منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   القصص المكتملة (بدون ردود) (https://www.liilas.com/vb3/f571/)
-   -   بعد الغياب (https://www.liilas.com/vb3/t112623.html)

#أنفاس_قطر# 03-01-09 01:28 PM

بعد الغياب
 
بعد الغياب القصة المختلفة التي عانقت أختلافكم
هاهي روابطها بين أيديكم والشكر طبعا لايوفي حق الغالية جدا جدا (إرادة الحياة) التي أغرقتني بكرمها
وهي تضع الروابط وتجددها بنزول كل جزء جديد
ألف ألف شكر كل الشكر لايوفيك حقك أم أحمد الله لا يحرمني منك ولامن ذوقك وكرمك

من الجزء الأول للجزء الثامن في الصفحة الأولى

من الجزء 9الى 17
بعد الغياب
الجزء 18 الى 21
بعد الغياب
22و23

بعد الغياب
24 الى 26
بعد الغياب
الجزء 27
بعد الغياب

الجزء 28
بعد الغياب
الجزء 29
بعد الغياب
الجزء 30
بعد الغياب
31 الى 32 بعد الغياب

الجزء 33
بعد الغياب

الجزء 34
بعد الغياب
35 و36
بعد الغياب

الجزء 37
بعد الغياب

38 و39
بعد الغياب

40 و41
بعد الغياب
الجزء 42
بعد الغياب
43 و44 و45
بعد الغياب
46 و47
بعد الغياب
48 ,49
بعد الغياب

50 ,51 ,52
بعد الغياب

الجزء 53
بعد الغياب

54 ,55
بعد الغياب
56
بعد الغياب
57 و58
بعد الغياب
59 ,60
بعد الغياب
61و62
بعد الغياب
63و64
بعد الغياب
65و66
بعد الغياب
67و68
بعد الغياب
69و70 و71
بعد الغياب
72و73
بعد الغياب
74و75

بعد الغياب
76و77و78
بعد الغياب
79و80
بعد الغياب
81و82
بعد الغياب



مساءات الورد





وصباحات الإشراق
لكل رواد ليلاس وقراءه

أنا
#أنفاس_قطر#
اسمحوا لي أن أمد يدي لتصافح مشاعركم وافكاركم

وأدعوكم لقراءة روايتي الأولى

(بعد الغياب)

أعلم أن هذه الدعوة غريبة
ولكن أنا أريد الاحتفاظ بالرواية
كما بدأت على يد ناقلتها مذهلة

وهأنا أكملها لكم

متمنية أن تستمتعوا بها
وان تعطروها بعبق مروركم




ضع بين أيديكم تجربتي الأولى في كتابة الرواية.. أعتقد أنها تجربة مختلفة جدا..والرأي الأول والأخير لكم.. أنشرها بنفسي في عدة منتديات بالتزامن معا.. ولكن في حال رغب أحد القراء الأفاضل في نقلها لا مانع لدي، ولكن أتمنى ألا ينسى اسمي فقط #أنفاس_قطر#


بعد الغياب

الجزء الأول

- أوووووف..البنات اليوم جننوني..
كانت هذه هي جملة الدكتورة جواهر اللي قالتها، وهي تطلق تنهيدة طويلة، وتحط شنطة لابتوبها على طاولة مكتبها بيد، وتخلع نقابها باليد الثانية، وتعلقه على الشماعة القريبة من مكتبها.
ردت عليها زميلتها وصديقتها المقربة الدكتورة نجلاء اللي قاعدة وراء مكتبها، وتقلب أوراق في يدها، وهي تبتسم بإرهاق: ليه عسى ماشر؟؟
لفت جواهر وجلست على كرسي المكتب، وهي تحرر شعرها الأسود الناعم والكثيف اللي يوصل طوله لتحت أكتافها بشويتين من الشيلة ومن الشباصة وتنثره على أكتافها ليرسم سواد شعرها الحريري المسترسل مع صفاء بشرتها المصقولة الشفافة لوحة مبهرة يعجز أعظم رسام عن رسمها لأنها من صنع الخالق، وسبحانه جل شانه ما أبدع ما صنع في هذه الأنثى الاستنائية.
(لا أميل مطلقا إلى فكرة البطلات الخارقات الحسن، وكأنه لا يوجد في عالم القصص عاديات الجمال، ولكن لجمال جواهر هنا ضرورة قصصية ملحة ستعرفونها لاحقا/ #أنفاس_قطر#)
وتقول جواهر وهي تعدل جلستها: محاضرتين ورا بعض والبنات كلهم يقولون: تكفين دكتورة الجو حلو ومغيم، خلينا نأخذ المحاضرة برا في الحديقة، أو طلعينا بدري، دخلوا في مخي، حنانات درجة أولى، الله يعين أهلهم عليهم.
ردت نجلاء وهي ترتب الأوراق وتدبسهم ببعض: هذا عشان أنتي معطتهم وجه، ومدلعتهم.
كشرت جواهر بابتسامة: إذا أنا مدلعتهم أنتي شنو؟؟ ، أنا أحترمهم وهم يحترموني، أمسك العصا من النص.عشان عمر التدريس الجامعي ماكان كبت وكسر لشخصية الطالب الجامعي، وفي نفس الوقت موب تسيب وفلتان.
نجلاء بصوت مرهق: خلاص عمتي جواهر فتحت موضوعها المفضل، من بيسكتها؟!
ابتسمت جواهر ابتسامة واسعة بينت أسنان رائعة في بياضها وتناسقها من خلف شفتين ناعمتين مكتنـزتين..ابتسامة ساحرة تجسد الفتنة الأنثوية في أوجها، الأنوثة الناضجة الممتزجة بملامح براءة غامضة تصنع سحرها الخاص بها هي فقط: يا قلبي يا نجلاء، التدريس الجامعي أنه إحنا نصنع شخصيات واثقة وملتزمة واستقلالية في ذات الوقت، أعرف إنها معادلة صعبة بس موب مستحيلة.
- واللي يخليج جيجي ماني ناقصتج اليوم. حمادة مسهرني البارح حرارته 40، واضطريت أنزل وأخليه عند عمتي عشان امتحان البنات اليوم، وجايه مواصلة بدون نوم.
- تدرين نجلاء إنج بايخة، وثقيلة دم، وماعندج سالفة.
- وليه كل هذا يا دكتورة؟.(قالتها نجلاء وهي تبطل عيونها بكسل)
- تطلعين وتخلين حمودي تعبان، عشان امتحان وأنا موجودة!! كان أرسلتيه مع السواق لي، وأنا برسم الخدمة: أحضر بدالج المحاضرة وأوزعه عليهم.
- فديت عمرج يا جواهر، بس إذا كان حبيبك عسل، ما أبي أثقل عليج، كفاية محاضراتي اللي حضرتيها بدالي الأسبوع اللي فات، مالي وجه، وجهي طاح، ياوجه استح.
- والله ثم والله تقومين تروحين لبيتج الحين، وإلا هذا أخر ما بيني وبينج، قومي طسي لبيتج، وهاتي الامتحان.
- بس يا جواهر......
- مافيه بس..هاتيه.. يعني أنا وش وراي أستعجل عليه...(وتنهدت جواهر بحسرة)
- كله منج، لو تبين كان تزوجتي من زمان، واليوم قبل بكرة، وبكرة قبل اللي بعده.. أخوي مخلي خطبته مفتوحة. وصحيح أخوي مافيه منه، بس ألف غيره يتمنونج.
ضحكت جواهر ضحكتها الصافية اللي تشبه رنين أجراس الكريستال الفاخر، واللي لو كان رجّال هو اللي سمع رنين ضحكتها كان تكهرب220 فولت وضربه زلزال بقوة 8 درجات على مقياس ريختر: عدااال.. اللي يسمعج تقولين خطاب، يقول بنية أم 18، أنا عجّزت ياقلبي، بعد كم شهر بيصير عمري 31، يالله حسن الخاتمة بس.
قالت نجلاء وهي تجمع أغراضها عن المكتب وتلبس عبايتها: أنتي والله اللي قليلة خاتمة، شنو 31، يعل 31 جاموسة تترفس في بطنج يمكن ترجع لج عقلج، أنتي قمر يا بنت، تعرفين شنو قمر، أنتي ماعندكم مرايا في بيتكم، وعادج في عز شبابج وأنوثتج...... الحين ماني متفرغة لج، بكرة نتفاهم، خذي الامتحان، وتراهم مجموعة 2 اللي محاضرتهم بعد ربع ساعة.
تنهدت جواهر: لا بكرة ولا بعده، روحي لحمودي، وانا بأمر عليج العصر، أتطمن عليه.
خذت جواهر الأوراق من نجلاء، ورجعت تجلس وراء مكتبها، وهي تراقب بهدوء ومودة نجلاء،
وهي تلبس عبايتها وتشد شيلتها على رأسها وتثبتها عدل..تدخل شعرة طايرة، وتلبس نظارتها الشمسية،
كانت ملامح نجلاء الهادئة الحنونة تذكرها بملامح أمها الله يرحمها، صدق إنها ملامح يمكن ما تلفت انتباهك ببساطتها وكونها تمر عليك كل يوم، لكن لما تعرف أصحابها ينقشون أنفسهم في القلب نقش، بحضورهم الإنساني المتسع اللي على قد امتداد الكرة الأرضية.
حست جواهر بنغزة جامدة في عمق قلبها، مو قادرة لحد الحين تتجاوز وفاة أمها رغم مرور أكثر من سنة. تكره الرجعة للبيت لأن كل زاوية من زواياه فيه ريحة أمها وذكراها وهمساتها، لولا وجود أخوها اللي أصغر منها عبدالعزيز في حياتها، كان يمكن جنّت بعد وفاة أمها مع الذكريات القديمة اللي مو راضية ترحم قلبها وكيانها، واللي كانت أمها تلهيها عنها شوي..
عبدالعزيز البلسم الشافي الحنون، بقلبه الطاهر، بروحه المرحة.. لاشعوريا ابتسمت وهي تتذكر تنكيت عبدالعزيز عليها: ما يسميها إلاَّ الزرافة، عشان طولها 173، بينما هو قصير شوي، طول طفولته كان يتمنى يكون طويل طويل مثل........ هزت رأسها بعنف وكأنها تحاول نفض ذكرى "الطويل" من رأسها.. لكن غصبا عنها ذكرى "الطويل" حضرت بعنف، مثلها مثل كل أحزانها اللي ما تغادرها ولا لحظة.
رجعت ذكراها لحوالي 18 سنة ورا، وبنات المدرسة يضحكون عليها ويقولون: صدق يقولون إنج بتاخذين واحد (مرت بباي).. ضحكت من مصطلح (مرت بباي).. لكن الضحكة الميتة الـمُنتزعة من خواء قلبها أعقبها شهقات وشهقات وبكاء عنيف. قامت جواهر تقفل بسرعة باب المكتب، لا يدخل عليها حد من زميلاتها أو الفرّاشة، استعاذت بالله من الشيطان الرجيم، ومسحت وجهها بمناديل المكياج اللي معها بشنطتها، وقربت الزبالة منها ومسحت وجهها بماي بارد، بعدها طالعت في المرايه اللي بمكتبها وحطت ماسكرا على السريع على رموشها الطويلة الكثيفة، وحطت غلوس في محاولة أنها تخلي شكلها فريش وتخبي أثار البكاء، بعدها لبست شيلتها ونقابها، وخذت امتحان طالبات نجلاء وطلعت بعد ما قفلت باب مكتبها هي ونجلاء من برا.
**************

في بيت نجلاء، كانت عمتها (أم زوجها جاسم) جالسة في الصالة اللي تحت، وفي حضنها ولد ولدها، الولد مريض وحرارته مرتفعة، وينادي أمه، و وأم جاسم حاضنته بحب وتقرأ عليه آيات من القرآن، وتنفث على وجهه، وتمسحه بماي بارد، دخلت عليهم نجلاء مثل الصاروخ، دنقت على رأس عمتها وباسته، وشالت الولد من يدها، وهي تقول بقلق: أشلونه يمه؟
هزت أم جاسم رأسها: تعبان يمه، فديته ما نزلت حرارته كلش ويناديج، قومي وديه المستشفى.... إيه قبل أنسى ترا جاسم كلم ويقول بيتأخر كم يوم..
انتفضت نجلاء: عسى ما قلتي له شيء عن تعب حمودي، ما نبي نخرعه بدون سبب.
ردت أم جاسم بهدوء: لا ما قلت له شيء، بس هو خنت حيلي كأنه حاسس بشيء، كل شوي يقول أنه أنتي مو عوايدج تكلمينه باختصار ومستعجلة كذا.
- يوووه يمه، تدرين أنا ما أعرف ما أخبي، أكلمه بسرعة، أخاف يشدد في السؤال عن حمد أخورها، وأهل الأولي والتالي، ويزعل أنه صار له كم يوم تعبان وأنا ما قلت له. يالله أنا طالعة للمستشفى... ثم نادت نجلاء بصوت عالي ومستعجل:ماريا يالله نادي السواق وأمشي معاي نروح المستشفى. التفتت نجلاء تكلم عمتها: مسكينة ماريا توها جابتني من الجامعة، يمكن مالحقت تأكل شيء.
- ابتسمت عمتها ابتسامة مرهقة: يالبي قلبج يا نجلاء، مالوم جاسم في حبج، شايلة هم خلق الله.
- هذولاء في ذمتنا يمه ومسؤلين عنهم يوم الحساب. اللهم ثبتنا يارب وخلي لي وليدي وعافه يارب العالمين.
- آمين..أي مستشفى بتروحين يمه؟؟
- ما أدري يمه، يمكن عيادة الدوحة، وإلا طوارئ السد، بأشوف.
******************


في نفس اليوم في قاعة من قاعات جامعة قطر، البنات يدخلون القاعة باقي على المحاضرة دقايق، 3 بنات يمشون مع بعض ثنتين لابسين عباياتهم ونقاباتهم والثالثة بعباية وشيلة، دخلوا مع بعض للقاعة وهم يسولفون، وجلسوا في الصف الأول، خلعوا البنتين نقاباتهم ودخلوها في الشنط، وطلعوا المرايا يتأكدون من أشكالهم، وضبطوا الغلوس على شفايفهم.
سحبت فاطمة المراية من مها: عطيني أشوف شكلي.
رجعت مها مرايتها في الشنطة: وقالت: مهوب حولي، يا أنااا ياااو، تبين تشوفين شكلش، مفرعة 24 ساعة وكاشفة الخشة الشينة، وش اللي بيخرب شكلش.
ردت فاطمة عليها وهي تمد لسانها لها: محترة مني ومن خشتي الحلوة، ياالقردة.
ردت عليها مها: القردة جابتها أمش مع احترامي لخالتي أم صالح.
- أنا قردة يالسحلية.
- سحلية يالضب.
- شنو ضب هذا، صج بدوية.
قبل ما ترد مها اللي كانت تجهز الضربة القاضية، مسكت منيرة إيديهم: تايم آوت، الحكم وصل، عقب المحاضرة، نكمل الجولة، لا ألب كل وحدة منكم على علباها.
قالت فاطمة: إلا صج الحكم العود وينه، وين الدكتورة ما وصلت للحين؟؟
منيرة: إيه والله!! مهوب عوايد عين السيح.
مها: أنتي وعين السيح!! صايرة دواس على أخر الزمن، باقي مانع وخطر ونكمل مسلسل الحيالة.
منيرة: هذا حنا كملنا، مانع أنتي وخطر فاطمة.
فاطمة: بسم الله علي، مالقيتي إلا خطر.
ضحكت مها: ايه والله فيها منش لمحات، بس حرام.. أمش تكرم عن حكيمة.
ضحكت فاطمة: زين حشمتي أمي.
مها: أفا عليش كله ولا الكبير، أحطه على رأسي، بس أنتي وخويتش اللي وراش حثالة مجتمع، ماتستاهلون الاحترام.
منيرة: رجعت مها أم لسانين علي.. مو منس إلا من بلاوي الريجيم اللي تشربينها ياالدبة، أنتي وراس ما تحترمين عمتس منيرة؟
مها: عمت عينش، قولي آمين.... إلا صدق تأخرت دكتورة جواهر، نطلع وإلا نتناها؟؟
فاطمة: شنو نتناها هذي؟؟
منيرة: نتناها نتناها ؟؟سبع سنين مخاويتنا وماحفظتيها، خلينا نسوي ترجمة:أمممممممم يعني ننطرها..ياالمسبهه على قولتكم.
فاطمة:هاه ننطرها، مافيه داعي ننطرها لأنها كاهي وصلت، ومافيه مسبهه غيرج.
فاطمة ومها ومنيرة صديقات من أيام الأعدادية، وفي الجامعة دخلوا نفس التخصص، كانوا مثل روح توزعت في ثلاث أجساد، كل وحدة منهم تفهم الثانية بدون كلام، وكل وحدة منهم تكمل شيء ناقص في الثنتين الباقين، كانوا نموذج نادر للصداقة الفريدة.
دخلت جواهر القاعة بعد تأخير عشر دقايق، دخلت مستعجلة وهي تحط لابتوبها على الطاولة وتخلع نقابها، وتقول: السلام عليكم بنات، آسفة جدا على التأخير، طالبات دكتورة نجلاء تأخروا وهم يحلون الامتحان، وأنا ما حبيت أعجلهم، ودكتورتهم موب عندهم.
همست منيرة لفاطمة: يا لبا قلبها.. حنينة من يومها، يا جعلني فدا لسبدها وعيونها اللي تذبح.
مها همست لفاطمة اللي جالسة في النص: قولي للي جنبش تلايط وتسكر حلقها المخنـز، تدرين الدكتورة ما تحب الكلام الجانبي على قولتها.
فاطمة لمنيرة: تقولج مها تلايطي وسكري حلقج المخنـز، وماعلى الرسول الا البلاغ.
منيرة: زين شغلها عندي.رفعت منيرة صوتها: احم احم دكتورة دكتورة.
التفت عليها جواهر: نعم منيرة تبين شيء؟
ابتسمت منيرة بخبث: مو أنا اللي أبي، هذي مها تشرب على الريق شاي ريجيم، وشكله بدأ مفعوله، ومستحية تستأذن.
ضحكت جواهر ضحكة مكتومة وقالت: اطلعي مها لو تحبين.
مها مثل اللي صبوا على رأسها ماي بارد، وجهها صار إشارة مرور، مها على طولة لسانها مع صديقاتها، إلا أنها تستحي موت وخصوصا من اللي أكبر منها وخصوصا الدكاترة.
بصوت فيه البكية: لا دكتورة مافيه شيء. والله ما أبي أطلع.
ابتسمت جواهر لها برقة: خلاص براحتج، نبدأ درسنا.
شبكت جواهر اللابتوب بجهاز بروجكتر/الداتا شو ووجهته على الوايت بورد، في الوقت اللي كانت مها تخز منيرة وتتوعدها. وتأشر لها الاشارة الشهيرة وهي تمرر يدها على حلقها.


في نفس اليوم بالليل، وفي بيت من بيوت الدوحة، كانت الأضواء والكشافات تضيء الحديقة الواسعة المنسقة بذوق رفيع، وخلفها تظهر الواجهة الرخامية للفيلا المتوسطة الحجم والتي يظهر فيها هي أيضا ملامح الذوق الشديد الرقي والخصوصية.. في الحديقة على كرسي خيزران تجلس بهدوء ووداعة وعيونها مسكرة، وهي تضع شال صوف على أكتافها، ما حست فيه وهو يقترب بحذر، ويجلس على الكرسي المقابل لها.. يتأملها بهدوء، حاس بحزنها ويأسها مثل السكاكين اللي تنغزر بقلبه بدون رحمة، يحاول دائما أنه ينسيها حزنها، بس عارف إنها حتى لو مثلت عليه السعادة، أن حزنها أصبح جزء من تكوين شخصيتها. كانت العلاقة بينهم علاقة فريدة: كانوا أشبه بالتوأم حين، أب وبنته حين، أم وولدها حين ثالث، كان الفرق بينهم ست سنوات.
تنحنح بهدوء، وقال وهو يهز ذراعها بحنية: أم عبدالعزيز، أم عبدالعزيز.. قومي فديت قلبج أنا، الجو بارد عليج.
قامت جواهر وهي مفزوعة وتسمي بالرحمن: خرعتني الله يقطع أبليسك، وألف مرة قايلة لك لا تناديني أم عبدالعزيز. قالتها وهي تضربه ضربة خفيفة على كتفه.
تصنّع الحزن وقعد يمسح دموع وهمية: أفااااا.. ما تبين أقول لج أم عبدالعزيز، عيل من أمي؟؟
تنهدت جواهر: لا تفتح جروحي واللي يرحم والديك، أنت عارف أنا وش أقصد، إذا رجع عبدالعزيز، قول يا أم عبدالعزيز.
تنهد عبدالعزيز تنهيدة أطول، وهو يمسح لحيته المتوسطة الطول، اللي تزين وجه لطيف الملامح: ليه هو جروحك تسكرت عشان أفتحها. ما أدري أنتي متى بتنسين وتكملين حياتك طبيعي، لمتى وأنتي تنطرين عبدالعزيز وأخته؟؟
طالعته جواهر بحدة: ياه على هالموال اللي ما يخلص، ومن قال أني ما كملت حياتي طبيعي، هذا أنا كملت دراستي وعوضت فترة الانقطاع، ومو بس دراستي إلا خذت ماجستير ودكتوراه وفي زمن قياسي، وكاني أستاذة جامعة، يعني حياتي ما وقفت بعد اللي صار.
ابتسم عبدالعزيز بضعف: جواهر مو علي هالكلام، لو تخبين على الدنيا كلها أنا لا.. لمتى هالحزن؟؟ مو أنتي أول أم تفقد عيالها؟ الدنيا لازم تمشي، والبقاء لله، وأنتي إنسانه مؤمنة ومصلية. الموضوع صار له سنين طويلة، كل شيء في الدنيا ييدأ صغير ويكبر، إلاَّ الحزن يبدأ كبير ويصغر، وأنتي حزنج شاب بقلبج.
كانت جملة عبدالعزيز القشة اللي قصمت ظهر البعير، من بعد وفاة أمها -اللي كانت شاغلتها بمرضها وحاجتها للعناية الدائمة- وإحساسها بفقد عيالها متضاعف، وكانت تتجنب فتح حوار من هالنوع مع عبدالعزيز اللي كان طول عمره مرايتها، اللي تشوف نفسها فيها. انهارت جواهر فجأة على الأرض كأنها كانت تحمل جبل على كتفها ينتظر انهيارها، انتحبت بعنف: أبي عيالي يا عبدالعزيز، أبيهم، أبيهم،لو هم عند ربي أبي أموت أبي أشوفهم. ليه ياربي ما خذتني معهم، ليه ما خذتني مع أمي؟؟
نزل عبدالعزيز على ركبه وهو يحضنها بقوة ودموعها غرقت كتفه: جواهر ياقلبي استعيذي بالله من الشيطان، وش هالكلام؟؟ وأنا بتخليني لمن؟؟ يهون عليج حبيبج عزوز.
مسحت جواهر وجهها بظهر كفها: أنت بتتزوج قريب، وبيكون لك حياتك، بس أنا خلاص مالي حياة.
شدها عبدالعزيز من يدها وقومها وهو يدخلها للبيت: شنو مالج حياة،جامعتج وطالباتج وطموحاتج، وقبل كل شيء أنا وانتي.. بنظل طول العمر مع بعض، وإذا ما تبين تتزوجين خلاص بكفيج، أحسن، هذا الله يحبني، رزقني أنا ونورة (بيبي ستر) تربي عيالنا ببلاش،، لا وخوش بيبي ستر، مزيونة ومعاها دكتوراة، وين نحصلها ذي إلا في الأحلام. سوبر ناني جات برجولها.
ضحكت جواهر ضحكة قصيرة مبحوحة، ابتسم عبدالعزيز: جعلني ما خلا من هالضحكة، قولي أمين.
مسحت جواهر وجهها، وهي تجلس على الكنبة: ولا يحرمني منك، ومن شوفة عيالك، تعال تعال أجلس جنبي وأنا أمك. جلس عبدالعزيز جنبها وهو يحط غترته اللي بدون عقال على الكرسي.
حاولت جواهر بفشل أنها ترسم ابتسامة وهي تسأله: شأخبار شغلك؟؟
- يسرك الحال
- والعرس.. متى نويت إن شاء الله؟ ترانا طولنا على الناس. صار لكم متملكين سنة ونص، من يوم ألغي زواجكم بعد وفاة أمي ما حددنا موعد جديد.
- متى ما بغيتي أنتي؟
- خلاص خلني أشوف القاعات وحجوزاتها، وأشوف رأي خالي وأم فهد.
- أنتي خيطي وأنا ألبس، بس أنتي أكيد عارفة أني ماراح أدخل عند الحريم وهالسوالف التعبانة؟؟.
- أكيد أدري بدون ما تقول.
- بس الشيء الثاني أني ما أبي نورة تجلس قدام الحريم بعد.
- أنت وفهمناها، ونورة ليه بعد (قالتها جواهر وهي تخزه باستفهام)
- لأنه جلسة العروس قدام الناس ماهوب في الشرع، وأنتي عارفة.
- بس صار عادة، وأنا ما أحب أكسر بخاطر بنت خالي.
- أنا بعد ما أحب أنه ينكسر خاطرها، قولي لها هذي رغبتي، ولو هي تبي تجلس خلاص براحتها.
- ياقلبي عليك يالحنون، يا حليلك يا عزوز، والله أنك بتصير عريس الموسم.
- وليه يعني؟؟
- عريس لابس ثوب شانيل؟؟ وضحكت ضحكة ناعمة مازالت رنة البكاء واضحة فيها.
- شنو شانيله بعد؟؟
- خلاص عديها، الله يثبتك على طاعته.
- آآآآآآآآآآمين، وياج. هاه أشلون النفسية الحين؟
- خلني أنسى ياعبدالعزيز يومي قبل يومك.
- المشكلة أنه أنتي ما نسيتي، واللي أنا خايف منه أنه أنتي تكتمين بصدرج، فضفضي لي وانا أخوج، ليش كل شيء تكلميني فيه بارتياح، إلا لما نوصل لموضوع عيالج، 20 سنة وانتي صاكة عالموضوع في صدرج.
- 17 وشهرين يا عبالعزيز، 17 وشهرين يا خالهم. قالتها جواهر والغصة أكبر من أنها تبلعها، حاسة أنها بتختنق فيها، وكملت وعيونها هايمة بالسقف،" قبل شهرين كملوا 17 سنة"
حاول عبالعزيز أنه يفرفش الجو: (حد يقول أن هالغزال عنده عيال شباب) لكنها كانت محاولة فاشلة، وندم على الجملة اللي قالها.
لأن جواهر انخرطت في بكاء حاد وهي تشهق: أبيع شبابي المزعوم وعمري وعيوني، عشان أشوفهم مرة.. بس مرة، ليه ياربي قسيت علي كذا، والله ما أذنبت في شيء أستحق عليه هالعقاب؟؟
انتفض عبدالعزيز: استغفري ربك استغفري ربك.
انتفضت جواهر مثل اللي لدغتها حية: اللهم أني أستغفرك وأتوب إليك، آلهي لا تآخذني أنك تعلم بثي وحزني.... أنا أم موجوعة يا عبدالعزيز.. موجووووووووعة موجوووووعة، مو قادرة أنساهم أو أتناسهم، إلا مستحيل، ولا تقول ليه واشلون،والله أحس بريحتهم في الجو، ملمس بشرتهم الناعمة والله بعده بين أصابعي.
قاطعها عبدالعزيز بحدة: أكيد ماراح تنسين، وأنتي كل ليلة ما تنامين إلاَّ على ثيابهم مفروشة على سريرك.
تفاجأت جواهر: وأنت إشدراك؟؟
تنهد عبدالعزيز: يعني بتدسين علي هذي؟!!
تنهدت جواهر تنهيدة حارة منـزوعة من أعمق أعماق قلبها: تدري عبدالعزيز، أنا لو متأكدة أنهم صدق ربي خذ أمانته عنده، كان احتسبتهم عند رب العالمين، وأنت أكثر واحد عارف إيماني بالله، بس هذا التأرجح، الأمل والشك يقتلني، كل ليلة أنام وأنا أحلم أني يمكن يجي بكرة أتصبح بوجيههم. يمكن أضمهم لصدري وأشم ريحتهم..آه ياعبدالعزيز آه ..انحرمت من شوفتهم يكبرون قدامي، انحرمت اسمع أول كلمة، وأشوف أول خطوة، وأتحسس أول سن، وأكلهم أول وجبة أكل، انحرمت من كل متعة تنتظرها الأم بلهفة مع عيالها..انحرمت حتى من أبسط حق، أسمعهم يقولون لي ماما.. آآآآآآآآآه ياعبدالعزيز آآآآآآآآه..انحرمت من طفولتي ومراهقتي، وكان والله ثم والله إنه عندي عادي وأكثر من عادي عشان عيونهم اللي حسيت كأني ملكت الكون لما شفتها بعد ولادتهم، حسيت لحظتها وتيقنت أنهم هم طفولتي وشبابي وكل اللي باقي من حياتي، أنه ربي كأنه خلقني في الدنيا عشانهم،حسيت كأني أطير في السما والله أطير.. آآآآآه ياأخوي وسندي آآآآآآآه، انحرمت منهم ، ونزلت من السما لسابع أرض، الله ينتقم من اللي حرمني منهم، الله يأخذ حقي منه يوم نتقابل أمام وجهه الكريم. الله ينتقم منه.
- جواهر لا تدعين على.......
قاطعته جواهر بعنف بنبرة تنضح بالكراهية: لا تقول اسمه، لا تقول اسمه قدامي.
قال عبدالعزيز بلين: أنتي مثل اللي يمسك في القشور ويخلي اللب، ولو ما قلت اسمه، هو بشخصه حاضر، لأنك كل ما تذكرتي عيالك لازم تتذكرينه معهم.
ابتسمت جواهر ابتسامة خفيفة وهي خلاص تبي تنهي الموضوع اللي استهلك كل طاقتها وانفعالاتها: تعشيت يا قلبي؟؟
تفهّم عبالعزيز رغبتها في انهاء الموضوع مع أنه كان حاب أنهم يتكلمون عشان تفضفض عن اللي بداخلها، لأنه هذي من المرات القليلة اللي تكلمت عن عيالها، قال بحنية: تعشيت ياعلني ما خلا منك، طلعنا أنا والشباب من الدرس، وحلف علينا راشد نصلي في المسجد اللي عند بيته ثم نتعشى عنده، وتوني الحين جاي من عنده.
ابتسمت جواهر وهي تتذكر راشد أكبر شيطان في الفريج وهو صغير ما حد سلم من شره، كان مفلع كل عيال الفريج، بس هو كان بذرة طيبة الله يرحم أمه، ورغم أنه مو مطول اللحية ولا مقصر الثوب مثل عبدالعزيز، إلا أنه شديد التدين والتفقه في الدين مع أنه أصغر من عبدالعزيز ب3 سنين، نفضت الذكرى عنها وهي تقول لعبدالعزيز: يوه كنت بأنسى، بكرة الأثنين أكيد صايم؟؟
- إن شاء الله.
- خلاص بأحط لك سحور في حافظات في الصالة، عشان لا قمت تصلي التهجد تتسحر.
- يا جواهر ماله داعي، توني متعشي.
- إلا لازم.. ليل الشتاء طويل وبتجوع

**************
هذا اليوم كان يوم شبه اعتيادي من حياة بطلة روايتنا.. عجبتكم الرواية أكملها أو أنسحب بكرامتي أحسن؟؟؟
#أنفاس_قطر#

بعد الغياب/ الجزء الثاني/23/12/2008

في نفس اليوم بالليل.
جواهر بغرفتها، تأكدت أنها سكرت الباب بالمفتاح.
بأصابع مرتجفة، فتحت الدولاب، وطلعت صندوق خشب صغير فاخر جدا

أول مافتحته فاحت منه ريحة عود قوية وساحرة.
مسكت الصندوق وهي حاضنته
كأنها خايفة حد يأخذه منها.

جلست على السرير، وفتحت الصندوق بحنية كأنها تلمس مخلوق حي.

طلعت منه قطع ملابس مختلفة لمواليد صغار باللونين الأزرق والوردي.

طلعتهم بشويش وهي تتأكد من كل زاوية فيها أنها سليمة، ما فيها نتش أو قطع.

ظلت تمسح على الملابس وتشمهم
وتهمس لهم بكلمات غير مفهومة
كأنها تمسح على عيالها نفسهم وتكلمهم

بعدها حست أنها خلاص مو قادرة تستحمل الانفعال
حطتهم على السرير وحطت رأسها عليهم
وبدأت دموعها اللي ما تجف تسيل بهدوء، في تكرار لمسلسل ليلي لا توجد له حلقة أخيرة.

وهي على هذا الوضع، رن موبايلها.
انتفضت بعنف ورنين الموبايل ينتزعها من عالمها الخاص.

مسكت الموبايل تشوف من اللي يتصل هالوقت.
كانت نجلاء، حاولت جواهر أنها تتماسك وردت:
- ألو..
- هلا والله بصادقة الوعد.. (نجلاء بعيارة)

- أسفة والله نجلاء بس صار اجتماع في القسم وماطلعت من الجامعة الا المغرب، ودقيت عليج، لقيت موبايلج مسكر. (جواهر بصوت حاولت أنه يكون متماسك.


- ماصار إلا الخير.. إلا صوتج وش فيه؟
- فيه إنج مزعجة وصحيتني من النوم.
- نعنبو.. نايمة الساعة 10 يالدجاجة؟؟
- ليه فيه مانع نجلاء هانم؟؟

- فيه إنج وعديتني تمرين علي ما جيتني، أنا عادي وأدري مالي خاطر عندج، بس حمودي المسكين، أنا قلت له إنج بتجين، والمسكين قاعد متزهب.


- صج كلاكة كذابة، أبو سنة وقاعد يتزهب، لاصار عمره خمس سنين، بيجي يأخذني من البيت على سيارته اللي يسوقها بنفسه.

- أكيد!!! هذا حمد بن جاسم على سن ورمح.
- يا حليلج يانجلاء، زين ينفع أمرج الصبح، ما عندي محاضرات إلا الظهر.
- ينفع ونص، بس تعالي لي بدري، أبي أسولف معج شوي.
- الله يستر منج ومن سوالفج.
- أنتي بس تعالي ويصير خير، والحين تصبحين على خير.
- وأنتي من أهله.

سكرت جواهر من نجلاء ورجعت تسند رأسها على ملابس عيالها وتشمها بعمق

ماعاد فيها إلا ريحة العود اللي هي تبخرالثياب فيه على طول
بس حاسة أنه فيهم ريحتهم وملمس جلدهم

بتموت من الحنين والشوق واللهفة والوجع..
الوجع اللي يمشي في عروقها مجرى الدم، حتى امتلت كل مسامات جسدها فيه..

نبهت منبهها على الساعة 3 عشان صلاة التهجد، وحطت رأسها على ملابسهم، وهي تحاول تنام.

*********


ثاني يوم..الصبح الساعة 9..

في بيت نجلاء.. جواهر ونجلاء قاعدين بمجلس الحريم.

نجلاء بترحيب صادق: ياهلا والله بالشيخة جواهر.
- حياج الله وأبقاج.. هاه وينه حمودي.
- نايم
- وإذا هو نايم أنا جاية عشان من؟؟
- يمه منج، زين احترمي مشاعري الرقيقة شوي، جامليني، حرام كسر الخواطر.
- أنتي شبعانة منج في الجامعة.

- بس أنا ما شبعت منج، أنا الفضول بيقتلني، واليوم صدتج، في الجامعة ما أقدر أسالك براحتي، أخاف البنات يدخلون ، يقطعون السالفة وما ترضين تكملين لي عقب.. وعندي عمتي دايم موجودة بس هي اليوم عند بنتها... وعندج ما أزورج إلا بنات خالج ناطين لنا، اليوم ماراح يفكج مني شيء.


- وش هالموضوع المهم اللي بتموتين وتعرفينه؟؟

- أممممم بصراحة هم موضوعين مو واحد، الأول سالفة زواجج من طقطق للسلام عليكم، أنا بس أعرف إنج تزوجتي وعمرج 12 سنة في سنة الـ 90، بس حتى هذاك الوقت ماعاد الناس يزوجون بناتهم في هالسن الصغيرة، يعني ما كنا الستينات ولا الخمسينات........ الموضوع الثاني: دراستج، أنا أعرف إننج تركتي المدرسة 3 سنين بعد زواجج، أشلون قدرتي تكملين بهالسرعة، وتأخذين الدكتوراة وأنتي عمرج 27، يعني خلال فترة قياسية جدا.

جواهر بتوتر: أشرايج أحكي لج الموضوع الثاني وبلاها الموضوع الأول واللي يخلي لج حمودي.

نجلاء بإصرار: لا لا لا .. الموضوع الأول أهم من الثاني، يا حبيبتي يا جواهر، احنا صديقات وخوات، صح؟؟
جواهر بصدق: والله أكثر من خوات..

نجلاء بحنان: افتحي قلبج يا جواهر ..لازم تتكلمين عشان تتجاوزين حساسية هالموضوع، لو قعدتي مسكرة عليه بهالطريقة، عمرج ماراح تتجاوزين الموضوع..

جواهر بألم: بس الكلام عنه يجرح كل شيء فيني، أنوثتي، أمومتي، وحتى إنسانيتي..

نجلاء بصدمة: لهالدرجة؟؟

جواهر تفرك إيديها ووتتنهد: وأكثر يا نجلاء وأكثر، بس تدرين أنا خلاص بأحكي لج كل شيء، والسالفتين مع بعض زواجي ودراستي، لأنهم مرتبطين..

تنهدت جواهر ومرة ثانية، وخذت الكوشية من جنبها، حطتها بحضنها وتسندت عليها بتعب وهي تقول:

توفى أبوي الله يرحمه وأنا عمري 12 سنة ووقتها كنت مخلصة ثالث إعدادي وفي إجازة الصيف مو في أول إعدادي مثل ما كانوا البنات اللي بسني.

نجلاء باستغراب: أشلون؟؟

جواهر وعيونها تحاكي بحيرة من الألم: تذكرين أنه كان عندنا في قطر من زمان، وما أدري لو عاده موجود أو لا، نظام يتيح للطالب المتفوق أنه يدرس مواد سنة كاملة في الصيف، ويقدم اختبارات مع طلبة الدور الثاني، ولو نجح، يختصر سنة، وينتقل للسنة اللي بعدها.

- ايه صح أذكر..
- أنا كنت شاطرة كثير في المدرسة، ولما كنت في رابع، مدرستي الله يذكرها بالخير، هي اللي أصرت أني أقدم صف خامس في الصيف وأطلع على سادس، لأنها حست مستواي أعلى من مستوى باقي البنات، وفعلا سويتها بمساعدتها ونجحت، وبعدها عجبتني الحكاية، ورجعت سويتها لما خلصت أول إعدادي، ونجحت في ثاني إعدادي في الصيف، وطلعت لثالث، وتوفي أبوي الله يرحمه بعد يومين من اخر اختبار لي في ثالث إعدادي

- والله سالفتج سالفة، وعقب؟؟ نجلاء بتلهف وترقب.


- أبوي كان عنده ولد خالة اسمه محمد، كانوا مثل الأخوان، ومحمد كان مريض الله يرحمه بعد، فأصر على ولده اللي كان توه راجع متخرج من أمريكا، وعمره 23 أنه يتزوجني.
- تكلمين جد؟؟ نجلاء باستغراب

- والله جد.. (جواهر بألم أرجعته الذكرى لها) وكملت جواهر:

تخيلي فرق 11 سنة بيني وبينه، هو كان رجّال وأنا طفلة، بس أبوه أصر، لأنه ماكان لنا حد من القرايب، ومحمد كان خايف علينا، أنا بنت صغيرة وأمي وقتها بعدها بنص عمرها، وعبدالعزيز طفل عمره سبع سنين.

قاطعتها نجلاء: وخالج أبو فهد وينه؟؟ أدري انه اللي تكفل فيكم؟؟

جواهر: انطري علي جايتج في الحكي، خالي أبو فهد، جلا برا قطر وأنا عمري سنتين ، في قتل خطأ، وخاف من أهل القتيل يقتلونه، ولا حد كان يعرف طريقه.

نجلاء: صراحة فيلم هندي..

جواهر بابتسامة حزينة: بعدج ما سمعتي شيء

نجلاء بترقب: كملي بليز كملي.

جواهر: فولد خالة أبوي أصر على زوجي سابقا أنه يتزوجني، عشان يكون مصدر حماية
جعل أمحق حماية، شوفات وبزر على قولة ولد خالة أبوي.

نجلاء باستفهام: إلا صدق عمرج ما قلتي لي اسم زوجج، اقصد سابقا.

جواهر بحقد: ما أحب أقول اسمه، موب لازم. ولو تبين موب لازم أكمل خلاص..

نجلاء: لا لا واللي يرحم والديج ..كملي كملي بليز.

جواهر بتأمل وهي تعصر الكوشية بين يديها:

أمي اقتنعت مع ولد خالة أبوي إن هذا هو الحل الوحيد.. لأنه كنا محتاجين رجّال معانا..
المهم تزوجت بعد وفاة أبوي بشهر واحد،وطبعا بدون طقطقة ولا حتى معازيم،
لانه أمي كانت في الحداد، وكان إصرارهم على الزواج في هالوقت، عشان حد يقدر يدخل بيتنا ويجيب طلباتنا..
وأنا كنت مو مصدقة نفسي... طفلة، مبسوطة بالثوب الأبيض، وإنها صارت عروس...

جواهر رجعت ذاكرتها لـ18 سنة ليلة زواجها وهي تشرك نجلاء معاها في الذكرى كأنهم يشاهدونها معا:

جواهر جالسة في غرفة نومهم
وجهها ملطخ بمكياج ما يتناسب مع عمرها
وهو جالس في الزاوية البعيدة
وجهه مدفون بين إيديه، ظل على هالوضع لأكثر من ساعة، كأنه أسد حبيس، ينتظر إطلاقه من القفص

بعدها وقف فجأة
ارتعبت جواهر عمرها ما شافت حد بهالطول والنحافة
كان بالنسبة لها كأنه عمود نور، خافت وانكمشت على نفسها.

سمعت صوته بدون ما تشوف وجهه
كان صوت رجولي شديد العمق فيه بحة حزن واضحة:
لا تخافين جواهر، ماراح أذيج ولا أسوي لج شيء، أنا مثل اخوج الكبير، أو أبوج لو بغيتي.

بعدها التفت لجواهر بتثاقل
قدرت تشوف ملامحه بوضوح
كان وجهه نحيف..
بس ملامحه حادة مرسومة بإتقان مثل ملامح تمثال أغريقي..

دار في الغرفة عدة دورات
ورجع يجلس على كرسيه وهو يرجع يدفن وجهه بين ايديه..................

قطعت نجلاء سيل الذكريات وهي تقول:
يعني كان أخينا إياه مزيون والموت الحمر.. وبعدين شنو سالفة أخوج وإلا أبوج ذي ، والعيال منين جاو، من الهوا؟؟ ( نجلاء بعيارة وخبث)

جواهر بخجل ممزوج بالحزن: صج قليلة أدب، يعني هذا اللي هامج من الموضوع؟؟

نجلاء بابتسامة: تدرين عاد.. أنا دكتورة جامعة، ولازم كل شيء يمر بمنطقية قدامي عشان أقتنع.. اقنعيني والا مافيه شيء بيفكك من يدي....

قاطعتها جواهر: كل شيء جايج بالحكي، اليوم أنا أنفكت عقدتي الكلامية..

رجعت جواهر تتذكر، وهي تشرك نجلاء معها في ذكرياتها........

جواهر الصغيرة جالسة تشوف التلفزيون مع أمها بانتباه كانت أخبار اجتياح العراق للكويت معبية التلفزيون، وجواهر اللي كان عقلها أكبر من سنها، كانت مهتمة جدا بالاخبار..

دخل زوج جواهر عليهم، وهو شايل أكياس كثيرة، دخلها للمطبخ ونزلهم، ورجع دنق على رأس عمته بعد ماسلم عليهم.

أم جواهر: جهيّر.. قومي يمه رتبي الأغراض اللي جابها رجلج، يا علنا ما نخلا منه.

هو: ولا منج يمه..

قامت جواهر ترتب الأغراض، ولما تأكدت أمها إنها دخلت المطبخ وخلاص ما عادت تسمعهم، التفتت عليه، وهي تسأله باهتمام:

- يمه.. صار لي مدة أبي أسألك عن شيء.. بس مستحية..

رد عليها بجدية: أفا يمه تستحين مني أنا مثل ولدج..

أم جواهر: واغلى من ولدي والله عالم، ودي أسألك عن شيء وجاوبني بصراحة.

- تفضلي يمه..

- من يوم تزوجت جواهر وأنا شايفتك تنام بالمجلس، جواهر مزعلتك بشيء، لو مزعلتك قل لي، جواهر ياهل، وأنا بأعلمها لو هي مقصرة في حقك، مع أني ملزمة عليها ما تقصر فيك.

- كح (هو) متفاجيء من السؤال، وتنحنح: لا يمه جواهر ما سوت شيء، بس على قولتج جواهر ياهل، وأنا أحب أعطيها حريتها شوي، واخليها تتعود علي قبل..

ردت أمها بجدية وتفكيرها تفكير حريم أول: بس جواهر مره كاملة.. وأنت فاهم قصدي..

كح مرة ثانية، وهو يحس أنه بيموت من الإحراج، وحاول يغير الموضوع: إلا حبيبي عزوز وينه؟؟؟

مع إنهاءه لجملته، كان ظهور عزوز المزعج طوق النجاة له من أسئلة عمته المحرجة

نط عبدالعزيز على ظهره وهو يقول: كاني جيت، يالله قوم شيلني خلني ألمس المروحة..

(هو) بمرح: حاضرين كم عزوز بو تمبة عندنا..

عزوز بزعل طفولي: أنا موب بو تمبة، وإذا كبرت بأصير طويل مثلك، لا أطول منك بعد...

جواهر اللي دخلت في هالوقت: إيه إحلم إحلم أنك بس بتصير طويل.. قالتها وهي تمد لسانها له

عزوز وهو راكب على ظهر زوج أخته ويلمس المروحة بانتصار: إيه بأصير طويل مثل (....) وأنتي مو ربي، ربي بيخليني طويل إن شاء الله مو قصير مثلج.......................

رجعت نجلاء تقاطع سيل الذكريات وهي تقول باستغراب:
شنو حكاية قصيرة أنتي كنتي قصيرة يالزرافة..؟؟

ضحكت جواهر ضحكة مبحوحة: إيه والله كنت قصيرة وقصيرة وايد بعد.. أنا اصلا كنت توني بلغت قبل زواجي بثلاث شهور، وما طلت هالطول كله إلا بعد ما جبت عيالي...

نجلاء باندهاش شديد: يعني زوجج الطويل ما عرفج الا وانتي قصيرة؟؟

جواهر بابتسامة حزينة: إيه والله، تصدقين كنت يا دوب يوصل طولي نص صدره، تقريبا يمكن كنت 150 او 155 سانتي..

نجلاء بتمعن: تدرين جواهر سالفتج كل مالها تصير مثيرة أكثر... بليز كملي لي.. وأهم شيء العيال منين جاو يوم إنه الأخ متكي في المجلس؟؟..كملت نجلاء بخبث

رجعت جواهر تتذكر.. وتكمل لنجلاء..

#أنفاس_قطر#

#أنفاس_قطر# 03-01-09 01:28 PM

بعد الغياب
 
مساءات الورد





وصباحات الإشراق
لكل رواد ليلاس وقراءه

أنا
#أنفاس_قطر#
اسمحوا لي أن أمد يدي لتصافح مشاعركم وافكاركم

وأدعوكم لقراءة روايتي الأولى

(بعد الغياب)

أعلم أن هذه الدعوة غريبة
ولكن أنا أريد الاحتفاظ بالرواية
كما بدأت على يد ناقلتها مذهلة

وهأنا أكملها لكم

متمنية أن تستمتعوا بها
وان تعطروها بعبق مروركم




ضع بين أيديكم تجربتي الأولى في كتابة الرواية.. أعتقد أنها تجربة مختلفة جدا..والرأي الأول والأخير لكم.. أنشرها بنفسي في عدة منتديات بالتزامن معا.. ولكن في حال رغب أحد القراء الأفاضل في نقلها لا مانع لدي، ولكن أتمنى ألا ينسى اسمي فقط #أنفاس_قطر#

بعد الغياب

الجزء الأول

- أوووووف.منتديات ليلاس .البنات اليوم جننوني..
كانت هذه هي جملة الدكتورة جواهر اللي قالتها، وهي تطلق تنهيدة طويلة، وتحط شنطة لابتوبها على طاولة مكتبها بيد، وتخلع نقابها باليد الثانية، وتعلقه على الشماعة القريبة من مكتبها.
ردت عليها زميلتها وصديقتها المقربة الدكتورة نجلاء اللي قاعدة وراء مكتبها، وتقلب أوراق في يدها، وهي تبتسم بإرهاق: ليه عسى ماشر؟؟
لفت جواهر وجلست على كرسي المكتب، وهي تحرر شعرها الأسود الناعم والكثيف اللي يوصل طوله لتحت أكتافها بشويتين من الشيلة ومن الشباصة وتنثره على أكتافها ليرسم سواد شعرها الحريري المسترسل مع صفاء بشرتها المصقولة الشفافة لوحة مبهرة يعجز أعظم رسام عن رسمها لأنها من صنع الخالق، وسبحانه جل شانه ما أبدع ما صنع في هذه الأنثى الاستنائية.
(لا أميل مطلقا إلى فكرة البطلات الخارقات الحسن، وكأنه لا يوجد في عالم القصص عاديات الجمال، ولكن لجمال جواهر هنا ضرورة قصصية ملحة ستعرفونها لاحقا/ #أنفاس_قطر#)
وتقول جواهر وهي تعدل جلستها: محاضرتين ورا بعض والبنات كلهم يقولون: تكفين دكتورة الجو حلو ومغيم، خلينا نأخذ المحاضرة برا في الحديقة، أو طلعينا بدري، دخلوا في مخي، حنانات درجة أولى، الله يعين أهلهم عليهم.
ردت نجلاء وهي ترتب الأوراق وتدبسهم ببعض: هذا عشان أنتي معطتهم وجه، ومدلعتهم.
كشرت جواهر بابتسامة: إذا أنا مدلعتهم أنتي شنو؟؟ ، أنا أحترمهم وهم يحترموني، أمسك العصا من النص.عشان عمر التدريس الجامعي ماكان كبت وكسر لشخصية الطالب الجامعي، وفي نفس الوقت موب تسيب وفلتان.
نجلاء بصوت مرهق: خلاص عمتي جواهر فتحت موضوعها المفضل، من بيسكتها؟!
ابتسمت جواهر ابتسامة واسعة بينت أسنان رائعة في بياضها وتناسقها من خلف شفتين ناعمتين مكتنـزتين..ابتسامة ساحرة تجسد الفتنة الأنثوية في أوجها، الأنوثة الناضجة الممتزجة بملامح براءة غامضة تصنع سحرها الخاص بها هي فقط: يا قلبي يا نجلاء، التدريس الجامعي أنه إحنا نصنع شخصيات واثقة وملتزمة واستقلالية في ذات الوقت، أعرف إنها معادلة صعبة بس موب مستحيلة.
- واللي يخليج جيجي ماني ناقصتج اليوم. حمادة مسهرني البارح حرارته 40، واضطريت أنزل وأخليه عند عمتي عشان امتحان البنات اليوم، وجايه مواصلة بدون نوم.
- تدرين نجلاء إنج بايخة، وثقيلة دم، وماعندج سالفة.
- وليه كل هذا يا دكتورة؟.(قالتها نجلاء وهي تبطل عيونها بكسل)
- تطلعين وتخلين حمودي تعبان، عشان امتحان وأنا موجودة!! كان أرسلتيه مع السواق لي، وأنا برسم الخدمة: أحضر بدالج المحاضرة وأوزعه عليهم.
- فديت عمرج يا جواهر، بس إذا كان حبيبك عسل، ما أبي أثقل عليج، كفاية محاضراتي اللي حضرتيها بدالي الأسبوع اللي فات، مالي وجه، وجهي طاح، ياوجه استح.
- والله ثم والله تقومين تروحين لبيتج الحين، وإلا هذا أخر ما بيني وبينج، قومي طسي لبيتج، وهاتي الامتحان.
- بس يا جواهر......
- مافيه بس..هاتيه.. يعني أنا وش وراي أستعجل عليه...(وتنهدت جواهر بحسرة)
- كله منج، لو تبين كان تزوجتي من زمان، واليوم قبل بكرة، وبكرة قبل اللي بعده.. أخوي مخلي خطبته مفتوحة. وصحيح أخوي مافيه منه، بس ألف غيره يتمنونج.
ضحكت جواهر ضحكتها الصافية اللي تشبه رنين أجراس الكريستال الفاخر، واللي لو كان رجّال هو اللي سمع رنين ضحكتها كان تكهرب220 فولت وضربه زلزال بقوة 8 درجات على مقياس ريختر: عدااال.. اللي يسمعج تقولين خطاب، يقول بنية أم 18، أنا عجّزت ياقلبي، بعد كم شهر بيصير عمري 31، يالله حسن الخاتمة بس.
قالت نجلاء وهي تجمع أغراضها عن المكتب وتلبس عبايتها: أنتي والله اللي قليلة خاتمة، شنو 31، يعل 31 جاموسة تترفس في بطنج يمكن ترجع لج عقلج، أنتي قمر يا بنت، تعرفين شنو قمر، أنتي ماعندكم مرايا في بيتكم، وعادج في عز شبابج وأنوثتج...... الحين ماني متفرغة لج، بكرة نتفاهم، خذي الامتحان، وتراهم مجموعة 2 اللي محاضرتهم بعد ربع ساعة.
تنهدت جواهر: لا بكرة ولا بعده، روحي لحمودي، وانا بأمر عليج العصر، أتطمن عليه.
خذت جواهر الأوراق من نجلاء، ورجعت تجلس وراء مكتبها، وهي تراقب بهدوء ومودة نجلاء،
وهي تلبس عبايتها وتشد شيلتها على رأسها وتثبتها عدل..تدخل شعرة طايرة، وتلبس نظارتها الشمسية،
كانت ملامح نجلاء الهادئة الحنونة تذكرها بملامح أمها الله يرحمها، صدق إنها ملامح يمكن ما تلفت انتباهك ببساطتها وكونها تمر عليك كل يوم، لكن لما تعرف أصحابها ينقشون أنفسهم في القلب نقش، بحضورهم الإنساني المتسع اللي على قد امتداد الكرة الأرضية.
حست جواهر بنغزة جامدة في عمق قلبها، مو قادرة لحد الحين تتجاوز وفاة أمها رغم مرور أكثر من سنة. تكره الرجعة للبيت لأن كل زاوية من زواياه فيه ريحة أمها وذكراها وهمساتها، لولا وجود أخوها اللي أصغر منها عبدالعزيز في حياتها، كان يمكن جنّت بعد وفاة أمها مع الذكريات القديمة اللي مو راضية ترحم قلبها وكيانها، واللي كانت أمها تلهيها عنها شوي..
عبدالعزيز البلسم الشافي الحنون، بقلبه الطاهر، بروحه المرحة.. لاشعوريا ابتسمت وهي تتذكر تنكيت عبدالعزيز عليها: ما يسميها إلاَّ الزرافة، عشان طولها 173، بينما هو قصير شوي، طول طفولته كان يتمنى يكون طويل طويل مثل....منتديات ليلاس .... هزت رأسها بعنف وكأنها تحاول نفض ذكرى "الطويل" من رأسها.. لكن غصبا عنها ذكرى "الطويل" حضرت بعنف، مثلها مثل كل أحزانها اللي ما تغادرها ولا لحظة.
رجعت ذكراها لحوالي 18 سنة ورا، وبنات المدرسة يضحكون عليها ويقولون: صدق يقولون إنج بتاخذين واحد (مرت بباي).. ضحكت من مصطلح (مرت بباي).. لكن الضحكة الميتة الـمُنتزعة من خواء قلبها أعقبها شهقات وشهقات وبكاء عنيف. قامت جواهر تقفل بسرعة باب المكتب، لا يدخل عليها حد من زميلاتها أو الفرّاشة، استعاذت بالله من الشيطان الرجيم، ومسحت وجهها بمناديل المكياج اللي معها بشنطتها، وقربت الزبالة منها ومسحت وجهها بماي بارد، بعدها طالعت في المرايه اللي بمكتبها وحطت ماسكرا على السريع على رموشها الطويلة الكثيفة، وحطت غلوس في محاولة أنها تخلي شكلها فريش وتخبي أثار البكاء، بعدها لبست شيلتها ونقابها، وخذت امتحان طالبات نجلاء وطلعت بعد ما قفلت باب مكتبها هي ونجلاء من برا.
**************

في بيت نجلاء، كانت عمتها (أم زوجها جاسم) جالسة في الصالة اللي تحت، وفي حضنها ولد ولدها، الولد مريض وحرارته مرتفعة، وينادي أمه، و وأم جاسم حاضنته بحب وتقرأ عليه آيات من القرآن، وتنفث على وجهه، وتمسحه بماي بارد، دخلت عليهم نجلاء مثل الصاروخ، دنقت على رأس عمتها وباسته، وشالت الولد من يدها، وهي تقول بقلق: أشلونه يمه؟
هزت أم جاسم رأسها: تعبان يمه، فديته ما نزلت حرارته كلش ويناديج، قومي وديه المستشفى.... إيه قبل أنسى ترا جاسم كلم ويقول بيتأخر كم يوم..
انتفضت نجلاء: عسى ما قلتي له شيء عن تعب حمودي، ما نبي نخرعه بدون سبب.
ردت أم جاسم بهدوء: لا ما قلت له شيء، بس هو خنت حيلي كأنه حاسس بشيء، كل شوي يقول أنه أنتي مو عوايدج تكلمينه باختصار ومستعجلة كذا.
- يوووه يمه، تدرين أنا ما أعرف ما أخبي، أكلمه بسرعة، أخاف يشدد في السؤال عن حمد أخورها، وأهل الأولي والتالي، ويزعل أنه صار له كم يوم تعبان وأنا ما قلت له. يالله أنا طالعة للمستشفى... ثم نادت نجلاء بصوت عالي ومستعجل:ماريا يالله نادي السواق وأمشي معاي نروح المستشفى. التفتت نجلاء تكلم عمتها: مسكينة ماريا توها جابتني من الجامعة، يمكن مالحقت تأكل شيء.
- ابتسمت عمتها ابتسامة مرهقة: يالبي قلبج يا نجلاء، مالوم جاسم في حبج، شايلة هم خلق الله.
- هذولاء في ذمتنا يمه ومسؤلين عنهم يوم الحساب. اللهم ثبتنا يارب وخلي لي وليدي وعافه يارب العالمين.
- آمين..أي مستشفى بتروحين يمه؟؟
- ما أدري يمه، يمكن عيادة الدوحة، وإلا طوارئ السد، بأشوف.
*********منتديات ليلاس *********


في نفس اليوم في قاعة من قاعات جامعة قطر، البنات يدخلون القاعة باقي على المحاضرة دقايق، 3 بنات يمشون مع بعض ثنتين لابسين عباياتهم ونقاباتهم والثالثة بعباية وشيلة، دخلوا مع بعض للقاعة وهم يسولفون، وجلسوا في الصف الأول، خلعوا البنتين نقاباتهم ودخلوها في الشنط، وطلعوا المرايا يتأكدون من أشكالهم، وضبطوا الغلوس على شفايفهم.
سحبت فاطمة المراية من مها: عطيني أشوف شكلي.
رجعت مها مرايتها في الشنطة: وقالت: مهوب حولي، يا أنااا ياااو، تبين تشوفين شكلش، مفرعة 24 ساعة وكاشفة الخشة الشينة، وش اللي بيخرب شكلش.
ردت فاطمة عليها وهي تمد لسانها لها: محترة مني ومن خشتي الحلوة، ياالقردة.
ردت عليها مها: القردة جابتها أمش مع احترامي لخالتي أم صالح.
- أنا قردة يالسحلية.
- سحلية يالضب.
- شنو ضب هذا، صج بدوية.
قبل ما ترد مها اللي كانت تجهز الضربة القاضية، مسكت منيرة إيديهم: تايم آوت، الحكم وصل، عقب المحاضرة، نكمل الجولة، لا ألب كل وحدة منكم على علباها.
قالت فاطمة: إلا صج الحكم العود وينه، وين الدكتورة ما وصلت للحين؟؟
منيرة: إيه والله!! مهوب عوايد عين السيح.
مها: أنتي وعين السيح!! صايرة دواس على أخر الزمن، باقي مانع وخطر ونكمل مسلسل الحيالة.
منيرة: هذا حنا كملنا، مانع أنتي وخطر فاطمة.
فاطمة: بسم الله علي، مالقيتي إلا خطر.
ضحكت مها: ايه والله فيها منش لمحات، بس حرام.. أمش تكرم عن حكيمة.
ضحكت فاطمة: زين حشمتي أمي.
مها: أفا عليش كله ولا الكبير، أحطه على رأسي، بس أنتي وخويتش اللي وراش حثالة مجتمع، ماتستاهلون الاحترام.
منيرة: رجعت مها أم لسانين علي.. مو منس إلا من بلاوي الريجيم اللي تشربينها ياالدبة، أنتي وراس ما تحترمين عمتس منيرة؟
مها: عمت عينش، قولي آمين.... إلا صدق تأخرت دكتورة جواهر، نطلع وإلا نتناها؟؟
فاطمة: شنو نتناها هذي؟؟
منيرة: نتناها نتناها ؟؟سبع سنين مخاويتنا وماحفظتيها، خلينا نسوي ترجمة:أمممممممم يعني ننطرها..ياالمسبهه على قولتكم.
فاطمة:هاه ننطرها، مافيه داعي ننطرها لأنها كاهي وصلت، ومافيه مسبهه غيرج.
فاطمة ومها ومنيرة صديقات من أيام الأعدادية، وفي الجامعة دخلوا نفس التخصص، كانوا مثل روح توزعت في ثلاث أجساد، كل وحدة منهم تفهم الثانية بدون كلام، وكل وحدة منهم تكمل شيء ناقص في الثنتين الباقين، كانوا نموذج نادر للصداقة الفريدة.
دخلت جواهر القاعة بعد تأخير عشر دقايق، دخلت مستعجلة وهي تحط لابتوبها على الطاولة وتخلع نقابها، وتقول: السلام عليكم بنات، آسفة جدا على التأخير، طالبات دكتورة نجلاء تأخروا وهم يحلون الامتحان، وأنا ما حبيت أعجلهم، ودكتورتهم موب عندهم.
همست منيرة لفاطمة: يا لبا قلبها.. حنينة من يومها، يا جعلني فدا لسبدها وعيونها اللي تذبح.
مها همست لفاطمة اللي جالسة في النص: قولي للي جنبش تلايط وتسكر حلقها المخنـز، تدرين الدكتورة ما تحب الكلام الجانبي على قولتها.
فاطمة لمنيرة: تقولج مها تلايطي وسكري حلقج المخنـز، وماعلى الرسول الا البلاغ.
منيرة: زين شغلها عندي.رفعت منيرة صوتها: احم احم دكتورة دكتورة.
التفت عليها جواهر: نعم منيرة تبين شيء؟
ابتسمت منيرة بخبث: مو أنا اللي أبي، هذي مها تشرب على الريق شاي ريجيم، وشكله بدأ مفعوله، ومستحية تستأذن.
ضحكت جواهر ضحكة مكتومة وقالت: اطلعي مها لو تحبين.
مها مثل اللي صبوا على رأسها ماي بارد، وجهها صار إشارة مرور، مها على طولة لسانها مع صديقاتها، إلا أنها تستحي موت وخصوصا من اللي أكبر منها وخصوصا الدكاترة.
بصوت فيه البكية: لا دكتورة مافيه شيء. والله ما أبي أطلع.
ابتسمت جواهر لها برقة: خلاص براحتج، نبدأ درسنا.
شبكت جواهر اللابتوب بجهاز بروجكتر/الداتا شو ووجهته على الوايت بورد، في الوقت اللي كانت مها تخز منيرة وتتوعدها. وتأشر لها الاشارة الشهيرة وهي تمرر يدها على حلقها.


في نفس اليوم بالليل، وفي بيت من بيوت الدوحة، كانت الأضواء والكشافات تضيء الحديقة الواسعة المنسقة بذوق رفيع، وخلفها تظهر الواجهة الرخامية للفيلا المتوسطة الحجم والتي يظهر فيها هي أيضا ملامح الذوق الشديد الرقي والخصوصية.. في الحديقة على كرسي خيزران تجلس بهدوء ووداعة وعيونها مسكرة، وهي تضع شال صوف على أكتافها، ما حست فيه وهو يقترب بحذر، ويجلس على الكرسي المقابل لها.. يتأملها بهدوء، حاس بحزنها ويأسها مثل السكاكين اللي تنغزر بقلبه بدون رحمة، يحاول دائما أنه ينسيها حزنها، بس عارف إنها حتى لو مثلت عليه السعادة، أن حزنها أصبح جزء من تكوين شخصيتها. كانت العلاقة بينهم علاقة فريدة: كانوا أشبه بالتوأم حين، أب وبنته حين، أم وولدها حين ثالث، كان الفرق بينهم ست سنوات.
تنحنح بهدوء، وقال وهو يهز ذراعها بحنية: أم عبدالعزيز، أم عبدالعزيز.. قومي فديت قلبج أنا، الجو بارد عليج.
قامت جواهر وهي مفزوعة وتسمي بالرحمن: خرعتني الله يقطع أبليسك، وألف مرة قايلة لك لا تناديني أم عبدالعزيز. قالتها وهي تضربه ضربة خفيفة على كتفه.
تصنّع الحزن وقعد يمسح دموع وهمية: أفااااا.. ما تبين أقول لج أم عبدالعزيز، عيل من أمي؟؟
تنهدت جواهر: لا تفتح جروحي واللي يرحم والديك، أنت عارف أنا وش أقصد، إذا رجع عبدالعزيز، قول يا أم عبدالعزيز.
تنهد عبدالعزيز تنهيدة أطول، وهو يمسح لحيته المتوسطة الطول، اللي تزين وجه لطيف الملامح: ليه هو جروحك تسكرت عشان أفتحها. ما أدري أنتي متى بتنسين وتكملين حياتك طبيعي، لمتى وأنتي تنطرين عبدالعزيز وأخته؟؟
طالعته جواهر بحدة: ياه على هالموال اللي ما يخلص، ومن قال أني ما كملت حياتي طبيعي، هذا أنا كملت دراستي وعوضت فترة الانقطاع، ومو بس دراستي إلا خذت ماجستير ودكتوراه وفي زمن قياسي، وكاني أستاذة جامعة، يعني حياتي ما وقفت بعد اللي صار.
ابتسم عبدالعزيز بضعف: جواهر مو علي هالكلام، لو تخبين على الدنيا كلها أنا لا.. لمتى هالحزن؟؟ مو أنتي أول أم تفقد عيالها؟ الدنيا لازم تمشي، والبقاء لله، وأنتي إنسانه مؤمنة ومصلية. الموضوع صار له سنين طويلة، كل شيء في الدنيا ييدأ صغير ويكبر، إلاَّ الحزن يبدأ كبير ويصغر، وأنتي حزنج شاب بقلبج.
كانت جملة عبدالعزيز القشة اللي قصمت ظهر البعير، من بعد وفاة أمها -اللي كانت شاغلتها بمرضها وحاجتها للعناية الدائمة- وإحساسها بفقد عيالها متضاعف، وكانت تتجنب فتح حوار من هالنوع مع عبدالعزيز اللي كان طول عمره مرايتها، اللي تشوف نفسها فيها. انهارت جواهر فجأة على الأرض كأنها كانت تحمل جبل على كتفها ينتظر انهيارها، انتحبت بعنف: أبي عيالي يا عبدالعزيز، أبيهم، أبيهم،لو هم عند ربي أبي أموت أبي أشوفهم. ليه ياربي ما خذتني معهم، ليه ما خذتني مع أمي؟؟
نزل عبدالعزيز على ركبه وهو يحضنها بقوة ودموعها غرقت كتفه: جواهر ياقلبي استعيذي بالله من الشيطان، وش هالكلام؟؟ وأنا بتخليني لمن؟؟ يهون عليج حبيبج عزوز.
مسحت جواهر وجهها بظهر كفها: أنت بتتزوج قريب، وبيكون لك حياتك، بس أنا خلاص مالي حياة.
شدها عبدالعزيز من يدها وقومها وهو يدخلها للبيت: شنو مالج حياة،جامعتج وطالباتج وطموحاتج، وقبل كل شيء أنا وانتي.. بنظل طول العمر مع بعض، وإذا ما تبين تتزوجين خلاص بكفيج، أحسن، هذا الله يحبني، رزقني أنا ونورة (بيبي ستر) تربي عيالنا ببلاش،، لا وخوش بيبي ستر، مزيونة ومعاها دكتوراة، وين نحصلها ذي إلا في الأحلام. سوبر ناني جات برجولها.
ضحكت جواهر ضحكة قصيرة مبحوحة، ابتسم عبدالعزيز: جعلني ما خلا من هالضحكة، قولي أمين.
مسحت جواهر وجهها، وهي تجلس على الكنبة: ولا يحرمني منك، ومن شوفة عيالك، تعال تعال أجلس جنبي وأنا أمك. جلس عبدالعزيز جنبها وهو يحط غترته اللي بدون عقال على الكرسي.
حاولت جواهر بفشل أنها ترسم ابتسامة وهي تسأله: شأخبار شغلك؟؟
- يسرك الحال
- والعرس.. متى نويت إن شاء الله؟ ترانا طولنا على الناس. صار لكم متملكين سنة ونص، من يوم ألغي زواجكم بعد وفاة أمي ما حددنا موعد جديد.
- متى ما بغيتي أنتي؟
- خلاص خلني أشوف القاعات وحجوزاتها، وأشوف رأي خالي وأم فهد.
- أنتي خيطي وأنا ألبس، بس أنتي أكيد عارفة أني ماراح أدخل عند الحريم وهالسوالف التعبانة؟؟.
- أكيد أدري بدون ما تقول.
- بس الشيء الثاني أني ما أبي نورة تجلس قدام الحريم بعد.
- أنت وفهمناها، ونورة ليه بعد (قالتها جواهر وهي تخزه باستفهام)
- لأنه جلسة العروس قدام الناس ماهوب في الشرع، وأنتي عارفة.
[COLOR=blue]- بس صار عادة، وأنا ما أحب أكسر بخاطر بنت خالي.[/منتديات ليلاس COLOR]
- أنا بعد ما أحب أنه ينكسر خاطرها، قولي لها هذي رغبتي، ولو هي تبي تجلس خلاص براحتها.
- ياقلبي عليك يالحنون، يا حليلك يا عزوز، والله أنك بتصير عريس الموسم.
- وليه يعني؟؟
- عريس لابس ثوب شانيل؟؟ وضحكت ضحكة ناعمة مازالت رنة البكاء واضحة فيها.
- شنو شانيله بعد؟؟
- خلاص عديها، الله يثبتك على طاعته.
- آآآآآآآآآآمين، وياج. هاه أشلون النفسية الحين؟
- خلني أنسى ياعبدالعزيز يومي قبل يومك.
- المشكلة أنه أنتي ما نسيتي، واللي أنا خايف منه أنه أنتي تكتمين بصدرج، فضفضي لي وانا أخوج، ليش كل شيء تكلميني فيه بارتياح، إلا لما نوصل لموضوع عيالج، 20 سنة وانتي صاكة عالموضوع في صدرج.
- 17 وشهرين يا عبالعزيز، 17 وشهرين يا خالهم. قالتها جواهر والغصة أكبر من أنها تبلعها، حاسة أنها بتختنق فيها، وكملت وعيونها هايمة بالسقف،" قبل شهرين كملوا 17 سنة"
حاول عبالعزيز أنه يفرفش الجو: (حد يقول أن هالغزال عنده عيال شباب) لكنها كانت محاولة فاشلة، وندم على الجملة اللي قالها.
لأن جواهر انخرطت في بكاء حاد وهي تشهق: أبيع شبابي المزعوم وعمري وعيوني، عشان أشوفهم مرة.. بس مرة، ليه ياربي قسيت علي كذا، والله ما أذنبت في شيء أستحق عليه هالعقاب؟؟
انتفض عبدالعزيز: استغفري ربك استغفري ربك.
انتفضت جواهر مثل اللي لدغتها حية: اللهم أني أستغفرك وأتوب إليك، آلهي لا تآخذني أنك تعلم بثي وحزني.... أنا أم موجوعة يا عبدالعزيز.. موجووووووووعة موجوووووعة، مو قادرة أنساهم أو أتناسهم، إلا مستحيل، ولا تقول ليه واشلون،والله أحس بريحتهم في الجو، ملمس بشرتهم الناعمة والله بعده بين أصابعي.
قاطعها عبدالعزيز بحدة: أكيد ماراح تنسين، وأنتي كل ليلة ما تنامين إلاَّ على ثيابهم مفروشة على سريرك.
تفاجأت جواهر: وأنت إشدراك؟؟
تنهد عبدالعزيز: يعني بتدسين علي هذي؟!!
تنهدت جواهر تنهيدة حارة منـزوعة من أعمق أعماق قلبها: تدري عبدالعزيز، أنا لو متأكدة أنهم صدق ربي خذ أمانته عنده، كان احتسبتهم عند رب العالمين، وأنت أكثر واحد عارف إيماني بالله، بس هذا التأرجح، الأمل والشك يقتلني، كل ليلة أنام وأنا أحلم أني يمكن يجي بكرة أتصبح بوجيههم. يمكن أضمهم لصدري وأشم ريحتهم..آه ياعبدالعزيز آه ..انحرمت من شوفتهم يكبرون قدامي، انحرمت اسمع أول كلمة، وأشوف أول خطوة، وأتحسس أول سن، وأكلهم أول وجبة أكل، انحرمت من كل متعة تنتظرها الأم بلهفة مع عيالها..انحرمت حتى من أبسط حق، أسمعهم يقولون لي ماما.. آآآآآآآآآه ياعبدالعزيز آآآآآآآآه..انحرمت من طفولتي ومراهقتي، وكان والله ثم والله إنه عندي عادي وأكثر من عادي عشان عيونهم اللي حسيت كأني ملكت الكون لما شفتها بعد ولادتهم، حسيت لحظتها وتيقنت أنهم هم طفولتي وشبابي وكل اللي باقي من حياتي، أنه ربي كأنه خلقني في الدنيا عشانهم،حسيت كأني أطير في السما والله أطير.. آآآآآه ياأخوي وسندي آآآآآآآه، انحرمت منهم ، ونزلت من السما لسابع أرض، الله ينتقم من اللي حرمني منهم، الله يأخذ حقي منه يوم نتقابل أمام وجهه الكريم. الله ينتقم منه.
- جواهر لا تدعين على.......
قاطعته جواهر بعنف بنبرة تنضح بالكراهية: لا تقول اسمه، لا تقول اسمه قدامي.
قال عبدالعزيز بلين: أنتي مثل اللي يمسك في القشور ويخلي اللب، ولو ما قلت اسمه، هو بشخصه حاضر، لأنك كل ما تذكرتي عيالك لازم تتذكرينه معهم.
ابتسمت جواهر ابتسامة خفيفة وهي خلاص تبي تنهي الموضوع اللي استهلك كل طاقتها وانفعالاتها: تعشيت يا قلبي؟؟
تفهّم عبالعزيز رغبتها في انهاء الموضوع مع أنه كان حاب أنهم يتكلمون عشان تفضفض عن اللي بداخلها، لأنه هذي من المرات القليلة اللي تكلمت عن عيالها، قال بحنية: تعشيت ياعلني ما خلا منك، طلعنا أنا والشباب من الدرس، وحلف علينا راشد نصلي في المسجد اللي عند بيته ثم نتعشى عنده، وتوني الحين جاي من عنده.
ابتسمت جواهر وهي تتذكر راشد أكبر شيطان في الفريج وهو صغير ما حد سلم من شره، كان مفلع كل عيال الفريج، بس هو كان بذرة طيبة الله يرحم أمه، ورغم أنه مو مطول اللحية ولا مقصر الثوب مثل عبدالعزيز، إلا أنه شديد التدين والتفقه في الدين مع أنه أصغر من عبدالعزيز ب3 سنين، نفضت الذكرى عنها وهي تقول لعبدالعزيز: يوه كنت بأنسى، بكرة الأثنين أكيد صايم؟؟
- إن شاء الله.
- خلاص بأحط لك سحور في حافظات في الصالة، عشان لا قمت تصلي التهجد تتسحر.
- يا جواهر ماله داعي، توني متعشي.
- إلا لازم.. ليل الشتاء طويل وبتجوع

**************
هذا اليوم كان يوم شبه اعتيادي من حياة بطلة روايتنا.. عجبتكم الرواية أكملها أو أنسحب بكرامتي أحسن؟؟؟
#أنفاس_قطر#

بعد الغياب/ الجزء الثاني/23/12/2008

في نفس اليوم بالليل.
جواهر بغرفتها، تأكدت أنها سكرت الباب بالمفتاح.
بأصابع مرتجفة، فتحت الدولاب، وطلعت صندوق خشب صغير فاخر جدا

أول مافتحته فاحت منه ريحة عود قوية وساحرة.
مسكت الصندوق وهي حاضنته
كأنها خايفة حد يأخذه منها.

جلست على السرير، وفتحت الصندوق بحنية كأنها تلمس مخلوق حي.

طلعت منه قطع ملابس مختلفة لمواليد صغار باللونين الأزرق والوردي.

طلعتهم بشويش وهي تتأكد من كل زاوية فيها أنها سليمة، ما فيها نتش أو قطع.

ظلت تمسح على الملابس وتشمهم
وتهمس لهم بكلمات غير مفهومة
كأنها تمسح على عيالها نفسهم وتكلمهم

بعدها حست أنها خلاص مو قادرة تستحمل الانفعال
حطتهم على السرير وحطت رأسها عليهم
وبدأت دموعها اللي ما تجف تسيل بهدوء، في تكرار لمسلسل ليلي لا توجد له حلقة أخيرة.

وهي على هذا الوضع، رن موبايلها.
انتفضت بعنف ورنين الموبايل ينتزعها من عالمها الخاص.

مسكت الموبايل تشوف من اللي يتصل هالوقت.
كانت نجلاء، حاولت جواهر أنها تتماسك وردت:
- ألو..
- هلا والله بصادقة الوعد.. (نجلاء بعيارة)

- أسفة والله نجلاء بس صار اجتماع في القسم وماطلعت من الجامعة الا المغرب، ودقيت عليج، لقيت موبايلج مسكر. (جواهر بصوت حاولت أنه يكون متماسك.


- ماصار إلا الخير.. إلا صوتج وش فيه؟
- فيه إنج مزعجة وصحيتني من النوم.
- نعنبو.منتديات ليلاس . نايمة الساعة 10 يالدجاجة؟؟
- ليه فيه مانع نجلاء هانم؟؟

- فيه إنج وعديتني تمرين علي ما جيتني، أنا عادي وأدري مالي خاطر عندج، بس حمودي المسكين، أنا قلت له إنج بتجين، والمسكين قاعد متزهب.


- صج كلاكة كذابة، أبو سنة وقاعد يتزهب، لاصار عمره خمس سنين، بيجي يأخذني من البيت على سيارته اللي يسوقها بنفسه.

- أكيد!!! هذا حمد بن جاسم على سن ورمح.
- يا حليلج يانجلاء، زين ينفع أمرج الصبح، ما عندي محاضرات إلا الظهر.
- ينفع ونص، بس تعالي لي بدري، أبي أسولف معج شوي.
- الله يستر منج ومن سوالفج.
- أنتي بس تعالي ويصير خير، والحين تصبحين على خير.
- وأنتي من أهله.

سكرت جواهر من نجلاء ورجعت تسند رأسها على ملابس عيالها وتشمها بعمق

ماعاد فيها إلا ريحة العود اللي هي تبخرالثياب فيه على طول
بس حاسة أنه فيهم ريحتهم وملمس جلدهم

بتموت من الحنين والشوق واللهفة والوجع..
الوجع اللي يمشي في عروقها مجرى الدم، حتى امتلت كل مسامات جسدها فيه..

نبهت منبهها على الساعة 3 عشان صلاة التهجد، وحطت رأسها على ملابسهم، وهي تحاول تنام.

*********


ثاني يوم..الصبح الساعة 9..

في بيت نجلاء.منتديات ليلاس . جواهر ونجلاء قاعدين بمجلس الحريم.

نجلاء بترحيب صادق: ياهلا والله بالشيخة جواهر.
- حياج الله وأبقاج.. هاه وينه حمودي.
- نايم
- وإذا هو نايم أنا جاية عشان من؟؟
- يمه منج، زين احترمي مشاعري الرقيقة شوي، جامليني، حرام كسر الخواطر.
- أنتي شبعانة منج في الجامعة.

- بس أنا ما شبعت منج، أنا الفضول بيقتلني، واليوم صدتج، في الجامعة ما أقدر أسالك براحتي، أخاف البنات يدخلون ، يقطعون السالفة وما ترضين تكملين لي عقب.. وعندي عمتي دايم موجودة بس هي اليوم عند بنتها... وعندج ما أزورج إلا بنات خالج ناطين لنا، اليوم ماراح يفكج مني شيء.


- وش هالموضوع المهم اللي بتموتين وتعرفينه؟؟

- أممممم بصراحة هم موضوعين مو واحد، الأول سالفة زواجج من طقطق للسلام عليكم، أنا بس أعرف إنج تزوجتي وعمرج 12 سنة في سنة الـ 90، بس حتى هذاك الوقت ماعاد الناس يزوجون بناتهم في هالسن الصغيرة، يعني ما كنا الستينات ولا الخمسينات........ الموضوع الثاني: دراستج، أنا أعرف إننج تركتي المدرسة 3 سنين بعد زواجج، أشلون قدرتي تكملين بهالسرعة، وتأخذين الدكتوراة وأنتي عمرج 27، يعني خلال فترة قياسية جدا.

جواهر بتوتر: أشرايج أحكي لج الموضوع الثاني وبلاها الموضوع الأول واللي يخلي لج حمودي.

نجلاء بإصرار: لا لا لا .. الموضوع الأول أهم من الثاني، يا حبيبتي يا جواهر، احنا صديقات وخوات، صح؟؟
جواهر بصدق: والله أكثر من خوات..

نجلاء بحنان: افتحي قلبج يا جواهر ..لازم تتكلمين عشان تتجاوزين حساسية هالموضوع، لو قعدتي مسكرة عليه بهالطريقة، عمرج ماراح تتجاوزين الموضوع..

جواهر بألم: بس الكلام عنه يجرح كل شيء فيني، أنوثتي، أمومتي، وحتى إنسانيتي..

نجلاء بصدمة: لهالدرجة؟؟

جواهر تفرك إيديها ووتتنهد: وأكثر يا نجلاء وأكثر، بس تدرين أنا خلاص بأحكي لج كل شيء، والسالفتين مع بعض زواجي ودراستي، لأنهم مرتبطين..

تنهدت جواهر ومرة ثانية، وخذت الكوشية من جنبها، حطتها بحضنها وتسندت عليها بتعب وهي تقول:

توفى أبوي الله يرحمه وأنا عمري 12 سنة ووقتها كنت مخلصة ثالث إعدادي وفي إجازة الصيف مو في أول إعدادي مثل ما كانوا البنات اللي بسني.

نجلاء باستغراب: أشلون؟؟

جواهر وعيونها تحاكي بحيرة من الألم: تذكرين أنه كان عندنا في قطر من زمان، وما أدري لو عاده موجود أو لا، نظام يتيح للطالب المتفوق أنه يدرس مواد سنة كاملة في الصيف، ويقدم اختبارات مع طلبة الدور الثاني، ولو نجح، يختصر سنة، وينتقل للسنة اللي بعدها.

- ايه صح أذكر..
- أنا كنت شاطرة كثير في المدرسة، ولما كنت في رابع، مدرستي الله يذكرها بالخير، هي اللي أصرت أني أقدم صف خامس في الصيف وأطلع على سادس، لأنها حست مستواي أعلى من مستوى باقي البنات، وفعلا سويتها بمساعدتها ونجحت، وبعدها عجبتني الحكاية، ورجعت سويتها لما خلصت أول إعدادي، ونجحت في ثاني إعدادي في الصيف، وطلعت لثالث، وتوفي أبوي الله يرحمه بعد يومين من اخر اختبار لي في ثالث إعدادي

- والله سالفتج سالفة، وعقب؟؟ نجلاء بتلهف وترقب.


- أبوي كان عنده ولد خالة اسمه محمد، كانوا مثل الأخوان، ومحمد كان مريض الله يرحمه بعد، فأصر على ولده اللي كان توه راجع متخرج من أمريكا، وعمره 23 أنه يتزوجني.
- تكلمين جد؟؟ نجلاء باستغراب

- والله جد.منتديات ليلاس . (جواهر بألم أرجعته الذكرى لها) وكملت جواهر:

تخيلي فرق 11 سنة بيني وبينه، هو كان رجّال وأنا طفلة، بس أبوه أصر، لأنه ماكان لنا حد من القرايب، ومحمد كان خايف علينا، أنا بنت صغيرة وأمي وقتها بعدها بنص عمرها، وعبدالعزيز طفل عمره سبع سنين.

قاطعتها نجلاء: وخالج أبو فهد وينه؟؟ أدري انه اللي تكفل فيكم؟؟

جواهر: انطري علي جايتج في الحكي، خالي أبو فهد، جلا برا قطر وأنا عمري سنتين ، في قتل خطأ، وخاف من أهل القتيل يقتلونه، ولا حد كان يعرف طريقه.

نجلاء: صراحة فيلم هندي..

جواهر بابتسامة حزينة: بعدج ما سمعتي شيء

نجلاء بترقب: كملي بليز كملي.

جواهر: فولد خالة أبوي أصر على زوجي سابقا أنه يتزوجني، عشان يكون مصدر حماية
جعل أمحق حماية، شوفات وبزر على قولة ولد خالة أبوي.

نجلاء باستفهام: إلا صدق عمرج ما قلتي لي اسم زوجج، اقصد سابقا.

جواهر بحقد: ما أحب أقول اسمه، موب لازم. ولو تبين موب لازم أكمل خلاص..

نجلاء: لا لا واللي يرحم والديج ..كملي كملي بليز.

جواهر بتأمل وهي تعصر الكوشية بين يديها:

أمي اقتنعت مع ولد خالة أبوي إن هذا هو الحل الوحيد.. لأنه كنا محتاجين رجّال معانا..
المهم تزوجت بعد وفاة أبوي بشهر واحد،وطبعا بدون طقطقة ولا حتى معازيم،
لانه أمي كانت في الحداد، وكان إصرارهم على الزواج في هالوقت، عشان حد يقدر يدخل بيتنا ويجيب طلباتنا..
وأنا كنت مو مصدقة نفسي... طفلة، مبسوطة بالثوب الأبيض، وإنها صارت عروس...

جواهر رجعت ذاكرتها لـ18 سنة ليلة زواجها وهي تشرك نجلاء معاها في الذكرى كأنهم يشاهدونها معا:

جواهر جالسة في غرفة نومهم
وجهها ملطخ بمكياج ما يتناسب مع عمرها
وهو جالس في الزاوية البعيدة
وجهه مدفون بين إيديه، ظل على هالوضع لأكثر من ساعة، كأنه أسد حبيس، ينتظر إطلاقه من القفص

بعدها وقف فجأة
ارتعبت جواهر عمرها ما شافت حد بهالطول والنحافة
كان بالنسبة لها كأنه عمود نور، خافت وانكمشت على نفسها.

سمعت صوته بدون ما تشوف وجهه
كان صوت رجولي شديد العمق فيه بحة حزن واضحة:
لا تخافين جواهر، ماراح أذيج ولا أسوي لج شيء، أنا مثل اخوج الكبير، أو أبوج لو بغيتي.

بعدها التفت لجواهر بتثاقل
قدرت تشوف ملامحه بوضوح
كان وجهه نحيف..
بس ملامحه حادة مرسومة بإتقان مثل ملامح تمثال أغريقي..

دار في الغرفة عدة دورات
ورجع يجلس على كرسيه وهو يرجع يدفن وجهه بين ايديه..................

قطعت نجلاء سيل الذكريات وهي تقول:
يعني كان أخينا إياه مزيون والموت الحمر.. وبعدين شنو سالفة أخوج وإلا أبوج ذي ، والعيال منين جاو، من الهوا؟؟ ( نجلاء بعيارة وخبث)

جواهر بخجل ممزوج بالحزن: صج قليلة أدب، يعني هذا اللي هامج من الموضوع؟؟

نجلاء بابتسامة: تدرين عاد.. أنا دكتورة جامعة، ولازم كل شيء يمر بمنطقية قدامي عشان أقتنع.. اقنعيني والا مافيه شيء بيفكك من يدي....

قاطعتها جواهر: كل شيء جايج بالحكي، اليوم أنا أنفكت عقدتي الكلامية..

رجعت جواهر تتذكر، وهي تشرك نجلاء معها في ذكرياتها........

جواهر الصغيرة جالسة تشوف التلفزيون مع أمها بانتباه كانت أخبار اجتياح العراق للكويت معبية التلفزيون، وجواهر اللي كان عقلها أكبر من سنها، كانت مهتمة جدا بالاخبار..

دخل زوج جواهر عليهم، وهو شايل أكياس كثيرة، دخلها للمطبخ ونزلهم، ورجع دنق على رأس عمته بعد ماسلم عليهم.

أم جواهر: جهيّر.. قومي يمه رتبي الأغراض اللي جابها رجلج، يا علنا ما نخلا منه.

هو: ولا منج يمه..

قامت جواهر ترتب الأغراض، ولما تأكدت أمها إنها دخلت المطبخ وخلاص ما عادت تسمعهم، التفتت عليه، وهي تسأله باهتمام:

- يمه.. صار لي مدة أبي أسألك عن شيء.منتديات ليلاس . بس مستحية..

رد عليها بجدية: أفا يمه تستحين مني أنا مثل ولدج..

أم جواهر: واغلى من ولدي والله عالم، ودي أسألك عن شيء وجاوبني بصراحة.

- تفضلي يمه..

- من يوم تزوجت جواهر وأنا شايفتك تنام بالمجلس، جواهر مزعلتك بشيء، لو مزعلتك قل لي، جواهر ياهل، وأنا بأعلمها لو هي مقصرة في حقك، مع أني ملزمة عليها ما تقصر فيك.

- كح (هو) متفاجيء من السؤال، وتنحنح: لا يمه جواهر ما سوت شيء، بس على قولتج جواهر ياهل، وأنا أحب أعطيها حريتها شوي، واخليها تتعود علي قبل..

ردت أمها بجدية وتفكيرها تفكير حريم أول: بس جواهر مره كاملة.. وأنت فاهم قصدي..

كح مرة ثانية، وهو يحس أنه بيموت من الإحراج، وحاول يغير الموضوع: إلا حبيبي عزوز وينه؟؟؟

مع إنهاءه لجملته، كان ظهور عزوز المزعج طوق النجاة له من أسئلة عمته المحرجة

نط عبدالعزيز على ظهره وهو يقول: كاني جيت، يالله قوم شيلني خلني ألمس المروحة..

(هو) بمرح: حاضرين كم عزوز بو تمبة عندنا..

عزوز بزعل طفولي: أنا موب بو تمبة، وإذا كبرت بأصير طويل مثلك، لا أطول منك بعد...

جواهر اللي دخلت في هالوقت: إيه إحلم إحلم أنك بس بتصير طويل.. قالتها وهي تمد لسانها له

عزوز وهو راكب على ظهر زوج أخته ويلمس المروحة بانتصار: إيه بأصير طويل مثل (....) وأنتي مو ربي، ربي بيخليني طويل إن شاء الله مو قصير مثلج..........منتديات ليلاس .............

رجعت نجلاء تقاطع سيل الذكريات وهي تقول باستغراب:
شنو حكاية قصيرة أنتي كنتي قصيرة يالزرافة..؟؟

ضحكت جواهر ضحكة مبحوحة: إيه والله كنت قصيرة وقصيرة وايد بعد.. أنا اصلا كنت توني بلغت قبل زواجي بثلاث شهور، وما طلت هالطول كله إلا بعد ما جبت عيالي...

نجلاء باندهاش شديد: يعني زوجج الطويل ما عرفج الا وانتي قصيرة؟؟

جواهر بابتسامة حزينة: إيه والله، تصدقين كنت يا دوب يوصل طولي نص صدره، تقريبا يمكن كنت 150 او 155 سانتي..

نجلاء بتمعن: تدرين جواهر سالفتج كل مالها تصير مثيرة أكثر... بليز كملي لي.. وأهم شيء العيال منين جاو يوم إنه الأخ متكي في المجلس؟؟..كملت نجلاء بخبث

رجعت جواهر تتذكر.منتديات ليلاس . وتكمل لنجلاء.منتديات ليلاس .

#أنفاس_قطر#

مذهلة الخليج 04-01-09 05:28 AM


بعد الغياب/ الجزء الثالث/ 23/12/2008


في مبنى النشاط الطلابي/بنات/ جامعة قطر
الساعة 10 صباحا

مها وفاطمة ومنيرة جالسين على الكنبات..
توهم خلصوا من محاضرة، وينتظرون محاضرتهم اللي بعد ساعة..

فاطمة ويدها على بطنها: يووه.. حدي ميتة من اليوع.. قوموا نتريق..

مها بعيارة: يا ملا الشقاق.. أنتي ما تشبعين 24 ساعة زط متواصل.. ريحي كرشش شوي..

فاطمة وهي تضحك: الشقاق يشق كرشج أنتي يا أم كرش

مها وهي تحسس على بطنها: كله ولا كرشي المصون، هذي أم الشحم واللحم.. العزيزة الغالية اللي ما تبي تفارق مع كل محاولاتي الدؤوب..

منيرة وهي ميتة من الضحك: حلوة الدؤوب ذي.. منين جبتيها مس مهاوي؟؟

مها بضحكة: سرقتها .. من ربعنا قسم اللغة العربية..

منيرة: وخذي ذي.. سرقتها عشانس:
عيون المها بين الرصافة والجسر...جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري

مها وفاطمة: الله.. الله.. صح لسانش/لسانج

منيرة: بس لا جيتي للصدق، صحيح اسمس مها، بس مافيس من المها إلا اسمه وبس، أشلون انخطبتي ما أدري، أكيد أهل المسكين غاضبانين عليه، ويبون يعاقبونه فيس..

مها تصنّع الزعل: تهبين أنتي ووجهش.. قومش تبين نظارة وإلا كان شفتي زيني الفضّاح..

منيرة تفرك عيونها، وبعدين تحط يدها على جبين مها، وتصنّع لهجة القلق: من اللي زينه فضّاح؟؟ بسم الله عليس الرحمن الرحيم.. مسخنة؟؟

فاطمة وهي تضحك: مهاوي ماعليج من مناري، في هالجامعة ماعندها حد زين إلا الدكتورة جواهر..

مها وهي تمد لسانها لمنيرة: أنا أزين منش ومن دكتورتش أم عيون..

منيرة بعيارة: كله ولا عين السيح، مافيه في الدوحة بكبرها من يسواها..

فاطمة اللي ما كانت منتبهة معاهم كانت تطالع في بنتين مروا عليهم.. عقبه التفت لمنيرة ومها:
بسبس.. بسبس

مها: بسبس تخرق عيونش وش عندش تبسبسين لنا شايفتنا قطاوة..

فاطمة بهمس: طالعوا البنت اللي راحت تجلس هناك..

مها ومنيرة وهم يطالعون ناحية ما أشرت، وبهمس: أي بنت؟؟

فاطمة: البنت اللي عبايتها فيها تطريز فضي، وشايلة شنطة فضية..

مها: وش فيها؟؟

فاطمة: مو تشابه دكتورة جواهر؟؟

منيرة باستنكار: من هذي اللي تشبه الدكتورة جواهر؟؟

مها: البنية صدق حلوة.. بس مافيه مجال للمقارنة، لاجينا للحق دكتورة جواهر صاروخ مهيب مره..

فاطمة: صج ما تعرفون للشبه.. طالعوها عدل.. صدق مو بنفس جمال الدكتورة.. بس فيه شبه..

مها ومنيرة: ما ندري يمكن.. كملت منيرة.. خلونا نقوم نشرب كوفي قبل المحاضرة..

مها وفاطمة وهم يلقون نظرة أخيرة على البنية اللي كان فيها فعلا لمحة شبه من الدكتورة جواهر: يالله

بعدها شالت منيرة ومها نقاباتهم اللي كانت مطوية على الطاولة، ولبسوها متوجهين كلهم للكافتيريا اللي في كليتهم يشربون هناك كوفي قبل المحاضرة...

*************


في بيت نجلاء
الساعة 10 ونص الصبح
بعدها جواهر تكمل لنجلاء حكايتها غير المعقولة
اللي تشبه أفلام السينما وأغرب

جواهر تتذكر..

بعد شهرين من زواجها..

زوجها بعده ينام بالمجلس، وهي مبسوطة من هذا الترتيب اللي أعفاها من واجبات زوجية هي أصلا مو فاهمتها..

كانت نادرا ما تشوفه، إلا لو هو جايب لهم أغراض وفي الليل يجي ينام في المجلس، ويطلع من الصبح بدري لشغله، وملابسه في دولاب صغير مسكر في المجلس..

عمره ما وجه لها سؤال أو كلمها..
كلامه القليل كان مع أمها..
بس كان يحب عبدالعزيز كثير ويدلعه، ويحاول يعوضه عن حنان الأب، كان حنون كثير على عبدالعزيز، لأنه بعده صغير على اليتم...

(الأحداث اللي تجي.. أنفاس قطر تحكيها لكم، لأن جواهر ماعندها خبر فيها، بس هي مرتبطة بالذكريات اللي كانت جواهر تحكيها لنجلاء، عشان تكتمل الصورة عندكم، على أمل أنها تكتمل عند جواهر يوم)

في يوم جمعة: صار الوقت ضحى، وهو كان نايم بالمجلس مابعد صحا لأنه ماعنده دوام اليوم..
وكانت المفاجأة أنه أبوه دخل عليه يتوكأ على عصاه ويسنده سواقه الباكستاني (أفضل) اللي كان أبوه مربيه من وهو صغير..

طالعه الشايب بغضب و نغزه في بطنه بالعصا..

صحا من النوم وهو مصدوم، نط واقف وهو يحب خشم أبوه:
هلا يبه حياك.. والله أني صليت الفجر ورأسك الغالي

الشايب بلهجة غضب واضح: ما سألتك عن الصلاة، أدري
أنك مصلي الله يثبتك على طاعته..

ولده: عجل وش اللي مزعلك مني، جعلني ما خلا من ذا اللحية الغانمة..

الشايب: وش مرقدك هنا؟؟ أنت زعلان من مرتك؟؟

ولده وهو توه ينتبه لورطته: لا يبه جعلني فدا خشمك، بس أنا انسدحت هنا بعد صلاة الفجر، تبيني أجيب جواهر تسألها؟؟

الشايب: مافيه داعي.. بس والله لا أدري أنك مزعل بنت منصور اليتيمة وإلا زعلان عليها، أنه زعلي عليك دنيا وآخرة..

ولده برعب: لا جعلني ماذوق حزنك، كله ولا زعلك..

الشايب بعد ماقرر المواجهة: توني البارح مكلم عمتك.

هو يبلع ريقه: عمتي؟ اشتكت لك مني؟؟ وإلا أني مقصر عليهم بشيء؟؟

الشايب: إلا تشكر فيك وفي شيمتك وكرمك..

تنفس براحة: عجل وش فيه يبه؟؟

الشايب وهو يطالعه بنظرة لها معنى: فيه اللي أنا وأنت عارفينه..

هو بحذر: شنو يبه؟؟

الشايب مثل اللي كأنه بيفجر قنبلة: فيه أنك من يوم عرسك وأنت تمسي في المجلس.. وش فيك أنت؟؟ منت برجال؟؟

هو حس أنه خلاص بينفجر: أعتقد أن حياتي الخاصة شيء خاص فيني.. وما لحد حق يتدخل فيها..

الشايب وهو ينتفض من الغضب: أمحق تربية ربيتك وأحسب أني اربي رجال، وأمحق تعليم يوم خليتك تروح لبلاد الكفار.. هذا اللي علموك إياه.. تطول لسانك على أبوك..

هو.. وهو يركع ليد أبوه يحبها ويحطها على رأسه: طالبك يبه ما تزعل علي.. طالبك طلبة

وقتها (أفضل) اللي كان مثل أخ له وولد لابوه ما أستحمل وطلع من المجلس ينتظر في السيارة وهو يبكي..

أبوه بغضب: قوم الحين ما أبي أشوفك.. عقب صلاة العشا تعال لي البيت أبيك بسالفة.. قوم سند لي أروح للسيارة، بأروح المسجد أقعد هناك لين الخطبة.

**********

جالس في سيارته، بعد أقل من ساعة من لقاءه مع أبوه، كان يكلم خالته، اللي أكبر منه بأربع سنين، واللي تركها وراه في أمريكا تدرس طب، يكلمها من تلفون السيارة (هذي كانت الموضة قبل الموبايلات).. مع أنه في بيت أبوه خط دولي، بس ماكان يبي أبوه يسمع وش بيقول..

- صباح الخير عيوش..
خالته بصوت فيه النوم : عيوش في عينك، تدري كم الساعة؟؟ ما أعتقد أنك لحقت تنسى التوقيت؟

هو بصوت حزين: أدري عائشة أنه الساعة وحدة بالليل.

عائشة: ويوم أنت تدري.. وش له متصل هالحزة؟؟ لا تقول شفقان؟؟ ماني مصدقتك؟؟

هو بألم واضح: تعبان خالتي تعبان..

عائشة اعتدلت من نومها وبققت عيونها عدل: أفا.. تعبان.. كملت بحنان: وش فيك يا قلب خالتك؟

- تزوجت هالبزر عشان خاطر الشايب.. وحاطها هي وأهلها في عيوني، ومو مخلي عليهم قاصر.. وبعد مو عاجب..

- وش صار جديد حبيبي، توك قبل أسبوع مكملني وكنت ممشي الموضوع.


- والله مستحي خالتي، ما أدري شأقول لك؟

- السالفة فيها مستحي.. أنت تعرف السحا أنت!! يالله اعترف بدون تعذيب..

تنهد بصوت مسموع حست خالته اللي كانت هي صديقته وأمه بألمه: وش فيك ياروح خالتك لا تعذبني معك، تدري ما أستحمل شيء عليك..

انفجر وقتها من الغضب: يبوني أعيش معها مثل الأزواج..

عائشة بصوت هادئ بعد ما أنطفأ توترها: وهذي كل السالفة؟؟

هو بغضب: شنو عيوش؟ أحر ما عندي أبرد ما عندج؟؟

عائشة: أنا أشوف الموضوع عادي، زوجتك ومافيها شيء..

- خالتي أنتي أكثر وحدة فاهمتني، شنو زوجتي؟؟ هذي طفلة عمرها 12 سنة، ما تخافون الله فيها..

- يعني شنو؟؟ بتقعد تنطرها لين تكبر؟


- ما أدري خالتي؟؟ ماعاد عندي مخططات لأي شيء.. هالزواج قلب كياني..

- هي شنو مو مره بالغة؟؟


- بلى خالتي مره بالمعنى اللي تقصدينه، بس موب هذي السالفة؟؟

- خالته بخبث: خلاص أنا عرفت: أكيد مو حلوة؟؟ لو حلوة كان جذبت على الأقل رجولتك.


- لحول خالتي.. وش هالكلام؟؟

- جاوبني أول: حلوة وإلا لا؟؟


- عادية بس هذي موب قضيتي؟؟

- ايه قول إنها عادية وأنت مزيون وحاس أنك خسارة فيها؟


- خالتي حرام عليج، والله البنية ماعليها قاصر، وعليها شعر سبحان اللي خلقه حرير لحد ركبتها.. بس طفلة خالتي.. طفلة.. أنا خايف ربي فيها..
-
- والحين وش تبي تسوي؟؟
- ما أدري.. بس حبيت أفضفض لج.. رخصي لي الحين.. بأروح ألحق صلاة الجمعة..

- مرخوص ياقلبي وطمني عليك..


- أكيد عيوش.. من لي غيرج..

********

نرجع لجواهر ونجلاء.. وهم بعدهم يسولفون..

نجلاء باستفهام: تقولين أنه أنتي ما كنتي حلوة وأنتي صغيرة.. ما أصدقج.. من وين جبتي هالحلا كله.. طلع بين يوم وليلة..
نمتي قبيحة.. وصحيتي حلوة مثل الرسوم المتحركة.

جواهر تضحك: موب كذا يالغبية؟؟

- عيل فهميني؟؟

- تعرفين البنات في مرحلة البلوغ.. أبشع مرحلة يمرون فيها، وأنا بعد كنت بزود بزود.. الخشم كان وش عرضه.. والبشرة داكنة ومحفرة حب شباب تحفير.. الشيء الوحيد اللي حلو فيني كان شعري.. كان طويل..


- صج ووين راح؟؟

- قصيته؟


- نجلاء بتحسر: وليه حرام عليج؟

- جواهر بحزن: حسيت ماله قيمه بعد عيالي، وحتى اني ماعاد اعتنيت فيه.. فأول مرة أقصه قصيته بوي.. تخيلي..


- بوي؟؟ من جدج أنتي؟؟ (نجلاء ياستغراب)

- إيه والله.. الحين أطول مرة أخليه بدون قص.


- ايه واللي يعافيج جواهر لا تقصينه.. يجنن عليج كذا.. ويالله كملي لي قصتك/ أو فلمك الهندي..... بعدني ما عرفت العيال من وين جاو.. ومافيه تهربين من هالسؤال..

- جواهر بابتسامة: خلاص أنا بأقول لج سالفة العيال أشلون جاو.. عشان تريحين بالج.. وتخليني أكمل السالفة.....

رجعت الذاكرة بجواهر لنفس يوم الجمعة اللي أبو زوجها زاره فيه.. بس في الليل متأخر كانت جالسة بغرفتها تقرأ في منهج أولى ثانوي اللي خذته من بنت جيرانهم.. استعدادا للسنة الجديدة اللي باقي عليها شهر.. رغم أنها مابعد تكلمت مع زوجها، عن هالموضوع، ولا حتى يعرف هي أي صف

فوجئت بزوجها يدخل غرفتها مثل الأعصار لأول مرة بعد ليلة زواجهم.. ووجهه محتقن وأحمر وباين عليه الغضب الشديد..

#أنفاس_قطر#

بعد الغياب/ الجزء الرابع/24/12/2008


مواقف البنات/ جامعة قطر
الساعة 11 صباحا

مواقف البنات في جامعة قطر لمن لا يعرفها، مبنى طويل شوي تدخل السيارات من تحته، من عدة بوابات، والبنات بقدرون يشوفون طوابيرالسيارات من فوق، من خلال زجاج عاكس

كانت البنت -اللي لابسة العباية بالتطريز الفضي والشنطة الفضية اللي كان كانت ماركة باريسية معروفة- توها واصلة المواقف وتسولف مع صديقتها.

صديقتها: ياليتج قعدتي معاي شوي؟؟

البنت: كفاية عليج الساعة اللي قعدتها معاج.. أبوي حافظ جدولي، وما يحبني أطول في الجامعة إلا لو عندي سبب وجيه.

البنت وهي تنفض يدها بحماس: يوووووووه على أبوج بس، يوم شفته معاج هذاك اليوم على الكورنيش بالسبورت تريننغ الأسود..عذاااااب.. شنو هالأبو.. والله فكرته أخوج.. شنو.. كأنه نجم سينما وإلا بطل كمال أجسام وإلا ملك جمال، وإلا الثلاثة في واحد..أنا خقيت من قلب

البنت بزعل: الله وأكبر عليج هنودة، أذكري الله.. لا تطسين أبوي بعين..

هند تضحك: لا تزعلين نوف.. ماشاء الله لا إله إلا الله..

نوف تضحك: ذكريتني بأيام أمريكا.. الأمريكيات إذا مر أبوي من جنبهم يصفرون له.. تخيلي؟.. يموتووون في المعضل.. ولازم يعبرون عن إعجابهم.. ما يقدرون يكبتون في نفسهم ياعلهم الماحي.. وأنا أموت من القهر.. وأتمنى لو أنه قعد نحيف، ولا رفع الأثقال والرياضة اللي يسويها، وخلته معضل بهالطريقة.

هند: شنو تغارين على أبوج يعني؟؟

نوف: أكيد أغار عليه.. وأخاف تجي وحدة تخطفه منّا، هو أمي وأبوي.. الله يخليه لي.

هند باستفسار: إلا قولي لي نوف: أنتو كم سنة قعدتوا بأمريكا؟؟

نوف بصوت هادئ: حوالي 12 سنة.. مارجعنا فيها الدوحة كلش..

هند بدهشة: معقولة؟؟ وأهلكم ما تشوفونهم..

نوف: مالنا قرايب إلا خوال أبوي.. وهم كان عندهم شغل ومصالح في أمريكا، فكانوا يزورونا دايم.. وأبوي كان دايم مشغول، أول في دراسة الماجستير والدكتوراة، وعقب شغله في السفارة، ولو ماطلبت منه الدولة يرجع عشان محتاجينه هنا، ما أدري.. يمكن كنا لحد الحين هناك.

هند بعيارة: على طارئ أبوج: من بيجي بيأخذج اليوم؟؟ لو أبوج تراني خويتج اليوم..

نوف تضحك: لا بيجي عمي أبو محمد ومعاه الشغالة..

هند: أنتي من جدج تنادين هالباكستاني عمج.

نوف بزعل حقيقي: هند.. كله وإلا أنج تجرّحين في عمي أبو محمد.. أبو محمد عمي وأكثر من عمي..

هند وهي حاسة بغلطتها: خلاص نوف أنا أسفة مو قصدي.

نوف بعدها متضايقة: ماصار إلا الخير، وكاهو عمي أبو محمد وصل ما أحب أتاخر عليه.. قالتها نوف وهي تشدد على كلمة (عمي)

************


في منزل نجلاء
الساعة 11 وعشر دقايق..

نجلاء وهي تشرب حليب الكرك ومبققة عيونها، كأنه تخاف تسكرها يفوتها شيء من السالفة:
هاه وبعدين؟؟

جواهر تتنهد، وهي تتذكر: صحيح أمي كانت مفهمتني ومعلمتني وشارحة لي الطبخة كلها، بس الكلام غير، والتجربة غير..

جلست أبكي بانهيار، وهو جنبي كان يرتعش مثل مريض حرارته 40 صبوا عليه ماي مثلج..
بعدها نط للحمام في قفزة وحدة.. ما ادري كم قعد في الحمام، وقت طويل مر.. وأنا أبكي وأسمع صوت الدوش ومعاه صوت ضربات مكتومة، أعتقد أنه كان يشوت الطوفة أو يضربها.

بعدها طلع.. لابس روبه المعلق في الحمام ماحد لمسه من يوم زواجنا، كان الروب ملفوف على جسده النحيل
شعره مبلول وعيونه حمراء وفيها حزن غير مفهوم

قرب مني.. كنت حاسة كأنه قرفان مني.. فانكشمت بخوف.. حسيت أنه انكماشي جرحه.. وقف قريب مني، مسكني من عضودي بيديه الثنتين.. ووقفني..

وقفت جواهر عن الكلام وهي ترتعش..

نجلاء بترقب وكأنها بتضرب جواهر: واللي يرحم والديك.. مو وقت انفعالاتك.. كملي لي..

جواهر تبلع غصتها: حضني بقوة..
وقال بصوت مليان حزن: سامحيني جواهر.. سامحيني.. أدري أنه غلطتي أكبر من سماحج.. بس أنا ما كنت في وعيي، غضبي سيرني.. أدري أنج موب فاهمة علي.. وأدري أنج تكرهيني عقب الشيء الحقير اللي سويته.. بس أوعدج أني ما أخليج تشوفين وجهي الكريه مرة ثانية..

نجلاء بترقب قاتل: وعقب؟؟

جواهر وهي تلمس شفايفها، كأنها تتحسس مكان قبلته الوحيدة: نزل قامته الطويلة و باسني، وراح.. كانت أول وأخر مرة يلمسني، يحضنني.. ويبوسني.. وراح..

نجلاء بتلهف: وين راح؟؟

جواهر وعيونها كأنها تراقب شيء غير مرئي: أخر مكان ممكن يخطر ببالك؟؟

نجلاء بنفاذ صبر: وين يعني؟؟

جواهر برنة حزن: الجبهة / للخفجي


************


في نفس ليلة الجمعة الشهيرة، قبل صلاة الفجر بساعة في الدوحة
والساعة 6 مساء في الولاية اللي تسكن فيها عائشة..
تلفون شقتها يرن، التقطت السماعة، وردت بصوتها الرزين المعتاد: هالو

صوت بكاء مكتوم على الطرف الثاني
عائشة بقلق:who's that??

يرد بصوت باكي: أنا يا خالتي

عائشة حست أن قلبها انتزع من مكانها بكل قسوة، وحد داس عليه بوحشية وبدون رحمة، عمرها ما شافته أو سمعته يبكي، حتى يوم ماتت أختها قبل كم سنة، مع أنه كان مراهق صغير، ماشافت له دمعة، كانت تدري أنه يبكي بغرفته، بس ماسمح لأحد يسمعه أو يشوفه
شنو هالشيء الكبير اللي صار، وخلاه يبين ضعفه قدامها لهالدرجة، عائشة بصوت خانقته العبرة: حبيبي وش فيك؟؟ أبوك صار له شيء؟

- هو بحزن: لا
- عيل ليش تبكي يا قلبي؟؟

- انخرط في بكاء حاد، خلا قلب عائشة يموت ألف مرة في الدقيقة: أنا حيوان يا خالتي، حيوان وحقير، وأستحق الذبح.. ما أستحق أكون إنسان يمشي على الأرض.. الحيوانات أحسن مني

عائشة مو قادرة تستوعب سيل الشتائم اللي هو قاعد يشتم نفسه فيهم: حبيبي قل لي وش فيك، حرام اللي تسويه فيني..

بصوت حزين: أنا حيوان وهمجي ومنحط، وش تبين أقول لج أكثر من كذا.. أنتي أصلا لازم تتبرين مني، لأنه حرام وحدة عندها أخلاق عالية مثلج، يكون ابن اختها إنسان منحط مثلي..

عائشة وهي خلاص بتنجن: لا تجنني، أنا أكثر وحدة تعرف أخلاقك وتدينك، أدري أنك ماراح تسوي شيء غلط..

هو بغضب: لا سويت، كله من أبوي الله يسامحه، استفزني بانتقاصه لرجولتي، باتهاماته اللي ماقدرت استحملها... وإلا ليش أحط السبب على أبوي، كلام أبوي حرر بس الحيوان اللي داخلي

عائشة ارتاحت شوي وكأنها بدت تستوعب الحكاية: أنت لمست جواهر؟؟

هو بغضب ناري: شنو لمستها؟؟ هذي كلمة إنسانية راقية.. أنا اغتصبتها، اغتصبت طفلة.. قلت لج أنا حقير ونذل وحيوان.. أكيد إنج تكرهيني الحين..

عائشة وهي تبتسم لأفكار ابن أختها المثالية زيادة عن اللزوم: يا حبيبي..هذي زوجتك، ليس سويتها قضية أكبر من اجتياح العراق للكويت

هو وهو يتنهد: على طارئ الكويت، أنا طالع بكرة الجبهة.

عائشة بصدمة حقيقية: أنت مجنون؟؟

هو بغضب: أنا مجنون من يوم وافقت أبوي على هالمهزلة

عائشة: فديتك أنت، وغلاتي عندك، حرام عليك أبوك الشايب، أبوك ماعنده غيرك، وفي أخر أيامه، وزوجتك وأهلها مالهم غيرك.. وأنا...

هو بحسرة: خلاص خالتي والله مو طايق نفسي، أنا أصلا من بداية الحرب، وأنا أبي أنضم للمتطوعين، بس أبوي و أهل جواهر هم اللي كانوا مربطين يدي، بس الحين خلاص ما أقدر أحط عيني بعين حد. وأنا وصيت أفضل عليهم كلهم، وأدري أنه بالشوفة، ويسد مكاني.. وأنتي يا خالتي.. ماشاء الله عليج ما تحتاجين حد، وجدي وخوالي موجودين الله يخليهم لج..

عائشة بحزن: هذا قرارك النهائي؟؟

هو بحزن أكبر: إيه عيوش.. أستودعك الله الذي لا تضيع ودائعه..

***********

عودة لبيت نجلاء ومسلسل الأسرار اللي بدأته جواهر

نجلاء باستغراب: الجبهة مرة وحدة؟؟

جواهر بحزن: تخيلي لهالدرجة كان قرفان مني وموب طايقني.. مستعد يرمي نفسه تحت دبابة عشان يخلص مني..ومن مجرد فكرة أنه تنازل ولمسني..كأنه لمس حشرة قذرة مو إنسانة.... ياليته داسته دبابة وقتها وارتحت منه.. يمكن وقتها كنت حزنت عليه.. وظلت له بقلبي ذكرى طيبة..ومأساة حياتي ماصارت..

نجلاء باستفهام: ليه شاللي صار عقب؟؟

جواهر بحسرة: المهم هو اللي صار عقب؟؟

#أنفاس_قطر#
بعد الغياب/ الجزء الخامس/24/12/2008

#أنفاس_قطر#


الساعة 11 وربع صباحا
المكان/ البنك العالمي الإسلامي(على فكرة مافيه بنك بهالأسم)
من أكبر بنوك الشرق الأوسط، وله فروع في كل العالم/ لحكومة قطر نسبة كبيرة من أسهمه، عشان كذا الحكومة هي اللي اختارت المدير العام له

في مكتب المدير العام في الفرع الرئيسي للبنك
كان المدير يتصل من موبايله:
- هلا أبو محمد
- .....
- جبت نوف؟؟
- ......
- مشكور مشكور، ولا عليك أمر إذا وصلتها البيت، أبيك تمر علي في البنك شوي
- ......
- في أمان الله

سكر تلفونه، ورجع لأشغاله اللي ما تنتهي، بس اللي عمرها ما شغلته عن الاهتمام بعياله

*******


في نفس البنك، في مكان ثاني/ كان عدد العملاء خفيف، وموظفتين قاعدين يسولفون مع بعض، في انتظار لحضور أي عميل، وحدة منهم لابسة عباية وشيلة، والثانية تايور البنك الرسمي مع حجاب من نفس اللون

الثانية تقول: الله.. هو مافيش عملاء النهاردة، غريبة..
الأولى: تدرين، يوم جذي ويوم جذي..
- بلاش حكاية شذي وشذي، أصلي مابهزمهاش..
- اشربي وراها ماي وأهضميها

- بايخة أوي..
- وأنتي أبيخ..
- يا وحشة..
- يالسنكيحة..
- الله الله ..ماقلنا مابلاش الضرب تحت الحزام ده..
- والله إنج عسل يا نادية (تضحك)
- وانتي تئلاية بصل وتوم (تضحك)
- أفا.. أشوف الصحبة خربانة اليوم
- أنتي اللي ابتديتي..

- زين خلاص أرفع الراية البيضا، راضية؟؟
- راضية.. شفتي المدير النهاردة؟؟
- أي مدير؟؟ مديرنا؟؟
- لا الراس الكبيرة..
- آه.. لا.. تدرين نادر ما نشوفه..
- وإيه حكاية التنهيدة دي يا بت يا فوزية؟؟

- ما أدري من يوم أسمع طاريه، أعتفس، يخرب بيته ما يعطي وجه بالمرة، شلع قلبي... وبعدين أنتي أول من سأل.. ليش تسألين؟؟


- بأسمع أنه هيمسك منصب كبير، وهيترقى، وربنا يرحمه من أشكالنا.
- فوزية بخوف: الله لا يقوله يشيلونه من عندنا
- يعني هو أنتي طايلة حاجة، دا حتى ما بنشفوش إلا فين وفين.
- عادي المهم أنه نشوفه وبس

دخل عميلين للبنك، ورجعوا نادية وفوزية لشغلهم باهتمام.


************


في بيت نجلاء
الساعة 11 ونص

جواهر تطالع الساعة: نجلاء فديتج بأروح عندي محاضرة الساعة 1.

نجلاء حست أنها بتموت: طالبتج طلبة جواهر، اتصلي في السكرتيرة قولي لها تعلق إعتذار، أنتي نادر جدا ما تغيبين، خلي البنات يكيّفون اليوم، وبعدين أنتي ما عندج إلاّ محاضرة وحدة.

جواهر برفض: لا ، مافيه سبب أعتذر

نجلاء بإصرار: طالبتج، وغلاتي عندج، وغلاة حمودي، وغلاة أخوج عبدالعزيز، اقعدي تغدي عندي اليوم، وكملي لي سالفتج.

جواهر باستسلام: الله حسيبج، ماخليتي لي مجال، زين خليني أتصل بالسكرتيرة أقول لها تعلق إعتذار للبنات عند القسم وعلى باب القاعة.

قامت نجلاء تطلب من الشغالة تجيب لهم كيك وعصير، وجواهر تسوي الاتصال.

لما رجعت كانت جواهر خلصت اتصالها، ووجهت كلامها لنجلاء: زين نجلاء أنا أبي أتوضأ عشان الظهر بيأذن الحين، وعقب أوعدج أقول لج كل اللي تبين..

*****************


في البنك/ بعد صلاة الظهر

كان المدير في مكتبه، يجري اتصال مع مدير أحد الأفرع للبنك، دخل عليه سكرتيره، أشر له المدير بيده أنه يسكت لحد ما يخلص اتصاله.

أول ما خلص التفت عليه، وسأله بنبرة هادية: شنو فيه خليفة؟؟

- هذا بو محمد يقول أنك طالبه، وقاعد ينطرك برا.
- خليه يدخل، وبعدين مافيه داعي تخليه ينطر برا، دام ماعندي ضيوف ولا عملاء، خله يدخل على طول
- إن شاء الله ..

دخل أبو محمد المكتب الكبير البالغ الفخامة، وسلم على الرجال اللي جالس ورا المكتب، واللي لما شافه، قام من ورا المكتب لتكشف وقفته الرشيقة الواثقة عن طوله الفارع وعرض صدره وعضلاته البارزة بتناسق من تحت الثوب الناصع البياض المكوي بدقة..

وجلس هو وياه على الجلسة الصغيرة الموجودة في الزاوية.

بومحمد: سم بوئبدالعزيز، آمرني
(هو) بنبرة صوته المؤثرة اللي كانت أحد أسلحته في اجتماعاته مع خصومه في السوق: فيه موضوع بأكلفك فيه، وطبعا سر بيني وبينك لحد ما أقرر أيش بأسوي.

- أكيد يا (.....) أنت ئارف (عارف) أنه اهنا (إحنا) أخوان.(بو محمد بنبرة واثقة بلهجته المميزة ببقايا لهجته ألأصلية)
- أدري يا أفضل جعلني ما خلا منك ولا من نفعتك.
- تيب.. آمرني..
- سكت (هو) فترة، وبعدها قال بتعب: أم العيال يا أفضل..
- وقتها أفضل حس كأن كل الهوا اللي في الغرفة انسحب مرة وحدة، وسأل بحذر: وش فيها؟؟

- تنهد (هو) : أبيك تشوف وين مكانها،وشنواللي صار لها، وتبلغني، وعقب أنا بأقرر أيش أسوي..


- أفضل بنبرة لوم: إيش اللي زكرك بأم العيال عقب كل هالسنين.
- ومن قال أني نسيتها؟؟
- فئايلك (فعايلك) اللي ما يسويها صاهي (صاحي)
- أفضل.. ((هو) نبرة تهديد ولوم)

- أفزل وإلا ما أفزل.. انت ئارف (عارف) أني ما كنت مقتنع باللي سويته من البداية، والله لولا كلاك وكلا أبوك (غلاك وغلا أبوك)، وجميلكم اللي في رقبتي ورقاب عيالي، أني ما كنت أشترك مئك في اللي سويته.


- أفضل.. خلاص اللي راح راح، واللي سويته أنا كنت ومازلت مقتنع أنه كان في مصلحة العيال وأمهم. اللي أبيه منك الحين تسوي اللي طلبته منك.

- وأيش اللي زكرك فيها ئقب (عقب) هالسنين؟؟ماجاوبتني


- يا أفضل، أنا والله مانسيتها، من يوم خذيت العيال وأنا على طول كنت أحلم حلم مرعب، أنها متعلقة بالعرش، وتطلب من الله سبحانه، ينتقم لها مني، الحلم هذا كان يجيني على فترات متباعدة، وكنت أستعيذ بالله من الشيطان.. بس خلال الشهور الأخيرة، الحلم صار يجيني دايم، والله يا أفضل أني لا عاد ليلي ليل، ولا نهاري نهار، خايف أنه ربي يكون غضبان علي، طالبك يا أخوي، أنك تعرف لي مكانها.

- آسف.. (أفضل بإصرار)
- شنهو؟؟ ( هو بغضب)

- فيه شيء ما تئرفه (تعرفه) يا بو ئبدالعزيز، ويمكن يزئلك (يزعلك) مني لأني سويته من وراك.
- وش هو؟؟ قل لي.. وأوعدك ما أزعل..

- تزكر قبل خمس سنين لما جبتكم من المطار وأنتو راجعين من أمريكا، تزكر أني وصلتكم للبيت، وئقبه (عقبه) استأذنت، وقلت لك ئندي(عندي) مشوار زروري (ضروري) لازم سويه.


- (هو) بهمس: إيه أذكر، شنو كان المشوار؟؟
- أفضل بهدوء: رهت لبيت أم العيال؟؟
- (هو) بغضب: أشلون يطاوعك قلبك تسويها من وراي؟
-
- أفضل بغضب أكبر: إلا أنت اللي أشلون طاوئك قلبك تهرم أم من عيالها.

- (هو) بحزن: واللي يرحم والديك أفضل، أنت كنت عارف أسبابي وقتها ومقتنع فيها.


- أفضل بحزن: بلاك ما شفتها يوم بلغتها الخبر، والله تمنيت الأرض تنشق وتبلئني (تبلعني)، تمنيت أني مت قبل زاك اليوم، تمنيت...

- (هو) يقاطعه، مو قادر يستحمل بقية الوصف: خلاص أفضل خلاص...... قل لي شنو صار يوم رحت لبيت أم العيال؟؟


- أفضل بحزن عميق: ما لقيته..
- (هو) بصدمة بالغة: شنهو؟؟

#أنفاس_قطر#
بعد الغياب/ الجزء السادس/
#أنفاس_قطر#


في مكتب (...) استكمالا لحواره مع أفضل

- (هو) يقاطعه، مو قادر يستحمل بقية الوصف: خلاص أفضل خلاص...... قل لي شنو صار يوم رحت لبيت أم العيال؟؟

- أفضل بحزن عميق: ما لقيته..
- (هو) بصدمة بالغة: شنهو؟؟


- المنطقة كاملة انشالت، وانبنى مكانها مدارس وملائب(ملاعب) وئمارات(عمارات)، مالقيت هد (حد) أساله، زليت (ظليت) أدور مسل(مثل) المجنون في المنطقة، إحساسي بالزنب يزبهني (بالذنب يذبحني) من اللي سويته قبل 12 سنة، قلت خلاص جات اللحزة(اللحظة) اللي أكفر فيها عن زنبي. بس الله يبي يئاقبني (يعاقبني) على اللي سويته..


- خلاص يا أفضل خلاص، الله رايد كذا، لو فيه نصيب بنلاقيها، مع أني خايف على عيالي، أدري أكيد إنها تزوجت وعندها درزن عيال، وما أبي أدخل عيالي في دوامة.. بس اللي الله كاتبه بيصير.....

- وأنت شدراك أنها تزوجت؟ (أفضل بتشكيك)


- أنا متأكد، وحدة مثلها لا تعليم ولا شغل وش بتسوي غير إنها تتزوج. يعني بتقعد 17 سنة بدون زواج (هو بلهجة واثقة) اللي أنا كنت خايف منه، أنه لو احنا لقيناها، أشلون أقدم لعيالي أمهم الجاهلة اللي عندها درزن عيال غيرهم..

أنت أكثر واحد عارف أني حرمت نفسي من كل شيء عشان عيالي، وعشت حياتي ناسك، ومارضيت أتزوج عشان ما أدخل عليهم مرت أبو، وحكاية أنه أمهم اللي يظنونها ميتة تطلع لهم هي وزوجها وعيالها، شيء بيأثر في نفسيتهم وبيربك حياتهم ويعقدها، ما أدري الله وش كاتب، بس الله لا يكتب إلا خير.

*********


في بيت نجلاء/ بعد صلاة الظهر بشوي

جواهر جالسة وعلى رجلها حمودي تلاعبه باللعبة اللي هي جايبتها له.

نجلاء بحماس: هاه حجية، حطي حمودي جنبج وكملي لي.

جواهر تحضن حمودي بحب: لا خليه بحضني وأنا بأسولف لج، يالموذية.

نجلاء بلهفة: وراح أخونا رشدي أباظة للجبهة.. وش صار عقب؟؟

جواهر بحزن: في ذيك الليلة، طلع بدون ما يقول لي شيء، وغاب يومين، وكنت أحسب أنه لما قال لي أنه خلاص ماراح تشوفين وجهي أنها كلمة ساعة غضب، بس لما مر يومين مارجع بدا القلق ينهشني، وينهش أمي.. اللي كانت تسألني كل شوي: هو قال لج لما كان بغرفتج أنه بيروح مكان، وانا أقول لا ومستحية أقول إنها هرب عشان اللي صار، وأمي ماتبي تكلم أبوه، تخاف تخرعه.


بس ثالث يوم، جانا أبوه...


الشايب يتسند على أفضل اللي دخله المجلس، وجلسه في مكانه، ينادي أفضل بصوت عالي: يا أهل البيت، ئمي(عمي) بو(...) يبيكم.

جواهر من اسمعت اسمه، نطت من مكانها، لبست جلالها، وركض للمجلس..

لقت عمها جالس في الزاوية، وفي وجهه ملامح حزن عمرها ما شافت مثلها، حزن الكِبر والوجيعة واليأس والفقد

- تعالي يا بنتي، اجلسي جنبي (حست جواهر كأن صوته صوت إنسان ميت، خالي من الحياة، وحست كأن قلبها انعصر بيد هائلة)

- نعم عمي (بصوت خافت)
- أنتو عليكم قاصر؟؟
- جعل عمرك طويل، ماخلنا علينا (...) قاصر.

الشايب من سمع اسم ولده، كأن الحمل الثقيل اللي على ظهره كسر ظهره، بدأت دموع صامتة تسيل على خدوده اللي حفرتها تجاعيد سنينه الطويلة..

جواهر لما شافت دموع عمها، حست انه خلاص قلبها وقف، شنو اللي صار خلا عمها يبكي، يكون (...) صار له شيء؟؟ نفضت جواهر رأسها، كأنها تحاول تحميه حتى من مجرد أفكار شر صابه.

جواهر بقلق: وشفيك يا عمي فديتك؟؟

عمها بأسى عميق: (....)راح الجبهة..

جواهر مو قادرة تستوعب: الجبهة ؟؟وين قلت؟؟

عمها: حدود الكويت يا بنتي.

جواهر حست انه قلبها انتزع من مكانه وكأنها تيتمت للمرة الثانية، وبشهقة هائلة قالت: راح عشان يموت يا عمي.. لهالدرجة يكرهني..

بعدها انخرطت جواهر في بكاء طفولي حاد، وانكبت على يد عمها تحبها: تكفى يا عمي تكفى، خلاص خله يطلقني، بس لا يروح هناك يموت.

عمها بهدوء مرير: يا بنتي قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، و(...) لو مات بيكون شهيد وكلنا بنفتخر فيه..

جواهر بين شهقاتها: ما أبي أفتخر فيه ميت..أبيه حي، تكفى عمي، خلاص قل له يطلقني...

عمها بغضب: ما أبي اسمع كلمة طلاق على لسانج يا بنت منصور، انتي بتظلين مرت (....) لين أخر يوم بعمري.
والحين رخصي لي أروح.. أفضل بيمركم كل يوم، خلي عزوز يطلع عليه، ويقول له كل طلباتكم، وميرة البيت كاملة بتوصلكم.

طلع عمها، وجواهر جالسة وحيدة في المجلس، دموعها على خدها، وإحساس جديد باليتم يتضاعف في قلبها

نجلاء تقاطع سيل الذكريات باستفهام: يعني وقتها جواهر الطفلة، كانت تحب أخينا إشارة المرور، مو مثل الحين، اللي حتى اسمه مو طايقة تقوله؟؟؟

جواهر بتأمل: تدرين وقتها كنت مراهقة صغيرة، قلبي طري، مثّل هو لي الأمان والزوج والحبيب والأبو اللي راح، كانت شخصيته جذابة، وشكله حلو،يعني ينفع حق حب مراهقات.. وأكيد لقيت أنه أحتل جزء كبير من تفكيري... والقدر راد أنه يكون الأول والأخير بحياتي.

نجلاء بجدية: مو القدر اللي راد، أنتي اللي تبين، برفضك لكل اللي تقدموا لك..

جواهر: وشرايج أكمل لج.. وبلاها سالفة العرسان..

نجلاء بحماس: إيه كملي كملي بليز

جواهر ونظرها يروح بعيد: مر أكثر من شهر على روحته الجبهة، وعمي مو مخلي علينا قاصر، وسواقه كان يجيب لنا كل اللي نبيه، ويودي عزوز للمدرسة ويجيبه

بس أنا أمي مارضت تخليني أرجع المدرسة، قالت لي زوجج ما ندري حي ولا ميت، وموب زينه بحقنا وحقه تطلعين من البيت.

حسيت الدنيا تضيق فيني، والحزن عشش في قلبي الصغير، حزن اليتم، وفقدان الحبيب، والحرمان من الدراسة.

وفكت أمي الحداد والغايب بعده غايب، وسوينا لها عشاء، وأنا أركض بين الحريم ، أقهوي هذي، وأقعد هذي.. على أخر الليل، حسيت خلاص موب قادرة، وطحت مغمى علي على طريقة الأفلام المصرية.

أمي تخرعت، أتصلت بعمي، عشان يرسل سواقه لنا، وودتني للمستشفى، كشفت علي الدكتورة، وسوت لي تحليل دم وبول، والدكتورة وجهها معتفس، وكل شوي تقول عيدوا التحليل..

بعد كم ساعة، نادت الدكتورة أمي، وقالت لها بصوت غامض، فيه رنة خوف: أنا مش عارفة أئول لك إيه يا حجة، أصلو حاجة ما تتئالش.
أمي بخوف: بنتي وش فيها يا دكتورة؟؟

الدكتورة بنفس النبرة المرتبكة الخائفة: أنتي ئلت لي عندها كم سنة؟؟
أمي: يعني قدها بتكمل 12 وتدخل 13..
الدكتورة برعب: حسبي الله ونعم الوكيل، حسبي الله ونعم الوكيل.. أنا والله مش عارفة أئول لك إيه، بس أنا لازم أئول وانتي تتصرفي براحتك..........بنتك حامل..

أمي من سمعت الدكتورة تقول أني حامل، نطت عليها تبوس فيها، وهي تقول الله يبارك فيج الله يبارك فيج، والدكتورة مبققة عيونها مو مصدقة اللي يصير..

أتصلت أمي على طول في عمي المسكين اللي كان قاعد سهران قلق عند التلفون، وبشرته.. (ابتسمت جواهر للذكرى اللي مرت ببالها) الله يرحمه ويغمد روحه الجنة ويجعلها منزله وداره..عمري ماشفته مبسوط مثل ذيك المرة، كانت عيونه تلمع بفرحة غريبة وكأنه رجع عشرين سنة ورا، دخل علينا ثاني يوم، ومعاه بشارة أمي.. وش ظنج أنها كانت البشارة؟؟

نجلاء بحماس: شنو؟؟ ذهب؟؟

جواهر بابتسامة صافية: لا –الله يرحمه- سوبربان أسود موديل السنة الجديدة 91، وقفه قدام البيت، عطا أمي مفتاحه، وقال لها: أدري أنه ما عندكم حد يسوقه.. بس خلوه واقف قدام البيت، خل الناس كلهم يشوفون بشارتي في حمال بنتي.. والبشارة الأكبر يوم تبشريني بالولد وبسلامتها

نجلاء بتموت خلاص من الحماس: وصدق شنو عطا أمج بشارة في التوأم، يعني مو واحد، اثنين ماشاء الله؟؟

جواهر بحزن حقيقي وعميق: الله يرحمه، مات بعدها بشهر، لا شاف ولده، ولا عيال ولده.

شهقت نجلاء بحزن: حرااااام والله حرام.. الله يرحمه، والله أني حبيته من كلامج عنه.. وأنتو وش سويتو عقبه؟؟

جواهر بألم: حسيت أني تيتمت للمرة الثالثة، الحزن وقتها يا نجلاء عبا قلبي وروحي، كنت تعبانة نفسيا وجسديا، الحمل كان تاعبني جدا، حجمي صغير، والحوض عندي وقتها كان صغير، ووزني قليل.. بس الله ما ينسى عبيده..
سواق عمي ظل يمون البيت بكل شيء، الله يجزاه خير، كان يقول أنه عمي وصاه علينا لين يرجع اللي في الجبهة، وأن الخير وايد، وعمي ترك فلوس وايد عنده..

بس المفاجأة الكبيرة صارت بعد حوالي 3 أسابيع من وفاة عمي.....

نجلاء قاطعتها بلهفة: حرام عليج جواهر هالأكشن اللي تسوينه فيني..

جواهر بهدوء: يعني خلاص كفاية عليج اليوم.

نجلاء بحماس كبير: شنو خلاص، اليوم مافيه إفراج لين تكملين لي القصة... شنو اللي صار عقب وفاة عمج بثلاث أسابيع؟؟

كانت الساعة 12 في الليل، وكنا نايمين، سمعنا صوت دق قوي على باب الحوش الخارجي، خفنا كلنا، وأمي خذت التلفون واتصلت على سواق عمي، بس ما حد رد..
قلت لأمي: خلينا ندق على 999.

بس أمي قالت بعد تفكير: لو حرامي أو واحد نيته شينة ماكان دق الباب، كان نط من فوق السور. أنتو اقعدوا هنا وأنا باروح أشوف من.. بس أنا وعبدالعزيز مارضينا، ورحنا كلنا معاها.

وكانت المفاجأة الحقيقية في الشخص اللي كان واقف عند الباب......

#أنفاس_قطر#

بعد الغياب/الجزء السابع

#أنفاس_قطر#


على باب مصلى البنات/النشاط الطلابي/بنات

فاطمة ومنيرة ومها، خلصوا صلاة الظهر، ويلبسون جزمهم (أعزكم الله) .. وراحوا يجلسون على كنبات قريبة من المصلى

منيرة: أشرايكم بنات نروح نتغدى، قبل محاضرة الساعة 2؟؟

مها: أنا اسمحوا لي، جدول ريجيمي اليوم غير قابل للخربطة بتاتا..

فاطمة: عدال أشوف الأخت قالبة فصحى.

مها بعيارة: عشان تعرفون عن مستواي الفكري يتجاوز محدودية عقولكم التافهة.

منيرة تصنع الخوف: هالبنية من صبح وأنا أقول مسخنة، مسخنة، وأكيد سخونتها في مخها.

مها وهي تضرب منيرة على رأسها : والله مافيه حد مخه مفوت في الدوحة كلها مثلش، مفوت على سرعة 220، ولاقطته كل رادرات الدوحة من الخور لمسيعيد.

منيرة: أنا ما أدري أنتي متى بتعقلين وتركزين، بكرة الرجّال بيأخذس بيته بيتروع من خبالس.

مها: ماعليش منه، إزهليه.. يروع بلد..

فاطمة باستفهام: تايم آوت.. ترى فيه وحدة مسكينة بينكم مو قادرة تلحق على سرعتكم في الحكي، نعنبو.. بالعين روادو (جمع راديو)

مها ومنيرة يضحكون، منيرة: ماعليه سماح، المرة الجاية نجيب لس مترجم..

فاطمة: زين عقب المحاضرة بتروحون وإلا قاعدين..

منيرة: أنا بأنتظر أختي، وعقب بنطلع معا، أنا وياها..

مها: أنا ما أدري عن زام أخي متى يخلص اليوم، وهو اللي قايل أنه بيجيبني.. (الزام/ الدوام العسكري)

فاطمة: زين خلاص أنا أوصلج..

مها برفض: لا فديت عينش، تبين أخي المحترم يقص رقبتي..

فاطمة بزعل: ليه يعني، تذكرين السنة اللي فاتت، يوم رجعت معاج أنتي وأخوج المحترم، وإلا يعني أني ما أستحي؟؟

منيرة بهدوء: لا فاطمة عاد هذاك الموقف غير.. يعني لو كان أي وحدة منّا هي اللي صار لها نفس موقفس، كان راحت معاس.

الموقف اللي صار: أنه سيارة فاطمة اللي كان فيها السواق والشغالة، تعطلت على شارع قريب من الجامعة وهم طالعين قبل المغرب بشوي.. مها عرفت السيارة، وطلبت من أخوها يوقف، وحلفت على فاطمة وشغالتها يركبون معهم، والسواق يصلح السيارة براحته.. وأخوها أصلا كان عارف بيت فاطمة، لأنهم ساكنين تقريبا بنفس المنطقة، وكثير كان يودي أخته لبيت فاطمة.

فاطمة تتذكر بضحك: وإلا أخوج اللي مسوي روحه مستحي ويطالعني من تحت لتحت..

مها بضحك: حرام عليش كله ولا سعود، هذا مثل القطار، لا يلف يمين ولا يسار، أموت وأدري هو مر بمرحلة مراهقة مثل باقي خلق الله، من يوم عرفته وهو جد ومكشر.

فاطمة بخبث وعيارة: أنتي بس زوجيني إياه، وإلا لا أفكك كل عقده..

مها تمد لسانها لفاطمة: ليه خلصوا بنات الدوحة، أزوج أخي أشين وحدة في قطر..

فاطمة تتصنع الزعل: عشتوا.. يعني أنا وحيدة أمي وأبوي الدلوعة اللي بأوافق على أخوج المقرود.. أجاملج بس..

منيرة بملل: يا شينكم يالبنات لا جا طارئ العرس، تضيعون السنع..

مها بخبث: إيه هذا مهوب عندش إذا جا طاري سالم.. قام قلبش يرقع مثل طيران طقاقة..

منيرة بخجل مفاجئ: انطمي يا الوقحة...

فاطمة بفرح طفولي: إيه عفية مهاوي، صدتيها اللي مسويه روحها أم الثقل..

منيرة بزعل: لا يكثر حكيكم قوموا نتغدى قبل المحاضرة يا ملا الماحي..


************


في بيت نجلاء ..مازال مسلسل الذكريات المثيرة مستمر.. وقلب نجلاء بيوقف من الإثارة اللي تتزايد.. كأنها تشوف مسلسل أكشن من العيار الثقيل.....

نجلاء بشوق: ومن اللي كان عند الباب.. أكيد بطل الجبهة؟؟


جواهر بابتسامة: لا ........ كان خالي بو فهد، هو وزوجته الإماراتية اللي ما كنا نعرف أنه تزوجها، وعياله فهد وطلال ونورة وموزة، وكانت أم فهد حامل بحصة، وعشان كذا حصة غالية عندي وايد، لأنها عمرها من عمر عيالي.

نجلاء بحماس: وش كان إحساسج وقتها؟؟

جواهر بصوت هادئ: إحساس مرتبك، وقلق، خليط من الفرحة والتوجس، أنا ما كنت أعرف خالي فديت عمره وقتها، كان سر مجهول بالنسبة لي، كل اللي أعرفه أنه قتل واحد بالخطأ، وهله رفضوا الدية، فهرب برا قطر.

نجلاء باستفهام: طيب أشلون رجع، ماخاف من أهل القتيل؟؟

جواهر بنفس النبرة الهادئة المتأملة: جايتج في الحكي.. نسباء خالي الإماراتيين كانوا ناس واصلين وفيهم خير، سووا اتصالاتهم مع أهل القتيل لحد ما وافقوا على الصلح، وخالي ما أتصل بأمي أو بلغها بشيء، لحد ما يقدر يرجع، ما حب يعيشها في أمل على شيء يمكن ما يصير..

نجلاء بتفهم: صراحة حكاية غريبة وش صار عقب؟؟

جواهر بحزن: حزن خالي وايد على وفاة أبوي وعمي محمد، وعلى اللي صار لنا... وصار هو اللي متكفل فينا.. وسكن معانا لحد ما يبني بيته اللي بناه كبير وايد ..عشان نسكن معاه فيه.. واشترى جنب بيته عدة أراضي، لعياله، ولأمي ولي ولعبدالعزيز، الله يطول في عمره، وعلى أرض أمي بنى لنا البيت اللي إحنا ساكنين فيه، لما كبر عبدالعزيز شوي.. وبعد ما خلاني أصمم وأرتب كل شيء فيه على ذوقي.. خالي جاب لنا معاه الأمان، وبعض الفرح..

نجلاء تقاطعها باستفهام: أشلون يعني، نقلتوا قبل يرجع بطل الجبهة؟؟

جواهر: صج إنج مسبهة.. فيه بيت يخلص في أربع شهور، إحنا ما نقلنا للبيت الجديد إلا يمكن بعد سنة ونص.. تقريبا شهر 6 سنة 92..

نجلاء: طيب وأبو عيالج متى رجع من الجبهة؟؟

جواهر: بعد تحرير الكويت، في بداية شهر 3 سنة91..ويمكن ماكان رجع لو أن (أفضل) سواق عمي ما خبره أني حامل.. (كملت جواهر بحقد) رجع عشان يأخذ عيالي ويحرق قلبي عليهم، الله يحرق قلبه لو هو حي وإلا ميت...

نجلاء بدهشة: عمري ماسمعتج تدعين جواهر..

جواهر والدمعة خلاص بتنزل: حرق قلبي يا نجلاء حرق قلبي..

نجلاء قامت حبت تعطي لجواهر فرصة تأخذ راحتها، وراحت تسوي قهوة وشاي جديدة...


************


شهر 12 سنة 1990/ في معسكر المتطوعين على الحدود السعودية الكويتية

البرد كان قارص وحاد بشكل غير طبيعي، والمجندين كانوا لابسين فراو (جمع فروة/عباية ثقيلة) وطاقيات صوف على اللبس العسكري.. وأكثرهم في الخيام.. عدا الموكلين بالحراسة الليلية، واللي كان ممنوع عليهم إشعال النار، حتى ما ينكشف موقعهم..

مجندين اثنين قاعدين جنب بعض، وكل واحد منهم مسند رشاشه على كتفه، ويفرك إيديه ببعضهم عشان يتدفا..

الأول للثاني: أبو محمد
الثاني: لبيه
الأول: لبيت في منى.. أنت دارس؟؟

الثاني: توني مخلص دراسة من 6 شهور وجاي بقراطيسي من أمريكا..

الأول: ووش اللي رماك هنا؟؟
الثاني بحزن: الواجب أولا.. والهم الثاني.. يافرج

فرج باستفهام: الواجب وفهمناها، الهم وشو له توك صغير على الهم يا أبوك..

(هو) بحزن عميق: الهم ما يعرف صغير وكبير..

فرج في محاولة للابتهاج: إذكر ربك يا ابو محمد، الله يرزقك بمحمد، الأخوان قالوا لي أنك توك عريس مالك إلا كم شهر..

(هو) بانقباض ذكره بمأساته: إيه طال عمرك، لي خمس شهور متزوج..

فرج متفاجئ شوي: يعني ما قعدت عند عروسك إلا شهرين، وجيت تتطوع، الله يكتب لك الأجر، والله اللي مثلك قليل، وأنا أشهد أنك رجّال ولد رجّال..

(هو) بابتسامة: ماعليك زود..

وهم في حوارهم، دوى صوت انفجارات من بعيد

فرج يقفز ومعاه (...): وش إزعاج تالي ذا الليل ذا، قم قم ياولدي خلنا نقوم كتيبتنا من النوم ونستعد..


*************


في قصر فخم جدا في منطقة من أرقى مناطق الدوحة، كانت نوف جالسة في الصالة الواسعة اللي مفتوحة على صالات ثانية بارتفاعات مختلفة، كل صالة فيها طقم جلسة مختلفة، وكل جلسة تمثل قمة الذوق والتفرد بتناسق متميز.. تنتظر أبوها وأخوها يرجعون عشان يتغدون سوا..


كانت نوف تحط الكوشية ورا وظهرها وتعدل جلستها..كانت تعبانة شوي، كانت تشتكي من اضطراب في الدورة الشهرية متعبها، ما تقدر تقول لأبوها، وكانت تنتظر خالة أبوها الدكتورة عائشة ترجع من مؤتمر طبي في تورنتو، عشان تطلب منها توديها للدكتورة..

نوف تهمس لنفسها بحزن: مو لو عندي أم مثل باقي البنات، كان ما أحتست هالحوسة، وقعدت أنطر خالتي عائشة اللي مشتغلة لي أم بربع دوام..

موبايلها يرن برنة أبوها الخاصة، تلقط التلفون بسرعة، وترد بحب واحترام: هلا يبه..
............
طيبة فديت عمرك
..........
لا مابعد وصل..
............
يمكن شحن موبايله فاصل كالعادة
............
أبي سلامتك طال عمرك

سكرت الاتصال مع أبوها، وبالها مع أخوها عبدالعزيز الطيب والمهمل لأبعد حد..


***************


في بيت نجلاء /بعد الغدا اللي جواهر تقريبا ما كلت منه شيء

نجلاء بحنية: شنو جيجي ماكلتي شيء،، الطبخ ماعجبج؟؟

جواهر بنعومة: لا والله.. بس من الصبح وأنت تزغطيني، خلاص والله مافيه مجال أكل شيء

نجلاء بجدية: والله ماكلتي شيء..

جواهر: والله موب مشتهية.. لو أبي أكل بأكل ماني مستحية منج..

نجلاء رجعت لها حالة الحماس: يالله كملي لي، وش صار لما رجع حسين فهمي من الجبهة؟؟

جواهر بهدوء: من يوم التحرير 28/2/1991 ، وأنا عايشة في حالة ترقب قاتل، كل حد يدق الباب عندي أنه هو، وأنه دقايق ويدخل علينا

وقتها كنت في بداية الشهر السادس، كنت أبيه يشوفني وأنا حامل، أبيه يشوفني وأنا مره/ أنثى كاملة، وكانوا قالوا لي في السونار أني حامل بتوأم.. كنت مبسوطة وايد مبسوطة، مبسوطة رغم حالتي الصحية المتدهورة..

كان يوم 7/3/1991 ..بعد صلاة العصر.. جا أفضل لخالي في المجلس، وبلغه أن بطل الجبهة على قولتج وصل، وبيجي يزورنا بعد ساعة، جاء عزوز ركض وبلغنا، حسيت وقتها أنه قلبي بيوقف وأني مو قادرة أتنفس، وكانت هالساعة كأنها قرن.. مو راضية تمر، حسيت أني بأجن من الانتظار..

بعد ساعة نادانا خالي في المجلس.. دخلت المجلس وأنا قلبي يرقع.. كنت متوقعة أي شيء.. أي شيء..

إلا اللي أنا شفته...

#أنفاس_قطر#

بعد الغياب/ الجزء الثامن

#أنفاس_قطر#


كان جالس في الزاوية.. في نفس المكان اللي كان أبوه جالس فيه، لما بلغ جواهر بروحته للجبهة

لما شاف جواهر وأمها دخلوا، قام وقف

انصدمت جواهر صدمة عمرها من شكله.. كان أخر شيء تتوقعه أنه يكون تغير كذا

شعره طويل ولحيته طويلة غير مشذبة.. وإزداد نحافة، عظام وجهه بتبرز من خدوده.. شكله مريض ومريض جدا.. كأنه شخص ثاني، غير اللي راح

حست جواهر بألم عميق يحفر في قلبها من شكله.. باس رأس أمها، وحط يده على رأس جواهر، كأنه يداعب طفلة صديقه: وسألها بحنان متعب: تعبانة جواهر من الحمل؟؟

جواهر بكذب: لا الحمدلله، كل شيء تمام (وهي تتمنى لو أنه حضنها، حسسها بالحنان اللي هي محتاجته، وبتموت عطش له)

(هو) بحنان بالغ: لا تخافين من شيء، أنا باكون جنبج على طول...

وجه كلامه لأبو فهد: يا عمي، أنا بأخلي جواهر عندكم الحين، لين أرتب وضعي، أنا توني جيت قبل يومين وانفجعت بموت أبوي..اليوم توني قدرت أمسك وعيي وجيتكم..بس فيه أشياء وايد تبي اهتمام.. أبوي ترك حلال وايد.. ومو عارف لحد الحين اشلون أتصرف...

أبوفهد بتفهم: أكيد يا ولدي أنا فاهم كل شيء، والأحسن أنك تخلي جواهر عندنا وعند أمها لين تولد..

(هو) يتنفس بارتياح، وكأن اقتراح أبوفهد أنقذه من حمل ثقيل

طلع من عندهم، بعد ما حط في يد أم جواهر ظرف كبير فيه فلوس


*************

(هو) كعادته كل ما تضيق به الحال، وما يعرف لمين يشكي بعد ربه.. اتصل بخالته عائشة، اللي كانت مبسوطة جدا من رجعته، وكانت خايفة عليه كثير من معرفته بخبر وفاة أبوه، اللي كانوا أخوانها بلغوها فيها.

(هو) بحزن: خالتي، جواهر حامل..

عائشة بفرح: زين وشفيك تقولها وأنت محزن، أعرفك تموت في الأطفال.. المفروض أنك الحين أسعد واحد..

(هو) بحزن أكبر: شفتي أنه ربي زعلان علي..

عائشة بهلع: استغفر ربك.. وش هالكلام؟؟

- أستغفر الله.. بس ربي راد يعاقبني على غلطتي بحقها، عشان أتعذب لما أشوف عذابها..

- وش هالكلام يا قلبي.. الأطفال نعمة..


- بس هي بروحها طفلة.. طفلة.. لو شفتي أشلون شكلها مع بطنها، صارت هيكل عظمي جلد على عظم، بس البطن اللي كأنه كورة صغيرة هو الشيء الوحيد البارز فيها.. حاس بذنب ما تتخيلنه.. خايف يصير لها شيء في الولادة..

- لا تفاول عليها..


- أنا ما أفاول أنا رحت لدكتورتها، واستفسرت منها عن وضعها الصحي بالتفصيل، لو شفتي أشلون الدكتورة تطالعني كأني مجرم، تمنيت لو الأرض تنشق وتبلعني..

- خلك من حركات الدكتورة البايخة، أنت اللي حساس بزيادة، قل لي وش قالت لك؟؟


- قالت لي أنه وضعها صعب، ومستحيل تولد طبيعي، لأنها مابعد استكملت نموها الطبيعي، والحوض عندها صغير، عدا أنه عندها فقر دم حاد.. وطبعا عطتني الدكتورة محاضرة.. أنه ياليت لو الله قوم المدام بالسلامة، أنه نأجل أي حمل جاي لحد ما تكمل 18 سنة وخصوصا أنها بتجيب لي تؤام، يعني يترسون عيني اللي ما يملاها التراب، عشان أرحمها وأعتقها من شري..

- عائشة بانفعال: لا تتضايق من كلام الدكتورة..

- (هو) بحزن حاد: أنا موب مهم، المهم هالمسيكينة الله يقومها بالسلامة..

- إن شاء الله أنت بس لا تحاتي وطمني عليك
- إن شاء الله..


***************


في بيت نجلاء صلاة العصر باقي عليها شوي

وجواهر مازالت مسترسلة في سرد حكايتها:

كنت تعبانة وايد وايد، ماعدت قادرة أمشي، ودخلت المستشفى من بداية السابع.. وقررت الدكتورة أنه لازم أبقى تحت الملاحظة، ولو كل شيء مشى طبيعي راح تولدني قيصيرية بعد أسبوع أو أسبوعين من الثامن..

وهو كان يجي يزورني كل يوم.. كان حنون جدا.. بس كنت حاسته بعيد بعيد.. وفي عيونه حزن كل ماله يزيد ويتجذر ويتعمق..

أمي كانت عندي على طول، وعزوز كان عند مرت خالي وعيالها اللي كانوا يزوروني كل يوم... عزوز كان يلزم يجي عشان يشوفه (هو)... عزوز كان يحبه وايد.. ولحد الحين أحس أن عزوز موب قادر يكرهه مثلي.. هو كان يمثل لعزوز أب وأخ وصديق، بس (هو) غدر بكل شيء حلو مثله لنا..

المهم.. من الأشياء الطريفة اللي أتذكرها وقت قعدتي في المستشفى، أنه جاء مرة يزورني الصبح، وكانت أمي تعبانة، فأصر عليها أنها تروح للبيت مع خالي اللي كان موجود عندنا، وهو بيقعد عندي لحد العصر..

وحتى لما قعد عندي ماكان طايق يكلمني حتى، قعد يقرأ في جريدة جايبها معاه، شافني قاعدة أطالعه، فسألني سؤال سخيف

قال شنو : تعرفين تقرين؟؟؟ بلفيت يعني يفتح حوار هو ووجهه..

يسألني أعرف أقرأ؟؟!!!

أنا من عباطة السؤال كان ودي أخبطه بكأس الماي اللي جنبي، يعني شنو شايفني، عايشين في القرن التاسع عشر، يعني لو سألني أي صف كان السؤال أكثر واقعية..

المهم أنا رديت عليه باستهبال: لا ما أعرف أقرأ بس أشوف الصور، ممكن تعلمني أقرأ؟؟

ما أدري ليش حسيت وقته أنه ردي اللي كنت أعتقد أنه مضحك، جرحه.. حسسه بحزن..

هو هذاك الوقت، كنت أحس أنه كل شيء يحيب له حزن.. تدرين أني عرفته وراح.. وأنا عمري ما شفت له ابتسامة، والله العظيم شكل أسنانه ما أعرفها..

نجلاء باستغراب: جد؟؟

جواهر بهدوء: والله العظيم..

نجلاء باستفهام: وهو صدّق حكاية إنج ما تعرفين تقرين ذي؟؟
جواهر: ما أدري.. يمكن صدّق الأهبل..

المهم: بعد أسبوع ونص من الثامن ولدتني الدكتورة.. ولدت بعملية قيصرية طبعا
كنت تعبانة كثير.. وبموت.. قعدت في العناية المركزة يمكن أسبوعين بعد الولادة
الضغط نازل كثير، ومعاي نزيف، وكنت محتاجة نقل دم على طول..

وهو تبرع لي مرتين، مع أنه وزنه ما يسمح بالتبرع، بس أمي قالت لي أنه تخانق مع كل اللي في المستشفى، لما عرف أنه الدم في بنك الدم قليل، وهم موب راضيين يأخذون منه دم للمرة الثانية عشان وضعه الصحي.. ودخل هو المستشفى يومين بعد..

نجلاء بإعجاب غلفته بالسخرية: يا أختي يا أختي على فرسان العصور الوسطى..

جواهر بحزن: تدرين أني أكره دمه اللي يجري بعروقي، ليته خلاني أموت وقتها.. ليش يتبرع لي بدمه، إذا كان ناوي ينتزع قلبي مني..

نجلاء بحزن: أذكري الله يا جواهر أذكري الله..

جواهر بإيمان: لا إله إلا الله..

نجلاء باستفهام: والتوأم..أشلون وضعهم الصحي كان؟؟

جواهر بحب وعيونها تلمع: عبدالعزيز ونوف..كان وضعهم مستقر، صحيح وزنهم قليل.. بس صحتهم كانت زينة.. قعدوا في الحضانة أسبوعين، لحد ما طلعت أنا من العناية..

نجلاء باستفسار: إلا اشمعنى اخترتو اسم نوف وعبدالعزيز؟؟

جواهر بتأمل: أخوي عزوز بهباله وطفولته قال لأبو العيال، تكفى وطالبك تسمي الولد باسمي، مع أني كنت عارفة أنه كان يبي يسميه محمد على اسم عمي، وعنده حق، بس ماحب يكسر بخاطر هاليتيم.. ونوف أنا سميتها، كنت حابة الأسم ومعناه وايد.


*************


التلفون في شقة عائشة يرن، كانت الساعة 3 الفجر في المنبه اللي جنب تلفونها..

عائشة بتثاقل: مافيه حد مزعج يتصل هالوقت غير ابن أختي المحترم... ها وش عندك شكاوي هالمرة؟؟

(هو) بنبرة فرح غامرة عمرها ما سمعتها: جواهر جابت ولد وبنت يجننون، يجننون يا خالتي، ملايكة ملايكة... عمري ماشفت مواليد حلوين مثلهم... عسل يا خالتي عسل.. ودج تأكلينهم..

عائشة والدمعة بعينها فرحانة لفرحته: زين شوي شوي، خلني أقول لك مبروك ويتربون بعزك..

هو: الله يبارك فيج الله يبارك فيج..

عائشة: هاه وجواهر راضي عليها؟؟

(هو)بفرح جنوني: إلا راضي وراضي، اللي جابت لي هالملايكة باحطها فوق راسي.. تدرين؟؟ انا اكلمج الحين من السيارة رايح مجوهرات المفتاح.. بأجيب لها أكبر وأحلى وأغلى طقم ألماس عندهم..

عائشة بفرح: الله يهنيكم يا قلبي الله يهنيكم..

(هو): كاني وصلت عيوش.. بأكلمج بعدين

***************


نجلاء باستفهام: وكان حلو الطقم اللي جابه لج؟؟

جواهر بحزن: وقتها شفته أحلى شيء بالعالم ..(وكملت بكراهية شديدة) بس الحين مخليته قدامي عشان كل ما أشوفه، أتذكر حقدي عليه.. وايد قال لي عبدالعزيز بيعيه.. بس أنا مارضيت.. أبيه وقود لحقدي وكراهيتي له..

نجلاء بدهشة: عمري ما تخيلت أنه قلبج الطيب ممكن يحقد بهالطريقة المرة..

جواهر بحزن: بلاج ما جربتي يا نجلاء، وياعلج ما تجربين، بأسألج: لو حد خذ منج حمودي، وحرمج منه، وش بتسوين له؟؟

نجلاء برعب: والله أقطعه بسنوني..

جواهر بحزن: يا علج ما تجربين يا علج ما تجربين..

************

بعد الإتصال الأول بحوالي 3 أسابيع، (هو) يتصل بخالته وهو في حالة غضب شديد..

خالته باستفسار: وش فيك يا قلبي؟؟ أنت ما تعرف تفرح وترتاح مثل باقي خلق الله؟؟

هو بعصبية شديدة: أشلون أرتاح وأنا عندي هالمرة البزر الجاهلة الخبلة؟؟

عائشة بتعب: ليه شاللي صار حبيبي؟؟

هو بغضب: بتذبح عيالي يا خالتي، والله بتذبحهم، قبل أسبوع في المستشفى، البنت طاحت منها، ولولا أني لحقت عليها، وإلا كانت البنت طاحت عالبلاط وما أدري وش صار لها..
واليوم توها طلعت البيت، دخلتني أمها عليها، لقيتها نايمة وهم معاها على السرير..تخيلي؟، والولد كان بيختنق لأنها مرقدته جنبها، وجهه كان أزرق، لولا أني سحبته من تحتها... والله بأذبحها وبأموت لو صار لحد من عيالي شيء..

خالته بقلق: إذكر الله حبيبي..اذكر الله.. جواهر بعدها صغيرة، بكرة تتعلم.. وأمها معاها بتساعدها

هو بقلق أكبر: يعني تتعلم في عيالي يا خالتي؟؟.. وأمها ما كانت معها في الموقفين اللي صاروا.. وكمل بحزن: أنا أدري أن جواهر طفلة.. والله حرام تبتلش.. هي واحد يالله تقدر عليه، اشلون اثنين..

عائشة تصبره: اصبر حبيبي.. ما يصير إلا خير..

(هو) وفي باله ينرسم موال مجنون: إن شاء الله ما يصير إلا الخير

*************


جواهر تكمل لنجلاء بحنين وحب:

كنت مبسوطة فيهم يا نجلاء وايد وايد وايد، كنت أحس أني ملكة لما اشيلهم، وكنت ألزم إلا أشيل الاثنين معا مع أنه حضني صغير، لدرجة أنه نوف طاحت مني مرة، والله حسيت أنه قلبي وقف واني بأموت، لولا ستر الله وأنه (هو) كان قاعد قريب مني، ولقطها بسرعة قبل توصل الأرض، ما أدري شنو كان صار لها..

وأتذكر يومها أنه عصب علي بشكل عمري ما شفته، ظل يصارخ ويصارخ ويصارخ.. وأنا قعدت أرتعش وأبكي.. عقبها اعتذر مني وطلع..

قضيت مع عيالي 3 أسابيع بس يا نجلاء، أسبوع في المستشفى، وأسبوعين في البيت.. كانوا كأنهم حلم.. حلم.. ما كنت أنام إلا دقايق من خوفي عليهم.. لاني مرة نمت وعزوز جنبي، وكان بيختنق، بعدها حرمت أنام..أبي بس أشوفهم وأهتم فيهم..

صحيح كنت أرتكب أغلاط كثيرة، بس كل أم جديدة لازم تمر بهالأغلاط.. بس هو كان مزودها، كان يعسكر عندي بالساعات، ولولا الحيا كان رقد عندي، كنت أحس أنه يخاف عليهم مني..

أعترف أني عمري ماشفت أبو يحب عياله مثله.. تدرين الرياجيل عندنا مايحبون يشيلون المولود الصغير، هو كان على طول شايلهم.. كانت عيونه تلمع وهو يناظرهم، بس حتى هذاك الوقت ماشفت ابتسامته.. كنت احس فيه قلق وهم وخوف..

نجلاء باستفسار حذر: طيب أشلون أخذهم؟؟

جواهر بحزن: الله لا يرد هذاك اليوم الله لا يرده..

نجلاء بحذر: أشلون

#أنفاس_قطر#




مذهلة الخليج 04-01-09 05:37 AM



بعد الغياب/الجزء التاسع

#أنفاس_قطر#


قبل 17 سنة (هو) وأفضل في بيت العم محمد، في مجلس الرجال..

غارقين اثنينهم في الصمت..(هو) باين عليه الهم والتوتر، وأفضل على وجهه ملامح حذر..

قطع أفضل حبل الصمت: سم بوئبدالعزيز، تقول تبيني في موزوع زروري (موضوع ضروري)

(هو) بهم كبير وتأمل: والله فيه شيء سويته وشيء أبي أسويه، وأبي رأيك ومساعدتك وقبل كل شيء كتمانك..

أفضل بشهامة: أكيد بو ئبدالعزيز، على رقبتي والله

هو بحذر: أنا أبي أسافر بعيالي بكرة لأمريكا..

أفضل باستفسار: زين ليش ما تنتر (تنطر) كم يوم، أم ئبدالعزيز، ئقب خمس أيام بتخلص النفاس..مو زين تسافر وهي نفاس، مافرقت كم يوم، ونسوان يهبون (يحبون) هالسوالف..

هو يلقي الخبر كالقنبلة: أم عبدالعزيز طلقتها اليوم..


****************


اليوم/ ومازال الحديث الحزين والموجع مستمر في بيت نجلاء..
ومازالت مواجع جواهر تسيل بكل ألم الكون ووجعه..

جواهر بحزن: بعد أسبوع من طلعتي من المستشفى، فوجئت أنه جايب مصورة للبيت عشان تصور العيال، كنت خبلة وماعندي شك فيه..
قال لي أنه يبي يسوي لهم جوازات، قلت له بدري على الجوازات، قال وإحنا وش ورانا..

جواهر تكرر بحزن: إيه وش ورانا.. تركوا وراهم قلب محطم وأم مفجوعة، ودمعة ما تجف..

نجلاء باستفهام: طيب والعيال أشلون خذهم ؟؟ أشلون خليتيه يطلع فيهم من البيت بروحه..

جواهر بحقد: ثقتي العمياء فيه، من بيخطر على باله، أنه الطيب الملاك، بيخطف عياله..
قال لي أنه فيه تطعيم ضروري يبي يودي العيال له، قلت له بأروح معهم أو خل أمي تروح معهم، قال مافيه داعي، بتجي معاي ممرضتين بتأخذهم..كلها ساعتين وراجعين..
وأنا من هبالي كنت مبسوطة من اهتمامه فيهم

**************


في نفس المكان، في بيت العم محمد، قبل 17 سنة الحوار الناري مازال مستمر بين (هو) وأفضل:

أفضل بغضب: أنت مجنون، هذي وصات ئمي محمد لك

(هو) بحزن: يا أفضل افهمني، أنت عارف أن أبوي فرض علي هالزواج، وان جواهر طفلة.. بس أنا قلت مالهم حد.. ومايصير نخليهم.. وتزوجتها عشان أقدر أدخل وأطلع عليهم.
بس بعد مارجع خالهم أبو فهد، أنا شفت بعيني اهتمامه فيهم، كأنهم أكثر من عياله، يعني السبب اللي أنا تزوجت عشانه جواهر خلاص ماعاد موجود..

أفضل بغضب: شنو هزي خربطة.. فيه ئبدالعزيز ونوف بينكم..

(هو) بحزن: وأنا سويت هالشيء عشان نوف وعبدالعزيز، أنت ماشفت يا أفضل أشلون هي تتعامل معهم.. طفلة ابتلت فيهم، يمكن مرة تذبحهم وهي مو قاصدة، وانا حكيت لك على المواقف اللي صارت..

الأحسن لها ولهم.. أني أخذهم وأربيهم بروحي
هم يتربون تربية زينة وآمنة بعيد عن أم طفلة جاهلة..
وهي بتحزن شوي وبعدين بتنسى، تكبر مثلها مثل غيرها من الأطفال، وعقبه تتزوج، بدون مايكون عندها عيال يقللون فرصتها في الزواج..

أفضل بتردد: بس هزي أم ..أم مها كان..

(هو) بتأمل: أنا بس أبيك تنفذ لي اللي أنا أبيه منك على مرحلتين:

بعد سفري ب3 ساعات: تروح وتعطيها ورقة طلاقها، لو سألوك عني أو عن العيال، قل ما عندك خبر عن شيء..

عقب ما نوصل بالسلامة: روح لها وقول، أنه إحنا رحنا بريطانيا، وسوينا حادث سيارة وإحنا طالعين من المطار، وأنه كلنا الله خذ أمانته ،بعيد الشر عن عيالي.

أفضل بصدمة: وليش تسوي هزا كله..

هو بحزن: أنا ما أبيها تقعد تتحسر طول عمرها، أبيها تظنهم ميتين وتبكي شوي وتنسى، لكن لو أنا خذتهم وبس، بتظل حزينة عليهم طول عمرها ومتشفقة على رجعتهم.. فاهمني أفضل فاهمني

***********


اليوم بعد 17 سنة وفي بيت نجلاء، عن نفس الموضوع، لكن من زاوية مختلفة

جواهر بحزن متوحش قاتل: بعد ما مرت ساعات من يوم خذ العيال وراح.. أنا صرت مثل المجنونة، أبكي وأضرب في وجهي، نتصل على تلفون سيارته ماحد يرد.. على تلفون البيت ماحد يرد..

خالي راح بنفسه لبيت عمي محمد، لقى البيت مقفول ومطفية أنواره..
أنا خلاص استخفيت، جنيت، كنت أبكي بهستيرية.. وأدور بين البيبان مثل المجنونة.. وأمي تراكض وراي وتبكي، وتقول حسبي الله ونعم الوكيل، البنت استخفت.. حد يجيب لها عيالها.. تكفى يا أخوي دوره، شوف وين راح بالعيال..

خالي المسكين تقطع قلبه علي، راح يدور في المستشفيات، وبلغ الشرطة، اللي قالت انطروا شوي يمكن يظهر..

بعد ست ساعات ، جانا أفضل، أنا من سمعت اسمه نطيت للمجلس ما أهتميت من حد، ومسكت في جيبه وأنا أصيح: وين عيالي يا أفضل وين عيالي؟؟


أفضل اللي كان مصدوم: ما أدري يا أم ئبدالعزيز.. ما أدري
أنا جيت بس أسلمكم هزي..

وسلم ورقة كانت في يده لخالي، خالي فتحها بحذر، وعقب قال بصدمة: ورقة طلاق، ليش يا أفضل، هذي فعايل عيال الناس.. يبي يطلق بنتنا يجي يطلقها مثل مايسوي الرياجيل موب بالخش والدس عقب ما يأخذ عيالها، والله حتى اللي ماله أصل مايسوي كذا..

أنا كنت في حالة صدمة وموب قادرة أستوعب اللي يصير، عقبها مد أفضل لخالي ورقة شيك، وقال بحزن: هذي منه لجواهر، ويطلب سماهها (سماحها)..

خالي اللي كان خلاص وصل أخره من الزعل، خذ الشيك وقطعه، وقال: وصل له هالحكي، علمن يوصله ويتعداه: العيال بنجيبهم من ورا خشمه، والحركة اللي سواها، والله ما أخليها تطوف وأنا بوفهد وولد فهد.. هو مفكر جهير مالها والي ولا سند يسوي فيها هالفعايل..

أنا توني قدرت أستوعب اللي يصير، رجعت أنط على أفضل وأمسك في ثيابه وأصارخ بهستيرية: هو بالقلعه اللي تقلعه، خله يطلقني، يذبحني، بس قله يرد لي عيالي، ما أبي منه شيء، بس يرد لي عيالي، أدري أنه يكرهني، بس عيالي مالهم ذنب..


************


اليوم/ بعد صلاة العصر بشوي

(هو) قاعد في مجلسه الخارجي اللي واجهاته كلها زجاج وعلى زاوية تطل على شارعين ويبدو كأنه قصر صغير مستقل عن باقي البيت، كانوا قاعدين في الجلسة الداخلية، وعنده أفضل..

هو بمودة: ها يا أفضل وش عندك؟؟ قلت لي اليوم في البنك أنه فيه موضوع مهم تبي تكلمني فيه..

أفضل بحذر: إيه تال ئمرك (طال عمرك)، واللي شجعني ئقب (عقب) هالسنين، الموزوع (الموضوع) اللي أنت فتهته(فتحته) اليوم.. موزوع أم العيال

(هو) بحذر أكبر: تكلم أفضل تكلم..

أفضل بحذر مشوب بخوف: تزكر أنك كلفتني بمهمتين يوم سفرك قبل 17 سنة..

-أذكر
- الأولى سويتها مسل(مثل) ماقلت لي، بس السانية(الثانية)
- وش فيها الثانية (هو بفجيعة)
- خربتت (خربطت) فيها (مثل اللي يلقي قنبلة كان لها دوي هائل)

************


بيت أهل جواهر قبل 17 سنة، أفضل جاي ينفذ الجزء الثاني من مهمته، وهو يقدم رجل ويؤخر الثانية، لحد الحين صراخها البارحة في أذنه، حاس بألم كبير.. بس شيسوي هذي وصية الغالي ولد الغالي..

دخل المجلس ولقى أبو فهد جالس عند دلاله يسوي قهوته، وعنده عياله فهد وطلال وولد أخته عبدالعزيز
سلم أفضل وجلس وهو مسوي حاله حزين عشان يضبط السالفة، وكان أبو فهد يحاول يكتم غضبه، ويقول في نفسه هالمسكين وش ذنبه؟؟

أفضل تنحنح بحزن مرسوم: ئمي ئندي خبر لكم

في نفس الوقت العيال راحوا داخلوا يبلغون جواهر أن أفضل جاء..رغم أن أفضل كان يتمنى يقول الخبر بدون مايواجه جواهر.. بس لقافة البزران.. وحكم ربي قبل كل شيء.. لأنه لولا جية جواهر كان مشى المخطط مثل مارسمه (هو)

أبوفهد بحذر: شنو عندك يا أفضل بعد؟؟

أفضل بحزن جزء منه مصنوع وجزء حقيقي: الئيال (العيال) سافروا مع أبوهم لبريتانيا..وهم تالعين (طالعين) من المتار (المطار)..سووا حادس سيارة....

وأفضل يتكلم،، قاطع كلامه دخول جواهر اللي حالتها حالة، وجهها منفوخ من البكاء وشعرها منكوش، وهي تسمع أخر جملة يقولها...

رجعت تمسك في جيبه، وهي تصيح صياح ألم عمره ماسمع شيء مرعب و موجع ومخيف مثله: عيالي وش صار لهم؟؟ عيالي ماتوا؟؟

أفضل ابتلش وتخربط: إيه.... لا ..لا ... ما أدري...

أبوفهد بغضب: أنت وشفيك تخربط.. العيال وش صار لهم؟؟

أفضل بارتباك: سووا حادس سيارة بس ما أدري ئنهم ميتين أو لا...

جواهر من سمعت جملته أغمي عليها.. وخالها يلمها ويشيلها

وأفضل استغل الفوضى اللي صارت وانسحب..

***********

اليوم / في مجلس (هو)

(هو) بألم: ليش يا أفضل ليش؟؟ الحين عرفت ليش هالأحلام تجيني.. أكيد أنها تدعي علي.. أكيد كل يوم تتذكر وتدعي علي، حتى لو كانت تزوجت وعندها عيال، الأم ما تنسى عيالها..أنا كنت أبيها تقتنع أنهم ماتوا، عشان تكمل حياتها طبيعي... ليش يا أفضل ليش؟؟؟

أفضل بحزن: سامحني يا بوئبدالعزيز، أنا هكيت(حكيت) لك السالفة كلها..

(هو) بحزن قاتل: وش أسوي الحين وش أسوي؟؟

أفضل وهو حاس بتأنيب ضمير، في نفس الوقت بالراحة لأنه ارتاح جزئيا من الهم اللي كان شايله: الشور شورك

هو مثل اللي لمعت في باله فكرة ذهبية، بنبرة فيها رنة فرح مختلط بخوف: أنا عرفت أشلون ممكن أجيبها.. عرفت أشلون

أفضل بحذر: قل لي شاللي تفكر فيه؟؟

# أنفاس_قطر#


بعد الغياب/ الجزء العاشر


#أنفاس_قطر#




في بيت نجلاء /الوقت صار قبل المغرب بشوي
ورحلة الذكريات قربت على نهايتها.. بس رحلة الوجع والألم مستمرة في قلب جواهر

نجلاء باستفسار: طيب وأنتو وش سويتوا عقب هالخبر المفجع؟؟

جواهر بحزن عميق: خالي فديته ماخلا شي ماسواه.. بس المشكلة أن أبو العيال ماكان له قرايب.. عدا خواله، اللي ماكنا نعرف أسمائهم، أبوي بس كان يعرفهم، أمي كانت تعرف أمه بس ماتعرف اسم عايلتها ولا خطر ببالها تسأل لأنها يمكن شافتها مرتين بس.. لأن أمه كانت مريضة وتسافر برا كثير مع أخوانها..

وأفضل فص ملح وذاب.. أول كنا نقدر نكلمه على مجلس عمي.. بس بيت عمي لقاه خالي انباع.. يعني (هو) كان مخطط لكل شيء..

وأنا قلبي كان يقول لي أنهم عايشين.. واللي أكد لي أنه لما رحت لبريطانيا عشان الماجستير والدكتوراة، رحت وسألت في السفارة، إذا كان فيه قطريين توفوا في ذاك التاريخ،
السفارة أكدت لي أنه ماخرج من عندهم شهادات وفاة بهالاسماء في ذاك التاريخ..

وهذي هي حكايتي يا نجلاء.. حزن وجع وألم وبحر دموع ماينشف


نجلاء باستفهام حذر: باقي جزء بسيط عشان تكمل الصورة عندي.. دراستك متى كملتيها؟؟

جواهر تتنهد تنهيدة طويلة مسحوبة من أقصى وريد في قلبها: بعد اللي صار مرت علي شهور، مو حاسة بشيء، مثل المجنونة، إلا كل الناس اعتبروني مجنونة بشكل رسمي..

إلا عبدالعزيز هو الوحيد اللي وقف وجنبي، حنون يومي قبل يومه من يوم وهو طفل.. كان كل يوم يجي يقعد عندي، يسولف علي، ويمشط لي شعري، ويحكي لي عن المدرسة، شوي شوي صار يجذبني لعالمه..

وعقب صار يطلب مني أساعده في واجباته مثل ماكنت أسوي قبل.. في البداية ما كنت أتجاوب معه.. بس شوي شوي.. صرت أتداخل معه.. وأحل له واجباته، وأشرح له دروسه

أمي وخالي ماكانوا مصدقين تحسني..
وعقب حصة الصغيرة كان لها دور في تحسني، عوضتني شوي عن فقد عيالي، كانت أم فهد تخليها معاي طول اليوم.. أنا أأكلها وأشربها وأغير لها..

عقب سنتين من قعدتي في البيت، خالي أصر أرجع للمدرسة

وكنا نقلنا منطقة جديدة، فرجعني هو لمدرسة عادية، لأنه أنتي تعرفين أنه المتزوجات أو اللي كانو، مايدخلون مع بنات الصباحي

بس خالي قال بعدها صغيرة..وماحد يعرفها في المدرسة هنا.. حرام ندخلها مع حريم كبار.. خليها تعيش سنها

رجعت المدرسة صف أولى ثانوي وأنا عمري 15.. مع دخولي 18 دخلت الجامعة، وخلصت وأنا 21 بتقدير امتياز..

رحت بريطانيا، سنة لغة وبعدين درست الماستر والدكتوراة بنظام الفول تايم، سنة ماستر وسنتين ونص دكتوراة.. على ال26 مو 27 مثل منتي مفكرة كنت مخلصة دكتوراة..

نجلاء صفرت بإعجاب: صراحة أنتي معجزة ياجواهر...

جواهر بحزن: لا معجزة ولا شيء.. بس كان لازم ألاقي شيء يشغلني، وإلا كان ذبحني الهم والتفكير..

نجلاء باستفسار: طيب وأمج أشلون خلتج تروحين تدرسين برا؟؟

جواهر بابتسامة حب صافي: عبدالعزيز يومي قبل يومه وقتها عمره 15 سنة، هو اللي أقنع أمي وخالي اللي كانوا مترددين، أني أروح، قال إحنا بيتنا لاصق في بيت خالي، وماراح نحتاج شيء، وانا رجال البيت يعني ما أقدر أسد مكانها؟؟
فديته عبدالعزيز هو ولدي وأخوي وكل شيء في حياتي..

نجلاء بحذر: طيب ويوم أنه عبدالعزيز له كل المكانة ماقدر يعوضج عن غياب عيالج؟؟

جواهر بحزن: لو عندج 3 عيال، هل واحد منهم بيعوضج عن الاثنين الباقيين؟؟

نجلاء بإحراج: لا طبعا..

جواهر بحب وحزن: لو كان عبدالعزيز بسم الله عليه هو اللي صار له اللي صار لعيالي، وعيالي ظلوا عندي، صدقيني كان صار لي نفس الشيء، ووقتها يمكن مالقيت حد يطلعني من جنوني، مثل ما عبدالعزيز سوا..

نجلاء بإيمان صادق مع ارتفاع إذان المغرب: اللهم ياعزيز يا قوي ياجبار.. مع أذان المغرب هذا، أنك تريح قلب جواهر، وترجع لها عيالها..

جواهر بلهفة وإيمان ووجع: آآآآآآآآمين يارب آآآآآمين.......

كملت جواهر بصدمة: يوه نجلاء تأخرت وايد.. بأصلي المغرب وأتصل بعبدالعزيز، جنني اتصالات.. تدرين أنه مايرضى أسوق السيارة بعد المغرب.. الحين بأتصل له يمشي وراي

نجلاء بحنان: لا تزعجينه، أنا بأمشي وراج بسيارتي مع السايق والخدامة..

جواهر بنفي: لا لا عبدالعزيز ماراح يرضى، لازم هو بنفسه، السواقة بكبرها يالله وافق عليها..


***************


في الليل/ في بيت جواهر

جواهر قاعدة تتعشى مع أخوها عبدالعزيز.. اليوم الطويل اللي قضته عند نجلاء في سرد ذكرياتها المؤلمة، استنفذ كل طاقتها الجسدية والنفسية، فكانت ساكتة وسرحانة.. والشوكة تقلبها في الصحن بدون ما تأكل شيء..


عبالعزيز بمرحه المعتاد: ياناس ياهووه.. نحن هنا

جواهر بدون ماتنتبه: تقول شيء حبيبي..

عبدالعزيز بعيارة: أفا.. ولا حد داري عنا.. وينج يا نوير.. تجين تشوفين بعلج الهمام، وهو مأخذ تسفيهه محترمة..

جواهر بابتسامة دافئة: الدنيا كلها تنسفه إلا أبو منصور، بس تعبانة شوي فديتك..

عبدالعزيز بابتسامة: إيه من صبح لبعد المغرب عند نجلاء، أكيد خلصت كل الحكي اللي عندك، أمانة أمانة.. وش الكلام اللي يأخذ عشر ساعات متواصلة؟؟

جواهر بغموض ممزوج بالحزن: بلاك مادريت بالسوالف.. كملت بلهجة خاصة بعد ماتذكرت شيء: تراني كلمت خالي وأم فهد الليلة..

عبدالعزيز اللي كان توه يبلع لقمة، غط فيها وقعد يكح، جواهر قامت وهي تضحك تضرب ظهره وتعطيه كاسة ماي وهي تقول: نعنبو، قلت لك كلمت خالي بغيت تموت، لو قلت لك عرسك بكرة وش بتسوي؟؟

عبدالعزيز بلهفة: بلاعباطة جواهر.. وش قال لج؟؟

جواهر بهدوء: قال حددوا الوقت اللي يناسبكم، تدري أن البنية لها كم شهر متخرجة، يعني ماوراها شيء خلاص..

عبدالعزيز بلهفة أكبر: وطيب؟؟

جواهر بحب: يعني كلها كم شهر، على حسب حجز الصالات وتكون نورة في بيتك..


*************



في نفس الليلة/ وعلى العشاء/ في بيت ثاني

يجلس ثلاث أشخاص على الطاولة
واحد منهم كان شاب صغير في السن، طويل، نحيل، شعره طويل شوي ومتلفلف، له شنب خفيف، ملامحه هادية مثل هدوءه، يلبس تريننغ رياضة قطن واسع لونه رمادي، ويلبس نظارة طبية كان يعدلها بأصابعه النحيلة كل شوي في حركة تدل على توتر خفي..

الثانية كانت بنت أمورة شعرها الأسود الناعم مقصوص قصة الفراولة اللي معطيه لوجهها الدائري لمحة حسن خاصة، وكانت لابسة بيجامة حرير خليط من الوردي والتركواز تحمل اسم ماركة معروفة جدا وكان أبوها هو اللي شاريها لها مثل أكثر ملابسها..

الثالث: كان رمز الغموض والرجولة والهيبة، اللي يخبي خلف نظرة عيونه الحادة الآسرة الكثير من الأسرار، كان هو اللي فتح باب الحوار: شباب، نوف، عبدالعزيز

نوف وعبدالعزيز: لبيه يبه..

(هو) بلهجة هادية: عندي لكم خبر أبيكم تسمعونه مني، قبل تقرونه في الجرايد بكرة مع التهاني اللي أتوقع أنها تملأ الجرايد..

نوف بفرح حماسي: شنو يبه شنو قول بسرعة؟؟ وعبدالعزيز بنفس هدوء أبوه: خير إن شاء الله يبه؟؟

(هو): أنا ترقيت ترقية كبيرة، ومسكت منصب جديد أكبر..

نوف نطت من كرسيها، وتعلقت في رقبة أبوها، وهي تبوسه عشرين بوسة على رأسه وخدوده: مبروك يبه، مبروك ياقلبي، تستاهل، والله تستاهل، أصلا مافيه حد يستاهل في الدنيا كلها قدك..

عبدالعزيز قام بهدوء، طبع قبلة هادية على رأس أبوه، وقال بفرح هادئ لكن صادق يشبه شخصيته: مبروك يبه عقبال المنصب الجاي إن شاء الله

(هو): الله يبارك فيكم ياعيالي، ولا يحرمني منكم، وعقب احتمال تسمعون خبر أهم بوايد..

نوف وعبدالعزيز : شنو يبه؟؟

(هو) بلهجة فيها غموض وحزن:مو وقته الحين.. في وقته..في وقته ياعيالي.

عبدالعزيز قال: إن شاء الله.. ورجع مكانه بكل هدوء بدون مايهتم...
لكن نوف انشغل بالها وصارت تفكر: شنو الموضوع اللي أهم عند أبوي من ترقيته..(بخوف مدمر) لا يكون يبي يتزوج؟!!!!


**********



ثاني يوم /في البنك

كان خبر ترقي (هو) واستلامه منصب المدير الأقليمي للبنك لكامل منطقة الشرق الأوسط مو قطر بس، معبي الجرايد تهاني له..

وكانت الاتصالات تنهال عليه من كل مكان، بس هو تفكيره كان بمكان ثاني، وبشيء ثاني..

ضغط زر الاتصال الداخلي، بصوته الهادئ الواثق اللي تعود استخدامه مع موظفينه: خليفة، لو سمحت، لا تحول أي اتصال خلال الساعة الجاية..

خذ نفس عميق..ألتقط موبايله، ودور على رقم معين في القائمة:
- ألو..
- ........
- هلا والله حيالله أبو سعد
- .........
- الله يبارك فيك.
- ...........
- أبوسعد طال عمرك.. أبيك في خدمة ماراح أنساها لك طول عمري..
- ...........
- تسلم أدري أنك ما تقصر.. فيه اسم بأعطيك إياه أبيك تشوف لو فيه موبايلات باسمه..
- ..........
- يا بو سعد الله يرضى عليك، السالفة بسيطة، والله أنه من الأهل بس أنا مضيع أرقامه..
- .........
- تسلم .. اسمه عبدالعزيز منصور حمد الـــ
- ........
- معاك على الخط (قالها وهو حاس أنه قلبه بيوقف)
- ........
- تقول رقمين، عطني إياهم طال عمرك
- .........
- الاول ******5، والثاني******5
- .........
- مشكور مشكور، الله يقدرني على رد جمايلك
- .........
- مع السلامة


حط (هو) الرقمين قدامه، متوتر.. خايف..قلق..يكلم نفسه:

وش فيك يا(... )عمرك ماصعب عليك شيء، عمرك ماحطيت شيء برأسك وماحصلته، كلها اتصال، أنت اللي ترج السوق رج خايف من اتصال ، قول بسم الله وتوكل على الله، بياكلونك يعني، ماحد يقدر يهز شعرة من رأسك..ماحد بقدر يأثر فيك، ولا يأثر على عيالك أو محبتهم لك..
قول بسم الله.. لازم تريح ضميرك..كفاية عليك عذاب السنين اللي فاتت وكوابيسها، أطوي هالصفحة من حياتك وارتاح، قبل تواجه وجه الكريم..

خذ (هو) نفس عميق.. وبيد ترتعش غصبا عنه دق على الرقم الأول منها...


#أنفاس_قطر#

بعد الغياب/الجزء الحادي عشر

#أنفاس_قطر#


قبل 4ساعات ونص من محاولة اتصال (هو) على الرقم اللي خذه من أبو سعد..

في بيت منيرة
اليوم الخميس هي وصديقاتها اليوم ماعندهم جامعة
بس هي صاحية من الساعة 6 الصبح

ما تحب تفوت لمتها مع أهلها الصبح قبل كل واحد يروح لدوامه...

قاعدة هي وأختها سارة اللي أكبر منها بسنة، في الصالة اللي تحت، مشغلين الدفاية، ويشربون حليب زنجبيل.. ويسولفون.

سارة بتأفف: يوم الخميس هذا أنا صرت أكرهه ذا الفصل، وش معنى أنتي ماعندس شيء.. وأنا اللي أروح في ذا البرد..

منيرة بعيارة: دنيا حظوظ.. دنيا حظوظ..

سارة الخبيثة قلبت السالفة على منيرة اللي كانت تبي تغيظها فطاحت هي في الحفرة: زين كمليها: والله رمى حظي معاك (سارة بخبث)

منيرة عصبت جد: صدق وحدة ما تستحين..لولا إنس أكبر مني، ومحترمة شيباتس، وإلا كان وريتس شغلس..

سارة بعيارة: قومي وريني، كان فيس خير.. بكرة يأخذس سلوم لبيته (بيت الرعب) وهو اللي بيوريس الشغل .. ويأدبس يوم لسانس يلوط أذانس..

منيرة بزعل حقيقي: سارة أصبحي وأفلحي واللي يرحم شيبانس..

أخوهم علي بطوله الفارع وجسده الأقرب للإمتلاء يدخل عليهم بلبس كلية الطيران، بابتسامة: يالله صباح خير، الناس قايمين يذكرون ربهم وانتم تهادون من صباح الله...

سارة بعيارة: شوفوا من اللي جا.. أبو كرافتة.. أنت أول عدل ذا الكرفتة اللي على صوب.. وعقب تفلسف..

علي بنفس الابتسامة: العقال مهوب على رأسي عشان أكوفنس فيه.. والكرافتة قد لي ساعة أزين فيها.. وإلا كان فكيتها وخنفتس فيها..

سارة وهي تضحك: أنت وأختك الملسونة تبون لكم أدبن مهوب ذا.. ماكني بأختكم الكبيرة..

منيرة وهي تحاول تنسى زعلها من سارة: خل اختنا الكبيرة تعطف علينا عشان إحنا نحترمها..

علي بعيارة: إيه والله إنس صادقة.. كن حن ذابحين أمها وإلا أبوها.. وعلى طاري أمها وإلا أبوها ليت حن ذاكرين مليون ريال..

أبو علي وأم علي يدخلون في نفس الوقت، وأبو علي يقول: صدق إنك خسارة، ودك بالمليون ملا أمك وأبوك..

علي يقوم يحب خشم أبوه: جعلني فداك.. أتعيير على سارة الموذية.. وإلا أنت وأمي تسوون عندي مليون وخمسين ألف، مليون وواحد وخمسين أفكر أبيعكم.. وأعطيهم سارة هدية مجانية..

أم علي بحب: يا كثر حكيك الفاضي، قوموا تريقوا وكلن يسرح لدوامه..


*****************

في بيت (هو)...


نوف ماعندها محاضرة إلا الساعة 10، فكانت نايمة..

بس عبدالعزيز اللي كان في ثاني ثانوي أو (Grad-11) كان لازم يقوم عشان المدرسة..

ولتأخر عبدالعزيز عن نوف في الدراسة حكاية.
لما رجعوا من أمريكا، المدرسة الانجليزية اللي دخلوها، عملوا لهم اختبار مستوى، نوف طلعت أعلى من مستواها بسنة، بينما عبدالعزيز طلع أقل من مستواه بسنة، فمن هنا طلع بينهم فرق سنتين في الدراسة..

وهالموضوع لحد الحين مأثر في نفسية عبدالعزيز رغم إنه مايبين، لأنه مثل ماهو معروف: التوائم بينهم ارتباط كبير، فلما صارت بينهم هالفجوة، نوف طالبة جامعة، وهو بعده في المدرسة، حس عبدالعزيز بنوع من العزلة.

قاعد هو وأبوه على السفرة يتريقون، أبوه يشرب قهوته ويتصفح الجريدة بهدوء: يبه عزوز تريق بسرعة أو صلك على طريقي، عشان اليوم بأستلم منصبي الجديد ولازم أكون هناك بدري، إلا لو تبي عمك أفضل يوصلك. (ويقول في نفسه: موبس المنصب اللي شاغلني، فيه شيء أهم بكثير بأسويه اليوم)

عبدالعزيزفي خاطره شيء يبي يقوله من زمان، يقول في نفسه :ماشاء الله عليها نوف، اللي تبيه تحصله على طول، ماتتردد تطلب، ليش ما أكون مثلها، بعدها حاول يتجرأ بس ما قدر، يـتأتئ ويسكت..

أبوه يطالعه: تبي شيء عزوز؟؟

عبدالعزيز بنبرة حزن: سلامتك يبه، نمشي طال عمرك؟؟

*************


في بيت مها/
الساعة صارت عشر الصبح ومها بعدها ماصحت/اليوم ماعندها جامعة


مها تفتح عيونها بشويش وهي تمد يديها لأخر حد: الله ياحلاة التصفيرة
(التصفيرة:نومة الضحى) ياليت كل يوم أرقد لذا الحزة..

تلف على يمينها، تلاقي حد نايم في سرير أختها الجازي اللي في صف ثاني ثانوي.. تنقز متخرعة.. وتسحب الغطاء عن النايم، تبي تشوف من هو

أوووف.. وش هالأزعاج.. خلوني أنام (الجازي بصوت نعسان)

مها بغضب: الجويزي.. الجازي يالعلة.. قومي .. قومي.. وشفيش مارحتي للمدرسة اليوم ياعلة الكبد أنتي؟؟

الجازي تسحب الغطاء وتغطي نفسها: لحوووول.. لو أدري أنش اليوم ماعندش جامعة، كان أجلت غيابي يوم ثاني، عشان أخلص من حنتش..

مها ترد تسحب الغطاء منها: أمي تدري عن غيابش ؟؟

الجازي بنعاس وزعل، وهي تسحب الغطاء عليها مرة ثانية: إيه، تدري، وخلي السناح من يدش، بيمزع منش ياالدبة..

مها بعصبية: أنا الدبة..وتكمل بخبث: زين وسعود يدري أنش غايبة؟؟

الجازي تنط واقفة كأنه كبوا على رأسها ماي بارد: لا فديتش، خلاص توبة.. انا الدبة والخايسة واللي أستاهل الخنق.. كله ولا سعود، تكفين تكفين..

مها بخبث: قومي حبي رأسي أولا، وجيبي لي نسكافيه ثانيا، وعقب بأفكر أقول له وإلا لا..

الجازي نطت تحب رأسها..ثم ركض تنزل الدرج ركض عشان تجيب لمها نسكافيه.. وخيال سعود في رأسها، مع أنه عمره ماضربها ولا حتى عصب عليها، بس تخاف منه موت. ومن كلمته القوية.

مها تطالع الباب اللي طلعت منه أختها بحنان: ياحبي لها ذا البنية..

الجازي هي أخر العنقود في بيت مها..دلوعة وطيبة ونحيفة جدا عكس مها اللي كان جسمها مليان شوي وذابحة نفسها ريجيمات.. توفى أبوها وهي عمرها (الجازي) سنة، تحب سعود وتخاف منه مثل لو كان أبوها.. عندهم أخ أصغر من سعود وأكبر من مها (محمد) أخر فصل في الجامعة بعد سبع سنين قضاها فيها، الدنيا عنده ضحك وربع وكشتات وابتسامته ما تفارق وجهه ، تعتقد إنها جزء من تركيبة وجهه.. على عكس سعود الجدي اللي شال الهم من وفاة أبوه وعمره12 سنة، رغم أن أعمامهم وخوالهم ماقصروا معهم، إلا إن حس سعود المتزايد بالمسئولية عن أمه وأخوه وخواته حرمه يتمتع بمراهقته وشبابه..


***********


الساعة 10 وربع صباحا/ في مكتب جواهر ونجلاء

نجلاء تقلب أوراق في يدها بملل، ثم ألتفتت لجواهر تسأل: كم باقي على محاضرتج؟؟

جواهر ترد بهدوء وهي تقرأ كتاب في يدها: ساعة إلا ربع

نجلاء بمودة: جيجي حبيبتي، طلبتج..

جواهر تخلي الكتاب اللي بيدها، وتلتفت لنجلاء: نعم يالأذوة أنتي.. وش تبين؟؟

نجلاء تصنع الزعل: أفا.. إذا هذا أولها.. خلاص ما أبي شيء.

جواهر بابتسامتها الحلوة: موب علي هالفيلم، تبين شيء قولي، ماتبين موفرة أحسن..

نجلاء: بلى أبي، أبي.. وقامت نطت لمكتب جواهر وحطت الأوراق عليه: راجعي لي بس الدرجات وتأكدي من الجمع، شغلة ماراح تاخذ منج نص ساعة.. من الصبح جايبة الجريدة، ما قدرت أفتحها، أبي أتصفحها قبل محاضرتي.

جواهر وهي تقلب الأوراق: هذا أنتي ماطلبتي إلا فرضتي علي يالموذيه.. الله يعين عليج، أنتي عقوبة من ربي لي..

نجلاء وهي تقلب الجريدة: عادي قولي اللي تبينه، المهم تراجعين لي الدرجات.

جواهر وهي منهمكة في تدقيق الدرجات، رن موبايلها، خذت الموبايل طالعت الرقم الغريب والمميز جدا، ترددت ترد..

نجلاء بدون ماترفع رأسها من الجريدة: ردي على تلفونج المزعج..

جواهر بدون اهتمام: رقم غريب ومميز جدا جدا..

نجلاء بإهتمام: يالهبلة رقم مميز جدا جدا بعد، ردي لا يكون حد مهم..

جواهر جات ترد سكت الموبايل، هزت كتوفها، ورجعت تدقق درجات طالبات نجلاء..

بعد خمس دقايق رجع الموبايل يرن نفس الرقم..

جواهر اللي بدأ يتسلل لها شيء من الاهتمام: نجلاء نفس الرقم.. أرد؟

نجلاء ورأسها في جريدتها: ردي.. بياكلج يعني..

جواهر بنبرة هادية وواثقة: ألو
- مافيه رد، صوت نفس خفيف على الطرف الثاني
- ألو (جواهر بصوت أعلى)
- مافيه رد..نفس صوت النفس بس هالمرة بصوت أعلى شوي..
- ألو من معاي.. لو سمحت رد..
- صوت نفس أعلى
- جواهر هنا عصبت وبنبرة غضب: قليل أدب ووقح وماتستحي.. وقفلت الخط بوجهه..

نجلاء تسأل: من؟؟
جواهر وهي ترجع لأوراق نجلاء: واحد قليل أدب


************


في بيت الزكاة/ مكان شغل عبدالعزيز

راشد جاي يزور عبدالعزيز، وعبدالعزيز مبسوط كثير من هالزيارة: يا حيالله أبو ناصر، تو ما تبارك شغلي يوم شرفت مكاني..

راشد بابتسامة ودودة: يا حياك الله، جايين نسلم عليك، وترا الزيارة موب لله..

عبدالعزيز: أفا.. من أولها مصالح.. زين خلها لين الزيارة الجاية..

راشد بابتسامة: اطرق الحديد وهو ساخن

عبدالعزيز بمودة: آمرني وتدلل

راشد: طال عمرك في الطاعة، انا وربعي اللي في الجامعة نبي نسوي معرض صغير لجمع التبرعات باسم اتحاد كليتنا لأهالي غزة المحاصرة، ونبي مساهمتكم..

عبدالعزيز: حاضرين أسوي كتاب ونعرضه على المدير، وإن شاء الله أنه تم.. وغيره..

راشد: جعلك سالم يابو منصور، رخص لي الحين، عادني أبي أمر على جمعية قطر خيرية، وجمعية الشيخ عيد بن محمد، والهلال الأحمر..

عبدالعزيز: والله ماتقوم من مكانك، أنا بالتلفون أسوي لك اتصالات معهم كلهم، ومع هيئة الأغاثة بعد.. الأرقام كلها عندي، وحنا بين تعاون.. مافيه داعي تتعنى

راشد بارتياح كبير ونبرة صداقة وود حقيقية: جعلني ماخلا منك.. ماتدري وش كثر ريحتني..


**************


في البنك/ في مكتبه

(هو) جالس غارق في التفكير، وفي يده موبايله.. تفكيره مشلـــــــول.. وأعصابة شبه فالتة منه..

وش فيك يا(...) وش فيك؟؟؟.. عمرك ماكنت جبان، ليش ما تكلمت، كأنك مراهق خايف.. أول مرة يسمع صوت أنثى!!!!!

صوت أنثى؟؟!!!!
بس صوتها مايقال عليه (مجرد صوت أنثى)، صوتها هو الأنوثة المجردة.. صوتها ضربه في الصميم.. في الصمـــــــــــــــــــيم..

عيب عليك يابو عبدالعزيز..عيب ، مو أول مرة ولا اخر مرة تسمع صوت حريم، في شغلك تكلم كل يوم 100 مره

بس صوتها غير، غير.. غـيـــــــــــــــر..
صوتها لمس شيء مدفون تحت الرماد في عمق أعماقي، مكان عمر مره ما قدرت توصل له...
صوتها يرن: من إذني مكان ما دخل، إلى أقصى وريد وشريان فيني مكان ماسكن واستقر..

كل كلمة.. كل حرف من الألو الأولى اللي كانت ماس الكهرباء، إلى (ماتستحي) اللي كانت الصاعقة اللي صابتني.. أول مرة أنشتم وأكون طاير بالشتيمة..

من تكون؟؟ من تكون؟؟ من تكون؟؟
تكون زوجة عبدالعزيز.. (ابتسم) معقول عزوز يكون تزوج؟؟
ياحظه لو زوجته عندها هالصوت العذب الأنثوي اللي يسكر.. لو زوجتي عندها مثل هالصوت..ماكان خليتها تسكت.. بس تتكلم وتتكلم وأنا بس أسمعها.. وأتلذذ بهمسها ورنين صوتها..

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.. استغفر ربك يابو عبدالعزيز.. مافكرت هالتفكير وأنت مراهق.. تفكره الحين

تكون جواهر؟؟... لا لا لا لا.. مستحيل.. جواهر أذكر صوتها، كان مخنوق شوي وفيه خنة..

معقول يكون عبدالعزيز راعي خرابيط، ويكون مطلع رقم لصحيبته؟؟؟ لا لا عزوز ما يسويها.. وأنت أشدراك؟.. تركته وهو طفل عمره 7 سنين.. ماتدري عنه الحين..

ياربي وش هالحيرة؟؟ أتصل على الرقم الثاني؟؟
لا لا.. بأنتظر شوي.. كفاية علي الضغط اللي أنا حاسه..

(أبتسم) ومابي أسمع صوت عقب صوت الملاك اللي سمعته، خل صوتها يتربع في أذني شوي..


*************


الساعة 10,25 في بيت فاطمة

فاطمة بعدها نايمة.. أمها تتعب من طلعة الدرج، بس تتحامل على نفسها.. عشان تطلع..

رغم أن فاطمة عمرها20 إلا أن أمها عمرها 59، لأن أمها وأبوها ظلوا يعالجون 18 سنة بعد زواجهم لحد ماجابوها، وماعندهم غيرها.. فهي دلوعتهم، الهوا اللي يتنفسونه، مصدر فرحتهم وبهجة حياتهم..

أم فاطمة تتسند ومعاها الشغالة، لحد ماوصلت لغرفة فاطمة، دخلت الغرفة ولقتها مظلمة وفاطمة بعدها نايمة، طلبت من الشغالة ترفع الستاير،فدخل النور للغرفة الواسعة اللي كل شيء فيها يدل على أن صاحبتها بنت لأقصى حد.. اللون الوردي في كل شيء.. الدباديب بكل الأحجام معبية الغرفة.

أم فاطمة جلست على السرير وهي توخر الدبايب اللي في كل مكان.. و تصحي فاطمة بشويش، كانها خايفة تكسرها: يمه فطوم.. فطوم.. قومي حبيبتي الظهر باقي عليه ساعة، قومي كلي شيء قبل الصلاة..

فاطمة بصوت نعسان، وهي حاضنة دبدوبها: يمه فديتج خليني أنام لين يأذن..

أم فاطمة باستسلام سريع: زين يمه، بأرجع أصحيج، إذا أذن..

ورجعت أم فاطمة تنزل الدرج، رغم أنها بترجع تطلع بعد نص ساعة..


****************


الساعة 10 ونص في مكتب جواهر ونجلاء

نجلاء بعدها تقرأ في الجريدة، وجواهر تدقق درجات طالبات نجلاء..

نجلاء بنبرة هادية فيها نبرة فخر خفيفة: ماشاء الله فيه، واحد قطري أخذ منصب المدير الأقليمي للبنك العالمي الإسلامي لكل منطقة الشرق الأوسط، بعد ماكان المدير العام للبنك في قطر بس..

جواهر بهدوء وعيونها مركزة في الورق: الله يزيده، ولكل مجتهد نصيب..

نجلاء: ماشاء الله الجرايد متعبية تهاني له بالصفحات الكاملة..

جواهر بدون اهتمام: وش اسمه أبو تهاني هذا، على الاقل نعرف اسم المدير العود للبنك اللي حسابي عندهم..

نجلاء بنبره هاديه: اسمه.......


#أنفاس_قطر#
بعد الغياب/ الجزء الثاني عشر

#أنفاس_قطر#



الساعة 11 في مكتب نجلاء وجواهر

نجلاء بقلق قاتل: جواهر يا قلبي، وش فيج، صار لج نص ساعة وأنتي على هالحال، مثل اللي فاقد الذاكرة..
ياجواهر ردي علي.. حرام عليج اللي تسوينه فيني..
محاضرتج بدت.. منتي برايحة للبنات؟؟
جواهر لو تسوين فيني مقلب، ترا المقلب قلب جد..
جواهر..
جــــواهر.....
جــــــــــواهر.........


جواهر ساكتة، عيونها جامدة ما ترمش، كانها مخلوق انسحبت منه الحياة فجأة.. ونجلاء تحاول تصحي فيها بدون فايدة..

بعد عدة محاولات من نجلاء تكلمت جواهر بصوت هامس كأنه طالع من قبر: أبي أشوفه..أبي أشوفه.....
ثم كملت بصوت مختلف 180 درجة أشبه بصرخة فيلم رعب: أبي أشوفه.. أبي أشوفه

نجلاء بخوف: منهو اللي تبين تشوفينه؟؟

جواهر في حركة وحدة قامت تلبس نقابها، وفي لهجة آمرة: قومي نروح له الحين الحين..

نجلاء بدهشة شديدة وعدم فهم: بسم الله عليج.. منهو اللي احنا بنروح له..

جواهر بسكون مخيف: مدير البنك هذا..

نجلاء باستغراب: جواهر أنتي أشفيج؟؟ استخفيتي؟؟

جواهر وهي مصممة إنها ما تبكي أو تتهور أو تقوم بتصرف تندم عليه لحد ما تتأكد من شخصيته: هو يا نجلاء، هو..

نجلاء وفي رأسها علامة استفهام كبيرة: هو من؟؟

جواهر بهدوء متربص.. حذر.. غامض: أبو العيال...


*******************


في بيت أبو فهد / كانت أم فهد قاعدة عند دلالها تتقهوى بروحها: الله يرحمج يا أم عبدالعزيز، والله أن مكانج بين.. يجعل الجنة مثواج، عقبج مابه من يحاكيني ويرادني الصوت.

نورة اللي توها تدخل سمعت أمها وش تقول: أفا وأنا وين رحت؟؟ ماسد مكان سميتي..

أم فهد تهز راسها بحزن: الله يرحمها ليتج ربعها..

نورة تهز رأسها: الله يرحمها ويجعل الجنة مثواها.. وشفيج مصبحة محزنة.. حد يتصبح بوجه النوري العسل ويكتئب؟

أم فهد بحزن عميق: جهير يا نورة جهير كاسرة ظهري..

نورة بمودة: وش فيها جواهر؟؟ ليت كل الناس مثلها..

أم فهد بنبرة حزينة: بلاكم ما تحسون بوجيعتها.. أنتي كنتي صغيرة، يمكن ماتذكرين وش صار فيها.. بس فهد وطلال وموزة يذكرون.. كانت بتموت على عيالها، أمها كانت مصبرتها وملهيتها.. بس عقب ماراحت نورة، أنا خايفة على جهير من التفكير.. خايفة عليها من الهواجس اللي تسري على الواحد تالي الليل، هواجس التوحاد والوحش..

نورة بمرح: عاد على التوحاد والوحش هذي سويتي فيلم رعب، دلعيها يمه، قولي وحدة ووحشة، بتصير أذرب؟؟

أمها : بلاج مخج فاضي ومصدي، الله يعين عبدالعزيز عليج.. عبدالعزيز الثقل والركادة والعقل، مايطيحه حظه الردي إلا في وحدة خبلة..

نورة بمرحها اللي ما تخليه: إلا يا حظه.. عمتي نورة دعت له كل ليل أكيد عشان حظه يصيدني..

أمها: قصدج يطيح فيج يالحفرة من ردى حظه

نوره بابتسامة: لحول أم فهد ماكلة علينا حصى....وين البشكارة على قولتج، أبيها تسوي لي حليب كرك؟؟

أم فهد: تنظف غرفة حصة..قومي سوي لروحج..

نورة بعيارة: إيه تنظف غرفة دلوعتج أنتي وجواهر.. أبي أعرف هالبنية وش مسوية لكم..ماكلة مخكم؟؟

أم فهد بحب: مسوية الزين والسنع.. مو مثل خبالج..

نورة تصنع الزعل: أفا رجعتي علي.. (تغير السالفة) عيالج المعاريس أكيد بيشرفونا الليلة هم و شواذيهم، بما أن الليلة الجمعة؟؟.. (الشواذي: القرود، تقصد عيال أخوانها)

أم فهد بحب: الله لا يحرمني شوفتهم وشوفة عيالهم.. وكملت بزعل: مافيه شاذي ربي بلاني فيه غيرج..

نورة: قصدج الغزال بس غلط مطبعي ماعليه صلحته لج بس لا تعودينها يا المزيونة.. والله يعينا على الأزعاج الليلة بس


*******************

نجلاء بهدوء حذر ومصدوم: أنت تقصدين أن مدير البنك هذا هو أبو عيالج أبو عيالج اللي ما كنتي راضية تقولين لي اسمه؟؟

جواهر بنبرة غامضة: الاسم كامل هو نفسه، من اسمه لاسم أبوه لاسم جده لاسم العايلة.. قومي نروح البنك أبي أشوفه بنفسي عشان أتاكد.. ما أبي أعطي نفسي أمل.. ويطلع مجرد تشابه أسماء..

نجلاء بحذر: وبأي صفة وباي طريقة بنقابله؟؟ واحد مثل هذا أكيد جدول مواعيده مزحوم..

جواهر بانهيار ماقدرت تمسكه: تكفين نجلاء دوري لي طريقة، أنا موب قادرة أفكر.. حاسة قلبي وعقلي بيوقفون من الخوف..والتوتر.. والرعب.. لازم أشوفه الحين.. ما أقدر أصبر، طالبتج دوري لي حل.. تكفين.. تكفين.. وغلا حمودي عندج..

نجلاء مثل اللي لمعت في رأسها فكرة: انتظري دقيقة... مسكت موبايلها ودقت رقم بسرعة: هلا والله بأخوي حبيبي
............
أبيك في خدمة فديتك
...........
تعرف مدير البنك العالمي الإسلامي؟؟
............
مو الفروع، نبي الرئيس نفسه..تعرفه؟؟
.........
زين تكفى نبي نقابله اليوم..
........
ليش مستحيل؟؟ مو قايل لي الحين أنه صديقك الروح بالروح.. نبي نقابله 5 دقايق بس..
.........
أدري أنه ماسك منصب جديد.. واكيد مشغول بزيادة.. بس أنا أبي أشوف غلاي عندك.. شغل علاقاتك اللي قاعد تشلخ علي فيهم شوي عشان أختك حبيبتك..
..........
يعني خدمة بخدمة؟؟.. الحين أنت أخدمني.. وموضوعك خله بعدين..
...........
نبي نسوي معرض وظايف لطالبات الجامعة، ونبي نقنع بنكه أنهم يشاركون فيه..
..........
طالبتك طلبة.. مو تحاول.. أنا طالعة الحين من الجامعة متوجهة للبنك، عشر دقايق ونكون هناك..نبي نوصل يكون عنده خبر بجيتنا..
..........
أنا وجواهر...
..........
موب شغلك.. لا صارت مرتك تحكم فيها..
...........
ماعليه.. نتفاهم.. مع السلامة


طول وقت المكالمة وجواهر كانت في عالم ثاني.. ثاني.. ألف فكرة توديها.. وألف فكرة تجيبها.. حاسة أنها ضايعة.. مثل ريشة وسط إعصار، حاسة أنها مقبلة على شيء خطير..أخطر منها ومن أعصابها ومن تفكيرها.. حاسة إنها على وشك الانهيار..

تعودت على حياتها الرتيبة، اللي بدون طعم، المليانة حزن ودموع.. اللي مافيها شيء مفرح غير عبدالعزيز.. تعودت على سهر الليالي مع الذكريات واليأس والوجيعة.. تعودت على الحياة الصامتة مثل قبر خالي..

لو كان هو جد أبو عيالها..ياترى بتشوف عيالها أخيرا؟؟؟ معقولة؟؟ معقولة؟؟ نوف وعبدالعزيز أخيرا؟؟ أكيد شباب الحين.. كيف صارت أشكالهم؟؟ وكيف؟؟ وهل؟؟ وكيف؟؟ وهل؟؟ وألف كيف وهل وليش ؟؟

هل قلبها اللي تشبع بالحزن ممكن يعرف طعم الفرحة؟؟ .. طيب ولو هو أنكر معرفته فيها.. طيب لو أصلا ما كان هو في الأساس.. وكان مجرد تشابه أسماء.. ولو؟؟ ولو ؟؟ ولو؟؟

حست رأسها بينفجر وهي خلاص مو قادرة تفكر، مع إنهاء نجلاء لمكالمتها الثالثة: يالله قومي بنروح..

جواهر مثل الجسد اللي من غير روح، قامت تسحب روحها مع نجلاء، وهي تطلع بارتباك مفتاح سيارتها..

قالت لها نجلاء بثقة، وشخصية أستاذة الجامعة القيادية تظهر بوضوح: رجعي السويج لشنطتك.. أنا مجنونة أخليج تسوقين وأنتي بهالحالة.. أنا كلمت دكتورة تهاني، سايقها واقف برا، توه جايبها.. وهي ماراح تخلص قبل المغرب.. هو بيوصلنا البنك، وبعدين يرجعنا للبيت، وكلمت السكرتيرة وطلبت منها تعلق اعتذرات عن محاضراتنا اليوم، وسيارتك خليها هنا لحد يوم الأحد ماراح يجيها شيء.


جواهر كانت تهز رأسها بدون تفكير لكل شيء تقوله نجلاء اللي كانت تسحبها من يدها وتركض فيها لمواقف أعضاء هيئة التدريس.


**************

في البنك/ مكتب المدير

مازال (....) في حالة الذهول المنعش و الخدر اللذيذ اللي اجتاح خلاياه، من بعد الصوت اللي سمعه..

قاطع حالته السكونية الغريبة والممتعة، دخول سكرتيره خليفة عليه:
أنا أسف بو عبدالعزيز، بس (أبو فيصل الـ ) مصر إلا يكلمك ضروري..يقول يدق موبايلك مسكر..

تنهد (هو) تنهيدة طويلة وهو آسف على الظروف اللي أجبرته على الخروج من الصومعة اللي كان مستمتع فيها: حوله لي

لقط سماعة مكتبه: هلا والله بابو فيصل. وينك يالقاطع.. يا أخي ما كأنا بربع، وينك أسبوع ما سمعت صوتك؟؟
..............
الله يبارك فيك، عقبال ما أبارك لك في زواجك من اللي منشفة ريقك..
.............
أفا.. انت تآمرني أمر..
.............
وش هالأحراج يا بو فيصل..زين بأخليهم يقابلون رئيس الموارد البشرية.. هو المسئول عن سوالف فرص العمل والتوظيف..
..................
تقول جايين في الطريق، ويمكن على وصول.. لحول يابو فيصل.. مالقيت تبلشني إلا في عجايز الجامعة.. الله يسامحك..
.............
زين عشان خاطرك أنت بس.. بس تراني بأدفعك ثمن هالخدمة غالي..
...............
في أمان الكريم


مع إنهاء (هو) لمكالمته، كان خليفة يدخل عليه، ويقول: فيه برا دكتورتين من الجامعة، يبون يقابلونك.. ويقولون أنهم من طرف أبو فيصل..

(هو) بنفاذ صبر: هو حد وداني في داهية غير أبو فيصل، خلهم يتفضلون.. واسمعني عدل.. بعد 7 دقايق بالكثير تدخل وتقول أنه الموظفين ينتظروني عشان الاجتماع.. أنا اليوم مشغول وايد.. وماني فاضي لقرقرة حريم.. الله يبلش أبوفيصل..

خليفة: إن شاء الله طال عمرك..

خليفة يفتح الباب على أخره ، ويأشر بيده للداخل وهو يقول: تفضلوا لو سمحتوا، سيادته ناطركم.........


#أنفاس_قطر#

بعد الغياب/ الجزء الثالث عشر

#أنفاس_قطر#


طول الفترة اللي تفصل بين الجامعة ومقر البنك الرئيسي اللي في منطقة الأبراج على الكورنيش، جواهر ونجلاء قاعدين جنب بعض متلاصقين على الكرسي اللي ورا، و كانت جواهر ترتعش في حضن نجلاء، اللي كانت حاضنتها بقوة..

كانت جواهر حاسة أنها مو قادرة تسيطر على نفسها ولا حتى على حركة جسدها..كانت ترتعش بعنف كأنها تقف بدون ملابس حافية على جليد القطب الشمالي..

كانت متوترة متـــــــــــــــوتــــــــرة إلى أبعد حد.. حست إنها يمكن استعجلت في قرارها إنها تروح تشوفه، كان مفروض إنها انتظرت لين تقدر تسيطر على أعصابها..لو كان هو فعلا (......) ما تبيه يحس أنها أضعف منه.. أو إنها منهارة، تبيه يشوفها قوية.. وأقوى منه..ما تبيه يحس بطعم الانتصار عليها..ويشوفها عاجزة توقف في وجهه.. تبيه يحس بحقارته وإنه مخلوق تافه حقير ما يستحق توترها..

مليون مليون سيناريو رسمته للحظة اللي بتشوف فيها عيالها، اللحظة الأولى، واللقاء الاول ، والحضن الأول
لكن عمر السيناريو، ماكان كذا، كانت تتمنى تشوف عيالها أولا، لكن هو لا لا .. عمره ماكان موجود في السيناريوهات الي رسمتها في بالها سنين وسنين.. كانت تحاول تمسحه من ذاكرتها وخيالها.. حتى اسمه ماكانت تحبه ينذكر قدامها

لكن والآن..في سيناريو اليوم هي خايفة تتهور في البنك قدام العالم، تصارخ عليه، أو حتى تشيل جزمتها من رجلها، وتخبطه بالكعب على رأسه. أو حتى تشيله (أبو عظام) وترميه مع الشباك.

كل ماقربوا من البنك، ارتعاشها يزيد، وتوترها يتعاظم ويتعاظم، حاسة قلبها بيوقف، والتنفس عندها صار ثقيل ثقيل..النفس صعب إنها تأخذه أو تسحبه أو حتى تزفره، كأنها تسحبه من بير بدون قرار، وتنفثه في حفرة من لهيب يحرق وجهها..

نجلاء اللي حاسه بارتعاشها في حضنها، تكلمها بحنان بهمس: جواهر تحبين نرجع البيت ونقابله يوم ثاني؟؟

جواهر مثل اللي لسعتها حيه: لا لا خلاص هذا إحنا وصلنا.

وفعلا ..كانوا وصلوا لمقر البنك الضخم اللي محتل برج من 17 طابق.. دخلوا للبنك، ونجلاء هي اللي تولت مسئولية كل شيء
في الوقت اللي كانت جواهر تصلب طولها، وتحاول تبعث أكبر قدر من الثقة في نفسها: خلاص يا جواهر، أنتي ماعدتي طفلة أمس تخافين، أنتي مره ناضجة، وأستاذة جامعة، حطي رأسج براسه، وعينج بعينه. لازم تدفعينه ثمن غدره وخسته ونذالته غالي.. بس اشلون؟؟

نجلاء بلغة جدية بعد ما أنهت استفساراتها من الأستقبال: مكتبه في الطابق 17.. يالله..

جواهر تأخذ نفس عميق: بسم الله، توكلت على الله وهو حسبي.

وتوجهوا للمصعد طالعين للطابق 17


***************


في مكتبه

مع دخلة الدكتورتين للمكتب وقف عشان يرحب فيهم، كما يستلزم الذوق..

نجلاء تبلمت غصبا عنها، لما شافته يقوم برشاقة من ورا مكتبه، عشان يرحب فيهم.. عمرها بحياتها كلها كلها كلها ماشافت رجّال كذا، لا في الحقيقة ولا حتى في التلفزيون ولا حتى في الأحلام، كل شي فيه مرسوم بالمسطرة.. بالسانتي.. بالملي : الهيبة الكاسحة.. الحضور المسيطر.. الطول الفارع.... العرض الاسثتنائي .. الرجولة الطاغية.. الوسامة المذهلة.. المغانطيسية الآسرة..

جواهر دخلت وهي تحس أنه قلبها بيوقف، مو قادرة تتنفس، مو قادرة تطالعه، كانت تطالع في كل شيء بالغرفة إلا ناحيته..

(هو) كان يقول في نفسه وقت دخلتهم: يالله خل نخلص منهم بسرعة، يفارقون..

طالعهم بنظرة اعتيادية، كانوا ثنتين:
وحدة لابسة عباية وشيلة.. وطولها عادي.. ووجهها الهادي المتوسط الجمال كأنه مألوف بالنسبة له..
الثانية لابسة عباية ونقاب، ولفت انتباهه طولها الفارع، كأنه طول عارضة أزياء، استغرب.. لأنه نادر ماشاف قطريات بهالطول..

هو يرحب ويأشر على الكراسي اللي قدام مكتبه: يا هلا ومرحبا والله بجامعة قطر كلها، شرفتوا مكانكم، تفضلوا، مين فيكم أخت أبو فيصل؟؟

نجلاء من سمعت صوته الواثق ارتبكت مرة ثانية غصبا عنها، في نفسها كانت تقول: وش هالصوت والثقة، سبحان اللي خلق هالرجّال؟؟

جواهر من سمعت صوته انقلب حالها، هو.. هو.. هو..

هـــــــــــــــــــــــــــــــو

عمرها مانست هالصوت، من أول يوم سمعته ليلة زواجهم قبل 18 سنة.. نفس الصوت.. نفس الصوت.. نفس الصوت.. واثق أكثر..
وأنضج ..
وأكثر رجولة..
بس هو نفس الصوت.. هو.. هو.. هو

هــــــــــــــــــــــــــــو

حست بكره غير طبيعي وحقد يطلع إشعاعات إشعاعات من جسدها، جلست هي ونجلاء على الكراسي، ما تكلمت نهائي ولا بحرف، ومارفعت عينها عن يديها المشبكة في حضنها..

في الوقت اللي كانت نجلاء عرفته عن حالها وإنها أخت أبو فيصل، وقعدت تشرح له باختصار فكرة معرض الوظايف ،اللي هو على فكرة كان معرض حقيقي، بس نجلاء طبعا مالها علاقة فيه، وقررت تعطيه رقم العلاقات العامة في الجامعة عشان ما تتورط وفي نفس الوقت يبين صدقها، على أساس أنها جايه وسيط بس..

كانت جواهر بس تسمع الصوت، ومع كل حرف وكل كلمة، كانت تتأكد أنه هو ..هو..هو..
وكانت تحس بكره السنين يتجمع ويتجمع ويتجمع:
ناجح وواثق من نفسه ومبسوط وسعيد وعيالي معه، في الوقت اللي أنا فيه أعاني وأعاني وأتعذب..

و(هو) كان مستغرب، من صمت الدكتورة الثانية الغريب، فقرر أنه يبادر من باب اللياقة والذوق: زين دكتورة نجلاء.. ماعرفتينا على حضرة الدكتورة الثانية؟؟

لحظتها نجلاء ارتبكت
وجواهر قررت ترفع عينها وتحطها بعينه
هو انلسع.. تكهرب.. احترق من نظرة الكره النارية غير الطبيعية.
وهي انصدمت لجزء من الثانية: كان شكله متغير متغير كثير، وين الوجه النحيف والجسد النحيل؟؟

وبعد نظرة الصدمة اللي دامت أقل من ثانية وحدة، رجعت نظرة الكراهية تطل من عيونها اللي ركزت في عيونه
هو..هو.. هو..
نفس العيون.. نفس الوجه.. نفس الأنف والشفايف..
هو.. هو .. هو

هــــــــــــــــــــــــو


هو ارتبك..
وماقدر يبعد عيونه عن العيون اللي كانت تتحداه، وترسل له نظرات كره عمره ماشاف أحدّ منها: هاه دكتورة نجلاء ماعرفتينا على الدكتورة الثانية، إلا لو هي موب حابة تعرف عن نفسها؟ هو بنبرة غامضة فيها لمحة ارتباك ماتعود عليها..

وقتها جواهر وقفت فجأة
(وهو) استغرب من وقفتها المفاجئة الحادة
افتحت شنطتها، وطلعت شيء يشبه بطاقة دعوة
انحنت ناحيته وهي تحط عينها في عينه بكل قوة
حطت البطاقة بقوة على مكتبه قدامه مباشرة

وهو كانت عينه تنتقل من عيونها اللي كان فيها خليط سحر وكره عمره ماشاف مثله، ليدها اللي كانت تثبت البطاقة على المكتب وظلت على البطاقة للحظة من الزمن

كان يطالع في يدها بتمعن غصبا عنه.. يدها ناعمة وشفافة كأنها مصنوعة من الكريستال (هذا كان اللي يدور برأسه) أظافرها مقصوصة بنعومة لأخر حد، ومايدري ليش انبسط من هالنقطة.

مايدري أشلون راح تفكيره المجنون ليدها، جاه هاجس مجنون أنه يثبت يدها الناعمة بيده بقوة على مكتبه، مكان ماهي حاطتها الحين فوق البطاقة

وكان بيسويها بدون تفكير في العواقب اللي يعرف إنها بتكون خطيرة لو هو سواها، بس هو حس إنها تتحداه، وهو ما تعود يخسر تحدي
وكان خلاص بيسويها.. لولا إنها سحبت يدها، وعطته ظهرها وتوجهت مباشرة للباب في ثقة مصطنعة.

نجلاء ارتبكت من موقف جواهر، سلمت عليه وشكرته، وطلعت وراها، بعد أقل من 5 دقايق من دخلتهم عليه.

و(هو) كان مصدوم من اللي صار قدامه، وش فيها هالدكتورة؟؟ مجنونة؟؟ أكيد مجنونة؟؟ ليش سوت كذا؟

تذكر البطاقة
فتحها بحذر:

الزميل الفاضل/عضو هيئة التدريس بجامعة قطر

أتشرف بدعوتكم إلى حفل إطلاق كتابي المرجعي الثالث بعنوان (.......) وسيكون الحفل في مبنى النشاط الطلابي/ بنات الساعة 9 صباحا تاريخ....

(هو) لحد الحين مو مستوعب: وش هالغباء؟؟ تعطيني بطاقة مخصصة لجامعة قطر، وفي مبنى البنات بعد، لا والتاريخ فايت صار له شهر..

(هو) مثل اللي لمع في راسه شيء، رجع يفتح البطاقة على اسم الداعي في أخر البطاقة:

الدكتورة: جواهر منصور الـ

هو مثل اللي صبوا على راسه مو ماي بارد، إلا ماي مثلج وبعده ماي مغلي.. حس أنه مخه انشل، وأطرافه انشلت

معقولة؟؟ معقولة؟؟ معقولة؟؟

حاول يسيطر على نفسه، بشخصيته القيادية اللي هو تعود يتصرف في إطارها..وقام ركض يبي يلحق الدكتورات اللي طلعوا من دقايق.

**********

قبل دقايق

على باب مكتبه، جواهر من طلعت من باب مكتبه، كل القوة اللي كانت متسلحة فيها انهارت

رجولها مو قادرة تشيلها، سندتها نجلاء، وهي حاسة أنها مو قادرة عليها، جواهر أطول منها، وجسمها منهار بين إيديها، سحبتها سحب وجلستها على الكنبة الطويلة في مكتب سكرتيره..

وخليفة السكرتير مستغرب من اللي قاعد يصير قدامه.. بس ظل ساكت من باب الذوق.. وعقب سألهم لو كانوا محتاجين شيء..
فطلبت منه نجلاء يتكرم يجيب لهم ماي..

نجلاء بقلق واستفسار: جواهر هو هو.. صح؟؟ وإلا ما كان صار لك كذا..

جواهر بصوت مسحوب منه الروح، كأنه يأتي من عالم ثاني: إيه.. إيه.. إيه..هو.. هو..

هـــــــــــــو

هــــــــــــــــــــو

هــــــــــــــــــــــــــــــــو

عــــــــــــــــــــــبــــــــــــــــــدالله

#أنفاس_قطر#






يالله يابنت شوفو نزلة لكم اكثر من جزء وصلنا الى الثالث عشر يالله ميثااان وزارا وباااقي البنااات ابغي ردوووووووووود
مذهلة

مذهلة الخليج 05-01-09 08:52 AM

بعد الغياب/ الجزء الرابع عشر

#أنفاس_قطر#


في غرفة مها والجازي عقب صلاة الظهر

كل وحدة منهم متمددة على سريرها
مها ماسكة لابتوبها وتفرفر في المنتديات عن ريجيمات جديدة..

الجازي حاطة سماعة الأي بود على أذنها تسمع أغنية راشد الماجد الجديدة..

دق الباب دقة هادئة بس قوية، مها بدون اهتمام: ادخل..

وكانت الصدمة لهم كلهم إن اللي دخل سعود، اللي نادر جدا جدا يدخل غرفتهم مو مثل محمد اللي يحب يحوس في أغراضهم..

نطت كل وحدة منهم من سريرها واقفة، مها قفلت اللابتوب، والجازي رمت الأي بود وهي تقول في نفسها: ياويلي بيقتلني، أكيد جاي يهادني بسبة غيابي، ليتني ماغبت، ليتني ماغبت..

سعود اللي كان بعده بلباسه العسكري اللي يكشف بنيته المتناسقة بالنجمتين المعلقة على كتفه، قال بلهجة هادئة: السلام عليكم.. وتوجه وجلس على سرير مها.. ردوا السلام وكل وحدة منهم بالها يودي ويجيب.. سعود كمل بنفس الهدوء: الجازي لو سمحتي، اطلعي إنزلي لأمي وقفلي الباب وراش..

الجازي: حست أنه انزاح عن صدرها حمل: الحمدلله ما انتبه أني مارحت للمدرسة.. ونزلت ركض على الدرج بعد ماسكرت الباب، خايفة يغير رأيه ويناديها.

مها هنا حست روحها بتطلع، سعود ماقفل عليها هالقفلة إلا يوم خطبتها بس.. يعني القفلة هذي وراها شيء كايد..

سعود: إجلسي مها.. أبيش في موضوع ..

مها بحذر: سم فديتك..

سعود كمل بهدوء وبساطة، كأنه يتكلم في سالفة عادية جدا: أبيش تسألين رفيقتش فاطمة، لو ماعندها مانع تتزوجني.. خطبتها من أبوها أبو صالح..

مها حست كأنها انضربت على رأسها بحديدة : سعود وفاطمة، فاطمة وسعود.. وماقدرت تفتح ثمها بشيء..

سعود بنفس نبرته الهادية: أشفيش مها، ما أعتقد إن طلبي صعب لذا الدرجة..

مها وهي تسحب نفس عميق: الأحسن إنك تصرف نظر عن فاطمة، وأنا بادور لك بنفسي غيرها..

****************


في البنك/ في مكتب خليفة

جواهر مو قادرة تسحب نفس، حاسة إنها بتختنق، ونجلاء تناولها الماي عشان تشرب.. وخليفة مستغرب من الفيلم اللي قاعد يصير قدامه..

جواهر بصوت مو باين: عبدالله يا نجلاء عبدالله.. هو يا نجلاء هو..
أرجوج نجلاء قومي خلينا نروح قبل يطلع ويشوفنا بعدنا هنا.. أرجوج.. أرجوج.. أموت ولا يشوفني مو قادرة أوقف..

نجلاء بخوف: انتي فعلا مو قادرة توقفين، أنا بأتصل بالاسعاف..

جواهر بحدة ما تتناسب مع حالتها: أرجوج نجلاء أفهميني، أبيه يعرف أني أقوى منه، أنه ماهز شعرة من رأسي.. قومي أرجوج.. ارجوج أحب على يدج..وهو الحين اكيد عرف إنها أنا.. قومي قبل يطلع..

نجلاء سندت جواهر وتوجهوا للمصعد ، مع انغلاق أبواب المصعد عليهم.. كان عبدالله يطلع من مكتبه..
سأل خليفة بلهجة حذرة: وين راحو الدكتورات اللي طلعوا من عندي قبل شوي؟؟

خليفة بلهجة محايدة: نزلوا (بدون ما يقول له على سالفة أنه وحدة منهم تعبت وجلست في مكتبة دقايق ترتاح، لأنه حاس إن السالفة محرجة وفيها شيء غير مفهوم، فحب يلتزم حدوده)

عبدالله وقف على الباب دقيقة وهو يفكر بشيء، بعدها رجع لمكتبه وقفل الباب..

****************

في سيارة تهاني

نجلاء حاضنة جواهر اللي ترتعش بشكل غير طبيعي، نجلاء مرعوبة عليها وخايفة..

نجلاء توجه كلامها للسايق: حسين روح للمستشفى الأهلي.. هو أقرب مستشفى من هنا.. بسرعة..

جواهر اللي توها تستوعب: ليش المستشفى؟؟..

نجلاء بخوف: ما تشوفين حالتج، خلهم يعطونج إبرة مهدئة على الأقل..

جواهر بصوت واثق مختلف عن حالتها: مافيني شيء نجلاء والله أنا الحين أحسن.. وجهت كلامها للسواق: حسين روح لبيتي..

نجلاء بحذر: أنتي أكيد أحسن؟؟؟

جواهر بلهجة مطمئنة: والله أكيد..

نجلاء بترقب: يعني ممكن أسال؟؟

جواهر بهدوء: عن شنو؟؟

نجلاء باستفسار: ليش ما كلمتيه؟؟ ليش ما طلبتي تشوفين عيالج؟؟ يعني سحبتينا للبنك.. واخرتها تحطين ورقة على مكتبه وتطلعين؟؟

جواهر بهدوء غامض: يعني وش كنتي تبين أسوي له، أضربه، أنا بصراحة كان نفسي أقتله مو أضربه بس، بس غلبت تفكيري المنطقي.. ووش كنتي تبين أقول له؟؟ قوم قدامي ودني لعيالي؟؟ كأننا في فيلم قديم ماله طعم.. الحياة شيء ثاني.. أنا لو علي: أبي أشوف عيالي الدقيقة هذي قبل اللي بعدها وخصوصا بعد ما عرفت أنهم خلاص صاروا قريب..

بس أنا خايفة عليهم.. أنا ما أدري هو اشلون برر غيابي لهم.. خايفة من ردة فعلهم.. تأثير معرفتهم بوجودي.. تعرفين هم في سن حرجة الحين.. وهم اللي لازم يكونون في المقام الأول، لا لهفتي عليهم، ولا كرهي لأبوهم

لازم أفكر عدل، قبل أقدم على أي خطوة..وأنا خفت أفتح الموضوع معاه في البنك أسوي له فضيحة.. لكن الحركة اللي أنا سويتها في البنك أنا متاكدة أنها خلته يفر حوالين نفسه.. وياما جاي لك يا عبدالله.. إذا خليتك تفر.. ما تعرف رأسك من رجلك.. ما أكون جواهر بنت منصور..

نجلاء بلهفة: وش ناوية تسوين؟؟

جواهر بحقد غريب: أشياء وايد بس خليني أرتب أفكاري.. أهم شيء أنه خلاص زمن الدموع راح وولى، مستحيل أشمته فيني أو أخليه يحسني ضعيفة قدامه..

وهم يتكلمون، رن موبايل جواهر، طلعت جواهر موبايلها تظن إنه عبدالعزيز، كان نفس الرقم المميز: نفس الرقم اللي دق علي الصبح يا نجلاء.. أنا ناقصته هذا.. خلني أرجع للبيت وأعطي الرقم عبدالعزيز يتفاهم معه..

نجلاء بحدة: وليش عبدالعزيز، هاتيه أنا أأدبه

ردت نجلاء: شوف يا أبن الناس، إذا ماعندك حريم تغار عليهم، إحنا لنا رجال يغارون علينا، يا أما إنك تنسى هالرقم، وإلا خليناهم ينسونك إياه..
.............
ملامح صدمة حقيقية على وجه نجلاء: إيه أنا الدكتورة نجلاء.. من معاي؟؟ وهي تحس إن هالصوت المميز سمعته قبل..
............
دكتور عبدالله ، آسفة ما أعتقد إنها تقدر تكلمك الحين..

جواهر بدهشة وحدة: عبدالله؟؟ وليش ما أقدر أكلمه، خايفة منه يعني.. هاتيه..


************

في غرفة مها/ الاجتماع المغلق بينها وبين سعود مازال قائم

سعود بلهجة فيها شوي انفعال، تخلى فيه عن قناع البرود: ليه؟؟ أنتي شايفة على البنية شيء؟؟

مها برعب: لا والله، حاشا.. أنا أشهد انها حشيمة، ومتربية وبنت ناس..

سعود يرجع لبروده: زين ليش ما تبيني أتزوجها؟؟ المفروض إنها صديقتش، وأنا أخيش، يعني تفرحين لنا..

مها بحذر: ولأنها صديقتي، وأنت أخي.. أقول لك إنكم ما تصلحون لبعض، ولا واحد في المية

سعود بهدوء: يعني عشانها حضرية وأنا بدوي، ما أشوف هذا سبب.. أو لأنها ما تغطي وجهها، عادي المره تمشي على شور رجّالها.. وما أعتقد إن تغطية وجهها بتكون مشكلة لها..

مها بنفس الحذر: لا مهوب ذا السبب ولا ذاك، فاطمة دلوعة أهلها، أقل شيء ممكن يكسرها، تحسها أحيانا مثل اللعبة من الدلع والنعومة والرفاهية ، وانت بصراحة جد بزيادة، واعذرني على ذا الكلمة: دفش وفيك شوي قسوة، يعني هي الشرق، وأنت الغرب..

سعود بنفس هدوءه اللي يقتل: يعني بس هذا السبب؟؟

مها وهي نفسها تخنقه: إيه..

سعود وهو يوقف متوجه لباب الغرفة، بلهجة آمرة: أنتي بس إسأليها.. وردي لي خبر

مها وقفته بخوف وقالت بتردد: سعود أنت اللي تنفع لك وحدة مثل دانة بنت عمي هادي..

سعود طالعها بغضب وقال لها: مهوب شغلش، نفذي اللي قلته وبس..

مها وهي نفسها لو أنه مو أخوها الكبير عشان تفش حرتها فيه: إن شاء الله.. سعود، اللي تبيه


***************



في مكتب عبدالله، بعد ما رجع لمكتبه وقفل عليه الباب، رجع لكرسيه، وهو يفكر.. ويفكر

معقولة تكون الدكتورة جواهر هي نفسها جواهر زوجتي السابقة وأم عيالي؟؟
معقولة تكون درست وخلصت لا وخذت ماجستير ودكتوراة وكل هذا خلال 17 سنة؟؟ مستحيل.. مستحيل.. لو هي أينشتاين القرن 21.. مستحيل.. من وحدة ماتعرف تقرأ وتكتب، لدكتورة جامعة، لا ومؤلفة كتب علمية في تخصص علمي صعب بعد..
مستحيــــــــــــــل..

لا وهـــــالـــطـــول..
من وين جابته كله؟؟ من قزمة لوحدة بهالطول...
أنا بأتجنن..بأتجنــــــــــــن

لا والصــــــــوت؟؟
بس هي ما تكلمت ولا قالت كلمة..
أقصد الصوت اللي سمعته في التلفون ودوخني.. يكون صوتها بعد؟؟... اللي خلاها تتغير هالتغيرات كلها، عادي يخلي صوتها يتغير.. جات على الصوت يعني؟؟

طيب أشلون أتأكد؟؟ أشلون أتأكد؟؟ إنه جواهر هي جواهر..

الرقم.. الرقـــــــــم

بأرجع أتصل على نفس الرقم، بيد ترتعش حاول إنها تكون واثقة، رجع يتصل على نفس الرقم:

رن كم مرة، قبل ماينرد عليه، حس قلبه بيوقف من الترقب مع انفتاح الخط
بس.. بس مو نفس الصوت.. وحدة تهزئ فيه.. بس مو نفس الصوت.. صوت هو سامعه، وتوه سامعه،
عرف صاحبة الصوت..
وخلاص تأكد من اللي يبيه..
ورجع يسيطر على زمام الأمور: دكتورة نجلاء؟؟ بكل ثقة وهدوء
..................
أنا عبدالله، مدير البنك العالمي الإسلامي، ممكن أكلم الدكتورة جواهر؟؟
................
وبعدها سمع حس ثاني يتكلم معاها، ثم جاءه صوتها الغامض الغاضب الملتهب المتجمد، الصوت العامر بالمتناقضات:

- نعم يا دكتور عبدالله؟؟ أو أقول زوجي السابق أحسن؟؟ أو أقول خطاف الأطفال أحسن واحسن؟؟ أو أقول الخاين النذل الخسيس أحسن وأحسن وأحسن؟؟ (جواهر بصوت غلفته بالبرود مع إنها كانت تغلي من داخل)

- عبدالله كان مصدوم من هجومها البارد الحاد عليه، لكنها ماراح تغلبه في لعبة البرود اللي هو بطلها: هلا بالدكتورة جواهر؟؟ أو أقول زوجتي السابقة أحسن؟؟ أو أقول الأم المهملة اللي كانت بتقتل عيالها بجهلها أحسن وأحسن؟؟ أو أقول الباردة والوقحة وطويلة اللسان أحسن واحسن وأحسن؟؟


- أنت بأي حق تهاجمني؟؟ (جواهر بذات اللهجة الباردة اللي تحتها نار تشتعل)

- بنفس الحق اللي عطيتيه لنفسج.(عبدالله بنفس برودها)


- أنا لي ألف حق وحق، ما اعتقد أني حرمتك من عيالك 17 سنة بكل وحشية، كأني حيوان سادي مجرد من الإنسانية. (بذات البرود الخشن)

- أعتقد أني عندي أسبابي، وأنا غير مجبر بمناقشتها مع أستاذة جامعة قليلة أدب . (بلهجة فيها شوي حدة) كمل: انا عندي الحين شغل، وأفضل أني أتفاهم مع عبدالعزيز مو معاج. (مع أنه كان يكذب، كان يبي يتفاهم معها، ومعها هي بس، صوتها بعث فيه حيوية غير طبيعية، أشعلت بركان خامد في أعماقه، عمره في حياته ماسوت فيه أنثى كذا، صوتها و روح التحدي اللي عندها جننوه)


- وأنا بعد أفضل إنك تتفاهم مع عبدالعزيز (بس هي كانت صادقة، ماكانت تبي تسمع صوته أو تشوفه مرة ثانية).. أنا أبي أشوف عيالي في أقرب وقت، فياليت أنكم تتفاهمون على الطريقة الأنسب.. تحب أعطيك رقمه؟

- عبدالله بلهجة واثقة مستفزة: مثل ماجبت رقمج، أقدر أجيب رقمه، مع السلامة..

(الله لا يسلم فيك عظم) ..جواهر بلهجة غضب وحقد ويأس، بعد ما سكر الخط..

نجلاء بلهفة ودهشة وترقب: عمري ماسمعتج تتكلمين بهالطريقة الحادة، وإلا المسبات اللي قلتيها له.. واااااو ..عمري ما تخيلتها في قاموسج..

جواهر بحدة: وقح وبارد بشكل ما تتخلينه، عقب اللي سواه فيني كله، ما كأنه سوا شيء.. لا ويقول إني الوقحة الباردة بعد.

نجلاء بخبث: بس الحق ينقال، الحين عرفت ليش ما تزوجتي عقبه، ليلة وحدة مع رجّال مثله، تكفي عن ألف عمر، ماعدلتي صراحة في وصفه، شنو هالرجّال القنبلة؟؟

جواهر بغضب: شوفو تفكيري وين، وهي وين راح تفكيرها، الله يأخذه ويأخذ الألف عمر معاه..

نجلاء وهي تضحك: خلاص وصلنا بيتج، بأنزل معاج، وبأخلي سواقي يجيني هنا..


من ناحيته عبدالله سكر الخط، هو في عالم ثاني، تسند على كرسيه، وغطا عيونه بيده: شنو هالنمرة المفترسة؟؟ معقول هذي جواهر الطفلة الوديعة؟؟
ابتسم وهو يقول لنفسه: لو كنت قدامها يمكن كان قطعتني ببرود، وكلتني بشوكة وسكين بكل هدوء..

بس أنا اللي أعرف أربيها، واعرف أشلون أكسر رأسها..
إذا ما أدبتها على تطويلها لسانها علي
ما أكون عبدالله ابن محمد..

# أنفاس_ قطر#




بعد الغياب/ الجزء الخامس عشر

#أنفاس_قطر#


عبدالعزيز طالع من شغله وتوه يركب سيارته، رن موبايله، طالع الرقم، رقم غريب ومميز جدا

عبدالعزيز: من ياترى اللي يدق: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
...........................
إيه طال عمرك في الطاعة، أنا عبدالعزيز بن منصور
..........................
الله يسلمك ويبقيك
.......................
الحمدلله يسرك الحال.. من معاي لاهنت؟؟
.......................
باستغراب كبير: مدير البنك العالمي الإسلامي؟؟ بأيش ممكن أخدمك؟؟
....................
الحين الحين؟؟
...................
طيب.. المشوار من مكان شغلي في شارع السد، لين منطقة الأبراج، في هالزحمة ووقت طلعة الناس من دواماتهم، يمكن ياخذ ساعة.. فيه مشكلة؟؟
..............
نتقابل بعد ساعة.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

سكر عبدالعزيز تلفونه، وهو مستغرب أيش يبي فيه مدير البنك هذا؟؟ وتوجه بسيارته لمنطقة الأبراج.


***************


جواهر في بيتها ونجلاء بعدها عندها، نجلاء بلهجة قلق خفيف: أكيد أنتي الحين تمام؟؟ قولي لي الصراحة؟؟

جواهر بلهجة هادئة فيها رنة فرح غريبة: والله تمام، ومبسوطة يا نجلاء والله مبسوطة، أول مرة أكون مبسوطة كذا من سنين..

خلاص بأشوف عيالي يا نجلاء، تضحك بصوت عالي، تدرين مبسوطة وايد... بس في نفس الوقت خايفة ومتوترة..

جواهر بنبرة خليط من الخوف والرهبة والتوتر والفرح: ما أدري أشلون بيكون تقبل عيالي لي، تدرين 17 سنة مو شوي
ومثل اللي لمع في راسها فكرة: ولو كان أبوهم متزوج، ما أدري أشلون دور مرت أبوهم في حياتهم........كملت بخوف: تعتقدين تكون عذبت عيالي أو جننتهم؟؟ يمكن يكونون متعقدين الحين يا قلبي يا عيالي؟؟

نجلاء بابتسامة حب وهي تسمع كلام جواهر: يا حبيبتي شنو هالأفكار؟ ومن قال لج أنه تزوج؟ .......غمزت نجلاء بعينها وكملت بخبث: يمكن عايش على الاطلال وذكرى الليلة الوحيدة مثل بعض الناس..

جواهر بغضب: صدق ما تستحين، بس خلينا في موضوعنا.. إذا جينا للحق زواج عبدالله مني ماكان يعتبر زواج، وأنا ما كنت مره، وكان مغصوب على السالفة كلها، يعني ماحد يلومه لو بغى يتزوج، وخصوصا أنه بعده شاب، واعتقد مثل ماشفتيه، ماعليه قاصر..

نجلاء بلهجة استنكار: هذا ماعليه قاصر.. هذا ...

قاطعتها جواهر: والله لو رجعتي تمدحين لي في شكله الغلط، باطردج من بيتي الحين.. آوت

نجلاء باستفزاز مرح: عادي اطرديني، أصلا أنا أبيج تطرديني أروح لبيتي، وثانيا: أنا كلمة الحق ما أخليها ببلعومي بعدين أغط فيها، وثالثا: سايقي برا ينطرني، خليني أروح.. وكملت نجلاء وهي متوجهة للباب: ورابعا: سبحااااااان ربه اللي خلقه على هالرجولة كلها.. وخامسا:

قبل ماتكمل خامسا، كانت جواهر ترميها بالكوشية اللي ماصابتها، لأن نجلاء طلعت وقفلت الباب وراها


*****************


وصل عبدالعزيز لمقر البنك، وقف سيارته في المواقف اللي بدت تفضى، واتصل بجواهر عشان يقول لها أنه يمكن يتأخر عشان ما تحاتي لو تأخر.. وطلع لمدير البنك وهو يفكر بالسبب الللي ممكن يكون مدير البنك هذا طالبه عشانه، خطر له الف فكرة، أكثرها متعلق بالشغل، وانهم يمكن يبون يقدمون تبرع لبيت الزكاة، لكن ولا فكرة منها كانت الفكرة الحقيقية..

وصل لمكتب المدير في الطابق 17
لقى خليفة قاعد ينتظره في مكتبه: أستاذ عبدالعزيز منصور
- نعم..
- المدير ينطرك، وانا قاعد أنطرك، أبي أدخلك أروح.. دوامي خلص من 10 دقايق.. تفضل.. تفضل..

دخل عبدالعزيز بحذر، وخليفة دخله وقفل الباب وراح..
كان في المكتب شخص واحد واقف، معطي الباب ظهره، ويطل مع الشباك الزجاجي الضخم اللي يطل على الكورنيش، ومحتل الواجهة كاملة..

لما سمع صوت الباب انقفل، الواقف فر جسمه بالكامل لناحية الباب، عبدالعزيز لما شافه، حس إحساس غريب، وكان قلبه بينط من مكانه..

الواقف مشى خطوات واسعة وواثقة ناحية عبدالعزيز، وهو مبتسم ابتسامة سعادة حقيقية تطل من عيونه..

مد عبدالعزيز كفه له، فتفاجئ عبدالعزيز أنه يجذبه من يده ويحضنه، ويطول وهو حاضنه بكل قوته، حس عبدالعزيز بالإحراج،أولا من هالحضن من هالشخص الغريب ، ولأنه كان أطول منه بكثير ثانيا..

بس بعد ثواني حس عبدالعزيز أن هالحضن مو غريب عليه، وكأنه ياما رمى نفسه فيه.. لكنه حاول يخلص نفسه بلباقة..

عبدالله بعد ماعبدالعزيز خلص نفسه من حضنه، بقت إيديه على أكتاف عبدالعزيز، وهو يطالع في وجه عبدالعزيز بتمعن كأنه يبي يحفر ملامحه في مخيلته، بعدها رجع يحضنه بقوة، وهو يقول: والله وكبرت ياعزوز، والله وكبرت يا أبوي..

عبدالعزيز ورأسه مدفون غصبا عنه في صدر عبدالله، سمع الصوت، الصوت.. الصـــــــــــوت..

خلص نفسه بقوة وهو مصدوم: عبدالله؟؟؟؟

عبدالله بنبرة خليط من الفرح والخوف: إيه عبدالعزيز.. عبدالله ياعبدالعزيز..

عبدالعزيز بنبرة غضب بس خالية من أي كراهية: وين عيال أختي يا عبدالله؟؟ وينهم؟؟

عبدالله بحزن: زين قل لي اشلونك.. الحمدلله على السلامة..

عبدالعزيز بإصرار: وين عيال أختي؟؟

عبدالله بحزن أكبر: موجودين وطيبين وبخير، شباب ماشاء الله..

عبدالعزيز بحزن: وإن شاء الله إنك مبسوط يوم خذتهم وحرقت قلب أختي.. إن شاء الله أنك كنت مبسوط خلال هالـ17 سنة، اللي كانت أختي تموت فيها في اليوم ألف مرة وهي تتذكر غدرك فيها وخطفك لعيالها.

عبدالله بوجع: لا تقول كذا ياعبدالعزيز، اقبلها من العالم كله إلا أنت..

عبدالعزيز بألم جارح: ما تنقال غير كذا.. مالك عذر يابو عبدالعزيز مالك عذر.

عبدالله يمسك بيد عبدالعزيز، ويتوجه فيه للجلسة اللي في الزاوية: تعال نجلس وأنا أقول لك كل شيء من الأول للأخير.. وعقب إحكم علي وأنا راضي بحكمك.


**************


قرب آذان العصر، حصة نازلة الدرج تنط السلالم ثنتين ثنتين، وعقب نطت في حضن أمها.. وتمددت فيه: يمه طالبتج

أمها بغضب مخلوط بالحب: نقزتيني الله يصلحج بنية، نعم وش تبين؟؟

حصة: طالبتج طالبتج، تكفين قولي تم..

أمها بحب: تم

نورة بعيارة: زين يمه أعرفي السالفة، يمكن حصة عضوة في جماعة إرهابية، وبتلبس حزان ناسف، وتروح تفجر نفسها في فيلاجيو وإلا ستي سنتر.. وأنا أقعد أبكي، مو عليها، إلا على المجمعات..

أمها بغضب تمد عصاها وتضرب نورة على فخذها: طرم طرم..

نورة تضحك: لحول يمه نمزح نمزح، وإلا دلوعتج مكتوب عليها: ممنوع اللمس والاقتراب والتصوير؟؟

أمها تخزها بغضب.. ونورة ميتة ضحك (نورة مافيه شيء يزعلها أبدا) أم فهد توجه كلامها لحصة بحنان: وش تبين فديتج قولي؟؟

حصة بخجلها اللطيف: صح بكرة الجمعة؟؟

نورة وهي بعدها تضحك: بلا هالمقدمات الفاضية، أدخلي في الثقيل..

أمها: أنا ماقلت لج طرم.. خليها تتدلع وتحط مقدمات، أنا أبي اسمعها.. توجه كلامها لحصة: صح حبيبتي بكرة الجمعة..

حصة تكمل بنفس نبرتها الخافتة: وماعندي مدرسة؟؟

أمها وهي تبتسم وهي عارفة وين تبي توصل: وماعندج مدرسة..

حصة بضراعة ورجاء: زين طالبتج خليني أنام عند جواهر، زمان مانمت عندها.

نورة بعيارة: استحي يا بنت، لا تكونين ترسمين على عزوزي ؟؟ مافيه روحة. انطقي

أم فهد عصبت على نورة وشاتتها بالنعال اللي في رجلها بس النعال ماصابتها، وراحت تركض للطابق الثاني وأمها تتوعدها توريها شغلها: صدق ماعرفت أربيج، أنا أوريج الشغل يا نوير؟؟

نورة تطل من فوق درابزين الطابق الثاني: أم فهد.. أم فهد، خذي هذي، وترسل لها بوسة طايرة من فوق: امسكيها يمه لا تجي براسج..

أم فهد تبتسم من خبال بنتها، وترجع توجه حديثها لحصة: مايصير حبيبتي تنامين هناك، إذا سافر عبدالعزيز مثل المرة اللي فاتت خليتج تنامين عندها..

حصة بحزنها الطفولي: يمه شفقانة عليها، ماشبعت من قعدتها..

أمها بحب: روحي إجلسي عندها من الحين، لحد بالليل، وفي الليل تعالي أنت وياها وأسهروا عندنا، حريم أخوانج واختج كلهم بيجون الليلة.

بين بيت جواهر وخالها باب في السور المشترك بين البيتين، فيقدرون ينتقلون بين البيتين بحرية.

حصة تنط تبوس أمها: زين يمه.. مشكورة مشكورة، ممكن أتصل عليها أشوفها فاضية؟؟

أمها في نفسها: فديت الذربة... : كلميها يمه

*************


آذان العصر على وشك/

عبدالله خلص كلامه
حكى لعبدالعزيز كل شيء
حتى عن أحلامه.. وعن الرقم اشلون جابه، وعن جية جواهر اليوم لمكتبه
حكى كل شيء بصراحة وبدون تلميع.....
ثم قعد ساكت ينتظر رد عبدالعزيز بلهفة..

عبدالله بحذر: عبدالعزيز وش فيك ساكت؟؟ ريحني.. قول شيء يا أخوي..

عبدالعزيز بحزن: وش تبيني أقول؟؟.. برافو عليك.. يالأبو الحريص اللي خفت على عيالك من أمهم، فخطفتهم وحرقت قلبها، لا وكنت مخطط أنها تظنهم ميتين وإنها بتنسى وتتزوج؟؟
كمل عبدالعزيز بغضب: ياقو قلبك يا أخي!!!
من عطاك الحق إنك ترسم مسار حياة إنسان غيرك، لا لا (عبدالعزيز باستدراك ساخر حزين): لا مو ترسمها إلا تدمرها، وتهدمها حجر حجر..

قاطعه عبدالله بحزن: مافيه داعي تبالغ، كاهي جواهر درست وكملت ولا.. دكتورة بعد.. يعني حياتها ما تدمرت مثل ما أنت تحاول تصور لي، هذا إذا كانت ماتزوجت وعندها عيال ثانين (قال الجملة الأخيرة وهو يحسها ثقيـــــــــــــــــــــلة على قلبه ولسانه، بدون مايعرف السبب)..

بدون مايريحه عبدالعزيز ويوصله للمعلومة اللي هو يبي: شوف يا عبدالله، عشان نتجاوز نقطة الخلاف اللي بيننا، الشيء اللي سويته قبل 17 سنة ماله مبرر، ومستحيل يكون له
يمكن أنت كان عندك أسباب، أنت شفتها مقنعة ذاك الوقت، بس مستحيل أن خطف العيال وإبعادهم عن أمهم كان هو الحل الوحيد، لازم كان فيه حلول ثانية، بس أنت فكرت في الحل اللي يريحك بكل أنانية، بينما جواهر بالقلعة.. ولا همتك..(عبدالعزيز بغضب)

(كمل وهو يحاول يسيطر على أعصابه): خلنا ما نتناقش في اللي فات، لأنه مثل ماقلت لك مستحيل حد يقتنع بمبرراتك، خلنا نتناقش في اليوم، بما أنك شفت جواهر اليوم، نكون قطعنا نص المسافة، النص الثاني هو شوفتها لعيالها..
أشلون ممكن تشوفهم؟؟ وشنو الطريقة الأنسب واللي ماتأثر في نفسيتهم؟؟

تنهد عبدالله تنهيدة طويلة: أنا باقول لك.......

#أنفاس_قطر#





الساعة الآن 12:33 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية