منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات احلام المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f457/)
-   -   398 - لن تسامح - داي لوكلير ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t117250.html)

جين استين333 20-08-09 08:56 PM

398 - لن تسامح - داي لوكلير ( كاملة )
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


ملخص القصة ::::

لن تسامح
روايات أحلام
داي لوكلير
-398-
-أنت لست حبيبي بل موظف عندي
-لكنك استأجرتني لهذين الدورين
-بل استأجرتك لتمثل دور الحبيب لي, وهذا لا يعني أن تتجاوز حدودك.
-هل ستطردينني من العمل؟
-ساتسامح معك هذه المرة, لكنني لن أوافق على شروطك...
كانت تيس لوينغان تشعر بالغريزة أن شايد يتحكم بها.
ولكن لم يكن لديها فكرة عن أنها ضحية لمؤامرة... ولا أن هذا الرجل الغامض الرائع لديه خطة ليحصل عليها لنفسه.

منتديات ليلاس
اتمنى ان القصة تنال اعجابكم

جين استين333 20-08-09 08:58 PM

تمهيد

-هل لك أن تتحدثي إلى اللجنة من فضلك؟
تقدمت تيس لونيغان إلى بقعة الضوء التي تتخلل ظلمة القاعة, وهي تسأل:" هل هذه لجنة الوساطة الزوجية؟".
تبع سؤالها حفيف اوراق و بعض التعليقات الهامسة ثم ارتفع صوت تعرفه يجيب:" نعم, هل من سؤال؟".
جاهدت للمحافظة على جديتها.
كان اخوها يبذل جهده كي يعدل صوته مستخدما لكنة مصطنعة لكنه لم ينجح إلا في جعلها تضحك:" لدي صديقتان أريدكم أن تجدوا لهما زوجين الاولى هي إيما بالمر من سان فرانسيسكو, و الثانية هي رين فيندرستون من تكساس".
سألها:" وهل هما تريدان ذلك؟".
-لا, ولكن لدي تفويض.
-لا بأس, لكن كيف حصلت على التفويض إن كانتا غير مهتمتين بالعثور على زوج؟
-منذ سنوات, تعاهدنا على أنه إذا وصلت أي منا الثلاثين من دون زواج, فعلى الباقيتين أن تجدا لها زوجا.
إزداد حفيف الاوراق و الهمس, و تمنت لو ترى أعضاء اللجنة الآخرين, لكنهم حرصوا على ألا يدعوا الضوء يكشفهم, عظيم... ها هي تدخل فيلما أسود تتخلله بقع استفهام بيضاء, و يتضمن لجنة سرية. و كبحت ابتسامة أخرى.
و الآن, كل ما تحتاجه هو البطل لتكتمل شخصيات الفيلم. وسمعت صوتا آخر يقول:" هذه اتفاقية مثيرة, هل أنت واثقة من أنها لم تكن مجرد مزاح حينذاك؟".
لم تعرف المتكلم لكن كلماته ضايقتها إذ كانت أكثر جفاء و خشونة من كلمات أخيها. هزت كتفيها:" ربما كانت كذلك".
-لماذا تحول هذا المزاح ضدهما إذن؟.
-ضدهما؟ أهذا هو رأيك بالزواج؟ ظننتكم مجموعة من الشبان تمثل كيوبيد عصري.
-إننا نساعد في زواج أولئك المستعدين له فقط.
-حسنا, صديقتاي هما حسب الطلب بالضبط, إنهما ليستا متعدتين له وحسب, بل إن إحداهما لديها رجل رائع الصفات يجلس على عتبة بابها.
-ولماذا هي بحاجة إلينا إذن؟
-لأنها لا ترى مدى كماله. في الحقيقة, صديقتاي بحاجة إلى دفعة من كيوبيد تساعدهما على الإقدام, ينبغي أن تكون هذه فرصتكم, يا شباب كل ما عليكم أن تفعلوه هو أن ترسلوا . . . حسنا, ترسلوا رجلكم ( المحرض).
فتاوه سيت, بينما سألها الرجل الخشن الصوت:" كيف عرفت بأمر المحرض؟".
فأجابت متصنعة البراءة:" وهل هذا سر؟".
فقاطعها سيت:" تبا لك, يا تيس, إنه طبعا سر".
ابتسمت بعذوبة و أجابت:" إذن, على الأخوة الكبار ألا يتحدثوا عن خصوصياتهم على مسمع من أخواتهم الصغيرات".
-كفى.
ساد الصمت بسرعة عندما نطق الرجل الفظ بهذه الكلمة ما أثر في تيس.
ليت لها مثل هذا التأثير في موظفيها في العمل!
-سنوافق على طلبك بشرط واحد.
-وما هو؟
-هذه اللجنة تقوم بعملها سرا و نحن نفضل أن يبقى الأمر هكذا.
-لعل هذا أفضل, أما فكرة تجوال الـ كيوبيد إله الحب في الأنحاء, لدفع الشبان و الشابات إلى الحب, فهذا صعب التصديق.
فقال سيت:" اعلمي ان لدنيا سجلا رائعا, ثلاثمئة و اثنان وعشرون زواجا سعيدا. . . ".
قاطعته بقولها:" ما رأيكم في أن تقيموا عرسا بهيجا لكل من صديقتي, و بالمقابل أصون أنا سر منظمتكم الصغيرة هذه, اتفقنا؟".
فقال سيت:" اتفقنا".
يبدو أنه لم يعد هناك ما يقال, فأنطفأ الضوء من حولها, و فهمت أنهم يطلبون منها الخروج. سارت نحو الباب, لكن شيئا ما جعلها تتساءل عما إذا اقترفت خطأ شنيعا.
عندما خرجت من الغرفة قال سيت:" حسنا؟".
فخرج شيدو من الظلام وهو يسأل:" كم تراها تعلم؟".
-بالنسبة إلى خطتنا لتزويجها؟ لا شيء . زيارتها لنا اليوم مجرد صدفة, و الذنب في ذلك هو ذنبي, مع الأسف. لقد سمعت حديثي فقررت أن تستغل الوضع لتزويج صديقتيها.
-لكنها تعرف عن المحرض.
-إنها لا تعرف اسم شايد أو أنه مكلف بالعثور على زوج لها.
-ماذا ستفعل عندما تعلم ما فعلناه؟
فقال سيت بابتسامة عريضة:" لن تتقبل الامر. . . على الإطلاق, و لكن, حينذاك سيكون الأوان قد فات و ستكون النهاية سواء شاءت ذلك أم لا".
-في هذه الحالة سنتابع العمل, سأستدعي أخي و نبدأ العمل, و عندما ينتهي أمر تيس, سنبدأ بالاهتمام بصديقتيها.
منتديات ليلاس

^^^^^^^^^^^^^^

جين استين333 20-08-09 11:47 PM

1-لقاء ليلي

جاء مع الليل, مبرزا أعمق مزاياه, مثيرا في كيانها مشاعر أنثوية للغاية.
كانت تيس لونيغان تجلس خلف مكتبها وهي تجاهد للاحتفاظ باتزانها أمام هذا الرجل الذي لا يمكن وصفه إلا بالغموض, و الخطر. . . الخطر الشديد, واسمرار البشرة. وقف في ناحية الغرفة البعيدة فاخذا يحدقان إلى بعضهما البعض لحظة طويلة, ولم يفلح ضوء مصباح مكتبها الضعيف في اختراق الظلال المحيطة به, لا سيما بملابسه الداكنة و شعره البني المحمر, ووقفته الجامدة, اما أسوأ ما فيه فهو عيناه. . . لم تستطع أن تعرف لونهما بالضبط, لكنهما كانت الشيء الوحيد الذي أفلت من قناع الظلمة, كانتا تومضان كالنجوم. قوة نظراته الثابتة الصريحة كانت أكثر إرباكا من كل ما رأته من قبل.
منتديات ليلاس
أسمر, غامض, خطير. . .
كانت هذه الكلمات تتكرر بانتظام يحطم الأعصاب, فقطبت. هذه الصفات لم تعجبها, فما الذي جعل جين تظن أن هذا الرجل مناسب لما يدور في ذهنها؟ و إذ ادركت أنها على وشك تحطيم قلمها, أعادته إلى موضعه وقد توصلت إلى قرار... لا. هذا الرجل لن ينفع أبدا.
وفي لهفتها إلى انهاء هذه المعركة الصامتة بين الإرادتين, أشارت إليه بأن يقترب. كان من المفترض أن تقف و تصافحه بابتسامة ترحيب حارة, لكن غريزتها أنذرتها بأن هذا التصرف سيكون غلطة. مع هذا, فإن غلطتها الأسوأ هي تحديد هذا اللقاء في وقت متأخر.
كل ما يغمره ظلام الليل يصبح أكثر حدة و عنفا. وهذا لا يعني أنه كان بإمكانها أن تغير موعد هذا اللقاء, فهي لا تجرؤ على أن تدع أحدا يعرف السبب الذي جعلها تطلب مساعدة من الخارج.
تقدم إلى الامام من دون أن يخرج تماما من الظل, و سالها:" هل طلبت خدماتي؟".
حتى صوته أزعجها. فبدلا من أن يكون رقيقا, مصقولا, احدث صريرا أثار اتباهها كليا: لقد ذكرها نوعا ما بذلك الشاب الفظ في لجنة كيوبيد. إلا أن صوت هذا الرجل كان اعمق و اكثر فظاظة.
سالته:" هل أرسلك مكتب الاستخدام؟".
أمال رأسه فاستقر الضوء الخفيف على شعره الداكن, و أجاب:" لقد اختارتني جين. غنني أكثر المرشحين ملاءمة لما تريدينه".
دهشت لموجة العجز التي تملكتها, واندفعت تقول بسرعة غير مناسبة:" لا أراها تمعنت في الاختيار".
لم يعلق على هذا الانتقاد, لكنها رأت وميض من التسلية في عينيه. كانتا عينين غربيتين حقا فهما فضيتا اللون تقريبا ومربكتان بصراحتهما:" حاولي أن تدرسي مؤهلاتي قبل افتراضاتك هذه".
أرغمت فمها على الابتسام ابتسامة موافقة:" ممتاز. بالنسبة إلى إحدى المؤهلات وهي التي تعنى بمدى التلاؤم بيننا فلن تتطلب وقتا طويلا".
لم يجب و أخذ ينظر إليها و إلى المكتب متاملا. إذا أمل أن يتمكن من معرفة مزاياها بتحليل مظهرها أو ما يحيط بها, فقد فشل فشلا ذريعا. لقد صممت مكتبها بشكل يريح أعصاب زبائنها, وارتدت ملابس توحي بالمودة و المسالمة. كل هذا درس بعناية من دون أن يكون له صلة بطبيعتها الحقيقية.
وحالما انتهى من تقييمه سالها:" هل تصدرين احكاما ارتجالية على الناس؟".
فاجابت بمثل صراحته العنيدة:"لا".
نظر إليها بانتباه كامل, وجاهد كي يتحكم في نفسه وهو يسألها:" و لكن في حالتي . . . ؟".
ولم يكمل كلامه, وانتظر.
أدهشها أن تجد نفسها تجيب ما زاد من انزعاجها. كانت تفضل أن تبقى غامضة, متكتمة قدر الإمكان ولكن شيئا ما في هذا الرجل. . . أرغمها على أن تجيب:" انت لست من النوع الذي أريد أن أتزوجه".
سادت لحظة صمت غير مريح قال بعدها:" ربما علينا أن نبدأ بالتعارف. أنت تيس لونيغان؟".
أومأت إيجابا, فقال:" أنا شايد. لقد جئت إلى هنا من أجل الوظيفة".
وشدد على كلمة وظيفة.
-شايد؟ هل هذا هو اسمك ام شهرتك؟.
-إنه اسمي الكامل.
قال هذا بقناعة هادئة لم تترك لها مجالا للتعليق. يا له من رجل غريب ما يجعل هذا الاسم يناسبه! فهو يبدو كاسمه الذي يعني الظلام و الظل.
-تفضل بالجلوس يا سيد. . .
-قلت إن اسمي شايد فقط.
-حسنا, تفضل بالجلوس.
دفعها القنوط إلى أن تزيح بعض الاوراق من جانب المكتب إلى الناحية الاخرى ما منحها فرصة لتخفي شعورها نحوه. ياللسخرية! لم يحدث قط أن انزعجت من مقابلة الموظفين الجدد. . . فلماذا يحدث هذا الآن؟ ومع ذلك حدث! حدث معه! وشعرت برجوله خطيرة تغلفه وجو مظلم شكل تهديدا غريزيا لكل شعور انثوي فيها. واكتسحت كيانها أمواج متلاحقة من الإغراء التي ما كان لها أن تدركها, فكيف بان تستجيب لها؟ ومع ذلك, أرادت أن تستجيب. . . إلى هذا النداء البدائي حيث الرجل يلاحق المرأة و المرأة تخضع له.

جين استين333 20-08-09 11:48 PM

وبعد دقيقة لا نهاية لها, رفعت نظرها إليه, وقابلت نظراته برباطة جأش:" ما هي التفاصيل التي ذكرتها جيني عن هذا العمل؟".
-قالت غنك بحاجة إلى مرافق إلى مناسبات العمل الرسمية.
-أنا لا أحب المرافق المحترف.
نظرة واحدة ذات معنى من شايد جعلت تيس تسارع إلى تحريف سؤالها:" أعني ما هي خلفيتك المهنية؟".
-لدي أعمال متنوعة, إذا كان هذا يطمئنك. وهي من التنوع بحيث تدعمني في مختلف الأحوال. وقد اطلعت جين على ملفي وهو ممتاز لا عيب فيه.
-لو لم يكن كذلك لما أرسلتك جين.
-ربما عليك أن تضعي هذا في ذهنك أثناء عملية الاختيار.
ومال مستندا غلى الخلف في كرسية برشاقة و كسل بعيدان كل البعد عن التوتر الذي يشعر به الإنسان عند إجراء أي مقابلة.
سألها:" لماذا لا تخبرينني قليلا عن شروطك بالنسبة إلى الوظيفة, وعما تريدينه ولماذا؟".
كانت قد قررت ألا تخوض في التفاصيل, إلا إذا وجدت المرشح المناسب لهذه الوظيفة . لكن شيئا ما في شخصية شايد أرغمها على ان تجيب:" الشركة التي أعمل فيها إسمها الإيثار. هل سمعت بها؟".
-أنتم تجمعون التبرعات للجمعيات الخيرية, أليس كذلك؟.
-نعم. نحن بشكل خاص, نعمل على جمع المال من أجل أبحاث السرطان, و ملاجئ الأيتام, و مكافحة المخدرات. نحاول أن نقنع أناسا ميسورين بتقديم هبات و معونات جيدة.
-لماذا اشعر و كأن كلمة ولكن قادمة ؟
ابتسمت :" ربما لأن هذه الكلمة موجودة فعلا".
-اوضحي كلامك.
-امامي ترقية.
تاملها لحظة قبل ان يطرح عليها السؤال المنطقي التالي:" وهذه الترقية على ماذا تعتمد؟".
-على نجاحي في العمل في الأسبوعين القادمين.
نظر إليها بفضول:" هذا غريب و كيف تحددين نجاحك؟".
من الأفضل أن تشرح له كل شيء لأنه لن يقبل بأقل من ذلك:" ثمة متبرعون محتملون نلقبهم بالعنيدين. كنا, في الماضي, نظن أن تقديمهم أي هبة أمر مستحيل".
-بمعنى آخر, ثمة جمعيات خيرية أخرى تحظى بعطاءاتهم؛ لذا, لا يهتمون بتخصيصكم ببعض منها.
-نعم. لكن هذا لا يمنعنا من المحاولة.
-أظنك تحتاجين إلى اسبوعين لإقناع أحد أولئك العنيدين.
تأثرت بفطنته, فقالت:" هذا صحيح. سنطرح في الأسبوع القادم طلب هبات ضخمة لمرضى السرطان. في تلك الليلة سيحدد لي رئيس الشركة عميلا عنيدا".
فقال بشبه ابتسامة:" ثم يبدأ التحدي".
-نعم, ولسوء الحظ, امامي ثلاث عقبات حتى قبل أن ابدأ. اولا, أنا في الثلاثين من عمري صغيرة في السن بالنسبة إلى هذه الترقية.
-هل أفترض ان العقبة الثانية هي وجود من ينافسك على هذه الوظيفة؟
-نعم ثمة امرأة أخرى وهي اكبر مني بقليل. لقد ترك اولادها البيت وهي متلهفة للغاية للتقدم في عملها.
-قلت إن امامك ثلاث عقبات. فما هي الثالثة؟
فترددت:" أنا لست متزوجة".
تردد:" أظن أن السيد لونيغان لم يعد في الصورة".
-لقد مات منذ تسع سنوات.
هل ما راته في نظراته هو عطف؟ لم تستطع التاكد من ذلك إذ سارع إلى غخفاء مشاعره و لكن خيل إليها أنها رأت رقة في عينيه.
قال:" أظننا وصلنا إلى السبب الذي جعلني أجلس هنا".
-نعم.
-اخبريني ما علاقة عدم زواجك بترقيتك؟
حان وقت الحديث عن بعض العقبات المزعجة التي تواجهها:" وظيفتي تتطلب حضور الكثير من المناسبات الاجتماعية. إذا حصلت على هذه الترقية, فيزداد اختلاطي بالمجتمع. وقد اعتدت أن اواجه ذلك من دون مشكلة".
-دعيني أخمن. . . لقد تغير هذا مؤخرا.
قالت بحذر:" لقد اكتشفت فائدة المرافق في المناسبات غير العادية".
فرفع حاجبيه:" أهذا هو كل ما في الامر؟".
ما من فائدة من أن تشرح له كيف اضطرت إلى اتخاذ هذا القرار, فقالت:" نعم. انا بحاجة إلى مرافق, هذا كل ما في الامر. و أريده في الوقت المناسب في الحفلة الخيرية لمرضى السرطان".
-لكن السؤال هو . . . لماذا؟ بصفتك امرأة غير متزوجة, يزعجك ان تستضيفي العلماء و المانحين وحدك.
أثار ذكاؤه أعصابها, فقالت:" ذلك ليس المشكلة دوما".
-إلا إذا رأى شخص ما أنك جزء من العطاء.
-نعم.
لقد استطاعت, حتى الآن, أن تتجنب هذه المشكلة. ولكن قد يتغير ذلك مع ما تعرف عن رجل اسمه ديك سميث .

جين استين333 20-08-09 11:50 PM

أخذ ينقر بأصابعه على ذراع الكرسيو وهذا أول تعبير عن مشاعره أظهره.
-هل أفهم من هذا أنني الحل لهذه المشكلة؟ اتريدنني أن أنتحل صفة الزوج؟
ضايقها تعبيره هذا:" ثمة طريقة واحدة لوصف الوضع وهو أنه سيكون مؤقتا. سيدوم إلى ما بعد الترقية فقط".
-و إذا حصلت على الترقية فماذا ستفهلين بعدها؟ يبدو ان هذا الوضع لن ينتهي بسرعة.
-إنها مشكلتي.
فتردد لحظة:" هذا حسن. ما دمت تفضلين عدم الخوض في التفاصيل, فربما علينا أن نناقش واجباتي. فما الذي تريدينه مني؟".
-كما سبق وقلت, أريد مرافقا لي في مختلف نشاطات العمل. كما أريد مرافقا يستطيع أن يصحبني إلى كل المناسبات الإجتماعية التي يفترض بي حضورها. عشاء, حفلات, المناسبات كلها. . . الرسمية منها و غير الرسمية.
-ثمة المزيد, أليس كذلك؟
وما ادراه؟ إنها تعرف أناسا يمكنهم قراءة الوضع بدقة غريبة لكن قدرته اكبر من ذلك بكثير.
وأرغمت نفسها على أن تجيب بصراحة غير عادية:" علي أن اقنع الناس بأن بيننا التزاما".
-أي أننا عشيقان.
لم تجفل من هذه الكلمة بل نظرت إليه وردت:" أريدهم ان يعتقدوا أن علاقتنا هي من الجد بحيث أننا نفكر في الزواج. ولهذا السبب قلت إنك لن تنجح, لأنك لست النوع الذي يمكن ان اتزوجه".
سقط القناع عن وجهه لحظة فرأت التعبير الذي ارتسم عليه. لقد اعتبر كلماتها تحد, وهذا ما لم تكن تريده ابدا. عظيم! إنه من النوع الذي يحاول جهده كي يثبت أنك مخطئة. . .
-هل أنت واثقة من أنني لست من النوع الذي يعجبك؟
-نعم.
-ما الذي جعلك بهذه الثقة؟
-التجربة. إنك لا تقارن بزوجي الراحل.
أسكته ذلك. . . كان هذا مرادها, لكنه عاد يسألها:" هل كان زواجك جيدا؟".
-كان رائعا لكنه كان قصيرا للغاية.
وجاهدت لإخفاء مشاعرها, لئلا تظهر مدى الالم الذي شعرت به حين فقدت روبرت. وقال بصدق واضح:" آسف. لابد أن هذا يصعب وضعك الحالي".
ليته يتوقف عن التحديق إليها و كأنه يريد ان يصل إلى روحها! كان في كلماته رقة. . . رقة بقدر ما يسمح به صوته الأجش الذي كدرها. فصوته يختلف تماما عن صوت زوجها المصقول, ومع ذلك جعلتها الغريزة تتجاوب مع الصوت. وهزت رأسها مستنكرة بصمت. لابد انها فقدت البقية الباقية من عقلها.
كان ينتظر جوابها فلوحت بيدها بسرعة تنبذ اهتمامه, وألقت عليه نظرة سريعة:" شعوري غير مهم. كما أنني لا أظن أن الأسابيع القليلة التي سنمضيها معا ستكون صعبة".
-لماذا تظنين ذلك؟
-لأننا سناخذ الامور ببساطة. ستكون علاقتنا مجرد علاقة عمل. ما من شيء شخصي. . . هل فهمت؟
-أظنك تقللين من أهمية الامر.
فهزت كتفا واحدة:" وما الصعوبة في المشاركة في بعض المناسبات العملية؟".
-بعض المناسبات؟ هل هذا كل ما سيتطلبه الامر؟ هل لديك أي فكرة عن مدى الحميمية التي علينا التظاهر بها لكي تنجح في ما يدور في ذهنك؟
-الحميمية لا دور لها في علاقتنا. . . لا دخل لها في علاقتنا. لن تتدخل في علاقتي بالشخص الذي اختار.
كانت تتحدث و كأنها اختارته لهذا العمل فأسرعت تصحح أي فكرة مغلوطة قد يكونها.
ضحك بهدوء. و كانت ضحكته هادئة ككل ما فيه. و نظر إليها بحدة:" لا تخدعي نفسك. ألا يمكنك أن تشعري غريزيا متى تصبح العلاقة بين شخصين حميمة؟".
فقالت بعناد متجاهلة سؤاله:" لا اظن ان الامر سيكون صعبا. لن نبقى مع أي مجموعة من الحضور مدة طويلة. ما دام بإمكاني أن اقيم روابط مريحة مع الرجل الذي اختاره, فسيقتنع الناس بوجود علاقة".
-روابط مريحة. . . أفهم من هذا أنك لا تعتبرينني مناسبا.
فاجابت من دون لباقة:" هذا صحيح".
سكت شايد, لكنها أحست بأنه يشعر بتسلية. . . فقد كانت عيناه تلمعان تحت أهدابه السوداء الكثيفة كما أن الخطوط حول فمه أصبحت أعمق:" لماذا لا تخبرينني عما تريدينه في الرجل؟".
-إذا أخبرتك فهل تصبح ذلك الرجل؟
-أنا. . . متعدد المواهب.
هل لديه فكرة كم يبدو رهيبا؟ لن يصلح أبدا لما تخطط له. خشونة سلوكه تحاكي خشونة صوته, في حين أنها بحاجة إلى رجل رقيق, رجل يمكنه أن يجذب النساء من مختلف الأعمار و يشكل في الوقت نفسه حاجزا بينها و بين بعض العملاء من الرجال.
يستوجب على الرجل الذي ستستأجره ان يعرف كيف يجعل المتبرع يدفع ثمن أي محاولة للحصول عليها على المستوى الشخصي, من دون أن تخسر الجمعية عطاءه.

جين استين333 20-08-09 11:51 PM

و رغم ان شايد قادر على أن يرهب عملائها, إلا أن الشك تملكها في إمكان استمرار التعامل بينهما بعد خروجهما معا أول مرة.
قالت له كاذبة بنعومة بالغة:" أنا واثقة من تعدد مواهبك. ولكن. . . ".
فقاطعها من دون تردد:" دعينا نتحدث بشكل محدد, يا سيدة لونيغان. لديك مواصفات محددة في ذهنك للرجل الذي تريدين أن تستأجريه, كما أن لديك سببا معينا لاختيار ذلك النوع. و أظن أنك تريدين الاحتفاظ بذلك السبب لنفسك".
صحة تخمينة جمدتها:" كيف أمكنك أن تعرف ذلك؟".
-إحدى ميزاتي أنني بارع في قراءة أفكار الناس, أشعر بذلك غريزيا.
ونظر إليها بعنف:" هل تريدنني أن أخبرك عن الصورة التي كونتها عنك؟".
-كلا, رغم أنني أشك في أن تمنعك عدم موافقتي.
لعل هذا أكثر أجوبتها صدقا, و ادرك ذلك فابتسم:" هذا صحيح ساخبرك بما أراه".
نظر إلى شعرها الذي تطلب صبرها كله لإبقاء خصلاته الذهبية الحمراء بعيدة عن وجهها, وإلى وجهها الخالي من أي زينة ثم إلى ما بدا من جسمها من وراء المكتب قبل أن يقول:" الناس يعتبرونك صريحة وودودا".
-هذا لأنني كذلك.
فهز رأسه:" لست كذلك على الاطلاق. إنك تتركين شعرك مسترسلا لئلا ينتبه الناس إلى حاجتك للتحكم في نفسك, أو إلى مقدار الجهد الذي تبذليه لذلك".
-هذا لا يدعى تحكما في النفس بل انضباطا.
-أنت تحبين التحكم بما حولك بقدر ما أحب ذلك. إنك امرأة جميلة, جميلة حقا. لكنك حريصة على ألا تلفتي الانتباه إلى جمالك كيلا يرهب ذلك عملاءك و زملاءك في العمل لاسيما الرجال منهم.
-أنا لست مرهبة.
-أنت مرهبة بابتعادك, بذكائك الفطري و حتى بقدراتك و طاقتك. لكنك تستخدمين هذه الميزات عندما تتلهفين إلى إبقاء الناس بعيدين عنك.
-أنت مخطئ تماما.
تابع و كأنه لم يسمعها:" أنت أنيقة بعفوية".
-أنا متلهف لسماع سبب هذا.
التوت شفتاه بابتسامة جذابة:" لأنك أنيقة بالفطرة. أناقتك ليست مدروسة وهي جزء من طبيعتك".
علا وجنتيها احمرار خفيف فلعنت في سرها بياض بشرتها الناصع:" هل هذا كل شيء؟ هل انتهيت؟".
-ابدا. أنا لم أذكر من صفاتك سوى الظاهر منها.
وسكت فتصاعد توترها وسادت الظلمة من حولهما, وبدا الليل مخيفا. وأخفض صوته:" أنت يا سيدة لونيغان, كاتمة أسرار".
نظرت إليه بحذر:" أسرار؟ ما الذي تتكلم عنه؟".
-في هذا المكتب, جعلت الألوان بهيجة و مريحة. لكنني أراهن على غياب هذا في بيتك.
-أحقا؟
-أتصور أن غرفتك الخاصة مليئة بالألوان الجريئة المدهشة في تناغمها.
هزت كتفيها لا تريد التنازل و قالت:"هل انتهيت؟".
-لا. باستثناء القليل من الاصدقاء الحميمين, لا يسمح لأحد بالاقتراب منك اكثر مما ينبغي.
لقد تجاوز الحد, ووصل إلى أجزاء من حياتها ليس من شانه أن يمسها. قالت:" هذا يكفي".
إنما يبدو أن هذا لم يكن رأيه لأنه تابع و كأنه لم يسعمها:" لقد تألمت كثيرا ولا تريدين أن تتألمي مرة اخرى. ولهذا استأجرت عشيقا, فالموظف يمكن منعه من الاقتراب. إنه أكثر امانا".
كيف يمكنها أن تسكته؟ لم تشأ أن تسمع المزيد. ولم تجد, لإنهاء هذه المواجهة, سوى ان تطرده من مكتبها بعنف. واشتدت قبضتها على قلمها:" يبدو أن بعض الموظفين اكثر أمانا من غيرهم".
و سكتت لحظة ثم عادت تقول بلهجة ذات معنى:" انت مستخدما عندي , أليس كذلك؟ ومن غير المحتمل أن تصبح كذلك".
تجاهل إنذارها:" تدعين أنني لا أصلح لهذا العمل لأنني لا أشبه روبرت. لكن هذا كذب, فأنت تريدين عشيقا بعيدا كل البعد عنه".
انكسر القلم بين أصابعها فسال الحبر على الورق. شهقت بذعر و ارتدت إلى الخلف لئلا تلوث ملابسها.
لقد نجح شايد في جعلها تفقد أعصابها.
لم يحدث أمر كهذا قط من قبل. اخذت تلف بحذر الاوراق التالفة, متجنبة نظراته قبل أن تلقيها في سلة القمامة. هذه المهمة منحتها فرصة لاستعادة هدوئها, فعادت بانتباهها إلى شايد بعد أن تمالكت نفسها.
-اريدك أن تخرج الآن.
لم يتحرك بل قال:" بالرغم مما قلته منذ لحظات, إلا أن استئجار رجل مثل روبرت لن ينجح, و ساخبرك بالسبب. انت تخافين ان تقعي في غرام أي رجل يشبه زوجك الراحل فتتالمي مرة اخرى عند رحيله".
نجح هذه المرة في إثارة رد فعلها فوضعت راحتيها على مكتبها وهي تجاهد لتتمالك نفسها:" هذه ليست مشكلة ما دمت لا تشبه روبرت".

Midnight 21-08-09 05:25 AM

ناطره التكمله

يعطيج العافيه

جين استين333 21-08-09 12:31 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Midnight (المشاركة 2035862)
ناطره التكمله

يعطيج العافيه

الله يعافيكي ان شاء الله ما أتأخر عليكم

:8_4_134:

جين استين333 21-08-09 12:34 PM

2-امرأة غريبة الأطوار

فتح شايد هاتفه الخلوي ثم طلب رقما:" شيدو. . . هذا أنا".
فأجابه أخوه:" ما الوضع؟".
-لم أعجب السيدة لونيغان.
-هل قبلتك للوظيفة؟
-قلت لك إنني لم أعجبها.
سمع ضحكة أخيه فصرف بأسنانه:" هذا يعني لا. لم أحصل على الوظيفة".
-من الأفضل ان تصلح الوضع لأن السيدة الرئيسة لن تكون مسرورة.
السيدة الرئيسة؟ ما أشبهها بالتنين اللهب. لا شك أن رئيسة أخيه هي اكثر اللاتي تعامل شايد معهن إثارة للسخط. ورغم أنه لم يقابلها شخصيا بسبب قرارها حماية هويتها, إلا أنه اكتشف أثناء اتصالاتهما الهاتفية النادرة أنه لا يمكن لأحد أن يجذبها و أنها لا تظهر أي غضب أو مرح. و عندما تتبنى فكرة أو موضوع تتابع الجدل حتى يذعن الآخرون و يوافقون بدافع الإرهاق. ولم ينجح إلا نادرا في إثارة حنقها بالعناد و التمسك بالمنطق. و بالنسبة إلى شخص اعتاد أن يحصل على ما يريد, لم يكن هذا يساعد على إقامة علاقة سهلة.
منتديات ليلاس
سأله:" أصلح الوضع؟ و كيف يفترض بي أن أفعل ذلك؟ أرغمها على أن تستخدمني؟ هل سينجح هذا؟".
ساد صمت قصير قال شيدو بعده:" طرقك المعتادة تفي بالغرض".
-وما هي تلك الطرق؟
-الضرب. إلحاق الأذى بها عمدا.
تشنج فك شايد:" اسحب كلامك, يا اخي, و إلا انسحبت. لا تنس أنني متطوع . ولا آخذ اجرا على تغيير حياة الآخرين, بل أفعله بدافع المتعة. اضغط علي وستجد أن السيدة لونيغان ستبقى من دون زوج".
رد عليه شيدو بحدة:" عليك أن تجد فيها نقطة ضعف تستغلها بشكل فعال. سأرسل تقريرا أوفى عن السيدة لونيغان. استعمل المعلومات التي تجدها فيه. و أريد تقريرا آخر أفضل, بعد يومين".
-لكنني لن أبتزها, وقد اوضحت لك ذلك عندما طلبت مني أن أساعدك. أنا لا أعمل بتلك الطريقة.
-الكلمة التي استعملتها هي الاستغلال وليس الابتزاز.
-يا له من فارق ضخم.
ساد صمت دو معنى قال شيدو بعده:" هل ترفض هذا العمل؟".
-بالطبع لا.
لكنه أراد أن يرفض. لم يكن يهمه مثقال ذرة أن يفلحوا في تزويج تيس من عشرة من المرشحين. ولم يكن يساوره شك في أن ما اختاروه من اجله سيظهر في النهاية أنه خطأ.
وسأل اخاه:" هل أنت واثق تماما بالنسبة إلى هذا الشخص, يا أخي؟".
-ماذا تعني؟
كيف يمكنه ان يشرح له ما أوحته له غريزته؟
لقد عاش مع الغريزة ووثق بها و اعتمد عليها. وغريزته تخبره بأن تيس لونيغان لن يعجبها تدخل اللجنة في حياتها. لم يعرف امرأة مثلها قط, ولم يستطع إلا أن يتذكر إجفالها و حذرها و هشاشتها و عجزها. ومع ذلك, إرادتها الفولاذية هزمت خشيتها. و عندما فضحت عيناها إجفالها, واجهته بتمرد عنيف و بمقاومة حازمة, كنار ملتفة بالثلج. إنها امرأة ذات مزايا متباينة تثير الفضول. لعل هذا يفسر ضغطه القوي عليها.
فقد أراد أن يرى المرأة خلف ذلك القناع. اراد أن يعرف جوهرها الحقيقي و ليس ما اختارت أن تظهره للعالم من حولها. وقد رأى أكثر بكثير مما يريحها أن تكشف عنه. كما أنه خرج من تلك المقابلة بنتيجتين واضحتين.
الاولى, هي أنها ليست امرأة تقبل العون بسهولة أو ترضى بخداع اللجنة. و عندما ستكتشف الحقيقة, فسيكون الثمن باهظا.
الثانية, هي أن ثمة ما هو أبعد من مجرد الترقية في الوظيفة, و إلا لما اتخذت مثل هذه الخطوة المتطرفة. ولكن شيئا ما أثار اضطراب السيدة لونيغان, وقد خطر في باله الآن فقط, فقاده إلى النتيجة الثالثة. وهي أنها بحاجة إليه.
-شايد؟ ما سبب كراهيتك لهذه المهمة؟
كانت هذه رئيسية شيدو التي تدخلت في الحديث, فبدا صوتها البارد غريبا كالعادة.
تنهد. لن تقبل تفسيره ما يعني أن يقدم لها تفسيرا يقنعها. لكنه, و لسوء الحظ, لم يجد ذلك التفسير. ومع ذلك قال:" لم تحدث تيس لدي انطباعا بأنها امرأة بحاجة إلى رجل ولو ليساعدها في مهنتها. ولكن ثمة شيء فيها. . . ".
فتدخل شيدو:" هذا القرار ليس قرارك أنت".
عبس شايد. كيف يجعل أخاه يفهمه؟
قال:" أنا الذي قابلتها و ليس أنت. شعرت غريزيا بأنها ليست مستعدة لعلاقة غرامية".

جين استين333 21-08-09 12:48 PM

-لقد وجدنا لها زوجا مناسبا.
عبس شايد. لم ير أخاه متصلبا قط بهذا الشكل.
و اجاب:" عظيم. ماذا لو أنها لا تريد زوجا سواء أكان مناسبا أم لا؟".
وجاء دور السيدة الرئيس في الهجوم:" لقد اتخذنا القرار. و بصفتك المحرض, مهمتك هي أن تبدأ الأحداث لا أن تناقشها. عليك ان تضع العناصر في امكنتها المناسبة و تتركها تتفاعل".
-و إذا لم يحدث شيء؟
-سيكون لها الخيار الأخير كالعادة.
-هذا رأيك.
-لم يسبق للجنة أن أخطات قطز
-هناك بداية لكل شيء.
ليته لم يزعج نفسه بهذا الكلام لأن الاثنين تجاهلا ما لم يشاءا سماعه. كانا يشكلان فريقا قويا. وقال شيدو :" الخطوة الاولى هي أن تحصل على الوظيفة. اتصل بنا حين تحقق هدفك الأول".
أطبق شايد فكيه. حسنا, سيقوم بهذه المهمة اللعينة و إلى جهنم بما توحيه له غريزته . إنهم يدعون أن لجنة كيوبيد لم تخطئ قط. حسنا, يتمنى أن يكون موجودا عندما يرتسم لونيغان دور العاشقين.
وجاءه التحذير الحاد من أخيه, كما توقعه:" السيدة لونيغان ليست لك يا اخي".
لم يعبأ شايد بأن يجيب بل أقفل الهاتف بوجهه.
سأل شيدو:" حسنا؟".
-تطور هام.
مال شيدو إلى الخلف رافعا قدميه على مكتبه:" امنحيه وقتا, أيتها الرئيسة. إنه جديد في هذا العمل. سيفهم هذا العمل جيدا في النهاية".
-كان عليك أن تقوم بهذه المهمة بنفسك.
-لا. هذه الطريقة أكثر تسلية.
فقطبت عابسة:" وماذا لو ارتكب شايد غلطة؟ فهذا قد يحصل, كما تعلم".
-عندئذ, سنكون موجودين لتصحيح الخطأ.
-ربما.
-ماذا حدث؟ هل غيرت رأيك؟
-غيرت رأيا أو اثنين. من كل حالات الزواج التي تدخلنا فيها, هذه هي الاكثر احتمالا للفشل.
-بسبب شايد؟
-و بسبب تيس لونيغان. ماذا لو قرر شايد أن يأخذ القضية لنفسه؟ هذه هي عادته.
-لم نفشل قط من قبل, ولن نفشل هذه المرة
فابتسمت:" أتتعهد بذلك؟".
-سيخرج شايد سالما في النهاية. إنها كلمة شرف مني.
******
رن هاتف تيس فرفعت السماعة و قالت بصوت آلي:" شركة الإيثار".
-يا عزيزتي الغالية. . . ما أجمل أن اتحدث إليك مرة أخرى.
ما إن سمعت هذه اللهجة الودود حتى استقامت في جلستها:" السيدة سميث؟ هذه مفاجأة".
-ولماذا؟ أنا واثقة من أنني قلت لك إني سأتصل بك.
-وهذا ما فعلته. أي خدمة؟
-قررت أن يكون الغد هو اليوم المنتظر.
رباه! و تنهدت تيس بصمت. منذ خمس سنوات وهي تخاف هذه اللحظة. منذ عرفت اديليد سميث وهي تبحث لها عن زوج, بكل حلاوة و عناد. لم يكن مهما أنها لا تريد زوجا آخر, أو أيا من الرجال الذين أرغمتها أديليد على التعرف إليهم, وفي لقائهما الأخير بدا واضحا أن المرأة قررت أن تتحول من سمسارة زواج عفوية إلى شيء آخر أكثر حزما و تشددا.
-يا سيدة سميث, أفضل حقا ألا تحاولي أن تجمعي بيني و بين ابنك. إنه عميل محتمل و بالتالي سنواجه صراعا بين المصالح.
لم يكن هذا هو السبب الوحيد بالنسبة إلى تيس, فرئيسها في العمل اختار ابن اديليد سميث ليكون العميل الصعب الذي عليها تكسبه للشركة إذا أرادت أن تفوز بالترقية.
-اخشى انك لم تتركي بي خيارا. أنت بحاجة إلى رجل في حياتك و ساحرص على أن يتحقق هذا. ديك ممتاز لك ولا أدري لما لم يخطر في بالي أن اعرفكما إلى بعضكما البعض قبل الآن. لعله كان من الانشغال بأعماله بحيث ظننت أنه لن يجد الوقت للاهتمام بك كما تستحقين.
هذا جميل وهو ما تطلبه بالضبط. رجل لا يهمه سوى ذاته و جمع المال.
-أنت لا تفهمينني يا سيدة سميث. أنا, كما ترين, مشغولة بترقيتي المقبلة هذه و . . .
-عليك ان تفعلي المستحيل للحصول عليها. نعم يا عزيزتي, أعلم هذا.
حبست تيس انفاسها غير مصدقة. كيف عرفت أديليد بهذا الامر؟ قالت المرأة و كأنها تجيب عن الؤال الذي لم يطرح:" إن لي مصادري, كما انني مصممة على أن احصل على ما أريد. و لعلك لاحظت أنني لا استسلم بسهولة".
هذا صحيح, ما زاد في ارباك تيس. لقد حاولت كل شيء في السنوات الماضية. . . وافقت, رفضت. . . طالبت. . . هددت. . . توسلت. . . ما من شيء أقنع المرأة بأن تكف عن جهودها هذه. ولو لم يكن آل سميث على رأس قائمة شركة الإيثار للعملاء الذين ترغب في الحصول على تبرعاتهم, لاتخذت تيس إجراء أكثر حزما. ولكن ماذا ستقول لرئيسها آل بورتمان؟ أن هذه المرأة الحلوة المحبوبة هي أشبه بسمكة القرش عندما يتعلق الامر بتزويجها؟

جين استين333 21-08-09 12:55 PM

وحاولت لآخر مرة:" ماذا لو أن ابنك لا يهتم مثلي بالزواج؟".
-ألا ترين كم سيكون هذا الأمر رائعا؟ يمكنني أن أتخيل هذا. أنت و ديك تتقابلان فتتحابان. ديك يكتب لك شيكا يجعلك تنالين الترقية ثم تتزوجان و تمنحانني أحفادا. بعدئذ, تتركين عملك و تمنحانني مزيدا من الأحفاد. أليست هذه أجمل فكرة في العالم؟
أحفاد, ثم تترك العمل. . . ومن ثم أحفاد. . . لا, لا, لا . . . و ألجأها اليأس إلى تنفيذ المشروع الذي وصعته. . . ذلك الذي صلت كيلا تحتاج إلى تنفيذه, فقالت بهدوء لا تشعر به:" يبدو أن مصادرك أهملت إطلاعك على أمر ما".
-إطلاعي على ماذا , يا أعز الناس؟
-لدي علاقة جادة.
ساد صمت مطبق للحظة قبل أن تقول المرأة:" لا. مصادري لم تخبرني".
فقالت تيس متعمدة وضع شيء من الارتباك في صوتها:" هذا غريب. استغرب عدم تفكريهم في ذكر هذا الأمر لك رغم أهميته".
-لكن ديك. . .
-سيسرني جدا أن أقابل ابنك للتحدث عن الهبة, يا سيدة سميث. لكنني ملتزمة بعلاقة و أنا لست من اللواتي يقفزون من علاقة إلى علاقة. لو كنت كذلك لما اخترتني, أليس كذلك؟
فأجابت المرأة مؤكدة بقوة:" طبعا أنت لست من ذلك النوع. ولكن كيف أعلم ان هذا الرجل مناسب لك؟".
-ثقي بي. إنه رائع.
-لدي فكرة ممتازة. احضريه معك غدا إلى الحفلة الخيرية لأراه. فإذا رضيت أنا به, سنكون قد انتهينا. كما أنني ساتحدث إلى ديك عن الهبة, فما رأيك؟
وضحكت بسرور, فأغمضت تيس عينيها. ماذا تستطيع أن تقول؟
-سيكون هذا رائعا, يا سيدة سميث. شكرا.
وضعت السماعة و أخذت تحدق إليها لحظة طويلة. لقد اختار رئيسها ديك سميث ليكون هو الممول العنيد الذي سيمنحها الترقية أو يفقدها الحظ فيها.
و تنهدت. فهذا يعني حاجتها إلى رجل ملفت قبل مساء الغد, وهي لم تجد حتى الآن شخصا مؤهلا أكثر من شايد. و تملكها الشك في أن يتغير الوضع في الساعات الأربع و عشرين القادمة. في الحقيقة, قد تمضي أسابيع قبل أن تجد شخصا مثله.
لسوء الحظ, لم يكن أي من المرشحين الىخرين الذين أجرت معهم مقابلات يماثلونه من حيث مؤهلاته العملية أو مميزاته الشخصية. امر واحد فقط يمنعها من الاتصال بجين لتخبرها بأنها اختارته وهو الكبرياء. وتنهدت بصمت؛ يبدو أنها بالغت في اتباع كبريائها هذه.
جلست إلى مكتبها و اتصلت بجين. ولم يتطلب منها اتخاذ القرار النهائي و الحصول على المعلومات الضرورية للاتصال بشايد سوي لحظة. وعلى الفور اتصلت به قبل أن تخونها شجاعتها.
قالت حالما رفع السماعة:" أنا تيس لونيغان".
-نعم, يا سيدة لونيغان. اي خدمة؟
من الغريب أنها وجدت صوته الآن مطمئنا!
-لقد اتخذت قراري النهائي بالنسبة إلى الوظيفة. إذا كنت لا تزال على رأيك, فاحب أن أستخدمك.
-أنا ما زلت على رأيي. ولكن لدي شروط.
لم تتوقع هذا:" شروط؟".
ساد صمت قصير قال بعده:" أقترح أن نناقش التفاصيل شخصيا. هل لديك بعض الوقت هذه الليلة؟".
لم يكن هذا يبشر بالخير و ترددت لكنها لم تجد بدا من أن تعترف بأن له اليد العليا. يمكنها أن تناقش تلك الشروط مهما كانت. لكنها التزمت بحضور الحفلة الخيرية معه, و إذا قرر شايد أن يفرض شروطه فلن يكون أمامها أي خيار سوى الاستسلام. واشتدت قبضتها على السماعة:" نعم, لدي بعض الوقت. أين تريدنا أن نتقابل؟".
-في بيتك.
-لا. هذا مستحيل.
فكرر:" في بيتك. اسمعي يا سيدة لونيغان لقد تحرت جين عني ولا خوف مني".
فتمتمت:" أشك في ذلك".
-كان عليك أن تعلمي أن الأمر سيكون شخصيا. ترغبين في استئجار رجل يلعب دور العشيق, فهل تظنين أنكما ستلتقيان في مكان عام قبل حضوركما المناسبات التي تتم دعوتك إليها؟ هذا لن ينجح.
لم تجد ما تقوله:" أنا . . . هذا ما أراه".
-ساكون في بيتك عند الساعة الثامنة.
و سمعت أصواتا قربه, ثم قال:" علي أن أذهب".
-ألا تريد عنواني؟
ساد صمت قصير تبعته ضحكة خفيفة حركت حواسها بطريقة صدتها:" إنها فكرة جيدة".
إعطاؤه العنوان استغرق ثانية فقط ثم أقفل الهاتف على الفور, فجلست إلى مكتبها محاولة أن تحلل بالمنطق ما فعلته لتوها. اليأس كان الأقرب إلى تبرير تصرفها. ماذا لو كان الذي اختارته رجلا مخبولا أو لصا معسول الكلام؟ و سرعان ما طغى ذعرها على كل تعقل أو إحساس آخر لديها, فاختطفت سماعة الهاتف و اتصلت بأخيها. كان سيث يملك شركة بناء ولديه بالضبط ما تحتاجه.
قالت متوسلة:" سيث, لابد أنك تعرف من يمكنه أن يساعدني. أنا بحاجة إلى رجل قوي في بيتي أثناء مقابلتي لهذا الرجل. اختر الرجل ضخما و مخيفا حقا فأقل من ذلك لن ينفع".

جين استين333 21-08-09 01:04 PM

-أنت معتوهة, يا تيس. كيف يمكن امرأة بذكائك أن تدعو إلى منزلها رجلا غريبا تماما.
-هذا ما حصل. ارسل فقط رجلك إلى بيتي قبل الثامنة هل فهمت؟
-سيكون هناك.
-سؤال آخر و أتركك. ماذا فعلت اللجنة بطلبي؟
-أنت لست زبونتنا الوحيدة, يا تيس. سنبدأ بإيما و رين بأسرع ما يمكننا, كما أراهن على أنك ستعلمين بنجاحنا قبل أن نعلم نحن. ألن تتصلا بك عندما نوفق بزوجين مناسبين لهما؟
-هذا رائع, أليس كذلك؟
-إننا ماهرون في ما نقوم به.
-هذا هو المفروض. إيما و رين تستحقان السعادة.
-لن تكونا سعيدتين و حسب بل نضمن دوام سعادتهما طوال الحياة. و الآن, حاولي أن تكوني صبورة, يا تيس.
فقالت مدعابة:" سأكون صبورة إذا أرسلت الرجل الذي أريد. أريد رجلا ضخما و مخيفا".
-ما من مشكلة فلدي مرشح ممتاز سارسله لك الليلة. هذا وعد.
وبعد أن شعرت بالرضى لأنها حمت نفسها قدر إمكانها, امضت الساعات الست التالية في عد الدقائق حتى حلول الموعد وسار الوقت ببطء. وزاد الامر سوء قلة العمل هذا النهار و ذكرياتها عن لقائها الاول بشايد. ما زالت رائحته في المكتب, تهمس لها بصوت نجح في تشتيت ذهنها. و في الساعة الخامسة هربت من الشركة, لكن سرعان ما اكتشفت أن الانتظار في بيتها أسوأ. و بعد أن اطمأنت إلى أن البيت مرتب, لم تجد ما تركز اهتمامها عليه سوى ثيابها.
تعمدت أن تختار بنطلون جينز و كنزة من دون أكمام ثم مشطت شعرها, و نظرت إلى صورتها في المرآة بشيء من التمرد. فليحاول أن يقول إنها عفوية الاناقة الآن!
وفي الثامنة إلا ربعا, دق جرس الباب ففتحته لتجد شخصا أشبه بفرس بحر ضخم يملأ فتحة الباب طولا و عرضا.
-ارسلني سيث.
ومد يدا كالمخلب يسلمها بطاقة كتب عليها أخوها بخط يده:" هذا بيل. حذار! قدمي له طعاما و ابقي أصابعك بعيدة عن فمه. تعاملي معه بحذر و بساطة".
رباهو لم يكن هذا ما في ذهنها تماماز و نظرت إلى حاميها بتردد قبل أن تتراجع خطوة:" أدخل. . . يا . . . بيل. اتريد شيئا تشربه؟".
هز رأسه:" لا".
ثم شبك ذراعيه على صدره و سأل:" هذا الرجل الذي يفترض أن أحميك منه, هل يهددك أو ما شابه؟".
فسارعت تطمئنه:" لا, لا. أنا لا أعرفه جيدا ففضلت أن يكون هناك شخص آخر حتى أطمئن".
-اتريدينني أن ألكمه إذا ما اخافك. . .؟
-لا!
من أين أتى أخوها بهذا الرجل؟. مسكين شايد. إذا لم تفعل شيئا لتحميه, فستخسر مستخدما محتملا و أي امل في الترقية. ثمة قواعد اساسية عليها أن تنبهه إليها:" ليكن مظهرك مخيفا وحسب يا بيل! لا أريد ضربا أو عنفا أو احتكاكا جسديا من أي نوع. هل فهمت؟".
بدت على وجهه علامات عدم الرضى:" نعم. . . لا بأس. . . ".
-لآ أظن أن الأمر سيستغرق وقتا طويلا. لدينا بعض الأمور لنتحدث عنها. و عندما تنتهي , تخرجان معا.
ربما لا ينبغي استعمال الرقة مع هذا الرجل و الجمل الطويلة, فعادت تشرح له:" ابق هنا حتى يأتي فتخرجان معا. هل فهمت؟".
هز كتفيه بضيق ما قد يعني:" نعم يا سيدتي" كما يمكن ان يعني:" أنا لا آخذ اوامر من أي كان, و سأتصرف كما يحلو لي".
لو أن جرس الباب لم يرن لكررت تعليماتها بكلمات سهلة يستوعبها. لكن, و بدلا من ذلك ألقت عليه نظرة تحذير, و أسرعت نحو الباب.
كان شايد واقفا عنده.
-تفضل بالدخول.
دعته إلى الدخول ببرودة و لهجة رسمية ثم تنحت جانبا لتسمح له بالمرور.
تقدم بيل ببطء بينما كان شايد يغلق الباب خلفه, ثم نظر إلى تيس رافعا حاجبه:" هل هو صديق لك؟".
-لقد عرفته لتوي.
التفت شايد إليه قائلا:" كيف الحال يا بيل؟".
فقال بيل بابتسامة ملأت وجهه:" مرحبا. . . شايد. ماذا تفعل هنا؟".
-لدي موعد مع السيدة لونيغان.
-موعد؟
وعبس محاولا أن يفكر, مجاهدا في استيعاب ما يجري. . . ثم التفت إلى تيس وقد علا وجهه مزيج من التحدي و الإهانة؟
-هل هذا هو الرجل الذي يفترض بي أن ألكمه من أجلك؟.
فأجفلت بحذر:"لا! هذا ليس ما . . .".
شبك شايد ذراعيه على صدره و هز رأسه بلوم ساخر:" هذه ليست بداية تبشر بالخير لعلاقتنا, يا سيدة لونيغان".
فقالت تحاول الاحتجاج:" أنا لم أطلب منه أن. . .".
فقاطعها بيل:" آسف يا سيدة لونيغان, لا يمكنني ان أتحدى شايد. أولا لأنني سأقع في متاعب مع الكل".
فانتبهت:" الكل؟ من هو الكل".
-أخوكو اخوه, و كذلك. . . .
ونظر بخوف إلى شايد و تابع:" أعني . . . أعني . . . الكل ".

جين استين333 21-08-09 01:10 PM

فتمتم شايد من جانبه:" محاولة جيدة يا بيل".
فتقدم الرجل الضخم متحديا:" وثانيا, لأنني سأخسر العراك".
ذهلت تيس مؤقتا واستغرق استيعابها لما قال لحظة. و سألته بدهشة:" انت ستخسر؟ أنت, يا بيل؟".
لم يعرف ما إذا كان عليه ان يتباهى أم يشعر بجرح في كرامته, فقال متلعثما كتلميذ مدرسة:" أنا الأفضل لكن شايد احسن مني".
فتدخل شايد قائلا:" يمكنني أن أتولى الموضوع من هنا, يا صديقي".
أجفل بيل منتبها:" هذا حسن. لا حاجة لوجودي هنا. لذا, سأخرج".
فقالت تيس:" انتظر لحظة. يفترض بك أن تبقى حتى ننتهي".
-كلا, يا سيدة لونيغان. أردتني فقط لتطمئني إلى سلامتك. أعلم أنك ستجدين ما أقوله بعيدا عن التصديق, لكن الأسلم أن تكوني مع شايد. حتى أن ذلك أسلم من وجودك معي.
فقال شايد:" هذا تقييم صادق للوضع".
و قبل أن تعترض, كان بيل قد فتح الباب ثم أغلقه بعنف, فاهتزت النوافذ. اخذت تحدق في أثره باشمئزاز. الامر لا يسير حسب ما خططت له على الاطلاق.
-هل أنت متوترة الأعصاب بسبب لقائنا؟.
كان صوته أخشن من العادة, فاستدارت إليه تواجهه:" ما دمت لا أعرفك, فكرت أن أتصرف بذكاء".
-هل توجهين دعوة لبيل لحضور كل موعد جديد لك؟.
فقالت كاذبة:" نعم. إذا اجتازوا هذا الامتحان و لم يخرجوا صارخين في الليل, فنحدد موعدا آخر".
لم يعبأ بأن يذكرها بقولها منذ دقائق إنها عرفت بيل لتوها, بل ابتسم فشعرت بالدفء يتسرب إلى كيانها. قالت:" ما دمت لم أهرب منك, فأظن ان ثمة امل لنا".
كانت حمقاء عندما فكرت في ان شايد قد يكون مخبولا أو لصا معسول الحديث. هذا الرجل لم يستعمل الخداع ليصل إلى غرفته, فهو ليس بحاجة إلى ذلك. كل ما عليه أن يفعل هو أن يبتسم تلك الابتسامة الفتاكة ليحصل على ما يريد.
لقد حصلت على موظف رائع, بكتفين عريضتين و جسم رياضي قوي العضلات و عينين تفيضان بالمشاعر العنيفة فتحبسان أنفاسها. ولم تعد تتذكر سبب حضورهو ثم توترت شفتاها. لقد دعا نفسه إلى هنا لسبب ما, وإذا كانت ذكية فعليها ألا تضيع الوقت في معرفة ما يريده قبل أن تشيعه إلى الباب.
سألته راجية أن يساعدها على العودة غلى موضوعهما الأساسي:" من أين تعرف بيل؟".
فأجاب بغموض ضايقها:" منذ وقت طويل".
و نظر حوله في الردهة:" أين غرفتك الخاصة؟".
وكان هذا كافيا لكي يجعلها تركز على العمل وحده. فإذا استمر تشتت ذهنها, ستمضي امسية صعبة.
أجابت:" لكنك لن تدخل إليها".
-هل تخافين أن يثبت ذلك تخميني؟.
-معرفتي بك لا تكفي لكي أريك أي شيء خاص بي.
فرفع حاجبه:" هل تعرفين أي رجل بما يكفي لذلك؟".
لم تعبأ بالرد عليه بل اومأت إلى الممشى المؤدي إلى آخر المنزل:" هيا يا شايد, سآخذك إلى المطبخ, وستنحدث فيما نحن نشرب القهوة".
-سأذهب إلى حيث تريدين في أول موعد. يبدو أن القهوة بداية ممتازة.
لم تستطع إلا أن تبتسم:" هذا تحذير عادل. القهوة هي البداية و النهاية. و المطبخ هو أبعد مكان ستدعى إليه".

جين استين333 21-08-09 01:11 PM

هز رأسه متظاهرا بالذعر :" أنت خشنة في أول موعد".
إذا خدمها الحظ, فستبقى كذلك في الموعد الاول و الثاني و الثالث و الرابع. وقالت:" هل أفهم أن مواعيدك الأولى هي الأفضل؟".
-نعم, في العادة.
-آسفة لخيبة أملك.
-سنرى مدى خيبة أملي عندما تنتهي السهرة.
تقدمته إلى المطبخ, ثم قالت وهي تخرج كوبين من خزانة المطبخ:" عندما تحدثنا, قلت إن لديك شروطا علينا أن نناقشها قبل ان تقبل الوظيفة. ما هي تلك الشروط؟".
-ارى انك امراة تفضل الدخول مباشرة في الموضوع. لا بأس. . . فلنبدأ.
قالت بجفاء:" ارجوك ان تفعل".
اي شيء أفضل من الوقوف و السماح لرجولته بالتأثير فيها.
-انت تريدين ان نلعب دور العاشقين, أليس كذلك؟ هذه شروطي.
سكت مرة أخرى. وساورها شعور متوتر بأنه لم يخطط مسبقا لما سيقوله ثم عاد يقول:" أولا, نمضي بعض الوقت معا قبل ظهورنا في المجتمع لأول مرة كي نلعب دورنا بإقناع".
-هذا مستحيل . الحفلة الخيرية ستقام غدا مساء.
-من فضلك إذن أن نبدأ العمل.
-هذا غير ضروري على الاطلاق, يا شايد. يكفي ان نخبر الناس أننا عاشقان من دون الحاجة إلى التدرب على ذلك. كيف تريد قهوتك؟
-سوداء ثقيلة.
-يمكنني تحضيرها سوداء, لكنني لن أعدك بالصفة الاخرى. . .
-ساغامر. لا يمكنك ان تؤثري في بتحضير قهوة خفيفة.
وما إن وضعت الفنجانين على المائدة حتى أمسك بيدها. جاء رد فعلها غريزيا فقفزت مبتعدة عنه بسرعة. قال:" هل من داع لأن أقول إنني قلت لك هذا؟".
تبا له! لقد كرهت فكرة أنه على صواب بقدر ما كرهت ما عليها أن تفعله لتصحيح الوضع.
قالت:" فهمت قصدك. إننا بحاجة إلى أن نصبح. . . نصبح مرتاحين مع بعضنا البعض".
تملكها الارتياح عندما لم يضحك فيما قال:" الشرط الثاني هو أن نلعب دورنا الاجتماعي على طريقتي أنا".
لم تعجبها لهجته, فقالت:" مهنتي أنا على المحك. ولن أتخلى عن زمام الأمور من أجل موظف مؤقت".
-ستفعلين ذلك إذا أردت العمل معي. اما الشرط الثالث. . .
وأنذرها صوته بأن هذا الأمر غير قابل للنقاش.
فقالت:" أخبرني أنه شرطك الأخير أيضا".
-إنه أيضا شرطي الأخير.
-هذا لا يعني موافقتي على الشرطين الآخرين.
تلهفت إلى البقاء متحكمة بنفسها, لكنها علمت ان الأمر مجرد وهم تتمسك به.
=يمكنني أن أعدك فقط بأن آخذ طلبك بعين الاعتبار.
وبدت ابتسامته, هذه المرة, اكثر صدقا:" فهمت. شرطي الثالث هو أن نعيش معا".منتديات ليلاس
^^^^^^^^^

جين استين333 21-08-09 02:06 PM

تم الفصل الثاني والحمد الله

جين استين333 21-08-09 04:39 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


والآن مع الفصل الثالث ^__________^

جين استين333 21-08-09 05:03 PM

3-تمثيل دور العاشقين

لم يصدق شايد أنه قال هذا. لكنه الآن و بعد أن قاله, وجد الفكرة جذابة للغاية. ماذا حدث لمهمته الأساسية وهي دفع تيس نحو رجل اختارته اللجنة لها؟ لقد ضاع ذلك في وجه مشاعر أكثر قوة و بدائية و إلحاحا.
منتديات ليلاس
ابتعدت عنه بسرعة وهي تحدق إليه بارتباك وعدم تصديق. لقد هزها و أفلح في اسقاط القناع الذي تضعه لتبعد الناس عنها.
سألته:" هل جننت؟".
-لا.
-لابد أني من جن إذن عندما ظننت أن بإمكاننا أن نعمل معا. شكرا لقدومك هذا المساء يا سيد . . . شايد.
وبدا الضيق في عينيها الزرقاوين من دون أن يغيب العجز الكامن فيهما و تابعت:" لكنني ساتصل بجين في الصباح لكي تحدد موعدا مع شخص آخر لهذه الوظيفة".
كان يعرف الخوف حين يراه, وهذه السيدة خائفة. لكن لماذا يسبب اقتراح كهذا مثل هذا الذعر؟ قال:" حفلتك الخيرية ستقام غد. هل تظنين حقا ان الوقت يكفي للعثور على شخص يستلم هذه الوظيفة؟".
هزت كتفيها بحيرة. لقد تملكها شعور غير مريح بسبب تأثيره. . . فيها, و تأثير العزلة الموحشة التي خلفها الزمان و المكانو وما وراء طلبه هذا. لو كان رجلا آخر لما احست بمشاعرها هذه. . . و يا ليته كان رجلا آخر. . . على الأقل بالنسبة إلى تيس.
-إذا كان بإمكانك أن تقوم بهذا العمل يا شايد, فلماذا لا يستطيع ذلك رجل آخر؟.
-ساريك.
وتجاهل الصوت الذي هتف به من داخله يعطيه اوامر لا يريد الاعتراف بها, فكيف بإطاعتها! كانت أوامر ذكية منطقية, اوامر مثل. . . أترك البيت! أترك الغرفة! أترك تيس من دون أن تلمسها ! إنها ليست لك! لكن من المؤسف أن المنطق اختار هذه اللحظة ليتخلى عنه. وقف مبعدا كرسيه ثم سمح لغريزته البدائية بأن تدفعه للتصرف.
لفت ذراعه حول خصرها و جذبها إليه, ثم عانقها بشهوة رجل الكهف.
لعل هذا مرتبط بعلم الوراثة و الجينات, شعور بقي هاجعا حتى حان الوقت ووجد المرأة المناسبةز أو لعله مجرد معتوه. . . نعم, يبدو أن هذا هو الأكثر احتمالا.
لم تذب في عناقه كما كان يرجو بل اندفعت إلى الخلف بعنف و اصطدمت بالطاولة.
يا لجهنم! وتمتم يقول:" الصف السادس".
ابتعد عنها قليلا ثم أخذ ينظر إليها بمزيج من التسلية و الاستسلام:" ليزا بن في الصف السادس, كانت اول فتاة عانقتها وهي أسوأ خبرة لي في حياتي و ربما في حياتها هي أيضا".
وعثر مرفق تيس على معدته بدقة فائقة فكبح آهة ألم ببسالة.
كان يستحق ذلك لإمساكه بها منذ البداية.
قالت متذمرة:" لا ادري كيف اخبرك بانك لم تتحسن منذ ذلك الحين".
-أعترف بان المحاولة الأولى لم تكن جيدة لكن في المرة القادمة . . .
فقاطعته:" ما من مرة قادمة. كل ما استطعت أن تقنعني به هو أننا لا يمكن ان نعمل معا".
-ما استطعت إثباته هو أننا سنمضي وقتا صعبا في إقناع الآخرين باننا عاشقان إلا إذا وجدنا طريقة ننسق بها تصرفاتنا.
تنهدت بطريقة النساء عندما يتصرف الرجال كرجال:" إنك تصوغ كلماتك بشكل جيد".
-أما فشل محاولة العناق تلك فلا شك أن سببه كان خطأ في التنفيذ.
قاطعته:" أنا لست محطة فضائية كما أنك لست رائد فضاء مكلفا بالنزول فيها. . . ذلك. . . ".
وحملقت فيه بإحباط:" ذلك. . . أنا!".
رأى أنها على حق لكنه لم يشأ الإعتراف بذلك.
لقد ضاعت وظيفته الأساسية في لحظة ما. المنطق, التحفظ, حتى التعقل... كل ذلك ضاع في مواجهة مشاعر قوية ملحة لم يتمكن من تجنبها.
-في هذا أنت مخطئة. ربما كان من الأفضل أن اختار طريقة أنسب. لكن النقطة الأساسية هي انك بحاجة إلى شخص يمكنك أن تتجاوبي معه على المستوى الفكري والجسدي معا. و أنا ذلك الرجل.
-لا, لست كذلك و عناق واحد أثبت ذلك.
تصلب فكه عنادا:" ذاك العناق لم يثبت سوى أنني فاجأتك ولم تشائي أن تتخلي عن حذرك لكي تتبعي رغباتك الطبيعية".
-هناك سبب لذلك.
-الخوف؟
-لا, لكنك مستخدم عندي و لست عشيقي.
-لقد اخترتني للأمرين معا.
لم يستطع أن يمنع نفسه من قول هذا لكنه لم تدعه يكمل فقالت:" بل اخترتك كمستخدم عندي يلعب در العشيق. وهذا لا يعني أنه يفترض فيك أن تعانق رئيسك. أم لعل هذا هو نهجك المعتاد؟".

جين استين333 21-08-09 05:05 PM

-أعتقد أنك أول رئيسة أعانقها. عندما أعود و أفكر في ما فعلته جديا, أرى أنه لم يكن ناجحا تماما.
-لم ينجح حتى قليلا. وكل ما سينتج عنه هو طردك من العمل.
رفع حاجبه متسائلا:" هل ستطردينني؟".
شعر بأنها تريد ذلك. لكن فكرة ان عليها أن تعود و تجري مقابلات مع المرشحين لهذه الوظيفة, أنقذته من هذه المصيبة. قالت:" سأتسامح معك هذه المرة, لكنني لن أوافق على شروطك".
سألها :" ألا تريدين أن تمضي معي بعض الوقت قبل الحفلة الخيرية؟".
ابتعدت عنه قدر إمكانها ثم قالت:" متى تقترح أن نمضي ذلك الوقت؟ الحفلة ستقام في الغد فهل من المفروض ان أهمل عملي لتوطيد علاقتنا؟ هذا مستحيل".
-ولكن أمامنا هذه الليلة. أتريدين ان نتدرب على علاقتنا الآن؟.
جوابها الفاتر كان أفضل ما أمل في الحصول عليه, ولم يعبأ بطلب المزيد:" بهذا يتحقق أول شرط لي. حدثيني عن مشاكلك بالنسبة إلى الشرط الثاني. ما هو الخطأ في الأخذ برأيي في كيفية التعامل مع الناس؟".
-لن أسمح لك بأن تعرض وظيفتي للخطر.
-أنا لا اتحدث عن تعريض وظيفتك للخطر. أنا أتحدث عن كيفية إقناع الناس بأننا عاشقان. عندما أمسك بيدك على مائدة العشاء, أتوقع منك ان تتجاوبي لا أن تبتعدي عني في أول فرصة.
ردت عليه بحدة:" عندما فعلت ذلك لم نكن بين الناس. لم أتوقع أن تلمسني".
-قد أفاجئك. ماذا ستقولين حينذاك؟ هل ستقولين: آسفة لذلك. لم نتدرب على لعب دور العاشقين ما يكفي من الوقت, لكننا سنقوم بالامر بشكل صحيح في المرة التالية.
-لا تكن سخيفا!
-هذا صحيح. أصبحت سخيفا. لن تكوني بحاجة لقول كلمة فارتباكنا سيكون واضحا للكل. أنظري إلى ذاك العناق اللعين. . . حتى شيء بهذه البساطة لم نستطع إنجازه.
أثار حنقها بقوله هذا فردت عليه بحدة شابكة ذراعيها على صدرها:" إذا لم نتمكن من أن نتعانق أمام الناس أو على انفراد أو في أي وقت آخر, فهذه ليست مشكلة".
-بل ستصبح مشكلة.
-دعني أخمن. لكي. . . كيف أعبر عن ذلك؟ حسنا. لكي نتمكن من المضي قدما في خطتنا تريدنا أن نعيش معا؟
منع نفسه من أن يجفل:" هذا سينفعنا. لا شيء أفضل من الاستيقاظ في بيت واحد لجعل علاقتنا بعيدة عن الرسميات".
قالت بجدية:" يبدو أنك لم تفهم أن هذه الوظيفة لن تدوم أكثر من يومين. ستكون بين زملائي في العمل و عملائي لساعات قليلة. يمكننا أن ندعي وجود علاقة زائفة لتلك المدة من دون أن نحولها إلى أمر عظيم".
-هل إقناع المتبرع العنيد سيتطلب يوما أو يومين فقط؟
-إذا كنت محظوظة.
-وإن لم تكوني كذلك؟ وماذا بالنسبة إلى ما بعد ذلك؟ فلنفترض أنك حصلت على الترقية. ألا تريدين أن نستمر في التظاهر, لفترة, بأن بيننا علاقة؟ أم أن المشكلة الغامضة التي تواجهك. . . و التي أقنعتك منذ البداية , بأن تستخدميني, ستختفي ما إن تحصلي على الترقية؟ لماذا تفعلين هذا؟.
تجنبت الرد على هذا السؤال المؤثر, و أحاطت فنجان القهوة بيديها, مختبئة خلف قناع من هدوء لا تشعر به:" استخدمتك لعمل بسيط, و لسبب ما, أراك تدفع بهذا الامر بعيدا عن مجال عملك, فلماذا؟".
-أنا أنظر إلى وظيفتي بشكل جاد.
رفضت هذه الفكرة على الفور:" الامر أبعد من هذا. من أين تعرف بيل؟ أنا أعرفه من خلال أخي. وماذا عنك انت؟".
اتخذ قراره في اقل من لحظة:" وأنا أيضا أعرفه من خلال سيث أخيك".
انتفضت تيس فسالت القهوة:" أنت تعرف. . . ؟".
-سيث؟ نعم. كنا في الجامعة معا.
-لم تذكر هذا قط. وهو لم . . .
وهزت رأسها:" لا أفهم شيئا من هذا".
حان الوقت لشي من الصدق, فقال: "بعد أن استخدمتني اتصلت بأخيك هاتفيا كي. . .".
ومال نحوها, مختارا كلماته بعناية:" أظنك سميت ذلك بالحامي, لأنها كلمة أفضل في رأيك. فلنقل إن بيل لم يكن الخيار الأول".
فسألته غير مصدقة:" هل اتصل بك؟".
-لم يدرك سيث أنني السبب المباشر لمشكلتك, وبما أني الرجل الأفضل لهذا العمل استدعاني.؟ واجهي الحقيقة. حتى بيل اعترف بأنني الأفضل.
قال هذا بابتسامة عريضة, فضاقت عيناها:" أحقا؟ ماذا تفعل إذن عدا عملك لحسابي بصفة حارس مستأجر؟".
فهز كتفه:" أعمالي متعددة".
ولحسن الحظ لم تتابع هذا الموضوع بل عادت إلى الموضوع الأكثر أهمية لديها:" ماذا أخبرت سيث؟ أخبرته أنك بحاجة إلى مرافق في نشاطاتك العملية. لدي انطباع بأنه رأى ذلك قرارا عمليا بناء على وضعك الحالي".

جين استين333 21-08-09 05:07 PM

أتراها تهتم برد فعل اخيها؟ بدت لمحة من الارتياح في عينيها وقالت:" ولماذا لم يضمنك هو؟ لماذا أرسل بيل؟".
-ربما ظن أنك لن تصدقيه و أنك قد تظنينه يريد أن يتخلص منك بعذر ما. لذا, أرسل شخصا سيقنعك بأن بالامكان الوثوق بي.
بدت على شفتيها ابتسامة صادقة. فليساعدها الله, لكنها جميلة للغاية. هل لديها فكرة عن مدى تأثير ابتسامتها هذه في الرجل ؟ وقالت:" لقد أقنعني بيل فعلا بأنك حارس جيد. لكنني لست واثقة إلى أي حد يمكن أن أثق بأي منكما".
-هناك سبب لذلك.
-ما هو؟.
-أنا حارس ممتاز من الغرباء, ولكن ليس بالضرورة من نفسي.
وسمرها بنظرة أنذرتها بأن رجل الكهف فيه ليس منضبطا تماما.
أخذت رشفة من فنجانها وقد اشتبكت عيناها بعينيه, تنذرانه بأنها ستقاومه ما أمكنها ذلك. وقالت:" سآخذ حذري إذن, وهذا يعيدنا إلى شروطك".
-لقد اتفقنا إذن. إنك قبلت شروطي كلها.
-بالنسبة غلى الشرطين الاولين, نعم. لكنك لن تنتقل إلى هنا. ولا يهمني عدد الأشخاص الذين يكفلونك.
لم يهتم بالشرط الثالث, حتى أنه لم يعرف لما وضعه, إلا إذا أراد أن يرى رد فعلها. لقد حصل على ما يريد أي الشرطين الاولين. وقال:" هذا حسن. فلنبدأ الآن".
تراجعت إلى الخلف واشتدت قبضتها على الفنجان حتى ابيضت سلاميات أصابعها:" الآن؟".
هل لديها فكرة عن مدى عدم اللباقة التي أظهرتها مشاعرها؟تملكه الشك في ذلك.
إن إظهارها لمشاعرها بكل هذا الصدق, اثار لهفة لا تقاوم لن يندفع إليها ويخفف توترها و خوفها.
إنها مواجهة بدائية للغاية بين رجل وامرأة. ووجد نفسه يطيع نداء العريزة من دون تفكير, فاقترب منها:" لقد وعدتني بأن نمضي بعض الوقت معا هذه الليلة".
توقف وقد لاحظ تسارع أنفاسها, فيما تابع:" أقترح أن نبدأ".
فسارعت تقول:" لدي اقتراح أفضل وهو أن نخصص دقائق عدة قبل الحفلة الخيرية لتحسن معرفتنا ببعضنا البعض. . . فلنقل ساعة قبل بدء الحفلة".
-يمكننا القيام بذلك بتلك الطريقة لو كنت أنت المسؤولة لكنك لست كذلك.
و أمسك بخصلة من شعرها الأحمر لفها حول إصبعه, فقالت:" سبق و تحدثنا في هذا الأمر, هل نسيت؟ انا رئيستك".
فقال وهو يشدها إليه:" انت تدفعين لي راتبي لكنني من يقرر. أرى أنك قررت إلغاء شروط عقدنا بسرعة؟".
حملقت فيه بإحباط:" لا. . . نعم. . . إنك تجعل هذا الامر صعبا للغاية".
فابتسم بعطف:" أنا معروف بهذا. والآن , دعينا نرى إذا كان بإمكاني أن أسهل الأمر عليك".
أخذ من يدها فنجان القهوة كيلا تسقطه, ووضعه على الطاولة, ثم امسك بشعرها ورفع وجهها إليه, فسألته :" ماذا تفعل؟".
-نصحح غلطة.
-اتفقنا على ألا يكون بيننا أي عناق.
ابتسم لتذمرها الساخط:" هذا كان قبل أن تعديني بأن تجري الأمور على طريقتي أنا".
أحمر وجهها قليلا وبدا العجز و الكآبة عليه:" قلت إنك ستسهل الامور علي. أرى ان علي أن أنبهك إلى ان الأمر لا يبدو سهلا".
-فلنجرب حظنا. ليس امامنا سوى أربع وعشرين ساعة لنتعود فيها على بعضنا البعض. ثمة امور كثيرة علينا أن ننجزها في وقت قصير جدا.
-أفضل أن أعتاد عليك من دون أن تلمسني.
لم يكن يشك في ذلك لحظة, لكنه قال:"آسف يجب أن تجري الأمور على طريقتي الخاصة لكنك لن تعاني طويلا".
وأحنى رأسه وتمتم:" ثقي بي".
لم يمنحها وقتا للتفكير, أو للاحتجاج.
واستطاع هذه المرة ان يعانقها بشكل حسن. وغمرته مشاعر الإحساس بها. كل ما فيها لا يصدق, كل ما فيها أثاره. . .
هي في البداية, وقفت متصلبة الجسم. لم تقاومه لكنها لم تتجاوب معه أيضا, فقال لها مشجعا:" استرخي لن نفعل ما يضايقك".
وضعت يديها على كتفيه تمسكها بخفة و كأنها لا تستطيع أن تقرر ما إذا كان عليها أن تعانقه ام تدفعه عنها. و أخيرا, قالت:" ملمسك مختلف".
-كيف؟
-إنه صلب. . . يوحي بالعناد.
ولم تقل هذا بخجل كما تفعل بعض النسوة, فقال:" أنا أتمتع بهاتين الصفتين. لكنني لا أستغلهما لإيذاء الناس".
-حتى حين يكون دورك هو الحماية؟
-نعم و لاسيما مع الاشخاص الطيبين.
أثار هذا انتباهها, فسالته:" وهل أنا من الأشخاص الطيبين؟".
اتراها تشك في ذلك؟ و أجاب:" بكل تأكيد".

جين استين333 21-08-09 05:09 PM

جرب ان يعانقها مرة اخرى, مع مزيد من الاحتراس هذه المرة. ورغم أنها استرخت بين ذراعيه بشكل ما, إلا أن هذا لم يكن استسلاما كليا.
احس بأنها تريد أن تبتعد. لماذا لا تطيع غريزتها وتخفف من حذرها؟ تراجع قليلا إلى الخلف ونظر إلى وجهها المرفوع اليه:" إنها البداية, كما أظن".
فقالت بجفاء:" إنها ليست ناجحة تماما".
لا, فقد استمرا في التعامل و كأنهما غريبان. كانا يناضلان غريزيا ليجدا ما يريحهما ولكن من دون نجاح. وقال:" لم يكن ذلك سيئا جدا لاسيما إذا أخذت بعين الاعتبار أننا لا نعرف بعضنا جيدا كما أنني أظنك من النساء اللاتي يفضلن أن يقمن علاقاتهن بالطريقة القديمة البطيئة".
هزت كتفيها:" وما الخطأ في ذلك؟".
-لا شيء, ما عدا أن ليس لدينا الوقت الكافي لعلاقة بطيئة قديمة الطراز.
جاهدت لتنحرر من قبضته:" ألم تفهم بعد؟ أنا لا أريد علاقة معك . لا أريد علاقة مع احد".
-نعم, فهمت ذلك. لكن السؤال هو. . . ما دمت لا تريدين علاقة, فلماذا تبحثين عن علاقة زائفة؟ ولماذا تريدين أن تتظاهري , لنيل الترقية, بأن لديك عشيقا؟
-هذا ليس من شأنك.
-بل هو كذلك ما دام مرتبطا بوظيفتي لديك.
و تاملها مقطبا جبينه, متلمسا طريقه بحذر. سيطيع غريزته إذا ابتدأت ملاحظاته بإزعاجها. . . فقد اعتاد ذلك:" أنت مستقلة بشكل كبير, امرأة مسؤولة عن مصيرها و تؤثر في بصدقها و صراحتها, ومع ذلك, أراك مرغمة على الخداع لكي تتقدمي في عملك. لماذا؟".
-كما قلت لك. . .
وخطرت في باله فكرة غير سارة:" هل يضغط عليك أحد زبائنك لإقامة علاقة لا ترغبين فيها؟".
ردت باقتناع تام جعله لا يشك في صدقها:" لا!".
ومع ذلك, كان قريبا من الحقيقة:" لكن لديك مشكلة مع أحد الزبائن, وهذه مشكلة ستحل إذا ما خرجنا بين الناس بصفة عاشقين. لماذا لا تخبريني عن نوع المشكلة؟ ربما يمكنني مساعدتك".
-لا أنوي أن اوضح أي شيء لك و ذلك لسبب بسيط وهو أنني لا. . .
وسكتت فجأة, فأكمل كلامها:" تثقين بي؟".
أومأت فجأه فقرر أن يتركها.
-هذا عدل. لا يمكن إرغام أحد على منح ثقته. هلا عدنا إلى الردهة؟
-هل أنت راحل؟
ى -لا تظهري كل هذا الأمل. لا, لن أرحل. أريد أن أجرب امرا آخر, و المطبخ لا يتسع لما في ذهني.
ربما من حسن حظه أن شيدو لم يختره للزواج من تيس, فهو لا يحسد ذلك الاحمق المسكين الذي سيجرها إلى الكنيسة. لعلها أثناء ذلك, سنرفس وتصرخ.
لم تجادله بل هزت كتفيها وتقدمته. وعندما أصبحا في غرفة الإستقبال استدارت إليه تواجهه بتردد:" والآن , ماذا؟".
-الآن سنرقص.
-نرقص؟ ما من موسيقى.
وحدقت إليه و كأنه فقد عقله.
-هذا أفضل. بهذه الطريقة يمكن أن يسمع جسدانا بعضهما بعضا.
فتنهدت :" لا بأس, فهمت الآن أنك واحد من اولئك الفتيان".
قطب حاجبيه بسرعة. ما الذي تتحدث عنه بحق الله؟
-ماذا تعنين بكلمة أولئك؟
لوحت بيدها:" أنت تعلم. أحد أولئك الشبان العصريين دوي الفلسفة الشاذة و الطقوس الغريبة التي يمارسونها وهم يرتدون ملابس مزخرفة مبهرجة ويتكلمون لغة غريبة, ويرقصون من دون موسيقىو ونسميهم مامبو جامبو".
لم ير طريقة مجدية لإنكار ذلك. لم يكن يحب الفشل. وضع يديه حول خصرها و شدها إليه. وعندما أطلقت شهقة عالية ذاهلة , كان سروره من دون حد. قال بلهجة مطاطة:" لقد فهمتني يا طفلتي. لا فائدة من الجدال مع الواقع. أتريدين أن تعدلي مزاجك؟ لدي رقصة الروك لذلك".
وشدها إليه:" كما أنهم لم يكتبوا كتابا في الفلسفة لم أطلع عليه و أجد قاعدة او اثنتين اضيفهما إلى مجموعتي الشخصية. أخلط بينها أحيانا لكنها على الأقل تغطي الاحتملات كلها".
تنفست مرات عدة بعمق قبل أن تقول:" دعني أخمن فأنا لست حكما على الميزات بدقة كما تحكم أنت".
سالها:" هل أبدو من نوع رجال المامبو جامبو؟".
فضحكت بتوتر:" أتعلم أن لون عينيك يشبه لون الدخان عندما تكون متكدرا؟".
تملكه الإحباط وهو يرى خطواتها تعاكس خطواته, بدلا من أن تتلاءم مع خطواته بسهولة غريزية. و أخذت تدوس أصابع رجليه باستمرار وبكل بشاشة و من دون اي اعتذار!
منتديات ليلاس
-على كل واحد منا أن يكون لديه إشارة إنذار. يسرني انتباهك غلى اشارتي بهذه السرعة, لكن سروري سيزداد لو تستجيبين لي قلبا.
داست على أصابع قدميه مرة أخرى قبل أن تحملق فيه بابتسامة جمعت بين العذوبة والبراءة و أثارت فيه يقظة حذرة:" لعلك لم تلاحظ, لكن يبدو أن هذه لم تنجح".

جين استين333 21-08-09 05:12 PM

-ربما كانت لتنجح لو أنك لا تحاولين القيادة فهذه مهمتي أنا.
-آسفة, لكنني معتادة على أن اكون المسؤولة.
-هذا يجعلنا, نحن الاثنين, مسؤولين.
أبطأت تيس ثم توقفت عن الرقص:" لا بأس يا شايد, لقد رقصنا. والآن اشرح لي لماذا كان من الضروري أن تبرهن لي بهذه الرقصة أننا غير متلائمين كحالنا في كل ما جربناه من قبل؟".
أتلااها جاهلة حقا أم أنها تتغابى؟ سألها:" ألم تري إثنين يرقصان قط من قبل؟".
-رأيت بالتأكيد.
-ألا يمكنك أن تميزي بين اللذين رقصا معا من قبل و بين اللذين لم يرقصا؟ بين عاشقين و بين من تربطهما معرفة سطحية؟
مرت على وجهها سحابة سريعة:" نعم".
-بين العاشقين حميمية في حركاتهما, و يتجاوب جسداهما معا.
وشدها إليه مرة أخرى:" تعالي لنحاول مرة أخرى".
بدا عليها شيء من الإنهاك:" من الأفضل ألا أفعل".
-رقصة واحدة يا تيس. إذا لم نستطع القيام بهذا, فكيف نلعب دورنا بشكل مقنع؟.
فقالت من دون أن تنظر إليه:" سنحاول هذا لمرة فقط. و إذا لم تنجح, فسندع الأمر".
بدأ رقصة بالغة السهولة, لكنها لم تنجح هي أيضا.
-هل لك أن تسترخي؟
-أحاول ذلك.
-حاولي اكثر.
تململت مبتعدة عنه مرة أخرى فوضع يده على ظهرها ثم أعادها إليه:" ميلي نحوي, تيس. ايمكنك ان تشعري بدفعي الخفيف لك؟".
فقالت بحده:" أشعر بدفعك القوي لي".
لم يحتضن امرأة قط وقاومته بهذا الشكل. تنهد قائلا:" لا بأس, أعلم أنك لا تريدينني أن ألمسك. يا للحظ السيء يا حبيبتي ! لقد استخدمتني لمهمة و علينا أن نقوم بها بأي شكل كان. أقترح ان تغمضي عينيك و تتذكري الأسباب التي جعلتك تستخدميني. إذا كانت تلك الأسباب هامة, فستجدين طريقة لإنجاح هذا الأمر. والآن, كفي عن مقاومتي وافعلي ما أقوله لك أو تخلي هن مسألة الترقية اللعينة تلك".
جمدت مكانها مصعوقة لحظة, ثم تشنجت ذقنها. ضربته على كتفه بعنف ثم امرته وهي تصر على أسنانها:" أرقص".
-ها قد فهمت الآن.
و أخذ يدور بها بسهولة فيما تجاوبت معه.
هذه المرة لم تتعثر سوى مرة واحدة فيما تجنبت الدوس على أصابع قدميه و تجاوبت مع خطواته. وبعد ان قاما بجولة في أنحاء الغرفة, شد ذراعه حولها قبل أن تهرب ثم قال بإصرار:" مرة أخرى".
هذه المرة كان الامر سهلا, وتحول الارتباك السابق إلى مرونة طبيعية. وسره ان تتجاوب معه بشكل طبيعي للغاية. وعندما أنهيا الدورة الثانية, حاولت ان تنهي الرقص فمنعها قائلا:" رقصة أخرى".
توتر فمها لكنها لم تعترض. اختار خطوات اكثر تعقيدا بقليل من دون أن يؤثر ذلك فيها بل تقبلت التحدي بابتسامة ماكرة, و أخذت تجاريه حركة بحركة.
استرخت للحظة كما يفعل العشاق فيما سيطر الانسجام عليهما في عناقهما هذا. راح قلبها ينبض بانغام موسيقاهما الداخلية فاستجاب لذلك النداء الصامت بحركات بطيئة متمهلة.
ارتجفت و بدت في عينيها نظرات حالمة. ورفعت إليه وجهها و كأنها تنتظر منه أن يعانقها أكثر.
كل ما فيها كان ينطق باستعدادها لذلك. احمرار وجهها, و استجابتها له, و نظراتها إليه, هكذا ينبغي أن يكون عناقهما و هكذا ينبغي أن تتجاوب معه كلما لمسها.
و فجأة, انتهى كل هذا كما بدأ. تخلصت منه ثم نظرت إليه بذعر وهي تشبك ذراعيها على صدرها:" هل فقدت عقلك؟ ماذا تظن نفسك فاعلا؟".
-أراقصك.
-لم يكن ذلك رقصا, فقد لمستني.
-كان ذلك. . . كان. . .
وحملقت فيه و كأنه خرج لتوه من تحت أنقاض حطام:" ما كان ينبغي لهذا أن يحدث أبدا. كيف يمكنك أن تفعل هذا؟".
لقد نبذته الآن حقا. فقال:" يمكنني ذلك و أريده. . . و الآن, اعلمي يا حلوة أنه كان ينبغي لشخص ما أن يفعل هذا منذ وقت طويل. وبعد أن أصبحت أعلم ما ينبغي أن أفعله لأصل إليك, ساحرص على أن يتكرر هذا بشكل منتظم. هل فهمت؟".

^^^^^^^^^

جين استين333 21-08-09 05:14 PM

تم الفصل الثالث ^_________^

جين استين333 22-08-09 12:28 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اليوم ان شاء الله ححطلكم الفصل الرابع و الخامس ^_________^

جين استين333 22-08-09 12:38 PM

4-التمثيل يصبح حقيقة

هزت تيس راسها من دون أن تتراجع:" لن امنحك فرصة لهذا مرة اخرى. لقد نسيت نفسي لحظة أثناء رقصنا لكنه انحراف لن يتكرر".
شتم شايد بصوت خافت. انحراف؟ هل اعتبرت ما حدث بينهما انحرافا؟
ما هذه المرأة؟ إنها بارعة في إثارته من دون أن تسمح له بالحصول على ما يريد. لم يحدث هذا معه من قبل قط.
-ثمة خبر آخر لك, يا تيس. من الأفضل أن تكثري من الانحراف, وإلا سيفشل هذا المشروع كله. ففي لحظة واحدة تخليت فيها عن تحفظك, تصرفت كما يفترض ان تتصرف أي امرأة بين ذراعي حبيبها.
بدا العناد على فمها:" أنت لست حبيبي. ولا أريد أن أرقص معك بهذا الشكل مرة أخرى".
-لماذا؟
اوشكت أن تجيب, لكنها أدارت له ظهرها في آخر لحظة وهي تقول:" لقد قدمت برهانك وهو ان هذا العمل لن ينجح. لدينا مشكلة في السير و الحديث, وليس في الرقص فقط. اقترح أن نتجنب الرقص في حفلة الغد".
جاهد للتحكم في شعور الاحباط الذي تملكه:" هذا ليس رأيي. أنت تعلمين ما أحاول أن أفعله لكنك تصعبين الأمر. لماذا؟ ماذا يجري بحق جهنم, يا تيس؟".
-تأخر الوقت و عليك ان ترحل الآن.
-الساعة لم تبلغ التاسعة بعد, و نحن لم نكمل الاستعداد.
استدرات تواجهه مرة أخرى وقد زمت شفتيها و امتلأت عيناها بالألم وبدا الشرود فيهما.
كانت ملامحها من العناد ما جعله يفكر في أي كلمة غير مناسبة قد تنهي وظيفته قبل أن تبدا. قالت:" هذا يكفي يا شايد. لن أرقص معك بعد الآن وقراري هذا نهائي".
فقال مخفضا صوته إلى أقصى ما يستطيعه من النعومة.
-رقصنا معا يذكرك بروبرت, أليس كذلك؟
فأنكرت على الفور:" هذا غير صحيح".
قطب جبينه. ما الذي كدرها إذن إلى هذا الحد؟.
إذا لم يكن شيئا قاما به, هي وزوجها الراحل, قبل. . . آه, يا لجهنم. إنه إذن, شيء لم يفعلاه. كيف أمكنه أن يكون بهذا الغباء؟ وقال:" أنت متكدرة لأنك, وروبرت, لم ترقصا قط معا. و عندما أخذت أنا أصف كيف يبدو الحبيبان بين ذراعي بعضهما البعض, و الحميمية في حركاتهما. . . كان هذا امرا لم تجربيه مع روبرت قط, اليس كذلك؟".
تحرك فكها لحظة قبل أن تجيب:" كلا".
منتديات ليلاس
قالت هذه الكلمة بنعومة بالغة جعلته لا يكاد يسمعها. لا عجب ان كلماته آلمتها, فقد فعلت معه ما لم تفعله مع زوجها الراحل.
تملكه العطف عليها وحاول أن يجد طريقة يصلح بها ما أفسده.
-لا بأس. إذن, أنت وروبرت لم تستمتعا بالرقص معا. لكن هذا لا يلغي علاقتكما.
-هل يمكننا أن نغير الموضوع من فضلك؟
-إذا لم تشائي الرقص في الحفلة الخيرية فلن نفعل لكننا لم ننته, ما زال علينا أن نبدو مرتاحين معا بحيث يظننا الناس حبيبين. هل تعملين معي لفترة أطول قليلا؟
دست يدها في شعرها تشعثه.
كانت الانوار في الردهة تومض على خصلاته فتبرز تدرجاته بين الأحمر و الذهبي. إنها امرأة مليئة بالمتناقضات, مزيج غريب من النار و الثلج. إنها صلبة إلى حد يبقي الناس بعيدين عنها فيما حرارتها الطبيعية تجذبهم إليها, و تغريهم بالمجازفة بمعاناة البرودة ليظفروا بمتعة الدفء. لكنها غافلة عن مقدار جاذبيتها أو لعلها لا تريد أن تعلم, مفضلة التركيز على مهنتها.
سألته:"ماذا بقي الآن؟".
-فيلم سينمائي وبعض البوشار.
ارتسم الاضطراب على ملامحها بشكل يحطم القلب:" هل تدعوني للخروج معك؟".
-لا أنا أطلب منك أن تحضري بعض البوشار ثم تجلسي معي نشاهد فيلما سينمائيا هنا.
أحس بأنها تريد أن تجادله لكنها اومأت موافقة:" فيلمم سنيمائي واحد ثم ترحل؟".
-نعم.
-وبعد ذلك سيعتقد الناس أننا عشيقان؟
-فلندعو كي ننجح في ذلك.
لكنهما لن ينجحا إلا إذا كانا محظوظين للغاية.
لا بد أن في اقتراحه فخا ما لكن تيس لم تستطع أن تخمن ما عساه يكون. إلا أن اكتشافها لما غفلت عنه لم يتطلب سوى خمس دقائق.
أول اكتشاف هو اطفاؤه النور عندما فتح التليفزيون, فسألته:" ماذا تفعل؟".
-أطفئ النور

جين استين333 22-08-09 12:40 PM

-هذا واضح, اما السؤال فهو. . . لماذا؟
-لأنني احب رؤية الافلام في الظلام فهذا يريح المزاج.
المزاج. . . بعدما حدث في الردهة لم يعد يهمها إراحة المزاج. . . إلا إذا كانت الأضواء متلألئة. . . و مساحة كبيرة تفصل بينهما, بينما يدور بينهما حديث قصير قدر الإمكان.
وخرجت من الغرفة قائلة:" خذ راحتك فانا ذاهبة لأحضر البوشار".
توجهت غلى المطبخ لا تريد ان تعترف بأنها هاربة. لقد قررت أن تتأخر قدر امكانها في تحميص الذرة في الميكروويف إلا أن تحضير الكيس لا يستغرق سوى ثلاث دقائق. ضغطت على الإزرار واستندت غلى المائدة تحملق في الجهاز. لم يكن مشروعها يسير حسب تخطيطها . . . على الإطلاق.
ما كانت الأمور لتسوء بهذا الشكل لو أن شايد تصرف كما يتصرف أي مستخدم. لكنه عانقها, ورقص معها, كما أنها. . .
و أخذت تذرع أرض المطبخ من اوله إلى آخر. تبا! لقد تجاوبت معه. لم تستمتع بعناقه و حسب, بل بادلته العناق أثناء الرقص. لماذا اختار جسدها تلك اللحظة ليثور عليها؟ ومع شايد من بين كل الناس؟
لقد استطاعت و بكل سهولة أن تبعد عنها الرجال, لمدة تسع سنوات, و أن تقدم مهنتها على أي علاقة شخصية. فبعد موت روبرت أصبح هذا أكثر امنا و أقل إيلاما. ومع ذلك, وفي ساعات قليلة, نجح شايد في اختراق كل تلك الحواجز.
واجهي الامر يا فتاة! الواقع المؤلم هو أنها تشعر بتمزق, وهو شعور طبيعي تماما. لقد افتقدت روبرت وما كان بينهما ومع ذلك لم تشأ أن تعود و تقاسي الآلام التي قاستها عندما مات. كما أنها لا تريد في حياتها تلك الفوضى التي يحسن خلقها الرجال. إنها تريد أن تركز انتباهها على عملها فقط و ليس على رجل ليس له شهرة و لن يبقى في حياتها سوى أيام. لقد بقيت بعيدة عن الرجال ولا تستطيع أن تترك شايد يعقد حياتها.
وهذا يعني. . . و توترت شفتاها. هذا يعني أنه ما إن ينتهي البوشار حتى تسير إلى العرين و تأمر ذلك المعتدي بالخروج.
وما ان اتخذت قرارها حتى شعرت بتحسن كبير, فعادت إلى شايد حاملة البوشار. كان الفيلم على وشك أن يبدأ, و شايد جالس في وسط الأريكة ممددا ساقيه أمامه.
وضعت البوشار على الطاولة أمامه, لكن و قبل أن تتلو تيس بيانها الرسمي, طوق خصرها بذراعه. وما إن شهقت معترضة حتى جذبها إليه و أجلسها قربه على الأريكة.
ابتدأت تقاوم, لكنها ما لبثت أن تخلت عن محاولاتها لعدم جدواها. إذا كان بيل لا يستطيع الفوز في مشجارة مع شايد, فهل تستطيع هي؟ ستنهي المواجهة بكرامة جريحة فقط:" ماذا تظن نفسك فاعلا؟".
-أتفرج على الفيلم معك.
-يمكنني ان أشاهد الفيلم و أنا جالسة بعيدة. شكرا. . . هذا إلى أنني قررت. . .
فقال وهو يمد يده ليأخذ قبضة من البوشار:" أحقا؟ أنت لا تدركين ماذا تخسرين. استريحي, ياتيس".
-لا استطيع. لقد قررت ان عليك أن ترحل.
أومأ وهو يقذف بعض البوشار إلى فمه:" تصورت انك ستصلين إلى هذا القرار. ثلاث أو أربع دقائق كافية لامرأة ذكية مثلك كي تتخذ قرارا.
-هل هذا مزاح؟
-لا, أبدا. إنه مجرد تنبؤ. لقد رفضت منذ البداية فكرة استخدامي. ومع ذلك, اضطررت إلى ذلك. كان الامر أشبه بشخص جرب كل الوسائل من دون نجاح فصمم على أن يتبع هذا الطريق كقرار اخير. لكنه ليس القرار الذي يعجبك لذا تبذلين جهدك لتجدي مخرجا.
مرة أخرى ابدى مقدرة غريبة على رؤية ما تخفيه. وعبست لأنها لا تحب هذه الصفة فيه. لماذا ليس ظريفا و ذكيا مع شيء من البساطة؟ ما الصعوبة في الابتسام والثرثرة مع الزملاء و الزبائن و الظهور بمظهر المتملك في بعض الأحيان حين تحتاج إلى الاتكاء عليه أمام الناس و تابط ذراعه.
قالت رغما عنها:" لا بأس. . . إبق قليلا".
بدل وضعيته بحيث أصبحا متلاصقين فجاهدت كي تتمالك نفسها ولا تظهر تذمرها. كان المكان بالكاد لا يتسع له وحده. والأسوأ أن كل ما يجري بدا لها غريبا, بعد قضائها كل هذا الوقت بدون رجل في حياتها. . . حاولت أن تتعود على رائحته و صلابته و خشونة صوته فنجحت قليلا في ذلك. قالت:" لا أدري لما لا نشاهد الفيلم ونحن جالسين كل في ناحيته".
-لا يمكننا الجلوس بعيدين عن بعضنا البعض فالقرب هو الطريقة الوحيدة التي تجعلنا متآلفين.
لم يعجبها كلامه:" متآلفين؟ ماذا تعني بذلك؟".
-أعني الا تجفلي كلما لمستك.
-إذا وعدتك بألا اجفل فهل تدعني اذهب؟
-يا حبيبتي, أنا أتصرف بسلاسة و تمهل عادة. لكن ليس لدينا وقت. أتريدين أن تقنعي الناس ليلة الغد, بأننا عاشقان؟ هذا عظيم. أنا الرجل المناسب لهذا العمل. لكن هذا لن يحدث إلا إذا بدونا مرتاحين مع بعضنا بعضا.
-هل من حاجه لأن أقول إنني لست مرتاحة أبدا؟
تنهد بعمق وهو يبعد خصلات شعرها عن وجهها. حاولت أن تكبح رجفة تملكتها. لم تكن منجذبة إلى شايد هذا محال.

جين استين333 22-08-09 12:44 PM

إنها متعبة و مجهدة فقط كما أنها حساسة للغاية. لم تستطع أن تكبح فكرة أن سنينا مرت منذ سمحت لرجل بالاقتراب منها فيما تصارعت رغبتها في الهرب من قربه مع رغبتها في الاستسلام لعناقه.
-أنا أعلم أنك غير مرتاحة, لكن إذا كنت لا تريدين أن يلاحظ الآخرون ذلك فأقترح عليك أن تسترخي و تركزي انتباهك على الفيلم و تتجاهليني.
تتجاهله؟ هل يمزح؟ و كيف يمكنها ذلك؟ لم تكن الأريكة واسعة بما يكفي بحيث شعرت بكل نفس يتنفسه وكل خفقة من قلبه و كل حركة من حركات عضلاته. بللت شفتيها الجافتين بطرف لسانها, وردت قائلة:" الفيلم. هذا صحيح".
-في حال لم تلاحظي, فإن الفيلم على شاشة التلفزيون أمامك.
التوت شفتاها بابتسامة عاجزة. الحمد الله لأنه لا يستطيع أن يرى وقالت:" شكرا".
مد يده وو تناول قبضة أخرى من البوشار ووضع بعضا منه بين شفتيها. اغمضت عينيها و قبلت تصرفه هذا. لم يطعمها رجل بيده قط من قبلو ورغم أنها جفلت من هذه الحميمية إلا أنها تقبلتها.
تعود أحدهما على الآخر شيء. . . اما هذا فشيء آخر. . .
فيلم واحد فقط هو كل ما عليها أن تلتزم به. ساعتان فقط ثم ترسله في طريقه. لكنها قاست أسوأ من ذلك بكثير.
في الواقع, جزء من المشكلة هو أن قربه منها لم يزعجها كما ينبغي أن يفعل. و إذ صممت على أن تتجاهله, ركزت اهتمامها على المسرحية الهزلية الشاعرية التي اختارها, و التي ستستغرق ساعة و تسع و خمسين دقيقة.
مد شايد يده نحوها مرة اخرى ثم سألها:" اتريدين فوطة؟".
حدقت إلى الشاشة وهي تجيب :" لا, شكرا".
-بوشار؟
-أنا باحسن حال.
وارتبكت قليلا لهذه الكذبة, ثم قالت:" هل أنت واثق من أننا لم نعتد على بعضنا البعض ما يمكن أن يقنع. . .".
-من دون شك. . .
ومد ذراعه يقربها منه أكثر:" كيف ترين هذا؟".
تنحنحت:" جيد".
جذبها إليه اكثر:" وهذا ؟ أحسن؟".
شعرت بحريق عند كل نقطة احتكاك بينهما. كيف يمكن لهذا أن يكون أحسن؟ و ترك هذا الاحتكاك بينهما تاثيره على حبالها الصوتية فحاولت النطق ثلاث مرات قبل أن تتمكن من أن تقول:" عظيم".
لن تتحرك مرة أخرى مهما فعل ومهما انزعجت. ستتحمل حتى أنها لن تهتز لشيء.
او هكذا ظنت حتى دقت الساعة الواحدة وبقي من الفيلم نصف ساعة. أراح ذقنه على شعرها ورفع ذراعه عن خصرها, ثم استقرت يده على خدها, فانحبست أنفاسها. عندئذ هبت عن الأريكة واستدارت تواجهه:" ماذا تظن نفسك فاعلا؟".
استوى في جلسته:" أشاهد الفيلم مع عشيقتي. ما الذي تفعلينه؟".
-نحن لسنا عاشقين. لسنا كذلك ولن نكون كذلك أبدا. كيف لك أن تفكر. . .
وسكتت فجأة ثم أغمضت عينيها.
-ليس لك أن تهتمي بما أفكر فيه بل بما سيفكر فيه كل إنسان. سيظنون أننا غريبان عن بعضنا البعض ولا يكاد الواحد منا يطيق الآخر. أرى ان تعودي إلى الأريكة ثم نجرب هذا الامر مرة أخرى.
أحدث صوته الهادئ فيها تاثيرا, فقالت:" لكنك ستلمسني إذا ما عدت".
-هذا صحيح. سافعل ذلك و سأستمر في ذلك حتى تتوقفي عن الإجفال مني.
تمنت لو تراه بشكل واضح, لكن الضوء الخافت جعل ذلك مستحيلا ما ذكرها بأول تعارفهما. كانت عيناه حينذاك حادتين غريبتين تنضحان فوة مدمرة.
-هل تفكر في لمسي بهذا الشكل غدا في الحفلة؟
-فقط إذا ما دعت الحاجة إلى ذلك.
وربت على مكانها الخالي على الأريكة:" تعالي يا تيس و دعينا نشاهد بقية الفيلم".
-أظننا قمنا الليلة بما فيه الكفاية.
-لكننا لم ننجح؛ كل ما فعلناه هو أنك برهنت أننا ما زلنا بعيدين عن النجاح. أتريدين أن ينجح هذا الأمر أم لا؟ الخيار لك.
تبا له! لما هذا الألحاح؟ ولما هذه المشاحنة؟ يمكنهما ان يمثلا بما يكفي حتى تنتهي حفلة الغد. ألا يفهم؟ إنها لا تريد أن يغزو رجل بيتها. إنها لا تريده في مطبخها أو غرفة جلوسها أو مستلقيا على أريكتها. إنها تريد أن تستعيد عزلتها. نظرت إلى ساعة الحائط و كادت تتأوه. ما زال امامها ساعة و عشرون دقيقة. إنها الابدية! ثم عادت إلى الأريكة. . . في المرة القادمة سترتدي قميصا من القطن يسترها من رأسها حتى أصابع قدميها. ولا بد أنه قرأ افكارها إذ قال:" سيظل مظهرك عفوي الاناقة حتى ببنطلون الجينز".
و عادت إلى وضعها السابق. و لسبب ما, لم تشعر بأن ذراعه على خصرها مثلما شعرت من قبل.
-لعلك تريد أن تقول انيقة بشكل عفوي؟
قال وهو يزيح شعرها عن وجنتيها:" المسالة ليست في ما تلبسينه بل في كيف تلبسينه".

جين استين333 22-08-09 12:47 PM

لم تبعد وجهها عنه بل سمحت له بلمسها والاسوأ من ذلك أنها شعرت بلذة في ذلك.
أغمضت عينيها ولم تعد تتظاهر بأن الفيلم يستحوذ على اهتمامها. هل سبق و لمسها روبرت بهذا الشكل؟ لم تعد تتذكر. ووجدت أنه من المحزن الا تتذكر بدقة تفاصيل حياتها مع روبرت. عندما مات ظنت أن تلك التفاصيل ستبقى في ذاكرتها إلى الأبد. لكن الزمن خانها. . . خانهما معا.
وفي الساعة التالية استطاعت أن تتقبل وجود شايد بكل هدوء و اتزان. عندما لم يبق من الوقت سوى دقائق عدة سمعته يتنهد بهدوء.
ادارها لتواجهه. . . وشدها إليه برقة فائقة. أين ذهبت حركاتها الخرقاء السابقة؟ لقد بدت أكثر ارتياحا وهي تخطئ في خطوات الرقص منها الآن وهي تستقر بين ذراعيه و كأنها تنتمي إليهما. فقد بدا لها هذا صوابا إلى حد أفاقها.
أسندها إليه بحنان لم تعرفه منذ وقت طويل, جعلها تشعر ببهجة فائقة.
-تيس. . .
على أحدهما ان يبقى عاقلا, أن يظهر شيئا من الحكمة و ضبط النفس. وبما أن شايد لم يشأ أن يتعقل, فقد وقع العبء عليها وقالت:" لقد انتهى الفيلم, و بالتالي سهرتنا".
-لا يهمني الفيلم مثقال ذرة. ثم أمر واحد يهمني القيام به الآن.
ما كان عليها أن تسأله بل كان عليها أن تترك الأريكة, وانتهاء الفيلم عذر جيد لذلك. لكنها, وبدلا من ذلك , رفعت وجهها إليه:" ما الأمر الذي يهمك؟".
-هذا. . .
وأخذ وجهها بين كفيه يتاملها ثم شدها إليه يعانقها. كان هذا العناق أحسن بكثير من عناقهما في المطبخ وفقد سيطرته على نفسه في لهفته إليها. و كانت هي من اللهفة بحيث لم تتردد كما فعلت من قبل بل بادلته العناق.
و أخذ قلبه يخفق بإلحاح ما دفعه إلى ضمها بقوة أكبر فلم تقاومه.
هل تملك فكرة عن المشاعر التي يثيرها فيه قربها؟ بفترض فيه أن يتحكم بنفسه تحكما عاما. لكن عناق تيس دمر سنوات من الجهد و التدريب.
حاول أن يستدرك وتمتم:" أنت لست لي".
رفعت بصرها إليه وسألت:" ماذا؟".
-ما كان ينبغي أن نفعل هذا.
دفنت وجهها في كتفه وهي ترتجف. وبعد لحظة أدركت أنها تضحك:" الآن ادركت أنه ما كان لنا أن نفعل هذا؟ ظننت ان هذا هو الغرض من تدريبنا".
-يفترض بنا أن نعتاد على بعضنا البعض, وهذا كل ما في الأمر.
وتصاعد التوتر تحت حطام دفاعاتها المنهارة. وسواء ميزت هذه الدلائل أم لاو فقد كانت مستعدة لرجل. . . إنما ليس لأي رجل. . . له هو فقط.
أغمض شايد عينيه. تبا! و كادت تقتله سخرية القدر. لقد عمل طوال الليل لكي يثير فيها هذا النوع من التجاوب. والآن, بعد أن نجح في ذلك, لا يستطيع الإستفادة منه. . . لأنها ليست له. يا له من أحمق! لولم يكن مندفعا بهذا الشكل, لما وصلا إلى هذا الوضع. لكنه فعل ذلك, و تصحيح الخطأ يعود إليه.
-لم تعودي تجفلين الآن.
تظاهرت بالتفكير في الأمر:" هناك سبب لذلك".
-هل لأنك أصبحت تشعرين بالراحة معي؟
-لا أبدا.
-لكنك انجذبت إلي جسديا.
وكان الاثنان يعلمان أن هذه هي الحقيقة.
-هذا ما أخشاه.
و امسكت بمعصميه بينما تابعت تقول:" وما كان لي ان أنجذب لأنك مستخدم عندي و لست عشيقي".
-عشيقك المزيف فقط.
فأومأت:" لقد أثبت وجهة نظرك يا شايد, و أنجزت ما خططت له, ثمة فرصة ممتازة لئلا أجفل عندما تلمسني في المرة القادمة".
-عندما المسك في المرة القادمة قد لا استطيع أن أتركك.
اتسعت عيناها لكن صوتها بقي ثابتا:" ستضطر إلى ذلك لأن علاقتنا علاقة عمل ولا يمكن أن تتعدى ذلك".
أرغم نفسه على ترك الأريكة. لم يستطع ان يتذكر آخر مرة وجد فيها صعوبة في أن يترك امرأة .
كان شعرها الناري يحيط بوجهها بشكل فوضوي تعبيرا عن النار الملتهبة في الداخل. حتى أن عينيها كانتا عيني امرأة استسلمت لمشاعرها و نسيت الواقع المؤلم.
تمالكت نفسها ببطء, وعادت المرأة التي عرفها في البداية. سوت شكلها و شعرها. كان رائعا أن تتحول من امرأة محمومة المشاعر إلى أخرى متزنة للغاية, وذلك في لحظة واحدة, ما يعكس إرادة حديدية. وقفت وواجهته فأحس بأن الحواجز التي ترفعها من حولها أبحت أكثر ضعفا مما تريد أن تعترف و أنه قادر على أن يزيل تلك الحواجز بقليل من الجهد, لكنه لا يريدها بتلك الطريقة.
قال منبها:" سأغازلك مرة أخرى و أنت تدركين هذا, أليس كذلك؟".
-أهلا بك في فترة العمل و بصحبة الآخرين.
-وعندما نكون وحدنا؟
حدقت إلى عينيه من دون أن تطرف:" لن تكون هناك اي ضرورة للمسي , أليس كذلك؟".
-أظن أن ذلك يتوقف على مدى نجاحنا بين الناس.
لم يعد ثمة فائدة من مواصلة الضغط عليها فقد نجح في جعلها تتجاوب معه, فلماذا يمنحها عذرا للانغلاق على ذاتها؟
-متى تريدين أن آتي لأخذك غدا؟
-تبدأ الحفلة الخيرية في السابعة كما أنها ستتضمن عشاء.
-سآتي لآخذك في السادسة والربع.
فترددت ثم قالت:" الحفلة رسمية يا شايد. هل يشكل ذلك مشكلة لك؟".
-ليس بالنسبة إلي.
عليه أن يذهب. ومع ذلك عاد فوقف إلى جانبها ووضع ذراعه حول عنقها ورفع ذقنها بإبهامه:" تصبحين على خير, يا تيس. أعلم مدى صعوبة هذا الامر بالنسبة إليك. و شكرا لمحاولتك".
فعلت بالضبط ماهو خطأ. رفعت وجهها وتحدث عناقها عن كل ما أنكرته, وهمس بكلمات لم تكن لتجرؤ قط على النطق بها. أخبرته بأن تأثيره فيها لا يماثل تأثير أي رجل آخر من قبل. مهما كانت تجربتها صعبة إلا أنها لم تستطع مقاومة جاذبيته. أما هو فأخبرها أنها أجمل امرأة احتضنها. . . و أحلامهن, و أكثرهن جاذبية و تفردا.
و أنهت العناق وهي تتمتم بأسف:" الوداع, يا شايد".
لكنه لم يدعها تفلت بوداعها الذي تضمن نبذا نهائيا له, فقال:" حتى المرة التالية".
حملت كلماته معنى التنبيه, فمهما كلفه الأمر, سيأخذ تيس بين ذراعيه مرة أخرى. . . وقريبا جدا.

^^^^^^^^^^^^^

جين استين333 22-08-09 12:50 PM

تم الفصل الرابع

و الان مع الفصل الخامس

جين استين333 22-08-09 12:53 PM

-لمسات تحيي الألم الماضي

ما إن سمعت تيس صوت بابها الخارجي يغلق خلف شايد حتى جلست على الأريكة ووضعت رأسها بين يديها. ما الذي فعلته؟ لقد سمحت لغريب بأن يتعامل معها بحميمية الحبيب. لم تتقبل عناقه وحسب, بل استمتعت به.
و خطر لها أنها إما استحالت عانسا محبطة وإما ان زمنا طويلا مضى منذ عرفت الرجال.
هذان الاحتمالان لمسا منها وترا حساسا. لقد مضى وقت طويل منذ لمسها رجل, تسع سنوات طويلة موحشة. حتى هذه الليلة لم تشعر قط بالحاجة إلى أي رجل بعد روبرت.
لم يجذبها رجل بنفس القوة التي جذبها بها زوجها الراحل. لكن شايد أثار فيها مشاعر ظنتها ماتت منذ زمن طويل وهذا ما أزعجها. . . كثيرا.
منتديات ليلاس
لم تشأ أن تتملكها هذه المشاعر نحو رجل مرة أخرى. إن فقدها لروبرت كان أسوأ ما حدث لها في حياتها. . . لم تتصور قط أنها ستشفى منه فخصصت طاقتها كلها ووقتها لعلمها. و الآن, وفيما هي توشك أن تكون أصغر نائب مدير في الشركة, لن تعرض هذا للخطر من أجل أي شخص أو أي شيء. وها هو شايد يهدد بتعريض ترقيتها للخطر و ذلك بإلهائها في مثل هذه اللحظة الحاسمة من حياتها المهنية. وفضلا عن هذا . . . ماذا لديه ليقدمه لها؟ بعض اللهو الذب لا معنى له, وهذا كل شيء.
وانتصبت في جلستها ببطء. لم يكن شايد يهمها كرجل, كما أخذت تحدث نفسها بحزم وقد زمت شفتيها بشدة. كلا. إنها غير مهتمة بشخصيته أو بماضيه او بالظروف التي جعلته الرجل الذي هو عليه الآن. اهتمامها به لم يأت من مثل هذا الينبوع النبيل بل من سبب ديوي مختلف تماما هو المشاعر الجسدية التي اثارها فيها.
حسنا, يمكن لهذه المشاعر ان تكبح او تطفأ, على الأقل أثناء مدة عملهما معا. والآن, وبعد أن اتخذت قرارها, ستذهب إلى سريرها, وفي الصباح ستعود إلى التحكم بنفسها مرة أخرى. وأوشكت أن تترك الأريكة ثم ترددت.
عادت فتكورت على ألاريكة من دون أن تفهم ما يحدث لها. ملأت رائحة شايد أنفها فأغمضت عينيها وهي ترتجف. يجب ان تذهب إلى سريرها وتحاول أن تبتعد ما أمكنها عن الصور التي اثارتها الساعات الماضية. لكنها, وبدلا من ذلك عادت فاندست اكثر بين الوسائد التي ما زالت تخزن دفء جسد شايد ثم عادت بالذاكرة الى كل دقيقة أمضتها بين ذراعيه. إذا كانت لا تستطيع أن تحصل على الرجل, فستحصل على الذكريات.
وبين آثاره الباقية, سمحت للنوم بأن يغزوها.
* * *
كان غبيا حقا!
سار شايد في شوارع ستيل, آملا أن تساعده هذه الرياضة على استعادت تحكمه في نفسه. ما الذي كان يفكر فيه؟ يمكنه ان يدعي أنه كان يجعلها تتآلف مع ناحيتها الأنثوية, ويذكرها كيف يفترض أن يتفاعل الرجل و المرأة. لكنها ليست له. . . يفترض به أن يثير فيها مشاعر الحب نحو من اختارته اللجنة, وها هو يحاول أن يمتلك السيدة لونيغان الحلوة.
وهذا يعني أنه يرغب فيها.
أيرغب فيها حقا؟
ورن جرس هاتفه, فأجاب:" شايد".
-أريد آخر المعلومات عن مشروع لونيغان.
عبس. هذا أفضل ما يتوج به نهاره, مخابرة من السيدة التنين:" كيف حالك في هذه الامسية الرائعة؟".
-هذا لا يهم.
ماهذا ؟ إنها مفاجأة. متى كانت الثرثرة في الامور الشخصية تطغى على اهتمامها بالعمل؟
-أعتقد أنني طلبت تقريرا عنها؟
تقرير عن تيس لونيغان؟ . . . إنها أحلى و أنعم امرأة عرفها في حياته. حميمية عناقها أنسته أي افكار أخرى. وتملكه الشك في أن ترضى مخدومته بوصف مشاعره في تقريره وقال:" تيس شبه ناضجة".
-اوضح كلامك.
-لعلها الآن جاهزة للرجل.
-اوضح.
ولم يكن هذا سؤالا بل امرا. و اختار أخوه شيدو هذه اللحظة ليتدخل في الحديث:" هذا لا يبدو شبيها بالمهمة التي اوكلناها إليك, يا أخي. ما الذي يدور في ذهنك؟".
أجفل شايد. ربما كان عليه أن يكون أكثر حذرا في كلامه:" في بداية تعارفنا, كان اهتمامها الوحيد هو بالعمل و ربما تغير هذا".
فاستلمت الرئيسة الكلام مرة أخرى:" كيف تغير؟".
فقال بتذمر وحقد:" يبدو أنها الآن أكثر استعدادا لعلاقة غرامية".
-وكيف عرفت؟
أتراها تمزح؟ فقال:" هيا, بإمكان الرجل أن يعرف".
تدخل شيدو قائلا:" لقد تحدثنا في هذا الموضوع من قبل, وهو أن تيس ليست لك".

جين استين333 22-08-09 12:55 PM

شعر شايد بغضب متعذر تفسيره, فقال صارفا بأسنانه:" ليس عليك أن تكرر هذا القول. أن تخبر رجلا أنه لا يستطيع أن يحصل على شيء معين يزيده تصميما على الحصول عليه".
-إنس هذا, يا أخي. لا يمكنك أن تحصل على تيس لونيغان.
فزمجر شايد يقول:" أتريد آخر المعلومات؟ هذه هي المعلومات. اهتمام السيدة منصب على عملها وهي لا تحتاج الرجل إلا إذا كان سلما للارتقاء في عملها. اظن أنها ما زالت تحب زوجها الراحل وهي تعاني من إحباط جنسي لا يتلاءم مع الزواج. هل أنت سعيد؟".
فقال الأخ:" غدا مساء ستقدمها إلى الرجل الذي اخترناه لها. هل لديك سؤال؟".
-نعم لدي سؤال. . . و سؤال كبير. . . إنها لم تطلب من اللجنة أن تساعدها في العثور على زوج بل في العثور على زوجين لصديقتيها. . . فلماذا تتدخل في حياتها هي؟
-كان أخوها قد وضع اسمها على قائمتنا قبل أن تأتي هي إلى اللجنة. كان قدومها لأجل زوجين لإيما و رين مجرد مصادفة.
يالجهنم! سيشنق سيث! قال:" ولماذا يطلب شقيق تيس هذا لها؟".
فقال شيدو بنعومة:" ألا تظنها تستحق أن تكون سعيدة؟".
-تستحق؟ يبدو لي هذا عقاب لها.
-لأنك تعتبر الزواج عقابا, لا يعني أن كل شخص يوافقك الرأي. يبدو أن تيس هي أيضا لا توافقك الرأي و إلا لما طلبت منا العون لتزويج صديقتيها.
رغم رغبة شايد في الاحتجاج على هذا الاستنتاج المنطقي إلا أنه لم يستطعز ولكن, لماذا يقاوم ما لا مناص منه؟ لقد سبق و ذكره بأن اللجنة لم تخطئ قط كما أنه رآهم يعملون و رأى مدى حسن اختيارهم في الماضي. ومهما كان من اختاروه ليكون زوجا لتيس فهو حتما الأفضل لها.
وسأل أخاه رغما عنه:" لكن من هو ذلك الفارس, على أي حال؟".
ولما استلمت رئيسة شيدو دفة الحديث قالت:" إنها تعرف الرجل, و أنت أيضا. وهذا هو السبب في اختيارك لهذه المهمة. لقد أرسلنا إليك المعلومات الاولية عنه عبر الإنترنت. كل ما عليك أن تفعله هو أن تشجع العلاقة الغرامية بينهما".
-علي أن أعرفهما ببعضهما البعض ثم أدع الطبيعة تفعل فعلها؟
-هذا هو المفروض.
-هذا حسن. سأبدأ غدا. أي سؤال آخر؟
و جاء دور شيدو في انهاء الحديث:" شيء أخير. . . قم بعملك".
لم يعد هناك ما يقال فوضع شايد الهاتف في جيبه ثم أخذ يحملق في الشوارع الخالية. حسنا, سيقوم بعمله, كعادته دوما. لكنه لم يشعر قط من قبل يمثل هذه الكراهية لمشروع زواج بسيط. ربما إذا قابل هذا المرشح للزواج فسيغير رأيه. وربما سيقر بانهما متلائمان تماما. لكنه, ولسبب ما, شكك في هذا. عندما تذكر حركاتها وهي بين ذراعيه, ازدادت شكوكه. إنه مؤمن تماما بان اللجنة مخطئة.
و سيفعل كل ما بإمكانه ليثبت ذلك.
***
وصل شايد في السادسة و الربع. فتحت له تيس الباب فجاهد ليتمالك نفسه. بدت مذهلة بسترتها القصيرة المطرزة بالخرز اللامع التي أبرز لونها بياض بشرتها الناصع وحيوية شعرها و أضفى على لون عينيها ظلا أزرق. وقد رفعت شعرها إلى أعلى و انتعلت حذاء عالي الكعبين, كما لفت نفسها بجو بارد ناء جدير بأن يجعل اميرة الثلج نكرة.
سره أنها مالت إليه مسترخية بين ذراعيه ثم تأوهت. ولم تكن ردة فعلها هذه نتيجة توتر أعصابها بل عن وعي. . . إنه بالضبط ما تتمنى أن يلحظه زملاؤها في العمل. وكأنما أدركت تيس ذلك هي أيضا, فتراجعت خطوة إلى الخلف, رافعة الحواجز بينهما بسرعة بالغة.
تمتم يقول:" لن أخبر أحدا".
فرفعت حاجبها:" لم أفهم".
قال مازحا:" لن أخبر أحدا بأنك أنزلت دفاعاتك عندما لمستك فهذا سرنا الصغير".
تصارع على ملامحها الغيظ و التسلية, وبعد لحظة افتر فمها عن ضحكة:" يا لك من رجل صعب".
-هذا ما قيل لي.
حدقت إليه بإحباط لا تدري كيف تتصرف معه, ثم قالت:" لقد قررت, بعد خروجك الليلة الماضية, ألا أدعك تؤثر في مرة أخرى".
لم يستطع أن يقاوم رغبته في ملامسة عنقها الجميل مرة أخرى:" لا تأسفي لهذا. لقد صبرت ثلاثين ثانية كاملة".
فتلاشت ابتسامة التسلية عن شفتيها و هي تهمس:" بل خمسة. كانت خمس ثوان فقط".
يا لجهنم. . . إنهما في ورطة حقيقية وارتجفت ذقنه وقال:" إذا نحن لم نخرج الآن, فلن نخرج أبدا".
تناولت حقيبة يدها الصغيرة من على منضدة الردهة, و أشارت إلى الباب قائلة بلهجة رسمية:" هل نخرج؟ لا أريد أن نتاخر".
و شايد لا يريد ذلك أيضا. كان مستعجلا ليعثر على زوج المستقبل لتيس و ليدفعهما إلى انشاء علاقة غرامية. . . ومن ثم يخرج من حياتها, و تحصل هي على السعادة إلى نهاية العمر. سيكونان راضيين. هو سيذهب في طريقه, بينما تذهب هي في طريقها. تبعها إلى الخارج وهو عاجز عن أن يبعد نظراته عن حركاتها المغرية. سار بجانبها وهو يطوقها بذراعه. نعم. سيذهب في طريقه. . . في النهاية.
قاما بالرحلة إلى قلب المدينة صامتين. وعدا عن نظرة سريعة متأملة لم تعلق تيس كما التزم هو أيضا الصمت. فقد تملكه الشك في قدرته على الكذب عليها إذا ما سألته عن قدرته على تسوية اموره بالراتب الذي سيستلمه من وكالة الوظائف المؤقتة. فلسوء الحظ, ستطرح مزيدا من الأسئلة التي لا يريد الإجابة عليها. كيف يمكنه أن يشرح لها أنه يمضي معظم أيامه في ادارة الثروة التي كسبها من سوق الأسهم اثناء عدم انشغاله بعمل المحرض؟.
و لسبب ما, تملكه الشك في أن يمر هذا الأمر بسهولة.
وصلا إلى الحفلة الخيرية المقامة من أجل مرضى السرطان مبكرين فاغتنمت الفرصة لتقدمه إلى زملائها في العمل و إلى رئيسها آل بورتمان, وهو رجل بدين بشوش دو عينين ذكيتين داهيتين. وخشي شايد أن إقناع هذا الرجل بحميمية علاقتهما يتطلب الكثير. و بعد أن قاما بجولة, ابتدأ الرقص, فطوق شايد خصر تيس بذراعه وسار بها إلى الحلبة.
همس في ذهنها:" حان الوقت لنبدأ العرض".
تملكه الارتياح عندما لم تبتعد عنه بل تقبلت عناقا خفيفا. اشتد عناقه ولامست يده ظهرها برقة فاندست به و كأنه حبيبها حقا, على الأقل وهما في طريقهما إلى الرقص. وعندما رقصا خطوات عدة رفعت بصرها إليه وما إن التقت نظراتهما حتى تعثرت.
رد فعلها تجاه هذه الغلطة لم يكن جيدا فقد جمدت مكانها و بدا الحذر في عينيها:" لا أدري إن كنت أحسن هذه الرقصة".
قال مشجعا وهو يلتزم بالخطوات التمهيدية:" طبعا يمكنك ذلك".
همست له بذعر:" أرجوك يا شايد قلت لك إنني لا أريد أن أرقص معك مرة أخرى".
-أتذكر هذا كما أنني أنذرتك بأننا سنجرب هذا مرة واحدة.
-من فضلك, في هذه الحالة, أن نترك حلبة الرقص و إلا أفسدت كل شيء.

جين استين333 22-08-09 12:58 PM

-استرخي يا حبيبتي. لن تفسدي شيئا بل سنرقص كما رقصنا الليلة الماضية تماما.
داست داست على إصبع قدمه كما فعلت الليلة الماضية. وتمنى أن تكون قد نسيت هذه الحوادث بالذات, لكن يبدو أنها لم تنس إذ بللت شفتيها وقد بدا الياس عينيها:" أرأيت؟ الأمر غير ناجح. علينا أن نغير الخطة. سوف. . . سوف أتظاهر بأنني أصبت بالتواء في كاحلي. يمكنك أن تساعدني في مغادرة الحلبة, ومن ثم لن نحتاج إلى الرقص بقية الحفلة".
-اهدئي يا تيس.
إذا لم يستطع ان يقنعها بتأدية دورها بطريقة مقنعة اثناء رقصتهما الأولى فكل ما تدربا عليه سيذهب سدى. امرها قائلا:" أغمضي عينيك".
-ماذا؟
-أغمضي عينيك. افعلي هذا الآن.
أصدر أوامره هذه بصوت خافت أجش, عالما بأنها الطريقة الوحيدة التي تجعلها تطيعه.
خففت بأهدابها وهي تهمس بجمود:" ماذا بعد ذلك؟".
-اصغي إلى صوتي. تخيلي أنني أتحرك معك في ردهة بيتك و أننا وحدنا.
اغفلت خطوة ثم ما لبثت خطواتها أن انسجمت مع خطواته بسحر ساحر:" هذا حسن. استمري في التركيز علي فقط, فأنا لن أخذلك أو اهجرك, و ساقوم بكل ما استطيع لأساعدك على الحصول على هذه الترقية. ثقي بي, يا تيس".
كانت ضحكتها ترتجف وهي تقول:" إن كلامك معسول مع النساء".
-هذا ليس كلاما معسولا, بل أنا صادق جدا.
-ليتني أستطيع أن أصدقك.
-تستطيعين ذلك. لا أفهمك يا تيس. إنك امرأة قوية, حازمة مركزة, فكيف تهزك رقصة واحدة بهذا الشكل؟
كان يريد بهذا الكلام أن يشتت أفكارها عما يقومان به.
-إنه ذنبك أنت.
-ذنبي؟ كيف؟
هذا جميل إذ حل الغيظ محل الخجل الآن. ربما إذا بقيت كذلك فستستمر في الرقص كالملاك.
فتحت عينا واحدة تأملته بها:" إنه استنتاج منطقي تماما. فأنا لا أعاني من هذه المشكلة مع أي شخص ىخر, لذا لا بد أنه ذنبك".
-فهمت. كل الرجال الذين رقصوا معك قبلي كانوا مخنثين بحيث يسلمونك القيادة.
-ليس هذا ما عنيته.
فشدها إليه بحذر:" أراهن على أنهم لم يحضنوك بهذا الشكل, حتى ولا للعرض أمام الناس".
ارتجفت وهي تطوق عنقه بذراعيها:" هل أنت واثق من أن هذا للعرض فقط؟".
دفن ابتسامته في قمة رأسها.
أخيرا, عاد ذلك التكاسل الذي شعرا به في الردهة, وحركاتهما التي تماثل بحميمينها حركات العشاق.
-من الأفضل أن يكون الأمر كذلك, لأجلنا, نحن الإثنين.
فتحت عينيها ثم نظرت إليه بجد:" إذن, فأنت توافق على عرضي الأساسي".
-الحدود المهنية, نعم. هذا صحيح, أيتها السيدة.
أخذت تشعث شعره ببطء وسألت:" هل تراني أمثل دوري جيدا؟".
تراجع قليلا ليتمكن من أن يتاملها جيدا؟ وقد بدت التسلية في عينيه:" هل هذا ما تفعلينه؟ تمثلين؟".
لاحظ شيئا ما في تلك الابتسامة على ملامح هذه الحمراء الشعر, الزرقاء العينين وقالت:" وماذا يمكن أن يكون غير ذلك؟".
فقال وهو يسوي خصلة من شعرها فيما هما يدوران في باحة الرقص:" لا أدري. لعله حقيقي؟".
اتسعت ابتسامتها:" هذا مستحيل. قلت إن علينا أن نبدو مقنعين للآخرين, هذه الليلة. وقلت لي أيضا الليلة الماضية إننا سنجري تجربة واحدة, غريب ما يفعله حافز صغير للمرأة".
-إنك تقومين بعمل ممتاز في محاولة إقناع زملائك في العمل بأننا جادانو إذ لم يرفعوا أعينهم عنا منذ دخلنا حلبة الرقص.
-هل يبدو عليهم أنهم انخدعوا بتمثيلنا؟
-أنا نفسي انخدعت به يا حبيبتي فلماذا لا ينخدعون؟
خاب أمله حين انزلت يديها عن شعره ووضعتهما على كتفيه:" لا تبالغ يا شايد, و إلا توترت أعصابي. و أنت تعلم ما يحدث حين تتوتر أعصابي".
-أتعنين أني إذا بالغت في احتضانك, بهذا الشكل, مثلا. . .
وشدها إليه:" ماذا سيحدث إذا أنا فعلت هذا".
شعر برضا بالغ وهو يرى أنها ترددت قبل ان تجد الجواب:" قد يتملكني شيء من الاحتفال و الانفعال".
فتظاهر بالتفكير:" أحقا؟ لا نريد أن يحدث هذا".
هزت رأسها فانفلتت خصلتان من شعرها, واستقرتا على خديها كنار متوجهة على بشرتها الناصعة.

جين استين333 22-08-09 01:01 PM

-لا. لا نريد ذلك.
ضحك بصوت خافت لهذه الكذبة الوقحة:" أظن أن هذا لا يترك لنا سوى الرقص البسيط الساذج".
نظرت إليه من تحت أهدابها:" هذا صحيح لكن ثمة مشكلة صغيرة أمامنا".
-وما هي؟
-ما من شيء بسيط أو ساذج, أو قديم الطراز في طريقتك في الرقص.
فقال بابتسامة عريضة:" هذا ما أرجوه".
شدها إليه و أخذ يدور بها في الحلبة, مستمتعا بالحركات الجريئة. تملكه شعور لا يوصف, شعور بالدفء و الحياة و الرضى. اما هي فبدت أكثر من راضية, ما تسبب بمشكلة واضحة.
يمكنه أن يخترع كل أعذار العالم ليعيد إليها اهتمامها بالرجال. لكن الحقيقة البسيطة تكمن في أنه يريدها. . .
هذه المرأة لم تخلق له.
جاءت هذه الكلمات من مكان ما, خرجت من التزامه بموعده لأخيه. إنه, في مكان ما في هذه الحفلة, سيعثر على الرجل الذي اختارته اللجنة لتيس. الرجل الكامل الذي سيمنح المرأة التي بين ذراعيه السعادة حتى نهاية حياتها. عندئذ, ستبدأ مهمته الحقيقية. سيتوجب عليه أن يجد طرقا ليدفعهما إلى إقامة علاقة عاطفية, يغض النظر عما تريده هي, أو هو.
وتوترت شفتاه فاشتدت قبضة تيس على كتفه:" ماذا حدث يا شايد؟".
سار بها ليقف في آخر باحة الرقص:" عفوا؟".
-يبدو و كأن أفكارك بعيدة آلاف الاميال.
عليه أن يتركها الآن ما داما قد توقفا عن الرقص لكن ذراعيه اشتدتا حولها, متجاهلا أي رادع عقلاني:" كنت تائها في أفكاري".
مالت بين ذراعيه وقالت:" أفهم من ملامحك أنها أفكار غير سارة. أتريد أن تشركني في أي منها؟".
-إنه إلتزام أفضل أن أتجنبه.
فأومأت بتفهم كامل:" أعرف الكثير عن الالتزامات لاسيما غير السارة منها. هل يتعلق الأمر بهذه الوظيفة؟".
وقبل أن يجيب, اقترب منهما آل بورتمان وقال بابتسامة عريضة:" المعذرة لمقاطعتي لكما. إننا على وشك التوجه إلى مائدة العشاء. بعدئذ, سأقدمك يا تيس إلى رجل عنيد"!
فأجابت:" أنا متشوقة إلى ذلك".
شيء ما في لهجتها أنبأ بأنها تكذب. و نظرا لرغبتها في الحصول على الترقية, لم يستطع إلا أن يعجب لنفورها هذا. و عندما اتجها إلى غرفة الطعام سألها بهدوء:" هل من خطب ما؟".
-أظنني أعرف من اختاره آل لي.
-إذا؟
-إذا كان ظني في مكانه, فلن أحصل على هذه الترقية.
-لماذا؟
-فلنقل فقط أن ثمة تعقيدات شخصية تتداخل مع طلب التبرع.
-تعقيدات شخصية, كما في. . . العلاقات العاطفية؟
-أنت ماهر جدا.
-هذا صحيح.
كما أنه ماهر في القراءة ما بين السطور. لعل هذا الرجل العنيد سيتبرع بعطاء سخي لجمعيتهم الخيرية على أن يحصل على عطاء سخي مماثل من ناحية تيس فاختارت أن تستخدم رجلا يلعب دور العشيق لكي تمنعه من عرض حبه عليها.
جاهد شايد ليبقي صوته متزنا لكنه لم ينجح, فقد ازداد خشونة وهو يقول:" و الآن, كيف يمكنني أن أساعدك؟".
لم يقل لها إنه يرغب في أن يضرب ذلك اللعين, فقد تحاول أن تقنعه بألا يفعل.
نظرت إليه وتمتمت تقول:" إبق بجانبي".
-هل هذا الرجل هو من استخدمتني بسببه؟
-نعم.
-و يفترض أن أظهر ارتباطنا عاطفيا ليرفع يده اللعينة عنك عندما تقتربين منه طالبة التبرع. أليس كذلك؟
لم تنظر إليه, لكن ما ارتسم على ملامحها أعطاه الجواب الشافي. عندما ينفرد بها سيسألها عن اسم ذلك الرجل و كيف عبر عن اهتمامه بها بالضبط. وصمم شايد على أن يقتفي أثر ذلك الرجل ليشرح له أنه من الأفضل له ألا يقترب منها مرة أخرى إلا إذا أراد أن يخسر عددا من أسنانه.
وهز رأسه باشمئزاز. يمكنه أيضا أن يسدد إلى وجهه بضع لكمات. وخطر له احتمال آخر, وهو أن هذا الرجل هو نفسه الذي اختارته اللجنة. وارتمت على وجهه ابتسامة عريضة. آه, نعم. . . و اعجبته الفكرة.
لسوء الحظ, صحة هذا التخمين هي واحد في المليون فشايد يعرف الرجل المختار لتيس. لكن غرايسن شو ليس من اولئك الرجال الذين يتصرفون بحقارة, لكن. . . لعل غراي تحول منذ آخر مرة التقيا فيها, أي منذ أسبوع, إلى رجل أحمق!
إذا ثبت أن هذه الفكرة الحمقاء صحيحة. فيسره جدا أن يكلم غراي قبل أن يضع نهاية لأول قرار خاطئ تتخذه اللجنة. كما قد يفرك أنف شيدو لغلطته هذه, وذلك بشكل أخوي ودود. . . ثم . . . و نظر إلى المرأة التي بجانبه.
وتصبح تيس له.

^^^^^^^^^^^^

جين استين333 22-08-09 01:03 PM

تم الفصل الخامس

و إذا لقيت ردود كثيرة احطلكم الفصل السادس ^______^

ورمضان مبارك

ملعوزة الشلة 22-08-09 01:09 PM

رمضان كريم


حطي خيتوووو


نتريا التكمله


م.ع

جين استين333 22-08-09 02:09 PM

ان شاء الله ما أتاخر عليكم

جين استين333 23-08-09 01:38 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


والآن مع الفصل السادس من الرواية

ro0ro0-cute 23-08-09 01:46 PM

موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

جين استين333 23-08-09 05:22 PM

6-خطوبة مزيفة

لم تكن أديليد سميث على مائدة العشاء ولم تعرف تيس ما إذا كات عليها أن تشعر بالراحة أم الغيظ. لماذا تكبدت مشقة استخدام شايد إذن؟ كانت غايتها منع أي مشروع زواج في المستقبل.الأمر الإيجابي الذي قد ينتج عن غياب أديليد هو عدم اضطرارها للتعامل معها أو مع ابنها المادي.
منتديات ليلاس
بعد العشاء, أخذت تيس تدور بين الزبائن و المتبرعين, وتراقب الباب متوقعة دخول أديليد و منتظرة من آل بورتمان أن يطلعها على هوية المتبرع العنيد الذي اختاره لها. وأخيرا, وجدت نفسها قرب غرايسن شو الذي ظهر اسمه على قائمة المتبرعين تحت اسم سميث مباشرة.
دهشت عندما مد شايد يده له مصافحا:" كيف الحال, يا غرايسن؟".
-ليس سيئا, وأنت؟
-لا بأس.
نقلت نظراتها بينهما وسألت:" اتعرفان بعضكما بعضا؟".
تردد غرايسن لحظة:" نعم".
فالتفتت إلى شايد:" أنت تعرف الأشخاص المهمين".
ابتسم متهكما:" مهمون؟ لا تدعي غرايسن يخدعك, يمكنه أن يكون بليدا للغاية عندما يبحث في مسائل العمل".
تقبل غرايسن هذا التعليق من دون احتجاج قائلا:" هذا صحيح ما دمت متهما".
تملكها الشك في ذلك إذ أحاط بالرجل جو من الثقة و الحنكة أنبأها بأنه لا يسبب الضجر لامرأة قط. وإذا كانت صادقة مع نفسها فعليها أن تعترف بأنها شعرت بمودة نحو غرايسن. لطالما وجدته وسيما, أنيقا ولم تغير السنون نظرتها إليه و ذلك منذ عرفته لأول مرة. قد يصفه البعض بالتزمت لأنه يبدو متحفظا للغاية, لكن روح الفكاهة التي رأتها في نظراته الهادئة و طريقة تعامله مع الناس, أنبأها بانه يراعي مشاعر من حوله, حتى و إن كان معتادا على تحمل المسؤولية. او لعل محبتها له ناتجة عن كونه يذكرها بروبرت.
قال شايد وفي عينيه نظرة غريبة. . . عنيفة متحدية جعلت تيس تنظر إليه بحذر:" أخبرني يا غرايسن, عندما يقترب منك الناس في حفلة كهذه ليطلبوا منك التبرع لأعمال خيرية, فهل تمزج العمل باللهو؟".
تنفست تيس بعنف. آه, لا. لقد أخطأ تماما في فهم ما قالته. فتحت فمها لتقول شيءا ينقذ الوضع ولكن لم يصدر عنها سوى صوت مختنق. وهزت رأسها بذعر.
رفع غرايسن حاجبه:" كرر ما قلته".
-أنت تفهم ما أعني. . . خدمة بخدمة.
صدر عن تيس صوت آخر مخنوق فيما سأله غرايسن بلطف:" هل تعرض علي مشروعا, يا صديقي؟".
فاجاب شايد مكشرا:"لا! لا! أعني مع امرأة , كما تعلم جيدا".
بدت شرارة غضب في عيني غرايسن, إلى أن نظر إلى تيس التي شعرت بوجهها يتوهج. راهنت على أن ذعرها يوازي ذعر غزال أحاط به الصيادون. وسرعان ما تحول الغيظ عي عينيه إلى تسلية:" خدمة مقابل خدمة؟ أتظن ذلك ينجح؟".
وتظاهر بأنه يفكر في الإحتمالات:" أعترف بأنني لم أفكر قط في استعمال هذه الطريقة في العمل".
بدا على شايد خيبة الأمل:" هل أنت واثق؟ أبدا؟ ولا حتى فك ربطة عنق؟ أو حتى غمزة عين؟ ابتسامة؟ لا شيء يحتمل التأويل؟".
إلتفت غرايسن إلى تيس:" ما رأيك؟ هل كنت أرسل إشارات من دون وعي مني؟ أو أخلع ثيابي من دون إدراك؟ أو حتى نظرة ماكرة؟ أتذكر أنني كنت أبتسم في المناسبات. لكنني لا أتذكر أنني غمزت مرة إلا اذا اختلج جفني دون وعي مني".
فقالت وهي تلتفت إلى شايد تحملق فيه:" لا, يا سيد شو. أنت لم تفعل أيا من هذا. . . أو أي شيء غير مناسب أثناء لقاءاتنا النادرة".
لم يعبأ شايد بإخفاء خيبة أمله وهو يقول:" أواثقة أنت؟".
-تماما.
وعزفت الموسيقى مرة أخرى فمدت تيس يدها إلى غرايسن:" أشعر, فجأة, بحاجة ماسة إلى الرقص".
وتملكها الارتياح عندما فهم الإشارة:" إذا وعدتك بألا أمزج العمل مع اللهو, فهل تأتين معي؟".
-شكرا, يسرني هذا.
رمقت شايد بنظرة سخط من فوق كتف غرايسن فأدهشها أن تراه غير راض عن تصرفها. حركت شفتيها قائلة من دون صوت:" إنتبه إلى تصرفاتك, إنه أحد الرجال العنيدين".
وبعد دقيقة أو اثنتين من الرقص بصمت, اكتشفت أن الارتباك الذي شعرت به مع شايد حين رقصا معا لأول مرة لم تشعر به مع غرايسن, فقد تلاءمت خطواتهما تماما وانسجمت غريزيا. لم تجفل أو تتعثر ولو لمرة واحدة, كما لم تتسارع خفقات قلبها. ولعل هذا من حسن حظها لاسيما بعد الحديث الذي دار بين الرجلين.
-وماذا كان ذلك العرض؟

جين استين333 23-08-09 05:25 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ro0ro0-cute (المشاركة 2037658)
موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .



شكرا لكي عزيزتي

:8_4_134::8_4_134:

جين استين333 23-08-09 05:27 PM

تحركت أصابعها من رقبته إلى شعره فكاد يتاوه:" وعدتني بأن تبقى علاقتنا ضمن حدودها المهنية, هل نسيت؟".
-هل وجدت طريقة لإحلال السلام العالمي؟
طرفت بعينيها و نظرت إلى غرايسن باضطرات:" لم افهم؟".
-تبدين ضائعة في أفكارك, فحاولت تحطيم الثلج ويبدو أنني فشلت بشكل محزن.
ولمعت دعابة في عينيه, فقالت:"آسفة يا غرايسن كنت أفكر في . . . أفكر في . . . ".
ماهذا؟ غنها تشعر بوجهها يتوهج مرة أخرى. وحاول هو أن يزيل ارتباكها بابتسامة ساحرة:" لا تقلقي بالنسبة إلى شايد, فنحن صديقان قديمان. فهمت أنك واجهت مشكلة مع شخص حاول أن يمزج العمل باللهو؟".
فأومأت:" الامر سخيف للغاية. إنها مجرد محاولة تزويج صغيرة خرجت عن السيطرة, اخطأ شايد في فهم الوضع كليا".
-هذه مفاجأة فهو عادة أكثر فطنة.
ونظر إليها متاملا لحظة قبل ان يغير الموضوع ما جعلها تشعر بالارتياح:" أعتقد أن لدينا صديقة مشتركة. إيما بالمر؟".
-كنا أنا وهي زميلتين في الكلية. إننا صديقتان منذ وقت طويل.
-أنا و إيما نعرف بعضنا منذ سنوات لا تريد هي أن تعترف بعددها. لقد احدثت أنا الاتصال بينكما منذ اسبوعين حين رأيت صورة لكما جالستين على سياج مع فتاة سوداء الشعر.
-لا بد أنها رين فيدرستون. وقد أخذت الصورة في مزرعتهم في تكساس في الصيف الذي تخرجنا فيه, هي و إيما, من الكلية معا. كل منا لديها نسخة من تلك الصورة.
وابتسمت تيس لذكرى تلك الأيام الخوالي:" لم أزر سان فرانسيسكو منذ أشهر. كيف حال إيما؟".
-عنيدة.
صمتت تيس لحظة لتستوعب كلامه:" لم أسمع قط هذه الكلمة في وصفها, لكنني أظن أنها تناسبها. لطالما كانت ذات شخصية مستقلة".
-تعنين أنها تتصرف دوما كما تريد من دون اعتبار لتأثير تصرفاتها في من حولها؟
فقالت تيس ضاحكة:"أراك تعرفها جيدا".
-جيد جدا. أنا أعرفها منذ كانت بحجم البعوضة وتلف بالقماط. وكما أتذكر كانت تنزلق من قماطها في كل فرصة تسنح لها.
-إنها تبدو حلوة بريئة, ومع ذلك هي أكثرنا عنادا.
-لقد تعلمت من خبرة مؤلمة أن إيما بالمر تفوق بعنادها عناد قطيع من الحمير.
قالت تيس بابتسامة عريضة:" هذه هي إيما العزيزة".
سار شايد في جوانب القاعة وهو يحملق فيها, لكنها لم تلاحظ ذلك. يا إلهي! لقد تحولت السيدة (لا تلمسني ) إلى محط الأقاويل. ليس أنها انسجمت مع غرايسن بشكل بالغ أثار الهمس والتعليق بل لأنها بدت طبيعية ومسترخية للغاية. تبا! حتى أنها راحت تضحك. وتوتر فكه فهي لم تضحك عندما رقصت معه.
اخذ غرايسن يراقصها في دائرة و كانت الخطوات أكثر تعقيدا من أي خطوات رآها شايد تؤديها.
كانت تتبع خطواته بسهولة من دون أن تحاول مرة ان تتولى القيادة, او أن تبقي مراقصها على مسافة منها وتلتصق به بلهفة بالغة جعلت شايد يصرف بأسنانه. هل هذا هو؟ هل هذا هو الرجل الذي رآه أخوه مناسبا تماما ليكون زوجا لتيس؟ السيد المحنك المهذب يتلاءم مع تيس الباردة العملية الجادة؟
زفر بصمت و أثار حقده أن اخاه قد يكون على صواب, وأنهما متلائمان تماما.
لماذا لا يكون غرايسن هو الرجل الذي حاولت تيس أن تتجنبه؟ بإمكانه أن يخبر اللجنة بأن تقوم بخطوة سريعة و أن يخبر غرايسن بأن يتخذ خطوة سريعة, هو أيضا. وربما. . . فقط ربما سيتمكن من أن يخرج من هذا الوضع كله من دون أن يبدو مغفلا تماما.
انتهت الرقصة و اقترب غرايسن و تيس. و أرغم شايد فمه على الابتسام, لكن هذا لم يخدع تيس, وبعد دقيقة من الحديث المتكلف, استأذن غرايسن بابتسامة ذات معنى. وما إن أصبح بعيدا عن مرمى السمع, حتى استدارت تيس إلى شايد وقد امتلأت غضبا, و سألته:" ما هذا؟ هل من خطب ما؟".
فلجأ إلى أسهل جواب. . . وهو الكذب:" لا, أبدا".
-لا تقل لي هذا. إنك تتصرف كبعض الرجال و أريد أن أعرف السبب.
هذا حسن. كان متعطشا إلى المشاجرة, و لك يشا غرايسن أن يتكرم عليه بها. إنما يبدو أنه سيحصل الآن على مبتغاه ومن مصدر ممتع للغاية. و سألها:" وما هو الشيء الذي يفعله بعض الرجال؟".
-أنت تعلم.
ولوحت بيدها في الهواء و كأن ذلك سيجعله يفهم بسرعة.
-جرأة البعض على التدخل في شؤوني الخاصة ما يجعلني أزأر و ازمجر كأسد محروم. هل ذلك لأنك جعلت من نفسك معتوها كليا مع غرايسن؟.
-أنا لم أجعل من نفسي معتوها معه, و إنما جعلت من نفسي معتوها نوعا ما.
-حاول إقناع نفسك بهذا إذا كان يجعلك تشعر بتحسن. إذا لم يكن تغير حالك هذا بسبب حديثك مع غرايسن, فلا بد أنه بسبب رقصي معه.

جين استين333 23-08-09 05:29 PM

-لا تكوني سخيفة. لماذا يزعجني ذلك؟
ربما لو لم تشبك ذراعيها على صدرها وتحملق فيه غير مصدقة وبشكل يخلو من الذوق, لما انتهى الأمر إلى إثبات أنه معتوه, حسب إدعائها.
-أنت لم تجفلي.
-لم أفهم؟
و لأول مرة يتبخر تمالكه لنفسه:" لماذا تفعل النساء هذا دوما؟ يتظاهرون بعدم الفهم بينما هن يفهمن و إلى حد لعين, ما يقوله الرجال؟ إنكن تدفعننا إلى قول أشياء مثيرة لنعبر عن أنفسنا فسينتهي بنا الامر إلى الظهور بمظهر الحمقى".
لوت شفتيها:" هذا ينجح, أليس كذلك؟".
فتملكه الغضب:" حسنا, لن أنخدع. لم تجفلي حين كنت ترقصين مع غرايسن, وتعلمين جيدا ما أعنيه".
-وهل أردتني أن أجفل؟
فتوتر ذقنه:" هذا ما فعلته معي. لم تجفلي فقط بل اضطربت و تعثرت أيضا, و كدت لا تكملين الرقصة فما معنى كل هذا؟".
-اظن ان هذا يعني أنني غير منجذبة إلى غرايسن شو.
اوشك أن يقول شيئا, ثم عاد فسكت إذ لم يجد سوى جواب واحد على ذلك. امسك بذراعها وجرها بسرعة مبتعدا بها عن حلبة الرقص حتى لم يعودا على مرأى من الناس, حيث أمسك بها يحتضنها و يعانقها. تجاوبت معه بشوق. أين ذهب ذلك التردد, و أين هو الارتباك؟ لن يكونا لبعضهما البعض ومع ذلك شعر بأن هذا العناق صواب تماما.
كيف يمكن لأمر رائع كهذا أن يكون خطأ؟.
رغبته التي دفعته إلى معانقتها الليلة الماضية تحولت الآن إلى قوة مذهلة. كان عمق مشاعرها واضحا إذ لم تحاول أن تكبحها أو تخفيها. يا لها من امرأة مليئة بالمتناقضات!
لقد كشف توترها مشاعرها التي بدت له مزيجا متفجرا من الجذب و الصد, اللين و التصلب.
-يت سيدة لونيغان.
قاطعهما هذا النداء فالتفت شايد بسرعة مخفيا تيس عن الأنظار بكتفيه العريضتين. كان آل بورتمان يقف على بعد خطوات منهما, عاقدا حاجبيه باستياء.
قال شايد:" ىسف. لم ندرك أن ثمة شخص قريب".
فقال الرجل بجفاء:" هذا واضح. ومع ذلك لا أظن أن هذا المكان مناسب لتصرفات كهذه".
عليه أن يتصرف على الفور. و لم يخطر في باله سوى حل واحد, حل يضمن تصحيح هذا الوضع.
لكن لسوؤ الحظ, كان يضمن إثارة تيس وشيدو, وإن كان هذا لا يعني أنه يهتم برد فعل أخيه. إذا لم يصلح الضرر الذي ألحقه بوظيفة تيس, فلن يصفح عن نفسه أبدا.
أجاب:" أنت محق. كان يجب أن أنتظر إلى ما بعد انتهاء الحفلة الخيرية لأعرض عليها الزواج. الذنب كله ذنبي أنا".
صدمته لكمة على ظهره استوعبها بسخرية خفيفة, وسمعها تقول بصوت خافت:" كيف يمكنك أن تقول هذا؟".
طوق شايد كتفيها بذراعه و دفعها إلى الامام, متمنية لو أنه منحها فرصة أكبر لتتمالك نفسها.
ورغم أنها تحلت بالهدوء, إلا أن وجهها بدا متوجها بتاثير المشاعر المحمومة. ونظرا لأهمية هذه الحفلة الخيرية و تأثيرها في وظيفتها, فإن الإساءة إلى مشاعر رئيسها ليست أفضل طريقة لبدء السهرة.
كرر بورتمان:" عرض زواج؟".
فقال شايد:" أكرر مرة أخرى أنه كان علي أن أنتظر وقتا أكثر ملاءمة".
فقال بورتمان بابتسامة عريضة:"لا, أبدا تهاني القلبية يا تيس. لا أستطيع أن أعبر عن مدى سروري لأجلك, فأنا أعرف مدى صعوبة حياتك منذ موت روبرت".
فتمتمت:" شكرا".
-والآن و بعد ان فهمت ما رأيته, آسف لمقاطعتي لكما. كما تعلمان, كنت قد صممت على أن اختارك للمهمة الصعبة الليلة. لكن ما رأيكما لو انتظرنا إلى وقت أنسب".
تقدمت تيس مبتعدة عن ذراع شايد:" هذا الوقت مناسب كأي وقت آخر".
واوما شايد قائلا:" لا مانع لدينا أبدا".
فتردد بورتمان:" إذا كنتما متاكدين فيسرني أن أعطيكما الأسماء التي اخترتها".
أجفلت:" هل ستعطيني أكثر من اسم صعب واحد؟".
فاجاب بسرعة:" عليك أن تكسبي اسما واحدا. كنت قد اخترت شخصا واحدا وهو ديك سميث, لأرى ما يمكنك أن تنجزيه".
تملك تيس التوتر:" هذا ما افترضته. ما الذي غير رأيك؟".
حاولت أن تبقي صوتها هادئا ما خدع بورتمان, لكن أحس بذعرها الكامن. تأبطت ذراعه ما يعتبر سابقة إذ لم تكن البادئة بالاحتكاك به من قبل. و تساءل عما إذا كانت تدرك ما فعلت و تملكه الشك في ذلك. هذا يعني أن مخدومها قال شيئا هزها, و اشتبه بأن الأمر يتعلق بديك سميث. لكن لا يمكن أن يكون الرجل الذي يقلقها. الامر يزداد تعقيدا كل دقيقة. وقال رئيسها:" بعد مزيد من التفكير, بدا لي أن ثمة طريقة أفضل, وهي أن أضيف اسم شو إلى القائمة. يبدو أنط تصادقت معه الليلة, وهذا يمنحك دفعة خفيفة إلى الامام. اعتبري هذا هدية الخطبة لك, اما بالنسبة للثالث الذي اخترته فهو. . . ما رأيك بـ والت مور؟".

جين استين333 23-08-09 05:31 PM

فأجابت:" هذا حسن جدا. شكرا. سأبذل جهدي في تحويل أحدهم إلى متبرع فعال".
-أنا واثق من ذلك. أظن أن هذا سيكون امتحانا ممتازا لقدراتك.
ومد بورتمان يده إلى شايد:" تهاني, فقد اخترت امرأة ممتازة. إننا جميعا مولعون بتيس".
صافحه شايد قائلا:" أظنك تعلم أن تيس تتخذ قراراتها بنفسها, و أنا محظوظ لأني أحد تلك الخيارات".
فقال بورتمان ضاحكا:" أنت على صواب في هذا. عن إذنك لأن علي أن أعود إلى الحفلة. أتصور أن لا مانع لديك إذا ما أعلنت هذه البشارة".
حاول شايد ألا يجفل عندما عرزت تيس أظافرها في ذراعه وهي تجيب عنه بابتسامة مشرقة تغطي بها كذبتها:" لا, أبدا في الواقع. ألامر غير متوفع فقط, وخطر لي أن هذه الليلة مرتبطة بالعمل فقط, لذا أكره أن أدع أموري الشخصية تتدخل في ذلك".
لم يفهم بورتمان الإشارة فقال وهو يفرك يديه ببعضهما البعض:" على العكس, أتوقع أن يدفع ذلك الكل إلى الشعور بالكرم و الرغبة في العطاء. يمكننا أن نتوقع ذلك بكل تاكيد".
وعندما تركهما, استدارت تيس لتواجه شايد.
ما كان عليها أن تستخدمه قط. ما الذي تفكر فيه؟
ربما هذا جزء من المشكلة, لأنها لم تعد تفكر بل تنجرف بالقوة بفعل مشاعرها غير المنضبطة. حسنا, لقد انتهى الامر. كل انجذاب شعرت به نحوه انتهى الآن . . . هنا.
كل ما عليها أن تقوم به هو أن تفكر في كيفية حصول ذلك.
سألته:" هل فقدت عقلك؟".
-لقد عرفت ذلك للتو.
ودس يديه في شعره يشعثه ما جعله يبدو جذابا. و هذا لا يعني أنه لفت انتباهها, لا.
لقد توقفت عن ملاحظة مثل هذه الأمور منذ ثانيتين بالضبط. وتابع هو قائلا:" لماذا لم أدهش؟ لقد أنقذتك من كارثة فأذقتني الجحيم. دعيني أخمن. أنت لا توافقين على الطريقة التي عالجت فيها الوضع".
كيف يمكنه أن يفكر بشيء غير هذا؟ و أجابت"طبعا لا أوافق على هذا الوضع الذي خلقته".
-هل كنت تفضلين أن يستاء رئيسك من معانقتك لي أثناء العمل؟.
ألا يفهم هذا الرجل؟
-الموضوع يتعلق بي انا وليس بك. إنها وظيفتي المعرضة للخطر و ليس وظيفتك.
-هذا صحيح ولكنني أشك في أن ينجح معه أي توضيح آخر. لقد فاجأنا في وضع مشبوه عشية ترقية بالغة الأهمية, فاخرجتك منه باحسن طريقة اعرفها.
-أحسن طريقة لديك أفسدت الامور, مع الأسف.
ونظرت من فوق كتفها لتتأكد من أن لا أحد يمكن أن يسمع حديثهما, ثم عادت تقول بصوت منخفض:" إنك تنسى دوما أنني استخدمتك لتلعب دورا معينا. وهو وضع مؤقت لكن هذا سيعقد الأمور. كيف سأفسر اختفاءك عندما تنتهي مهمتك؟".
-اتخذي مظهر الشجاعة والصبر و أخبري الجميع أن الخطبة لم تنجح. قولي إنك انخدعت بي, قولي ما تظنينه يخدم مصلحتك. وحتى ذلك الحين أنا رهن إرادتك كلما احتجتني.
-هذا ليس ما خططت له.
-و ليس ما خططت له أنا أيضا. علينا فقط أن. . .
وسكت فجأة وهو ينظر إلى شيء ما خلفها ثم سألها بشكل غير متوقع:" إلى متى علينا أن نبقى هنا؟".
-أظن أن بإمكاننا أن نغادر في أي وقت. سيكون علينا أن نمر بسلسلة من الزبائن و زملاء العمل في طريقنا إلى الباب بعد إعلان الرئيس لخطبتنا.
أمسك شايد بمرفقها و أسرع بها إلى قاعة الرقص. خطواتها السريعة تسببت في انفلات خصلات من شعرها فأحاطت بخديها. و تذكرت, بشكل غامض, يديه تتخللان شعرها:" لماذا؟ ماذا حدث؟".
فقال:" هل انجزت ما جئت لأجله الليلة؟ هل من شخص آخر نحن بحاجة إلى التحدث إليه؟".
-تحدثت في الأمس بشكل خاطف مع غرايسن. أما ديك سميث و والت مور فليسا هنا. لذا, لا أستطيع أن أبحث أي شيء معهما.
فقال وهو يقودها نحو الباب الأمامي:" هذا عظيم. أيمكننا أن نخرج؟".
فهزت كتفيها:" بالتأكيد".
--دعينا نخطط. عندما نعود إلى بيتك, يمكننا أن نتشاور إلى أين نذهب من هناك.
إلى أين؟ إنها تعرف إلى أين عليها أن تذهب, إلى أبعد مكان ممكن عن شايد. لكنها وهي تنظر إلى ملامحه الرزينة شككت في إمكانية ذلك. فمظهره مظهر رجل ذي رسالة, و اشتبهت في أنها هي تلك الرسالة.
كان يمكن لهذه الفكرة أن تقلقها, لكنها و بدلا من ذلك, ملأتها دفئا, ما جعلها تتمسك بالحذر. ومرت دقائق عدة قبل أن تدرك مصدر هذه المشاعر. وكانت المفاجأة. . .

جين استين333 23-08-09 05:33 PM

إنها لم تعد تشعر بالوحدة.
وبسرعة بالغة, شق شايد طريقهما بين الزبائن و المنبرعين وزملاء العمل مثيرا ذهولها بعزيمته التي لم تهتز وهو يسير بها في الممر الذي اختاره.
وسرعان ما وصلا إلى الخارج. وعندما فتح باب سيارته لها, نظرت إليه بتسلية:" لا بد لي أن أقول إنك حين تقرر شيئا, فإنك تسرع في انجازه".
-آسف. هل أزعجتك عجلتي؟
-لم يكن لدي مانع. كنت مستعدة للمغادرة حتى قبل أن نصل. هل لديك مانع في أن نمر على مكتبي قبل أن تأخذني إلى البيت؟ علي أن أخضر بعض الملفات.
-لا مانع. كما أن علي أن أقف لحظة عند شقتي, إذا لم يكن لديك مانع.
-لا بأس.
استندت تيس إلى الخلف في مقعدها الجلدي وتنهدت. كانت خصلات شعرها قد استمرت في الانسدال على كتفيها, فنزعت ما بقي فيه من دبابيس. الحمد الله على انتهاء السهرة أخيرا. لو اضطرت إلى أن تعاني من عناق آخر او قبلة أو تمنيات طيبة لصرخت. وقد مرت بالكثير من ذلك بالرغم من إسراع شايد في الخروج.
الأمر الحسن الوحيد الذي سينتج عن هذه الخطبة هو عندما تعلم أديليد بها. و خيل إلى تيس أنها لمحت المرأة وهي خارجة من الباب, لكنها لم تجد فرصة لتتحقق من ذلك. وهذا لا يعني أنها كانت لتحتمل المواجهة فهي ليست مستعدة لنظرات اديليد الذكية التي تحلل علاقتها بشايد أو ترى الحقيقة الكامنة خلف حلم ساندريللا.
نظرت تيس إلى شايد, وكان الضوء ينعكس على وجهه فيبرز الملامح البارزة فيه. ظلمة الليل تناسبه. ماذا الذي جعلها تتخلى عن تحفظها لتعانق هذا الرجل في ذلك المكان العام؟ لم يكن هذا مفهوما.
نظر إليها قائلا:" لا تقلقي يا تيس. سنحل المشكلة".
-هل ستحرص على ذلك؟
-سنحرص على ذلك. فبالرغم مما حدث الليلة, أنا لست من النوع الذي يعامل المرأة بخشونة و يفرض رغباته عليها.
-و إذا توافقت رغباتنا؟
لم تصدق أنها وجهت إليه هذا السؤال. ماذا حدث لها؟ وقال:" هذه قصة أخرى, أليس كذلك؟ أتراها توافقت, يا حبيبتي؟".
وعادت نظراته تستقر عليها, أكثر حرارة هذه المرة, و مليئة بوعود الرجل و تهديده.
لم تجرؤ على أن تجيب. و أغمضت عينيها وهي تنعت نفسها بالجبن. ربما إذا لم تنظر إليه فلن يتمكن الإغراء بأن تقول شيئا لا ينبغي لها أن تقوله.
وارتاحت حين ترك الموضوع. توقفا عند مبنى ضخم فتمتم معتذرا وغاب في الداخل, و عندما عاد أقلع بالسيارة من دون أي إيضاح متابعا السير إلى حيث شركة الإيثار".
فتحت تيس الباب المؤدي إلى الشركة ثم توجهت إلى مكتب رجل الأمن. وبعد حديث قصير مع الرجل, اجتازا الممر الخالي بصمت وصدى خطواتهما يتجاوب بين الجدران بشكل موحش. وفي مكتبها أشعلت ضوء المكتب.
خففت دائرة النور الوحيدة من ظلمة المكتب فيما تمتمت:" أريد فقط أن آخذ بعض الملفات ثم نخرج".
وقبل أن تصل إلى خزانة الملفات, أوقفها بقوله:" لدي شيء لك".
بدا صوته أكثر خشونة من العادة, ولم تعرف السبب إلا بعد أن رأته يمد إليها يده وعلى راحتها علبة مجوهرات مفتوحة في داخلها اروع خاتم خطبة رأته في حياتها. أخرجه من العلبة ثم أمسك بيدها يلبسها إياه.
-أصبحت الخطبة رسمية الآن, يا حبيبتي. إنك لي.
^^^^^^^^^^

جين استين333 23-08-09 05:35 PM

تم الفصل السادس والحمد الله بعد الفطور ان شاء الله أحطلكم الفصل السابع

dede77 24-08-09 02:52 AM

الرواية رائعة تسلم ايديك وتسلمى على اختيارك الرائع فى انتظار الباقى 0

جين استين333 25-08-09 03:01 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة dede77 (المشاركة 2038150)
الرواية رائعة تسلم ايديك وتسلمى على اختيارك الرائع فى انتظار الباقى 0



الله يسلمك عزيزتي وان شاء الله ما اتاخر عليكم في التنزيل

جين استين333 25-08-09 06:15 PM

7-لن اخون الذكرى

حدقت تيس إلى الخاتم الماسي غير مصدقة. كان يتلألأ عاكسا الضوء المتدفق من مصباح المكتب.
كان المحبس الذهبي السميك يلتف حول اصبعها ملائما له تماما و كأنه صنع من أجلها. ارتجفت يدها بخفة فيما توهج الحجر الماسي بشعاع وردي. ماس وردي؟ لم تر شيئا كهذا قط من قبل.
همست:" آه, يا شايد. هل هذا هو سبب توقفك عند شقتك؟ لكي تحضر هذا الخاتم؟".
فاومأ:" لقد حمله جدي معه من أستراليا عندما هاجر إلى هنا. لقد انتشرت قصص غامضة عنه و عن كيفية وضع يده على هذه الماسة. كانت خطته الأساسية أن يبيعه ثم يؤسس لنفسه عملا. لكنهو و بدلا من ذلك, اعطاه لجدتي".
نظرت إليه بذعر:" لا أستطيع قبوله. لاحاجة ان تكون خبيرا لتعلم مدى ندرة هذه الاحجار الماسية. لا بد أنها كلفت ثروة و سيتملكني الخوغ من أن أفقده".
-يمكنك أن تعتبريه إجراء مؤقتا حتى تستغني عنه فتعيديه.
-كلا. . .
وحاولت أن تخلع الخاتم مت إصبعها فمنعها قابضا على يدها بإلحاح رقيق:" سيتوقع زملاؤك في العمل أن تلبسي خاتم الخطبة. زبائنكم أيضا".
اغرورقت عيناها بدومع غير متوقعة:" لا أستطيع. لا استطيع ان ألبس خاتمك".
شعرت بنظراته عليها, و أحست به يحلل رد فعلها, مفكرا في كافة الاحتمالات ثم قال:" أنت لا تخونين روبرت".
فتاوهت برقة, كيف يفعل هذا؟ لقد وصل مرة أخرى إلى لب المسألة, وبدقة بالغة.
كيف استطاع أن يرى بوضوع ما كانت تخفيه؟ إنها مقدرة تثير الأعصاب. و استغرق استعادتها لنوازنها ثوان عدة قبل أن تجيب:" إنك تذهلني دوما عندما تفعل هذا".
ضحك آسفا:" هذا ينجح فقط حين أتجرد من المشاعر. و إذا لم أفعل. . . لقد رأيت ما يحدث عندما يفلت زمام الامور مني".
فقالت مداعبة:" عندئذ تجذب المرأة إلى زاوية مظلمة لتعانقها".
-في كل يوم ثلاثاء فقطو ومع حسناء جمراء الشعر, زرقاء العينين, ذات ابتسامة فتاكة.
زرفع يدها و تأمل الخاتم:" هل ألبسك روبرت خاتما ماسيا؟ هل هذا هو سبب صعوبة الأمر بالنسبة إليك؟".
-لا, كنا مفلسين تماما عندما تزوجنا فقررنا أن نحتفظ بالمال لأمور أهم, وبدلا من ذلك اشترينا محبسا ذهبيا بسيطا.
وتابعت محاولة أن تبقي صوتها ثابتا:" وعدني روبرت بأن يشتري لي خاتم خطبة ولو متأخرا, وذلك بعد أن يولد اول طفل لنا. . . ".
واختنقت الكلمات في حلقها فشتم شايد بصوت خافت قبل أن يحتضنها مواسيا:" آسف جدا لأجلك, يا تيس. أحببته كثيرا, أليس كذلك؟".
-نعم. وستة أشهر لم تكن كافية.
-أما زلت تفتقدينه؟.
لم يكن هذا سؤالا, لكنها اجابت:" ربما ليس بالطريقة التي تعنيها".
وأراحت خدها على صدرها فهداتها خفقات قلبه الثابتة بينما كانت تجاهد للتعبير عن مشاعرها:" إنيني أفتقد ما فعلناه معا. أفتقد الرجل الذي كنت أفهمه بقدر ما كان يفهمني. أفتقد. . . أفتقد الأمور البسيطة مثل. . . أن يحتضنني بهذا الشكل. لم أستمتع بشيء كهذا منذ دهور. لقد نسيت كم هو ضروري".
وتهدج صوتها وأخذت تجاهد لتتمالك نفسها فيما اشتدت ذراعاه حولها:" ألم تجدي, طوال هذه السنوات, من يشبه روبرت من حيث مزاياه؟".
-بالتاكيد, هناك غرايسن. إنه هادئ مفكر و لديه حس الفكاهة نفسه. لكنني لا أريد روبرت آخر فقد أصبح جزءا من الماضي.
أفلت هذا الاعتراف منها من دون وعي. وتسارعت أنفاس شايد فرفعت بصرها إليه.
ما كان لها أن تحدق إليه. . . ولا أن تزداد اقترابا منه لاسيما وهو يحتضنها بالطريقة نفسها التي احتضنها بها في الحفلة الخيرية.
همس:" ربما بإمكاني أن أقدم لك شيئا مختلفا للمستقبل".
ثم توقف الكلام لتتحدث المشاعر فقطو فدس يديه في شعرها, و أمال رأسه ليتمكن من معانقتها. و تجاوبت معه متلهفة إلى ما يقدمه لها.
لقد عزلت نفسها عن مثل هذا العواطف المحمومة فترة طويلة. لقد منعها الخوف من التصرف. . . الخوف من الخسارة. . . الخوف من خيانة ذكرى روبرت. . . الخوف من ألا تتمكن من الشعور نحو أي شخص آخر كما كانت تشعر معه. ماذا لو وقعت مرة أخرى في مثل الغرام العميق الذي تشعر به نحو روبرت؟ في أعماقها, عاش الرعب من أن تعرف تلك الأيام المريعة مرة أخرى.
منتديات ليلاس
لكنها ستغامر بمواجهة كل هذه الاحتمالات مع شايد. ومع ذلك, لم تستطع أن تمنع نفسها. لقد عاشت وحدها فترة طويلة, محرومة من العواطف لسنوات كثيرة. وبعد عناق واحد, اكتشف أنها تريد أن تعيش, أنها تريد رجلا في حياتها.

جين استين333 25-08-09 06:16 PM

لكنها وقبل كل شيء, تريده في قلبها. تريد أن تشعر بحدة المشاعر التي تشعر بها المرأة حين تحصل على الرجل الذي يكملها.
ولم تشعر بأنها تبكي إلا بعد أن قطع العناق وأخذ يمسح دموعها بإصبعه:" لا تبكي يا تيس. أرجوك. أنت غير مضطرة إلى لبس الخاتم إذا لم تشائي ذلك, او إذا كان لبسه سيكدرك. يمكننا أن نقول للناس إننا لم نختر بعد".
فقالت على الفور:" بل سألبس الخاتم".
ربما أعجبها اقتراحه, لكن الوقت حان لكي تضع الماضي خلفها.
-لم أشأ أن أجعلك تبكين.
فهزت رأسها:" لم يكن هذا ذنبك. لقد أرغمتني على أن افكر في مواضيع تجاهلتها عمدا في السنوات الماضية".
و خطرت لها فكرة مفاجئة أسالت دموعها:" أتعلم. . . لقد أدركت لتوي أنني خطبت لرجل لا أعرف شهرته".
فتردد:" سيكون ذلك مشكلة, أليس كذلك؟".
فقالت بابتسامة مترددة:" فقط إذا سألني شحص ما ولم يكن لدي جواب".
-علينا أن نقوم بشيء في هذا الشأن.
تملكها السخط وهو ينحي الموضوع جانبا و كانه غير هام, و يقول:" حدثيني عن تلك المقابلات الصعبة التي كلفت بها".
-تغيير سريع للموضوع, إنها طريقة ممتازة للتهرب من سؤال مربك.
لمعت عيناه بالتسلية:" أنا أعرف غرايسن؛ لذا , لست مضطرة لإعطائي معلومات عنه".
فتعمدت العبوس:" وهو يعرفك. ربما كان علي أن أسأله عن شهرتك".
-فكرة ممتازة. يمكنك أن تقولي: المعذرة, يا غرايسن, هل لديك مانع في أن تكتب لي شيكا بسبعة أرقام. . . و أثناء ذلك. . . ما هي شهرة خطيبي؟".
فتنهدت بأسف ساخر:" أتظنه سيجد ذلك غريبا؟ حسنا, إنها فكرة".
-اخبريني عن والت مور.
رفعت يدها وقد توهج وجهها:" أتعني أن هناك شخص لا تعرفه؟ هذا يدهشني. يبدو أنك تعرف الكل. في الواقع, أراك تعرف الكثيرين. بيل, سيث, غرايسن. إنك تعرف بعض الأشخاص المهمين".
-والت مور. تكلمي.
فقالت:" باختصار, السيد مور هو سيد متقدم في السن, فظ, شبيه بالناسك, و معروف بأنه بخيل هذا العصر".
-جميل جدا. هل يمكننا أن نقتطع من كتاب ديكنز الصفحة التي يتحدث فيه عن الأشباح ثم نقوم بزيارة هذا الرجل؟
نظرت إليه بفضول:" هذا صعب, إلا إذا كنت على علاقة وطيدة بأحدهم. كما سبق وقلت, يبدو أنك تعرف الكثيرين, فلماذا لا تعرف أشباحا؟".
-آسف, أرواح الماضي و الحاضر و المستقبل لم تعترض طريقي بعد, و لكن عندما تفعل, سألفت انتباهها.
وانتظر حتى أخرجت الملفات من الخزانة ووضعتها إلى جانبه على المكتب, فتناول الملف الأعلى:" ماذا عن ديك سميث؟ ماهي قصته؟".
-أنا لا أعرفه. ما فهمته عنه أنه يفضل البقاء بعيدا عن الأضواء, بعكس أمه.
-لا بأس, فقد حصلت علي الآن.
ترك الملف و اتكأ على مكتبها ونظر إليها بإمعان:" أقسم أنه الرجل الذي كلفك بورتمان به. هل هو الرجل الذي استخدمتني من أجله؟".
-لا. ليس هو.
وانتظرت لحظة ثم قالت:" بل أمه".
فسألها بأدب:" هل تهتم أديليد بك؟".
نظرت إليه بحيرة:" الأمور تتحسن باستمرار. أراك تعرف أديليد أيضا".
-أعرفها جيدا.
-إذن لا بد أنك تعلم أي سمسارة زواج هي.
-بما أنها أمضت السنوات العشر الماضية في محاولة تزويجي من نساء لا يمكن حتى تصنيفهن مع جنس الإناث, فأنا أعرف هذا.
-أديليد تحاول تزويجي ابنها.
-أي ابن؟
-أي ابن؟لا بد أنك تمزح. أتعني أن ليدها أكثر من واحد؟ لا أظن أن بإمكاني مواجهة هذا. هذا يعني أنها إذا فشلت مع الأول. . .
-لا بد أنه توم.
-توم؟ لا لم تذكره.
-إنه ديك إذن.
قالت تيس هذا وهي حائرة بين الضحك و الذعر:" توم و ديك سميث؟لا ! لا تقل لي إن لها ابنا يدعى هاري أيضا, ليكتمل المثل الشعبي".
فضحك:" بل لديها. زلكن لا تقلقي فلن تزوج أصغر أولادها".
-هل هو متزوج؟
-لا. هاري فتاة. . . و يا للمسكينة.

جين استين333 25-08-09 06:18 PM

فقالت تيس مذعورة:" ما الذي جعل أديليد تسمي أولادها توم, ديك, و هاري, وهي تعلم أن هذا سيثير التهكم؟ هل تكره اولادها؟".
-لديها ما يسمى. . . بروح الفكاهة و الدعابة. لقد قالت لي مرة إنها اختارت هذه الأسماء بالذات كيلا تزعج نفسها بتذكرها. و أظنني صدقتها لدقيقتين كاملتين قبل أن تفضحها غمزة من عينها.
-واولادها المساكين؟
-إنها في الحقيقة, امرأة رائعة, لكنها. . .
-فريدة من نوعها.
-بالضبط.
وقطب حاجبيه:" هل قلت إن أديليد هي السبب في استخدامك لي؟".
-نعم.
-هذا لا يصدق. ألم تستطيعي معالجة الأمر مع سمسارة الزواج المجنونة هذه من دون اللجوء إلى هذا التصرف المتطرف؟.
نزلت تيس عن كرسيها و سارت مبتعدة عن الضوء, ثم التفتت إليه:" لمعلومات, بقيت أعالج الأمور معها لخمس سنوات, وكنت لاستمر في ذلك لولا هذا التعقيد".
بقي واقفا مكانه وقد أحال الضوء عينيه إلى فضة خالصة:" دعيني أخمن. ديك سميث يؤثر مباشرة في ترقيتك".
-بالضبط. بعد أن فشلت مع كافة الرجال الذين عرفتني بهم معتقدة أنهم جديرون بالاحترام, صممت على أنني و ابنها متلائمان تماما, ولم أستطع تغيير رأيها.
-لماذا لم تقابلي الرجل و تخبريه برأيك و تنتهي منه؟
-لقد سبق وخمنت بنفسك. إنها الترقية.
-ثم؟
-الم يفهم بعد؟ و أجابت:" إنه نزاع المصالح".
هز كتفيه فشدت هذه الحركة البسيطة سترته السوداء الضيقة على كتفيه العريضتين. وغاظها اكثر أنه غافل عن التأثير الذي أحدثه فيها. ربما إذا أدرك مدى تأثيره فيها, سوف. . .
وكبحت آهة غيظ. سوف يفعل ماذا؟ يحول عينيه من لون الزئبق إلى شيء آخر يصعب وصفه؟ يخفف من قوة رجولته؟
الحمد لله لأنها تقف في الظلمة بحيث لا يرى انفعالاتها فهذا هو الأمر الوحيد الذي أنقذها من الشعور بالمهانة. وتملكها الارتياح حين قال وقد بدا غافلا عن أفكارها:" هيا, يا تيس. كوني عاقلة و أخرجي مع الرجل. سترين كم سيبدو الأمر غريبا لاسيما مع تلك الأم الحلوة الشاعرية. عندئذ, يمكنك أن تطلبي منه مليونين".
-وبعد ذلك؟ ماذا سيحدث عندما يقف في بابي و يطلب مني أن أريه مدى تقديري لذينك المليونين؟
-الأمر بسيط. مدي يدك له قائلة إنه يسرك جدا أن تتعاملي معه. و كلما كان في الجوار, يمكنه أن يتكرم بشيك آخر. ما مدى صعوبة ذلك؟
-كلام ظريف لكنه غير واقعي, هذا عمل جاد.
-ادرك ذلك.
-لا. لا أظنك تدرك. إننا نتحدث عن متبرعين يدفعون آلاف الدولارات لأسباب يمكن أن تعني الفرق بين الحياة و الموت لأناس لا يحصون. إننا نبحث باستمرار عن أقل عيب في طريقة إدارة المال الذي نكسبه, وفي طريقة الحصول عليه أيضا. لا يمكنني أن أقيم علاقة شخصية مع متبرع. أنا لا أطلب أموالا بتلك الطريقة.
-تبا يا تيس. لم أكن أعني الاقتراح. . .
فقاطعته:" لكن أناسا آخرين يفعلون ذلك. وهذا هو السبب في وصولي إلى حد التطرف باستخدامك. لو كنت مرتبطة بعلاقة جادة و تعاملت مع ابن أديليد, لبدا الأمر امرا عمليا بحتا. لكنت قابلته و سرحت له الطرق التي ننفق فيها التبرعات على ميراث الإحسان التي نساندها. فإذا رفض, سيعيد شخص آخر الكرة معه في المستقبل, و إذا وافق أفوز بالترقية بالجتهادي الخاص".
فتمتم بجفاء:" الموت ولا العار. هذا هو الامر؟".
-غالبا. لا ترقية في العمل إلا بعد جهد جهيد.
-ماذا ستفعلين الآن, إذن؟
-أراجع الملفات اولئك الثلاثة و أرى إذا كان فيها أي معلومات تساعدني في اختيار الطريقة التي أصل بها إليهم.
-في هذه الحالة, سآخذك إلى بيتك لتعملي.
شكرته, شاعرة بأنها مدينة له بأكثر من مجرد كلمة شكر بسيطة. أكثر بكثير. و تابعت تقول:" كما أقدر لك صونك لسمعتي الليلة. لم تكن مضطرا لأن تخبر آل أننا مخطوبان. أعرف أنك أردت أن تحمي سمعتي. وكنت على صواب في قولك إن إعلان خطبتنا هي الطريقة الوحيدة لإنقاذ الوضع, ولو أنك لم تخترع ذلك العذر, لكان آل. . . ".
فقاطعها:" انسي ذلك. كل مشكلة ستحل في النهاية. تماما كما سنجد حلا لخطبتنا أيضا".
لم تستطع إلا أن تعجب به:" تبدو واثقا تماما".
فقال وهو يحمل لها الملفات:" هذا لأنني كذلك. أمستعدة أنت للذهاب؟".
-نظرا لطول الليلة التي تنتظرني, أظن أنه من الأفضل أن نذهب.
غادرا المكتب, ثم ألقيا على الحارس تحية المساء. كانت سيارة شايد وحدها في موقف سيارات الموظفين. أخذت تفكر لحظة. الكثير من الغموض يحيط بشايد. . . السيارة, الخاتم, معرفته بالكثير من المحسنين. . . ستحاول حل هذا اللغز حالما تجد وقت فراغ.
تمتم يقولو قارئا افكارها مرة أخرى:" لا تدعي هذا الامر يزعجك".
فاجابت باسمة:" لن أفعل. قريبا ساكون فكرة واضحة و بعد ذلك لن يزعجني شيء".
لم تستغرق رحلة العودة إلى البيت طويلا. وعندما أوقف السيارة أمام بابها, سألها:" أتردين مساعدة في مراجعة الملفات؟".
-لا, شكرا. يمكنني القيام بالعمل وحدي.
وتثاءبت, فقال:" لا أشك في ذلك. لكنني فكرت فقط في أن اثنين ينجزان العمل أسرع من واحد. هل تقبلين بذلك غذا أنا وعدتك بأن هذا ليس عذرا لكي أغويك؟".
قال هذا باسما بعد أن رآها تقطب جبينها فردت:" كان علي أن أعلم أنك لن تستخدم أسلوبا واضحا بذلك الشكل".
فضحك ودس خصلة من شعرها خلف أذنها ثم لامس خدها:" بل كنت سافعل. ولكن ليس الليلة ولديك شيء هام كهذا؟".
هل رغبتها في صحبته نابعة من مجرد مشاعر جسدية؟ وسألته:" أتظن حقا أن بإمكانك المساعدة؟".
-ما كنت لأعرض المساعدة لو أنني لا اظن ذلك.
أومأت, مذعنة لمشاعر تعبت في كبحها:" لا بأس. أدخل. ربما, بجهدنا معا, يمكننا أن ننهي هذه الملفات قبل شروق الشمس".
في الداخل, غيرت ملابسها إلى بنطلون جينز و قميص فضفاض يغطي جسدها كله و يصل إلى ركبتيها, ثم شمرت عن ساعديها وجهزت إبريق قهوة يساعدهما على السهر.
في غرفة العمل كان شايد ينتظرها بعد أن خلع سترته الرسمية السوداء ووضعها بالقرب من ربطة عنقه, ثم فتح أزرار قميصه الأولى. بخلعه ملابسه الخارجية المتحضرة, بدا أسمر خطرا و جذابا للغاية. كان يجلس على حافة الأريكة و أمامه الملفات الثلاثة على طاولة القهوة. لا! إنها الاريكة نفسها. وتعثرت فوقفت وقد تذكرت ما جرى بينهما في آخر مرة جلسا فيها على هذه الأريكة. هل كان ذلك الليلة الماضية فقط؟ هذا أمر لا يصدق.

جين استين333 25-08-09 06:22 PM

قال لها بذهن غائب وهو يقلب الملفات:" ناوليني القهوة وحاولي ألا تفكري في ذلك".
-لم أفهم.
-كنت تتذكرين الليلة الماضية, و كنت أقول لك. . .
قالت له ببشاشة كاذبة وهي تناوله فنجان القهوة:" فهمت. قلت لي ألا أفكر فيها. ما من مشكلة".
فقال وهو يرمقها بنظرة حارة بمثل حرارة القهوة:" ليتني أستطيع أن أقول الشيء نفسه لكنني وعدتك و أنوي المحافظة على وعدي".
-في هذه الحالة, لعل الأريكة ليست بالمكان المناسب.
-هذه فكرة عظيمة. لكن ليس بالنسبة إلى ما في ذهننا الليلة.
وبدت في عينيه نظرة ماكرة, فأغمضت عينيها خوفا من أن تبدو فيهما المشاعر التي ينبغي أن تطردها من ذهنها هي أيضا. وقالت:" ماذا قلت بالنسبة إلى حفاظك على الوعد؟".
-استرخي, كنت أمزح.
وأخذ جرعة من قهوته واختار ملفا فتحه وهو يقول:" فلنبدأ بغرايسن".
وانتقل من الرجل المغري إلى رجل الأعمال الجاد.
أرغمت نفسها على مجاراته وسألته:" لماذا غرايسن بالذات؟".
-لأنه يعيش في سان فرانسيسكو وليس في سياتل وهذا يعني أنه لن يمكث في المدينة طويلا في حين أن الاثنين الباقيين مواطنان تستطيعين الاتصال بهما متى شئت. وقت اتصالك بغرايسن محدود.
-أتريد رأيي؟ سنلقي نظرة عامة على كل مرشح, ثم نعود فنتحدث عن كل منهم على حدة.
وسحبت دفتر ملاحظات وقلما من حقيبة أوراقها. فتحت اول صفحة و دونت بعض الملاحظات:" أولا, غرايسن شو. اتصلت به في ثلاث مناسبات حتى الآن, ورغم أنه كان مهذبا على الدوام, إلا أنه لم يتأثر بأي شيء مما قلته عن شركتنا".
-غرايسن منطقي للغاية, كما أنه لا يستمال بالمشاعر. و هكذا, لتكن طريقتك في التعامل معه هي بمخاطبة عقله. ثمة تفصيل عليك أن تضيفيه إلى الملف وهو أن المطعم المفضل لدى غرايسن هو بيت ميلانو.
رفعت حاجبها:" هل دعوته إلى مطعمه المفضل يمكن أن تستميله؟ ظننتك قلت إنه منطقي؟".
-هيه. . . وهل ثمة منطق أقوى من إرضاء معدة الرجل؟.
-هل الطعام مهم إلى هذا الحد؟
-يا حلوتي. إذا ناولت غرايسن قائمة تضم أعمال جمعية الإيثار الخيرية كلها بالإضافة إليك و إلى منظر من مطعم بيت ميلانو وإلى طعام جو ميلانو صاحبه, فلا أرى ما قد يسبب لك الفشل. إذا لم يقنع هذا كله غرايسن بأن يقدم هبة فما من أمر آخر سيقنعه.
تحركت بضيق, وقالت:" لكنك ستكون معي, أليس كذلك؟ لا أريده أن يكون عني فكرة خطأ".
فتردد:" ما من مشكلة".
ففتحت الملف التالي:" أخبرني الآن عن ديك سميث. كيف تراه؟".
-إنه معتوه كليا.
لوت ملامحها ساخرة:" هل هو سيء إلى هذا الحد؟".
مال على الوسائد خلفه و تمطى:" اعتدت أن أراه فتى لا بأس به, لكنني لست واثقا الآن تماما من ذلك".
-اشرح لي السبب.
فشخر ساخرا:" أي رجل يدع أمه تختار له عروسه معتوه".
نظرت إليه بتسلية:" أحقا؟ بما أنني المرأة التي اختارتها له أمه, لا أدري هل أشعر بالإهانة أم بالغرور".
-هذا يؤكد أنه معتوه. فإما أنه يدرك أي ذوق عظيم تملكه أمه, و إما كان عليه أن يعثر عليك من دون مساعدتها.
-فهمت. لا يمكن للمسكين أن ينجح برأيك.
-ليس له ادنى فرصة.
وفي الساعتين التاليتين اكتشفت تيس منبعا للمعلومات لا يقدر بثمن. في بداية تعارفهما أخبرها بأن لديه غريزة تساعده على قراءة الناس, و أنه يرى ما وراء المظهر الخارجي وقد أثبت ذلك في هذا الوقت القصير الذي أمضياه معا. أذهلتها بصيرته وهو يحلل الوضع ويقدم اقتراحا عن كيف تقارب كل رجل منهم. لو لم تكن مرهقة و مهتمة بالابتعاد بحديثهما عن الأمور الشخصية لسألته كيف يعمل رجل له موهبته لوكالة وظائف مؤقتة.
بقيا يعملان حتى تجاوزت عقارب الساعة منتصف الليل. نظر شايد إلى ساعته ثم وقف:" لماذا لا أحضر إبريق قهوة آخر؟ بإمكاننا أن ننهي عملنا بعد ساعة. أرى أن الخطوة التالية هي تحديد لقاء أولى مع كل منهم".
أومأت تيس شاردة الذهن وهي تتخلل شعرها بيدها:" لا بأس بالقهوة".
وعادت خصلات شعرها تهبط على وجهها بعناد, فلم يستطع شايد إلا أن يبتسم. بدت رائعة رغم الإرهاق و التركيز البالغ على العمل.
توجه إلى المطبخ ثم عاد بعد قليل ليجد تيس مستلقية على الأريكة وهي تغط في سبات عميق. قال:" لا بأس. ربما علينا أن نتوقف عن العمل الآن. ما رأيك في ذلك, ايتها الرئيسة؟".
و انتظر جوابا يعلم جيدا أنه لن يأتي, ثم عاد يقول:"موافقة؟ عظيم. حان وقت النوم, إذن".
وضع الفناجين جانبا, ثم حملها برفق بين ذراعيه. شعر بها رائعة, للغاية, والأسوأ من ذلك شعوره بأنها تنتمي إليه. تحركت, إضطربت اهدابها فوق وجنتيها الناصعتين, وتنهدت لكنها لم تستيقظ, ما جعله يشعر بالراحة, فهو لا يعتقد أنها ستقبل بأي شرح يقدمه لسبب وجودها بين ذراعيه, مهما كانت نواياه شريفة.
اكتشاف الطريق إلى غرفتها لم يتطلب وقتا طويلاز فتح الباب ثم نظر من حوله بابتسامة عريضة. كان على صواب في أن جدران غرفتها مطلية بألوان صارخة كالوان الفراشة. وضعها على سريرها ثم خلع حذائها. وقف لحظة يتأملها ثم هز كتفيه باستسلام وغطاها أخيرا.
لقد حان وقت الاهتمام بواجب آخر غير سار, فتمتم بأسف:" لدينا, نحن الاثنين, عمل علينا القيام به, أليس كذلك يا حبيبتي؟ من الأفضل أن ننجز ما علينا رغم كراهيتنا لذلك".
ونظر إليها نظرة أخيرة رقيقة مضيفا:" وداعا يا تيس, أحلاما سعيدة".
غادر شايد المنزل مقفلا الباب خلفه. وما غن توجه نحو سيارته حتى أخرج هاتفه. من الأفضل أن يخبر أهله بما أرغم على القيام به قبل أن يسمعوا الخبر من مصدر آخر. كما أنه من الأفضل ألا يدع مشاعره العنيفة تهزمه فعبيه أن يذهب إلى العمل, لن يتمكن من تجنب مسؤوليته سواء شاء ذلك أم أبى.
لقد حان الوقت لإيجاد من يدفع تيس لإقامة علاقة عاطفية مع غرايسن.

^^^^^^^^^

جين استين333 25-08-09 06:23 PM

تم الفصل السابع وإذا كنتم مهتمين بالرواية ردو على الموضوع وانا اليوم احطلكم الفصل الثامن ان شاء الله

جين استين333 26-08-09 07:17 PM

8-الحب والعمل

سألت الرئيسة شيدو:" ما هو الوضع؟".
فأقفل الهاتف:" أخي يبالغ بالنسبة إلى المهمة المحددة له".
-أوضح.
-إنه يفسدها, أيتها السيدة.
-عليك أن تصلح الخطأ.
-لا, ليس الآن. لي كل الثقة بأخي الأصغر. و أعلم أنه سيصلح الأمر في الوقت المناسب.
-وإذا فشل؟
إتكأ شيدو إلى الخلف ووضع قدميه على مكتبه:" شايد يفشل؟ ما هي إمكانية الفشل في هذا الأمر؟".
-إحتمال الفشل هو تسعة من عشرة.
-أحقا؟ هل أنت واثقة؟ لدي احتمالات النجاح أفضل من ذلك.
-لا. واحد على عشرة للنجاح.
فكرر بابتسامة راضية:" واحد إلى عشرة. كم هذا مشجع! كنت أخشى في الواقع أن ينجح".
***
ما إن أنهى شايد حديثه مع شيدو حتى طلب رقما آخر. وجاءه الجواب:" نعم يا عزيزي؟".
-امي. ماذا فعلت بحق جهنم؟
-ديك, حبيبي. هل لديك فكرة عن الوقت الآن؟
-لا أريدك أن تدلليني بكلام مثل ديك حبيبي. أريد تفسيرا و أريده الآن.
-إنها الثانية صباحا. والآن, وبعد أن حسمنا الأمر هل ستخبرني عما علي أن أفسره أم أن هذه لعبة أحاجي؟
-أتريدين لعبة أحاجي؟ لدي كلمتان لك, يا أمي. . . تيس لونيغان.
-ياللفتاة المسكينة, خسارتها لزوجها محزنة. لقد حاولت جهدي كي أساعدها.
وتنهدت أديليد ثم أردفت:" لكنها عنيدة جدا".
-أنت تعترفين إذن بأنك عدت إلى سمسرة الزواج؟
-طبعا. أنت تعلم أن هذا يمنحني شيئا أفعله.
فصرف شايد بأسنانه:" عليك أن تتوقفي عن ذلك. الآن".
-كما تشاء. لم تكن مضطرا أن تطلب مني ذلك. . . فقد انتهى الأمر.
-ماذا يعني هذا؟
-يعني أنني انتهيت من أمر تيس.
وعاد يسأل:" وماذا يعني هذا؟".
-ما دامت قد وجدت الزوج المناسب, فقد انتهت مهمتي. بالمناسبة, تهاني على خطبتك, يا عزيزي. ما كنت لأفعل ذلك بشكل أفضل لو أنني أنا من اخترتها لك بنفسي. انتظر, إنني اخترتها فعلا لك, أليس كذلك؟ ليلة سعيدة.
وانفجرت ضاحكة.
انقطع الاتصال فأقفل شايد الهاتف. كان ينبغي أن يعلم أن أديليد ستسبقه بخطوة. لا بأس, أديليد تعلم إذن ما فعله. . . وهذا أمر لم يكن ثمة سبيل إلى تجنبه. أما الآن, فعليه أن يقرر خطوته التالية. وتوتر فمه, إنه يعلم ما هي تلك الخطوة. عليه أن يفعل ما وعد به, وهو أن يحرص على أن تجد تيس ما يسعدها طول الحياة.
حتى ولو كان ذلك على حساب سعادته هو.
***
استيقظت تيس قبل الفجر من أغرب حلم رأته. رأت أنها في مكتبها في بيتها, متمددة على الأريكة و أمامها أحجية تحاول حل لغزها, فيما جلس شايد بجانبها يبعد عنها أي قطعة تحاول أن تأخذها, وهو يتمتم قائلا:" ليس هذه القطعة".
جربت كل القطع الأخرى في ذلك المكان بالذات, ولكن أي منها لم تبد مناسبة فيه. و أخيرا, أخذت من شايد القطعة ووضعتها في المكان الخالي, فناسبه تماما. قال بابتسامة عريضة:" أووه. . . لقد هزمتني".
تنهدت تيس وقد تبددت بقايا الحلم ثم تثاءبت وهي تنظر إلى السقف, وقالت:" نعم, لقد هزمتك. السؤال الآن هو. . . ماذا أفعل بك؟".
***
أول ما قام به شايد هو أنه امر بأن يملأ مكتب تيس بالأزهار.
وهذا التصرف لا يسهل مهمته في حضها على إقامة علاقة عاطفية مع غرايسن, لكنه لم يستطع مقاومة فكرة أن أي امرأة تخطب يفترض ان يمتلئ مكتبها بأزهار من خطيبها الهائم حبا.
منتديات ليلاس
بعدئذ, يأتي الواجب الذي يكرهه. لديه عمل عليه أن يؤديه, وسيؤيده من دون اعتبار لمشاعره الخاصة. . . بدأ يشمئز من هذا المهمة التي كلف بها. صورة تيس بين ذراعي غرايسن. . . وتجاوبها مع عناق رجل آخر بنفس الطريقة التي تجاوبت بها مع عناقه أثارت في نفسه شعورا فطريا مبهما. لم يفهم شعور التملك الذي سيطر عليه. . . أو لعله خشي التفكير فيه كيلا يكتشف شيئا عن نفسه.
على أي حال, فقد احتاج إلى كل ذرة من إرادته لكي يرفع الهاتف ويطلب غرايسن. لعل هذه المخابرة خطأ منه.

جين استين333 26-08-09 07:18 PM

بعد أقل من ساعة, وقفت تيس أمام باب شقته تطرقه بغضب. حتى شعرها أظهر غضبها إذ تناثرت خصله حول وجهها بشكل فوضوي. لم يجرؤ على أن يسألها كيف استطاعت أن تقنع رجل الأمن عند الباب بأن يسمح لها بالدخول, والأسوأ من ذلك, كيف عثرت على شقته فيما هي لا تعرف حتى اسمه.
ما إن فتح الباب حتى اندفعت إلى الداخل ثائرة وهي تهتف:" تكلم يا شايد. أريد أن أعرف بالضبط ما قلته لغرايسن ولماذا؟".
ثلاث خطوات ثم وقفت جامدة وهي تنظر حولها متسعة العينين:" أووه. . . ".
أغلق الباب خلفها قائلا:" تفضلي بالدخول".
بقيت دقيقة تتأمل ما أمكنها رؤيته من شقته:" هذا المكان لا يصدق. . . أعني حقا لا يصدق".
وتنهدت ثم التفتت إليه لتتكلم عن سبب حضورها وقد تغلب الغضب على الفضول:" هيا, تكلم".
-لا أظنك تريدين العودة إلى. . . ما لا يصدق.
-سنصل إلى ذلك بسرعة. ولكن, أولا, أريد أن أعلم بالضبط ما الذي قلته لغرايسن ولماذا؟
-أنا؟ ما الذي تتحدثين عنه؟
قال هذا متظاهرا البراءة وهو ما لا يحسنه, لكن قد يخدمه الحظ فلا تلاحظ ذلك.
-لقد أخبرت غرايسن عن ظروف خطبتنا.
آه. . . يا لجهنم! عندما يرى غرايسن شو في المرة القادمة سيثأر منه. و عبس. سيعلمه درسا في اللباقة, و قال:" آه. . . هذا".
-نعم, هذا. كيف تفعل ذلك؟ كيف تخبره أمرا خاصا إلى هذا الحد؟
الكرامة المجروحة في صوتها أزعجته أكثر من أي شيء آخر, فهو يرى نفسه مسؤولا عن ذلك, وحاول أن يجد عذرا. . . أي عذر, يصلح علاقتهما:"اسمعي, يا حبيبتي, لقد أخذ هذه المعلومات مني بالحيلة؟".
-أنت. . . يحتال عليك أحد؟
لابد أن تيس وجدت العذر أعرج هي أيضا. وحملقت فيه غير مصدقة وبشكل جعله يفقد كل ما يملكه من اعتداد بالنفس و عادت تقول:"يا لهذا التناقض".
فتنحنح:" ضعي اللوم على التأخر في النوم, و عدم شرب القهوة في اصباح".
-دع هذه اللعبة, يا شايد. إنها ليست عادتك. لطالما كنت صريحا معي. . . باستثناء أمر واحد.
باستثناء أمر واحد؟ ربما من الأفضل ألا يسألها عن طبيعة هذا الإستثناء إذ بإمكانه أن يتذكر مناسبتين على الأقل لم يكن فيمها صريحا تماما. لكن ما دامت الصراحة أمرا أساسيا بالنسبة إليها, و بالنسبة إليه هو أيضا, فليحاول أن يعالج الأمر بالصراحة.
-كانت خطبتنا ذنبي أنا, ولهذا أخبرت غرايسن حقيقة ما حدث. كنت أرجو بتنبيهه مقدما, ألا يلومك عندما تنهين علاقتنا. لا أريد أن يتساءل حينذاك عمن يتحمل المسؤولية.
تفسيره هذا خفف عنها كثيرا:" كان ينبغي أن أنبهك إلى أن كل ما تخبره لغرايسن يكدره. ولسبب ما, هو يهتم بسعادتي".
-هذا حسن. أنا مسرور لاهتمامه بك.
حسن؟ إذا كان هذا حسنا, فلماذا يشعر إذن برغبة جامحة في أن يحطم شيئا ما؟ يجب أن يبتهج لأن غرايسن يهتم بتيس بدلا من أن يتصرف كثور شم رائحة منافسه.
قال بشيء من العنف و التوتر:" يجب أن تكوني مسرورة لأنه اتصل بك. فهذا يجعل بينكما مودة أكبر, ويساعدك عندما تطلبين منه التبرع".
-لا. هذا لا يفيدني وأنا غير مرتاحة على الاطلاق لوجود مودة بيني وبينة. إنني أحاول أن ابقي علاقتي به عملية, هل نسيت؟
ونظرت إليه متفحصة بطريقة أيقظت حذره:" لا أدري ما الذي يعرفه عنك ليجعله يقلق بشأنك. هل لديك فكرة؟".
حان وقت تغيير الموضوع و بسرعة, فأجاب:" أبدا. اسمعي قد يريحك أن تعلمي أن مخابرتنا الهاتفية تلك كانت مفيدة. . . استعملت دهائي وبراعتي حتى استطعت أخيرا أن أضع يدي على برنامج غرايسن بالنسبة للأيام القليلة القادمة".
وسره اهتمامها بالامر وتبدد غضبها:" كيف استطعت أن تفعل ذلك؟".
فقال ضاحكا:" طلبت منه ذلك".
صمتت لحظة, ثم التوى فمها وانفجرت ضاحكة:" أنت أمهر مني بكثير, يا شايد. ما كنت لأفكر في ذلك أبدا".
خفف ضحكها من توتره وهدأ ذلك الدافع البدائي الذي يقاومه منذ عرفها ما ساعده على أن يتصرف برقة ومرح خادعين. وقال:" هذا هو السبب الذي جعلك تستخدمينني. لأنني الأفضل. أخبرني غرايسن أن بإمكانه تناول الغداء معنا يوم الجمعة, فحجزت طاولة في مطعم بيت ميلانو للساعة الواحدة ظهرا. كل ما عليك أن تفعليه هو أن تمددي فترة الدعوة".
فقالت مازحهة:" ماذا؟ لا أراك اهتممت بهذه الناحية أيضا؟".
هز كتفيه. لقد وضع القاعدة لدفعها إلى إقامة علاقة غرامية مع غرايسن. فهل عليه أن يقدمها له على طبق من فضة؟ هذا لا يمكن أبدا. قال:" إنها ترقيتك انت. . . أعلم كم يهمك أن تحصلي عليها بكد يمينك".

جين استين333 26-08-09 07:20 PM

-وسأفعل.
فابتسم بحنان:" لا أشك في ذلك. هل أحضر لك كوب قهوة؟".
-لا, شكرا. إنني أعوم في القهوة منذ الليلة الماضية.
وقطبت جبينها فتنهد بصمت. استطاع أن يخمن موضوع حديثها التالي. وصح ما توقعه عندما نظرت إليه وقد احمرت وجنتاها:" بالنسبة إلى الليلة الماضية. . . ".
قال بلهجة الدفاع:" نعم, حملتك إلى غرفتك. وخلعت لك حذاءك".
-شايد. . .
وتغيرت لهجة الحديث فاختفت الدعابة لتسود الحدة والشوق و مزيج من الحرارة واليأس. لم يستطع أن يفهم ما الذي منعه من أخذها بين ذراعيه. لعله ما زال يمتلك بعض بقايا الشرف والالتزام. كان متلهفا إلى أن يعانقها, إلى اكمال ما بدآه منذ دخوله إلى مكتبها ورؤيته لعينيها الحذرتين. لكن وبدلا من الخضوع للناحية الحقيرة من شخصيته, شد قبضتيه وثبت قدميه مكانهما, مقاوما المشاعر التي اكتسحته.
-أنا لم أختلس النظر اليك, لكنني أردت ذلك, فاخذتك إلى غرفتك ثم تركتك وخرجت.
-وهل تتصرف دوما بهذه الشهامة؟
أخطأت في هذا السؤال. فهو ليس شهما إلى هذا الحد. وخلق قشرة التهذيب تكمن مشاعر جردته من كل تحكم في نفسه ما جعله عبدا لدوافعه البدائية. إنه يرغب في تيس. و هذا الشعور هو من القوة بحيث لم يعد يحتمله.
كانت لهفته إليها ملحة, تدفعه إلى أن يأخذ ما تخبره غريزته أنه ملكه. هذه المرأة هي له كما أنه لها. لم يفهم كيف ادرك ذلك. إنما تملكه إدراك عميق بسيط بان حياته من دون تيس لا تعني شيئا.
قال يجيبها:" تبا, يا تيس! ألا تفهمين؟ لم أشأ أن أكون نبيلا. تمنيت أن يكون ذلك الخاتم في اصبعك رمزا حقيقيا".
بدا على وجهها تعبير غريب. لا يمكن أن يكون هذا شوقا, لاسيما إليه. فمها ليسا لبعضهما بعضا.
وقالت:ط لكنه ليس حقيقيا".
-هذا صحيح. كما أنك كنت صعيفة عاجزة الليلة الماضية, فلم أشأ أن أستغل ظروفك.
جاء دورها لتبستم بحنان:" ما كنت لتستغلني مهما كانت الظروف".
التوت شفتاه:" لا تكوني واثقة إلى هذا الحد فأنت لا تعرفينني. ثمة الكثير مما لم أخبرك به".
-هل لك أن تخبرني الآن؟
لم يجرؤ على ذلك, فهذا لن يدمر علاقتهما وحسب بل سيمتعه من إكمال مهمته. إن الاقدام على ذلك مستحيل, ما عزز قراره:" أظن أن من الحكمة أن ننهي مهماتنا الخاصة. عليك أن تركزي على مهمتك الصعبة, أما أنا. . . ".
-أنت ماذا؟ ماذا عليك أن تفعل, شايد؟
وأخذت تتامله بفضول.
-علي أن أساعدكو و التورط عاطفيا معك لن ينفع.
قال هذا لمصلحته و لمصلحتها أيضا, فربتت على ذراعه:" لا تتكدر. لا يمكنك أن تكون جيدا في كل شيء".
يا لجهنم! وقال:" حبيبتي, لا تعزيني. علي أن أثبت لك خطأك. ثقي بي. سيكون ذلك بهجة حقيقية".
بد الاغراء في نظراتها فضلا عن ذاك التعبير الغريب الذي سبق ولاحظهو وقالت:" أتمنى. . . ".
فهز رأسه:" لا تكملي".
فتنهدت برقة:" لا بأس. لن أفعل. لكنك لن تستطيع منعي من التفكير فيه".
أو منع نفسه من ذلك. وشتم بصوت خافت. يا لها من فوضى! كيف يمكن لمهمة بسيطة أن تتحول بهذا الشكل الفظيع؟ كيف يمكنه القيام بمهمته وكل خلية فيه تدفعه إلى أن يمتلك هذه المرأة قبل أن يأخذوها منه؟ ووضع ذراعه حول كتفها يدفعها إلى باب الخروج:" هيا بنا نخرج قبل أن يحدث بيننا ما نندم عليه".
فمالت عليه قائلة:"لقد أخافني قولك هذا".
-ماذا؟
فقالت بنظرة محرقة:" هذا بالضبط ما اوشكت أن أقوله".
***
قرر ألا يحضر موعد الغداء. لقد أقسم على أن يمنح غرايسن فرصة الانفراد بتيس, ونظر شايد إلى ساعته. ساعة واحدة فرصة كافية. . . و إلا. . . وتوتر فكه. لقد انتظر قدر إمكانه. على أي حال, إنه المحرض ومراقبة تطور العلاقة الغرامية ضمن عمله ما يعني أن زيارته لمطعم بيت ميلانو ليرى كيف تسير الامور بينهما هو أمر له علاقة بالعمل ليس إلا.
بقي صامتا طوال رحلته بالمصعد إلى قمة برج الملك حيث المطعم. اجتاز الردهة المبلطة بالرخام, محييا رئيس الندل بابتسامة عريضة:" كيف تسير الامور, يا جورجيو؟".
-بشكل ممتاز, يا سيد. . .
-شايد. . . شايد لهذا النهار.
-بالتأكيد يا سيدي.
الحمد لله أنه لم يصادف تيس وغرايسن عند وصولهما في البداية, لأن أمره كان سيكشف و ستقطعه مخدومته الحبيبة اربا اربا.
وقبل أن يسأل رئيس الندل عن تيس, دخل غرايسن الردهة وما إن رأى شايد حتى زمجر قائلا:" حسنا أيها الصديقو ما الذي يحدث هنا؟".

جين استين333 26-08-09 07:21 PM

تملك شايد غضب غير معقول. وتذكر, بشكل غامض, أنه مدين لغرايسن بشيء ما. . . بشيء يتعلق بتيس. . . آه, نعم. وارتسمت ابتسامة عريضة شرسة على وجهه. إنه مدين له بلكمة على الأنف, ومزاجه الآن مناسب تماما لذلكز فقال له ساخرا:" هل كان الغداء جيدا؟".
وسرعان ما اشتبك الرجلان متراجعين ليصطدما بأقرب جدار, فيما غرايسن يسأله:" لماذا تلقي بخطيبتك في وجهي في كل مناسبة؟".
فأمسك شايد بعنق صديقه القديم:" هل لمستها؟ أقسم, لو أن ذلك حدث. . . ".
التهبت عينا غرايسن الزرقاوان و أمسك بياقة معطف شايد:" لمستها بكل تأكيد. لقد هززنا المطعم كما لم يهتز من قبل".
وقبل أن يفعل شايد ما هو أكثر من النطق بشتيمة واحدة, كان رئيس الندل يقف بجانبهما:" أيها السيدان, لا ترغماني على أن أطرد اثنين من أفضل زبائن مطعم بيت ميلانو و كأنهما تلميذان فوضويان".
نزلت كلماته الهادئة عليهما و كأنها ماء بارد. و تشابكت نظرات الرجلين, ثم تركا بعضهما بعضا رغما عنهما فيما تمتم شايد:" معذرة, يا جورجيو. لا أدري ما الذي حدث لي".
بدا التسامح على وجه جورجيو:" لطالما كانت ذوات الشعر الاحمر نقطة ضفعي أنا أيضا. لكنك ستجد ان السيد شو لا يشاطرك الرأي".
وبنظرة تحذير أخيرة, عاد جورجيو إلى مكانه خلف مكتبه, بينما هز غرايسن راسه وقد حلت التسلية على وجهه مكان الغضب:" إنه محق! صحيح أن تيس رائعة الجمال, لكنها ليست من النوع الذي أحبه من النساء, وهذا يقودنا إلى سؤال هام وهو, لماذا كنت تدفعها نحوي أثناء الأسبوع الفائت؟ إذا كنت ترديني أن أتبرع إلى جمعية الإيثار فأطلب مني ذلك".
-هذا حسن, ماذا عن تبرعك بمبلغ؟.
-أنا جاهز.
-عظيم. هل يهمك أن أذكرك بأنها ليست خطيبتي فعلا؟.
ودس يده في شعره. لم يشعر قط من قبل بمثل هذا الارتباك إذ كان يكفيه أن يدفع الآخرين إلى علاقات عاطفية من وراء الكواليس.
-لا يهمني ذلك مثقال ذرة. . . و الآن, هات ما عندك. ما الذي يحصل حقا؟.
فتنهد شايد:" الأمر لا يهمك حقا, أليس كذلك؟".
-لو لم يكن هناك امرأة أخرى , لأغرتني الفكرة و لكنني غير مهتم. ولو أنني أشعر نحو امرأة بما تشعر به أنت نحو خطيبتك المزيفة لما تصرفت كالأحمق, بل سعيت لأحقق حلمي.
وعبس شايد. لماذا لم يفكر في ذلك فعلا؟ وقال:" أنت لست على علم بشيء إذن؟".
-لم يسبق أن كان لي أي علم بشيء. أخبر تيس بأنني سأدع سكرتيرتي تكتب لها شيكا في بداية الأسبوع القادم.
وأشار غرايسن برأيه إلى قاعة الطعام متابعا:ط إنها بالمناسبة, تنتظرك. أخبرتها أنك لن تحضر لكن يبدو أنك قلت لها العكس ما حسم الموضوع بالنسبة إليها. إنها تثق بك, و يجب أن تبذل جهدك لئلا تدمر هذه الثقة".
-أنا لم اكذب عليها.
ليس بالضبط.
-أتظنها سترى الأمور كما تراها أنت؟ انتبه يا شايد, فهي مجنونة كجهنم. . . و أنا لا ألومها. حاول أن تقول لها الحقيقة فقد ينجح ذلك من يعلم؟.
قال هذا وتوجه إلى المصعد, تاركا شايد ينظر في أثره. هذا يكفي بالنسبة إلى لجنة التزويج. ما الذي كانوا يفكرون فيه؟ الرجل لا يريدها, و هذا يعني طبعا أن غرايسن مخبول. لكن اللجنة لم تأخذ هذا بعين الاعتبار عندما اختارته.
سار شايد إلى قاعة الطعام باحثا عن تيس, فرآها عند مائدة بجانب النافذة. بدت مغتاظة للغاية ما جعل وجنتيها تتوهجان و عينيها الزرقاوين تعتمان, حتى شعرها الأحمر بدا ناريا أكثر من المعتاد. وعندما رأته, تناولت كأسها و أخذت جرعة كبيرة منه.
ما الذي أخبرها غرايسن به؟ لا يمكن أن يكون الكثير. . . و إلا لما بقيت في انتظاره هنا. وصل إلى المائدة ووقف أمامها بجانب الكرسي, متلهفا إلى أن يأخذها بين ذراعيه, و إلى جهنم باللجنة. لكن هذا لا يعني أنها سترضى بذلك. وبنظرة واحدة إليها أدرك أنها تركز اهتمامها كله على العمل.
جاهد للتحكم في نفسه وهو يقول بلهجة عملية:" هل أجلس؟".
-فقط إذا كنت مهتما بعملك.
فقال وهو يجلس:" لا بأس, حتى الآن الأمور جيدة. آسف لتأخري".
-و أنا أيضا. لقد انهيت لتوي واحدا من أكثر الغداءات , التي شاء سوء حظي حضورها, إرباكا.
سألها بادب:" إرباكا؟ وكيف ذلك؟".
-دع مظهر البراءة هذا يا شايد فهو لن ينجح.
وكورت يدها الصغيرة وضغطتها على فمها:" قل لي إلى أي حد تعرف غرايسن؟".
تلاقت أعينهما فنبذ من ذهنه فكرة معانقتها. كان يرجو ألا تكتشف حقيقة صداقته مع غرايسن إلا بعد أن تحصل على الترقية. لكنه كان مستعدا لفتح الموضوع إلى حد ما, فقال:" إنني أعرفه بما يكفي".

جين استين333 26-08-09 07:22 PM

-إلى أي حد؟
لا سبيل إلى التخلص من هذا السؤال, فقال:" كنا شريكين في غرفة واحدة في الكلية".
بان عليها الغيظ البالغ, واشتدت قبضتها حتى ابيضت سلامياتها, وهي تقول:" لكنك لم تجد الأمر من الأهمية بحيث تذكره لي؟".
-فكرت في ذلك لكنني لم أجدها فكرة حسنة.
-لماذا لم تجدها كذلك؟
-لأنك كنت ستشطبين غرايسن من قائمتك.
-ما الذي تعنيه؟
-أعني أنك لو علمت أنني في وضع يمكنني من الضغط على غرايسن, لرفضت ان تحاولي استمالته. اما لماذا؟ فهي اختلاف في الرغبات, كما مع اديليد.
-إنه قراري أنا.
-أنت تمزحين, أليس كذلك؟ أنا أعرف ما هو القرار الذي كنت لتتخذيه. يا لجهنم, يا حبيبتي, لقد استخدمتني لمجرد احتمال أن تصادفي ديك سميث, فماذا تسمين هذا إذا لم يكن تضاربا في المصالح؟
نظر إليها باحباط, فقالت:" أنت محق. إنه تضارب في المصالح. كان من المفروض أن آخذ علما بذلك".
-لا بأس. إنك تعلمين الآن. فهل ستطلبين تبرعا من غرايسن أم لا؟
فهزت رأسها بثقة:"لا".
سألها رغم أنه كان يعرف الجواب سلفا:" لماذا لا؟".
-لأنه كان صديقك في الجامعة وهذا يحمله على أن يمنحني التبرع اكراما لك. ولن احصل على ترقيتي بهذه الطريقة.
-ترقيتك؟
وشعر بغضبه يرتفع إلى مستوى غضبها, فمال إلى الامام نحوها:" ماذا عن مصلحة جمعية الإيثار؟. أتظنينهم يهتمون بمصدر المال, وماذا إذا كان غرايسن قد كتب الشيك لأنه صديق قديم لخطيبك؟ أضمن لك أنهم لن يهتموا. المال بجهدي الخاص. لا يمكنني أن أقبل مساعدة خارجية".
-لماذا؟ لماذا؟ طريقة تحصيل هذا العطاء أهم من المال نفسه؟ ألا يمحو ما يجلبه هذا المال من خير أي اعتبار آخر.
فتحت فمها ثم عادت فأقفلته. لقد هبطت حماستها في الجدال. . . وتنهدت:" أظنني أبالغ أليس كذلك؟".
ى تلاشى غضبه ومال إلى الأمام وغطى يدها بيده:" ما الذي يحدث, يا تيس؟ لا أفهم شيئا".
-شايد. . .
وسكتت لا تستطيع الكلام, فقال:" أخبريني, يا حبيبتي. لماذا هذا الامر بالغ الاهمية بالنسبة إليك؟".
حاولت أن تجيب فاختنقت الكلمات في حلقها واغرورقت عيناها بالدموعز ولم يتردد هو في القول:" هل دفع الحساب؟".
وعندما أومأت وضع مزيدا من النقود ثو وقف قائلا:" فلنذهب".
أحاط كتفيها بذراعه وخرج معها من المطعم, ثم طلب المصعد. وسارا جنبا إلى جنب من قمة البرج إلى موقف السيارات ثم إلى سيارته.
أخرج هاتفه من جيبه ثم ألقاه إليها:" اتصلي بمكتبك و أخبريهم أنك ستغيبين بقية النهار".
وارتاح عندما أطاعته من دون جدل. وبعد اتصالها سألها:" إلى بيتي أم إلى بيتك؟".
فقالت:" أظنني بحاجة إلى التغيير حاليا".
فأومأ :" بيتي, إذن".
اتما الرحلة بصمت. بدت الهزيمة على وجهها فبذل جهده لكي يتابع طريقه بدلا من أن يتحول إلى موقف عام للسيارات ليسألها أن توضح له ما يجري.
بدا و كأن دهر مر عليه قبل أن يوقف السيارة و يطلب المصعد. وما إن دخلا الشقة, وصفق الباب خلفهما حتى أخذها بين ذراعيه. وبقيا لحظة طويلة صامتين.
واخيرا, قال:" لا أدري ما الذي حدث, سأبذل جهدي في مساعدتك. ولكن عليك أن تخبريني. ما سبب هذا كله؟".
^^^^^^^^

جين استين333 26-08-09 07:25 PM

تم الفصل الثامن

جين استين333 26-08-09 07:29 PM

فينكم يا ليلاس

شكلها القصة ما عجبتكم !!!!!!

dede77 26-08-09 09:44 PM

واو جين الرواية بجد خخخخطططييييرةةةة فى انتظارك يا قمر وفى انتظار باقى احداث القصة الشيقةوتسلمى على اختيارك الرائع للرواية وبجد المفاجاة فى هذا الفصل من النوع الثقيل قوى فى الانتظار

جين استين333 26-08-09 09:51 PM

شكرا لكي عزيزتي على كلامك الحلو


وان شاء الله ما أتاخر عليكم على نهاية القصة انا قربت اخلصها وغذا خلصتها ححطها كلها مرة وحدة عشانك

جين استين333 27-08-09 02:13 AM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


بما ني خلصت كتابة الرواية فححطها كلها دحين ^_______^

dede77 أشكرك عزيزتي على كلامك الحلو وانا ححط باقي الفصول عشانك

جين استين333 27-08-09 02:22 AM

9-سأعترف و أنسى

أراحت تيس رأسها على صدر شايد, مستمتعة بقوته. ولم يكن هذا يعني أنها بحاجة إلى من تعتمد عليه فلطالما كانت الطرف القوي في علاقاتها. اما الآخرون فكانوا يميلون إلى الاعتماد عليها. ولم تكن تتردد في اعطاء كل ما تستطيعه لأولئك المحتاجين. لكنهاو وفي هذه الدقائق القليلة ستنتهز فرصة ما يقدمه لها. بشكل ما, خففت لمسته ذلك الانقباض في حلقها, فاندفعت تتحدث عن أكثر تجارب حياتها ألما.
سألته وهي تطوقه بذراعيها, واضعة رأسها على صدره:" أتعلم أنك لم تسألني قط كيف مات روبرت؟ لماذا لم تفعل؟".
-تصورتأنك كنت ستخبرينني بذلك بنفسك لو أردتني أن أعلم.
متى كان صوت شايد الاجش الفظ يعني الكثير بالنسبة إليها؟
ولم شق طريقه إلى قلبها بهذا الشكل؟ أجابت:" أربدك أن تعلم".
تراجه وهو ينظر في انحاء الردهة عابسا ثم قال وذراعه ما زالت حولها:" فلنذهب. هذا ليس بالمكان المناسب لحديث كهذا".
اجتاز معها الردهة إلى قاعة الجلوس الفسيحة التي تمتد فيها النوافذ من الارض حتى السقف ويغطي جدرانها مشهد لا مثيل له لجبال الاولمبياد. كان الوقت لا يزال باكرا لانهمار الثلوج على قممها التي وقفت صخرية شامخة تكاد تنطح السماء الزرقاء.
سارت تيس إلى النافذة سامحة لسحر هذا المشهد بأن يتملكها. وتبدد التوتر من عضلاتها وامتلأت نفسها بالسكينة والسلام.
مقف شايد بجانبها, ثم أمسك بمرفقها يعيدها إلى صدره:" حدثيني يا حبيبتي. كيف مات روبرت؟".
-بسرطان الدم.
-يا الهي! هذا أمر شنيع.
زاد من احتضانها فشعرت براحة عميقة. رائحته, حرارة جسده, لمسته الرقيقة. . . أشعرتها بدفء مريح. و أجابت مغالبة دموعها:" شنيع للغاية".
-أخبريني ماذا حدث, كم بقيت متزوجة قبل أن يكتشف الطبيب مرضه؟
كانت الذكريات قديمة بعيدة من ناحية, وجديدة مؤلمة من ناحية أخرى. ما أسرع ما تغيرت الحياة بعد ذلك الاكتشاف المؤلم. لقد انتقلا هي وروبرت من مرح الصبا وخلو البال, إلى وزن كل لحظة, مكافحين مرور كل لحظة من الزمن. . .
و اجابت:" لم نكن متزوجين, حينذاك. تم تشخيص مرضه في اول سنة ثانوي ".
تملكته الدهشة:" هل عرفت روبرت حينذاك؟".
-بل كنا أصديقين حميمين معظم حياتنا.
وابتسمت من خلال دموعها لذكرى تلك الأيام السعيدة والنزهات و الرحلات الريفية و المشاجرات الصبيانية.
لقد كبرا من طفلين صغيرين يلهوان معا, إلى عصابة من الصبية تمارس ألعابا خطرة ليعانوا لاحقا من ثورة المشاعر في سنوات المراهقة المربكة. وما إن وصلا إلى مشارف النضج حتى طالعتهما الحياة بالألم.
-عندما كبرنا, أصبحت صداقتنا شيئا آخر.
-كيف اكتشفوا سرطان الدم؟
ركزت نظراتها على الجبال البعيدة, مجاهدة لاكتساب التوازن و الصفاء اللذين يوحي بهما هذا المشهد عادة. كم برة بحثت عن مشاهد كهذه لتخفف من عذاب تلك الأيام الكئيبة.
شيء ما في خلود تلك الجبال و ذلك البحر ساعدها على تهدئة عواصف المرارة الهوجاء التي كانت تهدد بأن تدمرها في تلك السنوات السوداء. أخذت نفسا عميقا وقد أدهشها أن تشعر بأن وجود شايد ساعدها على تمالك نفسها.
-أثناء دراستنا الثانوية, كان البايسبول محور حياة روبرت. . . فقد كان عشقه. لم يكن نجمنا المفضل وحسب بل اختاره فريقه رئيسا له. في منتصف سنته الأخيره, أصيبت ذراعه أثناء اللعب, وأثناء العلاج اكتشف الطبيب المرض.
منتديات ليلاس
-كم أنا آسف, يا تيس.
-لا يمكنك أن تتصور اهتمام أعضاء الفريق, فقد كان حبهم لروبرت لا مثيل له. كنت لتحبه يا شايد فقد كان ذكيا, سخيا, دمث الطباع.
-قلت إن غرايسن يذكرك به.
فأومأت:" إذا كنتما, أنت و غرايسن, من الصداقة بحيث تشاركتما غرفة واحدة أثناء الدراسة في الكلية, فلا بد أن تقدر أي نوع من الرجال كان روبرت حتى وهو في طور المراهقة. كان جلودا صلبا. فقد احتمل كل ذلك العلاج المؤلم من دون تذمر. في الواقع, كان يبذل جهده ليشجع الآخرين, ويجعلهم يضحكون مرة أخرى.
-متى تزوجتما؟ بعد الدراسة الثانوية؟
-لا. كنا صغيرين لم نتزوج إلا بعد دخولنا الجامعة. حينذاك, كان مرض روبرت قد خف فظنناه شفي.
-لكنه لم يشف.
-لا.
وكان في هذه الكلمة كل شيء.
-متى قررتما الزواج؟
-في نهاية السنة الثانية في الكلية. كان الربيع حينذاك رائعا. كنا نمضي يوما ربيعيا رائعا, ممددين على العشب, مبتهجين لإنهائنا سنة دراسة أخرى. كنا في فورة الشباب ومليئين بالأمل في الحياة. يومها انقلب روبرت على بطنه وعرض علي الزواج.
قال شايد بصوت أجش:" دعيني أخمن. قلت أنت نعم".
-أنت مخطئ. أظنني قلت له إنه معتوه. أليست هذه شاعرية مني؟
قالت الجملة الأخيرة ضاحكة, ساخرة من نفسها, فرقت ملامحه:" أفهم من هذا أنك كنت امرأة عملية حتى تلك الأيام".
فتلاشت ابتسامتها:" تماما, عندئذ, بدا الجد على وجه روبرت وقال:إذا كان المرض قد علمه شيئا فهو أن يعيش حياته بملئها, أن يعتصر البهجة من كل لحظة فيها. وبعد ثلاث ساعات كنا على متن الطائرة المسافرة إلى نيرو في ولاية نيفادا حيث تزوجنا".
-بهجة الزواج تلك لم تدم طويلا, أليس كذلك؟
هزت رأسها وهي تغالب دموعها, مجاهدة لتحافظ على ثبات صوتها وإن كان ذلك لم يخدع شايد فأخذها بين احضانه يشدها إليه وكأنه يقول إنه سيقوم بكل ما بوسعه لكي يخفف من آلامها.
وضعت خدها على صدره فأبرزت دقات قلبه الثابتة قوته الهادئة:" ومع بدء فصل الدراسة في الخريف, اكتشفنا عودة المرض إليه, فتركت المدرسة لأعتني به. . . لكنه لم يعش حتى عيد الميلاد".
أخذ يمر بيده على رأسها وهو يكرر:" كم أنا آسف, يا تيس. آسف للغاية. لابد أن الأمر كان فظيعا".
-كنت أحبه كثيرا. ما كان ينبغي أن يموت.
وبللت دموعها قميص شايد.
-لا تعذبي نفسك, يا حبيبتي.
بدت اللهفة في صوته وكأنه استوعب جزءا من آلامها و تابع يقول:" لقد اختارك روبرت شريكة حياته ولابد أن هذا غير حياته".
فقالت بعنف:" أنا مسرورة لأننا تزوجنا. أنا مسرورة لأننا أمضينا ذلك الوقت معا".
انتظر حتى تمالكت نفسها, ثم قال:" أظن أن موت روبرت هو الذي جعلنا نصل إلى وظيفتك في جمعية الإيثار".
فأومأت:" وهو السبب في إصراري على نيل ترقيتي بجهدي الخاص".
-أظنك اخترت العمل معهم بعد موت روبرت. والسبب في اختيارك هو جهودهم في مساعدة مرضى سرطان الدم. لكن ثمة أسباب أخرى, أليس كذلك؟
-نعم أسباب كثيرة اخرى.
-هل عدت إلى الكلية؟
-لا. بعد أسبوع من الجنازة تكاثرت علي الديون فقصدت جمعية الإيثار طلبا للعمل, وقد قابلت آل بورتمان".
-ومنحك الوظيفة؟
-نعم, فضلني على امرأة أخرى اكثر كفاءة و صاحبة مؤهلات.
-من أجل قضية روبرت؟
-نعم, رغم أنني لم أخبره عن موت زوجي, إلا أنه عرف ذلك حين سأل المراجع التي قدمتها إليه للاستفسار عني.
-ومن ذلك الحين و أنت تبذلين جهدك لكي تثبتي أنك بكفاءة تلك المرأة.
لقد توصل إلى نتائج منطقية فلم تعبا بالانكار. و كانت هذه هي الحقيقة على أي حال.
-أنا أفهمك تماما. بقيت قلقة من أن يشعر آل بورتمان أنه خطأ بتوظيفك و أن يدفع الثمن في النهاية أولئك الذين تأسست جمعية الإيثار من أجلهم.
فأجابت على الفور:" ألا تفهم؟ الوظيفة هي أهم من الشخص الذي يقوم بها".
-ما أفهمه هو أن الشخص الذي يقوم بالعمل حاليا هو الأفضل لهذا المركز. أنت تعرفين مدى أهمية المساهمة في ضمان استمرار العمل.
-ولكن تلك المرأة. . .

جين استين333 27-08-09 02:23 AM

-إنها مؤهلة جدا, لكن يبدو أن آل بورتمان رأى فيك ما لم يره في المرأة الأخرى. إذا كان علي أن أخمن فسأقول أنه يرى القلوب. لقد رأى أنك ستبذلين قصارى جهدك في عملك و أنك لن ترضي بالرفض جوابا أو تيأسي بسرعة, أم أنني أخطأ قراءة مزاياك؟
-نعم, سأفعل أي شيء. . .
وتهدج صوتها فمسحت دموعها الغاضبة وهي تتابع:" سأفعل أي شيئ كيلا أخسر شخصا آخر كما خسرت روبرت".
-وهذا ما ستقولينه لوالت مور.
فجمدت مكانها:" ما الذي تتحدث عنه؟".
-أتحدث عن ثالث المتبرعين.
كان الفولاذ خلف العطف الذي رأته في ملامحه, وهو يتابع فائلا:" لقد ماتت زوجته بسبب سرطان الدم هي أيضا, ولابد أنك قرأت ذلك في ملفه".
فهزت رأسها:" أنا لم أستغل ظروف موت روبرت قط ولا أريد أن أبدأ بذلك الآن".
فقال بشيء من الغضب:" تستغلين؟ ماذا عن التعبير عن العواطف؟ ماذا عن الذهاب إلى الرجل لتحعليه يعلم أنك تشعرين معه تماما, و أن هذا مرض يأخذ الكبير و الصغير. . . و أن ثمة شيء يمكن القيام به للشفاء منه".
-لا أدري إن كان بإمكاني أن أحدثه عن روبرت حتى بعد كل تلك السنوات.
أمسك شايد بكتفيها قائلا:" عندئذ سيرى والت مور ذلك ويفهمه. و إذا لم ير أو يفهم, فلا شيء تقولينه سينفع معه. لكن, ربما. . . ربما, فقط, ربما سيعلم أن ثمة ما يمكن أن بفعله, و أن تبرعه قد يشفي زوجة رجل آخر".
لم تقتنع بأن بإمكانها أن تنجح في ذلك. كيف يمكنها أن تفتح قلبها لرجل غريب كما تفعل مع شايد؟ إنه أمر شخصي حميم للغاية لا يكاد يختلف عن المشاعر التي طال كبتها في صدرها لما يقارب العشر سنوات.
ومرة أخرى قرأ أفكارها:ط حان الوقت لتشركي الآخرين في أخبار زوجك. حان الوقت لتواجهي بشجاعة الرجل المسؤول عن عملك في جمعية الإيثار. لم يعد عليك أن تشعري بالذنب بعد الآن".
تشعر بالذنب؟ ورفعت ذراعيه عنها:" أظن أن عليك أن توضح فولك هذا".
فتنهد متعبا:" ألامر بسيط, يا تيس. لقد ما روبرت و بقيت أنت حية. قلت هذا بنفسك. كان شخصا رائعا يحبه كل من يعرفه ولم يكن يستحق الموت. لاسيما و أن لديه الكثير ليقدمه إلى الآخرين. لو عاش روبرت, ما الذي كان سيفعله الان؟".
جمدت مكانها:" كان سيعمل. . . سيعمل. . . ؟".
-سيعمل مه جمعية الايثار؟ يحقق المستحيلات بفطرته الخيرة وحماسته الصبيانية؟ ألم يخبرك بنفسه أنه سيفعل ذلك حين يتخرج من الكلية, يا تيس؟ ألم يخبرك أنه سيكرس نفسه لاكتشتف دواء يشفي من المرض الذي ظن انه تخلص منه. وعندما اختطفه الموت منك, تبنيت أنت مبدأه؟".
أذهلتها صحة كلامه:" كان علي أن أساعد بعمل ما. لم أستطع أن ادع حلمه يموت معه".
-طبعا لم تستطيعي ذلك؟ لم تستطيعي لأنك نسخة ثانية عن روبرت. إن لك فطرته الخيرة نفسها. ورغم أنني لا أستطيع أن أصفك بالحماسة الصبيانية, إلا أن لك من العواطف الأنثوية المشبوبة ما يدفع الناس إلى العمل.
-وقد لا يدفع والت مور.
-وماذا لو دفع؟
إنه محق رغم كراهيتها للإقرار بأن الوقت حان لوضع احزانها جانبا, لتقوم بعملها.
-لا بأس. سآخذ موعدا.
فقال وهو يعانقها:" كنت أعلم أنك ستفعلين. إذا كان بإمكاني تقديم أي عون, فأخبريني".
ابتسمت:" هل ستمسكني عندما أسقط؟".
-دوما.
هذه الكلمة تضمنت احلى الوعود. . . شيئا آخر. . . شيئا لم تشعر به منذ سنوات. . . تضمنت الأمل.
قال لها شايد وهو يسوي ياقة سترتها وخصلات شعرها النارية:" لا بأس يا حبيبتي فقد حان الوقت. اخبرتني مصادري بأن والت مور يقصد الحديقة العامة كل مساء ويجلس دوما على المقعد نفسه وفي الوقت نفسه وهذا يعني انه سيكون هنا في أي وقت".
فتمتمت:" لا أظنه سيرضى بان تقطع عليه خلوته".
-لعلك محقة, لكنني أخشى أن تكون هذه هي الطريقة الوحيدة لمقابلته, لأنه سبق ورفض كل التماساتك لرؤيته.
ونظر شايد إلى المقعد الخشبي فرأى رجلا يقترب منه, فعاد يقول لها:" ها هو ذا يقترب, هل أنت جاهزة؟".
-لا, لكنني لن أدع هذا يمنعني. هل ستتمنى لي حظا سعيدا؟
لم يستطع المقاومة فأخذها بين ذراعيه وعانقها مشجعا. لو كانا في مكان آخر لأطال العناق. لكن تيس لديها قدرة خارقة على الانسجام كليا ولو مع أبسط عناق. لعل هذا يعود إلى كرمها الطبيعي. . . أو ربما أصبح لديها شوق مدمر إلى عناقه! يا لأحلام الرجال. . .
تركها كارها وهو يشير برقة إلى المقعد:" جظا سعيدا يا حبي. كوني صادقة معه فهذا ما يتوفعه أي شخص".

جين استين333 27-08-09 02:25 AM

تركته بابتسامة متوترة وابتعدت عنه فيما راح ينظر إليها متمنيا لو يستطيع أن يساعدها اكثر مما فعل. إنها تريد الحصول على ترقيتها بشكل شرعي وهو لن يتدخل في ذلك. وسارت حتى وقفت قرب المقعد الخشبي الذي جلس عليه والت مور. أخذت نفسا عميقا, ثم اعتدلت في وقفتها من دون أن تظهر أي أثر للتوتر.
كانت الدقائق التالية هي الأكثر أهمية. فشايد لم يكن لديه ادنى شك في أن تيس سوف تعرض قضيتها جيدا هذا غذا سمح لها بالكلام. لذا, اتكأ إلى شجرة عملاقة, وشبك يديه على صدره, و أخذ يراقبها باهتمام.
في البداية, بدت المفاجأة على والت ثم تظاهر بالسخط, لكنه لم يعترض عندما جلست بجانبه وكلما تكلمت, تغير تصرفه نحوها تغيرا جذريا, إذ تقوست كتفاه بأسى و أخذ يهز رأسه. و عندما غطت يدها يده لم يسحب يده. وبعد عشر دقائق طويلة وقف وقال لها ما جعلها تبدو و كأنها تلقت صفعة, ثم تركها وسار في طريقه. وسرعان ما اندفع شايد إلى جانبها فالقت بنفسها بين ذراعيه بصمت. تمتم يقول و شفتاه على قمة راسها:" لقد حاولت, على أي حال".
-خذني إلى بيتي, أرجوك.
لم يتردد, وخلال دقائق كانت معه في السيارة. وتملكه القلق حين لم تنطق بكلمة طوال الرحلة. وعندما توقف أمام بابها تبعها إلى الداخل وهو يقول:" لقد بذلت جهدك يا تيس".
صفقت الباب خلفهما, ثم رمت بحقيبة يدها على منضدة الردهة وهي تقول:" جهدي لم يكن كافيا. قصتي مع روبرت لم تؤثر فيه مثقال ذرة. قال لي إن به طريقته الخاصة في الحزن, و إلقاءه بنقوده لي سبب كان لن يعيد عليه زوجته".
فقال شايد:" ربما سيعيد النظر في ما قلته حين يصبح لديه وقت كاف ليفكر في ما قلته له. الناس تصغي إليك يا حبيبتي. ورغم رفض والت لك هذه المرة. . . وحتى لو رفضك مرة أخرى, ثابري على الاتصال به وهو سيصغي إليك. لابد ان بتأثر بكلامك في النهاية لأنه سيلحظ إخلاصك ويدرك ان عليه ان يتصرف بدلا من أن يحزن".
قالت:" شكرا لحضورك معي. إذا كان لديك اي عمل خاص بك, فلن اشغلك".
قالت هذه بلهجة رسمية للغاية, فرد:" هذا يمزقني".
ثم أخذها بين ذراعية من دون إنذار, فلم تقاوم بل تعلقت بعنقه وهي تسأله:" ما الذي تفعله؟".
-أضمك إلي.
خاف أن يزداد توترها لكن النتيجة جاءت عكسية تماما إذا ارتاحت بشكل ملحوظ:" من حسن الحظ إنك لم تنهاري. في الواقع لم يكن فشلك هذا أكثر من كبوة بسيطة لكنني اعدك بأن أكون موجودا من أجلك عند الحاجة. أشعر بأنك عدت فتحولت إلى رئيستي في العمل لكي تطرديني ثم تحاولي مداواة جرحك على انفراد".
فقالت مازحة:" أتظن أن هذا لن يحدث في وجودك؟".
-أبدا. و إذا حدث فأنا من سيقوم بمهمة المداواة تلك.
-في هذه الحالة, لدي طلب أخير منك.
-وما هو؟
-أن تأخذني غلى غرفتي الخاصة. إنها في ذلك الإتجاه إذا ما نسيت.
فازداد تقطيبه:" لماذا تفعلين هذا, يا تيس؟ لأنك متكدرة؟ اتشعرين بالوحدة؟ هل أنت بحاجة إلى رجل؟".
-أتظنني بحاجة إلى رجل. . . أي رجل؟ أهذا ما تظنه؟
-أنا أعرفك أفضل من هذا و أنت لا تنشدين أي علاقة عابرة.
لم تستطع إلا ان تضحك:" ما الأمر, يا شايد هل ما يهمك هو علاقة عابرة أم غير عابرة؟ أم أنك غير مهتم للامر على الإطلاق؟".
زاد من احتضانها وهو يقول:" هل تشعرين بأنني غير مهتم بك؟".
-لكنك تريد أكثر من مجرد الاهتمام المؤقت و الرغبة, أليس كذلك؟".
-نعم.
سمرت نظراتها عليه, نظرات ثابتة واثقة:" أنا أيضا".
-تيس.
يجب أن يعرف شايد مدى تأثيره فيها, لقد أمضت سنوات كثيرة مختبئة من مشاعرها لكن هذا انتهى و شايد يستحق ان تكون صادقة معه.
تخللت شعره بأصابعها وأخذت تلامس وجهه بكفيها وابتسمت قائلة:" كنت على حق. طوال هذه السنوات كنت أخاف الحب. لذا, اتخذت العمل حجة كيلا أتعرض لخسارة حبي مرة أخرى".
-لن تفقديني.
فهتفت من كل قلبها:" هل هذا وعد؟".
-أعدك يا تيس. مهما حدث, سأكون موجودا دوما من أجلك و لن اتركك أبدا".
ثم عانقها, و كان العناق مختلفا هذه المرة, فتحدث عن رغبة لا تنتهي, وعن وعود و عهود. تحدث عن باب أغلق على الماضي و آخر فتح على المستقبل, وعن رغبته في أن يكون جزءا من المستقبل. و أكد لها أنها عثرت على من سيبقى بجانبها.
كما أن هذا العناق كشق حقيقة كانت تدفنها في أعماقها.
و نظرت إلى شايد. كيف كانت عمياء إلى هذا ؟ لقد أحبت هذا الرجل, أحبته بمشاعر لم تعرفها من قبل. مشاعرها نحو روبرت كانت مختلفة للغاية. كان حبا أول لم تسنح له فرصة للنضج ليصبح شيئا أعمق و أكثر دواما, لكن إحساسها نحو شايد نفتح عن زهرة متلهفة إلى أشعة الشمس, تجذرت في أرض خصبة.
وهمست ببهجة:" شايد أرجوك لا تتخلى عني".
-لن أفعل يا حبيبتي. هل تبددت كل الأشباح الآن؟
-ذهبت كلها و لن تعود.
و بحنان لا يوصف, ضمها مرة أخرى إلى صدره.
لم يكن للوقت معنى. لم تكن تشعر بسوى هذا الرجل الذي يحتضنها فيشعرها بالأمان في عالمهما الملون هذا.
كانت الأشباح قد ذهبت حقا ليحتل مكانها شعور جديد محير. لقد عثرت على ما تريد. . . النهاية السعيدة لإحدى حكايات الجن التي كانت تتمناها لصديقتيها الحميمتين.
لقد وجدت الحب مرة أخرى. . . و مع شايد.
غادر شايد الغرفة بصمت وفي الشرفة في الطابق السفلي, أخرج هاتفه الخلوي و طلب رقما.
أجابه صوت شيدو الناعس:" هل لديك فكرة عن الوقت؟".
-توقفت عن العمل.
-شايد؟
\ -استيقظ. و اسمع ما أقول يا شيدو. لقد تركت العمل. لن أكون محرضا بعد الآن. أخبر جمعيتك أنني استقلت من العمل رسميا.
-هل تيس لونيغان شريكة لك في هذا الأمر, بشكل ما؟
-لا أريد أن أراها مع غرايسن. إنهما غير متلائمين على الإطلاق.
-و أنت ملائم لها؟
-من دون شك.
-هل أنت واثق؟
-تماما.
-هذا عظيم. في هذه الحالة إنها لك.
كان هذا الجواب غير متوقع. وبقي لحظة يحاول استيعابه.
-بهذه البساطة؟
أغمض شايد عينيه. اتخذت قطع الأحجية أمكنتها, و أصبحت الصورة كاملة مزعجة. . . فأخذ يشتم بعنف:" كان اختياركم لي, أليس كذلك؟".
-بالتاكيد. وعلي أن أخبرك أن هذا الأمر نجح أكثر مما كان أي منا يتوقع.
-ستدفع ثمن هذا, يا شيدو.
-قل هذا لشخص يخاف بسهولة.
أقفل شايد هاتفه باشمئزاز. فليذهب اخوه و الجمعية إلى الجحيم! أما بالنسبة له, فقد سهلوا الامر عليه بإزالة غحدى المشكلتين اللتين تنتظرانه, ما تركه مع مشكلة أخرى عليه أن يواجهها. و عندما استدار, رأى تيس تقف خلفه. و لم يحتج إلى كثير من الذكاء ليدرك أنها تقف هناك منذ وقت طويل. لقد أدرك هذا من نظرة واحدة إلى وجهها.
لا بأس! ثمة مشكلتان عليه ان يواجههما.


^^^^^^^^^

جين استين333 27-08-09 02:27 AM

10-حقيقة لابد منها. . .

-هل أنت محرض؟.
-لا, بل أنا المحرض, أو الأصح أني كنت المحرض لكنني استقلت من هذا العمل.
-هل اختارتك الجمعية لتعرفني إلى شخص أتزوجه؟
-نعم.
-هل كان من المفترض أن تزوجني من غرايسن شو؟
تردد:" هذا امر معقد قليلا".
فانفجرت غاضبة:" لماذا لا تبسط الأمر لي, أم أنك لا تفهم التبسيط؟ أم أن الأمر أبسط من أن تعترف به؟ وهو ببساطة, عدم قدرتك على أن تستوعب مفهوم الحقيقة والصدق".
كانت تشتعل غضبا, لكنه لا يلومها:"لقد كلفت بوظيفة التحريض على علاقة عاطفية بينك وبين غرايسن شو, ولكن. . .".
-ما الذي أعطاك الحق في أن تعرفني إلى أي شخص كان؟ لماذا لا نبدأ من هذه النقطة؟.
فواجهها بقوله:" ومن الذي أعطاك الحق في أن تعرفي صديقتيك الحميمتين إلى أشخاص للزواج؟
أسكتها ذلك لحظة مسببا لها الضيق مؤقتا لكنها عادت تقول:" لقد طلبتا مني ذلك".
فأومأ:" هذا صحيح. هناك من يقدم طلبا ثم تدرس الجمعية الأمر وتقرر ما إذا كان هناك تفويض بالتزويج خلف الكواليس أم لا".
-وإذا لم يكن هناك تفويض؟
-إذن, ما من زواج.
رآها تجاهد لاستيعاب ما يقولهو وسرعان ما حدث ذلك فأغمضت عينيها:" هل قلت إن على شخص ما أن يقدم طلبا؟".
-نعم.
عادت تنظر إليه وقد كادت وقفتها الدفاعية تقتله:" وهذا يعني أن شخصا ما طلب من الجمعية أن تجد لي زوجا".
-نعم.
-من هو؟
-لا أستطيع أن أساعدك هنا.
-إنه أخي سيث, أليس كذلك؟
-هل هذا مهم؟
-لا.
وارتجفت ذقنها فلم يستطع ان يتمالك نفسه اكثر, فتقدم نحوها ليأخذها بين ذراعيه و يصحح الأمور, لكن تصرفه هذا كان خطأ, إذ ابتعدت عنه مجفلة وقد أعماها الغضب:"لا. . . لا تلمسني".
-حبيبتي. . .
-لماذا تركت عملك مع الجمعية؟ هل لأنك تورطت معي؟ هل أمثل أنا الآن مصدرا لتضارب المصالح؟ هل قلت لهم آسف يا رفاق, قررت أن استسلم لرغباتي بدلا من أن أقدمها إلى أمير الأحلام.
وأفلتت منه اول موجة غضب:" نعم, تركت العمل بسبب علاقتنا. ونعم, أنت مثلت لي تضاربا في المصالح. . . ونعم, لقد استسلمت لرغباتي بدلا من تقديمك إلى امير الأحلام, و السبب الأول لذلك هو أنهم اختاروا الأمير الخطا ".
ضاقت عيانها:" ما الخطأ في غرايسن".
-إنه ليس لك.
-أظن أن القرار بهذا الشان يعود إلي.
-لا تقنعيني. فأنت غير منجذبة إلى غرايسن. أنت تريدنني و كلانا يعلم هذا.
-لكنني أجد غرايسن رجلا جذابا للغاية.
كانت هذه هي الحقيقة البسيطة ما جعل أعصابه تتوتر أكثر مما توقع, و ازداد غضبه:" حسنا, دعي عنك ذلك, فهو غير مهتم بك".
جمدت في مكانها:" و كيف عرفت ذلك؟".
شتم بصوت خافت, إنه لم يكن حذرا في كلامه. لقد اعتاد أن يجد الرفيق الملائم لكل شخص يتولى مهمة تزويجه إذا به الآن يدمر علاقتهما.
-المعذرة. ما كان لي أن أقول هذا.
-كيف عرفت ذلك؟.
-عرفت لأنه اخبرني بنفسه أن في حياته امرأة أخرى. لا تنسي أننا صديقان قديمان.
-هل سالته عما إذا كان يريدني؟ هل استاذنته قبل أن تتورط معي عاطفيا؟ هل هو طرف في مشروع مؤسستكم لتزويجي؟
-اهدئي يا تيس!
ودس يده في شعره. إنه بحاجة ماسة إلى وقت لينظم فيه طريقة شرح الأمر لها.
لكن نظرة إلى وجهها أنذرته بأنه لن يحصل على ذلك الوقت:" غرايسن لا دخل له في شيء. إنه لا يعرف أكثر مما تعرفين عن اختيار الجمعية له. وما لا تدركينه هو أن. . . ".
فقاطعته:" أريد شطب إسمي من القائمة".
-لقد شطب.
فقالت وهي تبتعد عن طريق الباب:" يمكنك أن تغادر الآن".
-لن أخرج من هنا إلا بعد أن تسمعي ما أقول.منتديات ليلاس

جين استين333 27-08-09 02:29 AM

-لم يبق شيء بيننا ليقال.
-هذا غير صحيح. هناك الكثير ليقال.
-طلبت منك الخروج. أخرج من فضلك.
لو أن صوتها لم يتهدج عند ىخر كلمة, لاستمر في الجدال. لكنه أذعن لرغبتها:" حسنا, سأخرج. ولكن اعلمي أن غرايسن لم يكن هو من اختارته الجمعية. كان ستارا له فقط".
اتسعت عياناها:" إذن من. . . ؟ أنت؟ هل ظنوا أنك تمثل امير الأحلام؟".
-اتريدين ان تقولي إنني لست كذلك؟
فتحت فمها لتجيب ثم عادت فسكتت وهي تحدق إلى قدميها الحافيتين فقال:ط أنا مسرور لاعترافك بهذا القدر".
فرفعت رأسها:" انا لم أعترف بشيء".
جاهد ليبقى هادئا ويحافظ على المنطق و التعقل لكن تيس جعلت ذلك شبه مستحيل. كان شعرها ملتهبا حول وجهها مشابها لغضبها, بينما أظهرت عيناها ألما لا نهاية له, ألم لا امل في تخفيفه. كل ما يتعلق بها شتت أفكاره, مظهرا فرقا شاسعا بين غضبها و عجزها.
بدا وجهها شاحبا للغاية رغم الاحمرار الذي غزا وجنتيها, حتى انقباض يديها الذي يظهر عنادا تعارض مع الطريقة التي خبأتهما بها داخل كمي القميص. تلهف إلى أن يحتضنها, يطمئنها, ويستعمل كافة الوسائل المتاحة لكي يشرح لها سبب تضليله لها. لكن الأمور لن تجري بينهما بهذا الشكل. المنطق, عليه أن يلتزم بالمنطق و التعقل, حتى لو لم يستطع الحفاظ على هدوئه:" لماذا تتقبلين فكرة أن تذهبي إلى الجمعية لطلب تزويج, ولا تتقبلين من شخص يحبك و يتمنى لك الخير و السعادة؟".
فقالت:" صديقتاي رين و إيما طلبتا مني ذلك. لكنني لم أطلب من أي شخص أن يجد لي زوجا".
-كان هذا حديث مراهقات تركن المدرسة للتو, كما قلت بنفسك. وقد مر على ذلك عشر سنوات. هل سألتهما رأيهما مؤخرا؟
رأى من ملامحها أنه أصاب الهدف وقالت رغما عنها:" لا. لم أفعل".
-لأنك خفت أن تمنعاك من ذلك أليس كذلك؟
لم تستطع أن تنكر فتابع يقول:" فكري في ذلك, يا حبيبتي. كيف يختلف مسعى الجمعية هذا عما طلبته لهما؟ لو لم تسمعي كلامي في الهاتف لما عرفت أبدا أن الجمعية اهتمت بك, تماما كما لن تعرف صديقتاك قط أننا بحثنا لهما عن حب".
-لكني عرفت ذلك.
-هذا صحيح. لكن هل ما فعلته الجمعية فظيع إلى هذا الحد؟ لقد جعلوني ادفع غرايسن شو نحوك. أما ما حدث بعد ذلك فهو عائد لك.
-لم يحدث شيء!
-هناك سبب لذلك.
و أوشك أن يأخذها بين ذراعيه لكنه منع نفسه في آخر لحظة فهي لن ترحب بحركته هذه وهي في هذا المزاج, كما أنه لا يريد أن يفرض نفسه عليها:" ألم تفهمي؟ لطالما كان الخيار لك, يا تيس. ويبدو أنك رفضت غرايسن شو".
-واخترتك أنت, وهذا هو غرضهم الحقيقي. ألم ينجحوا بشكل عظيم؟
وابتعدت عنه وهي تردف:" أخبر جمعيتك أنني رفضت مشروعهم. أخبرهم أيضا ألا يلقوا مزيدا من أمراء الأحلام في طريقي".
-انت تقترفين غلطة.
زمت شفتيها بعناد:" أنا حرة بأخطائي".
-تبا يا تيس! هل ستتخلين عن شيء استغرق منك العثور عليه كل تلك السنوات؟ هل ستسمحين للخوف بأن ينتصر؟
التفتت إليه وقد تصاعد غضبها:" هذا ليس خوفا, بل هو غضب".
-ولك كل الحق في أن تغضبي. ولكن لا تدعي الغضب يفقدك شيئا منفردا لا مثيل له. وعدتك بألا أتركك وسأفي بوعدي دوما. سأكون موجودا من أجلك يا تيس.
-كما وعدتني بأن تمسك بي إذا أنا سقطت.
وخلعت خاتم خطبته من إصبعها وناولته إياه قائلة:" أما ما لم أتوقعه فهو أن تكون أنت من يدفعني إلى السقوط".
-وأنا أيضا من سيوقف سقوطك.
شعر بتوترها يزداد فأدرك أنها لن تستطيع الاحتمال أكثر. . . وبقاؤه لن يحسن الوضع, ومن المؤكد أنه لن يخفف عن تيس. أمر واحد سيخفف عنها وقد اذعن لهذا الحل غير المستساغ فوضع الخاتم في جيبه وهو يقول:"لا بأس, يا حبيبتي, سأخرج حاليا فقط. كل ما حدث الآن هو انتهاء لإدعاء. في المرة التالية التي تلبسين فيها خاتمي, وستلبسينه مرة أخرى سيكون ذلك لأسباب حقيقية".
لم يحاول لمسها. غادر المنزل مغلقا الباب خلفه ثم وقف بصمت أمام الباب ينتظر, وبعد لحظة سمع صوت المزلاج يقفل الباب.
ولم يفته مغزى هذا.
سار شايد بسيارته على غير هدى في الشوارع المعتمة, و هدير سيارته يخفف عنه. كان عليه أن يخبرها. كان عليه أن يخبرها بالحقيقة في اللحظة التي توقف فيها عن العمل كمحرض.
لماذا لم يفعل إذن؟
توقف عند الإشارة الضوئية الحمراء و أخذ يحدق أمامه بعينين لا تبصران.
لم يخبرها الحقيقة لسبب بسيط وهو أنه كان خائفا. و أرغمته سخرية القدر على الابتسام إذا يبدو أن بينهما قاسما مشتركا وهو سوء الحظ. بقيت هي بعيدة عن الرجال خوفا من خسارة حبها مرة أخرى, وبقي هو على صمته خوفا من أن تهجره حالما تعلم أنه يعمل لحساب الجمعية.

جين استين333 27-08-09 02:31 AM

عاد الضوء الأخضر, فأقلع بالسيارة. وشعر بانقباض في معدته وهو يواجه الحقيقة التي أراد أن ينكرها بكل خلية من كيانه. ثمة احتمال كبير في ألا يتمكن من إصلاح ما حدث بينهما, وذلك لسبب بسيط مشؤوم فهو لم يخبرها انه يعمل محرضا في تلك الجمعية, كما لم يطلعها على شخصيته الحقيقية. وتمتم بصوت خافت بأن هذا ما سيقتله في النهاية.
لعلها ستسامحه على الخيانة الأولى, لكنها لن تسامحه أبدا على الثانية. ولم يجد أمامه سوى خيار واحد. . . خيار يمكن أن يساعدها حتى و إن لم ينفع.
وداس على الفرامل فجأة, فلتذهب علاقتهما إلى الجهنم إذا افسدها تماما, وقد حان الوقت ليهتم بما فيه خيرها أولا. إذا لم يكن لديهما أي امل, فليحرص على الأقل على أن تنال الترقية التي تسعى إليها.
وعندما استقر رأيه على ذلك, توجه بسيارته نحو بيته فيما راح صوت رتيب أثار ضيقه يدندن في عقله:" لا. . . أمل. . . لا أمل. . .لا".
ورد بحدة:" بل ما زال هناك امل".

***

-ادخلي يا تيس. . .تفضلي بالجلوس.
حياها آل بورتمان بابتسامة عريضة, فجلست على حافة الكرسي أمام مكتب رئيسها وهي تكبح شعورا بالتوجس:"شكرا لاستدعائي لمقابلتك لأنني أريد ان أتحدث إليك, مجددا, في بعض الأمور".
اتكأ إلى الخلف و مد لها يده مصافحا:" لا بأس. لكنني اريد أولا أن أهنئك على الترقية فقد اصبحت رسميا نائبة الرئيس".
صافحته وهي تغالب ذعرها:" هل أفهم من لك أنك تلقيت تبرعا من أحد أولئك الأغنياء العنيدين؟".
ومن دون ان يتكلم, فتح ملفا أمامه و أخرج شيكا ناولها إياه:"انظري بنفسك".
رأت شيكا من غرايسن فشحب وجهها:" هذا مبلغ كريم حقا".
-هذا هو رأينا.
-ولكن ثمة شيء عليك أن تعرفه. . .
فأخرج شيكا آخر من ملف آخر ووضعه بجانب الشيك الاول:" أنا لم أفرغ من الكلام بعد. هذا شيك آخر من السيد سميث, وهو أسخى من شيك غرايسن شو".
آه, لا. . . هذه مصيبة. لا تستطيع ان تدع رئيسها يعتقد أنها كسبت المال بطريقة غير مشروعة, لاسيما و أن هذا غير صحيح:" يا سيد بورتمان. . . أظن عليك أن تعلم أن ثمة تضارب في المصالح بالنسبة إلى هذه العطاءات. . . فإذا بنيت ترقيتي على هذين الشيكين. . . ".
ابستم:" نحن على علم بتضارب المصالح. فقد شرح لنا السيد سميث الوضع ولم نجد أي مشكلة في الامر".
أخذت نفسا عميقا:" لكنني اجد ذلك".
فاومأ:" لقد نبهني السيد سميث غلى أنك ستقولين هذا".
-إذن. . .
-كنت لأتعاطف معك لولا وجود أمر آخر بسيط.
-وما هو؟
أخرج الشيك الأخير من الملف:" هذا".
كان صاحب هذا الشيك هو والت مور وكان المبلغ أكبر من المبالغ الأخرى.
-لا أصدق هذا, لقد جاء أخيرا.
-جاء أخيرا بسببك, يا تيس, و بسبب الحديث الذي دار بينكما عن روبرت. ربما أراد صاحبا الشيكين الاولين أن يسراك لكن عطاء السيد مور هو نتيجة جهدك و عملك, لأنه يشعر أن الهدف عادل و نقوده أنفقت في مكانها المناسب.
مالت إلى الخلف في كرسيها:" إنه جهدي إذن".
فقهقه بصوت خافت:" نعم, يا تيس. . . إنه جهدك".
بللت شفتيها ثم سألت:" و . . . السيد سميث؟".
-أظنك عثرت على رجل غير عادي. أتمنى لكما كل الخير.
لمعت الدموع في عينيها, وهو تصرف لا يليق بنائبة الرئيس بالضبط, لكنها لم تستطع منع نفسها. وقالت:" قد يكون هذا سابقا لأوانه".
-أرجو ألا يكون كذلك, يا تيس. . .
وقطب جبينه وهو يجمع الشيكات:" هل تعجبت لإصراري عليك كي تحصلي على تبرعات من رجل صعب قبل الحصول على الترقية؟".
-لا.
وتذكرت شيئا كان شايد قد قاله:" هل فعلت هذا بسبب روبرت؟ هل استخدمتني في الأساس لكي أستغل اسمه في العمل؟ للحصول على تبرعات؟ هل هذا هو سبب تفضيلك لي على من هي أكثر كفاءة مني؟".
جاء سؤالها أكثر جفاء مما كانت تنوي, ما صدم بورتمان:" كلا, ابدا. و إذا كان لموت زوجك تأثير في الامر فهو أنه جعلني متحمسا لتوظيفك. اردت موظفا يمكنه ان يتفهم مدى جادتنا الماسة إلى المال لينقل ذلك بأسلوب مهني يستدعي العطف. كنت الشخص الملائم جدا لهذه الوظيفة".

جين استين333 27-08-09 02:32 AM

-آسفة. لا أفهم. إذا لم تكن هذه محاولة لجعلي أستغل روبرت لسحب التبرعات من الأشخاص الصعبين, فلماذا. . .؟
تحرك بضيق:" الامر يتعلق فعلا بروبرت وعلي أن أعترف بأن هذا يبعدني قليلا عن اخلاقيات المهنة".
فقالت برقة وبشيء من الدعابة:" يبعدك أنت عن أخلاقيات المهنة, يا سيد بورتمان؟".
فابتسم بعطف:"ألا تظنين أن الوقت قد حان لكي تناديني باسمي آل؟ طلبت منك أن تقنعي رجلا عنيدا لنني أدركت أنها الطريقة الوحيدة التي تجعلك تنسين ماضيك, كنت أعلم أن بإمكانك على الأقل ان تحولي رجلا واحدا عن عناده من بين الرجال الثلاثة الذين اخترتهم لك غذا ما اخبرتهم عن روبرت, وهذا ما لم تفعليه قط من قبل مع اي من الزبائن او المتبرعين".
-وإذا ما مهدت لهم السبيل بالحديث عن روبرت. . . ؟
-هذا يعتي أنك وضعت أخيرا الماضي حيث ينتمي. كما أنه يعني أن بإمكانك الحكم على الوقت الملائم للحديث عن الظروف التي احاطت بموت زوجك مع أتاس بحاجة إلى عطفك, أناس مثل والت مور. هذه هي المرأة التي أريدها في منصب نائبتي.
-بمعنى آخر, علي ان أتوقف عن أن أعوض عن فقدي لروبرت بتحقيق أحلامه, لأبدأ بتحقيق أحلامي, و أن علي ان أتوقف عن الابتعاد عن الرجال خوفا من أن أفقدهم.
-المعذرة, يا تيس. لم يكن لائقا مني أن اورطك في هذا من دون أي تفسير. اللوم يقع على عاتق رجل عجوز يقف جانبا, مراقبا طوال تلك السنوات وقد قرر اخيرا ان يعمل, بدلا من المراقبة. أرجو أن تسامحيني.
-ما من شيء يستدعي المسامحة. هل لديك مانعو يا سيد بورتمان. . . أعني آل. . . إذا أخذت بقية النهار عطلة؟
طرحت سؤالها بابتسامة متألقة فسألها ببراءة وهو ينظر إلى يدها:"هل أنت ذاهبة لاستعادة خاتم الخطبة؟ لاحظت انك أضعته".
فلمست مكان الخاتم الخالي من إصبعها:" لا تقلق. أظنني اتذكر أين وضعته".
***
فتح شايد الباب عند أول نقرة ليجد تيس واقفة على عتبة بابه. لم يجرؤ على التصرف لئلا يراها تحولت إلى حلم آخر. وأخيرا قالت:" مرحبا يا شايد".
-بل ديك سميث. إنه اسمي الحقيقي.
لا بأس, إنها طريقة ليخبرها, لكن لعلها ليست الفضلى.
تلقت الخبر برباطة جأش غريبة:" لماذا تدعو نفسك شايد إذن؟".
-اسماؤنا أسماء مركبة. وما ينطبق علي ينطبق على أفراد أسرتي.
-شيدو, شايد, سبيريت. وهل أديليد أمك؟ إنها امرأة في حوالي الستين من عمرها كما أظن.
-إنها تحبنا في الحقيقة. لكنها . . .
-متفردة. نعم, أظننا انفقنا على ذلك. هل تظن أن بإمكاننا أن نتحدث في الداخل؟
أفسح لها الطريق وهو يتمتم معتذرا.
دقائف قليلة ويلتف حبل المشنقة حول عنقه. كل ما عليها أن تفعله هو ضرب الكرسي من تحته.
سألها:" هل أحضر لك شرابا؟ قهوة, صودا, شاي, زرنيخ؟".
وارتاج حين رآها تبتسم وسمعها تقول:" لا, شكرا. مررت عليك لأنني فكرت في أنه قد يسرك أن تعرف آخر تطورات العمل".
أحس بالخناق يشتد على عنقه. نعم, إنها تتحضر لركل الكرسي. إنه يسمع صوت الكرسي تتدحرج و الحبل يشتد حول عنقه.
تضايق من ربطة عنقه, وقال:" أصغي إلي يا تيس, أنت لا تعلمين كم كنت أشعر بالإحباط لأني أعلم ان بإمكاني أن أضمن ترقيتك بشيك, من دون أن أتمكن من منحك إياه".
-هذا غريب. لأنني أظنك فعلت هذا.
-فعلت ذلك بعد ان أنهيت أنت علاقتنا, فكان تبرعي لجمعية الإيثار مناسبا و صريحا.
-لم يكن من يفترض بي ان أعلم أن ديك سميث و شايد الغامض هما شخص واحد. علمت أني كنت لأرفض الترقية إذا اكتشفت ذلك, أليس كذلك؟
فتنحنح:" خطرت هذه الفكرة في بالي فعلا. لقد حصلت على تلك الترقية بطريقة نزيهة, يا تيس. لو جئت إلي ممثلة جمعية الإيثار لكسبتني في صفك في اللحظة التي استمعت فيها إلى حديثك عن جمعيتك وعن الناس الذين ساعدتهم. قلت لك من قبل يا حبيبتي, إن لك قلبا, و إن الناس تشعر بذلكو تستجيب له. لا أراك رفضت الترقية, أليس كذلك؟".
ونظر إليها بقلق, فأجابت:" أوشكت على ذلك".
-وما الذي منعك؟
-شيك من والت مور.
-شيك من . . .
وأطلق صيحة فوز و أمسك بها و أخذ يدور بها في أرض الغرفة:" لقد فعلتها إذن. كسبت ذلك الشرير العنيد في صفك".
-ليس شريرا عنيدا, بل هو رجل وحيد حزين يفتقد زوجته.
-سارشحه قديسا إذا كان هذا يعني حصولك على الترقية.
وأوقفها على قدميها:" هذا يستحق احتفالا, فما رأيك؟".
-ليس الآن, فأنا لم أحضر لأخبرك عن وظيفتي فقط. ثمة سبب آخر.
-وما هو ذلك السبب؟
-جئت لأطلب منك العون.
العون؟ اتراها تمزح؟ وقال بابتسامة عريضة:"تبا, يا حلوتي أنا أعيش من أجل ذلك. كيف يمكن لي أن أساعدك؟ إنني ماهر في ذلك عادة, رغم أن الوضع الحالي لا يوحي بذلك".
اخذت نفسا عميقا وشبكت أصابع يديها ببعضها بشدة حتى ابيضت سلاميات أصابعهاز عبس, فهذا التصرف لا ينبئ بالخير. فقال:" حدثيني, يا حبيبتي. ماذا حدث لك؟".
-لقد فقد خطيبي, ففكرت في أنك قد تساعدني في العثور عليه.
استيعاب هذه الكلمات تتطلب منه لحظة أغمض بعدها عينيه, ثم قال:" لم تفقديه. لم تفقديه. إنك لم تعرفي من يكون فقط".
-بل كنت أعلم.
أثار ذلك انتباهه فسألها:" هل كنت تعلمين أنني ديك سميث؟ متى وكيف؟".
-اكتشفت ذلك ليلة الحفلة الخيرية, بل في الصباح التالي. في الواقع, في الصباح الباكر.
-انتظري لحظة! كدت تجنين حين اكتشفت أنني محرض. لكن عندما اكتشفت انني ديك سميث, تساهلت؟
-ثمة أمور يمكن قبولها بشكل أسهل من أمور أخرى.
لم يستطع المقاومة أكثر فاخذها بين ذراعيه وارتاح حين رآها ترحب بذلك, بل و تذوب بين ذراعيه. سألها:" لماذا؟".
أخذت تلامس عقدة ربطة عنقه بأصابع مرتجفة:" لأنني أحببت ديك سميث, لكنني خائفة من المحرض".
لم يفهم:" إنه عملي. أن أساعد على الجمع بين شخصين متلائمين. ما المخيف في ذلك؟".
-خفت لأنني أردت ما كانت الجمعية تسعى لتقديمه لي. أردت ذلك أكثر مما تتصور, و مع ذلك لم أشأ أن أغامر بالوقوع في حب رجل آخر مرة أخرى. . . و باحتمال أن أخسر ذلك الرجل المميز. ولهذا قررت أن أمنح هذا لرين و إيما بدلا مني. إذا لم استطع ان احصل على حب بنهاية سعبدة. فقد يكون بإمكانهما هذا, هل تفهم؟
ونظرت إليه و هي تغالب دموعها:" قلت إن عملك هو أن تساعد على الجمع بين شخصين متلائمين. و أنت من يلائمني".
فقال وهو يلامس خدها:" لا, يا حبيبتي. هذا دورك في حياتي. عندما قابلتك لأول مرة كان في نيتي ان أضع غرايسن في طريقك لأرى ما تفعلين".
-وإذا لم أفعل شيئا؟ إذا بقيت سائرة في طريقي؟
=كنت سادفع به نحوك بشكل اقوى حتى أقتنع بانكما غير متلائمين. لكن شيئا ما حدث قبل ان أتمكن من ذلك.
-ما الذي حدث؟
تخلل شعرها باصابعه:" وقعت في غرامك. أو ربما, في تلك المرحلة, كان شعوري نحوك مجرد رغبة. لا ادري. كل ما بإمكاني أن اخبرك به هو انني بدأت أهتم بك. اهتممت بك كإنسانة. اهتممت بما يحدث لك في عملك. كان اهتمامي ينصب على كل ما يتعلق بك".
-وأنا أيضا وقعت في غرامك.
-وهذا الغرام اخافك؟
-نعم.
-والآن؟
تنهدت:" يمكنني أن أستمر في الخوف, أو أتشبث بما أريد بيدي الإثنتين".
فابتسم بحنان:" هل تتشبثين بي أم أن مخيلتي تصور لي ذلك؟".
-إنها ليست مخيلتك. أنا أحبك كشايد, و أحبك كديك سميث. حتى أنني أحبك كمحرض.
-ماذا لو قررت ان أساعد الجمعية مرة أخرى.
-ليس لدي اعتراض ما دمت تحرص على الجمع بين المتلائمين.
عندئذ, عانقها عناق العهد النهائي بينهما. وقد أكدت هذا العهد بكل خلية في جسدها و خفقة من قلبها. مد يده إلى جيبه و اخرج خاتم خطوبة جدته, فقد احتفظ به في جيبه منذ افتراقهما, ليعيد إليه الامل.
أمسك بإصبعها و ألبسها الخاتم. لبسته هذه المرة لغرض حقيقي, لغرض وحيد. . .
وهو الحب.



^^^^^^^^^

جين استين333 27-08-09 02:33 AM

الخاتمة
سكب شيدو العصير في كأسين ثم حملهما إلى الأريكة:" تهاني يا عزيزتي, لقد نجحت مرة أخرى".
-أفضل أن تدعوني السيدة الرئيسة, إذا لم يكن لديك مانع.
قبلها على خدها ثم قال وهو يناولها كأسها:" شخصيا, أفضل ان أناديك امي".
فقالت أديليد ضاحكة:" أتظن أن علينا ان نخبر أخاك الحقيقة".
-بعد أن يعودا من شهر العسل.
-او ربما علينا أن ننتظر حتى يطلب استعادة و ظيفته معنا. إن عبثه بالاستثمارات سيسبب له الضجر بعد فترة.
فقال ببشاشة:" يبدو لي ذلك أشبه بجهنم".
-لدينا صديقتا تيس علينا أن نجد لهما زوجين. علينا الا ننساهما. أنا واثقة من أن اخاك سيرغب في مساعدتهما.
-ولو ليسعد عروسه. و الآن, من هي التالية في القائمة؟ رين ام أيما؟
-إيما بكل تأكيد. لا يمكننا أن نترك غرايسن ينتظر إلى الأبد. والآن هل يمكننا أن نبدأ؟ لقد ساعدنا بشكل ممتاز في دفعه ديك نحو تيس.
رفع شيدو كأسه:" أنت على صواب تماما. والآن, إلى ايما و غرايسن".
فقالت وهي تقرع كأسها بكاسه:" اثنان من أشد زبائننا عنادا".
عبس:" عنادا؟ لا تخبريني بأن جمع هذين معا يمكن أن يكون أسوأ من جمع شايد و تيس".
فابتسمت الأم بغموض:" أسوأ بكثير, يا عزيزي. ولكن لدي فكرة: إنني أرى في مستقبلهما عرسا عاصفا".

منتديات ليلاس
^^^^^^^^^^^

جين استين333 27-08-09 02:34 AM

تــــــــــــــــمــــــــــــت


أتمنى لكم قراءة ممتعة ^_________________^

rana_rana 28-08-09 05:17 PM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

جين استين333 28-08-09 09:14 PM

العفو و يسعدني ان الرواية عجبتك

dede77 29-08-09 01:28 AM

بجد انا مش عارفة اقول اية على هذه الرواية اللى اكثر من رائعة تسلمى على اختيارك الموفق دايمنفى انتظار روايات اخرى

الجبل الاخضر 29-08-09 05:37 PM

ماقدر اوصف روعة الروايه مره حلوه وتجنن تسسسسسسسلمين على الاختيار الرائع

جين استين333 29-08-09 06:50 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة dede77 (المشاركة 2041630)
بجد انا مش عارفة اقول اية على هذه الرواية اللى اكثر من رائعة تسلمى على اختيارك الموفق دايمنفى انتظار روايات اخرى


شكرا لكي عزيزتي على كلامك الحلو والله خجلتيني واسعدتيني :flowers2:

جين استين333 29-08-09 06:54 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الجبل الاخضر (المشاركة 2041972)
ماقدر اوصف روعة الروايه مره حلوه وتجنن تسسسسسسسلمين على الاختيار الرائع




والله كلامك انتي الأروع والله يسلمك ^____^

:8_4_134::8_4_134:

ناعمة 30-08-09 07:38 AM

مشكورة حبيبتي على الرواية
الله يعطيك الف عافيه

جين استين333 30-08-09 09:59 PM

الله يعافيكي عزيزتي ويسعدني ان الرواية عجبتك

وان شاء الله ما أتأخر عليكم

عيون عسلية 07-11-09 03:05 AM

يعطيكي الف الف عافية عالرواية الرائعة

sassou 14-11-09 01:19 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكرا حبيبتي على المجهود الله يعطيك الف عافية

جيرمون111 03-12-09 09:06 PM

الله يخليكي يا جين أوستن

ان شاء الله نشوفك تكتبي مثل هالروايات

تقبلي مروري اخوكي
جيرمون111

الهيفاء 10-12-09 06:36 PM

رااااااااائعة جدا جدا، شكراااااااا

moura_baby 08-02-10 09:36 PM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

eanas 09-02-10 12:46 AM

مشكورة على الرواية الرائعة

jooody 09-02-10 10:37 AM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

جين استين333 09-02-10 11:13 AM

يسعدني ان الرواية عجبتكم ^__^

قماري طيبة 12-03-10 03:52 AM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .... موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

مدهرة بمريولها 01-09-10 09:35 AM

[B]
روايه اكثر من رائعه
شكرا ل جين استين333 ..
بانتظار روايتها القادمه:flowers2:
[/B]

ندى ندى 10-01-12 04:47 AM

قمة الروعه والحلاوه

جين استين333 12-01-12 10:23 AM

شكرا لكم جميعاً على ردودكم الرائعة و اللي تشجعني دائماً على كتابة المزيد من القصص :liilas:

ساحرات 01-04-12 03:16 AM

شكلاا لكى عل مجهودك

شووقهـ 02-04-12 10:47 PM

وااااااااااااو مره رائعة

يعطيك العافية يا عسل

اختيار موفق يسعدك ربي

مودتي لكٍ

سهيله فريد 26-04-16 11:10 PM

رد: 398 - لن تسامح - داي لوكلير ( كاملة )
 
من البدايه شكلها روعه يسلم حسن الاختيار شكرا:55:

paatee 24-12-18 01:54 AM

رد: 398 - لن تسامح - داي لوكلير ( كاملة )
 
يعطيك العافيه ياعسل تسلمي


الساعة الآن 11:45 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية