منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   472 - الليلة الموعودة - دار ميوزيك ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t121758.html)

زونار 25-10-09 05:22 PM

472 - الليلة الموعودة - دار ميوزيك ( كاملة )
 
الملخص








لم يتوقع كل منهما هذا الشعورالطاغى الذى سرى



بكيانهما عندما



تصافحا . ظلت أصابعهما ترتعش إثر التيار الذى


شعرا به وحدهما .


إتفاق غامض لم تصغه كلمات . منتدى ليلاس


وابتسم كلاهما للآخر

زونار 25-10-09 05:23 PM

الشخصيات الرئيسية








مارى ميجن شاى : امرأة تعمل فى مكتب تجارى ناجحة فى عملها ولكنها ذات أفكار غريبة وغير مألوفة .

لوسى جالبرت : صديقة ميجن تعمل طبيبة وهى شديدة الالتصاق بـ ميجن إنهما كالأختين .

مايكل رامسى : رجل أعمال ناجح من تكساس . بالإضافة إلى نجاحه فى عمله فهو مفعم بالمشاعر الطيبة والخصال الحميدة .

السيدة بلنسكى : خادمة ميجن .

جريتا : سكرتيرة ميجن .

هنرى آلدرمان : مدير ميجن فى المكتب وهو رجل ذو شخصية قوية ومتفهم فى آن واحد .

زونار 25-10-09 05:24 PM

الغلاف الأمامى








قالت :
- أود لو أستطيع أن أفصح لك عن الحقيقة يا مايكل . كنت أود أن



يكون ما حدث لعبة أو رهانا أستطيع تفسيره ، لكن ليست المسألة شيئا


من هذا القبيل . على أية حال فأنا لست فى ظروف مواتية لأفسر لك .


أفضل شئ هو أن أطلب منك المعذرة . أنا آسفة حقا على ما حدث


حاول أن تغفر لى ولا تتحدث أبدا على ذلك .

زونار 25-10-09 05:26 PM


الفصل الاول

نظرت ميجن شاى بعين فاحصة إلى مرآة الحمام . لقد أعطت نفسها ساعتين من العناية . شعرها الأحمر الطويل الذى جمعته خلف رأسها يجعلها تبدو سيدة ثائرة . لمسة كريم أخرى يكون العمل قد انتهى .



فى الغرفة ، كان بانتظارها الملابس التى اختارتها لهذه المناسبة فى نظام جميل على السرير . خلعت ميجن البشكير اليابانى لتكشف عن ملابسها الداخلية السوداء . وبحرص شديد لبست جوارب من الحرير البنى وقميصا من الساتان الأحمر ... أنيقا ومحتشما من الأمام ولكنه عار من الخلف على شكل سبعة من أعلى إلى أسفل .



ولتخفى هذه الفتحة المثيرة ارتدت سترة من القطن البنى . وكانت اللمسة الأخيرة هى النظارة الكبيرة .


هنأت ميجن نفسها على النتيجة . على ما هى عليه تشبه سيدة أعمال مسافرة فى الدرجة الأولى . لكنها عندما تحل شعرها وتتخلص من السترة والنظارة تصبح مثل بريجيت باردو فى فيلم " وخلق الله المرأة " .


ارتدت حذاءها الهافان الأنيق وتنفست بعمق . ثم خشية أن تنسى شيئا ، تأكدت للمرة المائة أن الأسئلة موضوعة بعناية فى الحقيبة الجلدية الواسعة . كل شئ بها . ثم غادرت شقتها الواقعة فى منهاتن بخطى فتاة ذاهبة إلى حفل راقص . عاقدة العزم على النجاح فى مهتمها .


دخل التاكسى الأصفر فى الشارع الخامس . شعرت ميجن بأنها هادئة تماما . هذا الهدوء يعود إلى إيمان عميق بأنه مهما حدث لها فسيكون نعمة من عند الله .


كانت خططها تخلو من أى ثغرة . لقد درست بعناية نقاط الضعف والقوة . وتوقعت كل صغيرة وكبيرة فاقتنعت ميجن إذن بمنطقية أفعالها التى لا تحتمل الشك . وفى المقابل لم تكن تؤمن بالحظ ولا بالمصادفة .


بالتأكيد , كانت تفضل أن تعيش قصة حب رومانسية تنتهى بالزواج والاطفال .. إلا أن الحياة القاسية لم تترك لها الخيار .


يوما ما , فى إحدى لحظات السعادة التى يمر بها المحبون حلمت بدستة من الاطفال , وبيت تملؤه الضحكات , على شاطئ البحر . وبعد ذلك , قررا أخيرا أن يكون لهما ثلاثة أو أربعة أطفال , وقد عقدا العزم على أن ينفذا ما حلما به بمجرد تخرجهما فى الجامعة وتفتح أبواب الحياة أمامهما .

زونار 25-10-09 05:27 PM

هزت ميجن رأسها بحزن . لقد نظرت دائما إلى موت كارل على أنه أمر غير عادل . ليس فقط لأنها وجدت صعاب الدنيا ليندمل جرح حزنها عليه ., ولكن لأن كارل كان شابا ذكيا لطيفا جدا إلى درجة جعلته يستحق الحياة حتى يوم الحساب .



بضعة أيام قبل موته , كانت ميجن تظن أنهما يملكان العالم فى يديهما . لم ينل كارل قسطا من الحظ ., إذا كانت ميجن مازالت تحبه فهى فى نفس الوقت لم تعد تفكر إلا فى المستقبل .


بعد عدة سنوات , وقعت فى حب بوب , شاب رياضى يعيش حياته بكل طاقته . وجدا أشياء كثيرة مشتركة بينهما باستثناء الرغبة فى تكوين أسرة حقيقية . فى اليوم الذى جاء فيه بوب ليطلبها للزواج رفضت ميجن عرضه .. إن أملها فى الحياة مع بوب ليلا ونهارا لم يكن حجة مقنعة تعوضها عن غريزة الأمومة .


كان فشلها فى حبها هو الذريعة رقم واحد عند ميجن . الحياة قصيرة . ولايحصل المرء على ما يريد بإشارة من اليد وليصل إلى أهدافه يجب ان يتحلى بالإرادة وقوة الشخصية التى تعطيه الطاقة اللازمة للتدخل فى القدر بدلا من الاستسلام له كالريشة فى مهب الريح .


إذا إنتظر الإنسان الفرص كانتظاره لشروق الشمس فى يوم ممطر فهو يخاطر بالإنتظار طوال الحياة بدون طائل . فيجب ان يتحرك بشكل إيجابى وألا يكتفى بالدعاء إلى الله . من ناحية أخرى تفكر ميجن فى أن دور الله ليس فقط مساعدة البشربل فى اختيار إرادتهم أيضا بأن يضع الابتلاء فى طريقهم من آن لأخر . ويراقب كيف سيتغلبون عليه .


الاكثر شجاعة هم من يحصلون على كل شئ والأخرون يجب أن يكتفوا بما يتبقى . هذه هى شريعة الحياة .


إن ميجن فى الرابعة والثلاثين فليس من المعقول أن تنتظر فارس الأحلام . إنها تريد طفلا . لم يعد امامها لتحقيق ذلك سوى خمسة عشر عاما سرعان ما تمضى . إنها شتعر بأنها فى أوجها لقد أمرها حدسها بان تتحرك . لقد سمعت حدسها .


فعلت لوسى أفضل صديقاتها . كل ما بوسعها لتثنيها عن تنفيذ مشروعها :
- هل فكرت فى أن الأب قد يطالب بحقوقه فى الطفل ؟


- اسمعى يا لوسى كل ما أطلبع هو بعض الكروموزومات . فهذا ليس بالشئ الكثير .


- لا , ولكنى أقدر أن من حق الرجل أن يعرف إذا كان له ولد أو بنت .


- لوسى , منذ قديم الأزل والرجال يلعبون دور " الدون جوان " دون أن يهتموا بنتائج أفعالهم .. فى " نيويورك " هؤلاء السادة يتنقلون فى مجموعات . تخيلى ذلك , فهناك اجتماعات ومحاضرات ولن أخفى عليك , إنى أعتزم أن أكون إحدى هؤلاء المحاضرين .


- لا أرجوك يا ميجن .


قالت ميجن مازحة :
- اسمعى يا لوسى , لن أؤذى أحدا . أعدك بذلك . كل ما أريده هو طفل وليس شيئا أخر . تخيلى لو طلبت من شاب جميل أن يتحلى بأقصى درجة من اللطف ويفعل ما يلزم لأصبح أما ! سيعتقد أننى مجنونة .


- يا إلهى , لن يكون مخطئا .

أو سينفذ المسكين ما طلبته منه على الرحب والسعة .



- ولن يكون مخطئا أيضا .


- لهذا السبب لن أقول له أى شئ , رأيت أننا متفقتان ؟ وإذا لم يعرف أبدا أننى حامل لا أرى فى ذلك ما قد يضايقه أو يسبب له أدنى مشكلة . يكفى ألا نقيم فى مدينة واحدة .


كلت لوسى من المناقشة :
- أمهلينى وقتا لأفكر يا ميجن . أنا متأكدة من أن هناك نقطة ضعف فى كل هذا .


قالت ميجن :
- لديك حتى يوم الجمعة. آخر مهلة .


اتصلت بها لوسى كل يوم لتبدى لها اعتراضها وكانت ميجن تلقى باعتراضاتها الواحد تلو الاخر بحجج منطقية .


مساء الخميس قالت لوسى :
- وجدت عنونا الرسالة التى اعتزمت العمل بها .


ابتسمت ميجن , سعيدة بأن تجد من يساندها , حتى لو كان على مضض , من أقرب أصدقائها :
- إنى أسمعك ..


- أطلقى على ذلك " التطورية التراكمية للسلوك الذكري فى القطاع الثالث " .


- رائع هذا الاسم لن يشجع أحدا على أن يدس أنفه فى الموضوع . أنت ملاكى الحارس .


أضافت لوسى بنبرة جادة :
- ميجن عدينى بأن تأخذى حذرك .


بدأت ميجن شاى إذن العمل .. لقد شرحت توا هدف أبحاثها الاجتماعية لموظفة الاستقبال فى فندق " جراند أوتيل هارباس " سمح لها الموظف بأن تتابع بحثها فى صالونات المبنى بشرط أن يكون ذلك بهدوء .


استعلمت ميجن طويلا عن كل الاجتماعات والمحاضرات والمؤتمرات التى ستعقد فى نيويورك فى هذا الوقت من السنة . وبمنطقية اختارت أولا الاجتماعات التى ستعقد فى أكبر فنادق المدينة . وبعد تردد وقع اختيارها النهائى على ندوة قومية للفيزيائين العاملين فى مجال الذرة وهذه الندوة تعقد كل عام فى الولايات المتحدة الامريكية . كانت تأمل فى أن يكون الطفل فى نفس الوقت ذكيا كذكاء عالم فيزيائى . وله البنيان الرياضى القوى الذى اشتهرت به عائلة "شاى" .


لم تكن ميجن تعتقد أبدا أن هناك صعوبة بالغة فى العثور على الرجل الذى يستحق أن يكون والد طفلها . بالتأكيد , لقد قابلت مئات الرجال فى حياتها . كانت تتخيل أن البعض منهم آباء جيدون وآخرين لا يصلحون لهذه الرسالة العظيمة . أما الآن فهى فى موقف عصيب , فعليها أن تختار رجلا غريبا بين المئات العزاب .
تغلبت ميجن على ترددها وبدأت تسأل الرجال الذين تمددوا على المقاعد المريحة فى صالة الفندق . قامت بالاختيار الأول وفقا للشكل الخارجى . إن الهيكل الجسمى عامل قاطع . فعائلة " شاى " كبيرة الجثة وميجن لا تريد أن يشعر ابنها بالدونية وسط عائلتها . وبعد ذلك . تدرس ميجن بسرعة ما يصدر عن هذا الشخص فهى تثق فى حدسها ثقة بالغة ومن خلاله تفرز بين الحسن والسئ . فحتى إذا كان لائقا من الناحية الجسدية فإن ميجن تتجنب دائما الاقتراب ممن يخبرها حدسها بأن تحتفظ بالمسافات بينهما .



كان هناك أكثر من خمسمائة رجل فى المجلس القومى للفيزياءالنووية فى نيويورك . سألت ميجن من بينهم اثنى عشر رجلا فى صالة الفندق . لم ينجح واحد منهم فى المسابقة التى لا يعلمون عنها شيئا .


بعد ساعة اتخذت ميجن من إحدى الطاولات مقرا لها . وبدأت تمثل دورباحثة اجتماعية . وقع اختيارها على مجموعة من رجال الأعمال يناهزون الخامسة والثلاثون . أجاب أربعة منهم على أسئلتها بسرورواضح . وقد تظاهرت بأن هذه الأسئلة تهم بحثا .


أجابها أحدهم ، رجل أشقر يرتدى كرافت وبليزر كحلى :
- لا ، ليس من عادتى أن أقضى الليل مع امرأة غريبة . لست من ذلك النوع .


لم تتوافق إجابته مع عينيه المرحتين وشعرت ميجن بأنه لا يعتبرها امرأة غريبة . منزعجة من انحراف الأحداث ، شكت فى هل هى تتحلى بالجرأة الكافية لتنفيذ مشروعها . على أية حال ، لم يكن الرجل الأشقر سيئا ولكن لا تشعر نحوه بالارتياح .


كانت ميجن تفكر فى أن تعود إلى منزلها وتنسى القصة بأكملها عندما لفت نظرها مجموعة من الشباب فى سن النضج أما هذه الفرصة ، استعادت ميجن شجاعتها لعلها تجد ضالتها فى واحد منهم .


فى نفس الوقت هم أحد الرجال بالابتعاد عن الجمع مصافحا بعض الملتفين حوله . ثم تقدم نحو طاولة المشروبات لقد لفت انتباهها هذا الرجل الوسيم ذو الجسد الرياضى والأناقة الطبيعية . مشى فى خطوة رشيقة وواثقة . إنه مثال للرجل العصرى الأنيق .


ثم رأته يلتفت نحو امرأة وضعت يديها البيضاوين المكتظتين بالمجوهرات فوق كتفى الرجل . إنها دانى الكسندر فتاة جميلة تنتمى للمجتمع الراقى . ولكنها حمقاء بشكل يرثى له . كانت ماجى تعرفها . هذه الفتاة التى تدعى دانى تقضى أكثر وقتها فى مصاحبة شباب المجتمع الراقى أو فى طلاء أظافرها باللون الأحمر القانى .


امتعضت ميجن . إنها ليست ضد السيدات الجميلات . لكنها لا تحتمل اللاتى لديهن نزوات بقدر أكثر مما لديهن من حسن السلوك كما أن لديهن وقت فراغ بقدر لا يستطعن أن يملأنه بشئ نفيد . بالإضافة إلى ذلك كانت دانى مغرورة بشخصها الوضي فالجميع يعرفونها .


يتحملها الرجال لأنها ما زالت صغيرة أما النساء فكن يتجاهلنها أو يبغضنها وفقا لسنهن . قابلتها ميجن كثيرا فى الحفلات ,. هنا وهناك وبدلا من أن تعود ميجن من جديد لتغرق في ذكرى بوب فضلت أن تولي هذا الغريب اهتمامها . عند مقارنته ب دانى وجدت أنه ضخم .


استقبل السيدة الشابة بدون حماس ولكن بكياسة واضحة ثم ارتسمت على شفتيه ابتسامة مصطنعة عندما انطلقت دانى من طرفها فقط فى حديث لا معنى له على شاكلة " كيف حالك يا عزيزى ؟ " .


ابتسمت ميجن عندما وضع الرجل يده فى جيب بنطلونه وقد بدأ عليه السأم وأخذ يستند إلى ساق ثم يستبدل بها بالاحتمال على ساق أخرى . يبدو أنه يستغيث من صحبة هذه المرأة المصطنعة . فعلى الرغم من احتفاظه بابتسامة فحركاته تكشف عما يشعر به تجاه دانى
من ناحيتها , لم تلاحظ السيدة الشابة أى شئ خاص . إنها لا تشعر إلا بضيق شديد من نفسها . فهي لا تستطيع أن تقتحم الحديث الدائر أمامها وتتعرف على هذا الرجل الوسيم .



ثم ذهب انتباهها إلى الرجل الأشقر ذي السترة الكحلية الذي كف عن الحديث . الجميع فى هذا المكان يتحلون بالوسامة والسحر . وعلى الرغم من ذلك لم يستطع واحد منهم أن ينافس هذا العلاق الأسمر الذى يرافق داني . طرحت ميجن سؤالا جديدا ثم تحققت بقدر كبير من السعادة أن الرجل المجهول مدد ساقيه الطويلتين قبل أن يوجه ابتسامة لطيفة إلى ميجن دخلت ابتسامته قلبها , والتفتت نحو الأربعة المرشحين السابقين منشرحة القلب .


قالت فى خاطرها إنه ينحدر من أصل كريم . ثم اكتشفت أن انفاسها تتلاحق كلما نظرت إليه .


قال أحد الذين اختارتهم ميجن لأسئلتها :
- إذا كان لدي الإيمان بأننى أستطيع خيانة زوجتى دون أن تعلم فلن أكون وفيا .


قالت ميجن مندهشة :
- عفوا ؟


- إنى أجيب عن سؤالك يا آنستى .


- نعم , بالتأكيد ... تقول إنك لا تستطيع خيانة زوجتك .


- ما لم تكن زوجتى العزيزة موهوبة , لست أدري كيف أشرح لك . إنها تتمتع بالحاسة السادسة . أقل دليل إثبات يكون واضحا تماما أمامها .
إن الأنف موقعه وسط الوجه . ظاهرة غريبة لم يفسرالعلم أبدا ذلك تفسير عقليا . سأعطيك مثلا أتذكر فتاة شقراء رائعة الجمال , طالبة فى السنة الأولى , جاءت ذات يوم تسألنى النصيحة بعد اليوم الدراسي . كانت هي التي ...


واسترسل فى قصة لم يهتم بها زملاؤه لأنهم كانوا يفكرون فى ميجن وميجن تفكر فى الرجل المجهول . إنها تسترجع صورته فى مخيلتها . وجهه ., شعره الأسود , حيويته وقوة نظراته . وهذه الرجولة الطاغية التى احتبست أمامها أنفاسها منذ النظرة الأولى , هذه الأناقة الموروثة فى حركاته التي تدل على انحداره من عائلة راقية . بالإضافة إلى جمال الملامح .


أما مايكل رامسي فكان يشعر بالتعب . لقد استقل طائرة الليل التي تغادر فى كل مساء دلاس الساعة الثامنة وتصل إلى نيويورك فى الصباح الباكر . كان اليوم طويلا ومشحونا وهو لايحب أبدا أن يقضي وقته حبيسا في قاعة مؤتمرات أو فى مكتب .


لقد انتهى توا من التفاوض على شراء مؤسسة نشر ذات شهرة واسعة . كانت مؤسسة جيدة جدا وموظفوها على أعلى مستوى . ومع ذلك , كان عليه أن يفحص كل شئ بالتفصيل وأن يتناقش وقتا طويلا مع المساهمين الأساسيين , الأخوة زاكيوف ,. إنهم روسيون معاندون ورجعيون لا يواكبون الأحداث كان من المستحيل أن يوفر على نفسه تشددهم المالى . كان يستطيع أن يعود إلى غرفته عقب انتهائه من هذه المفاوضات الخاصة بالعمل ولكنه كان يحتاج إلى الاسترخاء

زونار 25-10-09 05:31 PM

أحضرت النادلة إليه شرابه . ارتشف مايكل رامسي جرعة ثم نظر حوله . لم يكن هناك الكثير من السيدات الوحيدات . أغلب الحضور من الرجال ذوي الملابس الرسمية وبعض السكرتيرات يسهل التعرف عليهن من ملابسهن العملية وثلاثة أزواج من المحبين يقضون شهرة فى المدينة ليس أكثر . وقع بصره أخيرا على الأربعة المرشحين الذين تتحدث معهم ميجن . كانت هذه المجموعة الصغيرة تتحدث بحيوية . يبدو أن الحديث شيق حتى عن بعد .



قال فى خاطره , إن هذه الفتاة لابد أن تكون سكرتيرة إدارة أو شيئا من هذا القبيل . إنها تزيد النقاش حيوية . بالتفاتها تارة نحو واحد وتارة نحو الآخر . ومع أبسط حركاتها يغير شعرها لونه كأنه سحر تحت أضواء القاعة . فهو يتحول من الذهبي المؤكسد إلى البني إلى الأحمر القاني .


شعر مايكل رامسي بسعادة وهو يراقب تلون شعرها وبدأ أخيرا ينعم بالاسترخاء .


وبشكل غريب , على الرغم من أنها توجه إليه ظهرها إلا أنها كانت تشعر بنظراته تتفحصها . انتصبت فوق مقعدها وأخيرا التفتت نحو مايكل الذى أهداها أجمل ابتساماته . ثبتت ميجن نظرتها فى عيني هذا الوسيم المجهول مدة دقيقة . أدرك أنه يروق لها وضحك فى نفسه لأنه يعشق النساء وسر بعضهن فى تحويل الحياة إلى جنة . هو أيضا وجد فيها ما يروق له . عنقها الرشيق شعرها البني وأشياء كثيرة . إن لديه يقينا من أن هذه التفاصيل الصغيرة هي التى تصنع الذكريات , الأحلام ., الحقيقة .


ومايكل لديه العديد من الذكريات من هذا النوع ذلك لأنه من النادر أن تصادفه امرأة ولا تبتسم له على الأقل .


تفحص ميجن عندما استدارت نحوه واسف لأنها ليست إلا سكرتيرة بين أخريات كثيرات . إن قول " نعم يا سيدي " ثماني ساعات في اليوم سبب وجيه للرقة والأنوثة . فأكثرهن جمالا يصبحن شاحبات فى ثلاثة أشهر وغضوبات فى ستة . كان مايكل يرفض دائما تشغيل السيدات الجميلات لأنه يحبهن كثيرا . باستثناء القاعدة , لم تتميز ميجن بشعرها الأحمر الرائع فقط بل وبساقين طويلتين يزيد من جمالهما الجوارب السوداء الشفافة .


فى نفس اللحظة , نهضت ميجن لتترك محدثيها وتابع ميجن فحصه لها . تخيل ميجن بدون نظارة وشعرها منسدلا فرأى نجمة سينما من الستينات بطلة لرواية روسية . واخيرا قال لنفسه " انتبه ., خطر " . وبعد تردد بسيط , توجهت ميجن مباشرة نحوه تابع مايكل خطواتها الرشيقة بإعجاب ولأول مرة . استطاع ان يرى وجهها بوضوح . إن لها بشرة جميلة , هذا يهم مايكل كثيرا , أنف صغير , وخدان ورديان ., وعينان خضراوان بشكل عجيب حتى إنه استطاع على الرغم من وجود النظارة أن يرى لونهما بلون الحدائق الإنجليزية حي وعميق .


قالت فى مرح :
- مساء الخير . هل أستطيع أن أسرق من وقتك خمس دقائق ؟ إنى مسؤولة عن بحث من أجل أعضاء المؤتمر .
نظر إليها مايكل وفكر : إنها طويلة ، خمسة عشر أو عشرون سنتيمترا أقل منى . إذا لزم بأن أقبلها فلن أضطر للركوع لأول مرة .



ابتسم لهذه الفكرة . أجاب وهو يدعوها للجلوس أمامه :
- بالتأكيد يا آنستى . ما نوع البحث .


- الهدف الرئيسى هو إعداد صورة نموذجية للرجل النيويوركى الذى يشارك فى مؤتمر بعد ثمانى عشرة ساعة . ستعلن النتائج مفصلة فى رسالة علمية عن علم الاجتماع المقارن .


لم تقل ميجن أكثر من ذلك لأن صوتها أخذ يضعف ويضعف حتى آخر كلمة . إنها لم تمر أبدا بمثل هذا الموقف . تعزت قائلة لنفسها : إن الهدف يستحق مواجهة أى موقف صعب .


قررت ميجن أن يكون هو . حتى لو كان سكن فى نيويورك ، على بعد خطوتين من منزلها . لن تدعه يهرب . سيكون أبا لطفلها وليس شخصا آخر من ناحية أخرى إن له عينين ساحرتين ، عينين رمادتيتن كالذهب الرمادى . إن آل شاى يتناقلون عيونهم الخضراء عبر الأجيال ، على أية حال ، قليل من التغيير لن يضير السلالة .


لنبدأ يا آنسة .


آنسة دوميل .


- مايكل رامسى . تفضلى بالجلوس هل تودين شراب شئ يا آنسة دوميل ؟


أجابت ميجن وهى تجلس على طرف المقعد :
- لا ، لا وشكرا. كم عمرك من فضلك ؟


- ستى وثلاثون عاما .


بدأت ميجن تكتب فى دفتر صغير مما جنبها النظر فى عينى مايكل :
- هل تعتبر نفسك تتمتع بصحة ممتازة ، جيدة ، أم سيئة ؟


- فى صحة ممتازة .


- هل مرضت خلال الاثنى عشر شهرا الماضية .


- لا


ما زالت ميجن تكتب وبحماس


قال مايكل مازحا :
- لا اشك فى ان اجاباتى ليست طويلة جدا حتى تستغرق كل هذا الوقت فى الكتابة الا اذا كان طلب منك ترجمتها الى لغات اخرى .


- أوه ... لا ... بين مهماتى ان اصفك تحريريا بسرعة .


- آه ، لماذا ؟


قالت محاولة ان تتظاهر بالصراحة :
- لست ادرى عن ذلك شيئا هذا ما طلب منى . اذا كان يضايقك ذلك يمكننا ان ...


- هذا لا يضايقنى على الاطلاق بشرط ان تقرئى على ما كتبت .


ارادت ميجن ان تنشق الارض وتبتلعها . لقد كتبت طويل جدا ، جميل جدا ، عريض جدا ، عيناه رماديتان كريش البط البرى فى الشمس .


- أوه بالتأكيد لقد كتبت : رجل رياضى ، شعره أسود ، عيناه رماديتان ... هل لديك اعتراض ؟


- لا يوجد اعتراض لنستمر .


- كم يبلغ طولك ؟
متر وتسعون سنتيمترا



- ما وزنك الحالى ؟


- ثمانون كيلو جراما وأنت ؟


- أنا ؟


سألها وهو ينظر إليها بإعجاب :
- نعم ما طولك . أنت طويلة جدا بالنسبة للنساء ، أليس كذلك ؟


أجابت مرتبكة بسبب نظراته الفاحصة المعجبة بكل صراحة :
-نعم ، طولى متر وسبعون سنتيمترا . هذا يرجع إلى العائلة .


شعرت ميجن بأن قلبها يكاد يتوقف من شدة نبضه واحمرت وجنتاها . إن نظرة مايكل ليست مهينة ولكن معجبة . إنه معجب بها ولا يخفى ذلك . إن وجهة نظره بسيطة : ليس هناك أى سبب ليخفى المرء إعجابه بعمل فنى . ففى عينيه امرأة جميلة ليست إلا معجزة فنية من معجزات الطبيعة . تنحنحت ميجن مرة أخرى وسألته :
- هل سبق إصابة أحد أفراد أسرتك بمرض السكر ؟


- لا .


- ولا بالحساسية ؟


- لا ؟


- أو بالأمراض الخطيرة ؟


- لم يحدث .


- أو أمراض نفسة مثل الشيزوفرينيا والبرانويا ؟


- لا يا آنستى .


طلب كوبا من الشراب . وطلب من ميجن ان تستمر فى أسئلتها .


استطردت ميجن فى طرح الأسئلة بارتياح شديد وقد اكتسبت هذا الشعور بالارتياح من اقتناعها بأنها أمام رجل مختلف وفريد :
- هل تعرف ما نسبة ذكائك المئوية ؟


- لا للأسف .


- هل تتناول المهدئات بشكل منتظم ؟


- لا


- ولا أقراصا منومة ؟


- ولا هذا


- أو مخدرات غير قانونية .


نظر إليها فى ريبة :
- من الذى ألف هذا الاستبيان يا أنسة ؟


ابتسمت ميجن :
- ليس لدى أدنى فكرة لكنك لست مضطرا للإجابة .


- لا ، لا أتناول مخدرات غير قانونية .


- هل لديك أى نوع من العقد ؟ وهل هى بنسبة كبيرة أوقليلة أو قليلة جدا ؟


ارتشف مايكل رامسى شرابه بشكل خطأ فشعر بغصة جلست ميجن إلى جواره . وبشئ من الاحراج ، خبطت بلطف على ظهره حتى شعر بارتياح .


سألها وهو يزيح كوبه باشمئزاز :
- هل أدركت ؟


- نعم أعتقد ، إنه الاستبيان الذى ....

سارع بسؤالها بريبة :
- كم من الأشخاص اعترفوا لك بأن لديهم العديد من المشكلات ؟

- أكثر مما تتصور . هل تسمح بأن ننتقل للسؤال التالى ؟

- نعم ، ومن فضلك اكتبى قليل جدا بالنسبة للعقد .

سعلت ميجن ثم أطلقت السؤال التالى بصوت خال من أى ذنب :
- هل أنت عقيم ؟

صاح مايكل رامسى :
- من أنت يا آنسة ؟

- اسمع ، هذا الاستبيان سرى تماما . لن يذكر اسمك ولا اسمى . هذه لعبة حيث أطرح الأسئلة وأنت تجيب لكنك تستطيع ان تتوقف عن اللعب وقتما شئت ...


غاصت ميجن فى مقعدها . تمنت لو يستعيد هذا العملاق الأسمر مزاجه الرائق لأنها ستصاب بخيبة أمل كبيرة إذا اضطرت إلى شطبه من قائمة المرشحين حيث يشغل الآن المرتبة الأولى .

تأمل مايكل بعين ناقده هذه المرأة اللامبالية الجالسة فى مواجهته . بدأ يشعر بغرابة وجودها فى هذا المكان . ومن ناحية أخرى فهو ليس مستاء من وجودها بل على العكس لقد زاده حيرة أكثر فأكثر .

ابتسمت ميجن وهى تنهض :
- إيه حسنا . لنتوقف هنا .

وضع مايكل يده فوق الملف الأحمر الذى استعدت ميجن لتضعه فى حقيبتها . قال :
- ابقى ، إنى أعشق الألعاب الاجتماعية ، إجابة سؤالك الأخير لا .

استطردت ميجن :
- لننتقل إلى السؤال التالى . ما مستوى تعليمك ؟

- عدة شهادات فى الأدب والصحافة . وشهادة عليا فى التجارة .

سألته ميجن وهى تشعر ببعض الأسف لأنه ليس فيزيائيا كما كانت تتمنى :
- ولماذا تحضر هذا المؤتمر الخاص بالفيزيائين .

- أنا ناشر.

نظرت إليه ميجن لحظة وكأن الأرض قد دارت بها

قال مازحا :
- أرى أن ذلك قد أصابك بخيبة أمل . فأنا لست فى إطار بحثك . أليس كذلك ؟

استطردت :
- بلى ،بلى . بما أنك مشترك فى المؤتمر .أين عملك ؟

- فى تكساس وكاليفورنيا .

رفع هذا النبأ معنويات السيدة الشابة
سألت بإصرار حتى لا يكون هناك أى إلتباس فى هذه النقطة :
- أنت لا تعيش إذن فى نيويورك ؟

- لا ، أنا أعيش فى دالاس . وهذا الاستبيان هو الأغرب الذى أتعرض له فى حياتى . هل هذه خدعة جديدة من الفنيين الذين تنتمين إليهم ؟

- هذا استبيان طبيعى جدا أؤكد لك . لقد قمت بالعديد قبل هذا ....

- وما عنوان البحث الذى حدثتنى عنه منذ قليل ؟
قالت ميجن بأطراف شفتيها :
- التطورية التراكمية للسلوك الذكرى فى القطاع الثالث .

انفجر مايكل ضاحكا . ضحكة عميقة وصاخبة شعرت برغبة فى أن تسمعها مرة أخرى .

قال معلقا :
- هذا أسوأ ما يقوم به الاجتماعيون ، أليس كذلك ؟

ألقت ميجن نظرة متشككة حولها كالمخبر السرى وتقدمت على مقعدها ثم بإشارة من إصبعها دعت مايكل للاقتراب .دخل اللعبة عن طيب خاطر اقترب وجهاهما فوق الطاولة المنخفضة . بسط مايكل إليها أذنه فشعرت بأنفاسه الرطبة . تبادلا ابتسامة تلقائية . وفى هذه الأثناء التقت نظراتهما . حدث وكأنهما تبادلا سرا ، وعدا ، أمنية ،كالشهاب فى سماء الصيف الصافية . شعرت ميجن أنه حتى لو لم يتقابلا أبدا بعد هذه الليلة فسوف يحفظان إلى الأبد . ذكرى هذا الوعد الغامض الذى تبادلاه .

سألته بصوت منخفض كأنه سر دولة :
- هل تعتقد حقا أن أحدا لن يقرأ البحث ؟

ابتسم قبل أن يبتعد ليأخذ كوبه ويستأنفا مجرى الحديث :
- هذا ما لا أشك فيه .

شعرت ميجن بأنها تنصهر فى وميض نظرته الرمادية . إن تأثير عينيه كتأثير السم اللذيذ .

فى هذه اللحظة تمنت لو أن مايكل من سكان نيويورك وأن تربطهما علاقة عاطفية جميلة تنتهى بزواج دائم وأطفال سعداء .

استطردت على نفس الوتيرة :
- حتى لا أخفى عنك شيئا ، أنا لست متحمسة لإستكمال هذا الاستبيان إذا كنت لا تجد فى ذلك سوءا فسأعيد كتابة إجاباتك على عدة نماذج وسأقول : إننى انتهيت من هذا العمل .

- مع بعض التغيير على الأقل .

ابتسمت ميجن :
- قليل جدا .

- أنت إذن متفرغة حتى تتناولى كوبا من الشراب مع ضحيتك الأخيرة أليس كذلك ؟

- أسفة لأنى سأرفض للمرة الثانية . أشكرك جدا على الأخص لأنك أجبت بلطف على هذه الأسئلة المقيتة .

نهضت لترتب أوراقها فى الحقيبة . إن ميجن لم تكمل الاستبيان حتى آخره ولم تسأله إذا كان لديه علاقات نسائية عابرة إو إذا كان يجب مغامرات الليلة الواحدة . لكنها شعرت بإحراج شديد حتى إنها لم تستطع ان تستطرد فى مشروعها الجرئ . رغم رغبتها فى أن تصنع المعجزات حتى تنجح مع هذا التكساسى الوسيم .

- أليس هناك وسيلبة لإبقائك يا آنسة دوميل ؟

ابتسمت بغموض :
- لا ،لدى العديد من الأشياء التى يجب أن أنجزها والحياة قصيرة جدا حتى لا يستطيع المرء تأجيل عمل اليوم إلى الغد .

تبادلا النظرات لحظة . كان مايكل يأسف لكون الآنسة دوميل هذه نموذجا لسيدة الأعمال . ومن ناحية أخرى كان يجد أنها ذكية وتتمتع بروح الدعابة وهذه الخصال نادرا ما تجتمع فى امرأة .وهى أيضا لا تشبه أبدا نساء جيله .

فبدلا من أن تستسلم للتيار يحملها أينما شاء ، وللعمل ، والموضة والمظاهر .... أحبت الحياة ورفت ما تريده من حياتها الخاصة .مثل سائر البشر ، لديها مشروعات كثيرة تداعب تفكيرها ، ولكن ما يعد نادرا هو أنها تعطى لمن أمامها انطباعا بأن لديها قوة الإرادة لتحقيقها . نعم ،إنها قادرة على قلب الدنيا رأسا على عقب لتصل إلى أهدافها .

قال :
- فى هذه الحالة لن أضطرك للجلوس أكثر من ذلك .

- لقد سعدت كثيرا بالحديث معك يا سيدى .

لم يتوقع كل منهما هذا الشعور الطاغى الذى سرى بكيانهما عندما تصافحا.ظلت أصابعهما ترتعش إثر التيار الذى شعرا به وحدهما اتفاق غامض لم تصغه كلمات . وابتسم كلاهما للآخر .

قال منهيا حديثه :
- أتمنى ألا تضطرى للعمل طويلا فى مثل هذا النوع من الأبحاث .ربما نلتقى قريبا . من يعرف ؟

- هذا صحيح . من يعرف ؟

كانت هذه هى آخر الكلمات التى تفوهت بها ميجن . بمجرد أن أصبح مايكل رامسى بمفرده ، تقدمت نحوه النادلة وسألته إذا كان يريد مزيدا من الشراب وتبادلت معه بعض الكلمات متعب ومحتار بسبب هذه المرأة الغامضة المدعوة الآنسة دوميل ،أغلق عينيه لحظة قبل أن يقرر إذا كان يريد الشراب أم لا . فى هذه الأثناء عبر أمام عينيه المقفلتين شريط فيلم غريب . رأى ميجن تتقدم نحوه وشعرها ينسدل على كتفيها مرتدية فستانا أسود شفافا والضحكة تتراص فى عينيها الخضراوين . زادت دقات قلبه .

فتح عينيه وقرر ألا يطلب كوبا آخر من الشراب حتى لا يعاود التفكير فى ميجن طوال السهرة .وليس هناك شك فى ذلك .

ما زالت النادلة تنتظر إجابته .

قال بصوت كئيب :
- الحساب من فضلك .

فى حجرة الملابس الفاخرة فى الفندق ،خلعت ميجن نظارتها واستبدلت الحذاء البسيط بآخر له كعب عال . فكت شعرها منتزعة الثباتة من رأسها .قالت فى نفسها : إن الرجل يتمتع بكل المواصفات ، غريب فى نيويورك ، وسيم ، ذو أصل عريق ، ذكى . دون الأخذ فى الحسبان أنه حسن الحديث . وهو مجهد من أثر يوم عمل طويل .

وبينما هنأت ميجن نفسها بهذا الحظ الجميل ، عاد إلى ذاكرة ميجن ما أثارته لوسى أثناء مناقشتهما .

" عند القول بأنه يلزم وجود شخصين لمجئ طفل إلى الحياة فهذا يعنى أنه يلزم اثنان يرغبان فى هذا الطفل ويحبانه ويريدان مولده وسعادته وإلا فسيعانى الطفل . ما لم يتمتع بذكاء كبير يسمح له بتخطى هذا النقص ولن ينجح أبدا فى قبول نفسه تماما لأنه غير مرغوب فيه كليا "

أجابتها ميجن بأنها تعرف طفلا واحدا مرغوبا فيه من الأعماق وكلية . وهى ترة إذن أنه من الأفضل على الأقل أن تريده أمه بكل حماس فضلا عن أن يعيش وسط اللامبالاة فى أى مكان مع أى شخص .
واحتفظت ميجن بموقفها . بالتأكيد كانت تفضل أن ترزق بطفل من رجل حياتها ولكن حياتها ليست أبدية . إنها فى الرابعة والثلاثين وقد قررت أن تضع حدا للمصادفات : إن الخطأ الدائم هو أن يعتقد المرء بأنه سيعيش مائة سنة . كانت لوسى توافق صديقتها فى هذه النقطة . فلا يجب الاستسلام للطريق السهل والاكتفاء بقول : إنها الحياة ولا نستطيع شيئا حيال ذلك .

وفى النهاية باركت صديقتها مشروعها على الرغم من عدم اقتناعها بصلاحيته . إنها تريد مايكل رامسى زوجا لليلة واحدة يهبها طفلا تشتاق إليه . فكرة مجنونة غير معقولة اجتماعيا . لكنها عقدت العزم على المضى قدما فى طريق تحقيقها دون أن تخبر حتى الطرف الآخر " مايكل " بنياتها سيعتقد أنها امراة لاهية تريد ان تخوض معه مغامرة قصيرة . على الرغم مما يحمله ذلك من مهانة لها إلا ان فكرتها سيطرت عليها وألغت كل شعور بالتردد لديها .

إنها لا تنتظر من هو أفضل من مايكل رامسى ينبعث منه نبل غامض . وفى المقابل كان مثالا لرجل القرن العشرين فهو ذو مكانة قوية اجتماعيا وعمليا كل ما فيه يترجم ذلك : ملابسه ، هيئته وحتى قصة شعره .

تنهدت ميجن وفكرت فجأة فى فكرة قديمة وهى أنه ليس من العدل أن يكون دور الرجل رئيسيا فى حياة الطفل بينما تتحمل المرأة عبء الحمل شهورا وأثناء كل حياتها تتحمل المسؤوليات الجسام من أجل طفلها ونموه وصحته البدنية والنفسية وسعادته . دون ذكر آلام الوضع .

حاولت ميجن أن تطرد من تفكيرها هذه الأفكار الموروثة واستأنفت تصفيف شعرها .

إن ميجن لديها أفكار مختلطة عن الدور الذى يلعبه الرجل فى حياة المرأة . إنها تعرف أن دوره كبير وأساسى فى تكوين الأسرة وكان مايكل صورة من هذا الأب المثالى الذى يفخر به أبناؤه وتعتمد عليه زوجته إلا أنها ليست متأكدة من رغبته فى الاختفاظ بزوجة وتحمل مسؤولية أسرة . ألقت نظرة أخيرة فى المرآة . فانبعثت صورة امرأة تعرف ماذا تريد وماذا تفعل .

سألت نفسها بكل موضوعية : وهل تريدين حقا هذا الطفل ؟

جاءت الإجابة مرة واحدة : أنها نعم وبكل صراحة . سألت نفسها مرة ثانية : متى إذن ستقابلين أبا مثاليا من تكساس كهذا الأب ؟

لم تجد إجابة ليس هناك أى فرصة لمقابلة من هو مثل مايكل رامسى .أخيرا ليس هناك ما يجعل ميجن تغير رأيها بعد ساعتين ستعود إلى بيتها وتستعيد هدوءها وراحتها . وسيطير مايكل رامسى فى اليوم التالى إلى دالاس دون أن ينظر خلفه . إنه لن يذكر حتى ماذا حدث له فى الليل .ومن هنا ، جاءها اليقين بأنه لن يكون هناك أى معاناة .

تحققت ميجن أخيرا من أنها قد تكون مخطئة تماما فى فكرتها عنه . ففى الظروف الطبيعية ، لا تعتمد ميجن فقط على حدسها لكن فى هذه الحالة كانت الظروف استثنائية .بما ان مايكل رامسى ليس رجل حياتها فقد يكون أسوأ : مجرما مثلا فهذا جائز ومحتمل . لكن ليس هناك وسيلة جيدة للحصول على المعلومات عن مايكل رامسى أفضل من دانى الكسندر .
انتهت ميجن من إعداد مظهرها ثم طلبت رقم فندق هاراباس ودعت الله الأ تكون دانى قد رحلت . رد عليها عامل التليفون وقبل أن يعلن عن هذه المكالمة الخاصة بالآنسة الكسندر .وبعد لحظة ، فى الصالة الفسيحة أذاع أحد الموظفين بصوت هادئ الأنسة الكسندر مطلوبة على التليفون .وصل الإعلان لأذنى مايكل رامسى .

شعرت دانى الكسندر بالسعادة لهذا الاعلان الذى لفت إليها كل الأنظار وعبرت الصالة وحفيف فستانها الحريرى يتصاعد .

قالت :
- ألو .

- آنسة الكسندر ؟ أنا سعيدة حقا لأنى عثرت عليك . هل تعرفين لماذا اتصل بك ؟

- هل يجب أن أعرف ؟

كذبت ميجن :
- لقد تركت لى سكرتيرتى رسالة من طرفك .

حسنا يا عزيزتى ، لا بد أن تغيريها لقد اتصلت بك منذ شهرين .

عضت ميجن شفتيها وسعدت لأنها لم تجبها مبكرا عن ذلك . استطردت ميجن :
- أعرف جيدا أنه ليس من اللائق أن أدع الآخرين ينتظرون شهرين لكنى منشغلة للغاية فى هذا الوقت .

قالت دانى التى لا تفهم شيئا :
- حسنا .

لقد رأيتك فى فندق هاراباس لكنى لم أجرؤ على إزعاجك .

- آه ؟

استطردت ميجن أرادت أن تلتقط خيوطا تدخل بها إلى موضوعها :
- ماذا أردت أن تخبرينى ، اليوم الآخر ؟

- إيه حسنا . أعتقد أننى أردت سؤالك عما حدث لدى آل سباتش .

- إنهم قوم لطفاء ، نادرا ما قضيت وقتا سعيدا كالذى قضيته معهم .

أجابت دانى :
- هذا لا يدهشنى إذ كان برفقتك أجمل الشباب النيويوركى .كيف حال هذا المدعو تيم ؟

- تيم . إنه بحالة رائعة دائما . للأسف لم أعد أراه . إن لدى عملا كثيرا .

قالت الشابة المستهترة دون أن تدرى أنها تصف عالمها الذى نمت فيه :
- إنه عالم مقلوب .

- نعم ، إلى حد ما بمناسبة الشباب الجميل لقد رأيتك مع شاب رائع منذ قليل فى مدخل الفندق . لهذا السبب لم أرد إزعاجك .

- آه ، إنه هو ! إنك تتمتعين بذوق طيب . إنه رجل يثير الحسد .
لكنه طراز فرنسى قديم .... هل تدركين ماذا أقصد ؟

- نعم ، إنه لا يظهر أبدا فى الأماكن العامة وهو .. محافظ جدا ..... يبدو أنه يقضى وقته فى ممارسة الرياضة
ابتسمت ميجن ابتسامة رضا :
- يسعدنى دائما التحدث معك يا ميجن للأسف يجب أن أتركك العمل ينادينى .

- لا عليك وإلى اللقاء العاجل يا عزيزتى .

- إلى اللقاء .

هزت ميجن رأسها . لا بأس ، حتى شاكلات دانى الكسندر يكن مفيدات فى بعض الأحيان .

تأكدت من رجاحة حدسها . ألقت إلى نفسها نظرة انتصار فى المرآة . إنه يوم سعدها .ولا يجب أن تتركه وبعد أن فحصت هندامها آخر مرة لتزيد من ثقتها فى نفسها . خرجت ميجن شاى من حجرة الملابس بخطى واثقة ودخلت أخطر وأهم طور فى خطتها .

زونار 25-10-09 05:33 PM

الفصل الثانى

رأى مايكل رامسى الحلم الذى حلم به منذ ثوان يتجسد أمام عينيه المذعورتين . ميجن تتقدم نحوه ، شعرها منساب على كتفيها العاريتين وكأنها مارلين مونورو فى دلالها وأنوثتها . التفت إليها جميع الرجال لحظة مرورها .

ثم نهضت .استطردت :
- سنذهب ؟

لم يحاول مايكل رامسى أن يفهم ما يحدث له . لقد مضى اليوم فى التفكير ولم يجد أى سبب فى أن يرفض مرافقة هذه الجميلة التى تبدو مستعدة لأى شئ .... أجاب :
- سنذهب .

وضع يده على كوعها ليقودها إلى المصعد . شعرت ميجن بقشعريرة إثر هذه اللمسة التى اخترقت أعماقها . ان تظل سيدة الموقف ليس من الأمر السهل كما كانت تتوقع .

مضى الصعود إلى الدور الثلاثين كالحلم . لم يتبادلا كلمة واحدة فى أثناء مرورهما بالردهات الفخمة للفندق حتى وصلا إلى باب الغرفة 3212 . لم يتركها مايكل بعينيه . أما ميجن فكانت متجاهلة وجوده تماما . كانت تدخر لوقت آجل سلاح نظرة قاتلة .

تجمدت فى مكانها أثناء فتحه الباب بالمفتاح . تنبهت أنها بصدد ارتكاب خطأ مشين لكنها تماسكت على الفور غير مفكرة إلا فى هدفها الغريب . أحس مايكل باضطرابها . بالتأكيد هذه ليست المرة الأولى التى يرافق امرأة إلى غرفته فى فندق . إن نيويورك تثير فى النفس عواطف لا تدوم أكثر من ليلة شأنها شأن كل العواصم الكبرى التى لا يعرف فيها الواحد الآخر . لكنه يعرف مدعوته منذ ساعة تقريبا . ومن ناحية أخرى ، لم يرغب أن يكسر سحر اللحظة .وكما أن عطر ميجن يعطيه إحساسا بعالم خيالى .

أضاء نور الحجرة بحركة تلقائية ظهر ديكور الغرفة الفخم .قال مذعنا بصواب العودة إلى أرض الواقع :
- هل تريدين أن نطلب القهوة ؟

أشارت ميجن لا . تقابلت نظراتهما وتخللتهما نظرة بشكل غامض . وخيم الصمت بينهما من جديد . شعر مايكل بانجذاب شديد نحوها . كان يعرف أن ذلك سيحدث .لم تكن طبيعته أن يرفض ما تمنحه إياه الحياة من سعادة لكنه فى نفس الوقت لم يعرف امرأة قط تمنح نفسها دون أن يكون هناك مقابل . بعضهن لا يفكرن إلا فى المتعة وأخريات لا يفكرن إلا فى المال . أما النوع الثالث منهن فلديه أهداف بعيدة المدى . إلى أى مجموعة تنتمى هذه الغريبة التى تطلق على نفسها جيل . إنها جميلة جدا ، لعوب وغامضة . وسط صمت هذه الغرفة وهى أيضا ترفض مجرد قدح من القهوة .

جلست ميجن على أحد المقاعد الفاخرة ولحق بها مايكل ليجلس فى المقعد المجاور لها . قال :
- ريما نستطيع أن نتحدث قليلا ، أليس كذلك ؟

هزت ميجن رأسها بالرفض . أزاحت شعرها الأحمر الطويل إلى الخلف فى دلال . فقد مايكل صبره وأمسك كتفيها وقد انبعث الشرار من عينيه .

قال بصوت مهتز ضاعطا على أسنانه :
- من أنت ؟ يحدث كل ما هو غريب فى فنادق نيويورك ، أنت تعرفين ذلك أفضل منى . لن تكون الأولى التى تعثر عليها عاملة النظافة مقتولة فى الصباح . تكلمى . من أستأجرك لملاحقتى ؟ كيف تأكدت من انك لا تواجهين أى خطر ؟ من الذى دفع لك من أجل ذلك ولماذا ؟ ما لم تكونى بلهاء تماما ...
أمسك ميجن من رسغيها حتى ألمها . أرهبتها ثورة التكساسى وفى لحظة كادت أن تعترف بكل شئ مفكرة أنه سيطردها خارجا ولا يكون عليها سوى أن تعيد الكرة . لكنها تأملت وجهه القريب منها واستعادت شجاعتها . قالت بصوت لا يخلو من الصدق :
- لقد أعجبتنى . ولست معتادة أن أقتحم خلوة رجل غريب على هذا النحو .

اخترقها التكساسى بنظرة متسائلة . إنه يريد أن يعرف الحقيقة . ولكن لم تعبر عينا ميجن الخضراوان إلا عن عذوبة ورقة وشغف . كانت هذه النظرة تعنى شيئا لدى مايكل وهى أيضا ساهمت فى تعميق لغز ميجن والغموض الذى أشاعته حول لقائهما : إن السيدة التى تقدر على أن تمنح نفسها بهذا التهور لا يكون لديها هذه النظرة . إن مايكل يعرف ذلك جيدا . من المنطقى أن يتسبب عنفه فى تخويف هذه المرأة المجهولة . كان عليها أن تهرب أو تتكلم . وعلى العكس اكتفت ميجن بأن قالت :
- لقد أعجبتنى .

بما أنها كانت صادقة فى أعماقها . صدقها مايكل إنها لا تبدو مجنونة ولا حمقاء لكنها واثقة من نفسها . وهى شغوف به ، يرى ذلك فى عينيها المشتعلتين كالنار تحت الرماد . هدأت ملامح مايكل . إنه هو أيضا شغوف بها . إنهما متوافقان وكأن الواحد قد خلق للآخر .

حرر رسغيها . على الفور أمسكت عقدة رابطة عنقه وفكتها . لقد ربحت ميجن . انحنى مايكل نحو وجهها الجميل وقبلها . همس مايكل :
- ليس لديك نمش . لماذا ؟

- أنا .... لا أتعرض للشمس .

- جمال أصهب يجهل الشمس . أنت بيضاء كالقمر . إنك فى جمال سالومى .

ضحكا . قالت ميجن :
- أنت تروق لى .

- ألست خائفة منى ؟

أشارت ميجن برأسها لا .

ابتسم وعقد ذراعيه فوق صدره ونظر إليها فى تحد :
- ألست خائفة منى ؟

- بلى . لست خائفة .

- لست رومانسية .ولكنك جميلة .

- لست رومانسية ، لا ، ليس دائما .

إنها لم تكن جسورا من قبل لهذه الدرجة لكنها وجدت المر طبيعيا معه . وقالت لنفسها : هذا لأننى لا أعرفه ،ولأنه ليس من هنا لأنى لن أراه أبدا .

ومع هذا كانت تشعر أنها تعرفه منذ الأزل . ولد لديها اعتقادا أن كل ما حدث هذه الليلة مكتوب فى الكتاب الخفى للماضى والحاضر وأنها ليست هنا عن طريق المصادفة . ولا هو . هذه الفكرة أثارت فى نفسها فرحا غريبا علل كل شئ . ملآت ميجن عينيها من صورة هذا الرجل : فارع الطول فياض العاطفة . لا يوجد من بهرها مثلما فعل هذا الرجل إنها تشعر أمامه بأنها امرأة مختلفة أكثر أنوثة ، أكثر عذوبة ، وأكثر إخلاصا .
فجأة شعرت بأنها تستطيع أن تفصح له عن كل شئ . لكنه لم يسأل عن شئ لقد فقد كل شئ أهميته أمام انجذابه إليها . وعلى الرغم مما قد يبدو فإن ما جمعهما فى هذه الغرفة ليست قصة حميمة .كان يعرف ذلك ولا يفهم شيئا عن ذلك . ثم أعتقد أنه مجنون وسمع صوت رغبته التى تجهل القصص وتسخر من فهم أسباب الأشياء .

تركت ميجن بدورها أفكارها المتناقضة الغائرة فى رأسها واستسلمت لقبلات مايكل . وعندما قبلها للمرة الأخيرة ، فؤجئ مايكل بمذاق الملح الناتج عن دموع جميلته المجهولة :
- أتبكين ؟

- لا

- لا تقولى لا . لقد تذوقت الملح على خدك .

- أنت عطوف جدا . ربما لأنى رومانسية جدا أكثر مما تظن . ليس لدينا دائما الخيار .

ضحك مايكل رامسى من قلبه . جيل الصهباء تجيد تمثيل دور المرأة اللعوب والمراهقة العاشقة الواحد تلو الآخر وبدون تعقيد . على أية حال إنه يريد أن ينام بشدة .

كانت ميجن تستطيع أن تسمعه يضحك ويتحدث طوال الليل .كانت تستطيع أن تبقى دائما بين ذراعيه تحتمى بهذا الحضن الدافئ . وفى لحظة ، شعرت بالألم لفكرة فراقه . ثم تذكرت الطفل . لقد نسيت السبب الحقيقى لوجودها فى هذا الجناح فى فندق هاراباس .

هل أحبها مايكل حقا فى هذه الليلة ؟ لا إنه لم يحبها هكذا . قالت لنفسها : بالنسبة له لم يكن ذلك بالتأكيد إلا قصة عابرة ومرت بسلام . ربما أعتقد أنها امرأة منحلة أوسيدة تعمل على اغواء الرجالتستخدمها الفنادق الكبرى فى المدينة للترويج لها .

ابتسمت ميجن لهذه الفكرة . ليظن ما يريد . فى الصباح سيستقل الطائرة إلى دالاس .وستستأنف ميجن حياتها النيويوركية الطبيعية . ولن يتقابلا أبدا .وكأنها تحاول إقناع نفسها أنه متفق معها . رفعت ميجن عينيها ورأته نائما فقالت : حتى فى نومه جميل .

نهضت ، ارتدت ملابسها بدون أن تحدث صوتا . ثم نظرت إليه طويلا فى النهاية مالت نحوه وطبعت قبلة حانية على جبينه . همست بكلمة شكرا قبل أن تغادر الغرفة .... كالشبح الذى يتلاشى .









لم يصدق مايكل رامسى عينيه . إنه أمام نجمة صهباء تتقدم نحوه . إنه لم يصدق أبدا أن الأحلام تتحقق بهذه الواقعية والسرعة .بشكل لا إرادى أصلح عقدة رابطة العنق . وتبخر تعبه فى الهواء .


سألته ميجن بصوت عذب :
- أما زلت تريد إهدائى شرابا ؟


لم يستطع أن تبدر منه أى كلمة فأذعن بإشارة من رأسه خذلته الكلمات . جلست ميجن على شماله ، قريبة جدا منه . رفعت ساقها الطويلة فوق الأخرى ببطء محسوب فارتفعت الجيب فوق ركبتها تماما . أضاءت عينيها الخضراوين ابتسامة مرحة .


أعتقد مايكل أنه يحلم حقا . ولم يرغب على الإطلاق فى أن يستيقظ .قال بنظرة فاحصة :
- أليس هناك المزيد من الأسئلة المحرجة ؟


أجابت مازحة :
- لا ، بما أنك أنت ايضا رجل آخر . يطلب منا دائما عند القيام بالاستفتاءات والاستبيانات ان نكون فى أبسط مظهر .نظام الشعر المرفوع إلى الخلف والقمصان ذات الياقة ، عقد اللؤلؤ . هذا لا يضايقنى . إننى مهرجة حقيقية وأعشق التنكر .... اسمى جيل .


- جيل ؟


- ألا يروق لك ؟


- بلى ، يروق لى كثيرا .


استطردت ميجن دون تردد :
- يبدو أنك لست على ما يرام ، هل تريد أن أرافقك إلى حجرتك ؟


إنها لم تر فى حياتها شخصا مثله يجمع بين القوة والرجولة والحس المرهف .


- وماذا عن شرابك ؟


قالت ميجن :
- مرة أخرى .

زونار 25-10-09 05:36 PM

فى نيويورك كانت نهاية شهر أكتوبر باردة وممطرة . اتخذت ألوان الأشجار مكان ألوان الشمس فى السماء التى أصبحت رمادية ويكسوها الضباب .



كانت ميجن تعشق الخريف . إنه الفصل المفضل لديها ككل سنة . كانت تقوم بجولات تريض بمفردها فى المتنزهات تتبع فى مرح أوراق الأشجار الجافة المتعددة الألوان . كانت تشعر ببعض الحزن رغم مرحها . بالتأكيد ، لم يكن الطفل هو السبب . ببساطة كانت نادمة على الليلة التى قضتها مع التكساسى الوسيم . إنها كثيرا ما تفكر فى هذه الليلة , عندما اتصلت بها لوسى فى الصباح التالى لهذه الليلة . قصت عليها ميجن أحداث المغامرة .


أنهت القصة قائلة :
- لقد مضى كل شئ بشكل مثالى فى الحقيقة حصلت على ما أردت ، لست أدرى ..ز لكنى أشعر بالذنب بشكل مرير .


أجابتها لوسى لتخفف عنها :
- لا عليك . هذا شعور طبيعى بعد هذا النوع من المغامرات .


- ليس هذا هو السبب .إذا التقيت به فى الشارع ، فلن يكون لدى الشجاعة لكى أنظر فى عينيه . أشعر أننى سرقت منه شيئا ، لم يكن لدى الحق لأتصرف على هذا النحو .


- هذا ليس سببا لكى تستسلمى للأفكار الحزينة يا ميجن ! على أية حال لقد وقع المحظور . فكرى فى الطفل وقولى لنفسك : إنه سيسجل كل ما يحدث فى رأسه الصغير . حاولى أن تركزى فيه ، ربما يجعلك هذا التفكير ترين الحياة بلون وردى .


- أنت على حق . يجب أن أكون سعيدة . الخريف جميل جدا ، هل رأيت هذا ؟


كانت المرأتان تشعران أن كلا منهما تعرف الأخرى منذ زمن طويل . صداقتهما تعود إلى سنة تقريبا . إنهما مختلفتان إلى حد بعيد . على كل المستويات . لقد عاشت لوسى منذ المهد فى قفص ذهبى . أسرتها ثرية تمتلك مصنعا . أرسلتها فى دراسة الطب الطويلة فى هارفارد .


ميجن على العكس كان عليها أن تعمل دائما لتدفع ثمن تعليمها . لوسى شقراء عيناها زرقاوان ، وقليلة الحجم . ميجن صهباء خضراء العينين طويلة .
اختارت لوسى أن تعمل فى حضانة تابعة للصليب الأحمر لأنها كانت ترى دائما أن الطب عدو المال . تزوجت من بائع عاديات فى الثلاثين من عمره ولديها طفل جون عمره سنتان ونصف .

اختارت ميجن الأعمال التجارية . وبفضل دراستها للقانون الدولى عملت مستشارا ماليا لدى آلدرمان ، دراكويل وجيبسى واحد من أفضل مكاتب الدراسات فى الساحل الشرقى النجاح المالى يعد فى غاية الأهمية بالنسبة لها .

فى النهاية كانت لوسى قدرية تميل إلى الاستسلام لمجريات الأمور . أما ميجن فقد كانت مفعمة بالطاقة والإرادة كانت ذات مزاج حاد ولا تقبل أبدا أن تستسلم للظروف . بوجه عام ، كانت هى من ترفع معنويات أفضل صديقاتها وليس العكس .

فى بعض الأيام لم تجد ميجن ما يستحق اللوم لتفكيرها فى مايكل . كان ذلك فى بعض الأيام النادرة . أما فى أغلب الوقت فقد كانت تحكم على نفسها بأنها مذنبة من الدرجة الأولى .وتمنت ألا يزور نيويورك أبدا . ولكن من ناحية أخرى أرادت أن تراه . هى التى لم تكن تريد إلا الطفل . وجدت نفسها بصحبة ذكريات جميلة .

بعد مرور أسبوعين على مغامرتها فى فندق هاراباس تأكدت ميجن من أنها حامل . لم يكن هناك أى فرصة للتراجع . منعها الشعور بالذنب من السعادة . وفى نفس الوقت شعرت بشئ من الخجل . لابد أن تفكر فى المستقبل على الرغم من كل شئ .

مر كل شئ على ما يرام حتى الشهر الثالث .باستثناء لوسى لم يعرف أحد عن الأمر شيئا . لقد نسيت ميجن نفسها أمر حملها . باستثناء بعض نوبات الدوخة والإجهاد لم يكن هناك ما يكشف للآخرين عن حالتها . ومن لا يتمتعتون بخصوبة الخيال سيعتقدون أنه فقط قد غيرت الخياطة .

حتى فى المكتب ، مرت الأمور كالمعتاد . لم يلاحظ أحد أنها تغيرت حقا وخاصة أنها لم تدع حالتها المعنوية تؤثر على العمل . فقد استمرت ميجن فى أداء عملها على أكمل وجه . لقد أصبحت من أفضل المشتغلين فى حقل عملها . إلى درجة أن مديرها قد أبدى دهشته عندما أعربت عن رغبتها فى إجازة طويلة . هذا المطلب جعله ينظر إليها بعين أكثر انتباها . واستنتج فى النهاية أنها شاحبة ومجهدة ليس أكثر .

صاح هنرى آلدرمان فى تعجب الذى لم يتوقع مثل هذا الطلب :
- عام ! أنت تحتاجين إلى عام كامل لتستعيدى صحتك . ستة أشهر هذا أنسب . لن أخفى عليك . هناك الكثير من العمل الذى ينتظرك ....


أجابت ميجن :
- لنقل ستة أشهر مبدئيا لكنى لا أعدك بشئ . أريد حقا أن أتوقف . وسأكون أكثر فاعلية ونشاطا عند عودتى ،يمكنك أن تعتمد على . أما بالنسبة للعمل فلست أنوى أن أرسل قبل منتصف ديسمبر . فى هذا الوقت ستكون أهم أعمال السنة قد انتهت بوجه عام . ويأخذ العمل إيقاعا بطيئا حتى فبراير . وسيتيح لك ذلك الفرصة لتجد الشخص المناسب ليحل محلى . أليس كذلك ؟ ومن ناحية أخرى من المستحيل أن تنسانى تماما من حسن الحظ أن اسمى مكتوب على باب مكتبى .
لا تعتمدى على فى أن أردك إلى عالم البطالة يا ميجن . أنت تعرفين جيدا قدرك وماذا سنخسره بفقدك . تناولى إذن الفيتامينات وقومى بنزهات بحرية فى البهاما ، وانقصى وزنك الزائد ولكن عودى فى أسرع وقت ممكن . ولأثبت لك حسن نياتى سأترك راتبك دون مساس .

- شكرا يا هنرى ، أنا ممنونة جدا .

- لست مضطرة لذلك يا ميجن فهذا حقك .

كان كل شئ على ما يرام حتى اليوم الذى أخبرت فيه ميجن العائلة . استقلت الطائرة المتوجهة إلى بوسطن مساء أحد أيام الجمعة . متيقنة أن والدها وأخويها - فهى لم تعرف أمها قط - سيقابلون الأمر بهدوء . ولكن حدث العكس .

صاح والدها مذعورا :
- ميجن ! لو عرفت مكان هذا الرجل لدققت عنقه بيدى .

عجزت ميجن عن الدفاع عن نفسها فهى ترى أنها مذنبة ، ووضعت يدها على بطنها فى خجل :
- انظر يا أبى ، هذا ليس خطأه ! كنت أعرف ماذا أفعل عندما ....

- ماذا تقولين ؟ ألا تشعرين بالعار مما فعلت .... يا ميجن ؟

- أقصد أننى كنت واعية للعواقب . إنه خطئى . آسفة لأنى خيبت أملك يا أبى ولكن الأمر كذلك .

كما ثار أخوها تونى -الذى تحكى له دائما الحقيقة . ثورة عارمة - عندما علم بالخبر .

صاح وقد شحب وجهه من شدة الغضب :
- أنت فى قمة الحماقة . تتصرفين كالصبية البلهاء ! أنا الذى كنت أعتقد أنك إنسانة متزنة ! ألم تضعى فى حسابك أنك كنت قد تتعرضين للقتل بيدى هذا الرجل .

وبغضاضة ،انتهى الأمر بأن أذعن أن فى سن الرابعة والثلاثين ،كانت ميجن محقة فى أن تموت رغبة فى أن تكون أما . فى المقابل ، رفض تماما أن يجد لها أعذارا . فى نظره كان ما فعلته جرما فادحا وقمة فى الأنانية .ولا يوجد شئ يبرره .

لم تكن ميجن تتوقع هذا الاستقبال . بالتأكيد ، كانت تعرف أن أسرتها ستدلل الطفل عند ولادته فى النهاية . إن طفل آل شاى هو لآل شاى .ولكن أن تعرف أن ما فعلته قد جلب الحزن والعار لأكثر الأشخاص قربا إلى قلبها أصابها بحزن ثقيل . ازداد شعورها بالذنب وازداد معه الندم .

أنه اليوم العشرون من شهر أكتوبر . سارت ميجن فى طرقات الحديقة العامة وسط الضباب . كانت هائمة وعيناها فى السماء . بعد قليل ، نظرت فى ساعة معصمها نزلت إلى أرض الواقع وعادت إلى مكتبها .

سألت سكرتيرتها :
- أليس هناك رسائل يا جريتا ؟

هذه المرأة ذات الشعر الرمادى ، التى تخطت الأربعين بكثير كانت مبتسمة دائما وممتلئة كنساء صقلية .
هنرى يريد أن يراك قبل الساعة الخامسة . حاولت لوسى الاتصال بك .وذلك ليس لأمر مهم ستكون فى منزلها هذا المساء .وهناك هذه السيدة التى اتصلت .

سألت ميجن مبتسمة من التعبير الذى ظهر على وجه سكرتيرتها :
- هذه السيدة الأجنبية التى تعمل لديك . لقد استغرقت ثلاثة أرباع ساعة لأصل إلى فهم ما تقصده .

انفجرت ميجن ضاحكة :
- أتفق معك فى أن لديها لكنة . لكن عليك أن تعرفى أنه عندما تتصل بك امرأة مسنة وذات لكنة ألمانية أنها تريدنى يا جريتا ماذا أخبرتك إذن السيدة بلنسكى ؟

نظرت إليها جريتا نظرة سوداء :
- لا أدرى عن ذلك شيئا يا ميجن.... أنا لا أسمع الهراءات .

بمجرد أن أصبحت ميجن بمفردها فى مكتبها ، اتصلت برقم منزلها .تهتم السيدة بلنسكى بكل شئ فى منزلها .

إنها سيدة ألمانية ،أرملة لرجل بولندى .طيبة القلب ومحبة ، تجيد الطهى بشكل رائع .بالإضافة إلى صفة تزيد الأمور سهولة على ميجن وهى انها تحب الأطفال . وخاصة حديثى الولادة .لقد ألحقتها ميجن بالعمل لديها منذ شهر تقريبا .

قالت عبر أسلاك الهاتف :
- نعم ! أنت عند السادة شاى .

- نعم ، إنه أنا يا بلنسكى . لقد أخبرونى أنك أتصلت فى المكتب ماذا حدث ؟

- نعم يا آنسة ! لقد أحضروا سرير طفل . قلت لهم : إنك لا تريدينه ولكنهم لم يستمعوا إلى . أنا متضايقة جدا يا آنسة .

- هذا خطئى يا سيدة بلنسكى نسيت أن أخبرك بأمر هذا السرير .

- حسنا ! أنت سعيدة إذن !

- جدا يا سيدة بلنسكى .

- أين تريدين أن أضعه يا آنسة ؟ فى الغرفة الزرقاء ؟

- لا ، ليس فى الغرفة الزرقاء يا سيدة بلنسكى . سنرى ذلك معا هذا المساء .

عملت ميجن حتى بعد الظهر قبل أن تتذكر رسالة هنرى آلدرمان فتركت ملفاتها .

قال عندما دخلت ميجن مكتبه :
- آه ! ميجن كنت أسال نفسى إذا كنت نسيتنا تماما .

كذبت ميجن فقالت :
- على الإطلاق .

كان هنرى آلدرمان رجلا طويلا ، رفيعا وأصلع . كان يعتنى عناية فائقة ببعض الشعر الباقى على رأسه اللامع لم يكن هذا الصلع يقلل من سحره البريطانى بل على العكس . كان يرتدى نظارة سوداء ويتحدث بصوت مهيب وهادئ يترك أثره على من يحدثه .كانت ميجن تقدر فيه براعته فى عالم الأعمال ومهارته فى التجارة والقانون . كما كانت تقدر فيه أيضا صراحته ولطفه .
قال :
- أعرف أنك مشغولة ولكن عهد إلينا بعمل مهم أود أن أسنده إليك قبل رحيلك .إنه عميل جديد من تكساس لقد حان الوقت لإثارة الكلام عن مكتب آلدرمان وجيبس فى الجنوب . هل تتابعيننى ؟

- جيدا .

- ومن ناحية أخرى لا يشكل هذا العميل تعقيدات كثيرة لكنها قد تكون فرصة لكى نثبت أقدامنا هناك . كما أننا مدينون لك بالنجاح فى كارولينا الجنوبية وأود أن تهتمى بهذا العميل .

ابتسمت ميجن :
- لنر ما الموضوع ؟

تهللت أسارير هنرى آلدرمان معربا عن رضاه كان يعتقد أنه قد نجح فى أقناع معاونته . فى الحقيقة ،كانت ميجن قد قررت ألا ترفض له شيئا قبل رحيلها . قال :
- كان على أن اطلب منك أن تأتى مبكرا قليلا حتى نستطيع أن نتحدث وقتا أطول عن الموضوع . قد يتصل العميل فى أى وقت . إنه يدعى مايكل رامسى هذا الاسم ألا يذكرك بشئ ؟

قالت ميجن التى لم تعد تذكر أسم الرجل التكساسى الذى قابلته فى فندق هاراباس فى تلك الليلة المشهودة .
- نعم

- أنه الابن الأكبر لأسرة تعمل فى صناعات البترول . من الواضح أنه قد قرر النهوض بعمله الخاص دون الاعتماد على أحد . وهو ينوى الاستقرار على الساحل الشرقى فى القريب . علينا دراسة السوق لحسابه . نصحوه باللجوء إلينا فى شركة كوربيت بحرارة .

قاطعه رنين التليفون الأحمر غريب الشكل الذى صممه له أحد الفنانين المجهولين . إنه يعشق جمع الأشياء الغريبة . قال بصوته الهادئ العميق :
- نعم يا إيفلين ، السيد رامسى ؟ أوصلينى به من فضلك .

بنظرة ، دعا ميجن أن تتابع ما سيقوله بعناية فائقة أدركت بوضوح أن الموضوع يتعلق بعميله فى المستقبل .

- صباح الخير يا سيد رامسى . كنت انتظر مكالمتك . نعم بالتأكيد ..... سيكون ممتازا ،أما ما يخصنا ... فى يوم 12 نوفمبر ؟

وبنظرة أخرى سأل ميجن ، هل التاريخ يناسبها ؟

- لقد كلفت أفضل الموظفين ،الآنسة شاى بأن تهتم بالملف ..... نعم يمكنك أن تتصل بها مباشرة ..... ربما أتغيب فى وسط نوفمبر .... نعم يمكنك أن توليها ثقتك المطلقة .... بالتأكيد يا سيد رامسى ، بالتأكيد .

بعد برهة صمت ،استطرد هنرى آلدرمان :
- حسنا يا سيد رامسى ..... بالمناسبة هل أنت راض عن عمل زميلى المخبر الخاص ؟ أه ...أه ... بالتأكيد يلزمه وقت أكثر لما هو متوقع . إن نيويورك مدينة كبيرة .... نعم بالتأكيد ... لا تقلق ، سيفعل ماكلين المستحيل ليجد هذه السيدة ...... حسنا 12 نوفمبر ..... إلى اللقاء يا سيد رامسى .

ابتسمت ميجن قائلة :
- ما قصة هذا المخبر السرى ؟

- إنى لا أعرف عن ذلك أكثر منك ..... رامسى يبحث عن امرأة فى نيويورك .

- امرأة ؟
نعم ، هذا ما سمح لى بمعرفته .

إنه لأمر غريب أن يحدثك عن ذلك .

قال هنرى :
- لقد كان اتصالنا الأول طيبا جيدا ..... رشحت له مكتب ماكلين لكن من الواضح أن الأمور ليست على ما يرام .

ودت ميجن أن تعرف أكثر عن هذا الموضوع بدافع الفضول . لكنها لم تلح ، قالت :
- سيأتى إلى نيويورك 12 نوفمبر ،أليس كذلك ؟

- نعم ، سأسلم لك الملفات غدا . استغلى يوم 12 كله إنى أعتمدعليك يا ميجن . إنه عمل بعدة ملايين من الدولارات وأنت تتحلين بإرادة قوية .

عندما عادت ميجن إلى منزلها بعد ساعتين ،كانت صوفيا بلنسكى تنتظرها وقد بدا القلق على وجهها . قالت لتبرر وجودها :
- لقد تركت عشاءك فى الفرن .

- هذا لطف منك يا صوفيا . يمكنك أن تعودى إلى منزلك الآن إن الوقت متأخر .

رفعت صوفيا ذراعيها وكأن مصيبة قد حدثت :
- آنستى ،لقد بقيت حتى أعرف ما الذى سيحدث . الرجال الذين أحضروا سرير الطفل عادوا ومعهم كرسى صغير ،دولاب صغير ، مقاعد وملابس صغيرة عديدة للطفل .

ساد الصمت برهة :
- هل سترزقين بطفل يا آنسة ؟

اعترفت ميجن وقد بدا الإحراج على وجهها :
- نعم يا صوفيا ، لقد أصاب تخمينك . أنت تحبين الأطفال ،أليس كذلك ؟

- أوه يا آنسة إنى أعشقهم .... إنى مجنونة بهم ....

تفوهت المربية بهذه الكلمات وعشرات الأسئلة تتدافع فى رأسها .

سألتها ميجن ببعض القلق :
- هل ستعتنين به معى ؟

صاحت صوفيا وعيناها تلمعان بالسعادة والحنان :
- أوه يا آنسة . سأبقى معك .

أطلقت ضحكة تعنى أن طفل المستقبل لن ينقصه شئ . سألتها ودمعة فى عينيها :
- هل أستطيع أن أسالك سؤالا ؟

أشارت ميجن بـ نعم .

- هل تريدين ولدا أم بنتا ؟

حاولت ميجن أن تصلح من لهجة صوفيا فى نطق الكلمات ولكن دون جدوى لقد سيطرت عليها لهجتها الألمانية . تعانقت السيدتان وكأنهما توقعان معاهدة سلام ستغير وجه العالم .

- سنسعد كثيرا يا اسنة . لا يوجد ما هو أجمل من الأطفال فى العالم ولنحتفل بهذا النبأ ، أخرجت صوفيا الحلوى التى كانت تحتفظ بها فى طبق ملون جميل .

- عندما خمنت هذا النبأ ذهبت وأحضرت هذه الحلوى من منزلى .

قضيا باقى السهرة حول طاولة المطبخ تخططان المشروعات للطفل ،للمستقبل، مشروعات خيالية ولذيذة .

نور 25-10-09 05:38 PM

يعطيك الف عافية على المجهود المميز

زونار 25-10-09 05:39 PM

الفصل الرابع

يوم 12 نوفمبر كان الثلج يتساقط على نيويورك ،نحو الساعة الحادية عشر صباحا كان مايكل رامسى يضع يديه فى جيبيه يتأمل الحديقة العامة الرئيسية التى غطى الثلج سطحها . من خلال النافذة الزجاجية الكبيرة لمكتب هنرى آلدرمان .
ابتسم آلدرمان وقال :
- تتمتع الآنسة شاى بدقة متناهية . ولكن جدول أعمالها ممتلئ هذا الأسبوع أعتقد أنها أخبرتك بذلك .



- أخبرتنى سكرتيرتها ببساطة أنها ستتأخر قليلا هذا الصباح . لقد جئت فى الموعد المحدد لأنى أردت أن أتحدث معك عن عمليات البحث التى قام بها ماكلين .



- كنت أود أن أكون أكثر فاعلية يا سيد رامسى للأسف أنا ....



- لا تتأسف لا طائل من ذلك .



- فى هذه الحالة ، لنر هل كانت الآنسة شاى قد أتت إذا أردت ذلك .



أذعن مايكل . أخذه هنرى إلى ردهات شركة آلدرمان وجيبس فجأة ظهر رأس ذو شعر أحمر بين بابين . تسمر مايكل من وقع الصدمة . صعدت السيدة واختفت فلم ير منها إلا ظهرها . على الفور . فكر فى قارئن ماكلين : هناك آلاف من حمراوات الشعر فى نيويورك ، وملايين فى الولايات المتحدة .



فى المقابل ، لم يكن هناك سوى جيل واحدة فى العالم . لقد تعرف عليها مايكل من مشيتها ، إنها محفورة بعمق فى ذاكرته . لقد عثر عليها إذن ! بعد شهور من البحث المضنى والاف من الدولارات .



شعر مايكل بدوخة وسط موجة من الذكريات التى اشعلت العواطف والضغوط المتراكمة منذ شهور .



قال هنرى مشيرا إلى الباب الذى اختفت خلفه السيدة ذات الشعر الأحمر :
- عندما نتحدث فى سيرة الذئب ......



لم يطلق مايكل أى تعليق . كان منشغلا بتصور انتقامه . انه يريده انتقاما مطلقا يتناسب مع الالم الذى سببته له خلال اربعة اشهر من الانتظار الذى لا ينتهى .



كانت ميجن التى لا تشك فى أى شئ توقع عدة أوراق عندما سمعت طرقات على باب مكتبها .



دخل هنرى آلدرمان على الفور . قال :
- ميجن لقد عدت ، هذا عظيم . كيف كان اللقاء ؟



- جيدا جدا ، أنا .....



صمتت ميجن وشحب لونها فجأة . بدا وكأن المكان قد أظلم من حولها . وكأن الشمس قد حدث لها كسوف مفاجئ . اختفى اللون الوردى من فوق خديها . توقفت عن التنفس ، وتوقف قلبها عن الدق نصف ثانية . كانت فى هذه اللحظة حقا كأنها فارقت الحياة . ثم تفسر كل شئ أمام وجه مايكل رامسى الذى ظهر عليه علامات الفرح أو الاصح الانتصار . لقد أثبتت ميجن برد فعلها هذا انها الكاذبة الغامضة التى كانت بفندق هاراباس خاصة وأنها لم تنس ضحيتها حتى الآن .



فى البداية شعر بالرضى لفكرة أنها قد تكون تألمت هى الأخرى وتذكر ليلتهما الحميمة التى حفرت فى ذاكرته ربما لأنها كانت غير منتظرة ولذلك سكنت خياله .



سألها آلدرمان :
- ميجن ؟ أنت شاحبة . ماذا بك ؟ هل تريدين أن أذهب لأحضر لك الأسبرين ؟
هزت ميجن رأسها ولكنها ظلت غير قادرة على الكلام . إنها لا تفكر إلا فى أن تهدأ . على الاقل لتظهر بشكل طيب . قال مايكل :
- يبدو أنها متوعكة . اذهب واحضر الطبيب وسأهتم أنا بها .



استعادت السيدة وعيها عندما عرفت أنها ستكون بمفردها مع مايكل . صعدت كبرياء آل شاى على السطح فكان لها مفعول الادرينالين . رفعت ميجن كتفيها وتنفست بعمق ورفعت راسها باعتزاز . نظرت إلى مايكل فى عينيه .



- سأكون على خير ما يرام يا هنرى . لست بحاجة إلى شئ ... وبما أنه لم يحدث أبدا أن مات أحد أفراد عائلة شاى جالسا ، نهضت مستقيمة تماما مثل مارى انطونيت يوم اعدامها .



- ربما اصابنى البرد فى الحديقة العامة .



ثم استجمعت كل شجاعتها والتفتت نحو مايكل :
- أنت بالتأكيد السيد رامسى



اعتذر هنرى :
- حقا ، إننى لم أقدمكما لبعضكما البعض بعد ، ميجن شاى . مايكل رامسى .



أجابت ميجن :
- سعيدة بلقائك يا سيد رامسى . تفضل بالجلوس .



سأل مايكل مشيرا إلى باب المكتب :
- ما معنى حرف م الذى يسبق اسمك ؟



أجاب هنرى مفسرا :
- م اختصار مارى . مارى ميجن شاى اسم جميل ، أليس كذلك ؟ سترى هذا الاسم مطبوعا على بطاقات الشركة . مارى اسم يرمز إلى العفة . مما يدعو للاسف ان معاونتى لا يطوق راسها هالة نور .



انفجر الرجلان فى الضحك على حساب المسكينة ميجن التى انخرطت مغتاظة فى ترتيب الاوراق التى افترشت المكتب .



- قد يكون الاسم مزيفا كما تحدثنا يا آلدرمان منذ قليل وكذلك إن لم تكن ترى فى ذلك سوءا فسوف اكتفى بالحكم على الانسة شاى من خلال افعالها.



سعلت ميجن . شعرت أنها تريد الهروب إلى نهاية العالم . إنها تعانى ويلزمها الكثير من الارادة لتمنع دموعها من الانهمار . وتعبير غريب يقنع وجهها الحقيقى .



- لقد درست طويلا ملفك يا سيد رامسى .



قاطعها التكساسى بتهكم :
- أشك فى ذلك . أخبرنى آلدرمان أنك لا تفعلين الاشياء ناقصة .



- لهذا السبب أردت ....



قال ضاغطا على كلماته :
- لقد تخطت الساعة الثانية عشرة يا انسة دو .... شاى اقترح ان نتغدى معا ، لنقل فى فندق هاراباس لقد نزلت فيه كالمعتاد ، إنه يقدم طعاما ممتازا .
اسفة يا سيد رامسى . هذا مستحيل للاسف . لدى موعد مع الطبيب فى الساعة الواحدة . لدينا نصف ساعة لنحدد خطة ....



أكمل رامسى :
- .... تقارب ؟



- تماما .



قرر آلدرمان الانسحاب :
- أنا ايضا لدى موعد فى الساعة الواحدة . سيد رامسى سأتركك تتحدث مع معاونتى وحكايات عالم المال التى تجيدها والتى ارفض باصرار ان استمع منها اليها . ساظل رهن اشارتك . لكن يجب ان اخبرك بان الانسة شاى ادارية ممتازة . يتنبهر من فاعليتها .



صافحه مايكل بحرارة :
- سعيد جدا بلقائى معك .



بمفردهما ، بقى مايكل وميجن صامتين وقتا من الزمن . أشعلت ميجن سيجارة . قال مايكل مبتسما ابتسامة ساحرة :
- الدخان يزعجنى . اسف .



- أرجو المعذرة . إذن إذا كنت قد فهمت فإنك تريد أن يكون نصيبك واحدا وخمسين بالمائة من رأس مال الـ....



- أعتقد أننى قلت لك : إنى جائع .



- كما تشاء يا سيد رامسى . لقد اتفقنا على مناقشة مشروعك اليوم . لك الحرية فى أن تفضل أن تتغدى . لكن يجب أن اخبرك أن أتعابى لن تنخفض بل ستزداد .



- فى هذه الحال ، الأمر مختلف يا أنسة ..... شاى أن أنفق فليس فى ذلك ضير أما أن أضيع وقتى فلا ...



فتح حقيبته وأخرج ملفا وضعه على مكتب السيدة الشابة ، استطرد :
- الأمر يتعلق بالاتفاق المبدئى لشراء دار نشر نيويوركية الدوبسون . لا أريد شراءها ولا الحصول على جزء من رأسمالها ولكن ببساطة أن أؤجرها مدة عشر سنين . وأريد مائة فى المئة من الحقوق خلال فترة الإيجار ، مثل إمكان أتخاذ قرار الاستثمار مدة متوسطة ، وتعيين العاملين أريد الاستفادة ، خاصة بحقوق النشر التى تتمتع بها دار دوبسون فى لندن وفى مقابل ذلك . أقبل الثمن الذى يطلبون هذا كل شئ يا آنسة شاى .



نظرت إليه ميجن وهو يغلق حقيبته وينهض وينظر إليها بعينيه البراقتين ورأسه الشامخ :
- إذا كان لديك أسئلة تعرفين أين تجدينى .



قبل أن يغادر الحجرة ، تفحصها بقسوة . عيناه الرمادتيان المحاربتان تنظران إليها كالـ ساموراى الذى أجبر على ترك جبله .



أنهى المقابلة قائلا :
- مارى ميجن شاى أنا متأكد أننا سنتقابل قريبا .



استجمغت السيدة الشابة شجاعتها . نظرت إلى عينيه مباشرة وقالت :
- هذا واضح يا سيد رامسى . لابد أن نتقابل مرة أخرى لتوقيع العقد .

تقابلت لوسى وميجن فى منطقة محايدة هى مطعم إيطالى صغير فى مانهاتن . إنهم يقدمون مقابل قروش قليلة بيتزا لذيذة . النادل صبى جميل من ضواحى بالرمو يدللهما كالملكات . إنهما تقضيان وقتا ساحرا فى هذا المكان تتحدثان عن أسوأ الأمور التى حدثت لهما . فى ذلك اليوم ، تراجع النادل مدركا أن ابتسامته الجميلة لن تفلح أمام جو الاكتئاب العام الذى ساد بين السيدتين .



صاحت لوسى مذعورة من القصة بأكملها :
- يا إلهى ، ماذا سنفعل ؟



شعرت ميجن بالارتياح لسماعها صيغة الجمع فى كلام لوسى .إن الأصدقاء الحقيقيين هم من يظهرون وقت الشدة .



أجابت وهى تنقض على البيتزا المغطاة بقطع التونة :
- لست أدرى .ربما سيكون من الأفضل أن أتناول علبة من الأقراص المنومة .



نظرت إليها لوسى نظرة غاضبة ، ثم عندما رأت شهيتها فى الأكل عرفت انها تمزح . استطردت ميجن :
- تخيلى كيف سيتصرف إذا علم أننى حامل .



- سيزداد تعلقه بك هذا البلاى بوى إنه أنا من يقول لك ذلك . فى هذا الوقت يفتتن الرجال بالأطفال .



لم تقل ميجن شيئا على الاطلاق . إنها تريد طفلها لها وحدها وليس لسواها . أما العادات والتقاليد والمجتمع وما تبقى فهى تسخر منه .



قالت ميجن :
- لوسى ، أعتقد أننى أصبحت مجنونة تماما . عندما دخل مكتبى منذ قليل ، قلت لنفسى : لقد جاء ليقتلنى . على الأقل ، سأتوقف عن الشعور بالذنب .



- ميجن ! هل تعرفين أن الطفل يسجل كل ما تقولين وتفكرين به ؟ لابد أنه سيصاب بعدة عقد المسكين ، وسيكتسب فكرة غريبة عن أمه . اهدئى من فضلك .



وضعت ميجن شوكتها ، وتأوهت :
- معك حق بالإضافة إلى أنى أكل أى شئ وأسرف فى الطعام فى أثناء مشاهدتى التليفزيون . هذا شئ فظيع . إننى دون مسئولية .



- اسمعى ، كل إنسان معرض لنفس الشعور ، ولكن لابد أن يكون هناك سبب للخروج من الاكتئاب من فضلك يا عزيزتى ، أسعدينى بأن تكونى مثلا ، وتغلبى على ألمك وقفى على قدميك حتى تبدئى هل تريدين أن ترى فارسك النبيل أم أن الأمر سيان بالنسبة لك ؟



- لست أدرى .



- ربما عليك أن تعرفى .



- لست أدرى .



- حسنا . سأطلب لك الحلوى ، هذا ما ترغبينه . أليس كذلك ؟



- لست أدرى .



- ميجن !



- بلى إنى أعرف ماذا سأفعل . ليس على ألا أن أتجنبه بقدر المستطاع وأن أعامله كما لو أن شيئا لم يكن وذلك عندما يأتى إلى مكتبى هذا كل شئ . وسينتهى الأمر بأن يترك نيويورك .
نعم ، بهذه الطريقة لن يصمد أسبوعين .

- لماذا نعتقد أنه سيتتبعنى إنه يريد أن يرانى مرة أخرى ولا شئ أكثر من ذلك . وسأستطيع دائما أن أصده ....

طقطقت لوسى أصابعها :
- هذا ليس بالأمر السهل يا عزيزتى ..... سيسألك لماذا تركته فى قلب الليل فى فندق هاراباس وباقى القصة فى هذه اللحظة ، لا تترددى وقولى له : إنه يروق لك كثيرا وعندما رأيته لم تفكرى إلا فى القرب منه لكنك تملين بسرعة وأنك الآن تحبين رجلا آخر . وبهذا تخرجين من المأزق ! سيعود مشمئزا منك إلى دالاس ، سيتزوج مكسيكية لم تشرب الكوكاكولا فى حياتها أبدا وسيسعد الجميع فى النهاية .


- والطفل سيسجل أيضا ما سأقوله ؟

أنطفأ حماس لوسى الذى ظل يبرق فى عينيها أثناء حديثها . قالت ميجن :
- هل ترين إنك أنت أيضا تحتفظين بأفكار غريبة من حين لآخر ؟ لا . حقا أؤكد لك ..... لن أستطيع أبدا أن احكى له مثل هذه الأشياء . سيطول أنفى وسيكتشف رامسى على الفور أننى أكذب ... أنه رجل لماح .

- ألم تكذبى منذ البداية ؟أين المشكلة إذن ؟

- المشكلة أن الكذب يصيبنى بالمرض ، أنت تعرفين ذلك جيدا . ماذا سأفعل ؟ شئ فظيع أن أمثل عليه هذا الدور . علاوة على أنه يبدو مخلصا تماما ....

قالت لوسى :
- قولى إذن : إنك معجبة به .


- آسفة يا لوسى ، لكنه رجل جيد حقا . لن أسامح نفسى أبدا على ما فعلته ..

- وماذا لو قلت له كل شئ.

- كل شئ ؟


- نعم كل شئ .

- لا ، سيطلب منى أن أجهض الحمل ، وأنا لا أريد ذلك .

- إيه حسنا تجنبيه بأكبر قدر ، إنه رجل أعمال . وسينتهى به الأمر بالعودة إلى تكساس . لا تنزعجى . اذهبى ....


- معك حق يا لوسى سينتهى به الأمر بالرحيل . حسنا ، قولى لى إننى أصاب بالدوخة أكثر فأكثر ماذا أستطيع أن أتناول ؟ سينتهى الأمر بأن تشك جريتا فى الأمر مرتين تفاجئنى وأنا أتناول البسكويت بالشكولاته وأنا التى لم تكن تضع السكر فى قهوتها .








سأل هنرى :
- هل استطاع ماكلين إيجاد أثر لمن تبحث عنها ؟




- لا شئ . قابلته منذ أكثر من أربعة أشهر . وما زال لا يعرف جديدا .




استطرد التكساسى بمرارة :
- لابد أنها قد تركت نيويورك . إنى متأكد من أنه يستطيع تنقيب الأرض عنها .




استطرد هنرى :
- لابد أن ماكلين قد استعلم عن عملاء فندق هاراباس .




- نعم ، لقد حاول كل شئ ،أعتقد .لقد اقترفت خطأ يا آلدرمان . هذه المرأة لم ترد أن تعرف شخصيتها من الأفضل الاعتراف بفشل مهمة ماكلين .دعنا لا نتحدث عن الموضوع مرة أخرى .




- آسف يا سيد رامسى معك حق . لا يستطيع أن ينقب عنها الأرض .




تأمل مايكل رامسى وجه محدثه الأنيق . لقد ردد لنفسه هذه الجملة بدون كلل خلال الأربعة الشهور الماضية عدة مرات ،حاول أن يوقف البحث وفى كل مرة ، تظهر إشارة جديدة تحيى الأمل فى نفسه . لكن هذا كثير ، كثير جدا . فى عصر هذا اليوم نفسه ،سيدفع لـ ماكلين حتى لو أرقته ذكرى المدعوة آنسة دوميل . وماكلين من ناحيته مكان متأكدا أن هذا الاسم مزيف .




كاذبة ، على الرغم من عمليات البحث التى أجراها فى كل مكان كما لو كانت زوجته أو أخته أو أمه ، فقد لا تكون إلا مجرد فتاة مخلوقة غامضة ظهرت من عدم وعادت إلى عالم مجهول .




مر مايكل رامسى بأصابعه على شعره الأسود لقد لزمه جهد كبير حتى يحول حزنه إلى ابتسامة .




ابتسم ليزيل التوتر الذى ساد الموقف :
- لن تدعنا معاونتك نتتظر كثيرا ، وأعتقد ذلك . وإلا فسينتهى بى الأمر إلى الاعتقاد بأن انطباعك سئ عنى من ناحية النساء يا آلدرمان .

زونار 25-10-09 05:43 PM

فى عطلة نهاية الأسبوع التالية ، لم تخرج ميجن من منزلها . شاهدت التليفزيون بعين شاردة ، بدأت للمرة العاشرة قراءة نفس الكتاب دائما دون ان تتذكر الصفحة الأولى . التهمت ثلاث علب شوكولاته وأربعة كيلوجرامات عنب استرالى بين الوجبات التى انخفضت إلى أقل درجة لتصبح مجرد شطائر بيض أو سلمون مع الليمون من أجل الفيتامينات .أما مايكل رامسى من ناحيته فقد أخذ يدور حول نفسه فى حجرته فى الفندق كالأسد الحبيس فى القفص . حملق إلى التلفون دون أن يكون قادرا على فعل شئ آخر . أما ميجن فلم تحاول الاتصال به مرة واحدة .


تدفقت الرسائل منذ مساء الجمعه .كانت فى البداية عبارات بسيطة مثل " اتصلى بى فى الفندق شكر " أو " لابد أن سكرتيرتك قد نسيت أن تنقل لك رسالتى ولكنى سأكون فى هاراباس حتى الثامنة مساء " . ثم أصبحت اللهجة أكثر قسوة . " ما لم تكونى مشغولة بأبحاثك البالية فلا بد أنك استمعت إلى رسائلى السابقة على جهاز الرد على المكالمات وما زلت فى انتظار ردك " نحو الساعة العاشرة ، جاءها رسالتان آخريان . مما دفع ميجن إلى تناول الحبوب المنومة .ثم ازداد التوتر ، ميجن لقد تخطيت كل الحدود ، أعرف أنك فى منزلك ، اتصلى بى على الفور ، لقد طالت هذه اللعبة السخيفة .


ظلت ميجن صامتة كالتمثال ، كان يوما السبت والأحد أكثر كآبة ، تواصلت الرسائل وأصبحت أكثر إسهابا . أما الرسالة الأخيرة فقد أرعبتها .كان صوته هادئا بشكل مثير للدهشة . قال ببساطة : " سأتصل بك يوم الاثنين صباحا فى مكتبك . إذا لم تردى فسأضطر للحضور إليك بنفسى . أشك أن آلدرمان سيقدر طريقتك فى معاملة الزبائن .... إلى اللقاء يا آنستى "


صباح يوم الاثنين ، تحدثت ميجن بطريقة مضيفات الطيران عندما أوصلتها جريتا بـ مايكل على التليفون :
- صباح الخير سيد رامسى . سعيدة لسماع صوتك . سوف .....


- لماذا لم تتصلى بى فى أجازة نهاية الأسبوع ؟


- آسفة يا سيدى ، لقد سافرت أثناء العطلة . فى رسالتك الأخيرة قلت : إنك تفضل مقابلتى بنفسك فى المكتب وسأضيف يا سيد رامسى أن لهجة رسائلك أدهشتنى .
اسمعى يا مارى ميجن لم يمض وقت طويل جدا جدا على الشرف الذى منحتنى إياه لمعانقتك . قد تكونين امرأة هوائية .ولكن نادنى باسمى الأول كالأصدقاء . ألسنا كذلك ؟ ومن ناحية أخرى فللعميل كل الحق ، ألا توافقينى على ذلك أيضا ؟

- كما تشاء يا مايكل .سأتصل بك بمجرد أن أرى الأخوة دوبسون . على الرغم من ذلك يجب أن أخبرك بأن ...


- هل تريدين العشاء معى هذا المساء ؟

- لا يحدث ذلك مع العملاء أبدا يا سيدى . أسفة ....

- لنقل إذن أنه عشاء عمل .

- فى هذه الحالة ، مر على فى المكتب بعد الظهر ... يمكننى أن أخصص لك ساعة .

- ماذا لو وقعنا السلام بيننا يا ميجن ؟

- السلام ؟ موافقة ، ولكن ماذا تقصد بذلك ؟

قال مايكل رامسى بصوت منزعج طالبا الرحمة :
- متى تريدين العشاء معى ؟ ضعى نفسك مكانى يا ميجن ولنكف عن هذه اللعبة الغبية . هناك مسألتان او ثلاث فى علم الاجتماع المقارن التى أحب أن أناقشها معك . ليس أكثر من ذلك . هذه كلمة شرف منى .

- إيه حسنا ، أنا ... نحن .... فى النهاية ما رأيك فى الأسبوع القادم ؟

- الأسبوع القادم !

- أسفة يا سيدى لكن أنا .... أنا ...

قاطعها :
- حسنا ، سأتصل بك يوم السبت القادم صباحا . من هنا حتى هذا التاريخ ستكونين بدون شك قد قابلت الإخوة دوبسون .

- إننى بالفعل بصدد دراسة ملفك يا سيد رامسى .

- هذا يسعدنى . وضعى فى رأسك أن اسمى مايكل . لديك أسبوع لتتعودى على هذه الفكرة .

وضع السماعة دون ان يضيف شيئا اخر متجنبا بذلك عبارات الأدب واللياقة التى تسرف ميجن فى استخدامها دون الحاجة إلى ذلك .

خلال الأسبوع ،استغرقت ميجن فى العمل الذى لا ينقضى أما مايكل فقد احترم عقدها ولم يظهر بعد ذلك . وعلى الرغم من ذلك كان فى كثير من الأحيان يركب تاكسى ويمر ليراها فى المكتب أو فى منزلها .طوال الأسبوع ، كان يأمل أن تتراجع ميجن عن قرارها .لقد كان لديه الوقت ليفكر . ولكن على الرغم من كل شئ ، فهو ما زال يفهم لماذا تحولت ميجن شاى فى إحدى الأمسيات إلى جيل دوميل بكعب عال ثم إلى شبح فى الصباح الباكر ، وإلى امرأة مستهترة وسهلة مازالت ذكراها تسكن خياله .إنه يحب هذه الذكريات ويحب أن يفكر فيها . هذا الانتظار يزيد من شوقه إليها وما زال يدور برأسه غموض ليلة حب ظلت كالمعجزة تعذب جسده وفكره اللذين رفضا نسيان السعادة التى سببتها له هذه الليلة .

بما أن ميجن أرادت ألا تظهر له أنها تخشاه أو تخفى عنه شيئا ، اتخذت هى الخطوة الأولى . اتصلت به صباح يوم الخميس . فى الفندق نحو الحادية عشرة .

مايكل رامسى ؟ صباح الخير هذه ميجن .

- أه ميجن . لقد يئست فى أن أحصل على أخبارك .

- لقد رأيت الإخوة دوبسون أمس . بعد الظهر . أردت التحدث معك عن هذه المقابلة .

- العمل ممتاز ، من كل وجهات النظر . قبل الإخوة دوبسون شروط وعلى الرغم من ذلك يوجد مشكلة صغيرة .هذه أول مرة فى حالة من هذا النوع يحدث فيها ذلك . وأعترف بأننى لست أدرى تماما كيف أطرح عليك هذا السؤال .

داعبها قائلا :
- أتمنى ألا يكون سؤالا خاصا كالمرة الأخيرة !

لقد أخطأ . سادت برهة صمت طويلة على الطرف الآخر من الخط .

اعتذر مايكل :
- ميجن ؟ لا تأخذى الملاحظة مأخذ الجد . إنها مزحة .أسف لأنى جرحتك .

أجابت ميجن :
- اسمع يا سيد رامسى .بالنسبة لى ، عقد السلام يعنى عقد السلام لست أدرى ما الذى يعنيه ذلك بالنسبة لك فى تكساس . بالنسبة لى هذا يعنى أن ألغى الماضى . أطوى الصفحة ولا أعيد الكلام عنها وبالأخص ما يجرح من كلام كما فعلت منذ قليل .

- اسف يا ميجن .لكنك أنت من تتكلمين بمكر عن الماضى . ليس أنا وعلى الرغم من ذلك ، لا يهم .استمرى فى الحديث عن الإخوة دوبسون .

- إيه حسنا ، على الرغم من الأمتلاك لكامل للحقوق والعقود الإعلانية مع التايمز لندن السعر الذى تعرضه يرتفع بشكل مثير للسخرية .

سألها مايكل :
- هل قابلت الإخوة دوبسون ؟

- لا

- ستفهمين عندما تقابلينهم . وأضيف أن من رأيى أن هذا المبلغ على ارتفاعه فى نظرك لا يفى بحقهم تماما .

سألته ميجن بفضول :
- لماذا ؟

- بدأ الأخوان دوبسون بصحيفة صغيرة ونسخ قليلة يوزعانها على العائلة وبعض الأصدقاء . كانا فى السادسة وفى العاشرة .شارل الأكبر سنا كان طالبا جيدا وخجولا قليلا . كان هو من يكتب المقالات .أخوه لوريل ، نشط جدا وعيناه تتدفقان بالحماس . اهتم بالتحقيقات متنقلا بدراجته فى أنحاء لندن .وبعد سنوات ، أصبحا صحفيين . كتب شارل فى القسم الأدبى بجريدة تايمز ولوريل عمل صحفيا كبيرا فى هارولد تريبيون حياة عملية رائعة ! خلال سنوات طوال ادخرا من راتبيهما وعاشا على الكفاف مع زوجتيهما وأطفالهما الصغار . وفى الثلاثين أسسا دار دوبسون للنشر ولأنهما كرسا جسديهما وروحيهما لها ، أصبحت واحدة من اشهر دور النشر فى لندن . على الرغم من كل المغريات نجحا فى ألا يقبلا نشر كتاب سيئ . هل رأيت إذن ؟ فى تقديرى ان أستخدام إسمى هذين السيدين - كما سأفعل فى القريب العاجل - يعنى الانتفاع من حياتيهما التى كرساها تماما للأدب .هذا يستحق عن جدارة الثمن الذى عرضته والذى يطلبونه . كونى متأكدة من ذلك .
تنحنحت ميجن ولكنها لم تقل شيئا . لقد اكتشفت توا الرجل الكامن فى شخص مايكل رامسى انقبض قلبها . اغرورقت عيناها الخضراوان بالدموع . إنها فخورة به لم تكن لتتمنى من هو أفضل منه ليكون أبا لطفلها .

ثم عاودها الشعور بالذنب . سألته لتكسر الصمت :
- هل كان ينقصك شئ فى شبابك يا مايكل حتى تشعر بهما إلى هذا الحد ؟

- لا الحمد لله ، لم تصادف عائلة رامسى أبدا هذا النوع من المشكلات .

واستطرد بصوت ساحر أشاع الراحة والثقة :
- ولكن إذا أردت لا أمانع فى أن أسرد عليك قصة طفولتى . ربما نستطيع أن نتناول العشاء معا هذا المساء ؟

- هذا المساء ؟

- نعم أسعدينى بالقبول يا ميجن ! سأتصرف بشكل لا ألام عليه . يمكنك الاعتماد على .

- أنا ..... أنا متعبة قليلا .

- الساعة الحادية عشرة صباحا ؟

- نعم أؤكد ذلك . لم أنم جيدا .

- ومساء الغد ؟

- مستحيل . غدا الجمعه .

- نعم ، وماذا إذن ؟ المطاعم فى نيويورك تظل مفتوحة حتى أثناء الليل .

- أتعشى مع جيف يوم الجمعه .

سألها مايكل بهدوء مصطنع :
- جيف ؟

- نعم انه أبن لوسى الصغير ، أفضل صديقاتى .

استطردت ميجن سعيدة لأنها استطاعت ان تجد سببا حقيقيا حتى لا تقابل مايكل غدا . أرى لوسى كثيرا ولكن بسبب العمل ، الأصدقاء ،والحياة اليومية لا أكاد أرى ابنها . منذ وقت ليس بعيدا قضينا عطلة نهاية الأسبوع معا نحن الثلاثة . لقد أصبحت أنا وجيف صديقين حقيقيين نتقابل يوم الجمعه . أريد أن اراه يكبر هل تفهمنى ؟

- نعم جيدا ، إنى أعشق الأطفال .

شحبت ميجن على الطرف الآخر من الخط

- ميجن ؟

- نعم ؟

- سنتقابل إذن مساء السبت ، كما اتفقنا ؟

- نعم .

- سأمر لأخذك نحو الساعة الثامنة .

- حسنا نحو الثامنة .طاب مساؤك يا مايكل .

وضعت ميجن السماعة .لقد مر أسبوع على إقامة مايكل رامسى فى نيويورك بالتأكيد لن يتأخر فى العودة إلى تكساس . وضع مايكل السماعة بهدوء . وابتسم . لقد أعجبه وفاء ميجن للصغير جيف . هذا يرجح ألا تكون هذه الصهباء الجميلة مجرد عاشقة رجال .

قابلته فى صالة فندق هاراباس إن هذا النوع من النساء لا يحببن الأطفال أبدا . فى النهاية . ربما لم يكن مخطئا فى البحث عنها طوال الأشهر الأربعة فى كل مكان .

# # #


يوم السبت , فى الساعة الثامنة , فتحت ميجن باب شقتها إلى أجمل رجل فى نيويورك , لتوفر على نفسها وعلى الطفل انفعالات لا داعي لها , ابتلعت حبوبا مهدئة . كل شئ يسير على ما يرام .كانت ترتدى تايير بنفسيجيا يبرز شعرها الأحمر واسعا ليوارى بطنها المستدير .

قال :
- أنت ساحرة يا مارى ميجن .

قالت مازحة :
- لماذا تعقد الأمور ؟ميجن ليست اسما قصيرا ..

- مارى اسم يناسبك أيضا . لا أريد ان أختار .

سألته ميجن وقد حضرت عصائر الفواكة المختلفة :
- هل تريد أن تشرب شيئا .

- أتمنى ألا تغضبى من ذلك لكن هناك تذكرتين لأفضل كوميديا غنائية فى برودى . سيبدأ العرض فى الثامنة والنصف . التاكسى ينتظرنا ...

استقبلت ميجن الخبر بفرح . إنها تعشق المسرح بالاضافة إلى أنها تحت أن تقضى السهرة مع مايكل فى مكان عام .

- كوميديا غنائية ؟هذا رائع ، أى مسرحية ؟

- إنها مفاجأة بالتأكيد .

عندما أوقفا السيارة أمام باب المسرح المضاء . طارت ميجن من شدة الفرح ، فى مهب الريح إنها أنجح مسرحية فى برودوى منذ أكثر من عام . لقد شاهدتها نيويورك كلها وعاودت مشاهدتها مرات ومرات .

كانت التذاكر تباع فى السوق السوداء بأسعار خيالية .منذ وقت قليل عدلت لوسى وميجن عن شراء هذه التذاكر .

كان العرض رائعا .قصة خيالية غنية بعناصر الإبهار . عرض متكامل ولا ينقصه شئ . الموسيقى تدخل إلى الرأس مباشرة وتملأ الوجدان بالسعادة .

سعدت ميجن كثيرا بهذه المسرحية .ونسيت همومها وشعورها بالذنب . الجو المشع بالبهجة حولهما والناس ينعمون بسهرتهم ومايكل ينعم بالقرب من السيدة التى حلم بلقائها منذ شهور . يا إلهى كم هى جميلة ،غامضة وجميلة .

وكذلك ميجن على الرغم من انجذابها للمسرحية ،فإن حديث السهرة يدعو مايكل رامسى . لمشاركتها له هذا الجزء من الليل فهى تشعر أنها عرفته .اكتشفت كم هو جميل ،ساحر ، وسيم وكذلك أنه يشعر بالارتياح وسط صخب المجموعة أكثر من أن يتواجد بمفرده مع شخص اخر . أما كياسته فلا حديث عنها . مما أدهشها أنه يحيى أناسا كثيرين وجميعهم بدون استثناء يعاملونه كأنه شخصية مهمة ، محترمة من الجميع .
شعر مايكل باندهاش ميجن فحكى لها كيف كان يعارض والده أن يتعلم أشياء كثيرة وأنه بين الجامعة والرياضة كان شابا مشغولا جدا .تأثرت ميجن كثيرا بحديثه . وأخذا يتبادلان حكاية القصص الطريفة ويضحكان منها .

بعد انتهاء المسرحية ، توجها للعشاء فى مطعم فرنسى فى مانهاتن كانت الساعة الحادية عشرة تقريبا .كانت ميجن تتضور جوعا . فهى لم تتذوق شيئا من بعد الظهر .طلبت السالمون والسلطة وثلاثة أنواع من الحلوى منها الفاكهة عندما لاحظ انها تأكل بنهم سألها بعينين ضاحكتين :
- هل تتمتعين دائما بهذه الشهية ؟

- ليست لدى مشكلات من هذه الناحية فى هذا الوقت . وكذلك لا أكل بهذا الكم فى المساء . وذلك لأنى لم أكل فى الظهر .

انفجر مايكل ضاحكا :
- هل تأكلين وجبة الظهر كالأطفال ؟

تنهدت ميجن :
- نعم ما زلت أحتفظ بروح الطفولة . هذا يعوض مساوئى العديدة .

- إنى أحبك يا مارى ميجن شاى .

- وأنا أيضا يا سيد رامسى إنك عميل طيب .

تلاقت نظراتهما وتفحص كلاهما الآخر . رقصت ضحكة فى عيونهما .فكرت ميجن فى أن هذا الرجل الذى أمامها لن تراه أبدا الأسبوع القادم . أما مايكل فقد فكر فى تلك المرأة التى استطاعت منحه ليلة جميلة لم يحيها أبدا ، فى تلك المرأة التى أخذ يبحث عنها بجد حتى ردتها إليه العناية الإلهية .سألها بصوت عذب :
- ماذا كنت تفعلين فى فندق هاراباس منذ أربعة شهور ؟

شعرت ميجن بالخزى وقضى الندم على شعور السعادة الذى سرى فى وجدانها منذ الساعة الثامنة من هذا المساء . وضعت المنشفة وكان الحقيقة قد أيقظتها . هذه الحقيقة التى تؤلمها لأنها هى المسؤولة الوحيدة والفريدة عن حزنها . إذا كانت تتحلى ببعض الصبر لقابلت مايكل بشكل طبيعى بفضل عمل دوبسون . وعلى الرغم من هذا الشعور المخزى ،استطاعت أن تنظر إليه فى عينيه . إنه جميل .

- لم أرد أن أجرحك يا ميجن .أنا لست نادما على ما حدث على العكس .ذلك لأنى معك الآن . وعلى الرغم من ذلك فأنت لست كما كنت فى هذه الليلة أو على الأصح كنت امرأة أخرى بين ذراعى فى هذه الليلة . ما زلت جميلة ولكن هاتين المرأتين اللتين تسكناك تعذباننى . فسرى لى ما حدث . أعتقد أننى أحتاج إلى ذلك . لقد بحثت عنك فى كل مكان ، فى كل مكان يا ميجن .

شعرت ميجن بقلبها ينقبض .فى نفس الوقت شعرت أنها غير جديرة به وبأنه سعيدة لأنها وجدته من جديد وهذا الشعور أيضا هى ليست جديرة به .

- فى الصباح عندما استيقظت بمفردى اعتقدت أننى كنت أحلم . هذا الشعور استمر لحظة فقط أنك تركت بى علامات غير مرئية لكنها حقيقية . لقد افتقدتك

خفض عينيه كالصبى الصغير الذى ارتكب حماقة ثم استطرد :
- "أعتقدت أنك امراة محترفة على الرغم من شعور داخلى كان يرفض أن أصدق ذلك . عدت إلى دالاس . استمررت فى التفكير فيك دون توقف . لقد تغير شئ ما بى . شعرت به دون أن أعرف ما هو بالضبط ولا كيف حدث هذا التغير . عندما طلبت من ماكلين أن يجرى البحث لم أكن متأكدا من أننى أريد رؤيتك ثانية . بل أردت أن أتاكد من أنه لم يحدث لك مكروه ، من أنك ما زلت على قيد الحياة وسعيدة فى مكان ما .



لم تنبس ميجن بكلمة لأنه لم يكن هناك ما تقوله لقد كذبت عليه منذ البداية . ومايكل يقول لها الحقيقة .وليس هناك سلاح أقوى من الحقيقة ولا أبشع من الكذب . أرادت ميجن أن يواريها التراب حتى هذه الفكرة كانت تشعرها بالخزى . إنها حلقة مفرغة لا تعرف كيف تخرج منها .كيف تجد الشجاعة لتعترف لرجل كهذا أنها سرقت طفله ؟ أنها أرادت ذلك وخططت له ونفذته ....



قال بصوت لا يعبر عن أى غضب :
- قولى إذن هل كانت هذه تجربة أم رهانا ؟ لابد أنه كان لديك هدف كبير لتتصرفى معى على هذا النحو . أشعر أنك ما كنت لتفعلى ذلك فى ظروف طبيعية .



نظرت إليه ميجن نظرة غامضة . كونه لا يرى امرأة تعشق الرجال فهذا واساها بعض الشئ . لن يستطيع أبدا أن يفهم إلى أى درجة تريد الطفل . شعرت فجأة أنها غير قادرة على تفسير هذه الرغبة الملحة التى دفعتها للارتماء بين ذراعى هذا التكساسى . تحدثت عيناها الخضراوان عن المأسأة التى تدور بداخلها .لاحظ مايكل ذلك . وأعجب - فى نفس الوقت - بإرادتها فى أن تحتفظ بسر يبدو أنه مؤلم . والإفصاح عنه سيريحها مما لا شك فيه .



همس :

- تحدثى يا ميجن . أعتقد أنك تحتاجين إلى ذلك .



- أردت أن أستطيع أن أفصح لك عن الحقيقة يا مايكل . كنت أودأن يكون ما حدث لعبة أو رهانا أستطيع تفسيره . لكن ليست المسألة شيئا من هذا القبيل . على أية حال فأنا لست فى ظروف مواتية لأفسر لك .أفضل شئ هو أن أطلب منك المعذرة . أنا أسفة حقا على كل ما حدث . حاول أن تغفر لى ولا تتحدث أبدا فى ذلك .



نظر إليها مايكل بإمعان . ما الذى تخفيه عنه ويعذبها إلى هذا الحد ، هل هو أمر لا يمكن الإفصاح عنه ؟ سألها بتشكك :
- هل تريدين القول : إنك بكل بساطة أردت قضاء الليل معى ووجدت أنه من الحرص واللياقة أن تتخذى اسما مستعارا ؟



قالت مفتعلة الصدق :
- إلى حد بعيد هذا ما حدث . لست نادمة على ما حدث . لكن ما يؤلمنى أنى استغللتك فى هذه القصة .



لم أرد إيلامك .فكرت حقا فى أنك سوف ترحل إلى تكساس دون أن تسأل نفسم عما حدث . إنى اسفة حقا . لأن الأشياء قد أخذت انعطافا مخالفا .
تنهد مايكل بعمق . أمسك يد ميجن البيضاء ولم يندهش عندما وجدها ولم يندهش عندما وجدها ترتعش . قال :
- إنى أصدقك . لنذهب من هنا الآن .



شعرت ميجن بالعرفان لأنه بذلك اختصر عذابها . لكنها شعرت أيضا بالوهن وبأنه لن تستطيع النهوض إلا بمعجزة . سألها كأن ما تحدثا عنه لم يكن إلا كلاما للمسامرة :
- منذ متى وأنت تعيشين فى نيويورك ؟ أعتقد أنك أشرت إلى بوسطن ،أليس كذلك ؟



- احتمال .أبى يعيش هناك .جئت إلى نيويورك للدراسة منذ سنوات منذ ذلك الوقت أعيش هنا .



- قلت والدى ؟



- لم أعرف أمى ... أبى يمتلك عملا صغيرا فى بوسطن .



تحدثا عن العائلة والطفولة ، إخوانهما وأخواتهما الأخ الوحيد لـ مايكل هو كيفين أصغر منه بست سنوات يشبهه قليلا .... عندما أعلن مايكل أنه لن يتخذ أعمال البترول التى يعمل فيها والده وسيشق طريق حياته العملية فى مجال آخر . شجعه آل رامسى على الرغم من خيبة أملهم .تمنى والداه بدون شك أن يخلفهما . من حسن الحظ أن كيفن أخذ على عاتقه تنفيذ هذا الحلم ،مما أتاح له الازدهار على الرغم من أنه ظل دائما خجولا ومنغلقا .



ابتسم مايكل عندما فكر فى أن العناية الإلهية تفعل دائما ما هو فى صالح الإنسان .وجود نيجن أكد له أن الانسان ينتهى دائما بأن يجد ما يبحث عنه بشرط أن يريد ذلك بصدق .والله يعلم كم كان يريد أن يراها !



أما ميجن فكان لديها أخوان الأكبر منها يدعى دونالد كانت تحبه كثيرا . ولكن سلوكه معها لم يكن على قدر حبها له حتى إنها شكت فى أنه يغار من نجاحها عندما كان طفلا كان غريمها وكان يوصل إلى والديها ما تفعل من سوء . تحسن سلوكه معها مع تقدم عمريهما ولكن ظل هناك منافسة خفية تقابلهما ببعضهما . من الخامسة عشرة إلى العشرين كان يجد سعادة ماكرة فى أن يبعد عنها الأولاد.



أما أكبر الإخوة فيدعة كونراد وهو أكبر من ميجن بثمانية عشر شهرا فى العمر فقط أما التفكير فلم يكن بينهما فرق كان صديقها المفضل وبدون شك الفرد الوحيد الذى لا يخيب أملها أبدا . وعندما كان يستلزم الأمر التدخل بينها وبين دونالد . فكان يفعل ذلك بشجاعة . إنه يعشق ميجن وهذا يسعدها تماما .



ابتسمت السيدة الشابة عندما تذكرت أخاها وأفكاره :
- كان يقول : سنتزوج ونذهب إلى كاليفورنيا مع أبى ونترك دونالد بمفرده فى بوسطن .



- لماذا كاليفورنيا ؟



- لست أدرى عن ذلك شيئا . بدون شك لأنها تعنى الشمس طوال السنة ولأنى سأتخلص من دروس الجغرافيا . بالنسبة لى كانت كاليفورنيا هى نهاية العالم .
لماذا لم تتزوجى أخاك إذن . لقد تزوج رمسيس الثانى أربعة من أخواته .

ضحك الاثنان ، استقلا تاكسى حتى توقف بهما أمام المبنى الأبيض الذى تسكن به ميجن .قالت ميجن :
- لسنا من يغير قواعد اللعبة . إن التشريع ينص على عدم زواج الأخ بالأخت . لابد أن هناك سببا وجيها . والبحث عن صفات أخى فى شخص آخر يجعلنى أسافر وأرى أماكن عديدة من العالم .

سألها عندما وصلا أمام باب العمارة :
- ألم تصلى إلى ضالتك .... أبدا ؟

- بلى ، أحيانا .

أمسك مايكل ذراعها :
- ألا تجدين فى ضالتك ؟ حتى تصلى إلى أملك المنشود ؟

لم يكن يمزح تماما . استشفت ميجن هذا من عينيه البراقتين . إنه يشبه كونراد لأنه طيب ، صبور ، وفى وشجاع . لكن ما تشعر به حياله أمر مختلف تماما . وفجأة شعرت برجفة عندما تذكرت ليلتهما الحميمة .

سألته :
- هل لديك مؤهلات النجاح ؟

- بالقدر الكافى .

- ربما .

- نحن متعادلان إذن لهذا الحين يا مارى ميجن لا أريد أنا أيضا أن أغير قواعد اللعبة .

قبلها بقوة تنم عن شوقه وبعذوبة تكشف حنينه فى آن واحد . استسلمت ميجن حتى طالت قبلتهما ولم يختصرها إلا شعورهما بالبرد . قال :
- لندخل .

- لا يا مايكل .ليس هذا المساء . لا تصر

نظر إليها برهة وتبين أنها ترتعش قليلا . وأن الخوف قد حل محل الرغبة فى قلبها . لم يرد أن يخبرها . كان يعرف أنها فى يوم أو آخر ستلوذ بأحضانه .

- كما تشائين يا ميجن . لكن أعلمى أننى لست إلا أنسانا وقد يحدث لى أنا أيضا أن أتالم .






زونار 25-10-09 05:47 PM


الفصل السادس
اتصل بها فى المكتب صباح يوم الاثنين . قال مقترحا :
- ماذا لو تناولنا الغداء معا ؟

قالت ميجن التى وجدت أن الغداء أقل خطورة من سهرة جديدة مع مايكل رامسى :
- لم لا ؟ للأسف ليس لدى الكثير من الأخبار عن الأخوين دوبسون . اتصلت بهما هذا الصباح وقد قبلا شروطك لم يعد هناك إلا توقيع العقد أمام متخصص عقود وينتهى كل شئ .

- كنت تودين تخفيض السعر ووجود بعض العقبات التى تتخطينها بجدارة وتثبتين فيها مهارتك العملية ،أليس كذلك ؟

- هذا طبع حمراوات الشعر ، فما قولك ؟



قال مداعبا قبل أن يضع السماعة :
- هذا ما أظنه فيك دائما .

بعد ساعتين ذهبا إلى مطعم " لى " مطعم صينى راق جلسا وتبادلا أطراف الحديث . وجدت ميجن وهى بصحبته أنه ليس من الصعب أن تأخذ قسطا من الراحة والسعادة وسط هذه الحياة المتكدسة بالعمل .

لقد عرف مايكل كيف يجعل الحياة جميلة أمام عينيها . وجوده فقط يسحرها . ذكاؤه يظهر فى أبسط حركاته . فى حديثه الذى لا يخرج إلا عن تفكير وثقة . بالاضافة إلى عطفه الذى قارن جماله وهيئته المهيبة مما جعل الحسناوات ينجذبن حوله كالفراشات المنجذبة نحو النور . لم يكد مايكل يظهر أى غرور . الكلمات الجارحة لا تفقده شعوره كما أن كلمات المديح لا تصيبه بالتيه .

كان مايكل رامسى يرى أن مراعاة نسبية الأمور فى المواقف المختلفة قاعدة من قواعد الحياة .

أما ميجن فكانت مشكلتها الأساسية هى عدم الامتثال للواقع وتضخيم المشكلات وخلق العوائق الوهمية .كانت ميجن فى الحقيقة تعقد الحياة باعتقادها أنها هى المتحكمة فى مصيرها . كانت مقتنعة بأنها قوية وذات إرادة بينما تستسلم لحالاتها المزاجية المتناقضة .

لم يشعر بأهمية أن يعيش مع ميجن على الرغم من انجذابه إليها بشدة . لابد أن تقبل بأن تنسى شخصية سيدة الأعمال المنشغلة دائما فهذه الشخصية تثير غيظه .إنها تبدو وكأنها تهرب من حقائق الحياة .وكذلك من ذكرى السعادة التى تقاسماها منذ أيام .
إنى سعيد لأراك مبتهجة هكذا . هل العمل يسير بشكل طيب ؟

كذبت ووقعت فى الفخ الذى نصبه لها :
-نعم .

- انا مبتهج لأنى أجلس معك يا ميجن .

- لا أصدقك . أنت مبتهج دائما . لابد أن هذه هى طبيعتك كما يولد آخرون بطبيعة عصبية .



- يمكننى أن أقدم لك دليلا يعتد به .

- ما هو ؟

- أن نقضى عطلة نهاية الأسبوع القادمة معا . ليس هناك بالنسبة لى ما هو أجمل من مرافقتك .

نظرت إليه ميجن فى دهشة . سألت نفسها كيف يستطيع أن يكون صريحا إلى هذا الحد يقول أشياء دون أن يكون سخيفا ؟كانت تحسد ثقته بنفسه .لو علم لماذا تشعر بالتوتر وهى معه ! لكن ماذا يمكنه أن يفعل ؟ إنها مستعدة لأى شى حتى تبدأ من جديد مع مايكل " كل شئ الا الطفل .

وأخذت تحلم أنها قابلت مايكل قبل ذلك بستة شهور وتبادلا حبا جنونيا . حب ؟ هذه الكلمة تصيبها بخيبة أمل . هل هي الآن بصدد الوقوع فى حب مايكل رامسي ؟

- هل هذا التعبير الغريب الذى بدا على وجهك يعني نعم أم لا ؟

أجابت :
- إنها لا . أسفة لدى عمل كثير متأخر . إنى أنتظر عطلة الشتاء لا اريد أن أقضى أعياد الميلاد فى نيويورك .

- أعتقد أن دالاس تروق لك .

- لا , أريد أن أتزحلق على الجليد . لنقض سهرة معا الاسبوع القادم إذا أردت . سأحاول أن أجد وقتا .

لم يجب مايكل وطلب الحساب .

- لدى شئ آخر أطلبه منك يا ميجن .

- نعم ؟
أريد شراء شقة فى نيويورك هل تريدين مصاحبتى لاختيار واحدة , لنقل صباح السبت ؟ من الأفضل دائما شراء هذه العقارات مع سيدة وأنت الوحيدة التى أعرفها هنا .



رددت ميجن مذعورة :
- فى نيويورك ؟

- ألا تجدين أنها فكرة طيبة ؟

- لا ... كنت أعتقد أنك مرتبط جدا بـ تكساس .

- لم أكن مرتبطا أبدا بمكان يا ميجن .وإذا كنت أستطيع ذلك الآن لعشت فى مهب الريح .

- هذا ممكن بدون شك .

- لا يوجد امرأة تقبل العيش على هذا النحو . صدقينى ، لكى أعجب أى امرأة يجب أن أكون غنيا فى تكساس لدى عمل رابح وخاصة لا أرغب فى الأطفال . هذا ليس خطأ فرد معين ولكنها سمة العصر .

- أنت لا تعرف ما تقول . ما زال هناك سيدات يحببن الأطفال .

- أنت مثلا ؟

- لم أقل ذلك .

- لا ، بالتأكيد .

فى النهاية ، مذعورة لفكرة أنه سيعيش فى نيويورك . وأنها ستستمر فى العيش مع هذه الكذبة . لم تجد ميجن الشجاعة لكى ترفض طلبه .

تواعدا صباح السبت الساعة العاشرة .دفأت شمس الشتاء جو مانهاتن .لون الهواء خدى ميجن باللون الوردى وهى تتبع مايكل من شقة إلى أخرى . لقد شاهدا أربعا بالفعل . الخامسة تطل على الشارع السبعين فى زاوية شارع ليكسنجتون وهى فى الطابق الأخير فى عمارة حديثة ذات نوافذ على هيئة أهلة .

قالت ميجن وهى تتفرح على أرجاء الشقة :
- أحب هذه كثيرا .

لم تكن ميجن سيدة منزل . إن شقتها الأخيرة اختارتها لها لوسى . كانت تعرف أن الشقة يلزمها ضوء ودواليب كثيرة فى الحائط وإلا فستعم الفوضى فى المنزل .صاحت كأنها اكتشفت الفراء الذهبى :
- حجرة المعيشة كبيرة . وكل هذه النوافذ هذا رائع .
قال مايكل :
- لنذهب للغداء . أحب أن أفكر قبل أن أتخذ هذا النوع من القرارات .

- ألا تثق فى حدسك ؟

- أبدا بل أشك فى . دائما ما يخيب ظنى فى حدسى .

- أنت تخدع نفسك يا سيدى لا يوجد رجل يقول هذه الحماقات . كأنك تخبرنى أن السماء ليست زرقاء .

- أعدك أن أفكر أيضا فى زرقة السماء يا ميجن .

فى المصعد ، أغمض مايكل عينيه كأنه يثبت فى ذاكرته صورة ميجن رقتها المتناهية وغموضها . وعندما فتحهما :كان قد اتخذ قراره سينتظر الوقت المناسب لكنه قرر تماما ألا يدعها تخرج من حياته مرة أخرى .

قالت :
- الشقة الأخيرة فقط هى التى تتمتع بالسحر أما الأخريات فلا تسألنى لماذا يا مايكل . هذا أمر لا أستطيع شرحه .

- فى الحقيقة لا أسنطيع أن أقول أى شئ بعد ذلك . أنت لا منافس لك فى تقييم الأشياء واكتشاف سحرها يا ميجن فأنا منذ اخترت فى إحدى أمسيات الصيف فى الصالون الأحمر لفندق هاراباس هل تذكرين ؟

- نظرت إليه ميجن فى عينيه فلم تر فيهما أى مكر ، أو أتهام ،أو ضغينة . فى هذه اللحظة شعرت بأنه قدرها وبأنها لم تعش إلا لتقابله .وعلى الفور حاكمت نفسها بقسوة . حتى لو كان هذا هو رجل حياتها لقد أفسدت كل شئ قبل أن يبدأ أى شئ .

فى النهاية قرر مايكل أن يشترى الشقة التى اختارتها .بشرط واحد أن تقبل مساعدته فى اليوم الذى ينقل فيه أثاثه إليها .



- لست امرأة موهوبة فى تدبير المنزل يا مايكل .ستصاب بصدمة إذا رأيتنى أطهو البيض . ينتهى بى الأمر دائما أن أكله غير كامل النضج بملعقة صغيرة لأنه يلتصق فى القاع .

- انت تعرفين جيدا أن الرجل يشعر بأنه وحيد عندما يكون عليه أن يقرر مكان أريكة أو طاولة .

ضحكت ميجن من قلبها عندما شعرت أنه يحاول بهذا الحديث التأثير عليها واستدرار عطفها .وأعتبر مايكل أن هذه الضحكة موافقة ، قال مازحا :
- سأرد لك صنيعك هذا يوم زواجك من كونراد .

- لم أقل إنى موافقة .
بلى ، ضحكت .قالت : نعم عنك .

إذا كانت ميجن لم ترد فلأنها كانت تعلم أنه سيكون وحيدا يوم نقل الأثاث . ومن ناحيتها ستكون مشرفة على الوضع ولن تستطيع أن تحمل صندوقا واحدا .
كانت لدى مايكل أفكارا أكثر تفاؤلا . كان يفمر فى رد فعل أمه عندما تعرف أن هناك امرأة أخرى ستتولى تأثيث عالمه الجديد فى هذه الشقة بين السماء والأرض حيث يحلم بقضاء ربيع ساحر برفقة ميجن .

مساء الأحد اتصل بها فى منزلها :
- ميجن لم أتحدث معك عن ذلك بالأمس . سأعود غدا إلى تكساس . أود أن أراك مرة أخرى قبل أن أرحل .

ميجن التى ظنت أنه سيبقى معها بضعة أيام أخرى ، بقيت صامته .

- أرجوك يا ميجن .ربما تكون المرة الأخيرة التى نرى بعضنا فيها .

- اسمع يا مايكل ...

- لا تقولى هذا يا ميجن وإلا فستصيبتنى بخيبة أمل كبيرة . أنا الذى اعتقدت أنك تحبيننى ...

- هذا صحيح لكن .....



- سأرحل غدا . لنقضى ساعة معا . إذا كنت لا تستطيعين أكثر من ذلك فساعة لن تضير .

أجابت ميجن :
- حسنا لقد ربحت .

سألها متحمسا :
- ماذا لو تناولنا العشاء ونتقابل الآن على الفور .

أجابت رغما عنها :
- نعم يا مايكل .

فجأة سمعت صوتا من أعماقها . يجبرها على أن تقول :
- لا تأت ، أرجوك يا مايكل لا تأت . سأكون على أية حال قد رحلت عند حضورك . لا أريد أن أراك . لا أحبك .

تبع كلماتها الصمت .

- هناك مطعم صينى فى شارعك .ما رأيك ؟
عضت ميجن شفتيها . إنها تحترق شوقا لتراه . ساد الصمت من جديد .

- إنه جيد جدا .

- هل تريدين شيئا خاصا ؟

كان صوته رقيقا كالسماء الزرقاء الصافية بعد العاصفة .

ارتجفت ميجن لكنها رجفة ناجمة من سعادة حقيقية .بدأت لعبة أخرى . كان الاثنان يعلمان أنها مرحلة لذيذة من علاقتهما .أجابت :
- لا ، كل شئ طيب لديه ، إنى أتضور جوعا ...

عندما وصل مايكل دخل إلى المطبخ مباشرة ووضع على الطاولة ما أحضره من كنوز الشرق .تناولا العشاء وهما يتحدثان عن العمل ، وفى أثناء تناول الحلوى تحدثا عن الشقة التى اختاراها فى صباح ذات اليوم . قال مازحا :

- هيا أنا متأكد أنك ما زلت جائعة .

قالت نافية :
- أنت مجنون ! لن آكل شيئا حتى مساء الغد .

داعبها مايكل مادا إليها يده بقطعة حلوى :
- هيا ، أنت تحبين أن أرجوك . استفيدى من هذه الفرصة لن أكون هنا غدا .

لتهرب من الإجابة ، أخذت ميجن قطعة الحلوى فقد كانت ترغب فيها فعلا . ذهب مايكل ليجلس إلى جوارها على الأريكة . داعبها قليلا :
- أين تضعين كل هذا الطعام ؟

- ستكون الحياة أكثر سهولة إذا عرفنا تفسير هذه الأشياء .

- أين تضعين كل هذا إذن ؟

تنهدت ميجن . كانت ترغب فى المزاح . ولكن خوفها كان أكبر منها .والتوتر يزداد بينهما منذ حضوره .

قالت لتزيل التوتر :
- لدى ساق خشبية .

- هذا مثير جدا . أى واحدة ؟

أشارت ميجن إلى ساقها اليسرى وعلى الور تيقنت من خطئها . أمسك مايكل كعب قدمها وجذبها نحوه ببطء .

- مايكل .

شعرت بدفء راحة يده فتسارعت دقات قلبها . هل ستقع فى الفخ ...؟
همس :
- أنت عمل فنان . انا لم أر فى مثل جمالك .

- لسنا فى سن يسمح لنا ان نلعب الدكتور والمريض .



سألها ممسكا بذراعها :
لماذا ؟هل لديك أسرارا أخرى ؟

أرادت ميجن أن تبتعد . فمنعها .

همس ممسكا بوجهها الجميل بين يديه :
- ما لم يكن هذا الوجه اللطيف .

نفت ميجن بإشارة من رأسها .شعرت أنها مقهورة تماما تحت قدرة هذا الرجل على التأثير . حتى أنها أرادت أن تفر منه إلى نهاية العالم . ومن ناحية أخرى كانت غير قادرة على أن تنزع نفسها من بين حضنه الدافئ .

قالت لنفسها : كفى عن الكذب على نفسك ، لو أردت حقا أن ترفضيه ليس عليك إلا أن تنهضى وتذهبى عنه . يمكنك حتى ان تطرديه .إذا كان هنا فذلك لأنك أردت حضوره .واجهى الأمور ولو مرة واحدة . أنت لا تريدينه أن يرحل . لا تريدين ذلك لأنك تريدين ان تقضى الليل معه ولأنك تحبينه ؟.

غاصت ميجن فى عينيه الرماديتين اللتين تفصحان عن الحقيقة .إنها لم تر فى حياتها أجمل من هاتين العينين اللتين تنظران إليها فى قلب الليل بابتسامة غامضة لشباب أبدى .

شدد مايكل عناقه وشعر بأنها حاضرة تماما .جميلة كالمرة الأولى التى احتضنها . قبلها كانت قبلتهما حانية : لقد تلاقيا بعد فراق عاناه الاثنان لأسبباب مختلفة ظاهريا لكنها واحدة فى الحقيقة .

- أوه مايكل .

همس فى أذنها :
- أحبك يا ميجن . سنعيد كل ما فاتنا .لن أدعك تهربين كالمرة الماضية . لن أدعك تتركينى أبدا .

لم تقل ميجن شيئا . كانت تعرف أنها ستختفى كالمرة الأولى وأنه سيكرهها للأبد وأنه لن يغفر لها خيانة أخرى .فى انتظار وقوع ذلك كانا يعرفان أن هذه الليلة ملكهما حيث تمضى الأوقات السعيدة بسرعة . باغتتهما شمس صباح جديد شاهد على مولد حبهما .

قالت :
- لقد بزغت الشمس .

سألها :
- ما هذا ؟
شحبت ميجن كان يشير بأصبعه إلى دب صغير من الفراء أحبته عندما رأته فى إحدى الترينات واشترته . فى نفس اليوم دخلت المتجر وأخذته بين ذراعيها وأخذت تربت عليه .وقررت أن تكون اول لعبة للطفل . كان الدب على طاولى زينتها :
- إنه هدية .إحدى صديقاتى تنتظر مولودا .

- صديقة ؟

- نعم .

- جميل هذا الدب .يبدو أنه يسخر منا . هل تحبين الأطفال يا ميجن ؟

- نعم .

- انا أيضا . إنهملا يعقدون الأمور ويعرفون أن كل شئ لعبة لا يهم من الرابح ومن الخاسر ! إنهم ليسوا مثلنا .



وطبع قبلة رقيقة على وجنتها .



زونار 25-10-09 05:50 PM

الفصل السابع

لا تتذكر ميجن جيدا دفن والدتها . لا تذكر إلا دموعها التى انهمرت دون ان تعرف السبب .وعلى الرغم من عدم إدراكها فقد فهمت فى هذا اليوم أن حياتها لن تكون أبدا هى نفسها وأن شيئا ما سينقصها إلى الأبد . شئ خفى ولا يستعاض عنه .



عندما تركها مايكل نحو العاشرة صباحا بكت كما بكت يوم الجنازة ولكن بشكل ما كان الأمر أكثر صعوبة . ذلك لأنها تعرف لماذا تبكى .


اتصل بها مايكل فى نهاية اليوم من مطار كنيدى . قال :
- ستقلع طائرتى خلال ساعة لكنى أستطيع أن أبقى .


- من الأفضل أن تسافر يا عزيزى .
- على الأقل سأكون فى نيويورك وقت أعياد الميلاد .شهر ليس بالوقت الطويل .


ساد صمت :
- ميجن ،هل أنت هنا ؟


- نعم .



- إذا أخذت حقيبة وإذا قفزت فى تاكسى يمكننا أن نأخذ الطائرة الأخيرة إلى دالاس . ألا تريدين ذلك ؟


أجابت وهى تبتلع دموعها :
- بلى ، سيكون ذلك رائعا يا مايكل . للأسف سيكون هذا مستحيلا .ينتظروننى غدا فى المكتب .


- هل تبكين ؟


حاولت أن تضحك :
- لا ... هذا ليس طبيعيا .


- خسارة ! المرأة الجميلة التى تبكى يكون من السهل مواساتها .....


استقل مايكل طائرته كما كان متوقعا إلى دالاس فى المساء . منذ صباح اليوم التالى لوصوله كان يتصل بميجن مرة أو مرتين فى اليوم وفى كل مرة كان يشعر أنها تهرب أكثر فأكثر .


بالنسبة لميجن كان الشهر الأخير لها فى المكتب مكدسا بالعمل .كانت منشغلة بكل ما تبقى لها فعله . ومجهدة بسبب حملها ، تموت فزعا من أن يظهر مايكل فجأة بدون انتظار
كل هذا أفقدها ثقتها فى نفسها وفى المستقبل وفى الحياة . كذلك فقدت بعض وزنها . تدخلت لوسى لدى السيدة بلنسكى التى تطهو وجبات منخفضة السعرات والبروتينات والفيتامينات .

يوم 20 ديسمبر ، استعادت فكرة الهروب من نيويورك التى أصبحت فى نظرها جحيما . رتبت اغراضها فى الصباح ثم مرت على المكتب لتودع هنرى آلدرمان .

قالت :
- لقد تركت ملف رامسى على مكتبى . لا ينقص إلا توقيعه سيمكنك أن تتولى ذلك يا هنرى .

- حسنا . ستكون هذه فرصة ممتازة لأرى هذا السيد مرة أخرى . يجب أن أعرف بأننى تأثرت بشخصيته .نادرا ما نقابل رجلا من هذا النوع .ألا تريد ذلك ؟ ما رأيك ؟


- بصفتى امرأة فلن أقول رأيى لك يا هنرى . أما بصفتى سيدة أعمال فإنى أحلم أن كل العملاء يشبهونه . عندما أعود سأحصل على أطول أجازة لى .

- هل تعلم جريتا أين أجدك إذا احتجت إليك ؟

- نعم يا سيدى .تركت ارقام الاتصال بى ستتولى لوسى استقبال الرسائل المحتملة .لا تتردد فى الاتصال بى . لن تزعجنى أبدا يا هنرى .

- سأفعل فى أضيق الحدود .يبدو الإجهاد على وجهك يا ميجن . استمتعى بإجازتك على الرغم من اعتزازى بوجودك إلا أنى أستعجل رحيلك حتى تستعيدى حيويتك ... إنى أنتظرك خلال ستة أشهر .

- شكرا لصداقتك يا هنرى . واعياد ميلاد سعيدة .

- اعياد ميلاد سعيدة يا ميجن لا تنسينا .

بعد ساعة . كانت ميجن فى المطار متوجه إلى نيوبدفورد حيث تنتظرها خالتها كاتى بفارغ الصبر . استقبلتها السيدة العجوز التى ما زالت تحتفظ بأناقتها كما كانت فى شبابها الأول بالأحضان . هنأت ابنة أختها على نجاحها فى عملها .

كانت الخالة كاتى تشرف على الثمانين ويصعب تخيل ذلك .حماسها الزائد وأملها فى الحياة كان مفتاح نجاحها فى شبابها لقد وقع فى غرامها بعض النانين المشهورين .فى باريس ، عاشت حياة رائعة . وفى المقابل كان زواجها فاشلا لكنها لم تتوقف كثيرا عند فشلها .

بدلا من أن تعيش فى الماضى كانت تستمتع بقراءة الأساطير وتحلم ساعات طويلة بإمكان وجود عالم آخر .وعلى الرغم من ميلها للمبالغة ،كانت تلبس ملابس قصيرة لتستطيع أن تنتقل براحتها فى نيوبوفورد على دراجتها التى كانت تفخر بها .

كانت تعرف من بعيد من شعرها الذى تحول بفعل العمر من الأحمر إلى لون برتقالى غريب .

كانت الخالة كاتى نعمة بالنسبة لـ ميجن التى تأثرت بالاستقبال الحار والترحيب فى عالم تخيلت أنه عدو لحريتها وسعادتها .بالإضافة إلى أن السيدة العجوز نجحت فى إصحاكها .

كانت ليلة عيد الميلاد . والخالة كاتى تجهز الحلوى فى المطبخ الجميل لبيتها الصغير .



قالت كاتى فى قلق لأنها لم تر ابنة أختها منذ ساعتين :
- ميجن ؟ أين أنت يا عزيزتى ؟

أرادت ميجن ان تسترخى خمس دقائق فغلبها النوم فى مقعدها بعد الغداء . ناعسة تماما نظرت إلى خالتها فى دهشة وتثائبت بدون انزعاج .

- يا إلهى لقد نسيت أن أعلن لك لك مصيبة اليوم يا صغيرتى . كسر أنف فريدى بريستون هذا الصباح تحت الشرفة . يا للخسارة ! أنا التى كنت أظن أننى سأرقص معه طوال ليلة 31 ديسمبر ! سيلزمنى أن أبجث عن فارس . الأمر صعب فى مثل عمرى هل تلاحظين ؟

- خالتى !
- فى النهاية إن لى قلبا ذهبيا . سأذهب لأساعد هذا الرجل الشجاع حتى يستطيع أن يقف على قدميه سأعترف لك بصراحة إنه رائع جدا وأنا مفتونة به ! كما أن رقص التانجو معه كالحلم .

- من هو فريدى بريستون ؟

- إنه رجل يا ميجن .ألم أكلمك أبدا عن فريدى . أه القصة طويلة ؟ لست أدرى من أين أبدأ . اسمعى الحكاية بسيطة ، فريدى يغازلنى . يغازلنى بلهفة منذ يا إلهى منذ سنوات . سألتها ميجن التى تحاول ان تمنع نفسها من الحديث .

- منذ كم سنة ؟

- دعينى أفكر ... انتظرى قابلته فى السنة التى ماتت فيها الطيور من البرد . طيورى المسكينة ، لقد كانت رايعة . فى السنة التى احتفلت فيها بعيد ميلادى على شاطئ بحيرة كوم كنت قد بلغت ستا وخمسين سنة . فتاة صغيرة آنذاك .... يا إلهى لا أستطيع نسيان ذلك . همم ! ستكون هذه الحلوى عظيمة ، هل تشمين الرائحة الطيبة للعنب ؟هل تعرفين كيف أجهز الحلوى ؟أه انت لا تعرفين قولى لى إذن : ألن تغضبى إذا تركت بمفردك بعض الوقت يا ملاكى ؟ ثم إن مع هذا الجميل الذى فى بطنك لن تكونى بمفردك أبدا هيا ! إن عيد الميلاد غدا .
هذا مثير للدهشة ان يغازلك منذ هذا الزمن البعيد .

- فريدى رجل فريد ، إنه ملاك من السماء . لقد أراد دائما ان يتزوجنى .



- ألا تحبينه ؟

- أوه بلى ! لكنى لم أفهم أبدا الذين يتزوجون مرة أخرى مثلا . عندما يمر الانسان بتجربة الزواج مرة واحدة فيشكر الله عليها ولا يعيد المحاولة . بعد موت عمك ، لم أتزوج كارى جرانت وحتى اليوم ، لا أستطيع ان أتزوجه .سيجن ستيوارت من الغيرة .

- ستيورات ؟

- إنه شاب .

- خالتى ! هل تصدقينى إذا قلت لك . إنك ...

- لكن يا طفلتى إن الحياة ربيع دائم ! ربما أكون عجوزا ولكنى لم امت وذلك بفضل الحب . وعلى الرغم من ذلك وبعكس خالتها كانت تشعر بالحزن والتعب وبأنها عجوز ومريضة .

بعض الضحكات اليومية لم تغير شيئا .

وجودها بمفردها ليلة العيد جعلها تفكر .ومما زاد الأمر سوءا أنها لم تواتها الشجاعة لتجهز لنفسها وجبة صغيرة . وعلى الرغم من ذلك لم تحب ميجن أن تواجه نفسها بالحقيقة . عندما اتصلت بـ لوسى كانت تقنع نفسها بأنها تتصل بها لتتمنى لها عيدا سعيدا وليس لتهرب من الفراغ الموحش الذى تشعر به .

أجابتها لوسى - التى لم تكن حمقاء -على الفور :
- مازال يتصل بك فى المنزل .

كانت لوسى تهتم ببريد ميجن وبالرسائل المسجلة على جهاز استقبال المكالمات فى التليفون أما السيدة بلنسكى فكانت تروى الزرع وتنظف البيت مرة كل أسبوع . خشيت ميجن أن تفقدها فتركت لها راتبها مقدما .

قالت لوسى :
- ألا تريدين حقا الاتصال به ؟ ربما تحاولين أن تشرحى له الموضوع فى رأيى حتى لو تصرف بشكل سيئ فلن يكون أسوأ مما تتوقعينه .

أصرت ميجن على ألا تكلمه .

- يبدو من مكالماته انه يائس من مقابلتك ولكن صوته ينم عن الصبر . ربما يظن أنك مشغولة فى العمل ؟ معظم الأوقات يقول ميجن هل تستطيعين الاتصال بى عندما تجدين وقتا ؟ لست أدرى كيف تصمدين أمام هذا الاصرار يا ميجن . إن كلماته تحطم قلبى .

- لا أريد أن أقول له شيئا . لا أستطيع .
اسمعى يا عزيزتى ، أفهمك لكن ألا ترين أن أصل كل ذلك هى كبرياؤك بعد كل هذا ، ما الذى قد يحدث ؟ إذا غضب فسيقول لك كلمة أو كلمتين عتابا . فى رأيى إنك تخشين أن يحسن معاملتك وفى هذه الحالة ستتأكدين من أنك خدعت منذ البداية وأنه أفضل منك . وبعد ؟

استطردت لوسى :
- ميجن ! أتمنى ألا ترتكبى حماقات اسمعى ، كرى فى الطفل إنه يحتاج إلى الحب .أنت تفعلين عكس ما يجب فعله . فى النهاية ؟لن نتحدث أكثر من ذلك فى هذا الموضوع أنت لا تسمعين ما أقول .كيف حال كاتى ؟

ابتسمت ميجن :
- لقد ذهبت لترقص التانجو مع فريدى بريستون قبل أن تذهب لمقابلة ستيوارت صديقها الصغير ....

- هذا ليس حقيقيا ! وكيف حال محل العاديات الذى تديره ؟

- ممتاز لقد باعت ثلاث قطع بخمسة الاف دولار . وبمجرد ان يولد الطفل تعتزم السفر إلى باريس بالكونكورد .

- هل هى الساحرة الطيبة أم ماذا ؟ استفيدى من ذلك . أنا متأكدة من انك استعدت بعض الكيلوجرامات عندها ، أليس كذلك ؟

- نعم ،خمسة .

- رائع ! فكرى فيم تقضى السيدة بلنسكى وقتها الآن ؟


- أخبرينى .

- إنها تلصق ورق الحائط فى غرفة الطفل تقول : إن ذلك قد يكلفك أموالا كثيرة إذا كلفت أحدا بهذه المهمة . لقد انتهت من حائط بأكمله .

- كم هى لطيفة ! سأحضر لها شيئا .....

شعرت ميجن بذنب عظيم . الجميع لطيف ومحب تجاهها ، بينما تسبب هى المشاكل للجميع .... لا يمكن أن يستمر ذلك !

- لا تنزعجى . إذا كانت تفعل ذلك فلأنها سعيدة بهذا العمل .أعتقد أنها قررت أيضا أن تضع الستائر .إذا كانت تفعل ذلك لأجلك الآن فقد ينتهى بها الأمر بأن تصبح مصممة ديكور مشهورة فى الحى وسيتخطفونها مع لهجتها الألمانية .صدقينى .
تحدثت لوسى بعد ذلك عن الاثارة المتزايدة التى يشعر بها جيف فى انتظار الهدايا ، لكن لم تركز ميجن فى السمع . كانت تفكر فى مايكل ،لابد أنه يمضى العيد مع عائلته ثم شعرت بالخجل لأنه ينتظر منها إشارة لن تصدر عنها أبدا ولأنه يجهل انها تحمل طفله ولأن المستقبل بالنسبة له يحمل معنى ....


شعرت بندم فظيع يحرق قلبها . الطفل ينقلها . وشعرت بالدوار . حوالى العاشرة . سقط الثلج . نظرت ميجن عبر نزافذ البيت الصغير على الريف الذى غطاه الثلج الكثيف .تنعكس عليه أضواء القمر الفضية .


# # # #
بعد ساعة اتصلت بمنزل رامسى وقلبها يرتجف . أجابها صوت رجل لا تعرفه . سمعت فى خلفية الصوت موسيقى الجاز واحاديث مرحة . ورنين كريستلا ، صوت حفل بهيج يتناقض مع وحدة الشتاء فى نيوبورفورد ، أجاب الشاب :
- نعم من المتحدث ؟

ساد صمت غريب ، اعترفت السيدة الشابة :
- ميجن شاى .

انفجر كيفين رامسى ضاحكا . صاح :

- ميجن شاى إيه حسنا . لقدأحسن بابا نويل عمله هذا العام .ليس هناك حديث إلا عنك هنا . أوه أرجو المعذرة .لم أقدم نفسى أنا أخو مايكل .

- مساء الخير يا كيفين وعيد سعيد .

- عيد سعيد يا آنسة شاى .هل تعرفين أننى أتحرق شوقا لمقابلتك ؟ مايكل ليس من النوع العاطفى لكنى متأكد من أنه سيسعد كثيرا لاتصالك . لا تذهبى ، سيستقبل مكالمتك على خط آخر وسيأخذ هذا بعض الوقت .

انتظرت ميجن . شعرت بالقلق وأرادت أن تضع السماعة صاح بدون مقدمات :
- أوه ميجن أرجوك حدثينى . إنى أحتاج لسماع صوتك بشدة . انتظرى ثانية يا عزيزتى .

قال طالبا من أخيه :
- كيفين أرجوك ضع السماعة .

سمعت ضحكة أخوية على الخط .ثم رنة وصمتا . قالت ميجن فقط لتتحدث :
- يبدو أننى اتصلت فى وقت غير مناسب .

- هل أصابك شئ ؟ إنى قلق جدا .
رددت ميجن فى عقلها الآن أو لا للابد . قالت :
- لا يجب ان تقلق . لا تسأل عن شئ ولا تقل شيئا . اسمعنى فقط .....

- ميجن أنا ....

- اصمت ارجوك . لدى شئ مهم أقوله لك . ولن أستطيع ذلك اذا ظللنا نتحدث عن هذه الاشياء التافهة .

تسمر مايكل رامسى مكانه . كان متأكدا أنها تتصل به لتقول له : إن كل شئ قد انتهى . لم يبق بينهما سوى صوت الحفل البعيد الذى يتناقض مع حالتهما النفسية .

قال بصوت حزين :
- إنى أسمعك .

لم تتكلم .



- ميجن ؟ انا هنا يا عزيزتى .

قالت بصوت يملؤه اليأس :
- أعرف ... اعرف أنه ليس من اللياقة أن أقول ذلك الآن ، وأنه كان يجب أن أقوله لك فى نيويورك وأن هذه نذالة وخسة ولكن ... سيكون أسهل على أن أخبرك عبر التليفون لدى الشجاعة لأفعل ذلك الآن .

جمعهما صمت جديد . شعرت ميجن بنفاد صبر مايكل على الطرف الآخر من الخط . قال بهدوء :
- تكلمى أحتاج إلى الشجاعة أنا أيضا .

- مايكل ،لا أستطيع أبدا .

- ميجن تحدثى ،إنى أسمعك .

ساد الصمت من جديد .

- خلال خمسة أشهر ، إذا مضى كل شئ بخير . فسوف ... فسأضع طفلنا .

- طفلنا ؟

- نعم .

خف جو التوتر فتنهد مايكل معربا عن ارتياحه انفجر مايكل ضاحكا :
- لم أكن أعرف أن فى نيويورك من تطلق هذه المزاحات ليلة العيد ! أحيانا أشعر أن كلا منا يعيش فى عالم مختلف .
قاطعته ميجن :
- أرجوك يا مايكل اسمعنى أنا .... هذا الصيف حملت فى طفل ... هل تفهمنى ؟ أنا حامل .

ساد الصمت :
- مايكل .

سألها بصوت هادئ :
- أين أنت ؟

شعرت ميجن بدموعها تنساب على خديها ،أدركت أنها ستنفجر فى البكاء وستكون نوبة بكاء حقيقية .

- ميجن ؟

اهتزت ميجن شاى بفعل عاصفة عاطفية شديدة .غاب وعيها وغيمت الدموع الرؤية فى عينيها .قالت بصعوبة :
- أنا ... أريد هذا الطفل .لست نادمة على شئ . ستستطيع أن تراه من وقت لآخر إذا أردت .

- ميجن لا تحدثينى هكذا يا حبيبتى .

- سأتصل بك بعد بضعة شهور .يجب أن أتركك يا مايكل أشعر أننى لست على ما يرام

وضعت السماعة .عندما وضع مايكل السماعة على الطرف الآخر كان قد زال عنه القلق .على العكس لقد كان سعيدا بشكل رائع . جاءت إليه الحياة فى ليلة عيد لن ينساها أبدا ، ووهبته أجمل هدية .

أعدت ميجن الشاى لنفسها .وابتلعت قرصا منوما حتى تكف عن التفكير وخاصة فى مايكل وفى صوته الحنون وهو يقول لها : يا حبيبتى .

فى نيوبدفورد كان الريف جميلا ومكسوا بالثلج الأبيض .ذهب الناس إلى قداس منتصف الليل فى هدوء ناعمين بسعادة الليل الهادئة فى الضواحى . نظرت ميجن إلى مجموعة الهدايا الصغيرة التى أرسلتها إليها عائلتها ولوسى منذ وقت طويل . كانت تود ان ينساها بابا نويل هذا العام تماما ويختفى العالم بأكمله لتختفى معه . أن تمحو كل الأخطاء ،كل الغلطات وكل المعاناة إلى الأبد كأنه بفعل السحر ، وحيدة ، متألمة من مصيرها ، نامت بعد عشر دقائق مجهدة مما بذلته من جهد ثمنا للحقيقة .

حبس مايكل نفسه فى مكتبه . زاد نار المدفأة وابتسامة ملائكية تضئ وجهه .كم كان يود أن يكون معها ، يضمها بين ذراعيه ويذهب بها إلى الكنيسة ليتزوجها فى ليلة العيد .إن هذا هو حلمه الجميل .

ولكن لم يمنعه هذا الحلم من أن يدرك الحقيقة .إنه يعرف أن ميجن سترفض زواجه . غيابها يؤكد ذلك وكذلك صمتها فى الأيام الماضية . إنها تؤمن بأن تكرس نفسها للطفل . إنه أسف لعدم إفصاحها له عن الحقيقة من البداية لكنه يرفض أن يستسلم لندم لا طائل منه .لابد أن يولد الطفل فى أفضل الظروف كل يوم يحسب . لابد أن يبدأ بالعثور على الأم بما أنها – كما هو واضح – غادرت نيويورك .




زونار 25-10-09 05:55 PM

الفصل الثامن


بعد أقل من ثمان وأربعين ساعة استقل مايكل الطائرة إلى نيويورك كان يوم 26 ديسمبر .امتلأت الشوارع الباردة بالناس يتفرجون على المتاجر يتبادلون الهدايا .


بدأ مايكل بشقة ميجن . عندما وصل كانت السيدة بلنسكى تقف أمام الباب وفى يدها مجموعة كبيرة من المفاتيح ، قالت بجفاف :
- الآنسة شاى ليست هنا يا سيدى آسفة .

قال مايكل مندهشا :
- فى هذه الحالة ،ماذا تفعلين فى منزلها ؟

- أنا أهتم بالطيور يا سيدى .

- الطيور

- نعم البط الصغير لقد جئت لأرى إذا كان بخير .

قال مايكل الذى لم يفهم شيئا :
- آه فهمت .... ومن انت يا سيدتى ؟

- أنا الخادمة وأنت ؟

- اسمى مايكل رامسى .أنا صديق ميجن صديق قديم .... هل تعرفين أين ألقاها ؟

- لا يا سيدى لا أعرف . صديقتها لوسى هى الوسيط فى مراسلاتها .

- لوسى ؟

لقد سمع مايكل ميجن تنطق بهذا الاسم كثيرا . كانت تقول دائما " لوسى " قالت لوسى " ترى أن " لوسى هنا و " لوسى " هناك . كم كان من الغباء ألا يسألها عن معلومات أكثر تفصيلا عن هذه الشخصية المؤثرة التى تختفى تحت هذا الاسم الجميل !

- لوسى تهتم بمراسلات الآنسة وبالرسائل المسجلة على جهاز الرد على المكالمات وليس لدى معلومات أخرى .
إيه حسنا , أشكرك . من فضلك أخبرى لوسى أننى جئت اليوم .

- نعم يا سيدى .

قرر مايكل أن المدعوة لوسى لا شك انها سكرتيرة ميجن بما أنها تهتم ببريدها . إن الأمر يستلزم زيارة إلى شركة " آلدرمان وجيبسون " إذن كانت هذه هي الوسيلة الوحيدة الباقية ليعرف أين تختفى ميجن .

فى الحقيقة شاى ليس اسما نادرا . إذا كانت قد ذهبت للإقامة عند والدها فى بوسطن . سيلزمه أيام بأكملها حتى يقابل كل عائلات شاى فى المدينة . مائة عائلة على الأقل .

للأسف , كان المكتب مقفلا ولن يفتح قبل يوم الاثنين القادم . قضى مايكل عطلة نهاية أسبوع حزينة وموحشة فى شقته الخاوية , سيئة التدفئة , مفروشة بصعوبة , حيث تحوم حوله ذكرى ميجن فى كل مكان . خطواتها , ابتسامتها وعيناها الساحرتان ... أخبره هنري :
- لقد أخذت إجازة مدة سنة .

صاح مايكل متعجبا :
- سنة ! ومتى رحلت يا هنرى ؟

- منذ أسبوعين تقريبا .

- هل تعرف أين أستطيع أن ألقاها ؟

- لا . ليس هناك أهمية لذلك لم يبق إلا توقيعك لتقفل ملفك يا سيد رامسى . لقد سوت ميجن كل شئ قبل رحيلها .

انفجر مايكل قائلا :
- إنى أبحث عنها هى يا آلدرمان لايهمنى الملف .

- فهمت .. كانت ميجن مجهدة فى الأيام الماضية إلى حد كبير . أشعر بالأسف لأنى أنهكتها فى العمل ولكن كان عليها ترتيب أشياء كثيرة قبل رحيلها .
أدرك مايكل أنهم يجهلون فى المكتب أنها حامل . من الواضح أنها كانت تحتفظ بهذا الموضوع سرا .

- أين أستطيع أن ألقاها يا هنرى ؟

- لست أدرى أى شئ عن ذلك . أؤكد لك . أعتقد أن ميجن أرادت أن تجعل المسافات بينها وبيننا . يجب ان تدرك أنها على حق لو كنت أعرف مكانها لأزعجتها عشرات المرات .

- كيف تتصرف فى حالة نشوب نزاع على عقد عملته بنفسها ؟

- هذا الشئ لايحدث أبدا لدى آلدرمان وجيبسون يا سيد رامسى إن لوسى هى التى تنقل لها الرسائل . ربما تكون ميجن فى الخارج أو على جزيرة مهجورة فى الطرف الآخر من العالم .. من يعلم ماذا تفعل الآن ؟ إنها ليست معتادة على ألا تتم ما تفعله .

- نعم , أعرف يا هنرى . أعرف لكن من هى لوسى هذه بالله ؟ ميجن لا تقسم إلا باسمها وكذلك خادمتها الألمانية وهأنت تقول لوسى ! من لوسى هذه ؟

- إنها طبيبة ميجن يا سيدى رامسى . وأفضل صديقاتها أيضا . لقد رأيتهما مرة معا كالأختين وهما تحكيان لبعضهما البعض كل شئ .

- وأين أستطيع أن ألقى لوسى يا هنرى من فضلك ؟

- ليس هناك أسهل من ذلك يا سيد رامسى . هذه السيدة تدير عيادة فى هوبوكن تابعة للهلال الأحمر .

عندما عثر مايكل على العيادة المقصودة التائهة فى قاع هوبوكن , ليعرف ان المديرة متغيبة حتى 3 يناير . استغل كل أسلحته ليحصل على رقم هاتفها الشخصى بدون فائدة لقد أظهر الاطباء وكل الموظفين ولاء خالصا .

يائسا عاد مايكل إلى نيويورك وعاش ثمانية أيام بائسة فى شقته الخاوية المملوءة بالذكريات . صورة ميجن تسكن كل مكان بها . إنه يحلم بها ليل نهار . بالنسبة له . إن هذا الوقت الضائع عذاب . على عكس من نيوبدفورد . وضعت ميجن ذكرياتها مع مايكل جانبا فهي تريد أن تنساها بالقدر الكافي حتى لاتكرس نفسها إلا للطفل .
فى يوم 3 يناير الساعة التاسعة صباحا . دخل مايكل عيادة هوبوكن . سأل فى الاستقبال :
- أريد أن أتحدث مع د . جالبرت من فضلك .

مبتسمة , يبدو عليها السعادة بعد أسبوع إجازة , تحدثت إليه الممرضة بلطف :
- أعتقد أننى رأيتها تدخل صالة الانتظار هناك . يمكنك أن تذهب إليها مباشرة. كل شئ هادئ هذا الصباح .

تقدم مايكل دون تأخير نحو القاعة التى أشارت إليها الممرضة , للأسف لم يكن هناك إلا فتاة صغيرة , هائمة بين صفحات مجلة نسائية . صغيرة وشقراء كالطفلة , لابد أنها لم تتجاوز الثامنة عشرة , فى أثناء تفحصه لها , رفعت نحوه عينين بنيتين واسعتين ببراءة , سألها :
- د . لوسى جالبرت ؟

أجابت السيدة الشابة بابتسامة ساحرة ومرحبة :
- ما الذى استطيعه من أجلك يا سيدى ؟

كان مايكل يتخيل لوسى ضخمة , ترتدى ملابس سوداء كالمربيات فى أفلام " ألفريد هتشكوك " .

لوسى لا تتضايق من دهشة زائريها . لقد اعتادت هذا النوع من رد الفعل الذى يصدر عمن يقابلونها لأول مرة . استطردت بأدب :
- إنى أسمعك .

- اسمى مايكل رامسى .

شحب وجه لوسى وضعت المجلة ونظرت إليه بذعر . شعر مايكل بالرضا هذا يعنى أنها على علم بالقصة من بدايتها وبالتالى تعرف مكان ميجن .

صاحت السيدة الشابة :
- يا إلهى ! كنت أتوقع زيارتك من آن لأخر أتمنى ألا تكون وجدت صعوبة فى العثور على مكانى .

- لاتقلقى بهذا الشأن . هنرى آلدرمان أشفق على . أتمنى أن تكونى أنت أيضا متفهمة يا دكتور . إنى أنتظر هذا اللقاء منذ أسبوع ولست أنوى أن أنتظر أكثر من ذلك . أعترف لك بكل صراحة . أين تختفى ميجن من فضلك ؟
نظرت إليه لوسى لحظة بنظرة الطبيب الذى يملك ناصية الأمور .
كانت على استعداد للتضحية بأى شئ لتهرب من هاتين العينين الرماديتين الثاقبتين لهذا التكساسى . ماذا تستطيع أن تفعل ؟ إذا تكلمت فستغضب منها ميجن حتى الموت . إذا لم تقل شيئا فستكره نفسها لأنها ربما تمنع صلحا مليئا بالخير ل ميجن وطفلها .

تيقن مايكل أن لوسى تفكر فأنتظر إجابتها متحليا بالصبر .

- اسمع يا سيد رامسى . ميجن أفضل صديقاتى ليس من عادتى أن أخون صديقاتى آسفة , لكنها لا تريد رؤيتك . لقد بذلت كل جهدى حتى تغير رأيها ولكن ما دمت لم أتوصل إلى ذلك فلن يتوصل أحد آخر يا سيدى . ميجن تعرف ماذا تفعل وحتى لو كنت لا أوافقها يجب أن أحترم اختيارها ...

ابتسم مايكل . أدرك أنه قد ربح مقدما .

- من أين جاء هذا الجو التراجيدى يا د. جالبرت من يسمعك يظن أنها مسألة حياة أو موت . ماذا تقصدين بقولك : حتى لو كنت لا أوافقها .

- ميجن ذكية وبها العديد من الصفات الحميدة . للأسف , لها رأس عنيد دون ذكر كبريائها . وعلى الرغم من ذلك أحبها كثيرا وأحبها كما هى يا سيد رامسى . بدون شك يجب ان تفعل مثلى أن تعدل عن أن تفهم ما الذى تستطيع أن تفهمه هى وحدها .

قاطعها مايكل :
- أنت تتكلمين بحديث لا طائل منه . دون الأخذ فى الحسبان أننى لا أتفق معك فى وجهة نظرك . الحب هو الفهم . الحب هو الفهم . الحب هو التحرر مما يقيدنا , وليس التسليم أمام أول عائق يقابلنا . لقد بحثت عن ميجن بالفعل شهورا .. أنت تعرفين ذلك بدون شك . لدي الشجاعة الكافية لكي أبدأ من جديد . يمكنك أن تساعديني فى تعويض الوقت الضائع .

- اسمع يا سيدى , أستطيع أن أساعدك بكل تأكيد لكنى وعدت ..
ساعدينى من فضلك .

سألته أخيرا :
- أنت تحبها . أليس كذلك ؟

- نعم , تحدثى .

- ميجن تعيش فى نيوبدفورد عند عمتها كاتي شاي صاحبة محل العاديات الفريد هناك .

- أعطينى العنوان بالظبط . لقد نلت كفايتى من البحث .

مدت لوسى إلى مايكل يدها بالكارت الذى كتب عليه عنوان ميجن . قال بحرارة :
- شكرا يا لوسى لن أنسى أبدا ما فعلته من أجلنا حسنا , لن أذكر اسمك .

- هذا لن يغير شيئا للأسف لا يوجد سواي التى تستطيع أن تمنحك هذه المعلومات . سأطلب منك أن ..

- ماذا ؟ قولى بصراحة ..

- عندما تصل إلى هناك , تذكر : لا تلمها . كن لطيفا ومحبا . لقد فقدت ميجن كل ثقتها فى نفسها فى هذه الأوقات الأخيرة . لن تحصل على شئ بالغضب أو اللوم . إذا استطعت أن تقنعها أنه لا يوجد شئ لا يمكن إصلاحه فكل شئ قد يكون محتملا .

ابتسم مايكل من قلبه .

- لا تقلقى يا لوسى . كل شئ سيكون بخير . يمكنك أن تعتمدى على .

كان يوما رائعا من أيام الشتاء . خرجت ميجن لتتنزه فى دفء الشمس . منذ عشرة أيام تحسنت حالتها ,. أصبحت تنام بشكل أفضل وتتذوق الحياة بشكل أفضل يبدو أن غياب العمة كاتي قد أحسن صنيعا بالنسبة ل ميجن خاصة أن وحدتها قد ساعدت على أن تستعيد نفسها . وبما أن الإنسان لم يخلق للاستسلام للموت فقد استعادت ميجن بهجتها الطبيعية المفقودة .
خمسة شهور ونصف حملا , فهذا ليس بالشئ الكثير . في ليالي السهر والوحدة والتفكير استنتجت ميجن أنه ليس هناك فى الحياة ما هو أقل أهمية من الأفكار السوداء التي تمنع الإنسان عن الإحساس بالسعادة . ومنذ ذلك الحين شعرت بالحياة تدب فيها من جديد لم تعد تفكر إلا فى الطفل .

إنها لم تحدث لوسى فى التليفون منذ ليلة العيد وكان هذا جيدا أيضا . هذا يعنى بدون شك أن مايكل لم يعد يتصل بمنزلها فى نيويورك . إنه قد ابتعد عنها وأن الأعمال . وتكساس ومن يدري ربما امرأة أخرى كل ذلك يشغله .

كل يوم يمر يمحو من على السطح ذكرى مايكل رامسي ولكن فى الأعماق كانت تفتقده حتى لو رفضت أن تعترف بذلك بينها وبين نفسها . لقد حدث ما حدث . كانت ميجن تعرف أنها ستدفع طوال حياتها ثمن الحماقة التى ارتكبتها فى فندق هاراباس . نعم , هذا المساء ., الذى حكم عليها فيه أن تعيش بدون مايكل أن تعيش وحيدة إلى الأبد .

لقد اعتادت هذه الفكرة . كذلك عندما رأت عند عودتها من نزهتها خلال الحقول . سيارة مرسيدس أمام البيت اعتقدت أنها لوسى . أن تؤجر سيارة مرسيدس 380 لتسافر مسافة خمسين كيلو مترا فهذا أمر جيد . إن لوسى تسرف كثيرا فى حالات السفر . فى العيادة تعظ باحترام الاعتدال , وفى السفر تنتقل فى الدرجة الأولى وتنزل فى أفخم الفنادق وتخاطر بان تعيش شهرا من التقشف .

ابتهجت لفكرة أنها سترى أعز صديقاتها فأسرعت ميجن خطاها عندما رأت مايكل شعرت أنها تموت . قالت وهى على وشك الغضب :
- ما الذى تفعله هنا ؟

جرح مايكل بهذه المقابلة الجافة . كاد مايكل أن ينفعل لكنه تذكر وعده ل لوسى . قال بهدوء :
- ابحث عنك منذ شهرين . أليس لديك شئ آخر تقولينه لى .. ؟

شعرت ميجن بقلبها ينقبض . فى الحقيقة كانت تريد أن ترتمى بين ذراعيه . منعها كبرياؤها وحزنها لأنها اقترفت ذنبا لايمكن إصلاحه عن ذلك . سألته :
- بلى . لماذا تنظر إلى هكذا ؟

- لأنك جميلة يا ميجن . فى كل مرة تزدادين جمالا . هيا تعالى نتناول القهوة .

أدخلته ميجن البيت . سألها :
- ألن يسبب لك ذلك مشكلة ؟

- ماذا ؟

- القهوة .

أجابت كأنها تتحدث لأخ او صديق قديم :
- لا . لا توجد أى مشكلة بما أنك أنت من سيجهزها .

جرحت هذه اللهجة مايكل بعمق . سأل نفسه : ألا تحبه لهذه الدرجة . هل أخطأ مرة أخرى فى تقدير مشاعرها نحوه ؟

قالت دون ان تعى إلى أى درجة تؤذى مشاعره :
- لتعلم أن ليس لدي وقت طويل . سأتناول العشاء مع بعض الأصدقاء بعد قليل . ستجد كل ما تريد فى المطبخ . سأخذ حماما .

- حسنا خذى حماما يا ميجن سنتحدث فيما بعد

- إذا سمحت سأبدأ بمكالمة لوسى , لدى كلمتان لها !

# # # #
وحدها فى الحمام نسيت ميجن السماء الزرقاء , تغريد العصافير فى الحقول ووجود الطفل الغامض فى أحشائها . فى ربع ساعة تحولت بهجتها إلى حزن وأخذت تتعذب بدون سبب , لماذا تقابل دائما أناسا متسامحين , مفعمين بالامل يغفرون كل شئ ؟

أخذت هذه الأسئلة تدور فى رأسها وهى تلبس بنطلون جينز واسعا وتى شيرت كبيرا متعدد الألوان دون أن تهتم بأن يكون مظهره جميلا .
صاح مايكل عندما رأها تدخل إلى الصالون :
- لا ! لا ! أنت حامل حقا قولى إذن ! بالمناسبة لماذا لوسى لم يكن لديها الخيار ؟ لقد احدثت فضيحة فى العيادة , لم أرد أن أدفع لمخبر سري . ضعي نفسك مكاني يا عزيزتى ..

تحقق مايكل فى الفور أنها حامل أى ان الأمر لا يرجع إلى الامس القريب . فى التليفون فهم أن ميجن علمت هذا الخبر قريبا . قال :
- لكن لست أفهم .. هذا ليس ..

قالت ميجن خافضة عينيها :
- نعم يا مايكل كما تظن لقد حدث ذلك فى فندق هاراباس . فى ليلة لقائنا الأولى .

رد مذعورا :
- تقصدين أنك ... كنت تعرفين عندما تقابلنا مرة أخرى فى نيويورك إيه ... فى نوفمبر

بدا وكأن مايكل قد سقط من السماء . لقد أخفت عنه هذه الحقيقة كل هذا الوقت .

- لماذا لم تخبريني بشئ يا ميجن ؟

أفزعتها نبرة مايكل . عندما رفعت بصرها نحوه كأن الأمر أكثر سوءا . لم تعبر نظرة التكساسى عن الغضب العميق فقط ولكن ما هو أخطر هو الألم الحقيقى . وجهه العابس يتحدث عن عواطفه .

زفرت ميجن إن خيبة أمل مايكل تبدو عميقة جدا جدا ربما رحل كما أتى وخرج من حياتها إلى الأبد . وبالتأكيد كان ذلك افضل بالنسبة له أن يتركها بهذا الشعور الذى سيمحو بسرعة من ذاكرته كل الذكريات الجميلة التى تقاسماها .

قالت ميجن بصوت جارح :
- لم أقل لك شيئا . لأن كل ذلك لا يخصك . إذا كنت قد اتصلت بك فى تكساس ليلة العيد , ذلك لأن لوسى كانت مستعدة للتدخل . إنها ترى أنه من المخزى ألا أخبرك لكن هذه ليست وجهة نظرى على الإطلاق يا مايكل . قلت لك الحقيقة حتى لا تتخيل أشياء كثيرة عنى غير صحيحة فى حالة أن تتخذ لوسى المبادرة وتحدثك . ها قد عرفت كل شئ لم يعد هناك ما أقوله .
نهضت لترفع أقداح القهوة الباردة – التى لم يشرباها – من على الطاولة . استمع إليها مايكل دون أن ينطق . مرة أخرى , تذكر وعده ل لوسى فى نفس الصباح فى هوبوكن . ولكن كان غضبه أكبر من حبه . انفجر قائلا :
- قال هذا – كما تقولين يا ميجن – يخصنى على الأقل مثلك تماما .
هل تعتقدين أننى استأجرت أحسن مخبر سري فى نيويورك وبأجر مرتفع جدا لأسمعك تقولين ذلك فى النهاية ؟ هل تعتقدين أننى قادر على تبديد مالي لهدف واحد هو أن فتاة أجمل قليلا من الاخريات أو لأنى أريد أن .. لا يا ميجن . لا استطيع أن أصدق أنك تظنين بى هذا . لقد حصلت دائما على من اردت . لا ترفعى بصرك الى السماء . أنت تعرفين أن هذه هى الحقيقة الخالصة . لست أدرى ماذا تلعبين ولا لماذا ., لكنى لن أتركك حتى أعرف الحقيقة كاملة . لقد بحثت عن الحقيقة فى كل مكان فى نيويورك هذا الخريف . فى كل مكان هل تسمعين ؟ ولماذا ؟ لماذا فعلت كل هذا يا ميجن ؟ أنت تعرفين جيدا , أليس كذلك ؟ هل أبدو شخصا يقضى وقته فى الركض وراء المجهولات ؟ لا يا ميجن ما الدليل الذى تريدينه إذا لم يكن وجودى بجانبك هذا الصباح ؟ لقد حدثتنى عن طفل يا ميجن وهأنا هنا . أنا هنا من أجلك ومن أجله . ولماذا ؟ ألا تظنين شيئا ؟ ألا تظنين أننى أحبك يا ميجن ؟

- لا . أنت تحلم . أنت مجنون ,. لا أريد أن اعرف لماذا ...

نهض مايكل وأمسكها من ذراعيها ثبتها بنظرته . لم يكتشف شيئا في عيني ميجن ولا أى إجابة لعشرات الأسئلة التى تعذبه منذ أيام . جذبها إليه بقوة وقال :
- سأذهب .

عضت ميجن شفتيها لتمنع نفسها من البكاء .

- سأذهب . أحتاج إلى أن أكون بمفردى بعض الوقت . لأفكر فيك فى كلينا وفى هذا الطفل . لكنى سأعود بسرعة .

قبلها على جبهتها بحنان لأنه يفيض بالحنان نحوها على الرغم من الألم الذى سببته له إنه لا يظن ذلك إلا حلما سيئا . قال بعد أن تركها :
- قلت : إننى أحلم . ليخرجنا الله من هذا الكابوس بسرعة يا ميجن .
حاولى أن تفكرى أنت أيضا لأنك لا ترين الأشياء على حقيقتها . كما لو أنك ترفضين رؤية الشمس . لقد دخلت حياتى بكامل إرادتك منذ ستة أشهر . وهذا الطفل لي أنا أيضا يا ميجن وبشكل ما أنت أيضا تنتمين لي سأثبت لك ذلك بما أنك تريدين .

أنهى كلماته ورحل . بمفرده فى غرفة الفندق . أعاد مايكل التفكير فيما حدث عشرات المرات . قلب المشكلة على كل الاوجه فكان متأكدا ومؤمنا تماما أن ميجن تكذب وأنها سعيدة لأنه أبو طفلها وأنها تحبه وأنها جاءت إليه فى هذه الليلة لأنه كان قدرها . ولأن الله هو الذى أراد لهما هذا الارتباط . إنه يعرف ويؤمن تماما أن الحب يولد كما يولد الكون , الكواكب , النجوم فى دورة متجددة حتى نهاية العالم .








زونار 25-10-09 05:59 PM

قضت ميجن أبشع ليلة فى حياتها . كل شئ فيها يتغير في وحشية غرفتها المظلمة حيث تبكى ساعات . كانت تميل إلى تصديق أن السعادة لا تأتى إلا مرة واحدة لكن فى الحقيقة لم يكن ألمها بسبب أنها فقدت مايكل أو أنها خيبت أمله . كان ألمها بسبب ما أدركت أنها لن تستطيع أن تنظر إلى طفلها فى عينيه , لأنها أرادت – منذ ساعات قليلة – أن تحرمه من والده . وفى نفس الوقت من أم سعيدة . أدركت فجأة أن هذا الطفل سيعاني مائة مرة أكثر منها . بكت ميجن شاي دون أن تستطيع التوقف حتى الفجر .



كشفت لها المعاناة حجاب الحقيقة . أدركت أنها لا تريد إبعاد مايكل بدافع الغرور أو الضعف . ببساطة لأنها اعتقدت أن فى ذلك لمصلحتها .


كان ينقصها بعض الحكمة . إنها لم تستمع إلا لقلبها ,. ولم تستمع لعقلها بالقدر الكافي . اعتقدت أن تكتفى بذاتها ولكن أن تحب رجلا أو تحب طفلا فهذا يعني البحث فى العالم على ما ينقصها منذ الأزل ولكي تصل لما تبحث عنه يجب أن تتحلى بما ليس لديها : الصبر .


تحلى مايكل رامسى بالصبر ليبحث عنها فى كل مكان مرتين على التوالى دون أن يفقد عزيمته . أعطته مشاعره دفعة انطلاق ولكن سيطرت الحكمة على الفور على افعاله . لو استمع إلى صوت الحب لعاد إلى ميجن فى اليوم التالى ولما تركها . على العكس أمرته الحكمة بأن ينتظر مرة أخرى . أن يترك المرأة التى يحبها تدرك الحقيقة , أن تبصر حقيقة العوائق التى أمامها وأن عليها تخطيها .


كان ذلك قرارا حكيما سمح له بالسيطرة على عواطفه بينما كانت ميجن من ناحيتها تفحص للمرة الأولى الأحداث دون حاجب الخوف والعاطفة .


# # # #


بعد ثلاثة أيام , استيقظ فى الصباح الباكر ظهرت ميجن عند الباب برداء نوم أبيض كانت نظرتها أكثر صفاء . ونظرت إليه مباشرة . قالت ببساطة كما لو كانت تقنع نفسها بأنها لا تحلم .


- مايكل , هذا أنت ؟


أجاب بصوت محايد :
- جئت لأقيم هنا .


لم ترد ميجن أن تبتسم . ما زالت لا تستطيع ذلك . كان ينقصها أن تعترف بتفاصيل التمثيلية التى أخرجتها فى فندق هاراباس التى يجهل مايكل عنها كل شئ . كانت تعرف أن هذا سيكون صعبا ولكنها ستستطيع من اجل الطفل خاصة . نعم على الرغم من تعبها , كانت تشعر بالقوة .


- ادخل سأعد القهوة .


أغلقت باب المنزل النائم تحت الشتاء خلفهما .
أنت لم تعودى تستطيعين القيام بأعمال المنزل . كما أنى لا أريدك أن تكوني وحيدة هنا فى هذه البلاد البعيدة . قد يحدث لك شئ . دوار مثلا , لست أدرى يكفي أن يكون التليفون بعيدا حتى تلاقى المعاناة ... يمكننى أن أخذ إجازة ,إجازة طويلة سأعتنى بك وبالطفل بكما أنتما الاثنين . إنى أرغب فى ذلك .

- هذا لطيف منك يا مايكل . بالتأكيد من الأفضل أن تكون هنا بسبب الطفل . لكن ستعود العمة كاتي بين يوم وآخر .

- سنواجه رجوعها . أما الآن فسأدللكما أنتما الاثنين .

- اتفقنا . لكن بشرط .

- ماهو ؟

- أن تعلمنى الطهي ! فى المستقبل لا اريد أن يأكل ابنى المعلبات .

أدرك مايكل أن المشكلة لم تحل بما أنها ما زالت تتخيل أنها الوحيدة التى ستعتنى بالطفل بعد مولده . لكنه لم يعرب عن حزنه :
- سيكون ذلك سهلا كلعب الأطفال يا ميجن . أنا متأكد أنك موهوبة بأشياء كثيرة أكثر مما تتخيلين .

- إنك تخدع نفسك يا مايكل . استغرقت لوسى سنتين لتعلمنى كيف أصنع سندويتش يؤكل . أنت لا تعرف ماذا ينتظرك , إنه أنا التى تقول ذلك .

بعد عدة أيام . استقر مايكل فى المنزل كأنه يعيش فى هذا المكان منذ وقت طويل . لم تعارض ميجن إلا فى بعض الأشياء البسيطة .

خلال كل حياتها , عاشت مع نفسها , وحيدة أغلب الأوقات بدون أى شخص يهتم بها , كان والدها وكونراد يحبانها كثيرا بالتأكيد ولن تميز آل شاي دائما بالميل إلى الحياة البوهيمية . يأتى والدها ليوقظها فى الصباح . بعض الأيام يصطحبها إلى المدرسة . كان هذا هو كل شئ .

كونراد كان يفطر معها ونادرا ما يتناول معها الغداء أما باقى الوقت فكانت ميجن منفردة بنفسها تماما . لا أخواها ولا والدها مهتمون بما تصنع فى الخارج . لايوجهون لها الأسئلة إلا عندما تحصل على درجات سيئة , وبما أنها لم تكن معتادة على المساءلة ولا تحبها فكانت ميجن تدبر مذاكرتها حتى تحصل على درجات متوسطة .
فى مرحلة الجامعة , لم يتغير شئ . بدافع أن تكون دائما وحيدة أصبحت ميجن كما يقال امرأة مستقلة ,. انتهى بها الأمر بأن تؤمن بأنها ليست بحاجة إلى أحد باستثناء صداقتها أحيانا لزميل يخفف وحدتها . شيئا فشيئا نسيت رقتها الطبيعية , وانوثتها الحقيقية , لم يرغب الزملاء فى مصادقتها . تربي أخواها بنفس الطريقة لكنهما كانا أحسن حالا منها لأنهما رجلان . قدمت إليهما النساء ما لم يجداه فى المنزل من دفء أسرى وحنان لكنهما أيضا أكد استقلالهما مبكرا .

بعد أيام الوحدة الطويلة , كانت ميجن فى أسعد حال لأن إلى جوارها رجلا يعتنى بها عناية فائقة . بالإضافة إلى أن هذا الرجل يدعى مايكل رامسى وهو أبو طفلها . لم يهتم بها أحد كما يفعل هو , ثلاثة أسابيع دون أي مقابل , دون أي كلمة عتاب .

أما مايكل فهذه تعد المرة الأولى التى يهتم فيها بأحد . ولد فى أسرة غنية . واعتاد على أن يخدمه الخدم , بالتاكيد يعانى الكثير ليحارب عادات الطفولة المدللة وساعده فى هذه الحرب حبه ل ميجن ورغبته فى أن يفعل أى شئ لاسعادها .

مرت الأيام فى هدوء كان وجود كل منهما للآخر بمثابة نعمة كبيرة ولدت بينهما صداقة عميقة . تعلما كيف يتبادلان معرفة بعضهما البعض ,. يتبادلان الاحترام , كيف يرتفع كل منهما عن كل شئ وضيع , وبذلك كبر حبهما بمرور الأيام .
ألم تنسى الفيتامينات ؟ لا , لا تشربى القهوة , الأطفال لايحبون القهوة يا عزيزتى ... تعالى لنتريض .. ضعى قبعتك .. حتى لا تأخذى بردا ... وعشرات من الملاحظات الحانية كانت على شفتى مايكل خلال الثلاثة الأسابيع . غالبا كانت ميجن لا تجيبه وتكتفى بالابتسام . لكنها كانت تطيعه ذلك لأنه من الصعب الصمود أمام سحر هذا التكساسى .

اتصلت العمة كاتى نهاية يناير. كانت تكتب لها كل يوم ولكنها كانت تتجنب الاتصال التليفونى من منزل فريدي بريستون بدافع اللياقة . لم تحدثها ميجن عن مايكل خشية أن يقيم بشكل نهائى . بعد شهر من الحياة المشتركة , لم تفلح فى أن تعترف له بسيناريو ليلة فندق هاراباس . لقد أصبح الكلام عن هذه الليلة أكثر صعوبة يوما بعد يوم .
لأن كل يوم كانت تتعلق به بشكل أكبر فكانت تخشى أن تفقده إذا قالت له كل شئ .
سألتها كاتى :
- من هذا الرجل الذى رد على ؟ صوته ساحر أليس من تكساس ؟

- بلى يا عمتى . اسمه مايكل . إنه ... صديق جاء ليقضى بضعة أيام ... متى ستعودين إذن ؟ وكيف حال فريدي ؟

- ليس على ما يرام يا صغيرتى . استيقظ هذا الصباح مصابا بالبرد . هذه مساؤي التقدم فى السن . انا سعيدة جدا لأنك مع صديق يا صغيرتى . الحياة قصيرة والشباب ليس إلا فترة منها استمتعى به ! اسمعى إذا كان صديقك سيبقى بعض الوقت يمكننى أن أبقى لدى فريدى لن يسامحنى إذا تركته بهذه الحال أخبرينى إذن هل سيبقى طويلا هذا الشاب ؟

- أنا ... لست أدرى عن ذلك شيئا يا عمتى . لكن لا تقلقى بشأنى .

- لماذا لا تطلبين منه ذلك يا عزيزتى ؟ يبدو لطيفا من صوته الجذاب هيا اطلبى منه أن يبقى .

- أنا لا . لا يهم يا عمتى ...

همس مايكل فى أذن ميجن :
- أن تطلبى منى ماذا ؟

وعندما رآها تبتسم أخذ من يدها السماعة :
- السيدة شاى ؟ هذا مايكل .

تحدث الاثنان بروح مرحة وضحكا من قلبيهما ... يبدو أنه دخل قلب العمة كاتي . شعرت ميجن بحبه يكبر فى قلبها . لأول مرة فى حياتها تشعر بوجود من يحميها فى هذا العالم ويطوقها بذراعه فى حنان .

- نعم يا سيدة شاي أؤكد لك أنها فى حالة رائعة .. إذا كنت غنيا ؟ بالتأكيد يا سيدتى .. إنى فى أجازة .. نعم طويل إنى طويل ... إذا بقيت فعلى الرحب والسعة ؟ نعم يا سيدتى هذا من دواعى سرورى .

تحدثا عن أشياء كثيرة عن عمله وثروة أبيه .

- نعم ... نعم يا سيدتى .. أناديك كاتي ؟ .. أعدك بذلك ... لا تقلقى إلى اللقاء يا سيدتى ! إيه أقصد قبلاتى يا كاتى .

وضع السماعة دون أن يترك ميجن بعينيه أحاط وجا بيديه ونظر فى عينيها .

شعرت ميجن بموجات الحب تتدفق فى قلبها . لكن ما زال هناك سر يمنعها من الاستمتاع بهذا الإحساس الجميل .
همس :
- العمة كاتي من نوع النساء الذى أفضله

- مايكل هناك شئ أريد أن أخبرك به .

- ليس هذا المساء يا حبيبتى .

- يجب ان أقوله

- ليس هذا المساء أرجوك . هذا المساء أريد أن أغوص فى عينيك الساحرتين دون أن أنطق بكلمة

- مايكل إذا عرفت ما الذى ...

- ألا تريدين أن نجلس فى هدوء الليل وننعم به دون مناقشات ؟

وعندما لم تجب شعر أنه أسعد رجل فى العالم . إنه لا يريد أن يتفاوض بشأن سعادته . كل شئ يصبح ثانويا عندما يحتضن ميجن بين ذراعيه .

وبعد مضى أسبوع . حضر كونراد على غير موعد . لم تكن ميجن قد أخبرت مايكل بعد بالمناقشة الحادة التى دارت بنيها وبين أخيها . لكن كان كونراد يعرف القصة كاملة وقد حدث ما كان لا بد أن يحدث .

توافق الرجلان وتبادلا الاعجاب . قبل الغداء بقليل تركا ميجن ليركبا الخيل فى الريف القابع تحت الثلج . قال كونراد :
- تهانئى يا مايكل . لم تكن ميجن بهذا الجمال باستثناء أنها غيور قليلا من انسجامنا . أعتقد .

- قال الطبيب : إن الطفل سيكون معافى ربما كبيرا قليلا ولكن لن يسبب ذلك أى مشكلة .

- الحياة كم هى غريبة يا عزيزى مايكل . لقد بدأ كل شئ بشكل سيئ . أن ترغب فى أن يكون لها طفل هذا شئ أما أن تختلق هذه القصة السخيفة عن استطلاع الرجل ثم تتنكر فى شكل امرأة محترفة وتذهب إلى أحد الفنادق الفاخرة فهذا ما لم أصدقه عن أختى أبدا . إن حظها من السماء أنها التقت بك أنت . أنت ...

عبس وجه مايكل بشكل مثير .

قال كونراد غاضبا من نفسه لانه ارتكب هذا الخطأ :
- لايمكن أنها لم تخبرك . يبدو أن كل شئ على ما يرام بينكما .

# # # #
بعد مرور يومين كانت ميجن تشاهد عملا دراميا فى التليفزيون بعنوان " هو وهي " عندما دخل مايكل .

همست فى الضوء الخافت :
- صه ...

أطاعها مايكل جلس بجانبها صامتا على الأريكة الحديثة التى اشترتها العمة كاتي من المعرض الدولى فى مونتريال إن ألوانها وتصميمها توحي بأنها مصممة فى الفضاء .

احاطها مايكل بذراعه فى حنان فاستنشق عبيرها الذكي وشاهد لمعان شعرها الاحمر تحت هذا الضوء الخافت تماما كأول لقاء لهما .
قال فى نفسه : إنها لى وهي تحمل طفلى .

منذ وقت طويل كان يحلم أن يقول بصدق أحبك يا عزيزتى ولقد حقق له القدر هذه الأمنية لأن المراة التى يحبها منحته دون أن تدرى أجمل دليل على الحب يمكن تصوره , لقد اختارته من بين الرجال ليبدأ القصة الأبدية لخلق العالم , هذا العالم بالنسبة ل ميجن يدعى طفل هذا الحمل الكامن فى جسدها يحمل أسرار الكون .

من ملايين السنين يختار الرجل امرأة حياته التى ستهبه الذرية . وعلى الرغم من ان المراة هى أبرع كيميائى فى العالم إلا أن جوائز نوبل تذهب للكيمياء الذرية التى تجرى اختباراتها فى المعامل والمختبرات بالمقارنة بالمرأة التى تقدر على حمل طفلها تسعة أشهر إنهن يحملن سر خلق الكون منذ الازل .

لقد فهمها مايكل إنه يعتقد أن النساء أكثر قدرة على معرفة من الجدير بان يحمل أبوة أطفالهن . حدسهما فى هذه المسألة لا ريب فيه ومن ناحية أخرى . شعر أنها امتدحت رجولته عندما اختارته .

لكن هيهات لكل ميدالية وجه آخر . لم تكن ميجن على مستوى ما قامت به لقد ندمت وحزنت وشعرت بالخزى والذنب . لابد بدون شك أن تخفى القصة عن كل الناس ولكن كبرياؤها تؤلمها لأنها لم تقل له الحقيقة بعد . ومن ناحية أخرى كان يعرف ان ميجن لديها السبب فى عدم الإفصاح له عن الحقيقة هذا السبب هو الحب . إذا كانت لا تحبه لقالت له الحقيقة لتتخلص منه . وبوجه عام لايجرى الرجال خلف أطفالهم غير الشرعيين . ولكن تماما مثل المراة التى يحبها . يبدو أن مايكل ظاهرة نادرة
انتهى الفيلم الموسيقى رومانسية . اغرورقت عينا ميجن بالدموع . استندت إلى صدر مايكل . همست :
- أحبك يا مايكل .

اجابها بابتسامة ساخرة :
- لا أصدق أنك تحب فتاة ذات بطن مستدير كالمجمعات السكنية والبعض يشبهونها بالشاحنة لكنك لست شريرا .
- أنا أرى أنك تشبهين تمثال الحية . أحبك كلك . بأكملك على الإطلاق وبشكل قاطع .

سالت دموع ميجن . قالت :
- إنه الفيلم .

- أوه أعرف . سترين سنمثل فيلما عن قصتنا يكون الفيلم مشيئة السماء .

- أوه يا مايكل .

- انتظرى لا تتحركى . ابقى هنا . لدى شئ من أجلك .

نهض واختفى لحظة فى الغرفة التى يشغلها وعاد وفى يده علبة صغيرة من القطيفة .

- كنت أود أن أقدمها لك فى أعياد الميلاد ولم أفعل . بمجرد ان شاهدته عرفت أنه صنع من أجلك . من أجل ان تلبسيه يوما ., من أجل أن اهديه لك اليوم , إنها فرصة عظيمة هذا المساء أن أخبرك بأننى أردت الزواج بك منذ أربعة شهور .
أخذت العلبة من يد التكساسى . بيد مترددة وشعرت أن طوق السعادة يغلفها وأنها قد وقعت فى الفخ لا محالة لأن هذه السعادة مبنية على كذبة ., وإذا قالت الحقيقة فستفقده وهى تخشى أن تفقده دون أن تعرف سبب هذا الخوف هل هو من أجل الطفل أم من اجلها .

- مايكل .

فتحت العلبة لتكشف عن خاتم رقيق يزينه فص زمرد حر محاط بهالة من الماس . إنها قطعة فنية ساحرة .

أخذ مايكل مكانه على الأريكة شعرت به ميجن وبكل نبضات قلبه همس فى أذنها :
- نفس لون عينيك . سنتزوج إذن ؟ لا أنتظرى سأبدا من جديد . مارى ميجن شاى هل تريدين أن تكونى زوجتى وتعيشى معى فى السراء والضراء ؟

كانت كلمة نعم تتردد فى قلب ميجن كأنها أمر إلهى . غرقت الحجرة فى جو من الحب .
- مايكل .. أنا .. الطفل .. إنه لذلك .. أوه لا أريد .. لا استطيع .

أرادت أن تهرب من الحجرة لكنه أمسك يدها . مسحت نظرته عنف الحركة التى قام بها . خفضت ميجن عينيها . إن مايكل يعرف ما يدور بخلدها . وركز تفكيره على أن يساعدها .

قال بصوت عميق ويفيض بالصدق :
- أحبك يا ميجن . والطفل أيضا . سأحاول أن أكون أبا جيدا أعدك بذلك .

- أعرف ذلك جيدا يا مايكل . لكنى ببساطة لا استطيع الموافقة

قال مايكل فى نفسه تحدثى , أرجوك ساحبك أكثر إذا ما تحدثت وقلت الحقيقة يا حبى .

- لماذا ؟ قولى لى فقط لماذا ؟

- انا .. أنا متأكدة أنك ستتزوجنى من اجل الطفل لأنك تريد أن تمنحه اسمك . انتم الرجال لا تفكرون إلا فى ذلك .

- ميجن . أرجوك , ليس هناك شئ من هذا القبيل بيننا . أنت تعرفين أننى احبك ألا ترين ذلك ؟ قولى الحقيقة

شعرت ميجن أنها ستبكى . وضعت الخاتم فى إصبعها . لمعت الدموع فى عينيها فى نفس اللحظة التى لمع فيها فص الخاتم الزمردى .

- هل أستطيع أن اطلب منك طلبا .

- بالتأكيد يا عزيزتى

- دعنى اخذ حماما الطفل يزعجنى

- حسنا سأنتظرك . سأنتظرك الوقت الذى تريدين .

أخذت ميجن تفكر أثناء الحمام . الموقف واضح . ووضوح مشاعرها نحو مايكل يزيدها شجاعة . طرحت على نفسها نفس الاسئلة عشرات المرات . وكأن اختبارا عقليا .
هل تحب مايكل ؟ نعم هل تريد الزواج منه وبذلك تكرس له حياتها ؟ نعم . هل تريد أن تقيم أسرة حقيقية معه ؟ نعم وتوالت الاجابات نعم ونعم . هل هناك وسيلة لتخفى عنه الحقيقة إلى الابد ؟ لا إن نهاية الكذب ستكون بداية لحياة سعيدة مع مايكل الرجل الذى تحبه . رجل حياتها ؟ نعم . رجل حياتها الذى لا تستطيع أن تقابله إلا مرة واحدة على الأرض الرجل الذى بحثت عنه دائما .
عندما عادت الى الحجرة كان مايكل قد دخل لينام حتى لا يجبرها على الحديث . لقد اتعبته احداث اليوم . نظرت إليه ميجن وهو نائم . كم هو جميل ووجهه برئ . إنه يشبه الملائكة رغم ضخامة جثته التى تشبه العملاق القوى . فتح عينيه ببطء .سألها :
- هل أنت بخير ؟

- لا ياعزيزى

- اذهبى إذن لتنامى

وضعت ميجن يدها على فم مايكل حتى تجبره على الصمت . كانت تعرف أن شجاعتها ستخونها إذا بدأ يتحدث بصوته العذب ويقول كلمات الحب التى يعرف أسرارها أرادت أن تعترف له بالحقيقة . دون أن تترك له فرصة مقاطعتها مرة واحدة

باردته بصوت هادئ :
- مايلك أنا لا أنتظر منك أن تسامحنى كل ما اطلبه منك هو أن تسمعنى حتى النهاية وألا تكرهنى بعد ذلك

همس مايكل بشئ فى راحة يدها لكنه لم يحاول أن يحرر شفتيه .
وشعرت ميجن بهدوء غامض . وأخذت تتكلم كأن ملاكا يهمس إليها بالكلمات فى اللحظة المناسبة .

- لم تكن مقابلتنا مصادفة . لقد حسبت لها كل شئ . لست أدرى إذا كنت ستتفهم ذلك ،كنت أريد طفلا . كنت أريده بشدة وإلى درجة لا تستطيع أن تتخيلها . كل حياتى منذ سنين تتجه فى هذا الاتجاه . الحصول على طفل .لم أعد أصبر . الأيام تمر والانسان يتعب وييئس ويتقدم فى السن .

واستطردت ميجن تقص تفاصيل خطتها من أول رقصة الاستبيان واستطلاع الرأى إلى ما إنتهت إليه الليلة المشهودة :
- لقد ندمت بالتأكيد خاصة عندما رأيتك مع هنرى آلدرمان كنت أظن أننى لن أراك أبدا .لقد اخترتك كما أختار فستانا بين العشرات فى فترينة متجر . لقد استغللتك بشكل بشع .وشعرت بعدها أننى بشعة أيضا .... كل ما أستطيع ان أقوله لك : إننى أسفة من كل قلبى .
نظر إليها . لم يكن يظن أبدا انه يستطيع أن يحب كما يحب ميجن الآن . إن كل كيانه يفيض حبا لها . لم يرد مايكل أن يتحدث وكذلك عندما حررت ميجن شفتيه ظل صامتا . إنه لا يريد أن يكسر سحر هذا الصمت . أما ميجن فكانت متوجسة وقلقة حتى الموت تنتظر إجابته .

- مايكل ألن تقول شيئا ؟ هل سمعت ما قلته لك ؟ هل أنت نائم ؟

همس :
- لا ، لست نائما .

أراد ان يحتضنها ويمطرها بالقبلات . لكنه تبين ما تشعر به ميجن من تعب . لقد أنهكها الاعتراف بالحقيقة . إنها تحتاج الآن إلى الحنان والراحة والنوم .

أعترف بدوره :
- إنى أعرف كل ذلك يا عزيزتى كونراد حكى لى كل شئ يوم تقابلنا

بدت الدهشة على وجه ميجن . أمسكت رأسها بين يديها ولاذت بالصمت فهى لا تعرف ماذا تقول .كان مايكل يعرف مدى تألمها خلال الأيام الماضية باحتفاظها بهذا السر .

- هل تتذكرين ،بعد رحيل كونراد خرجت فى جولة فى القرية كنت غاضبا بالتأكيد ولكن ليس لما فعلته بل لأنك كذبت على .كنت سعيدا لأنك اخترتنى من بين الآخرين .ثم قلت لنفسى : إنك مجنون تماما وإنه يجب أن أعدود إلى نيويورك دون ان أخبرك . وعندما فكرت فى أن أتركك عرفت كم أحبك . الشئ الوحيد الذى آلمنى هو صمتك . لأنى قد أموت إذا تأكدت أنكلا تثقين بى .ولا تؤمنين بحبنا لهذا لم أقل لك قبل هذا المساء .لكن انتهى الأمر الآن . دعينا لا نفكر فى ذلك يا حبى .
ابتسمت ميجن بما أنه لا يوجد كلمات ذات جدوى بعد كل ما قيل ... أراحت ميجن رأسها على صدره وأغلقا عيونهما كطفلين أجهدهما اللعب .


# # # #
فى صباح اليوم التالى ، استيقظت ميجن متأخرة نحو الثانية عشرة ظهرا . كانت وحيدة . الشمس ساطعة وجدت على الطاولة المجاورة للسرير رسالة من مايكل :
" صباح الخير يا ملاكى الصغير . لم يطاوعنى قلبى أن أوقظك .كنت جميلة جدا وانت نائمة ... سأذهب إلى نيويورك بدأت أعمالى تغار منك لأنى أهتم بك أكثر مما اهتم بها . اصنعى لنفسك غداء طيبا . سأعود هذا المساء وسنتناول العشاء فى الخارج .أحبك مايكل "

ملحوظة : لا أعتقد أن الأمور قد حدثت كما تظنين فى ليلة لقائنا الأول . لقد قررت المشيئة الإلهية أن نتقابل وهذا كل شئ .وبدونها ما كنت أنا ولا أنت هنا .إن كل شئ مكتوب كل شئ فى مكانه ويأتى فى أجله المحتوم . نحن كالعميان الذين لا يعرفون قراءة رموز القدر .دائما تتضمن الأشياء حقائق خفية وغامضة لا نفهمها .أهم شئ هو أن نكون معا .إنه قدرنا يا حبى ،قدرنا الجميل .فكرى فى ذلك "

وضعت ميجن الخطاب فوق قلبها ونظرت إلى إصبعها الذى يزينه الخاتم هدية مايكل . فى الحدائق ظهرت بشائر الربيع . الذى سيعيشانه معا . جاءتها فكرة أن هذه الشمس ليست شمس كل يوم بل إنها قد بزغت اليوم من أجلها . ومن أجل مايكل ومن أجل الطفل الذى تحمله كأنها حياة جديدة كأنها هبة إلهية من السماء .

تمت بحمد الله






Rehana 25-10-09 07:24 PM

يعطيك العافية ..زونار

dora19 25-10-09 11:33 PM

شـكــــرا ... لك مني أجمل تحية .

القريصة 26-10-09 12:46 AM

رواية ممتعة وجميلة
شكرا لك

وفاء حسين سلطان 30-10-09 02:20 AM

رائعة جدا وشيقة

rana_rana 05-11-09 01:12 AM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

تمارااا 05-11-09 03:49 AM

يعطيك العافية ياقلبو

جاري القراءة:)

أبوغرسة 06-11-09 06:53 PM

أناأشكركم.علي هذه الرواية, وسوف أشارك معكم بأشعارمن عندي وأنا عضو جديد في هذا المنتدي الرائع فأنا معلمة لغة عربية وأحب الشعر والقصص كثيرا وأحب أن تساعدون في الكتابة اليكم ولكم شكري وتقديري أحبكم جميعا

نونا المجنونه 19-11-09 08:58 PM

شكرا علي القصه ياقمر

زهرة الماس 27-11-09 08:25 PM

يسلموووووووووووووووووو000000000000تحياتي لك

قماري طيبة 12-12-09 09:00 PM

thaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaanks

ammy200 14-12-09 11:04 PM

قصه رائعه وبانتظار المزيد
شكـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرا

AZAHEER 13-02-10 01:19 AM

مشكووووووووووورة يا عسسسسسسل

سفيرة الاحزان 06-04-10 05:06 PM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

رومنسية زمانها 07-04-10 10:22 AM

زونار يعطيك الف عافية كثير ماننحرم منك ولامن جديدك رواية رااااااااائعه بجد يسلموووو

الجبل الاخضر 16-04-10 08:10 PM

:55::55::55::55::55::55::55::55::55::55::55::55::55::55::55:
تسلم ايدك ويعطيك الف عافيه واختيار رائع وشكرا وننتظر جديدك

فيفيان 28-04-10 04:15 PM

موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية . جزاك الله الف خير شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

بحيرة الدموع 01-10-10 07:24 PM

شكرا عاشت الايادي

فجر الكون 30-12-10 10:32 PM

تسلمي حبيبتي ع الرواية الجونــآآآآآآن ،،

يعطيك العــــافية ،،

انكوى قلبي 01-01-11 08:24 PM

روعه روعه روعه بجد يعطيك العافيه
وتسلم ايدك

ساكنه 13-01-11 06:24 PM

:flowers2:وااااااااااااااااااااو مرة حماااااااااااس مشكورة يازونارتقبلي فائق امتناني ومنتضرين :liilas::7_5_129::dancingmonkeyff8::mo2: التكملة ياقمر ودمتي لي في قلبي سكنة

ساكنه 13-01-11 11:33 PM

:8_4_134::friends::c8T05285::rdd12zp1::asd::asd::asd::asd::a sd::asd::f63::0041:مشكوووووووووووووووورة نهاية مررررررررررة حلوة رمنسية الف شكر اليك ياقمرودمتي لي في قلبي سكنة

سماري كول 18-11-11 06:37 PM

تسلمين ع الروايه الحلوه حبوبه

سماري كول 18-11-11 06:38 PM

تسلمين ع الروايه الحلوه فديتج

ندى ندى 19-11-11 06:08 PM

رووووووووووووووووووووعه

نجلاء عبد الوهاب 19-09-13 12:21 AM

رد: 472- الليلة الموعودة - دار ميوزيك ( كاملة )
 
:welcome_pills3::welcome_pills3::welcome_pills3::welcome_pil ls3::welcome_pills3::7_5_122::7_5_122::7_5_122::7_5_122::7_5 _122::7_5_122::7_5_125v::7_5_125v::liam_shadowboxer_sc:liam_ shadowboxer_sc:welcome_pills1::welcome_pills1::winking_doll: :winking_doll::winking_doll::winking_doll:

يسوره 30-09-13 12:12 PM

رد: 472- الليلة الموعودة - دار ميوزيك ( كاملة )
 
:55: رواية رائعه جدا يسلوووووو ايدك ياقمر ننتظر المزيد من ابداعاتك

مارية 01-10-13 06:12 PM

رد: 472- الليلة الموعودة - دار ميوزيك ( كاملة )
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الرواية كتير حلوة شكرا لك على مجهودك

غنجة بيا 07-10-13 02:42 AM

رد: 472- الليلة الموعودة - دار ميوزيك ( كاملة )
 
مشكورة ودمتى بخير الرواية جدا رائعة

الجبل الاخضر 22-08-14 07:30 AM

رد: 472 - الليلة الموعودة - دار ميوزيك ( كاملة )
 
تسلمي عيوني :55:برافو :55:برافو :55:برافو :55:برافو :55:تسلم الانامل :hR604426:على المجهودك الرائع والاختيار الممتاز:55::peace: ونشكرك على تعبكي:lol: ياعسل :wookie:وننتظر جديدك:dancingmonkeyff8:

ريهام سراج 26-08-14 06:22 PM

رد: 472 - الليلة الموعودة - دار ميوزيك ( كاملة )
 
شكرا لكي روايه رائعه لا امل من قرائتها
تسلم ايدك

حنان محمد ابراهيم 02-06-17 03:13 AM

رد: 472 - الليلة الموعودة - دار ميوزيك ( كاملة )
 
الرواية غاية فى الجمال تسلم ايدك

paatee 05-10-17 02:33 AM

رد: 472 - الليلة الموعودة - دار ميوزيك ( كاملة )
 
تسلم الايادي يعطيكي العافيه


الساعة الآن 05:31 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية