذا كنت قادرة على ذلك .
انضمت إليه فى المطبخ لتستقبل فى الحال زمجرة جديدة من الكلبة .
صاح تروى فى لهجة لوم :
- ديزى ! ثم وجه حديثه إلى ناتالى :
- لاتهتمى بها .. إن أطفالها التى تجعلها عصبية بعض الشئ . وكل شئ بعد يوم أو اثنين سيصبح على مايرام .
لم تستمع نالتى إلى اعتراضاته فنزعت السكين من يده وبدأت فى تقطيع الخضراوات . سألته :
- هل اعتدت على أن تعيش بمفردك هنا دائماً ؟
- لا ..
كان من الواضح أن تروى لا يميل للثرثرة .
- ألم تكتف من تلك العزلة ؟
- أستطيع أن أحصل على رفيقة عندما يحلو لى .
لم تشك ناتالى فى كلامه ثانية واحدة .
سألها وهو ينتظر أن تعلن له عن زوج أو صديق :
- هل لديك عائلة ؟
- أبى فقط .
- وهكذا تعملين محامية لهؤلاء الذين يسعون إلى الطلاق . هل انت بارعة وفعالة ؟
سألته وهي تأمل أن تدفعه إلى الكلام :
- لماذا ؟ هل تحتاج إلى خدماتي ؟ لا بد أنه من الأفضل له أن يعيش فى السكون . إن حياتها هى تبدو مليئة بالحركة والضوضاء .

******************

يتبع...

Rehana 12-02-10 04:15 PM


- لا على الخصوص . إننى أظل أكثر العزاب تمسكاً بالعزوبة . إن النساء مناسبات فى صحبتهن ولكن بالتأكيد لسن كذلك فى الحياة العائلية .
- فهمت .
على أية حال ماذا يهمها منه ؟ خلال بضعة أيام سيذوب الجليد وبالنسبة لتروى فإن هذا الأسبوع الذى سيقضيانه معا سرعان ما سيصبح تاريخاً قديماً . ومع ذلك فإنه ليس من السهل أن تظل محبوسة معه . إنه على أية حال رجل بمعنى الكلمة وجذاب .. وهى إمرأة .. وقد سارع تروى إلى إفهامها ذلك منذ أول لحظة وقعت فيها عيناه عليها بعد إفاقتها .
إذن على ناتالى أن تظل على حذرها . تساءل تروى لماذا صمتت فجأة ؟ ربما قال لها أكثر من اللازم ؟ أم بسبب المواقف التى وجد نفسه فيها رغما عنه قريباً منها فى وضع حميم .
قفز قلبه أمام الذكرى , إن هذه المرأة جذابة بدرجة شيطانية . تمنى أن تكون فى تلك اللحظة تفكر نفس تفكيره .
ألقت ناتالى بكل الخضار المقطع فى حلة الغلية ومسحت يديها . ثم قالت :
- هكذا تم إعداد الطعام والأمر يتطلب وقتاً طويلاً حتى ينضج .
سألها ثم ندم بسرعة على سؤاله :
- أين تريدين أن تقضى هذا الوقت ؟
بدت كلماته بريئة للغاية ولكنها أخذت اتجاهاً آخر فى فمه , ملأ الغرفة صمت مزعج . وتلاقت نظراتهما , إن محاولتها تكوين عبارة ستزيد الأمور سوءاً .
ورغما عن ناتالى فإنها أحست بأن حرارة هذا الرجل تجذبها بشدة . ولكن ما الذى لديه يجعله فريداً لهذه الدرجة ؟ إنها لم تنجذب من قبل أبداً إلى رجل من النوع الذى يرتدي الجينز والقميص الفانيلا . إن أصدقاءها لا يرتدون سوى ملابس مشتراه من أعظم خياطين .
قالت فى النهاية :
- أعتقد أننى سأذهب لاتمدد قليلاً . إننى أحس بأننى أضعف مما كنت أظن .
قال لها موافقاً :
- إنها حقاًم
- فكرة ممتازة . ولكن قبل ذلك هل تعرفين أين مكان سيارتك ؟ أعتقد أنك أحضرت حقيبة ملابس أو مجموعة من الملابس المنوعة .
ذكرها ذلك بأن عليها الاتصال بالعديد من الأشخاص لتخبرهم بما حدث , أولاً صديقتها فى كارولينا الشمالية ثم والدها . هل هو قلق عليها ؟ إنه هو الذى دفعها مع ذلك إلى حضور ذلك الزواج .
لقد قال لها أن تذهب إليه فإن مكتبها سيكون موجوداً عند عودتها وهذه المرة حاولى الإمساك بباقة ورد الزفاف بحق السماء . إن أغلب أصدقائك متزوجون للمرة الثانية وأنت حتى الآن لم تفكرى فى زواجك الأول ..
كان الزواج هو آخر ما تفكر فيه ناتالى بعد أن عاصرت وشاهدت العديد من الانفصالات أمام عينيها فضلاً عن انفصال والديها فإن أحست بأنها غير مستعدة لارتكاب نفس الغلطة .
ثم إن الكثيرين من عملائها لديهم المال وقضاياهم تتيح لها الفرصة لأن تحيا حياة ميسورة . ولكن فيما عدا فارس خادم من حين لآخر لم تكن تفكر في أنها فى حاجة إلى رجل ليعقد لها وجودها .منتديات ليلاس

***********************

يتبع...

Rehana 12-02-10 04:16 PM


- ناتالى اهبطى من سمائك إلى الأرض !
- ماذا ؟
- من يراك يظن أنك على كوكب آخر . هل أستدعى الطبيب ؟
- لا .إننى بخير . ولكننى فقط تذكرت المكالمات التى لابد أن أجريها .
لا شك أن من أهم تلك المكالمات هى التى مع بوبى لقد ذكرت اسمه عشر مرات على الأقل فى الليلة الأخيرة وهى تهذى .
- لقد كنا نتحدث عن سيارتك .
- ليست لدى أدنى فكرة عن مكانها . من المؤكد أنها على بعد كيلو مترات من هنا . لقد سرت وسط الجليد لساعات .
- حسنا .. سأقوم بجولة صغيرة حتى أعثر وأحضر لك حقيبة ملابسك.
- سيكون هذا لطيفاً منك . على الأقل أستطيع أن أرد لك روبك المنزلى .
- إننى لا أستعمله على أية حال .
سألها :
- من أى ماركة هي ؟
- ماهى ؟
- السيارة !
- إنها جاجوار جديدة على الزيرو ولونها رمادي فضى .
- كان على أن أظن ذلك .
- ما الذى تقصده بقولك هذا بالضبط ؟
- إنها سيارة تناسبك تماماً هذا كل ما هناك .
ارتدى عباءته الفرو وقفازه الضخم وتلفيحة العنق الصوفية ثم أضاف :
- افعلى كما تشائين ولكن لا تردى على التليفون أثناء غيابي . هل هذا ممكن ؟
- هل يمكننى أن أعرف السبب ؟
- هناك فتاة .. إيرما .. ولها أخلاق قطة برية . وإذا علمت أن لدى امرأة فاتنة فهي قادرة على نزع عينى .
خرج تروى دون أن يضيف كلمة .
قالت ناتالى فى نفسها :
- ليست هناك أية فرصة لذلك .. إننى سأزيل هذه ال إيرما قبل أن ..

********************

يتبع..

dede77 12-02-10 09:24 PM

ووووووووووواووووووووو قمر
الرواية رائعة واختيارك رائع فى انتظار باقى الرواية

Rehana 13-02-10 02:41 PM

الأروووع حبيبتي مرورك المنور الرواية

Rehana 13-02-10 02:47 PM



الفصل الثالث

صباح اليوم التالى كانت ناتالى تحتسى قهوتها عندما هبط تروى الدرج وهو يترنح وقد ارتدى بنطلون بيجامته فقط . توقف فى الحال عندما شاهدها جالسة فوق الأريكة وبجوارها ديزى وهى سعيدة من تدليل الشابة لها ...
- لم أسمعك وأنت تنهضين . هل نمت جيداً ؟
أوشكت ناتالى أن تختنق بما تحتسيه من قهوة وهى مفتونة بالجسد الرجولى الماثل أمام عينيها : كان صدره عريضاً قوياً وقد غطاه شعر أسود كثيف حتى أسفل صدره . وكان وسطه نحيفاً .
قالت بلهجة أرادت أن تكون طبيعية :
- أنا ... أنا نمت جيداً وشكراً .
لم يطرف لـ تروى رمش وأكتفى بالإعجاب بشعرها الأشقر تنسدل خصلاته على

كتفيها وثوبها الخوخى الذى بدا ناعماً مثل بشرتها .منتديات ليلاس

*****************

يتبع...

Rehana 13-02-10 02:52 PM


كان فى الليلة الماضية قد استعاد سيارتها الجاجوار وأصلحها . وكان قد عثر عليها على بعد كيلو مترين من البيت وأحضر لها حقيبة ملابسها . كيف تصرفت تلك المرأة حتى تذهب لتفقد طريقها كل هذه المسافة البعيدة ؟
إن ذلك ظل سراً غامضاً بالنسبة له والآن تقدمت صحتها تقدماً ملموساً . دار فجأة على عقبيه ثم ذهب ليصب لنفسه قدحاً من القهوة فى المطبخ ! اللعنة . إنها السابعة صباحاً وها هو يشعر بالرغبة الشديدة نحوها .
ابتلع السائل المغلى دون أن يدرى . إن تلك المرأة تورثه الجنون . سب ولعن فى نفسه . من الأفضل له أن يفكر فى خوخه بدلاً من أن ينجذب نحو فتاة لن يراها بعد ذلك فوق الطريق المهجورة .
هبت واقفة وأعلنت :
- سأذهب لأخذ دشاً .
عندما مرت بالقرب منه لم تستطع أن تمنع نفسها من إلقاء نظرة على كتفيه العريضتين بارزتى العضلات . إن بنية تروى كفيلة بأن تجعله يحمل جملاً ثم لاحظت وشماً على ذراعه .
- ما هذا المكتوب على ذراعك ؟
أجاب ببساطة وهو يستغرب كيف ينطق الاسم بعد كل هذه السنوات :
- مى لين .
- إن وقعه غريب .
- ليس غريباً لأنه من فيتنام الجنوبية
قالت بسرعة :
- هل اشتركت فى الحرب . أليس كذلك ؟
- بلى
- وهذه مى لين هل كانت صديقة ؟
- بالضبط . لقد كانت ...
أدرك أنها ستخترق أحد أسراره فحاولت ناتالى أن تخفف من توتر الجو وأطلقت ضحكة مرحة :
- كيـف حـدث أن معظم الجنود كانوا يعودون وقد رسموا الوشم على كل
جسدهم تقريباً ؟
نظر إليها تروى نظرة ساخرة .وقال وقد كز على أسنانه :
- صدقينى .. لا شئ يمكن أن يسعدنى أكثر من عبورى عتبة هذا المنزل . انا لست ناسكاً وأفضل الحضارة .
أخذ تروى ينظر فى ذهول إلى الباب الخاص بالحمام وهو ينغلق خلفها . تساءل ماذا يشغلها ؟ صديقها بوبى تشتاق إليه ؟ ذلك الإسم الذى كررته أثناء هذيانها .إن آخر شئ يتحمله فى المرأة هو أن تتعذب وتتدله فى حب رجل ولكن ما الذى يدفعه لأن يحشر نفسه فيما لايعنيه .
عند بداية ما بعد الظهر كانت ناتالى قد نظفت بعناية الصالون وحجرة الطعام التى كانت تكسوهما طبقات الغبار ونسيج العنكبوت.
ثم هجمت على المطبخ . هذا على الأقل أفضل من أن تظل هنا دون أن تفعل شيئاً .
لقداختفى تروى بعد الإفطار مباشرة ولكنها أحست بأنها وحيدة للغاية . إن الطريقة التى ينظر بها تصيبها بحالة عصبية .
إنها تجهل إن كان يحبها أم يكرهها . ولكن فى حالة الكراهية فما الذى فعلته لتنال هذا الاحتقار ؟


****************************

يتــــــــــبع....

Rehana 13-02-10 02:56 PM


كان رجلاً غريباً .وظلت ناتالى واثقة بأن بعض الأشباح تسكن وجوده ! وبناء عليه أحست ناتالى نحوه ببعض التعاطف . إنها لا تريد أن تتورط فى حكاياته . خلال يومين سترحل وتروى جوردان يترك حياتها للأبد.
عنيت جيداً بالأ توسخ ناتالى بنطلولها الجبردين وبلوزتها الحررية،و هى تنهى أعمال المنزل . كانت تفكر فيما تعده بالنسبة للعشاء .
عندما ظهر تروى مرة ثانية كان يزيل الثلج من فوق حذائه البوت وشعره وملأ وجوده فجأة البيت بأكمله . سألته :
- هل تريد سندويشاً .
-سألها وقد لاحظ المريله الخاصة بأمه على صدر الشابة :
- ماذا تفعلين ؟
- إننى أقوم بالتنظيف .لقد شعرت بالملل وأنا جالسة لا أفعل شيئاً . ثم هذه أقل الأشياء مقابل ضيافتك .
اعترف وهو يتجه نحو الثلاجة الكهربائية ليصب لنفسه قدحاً من اللبن :
- لقد مر دهر منذ آخر مرة نظفت فيها المنزل .
- هل كان ذلك قبل أم بعد فيتنام ؟
قال رداً عليها وهو يبتسم :
- فى هذا الوقت كان والداى يعيشان هنا . وكانت أمى تحتفظ بهذا المنزل بحالة نظافة تامة . وعندما توفيت إلى رحمة الله هجرته تقريباً ، وكان الشئ الوحيد الذى اهتممت به هو البساتين ولكن لا تعتبرى نفسك مجبرة على التنظيف . لأننى أستضفتك .إنك تستطعين أن تظلى هنا ما شاء لك وعلى الرحب والسعة .
- أشك أن إيرما النمرة ستقبل ذلك كثيراً .
صحح لها :
- بل الوشق المتوحش الشرس هو الوصف الأدق هناك فرق شديد بين الوشق والنمر
- آه حسناً ؟
- طبعاً . إن الوشق متوحش ومن السهل إثارته عند أقل تحدى . أما النمرة ...
ظهرت ابتسامة رضا على شفتيه :
- والنمرة متباعدة ولكنها ساحرة . إنها تستخدم كل سحرها للإمساك بك وأنت موافقة رغم الخطر ومع ذلك يمكن أن تألف للرجل الذى يعرف كيف يتعامل معها .
لم يكن لدى ناتالى أدنى فكرة عما يتحدث عنه ولكنها أنصت وقد غرقت فى نغمات صوته العذب وتعبيرات وجهه التى لا يمكن سبر غورها . ضغطت كفيها فى بعضهما وأحست بأنهما مبتلتان بالعرق.
لقد نجح تروى تماما فى أن ينزع كل مقاومتها هذه المرة . ولكنها تفضل أن تختنق ولا تصرح له بذلك . قالت له :
- أجلس ودعنى أعد لك سندويشاً . لقد أعددت القهوة لتوى وأنا واثقة بأنك تحتاج إليها بعد أن ظللت فى الخارج وقتاً طويلاً.
أحس تروى بعدم الارتياح ها هى سنوات مرت لم يهتم فيها أحد براحته ورفاهيته .طبعا أخته كانت تتصل به بالتليفون من حين لآخر من داكوتا ولكنها لديها عائلتها الخاصة .
لقد حكم خطأ على ناتالى كورتلاند . أنها بسيارتها التى تساوى خمسين ألف دولار وملابسها الجديرة بأميرة أعتقد أنها ليست سوى فتاة غنية مدللة وفاسدة ولكن الآن وهو يعرف كيف تكسب عيشها فإنه لا يستطيع أن يمنع نفسه من الإعجاب بها واحترامها .كم يكون ممتعاً لو شاهدها وهى تعمل أمام المحكمة بكامل طاقتها .

**********************

يتــــــبع...

Rehana 13-02-10 03:02 PM



كانت غريزتها تقول لها : إنها على قدم المساواة مع الرجال فى مهنتها .وإنها لا تسمح أبداً بأن يخيفها أحد . ولكن تروى لا يريد أيضاً أن يظهر لها أنه فى حاجة إليها وهو يدعها تقوم بأعمال المنزل .
ناولته ساندويشاً وقابل ذلك بهمهمة شكر قبل أن يضيف :
- هل هذه المريلة موضة حديثة ؟ إننى أفضلك وأنت ترتدين روب المنزل .
تجاهلت ناتالى رد فعلها وأحست رغم عن كل شئ بأنه نبضاً يتسارع . لقد اعتبرت مجاملة من تروى جوردان ان يعجب بها فى هذا الزى . لا شك أنه لمح نظرة إعجابها عندما ظهر وصدره عار . ولحسن الحظ أنه يتغيب عن البيت عدة ساعات يومياً وإلا أصبحا كلاهما مجنوناً .
اعلن دون مقدمات:
- إن لى أخاً فى أتلانتا إنه رجل أعمال وهو يحصل على مال لا بأس به من شركته الاستثمارية ويعرف كل الشركات المماثلة . وقد طلق من زوجته ويمكننى أن أعطيك رقم تليفونه .
ردت عليه وهى متضايقة :
- إننى أستطيع الحصول على عملائى بسهولة بمفردى وشكراً لك .
- آسف . لقد ظننت فقط أنكما معا تكونان ثنائياً ممتازاً .
كانت ناتالى دون شك فى غير حاجة إلى مثل تلك الأعمال وقد سبق لها أن عرفت واحداً كان يرسل لها سائقه ليحضرها . ولكن فى المرة التالية أعادت سائق المذكور ومعه ورقة تشرح بوضوح لسيده . ولكن لسوء الحظ لم تقابل فى المرة الأخيرة سوى هذا النوع من الرجال .
أدركت أن تروى انتهى من احتساء قدحه . تقدمت الشابة ناحيته وهى ترتجف لتصب له قدحاً ثانياً . ولكنها وهى تميل احتكت بركبته فانسكب السائل الساخن على يدها ، سألها :
- هل ... هل احترقت ؟
- قالت وهى تمسح يدها فى مريلتها :
- لا بأس
- دعينى أرى . إن لدى كريم سيفيدك .إن له رائحة كريهة ولكنه مفيد.
قالت فى إصرار وهى تنزع يدها وتذهب إلى المطبخ حيث وضعت إبريق القهوة على المائدة :
- لا ... لا داعى حقاً لذلك .
وصل تروى خلفها ليضع يديه على كتفيها :
- إنك ترتجفين جداً .
أحست بأنها قد تتعرض لنكسة ، قال :
- لا بد أن أستدعى الطبيب .. بل كان من الواجب أن أفعل ذلك فور عثورى عليك وسط الجليد ولكن مع العاصفة الثلجية كان من المستحيل أن تصلى حية إلى المستشفى
- ولماذا تريد استدعاء الطبيب بدعوى أننى سكبت القهوة على يدى ؟
كانت تنظر إليه وهى مذهولة ،قال لها رداً على كلامها :
-كفى عملاً اليوم يا جميلتى .إننى أريد أن أراك ممددة فى تعقل فوق هذه الأريكة أمام النيران .
كز تروى على أسنانه . إنه يقاوم نفسه ويخشى أن يستسلم . أخذ يتأملها بجدية شديدة . كانت أنفاسه متقطعة وجسده تسودى الحمى .
قال بصوت ثقيل وهو يحاول الابتعاد أقصى ما يمكنه عنها :
- نحن نحلم يا ناتالى أما أن نتوقف الآن أو يحدث ما لا تحمد عقباه .

********************

يتـــــــــبع...

Rehana 13-02-10 03:09 PM


سألته :
- إذن ... ماذا هناك ؟
تساءل تروى هل ينساها بعد مغامرة عابرة تعود هى بعدها إلى أتلانتا ؟ هل ستستعيد إيرما مكانتها معه بعد رحيل ناتالى ؟
قال لها وكأنه يقرأ أفكارها :
- لا أستطيع أن أعدك بشئ يا ناتالى . وكذلك أنت أيضاً لا تستطعين أن تعطينى وعوداً . إن حياتينا مختلفتان تماماً .
كان تروى على حق . لو تركته يحبها فإنها تعرف أنها لن تكتفى بنزوات عاطفية .

إنها تحتاج إلى ارتباط أخلاقى ونظراً للظروف فإن ذلك أمر مستحيل التحقيق لا محالة قالت فى حزن وهى تشيح بوجهها عنه :
- أعتقد أن علينا أن نتوقف عند هذا الحد .
كان ابتعاده عنها يتطلب جهداً جباراً . أحس بإغراء أن يكذب عليها ويقول لها أى شئ وأخيراً قال بصوت متعب ويائس :
- حسنا ... سأذهب لأنزه ديزى . كان يحتاج إلى هبوط درجة الحرارة إلى خمسين تحت الصفر حتى تبرد عاطفته المتأججة .
هزها وهو يقول لها بصوت رقيق :
- استيقظى يا ناتالى
وسط الغشاوة التى أحاطت بها بسبب النعاس أحست الشابة بلهجة قلقة فى صوت تروى . فتحت بصعوبة جفنيها . ما الذى يفعله فى حجرتها ؟
سألته وهى تتساءل لماذا تحس ببرودة فى قدميها :
- ماذا هناك ؟
رد بسرعة وحدة :
- يجب أن تنهضى فى الحال . إن المدفأة معطلة ولا أستطيع أن أفعل شيئاً الآن لإصلاحها لقد أشعلت ناراً فى المدفأة فى الصالون . لا بد أن ننام هناك .
تلعثمت وهى لا تزال مضطربة من الحلم الذى حلمته عن بوبى :
- ما الذى حدث ؟
قال تروى فى نفاذ صبر وقد ارتدى بيجامة كاملة :
- لست أدرى . لا بد من إحضار شخص ما ، إننى لا أستطيع أن ألمس هذه الآلة اللعينة . إنها تعمل بالجاز .... وإذا ارتكبت حماقة معها فإن البيت سينفجر . تعالى قبل أن تتجمدى هنا .
قفزت ناتالى من السرير . همهمت :
- يبدو أننى لا أجد هذه الأيام ما هو أفضل من الحصول على مكان دافئ . أعتقد أننى بعد هذه التجربة المخيفة مع البرد سأفتتح مكتب محاماة فى بنما الاستوائية .
فكرت فى أن هذه الفكرة لن تجعل والدها يشكو . دائماً بوبى هو الذى سيجأر بالشكوى الذى طلب أن ينضم إلى مجموعتها القانونية . وإنما هى التى توسلت إليه أن يمنحها العمل. وكونها صنعت لنفسها اسماً فى هذا المجال بمفردها لا معنى له فى عينيه.
ولكن لماذا تآسى على سوء حظها ومآسيها الآن ؟ وليس البرد ولا التعب هما اللذان يعطيانها الحق فى أن تنوح وتولول .
تبعت تروى حتى الصالون . ورأت أنه وضع ما يشبه السرير أمام النيران المتأججة وعليه أغطية وبطانيات . قال لها بلهجة آمرة :
- انزلقى داخلها إنها مريحة جداً . لقد استخدمت أكياس نوم تصلح كمراتب .

********************

يتــــبع...

Rehana 13-02-10 03:14 PM


صاحت وهى توشك أن تتهمه بأنه تعمد إفساد الغلاية البخارية
- هل سننام معاً ؟
- إذا أردت أن تحسى بالدفء فهذا بالضبط ما سنفعله . لقد هبطت الحرارة عشرة درجات أخرى و.... كفى عن النظر إلى بهذه الطريقة . هل يمكن هذا ؟ وفى هذه اللحظة فإن أشجار الخوخ الخاصة بى هى التى تقلقنى بدرجة شيطانية وليست لدى أى رغبة مثلك فى الضحك .
كان النعاس يسيطر على ناتالى لدرجة تجعلها لا تجد أى رغبة فى الجدال . انسلت بجواره تحت الأغطية فقال لها :
- والآن أغمضى عينيك واستغرقى فى النوم .
وكيف يواتيها النوم وتروى الذى يراود أحلامها ينام بجوارها .
زفر الرجل زفرة رضا ونسى محصول الخوخ للحظات . بعد لحظة قال لها بغضب :
- كفى عن التقلب وكأن الفراش مملوء بالنمل
- إننى أحاول أن أتاقلم على هذا الوضع الجديد ثم هل تعتقد أننى أقعل ذلك عمداً ؟
- إسمعينى أننى أعرف طريقة تضع حدا لتوترك
- آه ها ... ؟
قال بكلمات واضحة وابتسامة شيطانية :
- نعم الآن وأمام النيران المستعرة يمكنك أن تنامى ملء جفونك وإلا فلتعودى إلى حجرتك . إن لك طريقة فريدة فى تقديم الأمور . أعنى .... إن كلامك يخالف ما فى ذهنك .
- سميه كما تشاءين ولكننا نصل إلى نفس النتيجة سواء بالطريقة الملتوية أم المباشرة . أليس كذلك ؟ ولكن ما الذى ستفقدينه لو نمت دون معارضة ما دمت مجبرة على هذه الطريقة فى النوم ؟
- سأفقد احترامى لنفسى ... إننى لا أجد رغبة فى أن أكون قريبة من رجل لا يتصرف إلا كرجل الغابة .
استدارت ناتالى فجأة وسحبت الغطاء عليها فقال لها :
- سامحينى لأننى من البشر يا أميرة الثلج .
أدار لها تروى ظهره بدوره وهو يسحب بعنف طرف البطانية ثم ظل فترة طويلة دون أن يقول شيئاً وأخيراً قال :
- هناك أمر آخر يخصك !
- ما دام لا يخصك فلا شأن لك به .
- هل يضايقك لو أخبرتنى من هو بوبى ؟
ظلت ناتالى فترة طويلة مذهولة وعاجزة عن النطق . سألته بلهجة مثلجة مثل حرارة الجو فى خارج المنزل :
- وكيف عرفت عنه ؟
- أنت لم تكفى عن مناداته طوال الليلة التى عثرت فيها عليك . وقد استنتجت من ذلك أنه عشيقك . وفكرت أيضاً أنه آخر الحمقى الذين تركوك ترحلين وسط العاصفة الثلجية .
عندما لم ترد ناتالى بشئ استمر قائلاً :
- بقدر ما أعرف أنت لم تحاولى الاتصال به وهو طبعاً لم يتصل بك هنا . لقد بدأت اتساءل إن كنت تواعدين رجلاً متزوجاً.

*********************

يتــــــبع...

Rehana 13-02-10 03:18 PM



قالت بحدة بصوت حاولت أن تجعله ثابتاً :
- إن بوبى هو أخى التوءم . وقد توفى فى حادث سيارة عندما كنا فى السابعة عشر من عمرنا إننى مستمرة فى أن أحلم به عندما أكون مرهقة أو أحس بأننى لست على ما يرام . فلا غرابة إذن أننى ناديته أثناء هذيانى والآن لو تكرمت ولا يضايقك أن أرغب فى النعاس .
كره تروى نفسه لأفكاره السيئة عن بوبى وعنها . أراد أن يعتذر لها ولكنه لم يعثر على الكلمات المناسبة .
إنه يعرف آلام فقد عزيز . لقد مات والده وهو يحارب فى فيتنام ولم يستطع الحصول على تصريح لحضور مراسم دفنه . وفقده لـ مى لين والطفل كان شيئاً آخر أيضا .
لقد بكى دموعاً ساخنة وتذكر مرة ثانية نظراتها إليه وهو فى المركب التى وصلت به . لقد كان لطفله شعر أسود مثل شعر أمه وأحس برائحة الصابون الذى غسلته أمه به وهو يقبله قبلة الوداع .
لقد قال لها وقتها بعدها والدموع تملأ عينى زوجته :
- أنا سأسارع بعمل إجراءات ترحيلك إلى الولايات المتحدة الأمريكية بأسرع وقت ممكن .
ثم همس فى أذنها بصوت منخفض :
- حاولى أن تخفى النقود . وحاولى أن تكفيك أطول وقت ممكن لطعامك وطعام الطفل . وسأرسل لك نقوداً فور استطاعتى .
بعد فترة من الوقت علم أن قرية مى لين قد دمرت أثناء سقوط سايجون . هى وابنه عثرعليهما من بين القتلى وقد انهار عالم تروى تماماً من حوله . وغرق هو فى أحزانه منذ زمن طويل لدرجة أنه نسى أن الآخرين يمكن أن يتعذبوا مثله .
لقد ساعدته إيرما قدر المستطاع ولكن كليهما كان يعلم أن العلاقة بينهما لن تؤدى إلى ارتباط دائم .
تساءل تروى وهو يسمعها تئن بجواره . من يا ترى استطاع مداواة جراحها . جراح ناتالى ؟ ولكنه أحس بالفزع لاهتمامه بماضيها . لقد تعلم تروى من نفسه أن الحب هو مواجهة الأخطار وهو على استعداد للمخاطرة بأى شئ عدا قلبه .منتديات ليلاس

***************************

يتــــــــبع...

بنيتي بنيه 13-02-10 06:59 PM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .بليز كمليه الروايه حلوه مره جزاك الله الف خير

Яєєм 13-02-10 09:15 PM

يسلمووووو،،
الروايه رووعه..

الجبل الاخضر 14-02-10 01:16 AM

تسسسسسسسسسلمين وننتظر التكمله

Rehana 14-02-10 11:04 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بنيتي بنيه (المشاركة 2169065)
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .بليز كمليه الروايه حلوه مره جزاك الله الف خير

إن شاء الله ها أكملها ..شكرا لمرورك

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Яєєм (المشاركة 2169248)
يسلمووووو،،
الروايه رووعه..

الله يسلمك يارب .. والأرووع مرورك المنور الرواية

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الجبل الاخضر (المشاركة 2169537)
تسسسسسسسسسلمين وننتظر التكمله

الله يسلمك " خضراء "

شكرا لمرورك

Rehana 14-02-10 11:06 AM


الفصل الرابع


عندما فتحت ناتالى عينيها صباح اليوم التالى وجدت نفسها منكمشة على نفسها بجوار تروى ودلت أنفاسه المنتظمة على أنه نعسان بعمق .
فتح تروى جفونه بدوره وتثاءب ثم ابتسم لها ابتسامة ساحرة وجذابة جاذبية عينيه السوداوين وشعره المنكوش .
قال لها مازحاً :
- لقد كنت رائعة بالأمس يا عزيزتى .... هل كان النوم مفيداً بالنسبة لك ؟منتديات ليلاس
قالت وهى تخرج من بين الأغطية :
- استمر فى أحلامك يا سيد .
ألمت بها رجفة برد فى الحال وصاحت :
- ولكن الجو مثلج !

********************

يتبــــــــــع...

Rehana 14-02-10 11:09 AM


قال تروى فى سخرية :
- إنه أكثر دفئاً تحت الأغطية .
قالت له شارحة وهى تتجه إلى المطبخ :
- يلزمنى قدح قهوة فور استيقاظى .
أحست بالضيق وهى تدرك أن نظرات تروى تتبعها . مرت أولاً على حجرتها
وأخذت روب النوم الحريرى الخاص بها وربطته جيداً حول جسدها ثم ارتدت خفيها المطرزين .
قال تروى وهو يعود من المطبخ :
- حسناً ... عودى إلى الفراش وسأعد أنا القهوة ... هل تسمعيننى ؟ هذه ليست اللحظة المناسبة لتصابى بالبرد .
نفذت ناتالى ما قاله دون اعتراض أو تكرار للدعوة . خلعت خفيها وانزلقت بين الفراش مكان تروى الذى كان لا يزال يحمل حرارته وعطره الرجالى .
كتمت ضحكة صغيرة وهى تراه وقد ارتدى عباءته الرهيبة ويتجه إلى الموقد وكأنه يسير على أرض عليها مسامير .كان مشمع الأرضية مثلجاً تحت قدميه العاريتين .
أعلنها بصوت مرتجف :
- ما إن أنتهى من إعداد القهوة سأقوم بإشعال النار فى المدفأة . لقد نهضت مرتين هذه الليلة لأضيف قطع الخشب إلى المدفأة ولكن لم يعد يبقى خشب .
كان حريصاً على تحديد أنه راقبها كثيراً وهى نائمة وانعكاس النيران على بشرتها يعطيها منظراً خرافياً .
أغمضت ناتالى عينيها وسط دفء الفراش . وأخذت تنصت إلى الضوضاء الصادرة من الصندوق الخاص بـ ديزى وهى ترضع صغارها .
- هل من المفروض أن أحتسى القهوة بدلاً منك ؟
وجدت الشابة تروى بجوارها ممسكاً بقدحين يتصاعد منهما البخار . قالت وهى تجلس لتأخذ أحد القدحين بينما ذهب هو لتحريك النيران :
- ليباركك الله .
دأت النيران فى الحال تتصاعد داخل المدفأة ثم عاد إليها ليندس فى الفراش وغمغم ساخطاً :
- كان عليك على الأقل الاحتفاظ بمكانى دافئاً .
كانت القهوة قوية ومهدئة . أخذت تحتسيها ببطء على جرعات صغيرة ثم أعلنت :
- ما الذى سنفعله ؟
- بأى شئ
- الغلاية ... يا إلهى !
- أوه .... هذا .... إننى أظن أن علينا أن نرتدى ملابس ثقيلة هذا اليوم .
زفرت أمام فكرة أن تقضى النهار بطوله فى غرفة لاتختلف على الإطلاق عن الديب فريزر .
- هل معنى هذا أنه ليست لديك نية إحضار أحد لإصلاحها ؟
- من يمكننى إحضاره إذن ؟ بابا نويل مثلاً ؟ إنه الوحيد الذى أعرف أنه يمتلك زلاجة تجرها وعول الرنة .
- أليس هناك أحد ممن يمكنك إحضاره ؟
- أستطيع طبعاً الاتصال بالناس ولكن المشكلة هى معرفة كيف يمكنهم الوصول إلى هنا .... ألم أقل لك إننا نعانى عاصفة ثلجية قياسية ؟ إن الجو لم يسقط جليداً منذ عام 1939 .
احتجت ناتالى :
- ليس من المعقول أيضا أن نظل فى الفراش طوال النهار .

*********************

يتبـــــــــع...

Rehana 14-02-10 11:13 AM


لم يكن لدى ناتالى أى استعداد لسماع مزاحه الثقيل
- بل يمكننا لو تحليت بالصبر .. ثم إنه الأمر الواقع ولابد لنا منه
- ظريف جداً ...ويمكننا أيضا أن نموت هنا ثم ماذا لو نقص عندنا الطعام أو خشب لنار المدفأة ؟
- وماذا إذا تجمد محصول الخوخ ؟
- هل هذا كل ما تفكر فيه ؟ محصولك اللعين ؟ وأنا أتحدث عن الحياة والموت .
ظل تروى مفتوناً من انفعالها المفاجئ وقال :
- لن أسمح بأن يحدث لك أى شئ أبداً يا ناتالى . لقد سبق أن وجدت نفسى فى مواقف أكثر خطورة ، وأنا أتذكر مرة فى فيتنام ....
قاطعته وهى تجز على أسنانها غيظاً :
- لا أريد أن أسمع المزيد . أنا امرأة ولست جندياً .
قال وهو يبتسم ابتسامة جعلتها تسترخى :
- لقد لاحظت فعلاً أنك امرأة . ولكنك فى نفس الوقت تقللين من قيمة نفسك .. أنت دون شك أقوى مما تظنين .
أنهت ناتالى احتساء قهوتها فى صمت . لماذا تتهم تروى بكل الخطايا والعيوب ؟

ليست غلطته أن غلاية البخار تعطلت . ثم إنها لا تريد منه أن يصلحها بنفسه ! لأن ذلك شديد الخطورة . قالت معتذرة :
- لا أريد أن أكون مندفعة هكذا ولكنى أظن أننى أوشك على أن أصاب بالجنون والخبل
- اسمعى ما سأقوله لك . بعد ظهر اليوم سنذهب فى محاولة للنزهة فى الخارج
عندما نظرت إليه وكأنه أصيب بالجنون قال :
- أن الجو هنا أكثر برودة من الخارج . وسأعيرك حذاء بوت ... وأثناء ذلك الوقت سنحتسى القهوة ونحن ننتظر أن يدفأ جو الصالون سأغلق بقية الحجرات وسنعيش هنا ، ويوجد أيضا جهاز تكييف ساخن كهربائى صغير فى الحمام وسنتصرف والأمر ليس إلا وضعاً مؤقتاً .
معنى هذا أنهما سيتواجدان فى مكان مغلق وضيق وهذا لا بد أن يؤدى إلى حدوث شئ تأملت الشابة رفيقها . إنها على إستعداد للتنازل عن أى شئ مقابل أن تعرف فيم يفكر ؟ إنه شخصية لعينة . إن تروى يعرف جيداً ما يصنعه بها ويتمتع بكل لحظة يعذبها فيها .
لن يدهشها لو اكتشفت أنه عطل غلاية بخار التدفئة عمداً ليوجد بالقرب منها لهذا الحد الخطر . إن ناتالى لا تثق به على الاطلاق .
بدا وكأنه قرأ أفكارها فربت على خدها مما جعلها ترتجف .سألها :
- أتشعرين بالبرد ؟
-لا
أحست بالارتباك المشوب بالحيرة فمررت يدها على شعرها . هل يدرك أنه يجذبها رغم جهودها ألا تظهر له ذلك ؟
إن الوقت غير مناسب على الإطلاق للقيام بمغامرة عاطفية حقا ، إن مسؤوليات جسام فى انتظارها فى أتلانتا . وكلما سارعت بالرحيل كان ذلك أفضل . نعم فخير البر عاجله كما يقول المثل .
أما تروى من ناحيته فقد تساءل ماذا تفكر الفتاة وبالغريزة كان يعرف أن تفكيرها يدور حوله . أخذ من يدها قدح القهوة الفارغ دون سابق إنذار ثم وضعه بجواره .
دهشت ناتالى ورفعت عينيها نحوه وأحست وكأنها تعرضت لصدمة كهربائية مما رأته فى عينيه . تساءلت الشابة أى قوة تنبعث منه تجعلها تنجذب نحوه .

**************************

يتبـــــــع...

Rehana 14-02-10 11:15 AM



أحست أنها تغرق ... تساءلت وهو يغوص بعينيه فى أعماق عينيها ما الذى تفعله ؟ إنه على أية حال الرجل الذى أنقذ حياتها . ومع ذلك تمرد عقلها على قلبها . إنها لا تريد إقامة علاقة سوقية مع تروى جوردان .
إنه يستحق أكثر من ذلك . وهى تستحق أيضا أكثر من إقامة علاقة عاطفية مع تروى . لأنه لن يقدم لها ما تريده ثم إن لديه إيرما لتشبع رغبته فى الحب دون أى قيود . ماذا يمكن أن يطلب أكثر من ذلك ؟
أحس تروى بأنها تتصلب بعد أن كانت رقيقة عاطفية ورومانسية أصبحت الآن مثل التمثال.
قال لها ببطء :
- هل فعلت شيئاً ضايقك ؟
- لا شئ على الاطلاق ... إنه أنا ...
سألها وهو ينتبه فى جلسته :
- هل تريدين أن تحكى لى ؟
أجابته دون تردد :
-لا
قال فجأة وهو يخرج من السرير المؤقت :
- حسناً ...
أحست ناتالى بمشاعر متضاربة من الشعور بالذنب .قالت له وهى تتلعثم :
- أنا التى ستعد القهوة هذه المرة .
كانت الشمس ساطعة وسط النهار ! مما جعل الجليد براقاً يعمى البصر .كانت ناتالى غائصة فى ملابسها الثقيلة . مما جعل من الصعب عليها التقدم فى السير .
قالت من تحت وشاحها :
- إننى أسير مثل البطة .
- الآن تعرفين شعور المرأة الحامل فى شهورها الأخيرة من الحمل .
قالت فى الحال ودون تردد :
- لن أنجب أطفالاً .
رد عليها وهو يشعر بالتسلية :
- أشك فى ذلك . أنت ستكونين أماً مثالية وأعظم مكافأة للحمل هى أن تصبحى أماً .
- لاشئ مقدس عندك يا تروى جوردان ؟
وقف فى مكانه فجأة ثم استدار نحوها . قال لها وهو يربت على خدها من فوق الوشاح :
- بعض الأشياء مقدسة عندى .
تراجعت ناتالى بعنف وقالت :
- ثم ماذا تعرف أنت عن الحمل ؟
- ربما أكثر مما تظنين .
وقفت ناتالى وسط الجليد الذى غاصت فيه حتى ركبتيها لتتأمل فى إعجاب الأشجار وقد مالت أغصانها تحت ثقل الجليد المتجمد عليها .
- إنه منظر رائع ! ما مساحة الأرض التى تمتلكها ؟
- ما يكفى من الأرض لأن أجنى أرباحاً كافية إذا لم يتجمد المحصول .
- وهل تعتقد أن هذا ممكن الحدوث ؟
- أنا لا أعلم ذلك . إن هذا ممكن فيما لو استمرت الحرارة فى الانخفاض ولكنى زرعت أشجار خوخ قوية جداً من أعلى الدرجات والثمرات هناك العديد من العوامل التى تدخل فى اللعبة : البرد والأمراض النباتية وكل ما يخطر على البال .

**********************

يتبــــــــــع...

Rehana 14-02-10 11:19 AM


استأنفا سيرهما وقال تروى :
- إن الجو يبدو جيداً هذا الصباح ومن المتوقع حسب الأرصاد الجوية أن ترتفع حرارة الجو .
قالت ناتالى وقد أشرق وجهها :
- هل هذا صحيح حقاً ؟
لقد أخر لحظة إخبارها بهذه الأنباء السارة ! إنه يعرف أن أهم شئ عندها هو الإسراع بالعودة إلى حياتها الميسورة فى أتلانتا وهذا كان يضايقه . قال محدداً :
- ليس بالدرجة الكبيرة المرجوة . ولا تسرعى بإعداد حقائب السفر . إن الطرق لاتزال غير صالحة .
- ولكن أليست هذه علامات مبشرة ؟ هذا ربما يوضح أن الحرارة ارتفعت بدرجة كافية لإذابة الثلج من فوق الطرق .
- ليس فى هذه الحال . لا اعتقد أنك تستطيعين الخروج من هنا قبل وصول
كاسحات الجليد إلى هنا . إنهم لم يخلوا حتى الآن سوى الطريق القومى .
عندما رأى تروى رفيقته ترتجف قرر أن الوقت حان للعودة للمنزل ولكنها بعد بضع ساعات بدأت تحس بالملل . قالت له :
- هل هناك ما أستطيع أن أقوم به ؟ ألمع الباركيه أو أنظف الدرابزينات .
أطلق تروى زفرة ضيق . لم يسبق له أن أحس بمثل هذه الدرجة من الإحباط من قبل .
رد عليها متهكماً :
- لا يا سندريلا . كما تلاحظين فإنه ليست لدى النية فى أن يكون منزلى براقاً . ولكن استرخى فخلال بضعة أيام ستكونين جالسة خلف مكتبك وتندمين , لأنك لم تحظى بمزيد من الوقت الخالى من العمل , لدى لعبتان للتسلية والقضاء على الوقت السئ , هل تحبين التجربة ؟
- هل لديك لعبة المونوبولى ؟
كانت لهجتها يشوبها الشك . رد عليها :
- لماذا ؟ هل أنت بارعة فيها ؟
- إننى أنجح فيها بدرجة لا بأس بها .
نهض تروى من فوق الأريكة بصعوبة ثم ذهب ليحضر لعبة المونوبولى والتى قام بنفض الغبار عنها بكوعه . كان من الواضح أنها لم تستخدم منذ وقت طويل وربما منذ وفاة والديه . وعند عودته وجد ناتالى فى المطبخ والتى قالت له :
- اسمع . سأعد قدحين من الشوكولاتة الساخنة بينما ترص اللعبة .
هز تروى رأسه موافقاً ووضع كل شئ على الأرض أمام نار المدفأة مكان سريرهما المؤقت . إن ذلك المكان أمام المدفأة له تأثير حميم جعلها تشعر بالخوف وهو نفسه كان يشعر بذلك الخوف . لأن تلك المرأة بعبيرها الأنثوى الدافئ نشرت الخصوصية فى بيته . إنه لا يريد التعود على هذا الشعور وأن يضطر إلى التخلص منه فيما بعد .
سألها :
- أى بيدق تختارين . الكلب أم السيارة أم المكواة أم الراقصة الشرقية .
- الكلب .
أدار تروى رأسه بطريقة لا إرادية نحو الكلبة ديزى النائمة مع جرائها . لقد سبق أن خرج بها مرتين من قبل مما أتاح لناتالى الفرصة لتداعب جراءها واحداً بعد الأخر لتعلن بعد ذلك أنها ستأخذها كلها معها ولكنه شك أن تسمح لها الكلبة بالابتعاد بها أبعد من عتبة الباب .

********************

يتبــــع...

Rehana 14-02-10 11:21 AM


أحضرت ناتالى قدحين من الشوكولاتة الساخنة يتصاعد منهما الدخان وضعتهما على الأرض ثم جلست القرفصاء فى مواجهة تروى سألته :
- إذن من يبدأ ؟
رد عليها وهو سارح بفكره بعيداً :
- أتدرين إننى لم أتصورك أبداً جالسة على الأرض تلعبين المونوبولى ؟ فى البداية كنت أظنك فتاة مدللة فاسدة تشكو دائماً من أى وضع .
احمر وجهها وقالت :
- حسناً جداً .. أعترف أننى كنت أشكو ..
- أى شخص كان سيفعل ذلك فى نفس الظرف ولكن يبدو أن تأقلمت على الوضع بطريقة أو بأخرى . أنت جندى حقيقى !
- شكراً . وأنت أظهرت أنك مضيف مملوء بالتقدير والاعتبار .
- هل معنى هذا أنك لم تعودى تتضايقين من وجودك محاصرة معى فى غرفة واحدة .
ردت عليه بجفاء وهى تعلم تماماً ماذا يقصد من وراء كلامه هذا :
- لا . هل ستلعب أم لا ؟
تنهد فى ضيق وقال :
- لماذا يقع حظى فى امرأة صعبة مثل دوريس داي الممثلة والمغنية الشهيرة ؟
بعد ساعتين تثاءب تروى وقال :
- لقد أفلست فى بنك الحظ " المونوبولى " .
- نعم . إنه دور صعب . أنت تصل إلى شارع السلام وأنا لدى فندقان . لنر . أنت مدين لى ب ...
- لقد حصلت على كل شئ . فكيف إذن من المفروض ان أدفع لك وقد أفلست
تماماً . عليك اللعنة !
- أنت تستسلم ؟
- ليس أمام حرية الاختيار .
- لا .
- أعتقد أنك قاسية جداً فى المحكمة . انت نمرة حقيقية ! ما الذى جعلك تقررين أن تصبحى محامية ؟
- لقد كان أبى محامياً . أنا وبوبى فكرنا من صغرنا أن ندرس القانون الجنائي . لقد كنا متحمسين جداً لهذه الفكرة .
لم يفت على تروى لمعان الحزن فى عينيها . تساءل للحظات عم إذا كان فقدها لشقيقها التوأم قد أثر فى علاقاتها بالأخرين وبشكل خاص الرجال ؟
لقد كان مقتنعاً بذلك شيئاً فشيئاً . وكان مسلكها الشارد يؤكد له ذلك . وماذا عن أبيها ؟ لاشك أنه حمل إليها الدعم العاطفى الذى احتاجت إليه .
أكملت حديثها :
- أعتقد أن ما سأقوله هو قول أحمق ولكن أعتقد أننى اخترت قضايا الطلاق لاعثر على أمى بطريقة ما .
- ما الذى فعلته ؟
قالت شارحة وهى تحاول أن تبدو غيرمكترثة :
- لقد هجرتنا . كنت أنا وبوبى لم نتجاوز الثالثة من عمرنا وقتها . بعد ذلك أحضروا لأبينا أخته العازبة لتعتنى بنا . لقد كانت قاسية وشرسة . وأعتقد أنه بسبب تلك الأحداث أصبحنا أنا وبوبي متقاربين جداً .
- أنت تكرهين أمك . أليس كذلك ؟
- بلى . لقد كرهتها ولكنى بعد ذلك فهمت أن والدى لم يكن الزوج المثالى .منتديات ليلاس

**********************

يتبـــــــــع...

Rehana 14-02-10 11:24 AM

اغلقت صندوق لعبة الحظ " المونوبولى " أخذ تروى ينظر إليها فى تعاطف شديد وقال :
- لا تخافى من شئ فلابد أن تعوضك الأيام عن كل ما عانيته .
أمام هذه الكلمات أحست بالهدوء والسكينة . ظلا فترة طويلة صامتين وقد تاهت عيونهما فى لهيب النيران المستعرة داخل المدفأة .
بعد ذلك كسر هو حبل الصمت وسألها :
- فيم تفكرين يا ناتالى ؟
- إننى أفكر فى الرجل اللطيف الذى هو أنت .
أدارت وجهها نحوه ثم أكملت :
- أعرف أننا مختلفان تماماً ولكن الأيام الثلاثة هذه التى قضيتها معك أظهرت لى وجهاً من الحياة والوجود لم أكن أتخيل وجوده .
ابتسم تروى أمام مجاملتها ثم سألها :
- وكيف إذن هو وجودك ؟
- أعتقد أنه مقبول . إننى أسكن فى شقة جميلة وأنيقة جداً كما يقول مهندس الديكور الذى أعدها ولكنى لست من النوع الذى يجلس فى بيته .
- وماذا عن اللقاءات العاطفية ؟
دهش هو نفسه من طرحه هذا السؤال الذى كان يزعجه . أجابته :
- لا . أننى أعمل حتى ساعة متأخرة معظم الوقت . لم يعد التليفون يزعجنى هنا كما يحدث هناك فى مكتبى ومنزلى فى أتلانتا . وأحس بالهدوء ثم عندما أعود إلى بيتى أقوم بإعداد وجبة جاهزة مجمدة داخل فرن الميكروويف والتهمها بسرعة . لايوجد أى شئ مثير .. أليس كذلك ؟
قال لها وهو يربت على شعرها :
- أعترف أننى عثرت أخيرا على شخص يماثلنى .
لا يدرى تروى لماذا يريد أن يعرف عنها كل شئ . لقد علم عنها خلال الأيام الثلاثة الماضية الكثير مما جعل وجودهما معا مقبولاً بل وممتعاً .
نظرت إليه ناتالى مكتفية بان تنهل من نهر الحب فى أعماق عينيه ! أحست بشعور بالراحة والسكينة يسرى فى كل كيانها فى حين كان تروى على عكسها فى حالة من الاضطراب الشديد بسبب محاولاته اليائسة لكبت مشاعره . قال لها ولهيب حارق ينبعث من عينيه :
- هل ترين فى أى حالة وضعتنى ؟
- تروى !
- هل تظنين أننى مصنوع من الخشب وأن الوحدة قتلت عندى كل المشاعر
والأحاسيس العاطفية ؟
- ولكن الوقت مبكر على هذه المشاعر .
- لماذا ؟
- إننا لما نتعارف إلا منذ ثلاثة أيام .
احتج وهو يضع إصبعه على فمها ليستكها :
- إننى أعرف كل ما أريده عنك . فلماذا تحسين بالخوف إذن ؟
أطلقت ناتالى زفرة وقالت :
- هل تريد أن أقول لك الحقيقة ؟ إننى أخشى أن أقع فى حبك .
سألها وهو مذهول مما يسمعه منها :
- وهل الأمر مزعج وخطير لهذه الدرجة ؟
- نعم بالنسبة لى . ما لم تكن على استعداد لنزع كل أشجار الخوخ فى مزرعتك لتعيد زراعتها فى أتلانتا .

*********************

يتبــــــع...

Rehana 14-02-10 11:26 AM


صحح لها كلامها قائلاً :
- أظن الأكثر عملياً هو أن تقفلى مكتب المحاماة الخاص بك من أتلانتا إلى هنا .
قالت وهى تنهض بسرعة :
- هنا فى كاوبنز إننى لا أجد سبباً يدعونى لمناقشة هذا الأمر . إننا بصعوبة متعارفان ولاشئ يقول لى ويثبت أنك لست مصاباً بهلوثة عقلية .
- هناك طريقة لاكتشاف ذلك . ولكن هذا يتطلب مجهوداً خرافياً ..
ردت عليه بحدة وهى تحس بالدموع تؤلم جفونها وتوشك على الانسياب على خديها .
- كم أنت ظريف ومستظرف !
- هل تبكين ؟ أنا أحكى لك حماقات مضحكة وأنت تبكين . أقول أموراً لايمكن أن تحدث ومع ذلك تصدقين وتوشكين على البكاء ؟ أرجوك أن تنسى ما قلته لك . هل هذا ممكن ؟ إننى لن ألمسك حتى لو قدمت لى نفسك على طبق من فضة . هل الأمر أحسن هكذا ؟
مسح تروى بأطراف أصابعه دموعها من عينيها . قال وهو يربت عليها مهدئاً :
- لا أريد أن أجعلك تبكين . فقط أنت فاتنة للغاية لدرجة تمنعنى من التركيز على أى شئ أخر سوى تأمل جمالك .
قالت وهى تتشنج ودموعها تسيل على خديها :
- تروى .. إن هذه حماقة ! ولكن فى كل مرة أتعلق فيها بشخص ما فقدته . إننى أعتقد ببساطة أننى لم أعد أتحمل الحزن والأسى .
قال لها بصوت أصبح خشناً فجأة :
- أنت ياعزيزتى لست الوحيدة التى تحتكر سوق القلوب المحطمة !

**********************

يتبـــــــــع...

Rehana 14-02-10 11:28 AM


الفصل الخامس

سألته ناتالى وقد ذهلت من النتائج التى استخلصها :
- ما هو المفروض أن أفهمه من كلامك ؟
- يعنى أنه ليس عليك أن تقضى بقية حياتك فى علاج جراحك والتآسى على
نفسك .منتديات ليلاس
أحست الشابة بالغضب يصعد حتى أنفها . وخلال بضع ثوان ظلت غير مصدقة
وصامتة ثم خرجت الكلمات من فمها وهى تزنها كلمة كلمة .
- هل أنت تتحدث عن نفسك أم عنى يا تروى ؟
نهض الرجل ودس يديه فى جيبى بنطلونه الجينز . ثم نظر بإمعان إلى ميزان المدفأة المستعرة وكأنه منوم مغناطيسياً من اللهب . إن ما قاله لتوه لـ ناتالى يمكن أن ينطبق تماماً عليه . هو يعرف هذا .

********************

يتبـــــع...

Rehana 14-02-10 11:39 AM


إنه حتى اليوم لا يزال يداوى جراحه التى مزقت قلبه منذ عشر سنوات مضت .وصحيح أنه يحدث له أحياناً أن يأسى على قدره ومصيره . لقد أصبح يشعر بمرارة ويحنق على نفسه . لأنه لم يكن صلباً بما يكفى ويحنق تروى أيضا على المرأة التى أمامه : لأنها فهمته بهذه السهولة .
همست :
- تروى ؟
- نعم .
- أنا آسفة . إننا لا نفعل شيئاً سوى الشجار والجدال وأنا واثقة بأنك ستسعد عندما ترانى أرحل .
جعله هذا الرد يقفز فزعاً ...ناتالى ترحل ؟إن روحه ترفض أن تقبل ذلك . قال بإخلاص :
- لا ... إننى أستمتع بصحبتك . لقد أوشكت أن أصاب بلوثة خبل لأننى كنت محاصراً هنا بمفردى، لا أحد أتحدث معه . لا شك أننى سأتصل بك فى أتلانتا يوماً ..
لمجرد أن أعرف أخبارك .
ردت عليه وهى واثقة من أنه لن يفعل ذلك :
- سيكون لطيفاً منك لو فعلت .
- إن أتلانتا ليست بعيدة ويمكننى أن أصل إليها فى خلال بضع ساعات .
إنه سيصبح مجنوناً إذا لم يعد يراها .
رقص قلب ناتالى فرحاً : إن تروى يريد أن يراها مرة ثانية بعد أن ترحل ولكن ....ربما يحاول الآن أمامها أن يبدو مؤدباً . وما إن ترحل فأنها واثقة تماماً بأنها لن تلتقى بطريقه مرة أخرى . وستعود إيرما لتحتل مكانها فى حياة هذا الرجل . ولن تصبح ناتالى سوى صورة باهتة لذكرى عابرة .
أضاف قائلاً :
- ما لم تكونى تفضلين أن أختفى تماماً من حياتك .
ردت عليه وهى تحاول أن تبدو متحمسة أمام هذه الفكرة :
- طبعا .يمكنك أن تزورنى فى أى لحظة شئت . ولكن ناتالى تعرف جيداً أن الناس يعطون دائماً وعوداً لا يوفون بها على الاطلاق فقد تعلمت ألا تعتمد على تلك الوعود البراقة . إنها لن ترى تروى بعد ذلك وهذه حقيقة واضحة وبسيطة بساطة الهواء . وأمام هذه الفكرة أحست بغصة مؤلمة فى حلقها .سألها :
- هل تحسين بالجوع ؟
أجابته دون أن يشعر حقيقة بالجوع ولكنها كانت تحس بأن تروى نافذ الصبر:
- أحس ببعض الجوع ... ربما قليلاً ...
إنه يستشف ما تشعر به من عدم إرتياح . لأنه رجل ثاقب النظر وهو يطرح عليها أسئلة . وبدا لها أنه من الصعب - إن لم يكن من المستحيل - أن تكذب عليه . إنه سيتمكن فى النهاية من أن يجعلها تعترف بكل شئ .
قال :
- لقد فكرت فى أنه يمكننا أن نشوى شرائح من البوفتيك فى المدفأة على نيرانها هذا المساء إننى أفعل ذلك كثيراً فى الصيف .
فاجأت نفسها تتساءل : مع من ؟ ثم قالت فى الحال وهى تنهض من مكانها :
- سأطهو بعض البطاطس فى الفرن وأعد السلطة .
بعد نصف ساعة كانت تقلى البطاطس وقد أعدت السلطة قبلها بينما فتح تروى زجاجة من عصير العنب الاخر .
قال لها وهو يبتسم ابتسامة تتلاعب عند طرفى فمه :
- إنهم فى السينما يقدمون المشاهد الغرامية هكذا .

***********************

يتبـــــــــع...

Rehana 14-02-10 11:42 AM


- ولكننا لسنا فى هوليوود مدينة السينما . ثم إننى لا أشرب عصير العنب كثيراً .

وإذا حدث فإننى أعرف حدود سيطرتى على نفسى .
نظر إليها تروى وكأنها ألقت لتوها بقنبلة يدوية فى حجره .رد عليها وهو يناولها كوباً من عصير العنب احتسته فى الحال :
- أتعرفين أنك أحياناً تكونين مسلية ؟
اعترفت قائلة :
- إنه عصير لذيذ.
- أخبرينى إذن ما الذى يمتعك فى الحياة يا ناتالى كورتلاند ؟
- إننى أعشق القراءة وحل الكلمات المتقاطعة . وأحياناً أذهب إلى السينما مع صديقة وقد بدأت دروساً فى لعبة الجولف . الكثير من الأشياء تثير اهتمامى ولكن ليس لدى وقت حقا .
قهقه تروى حتى أوشك أن يختنق بعصير العنب :
- أوه ... عفواً ! لقد تعشمت أن يكون لديك ناحية صغيرة متوحشة . ولكنى أدركت أن مغامرتك هنا لا تذكرك بأى شئ مثير .
- حدث أن حياتى مليئة يا سيد جوردان . وإذا كنت تظن أننى أقضى وقتى فى الحانات فى مطارو العزاب بحثاً عن زوج فأنت مخطئ . وإذا كان هذا يضايقك فلا يهمنى بل يسعدنى أن يضايقك .
كانت قد أشاحت عنه بوجهها ولكنها تعلم تماماً أنه يراقيها بإمعان . احتست جرعة عصير كبيرة من عصير العنب الذى بقيت بعض قطراته على شفتيها .
- أتصور أنك تحصلين دائما على الدرجات النهائية فى الفصل .
كان يفكر فى أنها أبداً لم تضايقه أو تثير ملله على الاطلاق .
أجابته بلهجة لاذعة :
- نعم هذه هى الحقيقة . ولقد تخرجت بتقدير مرتفع فى الجامعة وبمرتبة الشرف هل رضيت ؟ أنا أعرف جيداً ماذا أريده من الحياة .
ابتلعت ناتالى جرعة من عصير العنب بحركة عصبية . تساءلت لماذا تحس بأن رضا تروى عنها يهمها ؟
أعلن بعد فترة ودون مواربة :
- إننى لا أتصور أبداً أنك لا تريدين إنجاب أطفال . وكما سبق أن علقت فأنت تصلحين أما ممتازة فلماذا ترفضين هذه المتعة ؟
- ومع ذلك كنت أتوقع أن يكون السبب واضحاً لك . أولاً : انا لست متزوجة وليست لدى النية فى أن أغير هذه الحالة الاجتماعية . ثم إننى أعتقد أننى سأصير ما يسمونه الأم الحاضنة . وسيصيبنى الرعب لمجرد التفكير فى إمكانية وقوع شئ ما لأطفالى .
- كما حدث مع بوبى .... أليس كذلك ؟
لقد أظهر إلحاحاً حقيقياً . خفضت ناتالى عينيها :
- بلى مثل بوبى .. إذن لقد وجدت نفسى مرة أخرى وحيدة .
أنهت ما فى كوبها من عصير ورفضت أن يصب لها كوباً آخر.
إنها لاتريد الإفصاح عن أمور تريد إخفاءها . سألها :
- وماذا عن والدك ؟
- إن تفهمنا لم يكن مشجعاً . لقد تغير كثيرا منذ رحيل أمى . وقد ابتعد بطريقة ما عنى وعن بوبى . ولعل هذا هو السبب دون شك فى أننا أصبحنا أنا وبوبى متقاربين إلى هذه الدرجة . وفى المدرسة حرص الأساتذة على ألا يضعونا فى نفس الفصل معاً فقد كنا نسبب لهم إزعاجاً لا حدود له عندما نجتمع معاً .

************************

يتبـــــــع...

Rehana 14-02-10 11:48 AM


سألها تروى برقة وهو يستشف بصيص الحزن والأسى فى عينيها :
- هل قلت إنه كان فى السابعة عشر من عمره عندما قتل ؟
- نعم لقد كنا أنا وبوبى نشكل وحدة منسجمة . وكانت لنا نفس العواطف
والمشاعر ونفس الأصدقاء .وكانت العمة ميج التى تعودنا على تسميتها عطيلة تعتبر أن علاقتنا معاً ليست صحية . إننى أجهل إن كانت تلك المرأة منحرفة أم أنه لم تكن تطيق أن ترانا سعيدين . كان من المفروض أن نذهب إلى السينما فى ليلة مصرعه ولكنى بقيت فى المنزل بسبب إصابتى بالانفلونزا ... ولم يعلن لى أبى الخبر إلا فى اليوم
التالى .
سكتت ناتالى لحظة وران صمت طويل بينهما ثم تابعت روايتها :
- أعتقد أننى فى تلك اللحظة قررت أن أدرس الحقوق . وقد أرعبنى ذلك بسبب خجلى ولكنى قلت فى نفسى إننى إذا استطعت التغلب على الحزن على موت أخى فإننى قادرة على تحمل أى شئ آخر .. أترى ماذا فعل بى كوب واحد من عصير العنب ؟ لقد عرضت عليك كل حياتى .
بدأ تروى يضحك وقال ساخراً :
- لقد توقعت رد فعل آخر .
ولكن تروى فى قرارة نفسه كان سعيداً . لأنها وثقت به وصرحت له بأسرارها .
تصورت ناتالى أنه يمزح . إنها تشك فى أن يكون من نوع الرجال الذى يحصل على ثقة المرأة ليستغلها بعد ذلك .
سألها وهو ينهض :
- كيف تريدين اللحم ؟
أجابته وهى شاردة بعض الشئ وتبعته إلى المطبخ :
- شبه نئ .
بينما تروى يعد اللحم للشواء . أعدت المائدة الأمر الذى أسعده وفاجأه كثيراً .

كيف سيعود لعادته القديمة ويعد العشاء بمفرده وقد وضع طبقاً على ركبتيه عندما ترحل ناتالى ؟
عندما أصبح كل شئ جاهزا عرض عليها كوب آخر من عصير العنب لكنها رفضته قائلة :
- لا شكراً .
- هل تخشين أن تندفعى فى اعترافات مخجلة ؟إننى أراهن أنك من نوعية النساء العاطفيات فى الوقت الذى يستحق العاطفة .
- لا أظن أن هذا من شأنك .
- هيا يا ناتالى لقد مرت أيام ثلاثة ونحن نعيش تحت سقف واحد . لا شك أنك تعلمت أن تحبينى قليلاً بعد هذا الوقت .
آه فقط لو علم . إنها تفعل أكثر من حبه قليلاً .أما بالنسبة للظروف المواتية لانطلاق عواطفها فهو أدرى تماماً بالطريقة التى يصل بها إلى تلك الظروف .
انشغلت فى إعداد طبق من البطاطس الساخنة . وأحست به يقترب منها ، وأحست بالنار تشتعل داخلها . قال لها :
- إننى أحاول أن أشرد بذهنى بعيداً عنك يا ناتالى .
- يبدو أنك أحتسيت الكثير من عصير العنب .
أخذت تضحك وهى توليه ظهرها . قال :
- ماذا يمكن أن يفعل رجل مسكين مثلى ؟ إن وجودك معى يصيبنى بالجنون خاصة رائحة عطرك .
- تروى أرجوك .

**********************

يتبـــــــــع...

Rehana 14-02-10 11:51 AM


أدارها بحركة مفاجئة لتواجهه وقال :
- أنا أحبك يا ناتالى كورتلاند ... واعتبرى أن ذلك أمر واقع لا حيلة لأى منا فيه .
ظلت ناتالى مذهولة لقد قاومت بكل قواها لئلا تواجه هذه اللحظة . وها هى على وشك الانهيار والاستسلام . إن عليها أن تصارع هذا الغازى بكل قواها وتروى يحاول أن يهدم دفاعاتها واحداً بعد الآخر . قال لها :
- عندما اقترب منك أخشى أن أصحو من الحلم .
نظرت إليه ناتالى نظرة مذهولة . قال لها :
- إذا لم يذب الجليد بسرعة فأنا غير مسئول عن أفعالى بعد ذلك.
قالت ببطء وهى تخرج البطاطس من الفرن :
- اعتقد أن الوقت حان للجلوس أمام المائدة .
تناولا عشاءهما فى صمت ولكن ناتالى لم ترفع عينيها عن تروى . عندما انتهى من احتساء قهوته سارعت بصب قدح آخر ثم اقترحت عليه أن يذهب ليأخذ دشاً بينما تعيد ترتيب المطبخ وقد بدا هذا الاقتراح له فكرة سيئة .
عندما عاد من الحمام كانت قد اعدت سريرهما المؤقت أمام نيران المدفأة مكان المائدة . قال ببساطة :
- يجب أن أزيد من قوة النيران .
استغلت ناتالى الفرصة للقيام ببعض الزينة وهى تظن أنه من غير المجدى أن تأخذ هى الآخرى حماماً ما دام تروى قد استخدم كل المياه الساخنة .
ارتدت روب النوم وارتدت فوقه روب تروى المنزلى حتى تحظى بالدفء .
شعرت بالسرور عندما عادت إلى الصالون ووجدت تروى قد استغرق فى النوم . فاندست بجواره فى سعادة : لأن الأزمة مرت بسلام .
لم تكف الضوضاء أبداً بل بالعكس ازدادت حدة . نهضت الشابة دون أن توقظ رفيقها وعبرت الصالون على أطراف أصابع قدميها ونظرت خلال النافذة إلى الخارج .إنها كاسحة جليد ! بل هناك كاسحتان .
عادت ناتالى جرياً إلى سريرها وصاحت :
- إنهم هنا .
صاح تروى وهو ينهض فجأة وعلى إستعداد للاشتباك فى المعركة :
- ماذا ؟ الفيتناميون الشماليون ؟ من هناك ؟
شرحت له وهى منفعلة بصورة أكثر من اللازم :
- كاسحات الجليد ! لقد عثروا أخيراً على مخبئك.
سألها وهو يعود ليدس رأسه تحت الوسائد :
- ألهذا السبب أيقظتنى ؟
لم تضيع ناتالى دقيقة واحدة أعدت القهوة وأخذت تتصفح دليل التليفون بحثاً عن شركة إصلاح السيارات .
وعندما اتصلت بالشركة رد عليها الموظف بأن عليها أن تنتظر دورها بعد إصلاح ست سيارات قبلها قام أصحابها بالاتصال بالشركة قبلها . تركت له رقم تليفون تروى حتى يخبره بالموعد .
فى اللحظة التى وضعت فيها السماعة دهشت ناتالى وهى تسمع طرقاً على الباب .
ذهبت لتفتحه لتقع عيناها على سمراء فاتنة ترتدى بنطلوناً من الجينز وسويتر تزحلق على الجليد وعيبها الوحيد أنها وضعت كمية كبيرة من مساحيق التجميل .
أعلنت الزائرة وقد بدت عليها الدهشة الواضحة لوجود ناتالى :
- أحب أن أقابل تروى .

- أعتقد أنه نائم .
ردت الشابة :
- إذن إذهبى وأيقظيه .. إننى لم أقطع كل هذا الطريق من أجل لا شئ.
- هل يمكن أن تخبرينى باسمك؟
- لماذا ... هل أنت موظفة فى إدارة الاحصاءات والتعداد ؟
ابتسمت الشابة السمراء وهى تتوغل فى المنزل دون انتظار لدعوتها وقالت :
- أنا اسمى إيرما وتروى يعرف من أنا .
******************************

يتبــــــــع...

hayam o 15-02-10 05:56 AM

http://www3.0zz0.com/2009/03/31/14/287823927.gif

http://sl.glitter-graphics.net/pub/1...hxkkz1ps84.gif

Dark Star 15-02-10 06:31 AM

جميييييييييييييييييييييييييييلة أوى مستنية تكملتها بس ياريت متتأخريشى :liilas:عن جااااد شكراااااااااااااا على المجهووود

Rehana 15-02-10 08:24 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة hayam o (المشاركة 2171042)

والعفوو حبيبتي ..كلك ذوق

ماننحرم من مرورك وتواجدك

Rehana 15-02-10 08:28 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Dark Star (المشاركة 2171081)
جميييييييييييييييييييييييييييلة أوى مستنية تكملتها بس ياريت متتأخريشى :liilas:عن جااااد شكراااااااااااااا على المجهووود

الأجمل مرورك ياعسل ..وبحاول كل يوم أنزل بارتين

وإّذا تأخرت أعذروني ..بسبب ظروف الحياة ومشاغلها

لكِ ووودي

Rehana 15-02-10 08:30 AM



الفصل السادس

أمام تلك الكلمات تجمدت ناتالى فى مكانها وصفقت من السرور وصاحت وهى تتذكر ما قاله تروى لها عن أخلاقها :
- أنت إيرما الشهيرة ! إننى فى غاية السعادة لمقابلتك .
صافحتها بقوة وبإلحاح ثم تابعت :
- لقد سادنى إحساس بأننى أعرفك تماماً . لقد حدثنى تروى كثيراً عنك .
نظرت القادمة الغريبة إلى ثوب ناتالى المنزلى :
- إنه لم يحدثنى عنك على العكس .
فى اللحظة التى دخلت فيها إيرما الحجرة وتعرف تروى على صوتها دس نفسه تحت الأغطية تماماً .
قالت لها ناتالى وهى مدركة أن الأخرى لا زالت تتأمل ملابسها :
- أعطينى معطفك لو سمحت .كانت سعيدة لأنها استطاعت أن تخفى ملابسها
منتديات ليلاس
*************************

يتبـــــــــع...

Rehana 15-02-10 08:32 AM



الحريرية تحت روب تروى المنزلى الفضفاض .ثم قالت لـ إيرما :
- تعالى ورائى إلى المطبخ لأقدم لك القهوة .
لم يفت إيرما السريرالمنصوب أمام المدفأة :
- هل هذا تروى المختفى تحت الأغطية ؟
ردت عليها ناتالى :
- أوه ... ألم يخبرك بأن غلاية البخار تعطلت .
- لم تعد تعمل ... ولذلك أغلقنا كل الأبواب بكل الحجرات . وبقينا فى الصالون وقد ارتدينا طنا من البلوفرات . حتى لا نموت من البرد .
رأى تروى أن الوقت حان ليظهر من بين الأغطية .
قال مبدياً دهشته المصطنعة :
- إيرما ؟ كم هو لطيف منك أن حضرت . وأستنتج من ذلك أن الطرق أصبحت
صالحة .
- لقد تبعت كاسحات الجليد . هل يمكن أن تتفضل وتقول لى من هذه المرأة داخل ثوبك المنزلى ؟
تبادل تروى وناتالى نظرة ذات مغزى ثم قالت ناتالى بدلاً منه :
- أوه أنا آسفة ... لقد اعتقدت أن تروى حدثك عنى وقال لك من أكون ... ألم تقل شيئاً لـ إيرما يا تروى ؟
- أوه .... لا ... لم يكن لدى الوقت لذلك .
قالت الشابة فى ابتسامة حاولت أن تكون صريحة :
- أنا أسمى ناتالى كورتلاند وانا أخت تروى الصغرى من شمال داكوتا .
حبست أنفاسها لقد حدثها تروى قليلاً عن أخته سوى أنها متزوجة ولديها ثلاثة أطفال . ولكنه لم يذكر إن كانت أخته وإيرما تعرف كل منهما الأخرى .
بدا أن الزائرة قد بدأت ترق بعض الشئ أمام نظرات صديقها القلقة وقال لـ ناتالى وهى تجلس أمام المائدة بالقرب من إيرما :
- هل يمكن أن تحضرى لى قدحاً من القهوة يا أختى الصغيرة ؟
حدجته ناتالى بنظرة سوداء لم تلحظها الزائرة ، قامت إيرما بإخباره بآخر الآنباء بينما أحضرت الشابة قدح قهوة وضعته أمام تروى بعد أن تعمدت ان تطأ قدمه بقدمها بقسوة أثناء مرورها بجواره .
سألت إيرما الشابة :
- أين عائلتك ؟ يبدو لى أننى فهمت أن لديك أطفالاً .
أجابت ناتالى وهى تسحب مقعداً لتجلس بينهما :
- ثلاثة فى الحقيقة ... هل تريدين الحقيقة؟
أوشك تروى ان يختنق بقهوته :
- لقد هجرت زوجى .لقد فاض بى الكيل من القيام بدور المربية والخادمة . إنه لا يخرج معى أبداص وتروى يستطيع أن يخبرك ... قل لها .

*************************

يتبــــع...

Rehana 15-02-10 08:35 AM


كرر كلامها وقد بدا مظهره شنيعاً :
- إنه لا يخرج معها أبداً .
- ولذلك قلت له إنه يستطيع ان يعتنى بنفسه بالبيت ، وإننى راحلة فى أجازة .
ولكننى لم أتوقع أن تحاصرنى العاصفة الثلجية ... حسنا من الأفضل أن أذهب لأخذ دشاً وأنا سعيدة بمعرفتك يا إيرما .
ردت الأخيرة وهى تلاحظ الارتياح الذى استقر على وجه تروى :
- وأنا كذلك سعيدة بمعرفتك .
أختفت ناتالى فى الحمام وأشعلت السخان الكهربائى .. وأخذت تمشى فى الحمام ذهاباً وإياباً فى نفاد صبر حتى يدفأ المكان وهى تتساءل إن كانت إيرما قد ابتلعت الحكاية .
قالت الزائرة عندما أصبحت بمفردها مع تروى :
- لو كانت هذه أختك فإننى على إستعداد لالتهام عجلات سيارتى الجيب .
رد الشاب وهو مثبت عينيه على قدح القهوة :
- أعلم أنك لن تنجحى معى ...لقد ضلت طرقها وسط الجليد وعانت من هبوط درجة حرارة جسدها عن المعدل الطبيعى وهو المرض المعروف باسم الهيبوثيرمى عندما عثرت عليها . لقد أوشكت على الموت .
ولكن لماذا يجد نفسه مضطراً لأن يقدم لها هذه المبررات ؟ إنه ليس من حق إيرما أى تفسير مثلما هو ايضا ليس له حق عندها .
- متى سترحل ؟
- طبعا فور تمكننا من رفع سيارتها من الحفرة . إنها تكره هذا المكان .
- من أين هى ؟
- ماذا تلعبين بالضبط ؟
ردت عليه وهى تمسك يده :
- إننى قلقة فقط على سعادتك .ويجب أن تعرف ذلك . إنها جميلة جداً ... ولو كانت عاقلة ويعتمد عليها مثل جمالها فإن تحت يدك زوجة كاملة .
- لا مجال للمناقشة فى هذا يا إيرما . إنها محامية مشهورة جدا فى أتلانتا وليس بيننا أى شئ مشترك وتفاهمنا معا لا يساوى مليماً .
أعلنت إيرما وهى تبتسم قبل أن تنهض :
- أحياناً هذه التفاصيل بالذات هى التى تقيم علاقات عاطفية ممتازة .. حسنا لا بد أن أرحل.
- انتظرى ! لقد تركت عدة كتب المرة السابقة وقد قرأتها . وسأقوم بإحضارها لك .
ذهب تروى ليفتح الباب المؤدى إلى السلم الداخلى وارتجف قبل أن يصعد إلى حجرته حيث توجد الكتب .
خرجت ناتالى من الحمام تحمل روب تروى الفضفاض وقد لفت شعرها فى فوطة .
احمر وجهها عندما أدركت أن إيرما لا تزال موجودة :
- أين تروى؟
- لقد صعد ليحضر بعض الكتب التى أعرتها له . أنا أحبك كثيراً يا ناتالى ... فلاتسببى له أذى .
لم يتح للشابة الوقت إلا لتفتح فمها دهشة عندما هبط تروى وذراعاه محملتان بروايات الرعب . شرحت إيرما :
- أنا وتروى نعشق روايات الرعب . فكلما أحسسنا بالخوف كان هذا أفضل . أليس كذلك يا تروى ؟

************************

يتبـــــــــع...

Rehana 15-02-10 08:37 AM


وافقها صديقها قبل أن يذهب ليفتح الباب .
- مرحبا يا تروى وأنت يا ناتالى أتمنى أن تحلى مشاكلك العائلية بسرعة .
لم تعرف ناتالى ماذا تظن بهذه الزائرة ولكن أمام نظرات تروى المتهربة باستمرار فهمت إنه وإيرما لديهما مشروعات معا .
عضت على شفتها من الإحباط ولكن لماذا طلبت منها إيرما ألا تسبب له أذى ؟
احتارت وزفرت لأن الحياة فعلاً معقدة .
رنت ساعة الحائط الخامسة تماماً عندما أخرجت سيارة ناتالى الجاجوار من وسط حفرة الجليد . وبفضل غزارة الجليد لم تتعرض السيارة لأى تلف يذمر . وأحست الشابة بالاطمئنان وهى تعرف أنها موجودة بالقرب من بيت تروى الذى أعلن لها :
- لقد تأخر الوقت كثير على الرحيل وطبقة الجليد والت جاثمة على الطرق التى أصبحت زلجة مثل الزجاج . ثم إن غلاية البخار قد أصلحت ويمكنك النوم بمفردك فى غرفتى .
بعد رحيل إيرما قام بعدد لا يحصى من المكالمات التليفونية حتى يأتى الفنى لإصلاح الغلاية بأسرع ما يمكن وبأى ثمن . ردت عليه ببرود :
- أنا فتاة ناضجة يا تروى .
كانت مقتنعة أنه سيقابل إيرما فى نفس المساء ولم تعد تفهم شيئاً لماذا لا يلقى بحقيبة ملابسها فى سيارتها حتى يتخلص منها ؟
كانت فى حالة غير طبيعية وهى تذهب لإحضار متعلقاتها من حجرة الحمام ، صاح فيها تروى :
- ألا يمكن أن تفكرى مرة واحدة بعقل ؟ هل ستقودين سيارتك على الجليد الخطر ؟ انتظرى إلى ما بعد ظهر غداً حتى يكون الثلج قد ذاب.
تراجعت ناتالى عن قرارها فقط لتتأكد من موعد ما بعد الظهر الذى صوره لها خيالها . إن وجودها دون شك سيمنعه من الذهاب إلى إيرما .
ولكن تأكدت شكوكها عندما وجدته يدخل عليها وقد ارتدى بنطلوناً من لقطيفة وسويترا أحمر . حاولت أن تفكر فى شئ آخر فأعدت وجبة طعام أثارت إعجاب مضيفها وسألها :
- من أين وجدت الوقت اللازم لدراسة الحقوق وتعلم فنون الطهى فى وقت واحد ؟
- لقد تعلمت الطهى عندما كنت صغيرة بعد رحيل أمى . ولكن هل ستخرج ؟
- لماذا ؟ هل تعتقدين أننى سأتركك بمفردك تلتهمين هذه الوجبة اللذيذة ؟
- فى هذه الحالة تناول طعامك اولا ثم أخرج
- ليست لدى أى نية للخروج فى هذا الجو . هل تحاولين التخلص منى ؟
- لا ... لقد ظننت ... لا شئ
تلعثمت وهى تحاول إخفاء دهشتها .
أعدت ناتالى المائدة وهى تتساءل لماذا تحس بالارتياح لأن تروى سيبقى فى البيت وأثناء الطعام ثرثرا فى هدوء وهنأها تروى على طهوها لدرجة أحست معها باحمرار خديها خجلاً.
قال تروى مازحاً وقد بدأ عليه الاستمتاع :
- أعتقد أن هكذا يفعل الزوجان السعيدان .
صححت له ناتالى معلوماته قائلة :
- ليس هكذا يفعل المتزوجون ممن يعملون معى وإنما يقضون أوقاتهم فى الصراخ والشجار . سيدهشك أن تعلم كم من الزيجات يتمرغ أصحابها فى التراب كل يوم .
- ألهذا السبب أردت الاهتمام بقضايا الطلاق ؟

**********************

يتبــــــــــع...

Rehana 15-02-10 08:40 AM


اعترفت قائلة:
- ربما كان ذلك له تأثير على طريقتى فى التفكير فى الزواج فضلاً عما أحدثه طلاق والدتى فقد كنت ضيفة الشرف فى مسرحية طلاقهما
- شئ لا يصدق .
إن ما لا يصدق هو ان الذين يقعون فى الحب بسرعة لدرجة الزواج فى الحال .
قال تروى وهو يضع قدح قهوته على المائدة :
- لا ... إننى أتحدث عن بشرتك ...إنها ناعمة جداً .
احمر وجه ناتالى رغما عنها :
- إن ذلك بسبب ...
- أنت رائعة .
ردت ناتالى وهى تنكمش على نفسها :
- لا ... يا تروى ! لقد قضينا وقتاً سعيداً معاً ... لحظات فى منتهى السعادة فلا داعى لأن تفسد صداقتنا .
قال وهو ينفجر ضاحكاً :
- صداقتنا ؟ إن صداقتنا يا سيدتى العزيزة هى آخر شئ أتوقعه منك . إننى أظن أن كلمة حب لها وقع أفضل .
كررت كلامها فى حزم :
- سأرحل غداً ... ولا يجب أن تحدثنى بهذه الطريقة .
بدا على وجه تروى تعبير حيوى . تساءلت : كم عدد الليالى التى سترى فيها وجهه يطل بهذه الطريقة وسط أحلامها ؟ إنها لن تنسى أبدا اللحظات العاطفية التى مرت بينهما .
اقترب منها وقال :
- إننى دائماً أنتهى بالحصول على ما أريده .
ثارت غضباً ونظرت إليه نظرة مثلجة :
- يا للحذاقة يا سيد جوردان ! كيف تجرؤ على الاعتقاد بأننى سأنفذ رغباتك لمجرد أنك أردت ذلك ؟ حسنا .. أستطيع أن أقول لك فى الحال أنك ستصاب بالخيبة .
همت بالنهوض ولكن تروى أمسك برسغها ومنعها فى الحال أن تكمل حركتها قائلاً لها :
- ما الذى ستعلنينه لى ؟ أن هناك شخصاً آخر ؟
- كما سبق أن أخبرتك فإن هذا ليس من شأنك .
- هل فعلاً هناك شخص آخر ؟
- إن حياتى الخاصة لا تخصك .
أمسك بذراعها بحركة عنيفة وهزها بقوة :
- إنها ستخصك عندما تعرفين أنك وقعت فعلاً فى حب شخص ما .
ظلت ناتالى مبهوتة . هل تروى جوردان واقع فى حبها ؟ وخلال أربعة أيام فقط؟
- هذا أسخف شئ سمعته فى حياتى . أنت تخلط ما بين الافتتان المؤقت والحب الحقيقى.
رد عليها دون أن يخفف من قبضته :
- لا يمكن أن تقوم بيننا علاقة إفتتان مؤقتة أنت خلقت للحب ... ومنذ أن رأيتك قلت فى نفسى إن هذه المرأة تختلف تماماً عن غيرها .
- وأنا التى كنت أظن أنك تنقذ حياتى بدافع الإنسانية فقط .
- لقد حاولت ذلك فعلاً ولكن هذا لا يمنه كونى رجلاً له رغباته وأن يقع فى الحب .
- تروى جوردان أنت مريض .

************************

يتبـــــــــع...

Rehana 15-02-10 08:43 AM


- لا ولكنى ببساطة رجل مفتون بامرأة ذات عينين زرقاوين وشعر أشقر لدرجة فوق الوصف .
- انا لا أصدق كلمة واحدة مما تقوله . وأنا واثقة بأنه بعد خمس دقائق من رحيلى ستسارع بأن تذهب إلى إيرما.
- هل تصدقين هذا الذى تقولينه ؟
- كف عن هذا اللغو ودعنى فى حالى وهذا إنذار أخير . هل سمعتنى جيداً ؟
- لقد سمعتك .
ولكن ذهن تروى كان شارد فى مكان آخر . كان جسد ناتالى قد استولى على كل تفكيره .
قالت له بلهجة جادة :
- لقد سبق أن أخبرتك كم أن حياتينا تختلف كل منهما عن الأخرى . لقد عملت جاهدة حتى أصنع لنفسى اسماً فضلا ًعن سبع سنوات من الممارسة أمام المحاكم ، وعملائى لديهم الكثير من النقود ويدفعون لى أجراً مرتفعاً للخدمات التى أقدمها لهم . وأسكن فى شقة فاخرة وأذهب إلى أفخر المطاعم و ....
قاطعها فى حزن :
- لقد قلت ما فيه الكفاية يا ناتالى ومن غير المجدى أن تقدمى لى صورة ... أنت امرأة شديدة الطموح .
- لا تحنق على من أجل ذلك يا تروى . إنها طريقة بالنسبة لى لبناء وجود ثابت مأمون ، وعندما تفقد أشخاصاً تحبهم تحس بالحاجة إلى إحلالهم بشئ آخر.
- أنا لست حانقاً عليك . أنا ببساطة آسف عليك .
- إن الشفقة هى آخر شئ أنتظره . لقد كانت وراءك حرب ولا أشك فى أنك نلت نصيبك من العذاب . ولكنك لا تحاول حتى نسيان ذلك ، ولهذا السبب تناسبك إيرما تماماً. إنها ليست بالنسبة لك سوى امرأة تفرغ فيها إحباطات .
- هذا يكفى يا ناتالى
- قالت وهى تقف أمامه فى عناد ويداها فى وسطها :
- أنا لم أنته بعد ! ألا تعتقد أن الوقت حان لأن تمسك بمشاكلك بين يديك ؟ لقد حاولت أنا التغلب على وحدتى وهذا على الأقل يعطينى الشعور بالرضا .
دارت ناتالى على عقبيها وخرجت من غرفة النوم وصفقت الباب وراءها بعنف .
ربما أنقذ تروى حياتها ولكن ليس هو الذى يعرفها كيف تتعلم الحياة . غدا عند أول ضوء سترحل . إن خمس ليال تحت سقف واحد مع ذلك الرجل هو أقصى ما يمكن أن تتحمله .

************************

يتبــــع...

Rehana 15-02-10 08:50 AM



الفصل السابع

أعلنت ناتالى بصوت حازم :
- سيدى القاضى ! إن عميلى لم يحصل على تصريح لرؤية أطفاله خلال ستة أشهر وهو مستمر فى دفع نفقة شهرية لهم ولزوجته السابقة .
بدا وكأن القاضى ليس فى حالته المزاجية الرائعة ولا ناتالى أيضاً . إنها تبدو فى هيئة ممتازة منذ ... أن وضع تروى جوردان حقيبة ملابسها فى حقيبة السيارة الخلفية وراقبها وهى ترحل .
قال لها جاى :
- هل تأتين لتحتسى شراباً منعشاً ؟
كان القاضى قد رفع الجلسة للاستراحة ثم عاد وأجلها إلى يوم الاثنين التالى .
كان المحامى الذى يدافع عن زوجة عميل ناتالى السابقة قد اكتشف هو الآخر أن مزاج القاضى ليس على ما يرام وقد بدا يميل إلى أن يكون سفاحاً..منتديات ليلاس



*********************

يتبــــــــع...

Rehana 15-02-10 08:54 AM


ردت علي ناتالى :
- لا ليس هذا المساء وشكراً . سأعود إلى البيت وأسخن طبقاً مجمداً ثم أنام .. ثم لدى نصيحة أنصحك ألا تعارضنى أمام القاضى حاول أن تبدى تمكنك المهنى يا برسمان .
همهم المحامى وهو يبتسم :
- أيتها الشابة المنزوعة منها الرحمة . فى يوم من الأيام سأكف عن أن أعرض عليك الخروج معى .
قالت وهى تخلع نظارتها الطبية وتضعها فى حقيبة الأوراق :
- سيكون هذا أفضل ... إلى اللقاء يوم الاثنين .
أصبحت ناتالى بمفردها وسط القاعة الفسيحة الخالية وشردت بذهنها . لماذا هذا الشعور بالإحباط منذ فترة ؟ إنها لم تتلق أية أخبار عن تروى وهى تحس بالضعف يوماً بعد يوم . حتى والدها ظن أنها مصابة بالانيميا .
أطلقت زفرة طويلة ثم نهضت وحملت حقيبة أوراقها التى وضعت بداخلها الملفات وهبطت الدرجات القلائل التى تفصلها عن قاعة المحاكمة إلى الردهة الرئيسية التى قطعتها وهى لا تزال شاردة تفكر . لاحظت حركة فى الصف الأخير من قاعة الانتظار فالتفتت بعنف .
كان على المقعد الخشبى الطويل تروى جوردان جالساً فى هدوء وهو يلتهم حبات الفشار وقد بدا على راحته .
بهتت ناتالى ووقفت فى مكانها جامدة ... لا إنها لا تخدعها عيناها . إن ما تراه هما نفس العينين اللتين لا تقاومان بسوادهما الجميل وملامحه المليحة التى لا يمكن إلا أن تكون لوجه واحد . ذلك الوجه الذى طارد أحلامها بلا هوادة ونقش داخل ذهنها :
- تروى !
لم تستطع أن تقل أكثر من ذلك . ابتسم لها ابتسامة كشفت عن سعادته وهو يراها مذهولة لهذه الدرجة . سألته :
- ماذا تفعل هنا ؟
- أنا فى حاجة إلى محام .
ردت عليه وهى تضحك فى عصبية :
- أخشى أنك أخطأت العنوان . إن كوبنز فى كارولينا الشمالية بعيدة جداً عن مجال ممارستى .
ضحك لها وهو يفرد طوله الفارع :
- ربما وجب على أن أعبر بطريقة أخرى . أنا لم أحضر إلى هنا لاستخدم خدماتك ومواهبك المهنية . هل تريدين بعض الفشار ؟
شكرته ناتالى . إنها لم تنس طوله الفارع وكتفيه العريضتين والطريقة الفريدة التى يبرز بها بنطلونه الجينز الضيق عضلات ساقيه .
قالت لتغير الموضوع :
- كيف حال خوخك ؟
- لن تصدقى ولكنى أظن أننى سأنجو بالمحصول . طبعا هذه ليست أحسن سنواتى .. فيما يتعلق بالخوخ .
نطق تروى الجزء الأخير من عبارته همساً . لقد كان محصوله منذ زمن طويل قد ترك مكانه فى ذهنه لتحتل محله ذكريات أحتفظ بها عن الشابة .
لقد أحس بالمرض عندما رأها ترحل بل إنه حتى لم يغير أغطية الفراش التى نامت عليها ليتمدد عليها من حين لأخر ويدس رأسه تحت الوسائد متخيلا عطرها .
حاولت ناتالى بطريقة أو أخرى الاحتفاظ بمسلك يليق بها كمحامية مشهورة فى حين أنها كانت تتحرق شوقاً أن تلقى بنفسها بين ذراعيه .

********************

يتبــــــــع...

Rehana 15-02-10 08:57 AM


سألته بلهجة مرحة تحاول أن تشير الى أن حضوره ليس له أهمية :
- إذن ما الذى جاء بك إلى أتلانتا ؟
إنها تريد بوجه خاص ألا يظن أنها تكاد تطير فرحاً من لقائه وأنها اشتاقت إليه كثيراً .
فى رأيها أن تروى وإيرما قد استأنفا قصة حبهما العادية التى كانا قد بدآها قبل العاصفة الثلجية . لقد كانت ناتالى تفكر فيها باستمرار عندما ترقد لتنام , مما كان يسبب لها أرقاً رهيباً تمنت فقط ألا تظهرالهالات الداكنة حول عينيها نتيجة ليالى السهر التى لانهاية لها ...
رد عليها :
- هناك مسألة لابد أن أسويها مع أخى .
سألته وقد أحست بالإحباط والخيبة :
- المستثمر ؟
هكذا إذن لم يحضر ليقابلها , أحست ناتالى بقلبها ينقبض وتشيع فيه القتامة واليأس ومع ذلك فهومليح الوجه .. وشعره الذى أحسن قصه وتمشيطه أعطاه مظهراً مختلفاً تماماً عن ذلك المظهر المتوحش الذى عرفته به وكأنه خارج لتوه من النوم المتقلب .
قال :
- نعم . فى كل مرة أربح فيها قرشاً واحداً يريد منى أن يستثمره لى . أخر مرة استثمر أموالى فى أسماك التونة .
أخذا يضحكان معاً ولكن تروى أحس بالتوتر الذى سرى فيما بينهما . سألها محاولاً أن يغير الموضوع ويخفف من حدة التوتر :
- هل تذكرين عندما قلت لك إننى أحب أن أشاهدك وأنت فى وسط عملك المهنى أمام المحكمة ؟
- نعم , وإن كنت لا أفهم السبب .
- لقد أردت أن أرى كيف تبدين . لقد اتصلت بمكتبك حيث أعلنوا لى أنك
تقومين بالدفاع بعد ظهر اليوم . وهكذا تجديننى أتيت . لقد كان من الصعب جداً متابعتك من قاعة لأخرى دون أن أجعلك تلاحظيننى .
- إننى لا أكاد أصدق أنك ظللت طوال مابعد الظهر لا لشئ سوى سماع أزواج يتشاجرون .
- لقد كنت أشاهدك أنت .
- آه ها .. ؟
-لأرى كيف تتصرفين . ولقد كنت على حق فى نقطة .
- ما هى ؟
- أنت تبدين نمرة فى المحكمة تماماً مثلما تتصرفين فى الحياة .
قالت وهى تنظرفيما حولها نظرة قلق :
- تروى !
- أنت محامية ممتازة يا ناتالى كورتلاند . ولسبب غريب لا استطيع أن أتصورك فى المحطمة وأنت ترتدين روبى المنزلى . والآن وأنت ترتدين هذا الطقم الفاخر من الملابس الذى يساوي ثلاثمائة دولار ونظارتك الفاخرة فإن منظرك يصرعنى .
سألته وهى تبتسم أمام فكرته :
- هل يمكننى أن أدعوك على قدح قهوة أو ما شابهه ؟
- لقد كنت أحبس انفاسى انتظار لأن تدعينى إليه .
وابتسم مرة ثانية ابتسامته تلك التى تجعل قلبها ينبض بسرعة مائة نبضة فى الدقيقة , إن وجودها بالقرب من تروى يجعلها تحس بأعراض تجعلها تفكر فى الذهاب إلى الطبيب . ولكن لماذا لم يتصل بها تليفونياً ؟

***********************

يتبـــــــع...

Rehana 15-02-10 09:00 AM


كانت ناتالى فى كل ليلة تعيد الاستماع إلى المكالمات التى سجلها جهاز تلقى المكالمات الآلي وهى تأمل أن تسمع صوته . قالت :
- أعرف ركناً لطيفاً على الجانب الآخر من الطريق . كل ما فيه بسيط .
- رائع .. أحب كل ما هو بسيط .
بعد عشر دقائق كانا جالسين أمام مائدة صغيرة فى نهاية قاعة المقهى الذى كان مزدحماً بالناس . كانت ناتالى لاتزال منفعلة ووضعت كفيها على ركبتيها لتمنع ارتجافهما وفجأة عاد كل شئ إلى ذاكرتها . خاصة تلك الليالى الشهيرة أمام المدفأة بعد أن تعطلت غلابة بخار التدفئة . سألها :
- فيم تفكرين ؟
أجابته بقوة :
- لا شئ . ببساطة .. إنها مفاجأة لقائك .
- وهل ارتكبت خطأ بحضورى ؟
- لا . طبعاً لا ..
عندما حضرت الساقية لتلقى طلباتهما حرصت ناتالى على اختيار عصير العنب كما كانت تفعل .
سألها تروى بعد رحيل الساقية :
- إذن هنا يهبط كل المحامين بعد دفاعاتهم أمام المحكمة ؟
كان من الواضح أنه بجوار هؤلاء الرجال الذين يرتدون حللاً من ثلاث قطع كان تروى ببنطلونه الجينز وسويتره الفضفاض من القطيفة حالكة اللون يبدو شاذاً .
نعم لقد ارتكب تروى فعلاً غلطة لحضوره بحثاً عنها هنا ووضعها فى حالة من الإحراج الشديد . ولكن الله وحده يعلم مدى حاجته لرؤيتها .
أجابته وهى تدرك مدى ضيقه وحرجه :
- إنه ليس غالياً وهو قريب من المحكمة ثم إن الطعام هنا ليس سيئاً . من يرعى ديزى وصغارها ؟
- صديق .. يجب أن تشاهدى منظر الجراء .
-صديق ؟ ماذا لو كانت صديقة ؟ ضايقتها الفكرة ..
وصلت الساقية ومعها المشروبات وأوشكت ناتالى أن تقبلها لأنها أخرجتها بحضورها من الحرج الذى كانت تشعر به . قال لها :
- وما رأيك فيما لو انضممت إلينا على العشاء .
قالت وهى ترفع رأسها :
- أرجو المعذرة . أنا لم أفهم ما تقوله .
- لا بأس يا ناتالى .. ماذا هناك ؟ من يرك يظن أنك تسيرين على جمر .
لام نفسه على سؤاله الأحمق . إنها تستطيع الخروج مع نصف الشباب الأنيق الموجود فى هذا المقهى وهاهى تصاحب رجلاً ريفياً مثله .
تساءلت . هل اضطرابها ظاهر إلى هذه الدرجة ؟
لقد استخدمت كل ما لديها من عزيمة حتى لا تمد يدها وتربت على خده . قال لها بابتسامة شيطانية :
- أعرف العلاج لما تعانيه .
- لقد مر على أسبوع صعب ومؤلم وأحتاج إلى ساعات حتى استرخى . هل كنت تقترح على أن نتناول العشاء معاً ؟
- نعم . وسيحضر أخى أرثر وأتعشم ألا يضايقك حضوره .
ردت عليه :
- طبعا لا .. لا يمكن أن يضايقنى .

******************

يتبـــــع...

Rehana 15-02-10 09:02 AM


كانت تشعر بنوع من الإحباط المبهم . ودت ناتالى لو قضت السهرة كلها معه بمفردها يثرثران طويلاً . إنها توشك أن تلتهمه بعينيها . بعد اسبوع كامل دون أخبار عنه ظنت فعلاً أنها فقدته للأبد . طلب منها عنوانها وراقبته وهو يسجله على منديل ورقى .
قالت وهى تنطق كل حرف بعناية :
- أعتقد .. أعتقد أنه يجب على أن أرحل .
كانت تأمل الا يكتشف تروى مدى اضطرابها ثم سألته :
- هل تحب أن أقابلك أنت وشقيقك فى المطعم مباشرة ؟
- حتى تضيعى فرصة ركوب شاحنتى القديمة .
ضحكت :
- أوه .. هل سيحضر ارثر معنا ؟
- أتعرفين ؟ أنه يفضل الموت على ركوب الشاحنة . إنه من الصنف الذى يركب المرسيدس . وأنا أعشق الحضور واطلق النفير أمام بيته حتى يطل كل الجيران من نوافذهم وقد أصابهم الرعب عندما يرون الفلاح الذى أنا هو يركن شاحنته أمام دارهم ولكن آرثر يكتفى بأن يشير إلى خفية إلى باب الدخول ويعمل على إيجاد مكان لى فى ساحة الانتظار الموجودة خلف العمارة .
- لاتقل لى إنه متحذلق .
- سترين ذلك بنفسك .
- فى هذه الحالة كيف حدث أنك لم تكن متحذلقاً أنت الآخر ؟
- لم يكن والداى سوى فلاحين بسيطين متواضعين وليس بهم أى لمسة من التحذلق وادعاء الارستقراطية وأختى مثلهما . فلا المال ولا النقود يمكن أن تؤثر فيهم وآرثر كان دائماً مختلفاً , لقد رهن أبى المزرعة حتى يستطيع أن يواصل دراسته .
- وماذا عن أختك ؟
- إنها متزوجة وقد انتقل زوجها إلى مكان آخر ولكنها لا هى ولا أخى يهتمان بالمزرعة . وقد انتهى بى الأمر إلى أن اشتريت نصيبهما .
ألقت ناتالى نظرة على ساعة يدها :
- يجب فعلا أن أعود إلى بيتى لأخذ دشاً .
قال تروى مازحاً :
- هل تريدين مساعدة ؟. حسب ما أذكر أنت تعانين مشاكل مع الدش .
ردت عليه وهى تنهض فى وقار :
- حسنا .. أحب أن أوضح لك أن دشي لايبصق فجأة مياها مثلجة . سأذهب .
- لقد فهمت ذلك . عندما تقررين الرحيل فلاشئ يمكن أن يثنيك عن ذلك .
- هل تعتقد أنك تستطيع العثور على عنوانى ؟
- بالتأكيد .
بعد أن دفع تروى الحساب صحبها حتى سيارتها وقال لها :
- فى أى ساعة ستكونين مستعدة ؟
- فى الثامنة . هل هذا مناسب ؟
- حسنا .. أغلقى بابك بالترباس وارفعى زجاج السيارة .
- أنا فتاة ناضجة وعاقلة يا تروى .
- وأعتقد أن هذا بالذات ما أحبه فيك .
ابتسم لها ابتسامة زادت من حلاوة ورقة ملامحه وجعلته يبدو أكثر شباباً .

***********************

يتبـــــــع...

Dark Star 15-02-10 09:56 AM

بس كدة دة جزء صغنوووون أوى أنا طماعة صح بس الرواية عن جاد حلوة أنا مقدرة مجهودك فى الكتابة بس طلب صغنووون خالص ياريت المرة الجاية تنزلى جزء دسم حبتين تلاتة ههههههههههههههههه.مستنيييينك:8_4_134:

اسماء88 15-02-10 01:14 PM

thank you very much you are the best

Rehana 16-02-10 01:59 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Dark Star (المشاركة 2171335)
بس كدة دة جزء صغنوووون أوى أنا طماعة صح بس الرواية عن جاد حلوة أنا مقدرة مجهودك فى الكتابة بس طلب صغنووون خالص ياريت المرة الجاية تنزلى جزء دسم حبتين تلاتة ههههههههههههههههه.مستنيييينك:8_4_134:



هههههه ..طماعة أوى ..بحاول قدر ما أستطيع

راح نزل جزئين وإن شاء الله نهاية راوية يوم غد

تحياتي لك

Rehana 16-02-10 02:17 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة اسماء88 (المشاركة 2171600)
thank you very much you are the best

شكرا لمرورك أسماء و تشجعيك لي

دمتِ بوود

Rehana 16-02-10 02:18 PM


الفصل الثامن

راجعت ناتالى مظهرها فى المرآة وأحست وكأنها تسبح فوق سحابة . كانت ترتدى ثوبها من الكريب الأسود تضمه فى الوسط بحزام عريض يبرز رقة جسدها ولم تكن تحمل من الحلى سوى عقد بسيط من اللؤلؤ .
ألقت نظرة سريعة على الصالون وتأكدت من أن كل شئ منتظم . كان صالونها يمثل حلم مهندس الديكور . كانت قطع الأثاث مكسوة بقماش تنجيد فاخر منقوش بالورد والمائدة المنخفضة مدهونة باللاكيه اللامع مما يكون طاقماً جديراً بأن يكون غلاف مجلة ديكور .
وكانت مجموعة العلب الموسيقية القديمة مبعثرة فى كل مكان فى الحجرة حيث شكلت النباتات الضخمة نوعاً من التضاد والتباين المرح مع لون الجدران المحببة الطلاء ..منتديات ليلاس



**********************

يتبـــــــع...

Rehana 16-02-10 02:21 PM


وضعت فى دلو من الفضة زجاجة عصير عنب محاطة بمكعبات الثلج تعطى إحساساً منعشاً . ربما كان تروى يفضل الجعة أو عصير الشعير ؟ كان من الواجب أن تفكر فى ذلك .
عندما سمعت صوت جرس الباب فزعت الشابة ووضعت راحة يدها على قلبها لتمنعه من أن يقفز خارج صدرها . ثم أطلقت زفرة طويلة وراجعت شعرها القصيرثم نظرت من العين السحرية ورأت وجه تروى المليح .
فتحت له الباب وهى غير متوقعة ذلك المشهد الذى أمامها . لقد اختقى البنطلون الجينز والملابس المصنوعة من صوف الفانيلا والسترة القطيفة . وبدلاً منها كان تروى يرتدى بذلة رمادية وقميصاً رقيقاً بأقلام رفيعة ومعطفاً أنيقاً لونه بيج .
تبادل الاثنان النظرات فترة طويلة قبل أن تسترد ناتالى جأشها وتدعوه للدخول . قالت بكلمات واضحة :
- انت ممتاز جداً .
رد عليها :
- وأنت كعادتك رائعة ؟
عندما مر من عتبة الباب ناولها صندوقاً أخذت تتأمله فى دهشة وقالت :
- حلوى البون بون ؟ هذا لطيف منك .
ثم قالت فى نفسها : رومانسى أيضاً . واستطردت :
- هل تحاول أن تزيد من وزنى ؟
- أوه ....لا ... لقد أكلت نصفه وأنا قادم . إنها أول وجبة لى فى النهار ما عدا الفشار
- فى هذه الحالة لا يجب أن أقدم لك عصير العنب .
- هيا قدميه فأنا فتى ناضج.
همهمت وهى تذهب لتحضر فتاحة الزجاجات :
- لقد لاحظت ذلك .
مما لا شك فيه أن آرثر جوردان هو أكثر الرجال إثارة للملل والضجر اللذين قابلتهم ناتالى فى حياتها وأكثرهم ادعاء وحذلقة وكان ذقنه المشقوق وبطنه لمرتخى يدلان على ميل واضح للطعام والشراب بإسراف .
ولكن ناتالى فكرت لو أنها اضطرت لأن تمضى بقية حياتها معه لاضطرت لأن تصاب بنفس النقيصة حتى تنسى عذابها معه . ولم تدهش طبعاً عندما علمت أنه مطلق .إنه لم يكن فى حاجة إلى امرأة وإنما إلى جمهور يصفق له . سألها الرجل بعد أن تغيب تروى بعض الوقت :
- إذن أنت يا ناتالى محامية طلاق.
- بالضبط .
- إننى أتذكر أننى قرأت مقالة عنك فى تحقيق صحفى عن أكثر النساء المرموقات فى أتلانتا . ولاأعتقد أننى فهمت أنه من الصعب التعامل معك فى المحكمة .
- إذا تطلب الأمر ذلك فنعم أنا صعبة المراس ولكن على أية حال فإن معظم قضايا الطلاق تنتهى نهاية سيئة .
- كم كنت أتمنى أن تمثلينى عندما احتجت إلى محام . لقد استولت زوجتى على كل شئ عدا البذلة التى أرتديها . بعض النساء لسن سوى حيات مصاصات للدماء . فهمت ماذا أعنى ؟
أجابته وهى تبتسم ابتسامة معسولة :
- لحسن الحظ إننى لم ألتق بواحدة منهن يا آرثر هل تعرف ما هو المايس ؟
- إنه منتج كيماوى يحترق بدرجة رهيبة عندما ينثر على وجه شخص ما ... يسمى بودرة العفريت ،لكن لماذا هذا السؤال ؟

***************************

يتبــــــــــع...

Rehana 16-02-10 02:23 PM


- لأنك إذا لم تبعد ركبتك عن ساقى فسأنثره فى الحال فى عينيك .
قال معتذراً وهو يبتعد :
- أوه ! آسف يا ناتالى ... لقد أردت أن أظهر لك الود ... لقد لاحظت أن فتيان الريف مثل تروى يثيرون انتباهك واهتمامك .. إنه يلعب بمهارة . ولا يمكن نزعها منه .
- عن أى شئ تتكلم ؟
لو استطاع آرثر أن يشرح كلامه بوضوح لتلقى كوباً من العصير فى أنفه مباشرة . قال :
- إن تروى لديه المال . لقد حققت له استثمارات ممتازة . إنه يمتلك دون شك نصف أراضى كاوبنز فضلاً عن مصنع المعلبات.
سألته بلهجة يشوبها الضجر الشديد وهى تأمل أن يعود تروى سريعاً :
-أى مصنع معلبات ؟
- مصنع المعلبات . أنه أكبر مصنع فى الحنوب الشرقى وهو يستخدم نصف سكان كاوبنز ويعبئ فى العلب أفخم أنواع الخوخ فى الجنوب .
قال تروى شارحاً وقد عاد ليجلس بجوارهما :
- آسف لقد كان الطابور طويلا أمام التليفون .
طلب آرثر من الساقية كأساً أخرى من الشراب القوى عندما جاءت لتلقى طلباتهم .تدخل شقيقه بلهجة قلقة :
- ألا ترى أنك احتسيت ما فيه الكفاية ؟
تجاهل آرثر كلام شقيقه وطلب كأساً أخرى شارحاً لـ ناتالى :
- إن تروى لم يكن أبداً هكذا ... لقد كنا لا نكف عن الشغب عندما كنا صغاراً ...أليس كذلك ؟
حاول تروى تهدئة شقيقه وابتسم قائلاً :
- بلى ... هذا صحيح .
- ثم رحل العجوز تروى إلى فيتنام . عندما بدأت دراستى وهكذا ... لم تمض سوى ستة أشهر إلا ووقع فى غرام فيتنامية ضئيلة ... إيه إننى حتى لا أذكر اسمها .
قال تروى بحدة وهو يزداد توتراً شيئاً فشيئاً :
- أنا واثق بأن ذلك لا يهم ناتالى .
قال آرثر فى إلحاح سمج وهو يربت على ظهره :
- إنك حتى جعلتها تلد لك طفلاً.
ظلت ناتالى جامدة على مقعدها لا تعرف ماذا تقول . أصبح وجه تروى جامداً وبارداً مثل الرخام . لقد أصبح العشاء كارثة . عانت الشابة .. صداعاً حاداً ومؤلماً ولم تعد فى ذهنها سوى فكرة واحدة :أن تعود إلى بيتها .
فجأة سألها آرثر :
- ألا تحبين أحداً يا ناتالى ؟
أجابته بابتسامة مقتضبة متجاهله سؤاله :
- فى الحقيقة لا أشعر بالجوع .
قال الأخ السمج موجهاً حديثة إلى تروى :
- وأنا الذى أحاول أن أؤثر على صديقتك بأن دعوتها إلى أحسن مطاعم أتلانتا . لو كنت أعرف ذلك لفضلت الذهاب لتناول الهامبورجر .
انفجر فى ضحكة ممجوجة تماما جذبت انتباه العديد من الزبائن المذهولين . نصحه تروى بحزم :
- كف عن طلب الشراب يا آرثر.

**********************

يتبــــــــع...

Rehana 16-02-10 02:25 PM


جرى العشاء وسط جو متوتر مشدود . لم يسبق لـ ناتالى أن أحست بمثل عدم الارتياح كما أحست أثناء الطعام .
أولاً : هناك ذلك الرجل الفظ والذى يتباهى بأن يصبح موضع السخرية والاستهزاء . ثم هناك ذلك الطفل الذى رزق به تروى من الفيتنامية . ثم تلك الثروة التى أدعاها شقيقه والتى أخفى عنها خبرها .لماذا لم يحدثها عنها أبداً ؟ مئات الأسئلة كانت تتصارع فى ذهنها . قال آرثر مقترحاً :
- ألن تتناولى الحلوى ؟
أجابته ناتالى وهى تختلس نظرة إلى تروى :
- لا شكراً . لا بد من عودتى حتماً . لقد كان نهارى طويلاً ومؤلماً .
طبعا هناك ذلك العشاء الكارثة الذى ختمت به يومها الرهيب . عندما وصلت فاتورة الحساب أخذها تروى من بين يدى آرثر ونظر فيها ولم يبد أى دهشة وإنما قال لأخية بخشونة :
- احتفظ بنقودك من أجل دفع أجر عودتك .
أشار تروى بعد ذلك إلى الخادم ليحضر سيارة أجرة لأخيه ذلك الخادم الذى أعلن وهو يتقبل العطاء الكبير الذى دسه توى فى يده :
- تحت أمرك يا سيدى . حالاً .
فى اللحظة التى ساعد فيها تروى ناتالى فى الصعود إلى الشاحنة .أحس بالارتياح وهو يشاهد سيارة الأجرة تصل وتحمل شقيقه من أمام المطعم .
قال أخيراً معترفاً للشابة :
- أنا آسف أن تحول العشاء إلى كارثة . لقد كنت أجهل أن آرثر وصل إلى هذه الحالة المزرية . لقد كان دائماً يحب الشراب ولكن ليس لهذه الدرجة .
قالت له ناتالى مؤكدة ببساطة :
- لقد كنت سعيدة لقضاء السهرة معك يا تروى .
نظر إليها نظرة دهشة وهو واثق بعد مشهد شقيقه أنها لا تريد أن تراه بعد ذلك أبداً . وصلا أمام الشقة الخاصة بالشابة فدعت رفيقها إلى تناول قدح قهوة بمنزلها .
حياها البواب بطريقة ذات مغزى وهما ينتظران المصعد .
ترك تروى الشابة تعد القهوة وفتح الجدار الزجاجى الخاص بالصالون وخرج إلى الشرفة حيث شهد فيها أضواء المدينة المتلآلئة. فكر مرة ثانية كيف أن كلا منهما يعيش فى عالم مختلف عن الآخر .
إن رؤيته لها وهى تتحرك داخل عالمها الخاص زادت من تأكيد فكره السابق ومع ذلك لم يمنعه ذلك من أن يرغبها ويحبها من كل قلبه .
قالت له عندما انضمت إليه على الشرفة :
-أوه ... هأنت ذا ! أليس رائعاً ؟ أحياناً عندما أجد نفسى وقد جفانى النوم أو أن قضية ما ترهقنى ذهنياً أجلس هنا .
- وماذا تفضلين الإعجاب بالنجوم وهى بصحبتك هنا أم أضواء المدينة ؟
- وما رأيك أنت ؟
قال وهو يبتسم ابتسامة بسيطة رغم الظلام :
- أعتقد أنك تعرفين الرد .
لم تستطع ناتالى إلا أن تحس بوخز فى قلبها .من الواضح أن تروى ليس رجل المدينة
ظلا فترة طويلة يتأملان بإعجاب المنظر الطبيعى الوضاء المقدم أمام عيونهما . ثم ذهبت الشابة لتحضر القهوة ثم ناولت تروى قدحاً .
ظلا فوق الشرفة يحتسيان القهوة وهما مستندان على الدرابزين .

************************

يتبـــــــع...

Rehana 16-02-10 02:27 PM



قال برقة معلناً وهو يفكر أنه ربما مس قناعاتها وجرحها :
- على أية حال هذا تغيير مقبول بعد الوحدة فى الريف
ولكن ناتالى لم تصدقه ، قالت له فجأة بعد أن راجعت السؤال فى ذهنها عشرات المرات :
- ما الذى حدث فى فيتنام يا تروى ؟
أجابها وهو شبه مندهش :
- حرب ما بين الشمال والجنوب . لقد حاولنا منع سيطرة الشيوعيين على البلاد ...
قاطعته ناتالى :
- أنا أعرف أسباب الحرب . ولكنى أريد أن أعرف أسباب حرب تروى جوردان ؟ لقد حدث لك شئ ما هناك ... أليس كذلك ؟
- أتقصدين ما عدا قتل الناس والتمثيل بهم ؟
لم تجبه ناتالى ولكن تروى كان يعرف أنها تنتظر الحقيقة .ونظراً للمهنة التى تزاولها فهى من النوع الذى لا يستسلم بسهولة هكذا .
قال معترفاً وقد نكس عينيه نحو يديه الطويلتين :
- لم أكن وقتها سوى صبى . هل تساءلت مرة لماذا يرسلون الناس لتقاتل مع شباب فى سن الثامنة عشرة ؟
عندما ظلت ناتالى صامتة استطرد قائلاً :
- فى سن الثامنة عشر يكون الانسان غبياً لدرجة أنه لا يعرف إلى أى مدى يغامر بأن تطيح الحرب برأسه أو تفجر جسده . حاولى تجنيد رجال فى سن الثلاثين ووقتها سيرسلون بك إلى الشياطين ولن يطيعوا أبداً أمر التجنيد . لن تكون لديهم دون شك نية أن يظلوا جالسين ساعات فى حفرة أو اختراق طريق وسط الأعشاب العملاقة بحثاً عن العدو. والأفضل ترك هذه العمليات للصبية ...
وضع قدحه على المائدة المنخفضة خلفه ، وأمسك بكلتا يديه بالدرابزين . وضعت ناتالى يدها برقة على كتفه فى حركة تريد بها التهدئة والتى استجاب إليها فى الحال ثم استدار ليواجهها .
قال لها وهو يأخذ منها قدحها ويضعه بالقرب من قدحه :
- أنت فاتنة جداً. فاتنة ورقيقة ولا تحسين بأى مرارة .
- أنا أيضاً لدى أفكارى السوداء يا تروى ، ولكن لماذا تشعر بكل هذه المرارة ؟ لماذا آثرت أن تنعزل عن العالم ؟
- لقد كان ذلك من وقت طويل جداً يا ناتالى .
- ولكنك لا زلت تعانى . لماذا ؟
قال وهو يبتعد عنها ليمسك بالدرابزين ثانية :
- إن حكايتى لا تختلف عن حكايات الآخرين فلقد وقعت فى حب فيتنامية جنوبية .
همهمت :
- مى لين ؟
- نعم . لقد كان لنا ولد ... صبى وقوى يجعل أى أب فخوراً به . إذا عرفت معنى أن يكون الإنسان أباً ... ولكنى لم أكن سوى صبى . وفى اليوم الذى عرفت فيه أن القوات الأمريكية ستعود إلى البلاد لم تسعنى الفرحة وكان أجمل يوم فى حياتى كنت أنا ومى لين قد بدأنا الاستعداد للعودة مع الطفل إلى الولايات المتحدة الأمريكية . لقد رحلت وأنا ممتلئ بالأمل وكان علينا أن نتزوج فى كنيسة صغيرة فى كاوبنز .
- ما الذى حدث ؟
- هوجمت قرية مى لين بعد سقوط سايجون وقتلت هى وطفلنا .

************************

يتبـــــــــع...

Rehana 16-02-10 02:29 PM


أحست ناتالى بالاضطراب وأخذت تتأمل فى صمت جسد تروى الفارع والواقف بجوارها سالت دموعها على خديها . إنها تبكى من أجل الرجل الذى استمر حزنه من وقتها لزمن طويل وبسبب ظلم الحروب .
قالت كأنها المسئولة عن الامه:
- أنا آسفة حقا يا تروى
- لقد وعدت مى لين أن تكون هى والطفل فى أمان فى أسرع وقت ... لقد وعدتها ... لقد صدقتنى ... وتخليت عنها .
- أنت لست مسئولاً على الاطلاق عما جرى هناك .
- إذن لقد خدعتها .
- ولكن كيف بحق السماء ؟
استأنف وهو يستدير نحوها ببطء :
- لقد وقعت فى حبك .
مهما كانت الصدمات التى تلقتها ناتالى فى حياتها فإنها لا يمكن أن تقارن بصدمة اعتراف تروى أخيرًا . قالت بعد أن استردت بعض أنفاسها :
- أنا ... أنا لا أستطيع أن أقول شيئاً .
- يمكنك أن تقولى إنك تحسين بنفس الشئ .
نعم تستطيع أن تقول ذلك ولكن إلى أين يقودهما هذا ؟
- تروى ...
- لا تقولى شيئاً لا تؤمنين به تماماً يا ناتالى . أنا لا أستطيع أن أسمع أكاذيب تخرج من هذا الفم الجميل .
قالت وهى تنشج :
- أنت لا تفهم...
وضع إصبعه تحت ذقنها وجعلها ترفع رأسها :
- بل أهم يا عزيزتى . إنه تحيط بك أشياء جميلة وفاخرة . هذه الشقة والملابس التى ترتدينها وسيارتك الجاجوار ... ما الذى يمكن أن تحتاجينه بعد ذلك ؟ أعتقد أنك تشبهين آرثر إلى حد ما .
رغم أن تروى لم يكن مقتنعاً على الاطلاق بما قاله إلا أنه كان متلهفاً على إيلامها تماماً مثلما يحس هو أيضاً بالألم عندما لم ترد على اعتراف لها بحبها مثله .
كانت ناتالى تحس برغبة عارمة فى أن تصفعه لدرجة أن يدها كانت تأكلها . قالت له بحدة :
- إذن أنت لا تعرفنى على الاطلاق .
- كل ما أعرفه هو أننى أفضل أن أظل واقفاً على الجلوس على مقاعدكم الوثيرة ذات المساند . إنها تبدو كأنها خارجة لتوها من فترة عرض تاجر موبيليات . وأعرف أيضا أن لدى رغبة فى أن أربت على شعرك ولكنى أخشى أن أفسد تسريحته التى قام بها أحسن حلاق سيدات فى المدينة أو أفسد زينتك التى تشبه زينة العروس .
أمسك بقدحه واحتسى بقية قهوته مرة واحدة ليضعه بسرعة على المائدة المنخفضة ثم أعلن وهو يدور على عقبيه :
- أعتقد أن الوقت حان بالنسبة لى للرحيل .
صاحت ناتالى ويدها فوق وسطها وهى تتبعه إلى داخل الصالون :
- هذا ليس عدلاً ... اسمعنى يا تروى .ربما أحب أن أحيط نفسى بأشياء جميلة . ولكنى أعمل من أجل ذلك وأستحقه . إننى أستحق أن ارتدى من أفخم محلات الموضة وأتناول العشاء فى أفخم المطاعم . إن هذا هو كل ما عندى يا تروى . ألا تفهم ؟ لقد فقدت كل من أحبهم ولكن هذه الأشياء على الأقل يمكن إحلالها محلهم .

**************************


يتبــــــــــع...

Rehana 16-02-10 02:33 PM


فجأة أحست بشفتيه تهمسان فى شعرها بكلمات مهدئة تعلقت بها وكأنها طوق النجاة :
- لا تكرهنى على ما أنا عليه يا تروى
- أنا لا أكرهك ... أنت حسناء جداً ولكنى أريد أن أبعثر شعرك وأقضى على تسريحته الراقية .
استطاعت بعد جهد أن تهمس :
- إلى الجحيم ليذهب شعرى وتسريحته .
كانت تنظر إليه فى لهفة وحب ولم يعد يهمها فى الدنيا سوى وجوده معها وأخذ يتأملها وقد نسى كل أحزانه وأشجانه .نسى كل منهما حياتهما الماضية والحالية ولم يعد أمامهما سوى هذه اللحظات من السعادة التى لا بد أن ينهلا منها ما يعوضهما عن حرمانهما وأشجانهما وماضيهما . لم تجد ناتالى سوى عبارة واحدة ترددها دون ملل :
- أنا أحبك يا تروى .
ومض بريق العاطفة والانفعال على وجه رفيقها وقد حمله إعصار من المتعة والبهجة والسعادة التى لم يعرفها من قبل حتى ولا فى حبه للفيتنامية مى لين . قال لها :
- لقد اعتقدت أننى لن أستطيع أن أتحمل أن أتركك دون أن اعترف لك بحبى . إن هذا فوق طاقتى يا سيدتى الأميرة .
ابتسمت له ابتسامة حانية وردت قائلة :
- ولا أنا كذلك ... لم أكن أتصور أننى سأتحمل صدمة رحيلك دون أن أعرف حبك لى
- كنت أعرف أننى سأكافح حتى لا تضيع منى اللؤلؤة النادرة .
- شكراً .

***********************

يتبـــــع...

Rehana 16-02-10 02:35 PM


الفصل التاسع

أسندت ناتالى رأسها على عدة وسائد وهى تتأمل تروى خلال بخار القهوة . سألته :
- أتعشم أن تكون مرهقاً مثلى .
ابتسم :
- لا على الاطلاق ولكن كل ما أقوله إننى لم أستطع أن أنام .
- هذا ما اعتقدت أننى فهمته . يلزمنى الآن دشاً ممتازاً ساخناً لمدة ساعة على الأقل .
سألها فى قلق :
- هل تحسين بالمرض ؟
- لا ... فقط
- أخبرينى ماذا هناك ؟
- فقط لقد مر وقت طويل لم أسهر فيه إلى هذا الوقت المتأخروأنل كل تلك السعادة .
- منذ متى؟
احمر وجهها وقالت :
- منذ أيام الكلية ..منتديات ليلاس



****************************

يتبــــــع...

Rehana 16-02-10 02:37 PM

- وهل كنت تحبينه ؟
- لقد اعتقدت ذلك . ولكن الأمر لم يكن سوى حب صبيانى .
سألها وقد بدا عليه القلق :
- وبالنسبة لنا ؟ كيف تعرفين أنه ليس نزوة صبيانية ؟
- وكيف تكون نزوة صبيانية بعد كل ما حدث بيننا .
عندما فتحت الشابة عينيها أدركت أن الوقت ظهر . وعندما أدارت رأسها بحثاً عن رفيقها وجدت المكان خالياً . أحست بالقلق وجلست فى الفراش ثم نادت :
- تروى
خرج الشاب فى الحال من الحمام وقال لها :
- أخيرا قررت أن تستيقظى ... ولكن ماذا هناك ؟
قالت كاذبة :
- لا شئ ... كل ما هناك أننى شعرت بالضيق لأننى نمت طويلاً .
كانت تفضل أن تموت ولا تبوح له بأنها خافت أن يكون قد رحل . قال :
- إننى أكاد أموت جوعاً ... لا يوجد ما هو مغذى فى الثلاجة الكهربائية .
- هذا ليس صحيحاً ... هناك زبادى منزوع القشدة وخبز و...
- هذا بالضبط ما أقوله .. لا شئ مغذى يملأ المعدة هيا انهضى بسرعة قبل أن أسقط من الجوع .
ناولها ملابسها وقال لها :
- أمامك عشرون دقيقة لتستعدى وأنصحك ألا تنسى نفسك فى الحمام حتى لا أضطر لإخراجك بالقوة .
قالـت ناتالى وهى تصحب تروى إلى مطعم مغطى بالنباتات الخضراء فى كل ركن منه :
- إننى أوصى بحرارة بارتياد هذا المطعم .
قال لها وهو ينظر إليها نظرة ماكرة جعلتها تحمر خجلاً :
-هل يقدمون هنا المشويات ؟
- لا ... ولكن لديهم أطعمة أخرى لذيذة .
- من الغريب أن وجهك احمر خجلا ً. وكنت أعتقد أن نساء هذا العصر لا يعرفن الخجل .
- فقط لأننى بصحبة رجل ينقصه الأدب .
أمسك بالقائمة وقال :
- لقد فهمت قصدك ... ماذا تقترحين ؟
-أن تعالج نفسك .
- أقصد ماذا تقترحين من طعام ؟
- إن الحساء طيب والسلطة أيضاً .
- ولكن يفترض أننى جائع ... ألا تعرفين ذلك؟
- الساندوتش اللذيذ
ظهرت الساقية وسألت إن كانا يودان احتساء كوكتيل فواكه فقال تروى :
- بل نريد عصير العنب .
نظرت إليه ناتالى فى شعور بالمهانة لأنه يطلب عصير العنب فى مطعم فاخر . قال لها :
- هيا لا تبتئسى . فليس كل يوم أكون فى أتلانتا .
كان هذا بالذات هو ما تخشاه عندما استيقظت هذا الصباح . إنه لن يقضى كل أيامه فى أتلانتا .

*************************

يتبـــــــــع...

Rehana 16-02-10 02:40 PM

أحضرت الساقية سلطانية سلطة شهق تروى فى ذهول :
- ما هذا ؟ إنه يشبه الأعشاب الضارة التى ننزعها من بين النباتات .
- إنها نباتات عباد الشمس . ألم يسبق لك أن أكلتها .
- فقط عندما أفقد وعيى وإلا لتذكرتها هل هذه زينة أم المفترض فعلاً أكلها ؟
- لم يكن من الواجب أن أصحبك إلى هذا المكان الراقى . فى المرة القادمة سأخذك إلى ماكدونالد .
- المرة القادمة ؟
- أوه ... حسنا ..لقد ظننت فقط أنك ستأتى لزيارة أخيك فى يوم من الأيام .
إن تروى لن يعود مباشرة إلى كاوبنز وينسى ما جرى بينهما ... ثم ماذا عن اعترافات الحب ؟ أحست ناتالى بالعرق يبلل راحتيها . إن مجرد التفكير فى أنه سيتركها يدير فلكها . سألها :
- لماذا هذا المظهر الجاد فجأة ؟
- إننى فقط أتساءل إن كنت مضطراً للعودة بسرعة ؟ هذا كل ما هناك . هناك سهرة فى الحال من المفروض أن أحضرها . احتفال بقاض سيتقاعد . ولا بد من أن أظهر فيها . كم أحب أن تأتى معى إذا أردت طبعا .ولن تضطر لأن تبقى طويلاً ، وأستطيع أن أنظف قميصك وأكوى لك بذلتك عند عودتنا إلى المنزل .
أخذت ناتالى تقضم ورقة سلطة خضراء فى عصبية . لم يحدث لها أن شعرت بمثل هذا الاضطراب منذ أن طلبت من دونى بانكس أن يصحبها إلى الحفل الراقص لأول مرة وهى فى الكلية .
قال تروى ببطء :
- موافق إننى سأتمتع برؤيتك وأنت تكوين ملابسى .
قضيا بعد الظهر فى التمشية وقررا الوقوف أمام مبنى ويستن بيتشترى بلازا المهيب حيث تناولا كوكتيلاً من الفواكه غير التقليدية .
اختار تروى أن يصعد ألى مبنى عن طريق المصعد الخارجى الزجاجى بينما كانت ناتالى ترتجف رعباً .
سأل وهو معجب بالمنظر الطبيعى الفاخر أمام عينيه:
- أليس هذا هو ماريوت الجديد هناك ؟
همهمت وظهرها للزجاج المحيط بالمصعد :
- أرجوك .
- ألا تريدين التمتع بالمنظر ؟
- لا ... وإذا كتب لى أن أخرج حية من هذه الزنزانة الزجاجية فإننى سأقصف رقبتك . كيف أمكننى أن أدعك تدفعنى داخل هذا الصندوق المغلق فوق الفراغ ؟ هل سنصل بسرعة؟
قال متهكماً :
- لا يزال أمامنا بضع مئات من الأمتار .
- يا إلهى . وكيف سنتمكن من الهبوط ؟
- أنا واثق من وجود مصاعد داخلية من أجل القلوب الضعيفة وإلا فإننى سأضطر لأن أجعلك تفقدين الوعى قبل أن تضعى قدميك فى المصعد عند الهبوط .
- نعم يلزمنى أن أكون ميتة أو فى غيبوية تامة حتى يمكن وضعى فى المصعد عند الهبوط .
أطلقت ناتالى زفرة ارتياح وهى ترى أخيراً الأبواب تفتح أمامها . وكانت أول من خرج من المصعد ولكنها اضطرت إلى الامساك بالدرابزين المعدنى:
- أوه ...إننى أحس بدوار فى رأسى .

***********************

يتبــــــــــع...

Rehana 16-02-10 02:42 PM


لاحظ تروى فعلا قطرات من العرق حول شفتيها وسعد لإن إحدى المضيفات أتت لاستقبالهما .
قال بوضوح :
- لا نريد مكانا بجوار النوافذ.
استطاعت الشابة أخيراً أن تجلس وهى لاتزال تحت تأثير الدوار .
سألها :
- هل هذا المكان يناسبك ؟
همست بصوت لاهث :
- جيد جداً !
- هل تريدين احتساء أى شئ ؟
- أى شئ صالح للشرب . ما الذى تقترحه ؟
قال لها مذكراً :
- أعتقد أننا أتينا لنشرب شيئاً غير مألوف .
- لا بأس إذا كان سيمنع ركبتى من الارتجاف .
قال للساقية التى أتت لأخذ طلباتهما :
- اثنان من بنياكولادا وأرجوك أن تطلبى من معد الشراب أن يضيف شريحة أناناس لكل كأس ؟ نحن نحاول أن نمثل وكأننا فى جزر الباهاما .
ثم أضاف موجهاً الحديث إلى ناتالى :
- ناتالى ... أنت شاحبة !
- لا .. إنه شحوب قليل .
أخرجت مرآة اليد من حقيبتها وتأملت وجهها .
قال لها :
- يبدو أن الطابق كله يدور حول نفسه . انظرى الآن .. هذا هو الأستاد الآن
- أنا اصدق كل كلمة تقولها دون أن أنظر .
- لو استطعت أن تسترخى قليلاً لاستفدت من المنظر .
- فى المرة القادمة لنستقل طائرة هيلوكوبتر .
- اسمعى ! إن ما أراه يسعدنى . إننى بدأت اعتقد أن ناتالى كورتلاند لا تخاف شيئاً !
- أنا لا أحب الجليد الكثيف .. ألا تذكر ذلك ؟
- ولا حمامات الدش المثلجة .
تلاقت نظراتهما وابتسم لها تروى ابتسامته من ركن فمه والذى يعرف فقط أسرارها .
قالت بعد فترة وقد بدأت تسترخى :
- هكذا ... أستنتج أنه لا يوجد عندكم فى كاوبنز ناطحات سحاب.
- لا .. ولكنى أعتقد أن عليك أن تستمتعى بكوكتيل الفواكه البينا كولادا وهو يشبه اللبن المخفوق مع بعض الكحول .
- هل تعنى أننى لو احتسيته لألقيت نفسى من أعلى البناية ؟ ثم إن على أن أنسى هذا الصعود المأساوى .
- على كل هناك مصعد داخلى .
- حمدا لله .. هل يمكننا الرحيل الآن ؟
أحست الشابة بالارتياح الشديد عندما وصلا إلى الدور الأرضى من البناية وأعلنت :
- فى المرة القادمة عندما تريد أن تجلس بين السحاب عليك أن تستقل الطائرة .
بدأ تروى يضحك وقال :
- إن النجوم تملأ عينى مادمت بالقرب منك .

**********************

يتبــــــــــع...

Rehana 16-02-10 02:46 PM


عادا بسرعة إلى الشقة حيث وضعت قيمصه بسرعة فى الغسالة الأوتوماتيكية . ثم انضمت إلى تروى الذى كان ممداً فوق الأريكة حيث جلست بجواره . رفعت خصلت شعر متحررة عن جبينه :
- هل أنت مرهق ؟
- آه .. ها ..
بعد لحظات شرود سألها بدوره :
- وأنت .. هل أنت مرهقة أيضاً ؟
- بل أننى أشعر بالسعادة القصوى والرغبة فى الحياة الناعمة الهادئة .
- لقد كنت أعرف أنك نمرة أمام المحكمة وأنك تعطين الجميع شعوراً بالرهبة والقسوة ولكنك فى الحياة رقيقة وناعمة للغاية .
- هل أعتبر ذلك مجاملة ؟
- نعم طبعاً .. بحق السماء !
ولكن تروى ظل ساهماً يفكر . ما الذى سيفعلانه الآن ؟ إن ناتالى لن تقبل أن تهجر مهنتها الناجحة التى وجدت فيها نفسها لتصبح زوجة لمزارع خوخ . وهو نفسه لن يطلب ذلك أبداً .
ومن ناحية أخرى لا يظن أن ينضم إلى شقيقه للانطلاق فى أعمال البورصة . لقد أنشأ وجوده وسط الأشجار المثمرة كما أنشأت هى وجودها بالصراع أمام المحاكم .
أطلق تروى زفرة طويلة . لقد عرف إحباطات الحب بحق وفقده لـ ناتالى أكثر مما يمكن أن يتحمله .
إن فكرة أن يملأ حياتها رجل غيره تدفعه إلى جنون الغضب . ومع ذلك يعرف أنها ستشعر بالملل والضجر لو عاشت معه بل يمكن فى يوم من الأيام أن تكرهه من أجل ذلك .
سألته وهى تزفر من السعادة :
- هل تحس بالتعب ؟
- لا .. إننى فقك أريد أن أظل بالقرب منك والتمتع بوجودك .
قالت فى لهجة تأكيد :
- أنا أحبك يا تروى جوردان ليس لأنك أنقذت حياتى فحسب وإنما لأنك صنعت لى حياة أخرى . ولأنك كنت مخلصاً فى حبك .
سألها فى حيرة :
- ماذا تقصدين بأننى صنعت لك حياة أخرى ؟
قالت معترفة :
- لم أكن أعتقد أننى سأرتبط بأحد أخر والأكثر أن أقع فى الحب .
- لماذا ؟
بقى أمام ناتالى أن تشرح له وتجعله يفهم كيف أنه غير حياتها فى وقت قصير جداً .
- حسنا . جداً .. عندما هجرتنا أمى ظننت أن الغلطة غلطتى . ثم عندما مات بوبى أعتقدت أنه لم يعد لى الحق فى الحياة .
قال ببطء وهو ينطق الكلمات مفردة :
- هذا ما يحدث أحياناً . عندما كنت فى فيتنام كنت كثيراً ما أضطر إلى سحب رفاقى الموتى حتى القاعدة العسكرية ومنها يرسلون لعائلاتهم وبعد فترة من الزمن انتهى بى الأمر بأن تساءلت لماذا لا زلت على قيد الحياة ؟ لقد كنت أحس أحياناً بأننى مذنب لأننى حى وهم موتى !
- وأنا .. كنت حانقة على بوبى لعدم وجوده معى لدرجة أننى غرقت فى أشجانى .
اشتبكت نظراتهما طويلاً وأخذ تروى يتأملها فى حنان . إنه سيفهم .

********************

يتبــــع...

Rehana 16-02-10 02:48 PM


- الآن وقد أحسسنا بالارتياح والخلاص قليلاً من الأفضل إذن أن نستعد لهذا العشاء .
أخذ الاثنان يضحكان وأحست ناتالى بأنها أكثر خفة ومرحاً , إنها تعرف كل ما اضطر إلى تحمله من عذاب بسبب مى لين ولكنها رفضت أن تطرح عليه أسئلة حولها ،لقد بدا من القسوة أن تعرف أن تروى أحب امرأة أخرى وأنه رزق منها بطفل ولكنها ستتعلم كيف تعيش مع تلك الفكرة .
أخذ كل منهما دشاً طويلاً وحاول كل منهما أن يسترخى تحت الماء الساخن بعد كل ذلك التعب والتوتر اللذين عانياهما طوال النهار .
تساءلت ناتالى هل سيحدث فى يوم من الأيام أن يعيشا معا كزوجين فى بيت واحد ؟
قال تروى ضاحكاً :
- من يظن أننى استطعت فى يوم من الأيام أن أروض نمرتى .. لقد كان الأمر أسهل مما تصورت .
- ولكن ماذا سيحدث لو خمشتك بمخالبها ؟
- هذا يعتمد على براعة المروض .
ررا أن يستقلا السيارة الجاجوار الخاصة بـ ناتالى التى ألقت إليه بمفاتيحها قائلة :
- أريد منك أن تقوم بالقيادة . فى يوم من الأيام ستسلم شاحنتك القديمة الروح وعليك أن تقدم لنفسك شيئاً من روح هذا العصر .
اضطر تروى إلى الاعتراف بمدى قوة السيارة وفخامتها الراقية التى بدت تنزلق فوق الأرض دون أن يحس بأنه يلمس بدال السرعة .
لقد حان فى الحقيقة الوقت لتبديل سيارته ولكن مزارع الخوخ لم يكن منجذباً للسيارات من نوع المرسيدس أو الجاجوار . لا شك أنه إذا غير سيارته فستكون باخرى من نوع الجيب أو اللاندروفر .
عندما شاهد الدار قابعة فوق التل حمد الله لأنه لم يركب شاحنته القديمة . إنه لم يكن يرغب فى أن يغرق ناتالى فى مزيد من الإحراج أمام زملائها .
أفلتت منه زفرة إعجاب عندما شاهد البيت الأبيض ذا الواجهة ذات الأعمدة والشرفة الامامية الرائعة . قال :
- لقد كنت أجهل أن القضاة يربحون أموال كثيرة لهذه الدرجة . هل تظنين أن هذا الرجل كان يتقبل رشاوى ؟
- لا .. إن هذه الاموال جاءت عن طريق زوجته إنها ثرورة العائلة . إن أسلافها يعود تاريخهم إلى حرب الانفصال .
سألها وهو يقف بالسيارة أمام الدار :
- هل يجب علينا أن نظل وقتاً طويلاً ؟
- لا إذا لم تكن ترغب فى المكوث. ولكن لماذا ؟
- لأنك فاتنة بدرجة شيطانية هذا المساء ولا أستطيع أن أتحمل أن يشاركنى الإعجاب بك أحد أخر . ولا أريد أن يحملق فيك الرجال فى هذا الشئ الذى تسمينه ثوباً .
ردت عليه ناتالى وهى تنظر إلى زيها :
- هذا الشئ حدث أن كان آخر صيحة للموضة .
كان الثوب قصيراً جداً وبدون حمالات وقد طرز بتطريز أزرق براق ويحيط بجسدها بطريقة مثيرة ورائعة . كان تروى قد أوشك على الاختناق دهشة وهو يراها ترتديه أمام عينيه.
وكان شعرها قد صفف بطريقة راقية ومليحة مما يعطيها مظهراً مشرقاً صبوحاً وكأنها عائدة لتوها من نزهة رائعة فى الهواء الطلق .

************************

يتبـــع...

Rehana 16-02-10 02:52 PM


اجتاحته رغبة عارمة فى أن يختفى بها فى مكان ما لتتخلص من هذا الزى المثير .
قالت ناتالى وهى تقف عند العتبة الأمامية :
- أوه يا تروى ! لا تجعلنى أنحنى للأمام هذا المساء .
سألها فجأة وهو يشعر بالقلق :
- لماذا ؟
-إننى فى عجلتى لم أثبت الحزام جيدا .
أوشك تروى أن يختنق مرة ثانية وشحب وجهه ولكن ناتالى ابتسمت ثم ضحكت ضحكة خفيفة . لقد نجحت خطتها ولن يرفع تروى عينيه عنها هذا المساء . قال لها :
- ربما كان من الأفضل أن نرحل .
زفرت وقالت :
- لقد فات الأوان . كل ما هناك أننى سأنتبه إلى نفسى وحركاتى .
فكر تروى أن تحل عليها اللعنة . لقد كان الثوب مثيراً بحيث يصعب معه أن تنتبه لأى شئ يمكن أن يحدث ولن تستطيع تداركه . إنه يتخيلها ولم يستطع أن يحتفظ برزانته وقتاً طويلاً .
بدأت قطرات العرق تلمع على جبينه وهو يشاهدها تصعد درجات الشرفة الامامية وقد تقدمته . توقع أن تكون السهرة طويلة وحافلة .
كانت السهرة والحفل على أشدهما عندما دخلا الصالون . قدمته ناتالى إلى العديد من الأشخاص ولكن كان من المستحيل أن يسمع أى شئ مع صوت الموسيقى المرتفع .. اتجها إلى بوفيه المشروبات وطلب من الساقية الحسناء :
- عصير تفاح من فضلك .. مضاعف !
أضافت الشابة وهى تحس بالذنب لأنها تراه الآن مشدوداً لهذه الدرجة :
- وأنا كوكاكولا من فضلك .
ثم سحبته إلى الحديقة بالقرب من حمام السباحة حيث كانت الفرقة الموسيقية تعزف ألحاناً من الجاز الحديث لـ ميلز ديفيز وديوك الينتجون وهى تأمل أن تعمل الموسيقى على استرخائه قليلاً . ثم صاحت فجأة :
- أوه .. هذا هو أبى !
- أبوك .
قالت له وهى تدس ذراعها تحت ذراعه :
- نعم .. تعال لأقدمك له .
قادته ناتالى نحو رجل طويل القامة وشعره تتخلله شعيرات بيضاء مثل الملح والفلفل . ويرتدى بذلة لابد أنها تساوى ستمائة دولار على الأقل .
قالت فى ظهره :
- بابا !
- ناتالى .؟ أنا لم أشاهدك وأنت تدخلين .
- لقد وصلنا لتونا . وأحب أن أقدم لك تروى جوردان من كاوبنز بولاية كارولاينا الجنوبية تروى ! أقدم لك أبى لامار كورتلاند .
- هل يمكن أن تكون أنت الذى أنقذت ابنتى من العاصفة الثلجية ؟
تدخلت ناتالى فى فخر :
- إنه هو .
- حسنا .. يسعدنى ويشرفني أن أتعرف عليك . إننى لن أستطيع أن أوفيك حقك من الشكر لإنقاذ حياة ابنتى . إن شركتى كان من الممكن أن تضيع بدونها . وأتصور أنك تعلم أنها أحسن محامية فى أتلانتا .

*************************

يتبــــــــع...

Rehana 16-02-10 03:05 PM


ثم استدار ناحية ابنته :
- أنت فاتنة هذا المساء . وأنا سعيد لأن أراك ترتدين ألواناً زاهية ومرحة . إنك بملابسك القاسية ونظارتك الطبية لن تعثرى أبداً لك على زوج . ولكن هل يمكن أن تعذريني ؟ لقد لمحت أحد أصدقائى القدامى .
تركهما دون أن يضيف شيئاً آخر وأعلنت ناتالى وهى متضايقة من تلميحات أبيها عن الزواج الذى لم تحصل عليه .
- هذا هو أبى !
قدمته بعد ذلك إلى زوجين من المحامين وهى تحدد إنهما قاما بإنشاء مكتبهما الخاص .
سأله ريك فى ود :
- هل تمارس المحاماة فى أتلانتا ؟
تدخلت ناتالى :
- إن تروى ليس محامياً .
قال تروى بلهجة جافة :
- انا مزارع خوخ .
تابعت رفيقته كلامها :
- إن تروى متواضع إنه لايملك نصف أراضى كاوبنز فحسب وإنما أيضا يستخدم مئات الأشخاص فى مصنعه للتعليب .
اعتذرمنها تروى وتركها فى مكانها وهو غير مبال للنظرات التى اجتذبها قائلاً :
- هل يمكن أن تعذريني ؟
شق طريق وسط جمهور المدعوين وخرج ليجلس على درجات الشرفة الأمامية وهو يحتسى شراب التفاح فى هدو . بعد لحظات سمع صوت كعبي حذاء عال خلفه .
- ما الذى حدث يا تروى ؟ ألا تشعر بالمتعة ؟
سألها بحدة :
- كيف حدث أن علمت بكل ممتلكاتى واستثماراتى .
- لقد حدثنى عنها شقيقك . لماذا ؟
سألها وهو يتساءل لماذا يضايقه ذلك لهذه الدرجة :
- مجرد فضول .. لقد كنت تقاوميننى من قبل .
نهض وسيطر عليها بطولها الفارع وأكمل :
- هل ثروتى هى التى جعلتك تعترفين لى بحبك ؟
ذهلت ناتالى لدرجة رهيبة من هذا السؤال لدرجة أن رد فعلها لم يأت فى الحال . ثم ثارت ثورة عارمة وحقيقة وأصبحت غاضبة :
- هل تتهمنى أننى أجرى وراء نقودك ؟ لأنه لو كانت الحالة هكذا فاسمح لى أن أقول لك يا تروى جوردان إننى أتصرف وأحصل على المال الوفير بمفردى . ولست فى حاجة على الإطلاق لثروتك وحتى أكون دقيقة لست فى حاجة إلى أى شئ يأتى من جانبك . أنا قادرة تماماً على التصرف فى الحياة بمفردى .
- لقد لاحظت ذلك . لأنك لو استمررت على هذا المنوال فإنك ستكونين صورة طبق الأصل من والدك .. هل هذا يستحق كل هذه المشقة ؟
رفعت ناتالى يدها من شدة غضبها لتصفعه ولكن تروى لم يتح لها الفرصة وأمسك برسغها ثم ضغط عليها بقسوة قائلاً :
- لاتفكرى فى ذلك . لست الفارس الذى يحاول أفراد مجتمعك أن يمثلوا دوره فى إدعاء أما أنا فكنت سأرد لك الصفعة فى الحال .
- نعم هذه هى طريقتك .. من الواضح أنك لم تتلق أى تربية .
.منتديات ليلاس


***********************

يتبـــــــــع...

Rehana 16-02-10 03:07 PM


رد عليها وهو يترك رسغها :
- الحق معك . بينما كل هؤلاء الأنذال يتلقون السلوك الحسن فى هارفارد كنت أصارع فى تلك الحرب اللعينة . وأنت التى تعتبرينهم أذكياء اذهبى وأساليهم كيف كانت فيتنام ؟ القليل منهم يعرفون . وبينما هم يستمتعون فى سهرات متحذلقة كنا نخوض فى أحراش وأوحال مليئة بالحشرات والناموس .
صاحت ناتالى وهى تراه يبتعد نحو ساحة الانتظار :
- إلى أين أنت ذاهب ؟
- سأنتظرك فى السيارة .
ظلت الشابة فى حفل الاستقبال الوقت الذى سمح لها بمقابلة القاضى وحرمه وهما يتلقيان هداياهما , كانت تحس بالتعاسة الرهيبة . والذى زاد الطين بلة أن العديد من الرجال حاولوا مغازلتها . ودت لو أحرقت ثوبها . وبعد انتهاء خطبة القاضى تسللت خفية وذهبت للقاء تروى .
مت رحلة العودة فى صمت وظل تروى يكز على فكيه ولم يرفع عينيه عن الطريق أمامه وعندما وصل إلى شقة ناتالى ساعدها على الهبوط من السيارة وصحبها دون أى كلمة حتى الحجرة التى جمع منها متعلقاته فى حقيبة وحملها .
- ما الذى تفعله ؟
- هذا واضح .. إننى راحل .
تجمدت فى مكانها من الذهول والصدمة وقالت :
- تروى ! لقد كنت أحاول أن أوضح لتلك المرأة المحامية المتحذلقة ما هى قيمتك حقا .
- ومن أين جاءت تلك الحاجة إلى الدفاع عنى أمام الأخرين الآن ؟ أنا لست مديناً بأى تفسير لأى شخص كان وخاصة أمام امرأة لم تقع عليها عيناى على الإطلاق بل لا أعرف شكلها .
- ولكن لماذا هذا العناد الذى يدفعك إلى الاستمرار فى ارتداء ثوب الفلاح الفقير؟ ماهوالضرر فى الاعتراف بانك رجل مستثمر ورجل أعمال ناجح ؟
- لأن هذا بالضبط ما كنته عندما عدت من فيتنام مجرد فلاح فقير . ووالداى كانا غارقين فى الديون . لقد حاولت بيع المزرعة ولكن أحداً لم يرد شراءها حتى ولا أخى أو أختى ،لقد هددت قواى وبذلت جهوداً مضنية حتى جعلتها تنجح من جديد . بفضل عملى وبعض الحظ تحول المشروع إلى نجاح . ولكن هذا كله لم يتم ما بين يوم وليلة ،لقد أنشأت مصنع المعلبات لمجرد أن أوفرالعمل للمتعطلين البائسين وكنت أجهل أنها ستنجح .
- وهل تسخر حقاً من الأرباح التى جنيتها منها ؟
- تماماً .. إننى سعيد بوجه خاص لأننى بقيت على قيد الحياة وفى صحة جيدة وأستطيع أن أسد جوعى لست فى حاجة لأن أتفاخر بنجاحى . إن الناس كانوا ولا يزالون يحبوننى لشخصى .
- أنا أيضا لا أتفاخر بنجاحى . ولكننى أرفض أن أعمل اثتنى عشرة ساعة يومياً وفى النهاية أرتدى ملابس رثة من جيش الخلاص .
تأملها تروى وقتاً طويلاً وكأنه يحاول أن يحفر فى ذاكرته وجهها الجميل الفتان ثم قال :
- أنت أجمل امرأة رأيتها فى حياتى .
دهشت أمام هذا التغير المفاجئ للحديث .
أستأنفت فى حزن وهى تحس بعينيها مليئتين بالدموع :
- هل أنت ذاهب ؟

*******************

يتبـــــع...

Rehana 16-02-10 03:08 PM


-لابد أن أفعل . هناك فروق شاسعة بيننا لايمكننا أن نزيلها أو نغيرها ياناتالى .. أنا لا أتحمل هذا النوع من الحياة !
سالت دمعة على خد الشابة حطمت نياط قلبه . ود لو ركع أمامها وحاول أن يمحو الحزن الذى سببه لها .
قال وهو يمرر يده على شعره :
- لست أنت السبب فقط يا ناتالى .. وإنما أنا أيضاً . عندما عدت إلى الولايات المتحدة الامريكية لم أستطع أن ادخل سينما أو حانوتاً , إن الزحام يسبب لى خوفاً مجنوناً .
- ولكنك كنت وسط الجمهور هذا المساء فضلاً عن المطعم قبل ذلك .
- لقد نجحت تقريباً فى السيطرة على كل المخاوف التى تتملكنى ولكنى لا أستطيع الحياة فى مدينة كبرى . ثم انظرى إلينا فليس هناك أى تشابه بينى وبين أصدقائك ولس لدى أى معلومة قانونية والسياسة تضجرنى وليس لدى مرسيدس ولا بذلة على أحدث طراز .
- ولكنك تستطيع أن توفر ذلك لنفسك .
- هنا المشكلة ليست لدى رغبة على الإطلاق فى كل هذا ومع ذلك لايبدو أنك تفهمين ذلك .
- هذا عذر مزيف . أنت تعرف ذلك تماماً . أنت لا ترحل لاننا مختلفان وإنما لأنك خائف .
- من أى شئ؟
- أنت لا زلت تبكى على مي لين والطفل حتى بعد كل هذا الزمن أنت لازلت تحس بالذنب والمسؤولية عن موتهما . حسنا .. أنت لم تحتكر سوق الحزن والأسى. أنا أيضا بكيت ولكن تلك الأيام الأخيرة التى قضيتها معك وأظهرت لى أننى استطيع أن أصبح سعيدة مرة ثانية وأعرف ماذا يعنى الحب مرة ثانية .
غلق تروى حقيبته واتجه نحو باب الخروج وأحس بالتعاسة والحزن من اجلهما . نظر للمرة الأخيرة إلى ناتالى ورآها محبطة تماماً . إنه لايتحمل أن يراها هكذا . قال :
- أنا أحبك يا ناتالى . حاولى أن تكونى سعيدة . لم يضف كلمة وفتح الباب ثم خرج .
ظلت الشابة فترة طويلة بلا حراك وهى تدعو أن يعود تروى وأن كل شئ ستتم تسويته بينهما .
ثم اطفأت النور وهى كالتمثال ثم أغلقت الباب بالترباس . وما إن أصبحت بمفردها فى حجرتها حتى تخلصت من ثوبها واندست بين الفراس . لم تبك إلا عندما عادت صورة تروى تطارد أحلامها اليقظة .
إن تروى جوردان لم يجعلها سعيدة فحسب وإنما أيضا ساعدها على إعادة دراسة نفسها وصورتها التى رأتها لم تعجبها على الإطلاق .

******************

يتبـــــع...

Rehana 17-02-10 08:59 AM

الفصل العاشر


أخذت ناتالى تحتسى أول قدح قهوة لها فى الفترة الصباحية وهى تشاهد من شرفتها الحركة الدائبة الحية فى الشارع . امتعضت عندما رن جرس التليفون فى الصالون . بعد ليلة أخرى بدون نوم لم يعد لدى الشابة أى رغبة فى الحديث مع أى شخص كان .
زفرت فى ضيق ورفعت السماعة . أوشك قدح القهوة أن ينزلق من يدها عندما تعرفت على صوت تروى جوردان الذى قال لها بسرعة وكأنه يخشى أن تغلق الخط فى وجهه :
- لقد أردت فقط أن أعرف كيف حالك . واعتذر عن أننى كنت جلفاً فى تلك السهرة .
قالت وهى تحس بان كل دفاعاتها تنهار واحدة بعد الأخرى وكأنها تعرضت لهجوم ساحق :
- من غير المجدى أن تعتذر . كل ما قلته لى كان صحيحاً .
.منتديات ليلاس


******************

يتبـــــع...

Rehana 17-02-10 09:10 AM


إن تروى لم يتركها فحسب وإنما أجبرها أيضا على إعادة التعمق فى نفسها الأمر الذى سبب لها ألماً شديداً ،لقد استطاع هو ببساطة شديدة أن يرى خلف الواجهة التى أختفت خلفها لتحتمى بها .
أن المحامية المشهورة جداً فى أتلانتا ليست فى الحقيقة سوى امرأة وحيدة وغير واثقة بنفسها وتتخفى خلف الملابس غالية الثمن والسيارة الفارهة والشقة الفخمة التى تدل على المركز المرموق الذى تحتله .
قال لها :
- ليس من حقى أن أقول لك ما قلتله يا ناتالى والله وحده يعلم أنه كان لدى ما يكفينى من المشاكل . أنا لم أرغب فى أن أجرحك . لقد أردت أن أكون صديقك . أردت أن تعلمى أننى موجود فى أى وقت تحتاجين فيه إلى .
كررت وهى تكتم ضحكة شنيعة :
- صديقى ؟
كيف يمكن أن تكون صديقة لرجل وهبت له قلبها دون حدود ؟ لقد تشاركت معه وداً لم يسبق لها أن شاركت أحداً مثله من قبل .لقد وهبته حياتها التى أعادها إليها عندما أنقذها والآن هاهو يسمى ما بينهما صداقة .
قال :
- إن ما عرفناه معاً كان رائعاً يا ناتالى . وأعرف اننى لن أعثر أبداً على امرأة مثلك .
اعترضت وهى تحس بغصة فى حلقها :
- ولكن هذا ليس كفاية .
لماذا اتصل لها ؟ ولماذا يجبرها على تذكر أشياء حاولت أن تنساها خلال الأيام الماضية ؟
قالت فى حزن :
- أريد أن أكون صديقتك يا تروى . على أية حال أنت الذى أنقذت حياتى .
أعترض عليها بقسوة :
- إننى لا أبحث عن الامتنان والعرفان بالجميل .
سألته وهى ترفع صوتها رغماً عنها :
- إذن ماذا تريد ؟ لابد أن أذهب يا تروى .
- انتظرى !
لم يكن يعرف ماذا يريد أن يقوله ولكنه أراد فقط أن يحتفظ بها معه . على الخط أملا فى كسب مزيد من الوقت . إنه يندم لأنه لم يسمع صوتها ولا ضحكاتها ولا تنهداتها ولا اعترافها بحبه . قال :
- لو إنك فى حاجة إلى أى شئ .. أى شئ كان ..
قاطعته والدموع فى عينيها :
- أنت تعرف جيداً أننى لا استسلم . كل شئ بخير .
عندما وضعت ناتالى السماعة أخفت وجهها بين كفيها وبكت دموعاً ساخنة ..ليذهب إلى الشيطان وإلى الجحيم . لماذا دفعها لأن تقع صريعة حبه ؟
فى الأسبوعين التاليين عاشت الشابة كالمنومة مغناطيسياً . وفى كل يوم تذهب إلى المكتب وترد على التليفونات وتعقد اتفاقات مع عملائها وترحل إلى المحكمة .
كانت تحاول أن تبدو متفاهمة أمام المشاكل الخاصة بالآخرين ولكن قلبها أصبح من خشب . إنها على الأقل تبدو الآن عند مستوى المظهر المطلوب . باردة ومتكبرة ومصرة .
وعندما تعود إلى بيتها تحاول أن تنظر إلى شقتها بعينى تروى . لم تدهش عندما تذكرت أنه رفض الجلوس على الأريكة , إنه يلعن المال .
لقد عملت باجتهاد هى ومهندس الديكور للحصول على هذه الفخامة ولكن لماذا ؟ حتى تبدو هذه الحجرة مثل قاعة الاستقبال فى فندق وليس صالوناً منزلياً خصوصياً ..

***********************

يتبــــــــع...

Rehana 17-02-10 09:50 AM


عند عودتها فى هذا المساء رأت وميض جهاز الرد الآلى ولكنها لم تعثر على أى رسالة ؟ هل حاول تروى الاتصال بها ؟ ولكن ماذا يريد منها بحق السماء ؟ هل أحس بتأنيب الضمير لدرجة أنه خشى أن تلقى بنفسها من فوق الشرفة ؟
قالت فى نفسها . إن عليها ان تكف عن التفكير فيه . ولكن جهودها ظلت بلا نتيجة لقد غزت صورت تروى أحلامها فى تلك الليلة .
دخل زميل ناتالى جاى بريسمان مكتبها ذات صباح وجلس على حافة مائدة العمل الخاصة بها .
- صباح الخير أيها الجمال !
همهمت دون حتى أن ترفع رأسها نحوه :
- اذهب . ليس لدى وقت للعب اليوم .
- أوه .. أنت تصعبين على الأمور اليوم يا ناتالى . هأنا أقرر بلطف أن أصحبك إلى المحكمة , لأسرى عنك بسحرى المعروف وأنت .
- ما الذى تريده منى أن أفعله بالمحكمة ؟ إن لدى ما يكفى من العمل هنا .
- هل قضية إيفلين سان جيمس ومالفن سان جيمس توحى لك بشئ ما ؟
- يا إلهى ! إنها اليوم ؟
- بعد أقل من نصف ساعة لأكون دقيقاً .
صاحت وهى تسرع إلى الكمبيوتر :
- أوه .. لا .. أنا لم أدس انفى أبداً فى الملف منذ قرن . كارلا . أيتها اللعينة !
سألت السكرتيرة فى أدب :
- ماذا يا سيدتى ؟
- اعثرى لى على ملف سان جيمس لابد أن أذهب إلى المحكمة خلال عشرين دقيقة ولا أعرف إلى ماذا صارت القضية ؟
ردت السكرتيرة وهى تناولها الملف المطلوب :
- ها هو يا سيدتى . إنه غير مرتب ولابد أن السبب ذلك الموظف الجديد الذى ..
- اطرديه من المكتب واتصلي بالوكالة لترسل موظفاً أخر .
- ولكن يا سيدتى .
صرخت ناتالى وهى تأخذ الملف :
- ليس عندى وقت . لابد أن ادرس هذا الملف قبل .. اوه جاى ! اذهب وانتظرنى أسفل وتمتع برؤية متحف الأحياء المائية .
قال الرجل وهو يتجه نحو الباب :
- لقد أحسنت التفكير . لقد أعتقدت أننى سأتركك تذهبين بمفردك إلى المحكمة .
قالت ناتالى لـ كارلا وهى مندهشة للغاية :
- ما الذى حل به ؟
- وماذا تريدين منى أن أعرف ؟ لقد وجدت صعوبة فى فهم ماذا جرى لكما . إذا احتجت إلى فلا تشعرى بالحرج واصرخى باعلى صوتك .
نظرت ناتالى وهى ساهمة إلى الباب الذى انغلق . هل هى تتصرف بهذه الدرجة الرهيبة منذ وقت ؟ إنها لا يمكن أن ترغب فى إيذاء من يعملون معها .
همهمت وهى تتصفح الملف بسرعة والخاص بقضية سان جيمس :
- اللعنة !
بعد خمس دقائق تنفست الصعداء .. لقد أصبح كل شئ منظماً عدا حياتها .

************************

يتبـــــــــع...

Rehana 17-02-10 09:51 AM


مر تروى على مزارعه تسبقه ديزى . لقد نهض منذ الفجر وككل يوم قضى الليل يفكر فى ناتالى كان يتصورها وهى ممدة فى حجرتها فى اتلانتا . وقف ليتأمل الأوراق النباتية حديثاً للأشجار . إنها لن تزهر قبل منتصف مارس ولكنه على أية حال يأمل أن يحصل على محصول جيد .
إن هذا الأمر يزعجه . لتذهب المزرعة ومصنع المعلبات إلى الجحيم .. إنهما لايهمانه . بدون ناتالى بالقرب منه لتشاركه أماله فإن كل ذلك لا يساوى شيئاً .
أحس بالامتعاض ودار نصف دورة نحو البيت وما إن وصل حتى احتسى قدحاً أخر من القهوة وهو يتساءل إن كان سيتصل تليفونياً بالشابة أم لا ؟ ولكن لماذا يتصل ؟ وما الذى سيقوله ؟
إن ذلك لن يؤدي إلا إلى فتح الجروح مرة ثانية . إنه سينتظر حتى ترحل للعمل للتمتع فقط بسماع صوتها الجميل يشدو فى جهاز الرد الآلى . ثم كالعادة يغلق الخط دون أن يترك رسالة .
كان تروى لا يعتقد أبداً أن حياته يمكن أن تعود سعيدة بعد عودته من فيتنام . لقد اعتاد بطريقة أو بأخرى على هذه الحياة الوحيدة فى منزل العائلة الضخم . وأن يعطى كل نفسه للعمل واليوم أدرك أنه عندما انهمك كلياً فى مهمته لم يستفد إلا قليلاً جداً من الحياة .
إلى حين وصول ناتالى .. ومن وقتها أصبحت بشائر المحصول لا تهمه إلا بطريقة مبهمة . وهو لم يضع قدمه فى مصنع التعليب من أسبوعين
كان يفكر كثيراً فى الذهاب إلى اتلانتا ليبحث عن ناتالى وإحضارها معه إلى المزرعة فى كاوبنز ولكنه كان يعلم أن تكتيكاته التى كانت تصلح فيما قبل التاريخ لن تصلح معها . إنها ستجعلهم يقبضون عليه لمحاولة اختطافها . ومع ذلك فإنها تحبه .. اللعنة على كل شئ .. لابد من إيجاد حل !
اتجهت ناتالى نحو باب الخروج عندما لاحظت امرأة وطفلين جالسين فى البهو , ورغم أن امرأة بدت ضعيفة إلا أنها حملت الطفلين على ركبتيها .
سألتها ناتالى وهى ترى نظرات الرعب فى عينيها :
- هل هناك من يعتنى بكم ؟
اجابت المرأة :
- لقد اخبرونى أن انتظر . وانا هنا منذ وقت الغداء . لايوجد أى شخص لديه الوقت لاستقبالى اليوم وأنا خائفة جداً . أنا .. أنا أنتظر هنا حتى أقابل محامية ممتازة فى الطلاق . وبناء عليه حضرة بالأتوبيس إلى هنا .
عندما شاهدت ناتالى الحذاء البالى الذى ترتديه المراة والطفلان فهمت أنهم ربما ليس معهم ما يمكنهم من تناول وجبتهم القادمة فما بالها بخدمات شركة لامار كورتلاند للمحاماة !
سألتها برقة :
- ما اسمك ؟
- ناعومى باترسون وهذان ولداى بارتون وسيدنى .
ترددت الشابة قليلاً ثم أعلنت :
- تعالى إذن إلى مكتبى يا سيدة باترسون .
لم يفت ناتالى نظرة الذهول على وجه موظفة الاستقبال بمكتب المحاماة الشهيروهى تصحب العائلة الصغيرة إلى المصعد . قالت لسكرتيرتها :
- كارلا ! هذه هى السيدة باترسون . لقد تناقشنا . هل تتفضلى وتصحبين الطفلين إلى الكافتيريا وتشرفين على طعامهما .

**********************

يتبـــــع...

Rehana 17-02-10 09:53 AM


عندما بقيت ناعومى بمفردها مع المحامية .أعلنت :
- إن جيمس يحتسى المشروبات القوية منذ سنوات طويلة ولذلك أصبح شريراً وقاسياً .
- هل يمكن إثبات ذلك ؟
فكت السيدة باترسون ثوبها حتى وسطها وأطلقت ناتالى صيحة دهشة وهى ترى العلامات السوداء والزرقاء على جسد السيدة المسكينة . قالت ناتالى بوضوح :
- يلزمنى صور إذا أردت أن أثبت الاعتداء عليك إذا ما رغبت فى أن أدافع عنك .
قالت المرأة وهى تعيد ارتداء ملابسها :
- ليس عندى سوى خمسين دولاراً . إننى فى كل أسبوع أوفر دولاراً أو اثنين من مصروفات السوق .
- هل لديك مكان تذهبين إليه ؟
- أسرتى . ولكن هذا لن يفيد فى شئ إذا لم أحصل على الطلاق . إن جيمس سيعيدنى بالقوة إلى البيت .
- اسمعى .. أملئى الجزء العلوى من هذه الاستمارة حتى نستطيع أن نبدأ فى أسرع وقت ممكن . لدى صديقة تدير مركز استقبال للنساء اللائى يعانين من المشاكل . ويمكنك الإقامة فيه إلى أن تحضر أسرتك لأخذك .
بعد ذلك ملأت ناعومى الاستمارة وقامت ناتالى بالضغط على التليفون الداخلى وقالت :
- اكتبى لى يا كارلا على الآلة الكاتبة طلب طلاق بسبب القسوة البدنية والذهنية والكسر لنفس الدوافع واطلبى أيضاً أمراً بعدم التعرض ومنع الزيارة . إننى لا اريد أن يرفع هذا الرجل يده بعد الآن على امرأته . ولايرى طفليه قبل أن يكف عن الشراب .
بعد تسجيل الطلب نهضت ناتالى وقالت :
- إن ملفك سيقدم صباح الغد إلى كاتب العدل .
ثم أدارت رقم مركز استقبال السيدات وأعلنت لـ ناعومى أن شخصاً ما سيحضر فى أسرع وقت لاصطحابها .
قالت المرأة وهى تخرج من جيبها بضع ورقات من النقود :
- هذا هو كل ما استطيع أن أدفعه لك الآن ولكنى فور حصولى على عمل ..
قاطعتها ناتالى :
- احتفظى بالنقود للطفلين . فلدى العديد من العملاء الأغنياء الذين يدفعون .
تلعثمت ناعومى والدموع فى عينيها :
- ليبارك الرب يا آنسة كورتلاند !
صحبتها ناتالى إلى أسفل المبنى واكتشفت أن كارلا أعتنت جيداً بالطفلين على الأقل حصلا على وجبة طعام هذا المساء . استعدت للرحيل عندما نادت عليها سكرتيرتها :
- هناك شخص يدعى آرثر جوردان يطلبك على التليفون .
- من ؟
- إنه يقول إنه شقيق تروى جوردان وإن الامر مهم .
احست ناتالى بالاضطراب وهى تدعو الله ألا يكون قد حدث مكروه ل تروى . قالت لسكرتيرتها :
- حسناً .. سأتلقى المكالمة .. يا سيد جوردان ماذا يمكننى ان أعمله لك ؟
- أنا سعيد لسماع صوتك مرة أخرى يا آنسة كورتلاند . هل ممارسة المحاماة تشغلك كثيراً هذه الأيام ؟

*****************************

يتبـــــــــع...

Rehana 17-02-10 09:54 AM


قالت له بلهجة حاسمة حتى لا يفكر فى دعوتها :
- نعم تشغلنى بدرجة رهيبة . ما الذى تفكرفيه يا سيدى ؟
قال بإلحاح وسماجه :
- نادينى آرثر . إننى أردت فقط أن أعرف إن كان يهمك استثمارات ذات قيمة .
- لا أعتقد ذلك . ثم إننى لا أغامر بمبالغ ضخمة . وعندما أفعل فإننى استخدمها فى دعم الشركة الخاصة بوالدى .
قال لها محذراً :
- انتظرى قبل أن ترفضى . هناك أرباح ضخمة يمكن جنيها فى صناعة المعلبات فى هذه اللحظة خاصة ولديك سمعة طيبة تخدمك فى هذا .
أحست ناتالى بالخطر والانتباه فجأة :
- أى نوع من المعلبات ؟
- فى الخوخ .
- لا تقل خوخ تروى ؟
- بل فيها يا سيدتى ! إنه يتخلص من كل شئ .
أصيبت بالهلع وهى تفزع فى مقعدها :
- المنزل والمزرعة . هل سيبيعها كلهما ؟
- إيه حسنا ..هذا ليس مجالى فى الحقيقة . أعتقد أن وكالة عقارات وأراضى تقوم بالعملية . ولكنى نجحت فى العثور على بعض المشترين المهتمين بمصنع المعلبات . وإذا فكرت أن تكونى منهم ..
سألته وهى مصعوقة :
- وأين سيذهب ؟
- وكيف لى ان أعلم ؟ هل مصنع المعلبات يهمك ؟
- حسنا .. اسمح لى أن أتصل بك ثانية يا آرثر.
وضعت السماعة وهبت من فوق مقعدها لتسمك بحقيبة يدها ومعطفها وهى فى الطريق إلى الخارج وقالت ل كارلا التى نظرت إليها نظرة حائرة :
- سأذهب إلى المكتبة .
لعنت الشابة زحام المرور الذى ملأ شوارع أتلانتا . وشقت طريقها بطريقة أو بأخرى بين السيارات .
بدت الرحلة لها طويلة بشكل خاص , وأوشكت أن تنزع شعر راسها عندما صفت السيارات أخيراً فى ساحة الانتظار. جرت كالمجنونة فى الدهاليز حتى تصل إلى المكتبة وقالت للبائع :
- أريد من فضلك التعداد السكانى لمنطقة محددة .
تقدم لامار كورتلاند فى الدهليز وهو يحمل على كتفه حقيبة أدوات الجولف وملابسه الرياضية . وقف أمام مكتب ناتالى ثم دخل :
- ما الذى يجرى ؟
- صباح الخير يا أبى . تعال اجلس بعد ان تغلق الباب من فضلك .
قبل ان ينطق بكلمة سارعت وأضافت :
- إنك لن تلعب الجولف فى هذه الحرارة على أية حال . أليس كذلك ؟
- إننى ببساطة سأذهب لأنظف المضارب والملابس الرياضية حتى أكون مستعداً عندما يتحسن الجو .
جلس الرجل على مقعد وثير ذى مساند فى مواجهة مكتب ابنته ثم سألها :
- ماذا تفعلين بكل هذه العلب ؟

******************************

يتبـــــــــع...

Rehana 17-02-10 09:58 AM


- إننى أحزم أمتعتى .
كرر وهو مشدوه :
- أنت تحزمين أمتعتك ؟ لماذا ؟ هل ستذهبين إلى مكان ما ؟ إلى شركة أخرى قدمت لك راتباً أعلى ؟
قالت وهى تبتسم :
- لا يا أبى ! فى الحقيقة أنا أفكر فى إنشاء شركتى الخاصة وإذا أحسست بأننى وحيدة فسأبحث عن شريك ولكن ..
صاح لامار :
-لا يمكن أن تفعلى هذا !
- ولم لا ؟
- إيه . حسنا .. نحن .. أنا أحتاج إليك هنا . أنت أحسن محامية فى الطلاق عندنا .
سألته وقد عقدت ذراعيها على صدرها فى تحد :
- وما هو رأيك فى كأبنتك ؟
بدا مذهولاً تماماً ومسلوب الإرادة :
- ابنتى ؟. لقد كنت دائماً أروع ابنة لم تسبب لى أية متاعب على الاطلاق وأنت دائماً الأولى فى كل شئ وأى أب يفخربك .
قالت فى تلعثم وقد امتلأت عيناها فجأة بالدموع :
- ولكن هل تحبنى ؟
- ما الذى جرى لك يا ناتالى ؟. هل تعملين كثيراً ؟ لماذا لا تذهبين إلى بارباد لمدة أسبوع ؟
- أريد أن أعرف هل تحبنى ؟ هل كنت دائماً تحبنى ؟
صاح فى ذهول :
- طبعا أحبك ! أنا أبوك أليس كذلك ؟ لقد كبرتك وربيتك وألبستك وأدخلتك أحسن المدارس ومنحتك مهنة مرموقة . ما الذى يمكننى أن أفعله أكثر من ذلك ؟
أجابته وخداها مبللان بالدموع :
- كان على الأقل عليك أن تقولى لى مرة واحدة إنك تحبنى يا أبى لقد انتظرت طويلاً أن أسمعك تقولها .. مجرد مرة واحدة . لقد رحلت أمى فى البداية ثم تبعها بوبى هل تفهم أنه لم يعد لى أى شخص ؟.
ألقى الرجل بجسده على مسند المقعد ذى المساند وأخذ يدعك جبينه بإصبعيه الخنصر والبنصر . ثم قرر أخيراً ان يتكلم وقد تقطع صوته من الانفعال :
- وأنا من تظنين بحق السماء ؟ عندما رحلت أمك اعتقدت أننى لن أشفى من الصدمة أبداً .. ثم هناك بوبى وقد كان موته هو الصاعقة بالنسبة لى . أعرف أنك كنت فى حاجة إلي ولكن لم يعد عندى ما أستطيع أن أقدمه . لس معنى هذا أننى لا أحبك و إنما كل ما هناك أننى أشعر باننى خاو .
أحست ناتالى بأن عينيه احمرتا . رأته ينهض ويدور حول المكتب ليمسك بيديها بين يديه وقال :
- أنا أحبك يا ناتالى ولقد أحببتك باستمرار .
نهضت الشابة بدورها واحتضنت والدها بقوة وهى تعلم جيداً أن هذه اللحظات بالنسبة له مؤلمة . ثم تراجعت وابتسمت له من بين دموعها وقالت :
- أنا سعيدة لأننا سوينا هذا الخلاف .
قال وهو يمسح جبينه :
- أنا فى حاجة إلى كوب من الشراب المنعش . هل معنى هذا أنك ستبقين ؟

*********************

يتبــــع...

Rehana 17-02-10 10:00 AM


- لا يا أبى . ولكنى لا أحمل ضدك أى ضغينة ببساطة أحب أن أعمل مع أشخاص حقيقين حالياً. هؤلاء الذين لا يستطيعون أن يعبروا أبواب مؤسسة كورتلاند المقدسة دون أن يكون فى جيوبهم على الأقل ألف دولار مقدم أتعاب . ولكن لا تغضب ولا تقلق فقد حولت كل قضاياى إلى محامين أخرين .
- أين ستمارسين المهنة ؟
- هل سمعت عن سبارتانبرج فى كارولينا الجنوبية ؟ لقد قمت بالتحريات اللازمة وهى مدينة ذات تعداد معتدل تقع على بعد أثنى عشر كيلو مترا من كاوبنز .
- إذن لابد أن للأمر علاقة مع ذلك .
أخذ لامار يطرق ع أصابعه عدة مرات وهو يأمل أن يعثر على الاسم فقالت له مؤكدة :
- نعم . إنه مزارع الخوخ . ولكنه لايعرف شيئاً بعد . وأتعشم فقط أن يريدنى .
- إنه سيريدك لو كان ذكياً . هل أستطيع أن أفعل شيئاً لك ؟
- اتصل بوكالتى العقارية من حين لأخر . لأننى سأبيع شقتى . ومن فضلك ..
أمسكت بملف ناعومى وأضافت :
أرجوك أن تهتم بهذه القضية من أجلى إنك لن تكسب منها مليماً ولكنها مهمة جداً لى هل تعدنى ؟
سألها والدها فجأة وهو قلق من أجلها :
- ولكن إذا لم ينجح الأمر معك . فستعودين ولن تجدى مكاناً تقطنين فيه .
قالت له مؤكدة وهى تبتسم فى ثقة :
- عندما تحس بانك تعمل فى الاتجاه الصحيح يا أبى فإنك تعلم أن الأمر سينجح لا محالة .

* * *

كانت السيارة الجاجوار الخاصة بـ ناتالى تنهب الطريق متجهة إلى كاوبنز اضطرب قلبها واختنق وهى تترك الطريق الدولى ولكنها حاولت أن تقنع نفسها بان كل شئ على سيكون على ما يرام .
أخطات عدة مرات فى الطريق وهى تبحث عن منزل تروى ولكنها عندما لمحته أخيراً فرملت السيارة ووقفت ليس ببعيد عنه وظلت فى مكانها حالمة .
ماذا لو كان لايريدها ؟ وماذا بعد أن تركت عملها وباعت شقتها وملأت حقيبة السيارة ومقاعدها بكل ما استطاعت أن تحمله ثم تجد نفسها قد رفضها تروى ؟ أمام هذه الفكرة اجتاحها الخوف فجأة .
أخذت نفساً عميقاً وزادت من سرعة السيارة فى المسافة القصيرة التى تفصلها عن البيت ثم وقفت بجوار الشاحنة العجوز.
لم تستطع الشابة أن تمنع نفسها من الابتسام . أشياء معينة لا تتغير أبداً . لا .. إن ذلك ليس صحيحاً كلية . لأن العواطف تتغير . لقد انقلب كل كيانها تماماً أملا فى أن يحبها تروى وطبعاً الطريقة الوحيدة المؤكدة لمعرفة ذلك هى أن تسأله إن كان يحبها . وهذا ما ستفعله رغم غرابته . إنها ستفعل ذلك . لتعرف أين هى تقف ؟ وتروى مدين لها بهذا .
أحست بشجاعتها تخونها وهى تطرق على الباب وبعد دقيقة طرقت أقوى وهى تتذكر أنه يقضى وقتاً طويلاً فى نهاية البيت , همت بان تدور حول البيت عندما لمحت مقبض الباب يدور .
كادت ناتالى ألا تتعرف عليه . أخذ تروى يتاملها وكأنه يرى أمامه شبحاً . كانت لحيته تدل على أنه لم يحلقها من أيام عديدة وبدا مظهره منهاراً . قالت بصوت مضطرب :
- هل يمكننى أن أدخل ؟.منتديات ليلاس



*******************************

يتبــــــــــع...

Rehana 17-02-10 10:03 AM


قال وهو يحدجها :
- هذا يعتمد على ما إذا كنت ستبقين أم لا ؟
- أريد أن أبقى . هل فعلاً تريدنى ؟
ما إن نطقت هذه الكلمات حتى لم تعد تحس بما جرى بعد ذلك . كان يحملها بقوة ويدور بها حول نفسه فى جنون . قال لها :
- آسف ياعزيزتى .. لابد ان ذقنى يضايقك ولكن أين عقلى . لابد أنك تتجمدين بالخارج .
رفعها بين ذراعيه وأغلق الباب بقدمه ثم حملها عبر المنزل إلى الصالون حيث بدأ يلتهمها بأنظاره وكأنه يخشى أن تختفى مرة ثانية من حياته . قالت له وهى تضحك :
- أستطيع أن امشى !
جلس على الأريكة وهو لا يرفع عنها عينيه وقال :
- لا تتحركى ودعينى أنظر إليك . كم أنت فاتنة !
همهمت وهى تمرر أصابعها فى شعرها :
- وأنت كذلك .. لقد اشتقت إليك يا تروى .
- أنت لم تتعذبى نصف عذابى ياعزيزتى لقد عانيت . ولهذا اتصلت بك كل يوم فى بيتك لمجرد أن أسمع صوتك فى جهاز الرد الآلى .
-إذن أنت الذى كنت تضع السماعة فى كل مرة دون أن تتكلم ؟.
- لم أرغب فى أن أسبب لك شجناً أكثر من ذلك . ولكن ما هذا الذى ترتدينه تحت المعطف ؟ بنطلون جينز . يا إلهى ! إننى أعشق ذلك .
- لقد فكرت فى أن أرتدى الجينز ما دمت ذاهبة لأعيش فى مزرعة .
سألها وقد بدا فجأة جاداً :
- وماذا عن مهنتك يا ناتالى ؟
- أعتقد أننى سأفتتح مكتب محاماة صغير فى سبارتانبرج . لقد فاض بي الكيل من التعامل مع أناس يسيرون فوق الذهب ومن تركيزى فقط على قضايا الطلاق . وأنت هل ستسمح لى بأن أعيش هنا أم أنك بعت المنزل .؟
- بعت المنزل ؟
- نعم . لقد اتصل بى شقيقك آرثر ليخبرنى أنك أوكلت بيع أملاكك إلى وكالة عقارية . وقد طلب منى أيضاً ما إذا كنت أرغب فى الاستثمار فى تعليب الخوخ .
- هل أتصل بك آرثر ؟
- ليخبرنى أنك ستبيع .
- ربما كنت فى حالة يأس ولكن ليس لدرجة بيع هذه المزرعة .
فكرت ناتالى لحظات ثم أصابها غيظ شديد :
- لقد تعمد شقيقك أن يحكى لى مؤامرات حتى يجتذبنى إلى هنا ! هل هذا هو الأمر ؟
قال لها وهو يضحك :
- فكرينى أن أشكره .
كان آرثر قد اتصل أكثر من مرة . ليجد تروى متقوقعاً على نفسه واشجانه ولكن تروى لم يكن يعتقد أبداً أن يعمل شقيقه إلى هذه الدرجة ليساعده .
همهمت الشابة :
- لدى شعور بأننى ساذجة .
- وما رأيك لو غيرنا الحديث ؟ أعتقد أننا فى حاجة إلى حديث الأشواق والحب . إنه يحبها من كل قلبه وبكل قواه . ظلا وقتاً طويلاً يحدق كل منهما فى الأخر وقد انتشيا من بهجة الحب الذى نالاه أخيراً.

*******************

يتبــــع...

Rehana 17-02-10 10:04 AM


قال لها تروى :
- ناتالى أنت لا تستطيعين الحياة هنا .
- أنت لاتريدنى أن أعيش هنا ؟
- أوه .. إننى أريدك ولكن ليس كصديقة تشاركنى منزلى . ثم إن الناس هنا فى المنطقة لايحبون هذه العلاقات السائدة فى المدن الكبرى . نحن لسنا فى أتلانتا .. نحن هنا تقليديون .
- ما الذى تقوله يا تروى .؟ هل تريد منى ان أذهب لأعيش فى مكان آخر ؟
- كيف يمكن لشخص درس كل هذه الدراسات ولا يفهم بسرعة ؟
قالت فى غضب :
- ما معنى هذا ؟
- ناتالى ! بحق السماء إننى أحاول أن أطلب يدك للزواج !
صاحت وهى تتقافز حوله مرحاً :
- لن تندم على ذلك .. أعدك بذلك .
- من يسمعك يظن أننى أشترى خروفاً !
قالت فى غيظ وهى تلكمه :
- تروى .. ما هذا الذى تقوله ؟ سنكون على أروع صورة معاً .. وسنعيش الحب كله .
- ياله من توقع رائع ! وما رأيك لو اكتملت الصورة بالاطفال ؟
سألته وكلها أمل :
- هل ترغب فى أطفال ؟ إذن نحن نحتاج إلى حضانة .. وكهدية زواج منى أعرف عليك تجديد المنزل كله .
- هل أنت التى ستختارين الأرائك ؟
- لا .. سنختارها معاً .. أننى أريد أن أفعل من هذا المكان داراً حقيقية وليست فترينة محل موبيليات .
قال وقد أشرق وجهه بالسعادة :
- إذن لنتزوج فى أسرع وقت ممكن .. إننى أريدك أن تصبحى زوجتى فوراً.
- وأنا كذلك .
رن جرس التليفون . زمجر تروى وهو يرفع السماعة ثم قال :
- صباح الخير يا آرثر .
أمرته الشابة :
- أعطه لى . لدى شئ أود أن أقوله لذلك الصعلوك .. دودة الأرض .
أبعد تروى سماعة التليفون عنها وخاطب أخاه :
- نعم هى موجودة ولابد أن أعترف أنك أديت عملاً رائعاً وأنا مدين لك به .
وضع سماعة التليفون قبل أن تتمكن ناتالى من أخذها منه . سألته وهى تعقد ذراعيها على صدرها :
- أنت متأمر معه . أليس كذلك ؟ لايمكن أن يكون آرثر من الذكاء بحيث يدبر هذا بمفرده . أنت الذى أخبرته بان يتصل بى . أليس كذلك ؟
- انت تذهلينى يا ناتالى . هل تعتقدين أننى تأمرت عليك حتى أنال ما اريده ؟
بدت البراءة على وجهه فقالت أخيراً :
- لا .. أعتقد أنك لم تفعل . ولكن تذكرأننى محامية وبالتالى شكاكة اعذرنى .
قال وهو سعيد بأنه بالقرب من تلك التى أحبها من كل قلبه :
- لقد سامحتك .
سيتصل غداً بترزى آرثر حتى يطلب منه عدة بذلات . وهذا أقل ما يفعله .

*************************

يتبـــــــــع...

Rehana 17-02-10 10:23 AM

خاتمــــة

راقب تروى ناتالى وهى تقضم خوخة ضخمة وناضجة وبعض العصير يسيل فى كسل على ذقنها . ابتسم وهويقاوم رغبته فى لمس العصير.
ويبدو أنها خمنت أفكاره فرفعت عينيها نحوه . يا إلهى ! إنها تبدو شهية مثل الفاكهة التى تأكلها . قالت له :
- إنك لا تأكل غداءك .
منذ الأشهرالأربعة التى تزوجا فيها تعلمت ناتالى كيف تفسر كل مسلك من سلوكيات تروى , وكانت عيناه تقولان لها أن اخر ما يفكر فيه هو الجبن ولحم القديد الذى ينتظره على المائدة .
أخفت عنه ابتسامتها , وأخذت تداعب ديزى وواحداً من جرائها الجالس بجوارها كالحارس . لقد أصبحت الكلبة الحارسة الشخصية لـ ناتالى . واعتبرتها من وقتها جزءاً لا يتجزأ من المنزل .
كانت الجراء قد وجدت بيوتا آمنة بعد فطامها إلا أن ناتالى أصرت على الاحتفاظ بواحد من الذكور على الأقل .
بمرور الشهور نما شعر ناتالى . وأصبح خصلات طويلة شقراء تنسدل كالشلال على كتفيها بينما لونت نزهاتها اليومية بين البساتين خديها وذراعيها بلون ذهبى خلاب .
كان زراع الخوخ فى قمة النشاط والموسم على أشده حيث كانت فرق الرجال تعمل من الصباح حتى المساء يجنون أطناناً من الفاكهة . وعندما لم تكن ناتالى تعمل فى مكتبها كانت تحب مراقبة العمال الذين بعد أن يملأوا أقفاصا من الخوخ يحملونها على شاحنات كاملة تنطلق إلى مصنع حفظ المعلبات .
بدا وكأن كل سكان مدينة كاوبنز يعملون فى المزارع والمصنع ومن حسن حظ تروى جوردان أن العاصفة الثلجية لم تقشر الأشجار كثيراً .
هبت نسمة باردة فى شهر يونيو عبر النافذة مما أطار شعر الشابة . وأمام هذا المنظر الرقيق كتم تروى أنفاسه عن الانفعال .
إنها حامل فى طفله , وعندما حدثته ناتالى عن ذلك لأول مرة أشرق وجهه فخراً ووقتها لم يغمض له جفن طوال الليل .
كان كل ما يحلم به أن يرى ابنه يكبر داخل بطن المرأة التى يحبها . لقد قال الخبرلكل سكان كاوبنز ., واصر الجميع على أن يحضروا مولده .
سألها تروى وهو يقضم الساندويتش الذى ناولته له :
- هل أخذت تعسيلة للراحة ؟
- لست أشعر بالتعب ..منتديات ليلاس



*****************************

يتبـــع...

Rehana 17-02-10 11:39 PM

- ولكنك فى حاجة إليها .. إن الكتاب يقول ...
قاطعته :
- أحب أن تكف عن قراءة كل تلك الكتب عن الحمل والوضع . أنت تشبه طبيبى !
- انت تعملين كثيراً .
ثلاثة أيام فقط فى الأسبوع فى أتلانتا كنت أعمل ستين ساعة فى الأسبوع .
- لم تكونى حاملاً وقتها . والثلث الأول من الحمل مهم وحيوى .
- أعرف ذلك ياتروى لقد قلت لى ذلك بالأمس ولكنى أريد أن أحتفظ بنشاطى حتى وصول الطفل . إننى أحس بان لى فائدة وانا أعمل .
- هل تعنين أنه لا فائدة منك هنا ؟
- ليس هذا ما أعنيه . إننى أقدم مساهمة فعالة للمجتمع . أعلم أننى لا أربح كثيراً مثل أتلانتا ولكن ذلك لا أهمية له بالنسبة لى . هل هذا يبدو غريباً وساذجاً ؟
- لا . ليس غريباً ولامشروعك لإنشاء ملجأ للنساء المغلوبات على أمرهن . أنا فخور جداً بك يا عزيزتى فقط لا اريدك أن تتعبى . ثم أنك ستصبحين أجمل أم فى العالم .
لم يسبق لـ ناتالى أن عرفت مثل هذه السعادة . قال لها يوماً ما :
- هل أنت واثقة بانك تريدين هذا الحمل رغم أنه سيجعلك مثل الفيل؟ لقد سبق ان قلت لى أنك لا تريدين اطفالاً .
- لقد كان ذلك فى زمن غير هذا الزمن . وقبل ان أدرك أن الحب لابد أن يواجه المخاطر وانا مستعدة لمواجهة المخاطر اليوم .
ظلا صامتين ثم أعلنت الشابة :
- لقد اتصل بى أبى هذا الصباح . إنه يريد أن يقدم لك تأثيث حجرة الطفل وقد أخبرته أننى موافقة ما دمت أنا التى سأختار الأثاث بنفسى على أية حال لابد أن أذهب إلى أتلانتا لاوقع عقد بيع شقتى . هل تسمعنى يا تروى ؟
- لا . ولكن لا تتحركي .. يا إلهى ! كم أنت فاتنة . ولكنك لن تذهبى إلى أتلانتا بدونى . إننى لن أغامر بأن أفقدك وسط عاصفة ثلجية أخرى .
قالت فى دهشة وهى تضحك :
- عاصفة ثلجية فى يونيو ؟
كان تروى يداعبها كما تراعى الأم صغارها قالت له :
- لايجب أن تأتى معى ياتروى .
- بل لابد .
- وماذا لو احتاجت المزارع إليك ؟

***********************

يتبــــــــع...

Rehana 17-02-10 11:40 PM

- لدى رئيس عمال .
قال لها فى إحدى المرات بصوت متهدج :
- أتمنى أن ياتى الطفل فى جمالك وأريد أن يكون شعره أشقر مثلك .
- أما أنا فإننى أتمنى أن يكون شعره أسود مجعد مثلك .
- بماذا سنسميه ؟
- إننى أفكر فى إسم أندريا .
- ولماذا لا يكون جوشوا او صامويل أو ديفيد ؟
- يا إلهى ! لم أصدق أن تروى يمكن أن يبحث عن اسماء لابنه من الأسماء الانجيلية . على أية حال أمامنا الوقت كله لنقرر يا عزيزى . وأنت تعرف ذلك جيداً .
تمنت أن يكون ابنها فى مثل قوة زوجها وصدره العريض وذراعيه المفتولين وجسده الذى لوحته الشمس والعمل فى بساتين الخوخ . سألها :
- متى سنحس بحركة الطفل :
- بعد شهر تقريباً .
كانا يجلسان بالساعات مسترخيين وكل منهما يمتع نظره بالأخر إلى أن تثاءبت ناتالى أخيراً . فيقول لها تروى متهكماً :
- لقد قلتك لك إنك ستنتهين إلى النعاس .
ابتسمت ناتالى وأغمضت عينيها بينما يغطيها زوجها فى حناناً بالبطانية وهو يهمس :
- لقد تحولت نمرتى الشرسة إلى قطة هادئة أخيراً.
ردت عليه بين تثاؤبها :
- لا تكن واثقا بنفسك هكذا يا تروى . أنت لاتعرف ماذا يمكن أن يكون مختبئاً وراء القطة .
- اعترفى ياعزيزتى . لقد روضتك تماماً كما أردت .
فتحت ناتالى عينيها وقالت فى ابتسامة :
- لقد تركتك تروضنى يا سيد بمحض إرادتى ولكن ليس معنى هذا أننى سلمت أسلحتى إننى استطيع أن أصارع أى محام فى هذه المدينة واستطيع أن أخضعه تماماً تحت سيطرتى .
- أحقا ما تقولين . متى اكشتفت ذلك ؟
ظرت ناتالى إلى ذراع تروى الذى كتب عليه بالوشم اسم مى لين ولكنها وجدت انه محاه ولم تعرف متى تم ذلك ولم تسأله لقد رحلت مى لين من حياته للأبد وإن ظلت جزءاً من ذكرياته التى لا تثير غيرتها أوضيقها . لاشك أن فقده لها جعله رجلاً عاطفياً رقيقاً فى مشاعره ومسكله وكان مختبئاً تحت قوقعة من الصرامة والحزن إلى أن أخرجته منها . كانت تكتشف كل يوم أن ضحكته تزداد مرحاً وصفاء وسهولة . سألها :
- هل تحلمين يا ناتالى ؟
فزعت وقالت :
- ماذا ؟
- لقد سألتك منذ متى وأنت تاسريننى بسحرك وفتنتك كما تدعين ؟
- عندما اكتشفت أنك لاتستطيع أن تعيش بدونى . وأنك لن تتحمل فكرة أن تفقدنى .
- أنا لم أقل هذا أبداً .
-لا . لم تقل وإنما كان مكتوباً على جبينك .
- هذا صحيح أيتها المحامية النابغة . من أين لفلاح مسكين مثلى ان يجادل أشهر محامية فى أتلانتا !

****************************

( تمت بحمد الله )

Rehana 17-02-10 11:42 PM

تمـــــــــــت

أتمنى لكم قـــــــراءة ممتعة..:flowers2:

Dark Star 18-02-10 07:29 AM

شكرااا على سرعتك فى أكمال الرواية .عن جاد شكراااااااااا ليكى على:8_4_134: المجهووود الرائع

Rehana 18-02-10 09:31 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Dark Star (المشاركة 2175683)
شكرااا على سرعتك فى أكمال الرواية .عن جاد شكراااااااااا ليكى على:8_4_134: المجهووود الرائع


العفووو عزيزتي

سعدت بتواجدك وألقاك إن شاء الله برواية جديدة

dede77 18-02-10 08:57 PM




رائعة مثلك يا قمر بجد رواية خطيرة 0


تسلم ايدك عليها وتسلمى على اختيارك الممتاز 0



فى انتظار جديدك دائما 0

لكى كل حبى 0

Rehana 18-02-10 10:10 PM

الأروووع مرورك ياعسل

وكلماتك كلها تشجيع لي شكرا لك //لك ووودي

rana_rana 20-02-10 06:39 PM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

Rehana 20-02-10 09:58 PM

حياكـ الله

نداء الحق 22-02-10 10:33 AM

رواية جميلة جدا شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

Rehana 22-02-10 02:42 PM

الأجمـــــــل مرورك..نداء

وحياك الله

qottat 22-02-10 08:52 PM

مشكورة يعطيك العافية

Rehana 22-02-10 11:01 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة qottat (المشاركة 2182121)
مشكورة يعطيك العافية

الله يعافيك يارب

شكرا للمرورك

زهرة الماس 24-02-10 11:52 AM

يسلموووووووووووووووووووووووووووووو

Rehana 24-02-10 01:23 PM

الله يسلمك يازهرة

شكرا لمرورك

نونا المجنونه 24-02-10 04:36 PM

والله هبعت الرساله لخمسه "سبحان الله وبحمده سبحان الله العضيم" انت حلفت

Rehana 24-02-10 06:46 PM

بصراحة نونا مافهمت شيء

قماري طيبة 30-03-10 06:52 PM

رواية جميلة جدا سلمت يداك عليها... بارك الله فيك ورحم الله والديك, يعطيك الف عافيه... موفقة بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

الجبل الاخضر 01-04-10 03:58 PM

تسلمين وبررررررررررررررررررررررفو ياقمر القمر كذا الروايات ولابلاش ولفضل للكاتبه الرائعه ومافي افضل من اختيارك شكرا شكراجزيلا

Rehana 09-04-10 05:03 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قماري طيبة (المشاركة 2240086)
رواية جميلة جدا سلمت يداك عليها... بارك الله فيك ورحم الله والديك, يعطيك الف عافيه... موفقة بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

الأجمــــــل مرورك والله يسلمك و يحفظك ..قماري

دمتي بحفظ الرحمان

Rehana 09-04-10 05:04 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الجبل الاخضر (المشاركة 2243576)
تسلمين وبررررررررررررررررررررررفو ياقمر القمر كذا الروايات ولابلاش ولفضل للكاتبه الرائعه ومافي افضل من اختيارك شكرا شكراجزيلا

الله يسلمك ( خضراء )
ماننحرم من تواجدك و تشجعيك
دمتي بخير

gaviotta 16-04-10 01:55 AM

رواية رائعة جدا
يسلمووووووووو يا عسل

gaviotta 16-04-10 01:56 AM

رااااااائعة
يسلمو يا عسل
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

Rehana 16-04-10 10:00 AM

الأرووع مرورك والله يسلمك

دمتي بكل الوووود

سفيرة الاحزان 16-04-10 03:10 PM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

Rehana 16-04-10 10:40 PM

العفوو وحياك الله

moura_baby 08-06-10 04:29 PM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

Rehana 11-06-10 08:00 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة moura_baby (المشاركة 2336393)
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

يسلمووو على المرور..moura_baby

asmaa_amr 24-10-10 08:20 PM

جميلة كتير شكرا ويعطيك العافية:flowers2:

Rehana 25-10-10 07:46 PM

الأجمل مرورك والله يعافيك يارب

يسوره 05-11-10 08:35 AM

تسلم اييكى روعه خالص الروايه بجد مشكوره ياعسل

Rehana 06-11-10 01:57 PM

الله يسلمك الآروع تواجدك وكلماتك الحلووة ياسكرة

ايمااان 07-11-10 09:50 PM

رااااائعه

Rehana<< لك كل الشكر لامتاعنااااااااااااااا

Rehana 08-11-10 03:41 PM

العفووو عزيزتي وشاكرة مرورك العطر

قصائد 13-11-10 01:49 AM

سلام الرواية مرة حلوةةةةةةةةةةةةةة

البلونة البنفسجية 17-11-10 03:31 AM

الله يعطيك العافيه ريحانه

Rehana 18-11-10 11:13 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة البلونة البنفسجية (المشاركة 2529757)
الله يعطيك العافيه ريحانه


الله يعافيك بلونتي البنفسجية
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قصائد (المشاركة 2524092)
سلام الرواية مرة حلوةةةةةةةةةةةةةة

وعليكم السلام ورحمة الله
قصائد ..نورتي الرواية بمرورك الجميل:liilas:

نادينه 20-11-10 12:37 PM

رائععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععععع عععععععه

Rehana 20-11-10 11:41 PM

الأروووووووع تواجدك

خادمة الوطن 05-02-11 12:21 PM

سلمت يدااااك

Rehana 17-02-11 08:29 PM

الله يسلمك يارب منورة الرواية

ندى ندى 13-10-11 01:33 AM

جميله جدا جدا

Rehana 25-12-11 11:01 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ندى ندى (المشاركة 2901810)
جميله جدا جدا

الاجمل مرورك .. ندى

منى على سيد 19-07-15 09:28 PM

رد: 533 - تائهة وسط العاصفة - Celia Young - من دار ميوزيك ( كاملة )
 
واووووووووووووو رواية تحفة

منى على سيد 12-09-15 12:49 AM

رد: 533 - تائهة وسط العاصفة - Celia Young - من دار ميوزيك ( كاملة )
 
ملخصها حلو تسلمى

حنان محمد ابراهيم 29-10-15 12:26 AM

رد: 533 - تائهة وسط العاصفة - Celia Young - من دار ميوزيك ( كاملة )
 
الرواية جميلة جدا ااااااا شكرا على مجهودك

فرحــــــــــة 18-09-16 02:08 AM

رد: 533 - تائهة وسط العاصفة - Celia Young - من دار ميوزيك ( كاملة )
 
غاليتى القديرة
ريحانة
قصة جميلة جدا فى مضمونها
التضحية والايثار والحب
الذى يغلف معظم اختياراتك للرويات
وهذا يدل على مدى طيبك وروعة شخصيتك
لك منى كل الشكر والتقدبر
على هذه الروووووووووعة
دمتى بكل الخير
فيض ودى


الساعة الآن 08:17 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية