منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   128 - فرس الريح - مارغريت بارغيتر - روايات عبير القديمة ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t121872.html)

safsaf313 28-10-09 06:31 AM

128 - فرس الريح - مارغريت بارغيتر - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
الملخص
القلب مثل اليد ... يذهب مع الانسان الى كل الأمكنة حتى التراب....

قلب جين براون همس لها :لا تتزوجي من فيليكس فاستمعت جين الى كلام القلب.ولكن والدها المتسلط احكم الطوق عليها,ولم يكن امامها غير الهرب...هربت وليس معها سوى قلبها ... وحبها للخيول وحلم بانشاء ناد للفروسية . كانت وحيدة ... ضائعة تمزقها الغصات ,حين قرأت اعلانا عن حاجة مزرعة للخيول الى عاملة...طارت فورا الى العنوان لتلتقي صاحب المزرعة شارل الاكثر تسلطا وقسوة من والدها...عاملها ببرود واهمال, ابكتها كبرياؤه ... اذلها وعذبها واضطهدها ...فهربت ...ولكن هذه المرة لم يهرب معها قلبها بل خذلها وبقي
في المزرعة قرب سيده !منتديات ليلاس

بنوته نايس 28-10-09 08:13 AM

من الملخص باين انها
رووووووووووووووووعه
ننتظرالروايه
وتقبلي خالص تحياتي

وردة الزيزفون 28-10-09 09:00 AM

شكل الرواية مرة محمسة وحلوة في انتظارك

Rehana 28-10-09 10:57 PM

يعطيك العافية..صفصف

ننتظر الرواية ياعسل

awaw 29-10-09 10:55 AM

الله من الملخص باين انها تحمس وحلوه ننتظر الروايه

zoubaida 29-10-09 11:42 PM

ktiiiiiiiiiiiiiiir hilwa ow bitawfik fi kitabitha

safsaf313 01-11-09 09:04 AM

الفصل الاول
 
بنوته نايس

وردة الزيزفون



قمــر الليل



awaw

zoubaida



شكرا ليكم حبيباتى على مروركم وعذرا على التأخير وآدى الفصل الاول من الروايه لعيونكم يا قمرات





1- هاربة من والدها




أتخذت جين لنفسها مكانا الى أحدى الطاولات في المطعم الصغير , التابع للفندق الذي قضت فيه ليلتها , وما أن شرعت بتناول طعام الأفطار , حتى وقع نظرها على هذا الأعلان في جريدة وجدتها مهملة على الطاولة .
- نبحث عن شابة للعمل في مزرعة كبيرة , ملمة بأعمال الفروسية , وعلى من تود التقدم لهذه الوظيفة , ألا تخشى صعوبات العمل لأنه لا يتطلب مجهودات كبيرة ومعقدة.
لم تعد جين تستطيع أن تبعد نظرها عن هذا الأعلان , الذي أنتصب أمامها كالقدر , والذي شكل لها مقدارا كبيرا من التحدي , وفي الوقت نفسه , الحلم الذي طالما تمنت تحقيقه, فقد تمنت العمل في مزرعة السيد جون غرانت , صاحب خيول السباق الشهير في أنكلترا , حيث كانت تمضي عطلاتها الصيفية وهي تتمرن على ركوب الخيل , ولم يمنعها بعد ذلك تحقيق هذا الحلم , سوى الصداقة التي تربط السيد غرانت بأهلها.
وبهدوء أدارت قرص الهاتف حيث أتاها صوت أمرأة على الطرف الآخر:
" ألو...هنا ( هاي لنتون) مكتب وكيل الأعمال".
فوجئت جين بالصوت الخشن الرتيب ,واللهجة الحازمة فقالت:
" صباح الخير".منتديات ليلاس
وشعرت فجأة بأن كل ما أعدته من كلام تبخّر من رأسها كالدخان , وعندما سمعت صوت المرأة يرد مرة أخرى:
" ألو...".
حاولت أن تستعيد طمأنينتها فأجابت:
" عفوا سيدتي... أنه بخصوص الأعلان الذي نشر هذا الصباح , فهل أستطيع التحدث الى المسؤول ؟ أنا جين براون".
لم يأت رد المرأة على الطرف الآخر سريعا , وكأنها كانت تتحدث الى شخص آخر بصوت خافت , ثم أجابت:
" وكيل الأعمال ليس موجودا اليوم وكذلك السيدة تيت المسؤولة عن المنزل".
هذا الرد أربك جين , وحاولت ألا تدع الفرصة تفوتها فسألت:
" أذن من يستطيع مساعدتي في هذا الموضوع؟".
وبشيء من التردد أجابت المرأة:
" لا بد أن السيد غريرسون على علم بالموضوع , وأنه لمن الأفضل أن تحضري وتقدمي له نفسك".
أضافت جين بسرعة:
" ولكن أين يمكنني أن أقدم نفسي؟".
أجابت المرأة:
" آه صحيح , كدت أنسى ذلك , هل لديك قلم لأعطيك العنوان؟".
كان عليها أن تأخذ القطار من نيوكاسل الى هايدون وبالتالي تنتظر الباص الذي سيقلها الى هاي لنتون , وبدت المسافة لجين وكأنها لا تنتهي ,في ذلك الطريق الصحراوي الوعر.
كانت تتمنى ألا يكون السيد غريرسون رجلا عجوزا , لأنها خيرت عدوانية الرجال من هذا الجيل وما يضمرونه من عداء للشباب أمثالها , وتحملت بما فيه الكفاية من والدها الذي كان يظهر عكس ما يريد ,ثروته هي المثال الساطع على ذلك , ولا شك بأن كل الأثرياء الذين في مثل سنه يفكرون بالطريقة ذاتها.
وأخيرا قالت جين محدثة نفسها:
"ليكن ما يكون, أتخذت قراري وسأتابعه حتى النهاية".
كانت تشعر وكأنها مدفوعة بقوة خفية , لم يعد بأستطاعتها أن تقاومها , وجدت الجريدة مفتوحة على الصفحة ذاتها ,صفحة الأعلانات , وبصورة آلية ألقت نظرة عليها وسرعان ما أنجذبت الى الأعلان : وظيفة وفي هذه المنطقة بالذات, وتتعلق بالفروسية؟ أنه حلمها الأبدي الذي أرادت تحقيقه فور أنتهائها من مرحلة الدراسة , وذلك بأنشاء ناد للفروسية , وقد عارض والدها هذا المشروع بشدة , وهو صاحب المصانع المتعددة , ودّعيا أنه لن يسمح لنفسه بتبذير أمواله في مشروع تنبأ بفشله سلفا , ولم تكن السنوات الثمانية عشرة تخوّلها تحدي أرادة والدها السيد أوستاش براون الذي لا يقبل المناقشة , ولم تكن السنوات التي مرت كفيلة بتعديل موقفه بل زادته عنادا وتصلبا.
ولم يقبل لأبنته الطموحة أن تهدر طاقاتها في غير المصانع التي يملكها , ولم تتفجأ جين بذلك لأنها تعرف المستقبل الذي رسمه لها والدها , هو الذي كان يتمنى أن ينجب ذرية من الذكور ليكونوا عونا له في أدارة الأمبراطورية التي يملكها , وبالنتيجة لم يجد الى جانبه الا واحدا هو جورج , الذي يكبر جين بعشر سنوات ,والذي قام بكل ما في وسعه من تجارب في معامل أبيه وهذا ما كان ينتظره السيد بروان من ابنته , ورغم مرور ثلاث سنوات فأن جين لم تتخل عن مشروعها , ولكن كان عليها أن تثبت لوالدها بأنها ليست تلك الفتاة الطائشة , وقد تحقق لها ذلك بدورة السكرتارية , التي أثبتت فيها مقدرتها وتفوقها , مما خولها العمل كمساعدة لمديرها في العمل , ورغم أنها أستطاعت أن تبهر والدها بذلك ألا أنها في قرارة نفسها , ظلت تلك الفتاة التي تشعر باليأس , لأنها لم تتوصل الى تحقيق ذاتها في يوم من الأيام , بعمل يمت بصلة الى آمالها وطموحها.
وبمقدار ما كانت جين تحاول أن تثبت شخصيتها, بمقدار ما كان يؤلمها وضعها المتناقض مع أمها وأخيها اللذين رضخا وبشكل أعتيادي , لطريقة الحياة التي فرضها والدها , كانت تشعر بأن هذه الحياة العائلية الرتيبة تشكل عبئا عليها ,ولكنها في الوقت نفسه تريد المحافظة على نوع من العلاقات الجيدة معهم.


وها هي الآن تتذكر تلك اللحظات التي وقفت فيها الى جانب أمها المريضة , ساعية قدر الأمكان أن تحافظ على العلاقة الأسرية القائمة في هذا المنزل , محاولة أن تنسى اللحظة التي وقف فيها أبوها موقفا لا أنسانيا مدعيا بأن هذا جزاءه لأنه دلل أولاده أكثر مما يستحقون , مما جعلهم يخرجون عن طاعته , ولا يفعلون الا ما يدور في رؤوسهم , كل هذا لم يزد جين الا تمردا وأحتمالا , الى أن جاء اليوم الذي جعلها تكسر الطوق وتتخذ موقفا جديا في الخروج عن هذه السيطرة العائلية , عندما قرر والدها أن يزوجها من أحد أبناء عمومتها فليكس براون , ليكون شريكا له في مشاريعه ,وهذه الفكرة وحدها كانت كفيلة بأن تجعل جين ترتجف , وتتخذ قرارها بعدم مرافقة أهلها في السفر الى كندا لقضاء العطلة الصيفية هناك , وألا فستجد نفسها بين يوم وآخر مخطوبة لفيلكس بدون أن تعرف كيف ولماذا ,وفي هذا الجو المشحون , كان كل ما يفكر به السيد براون , وهو في مطار هيثرو هو كيفية أستغلال هذه العطلة , في توقيع عقود جديدة , وتجديد علاقات قديمة بعكس زوجته التي كانت كطفلة لحظة الرحيل فهي تكاد لا تصدق بأن زوجها سيكون بكليته لها في هذه الرحلة , رغم قلقها لعدم مرافقة جين لهما.
ومع أختفاء الطائرة بين الغيوم , شعرت جين بالراحة , وأثناء عودتها الى المنزل قررت السفر الى أسكوتلندا , بعد أن كانت حائرة بين دعوتين موجهتين اليها من فرنسا , وعلى الرغم من حبها لفرنسا , رفضت الدعوتين بدون أن تعرف السبب , وكأن القدر هو الذي كان يخطط مسارها.
لم يقطع عليها هذه الذكريات الا صوت السائق الذي أشار اليها لدى وصولها الى محطة هاي لينتون .. حيث نزلت و هي تتنفس الصعداء , وسلكت الطريق الضيق متبعة التعليمات وبعد أن سارت في هذا الريف الموحش فترة , بدون أن تلمح أثر لشيء ,قالت بصوت عال:
" يبدو أنني ضللت الطريق...".
وفور تسرب الشعور باليأس الى نفسها , وهي تلعن السائق الذي رسم لها الطريق , لمحت بناء يكاد يختفي نصفه وراء ستارة من الأشجار , وعندما أقتربت أكثر , شاهدت منزلا حجريا ضخما غائرا الى جانب الطريق محاطا بمزرعة , وعلى المدخل كتب اسم المزرعة( هاي لينتون) , فتنفست بأرتياح , ومشت في الممر الفخم ,الذي يؤدي الى المدخل الرئيسي وطرقت الباب.
وفي الداخل رنت خطوات ثقيلة تقترب من الباب , وما لبثت أن ظهرت أمرأة منذ أن رأتها جين عرفت بأنها السيدة التي تحدثت اليها على الهاتف , قالت السيدة بصوت أجش:
" أعذريني أذ تأخرت عليك , لا بد أنك تريدين مقابلة السيدة تيت".
وجهت نظراتها الفاحصة الى جين التي طمأنتها بقولها فورا:
" أنا جين براون , أتصلت هذا الصباح , بخصوص الأعلان الذي كان منشورا في الجريدة , وطلبت مني الحضور , وهكذا أخذت أول قطار...".
فقاطعتها المرأة وقد أمتقع وجهها :
" آه ... هذا صحيح , فأنا التي كلمتك على الهاتف, أنا السيدة ديك زوجة الحارس , وكما أخبرتك فأن السيدة تيت المسؤولة عن البيت غير موجودة".
وهنا بذلت جين ما في وسعها لتحافظ على أبتسامتها وقالت:
" لقد حدثتني عن السيد غريرسون , فلعله يستطيع أستقبالي؟ وأذا كان ذلك مستحيلا فيمكنني أن أنتظر عودة السيدة تيت".
ولم تستطع السيدة ديك أن تخفي قلقها وحاولت أن تتحاشى نظرة جين:
" أرجو أن يستطيع مقابلتك لأنه يكره أن يضيّع وقته".
قالت جين لنفسها وهي تحاول أن تكبت مشاعرها , ماذا تريد أن تقول هذه المرأة؟ هل أعتقدت بأنني من الفتيات اللواتي لسن بحاجة ماسة للعمل؟ أذن لماذا هذا الذر؟".
وأخيرا حاولت جين أن تخفي نفاذ صبرها عندما قالت:
" لو كان لديّ أحساس بأنني سأضيع وقت السيد غريرسون لما أتيت الى هنا".
وهنا أنبسطت أسارير السيدة ديك وقالت:
" صحيح ليس هناك أي تشابه بينك وبين تلك الفتاة التي جاءت في الآونة الأخيرة ولكنني لا أريد أن أثير حفيظة السيد غريرسون , لأنني سأتحمل جزءا من المسؤولية , سأذهب لأرى أذا كان موجودا في الأصطبل والا فلن يكون أمامك الا الصعود الى مكتبه بنفسك".
أحست جين برعشة خوف , وهي تتبع السيدة ديك داخل المنزل , حتى تخيّلت أن يكون السيد غريرسون عجوزا متسلطا وقاسيا , ولدى دخول جين الى المكتب أغلقت السيدة ديك الباب بعناية.
وها هي جين الآن تجول بصرها في أرجاء المكتب , حيث رصفت الجدران بالمكتبات , ونسقت عليها الكتب , أما المدفأة فقد أضفت جوا ريفيا دافئا على الغرفة , وأحيطت بعدة مقاعد جلدية مريحة , ورتبت الأوراق فوق المكتب بعناية تدعو الى الملل , بعد أن ألقت جين نظرة على محتويات الغرفة , تركت نفسها تتهاوى على أحد المقاعد الوثيرة , وتنهدت لأجتيازها أولى المراحل, ولكن النور الآتي من النافذة شدّ بصرها الى ذلك الحقل الممتد بلا نهاية , والى ألوانه الرائعة في نهاية الصيف , والى تلك الأشجار الجميلة التي تكسر الرتابة الغالبة على المرعى , حيث كانت تسرح بعض الحيوانات , وهذا ما كان يميز تايندال , وعلى عكس ما شاهدته في ذلك الطريق الوعر الى هاي لينتون والتلال المحيطة بها والمجاورة لنورثوميرلند.
أحست فجأة بالأرتياح , ها هي الآن في المنطقة التي أختارت العمل فيها , وأذا مر كل شيء على ما يرام , وأستطاعت الحصول على هذه الوظيفة , فهذا هو المكان المثالي بالنسبة اليها لتتخلص من هيمنة والدها ولتثبت له أين تكمن مقدرتها الحقيقية , وما أن سرى الدفء في جسم جين المتعب , وأسترخت على مقعدها , وتسرب النعاس الى أجفانها , حتى دوّى صوت خشن من ورائها:
" صباح الخير".
قفزت جين من جلستها لتفاجأ بالنظرة العابسة الموجهة اليها , قالت في نفسها , لا شك أنه السيد غريرسون, عينان رماديتان , حاجبان كثيفان سوداوان , وجه ذو تقاطيع حادة , قامة طويلة , جسم نحيل ومنكبان عريضان , ويبدو أنه لم يتجاوز الأربعين من العمر, أذن لم يكن ذلك العجوز الذي توقعته ,المفاجأة شلت جين فغاصت بهدوء في المقعد , وقلبها يخفق بشدة , ثم أستسلمت لما سيحدث , ولكن يا للعنة لماذا ترتجف الى هذا الحد؟ قابلت رجالا من أمثاله في المصنع.... قررت أن تتماسك , وقبل أن تغوص أكثر في تساؤلاتها قال لها بلهجة ساخرة:
" قد يكون بأستطاعتك أن تنزعي هذه القبعة المضحكة عندما تشعرين بأنك أستيقظت من نومك , وأخبريني ما الذي أتى بك الى هنا؟ أنا شارل غريرسون مالك هذه المزرعة , أخبرتني هيلدا بأنك تبحثين عن عمل".
وبصعوبة شديدة حاولت جين أن تخفي سخطها من هذا الرجل الذي تجرأ على محادثتها بهذه اللهجة القاسية , والتي لم يسبق أن حدثها أحد بها الا والدها , وبعفوية رفعت يدها الى رأسها وتحسست قبعتها , أنها القبعة المفضلة لديها , والتي أستطاعت بها أن تخفي ضفائر شعرها الجميلة , ظنا منها أن هذا المظهر الرزين سيعطيها فرصة أكبر للنجاح , وهنا أرادت أن تثأر لنفسها , فوجهت الى محدثها نظرة تحمل الكثير من الفخر والتحدي:منتديات ليلاس
" أذا كان أحتفاظي بها لا يؤثر عليك فأفضل ذلك".
أجاب السيد غريرسون وهو يهز كتفيه بلا مبالاة :
" كما تشائين... أذن يسرني أن أطرح أسئلتي على شابة في مثل سنك لا أرى منها سوى نصف الوجه".
ثم خلع سترته الأنيقة وجلس خلف المكتب , ومن خلال قميصه الرقيق برزت تفاصيل جسمه الرياضي , وبدأ يقلب بعض الأوراق , ويقرأ بعض الملاحظات المسجلة أمامه , أما جين فقد تكورت في مقعدها وأخذت تتفحص هذا الرجل أكثر , وتبين لها أنه رجل ذو طبع فخور وقاسي , ولا بد أن يكون قويا ومتسلطا ,يأمر فيطاع , وأن الكل يجب أن ينحني أمامه.
أنها في النهاية أمام رجل كأبيها , قطعت كل هذه المسافة ظنا منها أنها نجت بنفسها من أبيها... وها هي الآن أمام نظيره, وكأن القدر يحب أن يسخر من الناس أحيانا , يبدو أن السيد غريرسون قرر أخيرا أن يخصص لها جزءا من وقته , فقال بلهجة جادة:
"قرأت الأعلان في الجريدة ثم رغبت في العمل هنا... على ما أعتقد؟".
هذا السؤال المباشر جين ترتبك قليلا وتتلعثم بردها:
" نعم , أتصلت هذا الصباح , والسيدة ديك نصحتني أن أحضر وأقدم نفسي ".
ولم تكن جين بحاجة الى أن تنظر في وجه محدثها لترى أبتسامة السخرية المرسومة على شفتيه , بل كانت متوقعة ذلك عندما قال:
" أدخلي مباشرة في الموضوع , فأنا لا أحب من يكون سببا في ضياع وقتي".
ردت جبن على الفور:
" أرجو ألاتعاملني معاملة متميزة".
هذا الجواب الفظ خرج من شفتي جين بدون أن تستطيع الأمساك به , وبأرباك أضافت:
" أذا كنت مشغولا يمكنني أن أنتظر وكيل أعمالك , لأنني أعتقد بأن مثل هذا الموضوع لا يشكل أهمية بالنسبة اليك".
" أنت مخطئة يا آنسة... جين براون , على العكس تماما أنا أهتم جدا بهذا الموضوع".
ثم وجه اليها نظرة ثاقبة جعلها تخفض نظرها وأضاف:
"أنا من يدير هذه المزرعة ,بمساعدة وكيل أعمالي , ولكنني متمسك بمعرفة الموظفين الذين سيشاركوننا العمل , لأنني يجب أن أعتمد على كل موظف يعمل هنا".
أمام هذا الرجل الواثق من نفسه لم تستطع جين منع نفسها من تقليده فأجابت بوقاحة مفتعلة:
" هذا يعني أن الحظ لن يسعدني في الحصول على هذه الوظيفة؟".
أجاب وهو محتفظ بالتعابير المرتسمة على وجهه:
" ولكنني لم أقرر ذلك بعد".
" ولكن أنطباعك عني لم يكن جيدا!".
" لماذا تستنتجين أمورك بهذه السرعة؟".
وهنا خصّها بنظرة جعلتها تشعر بتفاهة تصرفها , أضاف بهدوء:
" لنبتعد عن التشاؤم , ولنبدأ ببحث الموضوع.
لجمت جين رغبتها القوية في الخروج من الغرفة , وأرغمت نفسها على المكوث في مقعدها ,وهنا نظر اليها الرجل بسخرية وكأنه فهم هذه الرغبة المتولدة لديها:
" لا أعتقد أنك من هذه المنطقة؟ لا أذكر أنني قابلتك من قبل!".
شحب وجهها وأرتجفت أجفانها وشعرت بغبائها عندما أعتقدت بأنها لن تتعرض الى مثل هذا النوع من الأسئلة, حدقت في السجادة المفروشة في أرض الغرفة , أجابت:
"لا".
كان ينتظر أجابة كاملة , فتابعت:
" أسكن بالقرب من برادفورد وصلت منذ قليل الى هذه المنطقة التي قررت أن أقضي فيها عطلتي الصيفية".
وهنا شعرت بأنها أستعادت هدوءها , فألتفتت الى محدثها لتتغلب على النظرة الثاقبة, فقال:
" وشعرت فجأة بالرغبة في العمل هنا".
وبدا لها أنه أكثر أنتباها عندما أضاف:
"أذن أنت لا تعرفين هذه المنطقة ولكن على الأقل هل تعرفين ما معنى مزرعة؟ أنا شخصيا أشك بذلك".
هنا شعرت جين بأنها وقعت في الفخ فردت بمراوغة:
" أنا أحب الجياد وأعشق الريف ... ومتأكدة من أنني سأعتاد على ذلك بسرعة".
" كثيرات قبلك أظهرن الحماس نفسه ولسوء الحظ لم تكن النتيجة سوى الفشل".
قالت جين:
" ربما...".
وقبل أن تتم كلامها قاطعها:
" أتريدين أن تعرفي السبب؟ لأن هؤلاء الفتيات كن من أسر غنية , نشأن على النعومة , فهن مثلا لا يعرفن ما معنى كلمة عمل , ولذلك قررت أن أكون أكثر حذرا من السابق ,هل لي أن أعرف ما هو عمل والدك".

بلعت جين ريقها وشعرت بأنها لا يمكن أن تتجاهل السؤال ولا سيما أن نظرة السيد غريرسون الموجهة اليها لن تسمح لها بالتهرب , ولم تشك بأن الرجل الذي أمامها ينتظر من موظفته الجديدة أن تكون من أسرة متواضعة , فأجابت بصوت مرتبك وخافت:
" أبي يعمل في مصنع".
في الحقيقة جين لم تكن كاذبة تماما بأجابتها هذه , فقال لها مخففا عنها:
" يجب ألا يكون لديك شعور بالذنب ,هذا ليس عيبا , كل أنسان بحاجة الى العمل , والذي يهمني قبل كل شيء هو مقدرتك أنت , ماذا كنت تعملين قبل أن تأتي الى هنا؟".
ما تكاد جين تنجح بتجاوز موقف صعب , حتى يضعها أمام آخر , ولحسن الحظ أنه فهم بأن والدها عامل في مصنع ولم يشأ أن يجرحها أكثر من ذلك , ولكن ماذا يريد بعد ذلك؟" أجابت:
" كنت أعمل في مكتب".
وأضافت بسرعة:
"ولكنني لا أحب مثل هذا العمل , فأنا أعشق ركوب الخيل , وفي الوقت نفسه الأهتمام بالشؤون المنزلية لا يخيفني فأثناء مرض والدتي تحمّلت كل المسؤولية".
" وبما أنها شفيت الآن ترغبين بعمل شيء آخر أليس كذلك؟".
لانت لهجة الرجل وأنبسطت أسارير وجهه فقال:
" ولكن أين تعلمت الفروسية؟".
كان يعلق أهمية خاصة على هذا السؤال , مما جعل جين تعتقد بأنها وقعت في الفخ هذه المرة لا محال , فكيف ستخبره عن مزارع السيد غرانت , وعن الصداقة العائلية معه؟
أجابت جين بنوع من النفاق:
" تعلمت ذلك لوحدي ,ولربما تود أن أجرب ذلك أمامك ".
" فيما يتعلق بهذه النقطة على الأقل , يبدو لي أنك واثقة من نفسك ولكنني أعتقد بأنك لا تعرفين شيئا عما يتعلق بأمور العمل في المزرعة".
" لا أؤكد ذلك ولكنني أستطيع التعود بسرعة".
أضافت جملتها الأخيرة هذه بشيء من الترفع , ولما لم تعجبه طريقتها هذه في الأجابة قال بلهجة كاسرة:
"كنت أفضل شخصا أكثر تجربة".
جين أخفضت عينيها لتخفي اليأس الذي بدا على وجهها , وتساءلت كيف يمكن أن يتبادر الى ذهنها بأنها أستطاعت أن تثير أهتمام الرجل ومع ذلك لم تفقد الأمل بعدما أظهرت نفسها أمامه بمظهر الفتاة اليائسة والتي هي بأمس الحاجة الى العمل , ولا تزال تتأمل بأن تثير شفقته عليها , وما أن رفعت عينيها حتى فوجئت بالنظرة الحادة التي وجّهها اليها السيد غريرسون وبلهجة تحمل شيئا من الوقاحة قال:
" قد تكونين فارسة جيدة , ولكنني أفضل أن أتأكد من ذلك بنفسي, لقد تعلمت الحذر من اللواتي سبقنك , أذن لنذهب ونرى , بينما هيلدا تحضر لك فنجانا من الشاي ستكونين بحاجة اليه بعد ذلك".
كان قلب جين يخفق بشدة وهي تتبع السيد غريرسون الى الخارج , وتمتمت بهذه الكلمات:
" أشكرك يا سيد غريرسون , وأعدك بأنني لن أخيب ظنك".
أجابها السيد غريرسون بدون أن يغير من سرعة خطواته وبدون أن يلتفت اليها:
" سأتأكد من ذلك حالا".
الطقس كان كئيبا , والسماء بغيومها الكثيفة تنذر بالمطر , نظرت جين الى ساعتها ورأت بأن الوقت تأخر والساعة تجاوزت السابعة , ولم تكن لاحظت مرور الوقت , كيف ستستطيع العودة الى المدينة فلا بد أن يكون الباص الأخير قد مر منذ زمن طويل , ولكن هذا الموضوع أصبح جانبيا بالنسبة الى الموضوع الذي هي مقدمة عليه الآن , وأسرعت الخطى لكي لا تتباعد المسافة بينها وبين السيد غريرسون , وبعد أن أجتازا عدة أبنية , وصلا الى صف طويل من البيوتالخشبية الخاصة بالجياد مطلية باللون الأبيض مما يدل على نظافة متكاملة.
دخل الى أحد الأصطبلات وعاد حاملا سرجا ولجاما , ثم قال لها وهو يقيسها بنظرة:
" أغلقي الباب خلفك".
كتمت غيظها أمام هذا الرجل الذي لا يترك مجالا لكي تفوته أي فرصة.
وهناك في البرية الممتدة خلف الأصطبلات رأت مهرة ذات مظهر متميز , بدأت تقفز وشعر عنقها يتطاير بالهواء , وأنتصبت أذناها بأتجاه الصوت , مما جعل جين تقف أمامها متأملة مسلوبة اللب , ولكن السيد غريرسون أخرجها من حالة التأمل هذه عندما نادى المهرة بصوت لطيف جعلها تقترب حالا وهي تهز رأسها بحركة تدل على الصداقة ,كانت تتمتع بجمال مدهش سيما عيناها الواسعتان وكأنهما هالتان ذهبيتان ,وبدأت تحك رأسها بكم صاحبها لتبحث عن قطعة السكر التي سيخرجها من جبه فيما بعد ويضعها في فمها , وتوجه الى جين قائلا:
" أنها مطيعة جدا وسترين ذلك, سنسرجها الآن ونرى ماذا يمكنك أن تفعلي".
المهرة لم تكن خائفة لا بل تعشق صاحبها , وكانت هذه هي المرة الأولى التي أبتسمت فيها جين منذ بداية هذا اللقاء , وشعرت بجو عائلي ,وبدأت تمسك بيدها عنق المهرة وهمست بأذنها كلمات لطيفة لتتقرب منها كما تعلمت من السيد غرانت , وفي اللحظة التي همّت بسؤال السيد غريرسون عن أسمها بادرها :
"أسمها جنيفر ".
صرخت جين بفرح :
" جنيفر كأسم زوجة الملك آرثر , أذن الدم الأرتيري تجري في عروقها بدون شك؟".
أجاب السيد غريرسون:
" هذا ممكن ولكن ليس لي الفضل في ذلك , فعندما أشتريتها كانت تبلغ سنة واحدة من العمر وكانت تسمى بهذا الأسم ".
وأثناء هذا الحديث كان قد أسرجها ومد اللجام الى جين , وخلال لحظات كانت جين قد أطلقت العنان للمهرة التي أنطلقت في البرية عدوا , وجين منتصبة فوقها بشكل لا يصدق , وبهدوء ناداها السيد غريرسون , لكن جين لم تعد تسمعه , أنها الآن في منتهى النشوة مستسلمة تماما للسعادة التي غمرتها , ألا وهي عودتها من جديد الى رياضتها المفضلة بعد أن أنقطعت عنها منذ مرض والدتها , وهذا ما آلمها كثيرا , وبعد لحظات نسيت نظرات السيد غريرسون المصوبة اليها , وكان الصوت المنبعث من حوافر جنيفر يرن في أذنيها كالموسيقى.
همست في أذن المهرة:
"أنك لجميلة حقا ".
هذا المديح الناعم جعل المهرة تتجاوب مع ما تريد جين .
الفارسة والفرس كانتا في الجانب الآخر من الحقل عندما ظهرت لهما الحواجز , فقفزت الأثنتان في الهواء بأنسجام متكامل لتجاوزها.
وبعد ذلك تقدمتا بخطواتهما عائدتين بأتجاه السيد الذي كان بأنتظارهما.منتديات ليلاس

وردة الزيزفون 03-11-09 12:06 PM

مشكورة ياعسل في انتظار التكملة

تمارااا 05-11-09 03:36 AM

صفصصصصصصصصصصصصصصصصصصف حياااااااااااااااااااااااااااتي ميس يوووو وينك ماصرت اشوفك علماسن
طمنيني عنك
متابعة معك الرواية ياعسسسسسسسسسسسسل

safsaf313 06-11-09 12:08 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة وردة الزيزفون (المشاركة 2092226)
مشكورة ياعسل في انتظار التكملة

اوكى حبيبتى وانا بنزل باقى الفصول لعيونك :flowers2:

safsaf313 06-11-09 12:12 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة تمارااا (المشاركة 2093425)
صفصصصصصصصصصصصصصصصصصصف حياااااااااااااااااااااااااااتي ميس يوووو وينك ماصرت اشوفك علماسن
طمنيني عنك
متابعة معك الرواية ياعسسسسسسسسسسسسل

تم تم تمااااااااااااااااااااااااارااااااا حبيبة البى آى ميس يو سووووووو متش دارلنج:flowers2:
انا بكون موجوده تقريبا يوميا حوالى 9 وكمان بكلم ريهام انتى اللى ليكى وحشه ودايما اوفلاين عسى يكون المانع خير وطمنينى على التطورات عندك ( طبعا انتى فاهمه قصدى ) ههههههههههه:lol:
على فكره انا فرحانه برجوعك للمنتدى :friends:

safsaf313 06-11-09 12:14 AM



2- البداية .... نار الغضب!

كلما أقتربت جين من السيد غريرسون كلما أودادت خشية منه , من بعيد أحست بأنها أعطته أنطباعا جيدا ... ولكن ماذا أذا كانت مخطئة بأحساسها هذا! لكن شكوكها هذه تبددت عندما نزلت عن المهرةورأت عن قرب هدوء وجهه وبادرها قائلا:
" أعتقد أنك تستطيعين القيام بهذا العمل".
ولم يعد بأمكان جين أن تصبر ون شدة فرحها فقالت:
" أفهم من ذلك أنك موافق".منتديات ليلاس
" مبدئيا... أذا أستطعت القيام ببقية الأعمال بالمهارة نفسها".
وتلعثمت جين عندما أرادت أن تشكره نظرا لأبتسامة السخرية التي لمعت في عينيه .... فحاولت أن تصلح من وضع قبعتها التي مالت عن رأسها , وتعيد ربطة شعرها كما كانت وقالت:
"أشكرك كثيرا يا سيد....".
قاطعها:
" أتمنى ألا تندمي على هذا القرار يوما ما".
وفي طريقها الى الأصطبل تساءلت فيما أذا كان ما قاله تهديدا , وعندما وقفت جين تداعب عنق المهرة , نظر شارل معجبا ببوادر الصداقة بينهما وقال:
" هناك عدة جياد أخرى , أهمها وأقواها هاموند الذي آمرك بألا تمتطيه مهما كانت الظروف".
أرتعشت جين من لهجته التي كانت كافية لأحباط أكثر الناس شجاعة وتابع:
" عند الأعتناء بالجياد , عليك بمساعدة السيدة ماري تيت من وقت لآخر في الأعمال التي تتطلبها المزرعة , وهذا ما أغضب اللواتي سبقنك... ماري تقيم بالمنزل وكذلك مارك فنويك وكيل أعمالي وطالبان آخران هما بيل وبن , وهكذا ترين أن أعباء العمل كثيرة ولا مجال للتسكع , فأذا كنت بحاجة فعلية للعمل يمكنك البقاء طويلا بعد أجتياز شهر الأختبار".
أنه رجل صريح ومباشر , هذا ما كانت تفكر به جين وهي بالسيارة الى جانب جان ديك الذي يقودها الى محطة القطار لتعود الى الفندق بعد أن أخذت موعدا ليوم الأثنين المقبل .
نظرت أمامها تراقب الغروب وهي كئيبة ... ماذا لو عرف السيد شارل أنها خدعته بخصوص ثروة والدها , وعندما خلت لنفسها في غرفة الفندق , حاولت أن تستعيد هدوءها .... ولم يبق عليها الا أن تأخذ حماما وتتصل بأخيها جورج المسؤول عن أدارة المصنع في غياب والدها , وتطلب منه أن يبحث عن بديل عنها , بدون أن تكشف له مكان وجودها ومشاريعها , في كل حال لن تتراجع عن قرارها , وكما توقعت , تلقى جورج الخبر بسخط شديد ورن صوته في أرجاء الغرفة مما جعلها تبعد السماعة عن أذنها ريثما يهدأ وقالت:
" أفهمني يا جورج , طول عمري ما أحببت العمل في المصنع , وأنت تعرف ذلك تماما , وأنا أحلم بالرحيل منذ أن أنهيت دراستي".
" ولماذا أذن أنتظرت كل هذا الوقت؟".
" صدقني يا جورج بأنني حاولت , ولكن ماذا يمكنني أن أفعل وأنا في السابعة عشرة من عمري أمام رجل كوالدك؟".
" وهكذا ثلاث سنوات مرت وأنت ما زلت تعيشين حلمك السخيف, نادي الفروسية".
وحاول أن يرغم نفسه ليهدأ قليلا , وتابع:
" كفى يا جين عن هذا السلوك الطفولي وعودي الى المنزل.... وأذا ما تزوجت فيليكس...".
قاطعته جين:
" لا مجال للتفكير في موضوع الزواج من فليكس... ولا من غيره...".
صرخ جورج بعصبية :
" أنت مجنونة ,يكفيني ما عندي من هموم.... وماذا سأقول لأبي عندما يعود , أنك مخطئة أذا ما تخيلت بأن والدك سيعدل موقفه ويقبل مشروعك اللعين".
أجابت جين بصوت مكتوم:
" أنا لا أعتمد على أحد".
ورفعت خصلة شعرها عن جبينها.
" لكن من أين ستأتين بالنقود؟".
" أنسيت حصتي من أرث جدتي براون , فاليوم الذي أبلغ فيه الواحدة والعشرين من العمر , سأحصل عليه , صحيح أنه ليس بالمبلغ الضخم ولكنه سيكفيني كمنطلق".
" أذن بحق السماء لماذا لم تنتظري بضعة أشهر أخرى فتحصلين على المبلغ؟".
" أطمئن يا عزيزي , لقد فكرت بذلك جيدا , لكي لا أبذر هذه النقود , لا بد من أن أحقق لنفسي فكرة العمل الذي يهمني , وأتعود على الحياة في الريف وكل ما يستلزمه مثل هذا المشروع".
وفجأة بدا لطيفا وقال:
" قد تكونين على صواب , ولكن لماذا نستعجل الأمور , فأجازة الشهر هذه من حقك , وفي نهايتها سنرى ماذا نفعل, ولكن أعطني عنوانك لأستطيع الأتصال بك في الحالات الطارئة".
لم تثق جين بما قاله جورج لأنها تعرف بأنه لا يتراجع عن آرائه بهذه البساطة , فقالت في نفسها ( كل شيء الا هذا).
" في مكان على الحدود الأسكوتلندية ,لا أعرف تحديده , ولكن لا تقلق فأنا بخير".
" لا تتهربي , يهمني أن أعرف أين أنت, وفليكس يريد مراسلتك بكل تأكيد".
" لا لن يحصل على عنواني , أن رب العمل رجل محترم وليس لديه مشاكل والدك في العمل... فأطمئن ,وسأتصل بكم من حين لآخر".
وأقفلت السماعة كي لا تسمع أحتجاج أخيها , لن تتحمل أن يعاملها أحد على أنها طفلة , ولقد حددت أهدافها وتحاول أن تحققها ,
ألتفتت الى المرآة بعد أن شعرت أنها بحاجة الى الأطمئنان عن مظهرها الأنثوي , فكت ضفائر شعرها فأنسدل كالشلال على كتفيها , وكأنها لأول مرة تكتشف شكلها عندما لاحظت ذلك الشبه الغريب بينها وبين عارضة أزياء فرنسية شاهدت صورها في أحدى المجلات.
وقالت في نفسها:
" بالتأكيد ورثت ذلك من أجدادي لأمي".
وأبتسمت وهي تتخيل والدها الذي وقع في حب أمها من النظرة الأولي أثناء الحرب العالمية الثانية وتزوجها فورا , وقد يكون القرار الوحيد الذي أقدم عليه في حياته بدون أن يكون العقل هو المسيطر ,ولكن للأسف جين لم تتعرف الى أجدادها الذين قتلوا أثناء الحرب ولم يتبق في فرنسا الا القليل من أبناء العموم , والغريب أيضا أن تنجذب أمها التي تتمتع بكامل الأنوثة والحيوية الى رجل مادي , بارد كأبيها , ومرة أخرى عادت الى التفكير بشارل ومدى تأثيره عليها.
مرت عطلة آخر الأسبوع سريعا , كان عليها أن تجد مكانا لوضع سيارتها التي لم تتحدث عنها أمام شارل , كما كان عليها أن تقوم ببعض المشتريات اللازمة , من السراويل والقمصان وبعض الكنزات من أجل الأعمال المنزلية .
وبخروجها من محطة القطار مساء الأحد , فوجئت بأن الباص الأخير قد غادر المحطة , فطلبت من الموظف سيارة أجرة تنقلها الى هاي لينتون , ابتسم الموظف من خلف مكتبه قائلا :
" آسف يا آنسة .... ففي القرى دائما نقص بتلبية الطلبات".
" أن السيد شارل لم يعلمني بذلك ".
وخرجت وهي تلعن في سرها وتتوعد , وعندما وصلت الى خارج المدينة كانت ترتجف تحت الريح الجليدية التي تأتيها من المرتفعات وتوقفت لحظة لتلف نفسها جيدا بواقي المطر الذي تلبسه.... لأن الغيوم السوداء المنسحبة بأتجاه الأفق لا تنذر بالخير.
من الأفضل أن أسرع قدر الأمكان أذا كنت لا أريد الوصول مبللة بالمياه , وشعرت بالحزن عندما رأت بأنها الكائن الأنساني الوحيد وسط هذا الجو الكئيب , وفكرت بأنها لو كانت وافقت أهلها الى كندا لما تعرضت الى مثل هذا الموقف.
وأرتعشت أثر سماعها محرك سيارة من خلفها مع ضربة زمور فألتفتت الى الوراء حيث وقفت السيارة قربها:
" هل أستطيع أن أساعدك في الوصول الى مكان ما؟".
كان صوت الشاب يحمل نبرة تستلطفها جين , كما كان كالنعمة التي حلّت عليها من السماء , أنها ضد الصعود في سيارة مع شخص مجهول في هذه الطريق الصحراوية ... ولكن ظرفها الحالي لم يدع لها مجالا للرد أجابت فورا:
" نعم وشكرا".
وأخذت مكانها الى جانب السائق الذي سألها:
" أذا هبة الى مكان بعيد في هذه المنطقة؟".
ورغم الظلام أستطاعت جين أن تميّز أبتسامة الشاب فأجابت:
" أنا ذاهبة الى هاي لينتون .... ولا أدري أذا كنت تعرفها؟".
" بالتأكيد أعرفها بشكل جيد!".
وألتفت اليها بتوتر لدرجة أن السيارات أنحرفت عن خط سيرها , وقال:
" شاءت الصدف أن أشتغل في هذا المكان كوكيل أعمال , وها أنا عائد من عطلة نهاية الأسبوع , ولربما أنت كذلك؟".
" لا ليس تماما".
بذلت جين ما في وسعها لكي تخفي الأضطراب الذي ولّده لديها تصرف هذا المجهول , وبالتأكيد فأن السيد غريرسون والسيدة ديك لم يخفيا عنها وجود وكيل الأعمال... ولكن أن تلتقي به هنا وفي هذه الظروف قالت:
" قابلت السيد غريرسون يوم الجمعة ... ووافق على فترة الأختبار".
" فهمت...".
وزاد في سرعة السيارة بشكل عصبي مظهرا عدم أرتياحه من الخبر وعندما نظرت اليه جين بأندهاش شاهدت المرارة المرسومة على شفتيه:
" كان عليّ أن أعرف أن شارل سيضع كل شيء تحت تصرفه أثناء غيابي".
قال جملته الأخيرة بلهجة خشنة , مما أزعج جين لأنها لا تريد أن تكون سبب نزاع بين الرجلين.منتديات ليلاس

" كان علي! أن أقابل شخصا آخر".
تمتمت بهذه الكلمات علّها تحاول أصلاح الموقف وأضافت:
" لكن السيد غريرسون لم يكن له الخيار فقد أضطر أن يستقبلني".
ضحك الشاب بأحتقار وقال:
" لن تتأخري حتى تعرفي أن شارل لديه المزيد من الخيار, وأتذكر تماما بأنني أعلمته قبل غيابي بأنني متمسك بالتعاقد شخصيا مع الموظفة الجديدة ,ولكن كالعادة شارل لا يفعل الا ما يريده هو".
وتراكم الأنزعاج داخل جين , وفهمت أن علاقة السيد غريرسون مع وكيل أعماله ليست على ما يرام , وبلهجة هادئة مفتعلة قالت:
" لا أفهم لماذا نناقش تصرفات السيد غريرسون , في كل حال هو رب العمل".
ولم يتضايق الشاب من الملاحظة الأخيرة لا بل خفّت حدة لهجته وقال:
" أعذريني فأنا لم أقم بالواجب نحوك ولم أقدم لك نفسي , اسمي مارك.... مارك فنويك ".
وهكذا وبهذه السرعة أستطاع الشاب أن يستعيد مرحه مما جعل جين تبتسم وتقول بدورها:
" أنا جين براون".
" ولكن أود أن أعرف ماذا جاء بك الى هاي لينتون".
خفق قلب جين ولكنها حافظت على نبرتها المرحة وقالت:
"حتى الشابات بحاجة للعمل نظرا لمتطلبات الحياة".
وبدا أنه غير مقتنع وتابع:
" هاي لينتون لن تخيّب أملك , فالعمل هنا قاس , قاس جدا وشارل يدير كل شيء بيد من حديد".
ورغم المرارة التي عادت الى صوته فأن جين لا تزال تراه لطيفا.
أن شابا مثل مارك ف الخامسة أو السادسة والعشرين من العمر لا يستطيع أن يتحمل شخصية شارل المتسلطة, لأنه بحاجة الى أثبات شخصيته.
" العمل القاسي لا يخيفني , ماذا يمكنني أن أفعل غير ذلك؟".
وفي الخارج ومن حولهما كانت قد أزدادت كثافة الضباب وأمتد حتى غطى البرية بكاملها مما زاد عزلتهما في المنطقة.
" وأوقات اللهو ... كيف تمضينها ؟ أذا كنت تحبين نوادي الرقص وبحاجة الى مرافق جيد فيمكنك الأعتماد عليّ".
وأبتسمت جين بعصبية وقالت:
" بدون أن أخيب أملك... لا يستهويني هذا النوع من اللهو , وأفضل أن أقوم بزيارة متحف أو مكان أثري أو أن أشاهد عرضا مسرحيا".
" حسنا.... أن معرفتي الفنية أذن ستكون مفيدة بالنسبة اليك".
وأنفجر الأثنان ضاحكين...وفجأة تجمدت الضحكة على الشفاه وأرتعشت جين , السيد شارل يقف بمدخل المزرعة والشرر يتطاير من عينيه الغاضبتين وتوجه نحو السيارة مسلطا نظرته الحادة على جين والتفت الى مارك:
" وأخيرا قررت العودة , أنتظرتك البارحة يا مارك, وأنت يا آنسة براون كان عليك أن تكوني هنا منذ ساعة".
جحظت عينا جين قليلا , ويتهمني بالتواطؤ ... ورمقهما شارل بنظراته المتفحصة كطفلين مذنبين , وشعرت جين بأن مارك يحاول أن يتماسك.
" ألتقيت جين على الطريق ولا يمكن أن أدعها تكمل الطريق سيرا على الأقدام , وأنني أتساءل كيف غاب عنك أن ترسل اليها أحدا الى المحطة , أنت الرجل المنظم...".
ولم يدعه شارل يستكمل كلامه , لقد فتح الباب الذي بجانب جين وقال:
" لا مبرر لأن ترفع صوتك يا مارك فأنا لست أصم... ولنتساءل على من يقع الخطأ , بيل طلب أجازة لحضور زواج أخته وقد وافقت أعتمادا على عودتك البارحة , كما هو متفق عليه , وعلى الأقل كان عليك أن تعلمني مسبقا , وتأكد بأن هذه العطلة كانت قاسية على الجميع".
أما جين فقد تجمدت ولم تجرؤ على القيام بحركة لأحساسها بأن هذا الرجل يقترب منها ويتفحصها بنظراته من رأسها حتى أخمص قدميها , أنه الشخص الوحيد الذي أستطاع أن يؤثر عليها بهذا المقدار , وسمعت صوت مارك:
" ولا مبرر لخلق المشاكل, فقد تكون هناك ظروف ...".
قاطعه شارل بأبتسامته المعروفة:
" لا شك في ذلك, وليس لدي الوقت لأسمع أعذارك الآن , سأراك فيما بعد ونستكمل الحديث... ولكن الآن سأذهب لتقديم الآنسة براون الى ماري".
وبعد أن وضعت جين حقيبتها نزلت بسرعة من السيارة ولم يفكر أحد من الرجلين بمساعدتها وتعبت من تتبع خطوات شارل الذي ألتفت اليها ممسكا ذراعيها بقسوة قائلا:
" أسمعي جيدا يا آنسة براون , أنت لا تزالين لغزا محيرا بالنسبة أليّ , وأتمنى ألا أكون مخطئا بالتعاقد معك".
ثم تابع سيره بدون أن يقول كلمة واحدة حتى وصل المنزل , ولم تعرف جين كيف تفكر , أنها مقسمة بين الخوف والمفاجأة , ولم يكد الأثنان يدخلان المنزل حتى هرعت سيدة ويلة ونحيفة لأستقبالهما:
" الحمد لله على سلامتك يا سيد شارل , كنت قلقة لأنك تأخرت في الذهاب والعودة من المحطة..".
وتابعت ماري وهي تحاول أن تلتقط أنفاسها:
" لا بد أنها الآنسة براون؟".
أرتسمت على وجه جين أبتسامة لأنها التقت أخيرا بوجه مليء بالشفافية والحرارة الطيبة , وتبادلت النظرات مع ماري عندما قال شارل:
" لقد تعطلت السيارة أثناء ذهابي لملاقاة الآنسة براون ,مما أرغمني على العودة لأخذ السيارة الأخرى , وفي هذه الفترة حضرت الآنسة براون بصحبة مرك ويبدو عليهما السرور , ونظر بخبث بوجهه الغاضب الى جين التي أمتلأت غيظا من أحتقاره وردت:
" لم أكن أعرفه قبل أن أصعد في السيارة , لقد أصطحبني الى هنا , ما هو الخطأ في ذلك؟".
وأحست جين بأنه من الأفضل أن تصمت بعد أن هز شارل كتفيه بلا مبالاة وأضاف:
" أن الموضوع لا يعنيني ... كل ما في الأمر أنك تسببت في أزعاجنا نتيجة تأخرك .. ولن نتحدث بعد الآن في هذا الموضوع".
ثم التفت الى ماري بدون أن يعير أهتماما لنظرات الأحتجاج التي بدت على جين.
" أن الآنسة تعتقد بأننا نشك بمقدار صدقها , فأرجو أن تشرحي لها بعد أن أترككما , بأن أهم ما يميز مجتمع هاي لينتون هو الصدق".
أطرقت جين وهي تقول في نفسها:
" يا له من رجل يختلف عن كل الذين عرفتهم فيما مضى , كيف يستطيع أن يتوصل الى معرفة ما يدور في خلد الآخرين؟".
وتابع شارل:
" سأترككما الآن كي لا يظن مارك بأنني نسيته وأنت يا جين سأنتظرك غدا صباحا في مكتبي وأرجو ألا تتأخري".
وبدون أي كلمة نظرت المرأتان الى شارل وهو يخرج من الباب , ثم التفتت ماري وأمسكت بذراع جين تقودها الى غرفة الطعام حيث أمتلأت الطاولة بأطباق شهية ثم قالت:
" أخلعي معطفك يا عزيزتي , وسأعد لك القهوة".
وبعد أن شعرت جين بجو الغرفة الدافىء , خلعت معطفها وتوجهت نحو الموقد وجلست بجانبه مسترخية , وأحست بالهدوء والجو العائلي بعد لقائها بماري , وأنسلّت الى جانبها الهرة تحسس بها , قبل أن تذهب الى المطبخ , وتلاعب ماري التي حملت القهوة الى جين وهي تحاول أن تبعد الهرة كي لا تتعثر في خطواتها , وعندما نظرت الى وجه جين الشاحب قالت:
" ستشعرين بتحسن بعد تناول طعام العشاء , وأذا كان لا يضايقك , سأناديك بأسمك جين , وأنت تنادينني ماري".
وبعد ان أخذت جين مكانها الى الطاولة ... أضافت ماري:
" لا تحملي هما يا عزيزتي أن شارل مخلص , ولا أعتقد بأنه يريد أرهابك".
أجابت جين وهي تتناول قطعة من الخبز وتقرّب طبق السلطة أمامها:
" قد أكون مخطئة في مصاحبة شخص لا أعرفه , ولكن لم يكن أمامي حل آخر , ولذلك فالسيد شارل كان قاسيا".
أجابت ماري وهي تتجرع قهوتها:
" يجب أن تعذريه ,لقد كان الأسبوع الماضي مرهقا بالنسبة اليه في غياب وكيل أعماله , بالأضافة الى العطل الذي أصاب سيارته وهو في طريقه الى المحطة لأحضارك... وهذا ما جعله أكثر عصبية".
ابتسمت جين وشعرت بنوع من الأرتياح , وبعد أن أنهت طعامها وشربت قهوتها ... قالت لها ماري:
" لقد حان الوقت لكي تنامي الآن , ولا تنسي بأن شارل ينتظرك باكرا في مكتبه , وسيعطيك كل التعليمات اللازمة للعمل ".
قالت جين:
" أفهمني السيد شارل يوم الجمعة بأن عليّ أن أساعدك في الأعمال المنزلية".
رفعت ماري حاجبيها مستغربة قليلا وأجابت:
" أن السيدة ديك هي التي تساعدني عادة ,. ولكن قد أحتاج مساعدتك أحيانا في أيام العطل ,حيث تمضيها السيدة ديك مع أهلها.... وأعتقد بأنه يكفيك ما لديك من الأعمال مع الجياد , خاصة أثناء غياب شارل الذي غالبا ما يحدث".
أضافت جين:
" أعتقد أنه أصيب بخيبة أمل مع الموظفات السابقات؟".
ابتسمت ماري قائلة:
"هناك واحدة بقيت معنا لمدة عشر سنوات ثم تركتنا لتتزوج , وبعد ذلك خلفتها أثنتان من أسر غنية ومن النوع المدلل والمعتاد على حياة الرفاهية , لذلك لم يكن جديرات في العمل , ولكنني متأكدة بأنك مختلفة ... وهذا ما أتمناه من كل قلبي".
" سأبذل كل ما في وسعي , وأن كان على ما يبدو السيد شارل من النوع المتطلب , أليس كذلك يا ماري؟".
" في الحقيقة أنه ليس مريحا , ولكن كلما كنت جدية في عملك كلما أبتعدت عن شكواه وملاحظاته".
نهضت ماري بعد أن تركت جين مشغولة البال لآخر جملة قالتها , وأضافت:
" حسنا.... أنك متعبة وسأدلك على غرفة نومك".
ولم تستطع جين الا أن تتبع ماري".منتديات ليلاس

safsaf313 06-11-09 12:18 AM


3- طاولة لشخصين

أستيقظت جين في السابعة صباحا , وتوجهت الى المطبخ حيث التقت مارك , الذي سبقها لشرب الشاي , أستقبلها بأبتسامة كبيرة , ويبدو أنه نسي الأساءة التي تحملها ليلة أمس من شارل.
" من الفترات الصعبة بالنسبة اليّ هي العودة الى العمل بعد العطلة , وهذا الشعور يرافقني منذ طفولتي حيث كنت أكره النهوض المبكر , والعمل أو المدرسة بعد العطلة".منتديات ليلاس
وتذكرت جين بأنها هي أيضا كانت لا تحب ذلك, ولكن في الريف كان هذا شبه ألزامي خصوصا في مزرعة كهذه , وعلى وكيل الأعمال متابعة العمل طيلة اليوم, وكأن مارك قد فهم ما ضايق جين عندما تنهدت فقال:
" لا ضرورة للضيق , فقد نهضت في السادسة ,ولست الوحيد بالتأكيد , في كل حال نصيحتي اليك بأن تسرعي للقاء العزيز شارل أذا كنت لا ترغبين في أثارة غضبه".
" يا لمقدرة هذا الرجل!".
هذا ما فكرت به جين وهي في طريقها الى القصر .
" التحذيرات تأتي من كل صوب , البارحة ماري واليوم مارك , من هو هذا الرجل الذي يستطيع أن ينشر هذا الخوف حوله".
وأحست بالشفقة على الفتيات اللواتي سبقنها.
" أنه لمن المؤكد بأنهن وقعن في حب سيد هاي لينتون وطردن أثر ذلك".
وشيئا فشيئا ظهر القصر بجماله الذي يفوق الوصف, بناء متناسب متناسق , العرائش الخضراء تتدلى من الأعلى حتى تصل الى الفسحة الأرضية التي تحتوي بركة ماء يتلألأ تحت الشمس كالفضة , والطيور ترفرف حولها وفوقها... كان بأمكانها أن تجلس ساعات وساعات تستمتع بجمال الرؤية ولكنها أرغمت نفسها على مغادرة المكان فاللحظة لم تكن ملائمة لتطلق العنان لأحلامها , وقد يكون السيد شارل يراقبها من خلف أحدى النوافذ , وعندما وصلت الى المدخل الرئيسي عرفت بأن هذا البناء يعود تاريخه الى عام 1740 كما كتب على لوحة في المدخل الذي عبرته فوجدت نفسها في صالة كبيرة علقت على جدرانها لوحات جميلة بين الأعمدة التي تفصل المساحات الجدارية , وكلمة مكتب رأتها بأحرف كبيرة على أحد الأبواب الذي ما كادت تقرعه حتى سمعت صوت شارل يدعوها للدخول.
" صباح الخير".
تمتمت بهذه العبارة وهي تتلفت يمنة ويسرة بدون أن تميز شيئا بسبب أشعة الشمس التي غمرت الغرفة وبهرت بصرها.
" أنتظري لحظة".
وسمعت صوت سحب ستارة , أستطاعت بعدها أن ترى محدثها.
" هكذا أفضل أليس كذلك ؟ في بعض الفترات من السنة تصبح الشمس عائقا حقيقي في هذه الغرفة".
جلست جين على المقعد الذي أشار اليه شارل ونظرت الى المكتب الفخم الذي يجلس وراءه والذي يدل على ذوق رفيع .
" طلبت اليّ أن أحضر هذا الصباح, هه".
وقالت هذه الجملة لكي تخترق الصمت الذي بدأ يثقل عليها , أجاب وكأنه لا يراها:
" نعم... بأختصار هناك خبر جديد سأقوله ولكنني أخاف من أن يكون سيئا بالنسبة اليك...".
" خبر سيء؟".
تماسكت جين , من المستحيل أن يكون جورج قد أكتشف مكانها... أذن؟ عبست وغامت عيناها الخضراوان وتساءلت عما أذا كان سيرهقها طويلا على هذا الشكل.
" أعتقد أنك كنت تعملين في مكتب , هذا ما قلته لي ".
" نعم".
ولكنها لا ترى الى أين يريد أن يصل , وشعرت بالغيظ من هذه الغطرسة وهذا التصرف , ولكنها لن تسمح له بأهانتها.
" أنه بخصوص سكرتيرتي الآنسة ليديا كليفك , لقد نقلت الى المستشفى هذا الصباح في حالة مستعجلة , وستخضع لجراحة , ومن المؤكد أن هذا محزن بالنسبة اليها أما بالنسبة اليّ فأن غيابها سيسبب الكثير من المشاكل لأن الأعمال الأدارية في مؤسسة كهذه تأخذ حيزا كبيرا , ليديا هي التي تهتم بكل ذلك, لذا أسألك أذا كنت تستطيعين أن تحلي محلها أثناء غيابها".
تسمرت جين في مكانها من هذا الأقتراح , جاءت الى هنا على أمل أن تعيش في الريف , وتهيء نفسها لمهنة المستقبل وتحقق ذاتها من خلال تحقيق أهدافها وطموحها , وعندما لم تجب رفع شارل حاجبيه وقال:
" أعتقد بأنك لن تعترضي".
وكأنه يمن عليها بأعطائها شرف الحلول محل ليديا , فأجابت وهي تكتم سخطها:
"الأقتراح بهذه الطريقة يا سيد غريرسون , أجد صعوبة في رفضه ,ولكنني شرحت لك سابقا كم كنت متضايقة من هذا العمل , ولذلك فأنا هنا".
" أجابها بلهجة لطيفة:
" طبعا طبعا... لكنه لن يكون أسوأ من غسل الأطباق لماري أو تنظيف الأصطبل , خاصة وأن هذا العمل لن يستمر الا أسبوعا أو أثنين ريثما تعود ليديا...".
وأعتبر صمتها قبولا والتفت الى قراءة الرسائل , وبدأت جين تراقبه , وشعرت بعدم الأرتياح من فكرة أن تكون الى جانب هذا الرجل الرهيب يوميا في هذا المكتب , الذي سيمطرها بوابل من الأسئلة قد تشكل خطرا بالنسبة اليها مما يهدد بقاءها في هذا المكان , وعندما رفع عينيه أحمرت جين من تأثير نظراته.
" أنا آسفة يا سيد غريرسون من أجل الآنسة ليديا ولكن أليس من الأفضل أن تستدعي أخرى من أحدى مؤسسات المنطقة؟".
وبعد لحظة صمت أجاب شارل:
" ولماذا أستدعي أخرى أذا كان لديّ سكرتيرة ذات خبرة , كما يبدو أنك لا تعرفين قيمة نفسك , وأنا متأكد من أنك أهل لذلك , أن العمل غير معقد , في كل حال لا مجال للخيار".
أنه يعاملها كالسيد المطلق, عليها أن تسمع وتطيع , وفي هذه اللحظة أحست بالكراهية أتجاهه , ولكن ماذا يمكنها أن تفعل ؟ فأجابته بلهجة باردة:
" آمل ألا أخيب ظنك".
" ولماذا تخيبين ظني؟ أنا لا أطلب الكمال, طلبت موظفة قادرة على مساعدتنا في تسيير أمور العمل , وخبرتك في السكرتارية جعلتك جاهزة لتسلم هذا المنصب , فكل ما أطلبه أن تؤدي العمل على أحسن ما يمكن حسب متطلباته ريثما تعود ليديا...".
وبدون أن يترك لها الوقت لتجيب نظر الى ساعته , وتحرك من وراء المكتب ,ولاحظ نظرة الأعجاب الموجهة اليه من جين وهي تتأمل شعره الأسود الذي يتوج جبهته , والرعشة التي أصابتها , لقد وقعت فريسة لمجموعة من الأنفعالات المتناقضة , وفاجأها بقوله:
" ما رأيك في مرافقتي الى غرفة الطعام لتناول طعام الأفطار , ليس ضروريا أن تعودي الى المزرعة هذا الصباح , أما غدا فيكفيني أن تكوني هنا في التاسعة".
ولما نظرت جين الى نفسها شعرت بأن بنطال الجينز الذي لبسته هذا الصباح لتنظيف الأصطبل لم يكن لائقا للعمل في المكتب.
" قد يكون من الأفضل لي أن أعود لكي أبدل ثيابي".
وعندما تحركت لتخرج أوقفها قائلا بسخرية:
" يا لك من غبية , جربي أولا أن تخلعي هذه القبعة وهذه السترة .... ألا أذا كنت قد ولدت على هذا الشكل؟".
أحست جين بالأهانة وبحركة عصبية رفعت القبعة وأنساب شعرها كالشلال الذهبي على كتفيها , ولم يستغرق شارل وقتا طويلا ليستعيد هدوءه بعد هذا التحدي الواضح في تصرف جين , ولم يدع الفرصة تفوته كالمعتاد فقال:
" آمل ألا يكون مزاجك متموجا على صورة شعرك .... الآن فهمت موقف مارك".
" مارك.... تريد أن تقول السيد فنويك".
حاول شارل أن يتجاهل الألتباس:
" مارك أو السيد فنويك ليس هذا هو المهم , أنه وكيل أعمالي , وبتحديد أكثر أحاول أن أساعده في بناء شخصيته , وأتمنى أن يسعفني الحظ بأن أجعله يكف عن اللهو والضياع".
لم تفهم جين ماذا أراد أن يقول شارل .... هل هذا تنبيه؟ وأحمرت خجلا وشعرت بأنه يريد أزعاجها.
" لا أعرف السيد فنويك بشكل أستطيع أن أبدي رأيا فيه ".
همهم شارل وقد بدا عليه الشك وتوجه بثقته المعتادة نحو الباب وأشار اليها أن تتبعه , مشت جين مترنحة.
أن هذا الرجل أقوى مما كنت أظن , ولكن يجب الحد من هذه اللعبة.
ولكنها لم تكن متأكدة بأنها تستطيع مقاومته وقتا طويلا , وأمتلأت رعبا من فكرة العمل معه في المكتب وقالت:
"يا ألهي , أجعل هذا الأسبوع يمر سريعا".
وبعد أن أجتازا ممرا طويلا , وصلا الى صالة واسعة شبه مهملة , تحتوي على قطع من الأثاث والسجاد الجميل ولكنها مرتبة بدون عناية , على العكس من صالة الطعام الصغيرة , والتي بدت أكثر جمالا بطاولتها وكراسيها الزاهية , وشعرت جين بأن هذا البيت تنقصه يد نسائية , ولكنها عندما نظرت الى الطاولة وجدتها محضرة لشخصين , ولأول مرة تساءلت فيما أذا كان شارل متزوجا فقالت بتردد:
" هل ننتظر السيدة غريرسون قبل أن نبدأ؟".
أجاب بأبتسامة ساخرة وهو يجلس الى الطاولة:
" لا وجود للسيدة غريرسون ., ولكن هذا الصحن خاص بالآنسة ليديا لأنها تأخذ طعام الأفطار هنا بسبب خروجها المبكر من بيتها".
أحمرت جين وهي تجلس عندما تابع شارل:
" وأذا أردت أن تعرفي المزيد... فأنا لست ضد الزواج , ولكن يجب أن نخصص للنساء الكثير من الأهتمام والوقت... ولا أستطيع ذلك.... على الأقل في الوقت الحاضر".
تجاهلت جين مزاح شارل وابتسمت ببرود قائلة:
" أذن أنت من الذين يوجهون أهتمامهم الأكبر لعملهم , وليس لذواتهم".





ثم تابعت بخبث:
" يقولون .. أحيانا تكون المرأة مفيدة للرجل".
" عندما تكون لؤلؤة نادرة ... وعلينا أكتشافها , ولكن ألا يوجد شيء في الحياة غير الزواج؟ حمدا لله لأنني لست عاطفيا الى هذا الحد".
نظرت اليه جين بدهشة , يا له من رجل يفيض جاذبية وسحرا , ولكن عليها أن تحترس أمام هذه الجاذبية لأن شارل ما زال غامضا بالنسبة اليها ,ولحسن الحظ فأن وصول ماري حاملة الخبز والقهوة بدد بقية الكلام, وتساءلت وهي تتأمل الأدوات الفضية , لماذا أقترح أن تشاركه طعام الأفطار؟ هذا السؤال حيرها وهي تراقب شارل يقرأ جريدته الصباحية , أن دعوته لموظفته يشكل أحتقارا للتقاليد والأعراف السائدة , ولا بد أنها ستكشف سر ذلك في يوم ما.منتديات ليلاس
كانت جين تقضي وعظم وقتها في المكتب ولا تعود الى المنزل الا لتناول طعام الغداء , أما عن أعمال المكتب فأنها وجدت بعض الصعوبات في البداية , نظرا للسرعة التي يتطلبها العمل... وبعد أن شرح لها كل الأعمال الأدارية الخاصة بالمزرعة, أحست بنوع من الجو العائلي وخاصة بعد أن أعتمد عليها كلية أثناء غيابه ... وكانت تقوم بعملها على أحسن وجه ولكنها كانت قلقة في الوقت نفسه من أن تتأخر ليديا عن الألتحاق بعملها , ليست لديها أي رغبة في أن تمضي حياتها في هذا المكتب , رغم أن العمل بحد ذاته لم يكن معقدا , وليديا تركت كل شيء منظما , وهذا ما أثار أعجابها , وكان شارل ****ا عن عملها معجبا بقدراتها , وقبل تناول طعام الغداء , أعطاها شارل بعض التعليمات التي تتعلق بالجياد ... وطلب اليها العودة صباح الغد لأنه سيتغيب بقية النهار ولم يحدد موعد عودته وعرض أن يوصلها الى المزرعة ... وتبينت من أناقة ملابسه أنه ذاهب الى المدينة وبينما كان يفتح لها الباب قال:
" مارك... يمكن أن يساعدك في معرفة ما تريدين , وأن كنت متأكدا من أنك تتدبرين أمورك بشكل جيد , ولكن أياك والمخاطرة في أمتطاء هاموند... وقد أعذر من أنذر".
أحمر وجه جين غضبا لأنها لم تفكر في أمتطاء هاموند , فعلى أي أساس يعاملها بهذا الشكل , في كل حال لديها ما يكفيها من عمل مع بقية الجياد , وأن كانت غير مقتنعة بأنها لا تقوى على أمتطاء هاموند.
وعندما دخلت المنزل وجدت ماري ومارك . وقامت ماري قائلة:
" سأحضر لك طعامك في دقائق... فأنا أعرف كم أنت كنعبة اليوم , نحن جميعا نشعر بالحزن من أجل ليديا , ونتمنى عودتها بالسلامة , وعلمت بأن كل شيء على ما يرام بعد العملية لأنني أتصلت منذ قليل بالمستشفى... وكما قلت لمارك بأن شارل محظوظ لأنك أستطعت أن تنوبي عنها بالعمل مما خفف همموم شارل".



ابتسمت جين لماري والتفتت الى مارك الذي كان حزينا مهموما... وما كادت ماري تخرج من المطبخ , حتى خرج عن صمته قائلا:
" شارل ذهب الى المستشفى على ما أعتقد؟".
بقيت جين صامتة للحظات وهي تفكر: ما هذه العلاقة الأسرية التي تجعلنا نتحدث بهذا الشكل عن سيد هاي لنتون , وأجابت:
" أذا كان السيد غريرسون هو المقصود , فأنه لم يعطني أية معلومات بهذا الخصوص , وأنا لا أسمح لنفسي أن طرح عليه مثل هذه الأسئلة.
نظر اليها مارك بدهشة وقال:
" نعم أن السيد غريرسون هو المقصود".
قال هذه الجملة بتشدق وهو يضيف :
" لا ضرورة لأتخاذ هذا المنظر المبالغ فيه , فأنا أرى بوضوح اللعبة , وأنت متعجلة لأخذ مكان ليديا".
لم تصدق جين أذنيها وأرغمت نفسها أن تحافظ على هدةئها :
" مارك... عليك أن تعرف جيدا بأنني لن أحتل مكان أحد , وليديا ستعود الى عملها , وهذا ما أتمناه".
وتطايرت شرارات الغضب من عيني جين الخضراوين , وقالت لنفسها , ليفكر كما يريد وسأسخر منه , وذهبت لتغسل يديها وساورها شك مرعب , ألم تتحدث بقسوة مع مارك , أنه وكيل أعمال هذه المؤسسة ويستطيع أن يطردها أذا شاء , ولكن لماذا لا ينصح سيد هاي لينتون وكيل أعماله بأن يبحث عن عمل آخر طالما أن الأمور بينهما ليست على ما يرام , ثم قالت لنفسها وهي تجفف يديها:
" ولكن معرفتي للأمور غير كافية لتشكيل فكرة واضحة وعملية للموقف ولنترك هذا للزمن".
وبعد أن عادت لتناول طعامها شعرت بالأرتياح بعد أن غادر مارك المكان ... ثم عرضت على ماري أن تساعدها في غسل الصحون بعد الغداء قبل أن تذهب الى الأصطبل .
وأستقبلت ماري هذا العرض بسرور لأنه يتيح لها أن تستكمل صنع الحلوى التي أمامها .
" لن أنسى لك هذه المودة... وسأشرح لك كيفية أستعمال جهاز غسل الصحون".
" آه ... هذا عظيم ... سأتدبر الأمر , أنه تماما كالذي لدينا في المنزل ".
وأنتبهت بأن هذه الجملة قد أفلتت منها بعفوية وردت ماري:
" لا شك أن عائلتكم كبيرة".
تضايقت جين وبدأت تضع الصحون في الجهاز وهي تبحث عن حجة لتزل بها شكوك ماري:
" لا أبدا... أذكر أن والدتي أشترتها بالرخصة".
" بالتأكيد.... من لا يمتلك هذه الأجهزة في يومنا هذا؟ أنها لم تعد غالية ولحسن الحظ".
ثم أضافت:
" هيلدا ديك هي التي تهتم عادة بغسل الصحون , ولكنها ذهبت الى السوق , أما بيل كلارك الذي يساعدنا في أوقات فراغه , فقد ذهب لحضور زواج أخته كما تعملين".
قالت جين بصوت متردد:
" آمل أن تعود ليديا بسرعة ... أن السيد غريرسون حدثني عنها هذا الصباح".
ردت ماري بعفوية شديدة :
" ولو سمعته يتحدث عنك ....".
عضت ماري على شفتيها كطفلة صغيرة بعد هذه الجملة وأضافت:
" لا تعيري أهتماما أنتباها لما قلت يا عزيزتي .... أن ليديا فتاة جيدة ولا يجوز أن أقول ذلك عنها , فهي صديقة جدا للعائلة ".
أحتارت جين وتساءلت , ما هو السر الذي أفشته ماري حتى أرتبكت , ولكي تطمئن ماري أبتسمت بلطف وقالت:
" هذا غريب كنت أتخيل أن ليديا ...".
" أنها لكذلك , لا أعني أنها عجوز , أنها تقارب مارك في العمر وهي في السادسة والعشرين , ولكن فيما مضى كان والدها وكيل أعمال السيد غريرسون والد شارل".
" أذن ليديا كانت تعيش مع عائلتها هنا؟".
" في البداية نعم , ولكن بعد أن قتل والدها بحادث في المؤسسة , ذهبت أمها الى هكسهام عند أختها , وفضلت أن تعيش هناك وبالتالي لحقتها ليديا ".
" أذن عليها أن تقطع كل صباح هذه المسافة الطويلة لتلتحق بعملها هنا!".
وهنا تذكرت جين بأن ليديا تتناول طعام الأفطار مع شارل ".
" ولذلك تدارك الأمر والد شارل وأشترى لها سيارة صغيرة , أن ليديا مقتدرة ولا تخاف من الأعمال الصعبة , وعليها الكثير من العمل هنا , خاصة بعد أن أخذ شارل مكان والده في أدارة الأمور بعد وفاته".
وأغلقت جين باب جهاز الجلي وهي مغتمة , لأنها شعرت بأن هناك شيئا وراء حماس ماري في أيصال هذه المعلومات اليها , فتابعت بحذر:
" أفهم من ذلك أن ليديا والسيد شارل قد شبا معا".
" لا أبدا , فأن شارل يكبر ليديا بعشر سنوات , وعاش بعيدا عن المزرعة , لمتابعة دروسه في المدرسة ومن ثم في الجتمعة , ولكن لديه أحساس بالواجب أتجاه عائلة ليديا , بعد الحادث المفاجىء الذي وقع للأب".




شعرت جين بأن فضولها سوف يتزايد مع مرور الأيام, وفوجئت بأنها بدأت تتذوق حياتها الجديدة , وأن معمل والدها أصبح بعيدا عن تفكيرها , ولكنها بطريقة ما أشتاقت الى أهلها وخاصة الى أمها , وهذا ما جعلها تتصل بأخيها كما وعدته , وأجابت زوجته جيل , الماهرة في أختلاق القصص والأخبار ,والتي أنفجرت غضبا ضد جين.
وحاولت جين أن تحد من هذا السيل من الأحتجاج مدعية بوجود تشويش في الخط.
هي الأخرى لا يمكنها أن تفهم جيل ولذلك قررت ألا تتصل بهم الا بعد عودة والدها الذي سينشغل عن غياب أبنته بأعماله الكثيرة, وحتى ذلك الحين تكون قد أكتشفت نفسها وقدراتها في هذا العمل وكيفية الأستمرار به ... والأسرار الكثيرة الأخرى التي تود أكتشافها لأرضاء فضولها .
وفي اليوم التالي فوجئت بشارل في المكتب وكان يفيض حيوية ونشاطا وبادرها:
" صباح الخير ... أنت متأخرة هذا الصباح يا جين , ولكن سأسامحك أذا شرحت ما الذي تم بشأن العلف الذي طلبناه منذ عشرة أيام , كان عليك أن تتصلي البارحة بشركة برايسون وعلمت من جان ديك أنه لم يستلم شيئا حتى الآن؟".
" آسفة ... لقد تركت ورقة على المكتب بهذا الخصوص ".
وتابعت بعصبية:
" في كل حال , الشركة ألغت هذا الطلب وتم توزيعه الى زبون آخر , وأذا كنت تريد تجديد الطلب فأنهم لا يستطيعون أن يعدوا بتاريخ توزيعه".
وضرب شارل بقيضة يده على المكتب مما جعل جين تقفز عن كرسيها وقال:
" ولكن أي شيطان أستطاع أن يلغي هذا الطلب... كيف ومتى ... ألم يشرحوا لك ذلك؟".
" منذ حوالي أسبوع".
كان شارل يشتعل غضبا عندما صرخ:
" أرجو أن تكوني أكثر وضوحا".
ولكن جين لم تخف من ثورة شارل وغضبه , فأجابت:
" لا أعرف أكثر من ذلك ... ولكنني أستطيع الأتصال بالشركة لتكشف لي اسم المسؤول عن ألغاء الطلب".
" ليديا؟".
ونظر اليها بتمعن , فردت:
" لا , أنه رجل ولكنني لم أحصل على أسمه".
" حسنا أطلبي الرقم بسرعة".
وما كادت تنهي الرقم الأخير حتى سحب السماعة من يدها :
" قسم توزيع الطلبات , لو سمحت".
وأستغلت جين الفرصة وتوجهت الى النافذة , أن غضب شارل أثار أعجابها , وفكرت بالشخص الذي كان على الطرف الآخر من الخط , وبصوت شارل الذي يدوي في أرجاء الغرفة , وبعد أن وضع السماعة توجه اليها قائلا:
" لا أدري أذا كان يجب أن أعذرك ... فأن الذي ألغى الطلب هو مارك".منتديات ليلاس

safsaf313 06-11-09 12:20 AM


4-لا تعرف الكذب


وثارت ثائؤتها من هذه الشتيمة والأهانة فنهضت وقالت:
" لن أبقى دقيقة واحدة بعد الآن في هذا البيت".
شدها من ذراعها وأجبرها على الجلوس قائلا:
" هذا تمرد , وستبقين هنا وأنا الذي أقرر الى متى".
وأشتعلت جين غضبا أمام هذا التهديد.منتديات ليلاس
أندهشت جين وقالت في نفسها :
" لا بد أن هناك خطأ ما , وحاولت أن تعود بذاكرتها الى الوراء , ولكن مارك لم يتحدث أبدا عن هذا الطلب , وألقت بنفسها على كرسي المكتب بينما كان يتطاير من الغضب من نظرات شارل وأخيرا قال:
" من المؤكد أن هناك خطأ , ولا بد أن يكون مارك قد حدّثك عن هذا الطلب".
" لا أبدا , ولا أظن أن هناك فائدة من التأكيد عن ذلك يا جين".
وهكذا رأت جين نفسها تدافع عن مارك بصورة عفوية عندما أضافـ:
"قد يكون جان ديك هو الذي طلب منه ذلك".
" لا .... لا أعتقد".
قال شارل هذه الجملة الأخيرة , وهو يجلس على حافة المكتب , وقد بدأت نظراته وتقاطيع وجهه تأخذ مظهرا أكثر عنفا وسخطا , وأطرقت جين رأسها الى الأرض وحاولت أن تتماسك عندما قالت:
" أذا كان جان ديك ليس الفاعل , فبالتأكيد هناك شخص من المكتب , قد تكون ليديا هي التي ألغته بطريق الغلط".
وأضافت بحذر:
" وأنا أرى أن تعطي مارك فرصة أكبر لتحمل المسؤوليات , والرأيان دائما أفضل من الرأي الواحد , وما حدث أكبر دليل على ذلك".
ولكن عندما رأت شارل وقد تقلصت أسارير وجهه وشد قبضة يده وكاد يصرخ...
شعرت بأنها لم تختر اللحظة المناسبة لأبداء رأيها , ولكنها لم تكن تتصور بأن شارل يمكن أن يصل الى هذه الدرجة من العنف والأنفعال , لدرجة أنها تصورت بأنه سيضربها .
" مارك!".
قالها وهو يشدد على كل حرف.
" سيتحمل المسؤولية عندما يبرهن أنه قادر على تحملها , وليس لأنك يا آنستي العزيزة تدافعين عنه , وأذا كان سيتابع على هذا المنوال فللأسف لن يكون له مستقبل هنا , وأعتقد أنك تضيعين وقتك أنت الأخرى بالدفاع عنه".
وهنا تقوقعت جين على نفسها داخل كرسيها , بينما توجه شارل الى مكتبه وسحب بعض الفواتير من الدرج وبدأ يدقق بها , وأخيرا أستجمعت جين قواها بعد الرعشة التي أصابتها من الخوف وقالت:
" أتصلت البارحة سكرتيرة السيد فوكس وقالت بأن هناك خطأ ما بسبب الأضافة التي جاءت على الفواتير من أجل تلقيح الحيوانات ونقترح تسديدها في المرة التالية ".
وعندما حل موعد شرب القهوة الصباحية لم تمن جين قد وجدت الوسيلة التي تستطيع أن تهدىء بها السيد غريرسون الجالس أمامها , وبعد أن شعر شارل بوطأة الصمت قال مبتسما:
" أنا سعيد بأن أراك تتأقلمين مع حياتك الجديدة , وأعتقد بأنك أخبرت أهلك بذلك".
الجملة الأخيرة جعلت جين تأخذ حذرها , وتتساءل أذا كانت لديه أي شكوك حول هذا الموضوع , فأجابت:
" طبيعي ... ولكنهم الآن في كندا ... لأن عمل أبي يضطره الى التنقل المستمر".
وبعد أن فوجىء شارل بالأجابة , أندهشت هي أكثر من البساطة التي صرحت بها بالحقيقة فأضافت فورا:
" هذا يتوقف على الورشة التي يعمل بها".
وعاد الخوف والقلق الى قلب جين وتساءلت الى أين سيتابع بأسئلته ولكن شارل قال:
" منذ أسابيع كنت في كندا".
" وأعتقد أن مارك تولى أدارة الأمور بشكل حسن أثناء غيابك".
وعندما تجمدت الأبتسامة على وجه شارل , شعرت بأنها تتكلم بعفوية وتندم بعدها .
سيما عندما قال:
" ألا تعتقدين بأنك بالغت في مديح مارك يا جين؟".
تلعثمت جين بالرد :
" آسفة ... لا أريد أن أتدخل في هذا الموضوع ".
نهض شارل بخفة وهو يجيب :
" أذا كان مارك يريد أن يعاكس التيار, فعليه أن يتعلم كيف يقاوم".
وفي اليوم نفسه بعد العشاء طلب اليها مارك أن تحضر الى مكتبه للحظات وبدأ حديثه بدون مقدمات:
" ها أنذا في ورطة أخرى يا جين, فالأمور ليست على ما يرام بيني وبين شارل , لا بد أنك علمت بما حصل وأود أن تعرفي بأن ليديا لا علاقة لها أطلاقا بهذه القصة".
" أنا متأكدة من صدقك يا مارك ولكنني أفضل بألا نتناقش حول هذا الموضوع".
وكانت هذه هي المرة الأولى التي تناديه بأسمه بعد أن ألح عليها بألا تناديه بالسيد فنويك , وبينما كان مارك يمشي أمام الموقد جيئة وذهابا ,قال:
" من المؤكد يا جين أن نظرتنا الى الأمور ليست واحدة , في الحقيقة أنا أحب ليديا أنها فتاة رائعة , صدقيني , وأتمنى أن تحتفظ بوظيفتها , ماري أخبرتني عن مهارتك في عمل المكتب".
" هذا أذن ما يقلقك بالدرجة الأولى , وأنني لمستغربة كيف تستطيع ماري أن تحكم على أمكانياتي مع أننا نادرا ما تكلمنا حول عمل المكتب".
" قد يكون من خلال شارل".
" أنت تعرف كما يعرف الجميع يا مارك , بأنني لم آتي الى هنا من أجل العمل المكتبي".
" أعذريني يا جين , ولا تعامليني كشخص غير متوازن , وأن كنت أتساءل أحيانا لماذا أصل الى هذه الحالة عندما يحاول شارل أن يخرجني عن طوري ؟ ولكن في كل حال بما أن ليديا لم تصرح حتى الآن من منا تفضل , فأنا لا أستطيع أن أفكر بالمستقبل بشكل جدي".
وكان لسان جين قد أنعقد من الأنفعال وتلعثمت عندما أرادت أن تقول:
" أنت تريد أن تقول أن شارل وليديا..؟".
فألتفت مارك نحو النار وأجاب:
" في الحقيقة أنا لم أعد أفهم شيئا , لقد أزداد أهتمامه بها منذ دخولها المستشفى , فكل يوم يذهب لزيارتها , حاملا اليها الورد , ماذا تريدين بعد ذلك؟ كل الأوراق الرابحة بين يديه , فأي فتاة لا تحلم بأن تكون سيدة هاي لينتون؟ ولا نستطيع أن نلوم ليديا أذا كان هذا الموضوع يراود مخيلتها , ومن ناحية أخرى فهناك شارل الذي يشجعها أحيانا على ذلك".
تقبلت جين الموقف بحزن وهي تتأمل النار المشتعلة , كيف يمكنها أن تنسى بأنها هي التي قامت بطلب الزهور مرتين بناء على طلب شارل , وهي التي رأت علبة الكاكر التي يحملها تحت أبطه وهو ذاهب الى ليديا , ولكن كيف يمكنها أن تقول ذلك لمارك , فأبتسمت وكأنها تريد أن تطمئنه قائلة:
" أذا كانت ليديا تحبك فلن تفكر في شخص آخر , وأذا لم يكن كذلك , فلماذا تريد أن تحاسبها ! أنها السكرتيرة الخاصة لشارل ومن الطبيعي أن يكن لها الأحترام ويهتم بها وهي تبادله الشعور نفسه".
وبمرارة أنفجر مارك ضاحكا:
"أريد أن أصدقك ولكن حبي لليديا ليس وليد البارحة , وشارل لا يجهل مشاعري أتجاهها , ويبدو أن ليديا ليست مؤهلة لتسريع الأمور وحسم الموقف , هل تفهمين الآن , لماذا أريد الأنتقام بكل الوسائل.
قالت جين بهدوء:
" أستطيع أن أفهم الآن لماذا ألغي طلب السيد غريرسون ".
أجاب مارك بسرعة:
" في رأيي الخطأ تتحمله سكرتيرة السيد غريرسون التي ألغت هذا الطلب عوضا عن طلب آخر , كان علي أن أكون أكثر دقة أنا بدوري , ولكنني كنت في غاية الأستعجال لألتحق بليديا التي كانت في الطريق الى المستشفى , ويبدو أنني أعطيت رقم السند بشكل مغلوط , كما شرحت لشارل ,ولو كانت ليديا موجودة لما حصل كل ذلك".
ألقت جين نظرة الى ساعتها وأعتذرت مدعية بأن لديها كثيرا من الأعمال للغد فقال مارك:
" حسنا ولكنني أتساءل أذا كنت ستقبلين دعوتي ذات مساء بأن نتناول طعام العشاء وحيدين في مكان ما , وستقولين لي أذا ما كنت على حق".
أبتسمت جين وقالت لنفسها أنه يحتاج لشيء من النضوج رغم سنه ثم قالت لمارك بسخرية:
" أعتقد بأن رغبتك تكمن في أثارة غيرة ليديا أكثر من رغبتك في الخروج معي , أذن لماذا لا ننتظر تطور الأمور؟".
أشرق وجه مارك بأبتسامة عريضة وأجاب:
" ولكن من المؤكد يا عزيزتي جين , وأن كان لا يفوتك شيء , أنك ساحرة وجذابة ومعظم الرجال يحلمون بمغازلتك حتى وأن كنت مصرة على أن يكون شعرك مشدودا بهذه الطريقة".
وقطبت جين حاجبيها بأستهجان قائلة:
" حسنا لنؤجل هذه الدعوة لوقت آخر ريثما نتعرف الى بعض بشكل أفضل".
وبعد أن وضعت يدها على قبضة الباب أضافت:
" لو كنت مكانك يا مارك لضاعفت أهتمامي بليديا لأن السد شارل ليس الشخص الوحيد المسموح له بزيارتها , ومن يدري فقد لا تنتظر هي ألا أن تشجعها أنت في حسم الوقف ".
وبدون أن تنتظر رد فعل مارك خرجت وأغلقت وراءها الباب بهدوء , وبعد عدة أسابيع خرجت جين مع شارل في جولة على الجياد بين الحقول وكان الطقس منعشا , أنها الفترة التي تسبق حلول الشتاء , وكل ما تبقى من مزروعات قد غاص تحت ضربات المحراث التي لا ترحم , وها هي الأرض المحروثة تنتظر تلقي البذور الجديدة , وطيور النورس بدأت ترحل وعن قريب سيغطي الثلج هذه المساحات الشاسعة من الأرض.منتديات ليلاس



وها هو هاموند الحصان الأسود الجميل يستعيد مجده مع صاحب شارل ويثب بين الحقول والهضاب , قطعان الماشية تجول في الحقول , وجين تستسلم تماما لنشوة أحساسها ببرودة الهواء على وجهها , وأحمرار خديها وتطاير شعرها , وبعد أن أوقف شارل حصانه على رأس التلة مشرفا على وادي التاين قال:
" لا يوجد أجمل من هذا المكان , في هذه الفترة من السنة ".
أكتفت جين بهز رأسها تعبيرا عن سعادتها , لأن جمال المنظر جعلها غير قادرة على الكلام , في الشمال الجدار الروماني الشهير منذ عصر الأمبراطور أدريان , المنتصب على الحدود الأسكتلندية , وفي الجنوب وادي التاين الذي يتلوى بعظمته بين الغابات , ثم تابع شارل:
" يعود تاريخ هذه المنطقة الى القرون الوسطى , ولكن قد لا يعنيك مثل هذا الموضوع".
" على العكس فالتاريخ يهمني جدا وآمل أن أتعلرف جيدا الى المنطقة مستفيدة من أقامتي فيها , وأعتقد بأن الملكة قد جاءت منذ فترة قريبة الى هذه المنطقة لزيارة دير هكسهام".
" صحيح ففي الصيف الماضي أحتفل الكاهن بالعيد الثالث عشر بعد المائة لبناء هذا الدير ".
" يبدو أن لديك معلومات مهمة عن التاريخ المحلي للمنطقة".
" لا , ليس هذا كافيا يجب أن نعرف كل شيء عن المنطقة التي نعيش فيها , الماضي هو تراث الأمة , ونحن نملك أقدم قصر في كل أنكلترا , ولكن السياح الذين يرتادون المنطقة يذهبون لزيارة الحصون الرومانية ولا أعرف ما السبب في ذلك".
" أنها الدعاية بدون شك".
وسرحت بنظرها الى الأفق حيث يقوم الجدار وقالت:
" أنني لأتذكر كم من الشعراء تغنوا بها".
وفوجئت به يتمتم :
" هكذا أذن, لقد بنوها حجرا حجرا وعلى الطراز الرومانسي الصرف , وها نحن لا نزال نكتشف الأحجار المكسورة المرمية في النهر , عندما هبط مستوى مجراه في أحد أشهر آب الحارة".
وأخيرا عاد الى نبرة السخرية قائلا:
" هل تعرفين شاعركم كيبلنغ؟".
" بعض الشيء , وهذا ما يرعبني لأنني لم أقرأ الشعر منذ أيام الثانوية , مع أنني كنت معجبة جدا بأعماله وأراها رومانسية جدا , ولكن في سن السابعة عشرة , ما الذي لا نراه رومانسيا؟".
كتم شارل ضحكته لهذه الجملة التي صدرت من جين . أبنة الواحد والعشرين عاما , وبعد أن ركز نظره نحوها قال:
" ما الذي جعلك تفقدين أحلامك؟".
كيف يمكنها أن تقول له بأن الحاضر هو الذي يقلقها وليس الماضي؟
" مثل كل الطالبات مررت بتجربة الحب مرتين أو ثلاث وأكتشفت بأنها لم تكن على جانب من الأهمية".
وأنحنت جين لتداعب عنق الحصان , لينتون ليد, الذي يعرف كيف يتجاوب مع أقل حركة من فارسه , تابع شارل:
" والسنوات التي تلتها؟".
وأحمرت جين وشعرت بأن شارل يشك بأنهاتخفي عنه شيئا فأجابت:
" ولماذا هذا الألحاح؟".
" مجرد فضول".
" بعدها تعرضت لعديد من المغازلات , هذا كل ما في الأمر".
وأحست بالغضب عندما رأت نظراته المتفحصة وفرحه بأضطرابها وقالت محدثة نفسها:
" يا له من متكبر معتد بنفسه , فهل ينتظر مني أن أكاشفه بأسراري وأعترف بأنني لم أعرف معنى الحب .... وبالتالي يسخر مني , وبالتأكيد فأن ليديا تثير أهتمامه أكثر مني... وشدت بأصابعها على اللجام عندما بادرها بالسؤال :
"لكن أين تلقيت علومك؟".
ومن هول المفاجأة لم تفكر بالكذب فأجابت فورا:
"في مدرسة ساري".
" لكنني أعتقدت بأنك تسكنين برادفورد فهل كان أهلك يريدون التخلص منك؟".
وجاء صوت شارل ناعما مما فاجأ جين التي تنهدت بعمق قبل أن تجيب :
" لا أبدا , لا يمكن أن أسيء الظن بهم".
وأدركت أنه يراقبها بدقة , فتهيأت لتهمز الحصان ليثب بها وأذ بيده تشد ذراعها :
" هل أنت خجولة يا جين! كثير من الناس لم يعرف عاطفة الأهل , هل لديك أخبار عنهم؟".
" لا .... ليس بعد".
وبتشديدها على الحروف ظنت أنها تستطيع أن تخفي الحقيقة وتهرب من نظرات شارل ولكنه تابع مستفسر:
" أليس لديك أقرباء آخرون في هذا البلد؟".
" نعم , عندي أخ".
ورأى شارل أن وجه جين خال من أي تعبير فتابع:
" أخ؟ أين يسكن؟ لم تحدثيني عنه مطلقا".
" لأنك لم تطلب مني ذلك , أنه يعمل في مصنع".
وشعرت بحرارة يده الناعمة على ذراعها الذي لا يزال ممسكا به, فخفق قلبها وصرخت:
" أخي يسكن برادفورد وأذا كنت تريد أن تستعلم أكثر منحن متفاهمون وعلاقتنا جيدة ".
ضاعت الكلمات الأخيرة مع أنطلاقة الحصان الذي نزل الهضبة وجمح كالهواء , ولم يعد بالأمكان تخفيف سرعته , وأزدادت نشوتها عندما أصبحت مع الحصان كالجسم الواحد , وألقت وراءها خوفها من شارل, لماذا يريدها أن توضح له أسباب مجيئها الى هنا , فلن يفهم ذلك ولم يفهم الشعور الذي أحسته لأول مرة بحريتها.
وعندما حاولت مع حصانها أجتياز الحاجز سقطت على الأرض بين أرجل الفرس , ولكن مرونة جسمها ساعدتها على الوقوف فورا بدون أن تصاب بأذى , ولكنها كانت خائفة على الفرس فأمسكت باللجام , ومررت يدها بهدوء على عنقه وقبل أن تبدأ بفحصه كان شارل الى جانبها , وقد ظهر القلق على وجهه عندما سألها:
" هل أنت بخير؟".
" نعم , ولكنني لا أزال تحت تأثير الصدمة , وخائفة على الحصان , هل تسمح بأن تلقي نظرة عليه؟".
وبعد أن تأكد أن جين بخير توجه الى الفرس وجعله يمشي بضعة خطوات ليتأكد من أنه لا يعرج , قال:
" ليس هناك ما يقلق ولكن ما الذي دفعك الى ذلك؟ كدت تكسرين ظهرك".
وشعرت بنظراته تسيطر عليها , فأرتجفت ولكنها كانت تعرف بأنها تسنحق هذا التأنيب لأنها أرادت الهرب منه , ولكنها عرضت حياة الفرس للخطر.
" أنا آسفة... آسفة فعلا".
" من الأفضل أن تذهبي , وسأحضر العربة لأنقل الفرس عليها بأنتظار البيطري ".
جلست ليلا قرب النار مع ماري التي تحيك الصوف , وفي العاشرة رمت الصوف من يدها وبدأت بالتثاؤب .
" سآخذ فنجانا من الشاي , وأذهب للنوم , ويبدو أن مارك كعادته سيعود متأخرا ولا أريد أنتظاره".
فأسرعت جين لأحضار الشاي , وعاد مارك من السهرة مع ليديا وأمها , وكانت ليديا في هذه الفترة تخرج مع مارك كما تخرج مع شارل , ولكن جين تجنبت الحديث في هذا الموضوع الذي لا يعنيها , كما لا يعنيها العمل في المكتب , كل ما يؤرقها هو عملها الى جانب شارل الذي تعتبره عذابا في كل لحظة , وبعد أن حملت الشاي الى ماري قالت:
" سأذهب لأطمئن عن لينتون ليد".
وبعد أن رأت ماري قلقها أجابت:
"نسيت أن أقول لك بأن السيد شارل قد مر الى هنا بعد ذهاب البيطري , وقال أن الحصان بخير ويمكن ركوبه غدا صباحا ولا ضرورة للقلق".
" أنا لست قلقة ولكنني أشعر بشيء من المسؤولية , وقد تنعشني برودة الهواء ".
" كما تريدين , فأنا ذاهبة لأنام , ومن الأفضل أن تفعلي الشيء نفسه".
أبتسمت جين وقالت:
" لا تقلقي وأعدك بأنني لن أتأخر".
وخرجت , أما ماري فقد تنهدت وقالت:
" أنتم يا عشاق الخيل , كلكم على هذا المنوال".
وفي الخارج كان الظلام مخيفا , تقدمت جين بحذر الى الطريق المؤدي الى الأسطبل وشعرت بقشعريرة البرد بعد الدفء الذي كان في الداخل , ونتيجة للسرعة التي خرجت بها لم تفكر أن تضع عليها ما يقيها البرد , وبيد مرتجفة أخذت تبحث عن زر الكهرباء وعندما أنبثق النور فجأة , أثيرت الأحصنة التي كانت جالسة بأرتياح وألتفتت نحو القادم اليها , صهل هاموند وأجابته جنيفر.
وقدمت لهم جين قطع السكر التي كانت تحملها كالعادة , ثم دخلت الى لينتون ليد وبدأت تحادثها بلطف ورفعت قائمتها لتتأكد من أنها لا تؤلمها وأستسلمت الفرص لفحوصاتها , ثم همست لها:
" حسنا , أنت سليمة ولكن يبدو أننا نحن الأثنتان مجنونتان هذه هي الحقيقة , هزت الفرس عنقها وكأنها همت , وأسرعت بتناول قطعة السكر , ثم تابعت جين مرورها على بقية الأحصنة مستكملة توزيع قطع السكر ومداعبة الجميع , وفرحت بسلامة لينتون ليد , وعندما صهل هاموند أرتعشت لأنها عرفت بأنه لمح وجود أحد على مدخل الأصطبل, أنه شارل , أنقطع نفسها من شدة الأنفعال عندما تقدم نحوها , هي التي أعتقدت بأنه عاد الى القصر منذ فترة طويلة.منتديات ليلاس

safsaf313 06-11-09 12:24 AM


5- هدية مرفوضة


أحس شارل بالأضطراب الذي بدا على وجه جين لدى ظهوره المفاجىء , ولكي لا يترك لها مجالا للظنون قال:
" كنت متأكدا من أنك أنت التي في الأصطبل , فمن سيأتي في ساعة كهذه سواك, ألم تقل لك ماري أن الفرس بخير ؟".
" نعم, ولكنني عرفت بأنك عدت الى القصر؟".
" كان علي أن أتكلم مع جان ديك في موضوع مستعجل , وكذلك مع مارك ولكنني لم أجده".منتديات ليلاس
" لقد خرج مع ليديا...".
وعضت على شفتها بعد أن قالت جملتها بعفوية , وخافت أن تثير غضبه , فتوجهت نحو باب الخروج , عندها أجاب شارل بلامبالاة :
" يستطيع مارك أن يخرج مع من يشاء , ولكن للأسف لا يتواجد كثيرا في المنزل , وهذا ليس لصالحه".
" أتريده بعد يوم عمل كامل ألا يروح عن نفسه قليلا؟".
" يوم عمل , هذه أذن نظريتك الي...".
قالها بسخرية مضيفا:
" أتساءل أحيانا يا عزيزتي جين ما هي النتائج التي توصلت اليها في تحليلي".
" لا شيء ... لماذا؟".
وظهر عليه الأنزعاج ولكنه فرح بأضطرابها وقال:
" بالمناسبة أنا أيضا أحب فترات الراحة".
أنها تعرف ذلك تماما وما عليه ألا أن يتذكر الأهتمام الذي أحاط به ليديا , وفي هذه اللحظة ضرب الفرس بقائمته على خشبة الأصطبل ... فقالت جين بسرعة:
" جئت لأطمئن عن لينتون ليد وسررت لأهتمامك بها , ولكن ذلك لم يمنعني من القلق عليها , لأنني لا أحتمل آلام الحيوان".
" حسنا ولكن لا مبرر لهذا القلق , لأنني تأكدت من سلامتها , فالخيول غالية الثمن وعلينا الأهتمام بها ".
وشعرت جين بأن شارل يبقى دائما السيد في كل الأحوال والظروف , وتجمدت عيناها على الفرس وهي تقول:
" أعرف ذلك , كنت أحلم بناد للفروسية , ولكن للأسف لن أسمح لنفسي بأن أغامر أية مغامرة بهذا الخصوص".
" ما معنى هذا؟".
وتوجه اليها بنظرة فاحصة , ولعنت جين نفسها لأنها أفشت سرها بهذه البساطة.
" وهل رصدت المبلغ الأساسي؟".
وفكرت في نفسها:
" يجب أن أبلغ الحادية والعشرين من العمر حتى أستطيع أن أحصل على أرث جدتي".
لكنها أجابته:
" لا ... فأنا لا أملك ما أشتري به ذنب حصان".
" كل أمرأة تحب الخيول تحلم بأنشاء ناد للفروسية".
" أنت مرتاح بعملك , لكن أن تدير مركزا من هذا النوع , فهذا يتطلب الكثير من التفاني".
وشعرت بالتوتر لأبتسامة شارل, أنه كأبيها ينظر اليها نظرته الى طفلة تحمل أفكارا مثالية وقالت:
" كل ما يهمني أن أتمتع بممارسة هذا العمل...".
وتابعت بسخرية:
" وأنا لست من اللواتي تحدثت عنهن...".
أجاب بسخرية:
" حسنا يا آنسة براون , أنا أقترح بأن تتزوجي صاحب أصطبل كبير".
وقالت جين بنفسها:
" كل ما أتمناه أن أمتلك الثقة بنفسي مثله".
ونظرت اليه . ومن فتحة القميص رأت بشرته السمراء التي لا تزال متأثرة بحرارة شمس الصيف , وشعرت بشيء من الدوار , فأستندت الى الجدار , وقال:
" ها... ما رأيك في هذا الأقتراح؟".
وأقترب منها أكثر, وكان الظلام المخيم قد فرض نوعا من التقارب في المكان وبجهد أستطاعت جين أن تستعيد صوتها:
" لا أتذوق مثل هذا النوع من المزاح ,و لكن نظرا لألحاحك أريدك أن تعرف أنني أفضل العدول عن طموحاتي من أن أحققها بالزواج".
" لن تدّعي بأنك لا تهتمين بالرجال:
" ونستطيع أن نعكس السؤال ونتساءل هل الرجال مهتمون بي؟".
ورفعت خصلة شعرها الى الوراء ... وشعرت بأنها سيطرت على الموقف , خبرتها لم تكن محدودة ولكنها سطحية , فليس فيليكس وحده هو الذي غازلها , أذن لماذا تخاف؟ هل سيختلف شارل عن غيره؟".
" لماذا تنظرين الي بشك؟ عليك أن تعرفي بأنك مغرية جدا ".
وشاهدت الأعجاب مرسوما في عينيه , ثم أضاف:
" ولكن لماذا لا تولين مظهرك قليلا من العناية؟".
كان شعرها مشدودا الى الخلف ومربوطا كذيل الحصان, والتفتت الى الوراء لتهرب من نظراته ومن مواجهته , وقالت:
" ربما , ولكن هل هذا خطأ مني؟ يبدو أننا أبتعدنا عن الموضوع , وأنا لم آت الى هنا لأجيب على تساؤلاتك حول حياتي الشخصية , ولكنني جئت للأطمئنان عن الفرس , هل تسمح لي بالمرور لأعود الى المنزل؟".
ورفعت وجهها الى الأعلى بأعتزاز فبرزت طبيعتها الأرستقراطية , وحاولت أن تهرب من أمامه.
" لا أزال أتصور بأن الجميع كانوا يخضعون لأوامرك".
أحمرت جين ولم تعرف بم تجيب , ربما يريد أن يمازحها ولكن كيف لها أن تعرف ذلك...
ولذا عليها أن تكون حذرة ,وشعرت بأنها لن تستطيع أن تقف أمام هذا الرجل.
" أود أن أذكرك بشيء واحد , قرأت الأعلان وبما أنني أحب الخيل , أعجبني العمل هنا وهذا هو الموضوع بكل بساطة ".
" ولكن الغريب يا جين بأنك تجيدين القيام بكثير من الأعمال...".
" لندع هذه المناقشة غير المجدية".
لم يجب ولم يتحرك وظل منتصبا أمامها , مما جعلها كالسجينة وعندما حاولت الخروج أمسكها من كتفها قائلا:
" أنت تحاولين بكل الطرق أن تتهربي من ماضيك ... مع أننا في الوقت الحاضر لم نعد نقيم وزنا لهذا, وأنا لا أريدك أن تبذلي مجهودا من أجل لا شيء".
وضغط بأصابعه على كتفيها مما جعلها ترتجف , وفي الخارج كان الهواء البارد يعصف بشدة , ولما رفعت رأسها الى الأعلى تابع يقول:
" نبقى هنا أذا كنت ترغبين بذلك؟".
وبلطف أدار وجه جين وأخذ يداعب عنقها نزولا الى كتفيها ثم جذبها اليه وشد خصرها بيديه اللتين تفيضان رجولة , حتى شعرت وكأنها ستذوب , فهمس في أذنها:
" سأتجاوز كل الأنظمة , فأنت مثيرة جدا , وأنا لست ألا رجلا وسأكون مجنونا لو أضعت مثل هذه الفرصة...".
وبدون أن يترك لها المجال لتقول شيئا عانقها بحنان ... وشعرت جين بالدفء يسري في جسمها , وكأنه كشف عن مشاعرها المخبأة أذ لم يسبق أن عانقها أحد بهذه الطريقة, وفهم ذلك شارل عندما ضمها بين ذراعيه وتمنت ألا تنتهي تلك اللحظة , ثم أبعدها عنه قائلا:
" أذن لم أكن مخطئا ... فأنت تجيدين العناق , وهذه موهبة جديدة تضاف الى نشاطاتك المتعددة".
وشعرت بثورة عارمة وفهمت بأنه لن يدع الفرصة تفلت من يده, ولكنها قررت هي الأخرى أن تقاوم وبدأ شارل يتمرغ بها , وجهه , وشعره , وأنفه وأهدابه , ثم عانقها من جديد وبقوة جعلتها تنسى ما قررته وتنساق لعواطفها , وعندما تركها كادت تسقط على الأرض لأن رجليها لم تقويا على حملها وبدون أن تقول كلمة واحدة , أنسلت بأتجاه الباب , وسمعت صوت شارل يقول لها بخشونة :
" لقد حان الوقت لتعودي يا جين , وبما أنك غير مؤهلة لمجابهة هذا النوع من المواقف , أنصحك بعدم العودة الى هنا في مثل هذه الساعة المتأخرة".
أحمر وجه جين ... يا له من وحش, ألم يخرج هو أيضا مهانا من هذه المغامرة.
لكنها أستطاعت أن تجيبه رغم الغصة التي خلفتها لهجته:
" أطمئن أنا لست على أستعداد لتجديد مثل هذه المغامرة لكن ليس للأسباب التي تدعيها لأنني أعتقد بأنني على المستوى نفسه".
بلهجة باردة أجاب:
" في كل حال أن عدم الخبرة له جاذبية أيضا".
وعندما وصلا الى المزرعة قالت:
" تصبح على خير".
أجابها بنبرة ساخرة:
" ستشعرين بالتحسن غدا"


وبعد أسبوع وفي الصباح الباكر بعدما عادت جين من الأصطبل , وجلست تتناول طعام الأفطار قدمت اليها ماري سماعة التلفون لتسمع صوت ليديا يقول:
"شارل ذهب الى لندن لمدة يومين ... وقبل سفره طلب مني أن أبلغك بأن تحلي محلي في العمل في الفترة التي أريد أن أستريح بها , فهل يمكنك أن تأتي فورا؟ ".
بذلت جين كل ما في وسعها لتكتم سخطها وفكرت : أذا كان قد قرر السفر من الأفضل أن يكلفني هو بذلك , وعليه أن يعرف أيضا بأنه يكفيني ما أقوم به من أعمال مع الخيول بدون المكتب , وكذلك تلك المسكينة ماري التي تشكو دائما من عملها المرهق ولكن لا ... أن الآنسة كليفز هي التي بحاجة الى الراحة .... ولما وصلت الى باب المكتب كانت ليديا تنتظرها بفارغ الصبر.
" حسنا نستطيع أن نقول بأنك تتصرفين بوقتك كما تشلئين , سأذهب الى المدينة ولا أعرف كم سأستغرق من الوقت".
أذن كيف ستذهب الى المدينة وهي تدّعي بأنها محتاجة الى الراحة ؟ وتابعت ليديا:
" نعم سأذهب الى نيوكاسل مستغلة غياب شارل لأفصل فستانا .... لأن ثيابي أصبحت واسعة بعد العملية , وسأحاول أن أصنع شيئا من أجل شعري لأنني لم أعد أطيقه كذلك ".
وكالمعتاد كانت ليديا بكامل أناقتها ولكن جن أصرت بألا تعلق على الموضوع وقالت بلا مبالاة:
" وبالتأكيد ضربت موعدا؟".
" موعد.... آه ... شعري أعتقد بأنني سأغير شكله".
وكان في صوتها رنين كاذب .... لم تكن بحاجة لا لتسريحة جديدة ولا لثوب .... أذن لماذا هذه السرعة في الخروج؟".
قالت جين وهي تأخذ مكانها على الكرسي :
" ألم يقل السيد غريرسون شيئا عن أسباب سفره الى لندن ؟".
" لضرورة العمل , قرر ذلك فجأة".
هزت كتفيها ووضعت أمام جين مجموعة من الفواتير والسندات :
" هذا ما ستنجزينه خلال هذه الفترة , وبالنسبة الى الباقي , كتبت قائمة بذلك , في كل حال سأمر في نهاية اليوم لأرى أذا كان كل شيء على ما يرام".
" كان عليها ألا تترك المكتب أثناء غياب شارل".
هذا ما قالته ماري عندما تأخرت جين في الحضور لتناول طعام الغداء.
" وعندما يعود السيد فنويك سأحاول أن أعرف لماذا تغيب الأثنان تحديدا هذا اليوم , قد لا يعنيني هذا , ولكن يهمني أن أعرفه".
جين كانت قد طرحت على نفسها السؤال نفسه , مما زاد في حيرتها وجود ليديا في صباح اليوم التالي في المكتب.
" كما ترين لم أعد بحاجة اليك الآن لأنني قرر أن أؤجل ذلك الى يوم آخر , ولكنني سأطلب منك ألا تخبري شارل بأنني تغيبت البارحة .... مع أنه كان قد طلب مني أن آخذ بعض الراحة ولكنني أود أن لا يعرف بأنني تتبعت نصائحه".منتديات ليلاس
" لماذا هل تخافين أن يحسم من راتبك؟".
وندمت جين على هذه الدعابة الساخرة من ليديا التي أحمرت بشدة , فليديا تستطيع أن تمضي يوما مع مارك وتخدع شارل.
وأغتاظت جين كثيرا لأنها لم تستطع أن تفهم موقف ليديا , أذن ليديا ****ة عن هذا الموقف ولكن يجب ألا يؤدي ذلك الى أن يتعكر الجو بين الرجلين , لأن عليهما أن يعملا معا , ولكن ما السر في أن شارل ظل محتفظا بوكيل أعماله أذا لم يكن ****ا عنه؟ وفجأة أدركت ليديا شكوك جين فقالت:
" لماذا تظنين بالسوء؟ يمكنني أن أقدم لك خدمات في يوم ما ".
" هذا ممكن ولكن لا تعتمدي علي أذا فشلت مخططاتك ".
هذا التحذير جاء بشكل أحتقاري .... وشعرت جين بأن مواقفها مع مواقف ليديا لم تكن سيئة.
لقد عاد أهلها من كندا وتحدثت مع أمها على الهاتف ورجتها أن تعود الى المنزل , ولكنها رفضت لأنها لم ترغب في العودة الى الجو العائلي.... ولكي تهدىء قلق أمها بررت لها ذلك بأنها مجبرة أن تتم الفترة التدريبية خلال أسابيع.
ولكن ماذا سيحصل لو عرف شارل الحقيقة ....سيطردها وهي لن تستطيع الأبتعاد عن هاي لينتون أما بالنسبة لأبيها فهي لا تفكر به لأنها بمجرد عودتها الى البيت ستجد الوسيلة لأصلاح الوضع, وستجد نفسها أمام المذبح بين يدي فيليكس , هذه الفكرة لوحدها جعلتها ترتجف وتأملت بحزن المنظر الذي يحيط بها , لماذا أرتبطت الى هذا الحد بهاي لينتون؟ لتبني شخصيتها وتحقق ذاتها في المستقبل ... أن هذا السبب وحده لا يكفي , أذن؟ هذا التسؤال زاد من كآبتها.
مر أسبوع على حادثة سقوطها , ولكن الموقف لا يزال حيا في ذاكرتها , عندما شدها شارل بين ذراعيه وعانقها .... ماذا يمكنه أن يفكر بها... وكان عليها أن تعرف مكانتها ... وبوصولها الى الأصطبل فوجئت بمارك.
" لم أكن أعرف بأنك ستخرج الجياد هذا اليوم".
قالت جملتها هذه وهي تسرج جنيفر , فأجابها:
" شارل طلب مني أن أهتم بهذا الوحش هاموند أثناء غيابه ولذلك جئت أؤدي مهمتي".
" يبدو أنك لا تهتم بالجياد كثيرا فهل تخافهم؟".
أنفجر مارك ضاحكا وقال:
" يا لها من عدوانية هذا الصباح , أنا شخصيا لا أميل الى هذا النوع من الضخامة والخشونة .... ولكنني لا أخافها".
هزت جين رأسها وأجابت وهي تشد لجام جنيفر..
" فهمت , يبدو أنك وقعت في طفولتك ذات يوم ولا زلت متأثرا بالحادث".
وأمام مارك الذي بدا كالطفل الصغير الذي أعترف بخطأه أضافت:
" أن مزاجي سيء هذا الصباح وذلك بسبب الأرهاق من يوم البارحة , فلو لم تتغيب ليديا وأنت لما أرهقت بهذا الشكل ".
" أذن أنت تتصورين بأنني قضيت يوم أمس مع ليديا".
" أحساسي نادرا ما يخطىء ويبدو لي أنك في موقف صعب يا مارك أليس كذلك؟".
أحمر وجه مارك وبدا عليه الأنزعاج:
"أنت تحبين الحديث بالألغاز , أرجو أن تشرحي لي ما تودين قوله".
" هذا ما ينطبق عليك أنت, ولكنني خائفة لدى عودة شارل...".
ضحك مارك بمكر وقال:
" أفهم من كلامك بأن الفئران يجب ألا ترقص في غياب القط".
" يبدو أن راحة يوم البارحة قد أثمرت لديك؟".
" نقطة سجلتها لك .... لقد ربحت يا عزيزتي جين".
وفجأة جاء صوت مارك ناعما ولطيفا عندما أضاف:
" لكنك لا تستطيعين فهم الأمور لأنك لا تعرفين كل شيء".
" وأنت أيضا , ومن سيقول لي كلمة كهذه بعد هذا اليوم ... سأقتله".
" في القريب أذا لم تسر الأمور على ما يرام سآتي وأخبرك ".
ونظر الى هاموند بلا مبالاة:
" صحيح , لقد أمضيت البارحة مع ليديا ولكن أطمئني فلهدف شرعي تماما".
أذن صحيح ما ظنته جين ونظرت الى مارك نظرة لوم وأستهجان .
" وشارل ألا يعلم بذلك؟".
" آمل ذلك ".
ونظرت اليه جين وأبتسمت أبتسامة تحمل كل سخرية الكون فقال مارك:
" يا للشيطان ماذا بك؟".
" لا أدري ... أنا آسفة فقد يكون بسبب الأرهاق وها أنذا مثلك الآن لم أعد أعرف أين أنا".
" أحيانا أتساءل أذا لم أكن ألد الأعداء لذاتي".
" عديدون هم الذين يتساءلون التساؤل نفسه , من أنا ؟ من أين أتيت؟ هذا هو السر الأكثر شمولية : أريد أن أعرف من يمكن أن يهتم بي".
قالتها بنبرة مقتطعة فأجابها مارك:
" كل الناس هنا.... وكل الذين يأتون لزيارة الآثار الرومانية يتساءلون من هي هذه الخارقة الجمال , ذات الشعر اللامع التي تجتاز الهضبات على حصان أسود جميل ... هل هي كليوباترا أم شبح أحدى الأمبراطورات التي عادت من العالم الآخر لزيارة المكان".
" وكيف عرفت ذلك , أو بالأحرى من قاله لك؟".
قالها بشكل ماكر وكأنه يكشف سرا وأضاف:
" والمصيبة أذا عرف شارل بأنك أمتطيت الفرس هاموند لقد حذّرك من ذلك أكثر من مرة".
" هذا المسكين يجب أن يخرج , وألا فسيجن بالأصطبل ".
" حسنا في هذه الحالة أقترح أن تمتطيه اليوم , وأنت بالمقابل تسكتين عني وعن ليديا".
" لا أبدا لن أقبل بهذه المساومة".
" من الأفضل أن تقبلي يا عزيزتي".
وأستعاد هنا مارك كل ثقته بنفسه وأضاف:
" سكوتي أمام سكوتك ولا شيء آخر".
" هذا سخف".
ولكنها عندما فكرت بشارل وغضبه أجابت :
"أذن تستطيع أن تعتمد علي".
" كبداية لمستقبلك في نادي الفروسية".
هذا ما قاله شارل هذا الصباح وهو يمد الى جين علبة صغيرة , ويبدو أن شارل لم ينسى أحدا بعد عودته من لندن, فكان للكل نصيبه من الهدايا وأنعكاس الفرح على جميع الوجوه , وأخذت جين هديتها بيد مرتجفة وهي تحاول أن تسكت خفقان قلبها وهي تفك الخيوط من حول الهدية ومع رفع آخر ورقة حريرية صعقت للمفاجأة عندما وجدت حصانا مصغرا عن هاموند وكان شارل يراقبها ولاحظ أحمرار وجهها فقال:
" أنت أحببته منذ اليوم الأول , وكنت متأكدا من أن هدية كهذه ستعجبك".
" بالتأكيد .... يا له من تشابه... لا أستطيع تمييز أي فارق بينهما".
أنه مصنوع من حجر كريم , وأستطاعت أن تكتشف ذلك من معرفتها لمجموعة حلى الزينة الخاصة بأمها فقالت:
" لا بد أنها كلفتك كثيرا؟".
وخيم صمت لم يقطعه الا رنين الهاتف , وكانت كل من ماري وهيلين سعيدتين بعلب الشوكولا.
قالت هيلدا:
" هل لديك بعض الوقت يا جين لتساعديني في صنع الحليب؟".
وعندما أغلق الباب ركز شارل نظراته على جين الواقفة أمامه وقال:
" بالتأكيد حصلت على هدايا من قبل يا عزيزتي جين".
" تريد أن تقول يجب علي الأعتراف بالجميل؟".
" كنت أرغب في لوي عنقك الجميل , أعتقد بأنها ليست المرة الأولى التي تتلقين فيها هدية من شخص؟ ألم يشرحوا لك بأنه من غير اللائق التحدث عن سعرها؟".
أحمرت جين وهي تقول لنفسها : أنها ليست هدية يقدمها رب عمل الى موظفة , لماذا يجد متعة بأرباكي , في كل حال هي لم تطلب منه شيئا".
" لا أعرف أذا كان يمكنني أن أقبلها , وفي الحقيقة لم تكن ضرورية".
" هذه الهدية يا عزيزتي جين , شعرت برغبة قوية بأن أقدمها لك , لأرى الفرح الذي سيضيء وجهك , قد يكون ذلك أنانة من جانبي , وعليك بأن تعترفي بأن هذه الطريقة غريبة جدا في أستقبال مسافر".
" غياب يومين , من الصعب أن نسميه سفرا".
" هذه المرة لم أبتعد أكثر من لندن ولكن في المرات المقبلة عندما سأسافر الى الخارج وسترين ماذا سأحضر لك معي".
ولم تعد جين تحتمل نظراته الساخرة , فأجابت مدافعة عن نفسها وبصوت يرتعش غضبا:
" ولكنني لا أريد شيئا".
وعند هذه الكلمة وضعت الحصان بين يدي شارل وقالت:
" لقد قررت بألا أقبله فأرجو أن تستعيده".منتديات ليلاس


يتبع

أنا بو 06-11-09 10:41 AM

حبيبتي صفصوفة اختيار جميل مثل جمالك بليز كمليها بسرعة شوقتينا لنعرف نهايتها

safsaf313 06-11-09 06:40 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أنا بو (المشاركة 2094055)
حبيبتي صفصوفة اختيار جميل مثل جمالك بليز كمليها بسرعة شوقتينا لنعرف نهايتها

اهلا آنا ازيك يا قمر منوره صفحاتى وان شاء الله احاول انزل شويه فصول الليله

safsaf313 06-11-09 08:26 PM

حبيبتى زى ما وعدتك آدى الفصل السادس قراءه ممتعه للجميع




6- الجرح ليس دائما في القلب

" جين؟".منتديات ليلاس
قالها شارل وأمسك بذراع جين بقسوة وشدها بعنف ثم أضاف:
" أذا لم تتلقي الجيدة في صغرك فيمكنك أن تتلقيها الآن , ستأخذين الهدية وتقولين بكل لطف شكرا".
حاولت أن تخلص ذراعها من قبضته ونظرت الى وجهه بتمرد وعندما لاحظ أمتقاع وجهها قال بلطف:
" لننسى هذا الموضوع".
وبعد أن ترك ذراعها تابع:
" لننسى الماضي يا جين... وأعتقد بأن عدم حصولك على الكثير من الهدايا هو الذي يبرر موقفك".
أبتسمت بسخرية وهي تقول لنفسها:
" أنه يعتقد بأنني فتاة من عائلة بائسة , فكيف يمكن أن أن أصبح كالأميرة بهذه السرعة , لا بد أنه شعر بالأهانة عندما رفضت هديته وحاول أن يستعيد كبريتءه ... ولكن لماذا أثير غضبه ومن الأفضل أن أكسب رضاه".
قالت:
" هذا صحيح بدون شك".
وبعد أن قالت جين جملتها هذه وضع شارل الهدية على الطاولة , وقبل أن تقوم بأية ردة فعل أحاط وجهها بيديه وبدأ يتحسس عنقها وهو يتأملها , أرتجفت جين , ولم تعد تقوى على الحركة أمام الجاذبية المتدفقة لهذا الرجل , ولم تخرج من ذهولها ألا عندما سمعت صوت دوي الباب في الصالة , وقالت:
" لم أر في حياتي رجلا يحمل مثل هذا الكبرياء".
أنفجر بضحكة ساخرة وأجاب:
" في المرة المقبلة سأجعلك تنحنين ... وأعتقد بأنك ستتمتعين بذلك".
ثم أضاف بقسوة:
" أنني لآتساءل يا آنسة براون الى أي مدى تصل درجة براءتك نسبة للأنطباع الذي توحين به ... ولكنني سأعرف ذلك يوما ما".
صرخت جين وهرولت تقفز السلم كالمجنونة , تكاد تنفجر سخطا وغيظا , وألقت بنفسها على السرير وهي تضرب بقبضتيها على أذنيها , كيف تجرأ , لو تستطيع أن تجرحه بالقسوة نفسها ولكن ما السر؟ لا يكاد يضع يده عليها حتى تنسى أساءته , أنها تحس بالخزي والعار فهو الرجل الأول الذي أستطاع أن يثير فيها هذا الشوق... ولكن يجب أن تبتعد عنه بأي ثمن , وألا تلتقي به وحده بعد الآن.
كان الطقس رماديا, والريح تعصف بزجاج النوافذ, وكانت ماري تحضر الشاي عندما دخلت جين الى المطبخ فسكبت لها فنجانا.
" لا أستطيع , لقد تأخرت على هيلدا".
" يمكنك أن تشربي قليلا".
ثم أضافت وهي تقدم لها الفنجان:
" لم يغب عن ذهنه أبدا أن يحمل الينا الهدايا كلما سافر".
" من المعروف أن الرجال لا يهتمون كثيرا بذلك".
" صحيح.... فوالده مثلا لم يقدم لأحد هدية طيلة حياته حتى في الأعياد , وهذا ما آلم شارل كثيرا عندما كان صغيا ".
" وأمه؟".
" ماتت بعد ولادته... ألم أقل لك ذلك؟".
" لا .... أذن لحسن الحظ أنك موجودة الى جانبه".
" صحيح ولكن من المستحيل أن أعوضه أمه".
ولاحظت جين أختفاء الهدية عن الطاولة وجمنت أن يكون قد أخذها شارل , وعندما وصلت الى المزرعة سمعت هيلدا تقول:
" في لحظة العمل الكل مشغول وليس لديه الوقت لمساعدتي".
" ماذا تقصدين؟".
هزت كتفيها وقالت باللهجة نفسها:
" لا أحد يمكنه أن يتصور بأنك تعملين بالأصطبل ولست الوحيدة التي لاحظت ذلك".
" ماذا تعنين؟".
" أن الزائر الذي كان هنا البارحة مع مارك , أكد بأنه رآك سابقا في برادفورد".
وظهر القلق على وجه جين وأجابت:
" كيف يمكنه أن يؤكد ذلك وأنا لا أعرفه".
أتمنى ألا تسعفه الذاكرة وينسى الموضوع , هذا ما قالته جين في نفسها وهي تتابع نقل زجاجات الحليب , ورغم كل الحذر , أنزلقت على الأرض وأنكسرت بيدها الزجاجة وسال الدم من يدها , قفزت هيلدا الى جانبها وساعدتها على الوقوف ....وأستندت جين الى الطاولة لأنها لم تستعد وعيها تماما ... ولكنها سمعت هيلدا :
" بماذا تشعرين ... يجب أن نوقف النزيف بسرعة".
وضعت هيلدا قطعة مبللة من القماش على جبينها وبدأت تضمد لها الجرح ثم أعطتها قطعة سكر لتمصها , وطلبت اليها ألا تتحرك حتى تعود اليها , ولكن جين حاولت الوقوف وهي تستند الى الطاولة ولم تر خيال الرجل الذي مر من الباب ونادى بصوت آمر:
"هيلدا".
ولما شاهد جين تترنح قال:
" ماذا تفعلين هنا ويدك مضمدة؟".
" أنزلقت ... وليست هذه غلطتي".
ورأى قطرات العرق التي تتلألأ على جبينها وتوجهت الى الباب بخطوات ثقيلة , شارفت على السقوط حملها شارل بين ذراعيه وخرج , وعندما داعبت النسمات وجه جين وشعرها أنتعشت قليلا , ولكن شارل أمرها بألا تتحرك , وشعرت أن قلبه يكاد يتحد مع قلبها , وذقنه تلامس رأسها من حين لآخر وهو يشدها الى صدره وهي تتمتع بالرائحة اللطيفة المنبعثة منه رغم ألمها ... ورغم ثقلها قطع المسافة كلها بخطوات سريعة حتى وصل الى السيارة حيث أجلسها الى جانبه مع ماري وذهبا الى طبيب القلرية.
وبعد أن ضمد الطبيب جراحها , أعطاها بعض المسكنات وحقنة ضد التسمم , قال لها:
" غدا ستشعرين بتحسن , ولكن أنصحك بأن تستريحي في البيت يومين قبل العودة الى العمل ... أين تسكنين؟".منتديات ليلاس
أجاب شارل:
" بعيدا جدا من هنا ... وهذا ما يخيفني".
ورغم أن جين تحاشت كل تلك الفترة النظر الى وجه شارل , ولكنها لا يمكن أن تنسى الرعب الذي أرتسم على وجهه لحظة رآها تترنح , أجابت:
" لا أعتقد بأنني مريضة , ونستطيع أن نقوم بأعمال كثيرة بيد واحدة".
" كما تشائين , ولكن أحذري فنحن نرتكب الكثير من الحماقات باليد اليسرى أذا لم نكن قد تعودنا أستعمالها ".
وفي طريق العودة كان شارل صامتا , ونامت جين معظم الطريق لأنها ما زالت تحت تأثير البنج الموضعي ... ثم ساعدتها ماري لتخلع ثيابها وتنام في سريرها وما كادت تخرج لتحضر لها شرابا ساخنا , حتى سمعت طرقا على الباب , وعندما رأت شارل على الباب, خفق قلبها بشدة.
" أطمئني لن آكلك ... جئت لأعيد اليك شيئا نسيته في جيبي ولأطمئن عنك وأسألك أذا كنت محتاجة لأي شيء ".
ثم أخرج شيئا من جيبه ووضعه على الطاولة , ولم تنظر جين لأنها كانت متأكدة من أنها الهدية.
" أنه يذكرك على الأقل بيوم مليء بالنشاط".
ونظر اليها بنظرات فاحصة , الوجه , العنق , الكتفين وقال:
"أنه لجميل أن أراك قد خلعت السروال الذي يوحي لي بأنك ولدت وأنت ترتدينه".
ابتسم ممازحا فردت جين ممازحة:
" من الخطأ أن نخبىء الجمال ... أنا موافقة".
وما كادت تنهي جملتها حتى أحمرت خجلا وحاولت أن تغطي وجهها بالوسادة فقال شارل:
" كفي عن هذه التصرفات الطفولية .... يكفي ما تحملت هذا اليوم ".
وضع يده على كتفها المكشوفة ... فأحست بجسمها يتأجج نارا ثم شدها اليه بعناية قائلا:
" أنت فاتنة ومغرية كالعادة , وقبلها على جبينها وسحب يديه ".
" نامي بهدوء يا صغيرتي وسأعود غدا لأراك".
ثم أتجه نحو الباب وهي تصرخ في سرها:
" سأقتله أذا ناداني بعد الآن بيت صغيرتي".


وبعد أن أغلق الباب تمنت أن يبقى الى جانبها طيلة الوقت , ولكن السؤال الذي ما زال يحيرها , لماذا قدم اليها هذه الهدية الثمينة , هل رأفة بها لأنه يعتقد بأنها فقيرة؟ حسنا ليتصرف كيفما يشلء وسوف تحاول التخلص من هذا الحاضر.
وبينما كانت غارقة في أفكارها سمعت بعض الأصوات من تحت النافذة وكان صوت المتحدث غاضبا فنهضت من فرشها وأبعدت الستارتين ونظرت فشاهدت مارك بسيارة شارل, وهذا يحاول أن يتحدث من خلال النافذة ولم تستطع أن تتبين وجهه ولكنها سمعته يقول:
" لو كنت مكانك لتزوجت فورا من ليديا ".
عادت الى سريرها مترنحة فكلمات شارل آلمتها أكثر من جرحها ,. وأندست بين الشراشف وشعرت بالوحدة والعزلة .
بعد عدة أيام كانت جين مشغولة في المطبخ , فجاءت اليها ليديا ورأتها تشتغل بيد واحدة.
" يبدو أنك تتمتعين بميزات عديدة؟".
أجابت جين:
" يمكن أن نقول عنك أيضا هذا الكلام يا عزيزتي".
فتضايقت ليديا وقالت:
" ماذا تعنين بذلك؟".
تركت جين ترتيب الصحون وأجابت بخبث:
" أعذريني لمزاجي السيء ولكنني كنت أنتظر أن تسألي عن صحتي ولكن خاب ظني ... أرجو أن تعذريني فلدي الكثير من الأعمال قبل أن تعود ماري من السوق.
ردت ليديا ببرود, وواضح أنها لم تصدق كلمة واحدة من أعذار جين.
" في الحقيقة جئتك برسالة من السيد غريرسون , لأننا سنتغيب هذا اليوم ولا نعرف في أي ساعة سنعود, لذلك يطلب اليك أن تكوني جاهزة غدا صباحا في السابعة لكي تذهبا سوية الى سوق بيع الجياد".
وعندما أخبرت ماري بذلك أجابتها:
" أذن ستمضين غدا رائعا ... فكلاكما يعشق الجياد.
تدخل مارك بمرارة قائلا:
"أقترحت أن أذهب مكانك لأدعك ترتاحين ولكنه لم يقبل".
ردت ماري عليه:
" أذا ذهبت أنت والسيد شارل من سيبقى في المزرعة".
وأضافت جين:
" وأنت كوكيل أعمال لديك الحرية في التصرف".
فأجاب:
" من الناحية النظرية صحيح ولكن من الناحية التطبيقية؟ ولا داعي يا ماري لأن تهزي رأسك لأنك تعرفين بأن لكل شيء حدود يجب أن نقف عندها".
" ولكن هذا خطأ من؟".
ونظرت اليه ماري نظرة ذات معنى .... فمارك لم يطالب بهذا وهو يعرف ما يفرضه الوضع العاطفي على الرجلين , بالأضافة الى أن مارك ليس ذلك الرجل الذي يتفانى في حب عمله .
وتوقف النقاش بوصول الطالبين وذهبت ماري لتحضر لهم الطعام.
وفي صباح اليوم التالي كانت سيارة شارل تخترق شوارع هكسهام وهو يعدد أسملء المناطق التي يمران بها فتضايقت جين من طريقة أعجابه بنفسه وقالت:
" كل الأسماء التي عددتها لا تهمني , وأن كانت تعجب السياح".
" لا تحتقري الآخرين يا جين والماضي يحمل لنا الكثير ".
" ربما ولكنني لا أتمتع بالوقوف ساعات أمام أحجار قديمة ".
" عزيزتي جين يبدو أنك نسيت بأن هذه الأحجار القديمة ألهمت المئات من الكتاب , ولمعلوماتك يا آنسة براون , أننا نمر الآن أمام بوابة رومانية كانت مفتاح الخطوط الدفاعية".
وأرادت أن تزعجه بدورها فقالت:
" قل لي... أما يزال الدم الروماني يسري في عروق بعض سكان المنطقة".
فأبتسم وأجاب:
" ربما, فقد بقي الرومان هنا فترة طويلة ... ولذلك فنحن أيضا مشهورون بنوع من الوحشية ولسنا متمدنين بما فيه الكفاية".
وكانت جين سعيدة بهذا الحوار لأنه أبعدها عن الحوارات الشخصية .
" أنا لم أسألك عن يدك... ماذا قال الطبيب البارحة؟".
" قال بأن الجرح في طريقه الى الألتئام".
" حسنا... كان من الأفضل أن تستريحي عند أخيك, وأنني أشعر بالذنب نتيجة لذلك, ولكنني خفت من عدم عودتك لأنني لا أعرف أين سأفتش عنك".
" أستنتج أنه لا يمكن الأستغناء عني رغم جرحي؟".
" ليس هذا تماما ما أريد قوله ,جين لا تنظري الي على أنني رجل مادي مرعب".
" يصعب علي أحيانا أن أكون واضحة مثلك".
وأنتظرت ثورة غضبه ولكن على العكس , أطلق ضحكة لطيفة , ونظرت جين من النافذة تتأمل القرية الصغيرة.منتديات ليلاس
\

safsaf313 06-11-09 08:28 PM


7-الصدق يحقق الأحلام

الوقت يمر بسرعة في أوقات البيع , وسوق حيوانات تايندال لا يشذ عن هذه القاعدة , بعد أن توقف قليلا مع الحصان الذي سيقصل بينهما , كانت جين سعيدة بمراقبة كل ما يحدث حولها , البيع نشط , وكثير من المشتركين عادوا بخيبة أمل لأنهم لم يجدوا طلبهم ,وقف شارل مع أحد أصدقائه يبدي رأيه بعدما باع حصانه بسعر جيد وبسرعة غريبة , قال الصديق:
" أشتريت هذا الحصان خدمة لصديق محتاج , ولست بحاجة اليه , ولن يكون تعيسا حيث هو ذاهب فالمشتري سيقدمه هدية لأبنه الذي يبلغ الثامنة من عمره".منتديات ليلاس
" أعتقد ذلك".
وتخيلت جين سعادة الطفل بهدية كهذه وقالت لشارل:
" ولكنني فوجئت بالأسعار , فمن يريد أمتلاك حصان يجب أن يمتلك ثروة".
" ليس تماما , لأن الناس لا تفكر بأمتلاك العشرات منها...".
ونظر اليها محاولا أستكشافها ثم قال:
" لدي موعد مع كاتب العدل في المدينة في الساعة الخامسة , ولكن يمكن أن نلتقي بعدها حوالي السادسة والنصف, وهكذا يمكننا أن نتناول طعام العشاء في المدينة قبل عودتنا الى المنزل".
وبدون أن ينتظر ردها أعطاها اسم المطعم وعنوانه وأضاف:
" تستطيعين أن تستغلي هذه الفرصة بالتسكع بالمدينة".
وغاب في شارع جانبي بينما بقيت جين واقفة مستغربة , كل شيء... المدينة المزرعة , خيول شارل , أنها لا تشكل شيئا في كل هذا العالم , أحست بالغربة , وشعرت برغبة قوية في التحدث الى أحد أفراد أسرتها , أمها مثلا , فقد تساعدها على أن تتجاوز هذا الأحساس المرعب بالغربة والوحدة , وربما من الأفضل لها أن تتراجع عن مشروعها في أنشاد ناد للفروسية , بعدما رأت هذا الغلاء في الأسعار , أضافة الى الأرض وكل ما يتبع ذلك , فأرث جدتها لن يسد الحاجة على الأطلاق ... أذن ما الذي جاءت تفعله هنا؟ وقررت أن تخبر أمها بعودتها الى برادفورد , وأمتلأ رأسها بالقرار ودخلت أول مقهى وجدته في طريقها , وبدأ المطر يعصف في الخارجوأدارت الرقم وقد تملكها شعور بأنها كبدو الرحل , وتنهدت بأرتياح عندما جاءها صوت أمها التي صرخت عندما سمعت صوتها:
" حبيبتي متى ستعودين؟".
ولم تستطع أن تخفي قلقها , فالحيوية التي تتمتع بها أبنتها ليست لا تلك التي لأمها عندما كانت في عمرها , وقالت جين في نفسها , أعتقد أنه الوقت المناسب لأعيد اليها الهدوء والطمأنينة وأعلمها بعودتي غدا , ولكنها لم تستطع أن تقول كلمة واحدة فكل القرارات تبخرت في الهواء , وهي غير قادرة أن تترك هاي لينتون , وجاءها صوت أمها بمرارة وحزن:
" حبيبتي جين أنت دائما هنا معنا".
" بالتأكيد , كيف حالك يا أمي؟".
" لا بأس, ولكن كفي عن تعذيبي وقولي لي متى ستعودين , أرجوك؟".
ورنت في أذنها ضحكة أبنتها:
" كيف أستطعت أن تحتملي غيابي عندما كنت في المدرسة الثانوية؟".
" ولكن الموضوع الآن مختلف يا ملاكي وتعرفين ذلك جيدا , لم أكن بالأم القاسية والمتشددة في يوم من الأيام , لكنك أختفيت بين ليلة وضحاها بدون أن تتركي أثرال , أليس هذا مقلقا, ووالدك المسكين لم يعد يستطيع النوم من شدة قلقه , أما البائس فيليكس...".
وهنا أبعدت جين السماعة عن أذنها لأنها تعرف ما ستقوله أمها.
" أرجو أن يبعد فليكس عن هذا الموضوع نهائيا وأعتقد بأنني شرحت لك ذلك سابقا".
" لكنه يحبك .... ولا أعرف ما الذي تحملينه ضده , أنه شخصية محبوبة ولطيفة , والحب ليس كل شيء في الحياة, وقد يأتي بعد ذلك".
" ولكنني لا أريد زوجا لطيفا".
وكانت ترغب جين في أن تصرخ بأنها تريد شخصا قويا وغامضا , ذو طبع متعال , شخص مثل..... وهنا أستعادت نفسها , لماذا تحلم بشخص كهذا بالتحديد... أنه لعبث , لماذا رفضت أن تترك هاي لينتون , ولكن هذا لا علاقة له بشارل غريرسون , ماري ... كيف لم تفكر بها؟".
وتمسكت بهذه الفكرة وقالت:
" هنا في المكان الذي أعمل فيه السيدة المسؤولة كانت في غاية الطيبة , ولذلك لن أستطيع أن أتخلى عنها بهذه البساطة , بدون أن يكون لديها الوقت الكافي لأيجاد بديلة .... فلنقل شهرا".
" شهر".
قالتها السيدة براون بتعجب, ثم صمتت وكأنها أرادت أن تغير أسلوب كلامها:
" أن والدك يقول بأنه على أستعداد لمناقشة مشروع نادي الفروسية معك من جديد لدى عودتك , أذن لم يعد هناك أي مبرر لتأجيل عودتك والمسؤولة ستجد دائما من يساعدها , ولا أعتقد بأنك تساعدينها في غسل الأطباق".
جين فضّلت أن تتجاهل الجملة الأخيرة لتعود الى موضوع والدها:
" أنه يقول ذلك لأعود الى البيت, ولكن لنسلم بصحة كلامه أذ بدأت أحسب تكاليف المشروع!".
" أذن عودي ولا تنتظري شيئا".
" لا ليس قبل بضعة أسابيع".
" حسنا... يمكنني أن أقول لأبيك بأنك ستعودين لأستلام وظيفتك في المكتب".
" لا ليس في المكتب, فلا مجال للحديث في هذا الموضوع , أنني لا أريد مشروعا أكيدا بأنني لن أعود الى عمل المكتب".
وألقت جين نظرة خاطفة الى الوراء لترى أذا كان هناك أحد ينتظر الهاتف وأستغلت هذه الفرصة لتنهي المكالمة.
" أعذريني علي أن أودعك الآن وسأكلمك قريبا".


وبعد أن كادت تضل الطريق عدة مرات لعدم معرفتها باشوارع , وجدت أخيرا المطعم , وفي الداخل كان شارل ينتظرها , ولم يسألها كيف أمضت وقتها بل أمسك بذراعها بشوق, ولكنها شعرت بالضيق عندما لمحت أن عقارب الساعة تشير الى السابعة.
" لا تقلقي لدينا الكثير من الوقت لتناول طعام العشاء ".
وجرها الى أحد الصالونات حيث كان يجلس وطلب كأسين من الشراب قدم لها أحدهما قائلا:
" أشربي فهذا سيساعدك على الدفء".
وكان قد لاحظ شحوب وجهها بسبب البرد ورعشتها, وأرغمت نفسها على الشراب , رغم أنها لا تحبه , أنها ليلة باردة... وهذا الوقت الطويل الذي أمضياه خارجا جعل البرودة تتسرب ال عظامها وكذلك الحديث مع أمها , وفوجئت بصوت شارل:
" لماذا تأخذين دائما موقف الدفاع ... أنا لست بربريا , ولكنني أحترس فقط من النساء الجميلات ولا أقترب منهن الا بحذر شديد". أشتعلت جين غضبا من لهجته الجافة ودفعت بالكأس على الطا ولة وقالت:
" يا سيد غريرسون , أنا لا أشعر بالعطش أطلاقا".
وأعتبر شارل هذا التصرف مسليا فقال:
" لماذا تتصرفين كطفلة غريبة الأطوار يا جين؟ فأنت دائما حذرة ومتحفزة كالغزال الصغير ".
لماذا يريد أن يسخر منها , وبحركة عصبية ألقت بشعرها الجميل الى الخلف , وفي الوقت نفسه تريد أن تثيره ,وعندما رأت وجهه العبوس المتكبر نهضت:
" سأذهب لأغتسل قبل الطعام, أذا لم تزل لديك الرغبة بدعوتي".
ورفعت رأسها بتكبر وخرجت من الصالون بدون أن تلتفت الى الخلف , ولكنها كانت مدركة بأنها كانت مضحكة الى حد ما.
غسلت وجهها ويديها وأسدلت شعرها على كتفيها وسرحته بعناية , ولم يكن لديها الا رغبة واحدة وهي الهروب من الرجل الذي ينتظرها , أنها ترتيدي قميصا حريريا مع تنورة من المخمل من اللون نفسه , وغمرها شارل بنظراته عندما رآها تقترب.
" أحب شعرك لماذا لا تركينه غالبا على هذا الشكل فهذا يليق بك".
ورغم لهجته الرقيقة لم تصدق جين بأنه يمكن أن يتأثر بجاذبيتها كأمرأة , وبسحر أنوثتها , ولتخفي أضطرابها قالت:
" لأن ذلك عملي ومريح أثناء العمل".




مد يده الى ذقنها ورفع رأسها اليه قائلا:
" هيا يا جميلتي ولا تفتعلي الخجل .... من الأفضل أن نذهب للعشاء".
جلست جين الى الطاولة المحجوزة وأحست بنظرات الأعجاب من مدير المطعم , وطيلة السهرة لم تستطع أن تحيد نظرها عن شارب , كانت تتأمل الصالة الفخمة الجميلة ثم تعود بنظرها اليه , أنه الرجل الذي لا يترك أي قرار للصدفة , هذا ما فكرت به جين وهي تتناول الطعام بشهية ... وشعرت بأرتياح , ولم يخف على شارل هذا التغير في المزاج عندما فاجأها:
" هل من جديد بعد أن تركتك , أعذريني أذا ما بدر مني أي شيء , ولكن ذلك لصالحك ,وحزن الآخرين يخرجني دائما عن ذاتي".
ولم تكن جين على أستعداد بأن تتلقى مثل هذه السخرية وفي هذه الساعة:
" أعتقد أنك تتمتع بالسخرية مني".
وأسدلت جفنيها , وأنفجر ضاحكا:
" تراودك مثل هذه الأفكار أحيانا , ولكن لن نتحدث عنها بعد الآن , ولكن سأتغيب عدة أيام لزيارة أحد أقاربي في بوردو , فأنا أقوم بزيارة هذا العجوز من وقت لأخر".
وتحت تأثير المفاجأة وضعت جين الشوكة من يدها وقالت:
"أجدادي أيضا...".
وأدارت رأسها بأضطراب بعد أن شعرت مرة أخرى بحماقتها .
" ماذا قلت؟".
" لا , لا شيء , لا تهتم لما قلته".
ولم يعد لديها شك بأن شارل قد أكتشف الحقيقة.
" أجدادك فرنسيون؟".
أحمرت جين وهي تأخذ موقف الدفاع:
"ماذا يعني ذلك؟ ليست جريمة".
" يا ألهي لماذا تشوهين كلامي بهذه الطريقة... أسمعي, أيضا هناك دم ألماني تجري في عروقي ... يعود الى عدة أجيال , كان علي أن أشك بأن شعرا بهذا اللون لن يكون أنكليزيا وموضوع نادي الفروسية .... لم أجده الا بفرنسا".
" بكل بساطة أنها مصادفة".
" لا .... لن أصدق هذا ... أن طريقتك في أمتطاء الخيل لا تخطىء ... لدي أصدقاء يمتطون الخيل من الصغر , لكنهم لم يتوصلوا الى هذه الدرجة من الأتقان".منتديات ليلاس
" كفى أرجوك...".
كان عليها أن تجابه خبرة هذا الرجل القوي وقالت:
" ذهبت مرة واحدة في زيارة الى بوردو منذ زمن بعيد وأجدادي رحلوا الى العالم الآخر قبل ولادتي".
" أجدادك لأمك؟".
وهزت رأسها بطريقة آلية , ولكن هذا ليس سؤالا , فأن أسم عائلة براون لا علاقة له بالأسماء الفرنسية.
" ألم تعاودي الذهاب مرة أخرى الى هناك؟".
" لا أبدا".
وعبست وكأنها تعلم وأضافت:
" أعترف أنلدي رغبة كبيرة للعودة ولكن هناك أمكنة أخرى تستحق الزيارة".
" أذن فأنت رحالة كبيرة أليس كذلك؟".
طرح شارل هذا السؤال بلهجة خشنة مما أثار كبرياء جين فردت عليه:
" لا أبدا فأذا كنت قد خلقت لديك مثل هذا الأنطباع فأنا آسفة".
" لا أهمية لذلك... وأذا أردنا أن نعود الى حبك للخيول فأن أحلى أمنية لديك هي أنشاء ناد للفروسية خاص بك , هذا ما قلته أنت".
" هذه الفكرة تبخرت في الهواء ولم أعد أفكر بها".
" جين...".
وبالحقيقة أن شارل لم يكن بالأنسان المغفل , نظر اليها بتمعن وقال:
" لماذا لا تقولين بصراحة ... أن طموحاتك لم تتحقق لعدم توفر الدراهم ,وليس في هذا ما يعيب , وعندما أسمعك تتحدثين بهذا الحماس عن المشروع تعيدين اليّ التفكير بمشروعي الذي فكرت به منذ عدة سنوات , ولكن المشكلة بالنسبة لي هي مشكلة الوقت وليست مشكلة المادة".
وعلى الرغم من أنها حاولت أن تبدو غير مبالية , لكنها أصغت اليه بشكل جيد.
" أن نوادي الفروسية المتعددة التي بدأت تقام في كل مكان تقريبا لا تغطي حاجاتها , فكثير من الشبان لا يعرفون أذا كانوا يحبون الفروسية فعلا أو أنهم يمارسونها تقليدا لفلان وفلان من الأصحاب وهذا يبعد الأهل عن صرف ثروتهم في مشاريع غير مضمونة".
" وأنت هل توافق أن تهتم بمشروع كهذا؟".
وهنا أرغمت جين نفسها بأن تتكلم بصوت معادل لصوته , أجابها شارل:
"أنسيت بيل وبن الطالبين ... لماذا تعتقدين أنني أستخدمتهما في هاي لينتون ؟ وليس من السهولة أن يجد الطالبان من يتحمل مسؤوليتهما , ولم أطلب منهما الا شيئا واحدا وهو الصدق في العودة , وأنا أتعهد بأن أقدم لهما كل المساعدات التي يحتاجانها , ومن أجل نادي الفروسية بالذات جهّزنا عددا من الخيول ... ولا ينقصنا الا القليل لتحقيق مشروعنا".
شدت جين على قبضة يدها وتفجرت كل حيويتها , وكادت تموت من شدة الفرح وأرادت أن تقدم له مساعدتها , ولكن كلمة واحدة فقط أوقفتها , كلمة الصدق , ماذا لو عرف شارل الحقيقة... والوقف العاقل هو أن تغادر هاي لينتون في القريب كما قررت.
" هذه فكرة ممتازة بدون شك".
وكتمت تثاؤبها وأضافت:
" أعذرني, لقد كان اليوم متعبا بالنسبة الي".
وكأن المن قد توقف عندما عاودت النظر الى شارل فرأت أمامها شخصا غريبا وكأنها تراه للمرة الأولى .
" أذا صح ما فهمته فأن عرضي لا يهمك؟".
لم تحتقر جين نفسها كما أحتقرتها في هذه اللحظة ... أنه يفعل ذلك من أجلها ويحاول مساعدتها في هذا المشروع , ويعطيها فرصة لتستعيد أمكانياتها وقدراتها ولكن مع الأسف كان عليها أن ترفض.
" النساء يغيرن آراءهن بشكل دائم".
طبعا لم يقتنع شارل بذلك , وخوفا من أرتباكها أزاحت كرسيها وقالت:
" أعتقد أن الوقت قد حان للعودة , ألا ترى ذلك يا سيد غريرسون؟".
" أنا أقترح بالأحرى أن نمر بالصالون لنشرب القهوة".
وأضاف بسخرية :
" ولا تعتقدي بأن رفضك سيغير شيئا , سأنف المشروع وثقي بذلك ".
ومسك ذراعها بتسلط حتى وصلا الى الصالون.
" أنها العادة في هذا المطعم , يقدمون القهوة في الصالون , يعتبرون أن هذا المكان أكثر أهمية بالنسبة لزبائنهم الذين يريدون أطالة السهرة قليلا".
وبدون أن تدرك جين نظرة شارل المركزة عليها جلست على المقعد نفسه الذي كانت تجلس عليه قبل العشاء وبدأت تتذوق قهوتها , ومع الأضاءة الخفيفة توضحت كل تفاصيل وجهها الرقيقة المحببة.
" عندما سأكون في فرنسا فأن مارك هو الوحيد الذي سيهتم بهاموند , ولا أريد أن تمتطيه أطلاقا... مفهوم".
" طبيعي".
ماذا لو عرف بأن مارك هو الذي خرج عن طاعته في المرة الماضية.
" طبيعي!".
سخر منها وتابع :
" كيف يمكننا أن نثق بشخص يتمتع بكل هذه البراءة؟".
ووجه اليها نظرة تكذب كلامه , مما جعل جين تشد بأصابعها على فنجان القهوة , ماذا ينتظر منها ؟أن تعترف بأخطائها ثم ترتمي بين ذراعيه ليسامحها , عضت على شفتها , وقد عرفت بأنه لم يسيطر عليها بهذه الطريقة أي رجل طيلة حياتها, وأذا لم تستطع أن تسيطر على نفسها حالا فستكتشف كم هي مضحكة.




الوصول المفاجىء لليديا ومارك أنقذها من مصيبة , قال شارل:
"أذكر الديب...".
وجحظت عينا جين من المفاجأة... مارك كان قد لمحهما وتوجه مباشرة نحوهما وليديا من ورائه.
" كنت متأكدا من وجودكما هنا , فشارل لا يفوت فرصة العشاء في المدينة بعد عملية البيع, كذلك ليديا وأنا قررنا أن نأتي لنشرب كأسا هنا".
ولم توجه ليديا نظرها الى جين التي لم تندهش لذلك.
" نحن متحرقان لمعرفة نتائج البيع , هل حصلت على سعر جيد؟".
" كنا على وشك الذهاب".
ونهض شارل وأعطى كرسيه لليديا .
" البيع كان جيدا , وروستلر بعناه بسعر جيد".
" أحضري معطفك ريثما أطلب لهما شيئا ثم أراك على الباب".
وفي السيارة خيم صمت كامل من ناحية شارل , وجين بالتأكيد كانت تفكر بليديا , لماذا تهمها مشاعر هذا الرجل الى هذا الحد؟ ولماذا هذه الرغبة في معرفة كل شيء عنه , عن تجاربه , عن علاقاته, وخافت من فكرة التحقيق أكثر من ذلك ومما يمكن أن تكتشفه .
" لم أعد أحس برأسي . أشعر بصداع حاد".
وبدون أن تنتبه يبدو أنها تكلمت بصوت عال فأجابها شارل:
" أقتربنا من الوصول".
كيف يستطيع أن يظل محافظا على سيادته الكاملة , كان بأمكانها أن تدفع غاليا لتعرف أسراره , لقد أرهقت من المعارك التي تدور في داخلها ولا تجد لها مخرجا ,فقررت أن تنتقل بتأملاتها الى الأشجار العارية المتتابعة , ويبدو أن الضوء الخافت مع رتابة الأشجار أثر عليها فنامت , وعندما أستيقظت كان شارل واقفا أمام المزرعة وقد فتح لها الباب وساعدها على النزول وأخذ يدها تحت أبطه حتى أستعادت توازنها .
" كان يوما طويلا ويبدو أنك تعبت".
كانت نصف نائمة ونظرت اليه نظرة محملة بالنعاس.
" كعيون القطط...".
تمتم بهذه الجملة وهو ينحني بأبتسامة , وبالكاد سمعته , وبالنتيجة لم تكن لديها أي رغبة في تلمس الحقيقة القاسية...
" تريد أن تقول بسبب لونهما الأخضر".
ومسحت جبينها بكفها وأدركت أن الصداع قد زال .... فقال:
" هل تعرفين ماذا حصل لجميلة الغابات أثناء نومها , لقد وضعوا خصل شعر ذهبية بين أصابعها وحسب ما أذكر كانت تكفيها قبلة لأخراجها من غفوتها.
وعندما رفعت وجهها اليه ضغط عليها بنعومة , ولم تقاوم فجين جسمها لا يزال مخدرا من النعاس وألتصقت بشارل وكأنها تريد أن تذوب فيه بشكل نهائي وتاهت في مشاعرها ولم تعد تفكر بالهرب منه, ثم تركها فجأة بفظاظة خافت أن تفقدها توازنها وقال بسخرية وكأنه مسؤول عن أن يوصلها الى الحقيقة.
" يبدو أننا نحمل بعض الميول العدوانية وعلينا أن نتخلص منها , ولا أريد أن ألعب دور الأمير الجذاب المكروه , والآن حان الوقت الذي تنام فيه الصغيرات".
ضحكته العصبية هزت جين, ثم تركها بحالة شبه هستيرية , ولن تكون مهزلة لهذا الرجل وعليها أن تنقذ كرامتها بأي ثمن:
" هل تعتقد؟ مع الأسف لا أملك شيئا من جميلة الغابات النائمة".
وألتفتت وأنهمرت الدموع من عينيها ولم تستطع السيطرة عليها.
كانت سعيدة أن تستيقظ صباح اليوم التالي لأن الليل الذي أمضته لم يكن ذلك الذي تتمنى أن يطول, أذا أستطاعت فقط أن تطرد شارل غريرسون من تفكيرها , هذا ما كانت تحم به , ولم تكن لديها أي رغبة لتكرار مأساة ليلة أمس, ولكن يبدو أن الطريقة المثلى أن تغادر هاي لينتون بشكل نهائي , ووعدت نفسها أن تنفذ ذلك في الأيام القريبة القادمةمنتديات ليلاس

safsaf313 06-11-09 08:31 PM



8- قرارات بالجملة وتمرد
الرياح الباردة تصفر , تبعتها الأمطار الغزيرة , وتساقطت آخر الأوراق , ولف الضباب الكثيف المنطقة , ومرضت ماري في اليوم الذي سافر فيه شارل الى فرنسا , مما كان له أثره على القرار الذي أتخذته جين في الرحيل أثناء غياب شارل, وأستدعت الطبيب الذي قال:
" أنها متعبة جدا , وأعتقد أن شارل غير موجود؟".
" لا , لقد سافر الى فرنسا".منتديات ليلاس
" أذن سيتغيب لأسبوع أو أثنين؟".
وقد لا يعود , هذا ما فكرت به جين وهي توصل الطبيب الى الباب , أنها لم تره كثيرا في الفترة الأخيرة , لقد كان مشغولا بتنظيم كثير من الأمور قبل سفره , وساورتها الشكوك بأنه يتحاشاها, في كل حال , يكون مخطئا لو أعتقد أنها راغبة برؤيته , وظلت متماسكة عندما رأته يرحل بدون أن يوجه اليها كلمة واحدة.
" قد أحتاجك بعد الظهر يا مارك , لأن ماري مريضة وهيلدا لا يمكنها أن تساعدنا أكثر من ساعتين , لذلك فأن العمل الذي يقع على كاهلي , سيكون أكثر من اللزوم ولن أستطيع الأهتمام كما يجب بالجياد".
" يمكنك أن تعتمدي علي يا جين".
" وكما تعلم, شارل منعني أن أمتطي هاموند , قد تكون لديه أسبابه , مع أنني لا أرى أي تبرير لهذا الموقف , ولكن بما أنه رب العمل فعلينا أن نطيعه".
وعندما رنت ضحكة مارك , أسفت جين لما قالته لأن مارك يحب أن يغتاب شارل , وكأنه قرأ ما يدور في ذهنها فقال:
" لا ضرورة للأنزعاج , فالنقد لا يؤذي أحدا , وشارل يعرف تماما بأنني أكره هذا الحصان ويصر أن أعتني به أثناء غيابه , وأنا لدي الكثير من الأعمال".
لا جدوى من مناقشة مارك , تركته ودخلت المطبخ لتحضر ما يجب تحضيره لماري , مضى الوقت, وعادت هيلدا , وفجأة رن جرس الهاتف وكانت سكرتيرة السيد ريدلي الذي يبحث عن مارك على وجه السرعة , سجلت جين بدقة الرقم والأسم الذي لم يكن غريبا عنها , وذهبت تبحث عن مارك , ونصحتها هيلدا بأنها على الأغلب ستجده عند ليديا في القصر ... فأجابت جين:
"حسنا , سأذهب الى القصر وسأستغل الفرصة في أخراج جنيفر من الأصطبل".
ثم فكرت أن تسرج أولا جنيفر وتذهب بها الى القصر من الممر الذي دلها عليه شارل , وفي نهاية الممر ربطت جنيفر لكي لا تتلف العشب , وأكملت طريقها سيرا , وعندما وصلت الى جانب المكتب شاهدت مارك وليديا على النافذة , وفوجئت بتجاوب ليديا لعناق مارك الذي لا يترك مجالا للشك بعواطفها أتجاهه , ولم ينزعجا من وصول جين التي أوصلت رسالتها الى مارك, فشكرها كثيرا وتبينت بأنه على علم بالموضوع , وأثناء عودتها قررت أن تروي لماري كل شيء بعد أن تتحسن صحتها.
وذات يوم صعدت الى ماري حاملة الشاي وفوجئت بها جالسة في السرير ولديها الرغبة في الحديث وبعد فترة من الدردشة تجرأت أن تسأل ماري:
" لماذا لا تسكنين القصر مع شارل؟ أليس هذا منطقي؟".
" تركت القصر عندما تزوجت , وبعد وفاة زوجي فضلت أن أبقى هنا مع ذكرياتي".
" أنني أفهم هذا , ولكن القصر شبه مهجور".
" صحيح أن السيد شارل يتغيب كثيرا ولكن المشكلة تكمن في عدم وجود يد نسائية في القصر".
" ولكنه يستطيع أن يتزوج؟".
" طبعا هذا حل, وهذا ما تريدين معرفته".
" فكرت فقط... أن ليديا...".
" ليديا ؟ ما الذي جعلك تفكرين بها؟ أنها ستتزوج من مارك وهذا معروف لدى الجميع".
" مارك؟ ولكن شارل ألم يكن معجبا بها؟".
رفعت ماري عينيها الى السماء بأنزعاج وقالت:
" شارل أبعد الناس من أن يغرم بليديا ,وهي أواى بأبن عمته".
" أبن عمته؟".
" نعم, ألم يقل لك شارل بأن مارك أبن عمته؟".
" لا ,,, لا لم أكن أعرف , أذن الآن فهمت كل شيء , ولطالما تساءلت كيف يستطيع شارل أن يتحمل وكيل أعمال كمارك".
" والدة مارك ترملت وهي شاربة ونتيجة لأوضاعها المادية السيئة , عاشت في منزل أخيها السيد غريرسون الأب , ولما مات الأثنان كان مارك في الثانوية فأخذ شارل على عاتقه مساعدته , وبعد وفاة والد ليديا جاء مارك كوكيل أعمال ولكن طبيعته المتقلبة ومزاجه المتردد جعلاه لا يستقر في القصر وعندما وقع في غرام ليديا توقعنا أن يجد توازنه في الزواج , لكن يبدو أن هذا غير صحيح , وهو الآن يبحث عن شيء آخر خارج المزرعة".
" لكن كان من الممكن أن يتركه شارل يتدبر أموره بنفسه؟".
" أنت لا تعرفين آل غريرسون .. أن شارل مهتم بسعادة مارك وليديا , وحاول أن يسهل عملية زواجهما , ووعدهما بتقديم المزرعة التي لا تبعد كثيرا عن هنا , وهي جزء من هذه المز رعة ونستطيع أن نقول أنها بمثابة هدية الزواج".
.وهنا تذكرت جين السيد ريدلي الذي كان يبحث عن مارك.

" قد يكون كاتب العدل , لأن السيد شارل أعلمنا قبل سفره بأن مارك سيقوم بعملية التوقيع وأنني الآن أتخيل فرحته".
ولم تجب جين فقد شعرت بحزن عميق , وكأنها تحسد الناس الذين يحققون أحلامهم , ثم أجابت:
" بدا لي وكأنه جن من الفرح , وكنت أظن أن ليديا وشارل...".
قاطعتها ماري بضحكة فضولية:
" أذا حلمت ليديا بأن تصبح في يوم من الأيام سيدة هاي لينتون فأن شارل سيحبط أحلامها بدون شك".
ولكن جين لم تطمئن تماما الى هذا الكلام , خاصة وأن رحيلها قريب , وبما أن ماري ستعود الى عملها خلال أسبوع على الأكثر , عادت الى غرفتها وأعدت حقيبتها ووضعتها تحت السرير , وقررت أن تذهب الى الأصطبل لأخراج الجياد , لأن مارك وعدها بذلك ولكنه لم يفعل , فقد ذهب مع ليديا بالتأكيد.
وهناك أستقبلتها الأحصنة بالصهيل تارة والأحتكاك بها تارة أخرى ونظرت اليها والدموع تترقرق في عينيها وكأنها تودعها , ولا بد أن الجياد فهمت ذلك , وفوجئت بوصول مارك مسرعا وهو يفرك يديه.
" يبدو أنها ستثلج , فالبرد شديد".
" أسرع يا مارك فالوقت قد تأخر وأنا أعاني من صداع شديد".
" آسف لتأخري ولكنني كنت مشغولا".
" لا تهتم... أن تعبي لا علاقة له بك, ومدت له لجام جنيفر , خذها وسأتبعك".
مرة أخرى تخالف تعليمات شارل وتمتطي هاموند الشيء الذي أخاف مارك وجعله يرتجف , وأحست جين بالنشوة ونسيت كل مشاكلها ما عدا أحساسها بقسوة البرد.منتديات ليلاس
" لنصعد الى قمة الهضبة يا جين فالمشهد رائع".
وأبتسمت جين لأنها أحست بأنه يريد الذهاب الى القمة ليرى المزرعة التي سيصبح مالكها عن قريب
" لنتسابق أذن...".
وبسعادة قفزت جين الى القمة تاركة وراءها مارك وجنيفر , ولدى نزولها , صعقت جين عندما سمعت صوت فرامل سيارة السيد شارل أمامها على الطريق ... وقفز هاموند بأتجاه سيده وعبثا حاولت أن تخفف من سرعته ,ورأت نفسها أمام وصول شارل المفاجىء ونظراته الغاضبة , أمسك باللجام ونظر الى جين نظرة مليئة بالغضب .
" ألم أمنعك من أمتطاء هاموند؟".
وأرتبكت ولم تعد تعرف بماذا تجيب فقالت:
" أنت تعرف جيدا أن مارك يخافه".
" أنت وأبن عمتي العزيز ستدفعان الثمن".
" لم نتوقع عودتك في هذا الوقت المبكر".
" مفهوم وواضح".
" أؤكد لك أن الذنب ليس ذنب مارك".
وجنت من الخوف بأن يبعد مارك عن المزرعة وبذلك لن يتم زواجه من ليديا ... يجب تجنب ذلك بأي ثمن وأضافت:
" أنا التي رجوت مارك أن يترك لي هاموند".
" يكفي لا أود أن أسمع أكثر".
سمعت صوت حوافر جنيفر وعرفت أن مارك سيصل بين لحظة وأخرى , وماذا سيحصل لو أنفجر الموقف بين الرجلين , ولتتحاشى ذلك قررت أن تبتعد بدون أن تهتم لغضب شارل فشدت اللجام من يده وأنطلقت .
وليذهب الى الجحيم هو وتهديداته.. ولم تلتفت الى الوراء , وفكرت بمارك كانت تتمنى ألا يقول شيئا ... وبعد أن أعادت هاموند الى الأصطبل وصل مارك وقال بقلق:
" شارل طلب أن تذهبي اليه فرا".
تنهدت بأرتياح لأن السيد لم يتبعها وسوف تتماسك قبل لقائه.
" أشكرك يا جين لأنك حاولت تبرئة ساحتي أمام شارل , ولكنني لا أود أن ينظر الي نظرته الى جبان ومسكين".
أبتسمت جين وأنهت ما كان عليها عمله وأنتظرها مارك قائلا:
" سأذهب الى القرية لأصطحاب الطالبين , أتريدين أن أوصلك الى القصر؟".
" لا تقلق سأذهب بنفسي بعد أن أنهي بعض الأعمال في المنزل والتي ستستغرق أكثر من ساعة , وغرقت جين في أفكارها وهي في طريقها الى القصر الذي وصلته مبللة.
كان شارل يلبس الملابس الخاصة بالمدينة عندما قادها الى مكتبه , ومن شدة الخوف لم تنتبه عندما أنحنى وخلع عنها سترتها بخشونة وأختفى في الغرفة المجاورة وعاد بمنشفة:
" من الأفضل أن تجففي شعرك وثيابك قبل أن تمتلىء السجادة بالماء".
لجمت غضبها , أنسي أنها مبللة من شعرها حتى أخمص قدميها بالماء ,لم يفكر سيادته الا بسجادته , وأرادت أن تقذفه بالمنشفة, ولكنها فضلت أن تهدأ وتصغي الى محاضرته , ثم قالت بسخط وسخرية:
" لا داعي لكي تزعج نفسك ولن أضيع وقتك وسأعود الى المزرعة , وهناك لن أخاف على سجادتك".
" لست مستعجلا يا آنسة براون ".
" ولكنني لا أريد أن أزعجك أكثر من ذلك".
" أذن الآنسة براون لديها ضمير مع أنني بدأت أشك في ذلك, كنت سأتصل بالمزرعة لأعرف أين ذهبت".
سقطت المنشفة من يد جين.
" يبدو أنك نسيت يا سيد غريرسون بأنني لست حرة في أوقاتي".
" تنهين عملك في السادسة".
" وبعدها أساعد ماري أذا لم يكن هناك شيء آخر".
" كفي عن تمثيل دور سندريللا".
" الا تصدقني ؟".
أخذ المنشفة ورماها على كرسي بجانب النار وقال لها:
" أجلسي هنا قرب الموقد لتجففي نفسك".
ووضع يده على ذراعها ثم على شعرها وهذا ما زاد من أنفعالها ثم قال:
" لا ... لست مقتنعا لأنني لست أعمى".
وثارت ثائرتها من هذه الشتيمة والأهانة فنهضت وقالت :
" لن أبقى دقيقة واحدة بعد الآن في هذا البيت".
شدها من ذراعها وأجبرها على الجلوس قائلا:
" هذا تمرد , وستبقين هنا وأنا الذي أقرر الى متى".
وأشتعلت جين غضبا أمام هذا التهديد.منتديات ليلاس

يتبع

أنا بو 06-11-09 10:41 PM

سلمت اناملك ياصفصف والشكر لك على الرواية التي تدل تميزك وووووووووووووووودمتي مبدعة لنا ياحبيبتي

أنا بو 06-11-09 10:42 PM

سلمت اناملك ياصفصف والشكر لك على الرواية التي تدل على تميزك وووووووووووووووودمتي مبدعة لنا ياحبيبتي

وردة الزيزفون 07-11-09 09:58 AM

واو تسلم ايدك ياعسل ومتحمسة للتكملة

safsaf313 09-11-09 06:25 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أنا بو (المشاركة 2094448)
سلمت اناملك ياصفصف والشكر لك على الرواية التي تدل على تميزك وووووووووووووووودمتي مبدعة لنا ياحبيبتي

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة وردة الزيزفون (المشاركة 2094612)
واو تسلم ايدك ياعسل ومتحمسة للتكملة

آنا وورده شكرا لمتابعتكم ولردودكم الحلوه ولكلامكم المشجع وآدى باقى الروايه لعيونكم وعيون القراء

safsaf313 09-11-09 06:31 PM

9- المطر يغسل الهموم

ظلت جين شاردة تتأمل النار , وحاول شارل أن يخترق هذا الصمت المهيمن فقال بلهجة لطيفة:
" أهدأي ... لماذا تفكرين بالهرب دوما , فالحياة بحاجة الى المجابهة".منتديات ليلاس
ملأ كأسين من الشراب وقدم لها واحدا وتابع:
" أشربي, لا أريدك أن تصابي بمرض نتيجة هذا المرض ".
أخذت الكأس مرغمة وأحست بحرق في حنجرتها بعد الجرعة الأولى ,ولكنها شعرت فيما بعد بالراحة , وأحسن بثقل في رأسها , ووجهت نظرها الى الكأس هربا من ذلك الوجه الغامض الذي يوحي اليها بالخوف , وراحت تفكر بطفولة شارل ووحدته , ولكن هل يمكن لهذا الرجل الحازم الملىء ثقة في نفسه أن يكون هو ذلك الطفل الوحيد؟ ولكن ماذا ينتظر لكي يفرغ ما في داخله ضدها , وبالتأكيد فمسألة الحصان هاموند لم تكن الا واحدة من جملة أمور كثيرة.
وحاولت أن تسيطر على رعشة جسمها وكسرت الصمت بقولها:
" أعتقد أنك طلبتني بخصوص هاموند؟".
" وهل تنتظرين أن أبارك أخطاءك؟".
هذه اللهجة جعلت جين تأخذ حذرها.
" آسفة للطريقة التي أنسحبت بها مع هاموند أمامك .... وقد يكون ذلك بسبب خوفي منك".
قطب حاجبيه بعدم مبالاة:
" أنه عذر أقبح من ذنب , أي أنك تعتقدين بأنني لا أستطيع السيطرة على أعصابي؟".
" لا أعرف".
ماذا يريد أكثر من ذلك .... وبيأس خفضت رأسها وأسدلت بهذه الحركة شعرها على وجهها كستارة . ثم سحبته الى الخلف بعصبية ووقفت قائلة:
" من الأفضل أن أذهب".
وعندما رأى شارل شحوب وجهها ضحك بسخرية وأضاف:
" أن لصبري حدودا .... أتعرفين ذلك, لقد ضقت ذرعا بتصرفاتك".
وقاطعته جين بعصبية بعد أن أستعادت شيئا من القوة:
" كان من الأفضل أن تتبعني الى الأصطبل فورا".
نظر الى قميصها المبلل وقال:
" هذا يعني يا عزيزتي أن سلوكي سيسبق أفكاري , وسيكون مؤسفا بالنسبة اليك , أنت الشابة المليئة بالنشاط".
ولم تستطع جين أن تحتمل أكثر من ذلك فقالت:
" ولكن ما العلاقة بين هذا و صغر سني , لقد جئت الى هنا لتحدثني بموضوع هاموند".
وتحشرج صوت جين ولم تستطع أن تتابع أكثر من ذلك .
" أنت غامضة تماما , وهذا ما يفسر لي سر الجاذبية التي يحملها كل منا للآخر".
وشعرت جين بأنها ستجن , أزدادت آلام الصداع , وكذلك رعشة الجسم, وبذلت مجهودا مضاعفا لتركز أنتباهها ولكنها أصيبت فجأة بالدوار:
" أرجوك يا شارل".
قالت بتنهد.
" أرجوك يا شارل!".
أعاد الجملة بسخرية ورفع يده فتراجعت الى الوراء لا شعوريا , ولكن شارل لم يرفع يده ليضربها كما تصورت وأنما ليمسكها من كتفيها ويشدها بقوة الى صدره قائلا:
" هذا على الأقل يمكنك أن تفهميه".
وضمها بين ذراعيه أكثر فصرخت بعصبية:
" لا ".
ولكن الصرخة الغريبة التي أطلقتها جين جعلته يعتصرها أكثر فأكثر ولم تستطع أن تفعل شيئا لتمنعه .... وعندما عانقها نسيت كل شيء وأستسلمت اليه بكلتيها وعقدت ذراعيها حول عنقه وترنحت وهي تسمع دقات قلبه , لا شك أنها تحبه بجنون , ولكن هل يبادلها هذا الحب ؟ ولكن عناقه والقوة التي يشدها بها الى صدره ألا تدل على ذلك؟

safsaf313 09-11-09 06:32 PM

وفتحت عينيها بعد أن فوجئت بالضحكة الساخرة, تراجعت الى الوراء وأنقلب الحلم الجميل الى كابوس مخيف وسمعته يصرخ بسيطرته المعتادة :
" قبل أن ننجرف أكثر , عليك أن تقولي من أنت؟".
سكنت ذاكرتها وبقيت صماء مندهشة تتأمله بعينيها الخضراوين , كان الموقف قاسيا جدا , وكانت تحتاج الى شجاعة العالم في هذه اللحظة لتستعيد نفسها ... وصرخت:
"كل هذا لترضي فضولك , يبدو أنك تحملت كثيرا من العذاب من ليديا حتى تنتقم من الأخريات على هذا الشكل؟".
" يا الله... ما هذا الذي تقولينه؟".
ولم يكن يتوقع هذا الأنفجار المفاجىء الذي أبدته , وفي هذه اللحظة كان لوقع جرس التلفون الذي رن في الغرفة كصوت أنفجار القنبلة , وتوقعت جين بأنه لن يجيب , ولكنه رفع السماعة بدون أن يرفع بصره عنها وأجاب:
" 313 هاي لينتون نعم".
أستغلت جين الموقف لتتمالك نفسها وأستندت الى المكتبة , عندما سمعته يطلق تعجبا مكتوما ... أنه خبر سيء بدون شك, وبعد كلمات الشكر وضع السماعة , ونظر الى جين بتأمل وقال:
" أنها الشرطة , مارك أصيب بحادث سيارة ونقل الى المستشفى , ويجب أن أذهب معه".
نظرت اليه بخوف وسألت:
" هل ليديا معه؟".
" نعم , ولكن مارك وحده المصاب , وأصابته غير خطرة كما أخبروني ولكنه يرفض الكلام قبل أجراء الفحوصات الطبية الكاملة , ولذلك, يجب أن أذهب فورا وستأتين معي بالتأكيد".
" لا سأبقى هنا , لأن ماري ستقلق لغيابي عندما تعود".
" سنترك لها ورقة , وقد تكوم ليديا بحاجة الى وجود نسائي بجانبها لأنها لا تزال تحت تأثير الصدمة".
ليديا ... دائما ليديا , ستستغل غيابه لكي ترحل وبدون أي شرح لأنها لا تملك الشجاعة لتجابه أحتقاره .
" أرجوك, أنني متعبة ولا أستطيع ذلك".
أنحنى شارل وعانقها بخفة وكأن شيئا لم يحدث ثم توجه نحو الباب.
" لقد كان يوما متعبا بالنسبة اليك وسأوصلك الى المزرعة".
ولم تعد جين تفهم شيئا , فنسيت سترتها في المكتب وصعدت الى السيارة بدون أن تفوه بكلمة وحاولت أن تتذكر فقط اللحظات الحنونة التي لا تستطيع نسيانها .... وضغط شارل على يدها قائلا:
" ما رأيك أن نتابع غدا الحديث , وأعدك بألا أكون فضوليا , تصبحين على خير والى اللقاء غدا".


دخلت جين المنزل وأخذت حقيبتها وأستعارت سيارة ماري بعد أن تركت لها رسالة عبرت فيها عن أسفها وشكرها ووعدتها أن تعيد اليها سيارتها في صباح اليوم التالي مع السائق , وبعد أن أمضت ليلتها في فندق المدينة , أستقلت سيارتها وتوجهت الى الطريق المؤدي الى برادفورد , وفي الطريق فكرت أن تتصل بالمستشفى , وشعرت بأرتياح عندما علمت بأن حالة مارك لا تدعو الى القلق , وأنه مصاب بكسر في ذراعه....
وعندما وصلت الى البيت حاولت أن تجيب على أسئلة والدتها بطريقة التي ترضيها , أما والدها فقد كان يكفيه أن ينظر الى وجه ابنته الشاحب حتى يفهم كثيرا من الأمور .
وكان مسرورا بعودتها , ولحسن الحظ فأن أنهماكه في العمل جعله أقل فضولا من أمها , ورغم الأهتمام الكبير الذي أظهرته أمها, شعرت بأنها غير مرتبطة بهذه العائلة وأن قلبها ما زل في هاي لينتون.
عادت جين الى وظيفتها في مشروع والدها بشكل مؤقت , ووالدتها لم تعد بحاجة اليها في الأعمال المنزلية بعد أن أستعادت صحتها , هكذا بدأت الأيام , وهي تعيش أسوأ الحالات , وعادت بتفكيرها الى المزرعة , كانت تسمع صفير الهواء بين الأشجار , كذلك صهيل هاموند وجنيفر وترى وجه ماري , أما ظل شارل فقد ظل لا يفارقها مهما حاولت أن تطرد هذه الأفكار وهذه الخيالات , ولكنها عقدت العزم بألا تراه ثانية.
ذات مساء عادت الى المنزل مبللة بعد أن تعطلت سيارتها ورفضت دعوة فيليكس في أصطحابها مما أضطرها أن تمشي تحت المطر , وعادت الى ذاكرتها آخر ليلة أمضتها في هاي لينتون ولأول مرة تركت نفسها تستعيد التفاصيل الصغيرة للساعات الأخيرة مع شارل.
أرتجفت وهي تسرع الخطوات , وتذكرت بأن أهلها سيتناولون طعام العشاء خارج المنزل , وعليها أن تصل قبل خروجهم , وبدخولها من الباب سمعت صوت رجل يتحدث الى أهلها , وشعرت بأن الأرض تميد من تحت قدميها , أنها تعرف تماما هذا الصوت .... أنه صوت شارل , وخفق قلبها بشدة ولكن كيف عرف عنوانها , ونظرت اليه بدون أن تصدق وتسمرت في مكانها.
" السيد غريرسون , أحضرلك السترة التي نسيتها عنده ".
هذا ما قاله صوت والدها بصوت أجش بينما صرخت أمها فرحة:
" تصوري أن لديه أولاد عم يسكنون بوردو".
بدأت جين بخلع معطفها وهي ترتجف من الأنفعال وخاصة بعد أن لمحت الأبتسامة الساخرة على شفتي شارل , وقالت:
" شكرا ولا أود أن أضيع وقتك أكثر من ذلك , ومن الأفضل أن تستعجل عودتك لأن الطقس سيء في الخارج".
أقترب منها بنظرات غامضة وبدأ يساعدها في خلع معطفها , ودوى في الخارج صوت زمور سيارة فقال السيد براون:
" أنه السائق , نعتذر لأننا سنذهب بهذه السرعة ".
ثم أضافت السيدة براون:
" السيد غريرسون سيمضي ليلته هنا, وسيكون العشاء اهزا في السابعة , لذلك عليك أن تبدلي ثيابك بسرعة".
وخرجوا بدون أن يشرحوا أكثر من ذلك لأبنتهم , لم تصدق ما سمعته وأعتراها شعور غريب أترتمي على صدره لتؤكد له أنها بخير , ورأته يشد على فكيه وهو يبتعد وكأنه أدرك مشاعرها.
" لقد قبلت دعوة أهلك في قضاء الليلة هنا وعليك أن تتبعي نصائح أمك في تغيير ملابسك لأنه ليس من الأدب أن أقدم لك منشفة في بيتك".
" يا لك من وحش".
قالتها وهي تصعد السلم المؤدي الى غرفتها , أخذت حماما ساخنا وأختارت أجمل ثيابها...
وتاهت في دوامة من التساؤلات:
وعندما سمعت دقات الساعة السابعة نظرت الى نفسها في المرآة وتساءلت ما أذا كان بالأمكان أن تؤثر عليه بمظهرها الأنثوي هذا , نزلت السلم ببطء وهي تقول في سرها , لماذا اليأس قد تكون هذه الليلة ه ضربة العمر.
وعندما رآها تدخل الصالون بدا الأعجاب في عينيه , أن هذا الفستان الجورسيه قد أظهر جمال قوامها وذلك اللون الأزرق عكس نقاء بشرتها الصافية , وحاول أن يخفي أضطرابه , دعته جين الى غرفة الطعام , وأستمر الحديث طيلة الفترة , ولم تستطع جين أن تبتلع الطعام , وبذلت مجهودا كبيرا لتحتفظ بهدوئها أمام هدوء شارل , ثم عادا الى الصالون لأخذ القهوة , ولم تعد تستطع الا أن تطرح السؤال الذي كان يحرق شفتيها:
" كيف عرفت عنواني؟".
وحاولت أن تتحاشى النظر اليه فشغلت نفسها بصب القهوة.



" تقصدين أنني تأخرت في الوصول".
أمسكت جين ثورتها أمام وقاحة هذا الرجل الذي تابع بهدوء:
" لمن الغباء بالنسبة الي أن أذهب قبل أن أسمع تفسيرك لهذه الأمور... أليس هناك ما يدعو للمفاجأة".
وأرادت جين أن تنشق الأرض وتبتلعها أمام نظراته وأجلبت:
" ولكن ألا تعتقد بأنك تبالغ؟".
أجاب وهو يكاد ينفجر من الغيظ:
" ألم تقولي بأن والدك يعمل في مصنع؟".
" أنه يعمل أكثر من أي عامل في المصنع...".
" أن أباك ليس عاملا.... أنه واحد من أرباب المشاريع الأكثر أهمية في هذا البلد, وقد تحدثنا بذلك مفصلا قبل عودتك".
" ولكنني لست مسؤولة عن ذلك".
" لا ... ولكنك مسؤولة عن أستغلال ثقتي بك وهذا أحد أسباب زيارتي".
أنه يتكلم دائما بالألغاز.
" ولكن كيف وصلت الى هنا؟".
" أنسيت الوكيل الذي جاءنا في أحد الأيام من برادفورد وقال بأنه يعرفك".
أذن لقد أستطاع أن يسخر منها , هي التي أعتقدت أنها أختفت بدون أن تترك أثرا....".

safsaf313 09-11-09 06:34 PM

وقالت مازحة:
" ولكنني عدت منذ ثلاثة أسابيع؟".
" أنسيت حادث مارك؟".
" لا .... لقد سألت عنه في المستشفى".
" يدهشني أهتمامك هذا ".
" يبدو أنك تستمتع بالسخرية مني".
" أعتقد بأن هناك أشياء تسليني أكثر , ولكني لم أستطع مغادرة هاي لينتون قبل أن يستعيد مارك صحته , ولنعد الى موضوعنا, لماذا تسللت كاللص من هاي لينتون بدون أن تعلمي أحدا ؟".منتديات ليلاس
هذا السؤال وضعها في موضع لا مجال للتراجع فيه , فخفق قلبها بشدة , وتجمد الكلام على شفتيها وأجابت:
" الصدق.... أليست هذه الصفة التي تضعها فوق كل أعتبار , لم أعد أستطيع الأستمرار بهذه اللعبة , وعندما تنبهت الى ذلك كان قد فات الأوان , وأنت لم تكن لديك أية رأفة بحالي".
كان يريد أن يبتسم ويغرق في كثافة شعرها الجميل ويتأملها طويلا ويرفع وجهها اليه , ثم يغرقا معا في عناق لا نهائي وكان يعرف بأنها لن تقاوم , ولما أحس بالخطر قال بلطف:
" أليس من الأفضل أن نبدأ من البداية".
" حسنا , قرأت الأعلان , وبعد أن قابلت هيلدا , وحدثتني عن اللواتي سبقنني , وأستنتجت بأنك لن تتعاقد مع فتاة من أسرة غنية وتستطيع أن تتخيل البقية .... هذا هو جوهر الموضوع".
" لا .... أن هذا السبب غير كاف".
وأستغربت كثيرا هذا اللطف الذي يبديه وفاضت دموعها وأجابت:
" لأنني أحبك.... ألم تفهم ذلك الى الآن؟".
أحاطها بذراعيه قائلا:
" ألم تجدي وسيلة أفضل من الهرب ... كان بأمكانك على الأقيل أن تشرحي لي ذلك".
وشعرت بأنه سيعود الى كبريائه التي ستجعلها تخرج عن نفسها فقالت:
" لماذا ؟ لكي تخذلني؟ فأنا أعرف بأنك لا تبادلني المشاعر نفسها , في كل حال لم تعد هناك أي أهمية لذلك , فأنا الآن أكرهك".
" لا , هذا غير صحيح".
وأرادت أن تصفعه لأنه تجرأ أن يضحك في مثل هذه اللحظة.
" على العكس , أن ذلك له أهمية كبيرة عندي الآن , لأنني عندما طلبت يدك من والدك صارحته بأنني لم آخذ رأيك بعد".
ظنت جين أنها في حالة حلم ولا بد أنه يريد أن يمازحها.
" أنت تتزوجني , كيف يمكنني أن أصدق ذلك؟ بعد كل المعاملة التي عاملتني بها هذه الليلة؟".
" وهل تتصورين بأنه كان علي أن أحتضنك بين ذراعي لحظة وصولك؟ وهل يمكن أن أنسى الألم الذي سببته لي منذ رحيلك؟".
وأغرورقت عينا جين بالدموع وهي تقول:
" لكن , ماذا قلت لأبي؟".
" بكل بساطة , أنني أحبك وهذا يكفي".
وبدون أن ينتظر جوابها لفها من جديد بين ذراعيه وهمس في أذنها بأنه محتاج الى وجودها معه, وأستسلمت جين بدون أي تحفظ وكان هذا هو جوابها.
" ظننت أنك مغرم بليديا...".
" من أين أتتك هذه الفكرة؟".
وذكرته جين بالمحادثة التي سمعتها تحت نافذتها وبصعوبة تذكر ذلك وأبتسم قائلا:
" لو تابعت كامل الحوار لسمعت قولي لمارك , عليك أن تعدل عن فكرة الزواج من ليديا أذا لم تغير تصرفاتك الصبيانية هذه .... هل فهمت الآن؟".
شعرت بالخجل وعادت الى هدوئها قائلة:
" ولكن هل كنت تحبني في تلك الفترة؟".
شدها أكثر الى صدره وأجاب:
" قد لا يكون بالمقدار الذي أحبك فيه الآن ... ولكن كان علي ألا أبوح بذلك قبل أن أعرف السر الذي أخفيته عني , ولكنني منذ البداية كنت مجذوبا اليك, ويمكنك أن تتصوري ثورتي وأنا أرى العلاقة الجيدة التي تربطك بمارك, أنا الذي عملت المستحيل لأشجع زواجه من ليديا لأنني أعرف نقاط ضعف مارك أمام النساء الجميلات , ثم ضاعفت مجهودي لأضمن لهما المزرعة , ولم يعد لدينا الآن أي هم أتجاه الأثنين , ولنعد الى أنفسنا يا جين براون ... جين التي تستطيع أن تحولني من أقصى درجات الحنان الى أقصى درجات الغضب , أذا أستطاعت أن ترفض مركز الفروسية كهدية أقدمها لها وأتمنى بألا ترمي هذه الهدية بوجهي كما فعلت بهاموند الصغير".
ضحكت جين وعانقت شارل بسعادة وأزاح خصلة شعرها قائلا:
" يجب ألا تخفي عني شيئا بعد الآن".
وأنفجر الأثنان ضاحكين ثم سألته:
" وماذا كان رد فعل والدي عندما تحدثت معه في موضوع الزواج؟".
" لقد بارك ذلك فورا , ولن تستطيعي الهرب بعد الآن من هاي لينتون".
" شارل , كيف أستطيع أن أتركك وأنا أحبك بهذا الشكل!".
وفي الخارج بدأ الهواء يصفر , والمطر يقرع زجاج النوافذ, ولكن جين لم تعد تشعر بأي شيء يدور حولها وهي بين ذراعي شارل , ولم يعد للعالم الخارجي بالنسبة اليها أي وجود.

منتديات ليلاس

تمت بحـ الله ـمد

تمارااا 09-11-09 11:10 PM

يسلموووووووووو بااحلى صفصف بالدنياااااااااااااااااا

safsaf313 10-11-09 06:56 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة تمارااا (المشاركة 2096174)
يسلموووووووووو بااحلى صفصف بالدنياااااااااااااااااا

العفو يا احلى تمااااااااااارا فى الكون يا اجمل بنوته
:friends::friends::friends:
:8_4_134:

وردة الزيزفون 10-11-09 07:58 AM

واو تسلم ايدك ياقلبي ماقصرتي وننتظر جديدك بفارغ الصبر

safsaf313 10-11-09 07:18 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة وردة الزيزفون (المشاركة 2096259)
واو تسلم ايدك ياقلبي ماقصرتي وننتظر جديدك بفارغ الصبر

تسلميلى يا غاليه ده من ردودك وتشجيعك انتى والبنات :flowers2:

رومنسية زمانها 26-11-09 10:39 AM

واااو رواااية روعه يسلمو قلبو الله لايهينك على المجهود ولايحرمنا منك ولامن جديدك

زهرة الماس 27-11-09 08:09 PM

يسلموووووووووووووووووووو000000000تحياتي لكي

نونا المجنونه 28-11-09 03:57 AM

شكرا ياقمر

قماري طيبة 24-12-09 05:27 PM

وااااااااااااااو رواية مرة روعة سلمت اناملك عزيزتي عليها

فراولة2008 25-12-09 09:27 PM

يسلمواااااااااااا

بنيتي بنيه 26-12-09 12:16 AM

يسلمواا يااختى الغاليه الروايه ممتازه :rdd12zp1:

سفيرة الاحزان 22-04-10 04:01 PM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

الجبل الاخضر 23-04-10 02:07 AM

:55::55::55::55::55::flowers2::flowers2::flowers2::friends:
برافو اختيار بي جنن تسلميييييييييييييييييييين ياعسل وننتظر جديدك

moura_baby 25-04-10 03:44 PM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

شاهد 26-08-10 09:26 PM

شكرررررررررررررررررررررررررررررررررا

جوريات111 28-09-10 02:32 AM

يسلموووووووووو بااحلى صفصف بالدنياااااااااااااااااا

queen_salma 28-09-10 11:39 AM

ـ تسلم الايادي

ساكنه 23-12-10 10:47 PM

يااااااي الرواية فعلا رهيبة جدا وحماااااااااااااس مرة تسلمين ياعسل على اختاارك للرواية وتسلمين على مجهودكالرائع ويسلملنا المنتدى ليلاس ومنتضرين التكملة بشووووووووووق ودمتم لي في قلبيي سكنة:flowers2::flowers2::liilas::liilase::liilas::liilase::5 5::55::55:

ساكنه 24-12-10 12:02 AM

واااااااااااااااااااو بجد جناااااااان مرسي خاااااااااااااالص رواية مشوقة تسلمين ياقمر ودمتى لي في قلبي سكنة:55::55::55:

تسنيم15 27-12-10 06:53 PM

رواية جميلة شكرا اختى على المجهود تسلم اناملك

hoob 28-12-10 02:52 PM

برافوووووووووووووووو:flowers2::flowers2:
:55::55:

زهرة منسية 22-02-11 03:18 PM

يسلموا دايمن اختيارتك موفقه الروايه رووووووووووووووووووووعه

الجبل الاخضر 23-02-11 02:21 AM

:55:برافو :55:برافو :55:برافو ب:55:رافو:55::flowers2: تسلمين قاريتها للمره الثانيه وبرضوه استمتعت :mo2:وانا اقراها :55::friends:شكرا:flowers2:لمجهودك:dancingmonkeyff8: وننتظر :party0033:جديدك:8_4_134::flowers2::flowers2::flowers2::flow ers2::flowers2::flowers2:

حنان محمد ابراهيم 20-04-11 12:44 AM

الرواية جميلة جدا لك منى اجمل تحية

ندى ندى 17-12-11 09:29 PM

روووووووووووووووووووعه

منى فرج 10-07-12 04:26 PM

حلوة كتيييييييييييييييييييييييييييييييير

MALAK MAJRO7 23-07-12 01:55 PM

يسلمو هالايدادي الرواية رائعة ومشوقة جدا :55:

اتمني تقبل مروري

تحياتي

malak majro7

سماح الطيبة 25-07-12 11:38 PM

اختيار موفق متعتينا بيه شكرا ليكي يا صفصف

الملآك القاسي 13-08-12 08:38 PM

شكــــرااااً ياااا غااااليه ع الروااايـــه

دلوعة وكلمتها مسموعة 08-10-12 04:06 PM

رد: 128- فرس الريح - مارغريت بارغيتر - روايات عبير القديمة (كاملة)
 
وااااو روية كتير ممتعة عنجد يسلمو ايديك على الرواية وننتظر جديدك بفارغ الصبر :55::55::013::765fd:

yasmin kamal 22-04-13 08:19 PM

رد: 128- فرس الريح - مارغريت بارغيتر - روايات عبير القديمة (كاملة)
 
الله الله فعلا الموقع ده روعه و شكرااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا جداااااااااااااااااااااااااااااا على القصة و جزاك الله خيرا فعلا شكرااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا ااااااااااااااااااااااااااا فعلا :55:

انجلى 26-04-13 08:10 PM

رد: 128- فرس الريح - مارغريت بارغيتر - روايات عبير القديمة (كاملة)
 
شكرا لكى على مجهودك روععععععععععع

نجلاء عبد الوهاب 15-02-14 12:53 AM

رد: 128- فرس الريح - مارغريت بارغيتر - روايات عبير القديمة (كاملة)
 
حلوه كتيير

غنجة بيا 15-02-14 03:04 AM

رد: 128- فرس الريح - مارغريت بارغيتر - روايات عبير القديمة (كاملة)
 
مشكورة حبيبتى جدا رائعة الرواية


سلمت اناملك اموووووووة

جوهرة الدانة 19-02-14 05:41 PM

رد: 128- فرس الريح - مارغريت بارغيتر - روايات عبير القديمة (كاملة)
 
الرواية رائعة وقرأتها اكتر من مرة واكيد حارجع اقرأها

الجبل الاخضر 22-02-14 12:04 AM

رد: 128- فرس الريح - مارغريت بارغيتر - روايات عبير القديمة (كاملة)
 
تسلمي عيوني :55:برافو :55:برافو :55:برافو :55:برافو :55:تسلم الانامل :hR604426:على المجهودك الرائع والاختيار الممتاز:55::peace: ونشكرك على تعبكي:lol: ياعسل :wookie:وننتظر جديدك:dancingmonkeyff8:

سهير محمود 05-08-14 12:57 AM

رد: 128 - فرس الريح - مارغريت بارغيتر - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
جميلة جدااااااااااااااااااا

ماما نونه 31-08-14 01:47 PM

رد: 128 - فرس الريح - مارغريت بارغيتر - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
راىععععععععه يسلموا

سهير سهير 02-06-15 05:49 AM

رد: 128 - فرس الريح - مارغريت بارغيتر - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
نهار جدايد يعني حياه جديده ووجهه متفائل و احساس مختلف ونفسيه متئمله اسعد الله صباحكم وما اروع واجمل هذا الصباح وكل صباح ان نبداء به بوجودكم معنا الله يجعل صباحكم كل خير :8_4_134:

منى على سيد 21-07-15 12:11 AM

رد: 128 - فرس الريح - مارغريت بارغيتر - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
تسلم ايديكى

ميرين 03-08-15 11:52 PM

رد: 128 - فرس الريح - مارغريت بارغيتر - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
رواية جيدة

بس قارية روايات احلى منها

شكرا الك

جزاك الله خير

وفاءالحنين 08-08-15 09:04 AM

رد: 128 - فرس الريح - مارغريت بارغيتر - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
رووووووووووووعة

امبراطورية ع 09-08-15 03:07 AM

رد: 128 - فرس الريح - مارغريت بارغيتر - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
:rdd12zp1::rdd12zp1:

منار المحبة 07-09-15 10:20 PM

رد: 128 - فرس الريح - مارغريت بارغيتر - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
شكلها روعةشكلها روعة

سماري كول 21-08-22 07:37 PM

رد: 128 - فرس الريح - مارغريت بارغيتر - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
يسلموا ع الرواية الحلوة

نجلاء عبد الوهاب 19-07-23 09:15 PM

رد: 128 - فرس الريح - مارغريت بارغيتر - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
:55::55::55::55::55::55::55::55::55::55::55::55::55::55::55: :55::55:

Moubel 31-07-23 11:22 AM

رد: 128 - فرس الريح - مارغريت بارغيتر - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
رواية جميلة ومثيرة شكرآ لك


الساعة الآن 04:24 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية