منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   المصيدة - كاترين بلير - عبير الجديدة ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t117005.html)

مجهولة 19-08-09 02:42 PM

قبل مأبدا أحب أقول انها منقولة

مجهولة 19-08-09 03:00 PM

و آسفة لأني تأخرت عليكم

راوية عبير
المصيدة
لـ كاترين بلير
**************

الملخص
ديانا العنيدة طعنها خطيبها في الصميم عندما خطب صديقتها اللدودة فرسمت خطة للانتقام لكرامتها الجريحة ، فأختارت دييغو ضحية لها
فهل تنجح الخطة أم ينقلب السحر على الساحر ؟http://www.liilas.com/vb3





الفصل الأول

لا يزال الهدوء مخيما في دكان الكتب الصغير حيث ازدحام ساعة الغداء لم يحن بعد و ديانا تفتش بين الرفوف لعلها تجد كتابا يعجب والدتها ، و قد خلا لها المكان ، و لما أوشكت على اختيار كتاب عن الورود لمحت دليلا توضيحيا عن النباتات التي تنبت في بلدها ، قررت ديانا شراء هذا الكتاب المزين بالصور الزاهية كهدية لوالدتها في عيد ميلادها.
كانت والدتها إمرأة هادئة متواضعة و هي أعز ما تبقى لها بعد وفاة والدها الذي ترك لهما ثروته الكبيرة حيث تعيشان منها بإدارة إبن خالتها ، ابتسمت ديانا ****ة عن نفسها بينما وقفت البائعة تلف لها الهدية لأنه لم يكن سهلا في العادة اختيار هدية لوالدتها ، أما و أنها وجدت هدية جميلة سوف تعجبها كان ذلك منتهى سعادتها و بدأت تتخيل ردة فعل والدتها و هي تفتح الهدية.
و فجأة انقطع خيط تفكيرها و بدأ الدم يغلي في عروقها عندما رأت يدا امتدت إلى طاولة البائعة لتضع نموذجا لحدوة فرس مزخرفة ، لم يصعب عليها التعرف على الخاتم الذي لمع في الأصبع الرابع من هذه اليد ، هذا الخاتم الرائع ربما الوحيد من نوعه بحجره الماسي المحاط بأحجار الزفير الناعمة ، إنها تعرفه جيدا ، لقد كان لبضعة أيام خلت يزين يدها.
شحب لون ديانا و بدأ قلبها يخفق بشدة حتى اعتقدت أن الفتاة الواقفة أمامها سمعت دقاته ، مرت لحظة خلتها سنوات و لا تزال عينيها مسمرتين على الخاتم و لم تقو على النظر لتتبين صاحبته.
و كأنها بذلك تعادل إيقاف الزمن عند هذه اللحظة ، خوفا مما يحمله المستقبل.
و أخيرا اجبرت نفسها على النظر حيث كانت سارة فريزر واقفة ترقبها بإبتسامة مشعة بالفخر و الإعزاز ، حتى ديانا نفسها و بالرغم من الآمها اعترفت بأنها لم ترى سارة أجمل مما هي عليه اليوم ، و بحركة لا شعورية استدارت ديانا لترى مارك الذي كان واقفا خلف سارة ، بوجه شاحب ، جامد القسمات ، و ملأ عينيه التحدي ، و بادرتها سارة:
"يا لها من صدفة بأن تكوني أول المهنئين يا ديانا".
"مهنئين" و تلعثمت بالكلام عندما رفعت سارة يدها لتريها الخاتم و قالت:
"لقد تمت خطبتي إلى مارك تايلور ألم تدري؟".
"لا... أنا....".
و أنعقد لسان ديانا عن الكلام و جف حلقها و اكتفت بهز رأسها بالنفي ، أجابها مارك.
"سارة ، لا أعتقد أن المكان مناسب لهذا الحديث".
و لكن ديانا التي عرفته جيدا و احبته دوما و تمنته أكثر من سائر الشبان الراغبين فيها لاحظت إرتباكه.
"لماذا يا حبيبي ، إن ديانا لا تحمل لك الحقد ، فهي التي صرحت بأنها لا تود رؤيتك ثانية ، أليس كذلك يا ديانا؟".
"بالطبع" أجابتها ديانا محاولة السيطرة على نفسها و بعد أن استعادت قواها تابعت بهدوء:
"و لكن خطبتكما كانت مفاجأة ، أليس كذلك؟".
أجابتها سارة واضعة يدها في ذراع مارك بغنج و دلال مما أثار غيرة جنونية في قلب ديانا:
"لقد تمت خطبتنا يوم أمس".
بللت ديانا شفتيها الجافتين و سألتها:
"متى تنويان الزواج؟".
"خلال أسبوعين".
"ياه ، بهذه السرعة؟".
لم تستطع ديانا تحمل الخبر ، و أحست بالدنيا تدور بها فاستندت بيدها إلى الطاولة خوفا من السقوط لم تصدق ديانا هذا اللغز الذي أصبح واقعا ، حيث كانت مقتنعة بأن مارك لا يمكن أن يتزوج فتاة غيرها و لن يفعل هذا إلا ليلقنها درسا لن تنساه ، و لكن إجابة سارة فتحت عينيها على الواقع المر. نظرت ديانا بعينين ملؤهما الرجاء إلى مارك الذي أرتبك و أشاح بوجهه عنها ليسبح في عالم مجهول ، لاحظت سارة ما جرى و قالت بحرارة محاولة تنبيههما من شرودهما:
"إننا متلهفين على الزواج ، فلا داعي للتأخير حيث أننا متأكدان من مشاعرنا تجاه بعضنا ، هل ستحضرين الفرح يا ديانا؟".
فكرت ديانا: إن سارة خائفة أن يعود مارك لي في يوم ما لذلك أسرعت في الزواج ، و ما تلهفها هذا إلا بسبب الخوف ، و أحست ديانا بالألم يمزقها و كأنه سكين حادة غاصت في الأعماق و أجابتها:
"بالطبع سأحضر ، لن أدع العرس يفوتني ، مبروك" دفعت ديانا ثمن الكتاب و همت بالخروج من المكتبة بينما مارك كان ينظر إليها بإعجاب لرباطة جأشها و هدوئها.
كانت نحيلة الجسد ملفوفة القوام و قد بدت أصغر من سنها الحقيقي الذي لا يتجاوز الخامسة و العشرين ، و كان شعرها الذهبي منسدلا كشلالات نياغارا على كتفيها و الدموع تكاد تطفر من عينيها الخضراوين عندما مشت تشق طريقها وسط الزحام نحو سيارتها التي أوقفتها على الرصيف قرب الميناء ، شعرت ديانا بأن الناس جميعا يعرفون ما بها ، قادت سيارتها بعيدا عن الميناء بإتجاه البيت ، على طريق خاص كان بالنسبة إلى ديانا هو القلب النابض للمدينة حيث يكتظ المصطافون على شرفات الفنادق المنتشرة على جانبي الطرق ، أما الجانب الآخر ففيه مدينة الملاهي بصخبها و موسيقاها العالية التي تستمر حتى ساعات الصباح الأولى ، و يمتد خلفها الشاطئ برماله الذهبية و قد تزاحم فيه المصطافون ، و كأن هذه الطريق جزء من الملاهي بإزدحامها و صخبها ، و بالرغم من حب ديانا لهذه الطريق فقد أحست اليوم بأنها منزعجة للغاية فلم تحتمل أعصابها المتوترة كل هذه الضجة.
هدأت قليلا عندما اجتازت جميع إشارات المرور و اتجهت بسيارتها نحو المنزل ، أرادت ديانا أن تنفرد بأحزانها و أرتاحت عندما عرفت أن والدتها لم تعد بعد ، فدخلت غرفتها و أرتمت على سريرها مجهشة بالبكاء ، بكت مارك و حبها الضائع و اجتاحتها الأحزان من كل جانب حتى أصبحت كالزهرة الذابلة ، و بعد أن هدأت أحزانها قليلا ، تطلعت ديانا إلى صورة مارك الموضوعة بالقرب من سريرها و التي أخذت تحملق بالإهداء المكتوب عليها:
"إلى حبيبتي الغالية ديانا مع حبي إلى الأبد".
و تساءلت ديانا مع نفسها عن هذا الحب الذي لم يدم لأكثر من عام. و تذكرت مارك في المكتبة العامة بتقاطيعه الجامدة و نظرات التحدي في عينيه ، فقفزت من السرير و وضعت الصورة في أحد أدراج طاولة الزينة ، استلقت على سريرها ثانية كالمخدرة تحملق بالسقف ، منذ عشرة أيام فقط كانت ديانا متحمسة لمستقبلها مع مارك و لا تزال تلبس خاتمه الجميل ، و تذكرت ديانا المنزل الذي يطل على البحر و الذي شهد حبهما و لهوهما معا ، كانا يخططان للمستقبل لدرجة أنهما أتفقا على أدق التفاصيل حتى عدد الأولاد ، نهضت ديانا و نظرت من نافذة غرفتها غلى الحديقة الجميلة المليئة بالأزهار الممتدة حتى المنزل الصيفي ، كان بيت ديانا يقع في أعلى التلة في المدينة الممتدة على طول البحر ، و رأت ديانا المركب الذي كان مبعث الفخر و السرور لمارك.
لقد علمها كيف تقوده ، و بلا شك أنه سيعلم سارة الآن لتحل محلها ، يا لهذه الذكريات التي تبعث الحزن و الأسى في قلب ديانا ، فكل هذه الأماكن شهدت حبهما و لهوهما و أحلامهما معا ، الحقول التي أرتادوها معا يصخبان على الشاطئ الجميل حيث كانا يتمتعان بأشعة الشمس الحارة رغبة في تلوين أجسادهما اللون البرونزي أما المنزل الصيفي الذي شهد أحلام حبهما اليس مضحكا أن يشهد هو أيضا هذا الشجار الذي كان السبب في النهاية ، ففي كل شجار يصبح للصلح بعد ذلك نكهة خاصة.
و مر بخاطر ديانا خلافهما قبل الأخير و الذي لم تعد تذكر سببه و لكنها تذكر متعة الوئام عندما كانت في غرفة الجلوس تساعد والدتها في ترتيب الزهور ، و فجأة أحست بيدين غطت عينيها حيث دخل مارك الغرفة بدون أن تشعر به.
و كانت فرحتها بعودته عظيمة فطوقته و قبلته بشوق و فرح و لم يعد هناك ما يكدر صفو حبهما الكبير ، أما الخلاف الأخير فكان بسبب تلك الرحلة إلى الشاطئ في ضوء القمر ، حيث اعتذر مارك عن الرحلة عندما استشارته
http://www.liilas.com/vb3

مجهولة 19-08-09 03:01 PM

ديانا و لأنه وعد بمساعدة أخيه في بناء بعض النماذج لنادي الشباب و أصرت ديانا على إلغاء موعد مارك و مرافقته لها إلى الشاطئ و لكن مارك أجابها بلهجة مقتضبة.
"كان الأولى أن تستشيريني أولا قبل أن تعدي أصدقائك بالذهاب".
"أنا آسفة ، و لكني قبلت الدعوة ، فماذا تقترح؟".
"تستطيعين الذهاب بمفردك".
تفاجأت ديانا بهذه الإجابة و نظرت إلى مارك تستجديه إلغاء موعده ، و لكن مارك سرح في عالم آخر غير عالمها ، أما هي فتابعت حديثها.
"إنهم سيكونون أزواجا ، حيث بيتر مع جيني و ستيورات مع آن فهل تتوقع مني أن أذهب وحدي؟".
"إذا لم تذهبي فهذه ليست آخر رحلة إلى الشاطئ".
تعجبت ديانا مما بدر من مارك هذا اليوم ، و لانت لهجتها معه و قالت:
"ألا تستطيع إلغاء موعدك يا حبيبي؟".
"لا".
فصاحت ديانا بغضب:
"أنت تتصرف كالأطفال ، فالنادي لن يغلق أبوابه إذا أنت لم تذهب إلى هناك اليوم".
شحب لون مارك و لم يبد على وجهه أي تعبير.
"هذه ليست المرة الأولى التي تتهميني فيها بالتصرف كالأطفال".
و اختلفت لهجة مارك ، حاولت ديانا أن تستشف السبب أهو الغضب أم الكبرياء المجروحة فنظرت إليه و قالت:
"بدأت اعتقد أنك تعني ما تقول".
ثم أجابها مارك:
"إنني لأعجب منك ، إذا كنت طفلا فلماذا لا تزالين تحبينني و مخطوبة لي؟".
و في لحظة غضب أجابته ديانا غير مبالية بردة فعله بل تعمدت أن تجرحه:
"بالفعل لماذا أتزوج طفلا بينما الرجال يملأون الدنيا؟".
لم تلحظ ديانا نذير الشر في إجابته حيث خلعت الخاتم من إصبعها و رمته بعصبية في وجهه صائحة:
"مع السلامة".
لم يجبها مارك بل أخذ الخاتم و وضعه في جيبه و قد شحب وجهه و أخذت شفتاه ترتجفان من شدة الغضب و بدا التصميم في عينيه ، فرمقها بنظرة طويلة لا تزال تذكرها و سوف تذكرها دوما و بدون أن ينبس ببنت شفة ترك الغرفة ، كان على ديانا أن تعلم بأنها النهاية ، و لكن ديانا لسبب ما لم تفهم ما جرى حتى عندما كانت تنظر إلى إصبعها بدون الخاتم كانت تعتقد بأنها مجرد أيام و تعود المياه إلى مجاريها ثانية و يعود مارك ليضع الخاتم في إصبعها ، و يعود الحب و الهيام ، كانت تحاول إقناع نفسها بأن مارك سيندم على فعلته ، و سيعود طالبا الصفح منها ، و سيضمها كالأمس و يقبلها و يذوب الغضب في حرارة الحب الكبير ، لم يخطر ببالها أنه لن يعود أبدا ، بل كانت تفكر بالطريقة التي سيتصالحان فيها ، و مر يومان و مارك لم يحاول الاتصال بها و لم يحضر إلى بيتها كالعادة ، و بدات ديانا تزرع غرفة الصالون حيث الهاتف ذهابا و ايابـا و ترقب رنينه بفارغ الصبر ، و أحيانا كثيرة تنظر من الشباك إلى الحديقة علها تراه سائرا في الممر الطويل المؤدي إلى البوابة ، و كثيرا ما كانت تصغي إلى أبواق السيارات لعلها تسمع صوت سيارته و في كل مرة يخيب ظنها ، استنكرت ديانا غيبة مارك الطويلة ، و قالت في نفسها إنه إذا أراد أن يلقنها درسا بعمله هذا فإنه درس قاس ، و كلما طالت المدة و لم يتصل مارك تزداد شكوك ديانا و تتألم ، حتى أصبحت مشاعرها تتسم بالعداء نحو تصرفه القاسي ، و فكرت ديانا لأول مرة بأن تخطو الخطوة الأولى للاتصال به ، و لكن كبرياءها منعها من ذلك و ظلت تتمنى النفس بحضوره أو اتصاله بها.
سارت ديانا بالشارع الخلفي مستغرقة في التفكير عندما أمسكت بذراعها كارول و نبهتها من شرودها.
"من؟ كارول!".
"مرحبا ديانا ، رأيتك سارحة و أعتقدت إنك لن تحييني".
"أنا آسفة ، لأنني لم أرك ، كنت مستغرقة في التفكير".
و تساءلت ديانا عن سر هذه الفتاة التي تقابلها دوما في أشد الأوقات حرجا فسمعتها تقول:
"تبدين شاردة بعيدا".
"نعم هذا صحيح ، إسمحي لي يا كارول إنني أود الذهاب".
و همت ديانا بالذهاب و لكن كارول أستوقفتها سائلة:
"أنت لم تأت إلى حفلة الشاطئ اليس كذلك؟".
"لا لم احضرها ، هل كانت الحفلة جيدة؟".
"كانت ممتازة حيث أكثرنا من الطعام و الشراب ثم سبحنا في الماء عند منتصف الليل".
"أوه ، هذا جميل".
"نعم كانت الحفلة رائعة افتقدناك جميعا".
قالتها كارول و على وجهها ابتسامة خبيثة ، و كأنها تخفي شيئا.
"هل صحيح أنكم افتقدتموني يا كارول ، إنني لم استطع الحضور وحدي لأن مارك كان مشغولا ، لقد وعد أخاه بمساعدته في بناء النماذج في النادي".
و عصف الغضب بديانا لأنها شرحت شيء غير ملزمة بشرحه و لكنها اضطرت لذلك تحت وابل الأسئلة التي أمطرتها كارول و كان آخرها:
"هل هذا ما قاله لك مارك؟".
و شعرت ديانا برعشة تسري في أنحاء جسدها و تهزها بعنف ، و أدركت من تعابير كارول إن هذا لم يكن مجرد سؤال ، و ودت لو تستشف الحقيقة ، هل يا ترى كارول علمت بالخلاف بينهما و تحاول أن تغيظها و لكن ديانا أجابتها:
"بالطبع هذا ما قاله لي ، و لا أرى هناك أي سبب لعدم تصديقه".
ظهرت على وجه كارول ابتسامة ساخرة و أجابت:
"هذا جيد و لكن".
أحست ديانا أنع يجب عليها الذهاب فاعتذرت.
"علي أن أذهب لقد تأخرت عن موعدي".
و لكن كارول استوقفتها قائلة:
"لا... لا تذهبي الآن انتظري قليلا".

مجهولة 19-08-09 03:03 PM

لفصل الثاني

صعقت ديانا و أحست بأن كارول كانت مترددة في تصريح خبر ما فقالت لها.
"إنني في عجلة من أمري ، هل لديك شيء تقولينه لي هاتي ما عندك".
"لا... لا شيء".
"بحق السماء يا كارول ، ماذا هناك قولي؟ إنني أفهم من كلامك بأن مارك كذب علي".
"إنني آسفة إذا أزعجتك ، فأنا لا أحب أن أكون سببا في جلب المتاعب".
و لكن ديانا التي تعرف كارول جيدا قالت لنفسها ، إن هذا ما تحبينه كثيرا ، ثم قالت لها بصوت مسموع:
"إسمعي يا كارول ، إذا كنت تعرفين شيئا الأفضل أن تقوليه الآن و سأكون شاكرة".
ترددت كارول بالإجابة ، و ظهرت عليها الحيرة ثم نظرت إلى ديانا تحاول أن تقرأ ردة فعلها عما ستقوله و بدت جادة.
"إن مارك كان بالحفلة".
صرخت ديانا بإستنكار:
"لا يمكن هذا غير صحيح".
و أخذت ديانا ترتجف من هول الصدمة ، و جف حلقها و غاب صوتها و بدا كأنه الهمس عندما سألت كارول:
"هل كان وحده؟".
"كانت معه سارة فريزر".
"لا أصدق".
"إنني أقول الحق و بإمكانك الإستفهام من أي سخص كان بالحفلة جميعهم كانوا موجودين ، إنني لم أرغب في إبلاغك هذا الخبر ، و لكنك أنت أجبرتني على ذلك اليس هذا صحيحا؟".
و سارت كل منهما في طريق ، ثم أخذت ديانا تفكر في هذا الحديث المشؤوم خاصة عندما تذكرت لهجة كارول الجادة ، و بالرغم من أنها تحسد ديانا لما لها من المعجبين منذ أيام الدراسة حيث كان معظم الشبان يدعون ديانا لحفلاتهم و سهراتهم أما كارول فقل ما نالها الحظ و دعيت لمثل هذه الحفلات و لذلك فإن كارول تحاول إغاظة ديانا كلما تقابلت معها في مكان ما ، تذكرت ديانا أن الكثير من الفتيات سوف يتكلمن في غيابها لفسخها هذه الخطبة ، و كانت ديانا ترى نظرات الحسد تطاردها كلما سارت إلى جانب مارك ، و تحس بالفخر و الإعتزاز لذلك ، و سارة إحدى هؤلاء الناس فلم تخفي إعجابها بمارك ، بل عملت دوما على تحين الفرصة للتحدث معه ، و أرتعدت ديانا لمجرد تذكرها هذه الأحداث و كانت قد وصت إلى إشارة المرور و شعرت بساقيها ترتجفان و خارت قواها ، فلم تصدق بأن مارك ألغى موعده في النادي ليأخذ سارة إلى الحفلة و ظنت أن كارول تتلاعب بعواطفها لتغيظها.
أضاء الضوء الأخضر و سارت ديانا إلى الطريق الخلفي تتصارع بنفسها الأفكار المفزعة غير عابئة بما يدور حولها و أخذت تفكر في خطة لتستعيد بها كرامتها المهدورة.
لم تعد ديانا تنظر إلى الأفق أو تنتظر رنين الهاتف بل قطعت الأمل ، و فكرت في التأني حتى يهدأ غضبها لئلا يصدر عنها ما تندم عليه ، فربما ندم مارك على فعلته و عاد إليها تائبا طالبا الصفح منها كما فعل في كل مرة ، كان الإنتظار يعذبها فكل ثانية تمر و كأنها شهر ، و لكن إيمانها بأنها أتخذت القرار الصحيح دفعها ألا تتنازل و تبادر لعمل أي خطوة منذ أن أعلمتها كارول بالنبأ ، و إيمانها كان يردعها بشدة كلما حاولت و فكرت بالاتصال بمارك حتى رأتهما في المكتبة العامة و رأت خاتمها الجميل يلمع في اصبع سارة ، تمنت ديانا لو أنها لم تولد ، كل هذه الأفكار مرت بخاطرها لا تزال سائرة في الشارع ، ثم أخذت تتخيل مارك و سارة يعيشان سويا كزوج و زوجته في ذلك المنزل الذي أشتراه مارك منذ مدة قصيرة ، لا تزال صورة كل غرفة في هذا المنزل ماثلة حية في ذاكرتها ، فأثاث غرفة النوم الذي أعجبها يوما أشتراه لها مارك في اليوم التالي لم يخطر ببال ديانا ذاك اليوم.
إن سارة هي التي ستمتلكها ، و إن أثاث المنزل الذي أنتقته بعناية سيكون لغيرها ، إن المنزل ليس ببعيد عن منزل ديانا و هناك إحتمال كبير بمقابلة العروسين في مكان ما ، و فجأة تذكرت أن سارة دعتها لحضور الفرح و قبلت هي الدعوة ، شعرت بالألم يعصر قلبها ، من المحال حضور الفرح ، فهذا الألم أكثر مما تحتمل فما عساها أن تفعل؟ خاصة و أن عائلتيهما صديقتان منذ زمن بعيد و حتما سيتلقون الدعوة لحضور الفرح و إذا لم تحضر ديانا فسوف يعتقد الجميع بأنها تتألم لأجله ، حاولت ديانا تهدئة حزنها ، و قد حضرتها فكرة ، عذر مقبول سوف تتظاهر بأنها تريد الإطلاع على شركة والدها في الخارج و تسافر قبل العرس حيث تذهب لقضاء هذه الفترة في فندق قريب من الشركة ، عليها الآن إعلام والدتها بالفكرة ، و توجهت ديانا إلى المطبخ حيث والدتها التي بادرتها بالتحية.
"أهلا حبيبتي إنني أحضر بعض السندويشات ، أرجو أن تملأي الابريق ماء و تضعيه على النار".
و بينما كانت ديانا تملأ الابريق قالت لوالدتها:
"أمي ، أريد الذهاب غدا للإطلاع على شركة والدي حيث أقيم في فندق قريب منها لفترة قصيرة".
جمعت ديانا كل حواسها لما ستقوله والدتها التي لاحظت حتما اصبعها الخالي من الخاتم و لم تسألها عنه بعد ، فليس هناك أي داع لتخمن أن الموضوع قد إنتهى ففي كل مرة يتشاجران فيها يتصالحان بعدها و تعود المياه إلى مجاريها و يعود الحب أقوى ، اللهم إلا إذا سمعت عن خطبة مارك و سارة حيث الاخبار تنتشر بسرعة ، عاجلا أم آجلا ، سوف تناقشها والدتها بالموضوع و لكن ليس الآن بل بعد أن يعود إليها هدوءها و تفيق من الصدمة فوجئت بوالدتها تقول لها:
"كنت أفكر بعرض هذا الموضوع عليك لكني لم أكن متأكدة من ترحيبك بها ، إنها فكرة جيدة يا حبيبتي أرجو لك التوفيق ، و بلغي سلامي إلى ابن خالتك".
ثم استطردت والدتها:
"هل تعلمين من قابلت اليوم؟".
"لا ، من قابلت؟".
"لقد قابلت بول ستيورات".
"حقيقة؟ متى عاد من السفر؟" كانت لهجة ديانا فاترة فهي غير مهتمة ، أجابت والدتها:
"منذ يومين ، و قد أتى ليسأل عنك".
هناك شيء خفي في لهجة والدتها التي تعرفها جيدا ، و فهمت ما تقصده.
"ربما كان أدبا منه أن يسأل عني ، و لكنه لا يهمني".
"كما تريدين يا ابنتي".
استدارت ديانا خارجة ، وهي تقول:
"سأذهب لأحضر حقيبة ملابسي و اتصل بابن خالتي جوني لأعلمه بحضوري غدا".
السيدة وارنز إمرأة طموحة و فخورة بنفسها و بابنتها و قد سرت لخطبة ابنتها إلى مارك الشاب الأنيق المليح الوجه و الأخلاق و الذي كان أبنا لأحد تجار النسيج في البلد و اعتقدت أنه زواج مناسب.
أما و قد سمعت بخبر خطبته إلى سارة مما جرح كبرياءها و أخفى مشاعرها ، فمن الممكن أن يرد اعتبارها إذا شوهدت ابنتها مع شاب آخر حتى يعلم هؤلاء الذين سمعوا بالنبأ أن ديانا هي التي فسخت الخطبة ، توقفت ديانا عن التفكير بما عنته والدتها عند هذا الحد ، بينما كانت تقوم بترتيب ملابسها بالحقيبة ، و لمعت برأسها فكرة مشاهدة مارك و الناس لها مع شاب آخر ، كأن تخطب أو تتزوج قبل عرس مارك ، ثم فكرت بأن هذه الفكرة لا يمكن أن تعطي المفعول المطلوب برد إعتبارها أمام الناس و إغاظة مارك إلا في حال كان المرشح المطلوب ذو بريق اجتماعي و وسامة يتفوق بها على مارك ، عند هذا الحد من التفكير اصابها الإحباط ، فهي لا تعرف مثل هذه الشخصية ، أخذت اسماء الشخصيات الكثيرة التي تعرفها المحتملين ، و وجوههم تمر بسرعة في مخيلتها ، فيما كان عقلها يرفضهم الواحد تلو الآخر ، لم تشك ابدا في قدرتها على حمل أي من هؤلاء على القبول بالزواج منها.
لكنها كانت تحتقر الذين يطرحون أنفسهم و تمنت ديانا بصمت ، لو بإمكانها العثور على زوج مؤقت يعجبها ، و يتمتع بالمواصفات التي حددتها له ، أكملت ترتيب ملابسها في الحقيبة و الفكرة تتردد في ذهنها.
رحب جوني بابنة خالته ديانا بحرارة و شوق أخوي اعتادت عليه منه ، و أثناء طريقهما إلى الفندق الفاخر الذي حجز لها فيه جناح ، سألها عن خطيبها فأخبرته القصة بالتفصيل حتى فكرتها الأخيرة و التي ما زالت تختمر في عقلها ، فما كان من جوني إلا أن ضحك و قال:
"مارك هذا لا يناسبك".
قالت ديانا: "لا يوجد من يناسبني أكثر منه فهو يفهمني".
قال جوني: "لو كان يفهمك فعلا ما كان ليتصرف بهذه الطريقة" و قبل أن تفتح فمها لتتكلم أضاف:
"على العموم لنحاول نسيان هذا الموضوع الآن ، ألا تريدين زيارة الشركة؟".
"قد أزورها و لكن ليس الآن".
"حسنا ، هناك حفلة تقام في قاعة التسلية في الفندق هذه الليلة ما رأيك هل تحضرينها؟".
فكرت ديانا بأن الترفيه قد يبعد عنها التفكير بآلامها فأجابت:
"لما لا".
"إذن سأحضر لاصطحابك إلى العشاء أولا ثم نتوجه بعدها إلى الحفلة ، و إلى ذلك الوقت تكونين قد أفرغت حقيبتك و أخذت حماما يريحك قليلا".
"أليس لديك مواعيد أخرى؟".
"ليس لدي سوى بعض الأعمال الخفيفة بالشركة سأنهيها و أعود إليك ، و قد اشتقت إلى طاولة النرد و التي ستتوفر بحفلة الليلة" ثم تركها و ذهب بعد أن اوصلها للفندق.
كانت الحفلة رائعة في الاتقان و الإبداع ، إلا أن ديانا لم تتمتع بها ، كان تفكيرها مركزا طوال الوقت على إيجاد حل لمشكلتها النفسية ، عندما مر جوني لمرافقتها إلى المطعم و منه إلى قاعة الاحتفال ، كانت عاقدة العزم على ترك أفكارها جانبا و التمتع بوقتها إلى أبعد الحدود.
أرتدت أجمل فساتين السهرة المتوفرة لديها ، و كانت تبدو غاية في الأناقة و الذوق ، و لما دخلت و جوني القاعة الرئيسية تحولت كافة الأنظار إليها ، الرجال بإعجاب و رغبة و النساء بحسد و غيرة أما إهتمام جوني تحول بسرعة إلى طاولات النرد الخضراء ، و ضعت يدها برقة على ذراعه ، فلحق بها مترددا و راحا يتجولان بين تلك الحشود الغفيرة ، كان الرابحون يصرخون بفرح و سعادة ، و الخاسرون يتأوهون و يتذمرون بأصوات عالية ، الذين يرتدون أجمل ثياب السهرة و أغلاها يحتكون بالذين يرتدون الثياب العادية لم يكن هناك سوى مكان واحد يفصل بين الأغنياء و الناس العاديين ، و علمت ديانا أن خطواتها ستقودها حتما إلى ذلك المكان المنفصل و شعرت بأن لعابها يجف و أعصابها تتحرك ، و هي على وشك الأشتراك في اللعبة المخصصة للطبقة الأرستقراطية الثرية ، تحب هذه اللعبة كثيرا و لكنها لا تتهور ، إذا ربحت تتوقف عن اللعب و إذا خسرت تتوقف أيضا عند حد معين فهي تعلم علم اليقين أنه طالما لديها تلك الأموال التي ورثتها عن والدها فهناك يوم آخر... و مجال آخر ، وقف جوني صامتا بقربها يتأمل بإعجاب و حسد برودة اعصابها ، راقبت ديانا بعينين خضراوين واسعتين و بأعصاب هائة ، بقية اللاعبين ، و أساليب لعبهم تجاهلت الشابات اللواتي تضعهن إدارة الفندق حول الطاولات لإضافة رونق ، و تشجيع اللاعبين و لكن دقات نبضها تسارعت عندما وقع نظرها على اللاعب الأخير ، كان شعره الأسود الجميل يلمع تحت الأضواء الناعمة ، و حاجباه يغطيان إلى حد ما عينيه السوداوين الجميلتين ، أعجبتها نظراته الفاحصة بوجهها بهدوء و إهتمام بالغين إلى الأوراق الموجودة أمامه ، أنفه حاد وجهه جذاب ، بشرته برونزية ، و فمه رائع و قاس ، رفعت حاجبيها بإعجاب واضح و حشرية بالغة ، لا يمكن أن يكون هناك شخصان متشابهان إلى هذه الدرجة ، نظرت إلى قريبها و سألته بهدوء:
"ماذا تعرف عن ذلك الرجل الذي يلس إلى يسار موزع الورق؟".
تطلع نحوها جوني بدهشة و استغراب ، لم تهتم ديانا أبدا في السابق بشخصيات اللاعبين أو اشكالهم ، و لكنه اطاعها كعادته و نظر نحو الرجل وضع يده على فمه لإخفاء دهشته ، عندما نظر ثانية إليها أصيب بدهشة مماثلة عندما شاهد ذلك البريق الغريب في عينيها ، قال لها:
"إنه دييغو ديكور. لم أره هنا منذ وفاة والده ، أنه لاعب عنيد و قاس ، أو على الأقل هكذا كان. صاحب حظ لا يصدق مع أنه لا يهتم كثيرا إن خسر ام ربح ، إفعل مثله و لن تندمي".
"لا يهمني كيف يلعب أو ماذا تكون نتيجة لعبه ، و لكني أريد أن أعرف كل شيء ممكن عنه ، يا جوني".
سألها عن سبب إهتمامها المفاجئ ، فنظرت إليه بطريقة جعلته يعتذر عن تدخله و يقول:
http://www.liilas.com/vb3

مجهولة 19-08-09 03:05 PM


الفصل الثالث

"إنك على الأرجح تعرفين عنه بقدر ما أعرف أنا. أني متأكد من أنك شاهدته أكثر من مرة في حفلات جيني في سان فرانسيسكو عندما كنت ترافقين والدك ، كان والده أحد أقوى رجال الأعمال في حقلي الاستيراد و التصدير ، و يعمل أيضا في شراء الأ**** و بيعها ، بالإضافة إلى مشاريع البناء و استصلاح الأ**** ، خسر كثيرا قبل حوالي سبع سنوات ، عندما خصص مبالغ طائلة لمشروع زراعي تعرض للفشل نتيجة عوامل طبيعية غير متوقعة ، و يقال أن الحادث الذي أودى بحياته لم يكن اتنحارا و لكن هذا الأمر لم يتأكد إطلاقا ، كان دييغو في الخامسة و العشرين من عمره ، و ورث عن والده... جميع ديونه ، و منذ ذلك الحين ، توقف عن المجيء إلى بريطانيا... و نوادي القمار ، سمعت أن الشيء الوحيد الذي تمكن من الاحتفاظ به ، باستثناء منزل أمه في سان فرانسيسكو ، بستان ليمون في وادي نابا أهمل والده ذلك البستان و معمل العصير القائم فيه سنوات عديدة ، و منزل و شركة شبه منهارة في اليونان ، و لذا فإني أتصور أن أي أرباح قليلة جناها منهما خلال السنوات القليلة الماضية ، أعاد انفاقها هناك لتحسين الشركة و البستان و تطوير المعمل الصغير فيه".
ابتسمت ديانا بخبث وضح ، و قالت لنفسها بمرارة مفرحة أن السيد المتعجرف المتغطرس بحاجة ماسة إلى المال ، ثم قالت لجوني:
"يبدو أنه رجل مستعد للقيام بأي شيء للحصول على بعض المال".
"لست متأكدا من ذلك ، و لكن يمكننا القول أنه قادر على أن يكون قاسيا إلى درجة كبيرة عندما يريد الحصول على مبتغاه".
"هل هو متزوج؟".
"دييغو؟ لا ، يا عزيزتي ، هل يبدو كشخص يقبل بالزواج؟" و ضحك جوني ثم مضى إلى القول:
"حاول عدد كبير من النساء إيقاعه في الشرك ، مع فارق وحيد هو إعتقاده الراسخ بأن وجود النساء على الأرض له هدف واحد ، و هو إرضاء الرجال جسديا أنا متأكد من أنه لم يجد بعد إمرأة تحرمه من تلك المتعة أو تتردد في تقديمها إليه".
تأمل وجه ديانا بعينين ساخرتين ، إلى أن شاهد نظرات قاسية و جدية تحل محل الهدوء و الإهتمام ، فسارع إلى القول:
"أوه ، لا ، يا ديانا. إذا كنت تفكرين ، كما أتصور فالأفضل لك أن تتخلي عن هذه الفكرة ، إنه رجل يختلف عن بقية الرجال الذين تعرفينهم".
شعرت ديانا للحظة واحدة بالخوف مما قاله جوني و أوصى به ، و لكنها استعادت ثقتها و تصميمها بسرعة ، و قالت:
"إنه يفي بجميع المتطلبات ، فهو ابن عائلة عريقة مرموقة ، مع أنها منيت بخسارة مادية كبيرة ، و هو بحاجة إلى المال ، ليس أمامنا إلا تحديد الثمن".
"فكري جيدا بالمبلغ الذي ستضطرين لدفعه ، يا ديانا".
سارت نحو طاولة اللعب غير عابئة بما قاله لها ، وجه إليها جميع الرجال ، بإستثناء دييغو ، نظرات الإعجاب و الترحيب الحار ، شعرت بأنه غير مهتم بها ، فقررت على الفور أن تبذل ما في وسعها لجذب إنتباهه ، انتظرته أولا كي يراهن ، ثم تصرفت عكسه تماما كان الحظ بجانبه ، إلا أنه حافظ طوال الوقت على هدوئه و رباطة جأشه ، لم تظهر معالم البهجة و السرور على وجهه ، كما أنه لم يبدي أي إهتمام على الإطلاق بطريقة لعبها أو مدى خسارتها ، أوقعت حقيبة يدها عمدا و تظاهرت بأنها تنتظر أحدا من السادة كي يلتقطها لها ، و ما أن هم بالإنحناء لإعادة الحقيبة ، حتى سبقته إلى ذلك و التقطتها بنفسها ، و بعد دقائق معدودة أخرجت سيجارة و وضعتها بين شفتيها... و انتظرت و عندما أخرج دييغو قداحته الذهبية من جيبه ، استدارت نحو رجل مسن في الجانب الآخر و طلبت منه بغنج أن يشعلها لها ، و نجحت بتجاهلها المتعمد ، في لفت إنتباهه إليها ، شعرت بأن المبلغ الذي خصصته لتلك اللعبة بدأ ينضب بسرعة ، فأمتنعت مؤقتا عن المشاركة و أرتاحت في كرسيها و هي تتابع اللعب بدون إكتراث ، أحست بأنه يراقبها ، فنظرت إليه بعينين تبرقان سرورا و بهجة بسبب دخولها المفاجئ في هذه اللعبة الجديدة ، سألها بصوت هادئ:
"هل تشربين معي فنجانا من القهوة؟".
ردت عليه ببرود و جفاف جارح:
"أنا لا أعرفك ، يا سيد".
"ليس هناك أي صعوبة لتصحيح الوضع القائم ، إسمي دييغو" أحست بطعم الإنتصار عندما وقف و بدأ يساعدها على النهوض من كرسيها ، و قالت له بهدوء:
"دايانا... ديانا وارنر".
أمسك بيدها و أخذها إلى زاوية بعيدة عن الضجيج تلفها أضواء خافتة ، لاحظت بإنزعاج بالغ أنه أطول منها بكثير ، لم يكن أي من الذين تعرفهم أطول منها و لا حتى مارك ، و لكن ذقن دييغو كانت أعلى من جبينها ، تصورته أولا نحيل الجسم ، و ذلك بسبب طوله الفارع ، إلا أنها أكتشفت لدى مغادرتهما القاعة بأنه ذو منكبين عريضين و جسم قوي ، أخافتها قامته الطويلة ، و سرت كثيرا عندما جلسا إلى الطاولة و لم تعد مضطرة لرفع عينيها إليه ، و كما أنه لم يسألها إلى أين تحب الذهاب ، كذلك طلب من النادل فنجانين من القهوة المرة دون أن يستشيرها إذا كانت تحب ذلك أم لا ، شعرت بالإنزعاج ، فمع أي شخص آخر ، و في أي ظروف أخرى ، كانت سترفض القهوة بمجرد إحضارها إلى الطاولة.
أما في هذه الحالة بالذات ، فقد سيطرت على أعصابها و قبلت القهوة بتهذيب و مجاملة ، أخرجت سيجارة من علبتها ، فظهرت أمامها على الفور القداحة الذهبية تشعلها لها ، و سمعته يقول بهدوء:
"أخبريني... هل أنت دائما هكذا؟".
"عفوا... لم أفهم ما تعنيه".
"إنني أتحدث عن مسألة اشعال سجائرك ، استخدمت أسلوبا مزعجا و مهينا لجذب إنتباهي إليك ، و لكنك نجحت بصورة تامة".
لم يكن النور كافيا لتشاهد ملامح وجهه بوضوح لكنه بدا من صوته و لهجته أنه يجد لعبتها مسلية ، تنحنح قليلا ثم مضى إلى القول:
"ديانا وارنر أعتقد أنني سمعت إسمك من قبل".
"محتمل جدا ، ربما يذكرك بإسم والدي ستيورات وارنز الذي توفي منذ سنتين".
رد عليها بسخرية أزعجتها و جعلت أعصاب وجهها تتقلص بسرعة:
"أرى أنك حزينة جدا و تتفجعين عليه كثيرا".
"أعتقد إني سمعت عنك من قبل يا سيد كوردوبا ألم يكن والدك ذلك الرجل القوي الثري في سان فرانسيسكو قبل... قبل وفاته المبكرة؟".
توقفت لحظة في تلك الجملة ، لتثبت له أنها تعرف أكثر من ذلك ثم أضافت:
"أتصور أن لديك شركة و بستان حمضيات و معمل في وادي نابا ، أليس كذلك؟".
"يبدو أنك تعرفين الكثير عني ، يا آنسة".
قالت له بنعومة مزعجة:
"قليل من هنا و قليل من هناك ، كيف يسير عملك؟".
اقترب دييغو منها ، فألقت الشمعة بعض الضوء على وجهه ، و أظهرت ابتسامته الساخرة ، تأملها لحظة ثم قال لها بلهجة خبيثة إلى حد ما:
"لدي شعور غريب بأنك ستصابين بخيبة أمل لو قلت لك أن الأمور تسير على ما يرام".
ثم نظر إليها بعينين قاسيتين و قال بصراحة أزعجتها و أفزعتها:
"يبدو أنك لست متحمسة كثيرا للحصول على مفتاح غرفتي في هذا الفندق ، فلماذا لا تخبريني عن السبب الحقيقي لقبولك دعوتي المتواضعة هذه؟".
"إنك محق تماما ، أنا أكره إضاعة الوقت بأمور تافهة و جانبية ، أريد أن أعرض عليك شيئا ، يا سيد دي كوردوبا ، إنه عرض تجاري ، فلا يوجد سبب لرفع حاجبيك استغرابا!!".
لم يصدر عنه أي ردة فعل فوري ، حاولت ديانا إخفاء إمتعاضها المتزايد إلا أنها لم تنجح تماما و قالت بشيء من :
"أظن أنك تفتقر حاليا إلى سيولة كافية ، و أنك بحاجة لبعض المال كي تجري تحسينات على شركتك و معملك ، أنا مستعدة لتزويدك بما تحتاج إليه يا سيد دي كوردوبا".
"عرض مثير للإهتمام ، و لكني أتساءل بدهشة عن سبب اختيارك أعمالي أنا كي تستثمري فيها أموالك ، من المؤكد أن هناك ما تريدين الحصول عليه مقابل ذلك ، فماذا تريدين يا آنسة؟".
"أريد زوجا" ضحك الرجل و قال:
"لا شك في أن هناك عدد كبير من الرجال الراغبين في الزواج الذين سيقفزون فرحا إذا سنحت لهم فرصة ذهبية كهذه ، الزواج من شابة جميلة و ثرية مثلك ، و لكن أتذكر إني سمعت مرة عن علاقة تربطك بشخص يدعى جان كارتر ، فلماذا لم تتزوجيه؟".
"جان؟".
تذكرت ديانا بسرعة صورة الرجل الطيب ذي الشعر البني الفاتح ، ثم أضافت قائلة بلهجة توحي بالإشمئزاز:
"إنه شخص ضعيف و غبي كان يدور حولي كقطة صغيرة جائعة ، و كانت يداه دائما تتصببان عرقا".
"هل تعلمين أنه حاول الإنتحار عندما إمرته بالإبتعاد عنك؟ أعتقد أن تلك المحاولة وقعت قبل حوالي سنتين و نصف".
"كان عملا يتسم بالرعونة ، و ضعف الشخصية ، و من الواضح أنه لم يكن قادرا حتى على النجاح في محاولته تلك".
شعرت ديانا بأن الحديث عن جان كارتر ممل للغاية ، و يبعدها عن الهدف الحقيقي لوجوده مع دييغو ، و أضافت بنبرة قوية و هادئة:
"لن يكون زواجي المقترح إلا لفترة مؤقتة ، و لهذا فضلت التعاطي مع شخص غريب تماما".
"هل أنت حامل؟".
"طبعا لا" ، جاء نفيها حادا و قاطعا و غاضبا ، فتأملها دييغو قليلا ، ثم ابتسم و قال لها بسخريته المعهودة:
"إنه السبب المعتاد و المعروف الذي يدفع النساء للزواج بهذه السرعة ، و على هذا النحو المدهش و المثير للاستغراب ، أخبريني يا آنسة ، ما هو السبب الحقيقي إذن لرغبتك في الزواج من إنسان غريب؟".
ردت عليه بتحد قاس ، و هي تتمنى لو أن في إستطاعتها صفعه بقوة على وجهه لإزالة تلك النظرة الحادة و اللاذعة التي كان يوجهها إليها فقالت:
"أعتقد أن إتفاقنا سيكون تجاريا ، لذا أفضل أن أحتفظ بالسبب لنفسي" ثم قال بمرح:
"واو ، أتراك تحاولين إيهامي من خلال إتفاق تجاري بوجود أسباب وهمية لإيقاعي بشرك الزواج؟".
"يا لك من متغطرس ، هل يبدو علي أني متيمة بحبك كي أقدم على هكذا خطوة؟ في هذه الحالة سأقول لك أن السبب هو أني أريد رد إعتباري ، و قطع أي أمل يراود خطيبي السابق بفسخ خطبته الجديدة و العودة إلي ، و ذلك بإعلان زواج قبل نهاية الأسبوع ، فيقتنع تماما بأني محوته من حياتي إلى الأبد".
"و هل محوتيه فعلا؟".
"أعتقد أن عرضي هذا هو جوابا كافيا".
أشعل سيجارة أخرى فبدت على ضوء القداحة عيناه قاسيتان ملتهبتان ، سألها ببرود أعصاب أثارتها و ضايقتها:
"ما هو المبلغ الذي تريدين دفعه ، فيما لو قبلت إقتراحك السخيف هذا؟".
"يعتمد الأمر كثيرا على ما تحتاجه أنت".
"يتطلب تزويد المعمل بالمعدات و تحسين وضع معين بالشركة حوالي ثلاث مئة ألف دولار ، فما رأيك".
عضت ديانا على شفتها بقوة لتمنع نفسها من توجيه أقبح الشتائم إليه ، ثم قالت له بهدوء مصطنع:
"إنك رجل مرتفع الثمن".
"ستحققين انت مأربك ، و أتوصل أنا إلى الغاية التي أصبو إليها ، حريتي غالية جدا ، بالنسبة إلي يا ديانا".
ثم ابتسم و سألها بنعومة صادقة:
"لماذا إخترتني أنا بالذات؟" تذكرت ديانا كلام جوني عن حفلات جين ، التقته في إحداها و كان جان كارتر آنذاك قد بدأ يزعجها و يضايقها ، تركها لحظة و ذهب ليرحب بالرجل الطويل القامة الذي وصل لتوه ، حاول إقناع دييغو بالإقتراب منها لتقديمها إليه ، و لكنه رفض ذلك بإصرار ، و تذكرت أيضا أنها سمعته صدفة يتحدث إلى أشخاص آخرين.
لم يكن رجلا يمكن تناسيه بسهولة ، اغاظته بعض النساء آنذاك لأنه يتردد في التعرف إلى صديقة جان الجديدة...
إليها هي ، فقال لهن بغطرسة الرجل الذي يحصل دائما على ما يريد و يشتهيه
.
http://www.liilas.com/vb3


الساعة الآن 07:09 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية