منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   74 - السرّّ الدفِين ـ ماري ويبرلي ـ روايات عبير القديمة ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t135344.html)

dede77 28-01-10 12:59 PM

74 - السرّّ الدفِين ـ ماري ويبرلي ـ روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
من روايات عبير القديمة ( السرّّ الدفِين )" مارى ويبرلي "
من مكتبة زهران0العنوان الاصلى لهذه الرواية بالانكليزية 0

The Snow on The Hills " "


الملخص 0

" الاباء ياكلون الحصرم والابناء يضرسون " 000
ينطبق هذا المثل تماما على قصة فانيسا التى اعتقدت ان جدها كان السبب فى تعاسة والدها الراحل 0 منتدى ليلاس
ولم يكن هناك عليها سوى ان تذهب متنكرة فى قناع فتاة استجابت لاعلان يطلب فيه جدها من يرتب مكتبته المبعثرة 0
غير ان فانيسا تلتقى كال غرين ضيف جدها وصديقه ، وتكتشف بين الصحف القديمة سر والدها الراحل فتحاول الهرب 000
الهرب من الماضى والهرب من كال الخشن القاسى 0
فهل يدور محرك سيارتها تلك الليلة الباردة ؟

dede77 28-01-10 01:13 PM

الرواية تعتبر من روائع الادب الرومانسى 0
اتمنى من كل من يقوم بنقل الرواية ان يقول انها منقولة من منتدى ليلاس وذلك حفاظ على مجهودى فى الكتابة 0
فصول الرواية

1-
غريبان على الطريق 0

2-
فى
البيت الكبير 0

3-
ما
هو اسمك الحقيقى ؟
4-
عشاء مع الغريمة 0

5-
المواجهة الاولى 0

6-
السر الدفين !

7-
حان موعد الرحيل 0

8-
جاء زمن الحب !

الحالمة دائما 28-01-10 01:33 PM

انا قراتها من زمن وهى جمييلة جدا
وسعيدةبمجهودك الرائع واههلاوبارب مصر تفوز

Rehana 28-01-10 03:33 PM

ربي يعطيك العافية


وتشكري على مجهودك المميز في القسم

dede77 28-01-10 09:55 PM

1-غريبان على الطريق 0

اسقطت فانسيا مكعب السكر فى فنجان القهوة وراحت تراقب فقاقيع الهواء التى احدثها ، لا ، لم يكن هذا مجرد خيال ، فالشابان اللذان يركبان الدراجة النارية كانا يراقبانها باهتمام واضح 0 منتدى ليلاس
انها معتادة على ذلك التصرف , لكن الامر يختلف هذه المرة , فنظراتهما اشعرتها بالا نزعاج , المقهى كان صغيرا , وخلف الالة الحاسبة جلست فتاتان تقهقهان وتتهامسان . والى احدى الطاولات فى الزاوية جلس رجل يحتسى فنجان قهوة ، الى جواره كان الشابان . انهيا لتوهما تناول بعض السندويشات 0
نظرت فانيسا الى الرجل الذي كان مستغرقا في الصحيفة الموجودة الى جواره
اكثر من اي شيء اخر . ماذا يمكن ان تقول اذا ما ذهبت اليه لتحادثه ؟ من
الاكيد انه سيعتبرها مجنونة . ولكنها كانت قلقة . فما تبقى من الطريق موحش ومنعزل ، هذا ما تؤكده خريطتها ويؤكده الطريق الذى قطعته قبل قليل . هناك ما لايقل عن ثلاثين ميلا للوصول الى دينستون هاوس . ثلاثون ميلا من القيادة فى اراض جبلية منعزلة قبل ان تصل الى مقصدها !
التفت اليها الرجل لبرهة وكانه احس بنظراتها , ثم نظر باتجاه الشابين واخيرا الى صحيفته . خفق قلب فانيسا بشدة . ليس هناك امل يرتجى منه . لعله اعتقد انها احبت تصرف الشابين اللذين اخذا الان يصدران اصواتا وكانهما يتحدثان الى قطة ، وهما يبتسمان , لقد اصبح طعم القهوة كريها 0
نهضت فجاة . حان وقت الذهاب , وكلما بكرت كلما كان افضل . راسها مصاب بالصداع منذ ان قطعت بيرث والطريق حتى دينستون هاوس –المنطقة المجهولة- طويلة وصعبة . ومن الافضل لها ان تسرع في الوصول الى هناك . حملت سترتها وحقيبة يدها وغادرت المقهى دون ان تلتفت الى الخلف 0
في الخارج , كان الطقس باردا وبوادر غيوم ممطرة في السماء . التلال المرتفعة كانت تبدو منعزلة في ضوء المساء الخافت , وكل شئ هادىء . في موقف المقهى , شاهدت الدراجتين الناريتين وسيارة جاكوار انيقة وسيارتها الكورتينا
الرمادية . جلست في مقعدها ورمت السترة وحقيبة اليد في المقعد المجاور ... وادارت المحرك . فكرت انها ستكون سالمة اذا ما اقلعت وغادرت المكان قبل ان يخرج الشابان 0
وما ان تحركت باتجاه الطريق حتى شاهدت باب المقهى يفتح , ورات الشابين يقفان للحظة على العتبة فاعطيا ظلا اسود انعكس على ضوء المقهى الساطع . ما زالا يضحكان . وبحركة غريزية اغلقت ابواب سيارتها من الداخل ثم ضغطت بكامل قوتها على دواسة البنزين ... فاستجابت الكورتينا على الفور0
نزلت الطريق المنحدر باسرع ما يمكنها . ربما كانت السرعة غير كافية فالدراجات النارية قوية وسريعة جدا بالرغم من مظهرها المضحك . انطلقت الدراجتان الناريتان خلفها . واصابها شعور غريب بان ما يحدث قد يكون عقابا لها على الخطة المقصودة التي جاءت لاجلها 0

dede77 28-01-10 09:57 PM

لكن الان ليس وقت محاسبة الذات , المهم ان تبقى في المقدمة , متقدمة على الشابين . وكل شئ سيكون على ما يرام . الطريق الاسفلتي يمتد كشريط ضيق متعرج ، وفانيسا تتابعه بترقب وسرعة , ويداها الرطبتان متمسكتان بعجلة القيادة . لم تكن انسانة عصبية , وهي تعرف كيف تسيطر على نفسها . لكن شيئا ما كان في نظرات الشابين ، اللذين لم يتجاوزا العشرين من العمر , جعلها تشعر بالخوف 0 فكرة خاطفة الحت على ذهنها عن الرجل الاخر الذي كان في المقهى . لقد كان جذابا بشكل قاس وغامض و ... وفجاة سمعت هدير صوت محركى الدراجتين خلفها تماما ، كان المنعطف قد حجبهما عنها . الان اصبحا مرئيين ... ويقتربان , شابان يبحثان عن المشاكل , يرتديان سترتين جلديتين سوداوين على سروالين من الجينز . اصبحا اقرب . يا الله اين السيارة الاخرى , او اية سيارة اخرى؟
مر الاول مسرعا فاهتزت السيارة بعنف . كان اسلوبهما فعالا . تمهل الاول حتى وصلت السيارة الى منعطف ضيق فخفف سرعته بحيث اضطرت فانيسا بدورها الى تخفيف السرعة . في حين كان الثاني خلفها يمنعها من محاولة الرجوع . احست فانيسا برغبة جامحة في ان تطلق لسيارتها العنان , لكنها ادركت ان ذلك لن يفيد . كانت الدراجة النارية ضخمة بحيث لا تؤثر بها السيارة , والطريق لا يسمح بالتجاوز , وسرعان ما حل الصمت عندما سكتت المحركات0
تلفتت حولها في محاولة يائسة للبحث عن سلاح . عبثت اصابعها المحمومة في حقيبة يدها , فا صطدمت بجسم دائري بارد ... انه عطر بخاخ , القارورة صغيرة , لكنها افضل من لا شئ . كم من الوقت سيمر قبل ان يحطما الابواب ؟
اقترب الشاب الاول من النافذة ومسح الزجاج وهو يبتسم . كانت اسنانه متاكلة ووجهه مصابا بحب الشباب ... وفي عينيه رغبات تتجاوز سنوات عمره0
- ارجوكما , اتركاني لحالي 0
كلمات لا معنى لها في هذا الموقف , اطلقتها كانها ابتهال 0
عندها , ومن حيث لم تتوقع , سمعت صوت منبه سيارة طويلا وعاليا ياتي من الوراء . التفتت , قفز قلبها من شدة الارتياح . في الوقت المناسب تماما . كانت سيارة الجاكوار التي تخص الرجل الغامض في المقهى الصغير , والسائق يطلق المنبه لان دراجة الشاب الاول تغلق الطريق امامه . وفي اللحظة التي توجه فيها الشاب لازاحة دراجته . فتحت فانيسا الباب بسرعة . لم يكن الشاب يريد اى تدخل , بل يريد ان يفسح الطريق للجاكوار . وكان امام فانيسا ثوان معدودة . وبينما كانت تحاول الركض متجاهلة الشاب الثانى وذراعيه الممدودتين , ترجل سائق الجاكوار من سيارته واغلق الباب خلفه , وحاولت فانيسا ان تهدئ قدميها المرتجفتين عندما شاهدته متقدما نحو سيارتها0
قالت له: ارجوك ساعدني ... هذان الشابان ….
-اعرف . لقد شاهدتهما0
جاء صوته عميقا . ربما كان صوته عذبا في الاوقات العادية , لكنه الان غاضب ومنفعل . هذا ما لفت انتباه فانيسا للوهلة الاولى وهي تنظر اليه كوسيلة انقاذ . وسرعان ما ادركت شيئا اعاد الخوف الى نفسها . هو شخص واحد . وهما اثنان

dede77 28-01-10 10:01 PM

وقويان . ولا يبدو عليه انه قوى , بالرغم من انه طويل القامة وعريض المنكبين ويمشي واثق الخطوة . لقد لاحظت هذه الامور كلها عندما دخل المقهى وهي في منتصف وجبتها , وقبل أن يبدا الشابان تحرشاتهما . بدا عليه انه من النوع الذي يفضل تجنب المشاكل . لكنه لن يفعل ذلك الان . او هل يفعل ؟ هل يتركها وحدها ويتابع رحلته ؟
واخيرا تكلم . ازاح الشاب الاول دراجته بعيدا عن الطريق واضعا اياها قرب سيارة فانيسا بحيث تستطيع الجاكوار ان تمر0
قال وهو يبتسم: هيا ايها الفتيان , اذهبا من هنا0
وقف الشاب الاول , وهو القائد على ما يبدو , في مكانه مباعدا بين ساقيه وواضعا يديه على خصره في وقفة تحد0
-اسمع , لقد ازحت دراجتي عن الطريق فلماذا لا تتابع رحلتك , نحن لا نتعرض لك ؟
- كلا لكن هذه الشابة ترفض اعتراضكما لطريقها , وانا شخصيا لا الومها لذلك .... لكنه لم يستطع أكمال جملته 0
استدارت فانيسا نصف التفاتة لان الشاب الثانى كان حتى ذلك الحين صامتا , ولذلك شاهدته اولا فصرخت : انتبه ...
ولكن تحذيرها لم يكن ضروريا . كان الشاب يحمل زجاجة في يده , ولو انها اصابت هدفها لفقد الرجل الغامض وعيه . لحسن الحظ خابت الضربة . وراقبت فانيسا باعجاب مشوب بالدهشة كيف ان الرجل استطاع ان يقبض على معصم الشاب ويلويها بشدة مع انحناءة خفيفة من جسده هو . كان مدهشا ان تراقب المعركة لانها جرت كما لو في التصوير السينمائي البطئ , وتشاهد وجه الشاب وقد علته الدهشة اذ سقطت الزجاجة من يده المتشنجة ثم تبعها هو في السقوط ... هنا تدخل الشاب الاول وتقدم مهاجما , وقالت فانيسا لنفسها: هذه هي النهاية. والتفتت لتبحث عن عصا او اى شئ للمساعدة0
حدث كل شئ باسرع مما تتصور وصل الشاب الاول مسرعا نحو الرجل الغامض رافعا قبضة يده للوصول الى وجه خصمه وواضعا قوته كلها في هجومه , وشاهدته فانيسا وهو يقفز من فوق الرجل الذي انحنى قليلا الى الخلف ثم عاد ليجلس على صدر الشاب بسهولة وسرعة 0
ادركت فانيسا انه يتقن رياضة الجيدو . وعرفت الفرق بين مشاهدة اللعبة على شاشة التلفزيون وبين ما جرى الان ... انه الفرق بين الرياضة والواقع0
انتهى كل شئ . نفض سائق الجاكوار الغبار عن سترته وهو ينظر باشمئزاز الى الجسدين المرميين اللذين يحاولان الوقوف على اقدامهما . ثم خاطب فانيسا قائلا : اصعدى الى سيارتك وتابعى السير . ساتبعك انا بسيارتى . هيا بنا بسرعة0
لم يكن هناك مجال للكلام . اطاعته من دون ان تتفوه بكلمة وادارت محرك السيارة بيدها المرتعشة . ثم هدات قليلا عندما ادركت انه هو الذي يجب ان يرتجف اذا ما كان هناك سبب لذلك , وليس هى0
على بعد خمسة اميال , وبالقرب من مفترق طرق , اعطى سائق السيارة اشارة

dede77 28-01-10 10:08 PM

ضوئية طالبا منها التوقف , ففعلت وترجلت من سيارتها . الشئ الاول الذي يجب ان تفعله هو ان تشكره0
اقترب منها , ودون ان يفسح لها المجال سالها بلهجة امرة: ما اسمك ؟
فماتت كلمات الشكر على لسانها فورا0
- فانيسا0
بدات كلامها . لكنها لم تستطع ان تتذكر اسمها الثاني أ ... سميث0
قال بنغمة ساخرة وهو يرفع احد حاجبيه :يبدو انك تجدين صعوبة في تذكر اسمك الثاني!
لمعت عيناها بالغضب لبرهة وقالت: انني مضطربة ... كانت تجربة مخيفة0
- صحيح وافق قائلا :حسنا يا انسة سميث مشددا على كلمة سميث :انا لا انصحك بالسفر وحيدة في المستقبل ... على الاقل في مثل هذه الاماكن . انت تعرفين المتاعب التي كنت ستواجهينها لو ان احدا لم يصل في الوقت المناسب ؟
ووجدت ان عرفانها له بالجميل بدا يزول بسبب طبعه الحاد , لكنها تمسكت بالجملة الاخيرة التي نطق بها لتنطلق منها وتقول : نعم , وانا شاكرة لك ما فعلته من اجلى0
-عرفت في المقهى ما ينويان فعله . وتبعتكم طول الطريق مع انني لم اكن اقصد هذه الناحية اساسا0
آه , لقد بدا يترك تاثيرا غريبا عليها . كان من النادر ان تعجز عن ايجاد الكلمات المناسبة . ومن النادر ايضا ان تجد رجلا مغلقا الى هذا الحد , كانه لم يكن يراها على الاطلاق . كان طويل القامة بحيث سبب لها الازعاج. خاصة انها طويلة ايضا , ولم تتعود ان تنظر الى الاعلى لتخاطب الاخرين . معه اضطرت لذلك . فقد كان اطول منها , عريض المنكبين , اسمر الوجه , وذا عينين لامعتين بشكل غير عادى حتى خيل اليها انهما تسخران منها ... لكن هذا غير معقول !
وانهى كلامه قائلا : فاما ان تحضرى معك رفيقة طريق او ان تتعلمى بعض الكاراتيه0
-ساتسلم وظيفتى على بعد ثلاثين ميلا0 اجابت برد حاسم بدا لها جافا : ومن الصعب والحالة هذه ان احضر معي مربيتي , اليس كذلك ؟ اما بالنسبة للكاراتيه . فقد كنت اعتبر الاسكتلنديين محبين للضيوف ... لكننى يجب ان اعيد التفكير بهذا يا سيد0
عليه ان يتقبل رايها بالاسكتلنديين كما يشاء .
بدات اعصاب فانيسا تتوتر , وكلما اسرعت بمغادرة المكان , كان ذلك افضل لها0
-كال غرين يا انسة سميث0
وشدد على نطق الاسم الذي يؤكد كونه اسكتلنديا0
-اليس من الافضل لنا ان نواصل السير0
واستدارت نحو سيارتها وهى تقول : فالشابان ...
-سوف يستمران في البحث عن مفاتيح المحرك لمدة غير قصيرة بين الاشجار0
اجاب مبتسما . ليس هناك ما يضحك , مجرد ابتسامة كشفت عن اسنان لامعة0
-وحتى لو وجداها , فسيندمان اذا ما حاولا اللحاق بنا0
ولم يكن متبجحا , كان يقول الحقيقة . لم تستطع فانيسا ان تمنع الكلمات : من الجميل ان تكون واثقا الى هذا الحد من نفسك0
ابتسمت ايضا وهي تدرك تاثير ابتسامتها على الرجال . انها الابتسامة التي تسحر , ولكنها لم تسحره هو0
-هذا صحيح ونظر اليها بكبرياء . انك ذات مزاج عصبي يا انسة , اليس كذلك ؟ ربما كنت تفضلين ان اتركهما فيصيباني بالزجاجة0
-لم اقصد ذلك 0
وبدات تشعر بالارتباك . من يعتقد نفسه هذا الوحش المتعجرف ؟
- قصدت ...
لكنها لم تكن متاكدة مما تقصده الان . وانهت كلامها بنبرة حزن : يبدو انك تعتقد بانها غلطتى0
نظر اليها مجددا . تعبير غريب جدا مر للحظة على ذلك الوجه الاسمر الجذاب : الم يعلمك احد بان تغضى طرفك الساحر عندما تكونين في بعض الاماكن0
-ماذا ؟ من الاكيد انه لم يفكر … كيف تجرؤ على هذا القول ؟ وماذا تقصد من ورائه ؟
وجهها في العادة ابيض اللون وناعم بشكل يتناقض مع شعرها الاسود , اما الان فقد احمر خداها والتمعت عيناها البنيتان الغامقتان بشرارات الغضب 0

dede77 29-01-10 07:11 PM

-دعك من هذه الاقوال0
كان يتكلم بهدوء , وكانه يخاطب طفلا : لا تقولي لي انك لم تعطهما نظرة تشجيع حتى ولو غير مقصودة 0
ورفع يده مسترضيا عندما قال العبارة الاخيرة : لكنك لا تستطيعين تجنب الامر , اليس كذلك ؟ فانت مدركة لجمالك انت كاذبة او مغفلة اذا انكرت ذلك – وكان يجب ان تعرفى انك ستسببين المتاعب بمجرد ....
-لن اقف هنا لحظة اخرى لاستمع الى اقوالك يا سيد غرين 0
صرخت بانفعال واستدارت عائدة الى سيارتها 0
-لست ادرى من هو الاسوا فعلا . وداعا 0
خيم صمت ثقيل . لم ينبس ببنت شفة ولم يحاول ايقافها . ترى ما الذى كانت تتوقعه؟
نظرت في مرآة سيارتها تراقب الطريق خلفها وهي تنحدر مسرعة نحو هدفها . راته يدخل السيارة بسهولة رغم ساقيه الطويلتين . لم يكن ينظر اليها , بل لم يكن مهتما ابدا . زمت فانيسا شفتيها بغيظ . لقد كان شخصية بغيضة مع انه انقذها من وضع لا تحسد عليه . القت نظرة اخرى قبل ان تحجب الطريق سيارته عنها . شاهدت بصيص احتراق سيكارة من خلف الزجاج , انقبض قلبها , هل ينتظر فعلا حتى يتاكد من عدم وجود اية مشاكل ؟ هذا ممكن . لكن مع مواصلة السير , طغت افكار اخرى ملحة على ذهن فانيسا . افكار حول المكان الذي تقصده والاسباب التي دفعتها للقدوم 0
حدث شئ غريب جدا قبل بضعة اميال من دينستون هاوس . توقفت للحظة حتى تراجع خريطتها وتتاكد من المنعطف الحاد الذى برز الى اليمين والذي يقود الى طريق يبدو وكانه ينتهي الى جبل منعزل موحش . عليها ان تتاكد قبل ان تتابع سيرها , لئلا تجد نفسها في طريق لا يمكنها العودة منه الا بعد اميال عديدة .. خاصة ان الظلام اصبح حالكا , والغيوم الداكنة تطبق على الارض منذرة بالمطر الغزير 0
انه طريقها بالفعل . لقد اشرت على الخريطة بعناية في مكتب المحامي بعد تلقى التعليمات منه . لا يمكن ان تكون مخطئة , فالمنعطف الحاد هو الدرب الذي يجب ان تسلكه . اعادت فانيسا الخريطة الى مكانها وتاكدت من خلو الطريق من السير ثم انعطفت يمينا . لاحت بشكل غير واضح سيارة تنهب الارض على الطريق نفسه الذي تركته فانيسا قبل لحظات ... وتساءلت فانيسا ما اذا كانت هذه السيارة هي سيارة الجاكوار . من الممكن ذلك , لكن الامر مستبعد , ثم انشغلت عن التفكير بذلك "الفارس الارعن" وهي تتجاوز منعطفا حادا ضيقا برز أمامها فجأة ... وما هى الا دقيقة حتى كانت الجاكوار وراءها 0
لم يكن امام فانيسا مجال كى تفسح له الطريق لتجاوزها . فالدرب المتعرج الضيق كان يجعلها حذرة وبطيئة . هل هو مستمر في ملاحقتها ؟ ربما يريد ان يقول لها شيئا ؟ عند المنعطف التالى , وكان هناك متسع للتجاوز , اعطته اشارة كي يعبر . لكنه توقف , ولم يعد امامها الا التوقف 0

dede77 29-01-10 07:46 PM

انزلت زجاج شباك سيارتها . ترى ماذا يريد ؟
-هل انت في الطريق الصحيح ؟
كان صوته عميقا وهادئا , وكان شيئا لم يحصل بينهما 0
-نعم . اعتقدت انك تريد سؤالي عن شئ ما . انا متوجهة الى مكان يدعى دينستون هاوس…
توقفت عن الكلام عندما لاحظت تعابير وجهه التي تنم عن الدهشة والاستغراب . ماذا حدث ؟ ماذا قلت له ؟
-انت ذاهبة الى دينستون ؟ تساءل بدهشة . لا تقولى لى انك الانسة التي تريد تنظيم المكتبة هناك ؟ يا الهي !
وفعلت الكلمتان الاخيرتان فعلهما . فتحت فانيسا باب سيارتها ودفعته بقوة . ابتعد الرجل عن طريقها وهو يساعدها فى امساك الباب . ترجلت ووقفت امامه متحدية ... منتدى ليلاس
-لقد سمعت ورايت ما فيه الكفاية . انا لا اعرف ماذا ومن تكون , لكن المكان الذي اقصده لا يعنيك ابدا ... وان كنت انقذتنى من الشابين ...
لم يتركها تكمل كلامها . كان ينظر اليها وبسمة استغراب مشوبة بالدهشة على شفتيه : هدئي من روعك ، قاطعها بصوت صخري كملامح وجهه 0
-فذلك لن يفيدك معى , ولن ينفعك ايضا ...
-ايها ال ....
-ارايت ماذا قصدت ؟ العينان تشرقطان غضبا , والوجنتان محتقنتان .. هدئي نفسك ايتها القطة المتوحشة وانصتى 0
احست فانيسا بان صدرها يكاد ينفجر وهي تحاول ضبط نفسها امام هذا المخلوق المجنون والمتعجرف . كم تتمنى ان تصفع ذلك الوجه القاسي !
-هذا افضل . لم يعرف كم كانت قريبة من الصفعة .. لي كامل الحق بسؤالك عما اذا كنت ذاهبة الى دينستون , فانا اعيش هناك حاليا 0
نظرت فانيسا اليه للحظات . هذا غير معقول ؟ هذا غير معقول ! وقالت بصوت اكثر هدوءا : المنطقة التي اقصدها ملك شخص يدعى السيد ماكلين , وحسب علمي هو يقيم ...
-انه يقيم وحيدا ، اجابها بنعومة .انه يقيم وحيدا باستثناء الخدم ومدبرى البيت . وانا حاليا .. ضيفه 0
لم تلحظ فانيسا في ارتباكها تردد الرجل قبل الكلمة الاخيرة . من اين جاءت كل هذه التعقيدات ؟ نظرت اليه . عليها ان تكون شديدة الحذر . فاشياء كثيرة اخذت تحدث فجاة . يجب ان تهدا فذلك سيعطيها وقتا للتفكير . لكنها ادركت انها لا تملك متسعا من الوقت للتامل والتفكير 0
-لقد فهمت 0
وحاولت ان تضع على شفتيها ابتسامة كبيرة . اثرت الابتسامة مؤقتا . وعندما جاءت كلماته احست ان مخيلتها هي التي اوحت اليها بذلك 0
-استغربت كثيرا في البداية لان اسم الموظفة الجديدة حسب ما اعتقد هو وفرك مقدمة جبينه باصبعيه وهو يحاول التذكراجل اسمها الانسة كولينز 0

dede77 29-01-10 07:54 PM

وقطع كلامه مبتسما وكانه يقول : والان ما هي الحقيقة ؟
واعطتها الابتسامة الاخيرة وقتا هي بامس الحاجة اليه للاستعداد والاجابة 0
-هذا صحيح قالت موافقة عندما اخبرتك ان اسمي هو سميث , كنت ببساطة غير راغبة باعطاء اسمى الحقيقي لشخص غريب 0
رفع احد حاجبيه وقال : بالطبع .. بالطبع . واضاف بصوت ناعم انا لا الومك . هناك نوعيات غريبة من الناس اخذت تتردد على هذه المنطقة مؤخرا 0
لكنها كانت متاكدة من انه لم يصدقها . الشئ الوحيد الذي فكرت فيه هو : هل من الضرورى ان يصدقها ؟
اتاحت فانيسا لنفسها بعض الراحة كى تقلب المشكلة من كافة جوانبها , عندما كانت تتبعه بسيارتها على الطريق الذي اخذ يضيق ويتعرج أكثر . قاد سيارته الجاكوار بروية اخذا بعين الاعتبار عدم معرفتها المسبقة بالمكان . وكانت قيادته هادئة وماهرة بحيث تبعته فانيسا بثقة وارتياح 0
اذن , هو ضيف في دينستون هاوس , لكن الى متى ؟ احست بضيق . وعاد الى ذاكرتها الحوار الذي جرى فى مكتب السيد مورتون 0
واتضحت لها الامور بشكل لم تكن مستعدة له بعد . وهي تعرف ان عليها التفكير في الامر .. لكن ليس الان , والحت عليها صورة السيد مورتون القلق وهو يقول بصوت متوتر :لا استطيع ان اوافق على الخداع باى شكل من الاشكال !
-لست اسالك الموافقة على اى شئ 0
كانت فانيسا قادرة حتى على تذكر رنة صوتها انذاك : هادئة وعملية ومصممة على ازاحة اى اعتراض , لانها حسمت امرها سلفا 0
-لكن الامر يبدو لى .. ورفع السيد مورتون مجموعة اوراق ، وكانك ذاهبة الى هناك لانتحال شخصية اخرى 0
-لقد شرحت لك الوضع 0
واعطته ابتسامة طويلة . لم يكن قادرا على مقاومة مثل هذه الابتسامة . وسمعته يسعل بارتباك ، فاضافت: المسالة لن تستغرق طويلا , مجرد اسبوع , ثم اخبره بالحقيقة . انها اشبه ب .. لعبة . ورددت في سرها :ليسامحني الله على هذه الكذبة0
لكن يجب ان لا يعرف احد اسبابها الحقيقية , الرغبة في رؤية ذلك الرجل العجوز الذي دمر حياة والدها .. انه جدها اندرو ماكلين الذى انفق الالوف حتى الان من اجل العثور على الولد الوحيد لابنه المتوفى حديثا 0
اعادتها الى الحاضر سيارة الجاكوار التي اخذت تخفف سيرها , فضغطت على الفرامل بسرعة . مر من امامها قطيع من الماشية متجها الى احدى التلال . عبرت الخراف المثقلة بالصوف متباطئة عبر الطريق العام , فاسرع الرجل بسيارته وتبعته فانيسا دون تردد . نظرت في مرآة سيارتها لحظة . كانت عيناها سوداوين وواسعتين . وتساءلت في نفسها : هل اخطات من الاساس في المجئ الى هنا ؟ هل كان والدها سيوافق على ما تفعل ؟ لن تستطيع ان تعرف ابدا . لقد كان السيد مورتون قلقا للغاية من خطتها . وارتكب خطا اساسيا عندما اخبرها بانهم طلبوا منه

dede77 29-01-10 08:13 PM

ايجاد شخص مناسب – رجلا كان او امرأة – لترتيب مكتبة دينستون هاوس 0
-ها قد وجدتها . اجابت فانيسا وموجة عارمة من الارتياح تجتاح جسمها : الا ترى ؟ انا ساذهب . ستقول لهم انك وجدت شخصا مناسبا ، و ....
-وماذا سيحدث عندما تكشفين شخصيتك الحقيقية ؟ قاطعها السيد مورتون بجفاء كيف سابدو انا انذاك ... المتامر الشريك ؟
-كلا . وقفت فانيسا بحزم . حذرتك اساسا , وانت تعرف جدية كلامى ، من انك اذا ابلغت جدى ... وقفت عند الكلمة الاخيرة باشمئزاز اذا ابلغته بالعثور على , فسوف ارحل على الفور . وتاكد من انك لن تجدنى ابدا 0
شعر المحامي العجوز بالحيرة . واحست هي بالاسف لوضعه . لكن الرغبة فى الانتقام كانت اكثر قوة ... وادركت انها ربحت ...
اصبحت الان فانيسا كولينز , مع قصة حياة كاملة اعدتها لنفسها اذا ما سالها احد . ستذهب لرؤية المكان حيث ولد ابوها وامضى طفولته الاولى , وسترى الرجل الذى سمعت عنه الكثير من الكلمات القاسية . ستجعله يحبها ويتعلق بها , بعد ذلك ستخبره بشخصيتها الحقيقية وتراقب تعابير وجهه ... ثم ستغادر منزله ولا تعود اليه ابدا . عندها ستعرف راحة الباب , لاول مرة بعد سنتين كاملتين من العذاب . فمنذ سنتين اخبرها والدها وهو على فراش الموت قصة الرجل القاسى الظالم الذى طرده لانه اراد ان يتزوج الفتاة التى احب وليس تلك التي اختارها هو له . والان , مات الاب والام معا . امها ماتت مكسورة القلب بعد قليل من وفاة زوجها . وجدها يتحمل المسؤولية كاملة ...
شاهدت الرجل الذي يقود السيارة امامها وهو يؤشر لها للاتجاه يمينا داخل طريق محفوف بالاشجار الكثيفة , فتبعته . هذا الشخص استطاع الايقاع بها عندما سالها عن اسمها فخلال ثوان معدودة نسيت الشخصية التي يجب أن تتلبسها , وهذا ما يجب الا يتكرر ابدا . عليها ان تراقب كال غرين هذا الرجل الاسمر القوى الذى اعطاها انطباعا بانه يستطيع قراءة افكارها ايضا 0
كان الطريق ضيقا . والاشجار العالية الكثيفة تظلل كل شئ بظلام طاغ لا يتغير . ماذا ستجد هنا ؟ انها لا تملك صورا فوتوغرافية يمكن ان تعطيها انطباعا عن المكان . فقد اتلف ابوها كل ما يمكن ان يذكره بالماضي . وهى لا تعرف كيف سيكون مظهر جدها , وان كانت الصورة الخيالية التي تحملها عنه لا تسر القلب . عما قريب ستعرف كل شئ , وسينتهي زمن الخيالات والتوقعات 0
عبرت بوابة حديدية واسعة بيضاء اللون . القسم الاول مرصوف بالحجارة , ثم ياتى قسم معبد بحبيبات صغيرة من الحصى . اعطت سيارة كال غرين زمورا متقطعا , فاعتقدت فانيسا انه يؤشر لانسان ما , لكنها شاهدت مجموعة من الارانب الصغيرة التي تفر من وسط الممر . انفرجت شفتاها قليلا . على الاقل هو لا يحب دهس الحيوانات , وهذه نقطة صغيرة لصالحه . انها لم تعجب به . وهذا الشعور كان متبادلا , فتصرفاته معها عكست هذا الامر . لقد كان فظا , هكذا تخيلت . لم يكن من المناسب ان يكشف هويتها ويفسد خطتها , عليها ان تعامله بحذر بالغ خلال الاسابيع القليلة المقبلة , وبعد ذلك لا يعود يهم ابدا 0

dede77 29-01-10 08:16 PM

واخيرا شاهدت البيت . فامتلا قلبها بالحزن العميق . اذن هذا هو بيت ابيها . كان جميلا جدا بحجارته الرمادية البارزة ونوافذه الواسعة ورواقه ذى الاعمدة الرخامية . عدة درجات تؤدي الى البيت حيث الظلام الخفيف يغطي المدخل المسقوف . وعندما وقفا امام الباب انير البيت بضوء ساطع هو مزيج من الابيض والازرق 0
اوقفت فانيسا محرك سيارتها . ولبرهة من الزمن احست برغبة عارمة في الهرب0
-هيا بنا الى الداخل 0
وفتح الرجل باب سيارتها معيدا اياها الى ارض الواقع : ستمطر خلال دقائق . اين حقائبك ؟
-في الصندوق 0
سحبت المفاتيح من محرك السيارة وناولتها له . اخذها وتوجه الى الخلف وفتح الصندوق وحمل حقيبتيها . كانت فانيسا محتارة بين الرغبة فى شكره والانزعاج من الطريقة الباردة التي تناول فيها المفاتيح , كانه فقد صبره معها واصبح غير مهتم بتبرير تصرفاته . حملت سترتها وحقيبة يدها , وقررت ان تترك الامور على علاّتها ، على الاقل حاليا 0
قادها الى المدخل عبر سلم حجرى , ثم فتح بابا ضخما 0
-اهلا بك في دينستون هاوس يا انسة كولينز 0
كان من الصعب عليها ان تعرف معنى رنة صوته , لكنها اكيدة من غياب الترحيب الفعلى 0
-شكرا لك يا سيد غرين 0
قالت مبتسمة , بدا التخفي الان , فلقد فات اوان التراجع . وعليها ان تستمر فى خطتها مهما كلف الامر . هزت راسها وكانها تطرد التعب عن وجهها وسالت: ماذا على ان افعل الان ؟
-سارشدك الى غرفتك اولا فترتبين اغراضك , ثم نتناول العشاء 0
-ولكن اليس من الافضل لقاء السيد ماكلين قبل ان اصعد الى غرفتي ؟
رفع حاجبه الاسود قائلا : الم اقل لك انه خارج البيت الليلة ؟ سيعود ظهر غد على ما اعتقد . وحتى ذلك الوقت ساهتم انا بوجودك 0
احست بنبرة سخرية في صوته . هذا خيالها بالطبع . لكنها لم تكن مرتاحة 0
وتساءلت بنعومة : وماذا كان سيحدث لى لو لم اصادفك في الطريق ؟
-المشرفة عن البيت وزوجها السيد والسيدة بانكس كانا سيهتمان بك 0
رفع حقيبتيها وسار نحو السلالم المنتصبة في منتصف القاعة الكبيرة . وصلا الى ممر تغطيه النوافذ الزجاجية الملونة , وعلى الجانبين ثريات من الذهب والعنبر . وبينما هي سائرة الى جانب الرجل , اضاء البرق النوافذ فاحست بالخوف والغربة . لعلها ارتجفت , اذ لاحظت نظرته اليها قبل ان تهدا 0
-خائفة من العواصف ؟

dede77 29-01-10 08:20 PM

سالها بعطف .. لو ان هذا العطف حقيقى ! لكنه بدا مسرورا اكثر منه قلقا 0
اجابت: لا ابدا ... وانت ؟
-انا اقدر البرق تقديرا عاليا , فقد شاهدت ما يمكن ان يفعله . لكنني لا اخافه 0
-من الصعب عليك ان تعترف حتى لو كنت تخاف قالت فانيسا بنعومة وطراوة : اقصد , هل تخاف من اى شئ ؟
كانا قد وصلا الى اعلى الدرج . وعلى الجانبين ممران واسعان غطيت ارضيتهما بالسجاد الثمين . وقف كال غرين ووضع الحقيبتين على الارض بحركة بطيئة مقصودة 0
قال بصوت منفعل : علينا ان نجد اسلوبا للتعايش اذا ما كنت ستقضين وقتا هنا . لو كنت في مكانك لراقبت لسانى جيدا , فهو سليط جدا بالنسبة الى انسة رقيقة مثلك 0
احست وكانه صفعها . وبصعوبة كبيرة استطاعت ان تجيبه بهدوء: هل تهددني ؟
-ابدا ... بدت عليه الدهشة انني ابدى ملاحظة فقط . هل ابدو كمن يهدد امرأة ؟
كانت السخرية واضحة فى صوته0
-لا اعرف ما فيه الكفاية حتى احكم على ذلك ردت على هجومه بسرعة . وقالت : في الواقع لا اريد الحكم عليك . لكنك تستطيع ان تكون فظا حتى بدون ان تحاول . فهذا ما فعلته فعلا بعد انقاذى . فقد حاولت ان تقول انى شجعت الشابين على معاكستى 0
قاطعها بحدة : لم افعل ذلك . فقد اقترحت عليك ان تغضى عينيك الساحرتين عندما تكونين في مكان ما ...
ردت عليه بسرعة : وكانني كنت احاول استمالتهما , او اى شئ من هذا القبيل 0
كان موقفا غريبا ان تكون هناك . هو وهي فقط في ذلك البيت الضخم . تناقش الرجل الغريب وتحاول ان تنتصر عليه ولو لمرة واحدة . تنفست بعمق لتستعيد رباطة جاشها 0
ضحك وقال : الم تحاولي استمالتهما ؟
واندفعت فانيسا اليه رافعة يدها الى ذلك الوجه البارد: كيف تجرؤ ...
ولم تستطع ان تكمل 0
امسكها وجمدها دون جهد يذكر . نظر اليها بعينين لامعتين بينما كفاه يمسكان ذراعيها بقسوة وبرودة 0
-انت قطة متوحشة بالفعل ، وقال بهدوء : ما هذه الطباع التي تحملين ؟ انت تدركين انني قادر على ترويضك ....
صرخت بصوت مخنوق : اتركنى !
-ساتركك عندما اكون جاهزا . اريدك ان تستمعي الى لدقيقة . فانت بين يدى الان ...
وحاولت فانيسا ان تخلص نفسها , لكن قبضته كانت قوية للغاية 0
قالت وهي تتنفس بصعوبة :انك تؤذينى 0

dede77 29-01-10 08:24 PM

كانت دون حيلة على الاطلاق . كم تكرهه الان ! كيف يتجرا على ذلك ؟
-اذن اهداي قليلا . لن ادعك تصفعيننى , واعرف انك ستفعلين ذلك اذا ما اطلقت ذراعيك . والى ان تهدا اعصابك , ساظل ممسكا بك 0
-اذا لم تتركنى فلسوف اركلك بقدمى 0
وكانت تعني ذلك تماما 0
-جربى ذلك اجابها بصوت ناعم وصلب :اريدك ان تجربى ولو لمرة واحدة . واعدك بانك بعدها لن تثورى بسرعة ابدا 0
اصابتها كلماته الباردة بما يشبه الجمود , واحست برعشة تسرى في اوصالها . ماذا يمكن ان يفعل ؟ وتذكرت كيف استطاع ان يواجه الشابين اللذين هاجماها ... فشعرت بالخوف , ودون أن تعي خففت من توتر جسمها , وفكرت انه من الافضل عدم مقاومته كى لا تعطيه المجال لممارسة بعض ضربات الجيدو ضدها 0
-هذا افضل . لقد توقفت عن المقاومة 0
خفف كال غرين قبضته عن ذراعيها واصبح وجهه اقل قسوة 0
-تذكري دائما انك لا تستطيعين مقاتلتى , ولذلك لا تجربى !
قالت بصوت ضعيف : انت مقرف . الن تطلق سراحى ؟
-هل تريدين ضربى ؟
-كلا 0
اختفى الضغط . دلكت فانيسا ذراعيها حيث كانت قبضتاه ، ونظرت الى حقيبتيها . خانتها قواها في حملهما . ولسبب غير معروف شعرت ان ذراعيها ضعيفتان كما لو ان عضلاتها ترفض العمل . سالت بجزع : ماذا فعلت بى ؟ انني لا استطيع ....
-لم افعل شيئا . ما دمت ضعيفة الى هذا الحد , اقترح عليك تعلم بعض وسائل الدفاع عن النفس . وهكذا اذا ما هاجمك احد المتشردين في المستقبل , تستطيعين القضاء عليه 0
قالت بسخرية واضحة : ساتذكر ان التحق باحدى مدارس تعليم الجيدو عندما اعود الى لندن 0
نظر اليها بحزم : لا حاجة للانتظار . يمكنك المباشرة الان . ساكون مسرورا عندما ادربك شخصيا 0
وابتسم . ولم تعرف فانيسا كيف تتقبل كلماته وابتسامته . نظرت اليه ببرود . قالت : هل اذهب الى غرفتى الان . اريد ابدال ملابسى 0
-بالطبع . من هنا الطريق 0
حمل حقيبتيها وسار امامها . وفيما هي تتبعه , اخذت تفكر بالعرض الذي قدمه لها0
لا يمكن ان تسمح له بتلقينها اى شئ .. فجاة خطرت على بالها الفكرة التالية : سيكون الامر مثيرا للاهتمام بالفعل . لكنها سرعان ما طردتها0

انتهى الفصل الاول 0

lona-k 29-01-10 10:50 PM

يسلمو على الرواية
باين عليها حلوة كتير
بانتظار البقية
عم نتعبك معنا

dede77 30-01-10 03:16 PM

2-فى البيت الكبير 0


اصيبت فانيسا بصدمة قوية عندما شاهدت الغرفة المخصصة لها . لكنها اخفت مشاعرها حتى غادر كال غرين المكان كى لا تعطيه فرصة الشماتة من دهشتها البالغة 0
كانت الغرفة جميلة جدا , عالية السقف وواسعة تماما , وتطل على مقدمة المنزل من خلال نافذتين عريضتين تكشفان الحدائق والسهول التي قطعتها فانيسا قبل قليل . اتجهت الى احدى النافذتين لتتامل المناظر البديعة الممتدة . ووقفت صامتة امام الستائر المخملية الخضراء . الليل اصبح اكثر حلكة , والعواصف الرعدية تزمجر في البعيد ... انهمر المطر غزيرا بحيث احست ان اخضرار الارض انعكس على الضوء الخافت فى الخارج . تركت فانيسا النافذة لتتامل اثاث الغرفة المصنوع كله من خشب السنديان المصقول . كان هناك مقعدان وثيران وسريرها المفروش بغطاء مزين بالورود . وفى احدى الزوايا استقرت ساعة حائط اثرية والى جانبها طاولة عليها مزهرية ... وكلها قديمة وغالية الثمن . ووجدت حتى جهاز تلفزيون احتل الزاوية المجاورة للنافذة 0
اثاث الغرفة يدل على ذوق راق واهتمام ملحوظ . فجاة شعرت ببعض الذنب ، لكنها تخلصت منه بسرعة . من غير المناسب ان تشعر بذلك ولم يمض على وجودها فى المنزل اكثر من خمس دقائق . لقد اتخذت قرارها نهائيا , وعليها ان تستمر في مهمتها ... من اجل ابيها 0
غطت وجهها براحتيها عندما احست بالم حاد . انه الالم الناشئ عن ادراكها بانها مهما فعلت , فان كل شئ قد فات الان . تنفست بعمق واتجهت الى مرآة تغطى خزانة بالقرب من السرير . فتحت الخزانة , فاذا بها امام حمام متكامل . لا شك ان كال غرين تعمد عدم الاشارة الى الحمام من اجل دفعها الى سؤاله وبالتالى احراجها . لكنها اسقطت هذه الفكرة من راسها فورا 0
كان الحمام يمثل جمال غرفة النوم . المرايا تغطى معظم الجدران , ما عدا النافذة التى تطل على غابات كثيفة . تلفتت فانيسا حولها بارتياح . كم كان جميلا لو انها فقط .. ! يجب ان لا تفكر بهذه الطريقة . خرجت من الحمام بحزم واغلقت الباب خلفها . سوف ترتب ملابسها وتستحم ثم تتهيا للعشاء 0
خيم جو من الهدوء والروعة على الغرفة عندما اضاءت الانوار الموزعة بشكل مناسب . اغلقت فانيسا الستائر , وفتحت حقيبتها وبدات عملية الترتيب 0
عندما نزلت الى القاعة الكبرى لم تسمع اى صوت سوى حركات رقّاص ساعة الحائط . اضيئت ثريا واحدة فاعطت نورا برتقاليا انعكس على الجدران والمقاعد الخشبية الثقيلة . كانت العاصفة الرعدية قد انتهت , ولم تتبق سوى بعض حبيبات من المطر تضرب النوافذ بين حين واخر . لذلك تشجعت وتوجهت الى الباب الخارجي وفتحته . القت نظرة متاملة على الحديقة المشبعة بالمطر . احست بقشعريرة عندما جاءها صوت من الخلف : لا اعتقد انك تفكرين بنزهة فى مثل هذا الوقت ؟

dede77 30-01-10 03:19 PM

استدارت ببطء . عرفت صاحب الصوت على الفور . لم تسمع فى حياتها صوتا يشبه صوته الهادىء العميق مع تلك الرنة الساخرة التى تبدو واضحة عندما يخاطبها ... وهذا ما كان يزعجها , لكنها لن تظهر ذلك . اجابت : كنت اتامل فقط0
عادت اليها صورة شجارهما الاخير . ما زالت تحس بالوخز في ذراعيها حيث امسكها بقبضتيه القويتين . عليها ان تكون حذرة تماما مع السيد كال غرين , الان وكل اوان . كان قد غير ملابسه الى سترة مريحة مع سروال مناسب وقميص مفتوح عند الصدر . وادركت عند رؤيته – رغم شعورها نحوه- بانه جذاب للغاية , فالسترة اظهرت منكبيه العريضين , واستغربت كيف جاءها الانطباع الاول في المقهى بانه من النوع الذي يهرب من المشاكل . كان يبدو واثقا من نفسه تماما . نظرت فانيسا الى نفسها , لقد بدلت هى ايضا ملابسها الى زي ازرق اللون كان يشعرها بالارتياح دوما . كانت ممشوقة القامة بغير امتلاء , وقد ابرز اللون الازرق نضارة بشرتها الوردية . ارادت أن تبدو فى احسن صورة كى تستعيد ثقتها بنفسها , خاصة امام ذلك الرجل الذى ما لبث ان سالها : هل انت جائعة ؟ السيدة بانكس تريد ان تعرف 0
-اجل , لكننى لا اريد ان اشغلها ....
قاطعها قائلا : لن تشغليها , فالعشاء جاهز 0
اجابت بنعومة واضحة مع انها لم تكن تريد ذلك : قل لى , هل تترك احدا يكمل كلامه ؟
اجاب ضاحكا: ليس هناك وقت للكلام الفارغ , اذا كنت تقصدين ذلك . فانا اريد ان اطرق لب الموضوع مباشرة 0
وافقت بهزة خفيفة من راسها : فهمت ماذا تعنى , وعلى ان اتذكر ذلك . لكنى سارى كيف تكون ردة فعلك عندما يقاطعك احد ما 0
رفع كال حاجبيه مستغربا : لا شك ان الجوع يجعلك عصبية المزاج . هيا بنا الى غرفة الطعام , فستشعرين بالراحة بعد الاكل 0
ولمس ذراعها خفيفا وهو يدلها على الطريق 0
ابعدت فانيسا ذراعها بهدوء وقالت: شكرا لك , فانا لست طفلة . ساتبعك الى المائدة اذا ما تقدمت الطريق 0
اغلق الباب خلفه بسرعة : حسنا , من هنا الطريق 0
سار امامها متجها الى يمين القاعة , وعبر عدة ابواب مغلقة حتى وصل الى غرفة طعام واسعة فيها طاولة تكفى لحوالى خمسة وعشرين شخصا . غاص قلبها بين ضلوعها : هنا ستتناول عشاءها , بالنسبة اليها كان يكفى طعام خفيف في غرفتها . لكن الاسوا على الطريق , فعلى احد طرفى الطاولة شاهدت كرسيين فقط 0
-كرسيان ؟ ونظرت اليه 0
ابتسم وقال :نعم , كرسيان . واضاف متابعا : لم اكن لاسمح لك بتناول الطعام وحيدة .. اليس كذلك ؟
اجابت بلهجة غير مبالية :الا تستطيع فعلا ؟ كنت اعتقد ان الامر سيروق لك !
-انا مضيفك الان وحتى عودة السيد ماكلين0

dede77 30-01-10 03:21 PM

نبهت الى رنة سخرية خفيفة في صوته العميق . تنفست بعمق وردت ببرودة واضحة : اي كرسى لى ؟
سحب الكرسي القريب منها وقال : تفضلى واجلسى 0
وما ان استقر بهما المكان حتى دخلت امرأة قصيرة القامة ذات شعر اشيب ، ترتدي فستانا اسود اللون , وهي تدفع عربة الطعام امامها . حدقت في فانيسا قبل ان تخاطب كال : هذا هو الحساء . من الافضل ان تتناوله ساخنا 0
-انني اعرف ذلك ، ابتسم لها بعذوبة ادهشت فانيسا ، ثم قال : هذه فانيسا كولينز التى ستشرف على ترتيب المكتبة 0
هزت السيدة بانكس راسها وعلى شفتيها ظلال ابتسامة : حسنا جدا . لقد مللت من الكتب التى تملا المكان . حدقت مرة اخرى بفانيسا قبل ان تضع الصحون على المائدة ثم تغادر الغرفة . ولاحظت فانيسا ان لهجتها عامية واضحة 0
كان الحساء المصنوع من عصير الطماطم طيب الطعم للغاية . انتظرها كال حتى بدات قبل ان يتناول ملعقته : ان كلامها اقسى من افعالها 0
قال وكانه لاحظ أستغراب فانيسا 0
-انها لم تقصد الملل من الكتب بل من عدم ترتيبها 0
-طبعا ... طبعا 0
رفعت حاجبيها بدهشة مصطنعة فلم يكن وحده قادرا على افتعال الاستغراب 0
-انا لم اتصور عكس ذلك 0
وانحنت مجددا نحو الحساء 0
تناولت فانيسا قطعة من الخبز المحمص الذى احضرته السيدة بانكس مع الحساء . كان الخبز طازجا وساخنا , والرائحة الشهية تنبعث منه . وادركت كم هي جائعة ، وقررت في نفسها ان لا تدع كال غرين يفسد عليها وجبتها مهما قال او فعل . وللحقيقة كان كال منشغلا بنفسه بحيث لم يرفع نظره اليها . استطاعت ان تراقب بحذر وجهه وهو منحن نحو الحساء ، وقد انعكس ضوء الشمعدان النارى على شعره . هناك شئ مؤثر في ذلك الوجه . ولم تستطع فانيسا ان تفسر لماذا لم تره قويا من قبل . لعل النظرة الاولى خادعة دائما , وهذا بالفعل ما حدث . فالطريقة التي تعامل بها مع الشابين تؤكد قوته . وفجاة خطر على بالها شئ جعلها تضطرب . انه لم يكتف بعدم الخوف منهما بل كان يستمتع بالقتال معهما . عادت الى صحن الحساء لتخفي اضطرابها , اذ تذكرت ما حدث لها معه في الممر العلوى . اين فرصتها في التغلب على رجل مثله ؟ لقد هددها بالفعل عندما حذرته من انها ستركله بقوة . لعله كان على حق . وشعرت بشئ يرتعش داخل جسمها ... شئ من الحقيقة , مع شعور اخر لم تستطع تحديده جعل قلبها يخفق بسرعة . ومهما يحدث الان فقد حذرها سلفا . عليها ان لا تحاول التورط معه ابدا . ومع انها وصلت الى هذه القناعة , الا ان سؤالا اخر الح عليها : هل سيكون الامر صعبا ؟

dede77 30-01-10 03:23 PM

-وهذه غرفة زجاجية خاصة للنباتات0
كان كال غرين يريها انحاء المنزل . لم تجد فى تصرفاته ما يمكن ان يعطيها مجالا للشكوى 0
رددت الغرفة صدى صوتيهما وهما يدخلان اليها . كان الجو دافئا ورطبا . شاهدت العديد من النباتات الغريبة الموضوعة في احواض فخارية مختلفة الاحجام , وكذلك كرمة عنب كبيرة تتسلق الحائط وتمتد على امتداد مساحة السقف الزجاجى . نظرت الى اعلى فلمحت عنقودا من العنب يختبىء تحت الاوراق الخضراء . قالت بصوت خافت :انه رائع 0
وافقها قائلا : رائع جدا . كنت متاكدا من ان المكان سيعجبك . سخرية خفيفة فى صوته , لكنها شعرت بها باى حال . يا له من رجل كريه . نظرت اليه . عليها ان تحافظ على هدوئها , لانها اذا اضطربت سوف ...
-اتمنى أن ارى المكتبة 0 قالت بنعومة : الن تقودنى اليها ؟
كان العشاء ممتازا بالرغم من بطء الخدمة . وقبل ان يتناولا القهوة في الصالون الكبير اصر كال على ان ياخذها في جولة على البيت 0
- طبعا . المكتبة هي خطوتنا المقبلة 0
شاهدا معا الصالون الكبير والمطبخ الفسيح , والعديد من الغرف الصغيرة ... احداها تستعمل كمكتب عمل واخرى تضم الة كاتبة واوراقا مختلفة . منعها كال بادب من البقاء طويلا في هاتين الغرفتين فحبست في نفسها عدة اسئلة ستطرحها في وقت لاحق 0
انبعث هواء حار عندما فتح باب غرفة النباتات وخرجا منها الى الممر . سمعته يغلق الباب خلفه ثم يقول: سنتجه شمالا عند اخر الممر 0
غريب كيف يحس الانسان اتجاه شخص لا يحبه . كان خلفها تماما , احست بنخزات في ظهرها وكانها تتوقع منه ان يهاجمها ...
ثم قفزت وهي تصرخ عندما احست بلمسة على ظهرها , اخذ يضحك : هل افزعتك ؟ انت ذاهبة في الاتجاه الخاطىء . من هنا رجاء 0
تجاوزها وهو يمسك بذراعها ليدلها على الطريق . استدارت بخضوع . قالت لنفسها : صرت اضطرب كهرة صغيرة كلما كان قريبا منى . يجب ان اوقف هذه المهزلة واسيطر على نفسى ... والا سيعرف الحقيقة 0
فتح احد الابواب . دخلت الى المكتبة ونظرت في كل اتجاه . احست بقلبها يغرق من شدة القرف . ماذا توقعت هنا , مكتبة منظمة حيث الكتب تحتل رفوفا جميلة ؟ الامر ليس كذلك في هذا البيت . مئات ومئات من الكتب المبعثرة في كل اتجاه , والتي تصل بالسقف بفوضى مرعبة 0
-هذه هي المكتبة . ماذا كنت تتوقعين ؟
كان يراقبها , ولاحظت في عينيه اللامعتين شعاعا من السخرية والتشفى 0

dede77 30-01-10 03:24 PM

هزت فانيسا راسها باستسلام واعترفت : كنت اعتقد ... الواقع انها اكبر قليلا مما تصورت 0
بدت ابتسامة خبيثة على شفتيه : الحقيقة انها اكبر بكثير . في كل حال يبدو انك قادرة على التعامل معها , لكنك بحاجة الى ملابس قديمة لان بعض الكتب مغطى بالغبار منذ سنوات 0
كان هناك نوع من التشفي في نبراته 0
نظرت اليه بحدة . انه يستغل قرارها بعدم الانجرار الى مواجهة معه كى يثير اعصابها , وهو يدرك تماما ان تصرفاته تجعل الامور اسوا ... ومع ذلك بلعت ريقها بصمت 0
-سوف ابدا غدا . اجابته بثقة اؤكد لك ان بعض الغبار لم يزعجني ابدا 0
ابتسمت وهي تنظر اليه من اسفل الى اعلى , وتتصوره غارقا في غبار مئات الكتب . سيبدو مثيرا للضحك ... لكنها لم تجرؤ على ذلك 0
- حسنا جدا رفع احد حاجبيه وتابع قائلا : هيا بنا , ساريك القبو الان ثم نتناول القهوة . يجب ان لا نترك السيدة بانكس تنتظر اكثر 0
-القبو ؟
هل يعتقد انها تريد رؤية الفحم او مواد التموين ؟ وامسكت ضحكة كادت تفلت منها 0
-صدقيني سيعجبك المكان جدا . هيا بنا من هنا 0
تقع السلالم المؤدية الى القبو في الجهة الخلفية للمنزل . وكانت فانيسا تشعر بالضياع طيلة جولتها في البيت الكبير ... فهذا بيت ابيها ... هنا ولد وترعرع ولعب ...
-ساسير في المقدمة . فالسلالم ضيقة وشديدة الانحدار . هل ترين طريقك ؟
-نعم , شكرا لك 0
الجدران مطلية بلون ابيض . والسلالم حجرية مغطاة بسجاد سميك بحيث لا تكاد تسمع وقع خطواتهما . سارت فانيسا خلف كال حتى وصلا الى ممر تضيئه انوار خفيفة شاحبة وتطل عليه عدة ابواب كلها مغلقة 0
تلفتت حولها بسرعة عندما خطرت على ذهنها فكرة انه قد يحتجزها في الفبو . الفكرة غير معقولة بالطبع , لكن مع مفاجات هذا الرجل كل شئ محتمل 0
-من هنا . هذا الباب ما اردت ان اريك اياه 0
فتح كال الباب البني الواقع الى الشمال . وترددت فانيسا في الدخول لكنها عندما فعلت اصيبت بدهشة شاملة . اذ ما ان اضاءت الغرفة حتى شاهدت شيئا لم تكن تتوقعه ابدا , ولم تجد ازاءه سوى الدهشة 0

soukaina 31-01-10 03:13 PM

موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

dede77 31-01-10 07:55 PM

وجدت نفسها في غرفة رياضة واسعة مزودة بالحبال والقضبان الحديدية واحصنة القفز وادوات رفع الاثقال . وفى احدى الزوايا دراجة ثابتة للتمارين البدنية . استدارت فانيسا نحو كال وقد زالت من نفسها للحظات كل العداوة تجاهه ، وقالت : انها رائعة جدا 0
-السيد ماكلين رياضى مداوم . ياتي الى هنا مرتين او ثلاث مرات اسبوعيا 0
تقدم كال نحو فراش اسفنجى فى احد جوانب الغرفة وقال : هذا فراش لرياضة الجيدو . السيد ماكلين يجيد هذه اللعبة ايضا 0
نظرت اليه وتساءلت : هل انت مدربه ؟
هز راسه نافيا وقال : كلا . انا لم ادربه . لكننا نتمرن سويا . انه في حالة ممتازة بالنسبة لسنه 0
فانيسا تعرف كم يبلغ جدها من العمر . عرفت ذلك من ابيها . انه في السادسة والستين . لكن من المفروض ان تجهل ذلك , وقد تكشف هويتها الحقيقية اذا لم تكن حذرة في مثل هذه الامور 0
-كنت اعتقد ان السيد ماكلين عجوز جدا 0
نقلت نظرها بين الفراش وبين كال , ولاحظت الحدة فى نبرته عندما اجابها : انه في منتصف الستينات على ما اعتقد , وهذا لا يعني انه عجوز جدا 0
لماذا نظر اليها بهذا الشكل ؟ لقد بدات تشعر بعدم الارتياح . هل هو شعور المجرم بانه سينكشف بين لحظة واخرى؟
وغيرت فانيسا مجرى الحديث لاخفاء اضطرابها وقالت : الان فهمت عرضك بتدريبي ... فكل شئ موجود هنا !
لكنها ندمت على كلامها لانها كانت تحاول نزع تلك الفكرة من راسها 0
-ما زلت تتذكرين العرض هل تريدين الدرس الاول الان ؟
تجاوزت الامور الحد . حاولت فانيسا ان تبتسم بصعوبة وهي تقول : بالطبع لا .. فانا لا اتوقع ...
قاطعها بهدوء : خائفة ؟
-لقد شاهدتك خلال قتال حقيقى , وهذا يكفى . لربما شطت بك حماستك بعيدا . اقصد , لا اريدك ان تشعر بالذنب اذا ما حدث ... ان كسرت ذراعى مثلا 0
ابتسم برقة وهدوء وقال : اؤكد لك اننى ساكون حذرا جدا 0
-انا متاكدة من حرصك , لكننى لا اريد الان 0
استدارت فانيسا متجهة نحو دراجة التمرين . فوجئت بكال يمسك بذراعها ويوقفها بسهولة 0
نظرت الى اصابعه القوية حول ذراعها وقالت بحزم : ارفع يدك عنى !
-اجبرينى على ذلك 0

dede77 31-01-10 07:57 PM

رمقته باستغراب شديد , فيما كان يتابع قائلا : لو كنت احمل نوايا سيئة اتجاهك لما صمدت لحظة امامى . عليك بتعلم بعض اسس الدفاع عن النفس , وسيكون هناك عنصر مفاجاة يكفى لانقاذك منى 0
ظلت فانيسا جامدة في مكانها للحظات , ثم قالت: لماذا انت مصمم على تدريبى ؟
-لانك واجهت وضعا خطيرا جدا في طريقك الى هنا, اذ ليس لديك اية فكرة عن سبل المواجهة ... وايضا فانا لا احب النساء اللواتي لا يستطعن الدفاع عن انفسهن0
ورفع قبضته عن ذراعها تاركا لها حرية الذهاب , لكنها لم تتحرك , ففي كلامه كثير من الحقيقة . وبالرغم من عدم الاعجاب المتبادل الا انه يعني ما يقول 0
قالت بعد تردد : انني استطيع حماية نفسى . اذا هاجمتنى لان فسوف ارفع قدمى واركلك بشدة ....
قاطعها قائلا : ... سوف تجدين نفسك ملقاة على ظهرك قبل ان تصل قدمك الى هدفها 0
ولما راها مترددة وغير مصدقة تابع قائلا : تريدين اثباتا ؟ اذن هيا جربى ... هيا 0
اندهشت وقالت باضطراب : ربما ... ربما اؤذيك 0
اجابها ضاحكا : سوف اغامر ... هيا جربى 0
هزت راسها موافقة لانها تدرك انه يقول الحقيقة :لا اريد ان اجرب . اننى اصدقك0
والتفتت الى الخلف حيث فراش الجيدو . وارتجفت عندما فكرت بانه سيرميها الى الفراش بلمحة البصر 0
قال لها وكانه يقرا افكارها : لن ارميك بقوة . بل لن تشعري بذلك ابدا . وهذا شئ اخر يجب ان تتعلميه : ان تتقنى طريقة السقوط بدون التعرض للاذى 0
-سوف افكر في الامر جديا 0
وابتعدت باصرار عنه . الفكرة كلها سخيفة . لم تسمح له ان يعلمها كيف تدافع عن نفسها , بل لن تسمح له بان يلمسها ... ولكنها شعرت برعشة خفيفة عندما خطرت هذه الافكار في ذهنها 0
طردت الفكرة من راسها ووقفت تتامل دراجة التمرين وعدادي السرعة والمسافة الملحقين بها , والذين يؤشران للمسافة التى قطعها الراكب والسرعة التي سافر بها . سيكون من الممتع بعد نهار طويل من العمل بين الكتب والغبار , ان تنزل الى الغرفة لتسافر عدة اميال على الدراجة . اغتصبت الابتسامة التى اوجدتها الفكرة عندما رات كال غرين يراقبها 0
-هل هناك شئ اخر تريد ان ترينى اياه ؟
قالت بسرعة لان نظراته تلك اشعرتها بعدم الارتياح 0
-الحمامات هنا , وغرف تغيير الملابس الى جوارها ... هذا كل شئ 0
-حسنا , هل يمكن الان ان نذهب لتناول القهوة ؟ انني متعبة جدا من جراء السفر واريد ان اوى الى فراشى باكرا اذا امكن !

dede77 31-01-10 07:58 PM

-بالطبع . فالقيادة الطويلة متعبة جدا 0
سارا معا باتجاه الصالون . التوتر كان مخيما عليهما , ومن الممكن ان ينفجر في اية لحظة اذا لم تكن حريصة , خاصة ان شعورهما بعدم الاعجاب المتبادل يجعل الامور اكثر خطورة . وتساءلت عن السبب في هذا الشعور وهما لم يلتقيا الا منذ ساعات قليلة 0
قبل ان تاوى الى فراشها قررت فانيسا ان تنظر الى الامور من زاوية مختلفة صباح الغد , انها متعبة , ولم تكن كاذبة عندما قالت لكال غرين ان السفر قد انهكها . فالحادث المشؤوم الذى كاد يقع لها خلق ردود فعل عديدة . هناك اشياء كثيرة يجب ان تشكره عليها , لكنه جعل الامر صعبا للغاية . رتبت وضع وسادتها ودخلت الى فراشها بعد ان اغلقت الباب باحكام . كانت القهوة بانتظارهما في الصالة عندما عادا من غرفة الرياضة , ولم يكن هناك من اثر للسيدة بانكس او زوجها . لعلهما لا ينامان في القصر . يعنى ... ضحكت فانيسا في سرها وهي تسحب الغطاء الى كتفيها . فكال غرين غير معجب بها ، ولن يحاول بالتالى ان يتسلل الى غرفتها . استلقت على ظهرها وحدقت في السقف طويلا . رات شقوقا متشعبة تتفرع فى كل اتجاه . حاولت ان تتصور اشكالا في هذه السقوف ، لكنها لم تستطع لان الخطوط بدات تغيب عن ناظريها . رفعت يدها وجذبت الخيط الذى يتحكم بالانوار ... اطفاته ونامت 0
استغربت فانيسا عندما استيقظت باكرا , ما الذى جاء بها الى هذا المكان الغريب ؟ لكن سرعان ما عاد اليها سيل الاحداث التي وقعت بالامس . نقلت عينيها فى انحاء الغرفة تستكشفها على ضوء الفجر الباكر . كل شئ يبدو مختلفا ، والنور المنسكب من خلف الستائر اظهر اتساع الغرفة وتناسقها الجميل . غادرت فراشها واتجهت الى النافذة 0
كان الضباب الكثيف يغطى الارض , فظهرت الاشجار والزهور وكانها غارقة في بحر من الدخان الابيض . السكون يلف المكان . عادت الى سريرها واستلقت عليه برهة . في هذه الاثناء كان الضوء يشتد في الغرفة , وادركت فانيسا انها لن تستطيع العودة مجددا الى النوم خاصة ان عقلها ملىء بالافكار المتضاربة 0
بلغت الساعة السادسة والنصف . وقد ابلغها كال امس ان طعام الافطار سيقدم عند الساعة الثامنة والنصف . وهذا يعنى ان هناك متسعا من الوقت للاستحمام وارتداء ملابسها والذهاب في نزهة قصيرة 0
ملات فانيسا المغطس بالمياه الساخنة وهي تفكر ان نزهة قصيرة حتى الابواب الخارجية لحديقة المنزل ستساعد على فتح شهيتها للافطار وتعدها للعمل المتعب في غبار المكتبة . ولكن من الافضل ان تاخذ حماما ساخنا بعد عناء النهار ؟ لعل حمام المساء افضل ؟ في كل حال تستطيع ان تستحم مرة اخرى . فقد اخبرها كال ضمن ما اخبرها امس , ان المياه الساخن جارية بشكل دائم فى المنزل ... فالمجرى المائي الذي ينبع من سفح الجبل يؤمن للمنزل احتياجاته من الماء , بالاضافة الى انه يسير المحرك الذي يولد الكهرباء ايضا 0

dede77 31-01-10 08:00 PM

وعندما استلقت فانيسا في المغطس الساخن ، استعادت ذكرى السهرة القصيرة التى امضتها مع كال امس حول فنجان القهوة . ورغم كل شئ , لا تستطيع ان تنكر انها كانت هدنة سلمية وسط نهار ملىء بالمواجهات . لقد حاول جهده ان يكون ساحرا ولطيفا , وربما تعمد ذلك لكنها ليست متاكدة . واستطاعت ان تشاهد جانبا اخر غير متوقع من شخصيته 0
ارتدت ملابسها وهي تفكر كيف سيكون نهارها الاول هنا . ولانها خافت من البرودة فى الخارج بعد حمامها الساخن , وضعت على كتفيها معطف الفرو الناري اللون وتسللت بهدوء من غرفتها الى الطابق الاسفل 0
وحدها ساعة الحائط الاثرية كانت مستيقظة من خلال دقاتها الرتيبة . وما عدا ذلك لم تسمع فانيسا اى شئ في البيت الذي بدا مهجورا . انها السابعة وعشر دقائق من صباح احد ايام يونيو( حزيران) , واليوم سترى جدها لاول مرة . سوف تراه وتتحدث اليه كانه غريب . هو لن يعرف الحقيقة حتى اليوم الاخير , وعندها يكون الاوان قد فات لانها ستغادره 0
احست بالعرق البارد يتصبب من راحتى يدها , فاسرعت تغادر البيت الى الهواء الطلق . وقفت لحظة امام الباب تستقبل الهواء البارد المشبع بالرطوبة وهو يلفح وجهها . لقد انقشع الضباب قليلا واصبح الطريق المعبد مرئيا نوعا ما , بالرغم من ان الاشجار كانت ما تزال فى بحرها الابيض الساكن . ابتسمت بعطف وهي تشاهد الارانب تهرب من الطريق عائدة الى الاشجار . لو ان هذه الارانب الجميلة تعرف انها لا تريد بها شرا ؟
من الواضح ان الجو ينبىء بطقس مشمس جميل هذا النهار . شعرت فانيسا بقشعريرة تسرى في جسمها . ها هى هنا الان ملتزمة بانهاء ما عزمت عليه- بغض النظر عن النتائج- ولا يمكن ان تتراجع ابدا 0
هل هي نادمة لانها تركت عملها ؟ الزمن وحده سيجيب . كان عليها ان تترك العمل فى اى حال خاصة ان رئيسها اصبح مزعجا مضجرا , وباتت لا تحب ان تدخل الى مكتبه لتلقي التعليمات منه . أطبقت عينيها قليلا . ان كال غرين على حق فيما يتعلق بمسالة الدفاع عن النفس . منذ ان بلغت السادسة عشرة , وتحول جمالها الطفولى الى فتنة نسائية طاغية , والرجال يحومون حولها دائما مما سبب لها الكثير من المتاعب . صحيح انها ترتاح لقدرتها على التاثير في الجنس الخشن , لكن هناك جانب اخر للجمال فشل جميع من عرفتهم في فهمه والتعامل معه . فالجمال يسبب التعاسة والغيرة والشك لدى المعجبين الكثر , وايضا لدى صديقاتها اللواتى اخذن يتجنبنها ويحاولن ابعاد رجالهن عنها مهما كلف الامر 0
والان ، لاول مرة فى حياتها , وجدت الرجل الذي لم يقع تحت تاثيرها ... بل هو معاد لها , حتى ان احدا من الذين عرفتهم لم يعاملها كما عاملها كال غرين . معاملته ليست فقط مزعجة بل متحدية ايضا ... واشياء اخرى كثيرة لم يجرؤ احد من قبل على التعامل معها بهذا الشكل , خاصة عندما واجهها بعنف في الممر امس . قد هددها بالفعل . فهى اعتادت على الاعجاب العميق من الجميع بحيث شكل لها اسلوبه الفظ صدمة عنيفة , كم كان مرعبا معها , وفجاة , عادت فانيسا الى الواقع على صوت عواء حاد ... شاهدت امامها كلب حراسة ضخما وقد تحفز للهجوم 0

خالد اسعد 31-01-10 08:27 PM

شكراااااااا علي الرواية الحلوة

dede77 31-01-10 08:53 PM

تجمدت فانيسا فى مكانها . تعرف من خبرتها ان عليها عدم القيام باية حركة . فجاة سمعت صوت رجل موجود فى مكان ما بين الاشجار : لا تتحرك يا شيبا 0
اجتاجتها موجة عارمة من الارتياح . ولم تعد قدماها قادرتين على حملها وهى ترى رجلا طويل القامة في ثياب سوداء يتجه نحوها . كان فى مقتبل العمر ، قوى القامة له ملامح الغجر السمراء . ابتسم عندما التقت نظراتهما , وقال بلهجة مؤدبة : صباح الخير 0
لهجته الاسكتلندية كانت مليئة بالاحترام ولاحظت فانيسا نوعا من الخجل فى تعابيره وتصرفاته : صباح الخير . هل هذا كلبك ؟
-نعم 0
ثم خاطب الكلب قائلا : الان يا شيبا عد الى البيت 0
نظر الكلب الى صاحبه ثم اطاع الأمر وسار بعيدا . تنفست فانيسا بارتياح عميق 0
اعترفت قائلة : كنت ... متوترة الى حد ما 0
-انت تعرفين ان شيبا لم يتوقع ان يرى احدا فهذه المنطقة خاصة ..
كان يستعمل لهجته المؤدبة فى محاولة لايضاح الموقف دون اتهامها بالتسلل الى البيت 0
-اعرف ذلك . اننى اقيم هنا 0
فجاة شاهدت في عينيه نظرة تحد : اذن انت ... الانسة التى جاءت لتنظيم المكتبة ؟ -نعم 0
واضطرت الى مواجهته بغضب عندما انفجر ضاحكا . لكنه استدرك بسرعة وقال :
انا اعتذر . انني اضحك لانهم طلبوا منى ان اعطي بعض الوقت للمساعدة في تنظيم المكتبة ... وقد حاولت التملص من ذلك 0
ثم اضاف مبتسما : لكننى تاكدت الان من اننى اخطات بالرفض 0
كان هناك شئ جذاب في هذا الرجل ... وشئ اخر بدا مالوفا . لكن فانيسا استبعدت الامر . لقد ارتاحت لانها التقت رجلا لا يتعمد ان يكون فظا 0
-انا متاسفة ايضا 0
ثم اضافت باستغراب: تساعدنى فى ماذا ؟ لا اعتقد ان الامر يحتاج الى ....
قاطعها قائلا :اساعدك في الكتب . اقصد انزالها عن الرفوف العليا . فهناك اماكن يصعب على المرأة الوصول اليها 0
هزت راسها موافقة : آه ... لم افكر فى ذلك 0
-اذن متى ستبداين العمل ؟
-اليوم . لكن اليس عندك عمل اخر؟
-بالطبع . انا البستانى ، واعمل هنا مع ابى وعمى ... وهما سيتدبران الامر من دونى 0

dede77 31-01-10 08:54 PM

لم يكن فى طول كال غرين , لكنه كان اضخم بنية واقوى مظهرا , اقترب من فانيسا ووقف امامها قائلا : انا لورى ماكينزى 0
من الواضح انه ينتظر سماع اسمها , ومع ذلك لم يسال مباشرة . ليس مثل كال الذى طالبها باسمها . لكن لماذا تعود هذه الافكار لتزعجها الان ؟
-انا فانيسا كولينز 0
كانت يده دافئة وقوية 0
سوف اذهب الان , انسة كولينز , لكننى ساعود الى البيت الكبير فى وقت لاحق ... سوف تباشرين العمل بحدود الساعة التاسعة , اليس كذلك ؟
-اعتقد ذلك , فالسيد ماكلين لم يحضر بعد , والسيد غرين هو المسؤول في هذا الوقت 0
لم يكن هناك سبب لقول هذه الجملة , لكن لعلها ارادت ان تعرف شيئا ما عن الرجل الذي ستقابله هذا النهار 0
-آه .. انه هو 0
رنة صوته كانت غريبة , وللحظة اعتقدت انه يقصد جدها , لكن كلامه اللاحق بين لها خطاها 0
-سوف اتى مباشرة الى المكتبة واساعدك . فذلك الرجل سيطلب منى مغادرة البيت اذا ما شاهدنى 0
وكان على وشك ان يضيف شيئا اخر ، لكنه توقف0
-السيد غرين ؟ لماذا ؟
ضحك لورى ماكينزى: لقد قلت ما فيه الكفاية . فالى اللقاء يا انسة كولينز 0
ورفع يده مودعا , وقفل عائدا من حيث جاء ... واختفى بين الاشجار . سارت عائدة الى البيت وهى اكثر فضولا من ذى قبل 0
راقبت فانيسا كال غرين على مائدة الفطور . ارادت ان تشير الى لقائها بلورى ماكينزى , لكنها خشيت ان يعرف كال ان لورى سوف ياتي الى مساعدتها فى المكتبة . لذلك التزمت الصمت , ارادت ان تعرف لماذا يكره لورى كال الى هذا الحد ؟ وهل المشاعر متبادلة بين الرجلين ؟ ولم تكن لتدرك ان الجواب سياتى قريبا جدا , وبطريقة غير متوقعة 0
انتهى الفصل الثانى

dede77 03-02-10 11:26 PM

3-ما هو اسمك الحقيقى ؟


بعد الساعة التاسعة بقليل , دخلت فانيسا وكال المكتبة . وكانت الشمس تملا الغرفة من خلال النوافذ الواسعة ذات التصميم الفرنسى . حاولت فانيسا جاهدة مقاومة الشعور بالانزعاج . انها مهمة صعبة , لكنها هى التى قررت المضى فيها بغض النظر عن كل الاعتبارات الاخرى . شاهدت على الطاولة الخضراء فى منتصف الغرفة رداء واقيا . رفع كال الرداء وقدمه لها 0
قال لها : السيدة بانكس احضرت لك هذا الرداء الذى سيحمى ثيابك من الاوساخ والغبار 0
كان صوته هادئا وخاليا من اى معنى , لكن فانيسا شعرت- مرة اخرى- بشئ مزعج يحيط بهما ... نوع من التوتر الحاد الذى لم تفهمه ولم تحبه 0
-شكرا لك ولها 0
كان الرداء مصنوعا من النايلون ولا يصل الى منتصف الساق , ومع ذلك فهو يفى بالحاجة . نظرت الى الطاولة وقالت : ساضع الكتب عليها تمهيدا لفهرستها ، فهل من مانع ؟
سار كال الى احدى الزوايا واشار بيده الى مجموعة من الصناديق وقال : الاوراق والبطاقات وكل ما تحتاجين اليه موجود هنا0
ثم سالها : سوف تحتاجين الى مساعدة عندما تصلين الى الرفوف العليا , اليس كذلك ؟
لم تكن تريد ان تتطرق الى هذه النقطة , ولكن من الغباء الا تفعل الان . اجابت وهي تراقب وجهه : هناك شخص سياتى لمساعدتى 0
قطب حاجبيه وقال : ماذا تقصدين ؟
-ذهبت في نزهة هذا الصباح , فالتقيت برجل يدعى لورى ماكينزى فقال لى انهم طلبوا منه مساعدتى ....
لم يتركها تكمل جملتها 0
-لورى؟
ولاحظت انه ذكر الاسم بالطريقة التى ذكر فيها لورى اسمه 0
واتسعت عينا فانيسا وسالت ببراءة : هل هناك شئ غير طبيعى 0
نظر كال اليها مليا . لم تكن هناك اية تعابير على وجهه , لكنها احست بالغضب الشديد يعصف به وهو يحاول السيطرة على نفسه . قال : لا شئ . لو كنت مكانك لراقبته جيدا ... فقد تواجهين المتاعب معه 0
-المتاعب ؟ ماذا تقصد ؟
ظهر عليها الاستغراب بالاضافة طبعا الى محاولتها تمثيل دور المغفل البرىء ... لكنها تناست ما يمكن ان يفعله هذا الرجل 0

dede77 03-02-10 11:28 PM

رد بجفاء : اتركى هذه الالاعيب , ولا تمثلى دور البرىء المسكين , فذلك لن ينطلى على . انت تعرفين تماما ما اقصد ، بل يجب ان تعرفى . انت بالغة بما فيه الكفاية . ام هل تعتقدين ان الشابين اللذين هاجماك بالامس كانا يريدان تقديم الاحترام والطاعة لسيادتك ؟
جاهدت فانيسا للاحتفاظ بهدوئها . لم ترد ان ترفع صوتها لئلا تفضح اضطرابها , فقالت بصوت خفيض : انت مقرف 0
-اذا كانت تصرفاتي المقرفة ستضع بعض الحس في راسك .. فلا باس . انا لن اكون موجودا دائما للدفاع عنك . المسالة كلها ان لورى ماكينزى ذئب خبيث . وامل ان تقدرى على التعامل معه 0
-انا قادرة على ذلك تماما . عندى من التجارب ما يكفي لاعرف كيف اتصرف مع كل الرجال 0
التمعت عيناها السوداوين بالغضب وقد استعادت ثقتها بنفسها 0
-ستقول بعد قليل ان على الا اشجعه .. هذا ما اوحيت به امس ايضا 0
-حسنا , اياك ان تشجعيه . اشغالى تكفينى , ولا اريد ان اسمع صراخك طلبا للمساعدة 0
-لماذا لا ترحل وتتركنى لوحدى ؟
ردت بغضب وهى تجمع قبضتى يديها بشدة . يا له من رجل عنيد ومغرور 0
-وفرى لكلماتك له 0
كان يراقب يديها وعلى شفتيه أبتسامة ساخرة :لقد حذرتك مما سيحدث لك اذا ما تعرضت لى 0
-اذهب من هنا فورا 0
-انا ذاهب . الغداء سيكون في الواحدة ظهرا , والسيدة بانكس ستقدم القهوة عند الساعة الحادية عشرة 0
راقبته فانيسا وهو يغادر المكتب بهدوء . تضاربت المشاعر في صدرها . لم تلتق باحد من قبل يشبه كال غرين . انه يخيفها بالفعل 0
ظلت صامتة للحظات ثم استدارت تتفحص رفوف الكتب المتراصة . بعض الكتب كانت قديمة للغاية وقد اصفرت اوراقها وتفتت الجلد الذى يغلفها . رفعت كتابا عن الارض وفتحته بعد ان نفضت طبقة الغبار التى كانت تعلوه . كان مجلدا يجمع اعدد احدى المجلات للعام 1767 , وكانت اوراقه مصفرة بفعل الزمن ومتشققة في عدة اماكن , لكن الطباعة كانت واضحة بالرغم من صغر حجم الحروف . حملت فانيسا المجلد بعناية , فاحست- كالعادة - بانها عادت الى تاريخ سحيق . شعرت برغبة في تصفح المجلد , لكنها ابعدته مباشرة . لعلها تستطيع ذلك عند الساعة الحادية عشرة , وقت تقديم القهوة 0

dede77 03-02-10 11:30 PM

كانت على وشك ان تضع الرداء فوق ملابسها عندما سمعت الباب يفتح , ومنه دخل لورى ماكينزى . عادت اليها على الفور كلمات كال عن لورى , لكنها استبعدتها بسرعة واغتصبت ابتسامة عاجلة . فمن السخف ان تترك اعصابها نهبا لذلك الرجل0
حيته قائلة: اهلا بك , كنت على وشك المباشرة في العمل 0
رد على تحيتها مبتسما , كانت ابتسامة ناعمة خجولة , وليست ابدا ابتسامة ذئب 0
قالت : كنت اتامل الرفوف هنا . وساكون ممتنة للمساعدة التى ستقدمها 0
كان ينظر اليها بتامل . ومع انها اعتادت هذه المواقف , الا انها احست برعشة تسرى فى اطرافها . هل من المعقول ان يستغل وجوده معها ؟ كل شئ ممكن حتى مع اكثر الرجال هدوءا وخجلا . ولذلك وجدت سلوك كال غرين محيرا , اذ لم يبد عليه انه يفكر بالتقرب اليها بالرغم من انه رجل طبيعى بكل معنى الكلمة 0
لكن لوري يختلف عن كال . انه هنا لمساعدتها , وسوف تعقد الامور اذا ما امضت الوقت فى مراقبته . لذلك قررت فانيسا ان تتجنب كل ما يمكن ان يساء تفسيره بحيث لا تدع مجالا لاحد . ابتسمت له ببرود وقالت مشيرة الى ناحية محددة : سابدا من هنا . ومن الافضل ان نجمع الكتب على الطاولة ثم اقوم بالتسجيل 0
-ساتناولها من فوق واضعها على الطاولة 0
نزع سترته الجلدية الرقيقة فكشف عن قميص داكن الزرقة . كان صدره عريضا وذراعاه قويتين . وضع سترته على كرسى قريب وتوجه الى احدى الزوايا وعاد بسلم خشبى 0
امضى ربع الساعة الاولى في عمل متواصل ينزل الكتب عن الرفوف ويحملها الى الطاولة . عمل بسرعة ونشاط , وعندما وصل عدد الكتب الموجودة على الطاولة الى حوالى مئة كتاب , توقف عن العمل ونظر الى فانيسا 0
-هذا كاف على ما اعتقد ! ثم اضاف: فانت بحاجة الى مساحة من الطاولة للكتابة 0
-نعم , وشكرا لك 0
-سوف اساعدك 0
نظرت اليه فانيسا باستغراب . ماذا يقصد ؟
شاهد نظرتها وابتسم : ساساعدك فى ترتيب الكتب حسب التسلسل 0 اليس هذا ما ستفعلينه اولا ؟
- اجل , ولكن ...
-بهذه الطريقة تسير الامور بسرعة اكبر بالنسبة اليك ولى 0
هزت راسها موافقة : هذا ممتاز . لكننى لا اتصور….
-ماذا ؟ انا اعرف القراءة ايضا 0
-لم اقصد ذلك 0

dede77 03-02-10 11:32 PM

اعترضت بسرعة قبل ان ترى ابتسامته وتدرك انه يمزح 0
-اعرف انك لم تقصدى شيئا . على كل سيكون الامر مثيرا , خاصة مع الكتب القديمة 0
-اذن من الافضل ان نبدا الان . فى الواقع ربما تكون لديك افكارافضل منى . كنت ساسجل كل عناوين الكتب مع اسماء المؤلفين والمراجع الاخرى , ثم اعيد ترتيبها مع اشارة محددة عند كل عشرة كتب او ....
-لكن عندى فكرة افضل . لنفترض اننا ….
واخذ يشرح خطته بهدوء وتفصيل وهو يحمل كتابا من هنا ويقلب صفحات كتاب اخر من هناك . وكانت فانيسا تفكر وتراقبه :انه شاب لطيف . فلماذا لا توجد علاقات طيبة بينه وبين كال ؟ لعل الامر مجرد عداء طبيعى , وهو كثيرا ما يحدث دون اسباب .. وقد حدث بالفعل بينى بين كال 0
ولم يكن هناك متسع من الوقت للحديث او التفكير اذ غرقا في دوامة العمل . ومضى الوقت بسرعة بحيث فوجئا بالسيدة بانكس تدخل عليهما بالقهوة عند الساعة الحادية عشرة .. وعندما شاهدت السيدة بانكس لورى قالت : ساحضر لك فنجانا اخر 0
ابتسم لفانيسا التى كانت تراقب قهوتها وتساءل عما اذا كان سيعتبرها غير مهذبة اذا ما اخذت رشفة من فنجانها 0
قال : لا اظنك تعتقدين بانها تحبنى ؟
كان كال قد قال شيئا ما عن ان اقوال السيدة بانكس اكبر من افعالها . لعله على حق . هزت فانيسا راسها وقالت : كلا هل تكرهك ؟
-اجل , بطريقتها الخاصة . يجب ان تتعرفى الى زوجها , فهو لا يفتح فمه بكلمة اذا استطاع ذلك , ومع ذلك فهى طاهية ممتازة . ولهذا السبب لا يتركها الرجل العجوز ترحل 0
هذه هي الفرصة , واستغلتها فانيسا بسرعة : لم التق بعد بالسيد ماكلين , هل تعتقد انه شخص مناسب للعمل معه ؟
-بالطبع . انه رجل ممتاز .. عندما يعرفه الانسان بشكل عميق 0
لكن النبرة التي حيرت فانيسا من قبل كانت لا تزال موجودة في كلامه 0
-ماذا تقصد بالتحديد ؟
-حسنا . انه فظ في البداية . قد لا يكون فظا معك كونك مرأة ... لكنه قادر على ذلك مع الرجال 0
خفق قلب فانيسا بشدة . ما الذى دفعها الى هذا الموقف ؟ لكن ما الذي كانت تتوقعه ؟ بالطبع لن تقابل رجلا لطيفا , خاصة بعد الذي سمعته عنه من ابيها ...

dede77 03-02-10 11:34 PM

-حدثنى عنه قليلا !
فكر لورى قليلا : انه طويل القامة , نحيف بعض الشئ . مهووس بالمحافظة على رشاقته ، يمشى عدة اميال يوميا .. ولا شك انك رايت غرفة الرياضة 0
- شاهدتها بالفعل . كال غرين اخذنى اليها مساء امس 0
ووجدت نفسها مدفوعة لان تضيف قائلة : لقد وعد باعطائى بعض الدروس فى الجيدو 0
احتقن وجه لورى بالغضب . كان على وشك ان يقول شيئا عندما انفتح الباب ودخلت السيدة بانكس حاملة فنجان القهوة الثانى 0
-هذا فنجانك 0
ووضعته على الطاولة ونظرت الى فانيسا قائلة : الغداء يقدم فى الساعة الواحدة...
ثم غادرت الغرفة 0
تساءلت فانيسا عما كان سيقوله لورى , اذ انه حاول جاهدا خلال وجود السيدة بانكس ان يطرد من نفسه مشاعر الغضب . لكنه عاد الى طبيعته الان وقال : لو كنت مكانك لابتعدت عن مضايقاته 0
- لماذا ؟
نظر اليها بحدة 0
-لانه ثعلب . عرضه لك هو مجرد عذر0
قطع حديثه فجاة ورفع فنجان القهوة الى شفتيه 0
استغربت فانيسا كيف حافظت على طبيعتها . كال حذرها اولا من لورى ، والان لورى يحذرها من كال . القصة كلها مضحكة , لكن الاثنين جادان فى مخاوفهما 0
-يا الهى , هل هو كذلك ؟ وراقبته وهو يخرج علبة السجائر . قدم لها سيجارة , فرفضتها قائلة : لا ادخن , شكرا 0
-هل تمانعين فى ان ادخن ؟
-لا ابدا ! لماذا تتقول انه ثعلب ؟ فانا لم اره كذلك ؟
بدا الغضب واضحا على وجهه عندما اجاب: لانه ذكى جدا فى اخفاء احتياله . لكن عليك ان تسالى اختى عن الحقيقة فهى تعرفه اكثر من اى انسان اخر ... اجل اختى . لقد رحلت الان الى ابردين ... هى تستطيع ان تخبرك اشياء عديدة عن كال غرين0
-متى رحلت ؟
-منذ اكثر من شهر تقريبا . انها تعمل الان فى فندق خالتى , وتقول انها لن تعود ما دام كال هنا 0
كان ينظر الى الباب وكانه يتمنى ان يدخل الشخص الذى يتحدث عنه . تناولت فانيسا جرعة كبيرة من القهوة لترطب فمها الجاف . وتنازعتها رغبتان : الاولى فى ان تسمع المزيد , والثانية ان تقول للورى انها لا تريد ان تسمع شيئا اخر . لكن لورى حل المشكلة عندما وقف واطفا سيكارته في المنفضة وشرب قهوته دفعة واحدة 0

dede77 03-02-10 11:36 PM

-حسنا , لقد قلت ما فيه الكفاية . يجب ان اعود الى عملى بعد تناول الغداء . قبل ذلك ساجهز لك من الكتب ما يكفى لعملك اليوم 0
- شكرا لك , هل تعرف متى سيعود السيد ماكلين الى البيت ؟
اجاب قائلا : انا لا اعرف , لكن السيدة بانكس يمكن ان تخبرك . لماذا تسالين ؟
-انه صاحب العمل , واعتقد انه 0
قاطعها بابتسامة صفراء : حاولى الاستفادة من الوقت قبل ان يحضر 0
لكنه استدرك قائلا : كنت امزح فقط . انه ليس سيئا على الاطلاق . فقط تردد قليلا ثم تابع من الصعب شرح ما اقصد بكلمات قليلة , فهو يبدو في بعض الاحيان وكانه ينظر من خلال الانسان , اى كانه لا يراه ابدا او انه بعيد عشرت الاميال .. انه غريب جدا 0
انصتت فانيسا بامعان . اين يكون عندما يذهب بعيدا ؟ هل يسترجع الاحداث الماضية ويندم لما فعله ؟ هل يعرف ان ما فات قد مات ؟ ربما لن تعرف ابدا . شئ ما خفق فى داخلها . انها تريد ان تلتقى هذا الرجل ، جدها , ولكنها فى الوقت ترغب بالهرب وتنسى كل شئ عن دينستون هاوس . اطرقت تنظر الى يديها . كلا , يجب ان لا تفعل ذلك ابدا . عليها ان تستمر حتى النهاية 0
- هل انت على ما يرام ؟
-ماذا ؟ آه . انا متاسفة 0
هزت فانيسا راسها وابتسمت بعمق للورى ناسية قرارها بابقاء مسافة بينها وبينه0
-كنت افكر 0
وشاهدت وجهه يتغير , التمعت في عينيه السوداوين ملامح دافئة ... فحولت نظرها عنه وشغلت نفسها باحد الكتب 0
بعد عشر دقائق وقع المحظور . كانت قد توجهت الى احد الرفوف للتاكد من كتاب وضعته هناك قبل قليل , وعندما رفعت راسها , شعرت به خلفها تماما حتى قبل ان تلتفت اليه . تنفست بعمق , ثم احست بيده اليسرى على ذراعها فالتفتت بهدوء وقالت : نعم , ماذا ..؟
ماتت الكلمات اذ انحنى نحوها وعانقها بملء ذراعيه0
دفعته بعيدا عنها بدون غضب وقالت : لماذا فعلت ذلك ؟
ابتسم لورى قائلا : احسست برغبة فى ذلك0
كان وجهه شاحبا عندما نظر اليها0
قالت بحزم : ارجوك ان لا تكررها . يجب ان تتذكر اننا نعمل معا فقط , وليس اكثر من ذلك0
-ساحاول ان اتذكر . هل كنت سترحبين بالامر لو كان كال مكانى ؟
كبتت فانيسا موجة عارمة من الغضب وقالت: بالطبع لا . وعلى كل فان الامر لا يعنيك اطلاقا 0
- هذا افضل . فانا لا يمكن ان اتصورك بين ذراعيه 0
اجابته ببرود شديد : اذن لماذا لا تفكر بعملك بدلا من الافكار الاخرى ؟
طغت ابتسامة كبيرة على شفتيه وهو يقول : انك قوية بالفعل . انا احب الفتاة التى

dede77 03-02-10 11:39 PM

تتاجج بالنار0
ابتعدت فانيسا عنه باتجاه الطاولة . وضعت الكتاب الذي كان بيدها ثم عادت نحوه وهى تقول : اسمع . يبدو انك خرجت عن حدودك . انا اشكر لك مساعدتك فى الكتب ، لكننى متاكدة من قدرتى على الاستغناء عن خدماتك اذا كنت ساضطر الى مراقبتك طوال الوقت . هل كلامى واضح ؟
التمعت عيناها بالغضب وامتلا خداها بالدم , وهي تقف بتحد وثقة بالنفس بينما كان لورى يقترب نحوها0
وفي هذه اللحظات بالذات دخل كال الغرفة . فخيم جو من الصمت المتوتر لثوان معدودة , قطعه كال بصوته العميق قائلا : جئت لارى ان كان كل شئ على ما يرام0
استدارت نحوه قائلة : الامور ممتازة , شكرا لك 0
حاولت الابتسام , لكنها لم تستطع . في حين كان كال يوجه نظرة حديدية الى لورى0
-هل واجهت اية متاعب مع الكتب ؟
قابل لورى نظرة كال بقسوة اشد ... وفكرت فانيسا التى كانت تراقب المشهد بانهما اشبه بكلبين فى شارع مهجور , كل منهما يزن قوة الاخر ويستعد للهجوم فى اية لحظة 0
- لا متاعب على الاطلاق . وامورنا تسير على خير ما يرام 0
وحاولت ان تضع ابتسامة معبرة على وجهها . فقد قررت بينها وبين نفسها ان تثبت فى موقعها وتنتظر ما سيحدث , لان ما يجرى الان لا يعنيها لا من قريب ولا من بعيد 0
هز كال راسه دون ان يعبر وجهه عن مشاعره 0
- حسنا , ساترككما تكملان العمل 0
ثم غادر المكتبة وهو يحاول ان يسيطر على اعصابه الثائرة . وعندما اغلق الباب التفت لورى الى فانيسا وافلت صفيرا متقطعا 0
قال لورى : حظنا جيد انه لم يدخل قبل ثوان . ترى ماذا كان سيفعل لو رانى وانا اعانقك ؟
-لست ادرى 0
ثم اضافت وهى تحاول اخفاء دهشتها : كنت تفضل ذلك ! فعندها سيقع الشجار بينكما وهذا ما تريده !
انقبضت عضلات وجهه وهو يقول : اتمنى الفرصة المناسبة لضربه ... اذا كان هذا ما تقصدين !
عقدت فانيسا حاجبيها وقالت: اذن من الافضل ان احذرك , لقد تعرضت وانا فى طريقى الى هنا لمشكلة مع شابين يركبان الدرجات النارية . واستطاع كال ان يطيح بهما ارضا بلمح البصر مع ان احدهما كان يحمل زجاجة فارغة . لم ار مثل ذلك المشهد فى حياتى , واتمنى ان لا ارى مثله فى المستقبل . وحتى لو كنت تكرهه فيجب الا تستهين به , فهو اقوى بكثير مما يبدو عليه 0
اجاب لورى بنعومة : استطيع تدبر امرى معه , فقط اريد الفرصة المناسبة 0
راقبته فانيسا جيدا . انه قوي وصلب العود . ترى لماذا يرغب الرجال في القتال دائما ؟ ولماذا يحلون المشاكل بالقوة الجسدية ؟ احست بانها تعبت من هذه الاجواء التي اصبحت مزعجة للغاية , ولعل احداث الامس , او ما كاد يحدث بالامس , هى مصدر تعبها0
وحتى حلول موعد الغداء , كان سلوك لورى سليما . جهز عشرات الكتب بحيث لا تضطر فانيسا الى تناول اى منها طيلة اليوم مهما عملت بسرعة . ولم يحاول ابدا ان يلمسها ولا ان يقترب منها . وقبل دقائق من الساعة الواحدة قال : سوف اذهب الان , ولكنى ساعود صباح الغد اذا لم يكن عندك مانع ؟
اجابت: شكرا لك . السيد ماكلين سيكون هنا فى ذلك الحين , فهل تعتقد انه يمانع ؟
-هو الذى اقترح الفكرة اساسا واضاف مبتسما : عندما يراك سيدرك فورا لماذا غيرت رايى . فهو معجب بالنساء الجميلات ايضا0
لكن مزاجها لم يكن ليتقبل الاطراءات : اذن , اراك صباح غد . يجب ان اذهب واستعد للغداء 0
خلعت الرداء الواقى ووضعته على الكرسى قبل ان يتحرك لورى لمساعدتها . ثم خرجا معا من المكتبة 0

dede77 04-02-10 04:53 PM

كانت غرفة الطعام خالية تماما عندما دخلتها فانيسا بعد عشر دقائق واول ما لاحظت كان وجود كرسيين فقط حول الطاولة . خفق قلبها بطريقة غريبة ، اذ هذا يعنى ان جدها لم يات بعد . جلست في المكان الذي شغلته امس فاحست بموجة عارمة من الوحدة تجتاح نفسها . فجاة دخل كال غرين الغرفة , فبذلت جهدا كبيرا كى تخفى الاسى الذي كان واضحا فى عينيها 0
جلس كال فى مواجهتها وعلى وجهه تعبير غريب وفى عينيه نظرة متفحصة وكانه يعرف ما الذى جرى فى المكتبة . واخيرا حطمت كلماته جدار الصمت : انا متاسف اذا كنت قد دخلت عليكما فى الوقت غير المناسب 0 ولكن فانيسا لم تجد فى صوته ما ينم عن الاسف فعلا 0
اجابته بهدوء: لا ابدا , كنا مشغولين فى ترتيب الكتب , هذا كل شئ 0
- هل كنتما فعلا ؟ بدا لى ان فى الجو نقاشا حادا ... لكن المسالة لا تعنينى على اى حال 0
اجابته موافقة : معك حق , المسالة لا تعنيك ابدا0
فى تلك اللحظة دخلت السيدة بانكس , فقطعت ما كان كال على وشك ان يقول . تركت لهما الحساء وبعض الخبز , وقالت : ساعود بعد دقائق . الغداء اليوم فطيرة بالجبنة , فاستعدا لها 0
فكرت فانيسا : لو كنت هنا مع شخص اخر لضحكنا على طريقتها فى الكلام , لكن هذا الشخص العدوانى ... لماذا هو هكذا ، لماذا ؟
انحنت نحو طبق الحساء الذي كان ساخنا جدا , وما ان لمست الوعاء حتى سمعت زعيقا حادا من الخرج فقفزت خوفا واضطرابا . اصطدمت بالطاولة فاهتز الطبق وانسكب الحساء الساخن على يدها اليمنى . اطلقت فانيسا صرخة الم عالية وهى تحس حرارة الحساء تلسع يدها بشدة . ركض كال نحوها وامسك معصمها بيده وسكب محتويات ابريق الماء على الجزء المصاب . طلب منها بصوت امر ان تجلس وتضع راسها بين ركبتيها فورا . اطاعته دون اية مقاومة وسمعته يقول : ساحضر بعض الاسعافات الاولية , دقيقة واحدة فقط 0
عادت اليها موجة الالم اشد مما كانت , ولكنها لم تتحرك من الكرسى . كان صوته امرا بحيث لا تستطيع ان تخالفه . لم يغب كال سوى لحظات معدودة عاد بعدها وهو يحمل صندوقا وضعه على الطاولة وفتحه بسرعة ... ثم اخرج مرهما اصفر اللون ودلك به الجزء المصاب 0
قال لها وهو يواصل التدليك : الصرخة التى سمعتها هى صوت الطاووس . صحيح انه يصدم الانسان للوهلة الاولى لكنك ستعتادين عليه بسرعة 0
-طاووس !
تساءلت بصوت هامس وهى تضغط على شفتيها لتحبس صرخة الم 0
-هذا افضل , اليس كذلك ؟
كان كلامه باردا وهادئا , وقد اختفت العداوة بينهما على الاقل لبعض الوقت0
- اجل , شكرا لك 0

dede77 04-02-10 04:55 PM

نظرت الى الطاولة , فصدمتها الفوضى التى سببها الحادث . شعرت بالدموع تطفر الى عينيها وهى تقول : انا اسفة 0
قاطعها وهو ينظر بدوره الى الطاولة : لا تهتمى , فالسيدة بانكس سترتب كل شئ فى لحظات 0
قالت له معتذرة : لم تتناول حساءك بعد 0
كان يلف قطعة من القماش حول يدها , في حين بدا الالم يخف بفعل الدواء الذى وضعه . اجاب قائلا : انه ساخن جدا . هل تريدين ان احضر لك صحنا جديدا ؟
هزت راسها : كلا , ساكتفى بقسم من الفطيرة ... فانا لست جائعة تماما 0
- بالطبع , هل تنوين الراحة فى غرفتك لبعض الوقت ؟
نظرت اليه بحدة عندما احست السخرية فى صوته . استغرب نظرتها وقال : ما الامر ؟
هزت فانيسا راسها المتعب : لا شئ . اعتقدت انك ...
قاطعها بابتسامة لطيفة : اسخر منك ؟ لقد شحب لونك من جراء الصدمة . لا احد يمانع فى ان تاخذى قسطا من الراحة ولو لنصف ساعة 0
-كلا , شكرا لك . ساشعر بتحسن كبير بعد ان اكل 0
لكنها بدات ترتجف , ولم تستطع ان تخفى الحقيقة 0
وضع ذراعيه على مرفقيها ورفعها عن كرسيها قائلا : من هنا , انتقلى الى الكرسي الاخر واحضري معك طبق حسائك 0
وكانت فانيسا اضعف من ان ترفض اوامره 0
احست بالدفء والشبع عندما تناولت الحساء الذى اصبح فاترا . احضرت السيدة بانكس الفطيرة , ولما شاهدت فوضى المائدة طلبت منهما الانتقال الى ناحية اخرى حتى تنظف الطاولة وتعيد ترتيبها , ففعلا بدون تردد 0
اشتد الالم فى يد فانيسا التى اعتقدت انها استطاعت اخفاء الحقيقة عن الرجل الجالس قبالتها والذى لم يعد يظهر علامات العداء المعتادة اتجاهها . بعد ان انهيا الاكل , اتجه ناحية فانيسا وقال : هيا بنا , سنتناول القهوة فى الصالون 0
- اجل 0
تمايلت قليلا عندما وصلت الى الباب , وسمعت صوته وكانه قادم من البعيد ... ثم احست بدفء يده على ذراعها 0
همس فى اذنها : لماذا انت عنيدة الى هذا الحد ؟
وبالرغم من انها فهمت ما يقصد الا انها قالت : لم افهم ما تعنى تماما ؟
وعلى طول الطريق من غرفة الطعام الى الصالون كانت الجدران تتمايل امام ناظريها ... وكم شعرت بالفرح لان ذراعه القوية تسندها 0
قالت وهى تنظر اليه بعد ان اجلسها فى المقعد : انني على ما يرام 0
ولم تستطع اخفاء دموع الالم . ودون ان ينبس ببنت شفة استدار مغادرا الصالون وتركها وحدها 0

dede77 04-02-10 04:57 PM

اعتقدت انها ازعجته , فرحل . قالت لنفسها : هذا ممتاز . لكنه عاد بعد اقل من دقيقة حاملا فنجانين من القهوة . قال وهو يضع الفنجان على الطاولة القريبة منها: ساخذك الى الطبيب فى القرية اشربى قهوتك ، ثم نتوجه اليه 0
-لكنى لا ….
-ارجوك بدون نقاش 0
ثم اضاف بلطف: سنذهب اليه حتى لو اضطريت لحملك الى السيارة 0
نظرت الى فنجانها ثم تناولته ببطء . لا شك انه يعنى كل كلمة قالها . وهي تعرف انه سينفذ وعيده . وابتسمت فى سرها عندما تصورت نفسها محمولة بين ذراعيه الى السيارة 0
-حسنا 0
واغمضت عينيها بالم عندما رشفت جرعة كبيرة من القهوة الحارة 0
- هل تريدين سيكارة ؟
- انا لا ادخن الا نادرا ... شكرا لك 0
سمعت صوت الولاعة , ثم شمت رائحة التبغ المحروق ... لكنها لم تستطع ان تنظر اليه . ولسبب غير معروف اخذ قلبها يخفق بسرعة غير طبيعية , لدرجة اعتقدت معها انه سيسمع دقاته اذا ما رفعت عينيها اليه 0
كان راسها ساخنا , وتساءلت اذا كانت حرارتها قد ارتفعت بسرعة . وضعت يدها على جبينها فاحست به مشتعلا 0
- هل انت على ما يرام ؟
بدا لها صوته وكانه ات من مسافة بعيدة جدا , او كانها على وشك الاصابة بالصمم ... رفعت راسها بسرعة فوجدته وقد اقترب لتناول فنجان القهوة من يدها 0
- لا باس .. لا باس . فقط ….
لم تستطع ان تبلع ريقها . يا الله , ما الذي يحدث لها ؟ بدت الغرفة لناظريها سابحة في ضباب رمادى كثيف , ورفعت يدها فى محاولة يائسة للتمسك باى شئ .. ثم احست بيد تمسك يدها وسمعت صوت كال اتيا من البعيد البعيد ... لكنها لم تسمع كلمة مما قاله 0
افاقت بعد فترة لتجد نفسها ممددة على المقعد المجاور . فتحت عينيها ببطء فوجدت كال واقفا بالقرب منها . التقت عيونهما . قال لها : لم يحدث شئ , اغمى عليك فقط . فلا تقلقى 0
قالت فانيسا: لم يحصل ان اغمى على من قبل 0
ابتسم برقة وهو يقول: لقد بدات الان . ارتاحى هنا لعدة دقائق ثم نذهب الى الطبيب0
لا تريد ان تذهب بسيارته , انها لا تعرف لماذا , ولا تستطيع ان تقول له ذلك ايضا لانه هدد بحملها بالقوة اذا رفضت . بدات قوتها تعود اليها وصارت قادرة على التفكير بوضوح . بعد عدة دقائق نظرت اليه قائلة : انا جاهزة الان 0

dede77 04-02-10 04:59 PM

-اذن سنذهب الان . فكلما اسرعت بمعالجة الجرح , كان الشفاء اسرع 0
انتظرت فانيسا فى البهو الداخلى فى حين توجه كال لاحضار السيارة الى الباب الامامى . سمعت صوت عجلات السيارة , فغادرت الباب بتان لانها لم تكن قد استعادت توازنها كاملا 0
بعد دقائق كانا معا على الطريق . وكان كال يقود سيارته بسرعة معتدلة . سالته عندما اقتربا من الطريق الرئيسى : كم تبعد القرية عن البيت ؟
- حوالى ثمانية اميال . بعد قليل سنصل اليها . هل عاودك الالم ؟
رسمت على شفتيها ابتسامة شجاعة وقالت: ليس قويا . لم يحصل ان اغمى علي من قبل . هذه اول مرة 0
- ربما لم تصابى فى الماضى بالاذى كما اصبت اليوم . فالاغماء رد فعل طبيعى من الدماغ ضد الاصابات 0
-هل حدث ان اغمى عليك من قبل ؟
ركز نظره عليها وكانه يحاول استكشاف خلفيات السؤال . ثم ابتسم قائلا : نعم . مرة واحدة .. لكننى لن اخبرك عن تفاصيلها , ليس الان فى اى حال 0
استغربت فانيسا كيف ان التوتر قد زال بينهما , ولكنها احست بشئ غير طبيعى وهما فى طريقهما الى القرية . وعدلت من جلستها عندما تذكرت انها فى السيارة نفسها مع الرجل الذى تكرهه , وانها اجبرت على مرافقته بالرغم من قرارها بعدم الاقدام على ذلك ابدا . ووجدت نفسها تنتظر شيئا ما لا تعرف طبيعته 0
واخيرا سمعت ما كانت تتوقعه قال كال فجاة دون ان يرفع نظره عن الطريق 0
- سياتى صاحبنا صباح غد , وليس اليوم كما كان المخطط ؟
عرفت على الفور من المقصود بكلمة صاحبنا ، لكنها تساءلت كما لو انها فوجئت : من؟ السيد ماكلين ؟
التفت اليها بطرف عينيه وقال : ومن غيره ؟ انه صاحب العمل . اعتقدت انك تريدين معرفة موعد حضوره !
- طبعا .. طبعا 0
خفق قلبها بسرعة اشد . كان هناك شئ ما في كلماته لم تستطع ان تعرف معناه . لذلك كان عليها ان تفكر مليا قبل ان تتكلم ، خاصة ان الالم اخذ يزداد ايضا 0
- لكنك قلت انه سيعود اليوم!
- كان من المفروض ان يعود ظهرا , لكنه اضطر للتاخر , هل قلت انك لم تقابليه من قبل ؟
ما الذى عناه بسؤاله هذا ؟ نظرت فانيسا الى الاشجار المتناثرة خارج السيارة , ولم تلاحظ انها كانت تضغط على معصمها المصاب . وفجاة عادت الى الواقع وقالت: كلا لم اقابله . كيف يمكن ذلك وانا جئت من لندن ؟
- اعرف انك جئت من لندن وان اسمك فانيسا كولينز 0
تجمدت فانيسا عندما راته يبتسم وهو ينطق هذه الكلمات . لقد شدد كثيرا على كلمة كولينز , ولا شك انه تعمد الامر 0

dede77 04-02-10 05:01 PM

شعرت بخوف غامر استمر للحظات فقط , ثم تنفست بعمق . هل يمكن ان يكتشف الحقيقة ؟ لا , فهذا مستحيل . لكنها تتمنى الان لو انها لم تات ابدا . بدات يدها تنتفض من الالم , لم تعد قادرة على التعامل مع هذا الرجل المزعج خاصة فى مثل وضعها الحالى ... بل لم تعد قادرة حتى على ايجاد الاجوبة اللازمة 0
ومع ذلك حاولت : نعم . واسمك هو كال غرين , اسم غريب حقا 0
- اجل اسمي الكامل كالوم غرين , ابى اسكتلندى وامى رومانية 0
اثار هذا الاكتشاف اهتمام فانيسا برغم انشغالها باموراخرى ورات فيه مناسبة لابعاد كال عن الموضوع الاساسى : تقصد ان نصفك رومانى ؟
هز راسه علامة الايجاب . كان عليها ان تلاحظ ان نصفه اجنبى من خلال فكه العريض وشعره الاسود وعينيه الناريتين الحادتين اللتين استطاعتا ان تغوصا فى اعماقها 0
-لا ! لكنها لم تعرف لماذا قالت هذه الكلمة 0
- لا ماذا ؟
- لا شئ , لا شئ 0
وهربت من عينيه الى الاشجار فى الخارج 0
- وماذا عن والديك ؟ الى اى بلد ينتميان ؟
كان مجرد سؤال تقليدى فى مثل هذه المناسبة , لكن تصرفات كال جعلتها تشك فى كل كلمة يقولها 0
تنفست بعمق وقالت: امى ... لكن القصة التى رددتها عشرات المرات فى سرها تبخرت دفعة واحدة . تحول راسها الى صفحة بيضاء خالية . رفعت يدها الى جبينها . لم يعد عندها سوى سلاح واحد : انا اسفة .. ان يدى تؤلمنى بشدة 0
كان ادعاؤها حقيقيا , ولو بشكل جزئى على الاقل سيعطيها بعض الوقت للتفكير . وحتى هو لن يعمد الى ازعاجها اكثر . ترى هل يفعل ؟
ومع انه لم يصدقها , فقد تصرف بشكل مغاير تماما . زاد سرعة السيارة فورا وقال : سنكون هناك خلال دقيقة فقط 0
والقت فانيسا راسها على المقعد تاخذ قسطا من الراحة . هى تعرف انها هدنة مؤقتة .. لكن كم من الوقت ستدوم ؟
كان الطبيب من النوع الصامت , وعندما خرجت فانيسا من عيادته كان الالم قد خف بشكل كبير . كتب لها وصفة طبية واعطاها بضع حبات من الدواء وامرها ان ترتاح لعدة ايام 0
في القاعة الخارجية كان كال جالسا على احد المقاعد الخشبية ينتظر انتهاء الطبيب . نهض واقفا عندما برزت فانيسا فسالها : هل تشعرين بانك افضل ؟
- اجل . شكرا لك . قال لى الطبيب انك فعلت المناسب عندما سكبت الماء البارد على الحرق ، فهذا سيمنع ظهور ندبة دائمة . على كل يجب ان ارتاح لعدة ايام ثم تعود يدى الى طبيعتها 0
- اذن يجب ان نجد لك وظيفة اخرى غير المكتبة ؟

dede77 04-02-10 05:04 PM

قال هذه العبارة مازحا وهو يفتح لها الباب . نظرت اليه بحدة : لا ابدا , فانا اكتب باليد اليسرى . لقد اعطانى الطبيب وصفة , فهل هناك صيدلية قريبة ؟
-فى الطرف الاخر من القرية , ساحضر السيارة 0
- الا نستطيع ان نسير اليها ؟
- هل تشعرين بقوة كافية للسير ؟
التفتت فانيسا اليه بسرعة . هل كانت هناك تلك النغمة الساخرة ام ان خيالها يزين لها الامور كالعادة ؟
- اعتقد ان السير فى مثل هذا النهار الجميل سيفيدنى 0
وكانت على حق . فالشمس تطل وسط سماء صافية تماما . الى يسارهما بحيرة واسعة , والى اليمين صف لا ينتهى من البيوت الريفية الضائعة وسط الحدائق0
- حسنا , هيا بنا 0
سارا معا فوق الشارع غير المعبد فى اقسام كبيرة منه , ولم تزعجهما حركة السير . حاولت فانيسا الانشغال عن الغريب الذى يسير الى جانبها بتامل الريف الممتد حتى حدود التلال البعيدة . كانت المنطقة اخاذة بحيث تمنت فانيسا ان تمضى عمرها كله هنا 0
- انه منظر ساحر , اليس كذلك ؟
فوجئت بكلامه ، وتساءلت : اى منظر ؟
- هذه المنطقة , الريف كله , لقد لاحظت التاثير الذى تركه عليك لاول مرة 0
-اجل , انه رائع 0
لكنها شعرت بالقلق , لماذا يتصرف بهذا الشكل المكابر ؟ لقد استطاع فعلا ان يقرا افكارها . لماذا يجب ان يكون هنا الان ... هنا فى دينستون هاوس ؟ ليس بالامكان ان تحصل على جواب كاف , لكن عليها ان تكون حذرة للغاية معه . وحتى تسترجع شجاعتها المهزوزة قالت شيئا ارادت ان تقوله قبل دقائق : اشكرك جدا لانك احضرتنى الى الطبيب , فقد فعلت عين الصواب 0
- لا باس على الاطلاق 0
وابتسم بعمق وهو ينظر اليها , قفز قلبها فى صدرها عدة قفزات متتالية . والان لماذا انفعلت هكذا ؟ فكرت فى نفسها . انه انسان كريه بالفعل , لكنه يتغير تماما عندما يبتسم . فهو يستطيع ان يكون جذابا اذا ما اراد . وما حدث بعد ذلك جعلها تتاكد من الامر اكثر ... ولكنها ... لم تكن قادرة على توقع الامور 0
انتظر كال حتى وصل الى نصف الطريق المؤدى الى البيت , تقريبا فى النقطة التى اشار عندها الى فانيسا للتوقف مساء امس , وتوقف فجاة فالتفتت اليه فانيسا خائفة 0
-اعتقد انك ستعجبين بالمشهد من هنا , فالمرتفع يؤمن رؤية اوسع 0
وعلى الفور شكت فانيسا بنواياه , خاصة عندما تذكرت الاسئلة التى طرحها قبل ان توقفه بحجة الالم فى يدها . الان لا تستطيع ان تفعل شيئا . انتظرت حتى خرج كال من السيارة واستدار ناحيتها وفتح الباب لها , فخرجت . فى الاقل لا وجود للعداء فى تصرفاته , ولكن الشك يسيطر عليها . هناك طريقة واحدة للتصرف : البرودة المطلقة 0
- شكرا لك 0
ابتسمت وهى تغادر السيارة فكانت الابتسامة نفسها التى كانت تجعل السيد مورتون يقع فى حبها 0
رد كال ابتسامتها باحسن منها . كانت عيناه صافيتين ووديتين . قال بهدوء وثقة : هذا افضل . ليس من المناسب ان نمضى الوقت كله فى الشجار ، اليس كذلك ؟
وافقت فانيسا : طبعا 0
ثم التفتت حولها وقالت: اين ..؟
اشار مقاطعا : هناك . اذا صعدنا التلة سنشاهد اروع مشهد فى كل اسكتلندا ، على الاقل حسب رايى . هل يمكنك الصعود ؟
كان السؤال بلهجة قلقة وكانه فعلا يهتم بها .. وقد بدات فانيسا تعتقد بانه قلق عليها حقيقة 0
- اجل . وسارا صعودا نحو التلة تاركين خلفهما شجيرات عديدة , وحشائش بدات تخضر مع الربيع المقبل , وبعض الازهار البرية المتناثرة هنا وهناك . استنشقت فانيسا نسيم الربيع الممزوج بعبق البحر وهى تقطع المسافة القليلة المتبقية . وعندما وصلت الى القمة تسمرت فى مكانها وعلى وجهها علامات الاعجاب العميق 0
قالت باندهاش : انه رائع ... انه رائع جدا . اليس كذلك ؟
كانت التلال تمتد تحتهما فى كل اتجاه حتى شاطىء البحر واللون الاخضر الغامق يغطى كل شئ ... وفى المدى البعيد وقفت صخور جبارة امام زحف الموج الذى كان يرتد عنها تاركا فى الجو رذاذه الابيض الهائل 0
ونظر كال اليها وابتسم مجددا , وتساءلت لماذا يبذل كل هذا الجهد . فجاة قال لها : انا اعرف ان اسمك الحقيقى ليس فانيسا كولينز . ثم اضاف بهدوء : فما هو اسم الحقيقى؟

انتهى الفصل الثالث

dede77 06-02-10 01:04 AM

4- عشاء مع الغريمة 0


صعقت فانيسا عند سماعها كلام كال , واحست بالضياع لثوان خيل اليها انها ساعات ... لكنها استعادت رباطة جاشها بسرعة وتذكرت النصيحة الذهبية : الهجوم هو افضل وسيلة للدفاع 0
استدارت ببطء وقد زال الخوف من نفسها .. فهى لن تترك هذا الرجل يفسد عليها المخططات التى اعدت لها منذ مدة . بدا عليها الهدوء التام ، كيف لا وهى تملك اسلحة لم تستعملها بعد ولا تعتقد انه يستطيع مواجهتها . انوثتها هى اهم الاسلحة . ويمكنها دائما ان تستعمل سحرها النسائى حتى النهاية . ولكن الوقت لم يحن بعد . الان عليها ان تستفز مشاعر الغضب فى نفسها ردا على اتهاماته الباطلة . فهذا هو الموقف الصحيح لو كانت فعلا بريئة من تلك الاتهامات 0
وخرجت الكلمات قوية وهادئة : عفوا ؟ ماذا قلت ؟ هل جننت ام انك مجرد انسان وقح ؟
وقف كال قبالتها واضعا يديه فى جيبى سرواله وقال : محاولة جيدة . ادعاء الغضب يناسبك تماما 0
ارتفعت درجة التوتر عند فانيسا ، ولكنها جاهدت للحفاظ على هدوئها . من الافضل الا تفقد اعصابها . وعليها ان تستمر فى التمثيل لئلا تقول شيئا تندم عليه فيما بعد , خاصة اذا ارادت مواجهة هذا الرجل 0
كان كال يراقبها وقد تضرج خداها واخذت تتنفس بسرعة , لكنه لم يبد اية مشاعر , وظلت ملامح وجهه القوية الصلبة ساكنة وهادئة0
- لقد اطلقت اتهامات سخيفة , فهل يمكن ان توضح كلامك ؟
بدت ملامح ابتسامة على وجهه : طبعا , انت تذكرين تفاصيل لقائنا الاول ؟
- وهل يمكن ان انساه ؟ انت تشير اساسا الى الطريقة الفظة التى سألتنى فيها عن اسمى 0
- هل كنت فظا ؟ حسنا , ربما ... لكننى كنت غاضبا منك 0
فقاطعته بصوت ناعم : يظهر بانك تريد ان تخبرنى قصة حياتك ! فاذا كنت ....
- لا , لن اخبرك قصة حياتى . انت التى سالت . لم تستطيعى حتى ان تتذكرى اسمك 0
- لقد ذكرت لك السبب . فانا لا اخبر الغرباء عن ....
- دعك من هذا . اى غريب انا ؟ فقد انقذتك لتوى من موقف صعب . فلماذا يجب ان تخافى منى ؟
- كنت متوترة جدا . وساكون ممتنة اذا ما سمحت لى بانهاء جملة واحدة اقولها 0
واندمجت فى دورها الجديد مما اعطاها دفعة كبيرة من الثقة بالنفس 0
- لنقل اننى لم ارد ان اعطيك اسمى الحقيقى . هذا كل ما عندى من دفاع . انت اسوا انواع الناس , لانك تحتار الاوقات غير المناسبة حتى تطرح اتهاماتك السخيفة . هذا طبيعى منك , وانا اجد ان ملاحظاتك مهينة ولن ابقى هنا دقيقة واحدة , ويمكنك ان تستمتع بالمشهد وحدك 0
ثم استدارت وتركته خلفها مصممة على الرجوع الى السيارة , بل حتى السير الى

dede77 06-02-10 01:06 AM

البيت اذا رفض نقلها بعربته . المهم ان تحافظ على مظهر الثقة . اذ حتى لو كانت ترتعد داخليا , فما دامت قادرة على اخفاء الامر , فان عندها فرصة كبيرة لربح المعركة . وهذه كانت معركة بالفعل , بين شخصيته الصلبة الاستفزازية وبين موقفها دفاعا عما تعرفه ويجهله هو 0
لحقها كال على الفور . لم ينتظر ابدا , بل قفز التلة بخطوات عريضة ثم امسك بذراعها وجمدها فى مكانها . ولم يكن امامها الا الوقوف . استدارت اليه وقد امتلات بالغضب الحقيقى هذه المرة 0
- ابعد يديك عنى ايها الخبيث 0
ضاقت حدقتا عينيه وهو قول : ان لك مزاجا صعبا للغاية 0
- معك انت ؟ اجل ... انت مقرف 0
فجاة اطلق ضحكة عالية مجلجلة . نزعت فانيسا ذراعها من قبضة يده باقصى ما تملك من قوة ، وصرخت : انت حقير ... حقير ... دعنى لوحدى 0
وانفجرت باكية رغما عن ارادتها , فاسرعت تركض نحو السيارة والدموع تجب عنها الرؤية الواضحة . كان كل شئ يسبح فى ضباب خفى وكانها فى حلم . انتظرت فى السيارة حتى ياتى كال ويسحبها الى الخارج . لم تعد تهتم بشئ . انه انسان حقير 0
احست به فى المقعد المجاور , دون ان تراه بسبب دموعها . وعندها قال : حسنا جدا . لقد اوضحت ما تريدين . بربك اوقفى هذا النحيب !
قطعت المفاجاة بكاءها . تمخطت بمنديل ورقى وقالت : لقد اجبرتنى ...
واخذت تبحث عن منديل اخر في حقيبة يدها 0
- هاك منديلى 0
فاخذته ومسحت به دموعها وانفها . وفكرت فى نفسها : كم اكرهه الان !
وجاهدت كى لا تطلق الجملة فى وجهه 0
سمعته يدير الة التسجيل , فانسابت موسيقى خفيفة فى السيارة . خفف كال الصوت قليلا وقال لها وقد التقت عيناه عينيها الدامعتين : حسنا ايتها القطة المتوحشة . خففى من روعك الان 0
وتساءلت فى نفسها عن رد فعله فيما لو ضربته بقوة . وكانت الرغبة عميقة بحيث اضطرت للتشبث بحقيبة يدها كى تمنع نفسها من الضرب . ولانه لم يتوقع جوابا منها , ادار محرك السيارة وانطلق بسرعة فائقة عائدا الى دينستون هاوس . واستقرت فانيسا فى مقعدها ويداها تضغطان على المنديل والحقيبة . انها منهكة للغاية وتريد بعض الراحة بالحاح 0
وعندما استلقت فانيسا فى سريرها ذلك المساء , وقبل الاستعداد لتناول العشاء , عادت الى ذاكرتها احداث اليوم بشكل مؤلم واضح . لقد استطاعت منع نفسها من التفكير بعد عودتها الى دينستون هاوس , اذ رفضت اقتراح كال باخذ قسط من الراحة وتركته فور دخولها البيت وامضت طيلة بعد الظهر فى المكتبة . وبحلول الساعة الرابعة احضر لها فنجان القهوة بنفسه وسالها اذا كانت تشعر بالالم , ثم

dede77 06-02-10 01:07 AM

تركها . كانت تعابير وجهه انذاك هادئة وخالية من القسوة التى ابداها عند التلة 0
لم تعد قادرة على التمثيل الان , فقد هاجمتها مخاوفها دفعة واحدة وهى مستلقية فى سريرها . من الواضح انه يشك فيها . لكن باية طريقة ؟ لقد قال – وجاهدت لتنظيم افكارها المشوشة - ماذا قال تحديدا ؟ انا اعرف ان اسمك ليس فانيسا كولينز .. فما هو اذن ؟ تنفست بعمق وهى تسترجع كلماته حرفيا , وكذلك تعابير وجهه التى رافقت تلك الكلمات . كان يتكلم بتهكم واضح , وفى عينيه نظرة تؤكد انه يعرف كل شئ ... بحيث زرع الرعب فى قلبها 0
واخذت تزن الامور بمنطق . ما قاله لا يعنى انه اكتشف الحقيقة فعلا . يمكن ان يعتقد انني امرأة متزوجة وهاربة من زوجها . والارجح انه يفكر هكذا . نظرت الى يدها , فلم تجد اثرا للخط الابيض الذى يتركه خاتم الزواج . وفجاة نهضت من السرير وتوجهت الى علبة مجوهراتها الموضوعة على طاولة الزينة وقلبتها بحثا عن خاتم ذهبى كانت تفتن به دائما . ولما وجدته وضعته فى اصبعها وابعدته عن وجهها لتتامله مليا . هذا الخاتم سيفى بالغرض وعليها ان ترتديه دائما منذ الان , وعندها لن يلاحظ غياب العلامات الصغيرة . وقبل ان تستعد للعشاء انتزعت الخاتم من اصبعها ودخلت لغسل يديها 0
تزينت جيدا وارتدت زيا رماديا فضفاضا وطويلا يبرز قوامها الرشيق ويجعلها تبدو اكثر اناقة وسحرا . حسها يقول لها بان كال سيثير الموضوع الليلة وقبل عودة جدها غدا , اذا كان فعلا سيواصل تحقيقاته عن شخصيتها .. والارجح ان يحدث ذلك على العشاء . فاذا ما بدت باحلى حالاتها , فستحصل على دفعة كبيرة من الثقة بالنفس هى بامس الحاجة اليها 0
وقفت امام المرآة لتضع اللمسة الاخيرة من ظلال العيون واحمر الشفاه . انها صارخة الجمال , ولكن جمالها لم يكن مصدر سعادة دائما , بل كثيرا ما سبب لها المشاكل بحيث وجدت نفسها تحسد صديقاتها ذوات الجمال العادى , فهن لا يواجهن مصاعب كثيرة , ومع ذلك لا يقدرون هذا الوضع . تنهدت مطولا وهى تضع احمر الشفاه . انها مستعدة للعشاء الان 0
القت نظرة اخيرة على الغرفة ثم اطفات الانوار ونزلت الى غرفة الطعام . وجدت كال في الغرفة مع اناس اخرين هذه المرة . استعادت رباطة جاشها بسرعة بعد صدمة المشاهد الاولى . على الاقل لن يقدم على خلق المشاكل امام الناس . كانت هناك امرأتان , ام وابنتها على الارجح , تجلسان الى الطاولة التى اعدت لاربعة اشخاص . شاهدها كال فنهض لملاقاتها 0
- ها قد وصلت اخيرا 0
قال العبارة وكانه انتظرها طويلا . ثم توجه نحوها لمرافقتها الى المائدة . تنفست فانيسا بعمق لان شيئا ما اشعرها بوجود جو عدائى فى الغرفة موجه ضدها شخصيا0
- السيدة ماكرى , هيثر , هذه فانيسا كولينز . وهاتان صديقتان للسيد ماكلين0
تقدمت فانيسا نحوهما ويد كال على ذراعها . لم يتردد عندما نطق اسمها , بل ذكر اسمها الاول وكانه اعتاد عليه . مدت يدها اليسرى للسلام لان اليمنى ما زالت

dede77 06-02-10 01:08 AM

مضمدة . تاملتها السيدة ماكرى مليا بعينيها الزرقاوين الحادتين وسط وجه جميل جذاب 0
- كيف حالك يا انسة كولينز, لقد تاسفنا للاصابة التى لحقتك اليوم . هل تشعرين بتحسن الان ؟
كانت ترتدى فستانا فضفاضا من الساتان السميك بلون بنفسجى فاقع , وتساءلت فانيسا فى نفسها اذا كانت هذه السيدة تعرف ان اللون لا يناسبها ابدا . اما الابنة فقد كانت مختلفة تماما . وعندما التفتت فانيسا اليها ادركت على الفور من اين جاء هذا العداء ضدها . لم تكن هيثر ماكرى مجرد شابة جميلة , فتفاصيل وجهها الاشقر كانت كاملة ابتداء من العينين الناعستين تحت رموش كثيفة حتى الشفتين المكتنزتين الحمراوين , وقد تركت شعرها الاشقر الطويل منسدلا على كتفيها وعقدته بربطة حريرية زادتها انوثة وشبابا . كما ساهم ثوبها الزهرى المفتوح فى ابراز هذه الصورة 0
ابتسمت لفانيسا .. وكان لسان حالها يقول : حسنا , انا لا احبك !
قالت بنعومة وحياء : مرحبا , لقد اخبرنا كال .... ونظرت الى الرجل الطويل الواقف الى جانبها : ... عن الحادث الصغير الذى وقع لك . انه حادث مؤسف0
لكن المعنى وراء هذه الكلمات كان واضحا بالنسبة لفانيسا التى بدات تتمنى لو انها بقيت فى غرفتها . المعنى يقول بوضوح : ان كال لى انا , فراقبى تحركاتك . وانا مسرورة جدا للحرق الذى اصاب يدك 0
ردت فانيسا بابتسامة مصطنعة : شكرا لك 0
لقد اعتادت على مثل هذه المواقف العدائية , اما اذا اعتقدت الشابة الشقراء ان فانيسا تريد الاستيلاء على كال فهى مخطئة تماما . على الاقل , كال خصم على مستوى ما , وهو افضل من هذه الشقراء النحيفة التى تبدو اكبر من فانيسا بحوالى السنة , والتى ينبئ شكلها عن الثراء الفاحش الذى يحمل الثقة المبالغ فيها الى بعض الناس 0
توجه كال الى خزانة الحائط ثم التفت نحو فانيسا وسالها : ماذا تشربين ؟
اجابته قائلة : عصير التوت رجاء 0
آه لو يظل لطيفا كما هو الان , فالحياة تكون رائعة عندها . ولن تجد فانيسا ما تشكو منه 0
دخلت السيدة بانكس حاملة طبق الحساء . وامضى الجميع دقائق في ترتيب مقاعدهم . ثم ادركت فانيسا ان السيد ماكلين يجب ان يكون هنا على العشاء والا فكيف تفسر حضور هاتين الضيفتين . وقد تاكد ظنها من خلال الحديث الذى جرى على العشاء بين كال والسيدتين فى حين ظلت فانيسا مستمعة . فقد قررت بينها وبين نفسها ان تتصرف بهدوء وان لا تتكلم الا اذا خاطبها احد الحضور. فهي غريبة هنا ومجرد موظفة , والاخرون كما هو واضح يعرفون بعضهم جيدا . لو انهم يعرفون الحقيقة لذابت الابتسامة على شفتى هيثر 0
امسكت فانيسا عقال لسانها وتناولت حساءها بحذر بالغ متذكرة ما حدث عند الظهر ... ونظرت الى كال فوجدته يحدق فيها 0

dede77 06-02-10 01:10 AM

اتسعت عيناها تعجبا , ترى ما هذا التعبيرعلى وجهه ؟ خيل اليها انها ترى معنى محيرا , لكن المعنى اختفى عندما قال : الحساء ليس ساخنا كالمرة السابقة ؟
اغتصبت ابتسامة وقالت: كلا 0
كان يعمل جاهدا كى يلطف الجو . ومن خلال نظراته الى الفتاة الاخرى لم يكن الامر صعبا . من الواضح ان هناك شيئا ما بينهما خاصة النظرات الدائمة التى كانت تلقيها هيثر باتجاه كال , والبسمات التى حرصت على ان تلحظها فانيسا دائما . اما كال فقد لعب دور المضيف بنجاح فى غياب السيد ماكلين . وكان يبدو على السيدة الكبيرة اعجابها بكلام كال بحيث طغت ضحكاتها على العشاء كله . وتساءلت فانيسا عن الوقت المناسب الذى يمكنها فيه ان تنسحب الى غرفتها . فهى متأكدة من انهم لا يريدونها , كما انها لا تريد ان تبقى معهم ايضا . لكن تبين ان الهروب مستحيل ، فما ان انتهوا من تناول الجبنة والبسكويت حتى اقترح كال ان يتوجهوا الى الصالون لتناول القهوة . همهمت السيدة ماكرى موافقة , فى حين ابتسمت هيثر لكال بنعومة بالغة... اما فانيسا فقد قالت بهدوء : اظنكم ستعذروننى لعدم تمكنى من البقاء !
ضاقت عينا كال وهو يسالها : ولكنك ستتناولين القهوة معنا ؟
- لا شكرا . العشاء كان ممتازا ... لكنني لا استطيع السهر 0
ابتسم بهدوء وقال : يجب ان لا نغضب السيدة بانكس . فهى لن تقبل بان تجد فنجان قهوة غير مشروب على الطاولة , باعتبار انها فخورة جدا بالقهوة التى تصنعها 0
شعرت فانيسا برغبة طفولية فى ان ترد عليه قائلة : يمكنك ان تشرب الفنجان بنفسك . لكنها لم تفعل بالطبع . واكتفت بالقول : هل يمكن ان اخذه الى غرفتى اذن ؟
تدخلت هيثر بصوت ناعم قائلة : بالطبع يا كال . فلا شك ان فانيسا متعبة بعد حادث اليوم 0
والتفتت الى فانيسا وكانها تقول : حظك سئ .. على كل حال نحن لا نريدك ايضا0
استغربت فانيسا , وهم يسيرون فى المر المؤدى الى الصالون , كيف ان كال فظ معها بينما هو ناعم جدا مع هيثر . وقالت لنفسها : كم ان الرجال اغبياء ! يكفى ان ترف تلك المرأة جفنيها حتى يسرع كال للركوع بين يديها . على كل هما مناسبان لبعضهما ... واعتقدت ان هذه النتيجة ستعزيها قليلا , ولكن هذا لم يحصل0
وعندما دخلت السيدتان الى الصالون تمهل كال ليفسح الطريق امام فانيسا ... لكنها توقفت قليلا . استدارت نحوه وقالت: السيدة ماكرى على حق . يدى اتعبتنى . ولذلك ساستاذن بالانصراف واوي الى فراشى . وانا متاسفة على فنجان القهوة 0 رات عضلات فكه تتقلص وتشتد , فادركت انه غضب من شئ ما . اعطاها هذا الاحساس بعض الارتياح ومكنها من ان تضيف بسرعة : واعتقد ان وجودى غير مرغوب فيه فى هذه السهرة ... كما ان التلفاز سيعرض فيلما جيدا 0

dede77 06-02-10 01:11 AM

ودون ان تنتظر جوابه دخلت الى الصالون وتوجهت حيث جلست السيدتان وقالت: ارجو المعذرة ... تصبحون على خير 0
ولم تنظر الى كال وهى تغادر الغرفة , لكنها شعرت بانه على وشك ان يلحق بها ويوقفها مثلما فعل فوق التلة بعد الظهر 0
اغلقت باب غرفتها والقت بجسمها عليه وتنهدت بعمق . انتهى كل شئ . و فكرت بارتياح : اذا ما التقيت هيثر العزيزة مرة اخرى فلن ازعج نفسى بمحادثتها .
توجهت نحو النافذة واسدلت الستائر المخملية . ثم ادارت جهاز التلفاز وغرقت فى الكرسى الوثير الذى يواجهه . شعرت بالندم لانها لم تنتظر قليلا لتحضر فنجان القهوة معها . ولكنها لن تنزل لاحضاره بل تفضل ان تشرب الماء بدلا من القهوة0
ملات موسيقى البرنامج الكوميدى الذى يعرضه التلفاز جو الغرفة فى حين انهمكت فانيسا فى فك سحاب فستانها ... عندما ارتدت الفستان لم تجد صعوبة فى رفع السحاب . لكنها اضطرت الان لاستعمال يديها الاثنين لان السحاب تعرقل عند الرقبة تماما . فكرت للوهلة الاولى بان تتسلل دون ان يراها احد الى المطبخ وتسال السيدة بانكس ان تساعدها . اسقطت هذه الفكرة وهى تبتسم لسخافتها . الافضل ان تبحث فى الغرفة عن شئ يساعدها مثل مبرد اظافر او مقص . واخذت تقلب كل الاحتمالات المعقولة وغير المعقولة . اسهل احتمال كان ان تنزل وتسال السيدة ماكرى ان تساعدها ... اسقطته عندما فكرت كيف ستكون ردة فعل هيثر . فجاة سمعت قرعا على الباب , ودون ان تلتفت قالت : ادخلي 0
لا بد ان كال قد طلب من السيدة بانكس ان تحضر لها القهوة . لكن الصدمة كانت كبيرة عندما التفتت من فوق كتفها لتجد كال نفسه حاملا لها فنجان القهوة ومعه بعض الشوكولاتة : آه , هذا انت ؟
وضع الصينية التى كان يحملها على الطاولة المجاورة للباب 0
- من توقعت ؟ لورى؟ سالها بجفاف وقد اسود وجهه ، وتابع : لماذا تحاولين ازاحة هذا الكرسى ؟
- حتى استطيع مشاهدة التلفاز براحة . ثم تذكرت ضرورة ان تشكره فقالت : اشكرك لانك احضرت لى القهوة 0
اجابها مضيفا: ... والشوكولاتة بالنعناع ايضا 0
ثم اقترب من الكرسى وحمله على الرغم من ضخامته وثقله وقال لها : قولى لى اين تريدينه ؟
- آه هنا .. الى اليمين قليلا .. ممتاز , شكرا لك .. لقد , لقد اعتقدتك السيدة بانكس !
ورفع احد حاجبيه وقال : صحيح ؟ انا متاسف لانني خيبت ظنك 0
بلعت ريقها وهى تقول : كنت اريد عليها ان تتحرك الان والا فات الاوان 0
- لم استطع ان افك سحاب فستانى واردت ان ...
ترى لماذا لم يقاطعها كعادته ؟ يا له من رجل خبيث . اما هو فقد ظل واقفا يراقبها بهدوء بانتظار انتهاء كلامها . وتابعت تقول : كنت ساسال السيدة بانكس ان…
من الاكيد انه سيرفض مساعدتها . واخيرا ابتلعت كبرياءها وقالت : ارجوك , هل لك ان تساعدنى فى حل عقدة سحاب فستانى بالقرب من العنق ؟
- بالطبع . لم اعرض المساعدة اولا لئلا يساء فهمى 0
ادارت ظهرها وهو فى طريقه اليها . خيم جو من الصمت على الاثنين ، فاحست فانيسا بانه يتمتع بالاحراج الذى اصابها من جراء طلبها . كانت يداه باردتين وسريعتين . حل عقدة السحاب من الاعلى , تردد قليلا , ثم كمل سحبه الى الاسفل . احست بنفسه يلفح رقبتها وهو يقول : هل يكفى هذا ؟
- لست… ، امتدت يداها الى الخلف لتجس السحاب , فالتقتا كفيه للحظات قليلة كانت كافية لبث تيار كهربائى فى جسدها0
- الى الاسفل قليلا ، ارجوك 0
يا الله , ماذا حل بها ؟ فقد كانت ترتجف مثل ورقة شجر فى مهب الريح . ابتهلت فى داخلها : ارجوك ارحل الان 0
واحست بالسحاب ينحل اكثر 0
- هذا افضل . شكرا لك 0
واستدارت بسرعة خوفا من ان يحاول ان يحله اكثر مع انها تعرف انه لن يفعل , فاصطدمت به . اسرع كال بوضع يديه حول كتفيها لمنعها من السقوط ، وللحظات وقفا صامتين واحساس بالتوتر يهيمن عليهما لادراكهما بان شيئا غريبا يحدث فى الغرفة 0
- حسنا , يجب ان اذهب الان لانضم الى الضيوف 0
حطم كلامه الصمت بينهما فاستدارت فانيسا بعيدا فى حين سار كال نحو الباب مغادرا الغرفة . فتح الباب , تردد قليلا قبل ان يقول : تصبحين على خير 0
انتزعت وسادة السرير وصفقت الباب بعنف . خيل اليها سماع ضحكته فى الممر . فوقفت فى مكانها وصدرها يغلى بالغضب .لكنها لم تكن غاضبة تماما , فالشعور الذي ملا صدرها كان جديدا عليها ... انه مخيف ومثير فى آن واحد 0

dede77 06-02-10 10:54 PM

اعتقدت فانيسا انها ستاوى الى فراشها باكرا . وبعد ان خلعت ملابسها جلست فى المقعد الوثير تحتسى قهوتها مع الواح الشوكولاتة بالنعناع . احست بالتعب فقررت ان تنام فور انتهاء الفيلم التلفزيونى . ومع مضى الوقت وجدت نفسها قلقة وغير قادرة على النوم . كانت تسمع صدى اصوات تنبعث من الطابق السفلى بدون ان تعرف ما هى . ترى ماذا يفعلون هناك ؟ يتحدثون ؟ يلعبون الورق ؟ وعندما انتهى الفيلم الذى كان مملا وسخيفا مفسحا المجال للاعلانات , قامت فانيسا نحو النافذة وازاحت الستارة . امام الباب وقفت سيارة رولز رويس فخمة . من الذى يسوقها ؟ الام ام الابنة ؟ على كل حال هما ما زالتا فى البيت 0
وفى لحظة غضب ازاحت فانيسا الستائر بعنف واطفات التلفاز وتوجهت الى السرير . استلقت فى فراشها من دون ان تستطيع النوم . وازداد الالم تدريجا فى يدها بحيث لم تعد قادرة على الاحتمال فتوجهت الى الحمام وتناولت حبتين من الدواء الذى اعطاها اياه الطبيب . وبينما هى عائدة الى سريرها سمعت همهمات تصدر من اسفل النافذة فتوجهت اليها فورا . رفعت الستارة بحذر شديد ونظرت الى الباحة التى اضيئت فجاة فانعكس النور على لون الرولز رويس الذهبى , وهناك وقف ثلاثة اشخاص : السيدة ماكرى وهيثر وكال . كانوا يتحدثون , واحدهم يضحك عاليا . لمست هيثر ذراع كال الذى انحنى نحوها كانه يريد سماع كلمات خاصة منها ... ومع ان فانيسا ارادت ان تبتعد عن النافذة الا انها لم تستطع 0
واخيرا لوحت السيدة ماكرى بيدها , ففتح كال باب السيارة الخلفى لها . دخلت هيثر خلفها بعد ان تمهلت لتتبادل عناقا قصيرا مع كال . اغلق باب السيارة , فانزلت هيثر الشباك وقالت شيئا ما لكال الذى رد بضحكة طويلة . اذن هناك سائق خاص لقيادة السيارة ؟ ولماذا لا ؟ راقبت فانيسا السيارة وهى تتحرك باتجاه الباب الخارجى . وكانت على وشك ان ترخى الستارة , لكنها ترددت قليلا لتتامل كال الذى انعكس ظله على الباحة الامامية . كيف اعتقدت انه ليس قويا ؟ انه يبدو الان كحيوان شديد القوة ملئ بجاذبية لا يمكن انكارها ابدا . وفجاة استدار والتفت الى اعلى ... مباشرة باتجاه فانيسا . نظر اليها لثوان قبل ان يبتسم ويختفي داخل البيت . قفز قلب فانيسا بشدة وهى تبتعد عن النافذة . لقد شاهدها الان , فماذا يفكر فى ذلك ؟
اعتقدت انها لن تنام بسرعة , لكن حبتى الدواء اعطتا مفعولهما الفورى . وغرقت فى كوابيس مزعجة دارت كلها حول وجهين , احدهما لرجل عجوز لم تره بعد والاخر لشاب قوى الملامح اصبح مالوفا لديها تماما 0
استيقظت باكرا , لكنها ظلت مستلقية تسترجع احداث اليوم الماضى . وفجاة اعترتها رعشة باردة فانتصبت جالسة . لقد تذكرت انها ستلتقى جدها بعد ساعتين تقريبا . لن تستطيع ان تتراجع الان فقد فات الاوان . وداهمها شعورا اخر بالانزعاج عندما فكرت فى كال . فهذا الرجل سيراقبها بدقة , اذ انه يشك فيها بدون ان يعرف لماذا . لعله حدس وجود شئ غير طبيعى فى تصرفاتها ، ولذلك عليها ان تتصرف باعصاب باردة وهدوء تام . فهل تستطيع ان تنجح فى هذه المهمة ؟ حاولت ان ترخى اعصابها وهى تغسل وجهها وترتدى ملابسها . انها تحتاج لكل ما تختزن من ارادة , خاصة خلال اليومين المقبلين , وستراقب كال غرين بحرص بالغ فى هذه الفترة .

dede77 06-02-10 10:57 PM

عليها ان تتناول الافطار بسرعة وتبدا عملها فى المكتبة لان الكتب ستساعدها على التفكير المستمر فى كال وجدها . كانت تتوقع ان تكره المكتبة خاصة انها قبلت الوظيفة كوسيلة لتنفيذ ماربها . لكن هذا لم يحدث . لقد وجدت متعة فائقة فى التعامل مع الكتب الانيقة وقراءة عناوينها والرجوع الى الماضى كما كان , اذ ليس افضل من كتاب يعيد احياء الماضى بلحظات . كما كانت هناك مئات الصحف القديمة التى دلها عليها لورى فى احدى الزوايا , وبعضها يعود الى اوائل القرن الثامن عشر . وقد تشوقت فانيسا للعمل فيها وترتيبها حسب التسلسل الزمنى . ولا شك ان هذه المجموعات قيمة جدا , لكن هل يعرف جدها قيمتها الحقيقية ؟ هذا ما ستعرفه قريبا 0
وبينما هى تنزل السلم متمهلة باتجاه الطابق السفلى سمعت بابا يفتح , فتوقفت . هل هذا باب غرفته ؟ لقد سمعت صوت محرك سيارة وهى تستحم , لكنها لم تشاهد شيئا امام المنزل عندما نظرت من النافذة . وفجاة اعتراها شعور بالضياع والارتباك 0
-صباح الخير 0
داهمها الصوت بحدة وهى تنزل الدرجات الاخيرة وتلتقى مواجهة مع الرجل الاتى من الصالون . ارتاحت قليلا عندما رات انه كال . كان يرتدى صديرية بيضاء فوق قميص ابيض ايضا . بدا لها جذابا اكثر من ذى قبل ، وعرفت على الفور لماذا اعجبت هيثر بهذا المخلوق القوى . ابتسم لها , فاعادها فورا الى حالة الترقب والاستنفار 0
-اعتقد ان السد ماكلين لن يكون معنا على الفطور , لكنك سترينه لاحقا 0
-الم يحضر بعد ؟
-اجل , لقد حضر0
بدت عيناه الخضراوان بلون رمادى غامق من تاثير الضوء القوى . لكن فانيسا كانت مهتمة اكثر بالنظرة المتمعنة التى اطلقها نحوها . وتذكرت انه راها مساء امس وهى واقفة على النافذة . نزلت الدرجة الاخيرة وسارت باتجاه غرفة الطعام . ولان ساقيه كانتا طويلتين فقد تمهل فى سيره كى يبقى فى موازاتها 0
-كيف حال يدك اليوم ؟ هل تشعرين بتحسن ؟
-نعم شكرا لك 0
-هل طلب منك الدكتور اينيس مراجعته مرة اخرى ؟
خففت سيرها ونظرت اليه . كانا قد وصلا تقريبا الى باب غرفة الطعام . قالت : طلب منى ان اغير الضمادة يوميا , وان ابلغه على الفور باى طارئ . ولا اتوقع حدوث التهابات لان جراحى تلتئم بسرعة 0
-ممتاز . وهل تستطيعين لف الضمادة ؟ الا تريدين اية مساعدة ؟
-لا , شكرا 0

dede77 06-02-10 10:59 PM

وابتعدت عنه . اذ بدا لها للحظة وكانه سيمسك ذراعها , وهى لا ترد ان يمسها ابدا0
لم تكن السيدة بانكس فى احسن حالاتها فى تحضير الفطور . لعل ذلك بسبب عودة صاحب البيت , فربما هى مهتمة باعداد فطور خاص له ليتناوله فى غرفته . وتساءلت فانيسا عن المكان الذى كان فيه جدها . من المحتمل انه كان مسافرا . انها لا تعرف طبيعة الاعمال التى يقوم بها , خاصة ان اباها تكتم جدا فى هذه الناحية 0
-هل انت قادرة على تقسيم قطعة الجبنة ؟
فاجاها سؤاله : ماذا ؟ آه , اجل استطيع تدبر امرى 0
وقالت فى سرها : وكاننى ساسمح لك بان تقوم بالمهمة عنى . وتساءلت عما سيحدث فى عطلة نهاية الاسبوع , هل سيطلب منها العمل خلالها ؟ من الممكن ان تقبل العمل صباح السبت , اما بعد الظهر ويوم الاحد فلا . قررت الخروج فى سيارتها الى نزهة غير بعيدة , بعد ذلك ستقرا , ثم تكتب رسائل الى الاصدقاء او تكتفى بمشاهدة التلفزيون فى غرفتها ... على الاقل ستكون هناك فى مامن من ايحاءات كال ونظراته الباردة المتحدية 0
رفعت عينيها فجاة فوجدته يحدق فيها ، وتشابكت نظراتهما للحظة فى حوار صامت غريب . حبست فانيسا انفاسها . ما هو المعنى الذى تحمله نظراته ؟ هناك شئ لا تستطيع فهمه . لم يكن العداء الذى عهدته منه , وحتى لو كان كذلك فانه عداء خفى ... والى جانبه تعبير لم تتعوده من قبل , اذ لم يكن هناك ذلك الاعجاب الواضح الذى يظهر في نظرات معظم الرجال . اعادت نظرها الى صحن الجبنة وتشاغلت بالاكل . ستريه انه لا يستطيع ازعاجها 0
قالت له : ساباشر العمل فى المكتبة بعد الفطور 0
ونظرت اليه مباشرة بعد ان استعادت رباطة جاشها 0
-ممتاز . واعتقد ان لورى سيكون هناك للمساعدة . على فكرة كيف تسير امور العمل ؟
-على ما يرام . وهو يساعدنى كثيرا , لقد اكتشفت ان ترتيب الكتب امر مثير للاهتمام اكثر مما كنت اتصور 0
وقطعت جملتها . لماذا تزعج نفسها باخباره عن العمل ؟
ابتسم وكانه يشجعها على المضى فى حديثها : اذن انت مستمتعة فى عملك ؟
انه قادر على استفزازها بمجرد كلمة يقولها او تعبير يظهره ... والاسوا من ذلك انه يعى قدرته تلك . وقد ادركت فانيسا انه تعمد الاستفزاز الجديد 0
-ولماذا لا ؟ فالكتب مثيرة للاهتمام . وتابعت ببرود : ام انك لا تجدها مهمة فعلا ؟
هز راسه موافقا :انا مهتم جدا , خاصة بالكتب التى تتحدث عن الدول الاجنبية .. والتى ستجدين عددا كبيرا منها فى المكتبة 0
اجابته وقد نسيت استفزازه السابق : لقد فرزت عددا منها من بين الكتب التى احصيتها حتى الان 0

dede77 06-02-10 11:02 PM

وفكرت فى نفسها انه يبدو جذابا جدا فى بعض الاحيان . وتابعت: احد هذه الكتب قديم جدا وبحالة سيئة للغاية 0
-ان بعض الكتب قديمة ومغطاة بالغبار . لذلك اقترح عليك ان تبقى الضمادة الى ما بعد انتهاء العمل ثم تغيريها مساء 0
نظرت الى يدها وقد اعجبها الاقتراح . قالت : سافعل ذلك 0
-ولا تحاولى ان تحملى الكتب بيدك المصابة , ليس خلال اليومين المقبلين فى اى حال 0
-لن افعل . اريد ان اسال : هل تعرف ما هى ساعات عملى غدا باعتبار انه السبت ؟
-لا . على كل ستتفاهمين مع السيد ماكلين حول ذلك ، فهو ليس من اختصاصى . لكننى لا اعتقد انه سيصر اذا ما اردت الراحة غدا . هل هناك مكان محدد تريدين زيارته ؟
نظرت اليه : تقصد زيارة احد ما ؟ لا , فانا لا اعرف احدا هنا . لربما خرجت فى نزهة لاستكشاف الريف الاسكتلندى ... وهذا كل شئ 0
رفع احد حاجبيه وهو يقول : وحدك ؟ حتى بعد الذى تعرضت له مؤخرا ؟
-لا اعتقد اننى سالتقي الشابين مجددا , على الاقل ليس فى الجوار 0
واعترف قائلا : معك حق , فلم يحصل ان حدثت مثل هذه الامور فى المنطقة . لكن من الممكن ان تضيعى فى الريف الواسع !
ابتسمت وهى تقول :هل لديكم خريطة ؟ صدق او لا تصدق , لقد جئت من لندن الى هنا مستعينة بالخريطة فقط . والواقع اننى خبيرة فى قراءة الخرائط واشارات السير 0
وابقت الابتسامة على شفتيها لكى تشعره بانها لا مبالية 0
ضحك كال عاليا :انا متاكد من خبرتك 0
ثم رفع وعاء القهوة وسالها: مزيد من القهوة ؟
-نعم 0
وراقبته وهو يسكب القهوة ثم يضيف الحليب . وفجاة انفتح الباب ودخل رجل فى الستينات من العمر , طويل القامة واشيب الشعر 0
لم تكن فانيسا بحاجة لمن يخبرها بان هذا الرجل هو جدها 0

انتهى الفصل الرابع

dede77 06-02-10 11:06 PM

5- المواجهة الاولى 0

خشيت فانيسا ان تظهر على وجهها اثار الصدمة التى اصابتها , فى حين وقف الرجل عند الباب بثوان معدودة . احست بانها ترى والدها مرة اخرى لكنه اكبر عدة سنوات . كل شئ بدا لها مالوفا : الطريقة التى يقف ويمشى فيها , الوجه النحيف ذو التقاطيع الحادة , والعينان الزرقاوان النافذتان تحت حاجبين كثيفين . واخيرا تكلم : ها انتما هنا معا 0
وحتى صوته بدا مالوفا بحيث شعرت برغبة فى القفز اليه واخباره عن شخصيتها ... لكنها تمالكت اعصابها ، فقد كان كال يراقبها , ثم استدار الى الرجل القادم ووقف له 0
سار اندرو ماكلين باتجاههما: صباح الخير يا كال 0
ثم حول نظراته الحادة الى فانيسا وقال: صباح الخير يا انسة كولينز 0
اضطرت فانيسا الى مصافحته عندما استدار نحو الطاولة ، فاعتذرت له لانها استعملت يدها اليسرى ... وكانت ساقاها ترتجفان0
-هل تريد فنجانا من القهوة يا سيد ماكلين ؟
ساله كال وهو يسحب له الكرسى حول المائدة 0
-طبعا . لقد شربت فنجانا فى غرفتى ولكن لن امانع من فنجان اخر 0
استدار نحو كال الذى انشغل بسكب فنجان القهوة , ثم التفت نحو فانيسا مرة اخرى0
-اعتذر لاننى لم اكن هنا لاستقبالك . واتمنى ان يكون كال قد قام بالواجب . هل جال بك فى البيت ؟
-اجل , شكرا لك . كنا نتحدث عن اهمية الكتب الموجودة فى المكتبة 0
-اذن انت تجدينها ملفتة للنظر ؟ هذا جيد لاننى اؤمن دائما بانه من الافضل للانسان ان يعمل فى المجال الذى يحبه . هل واجهتك اية مشاكل ؟
-كلا يا سيد ماكلين 0
كان عليها ان تنطق اسمه - او بالاحرى اسمها - فى وقت ما . وكلما بكرت كلما كان الافضل . وعندما فعلت لم تجد الامر صعبا كما كانت تتخوف 0
-لكن حادثا مؤسفا وقع ليدك ! انا متاسف لذلك 0
كان الاهتمام الحقيقى واضحا فى صوته 0
-كانت غلطتى فى الاساس . وانا متاكدة من انها ستتحسن خلال ايام قليلة ... والحادث لن يؤثر على استمرار العمل 0
اعتقدت فى البدء انها تستطيع التحدث اليه بشكل طبيعى ، لكنها استطاعت . وكانت ستجد الامور اكثر سهولة لو ان كال غير موجود , هذا الرجل غير المتوقع الذى خلق لديها شعورا بالذنب وعدم الارتياح والذى يبدو انه يستمتع بذلك 0
وهنا تدخل كال : لورى يساعد الانسة كولينز الان 0
-حقا ؟
اعطاها جدها ابتسامة خفيفة وقال : يظهر اننى اسات فهمه , لقد رفض فى البدء باعتبار انه مشغول جدا 0
-لعله اكتشف انه يستطيع تدبر امره فى اى حال 0
ولم يكن فى صوت كال اى معنى , لكن فانيسا فهمت مقصده وتمنت لو انه يغادر الغرفة . والان ، بعد ان زالت صدمة رؤية جدها لاول مرة , وجدت نفسها تراقبه فى محاولة لتبين ملامحه بعيدا عن اية مشاعر شخصية , كما لو انه غريب تماما . فهذا ما يجب ان تفعله اذا ارادت ان لا تنكشف قبل ان يحين الموعد الذى لم تحدده بعد 0
اكتفت فانيسا باحتساء قهوتها بينما كان اندرو ماكلين يسال كال عن احوال البيت وعن الضيفتين اللتين زارتاه امس 0
رد كال : لقد انزعجتا قليلا لانك لم تكن هنا ، لكننى حاولت جهدى ان اهتم بهما 0
التفت الى فانيسا مبتسما , فردت عليه بنظرة باردة 0
-ساتصل بهما هاتفيا فى وقت لاحق . لم يكن بالامكان الحضور امس , فالرحلات من باريس محجوزة كلها 0
ابتلع اخر رشفة من قهوته ووقف قائلا : يجب ان اذهب لاداء بعض الاشغال . اراك فيما بعد يا انسة كولينز0

dede77 08-02-10 06:14 PM

وغادر الغرفة مثل جندي طويل يسير ثابت الخطى . خيم الصمت بعده للحظات , ثم نهضت فانيسا : يجب ان ابدا العمل 0
وفجاة خطر على بالها خاطر . التفتت الى كال وسالته : ماذا عن الغداء ؟
نهض ببطء وهو يقول : الغداء ؟ ماذا تقصدين ؟
كانت تود ان تقول له : انت تعرف تماما ما اقصد , لكنك تجد متعة فى لخبطة الامور بالنسبة لى 0
لكنها قالت : اقصد اين ساتناول الغداء , فى غرفتى ؟
رفع حاجبيه ببطء : هنا مثلما فعلت امس 0
تنفست فانيسا بعمق وهدوء : لقد عاد السيد ماكلين الان . كان لطفا منك ان تدعونى الى غرفة الطعام اول مرة ، لكننى مجرد موظفة فى هذا البيت واتوقع ان ….
-موظفة ؟ يا لها من طريقة رائعة للتعبير عن الذات ! صحيح انك موظفة , لكن هل تعتقدين ان ذلك يعنى دعوتك الى المطبخ لتناول الطعام فى احدى زواياه ؟
احست بان دمها يغلى وهى تكبح جماح غضبها . يا له من رجل مكابر عنيد0
-انا متاكدة انك تعرف ما قصدت . انت ضيف هنا , ولا اعتقد انك تقدر موقفى 0
-الا اقدره فعلا ؟
وضاقت حدقتاه بغضب وهو يضيف: ستفاجاين اذا عرفت ان السيد ماكلين سيندهش , بل سيغضب , اذا ما اقترحت تناول طعامك فى اى مكان اخر 0
ولم يعد فى يدها حيلة . كيف يمكن ان تخبر رجلا كهذا بانها لا تريد ان تاكل معه لانه يخيفها ؟ انها لا تستطيع , وعليها قبول الواقع . وبدون ان تتفوه بكلمة استدارت خارجة من الغرفة . وقبل ان تصل الى الباب كان هو هناك اولا , وقال لها:اسمحى لى ان افتح لك الباب 0
-شكرا لك 0
وخرجت بسرعة بدون ان تنتظر لترى ما اذا كان يلحقها , قاصدة المكتبة لتبدا العمل . فهناك , وهناك فقط , ستجد نفسها قادرة على التفكير فى الرجل الذى التقته لاول مرة اليوم , الرجل الذى هو جدها ولكنه لا يعرف ذلك 0
اغلقت الباب وراءها ورمت الحقيبة على احد المقاعد . ارتدت الرداء الواقى وتساءلت عما اذا كان لورى سياتى لمساعدتها , ومتى ؟ احست ان الحادث الذى جرى بينهما اصبح من الماضى , مع انه وقع بالامس فقط 0
وكم تتمنى الان لو انه لم يحدث ابدا ! لقد عمل بنشاط وقدم مساعدة قيمة , لكنها بغنى عن اية اشكالات جديدة قد تزيد فى اضطرابها الداخلى . ولذلك قررت ان تقمع على الفوراية محاولة جديدة منه , اذ تكفيها المشاكل مع كال وظهور جدها المفاجئ ...
كانت منهمكة فى العمل عندما قرع لورى الباب ودخل , حيته بابتسامة صداقة وقالت : صباح الخير يا لورى 0
-صباح الخير 0
ركز نظره على يدها المصابة وقال : كيف حالك اليوم ؟
-افضل قليلا , شكرا لك 0

dede77 08-02-10 06:15 PM

لكنهاعادت وتساءلت : كيف عرفت ؟
-اذا قضيت وقتا طويلا هنا فستكتشفين ان الاخبار تنتقل بسرعة فى البيت . على كل , الطاووس يفزع كل الناس . المهم ان تكونى حذرة فيما يتعلق بيدك , وانا ساقوم بكل ما يلزم 0
-شكرا لك . يجب ان نعمل اولا على الكتب التى انزلتها , اذ انني كنت بطيئة بالامس 0
من الافضل لها ان تركز الحديث على العمل والكتب . ووجدت فانيسا الفرصة لتكتشف الجانب الاخر من لورى الغارق فى غبار العمل . انه يحب الكتب فعلا , كما انه يجهد للتصرف بشكل طبيعى وكانه احس مزاجها المتعكر اليوم 0
مضى قبل الظهر بسرعة , بحيث فوجئت فانيسا عندما فتح الباب ودخل جدها المكتبة . وعندما شاهده لورى توجه للسلام عليه 0
-صباح الخير يا سيد ماكلين . ان شاء الله كانت رحلتك موفقة ؟
-اجل , وشكرا يا لورى . يظهر انك مشغول ايضا . هل تعرف كم الوقت الان ؟
واندهشت فانيسا عندما عرفت ان الساعة تجاوزت الواحدة , وعليها ان تغتسل بعد . نهضت عن الارض وهى تقول : انا اسفة , لقد استغرقنا فى العمل 0
-اعرف ذلك , لكن يجب ان تاكلى يا ابنتى . فهيا بنا . الكتب ستظل هنا عندما تعودين !
وانتظر على الباب حتى خرجا 0
حمل لورى سترته ووقف ينتظر خروج فانيسا لكن كم الرداء الواقى علق بالضمادة , بحيث اضطر لورى الى مساعدتها 0
-شكرا لك 0
وادركت فانسيا ان شيئا مما دار لم يفت جدها . قطعت المسافة الى غرفتها ركضا ثم غسلت وجهها وفكت الضمادة عن يدها وعادت مسرعة الى غرفة الطعام لتجد ان الرجلين على وشك الانتهاء من الحساء 0
-انا اسفة 0
لكن اندرو ماكلين قاطعها باشارة من يده وقال : لا ضرورة للاعتذار . من الجميل ان نجد انسانا يحب عمله الى الحد الذى ينسى معه الوقت . ثم نظر الى كال وقال : ما رايك انت ؟
-طبعا .. طبعا 0
كانت عيناه ترقبان فانيسا وكانهما تسخران منها . ثم اضاف فجاة: هل عملت من قبل فى مثل هذا المجال ؟
-كلا 0
لقد رددت القصة المختلقة فى ذاكرتها لاكثر من اسبوع , والان سترى ان كانت ستبدو معقولة فى نظر الاخرين . يجب ان لا تظهر شعورها بالقلق 0

dede77 08-02-10 06:17 PM

-عملت سكرتيرة لمدة عامين , ثم قررت التغيير بسبب بعض المشاكل في العمل0
حتى الان القصة حقيقية تماما , ولكنها لن تخبرهما عن طبيعة المشاكل التى واجهتها:اخبرنى صديق يعمل فى مكتب محاماة يدعى مورتون وسميث وكيمبل0 وترددت امام هذه الاسماء كى تبدو غريبة عنها , ثم تابعت : عن ان سيدا اسكتلنديا هو انت واشارت الى السيد ماكلين مبتسمة : يريد ان يعيد ترتيب مكتبته . وقد تقدمت الى هذه الوظيفة لاننى احب الكتب 0
وضع جدها ملعقة الحساء من يده وتناول قطعة خبز وقال :اذن انت تعرفين شخصا يعمل فى مكتب المحاماة ؟
-اجل . انها السكرتيرة . ليست صداقة حميمة بقدر ما هى معرفة عادية 0
ولم تكن فانيسا كاذبة , اذ ان بات جونز تعمل سكرتيرة فى المكتب , وهى لا يمكن ان تفضح حقيقتها ... مع ان المعلومات الحقيقية جاءت من السيد مورتون نفسه 0
-وهل اخبرتك عن اشياء اخرى ؟
اطلق هذا السؤال اتجاهها فى حين كان كال يراقبها . صحيح انه لم يكن ينظر اليها مباشرة , الا ان تركيزه على سماعها كان واضحا للغاية 0
وقالت اول كذبة: لا . لكنني لم افهم , هل تقصد اشياء اخرى عن العمل ؟
حك اندرو ماكلين خده وقال : لا . لا شئ . والان اخبرينى يا فانيسا ، لا مانع عندك بان اناديك باسمك المجرد ؟ كيف ترين الكتب ؟ اقصد هل هناك تلف ؟ استمعت اليه بتمعن . اسئلة كانت معقولة وموزونة ومركزة حول العمل الذى تقوم به ... لكنها احست بجو خفى من التوتر يسيطر على الغرفة , وهى تعرف مصدره . كان كال يفكر بعمق . اية اسئلة او اجوبة سيطرحها هذا الرجل ؟ مهما كانت طبيعتها فانه لن يلقيها الان . بل سينتظر الفرصة المناسبة للايقاع بفانيسا كما فعل فى اليوم السابق . راقبته بحذر . يجب ان تكون مستعدة له فى المرة المقبلة . لكن متى سيكون ذلك ؟
اخبرها جدها فى وقت لاحق من اليوم نفسه انها حرة يوم السبت . كانت الساعة الثالثة تقريبا عندما دخل عليها المكتبة وهى وحدها , اذ ان لورى لم يكن قد عاد من الغداء بعد . ولانشغالها فى العمل لم تنتبه الى دخوله , لكن سعلة خفيفة منه جعلتها تلتفت لترى وجهه النحيف . وكما فى كل مرة تراه احست برعشة من الاشمئزاز ممزوجة بمشاعر الخوف . ماذا لو اكتشف الحقيقة قبل ان تكون مستعدة ؟
قالت وهى تضع القلم من يدها:انا اسفة . هل تريدنى ؟ لم اكن ادرى انك 0
-لقد دخلت بهدوء حتى لا ازعجك 0
وابتسم لها , انها ابتسامة ابيها بالذات . ثم تابع يقول : ثم وقفت اتامل باعجاب النشاط الذى تمارسين به عملك 0
نظرت فانيسا الى لائحة الكتب الموضوعة على الطاولة . لم يكن عندها ما تقوله , اذ ان عقلها تحول فجاة الى لوح ابيض فارغ . وفكرت انها ستفشل حكما اذا ظلت على هذه الحال خلال الايام القليلة المقبلة 0
لم ينتبه اندرو ماكلين الى صمت فانيسا بل تابع قائلا :انت حرة غدا , وبالطبع الاحد ايضا . اعرف ان وسائل الترفيه غير متوفرة فى المنطقة ,

dede77 08-02-10 06:19 PM

لكن ارجوك ان لا تترددى فى استعارة اى كتاب تودين الاطلاع عليه 0
عندها زال الجمود عن فانيسا وتذكرت 0
-اجل , هناك مجموعة من الجرائد القديمة موضوعة فى صندوق كرتونى دلنى عليها لورى ... واتمنى ان اطلع على البعض منها 0
تغير وجه ماكلين القوي بسرعة . وبدت على ملامحه تعابيرالانشراح والسرور الطفولى 0
- يا الله ... الجرائد . انها بحاجة للترتيب ايضا . هل تعرفين ان لدى نسخا عن صحيفة تدعى اوكسفورد غاريت يعود تاريخها الى العام 1665 . الحقيقة اننى نسيت كل شئ عنها 0
وهز راسه متابعا:اتمنى ان تقومى بترتيب هذه المجموعات ايضا . لا شك ان سنوات عديدة مضت منذ….
واطرق فجاة , وبدت على وجهه ملامح الحزن . لم تشا فانيسا ان تخرق جو الصمت لانها شعرت بوجود هذا الحزن المفاجئ ... فحبست انفاسها وانتظرت , فهى تعرف لماذا !
-مضى زمن طويل .. طويل !
مرت لحظات الحزن وعادت الامور الى طبيعتها 0
-بالطبع . افعلى ما يحلو لك . واذا اردت ان تحملى بعضها الى غرفتك ، فكال….
والتفت نحو الباب حيث كان كال واقفا 0
-لقد كنت اقول لفانيسا انها تستطيع استعارة اية صحف . فهل لك ان تحمل الى غرفتها كل الصحف التى تريد ؟
-بالطبع 0
ونقل كال نظره من فانيسا الى جدها واضاف :انا اسف للدخول عليكما هكذا , لكن السيد ماكرى على الهاتف , وقد حولت الخط الى مكتبك 0
-شكرا 0
وخرج اندرو ماكلين من المكتبة تاركا فانيسا وكال معا . استدارت بسرعة الى عملها لانها لم ترد ان يرى وجهها خوفا من ان يلحظ المشاعر التى اختلجت فيها قبل قليل ... كما انها تحتاج الى وقت للتفكير 0
قاطعها الصوت العميق الناعم:هل تريدين الصحف الى غرفتك الان ؟
-لا . شكرا لك 0
لم تلتفت اليه . لكنها احست بحركاته وهو يتوجه نحوها ، ثم ادركت انه بات خلفها تماما 0
-هل تريد شيئا منى ؟
-كلا , اتامل ما تقومين به فقط 0
كان الصوت ينبعث من وراء كتفيها . واحست فانيسا بانها تخطئ بجمودها هذا , لذلك طوت اللائحة بسرعة واستدارت لمواجهته 0
قالت :اننى اسجل الكتب يا سيد غرين 0

dede77 08-02-10 06:21 PM

سحب كرسيا مجاورا وجلس قبالتها وفى عينيه نظرة سخرية واضحة:السيد غرين ؟ الا تفضلين اسم كال ؟
-ليس بالضرورة . فانا لا اعرفك تماما 0
اجابته بهدوء , لكنها تعجبت مرة اخرى كيف يشعرها هذا الرجل بالضعف عندما يكون الى جانبها ... تماما كما هو حاصل الان0
قال وهو يحرك يديه فى جيبتى سرواله : لكنك تنادين لورى باسمه الاول فقط !
-هذا شانى وحدى 0
ونظرت مباشرة الى كال غرين وهي تبتسم بهدوء وشماتة . انها تدرك تماما ان ذكر لورى ماكينزى يثير غضبه بشكل سريع وفعال . اضافت تقول : ان امورنا تسير على ما يرام 0
ارتفع حاجباه الاسودان , لكن وجهه الاسمر ظل دون تعابير واضحة : بالطبع , اما امورنا نحن فليست كذلك ؟
-لا اعتقد 0
راقبته وهو يفتح علبة سكائر , وعندما قدم لها سيكارة هزت راسها بالرفض وقالت : كلا . شكرا لك . ثم اضافت: الحقيقة انك تحاول دائما ان تكون قاسيا وفظا معى0
وتابعت فى نفسها تقول : بينما المطلوب منى ان اظل هادئة 0
قال:اعتقد انك تتحدثين عما جرى بعد ظهر امس !
اشعل سيكارته من الولاعة التى اضاءت جانبا من وجهه , فبدا الجانب الاخر اكثر سمرة وصرامة 0
-اجل 0
من الافضل ان تنقل المعركة الى معسكر الخصم , فلا شك انه يعد شيئا ما لوقت لاحق . ففى المكتبة , تشعر فانيسا لسبب من الاسباب بانها على ارض امنة , اكثر امنا من تلك التلة الخضراء المشمسة التى اشعرتها بانها ضعيفة للغاية خاصة بعد احتراق يدها . وانهت كلامها بالقول : لقد كنت فظا بشكل يفوق التصور خاصة اننى كنت فى حالة يرثى لها بسبب يدى . واعتقد انك تعمدت ذلك 0
-اجل , تعمدت ذلك 0
تعجبت . كانت تتوقع منه ان ينفى . لا ان يعترف بسهولة , رمته بنظرة حادة , وظلت للحظات عاجزة عن الكلام , ثم اطلقت لسانها : اذن , كان موقفك سخيفا وغبيا 0
-انا اوافق 0
سحب نفسا عميقا من السيكارة , والتفت يبحث عن منفضة ولما وجدها وضعها الى جانبه , ثم قال : لكن لدى اسبابى الخاصة 0
-حقا , وهل لى ان اعرف ما هى هذه الاسباب ؟
اجابها بهدوء مثير:انت تعرفينها تماما , اليس كذلك ؟

dede77 08-02-10 06:22 PM

وعاود فانيسا الشعور البغيض بانها على وشك ان تفقد السيطرة على نفسها . لكنها هى التى بدات المعركة وعليها ان تستمر فيها : هل تعتقد اننى لصة او اى شئ مماثل ؟
- لصة ؟ ردد الكلمة وكانه يفكر فيها . ثم ابتسم ببطء شديد لا , ليس كذلك , على الاقل لم اعتبرك لصة ... حتى الان 0
اشتعلت بالغضب بفعل الطريقة التى اطلق فيها الكلمة الاخيرة . وخرجت التعابير من فمها قوية قاسية : وماذا بعد ؟
اجابها قائلا : لست ادرى , ولكنى سوف اعرف !
ردت عليه بلهجة امرة : لماذا لا تغادر هذه الغرفة فورا وتركنى لوحدى ؟
لست مضطرة لسماع اهاناتك , بل لست مضطرة لسماع اى شئ منك هل تفهم ؟ وقفت فى وجهه وعيناها تقدحان شررا , وتمنت لو انها رجل لتلقنه درسا لا ينساه . ويبدو ان بعضا من افكارها وجد صدى لديه بحيث وقف فى مواجهتها بدون ان يتخلى عن هدوئه . والان عليها ان تنظر الى اعلى كى تراه , وهذا شئ تكرهه لان طوله الاضافى يشعرها بانها اصغر منه واضعف ايضا: اذهب من هنا ارجوك . فهذا مكان عملى ، ولا استطيع ان اعمل ما دمت انت هنا 0
- لا ضرورة للغيظ . سوف اذهب .. لكن بعد لحظات . ستكونين مجنونة اذا فكرت بطردى بالقوة 0
- لو كنت رجلا لفعلت 0
تسارعت نبضات قلبها غضبا واضطرت الى الابتعاد عنه لانها لم تعد قادرة على مواجهته . لكنه وضع يده على ذراعها واعادها الى مكانها 0
- قولى لى ….
لم تدر ماذا كان فى صوته , لكنها قاطعته وهى تلوى اصابعه بشدة حتى اطلق سرحها 0
- اياك ان تلمسنى . انا اكرهك واكره لمساتك 0
- فهمت , تحبين لمسات لورى فقط ؟
- كيف تجرؤ….
قاطعها قائلا : دعك من هذا . لا تقولى لى انه لم يعانقك قبل لحظات من دخولى عليكما….
- صحيح !!
ادركت على الفور ان خديها تضرجا بالدم , مما جعل كال يضحك 0
- لقد كان الامر واضحا تماما . عناق صغير عابر . لنرى كيف تقارنين ذلك العناق بهذا !
وقبل ان تستطيع الحراك وضع ذراعيه حولها . وفجاة اصبحت الغرفة مظلمة لانه صار قريبا جدا منها , الى حد انها ضاعت بين ذراعيه . احست بالدفء فى صدره . كان لطيفا وهادئا بعكس ما توقعت . وطالت لحظة العناق بدون ان تبدى مقاومة . وادركت على الفور انها مرتاحة للامر , فاعتراها الخوف بحيث استجمعت شجاعتها وابعدته عنها 0

dede77 08-02-10 06:23 PM

-ايها المتوحش 0
ورفعت يدها الى وجهها تريد حماية نفسها من هجوم اخر وشيك . غابت عيناه الزرقاوان خلف سحابة سوداء , ولم تستطع فانيسا ان تفهم تعابير وجهه . ظلا للحظات ثقيلة صامتين فى مواجهة بعضهما البعض قبل ان يغادر كال الغرفة . واخيرا اصبحت لوحدها . وظلت واقفة فى مكانها لعدة ثوان . فالصدمة منعتها من الحراك , وفى الوقت نفسه جعلت ساقيها ترتجفان بشدة . واخيرا استعادت روعها ورمت نفسها فى اقرب مقعد . تشاغلت ببطاقة مرمية على الطاولة لكن فكرها كان فى ذلك العناق والشعور الذي ملاها خلاله . لم تكن مستاءة او متضايقة حسب ما توقعت . فالعناق كان جميلا جدا ... هذا هو الوصف الوحيد المناسب له 0
تمتمت بصوت منخفض : لا شك اننى مجنونة!
الموقف سيكون محرجا اذا عرف تفكيرها . انها لا تستطيع ان تفعل شيئا الان . كان عليها ان تصفعه حينها كرد فعل طبيعى من امرأة ترفض العناق بالقوة . لم تصفعه ، ليس لخوفها من ردة فعله , بل لانها لم ترد ذلك 0
قررت العودة الى العمل فورا وتناسى ما قد حدث . النتيجة الايجابية الوحيدة كانت انه توقف عن طرح اسئلته المحرجة . لا شك انه سيعيد طرحها فى وقت لاحق , لكن متى ؟ اكدت لنفسها هامسة : ساكون جاهزة له المرة المقبلة ! ساكون مستعدة تماما 0
وتساءلت عما اذا كانت تحاول اقناع نفسها بهذا القرار 0
انتهى يوم العمل وحان وقت العشاء . تمنت فانيسا لو ان كال وجدها يقرران تناول الطعام خارج البيت .. ولكن المعجزة لم تحصل , وعندما وصلت الى غرفة الطعام وجدت الرجلين يتحدثان وهما بانتظارها . استدار جدها مبتسما وهى تدخل الغرفة0
- ها انت هنا اخيرا . كنت ساقول لكال….
قطع كلامه عندما وقعت عيناه على الفستان الرمادى الذى ترتديه 0
- تبدين جميلة جدا فى هذا الفستان . هل تريدين تناول اى شئ ؟
- شكرا لك . اريد كوبا من عصير التوت من فضلك 0
- بالطبع , وانت يا كال ؟
كان كال قد توجه الى الطاولة لتناول الكوب . وراقبته فانيسا وهو يعد كوبا لها واخر له . ماذا حمل فى نظراته اليها عندما دخلت الغرفة ؟ ستعرف فورا , فقد انهى اعداد الكوب واستدار نحوها ليقدمه لها . كان لا مباليا تماما , ولم يظهر شئ على ملامحه يمكن ان يعطيها فكرة عما يفكر . فقط ايماءة مؤدبة وهو يقدم لها الكوب: تفضلى يا انسة كولينز 0
- شكرا لك 0
رد بانحناءة خفيفة من راسه , وقد كانت خفيفة بحيث لم تشعر فانيسا بها , وانما لاحظت طرف ابتسامة ساخرة لم تستمر الا للحظات , قبل ان يستدير لمتابعة الحديث مع الرجل العجوز. بعد ذلك دخلت السيدة بانكس تدفع امامها عربة الاكل فتوجه الجميع الى المائدة . حبذا لو لم يكن موجودا لكانت مهمتها اسهل بكثير . لكنه سيبقى فى البيت لفترة غير محددة , ومن الافضل لها ان تعتاد هذا الواقع 0

dede77 08-02-10 06:24 PM

جلسوا لتناول الطعام وهم يتبادلون الاحاديث العامة المسلية . وفكرت فانيسا كم ستكون الامور مختلفة لو انها موظفة حقيقية وليست حفيدة صاحب البيت . فهى قد بدات تتمتع بعملها فى الكتب الى جانب اعجابها بالبيت . لكنها هنا فى مهمة وستواصل لعب دورها تنفيذا لوعد قطعته على نفسها من اجل والدها المتوفى . نظرت مبتسمة لترد على سؤال وجهه كال بدون ان تظهر اى مشاعر تعتمل فى نفسها , كان سؤاله عما قررته بالنسبة الى عطلة نهاية الاسبوع 0
طيلة فترة العشاء كانت فانيسا تراقب جدها بدون ان يلاحظ ذلك , تتامل حركاته وتصرفاته والطريقة التى يتكلم بها . حاولت ان تبعد عن ذهنها الصورة المسبقة التى رسمتها له من خلال احاديث ابيها . لم تكن المسالة سهلة , فقد تصورته رجلا قاسيا متوحشا , لكن اندرو ماكلين هذا غير الصورة تماما , فهو لطيف معها - هي الموظفة - الى حد انه يصر على ان تتناول طعامها الى مائدته 0
وقبيل انتهاء العشاء اختلست نظرة الى جدها . سمعوا رنين جرس الهاتف من بعيد , ثم دخلت السيدة بانكس وابلغت السيد ماكلين ان هناك مخابرة هاتفية عاجلة له 0
- من يطلبنى ؟
- قال ان اسمه ماكوليامز0
وتنحنحت عندما لفظت الاسم , وكانها تريد ان تقول انه غير حقيقى 0
تصلب وجه اندرو ماكلين عندما سمع الاسم . وخيل لفانيسا انها شاهدت لمحة من الغضب لم تدم الا لحظات . اشتدت عضلات فكيه وهو ينظر الى كال . ساله هذا الاخير بهدوء: هل تريدنى ان ارد ؟
- كلا 0
جاء الجواب مختصرا امرا وعاليا , ثم خرج من الغرفة . ركزت فانيسا نظرها فى صحنها , لكنها لم تستطع منع نفسها من النظر الى الرجل الجالس قبالتها . كان يراقبها بدون ان يظهر اية مشاعر . وفجاة خفق قلبها بفزع لا تفسير له ... فهى لا تستطيع ان تفهم معنى نظراته عندما يكون هكذا . ففى عينيه عمق سحيق من الصعب كشفه بسهولة , وقد ادركت ذلك منذ اليوم الاول للقائه . احست بخفقات قلبها تتسارع , فقالت بدون وعى اول كلمات خطرت لها : لماذا تنظر الى هكذا؟
اجابها بصوت ناعم وساخر : هل النظر ممنوع ؟
اجابته : انت تحدق فى , وانا لا احبذ ذلك 0
- لسوء الحظ , هناك اشياء كثيرة لا تحبينها فى لكنك ستتعلمين التاقلم اذا ما بقيت هنا0
ولاحظت انه شدد كثيرا على كلمة اذا 0
رفعت فانيسا حاجبيها وقالت: لا تخف , انا باقية هنا ما دام عملى منتجا وناجحا , وانا متاكدة منه . على الاقل السيد ماكلين لا يشكو منى , وهو وحده صاحب العمل0
وقالت فى سرها : ولذلك يجب ان تسكت نهائيا 0
ابتسم كال قائلا : انا اكيد ان عملك ممتاز من خلال ما رايت حتى الان . لقد تاثرت بنشاطك , لكننى اعتقد انك تعرفين تماما ما انت بصدده 0

dede77 08-02-10 06:25 PM

فى هذه اللحظة عاد جدها الى الغرفة , فتوقف الحديث بينهما عند هذا الحد . نظر السيد ماكلين باتجاه كال وبدا على وشك ان يقول شيئا لكنه بذل جهدا للسيطرة على نفسه . شعرت فانيسا بانه غاضب , وادركت انهما - لولا وجودها - لكانا قد تحدثا عن الاتصال الهاتفى . نظرت الى الساعة ونهضت . لقد انتهوا لتوهم من العشاء , وتريد ان تترك الرجلين وحدهما للتباحث فى امورهما , وهى تعرف انهما يرغبان فى الانفراد ايضا 0
وعندما استاذنت للانصراف بعد لحظات , لم يبد احد منهما اى اعتراض . هرعت الى غرفتها بهدوء وخفة , ولما وصلتها تذكرت ما قاله كال عن انها تعرف تماما ما هى بصدده . الاكيد انه لم يكن يقصد عملها فى المكتبة . كم اصبحت تكرهه الان0
مرت عطلة نهاية الاسبوع على احسن ما يرام . ففى يوم السبت اخذت فانيسا خريطة احضرها لها جدها ووجدت قرية جميلة تقع على الطرف الاخر من الوادى , وهناك امضت فترة بعد الظهر تراقب اطفالا صغارا يلعبون فى حديقة تمتد طرفها حتى الشاطىء . رجعت الى دينستون هاوس وقت العشاء وقد انعشتها مناظر الريف الخلابة . وبعد تناول الطعام شاهدت التلفاز مع جدها . كانت تفضل الا تكون معه , لكنه لم يترك لها الخيار. وبالرغم من شعورها بالانزعاج فى بادئ الامرالا انها موجئت عندما احضرت السيدة بانكس القهوة بان الساعة قد شارفت على منتصف الليل 0
كان كال قد غادر البيت بعد العشاء مباشرة . صعدت الى غرفتها لتحضر حقيبتها فسمعت صوت محرك سيارة يزار نزولا باتجاه مدخل البيت . تساءلت عما اذا كان ذاهبا للقاء هيثر الجميلة . الارجح انه سيفعل . وفجاة وجدت نفسها تتساءل ايضا عما اذا كان يعانق هيثر بالطريقة التى عانقها فيها اليوم . ابتعدت عن النافذة بنزق وحملت حقيبتها ونزلت الى الصالون . يا لها من افكار سخيفة تضج فى راسها 0
كانت مستلقية فى فراشها عندما سمعت صوت محرك الجاكوار امام البيت . ومن خلال اشعة القمر الفضية المتسللة عبر الستائر المرفوعة تبينت فانيسا ان الساعة تجاوزت الواحدة بعد منتصف الليل . ولشدة استغرابها , اكتشفت انها ظلت تنتظر حتى سماع هذا الصوت . والان ، بعد ان اطمانت الى عودته , يمكنها ان تذهب الى النوم ... وهكذا صار 0
الايام القليلة التالية كانت ايام عمل بالنسبة لفانيسا ولورى . وبقدر ما وجدت نفسها غارقة فى الكتب , وجدت افكارها مشغولة ايضا بالرجل المستحيل الذى اسمه كالوم غرين . اما مشاعرها اتجاه جدها فكانت متضاربة . لقد شاهدت منه ملامح من الوصف الذى اعطاه والدها الراحل , لكنه فى معظم الاحيان الرجل الطيب المرح . بدات تشعر بالارتباك الداخلى ليتها تستطيع الثقة باحد كى تطلب منه النصح . وفى بعض المرات كانت تجتاحها موجات من الندم , ولكنها لا تستطيع ان تبدل شيئا. الشخص الوحيد الذى يعرف سبب وجودها فى دينستون هاوس موجود فى لندن , ومن الصعب ان يتعاطف معها . فقد رفض السيد مورتون فكرتها من الاساس , والارجح انه سينصحها بترك المكان او بالابلاغ عن الحقيقة قبل فوات الاوان . لكنها قطعت شوطا بعيدا جدا بحيث لم تعد قادرة على التراجع 0

dede77 08-02-10 06:26 PM

ترددت وهى ترجع كتابين قديمين جدا الى المكتبة , وقد اعتراها شعور غريب بالوحدة والانعزال . كان الوقت بعد الظهر من يوم جمعة بارد ومظلم وليس كالايام التى سبقته . الغيوم الداكنه تلبد وجه السماء واعدة بالمطر الغزير وتمنت لو ان لورى يعود من الغداء بسرعة , خاصة انه يرافقها يوميا فى عملها فى المكتبة 0
لقد اقامت مع لورى علاقة صداقة محببة خلال اسبوع من العمل اليومى المتواصل . ومع ذلك لم تكن متاكدة من انه اهل للثقة , اذ شاهدته عدة مرات وهو ينظر اليها نظرات تعرف معناها جيدا ولم تكن مهتمة للامر , فقد اصبحت قادرة على التاقلم كونها غير مهتمة به كرجل . وباصرار شديد ابعدت صورة كال عن ذهنها ... كال الموجود دائما والذى يراقبها دون ان يبدو عليه ذلك 0
دخل كال الى الغرفة فى هذه اللحظات بدون ان يصدر اى صوت , وفوجئت فانيسا بوجوده فسقطت الكتب من يدها 0
اقترب نحوها وانحنى يلتقط الكتب : يجب ان لا يرى الجد هذه الحادثة. فالكتب قديمة جدا ومهمة وسلم الكتب الى فانيسا وهو يضحك 0
- شكرا لك واستدارت نصف دورة وهى تقول : لو لم تتسلل الى المكتبة لما اسقطت الكتب 0
- هل كنت اتسلل ؟
نظر الى حذائه المطاطى الخفيف واضاف قائلا : لربما يجب ان انتعل حذاء التسلق عندما ادخل الى هنا . صحيح انه سيزعجنى , لكنك ستعرفين اننى هنا . الا تفضلين هذا الحل ؟
- بدون سخافات ارجوك !
حاولت الوصول الى كتاب فى الرف العلوى فلم تستطع رغم طولها , وكان هو اسرع منها اليه فناولها اياه 0
سالها بعد ان تناولت الكتاب مستعملة يدها المصابة : يبدو ان يدك افضل اليوم ؟
- اجل . هناك ندوب حمراء فقط ستزول مع الوقت 0
- ستزول خلال اسبوع تقريبا . هل تستطيعين الان اخذ اول درس من تمارين الدفاع عن النفس ؟
لم تستطع مقاومة العرض , ولم تكن ترغب فى القبول ايضا لكن الكلمات خرجت تلقائيا : هل الدروس للدفاع عن نفسى ضد اناس مثلك يريدون عناقى بالقوة ؟
ضحك كال غرين عاليا , فبانت اسنانه البيضاء اللامعة وسط وجه كان كل ما فيه يضحك , واعترف قائلا : هذه فكرة ممتازة , ويجب ان اراقب نفسى جيدا , اليس كذلك ؟
شعرت بالضيق من استمرار الحوار , لذلك ابتعدت عنه لمتابعة عملها وهى تقول : اعتقد ان هناك اشياء كثيرة تحتاج الى ترتيب , لذلك يجب ان….
وقاطعها قائلا : .... وخائفة ايضا ؟
ومع ان صوته كان ناعما , الا انه اوقفها فى مكانها 0
ابتسمت بافضل ما تستطيع وقالت: منك انت ؟ ابدا0
كانا يحدقان ببعضهما وقد خيم جو من التوتر الذى ينذر بالانفجار فى اية لحظة .

dede77 08-02-10 06:27 PM

واعتقدت انه سيثير موضوع شخصيتها الحقيقية لذلك سارعت الى القول : اذا كنت تريد تدريبى , فانا اقبل . لكننى لست افهم سبب الحاحك !
- لقد شاهدت تعابير وجهك عندما هرعت الى سيارتى الاسبوع الماضى . كنت عاجزة تماما !
-حسنا , كنت خائفة بالطبع . لكن….
- لن تكونى فى مثل هذه الحالة ابدا عندما انتهى من تدريبك . فمتى نبدا ، غدا صباحا ؟
وسالته بنعومة : الست مشغولا ؟ اقصد غدا السبت !
- لا شئ يستحق الذكر . واضاف بلطف واضح حسنا , ساراك فى غرفة الرياضة بعد ساعة من الافطار 0
وتساءلت باهتمام ملحوظ : ماذا يجب ان ارتدى ؟
لاح خيال ابتسامة على شفتيه وهو يقول : يمكنك ارتداء بذة التدريب الخاصة بالجيدو . هناك مجموعة منها ساحضر لك واحدة عند الصباح , فذلك افضل من تعريض ملابسك للشد والتمزيق . ومع ذلك يجب ان ترتدى قميصا داخليا تحت ملابس الجيدو 0
قالت وهي تضع الكتب على الطاولة : حسنا , هل يمكن ان اتابع عملى الان ؟
- اجل . لقد جئت لابلغك اننى والسيد ماكلين سنتناول العشاء فى الخارج . وهو يسالك اذا كنت ترغبين فى تناول العشاء فى غرفتك ؟
- افضل ذلك 0
ولكنها كانت تفكر بتردده عندما نطق اسم السيد ماكلين ، اذ بدا وكانه على وشك ان يضيف شيئا ثم توقف . فماذا يريد ان يقول ؟ ما هو الشئ الذى يخفيه حتى الان ؟
ولم تاخذها افكارها الى ابعد من ذلك . فمن غير المعقول ان يعرف شخصيتها الحقيقية . ترى هل يمكن ذلك ؟
وعلى الرغم مما كان يدور فى ذهنه , فانه لن يلح الان , اذ هز راسه مودعا وغادر الغرفة . ظلت فانيسا شاردة الذهن تراقب الباب المشرع . تساءلت وهى تعض على شفتها السفلى عن المازق الذى وضعت نفسها فيه وعما تخبئه لها الايام المقبلة 0
اطل صباح يوم السبت مشرقا ودافئا , بعد ان رحلت غيوم الامس بعيدا. استيقظت فانيسا وهى تحس بقلق خفى وغريب . ثم تذكرت ان كال غرين سيعطيها اول درس فى الدفاع عن النفس اليوم . لم تعد قادرة على الثقة فيه فباتت تشك بكل ما يقوله او يفعله. ما هى خلفيات هذا العرض ؟ وظل السؤال يلح طيلة الوقت الذى امضته فى الاستحمام وارتداء ملابسها . عليها ان تستعد لاية اسئلة محرجة قد يطرحها , خاصة انهما سيكونان وحدهما فى غرفة الرياضة 0
ارتدت سترة صوفية بيضاء على فستان ازرق سماوى ، وانتعلت صندلا خفيفا , ثم تركت شعرها الاسود حرا منسدلا ... واخيرا لمسة من احمر الشفاه , وها هى جاهزة الان . كانت الساعة الثامنة والنصف عندما نزلت الى غرفة الطعام . تعمدت النزول باكرا كى تتناول افطارها وحيدة اذا امكن , لكن كال غرين كان قد سبقها ,

dede77 08-02-10 06:29 PM

بل على وشك انهاء فطوره . حياها قائلا : صباح الخير 0
- صباح النور 0
وتناولت قطعة من الخبز بعد ان جلست فى مواجهته 0
رفع عينيه اليها وقال : تريدين بعض البيض واللحم ؟
- لست جائعة كثيرا 0
سالها بنغمة هادئة: هل انت متوترة الاعصاب ؟
نظرت اليه ببرود وقالت: متوترة الاعصاب ؟ كلا . ولماذا التوتر ؟
- لا شئ . لكن يبدو لى انك – اعذرى كلامى - شبه ضائعة 0
- لا بد ان خيالك يزين لك الامور 0
وتابعت حديثها بحذر بالغ لان عينيه بداتا البحث فى تعابير وجهها : لكن الحكمة تقضى بان لا اثقل معدتى قبل بدء التمارين 0
- صحيح . انه موقف سليم جدا . ولذلك قررت البدء بالتمارين بعد ساعة من الاكل0
- حسنا جدا . وبالنسبة الى البدلة الرياضية فارجو ان لا تزعج نفسك باحضارها لى . سارتديها تحت عندما انزل , فهناك مكان لتغيير الملابس , اليس كذلك ؟
- عظيم . ساجهز لك واحدة , والان اسمحى لى ان اذهب لاستعد 0
وقف واعاد الكرسي الى مكانه , ثم اضاف :لن يفطر السيد ماكلين معنا فقد اضطر الى مغادرة البيت باكرا . اذن ساراك حوالى ... واختلس نظرة الى الساعة وتابع حوالى العاشرة الا ربعا فى غرفة الرياضة ؟
- اجل 0
راقبته وهو يغادر الغرفة ثم سكبت لنفسها فنجانا اخر من القهوة . كم كانت غبية عندما قبلت عرضه فى الاساس!
وفى تمام الساعة العاشرة الا عشرين دقيقة توجهت فانيسا الى غرفة الرياضة . وبعيدا عن ملامح الهدوء لمرتسمة على وجهها , كان داخلها يعتمل بمشاعر التوتر والقلق والترقب . فمهما حدث , يجب ان تخفى احاسيسها الداخلية كى لا يشمت كال بها . لا تراجع الان . ترددت قليلا امام الباب , اذ بمجرد دخولها الى الغرفة عليها ان تستمر فى اللعبة حتى النهاية . استجمعت انفاسها وفتحت الباب بسرعة 0
المكان غارق فى سكون عميق , فكال غرين لم يات بعد . تمعنت فانيسا في فرشة الجيدو الموضوعة وسط الساحة وهى تتجه الى غرفة تبديل الملابس . وقبل ان تدخل تمهلت , اذ انها سمعت ما بدا لها وكانه صوت امام الباب الخارجى . وعندما لم يتكرر الصوت استدارت لتدخل , فاصطدمت مباشرة بالرجل الذى خرج لتوه من غرفة تغيير الملابس . امتدت يدا الرجل لاسناد فانيسا . كان يرتدى ملابس الجيدو البيضاء , التى طالما شاهدتها فى الصور وعلى شاشة التلفاز لكن ليس فى الواقع . وبسرعة لاحظت التغيير الذى طرا عليه . فقد اظهرت الملابس قامته الممتلئة وكتفيه العريضين .. ومن خلال فتحة السترة بان القسم الاعلى من صدره الكثيف الشعر 0
حاولت فانيسا استعادة توازنها بعد هذه الصدمة . ولو كانت قادرة على الهرب فورا لما ترددت , لكنه امسك بها بقوة ولم يتركها الا عندما هدات 0
- هذا انا ! كان صوته نقيا , وعيناه مركزتين عليها . ملابسك فى الغرفة الثانية , والافضل ان اعلمك كيف تربطين الحزام حول خصرك . فهيا بنا 0
ابتعد عن الباب ليفسح لها مجال الدخول . وكمن يساق الى ساحة الاعدام , دخلت فانيسا الغرفة الثانية ببطء وهى مطاطاة الراس0

انتهى الفصل الخامس

lona-k 09-02-10 10:43 PM

وينك يا ديدي طولتي علينا
بليززززززززززززز لا تطولي

dede77 10-02-10 06:20 PM

اسفة لونا كا على التطويل 0
انا كنت بكتب وبنزل اخر جزء من رواية احلام اللى انا بكتبها 0
ان شاء الله اكمل الرواية بسرعة

dede77 10-02-10 06:23 PM

6-السر الدفين !


-لقد غيرت رايى , فلننس الامر برمته 0
اختلجت هذه الكلمات على شفتى فانيسا وهى تواجه كال غرين على فرشة الجيدو , لكنها لم تستطع ان تنطقها ابدا . اخبرها ان الفرشة مصنوعة من التاتامى وهى عيدان نبات الارز بعد حصاده وتجفيفه . المعلومات غير مهمة بالنسبة لها , المهم وجودها اساسا فى هذا المكان . نظرت الى نفسها فى الرداء الابيض فادركت لماذا طلب منها كال ان ترتدى قميصا داخليا , ذلك ان الرداء كان فضفاضا بالرغم من الحزام الذى يشده حول خصرها . وعندما ربط لها الحزام , ابلغها ان السترة كثيرا ما تتمزق خلال التدريب , وطلب منها بابتسامة خفيفة الا تهتم , على الاقل فى المراحل الاولى 0
لاحظت فانيسا ان كال قد تغير بشكل يصعب تحديده . بدا وكانه انسان اخر تماما . فهو هادئ وواثق من نفسه بطريقة لم تعهدها فيه . نظر اليها وقال : اولا , وقبل كل شئ , يجب ان نحمى انفسنا , اى ان نعد عضلاتنا للحركة . فاريدك ان تراقبينى وتنفذى ما افعل بحذافيره . هل انت جاهزة ؟
-انا جاهزة 0
مررت فانيسا لسانها لترطب شفتيها الجافتين . عليها ان تركز على التدريب . فمهما كانت الاسباب التى تدفعه الى مساعدتها , لا شك انها ستستفيد من دروس الدفاع عن النفس , ولهذا السبب فقط يجب ان تعترف له بالجميل . بدات تكتشف ان حركات التحمية سهلة المتابعة , وسرعان ما شعرت بان عضلاتها لانت وارتخت خاصة عندما نفذت القفزات الامامية التى كانت تعتقد انها عاجزة عن القيام بها 0
-يكفى هذا , لننتقل الى المرحلة الثانية 0
توجه اليها وهو يقول : قفى منتصبة واريحى جسدك . اجل هكذا .. كلا , رقبتك ما تزال متصلبة . ارخيها تماما 0
كانت لمسته قوية دون قسوة ولا تحمل اى معنى شخصى . حركت فانيسا راسها استجابة لحركات اصابعه , وسمعته يقول : هذا افضل . والان , قبل ان اعلمك حركات جديدة , يجب ان تتعلمى السقوط الدفاعى بحيث لا تؤذين نفسك اذا ما سقطت 0
-انا مستعدة 0
استغربت كيف ظلت تحس دفء لمسته بالرغم من انه سحب اصابعه منذ فترة . اخذت نفسا عميقا لتسكن من روعها وتمنت فعلا لو انها تستطيع ان ترتاح كما يطلب منها . كم ستكون الامور اسهل اذا ما تناست شكوكها حول كال ، وركزت على ...
-هل تسمعيننى يا فانيسا ؟
-انا متاسفة 0
تضرج خداها بالدم لملاحظته , نظرت اليه فلم تر اية تعابير خاصة على وجه . جو العداء والتوتر ذهب الى غير رجعة , وكلامه كان هادئا ورصينا . لذلك شعرت بالراحة 0

dede77 10-02-10 06:47 PM

-استلقى الان . ساقوم امامك بالسقطة الدفاعية 0
وسرعان ما استلقى على ظهره بحركة واحدة قوية 0
- والان راقبينى , اولا يجب ان تمارسى هذه الحركة , ثم تاتى حركة الانحناء البسيط المؤدية الى السقطة المريحة .. واذا ما نفذت الحركة بحذافيرها ستجدين ان بامكانك السقوط دون اى اذى 0
تابعت فانيسا مراقبة هذا الرجل , كان هناك شئ جذاب حوله , وهى تريد ان تتعلم بسرعة كى تثبت له انها تلميذة مجتهدة . وهكذا لاحظت حركاته , راقبته وهو يتدحرج على يمينه ويده ممتدة على طولها , لتقيه صدمة الارتطام بالارض ثم تاتي قدماه لاكمال الحركة . على وجهه امارات التركيز الشديد , لكن كلماته كانت هادئة طيلة الوقت وهو يخبرها عن تفاصيل السقطة الجانبية " يوكويوكومى " . وعن الاسماء اليابانية للعبة معروفة عالميا بحيث ان الناس الذين لا يعرفون الا لغتهم القومية قادرون على فهم التعابير كاملة 0
فجاة انتفض واقفا . جاء صوته عميقا وهو يقول: هيا , استلقى ارضا , لقد حان دورك 0
اطاعته فانيسا على الفور , واستلقى هو قريبا منها 0
-هذه هى الطريقة , الذراع ممدودة على طولها , حسنا , والان طبقى ما اقوم به 0
احست فانيسا بالضياع لفترة قصيرة . فقد كان هناك شئ غريب حول كال غرين وهو يلعب دور المدرب الغريب القادر على اداء مهمته بنجاح . فمع كل حركة وكل كلمة وكل لمسة منه كان جسمها يستجيب بسهولة . انها تريد اتقان اللعبة 0
وعلى حين غرة طلب منها ان تتوقف : هذا يكفى . دعينا ننتقل الى المرحلة التالية , فهل انت مستعدة ؟
-اعتقد ذلك . هل كنت على ما يرام ؟
اجابها بهدوء : لا باس بك 0
ولكنها شعرت بانه مسرور من ادائها بدون ان تدرى سبب هذا الشعور . جعلها تعيد تنفيذ السقطة الامامية , اولا من موقع الوقوف , مساعدا اياها على اخفاء راسها داخل جسمها وتقريب القدم اليسرى على اليمنى ثم من موقع الحركة ... وكل ذلك بدون ان تبدو عليه اية مشاعر او تعابير0
-يكفى الان , سناخذ قسطا من الراحة . اجلسى على الفرشة وساقوم امامك ببعض الحركات . بينما تريحين نفسك قليلا . فيجب ان لا تجهدى نفسك ، وارجو ان تخبرينى حين تشعرين بالتعب 0
ومع انها راقبت الحركات التى اداها خلال الدقائق القليلة التالية الا ان اهتمامها لم يكن مركزا فيها . لقد اخبرها قبل ان يبدا انه لن يعلمها اية سقطات غير السقطة الاولى , على الاقل فى هذه المرحلة , لكن لا شئ يمنع من ان يعرض امامها بعض الالعاب التى سياتى دورها لاحقا . وجدت نفسها معجبة بحركاته الرائعة . تعرف تماما انها لن تستطيع تنفيذ ما يقوم به , وهو بدوره لا يتوقع منه ذلك . ولكن الذى اثار اعجابها هو الرجل نفسه , فلقد كان انسانا مميزا .لم تكن ملابسه وحدها مختلفة .

dede77 10-02-10 08:07 PM

بل تغيرت كل تصرفاته وتعابيره بطريقة جعلتها تشعر – واستغربت ذلك كثيرا- بالاحترام الشديد له . كان واثقا مما يقوم به , بالاضافة الى قدرته على افهام فانيسا طبيعة الحركات الصعبة .. فاستعادت ثقتها بنفسها بعد ثوان قليلة من نزولها الى الحلبة وبالتالى تمكنت من اتباع كافة التعليمات التى اعطاها 0
-هل انت مستعدة ؟
كان شعره مبعثرا وقد تدلت خصلة منه على جبينه . وجاهدت فانيسا كى تمنع رغبة راودتها بان تذهب اليه وترفع عن عينيه هذه الخصلة المتمردة . كانت الفكرة مضحكة . فماذا سيقول اذا ما نفذتها فعلا ؟
-اما زلت متعبة ؟
نظرت الى جبينه حيث ظهرت حبيبات من العرق . كان جو الغرفة دافئا . واحست فانيسا بحاجة الى كاس من الماء البارد , لكنها لم تتجرأ على الطلب . واجابته قائلة : اشعر بشئ من التعب , لكن لا شئ يهم ؟
ابتسم كال بهدوء ، وقال : يجب ان لا تجهدى نفسك . لا فائدة ترجى من التدريب اذا كانت عضلاتك لا تستجيب . فالمسالة تحتاج الى وقت 0
-انا متاكدة من ذلك , فانت مدرب ممتاز 0
لم تكن تنوى اطلاق هذا التعبير , لكن الكلام0 افلت قبل ان تفكر فيه 0
-شكرا لك , فلقد بدات التدريب باكرا 0
-انت تحمل الحزام الاسود 0
ولم تكن تنتظر جوابا لانه كان موجودا على خصره 0
-انا احمل الحزام الاسود , اما السيد ماكلين فيحمل الحزام البنى ... انه بارع فى اللعبة بالنسبة الى سنه 0
- لهذا السبب انت هنا ؟ اقصد كى تدربه ؟
هز راسه بالنفى وقال : لا ابدا . انا ضيف هنا فابى كان صديقا حميما للسيد ماكلين . ولذلك اخترت المكان لاقوم ببعض الكتابة...
تردد قبل الكلمة الاخيرة ثم تابع : كتابة بعض الاشياء الخاصة , وايضا جولات تدريبية فى الجيدو0
ادارت فانيسا راسها الى ناحية اخرى من الغرفة كى تخفى عن كال تعابير وجهها التى قد تكشف افكارها ... لكنها نسيت انه يقرا الافكار ايضا . احست باصابعه على ذقنها تعيد وجهها الى مكانه ونظر الى عينيها مباشرة وهو يقول : هيا , قولى ما تفكرين فيه !
-اقول ماذا ؟
-افكارك التى اخفيتها .. من اننى مجرد شخص كسول يمضى وقته متسكعا هنا 0
-لا تكن سخيفا 0

dede77 10-02-10 08:11 PM

حاولت ان يخرج صوتها واثقا وقويا , اخر شئ تريده الان الدخول فى جدال معه . ليس الان , فهما فى حالة جيدة ومن العيب افساد كل شئ
-لا الومك اذا فكرت بتلك الطريقة . وفاجاها بقوله هذا . انا سافكر بالطريقة نفسها لو كنت مكانك . لكننى فعلا اشتغل فى اعداد كتاب0
-رواية ؟
ندمت لانها سالت مرة اخرى . فبقدر ما تبتعد عن تفاصيل حياته الخاصة بقدر ما تمنعه من العودة الى طرح الاسئلة المحرجة . وهو الشئ الذى لا تريده مطلقا . ولكن السؤال كان تادبا 0
-ليس رواية , انه كتاب عن الرحلات . لقد عدت للتو من جولة اوروبية واسعة , واريد ان اكتب انطباعى عنها 0
واكتفت بوضع علامة تعجب على وجهها وقررت ان تعود الى التدريب بسرعة . فالشئ الوحيد الذى تفكر به حاليا هو ابعاده عن التساؤل حول سبب وجودها فى دينستون هاوس . قالت : هل يمكن ان نعود الى التدريب ؟
-بالطبع . الان وقد تعلمت السقطة الدفاعية - وبشكل ممتاز بالنسبة لشخص مبتدئ - فسنقوم ببعض الحركات المشتركة . سوف ارميك.. لكنه توقف عندما لاحظ خوفها من هذه العبارة واوضح قائلا : ليس بالمعنى الكامل , اذ ساوقف الحركة قبل الوصول الى الارض . انها استمرار لما كنت اقوم به منفردا 0
امسك كل منهما كم الاخر وهما يواجهان بعضهما البعض 0
-احكمى قبضتك على كمى مهما حدث , وثقى بى 0
وفجاة , احست بقبضته تشتد فى حين بدا جسمه يتحرك . راته ينحنى على اطراف اصابعه , ولم تشعر الا وهى فاقدة التوازن . ثم دخل كتف كال تحت ذراعها وازداد جسمه انحناء . وبحركة واحدة منه وجدت نفسها مرمية من فوق كتفه 0
وفى لحظة رعب ادركت انها فقدت اتصالها بالارض , لكن دفعة لطيفة منه اكملت الحركة والقتها الى الفرشة . ودون ان تدرى نفذت السقطة الامامية , واصطدمت بالارض دون اية صعوبات . وعندما نهضت , رات كال يبتسم بعمق . كان شعورها مزيجا من الاعجاب والارتياح والضيق . فقد احست , رغم انه تصرف معها بلامبالاة , بشئ خاص فى لمساته ... آه كم كان قويا فى حركته 0
-مرة اخرى ؟ لم تكن الحركة سيئة على الاطلاق!
اخذت نفسا عميقا وقالت : لم تكن سيئة . فقد شعرت اننى ساطير 0
-قلت لك ان تثقى بى . واضاف بلهجة هادئة : لا اظنك تعتقدين اننى ساتركك تقعين بالفعل !
-لست ادرى ما يمكن ان اعتقد بشانك 0
مرة اخرى ندمت لان لسانها سبق عقلها . لقد فات الاوان , اذ تغيرت تعابير وجهه قليلا , ثم ابتسم : اعرف ذلك فالشعور متبادل , انا ايضا لا ادرى ما اعتقد بشانك0

dede77 10-02-10 08:32 PM


- كم مضى على وجودنا هنا ؟
- حوالى الساعة . لماذا ؟ هل اكتفيت ؟
كان يراقبها بتمعن , وقد بدا جو التوتر يهيمن مجددا على الغرفة . خافت فانيسا من الوضع وارادت ان تهرب منه بسرعة : ان قدمى متعبتان قليلا 0
اعترفت بدون الحاجة الى الكذب , فالتعب قد حل بها فعلا 0
- اذن سنتوقف . لقد طلبت منك ان تبلغينى متى تعبت , على كل سنتابع الدروس غدا . عندها ستكون الامور افضل . وتستطيعين تعلم الحركات اسرع بعد تمارين اليوم 0
فكرت فانيسا بطريقة تخرجها من هذه الورطة . ثم ادركت ان هناك متسعا من الوقت لتفكر فى اعذار اذا وجدت ذلك ضروريا . وكان كال متعبا الى حد ما فلم يلحظ ترددها فى الاجابة 0
- اجل , الموعد غدا سيكون ممتازا 0
- بعد الظهر , حوالي الثالثة ؟
- موافقة . يجب ان اذهب الان . سابدل ملابسى فى غرفتى . وساعيد لك البزة فيما بعد 0
اجابها : احتفظى بها للغد , فستحتاجين اليها كثيرا 0
- شكرا على الدرس 0
نطقت هذه العبارة وهى تدخل الى غرفة تغيير الملابس لتاخذ صندلها . وانتظرت حتى اختفى فى الغرفة الثانية , ثم اطلقت ساقيها هربا الى غرفتها 0
لم يخبرها احد ان هيثر ووالدتها ستكونان على العشاء تلك الليلة , ولذلك احست بانها خدعت عندما دخلت غرفة الطعام ووجدتهما مع كال وجدها وهم يتحدثون ويضحكون . كان كال مشغولا فى حديث هامس مع هيثر , بينما جدها يضحك لعبارات اطلقتها السيدة ماكرى . ترددت فانيسا فى الدخول كى لا تحطم ما اعتبرته جوا مكتملا , وفكرت فى العودة من حيث اتت . لكنها تاخرت , لان كال سمعها , فاستدار قائلا : ها هى فانيسا 0
استدار جدها ايضا وقال : تعالى يا فانيسا , تعالى . لقد تعرفت اليها يا آن على ما اعتقد ؟
ابتسمت السيدة ماكرى ملء فمها وقالت : كيف حالك يا عزيزتى ؟
- على احسن ما يرام . شكرا لك يا سيدة ماكرى 0
ردت فانيسا التحية باحسن منها . فهذه الامرأة الطف كثيرا من ابنتها. وتاسفت لان ذوق السيدة ماكرى فى الملابس ضعيف جدا . كان ثوبها الطويل غير مناسب لها ، لونه الاصفر الفاقع انعكس على وجهها فزاده ضعفا وشحوبا . اما جدها فقد كان شديد الاهتمام بهذه الامرأة , وشاهدت فانيسا فى عينيه نظرة دفء وهو يرنو اليها , وفكرت فانسا فى سرها : لا شك انه يحبها واحست بشعور غريب لهذه الفكرة . هل كال على علاقة حب مع الابنة ايضا ؟ وهل هذا السبب الذى جعلها تبقى ؟

dede77 10-02-10 08:49 PM

وسرعان ما وجدت نظراتها تلاحق الاثنين اللذين وقفا بالقرب من النافذة . من الصعب ان تفهم عرقتهما , فرجل مثل كال يستطيع ان يخفى كل مشاعره اذا اراد ، ولكنه الان لا يظهر الا الاهتمام الشديد بهذه الفتاة الجميلة . راته يشعل لها سيكارتها , ولاحظت ان يدها لامست يده لثوان وهو يقرب الولاعة من السيكارة . استدارت فانيسا بسرعة وسمعت جدها يقول : والان يا فانيسا , حدثينا عن درسك الاول اليوم ؟
احدث السؤال جوا من الصمت فى الغرفة . وبدا لفانيسا ان هيثر اصغت بكل جوارحها . والان كيف تستطيع الاجابة على السؤال بدون ان تزيد فى عداء الشقراء الجميلة لها ؟ كم تتمنى لو انها لم تات ابدا !
-كل شئ كان على ما يرام . شعرت بعد انتهاء الدرس ببعض التصلب , لكنه زال بسرعة 0
واضافت تقول لنفسها : ارجوكم , دعونا نغير الموضوع برمته 0
تساءلت آن ماكرى بصوتها الواضح العالى : اى درس تقصد يا اندرو؟
ضحك اندرو ماكلين وهو يقول : يعتقد كال ان فانيسا تحتاج الى بعض الدروس فى الدفاع عن النفس , لذلك اخذها الى غرفة الرياضة هذا الصباح وعلمها بعض الحركات 0
التفتت السيدة ماكرى ببطء الى فانيسا التى احست بقلبها يغرق بين اضلعها 0
- حقا ؟
انه شئ ممتع . وتابع الصوت البارد يقول : اخبرينى , هل وجدت الامر صعبا , اقصد اليست الدروس قاسية عليك ؟
وبدت علامات الاشمئزاز على وجهها عندما طرحت السؤال الاخير 0
- لقد تعلمت اولا السقطة الدفاعية , هذه كانت سهلة الى حد ما 0
عندها لاحظت فانيسا تعابير هيثر , حيث الغضب المكتوم يزار فى العينين الجميلتين . ليس لديها شئ تخسره فهى لم تباشر الحديث ولذلك فليتحمل الاخرون مسؤولياتهم , فتابعت تقول : ثم علمنى كال شيئا مختلفا تماما وهو عبارة عن رميى الى الارض بدون الاصطدام بها .. كانت الحركة ممتازة 0
ولم تعرف لماذا التفتت الى كال وابتسمت له , كما لم تعرف ما الذى يدفعها الى هذا الموقف . غدا ستفكر فى الامر , اما الان فهى لا تهتم ابدا . هز كال راسه بدون ان يظهر اى تعبير وقال : كانت حركة سهلة للغاية . وعما قريب ستستطيعين اتقان الاصعب 0
- انك مدرب رائع 0
كان الجميع يراقبونها : جدها باهتمام ملحوظ , والسيدة ماكرى بامتعاض بالغ , وهيثر بعداء سافر ... اما كال , فقد بدا وكانه يتمتع بالموقف كله 0
.. وقوى جدا ايضا 0
ابتسمت بعمق وهي تنظر الى هيثر . فكرت فى نفسها : فلتعتقد ما تشاء حول الدروس واذا ما صدقت توقعاتى فان كال سيواجه المتاعب فيما بعد . انها غير مهتمة ابدا . تابعت وهى تنظر الى جدها ولكن الحديث موجه الى هيثر الجميلة :
فما ان رفعنى حتى رمانى ثم انزلنى بلطف الى الارض , وكل ذلك دون ان يتركنى . كان الاحساس عميقا ومخيفا الى حد ما , ولكننى لم ارتعب 0
هز اندرو ماكلين راسه انفعالا وقال : كم اتمنى لو اننى كنت هناك !
ثم تكلمت هيثر بهدوء , لكن فانيسا شعرت بالغضب الكامن فى داخلها : لم تخبرنى يا كال بانك خبير فى لعبة الجيدو0

dede77 12-02-10 02:41 PM

-لم اعتقد انك مهتمة بهذه الناحية يا عزيزتى 0
كم هو يختلف الان عن مدرب الجيدو البارد الاعصاب الذى كانه قبل ساعات 0 دخلت السيدة بانكس بالطعام المكون من السمك المشوى والعجة والبطاطا , فتوجه الجميع الى مقاعدهم .. وهدات ردود الفعل . لماذا كان عليها ان تثير غضب هيثر الى هذا الحد ؟ خاصة ان الامسية ما تزال فى اولها . قررت ان تذهب الى غرفتها فور انتهاء العشاء . وعندما ابلغت جدها عن رغبتها فى الاستئذان والانصراف وافق على ذلك عن طيب خاطر . وادركت انه لا يريد اية مشاكل باعتبار ان هيثر ووالدتها صديقتان مقربتان , وخاصة الام 0
امتلات نفس فانيسا ببعض مشاعر الحزن وهى تصعد السلالم , ولما وصلت الى غرفتها احست بالوحدة تجتاحها بعمق .. وظلت تسيطر عليها صورة المجموعة التى ما زالت تمضى الليل فى الصالون ضاحكة ومستانسة . لقد كانت الغريبة غير المرغوبة بينهم 0
لم تستطع ان تقرا ايا من الكتب التى استعارتها . ولا ان تشاهد برامج التلفاز المنوعة . وبعد نصف ساعة من التنقل بين مسلسل تلفزيونى قديم , وكتاب بوليسي ممل , رمت الكتاب على السرير بنزق واقفلت الشاشة الصغيرة . ثم تذكرت فجاة الصحف القديمة فى المكتبة . يمكن ان تقضى مع هذه الصحف ساعة او اكثر , تذهب بعدها الى النوم بسهولة 0
فتحت فانيسا باب غرفتها وتمهلت قليلا للاستماع الى الاصوات المنبعثة من تحت . الاضواء الخفيفة تنير السلالم والقاعة الكبرى فى حين تردد فى الصالون اصداء اصوات وضحكات خافتة . لن يسمعها احد الان اذا ما نزلت الى المكتبة .. وحتى لو سمعوها , فهذا غير مهم 0
اضاءت احدى الثريات فى المكتبة وتوجهت بهدوء الى المكان الذى وضعت فيه الصحف . وتساءلت اذا كان الافضل لها ان تحمل الصندوق كله الى غرفتها او تكتفى ببعض الاعداد . ففى هذه المجموعة اشياء كثيرة للقراءة , ولذلك فان بعضها يكفى . ولكن من ناحية اخرى يجب العمل على ترتيبها زمنيا وهذا يعنى اخذها كلها . لذلك قررت حمل المجموعة كاملة للعمل على ترتيبها اولا ومن ثم تقراها , فهذا يوفر عليها الوقت فيما بعد . لم يكن الصندوق ثقيلا جدا , ولكنها عندما انحنت لحمله اوقعت احد الكتب على الارض محدثة صوتا عاليا 0
اضطربت قليلا , ثم وضعت الصندوق ارضا كى تلتقط الكتاب وتعيده الى مكانه . وفجاة طغى ضوء ساطع على الغرفة فالتفتت لتجد كال واقفا فى الباب . وشعرت كانها اعتقلت بالجرم المشهود 0
سار باتجاهها وهو يبتسم : حسنا , حسنا .. ماذا تفعلين ؟
استعادت فانيسا رباطة جاشها بعد لحظات الاضطراب الاولى وقالت: قررت ان احمل الصحف القديمة الى غرفتى للاطلاع عليها .. هذا كل شئ !
كانت قد تجنبت النظر اليه مباشرة وهما فى غرفة الطعام , لكنها فعلت الان . والواقع ان لا خيار لها سوى النظر الى هذا الرجل الجذاب فى بدلته السوداء الفاحمة وقميصه الابيض وربطة عنقه السوداء ايضا . والذى يتناقض تماما عما كان عليه فى الصباح . بدا وجهه غامضا ومظلما لان الضوء الاساسى كان ينبعث من خلفه . استدارت فانيسا بقلق وانحنت تلتقط الكتاب لتعيده الى الرف 0

dede77 12-02-10 02:41 PM

قال : ساحمل لك الصندوق الى غرفتك 0
- لا حاجة الى ذلك , فاصدقاؤك سيتساءلون عنك بعد قليل 0
لم تقصد ان تثيره بهذا الكلام , لكنها فعلت اذ لاحظت على وجهه ابتسامة غاضبة وهو يتجاوزها نحو الصندوق 0
اجابها بجفاء واضح: الجو بارد جدا هناك , والفضل فى ذلك يعود- بدون شك - الى التفاصيل التى رويتها عن دروس الجيدو 0
امتزجت فى نفس فانيسا احاسيس هى خليط من الشعور بالذنب لانها ورطت كال , وايضا الشعور بالظلم لانها لم تكن البادئة فى الحديث حول الموضوع . استعادت هدوءها وقالت : مهما كان الامر , فلم اكن انا التى اثرت الموضوع فى الاساس . وعليك ان تتذكر هذا الواقع 0
تضرج خداها بالدم وراح صدرها ينتفض بفعل الغضب , وما لم تنتبه له انذاك انها كانت تبدو جميلة ومثيرة للغاية . والشئ الوحيد الذى خطر على بالها وجه هيثر المنفعل عند سماعها القصة ..
- اهداى الان ايتها القطة المتوحشة 0
بدا كال مستمتعا بغضب فانيسا وهو يحمل صندوق الصحف القديمة . اما فانيسا فلم تكن راغبة فى مواصلة الحديث , لذلك استدارت خارجة من المكتبة ، وتركته مع الصندوق .. فاذا اراد حمله فليكن , والا فالا الجحيم هو والصحف 0
هرعت راكضة طول الطريق الى غرفتها , وعندما وصلتها تمهلت تستمع لوقع خطواته . الاكيد انه لن ياتى ! سيضع الصندوق ارضا ويهز كتفيه العريضتين ويقول : الى الجحيم انتِ ايضا... ثم يعود الى صديقته التى تنتظره 0
- اياك ان تهربى منى مرة ثانية 0
دخل الغرفة وراءها واغلق الباب بقدمه . وجه اليها النظرة الباردة نفسها ثم وضع الصندوق على الكرسى وقال : هل تهربين من الناس دائما عندما يحمى وطيس النقاش 0
اتسعت عينا فانيسا دهشة وهى تقول : انا اهرب ؟ لا شك انك تمزح . اى نقاش تتحدث عنه ؟ لقد قلت لك ببساطة 0
- رواية متوازنة بسيطة حول التمارين الصباحية , اجل , سمعت ذلك وشاهدت وجهك , كنت تستمتعين بردة الفعل , اليس كذلك ؟
سارت فانيسا نحو الباب لتفتحه وبدات تقول : هل تسمح ؟
لكنه اوقفها واعادها الى مكانها بسرعة 0
- كلا . لن اغادر الغرفة , ليس قبل ان اكون مستعدا 0
امسك ذراعها , ومع ان قبضته لم تكن قوية الا انها كانت حازمة بما فيه الكفاية 0
- هل تستعمل اسلوب القوة الجسدية دائما مع النساء اللواتى لا يوافقنك اراءك ؟ لا بد انك ربحت العديد من المناقشات بهذا الاسلوب 0
ثم سحبت يدها بقوة وقالت : دعنى لوحدى فورا 0
- لن اتركك . على كل , النساء لسن مثلك كلهن , فانت تملكين طباعا حادة جدا , تذكرنى بشخص….

dede77 12-02-10 02:42 PM

تجمدت فى مكانها . اتضح الان السبب الذى جاء من اجله , وسينطق بالكلمة فى اية لحظة ...
عليها ان تفعل اى شئ لتغير الموضوع . اى شئ لابعاده عن الموضوع السرى الذى تكتمه , فجاة صرخت الما , ولاحت الدموع فى عينيها , هذه الدموع التى تستطيع سكبها ساعة تشاء : انك تؤلمنى .. اترك معصمى...
اطلق سراحها فورا , ثم رفع ذقنها الى الاعلى ونظر فى عينيها بحدة : يا الهى .. وتعرفين فن التمثيل ايضا !
- لست ادرى .. لست ادرى ما تقصد 0
بدات تعتاد دورها بسهولة , ما دام قد ابتعد عن الموضوع الاساسى 0
اجاب ضاحك : انت تعرفين تماما . يا لك من امرأة . ثم ضربها بلطف على ذقنها واضاف : وداعا يا سارة برنار, كما تعرفين انا لا احتمل منظر الدموع , لذلك ساعود الى تحت حيث الجو اكثر برودة من هنا. ولا شك اننى استطيع التعبير عن نفسى بسهولة هناك بدل المشاكل هنا 0
وابتسم لها بعمق قبل ان يستدير خارجا 0
وقفت فانيسا فى مكانها تراقب الباب المغلق قبل ان تتحرك باتجاه صندوق الصحف . ترددت قليلا , ثم حملته الى طاولة صغيرة تحت النافذة وبدات بفرز الصحف0
اخرجت حوالى مئتى صحيفة من الصندوق , بعضها كان فى حالة رثة وقد اصفرت اوراقه تماما , والبعض الاخرى ما زال فى حالة جيدة . المجموعة تحتاج الى عمل متواصل وطويل , ولكن فانيسا تدرك بانها ستجد فيها اشياء اكثر اهمية مما فى الكتب . رفعت حزمة من اعداد جريدة التايمز تعود الى العام 1854 ووضعتها على الطاولة . كانت الاوراق صفراء مهلهلة وقد علاها الغبار , وتساءلت فانيسا عن المدة التى ظلت فيها هذه الصحف مهملة منسية فى الصندوق . وفجاة اكتشفت شيئا مهما 0
الورقتان اللتان وجدتهما كانتا فى قعر الصندوق تقريبا . رفعتهما فانيسا بادئ الامر بدون ان تعرف مضمونهما وكانت على وشك ان تضعهما جانبا عندما لاحظت الاسم المكتوب على اعلى كل ورقة .. فتوقفت ..
تردد اسم اندرو ماكلين ما لا يقل عن ثلاثين مرة بالنمط نفسه , وكان شخصا ما كان يحاول التمرن على توقيع جدها . قربت فانيسا الورقة من الضوء للتمعن فى التواقيع فانكشفت الورقة الثانية بما تضمه من كتابة . كانت عبارة عما يشبه رسالة باستثناء كون الكتابة تبدا من منتصف الورقة . لم تكن فانيسا راغبة فى قراءة رسائل الاخرين لكن شيئا ما دفعها لذلك , فوجدت نفسها تمضى قدما فى القراءة0
الرسالة المكتوبة على الورق كانت على الشكل التالي : انا الموقع ادناه , اخول حامل الرسالة جون ماكلين قبض الشيك المرفق ، وايضا سحب محتويات صندوق الودائع الخاص بى والذى يحمل الرقم….
لم تعد قادرة على القراءة اكثر . فقد ادركت فورا السبب الذى من اجله تكرر توقيع جدها على الورقة الثانية . قربت الورقتين من بعضهما . لاحظت ان الرسالة ممهورة بتوقيع هو نسخة مطابقة للتواقيع الموجودة على الورقة الاولى . لا مجال للشك الان ان هناك شخص ما تمرن على تقليد توقيع اندرو ماكلين حتى اتقنه , ثم كتب رسالة التوكل والشيك طبعا ... ولسبب غير معروف وجدت الورقتان طريقهما الى الصندوق .. ولكن من هو الفاعل ؟ ليس هناك سوى جواب واحد ، ففانيسا لا تعرف الا شخصا واحدا يدعى جون ماكلين .. انه ابوها ...

dede77 12-02-10 02:43 PM

خرجت فانيسا الى نزهة صباحية فور الانتهاء من الاستحمام وارتداء ملابسها . موعد الفطور بعد الساعة التاسعة كما كان يوم الاحد الماضى ، لكنها لم تكن تشعر بشهية للاكل . فالاكتشاف الذى وقعت عليه مساء امس اثقل عليها نفسها وجسدها ولم يترك مجالا للطعام او الشراب . لا تريد ان تاكل شيئا . وتشعر الان وكانها لن تاكل مرة اخرى في حياتها . تسللت من الباب الامامى بعد ان ارتدت معطفا ثقيلا , ذلك ان الهواء كان باردا ومشبعا بالرطوبة , والضباب يخيم على البساتين والغابات . استدارت يسارا وسارت فى الممر الطويل مطاطاة الراس واضعة يديها عميقا فى جيبى معطفها , بدون ان تنتبه الى الرجل الذى كان يراقبها من احدى نوافذ البيت 0
ولانها لم تنم امس الا نوما متقطعا قلقا , فقد اظهرت الظلال الداكنة التى تركها السهر تحت عينيها بياض وجهها اكثر من المعتاد . تفرع الممر الذى تسير عليه الى اتجاهين . اخذت الاتجاه الذى يمر خلف المنزل ثم يمتد مسافة ميل تقريبا. وسارت دون ان تعى ما يدور حولها , ودون ان تعرف الى اين 0
لم تعد فانيسا ترى سوى ورقة تحمل تواقيع مزورة – الارجح من قبل ابيها - وهذا ما يجعله مجرما , ان لم يكن فى الواقع فعلى الاقل بالنية . هل مضى والدها قدما فى عمليته ؟ وهل نجح فى التزوير ام اكتشفوه ؟ لن تجرؤ على سؤال احد ، ابدا . وادركت الان سبب مجيئها الى ينستون هاوس , مع كل الاسباب الموجبة لذلك , من يستطيع القول الان ان والدها كان على حق فى كل ما اخبرها به من ان جدها كان قاسيا ومجحفا بحق ابنه الوحيد ؟ ربما كانت له اسبابه المعقولة ؟ لقد صدقت فانيسا كل القصص التى حدثها بها والدها عن معاملة اندرو ماكلين السيئة , عن بخله فى المال , عن رفضه السماح له باختيار شريكة حياته , وعن اشياء اخرى كثيرة .. بحيث اضطر اخيرا الى ترك المنزل وتاسيس حياة خاصة به . لكنه لم يشر ابدا الى التواقيع المزورة , وربما ترك اشياء كثيرة اخرى دون ان يبوح بها .. وتذكرت فانيسا ادمان والدها على المقامرة وكيف كان يطلب منها اختيار اسماء احصنة السباق . كان الامر طريفا وهى طفلة , طفلة تحب والدها حتى الجنون .. لكن هذه الطفلة لم تعد قادرة على فهم دموع امها . او نقاش والديها حول المال . وفجاة طغت على ذهنها صورة واضحة تماما , مثل صورة نصف مكتملة جاءت الاجزاء الناقصة لترسم معالمها الجلية . تابعت السير وكانها تحاول الهرب من سيل الذكريات المزعجة .. ثم جاء صوت مفاجئ : صباح الخير . اليس الوقت مبكرا على النزهات الصباحية ؟
رفعت راسها لتجد لورى واقفا امامها , والى يمينها الابنية الريفية الرمادية0
- صباح النور . كنت بحاجة الى نزهة صباحية 0
سالها لورى باهتمام : هل انت على ما يرام ؟
عاد القلق الى نفسها خوفا من ان يكشف فيها شيئا غريبا : كل شئ طبيعى , فماذا تقصد بسؤالك ؟
- وجهك شاحب اللون , ويؤسفنى ان اقول انك كمن خرج لتوه من صدمة عنيفة . فاذا كنت تشعرين بالانزعاج , فانا على استعداد للبقاء معك قليلا 0

dede77 12-02-10 02:45 PM

جاهدت فانيسا كى تبتسم له : شكرا يا لورى , لا ضرورة لذلك فسوف اعود الى البيت بعد قليل , على فكرة , ماذا يوجد فى نهاية هذا الممر؟
- لا شئ مجرد بحيرة صغيرة , وبعض الاشجار وبيت ريفى مهجور , فالممر يستمر لمدة ميل تقريبا ثم يعود الى البيت الرئيسى من الجهة الاخرى . هل تريدين ان اخذك اليه ؟
- لا , شكرا لك0
احست بدوخة خفيفة عندما هزت راسها بالنفى . مد لورى ذراعه لها وقال : تعالى معى , فليس فى البيت غير امى وهى ستعد لك فنجانا من الشاى 0
اغراء الشاى كان كبيرا , لكنها لم تكن راغبة فى الوقت الحالى بمقابلة اى انسان . تريد فقط ان تكون لوحدها وتفكر بكل شئ .. وهى غير مستعدة لمحادثة احد 0
- شكرا يا لورى , ساعود الان الى البيت , فارجوك ان لا ترافقنى .. صدقنى انا بحالة جيدة 0
-حسنا , انا ذاهب بالاتجاه نفسه فى اى حال , فهيا بنا0
لا مجال الان للهرب منه , والافضل ان تلجا الى غرفتها باسرع ما يمكن0
ابتسمت بعمق هذه المرة وقالت : حسنا يا لورى . لكننى اؤكد لك باننى لن اسقط خلال المشوار!
رد بابتسامة اكبر : هذا يدعو للاسف , فساكون مسرورا اذا حملتك طول االطريق الى البيت0
سارا لعدة لحظات وسط صمت مطبق , في حين كان الضباب يذوب تدريجيا بفعل اشعة الشمس التى بدات تطل من الشرق واعدة بيوم دافئ جميل0
قال لها وهما يقتربان من البيت : ساتى الى المكتبة غدا صباحا0
- حسنا جدا0
لن تاتى على ذكر الصحف القديمة الا اذا سالها فى حالة ملاحظته اختفاء الصندوق . لقد اخفت الورقتين فى قعر احد ادراج طاولة الزينة , علها تجد تفسيرا بريئا .. وسيكون الامر مستحيلا اذا ما اتلفتهما . ومع انها تعرف تماما ان لا امل يرتجى الا انها اصرت على التمسك بالسراب0
- فانيسا ؟
- نعم !
- قلت , هل انت على ما يرام ؟
- طبعا .. طبعا .. انا اسفة . شكرا لك يا لورى , اراك غدا0
كانا قد وصلا الى مدخل البيت , فاستدار لورى مبتعدا . قالت فانيسا باستغراب: الن تدخل الى البيت ؟
- لا . كنت اريد الاطمئنان عليك فقط. فهيا اذهبى وتناولى افطارا شهيا , وستشعرين على الفور بالتحسن0
لمست ذراعه اعرابا عن الشكر وقالت : انا ممتنة لك يا لورى . فشكرا جزيلا على كل شئ0

dede77 12-02-10 02:46 PM

استدارت ودخلت البيت مسرعة . وما ان وطات قدمها عتبة البيت حتى اجتاحها شعور بالحزن العميق . تمهلت للحظة كى تسيطر على احاسيسها وتحاول تناسى كل ما حدث . ولكنها لم تستطع . فهذا بيت ابيها وبيت جدها , ولا فائدة من تناسى الماضى واحداثه . ابتلعت بعض الدموع التى انحدرت على خديها واسرعت باتجاه غرفتها 0
استلقت على سريرها وتركت لدموعها العنان , فاحست بها ساخنة حارة ومؤلمة ... ثم دفنت وجهها فى المخدة وانفجرت منتحبة 0
ولم تسمع قرع الباب , كما لم تسمع الصوت الذى ناداها . وظلت على حالها حتى فتح الباب ودخل اندرو ماكلين الغرفة. نهضت وقد انعقد لسانها وملكتها الدهشة , ولم تدرك للوهلة الاولى , بسبب الدموع التى منعتها من الرؤية الواضحة , ما اذا كان هذا جدها او كال 0
ثم جاء صوت جدها: ماذا بك يا ابنتي العزيزة ؟
لم تحر فانيسا جوابا عندما اقترب منها . ضاعت كل الكلمات من ذهنها . فاكتفت بهز راسها بلا وعى 0
وضع ذراعه على كتفها وقال : ما الامر؟ هل فعلنا شيئا اساء اليك ؟ بحق السماء يا فانيسا اوقفى هذا النحيب , فانا لا استطيع ان اراك باكية ! ارجوك اهداى 0
وتدريجيا اثر رجاؤه فيها . فاستطاعت من بين شهقات البكاء ان تجيب : انا اسفة ! لا , لم يصدر عنكم ما اساء الى . لا استطيع ان اخبرك السبب . المسالة خاصة جدا0
جلس على المقعد قبالتها وقال : فى هذه الحالة لن اكرر السؤال . لكن ارجوك , دعينى اساعدك اذا امكن . لم تتناولى افطارك بعد , اليس كذلك 0
- كلا 0
- اذن ستحضر لك السيد بانكس بعض الطعام . واصر بعد ذلك على ان تنزلى الى الصالة فنتحدث قليلا حول فنجان القهوة0
نظرت اليه فانيسا وقالت: ولكنك يجب ان تذهب الى اشغالك هذا الصباح !
ابتسم وقال : يمكننى تاجيل اعمالى هذا الاسبوع . فلن اغادر البيت واتركك على هذه الحالة دون ان اعرف السبب . كما اننى اتردد فى سؤال كال لانه مشغول فى الكتابة ... والى جانب ذلك 0
وتوقف عن الكلام فجاة 0
فحثته قائلة : ماذا ؟
ابتسم متابعا : لدى انطباع بانكما اشعلتما النيران فى انفسكما0
قاطعته بتنهيدة احتجاج وانكار , فضحك قائلا : لا تغضبى يا عزيزتى , انا افهم الوضع تماما . كان من الطبيعى ان تصطدما ببعضكما البعض . فكال رجل عدائى جدا , اما انت فانطباعى عنك انك امرأة ذات ارادة قوية , انا احب مثل هذه المرأة . واعتقد ان دروس الجيدو ستعطى مفعولا قويا عندما تقطعين مرحلة منها0
وعلى الرغم من كل شئ ابتسمت فانيسا لكلام جدها : انا اسفة , لم ادرك….
قاطعها واقفا : لا تهتمى ابدا . انا اتمتع بوجود الشباب حولى . والان , اقترح عليك ان تغسلي وجهك بينما اطلب من السيدة بانكس اعداد فطورك ... وبعد الطعام اراك فى الصالون0
غادر الغرفة واغلق الباب خلفه بهدوء 0
ملات فانيسا الحوض بالماء البارد وغمست وجهها فيه مع ابقاء عينيها مفتوحتين . انها خدعة تعلمتها منذ سنوات لترطيب العينين وازالة الاحمرر منهما . وبينما هى تنشف وجهها سمعت السيدة بانكس على الباب , فدعتها الى الدخول 0
الافطار الذى جاءت به السيدة بانكس يتكون من بعض الخبز المحمص الى جانب البيض المقلى مع الفطر ثم الزبدة والعسل ... وطبعا فنجان قهوة 0
قالت فانيسا : شكرا جزيلا لك يا سيدة بانكس0
ردت مدبرة المنزل وهى تسعل : لقد طلب منى ذلك , قال انك لست على ما يرام0 -لم اكن مرتاحة . لكننى ساشعر بالتحسن عندما اتناول هذا الافطار الشهى 0
هزت السيدة بانكس راسها وكانها غير مقتنعة بما قالته فانيسا : حسنا ساتركك الى طعامك الان 0

dede77 12-02-10 08:54 PM

وذهبت . وتنهدت فانيسا وتساءلت عما اذا كانت ستخترق تحفظ هذه المرأة فى يوم من الايام . لكنها لن تستطيع , لانها غير باقية هنا طويلا خاصة بعد اكتشافها الليلة الماضية . فكل خطط الانتقام التى رسمتها ضد جدها تلاشت , حطمتها حقيقة الورقتين القديمتين , واخذت تفكر بالوقت المناسب لمغادرة البيت . صحيح ان هناك عملا كثيرا فى المكتبة لكنها لا تستطيع تحمل البقاء هنا طيلة هذا الوقت محتفظة لنفسها بالسر الذى اتضح لها . كما انها لا تستطيع مصارحة جدها بالحقيقة , كيف تجرؤ على ايذائه ؟ لقد استطاع تجاوز آلام السنوات الماضية , فهل يجب عليها ان تفتح له الجراح الملتئمة ؟ من الافضل ان تنسحب بهدوء ... ولا تعود ابدا 0
بعد فترة من الزمن سيخف شوقه لحفيدته المجهولة . فكرت ان تخبره عن حقيقتها , لكنها اسقطت الفكرة فورا , اذ كيف يمكن ان تعترف بالخدعة التى خططت لها ؟ وبانها قررت ان تخبره حقيقة شخصيتها قبل ان تخرج من حياته مرة اخرى والى الابد ؟ اما بعد ان تعرفت اليه فلن تتمكن من اخباره . ليس الان , فقد فات الاوان .. فات الاوان نهائيا 0
لورى يستطيع ان ينجز العمل فى المكتبة . ولم لا ؟ فهو يعمل بنشاط وقادر على متابعة المهمة . بالاضافة الى ذلك يحب الكتب , خاصة الكتب القديمة , مثله مثل صاحب البيت0
جلست الى الطاولة بعد ان رفعت عنها الكتب والجرائد , وبدات تقلب فى ذهنها طرق اقناع لورى بمواصلة العمل بعد ان ترحل . انه ات الى المكتبة يوم الاثنين ، ورغبته فى العمل معها يوميا واضحة كما انها مقبولة من جميع المعنيين . وهذا سيكون ترتيبا معقولا ولا يسبب اية ازمات . والمهم فى النهاية ان يتم ترتيب وفهرسة الكتب 0
وبدات فانيسا تشعر ببعض التحسن وهى تتناول طعامها . هذا التحسن الخفيف يكفى الان على الاقل0
لكن مشاعرها عادت اليها فى وقت لاحق من النهار عندما نزلت الى غرفة الرياضة . شاركها اندرو ماكلين الغداء فى حين كان كال خارج البيت . وقد حاول جدها كما فعل طول النهار ان يسليها ويرفه عنها . ابلغها عن بعض ارتباطاته واشغاله ... ورغم كل شئ بدات تحس باعجاب متزايد اتجاهه . وجدت انه شغوف بعمله , وله مصالح متعددة منتشرة من ابردين الى لندن , تدفعه الى التنقل كثيرا بين بريطانيا واوروبا . وبعيدا عن شؤون العمل اكتشفت حساسية مرهفة فى طباعه . ومع ان والدها وصف لها جدها بانه قاسى القلب , الا ان الحقيقة كانت مختلفة ..
ذهبت فانيسا الى غرفة الرياضة واحاسيس متضاربة تختلج فى نفسها , وتمنت لو تجد كال غرين قبل ان يرتدى بزة الجيدو لتطلب منه ان لا يزعج نفسه بذلك . والواقع انها لا تريد ان تمضى وقتا طويلا معه , فعيناه الحادتان قادرتان على اختراق افكارها والوقوف على مشاعرها ... وهذا ما لا ترغب به الان 0

dede77 12-02-10 08:55 PM

الصمت يخيم على غرفة الرياضة , عبرت فانيسا باتجاه غرف تغيير الملابس وهى تنادى : كال ! وادركت بعد فوات الاوان انها نادته باسمه الاول , فعضت شفتها السفلى ندما . ومع ذلك ليس هناك مجال اخر , فمناداته باسم سيد غرين ستثير سخريته دون شك 0
- ساكون معك خلال دقيقة 0
اذن هو فى الداخل . بعد لحظة خرج اليها وعلى وجهه علامة استفهام . فانيسا تعرف ان احداث الصباح تركت اثارها على وجهها بحيث لا يمكن للماكياج ان يخفيها 0
قالت وهى تجهد دون جدوى لاخفاء مشاعرها : كنت اتساءل اذا كنت هنا , فالمكان كان صامتا تماما 0
نظر اليها باندهاش , فخشيت ان يكون جدها قد اخبره عن دموعها ونحيبها هذا الصباح , لم تكن متاكدة من ذلك , لكنها تمنت ان لا يكون جدها قد فعل 0
اجابها بهدوء : انا هنا , فهل انت مستعدة ؟
ترددت لحظة قبل ان تقول: اجل , لن اتاخر فى تغيير الملابس كثيرا 0
تجاوزته ودخلت الى الغرفة . ماذا بعد ؟ لم يكن لديها خيار . عليها ان تستمر بالرغم من شعورها بالضعف والاعياء 0
بعد دقائق كنا بمواجهة بعضهما البعض فوق فرشة الجيدو . وسرعان ما ارتاحت فانيسا بفعل حركات التحمية التى ادياها معا ، بالاضافة الى انه لم يثر اية تساؤلات0
طلب منها ان تكرر السقطة االدفاعية التى تعلمتها امس عدة مرات . واستغربت كيف انها استطاعت تنفيذها دون صعوبة تذكر، بحيث ان كال نفسه علق على ذلك فيما بعد قائلا : هل تعرفين ان حركتك طبيعية ؟
التفتت اليه بسرعة متوقعة ان تجد ظل السخرية وجهه ولكنها وجدت ابتسامة عذبة , وتابع يقول : اننى اعنى ما اقول , فانت طرية العود وممشوقة القوام 0
ردت بابتسامة عادية : شكرا لك 0
فى كل حال , انها ايام قليلة وتتخلص نهائيا من تساؤلاته المحرجة المستمرة , وكذلك من خوفها عندما يكون موجودا 0
وفجاة سالها : هل انت على ما يرام ؟
صدمها السؤال , فقالت متلعثمة : لماذا , انا .. اننى بخير , لكن لماذا تسال ؟
- تبدين شاحبة , ويجب ان لا تواصلى التدريب اذا كنت متعبة او منزعجة من شئ ما 0
ثم سالها دون مقدمات : هل ازعجك لورى ؟
رفعت فانيسا راسها باتجاهه دون ان تفهم ما الذى قصده بالسؤال : لورى ؟ انا لا افهم ما تقول ؟
- لقد ذهبت هذا الصباح لمقابلته ... وعندما عدت كنت فى حالة يرثى لها 0
هزت راسها وقد غامت الدنيا عن نظرها : لا ابدا لم يكن هو . كان….
ثم توقفت ونظرت اليه قائلة : ارجوك لا اريد الخوض فى هذا الموضوع0

dede77 12-02-10 08:56 PM

ودون ان تشعر تراجعت عدة خطوات عن كال الذى لاحظ الامر فورا 0
سالها بقسوة : لا تقولى اننى اخيفك ؟
- لا .. فقط عندما ....
توقفت مرة اخرى وقد تسللت مشاعر الضيق مرة اخرى الى صدرها فكادت ان تخمد انفاسها . قالت: لا . ارجوك دعنا نواصل الدرس 0
قال : لا استطيع تدريبك وانت فى هذه الحالة , ليس وانت خائفة منى بشكل واضح0
انفجرت فى وجهه صائحة: لست خائفة منك . ليس عندما تدربنى ، فانت رائع عندها . لكن عندما تبدا بطرح اسئلتك فانى ... فانى لا اريد….
واختفى صوتها فى حنجرتها . لم يعد هناك مجال , فهو لن يتركها الان . ليس قبل ان تخبره الحقيقة كلها , او الاصح قبل ان يجبرها على الاعتراف بالحقيقة . لكن ابدا ... ابدا ... حدقت فيه بقوة ثم تراجعت مرعوبة . واستدارت راكضة الى غرفة تغيير الملابس . وقبل ان تغلق الباب وراءها كان هو هناك ليمنع اختفاءها 0
قال : بحق السماء ايتها الفتاة , ما الامر؟
- اذهب عنى . اريد ان اغادر المكان فورا ثم همست: ارجوك دعنى 0
- ليس قبل ان تخبرينى عن سبب خوفك. انا لا استطيع ان اتركك على هذه الحال0
- لا اريد ان اتحدث اليك . اذهب عنى 0
وحاولت يائسة ان تبعده عن الباب , فكانت كمن يناطح جدارا . لم يتحرك قيد انملة , لكنه وضع ذراعه حولها كى يسندها 0
- لن اذهب . والان اخبرينى ما القصة . لقد امضيت النهار كله فى البكاء والنحيب , اليس كذلك ؟
لم تجبه . حدقت فى عينيه مباشرة , لكنها اضطرت الى تحويل نظرها بفعل تاثير نظراته الحادة . الافضل ان لا تنظر اليه , وهو بالتالى لن يمسكها الى ما لا نهاية . ليست مضطرة للكلام . انه لا يستطيع اجبارها على ذلك . لكن التوتر اخذ يتزايد خاصة انهما كانا ملتصقين فى ذلك المدخل الضيق , فحاولت الافلات من قبضته 0
طالبها امرا : الم تمضى نهارك بالبكاء ؟ هيا اخبرينى 0
- اجل .. اجل .. لقد بكيت طول النهارثم ارتدت اليه قائلة : والان ما الذى ستفعله حول ذلك ؟ ماذا يعنيك الامر فى اى حال ؟ لا شئ . انت مجرد انسان فضولى .. فدعنى اذهب فورا . لا يحق لك ان تمسكنى رغما عن ارادتى .. اننى اكرهك ... اكرهك 0
- لا . انت لا تكرهيننى . وانا فضولى جدا لان بكاءك يتعلق بسبب وجودك فى هذا البيت , اليس كذلك ؟
كيف عرف هذا الامر ؟ لم تستطع ان تخفى دهشتها لانه لامس الحقيقة المجردة , وفى اية لحظة الان يمكن ان ... استجمعت شجاعتها المتناثرة وحررت نفسها من قبضته , ثم استدارت وحملت حذاءها وملابسها العادية قائلة : الان ساغير ملابسى , هل تسمعنى ؟ الان !
سالها بنعومة : ما هو اسمك الحقيقى ؟
- فانيسا كولينز . سبق ان قلت لك ذلك0
كان الجواب سريعا , ولكن ليس بما فيه الكفاية 0
..- وسميث ايضا , اتذكرين انك اخبرتنى ذلك ؟ لكنى لا اصدقك !
- لا يهمنى اذا صدقت او لم تصدق . فاذهب الى الجحيم . لا اريدك ان تعلمنى شيئا . انت حيوان ضخم فقط , وانا اكرهك0
خيمث ثوان من الصمت المتوتر على الاثنين الذين وقفا فى مواجهة بعضهما البعض دون ان يتفوه اى منهما بكلمة . وفجاة استدار كال خارجا واغلق الباب خلفه , اضطرت فانيسا التى اصبحت داخل الغرفة وحدها الى الجلوس لان قدميها ما عادتا تحملانها . من الواضح انه لم يستسلم بعد . ولذلك عليها مغادرة دينستون هاوس باسرع ما يمكن . فلو طالت مدة بقائها فى البيت , فان كال سيجد طريقة او اخرى لاكتشاف سرها الدفين 0
انتهى الفصل السادس

dede77 13-02-10 09:47 PM

7-حان موعد الرحيل 0
من الواضح الان ان ما تخفيه فى نفسها سيثقل عليها يوما بعد يوم . فعندما دخلت الى المكتبة فى الصباح التالى لاستئناف عملها , عاودها الشعور بالذنب . لعل التواقيع المزورة جربت هنا ساعة بعد ساعة , وفى لحظة عاجلة دس ابوها الاوراق بين الصحف لان احدا دخل عليه الغرفة فجاة .. ثم نسيها . وفجاة عادت الى ذاكرتها اشياء قالها جدها وتؤكد ظنونها . تذكرت كيف احتقن وجهه باحاسيس مختلفة عندما جاء ذكر الصحف . لربما عاد الى الماضى حين اكتشف الحقيقة0
ارتدت الرداء الواقى وبدات فى اعداد مجموعة من الكتب تمهيدا لفهرستها . كان قلبها مثقلا بالهموم والاحزان . وبالاضافة الى ذلك هناك مهمة خاصة مع لورى عندما ياتى الى المكتبة 0
حانت فرصتها عندما كانا يحتسيان القهوة عند الساعة الحادية عشرة . كان قد وضع كتابا قديما جدا على الطاولة وتنهد بحسرة , فسالته فورا : انت تحب هذه الكتب القديمة , اليس كذلك ؟
نظر اليها وتعبير من الدهشة يملا وجهه : اعتقد ذلك . لكنني لم افكر فيها من قبل . لماذا تسالين عن الموضوع ؟
- فقط استغربت كيف انك لم تتقدم للعمل فى المكتبة عندما عرفت ان السيد ماكلين يبحث عن شخص لذلك !
- انا ؟
هز راسه بالنفى وقال :لم افكر فى الامر ابدا . بالاضافة الى اننى اعمل فى الحدائق . على كل , عمل المكتبة ليس من اختصاص الرجال 0
قاومت فانيسا ضحكة كادت ان تفلت منها عندما قال الجملة الاخيرة .. عليها ان تكون حذرة تماما الان 0
- بالطبع من اختصاص الرجال . وتابعت بسرعة : صدقنى , هذا العمل يتطلب الذكاء الحاد والوعى العميق والعناية ايضا . اننى اعرف كثيرين من الرجال فى هذه المهنة . وانت بارع فيها 0
اجابها وكانه يفكر بالموضوع : هل هذا صحيح ؟ كنت اقصد مساعدتك فقط ولم افكر….
- ما كنت استطيع العمل دون مساعدتك 0
لم تكن كاذبة عندما قالت هذه الجملة . والان اتت المرحلة المحرجة 0
- لنفترض يا لورى – مجرد افتراض – اننى لم استطع انهاء العمل لسبب من الاسباب , فهل يمكنك مواصلته ؟
وضع فنجان القهوة على الطاولة بهدوء ونظر اليها بحدة وغضب : حسنا , هيا اخبرينى الحقيقة !
- لا شئ .. لا شئ 0
قاطعها بسرعة : دعك من هذه الادعاءات 0
هذه اول مرة يخاطبها فيها بهذا الشكل ، وقد صدمها ذلك : اننى متاكد من ان اللعين كال غرين هو المسؤول . اخبريني ماذا فعل ؟

dede77 13-02-10 09:48 PM

شعرت بالارتياح لان تفكيره ذهب فى هذا الاتجاه 0
غريب كيف تجري الامور . فى البدء اتهم كال لورى , والان لورى يتهم كال 0
- كلا يا لورى . ليس الامر كما تظن . فانا ….
- اسمعى جيدا , كنت امس على حافة الانفجار باكية . وانا لست غبيا بحيث لا ادرك الحقائق 0
- لم اقصد ذلك ابدا 0
لامست ذراعه بيدها وقالت : لقد تلقيت انباء سيئة عن ... عن قريب لى , وهذا ما ازعجنى . اؤكد لك ان الامر لا يتعلق به . كل ما فى الامر اننى لست متاكدة من استمرارى هنا طويلا ولا اريد ان اترك .. السيد ماكلين ... وكادت كلمة جدى ان تفلت منها , لكنها استدركت متابعة : فى مشاكل عديدة . هذا كل ما فى الامر 0
حدق لورى بيدها المرتاحة على ذراعه ثم غطاها بيده الاخرى . قال بنعومة : من الصعب على ان ارفض لك طلبا . ولكنى لا اريدك ان ترحلى وانت تعرفين ذلك تماما 0
سكت قليلا ثم اضاف بابتسامة هادئة : هل تبقين هنا اذا رفضت ان اقوم بالعمل ؟
هزت راسها قائلة : لا استطيع . سابقى حوالى اسبوع تقريبا , وبعده سارحل . ارجوك يا لورى , ما ذكرته لك الان اريده ان يبقى معك سرا . واعتقد اننى استطيع الثقة بك , اليس كذلك ؟
قال لها مؤكدا : اعدك باننى لن اخبر احدا . لكننى ساحاول اقناعك بالعدول عن الفكرة0
ابتسمت له قائلة : شكرا لك . اشعر الان بتحسن كبير . والان , اليس من الافضل ان تشرب قهوتك قبل ان تبرد ؟
عندما استدارت مبتعدة عنه عادت اليها الهموم دفعة واحدة . كان عليها ان لا تاتى ابدا . فالسيد مورتون كان محقا فى تحذيراته من الخدع والحيل والاكاذيب . لو انها استمعت اليه لنجت من كل هذه الماساة 0
عملت فانيسا خلال اليومين التاليين بجد ونشاط فى محاولة لانجاز القسم الاكبر من العمل قبل ان يحين موعد ابلاغ جدها بانها راحلة . كل وجبة طعام معه تحولت الى عذاب شديد ، زاد فيه كال غرين الذى اخذ يعاملها بتادب جاف وكانه يهينها . كان يراقبها وينتظر حتى تقدم على خطوة خاطئة كى يهاجمها , فشعرت باعصابها تكاد تنفجر . وفى احد الايام كانت لوحدها فى المكتبة عندما دخل كال . وعلى الفور استنفرت قواها وجلست تنتظر ما يمكن ان يحمله لها هذه المرة0
كان هادئا ولا مباليا . قال لها: اسف لازعاجك , لقد جئت اخذ احد الكتب 0
وسار الى زاوية الكتب الحديثة التى ليست من اختصاص فانيسا . راقبته وهى تتمنى ان ينتهى بسرعة ويغادر كى تعود الى عملها . وصل الى الرف المقصود وسحب احد الكتب بعد ان بحث فى المجموعة كلها . سمعت فانيسا تنهيدة ارتياح منه عندما عثر على الكتاب . وفجاة التفت اليها وقال بنبرة هادئة ومؤدبة : يجب ان تخبرينى كى انزل مجموعة الجرائد من غرفتك عندما تنتهين منها 0

dede77 13-02-10 09:49 PM

وجاهدت فانيسا كى تخفي اثار الصدمة التى اثارها فيها ذكر مجموعة الصحف. فمنذ ان وجدت الورقتين لم تعد قادرة على لمس اى صحيفة بل اعادت المجموعة الى الصندوق ورمتها فى احدى الزوايا بعد ان غطتها بمجلات نسائية حديثة0
- لم ... لم انظر اليها بعد بسبب ضيق الوقت0
خفق قلبها بشدة بحيث شعرت به وكانه يريد الخروج من صدرها . ترى هل اثار موضوع الصحف عامدا ؟ هل عرف القصة ؟ ثم تابعت: يمكنك ان تنزلها ساعة تشاء , فسانظر اليها فى وقت لاحق بعد ان انتهى من العمل هنا 0
واشارت بيدها الى مجموعات الكتب المصفوفة خلفها0
همهم صامتا ثم استدار : ساذهب واحضرها الان 0
تردد امام الباب قليلا وقال : اسف , الست قادمة معى ؟
- بلى0
وضعت فانيسا البطاقة من يدها واتجهت نحو الباب . عضت شفتها السفلى وهى تفكر , لقد احست توبيخا مقصودا فى كل كلمة او حركة اقدم عليها , كما احست شكا عميقا ومرعبا ايضا . فتح لها الباب وافسح المجال كى تمر , ثم سار معها باتجاه السلالم . قلبها ما زال يخفق بسرعة , لكن ليس بعامل الخوف بل لانه يسير الى جانبها . قطعا الصالون والسلالم والممرات بصمت مطبق , لم ترد ان تحطمه لئلا يبدا بطرح اسئلته الاستفزازية المعتادة 0
وصلا الى باب غرفتها , فانتظر كال حتى فتحت فانيسا الباب ودخل خلفها : هناك , فى الصندوق اسفل النافذة . لقد وضعت بعض المجلات فوقها . لحظة من فضلك0
رفعت المجلات الخاصة عن الصندوق وراقبته وهو يحملها بسهولة . ثم التقت عيناه عينيها وقال بنعومة : هل المجموعة كلها هنا ؟
- اجل , كلها0
وادركت فجاة ان الورقتين اللتين سببتا لها كل المتاعب ناقصتان . اغمضت عينيها للحظات وكانها تعتصر الالم الذى انتابها . آه لو انها لم تعثر عليهما . فتحت عينيها لتجد كال يحدق بها وكانه عرف كل شئ . احست بالم حاد يطعنها فى صدرها ويقطع انفاسها . لا يمكن ان تحتمل الامر اكثر , ستجن اذا لم تهرب من هذا الرجل . استدارت بسرعة واتجهت نحو الباب غير مبالية اذا كان سيلحق بها ام لا , فهى لا تستطيع ان تبقى معه فى الغرفة نفسها . اغلقت الباب خلفه بهدوء ، وانتظرت حتى ابتعد قليلا ثم لحقت به. سارت ببطء كى تبقى على مسافة بينهما . وجاهدت حتى لا يبدو الامر متعمدا , وفى الوقت نفسه حتى لا تسير الى جانبه 0
وصل الى المكتبة قبلها بوقت طويل , بينما تباطات هى قليلا فى القاعة الرئيسية 0
-لقد اعدت الصندوق الى المكان الذى كان فيه 0
- شكرا لك0
اغلقت الباب خلفه بسرعة . لفت نظرها الفراغ الذى تركه عندما سحب الكتاب قبل قليل , وقبل أن تتوجه الى رف الكتب القت نظرة خاطفة على الباب كى تتاكد من انه لن يعود . مجموعة الكتب على الرف كانت متشابهة فى اغلفتها وطباعتها . حملت الكتاب المجاور لذلك الذى اخذه فوجدت انه يتعلق بالسياحة والاسفار . عادت الى ذهنها على الفور حقيقة ان كال يكتب كتابا عن الرحلات , لربما احتاج الى مرجع لذلك 0

dede77 13-02-10 09:50 PM

اسم المؤلف هو كالوم كيل . ولاحظت فانيسا ان الاسم الاول للمؤلف هو نفسه اسم كال الكامل . قلبت الغلاف الاخير لتنظر الى صورة المؤلف فوجدت رجلا كث اللحية اسودها . ثم امعنت النظر اكثر . وكم كانت دهشتها كبيرة وعميقة عندما تاكدت ان الرجل ليس الا كال نفسه 0
اذن كال غرين هو نفسه كالوم كيل الكاتب والرحالة والاذاعى المعروف . حدقت فيه وهما الى المائدة وتساءلت فى نفسها : كيف لم تعرف شخصيته من قبل ؟
كانت قد قرات له كتابين واستمتعت بهما , خاصة انه يتمتع بتلقائية صافية فى اسلوبه بحيث يشعر الانسان الذى يمضى فى القراءة بانه مسافر معه فعلا , فى الصحارى , ومع الرعيان فى الجبال . لم تكن تتصور هذا الامر , هذا الرجل هو كالوم كيل . من السخرية ان يتهمها باستعمال اسم مستعار بينما هو يختبئ خلف شخصية اخرى . هناك اختلاف بالطبع ، فاسمه المستعار كان لاغراض الكتابة . ولعل هذا هو السبب الذى جعله حساسا اتجاه اسماء الاخرين . مدت فانيسا يدها لتناول قطعة من الحلوى وهى تتساءل عما اذا كان بامكانها الهرب . بدات تحس بانها مقيدة فى هذا البيت . لذلك قررت الذهاب فى نزهة قصيرة , خاصة ان الامسية دافئة ومنعشة .. وهى تحتاج فى جميع الاحوال الى مجال لتقليب امورها0 وبينما هم يغادرون غرفة الطعام سالت جدها قائلة : ارغب فى القيام بنزهة قصيرة حتى الباب الخارجى , فهل هناك مانع ؟
- بالطبع لا. اذهبى حيث ترغبين 0
- شكرا لك . انا بحاجة الى بعض الحركة , والامر مناسب فى هذه الليلة . سوف اصعد لاحضار معطفى الربيعى 0
ولم تنتبه , عندما استدارت خارجة , الى النظرة التى وجهها جدها الى كال 0
سارت نزولا باتجاه الباب وهى تستنشق بعمق النسيم المسائى المنعش . قسم من الممر كان مظللا باغصان الشجر , اما القسم الثانى فقد زينته الزهور المنوعة . ما حدث لها كان الاسوا , ومن غير المتوقع ان تقع اشياء اكثر سوءا . لقد بدات طاقتها تخفت تدريجيا وزاد توترها العصبى , كما تلاشت شهيتها حتى للاطباق اللذيذة التى تعدها السيدة بانكس 0
الان , وقد اصبحت بعيدة عن البيت , يمكنها ان تفكر بهدوء وموضوعية . ففى الداخل كانت الضغوط تزيدها توترا , خاصة بوجود كال وجدها الذين تبين لها يوما بعد يوم انه ليس الرجل القاسى الذى وصفه لها ابوها . صحيح انها لاحظت عنده نزعة الى القسوة فى بعض الاحيان , لكنه اجمالا الرجل الحنون والمحب واللطيف . لقد اهتم بها يوم الاحد بحيث ظل مع " موظفته " يروى لها القصص الطريفة عن اسفاره واعماله ويرفه عنها على حساب اعماله الخاصة . هذا الجانب من شخصيته بالاضافة الى شئ عمدت دائما الى تناسيه وطمسه اديا الى تغيير نظرتها 0
لقد كان ابوها ضعيفا وغبيا ... والان محتالا ايضا0
وصلت الى الباب الخارجى وتوقفت عنده , ثم اطلقت نظرها فى الطريق المتعرج الممتد كشريط رمادى يلتف حول التلال والوديان . وعلى تلة بعيدة , بعيدة ...

dede77 13-02-10 09:51 PM

التمعت مساحات من الثلج الناصع . وركزت فانيسا عينيها على هذه المساحات دون ان تراها بالفعل ... واخذت قرارها النهائى . يجب الا تكتفي بالهرب . عليها قبل ذلك ان تكتب لجدها رسالة تخبره فيها عن الخدعة الخبيثة التى خططت لها انطلاقا من فكرة الانتقام الخاطئة . انها مدينة له بهذا الايضاح . وسوف تنهي رسالتها بطلب المغفرة منه دون امل بالحصول عليها . اليست هى ابنة ابيها ؟ اولم يخدع ابوها اباه ايضا ؟ فاندرو ماكلين لا يمكن ان يقبل حفيدة تسير على المنهج المخادع0
حبست دمعات حارة فى عينيها . لا بكاء بعد اليوم , فقد انتحبت ما فيه الكفاية . كال غرين سيشعر بالارتياح لانه كان محقا حول شخصيتها . ورغم كل شئ تساءلت فانيسا عما اذا كان سيرتاح فعلا . كان يبدو على كال الاعجاب الشديد باندرو ماكلين. وفى حال اقدامه على الزواج من هيثر واقدام اندرو على الزواج من آن ماكرى , فانهما سيصبحان اقرباء . شدت فانيسا قبضتها على خشب الباب وهى تستعيد منظر الاربعة فى غرفة الطعام . كانوا يتحدثون ويضحكون ويتسامرون بينما هى الغريبة بينهم . استدارت عائدة الى البيت . لعل هيثر بدات الان اخذ دروس فى الجيدو, ولكن فانيسا لم تتصور انها ستسمح لشعرها المصفف بعناية ان تبعثره الحركات والسقطات . وكيف يمكن ان ترتدي بزة التدريب على حساب الفساتين الانيقة الباذخة ؟ تمايلت على شفتى فانيسا ظلال ابتسامة وهى تتصور المشهد , لكن المؤسف انها لن تكون هناك لتشاهد بنفسها ... فتلاشت البسمة بسرعة0
اسرعت عائدة الى البيت ... فبعد ان حزمت امرها حول الرسالة عليها ان تكتبها باسرع وقت ممكن 0
كانت الاضواء تشعشع في معظم غرف المنزل . توقفت فانيسا تتامل هذا البيت الكبير الهادئ . لا غرابة فى ان كال قصده لانجاز كتابه , فاية اجواء افضل يمكن ان يتوقعها المؤلف ؟ ولا غرابة ايضا فى ان جدها يعود من اسفاره دائما - كما اخبرها يوم الاحد - وشعور بالراحة والسعادة يملاه لمجرد رؤية البيت . انها تدرك الان ما قصده من خلال الجو العابق بالسكينة الذى يحيط بالبيت من جميع جوانبه . عضت شفتها السفلى بشدة . فالقدر يمكن ان يكون قاسيا فى بعض الاحيان . لقد اعطاها لمحة مما كان سيكون . والان عليها ان ترحل بعيدا ... ولا بد من ذلك سريعا. وواصلت سيرها الى المدخل الرئيسى , صعدت الدرجات الحجرية وفتحت الباب على مصراعيه ... فسمعت الرجلين وهما يضحكان لشئ ما فى الصالون0
ركضت فانيسا الى غرفتها وتناولت قلما ودفتر الرسائل والمغلفات واستعدت للكتابة0
جاء لورى يوم الخميس كعادته بعد التاسعة بقليل . نظر الى فانيسا فور دخوله المكتبة وقال : الم تغيرى رايك بعد ؟
هزت راسها بالنفى : كلا يا لورى , انا اسفة , هل لك ان تقوم بالتسجيل بدلا منى اليوم ؟
ابتسم بهدوء : يظهر انك تريدين تدريبى ؟

dede77 13-02-10 09:52 PM

- انا اسفة . لم اقصد ان يبدو الامر كذلك . آه يا لورى اننى حائرة وضائعة0
وضعت يدها على خده , فتقدم منها قائلا : ارجوك يا فانيسا , ارجوك لا تحزنى . الا يمكن ان اقوم باى شئ ... اى شئ لمساعدتك ؟
- لا , لا يمكنك عمل شئ 0
فكرت فى الرسالة المكتوبة والمختومة فى درج طاولتها , والتى تنتظر التسليم عندما يحين الوقت0
رفع لورى ذقنها باطراف اصابعه بحركة شبيهة بحركات كال وقال : لا اظنك ستقدمين على البكاء الان ؟
لاحظت تعابير وجهه القلقة فقالت على الفور : لا , ابدا0
هي تعرف انها غير قادرة على البكاء حتى لو ارادت 0
- الحمد لله0
مرر يده العريضة خلال شعره الكث وهو يتنهد بارتياح واضح : ما رايك لو احضرت لك فنجانا من القهوة او الشاى ؟
- يا الهى . السيدة بانكس سوف تقيم الارض ولا تقعدها !
- اعرف ذلك . لكننى مستعد لاغضابها ومواجهتها اذا رغبت بفنجان 0
- لا اريد ذلك . فقد تناولت فطورى قبل قليل0
كانت الوجبة مرعبة فعلا , اذ تواجدت هى وكال وحدهما حول المائدة . هو ببرودته وهدوئه ونظراته الحادة , وهى بافكارها وشرودها ... والنتيجة انها لم تاكل سوى قطعة صغيرة من الخبز . فقد كانت متوترة الاعصاب بحيث انه لو اثار اى موضوع لتركت المكان على الفور . لكنه لم يفعل , لعله لاحظ مزاجها المتعكر وراى المرارة التى تملاها والتى لا يمكن ان تنتهى الا بعد ان تركب سيارتها وتغادر المكان دون عودة 0
- حسنا . اذا اردت فنجانا , فقط قولى لى . فمن اجلك انا على استعداد لمقاتلة الاسد ... اقصد اللبوة 0
- شكرا لك يا لورى , فانت لطيف جدا 0
استدار بحياء قائلا : من الافضل ان نبدا العمل . فماذا سنفعل الان ؟
- ساعيد ترتيب هذه الكتب حسب التسلسل0
واشارت باصبعها الى مجموعة من الكتب التى سبق لها ان سجلتها . بدا العمل الذى يقومان به يعطى ثماره . وكانت تشعر بالارتياح وهى ترى الكتب مرتبة فى اماكنها . فخلال اسابيع سيكون كل شئ على اتم وجه فى المكتبة ... لكنها لن تكون هنا لترى اكتمال ما قد بدات به . غاص قلبها فى صدرها عندما خطرت لها هذه الفكرة : لورى سيكون هنا اما انا فلا . اسرعت الى العمل فى محاولة لطرد هذه الافكار المؤلمة . وهكذا مضى الصباح متثاقلا بدون ان يكون لهذا اليوم اى معنى . فجدها وكال سيتناولان العشاء فى الخارج , اما هي فستحضر لها السيدة بانكس الطعام الى غرفتها ... وهذا الترتيب يناسبها تماما فى هذه الظروف . لو انها تستطيع ان تاكل دائما فى غرفتها , حتى لو وجدت السيدة بانكس ذلك متعبا وغريبا . وضعت الكتب التى كانت تحملها فى مكانها والتفتت الى لورى الغارق فى عمله بجد ونشاط . احست ببعض العزاء لانه استطاع ان يستوعب العمل ويقوم به على افضل وجه . ومن الاكيد ان جدها كان سيطلب منه ترتيب المكتبة لو انه عرف سلفا قدرته على ذلك 0

dede77 13-02-10 09:53 PM

كان بعد الظهر هادئا بغياب لورى . انهت فانيسا عملها بحدود الخامسة ثم القت نظرة اخيرة على المكتبة قبل ان تتوجه الى غرفتها . تساءلت كيف ستكون العلاقة بين كال ولورى عندما سترحل هى . ربما احسا بضرورة ان لايتدخلا بشؤون بعضهما البعض . لاحظت مرة اخرى الرف الذى سحب منه كال الكتاب قبل مدة , هناك الكثير من الكتب للقراءة . لكنها وجدت نفسها راغبة فى قراءة احد كتبه على ضوء اكتشافها لحقيقته وشخصيته . خرجت من المكتبة واغلقت الباب خلفها بهدوء ثم اسرعت الى غرفتها . كانت غرفة كال تقع فى الجهة الاخرى من الممر , ومنها سمعت صوت ضربات على الالة الكاتبة , وهو الصوت الذى تردد كثيرا خلال الايام الماضية . ثم تجاوزت الممر ودلفت الى غرفتها 0
عندما بدات نشرة اخبار الساعة سادسة مساء على شاشة التلفاز، سمعت الرجلين يغادران البيت . وبهدوء تام توجهت الى النافذة لترى جدها يدخل فى سيارة كال الجاكوار , ثم اقلعا معا باتجاه الطريق الرئيسى . بعد ساعة ستحضر لها السيدة بانكس عشاءها المكون من وجبة خفيفة , خاصة ان الرجلين غائبان . وعلى كل فان شهيتها للاكل خفت كثيرا خلال الايام القليلة الماضية . انحنت على النافذة تراقب السهول الممتدة حتى الافق وقد غرق قلبها فى لجة الحزن العميق . عاد اليها وجه السيد مورتون الرافض لخططها فتخيلت نفسها امامه تعترف له بفشلها , فهى مدينة له بذلك على الاقل . بعد ذلك ستترك شقتها الخاصة فى لندن , بل ربما تغادر لندن كلها , الى خارج البلاد ... فهى لم تعد تحتمل حياة القلق بعد الذى جرى لها هنا . احست ببرودة اطار النافذة تلسع راسها فتساءلت عما اذا كانت ستصاب بالرشح او الانفلوانزا . كان جسدها متعبا , ووجهها ملتهبا بالحرارة الشديدة مع ان موجة من البرودة كانت تسرى فى اوصالها 0
ابتعدت فانيسا عن النافذة , فوقعت عيناها على كتاب كال , تناولته واقفلت جهاز التلفازثم القت بنفسها على مقعد الوثير . اعجبتها المقدمة التى تحدث فيها عن كيفية تحويله سيارة لاندروفر الى بيت على عجلات , واستعمالها فى رحلة طويلة الى مجاهل افريقيا . اعجبتها لان الكتاب ليس مجرد رقم على احد الرفوف , بل هو من تاليف الرجل الذى انقذها من اثنين من الرعاع ... والذى يشك بها ولا يحبها . توقفت فانيسا فجاة عن القراءة وقلبت الكتاب لتعيد التامل فى الصورة المنشورة على الغلاف الاخير. انه يبدو مختلفا فى اللحية , ومع انها لم تعجب به الا انها اعترفت بان اللحية تناسبه تماما . احست بعينيه , حتى بالصورة , وهما ترمقانها وتسخران منها بغموض شديد . تنهدت بعمق واعادت فتح الكتاب على الصفحة التى كانت تقراها . ومع ذلك ظل خيال المؤلف يهاجمها بالحاح رغم انها بذلت جهدا للتركيز على الموضوع . لقد لمسها صاحب الكتاب واحتضنها , بل وعلمه كيف تسقط بامان ... كما انه كان لطيفا فى احيان قليلة . واحست فانيسا بدفء يتدفق فى كل جسدها وهى تتذكر ذراعيه القويتين وعينيه الحادتين ...
اغلقت الكتاب بعنف وتوجهت مرة اخرى الى النافذة . ودون ان تدرى احست باصابعها تلامس شفتيها . لقد عانقها بالقوة ... انه الرجل الاول الذى يفعل ذلك بدون ان يبدو عليه التاثر . وعلى امتداد نظرها ترامت الحدائق والسهول لتقف فى النهاية على اعتاب تلال رمادية اللون مكللة بالثلوج البيضاء التى لن تذوب ابدا , لان الحرارة هناك لا يمكن ان ترتفع لدرجة تذيب معها الثلج 0

dede77 13-02-10 09:54 PM

سمعت قرعا على الباب فاستدارت لاستقبال السيدة بانكس , وارتاحت لانها جذبتها من افكارها المتضاربة . وبعد ان تناولت الطعام بدا لها كان الليل يتمطى الى ما لا نهاية . ولتمرير الوقت اننزلت صينية الطعام الى المطبخ ثم عادت لتشاهد مسلسلا كوميديا يعرضه التلفاز ... وظلت هكذا حتى حان موعد الاخبار . وادركت انها لن تستطيع النوم بسبب فكرها المشوش , لذلك قررت القيام بنزهة قصيرة فى المساء البارد والمنعش , لعلها تتعب نفسها قليلا فتعود الى النوم فورا0
ارتدت فانيسا معطفا صوفيا ثقيلا , واطفات جهاز التلفاز ثم غادرت المنزل . فى الخارج كان الهواء باردا ومنعشا . سارت حول المنزل باتجاه المدخل الخلفى , ثم نهاية الممر الذى اصبح اكثر حلكة . توقعت ان تصل الى موقف سيارات البيت اذا ما اكملت سيرها بالاتجاه نفسه , وبعد دقيقة شاهدت مجموعة من البيوت المسقوفة التى كانت فى يوم من الايام اصطبلات للخيول . كانت مواقف السيارات مضاءة بنور ساطع معلق على سطح احد البيوت . وقفت تحت النور تتامل المكان . شاهدت سيارتها خلف باب نصف مغلق , والى جانبها مكان خال حيث تقف سيارة كال عندما يكون فى البيت . وتساءلت عما اذا كان الرجلان سيتاخران فى العودة . هل يهمها هذا الامر فعلا ؟ واستغربت كيف جاءها وجه هيثر الجميل وعلى ثغرها تلك الابتسامة الموجهة الى كال 0
حثت فانيسا خطواتها مسرعة , وقد صممت على اكتشاف نهاية هذا الممر قبل مغادرة البيت . وكلما توغلت فى الممر , كانت الاشجار تزداد كثافة ، والطريق يتعرج ويضيق , والظلام يشتد حلكة . ولم تكن تسمع سوى وقع خطواتها على الحصى ... وزقزقة عصفور ازعجه وجودها فى ذلك الوقت 0
واخيرا وصلت فانيسا الى البحيرة . كانت صغيرة المساحة وفى وسطها جزيرة موصولة الى البر بجسر خشبي جميل تزينه صخور رصفت بشكل هندسى بديع . وعادت الى ذهنها صور غامضة عن مكان معين حدثها عنه ابوها كساحة امضى فيها طفولته الجميلة . لا شك ان هذا هو المكان . البحيرة والجزيرة ، ملعب خصب لمخيلة طفل غض . طفرت الدموع من عينيها لان الذكرى اعادت اليها كل الماضى باحزانه والامه 0
اقتربت من الجسر حتى وطات عتباته الاولى . الخشب عتيق ويحتاج الى دهان جديد , لكنه ما زال صالحا للاستعمال . جربت بقدمها قدرة الخشب على الاحتمال , فسمعت صريره فى سكون الليل الدامس ... ومن مكان ما حمل الصدى نعيق بوم بعيد . استدارت مبتعدة عن الجسر . لن تقدم على زيارة الجزيرة الليلة , لعلها تفعل غدا . ولكنها تدرك فى قرارة ذاتها انها لن تطاها ابدا , لا اليوم ولا غدا ... ولا بعد غد 0
وفي مكان مطل على البحيرة عثرت فانيسا على مقعد خشبى تظلله نباتات عالية . جلست عليه لتراقب بعض الزهور التى اينعت ورودها على سطح البحيرة الساكن . ووسط السكون الطاغى انهمرت ذكرياتها بشكل ملح . وذكريات عن والدها عندما كانت اصغر سنا واكثر انطلاقا وفرحا ... هكذا تصورت تلك المرحلة التى كانت تعتقدها افضل سنى حياتها . وبعد ذلك جاءت الماساة التى دفعت فانيسا الى هذا المكان سعيا للانتقام 0

dede77 13-02-10 09:54 PM

لقد انتهت الرحلة تقريبا الى الفشل الذريع . وحيدة ؟ صحيح ان لديها العديد من الاصدقاء من الجنسين , لكن هؤلاء كلهم لا يحلون المشكلة . فهى سئمت من الاستقلالية المطلقة وباتت بحاجة الى من تعتمد عليه . خيمت الوحدة على عينيها ووجهها وهى تحدق فى الظلام اللامتناهى . وفى هذه الاثناء بدات نجوم متفرقة تلمع فى السماء الصافية وقد ازدادت برودة الهواء . لم تشعر فانيسا , مرة فى حياتها ، بالوحدة والضياع كما تشعر الان . داهمتها موجة مفاجئة من البكاء والياس فدفنت وجهها بين راحتيها واخذت تنتحب بصمت 0
كانت على هذه الحال عندما عثر عليها كال بعد عدة دقائق . لم تره فى بادىء الامر , بل لم تر شيئا لان عينيها كانتا غائبتين خلف راحتيها المتماسكتين . وعندما شاهدته , رات على وجهه تعابير جدها نفسها عندما عثر عليها وهى تنتحب فى غرفتها . تهدلت كتفاها باعياء حتى بدت وكانها ستنهار تحت وطاة الهم والتعب , فى حين وقف كال غرين قبالتها براقبها بصمت واهتمام بدون ان يبدى وجهه اية تعابير اخرى , وكانه يرتدى قناعا 0
واخيرا تقدم منها ولمس كتفها بلطف : فانيسا ؟
نظرت اليه فزعة وقالت : ارحل عنى !
خرجت العبارة من فمها دون ادنى تفكير , انها لا تريده الان , بل لا تريد اى انسان فى هذه اللحظات . لكنه موجود الى جانبها سواء ارادت او لم ترد 0
- لن ارحل . لقد تاخر الوقت وخيم الظلام , وربما ضعت فى الحدائق !
تضيع ؟ يا له من تعبير طريف ! لو انه يعرف فقط كم هى ضائعة فعلا 0
- لا اريد الذهاب . انا اعرف طريق العودة وحدى . فدعنى على انفراد ارجوك 0
نظرت اليه مباشرة غير مبالية بما يمكن ان يلمحه فى وجهها . لا شئ يهم الان , فقط تريد ان ترحل بعيدا ... بعيدا0
- هيا بنا , فالبرودة اصبحت قاسية وقد بدات ترتجفين 0
كانت ترتجف بالفعل مع انها لم تحس بذلك . مررت راحتيها على ذراعيها فشعرت بقشعريرة البرد , وبينما هى كذلك سمعت حفيف قطعة ثياب . ثم شعرت بدفء سترته السميكة على كتفيها . مدت يدها تلامس السترة الجلدية وهى تقول : لكنك0
- اجل . ويمكن ان اظل الليل كله فى هذا المكان مرتديا قميصى فقط . فهلا اتيتى معي ؟
وجدت فانيسا نفسها واقفة على قدميها بدون ان تدرى ما اذا كان قد ساعدها على النهوض ام انها استطاعت ذلك بمفردها . سارا باتجاه البيت وقد عاد الدفء يسرى فى جسدها وقد شدت السترة بيديها الاثنين 0
قالت بعد لحظات من الصمت الثقيل : شكرا لك لانك اعرتنى السترة 0
نظرت اليه وهو يسير الى جانبها فى حين ظهر قميصه الابيض واضحا فى ذلك الظلام الحالك : لكن هل انت متاكد...؟
قاطعها قائلا : انا لا اتاثر بالبرد 0
ومد يده ملامسا يدها واضاف: هل تشعرين ؟

dede77 13-02-10 09:56 PM

كانت يده دافئة . لم تستمر اللمسة الا لحظات قليلة , لكن فانيسا ظلت تحس بدفئها حتى بعد ان سحب يده ... ثم انتقل هذا الدفء بسرعة بحيث شعرت ان جسمها كله يشتعل0
وقالت بسرعة فى محاولة لاخفاء اضطرابها : لم اعتقد انك ستعود باكرا 0
- كلا . نحن اجمالا لا نعود باكرا . لكن السيدة ماكرى لم تكن على ما يرام لذلك….
ثم توقف . وفكرت فانيسا بسرعة :من الاكيد ان هيثر لم تكن مسرورة لذلك 0
- لم يكن النور مضاء فى غرفتك , وقد ابلغتنا السيدة بانكس انها سمعتك تغادرين البيت منذ مدة طويلة 0
هل صحيح انها امضت زمنا طويلا فى الخارج ؟ لقد بدا لها الوقت مجرد لحظات فقط..
-لذلك فكرت ان القى نظرة لارى ما اذا كنت قد ذهبت بسيارتك , ولما وجدت السيارة فى مكانها تاكدت من انك فى نزهة ليلية ... وهكذا وجدتك 0
لم يكن هذا هو كال الذى تعرفه . شئ ما غير عادى موجود فى تصرفاته , لكن فانيسا لم تستطع ان تحدد باى شكل هو مختلف . لقد احست بالتغيير , وظلت حائرة حتى اوت الى فراشها فبدات تعيد رسم الصورة بوضوح 0
بعد ساعة كانت تجلس فى فراشها تتناول فنجانا من الشوكولاتة الساخنة , استعادت رحلة العودة مع كال من البحيرة , وفكرت فيها بهدوء وروية . لم تكن قادرة ان تفعل ذلك عند وصولها لان جدها كان بانتظارها قلقا ، وفور رؤيتها قال : ها انت قد رجعت . هيا ادخلى يا عزيزتى ... هيا ادخلى.. واحتضنها بين ذراعيه وادخلها الى الصالة . ولسوء حظ فانيسا زاد التصرف الابوى من حدة افكارها المتناقضة فيما يتعلق بالموقف من جدها كما هو فى الواقع وكما رسمه لها والدها من قبل 0
تمكنت من الانسحاب بعد قليل مدعية بانها متعبة , وطلبت منهما الاذن بالانصراف , فاذنا لها . لكن تعابير كال ظلت مسيطرة عليها حتى وهى مستلقية فى فراشها الان تشرب فنجان الشوكولاتة اللذيذة التى اعدتها السيدة بانكس 0
انها تدرك مغزى التغيير الذى حصل , لقد كان يتصرف بطريقة مختلفة تماما , بل انه ينظر اليها باسلوب مختلف عن تلك الطريقة الباردة التى كانت تشعرها بعدم الارتياح . كان كمن اكتشف شيئا جديدا . لكن ما هو هذا الاكتشاف ؟ وظل السؤال يحير فانيسا لفترة من الوقت . ثم جاءها الجواب ومعه الشعور بالانزعاج : لا شك انه عرف من هى فى الواقع ! وضعت الفنجان من يدها خوفا من ان تسكبه على نفسها بفعل الاضطراب . آه يا ربى نطقت هذه العبارة بصوت عال رغما عنها . انه يعرف . لم تكن تعلم كيفية اكتشافه للحقيقة , لكنها متاكدة من الامر . ولهذا السبب عليها ان ترحل فى اسرع فرصة , عليها ان تغادر دينستون هاوس الى الابد 0

انتهى الفصل السابع 0
هانت باقى فصل اوعدكم اخلصه بسرعة

الجبل الاخضر 14-02-10 01:09 AM

روعه وننتظررررررررررررر الباقي

dede77 14-02-10 10:48 PM

8 - جاء زمن الحب !
استعادت فانيسا هدوءها فى صباح اليوم التالى , وتوجهت لتناول فطورها وهى على اتم الاستعداد لكل الاحتمالات . لو اراد كال ان يثير موضوع شخصيتها مجددا لكان فعل ذلك مساء امس عندما كانت ضعيفة ومنهارة وقابلة للهزيمة . لكنه لم يفعل . هل يعنى ذلك انه يخبئ المعركة الى وقت لاحق ؟ لم تجد فانيسا جوابا , الشئ الاكيد انها يجب ان ترحل بسرعة . لذلك ستغادر دينستون هاوس غدا السبت , بعد ان تضع الرسالة بشكل تستطيع السيدة بانكس ان تعثر عليها فورا 0
وخلال النهار , راقبت فانيسا لورى وهو يعمل فى المكتبة فهى تريد ان تتاكد من انه قادر على اتمام العمل على الوجه الاكمل قبل مغادرتها . لن تخبره بموعد رحيلها , لكن وداع الغداء هذا سيكون الوداع الاخير دون ان يدرى . كان مرحا كعادته واكثر , وكانه اراد ان يبعد عن فكره حقيقة كونها راحلة . وعند الساعة الحادية عشرة تناولا القهوة معا . وقد كان من الواضح ان لورى يتمتع بعمله , اذ انه مضى فى حديث لا ينتهى عن الكتب ومحتوياتها وسجلاتها . ارتاحت فانيسا لهذا الجو , لانها لن تضيف عقدة ذنب جديدة بسبب المكتبة الى العقد العديدة التى تشعر بها حاليا 0
عند الساعة الواحدة نظر الى ساعته وانتصب واقفا وهو يقول : حسنا ساذهب الان , فعلى انجاز بعض الاعمال فى الحديقة . اننى احب هذه الحياة :المكتبة... وانت عند الصباح , والحدائق بعد الظهر0
ابتسمت فانيسا:انا مسرورة لذلك . فقط استغرب كيف انك لم تكتشف قدرتك فى هذا العمل قبل الان وتتقدم له ... فانت قادر عليه افضل منى0
هز راسه قائلا : مستحيل . فما كنت لاقبل العمل فى المكتبة اساسا لو لم التقِ بك فى الممر ذلك اليوم 0
ابتسمت: شكرا لك يا لورى ، وداعا 0
وكانت تريد ان تضيف شاكرة اياه على المساعدة التى قدمها , لكنها خشيت ان يشك فيها . لذلك اكتفت بالصمت وراقبته وهو يتجه نحو الباب 0
قال : ساراك اذن يوم الاثنين ...
واغلق الباب قبل ان تهمس:لا ... لن ترانى بعد اليوم 0
انتظرت فى المكتبة للحظات كى تتاكد من مغادرته البيت , ثم خرجت بدورها 0
كان كال بمفرده فى غرفة الطعام , فاخذت فانيسا نفسا عميقا واتجهت الى مقعدها : ارجوك . لا تزعج نفسك بالوقوف 0
نطقت بهذه العبارة عندما حاول الوقوف ليرحب بها . جلست وهى تنظر اليه ببرود , اذ ان شيئا ما تغير فى علاقتهما بعد احداث الليلة الماضية قرب البحيرة . كانت تتوقع ان تشعر بالخوف من الحقائق التى يعرفها . ولكن لاستغرابها الشديد لم تخف , ولم تعرف السبب فى ذلك . فكرت وهى تتناول الحساء : لعل السبب يكمن فى انها ستغادر المكان قريبا ولن تراه بعد ذلك ابدا . وقفت يدها بملعقة الحساء قريبا من فمها . لن تراه ابدا ... ابدا ! ثم نظرت الى اعلى وتساءلت بصمت : هذا اغرب وقت ممكن ان يكتشف الانسان انه يحب الشخص الذى اعتقد انه يكرهه 0

dede77 14-02-10 10:51 PM

اعادت الملعقة الى طبق الحساء , فنظر كال اليها قائلا : ما الامر؟ هل الحساء سئ؟
- كلا , كلا .. فقط….
كم سيبدو الامر مضحكا اذا ابلغته الحقيقة وقالت لقد ادركت لتوى اننى لا اكرهك ابدا , بل اعتقد اننى احبك كثيرا .وتخيلت الضحكة المجلجلة التى سيطلقها عند سماعه كلامها .. لذلك قالت :لا اريد هذا الحساء !
اما هو فقد رفع حاجبيه استغرابا0
- لكنك منذ مدة لا تاكلين اى شئ . هل انت مريضة ؟
- لا .. لست مريضة 0
واضافت لنفسها بابتهال: ارجوك دعنى لوحدى ... ارجوك دعنى لوحدى الان فقط عرفت سر حفظها لتفاصيل وجهه الكاملة منذ اللحظة الاولى التى طالب فيها بمعرفة اسمها . لم يعد فى اليد حيلة , عليها ان تعيد النظر الى ذلك الوجه ذى الملامح الداكنة , الملئ الان بالقلق . كال قلق ؟ من الصعب ان تصدق , لذلك قررت مغادرة الغرفة 0
وقفت فجاة:اريد ان اعود الى غرفتى , ارجوك ان تعذرنى وتبلغ السيد ماكلين….
وكادت ان تقول جدى دون وعى : بلغه اننى متعبة قليلا 0
وخطت باتجاه الباب بدون ان يحاول كال ايقافها او حتى النطق بكلمة واحدة. وشكرت فانيسا ربها لان كال لم يحاول منعها , فلو فعل لكانت انفجرت باكية 0
انتظرت حتى سمعت جدها يدخل الى غرفة الطعام , فتسللت من غرفتها وغادرت البيت . سارت بدون هدف , فقط تريد الابتعاد عن المنزل لفترة قصيرة . اسرعت الى موقف السيارات فوجدت الباب مفتوحا وسيارتها تنتظر 0
عبثت اصابعها فى حقيبة يدها حتى عثرت على مفاتيح السيارة , ثم عبرت بسرعة الى الموقف , لم يدر محرك السيارة فى بادئ الامر، الا انه زمجر اخيرا بعد محاولات عدة . انها بحاجة الى نزهة قصيرة تعيد الوضوح الى ذهنها والطمانينة الى نفسها , هى تعرف الى اين تقصد . فالطريق يمتد متعرجا بين التلال باتجاه ما كان فى الماضى قرية صغيرة منعزلة . اما الان فلم يعد هناك الا جدران شبه مهدمة صارت ماوى للقطعان عندما تهب الرياح العاصفة . صحيح ان المنطقة خالية جدا الا انها تبعث الطمانينة فى النفس 0
قادت سيارتها باتجاه الباب الرئيسى فاتقت بلورى الذى لوح لها بيده . ربما من الافضل ان تكتب له كلمة قصيرة , فهذا حق الصحبة عليها 0
سار الطريق متعرجا فى ذلك المساء البارد المنعش ، فانزلت فانيسا شباك سيارتها تاركة الهواء ينساب ناعما على وجهها وشعرها . حان وقت تامل الطبيعة لاختزان بعض جمالها للايام الاتية . ان قلة من الناس يقصدون هذه الناحية . الى اليسار منها تناثرت مستنقعات وبحيرات لا حصر لها , اما الى اليمين فقد كانت التلال موزعة بدون ترتيب . اعجبت فانيسا بعزلة هذه المنطقة عن العالم وتساءلت عن كيفية العيش بعيدا عن كل الناس , وسط الاشجار والنباتات والمياه والتلال التى تغطيها الثلوج فى معظم اشهر السنة 0

dede77 14-02-10 10:51 PM

عبرت الممر باتجاه ساحة خضراء قريبة , ثم اوقفت محرك السيارة . خيم صمت شامل لم يقطعه سوى صوت المذياع ... قبل ان تسكته فانيسا ايضا , وتبدا نزهتها على القدمين . تريد ان تفكر بالاكتشاف المفاجئ الذى داهمها بشان مشاعرها اتجاه كال. اذ حتى الموسيقى كانت تتامر عليها ، فالاغنية العاطفية التى كان يبثها المذياع انسابت بموسيقى شجية آسرة بحيث لم تستطع فانيسا الا ان تتذكر كال عندما جاءت كلماتها التالية : "لكن لماذا احبك ؟ اتمنى لو استطيع الهرب من قسوتك وجفائك ... " لذلك اسكتت المذياع بنزق واغلقت باب السيارة خلفها بقوة . انها مجرد صدفة . همست لنفسها تردد كلمات الاغنية " لكن لماذا احبك ؟"
لم تستطع مقاومة وجه كال عندما طغى على مشاعرها وافكارها ، والصورة التى عادت الى ذهنها هى صورته , اللقاء الاول فى المقهى حين رفع عينيه عن الصحيفة واختلس نظرة خاطفة اليها , وكذلك صورته عندما تغلب على الشابين بسهولة عجيبة , ثم نقاشهما الحاد فى اكثر من مناسبة . وتذكرته لطيفا فى عناقه , قاسيا فى تساؤلاته الملحة , واخيرا الاهتمام المبالغ كما حدث اليوم . ولكن الحدث الاهم كان مساء امس عندما احست بدفء سترته يلامس كتفيها الباردتين . كان طريق العودة الى البيت مختلفا تماما امس , والان فقط ادركت لماذا . فلا شك انه عرف الحقيقة . اخذت نفسا عميقا وجلست على اطلال حائط زراعى مهدم ثم مدت يدها الى نعجة كانت تراقبها بخوف . همست لها : تعالى ! لكن النعجة هزت راسها واستدارت بعيدا 0
الصمت فى كل مكان . ومن البعيد كانت تاتى بين الحين والاخر اصوات بعض الحيوانات . لا سيارات لا ناس , فقط سكون هذه الامسية الصيفية الدافئة التى كانت نقطة تحول فى حياة فانيسا . فلم تكن تتصور فى نفسها علاقة حب , ولم تكن تتصور انها ستنظر الى رجل ما وتحس هذا الخدر اللذيذ الذى ينشا عن الشعور بالحب 0
- يا الهى كم كنت غبية! اطلقت هذه الصيحة بصوت عال مطمئنة الى ان احدا لم يسمعها . منذ انطلاقها من لندن الى اسكتلندا وهى تتساءل عما اذا كانت ترتكب خطا جسيما بمغامرتها هذه . والان جاء الجواب بالايجاب . اذ بعد ان التقت جدها وتعرفت اليه ولو بشكل غير كامل , فانها حصلت على صورة اشمل من تلك التى قدمها لها ابوها . نظرت فانيسا الى احد البيوت المجاورة دون ان تستطيع الرؤية , فقد كانت افكارها مع والدها الذى احبته بجنون ... والذى ادركت الان انه ارتكب اخطاء وسيئات مثل اى انسان اخر، ولربما اكثر من اى انسان اخر. واكثر ما المها ، معرفتها بان الانسان الذى احبته بعمق ليس كاملا . عليها ان تتلف الورقتين الشاهدتين قبل رحيلها . وذلك من اجل ابيها وجدها على حد سواء . ثم ستبنى حياة جديدة بعيدا عن آلام الماضى ، والزمن كفيل بالجراح العميقة , وستجد بعد حين ان دينستون هاوس والناس الذين يعيشون فيه هم مرد ذكرى لا تحرك فى نفسها شيئا . ربما ...

dede77 14-02-10 10:52 PM

وقفت فانيسا فجاة واستانفت السير .. ما تحتاج اليه الان , ان تهيم على وجهها فى الريف بدون هدف وبدون ازعاج من احد . خاضت فى الحقول الخضراء الندية وهى تشعر بسعادة غامرة لاحتكاكها بالطبيعة الهادئة الجميلة ، وابتعدت عن الطرقات المطروقة فلم تعد تجد الا الاشجار والصخور وبعض الاغنام التى ترعى فى ذلك الريف المنعزل . ظلت تصعد فى التلال حتى وصلت الى جدول مائى ينحدر عذبا رقراقا وقد انعكست عليه اضواء المساء الخافتة . وقفت فانيسا قليلا واخذت ترطب يديها ووجهها بالماء البارد المنعش , ثم شربت بعض قطرات منه ... وتابعت مسيرتها 0
ازدادت الاشجار كثافة , ولاحت امامها بداية غابة واسعة من اشجار الصنوبر والسنديان . عما قليل ستدخل هذه الغابة الغامضة وتضيع فى لا نهايتها 0
دخلت بين الاشجار المتشابكة فاحست بالبرودة تشتد بحيث اخذت ترتجف , لكنها واصلت تقدمها وكانها مسحورة بالخضرة الطاغية المحيطة بها وبصوت تكسر اغصان الصنوبر اليابسة تحت قدميها . الهواء ملئ بالرطوبة الباردة , فالشمس لا تصل الى داخل الغابة بل تكتفى بملامسة رؤوس الاشجار التى تزداد تطاولا وضخامة 0
وقفت فانيسا فى مكانها لحظة واطلقت نظرها الى الاعلى , حيث جذوع الاشجار تمتد وتمتد . شعرت بان الاغصان تطبق عليها والاشياء تدور حولها بسرعة غريبة ومفاجئة , فاستندت الى اقرب شجرة لتتدارك السقوط . وعرفت على الفور انها جائعة جدا فهى لم تتناول على العشاء الا عدة ملاعق من الحساء قبل ان تنظر الى كال وتكتشف انها تحبه ... وبعد ذلك فقدت شهيتها 0
بدا لها ان الغابة اصبحت اكثر برودة واشد ظلاما . فقررت عدم مواصلة التقدم , لم تعد تنفعها الافكار والتخيلات , الشئ الوحيد الباقي لها هو ان ترحل بعيدا ... بعيدا ... عندما تعود الى دينستون هاوس سوف تجهز حقيبتها للمغادرة . سمعت صوتا خافتا يشبه حفيف اوراق الشجر اليابسة عندما تدوسها الاقدام , وعندما خرجت من الغابة اكتشفت ان الصوت ناتج عن المطر الذى بدا ينهمر خفيفا . لم تنزعج من البلل ، بل رفعت وجهها الى السماء لتستقبل رذاذ المطر المنعش على بشرتها . عادت باتجاه سيارتها وقد اخذت الارض توحل تحت قدميها 0
دخلت السيارة وادارت محركها . علا الزئير وسط الصمت الطاغى , لكن العجلات دارت فى مكانها دون ان تتحرك السيارة قيد انملة . اطفات المحرك ثم جربت مرة اخرى وقد اعتراها القلق . قفزت السيارة خطوات الى الامام قبل ان تغرق عجلاتها مرة اخرى وتراوح مكانها . اطفات المحرك وخرجت لتفحص العجلات , فوجدت الخلفيتين غارقتين تماما فى الوحل 0
- يا لهذا الحظ السئ ! فبعد كل الذى حصل , يحدث هذا . لو انها انتبهت الى المكان قبل ان تتوقف فيه ؟ لا فائدة الان من الوقوف تحت المطر دون معنى ... بحثت فانيسا حولها عن اغصان او احجار او ما شابه مما يمكن ان يوضع تحت العجلتين الخلفيتين لمساعدتها على الاقلاع , لكنها لم تجد شيئا ... على الاقل بالقرب منها . وادركت ان عليها العودة الى الغابة لاحضار بعض الاغصان اليابسة . فالمطر يزداد غزارة والظلام يشتد , وكلما اسرعت فى الذهاب كان الامر افضل . ومع انها لم ترحب بفكرة العودة الى الغابة المظلمة الرطبة , الا انها مضطرة لذلك0

dede77 14-02-10 10:54 PM

توجهت عائدة الى الغابة بخطى مسرعة جدا . فالامر ملح , والمطر لا يرحم. ركضت نحو اول شجرة وانحنت تجمع الاغصان اليابسة والجذوع المتساقطة ... وفجاة سمعت صوت محرك سيارة يزداد وضوحا كلما اقترب من الغابة . سيارة فى هذا المكان ؟ وللحظات ، وقفت فانيسا فى مكانها تصغى غير متاكدة من ان اذنيها لا تخونانها . ليس فى الامر خطا فصوت المحرك اصبح واضحا وقريبا . اسرعت نحو طرف الغابة ونظرت الى سيارتها غير البعيدة .. وهناك شاهدت سيارة كال غرين تقف الى جانبها 0
تجمدت فى مكانها , وخليط من العواصف المتضاربة يعصف بها . ماذا يفعل هنا ؟ من الاكيد انه لم يات صدفة الى هذا المكان بالتحديد ؟ هل هو وحده ؟ وشاهدته يخرج من سيارته ويتوجه الى سيارتها باحثا عنها . على الاقل انه ليس مع الجميلة هيثر . فهى لا تحتمل رؤيتهما معا . تذكرت ان حقيبة يدها فى السيارة , ترى هل يفتحها ويعبث بها ؟ سمعت فانيسا صوت اغلاق باب السيارة بقوة . لا فائدة من الوقوف هنا , بل عليها ان تخرج لملاقاته خاصة انها بحاجة الى مساعدة ... لا شك انه سيقدم يد المساعدة طبعا ممزوجا بالسخرية ، ولكنها اعتادت منه على ذلك 0
غادرت الغابة واخذت تعدو باتجاه السيارتين . كانت مستعدة لتحمل سخريته وتهكمه , ولكن لن تتحمل غضبه ابدا ... راته يستدير نحوها ويراقبها وهى تقترب . وما ان دنت منه حتى سمعت ما عكس لها طبيعة مزاجه 0
قال بصوت غاضب امر : ما تظنين نفسك فاعلة فى هذا المكان ؟
جمدتها الصدمة فى مكانها : ماذا ؟
-قلت , ماذا تظنين نفسك فاعلة هنا ؟
كانت عيناه مشتعلتين بالغضب ... هذا الغضب الذي يؤثر كثيرا فى فانيسا . فجاة انفجرت ضاحكة . لعل التوتر الزائد اطلق هذه الضحكة الهستيرية التى سرعان ما تحولت الى دموع منسكبة على وجنتيها . امسك كال بذراعيها وهزها بقوة : كفى !
توقفت فجاة وكانها اسيرة ذلك الصوت العميق الغاضب . ظل ممسكا بها وهى تتساءل فى نفسها عن ردة فعله لو قالت له : اننى احبك يا كال , فارجوك ان لا تمسنى .. لانك لو فعلت فاننى اريد ان اعانقك طويلا 0
ووقفت تنظر اليه شاحبة الوجه , وقلقة من جراء الافكار التى تجول فى ذهنها . فجاة ارتخت عضلات وجهه واطلق سراحها قائلا بهدوء : حسنا اعتذر لاننى صرخت فيك . لكن اسمعينى للحظات . لقد اختفيت دون ان تتناولى شيئا على العشاء , ذهبت فى سيارتك الى مكان لا يعلمه الا الله ... ولساعتين كاملتين لم يبد اى اثر لك….
ساعتان ! كانت تحس انها امضت عدة دقائق فقط فى الغابة , لكن نظرة سريعة الى ساعة يدها اكدت لها صدق كلامه 0
نظرت اليه وقالت :انا استطع ان اذهب فى نزهة مسائية عندما اريد . ثم اضافت بهدوء : لست ارى سببا لكل هذا الغضب من قبلك !
-الغضب ؟ طبعا غضبت . فقد اعتقدت انك هربت 0

dede77 14-02-10 10:55 PM

اتسعت حدقتاها بفعل الصدمة ... اما هو فقد نظر اليها بابتسامة سخرية واضاف: لقد ذهبت وتحدثت الى لورى 0
توقف قليلا , وانتظرت فانيسا ممسكة بانفاسها لانها تعرف ما سيحدث ... ولا تستطيع فعل شئ لايقافه .. وتابع قائلا : سالته عما اذا كان يعرف مكانك , اذ لا فائدة من البحث عنك اذا ما كنت تقضين اوقاتك معه . وكان من الواضح ان سؤالى صدمه وجعله يضطرب 0
استدارت فانيسا بعيدا عن نظراته الحادة , الا انه وضع يده على ذراعها بلطف وقال: لقد حصلت على الحقيقة منه بشكل او باخر , انك تخططين للرحيل….
وصاحت بالم مشوب بالغضب: مسكين لورى !
- لا تلوميه . فما كنت لاتركه دون ان يخبرنى كل شئ ....
ردت بمرارة واضحة: لا شك عندى فى ذلك ابدا 0
- صحيح . ولكنه لم يخبرنى عمن تكونين . لم تكن هناك ضرورة , فقد عرفت لوحدى 0
شعرت وكانها ستغيب عن الوعى . نظرت اليه بتساؤل :هل يعرف هو ايضا ؟
لم يكن من الضروري ان تذكر اسم جدها , فالامر واضح تماما لهما معا 0
- لا احد غيرى يعرف الحقيقة 0
- كيف ... كيف عرفت ؟
خرجت كلماتها بصعوبة بالغة . وفجاة بدا لها العالم مكانا مرعبا لا مجال للهرب منه , واحست بالارض تميد تحت قدميها وكان زلزالا مدمرا ضربها . اما كال فقد كان هادئا صامتا ولا مباليا . بدات ترتجف رغما عنها , فاضطر الى امسكها من ذراعها قائلا : ادخلى الى سيارتى 0
- كلا 0
وحاولت ان تخلص ذراعها من يده , لكن قبضته الحديدية لم تمكنها من ذلك0
-بلى , لن نظل هنا تحت هذا المطر . فانت مبللة تماما . واذا ما اصبت بالانفلونزا فلن يكون بامكانك الرحيل الى اى مكان 0
قادها نحو السيارة وفتح لها الباب , فالقت نفسها على المقعد منهوكة القوى . استدار وجلس بالقرب منها , ثم ادار التدفئة الداخلية , فملا الهواء الساخن جو السيارة الباردة . اسندت فانيسا ظهرها الى مقعد السيارة واغمضت عينيها طلبا للراحة . قال شيئا لم تسمعه لكنها احست بكومة اوراق بين يديها , فنظرت اليه وهو يقول : امسحى وجهك وشعرك . هيا افعلى ما اطلبه منك الان 0
لعل من السهل ان تنفذ اوامره بدلا من الجدال اللا مجدى 0
قال وهو يراقبها : تسالينني كيف اكتشفت الحقيقة ؟
كانت قد بدات تنشف شعرها الطويل . طلب منها ان تخلع معطفها المبلل لان السيارة صارت دافئة . فعلت باذعان وانحنى لمساعدتها فى تخليص ذراعيها ثم رمى المعطف على المقعد الخلفى 0
تابع قائلا : لقد خمنت ذلك . فى البداية كنت غير مرتاح لشخصيتك . شعرت بوجود شئ غريب لم اعرف ما هو ... الى ان كانت الليلة الماضية 0

dede77 14-02-10 10:57 PM

لم تنبس فانيسا ببنت شفة , تركته يروى القصة كما يشاء . لم تعد مهتمة بشئ ... فقد انتهى الامر 0
- رايت الليلة الماضية صورة لابن اندرو فى بيت هيثر . فقد احضرت هيثر صندوقا مليئا بالبطاقات والخرائط والصور التى جمعتها منذ كانت طفلة ... وبينما هى تقلب الاوراق شاهدت صورة لاندرو مع ابنه عندما كان طفلا . لم اسال عن وجود هذه الصورة فى الصندوق , بل اكتفيت باخفائها فى سترتى . ثم اضاف مداعبا : انا ماهر جدا فى النشل اذا اردت ذلك . هل تريدين رؤية الصورة ؟
- كلا 0
- يجب ان تريها . الشبه واضح بينكما . استغرب فقط كيف ان جدك لم يلحظ ذلك 0
استدارت وقد طفح بها الكيل: حسنا . ماذا تريد ان تفعل الان ؟
- انا ؟ ضاقت عيناه وهو يقول : افعل ؟ لا شئ 0
كبتت فى فمها صرخة عالية , ثم قالت بهدوء : لا تعطنى هذا الجواب السخيف . الست مسرورا لاكتشافك هذا ؟
ابتلعت ريقها بصعوبة مصممة على ان لا تضعف امامه : اليس هذا ما كنت تنتظره ؟ حسنا , اذهب واخبره . فالامر لم يعد يهمنى ابدا 0
قال بهدوء : اعتقد ان عليك اخباره بنفسك . اما الان فساعود بك الى البيت قبل ان تصابى بالبرد 0
- لكن سيارتى عالقة 0
- اعرف ذلك 0
ادار محرك السيارة وهو يقول : انت غير قادرة على القيادة الان . وساعود غدا مع لورى لاحضارها0
انفجرت فى وجهه فى محاولة لتاخير العودة :انه يكرهك 0
بدا مندهشا وهو يسال:هل يكرهنى فعلا ؟ هل اخبرك لماذا ؟
- اجل 0
- ماذا قال ؟
- لن اخبرك . بل لن اناقش اى شئ معك 0
- اذا اخبرك عن شقيقته فلا شك انه لون القصة قليلا . لذلك ساحكى لك قصتى انا , وبعد ذلك انت حرة فى تصديق الجانب الذى يعجبك . واؤكد لك باننى غير مهتم بما ستصدقين 0
اطفا محرك السيارة وتابع يقول قائلا :القصة سهلة بحيث تبدو غير معقولة ، لكنها الحقيقة كاملة . لقد اعجت شقيقة لورى بى . صحيح انها فتاة لطيفة لكننى لم اعجب بها شخصيا , مما ادى الى غضبها منى وحقدها على لكونها مدللة ومغرورة . لذلك اخبرت اخاها باننى حاولت التحرش بها , فما كان منه الا ان تصدى لى فى احدى الليالى وحاول ضربى . لم اعرف انذاك غضبه , ولكنى لسوء حظه اعرف الكثير من الجيدو ... وهكذا واجهته وتغلبت عليه دون ان اؤذيه . فقط دافعت عن نفسى واجبرته على اخبارى عن سبب غضبه لم يصدقنى عندما اكدت له باننى لم اقترب من اخته ابدا . ولا شك ان كبرياءه انجرح لاننى اكتشفت فيما بعد انه بطل هاو فى الملاكمة فى هذه المنطقة . وهذا ببساطة هو سبب عدم اعجابه بى . وبعد ذلك حزمت شقيقته حقائبها ورحلت الى اضواء المدينة فى ابردين حيث يمكن ان تجد ما يناسبها .. وهنا تنتهى قصتى 0

lona-k 15-02-10 01:28 PM

شو وينك ديدي شو صار بعدين

dede77 15-02-10 11:10 PM

ادار محرك السيارة مجددا , فى حين ظلت فانيسا صامتة . لقد صدقت قصته . كما ان الحديث عن شقيقة لورى ساعدها للحظات على نسيان القصة الاساسية التى تدور حولها شخصيا . نظرت اليه وهو يقود السيارة فى الممر الذى يوصل الى االطريق العام ، فشعرت باضطراب شديد : كيف يمكن ان تحب وتكره الانسان ذاته فى الوقت نفسه ؟ يجب ان يكون الامر مستحيلا ، لكنها تحبه وتكرهه فى آن واحد . قبعت فانيسا فى مقعدها منهكة , والقت راسها الى الخلف وهى تحس بجوع كبير . لقد وعدها كال بانه لا ينوى اخبار احد عن حقيقة شخصيتها , وهى تميل الى تصديقه . وفجاة عادت الى ذهنها صورة الرسالة القابعة فى غرفتها , وتذكرت ان عليها الرحيل فى الصباح الباكر0
سالته بهدوء وتعاطف :هل يمكن ان تحضر سيارتى هذا المساء , فهى غير مقفلة ؟
- المنطقة امنة هنا . ثم التفت اليها مبتسما: على كل ساحضرها الليلة , فلا تقلقى 0
- شكرا لك0
ظل هناك شئ واحد , يجب ان تحصل على مفاتيح السيارة حتى تغادر البيت باكرا : وهل يمكن ان تترك لى المفاتيح فى البهو عندما تعود , فقد اكون نائمة ؟
- كما ترغبين , فانا لن اضيعها 0
لم تشا ان تقول انها لم تفكر فى هذا الامر ... وهكذا امضيا القسم الاخير من رحلة العودة صامتين 0
اوقف كال السيارة امام الباب الامامى , وفتح الباب لفانيسا قائلا : هيا الى الداخل . ساطلب من السيدة بانكس ان تجهز لك العشاء بعد ان ابلغ ... السيد ماكلين بانك عدت بسلام . ساقول له ان سيارتك علقت فى الوحل وانك حاولت اخراجها بنفسك0
راقبته وهما يصعدان الى البهو الداخلى . لا شك انه عنى شيئا عندما ختم كلامه بالقرب من السيارة قائلا بنعومة واضحة : هذا كل ما ساقوله له .. اما الباقى فمن مسؤوليتك انت يا فانيسا 0
ودخلا معا . عبرت فانيسا القاعة بتمهل باتجاه السلالم . وكانت من التعب بحيث اضطرت للاستناد الى الجدار 0
بذلت جهدا كبيرا فى تبديل ملابسها والاستحمام واللجوء الى السرير . لم تجرؤ على مباشرة حزم حقائبها خوفا من ان تكشفها السيدة بانكس , لكنها ستفعل فور الانتهاء من عشائها ... فهى بحاجة الى استجماع قوتها اذا ما ارادت الرحيل باكرا0
كان النعاس على وشك ان يغلبها عندما سمعت قرعا على الباب . جلست فى سريرها وقالت : ادخلى 0
لم تكن السيدة بانكس , بل كان كال حاملا صينية الطعام . فاجاها منظره فسحبت الغطاء الى كتفيها ونظرت اليه باستنفار وقلق 0
-لا تضطربى . فانا لا انظر اليك . ثم اضاف مبتسما: كادت السيدة بانكس ان تطردنى من المطبخ لانها مشغولة بصنع قالب من الكاتو , لذلك تبرعت باحضار الطعام بنفسى 0

dede77 15-02-10 11:17 PM

وضع الصينية على ركبتيها بعناية , ثم نظر اليها وكانه يريد ان يقول شيئا .. لكنه استدار واتجه نحو الباب . قال وهو يغادر الغرفة : تصبحين على خير يا فانيسا0
- تصبح على خير ايضا . ثم اضافت بعد ان اغلق الباب : وداعا يا كال 0
انتهى الامر . لن تراه مرة اخرى ابدا . تنهدت بعمق ... وبدات فى تناول طعامها0
تاخر النوم فى المجئ الى عينيها ... وعندما جاء , كان متقطعا ومضطربا ومليئا بالاحلام والكوابيس المزعجة التى ايقظها مرات عديدة 0
نهضت من فراشها بعد ان ارعبها كابوس رات نفسها فيه ضائعة فى غابة كثيفة الاشجار وشخص غريب يلاحقها . لم تستطع ان ترى ملامحه , فقط ظلت تسمع صوتا يتردد باستمرار : فانيسا .. فانيسا 0
كان جو الكابوس مرعبا وخانقا بحيث وجدت صعوبة فى العودة الى النوم , لذلك تسللت من سريرها واقتربت من الساعة لتعرف الوقت بدون ان تضئ النور خوفا من ان يراها احد . كانت حوالى الخامسة صباحا , نظرت الى السرير الدافئ وتمنت لو تعود اليه , لكنها تعرف ان النوم سيغلبها اذا فعلت وبالتالى ستفوتها فرصة الهرب . لذلك يجب ان تتحرك الان 0
كانت حقيبتاها معدتين ومخباتين فى الحمام بانتظار الرحيل . عليها فقط ان ترتدى ملابسها وتاخذ مفاتيح سيارتها ... وتهرب . وطبعا يجب ان لا تنسى ترك الرسالة على الصينية لتجدها السيدة بانكس فى الصباح . وبهدوء بالغ ارتدت فستانا تركته للرحلة عندما حزمت حقيبتها , ثم وضعت الرسالة على الصينية وقلبها يعتصر الما من جراء احساس بالحزن العميق لان الرسالة هى اخر خطوة فى هذه الرحلة التعيسة 0
تسللت على رؤوس اصابعها وهى تحمل الحقيبتين , وعندما وصلت الى البهو الداخلى وضعت احداهما على الارض لاخذ مفاتيحها الموضوعة على الطاولة . لقد صدق كال فى كلامه , فها هى المفاتيح موجودة فى المكان المتفق عليه 0
شهقت فانيسا بالدموع المكتومة وهى تفتح الباب . لم يحدث ابدا ان اغلق اهل البيت الباب الخارجى . وقد صدمتها هذه المسالة عندما وصلت الى دينستون هاوس ، لكنها تشعر الان بالارتياح لذلك . خرجت واغلقت الباب بهدوء , ثم حملت حقيبتها وسارت نحو موقف السيارات . فى الخارج ، صدمها الهواء البارد الرطب فى حين كان الضباب يغطى العشب والاشجار والبيت كله . ارتجفت باضطراب وهى تلقى نظرة الوداع على البيت . فلقد كان نائما مثل الناس الذين ينامون فيه 0
استدارت وحثت خطاها نحو موقف السيارات . وخوفا من ان يسمع احد وقع قدميها على حصى الممر , انتقلت للسير على العشب المجاور وظلت عليه حتى الامتار القليلة الاخيرة . لا شئ يتحرك فى البيت , حتى ستائر المطبخ مازالت مغلقة والاضواء مطفاة 0
وضعت حقيبتيها فى المقعد الامامى واستدارت الى مقعد القيادة واغلقت الباب بهدوء ثم ادارت مفتاح المحرك . زأر المحرك عدة مرات دون ان يتحرك . وبقلق شديد كررت المحاولة , ولكن شيئا لم يتغير . هل البرودة هى السبب ؟

dede77 15-02-10 11:25 PM

همست لنفسها بغضب: اللعنة على هذا الحظ . هل كان من الضرورى ان يحدث ذلك الان ؟ فتحت الغطاء وخرجت بهدوء لتتفحص المحرك . حاولت جهدها الا تصدر اية اصوات . رفعت الغطاء والقت نظرة شاملة دون ان تدرى فعلا عما تبحث , باستثناء حدس يقول لها ان شيئا ما غير طبيعي . انها تعرف بعض المعلومات العامة عن المحرك , وقد اكدت لها نظرتها العابرة ان كل شئ فى مكانه0
كانت على وشك ان تعيد الغطاء الى مكانه عندما لاحظت ان احدى مضخات الوقود غير محكمة الربط , ولما تفحصتها وجدت المضخة الاخرى غير محكمة ايضا مما زاد فى شكوكها . ولما رفعت غطاء توزيع الوقود وجدت ان المضخة نفسها غير موجودة . وعرفت على الفور المسؤول عن هذه اللعبة القذرة . انه كال بالتاكيد . فقد جرب هذه اللعبة بعد احدى السهرات على سبيل المزاح , عندما اخفى المضخة من سيارتها بحيث اضطرت الى مرافقته فى سيارته عائدين الى البيت . قبلت المزحة فى المرحلة الاولى , وضحكت كثيرا عندما اخبرها كال الحقيقة على العشاء فى اليوم التالى . اما الان فالمسالة تختلف , ولا شئ فيها يثير الضحك0اغلقت الغطاء بهدوء وعادت مسرعة الى البيت . وبما انه اخذ المضخة من سيارتها فستذهب فورا اليه لاستعادتها منه , والارجح ان يكون محتفظا بها فى غرفته . لكن لماذا ؟ قلبت هذا التساؤل فى ذهنها وهى تركض على العشب عائدة الى البيت الذى ودعته قبل قليل . كانت منزعجة جدا ، وكلما اقتربت من البيت تحول حذرها الى غضب شديد . فتحت الباب بسرعة ثم اغلقته بشدة وركضت باتجاه السلالم . كانت تحس بموجة عارمة من الضيق فى صدرها وبالنار تشتعل فى عينيها . كيف يجرؤ هذا الرجل العنيد على التصرف معها بهذا الشكل ؟
وصلت الى غرفة نومه ... ترددت للحظات قبل ان تفتح الباب وتدخل عليه بقوة . كان كال غارقا فى نومه ولم يظهر منه سوى شعره الاسود الفاحم , فى حين امتدت يده اليمنى خارج الغطاء الدافئ 0
نظرت فانيسا اليه وهى تفكر فى ما يجب ان تفعله الان . ولم يستمر ترددها طويلا , اذا انحنت اليه وهزته بعنف 0
استيقظ على الفور وفتح عينيه واسعا وهو ينظر اليها باستغراب شديد . ثم قال بصوت ما زال ناعسا : ما الامر؟ ماذا جرى ؟
قالت بحزم : اين هى ؟
حاول ان يمسح عن وجهه اثار النعاس ثم جلس فى مكانه ونظر الى ساعته صارخا : يا الهى .. هل تعرفين كم الساعة الان ؟
- اجل . اين المضخة التى اخذتها من سيارتى ؟
تنهد بعمق وعلى وجهه تعابير الاعتراف باللعبة : اذن هذه هى المسالة ؟
- اجل , هذه هى 0
شدت قبضتيها بقوة وجاهدت لتمنع نفسها من ضربه , فالامر لن يعود عليها باية فائدة , ومن الاكيد انه سيرفض اعطاءها المضخة بعد ذلك . هدات نفسها وقالت : ارجوك ان تعطينى اياها 0

dede77 15-02-10 11:32 PM

كان كال قد استيقظ تماما الان وجلس فى السرير بشكل مريح . نظر اليها ثم هز راسه وقال : لا….
- ولماذا لا ؟
- لانك ستهربين بعد ذلك 0
قاطعته بغضب: وماذا يعنيك الامر فى اى حال ؟
- يعنيني كثيرا . فانا لن اسمح لك بالهرب مثل….
قاطعته مرة اخرى : اذهب الى الجحيم انت وافكارك 0
ثم استدارت قليلا فى محاولة لكبت جماح غضبها المتزايد . وفجاة لمحت مفاتيح سيارة على الطاولة .. انها مفاتيح سيارة الجاكوار .. ودون ان تفكر بما تفعل اختطفت المفاتيح عير عابئة بان ذلك قد يعتبر سرقة . ولماذا لا ؟ فهو الذى اخطا فى الاساس . قالت : اذا ساخذ سيارتك , فوداعا , ساكتب لك فى وقت لاحق لابلاغك عن المكان الذى ستجد فيه سيارتك 0
استدارت وخرجت راكضة من الغرفة , ثم اسرعت الى الممر نزولا الى السلالم باتجاه القاعة وهى تدعو ربها ان لا ينهض كال ويلحقها . ركضت من الباب باتجاه الممر غير مهتمة بصوت الحصى المبعثرة تحت قدميها ، فقد انتهى الامر الان 0
اطلقت العنان لساقيها مدفوعة بالخوف والياس . ليس هناك الكثير من الوقت . عليها اولا ان تنقل حقيبتيها من سيارتها الى الجاكوار . فسيارة كال قريبة من سيارتها والابواب كلها مشرعة , فقط عليها ان ... وصلت الى الموقف واسرعت بفتح باب سيارتها وانحنت لترفع الحقيبتين عندما وقع عليها ظل شخص ما . رفعت عينيها لتجد كال واقفا بالقرب منها وهو حافى القدمين 0
تنفس بعمق وهو يقول : انك بالفعل قادرة على الهرب 0
انتصبت واقفة وقد اسقطت من ذهنها كل شئ ما عدا الهرب من هذا الرجل . قالت وهى ترفع الحقيبتين : ابتعد عن طريقى فورا 0
- لا شك انك تمزحين . ضعى الحقيبتين وهيا الى البيت بهدوء . فقد انتهى زمن المرح والالعاب يا حبيبتى 0
لم تنتبه الى الكلمة الاخيرة التى استعملها , فقد كان يشد على يديه القويتين اللتين انتزعتا الحقيبتين منها . وعند هذا الحد طفح الكيل معها واخذ صدرها يغلى كمرجل , وبلا وعى هجمت عليه بكلتا يديها , اما هو فقد ارخى الحقيبتين من يديه واطلق ضحكة مجلجلة ثم امسك بها وجمدها فى مكانها 0
- لقد حذرتك مما سيحدث لك اذا ما اقدمت على ضربى 0
ولدهشتها البالغة لف حولها ذراعيه وعانقها . وبدا لفانيسا ان الزمن قد توقف وان الكون كف عن الدوران وانهما لوحدهما فى هذا العالم الواسع 0
وفجاة انتهى العناق وابتعدا عن بعضهما البعض ... وسادت لغة العيون بينهما . كان وجه كال داكنا فى ذلك المكان المعتم , اما وجه فانيسا فكان ساكنا وهادئا . تكلم كال بهدوء خوفا من ان يحطم السكينة المسيطرة , فقال : فانيسا ... آه يا فانيسا . ماذا افعل بك الان ؟
خرج صوتها مرتجفا : دعنى اذهب يا كال , دعنى اذهب فورا 0

dede77 15-02-10 11:40 PM

همس بنعومة فائقة : لا .. ليس الان .. وليس فيما بعد .. هيا ادخلى الى السيارة فانت ترتجفين 0
لم تستطع مقاومته هذه المرة . جلس الى جانبها وادار جهاز التدفئة فى السيارة ثم وضع ذراعه حول كتفيها : لا تتشاجرى معى يا فانيسا . فانا لا استطيع احتمال ذلك 0
- لست افهم .. لست افهم ما تقصد . وتابعت وقلبها يخفق بشدة 0
-نحن لا ... انا اكرهك وانت تكرهنى 0
- لا , غير صحيح 0
وتابع كلامه وهو يداعب خدها برفق : كنت قادرة دائما على ازعاجى اكثر مما تتصورين ... ولم ادرك السبب الا فى الليلة التى اعتقدت انك هربت فيها ... يا الله , لا يمكن ان تتصورى مشاعرى عندما اخبرنى لورى بهربك . واعتقدت فعلا انك رحلت . وقتها عرفت ... عرفت ماذا اشعر نحوك وعرفت ماذا تشعرين نحوى . فلا تحاولى النفى الان 0
- انت مجرد حيوان مخادع 0
خرج صوتها ضعيفا هامسا . لكنه وصل الى سمع كال , فضحك طويلا 0
-حيوان مخادع ؟ يعجبنى هذا الكلام . وفى الحقيقة لا ابالى بالاوصاف التى تنعتينى بها . لقد رايت كل شئ فى عينيك الليلة الماضية . ولا يمكنك اخفاء الواقع يا فانيسا 0
ازدادت خفقات قلبها وهى تنظر مباشرة فى عينيه . وعندما رات مشاعر الحب فيهما مدت يدها تلامس وجهه القاسى 0
-آه , كال . ارجوك ساعدنى . انا هاربة من….
الاعتراف قاس جدا , ولكن زمن الاكاذيب قد انتهى . لم تعد قادرة على اختلاق القصص ، على الاقل ليس الان وليس معه بالتحديد . تابعت كلامها قائلة : جئت الى هنا لاعرف جدى على حقيقته . فبعد الذى اخبرنى به والدى كرهت جدى , واتيت لانني عرفت انه يبحث عن حفيدته . وكنت ساجعله يحبنى ثم ... ثم ارحل واتركه وحيدا 0
- لا ترحلى , لست مضطرة 0
همست بحدة : بلى , يجب ان ارحل . لانني اكره نفسى يجب ان ارحل . وانت ستكرهنى ايضا بعد ان انتهى من رواية قصتى . لقد التقيت جدى وبدات احبه …
قطعت كلامها فجاة واغرقت راسها بين كفيها عندما داهمتها الدموع المنهمرة . احست بيد كال تمتد الى رقبتها وتلامسها بلطف ومحبة . لم تعد تستطيع الاحتمال ، وبحركة غريزية استدارت ودفنت راسها فى صدره . فى حين احتضنها هو بذراعيه وراح يهدهدها كطفل صغير 0
- لا تبكى يا حبيبتى . ارجوك لا تبكى 0
- لا استطيع .. لا استطيع 0

dede77 15-02-10 11:49 PM

- اسمعى يا فانيسا . ولكنه قبل ان يكمل اخذ نفسا عميقا وصمت للحظات بحيث توقفت فانيسا عن النحيب : اسمعى . انه بحاجة اليك . الا تلاحظين ذلك . انه بحاجة ماسة الى وجودك . وهربك من حياته عمل قاس للغاية . انت ستظلين هنا حتى لو اضطررت الى استعمال القوة . ستبقين هنا وسنرى جدك سويا ونخبره بالحقيقة 0
ردت بصوت تخنقه العبرات: لا 0
- بلى . انا احبك ايتها المجنونة ولن اتركك ترحلين الان 0
فاجاتها العبارة , فابعدت راسها عن صدره وقالت : ماذا ؟
- قلت اننى احبك . فهل انت عمياء بحيث لا ترين مشاعر الحب فى عينى ؟
- انت ..! ولكن ماذا عن هيثر؟
- هيثر؟ لقد حولتنى الى مجنون فى غضون ستة اشهر فقط . فهى لا تهتم بشئ الا بنفسها وبمظهرها الخارجى . انها تصلح للقاءات موسمية فقط , اما انت يا جميلتى فتستطيعين تجاوزها فى كل شئ حتى بدون ان تحاولى 0
ولم تحر فانيسا جوابا بالرغم من عشرات الافكار التى تراودها الان .
وهكذا... تابع كلامه وهو يحكم ذراعه حول كتفيها وكانه يطمئن الى انها لن تهرب مرة اخرى .انت لن ترحلى عنى بعد اليوم , الا اذا اردت ان الحق بك اينما كنت 0
- لا . عرفت اننى احبك مساء امس على العشاء 0
ابتسمت وهى تتذكر المناسبة واضافت تقول : وبالتحديد عندما تناولنا الحساء . نظرت اليك وقتها و... صعقنى الشعور بشكل مفاجئ 0
- يا الهى , هل هذا هو السبب فى انقطاع شهيتك عن الاكل ؟ تابع قائلا وهو يضحك : اهذا هو التاثير الذى اتركه عليك ؟
اتسعت ابتسامتها وهى تقول : اعتقد ذلك ثم اضافت بنعومة : آه يا كال . لماذا حدث هذا ، وكيف ؟
لم يكن بحاجة لسؤالها عما تقصد : لان بعض الاشياء يا صغيرتى المجنونة ، تحدث هكذا . هل تذكرين يوم دخلت المكتبة وعرفت ان لورى عانقك ؟ حسنا , لقد جاهدت نفسى كثيرا كى لا اهجم عليه . ولم استطع ان افهم سبب غضبى ... لعلى كنت غبيا ؟ ثم اخذ هذا الشعور ينمو ويزداد وانا احاول طرده لاننى كنت اعرف انك مزورة اذا صح التعبير. كان الشك يكبر يوما بعد يوم دون ان افهم السبب , وكانت تنمو معه رغبتى فى احتضانك والبقاء الى جانبك . والحقيقة اننى كدت افعل ذلك فى احد دروس الجيدو . وكم كنت وقتها بحاجة الى السيطرة على النفس التى تبنيها رياضة الجيدو 0
سالت بنعومة : لقد كنت قاسية معك , اليس كذلك ؟
- كيف يمكن ان اوافق على ذلك ؟ اعتقد اننى كنت فظا معك يا عزيزتى . على كل انتهى الامر ، اعنى اننا نعرف حقيقة مشاعرنا . آه ايتها الحبيبة فانيسا . كم انا سعيد لاننى اخفيت المضخة من سيارتك !
- صحيح . على فكرة اين وضعتها ؟

dede77 15-02-10 11:55 PM

سالته بلهجة امرة , لكن عينيها لم تلتمعا بالغضب هذه المرة 0
- انها مخباة فى صندوق صغير موضوع فى مكان ما بحيث لا يمكنك اكتشافه مهما بحثت . فقد انتابنى احساس بانك ستحاولين الهرب , وانا لم اتوقع ان تقتحمى غرفتى . يا لك من امرأة عصبية جدا !
همست بحياء : انا اسفة يا حبيبى !
- يجب ان تغيرى تصرفاتك , فانا لا اقبل مثل هذا الموقف من زوجتى 0
- ماذا ؟
- هل هذا كل ما عندك لقوله ؟
- اجل ... وحتى استعيد انفاسى المتقطعة . لست متاكدة مما سمعت !
نظر الى ساعته وقال : تعالى يا حبيبتى . انها السادسة تقريبا . ما رايك لو نتسلل الى المطبخ ونرتشف بعض القهوة المنعشة , فالسيدة بانكس لن تستيقظ قبل السابعة؟
- لا باس 0
ولكنها ارادت ان تضيف شيئا اخر , الان وقبل ان يغادرا السيارة 0
- كال….
-نعم !
- ارغب برؤية جدى على انفراد . ارجوك , فانا اريد ابلاغه الامر بنفسى 0
- هل انت متاكدة 0
- نعم . يجب ان اخبره بنفسى . اظنك تفهم الوضع !
ابتسم لها وهما يسيران عائدين الى البيت . كانت عيناه ووجهه وكل ملامحه تنطق بالحب العميق : انا افهم موقفك تماما يا حبيبتى . لكننى سوف انتظرك . لا تضطربى , يكفى ان تخبريه بطريقتك الجميلة الطيبة , وسيفهم على الفور 0
- اتمنى ذلك 0
اغلقت عينيها برهة ثم تابعت : لقد تركت له رسالة مع ان الكتابة كانت صعبة . اما الان , فانا سعيدة لانك منعتنى من الرحيل ... لا يمكن ان تتصور كم انا سعيدة !
وضع ذراعه على كتفيها بحنان , ثم اشار الى الافق قائلا : هل ترين تلك التلة البعيدة ؟
نظرت فانيسا الى البعيد فشاهدت تلة كبيرة تكسوها الثلوج . اما هو فتابع يقول : ساظل احبك ما دامت الثلوج موجودة على قمة التلة 0
ابتسمت بدلال وقالت : انها لا تذوب ابدا ... انها هناك الى الابد 0
- اجل .. ان حبى لا ينتهى ابدا 0
وضمها بين ذراعيه وغابا فى عناق طويل 0

تمت بحمد الله

Rehana 16-02-10 01:26 PM

ربي يعطيك العافية حبيبتي على مجهودك المميز

وراح أنقل رواية على جهازي الجوال وأقرائها


http://www.liillas.com/up3//uploads/...64461229a5.gif

صوت البحر 18-02-10 01:50 PM

عاست ايدك وشكراشكــــــــــــــــــرا على المجهور الرائع

AZAHEER 22-02-10 03:50 AM

يسلمووووووووووو

زهرة الماس 24-02-10 11:55 AM

يسلموووووووووووووووووووووووووووووو

الجبل الاخضر 28-02-10 06:12 PM

ووووووووووووووووووووووااااوووو شكرا وتسلمين على المجهود الرائع ننتظر جديدك

souad2006 31-03-10 04:52 PM

merciiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiii iiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiii iiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiii iiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiii iiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiii iiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiii iiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiii chokrannnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnn nnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnn nnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnn nnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnn nnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnn شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . بسم الله الرحمن الرحيم بسم الله الرحمن الرحيم بسم الله الرحمن الرحيم

قماري طيبة 01-04-10 10:45 AM

رواية جميلة جدا تشكري عليها... بارك الله فيك ورحم الله والديك, يعطيك الف عافيه... موفقة بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

سفيرة الاحزان 05-05-10 01:11 PM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

moura_baby 23-08-10 04:29 AM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

dede77 23-08-10 08:25 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Rehana (المشاركة 2173032)
ربي يعطيك العافية حبيبتي على مجهودك المميز

وراح أنقل رواية على جهازي الجوال وأقرائها


http://www.liillas.com/up3//uploads/...64461229a5.gif

شكرا لك قمر على كلامك الرقيق 0

ويا رب تعجبك لما تقرايها 0

فى انتظار رايك يا احلى قمر يالمنتدى 0

dede77 23-08-10 08:27 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صوت البحر (المشاركة 2176209)
عاست ايدك وشكراشكــــــــــــــــــرا على المجهور الرائع

شكرا لك 0

عشت صوت البحر 0 ويعطيك العافية 0

dede77 23-08-10 08:35 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة AZAHEER (المشاركة 2181216)
يسلمووووووووووو


شكرا لك 0

تسلمى من كل شر 0

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زهرة الماس (المشاركة 2184702)
يسلموووووووووووووووووووووووووووووو

تسلمى حبيبتى زهرة الماس 0

شكرا لك على متاعتك المستمرة 0

dede77 23-08-10 08:38 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الجبل الاخضر (المشاركة 2190206)
ووووووووووووووووووووووااااوووو شكرا وتسلمين على المجهود الرائع ننتظر جديدك

شكرا يا ارق جبل اخضر 0

تسلمى حبيبتى 0 ويعطيك العافية 0

dede77 23-08-10 08:41 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة souad2006 (المشاركة 2242325)
merciiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiii iiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiii iiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiii iiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiii iiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiii iiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiii iiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiii chokrannnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnn nnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnn nnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnn nnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnn nnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnn شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . بسم الله الرحمن الرحيم بسم الله الرحمن الرحيم بسم الله الرحمن الرحيم


شكــــ وبارك الله فيك ـــرا لك .

لك منى الف شكر على كلامك الجميل 0

dede77 23-08-10 08:44 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قماري طيبة (المشاركة 2243387)
رواية جميلة جدا تشكري عليها... بارك الله فيك ورحم الله والديك, يعطيك الف عافيه... موفقة بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

انت الاجمل قمارى 0

شكــــ وبارك الله فيك ـــرا لك .

لك منى ارق تحية وسلام 0

dede77 23-08-10 08:53 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سفيرة الاحزان (المشاركة 2292674)
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .



شكــــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك منى اجمل تحية 0


اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة moura_baby (المشاركة 2421686)
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .


شكــــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك منى اجمل تحية0

شاهد 24-08-10 02:04 AM

تسلمي الرواية رووووووووووووعة

ليلى3 01-09-10 01:29 AM

مرحبا كثيييييييييييييييييير حلوة هالرواية وكمان اسلوب الكتابة رائع يسلمو عزيزتي و:0041:

بنوتهـ عسل 02-09-10 02:57 AM

تسلمي حبيبتي ع الرواية الجونأآآآآآآآآآن ،،

الله يعطيك العافية ياعسل ،،

ساكنه 25-12-10 12:01 PM

:liilas::flowers2:الف مليييييييييييييييييياااااااااااااااااااااااار شكر خااااااااااااااص الى جميع اعضاء منتدى ليلاس الغالية والى الاخت dede 77على مجهوها الرائع في الاختار والكتابة واتمنى لكم مزيد من التقدم والازدهار واحلالالالالالالالالالالالا:Welcome Pills4: وارق سلالالالالالالالالام وتحية الكم ودمتم لي في قلبي سكنة:lol:

فجر الكون 08-03-11 11:36 PM

ربي يعطيك العافية ,,,

ندى ندى 09-03-11 11:22 PM

رووووووووووووووووووووووووووعه

زهرة منسية 26-05-11 01:24 PM

يسلموا ايديكى حبيبتى الروايا دى انا بحبها كتير واستمتعت جدآ بيها

سومه كاتمة الاسرار 15-06-11 02:07 AM

تسلمين على هالمجهود الرائع سلمت انامك
:8_4_134:

انجلى 16-06-11 08:45 AM

شكرااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا لك على الراوايه الممتاززززززززززززززززز :welcome_pills3::welcome_pills3::welcome_pills3::welcome_pil ls3::46::46::46::46::8680010521::8680010521::8680010521:

سماري كول 16-06-11 02:53 PM

تسلمين ع الروايه

هتونا 16-12-15 02:18 AM

رد: 74 - السرّّ الدفِين ـ مارى ويبرلي ـ روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
رؤؤؤؤؤعة الف شكر ودمتم

سماري كول 21-09-22 08:01 PM

رد: 74 - السرّّ الدفِين ـ ماري ويبرلي ـ روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
يسلموا على الرواية

نجلاء عبد الوهاب 27-07-23 09:08 PM

رد: 74 - السرّّ الدفِين ـ ماري ويبرلي ـ روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
:0041::0041::0041::0041::0041::0041::0041::0041::0041::0041: :0041::0041::0041::0041::0041::0041::0041:


الساعة الآن 04:47 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية