منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   رجل المستحيل (https://www.liilas.com/vb3/f156/)
-   -   انفراد على موقع ليلاس العد الخاص الجديد لرجل المستحيل: قاهر الاسود (https://www.liilas.com/vb3/t120699.html)

السنيورا الغامضة 05-10-09 06:47 PM

انفراد على موقع ليلاس العد الخاص الجديد لرجل المستحيل: قاهر الاسود
 
العد الخاص الجديد لرجل المستحيل قاهر الاسود......

والذى وقعت احداثه بعد انتهاء عدد المواجهة ومع بداية تولى ادهم صبرى مهمةتدريب الكوادر الجديدة وقبل احداث العملية الاخيرة (المدرب) التي اختفى بعدها......

العدد كان من المفترض نزوله فة معرض الكتاب السابق ولكن لقرار المؤسسة العربية الحديثة تقرر تأجيله للمعرض القادم

واليكم الفصل الاول والثانى من العدد....


1- حياة جديدة .

" صباح الخير"
التفت ذلك الشاب , طويل القامة عريض المنكبين قصير الشعر , إلى الخلف , وتطلع قليلا إلى ذلك الشاب النحيل الذى يرتدى منظارا طبيا , والذي بدا مرتبكا , ثم قال :
- صباح الخير .
تنحنح النحيل بارتباك , مغمغما :
- معذرة على تطفلي , فقد رأيتك بمفردك , وأنا لا أعرف أحدا هنا و ..
لم يجد ما يقوله , فتلعثم , فارتسمت ابتسامة هادئة على شفتي الشاب , وقال :
- لا عليك .. كلنا هذا الرجل .
ومد يده نحوه , مستطردا :
- النقيب ( حاتم الشريف ) .. مكافحة الإرهاب .
صافحه النحيل بارتباك , قائلا :
- ( مروان درويش ) .. طبيب نفسي .
قال ( حاتم ) مبتسما :
- تشرفنا .
وصمت لحظة , ثم أشار إلى الجميع , قائلا :
- إذن فقد جاءتك الدعوة مثلنا .
عدّل ( مروان ) منظاره الطبي , مغمغما :
- هذا صحيح .
وتردد لحظة , قبل أن يغمغم :
- رغم أنني لست أدرى كيف عرفوا بى , ولماذا أنا بالذات .
غمغم ( حاتم ) بهدوء :
- إنهم لا يختارون سوى أفضل العناصر الموجودة .
حدق ( مروان ) فى وجهه لحظات , ثم غمغم :
- حقا ؟
أومأ برأسه إيجابا فى صمت , وتطلع مرة أخرى إلى من حوله ..
كان هناك فى تلك القاعة ما يقرب من العشرين شخصا ..
شباب وفتيات فى مثل سنه تقريبا ..
وكان من الواضح , أنهم مزيج من العسكريين والمدنيين و ..
" الرجاء من الجميع , دخول القاعة ( أ ) "
قطعت العبارة الهادئة أفكار ( حاتم ) , فدارت عيناه فى المكان , حتى توقفتا عند القاعة المنشودة , فغمغم :
- ها هي ذي .
سأله ( مروان ) وهو يسير بجواره نحو القاعة :
- ألديك فكرة عما سيحدث الآن ؟
غمغم ( حاتم ) :
- كل شيء سيتضح بعد قليل .
دلف الاثنان إلى القاعة , التي كانت أكثر اتساعا من القاعة الأولى , وتراصت بداخلها مقاعد أنيقة , فاتخذ الاثنان مقعدين متجاورين , ومال( مروان ) على أذن ( حاتم ) هامسا :
- يبدو أنهم سيعرضون علينا فيلما ما .
تطلع ( حاتم ) إلى شاشة العرض الكبيرة فى صمت , فى نفس اللحظة التى بدأت فيها أضواء القاعة فى الخفوت تدريجيا , حتى أظلمت القاعة تماما ..وهنا بدأ العرض .. كان فيلما عن رحلة الجهاز عبر نصف قرن من الزمن , من بداية التكوين , والمبنى القديم , ثم الجديد , ونبذه عن أقسام الجهاز الداخلية , وعرضا لبعض العمليات ..
وبأنفاس مبهورة , تابع الجميع الفيلم , وقلوبهم تخفق من فرط الحماس , وتمتم ( مروان ) بانبهار :
- ياإلهى !! .. لقد كنت أقرأ فى صباي عن جهاز مخابراتنا , ,إلا أنني لم أكن أتوقع أنه بهذه الروعة .
لم يعلق ( حاتم ) على قوله , وهو يتابع الفيلم بدوره , بانفعال شديد , وقلبه يخفق بقوة ..
وفى أعماقه شعر بحماس شديد , لأنه ينتمي الآن إليه ..
وانتهى الفيلم , وبدأت أضواء القاعة تشتعل تدريجيا , فقال ( مروان ) بإنبهار :
- يا للروعة !!
" صباح الخير "
حاول الجميع تحديد مصدر الصوت , إلا أنهم فشلوا , وعاد الصوت الهادئ يقول من مكان ما :
- مرحبا بكم فى ( المخابرات العامة المصرية ) .
شعروا بالحماس يدب فى أوصالهم , وصمت الصوت لحظة , ثم استطرد قائلا :
- لابد أنكم لاحظتم أن نصفكم على الأقل ليسوا عسكريين .. وهذا منطقي .. فكل جهاز مخابرات فى العالم , يضم العديد من الخبراء فى كافة المجالات .. بينكم ضابط الشرطة والصاعقة ومكافحة الإرهاب .. وبينكم أيضا مهندس الكمبيوتر والطبيب البشرى والنفسي .وتابع بهدوء :
- من اليوم , سيبدأ كل منكم حياة جديدة , تختلف عن حياته السابقة تماما .. لن تتغير أسمائكم بالطبع , ولكن وظائفكم لن تعد كما كانت .. أنتم الآن تعملون لحساب ( المخابرات العامة المصرية )، وأنتم تعرفون بالطبع أن السرية مطلوبة بشدة فى مجالنا .
مرة أخرى عاد الصوت يصمت لبضعة لحظات , قبل أن يعود قائلا :
- أعلم جيدا أن لدى كل منكم عشرات الأسئلة , لذا فأنا مستعد لسماعها والإجابة عليها .
تساءل أحد الشباب بحذر :
- لماذا نحن بالذات ؟
أجابه الصوت بهدوء :
- لأننا نبحث عن أفضل العنصر فى كل المجالات .
تساءل آخر :
- والمفترض أننا الأفضل .. أليس كذلك ؟
قال الصوت بنفس اللهجة الهادئة :
- أنتم الدفعة الأولى من أفضل العناصر .
غمغمت إحدى الفتيات :
- هناك غيرنا إذن .
قال بهدوء :
- بالتأكيد .
سأله ( مروان ) بارتباك :
- وكيف تم الحكم على أننا الأفضل ؟
قال الصوت بغموض :
- لنا وسائلنا الخاصة .
تساءلت إحدى الفتيات بحذر :
- وما هذه الوسائل الخاصة ؟
أجابها بهدوء :
- المعرفة بقدر الحاجة فقط .. تذكروا هذه القاعدة جيدا .
قال ( حاتم ) بغتة :
- هل لنا فى معرفة مع من نتحدث بالضبط ؟
ساد التوتر القاعة بغتة مع سؤال ( حاتم ) المباغت . وحدق فيه ( مروان ) بدهشة مذعورة, وسادت فترة من الصمت المشوب بالتوتر , حتى ظن ( حاتم ) أنه أخطأ فى السؤال , إلا أن الصوت عاد يقول بهدوء :
- ورؤيته أيضا .
ومع نهاية قوله , بدأت شاشة العرض الكبيرة , ترتفع إلى الأعلى ببطء , وتعلقت عيون الجميع بها فى لهفة وانفعال , وخفقت قلوبهم فى شدة وهم يحدقون فى ذلك الرجل , الذى ظهر من وراء الشاشة وتقدم إلى الأمام فى هدوء ..
كان رجلا طويل القامة عريض المنكبين أشيب الفودين , على نحو زاد من وسامته , وإن بدا وجهه شاحبا قليلا ..
وفى هدوء شديد , وبابتسامة كبيرة , قال الرجل :
- تسعدني رؤيتكم وجها لوجه .. أنا رئيسكم الجديد .. العميد ( أدهم ) .
واستطرد قائلا :
- ( أدهم صبري ) .
وعادت قلوبهم تخفق ..
بمنتهى القوة .
***
تعالت طرقات خافتة على باب حجرة (قدري) خبير التزييف والتزوير في حجرته داخل إدارة المخابرات العامة المصرية فهب من مقعده بصعوبة بجسده الضخم نحو الباب وهو يلقي نظرة على ساعة يده هاتفا :
لاشك انه (شريف) . خبير الكمبيوتر الأول في الجهاز . من غيره يمكن أن يأتي في موعده بهذه الدقة ؟
قالها ثم فتح الباب فطالعه وجه (شريف) وهو يبتسم مرتبكا قائلا:
هل تأخرت يا سيدي ؟ أنت تعلم أن ال ...
قاطعه (قدري) بابتسامة واسعة وهو يحيط كتفيه بذراعه المكتنزة :
- تأخرت ؟ أنت أول من أراه يلتزم بمواعده بهذه الدقة .
ابتسم (شريف) في خجل وقال وهو يدلف إلى داخل الحجرة :
أشكرك يا سيدي . هذه شهادة عظيمة منك سأفخر بها ما حييت .
أغلق (قدري ) الباب ثم أسرع مهرولا إلى مكتبه , اتخذ مجلسه هناك وأشار إلى (شريف) بالجلوس , شبك أصابع يديه ثم قال وهو يتفحص في عيني( شريف) بإمعان :
هل أنت متيقن من اختيارك يا (شريف) ؟
أجابه (شريف) بحماس شديد :
نعم يا سيدي , تمام التيقن ...
أومأ (قدري) برأسه متفهما ثم حرك يديه وتململ في مقعده بصعوبة قائلا :
أهم ما يجب عليك أن تعرفه في هذه المهنة هو أنها تتطلب الدقة في الملاحظة و الصبر والنفس الطويل.
استمع إليه (شريف) باهتمام شديد وقدري يضيف :
ومن خلال معرفتي بك , أظن أنك لا تفتقر إلى هات الصفات على الإطلاق بل على العكس تتفوق فيها إلى درجة مدهشة . كما انك تتميز بشيء هام للغاية .
صمت قليلا قبل أن يضيف وهو يتطلع إلى (شريف) :
تتميز بعمل هو بمثابة العصا السحرية التي تحكم كل شيء في هذا الزمن .
ثم أشار بسبابته نحو (شريف) وقال في حسم :
أنك خبير كمبيوتر فذ .
احمرت وجنتا (شريف) بشدة وقال مرتبكا :
لست أدري كيف أشكرك يا سيدي , إن ...
قاطعه (قدري) قائلا في حزم :
الدرس الأول الذي عليك أن تتعلمه هو : لا مجال للمبالغة والمجاملة في العمل .
أومأ (شريف) برأسه إيجابا في خجل و(قدري) يضيف :
- وأنا عندما قلت أنك خبير كمبيوتر فذ فانا كنت أعني ما أقول . فكل التقارير في الإدارة تؤكد كلامي هذا , وتعتبرك خبير الكمبيوتر الأول في الجهاز .
قالها ثم أدخل يديه إلى دولاب مكتبه وأخرج منه أسطوانة كمبيوتر وبطاقة صغيرة ونهض من كرسيه الواسع و (شريف) يتابعه بعينيه بترقب و (قدري) يضيف :والقاعدة الثانية , أن لا مجال لإضاعة الوقت .
قالها ثم مد يده ل (شريف) وناوله أسطوانة الكمبيوتر مع البطاقة فتناولها الأخير و(قدري) يضيف :
الدرس الثاني هو أن تمحص في كل حرف تجده في تلك الأسطوانة و تحاول تقليد تلك البطاقة التي لديك .
نهض (شريف) من جلسته و (قدري ) يضيف وهو يشير إلى مكان في ركن الحجرة :
ستجد جهاز حاسوب هناك من أحسن طراز وبجانبه كل الأدوات التي ستحتاجها في عملك .
ثم أضاف بصرامة مفاجأة :
هيا أيها الضابط , لقد بدأ الدرس الثاني .
أجابه (شريف) بحماس شديد وهو ينهض من مقعده :
حاضر يا أستاذ .
قالها واتجه إلى ركن الحجرة ليبدأ عمله وشبح ابتسامة يبدوا على شفتي (قدري) ...
شبح ابتسامة تحولت إلى ابتسامة كبيرة...
* * *
" مبارك الوظيفة الجديدة . "
نطقتها ( منى ) برقة , فارتسمت ابتسامة باهتة على شفتي ( أدهم ) , وغمغم :
- أشكرك يا عزيزتي .
تأملنه لحظات فى صمت , قبل أن تسأله :
- كيف كان يومك ؟
غمغم :
- جيد .. لقد بدأنا فترة الإعداد للمتدربين الجدد , ويمكنني القول : أن معظمهم يبشر بمستقبل مبهر .
مرة أخرى , تأملته فى صمت , قبل أن تهمس :
- الأمر لا يروق لك .. أليس كذلك ؟
زفر فى حرارة , مغمغما :
- ولما لا يروق لى ؟ ..أنا الآن رئيس قطاع التدريب والإعداد , فلم تظنين المنصب لا يروق لى ؟
ابتسمت فى رقة , هامسة :
- لأنني أعرفك جيدا يا ( أدهم ) .. ربما أكثر مما تعرف نفسك .
نظر فى عينيها مباشرة , فتوردت وجنتيها بحمرة الخجل , وهى تستطرد :
- أعرف أنك لم تخلق لمثل هذا العمل يا ( أدهم ) .. مكانك الحقيقي هناك ..فى ساحة القتال ..حيث تقاتل من أجل ما قاتلت من أجلها طيلة حياتك .. ( مصر ) .
غاص فى عينيها السوداويين الجميلتين , فى حين تابعت هي بنفس الهمس :
- كل ما حدث , أنك انتقلت إلى موقع أخر , تخدم به ( مصر ) بطريقة أخرى ... فمثلما أخذت أنت فرصتك فى شبابك , ووجدت من يقودك , ينبغي عليك رد الجميل ل ( مصر ) , بالأخذ بيد كل من يمكنه خدمتها , وإعطاؤه الفرصة .
سادت لحظات من الصمت , وكلاهما يغوص ى عيني الأخر , قبل أن يهمس ( أدهم ) بحب :
- أنت رائعة يا ( منى ) .
غمغمت بخجل مديرة دفة الحديث :
- ألا توجد أخبار جديدة عن ... ( سونيا ) وابنك ؟
أدرك محاولتها للفرار من حديثه , فتظاهر بأنه لم يفعل , وعاد يزفر بحرارة , مغمغما :
- للأسف لا ..الأمريكيون رفضوا إخبارنا أية أخبار بخصوصها , أو بخصوص التحقيقات معها .. وفى الواقع , لست أهتم أبدا بتلك التحقيقات , أو ب ( سونيا ) نفسها .. كل ما أريده هو ابني .. ابني فقط .
نطق كلمتيه الأخيرتين بصوت متهدج , فشعرت بقلبها يكاد ينفطر من أجله , فهمست :
- ستجده بإذن الله يا ( أدهم ) .. أنا واثقة من ذلك .
مرة أخرى غاص فى عينيها للحظات قبل أن يمسك يديها فى رقة فشعرت بإرتجافة خفيفة فى جسدها فى حين همس هو :
- ( منى ) .. ألم يحن الوقت بعد ؟
سألته بصوت خافت :
- لماذا بالضبط ؟
أجابها هامسا :
- للأمر الذي تأجل أكثر من اللازم .. زواجنا .
تخضب وجهها بحمرة الخجل , وتمتمت :
- ( أدهم ) ل ..
قاطعها برقة :
- لا يوجد عذر هذه المرة يا ( منى ) .. أنا الآن فى وظيفة بعيدة تماما عن المخاطر , والعالم شبه مستقر الآن , لذا فلا داعى مطلقا للخوف أو القلق من شيء .
انخفض صوتها أكثر وهى تقول :
- ألا يبدو لك القرار متسرعا يا ( أدهم ) ؟
قال بحنان :
- متسرعا ؟ .. لو كان الأمر بيدي , لتزوجتك منذ لقاؤنا الأول يا حبيبتي .
اغرورقت عيناها بدموع الفرحة , وهى تهمس :
- ألن تندم على قرارك هذا ؟
ابتسم , وهمس بحب :
- صدقيني يا ( منى ) ..سأندم أشد الندم لو لم أتزوج ألإنسانه التي لم ولن يخفق قلبي لسواها .
ونظر فى عينيها مباشرة , مستطردا :
- على الأقل , يمكننا البدء بخطبة بسيطة .
وسألها هامسا :
- ما رأيك يا حبيبتي ؟
شعرت بقلبها يثب فى صدرها من فرط السعادة , فهمست :
- موافقة .
وتنهد ( أدهم ) فى ارتياح ..
فالآن ..
الآن فقط , يمكنه اعتبار هذه مرحلة أخرى مختلفة من حياته ...
وحياة جديدة يبدأها من الآن ..
الآن قط .
* * *





2- الذئاب .
" أخيرًا "
نطقها الرئيس الأمريكي بارتياح شديد , وهو يسترخى فى مقعده , داخل حجره مكتبه بالبيت الأبيض , فارتسمت ابتسامة كبيرة على شفتي وزيرة خارجيته السمراء , وهى تقول بارتياح مماثل :
- لست أصدق أنه منذ أقل من شهر واحد , كنا فى حرب شرسة مع شيطانة.... من حسن حظنا أن الأمور انتهت على ما يرام .
قال الرئيس وهو يسترخى فى مقعده أكثر :
- لصالحنا كالعادة .
ثم سألها :
- ما أخر الأخبار فى ( العراق ) ؟
مطت شفتيها , مغمغمة :
- كالعادة .. لقد فقدنا بضعة جنود أخرين , ولقي ما يقرب من الثلاثين من العراقيين مصرعهم .
ابتسم قائلاً :
- لا تقولي لي أنك متأثرة بهذا ؟
هزت رأسها نفيُا , مجبية :
- بالطبع لا .. ولكنني سئمت الأمر .. اليوم مثل أمس مثل غدًا .. لا جديد .
نظر إليها فى خبث , قائلًا :
- وما الجديد بالنسبة لك ؟ .. حرب جديدة ؟
تألقت عيناها على نحو مخيف , وهى تقول :
- ولم لا ؟
قال بخبث :
- ( سوريا ) مثلُا ؟ .. أم ( إيران ) ؟
ارتسمت ابتسامة شرسة على شفتيها , وهى تقول :
- لو كان الأمر بيدي لفعلت هذا بلا تردد .
عاد يسترخى فى مقعده , وهو يقول :
- ليس الآن يا عزيزتي .. نحن لم نتخلص بعد من مشاكلنا فى ( أفغانستان ) و ( العراق ) .
وصمت بضع لحظات , ثم استطرد قائلاً :
- لن يكون الأمر سهلًا هذه المرة .. ( إيران ) خصم شرس لا يستهان به .. خاصة وأنهم على مشارف العصر النووى .. أما ( سوريا ) , فلن يكون الأمر سهلًا معها مثل ( العراق ) .. العرب لن يظلوا صامتين هذه المرة .
أطلقت ضحكة ساخرة , قائلة باستهانة :- أتظن حقًا أنهم قادرون على الوقوف أمامنا ؟
عقد حاجبيه مغمغمًا :
- فى حالة إتحادهم سويًا.
قالت بصرامة :
- ومن سيمحنهم الفرصة لفعل هذا ؟
وعادت عيناها تتألقان فى شراسة وهى تستطرد قائلة :
- انظر ما يفعله أصدقائنا الإسرائيليون الآن فى ( إسرائيل ) بمساعدتنا .. الإيقاع بين ( فتح ) و ( حماس ) خطة عبقرية لتصفية الفلسطينيين ,دون أن نظهر نحن أو أصدقائنا الإسرائيليين فى الأحداث ..هم يقتلون بعضهم البعض , ونحن نجنى المكاسب فى النهاية , وبدون أن نبذل أدنى جهد .. هذه هي البراعة حقًا .
ونظرت إليه مباشرة مضيفة :
- هكذا ينبغي أن تكون إستراتجيتنا الجديدة مع هؤلاء العرب .. بث روح الكراهية والبغض بينهم .. ولا بأس من إثارة بعض الفتن الطائفية من وقت إلى الأخر , خاصة فى ( مصر ) .
تتطلع إليها الرئيس لبضع لحظات برهبة , قبل أن يطلق ضحكة متوترة , مغمغمًا :
- أحيانًا تثير أفكارك ذعري يا عزيزتي .
قالت مبتسمة :
- ولكنها فى النهاية تروق لك .. أليس كذلك ؟
التقت نظراتهما لعدة ثوان , فبل أن يجيب :
- بالتأكيد .
ألقت نظرة على ساعة يدها , ثم نهضت من مقعدها قائلة :
- سأغادر الآن .. لدى لقاء مع نظيري النرويجي بعد نصف الساعة .
غمغم :- لا بأس .. أراك لاحقًا .
ظل جامدًا فى مكانه لثلاث دقائق بعد مغادرتها , يفكر فى حديثها , قبل أن يقطع أفكاره , انبعاث صوت سكرتير مكتبه من جهاز الاتصال , قائلاً :
- سيدي الرئيس .. السيد مدير المخابرات وصل .
قال الرئيس بصرامة وهو يعتدل فى مقعده :
- دعه يدخل .
دلف مدير المخابرات المركزية الأمريكية إلى داخل المكتب , قائلاً :
- صباح الخير يا سيدي .
أشار إليه الرئيس بالجلوس , قائلًا :
- اجلس يا جنرال .
أطاعه الرجل على الفور , وسادت فترة من الصمت , قبل أن يشبك الرئيس أصابع يديه فوق المكتب , ويقول :
- كيف تسير الأمور مع سجينينا يا جنرال ؟
أجابه بسرعة , وكأنه ينتظر هذا السؤال بالذات :
- كل شيء على ما يرام يا سيدي .. كل منهما فى زنزانة منفردة , مزودة بوسائل أمن لا حصر لها , على نحو يستحيل معه أن تقترب نملة منهما , دون أن يتم رصدها .
تمتم الرئيس :
- عظيم .
ثم سأله باهتمام :
- هل تعتقد أنهما سيتعاونان معنا ؟
أجابه المدير بهدوء :
- لست اعتقد أن لديهما الخيار يا سيادة الرئيس , فهما في قبضتنا بالفعل , ونحن من نتحكم فى مصائرها .
أشار الرئيس بسبابته قائلا :
- توخى كل الحذر معها , فهما شخصان خطيران جدا .. ولا تنسى أنهما السبب في استقالة سلفك من منصبه , بعد أن توالت إخفاقاته في سبيل الإيقاع يهما .
لم يخبره المدير أن استقالة مدير المخابرات السابق , كانت استقالة تسبب فيها هو ومستشارته ووزير دفاعه أثناء صراعهم ضد الزعيمة الغامضة التي اتضح أنها هي نفسها ( سونيا جراهام ) , إلا أن هذا لم يمنع مدير المخابرات من أن يقول معقبا :
- اطمئن يا سيادة الرئيس , لقد قرأت كل شيء عنهما وعن صراع الإدارة معهما .. كما قرأت ملفيهما بالكامل ما جعلني أجد الوسيلة المثلي لإرغام احدهما على أن يتعاون معنا .
سأله الرئيس في اهتمام :
- أية وسيلة هذه ؟
أجابه المدير في ثقة :
- معلوماتنا تقول : أن لـ (سونيا جراهام ) ابن أنجبته من رجل المخابرات المصري ( أدهم صبري ) منذ سنوات , حينما كان هذا الأخير فاقدا لذاكرته , هذا الابن استطاعت أن تهرب به بعد أن استعاد ( أدهم صبري ) ذاكرته وأدرك حقيقة ما فعلته معه .
عقد الرئيس حاجبيه متسائلًا :
- وما صلة هذا بما نحن يصدده ؟
أجابه المدير بسرعة :
- صلة وثيقة يا سيادة الرئيس .. سنواجه ( سونيا جراهام ) بهذا الأمر, ونقنعها بأننا كشفنا مكان ابنها هذا , ونخيرها ما بين أن تتعاون معنا في مقابل أن نترك ولدها وشانه , أو ترفض فنتخلص نحن منه , أو نعيده إلى والده.. ولا أظنها ستقبل أمرًا مثل هذا أبدًا يا سيادة الرئيس .. لذا , فلن يكون أمامها إلا أن تتعاون معنا .
تطلع إليه الرئيس لحظات قبل أن يقول في حذر :
- هل تعني أننا سنخدعها ونخبرها أننا نعرف مكان ولدها في حين أن الحقيقة غير ذلك ؟
أجابه المدير بخبث :
- ومن سيخبرها بذلك يا سيادة الرئيس ؟
تطلع الرئيس إليه مرة أخرى في صمت , وقال له في حذر ليس له ما يبرره :
- دعنا نفترض أن خدعتنا هذه قد انطلت عليها , هل تظن أن امرأة مثلها يمكن أن تنصاع لتهديداتنا بهذه البساطة ؟ .. لقد أثبتت أنها امرأة شرسة لا تعرف الرحمة , ولا يمكن إخضاعها بسهولة , ولاشك انك تعرف هذا جيدا .
أجابه المدير بسرعة :
- هي أولًا وقبل كل شيء امرأة يا سيادة الرئيس , ولاشك أن مشاعر الأم بداخلها ستتغلب على كل المشاعر الأخرى لديها , فتتخلى عن الكثير من قسوتها وحذرها في سبيل ابنها , مما سيجعلها تبتلع الخدعة دون أن تدري .
صمت الرئيس وقتًا أطول هذه المرة وهو يفكر فيما قاله مدير مخابراته ..
هل يمكن حقًا أن تقع امرأة رهيبة مثل ( سونيا جراهام ) في خدعة مثل هذه , بهذه البساطة ؟
هل يمكن حقًا لامرأة واجهت أقوى دولة في العالم , وكادت تسيطر عليها بالفعل , لولا تدخل المخابرات المصرية , أن تستسلم وتذعن لهم ؟
ظلت هذه التساؤلات في عقله دون جواب , وزرعت العديد من الشكوك في ذهنه حول هذا الأمر , إلا أن هذا لم يمنعه من أن ينهض واقفًا و يلتفت إلى مدير المخابرات قائلا :
- فليكن .. نفذ خطتك هذه .. ولكن أحذر جيدًا , وتأكد انك تتعامل مع أفعى سامة .. أفعى يمكن أن تلدغك في أي وقت .
نهض المدير من مقعده بدوره , وصافح الرئيس قائلًا في حماس :
- اطمئن يا سيادة الرئيس .. سنتخذ كل الاحتياطيات اللازمة .
قالها وانصرف من مكتب الرئيس , تاركًا هذا الأخير يتساءل في أعماقه :
ترى , هل ستنجح هذه الخطة مع أشرس امرأة عرفها في حياته ؟! ..
هل ؟! ..
وبقي سؤاله معلقا في فضاء الحجرة ..
دون جواب .
***
" لست أصدق أن هذا يحدث حقًا "
همست بها ( منى ) بسعادة , وخاتم الخطبة الأنيق يتألق فى يدها , فارتسمت ابتسامة حانية على شفتي ( أدهم ) , ومد يده التي تتألق بخاتم أخر, لتحتضن يدها الرقيقة فى رقة , وعادت هي تهمس :
- هذا أسعد يوم فى حياتي كلها يا ( أدهم ) .
همس بحب : لن تتصوري كم ظللت أحلم بهذا اليوم يا ( منى ) .
وانخفض صوته أكثر , وهو يضيف :
- ما رأيك بان نقيم حفل الزفاف الشهر القادم ؟
تخضب وجهها بحمرة الخجل , وهمست :
- بهذه السرعة ؟
همس :- لو كان الأمر بيدي , لأقمته الآن .
وعلى مقربة منهما , انهمرت دموع والدة ( منى ) فى سعادة وهى تهتف :
- يا إلهى !! .. أخيرًا .. لم أكن أظن أنني سأعيش حتى هذا اليوم .
غالب والد ( منى ) دموعه , وربت على كتف زوجته بحنان , مغمغمًا:
- من إذن الذي سيحمل أبناؤها على يديه ؟
ارتجف جسدها فى انفعال , وهتفت من وسط دموعها :
- يا إلهى !! .. إنني أتحرق شوقًا لهذا اليوم .
قال بحنان :- سيأتي بإذن الله يا حبيبتي .. بإذن الله سيأتي .
وفى نفس تلك اللحظة , كانت دموع ( قدري ) تنهمر بغزارة من فرط السعادة , وهو يهتف ::
- حمدُا لله ..لم أكن أتصور أن أعيش لهذا اليوم الذي يشهد خطبة أعز أصدقائي .. حمدًا لله الذي منحنى الفرصة لفعل هذا .
ابتسم ( شريف ) وربت على كتفه قائلًا :
- أطال الله فى عمرك يا سيدي .
جففت ( ريهام ) دموعها , قائلة :
- ألن نصافح العروسين ؟
اتجه الثلاثة نحو العروسين , وصافحاهما ( شريف ) بحرارة قائلاً :- مبارك.
قالت ( منى ) مبتسمة :
- أشكرك يا ( شريف ) .
هتفت ( ريهام ) وهى تصافحهما , ثم تحتضن ( منى ) بحرارة :
- يا إلهى !! .. هذا أسعد يوم فى حياتي كلها
احتضن ( أدهم ) ( قدري ) , وربت على كتفه قائلًا بمرح :
- هل عيناي تخدعاني أم أن وزنك قل حقًا بعد كل هذه الدموع التي تذرفها منذ بداية الحفل ؟
ضحك ( قدري ) وارتج جسده الضخم , وهو يحتضن ( أدهم ) هاتفًا من وسط دموعه :
- لم تفقد بعد روحك المرحة يا صديقي العزيز .
ابتسم ( أدهم ) قائلًا بنفس لهجته المرحة :
- سأفقدها إذا فقدت أنت أطنان الشحوم هذه .
أطلق ( قدرى ) ضحكة أخرى , أرتج لها جسده مرة أخرى , فابتسم ( أدهم ) وربت على كتفه بحرارة قائلًا :
- يسعدني وجودك حقًا يا صديقي .
ارتفع رنين جرس الباب فى هذه اللحظة , فغمغم والد ( منى ) :
- عجبًا ! .. من يأتي لزيارتنا الآن ؟
قالها , وهو يتجه بالفعل ليفتح الباب , ولم يكد بفتح , ويقع بصره على ذلك الرجل الأنيق الوقور , حتى هتف :
- ألست أنت .. ؟!
ارتسمت ابتسامة رصينة على شفتي الرجل , وهو يقول :
- بلى .. إنه أنا .
التفت الجميع إلى مصدر الصوت , وهتف ( أدهم ) بسعادة :
- ( أحمد ) !!
واندفع نحو شقيقه الوحيد , وأحتضنه بحرارة هاتفًا :
- لم أكن أتوقع مجيئك خاصة وأنا أعلم أنك غارق فى العمل حتى أذنك .
قال الدكتور ( أحمد ) وهو يغالب دموعه :
- وأفوت خطبة شقيقي الوحيد ؟ .. لو كانوا يخيروني ما بين جائزة ( نوبل ) وخطبة شقيقي الوحيد , لاخترت الثانية بلا لحظة تردد واحدة .
قال ( أدهم ) بتأثر :
- لا تتصور مدى سعادتي لرؤيتك يا ( أحمد ) .
قال الدكتور ( أحمد ) بمرح مغالبًا دموعه :
- ليس مثل فرحتك بعروسك بالطبع .
التفت ( أدهم ) نحو ( منى ) , ومنحها نظرة حب , فتخضب وجهها بحمرة الخجل , وخفضت عينيها , ثم اتجه إليها الدكتور ( أحمد ) , وصافحها بحرارة , قائلًا :
- مبارك يا ( منى ) .. لا تتصوري مدى سعادتي عندما بلغني الخبر .. هذا أسعد خبر سمعته منذ مدة طويلة للغاية .
عاد جرس الباب يرن مرة أخرى , فهتف ( شريف ) :
- سأفتح أنا .
واتجه نحو الباب فى حماس , وفتحه , ولم يكد بصره يقع على الطارق , حتى اتسعت عيناه فى دهشة وهتف بانفعال :
- سيادة المدير ؟؟
التفت الجميع إلى المدير , الذي غمغم مبتسمًا :
- هل وصلت متأخرًا ؟
هتف ( أدهم ) بحرارة :
- مطلقًا يا سيدي .. مطلقًا .
وصافحه بحرارة قائلًا :
- وجودك يسعدنا ويشرفنا يا سيدي .
قال المدير مبتسمًا :
- أنتما بمثابة أشقائي الصغار يا ( أدهم ) .. ولو لم أشاركهم فرحتهما , من أشارك إذن ؟
وأضاف بمرح :
- كما أن المرء لا يحضر كل يوم خطبة ( رجل المستحيل ) .
أطلقت ( ريهام ) ضحكة صافية , قائلة :
- صدقت يا سيدي .
دارت عينا ( أدهم ) فى وجوه الجميع , قبل أن يقول بتأثر صادق :
- صدقوني .. هذا أسعد يوم فى حياتي .. اليوم أقترن بالمخلوقة الوحيدة التي خفق لها قلبي .
انهمرت دموع السعادة من عيون ( منى ) ووالدتها و( ريهام ) , وارتج جسد ( قدرى ) الضخم , ودموعه تنهمر بغزارة , وبذل الدكتور ( أحمد ) جهدًا كبيرًا لمنع دموعه من الانهمار , فى حين استطرد ( أدهم ) قائلًا, بنفس اللهجة الصادقة المتأثرة :
- اليوم , كل أصدقائي وأحبابي يشاركوني فرحتي ..لا أدرى حقًا كيف أشكركم على السعادة التي منحتموني إياها ..
حفظكم الله ( سبحانه وتعالى ) وأدامكم لي .
هتف ( شريف ) , وهو يجاهد بدوره ليمنع دموعه من الانهمار :
- ماذا بكم ؟ .. هل سنقضى الليلة فى البكاء ؟ .. أين الحلويات والمشروبات ؟
جففت ( منى ) دموعها , وهتفت بمرح :
- يبدو أن تأثيرك بدأ ينطبع على ( شريف ) يا ( قدرى ) .. أخشى بعد شهر من الآن أن يصبح لدينا اثنان ( قدرى ) .
ضحك الجميع على عبارتها , ولم تمر بضع ثوان , حتى كانوا يتناولون الحلويات والمشروبات , وضحكاتهم المرحة تنطلق طوال الوقت .. أما ( أدهم ) , فقد عاد يدير عينيه بين الجميع مرة أخرى ..
كان يعيش بالفعل أسعد لحظات حياته ..
كل أحبابه بجواره الآن ..
كلهم عدا واحدًا فقط ..
ابنه ..
ولم يكد يتذكره , حتى شعر بقبضة باردة تعتصر قليه , وبسؤال واحد يتردد فى ذهنه ..
ترى أين هو الآن ؟! ..
أين ؟!! .

أسطورة الكهرباء 05-10-09 08:50 PM

أعتذر فقد قرأتها بسرعة ولم أكملها....
أشكرك على هذا المجهود الرائع..
وأتمنى منك أو من المشرفين إيمان وكونان دويل رفعها بصيغة pdf
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

منى توفيق 05-10-09 10:03 PM


جميل جدا ^^ ... سلمت الأيادي وبانتظار التكملة على أحر من الجمر

Eman 05-10-09 10:06 PM

رائع جدا,,
يسلمو ايديكي اختي السنيورا على العدد..
تم تثبيت الموضوع..
بانتظار التكملة,..
وان شاء الله لما تنتهي جميع الأجزاء رح احولها لكتاب..
يعطيكي العافية..

السنيورا الغامضة 05-10-09 11:24 PM

شكرا جزيلا على تقديركم لمجهودى
وانتظرونى غدا انشاء الله مع الفصل الثالث من الرواية

السنيورا الغامضة 06-10-09 09:14 AM

3- ( آدم ) .
لدقيقة أو بزيد , ظل مدير المخابرات المركزية الأمريكية واقفًا فى مكانه , أمام تلك الزنزانة الحصينة , القابعة فى قلب جهاز المخابرات الأمريكية , وبدا مترددًا لعدة لحظات أخرى , قبل أن يحسم أمره ويقول بصرامة :
- افتح الباب .
قالها وشد قامته , فى نفس اللحظة التي انفتح فيها الباب الإليكتروني ببطء ..
ولعدة لحظات أخرى , ظل واقفًا أمام الباب المفتوح , قبل أن يلتقط نفسًا عميقًا ملأ به صدره , ثم يدل إلى الداخل ..
كانت زنزانة واسعة , بها مقعد واحد ومنضدة صغيرة وفراش بسيط , وملحق بها دورة مياه صغيرة ..
وللحظات أخرى , ظل المدير يتطلع فى صمت إلى تلك الفاتنة المسترخية فوق الفراش ..
إلى ( سونيا جراهام ) ..
وفى بطء , التفتت إليه ( سونيا ) , ورمقته بنظرة قاسية , تجاهلها وهو يقول بصوت حاول أن يجعله هادئًا :
- كيف حالك يا ( سونيا ) ؟
أدارت وجهها , قائلة بلهجة شبه ساخرة :
- أنت إذن ألعوبتهم الجديدة .
حافظ المدير على هدوء أعصابه , وهو يقول :
- عظيم .. مازلت تتحلين بروح السخرية رغم سجنك .
قالت بلهجة مستفزة مقلدة أسلوبه :
- عظيم .. يبدو أن دقة الملاحظة فى جهازكم فى زيادة .
تجاهل تعليقها الساخر , وهو يقول بلهجة هادئة :
- لعلك تتساءلين : لماذا أبقينا على حياتك كل هذه المدة , رغم كل ما فعلتيه ضدنا ؟
تجاهلت سؤاله تمامًا , ولم يبد عليه أنه ينتظر منها جوابًا , فقال :
- كان من المفترض بعد كل ما سببتيه لنا من مشاكل ومخاطر , أن نقتلك .. وبمنتهى القسوة .
ضغط على كلمتيه الأخيرتين , فارتسمت ابتسامة ساخرة على شفتيها , وقالت :
- يا لرقة مشاعركم !
تجاهل تعليقها الساخر مرة أخرى , وهو يستطرد قائلًا :
- ولكننا رأينا أن بقاءك حية سيفيدنا أكثر من قتلك .
رمقته بنظرة ساخرة دون أن تعلق هذه المرة , فالتقط هو نفسًا عميقًا , قبل أن يتابع :
- وحتى نضمن ولاؤك وخضوعك لنا , كان يجب أن نراجع تاريخك كله .. بمنتهى الدقة .
وصمت لبرهة , ثم أضاف بلهجة خاصة :
- حتى وجدنا الوسيلة المثلي لهذا .
تطلعت إليه ( سونيا ) فى حذر , فى حين صمت المدير لبضع لحظات , ثم أضاف ببطء :
- ابنك .
انعقد حاجبا ( سونيا ) بعنف , ورمقته بنظرة قاسية شرسة , فسرت فى جسده قشعريرة باردة , إلا أنه تماسك فى سرعة وهو يشعل سيجارة , نفث دخانها , قائلًا :
- اسمه ( آدم ) .. أليس كذلك ؟
لم تجب سؤاله , واكتفت بالنظر إليه فى شراسة , فعاد يقول ببطء :
- ( آدم أدهم صبري ) .
وصمت لعدة لحظات , تأملها خلالها فى برود , قبل أن يقول :
- من كان يصدق أن ( سونيا جراهام ) تتزوج ( أدهم صبري ) , وتنجب منه ابنًا ؟
واستطرد بسخرية :
- حقًا الحب يصنع المعجزات .
قالت بشراسة :
- ماذا تريد بالضبط ؟
قال بصرامة :
- التعاون الكامل معنا .
عقدت حاجبيها فى شراسة , فاستطرد هو بصرامة أكبر :
- فى مقابل بقاء ابنك حيًا آمنًا .
هتفت بنفس لهجتها الشرسة :
- وما الذي يجبرني على فعل هذا ؟ .. إنه ليس فى حوزتكم .. وأنا لن أخبركم مكانه مطلقًا .
كان يريد أن يخدعها , إلا أن شيئًا ما بداخله جعله يعدل عن هذا , ويقول بصرامة :
- إنها مسألة وقت فحسب .. العشرات من رجالنا انطلقوا للبحث عنه فى جميع أنحاء العالم .
واستطرد بصرامة أكبر :
- وسيجدونه حتمُا .. إن عاجلًا أو آجلًا سيجدونه .
وأضاف ببطء :
- وحينها ..
قالت بشراسة :
- إذا مسستم شعرة واحدة منه سـ ..
قاطعها بلهجة صارمة :
- هذا يعتمد على مدى تعاونك معنا .
رمقته بنظرة بغض هائلة , إلا أنه تجاهلها , وهو يسحق السيجار بقدمه , قبل أن يقول بصرامة :
- أمامك خمس ساعات لتحسمى رأيك يا (سونيا ) .
واتجه نحو الباب , وتوقف على بعد سنتيمترات منه , واستطرد قائلًا :
- وضعي فى اعتبارك , أنه توجد وسيلة أخرى للاستفادة من ( آدم ) غير إيذاؤه .
بدأ الباب ينفتح ببطء , وازداد انعقاد حاجبي ( سونيا ) , قبل أن يضيف المدير بلهجة خاصة :
- كإرجاعه لوالده مثلًا .
قالها وغادر الحجرة - التي عاد بابها ينغلق خلفه - وهو يعلم جيدًا أن عبارته الأخيرة أثارت جنون ( سونيا ) ..
أثارته بحق .
***
هبت نسمات رياح هادئة , في ذلك الوقت من الصباح , على تلك الفيلا الفخمة , وأطلق ذلك الطفل الصغير ضحكة صافية , وهو يداعب كرة قدم بقدمه الصغيرة في حديقة الفيلا الواسعة , وصفق بيديه في فرح لأنه استطاع أن يسجل بها هدفا في ذلك المرمى الصغير في مقابلته ..وغير بعيد عنه , جلس رجلان مفتولا العضلات يراقبان تحركات الطفل , ويجولان بنظرهما في الفيلا كلها بشيء من الترقب ..*و في إحدى شرفات الفيلا المطلة على الحديقة , وقف رجل وامرأة يراقبان الطفل , وغمغمت الأخيرة وهي ترمق الطفل في ضيق :
- لست ادري لماذا أشعر أن مراقبة طفل طوال اليوم والعناية به , هو أسخف عمل أقوم به في حياتي .
قال الرجل في هدوء :
- هذا العمل السخيف تتقاضين عنه أجرا ضخما.. تذكري هذا جيدا .
مطت المرأة شفتيها ثم قالت :
- وما قيمة العمل إذا لم أستمتع به , حتى و لو كنت أتقاضى عنه الآلاف ؟
أجابها :
- ومن أدراك أن هذا العمل سخيف .. هذا الطفل الذي نقوم برعايته طفل غير عاد أبدا .. إنه ابن السيدة شخصيا .
التفتت إليه قائلة :
- هل تعتقد أنه مجرد أن يكون ابنا للسيدة , يقتضي هذه الدرجة من الحذر في المراقبة ؟.. إننا نغير مكاننا بشكل دائم ومفاجئ , وفق إجراءات أمنية غاية في التعقيد .. كلا .. هناك سر ما يتعلق بهذا الطفل .. سر خطير .
لم يعلق على قولها , فأضافت هي في حنق :
- و الأكثر مدعاة للحنق أننا نجهل تقريبا كل تفاصيل العمل الذي نقوم به ... فقط تصلنا التعليمات من جهة ما , تحدد المكان الجديد الذي سننتقل إليه , مع طاقم جديد من الحراسة يتعامل معنا بمنتهى الجفاء , وكأننا رجال آليون دون أن يكون لنا الحق في أن نناقش أي شيء مما نقوم به .
تطلع الرجل إلى الطفل عبر الشرفة في برود , وقال لها بصوت أكثر برودا :
- هذا يدخل يا عزيزتي في أمور السرية .. فاستبدال طاقم الحراسة كل مرة , يزيد من درجة الحماية , فالسيدة تخشى أن تقوم جهة ما باستقطاب احد الحراس ليعمل لحسابها .
ثم التفت إليها متابعا بنفس الهدوء :
- ثم إن جهلنا لأية تفاصيل , يجعل موقفنا أكثر أمانا .. فحتى لو وقعنا في قبضة أية جهة لن نمثل أية خطورة على السيدة وطفلها .. أما لو كنا نعرف أكثر مما ينبغي عن السيدة , فهذا يعني ببساطة أنها ستتخلص منا ذات يوم , حفاظا على سريتها وسرية طفلها .
شحب وجه المرأة , فى حين استطرد هو قائلًا :
- و هذا يعني أنه من الأفضل ألا نعرف سوى أقل القليل , وألا نسأل عن طبيعة العمل الذي نقوم به , ما دمنا نتقاضى أجرنا بالكامل .
قال عبارته هذه وهو يرمق الطفل ببرود , وصمت لحظة بدا خلالها وكأنه لن يواصل حديثه , إلا انه قال فجأة دون أن يستدير إلى المرأة :
- ثم لا تنسي أيضا , أنه من المحتمل أننا أيضا تحت المراقبة .. بل المفروض ان نكون كذلك .. وهذا يعني أن أية محادثات نتبادلها هنا , قد تصل بحذافيرها إلى السيدة .. ولا أظن أن اعتراضاتك هذه ستروق لها .. أليس كذلك ؟
شحب وجه المرأة أكثر , وهتفت بذعر :
- أنا لا اعترض أبدا.. بل يروق لي العمل الذي أقوم به .. يروق لي جدا .
التفت إليها , ورمقها بنظرة قاسية دون أن يجيب , فأدارت وجهها الشاحب إلى الطفل , وتطلعت إليه فى توتر , وهي تتساءل عن طبيعة هذا الطفل بالضبط , دون أن يخطر ببالها مطلقا , أن ذلك الطفل بالذات , يحوز في هذه الأيام تحديدا , على اكبر قدر ممكن من الأهمية , من أقوى دولة في العالم ..
" استعدي .. سنغادر المكان مرة أخرى "
انتفضت المرأة في مكانها , ونفضت عن نفسها موجة التفكير التي تغوص فيها , عندما نطق الرجل عبارته الأخيرة , فالتفتت إليه وهتفت بسرعة :- بالتأكيد.
مع قولها , دلف أحد الرجال إلى الحجرة , وقال في صرامة :
- هيا بنا .. سنغادر الآن .
كان الرجل و المرأة مستعدان دائما للمغادرة وفي أية لحظة , نظرا لطبيعة مهمتهما , لذا فقد اكتفيا بأن حملا حقيبتين بسيطتين معهما ثم اتجها نحو الباب , وغادراه مع الرجل , دون أن ينبسا ببنت شفة ..
و ما هي إلا دقائق معدودة , حتى كانت سيارة أنيقة , تقل الجميع إلى مكان مجهول , وبداخلها ذلك الطفل ..
الطفل الذي يحمل اسما مميزا , لا يعرفه هو نفسه ..
( آدم أدهم صبري ) .
***
ارتفعت طرقات هادئة على باب حجرة مدير المخابرات العامة المصرية , فقال الأخير دون أن يرفع عينيه عن الأوراق الموضوعة أمامه فوق سطح المكتب :- ادخل .
دلف ( أدهم صبرى ) إلى داخل الحجرة , قائًلاً بابتسامة هادئة :
- صباح الخير يا سيدى .
رفع المدير عينيه عن الأوراق , وخلع منظاره الطبى قائلًا :
- صباح الخير يا ( أدهم ) .
وأشار إليه بالجلوس , فأطاعه ( أدهم ) , ومضت لحظات من الصمت , قبل أن يتراجع المدير بمقعده إلى الوراء ويقول :
- كم مضى على توليك إدارة التدريب يا ( أدهم ) ؟
غمغم ( أدهم ) :
- شهر ونصف الشهر تقريبًا يا سيدى .
سأله باهتمام :- وكيف تسير الأمور هناك ؟
أجابه :- على خير ما يرام يا سيدى .. هناك تقرير كامل سيكون على مكتبك فى خلال يومان على الأكثر .
غمغم المدير :- عظيم .
واستطرد فى شغف :- وما تقييمك للعناصر الجديدة ؟
أجابه ( أدهم ) :
- معظمهم يتقدمون على نحو ملحوظ وهناك ثلاثة أو أربعة متميزون بحق , ولهم مستقبل باهر فى عالمنا بإذن الله .
غمغم المدير مرة أخرى :
- عظيم .. عظيم .
وصمت لبرهة ثم سأله :
- ماذا عنك يا ( أدهم ) ؟ .. كيف تجد وظيفتك الجديدة ؟
تنهد فى حرارة مجيبًا :
- لا بأس بها يا سيدى .. أظن أنني كنت فى حاجة لمثلها فى هذه الفترة .
تطلع إليه المدير فى صمت , ثم غمغم مرة ثالثة :
- عظيم .
مرة أخرى عاد الصمت يسود المكان , إلى أن قطعه ( أدهم ) متسائلًا :
- أما من أخبار جديدة عن مستر ( × ) و .. ( سونيا ) ؟
مط المدير شفتيه مغمغمًا:
- لا جديد .. الأمريكيون مازالوا رافضون تمامًا فكرة منحنا أية معلومات تتعلق بهما , رغم أننا السبب الرئيسي لسقوطهما
غمغم ( أدهم ) :
- هذا شيء متوقع يا سيدى .. فالاثنان كنز لا يقدر بثمن , ووجودهما فى قبضة أية جهة , كفيل بمنحها أطنانًا هائلة من المعلومات والخبرات , تتيح لها التقدم خطوات كبيرة فى عالمنا .
وصمت لبرهة , ثم استطرد قائلًا :
- فقط لو امتلكوا ما يمكن به السيطرة عليهما .
سأله المدير باهتمام :
- أتظن أنه فى موقفهما الحرج هذا , سيرفض مستر ( × ) و ( سونيا ) الخضوع للأمريكيين ؟
أجابه :- بل أنا واثق من هذا .. الاثنان بالغا العناد والشراسة , ولن يكون من السهل إخضاعهما .
واستطرد ببطء :- إلا إذا توصل الأمريكيون لنقط ضعفهما .
تطلع إليه المدير لحظات , ثم قال :
- مستر ( × ) مازلنا نجهل هويته , لذا فلن نستطيع التكهن بنقطة ضعفه .. أما ( سونيا ) فلست أظن أن لديها نقطة ضعف , من واقع خبراتنا معها .
هز ( أدهم ) رأسه نفيًا , مغمغمًا :
- بالعكس يا سيدى .. ( سونيا ) لها بالفعل نقطة ضعف .. نقطة ضعف بالغة القوة .
تطلع إليه المدير فى تساؤل , فاستطرد ( ادهم ) ببطء :- ( آدم ) .
تمتم المدير :- ابنك !
غمغم ( أدهم ) بأسف :- وابنها .
انعقد حاجبا المدير فى شدة , وغمغم :
- ولكنه ليس فى قبضتهم , و( سونيا ) لن تخبرهم مكانه أبدًا .
غمغم ( أدهم ) :
- سيفعلون مثلما أفعل أنا حاليًا .. سيطلقون العشرات من رجالهم فى جميع أنحاء العالم , للبحث عنه وإحضاره .. وبأي ثمن .
تمتم المدير :- يا إلهى ! .. لقد تحول الصغير إلى طريدة .
تمتم ( أدهم ) :- للأسف .
وزفر فى حرارة , متابعًا بلهجة حملت بعض التوتر :
- وما سيزيد إصرار الأمريكيون على البحث عن ( آدم ) , أنه ليس نقطة ضعف ( سونيا ) وحدها .
ولم يكمل عبارته ..
وفهم المدير ما يقصده ..
وعاد حاجباه ينعقدان ..
وبشدة .
***

السنيورا الغامضة 06-10-09 07:47 PM

الفصل الرابع : قواعد اللعبة..
.
بدا مدير المخابرات المركزية الأمريكية واثقًا هذه المرة , وهو يقف أمام باب زنزانة أخرى , وشد قامته قائلًا بحزم واثق :
- افتح الباب .
انفتح الباب الإليكتروني ببطء , فدلف المدير إلى الداخل بهدوء و ..
" مرحبًا بك فى زنزانتي المتواضعة يا جنرال"
مط المدير شفتيه , وهو يتطلع إلى ذلك الرجل الأنيق الذي جلس فوق مقعد الزنزانة الوحيد بمنتهى الهدوء , والذي ارتسمت على شفتيه ابتسامة غامضة , بعد أن ألقى عبارته السابقة ..
مضت لحظات من الصمت , وكلا الرجلين يتطلعان إلى بعضهما البعض , قبل أن يقول المدير :
- من الواضح أنك تعرفني جيدًا .
قال بثقة :
- بالطبع يا جنرال .
تأمله المدير قليلًا , ثم قال :
- أرى أن حياة السجون لم تؤثر فيك .
قال الرجل محتفظًا بابتسامته الغامضة :
- إنها حياة مؤقتة عزيزي الجنرال .
سأله المدير بسخرية :
- لماذا ؟ .. أتنوى الانتحار ؟
هز رأسه نفيًا فى بطء , ثم قال :
- بل أنوى الخروج من هنا فى أقرب وقت ممكن .
قال المدير بغلظة :
- ومن سيسمح لك بهذا ؟
استرخى الرجل فى مقعده مجيبًا :
- أنتم .
كرر المدير بحذر :
- نحن ؟!
أجابه وهو يسترخى فى مقعده أكثر :
- نعم .. أنتم يا جنرال .
وصمت لبضع لحظات , ثم استطرد بمنتهى الهدوء :
- أتعلم يا جنرال أنني كنت أنتظر زيارتك هذه منذ يومي الأول هنا ؟
انعقد حاجبا المدير فى شدة , وسأله بصرامة متوترة :
- أكنت تعلم أنني سآتي لزيارتك ؟
أجابه بهدوء شديد :
- بالتأكيد .
وصمت برهة , ثم استطرد ببطء :
- قواعد اللعبة تحتم هذا .
مرة أخرى كرر المدير بحذر :
- قواعد اللعبة ؟!
ابتسم الرجل قائلاً :
- نعم .. قواعد اللعبة التي نمارسها أنت وأنا .. لعبة المخابرات والجاسوسية .
واعتدل فى مقعده مستطردًا :
- اللعبة التي وضعتني إجادتي لها , زعيمًا لأقوى منظمة جاسوسية حرة فى القرن الحادي والعشرين .
قال المدير بسخرية :
- من الواضح أنك تجيدها حقًا .. بدليل أنك هنا الآن فى قبضتنا .
رمقه الرجل بنظرة صارمة , قائلًا :
- كل لعبة تحتمل الفوز والخسارة .
وصمت مرة ثالثة , ثم أضاف :
- واللعبة لم تنته بعد .
قال المدير بتحد :
- من قال هذا ؟
أجابه بسرعة :
- قواعد اللعبة .
وعاد إلى الاسترخاء فى مقعده مستطردًا :
- قواعد اللعبة التي تجبركم على الاحتفاظ بنا أحياء .
قال المدير بحذر :
- بكم ؟
ارتسمت ابتسامة واثقة على شفتي الرجل , وهو يقول :
- أنا و .. والزعيمة .
انعقد حاجبا المدير فى شدة , على نحو تألقت معه عينا الرجل فى ظفر , قبل أن يقول الأول بغلظة :
- ومن قال أننا نحتفظ بها حية ؟
أجابه بلهجة مستفزة :
- نفس السبب .. قواعد اللعبة .
ازداد انعقاد حاجبا المدير أكثر وأكثر , والرجل يتابع بنفس لهجته المستفزة :
- قواعد اللعبة التي تقول : أنكم بحاجة إلينا .. أحياء .
سأله المدير بغلظة :
- وهل أخبرتك قواعد اللعبة سبب حاجتنا لك ؟
أجابه بمنتهى الهدوء :
- للاستفادة من خبراتي بالطبع .
وتابع بسرعة :
- وأنا مستعد لفعل ذلك على الرحب والسعة .
واستدرك قائلاً :
- فى مقابل إطلاق سراحي بالطبع .
سأله المدير ببرود :
- أتظن نفسك فى موقف يسمح لك بإملاء شروطك علينا ؟
قال بلهجة مستفزة :
- بالتأكيد .
واستطرد بسخرية :
- ويمكنك سؤال رئيسك .
عاد حاجبا المدير ينعقدان وهو يتمتم :
- سيادة الرئيس ؟
أجابه بسخرية :
- نعم .. سيادة الرئيس .
ونهض من مقعده واتجه نحو الفراش , مستطردًا :
- وأخبره أيضًا أن الأشياء مازالت لدى .
سأله المدير بعصبية لا مبرر لها :
- أية أشياء ؟
استرخى الرجل فى فراشه مجيبًا :
- هو سيفهم .
وأسبل جفنيه فى تراخ مستطردًا :
- أسعدتني زيارتك يا جنرال .
رمقه المدير بنظرة نارية , ثم استدار ليغادر المكان بمنتهى الغضب ..
أما الرجل , فقد ارتسمت على شفتيه ابتسامة واثقة ظافرة ..
ابتسامة تليق برجل يجيد قواعد اللعبة ..
إلى أقصى حد .
***
تسربت ابتسامة صافية إلى شفتي ( منى ) , وهي تتأمل خاتم خطبتها في سعادة وذكريات عديدة تداعى في مخيلتها ..
ذكريات مغامراتها مع ( أدهم ) منذ سنوات طويلة .
تذكرت تضحياته من أجلها حينما كانت تقع في الأسر , فيهب من أجلها لينقذها ..
تذكرت كل كلمة حب كان يتلفظ بها أمامها ..
تذكرت طلباته العديدة للزواج منها ..
تذكرت صراعها مع ( جيهان ) زميلتها في العمل من أجل الظفر به ..
تذكرت غيرتها حينما كانت تخرج ( جيهان ) مع ( أدهم ) في مهمة ما حينما كانت مريضة ..
بل تذكرت كل الحوارات التي كانت تتبادلها مع ( جيهان ) وهما تتحدثان عن ( أدهم ) وتعلقهما به ..
كم ذرفت من دموع من اجله ..
كم خفق قلبها له بقوة ..
والآن كل شيء تحقق ..
حلمها الأكبر تراه يتحقق بعينيها ..
هاهي الآن خطيبة لأفضل رجل عرفته في حياتها ..
خطيبة لرجل المستحيل ..
ابتسمت ابتسامة خفيفة وهي تغمغم لنفسها في خفوت :
- من كان يصدق ؟ بعد كل هذه السنوات هاأنذا خطيبة لرجل المستحيل بنفسه !
وهي في خضم أفكارها فجأة أحست بتلك اليد الرقيقة توضع على كتفها , فالتفت يمينا لتجد أمها وهي تبتسم ابتسامة عريضة وتقول في سعادة غامرة :
- أخيرا يا منى .. لا أدري كيف أصف لك سعادتي بخطبتك .. أنا أسعد أم في الدنيا في هذه الأثناء يا ابنتي .
أمسكت ( منى) يد أمها في امتنان وقبلتها ثم قالت :
- وأنا أيضا يا أمي .. لم أكن أتوقع أن أفضل أحلامي يمكن أن يتحقق ذات يوم .
وضعت الأم يدها على وجنة ابنتها في حنان دافق , ثم مررت بأصابعها على شعرها في حنان وقالت :
- ولكنني ألمح في عينيك يا ابنتي لمحة حزن واضحة , فكيف يتفق هذا مع تحقيق أفضل أحلامك ؟
تنهدت ( منى ) تنهيدة حارة دون أن تجيب , فتطلعت إليها أمها لحظة قبل تسألها في حذر :
- هل للأمر علاقة بالعمل ؟
أشارت منى برأسها نفيا ثم قالت في صوت خافت :
- لا .. لا علاقة للعمل بالأمر .
سألتها أمها في حيرة :
- بماذا يتعلق إذن يا ابنتي ؟
تطلعت إليها ( منى ) لحظات في تردد , وبدا وكأنها لن تجيب , إلا أنها حسمت ترددها وقالت :
- إنه ( ادهم ) يا أمي .
تطلعت إليها أمها في دهشة ثم قالت :
- خطيبك ؟ !
أومأت ( منى) برأسها إيجابا ببطء ثم قالت بصوت بدت نبرات الحزن واضحة عليه :
- نعم يا أمي.. ( أدهم ) .. فرغم سعادتنا بإتمام خطبتنا , إلا أنني حينما ألتقي به أحس بأنه حزين للغاية .
قالت أمها :
- ولم ؟
أجابتها ( منى ) :
- بسبب ابنه الذي أخبرتك عنه .. إنه يفتقده بشدة , و يحاول في كل مرة ألا يظهر افتقاده ذاك أمامي , إلا أنني أشعر بذلك , فأحس بقلبي يتمزق من اجله .
احتضنتها أمها في حنان ثم قالت :
- آه يا ابنتي.. أنت تحبينه جدا .. حتى في لحظات فرحك تفكرين به وفي ما يشغله .
ثم تساءلت قائلة :
- وأين ابنه الآن يا ابنتي , ولماذا لم يعثر عليه حتى الآن ؟
أجابتها ( منى ) بصوت حزين :
- لا احد يدري يا أمي .. لا احد يدري .. لقد بحث عنه بشتى السبل ولكنه لم يفلح في العثور عليه .
ثم التفتت إلى أمها وقالت :
- وما يحزنني أكثر , أنه لا يتوقف عن التفكير والبحث عنه أبدا . ما يعني أنه متعلق به بشدة .
مررت أمها يدها في شعرها في رفق , وقالت في حنان :
- كان الله في عونك وعونه يا ابنتي .. إن شاء الله سيعثر عليه ذات يوم .. لن يخيبكما الله عز وجل في أمنيتكما .. ستعثران عليه ذات يوم بإذن الله ..
استسلمت ( منى ) لكفي أمها وأرخت رأسها ثم أطلقت لتفكيرها العنان مرة أخرى ..
ودون أن تدري تسربت تلك الدمعة من عينيها في صمت وهي تتساءل وقبضة باردة تعتصر قلبها :
ترى , هل يمكن أن يعثر ( أدهم ) على ابنه ذات يوم ؟..
هل ؟
وبقي تساؤلها ..
دون جواب .
***
" كيف كان اللفاء ؟ "
قالها الرئيس الأمريكي فى تساؤل , فهزت وزيرة خارجيته رأسها مجيبة وهى تخلع معطفها الأنيق :
- أنت تعرف مثل تلك اللقاءات .. الكثير من الأحاديث المملة , وإجراء الأحاديث الصحفية وإلتقاط الصور.
ومطت شفتيها مستطردة :
- لا جديد على الإطلاق .
سألها :
- وهل تطرق الحديث لحروبنا الخارجية ؟
أجابته :
- بالتأكيد .. ولكن من يأبه ؟ .. مجرد اعتراضات واستنكارات , ولكن لا أحد يجرؤ على تجاوز الخطوط الحمراء , والوقوف ضدنا علانية .
غمغم :
- لا بأس .. لقد اعتدنا هذا .
" السيد مدير المخابرات يطلب الإذن بالدخول يا سيدى "
انبعث صوت السكرتيرة عبر جهاز الاتصال فى تلك اللحظة , فعقدت وزيرة الخارجية حاجبيها , متسائلة :
- ما الذي أتى به الآن ؟
أجابها الرئيس وأصابعه تقترب من جهاز الاتصال :
- إنه هنا بخصوص ( سونيا ) ومستر ( × ) .
سألته :
- هل بدأت عملية الاستعانة بهما ؟
أجابها :
- بالتأكيد .
وضغط على زر الاتصال , قائلًا لسكرتيرته بصرامة :
- دعيه يدخل .
مضت لحظات قبل أن يدلف مدير المخابرات إلى الداخل , فسأله الرئيس على الفور :
- كيف سارت الأمور يا جنرال ؟
تطلع المدير إلى وزيرة الخارجية فى تردد , قال الرئيس بحزم صارم :
- تحدث يا رجل .
تنحنح المدير ثم أجاب :
- ليس كما كنا نتوقع يا سيدى .
سألته وزيرة الخارجية بقلق :
- ماذا تعنى ؟
غمغم :
- سأخبركما ما حدث .
روى لهما بإيجاز ما حدث خلال لقاءه مع ( سونيا ) , والذي تلاه لقاءه مع مستر ( × ) , ولم يكد يصل إلى النقطة التي ذكرها الأخير, التي تتعلق بأشياء مازالت فى حوزته , حتى شحب وجه الرئيس فى شدة , وهتف بصوت مبحوح :
- الأشياء ؟
وامتقع وجه وزيرة خارجيته , وهى تتمتم :
- كنت أظن أننا تخلصنا من هذا الأمر .
تساءل المدير باهتمام :
- أية أشياء بالضبط ؟
قال الرئيس بعصبية :
- ليس هذا من شأنك .
مط الرجل شفتيه فى تبرم , وغمغم :
- فليكن .. ما رأيكما فيما سمعتماه ؟
تبادل الاثنان نظرة متوترة , قبل أن تقول وزيرة الخارجية بعصبية :
- ما رأيك أنت ؟ .. أعنى بصفتك رجل مخابرات .
صمت لحظة , ثم قال :
- ( سونيا ) من الممكن أن تخضع لنا بسهولة , خاصة لو تحول تهديدنا لها بابنها إلى حقيقة .. وهذا يعنى أن نكثف من جهودنا للعثور على هذا الابن .
سأله الرئيس بتوتر :
- ومستر ( × ) ؟
عقد المدير حاجبيه , مجيبًا :
- هذا الرجل ثعلب حقيقي .. ليس من السهل خداعه أبدًا .. إلا أنه موافق على التعاون الكامل معنا , مقابل حريته .
سألته الوزيرة بقلق :
- وهل يمكننا الوثوق فيه ؟
هز رأسه نفيًا , وقال :
- بالتأكيد لا .. وهو يعلم هذا جيدًا .
تسائل الرئيس بتوتر :
- لم لا نتخلص منه وننهى الأمر ؟
قالت الوزيرة بحدة :
- لا يمكن هذا .. مازال يمثل لنا مصدر خطر .
تمتم بشحوب :
- ألن ينته هذا الكابوس ؟
نقل المدير بصره بينهما فى صمت ..
هناك شيء ما يخفيه الاثنان ..
شيء يخشونه بشدة ..
شيء تورطا فيه , ويهددهما مستر ( × ) به ..
ربما يكون نفس الشيء الذي أدى إلى استقالة سلفه ..
" فليكن "
نطقتها وزيرة الخارجية بحزم , فتطلع إليها الاثنان فى تساؤل , فاستطردت قائلة :
- مادام يريد مواصلة اللعبة , لا بأس .. فلنواصلها نحن أيضًا .
وتألقت عيناها فى شراسة , وهى تضيف بقسوة :
- بقواعدنا نحن .
وتبادل الرئيس والمدير نظرة ..
نظرة متوترة ..
وقلقة .
***

السنيورا الغامضة 06-10-09 07:50 PM

الفصل الخامس :صفقة..

أنغمس ( أدهم ) في لجة من التفكير في مكتبه الجديد داخل مبنى المخابرات , وهو يطالع التقارير الخاصة بالمتدربين الجدد , ورغم أن عمله الجديد ليس مناسبا له , كما ينبغي لشخص مثله اعتاد التواجد في ساحة القتال طوال حياته , إلا أن هذا لم يمنعه من أن يتقن دوره الجديد كمشرف من أعلى مستوى .. و بينما هو مستغرقا في التفكير أثناء قراءة التقارير , فجأة ارتفع جهاز الاتصال الموضوع فوق مكتبه , فضغط على زر الرد , فجاءه صوت مدير مكتبه وهو يقول في احترام :
- سيادة العميد .. هناك سيدة تريد مقابلتك.
تساءل ( أدهم ) باهتمام :
- سيدة ؟ .. ألم تخبركم عن هويتها أو سبب زيارتها ؟
أجابه الرجل :
- رفضت يا سيدي أن تفصح عن أي شيء إلا في حضورك . وهي تلح على ذلك .
صمت ( أدهم ) لحظات مفكرا قبل أن يقول :
- و أين هي الآن ؟
أجابه مدير مكتبه :
- في الحجرة الخارجية الخاصة بالزوار , وقد تم تفتيشها بدقة قبل يسمحوا لها بالدخول
قال له ( أدهم ) و هو ينهي الاتصال :
- حسن .. أنا آت للقائها حالا .
قالها وأنهى الاتصال , و لم تمض لحظات حتى كان يغلق باب حجرة مكتبه متوجها إلى حجرة الزوار وعدة تساؤلات تغزو مخيلته ..من تلك السيدة بالضبط ؟
ما سبب زيارتها ؟
و هل لعلاقة ذلك بالعمل ؟
ولماذا تلح على مقابلته على هذا النحو ؟
بتر تساؤلاته و هو يلمح المسئول عن مراقبة حجرة الزوار واقفا بجوار بابها . فبادره بسؤال مقتضب :
- هل هي هنا ؟
أجابه الرجل في احترام :
- نعم يا سيادة العميد . إنها تنتظر هنا منذ عدة دقائق .
أومأ ( أدهم ) برأسه إيجابا قبل أن يقول :
- حسنا . يمكنك ان تنصرف الآن.
قالها ثم مد يده إلى مقبض الباب , أداره ببطء و دلف عبره بخفة . وفي داخل الحجرة كانت تلك المرأة تجلس قبالة المكتب و توليه ظهرها فلم يميز أيا من ملامحها . فاقترب ببطء قائلا :
- مرحبا سيدتي . هاأنذا أمامك , هل يمكنني ان أعرف من أنت ولماذا تلحين على مقابلتي ؟
لم تجبه المرأة مباشرة بل استدارت ببطء مثير و قالت بصوت لاذع وبلهجة مألوفة قبل أن تستكمل استدارتها :
- مرحبا يا ( أدهم ) .. منذ مدة طويلة لم نلتقي .
بدا الصوت مألوفا لأذني ( أدهم ) فعقد حاجبيه في شدة , ولم تكد تلك المرأة تستكمل استدارتها و يحدق في وجهها حتى ارتفع حاجباه في دهشة بالغة ..
فقد كان آخر شخص يمكن أن يتوقعه ..
آخر شخص على الإطلاق ..
***
انطلقت صرخة ألم قوية من ذلك الأسير الفلسطيني - عاري الجذع , والذي امتلأ صدره بعشرات الجروح - عندما هوت تلك العصا المعدنية الغليظة على جسده , وارتسمت ابتسامة وحشية على شفتي الجندي الإسرائيلي المسئول عن تعذيبه , وقال :
- أيروق لك هذا أيها الفلسطينى الحقير ؟
تمتم الفلسطينى بألم :
- أيها الأوغاد .
قال الإسرائيلي بغلظة :
- لا فائدة من صمتك .. فأنا لن أمل أبدًا من تعذيبك , حتى تبوح لنا بما نريد .
تمتم لاهثًا :
- اذهب إلى الجحيم .
قال الإسرائيلي بغضب :
- فليكن أيها الحقير .. لنر إلى متى ستتحمل .
قالها , والتقط قطعة المعدن الغليظة من جديد , ورفعها ليهوى بها على أسيره , و ..
" هذا يكفى "
توقفت يد الجندي فى الهواء , والتفت فى سرعة نحو قائل العبارة , هاتفًا :
- أدون ( عزرا ) .
تطلع ( دافيد عزرا ) إلى الفلسطينى الجريح قليلًا , قبل أن يتساءل ببطء :
- هل تحدث عزيزنا ( سليمان ) بعد ؟
هز الجندي الضخم رأسه نفيًا , وقال :
- ليس بعد أدون ( عزرا ) .
اقترب رجل المخابرات الإسرائيلي ( دافيد عزرا ) , من الأسير الفلسطينى الذي بدا عليه إرهاق هائل , خاصة بجراحه العديدة , وقال بأسف مصطنع :
- لماذا يا ( سليمان ) ؟ .. لماذا هذا العناد ؟ .. ألم تتعب بعد من كل هذا
العذاب ؟.. لماذا تجبرنا على فعل هذا ؟
قال ( سليمان ) بألم :
- لا تحاول التظاهر بالأسف أيها الإسرائيلي .. أتخدعني أم تخدع نفسك ؟ .. إنك تستمتع بما تفعلونه معنا .
قال ( دافيد ) بهدوء :
- أنتم تجبرونا على هذا .. لو كنتم تخبرونا بما لديكم منذ البداية , لاختلفت المعاملة تمامًا .
غمغم ( سليمان ) بتهالك :
- بالتأكيد .. كنتم ستقتلوننا بعد حصولكم على مبتغاكم .. كلا أيها الإسرائيلي لن أنبس ببنت شفة حتى لو مزقتموني إربًا .
صمت ( دافيد ) بضع لحظات , ثم قال :
- سأعقد معك صفقة يا ( سليمان ) .. ستخبرنا من هم زملاؤك الذين شاركوك الهجوم الأخير , وفى المقابل سنتوقف فورًا عن تعذيبك .. صفقة عادلة .. أليس كذلك ؟
ارتسمت ابتسامة متهالكة على شفتي ( سليمان ) , وتناثرت الدماء من فمه , وهو يقول من وسط ألامه :
- اذهب إلى الجحيم أيها الإسرائيلي .
تنهد ( دافيد ) مغمغمًا :
- كنت أرغب فى مساعدتك , ولكنك ترفضها بإصرار غريب .. لا بأس .. لا تقل لاحقًا أنني لم أعرضها عليك .
والتفت إلى الجندي الضخم متسائلًا :
- أي مستوى من التعذيب وصلت إليه معه ؟
أجابه الجندي بسرعة :
- الثاني أدون ( عزرا ) .
تأمل ( دافيد ) الفلسطينى المتهالك قليلًا , ثم قال :
- ابدأ فى الثالث إذن .
تألقت عينا الضخم فى شراسة , وقال :
- كما تأمر أدون ( عزرا ) .
ألقى ( دافيد ) نظرة أخيرة على الفلسطينى , ثم قال :
- أراك لاحقًا عزيزي ( سليمان ) .
قالها وغادر الحجرة , وبينما هو يسير فى الممر , بلغت مسامعه تلك صرخة ألم رهيبة..
وفى أسف مصطنع , غمغم ( دافيد ) لنفسه :
- أرأيت ما أدى إليه عنادك أيها الفلسطينى ؟ .. مزيد من التعذيب والآلام .
وهز رأسه مستطردًا :
- إنهم لا يتعلمون أبدًا .
ارتفع رنين جهاز الاستدعاء الخاص به , فالتقطه من جيبه , ووضعه على أذنه قائلًا :
- ( دافيد عزرا ) .
أتاه صوت مدير مكتب مدير ( الموساد ) يقول :
- سيادة المدير يطلب رؤيتك فورًا أدون ( عزرا ) .
غمغم ( دافيد ) :
- لا بأس .. أنا فى طريقي إليه .
لم تمض دقيقتان , حتى كان ( دافيد عزرا ) يدلف إلى داخل مكتب المدير , ويتخذ مجلسه فوق المقعد المقابل لمكتب المدير , دون أن ينتظر دعوة هذا الأخير , قبل أن يقول :
- طلبت رؤيتي يا سيدى .
تطلع إليه المدير لحظات فى صمت , ثم قال متجاهلًا عدم لياقة رجله :
- هل من جديد بالنسبة لذلك الفلسطينى ؟
هز ( دافيد ) رأسه نفيًا ببطء , مجيبًا :
- ليس بعد .. إنه عنيد .
وتألقت ابتسامة وحشية على شفتيه , وهو يستطرد قائلًا :
- ولكن ثق أن هذا العناد لن يستمر طويلًا .
تمتم المدير :
- سنرى .
سادت فترة من الصمت , والاثنان يتطلعان إلى بعضهما البعض , قبل أن يقول ( دافيد ) :
- لست أظن أن هذا هو السبب الوحيد لطلبك رؤيتي يا سيدى .
قال المدير باقتضاب :
- بالتأكيد .. هناك سبب أخر بالفعل .
وصمت برهة , ثم أضاف :
- إنه يتعلق بالمصريين .
سأله ( دافيد ) باهتمام :
- ماذا عنهم ؟
أجابه المدير :
- عميلنا الخاص داخل المخابرات المصرية , أرسل إلينا معلومة بالغة الخطورة , منذ أقل من ساعة واحدة .
بدا الاهتمام على وجه ( دافيد ) وهو ينصت لمديره , الذي استطرد قائلًا :
- هناك فتاة طلبت رؤية ( أدهم صبرى ) شخصيًا .. ( أدهم صبرى ) بالذات .
تساءل ( دافيد ) بحذر :
- ولماذا هو بالذات ؟
تطلع إليه المدير لحظة , ثم قال ببطء :
- ألا تريد معرفة من هي تلك الفتاة ؟
سأله باهتمام :
- هل عرفتم هويتها؟
أجابه :
- بالتأكيد .
سأله ( دافيد ) باهتمام مضاعف :
- من هي ؟
وأخبره المدير ..
وانعقد حاجبا ( دافيد ) فى شدة ..
وعنف .
***
" أنت ؟! "
هتف بها ( أدهم ) بدهشة بالغة , وهو يحدق في وجه تلك المرأة التي جلست في استرخاء شديد , قبل أن تقول وهي تبتسم ابتسامة غامضة :
- نعم .. هو أنا يا عزيزي . مفاجأة أليس كذلك ؟
نفض ( أدهم ) عنه أثر المفاجأة فى سرعة , واتخذ لنفسه المقعد المواجه لها , وقال :
- في الحقيقة , لم أكن أتوقع أبدا أن تكوني أنت .
نهضت المرأة من مجلسها , وتقدمت إلى وسط الحجرة تتأمل في جوانبها و( أدهم ) يرمقها فى صمت , ثم لم تلبث أن قالت :
- أتعلم يا عزيزي أن بلادكم جميلة بحق .. إنها أول مرة تتاح لي فرصة زيارتها .ثم أضافت وهي تلوح بيديها بطريقة مسرحية:
- لقد زرت الأهرامات وأبى الهول , وسرت على نيلكم الساحر .
ثم تطلعت إلى ( أدهم ) بنظرة خاصة , واستطردت قائلة :
-الآن فقط فهمت لماذا تهيم بها حبا على هذا النحو .
قال ( أدهم ) ببرود :
- لست أظنك يا عزيزتي قد قطعت كل تلك المسافة إلى ( مصر) , من أجل أن تتغزلي فيها على هذا النحو أمامي .
رمقته بنظرة دهشة مصطنعة وقالت :
- ولكنها جميلة فعلا يا ( أدهم ) .
قال بصرامة :
- ماذا تريدين بالضبط يا .. ( تيا ) ؟
قالت بسرعة :
- حسن .. أنا أعلم أنك شخص عملي للغاية , ولذلك كنت أتوقع هذا على كل حال .
أجابها ( أدهم ) بنفس البرود :
- جميل أنك تدركين هذا .. و الآن هل يمكنني أن أعرف سبب زيارتك المفاجأة هذه ؟
أجابته و هي تنزع نظارتها و ترمقه بنظرة خاصة :
- بالتأكيد يا عزيزي .
قال بنفس اللهجة الباردة :
- عظيم . كلي آذان مصغية .
أخذت ( تيا ) نفسا عميقا , ثم قالت بلهجة جدية تماما :
- أنا هنا يا ( أدهم ) من أجل أن نعقد صفقة .
تساءل ( أدهم ) في حذر :
- صفقة ؟ .. أي نوع من الصفقات بالضبط ؟
أجابته وعيناها تتألقان :
- صفقة لا يمكنك أن ترفضها أبدا .
شبك ( أدهم ) أصابع يديه أمام وجهه, وقال ببطء و هو يتطلع إلى عينيها مباشرة :
- أخبريني بتفاصيلها أولا , واتركي لي الحكم بعدها , برفضها أو الموافقة عليها .
مرة أخرى ,أخذت نفسا عميقا , قبل أن تقول في حزم :
- فليكن .. استمع إلىّ جيدًا .
ثم شرعت تقص على ( أدهم) تفاصيل الصفقة و هذا الأخير يستمع لها في اهتمام ..
بل بمنتهى الاهتمام ..

***

السنيورا الغامضة 06-10-09 07:51 PM

الفصل السادس : الفريق ..

" هذا هو عرضها يا سيدى .. أو دعنا نقول : صفقتها "
بهذه الجملة , أنهى ( أدهم ) نقل كل ما قالته ( تيا ) إلى المدير , الذي انعقد حاجباه فى شدة , وغرق فى تفكير عميق , دام لما يقرب من دقيقة كاملة , لم ينبس خلالها ( أدهم ) ببنت شفة , حتى غمغم المدير أخيرًا :
- صفقة مريبة جدًا .
غمغم ( أدهم ) :
- ومغرية بشدة .
وصمت برهة , ثم استطرد قائلًا وكأنما يلخص ما قالته الصينية :
- كل ما تطلبه هي , حق اللجوء السياسي ومنحها الحماية الكاملة وعدة ملايين من الدولارات , وفى المقابل تساعدنا فى الوصول إلى أحدى المخابئ الخاصة بـ ( سونيا ) .
غمغم المدير بشرود :
- مخبأ كامل من مخابئ ( سونيا ) العديدة , بكل ما فيه من أسلحة حديثة , وتكنولوجيا متطورة , كادت بهما تلك الأفعى تسيطر على العالم كله .. الواقع أن الصفقة هذه المرة مغرية إلى أقصى حد يا ( أدهم ) .. ومريبة .. وإلى أقصى حد أيضًا .
غمغم المدير بنفس اللهجة الشاردة :
- أو يكون الأمر كله مجرد خدعة .
غمغم ( أدهم ) :
- لست أظن أنها قطعت كل تلك المسافة لمجرد خداعنا يا سيدى .
تمتم المدير :
- من يدرى يا ( أدهم ) ؟ .. إنها مساعدة شيطانة , والشياطين لا يمكن الثقة فيهم أبدًا .
وصمت برهة , ثم استطرد بنفس اللهجة الشاردة :
- و ربما لهذا السبب لا يمكنني الثقة فيها .
قال ( أدهم ) بسرعة :
- ومن قال : أننا سنمنحها ثقتنا كلها ؟ .. كل ما سنمنحه إياها هو الإيحاء بالثقة .. وفارق ضخم ما بين الثقة , والإيحاء بها .
وصمت برهة , ثم استطرد ببطء :
- كما أننا لن نغامر بذهابها بعرضها إلى جهة أخرى .. ( الموساد ) مثلًا .
سادت فترة من الصمت , قبل أن يتساءل المدير ببطء :
- أنت إذن توافق على هذه الصفقة ؟
أجابه بسرعة :
- بالتأكيد .. حصولنا على هذا الكنز الهائل من التكنولوجيا المتطورة , والتي لم يتوصل لها الأمريكيون حتى بعد , كفيل بصنع ثورة تكنولوجية لدينا , مثل تلك الثورة الصناعية التى حدثت فى ( أوروبا ) قديمًا .
و تلاقت عيناه مع عيني المدير , وهو يضيف :
- فكما يقول رجال ( المافيا ) : إنه عرض لا يمكنك رفضه .
سأله المدير :
- ومتى تنتظر ردنا عليها ؟
أجابه ( أدهم ) :
- اليوم .
عاد حاجبا المدير ينعقدان فى شدة , وتمتم :
- إنها لا تمنحنا الوقت الكافي لدراسة الأمر جيدًا .
تنهد ( أدهم ) مغمغمًا :
- لهذا علينا حسم هذا الأمر بمنتهى السرعة .
مرة أخرى عاد المدير إلى صمته العميق , فلاذ ( أدهم ) بالصمت بدوره ..
وطال الصمت هذه المرة كثيرًا ..
كثيرًا جدًا ..
و..
" فليكن "
قالها المدير باقتضاب , فتطلع إليه ( أدهم ) فى تساؤل , فاستطرد قائلًا :
- كما قلت أنت يا ( أدهم ) .. إنه عرض لا يمكننا رفضه , ولا المغامرة بضياعه منا وذهابه إلى جهة أخرى .. فليكن .. فلنقبل العرض .
غمغم ( أدهم ) :
- قرار صائب يا سيدى .
قال المدير يحزم :
- إننى أوليك هذه العملية رسميًا يا ( أدهم ) .
تساءل ( أدهم ) بحذر :
- أيعنى هذا تركي لقسم التدريب ؟
أجابه :
- مؤقتًا يا ( أدهم ) .. مؤقتًا.
وصمت برهة , ثم قال :
- ولكنك لن تذهب معها .
تساءل بحذر أكبر :
- من سيفعل إذن ؟
التقط المدير نفسًا عميقًا ملأ به صدره , قبل أن يقول بحسم :
- فريقك .
ولم يعد هناك ما يقال بعدها ..
على الإطلاق .
* * *
" من هذان ؟ "
همس بها ( شريف ) وهو يميل على أذن ( ريهام ) , التى هزت كتفيها فى لامبالاة , وهو تلقى نظرة سريعة , على الشابين الأنيقين اللذين يجلسان على مقربة منهما , وتابع هو بنفس اللهجة الهامسة :
- لم أرهما هنا من فبل .. ثم لماذا يجلسان معنا فى نفس القاعة ؟
همست ( ريهام ) :
- ( شريف ) .. أيمكنك الصمت قليلًا , حتى يأتي سيادة العميد ؟
مط شفتيه , مغمغمًا :
- فليكن .
لم يستطع إبعاد ذهنه عن التفكر فى الشابين , وإلقاء نظرة عليهما من حين إلى الأخر ..
كان احدهما طويل القامة عريض المنكبين قصير الشعر , له جسد رياضي ممشوق , والأخر نحيل يرتدى منظارًا طبيًا , وإن بدا متوترًا بعد الشيء ..
ومرة أخرى , عاد ( شريف ) يهمس فى أذن ( ريهام ) :
- ما رأيك لو توجهت للتعرف غليهما .
زفرت هامسة :
- ألا تستطيع الانتظار بضع دقائق حتى يصل الأستاذ ؟ .. أنت غريب بحق .
هم بقول شيء يعترض به على ما قالته , عندما انفتح باب الحجرة فجأة , ودلف ( أدهم صبرى ) إلى الداخل , فنهض الأربعة فى سرعة , بينما قال ( أدهم ) مبتسمًا :
- معذرة على تأخري .
هتف ( شريف ) بسرعة :
- لا عليك يا سيدى .
أشار إليهم ( أدهم ) بالجلوس , فأطاعوه على الفور , بينما ظل هو واقفًا فى مكانه , يتطلع إلى أربعتهم لحظات , قبل أن يقول :
- تتساءلون بالطبع عن سر استدعائي العاجل لكم .
ودارت عيناه فى وجوههم ببطء , وهو يستطرد قائلًا :
- الواقع أن هناك مهمة جديدة .. وعاجلة .
تألقت عينا الشاب قصير الشعر فى شدة , بينما فرك النحيل كفيه فى توتر , فى حين غمغم ( شريف ) بحماس :
- نحن على أهبة الاستعداد يا سيدى .
غمغم ( أدهم) مبتسمًا :
- أنا واثق من هذا يا ( شريف ) .
وتأمل الأربعة مرة أخرى , فبل أن يقول بعمق :
- مهمة تحتاج إلى إعادة تكوين الفريق من جديد .
شعرت ( ريهام ) بغصة فى حلقها , عندما تذكرت زميلها الراحل ( علاء ) , ومنع ( شريف ) دمعة كادت تفلت من عينيه , ولاحظ ( أدهم ) بعينيه الخبيرتين التغير الذي أصاب تلميذيه , وأدرك سببه , فتنهد فى حرارة , وقال مغيرًا مجرى الحديث :
- لست أظن أنكم تعرفتم على بعضكم البعض بعض .
وأشار بيده نحو ( ريهام ) قائلًا :
- الملازم أول ( ريهام صادق ) .. خبيرة المفرقعات .. عبقرية فى مجالها .
وانتقل بيده إلى ( شريف ) مستطردًا :
- المهندس ( شريف نجيب ) .. خبير الكمبيوتر الأول فى الإدارة .
ثم أشار بيده نحو الشاب قصير الشعر , قائلًا :
- النقيب ( حاتم الشريف ) .. متخصص فى مكافحة الإرهاب .. مقاتل على أعلى مستوى .
وانتقل بيده إلى النحيل متابعًا :
- وأخيرًا الدكتور ( مروان درويش ) .. أحد عباقرة الطب النفسي المعدودين فى ( مصر ) .
وصمت برهة , ثم عاد يقول بعمق :
- أنتم الآن الفريق الجديد.. فريقي .
قال ( حاتم ) بصدق :
- هذا شرف لنا يا سيدى .
غمغم ( أدهم) مبتسمًا :
- أشكرك يا ( حاتم ) .
وعادت عيناه تدوران فى وجوههم , وهو يقول :
- كما قلت فى البداية : هناك مهمة جديدة وعاجلة .
والتقط نفسًا عميقًا ملأ به صدره , واستطرد قائلًا :
- استمعوا إلىّ جيدًا , وركزوا فيما سأقوله .
وطوال ساعة كاملة , ظل ( أدهم ) يتحدث ..
تحدث عن الزعيمة الغامضة ..
عن منظمتها ..
عن تهديدها ..
عن قوتها ..
وشراستها ..
عن مواجهته لها ..
وصراعه معها ..
عن مواجهته الأخيرة معها ..
وسقوطها فى قبضة الأمريكيين ..
ثم عن ( تيا ) ..
وحضورها إلى هنا ..
وصفقتها المغرية ..
و ..
" ما رأيكم فى هذا ؟ "
نطفها ( أدهم ) ببطء , فقال ( حاتم ) بسرعة :
- عرض لا يمكن رفضه أبدًا .
تمتم ( مروان ) بقلق :
- ولكنه مريب أيضًا .
سأله ( أدهم ) بهدوء :
- لماذا ؟
تردد ( مروان ) قليلًا , ثم عدّل منظاره الطبى فوق أنفه , مجيبًا :
- لا يمكننا الثقة فى ( تيا ) هذه بسهولة .. من يضمن لنا أنها لا تخدعنا , وتقودنا إلى فخ محكم ؟
قال ( أدهم ) بهدوء :
- أنت محق .. ربما كان فخًا .. وربما كان ما قالته صحيحًا .. الاحتمالان واردان .
وأشار بسبابته نحوه , مستطردًا :
- لهذا أضفتك إلى الفريق .
تطلع إليه ( مروان ) فى حيرة متوترة , فتابع ( أدهم ) قائلًا :
- نحن بحاجة لمن يحلل شخصية ( تيا ) .. لمن يتبين لحظات صدقها من كذبها .. لمن يمكنه التفكير بعقلها .. لمن يمكنه استنتاج خطواتها القادمة .. هل فهمتني ؟
أومأ ( مروان ) برأسه فى صمت , وتساءل ( شريف ) :
- وأين يقع مقرها المزعوم هذا ؟
أجابه ( أدهم ) :
- ( لاجوس ) .. ( نيجيريا ) .
عقدت ( ريهام ) حاجبيها فى شدة , وتمتمت :
- ياله من مكان لإقامة مقر مثل هذا !
قال ( أدهم ) بهدوء :
- مكان مثالي بالفعل .. فالمنطقة متوترة ومليئة بالصراعات بالفعل , والمرتزقة متواجدون بكثرة فى كل مكان .. مناخ مناسب تمامًا لمقر منظمة مثل هذه .
سأله ( شريف ) :
- ومتى سنسافر يا سيدى ؟
أجابه ( أدهم ) ببطء :
- بعد ساعتين من الآن .
تمتم ( مروان ) :
- بهذه السرعة ؟
أومأ ( أدهم ) برأسه إيجابًا , وصمت بضع لحظات , ثم قال :
- هل من أسئلة ؟
هزوا رءوسهم نفيًا , فعاد يسأل :
- من يريد الاعتذار ؟ .. نحن هنا لا نضغط على أحد .
مرة أخرى هزوا رءوسهم نفيًا , فارتسمت ابتسامة هادئة على شفتيه , وقال :
- عظيم .. يمكننا البدء إذن .
وكانت هذه هي البداية ..
الحقيقية .
* * *
" ما الذي يعنيه هذا في رأيك يا ( دافيد ) "
غمغم مدير الموساد بهذه العبارة في حجرة مكتبه أمام ضابطه ( دافيد عزرا ) الذي عقد حاجبيه في شدة و نظر إلى مدير مخابراته نظرة خاصة و قال :
- إنه يعني الكثير يا سيادة المدير
ظن المدير أنه سيكتفي بهذه العبارة إلا أنه لم يلبث أن أردف قائلا :
- فقدوم ( تيا ) المساعدة الأولى ل (سونيا جراهام) إلى مصر في هذه الظروف بالذات ليس له سوى معنى واحد.
ثم أشار بسبابته مضيفا بلهجة خاصة :
- أن هناك معركة ما من نوع خاص على وشك أن تبدأ
هتف المدير هذه المرة :
- لهذا استدعيتك إلى مكتبي على وجه السرعة
ثم أضاف متسائلا :
- ما السبب في رأيك من قدوم ( تيا ) إلى ( مصر ) ؟
أجابه ( دافيد ) و هو يلوح بيده :
- ( تيا ) كانت المساعدة الأولى ل (سونيا) و قد أوشت بزعيمتها وسببت في سقوطها في أيدي الأمريكيين . ولاشك أن هذه المعلومات قد وصلت إلى كل المنظمة كما وصلتنا نحن . و هذا يعني أن ( تيا ) صارت المطلوب رقم واحد للمنظمة
تسائل المدير :
- إذن فأنت تظن أن ( تيا ) لم تعد في مأمن و أن أفراد المنظمة سيلاحقونها للانتقام منها ؟
أجابه ( دافيد ) بسرعة :
- دون أدنى شك
ثم أضاف :
- و لأنها أصبحت في خطر صارت. ولم تجد أفضل من المخابرات المصرية لتحتمي بها ، فقد سبق وأنها ساعدتهم من قبل.
تسائل المدير بلكنة خاصة :
- هل تعتقد إذن أن المصريين سيقومون بحماية ( تيا ) لمجرد أنها قد قامت بمساعدتهم من قبل ؟
صمت ( دافيد ) لحظة قبل ان يقول و هو ينظر إلى المدير نظرة خاصة :
- أتعني أن ..
قاطعه المدير قائلا :
- صفقة . نعم , لابد أن ( تيا ) ستعقد مع المصريين صفقة ما . بموجبها ستحصل هي على ما تريده من حماية . في المقابل سيحصل المصريين على ما عرضته عليهم هي.
ثم أردف و هو يعقد يديه أمام وجهه متسائلا :
- السؤال الآن هو ما هذا الذي ستعرضه عليهم ( تيا ) في مقابل حمايتهم لها ؟
أجابه ( دافيد ) بسرعة قائلا :
- أيا كان هذا الشيء الذي ستعرضه عليهم ، لا يجب أن نسمح بوقوعه في أيدي المصريين . فتلك الصينية تعرف الكثير جدا . ومن الخطر أن نتركها تبوح بما لديها للمصريين
لوح المدير بيده مؤيدا و قال :
- خصوصا أن كل خبرائنا يرجحون أنها قد تقدم على خطوة غاية في الخطورة
تسائل ( دافيد ) قائلا :ما هي ؟
أجابه المدير في حزم :
- أن تطلع المصريين على بعض أسرار منظمة سونيا جراهام مقابل حمايتهم لها
عقد ( دافيد ) حاجبيه دون أن يجب و المدير يكمل :
- و هذا أمر خطير جدا . فحصول المصريين على أسرار مثل هذه كفيل بجعلهم يفوقوننا بخطوات كثيرة في سلم التطور التكنولوجي
صمت لحظة قبل أن يكمل و هو يرمق ( دافيد ) بنظرة خاصة قائلا :
- و أنت تعلم ماذا كان سيحدث لأمريكا بسبب تلك التكنولوجية المتطورة التي تمتلكها تلك المنظمة
رفع ( دافيد ) رأسه و قال في شراسة :
- يجب أن نمنعهم من الحصول على هذه الأسرار إذن . مهما كان الثمن
لوح المدير بيديه و قال :
- كيف سنمنع تلك الصينية من البوح بما لديها للمصرين و هي داخل مبنى مخابراتهم بالفعل ؟
صمت ( دافيد ) وكأنما قد فاجأته هذه الحقيقة , إلا أنه أجاب في عناد :
- ولكن على الأقل نعرف تفاصيل الاتفاق . لابد أن نعرف ..
ثم التفت إلى المدير وقال :
- ألم يبلغكم عميلنا داخل جهازهم بأية معلومات أخرى ؟
أجابه المدير باقتضاب و هو يلتفت إلى ساعة يده :
- ليس بعد . مازلنا ننتظر أية أخبار جديدة .
نطقها , وساد بعدها صمت طويل ..
خمس دقائق كاملة , لم ينبس خلالها ( دافيد ) أو المدير ببنت شفة ..
خمس دقائق غرق فيها ( دافيد ) فى تفكير عميق احترمه مديره ..
واشتعل عقل ( دافيد ) بالأسئلة ..
ترى ماذا دار بين ( أدهم ) و( تيا ) فى لقاؤهما ؟
أي نوع من الصفقات عرضتها عليه ( تيا ) ؟
وماذا كان رد فعل ( أدهم ) ؟
لاشك فى أنه سيوافق ..
حتمًا سيوافق ..
فـ ( تيا ) لن تأتى إلى ( مصر ) للقاؤه , إلا وهى تحمل معها صفقة مغرية ..
عرض يستحيل رفضه , كما يقول رجال ( المافيا ) ..
فأي عرض هذا الذي جاءت به الصينية الحسناء ؟
كان يشعر بحنق شديد , لأن الصينية فضّلت ( مصر ) على ( إسرائيل ) , لعقد صفقة معها ..
ولكن لا وقت للحنق أو الغضب ..لا ينبغي أن يتركوا الفرصة للمصريين للنصر ..
أبدًا ..
" ينبغي أن نتحرك فورًا "
قالها بمنتهى الحزم , فسأله المدير :
- ماذا تقصد ؟
كرر بصرامة :
- يجب أن نتحرك بمنتهى السرعة , قبل أن نخسر كل شيء .. ( تيا ) يجب أن تكون هنا .. فى ( تل أبيب ) .. وبأي ثمن .
هم المدير بقول شيء ما , عندما ارتفع رنين هاتف مكتبه , فالتقط سماعته بحركة آلية , ووضعها على أذنه , قائلًا :
- ماذا هناك ؟
انعقد حاجباه فى شدة وهو يستمع إلى محدثه , واحتقن وجهه فى شدة , قبل أن يعيد السماعة إلى مكانها , هاتفًا بحنق :
- اللعنة .
سأله ( دافيد ) بقلق :
- ماذا هناك ؟
أجابه محنقًا :
- ( تيا ) غادرت ( القاهرة ) .
ونظر إلى ( دافيد ) متابعًا :
- مع أربعة من المخابرات المصرية .. اثنان منهما من فريق ( أدهم صبرى ) الذي قاتل معه فى ( روسيا ) .
سأله ( دافيد ) باهتمام :
- وإلى أين توجهوا ؟
أجابه :
- ( باريس ) .
غمغم وكأنما يحادث نفسه :
- ولماذا ( باريس ) تحديدًا ؟ .. بل ولماذا غادرت ( القاهرة ) ؟
غمغم المدير :
- ربما تخفى ما لديها هناك .
تمتم ( دافيد ) :
- ربما.
سادت فترة من الصمت , ظهرت خلالها أمارات التفكير العميق على ملامح ( دافيد ) , قبل أن بقول ببطء :
- لا بأس .. من الجيد أنهم غادروا ( القاهرة ) .
تطلع إليه المدير فى تساؤل , فاستطرد قائلًا :
- ( باريس ) ستمنحنا حرية فى الحركة أكثر من ( القاهرة ) .. كما أن اختطافها هناك , سيكون أسهل كثيرًا عنه فى ( القاهرة ) .
وصمت عدة لحظات , قبل أن يتابع قائلًا :
- المهم ألا يختفي الخمسة عن أنظارنا .
وسأل المدير باهتمام :
- هل نحمل صور لهم ؟
أجابه :
- عضوا فريق ( أدهم ) فقط .. ولكن يمكننا الحصول على صورتي الآخرين
تمتم ( دافيد ) :
- عظيم .
والتقط نفساً عميقاً ملأ به صدره , ثم استطرد قائلًا بحزم :
- فى هذه الحالة , ليس أمامنا سوى انتظار وصولهم إلى ( باريس ) ... وبمجرد أن تطأ أقدامهم أرضها , ننقض نحن .
وصمت برهة , قبل أن يضيف بشراسة :
- بمنتهى العنف .
ولثوان , خيل للمدير أن عينا ( دافيد ) تشتعلان ..
تشتعلان بحق .
* * *

السنيورا الغامضة 06-10-09 07:53 PM

الفصل السابع : مفاجأة ...

" أوشكنا على وصول ( باريس ) "
قالها ( شريف ) , ففتحت ( ريهام ) عينيها ببطء مغمغمة :
- لا بأس .
مط شفتيه مغمغمًا :
- من المؤسف أننا لن نرى المدينة , ولن نستطع التسوق .
قالت :
- لم أكن أعلم أنك من هواة التسوق .
لوح بذراعه قائلًا :
- إنها ( باريس ) .
ألقت نظرة سريعة على ( تيا ) التى تجلس بالقرب منهما ثم غمغمت :
- لست أرتاح لتلك الأفعى .
ألقى نظرة عليها بدوره ثم قال :
- ومن يثق فى الأفاعي ؟
ألقت عليها نظرة أخرى ثم غمغمت :
- من الأفضل أن تكون صادقة فى صفقتها , و إلا فلن أندم أبدًا على نسف رأسها برصاصة صائبة .
قال مبتسمًا :
- صرت دموية يا ( ريهام ) .
لم تعلق على عبارته , وأدارت بصرها هذه المرة فى اتجاه ( حاتم ) و( مروان ) , وتأملت الأول فى صمت فقال ( شريف ) بخفوت :
- إنه وسيم .. أليس كذلك ؟
التفتت إليه قائلة بضيق :
- ربما .
تأملها قليلًا فى صمت ثم تمتم :
- نعم .. ربما .
" نحن على وشك الهبوط .. الرجاء من السادة الركاب ربط أحزمة الأمان والامتناع عن التدخين "
تكررت العبارة عدة مرات بلغات مختلفة , فربط ( مروان ) حزام مقعده فى توتر مغمغمًا :
- أخيرًا .. ظننت أننا لن نصل أبدًا !
سأله ( مروان ) وهو يربط حزام مقعده :
- أهي المرة الأول لك ؟
هز رأسه نفيًا مغمغمًا :
- كلا .. ولكنني أكره الرحلات الطويلة .
وصمت برهة وعدل منظاره الطبى مستطردًا :
- أو على الأدق , أكره التعلق هكذا بين السماء والأرض .
بدأت الطائرة مرحلة الهبوط فى تلك اللحظة , فحاول ( مروان ) الاسترخاء فى مقعده , وظهر التوتر على وجهه , فسأله ( حاتم ) :
- أأنت بخير؟
تمتم :- نعم.. فقط أكره لحظات الصعود والهبوط .
تأمله ( حاتم ) لحظات فى صمت , قبل أن ينظر عبر النافذة المجاورة له , إلى أرض المطار التى تقترب , وراح يفكر بعمق..
ها هي ذي المرحلة الأولى من رحلتهم تنتهي..
وبعدها تبدأ المرحلة الثانية ..
مرحلة ( لاجوس ) ..
كان يشعر بمزيج من الحماس والقلق ..
الحماس لأنه فى أول مهمة رسمية له بعد انضمامه للمخابرات ..
والقلق منها أيضًا ..
إنه مازال يذكر كلمات ( أدهم ) له قبل سفره ..
" ( حاتم ) .. أنت المقاتل الوحيد فى الفريق كما لاحظت .. لذلك فمهمتك مضاعفة .. فإلى جانب المهمة الرئيسية , سيكون عليك حماية رفاقك .. بحياتك يا ( حاتم ) "
لحظتها قال له بحماس :
- اطمئن يا سيدى .. سأفعلها .
لحظتها ربت ( أدهم ) على كتفه مبتسمًا وقال :
- أنا واثق من هذا .
لم يكد يستعيد هذا المشهد حتى سرى فى عروقه حماس شديد , وغمغم فى نفسه :
- نعم يا أستاذي .. سأفعلها .
وواصل مراقبة أرض المطار التى تقترب أكثر ..
وأكثر ..
وأكثر .
* * *
" هل تشعر بالقلق ؟ "
قالها مدير المخابرات المصرية متطلعًا إلى ( أدهم صبرى ) الذي بدا شاردًا , فالتفت إليه الأخير ببطء , وتطلع إليه قليلًا فى صمت قبل أن يغمغم :
- نعم .
سأله :
- لماذا ؟
تنهد فى حرارة مغمغمًا :
- المهمة هذه المرة غير تقليدية بالمرة .. ولن أبالغ لو قلت : أنها أخطر من تلك المواجهة مع ( إيفان إيفانوفيتش ) . *
عقد المدير حاجبيه متسائلًا :
- كيف ؟
أجابه :
- المرة السابقة كنا نواجه خصمًا معروفًا .. ( المافيا الروسية ) .. كنا نواجه خصمًا بالغ الشراسة والقوة , ولكنه معروف وملموس .. أما فى مهمتنا هذه , فالأمر يختلف.. فلا ندرى ما إذا كان هناك مقر سرى بالفعل أم لا .. ربما كانت ( تيا ) محقة .. وربما كانت تخدعنا .. الاحتمالان متساويان .. وفى نفس الوقت نرسل فريقًا من أفضل شبابنا إلى منطقة بالغة الخطورة , لا أحد يدرى ماذا يمكن أن يواجههم هناك .. باختصار , الغموض يسيطر على كل شيء هذه المرة .
وتنهد فى حرارة مضيفًا :
- يسيطر عليه تمامًا .
سادت فترة من الصمت قبل أن يتساءل المدير :
- أين هم الآن ؟
أجابه ( أدهم ) :
- المفترض أنهم وصلوا ( باريس ) منذ ما يقرب من نصف الساعة , واستقلوا طائرة ( لاجوس ) .
غمغم المدير :
- عظيم .. المرحلة الأولى انتهت إذن .
غمغم ( أدهم ) :
- وبدأت المرحلة الثانية .
وصمت برهة ثم استطرد قائلًا :
- وتليها مرحلة الخطر .
ارتفع رنين هاتف مكتب المدير فى تلك اللحظة , فالتقط الأخير سماعته ووضعها على أذنه قائلًا :
- ماذا هناك ؟
استمع قليلًا وانعقد حاجباه فى شدة وقال بانفعال :
- أأنت واثق من هذا ؟
استمع مرة أخرى لعدة لحظات قبل أن يعيد السماعة لموضعها , فسأله ( أدهم ) باهتمام :
- ماذا هناك يا سيدى ؟
تطلع إليه المدير قليلًا ثم قال :
- أخبار جديدة يا ( أدهم ) .
سأله ( أدهم ) بحذر :
- بخصوص من ؟
أجابه ببطء :
- لن تصدق .
وأخبره ..
واتسعت عينا ( أدهم ) فى شدة ..
فما سمعه كان مدهشًا ..
إلى أقصى حد .
* * *
" اللعنة "
هتف بها مدير ( الموساد ) بسخط , وهو ينهى اتصاله الهاتفي بعنف , فسأله ( دافيد ) بقلق :- ماذا حدث؟
أجابه حانقًا :- المصريون .. لقد غادروا ( باريس ) .
انعقد حاجبا ( دافيد ) فى شدة , وسأله :- بهذه السرعة ؟
قال بحنق :
- نعم .. إنهم حتى لم يغادروا المطار لحظة واحدة , واستقلوا طائرة أخرى بعد أقل من ساعة واحدة من وصولهم .
سأله ( دافيد ) باهتمام :
- وأين توجهوا هذه المرة ؟
أجابه :- ( لاجوس ) .
ازداد انعقاد حاجبا ( دافيد ) أكثر , وتمتم :
- ( لاجوس ) .. أمر غريب حقًا .
وصمت بضع لحظات , قبل أن يغمغم :
- هذه الصينية لا تخفى وراءها مجرد معلومات فقط .. هناك شيء أخر حتمًا .. شيء بالغ الخطورة .. أنا واثق من هذا .
سأله بحذر :- مثل ماذا ؟
تمتم :- لا أدرى .
نطقها وغرق فى تفكير عميق , احترمه المدير كالعادة ..
وانطلق عقل ( دافيد ) يعمل كالصاروخ ..
هناك صفقة حتمًا فى الأمر ..
صفقة بالغة الخطورة لو شئنا الدقة ..
صفقة بين ( تيا ) و ( أدهم صبرى ) ..
صفقة أرسل من أجلها المصريون أربعة من رجالهم دفعة واحدة مع ( تيا ) ..
صفقة ستعقد غالبًا فى ( لاجوس ) ..
فأي نوع من الصفقات هذا الذي يعقد فى دولة غير مستقرة أمنيًا مثل ( نيجيريا ) ؟
" أريد اتصالاً عاجلًا بـ ( شيمون رافى ) "
قالها ( دافيد ) بمنتهى الحزم , فاستوعب المدير ما يفكر فيه , وقال بسرعة :
- تفكير صائب .
قالها والتقط سماعة الهاتف , قائلًا فى مدير مكتبه بصرامة :
- ( ليفي ) ..أريد اتصالاً عاجلًا بـ ( شيمون رافى ) فى ( لاجوس ) .
قالها وأنهى الاتصال , فقال ( دافيد ) بحزم :
- مادمنا فقدناهم فى ( باريس ) , فلن نسمح بحدوث هذا فى ( لاجوس ) .
ابتسم المدير مغمغماً :
- بالتأكيد .. خاصة وأن صديقنا ( هانسن ) مازال فى موقعه .
استرخى ( دافيد ) فى مقعده , قائلًا :
- لولا أمثاله لما استطعنا التوغل فى كل مكان .
هم المدير بقول شيء ما , عندما ارتفعت طرقات سريعة على باب مكتبه , فقال :
- ادخل .
دلف مدير مقعده إلى داخل الحجرة , وقد ظهر الانفعال واضحًا على وجهه وفى صوته , وهو يقول :
- أنباء جديدة من ( الولايات المتحدة ) يا سيدى .
تمتم ( دافيد ) بسخرية :
- هل قرروا إعلان الحرب على ( إيران ) ؟
رمقه المدير بنظرة صارمة , قبل يسأل مدير مكتبه :
- ماذا هناك ؟
أجابه بانفعال :
- رجلنا داخل المخابرات الأمريكية , نجح فى الحصول على الاسم .
سأله المدير بحيرة :
- أي اسم ؟
أما ( دافيد ) فقد اعتدل فى مقعده بغتة , وهتف :
- أتقصد .. ؟
قاطعه بانفعال :
- هو يا أدون ( عزرا ) .
تألقت عينا ( دافيد ) فى شدة , فى حين هتف المدير بنفاد صبر :
- اسم من ؟
أجابه الرجل بمنتهى الانفعال :
- مستر ( × ) .
وانتقل انفعاله إلى المدير ..
بمنتهى القوة .
* * *

السنيورا الغامضة 06-10-09 07:55 PM

الفصل الثامن : مستر اكس ..؟

لم تكد تلك السيارة الأنيقة تقترب من بوابة المعسكر العسكري النيجيري الضخم , حتى ارتفعت فوهتا مدفعي حارسيها فى تحفز , واقترب منها احدهما , وصوب مدفعه الضخم نحو راكبيها , قائلًا بصوت غليظ للسائق :
- أين تحسب نفسك ذاهبًا بالضبط ؟
أجابه الرجل بالمقعد الخلفي وهو يعدل منظاره الشمسي فوق أنفه :
- أرغب فى لقاء الجنرال ( جون هانسن ) .
سأله بغلظة :
- ومن أنت حتى يقابلك الجنرال ؟
قال الرجل بهدوء :
- رويدك يا رجل .. نحن أصدقاء .
حدجه الجندى بنظرة شك , وقال بغلظة دون أن يخفض مدفعه :
- أصدقاء ؟
قال بسرعة :
- بالتأكيد .
حدجه الجندى بنظرة متشككة أخرى , فاستطرد الرجل قائلًا :
- قل للجنرال : أن ( شيمون رافى ) هنا , ويرغب فى مقابلته .
التقط الجندى جهاز اتصاله , وقال عبره بغلظة :
- هنا البوابة رقم ( 3 ) .. هناك شخص يدعى ( شيمون رافى ) يرغب فى مقابلة الجنرال .
استمع قليلًا فى اهتمام , ثم مط شقتيه قائلًا :
- فليكن .
وأنهى الاتصال , وقال لـ ( رافى ) بغلظة :
- الجنرال فى انتظارك .
ابتسم ( رافى ) قائلًا:
- ألم أقل لك أننا أصدقاء ؟
تجاهله الجندى , وأشار لزميله بالابتعاد عن مسار السيارة , فى نفس اللحظة التى انفتحت فيها البوابة , فلوّح ( رافى ) بيده للجندي , قائلًا بسخرية :
- إلى اللقاء .
وانطلقت السيارة على الفور إلى داخل المعسكر الضخم , فتمتم الجندى لنفسه بحنق :
- الأوغاد الرأسماليين .
أما السيارة , فقد انطلقت قليلًا داخل المعسكر , قبل أن تتوقف أمام مبنى ضخم , رفع أعلاه العلم النيجيري ..
وفى هدوء , غادر ( رافى ) السيارة , قائلًا لسائقها :
- انتظرني هنا يا ( حام ) .
وألقى نظرة هادئة على المبنى الضخم , ثم دلف إلى داخله بثقة , دون أن يوقفه مخلوق واحد ..
ولم تمر دقيقة واحدة , حتى كان ( رافى ) يدلف إلى داخل حجرة قائد المعسكر الجنرال ( جون هانسن ) , الذي لم يكد يراه , حتى نهض بجسده الضخم ورأسه الأصلع وابتسامته الصفراء , من مقعده الضخم , قائلًا بلهجة ترحاب :
- صديقي العزيز .. كيف حالك مستر ( رافى ) ؟
صافحه رجل المخابرات الإسرائيلي ( شيمون رافى ) , وقال راسمًا على شفتيه ابتسامة خبيثة :
- فى خير حال يا جنرال .
أشار إليه الجنرال بالجلوس , وقال وهو يجلس بدوره :
- عظيم .. وكيف حال الرفاق فى ( تل أبيب ) ؟
أجابه ( رافى ) وهو يتخذ مجلسه فوق المقعد المقابل :
- فى خير حال أيضًا يا جنرال .
كرر الجنرال :
- عظيم .. عظيم .
خلع ( رافى ) منظاره الشمسي , ووضعه فى جيب قميصه , ثم قال بهدوء :
- نريد منك خدمة جديدة يا جنرال .
قال الجنرال بابتسامة صفراء :
- مازلت رجلًا عمليًا , لا يضيع لحظة واحدة مستر ( رافى ) .
قال ( رافى ) بهدوء :
- مهنتنا لا تسمح لنا بإهدار لحظة واحدة , إلا ضاع منا الكثير يا جنرال .
هز الجنرال رأسه موافقًا , وقال :
- بالتأكيد يا صديقي .. بالتأكيد .
والتقط نفسًا عميقًا ملأ به صدره , وقال :
- نحن فى خدمة أصدقائنا دائمًا يا مستر ( رافى ) وفى أي وقت .
واستدرك قائلاً:
- بالثمن المناسب بالطبع .
ارتسمت ابتسامة خبيثة على شفتي ( رافى ) , وهو يقول :
- بالطبع .
تألقت عينا الجنرال فى جشع , ثم سأل :
- ماذا هناك هذه المرة ؟! .. مخدرات أم أسلحة ؟
هز ( رافى ) رأسه نفيًا , وقال :
- لا هذا ولا ذاك .. الأمر مختلف هذه المرة .
واسترخى فى مقعده متابعًا :
- اليوم سيصل ( لاجوس ) خمسة أشخاص .. ثلاث رجال وامرأتان , إحداهما صينية .
سأله باهتمام :
- وما المطلوب بالضبط ؟
أجابه بحسم :
- نريد الصينية .
سأله الجنرال بلهجة خبيثة :
- والآخرون ؟
ارتسمت ابتسامة خبيثة على شفتي الإسرائيلي وهو يجيب :
- نريدهم أيضَا .. فى الجحيم .
أطلق الجنرال ضحكة جذلة عالية , وهتف :
- هذا يروق لي .. يروق لي كثيرًا .
وسأله باهتمام :
- ألديك أية صور لهم ؟
ناوله ( رافى ) مظروفًا مغلقًا , قائلًا :
- بالتأكيد .
التقط الجنرال المظروف , قائلًا :
- عظيم .
والتقط عدة صور من داخل المظروف , جال بعينيه بينهم فى سرعة , قبل أن يكرر قائلًا :
- عظيم .
ورفع عينيه نحو ( رافى ) مستطردًا بحزم :
- اعتبر المهمة تمت مستر ( رافى ) .
وتألقت عينا ( رافى ) فى شدة ..
ووحشية .
***
" ( كريستوفر مكارثى ) !! "
نطق ( أدهم ) الاسم بدهشة بالغة , فتراجع المدير بمقعده إلى الوراء قائلًا :
- هل تذكره ؟
تمتم ( أدهم ) , وذهنه يشرد بعيدًا :
- بالتأكيد .. أذكره جيدًا .
وصمت برهة , وتمتم مواصلاً شروده :
- ( كريستوفر مكارثى ) .. الزعيم الأكبر لمنظمة ( هيل أرت ) السابقة .
وهز رأسه فى قوة , مغمغمًا :
- من كان يتوقع أن يكون هو نفسه مستر ( × ) ؟! .. إنها مفاجأة مدهشة بحق .
وأغمض عينيه , مستطردًا وكأنما يتذكر :
- إنني مازلت أذكر جيدًا لقائى معه فى ( البرازيل ) .. المواجهة الوحيدة المباشرة بيننا .
وفتح عينيه متابعًا :
- وأذكر أيضًا الانفجار الرهيب , الذي أطاح بمقر المنظمة تمامًا , ونجوت منه أنا بمعجزة .
وصمت مرة أخرى , قبل أن يتمتم :
- ولكنني لم أكن أتوقع أن ينجو هو الأخر .
غمغم المدير :
- كان يجب أن نضع هذا فى حسبانا آنذاك , فأمثال ( مكارثى ) مثل الثعالب , عندهم حتمًا طريق خاص وسرى للفرار , عندما تتعقد الأمور .
غمغم ( أدهم ) بخفوت :
- سير ( وينسلوت ) .. ( بيتون ) .. ( دافيد جراهام ) .. ( كريستوفر مكارثى ) .. مازلت أذكر هذه الأسماء جيدًا , رغم أنه مضى ما لا يقل عن خمس وعشرون عامًا على مواجهتي لهم .
وتراجع فى مقعده , متمتمًا :
- ولكن لم انتظر كل هذه الفترة ؟ .. سنوات عديدة مرت منذ انهيار ( هيل أرت ) وظهور منظمة ( × ) .. أين كان طوال هذه الفترة ؟
قال المدير ببطء :
- كان منهمكًا فى بناء منظمته الجديدة حتمًا , ومحاولًا تفادى جميع الأخطاء التى أدت إلى انهيار منظمته السابقة .
وأشار إليه بسبابته مستطردًا :
- وأبرزها أنت .
انعقد حاجبا ( أدهم ) فى شدة , وتمتم :
- لهذا كان أول ظهور فعلى لمنظمة ( × ) فى ( فنزويلا ) , عندما تم اختطافي . ** .. الآن فقط تبدو الأمور منطقية .
وتنهد فى حرارة , مغمغمًا :
- ( كريستوفر مكارثى ) .. مازال الوغد حيًا إذن بعد كل هذه السنوات .. من كان يتوقع هذا ؟
قال المدير محاولًا تغيير الحديث :
- دعنا منه الآن يا ( أدهم ) .. لست أظن أنه سيشكل علينا خطرًا مجددًا .
هز ( أدهم ) رأسه نفيًا , وقال :
- بالعكس .. لقد أصبح أخطر بكثير الآن .
سأله المدير يحذر :
- كيف ؟
أجابه :
- لأنه الآن فى قبضة أقوى دولة فى العالم .. ومن المؤكد أنهم سيبذلون قصارى جهدهم للحصول على كل ما لديه .
وصمت برهة , قبل أن يضيف ببطء :
- ولدى ( سونيا ) .
انعقد حاجبا المدير فى شدة , وتمتم :
- أتظن أن .. ؟
أومأ ( أدهم ) برأسه إيجابًا , وقال :
- نعم .. سيسعى الأمريكيون حتمًا لنفس هدفنا .
واستطرد قائلًا ببطء :
- إن عاجلًا أو آجلًا سيفعلون .. فالهدف مغرى إلى أقصى حد .
غمغم المدير بقلق :
- هذا يعنى أن فريقنا سيواجه خطرًا رهيبًا عندما يتدخل الأمريكيون فى العملية .
عاد ( أدهم ) يتنهد فى حرارة , قائلًا :
- هذا لو اقتصر الأمر على الأمريكيين وحدهم .
وازداد انعقاد حاجبا المدير أكثر وأكثر ..
فعبارة ( أدهم ) الأخيرة , كانت مخيفة ..
مخيفة بحق .
***
" ( كريستوفر مكارثى ) ! .. يا لها من مفاجأة ! "
قالها ( دافيد ) ببطء وهو يتراجع فى مقعده , فزفر مدير ( الموساد ) مغمغمًا :
- بالفعل هي مفاجأة .. مفاجأة مدهشة لو شئنا الدقة .
قال ( دافيد ) ببطء :- إذن فالوغد لم يمت كما كنا نتصور .
مط المدير شفتيه قائلًا :
- كان يجب أن نتأكد من هذا بعد ذلك الانفجار الذي تسبب فيه ( أدهم صبرى ) . *
قال ( دافيد ) بسخرية :
- من الواضح أنها قاعدة مع ذلك المصري .. كل مرة يواجه فيها منظمة ما , وينجح فى تدميرها والقضاء على زعيمها , ثم تمر السنوات وتظهر منظمة جديدة يواجهها ( أدهم صبرى ) كالمعتاد , ليدرك أن خصمه القديم لم يلق مصرعه , وأنه يقود هذه المنظمة الجديدة .. حقًا كم الدنيا صغيرة كما يقول العرب ! .
غمغم المدير :- كل شيء محتمل فى عالمنا هذا.
قال ( دافيد ) ببطء :
- بالتأكيد .. حتى أنني كنت أظن مستر ( × ) شخص أخر .. أحد رجالنا السابقين على وجه الدقة .
تطلع إليه المدير فى تساؤل , فأضاف :
- ( موشى حاييم دزرائيلى ) .
انعقد حاجبا المدير فى شدة وقال :
- مستحيل .. لقد لقي ( موشى ) مصرعه على نحو لا يقبل الشك فيه .**
قال ( دافيد ) بسخرية :
- كل شيء محتمل فى عالمنا هذا .. أليس كذلك ؟
ازداد انعقاد حاجبا المدير أكثر وأكثر , فسأله ( دافيد ) مغيرًا مجرى الحديث :
- ماذا عن الأمريكيين ؟ .. هل نجحوا فى الحصول منه على شيء ؟
نجح سؤاله فى تغيير مجرى الحديث بالفعل , فمط المدير شفتيه مرة أخرى قائلًا :
- لا ندرى .. إنهم يرفضون إخبارنا بأي شيء بإصرار شديد , وكأننا لسنا حلفاء لهم .. حتى ذلك الاسم , حصلنا عليه عن طريق أحد عملائنا بينهم .
غمغم ( دافيد ) :
- لا ألومهم على هذا , فبين أيديهم كنز ثمين .. كنزين على وجه الدقة .. هو و ( سونيا ) .
وصمت برهة , ثم أضاف ببطء :
- لو أمكنهم السيطرة عليهما تمامًا .
مط المدير شفتيه مرة ثالثة قائلًا :
- هناك كنز ثالث مع المصريين .. ( تيا ) .
قال ( دافيد ) بثقة :
- مؤقتًا يا سيدى .. مؤقتًا .
سادت فترة من الصمت , ثم تساءل ( دافيد ) :
- هل من أخبار جديدة من ( لاجوس ) ؟
أجابه المدير :
- لقد قابل ( شيمون ) ( هانسن ) بالفعل , والأخير تولى المهمة .. أما طائرة المصريين , فلم تصل بعد .
غمغم ( دافيد ) :
- عظيم .. هذا يعنى أن الأمور تسير على ما يرام .
واسترخى فى مقعده مستطردًا بسخرية :
- وبمجرد أن تطأ إقدام المصريين أرض المطار , سيكون فى انتظارهم مفاجأة .. أكبر مفاجأة فى حياتهم .
وتألقت عيناه فى وحشية وهو يضيف:
- وأخرها .. أخرها على الإطلاق .
وازداد تألق عيناه أكثر ..
وأكثر ..
بلا حدود .
***

السنيورا الغامضة 06-10-09 07:58 PM

الفصل التاسع : الخطر...

" كم تبقى على وصولنا ؟"
تمتم بها ( مروان ) وهو يعدل منظاره الطبى فوق عينيه , فأجابه ( حاتم ) دون أن يفتح عيناه , أو يعتدل فى مقعده :
- عندما نصل , سيبلغوننا ذلك .
تأمله ( مروان ) قليلًا , وحاول الاسترخاء فى مقعده , مغمغماًً :
- ليت لي مثل هدوءك هذا .
غمغم ( حاتم ) :
- عجبًا .. كنت أظن الأطباء النفسيين , أكثر أهل الأرض هدوءًا .
تمتم :
- ليس كلهم .
سأله ( حاتم ) ببطء :
- أأنت نادم على قبول هذه المهمة ؟
أجابه بسرعة :
- مطلقًا .
وصمت برهة, ثم استطرد قائلًا :
- ولكنها المرة الأولى لى .
غمغم ( حاتم ) بسخرية :
- يا للمصادفة ! .. إنها المرة الأولى لى أيضًا .
تمتم بضيق :
- على الأقل أنت رجل عسكري و..
قاطعه ( حاتم ) بصرامة مباغتة :
- اصمت .
ابتلع ( مروان ) لسانه وحدق فى وجهه بدهشة , بينما أضاف ( حاتم ) بنفس اللهجة الصارمة , وبصوت خافت :
- أين تظن نفسك جالسًا ؟ .. لم لا تخبر الجميع بهويتنا ومهمتنا أيضًا ؟
غمغم بارتباك :
- لم أقصد هذا و ..
قاطعه ( حاتم ) مرة أخرى :
- خذ حذرك جيدًا يا ( مروان ) .. نحن لسنا فى نزهة أو رحلة استجمام .. ينبغي أن تدير ما تريد قوله فى رأسك أكثر من مرة قبل أن تقوله .. لا أحد يدرى من يمكن أن يصله حديثك .
تمتم ( مروان ) :
- أعتذر مرة أخرى .
غمغم (حاتم ) برفق :
- لاعليك .. حاول أن تسترخي قليلًا وتريح أعصابك , فأمامنا يوم شاق .
تمتم :- سأحاول .
نطقها وأسبل جفنيه محاولًا الاسترخاء ..
" ما رأيك فى رفيقينا ؟ "
همس بها ( شريف ) , فقالت ( ريهام ) :
- ماذا تقصد؟
همس مرة أخرى :
- أتظنهما قادران على أداء هذه المهمة معنا ؟
غمغمت :
- مادام الأستاذ قد اختارهما بنفسه , فلابد إذن أنهما قادران .
سألها :
- رغم أنها المرة الأولى لهما ؟
أجابته بحسم :
- أظن أن ( روسيا ) كانت المرة الأولى لنا نحن أيضًا .
غمغم :
- أنت محقة .
سادت فترة من الصمت , ثم غمغم ( شريف ) :
- ماذا عن ( تيا ) ؟
سألته :
- ماذا عنها ؟
أجابها :
- لا أثق فيها .
ألقت ( ريهام ) نظرة خاطفة على الصينية الحسناء , التى جلست مسترخية تمامًا فى مقعدها المواجه لهما :
- وأنا أيضًا .. ولكن لا مفر من محاولة ذلك .
تردد ( شريف ) لحظة , قبل أن يهمس :
- ماذا لو أن كل هذا مجرد خدعة .
تطلعت إليه متسائلة , فاستطرد هامسًا :
- أعنى أن هذه الصفقة مجرد وسيلة لجذبنا خارج ( مصر ) .
غمغمت :
- جذبنا نحن ؟ .. لماذا نحن بالذات ؟
همس :
- لم يكن المفترض أن نكون نحن الهدف .. بل الأستاذ .
انعقد حاجبا ( ريهام ) , وصمتت لعدة لحظات , قبل أن تغمغم :
- لحساب من ؟
بدت الحيرة على وجهه لعدة لحظات , قبل أن يقول :
- أية جهة .. هناك الكثيرون ممن يريدون الانتقام من الأستاذ .
سألته :
- ألا تظنها خطة معقدة للغاية لتحقيق هذا ؟
سألها بدوره :
- ألا تظنين أن الإيقاع بشخص مثله يستحق خطة بالغة التعقيد مثل هذه ؟
عاد حاجباها ينعقدان أكثر وأكثر , قبل أن تدير عينيها نحو ( تيا ) , وتتطلع إليها بصمت ..
ترى ماذا تخفى تلك الصينية الحسناء وراءها بالضبط ؟
لماذا ظهرت فى هذه الفترة بالذات ؟
إنها لم تمهلهم الوقت الكافي لدراسة الصفقة ..
بالأصح لم تمهلهم أي وقت ..
لماذا ؟
والسؤال الأكثر أهمية : ماذا لو كان الأمر كما يقول ( شريف ) مجرد خدعة ؟
فخ يتوجهون إليه بدلًا من أستاذهم ؟
هذا وارد بشدة , خاصة مع أفعى مثل ( تيا ) , تتلمذت على يد أكثر الأفاعي خطورة ..
( سونيا جراهام ) ..
و ..
" الرجاء ربط أحزمة الأمان والامتناع عن التدخين .. نحن نتأهب على الهبوط فى مطار ( لاجوس ) "
ترددت العبارة الهادئة لتقطع تسلسل أفكار ( ريهام ) , فى حين غمغم ( شريف ) :
- وصلنا أرض المعركة .
لم تعلق على عبارته , وربطت حزام مقعدها , قبل أن تدير عينيها نحو ( تيا ) , وفوجئت بالأخيرة تبتسم لها بسخرية , فأشاحت بوجهها, متمتمة فى نفسها :
- ترى ماذا تخفين أيتها الصينية الحسناء ؟ .. ماذا يوجد خلف تلك الابتسامة الساخرة ؟
ولم تجد لسؤالها جواب ..
أي جواب .
* * *
لم تكد الساعة تبلغ منتصف الليل بالضبط , حتى كانت تلك السيارة السوداء الفارهة , تتوقف أمام ذلك القصر الضخم , فى إحدى ضواحي ( ميونخ ) الراقية , ثم قال السائق بهدوء , محدثًا الأنيق بالمقعد الخلفي :
- وصلنا يا سيدى .
تطلع راكب السيارة الأنيق إلى القصر بضع لحظات , قبل أن يتمتم :
- لا بأس يا ( مايكل ) .
ظل يتطلع بضع لحظات أخرى إلى القصر الغارق فى سكون تام , قيل أن يفتح باب السيارة ويغادرها , قائلًا للسائق :
- انتظرني هنا يا ( مايكل ) .
غمغم السائق :
- كما تأمر يا سيدى .
أما الأنيق , فقد اتجه مباشرة نحو القصر , وشعور بالتوتر يخالجه بقوة , إلا أن هذا لم يمنعه من أن يتجه نحو مدخل القصر , ويضغط الجرس ..
مضى ما يقرب من الدقيقة دون أن يستجيب أحد للرنين , فازداد شعوره بالتوتر , وهو بالضغط على الجرس ثانية , عندما انفتح الباب الضخم فجأة , وظهر على عتبته رجل ضخم الجثة أصلع الرأس , حدجه بنظرة صارمة , ارتجف لها جسد الأنيق , فتمتم بصوت مبحوح :
- أنا هنا من أجل ..
قاطعه الضخم قائلًا بصوت غليظ :
- الجميع فى انتظارك بالداخل .
قالها وأفسح له الطريق , فدلف الأنيق إلى الداخل بسرعة , متسائلًا بلهجة شابها التوتر :
- هل بدأ الاجتماع ؟
تجاهل الضخم سؤاله , وهو يغلق الباب , ثم تقدم إلى الداخل , قائلًا بنفس لهجته الغليظة :
- اتبعني .
تبعه الأنيق دون أن بنبس ببيت شفة , وتوتره يزداد أكثر وأكثر , بينما قاده الضخم عبر عدة ممرات متشابكة واسعة إلى حجرة مغلقة , طرق بابها , ثم قال له بغلظة :
- ادخل .
قالها وتركه وحده , فازدرد الأنيق لعابه بصوت مسموع , قبل أن يفتح الباب بتوتر , ويدلف إلى داخل الحجرة و ..
" تأخرت خمس دقائق كاملة يا ( سباستيان ) "
أدار الأنيق عينيه إلى صاحب الصوت بسرعة , وتأمل وجهه الصارم لعدة لحظات , ثم عاد يزدرد لعابه مرة أخرى , متمتمًا :
- أسف على تأخري يا ( مارك ) .
قال ( مارك ) بصرامة :
- فليكن .. اجلس .
اتخذ ( سباستيان ) مجلسه فوق أحد المقاعد , التى تحيط بمائدة اجتماعات كبيرة , التفت حولها عدد من الرجال والنساء , بدا من ثيابهم بالغة الأناقة باهظة الثمن , أنهم أثرياء إلى حد كبير ..
دارت عينا ( مارك ) – الذي كان من الواضح أنه رئيس المجموعة الجالسة – فى وجوه الجميع , قبل أن يقول :
- أظن أن الجميع قد حضروا .
تمتمت إحدى النساء :
- أظن هذا .
قال بصرامة :
- عظيم .. يمكننا البدأ فى اجتماعنا إذن .
وصمت بضع لحظات , ثم قال :
- فى البداية دعوني أرحب بكم , وأشكركم على استجابتكم السريعة لاقتراحي بعقد اجتماع عاجل وطارئ .
تمتم أحد الرجال بسخرية متوترة :
- اقتراحك ؟ .. كنت أظنه أمرًا !
تجاهل ( مارك ) ما قاله , وهو يستطرد قائلًا :
- نحن لم نلتق منذ ذلك اليوم المشئوم , الذي سقط فبه زعيمنا فى قبضة الأمريكيين .. ولم نفقد الزعيم وحده , بل فقدنا أيضًا عددًا هائلًا من رجال منظمتنا , وعدة مقرات المفترض أنها كانت بالغة السرية .. أي باختصار , الوضع أشبه بالكارثة .. بل هو كارثة بالفعل .. فبلغة رجال الأعمال – ونصفكم منهم على الأقل – فقد خسرنا عدة مليارات من الدولارات وفى فترة لا تتجاوز الشهران .
وهوى بقبضته على سطح المائدة , على نحو انتفضت له أجسادهم , مضيفًا بصرامة :
- وهذا شيء لا يمكن التجاوز عنه أبدًا .
وصمت بضع لحظات , دارت فيها عيناه مرة أخرى فى وجوههم , فتحاشاها معظمهم , ثم تابع قائلًا :
- ولأن الوضع بالغ الحرج , ولم نواجه مثله من قبل منذ نشأة منظمتنا , فكان يجب عقد هذا الاجتماع العاجل , المناقشة الوضع الجديد .
تساءل أحد الرجال بحذر :
- مثل ماذا ؟
أجابه ( مارك ) بصرامة :
- انتخاب زعيم جديد للمنظمة .
سرت عدة همهمات بين الجالسين , فعاد ( مارك ) يهوى بقبضته على المائدة , قائلًا بنفس لهجته الصارمة :
- الرجاء الهدوء .
ساد الصمت بعد عبارته الصارمة , وتبادل الجميع نظرات قلقة متوترة , ترجمها أحدهم فى قوله :
- وعلى أي أساس سيتم انتخاب الزعيم الجديد ؟
أجابها قائلًا :
- على أساس قدرته على انتزاع المنظمة من كبوتها هذه , وإعادة إصلاح ما جرى .
سألته إحداهن باهتمام :
- إصلاحه كيف ؟
أجابها بحزم صارم :
- فى البداية , يجب تغيير نظامنا بالكامل .. يجب إعداد مقرات جديدة ..تغيير شبكة اتصالاتنا بالكامل .. تجنيد جواسيس جدد .. كل شيء.. كأننا نبدأ من البداية بالضبط , إلا أننا نمتاز هذه المرة , بأننا نملك قدرًا هائلًا من الخبرة .
سأله ( سباستيان ) بتوتر :
- ولماذا نكلف أنفسنا عناء البدء من جديد ؟
أجابه بصرامة :
- لأن زعيمنا السابق مستر ( × ) أصبح أسير حرب الآن , ومن يدرى مدى المعلومات التى حصل عليها الأمريكيون منه حتى الآن ؟ .. أهذا واضح ؟
تمتم أحدهم بسخرية :
- بالتأكيد .
رمقه ( مارك ) بنظرة قاسية , فأشاح الرجل وجهه عنه فى توتر , بينما قال أخر باهتمام :
- أنا أتفق معك فى هذه النقطة يا ( مارك ) .
قال ( مارك ) ببطء :
- عظيم .
وأدار عينيه فى وجوههم متسائلًا :
- هل من معترض ؟
لم يتلق جوابًا على سؤاله , فقال بحزم صارم :
- لا أحد يعترض ؟. . عظيم .. ننتقل إذن إلى النقطة الأخرى المهمة .
ومال إلى الأمام مستطردًا :
- اختيار الزعيم الجديد , الذي يقودنا فى هذه المرحلة .
تساءل أحد الجالسين بحذر :
- ومن يملك المهارة اللازمة لقيادتنا فى هذه المرحلة ؟
التقط ( مارك ) نفسًا عميقًا , ثم قال بحسم :
- أنا .
تطلعوا إليه بمزيج من التوتر والقلق والسخرية والاستنكار , فاستطرد قائلًا :
- أرجو ألا تعتبروا هذا غرورًا منى , إلا أنها الحقيقة .. أنا أصلح شخص لهذه المرحلة .
سأله أحدهم ساخرًا :
- وما الدليل على هذا ؟
أجابه بصرامة :
- أظن أنني أكثركم خبرة , خاصة وأنني رجل مخابرات مخضرم سابق .. كما أنني ملم بكل الأمور المتعلقة بالمنظمة , وأعلم بالضبط ما تحتاجه فى هذه المرحلة , ولن يكون من الصعب علىّ تحقيق ذلك .
واستطرد قائلاً :
- يمكننا اعتباره اتفاقاً بيننا .. عام واحد فحسب .. كل ما أطلبه هو عام واحد فقط , بعده يمكنكم أنتم الحكم على ما فعلته طيلة هذا العام , بل وتعيين زعيم أخر بدلًا منى .
وصمت برهة , ثم تساءل بحزم :
- ما رأيكم ؟
تبادلوا نظرات متوترة , وساد الصمت لعدة دقائق , بدا خلالها ( مارك ) كأنه لوح من الثلج , رغم أن فى أعماقه , كان بركانًا يشتعل , قبل أن يحطم أحدهم الصمت , قائلًا :
- لا بأس .. إنني أوافق على انتخابك زعيمًا للمنظمة لعام واحد يا ( مارك ) .. عام واحد لكي تثبت فيه كفاءتك وجدارتك بهذا المنصب .
تألقت عينا ( مارك ) فى شدة , وقال بحماس :
- لن تندم على قرارك هذا يا جنرال ( أندرسن ) .
غمغم رجل أخر :
- وأنا أيضًا أوافق .
وثالث :
- وأنا كذلك .
ازداد تألق عينا ( مارك ) أكثر , وهو ينقل عينيه من شخص إلى أخر ..
وكانت الموافقة بالأغلبية ..
وبظفر , قال ( مارك ) :
- أشكركم على ثقتكم هذه أيها السادة , وأعدكم أنكم لن تندموا على قراركم هذا .
وازداد تألق عينيه , وهو يضيف :
- لن تندموا أبدًا .
وازداد تألق عينيه ..
وبشدة .
* * *
التقط ( حاتم ) نفسًا عميقًا ملأ به صدره , وعدّل منظاره الشمسي الأنيق فوق عينيه , ودارت عيناه فى صالة المطار ببطء ..
ها قد وصلوا ( لاجوس ) ..
وهذا يعنى أن المهمة قد بدأت منذ هذه اللحظة ..
كان قد انفصل عن رفاقه , كل ذهب بمفرده فى اتجاه , على أن يتجمعوا خارج المطار ..لذا , فقد ملأ صدره بنفس أخر , وحمل حقيبته الصغيرة , واتجه بهدوء نحو ضابط الجوازات , راسمًا على شفتيه ابتسامة هادئة , قائلاً : - مساء الخير .
تأمله الضابط قليلاً فى صمت , قبل أن يسأله بجمود:
- هلا أريتني جواز سفرك ؟
قال ( حاتم ) وهو يناوله جواز سفره :
- بالتأكيد .
ألقى الرجل نظرة على صورة ( حاتم ) , وقارنها بصورته فى جواز السفر , فقال الثاني مبتسمًا :
- أبدو على الحقيقة أكثر وسامة من الصورة.. أليس كذلك ؟
تأمله الضابط فى برود , وتطلع مرة أخرى إلى جواز السفر , قبل أن يقول بصرامة :
- أخشى القول أنك ستظل معنا لعدة دقائق أخرى .
سأله ( حاتم ) بحذر :
- أهناك مشكلة ما ؟
تجاهل الضابط سؤاله , وأشار إلى أحد رجاله , قائلًا بصرامة :
- خذ السيد إلى حجرة الأمن .
انعقد حاجبا ( حاتم ) فى شدة , وقال :
- ماذا هناك بالضبط ؟
أجابه ببرود :
- مجرد إجراء روتيني .
سأله ( حاتم ) ببرود مماثل :
- ماذا عن حقيبتي ؟
أجابه بنفس اللهجة الباردة :
- ستظل هنا حتى تعود إليها .
رمقه ( حاتم ) بنظرة صارمة , ثم تبع الجندى الذي قاده عبر عدة ممرات , وتساؤلات عديدة تشغل عقله ..
ماذا يحدث بالضبط ؟
لماذا هذه المعاملة الباردة الجافة؟
ولماذا يذهب إلى حجرة الأمن ؟
إنه لا يحمل أية أشياء ممنوعة ..
بل لا يحمل حتى أية أسلحة ..
فلماذا استوقفه الضابط النيجيري ؟لماذا ؟
توقف الجندي فى تلك اللحظة أمام باب مغلق , فسأله ( حاتم ) :
- هل وصلنا ؟
أشار إليه الجندي , قائلًا بإنجليزية ركيكة :
- ادخل .
دفع ( حاتم ) الباب بحذر , ولم يكد يدلف إلى داخل الحجرة , حتى ارتفع حاجباه فى دهشة عندما وقع بصره على رفاقه و( تيا ) وسبعة من الجنود النيجيريين المسلحين داخل الحجرة , فهتف بدهشة :
- أنتم هنا ؟
وفى نفس اللحظة التي انغلق فيها الباب , كانت ( ريهام ) تقول بصرامة غاضبة:
- هل لنا أن نعرف لماذا نحن هنا بالضبط ؟
أجابها ضابط نيجيري ضخم يجلس خلف مقعد ضخم الجثة بلهجة عجيبة:
- هذا حقكم بالطبع .
واستطرد بسرعة :
- بعد هذا الاتصال .
قالها والتقط هاتفه , وطلب رقمًا خاصًا , قبل أن يتبادل مع صاحبه حديث قصير بلغة لم يفقه منها أي من الخمسة حرفًا , فازدرد ( مروان ) لعابه فى صعوبة , متمتمًا بصوت خافت :
- ماذا يحدث بالضبط ؟
لم يجبه أحد على سؤاله , بينما انعقد حاجبا ( حاتم ) فى شدة , عندما ارتسمت ابتسامة عجيبة على شفتي الضابط النيجيري , وهو يلقى عليهم نظرة لا تبعث الراحة أبدًا , قبل أن ينهى اتصاله , ويلقى أمرًا ما بنفس اللغة على أحد جنوده , فاتجه الأخير نحو ( تيا ) وأمسكها من ذراعها بقوة , فهتفت الأخيرة بشراسة :
- ماذا تفعل أيها الوغد ؟
أجابها الضابط بلهجة جذلة , وبالإنجليزية هذه المرة :
- ينفذ أوامري .
سأله ( شريف ) بتوتر :
- أية أوامر ؟
أجابه ( حاتم ) هذا المرة :
- قتلنا.
وقبل حتى أن ينتهي من قول كلمته , كان يقذف حقيبته فى وجه أقرب الجنود إليه , ثم ينقض على أخر ..
وكانت مبادرة مدهشة بحق ..
وغير متوقعة أبدًا على الإطلاق ..
وفى اللحظة التالية مباشرة , وبسرعة مدهشة , تحركت ( تيا ) بدورها , وهوت على فك الجندى الذي يمسكها بلكمة ساحقة , ثم دارت على عقبيها برشاقة مدهشة , لتركله فى أنفه ..
واتسعت عينا ( مروان ) فى ذعر ..
وهنا فقط , انتزع الضابط نفسه من ذهوله , واندفعت يده نحو مسدسه المعلق فى جرابه , صارخًا فيمن تبقى من جنوده :
- اقتلوهم .. اقتلوهم .
وقبل حتى أن ينتهي صراخه , ارتفعت المدافع الآلية فى وجوه أبطالنا و..
واشتعل المكان ..
بمنتهى العنف .
***

السنيورا الغامضة 06-10-09 08:03 PM

بالنسبة لمن يتساءل عن حقيقة الرواية
اهديه المكتوب على الغلاف الخارجى للرواية....

* خطة جديدة للإدارة الأمريكية ..
* وخطر جديد يلوح فى الأفق ..
* وفريق جديد بقيادة ( أدهم صبرى ) ..
* ومهمة جديدة فى مكان بالغ الخطورة ..
* ترى هل سينجح فريق ادهم الجديد فى كشف المخطط وقهر المستحيل ، ومن يستحق لقب قاهر الاسود فى النهاية...(رجل المستحيل) أم ....؟
* اقرأ التفاصيل المثيرة , وقاتل مع ( رجل المستحيل ) وفريقه من أجل الوطن ...

السنيورا الغامضة 06-10-09 08:05 PM

وللعلم القصة صادرة عن دايموند بووووك ...
ومازالت تنتظر الاذن بالدخول لمصر...
وكان من المفترض نزولها بالمؤسسة من فترة كما قلت سابقاً...

مين هناك 07-10-09 04:41 PM

الف شكر لكى على الرواية الحصرية

kamelloh 08-10-09 03:34 AM

ياريت بقية القصة لو سمحت وميرسى جدا جدا جدا على المجهود الرائع ده

السنيورا الغامضة 08-10-09 09:42 AM

هذا ما نشر من الرواية حتى الان

ومازلنا فى انتظار ان ينشر المزيد قريباً ان شاء الله

mayoia 09-10-09 12:35 AM

ميرسى جدا للمجهود الرائع واتمنى وصول البقيه فى اسرع وقت[[/"]:8_4_134:

medo shabolla 11-10-09 04:03 PM

في انتظار باقي الرواية

وفي انتظارها بي دي اف

لؤلؤة المحيط 11-10-09 05:35 PM

يعطيكي الف عافية سنيورا

ويا رب تنزل بقيتها قريبا

عاشق الروح 11-10-09 07:53 PM

مشكوره على الموضوع الرائع ده
فى انتظار الباقى عن قريب باذن الله
قبل ان احترق من الشوق :D بارك الله فيكى اختنا الغاليه

كازارا 22-10-09 08:55 PM

جزاك الله الف خير

السنيورا الغامضة 23-10-09 02:11 PM

انتظرونى قريبا مع الاحداث الاخيرة من الرواية الجميلة
وآسفة لتأخري عليكم

fatman_h 31-10-09 04:21 PM

مشكورة سنيورا على الجهد الرائع
ان شاء الله القادم احلى

لؤلؤة المحيط 07-11-09 04:58 PM

تسلمي سنيورة واحنا بالانتظار

taimour 10-11-09 10:34 AM

سنيورةاحنا بالانتظار

moheb201177 20-11-09 08:33 PM

رائع ارجو التكملة و شكرا لمجهودك الوافر

ABDULLAH OMAR 21-11-09 10:36 PM

وين الباقى يا سنيورتى؟!!!؟

visca tetuan 30-11-09 11:52 AM

chokran jazilan laki ma3a takdiri wa mtinani

ABDULLAH OMAR 04-12-09 02:26 AM

where in the god sake the rest of this novel number my lady??!! please we r waiting

ركين الظلام 09-12-09 11:15 PM

ارجوا من مشرف المنتدى حذف التثبيت
لعدم اهتمام كاتب الموضوع به وكذلك عدم اهتمامه باراء وافكار
قراء المنتدى واعضائه

مين هناك 10-12-09 07:05 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ركين الظلام (المشاركة 2113954)
ارجوا من مشرف المنتدى حذف التثبيت
لعدم اهتمام كاتب الموضوع به وكذلك عدم اهتمامه باراء وافكار
قراء المنتدى واعضائه

العضو العزيز كاتب الموضوع لا ذنب له فى التاخير حيث انه ليس كاتب الموضوع اساسا ولكن هذا الفصل سوف يصدر ضمن العدد الذى متوقع صدوره فى فترة الاجازة الشتوية او معرض القاهرة للكتاب وهذا ليس جديد فعلى مدار العامين الفائتين حدثت نفس التسريبات للفصول الاولى للقصص قبل صدورها

فاطمة سلمي 28-12-09 09:33 PM

شكرا الك يا سنيورة وانا بستنا منك باقي الرواية وعلى فكرة انتي جميلة جدا وشكرا الك

السنيورا الغامضة 30-12-09 08:55 PM

السلام عليكم

اعتذر عن غيابى الفترة السابقة وعن عدم ردى على التعليقات الجميلة
واحب ان اقول للاخ ركين الظلام ان باقى فصول العدد لم تصدر بعد

والفصول المنشورة هى التى صدرت من ديموند بوك
بالفعل كما صدر الفصل الاول من رواية نهاية العالم (ملف المستقبل)وكنت اريد نشره هناوبعدين قلت حيجى واحد زيك يطالب بحذفه
انا ليس لى اى ذنب فى عدم نشر باقى الفصول
مجرد فصول لعدد خاص صدرت واردت ان يكون منتدى ليلاس صاحب الحصريات كالعادة
وغير معقول لعضو جديد لسه صاحب اربع مشاركات فقط ان يطالب بحذف مجهود عضو قديم
وعموما انتظر يا عزيزى فان غدا لناظره قريب

ركين الظلام 01-01-10 10:03 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة السنيورا الغامضة (المشاركة 2131392)
السلام عليكم

اعتذر عن غيابى الفترة السابقة وعن عدم ردى على التعليقات الجميلة
واحب ان اقول للاخ ركين الظلام ان باقى فصول العدد لم تصدر بعد

والفصول المنشورة هى التى صدرت من ديموند بوك
بالفعل كما صدر الفصل الاول من رواية نهاية العالم (ملف المستقبل)وكنت اريد نشره هناوبعدين قلت حيجى واحد زيك يطالب بحذفه
انا ليس لى اى ذنب فى عدم نشر باقى الفصول
مجرد فصول لعدد خاص صدرت واردت ان يكون منتدى ليلاس صاحب الحصريات كالعادة
وغير معقول لعضو جديد لسه صاحب اربع مشاركات فقط ان يطالب بحذف مجهود عضو قديم
وعموما انتظر يا عزيزى فان غدا لناظره قريب

الاخت السنيورا الغامضة
اولا انا طلبت من مشرف المنتدى حذف التثبيت وليس حذف الموضوع
ثانيا طلبت من المشرف حذف التثبيت بسبب عدم اهتمامك بالرد على اعضاء المنتدى والذين لهم كل الحق بانك تبدين اهتمام بتعليقاتهم على موضوعك
ثالثا انا لست بعضو جديد بمنتداي الغالي ليلاس وانما انا اقدم منك بالتسجيل اذا بتلاحظي هذا الشي انا سجلت بفبراير وانتي بعدي ب8شهور في اكتوبر
رابعا ليس المهم عدد المشاركات انما المهم المصداقيه مع اعضاء المنتدى وتزويدهم باخر التطورات بشان الرواية سواء بيتاخر اصدارها او بتنزل الرواية كامله وليس تركهم هكذا بدون اي رد
خامسا وهو الاهم انني بعد قراتي لرد اخي مين هناك والذي فهمت بعده سبب تاخيرك في انزال باقي الاجزاء من الراويه كنت سابدي اعتذاري لكي ولاعضاء منتداي الغالي ليلاس على تسرعي في الحكم وذلك لجهلي بطرق انزال الاعداد الجديدة من روايات رجل المستحيل
ولكن بما انني الاحظ في ان ردك بعض من التعالي والتكبر على الرد على زوار مواضيعك فانني مرة اخرى اطالب من مشرف المنتدى حذف التثبيت لعدم اهتمامك بالرد على اعضاء المنتدى في استفسارتهم

Eman 01-01-10 06:15 PM

أخواني كلنا في هذا المنتدى نعمل لأجل الأفضل,,
وكلنا نواجه ظروفا صعبة من الحين للآخر..
بتمنى ان نتقبل بعضنا بشكل الطف و نلتمس الأعذار لبعضنا,,
وكلنا خير وبركة واخوان في منتدانا لليلاس,,بغض النظر عن الأقدمية والمشاركات,,

تحياتي للجميع..
الادارة,,

فاتنة الضحى 04-01-10 01:11 PM

تسلم ايديكي كتير انا معجبة بالرجل المستحيل

ABDULLAH OMAR 06-01-10 03:45 AM

Hey people be cool and take it easy ...mesh keda hattdaiaona ..The lady is making her best.

بايبر 12-01-10 10:04 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وين التكميلة شوقتونا كثير بارك الله فيك ورحم الله والديك, يعطيك الف عافيه جزاك الله الف خير

خليل محمد احمد 23-01-10 04:58 AM

الف شكر لعيونك

خليل محمد احمد 23-01-10 04:59 AM

حبيب قلبي من زمان بدور على من متلك وييييييييييين انتو

خليل محمد احمد 23-01-10 05:01 AM

تسلملي هالانامل يا بعدي قسما بالله الي شهووووووووووووووور بدور على هالعدد الحلو بس اكيد مو اللي حلى من صاحبو

ibrahim zoghla 24-01-10 10:19 AM

مشكوووووووووووووور
وفى انتظار التكملة

النورس الرحال 26-01-10 06:20 AM

يا ليت العدد كامل
شكرا

فاطمة سلمي 03-02-10 09:52 PM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية . جزاك الله الف خير بارك الله فيك ورحم الله والديك, يعطيك الف عافيه

*walaa* 04-03-10 07:00 PM

شكرا على مجهودك يا سنيورا بالفعل القصة جميلة جدا ونحن لا نلومك اطلاقا على عدم تكملتها لان مش بايدك انتي عملتي اللى عليكي وزيادة ...الف شكر

khalil_99 17-03-10 06:10 AM

شكرا على العدد الجميل

ملك الروايات 19-03-10 08:44 PM

رائع:
:8_4_134::8_4_134::8_4_134::8_4_134:
:Welcome Pills4::Welcome Pills4::Welcome Pills4:
:liilas::liilas::liilas:
:liilase::liilase::liilase:
:7_5_129::7_5_129::7_5_129:
:dancingmonkeyff8::dancingmonkeyff8::dancingmonkeyff8:

eng_saleh 20-03-10 08:06 AM

الف شكر

ممكن توفيرها على pdf???

علي الصريمي 03-04-10 03:42 PM

مشكور مشكور مشكور
قصة جميلة

samuraiz 12-04-10 01:00 PM

مرسي جدا موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية . موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

nana200 25-04-10 10:53 PM

السلام عليكم
بارك الله فيك على هذا المجهود
لكن اود ان اطرح سؤال
كيف كانت هناك خطبه بين ادهم ومنى
ومع ان العدد الاخير فى المشههد الاخير طلب منها الزواج امام رجال الدول التى اجتمعت لقتله وقبلها كانت هى فى حاله نفسيه سيئه لعمله فى مجال جديد

نـــائـــل 02-05-10 05:00 PM

جزاك الله كل خير .. موضوع أكثر من رائع

nana200 28-05-10 10:48 PM

[SIZE="5
"]
السلام عليكم
بارك الله فيك على مجهودك
لكن اين باقى الفصول
ارجو ان تكمليها لو سمحتى
[/SIZE]

motea 02-06-10 11:02 AM

مشكورة اخير خطبهامجهود رائع

مالكة الامل 12-06-10 02:32 PM

عنجد شكرا الك كتيييييييير يا عسل والخطا ابدا مومنك
كلك زوق لانك حملتيها النا

نور الهدى4 19-08-10 08:45 AM

شكرا لك أختي على العدد الخاص
هل نزل العدد في دولة الامارات ام لا ؟؟

ABDULLAH OMAR 27-08-10 03:21 PM

Hasnt it come complete ?yet?

ابوالسيد 05-11-10 03:16 PM

الف شكراااااااااااااااااااااا للكل دى اول مره لى وووووووووووووووووووووو شكرااااااااااااااااااا للمنتدى الجامد اوىىىىىىىىىىىىىىى

karamkaram 22-12-10 10:25 PM

قاهر الاسود
مشكور علي المجهود أخي

أبو الروم 08-01-11 06:42 PM

شكر
 
السنيورا الغامضه.................
شكرا لك...

mostafa elbalshy 17-01-11 05:11 PM

1000000000000000000000000000000000000000000000000000 شكر يا سينيورا

mostafa elbalshy 19-01-11 06:54 PM

1000 شكر و مستنيين الجزء الثالث على نار

imamnajm 08-02-11 05:39 PM

شكرا
 
شكرا للاخوان في المنتدى

masria_masria 11-02-11 01:31 AM


شكرا على المجهود الرائع

hi everyone 01-03-11 09:13 PM

[COLOR="Red"][COLOR="Black"]نريد الرواية مسحوبة سكانر وموضوعة على ملف pdf كشأن اى قصة فى المنتدى
وعلى فكرة
هو تقريبا نقس الجهد المبذول فى الكتابة و........
لكن pdf
بلا شك الافضل والاحسن لعشاق القراءة

ركين الظلام 07-03-11 12:13 AM

السلام عليكم
هناك اشاعه مفادها انه لم ترد أي أخبار عن هذا العدد من د. نبيل فاروق ولا من دار ليلى (وكيل دياموند بوك في مصر) ولا على موقع دياموند بوك نفسه ولا على الجروب الخاص بها على الفيس بوك

لذلك فالأغلب هذا العدد من تأليف أحد معجبي سلسلة رجل المستحيل.. وليس تأليف د. نبيل فاروق نفسه


نرجوا اذا كان احد عنده اي خلفيه عن الموضوع وخاصة شباب مصر انهم يفيدونا
مع احترامي لصاحب الموضوع

marshal79 12-04-11 09:09 PM

راااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااائع

marshal79 12-04-11 09:11 PM

جميييييييييييييييييييييل جداااااااااااااااااااااااااااا

mesallam1 13-06-11 01:20 AM

:55::dancingmonkeyff8:

alaa7 30-06-11 12:38 PM

:8_4_134:ميرسي يا قمر الروايه رائعه وناطرينك على نار ويعطيكي العافيه رح نتعبك معنا :55::55::55:

همسة حزن 30-06-11 11:29 PM

شكرا عالمجهود الرائع
عجبتنى جدا وياريت تنزل باقى الفصول قريبا

youssifzahra 19-08-11 12:18 AM

انا بقرأ قصص رجل المستحيل من وانا عندى 8 سنين وانا دلوقتى عديت الثمانية عشرة عاما يعنى بقالى اكتر من عشر سنين بتابعها وبتابع اخبارها ارجوكم انتوا شوقتونى كتير لباقيت القصة ياريت فى اقرب فرصة تنزل باقى الفصول من فضلكو ومرسى كتير ليكو على المجهود الرائع دة

عهد Amsdsei 21-08-11 03:44 PM

السلام عليكم

بعد التأكد .. لم يتم حتى الآن انزال رواية باسم قاهر الاسود

من كتابة الدكتور نبيل فاروق

سوف يتم إغلاق الموضوع حتى يتم انزال الرواية رسمياً

سارة المصرية 23-10-14 02:25 PM

رد: انفراد على موقع ليلاس العد الخاص الجديد لرجل المستحيل: قاهر الاسود
 
مشكورة مكن رابط تحميلها pdf

عهد Amsdsei 24-10-14 05:20 PM

رد: انفراد على موقع ليلاس العد الخاص الجديد لرجل المستحيل: قاهر الاسود
 
السلام عليكم

ارجو قراءة الرد السابق

رونق الروح 20-11-14 09:44 PM

رد: انفراد على موقع ليلاس العد الخاص الجديد لرجل المستحيل: قاهر الاسود
 
:dancingmonkeyff8::dancingmonkeyff8::dancingmonkeyff8:

تلوستوى 27-10-15 02:03 PM

رد: انفراد على موقع ليلاس العد الخاص الجديد لرجل المستحيل: قاهر الاسود
 
روعة .شكرا لك

akhmedtaia 08-12-17 02:35 PM

رد: انفراد على موقع ليلاس العد الخاص الجديد لرجل المستحيل: قاهر الاسود
 
القصة تخيلية وقد انكر نبيل فاروق فى موقعه انه يعرف عنها اى شئ بالمرة

http://www5.0zz0.com/2017/12/08/15/144684856.jpg


الساعة الآن 07:36 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية