منتديات ليلاس - على الهاتف

لقد تعبت وزهقت قدماه من المشي جيئة وذهابا , لا تعلم أين تذهب ولا أين ستقف ولا متى ستتخلص من هذا العذاب الذي أذاقها إياه صاحبها وهو يحاول أن يمسك بشيء ما ليعدل قامته وهو يمشي مترنحا ً , ليس ترنحه أثرا ً لشيء بل لأن تفكيره مشغول للغاية لدرجة أنه نسي أن يوازن نفسه, وهذا الهاتف في يده هو جل تفكيره , إذ ينظر غليه طويلا ً متأملا ً ثم يهز رأسه نافيا ً بعنف فكرة قد لاحت في ذهنه بخصوص هذا منتدى ليلاس الثقافي
الهاتف ,وبعد أن توقف متكئً على الحائط نتيجة اصطدامه به بسبب تجواله المجنون ذاك ,ضغط أزرار هاتفه في ارتياع وبابتسامة ظاهرين بتناقض عجيب على وجهه ,ويمكن الشعور بذاك الرجفان المدوي الذي يهز عقله وصدره من الداخل , ولكن اهتزاز آخر في مكان آخر مع موسيقى ناعمة جميلة استرعى اهتمام شابة فوجهت نظرها إلى هاتفها أمامها على طاولة المطعم الفاخر الصاخب الذي تجلس فيه , فرفعته إلى أذنها وأجابت مغلقة بيدها الأخرى أذنها الثانية , فلم تلقى صوتا ً أو إجابة من الطرف المقابل إذ كان صديقنا قد تسمرت أعضاءه كلها وأهمها لسانه كأنه قد أكلت القطة لسانه و واجم مرتجف يريد فتح فمه ولكنه مقفل والمفتاح قد ضاع , لم َ اتصل إذا ً؟ وكلف نفسه ثمن المكالمة قالها بتهكم في عقله الضعيف قبل أن يبدأ بجمع ما تبقى من طاقة لديه بعد جهد إجراء المكالمة والآن الجزء الأصعب القيام بالمكالمة , ففاجئ نفسه ,بتكلمه وحديثه الذي بدأه منبها ً الفتاة إلى ضرورة سماعها له كأنه سيشن حربا ً لاسلكية عليها لكنه قد انزل قطرة عرق من جبينه البارد المتجمد بقوله وبكل جرأة - باعتقاده- "اسمعي لا أهتم إن كنت قد أزعجتك أم لا إن كنت قد أيقظتك أم لا , ولكن يهمني أن تسمعي كلمة من فمي قد شاب شعر راسي وأنا أحاول أن أتلفظ بها ولكن أحبك وأحبك وأحبك, وها قد قلتها ,ليحدث ما يحدث نعم أحبك وأهوى حبي لك وأعشق سحرك لي فأرجوك اخبريني ما أنت من كل هذا وأين تقفين , إذ لا أقوى أنا على الوقوف الآن فقد ذاب عقلي وخارت قواي ولكن أتحبينني , أأعجبك أتهتمين بي بل أتلاحظين وجودي ؟" ثم أطبق ثقل هائل لا يتحمله مخلوق على فمه وألزمه بالصمت فأسقط رأسه إلى الحائط وهو يحاول بجهد مرعب أن يبقي يده وهاتفه في مكانهما ولكنه انهار وانهارت معه يده وبمساعدة الخالق تمكن في اللحظات الأخيرة من سماع كلمات قد قالتها " آسفة ! إن المكان صاخب للغاية لم اسمع شيئا قلته فلتعود الاتصال بي لاحقا ً " ثم أغلقت منتدى ليلاس الثقافي