منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   القصص المكتملة (بدون ردود) (https://www.liilas.com/vb3/f571/)
-   -   على الباغى تدور الدوائر ( حياة شعبة ظلم سابقا ) (https://www.liilas.com/vb3/t111732.html)

jen 31-07-08 04:55 PM

على الباغى تدور الدوائر ( حياة شعبة ظلم سابقا )
 
حياة..شعبة ظلم





http://www.liillas.com/up/uploads/im...2768464229.jpg





حياة..شعبة ظلم

نعم.. لا نقول ان الحياة بريئة..أو أنها جنة الله على الارض
لكنها ايضا ليست بالجحيم الذى نتصوره

نعم..ما نمر به من أزمات وصعوبات ليس كله من صنع ايدينا واحيانا..يكون للقدر الصنيع الاكبر
لكن ايضا هذا لا يعنى اننا لسنا مسئولون عما يحدث لنا بقرارتنا التى نتخذها بايدينا

نعم..لا استطيع ان اصيح فيكم
كفى اتهاما للحياة..كفى ارتداء ثوب المظلومين ونعت الحياة بالظالمة
لكننى ايضا لن اكون حيادية ان وقفت بصفكم فى مواجهة
الحياة..رامية عليها كل التهم..محملة اياها كل الاثقال

نعم..انتم مظلومون
لكن ايضا الحياة ليست بظالمة
أمازلتم مصرّون !!
اذن
فلتكن
**حياة..شعبة ظلم**
واختبروا معى هذه الشعبة الجحيمية





لا تبخلوا على بردكم الذى انتظره بشوق وترقب مخيف واجهونى بارآكم وتوقعاتكم وتشجيعكم

:flowers2::flowers2::flowers2:
:flowers2::flowers2:
:flowers2:

لن اطيل عليكم وسنبدأ لكننى سأضيف شىء جديد سأضع تصوراتى للابطال ...

قد يرى البعض فى هذا حدا للخيال لكننى اراه انه تواصل وايصال فكرى لكما
سأضع الابطال الذين سيظهروا فى الفصلين الاول والتانى الذين سأبدأ بهما.





http://www.liillas.com/up/uploads/im...41ff8a8092.jpg










http://www.liillas.com/up/uploads/im...8004e17f3a.jpg











http://www.liillas.com/up/uploads/im...a41d39747d.jpg










http://www.liillas.com/up/uploads/im...5d3226bb34.jpg










http://www.liillas.com/up/uploads/im...1cb88bd37c.jpg

jen 31-07-08 04:59 PM

http://www.liillas.com/up/uploads/im...31b7a443da.jpg

jen 31-07-08 05:03 PM

اصعب احساس فى الدنيا
لما تحس بظلم وقهر

وانت يا عينى وحيييييييييييد فى الدنيا
مالكش حد مالكش ضهر

ويوم ما تيجى تتكلم.... ماحدش يسمعك
ويوم ما تنوى تتقدم.... تلاقى كله بيرجعك

ويوم ما تلاقى حبيب ترتاحله

هو اول واحد ...... هو اول واحد
هو اول واحد يخدعك

jen 31-07-08 05:32 PM

انتظرونى الليلة

http://www.liillas.com/up/uploads/im...5f9720a0de.jpg

jen 31-07-08 09:17 PM


الفصل الاول

دموع


يوم شتوى قارص البرودة وضباب كثيف غلف هواء الاسكندرية لم يمنع تلك الاسرة الصغيرة من قضاء عطلة الاسبوع باحدى حدائق الاطفال التى تتوسط الطريق السريع وتفصل بين اتجاهيه المختلفين

فافترشت سيدة بيضاء البشرة تبدو باواخر العشرينات من عمرها جلستها على العشب الاخضر ترقب ابنتها الصغيرة هزيلة الجسد ذات الملامح الطفولية البريئة والشعر الكستنائى الطويل الذى يطير ورائها وهى تجرى ضاحكة هربا من اباها المبتسم الذى استطاع ان يمسك بها ويرفعها عاليا ويدور بها فى دوائر واسعة جعلتها تقهقه وتصرخ بضحك:

-توقف يا ابى توقف.

توقف حسن وانزلها ارضا وهو يشاور بيديه قائلا:

-هل ترغبين يا غادة ان ابتاع لكى غزل البنات من ذلك الرجل .

برقت عينا غادة الخضراوان وهى تبتسم بتلذذ:

-نعم يا ابى .. بالتأكيد ارغب فى غزل البنات.. اننى احب مذاقه كثيرا.

ابتسم الاب وهو يحمل غادة بين يديه ليجلسها على العشب بجوار والدتها وهو يقول:

-حسنا اجلسى هنا ريثما اذهب لاحضاره يا حبيبتى.

صفقت غادة بيديها فى جذل وهى تقول بصوتها الطفولى :

-اسرع يا ابى اسرع.

لوح الاب لها وهو يسير بخطوات سريعة عابرا الطريق الذى يفصل بين الحديقة وبائع غزل البنات الذى اعطاه غزل بنات وردية كبيرة خطفت ابصار غادة فقامت مسرعة نحو اباها الذى اتسعت عيناه فى ذعر وهو يلمح تلك المقطورة القادمة من بعيد فاسرع نحو ابنته وهو يصرخ:

-ابتعدى يا غادة ابتعدى.. منال الحقى بغادة ..ابتعدى يا غادة



هبت منال مسرعة الا انها لم تلحق بغادة التى كانت تعبر الطريق فاندفع حسن نحوها وحملها وقذف بها الى يدى منال التى تلقفتها ووقعت بها ارضا ورفعت عينيها بسرعة لترى زوجها حسن وقد اطاحت به المقطورة امتارا بعيدة الى الامام وتناثرت دماؤه على الطريق فصرخت صرخة ملتهبة جرحت عنقها من شدتها بينما صاحت غادة فى ذعر من وسط دموعها:

-ابى ابى ابى ابىىىىىىىىىىى

jen 31-07-08 10:01 PM


سطعت الاضواء فجأة لتغشى عينا غادة التى اسرعت والدتها نحوها تعدل من وضعها على الفراش وتناولها كوبا من الماء الا انها ابعدته عنها وهى ترتمى فى احضانها وتصرخ من بين دموعها :

- انا السبب..انا السبب..انا قتلته .

همست منال وهى تربت على ظهرها :

- غادة يا حبيبتى ..لا تحملين نفسك اكثر من طاقتها ..قلت لكى مرارا هذا قضاء وقدر ..أمر الله وقد نفذ

التفتت انظارهما الى الرجل حاد القسمات الذى استند الى باب الغرفة قائلا بضيق وهو يلوك السيجارة فى فمه :

- أهو هذا الكابوس ثانية ! ألن نفرغ من أمره ابدا ؟

تطلعت اليه غادة بضيق وهو يضيف بحزم :

- لقد فكرت فى أمرك كثيرا وارتأيت ان تواصلين دراستك الجامعية هنا بجامعة الاسكندرية .. عليك ان تلقى وراء ظهرك رغبتك تلك بالانضمام لكلية الاعلام.

هتفت بتوسل :

- لا ارجوك ..لا تهدم حلمى .. لقد اخبرتكم منذ زمن ان هذه هى رغبتى الوحيدة واخطرت عمى سعيد وقد رحب باستقباله لى للمكوث بمنزله بالقاهرة اثناء فترة الدراسة..ارجوكم انه حلمى الوحيد

تطلعت منال بأمل الى زوجها الذى هتف فى حنق:

- ولم هذا التشتت بين البلدين !!

قالت منال بلهجة ملحة :

- لا ضير يا جلال .. انه عمها وسينتبه اليها جيدا .. دعها تدرس ما تشاء

زفر بحنق وقال موجها حديثه لغادة :

- حسنا و لكن يجب ان تفهمين اننى اسعى وراء مصلحتك واستقرارك

ابتسمت منال وهى تقول :

- بالطبع يا جلال وغادة تتفهم هذا جيدا..اليس كذلك يا غادة ؟

تجاهلت غادة الجواب وهى تهمس :

- دعيه يرتدى منامته.. لا يصح ان يقف امامى هكذا بملابسه الداخليه

ربتت منال على كتفها وهى تهمس بتأنيب :

- اخلدى الى النوم الان يا غادة

الا انها لم تفعل وهبت من فراشها وراء والدتها التى غادرت الغرفة خوفا من ان تبقى معه وحدها لكنه لم يعتقها والتصق بها اثناء مرورها امامه فابعدته عنها بعنف وهى تصيح بضيق واشمئزاز :

- ابتعد عنى.

ولم يفتها ان تلحظ نظراته البذيئة التى تطلع بها اليها فهتفت فى اعماقها :

- يارب خلصنى منه على خير يارب .


*******


خرجت شابة -تعقص شعرها وتخفى ملامحها الجميلة خلف نظارة شمسية كبيرة التهمت النصف الاعلى من وجهها الذى بدت عليه العصبية- من مبنى حديث الطراز واتجهت كالصاروخ الى السيارة السوداء اللامعة التى وقف سائقها فى استقبالها فحمل حقيبتها عنها وفتح لها بابها فدلفت اليها بعصبية أشد لم تغب عن عينى السائق الذى اخذ مكانه خلف مقود السيارة وقال وهو ينظر اليها من المرآة الامامية :

-ماذا بكى يا آنسة دنيا ؟

هتفت :

- ماذا بى ؟

-تبدين متوترة

خففت من حدتها عندما لاحظت خفوت صوته والحرج الذى انتابه بعدما صاحت فيه :

- لا تقلق يا محمود .. انه فقط هذا الوقت الذى نسلم فيه الطلبيات للعملاء وانت خير من يعلم ما اكابده وحدى فى الشركة بعد وفاة ابى يرحمه الله

قال محمود وقد رق قلبه لحالها:

- لن يخذلك الله يا آنسة دنيا وثقى انه يقف بجوارك ويعينك على الشدائد

- اشكرك يا محمود

تطلعت حولها بحيرة عندما فوجئت بالسيارة تقتحم حديقة فيلتها

وهتفت بتعجب :

- هل وصلنا بهذه السرعة ؟

- لا تنسين ان اليوم عطلة يا آنسة دنيا لذا فالطرق خاليه

ثم هزكتفيه وهو يوقف السيارة امام الباب الامامى للفيلا ويتساءل :

- لا ادرى ما الذى جاء بكى اليوم الى الشركة يا آنسةدنيا

لم تجب على سؤاله وهى تترجل من السيارة وتقترب بخطوات سريعة من الفيلا التى ما ان خطت اعتابها حتى صاحت بقوة :

-.. انتصار..انتصار

ظهرت سيدةسمراء يبدو عليها كبر السن وطيبة القلب تبعتها شابة قالت فى سرعة :

- هل تأمرين بشىء يا آنسة دنيا

- كوب من القهوة سريعا يا انتصار

ارتقت الدرج الداخلى للفيلا وهى تخلع حذائها وتطوح به وما ان وصلت غرفتها حتى ارتمت على فراشها وظلت لدقائق تحدق فى الحائط حتى وضعت انتصار القهوة على الكومود المجاور للفراش وقالت وهى تستعد لمغادرة الحجرة :

- هل تأمرين بشىء آخر يا آنسة دنيا

هزت دنيا رأسها وهى تغلق الباب خلفها متمتمة :

- شكرا

وعادت تستلقى على فراشها وترتشف رشفات قصيرة من كوب القهوة الذى حملته بين يديها وهى تعود بذاكرتها الى أول مرة

jen 31-07-08 10:35 PM


الى اول مرة احتوته عيناها.... كان كل شىء تمنته فى فتى احلامها ..خطفها من اول نظرة.. خطف قلبها وعقلها وتركها مجردة من كل شىء الا تلك الاحاسيس التى لا توصف

عندما كانت عيناها تلتقى بعيناه او يحدث بينهما تلامس سريع.


كادت ان ترمى نفسها بين احضانه عندما صرح لها بحبه واسرعت بتعيينه فى وظيفة اعلى ومركز افضل رغم اعتراض ابيها الا انه اثبت انه يستحق هذا المركز خصوصا عندما وقف بجوارها عند وفاة ابيها فلولاه لكانت انهارت


غير منها الكثير .. جعلها انسانة منفتحة على الحياة محبة لها . كانت تعشق كل شىء فيه .جعلها تحب نفسها لكثرة اشعاره التى تغزلت فيها . اسكرها بكلماته المعسولة ووعوده الجميلة وفجأة...............


تحطم كل هذا على صخرة الحقيقة المرة.. جاءت الامواج وسحبت احلامها وامالها جميعها واغرقتها هى نفسها فى دوامة الندم والحسرة والخداع

لقد خدعها وتلاعب بها وكل هذا ليصل الى اموالها ..كرهت يومها ثرائها الذى جعلها مطمع للعديدين وحطم احلى حلم فى حياتها

عرفت حقيقته بالصدفة البحتة ،اذ كانت قد غادرت مقر الشركة لكنها عادت اليه عندما تذكرت اوراق هامة كان يجب ان تأخذها معها

كادت تدخل حجرة مكتب سكرتيرتها عندما سمعت صوته الحالم العاشق وهو يبث السكرتيرة غرامه ويقنعها بالانتظار حتى تنجح لعبته وتقع هى فريسة فى شباكه فيتزوجها ويستولى على اموالها ثم يتركها بلا شىء ليعود لحبيبته السكرتيرة من اغنى الاغنياء ليبدءوا حياة سعيدة معا

لم تدرى كيف عادت الى منزلها . منذ يومين كانت فى قمة سعادتها عندما طلب يدها للزواج والبارحة كانت كأنها دفنت اباها توا

طردته من شركتها دون اعطاء اسباب او حتى مقابلته.... لابد انه تلقى الخبر مترنحا..لا يدرى ماذا حدث؟!!!!!!!

قالت لنفسها ببساطة "سألقى ذكراه من قلبى" وعادت لمقر الشركة حيث كانت القصة لتبرهن لنفسها على هوان الذكريات لكنها لم تتحمل البقاء

وعادت منهزمة

لكنها ستنساه

ستنسى هذا الوغد الحقير الذى تلاعب بمشاعرها وانوثتها لاغراض دنيئة

ستنساه

وارتفع صوتها وهى تهتف فى حرقة:

-سأنساك يا وائل

فى نفس الوقت الذى وقع فيه المصباح على الارض بلمسة سريعة عصبية من يد دنيا لتنطفىء الانوار فى الغرفة وتغرق فى ظلام حالك مشابه لظلام حياتها الاكثر حلكة والذى لا تدرى كيف ستخرج منه؟؟؟؟!!!!!!!



انا من اليوم دة هعيش لحياتى

وهنسى واكّبر من حكاياتى

هى ناقصة؟! والله ما ناقصة

افضل عايش كدة فى جراح

مش فاهم ليه فضلت معاك

مش شايف فيك اى حاجات

jen 31-07-08 11:01 PM




التقطت ناهد سماعة الهاتف ووضعتها على اذنها لتتفاجىء بصوت غاضب متوتر يهتف بسرعة:

-انجدينى يا امى انجدينى

امسكت السماعة بكلتا يديها وهى تقول فى قلق:

-ماذا حدث يا ادهم؟

جاءها صوته الباكى:

-لقد ضعنا ضعنا

-ماذا تعنى؟ ماذا هناك يا ادهم ؟ واين انت؟!!!!!!!!

-انا فى المستشفى ابى فى العناية المركزة تعالى حالا



ما ان اخذت ناهد العنوان من ادهم حتى اسرعت الى المستشفى التى وصلتها بعد عشر دقائق بسيارتها الصغيرة واسرعت نحو غرفة العناية المركزة فوجدت ادهم يقف امامها منهارا فاخذته فى احضانها فى لهفة وقلق وهى تقول بلوعة:

-ادهم ماذا هناك يا حبيبى.. انطق يا ادهم

-لقد ضعنا يا امى لقد ضعنا

-ماذا تعنى بالله عليك؟

صاح حانقا:

-ابى خسر كل شىء فى الميسر(القمار) كل شىء

اتسعت عينا ناهد رعبا وهى تقول ببطء:

-فسر لى ببطء ما هذا الذى تقوله؟؟؟!!!!!!!

قال ادهم بمرارة:

-انتى تعلمين كم خسر فى القمار من قبل؟ وقد وعدنى انه سيتوقف خصوصا بعد خسارته الاخيرة الكبيرة الا انه ذهب اليوم لصالة القمار وخسر فى سبيل لعبته الفيلا وسيارتنا حتى المصنع لم يسلم منه وعندما ايقن انه خسركل شىء باغتته ازمة قلبية نقل على اثرها الى المستشفى لكن.............

قطع ادهم حديثه عندما خرج الطبيب من غرفة العناية المركزة منكس الرأس متعلثما فى حديثه لادهم:

-البقاء لله لقد فعلنا ما استطعنا و........

قطعت كلماته صرخة ناهد التى جذبت انتباه جميع من بالمكان وهى تحاول مسح دموعها التى انهمرت وصرخاتها وكلماتها المتقطعة المتألمة:

-لا رياض.. لا لا يمكن

ثم قالت بعيون حمراء ممتلئة بالالم:

-لا لن اعود للفقر ثانية..... رياض ايها المغفل ايها الوغد الغبى الساعى وراء نزواتك...ايها...

امسك ادهم ناهد وهو يحاول تهدئتها :

-اهدئى اهدئى

-اهدأ كيف اهدأ !! وقد ضيع كل شىء كل شىء

ونحن فى الغربة من سينجدنا؟!

-امى ليس هذا وقته اننا حتى لم ندفنه.. اهذا هو ما تبكين عليه! الا تبكين عليه هو؟ !

لقد مات الا تفهمين؟ ماااااات

وتحشرج صوته وانهمرت دموعه الجريحة

jen 31-07-08 11:16 PM


نظر سعيد الى ساعته بقلق قائلا:

-لماذا تأخرت غادة هكذا ؟!!

اجابته مى التى كانت تضع الطعام على المائدة:

-انت تعلم حركة القطارات يا ابى .. لا تقلق..بين لحظة والاخرى قد تصل

فى هذه اللحظة تناهى الى مسامعهم طرقات على الباب فقام سعيد مسرعا من مقعده الا ان محمد سبقه الى الباب وما ان فتح حتى هلل:

-غادة وصلت غادة وصلت

ضحكت غادة لهذا الاستقبال والترحيب وقالت :

-خذ منى الحقائب بدلا من تهليلك هذا

اندفعت مى لتأخذ غادة فى احضانها قائلة:

-لقد اوحشتينى كثيرا يا غادة لقد فرحت جدا عندما علمت بنجاحك وانكى ستقيمين معنا اثناء دراستك

جذب سعيد غادة الى حضنه وهو يقول:

-وان شاء الله نحن الذين سنوصلها الى بيت عريسها

ابتسمت غادة وهى تقول بخجل:

-لقد كنت قلقة ان اكون ضيفة ثقيلة عليكم

قال سعيد بحزن وعتاب:

-لا تقولى هذا يا غادة انتى ابنتى يا غادة وذكرى من المرحوم حسن

قالت غادة ومى ومحمد فى صوت واحد:

-الله يرحمه

اضاف سعيد :

-ويغفر له ويسكنه فسيح جناته...هيا لنتناول طعام الغداء

ابتسمت غادة وقد شعرت بالسعادة تغمرها والحنان الابوى يروى عطشها واحست انها ستنال اخيرا نصيب من السعادة والحب اللذان طالما تمنتهما

ورغم حزنها لفراق والدتها الا انها سعيدة بالخلاص من زوج امها

شعرت بحب بالغ تجاه عمها الذى كان يضحك فى وجهها ويطعمها فى فمها ودمعت عيناها لشعورها بانها اصبحت جزءا من جو اسرى طالما تمنته


*********

jen 01-08-08 12:00 AM



ترجل ادهم من سيارة بيضاءصغيرة سارع بفتح بابها لناهد المتدثرة بالسواد التى ترجلت منها بدورها واسرعت بالدخول الى الفندق والصعود الى غرفتها ولحق بها ادهم الذى حاول ان يهدىء من انفعالاتها بقوله:

-اهدئى يا امى استحلفك بالله ان تهدئى

صاحت فيه:

-اهدأ! كيف؟ لم يترك اباك ذكرى واحدة حلوة نتذكره بها بل تركنا ناقمين عليه غاضبين منه لتشريدنا بهذه الصورة المهينة فى الغربة فى بلد غير بلدنا وكل هذا لماذا ومن اجل ماذا؟ من اجل نزواته الحقيرة

- ابى كان مريض بهذا الداء اللعين ..كل ما بدر منه لم يكن من شيمه لقد سيطر عليه هذا المرض البغيض

-نعم حتى افلسنا وشردنا وجعلنى اعود للفقر الذى هربت من مصر لاجله سأعود لمصر ثانية وانا فقيرة ..كما خرجت كما اعود

قطب ادهم حاجبيه وهو يتساءل:

-سنعود الى مصر!! لماذا؟

حدقت فى وجهه بدهشة قائلة:

-لماذا! هل تسأل لماذا؟ ولماذا نجلس هنا ؟ ماذا لنا هنا؟

لوح بكفيه قائلا باستغراب:

-وماذا لنا فى مصر؟

لاحت ابتسامة على شفتيها وهى تجيبه:

-لى ابنة اخ ثرية سنقيم معها

ارتفع حاجباه فى دهشة وهو يقول:

-ابنه اخ! انتى لم تحدثينى ابدا عنها!

-لان هناك مشاكل بينى وبين اخى .. انقطعت العلاقة بيننا منذ سنين طويلة

-لماذا؟!

بدا عليها التوتر وهى تقول:

-لان..لان..لانه كان معترض على زواجى من ابيك

-لماذا؟!

قالت ناهد فى عصبية:

-لا ادرى.. هل هو تحقيق؟!

قال ادهم فى حيرة:

-اذن كيف سنذهب اليه ؟

- لن نذهب اليه .. انه متوفى بل سنذهب لابنته وهى لا تعرف شيئا عن خلافاتنا وبالتأكيد سترحب بنا

-وهل تعرفك؟

اومأت برأسها واجابت:

- نعم لقد كانت تحادثنى دائما لاننى انا الوحيدة المتبقية من اقربائها وهى التى ابلغتنى نبأ موته ودعتنى ان اقيم معها لكننى كنت فى قمة وثرائى فلم اقبل لكننى الان فى اشد الحاجة اليها..لكننا لن نذهب كضيوف لديها

-اذن بأى صفة سنذهب؟

قالت ناهد فجأة بحماس:

-ادهم.. هل تريد ان تحيا فى الثراء ام فى الفقر؟

مط شفتيه قائلا:

-وهل هذا سؤال؟

-هل ستوافقنى اذن فيما سأطلبه منك والذى يضمن لنا الثراء مرة ثانية ؟

لمعت عيناه وهو يجيب بحماس :

-بالتأكيد

-حسنا استمع الى جيدا.......



**************

jen 01-08-08 12:08 AM

اتمنى ات تكون البداية قد اعجبتكم واستحوذت على انتباهكم
القصة لم تبدأبعد والتطورات القادمة لا تريدون ان تفوتوها
ارجو ان تشاركونى بارائكم وتشجيعكم وانتقادكم ايضا
وتحية خاصة للاخ العزيز ابراهيم والاخت الغالية على قلبى بوسى

ساترككم الان مع شخصيتين جديدتين ستظهران فى الفصلين القادمين

http://www.liillas.com/up/uploads/im...850dbaba03.jpg




http://www.liillas.com/up/uploads/im...d71f6985d1.jpg




http://www.liillas.com/up/uploads/im...999f3845a8.jpg

jen 02-08-08 10:57 AM



الفصل الثانى

سعادة مؤقتة



تلفتت غادة حولها وهى تتطلع لكلية الاعلام التى طالما تمنتها برهبة شديدة وسعادة فائقة

ها هى تحقق اولى احلامها وتلتحق بالكلية المرموقة التى تستطيع من خلالها ان تكون وجه اعلامى بارز ومذيعة مشهورة تحاور نجوم المجتمع

هى تعلم انها جميلة ووجه لافت تتوقف عنده الانظار لذا لا تشك انها ستصل لما تطمح اليه .

استغرقت فى احلامها الجميلة التى رأت فيها الاضواء والشهرة وتشجيع المعجبين فلم تلحظ ذلك الشاب الوسيم الذى تبدو الرصانة على ملامحه والذى اخذ يراقبها من بعيد ورغم التردد الذى بدا على وجهه الا انه حسم الامر واقترب منها قائلا بعد ان تنحنح:

-اهلا بكى فى كليتنا.. هل هذا يومك الاول بالكلية؟

انتزعها من شرودها واحلامها الجميلة فقالت فى سرعة دون ان تنظر اليه:

-بالتأكيد يمكنك اخذ توقيعى

قطب "على" حاجبيه فى دهشة ورغما عنه ابتسم وهو يهتف:

-ماذا؟!!!

ارتبكت عندما تطلعت الى وجهه المبتسم .. هذه هى المرة الاولى التى يحادثها شابا غريبا عنها وان ادركت ان هذا ليس السبب الاوحد لارتباكها فالشاب بنظراته التى سبرت اغوارها ولمست قلبها وابتسامته الرائعة وعيناه الساحرتان و.....

-لماذا لا تجيبين؟

افاقت غادة من شرودها واجابت بتعلثم لم تستطع التخلص منه:

-اسفة لكننى كنت شاردة فى حلم جميل

قال على وهو يكتم ضحكاته:

-يبدو عليكى بالفعل.. لكن لا تكثرى من تلك الاحلام خاصة فى هذا المجال

بدت عليها الحيرة وهى تنظر اليه بعدم فهم فاضاف:

-انا لا احبطك صدقينى ولكننى اساعدك الا تحبطى فيما بعد ..المهم..بالطبع من حديثك ونظراتك المبهورة واحلامك يبدو ان هذا عامك الاول ..اليس كذلك!

قالت غادة بصوت مبحوح وهى تحاول التماسك بعد كلماته المؤلمة:

-نعم انا فى السنة الاولى

-اهلا بك فى كليتنا.. هل تريدين الانضمام الى اسرتنا يا انسة ......

اسرعت غادة تقول وقد عاد الحماس الى صوتها:

-غادة

-يا انسة غادة.. يسعدنا ان تنضمى الى اسرة الحرية .. انا رئيسها ورئيس اتحاد الطلبة كذلك "على عزت ".. هل تحبين الانضمام الينا؟

اسمعى تعالى معى.. سأعرفك بأسرتنا ونشاطاتنا

سارت معه كالمسحورة وهى تشعر بسعادة من نوع خاص وتلفتت حولها لتجد انظار الكثيرين موجهة اليهم وكما لمست نظرات ترحيب من عيون البعض لم يغب ايضا عن نظرها نظرات غيرة من عدد ليس بقليل من الفتيات لكنها لم تهتم وسارت وراءه وهى تزغرد فى اعماقها وكأن قلبها يرتدى رداء جديد زاهى لونه احمر غير رداؤه القديم المحترق المهترئ والذى يغلب عليه اللون الاسود الحالك


***************



استغرقت دنيا فى البحث بين ملفاتها بمكتبها بمقر شركتها حين دلفت الحجرة سكرتيرتها - التى استبدلتها بدلا من تلك المخادعة التى تآمرت مع وائل - بعد ان طرقت الباب وقالت لها عندما رفعت اليها دنيا عينيها بتساؤل:

-انسة دنيا هناك شخص يريد مقابلتك

قالت دنيا بضيق وهى تعاود النظر فى اوراقها:

-الا ترين انى مشغولة! من هذا؟

-شاب يدعى وائل فريد

انتفضت دنيا من على مقعدها وتعلثم هتافها:

-من!! وائل فريد! كيف دخل هذا الرجل الشركة؟ ابلغيه انى مشغولة وابلغى حراس الامن باصطحابه الى الخارج ان لم يرحل بسهولة واصر على مقابلتى كما ابلغيهم الا يدعوه يتخطى عتبة الشركة مرة ثانية..افهمتى

-لكنه يقول انه يريدك فى امر هام جدا..امر لا يحتمل التأجيل

قالت دنيا بغضب:

-انا اعلم فيما يريدنى..نفذى ما قلته بدون مناقشة

قالت نانسى بهدوء وهى تنصرف:

-امرك يا دنيا هانم

تساقطت دمعتان من عينى دنيا وهى تقول بمرارة:

-لماذا عدت يا وائل؟ لماذا عدت؟ الم يكفك ما فعلته بى! اترك لى فرصة كى انساك وانسى غدرك بى

اخرجها من دموعها واحزانها رنين هاتفها المحمول الذى اضاءت شاشته برقم دولى فاسرعت بتلقى المكالمة مجيبة:

-الو

جاءها صوت عمتها ناهد وهى تقول برقة ونعومة:

-الو دنيا حبيبتى انا عمتك ناهد

قبضت دنيا على الهاتف الصغير بكلتا يديها وهى تقول بفرحة لسماع صوت محبب الى قلبها:

-اهلا عمتى كيف حالك؟

-كيف حالك انتى لقد اوحشتينى كثيرا

عاد الحزن لصوت دنيا وهى تقول بعتاب:

-ان كنت قد اوحشتك كنتى اتيتى لرؤيتى

-وما ادراكى اننى لست قادمة

قالت دنيا بسعادة وهى تجفف دموعها بسرعة:

-هل حقا ستأتين الى مصر يا عمتى ؟!!

-نعم يا حبيبتى

-هذا اجمل خبر سمعته فى حياتى

ثم قامت من مجلسها واتجهت للنافذة التى تطل على نهر النيل متطلعة الى تموجاته البسيطة التى يتوه البصر بينها وهى تقول بحنين:

-يجب ان تأتى سريعا يا عمتى.. مصر تغيرت كثيرا وانا ايضا تغيرت

-لو كنتى بين مليون يا دنيا سأتعرف عليكى ولا تقلقى سآتى انا وادهم فى القريب العاجل

قالت دنيا بلهفة :

-اذن اسرعى بالحضور وانا انتظركم على احر من الجمر وبالطبع انسى موضوع الاقامة فى فندق ستقيمين فى فيلتى

-بالطبع يا حبيبتى مع السلامة

دارت دنيا فى الغرفة بسعادة بمجرد ان انهت الاتصال..اخيرا لن تشعر بالوحدة

اخيرا سترى عمتها الحبيبة .. اخيرا سيكون لها صدر حنون ترمى عليه انفعالاتها

وفى الجانب الاخر ما ان وضعت ناهد السماعة حتى التفتت الى ادهم المترقب وقالت بانتصار:

-يا له من صيد سهل



***************



وضعت مى اكواب الشاى على صفحة يبدو عليها القدم امام المنضدة التى يجلس سعيد ورائها متصفحا الجريدة على تلك الاريكة العتيقة المهترئ فراشها ولكزت محمد فى كتفه لتلفت انتباهه بعيدا عن القبلة الرومانسية بين صباح وعبد الحليم فى فيلم شارع الحب

فقال فى تبرم وهو يبعد نظره عن التلفاز:

-ماذا هناك!!!

قالت فى عتاب:

-الشاى

ثم اضافت فى همس حتى لا يسمعهم اباها المختبئ وجهه خلف الجريدة:

-التفت الى مذاكرتك افضل من هذه الاشياء.. انت مازلت صغير لتشاهدها

ثم صاحت وهى تنظر لغرفتها:

-غادة.. هيا ..لقد اعددت الشاى

اسرعت غادة بالقدوم من الغرفة وجلست وسطهم فى الصالة فاعطتها مى كوبها وهى تسحب مقعدا من مقاعد الصفرة قديمة الطراز وتسأل اباها:

-هل حقا بعت الارض يا ابى؟

وضع الجريدة جانبا وتناول كوب الشاى وقال بعد ان رشف منه فى استمتاع:

-جميل.. تسلم يداكى..نعم يا مى بعتها واخذت النقود التى ادخرتها وذهب المرحومة والدتك ..اعذرينى يا مى لقد اردت ان اتركه لكى ليوم زفافك لكننى فى ضائقة

قالت مى بسرعة لتمحى احساسه بالذنب:

-لا تقلق يا ابى .. انا اعلم انك ستعوضنى عنه بخير منه

تدخل محمد فى الحديث وهو يقول فى لهفة:

-اكمل يا ابى .. ماذا فعلت بكل هذا؟!

-ابتعت شقة ببرج تبنيه شركة (المعماريين)

قالت مى بدهشة:

-شقة!!!!

بينما اقبل سعيد على الحديث بنهم ليشرح وجهة نظره:

-نعم يا مى شقة.. شقة تؤمن مستقبلنا نؤجرها وننتفع بايجارها فى معيشتنا وتكوين جهازك وعندما يتزوج اخاكى محمد يتزوج فيها

قام محمد من مجلسه واحتضن اباه قائلا:

-يا لها من فكرة رائعة يا ابى

ضحك سعيد وهو يقول:

-نعم رائعة لانها تصب فى مصلحتك

قال محمد فى بكش:

- فى مصلحتنا كلنا

تدخلت غادة قائلة:

-هذا تفكير جميل وواقعى يا عمى وبالفعل تدبير جيد للمستقبل و....

قاطعها رنين هاتفها المحمول الذى جعلها اهتزازه فى جيب منامتها تنتفض ..اخرجته من جيبها ونظرت الى شاشته وقالت باعتذار:

-معذرة هذه امى سأحدثها فى الغرفة

-تفضلى يا ابنتى وابلغيها بسلامى

-حاضر يا عمى

اسرعت غادة بدخول الغرفة واغلقت بابها ورائها وهى تفتح زر الاضاءة ثم قفزت على الفراش الضيق الذى يسعها مع مى باعجوبة وتلقت الاتصال قائلة بلهفة:

-الو

جاءها عبر الاسلاك-اقصد الموجات اللاسلكية- صوته الحالم:

-كيف حالك يا غادة؟

اجابت غادة بصوت هامس وهى ترفع قدميها من على الارض وتتمدد على الفراش:

-بخير حال يا على

-لقد اوحشتينى كثيرا يا غادة

لم تجب غادة وهى تحلق فى السماء وتلهو مع القمر اله المحبين

نعم هما شهران فقط عمر علاقتها به لكنهما كفيلان بتفسير كل لحظة تفتقده فيها وكل لحظة ترغب فى الا تفارق عيناها عيناه

عاد على يقول بصوت عاشق:

-انا احبك كثيرا يا غادة

اردت ان اقولها لكى غدا وجها لوجه لكن لهفتى لم تواتنى الفرصة

كانت هذه اول مرة يصرح لها بحبه فوقعت كلماته على اذنيها وقع لا مثيل له واهتز كيانها كله مع صوته الحالم وعذوبة كلماته ولم تدرى كيف واتتها الجرأة لتقول الكلمة التى سكنت وجدانها وافترشت قلبها :

-وانا ايضا يا على

لمحت السعادة فى صوته وهو يقول بهدوء:

-اذن لنا حديث مطول غدا

قالت غادة فى حب:

-غدا يا على

-انتظره على نار يا غادة قلبى واحلامى الى اللقاء

قالت غادة فى خجل:

-الى اللقاء

واغلقت الخط وهى تربت على هاتفها المحمول وتأخذه فى حضنها وتسبح فى بحر من السعادة والحب حتى اصطدمت بصوت مى المعاتب:

-الله الله.. هل جئتى القاهرة للدراسة ام للحب يا غادة هانم

تفاجأت غادة بوجودها فاعتدلت فى سرعة وقالت بخجل

:ماذا تقولين

عقدت مى ساعديها امام صدرها وهى تقول بتساؤل :

-ومن على هذا؟!!!

انشغلت غادة بترتيب المكتب وهى تقول بتعلثم:

-انه شاب

-انا اعلم انه شاب .. لكن ما موضعه فى الجملة

ضحكت غادة وهى تقول:

-مبتدأ وانا خبره

هتفت مى بتحذير:

-غادة

اجابت غادة فى همس:

-انا احبه يا مى

-تحبيه!

-نعم وهو ايضا يحبنى لقد صرح لى فى هذه المحادثة

امسكتها مى من كتفيها لتواجها قائلة:

-غادة..احذرى من دوامة الحب هذه .. انها دائما غادرة ولا تنسى انكى هنا لتتعلمى ولا تضعى نصب عينيك هدف آخر سوى هذا

-لا تقلقى علىّ يا مى .. على يحبنى وهو انسان صالح

قالت مى فى تبرم:

-لكن انتى مازلتى صغيرة على مواجهة هذه المشاعر يا غادة

قالت غادة مدافعة عن حبها:

-الحب احساس لا يتعلق بالعمر يا مى والا ما كنت قد احسست به اصلا انه يراود الانسان ايا كان عمره .. انه انبل احساس يشعر به الانسان

انتى لا تدرين مدى سعادتى بالجو الاسرى هذا وبحب على..اننى لا اصدق ان هذه هى الدنيا

قالت مى فى تحذير وهى توقف دوران غادة فى ارجاء الغرفة:

-جيد انكى تعلمين .. الدنيا لا تمنح كل شىء.. انها ليست كريمة الى هذا الحد .. غادة احذرى من غدرها

-لقد قلت لكى يا مى لا تقلقى

ثم نظرت بتمعن الى الانفعالات البادية على وجهها وقالت فى تعاطف ولهفة:

-هل اصابك شىء ما سابقا يا مى يدفعك لقول هذا الحديث؟!

لم تجب مى ورددت قبل ان تغادر الغرفة:

-الدنيا غادرة يا غادة .. اعتنى نفسك

نظرت غادة الى الباب المغلق بعد مغادرة مى وتساءلت فى اعماقها

(ماذا تخفين يا مى!!!!!!!!!!!!)



*****************


انهى حسام توقيع الاوراق مع سعيد الصادق ثم ضغط زر بجهاز على مكتبه وقال:

-نيرمين.. احضرى عصير برتقال من فضلك

قال سعيد فى سرعة وهو يلوح بيديه نفيا:

-لا داعى لهذا يا حسام بيه

-كيف يا استاذ سعيد ؟ هذا احتفال بسيط بتوقيع العقود ..الف مبروك

اجابه سعيد بسعادة:

-الله يبارك فيك يا حسام بيه وان شاء الله القسط الاخير من المبلغ سيكون عندك ريثما اتسلم بقية نقود بيع ارضى

-ان شاء الله يا حاج سعيد والف مبروك مرة ثانية مبارك عليك الشقة

قال سعيد بامتنان:

-مبارك علينا امثالك يا حسام بيه الذين يشعرون بالغلابة امثالنا.. فالشقة شقة الاحلام.. حمدا لله انه مازال يوجد اناس مثلك يا حسام بيه

قال حسام فى تواضع:

-لا تقل هذا يا حاج سعيد..هذا واجب علينا ..نحن نسعى لرضا لله

رفع سعيد ذراعيه وهو يقول فى دعاء مستهل بالسعادة:

-ربنا يخليك يا حسام بيه ويكتر من امثالك ..انا حتى الان لا اصدق نفسى ! شقة بهذه المساحة وهذا الموقع وبهذا الثمن!

-اشكرك يا حاج سعيد

ثم قال بعد ان وضع الساعى العصير امامهم:

-تفضل يا حاج سعيد تناول عصيرك

تناول سعيد العصير واخذ منه رشفة ثم قام من مجلسه وهو يقول:

-استئذن انا يا حسام بيه حتى لا اشغلك اكثر من هذا

قام حسام هو الاخر وهو يصافحه ويقول بمجاملة:

-لا ابدا يا حاج سعيد

قال سعيد وهو يتجه للباب:

-لا ..لايصح انت ورائك مشاغل كثيرة

-مع السلامة يا حاج سعيد

مرت نيرمين بجوار الحاج سعيد وهو يخرج من الباب فقال بعد ان القى على ملابسها نظرة سريعة غير مقصودة:

-استغفر الله العظيم ..استغفر الله العظيم

نظرت نيرمين اليه وهو يبتعد عن نظرها وقالت بعد ان مصمصت شفتيها:

-عجبى! من اين يأتون هؤلاء!

ثم اسرعت بتوجيه حديثها الى حسام الذى كان يضحك :

-الحاج سلامة المقاول فى انتظارك يا حسام بيه

-اجعليه يتفضل

ثم اضاف بصوت عالى:

-تفضل يا حاج سلامة

ولم يفته ان يمارس متعته المفضلة بان ينظر الى نيرمين وهى تغادر الا ان رؤيته للحاج سلامة انتزعته من المواصلة اذ ادار بصره اليه وهو يدخل مضيفا جوا بلدى على المكان حيث استقبل حسام بحفاوة ابناء البلد وهو يقول:

-حسام بيه ..كيف حالك؟ لقد اوحشتنا يا جدع

ظهرت ابتسامة كبيرة على ثغر حسام وهو يصافح سلامة ويدعوه للجلوس:

-اهلا اهلا يا حاج سلامة تفضل اجلس .. ما اخر الاخبار!؟

قال سلامة وهو يخلع حذاؤه ويقول بارتياح:

-اااااه كله تمام يا حسام بيه.. يوم شاق

ثم اعاد الحذاء سريعا الى قدميه وهو يتابع حديثه بحرج بعد ان ظهر تعبير الاشمئزاز على وجه حسام:

-العمال الان يواصلون العمل فى الطابق الثالث عشر

هز حسام رأسه فى ارتياح وهو يقول فى تساؤل:

-تمام تمام.. ومتى سيبدأون العمل فى الطابق الرابع عشر؟

ظهرت الدهشة على وجه سلامة وهو يقول باستغراب:

-الطابق الرابع عشر!الطابق الثالث عشر هو الاخير يا حسام بيه الاساسات لن تتحمل اكثر من هذا .. انها تتحمل 10 طوابق فقط لكننا اضفنا ثلاثة طوابق مخالفة وهى بالكاد تتحملهم

قال حسام فى عناد:

-ليست مخالفة يا حاج سلامة لقد اخذنا تصاريح بذلك

اجاب سلامة فى انزعاج:

-نعم ولكن هذه التصاريح مزورة يا حسام بيه لاننا غيرنا من حجم الاساس وجعلناه يبدو اكثر مما هو عليه على الورق عنه فى الواقع

قال حسام فى تصميم:

-لكننى اريد طابقا اخرا يا حاج سلامة

حاول سلامة اقناعه بقوله:

-يا حسام بيه صدقنى بهذه الطوابق الثلاثة عشر وهناك احتمال عدم صمود البرج .. ماذا سيحدث لو اضفنا طابقا اخر؟!!

قال حسام بلامبالاه:

-طالما اننا فى السليم فلن يحدث شىء

كاد سلامة ان ينهار وهو يقول :

-نعم يا حسام بيه لكن هذا الطابق الاخير ليس فى السليم ..التصاريح ب............

قاطعه حسام بحزم:

-نستخرج تصريح جديد

قال سلامة بدهشة:

-كيف!! لقد استخرجناه بالفعل

اقترب منه حسام وهو يشاور بيديه ويقول بنظرات ماكرة:

-تصريح اسمه المال

ظهرت الصدمة على وجه سلامة وهو يقول:

-يا حسام بيه انا ارى...

رفع حسام صوته وهو يقول بغضب هادر:

-انت لا ترى انا وحدى من ارى.. لقد احتملتك كثيرا وناقشتك وهاودتك لكن لكل شىء حد..من انت لتتلى علىّ ما افعله.. انت مجرد موظف لدى لا اكثر وربما اقل

نفذ ما اقول بدون نقاش

اعرف من المهندس المسئول واعرف ثمنه وادفع له

مفهوم

قالها بنظرة تحذير

نكس الرجل رأسه مجيبا بذل:

-مفهوم يا حسام بيه مفهوم


**************

jen 02-08-08 11:13 AM


jen 02-08-08 01:39 PM

ساق ادهم السيارة خارجا من معرض السيارات وبجواره ناهد المتأنقة والتى خلعت ثوبها الاسود لترتدى زيا اصفرا مزركشا وتأملت الطريق حولهم قائلة بسعادة:
-مصر.. اخيرا عدت اليكى.. ما رأيك فيها يا ادهم
تجاهل ادهم سؤالها وهو يقول فى تأفف:
-لا ادرى ما المغزى فى تأجير هذه السيارة ! لقد كنا فى حاجة الى هذه النقود التى تبعثريها على الثياب وهذه المظاهر
اجابته لتمحى استغرابه :
- يجب ان ندخل عليها بكامل اناقتنا وبسيارتنا الفخمة حتى لا تشك بشىء يجب الا تعرف بامر افلاسنا حتى لا تشك بامرنا
-كيف ستشك بعمتها وابن عمتها
نظرت اليه نظرة استياء اشعرته انه غبى وهى تقول:
-لن تشك فى اقامتنا معها لكنها ستشك فى مخططنا ايها الغبى لن تؤامن لنا او تثق بنا
انها ليست غبية .. ولكن عندما تعرف اننا فى نفس مستواها لن تشك بشىء ولن تأخذ حيطتها
افهمت
-حسنا ... انتى تعرفين اكثر منى
ابتسمت وبدت وكأنها تتذكر شيئا ما وقالت:
-بالطبع اننى قديمة فى هذا المجال
قال ادهم فى حيرة:
-ماذا تعنين!
-لا..لاشىء.. هل حفظت دورك جيدا؟
قال ادهم وهو يبتسم:
-الا هذا..هذه هى لعبتى .. لا تقلقى لكن اخبرينى هل هى فتاة جميلة؟
-بالتأكيد اننى لم ارها وهى فى هذا السن لكنها كانت جميلة وهى صغيرة
قال ادهم فى ارتياح:
-جيد لانه سيصعب على ان العب لعبتى وانا لا اطيق رؤيتها مثلا
ضحكت ناهد وربتت على كتفه وهى تقول :
-لا اطمئن من هذه الجهة
ثم قالت بلهفة وهى تشير بيديها الى مبنى يقترب:
-ها قد وصلنا وعدنا للعز ثانية
ثم التفتت لادهم الذى دخل بالسيارة الى حديقة الفيلا بعد ان اطلع البواب على هويتهم وقالت بتحذير:
-لكن بشكل مؤقت .. لذا يجب ان نتصرف بسرعة
**************
رن جرس الباب رنين متواصل فتأففت غادة وخرجت من غرفتها وهى تصيح:
-مى ..اين انتى؟ لماذا لا تفتحين؟
اتاها صوت مى المتألم:
اننى فى المطبخ اكاد لا ارى..اقوم بتقطيع البصل.. لماذا لا تفتحين انتى؟!
قالت غادة وهى تضع اللمسات الاخيرة امام المرآة:
-اننى مشغولة بارتداء ملابسى للذهاب للكلية
حاولت مى ان تنظر بتأنى من خلال دموعها الى غادة التى وقفت امامها فقالت بتهكم:
-كل هذه الاناقة من اجل الذهاب الى الكلية ام من اجل لقاء حبيب القلب!
ضحكت غادة وقالت بخجل:
-اذن انتى تعرفين
ثم اضافت بضيق:
-عن اذنك سأذهب لفتح الباب لان رنين جرسه اصم اذنى
واتجهت غادة لفتح الباب ففوجئت بشاب اسمر متوسط الطول نظر لها باعجاب قائلا بلهجة ودية:
-صباح الخير
-صباح الخير..من حضرتك؟
-انا امجد السعدنى الذى اشتريت من الحاج سعيد الصادق ارضه ..هل الحاج سعيد موجود؟
-فى الحقيقة هو ليس موجود الان ..انه مع ابنه محمد يتقدم لاختبارات كلية الشرطة
-حقا! اتمنى ان يتمكن من الالتحاق بها
قالت غادة فى سرعة وهى تنظر بطريقة غير ملحوظة الى ساعة يدها فقد تأخرت على موعدها مع على :
-شكرا .. هل ابلغه بشىء عندما يعود؟
-لا سوف اتصل به ثانية لاحدد معه ميعاد لمقابلته
ثم قال بحرج :
-هل يمكنك اعطائى رقم هاتفك المحمول لاتصل به انا ليس لدى اى وسيلة لمهاتفته
ابتسمت غادة فى امتعاض وهى تقول فى ضيق:
-لا اظن ذلك لكن يمكننى اعطائك رقم هاتف ابنه محمد انه
.............................
سجله امجد على هاتفه وهو يقول فى اسف:
-متأسف ان كنت قد ازعجتك
-لا ابدا مع السلامة
-عن اذنك
ولم ينسى ان يلتفت ورائه ناظرا اليها باعجاب لكنها اغلقت الباب فى وجهه سريعا وتوجهت لغرفتها اخذت حقيبتها وكشكول محاضرتها ثم قالت بصوت مرتفع وهى تفتح باب الشقة :
-مى انا ذاهبة الى الكلية
-حسنا يا غادة لا تتأخرى
-ربما قليلا
قالت مى فى الحاح:
-غادة ارجوكى انتهى من محاضراتك وعودى سريعا
قالت غادة فى تأفف وهى تغلق الباب ورائها:
-حسنا حسنا
وقفت امام مدخل المنزل تنتظر الاوتوبيس الذى سيقلها الى الجامعة بينما كان امجد ينتظرها فى سيارته بعد ان سمع صوتها المرتفع من خلف الباب يقول انها ذاهبة الى الكلية وما ان ظهرت امامه حتى اتجه اليها قائلا:
-يا انسة.....
التفتت غادة لتجد امجد الذى اضاف:
-هل هناك شىء استطيع ان اقدمه لكى ؟ استطيع ان اوصلك الى اى مكان تريدينه بسيارتى
تطلعت غادة الى السيارة الفخمة التى اشار اليها ثم عادت تنظر اليه باستنكار وهى تقول بحزم:
-اشكرك يا استاذ امجد
-لا حقا تفضلى انا فى خدمتك
عقدت ساعديها امام صدرها وهى تقول فى ضيق:
-قلت شكرا يا استاذ امجد انا لم اعتد مشاطرة سيارة مع احد غريب
قال امجد فى الحاح:
-اننى اعرف والدك جيدا منذ زمن طويل .. اننى لست بغريب
-شكرا.. عمى سعيد ليس والدى اننى ابنة اخوه
-لم نبتعد كثيرا
زفرت غادة بضيق لكنها لمحت الاتوبيس قادما فاسرعت اليه قائلة :
-عن اذنك
واسرعت بالصعود اليه رغم ازدحامه ولم يغب عن عينيها نظرة امجد لها التى كادت ان تلتهمها فنظرت الى الجهة الاخرى وهى متشبثة بالحامل فى سقف الاتوبيس الذى كان يبتعد وعينى امجد تلاحقه حتى اختفى عن الانظار
اقترب كلا من ادهم وناهد من باب الفيلا وكادت يد ناهد ان تضغط على الجرس الا ان ادهم منعها فى اللحظة الاخيرة وهو يتساءل:
-هل هى على علم بوصولنا؟
-نعم هى فى انتظارنا..اسمع هل تتذكر ما قلته لك عنكم صغيرا عن طفولتكم وعن لعبكم سويا وحبكم الساذج يجب ان تذكرها بذلك حتى تختصر الطريق
-اطمئنى اننى اعرف كل شىء
- اذن هيا اقرع الباب
ضغط ادهم على جرس الفيلا ففتحت انتصار وعلى وجهها ابتسامة كبيرة وهى تقول بترحيب:
-اهلا اهلا تفضلى يا ست هانم تفضل يا بيه
قالت ناهد باستعلاء:
-اين سيدتك يا بنت؟
استغربت انتصار من لهجة ناهد فهى لا تشبه ابدا سيدتها الطيبة المتواضعة دنيا الا انها قالت فى سرعة:
-فى غرفتها يا هانم سأناديها لكى على الفور
نظرت اليها ناهد بغضب وهى تقول:
-هل ما زلتى هنا اسرعى اخبرى سيدتك اننا وصلنا
صعدت انتصار على الدرج الداخلى للفيلا بسرعة وهى تندب حظها العاثر الذى اوقعها مع هذه السيدة وقالت لنفسها فى خوف وقلق
(يا ترى ماذا سيحدث لكى يا بنت يا انتصار خصوصا مع اقامة هذه السيدة المتعجرفة كما اخبرتنا دنيا هانم)
تجولت ناهد وخلفها ادهم فى الفيلا يشاهدون صالة الاستقبال الواسع الملىء بالتحف الراقية والاثاث الشيك فقالت ناهد بانبهار وهى تتأمل الصالة:
-لقد غيرت كل شىء واحضرته على النظام الحديث
شاركها ادهم انبهارها وهو يقول:
-الفيلا رائعة جدا
-هذا يعود ذوقك يا ابن عمتى
التفت ادهم ورائه فى سرعة ليشاهد صاحبة الجملة .. تلك الفتاة الجميلة آخاذة الملامح متناسقة الجسد رقيقة الخطى تهبط من على الدرج
نظر اليها باعجاب وهو يصافحها قائلا:
-كيف حالك يا دنيا؟ لقد تغيرتى كثيرا
ضحكت دنيا وهى تقول :
-للافضل ام للاسوأ؟
اسرعت دنيا تحتضن عمتها -وشعرت فجأة بحنان وراحة وهى بين احضانها- التى اشبعتها بالقبلات وهى تقول:
-دنيا حبيبة قلبى
لقد كبرت حقا واصبحتى مثل القمر
ثم ادارتها لتكون فى مواجهة ادهم وقالت:
-قولى لى ما رأيك فى ابن عمتك ادهم؟
عقدت دنيا حاجبيها فى استغراب وهى تقول:
- ياااااااه .. لقد مرت اكثرمن 15 عام لم ارك فيها
كيف حالك يا ادهم؟ لقد تغيرت انت ايضا وافتح لونك كثيرا .. اتذكر انك كنت تميل الى السمار!
-جو لبنان يا دنيا ..نادرا ما تسطع الشمس
-بالطبع 00كيف لبنان
-رائعة
-وكيف حال عمى؟ لماذا لم يأتى معكم؟
ظهر الحزن فى صوت ادهم وهو يقول:
-البقية فى حياتك
ظهر الحرج والتعاطف فى صوت دنيا وهى تقول:
-انا اسفة يا ادهم ولكن الحال من بعضه
نقلت ناهد انظارها بين ادهم ودنيا الذى استمد بهما الحديث وشعرت بالسعادة وهى تقول بمرح:
-هل سنظل نتحدث هنا ؟ الن نشاهد الفيلا يا دنيا؟
-انها فيلتك يا عمتى لن ادعوكى انا لمشاهدتها لكن على اى حال تفضلوا
ثم تلفتت حولها وهى تقول باستغراب:
-لكن اين حقائبكم
اجابها ادهم:
-انها فى السيارة
صاحت دنيا:
-عم سالم عم سالم
ظهر بواب الفيلا وهو يقول بسرعة:
-تحت امرك يا دنيا هانم
اشارت دنيا لادهم باعطائها مفاتيح السيارة التى اخذتها منه بعد ان اخرجها من جيبه لتناولها لسالم وهى تقول:
-احضر الحقائب من السيارة يا عم سالم وانقلها الى غرفة ناهد هانم واستاذ ادهم
-فورا يا دنيا هانم
التفتت اليهم دنيا وهى تصعد السلالم بجوار عمتها وتقول بترحاب:
-تفضلوا حتى ادلكم على غرفكم واتمنى ان تروق لكم
احاطت ناهد وسط دنيا بذراعها وهى تغمز لادهم من وراء ظهر دنيا وتقول:
-بالتأكيد
*************

jen 04-08-08 09:56 AM



الفصل الثالث

رغبات ملحة


طرق عمرو باب مكتب حسام ودخل بعدما سمع حسام يقول:

-تفضل بالدخول

اقترب عمرو من المكتب القابع حسام خلفه قائلا وهو يبتسم:

-صباح الخير يا حسام

اجابه حسام بجفاء وهو يشير اليه بالجلوس:

-اهلا يا عمرو تفضل اجلس .. ما الاخبار

-الحمد لله

انشغل عنه حسام باللعب فى قلمه وهو يقول بنفس اللهجة الجافة:

-وكيف احوال والدك الصحية الان؟

تغير صوت عمرو وبدا الحزن على وجهه وهو يقول:

-فى الحقيقة احواله ليست جيدة لكن الحمد لله على كل شىء

صمت حسام قليلا ثم قال وكأنه يقوم بدور ثقيل عليه:

-عمرو لا تشعر بالاحراج ان كنت تريد شيئا ما اطلب .. انت اخى

قالها حسام بصعوبة وهو يضيف:

-وبالتأكيد امى لن تقبل ان يكون اباك بصحة متدهورة فمهما كان فهو والد ابنها

قال عمرو فى امتنان ليس لعرض حسام لمساعدته لانه لن يقبلها ولكن لان حسام استطاع قول هذه الكلمات فهو يعرف جيدا انه لا يطيق اباه:

-اعلم يا حسام لكن لا تقلق الحمد لله..نحن بخير حال وان احتجت الى شىء سأطلبه منك

شكرا لك

عاد حسام للهجته الجافة وهو فى اعماقه يتعجل لانتهاء هذا اللقاء:

-المهم ما الذى جاء بك

تنحنح عمرو قبل ان يقول بحرج:

-فى الحقيقة لقد جئت لاعاتبك

قال حسام بدهشة وبلهجة استفزازية تجاهلها عمرو:

-تعاتبنى!انت تعاتبنى!

-نعم يا حسام لا تغضب منى انت بالفعل صاحب الشركة والكلمة والرأى

-بالطبع انا كذلك

اكمل عمرو حديثه رغم مقاطعة حسام:

-لكن الا ترى ان هناك خطأ فيما تفعله ؟!

تساءل حسام بتحفز :

-ماذا تقصد؟

-اقصد برج شبرا الذى تبنيه.. لقد جاءنى الحاج سلامة واخبرنى كل شىء حتى اثنيك عن هذا.. انه خائف من مخالفة القانون ويجب ان تشعر مثله

قال حسام فى لهجة امتزج بها الامتعاض مع الاستعلاء:

-انا اوراقى سليمة مائة فى المائة

فكر عمرو ان يلين قلبه فقال بسرعة:

-هذا عن مخالفة الاوراق لكن ماذا عن مخالفة الضمير؟

-لا يوجد مخالفة من اى نوع انتم فقط تضخمون الامورالبرج متين ولا يعيبه شىء ودور واحد لن يسبب اى فرق

-لكنهم اربعة طوابق يا حسام وليس طابقا واحدا والاساسات تحتمل عشرة طوابق فقط

قال حسام بلامبالاه وهو منشغل فى اللعب بقلمه والاستماع الى صوته المحبب الى نفسه

(طق طق طق طق):

-لا .. هذا الكلام غير صحيح الاساسات تتحمل اكثر من هذا لا تقلق انت بهذه الامور وركز فى عملك

ثم ترك القلم من يديه بعصبية وهو يقول بغضب مكبوت:

-وانا سيكون لى تصرف اخر مع الحاج سلامة الذى ينقل اسرارى

علت الدهشة وجه عمرو وهو يقول باستغراب:

-ينقل اسرارك! اننى اخوك يا حسام واخاف عليك وعلى مصلحتك وهذا هو ما دفع الحاج سلامة للمجىء الى لعلنى اؤثر فيك واثنيك ع...

قال حسام بلهجة متغطرسة:

-لا احد فى الدنيا يثنينى عن شىء اريده وانت ادرى بهذا

قال عمرو فى ضيق:

-نعم اعلم

اشار حسام بيده الى الباب وهو يقول بلهجة آمرة:

-حسنا اذهب الى عملك الان يا عمرو لا تعطله اكثر من هذا ولا تدع احدا يوقع بينى وبينك ويثير شكوكك تجاهى .. تفضل اذهب

قام عمرو من مجلسه وقال وهو منكس الرأس:

-امرك يا حسام بيه

ابتسم حسام فى سخرية وهو يتابع خروج عمرو وقال فى نفسه بانتصار

(اخيرا عرفت قدرك)

ثم تناول هاتفه المحمول وطلب رقما دوليا وقال برقة بالانجليزية بعد ان اجابه الطرف الاخر:

-الو مسز سوزى كيف حالك

الاحوال هنا فى مصر رائعة نريد ان نراكى قريبا

حسنا لقد كنت احدثك بشأن شحنة الاسمنت القادمة على متن الباخرة .. ما اخبار البضاعة فيها؟

استمع حسام قليلا الى محدثته ثم قال وهو يقهقه:

-عظيم عظيم اذن متى ستأتى الى مصرلاستلام نقودك

قال حسام بدهشة وامتعاض:

-ماذا!! ستبعثين بتوم ! اذن ستحرمينى من رؤيتك يا جميلتى لقد اشتقت اليك منذ اخر ليلة قضيناها سويا

حسنا حسنا .. ربما الصفقة القادمة.. الى القاء يا جميلتى وانقلى سلامى لتوم

انهى حسام الاتصال وطلب رقما اخر وقال عندما سمع صوتها الرقيق ينبعث من الهاتف فقال:

-نهى حبيبتى اتركى كل ما فى يدك سنذهب الى الاسكندرية هناك ضيفا عزيزا سأستقبله فى الميناء هيا يا حبيبتى نصف ساعة وسأعرج عليكى لاصطحابك .. الى القاء

طرقت نيرمين باب مكتبه وقالت بعد ان دخلت:

-حسام بيه ميرهان هانم تريد مقابلتك

تأفف حسام وهو يتناول جاكيت البدلة المعلق على مقعد مكتبه استعدادا للمغادرة وقال:

-ياه! ميرهان .. ما الذى اتى بها ؟ لقد مللت منها اخبريها اننى مشغول وان عندى اجتماع واذا اتصلت سلوى ايضا اخبريها اننى فى سفر عمل واسرعى لاننى اريد المغادرة واتصلى بالسائق ليعد السيارة

-اوامرك يا حسام بيه

ثم غمغمت بسخرية وهى تبتعد:

-يا دون جوان عصرك


****************


حمل محمود السائق حقيبة دنيا الجلدية السوداء ووضعها فى السيارة الراقدة امام مدخل مقر الشركة وفتح لها بابها وكادت ان تستقلها لولا ان لمحت ادهم يلوح لها فانتظرت حتى اقترب منها وسألها :

-دنيا.. الى اين انتى ذاهبة ؟

-الى الجامعة

قال بدهشة :

-الى ماذا ؟!

-الى الجامعة سأتفقد الاحوال وارى جدول الامتحانات

-هل مازلتى تدرسين؟!

دلفت دنيا الى المقعد الخلفى من السيارة واجابته وهو يستند بيده على باب السيارة المفتوح:

-نعم انا فى كلية الاداب فى الليسانس

ادخل رأسه داخل السيارة وهو يقول فى رجاء:

-هل تسمحين لى ان آتى معكى؟

شعرت دنيا بالحرج .. فهى لا تريده ان يرافقها بسبب ملاحقته لها واظهار اعجابه بها خاصة انها اخذت عهدا على نفسها الا تنزلق قدماها فى هذه الدوامة ثانية وفى نفس الوقت لا تستطيع ان ترفض طلبه لذا فقد قالت فى ضيق حاولت اخفاؤه:

-اه بالتأكيد تفضل

لمح ادهم ضيقها الا انه لم يسمح لهذا ان يقف فى طريقه لذا فقد استقل السيارة بجوارها وحرص ان تكون المسافة بينهما قريبة وظل طوال الطريق الى الجامعة ينظر اليها باعجاب ثم قال بود وهو يثنى عليها:

-جميل انكى سيدة اعمال الان ولديك العديد من العمال والموظفين تحت يديكى لكنكى مازلتى تريدين اكمال تعليمك رغم انكى لا تحتاجينه

نظرت اليه دنيا باستغراب وقالت فى حيرة:

-كيف لا احتاجه؟!

سره انها اجابته وفتحت معاه الحوار اذ انها طوال الطريق كانت تهز رأسها فى شكر على ما يقوله فاسرع بالقول:

-اعنى ان الشهادة للباحثين عن العمل فقط وانتى سيدة العمل نفسه

استغربت دنيا جدا لمنطقه الغريب فقالت مدافعة:

-انت مخطئ يا ادهم التعليم ليس فقط استمارة نقدمها لنلتحق بعمل لولا التعليم ما كنا علمنا اى شىء فى دنيانا ورغبتى فى اكمال تعليمى لازيد من علمى

امتلأ صوته بالاعجاب المدروس:

-وهذا ما يعجبنى فيكى او احدى الاشياء التى تعجبنى فيكى يا دنيا فانتى مليئة بالمميزات التى تستحق الاعجاب

عاد الحرج يغزو دنيا فقالت باقتضاب محاولة تغيير دفة الحديث :

-شكرا وانت ما الذى جاء بك الى الشركة اليوم؟

-كان هذا اقتراح عمتك حتى لا اتركك وحيدة فى العمل

-انا لست وحيدة انا حولى المئات

انخفض صوت ادهم وهو ينظر الى عينيها ويقول بصوت حالم:

-فى الحقيقة لقد جئت لاراكى فانتى تغيبين جدا فى العمل وانا افتقدك

ابعدت دنيا نظرها عنه وغيرت دفة الحديث سريعا بقولها:

-الن تعمل يا ادهم؟ منذ جئت الى مصر وانت لا تعمل انا اعلم انك ثرى ولكن هذا لا يعنى ان تظل عاطلا عن العمل

شعر ادهم بالسعادة الطاغية تملأ نفسه لذكرها هذا الموضوع تحديدا الذى سيساهم كثيرافى خطته فقال فى حسرة:

- انتى تعلمين اعمالى كلها فى لبنان .. لقد اقترحت عمتك ان اعمل معكى وهكذا احمل عنكى بعض من هموم العمل عن كاهلك لكننى لا اريد ان اتطفل عليكى وان تشعرى بالضغط من جانبى

شعرت دنيا بالمأزق الذى وضعت نفسها فيه.. طبعا يفترض ان توافق على طلب عمتها الحبيبة لكنها هكذا ستقرب ادهم منها اكثر لكنها اضطرت ان تقول :

-لا ابدا سأخلى لك وظيفة فى الشركة

-حقا يا دنيا ! هذا خبر رائع

ثم لمس يداها وهو ينظر الى عينيها بدقة واضاف:

-وهكذا اكون بجوارك ان احتجتينى

سحبت دنيا يدها سريعا واجابته فى اقتضاب:

-شكرا لك ولكننى لا احتاج الى احد

ثم اشارت الى السائق بالتوقف بعد ان دخلت السيارة الحرم الجامعى واقتربت من كلية الاداب وقالت:

- توقف هنا يا محمود اذهب انت الان وعد بعد ساعتين

-اوامرك يا انسة دنيا

ترجلت دنيا من السيارة وخرج ورائها ادهم الذى سار بجوارها وهو يتلفت حوله ويقول فى دهشة:




[IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/KEKOOD%7E1/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/01/clip_image002.jpg[/IMG]


-يا الهى ما هذا الازدحام! كل هؤلاء طلبة ! من اين يجدون عملا بعد التخرج .. نحن لا يوجد لدينا فى لبنان هذا العدد المهول

اجابته بغيظ :

-لبنان مساحتها لا تساوى مساحة القاهرة وحدها يا ادهم

نظر ادهم باشمئزاز الى كلية الاداب التى اتجهت نحوها دنيا وقال فى تعجب:

-هل هذه هى كليتك! لماذا تبدو هكذا؟ ان مبناها.......

قطع ادهم حديثه عندما جذب وائل يد دنيا واخذها الى جانب وهو يقول بصوت منفعل:

-دنيا اخيرا رأيتك ..... اريد ان اتحدث معكى فى موضوع هام

اقترب ادهم منهم سريعا وتدخل وسطهم وهو يدفع وائل بعيدا قائلا بعصبية:

-ماذا تفعل ايها الوقح؟ كيف تجذب يدها بهذه الطريقة ؟

دفعه وائل هو الاخر وهو يقول فى حدة:

-وما دخلك انت يا اخى؟!

تصدى له ادهم بكتفه العريضة قائلا فى تحدى:

-انا ابن عمتها..من انت؟ وكيف تجذبها هكذا؟

نظر اليه وائل بسخرية وعقد ذراعيه امام صدره قائلا باتصار:

-وانا حبيبها يا استاذ

اتسعت عينا ادهم وقال بدهشة وهو يحول نظراته بينهما بذهول:

-ماذا! هل هذا الكلام صحيح يا دنيا ؟!

تبرع وائل بالاجابة:

-نعم انا حبيبها وقد اتفقنا على الزواج

-ماذا تقول ؟ حقا يا دنيا!

قالت دنيا بغضب وهى تبعد ادهم الذى كاد ان يضرب وائل:

-لا بالطبع هذا غير صحيح لقد كان هذا الشخص يعمل فى شركتى وقد طردته منها وهو الان يحاول تشويه سمعتى

ثم وجهت حديثها الى وائل:

-من فضلك يا استاذ وائل لا تتعرض لى مرة اخرى لقد كنت مجرد موظف فاشل وطردتك وانتهى كل ما كان يربط بيننا اقصد فى العمل بالطبع فمن فضلك لا تتعرض لى مرة اخرى

واضاف ادهم على تحذيرها وهو يسير بها مبتعدا عن وائل المصدوم:

-نعم وابتعد عن طريقها والا سترى مالا يسرك

قالت دنيا بعد ان ابتعدوا:

-شكرا يا ادهم ولكن لم يكن هناك داعى للتدخل لقد كنت سأصرفه عنى

-لقد غلى الدم فى عروقى عندما وجدته يختلى بكى هكذا انتى لا تعرفين يا دنيا كم........

قاطعته وهى تقول بضيق:

-اسمع يا ادهم انا لا احول ان اكون فظة معك لكن.....

-لن تستطيعى ان تكونى فظة حتى لو اردتى

زفرت دنيا فى غضب قائلة :

-لا هذا يفوق احتمالى .. اسمع يا ادهم من فضلك انا الان فى الجامعة واريد ان التقى باصدقائى بعد اذنك

شاهدها وهى تبتعد عنه وقد ادرك ان مهمته ليست سهلة ابدا وان هذا اصعب شىء فعله فى حياته لكن عليه ان يجد طريقة سريعة ليستميلها اليه حتى تحبه وتسلم له ويستطيع ان يتحكم فى كل شىء وتصبح مقاليد الامور فى يده

ولكن............

يا لها من مهمة!!!!!

jen 04-08-08 02:45 PM


اتخذت غادة مجلسها على درج الكلية الخارجى وبدا عليها انها تنتظر شيئا ما اذ بدا عليها القلق وكادت تعض اناملها
من فرط اللهفة ولوعة الانتظار وما ان سمعت صوته يناديها حتى انتفضت من مكانها واسرعت نحوه والقلق بادي على وجهها وهى تقول فى اضطراب مع لمحة من الامل:
-هاه! ماهى النتيجة؟
ثم وضعت اصبعيها فى اذنيها وهى تقول:
-لا انتظر لا تقل
ثم قالت بغضب عندما وجدته ساكنا لا يتفوه بحرف:
-ماذا هناك ؟ لماذا لا تقول؟
ضحك على وهو يقول بدهشة:
-الم تطلبى منى الا اقول شىء
-وهل تأخذ كلامى محمل الجد ؟ قل لكن بسرعة او انتظر ببطء .. لا لا قل بسرعة او ....
قال على بسرعة دون ان يعطيها فرصة للاعتراض:
-جيد جدا يا غادة
كادت ان توبخه لكنها فتحت فمها لاقصى درجة فمد يده يغلقه لها قائلا وهو يضحك:
-انتى تعرفين الذباب حولنا كثير وفمك مغرى لاى ذبابة
لكزته فى كتفه والفرحة ترتسم على وجهها وهى تقول بسعادة:
-حقا يا على! الف مبروك الف الف مبروك
-مبروك لكى انتى يا حبيبتى هذه نتيجتك انتى
عاد القلق لصوت غادة وهى تقول:
-دعك منى يا على المهم انت كيف ابليت؟
-الحمد لله نجحت بتقدير جيد
قالت غادة فى ارتياح وسعادة:
-الحمد للهاخيرا حصلت على البكالريوس
جلس بجوارها على الدرج وهو يقول بقلق:
-نعم وبدأت اخطر واهم مرحلة فى حياتى
تساءلت غادة فى فضول:
-ما هى؟
-البحث عن المتاعب اقصد البحث عن عمل
نظرت له بقلق وهى تتساءل:
-هل ستبحث عن عمل؟ وماذا عن المكان الذى تدربت فيه؟ الم تتدرب على الاخراج فى القناة الفضائية...........
-التدريب لا يجلب عملا هذه الايام يا غادة .. انتى تتدربين بلا اجر وفى نفس الوقت تفيدين المكان الذى تتدربين به لكن ان تعملى فى هذا المكان ويمنحوكى اجرا عليه وما الى اخره فهذا ضرب من ضروب الخيال
-اذن كيف يحصل الشباب على وظيفة؟!
-بالوساطة يا حبيبتى
-فقط !!!! ولا وجود للكفاءة ولا
قال على فى حسرة:
-لا وجود لأى شىء لا فى القطاع العام ولا القطاع الخاصفى القطاع العام انتظرى سنين هذا اذا حالفك الحظ وحصلتى فى النهاية على جواب التعيين باجر لا يكفى ثمن المواصلات للذهاب لهذا العمل اما القطاع الخاص فان ملكتى سندا تستندين عليه اذن فليس هناك مشاكل وتضمنين الوظيفة
عضت غادة شفتيها فى مرارة وهى تسمع حديثه وادركت لاول مرة انها ساذجة جدا وانها لا تعلم اى شىء عن العالم المحيط بها لقد سجنت نفسها طويلا فى قوقعة الاستذكار وذكريات ابيها وحلمها ان تكون مذيعة مشهورة واكتفت بهذا لكن "على" اطلعها على اشياء عديدة كانت لا تفقه شيئا عنها
نظرت اليه بشفقة وهى تقول:
-اذن ماذا ستفعل؟
-سأذيب احذيتى
-ماذا ؟!!!!!!!!!!
-اقصد من كثرة البحث عن عمل سأحاول بأقصى ما لدى يجب ان ترتاح امى قليلا من العمل كممرضة فى المستشفى ويجب ان اكون نفسى حتى استطيع طلب يدك
قالت غادة بفرحةانستها مرارة الواقع:
-سيكون هذا يوم المنى هذا ما انتظره بفارغ الصبر
تناول يديها وضمها بين يديه وهو ينظر الى عينيها وعيناه تنطقان بالحب:
-سأبذل المستحيل من اجلك يا غادة

*****************


-تفضل يا حاج سعيد وهكذا يكون قد وصلك كل نصيبك واعذرنى عن التأخير فلم يتوفر معى الفترة الماضية اموال سائلة فكانت كل اموالى جامدة فى سوق العمل
قال امجد جملته هذه بعد ان وضع النقود على منضدة الصالون فضحك الحاج سعيد وهو يقول:
-الحمد لله وهكذا استطيع ان ادفع القسط الاخير من ثمن الشقة .. مبارك علينا يا ولدى
-اتعلم يا حاج سعيد ؟ افضل شىء فعلته فى حياتك هو ان بعت لى ارضك
ظهرت الدهشة فى صوت سعيد وهو يقول:
- لماذا يا امجد؟
-انت تعلم ان ارضنا تحيط بأرضك من كل جانب وهكذا عندما بعت لى ارضك واصبحت ارضى هذا خدمنى كثيرا فى عملى بزراعة الموالح
نظر سعيد الى الصناديق الكبيرة الراقدة بجانب باب الشقة وقال :
-بمناسبة هذا الحديث لم يكن هنالك داعى ان تحضر كل هذا البرتقال واليوسفى هذا كثير جدا
-لا شىء يكثر عليك يا حاج سعيد وقد احضرت لك افضل ماعندنا .. لقد احضرت لك البضاعة التى نصدرها للخارج
عاد سعيد ينظر الى صناديق البرتقال واليوسفى وهو يقول :
-يبدو عليها يا امجد انا لم ارى فاكهة كهذه فى حياتى
قهقه امجد وهو يقول:
-لا تقلق يا يا حاج سعيد قريبا باذن الله ستعتاد على هذه الفاكهة
زوى سعيد مابين حاجبيه وهو يقول بتعجب:
-ماذا تعنى يا امجد ؟كيف لنا ان نحضر فاكهة كهذه اصلا!؟
تجاهل امجد سؤاله وهو يتلفت حوله قائلا :
-واين محمد يا حاج سعيد؟ لقد سمعت انه تقدم لاختبارات الشرطة
-نعم بمجرد ان ظهرت نتيجة الثانوية العامة حتى تقدم للاختبارات وقد تعدى مراحل كثيرة ولم يتبقى الان سوى كشف الهيئة
هز امجد راسه وهو يقول :
-امممم اصعب مرحلة ومن الذى تعتمد عليه ليمر محمد بسلام من هذا الاختبار يا حاج سعيد
- ربنا معا يا امجد
-نعم يا حاج سعيد لكن يجب ان تكون مستندا على احد من الكبار
قال سعيد بحسرة :
-العين بصيرة واليد قصيرة يا امجد
-لا تقلق يا حاج سعيد.. احد معارفى لواء كبير فى الشرطة سأجعله يهتم بموضوع محمد
ارتسمت الفرحة على وجه سعيد وهو يقول :
-حقا يا امجد ! هل تعنى هذا ؟
-بالتأكيد يا حاج سعيد .. ان شاء الله يلتحق ابنك بالكلية
-حمدا لله .. اشكرك يا امجد
وقام سعيد يحتضنه فقال امجد بمرح وهو يربت على كتفه :
- لا تفعل هذا يا حاج سعيد .. انها عشرة عمر ويجب ان اقف بجانبك ان كان بوسعى
-اتمنى ان استطيع رد جميلك هذا يا امجد
قال امجد بصوت خافت :
-اتعشم ذلك
ثم حاول ان يستدرجه فى الحديث بقوله :
-وابنتك يا حاج سعيد تدرس باى كلية؟
- مى ابنتى انهت دراستها السنة الماضية وتخرجت من كلية الاداب لكنها لم تعمل لكى تعتنى بى وبمحمد
افتعل امجد الدهشة :
-حقا ! لقد فتحت لى الباب المرة السابقة التى جئت فيها ولم اجدك وكانت ذاهبة للكلية وقد عرضت عليها ان اوصلها بسيارتى لكنها رفضت
-هذه ليست ابنتى مى انها غادة ابنة اخى جاءت من الاسكندرية واقامت عندى من اجل دراستها فى كلية الاعلام جامعة القاهرة
برقت عينا امجد وهو يقول :
-غادة .. تدرس فى كلية الاعلام .. وباى سنة هى ؟
-لقد كانت هذه سنتها الاولى وهى اليوم فى الكلية تحضر النتيجة

فى هذه اللحظة انفتح الباب واندفعت منه غادة وهى تقول بصوت مرح عالى :
-مى مى عمى سعيد .. لقد نجحت بتقدير جيد جدا
واندفعت غادة نحو حجرة الصالون المضاءة لتجد امجد واقفا فى استقبالها وهو ينظر اليها باعجاب شديد فاختنقت الكلمات فى حلقها وتسمرت فى مكانها ثم اسرعت بالمغادرة قائلة :
-معذرة لم اعلم ان لدينا ضيوف
استرجعها عما بقوله :
-تعالى يا غادة هذا امجد الذى اخبرتينى عنه لقد جاء يحضر لى باقى المبلغ
شعرت غادة بالحرج وهى تقول :
-اهلا ومعذرة مرة ثانية عن اذنكم
هتف أمجد ليحثها على البقاء :
-انتظرى يا انسة غادة هل حقا نجحتى وبتقدير جيد جدا ايضا.. هذا خبر سعيد جدا الف مبروك
شعرت غادة بالحرج يحاصرها من كل اتجاه فقالت وعينيها لا تفارقان الارض :
-الله يبارك فيك شكرا عن اذنكم
تابعها امجد بنظره وهى تغادر بسرعة لحجرتها ثم قال وهو يلتقط مفاتيح سيارته من على منضدة الصالون :
-استأذنك الان يا حاج سعيد
-لماذا يا ابنى؟ بهذه السرعة !
-حتى تحتفلوا بغادة والف مبروك مرة ثانية
-الله يبارك فيك يا امجد لكن هذا لا يصح يجب ان تبقى للغداء
ثم صاح سعيد :
-مى ..اعدى الطاولة
-لا اشكرك يا حاج سعيد انا لدى مشاغل كثيرة افرغت نفسى منها بأعجوبة
-اذن يجب ان تشرب شربات نجاح غادة
ابتسم امجد وهو يقول ملمحا :
-ان شاء الله ساشربة مرة ثانية وقريبا باذن الله.. عن اذنك يا عمى
تعجب سعيد من كلماته الا انه افسح له الطريق الى الباب وهو يقول:
-مع السلامةفى حفظ الله يا ولدى

*************

تممدت دنيا على (الشيزلونج)امام حمام السباحة متدثرة بملاءة رقيقة من الحرير الناعم يقيها من البرودة الخفيفة التى تميزت بها هذه الامسية وقد اخفضت الاضاءة فى حديقة الفيلا اذ ان القمر كان بدرا فى هذه الليلة فاضاف شاعريه على المكان مما دفع ادهم ان يقترب من دنيا بخطوات متمهلة ويقول بصوت هامس وهو يتطلع الى الكتاب الذى تقرأه بين يديها:
-ماذا تقرئين؟
انتفضت دنيا لكنها حاولت تمالك نفسها من مفاجآته التى لا تنتهى واجابته:
-(مائة عام من العزلة) لغابرييل غارسيا..
-ماركيز
قالت دنيا بدهشة:
-هل تعرفه!
-بالطبع لكن ما الذى دفعك لقراءة هذا الكتاب ؟ لقد اعتقدت انكى تقرئين فى الرومانسية لا فى السياسة وايضا السياسة الاميركية
-لم يعد يستهوينى الادب الرومانسى
-لماذا؟ هناك كتاب لماركيزانصحك بقراءته اسطورة مآساة رومانسية لكنها لحسن الحظ تنتهى نهاية سعيدة
قالت دنيا بتهكم:
-اذن انت تحب النهايات السعيدة
اجابها باستغراب:
-ومن لا يحبها
-لا احد .. الجميع يحبونها لكنها ليست واقعية كلها خيال فى خيال ..ابداع مؤلف يتمنى رؤيته فى الواقع
نظر اليها ادهم بدقة محاولا ان يستشف ما بداخلها محاولا سبر اغوارها التى حيرته واتعبته ثم قال بتمعن:
-اهذا هو ما يدفعك للهرب منى ؟ الهذا لا تريدين ان تستسلمى لمشاعرك ؟
قامت دنيا من مجلسها دون ان تعلق على حديثه وتثائبت قائلة:
-اعذرنى يا ادهم.. لكن حان موعد نومى .. لدى عمل كثير غدا
امسك ادهم يديها الا انها ابعدتها وهى تقول:
-من فضلك يا ادهم
تابعها وهى تبتعد ثم جلس قليلا امام حمام السباحة يتأمل مياهه المتلألأة بفعل ضى القمر.. كان يبدو انه يصارع داخله
وقف وكأنه حسم امره ثم اندفع صاعدا السلالم واتجه لغرفة بعينها طرق بابها ودخل دون ان ينتظر ردا بالدخول
تفاجأت بدخوله فقالت بدهشة:
-ادهم! ماذا هناك ؟ ماذا بك؟
-اسمعى ..لقد احتملت الكثير.. يجب ان نتحدث


****************

تمددت مى على فراشها فى الظلام ومسحت الدمعة الغادرة التى اغفلتها وهربت من عينيها وتساقطت على وجهها فنفضت رأسها وقالت بضيق:
-ماذا بكى ايتها المغفلة؟ لماذا تسمحين لنفسك بالقيام بهذا الدور.. دور الضعيفة
تماسكى يجب ان تتماسكى
الا ان الدموع بللت وجهها واظهرت اخيرا ضعفها وازالت القناع المتماسك من على وجهها فامسكت الوسادة وعضت فيها بأسنانها الجميلة لتوقف عذابها الا انها عادت تصرخ صرخة مكبوتة وهى تقول:
-ايتها الغبية ايتها الغبية لا تتعلمين ابدا لماذا تبكين؟ لماذا تبكين ؟ انه لا يستحق لايستحق وهى لم تخونك انها لم تعرف شىء وانتى لم تخبريها لماذا اذن تشعرين بهذا الشعور البغيض ؟ لماذا تحسين بطعم الخيانة المرير فى حلقك؟
نعم هو من فعل هذا لكن هى بلا ذنب بلا ذنب

تطلعت بعينيها الى الخواء وهى تعود بذاكرتها ايام الجامعة
كانت دائما صارمة لا تعطى لاحد فرصة ان يفكر حتى فى الحديث عنها
طريقها كان واحدا .. لم تعرف طرق جانبية .. لا تدرى ما الذى يعنية هذا الجامعة للدراسة فقط
لكن قلبها الغبى كان له خيارات اخرى ملحة تختلف عما اراده عقلها المتوازن الرصين فاستسلمت بدون مقاومة لهذا الشعور الطاغى الذى شعرت به تجاه وائل طالب كلية التجارة الذى كان دائما يتردد على كليتهم
وائل كان يتمتع بشعبية طاغية وجاذبية آخاذه .. كان وجهه محبب وكلماته تذوب العقل وتنفذ الى القلب
وهى كأى غبية وقعت فى حبه لكن الذى زاد الطين بله انه هو ايضا ارادها
وما ادراك بالفتاة تعيسة الحظ التى يريدها وائل ؟!!!!!!!
تعقبها واغرقها بكلماته المعسولة وحبه المزعوم ووعودة الكاذبة بالزواج فاستسلمت الغبية له واصبحت اجدد فتاة على لائحته التى لم تكن تدرى عنها شىء لكنه فجأة !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
عدل عن مخططه واهملها واصبح يتهرب منها (وكان هذا فى صالحها اذ انها اكتشفت فيما بعد ان الفتيات اللاتى ارادهم وائل فقدوا اعز مايملكون بورقة تافهة يطلقون عليها الزواج العرفى )
اصبحت حائرة اين ذهب؟ لماذا لم يعد يتلهف على لقائها كما كان من قبل ؟!

لم تربط وقتها بين هذا وبين حديث دنيا صديقتها عن هذا الشاب الاسمر الوسيم الذى اقتحم حياتها والذى تعيش معه اجمل قصة حب
استمعت الى حديثها وشاركتها بحب ووفاء الصديقة لكنها صدمت صدمة كبيرة عندما اشارت لها دنيا عن هذا الحبيب الغامض "وائل"
اتسعت عيناها وتوقفت الكلمات فى حلقها .. تركتها يومها سريعا
اذن هذة هى حقيقتك ايها المخادع !؟ تركتنى من اجل فتاة اجمل ام من اجل ثراءها ؟ فى الحالتين هذا يظهر معدنك الرخيص واى حقير انت !
تهربت هذه الفترة من دنيا لم تستطع مواجهتها لم تستطع مواجهة اى احد
وانكبت على الاستذكار لتثبت انها ليست ضعيفة وان ماحدث لها لن يؤثر عليها
لم تبكى حينها ولم تذرف دمعة واحدة
قطعت علاقتها بأصدقائها فى الجامعة وكانت تذهب لحضور المحاضرات فقط
استمرت دنيا بالاتصال بها للاطمئنان عليها .. اصبحت مؤلفة باهرة للاعتذارات المقنعة لكنها لم تستطع تقديم اعتذار عند وفاة والد دنيا ربما لانها ارادت الذهاب
ساقها قلبها المتعاطف المحب لدنيا المشفق عليها اخذتها فى احضانها وهى تبكى بلوعة
بقت معها هذه الليلة فى الفراشاعطتها كل حنانها .. يومها فقط استطاعت ان تتخطى ضيقها من دنيا ولم تحاول ان تسأل عن وائل الذى اكتشفت بعد حين من بين دموع دنيا وعينيها الحزينتين انه كان يخدعها
لم تدرى اتشعر بالسعادة لانها ليست الوحيدة المخدوعة وانه تركها لانه شخص حقير ! ام تشعر بالحزن والشفقة من اجل دنيا !

شعرت بأشمئزاز من نفسها كيف تشعر بالسعادة المقززة وجرح دنيا امامها يدمى وهى السبب ..هى التى لم تخبرها بحقيقة وائل
انتشر التعاطف والحزن يملأن قلبها ويدفعها لاحتواء دنيا بين احضانها وهى تبكى وتحاول ان تتناسى هذا الفصل من حياتها او تخلده ليحميها من صدمات الغد

اسرعت بمسح دموعها عندما سمعت المفتاح يدور فى قفل الباب ليعلن عن عودة محمد وابيها وغادة من زيارة والدتها فى الاسكندرية
وضعت قدميها فى الخف واسرعت نحوهم لتجد سلوى صغيرة ادخلت ضوء من الفرحة على قلبها اذ اندفعت نحو تلك الحقيبة البلاستيكية السوداء وفضتها وهى تقول فى فضول :
-يا ترى ماذا احضرتم معكم !
ثم علت الابتسامة وجهها وهى تقطع قطعة من قرص المشبك وتضعه فى فمها بسرعة وتقول بفمها الممتلىء :
-انا اعشق هذا المشبك

**************

jen 04-08-08 03:17 PM


احكم عمرو غلق زجاجة الدواء بعدما فرغ من اعطاء والده الجرعة منها فقال الاب بامتنان:

- اشكرك يا ولدى عسى الا ترقد مرقدى هذا ابدا

ويصلح الله احوالك ويزرع الخير بطريقك

ربت عمرو على كتف والده وهو يقول فى حنان :

-اللهم لا تحرمنى من سماع دعوات أبى المحببة لى دائما

غمغم والده بحسرة :

-كنت اتمنى ذلك يا عمرو ولكن الحال يتدهور والصحة لم تعد كسابق عهدها

قال عمرو بلهجة مرحة ليخفى الالم الذى اعتصر قلبه:

-لا تقل هذا يا ابى انت بخير حال ام تقول هذا حتى تصرف عنك عين الحسد !

ضحك الاب بشدة جعلته يسعل كثيرا ولا يقوى على التنفس فسارع عمرو باعطاؤه جرعة ماء هدء بعدها وقال بحسرة:

-ارأيت ! حتى الضحك لم اعد اقوى عليه

امتنع عمرو عن الكلام اذ لم يجد ما يمكن قوله فحاول تغيير الموضوع الا ان والده سبقه الى هذا بسؤاله:

-كيف حال والدتك

-بخير

ثم اضاف بمرارة:

-على ما اعتقد

قال والده باستغراب:

-لماذا؟ الا تراها!

-اننى اشعر انها لا تريد ان ترانى

-كيف تقول هذا يا عمرو؟

-انها لا تهاتفنى ابدا ولا تطلب زيارتى مطلقا

-ربما تنتظر ان تفعل انت هذا من نفسك

هز عمرو رأسه واجابه بحيرة مريرة :

-لكنها دائما تتحدث مع حسام واوقات كثيرة اكون بجواره بالمكتب فيرد على اتصالها ويخبرها احيانا اننى معه وهى لا تطلب منه ان تحدثنى

-اعذرها يا بنى فهى سيدة مجتمع الان

قال عمرو بغضب ممتزج بالالم:

-نعم يا ابى ولكن ماذا عنى انا ؟ ماذا عن ابنها الذى تركته وهو لم يكمل عامه الاول بعد وذهبت لتتزوج باخر

-اعذرها يا بنى لقد كانت شابة صغيرة طائشة وكانت تحب ذلك الشاب

الذى تزوجته بعدى حتى من قبل زواجى بها لكن اهلها ارغموها على قبولى لان ابى وقف جانبهم كثيرا

قال عمرو بذهول :

انت يا ابى ! انت الذى تدافع عنها! انت الذى تقول هذا! وقد تركتنى لك لحمة حمراء لتربينى جدتى

-نعم يا ولدى لكنها شعرت بخطئها بعد ذلك وجاءت تعتذر وتتمنى ان تراك

قال عمرو بمرارة:

-تأنيب ضمير فقط لا غير

-لا تقل هذا يا عمرو انه قلب الام

تعالى صوت عمرو وامتزج بانفعالاته الملتهبة :

-واين كان قلب الام عندما تركتنى واين هو الان وهى لا تسال عنى ابدا

-اهدأ يا عمرو اهدأ يا حبيبى .. قل لى كيف حال عملك ؟

ادرك محاولته فى تغيير دفة الحديث حتى لا يضغط على جرحه المفتوح الا ان مراوغته لم تفلح اذ اجابه بحنق لم يستطع التخلص منه:

- لا شىء جيد فى حياتى ابدا يا ابى انا لست مرتاحا فى عملى ايضا واريد انا اتركه

سأله بدهشة:

- تتركه لماذا ؟!هل اهانك حسام واو ما شابه ؟!

-لا ..لكن اعماله ملتوية وتخالف القانون يا ابى

-حتى هو !

زوى عمرو بين حاجبيه وهو يقول باستغراب:

-ماذا تعنى؟!!!

-فعلا هذا الشبل من ذالك الاسد.. لقد كان ابوه هكذا وقد اخذ الله حقه منه عندما ارتمى على فراش المرض وهو يتعذب بذلك المرض الخبيث كانت اعماله هو الاخر ملتوية واكثر من مرة تم القاء القبض على احد من عماله واتباعه لكنه باعجوبة يبتعد تماما عن الشبهات

تنهد الاب بحسرة واضاف:

-يا له من ماضى ويتكرر ثانية على يد ولده

اسمع يا عمرو ابتعد تماما عن اى عمل مشبوه من اعمال اخيك ..احذر من مساعدته فى اى شىء.. انتبه لعملك فقط ولا تعتقد اننى ابعدك عن اخيك لكننى خائف من الغد وما قد يفعل بنا

-اطمئن يا ابى انا لن اسمح لنفسى ابدا ان اشترك فى عمل يخالف ضميرى

لوح الاب باصبعه بوجه عمرو محذرا :

-وانتبه ايضا لا يشترط موافقتك قد يتم الزج بك وتوريطك فى شىء مخالف للقانون

-لا تقلق يا ابى

-وايضا حاول يا عمرو ان تنبه اخوك وان تؤثر فيه وترجعه لصوابه فهذا الطريق الذى يسير به خطير وملىء بالاشواك

حاول يا عمرو

هز رأسه مغمغما :

-سأفعل يا ابى


**************

jen 09-08-08 06:15 PM


الفصل الرابع

قلوب حائرة


امتدت يد غادة تضغط على زر اعادة الاتصال برقم هاتف على ووضعت الموبايل على اذنها وقد ارتسم على وجهها تعبير امتزج فيه الخوف والترقب والامل لكنها ادارت عيناها فى محجريهما بضيق عندما باغتتها للمرة العشرين الرسالة المسجلة بالصوت الانثوى المستفز

(الهاتف الذى طلبته ربما يكون مغلقا من فضلك حاول الاتصال فى وقت لاحق)


القت الهاتف فى حقيبتها بتأفف ووضعت مرفقيها على الطاولة فى كافيتريا الجامعة ثم دفنت وجهها بين كفيها عندما لاحت على وجهها دموع الخوف والقلق والضيق وهى تقتل عقلها قتلا فى ايجاد تفسير لسر تأخير على حتى الان وعن غلقه لهاتفه

دارت بخاطرها اشياء مريعة طردتها من رأسها بهزة عصبية وصوت عقلها الداخلى يندفع ليقول:

(لا.لا يمكن ان يكون ما افكر فيه قد حدث..قلبى يحدثنى انه بخير وانا اثق بقلبى

لكن لكن يا ترى اين هو؟؟ ولماذا لم يأتى حتى الان؟؟؟)

انه هو من طلب لقائها واكد عليها المجىء واخبرها ان الامر هام جدا

يا ترى ما هو هذا الامر الذى جعل القلق باديا فى صوته مصطحبا بنغمة غريبة .. نغمة لم تسمعها فى صوته من قبل .. لقد استشعرت انها نغمة قلة الحيلة او ربما الحيرة وقد تكون التردد

المهم انها احست بشحوبه وشروده .. احست بانه غير طبيعى


نظرت الى ساعتها فوجدتها تشير الى الواحدة والنصف..لقد كان ميعادهم فى الثانية عشرة..انها هنا منذ اكثر من الساعة والنصف ونظرات الجميع تنهش لحمها وهمساتهم وضحكاتهم التى امتزجت بالسخرية تكاد تخترق اذنها

(لماذا تأخر كل هذا ؟ انه لم يفعل هذا من قبل)

حاولت الانشغال عن قلقها بالتفكيرفى عائلتها ..لكن الامر تعلق ايضا بعلى

فقد خرجت من المنزل باعجوبة فبعد ان انتهت من السنة الدراسية وبدأت الاجازة

اصبح خروجها من المنزل دون معنى وقد اضطرت ان تكذب على عمها وتقول له ان احدى صديقاتها مريضة فى المستشفى ويجب ان تطمئن عليها وتزورها

وقد سمح لها بساعتين وها قد قاربتا على الانتهاء

[IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/KEKOOD%7E1/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/01/clip_image001.jpg[/IMG]

يجب ان تعود لكن قلبها لا يطاوعها .. انها تريد ان تبقى لتراه .. تبثه شوقها وتستفسر عن القلق الذى ينهش صدرها.. لكن ها هو قد تأخر وربما لا يأتى

حملت نفسها حملا لتغادر مقعدها وعيناها تتلفتان فى كل الاتجاهات لعلها تلمحه

سارت بخطوات بطييييييئة لعلها..........

زفرت فى ضيق بعد فشل محاولتها للاتصال به فاعتصرت الهاتف بين يديها وهى تقول بعصبية بها لمحات من الوجوم:

-سيكون لى تصرف آخر معك يا علىىىى

ثم اضافت فى توتر:

-اذا رأيتك

فجأة وجدت نفسها امام منزلها.. ترجلت من الاوتوبيس والدهشة تملؤها

المسافة التى كانت تأخذ منها اكثر من نصف ساعة- تقضيها فى الضيق من نظرات الذئاب المحيطة بها والقلق من قلة عقل ايا فيهم وتهوره-مرت فى ثوانى من كثرة التفكير الذى انهكها

اتسعت عيناها وانتقل عقلها من عالمه الخاص للواقع المحيط عندما لمحت امجد

الذى كان مستندا على سيارته منتظرا اياها بابتسامة سعادة وشرار اعجاب ينطلق من عينيه كادت ان تغطى معه عيناها المندهشتان


**************

jen 09-08-08 08:07 PM




دلف ادهم الى غرفة ناهد بعد ان طرق الباب .. اقترب منها فى عصبية وجلس بجوارها على الفراش بعد ان زفر بضيق ليعكر صفو الهواء المحيط به بالنار المندلعة والتى انتشرت مع زفرته الممتلئة بالعصبية والضيق

فاستقامت ناهد فى جلستها واخفضت صوت التلفازالذى كانت تشاهده لتلتفت الى

وجهه الغارق فى انفعالاته وتقول بقلق:

-ماذا هناك؟ لا تقل لى انه قد واجهتك صعوبة اخرى..اظن انه بعد اخر مرة صعدت لى فيها مسرعا بعدما تركتك فى حديقة الفيلا تكاد تقفز فى حمام السباحة من فرط الضيق واعطيتك انا النصيحة بان تشترى لها هذا الكتاب الرومانسى الذى اخبرتها عنه اصطلحت الاحوال بينكما

لمحت السخرية البادية على وجهه فتساءلت فى دهشة:

-لا تقل انها مازالت عنيدة

قال ادهم بتهكم:

-لا .. لقد لانت بشدة لدرجة انها تركتنى اعود وحدى وهى مازالت فى العمل

تطلع ادهم الى شظايا قنبلته التى القاها فى وجهها اذ تدلى فك ناهد فى ذهول ثم عادت تقول باندفاع وعصبية:

-ماذا!!!!!!!!!! ولماذا تركتها يا ادهم؟ الم اوصيك بان.........

قام من مكانه ليسير فى الغرفة الواسعة وهو يقاطعها فى ضيق:

-لقد رفضت ..قالت ان لديها مشاغل كثيرة ولن تعود الان ورفضت اقتراحى بمساعدتها واصرت ان اعود بحجة الا اتركك وحدك

قامت هى الاخرى ودارت فى الغرفة وهى تقول والحيرة تغلف كلماتها المندهشة:

-لماذا تفعل كل هذا؟ لماذا ترفض تقربك منها بهذا الشكل المريب؟! المفترض انك نجدة بالنسبة لها.. رجل قوى الشخصية تخاف على مصلحتها وتحمل عنها عبء العمل

وافقها ادهم بايماءة من رأسه وقال مؤكدا كلامها:

-نعم هذا هو المفترض لكنها لا تعطى فرصة لذلك ابدا بل وتخرجنى من حياتها تماما

وتصدنى كلما ابديت اعجابى بها

ثم تابع فى حنق:

-انها غريبة جدا لم اقابل هذا الطراز من قبل فى حياتى..الفاتنات اللبنانيات يتمنين رضائى واعجابى بهن ..تأتى هذه المصرية لتفعل بى انا هذا!!!!!!!!!!!!

اى فتاة تتمنى سماع كلمات الاعجاب خصوصا عندما تصدر من شاب مثلى الاهى تقطع حديثى وتتركنى دائما خلفها كأنى شىء مهمل حقير

فكرت ناهد فى حيرة ثم عادت تقول:

-ربما لانها جميلة وثرية وسمعت هذا الكلام كثيرا من قبل فلم تعد تهتم به

قال ادهم فى ثقة:

-لاااااا.. الاجمل منها كن تحت يدى منتظرين رضائى كما لا توجد انثى على وجه البسيطة لا تتمنى سماع كلمات الغزل

ثم اردف فى قلق:

-لكن ما يقلقنى ان كل شىء خططنا له لن يفلح طالما انها لا تميل لى.. ماذا افعل؟؟؟؟؟؟؟

اتجهت ناهد الى دولابها الخاص واخرجت علبة كبيرة ملفوفة بغلاف مزركش زاهيا يخطف لمعانه الانظار قدمتها له قائلة:

- قدم لها هذه الهدية

نظر ادهم للهدية التى بين يديه بتعجب وهو يقول فى حيرة:

-ما هذه ؟ وكيف ستفيدنى؟!!!!

-هذه عروسة

قال ادهم بضيق وذهول:

-عروسة!!!سأقدم لها عروسة يا امى!!!هل هى طفلة صغيرة!!!!

-استمع لى.. قديما كانت دنيا تميل لابنى كثيرا لكن اخى كان يقطع اى علاقة بينه وبينها

-ولماذا يفعل هذا؟

قطرت كلماتها قسوة :

-كان رجل قاسى القلب.. لا يحبنى ولا يطيقنى وكان سعيد بالخلاص منى لكنه فى نفس الوقت كان معترضا على زواجى من زوجى الاول ابو ابنى الذى كانت دنيا متعلقة به حتى يهدم فرحتى ويكسر قلبى

-هل كان مختلفا عنى؟؟؟!!!

ضحكت ناهد وقالت فى هدوء وهى لا تنظر فى اتجاه معين اذ كانت تسبح فى ذكرياتها :

-فى كل شىء.. انه مندفع وعصبى واسمر اللون لذلك استغربت دنيا من بشرتك الفاتحة لكن جوابك كان سريع واعجبنى

-هل تعرفين مكانه الان؟؟؟

-لا ادرى عنه شىء.. لقد اخذه زوجى منى عندما انفصلت عنه وابتعد تماما ولم اعرف عنه اى شىء وقتها ثم احببت اباك وتزوجته و.......

افاقت ناهد من شرودها وقالت بحدة:

-دعنا من هذا الحديث ..انت تعلم اننى لا احب الحديث فى هذا الموضوع.. لقد كنت اقول ان هذه الهدية هى عروسة طبق الاصل لعروسة اعطاها ابنى هدية قديما لدنيا واحبتها جدا الا ان اخى حطمها بوحشية وكسر قلبها معها وربما الان عندما تقدمها لها ستتذكر ايامها القديمة مع ابنى الذى تعتقد انه انت وربما تشعر بالحنين لهذه الايام ويفتح هذا امامك الطريق الى قلبها

نظر ادهم الى الهدية بتمعن وقال فى امل:

-اتعشم هذا


***********


لم يتركها امجد وسط دهشتها كثيرا اذ تقدم منها فى سرعة ومد يده نحوها وهو يقول باعجاب مغلف بالسعادة:

-انسة غادة كيف حالك؟

صافحته بخجل لم يخلو من الضيق وقالت بعد ان سحبت يدها سريعا من يده القوية:

-الحمد لله

-انسة غادة لقد كنت اريدك فى موضوع هام

قالت غادة بتأفف:

-ما اخبار المواضيع الهامة اليوم؟!

-ماذا!!!

لوحت بيدها بعصبية :

-لا لاشى ماذا تقصد؟

تلفت امجد حوله وقال بعد ان تنحنح:

-انسة غادة لا يصح ان نتحدث هنا نحن فى عرض الطريق والموضوع سيطول

ما رأيك ان نذهب الى اى مقهى(كافيه) قريبا من هنا

تملك الاستغراب غادة وهى تقول باحتقار:

-نعم! هل تعتقد اننى فتاة سهلة؟ اذهب مع اى شاب هكذا!!

نفى امجد اتهامها له وهو يقول باحترام:

-لا لا ابدا اقسم لكى اننى اريد ان اتحدث معكى فقط وغرضى شريف

-عن اذنك يا استاذ امجد

امسك يدها بسرعة قبل ان تغادر فجذبتها من يده بشدة وهى تقول بدهشة وحنق:

-هل جننت ؟ اننى استطيع ان اصرخ و...

حاول امجد ان يهدئها فقال فى سرعة:

-لا لا ارجوكى لماذا لا تصدقينى ؟ ان غرضى شريف اقسم لكى .. اننى اريد ان اتقدم لكى

كادت ان تشبعه بكلمات الاحتقار الا انها توقفت فى حلقها وهى تقول بدهشة:

-ماذا! تتقدم لى ؟ ماذا تعنى؟

حمد امجد ربه على هدوء لهجتها وقال وهو يبتسم:

-وما معنى هذا سوى اننى اريد ان اتزوجك

قالت غادة فى سخرية:

-هكذا دون سابق معرفة

برقت عيناه وهو يختار كلماته بعناية ليصل لهدفه:

-لهذا اريد ان اجلس معكى حتى نتعرف اكثر

عقدت غادة ذراعيها امام صدرها وهى تقول بوجه جامد دون اى انفعالات:

-اسفة لا استطيع

عاد امجد يقول فى الحاح:

-يا انسة غادة اننى معجب بكى منذ اللحظة الاولى التى وقعت عيناى فيها عليكى واريد فرصة حتى تتعرفى علىّ انا لست واحدا من هؤلاء الشباب الذين يعشمون بالحب

انا اريد ان اتزوجك.. بالطبع لكى القرار بالموافقة او الرفض لذلك اريد ان تعرفينى حتى تتخذى القرار السليم

لم يقع الكلام على هواها كانت تفكر فى على حتى فى هذه اللحظة لذا فقد قالت بامتعاض وهى تستدير استعدادا لتركه:

-عن اذنك يا استاذ امجد

التف للناحية التى استدارت اليها قائلا فى تصميم:

-غادة.. انا كنت متوسط الحال واجتهدت حتى اصبحت واحدا من كبار رجال الاعمال فى تصدير الفاكهة الى الخارج

-ما معنى هذا؟ هل تعتقد اننى مادية!!!

-لا لم اكن لافكر فيكى ان كنتى فتاة من هذا النوع انا اعنى اننى كافحت حتى اصل لما انا فيه ومستعد ان اكافح حتى اصل لما اريد

ارتسمت الدهشة على وجهها وهى تقول باستغراب:

-ماذا تعنى؟ هل تريد ان تشبهنى بالفاكهة؟!!

ابتسم امجد وهو يقول:

-لا انتى اطعم من الفاكهة

ثم اضاف بلهفة وهو يمنعها من المغادرة:

-انتظرى انتظرى لا تذهبى .. انا اسف .. اننى اقصد اننى لن استسلم حتى تتأكدى ان غرضى شريف واننى اريدك .. انا لن اتنازل عنكى ابدا يا غادة.. سأترك لكى فرصة للتفكير

اخرج كارتا فضيا من جيب سترة البدلة التى يرتديها قائلا:

-هذا الكارت الخاص بى عندما تشعرين انكى تريدين ان تتحدثى معى وتتعرفى عليا هاتفينى.. اريد ان احيطك علما اننى لم اطلبك من الحاج سعيد لاننى اريد معرفة رأيك اولا.. وارجو الا تتسرعى فى القرار

حاولت غادة الانصراف دون ان تأخذ الكارت الا انه دسه دسا فى يدها وهو يقول:

-فكرى جيدا

انصرفت سريعا وهى تشعر ان الكارت شوكا فى يديها تريد التخلص منه فى اقرب فرصة

شعرت بقلبها يدق دقا سريعا فبقدر ما اسعدها كلامه بسعيه نحوها واعجابه بها بقدر ما كانت قلقة على(على) وعلى عدم اتصاله بها حتى الان

[IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/KEKOOD%7E1/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/01/clip_image002.jpg[/IMG]


****************


اوقف وائل دراجته النارية بعيدا عن فيلا دنيا بمسافة تجعل بواب الفيلا لا ينتبه

الى الضوضاء الشديدة التى تسببها .. ترجل من الدراجة وخلع عنه خوذته وقال هامسا لصديقه الذى فعل مثله:

-وليد ..هل اعيد عليك دورك ام ستنفذه جيدا

تلفت وليد حوله وهو يقول فى ثقة:

-لا تقلق يا وائل لا تقلق

نظر اليه وائل بشك وهو يقول:

-لا انا قلق جدا لا تتصور القلق والتوتر اللذان اشعر بهما

اسمع .. ستذهب الى بواب الفيلا وتحاول الهائه حتى لا ينتبه لقفزى على سور الفيلا بزعمك انك ضللت الطريق وحاول استدراكه خارج الفيلا حتى لا يشعر بى مطلقا

هل حفظت العنوان الذى ستوهمه انك تبحث عنه

-نعم لكن لا ادرى .. لماذا هذه الطريقة الملتوية لماذا لا تذهب اليها وتتحدث معها ببساطة

جز وائل على اسنانه وقال بحنق:

-هل انت غبى؟ انها لا تريد مقابلتى وقد اعطت اوامر للبواب بالا يدعنى ادخل وكذلك حراس امن الشركة وهاتفها دائما مغلق اعتقد انها غيرت رقمها كذلك عندما اطلبها فى هاتف منزلها تقول الشغالة انها غير موجودة.. حصاااااار رهييييييب حولها.. لا استطيع الوصول اليها وانا لابد ان اصل اليها

-ولماذا هذا الحصار

قال وائل فى حيرة:

-لا ادرى لا ادرى ليتنى اعلم ما الذى غيرها .. لقد كانت لا تطيق الابتعاد عنى

ثم امتلأ صوته بالضيق والقسوة وهو يقول:

-بالتأكيد السر فى هذا الشاب الوسيم اللزج الذى كاد ان يتعارك معى عندما شاهدتها فى الجامعة .. انه اشبه بحارس خاص لها .. بالتأكيد اخذ مكانى لديها ذلك الوغد

-من هو هذا الشاب

-لقد سألت عنه وعرفت انه ابن عمتها القادم من لبنان لكننى لن اتركه يتنعم بهذه الغنيمة

دنيا هذه ملكى انا .. لن اترك ذلك الوسيم يهنأ بها ويستولى على دجاجتى التى تبيض ذهبا .. انها ملكى انا ويجب ان استرجعها.. يجب ان تعود لى باى شكل من الاشكال

-لهذا فكرت فى هذه الخطة

-هذه هى الطريقة الوحيدة لاراها وافهم منها ما الذى حدث وغيرها واسترجعها واحقق حلمى فى الثراء بدلا من الهم والكرب الذى اعيش فيه يكفينى فقرا وهما

سأتسلق الى غرفتها واحاول لقائها واقناعها بالعودة لى

-لكن هذا خطر يا وائل اتعلم ان هذه جريمة اقتحام والتعدى على املاك خاصة

ضحك وائل وهو يقول بتهكم:

-اخيرا افلحت دراستك للحقوق.. اسمع انت لا خطر عليك ولا تشغل بالك بى

قل لى فقط ما رأيك فى مظهرى؟ هل هذه البدلة تليق بى

-جدا تبدو فيها وسيما

قال فى انتصار:

-هذا ما اريده لقد استعرتها من طارق

هيا هيا اذهب وقم بدورك حتى استطيع ان انفذ دورى انا الاخر

-سمعا وطاعة يا وائل باشا

تتبعه وائل بنظره حتى اقترب من بوابة الفيلا وبدأ فى الحديث مع البواب فاسرع بالتسلق وهو يحمل وردة حمراء طويلة الساق متفتحة الاوراق بين اسنانه ويقول بصعوبة وهو يتسلق:

-استعنا على الشقا بالله

************

jen 09-08-08 11:53 PM




تطلعت ميرفت بضيق وامتعاض الى الفتاتان اللتان ارتدتا ملابس بحر ساخنة اظهرت بوضوح مفاتن جسدهما الملفوف ولوت شفتيها باحتقار عندما تابعت احضانهما الساخنة لابنها حسام فى حمام السباحة الملحق بحديقة الفيلا وارتفع حاجبيها فى استنكار عندما فوجئت بضحكاتهم المائعة الخليعة وكل واحدة تحاول جذب حسام لها

ابتعدت عنهم فى ضيق لاحظه حسام واتجهت الى البهو الواسع وجلست على احدى مقاعد الصالون وهى تتابع حسام يركض سريعا على درج الفيلا الداخلى متجها الى غرفته لتغيير ملابسه

فكرت فى حاله بحسرة لكنها لا تستطيع التفوه بحرف.. كلماته نافذة عليها ومنذ اليوم الاول لوفاة ابيه وقد افهمها انه هو الآمر الناهى فى هذا المنزل وانها هى نفسها يجب ان تنصاع له

فهمت اسلوبه لكنها لم تصرح ..على الاقل يتحلى بشىء من الخجل حتى لا يشعر امه انها خادمة او موظفة لديه

تحسرت على ماآل اليه حاله .. منذ وفاة ابيه وقد تغير مائة وثمانون درجة

منذ ان تقلد بمقاليد العمل واصبح مالكه وقد اختفى حسام الطائش الذى لا هدف له" وقاطع السمكة وديلها" ليظهر رجل الاعمال الواثق من نفسه القاسى فى بعض الاحيان المادى وبشدة للاسف


عندما كان والده على قيد الحياة كان حسام شابا ككل الشباب يحب السهر والبنات لكن هذا ازداد بشدة بعد غياب الاب تدهور حاله

اصبح يجلب البنات هنا فى الفيلا تحت نظرها دون ان يراعى وجودها ..اتجه للخمر واصبح يستضيف اصدقاؤه للعب القمار

غيره المال الكثير واعماه عن مبادىء كثيرة

ابوه كان يختلف كان لا يحب السهر او الحفلات .. منشغل دائما فى عمله.. نعم يتأخر كثيرا لكنه يعمل كما كان يطيب خاطرها ويضعها فى اولوياته وافضل شىء فيه كان اخلاصه

لم تقدره حق قدره الا عندما توفى اذ فسدت اخلاق ابنها بعده واصبح بدون مراقب

كان رجلا عظيما

تنهدت وهى تتذكر ايامها الجميلة معه وقالت برجاء:

-ليتك تكون مثل والدك يا حسام

قطع حبل افكارها خطوات حسام السريعة فنظرت اليه لتجده يتقدم نحوها وهو يغلق ازار قميصه ويضع سترة البدلة على المقعد المجاور لها ويجلس عليه وهو يقول بابتسامة:

-ما اخبار والدتى الحبيبة كيف حالك يا احلى ام فى الدنيا

قالت فى مرارة:

-تتحسر على اغلى شىء لديها فى الوجود

وجم حسام وهو يقول بضيق:

-لماذا يا امى؟ ماذا هناك هذه المرة؟

-من هاتين الفتاتين يا حسام

-صديقاتى يا امى رشا وسهى هل يوجد ما يمنع ان استضيف صديقاتى فى منزلى

-لا ..لا يوجد ما يمنع ان تستضيف صديقاتك يا حسام لكن الممنوع هو ما تفعلانه

-الممنوع! لا احد يقول لى ممنوع يا امى ثم انك معتادة على هذا

جرحتها كلماته التى لغت دورها من حياته الا انها قالت فى حدة:

-لا يا حسام انا لست معتادة على هذا انت من تحاول ان تجعلنى اعتاد هذا الامر وهذا من رابع المستحيلات .. انا امرأة شرقية ولن اقبل ابدا ان يعيش ابنى كالخواجات

تجاهل حسام حديثها لانه يعلم انه لا طائل من ورائه فهو سينفذ ما يريد دون اى اعتبار او اعتراض من اى احد حتى ولو كانت امه

-حسام يا حبيبى لماذا لا تحاول ان تكون مثل والدك .. قمة فى الاخلاص والاحترام

لماذا لا تترك هذا الهلث وتبحث عن ابنة الحلال التى تحبها والتى تبعدك عن هذا الجو الشائن كما فعل والدك معى

كتم حسام ضحكاته بصعوبة حتى لا يدنس ذكرى والده امامها

على الاقل هناك من يظن ان والده انسانا صالحا

اه لو تعلم حقيقة هذا الرجل الذى تشيد باخلاقه واخلاصه.. اه لو تعلم انه صاحب نزوات نسائية متعددة فى فيلا المريوطية والاسماعيلية وشاليه العجمى والساحل الشمالى غير الاجنبيات التى يقابلهن فى اسفاره للخارج

اه لو تعلم انه كان مدمنا على الخمر وانه كان لا يستطيع تفويت شهرا دون ان يسافر لاس فيجاس ليلعب القمار

اه لو

هو كان كاتم اسراره وتلميذه النجيب ومن شبه اباه فما ظلم

انتزعته من افكاره التى غرق فيها بكلماتها المرتجفة الآملة :

-حسام الا يسأل اخاك عمرو عنى

شعر بالنيران تدب فى رأسه وتكاد تحرق شعره الناعم الغزير

يا لهذا العمرو! انه لا يطيق سيرته ولولا والدته لرماه رميا خارج شركته

هذا الصعلوق الذى يجذب الناس اليه ويدفعهم لمحبته بنعومته وهدوئه وطيبته المزعومة

انه يعلم هذه الاصناف جيدا كم يتمنى لو تسنح له الفرصة لابادته

انه يسمع جيدا همسات من حوله تشيد باخلاق وطيبة عمرو واختلافه التام عنه وعن دكتاتوريته.. لو فقط يعلموا حقيقته التى يعلمها هو

انه كالحرباء يتلون بمئة لون حتى يصل لغرضه .. انه طامع فى ماله ومركزه

لكنه لن يسمح له ابدا ان يصل الى ما يفكر فيه ابداااا


يبدو ان انفعالاته الساخنة هذه ظهرت على وجهه اذ قالت ميرفت فى قلق:

-حسام ماذا بك؟

-لا شىء يا امى عن ماذا كنتى تتحدثين؟

عاد صوتها يخفت وهى تقول :

-عن عمرو.. هل يسأل عنى؟

كاد ان يقول انه لا يكف عن السؤال عنها وانه يصدع رأسه بهذا الا انه كتم هذه الكلمات واخذ نفسا عميقا وهو يقول:

-لماذا تبحثين عما يضايقك يا امى؟

وقع قلبها فى قدميها وشحب وجهها وهى تقول بلوعة:

-ماذا تعنى؟ الا يسأل عنى

لم يتفوه حسام ونظر اليها بمرارة مدروسة كأنه حزين على حالها فدمعت عيناها وهى تقول بحسرة:

-لهذه الدرجة ! لا يذكر اسمى حتى

هز رأسه نفيا فقالت فى وجوم:

-الم يغفر لى بعد؟ اما زال غاضبا منى ؟ الن يصفح عنى

-فى الحقيقة يا امى انتى فعلتى ما بوسعك .. ذهبتى له واعتذرتى مليون مرة ودائما تتطمئنين عليه وسعيتى ليعمل عندى بالشركة وهو لم يقدر ايا من هذا

لم يقدر انه فى نعمة .. اى شاب غيره لا يجد قوت يومه لا يحلم بوظيفته لكنه جشع ويستغلك يا امى

نظرت اليه بدهشة وهى تردد باستغراب:

-يستغلنى! ماذا تعنى؟

-اتعلمين المرات القليلة التى يأتى فيها لزيارتك هنا.. اتعلمين لم يأتى؟

مسحت دموعها وهى ترهف سمعها وتتساءل:

-لم؟؟؟

قال حسام فى تردد مصطنع:

-انا لا اريد ان اقول لكى حتى لا تشعرى بالضيق

-ارجوك قل يا حسام

-حسنا لكن تذكرى انتى من طلبتى ان تعلمى الحقيقة فلا تقولين اننى اخلق حاجزا بينك وبينه او ادبر لوقيعة بينكما.. انتى تعلمين كم احب عمرو

-بالطبع يا حبيبى انتم اخوة لكن قل لى ما تخفيه

لماذا يأتى عمرو الى هنا ؟ هل هناك سبب اخر غير رؤيتى

قال حسام بتهكم:

-رؤيتك!!!! سأقول لكى لماذا يأتى؟


*******************

استغرقت دنيا فى احلامها ونومها العميق الذى اخذ يتباعد ويتباعد حتى تلاشى مع شعورها بشيئا ما يداعب وجهها

فتحت عينيها ببطء لتقع على وردة حمراء تداعب خدودها المتوردة ..بدأ يتلاشى الضباب ويتسرب بعيدا ليصفو ذهنها وتنتفض فى رعب وتسارع بجذب الغطاء على جسدها عندما لمحت وائل الذى كان يداعبها بالوردة التى جذبتها من يده والقتها على ارض الغرفة وهى تحاول الابتعاد بغطائها الى ابعد نقطة فى الفراش

ابتسم وائل وهو يراقب انفعالاتها وحركاتها المتوترة وجذب مقعدا وضعه بجوار فراشها وقال برقة بعد ان جلس عليه:

-كيف حال اميرتى الجميلة؟

تفوهت دنيا اولى كلماتها بذعر وهى تحاول السيطرة على اعصابها اذ احست انها ستسقط مغشيا عليها:

-كيف دخلت الى هنا؟ كيف؟ ما الذى اتى بك!!!

-جئت لارى حبيبتى واغلى شىء لدى بالوجود جئت لاراكى يا روحى يا اجمل الجميلات طالما لا تريدين انتى رؤيتى

قالت دنيا بغير تصديق:

-هل انت مجنون؟ هل جننت!!!

-هل جننت لاننى اريد رؤيتك يا غاليتى!! لكنكى لا تعطينى فرصة لذلك

قالت دنيا بصوت مرتجف:

-كيف دخلت الى هنا؟!!

-تسلقت حتى وصلت الى شرفتك يا عزيزتى..ما رأيك فى هذه الرومانسية كما فعل روميو لحبيبته جولييت ولاستئناف الرومانسية ارتديت تلك البدلة البيضاء واحضرت لكى الوردة الحمراء الجميلة التى طوحتيها

امسكت دنيا برأسها وهى تهزها يمينا ويسارا بغير تصديق وتقول فى حسرة:

-بالتأكيد انا احلم بالتأكيد ما اراه ليس حقيقة

اقترب منها وهو يقول بنعومة:

-لا يا حبيبتى انا هنا فعلا

صاحت وهى تجذبه بعيدا عنها:

-ابتعد عنى

عاد لمقعده وهو يقول:

-كما تشاءين يا حبيبتى ربما انتى لستى مستعدة لتقاربنا بعد

قالت دنيا بحسرة:

-هل اخطأت فى اختيارى لهذا الحد؟ هل كنت مغفلة بهذا الشكل؟

-عن ماذا تتحدثين يا حبيبتى

اشارت بيديها الى الشرفة قائلة بحدة وصرامة:

-اخرج حالا كما جئت عد

-اسمعينى فقط يا حبيبتى لماذا تفعلين معى هذا ؟ لماذا تغيرتى معى بهذا الشكل ؟

ماذا حدث؟

-الخيانة يا استاذ

-لا يا دنيا لا تتحدثين عن نفسك بهذا الشكل انتى لم تخونينى انا مستعد ان اغفر لكى .. فقط عدينى انكى ستقطعين علاقتك بابن عمتك هذا من فرق شملنا

قالت دنيا بعصبية:

-هل انت مجنون ام انك تحب ان تعيش فى دور الاحمق ؟ ما هذه التخاريف التى تتحدث عنها؟ اننى اتكلم عنك انت ايها الحقير..انت الخائن

ظهرت الدهشة على وجهه وهو يقول ببطء:

-عن ماذا تتحدثين؟

ظهرت الشجاعة فى صوت دنيا وتوهجت وهى تقول بحدة:

-اتحدث عن جشعك وطمعك وخيانتك اتحدث عن لعبتك الدنيئة التى حاولت تنفيذها علىّ وانا بغبائى ساعدتك فيها

وجم وائل ودنيا تواصل:

-لقد نجدنى الله من براثنك الشريرة ونجانى من محاولتك الاستيلاء على اموالى بدعوى الحب والزواج لقد خلصنى الله من شرك وجعلنى استمع الى حديثك مع منى السكرتيرة الخائنة التى دبرت معك استغلالى

ظهر الذعر فى عينيه وهو يردد بدهشة:

-استمعتى الى ماذا؟!!!

-الى كل شىء يا وائل باشا

لوح بيديه وهو يقول:

-لقد فهمت خطأ صدقينى لقد اضطرت ان اقول هذا لمنى حتى ابعدها عن طريقى صدقينى

لقد كذبت عليها وقلت اننى اريد ان اتزوجك لاموالك وانها هى حب حياتى لكن كل هذا كذب

قالت دنيا بتهكم:

-كذبة جديدة هذه ! يا لك من شيطان ! هل تستطيع ان تؤلف كذبة فى ثوانى

-لا انا لا اكذب .. لقد فعلت هذا لكى اتقى شرها وابعدها عنى لقد هددتنى ان لم ارتبط بها ستبلغك اننى اتحرش بها

ارتفع حاجبا دنيا فى دهشة مصطنعة وهى تقول بتهكم:

-حقا! ولماذا لم تقل لى لاطردها

-خشيت ان تقول لكى هذا وتصدقيها

نظرت اليه باحتقار وهى تضغط على كل حرف من حروف كلماتها:

-لا اصدق ان لديك الشجاعة والجرأة لتقف امامى وتنظر الى عينى وتكذب هكذا بمنتهى السلاسة

-انا لا اكذ............

قاطعته فى صرامة:

-اصمت هل تعتقد اننى سأنخدع بكذبتك هذه وخداعك لى ؟ هل انت مجنون؟ انسى دنيا القديمة الضعيفة ..انا الان انسانة اخرى .. الشىء الوحيد الخاطىء الذى فعلته هو اننى حاولت الهرب منك وعدم مواجهتك لكنك الان اثبت لى كم كنت مخطئة فرؤيتك اليوم قطعت كل شك لدى والحيرة التى كانت تنتابنى بشأنك فى بعض الاحيان

اخيرا استطيع المضى قدما فى حياتى واتركك ورائى ذكرى قديمة مهمشة


[IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/KEKOOD%7E1/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/01/clip_image002.jpg[/IMG]


نظر اليها بضيق وقال فى بطء:

-اذن هذه هى النهاية ! الن تعودى الى

قالت فى ثقة:

-مطلقا

-اذن فقد اخذتى قرارك وقررتى نبذى من حياتك

-هذا صحيح

-حسنا استمعى الى جيدا يجب ان اصرح لكى بالحقيقة كل ما قلتيه صحيحا

تابع على الرغم من دهشتها التى ارتسمت على وجهها:

-انا بالفعل كاذب واردت استغلالك للوصول الى اموالك ولم اشعر نحوك باى عاطفة على الاطلاق كل ما اردته منك ان اشعر بمذاق المال من خلالك بعدما ارهقنى الفقر الضنك

اتسعت عيناها وهى تقول باستغراب:

-لماذا تقول هذا؟

- مادمتى قد عرفتى الحقيقة فلا حاجة الى مزيد من الاكاذيب لكن هناك شىء اخير لم اعترف لكى به

قالت دنيا بقلق:

-ما هو

اقترب منها وهو يقول بوحشية :

-لقد اردتك بجانب اموالك فانتى فى الحقيقة شهية جدا

عاد الذعر يجثم على صدرها بعد ان تغلبت عليه وواجهته بحقيقته

انكمشت على نفسها وهى تراه امامها يخلع قميصه ويقترب من وجهها حتى لفحتها انفاسه التى خرجت مع كلماته الوحشية:

-انتى لى يا دنيا يجب ان تفهمى هذا وللاسف فقد ضاع حلم الثراء لكن حلمى الاخر الممتع مازال بيدى وسأعمل على تحقيقه

اسرعت دنيا بالابتعاد عن الفراش تاركة ورائها الغطاء الذى كانت تستر جسدها به فاشتعلت شهوته الحيوانية اكثر وهو يتطلع الى جسدها الجميل واسرع بالاندفاع نحوها وحملها وعاد بها الى الفراش فصرخت دنيا باعلى صوتها والعبرات تنهال من عينيها كالشلالات واخذت تضربه بقبضتها فى صدره الا انه اخذ يردد وهو يحاول تمزيق ملابسها:

-انتى لى انتى لى

-ايها الحقير ايها المقزز ابتعد عنى ابتعد عنى

استمرت فى محاولاتها المستميتة لابعاده عنها ثم صرخت مستنجدة:

-ادهم ادهم ادهم انجدونى انجدونى عم سالم انتصار ادهم

حاول وائل كتم انفاسها فى نفس اللحظة التى سمع فيها ادهم الذى كان يتحدث فى هاتفه صراخ دنيا واستنجادها

القى الهاتف جانبا واسرع بالركض الى غرفة دنيا وفتح بابها على مصراعيه ليجد هذا المشهد الكريه امامه

لم يتمالك اعصابه واندفع يجذب وائل بعيدا عن دنيا وهو يقول بغضب:

-يا حيوان يا ابن...........

ايها الحقير يا ابن..............

واوسعه ضربا وركلا فى كل منطقة فى جسده حتى قضى على مقاومته وانهى عراكه معه بضربة مدروسة بين ساقيه جعلت عينا وائل تدور فى محجريهما وجعلته يتأوه فى الم وهو يسقط على الارض متكوما على نفسه

اندفع ادهم نحو دنيا ليجدها تبكى بين احضان ناهد المنزعجة فاسرع بتغطية جسدها المكشوف بالملاءة المكومة على الارض واقترب منها قائلا فى قلق:

-هل حدث لكى شىء؟ هل تمكن هذا القذر من شىء

هزت رأسها نفيا بعنف فالتفت ليجد انتصار ودادة شريفة وسالم البواب متسمرين امام باب الغرفة واللهفة والقلق باديين على وجوههم فقال بغضب:

-ماذا تفعلون هنا؟ ابتعدوا انتصار انتظرى ابلغى الشرطة ان هناك مقتحما للفيلا

اسرعى

ثم اتجه الى دنيا- وفى طريقه وجه ركلة اخرى الى وائل - وجلس على المقعد المجاور للفراش وقال فى صرامة وهو ينظر لعينى دنيا الحمراوتان والى جسدها المرتجف:

-اظن ان لنا الحق ان نعرف من هذا الحيوان؟؟؟

jen 10-08-08 12:55 AM



ندت من شفتى مى آنة اعجاب وقالت بلهجة تفوح منها السعادة وهى تتلفت حولها بانبهار :

- يا الهى ! ما اجملها يا ابى .. انها رائعة

دار سعيد فى الشقة الجديدة التى تسلمها وهو يشاور لها فى كل اتجاه قائلا بسعادة :

- تعالى تطلعى من الشرفة انها تطل على منظر رائع

ذهبت مى مسرعة وراءه وما ان دلفت الى الشرفة حتى شهقت اعجابا :

- المنظر خيالى .. لا اصدق ان هذه الشقة اصبحت حقا ملكنا .. ما رأيك يا غادة

ولما لم تجد ردا من غادة تلفتت حولها فلم تجدها فعادت الى داخل الشقة لتجد غادة الى جوار بابها لم تتزحزح من مكانها منذ ان وصلوا فاتجهت اليها قائلة بقلق :

- ماذا هناك يا غادة ؟ الا تعجبك الشقة ؟

انتزعت غادة نفسها من شرودها مع كلمات مى واجابت فى سرعة :

- لا بالطبع انها رائعة

- كيف وانتى لم تتخطى عتبة بابها حتى

- لقد القيت نظرة سريعة عليها

- غادة .. انتى لم تتزحزحى من مكان

قالت جملتها هذه بحزم وهى تجذبها من يدها متابعة :

- تعالى معى لنشاهد غرف النوم .. عن اذنك يا ابى

ما ان استقرا فى غرفة النوم الواسعة حتى اغلقت مى بابها واقتربت من غادة قائلة بهمس قلق وهى تنظر فى عينيها محاولة سبر اغوارها:

-غادة حبيبتى .. ماذا بكى .. ارجوكى طمئنينى .. انتى على هذا الحال منذ فترة طويلة .. قلت لنفسى يجب الا اتدخل فى حياتك وانتظر حتى تحددى انتى ما هو الوقت المناسب لتتحدثى فيه لكن يبدو انكى نسيتى اننى ابنة عمك واختك وكاتمة اسرارك .. عدت لاقول لنفسى .. ربما عندما تعود لكليتها سينصلح الحال .. ربما حزنها هذا مرجعه انها لم تعد ترى حبيبها على لكن الاجازة انتهت واستأنفتى الدراسة ولم ينصلح الحال بل ربما يكون قد ساء

ما ان انهت مى جملها الاخيرة حتى تفجرت دموع غادة التى حاولت كبتها فانزعجت مى وهتفت بقلق شديد وهى تحتضنها :

- غادة .. ماذا بكى يا حبيبتى .. هل الامر متعلق بعلى ؟ تحدثى يا غادة .. لا تعذبينى بدموعك وصمتك هذا

ابتعدت غادة عنها وهى تحاول مسح دموعها فناولتها مى منديلا ورقيا التقطته بخفة وجففت دموعها المتساقطة التى بللت وجهها ثم اخذت نفسا عميقا وقالت بحزن شديد ومى تردد :

- هل حدث شىء ما بينك وبين على

- لا لم يحدث شىء .. والمصيبة انه لم يحدث شىء

ظهرت البلاهة على وجه مى وعدم الفهم فى صوتها وهى تهتف :

- ماذا ؟ لا افهم شىء

هتفت غادة بعصبية :

- ولا انا .. لا افهم اى شىء .. آخر مرة رأيته فيها كانت منذ زمن طويل وكان كل شىء على ما يرام .. نعم كان يائسا محبطا لبحثه عن عمل دون جدوى لكننا كنا سويا ثم هاتفنى بعدها لالقاه ولم يأتى ولم اره من حينها وهاتفه دوما مغلق ولا ادرى عنه اى شىء يا مى .. اى شىء

اعتصرت كلماتها قلب مى وذكرتها بالذى كان ورق قلبها لحال غادة التى عادت دموعها تتساقط وتقول بصوت متقطع لشدة تأثرها :

- لا ادرى ما هذا الذى كان بيننا ؟ هل كان حب ام رفقة محببة ام كان فقط يلهو !

ثم نفضت رأسها وكأنها تطرد تلك الافكار وهتفت :

- لكننى استشعرت صدقه لكن لماذا ابتعد دون خبر .. لقد مرت ثلاثة شهور يا مى ولازلت لا ادرى عنه اى شىء وامجد يلاحقنى طوال الوقت

انتزعتها من تعاطفها لتهتف بدهشة :

- امجد ! امجد من ؟

اجابت بامتعاض :

- امجد السعدنى الذى اشترى من اباكى ارضه .. انه يرغب بالزواج منى ويلح علىّ كى اوافق .. سعى ورائى تلك الاشهر سعيا فريدا

تساءلت مى :

- وهل تنوين الموافقة على طلبه ؟

هتفت غادة بحدة :

- لا بالطبع

ثم اضافت فى حيرة :

- انا لا يشغل بالى سوى اين على

اطل محمد برأسه من باب الغرفة وهتف والسعادة تلوح على وجهه:

- لقد نجحت باختبارات الشرطة يا فتيات وتم قبولى بالكلية

برقت عينى مى بسعادة بينما اتجهت غادة نحوه وهى تقول بفرح حقيقى :

- مبروك يا محمد

اسرعت مى تحتضنه وهى تقول بسعادة :

- الحمد لله الذى حقق املك يا محمد

اتسعت ابتسامة غادة وهى تتطلع الى فرحتهما بينما كان قلبها مثخنا بالجراح .. جراح الحيرة والشك والقلق والخوف واللهفة والشوق

اجتمعت كل هذه المشاعر المتداخلة لتهتف بسؤال انهكها :

- أين أنت يا على ؟؟؟؟؟


**************

jen 13-08-08 09:16 PM



الفصل الخامس

ويغلى القدر (بكسر القاف) ببطء


اندفعت شهقات ميرفت تنطلق بقوة لتؤازر دموعها الساخنة التى انهالت على وجهها وافسدت زينتها الرقيقة وكسى الالم قسمات وجهها فامسكت بصدرها الذى تعتصره الالام بشدة وحاولت ان تخلى صوتها من الانفعالات وهى تقول لتهدئة نفسها:

-اهدئى يا ميرفت اهدئى ما هذا الذى تفعليه بنفسك انتى ستودين بنفسك للتهلكة

قلبك المريض لا يتحمل ما تفعليه اهدئى

التفتت لتنظر لنفسها فى المرآة وتقول بصوت مختنق :

- كيف اهدأ ؟ وولدى فرحتى الاولى لا يحبنى وكل علاقته بى مجرد وريقات وريقات ملعونة اسمها المال

نظرت الى صورته المعلقة على حائط غرفتها وقالت وهى تتشنج وتتقطع كلماتها من فرط الانفعال والالم الغائر الذى احدثته كلمات حسام لها:

-لماذا يا عمرو ؟ انا اعلم اننى اخطأت بحقك وتركتك قديما يا بنى

لكن لم يكن بارادتى كان غصبا عنى لم استطع التحمل يا عمرو صدقنى يا حبيبى

لقد اردت ان احيا معك العمر كله لكن لم استطع لم يواتنى والدك الفرصة لذلك

والدك هو السبب فى ابتعادنا لست انا لست انا

عادت تنظر للمرآة لتطالع وجهها وتقول بقسوة:

-لست انتى؟ كيف لست انتى يا مجرمة؟ انتى من تركتيه ولم تتحملى من اجله

نظرت لصورة عمرو بسرعة وقالت برجاء :

-لا لا تصدقها يا عمرو يا حبيبى انا لم يكن بيدى اى شىء لقد كان اصعب شىء لدى بالوجود ان اتركك

التفتت لنفسها فى المرآة لتقول:

-كل انسان بيده الخيار وانتى اخترتى اخترتى ان تعيشين حياتك وتتر كين ابنك

اخترتى ما لصالحك وتناسيتيه

اسرعت بالنظر لصورة عمرو وهى تقول بعينان متسعة ملهوفة للنجدة :

-هل تصدقها يا عمرو؟ هل تعتقد انه كان بيدى شىء ولم افعله من اجلك؟ هل تعتقد اننى تركتك لاهوائى الشخصية ؟ لا يا حبيبى ابدا

ثم اضافت بعتاب:

-لكن يبدو انك تعتقد هذا فعلا بدليل انك لا تأتى لزيارتى وعندما تأتى تأتى لاجل اخيك

لاجل ان تأخذ منه نقود تدعى اقتراضها وردها سريعا ولا تفعل يوما وحسام يعطيك لانه يعلم مقدارك عندى

كما انك تشيح بيدك رافضا محادثتى عندما اكون على الهاتف مع حسام واطلب مكالمتك

لماذا اذن ادعيت غفرانك ومسامحتك ؟ ألاجل الوظيفة والاموال التى تأخذها من حسام

حاولت بدون فائدة ان توقف سيل دموعها المنجرف لكنها لم تستطع

لم تستطع

عمرو ابنها الحبيب يفعل بها هذا !!

دارت الدنيا حولها واظلمت امام عينيها وهى تردد:

-لما...ذ...ا

ثم غابت عن الواقع ولا تزال دموعها تتساقط من عينيها المغمضتين


********************


-انا السبب يا دنيا

قالتها مى بحروف مرتجفة مصبوغة بصبغة الالم والندم وهى ترقد فى احضان دنيا المنهارة على فراشها

نظرت دنيا الى عينى مى المتألمتين بحيرة ووجوم وهى تفكر فى معنى جملتها الغريبة التى قالتها بكل هذا القدر من الندم

لقد اسرعت مى بالمجىء عند اول ضوء ظهر فى السماء لتقف الى جانبها بعدما ابلغتها فى الهاتف انها تحتاجها بشدة

ومنذ ان جاءت وهى بين احضانها تروى لها بكلمات منهارة عن التجربة القاسية التى مرت بها وبالاجواء البوليسية التى احاطت بها بعد ذلك

هدئتها مى بفيض حنانها وكلماتها المشجعة لها عن نسيان ما حدث والقاؤه وراء ظهرها كما ابدت سعادتها بقوتها ووقوفها فى وجه وائل وحمدها لله على نجاتها من شركه

لكن كلماتها الاخيرة استوقفتها واسترعت دهشتها

ماذا تقصد بذلك؟ لماذا هى السبب؟

لذا قالت والحيرة تملأ عيناها:

-ماذا تقصدين يا مى ؟؟؟

شعرت مى بخجل شديد جعلها لفترة لا تقوى على ملاقاة عينيها المتسائلتين

كيف تخبرها انها كانت تعلم منذ زمن؟ كيف تخبرها انها لفترة شعرت بالفرحة انها ليست الوحيدة المخدوعة؟ كيف تخبرها انها تكره نفسها لانها شعرت بالغيرة منها ؟ كيف تخبرها ان قلبها يتألم لما حدث لها وانها هى السبب كيفففف؟!!!

استجمعت قواها واخذت نفسا قويا قبل ان تقول والاسف يقطر من كلماتها:

-انا اسفة يا دنيا اتوسل اليكى ان تقبلى اعتذارى ارجوكى

صدقينى سأصاب بشىء ان لم تفعلى

قالت دنيا بقلق:

-مى ماذا بكى! لماذا ترتجفين هكذا؟ وما هذا الذى تحكين عنه ؟ انا لا افهم شىء

وصدقينى يا حبيبتى انا لن اغضب منك ابدا لاتقبل اسفك

-الا فى هذا يا دنيا اسفى حتى يمكن الا تتقبليه

قالت دنيا بثبات واصرار:

-مستحييييييل انتى اختى وصديقتى الحميمة هل يمكنك ان تقولى لماذا كل هذا

ما الامر لقد اشعلتى فضولى حقا


ارتجفت شفتا دنيا وهى تستمع لكلمات مى النادمة ولم تشعر الا بدموعها تعود لتحفر مجراها على خدها المتورد فجزعت مى وهى تشير الى وجهها وتقول:

-ارأيتى! ها قد اغضبك كلامى لكن صدقينى انا لم اقص

قاطعتها دنيا بصيحة هادرة:

-اصمتى

لجمت مى لسانها امام انفعال دنيا وتسربت الدموع من عينيها فاسرعت دنيا بمسحها وهى تقول بحنان:

-ايتها الغبية اصمتى قليلا هل ستتحدثين بلسانى ايضا ! كيف لكى ان تفكرين بهذه الطريقة

انا التى اشعر بالخجل اننى فعلت هذا بك ولم اشعر بلوعتك وانا اسرق ذلك الوغد من امام عينيكى

وعندما لاحت محاولة مى للحديث اسرعت دنيا تضيف:

-نعم اعلم ما ستقولينه انكى لو اخبرتينى بحقيقته لما كان حدث ما حدث لكنك انسانة يا مى معرضة للخطأ واتخاذ قرارات خاطئة وهذا ما حدث معى اتعلمين ان هذا فى صالحى كي لا اثق فى اى فرد بسهولة

وهل تتصورين اننى ايضا لم تواتنى لحظات لم اشعر بالغيرة فيها منكى

بل فعلت كنت اشعر بالغيرة وانتى وسط عائلتك وانا هنا وحدى اعض اناملى من الخوف والوحدة بين جنبات هذه الفيلا الواسعة

نحن لسنا ملاك يا مى لكننا على الاقل نعرف متى نتوقف ونندم ونحاول اصلاح هذا الخطأ

ابتسمت مى لكن دموعها خانتها فقالت بمزاح:

-اعتقد ان علينا ان نشرب ماء كثير لنعوض ما اذرفناه من دموع

شاركتها دنيا ضحكاتها وهى تقول بامتنان:

-لا ادرى لو لم تكونى موجودة معى الان ماذا كنت لافعل

اخذتها مى فى احضانها وهى تقول :

-انتى افضل صديقة لى بالكون

-اوعدينى يا مى ان نعود كما كنا وان نترك ذكرى وائل المقززة هذه وراء ظهورنا

-اوعدك يا دنيا


*****************


تقدم محمد بخطوات بطيئة متسللة حتى اقترب من فتاة متوسطة الطول ممتلئة القوام قليلا يصل شعرها الاسود القصير الى كتفيها

حرص محمد على ابقاء اصوات خطواته منخفضة حتى لا تنتبه لوجوده وقد ساعده على ذلك استنادها الى سور سطح المنزل و انشغالها بالتطلع الى الحركة الدائرة فى الشارع

كان يقف خلفها تماما لذا فقد قال بهمس جعلها تنتفض:

-مرحبا باحلى فتاة فى شبرا

تطلعت بانبهار الى زيه العسكرى وقالت بسعادة:

-محمد ! ما اجمل هذا انك تبدو رائعا فى هذا الزى

مال نحوها وهو يقول بحب:

-لقد اوحشتينى كثيرا لم اعتد على طول غيابك عنى

ابتعدت عنه وهى تجذبه بعيدا عن السور :

-تعالى هنا حتى لا يرانا احد

وتابعت بلهفة:

-وانت ايضا اوحشتنى كثيرا يا محمد غيابك عنى طال لا تتصور كيف كنت وانت فى كليتك فبعدما كنا نتقابل كل يوم اصبحت الان لا اراك الا كل خميس وجمعة

-اعلم انهم لا يكفون لكن هذا فى صالحنا

غدا اصبح ضابطا كبيرا واتقدم لخطبتك يا اجمل الجميلات

مصمصت شفايفها وهى تقول بتهكم:

-اجمل الجميلات! ماذا عن غادة هانم

قال بدهشة:

-ماذا عنها!!!

-اتحاول اقناعى انه لا شىء يدور بينكما؟

-هل انتى مجنونة غادة تكبرنى فى السن ثم انها اختى

-لكن جمالها يزيل كل الحواجز

-لا يوجد فى القلب غيرك يا هند

قالت بدلال:

-حقا يا محمد

-طبعا يا حبيبتى ولدى خبر سار لكى لقد استلمنا الشقة الجديدة التى سنتزوج فيها انا وانتى

قالت بخجل:

-لا تخجلنى يا محمد

بينما نظر محمد الى عينيها بحب وهو يمسك يديها قائلا:

-انا انتظر هذا اليوم بفارغ الصبر يا احلى هند فى الوجود


******************


كانت ميرفت جالسة فى حديقة الفيلا تتناول كوب الشاى الصباحى بجوار حسام الذى اقترب منه صلاح الصفرجى ليقول:

- انتهينا من اعداد افطار يوم الجمعة المعتاد يا حسام بيه

قالت ميرفت بسعادة:

-حمدا لله انك لازلت تواظب على هذه العادة يا حسام فافطار يوم الجمعة هو الوحيد الذى اراك فيه على طاولة الطعام

نظر حسام باستغراب الى صلاح الذى ظل واقفا فى مكانه وقال:

-صلاح لقد علمنا اذهب الان

-هناك خبر اخر يا حسام بيه الاستاذ عمرو ابن الهانم هنا ويريد مقابلتك

قالت ميرفت بضيق :

-ماذا تقصد بابن الهانم؟ عمرو هو اخو حسام بيه ثم لماذا تأخذ الاذن اجعله يتفضل طبعا

قال صلاح باعتراض:

-لكن حسام بيه هو

-حسنا حسنا اذهب انت يا صلاح واجعله يتفضل

كان يجب ان يقطع كلماته حتى لا تعرف والدته انه هو من اوصى ان عمرو يعامل كأى ضيف ولابد من الاذن اولا لدخوله بالتأكيد هذا سيستثيره ضحك فى اعماقه بسخرية بددها وجه عمرو الخالى من اى انفعالات والذى يقترب

نظر سريعا الى والدته فوجد اللهفة تغطى وجهها فقال بضيق فى اعماقه:

-هذه المرأة لا يجدى معها شىء

صافحه عمرو وقبل والدته ثم جلس فى مواجهتهم وهو يقول:

-كيف حالك يا امى ؟ كيف حالك يا حسام

ربتت ميرفت على كتفه وهى تقول:

-بخير حال يا عمرو كيف حالك انت يا حبيبى

ضاق حسام بما تفعله والدته فقال فى سرعة:

-يا ترى ما سبب هذه الزيارة يا عمرو

نظرت اليه ميرفت بانزعاج الا انه تجاهل نظرتها وهو يستمع لعمرو الذى قال بتوتر:

- فى الحقيقة لقد جئت من اجلك اريدك فى شىء هام وضرورى

ابتسم حسام فى اعماقه وهو يرى لعبته تتحقق على يد عمرو فقال:

-جئت من اجلى انا! الم تأتى لتجلس معنا فى جو عائلى

اذن هل تريدنى فى عمل

كانت المهمة صعبة على عمرو كيف يفاتحه فى الموضوع دون ان يجرح مشاعره او يحسسه انه واصى عليه بالاضافة انه يجب الا تعلم امه باى شىء حتى لا تتغير نظرتها تجاه حسام انه هنا ليحاول نصحه وابعاده عن هذا الطريق الذى يسير فيه

وافضل شىء ان يحدثه من اخ لاخيه فى جو الاسرة والمنزل بعيدا عن العمل حيث هو المرءوس وحسام صاحب العمل لذا فقد فرك كفيه فى توتر وقال بحرج:

-بل اريدك فى موضوع شخصى لكن افضل ان نكون وحدنا

كاد حسام ان يقفز من على مقعده من فرط السعادة فقد اثبت عمرو لوالدته دون ان يدرى انه على حق لذا فقد نظر حسام نظرة مدروسة الى ميرفت تحمل معنى(أرأيتى!)

ثم قام حسام من على مقعده وهو يشير الى الفيلا:

-طبعا طبعا يا عمرو تفضل نتحدث فى المكتب تفضل

تابعتهم ميرفت بقلب جريح وعيون منهزمة مكسورة وتنهدت بحسرة وهى تقول:

-صدقت يا حسام


******************

jen 13-08-08 11:25 PM



هبطت دنيا درج الفيلا الداخلى ويدها فى يد مى التى كانت تقول :

-اتمنى ان تعودى كسابق عهدك وكأن شيئا لم يحدث وعودى لعملك كونى قوية

-لا تقلقى سأفعل لكننى اليوم احتاج الى الراحة حتى اصفو ذهنى

قاطعتها مى وهى تقول:

-يكفى اعذار واهمةلم يحدث شىء ما الذى يمنعك اذن من مواصلة حياتك الطبيعية ام ستتركين حيوانا مثل وائل يؤثر عليكى

قالت دنيا بتعجب:

-لماذا تستخدمون جميعكم هذه اللفظة(حيوان)

-لان هذا هو ما يصف ذلك المقزز حتى الحيوان افضل منه

توقفت مى عند الدرجات الاخيرة وهى تقول باستغراب:

- من غيرى اطلق هذا عليه

-ادهم ابن عمتى

-البطل الذى انقذك! اين هذا الشهم لاشكره بالنيابة عنكى

تلفتت حولها وهى تقول:

-لا ادرى لكنكى ذكرتينى هناك ما اريد ان اخبرك عنه

- ادهم.. يبدو انه معجب بى جدا من..........

قالت مى بهيام:

-ومن لا يفعل؟؟ من لا يقع فريسة تحت نظرات هذه العيون القاتلة؟

اكتسى وجه دنيا باللون الاحمر خجلا وقالت بتحذير:

-مى!

-ضحكت وهى تقول:

-حسنا حسنا سأصمت اكملى

-اقول لكى انه دائما يطاردنى باعجابه الشديد

قطعت كلماتها وقالت فى سرعة وهمس وهى تشير لمى الى ادهم الذى دلف الى بهو الفيلا من الحديقة:

-ها هو ذا يا مى قادما

تفحصته مى من رأسه حتى اخمص قدميه وقالت باعجاب:

-هذا الوسيم!

-نعم

مالت عليها مى قائلة بعتاب:

-هذا الوسيم الذى يشبه نجوم السينما وابن عمتك ومعجب ومهتم بكى وتشكين ! يا لكى من فتاة

تجاهلتها دنيا عندما اقترب منهم ادهم ناظرا الى مى فى تساؤل فاسرعت دنيا قائلة:

-هذه مى صديقتى يا ادهم وهذا ادهم ابن عمتى يا مى

صافحها ادهم وهو يلتفت الى دنيا قائلا بقلق:

-هل انتى بخير الان

قالت دنيا بامتنان:

-حمدا لله وشكرا لك لانقاذى ولمى لاحتوائى

-لا شكر على واجب انا لم افعل شيئا

-وانا ايضا كذلك لم افعل سوى ما يفترض ان افعله لصديقة غالية على قلبى

نظر اليهما قائلا بتأنى :

-هل انتما صديقتان مقربتان؟

-نعم

-اذن لماذا لم اراكى هنا من قبل يا مى؟

نظرت مى الى دنيا وهى تقول:

-كانت هناك عدة مشاغل لكن الان لن يفرقنا شىء ابدا

ضحكت دنيا وهى تقول:

-هذا صحيح

-ارى انكى قد اصبحتى بخير حال يا دنيا ويبدو ان الفضل يرجع فى ذلك لمى اشكرك يا مى انك اعدتى لزهرتنا جمالها

همست مى فى اذن دنيا:

- يا لهذه الكلمات الرائعة !

ثم اسرعت بالقول:

-انت الذى يجب ان نشكره فلولا ما فعلته لما كان لدورى المتواضع اى تـأثير

-الحمد لله اننى استطعت ان اصل فى الوقت المناسب

قالت دنيا بضيق:

-ارجوكم يا جماعة من فضلكم لا اريد الحديث فى هذا الموضوع اكثر من هذا

-حسنا يا دنيا لكننى انتظر تفسير عما حدث

-فيما بعد يا ادهم فيما بعد

قال ادهم وهو يبتعد عنهم:

- لن اضغط عليكى انتظر ان تقولين لى بنفسك وارجو ان تحضرى نفسك للذهاب لقسم الشرطة للادلاء بشهادتنا

-الم يحدث هذا بالامس عندما جاء الضابط الى هنا

-نعم لكنهم لم يستطيعوا اخذ كلمة واحدة منك هل تتذكرين حالتك؟ انهم يريدون استكمال التحقيق

-حسنا حسنا

تعلقت عينا مى بادهم وهو يبتعد وقالت بانبهار:

-يا الهى! ما اروعه!

-مى ماذا هناك

قالت مى بسخرية:

-لا ابدا اعذرينى .. انا لا احيا فى منزل واحد مع هذا القمر

ثم اضافت:

- لديك رباطة جأش رهيبة هذا الوسيم معجب بكى وانتى لا يؤثر بكى شىء

لكن دنيا لا تتسرعى وتتخذى اى قرار خاطىءفانتى خارجة للتو من علاقة فاشلة فلا.......

-لا تقلقى يا مى

قبلتها على وجنتيها وهى تودعها قائلة:

-حسنا يجب ان اذهب الان .. اليوم الجمعة ومحمد سيغادر الى كليته المغرب .. يجب ان احضر له الغداء

صاحت دنيا :

-عم سالم عم سالم

كان عم سالم امامهم فى لحظة يقول:

-امرك يا دنيا هانم

-اجعل محمود يحضر السيارة لايصال انسة مى لمنزلها بشبرا

-حالا يا دنيا هانم

-لا يوجد داعى لهذا يا دنيا .. المواصلات خالية اليوم

تجاهلت دنيا كلامها وهى تحتضنها قائلة:

-انتبهى على نفسك

-وانتى ايضا وطمئنينى عليكى اولا باول


****************


تناول حسام كأسا من الفودكا من بار شقته المفروشة المنعزلة فى مدينة 6 اكتوبر وهو يقول بصوت مرح عالى :

-واحلى تحية لحسام باشا الذى يرضى مزاجكم جميعا ايها الاوباش

انطلقت ضحكة عالية من جميع المتواجدين بالشقة من فتيات لا يسترن جسدهن الا باقل القليل من الملابس وشباب ضائعين يكادون يفقدون وعيهم من المخدرات والخمر

تعالت ضحكات ميمى الخليعة وهى ترفع كأسها لاعلى لالقاء نخب :

-حسام باشا حسام باشا فقط اوسم شاب واشيك رجل اعمال ودون جوان كل زمان ومكان

ثم ارتفعت منها ضحكة رقيعة رد عليها حسام بضحكة عالية وهو يعطيها مغلف ابيض صغير قائلا:

-خذى هذه يا ميمى هدية على هذا الكلام الجامد

اخذت ميمى المغلف بنهم واتجهت سريعا الى اقرب مقعد وهى تفض المغلف بلهفة وتغرس انفها فيه ثم تعود برأسها الى الوراء بعد ان استنشقته وهى تتنهد بنشوة

ارتفع رنين جرس الباب فاسرعت نهى تفتح الباب ثم اتجهت نحو حسام وهمست فى اذنه:

-المعلم عطوة يا حسام

اتجه حسام الى المعلم وصافحه ثم قاده الى غرفة مكتبه وقال وهو يجلس خلف مكتبه:

-تفضل يا معلم عطوة هل جئت بالمعلوم؟

وضع المعلم عطوة النقود على المكتب وهو يقول باستحياء :

-هذا ثلاثة ارباع المبلغ يا حسام بيه

قال حسام بغطرسة:

-واين الربع الباقى يا معلم عطوة؟

-يا بيه السوق نايم

صاح حسام بتهكم:

-نايم!! الشباب عاطل يا معلم عطوة ولا يجد طريقا غير هذا يتجه اليه

-نعم يا باشا لكنه كذلك لا يجد نقودا لهذا الطريق

قرب حسام وجهه من المعلم عطوة وهو يقول باصرار:

-هذا النوع من الشباب يشق الارض ليحضر ثمن مزاجه يا معلم عطوة فلا داعى للتلاعب

-ابدا يا حسام بيه انا لا اتلاعب

-ولا داعى ايضا ان تستخف بى انا هنا مكان والدى رحمه الله

-رحمه الله كان افضل مورد مخدرات فى مصر كلها

-الله يحفظك يا معلم عطوة لكن موته لا يعنى ان الحبل على الغرب انا هنا مكانه واكثر

-لم اقل شيئا يا حسام بيه لكن صدقنى

قاطعه بغضب:

-لا يوجد لكن ان كنت لا تستطيع السداد فابحث عن احد غيرى هناك الكثير يتمنون التعامل معى

قال الرجل برجاء:

-يا حسام بيه

قال حسام بصرامة:

- اسمع يا معلم عطوة لقد سلمت لك البضاعة لانك زبون قديم وابى كان يثق بك فلا تفقدنى ثقتى بك ولا تتلاعب معى فتدفعنى ان اوزع نصيبك من البضاعة القادمة لاحد اخر

ظهر الفزع على وجع عطوة وهو يقول:

-لا ارجوك يا حسام بيه هذا مصدر رزقى الوحيد انا واولادى اوعدك ثلاثة ايام ويكون المبلغ عندك

تراجع حسام بمقعده الى الخلف وهو يلتقط سيجارة من العلبة اشعلها بولاعته الذهبية واخذ منها نفسا طويلا ثم قال والدخان يخرج مع كلماته:

-حسنا سأنتظر والماء يكذب الغطاس


**************


اندفعت غادة بسرعة نحو المطبخ وجذبت مى خارجه لتدخلها الغرفة وتغلق الباب ورائهم بسرعة فانفعلت مى:

-هل يمكن ان توضحى لى سبب هذا التصرف ؟

قالت غادة وهى تضحك:

-اهدئى اهدئى

قالت مى بضيق:

- وهل هذا وقته يا غادة المحشى على النار سيحترق

تجاهلتها غادة وهى تطير فى ارجاء الغرفة من وحملت كلماتها قدرا كبيرا من اللهفة والارتياح والسعادة:

[IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/KEKOOD%7E1/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/01/clip_image002.jpg[/IMG]

-لقد هاتفنى يا مى .. هاتفنى

قالت مى بتعجب وحيرة:

-من هو هذا الذى هاتفك؟

تنهدت غادة وهى تمسك بيدى مى وتدور بها:

-على يا مى على هاتفنى ويريد ان يرانى على وجه السرعة

قالت مى بضيق:

-هكذا! بعد ثلاثة شهور ونصف من غيابه هاتفك ويريد ان يراكى !

-نعم

نظرت الي فرحتها البادية على وجهها بتعجب وقالت بحيرة وهى تخبط كفا فى كف:

-وانتى ! الن تخذى اى موقف؟!!

قال غادة بحيرة:

-ماذا تعنين؟

زفرت مى فى الهواء فى ضيق وهى تقول بغضب:

-هل جننتى ام تريدين ان تجنينينى معكى ؟ ! شخص عشمك بالحب والارتباط وتركك ثلاثة شهور ونصف معذبة بدون حتى اتصال هاتفى واحد وهكذا بمجرد ان يشاور باصبعه تهرولين له

قالت غادة بضيق:

-ماذا تريدين ان افعل يا مى ؟ انا كما تقولين معذبة لذلك اريد ان اراه لاعرف سبب بعده

استمر ضيق مى مع كلماتها الحانقة:

-غادة يا حبيبتى هل انتى مغفلة؟ لماذا تريدين ان تعودين اليه اصلا ؟ الم تتناسى الامر ؟

قالت غادة باصرار:

-ابدا يا مى على هو حب حياتى

-يا حبيبتى انه لم يكلف نفسه عناء الاتصال بكى والاطمئنان عليكى رغم علمه بحيرتك وقلقك شخص كهذا يجب ان تكونى قد نسيتيه تماما ولا تفكرى فيه ولا فى رؤيته

قالت غادة بانزعاج:

-لا تكررين هذه الكلمة يا مى انا يستحيل ان انسى حب حياتى انه هو من عوضنى عن ابى بحنانه وحبه لى كيف انساه؟ انه انسان رائع يا مى صدقينى انه طيب وحنون و

قاطعتها مى بحدة:

-ومخادع يا غادة

قالت غادة بضيق:

-لا لا تقولى هذا ارجوكى

-بعد كل مافعله!!!!!!!!!!!!!!

-لهذا سأذهب اليه لاعرف الاسباب ربما كان فى شدة يا مى لا نعرف ظروفه

- يا غادة انتى مازلتى صغيرة الدنيا غادرة وتتلاعب بكى طوال الوقت وانتى هشة العظام لن تقوى على تحمل صدماتها ابقى بعيدة عن التيار حتى لا تتعرضى للاذى

وضعت غادة يديها فى وسطها وهى تقول بتصميم:

-سأذهب لاراه يا مى

قالت مى بحدة وهى تستعد لمغادرة الحجرة:

- حسنا يا غادة اذهبى لتكتشفى خداعه

امسكتها غادة سريعا من يديها قبل ان تغادر الغرفة وقالت:

-انه لا يخدعنى يا مى اؤكد لكى

ثم قالت بخجل:

-والان ارجوكى اختارى معى فستانا جميلا لاقابله به

جزت مى على اسنانها وقالت وهى تغادر الغرفة:

-لا .. انتى لا تطاقين

تضايقت غادة من خروجها من الغرفة لكنها اقتربت من دولاب ملابسها ووقفت حائرة امام فساتينها القليلة الا انها فوجئت بيد مى الرقيقة تمتد لتخرج فستانا قائلة وهى تبتسم:

-ما رأيك فى هذا؟

نظرت غادة للفستان الاحمر الانيق والبسيط فى آن واحد فاحتضنت مى وهى تقول بسعادة:

-انه رائع

تركتها مى لترتدى الفستان وبعد ثوانى من خروجها سمعتها تصرخ بحنق:

-هل استرحتى يا غادة هانم ؟!!ها قد احترق المحشى


*******************


دلف عمرو الى شقته ووضع حقيبة تفوح منها رائحة شهية على منضدة الصفرة ثم صاح وهو يتجه لغرفة ابيه:

-ابىابى لقد احضرت لك كفتة مشو.......

قطع كلماته لمرأى والده وقد اصفر لونه وزاغت عيناه مجاهدا لالتقاط انفاسه فاسرع عمرو اليه يمسك يده ويقول بجذع:

-ابى ابى ماذا حدث؟

قال والده بكلمات مرتجفة:

-انها النهاية يا عمرو

قال عمرو بانزعاج:

-لا يا ابى ارجوك لا تقل هذا

-انا اعلم لقد حان اجلى يا ولدى

تساقطت العبرات من عينى عمرو وهو يصيح:

-لا يا ابى ستكون بخير سأطلب حالا الطبيب

اخرج هاتفه المحمول وضغط على ازراره بلهفة ووضعه على اذنه وصاح بمجرد ان اجابه محدثه:

-د. فتحى انا عمرو كمال ارجوك يا دكتور تعالى حالا ابى صحته تدهورت اشكرك يا دكتور ارجوك لا تتأخر

انهى المكالمة لينظر الى ابيه الذى كان يشد معصمه فقال:

-نعم يا ابى الطبيب سيصل بين اى لحظة والاخرى

قال الاب وهو ينازع ليتحدث:

-يجب ان اخبرك بشىء هام

حاول عمرو ان يثنيه عن رغبته هذه بدافع الخوف فقال:

-لا يا ابى لا تتحدث لا تجهد نفسك يا ابى

اصر الاب وقال وهو يلتقط انفاسه بصعوبة:

-يجب ان تعلم انا اسف يا عمرو لقد اخفيت عنك الحقيقة وقلت لك ان امك تركتك لانها تحب شخصا اخر هذا غير صحيح يا عمرو لقد تركتنى لاننى كنت صاحب نزوات نسائية متعددة وهى تحملت كثيرا حتى فاض بها فطلبت الطلاق فاشترطت عليها عند طلاقها ان آخذك انا وخضعت هى لشرطى بعدما احلت حياتها جحيما بقلة المادة وبضربها واهانتها

ولم تستطع ان تأخذك منى من المحكمة لاننى جعلتها توقع على وصل امانة قبل الطلاق

هذا الوصل سأقدمه للنيابة لو طالبت بك وتزوجت بابو حسام بعد ان تعذبت فى جحيم المطلقات وضاعت فرصتها بزواجها فى ضمك الى حضانتها لكنها وقعت فى شبكة عنكبوت تزوجت عصام الشريف من اكبر تاجرى المخدرات وغسيل الاموال

كان عمرو يستمع الى ابيه بغير تصديق وبنظرة عتاب لكن ما ان قال جملته الاخيرة حتى ارتفع حاجباه فى دهشة وتدلت شفتيه فى ذهول وهو يصيح:

-ماذا!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!

-نعم وقد ورث عنه ابنه مهنته لهذا كنت دائما احذرك منه يجب ان تبتعد عنه يا عمرو لا تعمل معه فى اعماله المشبوهة وحاول ان استطعت ان تبعده عنها

قال عمرو بتهكم:

-ابعده عنها لقد حاولت ان ابعده عن الاعمال المخالفة البسيطة فصاح فى وجهى وشبه طردنى فهل تريد منى ان اخبره بهذا

تعلق الاب بيد عمرو وهو يقول بكلمات متقطعة:

-سامحنى يابنى لقد اخفيت عنك الحقيقة لخوفى عليك

خشيت ان تتقرب من والدتك فيستدرجوك معهم فى مجالهم او يبعدوك عن طريقها بتلفيق شىء لك سامحنى يا عمرو سامح......

حاول الاب ان يكمل حديثه الا ان انفاسه تقطعت وانطفىء بريق الحياة من عينيه وخمدت حركته فصرخ عمرو بلوعة ودفن رأسه فى صدر اباه وهو يبكى بحرقة ويصرخ:

-ابى ابى ابىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىى

[IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/KEKOOD%7E1/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/01/clip_image004.jpg[/IMG]


*************

jen 19-08-08 01:49 AM

الفصل السادس
حقائق مفزعة

استغرقت دنيا فى متابعة اخر الاخبار المتعلقة بحركة السوق على الانترنيت بمكتبها فى مقر الشركة وفجأة انتفضت من مكانها مع كلمات ادهم:
-كيف حالك يا دندن؟
والتى اعقبها بابتسامته العريضة -التى تذكرها دوما انه يصلح ان يكون (موديل) فى اعلانات معجون الاسنان-تنهدت دنيا بارتياح وقالت بضيق:
-ادهم! لماذا تصر دوما على افزاعى ؟ الم ترى اننى مستغرقة فى العمل
يوما ما ستسبب لى ازمة قلبية بهذه الحركات الصبيانية
ضحك ادهم وقال وهو يجلس امامها :
-يجب ان يكون لوجودى رونقا خاص به
عقدت ذراعيها امام صدرها وهى تتساءل:
-اذن الن تجرب مرة واحدة حتى ان تطرق الباب او تجعل نانسى تخبرنى بوجودك
هز ادهم رأسه يمينا ويسارا دلالة على النفى وهو يقول بصوت واثق:
-مطلقا
قالت دنيا بضيق:
-بين الحين والاخر على سبيل المفاجأة مثلا
قام من مجلسه وجلس على سطح المكتب وهو يقول:
-دعكى من هذا صدقينى لن تفلح محاولاتك
وفجأة امسك يديها وهو يقول بحنان بالغ:
-هل انتى بخير الان
نظرت اليه بحيرة واجبرت نفسها على ابعاد عينيها عن عينيه اللتان تسبحان فى دوامة كادت تأخذها معها ثم جذبت يديها من يديه وهى تبتعد عنه متجولة فى انحاء الغرفة قائلة بتساؤل:
-نعم بخير ماذا تقصد
قام هو الاخر من مجلسه واقترب منها وهو يقول:
- بعد جلستنا الصريحة التى فتحتى لى فيها قلبك الا تظنين انه يجب بعدها ان اطمئن عليكى
شعرت دنيا بالتوتر وهى تلعب فى خصلات شعرها المتناثرة وتقول:
-اه نعم انا بخير اطمئن لا داعى حقا لتقلق الحمد لله لقد تعديت هذه المرحلة البغيضة من حياتى
قال ادهم فى ارتياح:
-حمدا لله انكى تعافيتى من هذه المرحلة لكن اعتقد ان هناك بعض الشوائب تركتها هذه التجربة
قالت دنيا بعناد:
-الشائبة الوحيدة التى تركتها هذه التجربة هى اننى اقسمت الا انخدع مرة ثانية
حملق ادهم فى وجهها للحظة ثم اخفض نظره وهو يتوعد لذلك الحيوان المسمى بوائل الذى ايقظ انتباهها وجعل خطته معرضة للفشل
حاول ادهم اخفاء انفعالاته الا انه لم يستطع منع نفسه من الزفر بحنق فاندهشت دنيا وهى تقول بقلق:
-ادهم ماذا هناك؟ هل انت بخير
اشرق وجه ادهم عندما لاحظ قلقها عليه فتصنع الضيق وهو يقول:
-ذلك الحيوان وائل اتمنى ان اقتله لما فعله بكىاى رجل يراكى يرى هذا الملاك امامه ويفكر ان يفعل به هذا! هذا الوائل كان يجب ان يقبل يديك كل يوم ويصلى ليلا نهارا لانكى منحتيه اغلى ما عندك
قالت دنيا بتعجب:
-نعم!!!!!
-اقصد حبك قلبك الغالى يا دنيا
شعرت دنيا بالامتنان لكلماته فقالت وهى تبتسم:
-اشكرك يا ادهم على هذه المجاملة
نظر الى عينيها بعينان تملؤها الحب وقال بحنان وهو يربت على يديها:
-ليست مجاملة يا دنيا انتى تعرفين هذا انا اتمنى ان اكون فى مكان هذا الحيوان
ليس فى السجن بالطبع ولكن فى قلبك
ابتعدت عنه قليلا وهى تبتسم قائلة:
-يجب ان تسحب امنيتك هذه على الفور لان ما احمله فى قلبى تجاه وائل الان هو الكراهية والاحتقار و
اشار ادهم بيده فى سرعة:
-لالا انا اريد مكانتى على الاقل بها بعض الاحترام
-والشكر والامتنان والاعجاب ايضا يا ادهم
ظهرت الفرحة على وجهه وهو يقول بلهفة:
-الاعجاب! حقا!!
اسرعت دنيا تقول:
-الاعجاب بشهامتك ورجولتك ودفاعك عنى
قال ادهم بخيبة امل:
-اه تقصدين هذا
لكن عادت اللهفة تغلف كلماته الراجية:
-لكن هذه الخطوة الاولى اليس كذلك؟
تهربت دنيا من عيناه وكلماته وهى تقول:
-ويا ترى كيف حال وائل فى السجن؟
قال ادهم بشماتة:
-انه يواجه تهمتى اقتحام ممتلكات خاصة والتحرش بانثى
غمغت دنيا بكلمات غير مفهومة فمال ادهم عليها وهو يقول بتهكم:
-ما رأيك ان نزوره فى السجن ونبتاع له فى طريقنا خبز وحلاوة
لم تستطع دنيا تمالك نفسها وارتفعت ضحكاتها تعلو حتى ان نانسى سمعتها من وراء الباب المغلق فقالت فى تعجب:
-سبحان مغير الاحوال!

*************

خلعت غادة فستانها الاحمر والقته على ارض الغرفة باهمال وهى ترتمى على الفراش وتتساقط دموعها بغزارة ويعلو بكاءها الحارق
طرقت مى باب الغرفة بالحاح دون جدوى ودون اى استجابة من غادة التى اغلقت الباب بالمفتاح
اصبحت عينان غادة حمراوتان كالدم من كثرة البكاء وكادت رأسها ان تنفجر وشعرت بنغزات الم تغزو قلبها الا انها لم تتوقف وتتراجع عن حالتها لتطمئن على نفسها فما مر بها لم يكن من السهل ابدا معه ان تكون عقلانية وتهدأ
ارتفعت برأسها التى دفنتها فى الفراش لتتطلع الى صورتها التى تعلو الحائط المواجه لها
نظرت بقسوة الى صورتها التى يظهر الاشراق على وجهها والابتسامة التى تعلو شفتيها
التقطت المنبه الذى يقبع ساكنا على الكومود المجاور لفراشها وقذفته بقوة على صورتها ليتهشم زجاجها ويتناثر بينما تصيح هى فى ثورة:
-لماذا تضحكين ايتها البلهاء؟ لماذا؟لماذا؟ لماذا؟
انخفضت نغمة صوتها ليصبح التساؤل هو السمة المسيطرة على وجهها وهى تعود بذاكرتها الى ساعة مضت الى اسوأ ساعة فى تاريخ عمرها الى لقائها مع على
الذى حطم قلبها







اقتربت غادة من على وعلى وجهها ابتسامة رائعة وعينيها تشعان حبا وهياما وقالت بصوت ناعم ما ان اصبحت امامه:
-على لقد وصلت
تطلع الى وجهها الجميل وقال بهمس وهو يحتضن يدها التى سرت فيها قشعريرة ساخنة شديدة الحرارة :
-غادة لقد اوحشتينى كثيرا
اسرعت بجذب يديها من بين يديه الدافئتان وهى تقول بعتاب:
-لوكنت اوحشتك يا على لكنت اطمئننت عليا وحرص على رؤيتى لا ان تختفى هكذا دون سابق انذار اين كنت يا على ؟ هل انا السبب؟
قال على بسرعة:
-مطلقا السبب يكمن فىّ انا يا غادة
ظهر الضيق فى صوتها ممتزجا بالعتاب:
-اذن لماذا يا على ؟ لماذا اختفيت؟ لماذا تغيبت كل هذه المدة عنى؟
عاد برأسه الى الوراء يستند على مسند المقعد وهو يقول بأسف:
-كلمة اسف لن تكفى ان تعوضك عن ليالى القلق والخوف والضيق التى مررتى بها
انا اعلم هذا الاحساس لانى مررت به طوال فترة غيابى عنكى لكن ما يشفع لى عندك اننى فعلت هذا من اجلك
-من اجلى!!!
قال على بمرارة:
-نعم يا غادة من اجلك لم تطاوعنى نفسى ان اجعلك تتعذبين معى وان تريننى وانا فى هذه الحالة ، لقد كنت يائسا من الدنيا محبطا كارها حياتى ونفسى، لم يكن عدلا ابدا ان اجعلك تمرين معى بهذا، لقد وصلت الى حالة جعلتنى ارى ان الانتحار هو الحل الوحيد امامى
قالت غادة فى جذع:
-على ! ماذا تقول؟؟
-الحمد لله ، لقد تراجعت عن هذا فى اخر لحظة
قالت غادة فى حدة لم تخلو من الجذع:
-ولم كل هذا؟ لم!!!
-لقد بحثت عن عمل يا غادة مطولا ولم اجد ، لقد فكرت حتى ان اعمل بائعا فى محل او عامل مبانى من شدة يأسى بعد احلامى ان اكون مخرجا ناجحا لكن حتى هذا لم افلح فيه
لقد تورمت قدماى وكاد رأسى ان ينفجر ودفعت الكثير فى مواصلات من شرق القاهرة لغربها وملابس انيقة لمقابلات العمل وغيرها وغيرها دون جدوى
لا وجود للعمل فى هذه البلد يا غادة ليس لامثالنا على اى حال
قالت غادة فى توجس:
-اذن ماذا حدث؟
قال على باستغراب:
-ماذا تعنين؟
قالت بتوتر :
-مقابلتك لى الان تحمل شيئل بالتأكيد هل وجدت عملا اخيرا؟
-لا
فوجئت غادة بقوله ورددت بدهشة:
-لا!! ماذا تعنى؟
عقد كفيه فاخفى ورائهم نصف وجهه كمحاولة ان يتجنب نظرات غادة المندهشة وقال بصوت خفيض متوتر:
-قلت لكى لم اجد عملا،لهذا اردت ان اقابلك اليوم، اردت ان اقول لكى انه انه
يجب
نظرت اليه بتعجب وهى ترى حيرته فقالت بنفاذ صبر:
-ماذا؟؟؟
سيطر على اعصابه واخذ نفسا عميقا وقال وهو ينظر الى يديه:
-يجب ان ننهى علاقتنا
اتسعت عينا غادة بغير تصديق وعجزت عن الحديث فاكمل بسرعة خوفا ان يفقد رباطة جأشه:
-انا امامى الكثير يا غادة الكثير جدا، لا استطيع ان اكون مسئولا عن أسرة وان انفق عليها لا استطيع،وانتى بالتأكيد سيتقدم لكى الكثيرين ولا يمكن ان تنتظرى حتى اكون نفسى
حينها سيكون قطر الزواج قد فاتك ولا ندرى هل سنظل ساعتها نحب بعضنا ام سيذوى حبنا فى معمعة الظروف الاقتصادية هذه ولا ادرى حتى ان كنت سأستطيع فى يوم من الايام ان اكون مسئولا
كانت غادة تهز رأسها بغير تصديق وتتساقط الدموع من عينيها بصمت شجعه على مواصلة حديثه:
-لقد تربيت على الحرمان يا غادة ولا اريد لاولادى ان يذيقوا مر هذا الحرمان اريدهم ان يجدوا كل ما يرغبون به واريد ان اكفى امرأتى ولا اجعلها تحتاج الى اى شىء
استفزت غادة هذه الكلمات لذا فقد قالت بحنق:
-اذن انت تريد ان تفعل كل هذا لكن لا يهم لمن ، لا يهم من سيكون بجوارك، انت تريد ان يكون لك زوجة لكن لا يشترط ان تكون انا، وتريد ان يكون لك اولاد لكن ايضا غير مهم ان يكونوا اولادى منك ، انت تريد ان تجتهد وتبنى مستقبلك وتتعب لاناس لا تعرفهم ولم ترهم لكن انا انا التى احبتك ومستعدة ان تفعل المستحيل من اجلك لا شىء
غير مهم، تتركها هكذا بتعليلات سخيفة بانك خائف على مستقبلى واننى استحق افضل منك وهذه الكلمات الرخيصة
لقد اعتقدت ان لك رؤية اخراجية لكن يبدو ان ماتعرفه عن الاخراج هو الافلام العربية من الدرجة الثالثة
صمتت للحظات ثم عادت تقول باصرار:
-ويا ترى يا على هل هذا قرار ام انه اختبار لمشاعرى تجاهك؟
لاننى اعتقد انه لو كان اختبار فقد نجحت فيه اليس كذلك
اطفأ لهفتها التى بدت فى عينيها الدامعتان وهو يلوح لها بجواز سفره قائلا بحزن:
-لا يا غادة هذا قرار سأهاجر لهولندا ،سأعمل هناك ولن اعود الا عندما استطيع تحقيق احلامى
قالت غادة بتهكم :
-نعم احلامك فى مستقبل مريح ماديا مع زوجة تكفى طلباتها وابناء تحقق لهم كل شىء
تساقطت الدموع من عينيها وهى تضيف:
-ايها الغبى انا احبك لا تفعل بى هذا سأنتظرك يا على سأنتظرك
فقط اعدل عن قرارك صدقنى عمى لن يعارض ارتباط....
قطع كلماتها وهو يقول بتصميم:
-لا استطيع انا لم اقابلك قبل اليوم حتى لا تضعفنى دموعك لقد استخرجت التأشيرة وتذكرة السفر لا تتصورين كيف جمعت ثمنهما و..و.. وسأسافر الليلة
اتسعت عيناها فى دهشة وهى تقول بذهول:
-الليلة!!
امسك يديها وهو يقول فى اسف:
-هذا فى صالحك يا غادةلا يمكننى ان اعلّقك واعشمك واضيع فرصتك
لا تعتقدى انه كان من السهل على ان افعل هذا لكن هذا من اجلك
انا احبك يا غادة والله
جذبت يديها بحدة وقامت من مجلسها وهى تجفف دموعها بمنديلا القته فى وجهه وهى تقول:
-خذ هذا تذكار منى فى الغربة ليذكرك بما فعلته بى
واقتربت منه ومالت على اذنه وهى تقول:
-ولا تتوارى ابدا خلف الحب انه اشرف من ان تدنسه باكاذيبك وخداعك لى
تركته وهى تردد بانهيار:
مى كانت على حق ...كانت على حق




اندفعت دموع غادة اكثر واكثر حتى اعتقدت للحظات انه مستحيل ان يكون مازال هناك دموع من كثرة ما اذرفت
الا انها اجهشت بالبكاء وكأن عيناها بحرا لا ينفذ
كان سؤال واحد يدور فى اعماقها ورددته بكل خلجة فى خلجاتها :

لماذا؟ لماذا؟ لماذا؟ لماذا؟

" ومن جراح اليوم** قلبك يبات مهزوم
تسأل عن الاسباب **تلقى المعانى سراب
والشرح مش مفهوم"

التقطت غادة هاتفها المحمول وهى تحاول مسح دموعها الغزيرة واسرعت تطلب رقما بعينه ثم قالت بسرعة بمجرد ان بدأ الاتصال وكأنها تخشى ان تتراجع عن قرارها:

-انا موافقة يا امجد

"بتهددنى ببعدك قال**لا دة انا اقدر ابيع فى الحال

واللى يسيبنى ويعذبنى**كدة على بعضه مايلزمنيش"

****************

اقترب عمرو من قبر والده وجلس امامه ورفع كفيه للسماء يدعو له بالمغفرة
واعقب دعاؤه بقراءة الفاتحة التى ما ان انتهى من قراءتها حتى مسح بكفيه على وجهه غير الحليق وانطلق لسانه يتمتم ببعض آيات من سورة يس وقد شعر ببعض الراحة تتسلل الى نفسه التى ارهقتها عدة ليالى بالبكاء والقسوة على نفسه ندما لما ظنه بامه الغالية التى ذاقت ظلما وهوانا مع والده الذى خدعه ليكون بجواره وحتى لا يتركه وح...
استغفر عمرو وردد:
-اذكروا محاسن موتاكم
واجبر عقله على التفكير فى ابيه الطيب الحنون الذى عاش معه اياما طويييلة ووجد معه الحب والحنان ، اقنع نفسه ان اباه تغير ولم يعد بالتأكيد ذلك الرجل البغيض الذى كانه
اكتسح الفهم مكان الحزن فى عينى عمرو الذى هز رأسه وهو يغمغم:
-الان فهمت
فهم سر تلك الاعوام الاولى من عمره التى قضاها مع جدته الطيبة المسنة فهم ان ابتعاد ابيه عنه وتركه يتربى مع جدته كان بسبب نزواته فهم ان والده حينما عاد ذات يوم غارقا فى احزانه وهمومه وقرر ان يأخذه ليعيش معه
فهم الحديث الذى دار بين جدته ووالده حول تلك المرأة التى خانته وبددت امواله وتركته بدون اى شىء لتهرب مع عشيقهافهم الان
والان فقط فهم كل شىء
فهم ان هذه المرأة لم تكن امه بل كانت احدى نزواته الغرامية
فهم انه لدغ من سم الثعبان لذلك تاب عن طريقه هذا وقرر الالتفات لولده
فهم لماذا كانت جدته تنهاه عن ذكر والدته بسوء
لكنه لم يفهم لماذا اخفى عليه والده الحقيقة؟ لماذا كذب عليه؟
لماذا ابعده عن امه؟ كان يجب ان يثق انه لن يتركه مهما حدث
كان يجب ان يعلم ان عزة نفسه لن تجعله ابدا يكون فى جبهة حسام ووالده
حاول عمرو ان يهدأ بعدما تصاعدت انفعالاته وشعر بنبذ قبر والده
عاد يقرأ سورة الفاتحة ويتمتم ببعض الدعوات فعادت السكينه الى نفسه لثوانى الا انها عادت تحترق بنيران الندم والاسف للظلم الذى اوقعه على والدته طوال عمره
قام عمرو من مجلسه وسار بخطى هادئه وهو مصمم ان يعوض والدته عن كل مرة فكر فيها بسوء عن كل مرة نظر اليها نظرة لا تحوى الاحترام بين طياتها عن كل مرة لمح لهفتها عليه وحزنه من تجاهلها ولم يهتم
ابتسمت شفتاه وهو يقول:
-امى
حتى الكلمة لها طعم مختلف الان

*****************

ابتسمت هند وهى ترى محمد يقترب منها قائلا من قبل حتى ان يكون امامها:
-اوحشتينى
حملته على الصمت بنظراتها واشارت الى الاوتوبيس الذى كان بين ركابه منذ قليل وقالت بعتاب:
-أهناك ضابط شرطة محترم يستقل اوتوبيس
ضحك محمد وهو يقول:
-استقله مجانا يا هنود هل تريدينى ان اترك فرصة كهذه وانفق الاموال التى ادخرها لزواجنا فى استقلال سيارة اجرة ثم اخبرينى ألم تأتى فى مثله
قالت هند بفخر وهى تترك اصابعه تتخلل اصابعها وتضغط عليها بحنان:
-لا يا حبيبى لقد استقليت سيارة اجرة حتى يظل الفستان مهندما ما رأيك فيه انه جديد
اطلق محمد صفيرا عاليا من شفتيه جعل وجهها يحمر من الخجل فقالت بسعادة:
-افهم من ذلك انه يعجبك
-رااااااائع يا حبيبتى
ابتسمت لكن ابتسامتها زالت عندما مر شاب بجانبهم ونظر اليها نظرة فهمت معناها جيدا وانزعجت اكثر عندما قال هذا الشاب :
-(الله يسهلوا يا عم اللى ادانا يديك يا سيدى)
امسكت هند كتف محمد فى اللحظة الاخيرة اذ ظهر الغضب على وجهه وكاد ان
يتجه لضرب هذا الشاب الا انها قالت فى جذع وهى تحكم مسكه:
-محمد ارجوك لا تتهور هل ستهتم لحديث شاب مثله
-ابن... الم تسمعى ما قاله
امتصت غضبه وهى تقول برقة:
-لقد عودت اذنى الا تسمع من سواك
نظر اليها بحب وهو يقول:
-يوما ما سنترك هذا الكورنيش ونرتاد افخر المطاعم
-انا لن امل من الكورنيش طالما انا معك يا محمد ليس المهم المكان بل المهم مع من
ازداد اعجابه بكلماتها وهو يقول بحرج:
-دوما تخجلينى بحبك ووفائك
-انت تستحقه يا محمد
استكانا الى احد الاركان وتطلعا الى النيل العظيم الذى تلمع مياهه تحت اضواء الشمس المتلاعبة وفجأة قال محمد بلهفة:
- ما رأيك ان تأتى معى لاريكى الشقة انها فى افضل منطقة فى شبرا ستعجبك جدا
قالت هند بلهفة:
-هيا لكن اوعدنى الا نتأخر
-لا بالطبع انا سأريكى موقع البرج فقط لن نصعد الى الشقة
-لماذا؟
-ماذا لو رآنا احدماذا ليقول عنكى اهم شىء لدى سمعتك
ابتسمت هند وهى تقول بحب:
-ماذا سأكتشف عنك اكثر من هذا؟كل يوم حبى لك يزيد

***************

طرقت نانسى السكرتيرة باب مكتب دنيا وقالت بعد ان دلفت اليه:
-الاستاذ ادهم يريد مقابلتك يا دنيا هانم
عقدت دنيا حاجبيها الرفيعان فى استغراب وقالت بتساؤل:
-الاستاذ ادهم من؟؟
-الاستاذ ادهم ابن عمتك يا دنيا هانم
فى هذه اللحظة دلف ادهم مبتسما وهو يشاور لنانسى بالخروج وقال بعد ان اغلق الباب ورائها:
-ما رأيك فى هذه المفاجأة ؟
ابتسمت دنيا وهى تقول:
-أتعرف ان هذه اول مرة يتفاجأ فيها المرء بمجىء شخص ما حتى بعد ان يعلم بمجيئه
ضحك ادهم وهو يقول:
-لقد قررت العمل بنصيحتك
قالت دنيا بحيرة:
-لكن يا ترى ما الغرض من هذه المفاجأة؟
مال عليها وهو يقول بغموض:
-اليوم كم فى الشهر
قالت بتعجب:
-لماذا تغير الموضوع؟ لقد سألتك ما الغر
قاطعها قائلا:
-لو اجبتى عن سؤالى ستعرفين الجواب والان اخبرينى اليوم كم فى الشهر
قالت دنيا بحيرة ويدها تتجه الى هاتفها المحمول لتنظر الى تاريخ اليوم الذى يظهر على خلفية الهاتف وما ان فعلت حتى رفعت اليه رأسها بدهشة وهى تقول بتردد:
-هل حقا تقصد هذا؟!!!
اتسعت ابتسامته وهو يقول:
-نعم يا دندن كل سنة وانتى طيبة يا احلى دنيا فى الوجود
ابتسمت فى خجل وهى تقول:
-لم اعلم انك تهتم بى الى هذا الحد لقد نسيت تماما ان اليوم عيد ميلادى
لكن يا ترى كيف علمت
-الناس لا تحتاج لمعرفة متى ولد القمر انها تعرف يوم ان تراه لامعا فى السماء
قالت بدلال:
-ادهم مصر انت على كلماتك التى تخجلنى دوما
ابتسم ادهم فى اعماقه فكلماته التى كانت بالامس تزعجها اليوم تخجلها وغدا باذن الله ستسعدها
ظهرت ابتسامته على شفتيه وقال بلهفة:
-يا ترى كم اتممتى اليوم
قالت دنيا بعتاب:
-وهل هذا سؤال؟
ثم اضافت:
-ولكننى سأخبرك فانا مازلت صغيرة لقد بلغت واحد وعشرون عاما
قال ادهم بتعجب:
-واحد وعشرون!! اى اليوم اتممتى سن الرشد اذن كيف تصرفتى فى ميراث والدك رحمه الله من كان الواصى عليكى؟
صمتت قليلا بعد ان قال ادهم جملته هذه وبدا ان ذكرى والدها تزعجها الا انها خرجت من صمتها وقالت بعينان دامعتان:
-لم يكن هناك احد واصيا عليّ لقد باع لى ابى كل شىء قبل وفاته
لم ينتبه ادهم الى حزنها فقد كان يفكر فى ذكاء والدها الذى جعل فرصة وصاية عمتها عليها تضيع من ايديهم الا انه قال وهو يدارى حنقه:
-حقا!! تصرف بليغ منه
تصاعد حزن دنيا فى كلماتها وتساقطت الدموع من عينيها وهى تقول:
-نعم لقد شعر بان أجله قريب
لكنه كان ينتظر هذا اليوم بفارغ الصبر كان ينتظر ان ابلغ سن الرشد واكون فتاة كبيرة
اقترب منها ادهم واخرجها من وراء مكتبها وهو يرفع رأسها ويمسح دموعها قائلا بتعاطف:
-لماذا تبكين الان؟ لقد انتهى هذا الموضوع منذ زمن
قالت بكلمات متقطعة :
-لكنه مازال حيا فى قلبى اننى افتقده كثيرايا ادهم
وتشنجت وهى تبكى بحرقة فمسح ادهم على شعرها ثم احتواها بين ذراعيه وهو يقول بصوت هادىء:
-كفى كفى يا دنيا اهدئى اهدئى اليوم عيد ميلادك لا نريد ان نفسده

ذابت دنيا بين احضانه وهى تشعر بالامان والحنان







الا انها انتبهت لنفسها سريعا وابتعدت عنه بحدة فقال فى قلق:
-ماذا هناك؟
قالت دنيا بحرج:
-انا اسفة يا ادهم لقد نسيت نفسى
حاول ان يزيل حرجها فقال بحنان:
-لا ابدا اننى ابن عمتك يا دنيا ولو لم اجفف دموعك واشعرك بالحنان
من غيرى سيفعل! لا ادرى لماذا لا تفهمين هذا ؟ اننى اشعر بالخوف عليك يا دنيا واريد ان اخفف عنكى عبئك هذا
شعرت دنيا بالامتنان وقالت وهى تجفف دموعها بالمنديل الحريرى الذى ناولها ادهم اياه من جيب بدلته :
-اشكرك يا ادهم واسفة على تصرفاتى السخيفة من قبل
ابتعد ادهم عنها وهو يتجه لاحضار حقيبة من الكرتون الفاخر والتى كانت راقدة بجوار باب المكتب وعاد اليها بارزا ايها وهو يقول :
-دعكى من الاسف لنبدأ صفحة جديدة والان انظرى ماذا احضرت لكى
قالت بدهشة :
-هل احضرت لى هدية بمناسبة عيد ميلادى ! لماذا اجهدت نفسك
-لا ابدا وايضا جهزت لكى اليوم حفلة رائعة للاحتفال بعيد ميلادك
والان خذى افتحى هديتك
تناولت منه الهدية وفضتها بسرعة وفضول لكن ماان وقعت عيناها على العروسة حتى اغروقت عيناها بالدموع وهى تقول بامتنان ودهشة :
-حتى هذه تذكرتها يا ادهم! انت رائع يا ادهم راااائع
-هل اعجبتك يا دنيا
-جدا
قال ادهم بصوت هامس وهو ينظر لعينيها بحب :
-هل تتذكرينها يا دنيا
لم تستطع دنيا النظر الى عينيه وقالت فى خجل:
-بالتأكيد اتذكر طفولتنا ولعبنا سويا
ظهرت خيبة الامل فى صوته وهو يقول :
-فقط !!!!
غيرت دنيا دفة الحديث بقولها :
-لقد قلت انك اعددت لى حفلة اين هى ؟
فهم محاولتها الا انه اجبر نفسه على الصبر واجاب على سؤالها بقوله :
-لا هذه مفاجأه
ثم قال وهو يجذبها جهه الباب ويناولها حقيبتها :
-والان اتركى كل شىء واتركى نفسك لى اليوم فقط
اعترضت قائلة :
-والعمل يا ادهم لا استطيع
واصل دفعها جهة الباب قائلا:
- بل تستطيعين يجب ان تستمتعى بحياتك قليلا يا دنيا والان اذهبى لصالون الزينة واشترى فستانا جديدا حتى نحتفل اليوم واتركى لى كل شىءلا تقلقى سأكون مكانك واكثر هيا اذهبى
قالت دنيا بامتنان وهى تخرج من باب المكتب امام انظار نانسى المندهشة:
-اشكرك يا ادهم
-لا تتأخرى عن الساعة الثامنة
-لن اتأخر

**************

قال سعيد وهو يناول امجد كوب الشربات :
-لقد فرحت جدا عندما اخبرتنى غادة انك قادم لطلب يدها لكنى شعرت بالضيق بعض الشيء انها اخبرتنى انك كنت تلاحقها فى الجامعة ولم تأتى لى اولا
شعر امجد بالحرج وهو يقول :
-اعذرنى يا عمى لقد اردت معرفة رأيها اولا كما اردت ان تتعرف على حتى لا تتسرع وترفضنى
ثم اضاف وهو ينظر الى غادة :
-فهى قد ملكت قلبى
ضحك سعيد وهو يقول:
- يارب يجعل ايامكم كلها سعادة انا بالطبع موافق لكن يجب ان نأخذ رأى والدتها
قالت غادة بضيق:
-لقد اخبرتها يا عمى وقد ابدت موافقتها
قاطع امجد حديثهم قائلا فى لهفة:
-المهم يا عمى متى سآخذ غادة لشراء الدبل والشبكةواين ستقام الخطوبة و
قال الحاج سعيد وهو يضحك:
-تمهل يا امجد لماذا كل هذا التسرع؟
قال امجد باستغراب:
-اى تسرع يا عمى! اننى اتحدث عن الخطوبة ماذا كنت ستقول اذن لو تحدثت عن كتب الكتاب والزواج
انزعجت غادة بشدة لكلماته التى ذكرتها بالقيد الذى تلفه حول عنقها بارادتها فاسرعت بالقول:
-لا اننى اريد ان اكمل تعليمى اولا
-ستكملين يا غادة ولكن معى وانتى زوجتى وفى بيتى
اشتعل انزعاج غادة فاخمدته باصرارها بقولها:
-لا يا امجد زواجى منك سيشغلنى عن دراستى
قال امجد وهو يبتسم:
- لاتقلقى يا حبيبتى انا لن اكون متواجدا معكى طوال الوقت لا تنسى ان ارضى فى الشرقية واذهب من حين لاخر لاطمئن عليها واقيم هناك بضعة ايام
قالت غادة بضيق:
-لن تكفى بضعة ايام ان استذكر فيها يا امجد
تدخل الحاج سعيد فى الحديث بصوته الهادىء الحنون:
-يا اولاد اهدئوا نتحدث الان عن الخطوبة ونترك امر الزواج لوقته و
قاطع الحاج سعيد دقات متواصلة على باب المنزل فاسرعت مى بفتح الباب لتفاجىء بمحمد يصيح بلوعة وانزعاج:
-مصيبة كارثة يا ابى
قام سعيد من مجلسه وهو يقول بقلق:
-ماذا هناك يا محمد
تهاوى محمد على اول مقعد قابله قائلا بانهيار:
-لقد سقط البرج
عقد سعيد حاجبيه فى دهشة وهو يقول بتساؤل وهو يخشى سماع الجواب:
-برج! اى برج!!
قال محمد بعينان دامعتان وصوت يملؤه الفزع:
-برج شركة المعماريين الذى اشترينا فيه الشقة لقد تهدم وسقط وضاعت الشقة
ضاعت يا ابى ضاع شقا عمرنا
سقط الحاج سعيد مغشى عليه فى حين لطمت مى على خدها وتحجرت عيناها بينما اتسعت عينا غادة فى ذعر وصرخت:
-عمىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىىى

*****************

تهاوى حسام على مقعده وهو يسمع نبأ سقوط البرج من بين شفتى سكرتيرته نيرمين فاقترب بمقعده الى الامام وهو يصيح:
-متى حدث هذا؟!!
قالت نيرمين بأسف:
-منذ اقل من الساعة يا حسام بيه
قال فى قلق:
- وما مدى سوء حالته؟
اسرعت نيرمين تقول:
-لقد تهدم كله يا حسام بيه..والدنيا مقلوبة من حينها والحاج سلامة اجرى حوالى مائة اتصال بك حتى الان لكنك لم تأتى الا الان
اشار اليها بالخروج وهو يقول بصرامة:
-اتصلى لى به على الفور
اقتحم عمرو كالعاصفة الغاضبة مكتب حسام وعيناه تحملان غضب والم وقال وهو يدفع الباب بقوة:
-هل رأيت ما حدث بطيشك؟؟
زوى حسام ما بين حاجبيه فى غضب وهو يقول لنيرمين:
-اخرجى الان يا نيرمين وارجأى الاتصال بالحاج سلامة قليلا
انتظر حسام حتى خرجت ثم حول نظره تجاه عمرو الذى كان يدور فى الغرفة كالذئب المسعور لكنه توقف عندما نطق حسام كلماته بنبرة عالية وبتهديد واضح وغضب بلا حدود:
-هل جننت لتقتحم المكتب هكذا؟ وتخاطبنى بهذه النبرة! وامام من؟ امام سكرتيرتى
صاح عمرو بغضب:
-انت الذى جننت لتقدم على فعلتك الحمقاء هذه رغم تحذيراتى لك
قال حسام بتهكم:
-تحذيراتك لى!! ومن انت لتحذرنى
تجاهل عمرو جرحه وداس على كرامته وهو يقول بضيق:
-انا اخوك الكبير يا حسام والذى اخاف على صالحك وصالح هؤلاء الناس الغلابة الذين وثقوا فيك وفى شركتك وائتمنوك على شقا عمرهم وهكذا يضيع فى لحظة حتى تكسب انت مالا لا تحتاجه
تصاعدت نبرة صوت حسام الغاضبة وهو يقول بقسوة:
-صن لسانك يا عمرو ولا تنسى اننى صاحب الشركة
حملق عمرو فى وجهه بدهشة للحظة وعاد يضغط على اعصابه ويقول بصوت هادىء:
-انا لا احدثك بصفتى موظف فى شركتك يا حسام بيه انا احدثك بصفتى اخيك الكبير والمسئول عنك
قال حسام بسخرية:
-مسئول عنى! انت مسئول عنى! لماذا ؟ هل تنفق على؟
قال عمرو بتعجب:
-هل المسئولية اصبحت مادية فقط!
صاح فيه قائلا:
-اسمعدعك من الافلام الدرامية هذه وقل لى ماذا تريد
قال عمرو باصرار:
-اريد ان اصحح لك حياتك وان اجعلك تشعر بهؤلاء الناس الذين هدمت احلامهم وآمالهم وأضعت شقا عمرهم وذلك من اجل ماذا؟ من اجل بضعة آلاف لا تحتاج اليها اصلا
ثم اضاف بمرارة:
-انت لا تشعر بالغلابة لانك لم تذق مرارة الفقر والحاجة بل انت لم تذق مرارة اى شىء على الاطلاق ترعرعت فى حضن امك ووجدت اباك يلاعبك ولديك كل شىء.. ولدت وفى فمك ملعقة ذهب عمرك ما شعرت بالحاجة الى شىء فكل ما تريده مجاب
قال حسام بمقت:
-نعم اظهر على حقيقتك ايها الحاقد لكن يا ترى هل تحقد عليّ لاننى تربيت فى حضن امى الذى حرمت منه ام لما عندى من اموال؟!!
شعر عمرو بجرح بالغ فى قلبه يدمى لكنه امسك اعصابه واجبر نفسه على التحمل من اجل صالح هؤلاء الغلابة ومن اجل ان ينفذ وصية اباه لذا فقد قال بمرارة:
-انا لن اجيبك .. اشعر بالناس الغلابة
اجابه حسام بسخرية:
-هل انتهى وعظك ونصائحك ام عليّ ان اتحمل اكثر من هذا!
ثم اضاف بغضب:
-اسمع.. لقد تحملتك بما فيه الكفاية ولولا وصيات امى لما كنت تعمل هنا من الاساس
ظهرت الصدمة على وجه عمرو وهو يقول بآسى:
-لهذه الدرجة لا تتحملنى هل تكرهنى يا حسام؟
تجاهل حسام سؤاله وهو يقول:
-لماذا جئت الان ؟ هل جئت للبكاء على اللبن المسكوب
قال عمرو بتصميم:
-لا لقد جئت لنحاول تصحيح الوضع
-ماذا تعنى؟
-جئت لاعرف منك ما هو المبلغ الذى تنوى ان تعوض به هؤلاء الغلابة ويجب الا يكون قليل يجب ان
قاطعه قائلا باستغراب:
-اى تعويض! ما الذى تتحدث عنه؟
-التعويض الذى ستعطيه لاصحاب الشقق
ضحك حسام بسخرية وهو يقول:
-ماذا بك واثق هكذا؟ من قال اننى سأعطى لاى احد تعويض
ظهرت الدهشة فى كلمات عمرو:
-ماذا تعنى؟ الن تعوضهم عن خسارة انت السبب فيها
-انا لست السبب فى اى شىءالموضوع اصلا لايخصنى انا لا املك شىء فى هذا البرج
قال عمرو بذهول:
-لكن شركتك هى المسئولة عن بناء هذا البرج
-نعم لكنى فى السليم اوراقى صحيحة مائة فى المائة
-وماذا سيحدث عندما يتم معاينة البرج ويتضح ان السبب فى سقوطه هو نقص فى الاساسات وطوابق مخالفة
-يا حبيبى لا توجد طوابق مخالفة ولا نقص فى الاساساتلقد اخذت تصاريح ببناء اربعة عشر طابقا واذا وجدوا نقص فى الاساسات فالامر لا يتعلق بى بل يتعلق بذمة المقاول الذى اخذ المال منى واختلس منها
قال عمرو بدهشة لا تخلو من قلة الاحترام لاخيه:
-هل ستلبس التهمة فى الحاج سلامة
-سيأخذ حقه
-ستدفع له ليعترف على شىء لم يفعله
قال حسام فى ثقة:
-وسيرضى بذلك
هز رأسه يمينا ويسارا فى عدم تصديق وهو يقول بخيبةامل:
-لا استطيع ان اصدق هذا لماذا تفعل هذا؟
قال حسام بقسوة:
-لان هذه هى اموالى وشركتى وانا حر فيها ما رأيك فى هذا الجواب
وان اردت ان تذهب لتبلغ عنى اذهب واحتمل ساعتها بغض والدتك لانك ادخلت ابنها الحبيب الى السجن
صدم عمرو لكلماته واكتشف انه حقا لا يستطيع فعل هذا خصوصا الان وهو يسعى لينال رضا والدته
لمح حسام التعبير الذى ارتسم على وجه عمرو فقال فى ثقة:
-اذهب على مكتبك يا استاذ لا تعطل سير العمل ولا تظن انك افضل من غيرك انت هنا كسواك ولو اقتحمت مكتبى بهذه الطريقة مرة اخرى اعتبر نفسك مفصولا من العمل هل تفهم؟؟

*****************

-انه بخير الان
قالها الطبيب لتظهر علامات الارتياح على وجوه الجميع فى حين سألت مى بجمود:
-ماذا حدث له يا دكتور؟
-يبدو انه تعرض لصدمة نفسية حادة جعلته لا يقوى على الصمود
ثم مال الطبيب على اذن محمح قائلا فى همس:
-اريد مناقشتك فى امر هام يا محمد
اشار محمد الى باب الغرفة وهو يقول بتوتر:
-تفضل يا دكتورتفضل بالخارج
خرج الطبيب ومحمد من غرفة نوم سعيد الذى استلقى على سريره غائبا عن الوعى ومن حوله مى وغادة وامجد يحيطون به ومى ساهمة شاردة فى حين تذرف غادة دموعا ساخنة وهى تربت على رأسه بحنان
وخارج الغرفة ربت الطبيب على كتف محمد وهو يقول بتعاطف:
-محمد يجب ان تكون اقوى من هذا انه سيكون بخير بزوال تلك الصدمة
قال محمد بحسرة:
-وكيف ستزول تلك الصدمة لقد زلزلت كياننا جميعا وغيرت مجرى حياتنا للابد يا دكتور,انها صدمة لن تزول ابدا
واضاف محمد بانهيار:
-اهذا يعنى انه لن يعود الى سابق عهده!
-تماسك يا محمد تماسك
ثم اضاف بتردد:
-فى الحقيقة هذا شلل نفسى وليس عضوى اى ان علاجه هو زوال ما سببه وانا لا ادرى ما الذى تتحدث عنه؟ ما هى نوع الصدمة التى تعرض لها الحاج سعيد يا محمد؟
قال محمد بمرارة:
-خسارة كل شىء
قال الطبيب بدهشة:
-ماذا تعنى؟
-لقد خسرشقا عمره يا دكتور
-كيف؟؟؟؟
-لقد وضع كل ما يملك فى شقة لكن للاسف البرج الذى يحمل هذه الشقة تهدم وسقط
ظهر الانزعاج على وجه الطبيب وهو يقول:
-يا الهى! انها صدمة قوية فعلا
تساءل محمد بتوجس:
-اذن الن يتحسن يا دكتور؟
-العلاج الطبيعى سيكون له دور بالاضافة للمهدئات التى كتبتها له لكن الدور الاقوى هو دوركم انتم مهمتكم انتم هى ان تشعروه بالتحسن اما انا فلا استطيع فعل اكثر من هذا فكما قلت لك هذا شلل نفسى اباك سليم عضويا
قال محمد بامل ولهفة:
-هل هناك امل ان يشفى منه؟
-هذا فى علم الله وحده يا محمد
ظهرت الصدمة وخيبة الامل على وجه محمد وهو يقول بانهيار:
-اذن لا امل لا امل
-ارجوك يا محمد تماسك على الاقل من اجل ابيك قفوا معه فى ازمته واشعروه ان الصدمة تأثيرها قليل عليكم وانكم تستطيعون الوقوف على ارجلكم من جديد والله معكم يا محمد عن اذنك
-انتظر يا دكتور تفضل
حاول محمد ان يعطى الطبيب نقود الكشف الا انه رفض قائلا باستماته:
-لا يا محمد ليس فى هذه الظروف اننا جيران ولبعضنا
تشجع انت وواصل دراستك حتى تصبح ضابط شرطة كبير ولا تجعل والدك او اختك فى حاجة الى اى شىء ودعواتى للحاج سعيد بالشفاء العاجل ان شاء الله
تهاوى محمد على مقعده بعد مغادرة الطبيب ولم يتمالك نفسه وانخرط فى بكاء عنييييييف

***************

jen 19-08-08 02:10 AM

اترككم مع شخصية جديدة ستظهر فى البارت القادم

http://www.liillas.com/up/uploads/im...fcbf191a92.jpg

jen 25-08-08 11:08 AM



الفصل السابع

مأزق صعب



دلفت ميرفت الى بهو الفيلا الفسيح وكانت فى طريقها الى الدور العلوى لولا ان استوقفتها صيحة هادرة،

تلفتت برهبة لتعرف مصدرها اذ كان البهو غارقا فى الظلام وتنهدت عندما لمحت دخانا يتصاعد من احدى

الاركان وشعلة صغيرة ملتهبة واضحة وسط الظلام

اتجهت الى ذلك الركن قائلة لصاحب الصيحة:

-حسام لماذا تجلس هنا فى الظلام؟ ولماذا عدت باكرا؟

تجاهلها وهو يأخذ نفسا عميقا من سيجارته قبل ان يطفأها وهو يقول بحدة :

-اين كنتى طيلة هذا الوقت؟

عقدت حاجبيها فى حيرة الا انها قالت فى بساطة:

-كنت لدى..

-لدى المحروس ابنك اليس كذلك

تملك الاستغراب ميرفت من حدة كلماته ومقاطعته الا انها اجابت بهدوء:

-نعم كنت لدى عمرو هل هناك خطب ما ؟؟

ارتفع صوته الذى ملأته الحدة والعصبية وهو يقول:

-طبعا هناك .. الم تكونى هناك امس واول الامس وكل يوم

الم يكفكى كل هذا؟؟

-حسام يا حبيبى ماذا هناك؟ هذا اخوك الوحيد فى محنة يجب ان اقف بجواره

ام تريدنى ان اتركه حتى لا يغفرها لى انا لا افهم ماذا بك

لماذا انت منفعل هكذا

قال حسام بضيق ومازال صوته العالى يؤلم اذن ميرفت:

-ابنك فى محنة! وماذا عنى انا ! انا فى محنة اكبر منه

كل يوم تحقيقات ونيابة وضباط وشوشرة على سمعة الشركة وانتى لا يهمك اى شىء من هذا

كل يوم عند ابنك

-انا دوما بجوارك يا حسام ومعك هنا كل يوم لكن كان يجب ان اذهب لاطمئن على عمرو

انه وحيد الان يا حسام ليس له غيرنا نحن اهله الوحيدون فكيف نتركه فى محنة كهذه

وانت لماذا لاتذهب لتواسى اخاك

لوح بيديه وهو يقول فى لامبالاة:

-لقد قدمت له التعازى

-المرة الوحيدة التى ذهبت اليه فى العزاء كالغريب تماما ولم تمكث اكثر من نصف ساعة!!

قال بعصبية:

-ماذا تريدينى ان افعل؟ ان اترك مصالحى وعملى من اجل رجل ميت!

ظهرت الدهشة فى عينى ميرفت وصوتها المنزعج وهى تقول:

-هذا الرجل الميت هو والد اخوك الوحيد

كاد حسام يقتلع اذنيه من فرط الغضب اذ كان لا يطيق سماع هذه الكلمة فقبض على قبضتيه فى قوة كادت معها عظامه

ان تنكسر واغلق عينيه واخذ نفسا عميقا مجبرا نفسه على الهدوء

ومن ثم قال بعد فترة صمت احترمتها ميرفت ولم تنبس فيها ببنت شفة:

-كيف طاوعتك نفسك على الذهاب اليه بعدما عرفتى حقيقته؟

تطلعت فى وجهه للحظات حاولت فيها ان تتذكر تلك الحقيقة التى يقول عنها الا انها اعلنت استسلامها

وهى تقول بحيرة:

-اى حقيقة!!

اتسعت عيناه فى دهشة وهو يقول بغضب مستنكر:

-اى حقيقة! هل استطاع ان يسيطر عليكى الى هذا الحد! حقيقته يا ميرفت هانم

حقيقة هذا الجشع الذى يقترض منى المال ويستغلنى ويستغلك

اخفضت عيناها الى الارض وقالت بتعلثم:

-لكنه لكنه تغير تماما ،حنانه اغرقنى وكان حريصا على رضاى كم انه

اشعلت كلماتها النار فى رأسه فصاح بحدة:

-اشجينى اشجينى وماذا ايضا؟؟ هل سمحتى له بالسيطرةعليكى واستغلالك بهذا الشكل!!

اجابته بتوتر:

-ربما نظلمه يا حسام، ربما يحتاج تلك الاموال ولا يستطيع ردها وواجبنا ايضا ان

-واجبنا!! واجبنا ان ندله على الفساد ونعطيه المال لينفقه على اهوائه الشخصية

لم تجب ميرفت لكنها نظرت الى حسام نظرة معبرة،فهم هو من نظراتها اليه انها تقول له انه ايضا يفعل هذا

تملكه الضيق اذ لم يكن موفق فى جملته هذه فقال بحدة وهو يبتعد عنها صاعدا الدرج:

-تصبحى على خير

وجز على اسنانه متوعدا لذلك العمرو الذى لعب بعقل والدته ويريد ان يسحب البساط من تحت قدمه

الا انه لن يسمح له بهذا ابدا


**************


تطلع امجد فى ضيق الى زوجة ابيه التى تتمايل فى ميوعة وتنطلق ضحكاتها الرقيعة على اثر

ملامسات ابيه الى جسدها الملفوف، نظر اليهم بذهول وقلب كفيه فى حيرة وهو يجز على اسنانه

ويقوم من مجلسه فهم لا يراعون وجوده

كان فى طريقه الى درج الفيلا الداخلى لولا ان استوقفته كلمات ابيه:

-امجد! الى اين انت ذاهب؟

التفت اليه قائلا بضيق:

-حان وقت نومى

قال والده فى سعادة وهو ينظر الى زوجته صغيرة السن غامزا اليها بعينه اليسرى:

-فى هذا الوقت المبكر!!

ازداد ضيقه الا انه تماسك نفسه وقال:

-لدى عمل كثير غدا فى الشرقية يجب ان انام فترة كافية حتى استطيع التركيز فيه خصوصا ان حضرتك لا تأتى

منذ ان تزوجت

قال جملته الاخيرة وهو ينظر باحتقار الى زوجة ابيه التى لم تكن لتحلم ان تحيا بهذا المستوى

لولا لعبها بعقل اباه، كاد ان يكمل طريقه الا انه توقف قائلا:

-على فكرة يجب ان تذهب للحاج سعيد لتزوره فى مرضه يكفى انك لم تأتى معى

قالت زوجته بميوعة:

-نحن فى شهر العسل يا استاذ امجد ، تريده ان يتركنى ويذهب لذلك الرجل

تجاهلها تماما وكأنه لم يسمع شىء وقال بحدة:

-يجب ان تذهب يجب

ثم غادر المكان فمصمصت زوجة ابيه شفتيها وهى تقول بضيق:

-اترى ابنك يا ممدوح،لا يطيقنى او يطيق رؤيتى، دوما يتجاهلنى

-اعذريه يا نعمة يا حبيبتى، انتى تعرفين هذا ليس بالسهل عليه فانتى

قد حللت محل والدته

ثم اضاف فى نعومة:

-دعينا منه الان ولنلتفت الى انفسنا يا حبيبتى


****************


مسح محمد دموعها المتساقطة على وجهها الممتلىء وهو يقول برقة:

-ارجوكى كفى يا هند، انتى تصعبين الامر علىّّ اكثر

حاولت هند التوقف عن النحيب وهى تمسح دموعها قائلة بصوت باكى:

-انا اسفة يا محمد لكن صدمتى كبيرة كبيرة جدا

مرض عمى وضياع شقتنا ماذا ستفعلون فى هذه المصيبة؟؟

ارتسم الحزن على وجه محمد وهو يقول:

-ان شاء الله ربنا سيفرجها ، ربنا لا يترك مظلوما ابدا، وقد

وضعنا كل ما نملك فى هذه الشقة فباذن الله ربنا سيعوضنا بخير منها

قالت هند بحسرة:

-من اين يا محمد؟ اباك ومرضه وانت مازلت طالبا فى الكلية اذن من اين ستعوض هذه الكارثة؟

صاح بحنق:

-ارجوكى يا هنديكفى ما انا فيه

ثم اضاف فى هدوء:

قلت لكى ربنا لاينسى عباده المؤمنين وان شاء الله ربنا سيعوضنا

رددت دعواته بامل باكى:

-يارب ان شاء الله ان شاء الله


***********


فتحت دنيا عينيها فى بطء وتكاسل وابتسمت فى سعادة وهى تتذكر ليلة امس ، ليلة عيد ميلادها الذى

كانت فيه اميرة محمولة على الاعناق، كلما تذكرت الجهد الذى بذله ادهم فى تحضير هذه الحفلة التى خلبت لبها

كلما احست بالامتنان تجاهه، فهو لا يترك شىء فى وسعه الا وفعله ليسعدها

اين كان ادهم منذ زمن؟ لماذا لم يكن موجودا قبل ان تمر بما مرت به مع ذلك الوغد وائل؟

هزت رأسها لتبعد ذكراه السيئة عن ذهنها لتظل ذكرى عيد ميلادها هى المسيطرة عليها

الا انها تذكرت فجأة شىء هام فاسرعت بمغادرة الفراش واتجهت يدها تلتقط هاتفها المحمول من حقيبتها وقالت

وهى تضغط ازراره فى سرعة:

-ايتها الندلة مى ، اهكذا لا تأتين او تتصلى بى ل.......

ما ان سمعت صوت مى المرتجف الباكى حتى قطعت افكارها وقالت فى لهفة وجذع:

-مى !! ماذا بكى؟

لمدة نصف ساعة ظلت تستمع الى كلمات مى الحزينة وبكاءها ، حاولت بشتى الطرق ان تخفف عنها الا انها قالت اخيرا

بتصميم:

-مى اغلقى الخط انا فى الطريق اليكى نصف ساعة لن اتأخر

اسرعت بارتداء ملابسها والتهمت درجات الدرج التهاما الا انها توقفت عندما وجدت ادهم فى مواجهتها

وهو يقول بقلق لرؤية الجذع المرتسم على وجهها:

-دنيا !!ماذا هناك؟ الى اين انتى ذاهبة؟ اليوم الجمعة

قالت فى سرعة وهى تتجه الى الباب وهو يتجه خلفها:

-نعم اعلم يا ادهم لكن صديقتى مى فى محنة يجب ان اكون عندها الان

-لماذا؟ ماذا حدث؟

-والدها مريض وقع فريسة للشلل النفسى

ارتفع حاجبا ادهم فى دهشة وهو يتساءل:

-ياااه!! ما الذى حدث؟

-سأخبرك لاحقا لكننى الان متعجلة

اتجه ادهم نحو الدرج وهو يقول:

-انتظرى اذن سأذهب لتغيير ملابسى وآتى معك

-لا لا داعى لهذا لن اتأخر

-كيف اتركك وحدك وانتى فى هذه الحالة كما يجب ان اطمئن على صديقتك

ابتسمت وهى تقول:

-لا تقلق عليّ انا بخير، وسأوصل سلاماتك ودعواتك لمى الى اللقاء الان

-انتظرى

توقفت لتراه قادما نحوها ممسكا بيدها ورفعهما الى شفتيه وطبع قبلة حارة عليهما وهو يقول بحب:

-لا تتأخرى واعتنى بنفسك

ابتسمت فى خجل وهى تقول برقة:

-حسنا اطمئن عن اذنك

لوح لها بيده وهو يقول:

-الى اللقاء

ما ان اغلقت دنيا الباب ورائها حتى تسللت ناهد على اطراف قدميها واقتربت من ادهم الشارد

ووضعت يدها على كتفه وهى تقول:

-ادهم

انتفض ادهم فضحكت ناهد وهى تقول:

-يااه! لهذه الدرجة ! اين كان عقلك شاردا يا استاذ؟

قال ادهم بضيق:

-الن تكفى عن فعل هذا؟ انتى تعرفين انا لا احب المفاجآت

تجاهلت اعتراضه وجذبته من يديه متجهة الى الصالون واجلسته على اول مقعد قابلها وجلست امامه وهى تقول

بلهفة وعيناها تبرقان:

-قل لى ما آخر الاخبار؟

هل لان الحديد؟؟؟؟


*************


احكم على غلق معطفه جيدا ووضع كفيه فى جيب معطفه الا ان كل هذا لم يقيه من البرد القارص ، لم

يتوقع ان يكون جو هولندا بهذه الدرجة من البرودة التى لم يعتد عليها مطلقا فى جو مصر الدافىء

الا انه حث نفسه على التأقلم لانه سيمكث هنا طويلا حتى يعود الى مصر وهو يستطيع ان يرفع عينيه فى عينى

والد زوجته المستقبلية ويطلبها منه دون ان يتنازل عن شىء من عزة نفسه لا ان يوضع فى الموقف الذى وضع

فيه اخوه الكبير عادل

الذى كان منكس الرأس رفيقاه الخوف والذل وهو يتلقى التقريع من والد حبيبته التى لم تقف بجواره وتزوجت

اول شاب جاهز تقدم لها


كان يدرك ان غادة نوع مختلف من البشر وانها مازالت تحيا فى زمن الحب القديم الذى انمحى الان من عالمنا

كان يعلم انها تستطيع ان تنتظره لكنه لن يكون انانى ويظلمها معه، فهو امامه الكثير والكثير ليكون نفسه

وهى تستحق ان تعيش فى رخاء يكفى ما عانته مع زوج امها


اغمض عينيه فى الم من شدة حسرته لفراقها، تذكر جراح قلبه الدامية عندما تركته والدموع تغرق وجهها

لكن هذا افضل لها الحب لا يمكن ان يستمر فى الفقر وهو لا يريد ان تندم ان انتظرته لا يريدها ان

تلعن اليوم الذى احبته فيه، غدا ستتزوج من رجل تحبه ويحبها ويوفر لها حياة كريمة وغدا هو ايضا سيتزوج

وينجب ابناء لا يذوقوا الفقر والحرمان الذى ذاقه هو



يجب الان ان يركز قليلا على نفسه وان يبدأ بالبحث عن عمل يا ترى هل سيكون البحث عن عمل هنا بالصعوبة التى واجهها فى

مصر !! انه مستعد ان يمتهن اى مهنة ..المهم هو ما سيربحه من خلالها


قطع حبل افكاره ان وجد نفسه فى زقاق ضيق يسبح فى الظلام، تأفف وشعر بالحنق ، فهو لا يعرف اى شىء

فى هولندا وها هو قدجعل نفسه يقع فى المتاعب منذ لحظة وصوله ، ها هو قد ضل طريقه ، ولا يوجد صوت لاى مخلوق

هنا ليدله على الطريق الصحيح لكن لكنه يسمع جلبة، هذا الصوت ليس ببعيد ، ربما لو سار قليلا لوجد هؤلاء

الاشخاص الذين يعلو صوتهم ليدلوه على الطريق


حث نفسه على السير لكن ما ان وجد غايته حتى توقف مندهشا وزوى ما بين حاجبيه ، انه لا يفهم الهولندية

لكن المشهد الذى امامه لايحتاج لفهم لغة

فتاة يحيط بها ثلاثة رجال يحاولون اما سرقتها او التحرش بها وهو لن ينتظر ليعرف غرضهم

لقد حان الوقت اخيرا ليطبق ما تعلمه من فنون الكاراتيه


*****************


قال ادهم وهو يبتسم:

- الحديد بدأ يلين والمرحلة القادمة مرحلة الذوبان

برقت عينا ناهد فى سعادة وهى تقول بلهفة:

-حقا!!!!!

اجاب ادهم فى غرور:

-نعم ، صحيح اتعبتنى فى البداية كثيرا لكن الان كل شىء تغير ، يجب ان تثقى فى هذا

انا ادهم رياض لا شىء يقف فى طريقى

تضاعفت سعادة ناهد وهى تقول:

-جيد جدا ، هذا خبر ممتاز، اذن هل اصبح لك موقعا جيدا فى الشركة

اجابها بتعلثم:

-تقريبا

عقدت حاجبيها وهى تقول بضيق:

-ماذا تعنى بتقريبا هذه!

قال فى حدة:

-الصبر جميل، هذه المسألة تحتاج الى صبر وتأنى حتى لا يتهدم كل شىء

يجب ان اكسب قلبها اولا واموالها ثانيا

-ويا ترى ربحت قلبها

-احساسى يقول هذا وسأتأكد عما قريب

امسكت يده فى لهفة وهى تقول:

-اذن ساعتها يمكننا ان نأخذ ما نريد من اموالها دون ان تشعر

-هذا هو الجزء الثانى من الخطة اطمئنى قريبا جدا

-عظيم

ثم عادت تنظر اليه وهى تضيف:

-قل لى هل سألتك عن اموالك واعمالك؟

-نعم لكننى اخبرتها ان ابى كان له شركاء واننى لا استطيع ان اخرج من هذه الشراكة وعندما اخبرتها اننى

اريد ان اشترك معها فى مصاريف الفيلا رفضت رفضا تاما وقالت اننى لا يمكن ان ادفع مليما واحدا طالما اننى

فى بيت خالى وانه لو كان حيا ما كان ليسمح بهذا ابدا

قالت ناهد بتهكم:

-هو بالفعل ما كان ليسمح ابدا، لكن ما كان ليسمح باقامتنا

قال ادهم باستغراب والحيرة تعلو وجهه:

-لماذا؟ ما حجم المشاكل بينك وبينه؟

قالت ناهد بتردد بعد فترة صمت :

-هل هل اقول لك ولا تغير فكرتك عنى؟

تضاعفت حيرته وهو يتساءل:

-لماذا؟ هل فعلتى شيئا سيئا؟

-عدنى اولا انك لن تغضب منى

قال ادهم وقد تملكته اللهفة:

-حسنا ، لن اغضب منكى قولى

ترددت ناهد لفترة تململ فيها ادهم ثم حسمت امرها وقالت:


-لقد كان اخى مصطفى يحب ابنة سائق ابى، فتاة فقيرة بالطبع، وقد كنت وقتها مراهقة وبينى انا ومصطفى مشاكل

كثيرة مشاكل الاخ والاخت فى هذه الفترة ، فقد كان صارما ومتشددا تجاه كل ما افعله

لذا فقد انتهزت الفرصة وذهبت الى ابى واخبرته وقلت له انه لابد ان يضع حدا لهذا الوضع وعندما علم مصطفى

ان ابى علم توسل اليه ان يزوجه اياها الا ان ابى رفض بشدة وحكم على سائقه ان يزوج ابنته الى ابن عمها والا

يقطع عيشه واضطر السائق ان يفعل ما امر به ابى ومن يومها ومصطفى لا يطيقنى لذا فقد

اعترض على زواجى من زوجى الاول لانه كان متوسط الحال ووقف ابى معه لكن لاننى كنت احبه

وتملكنى العناد فقد هربت معه وتزوجته وانجبت منه وحرم عليّ دخول الفيلا

ولم ارى ابى او اخى الذى تزوج بدوره من فتاة غنية


وبعد ثمانى سنوات من زواجى توسل ابى لاخى وهو على فراش الموت ان يبعث لى ليرانى وعدت

مرة ثانية للفيلا بعد فراق دام ثمانى سنوات، عدت انا وابنى الذى تعلق بدنيا لكن كان مصطفى يحول بينه وبينها

كلما استطاع

صمتت قليلا لترى الانفعال على وجه ادهم وعندما وجدته مصغيا بدون اى تعبير اضافت فى غل:

-مكثت انا وابنى شهرين فى الفيلا التى يراها يا عينى لاول مرة، لكن بمجرد ان توفى والدى حتى طردنى مصطفى

من الفيلا وعدت مرة اخرى لزوجى الذى حرم عليه دخول الفيلا وعاش هذين الشهرين وحده

عدت اليه لكننى كنت قد ذقت طعم الثراء الذى تركته بسبب الحب والعناد اللذان زويا مع الزمن

فاصبحت ناقمة على عيشتى وانتهى الامر بتركى زوجى وتزوجت من اباك وسافرت معه الى لبنان

-وماذا عن اخاكى ؟ الم يعرف بامر زواجك وسفرك

اجابته بضيق:

-لا ادرى، لماذا تسأل

-لان دنيا تعرف ان اسمى ادهم رياض ولم تتساءل مثلا لماذا يبدو اسم ابى مختلفا عن اسم زوجك الاول الذى الفته

ضحكت ناهد بسخرية وهى تقول بتهكم:

-الفته!انها لم ترى زوجى الاول مطلقا ولا تعرف اسمه، ولم ترى ابنى نفسه سوى شهرين

لقد كانت طفلة فى السادسة من عمرها يا ادهم

زفرت بعمق وعادت تقول:

-انا اعرف اننى اخطأت فى حق مصطفى قديما لكننى كنت مراهقة وهو لم يغفر لى ابدا ما فعلته بحبيبته

وهروبى من المنزل

-لذا تحاولين الانتقام من ابنته!!!

قالت فى حدة:

-انا لست انتقم، انا آخذ حقى ، مصطفى لم يعطينى ميراثى من ابى واظهر لى مستندات تثبت ان ابى باعه كل شىء

قبل وفاته

-كما فعل هو مع دنيا

اجابته باصرار:

-لكنى لا اصدق هذا ما كان ابى ليفعل هذا والا ما كان قد طلب رؤيتى ومكوثى معه الشهرين الاخيرين

قبل وفاته

قال ادهم باشفاق:

-لكن ما ذنب دنيا؟

نظرت اليه بغضب للهجة التى نطق بها جملته وقالت بعصبية:

-ذنبها انها ابنة اخى الذى ظلمنى واكل حقى وحتى ان كان ابى قد باعه كل شىء

الا يعطى لاخته الفقيرة شىء! بل ويطردها ايضا ولا يسأل عنها

ثم اضافت وهى تجز على اسنانها:

-يجب ان تدفع ابنته الثمن

انهت جملتها الحانقة ونظرت اليه قائلة بتحذير:

-هل تنوى ان تتراجع عن خطتنا

اجابها فى سرعة:

-لا لا ابدا اطمئنى الخطة تسير كما هى

لا تقلقى


*****************


انتزعت غادة نفسها من شرودها عندما خرجت كلا من دنيا ومى من غرفة الاخيرة وقالت

وهى تبتسم:

-اخيرا البسمة عادت الى وجهك يا مى

قالت مى وهى تنظر الى دنيا التى افسحت لها غادة مكانا بجوارها على الاريكة:

-الحمد لله ، هذا بفضل دنيا التى حاولت الترويح عنى بشتى الطرق

التفتت غادة الى دنيا وقالت بامتنان:

-الشكر لا يكفيك يا دنيا لانكى اخرجتى مى من الحالة التى كانت بها ، لقد كانت جامدة كالحجر

لا تتحرك ولا تسمح لنفسها باخراج مشاعرها

ابتسمت دنيا قائلة:

-اطمئنى ، لقد اخرجت كل مشاعرها بالداخل وبكت حتى انتحبت واستراحت

قالت مى بخجل:

-لكننى اصر انه لم يكن هناك داعى لحضورك يا دنيا وتعطيل مصالحك

انتى لديكى مشاغل عديدة ، كان يكفى مكالمتك فى الهاتف

نظرت اليها بعتاب وهى تتصنع الغضب:

-مى صدقينى لو اضفتى حرفا واحدا من هذا الكلام السخيف سأغضب منكى

قالت غادة:

-مى هكذا طوال عمرها لا تريد ان تتعب احدا معها

-لو كانت مى اخبرتك عنى يا غادة لعرفتى اننى لست اى احد

مى صديقتى واعز صديقاتى واختى التى لم تنجبها امى ثم من غيرى كان سيقف

بجوارها فى هذه المحنة؟ انتى ! انتى الاخرى تحتاجين الى من يقف بجوارك

فى هذه اللحظة خرج محمد من غرفته مشاورا لمى وهو يقول:

-مى ، اريدك لحظات من فضلك

وضعت دنيا كوب العصير الذى ناولته غادة اياه على الطاولة وقامت من مجلسها وهى

تمد يديها لمحمد وتنظر الى زيه الرسمى باعجاب قائلة:

-كيف حالك يا محمد؟ هل التحقت بكلية الشرطة؟

اجابها باقتضاب:

-نعم

-هنيئا لك يا حضرة الضابط

-اشكرك

ثم التفت الى مى مشيرا الى غرفته قائلا بصرامة:

-مى

-حاضر يا محمد

ثم التفتت الى دنيا قائلة:

-عن اذنك يا دنيا ، سأعود سريعا ، اكملى مشروبك

تناولت دنيا كوب العصير وهى تلتفت الى غادة قائلة:

-حان دورك يا عزيزتى للتخفيف عنكى


***********


تقدم على نحو مجموعة الشباب والفتاة المذعورة بينهم ولفت انتباههم بحديثه بالانجليزية

-الذى يبدو انهم فهموه- اذ قال بصوت عالى واثق :

-يا شباب ماذا تفعلون لهذه الفتاة

التفتوا اليه ونظروا الى بعضهم البعض قبل ان يقول ما يبدو انه كبيرهم:

-لا تتدخل ايها الاجنبى وابقى بعيدا حتى لا نلحق بك الضرر

قال على بصرامة:

-انا ارى ان تدعوها لشأنها افضل

قال احدهم بسخرية:

-افضل لمن يا ترى؟ لنا ام لها!!

فى حين ضحك كبيرهم وقال بتهكم:

-لا ادرى لماذا اسمع دبورا يزن على خراب عشه

ثم زمجر قائلا:

-ابتعد حتى لا تنولك المتاعب ايها الاجنبى

واصل على تقدمه نحوههم وقال وهو يشمر عن ساعديه القويان وسط دهشتهم:

-اذن انت ستضطرنى ان الجأ لاستخدام الطريقة الصعبة لقد حاولت

معكم لكنكم لم تتركوا لى الخيار


منذ دخول على فى الاحداث وقد تغيرت نظرات عينى الفتاة العسليتين فبعدما كانت عيناها تنطقان بالتوسل

والرجاء

تحولت الى اللهفة والامل خصوصا بعدما دخل على فى عراك مع هؤلاء الشباب وبدا ان الانتصار فى كفته

هو حيث سحقهم سحقا والقنهم درسا من فرعونى صغير

[IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/KEKOOD%7E1/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/01/clip_image001.jpg[/IMG]

وعندما نظر اخيرا على الى عينى الفتاة بعد فرار هؤلاء الشباب وجد عيناها تشع بالامتنان والشكر والثناء

قال على بالعربية وهو يتجه اليها حيث كانت راقدة على الارض:

-الحمد لله

ثم اضاف بالانجليزية وهو يوجه حديثه اليها الذى غلفه القلق:

-هل تفهمين الانجليزية ؟

اجبرت شفتيها على الابتسام وهى تقول :

-بل افهم العربية

ارتفع حاجبا على فى دهشة وهو يسمع كلماتها بالعربية وقال فى تعجب:

-انتى تتحدثين العربية! كيف هذا؟ لا تقولى انكى عربية

ملامحك غربية تماما

قالت بصوت خافت ارجعه على الى الصدمة التى مرت بها للتو:

- انا هولندية من الام فقط لكن والدى تونسى وملامح المغرب العربى مقاربة لملامح الغرب

وانت مصرى اليس كذلك؟

-نعم

ثم اضاف وهو ينظر اليها بتمعن:

-هل نجحوا فى ايذائك؟

قالت بامتنان:

-لا الفضل يعود لك

ثم اضافت فى ذعر وهى تنظر الى جبينه بعينان يملؤهما الجذع:

- انت مصاب جبينك ينزف دما

مسح على رأسه فشعر بسخونة الدم التى وجدها بين يديه الا انه قال بلامبالاة:

-لا تقلقى الجرح سطحى

ازداد امتنانها له وقالت بكلمات يقطر منها الثناء:

-انا ادين لك بحياتى يا

توقفت منتظرة ان يبوح باسمه فقال فى سرعة:

-على على عزت

-يا على وانا نور

صافح يدها الممدوة نحوه وقال:

-تشرفت بلقاؤك يا نور

اسرعت نور تقول وهو يساعدها على النهوض من الارض:

-بل انا التى تشرفت بلقاؤك ، فلولاك لا اعلم ماذا كان سيكون مصيرى بين هؤلاء الشباب

تساءل على فى حيرة:

-ما الذى جاء بكى اصلا الى هذا المكان؟

اشارت الى مبنى خلفه قائلة:

-هذا هو الباب الخلفى لمكتب المحاماة الخاص بابى ، كنت هنا اجلب له بعض الملفات وقد خرجت

من هذا الباب لانه طريق مختصر الى حيث ساحة انتظار السيارت التى تقبع بها سيارتى

لكننى بعد ذلك سأخرج من الباب الامامى وسأسير تلك المسافة الطويلة

-نعم السير رياضة

-بل ورياضة مفيدة ايضا

ضحك الاثنان وقد خرجا اخيرا من الزقاق المظلم فتلفت على حوله قائلا:

-اذن انتى تعرفين الطريق

-بالطبع قل لى متى اتيت الى هولندا؟

-الان

قالت بدهشة:

-الان!! هل حطت طائرتك توا

ابتسم وهو يقول:

-لا لقد حجزت فى فندق متواضع حتى اجد عملا

قالت وهى تشير الى سيارتها ليتجها اليها:

-ها قد وصلنا انسى موضوع الفندق ، سنتجه اليه الان لتسدد حسابك وتجلب حقائبك وتأتى معى

تساءل بكلمات ملأها الاستغراب:

-أأتى معكى الى اين؟

اخذت مكانها خلف مقود السيارة ونظرت اليه حيث جلس فى المقعد الامامى المجاور لها:

-الى حيث ستقيم معنا فى منزلنا

هز رأسه بقوة وهو يقول رافضا:

-منزلكم!! لا لا يصح، لا يصح

قالت باصرار:

-على ، انت انقذتنى ، انت لا تعلم اى معروف اسديت لى، انتظر حتى يراك ابى

سيطير بك من شدة السعادة خصوصا لانك عربى مثله


***************


دلفت مى الى حجرة محمد التى اغلق بابها خلفهم باحكام وهو يقول:

-اسمعى يا مى ، انا امامى حوالى اربع ساعات على ميعاد عودتى الى الكلية،

اتعلمين اين سأذهب الان؟؟

هزت كتفيها فى حيرة الا انها خمنت قائلة:

-الى احد من اصدقائك!!

زفر بحنق وهو يقول:

-لا يا مى ، انا ذاهب الى حسام الشريف

-من هو حسام الشريف؟؟!!!!

-صاحب شركة المعماريين صاحب البرج

-اه لماذا؟

-لماذا!! لاطلب منه تفسير عما حدث ولاطلب حقنا

قالت مى بحسرة:

-حقنا!! حقنا ضاع يا محمد

صاح بغضب:

-لا لم يضع ، يجب ان يكون هناك تعويض لقد دفعنا مالا لشىء لانملكه

-لكننا ملكناه وضاع منا يا محمد

قال بضيق:

-قلت لكى لم يضع يجب ان نحصل على حقنا

ثم اضاف بمرارة:

هل تعلمين بحالنا اليوم! اننا على وشك الافلاس يا مى ، لا يوجد معنا سوى معاش ابيكى الذى سنصرفه على

العلاج الان ، وبعدما باع ابى الارض التى كنا نأخذ ايجارها وضع ثمنها فى الشقة كان ينفق

من مبلغ حتى يتم انتهاء العمل فى الشقة وتأجيرها هذا المبلغ يتناقص سريعا ولا توجد شقة

اتفهمين معنى هذا؟؟ لذا يجب ان اسعى للحصول على حقنا


ظهرت الصدمة على وجه مى وقد عجزت عن الكلام فى حين تابع محمد:

-وانا لا استطيع حتى العمل لاساهم بأى شىء لاننى فى الكلية ولا آخذ اجازة سوى خميس وجمعة

ومن هذا الذى قد يلحقنى بعمل ليومين فى الاسبوع

انا حتى لا ادرى كيف سأسدد مصاريف السنة القادمة


تهاوت مى على المقعد كاللوح الجامد ثم انخرطت فجأة فى بكاء عنيف

فجلس محمد على حافة المقعد وهو يربت على ظهرها قائلا:

-مى انا لا اقول لكى هذا الحديث لتفعلى هذا بل لتشجعينى على الحصول على حقنا

رفعت مى رأسها اليه وقالت بتصميم:

-اذهب يا محمد وحاول ان تحصل على حقنا الضائع


هم محمد بالخروج من الغرفة فاسرعت غادة التى كانت تستند الى الباب بالابتعاد وهى تضع يدها على

فمها لتكتم لوعتها ، فقد كانت فى طريقها لطرق الباب لتستعجل مى لانه لا يصح ان تترك صديقتها كل هذا الوقت

الا انها صدمت بهذا الحديث الذى سمعته من وراء الباب المغلق

لذا دارت فى رأسها فكرة واحدة فكرة مخيفة ومقبضة لكن لا مفر منها

jen 26-08-08 06:11 AM

http://www.liillas.com/up/uploads/im...7134149938.jpg

jen 01-09-08 03:35 AM


الفصل الثامن

لا مفر



ادار على نظره فى ارجاء الغرفة الواسعة يتأمل رقتها وبساطتها بعينين حزينتين دامعتين ، وانفه يملؤه عطر غادة

المنبعث من منديلها الممتلىء بدموعها الذاهلة ، نظر مليا الى المنديل وتخيل غادة امامه ، اراد ان يركع تحت قدميها

اسفا لما اقترفه ، ندما على ما فعله بها ، اراد ان يبثها شوقه الشديد على الرغم من مرور يومين فقط على افتراقه عنها

لكنهما اشبه بالدهور ربما لانه يعرف انه لاعودة بعد الان ، وان افتراقه عن غادة ليس مؤقتا بل هو العمر كله


ضغط باصابعه القوية على المنديل ومعالم الضيق ترتسم على وجهه ، لكنه انتبه سريعا الى المنديل الرقيق الذى بدأ فى

الاهتراء فأسرع بتخفيف ضغطه عليه وقربه من شفتيه مقبلا اياه ، وفى هذه اللحظة غادرت دموعه الحبيسة من عينيه المغمضتين

لتسقط على المنديل وتمتزج بدموع غادة، لتختلط دموعهما على فراقهما المرير


افاق على من شروده على دقات رقيقة على باب الحجرة التى اقام بها فى منزل نور ، واسرع باخفاء المنديل فى

جيبه وقام من مجلسه ناظرا الى وجهه الشاحب فى المرآة فى طريقه لفتح الباب ليجد امامه نور بابتسامة خجولة

فاجبر شفتيه على الابتسام وقال بخفوت:

-صباح الخير يا نور؟ هل انتى بخير الان؟

اتسعت ابتسامتها واجابت برقة :

-انا بخير حال ماذا عنك انت؟ هل نمت جيدا؟

لم يجب على وابتسم بسخرية فى اعماقه اذ لم يذق طعم النوم لكنه قال ببطء:

-الحمد لله

نقلت نظرها بين وجهه وبين الفراش المرتب وقالت باستغراب:

-الفراش مرتب كما هو هل تعانى من الارق ؟ كان يمكنك مناداتى لاعطائك قرصا منوما

بالتأكيد كنت تحتاج مثله بعدما عانيته فى اول يوم لك فى هولندا

ثم اضافت فى حنق:

-هذه غلطتى انا ، اننى لم اهتم بك جيداكان يجب

اسرع يقول ضاحكا:

-ماذا بكى؟ لماذا تحملين نفسك ذنبا لم ترتكبيه؟ لم يحدث شىءهذا امر طبيعى لشخص يغادر بلده

لاول مرة فى حياته لا تقلقى ، بعد قليل سأخلد الى النوم

اتسعت عيناها فى ذعر وهى تقول:

-اذن انا اعطلك سامحنى حقا لا اقصد

-ماذا بكى يا نور؟ قلت لكى انا بخير، ارجوكى لا تقلقى

اخبرينى كيف حال والدك الطيب؟

جلست على الفراش بعدما دخلت حجرته فابتسم وهو يستمع لكلماتها الممتنة :

-ليس لديك اى فكرة، ابى يكاد يطير من السعادة ، لقد اتصل بجميع اصدقاؤه واخبرهم بما حدث ليثبت لهم

بطولة العرب، لقد احبك ابى جدا

قال فى سعادة :

-وانا ايضا صدقينى ، لقد عوضنى حضنه الدافىء امس عن مشاعر ابوية لطالما حرمت منها بعد

وفاة ابى رحمه الله

-وهو ايضا يقول انك بمثابة ابنه

وفجأة قطعت حديثها وانتفضت فى ذعر وهى تقول بسرعة :

-انا اسفة اطلت فى الحديث معك وانت تحتاج الى الراحة

ثم اضافت وهى تغلق الباب ورائها امام عينان على المندهشتين:

-اذا احتجت اى شىء انا بالاسفل


*************


تقدم صلاح الصفرجى من حسام الذى انشغل بقراءة الجريدة فى حديقة الفيلا ، وما ان اصبح امامه حتى تنحنح

قبل ان يقول فى احترام:

-حسام بيه الهانم تنتظرك على منضدة السفرة لتتناولوا غدائكم سويا

قال حسام فى لامبالاة وهو يقلب صفحات الجريدة:

-قل لها اننى لا اجد اى شهية لتناول الطعام يا صلاح

-لكنها تصر يا حسام بيه ، وتقول انك لو ام تأتى فهى لن تأكل

القى حسام الجريدة وهو يقول فى ضيق:

-حسنا حسنا انا قادم


تطلعت ميرفت الى الطعام المرصوص على الطاولة بشهية واضحة وابتسمت ما ان لمحت حسام قادما

من بعيد وقالت بسعادة :

-حسام حبيبى هيا الطعام ساخن وشهى

جذب حسام مقعدا وجلس عليه وهو يقول بتأفف:

-انتى تعلمين يا امى ، اننى لا اتغدى فى هذا الوقت المبكر

تصنعت ميرفت الضيق وهى تقول بدلال:

-لكن اليوم الجمعة يا حسام ، وقد اردت ان نجلس سويا على صفرة واحدة

-الم يكفكى افطار الجمعة العالمى؟

ابتسمت وهى تربت على يده وقالت:

-لن يكفينى حتى ان تناولت معى الطعام كل يوم ، انا لا اراك تقريبا يا حسام

-العمل يا امى العمل كل شىء فوق رأسى انا

قالت بحنان:

-ربنا يبارك فيك يا حبيبى ، انت الخير والبركة

واعقبت جملتها بالنظر اليه اكثر من مرة وكلما استجمعت قواها لتتحدث تخونها شجاعتها فتصمت

الا انه لاحظ هذا فترك الملعقة من يديه ومسح فمه بالمنديل ونظر اليها قائلا:

-امى ماذا تريدين؟ انا من البداية علمت ان وراء هذا الغداء شيئا ما ..ما هو يا ترى؟؟

ضحكت ميرفت لذكاء ابنها وقالت بتردد:

-ابدا يا حبيبى ولكن اتعلم تجمعنا سويا ينقصه من؟

ابتسم وهو يعلم انها ستقول عروسة الا انه فوجىء بكلمتها تخترق اذنه وتتسبب

باندلاع حريق فى رأسه وما اثار غيظه انها قالتها بمنتهى البساطة:

-عمرو

جز على اسنانه وهو يقول ببطء:

-من!!!!

اجابته فى حماس:

-نعم يا حسام يا حبيبى ، ما رأيك ان يأتى ليقيم معنا هنا فى الفيلا ، لقد توفى والده

وهو الان يعيش وحيدا ومن االطبيعى ان يقيم معنا

صاح حسام بحنق:

-من الماذا!!! لا يا امى لا يمكن ابدا

غرقت ملامح وجهها فى الحزن الذى ملأ تساؤلها:

-لماذا يا حسام؟؟

اجابها باستعلاء:

-هذا عز ابى ومال ابى ، ولن يأتى ابن كمال الشيخ ليتمتع به

-انه اخوك الوحيد يا حسام

ضغط على اعصابه حتى لا ينفجر فى وجهها لكن كلماته اندفعت تسبقه فى غضب:

-وهذا بيت ابى

حاولت ميرفت اقناعه فقالت فى هدوء:

-اباك مات يا حسام وهذا بيتك الان وانت وحدك لك الحق فى دعوة من تشاء

-جيد انك تعلمين هذا وبما ان هذا بيتى فانا لا اريده ان يأتى هذا الجشع ليقيم معنا فيه

-لماذا يا حسام؟؟

قطع حديثهم صلاح الذى قال :

-حسام بيه ، هناك شخص يريد لقاؤك

فى اى وقت اخر كان صلاح ليسمع ما لايرضيه جزاء قطع حديثهم الا انه فى هذه اللحظة وجدها حسام فرصة

للتهرب من حديث امه فقام على الفور من مجلسه وهو يقول بحماس:

-ابلغه يا صلاح اننى قادم حالا

ثم التفت الى انه وقال بدهاء:

-كنت اود الجلوس معكى يا امى ، لكن لدى ضيف يجب ان ارى ماذا يريد

عن اذنك

اجابته ميرفت فى امتعاض:

-حسنا لا تتأخر حديثنا لم ينتهى بعد

غمغم حسام وهو يبتعد فى طريقه الى الصالون:

-بل انتهى والى الابد


***************


وقفت نعمة بجوار باب غرفة امجد تلعب بخصلات شعرها السوداء القصيرة، وتشدقت بالعلكة فى فمها وهى

تصدر بها اصوات خليعة متطلعة الى امجد بجسده القوى وهو يكاد يخلع قميصه عنه الا انه لمحها فى اخر

لحظة فاسرع الى الباب ناويا غلقه الا انها وضعت قدمها امام الباب لتفشل محاولته ودخلت الغرفة على الرغم من اعتراضه

وقالت بنعومة:

-هل انت جائع يا امجد؟ هل احضر لك الغداء؟

اجابها بجفاء:

-اشكرك لقد تناولته بالفعل

تصنعت الاهتمام وهى تقول:

-اين؟ لقد جئت توا من الشرقية

-هاقد اجبتى عن سؤالك

اقتربت منه وقالت بنعومة:

-ماذا بك يا امجد؟ لماذا تعاملنى هكذا؟

ازاح يديها من على كتفه وقال بضيق:

-الا تعلمين ما الذى فعلتيه؟ الا ترين ان زواجك من ابى يجعلنى اشعر بالضيق

ابتسمت فى سعادة حاولت اخفائها وقالت:

-هل تشعر بالغيرة يا امجد؟ لكنك انت من اضعتنى من يدك

ارتفعت ضحكات امجد الساخرة وهو يشير اليها قائلا باستهزاء:

-اشعر بالغيرة!! عليكى انتى !! هل جننتى ؟؟

ثم اضاف بحدة:

-ان ما يضايقنى يا مدام نعمة هو قذارتك وممارسة تلك اللعبة القذرة على ابى واقناعه بحبك

ليتزوجك، استغليتى كبر سنه وحاجته ان يشعر بمثل هذا الشعور ولعبتى لعبتك بمهارة

لقد علمت من البداية نواياكى وان حبك لى هو مجرد لعبة رخيصة لتصلى

لاموالى وبعدما يأستى منى ذهبتى لابى

اهتزت نعمة فى اعماقها فحاولت الدفاع عن نفسها قائلة باقصى قدر من

البراءة استطاعت التحلى بها:

-ابدا يا امجد كل هذه اوهام انت تتخيلها، مستحيل ان افكر فى شىء كهذا

لقد احببتك فعلا وزواجى من ابيك كان مجرد غلطة ندمت عليها لكننى اردت ايلامك كما

المتنى ونبذتنى رغم حبى لك

امسك ذراعيها بقوة قائلا بغضب:

-انا لست غر ساذج لتخدعيه بكلامك، انتى تعلمين ان بمجرد زواجك من ابى اصبحت

محرما عليك حتى بعد طلاقك منه ، لقد اردتى مال السعدنى واردتى معه الشباب

لكنكى تخليتى عن هذا وقبلتى الزواج من رجل كبير فى السن فى عمر اباكى من اجل المال

انا كشفتك من البداية ، انا اعلم هذا الصنف جيدا

غلطتى الوحيدة انه بدلا من ان اطردك من الشركة احلتك لسكرتارية ابى

واعطيتك بيدى المفتاح للثراء

لم تحر نعمة جوابا وان كانت تغلى فى اعماقها وشعرت بالحنق امام ابتسامته الساخرة

واقسمت ان تدفعه الثمن غاليا وهو يدفعها خارج غرفته وهو يصرخ فيها:

-اخرجىىىى

نظرت الى الباب الذى اغلقه فى وجهها وقالت بتوعد:

-حسنا يا امجد انت من بدأت


*************


تقدم حسام نحو ذلك الشاب فى زى الشرطة الرسمى والذى وقف متطلعا اليه فى لهفة وتحفز

واشار اليه بالجلوس وهو يقول بتساؤل:

-هل هناك اى شىء استطيع خدمتك به؟

صافحه محمد وهو يقول قبل ان يستقر فى مجلسه:

-انا محمد سعيد الصادق طالب فى كلية الشرطة

قال حسام بلامبالاه وهو يتطلع اليه :

-اهلا يا استاذ محمد اى خدمة!!

قال محمد باستغراب:

-الا تتذكر اسمى؟؟

نظر الى وجهه بتمعن وقال بتعجب:

-اسمك!!!

-نعم انا ابن سعيد الصادق

قال حسام ببطء محاولا التذكر:

-سعيد الصادق سعيد الصادق، فى الحقيقة لا هل ينبغى ان اعرفه؟

اجابه فى ضيق:

-سعيد الصادق واحد من هؤلاء الذين اشتروا شقة فى البرج الذى قمت ببناؤه فى شبرا

قال حسام بتململ:

-وماذا بعد!!؟؟

-انت تعلم بالطبع ان البرج سقط

تصنع حسام الحزن وهو يقول لمحمد كمن يشاركه احزانه:

-نعم للاسف لكن مقاولى ذمته رخيصة ، اختلس من النقود التى اعطيتها له

وانقص من اساسات البرج

هز محمد رأسه فى فهم وهو يقول:

-اذن هذا هو سبب سقوط البرج

-نعم وهو الان محبوس على ذمة تحقيقات النيابة

ثم قام من مجلسه مادا يده نحو محمد وهو يقول فى سرعة رغبة فى انهاء المقابلة:

-لا تقلق سينال جزاؤه سريعا الى اللقاء

تجاهل محمد يد حسام الممدودة نحوه وهو يقول بحزم:

-انا لم آتى لاعرف من الجانى لقد اتيت لأخذ حقى

ارتفع حاجبا حسام فى دهشة امتزجت بكلماته المتسائلة:

-حقك!!!اى حق!!

اجابه محمد باصرار:

-حقنا فى الشقة التى دفعنا فيها دم قلبنا وضاعت علينا

قال حسام فى صرامة:

-اسمع انا حقا اسف لخسارتكم هذه ، لكن انا لا دخل لى بها ، لقد اخبرتك من المتسبب فى هذا

والنيابة ستأخذ حقكم منه

-كيف لا تكون انت المتسبب؟ الم توظف انت هذا الرجل؟ انت المسئول امامنا

ولنا الحق ان نطلب تعويض

ارتفع صوت حسام فى غضب وهو يقول:

-ما لدى قلته ممكن تتفضل الان من غير مطرود حتى لا اطلب لك الامن

اتسعت عيناه فى دهشة وهو يردد بذهول:

-امن! امن لى انا!!!

اجابه باستعلاء:

-نعم امن لك انت لا تعتقد انك بزيك هذا تخيفنى ، انت فى املاكى ولى الحق

ان اطرد منها من اريد هل تفهم!!

ثم اضاف بتهديد:

-والان ستخرج منها بارادتك ام

قاطعه محمد بعينان تشتعلان غضبا ولسانا يقطر كراهية:

-اسمع يا حسام بيه انا سأغادر الان لكن ثق اننى سآخذ حقى منك وقريبا جدا

ولا تلومن الا نفسك

ثم خرج محمد كالعاصفة التى لا تبقى ولا تذر فاسرع حسام يلتقط هاتفه المحمول ويضرب ازراره

بسرة وعصبية قائلا للطرف الثانى فى المكالمة:

- امام هناك نحلة طنانة نريد اخراسها

استمع قليلا الى محدثه ثم قال بارتياح:

-عظيم ابدء فى تنفيذ ذلك على الفور وسأعطى لك كل ما تحتاجه من معلومات

ثم اغلق الخط وابتسم بوحشية مغمغما:

-انت التالى يا عمرو


**************


دلف ادهم الى الغرفة بناء على دعوة دنيا وقال ما ان اصبح داخل حجرتها:

-ها انا هنا ماذا كنتى تريدين ان ترينى ؟

وضعت يداها الناعمتان على عينيه وقالت بلهفة:

-اغمض عيناك وعدنى انك لن تفتحهما الا بعدما اقول لك

ابتعددت عنه بعدما تنهد وعقد ذراعيه امام صدره وقال :

-حسنا يا انستى ها انا مغمض العينان يا ترى ما هى المفاجأة التى تحضرينها لى

اتجهت دنيا فى سرعة نحو دولاب ملابسها واخرجت منه فستانا ذا الوان زاهية لامعة وقالت

وهى تقف امام ادهم رافعة الفستان المعلق على شماعته لاعلى ليتمكن ادهم من رؤيته جيدا:

-افتح عينيك هاه ما رأيك فيه؟؟

تطلع ادهم الى الفستان وقال :

-انه رائع لكن لاى مناسبة؟؟

-بمناسبة الحفل الخيرى الذى تنظمه شركتنا غدا باذن الله

ابتسم ادهم وقال متطلعا اليها باعجاب مدروس:

-لن يجد فتاة اجمل منك ترتديه

ابتسمت دنيا بخجل وقال ورأسها مطأطأة :

-اشكرك

واصل ادهم كلماته المعسولة:

-اشكرينى عندما اقول مجاملة لكن لا اعتقد ان من يقول الحقيقة يجب ان يشكر عليها

تورد خدى دنيا واحمرت خجلا وهى تقول بتعلثم:

-ادهم كفى

-الساكت عن الحق شيطان اخرس

تطلعت الى عيناه الساحرتان بحب وشردت بعيدا عنهما وهى حائرة لا تدرى كيف ولا متى وجدت نفسها

متيمة به، كيف جعل حياتها وردية ؟ كيف جعلها هى نفسها تتغير بهذه السهولة بعدما اقسمت واخذت

عهودا على نفسها بانها لن تسلم قلبها لاحد بعد تجربتها المريرة مع وائل

لكنها وجدت نفسها فجأة واقعة فى غرامه حتى اخر رمق كم حاولت ان تصد احساسها هذا

وتبتعد عن طريقه الا انه جذبها نحوه بقوته الخفية واغرقها فى مستنقع الحب لتهتف


"وانا جمبك حبيبى بجد مش عارف اقولك ايه!!

معاك الوقت بيعدى محسش بيه

واى كلام هيوصف فى لحظة بعشها وانا وياك!!

كفاية عليا تبقى فى حضنى وابقى معاك


قرب كمان من حضنى وحس باللى بحس بيه

دة انا من زمان مستنى اعيش وياك اللحظة دى

يا حبيبى قول بحبك وانا اقولها معاااك "






[IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/KEKOOD%7E1/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/01/clip_image002.jpg[/IMG]





لاحظ ادهم نظرات الحب التى تملأ عينيها والتغيير الملحوظ الذى طرأ عليها من جهته وادرك

انها اخيرا سلمت له وان اللحظة قد حانت لذا فقد استجمع قواه وحاول باقصى ما يستطيع ان يملأ صوته

بنبرات الحب والهيام فسلط عيناه على عينيها وقال بحنان وحب:

-احبك

انتفضت دنيا مع الكلمة التى زغزغت قلبها وارتسمت الدهشة على ملامحها ثم ضحكت بشدة وهى تقول:

-ماذا!!!!

اقترب منها وامسك بيديها وهو يقول بهمس :

-احبك يا دنيا

اذرفت عيناها الدموع من كثرة الضحك وقالت بصعوبة :

-ما هذا الذى تقوله؟؟

امتلأ صوته بالضيق وهو يقول:

-هل شعورى نحوك يسبب كل هذا الضحك؟؟لم ادرك اننى سأجعل من نفسى مهذلة عندما

اصرح لكى بحقيقة شعورى

امسكت ذراعه عندما هم بالمغادرة وقالت بلهفة واسف:

-ادهم انتظر انا اسفة حقا لم اقصد ذلك ولكننى فى هذه اللحظة بالذات تمنيت ان تصرح لى

بحبك

تصنع الضيق وهو يقول:

-لماذا؟؟

قالت بهيام:

-لاننى انا ايضا احبك

امسك كتفيها بقوة تأوهت معها فخفف من ضغطه وهو يقول بصوت غير مصدق:

-ماذا؟ هل حقا ما تقولين!! هل تحبينى فعلا؟؟

هزت رأسها بالايجاب قائلة بهمس:

-نعم يا ادهم احبك فعلا

قال فى فرحة:

-هذا اجمل خبر سمعته فى حياتى

-حقا يا ادهم

-بالطبع يا دنيا لقد عدت متمنيا ان تكون ذكراى مازالت فى قلبك كما ان ذكراكى حية فى قلبى

وحلمت ان نجتمع ثانية ويكبرحبنا وهاهو الحلم يتحقق هل هناك اجمل من هذا ؟؟

ضحكت دنيا وهى تقول بسعادة:

-لا ليس هناك اجمل من هذا

وعادت ضحكاتها ترتفع وهى لا تدرى ان حلم ادهم الذى تحقق ليس ابدا حلمها بل هو

حلم اخر حلم غادر


**************


مال امجد عليها قائلا باستغراب:

-الا ترين ان هذا غريب؟

هزت كتفيها قائلة بتردد حاولت اخفاؤه:

-وما الغريب فى هذا ؟ ما الغريب ان اطلب منك تعجيل زواجنا

-لكنكى كنتى معارضة لذلك بشدة ، واردتى ان ننتظر اكثر من سنتان حتى تكملين دراستك

ثم الا ترين ان هذا التوقيت غير مناسب خصوصا مع ظروف عمك الصحية

اجابته فى تصميم:

-بل هذا انسب توقيت حتى لا يحملون عبئى يكفى ما يمرون به

قال بدهشة:

-عبئك!!! من قال انكى عبء عليهم يا غادة؟؟

امتلأت عينان غادة بالحزن وهى تقول بخفوت:

-نعم انا عبء ، ظروفهم المالية سيئة للغاية بعدما ضاعت شقتهم ومعاش عمى لن يكفى حتى علاجه

اقل شى ء افعله ان ازيح عنهم عبئى

الجمت المفاجأة امجد فلم يكن يتصور ان حالهم متدهور بهذا الشكل لذا فقد قال فى سرعة:

-هل هناك شىء استطيع ان اقدمه؟

ترددت غادة قليلا ثم قالت بخجل:

-فى الحقيقة نعم

-اذن قولى ما هو هذا الشىء الذى استطيع ان اخدم به

-هناك شيئان يمكنك ان تفعلهم اولا ان تعرض على محمد العمل لديك فى شركتك فى يومى الاجازة

اللذين يأخذهم كل اسبوع وتقدم له امام ذلك مرتب جيد

-هذا شىء بسيط لكن اتعتقدين انه سيقبل؟

ظهرت الحيرة على وجهها وفى صوتها وهى تقول:

-لا ادرى لكن علينا المحاولة

-حسنا وما هو الشىء الثانى

اجابته غادة فى سرعة ولهفة:

-عمى سعيد هو الذى كان يتسلم معاشه ومن عادة عمى الا يبوح كم معاشه لذا فلا يعرف احدنا

ما هو المبلغ الذى يتقاضاه لكننى واثقة انه ليس بالكبير لذا اريدك ان تعرض على مى انك

ستتسلمه لها لتعفيها من الروتين الحكومى واريدك ان تضع على معاشه المبلغ الذى تستطيع ان تساعد به لكن دون ان يبدو مغالى فيه

ابتسم امجد وهو يقول:

-فهمتك انتى تريدين مساعدتهم دون ان يعلمون اليس كذلك

هزت رأسها وهى تقول:

-ليس حرصا على مشاعرهم بقدر ما انا متأكدة ان ايا منهم لن يقبل بالمساعدة

لذا فما رأيك ان يكون الزفاف الخميس القادم ؟

اتسعت ابتسامته وهو يقول:

-بالطبع موافق

ومع اتساع ابتسامته ، اتسع جرح قلبها الدامى الذى يفتقد على ولا يستطيع التسليم الى امجد

جاهدت حتى لا تسمح لدموعها بالفرار من حبسها المنيع، تصارعت مشاعرها الجريحة

لتظهر على السطح وادركت ان هناك شخصا واحدا فقط هو من تستطيع ان تبوح امامه

بواقعها الاليم واسرها القريب


***********


دلفت نعمة الى حجرة نومها بعصبية وازدادت عصبيتها عندما وجدت ممدوح واقفا امام المرآة

مستغرقا فى تمشيط شعره ولم يلتفت لها فصاحت بحدة:

-ممدوح

التفت اليها فى دهشة ووضع الفرشاة على التسريحة واتجه اليها مقبلا وجنتها وهو يقول:

-ماذا هناك يا حبيبتى؟

استمرت عصبيتها وهى تقول:

-هناك شىء هام اريد مناقشتك فيه

اشار اليها لتساعده فى ارتداء سترة البدلة فاتجهت نحوه وساعدته على مضض وهى تقول باستغراب:

-الى اين انت ذاهب؟

-الى الحاج سعيد صهر امجد

اندفعت الدماء تغلى برأسها عندما ذكر ممدوح موضوع زواج امجد لذا فقالت بعصبية:

-لماذا ؟ لماذا ستذهب

-يجب ان اؤدى واجبى ، الرجل مريض ، يجب ان اطمئن عليه

فهو ليس مجرد صديق قديم بل هو صهرى ايضا ويعتبر والد عروس امجد

زادتها كلماته عصبية تدفقت مع كلماتها الغاضبة:

-هل ستتركنى هنا وحدى!!! الا يكفى ذهابك الى عملك

ابتسم وهو يربت على كتفعا قائلا بحنان:

-ها انت قلتيها بنفسك عملى اى اننى لا اتركك من اجل ان اتنزه وحدى

بل هو العمل وزيارة ذلك الرجل المريض

قالت بحدة وتصميم وهى تضع يديها فى وسطها:

-لكننى اريد الحديث معك فى موضوع هام

موضوع لا يؤجل

اتجه نحو الباب وهو يقول فى سرعة :

-اعذرينى يا حبيبتى لنؤجله الان ونتحدث بمجرد ان اعود

واغلق الباب ورائه مخلفا قنبلة توشك على الانفجار وغضب مدفون ينتظر الفرصة

ليظهر على السطح ، صاحت بحنق وهى تقول بضيق:

-حظى دوما هباب ، يضيع عمرى وشبابى مع رجل عجوز واترك الشاب الوسيم يتسرب من يدى

كم انا بلهاء!! لكن الامر لم ينتهى



******************


ابتسمت دنيا وهى تقول:

-انا لا ارى اى داعى لاعتذارك وخجلك ، الا تتذكرين ؟ انا من طلبت منكى ان تفتحى لى قلبك

وتحكى لى عن كل ما يقلقك

اجابتها غادة التى جلست معها فى حديقة فيلتها:

-اعلم لكننى لم ارد ان اشركك معى فى همومى هذه لكنكى انتى الانسانة الوحيدة التى

استطيع ان ابوح لها بهذا ، فمى لا يمكن ان اخبرها اننى سأتزوج امجد غصبا عنى

فهى لن تسمح لهذا ان يحدث لكن فى هذه الظروف انا لا املك ترف الاختيار

قالت دنيا باستغراب:

-لماذا يا غادة؟ لماذا تفعلين هذا بنفسك؟ طالما انكى تحبين على لماذا وافقتى على الاقتران

بامجد؟ هل هو نوع من الانتقام؟ ام انكى تثبتين لنفسك انكى تستطيعين ان تبدأى من جديد من دون على ؟

تجمعت الدموع فى مقلتيها وهى تقول:

-شىء من هذا القبيل ، وايضا حتى ازيح عن كاهلهم عبئى

-لكنكى وافقتى على الاقتران بامجد من قبل ازمة مى وعمى سعيد

هزت رأسها ايجابا وهى تمسح دموعها التى فرت من مقلتيها وقالت:

-هذا صحيح ، كانت غلطة لكنى لا استطيع التراجع عنها الان

-لماذا؟؟؟ ان كان بسبب ازمة مى فانا سأقف بجوارها وسأحاول مساعدتها

قالت بتهكم:

-مساعدتها!! انتى تعلمين مى اكثر منى يا دنيا لن تسمح بهذا ابدا

على الاقل مع امجد لن تشعر بمساعدته

صمتت قليلا ثم اضافت فى حزن حاولت اخفاؤه:

كما اننى لا استطيع ان افعل هذا بامجد

انه يحبنى ومتمسك بى بشدة وانا وعدته ، وفى الحقيقة هو جدير بى وربما يجعلنى انسى

على واحبه ، على الاقل هو هنا من اجلى ومستعد ان يفعل لى اى شىء

كما ان حكايتى مع على انتهت وهو سافر ولن يعود

-هل تبررين لنفسك ما فعلتيه؟

اتعلمين!! لو كنتى مقتنعة بما تفعلينه ماكنتى فى حاجة لكل هذه المبررات

انزعجت غادة من كلمات دنيا التى اصابت الصميم الا انها قالت بكلمات

تفوح منها رائحة الكذب:

-انا مقتنعة يا دنيا مقتنعة جدا




[IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/KEKOOD%7E1/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/01/clip_image004.jpg[/IMG]




*****************


تنقل عمرو بين حجرات منزله الخالية فى ضيق شاعرا بالوحدة الموحشة، وتوقف قليلا امام صورة

والده المعلقة على الحائط وقال بعينان دامعتان وبقلب جريح وصوت متأثر:

-ها انا يا ابى وحدى فى الدنيا وحيييد

هل هذا ما اردته؟ اردتنى بجانبك فى حياتك لكنك لم تفكر ابدا بما يمكن ان يحدث لى بعد مماتك ؟

الا تعتقد انه كان من الافضل الا تكذب علىّ وان تتركنى اكون مع امى!!

ربما حينها لكان حسام احبنى وكنا اصبحنا اخوين حقيقيين ، ربما حينها ما كان ليصبح هذا الرجل الذى اصبحه

ربما حينها ما كنت لاشعر بالوحدة المقبضةربما

اندفعت دموعه تغادر عيناه الحزينتان فمسحها سريعا

واتجه الى حجرة نومه وتمدد على فراشه وهو ممزق بين امرين

هل يصمت على افعال حسام القذرة؟ ام يبلغ عنه؟ لكنه ان فعل فهو يخسر امه الى الابد

ويخسر فرصة معدومة النجاح لاصلاحه ولكسب اخا حقيقيا وفى نفس الوقت ان لم يفعل

فاناس كثيريين سينالهم الاذى من وراء افعاله

زفر فى حنق وهو يقول بحيرة:

-ياربى ماذا افعل؟ النصيحة لا تجدى معه ماذا افعل

يارب سأحاول معه مرة اخيرة كن معى يارب وانزل الهداية بقلبه

يااااارب


*******************


طرقت دنيا باب مكتب ادهم فقام ادهم مسرعا وفتح لها الباب فاندهشت وقالت وهى تبتسم:

-كان يكفى كلمة تفضل

-انا اعلم طرقاتك الرقيقة هذه يا دنيا فكان يجب ان اقف لاستقبالك

دلفت الى حجرة المكتب وجلست على اول مقعد قابلها وهى تقول:

-ماذا لو كان الطارق عم عطية الساعى!!

قال ادهم فى دهشة ممزوجة بالسخرية:

-عم عطية!! عم عطية سيطرق هذه الطرقات !!عم عطية سيخلع الباب ان طرقه انه يفتح الباب بدون استئذان رغم لومى له فى كل مرة على هذا

قامت دنيا من مجلسها وهى تضحك ثم اتجهت الى المكتب وجلست على حافته بخفة وهى تقول:

-اسمع اريد ان اطلب منك طلب

-انتى تأمرينى يا دنيا

قالت فى حماس:

-ممتاز اسمع اذن الوفد الالمانى قادم اليوم لمناقشة الصفقة التى سيمضيها مع شركتنا هل يمكنك ان تقابلهم بالنيابة

عنى وتتفق معهم على كل شىء

قال ادهم باستغراب:

-وانتى !! الن تحضرى اجتماعنا معهم؟؟

هزت رأسها نفيا وهى تقول:

-فى الحقيقة انا مشغولة ، اليوم زفاف ابنة عم صديقتى مى وقد اصرت على حضورى

لذا يجب ان اذهب لشراء فستان والذهاب لصالون الزينة وهذه الاشياء

انت تعلم

-وستركينى وحدى مع الوفد الالمانى؟؟

قالت فى ثقة :

-انا اتق فيك يا ادهم واعلم انك ستحل محلى

برقت عينا ادهم وخفق قلبه بقوة وقال فى سعادة حاول اخفاءها بقدر الامكان:

-بالطبع يا دندن سأفعل ما تريدين

تركت دنيا مجلسها على حافة المكتب وقالت فى ارتياح:

-حسنا اتفقنا لكن ادهم اقبل كل شروطهم اننا لا نريد ان تخرج هذه الصفقة من شركتنا

-اوامرك يا حبيبتى

كادت ان تخرج لكنها توقفت وكأنها تذكرت شيئا ما وقالت :

-على فكرة انت مدعو انت وعمتى الى الزفاف يجب ان تخبرها فى الهاتف حتى تستعد

-حسنا لا تقلقى بشأن هذا

ابتسمت وهى تغادر الحجرة قائلة:

-اتفقنا الى اللقاء يا حبيبى

ودعها بنظرات ملأها الحب والحنان:

-الى اللقاء يا حبيبتى

وما ان اغلق الباب ورائها حتى اختفت هذه النظرات من عينيه وقفز فى الهواء بسعادة واسرع نحو الهاتف

وما ان سمع صوت ناهد حتى قال بفرحة:

-ابشرى كل شىء اصبح تحت يدى لقد اعطتنى اليوم تصريحا بان احل محلها فى صفقة هامة

جدا وقد قالت لى ان اقبل كل شروطهم اتعلمين ما الذى يعنيه هذا ؟؟

اننى سأكتب فى العقود مبلغا اكبر من الذى سأتفق معهم عليه ونأخذ نحن الفرق

لقد فتحت طاقة النعيم لنا

كادت ضحكاتها المنتصرة تخترق الهاتف فأضاف قيل ان ينهى المحادثة:

-اسمعى اننا مدعوون الليلة على حفل زفاف صديقة دنيا

استعدى لكن لا تتأنقى كثيرا انهم بسطاء


***************

jen 11-09-08 03:57 AM




الفصل التاسع

وارتجف كيانى


فى هولندا .. فى الحديقة الخلفية للفيلا الفاخرة ، جلست نور مع والدها بجسدها فقط اما كيانها وتفكيرها

كانا شاردين

مع العربى الشهم الودود الذى شغل تفكيرها منذ اول ثانية وقعت عيناها على عينيه الحزينتين

التى لا تدرى سر حزنهم

اغلب الاوقات ينجح فى ان مداراة هذا جيدا عنها وفجأة يتسرب ذلك الحزن من عينيه

ليحل محله تصميم واصرار

اخذت نفسا عميقا وهى تشعر بقلبها البرىء يخفق لاول مرة ، ولمن؟؟ لرجل عربى

لطالما استهزئت من العرب ودوما شعرت بالحرج لان لها اصول بينهم اما الان فهى تسير برأس مرفوعة

شاعرة بالفخر لان جذورها عربية ولان لان لان حبيبها عربى

قالتها لنفسها بخجل وسعادة و

وانتزعها من شرودها صوت اباها الرخيم الذى قال:

-نور يا حبيبتى .. ناولينى كوب من الشاى من يدك الجميلة

هزت رأسها قائلة فى طاعة:

-انت تأمر يا ابى

شعرت بالحيرة من نفسها ، فالان اى طلب يطلبه منها اباها تنفذه بحب وسعادة عكس ما كانت تأباه نفسها

المراهقة من قبل لكن يبدو ان الحب يصنع المعجزات كما يقولون00فهى الان تسعى لفعل كل ما يرغبه اباها

لتشعره بالسعادة التى يشعر بها قلبها والعالم الوردى الذى احاط بها

وبينما تناوله كوب الشاى لمحت على قادما نحوههم فانتفضت فتساقطت بضع قطرات شاى

لتصيب يدها التى ابعدتها سريعا عن سخونته الحارقة ، فامسك والدها يدها بلهفة وهو يهتف بقلق:

-نور!!! حاذرى ما هذا الذى فعلتيه

لكن ما ان سمع صوت على يقول بقلق- وهو يجلس معهم الى الطاولة البلاستيكية البيضاء التى

اخذت مكانها على الاعشاب الخضراء اليانعة-:

-ماذا هناك؟؟!!!

حتى ايقن سر ارتباك نور فوجه ابتسامة مشرقة لعلى قائلا:

-ابدا يا على نور فقط سكبت قليل من الشاى على يدها الصغيرة

شعر على بالقلق من ان تكون تأذت فامسك يدها بسرعة وقلقه مستمر قائلا:

-هل حدث لكى شيئا؟؟

شعرت نور فجأة بتيار كهربى قوة 1000 فولت يسير فى جسدها المرتجف ، واحست بحرارة شديدة

تغلف الجو حولهم رغم الطقس البارد لكنها حاولت باقصى ما تستطيع ان تتمالك نفسها وهى

تقول بصوت خافت:

-لا ابدا انا بخير

اغمض على عينيه وهو يقول بارتياح:

-الحمد لله

نقل الاب انظاره بينهما وهو يفتح حوارا بعيدا عن اصابة نور:

-هل راق لك العمل يا على؟؟

ابعد نظره عن نور وانتبه الى اباها وقال بحيرة صاحبها التعجب:

-راق لى!! وهل هذا سؤال يا بهاء بيه!! انا لا اصدق من الاساس اننى اعمل وفى هذا الموقع!!

طوال الوقت وانا اشعر اننى احلم حلم جميل لابد ان استيقظ منه

ضحك بهاء وهو يقول:

-لماذا هذا التشاؤم؟؟

ابتسم على وهو يقول بلهجة حامدة شاكرة:

-اعتقد اننى الشخص الوحيد يا بهاء بيه الذى وجد عملا مرموقا هكذا دون ان يتكلف حتى عناء البحث عنه

قال بهاء بامتنان:

-لقد كنت مستعدا لفعل اى شىء من اجلك يا على ، حتى لو كنت طلبت منى ان اتنازل لك عن ثروتى

لكنك ابيت حتى ان تأخذ مبلغ صغير كمكافأة على شهامتك وشجاعتك فما كان منى الا ان اقف بجوارك

واساعدك فى البحث عن عمل فما فعلته مع ابنتى لا يقدر بثمن لقد اعدتها لى سالمة

والله وحده يدرى ماذا كان ليحدث لها لو لم يضعك فى طريقها

شعر على بالفخر من كلماته الثانية التى يرى انها كثيرة على ما فعله فاجاب سريعا

ناقلا احساسه اليهم:

-لقد وضعنى الله فى طريقها لانها انسانة طيبة لا تستحق ما كان ليحدث لها

فما حدث ليس لى يد فيه انما هى حكمة الله حتى تبقى نور سالمة من اى مكروه

ضربته بمزح فى كتفه قائلة وهى تبتسم:

-كفى تواضع يا على لقد انقذتنى ايها البطل ، اتعلم لقد كان ابى دائما يحكى لى عن

شهامة ومروءة العرب وبطولاتهم وامجادهم واصدقك القول لقد شككت كثيرا بكلامه وقلت

انه يبالغ لكن بعدما مررت بهذه التجربة فانا مستعدة ان ابصم بصوابعى العشرة على كلامه

ضحك كلا من على وبهاء الذى وجه سؤاله للاول قائلا بجدية:

-انا اعلم ان العمل الذى الحقتك به بعيدا عن مجال دراستك لكن

قاطعه على سريعا وهو ينفى كلامه:

-ابدا يا بهاء بيه انه قريب جدا من مجال دراستى ، فالعلاقات العامة تحتل قسما فى كليتى

-لقد حاولت ان اجد لك عملا فى قناة تليفزيونية لكن يشترط فى هذا ان تكون متحدث جيد للغة

الهولندية لذا بحثت لك عن عمل يتطلب فيه معرفة اللغة الانجليزية

قال على بامتنان:

-العمل ممتاز يا بهاء بيه والجميع يعاملوننى باحترام كبير، يبدو ان لك صيت عالى

هناك ثم ان الاجر اكثر من ممتاز لم اكن لاحلم به قط

واضاف موجها حديثه لنور التى التفت اليها ليجدها منتبهة الى كلامه بكل جوارحها:

-لقد فتحت طاقة النعيم لى يا نور عندما وجدتك فى طريقى

ابتسمت نور فى خجل وغمغمت :

-بل فتحت لى انا


عمرها حصلتلك دى!! تبقى لسة شايف حد وانت لسة متعرفوش

ايوة متعرفوش

بس نفسك تجرى عليه تحضنه وتنام فى عينيه وانت لسة متعرفوش

ايوة متعرفوش


انا بقى حسيت دة معاك انا بقى طال بيا هواك

انا بقى من يوم ما شفتك مش متخيل غير عمرى معاك


يا تاعبنى يا واجع قلبى

من حبى مش قادر اخبى


[IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/KEKOOD%7E1/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/01/clip_image001.jpg[/IMG]



*******************


توقفت غادة مترددة عند باب الغرفة لكن عيناه اشارتا لها بالدخول

تقدمت منه وهى ترى اللهفة والفرحة فى عينيه

ابتسمت رغم اوجاعها وجلست على ركبتيها بجانب فراشه وقبلت يده وقالت ودموعها تغالبها:

-الشكر لا يكفى للمعروف الذى اسديته لى ، حنانك الذى اغرقتنى به منذ ان خطت قدماى عتبة بيتك

جعلنى اندم كل لحظة اننى لم اقبل بترحيبك واستضافتك لى فى منزلك عندما تزوجت امى

اتمنى ان اضرب نفسى الف مرة اننى لم استمع اليك وفضلت المكوث فى حضن امى

صدقنى حضنك انت ادفأ ولم اشعر بالسعادة الا فى هذا البيت الذى اغادره الان بصعوبة

لتمسكى بكم

مسحت دموعها التى سالت على وجهها وهى تقول بفم مبتسم وقلب حزين مجروح:

-لكن هذه سنة الحياة اليس كذلك

شعرسعيد بالعجز الشديد امام كلماتها ، اراد ان يحتضنها ان يشبعها بقبلات الفرحة

اراد ان يقول لها مبروك ، اراد ان يوصلها بنفسه لبيت زوجها

لكنه عاااجز ، غير قادر على الحركة على الكلام على تنفيذ اى رغبة

عيناه وحدها عبرت لها بما يشعر به ، تمنى ان تدرك ان دموعه هذه التى اغرقت وجهه

هى دموع فرحته بها واشتياقه لها

ارتجفت شفتاها وهى تشعر ان الموقف اكبر منها ، لكنها مسحت دموعه وهى تقول بصوت

باكى:

-هذه دموع فرحتك اليس كذلك؟؟ كنت اتمنى ان تكون وكيلى عند عقد القران لكن لكن

لكننى اعرف انك معى بقلبك

واصلت مسح دموعه وهى ترتجف وتقول:

-وتوقف عن دموعك هذه التى تذرفها باذن الله ستتحسن صحتك وتكون وكيل مى

عندما يحين نصيبها

مسحت مى دموعها وهذا المشهد الذى تراه امامها يلعب بعواطفها ويحرك مشاعرها

وتوجهت جهة غادة رفعتها عن الارض وقالت بمزح:

-هل سنبقى هنا طوال اليوم؟؟ هل نسيتى انكى عروسة؟؟ وورائك مهام

عديدة يا غادة هانم!! هيا لترتدى فستان الزفاف هيا عن اذنك يا ابى

تسمرتا الاثنتان مكانهما عندما سمعا صوتا خافضا وكأنه يأتى من اعماق بئر سحيق

نظرتا الاثنتان الى بعضهما البعض بغير تصديق والتفتتا فى سرعة الى سعيد الراقد على

الفراش، اتجهت كلا من غادة ومى سريعا اليه وقالت مى بلهفة:

-هل قلت شيئا يا ابى؟؟

استجمع قواة للمرة الثانية ونازع نزاعا شديدا حتى استطاع ان يقولها:

-مبببررروك

صحيح انها خرجت مهزوزة متقطعة الا انها كانت اجمل ما وقع على اذن غادة التى غلبتها دموعها

وقبلت يده وهى تقول:

-الحمد لله الحمد لله نطقت يا عمى الله يبارك فيك يا حبيبى

انتظرتا الاثنتان ان يصدر منه شىء اخر لكن طال انتظارهما فقالت مى:

-يبدو ان قواه خارت بعد نطق هذه الكلمة لكن هذا اول الطريق ويبدو ان التحسن يلوح فى الافق

ان شاء الله

رددت غادة بسعادة:

-ان شاء الله


***************


اطلقت نعمة عدة نفحات من زجاجة العطر الفاخر الذى انطلقت رائحته تغرق المكان فجاء على اثره ممدوح

متشمما الرائحة العطرة قائلا بانبهار عندما وقعت عيناه على نعمة بثوبها الاحمر الصارخ المفتوح

والكاشف الكثير والكثير ومكياجها المغالى فيه وكأنها العروس نفسها:

-وااااو!! ما هذا الجمال والجاذبية المطلقة يا نعمتى

تبدين اليوم بأبهى حلة

اتسعت ابتسامتها وهى تقول بغرور:

-كعادتى دوما جميلة يا دوحة

شعر بالسعادة ان هذه الفتاة الجذابة والتى تدلله هى امرأته ، فقال تأكيدا على كلامها:

-بالطبع يا حبيبتى لكننى اليوم اراكى اجمل من كل يوم لاننى سعيد اخيرا

ان ابنى سيتزوج

انقلبت ملامحها فجأة فزفرت بضيق لم ينتبه اليه وهى تقول:

-هل اقتنع اخيرا بنصيحتى؟؟

هز رأسه ايجابا وهو يقول:

-نعم بالطبع امجد مطيع ولا يكسر لى حرفا وقد اخبرته طبعا ان هذا مطلبى

لذا فبعدما كان رافضا تماما اقتنع ورضى بهذا الوضع

جذبته تجاه المرآة ووقفت خلفه تربت على كتفه وهى تنظر اليه من خلال المرآة:

-وهذا يا حبيبى لصالحك فانا لا اريد ان يفترق ابنك عنك حتى ولو تراه فى العمل فيجب

ان يظل الوضع كما هو والا يستقل بحياته حتى لا اشعر انه اراد ان يعيش مع عروسه

بعيدا عن هنا بسببى

ارتبك ممدوح لان هذا هو فعلا السبب وراء رغبة امجد بالسكن بعيدا عن هنا الا انه قال بنفاق:

-لا طبعا يا حبيبتى امجد لم يفكر مطلقا فى هذا كل ما اراده ان يكون له حياة خاصة

لكننى اكدت له ان احدا لن يتدخل فى اموره الشخصية مع زوجته

ابتسمت بدهاء قائلة:

-طبعا يا حبيبى طبعا

وبداخلها اتسعت ضحكتها وقهقهت وقهقهت بوحشية لان هذا تماما ابعد ما يكون عن مخططها

تتركه فى حاله دون ان تتدخل فى حياته الشخصية!! وهل هذا معقول!! انها اصرت ان يظل امجد معهم فى الفيلا

حتى بعد زواجه من اجل هذا الغرض حتى تنغص عليه حياته وتشفى غليلها منه ومن السنيورة زوجته

وبينما تغوص فى مخططاتها القادمة انتزعها منها ارتباك ممدوح الواضح على وجهه وتعلثمه فى كلماته:

-هل هل هل ستأتين الى حفل زفاف امجد يا نعمة؟؟

قالت بكل تأكيد:

-طبعا لماذا ترانى اذن بثوب باهظ وأنيق؟؟!!

شعر ممدوح بالحيرة كيف يخرج من هذه الورطة ، فقد اشترط عليه امجد الا تحضر نعمة زفافه وقد وعده بهذا

لكنه يضعف امامها كيف يطلب منها هذا ؟ وباى مبرر؟؟ بعد تفكيره الذى اضناه قرر ان يصطحبها

الى زفاف امجد وليحدث ما يحدث .. على اى حال امجد لن يكون منتبها وسيكون مشغولا بعروسه

وزفافه

اجبرته على الخروج من شروده بسؤالها العصبى:

-ما سر هذا السؤال الغريب والمفروغ من اجابته؟؟

-زفاف امجد مقام فى شقة عم عروسه نظرا لظروفه الصحية ، فالحفل ضيق ويتسع فقط لاقرب الاقارب

والجيران المقربين لذا فان هذا الثوب سيلفت الانظار كثيرا وانا بصراحة اغار عليكى

ولا اريد ان يتطلع احد الى جمالك يا نعمتى

مطت شفتيها فى ضيق، فالسبب وراء ارتداءها هذا الثوب هو رغبتها ان تكون اجمل

من العروس نفسها ولن تسمح لممدوح ان ينتزع هذا ايضا منها

يكفى انها لم تظفر بامجد واكتفت بوالده العجوز لذا فقد قالت بحدة واصرار لم

يستطع ان يجادلها فيهما:

-بل سأذهب بهذا الثوب يا ممدوح ولن اقبل عنه بديلا


***************


شعر محمد بسعادة شديدة بشدته وقوته التى ظهرت بين الجميع وهو يشير للعاملين بمكان

وضع المقاعد المخصصة للزفاف ، واسعده اكثر الاحترام الذى لاح فى عيون الجميع

خصوصا عينى والد ووالدة هند المباركين على ارتباطهم فى الخفاء والذين تصنعوا

عدم الانتباه الى هند التى اقتربت من محمد وبريق السعادة والخجل يلمعان فى عينيها

تقدم هو الاخر منها ورفع حاجباه بانبهار واعجاب لرؤيتها على هذه الهيئة الرقيقة الجميلة بفستانها

الوردى الذى اظهر جمال بشرتها البيضاء وعيونها السوداء الواسعة وقال وهو يبتسم:

-تبدين جميلة جدا يا هند

اتسعت ابتسامتها فى خجل وقالت متطلعة الى بدلته السوداء الفاخرة وقميصه الابيض

ناصع البياض وربطة عنقه الحمراء الناعمة:

-وانت ايضا تبدو وسيم جدا ببدلتك الرائعة هذه

نظر لها بحب وقال بهمس:

-العقبى لنا يا هند

كسى الحزن وجهها وقالت بحسرة:

-كيف يا محمد

-ربما لن يكون الامر سهلا كما كان من قبل لكنه لن يكون مستحيلا ايضا فبمجرد تخرجى من كلية الشرطة

ستخصص وزارة الداخلية لى شقة فى احدى مدن الضباط المنتشرة فى انحاء القاهرة كما ان امجد عريس غادة عرض

علىّ العمل فى قسم الشئون القانونية فى شركته باعتبارى طبعا منغمسا فى مجال القانون بدراستى

قالها مزهوا بنفسه فضحكت هند وهى تقول بسعادة:

-حقا!!

اجابها بجدية وامل ينعش صدره:

-حقا يا هند ، يتبقى فقط مثابرتنا وتمسكنا بحبنا وسيكون كل شىء على مايرام

وسينعقد فرحنا وسيكون باذن الله احلى وافخم من هذا

احاطت بهما الامانى والاحلام الوردية وكلاهما لا يدرى ما الذى يخبأه القدر لهما

وان مفاجأته ستكون اكثر من قاسية وستحطم كل احلامهم البريئة البسيطة


******************


اغروقت عينا مى بالدموع وهى تضع الطرحةعلى رأس غادة وتقول بصوت منتحب:

-الف مبروك يا غادة

التفتت اليها غادة قائلة بجذع:

-مى!! لماذا تبكين يا مى؟؟

قالت مى وغادة تمسح دموعها -مى- التى انهمرت على وجهها :

-لاننى سأفتقدك كثيرا يا غادة ، لا تتصورى كيف احييتينى وملأتى عليّ حياتى عندما

جئتى للاقامة معنا ولا ادرى كيف سأمكث وحدى هنا خصوصا ان محمد يتغيب طوال الاسبوع

وابى كما تعلمين

صمتت غادة فترة ثم قالت محاولة التغلب على مشاعرها التى تصارعت داخلها:

-مى انا لم اكن اريد ان اتزوج فى هذه الظروف التى يمر بها عمى لكننى وجدت ان هذا افضل حل

لنا جميعا

قطبت مى حاجبيها قائلة بحيرة:

-ماذا تقصدين؟؟

اجابتها غادة بعصبية:

-يجب الا تحملوا عبئى يكفى ما تمرون به

تضاعف حيرة مى وقالت بغير تصديق:

-ماذا تقولين يا غادة؟؟!!

نظرت الى عينيها الدامعتان بتمعن وقالت بحزن:

-مى انا اعلم بالمصيبة التى حدثت لكم والتى فقدتوا فيها كل ما تملكون لذا كان يجب ان اتصرف

بسرعة والا انتظر اكثر من هذا

لم تستطع مى فهم كلماتها فسألت رغبة ان يكون جوابها واضحا يمحى شكوكها وحيرتها:

-ماذا تعنين؟ الا تريدين الزواج من امجد؟؟

فقدت سيطرتها على نفسها وهى تقول بحدة:

-لا ادرى لا ادرى يا مى لكن لا يوجد حل امامى سوى هذا

-لا يا غادة لو لم تريدى الزواج من امجد ارفضى الان قبل ان يفوت الاوان

تنهدت غادة واجبرت نفسها على الابتسام وهى تقول بضحك :

- هل خال هذا عليكى يا مى؟؟ انه فقط توتر بسبب الزفاف لكن لا تقلقى

انا فقط اشعر بالقلق والتوتر من الحياة الجديدة التى انا مقبلة عليها

فى هذه اللحظة دلفت دنيا الى الحجرة وهى تبتسم قائلة:

-كل هذا الوقت يا عروسة!! لقد حضر المأذون والجميع يستعجلك

احست غادة انها مساقة الى مذبحها لا عرسها الا انها تحاملت على نفسها ورسمت

السعادة على وجهها كى لا تشك مى بشىء وقالت:

-انا قادمة فى الحال

وقبل خروجها من الغرفة امسكت مى يد غادة وقالت بقلق:

-غادة!!!

عادت غادة تبتسم وهى تقول مطمئنة اياها:

-انا بخير يا مى لا تقلقى

لم ترتح مى لاجابتها واستمر قلقها مع كلماتها:

-ولكن

-الجميع ينتظرنا يا مى هيا بنا هيا بنا يا دنيا


*****************


اتخذ محمد مجلسه بجوار امجد وقال بلهجة محذرة:

-امجد .. غادة تحملها بين رموش عينيك وبداخل قلبك

اتعلم!! لو اغضبتها فى يوم ستجد كلية الشرطة بضباطها وعساكرها جميعهم امام منزلك

ضحك امجد من جملة محمد وقال بلهجة غامضة بها لمحة من السخرية:

-لا تقلق يا محمد لا تقلق ابدا غادة سترى معى النعيم الذى لم تشهده من قبل

ثم قام من مجلسه وهو ينظر لغادة التى تقدمت نحوه بانبهار اذ تألقت فى فستانها الابيض

البسيط فبدت وكأنها ملاك رقيق هبط من السماء


[IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/KEKOOD%7E1/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/01/clip_image003.jpg[/IMG]


[IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/KEKOOD%7E1/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/01/clip_image004.jpg[/IMG]


وقفت ناهد تتطلع الى المدعوين ومظاهر الفرح البسيطة الا ان عيناها تعلقت بشخص بعينه

وقفت بجواره فتاة فارعة الطول بثوب احمر صارخ مالت عليه بدلع وهى تضحك عاليا

كاد قلبها ينخلع وهى تراه بعد كل هذه السنوات الطويلة لكنها ارادت التأكد من ان عينيها

لا تكذباها فتلفتت حولها لترى مى مارة بجوارها فجذبتها من يدها بقوة وقالت بعصبية:

-يا انسة لو سمحتى انا عمة دنيا

تأوهت مى لكنها ابتسمت وهى ترحب بها قائلة:

-اهلا يا طنط تفضلى بالجلوس لماذا تقفين هكذا؟؟

تضاعفت عصبيتها وهى تقول:

-هل يمكن ان اسألك سؤال؟؟

لوحت مى لدنيا التى ابتسمت معتقدة ان عمتها تجرى احاديثا مع المدعوين وقالت:

-بالطبع يا طنط تفضلى

قالت ناهد بتوتر :

-من هذا الرجل

نقلت مى ناظريها بين ناهد وبين الرجل الذى تشير اليه لتقول ببساطة :

-هذا الحاج ممدوح السعدنى والد العريس امجد السعدنى

هرب الدم من وجهها المفزوع واتسعت عيناها فى ذعر وهى تنظر

الى امجد فى الكوشه وثقل لسانها وهى تردد:

-ام ..امجددد

تركت مى واقفة تحدق فى الفراغ الذى اخلف رحيلها اذ جذبت حقيبتها وخرجت من المكان

بسرعة وكأن شياطين الجحيم تطاردها ، لكن ممدوح السعدنى كان يتابعها بنظرة غامضة ثم مال على اذن زوجته

قائلا:

-لقد نسيت هاتفى المحمول فى السيارة سأذهب لاحضاره

جزت على اسنانها وهى تقول بضيق:

-وهل هذا وقته ابنك يقدم لعروسه الشبكة الا تستطيع التنازل عن المحادثات

الهاتفية حتى فى زفاف ابنك

اختلق ممدوح الاعذار وهو يقول:

-اخشى ان تتم سرقة السيارة بسببه سأعود سريعا لا تقلقى

ثم اسرع بالخروج وراء ناهد التى حمد الله انها كانت تعانى صعوبة فى الخروج بسيارتها

بسبب السيارات حولها مما عطلها واعطاه الوقت ليلحق بها وعندما انطلقت بسيارتها

تتبعها حتى وصلت الفيلا وركضت للداخل فارجع رأسه الى الوراء يسندها

على مسند مقعد السيارة وهو يشرد بعيدااااااااااا قائلا:

-يا لها من ايام يا ناهد!!!!!!!!!!!!!


***************


تلألأت الاضواء الملونة المعلقة فى انحاء الشقة وتعالت الزغاريد والموسيقى التى رقص عليها

الشباب وصفق لها الكبار

بينما جلس العروسان فى الكوشة والجميع يذهبون لالقاء التحية والمباركة لهم والتقاط الصور معهم


[IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/KEKOOD%7E1/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/01/clip_image006.jpg[/IMG]



كان امجد فى قمة سعادته فاخيرا تمكن من الحصول على ما اراده لقد سعى كثيرا ليتحقق

له ما تمناه لقد تعلم المكافحة وطبقها فى كل شىء فى دراسته فى عمله

والان فى زواجه

منذ ان وقعت عيناه على غادة وقد ارادها لنفسه لكن تهربها

وبعدها عنه وصدها له اشعل النار بداخله واقوى حماسه وازكى تصميمه على الظفر بها

لم يشعر فى حياته باحساس الحب الكريه فقد تعلم دوما الا يكرر خطأ والده او يسلم

لمخلوقة من هذا الجنس الحقير

لكنه اراد غادة وبشدة وقد نجح اخيرا فى تحقيق ما اراده تماما كما نجح فى رفع مستواهم

بعدما تركته امه بسبب فقرهم وهربت لتتزوج من رجل غنى

لقد علم من البداية ان الالحاح والسعى سيحققان مراده لكن الحقيقة التى اكتشفها عن غادة بمحض الصدفة

جعلته اكثر سعيا نحوها حتى تكون ملك له وخاتم فى اصبعه وحينها

حينها سيريها من هو امجد السعدنى!!!!!


بخلاف السعادة الواضحة على وجه امجد كان الامتقاع سمة مميزة لوجه غادة اذ كتمت دموعها بصعوبة

وهى ترى المأزق الذى اوقعت نفسها فيه والفخ الذى اطبقت على نفسها بنفسها فيه

كيف؟؟ كيف جعلها حزنها على (على) ورغبتها فى الانتقام منه تسوق نفسها الى التهلكة بنفسها؟؟

انها تنتقم من نفسها لا من على

امجد!! امجد هو ابعد ما يكون عما تمنته زوجا لها

ورغم جرحها الدامى من على وتخليه عنها الا ان حبه مازال ناميا فى قلبها

ولا تتخيل غيره زوجا لها



بعيد عن عينى0000 جايز

بس اللى بينى وبينه عايش جوة قلبى مهما كان

صحيح انه سايبنى بس قلبى مش جايبنى

انسى حضنه بتاع زمان



فيه حاجات عشتها وياه ومتنفعش الا معاه

لو ضاع منى انا اضيع واموت

ولا تنفع بعده حياة



بيغيب عن عينى00ولكنه فى قلبى مهما اغيب عنه

وكل مابتحرم منه00كل مازاد فى قلبى هواه


التفتت تنظر الى امجد والسعادة البادية على وجهه

لقد ظلمت امجد وظلمت نفسها

ان امجد يحبها بجنون كيف تفعل به هذا؟؟

كيف تزوجه جسدها بدون روحها وقلبها الذى مازال غارقا فى حب على


اخرجتها مى من شرودها وهى تجز على اسنانها قائلة:

-ماذا بكى؟؟انت العروس الجميع لاحظ وجومك ابتسمى قليلا

ابتسمت غادة بصعوبة لكن جمد ابتسامتها على وجهها المندهش دخول عدد من رجال الشرطة المكان

ظهر الوجوم على وجوه جميع الموجودين وتوقفت الموسيقى والتفت الجميع للزوار الوافدين الذين

تقدم منهم محمد وهو يسأل ضابط الشرطة بتعجب:

-حضرة الضابط هل هناك خطب ما؟؟

نظر الضابط الى محمد وقال بجدية:

-هل هذا منزل محمد سعيد الصادق

ارتسمت الدهشة على وجه محمد وهو يقول بقلق:

-نعم يا حضرة الضابط انه انا .. على فكرة انا طالب فى كلية الشرطة

تدخلت مى قائلة بقلق:

-ماذا هناك يا حضرة الضابط؟؟

نظر الضابط الى محمد بشماتة وهو يقول:

-انت اذن محمد وطالب فى شرطة .. مستوى الكلية تدهور جدااا

قال محمد بضيق:

-نعم انا محمد ماذا هناك يا حضرة الضابط؟؟ وماذا تقصد بكلامك هذا؟؟

اخرج الضابط ورقة من جيبه وقدمها لمحمد قائلا:

-معى اذن من النيابة بتفتيش الشقة

ظهرت الصدمة على وجوه الجميع وقال محمد باستنكار:

-تفتيش الشقة!! لماذا؟؟

اشار ضابط الشرطة لرجاله قائلا بصوت هادر:

-فتشوا الشقة

قال محمد باصرار:

-لماذا يا حضرة الضابط

جذب الضابط اذن النيابة من يد محمد وهو يقول :

-لقد ضبطنا متعاطيا للمخدرات وادنى باعتراف تفصيلى على حيازتك للمخدرات وتوريدها

له ولاصدقائه المدمنين

صرخت هند فى لوعة بينما نقلت مى ناظريها بين محمد والضابط وهى تقول بحدة:

-مستحييييييييييل

اما محمد فقد اتسعت عيناه فى ذعر وعجز لسانه عن النطق قليلا وعندما استطاع قال باستنكار:

-حيازتى لماذا؟؟؟ هل تمزح!!!!!!!

ظهر الغضب فى عينى الضابط وصوته وهو يقول:

-صن لسانك هل سنأتى الى هنا لنمزح معك؟؟؟

بعدما استوعب محمد الموقف ادرك ان هذا لايعدو كونه اكثر من سوء فهم

فقال فى ثقة:

-انا لا اقصد ولكن لابد ان هذا الشاب كاذبا انا طالب فى كلية الشرطة ولا يحتوى منزلى

على المخدرات بالطبع انا لم ارى المخدرات سوى بالافلام فقط

خرج احد رجال الشرطة حاملا فى يده حقيبة سوداء اخرج منها كيس ابيض صغير

وادى التمام للضابط وهو يقول باحترام:

-لقد وجدنا هذا يا حضرة الضابط

امسك الضابط بالحقيبة واخرج منها الكيس الابيض وفتحه واضعا قليلا من المسحوق بداخله

على يده وتذوقه ثم بصقه وعيناه تلمعان ثم وجه حديثه لمحمد:

-وماذا تسمى هذا يا استاذ محمد!! اقبضوا عليه

لطمت هند على وجهها بينما صرخت مى بكل قوتها وهى تندفع نحو محمد محاولة ان تحول

بينه وبين رجال الشرطة وهى تقول والدموع تغرق وجهها:

-لا لا انتم مخطئون انه ضابط مثلكم لا دخل لنا بهذه المخدرات

انتزعها رجال الشرطة بقوة ووحشية وهم يبعدوها عن محمد فسقطت على الارض ومحمد يصرخ:

-انا لم افعل شىء انا برىء برىء اقسم بالله برىء

صرخت مى ورجال الشرطة يصطحبونه للخارج:

-محمد محمااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا اد


[IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/KEKOOD%7E1/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/01/clip_image008.jpg[/IMG]



***************

jen 24-09-08 12:33 AM



الفصل العاشر

تفرق الشمل

××××××××



كان حسام يراقص نهى على انغام الموسيقى فى ذلك الملهى الليلى الذى اعتاد الذهاب اليه

استغرقا معا فى الرقصة ذات الانغام الهادئة التى دفعتهم الى التعانق ، لكن ان لمح حسام

امام حتى ابتعد عنها بخشونة تفاجأت لها وقال بجفاء :

-عودى لمكانك ، سأعود اليكى بعد قليل

هبط درجات مسرح الملهى الليلى القليلة واتجه على الفور لامام الذى جلس على البار

وما ان اقترب منه حتى كان الفضول قد التهمه التهاما فقال بسرعة وهو يضع يده على كتف امام بعصبية:

-ما الاخبار ؟؟

التفت امام الى حسام الذى اخذ مكانه على المقعد المجاور له وقال وهو يبتسم:

-لقد القى القبض عليه يا حسام بيه

جمدت ملامح حسام للحظة عادت بعدها لتنفرج فى سرور وقال وهو يبتسم ويفرك يديه فى جذل:

-حقا !!! هل فعلت ما امرتك به ؟؟

اومأ برأسه وهو يجيب بحماس:

-بالحرف يا حسام بيه ، لقد دخلت وسط معمعة الزفاف وتسللت لغرفته ووضعت الحقيبة

تحت فراشه وكان عبد الصمد فى المديرية فى هذه اللحظة يدلى باعترافاته

ويرشد الشرطة الى منزل محمد ، ولم يكذب الضباط خبرا وجاؤا واطبقوا على الفرح

وحولوه الى مأتم وتحفظوا على حقيبة المخدرات وساقوه معهم لقسم الشرطة

تمهيدا لعرضه على النيابة غدا

هز حسام رأسه بعصبية وقال بسعادة:

-تمام تمام

ثم اخرج من جيب سترته الكحلية اوراقا مالية عديدة جحظت لها عينى امام

الذى ابتسم فى شدة وازدرد لعابه وهو يلتقط منه المبلغ ويضعه على الفور فى جيب سترته وهو يقول بجذل:

-خيرك سابق يا حسام باشا

ثم اشار الى عنقه وهو يقول:

-اى خدمة ثانية يا باشا رقبتى تحت امرك

هز حسام رأسه وهو يقول:

-لا استغنى يا امام، وتأكد ان احتجتك فسيرن هاتفك برقمى

وتركه متوجها الى نهى التى نظرت له بقلق وشك فقال بتوجس عندما رأى هذا التعبير على وجهها:

-ماذا هناك ؟

هزت قدميها فى توتر وهى تسأل بحذر:

-هل نفذ امام المهمة ؟؟

-نعم

مطت شفتيها بضيق وقالت بحدة:

-لماذا يا حسام فعلت ذلك ؟؟

لم ينتبه للهجة الحادة التى نطقت بها كلمتها والا كان لانبها عليها لكن

ذهنه كان مشغولا بهذا الامر بشدة لم تسمح له للانتباه ، فاجابها باستعلاء:

-لقد هددنى يا نهى ، هددنى ، انا حسام الشريف

واين ؟؟ فى عقر دارى

-تهديد اجوف يا حسام

صاح فيها لكنه اخفض صوته بسرعة عندما اشارت الى المكان حولهما:

-انه طالب فى الشرطة وانا ابعد ما اريده ان يبحث خلفى شابا فى موقعه

لا ادرى ما كان ليكتشفه عنى ان اصر على البحث ورائى

ثم انه هددنى ، سمح لنفسه ان يرفع صوته علىّ ويههدنى

فعليه اذن ان يتحمل نتيجة افعاله

لم تعد تحتمل افعاله تلك وكان ضميرها يؤنبها بشدة لانها تعلم

انه برىء ولابد ان تصمت عن الحق فعبرت عما يجيش بصدرها

بلهجة تستدر العطف بها:

-ليس بهذا الشكل يا حسام، انه مازال فتى صغيرا

صاح حسام فيها بغضب:

-هل انتى فى صفه ام فى صفى ؟؟ كم تشبهين عمرو

واشاح عنها بوجهه وهى تردد بدهشة :

-عمرو اخوك !!!

نظر اليها بحدة وهو يقول بتحذير موجها اصبعه نحوها:

-لا تقولى هذا

تضاعفت دهشتها وهى تتساءل:

-ماذا تريدنى ان اقول اذن ؟؟

زفر بضيق قائلا:

-لا اريد شيئا

ثم تناول سترته ومفاتيحه وقام من مجلسه وهو يقول بعصبية:

-ولا اريد المكوث هنا

ابتعد عنها وهى تصوب الى ظهره نظرات حملت التعجب والدهشة


*************


امام عينيها الذاهلتين رأت حبيبها يقتادونه الى عربة الشرطة ، لم تدرى هند الا ودموعها

تسيل على خدها ، لم تكن فى موقف يسمح لها بالتعبير عن مشاعرها ، ارادت ان تفرغ انفعالاتها

بدون خجل او حرج او تساؤل عما تفعله ، ارادت ان تكون محل مى التى سقطت على الارض

وصرخاتها تعلو ودموعها تغرق وجهها وهى تصيح بشدة وذعر:

-محماااااااااااد ، محماااااااااااااااااد

اسرعا امجد وادهم يحملانها عن الارض لكنها قاومتهما بعنف وهى تصرخ:

-انه برىء ، انه لم يفعل شيئا ، انه برىء

[IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/KEKOOD%7E1/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/01/clip_image001.gif[/IMG]

عاونتهما غادة ليجلسوها على احدى المقاعد وهى تقول بصوت منتحب ووجه

شاحب بللته الدموع:

-اهدئى يا مى ، اهدئى ، بالتأكيد هناك سوء تفاهم سرعان ما يتضح

وسيخلو سبيله باذن الله ، فلا تقلقى يا حبيبتى

ربتت دنيا على كتفها وهى تقول بصوت حاولت ان تخليه من الاختناق

والضيق الذى اعتراها:

-لا تقلقى يا مى ، الان سيكون معه اكبر محامى فى البلد

لا تقلقى سنقف جميعنا بجواره اهدئى انتى فقط

فرك ادهم يديه وهو يقول بتوتر:

-ان شاء الله كل شىء سيكون على ما يرام ، والان انا ودنيا سنذهب لمحامى الشركة ونصطحبه فورا الى المديرية

قبلت دنيا وجنة مى المحمرة وهى تقول :

-سأذهب الان مع ادهم للمحامى يا مى ونصحبه فورا الى المديرية كما قال

لا تقلقى سنقف بجوار محمد وسأطلعك على التطورات اولا باول

كادت تفترق عنها الا ان مى جذبت يدها وقالت بحدة :

-اخبريهم انه برىء

على الرغم من ان مى شددت قبضتها على يد دنيا مما اصاب الاخيرة بالالم

الا انها كتمت هذا وقالت وهى تبعد قبضة مى عن يدها:

-لا تقلقى

اخذت غادة نفسا عميقا ومسحت دموعها بمنديل امجد الحريرى الذى ناوله

لها عندما اشارت اليه ، وقالت بصوت يغلب عليه الانفعال وهى تشير بيدها للخارج:

-انا اسفة يا جماعة لكن اعتقد ان الفرح هكذا انتهى

شكرا لمجيئكم

خرج المدعوين واحدا تلو الاخر وهم يشعرون بالحيرة ، ايقدمون لهم المباركة

ام يدعوهم على الصبر ، حاولت هند ان تبقى لكن قتلت الفكرة قبل ان تولد

بنظرة حادة من عينى والدتها فساقت رجليها وهى تشعر بان خنجرا

قد طعن قلبها وقبل ان تختفى كليا وراء باب الشقة نظرت الى مى التى جلست بلا حراك ودموعها

تسيل على خدها


ابتعد امجد بضيق عن نعمة التى حاولت ان تستغل الموضوع وتكون له الصدرالحنون الذى يقدم

له السلوى ،الا انه لم يعطها الفرصة وجلس على احدى المقاعد بعيدا عنها وقد ايقن ان زفافه هكذا انتهى

لكن ما كان يشغل ذهنه هو والده الذى فجأة تبخر من المكان

ولم يعد له وجود

نظر الى غادة فوجدها تحاول كتم دموعها بصعوبة حتى لا يتفاقم الامر وتدفع مى الى الانهيار


دلف ممدوح الى المكان والذهول يعتريه وتوجه من فوره الى امجد وهو يسأله بلهجة حملت استغراب شديد:

-هل انتهى الزفاف

ثم القى نظرة سريعة على وجوه الجميع وتوقف عند غادة وهتف بتعجب:

-ماذا بكم ؟؟؟ ماذا حدث ؟؟؟

سأله امجد بضيق :

-اين كنت ؟؟

اقتربت منه نعمة وهى تقول بعصبية:

-نعم اين كنت يا ممدوح ؟؟ كل هذا الوقت لتحضر هاتفك المحمول

لم يلتفت اليها على الاطلاق وهو يتساءل بحدة:

-هل سيخبرنى احد ماذا حدث؟؟


ارتفع حاجباه بدهشة وهو يستمع من شفتى امجد ما حدث

وتوجه سريعا الى مى ، شدد على يدها الرقيقة وهو يقول باسف:

-باذن الله ستظهر براءته يا حبيبتى

نظرت له بامل وهى تومىء برأسها ، فى حين قالت نعمة

بلهجة ارادتها عالية متحسرة:

-اشفق عليك يا امجد ، يحدث كل هذا يوم زفافك

يبدو ان هذه الزيجة نحس يا لحظك العاثر !!

اتسعت عيناه دهشة ثم جز على اسنانه وهو يجذب اباه قائلا بحدة:

-اذهب الى بيتك وخذ امرأتك معك هيا

اما غادة فقد نظرت الى امجد بعينين مذهولتين ،

[IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/KEKOOD%7E1/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/01/clip_image003.jpg[/IMG]


ثم اخفضت بصرها واندفعت دموعها

باكية على المأساة التى حلت بأسرة عمها والتى يبدو انها السبب فيها

كما قالت تلك المرأة ، فقد كانت تلك الاسرة سعيدة قبل مجيئها ومنذ ان خطت بقدمها منزلهم والمصائب تقع فوق رؤوسهم

انتزعتها مى من دوامة افكارها المهلكة وهى تقول بتماسك:

-امجد خذ عروسك واذهبا لبيتكم

نظر لها بدهشة وهو يقول:

-هل تمزحين يا مى ؟؟

قالت فى حدة واصرار:

-لا لا امزح يا امجد ، من فضلك خذ غادة وانصرفا

اتجهت غادة الى مى وجلست بجوارها وهى تقول بحنان:

-ما هذا الذى تقولينه يا مى ؟؟ اننى سأبقى معكى حتى نرى ماذا سيحدث

ثم رفعت عينيها لامجد وهى تقول برجاء:

-امجد من فضلك اذهب انت وتعالى غدا لتصحبنا الى النيابة

-لا انا سأبقى هنا معكم ، وسأرتاح قليلا فى غرفة محمد

وانتى نامى مع مى

-ارجوكم لا تقلقا بشأنى

قالت غادة بحدة:

-من فضلك انتى لن نتزحزح من هنا

قالت مى بتصميم وهى تقوم من مقعدها متجهة الى غرفة والدها:

-سأدخل اطمئن على ابى وعندما اخرج من حجرته لا اريد ان اراكما

مطت غادة شفتيها وهى تتساءل فى حيرة كيف تقنع تلك العنيدة ببقاءها ؟

تبادلا امجد وغادة نظرات الحيرة ومى تغلق فى وجههما باب الحجرة

التى ما ان دلفتها حتى سمع كلاهما صرخة ملتاعة شقت عنان السماء


*****************


هوى كفه على وجه عمرو الذى نظر له بذهول شديد ، لكن حسام لم يتركه لحيرته او ذهوله

وانما جذب ياقة قميصه وقال بغضب بلا حدود والرذاذ يتطاير من فمه ليتساقط على وجه

عمرو الذى احمر من شدة الضربة:

-انت ايها الصعلوق تتحدث معى بهذه الطريقة وتوجه لى مثل هذا الكلام

من تظن نفسك يا حيوان ؟؟؟

جذب عمرو يدى حسام اللتان تعلقتا فى ياقة قميصه بعيدا عنه

وهو يقول بغضب:

-من تظن نفسك انت لتسمح لها بان تهوى كفا على وجهى؟؟

هل وصل جبروتك وغرورك ان تضربنى يا حسام

وكل هذا لماذا ؟؟؟ لاننى احذرك وانصحك وافعل فيك معروفا وابعدك عن

هذا الطريق الذى تسير فيه بلا هوادة

تضاعف غضب حسام وهو يرى عمرو ثائرا فى وجهه بطريقة لم يعتدها

فصاح بعصبية وحدة:

-اى طريق هذا يا مغفل ؟؟ انا برىء من هذه التهمة الحقيرة التى تنسبها الى

انا رجل شريف نظيف مائة بالمائة

واضاف بغضب وهو يرى ابتسامة عمرو الساخرة تتراقص على شفتيه:

-ولن اسمح لاى كان ان يشكك فى هذا

ثم اشار اليه باستهزاء وهو يضيق المسافة بين اصبعيه الابهام والسبابة

قائلا بسخرية:

-وانت ايها الصعلوق تأتى لتوجه لى مثل هذا الكلام

من انت لتقول هذا ؟؟

عقد عمرو ساعديه امام صدره القوى وهو يهز رأسه بأسف قائلا:

-انا اخوك الكبير الذى اكتشف ان اخوه رجل الاعمال وصاحب الشركات

وصانع الخيرات تاجرا للمخدرات

كاد حسام ان يهوى بكفه ثانية على وجه عمرو الا ان عمرو امسك كفه

بقوة وهو يقول بغضب:

-لم اتوقعها المرة الاولى و لن اسمح لك بتكرارها لكننى لن احرمك من

سماع وقع الكف تهوى على الوجه

وقارن قوله بفعله ، فوجىء حسام بالصفعة تهوى على وجهه فتفجر

جنونه وغضبه ولمعت عيناه بوحشية وهو يقول بشراسة

محاولا التهجم على عمرو:

-ايها.......يا ابن......

حاول باستماتة ان يرجع كبرياؤه الصريعة الا ان عمرو لم يعطه الفرصة وهو

يقف فى طريق كل محاولاته المستميتة التى نجحت فى النهاية ان توجه قبضة

الى وجه عمرو فنزفت انفه فمسحها وقد اشتعل غضبه هو الاخر

حاول ان يسيطر على اعصابه الا انه هز كتفيه قائلا:

-ولم ؟؟؟؟؟

ثم طوق كتفى حسام ووجه ركلة مؤلمة الى معدته فانحنى حسام

وهو يهتف بسبات بذيئة بالم ، وتمدد على الارض وهو يرى قدما عمرو

تقترب منه وصوته يقول بتحذير:

-لن اسمح لك ان تدمر شباب البلد ايها الوغد ولن اكون بعد اليوم

سوى رجلا يجب ان تخشى منه لانى لن ارحمك او اتركك تفعل بحرية

ما تفعله، وشركتك لن اخطها بقدمى واعتبرنى مستقيلا

تحامل حسام على نفسه وهو يستند على يديه ليقف على قدميه

متابعا انصراف عمرو بعينين تشتعلان غضبا فتوجه

على الفور الى هاتفه المحمول الذى صاح فيه:

-امام ، عمرو خرج من منزلى توا ، اريد تقريرا كاملا

عن تحركاته

ثم اضاف بحنق:

-نعم عمرو اخى ايها الغبى


*************


هزت دنيا قدميها بتوتر وهى تسمع الرنين بدون جواب للمرة الحادية العشر

فرفعت عينيها الى ادهم وقالت بحيرة ممتزجة بالقلق:

-مى لا تجيب على اتصالاتى

هز ادهم كتفيه وقال:

-ربما لا تستيقظ فى هذا الوقت المبكر

قالت بدهشة وهى تهز رأسها نفيا:

-تستيقظ !! وهل ستكون اوت الى النوم اصلا يا ادهم

كان يجب ان تكون هنا الان ، لا ادرى ما الذى اخرها ولماذا لا تجيب على

هاتفها ؟؟

مط ادهم شفتيه فى حيرة لكن فجأة جال بخاطره فكرة فقال على الفور:

-هل معكى رقم تليفون ابنة عمها العروس

قالت بأمل:

-تقصد غادة ، نعم معى حسنا سأتصل بها


×××××××××××××××


اتجه امجد الى حيث تجلس غادة وناولها هاتفها المحمول وهو يقول:

-امسحى دموعك وتلقى هذا الاتصال انها دنيا

تناولت غادة منه الهاتف وهى تمسح دموعها وقالت بعد ان اخذت نفسا عميقا:

-الو الحمد لله .. مى !!!! لا اعتقد انها تستطيع ان تحادثك الان

ثم انتحبت وهى تقول بصعوبة:

-لقد توفى عمى

جاءتها شهقة دنيا فأضافت اجابة على تساؤلها:

-نعم هذا صحيح... حياتك الباقية

[IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/KEKOOD%7E1/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/01/clip_image005.jpg[/IMG]

ماذا ؟؟

شهقت قائلة:

-اه نعم .. محمد ، لقد نسيناه تماما فى هذه المعمعة

حسنا سأرسل اليكى امجد

ثم اضافت بلهفة ورجاء:

-ولكن ارجوكى يا دنيا لا تخبريه بوفاة ابيه ، يكفى ما يعانيه

وطمئنينى اولا باول شكرا يادنيا

نعم بالتأكيد سأنقل اليها تعازيكى ريثما تأتين

الى اللقاء

واغلقت الخط ورفعت عينيها الى امجد الواقف امامها والذى قال:

-حسنا سأذهب انا اليهم وقفى انتى بجوار مى

كاد ان ينصرف لكنها امسكت بذراعه وقالت بتحذير:

-لا تخبره يا امجد ارجوك

اومأ برأسه وهو يتمتم بحزن:

-حسنا لن اخبره

عاودت غادة الجلوس على المقعد وهى تتنهد بحسرة ، وقد ايقنت بلا شك

انها منذ جاءت الى هذه الاسرة السعيدة وقد فرقت شملهم ، حسدتهم على جوههم

الاسرى فاصبح حالهم اصعب من حالها هى نفسها ، يبدو انها السبب فى

هذا كما كانت السبب فى وفاة والدها

ما ان تذكرت والدها حتى بكت بحرقة مستسلمة لطوفان الحزن

الذى اصابها


********************

اتجهت انتصار الى حيث جلست ناهد تتابع التلفاز فى غرفتها ، وترشف من كوب

الشاى من حين لاخر ، وجذبت انتباها بعيدا عن شاشة التلفاز بقولها:

-ناهد هانم هناك شخص يريد مقابلتك

نظرت اليها بتعجب وهى تقول:

-يريدنى انا ام يريد سيدة المنزل ؟ اعنى هل يريد دنيا ولانها غير موجودة

طلب رؤيتى انا ؟

هزت انتصار رأسها نفيا قائلة:

-لا يا ناهد هانم، لقد طلب رؤيتك انتى بالاسم قال انه يريد رؤية

مدام ناهد شاهين

قامت ناهد من مجلسها وهى تقول بدهشة:

-من هذا ؟ انا لا اعرف احدا هنا ربما يكون احد معارفى القدامى لكن لا احد يعرف اننى عدت

ثم التفتت اليها قائلة بتساؤل:

-هل اخبرك عن اسمه

-لا يا ناهد هانم ، لو كان فعل لكنت اخبرتك ، لقد قال انه يريد رؤية التعبير على وجههك عندما ترينه

مطت ناهد شفتيها فى حيرة وهى تقول:

-ما هذا اللغز ؟؟ من هذا الشخص؟؟

قالت انتصار بنفاذ صبر:

-لن يظل لغزا ولن تنتابك الحيرة يا ناهد هانم لو بدلتى ملابسك وقدمتى لمقابلته

حدقت ناهد فى وجهها بدهشة وصاحت فيها بغضب:

-هل تملين على ما افعله يا بنت ؟؟

قالت انتصار بارتباك:

-لا ابدا يا هانم اننى

-حسنا حسنااذهبى لتقدمى مشروبا له واخبريه اننى قادمة بعد قليل


×××××××××××××××××××××


هبطت ناهد درج الفيلا الداخلى محاولة ان تستشف هوية ذلك الرجل الطويل الذى

اعطاها ظهره واستغرق فى تأمل الفيلا وما ان اصبحت خلفه حتى تنحنحت قائلة:

-لقد بلغنى انك تريد رؤيتى يا سيد

التفتت اليها ذلك الرجل فاصدرت شهقة وتراجعت للخلف حتى كادت تصطدم باحدى

المقاعد وهى تقول بدهشة وانزعاج:

-انت !!!!!!!!!!!


********************


جلست مى متسعة العينين ، راقدة بلا حراك على فراش ابيها الخالى ، شاردة الذهن

فى ذلك الكابوس الذى بدأ الاسبوع الماضى بسقوط البرج وشلل والدها والقبض

على اخيها واخيرا وفاة والدها وصعود روحه الى بارئها

يا ترى ماذا يخفى القدر فى جعبته لها اكثر من هذا ؟؟

لقد فقدت كل شىء فى اسبوع واحد

سبعة ايام غيروا مجرى حياتها الى الابد واحالوها الى جحيم مستعر

[IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/KEKOOD%7E1/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/01/clip_image007.jpg[/IMG]


دلفت غادة الى الحجرة وقالت بصوت باكى منخفض وهى تجلس بجوارها

على الفراش:

-لقد انتهى الامر ، لقد تم دفنه يا مى البقية فى حياتك

سالت دموع مى الصامتة على وجهها فاخذتها غادة بين احضانها

لكنها احست بها جامدة كاللوح الخشبى فهتفت مستجدية:

-ارجوكى عبرى عن مشاعرك ، انتى ساكنة كالحجر منذ حدث ما حدث

اخرجى نفسك من حالتك هذه ، وقفى على حيلك يا مى

من اجل اخيكى حتى

ابتعدت مى عن حضنها، ونظرت الى وجهها بسرعة عندما قالت غادة كلماتها الاخيرة

وغمغمغت بخفوت بشفاة جافة وعينان تائهتان:

-محمد

هزت غادة رأسها بحدة وهى تهتف بلهفة:

-نعم محمد لقد ذهب امجد ليلتقى بدنيا ومحاميها فى النيابة

وان شاء الله يعود محمد ليأخذ عزاء والده

قالت مى بخفوت بعد فترة صمت طوييييلة:

-بالتأكيد ابى سمع ما حدث ، لقد عرف انه تم القاء القبض على محمد

لذلك لذلك

لم تستطع انهاء جملتها وانفجرت فى البكاء وهى تصرخ:

-ابى ابى انا اريدك يا ابى ابىىىى ، لا يمكن ان تتركنى وحيدة هكذا

انا اريده يا غادة انا بحاجة اليه ابىىىىىىىىى

ارتجفت شفتاها وانهمرت الدموع من عينيها المتورمتين وهى تصيح:

-ومحمد محمد يا غادة ، محمد هو الاخر تركنى

وانتى ايضا ستتركينى

وعددت على اصابعها وهى تبكى بحرقة:

ابى ومحمد وانتى

ثم اشارت الى نفسها وقالت من وسط دموعها:

-وتتبقى مى وحيدة وحيييييييييييدة

وانا لا اريد ان اكون وحيدة لا اريد

[IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/KEKOOD%7E1/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/01/clip_image009.jpg[/IMG]

سالت دموع غادة انهارا وهى تحتضنها بقوة قائلة بهدوء وهى

تربت على ظهرها بحنان:

-انا معكى يا مى لن اتركك ابدا ، ومحمد سيعود اليكى باذن الله

كلنا معكى يا مى كلنا معكى

قالت كلماتها هذه وهى لا تدرى اهذا سيحدث حقا !!!

هل سيعود محمد فعلا ؟؟؟؟


**********ٍ*


سار عمرو فى الطرقات على غير هدى ، وعقله ملىء بالافكار المشتتة

المحبطة، كان يتمنى ان يسير الامر على نحو افضل من هذا

كان يعتقد ان حسام سيفاجىء ويصعق من معرفته بالامر فيتملكه الصمت

وتكون هذه فرصته فى التأثير عليه وارجاعه الى رشده

او حتى يعترف بفعلته هذه فيتناقشان حتى يتوصلان للحل الافضل

لكنه لم يتوقع ابدا انكار حسام بل وتماديه والتعدى عليه بضربه

لقد خطط للامر ان يكون بشكل اخر شكل مختلف شكل اخوى

كان يتمنى ان تكون مصارحتهما هذه بداية لوصل الاخوة شبه المهترئة والتى انقطعت نهائيا الان

لقد اخرجه عن شعوره وجعله بدلا من ان يحتويه ينهال عليه ضربا

لكنه ثار لكرامته التى اهدرت وفارقه صوابه وتمكن منه الغضب

ماذا هو فاعلا الان وقد دمرت اخر فرصة كانت من الممكن

ان تعيد حسام لصوابه وتدفعه للطريق المستقيم

بعيدا عن طريق السم الابيض الذى ينهار بسببه الالاف

من شباب بلده

عند هذه النقطة تسللت دمعة حبيسة من عيناه المتألمتان

تصنع عمرو عدم الانتباه لها لها وتركها تسيل تغسل الضيق

الذى يشعر به والغضب الذى ينهش صدره

لكنه ادرك بصراحة انه لن يعود ذلك الشخص السلبى الذى يقف فى

وضع المشاهد لصفقات اخيه المشبوهة وتدميره لالاف الاسر والشباب

يجب ان يضع حدا لهذا

حتى ولو كان هذا الامر على حساب شقيقه ووالدته

ثم اشار الى تاكسى مارا بجواره وصاح ليسمعه

سائق التاكسى:

-المديرية !!!

اومأ السائق برأسه فدلف عمرو الى السيارة التى تعقبها امام بسيارته

وهتف فى هاتفه المحمول:

-انه متوجه الى مديرية الامن يا حسام باشا

وصله صوت حسام المنزعج هاتفا بحدة:

-يجب الا يصل اليها يا امام ، يجب الا يصل

وبرقت عينا امام وهو يتلقى الامر الجديد

الذى لن يستطيع معه عمرو ان يصل للمديرية ابدا


*****************


لاحت على شفتيه ابتسامة وهو يقول:

-نعم ، انا يا ناهد ، لقد تغيرتى كثيرا ، لكنك مازلتى تبدين جميلة

وتلفت حوله وهو يشير للفيلا قائلا:

-اما الفيلا فقد تغيرت تماما ، لقد كدت الا اتعرفها رغم اننى لم ادخلها سوى

مرة واحدة وخرجت منها مطرودا كالكلاب ولكن اتعلمين هذا افضل فذكرياتى بها

ليست بالجيدة ابدا

اشار اليها وهو يضحك متسائلا:

-لماذا تبدين مصدومة هكذا برؤيتى

قالت ناهد بصوت مبحوح وهى تحاول التغلب على دهشتها:

-كيف عرفت مكانى ؟؟

هز كتفيه وهو يهتف:

-بالصدفة البحتة يا ناهد ، لقد تتبعتك امس عندما فررتى من الزفاف بمجرد

رؤيتى

صاحت بعد ان اعتادت الموقف الجديد وتغلبت على المشاعر المتضادة

التى انتابتها ما بين قلب يخفق لهذا الرجل وعينان لا تطيقان رؤيته:

-ما الذى اتى بك الى هنا يا ممدوح ؟؟

جلس على المقعد ووضع رجلا فوق الاخرى وهو يقول ببساطة:

-لقد فكرت ان نجلس جلسة لطيفة ندردش فيها ونسترجع فيها الذكريات

الماضية ذكرياتنا السعيدة ونحاول ان نتناسى ذكرياتنا المريرة

وغدرك وخيانتك

اشارت له بيدها ان يتوقف وهى تقول بحزم:

-من فضلك لا داعى لهذا الحديث

قام من مجلسه وهو يهتف بغضب:

-ومتى يكون وقته يا ناهد هانم؟ يا بنت الحسب والنسب والاصل العريق

متى يكون وقته؟ هل تركتى لى فرصة التعبير عما بداخلى ؟ فرصة لاقول لكى

رأيى عما فعلتيه بى ؟

واضاف بمرارة:

لكن رغم ما فعلتيه بى فان القدر لم يرغب حرمانك من حضور زفاف ابنك

قولى لى ما رأيك فيه ؟ لقد كبر واصبح رجلا

دمعت عيناها وهى تعاود اشارتها له بان يتوقف الا انه قال بسخرية:

-ماذا !! هل ازعجك حديثى ؟؟ هل آلمتك الذكريات ؟ ماذا سيحدث اذا عندما تعلمين ان

ابنك يعلم كل شىء عنك ؟ يعلم انكى تخليتى عنه قديما عندما ظهر فى حياتك رياض باشا الذى

اعجب بجمالك وارادك زوجة له ، يعلم انكى تخليتى عنه بسبب فقر ابيه

وتزوجتى الرجل الثرى صاحب المال

ثم صاح باعلى صوته الذى حمل مرارة بلا حدود:

-يعلم كل شىءكل شىء

انهمرت الدموع من عينيها وهى تصرخ:

-كفى كفى

الا ان ممدوح لم يتوقف بل عاد يهاجمها بحدة:

-لقد كرهك ابنك ولفظك من حياته ، ولم يذكر اسمك مطلقا بعد ان علم الحقيقة

لقد ثابر معى وكافح رغم صغر سنه ، وحولنا ارضى الصغيرة فى الشرقية

الى ارض واسعة ممتدة نصدر المحصول الذى تنتجه

نعم لقد اصبحنا من اكبر رجال الاعمال المصدرين للموالح ، وربما وانتى فى لبنان كنتى تأكلين من فاكهتنا الم تلحظى اسم السعدنى هناك ؟؟

اتسعت ضحكة ممدوح وهو يواصل:

-لقد لعب الحظ لعبته معنا واصبحنا بعد عامين فقط من تخليكى عنا من اغنى الاغنياء

بتجارتنا الرابحة هذه

هز رأسه بعدم تصديق قائلا:

-لم اصدق عيناى عندما رأيتك بالامس فى حفل زفاف امجد

قاطعته قائلة:

-انا لم اعلم انه زفافه الا عندما رأيتك وعرفت انك والد العريس

حدق فى وجهها بدهشة وهو يقول:

-ماذا !! هل تحاولين خداعى ؟؟ اتريدين ان توهمينى انكى لم تحاولى البحث عنا

وانكى اتيتى الى حفل زفاف ابنك هكذا !! بالصدفة !!

-اقسم لك اننى لم اعلم شىء ، لقد كنت مدعوة مع دنيا ابنة اخى

انها صديقة ابنة عم العروس

نظر اليها بشك قائلا بضيق:

-وتقسمين ايضا ؟؟ هل تعتقدين ان موقفك افضل هكذا !! ان هذا يظهر مدى جحود

قلبك وانكى لا تستحقين ان تكونى ام اى انكى لم تحاولى حتى البحث عن ابنك

ثم ضيق عينيه محاولا سبر اغوارها وقال بشك:

-ام ان هذه لعبة منك حتى تبعدينى عن طريقك وتستميلى امجد

لحسابك ليغرقك فى نعيمه

اشارت ناهد بيدها الى الخارج قائلة بصرامة:

-اخرج حالا انا لا اريد رؤيتك هنا

اقترب منها وهمس فى اذنها بصرامة:

-انا لا يشرفنى ان اكون فى هذه الفيلا اصلا لكننى احذرك يا ناهد ابتعدى

عن ابنى ، لو اقتربتى منه او حاولتى مجرد الحديث معه سترين ما لا يسرك

ولا تستهينى بكلامى ابدا

ثم صاح وهو يبتعد عنها:

-ابدااااااااااااااا

وتركها مدمرة وهى تتهاوى على مقعدها وتبكى بشدة وتهتف:

-لماذا ايقظت هذه المشاعر فى صدرى يا ممدوح؟ لماذا ذكرتنى بماضى حاولت اتناساه

لماذا؟؟

ثم اتسعت عيناها الحمراوان وهى تهتف:

-لكن ابنى امجد يكرهنى !!!!

وهزت رأسها بعنف وهى تصيح:

- لا لا لا لا اصدق هذا ابدا لا


********************


قطع امجد الردهة التى تفضى الى مكتب رئيس النيابة جيئة وذهابا بعصبية مفرطة

حتى صاحت فيه دنيا وهى تجذبه ليجلس على المقعد الذى يجاورها:

-من فضلك يا امجد ، اعصابى لا تحتمل اكثر من هذا ، لقد ادرت رأسى بما

تفعله اهدأ قليلا

هز امجد رأسه وهو يهتف بضيق:

-الامر ليس بيدى الوضع كله يثيرنى

زفرت دنيا محاولة ان يخرج مع الهواء الضيق الذى جثم على انفاسها

وقالت بمرارة:

-نعم انها مأساة فعلا القاء القبض على محمد بتهمة كهذه

ووفاة عمى .. احداث لا يصدقها عقل ولم نكن نتخيل انها قد تحدث لاحدنا

شاركها امجد مرارتها وهو يقول:

-نعم ولا يحلو لها ان تحدث الا يوم زفافى

تجاهلت جملته الحانقة وهى تلفتت اليه وتسأله باهتمام :

-اخبرنى ما اخبار مى وغادة ؟؟

هز كتفيه تعبيرا عن قلة الحيلة وهو يجيب:

-غادة منهارة ، اما مى فساكنة وجامدة كالحجر ، نعم الدموع تسيل من عينيها

بغزارة لكنها لا تتحرك

هزت رأسها بضيق والدموع تتسرب من عينيها وهى تقول بمرارة:

-لقد اثرت الصدمة عليها يا حبيبتى يا مى لو كان جبل لتهدم

لا يحتمل اى انسان ما حدث لها ابدا

قام امجد من مقعده وهو يتأفف قائلا بحدة:

-كل هذا الوقت والمحامى بالداخل ماذا يفعل كل هذا ؟؟

اريد ان اعرف النتيجة ومن فعل هذا بمحمد؟؟

مطت شفتيها فى حيرة وهى تقول باستغراب:

-لا ادرى هل هناك شخص يكرهه الى هذه الدرجة ؟؟

عاد يجلس بجوارها وهو يهمس قائلا:

-هل تعتقدين انه .. ربما يكون..اعنى

اتسعت عيناها فى ذعر عندما ادركت تلميحه فهتفت بغضب:

-لا تفكر حتى فى هذا ، يا الهى !! كيف يمكنك ان تقول هذا

يا الهى !! ماذا لو سمعتك مى او غادة او محمد نفسه.. اطرد

هذه الافكار من رأسك

اشار بيده بلا مبالاة وهو يجيبها:

-حسنا حسنا لكن يجب على الفرد ان يضع امامه كل الاحتمالات

قالت بحزم:

-الا هذا

ثم زفرت بحنق ، وخيمت عليهم فترة طويلة من الصمت والتوتر

استدارت بعدها دنيا الى امجد قائلة باهتمام وهى تتفرس ملامح وجهه بتمعن:

-هل انت واثق يا امجد اننا لم نلتقى قبل امس ؟؟

نظر اليها بحيرة وهو يتساءل:

-ماذا تعنين؟؟

هزت كتفيها فى حيرة وهى تقول:

-لا ادرى انت تبدو مألوفا جدا وكأننى اعرفك منذ زمن

وجهك حديثك كل شىء

نظر اليها باستغراب لوهلة ثم ضحك وهو يشير اليها قائلا:

-اتدرين ان هذا هو نفس الاحساس الذى انتابنى عندما قدمتك

لى غادة امس

رفعت حاجبها بدهشة وهى تقول بتعجب:

-شىء غريب فعلا، رغم اننا لم نلتقى من قبل لكن

قطعت دنيا حديثها وهى تتطلع الى رجال الشرطة يصطحبون محمد

الذى هتف بعينان حمراوتان وصوت مختنق:

-امجدكيف حال ابى ومى ؟؟

اخفى امجد انفعاله وقلبه يرق لحال محمد فقال بسرعة محاولا

الترويح عنه:

-كلهم بخير يا محمد ويدعون لك لا تشغل بالك انت

صاح محمد بتوسل وهو يبتعد:

-لا تخبر ابى بما حدث يا امجد ارجوك

-لا تقلق يا محمد

ثم هتف وهو يراه يبتعد عن ناظره:

-الى اين يصطحبونك يا محمد ؟؟ محمااد

ثم اقترب من المحامى وهو يسأله بسرعة وقد

خيم على وجهه القلق والانفعال:

-الى اين يصطحبون محمد ؟؟

مط المحامى شفتيه بضيق وهو يقول:

-سيتم حبسه على ذمة القضية

شهقت دنيا وهى تقول بفزع:

-قضية !! الا يقتصر الامر على انه سوء فهم ؟؟

مط المحامى شفتيه بسخرية وهو يهتف:

-سوء فهم !! القضية ليست هينة ابدا ، الكمية التى وجدوها فى شقته

كمية كبيرة حولت القضية بجانب شهادة الشهود من مجرد قضية حيازة مخدرات الى الاتجار فيها

اتسعت عينا دنيا فى ذعر فى حين هتف امجد باستنكار:

-ماذا !! قضية ماذا ؟؟ ما هذا الهراء الذى تقوله ؟؟

ماذا تعنى بالله عليك ؟؟

قال المحامى بتعاطف:

-للاسف محمد متهم بالاتجار فى المخدرات وليس فى القضية ادنى

سوء فهم كما اخبرتينى يا انسة دنيا ، وللاسف ايضا التهمة ثابتة عليه

سأله امجد بنفاذ صبر:

-ماذا تعنى يا استاذ ربيع؟؟ لا امل من خروج محمد براءة !!

ارتفع حاجبا المحامى فى دهشة وهو يردد جملته فى مزيج من

السخرية والاشفاق:

-براءة !!!!!!

ادعو الله الا يذهب الى ربه بحكم المحكمة او يقضى بقية عمره فى السجن

هتفت دنيا بانهيار تام سيطر عليها فعجزت عن الوقوف واسرع امجد

بتلقيها بين يديه ليساعدها على الجلوس على احدى المقاعد:

-ماذااااااااااا !!!!!!!!

قال المحامى محاولا تخفيف وقع الصدمة عليها:

-انا سأحاول ان اخفف العقوبة وان انبش فى القضية لعلنى اجد ثغرة

لكننى لا اعدك باكثر من هذا عليكم بالدعوات والصلوات

ازدردت دنيا لعابها الجاف وهى تقول بخفوت:

-لكنه برىء يا استاذ ربيع

هز كتفيه بقلة حيلة قائلا:

-القرائن كلها ضده يا انسة دنيا تقبلى اسفى


[IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/KEKOOD%7E1/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/01/clip_image011.gif[/IMG]



********************


سعل حسام بقوة اكثر من مرة ، وهو يقطع الردهة التى تفيض الى حجرات

النوم فى الدور العلوى من الفيلا، وتناول سيجارة جديدة اشعلها واخذ منها عدة انفاس

ثم القاها على الارض واطفأها بقدمه غير مباليا بالحروق الصغيرة التى

احدثتها فى السجادة

ثم زفر بضيق وهو يضرب بعنف مسند المقعد الذى جلس عليه وغادره بعدها

بثانيتين واطلق هتافا قويا معبرا عما يجيش بصدره من انفعالات مدمرة:

-آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه

نظر فى ساعة يده اكثر من مرة لدرجة جعلته يشك انها معطلة وان

عقاربها لا تتحرك،

انطلق فى الردهة كالمحموم وهو يبحث عن شيئا ما

وسرعان ما وجده ..توجه الى تلك المزهرية الثمينة وقذف بها بقوة

تجاه ذلك الزجاج الذى يحتل جدارا كاملا ويحيطه سوار ذهبى

فتحطم الزجاج بدوى هائل وتناثرت اجزاؤه الصغيرة فى كل مكان

الا انه لم يبالى بهذا كله

لقد كان فى انتظار محادثة هاتفية هامة للغاية

محادثة تحدد مصيره ومصير عمله ومصير حياته نفسها

عاد يتطلع الى ساعة يده وهو يغمغم بحنق:

-لماذا تأخرت الى هذا الحد ايها الغبى امام ؟؟

لقد اعطى لامام امرا واجبا التنفيذ عمرو لا يجب ان يخط بقدمه

مديرية الامن يجب ان يمنعه باى شكل

لذا فان سيارة مسرعة تحمل شابا طائشا تلتقفه بعد ارتجاله من التاكسى

وتطيح به هو امثل حل لتنتهى جميع مشاكله

وليس فقط الاخطار التى تحوم حوله بذهاب عمرو لقسم الشرطة

ولكنه سيرتاح الى الابد من عمرو وستكون والدته له وحده

والدته الانسان الوحيد على وجه البسيطه الذى يحبه فعلا

ولا يسعى لماله او جاهه

والدته الانسان الوحيد الذى يشعر معه بالحنان والامان يغمرانه

لا يستطيع ان يخاطر بان تتحول الى صف عمرو فى يوم من

الايام

وقد جاءت له الفرصة على طبق من ذهب

فعمرو يهدد كيانه ووجوده وهذا سبب قوى

ليتخلص منه ، انه يدافع عن وجوده

انها مسألة حياة او موت

وعمرو هو من فعل ذلك بنفسه عندما هدده

بل وتحداه وتوجه ليضع القيود حول معصميه ويدخله السجن

وتكون امه له وحده

اتسعت عيناه بوحشية وهتف بشراسة:

-لن اسمح لك ابدااااااااا

فوجىء بصوت مدوى يأتى من غرفة والدته

فتوجه بلهفة اليها وهتف بذعر عندما رأها ممدة على الارض

وصدرها يعلو ويهبط بعنف وهى تقول بصوت مخنوق

وعيناها متسعتان برعب:

-عمرو عمرو يا حسام

عمرو بخطر انا اريد ابنى

ابنىىىىىىىىىى

وسقطت فاقدة الوعى

صاح فى ارتيااااااع:

-امىىىىىىىىىىىى

ثم اسرع بالضغط على ازرار هاتفه المحمول وهو يهتف:

-امام الغى العمليةالغى العملية

لكن............

سقط الهاتف من يده وتطلع برعب الى والدته فاقدة الوعى

شاحبة الوجه وهو يستمع لهتاف امام:

-لقد فات الاوان يا حسام باشا



****************

jen 13-10-08 08:38 PM



الفصل الحادى عشر

كرب مؤمن


ارجع على رأسه للوراء مستندا على مسند المقعد قائلا وهو يزفر بضيق:

-يالها من لغة !

وضعت نور اصبعها بسرعة على شفتيه لتحثه على الصمت قائلة بهمس:

-ششش صوتك عالى ، امينة المكتبه تنظر الينا بتحذير

هنا يجب ان تلتزم بالقواعد، المكتبة للقراءة فقط، لا حديث على الاطلاق

ازال على اصبعها من فوق شفتيه وهو يضحك مشاركا اياها فى همسها :

-حسنا نعود الى ما كنا نفعله

لم تمتلك نور نفسها من الشرود بعيدا عن كلماته المفككة الهولندية وتعبيرات وجهه

المنزعجة اذ سبحت بعيدا فى عالم اخر مختبرة اجمل شعور فى حياتها وهى

بجواره الا انها عادت من شرودها الى الواقع عندما طرقع على

اصابعه امام عينيها وهو يتساءل :

-اين ذهبتى

اجابته بارتباك :

-انا معك انا معك حسنا لنعد الى ماكنا نقوله

استعادت رباطة جأشها وهى تستطرد :

-اللغة الهولندية صعبة قليلا انا معك فى هذا لكن لا سبيل امامك

سوى هذا ان اردت ان تعمل فى عمل افضل مختص بمجال دراستك

وايضا حتى تستطيع التعامل والتعايش فى هولندا فليس الجميع هنا يتحدث

الانجليزية ثم ان انجيلزيتك ليست بالرائعة

قال على بتأفف :

-لكنها لغة صعبة للغاية

ابتسمت وهى تقول بحكمة :

- كل شىء فى بدايته صعب بمرور الوقت ستدرك كم هى سهلة

بمجرد ان تألف القواعد وتحفظ حروفها الابجدية حتى يصير

كل شىء سلسا

مط شفتيه وقال بلهجة من لا يملك خيار اخر :

-حسنا انا معك للنهاية

اشارت الى ساعة يدها وهى تقول بحزم:

- اسمع بمجرد ان تنتهى ساعة دراستك للغة الهولندية حتى

تبدأ فى مساعدتى فى مادة المصريات

عقد حاجبيه فى حيرة وهو يتساءل :

-صحيح اخبرينى لماذا اخترتى هذه المادة رغم ان دراستك

لا علاقة لها من قريب او من بعيد بالتاريخ الفرعونى او حتى العربى

ابتسمت وهى تجيبه :

-هذه مادة الدراسة المستقلة فكل فرد له حق اختيار مادة مستقلة وقد وقع

اختيارى على هذه المادة لشوقى الشديد لمعرفة اسرار وحياة

الفراعنة فالجميع يتحدث عنهم وعن عبقريتهم الفذة

قال بتحسر:

-نعم ياليتنا نعرف اسرارهم ساعتها لم اكن لاكون هنا

قطبت حاجبيها قائلة بتعجب:

-ماذا تعنى

تضاعفت حسرته وهو يمط شفتيه مجيبا:

-لو كنا متقدمين مثلهم لوجدت عملا فى بلدى وما اضطرت الى مغادرتها والتغرب هنا

- لا انا اشكر الله انكم لستم بدرجة عبقريتهم

-لماذا تقولين هذا ؟؟

ابتسمت وهى تجيب بصوت حالم:

-لان ساعتها لم تكن لتأتى الى هولندا ولم اكن لاقابلك

ضحك على طويلا حتى فوجىء بأمينة المكتبة تقف امامهم موجهة كلامها لنور التى

احمر وجهها وجذبته من يده واخذت كتبهم فاستوقفها فى الخارج قائلا:

-ماذا حدث لماذا غادرنا ؟؟

اجابته بضيق:

-جيد انك لا تفهم الهولندية لقد تم تقريعى بالداخل تقريعا شديدا بسبب حديثنا

وضحكاتك و تم طردنا فى النهاية.

ابتسم على وهو يقول مازحا:

-لقد قلت لكى من البداية لا يوجد افضل من حديقة فيلتكم لم تصدقينى

ضحكت نور لمزحته الثقيلة وقالت وهى تجذبه الى الامام:

-حسنا ايها المتبجج لنعد للمنزل


××××××××××××××××


خرجت غادة من دورة مياة حجرة نومها بفيلا امجد وهى تجفف شعرها بالمنشفة لكنها

تراجعت فى حدة عندما وجدت امجد جالسا على الفراش فى حجرة نومها

فقال بتهكم حينما رأى تعبير الانزعاج مرتسما على وجهها:

- ماذا! هل رأيتى عفريتا ؟؟

نفضت رأسها فتطاير معه شعرها الكستنائى المبلل مجيبة:

- لا ابدا لقد تفاجأت بوجودك لقد اعتقدت انك ذهبت لعملك

هز رأسه وهو يقول :

- نعم اننى سأذهب الان لكننى اردت الحديث معكى قليلا

نظرت اليه بتساؤل وهى تقول:ا

- بأى شأن ؟

قال بتهكم:

- بشأن حديث الساعة بشأن قضية محمد

اشارت اليه بيدها فى لهفة وهى تقول:

- نعم صحيح لقد اردت فعلا معرفة التطورات منك امس لكنك كنت متعب واردت ان تنام

يا ترى ماذا حدث ؟؟

هز كتفيه وهو يقول بلامبالاة :

- لا جديد سوى اننى استخرجت تصريح لمى لتزور اخيها فى سجن طرة

اغمضت عينيها بارتياح وهى تطلق تنهيدة حارة قائلة:

- الحمد لله لقد كانت متحرقة شوقا لهذا

اومأ رأسه قائلا بتهكم:

- نعم يجب ان تذهب لمواساته قليلا

عقدت حاجبيها بضيق وقالت بتوتر:ا

- لماذا تتحدث بهذا الاسلوب

تصنع الدهشة وهو يتساءل ببراءة:

-اى اسلوب !!

اشارت اليه قائلة بعصبية لم تتمكن من اخفائها:

- اسلوب السخرية والتهكم وكأن هذا الامر برمته لا يعنينا او كأن محمد تاجر

فى المخدرات فعلا

ضيق عينيه قائلا بصوت خافت يشبه فحيح الثعبان:

- وماذا ادراك انه لم يفعل ؟؟

اتسعت عيناها وقالت بغضب:

-هل انت مجنون انه فى كلية الشرطة

هز كتفيه وهو يقول بتهكم:

- وماذا فى هذا ؟؟

جزت على اسنانها وهى تدافع عن شىء لم تكن تتصور فى حياتها ان

يكون موضع هجوم:

- انهم يجرون تحريات واسعة عليهم قبل قبولهم فى الكلية

- هذا صحيح لكنهم يتساهلون فى كثير من الحالات ومحمد كان حالة منهم

بسبب توصياتى الواسعة عليه.

هزت رأسها بعنف غير مصدقة وصوتها الغاضب يرتفع:

- هل تنسب الفضل لنفسك الان وتريد ان تقول ان محمد تاجر فى المخدرات

لكن لولا توصياتك لكانوا قد اكتشفوه

قال امجد ببطء مستفز:

- هذا صحيح

شعرت غادة بالغيظ الشديد لاسلوبه فقالت بحدة:

- ولماذا يريد تاجر مخدرات ان يصبح شرطيا

- غطاء رائع له

تضاعف غضبها فتمالكت نفسها وهى تحاربه بالمنطق:

- انت لا تطاق بنظرياتك السخيفة هذه اذن قل لى لماذا لم يظهر يسر الحال

على عمى واسرته

- لانه هكذا قد يلفت الانظار اليه بالتأكيد يخفى ارباحه فى مكان امين

تساءلت بتهكم حانق:

- اذن وهل كان ليحتفظ ببضاعته فى الشقة التى يقام فيها حفل زفاف والجميع

يتجولون فى كل مكان !!

نظر اليها نظرة غامضة وهو يقول باستفزاز محاولا اثارتها:

- لاتعرفين ابدا ما يجرى فى عقل المجرم

لم تستطع التحمل اكثر من هذا لم تستطع كتمان انفعالاتها الغاضبة المكبوتة

فحررتها من اسرها فخرجت قوية عنيدة امتزجت بكلماتها

المهددة حادة اللهجة:

- اخرس كيف تقول هذا الكلام هل جننت !!

جذبها امجد من شعرها وهو ينظر لعينيها بغضب وتهديد قائلا:

- انتى التى جننتى لتتحدثى مع زوجك هكذا

هتفت بالم وحنق:

- اتركنى اتركنى يا امجد

ظل على وضعه بل شدد على قبضته الملتفة حول شعرها الناعم وهو يقول

بلهجة واثقة غارقة فى الوعيد:

- لن اتركك حتى تعتذرى لى عن الفاظك وطريقة تعاملك معى

هتفت بذهول واستنكار:

- انا ! انا التى يجب ان تعتذر !!!

شدد على كلماته المهددة:

- وتعدينى انكى لن تكريرها ثانية

تسربت دمعتان متألمتن من عينيعا الخضراوان وهى تتوسل قائلة:

- اتركنى يا امجد ارجوك

اجاب بغضب:

- اعتذرى

نظرت اليه بغل وهى تعض شفتيها قائلة بقهر:

- حسنا انا اسفة هل ارتحت الان

تركها فهوت على الفراش وهى تبكى ثم اخرج ورقة من جيب قميصه

طوحها فى وجهها قائلا وهو يغادر الغرفة:

- هذا هو تصريح الزيارة غدا فى الساعة الثالثة لا تدعيها تتأخر.

دفنت غادة وجهها بين كفيها وهى تبكى على هذا الرجل الذى خدعت فيه

وتزوجته لينقلب حاله 360 درجة بعد ان كان حالما رومانسى رقيق الكلام

وشعرت معه بالامان وانها ستكون ملكة متوجة على رأسه ، وجدته وقد تحول

الى وحش كاسر يأمر وينهى ويعاقب ويهدد ويمحى دورها

لا تدرى ما الذى حدث له؟ كيف تغير هكذا00بين يوم وليلة ؟؟

هل صدر منها شىء ؟؟ لكن لا هى لم ترتكب فى حقه اى جرم

هزت رأسها ودموعها تواصل تساقطها وكأن صفحة احزانها لن تنتهى بل ربما تبدأ

بداية جديدة حسبتها نهاية احزانها واتضح انها بداية لا تبشر باى خير ابدا

وعادت الحيرة تلتهمها والذل ينهش فى جسدها وهى تردد

ماذا حدث؟؟؟ ماذا حدث؟؟؟؟


*********************


استغرقت دنيا فى مراجعة اوراق الصفقة الالمانية وادهم يجلس امامها متطلعا

الى التعبيرات التى ترتسم على وجهها لانطباعها عن عمله فتارة كانت عيناها

تتسعان بانبهار وتارة كانت تتمتم باعجاب لكنها فجأة زوت ما بين حاجبيها

وضيقت عينيها مدققة فى شىء بعينه ثم رفعت عينيها المتساءلتان

عن الاوراق وهى تهز راسها قائلة بحيرة:

-ادهم ما هذا المبلغ الكبييير ؟؟ هل هذا ما اتفقت عليه مع الوفد الالمانى

اومأ برأسه وهو يقول بهدوء:

-نعم يا حبيبتى لقد طمعوا فى مبلغا اكبر من هذا لكننى بعد مفاوضات ومناقشات

تمكنت من التوصل لهذا المبلغ الذى ترينه امامك

مطت شفتيها وهى تقول بضيق:

-لكنه مبلغ كبير للغاية يا ادهم ليس من عاداتهم التعاقد بهذه الارقام

هل انت واثق انهم لم يتلاعبوا بك

اصطنع ادهم الغضب وهو يقول بلهجة متوترة:

-ماذا تعنين؟؟ هل تنعتينى بالمغفل؟

هزت رأسها بحدة وهى تنفى:

-لا لا ابدا لا اقصد ذلك ولكن المبلغ كبير بالفعل

انهم دائما يتعاملون معنا لماذا يرفعون اسعارهم الى هذا الحد؟؟

اقترب منها وربت على كتفيها وهو يقول:

-لقد قلتى لى يا دنيا ان اقبل كل شروطهم واننا لا نريد خسارتهم

ثم تصنع الامتعاض وهو يستطرد:

-ثم انهم بصراحة هددونى بان هناك اكثر من عرض متاح مع شركات لها وزنها

وانهم يشكون فى جدارة شركتنا بعدما توفى المرحوم خالى

بهتت دنيا لجملته فرردت بحيرة ودهشة:

-حقا !! هل قالوا هذا يا لهم من مستغلين

ابتسم ادهم بسخرية وهو يقول بحكمة:

-هكذا العالم الحقيقى يا دنيا انتى مازلتى صغيرة لتفهمى خباياه

الكل يبحث عن مصلحته الخاصة ويستغل اى فرصة متاحة

امامه للوصول لما يريد و سحقا لاى شىء اخر

هتفت دنيا بانزعاج:

-الى هذا الحد !!

اومأ برأسه وهو يضيف:

-الى اكثر من هذا

زفرت بضيق وهى تغمغم:

- اذن سنضطر ان نتحمل هذا حتى اثبت اننى فى محل ابى

اشار اليها بيده قائلا باستغراب:

-انتى فقط !! وماذا عنى انا ؟؟

مسحت على شعره الناعم وهى تقول:

-انت ايضا يا حبيبى لقد تحملت الكثير عنى الفترة الماضية

عندما انشغلت مع مى وانا اريد ان اعوضك عن تعبك هذا بعودتى

يجب ان ترتاح انت قليلا

تناول يدها الرقيقة ولثم راحتها برقة وهو يقول:

-وهل شكوت لكى انتى التى يجب ان ترتاحى ، انتى من نال منها التعب

وانهارت اعصابك وساءت حالتك النفسية ثم اننى انا الرجل الذى يجب

ان يتحمل كل شىء

تصنعت دنيا الغضب وهى تهتف:

-لا يا حبيبى المرأة ايضا تستطيع فعل ما يفعله الرجل واكثر

ضحك ادهم قائلا:

-لن اجادلك فى هذا لانى اعلم الى اين يفضى بنا هذا النقاش

ثم نظر الى عينيها الواسعتان وهو يقول:

-لكن الم يأن الاوان كى ترتاحى فعلا يا دنيا وان تعيشى حياتك

كأى فتاة طبيعية وتتزوجين

رددت كلمته بتردد وخجل:

-اتزوج !!

-نعم وترتاحين من عبء العمل وتتركين لرجلك متاعبك ليحملها عنكى

حلق الفرح والسعادة فوق رأسها واعتراها خجل اصطبغت

غمغمتها به:

-رجلى !! رجلى من ؟؟

ابتسم وهو يمسح على شعرها ويغوص فى بحر عينيها السوداوان:

-رجلك الذى يحبك ويخشى عليكى ويتمنى رضاكى وحمل التعب عنكى

ويطلب يدك الان

تلفتت دنيا حولها وهى تقول بحيرة مصطنعة:

-يا ترى من هو ؟؟ اننى اتحرق شوقا لملاقاته

ابتعد عنها وهو يقول بغضب مصطنع:

-الا تعرفين من هو ! حسنا انا ذاهب

هرولت خلفه واضعة يدها على كتفه العريضة وهى تضحك قائلة:

-ادهم انتظر

تناول ادهم يدها ملثما اياها وهو مستغرقا فى النظر الى عينيها

وطبع صوته بطابع الهيام وهو يقول:

-دنيا هل تتزوجينى ؟؟

اخفضت دنيا عيناها فى الارض بخجل وسحبت يدها من يده وهى تقترب من

النافذة التى تطل على النيل الخالد العظيم لتستغرق فى تأمل مياهه

الزرقاء وهى تقول بصوت هامس:

-ولكن العمل امانة فى رقبتى يا ادهم لقد اوصانى ابى عليه

اقترب منها ووقف جوارها يتطلع لذلك المشهد الذى يخطف الالباب اذ

تلألأت المياة الزرقاء مع اشعة الشمس الذهبية لتصنع مزيجا ساحرا

ارغم ادهم على خفض صوته حتى لا يفسد المشهد الحالم:

-نعم لانكى ابنته الوحيدة ولم يجد رجلا يعتمد عليه لكنه لم يكن يعلم

ان ابن اخته سيعود ويقع فى غرام ابنته ويكون مستعدا لفعل اى شىء

اى شىء للحرص على راحتها وسعادتها

التفتت دنيا اليه وقالت بتخوف:

-لكن الزواج خطوة كبيرة يا ادهم

تنهدت وصمتت فترة راقب فيها عيناها الحائرتان التى استقرتا اخيرا

على عينيه وهى تقول بهدوء:

-اسمع اترك لى فرصة للتفكير اتفقنا

اخفى امتعاضه وهو يومأ برأسه قائلا بغموض:

-اتفقنا


*************


اسرع حسام يعدو فى ردهات المستشفى حتى وصل لمكتب الاستقبال الخاص

بالدور الثالث وهتف بكلمات عدة لكن انقطاع نفسه اجبر الممرضة ان

تتساءل بحدة:

-نعم !! ماذا تقول ؟؟؟

سيطر على كيانه المرتجف وهو يقول بهدوء حارب ليكون على هذه الدرجة:

-السيدة التى بعثتم سيارة الاسعاف لجلبها من فيلا المعادى اين هى ؟؟

نظرت للكشف امامها واشارت بيدها للمقاعد الجلدية المنتشرة فى الردهة قائلة:

-تفضل استرح الاطباء معها وسينبئوك بحالتها فور خروجهم من عندها

ضرب بقبضتيه سطح زجاج مكتبها الذى تتوارى خلفه وهو يهتف بغضب:

-اريد رؤيتها فى الحال

تمالكت نفسها حتى لا تندفع فى وجهه مقدرة حالته وعادت تشير الى المقاعد

قائلة بصرامة:

-من فضلك نحن فى مستشفى الهدوء مطلوب تفضل استرح حتى يتم الكشف عليها

واتخاذ الاجراءات اللازمة والا سأبلغ الامن

حدجها بنظرة نارية وهو يكتم غضبه المستعر واتجه الى احد المقاعد

جلس عليه بضيق وهو يفرك يده بتوتر ناظرا بين كل ثانية والاخرى

الى ساعة يده

لاحظت الممرضة تململه وقلقه الكبير الواضح على وجهه فخرجت عن مكانها

متوجهة ناحيته وقالت باشفاق:

-اطمئن ستكون بخير

نظر اليها باحتقار وهو يكتم غضبه الذى خرج بعضا منه مع كلماته

المنتقاة بعناية التى ارهبت الممرضة وجعلتها تفر عائدة لمكانها:

-امى ستكون بخير لا نحتاج لرأيك الطبى

لو كنا بمكان اخر لكنتى علمتى جيدا من انا واحفرى اسمى منذ الان

فى ذهنك "حسام الشريف"لان هذا الاسم سيحمل لكى فى ايامك القادمة

مفاجآت كثيرة ومخيفة

تطلع الى هرولتها الفارة منه بلامبالاة وهو يزفر بضيق لم يكتمل وتحول

للهفة ما ان رأى الاطباء يخرجون من غرفة بعينها

اسرع نحوههم وهو يتساءل بقلق:

-ماذا هناك؟؟ ماذا حدث لها؟؟ هل هى بخير؟؟

ربت احد الاطباء على كتفه وهو يبتسم قائلا:

-هذه المرة جاءت سليمة والحمد لله ستتعافى سريعا

لقد تعرضت لازمة قلبية حادة بسبب انفعالها الزائد

اتمنى لو تهتم بها ولا تعرضها لهذه الانفعالات

تنهد حسام بارتياح وهو يقول بسعادة:

-بالتأكيد يا دكتور اشكرك كثيرا

مسح العرق الغزير الذى ملأ جبهته وهو يزفر انفعالاته التى كادت

تقتله قلقا وخوفا وفجأة تذكر سبب كل هذه الانفعالات التى مرت به وبوالدته

وهتف بانزعاج:

-عمرو !!!!!!


*********************


-ممدوح

انطلقت صيحة هادرة من فم نعمة لتوقف ممدوح بمكانه لا يبارحه وهو يتطلع

الى وجهها الحاد باستغراب وتساءل فى اعماقه عن سر هذا الغضب

الذى يبدو على وجهها

اقترب منها وهو يبتسم قائلا:

-مساء الخير يا اجمل نعمة فى حياتى

اشارت بيدها وهى تقول بضيق:

-دعك من هذا الكلام المعسول

وقل لى اين كنت حتى هذا الوقت المتأخر ؟؟

جلس بجوارها على الاريكة الجلدية وهو يقول:

-كنت بالعمل يا حبيبتى

-لا تكذب على ابنك هنا منذ زمن

-من الطبيعى ان يعود هو باكرا انه حديث الزواج ويجب ان

اعطيه حقه فى التمتع بحياته وزوجته

ابتسمت بسخرية وهى تقول بتهكم:

-زوجته !!! زوجته ليست هنا يا ممدوح باشا ولا تمكث هنا سوى

اقل القليل ثم تسرع هاربة لبيت عمها هذا

ثم ضيقت عينيها وهى تقترب منه حتى اصبح وجهها ملاصق لوجهه

وقالت بلهجة ثعبانية:

-لكن ليس هذا موضوعنا انا اريد الحديث معك فى موضوع اخر؟؟

تخوف من لهجتها وكلماتها فقال بتوتر:

-ماذا هناك يا نعمة

ابتعدت عنه بحدة وهى تشبك اصابعا قائلة:

-فى زفاف امجد يوم قلت لى انك نسيت هاتفك المحمول فى السيارة

وذهبت لاحضاره وتغيبت لاكثر من ساعة فى طريقك لذلك

قطعت كلماتها لتتطلع الى ملامح وجهه المتساءلة وعادت تتابع:

-هاتفك المحمول لم يفارق جيب سروالك وتأكدت من هذا بنفسى

بمجرد ان ابتعدت عنى لاحضاره اذ اسرعت بطلب رقمك لاجدك

تتحسس سروالك دون عناء ان تخرج هاتفك لترى من المتصل

او حتى تيقن انك لم تنساه بالسيارة كما زعمت

اذن ما السبب الذى جعلك فجأة تزعم هذا وتلعب هذه اللعبة

ايقنت ان السبب هو رغبتك المستميتة فى التنصل منى والخروج

من الشقة والفرح

والسؤال هو لماذا

نظرت الى وجهه المندهش واكملت وهى تبتسم:

-لكننى املك اجابة هذا السؤال

لا تعتقد اننى انتظر جوابه منك

الجواب هو هرولتك خلف تلك السيدة التى لم تفارقها عيناك

والتى فجأة خرجت مسرعة فاردت انت عذرا لتخرج ورائها واعطيتك انا

هذا العذر وتركتك تخرج ورائها حتى اكتشف الحقيقة بنفسى

انقلبت ملامح وجهها فجأة وهتفت بحدة:

-اتخوننى ايها الوقح انت .. انت تخون امرأة بجمالى ورقتى

انت يا ممدوح

لاح الذعر على وجهه وهو يهز رأسه بعنف هاتفا:

-لا ابدا اقسم لكى ان لا .. نعم ما ذكرتيه قد حدث

لكن ليس هذا هو التفسير الذى ينطبق عليه

قالت بتهكم:

-اذن فسر لى وقل لى من هذه المرأة وما سر خروجك وراءها

اومأ برأسه وهو يقول بهدوء:

-حسنا سأقول لكى كل شىءلكن عدينى اولا انكى لن تخبرين امجد ابدا

تألقت عيناها ببريق حاولت اخفاؤه ..امجد.. ؟؟

اذن امجد متورط فى الموضوع

او هو موضوع لا يريد اباه ان يعلم عنه

هذه نقطة جديدة يمكن ان تستغلها فى حربها الباردة ضده خصوصا ان زوجته

تلك لا تعطيها الفرصة الكاملة لاطفاء نار غيرتها وغضبها منها ومنه

بتواجدها النادر بالمنزل

الجمت افكارها وهى تتطلع اليه قائلة بصوت هادىء واثق:

-قل ما عندك يا ممدوح وكلى اذان صاغية


******************


اقترب حسام من فراش عمرو الذى تمدد عليه بذراعه اليمنى المجبسة

وكدمات جسده المتفرقة وجروح وجهه الدامية ونظر-حسام- باشفاق لحالته المؤسفة

التى وصل اليها بعد اصطدامه بتلك السيارة المسرعة

تنحنح بتوتر فالتفت عمرو لوجوده ونظر اليه بعنين ضيقتين للغاية من جراء

الكدمات المحيطة بهما

فرك حسام كفيه وهو يحاول عدم النظر الى عينى عمرو وقال بهدوء:

-الف سلامة عليك يا عمرو حمدا لله انك مازلت معنا

غمغم عمرو بعدة كلمات لم يستطع حسام فهم ايا منها الا انه تجاهل هذا

وهو يستطرد بلهجة تقطر حزنا:

-يؤلمنى رؤيتك على هذا النحو لكننى احمد الله ان الامور لم تتطور لاكثر من هذا

وانك بخير وستتحسن حالك باذن الله

تطلع الى اصاباته قليلا ثم قام فجأة من مقعده وجلس على فراش

عمرو وهو يقول بندم وعينان دامعتان:

-لا تتخيل كم ما شعرت به من هول عندما اعتقدت اننى سأفقدك

حينها دارت برأسى افكار مريعة

حينها شعرت بآلام واحساس اهالى الشباب الذين يتعاطون المخدرات وفى اى لحظة يمكن ان يفقدوا حياتهم

هز رأسه وقال عندما ارتسم على وجه عمرو الدهشة وعدم التصديق:

-نعم انا اعترف اننى بالفعل اتاجر فى هذه السموم البيضاء لكن صدقنى هذا

لم يكن اختيارى لقد ترعرت وجدت مهمنة ابى هكذا وهو من علمنى

هذا العمل الحرام

لكننى الان افقت انا حمدا لله معى من اموال ما يكفينى ويزيد وشركاتى بكل

مكان ولم اعد احتاجها بعد الان كغطاء لتجارتى او استخدمها فى غسيل

الاموال بل ستكن الان بمثابة عملى وتجارتى الوحيدة

اطمئن يا عمرو هذه الحادثة التى تعرضت لها وما اشعر به الان

من خوف عليك وخوف اشد من فقدانك اثر بيّ ولمس وترا خفيا

لم اكن اعتقد انه يوجد بداخلى

بالفعل ( رب ضارة نافعة) ما حدث لك الان كان خير لى

اذ ساهم ان اعود لصوابى ورشدى

واعدك منذ الان انا حسام جديد ولن اطأ بقدمى ايا من الاماكن الموبوءة

او اضع يدى بيد تجار ومتعاطى السموم

لاحت ابتسامة عريضة على وجه عمرو عندما انسكبت دمعتان حارتان من عينى

حسام وبان الندم والاسف فى عيناه

شعر حينها الارتياح التام وان اخيرا حسام عاد لصوابه

وادرك طريق الاشواك الذى كان يخطو به


*****************


جلست مى تنتظر بقلق ولهفة مقابلة اخيها محمد بمكتب مأمور سجن طرة

وسرعان ما فتح الباب ودخل منه محمد بالزى الابيض المميز للمسجونين

الذين لم تتم محاكمتهم بعد، هالها شحوب وجهه ونظرات عينيه الزائغتين ولحيته

الطويلة التى اضفت عليه عمرا اكبر من عمره

بؤسه الواضح على وجهه مزق نياط قلبها وجعلها ترتجف وهى تأخذه

بين احضانها

نقل محمد بصره بين زيها الاسود والحزن الدفين فى عينيها

فتساءل بقلق ما ان جلس بجوارها:

-لماذا ترتدين الاسود يا مى ؟؟

اخذت نفسا عميقا قبل ان تقول وهى تشير الى فستانها:

-انه احدى الملابس التى امتلكها يا محمد ثم ان هذا سجن

هل تريدينى ان آتى اليه بفستان احمر مثلا

استمر قلق محمد وهو يسأل بلهفة:

-كيف حال ابى يا مى ؟؟

حاولت مى كبت دموعها واخفاء حزنها وهى تقول بهدوء:

-الحمد لله يا محمد

-هل تتحسن صحته يا مى ؟؟

هذه المرة لم تستطع حبس دموعها التى هربت من اسرها وسالت

على وجهها فاسرع محمد يقول بذعر:

-هل حدث شىء لابى يا مى ؟؟ تكلمى

مسحت دموعها بسرعة وقالت بتوتر :

-لم يحدث شىء يا محمد لم يحدث شىء

تطلع الى وجهها وقال بعدم تصديق:

-اذن لماذا تبكين؟؟

جاء انفعالها لا اراديا اذ ثارت فى وجهه قائلة:

-ولماذا لا ابكى؟؟ ابى مريض وانت هنا وانا وحيدة

ربت على ظهرها وهو يقول بحسرة:

-هذا قدرنا يا مى لكن والله يا مى اقسم بالله العظيم انا برىء

تماما من هذه التهمة الحقيرة

اومأت برأسها وهى تقول بثقة:

-انا اعلم يا محمد .ز لست بحاجة الى القسم. انت اخى وانا اثق بك يا حبيبى

ثم هزت كتفيها وهى تقول بحيرة:

-لكن من يا ترى الذى لفق لك هذه التهمة البشعة؟؟ ولماذا؟؟

مال محمد على اذنها وهمس قائلا:

-انا اعلم

انتفضت من على مقعدها وهتفت بدهشة:

-تعلم !! تعلم ولم تقل شيئا !! من هذا الذى لفق لك هذه التهمة

نظر الى عينيها بدقة وهو يضغط على كلماته:

-حسام الشريف

رددت باستغراب:

-حسام الشريف!! صاحب البرج !! وما دخله بهذا ؟؟

-انه هو من دس حقيبة المخدرات بمنزلى

اتسعت عيناها بدهشة وهى تهتف:

-ما ادراك بهذا ؟؟

اجابها بضيق:

-لقد بعث لى منذ يومين احد رجاله برسالة شخصية قال فيها

يجب ان تتعلم كيف تتحدث مع اسيادك وهذا درس قاسى لى يعلمنى

الا ارفع عينى فى عين سيدى واتطاول عليه بالتهديد

ظهرت الدهشة على وجه مى وتساءلت بفضول:

-وهل قال لك انه مرسل من طرف حسام الشريف

هز رأسه نفيا وهو يقول:

- لا بالطبع لم يقل سوى هذه الجملة وبعدها ذاب لم اجد حتى الوقت

لاستدعى احد رجال الشرطة ليستجوبوا هذا الرجل الذى بالطبع

ما كان ليقول شيئا

-وما ادراك انه حسام الشريف

اشار الى جبهته وهو يجيب:

- بعقلك هكذا يا مى من هو الرجل صاحب النفوذ والذى قمت بتهديده

هزت رأسها بغير تصديق وهى تقول باستغراب:

- هل ذهبت اليه لتهدده يا محمد! الم تقل انك ذاهب لتتطلب حقنا ؟

زفر بضيق وهو يهتف بحنق:

- لقد انكره يا مى انكر حقنا وقال انها غلطة ناتجة عن ضمير مقاول خسيس

قالت مى بتهكم:

- فتقوم سيادتك بتهديده !

ثم اضافت بغيظ:

- لماذا فعلت هذا يا محمد

اجابها بحنق :

- وهل اصبح التهديد الان عقابه التورط بجريمة الاتجار بالمخدرات

ماذا بكى يا مى؟ لقد كان مجرد تهديد اجوف لم اكن لافعل شىء

ليس بيدى اى شىء افعله لقد كان تنفيث عن غضبى بعد ان طردنى من منزله

والاحمق اخذه على محمل الجد اتعلمين الى ماذا يشير هذا ؟

يشير الى مخالفته للقانون فلماذا يخشى احدا من تهديد طالما ان طريقه سليم

بالتأكيد وراءه شىء يخفيه اليس كذلك

اومأت برأسها وهى تقول:

- بالتأكيد لكن لماذا اقحم بك هذا الرجل فى قضية كهذه

- بل قولى من اين اتى بهذه الكمية من المخدرات

ثم مال على اذنها وهو يهمس بما يوحى انه سيفضى بشىء خطير :

- اعتقد انه هو الذى يتاجر فى المخدرات يا مى

تراجعت الى الوراء وهى تهتف بدهشة :

- ماذا !!!!

- نعم من اين له الحصول على كمية كهذا الا لو كان يتاجر بها

ثم ان اى رجل نزيه وشريف لن يفكر فى هذا ابدا ولن يعلم من اين يأتى

بالمخدرات هذا التفكير الشيطانى لا يخرج الا من شيطان

اخبرينى يا مى هل اتى احدهم واعطاكى هذه الحقيبة على انها تخصنى ؟

هزت رأسها نفيا وهى تقول بحدة :

- لا ابدا

- اذن فقد دسوها اما ونحن نيام وهذا احتمال مستبعد او اثناء فرح

غادة وامجد والجميع منشغلون

- نعم احتمال جائز

دارت بينهما فترة صمت يفكر فيها كلا منهما فيما قيل

لكن قطع الصمت محمد بلهجة امتنان :

- مى اشكرى دنيا بالنيابة عنى فتوكيلها للمحامى وتكفلها بنفقاته جميل سيظل

فى عنقى طوال عمرى

- وان شاء الله ترده لها عندما تخرج بريئا باذن الله

قال محمد بتهكم:

- براءة !! انتى متفائلة جدا يا مى ولسوء الحظ فأن الاستاذ ربيع المحامى

صريح جدا ويخبرنى كل شىء ان وضعى سيىء جدا فى القضية

ربتت على كتفه وهى تقول بحزن :

- لا تقلق يا محمد ربنا لا يترك مظلوما ابدا والحق دائما يظهر ان اجلا او عاجلا

- نعم لكن ماذا لو هذا الحق ظهر بعد عشر سنوات من الان او عشرين سنة

- لا تقل هذا يا محمد ارجوك ثق فى الله

زفر محمد بضيق وغير دفة الحديث بسؤاله :

- يا ترى ما اخبار غادة فى زواجها من امجد يا مى

انتظر جوابها الذى لم يأتى فتطلع اليها ليجدها بعالم ثانى فلوح

بيده امام وجهها وهو يهتف :

- مى مى

التفتت اليه قائلة بصوت خافت:

- نعم يا محمد

قال بقلق :

- ماذا حدث لك ؟شرودك هذا وعيناكى الغامضتان تلك انتى تدبرين

شيئا ما اليس كذلك

نظرت اليه لبرهة ثم ادارت عيناها بعيدا عنه:

- نعم يا محمد انه لصالحك وباذن الله سيثبت براءتك


*************


اخرج انفعالاته الكامنة مع دخان سجائره الذى خرج من فمه

وتاه بنظره بعيدا بعيدا عن كل ما حولهتناسى انه فى مشفى والجميع

ينظر اليه باستهجان بسبب السيجارة المشتعلة فى يده واللافتة

المعلقة فوق رأسه والتى تهتف كلماتها (ممنوع التدخين)

لكنه لم يهتم فلو لم يستجب لهذا النداء بداخله للتدخين لكان جن خصوصا

بالتوتر الذى يسيطر عليه والضيق الذى يعتريه بعد المسرحية

الرائعة التى مثلها باتقان ويستحق عليها جائزة الاوسكار

كم ود بعد ان خرج من غرفة عمرو ان يذهب لاقرب مرآة ليطالع

وجهه بها ويبصق عليه لدموع التماسيح التى اذرفها وكلماته

الحانية التى قالها

كم ود لو يقتلع لسانه وعيناه لما ارتكبتاه

سحقا لهذا الموقف الذى وضع فيه وجعله غير قادر على اتخاذ

اى خطوات اخرى غير ما فعل

فوالدته مريضة وجاءتها الازمة وكادت ان تذهب عن دنيانا

لمجرد حلم سىء راودها عن عمرو

ماذا اذا لو كان ذهب بجوار ربه

الاحتمال الاكيد انه كان ليفقدها

عمرو هذا كالشوكة فى ظهره لا يستطيع اقتلاعها والا نزف حتى الموت

انه بالفعل يحمدالله على نجاته ليس لانه عاش لكن من اجل امه

التى كانت لتلحق به

فقط لو لم يكن هناك عمرو فقط لو لم يكن موجود بعالمنا

لكان كل شىء افضل لكان الواقع اصبح حلم جميل

لكن للاسف عمرو دوما بجواره وطبعا بعد هذه التمثيلية التى اداها

وتوسله لعمرو ان يعود للشركة عليه ان يظل ودودا معه موهما اياه

انه ابتعد عن ذالك الطريق حتى لا يشك بشىء ويذهب هو الى التهلكة


********************


فتح امجد باب الغرفة فجأة ليطالعه وجه غادة المندهش

اغلق الباب ورائه وهو يتقدم منها وعيناه توحيان بالضيق والغضب اللذان

يشتعلان بصدره ، نظرت اليه بتوجس متوقعة ان يصدر منه اى شىء

فهذا ما اعتادت اليه دوما يفاجئها بمفاجئات غير متوقعة

فيا ترى ايها هذه الليلة ؟؟؟

وقف امامها وارتفع صوته الغاضب وهو يهتف بحدة:

-اسمعى لقد سمعت ما يكفينى هذه الليلة ويجب ان تنصاعى لما اقوله

لن اسمح بعد الان لحشرة ان تتهكم على وتقول لى اننى لست رجلا ولا

استطيع حكم زوجتى اتفهمين

لم تتمكن من الفهم فقالت بقلق:

-ماذا هناك ؟؟ انا لا افهم شىء

صاح فيها بغضبه المشتعل:

-تفهمى او لا تفهمين المهم ان تنصاعى لما اقوله لا تذهبين بعد الان لمى

انا لن اقبل مطلقا ما قالته لى تلك الحشرة نعمة

انا رجل ببيتى وبيتى هذا تجلسين به ولا تخرجى منه الا معى

اتسعت عيناها بدهشة وقالت باصرار:

-ماذا !! لا يمكننى ان اترك مى بهذه الظروف

-لقد تزوجتى يا غادة هانم تناسى التسلية واجلسى ببيتك لتؤدين

دورك كزوجة

هتفت بتعجب:

-اى تسلية !! اننى اخفف عنها مصيبتها وما تعانيه من مآسى

صاح بصوت آمر:

-قلت لن تذهبين يعنى لن تذهبين

دمعت عيناها وهى تقول بضيق:

-امجد عندما تزوجتنى قلت لى ان لى الحرية فى الذهاب لعمى عندما تتواجد

بالشرقية اليس كذلك ؟

-هذا عندما كان عمك موجود على قيد الحياة وكان للمنزل رجل يحكمه اما الان وابنة عمك وحيدة والحبل على الغارب و

قاطعته غادة بغضب:

-هل جننت لتقول هذا !

اندفع امجد نحو غادة وهوى على وجهها بكفه القوية فاندفعت مع الضربة دموعها الملتهبة

وامسكت خدها بغير تصديق وهى تهتف:

-ما هذا الذى فعلته؟؟

-لقد حذرتك من قبل لو تحدثتى معى بهذه اللهجة ستنالى ما لا يرضيكى

هل تفهمين ؟؟؟

نظرت اليه باشمئزاز واحتقار ودموعها تملأ عينيها الخضراوان وقالت بحدة:

-لماذا تفعل بى هذا؟؟ لماذا ؟؟

نظر الى عينيها بدقة وهو يقول بصوت قاسى:

-انتى تعلمين

تضاعفت دهشتها وهتفت :

-اعلم ماذا ؟؟ اخبرنى بالله عليك لماذا تفعل بى هذا ؟؟

فى هذه اللحظة سمعا كلاهما طرقات على باب غرفتهما ففتح الباب

ليطالعه وجه الخادمة تقول:

-امجد بيه هناك سيدة بانتظاركم انت وغادة هانم بالصالون

تقول انها عمة الانسة دنيا وقد جاءت لتقديم المباركة لكم


********************


اغلقت الخادمة باب الفيلا وراء ناهد التى لم تسعها السعادة

وحلقت طيور الفرح بجوارها من كل جانب وقد حققت حلم كان

بعيد المنال ورأت ولدها بل وجلست معه متجاذبة اطراف الحديث

اهملت غادة تماما ولم ترفع عينيها عن امجد

ضحكت لكل نكاته وابتسمت لحديثه الهادىء و

-انتى !!!!

قطع حبل افكارها صيحة عالية غلب عليها الدهشة والاستغراب

وتطلعت الى الشخص الذى امامها بتوجس اذ خرجت كلماته

الحادة تمزق اعصابها:

-هل تجرؤين على المجىء الى هنا !!!!!!!!!!!!


*******************

jen 31-10-08 03:46 AM

الفصل الثانى عشر
مصير مؤلم

اشرق وجه غادة واتسعت ابتسامتها وهى تتسلم دعوة الزفاف
من ادهم الذى بدا على وجهه السعادة التى طغت على كلماته:
-يجب ان تحضرى يا غادة
اومأت غادة برأسها بفرحة شديدة وهى تقول:
-بالتأكيد يا ادهم لا تتخيل مدى سعادتى بهذا الخبر
انا فرحة جدا من اجلكم .. واخيرا الامر الذى طال انتظاره تحقق
ضحك ادهم وهو يقول:
-نعم بالفعل انتظرنا طويلا ولكن حتى تأكدنا تماما من مشاعرنا
وحتى استطاعت صديقتك التخلى قليلا عن فكرة العمل
واستسلمت للحب ومنزل الزوجية الذى يناديها كما فعلتى انتى
توقع ادهم ان تبهج الجملة غادة وان تشاركه ضحكاته
وان تعدد له مزايا بيت الزوجية الا انه فوجىء بها والحزن
يغلف وجهها الذى حاولت الا تظهر انفعالاتها الداخلية عليه لكن هيهات
السعادة تتسرب من تحت عقب الباب اما الحزن فيغزو الابواب
المغلقة لذا كان من الطبيعى ان يظهر بوضوح مما جعل ادهم
يصمت قليلا متطلعا الى وجهها بحيرة سائلا اياها بقلق:
-غادة ماذا هناك؟ هل انتى بخير ؟؟
ولما لم يتلقى اجابتها العفوية المرحة التى تريح باله وتنبئه
انها بخير وتلقى بدلا منها الوجوم والصمت التام ازداد قلقه وهو يربت
على كتفها قائلا بحنان:
-غادة اخبرينى هل هناك ما يزعجك؟؟
هل صدر من امجد شىء ضايقك؟؟
ثم اعقب سؤاله القلق بلهجة مرحة اراد معها كسر هذا الحزن
الذى خيم على الاجواء:
-اخبرى اخاكى ادهم ليقلنه درسا ان كان اساء اليك
جملته لفتت انتباهها لكم المعلومات المبهمة التى وصلت اليه
والتى غرزتها لديه ملامح وجهها فاسرعت بتغييرها وهى
تقول بسعادة مصطنعة:
-لا تقلق يا اخى، انا وامجد نحيا فى سعادة شديدة
اتمناها لك انت ودنيا ، لقد شردت قليلا اتذكر ليلة زفافى التى اردتها
على نحو افضل مما سارت عليه لكن على اى حال ليلتكم ستعوضنا جميعا
عن الفرح الذى افتقدناه من مدة
طمئنه كلامها نسبيا لكنه لم يزل كل القلق الذى عربد باعماقه
والذى اندهش له ، فمنذ متى يشعر بمشاعر الاخرين، منذ متى
يكون مهتما هكذا بمن حوله، منذ.......
انتزعته من تساؤلاته الدقات المميزة لكعب حذاء نعمة التى اقتربت
منهم وعلى شفتيها ابتسامة تشفى واستهزاء صاحبت كلماتها الساخرة:
-الن تعرفينا على الشاب الوسيم هذا يا مدام غادة ؟؟
حدق ادهم بوجهها مندهشا الا ان غادة لم تلقى بالا لنعمة واسرعت
تقول جملة لم تتصور انها ستكون يوما سيفا حادا على عنقها:
-لا تقلق يا ادهم سأحضر باذن الله فى الميعاد كما اتفقنا
ابتسم ادهم وهو يصافحها برقة وامتنان قائلا بسعادة :
-سأنتظرك يا غادة
*************

اقترب على من نور الشاردة والتى لم تسمع وقع خطواته
حتى اصبح قاب قوسين او ادنى منها ، وما ان اخذ مجلسه بجوارها
حتى لوح بيديه امام وجهها قائلا:
-نوووووور ؟؟
اشرق وجهها عندما رأته لكن اثار دموعها المنسكبة على وجهها
كانت لا تزال موجودة والحزن الدفين القابع وراء عينيها
العسليتين لم يزل ، فقال بقلق:
-نور ماذا بكى ؟؟
هزت رأسها وهى تقول نافية:
-لا ابدا ماذا بى ؟؟
- دوما شاردة وحزينة فى الاونة الاخيرة ولم يفت علىّ ان
الاحظ محاولتك اخفاء هذا
فماذا بكى حقا؟؟ هل هناك شيئا ما؟؟
نقلت انظارها بعيدا عنه وهى تقول بحزن :
-لا يا على لا تقلق لا يوجد ما يستحق ان تقلق بشأنه
امسك بذقنها واداره اليه لتعاود النظر اليه فأسرعت بابعاد
يده عنها قائلة بحدة:
-ارجوك يا على لا تفعل
قال على بحيرة :
-لا افعل ماذا ؟؟
قامت من مجلسها واقتربت من احدى الاشجار التى تملأ
حديقة فيلتها وهى تقول بضيق:
-لا تفعل ما تفعله لا تعطينى هذا الاحساس الزائف
ثم تأخذه منى بلا هوادة ارحمنى ارجوك
اقترب منها وامسك كتفيها وادارهما ليواجهها وهو يتساءل
بقلق وحيرة:
-نور ماذا هناك؟؟ ما الذى تتحدثين عنه؟؟
اقسم لكى اننى لا افهم اى شىء مما تقولين
اندفعت الدموع تهرب من عينيها فمسحتها سريعا وهى تبتعد عنه قائلة:
-هذا بالضبط ما اتحدث عنه.. لحظات تتعامل معى بطريقة
اشعر من خلالها انك تبادلنى شعورى ولحظات اخرى تكون ابعد ما يكون عنى وتظل شاردا وكأن هناك ما يشغل بالك ولا تفهمنى ابدا
لا تفهم ابدا
قالت جملتها هذه واجهش صوتها بالبكاء وهى تحاول الركض
بعيدا عنه الا انه امسك بذراعها وهو يهتف:
-نور انتظرى ما هذا الذى تقولينه؟؟ هل تشعرين
بشىء تجاهى ؟؟
ظلت نور على صمتها ودموعها المتساقطة من عينيها الواسعتان
وكان صمتها ابلغ من اى كلمات تقال
فقال على باستغراب:
-حقا!! اذن لماذا لم اشعر بهذا ؟؟
نظرت الى عينيه قائلة بعتاب:
-لان هناك ما يشغل بالك عنى يا على
لم تستطع مواجهة نظراته والموقف المحرج الذى وضعت نفسها به فاسرعت
بالركض نحو الفيلا فحاول على اللحاق بخطواتها السريعة وصعد
الدرج ورائها محاولا ان يستوقفها الا انها دلفت الى غرفة والدها
واغلقت الباب بوجهه
هبط على الدرج فى تمهل وهو يفكر بما قالته الا ان صرختها
اعادته الى الواقع فاسرع بالصعود ثانية وطرق الباب
لتفتحه نور سريعا ليفاجىء بمعالم القلق والانهيار التى ارتسمت على
وجهها وهى تصيح مستنجدة به:
-انجدنى يا على ابى وقع بغيبوبة سكر انجدنى

****************

نظرت مى حولها برهبة ، فها هى تجلس بمكتب سكرتيرة حسام
الشريف الذى حطم املهم بحياة رغدة كريمة وكان السبب فى مرض
ابيها ووفاته بعد تلفيق التهمة الحقيرة التى ادخلت شقيقها السجن
ودمرت سمعته وجعلته ينتظر حكم المحكمة الذى قد يدمر مستقبله
ويؤدى لقضاؤه سنوات طويلة بالسجن ويتم طرده من كلية
الشرطة حلم حياته

انقلب شعور مى الى الضيق والغضب والاشمئزاز من حسام الشريف
الذى فرق شمل اسرتها الصغيرة ودمر سعادتهم
وها هى اليوم تحاول ان تخطو خطوة فى سبيل اثبات براءة اخيها
و تضع مكانه ذلك الشخص القاسى الكريه الذى فعل بهم كل هذا
وقلب حياتهم الهادئة رأسها على عقب

جاءت هنا اليوم لشغل وظيفة لديه . لقد دبرت بشق الانفس مبلغا لا بأس
به ابتاعت به فستانا جميلا يبدو جذابا عليها ووضعت زينة رقيقة على وجهها
زادت من جمالها ونضارة بشرتها التى تخطف الانظار ، فهذا هو الشىء الوحيد الذى يجعله يقبلها فى وظيفة لديه بعدما علمت انه صاحب
مغامرات نسائية متعددة
عليها ان توقعه بشباكها وتجعله يتعلق بها وتحاول ان تعلم عنه
الكثير والكثير كى تثبت مخالفته للقانون وتثبت براءة اخيها و

-تفضلى يا انسة مى
اشارت اليها نيرمين لتدخل مكتبه وهى تقول بتهذيب:
-حسام بيه ينتظرك ليجرى معك مقابلة العمل
سارت مى بخطوات بطيئة مرتبكة ، انها ستدخل بقدميها
وقبلها ارادتها عرين الاسد ..انها تقترب من النار بكامل وعيها كأى فراشة هشة تجذبها الالوان

تطلع اليها حسام ، لم يفت عن نظره اقل تفصيلة فيها ، نظر اليها
من رأسها الى اخمص قدميها وعندما اعجبه ما رأى وقف فى استقبالها
وهو يقول بابتسامة مدروسة:
-تفضلى يا انسة مى
تعجبت مى وهى تنظر اليه .. هل يعقل ان يكون هذا الوسيم هو
الداهية الذى دبر هذه المصائب ؟؟
لكن لكن.. نعم عيناه مخيفتان
ينطلق شرار غريب منهما وابتسامته اللزجة هذه لا توحى بالارتياح
الا انها حاولت ان تنفض عن ذهنها هذه الافكار
فقد جاءت لهدف واحد يجب ان تسعى اليه ولو احترقت بالنيران من اجله

اعتدلت فى مقعدها وقالت بدلال صاحبه صوت ناعم راق له:
-فى الحقيقة لقد سمعت كثيرا عن نزاهة شركتكم وسررت كثيرا
عندما طلبتم موظفين جدد بمؤهلى فسارعت باخذ ميعاد وسارعت بملء
الاستمارة وها انا الان لم اتأخر ثانية واحدة
بدا ان حسام لم ينتبه الى حديثها اذ قال وهو يضحك:
-اعذرينى انا لم استمع فعلا لحديثك اذ شغلنى عنه صوتك الناعم
الرقيق
ضحكت بنعومة وهى تقول:
-لقد كنت اقول
اشار اليها بيده قاطعا حديثها بقوله:
-لا حاجة بكى للقول قولى لى فقط هل انتى مهتمة بوظيفة
الحسابات هذه؟؟
اعتدلت بمقعدها وهى تقول بقلق:
-ماذا تعنى ؟؟ الم يتم قبولى ؟؟
-لا انا لم اعنى هذا .. انا اعنى ما رأيك بالعمل لدى كسكرتيرتى
الخاصة ، ففى الحقيقة اننى احب سماع صوتك الناعم هذا ، على الاقل
سيصبرنى على متاعب العمل كما انه سيجذب عملاء كثيرين
عادت مى تضحك بنعومة ورقة وهى تقول:
-وهل يمكننى ان ارفض ؟ انا اتمنى بالطبع ان اكون سكرتيرتك
يا حسام بيه
قال حسام بسعادة:
-حسنا اتفقنا ومرتب هذه الوظيفة اكبر ايضا من الاخرى
-لكن ماذا عن سكرتيرتك التى ادخلتنى ؟؟
اشار بيده فى لامبالاة:
-نيرمين .. لقد سأمت منها على اى حال
ثم عاد يقول فى سرعة وارتباك:
-اعنى لا تقلقى بشأنها وظيفتها محفوظة
اومأت برأسها وهى تقول بلهفة:
-حسنا ومتى ابدأ العمل ؟؟
-من الغد ما رأيك ؟؟
قامت من مجلسها وهى تمد يدها الرقيقة نحوه قائلة :
-حسنا يا حسام بيه سأكون لديك بالميعاد
صافحها حسام بنظرات ذئب ينتظر وقوع فريسته فى الفخ فحاولت التعجيل
بالمغادرة وهى تقول بسرعة:
-لن اتأخر يا حسام بيه لن اتأخر عن اذنك
تطلع الى قوامها وهى مغادرة وقال وهو يبتسم ابتسامة غير مريحة:
-الى اللقاء يا مى
خرجت مى من مكتبه مسرعة الا انها من فرط سرعتها
وارتباكها اصطدمت بعمرو واوقعت ما معه من اوراق فنزلت على ركبتها جمعتها له بوجه احمر خجلا وقلب رق لحاله وذراعه المجبسة
واسرعت تقول باحراج :
-انا اسفة انا اسفة جدا لم اقصد
تناول عمرو الاوراق من بين يديها وهو ينظر الى عينيها والى وجهها
الاحمر وتعلثمها وعينيها اللتان تنطقان بالاسف والاشفاق فقال
فى سرعة :
-لا ابدا .. لا تقلقى
-انا فعلا اسفة
هز رأسه وهو يقول مطمئنا اياها ومزيلا عنها شعورها بالاحراج:
--صدقينى لم يحدث شىءلا عليكى
ابتعدت عنه وهى تردد:
-اكرر اسفى عن اذنك
تابعها عمرو بنظره وهو يغمغم:
-هل الرقة والجمال لا يزالان موجودان بعالمنا ؟؟!!!

****************

وقفت غادة امام المرآة تهندم ثيابها وتصفف شعرها الكستنائى الذى افسده
امجد بجذبها من اياه وسط دخوله المفاجىء الشبيه بالعاصفة التى تناثرت
فى كل اتجاه مع صرخاته الغاضبة وكفه الذى هوى على وجهها اكثر من مرة:
-الى اين انتى ذاهبة يا غادة هانم؟ لملاقاة رجلك الوسيم ادهم باشا !!
هل وصلت بكى الجرأة ان تدخليه منزلى وانا غير موجود وتتفقى
معه على مواعيد غرامية ؟؟ هل تحسبيننى مغفلا ايتها الحقيرة
اندفعت شلالات دموعها المقهورة فى كل صوب وهى تحاول الابتعاد عنه
هاتفة بكل ما اوتيت من قوة:
-اهدأ يا امجد اهدأ حرام عليك لم افعل شيئا مما تقوله
ما هذا التخريف الذى تتحدث عنه ؟؟
لم يتوقف عن ضربها وهو يصيح بها :
-هل تنعتينى بالمخرف ايتها الحشرة الحقيرة الخائنة ؟؟
كل جنسكن منحط يزهد النعمة التى بين يديه ويبحث عن الحرام بالخارج
صرخت غادة :
-كفىىىى كفى ارحمنى ، حرام عليك حرام عليك
لماذا تفعل بى هذا ؟؟ اى حرام الذى تتحدث عنه ؟؟ اقسم بالله اننى بريئة
من كل تهمة حقيرة تطلقها على ، حرام عليك ،لا ترموا الناس بالباطل
(يا ايها الذين امنوا اذا جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ان تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين)
واى نعمة تلك؟؟ انت النعمة !! بل انت نقمة حياتى ، انت كل شىء
جاءنى بابشع كوابيسى ، انت رجل سادى تعاملنى كعبدة وانا
زوجتك يجب ان تكرمنى وتحمينى وتحنو علىّ لا ان تشك
بىّ لوساوس زرعها بقلبك وعقلك افعى تحيا بهذا المنزل
انا اعلم ما تتحدث عنه واعلم ما اسرت اليك تلك العقربة
بالتأكيد اخبرتك ان ادهم كان هنا وا.....
جذبها من شعرها وهو يصيح:
-نعم ايتها الخائنة ، كان هنا فى منزلى واتفقتما على الخروج بموعد وكنتما
كالعاشقان تتهامسان وتظهران لهفتكما على اللقاء بل واعطاكى خطابا
يبثك فيه حبه وغرامه لماذا اذن تزوجتينى ولم تتزوجى حبيبك هذا
يا غادة هانم؟؟؟
نظرت اليه بغضب حانق وكبرياء مجروحة وكرامة تحطمت وتحولت الى فتات
لكنها قامت فجأة من مرقدها بالارض والتقطت يدها دعوة الزفاف
ناولته اياها وهى تحدق بوجهه فى تحدى وعتاب:
-ها هو الخطاب الغرامى الذى اعطاه لى يا زوجى العزيز
خطفه منها بحدة وكاد ان يصيح بها الا انه توقف مشدوها امام
الكلمات الذهبية التى رصت بالدعوة والتى تدعو لحفل زفاف ادهم ودنيا
نظرت اليه بعتاب منتظرة رد فعله الذى يعيد اليها كرامتها المذبوحة
الا انه لم يحرك ساكنا لفترة طويلة واخيرا اتجه نحو باب غرفة
نومهما وهو يقول بلهجة آمرة:
-اجمعى كل ملابسك وحاجياتك سنغادر هذا المنزل
وننتقل لمنزل اخر
هتفت بغضب:
-قلت لك انا لست عبدتك وليس كل ما تأمرنى به سأنصاع له
لقد تحملتك كثيرا ويكفى هذا لن انتقل معك الى اى مكان لكننى سأجمع
ملابسى وارحل
اتجه نحوها وهو يقول بضيق:
-ترحلين الى اين ؟ تعودين لمنزل عمك ؟ الا تعلمين اننى من ينفق
على هذا المنزل
نظرت اليه بذهول ودموع القهر والذل تسقط من عينيها الخضراوين
فاسرع يقول:
-لم اقصد ما فهمتيه اقصد ان مى لن تستطيع تحمل اقامتك معها
ليس لكى الا منزل زوجك
قالت غادة بكبرياء:
-عندما يصير زوجى انما انت سيدى وانا عبدتك
انا راحلة يا امجد
امسك يدها وقال بلهجة نادمة:
-انا اسف يا غادة
نظرت الى عيناه المحملتان بالاسف والندم بتعجب وعقدت
ذراعيها امام صدرها وهى تقول بتحدى:
-وماذا بعد ؟؟ هل تتصور ان اسفك هذا يكفينى؟ هل تتصور ان اسفك
قد يمحى ما فعلته بى وشكك وغيرتك وظنونك التى لا تنتهى
لا يا امجد اسفك هذا لا يفيد بشىء
قال برجاء:
-اذن اعطينى فرصة اخيرة انا اعلم اننى اخطأت بحقك
لكننى اعدك انها ستكون المرة الاخيرة
نظرت اليه بعدم تصديق وهى تدير الامر برأسها
اتبقى ام ترحل ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

******************


انطلقت زغرودة ناهد تصم اذنى دنيا التى قالت فى سرعة:
-عمتى عمتى يكفى هذا
هتفت ناهد فى سعادة:
-ماذا ؟؟ الا ينبغى ان افرح بابنة اخى وعروس ابنى ؟؟
ضحكت دنيا برقة وهى تقول:
-نعم لكن زغاريدك عالية النبرات جدا يا عمتى
- انا فقط سعيدة من اجلكم
ثم اقبلت عليها وقبلتها وربتت على رأس ادهم الذى يجلس
بجوارها قائلة:
-الف مبروك لكم الفرحة لا تسعنى
ثم استطردت بعتاب وهى تنظر حولها:
-لا ادرى يا دنيا لما لم تقيمى زفاف كبير يليق بكى
عقد القران هكذا ودعوة اقرب الاقارب لا تصح
كان ينبغى ان يكون حفل زفافك اسطورى تتحدث عنه مصر كلها
ابتسمت دنيا وهى تقول:
-انا لا احب الحفلات الكبيرة يا عمتى هكذا افضل
نظر ادهم لدنيا التى احاط وسطها بذراعه وقال متعجبا:
-اتعجب لامرك يا دنيا كل فتاة تنتظر هذا اليوم بفارغ الصبر
وتتمنى ان ترى نفسها فى الفستان الابيض
اجابت دنيا:
-لاااا انا تطلعاتى اقل من هذا بكثير انا احب البساطة
حتى بيوم زفافى ثم يكفى ان يكون زوجى وحبيب عمرى بجوارى
ثم ضحكت وهى تقول بسعادة:
-يا الهى !! الكلمة لها وقع مختلف على اذنى
طبع ادهم قبلة على خدها وهو يقول بحنان:
-وهل يعجبك وقعه ؟؟
اطالت النظر فى عينيه العسليتين وهى تهمس بحب:
-يعجبنى جدا يا حبيبى
قالت ناهد التى كانت تسترق السمع اليهما:
-اذن لا داعى لوجودى الان بينكما استأذنكم انا
هتفت دنيا وناهد تبتعد عنهم لتندمج بين باقى المدعوين بالفيلا التى ازدانت
بالانوار والورود :
-لا ابدا يا عمتى
اقتربت منها مى وقالت وهى تحتضن دنيا وتقبلها:
-الف مبروك مرة ثانية يا دنيا
ابتسمت دنيا وهى تقول بامتنان:
-اشكرك يا مى على قدومك لم يكن هناك داعى لحضورك
فى ظل ما تعانيه
قالت مى بعتاب:
-كيف تقولين هذا يا دنيا ؟؟ لقد وقفتى جانبى بحزنى افلا اقف بجانبك
بفرحك!! هذا يوم زفافك ولطالما اردت ان اكون بجوارك فى هذا اليوم
عادت دنيا تحتضنها وهى تقول بحب:
-شكرا لكى يا مى
ثم شددت على ذراعيها وهى تقول بحماس:
-ميعادنا غدا يا مى وباذن الله محمد يخرج براءة
قالت مى بحسرة:
-براءة !! يبدو انكى لا تجلسين مع محاميكى يا دنيا
فقط ادعى الله ان يقف بجواره ويخفف عنه ما هو فيه
تدخل ادهم فى الحديث قائلا:
-يارب آمييييييييييييين
نظرت له مى بامتنان وربتت على كتف دنيا قائلة:
-كنت اتمنى الا ازعجك غدا خصوصا ان اليوم يوم زفافك لكنكى
انتى من تصرين على حضور المحاكمة
اومأت دنيا برأسها وهى تقول:
-طبعا يا مى انا سأكون اول الحاضرين باذن الله
وسيكون معى ادهم فانتى بحاجة الينا بجوارك غدا يا عزيزتى
احتضنتها مى بقوة وهى تحاول كتم دموعها قائلة بسعادة:
-شكرا لكى يا اغلى الاصدقاء والف مبرووووووووك

****************


-ماذا تفعل هنا ؟؟؟
اطلقت نعمة هتافها لامجد الذى كان يبعثر محتويات مكتب فيلا السعدنى
جامعا بعض الاوراق التى وضعها بحقيبة جلدية سوداء
استعد للرحيل من غرفة المكتب
دون ان يهتم بنعمة التى وقفت حانقة تبدو
معالم الغضب على ملامح وجهها ويشع الضيق من كلماتها المستهزءة:
-أأنت رجل انت ؟؟ تنقل السنيورة بمنزل اخر حتى تتيح لها
الحرية تمارس افعالها المشينة من وراء ظهورها
اتجه نحوها بغضب ولوى ذراعها خلف ظهرها وهو يقول بتحذير:
-اسمعى ايتها العقربة لولا انكى للاسف زوجة ابى لما كنت حييت
يوما اخرا على سطح البسيطة ، وستدفعين ثمن تلاعبك بى هذا
يوما ما انا اعلم هدفك من كل تلك الافلام التى تؤلفيها
انتى تريدين تعاستى وان كنت قد اعطيتك الفرصة لذلك مرة او مرتان
فاعلمى ان هذا الزمن انتهى واننى اخذت زوجتى الشريفة الطاهرة لمكان اخر بعيدا عن هذا المكان الموبوء الملىء بحشرات من امثالك
جذبت يدها من يده وهى تصيح :
-هل تمثل دور الرجل علىّ؟؟ لماذا اذن لا تحكم امرأتك؟؟
كاد ان يهوى على وجهها بكفه الا انه تمالك نفسه باللحظة الاخيرة
وهو يصرخ بها:
- خير لكى اتقاء شرى انتى لا تعلمين من هو امجد السعدنى
صدقينى لن تنالى مما تفعلينه سوى الهلاك والدمار وخراب بيتك
نظرت اليه بغل قائلة بغضب:
-اتهددنى ايها الوقح !!
اذهب بهلاكك ودمارك هذا لامك التى هجرتك صغيرا
لها كل الحق فيما فعلته فانت بالفعل انسان وقح
اتسعت عيناه مع حديثها عن امه وامسك ذراعيها بقوة تأوهت لها
صارخا فيها:
-ماذا تعرفين انتى عن امى ايتها الحقيرة
ابعدت ذراعيه عن كتفيها وهى تهتف بتشفى:
-امك هى ناهد هانم التى جاءت هنا لزيارتك يا امجد بيه

******************

تعلقت عينا مى بباب قاعة المحكمة الذى دلفت منه غادة التى ما ان اقتربت منها حتى هالها تلك العلامات الزرقاء التى بدت بوجهها والتى حاولت اخفاؤها بذلك الوشاح فاشارت مى بجذع الى وجهها هاتفة:
-غادة !! ما هذا الذى بوجهك ؟؟
تعلثمت غادة وهى تجيب:
-ماذا ؟ ماذا يوجد؟؟ لا يوجد شىء
استمر قلق مى وهى تشير الى خدها الايسر قائلة:
- هذه العلامات التى بوجهك ؟؟
-اه نعم انها انها ..لقد سقطت .. نعم سقطت عن الدرج
تساءلت مى بدهشة :
-اى درج !!
تنهدت غادة وهى تقول بلهجة حاولت ان تبدو عادية:
-لقد انتقلنا انا وامجد امس الى منزل اخر فسقطت عن درجه
تضاعفت دهشة مى وهى تهتف:
-انتقلتوا !! ولما !!
حاولت غادة تغيير دفة الحديث باشارتها الى دنيا التى دلفت الى قاعة المحكمة
وهى تتأبط ذراع زوجها ادهم اذ قالت:
-انظرى ها هى دنيا قد جاءت
التفتت مى الى حيث تشير غادة فوجدت دنيا قد اقتربت منهم وعلامات القلق تبدو على وجهها وهى تقول:
-انا اسفة للتأخير لكن زحام الطريق هو السبب
اشارت مى بيدها قائلة:
-لا عليكى الجلسة لم تبدأ بعد على اى حال
اتخذت دنيا مجلسها بجوار مى وقالت وهى تتطلع لوجهها بدقة:
-وكيف حالك الان يا مى ؟؟
هزت مى كتفيها وهى تجيب بتوتر:
-اعصابى مشدودة قليلا ولم اذق طعم النوم اذ قضيت الليل كله بين
يدى ربى
ربتت دنيا على ظهر مى وهى تقول:
-ان شاء الله ربنا سيقف الى جواره الليلة ويظهر براءته
قالت غادة من اعمق اعماق قلبها:
-يااااااااااااااارب
تلفتت دنيا حولها وهى تقول:
-اين زوجك يا غادة؟ الن يأتى امجد؟؟
قالت غادة باحراج:
-فى الحقيقة هو مشغول جدا، لقد حاول ان يأتى لكن
حاولت مى اعفاءها من حرجها فاسرعت تقول:
-لا عليكى يا غادة لا عليكى يكفى وقوفه بجوارنا فى الجلسات
الماضية

-محكمة !!!!!!!!!!
اندفعت الكلمة الهادرة من فم حاجب المحكمة لتلفت انتباه الجميع لبدء الجلسة
واندفع محمد يتعلق باسوار القفص فاسرعت مى نحوه وامسكت يديه وهى تقول والدموع تملأ عينيها:
-محمد يا حبيبى كيف حالك؟؟ ان شاء الله ربنا سيفرج كربك وتظهر براءتك
هتفت غادة وهى تقترب منهما:
-نحن جميعنا معك يا محمد تسبقنا صلواتنا ودعواتنا
اومأ محمد برأسه وهو يقول بابتسامة حزينة:
-شكرا يا غادة شكرا يا انسة دنيا لمجيئك
قالت دنيا وهى تبادله ابتسامته الحزينة:
-مدام يا محمد لقد تزوجت بالامس
تهلل وجهه وهو يقول بسعادة :
-حقا الف مبروك لم يكن اذن هناك داعى لحضورك
هتف ادهم:
-لا تقل هذا يا محمد نحن معك بشدتك
طرق القاضى على الطاولة امامه وهو يقول:
-من فضلكم جلوووس، لقد بدأت الجلسة ، نادى يا بنى على المتهمين

بعد كلمةالنائب العام ودفاع المحامى الذى استغرق اكثر من ساعة شعرت بها مى كالدهر وهى تنظر لاخيها من حين لاخر ، قال القاضى:
-الحكم بعد المداولة
تقدمت مى بسرعة من المحامى وهى تقول بلهفة وقلق:
-ما الاخبار يا استاذ ربيع؟ لقد كانت مرافعتك رائعة لكن هل يا ترى
ستجدى نفعا ؟؟
طأطأ المحامى رأسه وهو يقول:
-كله بيد الله يا ابنتى ، للاسف لقد وجدوا الحقيبة فى عقر دار اخيكى وهناك شهود عيان
هتفت مى بحنق:
-شهادة زور يا استاذ رييع
هز كتفيه وهو يقول بقلة حيلة:
-لكننا لا نستطيع اثبات هذا يا مى

-محكمة !!!!!!!
عادت مى مسرعة الى مقعدها والخوف والقلق يلتهماها، وكادت ان تعض اناملها من التوتر اما قلبها فلم يكف عن الخفقان وهى تنظر لاخيها الذى لم يكن بخير حال منها ، عضت شفتيها وهى تعاود النظر للقاضى الذى قال:
-حكمت المحكمة حضوريا فى القضية رقم.......جنايات على المتهم محمد سعيد الصادق بالسجن المؤبد مع الشغل والنفاذ

انطلقت الشهقات من افواه الجميع واندفعت دموع غادة بينما صرخت دنيا وهى تقول بغير تصديق:
-حرااااااااااام حراااااااااااااام
اما مى فقد فغرت فاهها بدهشة واتسعت عيناها باستنكار وما لبثت ان سقطت
مغشىا عليها ، وصرخ محمد وهم يجذبونه وراء القضبان :
-انا برىءءءء والله العظيييييم برىءانا لم افعل شيئا يا باشا
يا سيادة القاضى ارجوكم استحلفكم بالله والله العظييم برىء والله العظيم لم افعل شيئا
وما ان رأى مى فاقدة الوعى حتى صاح بدموعه التى اغرقت وجهه:
مااااااااااى ماااااااااااى
حسبى الله ونعم الوكيل حسبى الله ونعم الوكيل
ترددت دعواته وهم يسحبونه الى الداخل فى حين اسرع ادهم يحمل مى منطلقا بها الى السيارة وتتبعته دنيا التى جلست بالمقعد الامامى الى جواره بينما جلست غادة بالمقعد الخلفى ووضعت رأس مى على حجرها
واخذت تردد وهى تبكى:
-لا اله الا الله الا اله الا الله الا اله الا الله
قالت دنيا بصوت باكى مختنق وهى تمسح دموعها:
-انطلق بنا يا ادهم على المستشفى
هتفت غادة:
-لا يا دنيا مى لا تحب المستشفيات ، انطلق بنا الى منزلها من فضلك يا ادهم

***************

دفنت دنيا وجهها فى كفيها وتصاعد نحيبها وبكاءها المرير الذى مزق نياط
قلب ادهم وجعله يقترب منها ويبعد كفيها عن وجهها الذى اسنده بكفيه لتطالع
وجهه الممتقع الذى دلت كل خلجة من خلجاته على مدى القلق الذى يشعر به عليها ومدى الحزن الذى ينهش قلبه لرؤيتها على هذا النحو وقد وضح هذا فى كلماته اليها:
-دنيا ارجوكى اتوسل اليكى لا تفعلى هذا بنفسك
انا اتألم وانا اراك هكذا
اشارت الى غرفة مى التى ترقد بداخلها وبجوارها غادة وقالت بالم:
-وانا اتألم لرؤيتها هى على هذا النحو
لماذا يحدث كل هذا لها؟ لماذا تحيط بها المصائب من كل جانب
لا يوجد انسان يتحمل ما تتحمله هى
اشعر بالالم الشديد اننى احيا بتلك الرفاهية وان الله اعطاك لى خير هدية
وهى المسكينة حرمت من كل شىء من اب من اخ من زوج
عادت دموعها تنهمر على وجهها من جديد رغم توسلات ادهم لها ان
تتوقف الا ان عيونها الحمراوان لم يتوقفا عن افراز دموعها التى
قالت من بينها:
-وانت ما ذنبك فى كل ما يحدث ؟؟
انت رجل مثالى تستحق زوجة مثالية تكون بخدمتك ولك وحدك
لا ان تجترك الى الحزن والهم بيدها
تستحق ان يقام حفل اسطورى لزفافك لا مجرد احتفال بسيط
يجمع افراد يعدون على اصابع اليد ، تستحق ان تقضى شهر عسلك باجمل مكان بالعالم لا ان تقضيها ما بين المحاكم وبكاء النساء

انا اكره نفسى يا ادهم
من جانب صديقتى وشقيقتى تحلم بربع ما املكه
ومن الجانب الاخر ما املكه انا لا احافظ عليه بل اسوقه فى
حزن وهم على طول الخط ، منذ ان عرفتنى يا ادهم لم تجد معى
الا الكرب و
وضع اصبعه على شفتيها ليمنعها من اكمال حديثها وقال بلهجة تحمل كل الحب والهيام والفخر:
-اولا انتى اجمل ما حدث لى بحياتى ولم اكن لاكون سعيدا الا معكى
ثانيا انتى تزدادين بنظرى قيمة لما اراكى تفعلينه مع صديقتك فكفاكى ايتها الطفلة الحانقة تلك الكلمات الفارغة والافكار السخيفة وتأكدى اننى احبك ومى بحاجة اليكى

*******************

jen 07-11-08 06:36 AM




الفصل الثالث عشر

واقع مرير


جلس محمد على الطاولة المعدنية يلقى بجوفه اللقيمات ذات الطعم

المقزز والرائحة الكريهة وهو مكره ، فهو للاسف يحتاج لطعام

ليعينه على العمل الشاق والحياة الاكثر شقاء فى جنبات هذا السجن الظالم القاسى

الذى يتحمل الحياة فيه بشق الانفس ولا يتخيل انه قد يقضى فيه خمسة وعشرون سنة

لا يتخيل ابدا ولا يريد ذلك

دوما يحمل الامل فى اعماقه

لم يستطع ان يواصل عمليات التقزز تلك التى يمارسها بالقاء ذلك الطعام

بجوفه فمعدته على وشك ان تفرغ ما فيها

ما فيها !! رددها بسخرية فى اعماقه

فمعدته خاوية على عروشها

كم يفتقد تلك الاكلات اللذيذة التى كانت تصنعها له مى او تلك التى كانت تسربها

هند له من وراء انظار والديها

آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه

كم يشتاق الى الاثنتان والى والده الحبيب

كم يشعر بقلة الحيلة امام ما تفعله مى من اجله وتعرض نفسها للخطر لتثبت براءته وكم يشعر بالفخر مما تفعله

وكم يشتاق الى هند حبيبته الجميلة التى لا يمر يوما دون ان يررد قلبه اسمها

وكم يشتاق الى والده الحبيب وكم يتمنى ان يكون الى جواره الان


خمسة وعشرون عاما

لا يتخيل ابدا انه يمكن ان يمضيهم بهذا المكان

لا يتخيل ابداا ولا يريد

فدوما يحمل الامل فى اعماقه

الامل فى ان تظهر براءته ويغادر هذا الجحيم ويعوض مى عن تعبها

ويضع دبلته باصبع هند ويرتمى باحضان والده

لكن متى يتحقق هذا

متى يتحول الحلم الى حقيقة

متى

؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟


*********************




قطعت نور ردهة الطابق الثالث بالمستشفى مجيئا وذهابا وهى تردد

بعينان دامعتان:

-يارب احفظه لى يارب ليس لى غيره يارب يااارب

اتجه على نحوها وامسك يديها التى رفعتها عاليا واخفضهما وهو يقول بحنان:

-نور اهدئى ارجوكى اهدئى باذن الله سيكون بخير

تنازعتها رغبات شتى ما بين ان تبكى باحضانه وان توسعه ضربا وتبتعد عنه

لكنها فى النهاية لم تملك سوى ان تقول بصوت متشنج وعينان اذرفت دموعهما الملتهبة:

-يارب يا على يا رب

جفف على دموعها المنهمرة على وجهها وقال وهو يجلسها الى جواره على احدى المقاعد الجلدية التى انتشرت فى الردهة:

-يجب ان تهدئى يا نور وتتمالكى اعصابك ان شاء الله سنطمئن عليه وسيكون بخير حال اخبرينى هل مر بهذه التجربة من قبل ؟؟

هزت رأسها نفيا وهى تقول بصوت متهدج:

-لم يقع فى غيوبة من قبل لكنه عانى كثيرا مع هذا المرض

ثم مررت اصابعها بعصبية فى شعرها الاشقر وهى تقول بضيق:

-اتعلم !! انا السبب لقد اهملته بالفترة الماضية ولم اتابعه فى آخذ دواءه رغم

اننى اعلم جيدا انه لا يحب الدواء ويراوغ فى تعاطيه وانه بدون رقابة منى قد لايهتم

بنفسه انا السبب

هز على رأسه وهو يهتف:

-لا تقولى هذا يا نور

فى حين اومأت هى برأسها وهى تردد:

-لا يا على بل انا السبب لقد انشغلت عنه تماما ونسيته

عقد حاجبيه باستغراب وهو يتساءل:

-انشغلتى عنه فى اى شىء؟؟

نظرت اليه بعينان ملومتان ولم تجيبه وحين اعاد سؤاله اجابته بحنق

وهى تبعد ناظريها عنه:

-فيك يا على كنت مشغولة بك هل استرحت الان ؟؟

بهت على لجوابها ولم يدرى ما المفترض ان يفعله وكاد يفتح فمه ليقول شيئا واهيا ينتزعهم من ذلك الموقف المحرج الا انه لم يجد فاطبقه وانقذه اخيرا خروج الطبيب فقام بسرعة لسؤاله بلهفة بالهولندية التى امسى يعرفها جيدا :

-كيف حال السيد بهاء الدين يا دكتور ؟؟

مط الطبيب شفتيه وهو يقول:

-فى الحقيقة الحالة غير مستقرة يبدو انه اهمل نفسه ولم يهتم بصحته

زوى على ما بين حاجبيه وهو يتساءل بلهجة جمعت بين اللوعة والدهشة:

-ماذا تعنى ؟ الم يفق من الغيبوبة بعد ؟؟؟

وضع الطبيب يده على كتف على وهو يقول بدون مواربة:

-اسمع دعنى اكون صريحا معك قد تطول غيبوبة السيد بهاء الدين

وقد لا يستيقظ منها اصلا

اتسعت عيناه وهو يهتف بلوعة:

-ماذا تقول !!!!!!!!

-لقد اتفقنا على الصراحة لكن لا تقلق المستشفى ستوفر له افضل رعاية وعناية ومتابعة طبية لا تقلق من هذه الجهة فسنبذل قصارى جهدنا

انهمرت دموع نور وهى تترك جسدها يهوى على المقعد مما اخلف صوت ارتطام انتبه له الطبيب واتجه على اثره لها قائلا بسرعة قبل ان ينصرف:

-ارجوكى يا انسة كفى عن البكاء ولا تقلقى وانا ارى انه من الافضل ان تغادروا الان وتأتوا غدا لان الزيارة ممنوعة الان

جذبها على من على المقعد الا انها تركت يده وقالت بانهيار:

-انتظر يا على اريد ان القى نظرة عليه

عاد على يمسك يديها ويسير بها فى ردهة المستشفى قائلا بحنو بالغ:

-سنعود غدا يا نور من اجله لكن الان يجب ان ترتاحى قليلا وتهدئى وتدعى الله ان تتحسن صحته

حاولت نور ان تتماسك وتتناسى الالم الذى يعتصر قلبها والقلق الذى يعصف برأسها

لتقول بجدية:

-على اعتقد انه من الافضل ان تقابل المحامى الخاص بنا لتطلع على المكتوب بوصية ابى فى حالة وقوعه فى غيبوبة او او

لم تستطع ان تكمل جملتها المؤلمة وتركت على مشدوها وهو يحدق بها ويسألها باستغراب:

-وهل هذا وقته يا نور ؟؟؟

زفرت فى ضيق وهى تقول بصوت خافت:

-هذا هو المتبع هنا يا على يجب ان نعلم من الواصى عليّ حتى نستطيع

مواصلة عمل ابى وهو بتلك الغيبوبة

العمل لا يجب ان يتوقف مهما كانت الظروف


**************



استغرقت مى فى العمل فى الاوراق العديدة التى افترشت سطح المكتب الذى تقبع خلفه والذى مال عليه حسام الذى كاد وجهه يلاصق وجهها المنغمس فى الاوراق وهو يقول بابتسامته اللزجة:

-صباح الخير على اجمل فتاة فى شركة المعماريين

كم ارادت ان تقلب المكتب فوقه وان تنتزع اسنانه هذه لتمحى تلك

الابتسامة التى تكرهها ، ارادت ان تغرز القلم الذى تحمله بين يديها فى عينيه

ارادت ان تمثل بجثته

الا انها احتملت كل هذا وحاولت ان تظهر رقة ونعومة فى صوتها الذى خرج من

شفتيها المبتسمتين بصعوبة:

-صباح الخير يا حسام بيه لقد تأخرت اليوم

قال بصوت هامس حالم اعتقد انه سيوقعها به فى شباكه:

-لم اتأخر كثيرا هل اشتقتى لرؤيتى؟؟

تنحنحت مى وهى تقول بابتسامة:

-تسعدنى رؤيتك دوما يا حسام بيه

ضحك قائلا:

-يا الهى على الكلمات الرقيقة التى تصدر من ذلك الفم الجميل !

ثم تلفت حوله قبل ان يستطرد قائلا بلهجة خاصة:

-اسمعى سأدخل مكتبى واتبعينى واحضرى معكى البريد والاوراق التى تحتاج الى توقيعى

اومأت برأسها وقالت:

-اوامرك يا حسام بيه


ظلت مى تتابعه بابتسامة رقيقة لكن ما ان دلف مكتبه واغلق الباب خلفه حتى

زالت الابتسامة واكفهر وجهها لكنها امسكت لجام نفسها جيدا حتى لا تنطلق

خلفه لابادته عن وجه الارض او حتى لا تفقد زمام الامور وتنهار باكية

وظهرت معاناتها على وجهها الذى دفنته بين كفيها وهى تتعجب من نفسها

اذ لم تكن تفكر يوما انها ستعامل الشخص الذى فرق شمل اسرتها ودمر مستقبل اخيها بهذه الرقة والنعومة انها تكره نفسها لهذا

لكنها مضطرة يجب ان تفعل هذا

انها تتبع المقولة الانجليزية

Keep your friends close to u & keep your enemiescloser


يجب ان تحصى انفاسه وترصد تحركاته وافعاله المشبوهة لتمسك بين

يديها دليلا ضده يدخله السجن ويثبت براءة اخيها

ومن خلال الايام القليلة الماضية التى عملت فيها معه اكتشفت عنه الكثير

فهو انسان نصاب صاحب نزوات نسائية متعددة ولا يحاول اخفاء هذا

كما اكتشفت اشياء غامضة مريبة

اذ يسافر للاسكندرية كثيرا واكثر

من مرة تستمع اليه عبر الخط الخاص يتحدث مع اجنبيين حول صفقات

يتسلمها من ميناء الاسكندرية

انها ستركز جهودها حول تلك المكالمات التى تأتيه عبر الخط الخاص لانه فيما يبدو

ان هذا الطريق الذى من خلاله قد تصل لما تبغى


اندفع صوته من جهاز امامها ينتزعها من شرودها وافكارها الانتقامية:

-مى اين الاوراق التى طلبتها ؟؟

ضغطت مى على زر بعينه بالجهاز وهى تقول بارتباك:

-حالا يا حسام بيه ثوانى

لملمت الاوراق التى طلبها وفى طريقها لباب مكتبه لمحت ذلك الشاب الذى اصطدمت به المرة السابقة واوقعت ما معه من اوراق فاحمر وجهها خجلا فى حين

قال هو بدهشة حينما طالع وجهها:

-اين نيرمين؟؟

-لقد نقلت الى وظيفة اخرى انا السكرتيرة الجديدة

رفع عمرو حاجباه بدهشة وهو يشير اليها باصبعه وكأنما تذكر شيئا ما اذ هتف:

-الستى انتى الفتاة

اكملت جملته بارتباك:

-التى اوقعت منك الاوراق فى المرة السابقة

نعم انا هى انا اسفة حقا

لوح بذراعيه قائلا:

-لا داعى لهذا هل يمكننى ان اقابل حسام

ردت باستغراب:

-حسااام !!!!!

اومأ برأسه قائلا:

-نعم اليس موجودا

-بل موجود لكننى استغربت من نطقك للاسم مجردا دون القاب

-آآآآه انه اخى

تضاعفت دهشتها وهى تهتف:

اخاك انت !! كيف ؟؟ اقصد لماذا اذن تعمل لديه ؟؟ لماذا لست شريك معه بالادارة

نظر الى الارض وهو يجيب بصوت خافت:

-انه اخى من امى فقط وليس شقيقى

قالت مى فى فهم:

هكذا اذا هذا يفسر الاختلاف بالتأكيد اباك رجلا طيبا

حدق فى وجهها بدهشة وهو يتساءل:

-ماذا تعنين

-لقد استغربت حقا عندما قلت انك اخاه فانتما لا تشبهان بعضكما على الاطلاق ليس فقط بالشكل الخارجى ولكن

هز رأسه وهو يقاطعها قائلا:

-افهم تماما ما تعنين انا اسمع هذا الكلام كثيرا


-يااااا مى اين انتىىىىىى؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟


اختفت الدماء من وجهها الذى امتقع وهتفت بقلق:

-يا الهى لقد تأخرت عليه كثيرااا ، يجب ان ادخل له وسأعطيه خبرا انك تريد مقابلته عن اذنك

تابعها بنظره فى اعجاب وقال بتعجب مشوب بالغيرة:

-اخيرا اصبح لك ذوق جيد يا حسام


*****************


-الف مبروك يا مدام غادة انتى حامل

قال الطبيب جملته هذه فى سعادة وهو يساعدها ان تهبط من على فراش الكشف

فتدلى فك غادة وامتقع وجهها وهى تهتف بدهشة:

-حامل !! هل انت متأكد يا دكتور ؟؟

جلس الى مكتبه وهو يجيبها:

-بالطبع يا مدام غادة انتى فى الشهر الثانى من الحمل ويلزمك راحة تامة والا ترهقى نفسك ويجب ان تتابعى الحمل معى حتى يستقر هذا اول فرحتك اليس كذلك !!

اومأت برأسها ومازل الامتقاع على وجهها وقالت:

-نعم

ناولها ورقة بيضاء خط عليها بضعة سطور انجليزية وهو يقول:

-لقد كتبت لكى على مقويات لتساعدك على تحمل الحمل وتتحسن صحتك

انتى والجنين فجسدك ضعيف للغاية

-اشكرك يا دكتور

-لا تنسى ان تأتى لى بالاسبوع المقبل لنتابع حملك

فتحت باب الغرفة وهى تقول بصوت خافت:

-ان شاء الله يا دكتور


هبطت غادة على درج المبنى الذى يضم عيادة الطبيب واستقلت السيارة التى خصصها امجد بسائقها لتحركاتها وما ان اصبحت داخلها حتى شردت بعيدا عن كل ما يحيط بها

حامل !! هى حامل !!

المفترض ان يجعلها هذا الخبر تطير من السعادة

لكنها تشعر انه اسوأ خبر سمعته بحياتها ربما لان الوالد هو امجد

الذى يذيقها الويل دون ان تدرى سببا لهذا

وللاسف ليس هناك اى شىء تستطيع فعله فلا مكان لها سوى بيته فهى

لن تعود لمنزل زوج امها ثانية ابدااا فجحيم امجد ارحم من جحيمه

ولا تستطيع بالوقت ذاته ان تذهب للاقامة مع مى يكفى ما تمر به

ومالها يكفيها بصعوبة لا تستطيع ان تجعل احد يحمل همها

خصوصا مع حملها


يا لها من مفاجأة !!!

امجد هو ابعد ما يكون عن تصوراتها لابو اولادها

اولادها الذين سيذوقوا العذاب بأب مسيطر شكاك

انه يشك فى الهواء الذى تتنفسه ، كلما يجدها تتحدث بالهاتف ينتزع سماعته

من يديها ليرى مع من تتحدث

لماذا يتصرف بهذه الطريقة ؟؟ ولماذا خدعها فى البداية بحبه والسعادة الخيالية التى سيحققها لها

لماذا ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟


ما هو ذنب هذا الطفل البرىء ليأتى الدنيا ويجد أب كهذا وام مقهورة لا حول لها ولا قوة

ارتسمت على شفتيها ابتسامة وهى تتصور على هو زوجها واب الطفل القادم

هذه الابتسامة -التى غزت الان وجهها بعد فراق- لمجرد التخيل

ماذا اذا لو كان هذا الحلم حقيقة !!!

لكن هو من تخلى عنها هو من تركها هو من دفعها لهذا الاختيار الخاطىء

يا ترى كيف حالك الان يا على ؟؟ هل مازلت بهولندا ام عدت؟؟

هل احببت فتاة غيرى ام مازال حبى يسكن قلبك كما يسكن حبك قلبى لا يفارقه

هل ارتبطت باخرى ؟؟ هل تزوجت ؟؟ هل؟؟

يا الهى !! كم اشتاق اليك يا على !!

كم انا بحاجة اليك يا على !!

كم احب


هزت رأسها بعنف وهى تهتف باعماقها:

-لا ليس من حقك ان تقوليها انتى امرأة متزوجة الان وبداخلك

يتكون طفل للرجل الذى تحملين اسمه وعلى على تركك ايتها الغبية

هو من اختار وقرر هو من تخلى عنك

لا يحق لكى ان تفكرى به يجب ان تعتادى على هذا الوضع الجديد

لان لا حول ولا قوة لكى بهذا

وانحدرت دمعتان هاربتان من عينيها الحزينتين


******************


فتح على عينيه فجأة ليجد الظلام يحيطه من كل جانب و ليشعر بانفاس حارة تلفح وجهه وعندما اعتادت عيناه على الرؤية بالظلام وجد وجنة ناعمة لامرأة

تلامس وجهه وشفتان تقتربان من شفتيه ، فهب مسرعا من فراشه وامتدت

يده لزر الاضاءة ليسطع النور بكل مكان بالغرفة ويغشى عينيه للحظات عاد بعدها

يفتحها ليجد نور ترقد على الفراش الذى غادره منذ لحظات مرتدية ثوب نوم قصير فاسرع بالقاء ملاءة على جسدها وقال وهو ينظر بعيدا عنها:

-ماذا تفعلين ايتها المجنونة ؟؟ ما الذى تفعلينه هنا

ابعدت الملاءة بعيدا عنها واتجهت نحوه قائلة بتوسل:

-انا بحاجة اليك يا على بحاجة ماسة اليك

ابعدها عن حضنه الذى حاولت الارتماء به وافراغ دموعها فيه وصاح بها:

-ليس بهذا الشكل انت تحتاجين من يقف بجوارك لا من يشاركك الفراش

مسحت على شعره وهى تقول متوسلة:

-ارحمنى يا على انا احبك وبحاجة اليك

التفت اليها وهوى بكفه على وجهها صارخا:

-كفى كفى يا نور ما هذا الذى تفعلينه؟؟

انتى مسلمة لا تنسى هذا ابدا اهذا هو ما حثك عليه دينك

ام لانكى تربيت بالغربة تنسين هذا ؟؟؟؟؟

لا يجوز ما تفعلينه هذا الا مع زوجك وحده

صرخت قائلة:

-اذن تزوجنى يا على تزوجنى

امسك كتفيها بقوة وصاح:

-استمعى الىّ جيدا.. كل ما يربطنى بكى هو وعد قطعته على نفسى اننى لن اتخلى عنكى بهذه المحنة خاصة بعدما حدث لوالدك فلا تجعلينى اندم على وعدى هذا

انا أخوكى ولن اكون لكى اكثر من هذا

واحتشمى يا فتاة ما هذا الذى تفعلينه ؟؟؟

اصعدى الى حجرتك ولا تغادريها ابدا

امسكت ذراعه وهتفت مذعورة عندما وجدته يرتدى ملابس فوق منامته ويغادر الحجرة:

-الى اين انت ذاهب ؟؟ لا تتركنى يا على اقسم لك سأكون فتاة جيدة

لن افعل هذا ثانية

نظر اليها باشفاق وقال بلهجة حانية:

-لا تقلقى سأظل بجوارك لكننى سأذهب للبحث عن فندق اقيم به حتى يقوم والدك بالسلامة لان بعد الذى حدث الليلة لا يمكننى ان ابيت معكى تحت سقف واحد


*****************


هاتفت ناهد شركة السعدنى وقالت محاولة تغيير صوتها عندما اجابتها السكرتيرة:

-صباح الخير هل السيد ممدوح السعدنى موجود بمقر الشركة الان ؟؟

ثم اضافت بارتياح عندما علمت انه غير موجود :

-لا ابداكنت اريده

بأمر شخصى شكرا لكى

ثم اغلقت الخط ووضعت الهاتف المحمول بحقيبتها وارتقت درج الشركة

متجهة الى مكتب امجد

كان عليها ان تتأكد اولا ان ممدوح غير موجود حتى تستطيع مقابلة ابنها امجد

لتستميله لجانبها ، فهى لا تصدق ابدا كلام ممدوح لا يمكن لابن ان يكره امه

لا يمكن ابداااااا

تقدمت نحو سكرتيرة مكتبه قائلة:

-هل يمكننى ان اقابل امجد بيه

ابتسمت فى وجهها وهى تسألها:

-هل هناك موعد سابق يا مدام ؟؟؟

هزت رأسها وهى تجيبها:

-لا لكنه لن يرفض مقابلتى اخبريه اننى مدام ناهد عمة مدام دنيا

غابت السكرتيرة لدقيقتان لتعود بعدها قائلة:

-تفضلى يا مدام ناهد انه بانتظارك ومتشوق جدا لمقابلتك

ابتسمت ناهد لجملة السكرتيرة التى فتحت الباب امامها لتدلف الى مكتبه وتنظر الى ابنها القابع خلف المكتب بشموخ

وتقول وهى تضحك وتصافحه:

-لقد اتيت لالومك على عدم قدومك لزفاف دنيا انت وزوجتك

عقدت حاجبيها باستغراب عندما لم يمد يده لمصافحتها ولم يحرك ساكنا منذ ان دلفت عكس قواعد اللياقة ودهشت لعيناه المتقدتان فقالت بضيق:

-انا مدام ناهد عمة دنيا الا تتذكرنى ؟؟

فجأة هب من مقعده وهو يهتف:

-ولماذا لا تقولين مدام ناهد شاهين والدتك

تراجعت ناهد للخلف ووجهها يحمل كل علامات الدهشة والفزع لعينان

امجد اللتان اطلقتا شرارا مخيفا وهو يفارق مقعده ويتجه نحوها قائلا:

-لقد تأخرتى كثيرا بالقدوم يا مدام ناهد كنت انتظرك من فترة وكدتى ان تخيبين املى للمرة الثانية

ثم اقترب من وجهها وصرخ فيه:

-اتتذكرين المرة الاولى تلك المرة التى تركتينى فيها صغيرا وهربتى

مع رجل اخر وتزوجتيه اتتذكرين

صراخه جعلها ترتجف وتندفع الدموع من عينيها وهى تنحنى على يده لتقبلها وتهتف:

-انا اسفة يا امجد نعم انا فعلت ذلك لكننى فى اشد الندم عليه الان

جذب يده من بين شفتيها ناظرا اليها باحتقار وابتعد عنها محاولا استعادة رباطة جأشه فاسند رأسه على الحائط وقال بعد قليل بصوت هادىء:

-لماذا جئتى

عم السرور وجهها لاعتقادها ان هدوئه هو استجابته لاسفها فاسرعت تقول:

-جئت اليك لاستدر عطفك ورحمتك وغفرانك لغلطة شنيعةارتكبتها قديما

حدق فى وجهها بدهشة وقال باستهزاء:

-هل تعتقدين اننى سأسامحك هكذا ؟؟

هزت رأسها نفيا وقالت بحزن:

-لا يا حبيبى انا اعلم انك غاضب منى وانك تحتاج الى وقت كى

قاطعها بسخرية:

-غاضب منكى !! هذه كلمة لا تساوى اى شىء بجوار ما اشعر به

انا لا اطيق رؤيتك واكرهك واتمنى ان تموتى وتتعذبى بنار جهنم لما فعلتيه بى

جملته الاخيرة تلك نطقها بلهجة طفل يتألم طفل مجروح

طفل تركته امه يواجه الزحام وحده ساقته الى المولد وهربت منه

طفل بحاجة ماسة الى امه ولا يقر بهذا

طفل اشتاق طوال عمره الى ان يهتف كلمة "امى"

طفل احب امه بجنون لكن امه كرهته ولذا ابتعدت عنه وشطبته من حياتها

اضاف بلهجة متألمة ساخرة :

-غاضب !!!

بكت ناهد بحرقة وهى تهتف:

-سامحنى يا امجد سامحنى يا حبيبى لقد كان هذا خارجا عن ارادتى

صاح فيها بغضب:

-اى ارادة تلك !! هل تحاولين خداعى كما فعلتى مع ابى وزوجك الثانى ؟؟

اطمئنى لن تنجحى فى هذا انا لست بمغفل انا اعلم تماما ما انتى

اعلم صنفك من النساء جيدا لا يهمك بالحياة سوى نفسك والمال

لا يهمك اى شىء اخر

هزت رأسها بعنف وقالت:

-لا يا امجد لقد بقيت مع ابيك لاكثر من ثمانى سنوات فى الفقر وتركت

عز ابى من اجله الم يقل لك ابيك هذا !! هل جعلك تكرهنى هكذا !!

قال امجد بمرارة:

-لا بالطبع لقد اخبرنى اخبرنى عن تلك السنوات التى قضيتيها معه

اخبرنى عن عذابه فيها جعلتيه يعمل فى ثلاث وظائف ليقضى طلباتك التى لا تنتهى كأنه حمار فى ساقية تدور فقط من اجلك انتى وحدك

لا يهم كم يتعذب هو وكم يقاسى لكن المهم هو ابنة شاهين باشا

المهم انتى تعيشين بمستوى فاخر تأمرين وتنهين وتنفقين النقود التى ذاق الويل والمر فى سبيل جمعها فى اشياء تافهة لا تستحق

لا تقلقى لقد اخبرنى جيدا عن سنواتك تلك

هوت ناهد على مقعدها وهى تقول بحزن:

-لا .. ممدوح لم يكن عادلا ابدا فى روايته لقد حاولت ان ارفع من مستوانا من اجلك حتى تعيش بمستوى يليق بك لا ان تقاسى الفقر

صاح بها بحنق:

-على حساب من ؟؟ على حسابه هو !!

-اسمعنى فقط يا امجد انت لا تسمع سوى كلمات والدك ربما لو استمع...

صرخ بغضب هادر وهو يجذبها من على المقعد ويفتح باب المكتب ويطردها خارجه:

-انا لا اريد ان اسمع اى شىء منكى من فضلك اخرجى من حياتى الى الابد لقد تمكنت من مواصلة حياتى بدونك لا ارى ما يمنعنى من اكمال هذا والان اخرجى من شركتى ومن حياتى

لا تحاولى الاتصال بى او محاولة رؤيتى مجددا

هل تفهمين !! هل تفهمييين !!

ثم صاح بسكرتيرته:

-استدعى رجال الامن لا تدعيهم يسمحوا لهذه المرأة ان تقترب

من الشركة ثانية

ثم دلف الى حجرة مكتبه واغلق الباب بوجه ناهد المشدوه والمتألم لاقصى الحدود

وجلس الى مقعد مكتبه الذى دفن وجهه على سطحه ودموعه تغرقه


*****************


هتفت دنيا بانبهار وعيناها لا تفارقان المنظر الخيالى الساحر لجبال لبنان

الثلجية التى احاطت بهم من كل صوب:

- يا الهى !! ما اجمل لبنان ! هل عشت هنا فى هذا الجمال طوال عمرك يا ادهم ؟؟ يالحظك !!

ابتسم وهو ينظر الى عينيها التى تبدو بهم السعادة وتساءل:

-هل اعجبتك لبنان يا دنيا؟؟

اجابته بحماس :

-جدااااا يا ادهم، انها اجمل مما تخيلتها ، انه انسب مكان بالفعل لقضاء

شهر العسل بلادنا العربية فعلا مليئة بالجمال والمناظر الساحرة

جيد انك اثنيتنى عن تفكيرى فى قضاء شهر العسل بباريس

لبنان اجمل كثيراا

ثم اضافت وهى تواجهه وتنظر الى عينيه بحب:

-لكن اتعلم !! ليس المكان هو المهم بل الصحبة هى الاهم

فلاننى معك اشعر بسعادة شديدة حتى انه لا يوجد لدى مانع ان اقضى شهر

العسل فى بلطيم

ضحك ادهم وهو يحتضنها قائلا بحب:

-دنيا انتى اجمل ما حدث لى بالدنيا

شاركته ضحكته وهى تقول:

-ما اجمل هذه القافية !!

مسح على وجهها برقة شديدة وهو يقول بهيام:

-هذا لان اسمك احلى وارق اسم بالوجود

ابتسمت وهى تقول بدلال:

-سأعتاد على هذا يا ادهم

احتضنها وهو يهمس:

-وانا سأجعلك تعتادين على هذا يا حبى

ثم استطرد وهو يربت على ظهرها بحنان:

-لا ادرى اهو جو لبنان ام وجودنا هنا بمفردنا هو الذى يجعلنى اشعر بهذه المشاعر الجياشة

ابتعدت عن احضانه ونظرت الى عينيه بحب وهى تبتسم قائلة باستغراب:

-وانا ايضا لا ادرى لم اشعر وكأن هذه هى المرة الاولى التى تصرح لى

فيها بحبك لا ادرى لماذا اشعر بها مختلفة

تاه بعينيها السوداوان وهو يتعجب من امره

ها هو يهدم كل ما سبق ان اعتقده

بانه دون جوان عصره الذى تترمى الفتيات تحت قدميه بحب ولهفة وهو

لا يحرك ساكنا

هاهو يشعر الان باى حقير وضيع كان عندما

قبل صفقة ناهد واجرى مخططه طمعا بورقيات ملونة لن تشعره

ابدا بما يشعر به الان

استقر تفكيره على مصارحة ناهد

انه اكتفى من تلك اللعبة الدنيئة وانه لن يواصل ابدا مخططهما القذر ويتلاعب بدنيا طمعا باموالها

نعم انه سيجعلها تستريح بالمنزل وتبتعد عن العمل

لكن ليس ليستغل غيابها بل ليعمل على راحتها ويتحمل هو المسئولية

ويكون هو الرجل الذى يفترض ان يكونه

يا الهى !! كم تغير من اجلها وكم هو مستعد للمزيد والمزيد من التغيير

فقط من اجلها يا الهى كم يعشقها

كم يحبها !!


دايب فى العيون دى وفيك

مش هاخبى عليك

انت اول حب برتاحله وبسلم ليه

وساااايب روحى رايحة معاك

صعب ثانية انساك

لو مكنتش جمبى دلوقتى كنت هعمل ايه


وامام نظراتها المتساءلة وجملتها الحائرة غمغم قائلا:

-هذا لانها حقيقية يا دنيتى

هتفت بتساؤل:

-ماذا قلت يا ادهم ؟؟

-لا شىء يا حبيبتى كنت فقط اقول انكى اجمل شىء فى حياتى

قالت دنيا بتأثر:

وانت ايضا يا ادهم لقد عوضنى ربنا بك

-اتمنى يا حبيبتى ان اظل اسعدك طوال عمرى

مسحت على شعره وهى تقول برقة:

-وانا ايضا يا حبيبى يارب اكون لك خير الزوجة

جملتها هزت اعماقه وجعلته يقر انه كان وغدا بالفعل عندما فكر ان يخدعها ويسلبها اموالها .. يا له من مغفل

لم يقدر النعمة التى كانت بين يديه الا بعد حين

لكن حمدا لله انه لم يستمر بلعبته ويخسر تلك المخلوقة الجميلة

نظرت اليه قائلة بقلق:

-لماذا تشرد كثيرا يا ادهم؟؟ هل مازلت تفكر بالعمل؟؟

هز رأسه نفيا قائلا:

-ابدا يا حبيبتى لا شىء يشغلنى عنكى ابدا

ثم اشار الى السماء التى حل الليل بها وانتشر السواد بين ارجائها وقال :

-ما رأيك ان نعود الان الى الفندق هناك عرض رائع سيتم اقامته

فى ملهى الفندق ما رأيك بحضوره

هزت رأسها بسعادة وهى تقول بلهفة:

-بالتأكيد هيا بنا


وما ان ترجلا من سيارة التاكسى التى اقلتهم الى الفندق المقيمان به حتى انطلق رنين هاتف ادهم الذى قال بتأفف:

-سأغلق هذا الهاتف

اما دنيا فاسرعت تحول بينه وبين غلق الهاتف وهى تهتف:

-لا يا ادهم ربما يكون اتصال هام بشأن العمل

انت تعلم كم يحتاجون الينا بفراغنا الذى اخلفناه

-ولكن يا دنيا

-تلقه يا حبيبى وبعد ذلك اغلقه اتفقنا

اومأ برأسه وهو يقول:

-حسنا اتفقنا لكننى سأتحدث بعيدا حتى لا اقلقك

اشارت بيدها لمطعم الفندق وهى تقول:

-وانا سأذهب للمطعم لاننى جوعانة جدااا

هز رأسه وهو يقول:

-سألحق بكى الى هناك

-اتفقنا


**************


قهقت نعمة وهتفت بمحدثتها التى تحدثها من خلال الهاتف المحمول الذى تحمله بين يديها باسترخاء اثناء تأرجحها على تلك الارجوحة بالحديقة الخلفية لفيلا السعدنى:

-حقا !! طردها شر طردة !! تستحق ذلك وهو ايضا يستحق هذا

اخبرينى ماذا فعل بعد ان طردها

اعتدلت فى موضعها بشدة وهتفت بدهشة:

-تمزحين!! هل حقا سمعتى بكاؤه !! لااااا!!! تمزحين!!

حقا !!! يا الهى !! يا له من خبر

حسنا يا عزيزتى دوما اطلعينى على الاخبار الجيدة تلك التى تفتح الشهية

واغلقت الخط مع سكرتيرة امجد وهى تضحك بسعادة وتتذكر وجه ناهد الممتقع

حينما قابلتها امام الفيلا وهى مغادرة المكان بعد مقابلة امجد

حينها توسلت اليها ان تخفض صوتها حتى لا يعلم امجد بالامر واخبرتها انها

ستخبره انها امه لكن بطريقتها وعلى مهل حتى يتقبل الامر وكانت هذه بالطبع فرصة جديدة اضيفت الى مخططها بهدم حياة ذلك الرجل الذى نبذها

وقلب حياته رأسا على عقب وقد فعلت هذا حينما اطلعته على هوية امه

حتى تهدم مفاجأة ناهد وتكون المفاجأة من نصيبها هى

وتبا لهم جميعا

عادت تزمجر مع افكارها

اذ تشعر بالضيق الشديد لمغادرة امجد وزوجته الفيلا وحرمانها من تنغيص علاقتهما لكن هيهات ان اعتقد انها بهذا ستكف

ابدااا

انها لازالت بالبداية لقد استطاعت ان تثير الشكوك بقلب امجد تجاه غادة ورجل مثل امجد لن يكف عن الشك بامرأته كما استطاعت ان تهدم اى بادرة علاقة قد تنشأ بين امجد وامه

يتبقى من ؟؟؟؟؟

يتبقى امجد وابيه

وهذه هى المرحلة القادمة


*****************


ارتعدت مى من الدقات العنيفة التى هزت باب منزلها فاسرعت تفتح الباب ليطالعها وجه هند الممتقع والذى اغرقته الدموع ، فوجئت مى بهند ترتمى فى احضانها وتشنجها يبدد صمت المكان فمسحت على شعرها وهتفت بلوعة:

-هند 00ماذا بكى ؟؟؟

هتفت هند بعدة كلمات تاهت بين دموعها ونحيبها المرتفع فلم تستطع مى ان

تفهم ما اصابها فاشارت اليها بيدها قائلة:

-هند هند اهدئى لا افهم شىء ماذا هناك

بهدوء من فضلك

اخذت هند نفسا عميقا وحاولت التوقف عن البكاء بصعوبة وهى تقول بحزن:

-يريدون ان يزوجونى يا ابلة مى يريدوننى ان اكون لغير محمد

وعادت تنخرط فى بكاء عنيف قطع نياط قلب مى التى حدقت فى وجهها المتألم وهى

الاخرى بداخلها تتألم لكن ماذا بيدها ان تفعل

هل يمكن ان تتصدى لاهل هند وتقول لهم احتفظوا بها لمحمد

هيهات ان تتفوه بتلك الحماقات من الذى سيسمح لها ان تقول هذا

من الذى سيصدق انه باذن الله سيخرج قريبا من الذى سيصدق ان براءته تعتمد على ما تخوضه هى

من من من ؟؟؟؟؟؟؟

تعلقت هند بملابس مى بشدة وهى تهتف بلهفة:

-ارجوكى يا ابلة مى ، اخبريهم ان محمد برىء وانه سيخرج لى ونتزوج

اخبريهم اننى لن اكون لغيره حتى لو انتظرته طوال خمسة وعشرون سنة

حينها سيكون عمرى اثنان واربعون عاما لكن لا يهم طالما اننى سأكون

الى جواره لا يهم طالما اننى سأعيش بعدها فى كنفه لا يهم طالما سيعود لى

ارجوكى يا ابلة مى

حاولت مى التماسك بشدة وهى تحتضن هند بقوة وتهتف:

-كفى يا هند ارجوكى انتى تعذبينى بكلماتك هذه

انا ليس لى اى سلطان على اهلك وانتى يمكنك ان ترفضى وتقبلى من تشاءين

لكن لا تجعلينى طرفا بالموضوع ولا تجعلين سبب رفضك للزواج محمد

لان حينها سيعاندون معكى وقد يزوجونك غصبا عنكى فارفضى فقط

وتفننى باظهار العيوب بكل رجل يتقدم لكى

هذا ما استطيع ان اقدمه لكى الان لكننى اعدك اننى بالفترة القادمة

سأبذل قصارى جهدك من اجل سعادتك انتى ومحمد

نظرت الى عينيها بأمل وهتفت:

-ماذا تعنين ؟؟؟


******************


دخل ادهم مسرعا يبحث عن دنيا بالجناح الذى استأجروه فى الفندق وهتف

بقلق عندما وجدها جالسة ممتقعة الوجه ساكنة كالحجر على الفراش:

-دندن حبيبة قلبى لقد ذهبت للمطعم كما اتفقنا ولم اجدك وقد اخبرنى

النادل انكى ذهبتى ثم الغيتى طلبك بعد ان تحدث اليكى رجلا وصعدتى الغرفة

لماذا ؟؟ ومن هذا الرجل ؟

لم يتلقى منها جوابا اذ ظلت على حالها فاقترب منها قائلا بقلق تضاعف:

-دنيا حبيبتى ماذا هناك ؟؟

ابتعدت عنه دنيا بسرعة قبل ان يمسها فتساءل بحيرة:

-دنيا ما الامر ماذا بكى ؟؟ هل صدر منى شىء ازعجك؟؟

اتجهت دنيا نحو دولاب ملابسها وجذبت من احد ادراجه منشفة اخذتها معها الى دورة المياة التى اغلقت بابها بوجهه وهو يقول:

-دنيا انتظرى هنا اخبرينى ماذا هناك


لكنها لم تستمع الى كلماته المتساءلة وتهاوت على ارض دورة المياة والعبرات تنهمر على وجهها محاولة ازالتها بلا فائدة

شعرت بالمرارة وهى تتساءل عن هذا الشخص الغريب الذى يفصلها

عنه باب .. لوح من الخشب

هذا الشخص الذى سلمته قلبها بعد ان عانت من نفس فعلته

وبعد ان كان هو المنديل الذى كفكف دمعها

بعد ان كان الحضن الذى ارتاحت به

بعد ان كان الحنان الذى غمرها وعوضها عن كل ما فقدته

اكتشفت الليلة ان كل هذا ليس الا مخططا قام به بمهارة بمساعدة عمتها

لماذا كذبا عليها وخدعاها ؟؟

طبعا للاستيلاء على اموالها

لماذا يفعلون بها هذا ؟؟

لماذا فى كل مرة يخفق قلبها لاحدهم تجده جشعا لم يهتم ابدا لمشاعرها

وكان كل ما اراده اموالها

تبا لهذا الثراء الذى جعلها فريسة للذئاب

تبا له !!


هتفت بمرارة باعماقها

حتى انت يا ادهم !!!

لكن لماذا تستبعد فعلته هذه ان كانت عمتها شقيقة ابيها من لحمها ودمها

هى من سبقته الى هذا


اهذه هى الحياة !! لا حساب للمشاعر او العواطف

الكل يلهث وراء المال !!


اذن !!

هكذا ستنتهى حياتها !! هكذا ستغلق قلبها للابد حتى لا تعانى ثانية !!

ام تتخلى عن ثرائها لتجد شخصا يحبها حقا لذاتها لشخصها !!


آآآآآآه من كسرة قلبى 00آآآآآة يا خسارة حبى

انا كلى آلام والظلم حرااام

مش هفضل عايشة كدة بدموعى

خلاااااااص يا دموعى


تعذيب وجراااح انا نفسى ارتااح

واهرب من ضعفى واحزانى

دة ظلمنى كتيير وجرحنى كتيير

وضحا بقلبى ورمانى


حاولت دنيا ان تتمالك اعصابها وتجفف دموعها وهى تستند الى جدار

دورة المياة لتقف وتفتح بابها فجأة لتجده امامها هاتفا بقلق:

-دنيا هل لكى ان تخبرينى ما سبب هذه التصرفات الغريبة

لماذا لا تردين عليّ وتتجاهلينى ؟؟ ماذا بكى ؟؟ انا زوجك اخبرينى


توقف دنيا امامه وحدقت فى وجهه طويلا وعلى وجهها سمة التساؤل

ارادت ان يعطيها سببا واحدا وجيها لهذا الذى فعله بها

ارادت ان تعلم من اين آتى برباطة جأشه وبالقدرة على الخداع والكذب والتمثيل الماهر

لقد صدقت حقا انه يحبها

يا له من ممثل ماااهر !!!


تركته مندهشا وسحبت حقيبة السفر من تحت الفراش ودست بها ملابسها

فنظر اليها ادهم قائلا باستغراب:

-ما هذا الذى تفعلينه ؟ لماذا تعدين حقائبك؟ لماذا ؟ الا يعجبك الفندق؟

اتريدين تغييره ؟؟

ثم اضاف بغضب:

-دنيا من فضلك اجيبينى لا تتجاهلينى هكذا

اغلقت دنيا حقيبتها واتجهت نحو هاتف الغرفة وطلبت الاستقبال قائلة:

-الاستقبال من فضلك اريد الفاتورة نعم سأغادر غرفة 706

واريد طلب سيارة تاكسى للمطار من فضلك باقصى سرعة

لا لقد حجزت بالفعل على الطائرة المقلعة الى مصر

اشكرك مع السلامة

وضعت دنيا السماعة لتجد ادهم يطالعها بوجه رسمت كل خلجة من خلجاته

الدهشة المطلقة التى سرعان ما امتزجت مع كلماته التى لفظها ببطء شديد:

-هل لكى ان تفسرى لى ما يحدث هنا ؟؟

اقتربت منه وفتحت يده وضعت به كارتا ذهبيا منمقا قائلة بجفاء:

-أنا سأعود الى مصر وحدى

وهذا كارت المحامى الخاص بك انه يريدك بامر هام جداا

واتمنى بعدما تنتهى معه ان تبعث لى ورقة طلاقى والا تخطو بقدمك الفيلا

وقبل ان تغادر الحجرة نظرت اليه باحتقار وهى تغلق الباب خلفها

لتخلف ورائها دهشة بلا حدوووووووووووووود

*******************

jen 07-11-08 07:12 AM

(يـــــــــــــــــــتــــــــــــــــــــــبـــــــــــــــ ــــــــــــــــع)

طبعا بارت طوييييييييل مثيييييير ملىء بالاكشنات كما ارادت واكسين
وان شاء الله البارت القادم اكثر اثارة
يااااااااااااااااااااااااااارب
يااااااااااااااااااااااااارب
يكون عجبكم واستمتعتوا بيه
اتمنى انه كان عند حسن ظنكم
ومتنسونيش بقى بالتعليقات الجامدة
وادعولى فى امتحانات الميد تيرم

وايه تانى !!!!!!!!
طبعا لكل اللى هيستغرب كيف عرفت دنيا
هتعرفوا بالظبط فى البارت الجاى عن طريق الفلاش بااااااااااك
اوك يا حلوين

يلا مستنياكم بقى
متتأخروش علياااااااا

وتحية كبيييييييييييييييرة اوى ليكم كلكم
خصوصااااااااااااا
بوسى
waxengirl
Emomsa
amedo_dolavigo
mohamed adel
عسى الا اكون نسيت احدكم

فى سلامة وحفظ الله

jen 22-11-08 04:31 PM



الفصل الرابع عشر

لماذا تخدعنى ؟؟


تسلل على بخطى بطيئة مترددة الى الحجرة الواسعة الغارقة فى اللون الابيض الشاحب المجرد الذى اعطاه احساسا بالخواء لم يكسره سوى اللون النهرى الذى ازدانت به ستائر النافذة الوحيدة المعلقة بوسط الغرفة فى الجدار المجاور لفراش والد نور الذى ارتمى عليه منقطع الانفس واضعا على وجهه جهاز التنفس الصناعى ليمده بالحياة التى افتقدها وجهه الباهت وجسده الذى اصفر لونه وضاعت حيويته ،حاول على ان يتجاهل تلك الرائحة الكئيبة -التى اطبقت على انفاسه واشعرته بالغثيان- وهو يتطلع لنور التى شعرت بحركته فرفعت رأسهاالتى غرزتها بصدر اباها وتطلعت اليه بأعين حزينة آسفة وصدرها يعلو ويهبط بحركة سريعة مرتجفة ورأسها يعربد بالافكار المتوترة وقلبها يخفق بحب ذلك الرجل الذى طالعها بنظرات لم تعتدها ولم تتوقعها

فقد اعتقدت بعدما حدث امس انه سيأخذ موقفا معاديا منها رافضا لوجودها حوله الا انه عاد ليطمئن عليها ووالدها ونظراته اليها تحمل حنان بالغ ورقة متناهية

كم هو غريب هذا الرجل !! رجل فريد من نوعه تراه لاول مرة بحياتها رجل لم تلقه من قبل رجل تشعر معه باحاسيس مختلفة متقلبة فامس كانت تشعر بشوق شديد نحوه وحاجة لحنانه وحبه لذا اقدمت على ما فعلته وبعدما رحل شعرت فى البداية بالضيق والغضب ثم ما لبثت ان شعرت بالتأنيب والندم واليوم وهى تنظر الى عينيه تشعر بالحزن والسعادة فى آن واحد

السعادة لان قلبها خفق لهذا الرجل المثالى فى عصر ندر فيه سماع تلك الكلمة وليس فقط وجودها والحزن لانها لم تستطع ان تجعل قلبه يخفق لها وانه لن يكون ملكها كما رغبت

لكن

رغما عنها ارتسمت ابتسامة خفيفة على شفتيها عندما اقترب منها

ومسح على شعر اباها وهو يتساءل بصوت خافت ولهجة حانية:

-كيف حاله اليوم ؟؟

اومأت برأسها وهى تبتسم فجذب مقعدا وجلس الى جوارها وهو يضيف:

-وانتى كيف حالك؟؟

اخفضت بصرها فلم تستطع ان تواجه عينيه المهتمتان الحانيتان وقالت بخجل:

-بخير

ثم اضافت وهى ترفع رأسها اليه بعينان دامعتان:

-وانت ؟؟

بينما اجاب هو :

-حمدا لله

اسرعت هى قائلة بلهجة نادمة متألمة:

-على انا اسفة يا على لم اقصد ما

قطع كلماتها وهو يقول:

-ششش لا داعى لمثل هذا الحديث

لا تشغلى بالك المهم انكى بخير ولم يحدث شىء

طالما انكى لن تفعلى هذا مرة اخرى معى او مع غيرى

توارت عيناها خجلا وهى تقول بصوت خافت:

-اقسم لك انه لن يحدث ثانية

ربت على وجنتها وهو يقول بحنان:

-حسنا يا عزيزتى

نظرت الى عينيه قائلة بتوسل وامل :

-اذن هل ستعود الى الفيلا

ادار رأسه يمينا ويسارا وهو يقول بلهجة قاطعة وان لم تكن صارمة فلم يرد ان يجرحها او يشعرها بالحرج:

-لا انا اشعر بالراحة فى ذلك الفندق الذى اقمت به امس فقد تعرفت فيه على نزلاء مصريين وعقدت صداقة سريعة معهم فلا تقلقى

كل شىء بخير

اغمضت عيناها بالم وقالت بصوت يشوبه الضيق:

-حسنا يا على كما ترغب اهم شىء ان تشعر بالراحة وان تظل بجوارى


************


ما ان دلفت غادة الى المنزل حتى ارتمت على اقرب مقعد قابلها واغمضت عيناها فى قوة مقاومة تلك الالام التى عصفت برأسها وانهكت قواها

فهى لم تعتد بعد ذلك الاحساس الغريب القوى الذى يسيطر على جسدها ويتملكه فتخور معه قواها المقاومة وتنهار تحت وطأته وتستلم له فتشعر احيانا بالسعادة الشديدة لانها تحمل ذلك المخلوق بين احشائها تحمل ما هو اقرب اليها من حبل الوريد تحمل فلذة كبدها الذى يتضاعف حبها له وحنانها عليه وخوفها من قدومه كل يوم عن الذى سبقه، واحيانا اخرى تشعر بالارهاق كما تفعل الان عندما تذهب الى الجامعة محاولة اخفاء الامر والتعامل كأن شيئا لم يحدث لكن هذا فوق احتمالها فهى بحاجة ان تبوح بهذا السر الى احد

لا.. ليس اى احد هى بحاجة ان تبوح به الى امجد بحاجة ان تشعر بفرحته وحنانه بحاجة الى وعده القاطع بانه سيتغير معها وانه سيكون نعم الزوج ويتناسى كل ما حدث من قبل بينهما

ويعيشا كما وعدها وكما تمنت دوما

نعم هى بحاجة ماسة الى هذا

فتحت عيناها فجأة بقوة حينما تناهى الى سمعها صوت خافت استدارت الى مكانه بعينان مرتعبة الا ان كل الادرينالين الذى بثه جسدها فى قوة عاد منهزما الى مكانه واستتر خوفها حينما طالعت عيناها امجد ممددا على الاريكة التى تقابلها

عقدت حاجبيها فى تعجب كيف لم تره منذ ان خطت بقدمها المنزل ؟؟ كيف؟؟ لكن هذا لا يهم ما يهم الان هو ذلك التعبير الحزين الذى ارتسم على وجهه !! ما به ؟؟

اقتربت منه فى خفة وهبطت على ركبتها وطالعت وجهه بقلق وهى تتساءل بصوت خافت:

-امجد لماذا عدت مبكرا ؟؟ ماذا بك ؟؟

انتفض بقوة من رقدته وهو يتطلع اليها كأنه اول مرة يراها

لا تعلم ما الذى دفعها لاخذه بين احضانها وتربيتها على ظهره وهى تقول بهدوء:

-امجد امجد انها انا غادة ماذا بك يا امجد

ربما تكون الامومة الغزيرة التى تشعر بها هى التى دفعتها لفعل هذا !! او ربما لانها وجدته طفل مذعور حزين فرق قلبها لحاله

لا تدرى السبب لكن المهم انه استكان بين احضانها ولم يتخذ موقفا معاديا بل وشعرت بالرجفة التى تسرى فى اوصاله شعرت بها قوية وكأنها هى التى ترتجف فخرج صوتها مذعورا وهى تتساءل:

-امجد !! اخبرنى ماذا بك ؟؟

ابتعد عن احضانها ونظر اليها بتمعن وهو يقول بهدوء:

-لا شىء انا بخير

ثم قام من مجلسه وهو ينظر اليها مطولا وتعبير غريب مرتسم على وجهه تعبير لم تجد له تفسير سوى انه يشعر بالحيرة

الحيرة الشديدة من امرها كما تفعل هى تماما

كما تشعر هى بالحيرة لفعلتها وحنانها عليه

اسرعت خلفه قبل ان يبتعد وقالت بترقب :

-امجد

لدى خبر سعيد لك

تطلع اليها بتساؤل وهو يتمنى ان يكون حقا خبرا سعيدا فهو فى امس الحاجة الى ذلك

- أنا حامل

نطقتها بترقب وعينيها فى اشد اللهفة لالتقاط تلك الصورة التى تخيلتها لرد فعله


****************


-ها هى الوسادة التى طلبتيها يا مدام دنيا

تناولت دنيا الوسادة البيضاء الصغيرة من يد مضيفة الطيران

وقالت وهى تجبر شفتيها على الابتسام:

-اشكرك

وضعتها خلف رأسها وهى تتطلع الى نافذة الطائرة الضبابية

لم تستطع ان تغبر اسوار السحب التى احاطت بهم فاغمضت عيناها وذهنها مصر على العودة بها الى اللحظة التى انهارت بها كل احلامها .. الى اللحظة التى اكتشفت فيها انها خدعت من جديد وان ادهم لم يكن سوى نسخة اكثر احترافا من وائل


...............................


ما ان تركت دنيا ادهم ليختلى بنفسه ويتلقى تلك المحادثة حتى توجهت من فورها الى مطعم الفندق بلهفة من جراء الجوع القاسى الذى نهش معدتها والذى تجاهلته كثيرا بسبب السعادة الشديدة التى غرفت منها طيلة اليومين الماضيين لكن هناك حد للجوع

ويأتى الوقت الذى لا تشعر فيه بأى شىء غير الطبيعة المجحفة التى تدفعك لالتهام اى شىء امامك لتسد رغبتها المتوحشة

اتجهت فى سرعة لاحدى الطاولات التى ما ان جلست عليها حتى

اغمضت عينيها فى نشوة وهى تشتم تلك الروائح الشهية

فاشارت بلهفة للنادل الذى اتجه نحوها فى احترام وتلقى طلبها

الذى هتفت بعده قبل ان يبتعد:

-اضفه على حساب غرفة 706

كان يجلس على الطاولة المجاورة لها رجل اصلع مرتديا عوينات دقيقة على عينيه التى برقتا ما ان سمع رقم الغرفة وترك القهوة التى كان يرشف منها واسرع مقتربا من دنيا قائلا بترحيب واحترام:

-مساء الخير هل انتى مدام ادهم رياض

اومأت برأسها وهى تتطلع اليه بدهشة قائلة بتساؤل:

-نعم انا هى هل هناك شىء استطيع ان اقدمه لك

جذب مقعدا مجاورا لها وانضم اليها على الطاولة وهو يمد

يده لمصافحتها قائلا:

-انا وديع عياش محامى المرحوم رياض

هتفت دنيا فى ترحيب:

-آآآه اهلا وسهلا

استطرد وديع بعد مقاطعتها اياه :

-فى الحقيقة انا هنا بعدما علمت باقامة السيد ادهم هنا لقضاء شهر عسله فقدمت على الفور لملاقاته فقد بحثت مطولا عن السيد ادهم وزوجة ابيه السيدة ناهد شاهين لكننى

اتسعت عينا دنيا فى دهشة وهتفت وهى تستوقفه بيدها :

-انتظر ماذا قلت؟؟ السيد ادهم ومن ؟؟

عقد حاجبيه باستغراب الا انه اجاب :

-وزوجة ابيه السيدة ناهد شاهين

غزا الاستغراب وجهها وتمكنت منها المفاجأة التى صعقتها وتركتها منهكة خائرة القوى وهى تتساءل بعد فترة من الصمت:

-أل.. أليست ناهد شاهين هى والدة ادهم

هز رأسه نفيا وهو يجيب:

-لا يا مدام .. ناهد شاهين هى زوجة والد ادهم .. الا تعرفين

المهم لقد بحثت عنهم كى اعطيهم وصية السيد رياض

لكنهم سارعوا بمغادرة لبنان بعد افلاسهم وحجز البنك على املاكهم و

تدلى فك دنيا وهى تصيح بذعر:

-ماذا !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!

افلاس من ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

نظر اليها بحيرة وهز كتفيه قائلا بعد تردد:

-افلاس رياض بيه والد ادهم ووفاته بأزمة قلبية

الا تعلمين كل هذه المعلومات ؟؟ يبدو انكى تعرفتى الى الاستاذ ادهم قريبا جدا

ثم قام من مجلسه وهو يقول بلهجة جادة:

-المهم ارجوكى يا مدام ، سلميه هذا الكارت الخاص بى واخبريه ان يأتينى ليتسلم وصية ابيه من فضلك يا مدام

هذه امانة عندى ويجب ان اسلمها له

تناولت منه الكارت بايدى مرتجفة محاولة ان تتمالك نفسها من الصدمة التى لم تتوقعها مطلقا والتى غافلتها على حين غرة


.....................


هتفت بحنق :

-ايها الخائن الكاذب لماذا خدعتنى ؟؟؟

التفتت اليها انظار العديدين من ركاب الطائرة فاخفت وجهها فى زجاج نافذة الطائرة وبللته بدموعها المنسكبة التى عبرت بها عن بعض مما يجيش به صدرها لانهيار اجمل حلم اعتقدت فى تحوله لحقيقة


***************

jen 22-11-08 04:35 PM


توقفت مى عن السير ونظرت بخجل الى عمرو الذى يجاورها وقالت برقة :
-حسنا اعتقد ان هذا يكفى هذا مدخل حينا الذى اقطن به
نظر عمرو الى الشارع الذى اشارت اليه ثم عاد ينظر الى عينيها
الخجلتان ووجنتيها اللتان توردتا فاضفت عليها جمالا منقطع النظير ورقة متناهية خلبت لبه وحركت بداخله احاسيس عديدة لم يشعر بها من قبل قط احاسيس حاول اخفائها الا انها رغم محاولته ظهرت على وجهه بوضوح وفى كلماته:
-حمدا لله على سلامتك
اخفضت بصرها فى الارض وهى تهمس:
-شكرا لك جزاك الله خيرا على صنيعك
هز كتفيه وهو يقول بابتسامة خجلة:
-انا لم افعل شىء سوى الواجب والذى يفترض اى شاب بمكانى ان يقوم بفعله فهذا الشاب الوقح الذى تحرش بكى كان يجب ان اوقفه عند حده واسلمه الى قسم الشرطة ايضا لولا هروب ذلك الجبان
رفعت نظرها اليه وهى تهتف:
-لااااا قسم شرطة وتحقيقات ونيابة لا لا اريد هذا
حمدا لله ان الامر انتهى عند هذا الحد
قال بعتاب:
-لو كل فتاة مثلك تعرضت لمثل هذا الموقف وصمتت وتجاهلته فاننا بذلك نشجع على نمو تلك الظاهرة المنحرفة التى ابتلى بها مجتمعنا ونشجع على انحراف الشباب الذى فقد اخلاقه واسلامه
وانصاع وراء التقليد الغربى المباح
هزت رأسها وهى تقول:
-لا اعترض على كلامك بالطبع لكن الامر لم يصل معى الى تحرش بمعنى الكلمة ، لقد حاول هذا الشاب ان يسىء الىّ لكنك منعته ولم يتمكن من اى فعل سوى الكلام الجارح الذى خدش حيائى وحمدا لله انك كنت بالجوار واوقفته عند حده
تهدج صوته وهو يهتف:
-انا على استعداد لفعل اى شىء من اجلك يا انسة مى
تطلعا الى بعضهم البعض وانفاسهما المرتجفة تعلو
واحساس لذيذ يسرى فى عروقهما كالخدر ويحول العالم من حولهما الى لون وردى زاهى تخفق له القلوب
انتزعت مى نفسها بصعوبة من ذلك الاحساس الذى غمرها وتنحنحت بخجل قائلة:
-انا احم احم يجب ان اذهب
كلماتها اعادته الى الواقع فابتسم بخجل وهو يقول بارتباك:
-طبعا طبعا حسنا هيا بنا
اشارت اليه بيدها وقالت بتهذيب:
-لا سأكمل وحدى انا فتاة اعيش بمفردى ولا اريد ان تثار الاقاويل من حولى
اومأ برأسه وهو يصافحها قائلا :
-حسنا القاكى غدا
تطلعت اليه باستغراب فاسرع يقول:
-فى الشركة القاكى غدا فى الشركة
هزت رأسها وهى تنصرف بعيدا عنه وتهمس بخجل وسعادة:
-اذن فهو موعد


**************


جلست ناهد تتطلع بحزن لصورة امجد وعروسه التى التقطتها
دنيا يوم زفافه والتى اخذتها منها خلسة دون ان تشعر
وهتفت بصوت مختنق تملؤه الحسرة:
-لماذا يا امجد ؟؟ لماذا لم تتقبل اسفى واعتذارى ؟؟
انا امك لماذا دفعك ممدوح لكراهيتى ؟؟
لقد كان يجب ان اتمتع بشبابى وجمالى وان احيا كما حييت طوال عمرى يكفى الفقر وعذابه الذى تجرعته مع والدك
وكيف كان لى ان اعلم انه سيغتنى بهذا الشكل ويصبح من كبار رجال الاعمال ؟؟ لقد كان يجب ان افعل هذا
لا يجب ان تلومنى على هذا ابداا ابدااااا
انتفضت من مرقدها على فراشها عندما تناهى الى سمعها دقات قوية متتالية على باب الفيلا الذى اسرعت انتصار بفتحه لتدخل دنيا كالعاصفة صائحة بصوت هادر:
-اين عمتى ؟؟ عمتىىىىىىىى عمتىىىىىىى
اطلت ناهد برأسها من غرفتها على اثر سماعها صياح دنيا
وتساءلت بحيرة:
-لماذا عادوا بهذه السرعة ؟؟
ثم ما لبثت ان هبطت السلالم بسرعة قائلة بسعادة مصطنعة:
-دنيا حبيبة قلبى لماذا عدتوا بهذه السرعة ؟؟ اين ادهم ؟؟
اوقفتها دنيا باشارة من يدها لتبعدها عن احضانها وهتفت وهى تتطلع اليها باشمئزاز:
-لماذا ؟؟ ماذا فعلت لكى ؟؟ هل اذيتك فى شىء؟؟ لماذا فعلتى بى هذا ؟؟ لمااااااااذاااااااااااا؟
تضاعفت حيرة ناهد امام انهيار دنيا الوشيك وقالت:
-ماذا هناك يا دنيا ؟؟ لا تريدين ان احتضنك وعيناكى حمراواتان
كالدم وعدتى وحدك دون ادهم ثم ما هذا الصراخ والكلام الغريب الذى تقولينه؟؟
ثم اضافت وهى تضحك حينما اعتقدت انها فهمت ما يجرى:
-آآآه انه ادهم اليس كذلك ؟؟ ماذا فعل لكى ؟ اخبرينى
لا تعتقدى اننى سأقف فى صفه لانى امه
تطلعت اليها دنيا ببغض وهى تتساءل ببطء:
-حقا!! اذن لن تقفى فى صفه لانكى امه
ثم مالت عليها وهى تضيف:
-ام لانكى زوجة ابيه ؟؟ا
انتفضت ناهد فى ذعر ودنيا تواصل بغضب وحنق:
-ام لانكى مفلسة انتى وابن زوجك ولا يمكن ان تجعلينى اغضب عليكما حتى تواصلى حياتك فى هذا النعيم ؟؟
تدلى فك ناهد فى دهشة وهى تقول بغير تصديق:
-ماذا ؟؟ كيف!!
صاحت دنيا بالم:
-كيف عرفت هذا ؟؟ من محامى زوجك يا ناهد هانم
اطلعنى على كل شىء واستنتجت انا بذكائى المحدود لعبتك الحقيرة
ثم هتفت بذهول:
-تخدعينى يا عمتى !! وتجعلينى اتوهم ان ابن زوجك هو ابنك
وتجعليه يوهمنى بالحب ويتزوجنى وكل هذا من اجل ماذا ؟؟
لتستولوا على اموالى !! هل هنت عليكى الى هذا الحد يا عمتى ؟؟ ابنة اخيكى من لحمك ودمك تفعلين بها هذا !! لماذا ؟
لماذا ؟ وهل كنت سأرفض مساعدتك فى ازمتك واقامتك فى
بيتى واعطاء وظيفة لابن زوجك ؟ ام ان كل هذا لا يرضي جشعك واردتى ان تكون ثروتى كلها من نصيبك
اردتى ان تأخذى حقا غير حقك
هتفت ناهد:
-لا يا دنيا هذا حقى
صاحت دنيا باستنكار:
-اى حق هذا الذى تتحدثين عنه ؟؟
-حقى فى ميراث ابى الذى التهمة اباكى ولم يعطه لى
ضحكت دنيا باستهزاء وهى تنظر اليها بعينان تشتعلان غضب ووتهتف بكلمات متألمة مذهولة:
-هل واتتك الجرأة ان تقفى امامى وتضعى عينك فى عينى بعد كل ما اكتشفته عنك وتواصلى كذبك يا عمتى ايتها السيدة الفاضلة ، لقد كنت معكم عندما سلمك ابى ميراثك نعم كنت طفلة صغيرة لكن لم ينمحى هذا من ذاكرتى لقد اعطاكى ابى حقك لكنكى عدتى بعد ان خسرتيه فى البورصة رغبة فى زيادته
عدتى لتطلبى المزيد وتطلبين مساواتك بابى رغم ان هذا يخالف الشرع
ثم عقدت ذراعيها امام صدرها وهى تتساءل:
-ويا ترى هل هذه هى الكذبة التى اقنعتى بها ادهم بالقيام بدوره الحقير الذى لعبه بمهارة ام انه لم يكن بحاجة الى اى دوافع وكان يكفيه المال الذى كان سيضع يده عليه ؟؟

اسقط فى يد ناهد للاتهامات المتتالية التى تطلقها دنيا والتى لا تملك معها تفسيرا او اعتذارا لكن عقلها الشيطانى لم يتركها
خالية الوفاض اذ امدها على الفور بتفسير قالته بلهجة من اجبرت على فعل هذا:
-صدقينى يا دنيا ادهم هو الذى اقنعنى بتلك اللعبة قال انه لن يستطيع المكوث هكذا تحت رحمتك لقد اراد المال بشدة بعد افلاس ابيه انا كنت سآتى لاقيم معكى لكن هو من اصر على هذا اصر على خداعك وايهامك انه ابنى ، لقد ضعفت امام كلماته الشيطانية واغراء المال ولثراء
تصنعت البكاء وهى تضيف:
-انا اسفة يا دنيا
اطاحت دنيا بالفازة التى وقعت وتفرقت شظاياها فى كل مكان ودنيا تصرخ بغضب:
-كذب كذب كل شىء كذب ، انتى وادهم خدعتونى
لن انخدع ثانية ولن اصدق حرفا مما تقولين واعتذارك هذا لا يساوى اى شىء
واشارت نحو باب الفيلا وهى تواصل صراخها:
-والان اخرجى من بيتى لا اريد ان اراكى
اخرجىىىىىىىىىى
اسرعت انتصار وعم سالم باخراج ناهد من الفيلا وانتصار تقول بشماتة:
-انتظرى بالخارج حتى احضر لكى اغراضك ايتها العقربة
اما دنيا فقد اندفعت فى احضان دادة شريفة وهى تبكى وتهتف من وسط دموعها:
-انا اكره اموالى يا دادة اكرهها واكرههم كلهم
كلهم يخدعونى من اجلها كلهم يخدعونى


*************


ما ان سمحت له سكرتيرة المحامى وديع عياش بالدخول الى مكتبه حتى اخترق ادهم الباب كالقذيفة وهو يصيح:
-استاذ وديع هل قابلت زوجتى واعطيتها هذا الكارت ؟؟
اشار اليه وديع بالجلوس الا انه لوح برأسه نفيا وهو يتساءل بضيق وغضب مكتوم:
-ما الذى حدث بينك وبينها ؟؟ اخبرنى
قال وديع ببرود وهو يبتسم:
-زوجتك امرأة جميلة جدا يا استاذ ادهم لقد احسنت الاختيار
قبض ادهم على حافة المكتب بقوة وهو يهتف:
-هل تريد ان تدفعنى للجنون؟؟ قل لى ما الذى دار بينك وبينها
هز وديع كتفيه وهو يجيب ببساطة:
-لم يدر شيئا لقد قلت لها اننى ابحث عنك وعن السيدة ناهد لاعطائكم وصية ابيك رحمه الله
عقد ادهم حاجبيه باستغراب وهو يتساءل بحدة:
-فقط!! الم تقل لها شيئا اخر ؟؟
-لا لماذا تسأل ؟؟
هتف ادهم بحنق :
-لماذا اذن تركتنى وطلبت منى الطلاق لا بد ان تكون قد اخبرتها بشىء
تطلع اليه وديع ثم تنحنح قائلا:
-فى حقيقة الامر لقد بدت مندهشة للغاية عندما اخبرتها ان السيدة ناهد هى زوجة ابيك وليست والدتك وايضا بشأن افلاسك
اعتقد انها لم تكن على علم به
رسمت الصدمة معالمها القاسية على وجه ادهم الذى هتف
وهو يمسك وديع من ياقة قميصه بحدة:
-ايها الغبى هل اخبرتها بهذا ؟؟
اسرع بالابتعاد عنه وهو يهتف بوجه ممتقع:
-يا الهى !! دنيا
حاول ادهم المغادرة الا ان وديع استوقفه قائلا:
-استاذ ادهم من فضلك انتظر يجب ان تتسلم وصية ابيك
عاد ادهم على الرغم منه وهو يقول بضيق:
-اسرع اين هى تلك الوصية المشئومة ؟؟
-لقد سجلها المرحوم على شريط الكاسيت هذا
تناول منه ادهم الشريط بحدة وهو يغادر الا ان وديع استوقفه
ثانية وهو يهتف:
-من فضلك يا استاذ ادهم وقع هنا بالاستلام
نظر اليه ادهم بغل وتناول منه القلم وقع به على الاوراق ثم
كسره الى نصفين وهو يرميه بوجه وديع قائلا بغضب:
-هل استرحت الان ؟؟؟؟
وغمغم وهو يبتعد عنه:
-لقد دمرت حياتى ايها الغبى


************


هتفت مى باستنكار:
-ما هذا ؟؟
عاد حسام ينظر الى السوار الماسى الذى تلألأ بعلبته الزرقاء
ثم نقل بصره اليها قائلا وهو يبتسم:
-هذه هدية بسيطة تقديرا منى لعملك ومجهودك الرائع
ثم تناول السوار من علبته وكاد ان يضعه حول معصمها
الا انها اسرعت بالابتعاد عنه وهى تهتف فى استنكار:
-هل تحاول شرائى ؟؟
حسام بيه من فضلك انا لست فتاة من اولئك الفتيات اللاتى ربما تعرفت عليهم انا فتاة محترمة واعتقد ان احترامى هذا يفرض نفسه وبقوة على الجميع من حولى فكيف تعتقد اننى قد اقبل شيئا كهذا منك ؟؟ يبدو اننى قد اعطيت لك تلميحا خاطئا برقتى وتعاملى المهذب معك لقد جرحتنى جرحا غائرا يا حسام بيه بهذا الذى فعلته
ظهرت الدهشة على وجه حسام بينما سرى فى عروقه شعور
بالاعجاب الشديد نحوها وبشخصيتها الفريدة التى لم يقابلها من قبل لكن مع ذلك شعر بالضيق انها تواصل هدم محاولاته وسد الطريق امام ما يرغب به وان اعترف لنفسه انه كلما تفعل هذا كلما يرغب بها اكثر وكلما يتعلق بها فمتى تخضع متى
رسم على شفتيه ابتسامة واغلق العلبة وقال:
-اعتذر يا مى ان كنت قد اثرت ضيقك او جرحت كرامتك
لكن لا تخطئى فهمى انا احب دوما ان اشجع العامل النشيط المتميز وادفعه لمزيد من الاجادة
هتفت مى بحنق مدروس :
-ليس بهذا الشكل يا حسام بيه
ثم اضافت برقة:
-ليس بهذا الشكل ابدا
اتسعت عينا حسام عندما شعر بهذا الشعور الغريب يجتاحه
هل هو يتوهم ام ان هذا حقيقة هل فعلا خفق قلبه
هل لا لا لا هو بالتأكيد يتوهم
لا لا .. لماذا يكاد يجن ؟؟ هل ضعف
هل اضعفته تلك الفتاة الهزيلة ؟؟
اندهشت مى لتلك المعركة التى ظهرت جولاتها على وجهه
الممتقع فهتفت بانزعاج:
-حسام بيه هل هناك شىء؟ هل انت بخير ؟؟
ارخى عقدة ربطة عنقه وهو يقول بصوت مختنق
ويشير اليها بالانصراف:
-من فضلك يا مى اتركينى وحدى الان
-لكن
قال بضعف وعيناه تتوسلان لها:
-من فضلك اتركينى وحدى
هزت كتفيها فى حيرة وخرجت واغلقت الباب ورائها
لتخلف حسام خائرا القوى فى صراع مميت مع اسمى شعور
بالحياة وبين طبيعة متدنية وشخصية وقحة اعتادت على
الغرائز الحيوانية ولاول مرة يجتاحها هذا الشعور النبيل الذى تريد قتله بشدة

***********

جلس ادهم فى صالة الانتظار بمطار لبنان ، منتظرا بلهفة اقلاع
الطائرة المتجهة الى مصر والتى سيكون على متنها متمنيا ان يصل الى مصر باسرع من البرق ليحاول ان يعيد كل شىء الى نصابه
تنهد بضيق وهو يفكر باعماقه
اذن فقد علمت دنيا كل شىء واكتشفت الحقيقة العارية
التى حاول رتق ثقوبها بلا فائدة
لم يواته القدر الفرصة ليخبرها هو باسفه وندمه وحبه وعشقه
بالطبع لها كل الحق فى كل ما فعلته وان كان ما فعلته قليل للغاية
كان يجب ان توسعه ضربا وتسلمه الى الشرطة ان لزم الامر
لكن لكن
كان يجب ان تستمع اليه اولا يجب ان تعلم انه احبها فعلا
وانها اصبحت اغلى شىء بحياته يجب ان
باغته رنين هاتفه المحمول فالتقطه فى سرعة مجيبا بلهفة :
-آلو من المتحدث ؟؟
اتاه صوتها الغاضب :
-انا ناهد يا ادهم امازلت فى لبنان
هتف فى سرعة:
-انا فى المطار بعد قليل ستقلع رحلتى وسأكون بمصر
هل رأيتى دنيا
هتفت بحنق وسخرية:
-رأيتها!! نعم رأيتها وطردتنى شر الطردة
من اين لها ان تعلم خطتنا ؟؟ هل اخبرتها يا ادهم
هتف فى دهشة:
-طردتك !! هل طردتك حقا ؟؟
اذن اين انتى الان ؟؟
-لقد اقمت فى فندق......... بمجرد ان تصل توجه الى الفندق
على الفور هناك امور كثيرة يجب مناقشتها
هل تفهم ؟؟ لكن قل لى هل اخبرتها ؟؟
اجاب بضيق:
-لا لم افعل الى اللقاء الان وعندما اصل سأتوجه اليكى على الفور انهم ينادون على رحلتى
اغلق الهاتف ووضعه بجيبه الخلقى وهو يزفر فى ضيق مغمغما:
-تبا لكى ولخطتك الحمقاء

افتكرلى اى حاجة كانت حلوة منى
مش هجرح تانى قلبك
حبيبى خلاص سامحنى

انا مش عارف ابعد عنك
انا مش عارف حتى اعيش
واللى تاعبنى بحبك اكتر
وانت بعيد ومابتشوفنيش

معقول قادر تسيبنى وفراقنا سهل عندك
عديهالى عشان خاطرى
حبيبى دة انا حتة منك



***********


طرقت نور باب المكتب المفتوح فرفع على نظره عن الاوراق
ليجدها واقفة امامه مبتسمة فقال باستغراب:
-هل حقا تبتسمين ام اننى اتخيل هذا ؟؟
ضحكت نور وهى تتجه نحوه وتجلس على المقعد المواجه للمكتب قائلة:
-لاانت مازلت بعقلك ونظرك ممتاز انا فعلا ابتسم
لقد طمأنى الاطباء على صحة ابى وقالوا انه بين لحظة والثانية
قد يفتح عينه ويصحو من غيبوبته مؤشراته الحيوية تدل على هذا
شعر على بالارتياح وكأن عبئا كبيرا يزاح من على كاهله وقال وهو يبتسم :
-الحمد لله
-وانت ما اخبار العمل معك ؟؟
نظر اليها بتأنيب قائلا:
-لقد ترك ابيكى فى عنقى عملا ليس بالسهل ابدا لكننى احاول
باقصى استطاعتى ان اكون بحجم المسئولية التى وضعنى بها
ضحكت نور وهى تهتف باستغراب:
-انا حتى الان لا اصدق انه جعلك الواصى علىّ
وافقها على بايماءة من رأسه قائلا:
-نعم امر غريب فعلا لا تتصورين حجم دهشتى عندما اخبرنى المحامى الخاص بكم هذا لقد ذهلت
-وانا ايضا لا اعنى اى اهانة لكننى اعتقدت دوما ان عمى هو سيكون الواصى علىّ
-يبدو ان تفكير ابيكى سليم فعمك هذا لم يظهر ليطمئن حتى على صحة والدك اى اخ هذا !!
قالت نور فى سخرية:
-لا..لا تظلمه يا على لقد جاء مسرعا ليعرف وصية ابى
وعندما اخبرته ان ابى اوصاك علىّ وعلى ممتلكاته لثقته الكبيرة بك لعننى ولعن ابى وتركنى وانصرف وهو غاضبا
تلاعب على بالقلم بين يديه وهو يتساءل :
-هل يقطن فى مصر ؟؟
هزت رأسها نفيا وهى تجيبه:
-لا يا على انه يقيم هنا فى هولندا ، لقد هاجر مع ابى
الى هولندا منذ اكثر من عشرين عاما وخلال سنواتى الثمانى عشر لم اره الا حوالى اربع مرات
ضحك على قائلا:
- لم تبلغين الثامنة عشر بعد يا نور ام تحاولين ان تبدى شابة كبيرة
قالت نور فى دلال:
-انا كبيرة بالفعل يا على
قال على بلهجة ذات معنى:
-لا يا نور انتى مازلتى صغيرة والدنيا امامك لم تتفتح بعد
ويوما ما ستقابلين الشخص الذى تحبينه ويحبك وتقضين معه اجمل ايامك
اغمضت نور عيناها فى تأثر ثم فتحتها بعد قليل وتنهدت
وقالت وهى تبتسم بحزن:
-لقد وصلتنى رسالتك يا على لكن اخبرنى
قاطعها على قائلا فى رقة:
-لستى انتى السبب يا نور
تساءلت وهى تعلم الجواب الذى تتمنى الا يكون حقيقة:
-اذن فهناك اخرى ؟؟
اجابها بحزن:
-نعم
جرحها تصريحه الا انها ضغطت على نفسها وهى تتساءل بقلق:
-لماذا اذن تبدو حزينا هكذا ؟؟
ابعد بصره عنها وشرد بعيدا متخيلا غادة امامه بشعرها الكستنائى الطويل وعيناها الخضراروان الساحرتان وابتسامتها المشرقة ومحياها الجميل وهو يغمغم بضيق:
-لاننى قطعت علاقتى بها قبل سفرى لم اكن املك ما يمكننى ان اتزوجها به واجعلها تعيش حياة رغدة ومازلت لا املك الان
هتفت نور باستغراب:
-كيف هذا يا على ؟؟ انك
قطع كلماتها قائلا:
-نعم يا نور انا بالفعل قادر على الزواج بها لكننى لا استطيع ان اجعلها تعيش بالمستوى الذى ظللت طوال عمرى اطمح به
حاولت نور كبت مشاعرها وهى تقول بتأنيب :
-لا يا على المرأة لا تريد سوى التواجد مع حبيبها يا على
لا يهمها كم معه او اى مستوى ستحيا به المهم ان تكون بجواره وتظل معه
نظرت الى عينيه بتمعن وهى تتساءل على الرغم من قلبها المجروح :
-هل مازلت تحبها ؟؟
اومأ برأسه فهتفت بتشجيع سيطرت على اللهجة التى نطقته بها حتى لا تظهر جراحها الدامية:
-اذن ماذا تنتظر ؟ هل ستقضى عمرك كله فى الغربة وجراح قلبك دامية بهذا الشكل ؟؟ ما الذى سيحققه لك المال والثراء؟؟
هل سيشعرك بالسعادة ؟؟ مستحيل .. يجب ان تشعر بالسعادة فى قلبك اولا كى تشعر بطعم المال ولن تفعل طالما قلبك معذب بهذا الشكل
صمتت قليلا ثم قالت بصوت مبحوح:
-عد لها يا على
اشار اليها قائلا:
-وماذا عنكى ؟ انا لا استطيع ان اتركك فى هذا الوقت ثم اننى انا الواصى عليكى والمسئول عن عملك واموالك
قالت بكبرياء شامخ:
-انا لن اضغط عليك للبقاء
-وانا لن انتظر منكى فعل هذا انا سأبقى حتى يشفى اباكى باذن الله ويتسلم هو مقاليد كل شىء
ابتسمت نور وهى تقول:
-اذن فقد اقتنعت وستكتفى بما لديك وتعود لتبدأ معها
هتف على بسعادة:
-نعم يا نور سأعود
ثم امسك يدها مقبلا اياها وهو يقول بامتنان:
-اشكرك على مشاعرك النبيلة
ارتجفت شفتاها ودمعت عيناها وهى تقول:
-انا لست انانية يا على انا احبك فعلا ولكن حبى لك اساسه
ان اراك سعيدا حتى لو لم تكن سعادتك معى
اسرعت بجذب يدها من يده وغادرت على عجل وهى تمسح دموعها التى سالت على وجهها بينما ظل هو على مقعده سعيدا ومتأثرا فى آن واحد

**********

وقف امجد عاقدا ذراعيه امام صدره قائلا بصرامة:
-اذن ما هو هذا الامر الضرورى الهام للغاية الذى لا يستحق التأجيل ويستدعى ان آتى هنا الان ؟؟
تطلعت اليه نعمة بشماتة وهى تقول:
-لا يمكننى ان اخبرك يجب ان ترى بنفسك دناءة فعلتك وما اكتشفته عنك بعدما غادرت الفيلا وقمت انا بتنظيف غرفتك ووجدت بها فظائع
عقد حاجبيه باستغراب وهو يهتف متسائلا:
-ما هذا الذى تتحدثين عنه ؟؟ ماذا تعنين
؟؟
اشارت بيدها الى الطابق العلوى واتجهت نحو الدرج وهى تقول:
-يجب ان تصعد لترى بنفسك فانا اخجل مما وجدته
ارتقى الدرج وهو يهتف حانقا:
-انتى بالتأكيد مجنونة انا لا ادرى ما الذى تتحدثين عنه؟؟
وصلا الى غرفته وسبقها الى الدخول بها وهو يتلفت حوله قائلا:
-اذن اين فضائحى تلك التى تخجلين منها ايتها المجنونة
فوجىء بها تغلق الباب خلفهم وتتخلى عن الرداء الذى ارتدته فوق قميص نومها الاسود المثير
تطلع اليها بذهول وهى تقترب منه بميوعة قائلة بصوت
مقزز:
-اخبرنى يا امجد هل انت مرتاح بحياتك الزوجية ؟ هل تحب امرأتك المختلة تلك ؟ الا تشعر باى شىء نحوى؟؟


نظر اليها باشمئزاز وهو يبعد يدها التى تعلقت بعنقه ويسير مبتعدا عنها قائلا بضيق:
-اذن هذا ما هاتفتينى وجلبتينى من اجله ايتها الماموس
اتسعت عيناها مع جملته فى حين واصل هو بشماتة :
حسنا سأجيبك عن اسئلتك ولنبدأ بالسؤال الثانى بما اشعر نحوك؟
اشعر بالاشمئزاز والتقزز ، اشعر انك فتاة شارع لا تستحقين لقب زوجة ممدوح السعدنى اما عن زوجتى فهى اشرف امرأة على وجه الارض ونعم احبها .....يا ترى هل اجبت عن تساؤلاتك
تطلعت اليه بضيق وغضب وقالت بغل:
-ما قلته الان ستندم عليه كثيرا وليس لاحقا كما تتوهم بل الان وحالا
ضحك امجد بسخرية وهو يتساءل:
-حقا!! وكيف هذا ؟؟
فوجىء بها تمسح بيدها بعنف على شفتيها فلطخت وجهها باحمر الشفاة واسرعت بحل عقدة شعرها وحركته بيدها لتتركه اشعثا
وابتسمت حين سمعت هتاف ممدوح المنزعج:
-نعمة نعمة اين انت يا حبيبتى ؟؟
نظرت نعمة الى امجد بخبث فى حين فهم هو لعبتها الحقيرة وحاول التنصل منها وهو يبتعد عنها الا انها تعلقت بعنقه وهى تهتف:
-ممدوح انجدنى يا ممدوح انجدنى
فتح ممدوح الباب على مصراعيه لتتسع عيناه عن اخرهما
ويصيح صيحة هادرة :
-امجااااااااااااااااااااااااااااااااااااد ؟؟؟؟؟؟

**************



jen 02-12-08 02:21 AM


الفصل الخامس عشر

فات الاوان


مرر حسام يده بين خصلات

شعره القصيرة الناعمة ، وعيناه مركزتان على النيران المشتعلة بالمدفأة التى رقد امامها على احدى الارائك الوثيرة التى غاص بجسده فيها وذهنه بعيدا عن هذا المحيط

بعيدا بعيدا ، محلق فى سماء عالية لكن هناك دوامة رهيبة مصرة على اكتناف رأسه وجذب جسده المحلق اليها

دوامة سوداء لطالما احاطت به وحينما واتته الفرصة اخيرا ليتخلص منها

ابت ان تتيح له تلك الفرصة واصرت انه ملك لها وانها لا يمكن ان تتخلى عنه

لكنه يحاول وبشدة التنصل منها

شعر كأن هناك صراع مرير يدور بين عقله الشيطانى المريد

وبين قلبه الذى لاول مرة يشعر انه ينبض بين ضلوعه وان له وظيفة اخرى بخلاف ضخ الدم الاسود الذى يسرى بعروقه والذى يصفيه وينقيه ذلك الشعور الغريب الذى اجتاحه

تراءت امامه صورة مى الرقيقة الخجولة

فابتسمت شفتاه رغما عنه واغمض عينيه متذكرا حركاتها الرقيقة وكلماتها

الخجولة ومحياها الجميل وعينيها الواسعتان اللتان يشعر فيهما ببحر غريب متلاطم الامواج يتوه حينما ينظر اليهما

تنهد تنهيدة حارة لم يدر أمصدرها هو الدفء الذى يسرى بجسده بسبب

وجوده امام تلك النيران المشتعلة ام هو الشعور الدافىء الذى سيطر عليه

وحول ايامه الاخيرة لاجمل لحظات عاشها بحياته كلها

اطبق باسنانه على شفتيه الحمراء وهو يغمغم:

-يا له من شعور !!!!


*****************


صرخت احدى السيدات عندما كادت سيارة مسرعة ان تصدم طفلة صغيرة تعبر الطريق وتنهدت براحة عندما تمكنت السيارة فى اللحظة الاخيرة من تفادى الطفلة لكنها زمجرت ورفعت صوتها الغاضب عاليا :

-شباب طائش !! انتبه ايها المغفل

لم يعر امجد انتباها لتلك السيدة واطارات سيارته تصرخ عاليا من احتكاكها الشديد بالطرقات للسرعة العالية التى انطلقت بها السيارة التى ضمته

غاضبا ثائرا حانقا متألما حزينا وباكيا

مسح دموعه التى تساقطت على وجهه وهو يصيح:

-كفاك ضعفا ايها الغبى كيف تحولت فجأة واصبحت فتاة صغيرة حمقاء تبكى كلما انتزع احدهم عروستها المفضلة

ثم عاد صوته يخفت وهو يغمغم بمرارة:

-ولكنها ليست لعبة ابكى عليها انما هى حياتى التى اراها تحترق وتتحول لاشلاء امام عيناى ابى وامى وزوجتى

لكن لكن الامور اختلفت قليلا مع غادة والحرب التى بدأتها

خفتت واختفى غبار المعركة لكن القدر لن يكون حليفى ابدا فحتى عندما

استقرت الامور قليلا مع غادة ، لم يتوانى القدر فى ان يقلب حياتى رأسا على عقب ويبعث امى الى الحياة ويجعل ابى فريسة لعقل شيطانى كتلك الافعى التى اكتشفت سمومها التى نفثتها بينى وبين غادة مؤخرا والان عادت بقوة لتهدم الثقة التى بنيتها مع ابى منذ اكثر من خمسة وعشرون عاما

لاول مرة اشعر اننى يجب ان افرغ همومى اننى يجب ان ازيح اعبائى عن كاهلى

لا يوجد سواها امامى يجب ان اذهب لها

رغم انه سيكون من الصعب علىّ ان ابدو ضعيفا امامها لكننى

لا استطيع التحمل اكثر من هذا

لا استطيع

قالها بغضب وهو يضرب بقبضة يده مقود السيارة الذى اداره بعنف

ليرتاد ذلك الطريق الذى يقود اليها



********************


ابتسم عمرو عندما رأى الارتباك يزحف الى وجهها ويغطى معالمه

وهى تتلفت نحوها بجميع الاتجاهات مائة مرة بالثانية ، وعندما لمحت الابتسامة ترتسم على شفتاه عقدت حاجبيها باستغراب وهى تتساءل بخفوت:

-لماذا تبتسم ؟؟

وضع كفيه على الطاولة البيضاء التى تفصله عنها ونظر الى عينيها بتمعن وهو يقول:

-هل هذه اول مرة تجلسين فيها بصحبة شاب وحدك ؟؟

كادت تومىء رأسها لكنها تذكرت جلساتها وحدها مع وائل بارجاء الجامعة

فظهر الذنب على وجهها وقالت بتردد:

-ليست اول مرة لكن.. اعنى .. فقط جلست مع اصدقاء الجامعة

-لكنها اول مرة لكى مع اصدقاء العمل .. اعنى مع رجل بالغ

ضحكت برقة وهى تقول:

-ان كانت هذه الصفة لا تنطبق على شباب الجامعة فاجابتى ستكون نعم

-وما ستكون اجابتك عندما اسألك ما الذى دفعك لان تقبلى دعوتى تلك

ابتسمت وقالت وهى تنظر الى عينيه بعمق:

-دعنى اكون صريحة معك فالصراحة اقصر الطرق

انت شاب محترم ، ادبك يفرض نفسه على الجميع واخلاقك واضحة للعيان لذا فاشعر معك بالاطمئنان على نفسى ولا تنتابنى ذرة شك فى نواياك تجاهى واعلم انك ما طلبت منى قبول هذه الدعوة الا لان هناك مشاعر غريبة تجتاحك وتريد التيقن منها وان كنت ابادلك اياها ام لا

بهت لجوابها وحدق بوجهها فى دهشة جعلتها تضحك بشدة وهى تقول:

-لقد اتفقنا على الصراحة

اطلق من شفتيه صفيرا وهو يقول:

-انتى رائعة انسانة شفافة صريحة لا تلجأ للتلاعب و لا تمتهن

الحركات النسائية الشهيرة انتى حقا انسانة من طراز خاص

فريدة من نوعك

مالت برأسها وهى تهمس برقة :

-اذن هل تخمينى بمحله؟؟

اومأ برأسه وهو يجيب بحنان:

-نعم تخمين ممتاز لكن دعينى اسـألك سؤال اخير بما اننا اتفقنا على الصراحة هل هذا الشعور الذى يجتاحنى بشدة هل هل

هل تشعرين به مثلى

توارت عيناها خجلا وهى تبتسم ابتسامة فهم مغزاها على الفور

ورقص لها قلبه فرحا


************



استندت ناهد برأسها على كفها وهى تقول بتبرم:

-اذن ما الحل ؟

صاحت عندما لم تتلقى جوابا من ادهم الذى كان شاردا :

-ادهااااام فكر معى ماذا سنفعل ؟؟ لا تجلس هكذا كالمقعد الذى تغوص بجسدك فيه

استخدم عقلك وقل لى ما حل هذه المعضلة التى وقعنا فيها ؟؟

وازدادت حدة صوتها مع كلماتها الحانقة:

-هل انتهى حلمنا بهذه السهولة ؟؟

لثوان بدا وكأن ادهم لم يسمع حرفا مما تقول الا انه فجأة التفت اليها

متطلعا اليها بعينان خاويتان قائلا بصوت حمل مرارة شديدة:

-ماذا تريدين منى ان افعل ؟؟

لوحت بكفها وهى تصيح:

-اريد منك ان تتصرف ان تقوم بعمل شيئا ما انت مازلت زوجها

اذهب اليها بكلماتك المعسولة و

قاطعها فى حنق:

-لم يعد هناك فائدة من كل هذا ليس لانها لن تنطلى عليها هذه الخدعة اوانها لا تطيق رؤيتى امامها ، لكن لاننى لا استطيع مواصلة هذا الخداع

وقام من مجلسه متجها اليها مضيفا:

-اتعلمين !! من الجيد انها علمت الحقيقة

انتفضت من مقعدها صائحة بغضب:

-نعم !! هل احببتها ام ماذا يا ادهم بيه ؟؟

التفت بوجهه بعيدا عنها وعيناه تدمعان قائلا بصوت متأثر:

-نعم احببتها ولا اصدق اننى استطعت ان اجرح قلبها بهذا الشكل

ومهما فعلت لن تصدق ان حبى لها صادق مخلص

اسرعت بالوقوف امامه وهى تهز كتفيه بعنف صارخة:

-هل اوقعتك فى حبالها وجعلتك ضعيف بهذا الشكل ؟؟

هل استطاعت ان تثنيك عن استمرارك فى خطتنا ؟؟

لاول مرة ارتفع صوته الغاضب ليلجم لسانها لثوانى :

-كفى عن هذا يكفى خططك الدنيئة وخداعك يكفى

لقد اعمانى المال عندما وافقت على القيام بدورى فى هذه الخطة الحقيرة

كيف استطعتى ان تجبرينى على القيام بهذا ؟ كيف استطعتى ان

تفعلى هذا بابنة اخيك

حدقت فى وجهه بضيق واعماقها تشتعل لتيقنها بان خطتها تلفظ انفاسها الاخيرة مع وقوع ادهم بحب دنيا واصراره على عدم المواصلة

لذا فقد رسمت تعبير اللامبالاة على وجهها وهى تقول:

-حسنا انت الخاسر فى كل هذا اما انا فسأذهب لابنى واستميله واعيش معه ملكة عصرى وابقى انت هنا تعفن فى الفقر

ارتفع حاجباه بدهشة وهو يقول بذهول:

-هل تتخلين عنى بهذه السهولة ؟؟

-اليس هذا قرارك !! اذن تحمل عواقبه يا عزيزى

شعر وكأن هناك شيئا ما ينكسر باعماقه

اهذه هى المرأة التى

عاش عمره كله تحت جناحها وكأنه ابنها الذى انجبته !! اهذه هى الام

التى احبها ومن اجلها فعل الكثير

اخفى جرحه الغائر وهو يتساءل:

-وما حكاية ابنك هذا ؟؟ هل عثرتى عليه؟؟

اجابت بحماس :

-نعم ولن تصدق من هو وكيف كان طوال الوقت بالقرب منا

واضافت عندما وجدت الفضول يشتعل فى عيناه العسليتان:

-انه امجد امجد السعدنى زوج غادة

ارتسمت الدهشة على قسمات وجهه وهو يهتف:

-حقا !! ومنذ متى تعرفين هذا ؟ ولما لم تخبرينى ؟؟

لوحت بكفها فى لامبالاة وهى تجيب:

-لقد كنت مشغولا فى خطتنا ولم اشأ ان اشغلك عن القيام بدورك

اغمض عيناه فى تأثر عندما ذكرت فعلته الحقيرة لكنه عاد يفتحها عندما تلقى سؤالها:

-قل لى ماذا ستفعل انت ؟؟

مط شفتيه فى ضيق وهو يجيب:

-سأستمع اولا لوصية ابى لعل يكون فيها خيرا

ارتفعت ضحكات ناهد الساخرة وهى تهتف:

-خير !! ومن اين سيأتى الخير طالما الموضوع له علاقة بابيك ؟

استمع لوصيتك العظيمة هذه ولا تنسى زيارتى من حين لاخر فى منزل ولدى

رمقها وهى تغادر بضيق شديد وهز رأسه بمرارة عندما ايقن انه لم يكن اكثر من مجرد درج ارتقت درجاته لتصل لما تريد اما امومتها التى اعتقد فيها، كانت مجرد وهم لا اكثر وحلم تمناه لكن مع المرأة الاكثر جحودا وانانية بالعالم اجمع


*****************

jen 02-12-08 02:28 AM



هوت بيدها الرقيقة على وجنته فدمعت عيناه من قوة اللطمة على الرغم من

رقة يدها وتطلع اليها بذهول ليرى وجهها الجميل مرتسما عليه بغض واشمئزاز بلا حدود ونقل بصره الى شفتيها التى انطلقت منها الحروف متعثرة غاضبة :

-كيف كيف تجرؤ ان ان تطلب منى هذا ؟؟ كيف است .. استطعت التفكير فىّ هكذا ؟؟

ما الذى جعلك تظن اننى قد اقبل عرضك الحقير هذا

هل ابدو لك فتاة من هذا النوع !!

شعر بفداحة ما فعل فالتهمه التأنيب حيا وهو يرى فراشته الرقيقة تحولت لدبور مسعور يريد غرز ابرته الحارقة بمن الحق به الاذى واستطاع

ان يخرجه من يرقته بقسوة ، واخفض عيناه وهو يشعر بندم شديد

لما فعل ، فحتى المرة الوحيدة التى شعر فيها بشعور صادق نبيل

اراد التعامل مع هذا الشعور بطبيعته الدنيئة المعتادة

حتى المرة الوحيدة التى وقع فيها فى الهوى ، وهوى فتاة يعلم تمام العلم انها مختلفة وانها ليست كباقى الفتيات التى عرفهن حتى فى هذه المرة اراد الحصول عليها بطرقه المعتادة اراد ان يتزوجها فى السر

وعلى الرغم من الندم والضيق اللذان يشعر بهما فى هذه اللحظة امام كلماتها ونظراتها المؤنبة الا ان قلبه خفق بشدة وازداد حبه لها لانها هى الفتاة التى لطالما حلم بها والتى اعتقد فى عدم وجودها

ارتفع صراخها وهى تندفع خارجة من مكتبه :

-انت انسان غريب لن تتغير مطلقا وانا لن ابقى يوما واحدا بهذا المكان بعد ما حدث

انخلع قلبه وهو يراها تبتعد عنه فاسرع محاولا اللحاق بها هاتفا بتوسل:

-مى مى ارجوكى ابقى انا مغفل اعترف بهذا

لكن ارجوكى ابقى

ابتعد عنها فى سرعة عندما رأى تصميمها على ضربه ثانية لكنه عاد

يهتف:

-ارجوكى صدقينى لن آتى على ذكر هذا الموضوع ثانية ولن ولن افعل او اقول شيئا يسيئك فقط ابقى ارجوكى


*****************


حدقت بوجهه فى دهشة وهى تهتف:

-ماذا تقول ؟؟ ما الذى تتحدث عنه

ارتسمت ابتسامة حزينة على شفتيه وهو يقول:

-اعلم ان الموضوع قد يبدو مثيرا للشكوك و

لوحت بكفها وهى تقاطعه قائلة:

-لا انه ليس مثيرا للشكوك ، انا اعلم ان لعمتى ناهد ابن ولكننى لم اكن اعلم انك هو

حان وقته لترتسم الدهشة على وجهه وتظهر فى كلماته المتساءلة:

-كيف تعلمين ان لها ابنان ؟؟ بالتأكيد هى لم تفصح لكى عن هويتى

وانتى بالتأكيد ظننتى ان لها ابنا واحدا الا وهو زوجك ادهم

صدرت عنها آنة الم خافته وارتجفت شفتاها عندما جاء على ذكر ادهم

الا انها استطاعت بصعوبة ان تتمالك اعصابها وهى تقول:

-ادهم زوجى ليس ابن ناهد ، ليس اخيك ، انه ابن زوجها

وقد علمت هذا مؤخرا و...........................


استرسلت فى حديثها المتألم فى حين استمع اليه بهدوء وهو يتطلع الى يدها اليسرى حيث الاصبع الذى ظلت تتلمسه طوال الوقت

الاصبع الذى كان فيه خاتم زواجها

نقل بصره اليها وناولها منديلا معطرا من جيب سترته وهو يقول بحزن:

-يبدو يا ابنة خالى انه لا مجال لسعادتنا فى هذه الحياة

وقد جئت اليكى لاشكى لكى همى لاكتشف انكى الاخرى لستى خالية من الهموم

وكأن تلك العائلة كتب عليها الهم والشقاء

نظرت بقلق الى عينيه الحزينتين وهتفت:

-لماذا ؟؟ ماذا بك يا امجد ؟؟ مما تشكو ؟؟

احتوى يديها بين يديه بحنان تناقض مع كلماته القاسية التى خرجت من فمه:

-يجب ان نقف بجوار بعضنا يا دنيا ليس لنا فى هذه الحياة سوى بعضنا

انا سأساعدك ان تتخلصى من ذلك الجشع وانتى تظهرين براءتى

امام ابى


****************


اخرج شريط الكاسيت من جيب سترته ووضعه فى المسجل

واتخذ مقعده مهيئا نفسه لسماع صوت والده الحبيب الذى انساب مهيبا حزينا بعث فى جسده القشعريره ، وانعقد حاجباه عندما لاحظ المرارة التى غلفت كلمات والده :

-ولدى الحبيب ادهم .. معنى انك تستمع الان الى صوتى اننى قد فارقت الحياة وذهبت لبارئى ادعو الله ان يغفر لى ما ارتكبته فى حقك يا ادهم وفى حق والدتك الغالية وفى حق نفسى

قطب ادهم حاجبيه فى حيرة وصوت ابيه يواصل:

-لقد كانت والدتك زهرة حياتى ، وكنت انت نتاج حبنا وزواجنا ، عشت معها اكثر من عشر سنوات حتى تمكن منها المرض واصبحت رقيدة الفراش وفقدت جاذبيتها ، كنت وقتها مازلت شابا ابحث عن نزواتى فاهملت امك ونسيت او تناسيت ان الزواج فى السراء والضراء

اعطيت الفرصة لناهد صديقة والدتك ان تتلاعب بى ، اغرتنى بجمالها ورقتها ودلالها ونعومتها التى تشبه نعومة الافعى

انتزعتنى من والدتك وجعلتنى اطلق سبيلها وآخذك منها لتعيش معنا بعد زواجنا

كنت مقتنع فى هذه الفترة باننى افعل الصواب ، باننى احضرت لك ام حنونة بصحة جيدة لتعتنى بك وتربيك جيدا فى ظل اشغالى باعمالى الكثيرة ، اصرت ناهد ان نسافر الى لبنان نقلت كل اعمالى هناك بناء على طلبها ، كانت طلباتها واجبة التنفيذ

ورغم ابتعادى عن والدتك وتخلىّ عنها الا ان حبها فى قلبى لم ينطفىء فاردت مساعدتها فى علاجها وعندما علمت ناهد بذلك رحبت جدا وقالت انها ستكون همزة الوصل بيننا وهى التى ستسلمها مساعدتى الطبية لها

وطوال هذه السنين نجحت ناهد فى خداعى وكان كل مليم يذهب باسم والدتك كان يرقد مع اخوته فى البنك باسم ناهد

عندما اكتشفت هذا ، عندما علمت ان والدتك توفت بسبب الاهمال وعدم تلقيها العلاج ، شعرت بتأنيب ضمير كبير فعاقرت القمار لانسى ما حدث

لكننى للاسف اضعت فيه كل شىء وتسببت بحالتنا الاقتصادية المتدهورة


سامحنى يا ادهم سامحنى يا ولدى على ما اقترفته

سامحنى وادعو لى بالمغفرة

وابتعد عن ناهد يا ادهم يجب ان تنجو بنفسك من براثنها يا ولدى

يجب يا ادهم اياك ان تسلم لها

ويجب ان تتيقن يا ادهم من حبى لك

احبك جدااااااا يا ولدى

استمر الشريط يدور فى صمت بعد انتهائه

ولدقائق عديدة ظل ادهم جامدا كالتمثال لا يتزحزح

حتى ارتسمت معالم الالم على قسمات وجهه وتشبثت يداه بقوة على مسند المقعد وانطلق الشرارمن عينيه

ثم قام فجأة من مجلسه وانطلقت يداه يمينا ويسارا تزيح كل شىء فى طريقها وصرخ بغضب من وسط دموعه المتساقطة:

-ايتها الحقيرة ايتها الشيطانة

جنيتى على اسرتى بكاملها

حولتى حياتى لجحيم

انتى السبب فى وفاة ابى وامى وابتعادى عن زوجتى وحبيبتى

ايتها الحقيرة انا اكرهك اكرهك

لن اغفر لكى ابدااااااااااااااا


*************


تطلعت اليه طويلا تحفظ معالم وجهه بخلايا عقلها وكأن قلبها الذى وقع اسير هواه لن يتذكره

دمعت عيناها وارتجفت شفتاها وهى تستمع لنداء طائرته الراحلة بعيدا عنها

طائرته التى ستحط فى مصر وتحمله الى حيث حبيبته التى لم يستطع ان ينساها حبيبته التى لم تستطع ان تحل محلها بقلبه وكم ارادت ان تحل محلها لكن حبه لها وقف حاجزا منيعا امام حبها اليانع ولم يعطها فرصة عادلة للمنافسة

رسمت ابتسامة حزينة على شفتيها وقالت بصوت متهدج:

-سأشتاق اليك كثيرا

اخفض رأسه وهو يبتسم بحزن فالموقف لم يكن باسهل عليه منها

فهو الاخر يتألم لالمها

فكم يشعر بمعاناتها لكنه لا يستطيع ان يفعل شيئا حيالها

فغادة لن تتزحزح من قلبه فقد ملكته ولن تستطيع امراة اخرى ان تزيحها منه حتى نور الرقيقة البريئة التى لم تستطع تمالك نفسها وانسابت دموعها على وجهها فاسرع بمسحها لكن ما ان امتدت يده لملامسة وجهها حتى شعر بارتجافاتها فابعد يده عنها واخرج منديلا من جيب سترته ناوله لها قائلا بتعاطف:

-ارجوكى لا تزيدى من صعوبة الامر

انا ايضا سأشتاق اليكى لكننى وعدتك سأهاتفك اسبوعيا وسأحاول بقدر ما استطيع ان آتى لزيارتك من حين لآخر

هزت رأسها وهى تغمغم:

-لا ترحل

حدق فى وجهها بدهشة صاحبت كلماته:

-ماذا ؟؟!!

ادارت رأسها بعيدا عنه وهى تقول:

-لا لم اقل شىء كم انا غبية

ثم اضافت وهى تلتفت نحوه :

-سأنتظرك محادثتك على احر من الجمر

مط شفتيه فى ضيق فقالت نور باستياء:

-لا تفعل هذا انا سأكون بخير

هيا هيا اذهب لتلحق بطائرتك

هز رأسه والتفت ليصافح والد نور الذى قال:

-موفق باذن الله يا على لا تحرمنا من رؤيتك

اومأ برأسه وهو يصافح نور التى لوحت له مودعة وهو يبتعد عنها

ثم نظرت الى والدها بعينان مغروقتان بالدموع وهتفت فجأة وهى تعدو نحوه لترتمى بين احضانه:

-علىىىىىى

ربت على ظهرها بحنان وهو يغمغم بصوت غير مسموع:

-وداعا يا اختى الصغيرة


******************

jen 02-12-08 02:39 AM



ارتفع صرير بوابة سجن ( طرة )الذى خرج على اعتابه شاب

اسمر متوسط الطول تلوح القسوة والمعاناة على وجهه

الذى يبدو انه رأى الكثير والكثير فى هذا المكان ذى الجدران الاربعة التى ضاق على انفاسه وحطم آدميته

اقترب منه شاب هزيل اشقر الشعر، واحتضنه بلهفة وهو يهتف:

-وائل مبروك على الافراج

حمدا لله انك خرجت سالما

اشار اليه بيده اشارة معينة فهم وليد مغزاها على الفور فاسرع باخراج سيجارة ناولها لوائل الذى وضعها بين شفتيه وسمح لوليد باشعالها

ليلتقط نفسا عميقا قال بعده بصوت اجش:

-اين هى الان ؟؟؟

مط وليد شفتيه فى ضيق وهو يقول:

-لقد عادت منذ يومين من لبنان حيث كانت تقضى شهر العسل مع زوجها

وقريبها هذا

اومأ وائل برأسه وضيق عينيه وهو يغمغم:

-نعم ادهم

نظر اليه وليد بتوجس وقال بتردد:

-وائل ماذا ماذا تنوى ان تفعل

خرجت من بين شفتيه اجابة مقتضبة حملت معنى خطير:

-الكثير

ازداد توجسه وهو يتساءل:

-انس الموضوع يا وا.........

التفت اليه وائل بغضب جعل وليد يبتر كلمته فى حين هتف وائل بحقد:

-انسى !! انسى الجحيم الذى قضيته فى السجن بسببهما !!

لا انت مخطىء

يجب ان يدفعان الثمن

يجب ان يدفعانه غاليا


***************


تطلع ادهم بحنق الى سيارة امجد الرابضة امام فيلا دنيا التى اقترب من بابها المفتوح ودلف خلاله ليجد امجد جالسا على احد مقاعد الصالون

فظهر الغضب فى عينيه واشتعلت الغيرة فى اعماقه وهتف ما ان اقترب منه:

-ماذا تفعل هنا ؟؟

نظر امجد لادهم بلامبالاة وقال بهدوء:

-اعتقد اننى انا من يجب عليه توجيه هذا السؤال لك يا ابن العمة المزيف

جز ادهم على اسنانه وهو يهتف:

-ماذا تفعل هنا فى بيت زوجتى

اطلق امجد ضحة ساخرة وهو يقول:

-الا تشعر بالخجل من لفظ تلك الكلمة (بيت زوجتى )

يبدو انك لست رجلا

صاح ادهم بغضب:

-صن لسانك

مط امجد شفتيه فى سخرية وهو يهتف:

-عن ماذا ؟ عن قول الحقيقة !! انت فعلا لست رجلا

انت مجرد صعلوق اراد الثراء على حساب اشلاء حب مزيف

اوهمت به تلك المسكينة

اشار اليه باصبعه مهددا:

-لا تتدخل فيما لا يعنيك يا صاح ، انت لا تعرف شيئا

هز امجد رأسه وهو يهتف:

-بل اعرف كل شىء اعرف خيانتك وقذارتك وخداعك

اعرف اهانتك للمرأة التى سلمتك نفسها ووضعت نفسها واموالها

امانة بين يديك

اطلق ادهم ضحكة ساخرة وهو يقول:

-لا تحدثنى من فضلك عن حقوق الزوجة واهانتها واحترامها

فلتفعل هذا اولا مع امرأتك يا امجد بيه

ارتفع حاجبا امجد فى استنكار وادهم يواصل:

-اتظن اننا لسنا على علم بما تفعله مع تلك المسكينة التى تتلقى الاهانة وتصمت ، آثار يديك القوية كانت واضحة جداا على وجهها فى جلسة نطق الحكم على محمد ، الجلسة التى خذلت مى فيها ولم تقف بجوارها

امسك امجد بسترة ادهم فى قوة وهو يجز على اسنانه قائلا بغضب:

-انت ايها الحقير انت الذى تطلق علىّ احكاما وتعلمنى كيف اكون مع امرأتى!! هى من اخبرتك بهذا ؟؟

ابعد ادهم يدى امجد عنه بصعوبة وهو يهتف:

-وهل هذا هو كل ما يهمك ؟؟ لا يهم ان كل حرف قلته كان صحيح لكننى سأريحك يا امجد بيه وارحم غادة من مشكلة جديدة لا لم تخبرنى هى

لكن الامر واضح جداا ، السعادة انطفأت من وجهها واختفى بريق

البراءة من عينيها واصبح وجهها نافذة عرض لليأس والحزن

اقترب منه امجد قائلا بشماتة:

-اعتقد ان هذا الوصف ينطبق على دنيا بعد الذى فعلته بها

اما غادة فهى تعيش اجمل ايام حياتها معى وننتظر مولودا

قريبا فلا تحاول ان تشوه صورة سعادتنا الزوجية حتى تظهر انت كالبرىء وكأنك لم تفعل شيئا

-انت الذى تتجاهل الحقائق ولا تنظر الا تحت قدميك ، ارفع عينيك وتلفت حولك لترى الحقيقة وتقدر النعمة التى بين يديك

ثم اشار بيده حينما رأى امجد يريد مقاطعته :

-انا اعلم ان هذه النصيحة انا اولى بها لكننى اطبقها الان بمجيئى هنا

واعترافى بخطئى وطلبى الغفران

-الغفران !! لا اعتقد انك ستحصل عليه يوما

نطقتها دنيا بمرارة وسخرية وحزن اتغرز فى كلماتها وانحفرت معالمه على وجهها الذى تطلع اليه ادهم بلهفة وتابع هبوطها على الدرج الداخلى للفيلا الذى وقف فى وسطها قائلا بلهفة:

-دنيا !! حبيبتى كم اوحشتينى

صاحت فيه بحنق:

-توقف لا اريد المزيد من الاكاذيب

اقترب منها فاسرع امجد يقف حائلا بينهما وارتفع حاجبا ادهم فى دهشة

عندما وجدها تتشبث بظهر امجد الذى اولاه لها فهتف بمرارة:

-دنيا !!! اتحتمين فيه من زوجك ؟؟

صاحت بمرارة اشد:

-انت لم تعد زوجى ومنذ هذه اللحظة انت خارج حياتى


****************


اسرعت مى باخراج

جهاز التسجيل وضغطت زر تسجيل وقربته من الهاتف الذى انبعث منه صوت حسام بالانجليزية فى محادثة طويلة وخطيرة محادثة انتظرتها مى منذ زمن

فهذا هو بداية الخيط الذى سيلتف حول عنق حسام فى النهاية

انهى حسام المحادثة مع تلك الاجنبية سوزى التى اتفقت معه ان الشحنة ستصل كالمعتاد فى ميناء الاسكندرية وانها هذه المرة ستأتى بنفسها

لمناقشة امور مهمة تتعلق باعمالهم المريبة تلك


تأكدت مى من لا احد بالجوار وعادت تستمع للمحادثة التى سجلتها

وابتسامة انتصار تتلألأ على شفتيها اللتان اتسعتا لان المحادثة رغم ما بها

من شفرات الا انها تعد دليلا هاما قد يضع حسام قيد الاستجواب

لكن ليس هذا هو ما تريده انها تريد القبض عليه متلبسا بجريمته

لذا ستوافق على طلبه اليها السفر معه الى الاسكندرية حيث

فرع الشركة الاخر وان كانت موقنة انه لن يسافر لمتابعة اعماله كما اخبرها حينما طلب منها مرافقته بل سيسافر من اجل ذلك اللقاء الاسطورى مع الاجنبية وتسلمه للشحنة المشبوهة


ورغم انه تغير كثيرا فى معاملته معها واصبح اكثر احتراما لها

بعد طلبه الاخير منها واستجداءه لها ان تغفر حماقته وتبقى

ورغم انها لم تعد تراه بصحبة اخريات الا انها لم تشعر نحوه

بادنى شىء سوى بالبغض والكراهية والرغبة فى الثأر

بالرغم من اهتمامه بها وحبه الذى يظهره لها بوضوح

فقلبها الان لا يحمل سوى شخصا واحدا فقط

شخصا هو الذى يعينها على الصمود والاستمرار رغم جهله بما تخطط له

ارتسم الجزع فجأة على وجهها وهى تفكر بخاطر مفزع انتابها

ماذا لو عرف عمرو بامر سفرها الى الاسكندرية مع حسام ؟؟

يجب الا يعلم عمرو بشأن سفرها هذا

يجب ان يبقى هذا الامر طى الكتمان حتى لا يشك بوجود علاقة بينها

وبين حسام ، لانه لا داعى حقا لسفرها لكنها ستفعل هذا فقط حتى تتمكن

من تحقيق مأربها


********************


-حسنا سأنصرف الان

قالت غادة جملتها هذه لصديقاتها فى الجامعة اللاتى بدا على وجوههن الامتعاض والضيق الذى ظهر فى صوت احداهن:

-لماذا يا غادة ؟ الوقت مازال مبكرا انتى لا تأتين الى الجامعة كثيرا

مطت شفتيها فى أسف وهى تقول:

-انا اسفة، لكن يجب ان اعود الى المنزل قبل عودة امجد

هززن رؤوسهن فى ضيق واحداهن تقول:

-حسنا يا غادة، الى اللقاء قريبا وتقبلى تهنئتى مرة ثانية

اومات برأسها وهى تبتعد عنهم محتضنة كتبها الا انها سمعت صوتا من خلفها يناديها ، صوتا قريبا الى قلبها ، صوتا جمد الدم فى عروقها وزلزل كيانها واسرعت معه خفقات قلبها المسكين ، صوتا اقترب صاحبه منها ليقف امامها وجها لوجه ، وجه اشتاقت له كثيرا ، وجه ارادت ان تهوى عليه بكفها وارادت ان تتلمسه برقة فى آن واحد

تطلع مليا الى عينيها الخضراروان اللتان اسرتاه منذ اللحظة الاولى التى وقعت عيناه عليهما ، ادار نظره فى ملامح وجهها باشتياق وهو يقول بهمس:

-كيف حالك يا غادة ؟

لم يتلقى منها جواب سوى الدهشة التى ارتسمت على وجهها والشوق الذى ظهر فى عينيها فاضاف:

-لقد وصلت من هولندا منذ ساعتين فقط واول شىء فعلته ان جئت ابحث عنكى فى الجامعة ، سرنى ان القاكى فالعديدين اخبرونى انكى لا تأتين بانتظام منذ منذ منذ زواجك

قالها بمرارة فتنحنحت غادة وقالت بلهجة حزينة:

-حمدا لله على سلامتك يا على ، هل جئت مصر فى زيارة ؟

هز رأسه وهو يبتسم لسماع صوتها الذى اشتاق اليه واجاب:

-بل جئت لاستقر، لقد كونت مبلغا لا بأس به

يكفى لبدء حياة نحمد الله عليها

ارتسمت ابتسامة ساخرة على شفتيها وهى تقول بتهكم:

-نحمد !! الا تعتقد ان حرف النون هذا قد جاء متأخرا ؟؟

اخفض بصره وهو يتساءل بحسرة:

-هل انتى سعيدة بزواجك يا غادة ؟؟

اجابته بضيق:

-انت الوحيد الذى لا يحق له ان يسألنى هذا السؤال

تطلع الى عينيها بعمق وهو يتساءل بضيق:

-لماذا تزوجتى بهذه السرعة يا غادة

جزت على اسنانها وهى تهتف بغضب:

-ارجوك نحن فى مكان عام ، لا تقل هذا الكلام الذى يثيرنى وقد يجعلنى اتصرف تصرف غير لائق

لا يحق لك هذا السؤال ابداااااااااااااااا

لقد تركتنى دون ان تأخذ رأيى وكأنه قرارك وحدك

قررت ونفذت هل تعود الان لتعاتبنى ؟؟

شعر امام تقريعها بتلميذ خائب خذل مدرسته المفضلة التى

اضافت بمرارة:

لماذا لم تقل لى انتظرينى سأكون نفسى واعود اليكى ؟؟ لماذا لم تضع بيدى دبلة بسيطة انتظرك بها ، لقد عدت بعد شهور يا على

شهوووور !! عدت ومستعد للزواج ، لماذا اذن تركتنى ؟؟

لماذا ؟؟

زفر بمرارة وهو يجيب:

-لم اكن اعلم ان هذا سيحدث بهذه السرعة ، لقد حدث كل شىء بالصدفة البحتة ، لقد اعتقدت ان هذه الشهور سأقضيها فى البحث عن عمل متواضع لن يحقق لى ايا مما حققته

امسك يديها وهو يقول بتوسل:

-من فضلك اجلسى معى اقص عليكى ما حدث لن تصدقى

جذبت يديها من يده وهى تهتف بحدة:

-اسمع يا على انا امرأة متزوجة الان ولا

قال على باندفاع:

-اتركيه

بترت جملتها لتهتف بدهشة:

-ماذا !!

قال على برجاء:

-اتركيه يا غادة انا اعلم انكى مازلتى تحبيننى انا ارى هذا فى عينيكى وانا ايضا مازلت احبك ، وهذا القرار الغبى الذى اخذته قبل سفرى اعتقدت انه فى صالحك لكننى كنت مخطىءاتركيه يا غادة وتزوجينى

اطلقت آنة مرارة مشوبة بالسخرية وهى تهز رأسها قائلة:

-لا يفيد هذا الان يا على مهما كان شعورى نحوك لقد فات الاوان

-لا لم يفت ، انا مستعد لانتظارك فى شهور عدتك بعد انفصالك عنه

وسنبدأ معا يا غادة

قالت غادة بصوت مختنق وهى تلوح بيديها لتوقف حماسه:

-لقد فات الاوان يا على فااااااااات ، انا حامل

صعق على عندما سمع كلمتها الاخيرة وهتف بانهيار:

-ماذا !!

امتلأت عينا غادة بالدموع وهى تقول :

-اننى احمل طفله ولا استطيع تركه ، طفلى يجب ان يحيا بين ابويه

لا يجب ان يحرم من ايهما ، لا يجب ما حدث لى ان يحدث له

انا اسفة يا على لكنك انت من جنيت علينا يوم تخليت عنى وسرت وراء احلامك

لقد فات الاوان يا على

واسرعت تفر من امام عينيه اللتان انسابت منهما خطان من الدموع

بللت شفتاه التى رددت:

-لقد خسرتها خسرتها ايها الاحمق

لقد صدقت

فات الاوان


*************

jen 13-12-08 04:55 AM


الفصل السادس عشر

خيانة


ترجل امجد من سيارته التى صفها امام جامعة القاهرة واسرع بالبحث عن غادة بين جنبات الكلية ليصحبها معه الى المنزل بسيارته لخوفه وقلقه المستمر على ما تحمله بين احشاءها حتى تطأ قدماها بأمان منزلهما

اعترف امجد لنفسه انه لم يأتى الى هنا فقط من اجل هذا بل هناك سبب آخر..لقد اصبح يرغب برؤيتها فى كل وقت .. اصبح يفتقدها دوما واضحت قريبة من قلبه بشدة خاصة بعد هذا الخبر السعيد الذى زفته اليه والذى تعامل يومها معه على انه نبا عادى وكأنها تخبره مثلا بتحضير العشاء

اخفى سعادته ولم يحتفل معها فحتى الان لم يستطع نسيان فعلتها

لم يستطع ان ينسى مكانه فى حياتها

ابتسم عندما وجد ضالته المنشودة .. عندما لمحها بين صديقاتها .. اقترب منها لكنه جمد بمكانه عندما رآه يقترب منها ويتبادلا الحديث سويا

غلى الدم بعروقه وكاد ان يفرغ ضيقه وغضبه والمرارة التى يشعر بها منذ لقاؤه مع امه والتهمة التى وجهها اليه ابيه لكنه اطبق على قبضتيه بسرعة حتى كادت عظام يده ان تنكسر محاولا تماسك اعصابه واستدار عائدا الى سيارته منطلقا بها بسرعة جنونية اوصلته فى وقت قياسى الى المنزل الذى ما ان دخله حتى ارتمى على اول مقعد قابله وحدق فى الفراغ المحيط به متحسرا على حاله

الجميع يتأمرون ضده

امه تعود كمعا فى امواله

وغادة تعيد حبها القديم وتقابله فى السر

وابيه يتهمه بابشع تهمة

وهو وحيد لا قيمة له .. الكل سعيد بدونه

مزقه هذا الشعور فاطلق صيحة هادرة وه يضرب بقدميه طاولة الصالون الذى جلس الى احد مقاعده :

- آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه


**********



فتحت باب مكتبه برقة ودلفت متطلعة اليه بنظرات امتلأت بحقد واضح وكراهية مطلقة تبددت على الفور ما ان طالعها بنظره فحل محلها نظرات رقة وابتسامة زينت محياها وهى تقول :

- لماذا يريدنى مديرى العزيز .. كيف استطيع خدمتك يا حسام بيه

ابتسم وهو يقول متبرما :

-الم اقل لكى كفى عن هذا وخاطبينى باسم حسام مجردا

ضحكت مى بدلال وقالت وهى تقترب منه:

-حسنا .. فيما تريدنى يا حسام

هتف بحماس:

- عدى حقائب سفرك .. لقد حان موعد سفرنا الى الاسكندرية حيث سأتسلم بنفسى تلك الطلبية التى اخبرتك عنها

لمعت عيناها وهى تقول بتهكم لم ينتبه له:

-ولماذا يجب ان تتسلمها بنفسك

نظر اليها فى صمت ثم اسرع يقول :

- لاننى سأستقبل معها سيدة اعرفها منذ زمن

ارتسمت ابتسامة ساخرة على جانب شفتيها وهتفت متبرمة :

-سيدة ! ومن هى تلك السيدة ؟ هل هناك علاقة بينكما

هز رأسه فى عنف وهو ينفى :

- لا ابدا .. كل ما يربطنا هو العمل

قربت وجهها من وجهه وهى تقول بصوت خافت :

-اذن سأحضر لقاءات العمل بينكما .. اليس كذلك

تعلثم حسام وهو يجيبها :

- لا .. لا داعى .. لا داعى لهذا

عقدت زراعيها امام صدرها وهى تقول بتبرم :

-لماذا اذن ستصحبنى معك ان لم يكن من اجل حضور هذه اللقاءات.. اذن سفرى معك ليس للعمل .. هل عدت لتفكيرك الاخر .. ماذا تظننى ؟

اسرع يمسك يديها وهو يهتف نافيا :

- لا ابدا يا مى .. لم اقصد هذا ابدا

نظرت الى عينيه بتمعن واخذت نفسا طويلا بعدها همست :

- لماذا اذن تواصل معاملتى بهذا الاسلوب الجارح .. اتعلم ! اى فتاة بمحلى كانت لتترك العمل لديك منذ زمن لكننى بقيت هنا واحتملت سخافاتك تلك لاننى .. لاننى .. لاننى احبك

لفظتها وكادت تقتل نفسها لاجلها اما هو فقد برقت عيناهوانتفض جسده وهو يحدق بعينيها وسرعان ما هتف بسعادة :

- ماذا ؟ حقا يا مى ! هل تحبينى فعلا ؟ يااااااااااااااه كم تمنين سماع تلك الكلمة من بين شفتيكى .. مى .. ربما قلت هذه الكلمات لغيرك مئات المرات لكن هذه هى المرة الاولى التى اعنيها حقا.. ما اشعر به تجاهك شعور صادق ولم اتخيل ان ينتابنى يومالكنكى استطعتى ان تديرى رأسى من حبك ولا اصدق انكى تبادلينى شعورى هذا

امسك كتفيها وهو يصيح :

- انا احبك يا مى .. احباااااااااااااااااااااااااااك

توقفت مى مذهولة امام هذا التصريح القوى .. لم تكن تتخيل هذا النجاح

انه لا يكذب .. انه فعلا يعنى ما يقوله

لكن هل سهل هذا مهمتها ام صعبها ؟

هل سيثق بها ويطلعها على ادق اسراره ام سيحاول اخفائها عنها خوفا من خسارتها!!

هل حبه لها سيجعلها تكشفه للعداله ام تخسر فرصتها الوحيدة فى اثبات براءة اخيها والانتقام منه !!

يا له من مأزق !


**************


- ماذا تفعل هنا ايها الوقح ؟

نطقها بحدة وبعينان اطلقتا شرارا مخيفا اخمد الحماسة التى دبت بجسد امجد ودفعتهللمجىء لشركة ابيه فى محاولة منه لاظهار براءته من التهمة الحقيرة التى نسبتها اليه زوجة ابيه

تلك الحية الرقطاء التى تعربد بالمنزل الذى تربى فيه وبناه مع والده بعرقه وكفاحه .. وها هى تلك الافعى تحاول ان تسلخه حيا من كل ما روى بذرته حتى كبر وترعرع لكنه لن يظل مكتوف الايدى امام لعبتها الدنيئة تلك لذا فقد هتف :

- استمع الىّ فقط يا ابى .. منذ تلك الحادثة المشئومة وكلما تراتنى تلعننى وتنصرف عنى .. انت لم تعطنى الفرصة كى اشرح لك .. لماذا تصدق تلك الامور التى تعرفها من شهور وتكذب ابنك الذى ربيته حتى صار رجلا ؟

هب ممدوح من مقعده وهو يهتف :

-وهل فيما رأيته مجال للتصديق او التكذيب ؟

ايها الخائن لقد دنست حرمة منزلى واعتديت على زوجتى

احتقن وجه امجد وهو يصرخ :

- لا لم افعل .. امراتك كاذبة ولعينة

صفعه وهو يصيح :

- اخرس اياك ان تقول هذا .. انت هو اللعين الذى لم يصن شرف اباه وكان اول من ينهش فى لحمه

- اقسم لك لم افعل انها لعبة دنيئة دبرتها نعمة لتوقع بى

- ولم قد تفعل هذا ايها الكاذب ؟ ما الذى ستجنيه ؟

لوح امجد بكفه وهو يواصل صراخه :

- لا ادرى اسألها هى

هتف ممدوح بتهكم :

اترك الجانى واستجوب الضحية

هز امجد رأسه وهو يهتف بغير تصديق :

- ضحية ! انت مخدوع يا ابى .. لقد تمكنت منك واستطاعت ان تربح جانبك فضحيت من اجلها بفلذة كبدك

هز ممدوك كفيه وهو يصيح :

- لا انت مخطىء.. انت لم تعد ابنى ..لقد صرت غريبا عنى يوم احلت لك نفسك ان تفعل بى ما فعلت

حدق فى وجهه بعينان دامعتان وهو يقول بصوت خافت :

اذن فانت مصر على موقفك هذا

مضت فترة من الصمت بينهما قطعها امجد بصياحه الحانق :

- حسنا يا ابى كما تشاء سأثبت لك براءتى بطريقتى الخاصة لكننى لن اسامحك ابدا على شكك بى

وغادر حجرة مكتبه مشتعلا من الغضب واصابعه تتنقل فى سرعة بين ازرار هاتفه المحمولالذى صاح فيه :

- دنيا .. لم يقتنع .. سننفذ ما اتفقنا عليه


***********


هبطت مى درج مديرية امن الجيزة فى الوقت الذى تلقى فيه هاتفها المحمول رسالة فضغطت على ازراره لتطلع على فحواها وهالها ما رأت فقد هتفت كلمات رسالة عمرو " لقد اعتقدت انكى مختلفة .. لم اكن اعلم انكى بهذه الوضاعة .. انا آسف على وقتى الذى اهدرته على فتاة مثلك "

شحب وجهها وكادت الدموع تتفجر من مقلتيها لكنها تمالكت اعصابها باعجوبة وهى تشير لاحدى سيارات الاجرة التى توقفت لتقفز فيها وتهتف بالسائق :

-عابدين يا اسطى .. اسرع من فضلك

دار بخلدها افكار مريعة .. ترى ماذا يقصد ؟ يا الهى ! ماذا يعنى بكلماته هذه ؟ بالتأكيد يقصد علاقتها بحسام .. هل فاحت رائحتها بهذه السرعة !

يجب ان تخبره بالحقيقة.. لا يمكن ان تخسره .. انه اجمل شىء حدث بحياتها

- وصلنا يا آنسة

انتزعها هتاف السائق من افكارها فنقدته نقوده واسرعت بالترجل من سيارة الاجرة لتتلفت هى حولها وتقترب من شاب وتسأله :

-اين منزل المهندس عمرو كمال ؟

تطلع اليها الشاب بنظرات لم ترق لها ثم اشار بيده قائلا :

آخر الشارع ..المنزل الاصفر على يسارك .. شقته بالدور الارضى

هتفت شاكرة واسرعتبخطواتها المرتجفة ودقات قلبها الغير منتظمة تقترب من منزله حتى وصلت الى باب شقته الذى طرقته ليطالعها وجه عمرو المستنكر وهتافه المندهش :

- ماذا تفعلين هنا ؟


**********


تطلعت اليه غادة بحيرة وهى ترى تلك النظرات تعود ثانيه الى عينيه .. ماذا به ؟ لماذا عاد الى معاملته السيئة تلك ؟ الم تكن الاحوال قد تحسنت قليلا ! لماذا عادت لتسوء بهذا الشكل ؟

تنحنحت وكادت تتساءل عما به لكن جرس الباب الذى انطلق قاطعها فقامت مضطرة الا انه استوقفها بيديه وهو يقول بحزم :

-سأفتح انا

اتجه نحو الباب وجذبه ليرتفع حاجباه فى دهشة وهو يهتف :

- ادهم ! ماذا تفعل هنا ؟ ماذا تريد ؟

-حديثى لن يأخذ من وقتك كثيرا

قال امجد بسخرية :

-ومنذ متى وبيننا حديث ؟؟

ثم اضاف بتحذير :

- اسمع .. ان كنت هنا بمنزلى كى تحاول ان تبعدنى عن دنيا فلن تفلح محاولتك .. دنيا هذه ابنة خالى وشقيقتى الصغرى وحمايتها واجبا علىّ وبما انك لم تصن الامانة التى بين يديك فقد جاء دورى انا كى اصونها وابعدها عن امثالك

ارتسم الضيق والنفور على وجه ادهم الا انه قال مرغما :

-لن ارد على اتهاماتك هذه رغم ان لى كل الحق ان ابعدك تماما عن دنيا لكننى لن افعل هذه ولن استخدم هذا الحق

- حق !! اى ........؟

قاطعه بسرعة قائلا :

-ولن نتحدث فى هذا الموضوع ..لقد جئت اليك بموضوع آخر ..اتمنى ان تعيرنى انتباهك فيه وتتناسى خلافاتنا قليلا

اشتعل فضول امجد فهتف بلهفة :

- اى موضوع هذا

- والدتك .. ناهد شاهين

اغمض امجد عينيه بضيق وعاد يفتحهما وهو يتساءل :

- ماذا عنها ؟

اجابه بمرارة عكست جراحه بعد اكتشافه الامومة المزعومة وغدرها بوالدته :

- انتبه منها جيدا..لا تخنع لها .. انها أم لكن الجنة لن تكون ابدا تحت قدميها بل سيكون مصيرها جحيم مستعر .. احذر منها ومن الاعيبها .. انها ستحاول المجىء اليك واستجدائك لتقبل بها أما من جديد فلا تضعف او تشفق عليها .. انها لا تشعر بذرة امومة او حنان تجاهك .. كل ما تريده هو المال وعندما فشلت محاولتها معى لاعادة الكرة مع دنيا واكمال خطتنا قررت انك ستكون خطة (ب) بالنسبة لها

اشار اليه بيده نحو احد المقاعد وقال بصرامة :

-اجلس

ارتفع حاجبا ادهم بدهشة لاستجابته تلك لا انه اومأ برأسه وهو يستمع لكلمات امجد :

-لا تعتقد اننى مغفل لهذه الدرجة ولن افهم هذا الصنف من النساء .. هى فعلا امى لكننى افضل ان اكون يتيم على ان يكون لى مثل هذه الام انها لا تستحق هذا اللقب وجيد انك اخيرا قد عرفتها على حقيقتها.. هى بالفعل فعلت ما اشرت اليه لكنها لا تعلم عنوان منزلى هذا وانا هذه الفترة لا اذهب الى الشركة التى علمت من موظفيها انها عادت اليها لكن ابى قام بالواجب معها وطردها شر طردة

قام ادهم من مجلسه وهو يومىء برأسه قائلا بتشفى :

- خير ما فعل .. حسنا لقد طمئنت قلبى

فانا لا اريد هذه المرأة ان تخدع من جديد

كاد ان يخطو بقدمه خارج المنزل الا ان يد امجد امتدت لتلتف حول ذراعه ليتوقف ويدير بصره نحو امجد الذى تساءل بتردد :

-هل حقا اغرمت بدنيا ام ان تلك لعبة لاستنزاف اموالها !

لمعت السعادة بعينى ادهم وابتسم وهو يفتح قلبه ويهتف بحب دنيا


*******

jen 13-12-08 06:19 AM



تطلعت الى عينيه بخجل وهى تقول بتردد:

-هل يمكننى الدخول ؟؟

هتف باحتقار:

-هل جننتى ؟ انا اسكن هنا وحدى لكن هذا بالتأكيد لا يمنع فتاة مثلك

دمعت عيناها وهى تقول بصوت مخنوق :

-ارجوك كفاك ازدراءا من فضلك ادخلنى وسأشرح لك كل شىء

افسح لها عمرو الطريق وهو يقول بضيق:

-من فضلك قولى ما تريدين فى سرعة انا لا اريد اهدار وقتى اكثر من هذا يكفى ما ضاع منه على فتاة مثلك

جلست مى على اول مقعد قابلها وهتفت:

-ارجوك لا تتحدث عنى بهذا الشكل.. قل لى ماذا قصدت بتلك الرسالة

رفع حاجباه بدهشة وقال بتهكم:

-لقد اعتقدت انكى من لديكى شىء تريدين البوح به وليس انا

-افهمنى فقط ماذا تعنى ؟؟ من فضلك

هتف بمرارة:

-ماذا اعنى ! الا تعلمين حقارتك يا آنسة ! لا ادرى ما الذى ستسفيدينه

من هذه اللعبة الحقيرة ؟؟

لماذا تخدعينى وتمثلين علىّ الحب وفى الوقت نفسه تلعبين نفس اللعبة على حسام قد اعذرك واقول انكى ضعفتى امام ثرائه لكن ماذا ستسفيدين

من خداعى ماذا ؟؟

لقد سمعتك بأذنى وانتى تصرحين له بحبك

والمغفل دون جوان عصره الذى خدع جميع الفتيات صدقك فعلا واحبك

وتغير من اجلك

التقطت مى انفاسها فى راحة وقالت بلهجة اندهش لها عمرو:

-اذن هذا ما تعنيه حمدا لله هل يمكنك الان ان تستمع الىّ

اشرح لك الامر

-تفضلى يا هانم لاننى بالفعل اريد معرفة غرضك من خداعك لى

-لقد صدقت عندما قلت اننى اخدع حسام وامثل عليه الحب لكن ليس بسبب ثرائه اقسم لك اما انت فلم اخدعك ابدا

صمتت هنيئة ثم استطردت قائلة بخجل:

-انا احبك حقا يا عمرو

لوح بكفه قائلا بضيق:

-لا تعتقدى انكى بمثل هذه الكلمات الرخيصة ستدفعينى الى تصديقك

-اسمعنى فقط اتعلم لما افعل هذا ؟؟ لم اخدع حسام؟؟ ليس بسبب طمعى فى ماله بل كى اثبت براءة اخى

قطب عمرو حاجبيه وقال بلهجة متساءلة:

-ماذا تعنين ؟؟


************


مد ممدوح يده لمصافحة دنيا التى ابتسمت وهى تقول:

-اشكرك لاستجابتك السريعة وموافقتك على مطلبى

بادلها ابتسامتها وهو يقول:

-رغم انه مطلب غريب ان تصرى على ان اقابلك هنا بمنزلى

ولا تأتين الى الشركة حيث المكان الطبيعى لعقد الصفقات

-انا اريد ان تظل تلك الصفقة فى طى الكتمان ، حتى لا يعلم منافسينى بشأنها وتكون مفاجأة لهم خاصة انه مجال جديد لم اتعامل به من قبل

واخشى ان يسبقنى احد اليه حينما يعلم بامر تلك الصفقة بينى وبينك

اومأ ممدوح برأسه وهو يشير الى باب الفيلا الذى اتجهت نحوه

وهو يقول:

-عموما انتى تشرفين منزلى تفضلى

لمعت عينا دنيا وهى تشير الى سيارة امجد الرابضة امام الفيلا وتقول بلهجة بريئة:

-جميلة جدا هذه السيارة هل هى سيارة المدام تتمتع بذوق عالى

لابد ان اشيد به

التفت ممدوح الى حيث تشير ولمعت عيناه فى غضب

فهتف فى سرعة وهو يدلف الى الفيلا ويغلق بابها بوجه دنيا:

-اعذرينى يا مدام ، لن استطيع مقابلتك الان ربما فى وقت لاحق

سوف اتصل بكى فيما بعد لتحديد موعد آخر انا اسف جدا

لكن يجب ان.... انا آسف

واغلق الباب بوجه دنيا التى ارتسمت السعادة على وجهها

وهزت كتفيها بمرح منتظرة نجاح الجزء الثانى من خطة امجد

الذى بدأ حين اسرعت بالاتصال بامجد قائلة:

-انه قادم


***************


وضع امجد هاتفه المحمول بجيب سترته والتفت اليها

ممسكا كتفيها بحنان مصطنع وهاتفا بلهجة حانية:

-لماذا يا نعمة ؟ لماذا فعلتى هذا ؟؟

لماذا دبرتى هذه الخدعة وابعدتينى عنكى ؟؟ لماذا ؟؟

كان يمكن ان تختلف حياتنا عن هذا الوضع الذى صرنا به

كان يمكن ان نظل معا بعيدا عن انظار ابى وغادة

لماذا تسرعتى وابعدتينا عن بعضنا

لماذا ؟؟

وقفت مشدوهة امام كلماته وقالت بتعلثم:

-انت .. انت لم تكن بمثل هذه الرقة قط معى

كنت دوما جافا غليظ الطباع تعاملنى وكأننى حشرة

لم تقدر حبى لك ولهفتى عليك واعتبرتنى من البداية طامعة فى مالك

-ألم تكن هذه هى الحقيقة يا نعمة

هزت رأسها وهى تقول بعينان دامعتان:

-لا يا امجد ليس بالبداية لقد احببتك حقا لكن تلك المعاملة الحقيرة التى كانت دوما من نصيبى جعلتنى حاقدة على وضعك الذى جعلك تعاملنى بمثل هذه الطريقة تلك المعاملة جعلتنى راغبة ان اكون بنفس مستواك ليرتفع شأنى وتنظر لى نظرة مختلفة وعندما حاولت هذا معك زادت

حقارتك معى واهانتك لى واخيرا نقلتنى للعمل مع والدك فبرزت تلك الفكرة برأسى ان انتقم منك ويرتفع مستواى حتى لا تكون افضل منى

واستطعت ايهام والدك بحبى له وانتزعته من دور الشايب لدور الشاب العاشق الذى لعبه والدك بمهارة لكننى مللت وحبك طغى على

عقدتى من الثراء التى كونتها انت لدى فى البداية وغيرتى عليك اصبحت عمياء فحاولت بشتى الطرق ان افرق بينك وبين غادة ولما رحلت عنى

اقسمت ان احيل حياتك جحيما لو كنت مازلت تقلل من شأنى وهو ما كان لذا فعلت ما فعلت واوهمت ممدوح انك تحاول الاعتداء علىّ

ابتسم امجد وهو يمسح على شعرها ويقول :

-وهذه كانت الغلطة التى ارتكبتيها

تطلعت اليه بحب وهى تهمس:

-ومن اين لى ان اعلم انك ستكون بمثل هذه الرقة معى

كيف لى ان اشعر بحنانك هذا وانت دوما تنظر لى نظرات ازدراء

وتوجه لى الاحتقار من بين كلماتك

قال امجد وكأنه لم يستمع اليها:

-لكنك ارتكبتى غلطة اكبر

ضاقت عيناها فى تساؤل وهى تقول:

-اى غلطة ؟؟

اشار امجد الى باب الغرفة المغلق واتجه نحوه وهو يقول:

-اتعلمين من وراء هذا الباب واستمع الى كل كلمة نطقها لسانك ؟؟

انعقد حاجباها فى حيرة ففتح امجد الباب لتتسع عيناها فى رعب

وتطلق شهقة مكتومة وهى تتطلع الى وجه ممدوح المصدوم


*******************


مسحت مى دموعها التى سالت على خدها وهتفت:

-انا احبك حقا يا عمرو ولا استطيع خداعك

واتمنى ان تكون مقتنعا بما سردته لك لان هذه هى الحقيقة بحذافيرها

انا لم اصطنع حرفا واحدا منها

تطلع اليها مبهوتا وبرأسه تدور مئات الافكار

امازلت يا حسام تسير بهذا الطريق !!

اذن طوال هذه الفترة كنت تخدعنى وتوبتك المصطنعة هذه كانت ثمن صمتى عن جرائمك البشعة تلك

يا لك من ثعلب

استطعت خداعى وابعدتنى عن طريقك

بل وزوالت حقارة تفوق الوصف بما فعلته مع تلك المسكينة

دمرت اسرتها وارسلتها الى الهلاك

يا لك من حقير

!!!

تطلعت اليه بلهفة وهى تتساءل:

-هل صدقتنى يا عمرو

اقترب منها ومسح على وجهها وهو يهمس:

-انا آسف يا مى لقد شككت بكى وكان الاجدر ان تظل ثقتى بك

دائمة لانكى حقا تستحقينها انا حقا آسف لكن ما سمعته اطار رأسى

خشيت ان تضيعين من يدى ليس بعد ان وجدتك

ليس بعد ان وجدت بكى الفتاة التى احلم بها ونصفى الاخر الذى يكملنى

خشيت ان تكونين ايضا من نصيب حسام

وكم انا آسف لما فعله هذا الحقير بأسرتك

هزت رأسها بامتنان وقالت:

-اعذرك يا عمرو اى شخص بمكانك كان ليظن هكذا

لكن المهم انك صدقتنى اليس كذلك !!

اومأ برأسه وهو يقول:

-بالطبع يا مى لكنى اخشى عليكى من حسام وغدره

انتى لا تعرفين وجهه الاخر

هزت رأسها يمينا ويسارا وقالت وهى تبتسم:

-لا تخف انت بنفسك قلت انه يحبنى لن يؤذينى

ثم اننى سأكون فى صحبة الشرطة وتحت حمايتها

صدقنى لن يحدث شىء لقد اتفقت مع رجال الشرطة على كل شىء

ولن اتعرض للخطر لا تقلق انا فقط سأعطيهم الاشارة

حتى يتمكنوا من القبض عليه متلبسا بجريمته

وقد ابدوا تعاونهم الكامل معى بعد سماعهم للشريط الذى سجلته

والذى يحوى معلومات خطيرة اكدت اعترافى

هز رأسه بعنف قائلا:

-لن اتركك وحدك سأذهب الى الاسكندرية سأراقبك من بعيد

المهم لابد ان تظلين تحت عينى حتى اطمئن عليكى

ابتسمت مى وقالت بخجل:

-اذن ستكون ملاكى الحارس

-نعم يا مى

واستطرد وهو يشعر بالحرج:

-اكره ان اقول لكى هذا لكن يجب ان تنصرفى الان

فهذه شقة عازب حتى وان لم نغلق بابها علينا فوجودك غير مرحب به يا فتاة

ثم اضاف وهو يبتسم:

-فانا اخاف على سمعة زوجتى المستقبلية



***************

jen 13-12-08 07:12 AM


ارتجفت شفتا نعمة وهى تهتف:

-مم ..ممدوح !! ممدوح

هزت رأسها بعنف وصاحت:

-ماذا ؟؟ هل صدقت هذا ال......؟؟

لقد كنت اجاريه فقط فى الحديث خوفا ان يفعل بى شيئا ما

انا......

التفتت الى امجد وهتفت وعيناها تذرفان دمعا غذيرا:

-اذن هذه كانت لعبة منك

انت لا ........

انت لا تشعر بشىء تجاهى انت مازلت تحتقرنى وتقلل من شأنى

انت لا تحبنى

واجهتها نظرات الازدراء فى عينى امجد فخفق قلبها بعنف وهتفت:

-وهذه هى الغلطة التى ارتكبتها اليس كذلك

ان صدقتك وقلت كل ما لدى كالبلهاء فخسرت كل شىء

اليس كذلك

صرخت قائلة:

-اليس كذلك !!!

اتجه امجد نحو ممدوح الذى لم يتزحزح تعبير الصدمة من على وجهه بوصة واحدة

وضع يده على كتفه وقال:

-هل عرفت الحقيقة يا ابى ؟؟

هل تأكدت ان ولدك صادق وانه برىء من كل التهم المشينة التى قلتها فى حقه !! هل عرفت ان فلذة كبدك لم يمس شرفك

هل تيقنت ان امرأتك كاذبة ولعينة

هل يا ابى ؟؟ هل ؟؟؟؟؟؟

انخرطت نعمة فى بكاء حاد بينما واصل امجد صب جام غضبه على ابيه بقوله الحانق:

-اتعلم من هى المرأة التى اتفقت معك ان تقابلها هنا حتى تتفاجأ نعمة بوجودك

انها دنيا ابنة خالى لقد اتفقنا سويا على اظهار براءتى امامك

دنيا ابنة خالى التى تقريبا لا تعرفنى

ولم ارها سوى شهران فى عمرى كله صدقتنى

وساعدتنى على اظهار براءتى

وانت يا ابى انت الذى ربيتنى شككت فىّ وصدقت تلك اللعينة

وكما قلت لك اننى سأظهر براءتى امامك وقد اظهرتها

لكننى لن اغفر لك

لن اغفر لك



****************


ارتجفت شفتا دنيا وارتسم الذعر على وجهها وانهمرت الدموع من عينيها

وهى تطالع تلك النيران الحمراء التى وصلت الى عنان السماء

فامتلأ المكان بالسحب السوداء وتآكل كل ما بطريقها


منذ نصف ساعة رن هاتفها لتتلقى النبأ المشئوم

خبر حريق مصنعها

اسرعت بالمجىء وهالها ما رأت

المصنع يحترق امام عينيها

عمر ابيها الذى افناه فى هذا المصنع

وعرقه الذى اذرفه وقرشه الذى وضعه به

كل شىء ضاع

كل شىء ذهب مع الريح

ها هو ثرائها الذى خدعها من اجله الكثيرين راح من بين يديها

راح كما راح قبله كل احبابها


تلاقفتها الايادى لتبعدها عن طريق سيارة المطافى التى تأخرت كثيرا

تأخرت كثيرا جداا

وجاءت بعد فات الاوان


اندفعت المياة من الخراطيم لتحد من الوحش المفترس

الذى تمكن بلهبه من ازالة كل شىء امامه


لم تتمالك نفسها وصرخت واندفعت نحو المبنى المحترق الذى تهدم

لولا ان منعتها يد قوية ودوى صوت حازم وهامس فى آن واحد فى اذنها:

-دنيا اهدئى يا دنيا اهدئى

التفتت الى صاحب الصوت ليطالعها وجه ادهم الذى اضاف بحنان:

-هل جننتى لترمى بنفسك فى التهلكة ؟؟

ابتعدت عنه فى حدة وهى تصرخ بغضب والدموع مازالت تتساقط من عينيها:

-انت !! ابتعد عنى ايها الحقير ابتعد عنىىىىى

وضع اصبعه على شفتيها وقال بهمس:

-اخفضى صوتك ارجوكى يا دنيا نحن فى الشارع وعلى مرأى ومسمع من الجميع

تعالى صوتها الغاضب:

-دعهم يسمعون دعهم يعرفون حقارتك

واترك ذراعى ايها الحقير اتركه

احتوى ادهم بين ذراعيه جسدها الذى قاومه بعنف وقال بحنان:

-ارجوكى يا دنيا اهدئى اهدئى يا حبيبتى

انا احبك صدقينى احبك

حاولت التملص من ذراعيه القويتين لكنها انتفضت من مرأى مبنى المصنع يتهاوى امام المياة بعد أضعفته النيران وآتت عليه

لم تتحمل اكثر من هذا فتهاوت بين ذراعيه فاقدة الوعى


*******************


صاح فيها امجد وهو يأخذ مكانه خلف مقود السيارة :

-هيا لقد تأخرنا عن ميعاد الطبيب

اسرعت غادة بالجلوس الى جواره وهى تقول بضيق:

-لماذا تصيح هكذا ؟؟

صاح فيها بحنق:

-لقد سئمت من هذه المشاوير السخيفة

تطلعت اليه بدهشة وهى تهتف:

-المشاوير السخيفة !! اننا ذاهبان الى الطبيب ليتابع حملى

اى الطفل الذى انت ابوه

نظر اليها بعينان مشتعلتان غضبا وصاح:

-اصمتى لا اريد ان اسمع حتى انفاسك

حدقت فى وجهه قليلا بدهشة وضيق ثم مالبثت ان نظرت الى زجاج السيارة امامها وهى تفكر فى مى

ترى ما اخبارها ؟ كم اشتاقت اليها

لكنها الان دوما مشغولة بعملها ولا تجد فرصة كى يتقابلا سويا

جز على اسنانه وهو يراها شاردة هكذا

لماذا تفعل به هذا ؟؟ لماذا تفكر بغيره وهو على بعد بوصة منها

لماذا ؟؟

لم يستطع كتمان الامر باعماقه اكثر من هذا فانفجر هاتفا بضيق:

-على الاقل لا تفكرين فيه وانا جالس بجوارك

هتفت فى دهشة حينما انتزعها من شرودها :

-ماذا ؟؟ من هذا ؟؟

صاح فى تهكم:

-فارس الاحلام الذى عاد من هولندا بحصانه الابيض لاميرته الجميلة لينتزعها من الرجل الشرير الذى يسجنها بقصره الموحش

ضحك بسخرية وهو يتطلع الى دهشتها واتساع عينيها فاضاف:

-هل تعتقدين اننى مغفل وانكى يمكن ان تقابليه سرا من ورائى دون ان اعلم

هزت رأسها بعنف وهى تقول باستنكار:

-ما هذا الذى تتحدث عنه ؟؟

صاح بغضب:

-هل ستنكرين ؟؟ الم تقابليه فى الجامعة ؟؟

-من هذا ؟؟

-من هذا !! هل تعتقدين انه يمكنك خداعى بهذه التصرفات البلهاء والبراءة المصطنعة !! على باشا يا غادة هانم على حبيب القلب

على الذى تركك وسافر لهولندا فاردتى ان تنسى احزانك فى حضنى

كنت بالنسبة لكى مجرد اداة لتنسيه اليس كذلك !!

انتفضت غادة وهتفت:

-هل كنت على علم بعلاقتى بعلى ؟؟

قال بمرارة:

-نعم كنت على علم الجميع كانوا يتحدثون عن علاقتك به فى الجامعة وعن حادثة انفصالكم الشهيرة او بالاصح انفصاله عنكى وتركك ذليلة منهارة

هتفت بغير تصديق:

-كنت على علم بكل هذا ولم تصارحنى وتزوجتنى وانت تعلم هذا !

صاح بصرامة:

-لقد اردتك ولم اعتد ان ارد شيئا ولا احصل عليه

هتفت غادة باستنكار:

-شيئا !! وهل انا جماد ! انا انسانة يا امجد

اذن لماذا تزوجتنى وانت تعلم علاقتى بعلى ومشاعرى نحوه

لماذا ؟؟ لتذيقنى الويل وتعذبنى وتذيقنى المر وتذلنى !

لماذا ؟ ماذا فعلت لك ؟

صرخ بغضب مستنكر:

-لماذا ؟ لم تصارحينى بعلاقتك به وتزوجتينى عندما تركك كنت بالنسبة لكى مجرد قطعة غيار خطة (ب) اليس كذلك

اندفع صياحه الهادر يصم اذنيها فحولت نظرها بعيدا عن عيناه اللتان تأملتاها بغضب وعادت تنظر للامام لتفاجىء بتلك المقطورة القادمة

امامهم ليعاد امامها مشهد ابابها

فصرخت:

-امجد انظر امامك امجد احترس

امجااااااااااااااااااااااااااد

نظر امجد سريعا الى الامام فاتسعتا عيناه فى ذعر وشلت اطرافه

وصرخ فى قوة :

-لاااااااااااااااااااااااااا

ووقع الاصطدام

وانتثرت الدماء على زجاج السيارة

jen 07-01-09 03:27 PM



الفصل السابع عشر

**وعصفت بنا الحياة**



بزقاق ضيق امتلأت جوانبه بالقاذورات التى فاحت رائحتها المقززة

تنقلت كرة مصنوعة من الجوارب القديمة المثقوبة والمتسخة

بين اقدام حافية لاطفال يرتدون فانلات مثقوبة كانت يوما بيضاء

واليوم اصطبغت باللون الاصفر الشاحب الذى بهت عليه

الاتساخ..نقلت امرأة متشحة بعباءة سوداء اقدامها بصعوبة

واستمعت بضيق لتعليقات بذيئة من شباب اتخذ من ناصية تلك الحارة الضيقة ملجأ

ونادى للقاء..فأسرعت المرأة بخطواتها حتى وصلت لمبتغاها

منزل رمادى متهالك من طابقين ..اضطرت ان تنحنى وهى تدخل

من بوابته لان نصفها اندثر تحت التراب

ارتقت تلك المرأة درج منزلها القديم المتهالك بصعوبة

وما ان وصلت لشقتها خبطت بانامل ضعيفة مرتجفة على زجاج

الباب المكسور وبعد ثوانى قليلة فتح الباب رجل ضخم الجثة ارتعدت اوصالها لرؤيته

لكنها ارتمت فى احضانه وهى تبكى هاتفة:

-سيد.. لقد طلقت يا اخى ..ممدوح طلقنى



*********************


تطلع بحنان الى وجهها الهادىء الرقيق الذى اشتاق اليه، فمؤخرا كلما يراها لا

يطالعه سوى

نظرات الاحتقار والغضب والكراهية

اشتاق الى تلك النظرة الحالمة .. اشتاق الى ابتسامتها الخجولة

اشتاق الى انفاسها العطرة.. وكلماتها الحنون المحبة



انتزعه الطبيب من اشتياقه واحلامه بان يعود الزمان

ليشده بقسوة الى الواقع الاليم ..بكلماته الرصينة الحازمة:

-زوجتك تحتاح لعناية واهتمام ، لقد تعرضت لصدمة كبيرة

كان الله بعونها ، لقد كتبت لها على مهدئات تعينها على تحمل

تلك الصدمة التى هزت كيانها

اضاف الطبيب وهو يناول ادهم ورقته الطبية:

-انصحك ان تأخذها لتغيير الجو بمكان هادىء ، ربما..

قاطعه تأوهاتها فالتفت اليها مسرعا وتساءل بصوت هادىء:

-هل انتى بخير يا مدام دنيا

فتحت دنيا عينيها ببطء فظهر الاعياء على وجهها مليا، عض ادهم شفتيه

باسنانه عندما رآها تتألم امامه بهذا الشكل وكاد ان يفتح فمه ليهتف

الا ان نظرات دنيا التى ارتكزت على وجهه والشهقة التى اطلقتها اوقفت الكلمات

بحلقه ، اذ صاحت دنيا وهى تقذفه بوسادات الفراش الصغيرة:

-ما الذى تفعله هنا ؟ اخرج من منزلى.. لا اريد ان ارى وجهك هذا

اخرج.. لا اريد ان اراك.. كفى ما حدث لى .. لماذا انت هنا

كل ما اردته ضاع واندثر .. كل شىء ضاع .. لم يبقى شىء

ارحل عنى وارحمنى .. كفاك ما فعلته بى .. كفى غدرك وغدر الزمان

ارحمنى بالله عليك واخرج وابتعد عن حياتى

لماذا مازلت واقفا متسمرا بمكانك.... قلت اخرج.. اخرج

سالت دموعها انهارا وصرخاتها تعلو فاسرع الطبيب يغرز

حقنة بذراعها وهو يصيح:

-من فضلك يا ادهم بيه.. اخرج وابتعد عن ناظريها

يبدو ان المشكلة لا تكمن فقط وراء حريق مصنعها

يبدو ان لك دخل بانهيارها هذا

اتجه ادهم بخطوات بطيئة نحو باب الغرفة ووجهه يغرق

فى الالم


*********************


تطلعت مى بانبهار الى البحر بزرقته المتلألأة التى اضفت على حركة امواجه

العابثة جمالا يخطف الابصار ، واغمضت عينيها مستمتعة بلفحات الهواء

المنعش التى لامست ثنايا جسدها وجعلتها تنسى لثوانى قبلة حسام اللزجة التى طبعها على

يديها بعد ان اوصلها الى غرفتها بالفندق الذى اقاموا به بالاسكندرية


تنهدت بحرارة وهى تشعر بالنشوة فها هى على بعد قاب قوسين او ادنى من تحقيق

املها ونيل القصاص من مدمر اسرتها ..ها هى الان فى موقع الحدث

وما هى الا دقائق او سويعات ويتم كل ما خططت له و......


قطع حبل افكارها طرقات على باب غرفتها فاسرعت بفتح الباب ليطالعها وجه

حسام الذى قال بابتسامة واسعة :

-هل اعجبتك غرفتك يا مى ؟؟

ثم اسرع بالتجول فى الغرفة وانتهى به المقام لدخول الشرفة التى اطلق صفيرا منغما ما

ان اصبح بين ارجائها مضيفا:

-المنظر الذى تطل عليه شرفة غرفتك افضل كثيرا من المنظر الذى تطل علية شرفة غرفتى

اومأت برأسها وهى تقول مؤيدة:

-نعم.. المنظر جميل بالفعل

نظر اليها مطولا ثم قال بخبث:

-ربما عندما انتهى من اعمالى هنا استطيع الاقامة معكى فى غرفتك

هتفت مى بغضب:

-هل جننت!! لقد حذرتك كثيرا يا حسام، انا لست....

قاطعها وهو يضحك :

-لماذا انتى متسرعة هكذا ؟ انا سأقيم معكى بصفة رسمية

وارتكز بجسده على ركبة واحدة ، واضاف وهو يفتح بيده اليمنى علبة حمراء من

قماش القطيفة -الذى يبعث القشعريرة فى الجسد- تألق بداخلها خاتم من الالماس

خطف بريقه ابصار مى التى حدقت فيه مشدوهة ثم حولت انظارها بحيرة وتساؤل نحو حسام الذى اضاف :

-سأقيم معكى بصفتى زوجك .. هل تقبليننى زوجا يا مى ؟

هل تقبلين الزواج منى ؟؟

لم تحر مى جواب فواصل حسام على الرغم من عينيها المشدوهتان:

-مى..انتى الفتاة الوحيدة التى خفق لها قلبى بصدق ، والفتاة الوحيدة التى ائتمنها على

اسمى .. لم اكن اظن اننى بيوم من الايام قد اقول هذا فما رأيته فى اصناف الفتيات

جعلنى موقن ان زمن البراءة انتهى وبالتالى صرفت نظر تماما عن فكرة الحب والزواج

لكنكى احييتى هذا الامل من جديد.. و يشرفنى ان تكونى حبيبتى وزوجتى

ثم اضاف وهو يهتف بضحك:

-وارجوكى اسرعى بالقبول لان رجلاى اتعبتنى من اتخاذ هذا الوضع

كادت ان تقول ان زمن البراءة الذى يعتقده فيها خادع ، فهى ابعد شىء عن تلك البراءة

وما ارادته اولئك الفتيات اللاتى قصدهن لن ياتى شيئا بجوار ما تريده هى

فهن اردن امواله اما هى .. فهى تريد تسليم عنقه للعدالة

وعلى الرغم من افكارها تلك ..ابتسمت وهى تقول:

-يجب ان تترك لى فرصة للتفكير يا حسام

وقف حسام الذى تغيرت معالم وجهه وصاح بتبرم:

-ولماذا لا تقبلين بى على الفور ؟ انا عريس لا ارفض

-اعلم بالطبع يا حبيبى... لكن الزواج خطوة كبيرة افضل ان اتأنى فى التفكير فيها ، ما قولك

ان اعطيك رأيى الليلة بعدما تنتهى من عملك ؟؟

هز رأسه وهو يهتف فى فرحة:

-موافق ...وسأذهب الان سريعا الى لقاء العمل ..ساعة واحدة لن اتأخر ، واتعشم بعدها

ان آخذك الى اقرب مأذون

ثم طبع قبلة على جبينها وهو يسرع بالمغادرة

ودعته مى بابتسامة محتها من على وجهها بمجرد خروجه ثم ازالت آثار قبلته اللزجة من على جبينها وهى تهتف:

-لقد حان العمل


********************


التقط اباها يدها وهو يقول برقة:

-لا تخافى يا غادة .. انا بجانبك يا حبيبتى

تلفتت غادة حولها بخوف وهتفت وجسدها يرتعش :

-اين نحن يا ابى ؟ وما هذا الضباب الذى يحيط بنا؟

اننى اراك بصعوبة

وضع يده على كتفيها وهو يقول بحنان:

-لا تقلقى يا غادة .. اننا باجمل وآمن مكان .. اننا بالجنة يا حبيبتى

دمعت عيناها وهى تقول بصوت خافت مذعور:

-ولماذا تبدو الجنة مخيفة هكذا يا ابى ؟

-لأنكى لم تعتادى عليها بعد يا ابنتى .. عندما تعتادين عليها ستحبينها

وستتمنين ان تظلى بها دوما

شعرت غادة فجأة بالمكان يضطرب من حولها واباها يبتعد عن جوارها وصوته يخفت

حتى اختفى تماما فصاحت فى ذعر:

-ابىىىى

انا لا اسمعك يا ابى .. الى اين تبتعد ؟ لا تتركنى وحيدة يا ابى

ابىىىىىىىىىىىى

تلفتت غادة حولها بحيرة وهى تتطلع الى تلك الغرفة البيضاء الواسعة

التى رقدت على فراشها الصغير ، وشعرت بآلام رهيبة لحركتها السريعة فى محاولة منها

لمغادرة الفراش فعادت ترقد عليه وهى تنظر حولها باستغراب ازداد عندما

دلفت ممرضة سمراء الى الغرفة وقالت بسعادة:

-هل افقتى ؟ حمدا لله على سلامتك يا مدام .. لقد خرجتى سالمة

من غرفة العمليات

هتفت غادة بدهشة:

-غرفة العمليات !!!

وفجأة هجم مشهد الحادث على ذاكرتها فاغمضت عينيها وهى تصيح بألم:

-الحادث.. الاصطدام .. وامجد... ال.....

هزت الممرضة رأسها وهى تتجه نحو باب الغرفة وتقول:

-نعم يا مدام.. لقد نجوتى من الحادث ولم ينالك سوى بعض الكدمات

لكنكى تعرضتى لنزيف حاد اضطر معه الاطباء لادخالك لغرفة العمليات

لقد هاتفنا قريبة زوجك مدام دنيا شاهين ، وهى الان بالخارج سأسمح لها

بزيارتك

ارتفع حاجبا غادة بدهشة ورددت بخفوت:

-قريبة من !! زوجى !!

دلفت دنيا الى الغرفة وآثار دموعها واضحة على وجهها لكنها

اسرعت بالجلوس الى جوار غادة وامسكت يديها

قائلة بارتياح:

-الحمد لله على خروجك بالسلامة من غرفة العمليات، لا تتصورى كيف كانت حالتى

عندما اخبرونى بما حدث لكى ولامجد

حدقت غادة بوجهها فى دهشة ثم ما لبثت ان تساءلت فى حيرة :

-كيف عثروا على رقمك ؟ ولماذا ابلغوكى؟ هل انتى حقا قريبة امجد

اومأت دنيا برأسها والدموع تتلألأ فى عينيها وقالت بخفوت:

-ن.. نعم ، كنت .. اقصد امجد هو ابن عمتى الحقيقى

ارتفع حاجبا غادة فى حيرة فاسرعت دنيا تقول :

-سنتحدث عن هذا فيما بعد.. المهم طمنئينى على حالك

هل انتى بخير ؟؟

تحسست غادة بطنها وهى تقول بألم:

-اشعر بالام شديدة جدا ....

ثم تطلعت الى دنيا وهى تتساءل بلهفة:

-كيف حال الجنين ؟؟ وامجد.. اين هو ؟

حدقت دنيا فى الارض ثم قالت بصوت خافت متألم:

-انا اسفة يا غادة

هتفت غادة فى ارتياع:

-ماذا تعنين ؟ ماذا تعنين؟؟

احتضنت يداها وهى تقول والدموع تنساب على خديها:

-لم يكن من نصيبك يا غادة .... ربنا يحتفظ لكى بالافضل

لقد تعرضتى لنزيف حاد اضطر معه الاطباء لاجراء عملية لاجهاضك

انهمرت الدموع من عينى غادة فاخذتها دنيا بين احضانها وهى تربت على

ظهرها وتقول مواسية اياها:

-هذا افضل يا غادة صدقينى.. كيف كنتى ستعتنين به وحدك ؟؟

ابعدتها غادة لتتطلع الى وجهها وتتسع عيناها بحيرة وتهتف بترقب:

-ماذا تعنين !!

تنهدت دنيا بحرارة وعضت على شفتيها باسنانها وهى تقول :

-البقاء لله يا غادة .. لقد كانت اصابات امجد شديدة و......

ظهرت الصدمة على وجه غادة ولم تستطع دنيا اكمال جملتها المؤلمة

وخيم على المكان صمت مطبق مؤلم قاطعه صريخ حاد وصوت عالى ينطق باللوعة:

-لا لا لا .. لا يا ممدوح...لاااااااااااا

امجد لم يمت.. لم يمت ، انه لم يسامحنى قبل موته، لم يغفر لى

صاح ممدوح بغضب:

-ولم يغفر لى انا ايضا

دفعته ناهد بعيدا عنها وهى تصرخ:

-امجد حى.. امجد لم يمت .. امجاااااااااااااااد

تساءلت غادة بلهجة حزينة يغلب عليها الحيرة:

-ما هذه الاصوات ؟ من تلك المرأة ؟؟

قالت دنيا بتهكم:

-ناهد هانم

-ناهد هانم!! وما علاقة ناهد بامجد؟ لم تفعل هذا ؟؟

تطلعت دنيا بحيرة الى غادة وهى تجيبها:

-ناهد هى ام امجد .. الم تسمعينى حينما اخبرتك ان امجد هو ابن عمتى

حدقت فيها بدهشة ثم ابعدت انظارها وتطلعت الى الفراغ وقالت بصوت خافت

ودموعها الحارة تتساقط على وجهها:

-يبدو اننى لا اعرف شيئا عن زوجى

من هو ذلك الشخص الذى اقترن اسمى به والذى

كدت انجب طفله ؟؟

من !!!


**********

jen 07-01-09 03:39 PM




نقلت انظارها حولها بضيق.. فها هى قد عادت للقمقم الذى حاولت الخروج منه
ها قد عادت لتعيش فى هذا المكان القذر .. ها قد عادت لتنام على الارض
وان حالفها الحظ وسمحت لها ابنة اخيها بمشاركتها الفراش..فانها تنام
على مساحة صغيرة جداا على فراش مهترىء متهالك .. وتصحو من النوم
تتعجب من امرها كيف لم تقع وكيف استطاعت ان تضم جسدها هكذا لتتفادى
الارتطام بجسد ابنة اخيها
اغمضت عينيها فى حسرة وهى تتذكر ايام العز والثراء الذى ترفلت فى نعيمه
كم كانت مغفلة عندما صدقت كلمات امجد الحانية واعترفت بكل ما يدينها!
لا
بل كم كانت مغفلة عندما لم تحمد ربها على نعمته!
كم كانت مغفلة عندما لم تقبل يدى ممدوح صباحا ومساءا على كل ما فعل
من اجلها!!
لماذا اعماها الطمع والغيرة الحمقاء ؟
لماذا جنت على نفسها؟؟
لماذا قتلت احلامها الوردية بيديها؟؟
وعادت تحيا بهذا الجحيم مع اخيها الذى يتذمر من وجودها
وزوجة اخيها التى تعاملها كخادمة واولاد اخيها اللذين يمنون عليها
بوجودها بمنزلهم
تساقطت دموعها حسرة على مآ ال اليه حالها ..على خيبة آمالها
على غبائها وحمقها
انتفضت فجأة على طرقات عاتية تكاد تهدم المنزل فقامت مسرعة لفتح
الباب فهى هنا بمفردها ..اخيها وزوجته بعملهما واولادهم بمدارسهم
امتدت يدها لفتح الباب لتجد امامها وحشا كاسرا احمرت عيناه وكشف عن اسنانه الحامية
بصرخته المتألمة
جذبها من شعرها ودفعها بقوة فسقطت على الارض متوجعة الا انه لم يترك لها
فرصة التقاط انفاسها بل امسك بين قبضتيه ملابسها الباهتة واوقفها لينهال على وجهها
بالصفعات الحارقة
وهى تصرخ وتصرخ هاتفة بدموع اغرقت وجهها:
-كفى..كفى ...كفى..حرام عليك..حرااااااااااااام
ولدهشتها تساقطت دموعه وهو يصرخ بصوت مخنوق:
-حرام عليكى انتى يا امرأة..فرقتى بينى وبين ولدى
ولم تصونى اسمى واتهمتيه بتهمة شائنة جعلتنى انبذه واطرده من حياتى وهو برىء
والان قد مات دون ان يغفر لى..مات دون ان يسامحنى
ولدى الوحيد..فلذة كبدى مات ناقما علىّ
مااااااااااااااااااااااااااااااااات

***********************


انبعث صوته الهادىء الحنون فارتعشت يداها التى حملت الهاتف وكاد ينفلت
ويقع من بين يديها لكنها احكمت امساكه وهى تهتف بكلمات مندهشة:
-عمرو !! هذا هاتف الرائد مصطفى..من اين لك به ؟؟ هل انت بجواره؟
-نعم يا عزيزتى ..انا هنا كما وعدتك..بجوارك كى يطمئن قلبى
تنحنح الرائد مصطفى لينبه عمرو بوجوده كى لا يسترسل فى الحديث
وينسى الهدف من اتصاله .. فنظر عمرو بعيدا بحرج وتنحنح هو الاخر
قائلا باهتمام:
-هل غادركى حسام يا مى ؟؟
اسرعت مى تهتف بانزعاج :
-نعم ..منذ دقائق..الم تتبعوه؟ انه ذاهب لانجاز العمل
لوح عمرو بيده وكأنها ستراه وهتف :
-لا يا عزيزتى ..لا تقلقى ..اننا على اتصال بمتتبعيه
اغمضت مى عينيها بارتياح وتساءلت:
-وأين هو الان ؟؟ هل قابل تلك المرأة وتسلم البضاعة ؟
-ليس بعد.. انه متجه الى طريق مقفر..اظنه مكان اللقاء
لا تقلقى سنبلغك بالطبع ما ان يتم القبض عليه متلبسا بجرمه
لكننى اريد منكى البقاء بمكانك تحسبا ان عاد دون ان يكون هذا هو اللقاء المرتقب
اجابت مى بضيق:
-حسنا يا عمرو ..لكن ابقى معى على اتصال وابلغنى بآخر التطورات اولا
بأول
-اوامرك يا اميرتى ..
اغلقت مى زر الاتصال ودفعت الهاتف الى احضانها وهى تهمس بخوف:
-يارب ..قف بجوارنا ..واقم حكمك على الظالم يارب


************



اقتربت منها وتحسست جبهتها وهى تقول بلهجة حانية:
-غادة .. عزيزتى ، اعلم انه لا يجب علىّ ذلك لكن التمس منك العذر فى
الغياب عنكى قليلا .. هناك بعض المشاكل بعملى تحتاج ان اذهب الى قسم الشرطة
لقد تم استدعائى هناك ويجب ان اذهب على الفور
بدا على عينى غادة الناعستان الجزع وهى تهتف:
-قسم الشرطة !! لماذا يا دنيا ؟ ماذا حدث بعملك
رسمت دنيا بسمة على شفتيها بصعوبة وهى تقول بصوت خافت:
-لاشىء يدعو للقلق .. ربما عندما تصبحين افضل اخبرك
الان ليس بالوقت المناسب
عذرا .. سأتركك وحدك
-لن تكون وحدها.. انا سأظل معها
التفتت دنيا الى مصدر الصوت لتفاجىء بشاب طويل عريض المنكبين
تلوح الوسامة بوجهه الذى تهدلت على جبينه خصلات شعره السوداء الناعمة وامتلأت
عيناه بنظرات الحب والحنان فادارت وجهها
لغادة لتصطدم بتعبير متناقض رسمه وجهها.. تعبير هو مزيج بين الشوق والضيق
وعندما هتفت دنيا بسؤالها البديهى:
-من هذا يا غادة ؟؟
اسرع ذلك الشخص بجوابها وهو يقترب من فراش غادة ويضع على الكومود المجاور له
باقة من ارق الورود :
-انا على
تطلعت اليه دنيا من شعر رأسه وحتى اخمص قدميه ثم قالت بلهجة ذات معنى وهى تنظر لغادة
التى بدا عليها الاضطراب:
-على !!
اقتربت دنيا من غادة ومالت عليها هامسة فى اذنها بصوت قلق:
-هل ستكونين بخير ؟؟
اومأت غادة برأسها وهى تقول:
-نعم.. اذهبى
هزت دنيا رأسها وهمست عندما مرت بالقرب من على فى طريقها الى الخروج:
-اعتنى بها
ابتسم على وهو يومىء برأسه وتتبعها حتى خروجها ثم اسرع بالالتفات الى
غادة التى انشغلت بالنظر الى اظافرها ، جلس على طرف فراشها
وقال بصوت حنون:
-حمدا لله على سلامتك يا غادة ..تقبلى تعازىّ الحارة
نظرت اليه بغل قائلة بقسوة:
-لا تعنيها حقا .. اليس كذلك
ارتفع حاجباه فى دهشة بينما واصلت غادة بحدة:
-ما الذى تفعله هنا ؟ لماذا اتيت ؟ الم نغلق تلك الصفحة منذ زمن ؟
ارتجفت شفتاه وهو يقول بحزن:
-اكنتى تريدين ان اعلم ما ألّم بكى واقف مكتوف الايدى ولا آتى لزيارتك؟
اومأت برأسها وهى تهتف بقسوة:
-نعم ، هذا ما كنت ارغب به ..
-لماذا انتى قاسية بهذا الشكل!! ماذا فعلت لاجد منكى هذا الجفاء
كل ما اردته ان اطمئن عليكى ..واطمئن قلبى الذى يخفق من اجلك
انكى بخير
اغروقت عيناها بالدموع وهى تصيح:
-كفى .. لم ارى حتى جثمان زوجى ، لم احصل حتى على لقب ارملة رسميا
لم اتقبل العزاء به.. لم اتشح بالسواد من اجله ، لم اتعافى بعد من خسارة طفله وها
انت هنا تبثنى
حب وغرام قتلته بيدك منذ زمن .. ماذا بك ؟
لماذا انت انانى بهذا الشكل ؟ لماذا لا تراعى مشاعرى
ضاقت عيناه وهو يتساءل:
-مشاعرك ؟ هل تريدين ان تقنعينى انكى احببتى زوجك وانكى
حزينة حقا لفراقه.. هل ترك بكى اثرا يستحق كل هذه الحدة!!
صاحت من بين دموعها:
-ولماذا لا احزن ؟ هل واجبى ان اهلل بوفاته واستقبلك بالاحضان
وكيف تتصور ان انسان كأمجد لا يترك بىّ اثرا عميقا !! لقد ترك بصمته
وكاد ان يترك طفله باحشائى ..أمجد كان انسانا جيدا وبالفترة الاخيرة تغير معى
وتحسنت احوالنا لولا ان رآنى معك بالجامعة.. هل تعلم ان حديثنا الاخير
الذى اودى به الى التهلكة كان عنك وعن اعتقاده ان هناك علاقة تجرى فى الخفاء بينى وبينك
صاح على بضيق:
-اذن كان يشك بكى وها انتى تتشدقين بامجاده
-اى انسان بمكانه كان ليظن الظنون ، خطؤه الوحيد انه توهم هذا الامر ولم يناقشنى به
كى اصحح مفهومه .. نعم ربما تسرع فى الحكم ، ربما لم يكن لى خير زوجا
لكنه ترك بصمته بىّ ولم يمهله الوقت ان يرينى معدنه الحقيقى الذى كان على وشك الظهور لولا ان ظهرت انت مجددا بحياتى
-اذن فكل هذا خطؤى !! الم اقل لكى انكى قاسية جدا .. انتى مثله تماما
تتسرعين فى الحكم وتخطئين فى حق احبابك
قالت غادة بامتعاض:
-من فضلك كفاك لعبا بلغة الحوار.. من منا اخطىء بحق احبابه
من منا هجر الاخر وتركه معرضا لتلك التجربة الرهيبة .. من
اجبنى
رفع ذراعيه ليوقف صراخها الحانق لكن بلا فائدة فقد على صراخها :
-من فضلك كفى.. كفىىىىى.. كفى تلاعبا بالكلمات .. كفى
فأسرعت
الممرضة باخراجه واستدعت لها الطبيب الذى غرز بذراعها حقنة مهدئة
وبينما اغمضت عيناها مستسلمة راقبها هو بدموعه التى سالت على وجهه
حافرة مجرى الالم وخيبة الامل


***************


اتخذ حسام بسيارته جانب الطريق موقفا محركها ، وازاح يده من مقودها
جاذبا هاتفه المحمول بلهفة وهتف بمحدثته ما ان تم الاتصال:
-مدام سوزى ..لقد وصلت الى مكان اللقاء..اين انتى
من الغريب الا ارى سيارتك بانتظارى..دوما كنتى تسبقيننى لمعاينة المكان
والتأكد انه آمن..هل انتى بمكان قريب؟؟
عقد حسام حاجبيه فى استغراب حينما جاءه صوتها حادا مخيفا
وحينما اصابته كلماتها فى مقتل :
-حسام .. هل تعتقد اننا هواة ؟ وان ما نقوم به من عمليات مشتركة هو مجرد
صفقات استثمارية ..لو كنت تظن هذا فانت مخطىء جداا ..اننا شبكة كبيرة
اسمها يثير الرعب فى الاوصال ..اسمها ترتجف له القلوب
انت تتعامل مع المافيا يا حسام ..لا تعتقد انك العربى الوحيد الذى نتعامل معه
او حتى بمصر وحدها ..ان لنا العديد والعديد من العملاء الذين نتعامل
معهم فى تجارتنا هذه وغيرها من التجارات
اننا لسنا بمغفلون يا حسام.. لدينا عن كل عميل نتعامل معه ملف كبير
يحتوى على مستندات من كل شكل ولون .. يحتوى على معلومات من الاف الى الياء
عن هذا العميل..اننا نعلم متى تصحو من نومك..ما هو طعامك المفضل
نعلم كل ما تتخيله ولا تتخيله..نعلم اشياء عنك انت نفسك تجهلها
كل اصدقائك ورجالك والمحيطين بك بشكل او بآخر متصلين بنا
تحركاتك بالسنتيمتر الواحد تصلنا اولا بأول
تصبب العرق البارد على جبينه فاسرع يجففه بمنديله الحريرى
وتساءل بصوت مرتجف:
-ماذا تعنين يا مدام سوزى؟ ما هدفك من هذا الحديث؟
انبعث صوتها صارما مهددا:
-لن يكون هناك مزيد من التعامل بيننا.. وصفقة اليوم احيلت فورا لغيرك
من رجال الاعمال
اتسعت عيناه بدهشة وصاح بجزع:
-لم؟؟ ماذا فعلت انا ؟ لاستحق كل هذا ؟ ماذا ارتكبت حتى يقع على كاهلى
خسارة بهذا الشكل ؟؟
اجابته بصوت بارد:
-فى الوقت الحالى سيتوقف تعاملنا حتى تعود صفحتك لدينا آمنة من جديد
فقد امتلأت بالكثير من الشكوك والكثير من المخاطر
ان انمحت وعادت صفحتك بيضاء ربما يكون هناك امل
هز رأسه فى حيرة وهو يهتف:
-ماذا تعنين بالله عليك؟ وما الذى لوث صفحتى بهذا الشكل؟؟
صرخت به :
-لقد اخبرتك اننا نعلم عنك وعن كل المحيطين بك كل شىء
منذ فترة اتفقت مع رجلك او بالاحرى رجلنا (امام) ان يدبر عملية رخيصة
يذهب على اثرها احد مواطنيك الى السجن..اليس كذلك
اومأ برأسه دون جواب وكأنها ستراه لكنها استكملت على الرغم من صمته:
-ذلك الشخص..شقيقته تعمل تحت امرتك وسلوكها مريب
فبعد مراقبتها تأكدنا ان لها صلة بضباط مكافحة المخدرات
هل يمكنك تفسير هذا ..هل تعتقد ان بعد تلك المعلومات سنثق بتعاملنا معك
ونسلمك رقبتنا ..انت واهم اذن
ازدرد حسام لعابه بصعوبة وهتف بصوت مبحوح:
-ما اسم تلك الفتاة ؟؟ وماذا تعمل عندى ؟؟
ومع اجابتها القاطعة سقط الهاتف من يده وتساقطت خلفه دموعه
التى رحلت عن عيناه المشدوهتان لتسير بهوادة على وجهه الشاحب


*************



jen 07-01-09 03:51 PM



حدقت فى وجهه بعينان متسعتان جزعتان وتساقطت على مقعدها وهى تهتف

بصوت مبحوح:

-م..ماذا ؟؟ الحريق ليس حادثا عرضيا!! من من مصلحته اذن ان يفتعل الحريق؟

هز الضابط كتفيه وهو يقول بلهجة حانية:

-حتى الان الموقف معتم يا مدام دنيا..

صاحت بضيق :

-لا تقل ان الحادث سيقيد ضد مجهول

ربت على يديها وهو يقول مطمئنا اياها:

-لا تقلقى يا مدام دنيا.. تحرياتنا مازالت ببدايتها .. والتحقيق يجرى بشكل واسع

لقد استدعينا تقريبا كل عمال مصنعك المحتمل فى ارتكابهم لتلك الجريمة

لا تقلقى..سنبذل قصارى جهدنا لنجد الحقيقة ونعرف من هو الجانى

انتزعت باسنانها أظافرها من فرط التوتر ..وهتفت بحنق:

-وكم سيستغرق هذا التحقيق يا ترى ؟ بعد كم سنة سنعثر على الجانى؟؟

هذا يعنى اننى لن اتمكن من استلام مبلغ التأمين لانكم لم تجدوا الجانى بعد

-اخشى ان هذا صحيح

هزت رأسها بعنف وارتجفت شفتاها وهى تصيح:

-اذن فهذا صحيح..سأفلس حقا وسيضيع كل شىء

خاصة بعدما يطالب العملاء بشروط الجزاء المهولة المكتوبة بالعقود

مط الضابط شفتيه وهو يتطلع الى حالتها السيئة

فقد تسللت دموعها من وراء ستار عينيها المتحجرة واستطاعت النفاذ

والهروب من اسرها، وتخللت يداها خصلات شعرها تبعثرهم يمينا ويسارا

ثم رفعت بصرها فجأة اليه وتساءلت بلهفة:

-وماذا عن عينات الحمض النووى بالمصنع..الا تجدى فى معرفة الجانى؟؟

ابتسم على الرغم منه من محاولتها المستميتة لحل المعضلة القائمة وقال

بأسف:

-المكان محترق على آخره يا مدام دنيا وحتى ان عثرنا على تلك العينات

فهذا مصنع ..اى سنجد عينات الحمض النووى من كل شكل ولون

لجميع العمال ..تحليل الحمض النووى لن يجدى نفعا بتلك الحالة

دقت بيديها بعنف على مسندى المقعد وهى تهب من مكانها صارخة:

-اذن لا حل...ماذا ينبغى ان افعل اذن..

-لم اقل ذلك يا مدام دنيا..فقط امهلينا بعض الوقت وباذن الله نصل للجانى

وينال عقابه

جذبت حقيبتها وفتحت باب مكتبه عنوة وهى تهتف بحرقة:

-حسبى الله ونعم الوكيل..حسبى الله ونعم الوكيل



********************



انعقد حاجباها الرفيعان بشدة وهى تهتف بدهشة:

-ماذا تعنى ؟؟ ماذا تعنى ؟؟

لماذا لم يقابل تلك المرأة التى اتفق على مقابلتها ؟؟ لماذا عاد بسيارته

ما الذى يعنيه هذا ؟؟ الن يتم القبض عليه متلبسا بجرمه

صمتت قليلا ثم هتفت بحنق:

-ما الذى يعنيه هذا يا عمرو

اتاها صوته متوترا :

-لا ادرى يا مى..نحن جميعا عاجزون عن الفهم

لا ندرى ما حدث..ربما تم تغيير ميعاد الاستلام لانه اتخذ بسيارته جانب الطريق وغرق فى حديث

مطول بهاتفه المحمول وفجأة ادار محرك سيارته واتخذ الطريق الذى آتى منه

لا ندرى الى اين وصل الان..لكن اطمئنى الاخبار تصلنا من المراقبين اولا بأول

هزت رأسها وقالت بضيق:

-حسنا يا عمرو..اخبرن.......

سقط الهاتف من يديها عندما تلاقت نظراتهما

عندما تلاقت عينان حمراوتان كالدم متسعتان على آخرهما بعينان مندهشتان

عندما تلاقت ملامح وجهه الثابتة الحادة بملامح وجهها المتساءلة الذعرة

عندما تلاقت شفتيه الصارمتين بشفتيها المرتجفتين

عندما تلاقت قبضتيه الغاضبتين بكفيها المتعرقين المهزوزين

وعندما قطع الصمت همسه المثير للخوف :

-اذن فانتى شقيقته !!

سرت الرعشة بجسدها وهى تتأمل ملامح وجهه الحادة وخرج منها صوت مبحوح:

-من !!

بلل شفتيه بلسانه الجاف وصرخ وهو يقترب منها:

-شقيقك ايتها الحقيرة..كنت تخدعينى وتوشين بى الى الشرطة

من اجل شقيقك.. لقد كشفت لعبتك الحقيرة .. كشفت وهم الحب الذى كاد يخيل على ّ

كشفت كل شىء



**********************



هتف عمرو بجذع:

-ماذا تفعل..اسرع ..هيا بنا ننجدها

-انتظر ..انتظر

تطلع عمرو بدهشة وحيرة

الى الرائد مصطفى الذى انشغل باحدى الاجهزة بسيارة الشرطة التى ضمتهم

فى صندوقها الخلفى حيث المعدات المختلفة لعمل مكافحة المخدرات

وهتف بغير تصديق:

-ماذا تفعل ؟؟ ماذا تفعل؟؟

تناقلت اصابع الرائد مصطفى بين بعض الازرار باحد الاجهزة

القابعة امامه التى اوصلها بهاتفه المحمول الذى مازال ينبعث

من اسلاكه صراخ حسام وقال بصوت مشتعل بالحماس:

-اصمت قليلا..القضية تطورت للغاية ، ويبدو اننا سنلقى القبض

عليه ان جرى بهم الحديث ووصل الى حيث يعترف باتجاره بالمخدرات

هز رأسه وصرخ فيه حانقا:

-وماذا عنها ؟ انها بخطر.. لقد اكتشف مخططها

انها بين يديه الان بدون ادنى امان ..ماذا سنفعل ؟؟

هل سنتركه يفرغ غضبه فيها .. ولا ندرى ما قد يفعل بها

امسك الرائد مصطفى يديه وهو يقول بتوسل:

-ارجوك انتظر قليلا حتى يبوح بسره حتى نستطيع القبض عليه

انها قضية الموسم وقد تدفع ترقيتى الى الامام

حدق بوجهه باستياء وهتف وهو يغادر العربة:

-يا لك من وغد !! تهتم فقط بعملك ولا تهمك ارواح الناس

صاح الرائد مصطفى:

-فتحى..فتحى..امنعه من الذهاب.. انه بذلك سيفسد كل شىء

حاول فتحى الحول بين عمرو وبين الذهاب الا ان عمرو كال له لكمة آلمت يده

لكنها وفرت له الوقت ليعدو على درج الفندق هاتفا بحنق:

-اعلم اننى سأدفع الثمن لكنها..لكنها مى



************************



امتدت يد دنيا تلتقط كارتا ورديا من وسط زهور صفراء زاهية

وهتفت بتعجب ما ان قرأت سطوره القليلة:

-انه من هولندا

اعتدلت غادة فى فراشها وهتفت بجذع:

-هل هو من على؟ هل عاد الى هولندا!!

نظرت اليها دنيا بخبث وقالت:

-وهل ستشعرين بالضيق ان كان كذلك؟؟

هزت غادة كتفيها فى لامبالاة وقالت بهدوء:

-لا..سيكون هذا افضل ..صدقينى ابتعاده عن حياتى

هو الحل الافضل

اقتربت منها وهى تقول:

-عموما انه ليس من على ..انه من فتاة اسمها نور..كتبت تقول

(ادعو لكى بالشفاء العاجل..تقبلى تعازىّ الحارة ..قلبك امانة عليكى

فلا تخونى الامانة وتواصلى جرحه.. ارسلت لكى زهورا صفراء تعبيرا عن غيرتى الشديدة

من المرأة التى خطفت قلب فارس العرب)

ضحكت غادة فى تهكم وقالت:

-ومن يكون فارس العرب !! على ! من تلك الفتاة ؟

جلست دنيا بجوارها على الفراش وقالت وهى تبتسم:

-من الواضح انها فتاة احبت على لكنه صارحها بحبه لكى

اطلقت غادة زفرة حارة وهى تغمغم:

-فلتهنىء به ..لقد فات الاوان

مطت دنيا شفتيها قائلة:

-ربما لم يفت بعد يا غادة..مادام يحبك ..امنحيه فرصة ثانية ليثبت حبه لكى

-صدقتى

التفتت كلا من دنيا وغادة الى مصدر الصوت لتبتسم غادة وينعقد حاجبى دنيا فى دهشة

مفعمة بالضيق وتهتف:

-ماذا آتى بك الى هنا ؟؟

اقترب ادهم من غادة مصافحا اياها قائلا وعيناه مثبتتان على دنيا:

-الف سلامة عليكى يا غادة ..البقاء لله

غمغمت غادة وهى تنقل انظارها بينهما فى حيرة:

-البقية فى حياتك..شكرا لمجيئك

خيم صمت مهيب على المكان قطعته دنيا بهتافها الحانق:

-الم تؤدى الواجب الذى اتيت من اجله ؟ ما الذى يبقيك بعد؟؟

اقترب منها فاسرعت بالابتعاد عنه لكنه اصر على ان تظل المسافة بينهم قصيرة

فواصل اقترابه منها وهو يقول:

-بقى واجب لم اؤديه.. واجبى كزوجك

اطلقت دنيا ضحة سخرية وهى تقول بتهكم:

-حقا!!

احتواها بين عينيه الحانيتين وقال بحب:

-واجبى كزوجك يا دنيا ان اقف بجوارك فى محنتك هذه وان اثبت اننى

اذوب فى حبك.. اننى اسير هواكى ..انكى دنيتى وحياتى.. واننى لابذل المستحيل

من اجلك.. وافعل ما لا يخطر على بال بشر حتى تغفرين لى وتسامحينى على جرمى الكبير

سأظل بجوارك حتى لو لم تقبلى.. سأكون لكى خير العون وان لم ترحبى



***************



ادركت انه كشف كل شىء وان لعبتها التى اعتقدت انها لعبتها بمهارة كشفت بآخر لحظة

وضاع الامل فى القبض عليه واظهار براءة اخيها

وبدموع حبيسة وانفاس مرتجفة كالدجاجة التى وقعت فى فخ السكين وحان وقت ذبحها

هتفت مى بثبات وان خانتها كلماتها المخنوقة :

-اذن اصبحت الان انا الحقيرة .. اصبح هدفى السامى بالقاء مجرم حقير مثلك خلف القضبان

لعبة حقيرة ..اليس كذلك!!

وماذا عنك انت ؟ ماذا عن لعبتك الحقيرة التى بموجبها ارسلت بريئا للعذاب وحكمت

عليه بقضاء خمسة وعشرون عاما فى سجن مظلم حقير..ماذا عن غشك وخداعك

للناس وتلاعبك باموالهم وسقوط مبناك الذى دفع فيه الغلابة كل ما يملكون؟؟

ماذا عن اتجارك بالمخدرات وكونك سببا رئيسيا فى ضياع شباب بلدك؟؟

ماذا عن تدميرك لمستقبل اخى وابعاده عن حبيبته؟؟ ماذا عن كونك

مدمر اسرتى والسبب فى وفاة ابى

اليس كل هذا لعبة حقيرة تستحق ان تدان من اجلها وان يتأرجح عنقك

فى حبل المشنقة عقابا لما اقترفته طوال سنوات حياتك القذرة !!

وقف امامها مبهوتا وقد تكسر قلبه الى اشلاء تفرقت بكل اتجاه

اذن فكل شىء صحيح.. وسوزى كانت على حق

كان لديه امل ضعيف ان تكون خاطئة او كاذبة ..

كان لديه امل ان تنكر مى .. لكن امله تحطم وانزاحت الغمة من على عيناه

وغزا النور عينيه التى ابصرتا على كل الحقيقة

هز رأسه بعنف وقال بتهالك:

-لقد احببتك

هتفت بمقت:

-وانا لم اكره فى حياتى احدا كما كرهتك.. اكره انفاسك ..كلماتك..وجهك

وجودك نفسه على قيد الحياة

التمعت عيناه بالشرار بينما واصلت مى بغضب :

-اكرهك..اكرهك..انت عار على البشرية باكملها

كم اتمنى ان اراك تتعفن فى الجحيم

هجم عليها صارخا وهو يوزع لطماته على انحاء جسدها:

-كفى ايتها الحقيرة.. لا اريد ان اسمع انفاسك

لقد افسدتى كل شىء ودمرتى مستقبلى ..بسببك انت ولعبتك الحقيرة

خسرت صفقة بملايين الجنهيات..لقد اوقفوا التعامل معى

وسيؤؤل نصيبى من صفقاتهم الى موزعين آخرين

صاحت من بين دموعها وآلامها واهانتها:

-توقف ايها الحقير..كل ما يهمك انك لن تظل سببا فى تدمير شباب بلدك

بتوزيعك للمخدرات ..كل ما تهتم له انك ستخسر مال لست بحاجة له

الا تهتم بكونك ملعونا لانك تهلك ارواح الشباب بمخدراتك تلك

الا تهتم بكونك مدمر اسرتى..الا تهتم بكونى اكرهك

احكم قبضتيه حول عنقها وهو يصرخ:

-لا..لا اهتم لان قلبى الاحمق خفق لفتاة مثلك كادت تودى بىّ وترسلنى للهلاك

كل ما اهتم به اننى سأمحيكى من الوجود واتربع على عرش موزعى المخدرات من جديد

لن اسمح لحشرة مثلك ان تكون سبب سقوطى..

وصاح بعروق تكاد تنفر من شدة الانفعال:

لن اسقط من اجلك

اما هى فقد شحب وجهها واختنق صوتها وهى تلوح بيديها بحاجة ماسة الى

الهواء الذى انقطع عنها وهتفت بحروف مبعثرة لم يفهم ايا منها

ولم يهتم فقد ضغط اكثر واكثر واكثر

وهى تنازع وتنازع وتنازع

وبدا ان ملك الموت جاء ليستقبل ضحية جديدة يضمها الى عالمه الاسود



*********************

jen 24-02-09 12:17 AM


الفصل الثامن عشر

مشاعر متأرجحة


حمل وجهه عينان متسعتان مذعورتان وشفتان ترتجفان ، وقلبا يخفق بالم وعروق تكاد تنفر من القلق

اسرع فى خطاه..ركض باقصى ما يستطيع جسده ان يتحمل وحين اقترب

لم يهتم بالعرق الذى سال على جسده كالشلال..لم يهتم بدقات قلبه المجنونة والتى تخطت

الحد الاقصى لخفقان قلوب البشر

كل ما اهتم به هو ما يقبع خلف هذا الباب

فبين ثانية وآخرى قد يفقد كل ما تمناه

ان تأخر ثانية واحدة قد يضيع من بين يديه الشىء الوحيد الذى اضاء حياته بنور لم يعرف له مثيل..ان فات الاوان فانه سيكون قد خسر كل شىء

لم يتوقف لالتقاط انفاسه المتهالكة ..واسرع يمد يده نحو مقبض باب الغرفة

لكن ما ان لامست يده المقبض حتى انزلقت فاسرع بمسحها بغل ممتزج بالضيق فى قميصه

السماوى ، وعاد بقوة يحكم قبضته لكن الباب لم يتزحزح رغم ان مقبضه كان بين يديه

كادت الدموع تفر من عينيه وهو يقف عاجزا عن انقاذ مى

باب خشبى غبى يقف حائلا بينه وبين وقف الجريمة البشعة التى ترتكب فى الداخل

ركل الباب بقدمه بقوة بعد ان فشلت محاولاته التعسة فى فتحه عنوة

التفت حوله كالمجنون ..صرخ بحرارة

وهتف بألم:

-مى..انا قادم اليكى يا حبيبتى ..تبا لك ايها الباب اللعين

تأوه بالم وهو يشعر بنيران تحرق قلبه ولسان حاله يهتف

يا لك من ضعيف..فتاتك بالداخل تموت وانت لا تستطيع التغلب على قطعة من الخشب

تناهى الى سمعه صوت عربة تجر على الارض فادار نظره ليلمح الفتاة المسئولة عن النظافة

تجر العربة التى تحمل عليها المنظفات

انفرجت شفتاه ولمع الامل فى عينيه

عادة هذه الفتاة تحمل معها الماستر كى او المفتاح الرئيسى لكل ابواب غرف الفندق

هرول حتى وصل اليها وقال بجزع مشيرا الى الغرفة:

-ارجوكى ..اسرعى بفتح هذه الغرفة

نظرت اليه باستخفاف وهى تقول بعناد:

-هل تمزح معى ؟ من انت ؟ وكيف صعدت الى هنا دون ان تكون من مؤجرى غرف الفندق

جذبها من يدها تجاه الغرفة فتاوهت الا انه لم يهتم وصرخ :

-اسمعى..بداخل هذه الغرفة جريمة قتل ترتكب..هناك رجل يحاول قتل فتاة وهى تصرخ مستغيثة

ارجوكى ساعدينى حتى ننقذها من بين يديه

نظرت اليه بتوجس وقالت:

-وماذا لو هذا كله مجرد فخ وانت لص

شد شعره واندفعت دمعتان حبيستان عاجزتان تسيلان على خده وهو يهتف:

-اتوسل اليكى ..صدقينى ..ستكونين انتى المسئولة عن ازهاق روح تلك الفتاة البريئة

فى هذه اللحظة تناهى الى سمع الفتاة صرخة عالية منبعثة من داخل الغرفة فهزت رأسها

واولجت البطاقة التى تشبه بطاقة الائتمان فى جدار الباب فانفتح بعد ان اصدر تكة خفيفة

فازاحها عمرو من جانبه واندفع داخل الحجرة


****************


عالج وائل قفل باب الشرفة المؤدية الى غرفة دنيا بصبر

وما ان اصدر القفل التكة ذات النغمة المميزة حتى تنفس وائل الصعداء وابتسم بارتياح وهو يعيد المفك الى جيب سترته ويتسلل ال داخل الغرفة وهو يهمس بتشفى:

-غبية ..لم تأخذ درسا من المرة السابقة وتركت كل شىء كما هو ..لم تعتنى حتى بوضع

حديد على باب الشرفة ليحميها من........

-من امثالك

سطع ضوء مبهر فى وجه وائل فغطى وائل وجهه بسرعة بيديه ثم ازاحها ببطء من على عينيه

ليتطلع بدهشة امتزجت بالضيق الى صاحب العبارة

تقدم ادهم نحوه قائلا بسخرية:

-للاسف..دنيا لم تعتقد انك غبى لدرجة انك بمجرد خروجك من السجن تفعل نفس الفعلة التى اودتك اليه فى المقام الاول كما لم تتصور انك شخص نمطى لا تجدد حتى فى كيفية اقتحامك لممتلكاتها

واعقب جملته بضحكة ساخرة اتسعت لها عينان وائل غضبا

وشدد على قبضتيه وهو ينظر اليه بضيق لم يهتم له ادهم الذى استطرد بعد ان اخذ نفسا عميقا من السيجارة التى حملها بين اصابعه:

-هل كنت تعتقد انك ستأتى لتجد دنيا نائمة فى فراشها لتستكمل ما لم تستطع فعله فى المرة السابقة؟

انت واهم اذن..او غبى وربما احمق كذلك

فى الحقيقة كل هذه الصفات تنطبق عليك لتصف ذكائك شبه المحدود وربما المعدوم

هل تصورت اننا اغلقنا صفحتك الماضية ؟ لا يا عزيزى

تحركاتك لدىّ منذ اللحظة الاولى التى خطت فيها قدماك عتبة الحرية..منذ ان فارق جسدك السجن واتباعى خلفك يبلغونى تحركاتك لكنك استطعت ان تلعب لعبتك الدنيئة بمهارة وخططت للامر ونفذته دون ان اتمكن من ايقافك

ارتجفتا يدا وائل وارتعشتا عيناه وهو يقول بصوت غلبه التوتر:

-ماذا تقصد ؟

اطلق ادهم ضحكة ساخرة وهو يقول:

-حريق المصنع..اتخيلت اننى لن اكشف انك الفاعل..كما قلت منذ البداية انت احمق بالفعل

لكن لا تقلق انت لم تخسرنا الكثير بل على العكس بمجرد ان تكتشف شركة التأمين انك الفاعل ستعيد بناء المصنع من جديد وهذه فرصة جيدة لنعيد بناء الديكور لاننا مللنا من السابق

تأججت مشاعر الحقد والغضب والضيق بقلب وائل لتصنعا مزيجا متجانسا بنكهة الكراهية

فاحت رائحته فاخرجت وائل عن شعوره وانقض كالليث على ادهم محاولا اطباق فمه اللعين

واطفاء النار التى اشتعلت بصدره الا ان ادهم لم يعطى له الفرصة واستقبل انقضاضته بصدر قوى دفعه الى الخلف وبادر هو بالهجوم عليه وهو يصيح:

-ايها الغبى انا اشعر بالشفقة عليك

كان الافضل لك ان تدع الامر وان تحاول اعادة بناء حياتك المتهالكة لكنك ابيت واخترت الطريق الصعب معتقدا انك هذه المرة اكثر قوة او ذكاء

هل اكتشفت الان مدى حماقتك..لماذا تحاول ايذاء تلك المسكينة؟؟

امتلأت عينا وائل بالدموع من شدة الالم الذى سببه ضربات ادهم المتتالية ومن الالم الاكبر الذى احدثته سارينة سيارة الشرطة التى تقترب بنفسه

لقد خارت قواه وتمدد على الارض كالجثة الهامدة منتظرا احاطه معصمه بسوار حديدى من جديد

مسح ادهم شفتيه وهو يتطلع الى جسد وائل الملقى باهمال على الارض وقال بضيق:

-قف واجه مصيرك كرجل



****************

احكم قبضة يده حول عنقها محاولا اخراج انفاسها التى اغوته وجعلته يتوهم نفسه حبيبا لها

محاولا زهق روحها التى مست روحه ..محاولا ايقاف دقات قلبها الذى اعتقد انه يخفق له

محاولا ازاحتها عن الوجود..ازاحة الانسانة التى كان طعم الحياة معها مختلفا

الانسانة التى وضع حياته ومستقبله بين يديها

لم يستجب لتوسلاتها ولم يرق قلبه لعينيها التى ترجوه ان يرحمها

لم يتوقف ولم يتنحى عما يفعله

كل ما كان يسيطر على كيانه

انه يجب ان يقضى على ضعفه..يجب ان يبتر اليد التى كادت تهلكه

يجب ان.........

-آآآآآآآآآآآآآآآآه

تأوه صارخا عندما استطاعت قدمها الصغيرة ايجاد طريقها الى ما بين ساقيه وتوجيه ضربة مبرحة..ازاحته من طريقها محاولة ايجاد طريق الهرب الا ان غضبه والمذاق المرير للخيانة الذى يشعر به كالعلقم فى حلقه جعلاه يتناسى المه ويهب واقفا مانعا محاولاتها المستميتة فى ازاحته عن طريقها

احكم قبضته على ذراعيها فتأوهت بالم وصرخت ودموعها تغرق وجهها:

-اتركنى..اترك يداى..ماذا تريد منى؟ الم يكفى ما فعلته بى

الم يكفى الجحيم الذى احلت حياتى اليه..الا يكفيك كل ما اقترفته يداك من ظلم وشر

ماذا تريد بعد؟

ازاح كفيه من على ذراعيها فقط ليلتقط وجهها بين يديه ويصرخ:

-لقد خدعتينى ..جعلتينى مسخة قابلة للسخرية فى عالمى

عرضتى حياتى ومستقبلى للخطر ..نسجتى لعبتك حولى كى تسلمينى للشرطة

لكن هذا لن يحدث

وجهت له نظرة نارية مفعمة بالكراهية وهى تلفظ كلماتها بتشفى:

-انت واهم اذن ان ظننت انك عندما اكتشفت لعبتى انك فررت من العدالة

الشرطة تعرف عنك كل شىء وهم هنا حولك باى لحظة سيلتفون حولك

هوى على وجهها صارخا:

-بماذا تهذين ؟؟

اندفع عمرو من باب الغرفة فاطلقت مى صيحة فرحة نبهت حسام الى وجوده فالتفت

ناحيته لتتسع عيناه وهو يجد جسدا قويا انقض عليه واوقعه ارضا

وضعت مى كفها على شفتيها حائلة بين صرختها وخروجها الى العلن

اذ اشتبك الجسدان فى معركة حامية انتفض لها جسد مى وسارعت بالبحث عن هاتفها المحمول

الا انها توقفت فى مكانها عندما سمعت وقع خطوات تقترب فوجهت عينيها الى باب الغرفة لتصطدم بالرائد مصطفى وعددا من رجال الشرطة فتنفست الصعداء واغمضت عينيها بارتياح

لتعجز ساقيها عن حملها وتقع فاقدة الرشد


*****************


ارتمى الاثنان على الارض وقد بلغ منهم التعب والقهر مبلغه

اعطى كل واحد فيهم ظهره للآخر غير عابئا به لاعنا اياه فى سره

فلولاه لما انتهى به المقام الى هذا المكان

كان سيد يتمتم بكلمات خفيضة:

-ايها المخبول..انت المتسبب فى رميتى تلك على هذه الارض الباردة بعيدا عن زوجتى واولادى..منك لله يا نعمة..طيلة عمرك لم نرى شيئا منك سوى المصائب

وما ان تنفسنا الصعداء لانكى حللتى عن حياتنا وتزوجتى ذلك الثرى المجنون

جثمتى على انفاسنا ثانية وعدتى لتزحمين المكان وتحتلين مكانا ليس لكى

وها هى مصيبة جديدة من مصائبك التى لا تنتهى..طليقك الاحمق اقتحم المنزل

ليعتدى عليكى ضربا وانا اخذتنى الشهامة وعملت على انقاذك من بين يديه

فقط لندخل فى عراك دامى اودى بنا نحن الاثنان الى التهلكة

حسبى الله ونعم الوكيل فيكى يا نعمة

ماذا يفعل ابنائى الان من دونى

منك لله يا نعمة

تطلع ممدوح الى ظهر سيد الذى اولاه له والتقط جملته الاخيرة ورددها بحنق:

-منك لله يا نعمة

دمرتى حياتى ولوثتى سمعتى وقضيتى على مستقبلى

قتلتى ابنى الذى مات وهو ناقم علىّ

تراجع ممدوح الى الوراء ساندا رأسه على حائط زنزانة السجن التى ازدحمت

بالمجرمين الذين تناوبوا على التطلع اليهم بتحفز

حاول ممدوح ان يتناسى الجدران المشينة التى ضمته بين جنباتها

حاول ان يتذكر كم اخطىء وكم ارتكب من زلات

حان الوقت كى يستعيد رشده

حان الوقت كى يبدأ صفحة جديدة ويتناسى كل ما حدث

لكن كيف ؟ كيف سينسى وقلبه يتمزق كل ثانية لفراق ولده

كيف سينسى انه مات متهما بتهمة شائنة هو برىء منها

كيف سينسى قراره الغبى بادخال تلك الافعى الى حياته

كيف سينسى انه معرض للسجن لسنوات لا يدرى عددها

كيف ؟

كيف؟

اغمض عيناه بحسرة فتسللت من بين جفونه دمعتان حارتان تواسيان حاضره

المغرق فى الظلمة


*******************


حاولت غادة الاستناد الى حافة الفراش لتصل للعكازين الذين ارتكزا الى جانب المقعد

فاسرعت دنيا التى وصلت توا الحجرة الى التقاط يد غادة لتلقى بحملها على اكتافها

بينما امتدت يدها تمسك العكازين الذين تسلمتهما غادة منها ووضعتهما تحت ابطيها هاتفة بامتنان:

-اشكرك يا دنيا

حملت دنيا حقيبة خضراء كبيرة من على ارض الحجرة قائلة بسعادة:

-حمدا لله على سلامتك..هيا بنا نغادر ذلك المكان الكئيب..لقد ضقت ذرعا به

هيا اسرعى ..لقد سددت المصاريف وطريق عودتك لمنزلك بات مفروشا بالزهور الان

شحب وجه غادة وبان فى عينيها شيئا تريد البوح به فتطلعت اليها دنيا بحيرة

متساءلة:

-هل هناك شىء ما يا غادة

تشبثت غادة بذراعها قائلة بالحاح:

-لا اريد العودة الى منزل امجد يا دنيا.. لا فيلا والده ولا منزله الذى نقلنا اليه مؤخرا

هزت دنيا كتفيها قائلة:

-حسنا يا حبيبتى..سنعود معا الى منزلى

خفضت غادة عيناها قائلة بحرج:

-شكرا يا دنيا لدعوتك الكريمة لكننى ارغب فى العودة لبيت عمى سعيد

-لكن مى مازالت مختفية يا غادة ولا نعرف طريقا لها

لوحت غادة بمفتاح فضى تعرجت اطرافه وقالت:

-لا تقلقى..مازلت احتفظ بنسخة مفتاحى

مطت دنيا شفتيها قائلة بضيق:

-لكنكى يا غادة مازلتى تحتاجين للرعاية..لا يمكن ان اتركك بمفردك

لم تحر غادة جوابا اذ تطلعت لعلى الذى اقترب منها بابتسامة سعيدة تراقصت على شفتاه

وزهورا حمراء تألقت بين يديه وهمسا محبا انطلق من بين شفتيه:

-حمدا لله على سلامتك يا ملاكى..يسعدنى يا مدام دنيا ان اعتنى انا بها

ابتسمت دنيا فى خبث وهى تراقب الارتباك الذى ارتسم بوضوح على وجه غادة

وقالت:

-اذن هل ستعودين معى لمنزلى يا غادة ام مازلتى مصرة على مكوثك فى منزل عمك

اطرقت غادة برأسها وكأنها لم تسمع شيئا فتنحنحت دنيا واشارت الى اللامكان

قائلة:

-حسنا انا سأذهب الى..كى....

وسرعان ما كانت خطواتها تبتعد عنهم فنزل على بجسده كى يطالع عينان غادة اللتان ارتكزتا على الارض وقال بلهجة حانية وهو يشير للمقاعد الجلدية المنتشرة فى الرواق:

-هل يمكننى الحديث معكى قليلا

كانت قدماها قد انهكاتها من الوقوف كما كان هناك خاطرا خفيا يشير اليها بالاستجابة لطلبه فاتجهت بصمت الى حيث المقاعد وانتقت واحدا نزلت بجسدها عليه فاسرع على يلتقط منها العكازين ويضعهم بجانبه خوفا ان تهب فى اى لحظة منصرفة عنه

ظلتا عيناها لا تبارحان مكانا واحدا بينما تنقلت عيناه بين عينيها وشعرها وشفتيها

كان يحاول ان يلم بملامح وجهها الجميلة التى لطالما اشتاق اليها

وعندما تنحنحت تمالك نفسه وقال بصوت متوتر:

-غادة..لن اقول لكى استمعى الىّ بقلبك وحده بل يجب ان يكون عقلك كذلك فى المعادلة

انا احبك يا غادة..احببتك ومازلت احبك

لو كان قلبك وحده له القرار لكانت تكفى تلك الكلمة كى نعيد الايام الخوالى لكن عقلك الجميل يحلو له ان يضع العراقيل فى طريق حبنا

غادة..يجب ان تتأكدى انكى اجمل شىء حدث فى حياتى وانه لا يوجد بتلك الحياة ما جعلنى اشعر بالسعادة سوى قربى منك فلكى ان تتخيلى كم كنت انتحاريا عندما تركتك وسافرت

لكى ان تتخيلى اننى تخليت تماما عن الانانية وعن سعادة قلبى وفضلّت ان اتعذب انا مقابل الا اعذبك معى ..كنت حينها اتخيل ان هذا هو الصواب واننى احميكى من هذا الزمن واقدم لكى الافضل

لم اكن ادرى اننى كنت اذبح روحينا..لم اكن اعلم اننى كنت ادمى قلبينا

لم اكن...

فجأة اختلج صوته فصمت لبرهة ثم واصل حديثه لكن شعرت غادة بارتجاف صوته:

كان قرارا احمقا من شاب طائش اعتقد نفسه روميو فقتل نفسه من اجل حبيبته

لم يكن يعرف ان قتل نفسه معناه ان تلحق به جولييت

لم يكن يدرى انه يوقع على وثيقة عذاب حبيبته

ترك مقعده وجثا على ركبتيه امامها هاتفا بعينان متوسلتان احتقنتا بالدموع:

-انا آسف يا غادة..آسف على كل ما جعلتك تمرين به..آسف على قرارى الاحمق

آسف على قرار الفراق الاحمق..اغفرى لى يا غادة..اتوسل اليكى

امنحينى فرصة ثانية

امنحى حبنا فرصة ثانية

واوعدك هذه المرة اننى سأصون قلبك ولن اجرحه مطلقا

ظلت ملامح وجهها جامدة رغم الاعاصير التى تعصف بقلبها

لم ترمش عينيها..لم تختلج شفتيها فعض على شفتيه بأسى واضاف

بلهجة الغريق الذى يتشبث بطوق النجاة:

غادة..سألقى عليكى سؤالا واحدا وسأرضى باجابتك عليه

هل تفضلين ان تمر حياتك امامك وانتى واقفة عاجزة عن استكمالها ..تخنقك ذكرياتها البشعة ويقيدك عنادك

ام تفضلين ان تتحلى بالامل وتعطى الحياة فرصة ان تثبت لكى انها ليست بهذا السوء

وتفرجى عن قلبك من سجنه المعتم

ايهما تفضلين يا غادة ؟؟


تعلقت عينا دنيا الواقفة بعيدا بوجه غادة محاولة ان تستشف منه

قرارها

هل سيصفح قلبها ام ان صفحة على قد انطوت ولن تعود لفتحها

!!!!


**************


اختلجتا شفتا دنيا وتراقصت اهداب عينيها بأمل وهى تستمع الى كلمات ضابط الشرطة

الذى هاتفها لينبئها ان هناك تطورات فى القضية وان عليها المجىء لمتابعتها

وضعت دنيا سماعة الهاتف وهى تهتف فى اعماقها بحرقة

ياااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااارب

يا مجيب النداء..يا سامع الدعاء


وامتدت يدها تلتقط حقيبتها وهى تتنهد بحرارة ، متمنية ان يتحقق ما تأمله وان ينتهى الامر على خير فهى قد ذاقت المر مؤخرا وبحاجة الى ان يغفل عنها الظلم قليلا

فقد تجرعت كأسه عن اخرها وليس لديها ادنى استعداد ان تستمر هذه المؤامرة كثيرا

المؤامرة التى هدفها ان تبات عينيها مليئة بالدموع والا تعرف الضحكة طريقها الى شفتيها

فتحت الباب ليصطدم جسدها بادهم الذى راقه ان يشعر بجسدها الضئيل بين احضانه

ولو كان عن غير عمد

ابتعدت عنه كالملسوعة وهى تهتف بضيق:

-انت مجددا..ارحمنى يا اخى وابتعد عن طريقى..ماذا بك ..لقد اعتقدت انك على الاقل تتحلى ببعض الكرامة ..الا يزعجك اننى لا اطيق رؤياك واننى انفر منك

ابتسم ادهم فاستفزها هدوئه فصاحت:

-ماذا بك؟؟ يبدو انك لم تتسلم دعوى طلاقى بعد

اخرج ورقة من جيب سترته لوح بها امام عينيها وهو يقول بهدوء:

-تقصدين هذه

كادت تومىء برأسها الا انها شهقت بعنف حينما تناثرت الورقة فتاتا امام عينيها اثر تمزيقه لها..هزت رأسها باستنكار فجذبها من يدها دافعا اياها لتحتل مكانها على احد المقاعد الا انها هبت صائحة:

-هل انت مجنون !! ابتعد عنى ..لدى ميعاد مهم ايها السمج

لوح برأسه وهو يهتف:

-ميعاد فى مديرية الامن..اليس كذلك !

طالعته بتساؤل فتقدم منها يعيدها الى مكانها وهو يقول بصرامة:

-دنيا..حديثى معكى لن يستغرق طويلا واعدك ان كنتى مصرة ان وجهى منفر ولا تبغين رؤيته بعد هذا الحديث فسأنفذ رغبتك طواعية لكن ارجوكى لا تغلقين الباب فى وجهى كليا

لا تحكمين علىّ دون ان تستمعى الى دفاعى

مطت شفتيها فى استهزاء لكنه انتهز فرصة عدم اعتراضها وجلس الى المقعد المجاور لها قائلا بلهجة حانية:

-نعم..اعترف..كنت شخصا دنىء انانى ..لا استسيغ من الحروف سوى كلمة انا ولا افكر فى شىء الا فى مصلحتى.. لا اهتم الا بحالى ..لم اشعر يوما بحنان احد او بحبه

وكما يقال فاقد الشىء لا يعطيه ..منذ اليوم الاول لى على هذه الارض والمال كالماء بين يدى لا اكاد اطبق عليه من وفرته ومن سرعة تسربه من بين يدى..نشأت طفلا مدللا كل ما ارغب به اجده بلمح البصر

وكانت الطامة ان فقدت كل شىء..فقدت ابى.. وماله ذهب مع الريح

اكتشفت اننى ولاول مرة فى حياتى لا اجد ثمن عشائى..لاول مرة افكر فى الغد بقلق

لاول مرة اشعر بمذاق الحياة الحقيقى

كان الشيطان رفيقى ..عمتك ناهد..وسوست فى اذنى وكنت انا خادمها المطيع

لا القى التهمة عليها فانا متهم فيها بقدرها

لا انكر افعالى الحقيرة..اعترف اننى وطأت بقدمى منزلك رغبة فى الاستيلاء عليه وعلى مال صاحبته..اعترف اننى جئت مصر كى اضعك كالخاتم فى اصبعى والتهم حقك

لا اشعر بالخزى من هذه التهم ..اتعلمين لماذا ؟ لاننى لست هذا الشخص

هذا الشخص الذى اقص افعاله الحقيرة اختفى من الوجود

الذى امامك الان لا يمت بصلة له لكنه بكل دقيقة يشعر بالاشمئزاز من هذا الشخص

يشعر بالدهشة ان هذا الشخص كان يعيش تحت جلده

يشعر بالحزن انه يوما كان هو وذاك الشخص انسانا واحدا

لقد تغيرت يا دنيا ..انتى غيرتينى..اغرقتينى بحنانك وحبك وبذلتى المستحيل من اجل اسعادى

وبالنهاية انا بنى آدم لست شيطانا لاجد منك كل هذا واظل اسير فى طريق خداعك وخيانتك

اغمضت دنيا عينيها وقد بدا ان مشاعرها قد اهتزت

فعندما فتحتها لم تكن خالية تماما من الدموع ، قالت بصوت مجروح:

-لطالما كنت ماهرا فى الكلام..لقد خدعتنى به..ما الذى يرغمنى اليوم على تصديقك

اقترب منها وهو يهتف بحماس:

-وما الذى يدفعنى الان للاصرار على خداعك وما كنت اسعى ورائه فى طريقه الى الوداع

اعترفى بالوضع الذى اصبحتى فيه يا دنيا..لقد فقدتى مصنعك ولن تحصلى على مبلغ التامين طالما الفاعل حرا طليقا..اقترب موعد تسليم طلبيات العملاء ومصنعك الان بات رمادا..ستواجهين شروط الجزاء المهولة..ستبيعين شركتك وفيلتك وتضيفى عليهم رصيدك فى البنك ولن تتمكنين ايضا من استكمال المبلغ..ستصبحين عرضة للمحاكمة والحجز على ممتلكاتك

هل يمكنك اعطائى سببا وجيها لاصرارى على استعطاف امرأة آيلة للسقوط

امرأة يحدق بها خطر السجن

انسالت دموعها على وجهها وقد شعر بالخوف يرسم ملامحه البشعة على وجهها

فاختلج قلبه وضمها بين ذراعيه هامسا:

-لا تخافى يا حبيبتى ..لا يمكننى ان اقف ساكنا وانتى تغرقين

انا املك الحل



***************

jen 24-02-09 12:34 AM


تمددت غادة على فراشها الحميم

الذى كانت تتشاركه مع مى التى اختفت دون اثر

لم يصل الى احدهم اى اخبار عنها

ترى اين مى ؟ ولماذا تركتها فى محنتها ؟ لماذا اختفت منذ ايام ؟

ضمت شفتيها فى محاولة لكبت مشاعرها وسد الستار امام عبراتها التى تخذلها دوما وتوقع دفاعاتها وتهطل منتصرة معلنة عن احزانها المستمرة

شهقت غادة بخوف حينما تناهى الى سمعها تكة خفيفة ثم سمعت بوضوح

اصوات خطوات تقترب ..اتسعت عينيها برعب فى الظلام الذى تبدد بضغطة على زر الاضاءة التى سطعت لتعمى عينى غادة وتدفعها الى اغلاقهم لتسمع شهقة مى وتفتح عينيها لتجدها بين احضانها

تشبثت غادة بها واخذت تضربها على ظهرها بقبضة يدها وهى تصيح ودموعها تغرق وجهها:

-اين كنتى ؟ اين اختفيتى ايتها النذلة ؟ تخليتى عنى باصعب وقت مررت به

غادرت مى احضانها وتطلعت اليها بانزعاج هاتفة:

-غادة..ماذا بكى يا حبيبتى ؟ ماذا تقصدين ؟

-امجد مات يا مى ..تعرضنا لحادث اصطدام وقد رحلت روحه الى بارئها بينما انا فقدت جنينى

شهقت مى ووضعت كفها على فمها فاضافت غادة بصوت مختنق:

-توقعت ان تكونى الى جوارى لكنكى خيبتى ظنى وكنتى الوحيدة التى تخلت عنى

هزت مى رأسها بعنف وهى تصيح بصرامة:

-اياكى ان تتلفظى بهذه الكلمات الحمقاء..انا دوما بجانبك..لا يمكن ان اتخلى عنكى ابدا

فقط كانت هناك ظروف طارئة اضطرتنى الى الابتعاد دون الاعلان

لقد كنت اثبت براءة اخى ..لقد اخفيت عنكم جميعا مخططى لكن الان سأصيح وبقوة واعلن عما فعلته ..محمد سيعود الينا يا غادة..

اتسعت عينا غادة بامل وهى تهتف بدهشة:

-كيف

-سأحكى لكى لاحقا لكن الان طمئنينى ..كيف حالك؟ كيف تتحملين الوضع

اغمضت عينيها وهمست :

-بشق الانفس..اشعر اننى على وشك الانهيار

دفعتها الى احضانها وهى تربت على ظهرها لتهدىء من ارتجافها:

-يا حبيبتى !! لا تقلقى يا غادة..انا عدت اليكى يا حبيبتى ومعا ستتمكنين من مواجهة كل شىء..لكن ارجوكى يا حبيبتى عدينى ان تكونى قوية..لا تستسلمين لهذا الضعف الذى ينخر عظامك...

اجبرت غادة شفتيها على الابتسام وهى تقول:

-دنيا لم تتركنى لحظة ..كانت معى نعم الاخت والصديقة

ابتسمت مى وقالت بفخر:

-هذه صديقتى التى اعرفها

-وعلى

رفعت مى حاجبيها ورددت بدهشة:

-على !! ماذا به ؟


************


غادرت احضانه بلهفة وهى تهتف:

-لديك الحل !! ماذا تعنى

تراقصت ابتسامة على شفتيه واومضت عينيه بالسعادة وهو يهتف

ملوحا امام عينيها بعدة اوراق:

-اولا : هذه موافقات كتابية من عملائك على تأجيل استلام طلبياتهم عن الموعد المحدد الذى يكاد يكون بعد اسبوع من الان

ثانيا: الشرطة اعتقلت وائل بتهمة اقتحام ممتلكاتك للمرة الثانية والان يستخدمون وسائلهم المعتادة لحمله على الاعتراف بجريمته

امالت رأسها وهى تتساءل بصوت خافت:

-جريمته!!

لوح ادهم كفيه بحماس:

-وائل هو من اشعل الحريق بالمصنع وطبعا بعد اثبات التهمة عليه وازالة كلمة ضد مجهول فى قضيتك ستدفع شركة التأمين رغما عنها وتعود الحياة الى مصنعك

تساءلت دنيا بشك:

-لماذا انت متأكد هكذا ان وائل سيعترف

مسح على شعرها وهو يقول:

-يا حبيبتى الشرطة لديها طرقها الخاصة ولا تنسين ان وائل مسجل لديهم..

نزيل سابق اعنى، وفى تهمة خاصة باقتحام املاكك الخاصة ومحاولة الاعتداء عليكى

اى انه مستفيد جدا من حرق المصنع كمحاولة للانتقام منكى

توقف قليلا عن حديثه حينما ابتعدت مسرعة حينما لامست يداه شعرها الاشقر الشاحب

لكنه استطرد عندما لمح الامل يغزو عينيها:

ثالثا: ستبيعين فيلتك وبالمبلغ الذى تملكينه فى المصرف سنؤجر احد المصانع ونشترى الخامات وندفع رواتب العمال لنتكفل بطلبيات العملاء لان مصنعك سيستغرق كثيرا ليتم اعادة بنائه كما ان كل الخامات قد هلكت فى الحريق

اضطربت ملامحها وهتفت بانزعاج:

-ابيع الفيلا !! لكن ..لكن..اين سأعيش ثم اننى عشت حياتى كلها بها وبها كل ذكرياتى

تطلع الى عينيها وهمس بحب:

-دعكى من ذكرياتك..المهم حاضرك واحلامك المستقبلية ..ثم يشرفنى يا اميرتى ان يستقبلك منزلى وان تعيشين معى ..فى منزل زوجك

-منزلك !!

تصنع ادهم الحرج :

-احم احم .. شقة والدتى رحمها الله..شقة صغيرة لكننى اوعدك ان اشترى لكى فى المستقبل فيلا رائعة افضل من فيلتك ثمنها سيكون من عرقى ومجهودى

احتوى يديها بين كفيه وتناول يدها اليمنى لثم راحتها وهو يهمس متطلعا الى عينيها بحب:

-اعتراف رقم 25 فى جلستنا هذه

انا احاول بقدر ما استطع ان اثبت لكى اننى لم اعد طامعا فيكى

واتمنى ان تصدقينى هذه المرة وتؤمنى اننى راغبا فيكى انتى لا اموالك

احبك انتى لا ثرائك

اذوب عشقا في هواكى

انظرى الى عينىّ لتعرفين الحقيقة

ثم دفع يدها فوق قلبه وهمس:

-استمعى الى ضربات قلبى ..هل تسمعينها

انها تهتف

دنيا ..دنيا..دنيا..دنيا

كشف ثغر دنيا عن ابتسامة واسعة لمعت لها عينا ادهم

وهتف فى اعماقه


*

*


هل صفحتى يا دنيا ؟؟


*

*

تعالى نعيش حبيبى حياتنا

سيبك من اللى عدى وفاتنا

ايه فى الدنيا دى هيوحشنا

ماهو انت اناااااااااااااااا


طب خلى الدنيا تضايقك يوم

وشوف انا هعمل ايه فى الدنيا

علشانك انا هتحدى الكون

ولا اشوف دموعك ولا ثانية



*************



تهالكت مى على مقعدها وهتفت صارخة:

-ماذا تعنى بالله عليك..ماذا تعنى ؟؟

مط الاستاذ ربيع المحامى شفتيه فى اشفاق وضغط على زر بجانبه قائلا:

-عبد العزيز من فضلك ..اخبر الساعى ان يأتينى بكوب من عصير الليمون الطازج

ازاح يده من على الزر ومدها لتلتف حول كأس ماء ناوله لمى وهو يقول مشفقا:

-اهدئى يا آنسة مى ..ارجوكى اهدئى..افعل شيئا يا استاذ عمرو

تناول عمرو منه كأس الماء وحاول ان يجعل مى ترشف منه لتهدىء انفعالاتها الا انها امتنعت وصاحت :

-من فضلك فسر لى حالا ما قلته يا استاذ ربيع..انا لن اهدأ الا اذا حصلت على ما ابتغى

تنهد الاستاذ ربيع وقال:

-يا آنسة مى كما سبق وقلت لكى ..مجهودك الذى بذلتيه كان رائعا وخطتك ماهرة بلا شك

وقد اوقعتى مجرما فى يد العدالة لكن مع اسفى الشديد هذا كله لا يصب فى مصلحتك الخاصة .. فاخيكى لن يخرج من السجن لانك وضعتى واحدا مكانه

توجيه تهمة الاتجار بالمخدرات للسيد حسام لا تمت بصلة لقضية اخيكى

ورغم شكوكك انه من لفق التهمة لاخيكى الا ان هذا ليس دليل اتهام ضد السيد حسام وبالتاكيد لن يكون دليل براءة

دفنت مى وجهها فى كفيها وتناهى الى سمعهم صوت بكائها

هز عمرو رأسه بضيق وهو يتطلع الى مى بأسى ونقل ابصاره الى المحامى يسأله:

-اذن الخطة باءت بالفشل

-لا يا سيدى الفاضل..خطتها نجحت كما قلت فى الاطباق على مجرم ..دور الانسة مى فى هذه القضية لم يتعدى دور مرشدة العدالة لكنه لن يفلح فى اثبات براءة اخيها

الشىء الوحيد الذى قد ينجى الاستاذ محمد من الفخ المحكم الذى وقع فيه

الشىء الوحيد الذى يجعل المحمة تعلن براءته ويفتح السجن بابه امامه للحرية

هو.....

قاطعته مى صائحة بلهفة:

-ما هو هذا الشىء يا استاذ ربيع

هز كتفيه وهو يقول بهدوء:

-ان يعترف السيد حسام انه هو من دس حقيبة المخدرات فى منزله

ان يعترف انه وراء تلفيق هذه التهمة له

خبا الامل من عينى مى وارتجفت شفتاها وهتفت حانقة:

-اذن لا امل..حسام مستحيل ان يكون بهذه الطهارة ..لا يمكن ان يسدى لى هذه الخدمة الصغيرة بعد الذى فعلته..لقد حاول قتلى يا استاذ ربيع

شرد عمرو بذهنه لثوانى ثم تطلع الى عينيها قائلا :

-ربما يكون هناك امل


**************


تقاذفتها بملابسها قطعة وراء الاخرى وهى تصرخ بها:

-خذى اشيائك واغربى عن وجهنا..لا اريد ان ارى وجهك الكريه هذا ثانية

ساعدت الطفلة الصغيرة امها فهوت على وجه نعمة بحاجياتها وهى تصرخ باكية:

-حرام عليكى يا ابلة نعمة ..طليقك اودى بأبى الى التهلكة ..ما الذى اتى بكى الى منزلنا

لقد اتيتى لتهدمى حياتنا ..اخرجى من منزلنا

تساقطت دموع نعمة واشياءها تهوى عليها من كل صوب وصاحت متوسلة:

-حرام عليكى يا زينب..الى اين اذهب..لا مأوى لى سوى هنا

ثم ان سيد اخى وكان يحاول الدفاع عن اخته ..لم تكن رغبتى ان القى به فى السجن

اخذت زينب تدفع فى جسدها تجاه باب الشقة وهى تصيح:

-لا اريد سماع تلك المبررات التافهة..قلت لكى لا مكان لكى وسطنا يا جالبة المشاكل

ايتها النحس..منك لله ..اضعتى رجلنا ..ماذا نفعل الان ؟ كيف نعيش من غيره

من سينفق على اولاده..حسبى الله ونعم الوكيل فيكى يا امرأة

اتيتى وهب معكى الريح فعصف حياتنا

تمكنت زينب من دفع نعمة خارج الشقة فاسرعت باغلاق الباب وهى تصرخ

وتدق على رأسها متحسرة:

-ماذا افعل الان ؟ هدمتى حياتنا ايتها النحس

ضعت يا سيد يا حبيبى ..كيف سيأكل اولادك الان ..من اين سيعيشون

مصيبة ..مصيبة ياربى وحلقت فوق رؤوسنا جميعا

انجدنا يارب..ارحمنا يارب

ياااااااااااااااااااااااارب

وخلف الباب المغلق تشنجت نعمة وهى تمسح دموعها فى اكمام منامتها

وخبطت باناملها المجروحة من ضرب ممدوح لها هاتفة بتوسل:

-افتحى يا زينب..ارجوكى افتحى الباب..لا مأوى لى يا زينب

حرام ترمينى فى الشارع..سيد لم يكن ليرضى بهذا ابدا

-قلت لكى اغربى عن وجهنا ولا تعودى ثانية وتدبرى حالك يا جميلة

تزوجى ثريا آخر او اعملى خادمة بالبيوت ..لا يهم

اذهبى لتموتى ..المهم الا نرى وجهك النحس هذا ثانية

عضت نعمة على شفتيها وهى تضع عباءة سوداء فوق منامتها وتهبط الدرج ببطء

بعينين غائمتين خلف ستارة من الدموع


*********************


وجد عيناها مشدوهتان تحدقان فى السقف فخفق قلبه بالم

يعلم كم هى تائهة..كم هى حزينة ..كم هى غاضبة

لا شك ان وقع الخبر عليها كان مؤلما لاقصى درجة

بالتأكيد..عسى الله ان يصبرها فيما ابتلاها

ليس من السهل ابدا ان ترى ام ولدها وطفلها الذى حملته جوار قلبها مقيدا بالاغلال

ليس من السهل ان ترى ولدها الذى ترعرع تحت ناظريها يتحول بين يوم وليلة الى مجرم

تتلاحق الصحف انبائه وتتناقل الاقوال حول الجرمة المشينة التى ارتكبها

لا ريب ان قلبها يتمزق ..لا شك انها محطمة

تتنازعها مشاعر شتى ..دهشة..عدم تصديق..نكران ..حسرة..أسى..الم..غضب

ضاقت عيناه فى استغراب

هل تشعر بالغضب منه هو ام من حسام

لماذا تنظر اليه هكذا..لماذا تحولت ملامح وجهها الى النقيض عندما التقت عيناها بعيناه

لماذا الان تنظر اليه بازدراء وتصرخ فيه:

-لماذا يا عمرو ؟ لماذا فعلت ما فعلته ؟ لماذا قذفت باخيك الوحيد الى الهلاك ؟

ماذا جنى ليلقى منك هذا الجفاء ؟ ماذا ارتكب فى حقك كى تكون سببا فى رميته البشعة تلك

ارتفع حاجباه فى دهشة وعدم تصديق وميرفت تواصل:

-لم اكن اتخيل ان يصل بك الامر الى هذا ؟ لماذا تغار منه وتتمنى له الشر ؟

انا لم افرق يوما فى معاملتى لكم..احببتكم كلاكما بنفس القدر

لماذا اعماك غضبك ونقمك عليه ؟ لماذا حرمتنى من ابنى ؟ لماذا ..لماذا

انفجرت فى البكاء وعمرو واقفا امامها فى ذهول يكاد يقتل نفسه من الالم الغائر الذى احدثته كلماتها به

اخذ يهز رأسه بعدم تصديق وهتف بأسى:

-ماذا تقولين ؟ كيف تفكرين هكذا ؟ انا اغار من حسام واشعر بالغضب منه

هل هذه هى كلماته التى اقنعك بها وجوده خلف القضبان

هل برر لكى افعاله المشينة بهذه الكلمات الكاذبة

امى ..رغم اننى صرت ادرك ان حسام يكرهنى ولا يطيق وجودى على قيد الحياة

الا ان شعورى تجاهه مختلف تماما..انا احبه فعلا واشفق عليه

وحاولت اكثر من مرة ان ارشده لصوابه واجذبه بعيدا عن هذا الطريق الا انه ابى وثار وعندما اكتشف ان معرفتى بالامر صارت تهدده ..ارتدى ثوب التوبة واقنعنى انه افترق عن هذا الدرب فقط لاكتشف انه كان يخدعنى ..حسام ورث تلك المهنة القذرة عن والده

زوجك السابق يا امى كان الاسد الذى اضحى حسام شبله

هوت بكفها على وجهه صارخة ودموعها مازالت تسيل انهارا:

-كاذب ..اطبق فمك عن تلك الاكاذيب

انت اوديت بابنى الى التهلكة ..لم يكفك تملقك له ..لم يكفك جشعك ومحاولتك القبض على اكبر قدر ممكن من ماله والان تأتى لتشوه صورته بعينى

ارتجفت شفتاه وكلماتها تجرح قلبه فلوح بكفه امام وجهها ليدفعها على التوقف

وصاح بالم:

-كفى..كفى ..ما هذا الذى تقولينه ؟ انا لم آخذ يوما مليما واحدا من حسام ليس من حقى

انا اعمل لديه واحصل على ثمن تعبى ومجهودى..لم يسبق لى ان اخذت منه قرشا

كرامتى آبية لا تسمح لى بهذا الامر ثم اننى اعلم مصدر تلك الاموال القذرة

فلا اقبلها على نفسى ابدا واعتبر مرتبى من المال الحلال فى تجارته المشروعة

هل هو من آذى اذنك بهذه الحماقات؟ لماذا يحاول دوما ان يفرق بيننا

لماذا هو بهذه الانانية ؟ لماذا يدفعنى دوما بعيدا عن طريقك

حملقت فى وجهه وهو يواصل بلهجة متألمة:

-لماذا يا امى تقسين علىّ؟لم تكونى يوما منصفة بحقى ..دوما يأتى ترتيبى لديكى فى المرحلة الاخيرة وحتى هذه المرة ..المخطىء هو حسام..المجرم هو حسام..الذى جنى على نفسه وعلى شباب جيله ايضا حسام وفجأة يصبح هذا ذنبى..فجأة اكون انا المسئول

لقد حاولت..حاولت ان اكون له خير الاخ وارغمه على التوبة لكنه آبى ..آبى

فصار من حقى ان اكون خير المواطن والعبد الصالح..صار من حقى ان انقى المجتمع من النبات الفاسد..فلم اكون انا الملام

لماذا تلوميننى ؟ لماذا ؟

اقتربت منه جففت دموعه باناملها وتطلعت الى عيناه بأسف ثم احضنته بقوة

وهى تغمض عينيها بالم


********************


اسند ادهم وجهه على كفه وحملق فى عينيها بثبات ، كانت عيناه كعينى الصقر

تراقبان حركة عينيها السريعة واهدابها التى يبدو انها فقدت السيطرة على حركاتها

وجهها فعلا كان يشى بلمحة كبيرة من الجنون

تنازعته مشاعر مختلفة

هل هو سعيد بما آل اليه حالها

هل هذا العقاب كافى لما اقترفته يداها ولما خطط له عقلها الشيطانى

هل فقدها عقلها يشفى غليل جميع ضحياها

راق له الامر وشعر بسعادة خفية

لكن بذات الوقت شعر بالاسى

لم ينسى ان تلك المرأة هى التى كبر بين يديها

لم ينسى ان لسانه كان يناديها بامى

لم ينسى انها احيانا كانت تهتم لامره

لكنها جنت على نفسها وعليه وعلى المقربين منها

صفقت ناهد بكفيها كالطفلة الصغيرة وهتفت وهى تشير الى دمية تمثل ولد يرتدى حلة العرس:

-هل رأيت كيف كبر ولدى واصبح عريسا وسيما

هيا القى التحية عليه..هيا لا تخجل..انه بمثابة اخيك

اخفض عينيه فى الارض وهى تصيح بحنق:

-لكنه غاضب..نعم غاضب من عروسته لانها ليست هنا الى جواره

اين هى يا ادهم ؟ هل تعرف طريقها ؟ اين غادة..انه يشتاق اليها بشدة

رفع بصره متطلعا اليها باشفاق وهب من مكانه مستعدا للمغادرة الا انها امسكت ذراعه وهتفت بتوسل:

-ارجوك يا ادهم اخبرنى اين غادة ..امجد يريد رؤيتها

هز رأسه فى اسى وقال بهدوء:

-امجد توف..............

شدد الطبيب قبضته حول ذراعه فنظر اليه مستغربا فمال الطبيب على اذنه هامسا:

-من فضلك لا تأتى بذكر هذا الموضوع .. انها غير قادرة على تصديق ان ابنها مات

كل ليلة تتحدث عن عرسه وعن عروسته غادة وتتحرق شوقا لرؤيتها بدعوى ان ابنها يريد ذلك

همس ادهم بدوره:

-هل جنت حقا

-ليس بالمعنى الدقيق..انها تعانى من انهيار نفسى ..تنكر بشدة ان يكون قد حدث مكروها لابنها

لذا من فضلك اجبها على سؤالها ولا تأتى على ذكر وفاة امجد ذلك

تنهد ادهم بضيق ثم استدار الى ناهد قائلا:

-يبدو امجد جميلا فى حلة عرسه ..عروسته بالتأكيد ستفرح برؤياه

غادة الان فى منزل عمها تنتظره على احر من الشوق

لكزه الطبيب فى ذراعه هامسا بحنق:

-لا تبالغ

هز ادهم كتفيه وغادر المستشفى بخطوات سريعة وهو يردد:

-لا حول ولا قوة الا بالله


تطلعت ناهد من نافذة حجرتها الى ادهم الذى وقف مشيرا الى تاكسى

وتلاعبت اصابعها على ازرار هاتفها المحمول قائلة بصوت هستيرى ما ان بدأت المحادثة

-لقد تمكنت من معرفة مكان تلك المجرمة التى قتلت ابنى وابعدته عن احضانى

نفذا ما اتفقنا عليه ولن ابخل عليكما..سأعطيكما ما تريدان

ابتسمت فى ارتياح وهى تنهى المحادثة بعدما ابلغت الرجلان بعنوان الهدف المنشود

وقالت بلهجة مجنونة:

-حان الوقت لتدفعى الثمن يا غادة..كان يجب ان تموتى انتى ويحيا ابنى

لماذا كان عليكى ان تعيشى بينما هو يرحل عن عالمنا

يجب ان تموتين


********************

jen 04-04-09 07:31 PM


الفصل التاسع عشر

والاخير

حياة..شعبة أمل

****


عضت بقسوة اصبعها الذى استقر بين اسنانها ، فكاد ان يقطر دما حارا لا يعادل بالتأكيد النار التى تستعر باعماقها

قلق رهيب سيطر عليها وتوتر استطاع ان يسرى فى عروقها

دمعتان حائرتان انحدرتا من عينيها ..

كتمت آهة كادت تنفلت من بين شفتيها بصعوبة

هتفت باعماقها ماذا بكى ايتها المأفونة ؟ يجب ان تتحاملى وتسيطرى على نفسك ؟؟

وضعك لا يسمح لكى بالتخاذل..يجب ان تظلى قوية حتى تحصلين على ما تبغين

لا يجب..

توقفت مآزرتها لنفسها عندما سمعت صرير الباب الذى انفتح فادارت عينيها نحوه

لترتجف ركبتيها عندما التقت عيناها بعيناه الحمراوين

اغمض عينيه لبرهة ويد باردة تعتصر قلبه لمرآها

وعندما عاد ليفتحها لمحت مى حرب مستعرة تدور هناك

حرب بين فارسين ..الحب والكره..الاشتياق والانتقام ..الحنان والغضب

ازدردت ريقها بصعوبة وهى تدعو الله ان ينتصر الفارس الاول

وتكون المعركة لصالحها

اقتربت خطواته فاجفلت وعندما جلس الى جوارها حاولت ان يخرج صوتها هادئا لكن رغما عنها خرج متوترا:

-كيف حالك يا حسام ؟

هتف فى حدة :

-ما الذى جاء بكى الى هنا !! الم تنجحى فى تحقيق هدفك وتدفعينى خلف القضبان

ماذا تريدين منى بعد؟ الم يكفكى شماته !!

تطلعت اليه وهى تقول بمرارة :

-حسام لا ترتدى ثوب المظلوم ..انت تعلم انك هنا نتيجة لافعالك وليس لاننى وقفت لك بالمرصاد اوما شابه ..انت الذى سرت فى الطريق الخاطىء..انت الذى ارتكبت اعمال غير مشروعة

انت الذى اخطأ فى حقى منذ البداية ولم يكن ما فعلته الا ردع الظلم ..انا التى ناقمة عليكى لا انت..لقد ضيعت شقا عمرنا ورميت اخى بالسجن وتسببت فى موت والدى ،

حرمتنى من كل شىء وصرت فى هذه الحياة وحيدة ، وحينما اتخذت قرارى بالذوذ عن نفسى

وتقديمك للعدالة تقنع نفسك انك البرىء واننى انا الظالمة !

اشتعلت فتيلة انفعالها فلم تستطع اخمادها ، فتسربت دموعها وتهدج صوتها لتنخرط فى بكاء حاد

لمس وترا بقلب حسام جعله يتطلع اليها باشفاق ويتمتم بحزن:

-لماذا اتيتى اليوم يا مى ؟؟

مسحت دموعها باصابعها الطويلة وهى ترفع عينيها اليه برجاء لتقول بصوت باكى متوسل:

-انا لست هنا للشماتة بك يا حسام ..على العكس..لقد اتيت لاتوسل اليك واستدر رحمتك .

ارتفع حاجباه فى دهشة وهو يردد كلماتها بغير تصديق :

-رحمتى !! ماذا تقصدين ؟؟

قالت من بين شفتيها الذابلتين:

-ارجوك يا حسام .. ان كنت حقا احببتنى يوما ..ان كنت شعرت بخطؤك فى حقى وظلمك لى..

ان كنت تبغى رحمة الله بك ..قل الحقيقة ..اعترف ان اخى برىء وانك من لفقت له هذه التهمة

قل الحق يا حسام حتى يقف الله معك فى محنتك هذه..صدقنى سيجزيك الله خيرا

ارجوك يا حسام..ارجوك

تنهد بسخرية وتطلع اليها بدون ان يبدى وجهه اى انفعالات قبل ان يظهر الضيق عليه وهويهتف بحنق:

-هل تريدين ان تثقلينى بتهمة جديدة !! الا يكفى ما اواجهه ؟

تلمست يداها طريقها الى يديه التى قبضت عليها بقوة وهى تقول بلهجة مغرية :

-صدقنى ..اعترافك بهذه التهمة سيؤثر كثيرا على علاقتك بالله..سيجعله يغفر لك ويقف بجوارك ويهون عليك سجنك..صدقنى .

تنحنح الرائد مصطفى قائلا:

-الزيارة انتهت يا آنسة مى .

تجلى الذعر فى عينى مى التى ادارتها نحو حسام بسرعة البرق وهى تدفع بيديه نحو شفتيها لتقبلها بتوسل صائحة:

-ارجوك يا حسام..راعى ضميرك ..كفر عن ذنبك ..انصر مظلوما حتى ينصرك الله

اتوسل اليك ..من فضلك يا حسام ..ارجو...........

اقتاده الجندى بعيدا عنها فتوقفت الكلمات فى حلقها وعيناها تذرفان مزيدا من الدموع المتسولة



******


-ارى انه لا يوجد اى داع لوجودك هنا ..الا ترى اننى بمفردى

من فضلك انصرف قبل ان تعود مى وتستشيط غضبا من وجودك .

هتفت غادة بكلماتها الحانقة وهى تلوّح بكفها فى وجه على الذى وقف امامها وعلى وجهه تلوح اعتى امارات المرارة

هزت غادة رأسها بضيق فتناثرت بعض خصلات شعرها الكستنائى لتستقر على عينيها فامتدت يدها تزيحها بعنف وهى تصيح فيه عندما لم يتزحزح من مكمنه:

-على..من فضلك ..لقد حرصت على الا اتعدى حدود اللياقة معك منذ البداية وانت تصر ان تخرجنى عن طورى وتجعلنى اتفوه بكلام جارح ، لقد فكرت يا على واتخذت قرارى ولن اعود عنه

اخبرتك انه فات الاوان ..

كادت يداه تبلغ هدفها وتلمس يديها الناعمتين لكنها ازاحتها بعيدا قبل ان يتمكن من القبض عليهما

فنكس رأسه وهو يتمتم :

-لماذا يا غادة ؟؟ لماذا تصرين على هدم حياتنا وقتل حبنا ..انا احبك ..اقسم اننى..

قاطعته بحدة :

-لم اعد بحاجة الى حبك ..لقد تخليت عنى فى الوقت الذى كنت باشد الحاجة اليك فيه والان لم يعد هناك جدوى ..

انت لم ترحل من اجلى ..لقد رحلت لتحقيق احلامك دون التوقف للتفكير بتلك التعسة التى وهبتك قلبها وكانت على استعداد لفعل المستحيل من اجل بقاءك..انت رحلت لتحقيق ذلك الحلم الذى يتضمن رفاهيات الحياة بالاضافة لزوجة مناسبة تنجب منها ابناء لتعوضهم عن الحرمان الذى عانيت انت منه ..ومن اجل هذا الحلم دهست المشاعر النبيلة التى جمعتنا ..حلمك كان اقوى من قلبك..انت لم تعد الىّ الان لانك لم تستطع الابتعاد عنى ..انت عدت لانك حققت حلمك

لكن للاسف عدت بعد فوات الاوان

عدت بعدما قتلت ثقتى فيك ..لقد جرحتنى و حطمت قلبى

وانا اؤمن جدا بالمقولة التى تقول ان ما تحطم لا يمكن اصلاحه..

صاح محاولا رتق ثقوب علاقتهما :

-بلى ..يمكن .. ان اعطيتنى فقط فرصة فانا...

زفرت فى ضيق وهى تهتف:

-على..ارجوك ..

صرخ بتعاسة:

-ماذا بكى يا غادة ؟ لماذا تفعلين كل هذا ؟ اعلم انكى تحاولين القيام بدور صعبة المراس كى اتفادى هذا الخطأ مستقبلا وافكر قبل المرة مليون قبل ان ارتكبه ثانية لكن يكفى هذا ..

لقد تعلمت حقا درسى ..انا آسف على كل ما جعلتك تمرين به واقسم لكى اننى لن افعل هذا مطلقا فارجوكى اصفحى عنى وتقبلى عودتى ..طالما انا احبك وانتى تحبيننى فلا يوجد مانع فى..


شعرت بحنق شديد لالحاحه المستمر ..قديما لو كان تفوه بهذا الحديث عن تمسكه بها وحبه لها لكانت ذابت امامه من الخجل لكن هذه الكلمات اليوم لم تخلف بنفسها اى تأثير يذكر بل على العكس

تحنقها بشدة وتجعلها تشعر بالخيانة لمجرد وقعها على مسامعها

ظلت تردد بهمس لا يسمعه سواها:

-كفى..كفى ..كفى ..

-كفىىىىىىىىىىىىىى .

انطلقت الاخيرة بصرخة عاتية اطلقتها فخرس على محدقا فى وجهها الذى اصطبغ بلون احمر

حرك لسانه ليقول شيئا لكنها سبقته بهمس خافت :

-انت لا تفهم..اليس كذلك !!

هز رأسه بعدم فهم وتساءل بتعجب:

-افهم ماذا ؟؟

اغمضت عينيها بقوة واعتصرت قبضتها الصغيرة وهى تقول بخفوت:

-انا لم اعد حبك ..لقد توقفت عن حبك .

اتسعت عيناه بذعر وخفق قلبه بشدة فصاح بغير تصديق:

-ماذا ؟؟

فتحت عينيها على مصراعيها وصرخت بكل قوتها :

-انــا لـم اعــد احــبــك .

ظلت تحدق فى اللاشىء لثوانى بعد ان افلتت زناد قنبلتها الموقوته لكنها لم تسمع ضجيج الانفجار ولم ترى شظاياه فادارت عينيها ببطء شديد حولها حتى استقرتا اخيرا على عينيه

التى بدا انها خاوية وان لا حياة تدور فى هاتان الحدقتان

شعرت بضيق يجثم على انفاسها فتمتمت بمرارة:

-آسفة .

ارتعشت عيناه بخفة لكنه ظل على نفس الوضع الجامد الذى اتخذه جسده فدمعت عيناها لرؤيته على هذا النحو المثير للشفقة

لكن هدم قرارها بمواساته تلك الجلبة التى تناهت الى مسمعها فادارت وجهها الى مصدرها لتلمح باب الشقة يفتح برفق

توقعت ان ترى وجه مى يبرز خلفه لكن ما رأته جعل عيناها تتسعان فى رعب وحلقها يفرج عن صرخة مستغيثة



******


أشارت دنيا الى لوحة زيتية اصطبغ اطارها السميك بلون ذهبى ذا بريقا خفيفا بحيث لا يجذب الانظار بعيدا عن الرسومات التى افترشت ارض اللوحة باللونين الابيض والاسود والتى جسدت

فى هيئة غير مفهومة الا لمتذوقى ذلك الفن مخاوف من التقطت الريشة وعبثت بها حتى أخرجت هذا الشكل الملتوى ، وقالت للعامل الذى ارتدى زيا رماديا :

-من فضلك ..خذ حذرك وانت تنقل هذه اللوحة ..انها قيمة جدااا .

اومأ العامل برأسه وهو يتساءل:

-هل هى من تلك اللوحات التى تساوى الملايين؟؟

تمخطرت دمعتان على اطراف عينيها وهى تهز رأسها:

-لم اقصد هذا المعنى ..لها قيمة خاصة بنفسى .

كادت يد العامل تمس اللوحة لكنها توقفت قبل ان تفعل اثر صيحة تنبيهية انطلقت من فم ادهم الذى تقدم نحوهم بخطوات سريعة:

-لا تفعل ..

التفتت دنيا مسرعة ووجهها يحمل علامة استفهام كبيرة فاشار ادهم للعامل بالخروج بينما مال عليها قائلا بلهجة آسفة:

-دنيا ..احمل اخبار سيئة .

اغمضت دنيا عينيها بخيبة أمل وهى ترفع كفها بوجهه قائلة:

-من فضلك يا ادهم ..يستحسن تأجيل هذا الامر لحين الانتهاء من هذا .

مط ادهم شفتيه بأسف أشد قائلا:

-اخشى انه لا يمكننى هذا .

وبينما دنيا ترفع عينيها اليه بتعجب قال ادهم:

-لن يمكننا نقل اغراضك كما اتفقنا فى منزلنا الجديد .

-اعلم يا ادهم ..انا لن آخذ كل الاغراض ..فبالتأكيد الشقة لن تحتمل كل..

قاطعها بحزم :

-دنيا ..آتانى عرض افضل ببيع الفيلا بمحتواياتها .

هزت دنيا رأسها نفيا قائلة:

-لا يا ادهم..فلنبقى على اتفاقنا ..لا يهم المال الاضافى ..المهم ..

عاد يقاطعها ثانية بلهجة حانية:

-لم يعد هذا خيارا متاحا لنا يا دنيا

كادت دنيا تواصل اعتراضها لكن مع جملته انعقدا حاجباها الرفيعان وهى تهتف بتوجس :

-لماذا ؟

حدق ادهم فى الارض وهو يقول بكلمات فاحت منها رائحة الضيق:

-وائل لم يعترف .

اتسعتا عيناها وهو يضيف:

-لقد خرج من خانة المتهم ..انتهت معه التحقيقات..لا يوجد ادلة ..لا شهود ..لا اعتراف

خرج القذر منها سليما دون ان تطاله طائلة القانون .

شعرت بطعنة غادرة ظالمة تخترق عظام صدرها وتجرح قلبها جرحا غائرا

شعرت وكأن يد قوية تكتم انفاسها وتزهق روحها

ما أقسى هذا الشعور..ان يكون المرء مظلوما ويعرف ان ظالمه كان يوما اقرب الناس اليه

حينما يكون الظلم هو المرض الذى يفتك بصحة الانسان ..لكنه لا يجد الدواء الشافى

عندما يذوق المرء طعم الظلم المر لكن بالنهاية يتجرع العدل وانقشاع الظلم

حينها يكون هذا الظلم مجرد حرقة الهبت حلقه ورحلت، لكن عندما تظل الحرقة.. تحرق كيانه ويخنق لهيبها انفاسه

وكأنه قرأ افكارها او شعر بقلبها الذى يضخ بعنف ضيقا وحنقا فقد اقترب منها وامال رأسها على كتفه مواسيا اياها :

-ربما لم تطبق عليه عدالة الارض لكن ثقى انه لن يهرب من عدالة السماء ،

ربما فلت من قبضة البشر لكنه لن يفلت من قبضة الخالق مهما فعل .

قالت بصوت مرتجف ورأسها مازالت تغوص فى كتفه:

-الم يكفى فراقى عن المكان الذى شهد نشأتى ..المكان الذى لم تفارقه قدماى يوما

ايضا علىّ ان اتخلى عن اغراضى التى تكاد تكون جزءا منى .

ربت على ظهرها وهو يقول بحنان:

-غدا باذن الله ستكون لكى اغراضك التى لن تشهد سوى كفاحنا وسعادتنا .

استندت بيديها الى كتفيه وهى تواجهه برأسها قائلة :

- حسنا..لكننى اريد هذه اللوحة فقط يا ادهم ..من فضلك .

اومأ برأسه وهو يزيح اللوحة من على الحائط متطلعا اليها-اللوحة- باستغراب وهو يتساءل:

-وما السر فى هذه اللوحة بالذات؟

تطلعت اليها بحزن هامسة بينما دموعها تتهادى برفق على وجنتها:

-انها بريشة والدتى رحمها الله ..انتهت منها بيوم واحد قبل وفاتها ..انظر اليها.. وكأنها كانت تعلم انها ستفارقنى وتتركنى وحيدة تنهش الحياة الظالمة بلحمى .

وضع اللوحة برفق على الطاولة واقترب منها مجففا دموعها بكفه قائلا وهو يحتويها بحنان بين ذراعيه:

-لم تعودى وحيدة يا دنيا ..وارجوكى لا تحملى اى هم ..باذن الله سنجد مخرجا

سنعمل على هذا سويا .


*****



حينما اطل ذلك الرجل برأسه من جدار باب الشقة والتقت عيناه بعينيها وانفرجت شفتيها عن صرخة عالية ، اسرع بساقيه وخلفه رجل آخر لكتم صرختها لكنهم فوجئوا انها ليست وحدها

فاتخذ كل منهما فريسة محاولا القضاء عليها ، وعلى الرغم ان على حاول باستماتة ان يفلت من قبضة ذلك الرجل فائق الطول مفتول العضلات الا انه لم يفلح فى هذا

فتلاقت عينيه بعينى غادة المذعورتين فى تساؤل واضح سرعان ما تحول الى ذعر حينما استمع الى حديث الرجلين الحانق :

-من هذا الرجل الذى بين يديك ؟ الم تلحظ دخوله الى شقتها ايها الغبى !!

ها قد افسدت مخططنا بمواجهتها وحيدة .

-لا ادرى يا زعيم ..لم اعلم انه متجه اليها ..لقد ركزت انتباهى فقط فى خروج قريبتها تلك التى تشاركها السكن .

-ايها الغبى المغفل ..ها قد ازداد عدد الضحايا..لا يجب ان نغفل وراءنا شهود

هيا..اقضى عليه .

وكانت تلك اشارة البدء فاستل الرجلان خناجرهما ،

باءت محاولات غادة وعلى للتملص من الموت بالفشل ، فانحدرت دموع الخوف والذعر من عينى غادة بينما ارتسمت اعتى قسمات الالم وقلة الحيلة على وجه على

وبينما الطعنة الاولى تخترق صدره ..وبينما يتأوه الما اطلقت غادة صرخات مكتومة حملت الالام الرهيبة التى تشعر بها وذلك الرجل يطعنها مرة واثنان و....

*****


تقدمته مى وهى تهتف بألم:

-اخشى يا عمرو ان اخسر رهانى ..اخشى ان اتلقى صفعة قاسية على وجهى

اخشى حقا الا يتأثر حسام بكلماتى ويظل على موقفه ويبقى محمد متعفنا فى هذا الجحيم .

قال عمرو مطمئنا اياها:

-كونى موقنة من رحمة الله ولا تفقدى الامل ابدا .

هزت رأسها بينما هى تدلف الى جواره مدخل بنايتها:

-لولا الامل ما كانت قدماى لتحملانى ولظللت حبيسة غرفتى ابكى على الاطلال .

ابتسم مشجعا اياها ومد يده ليصافحها لكنها لم تقبل يده بل قالت بتساؤل وهى تتطلع الى باب شقتها:

-من الذى ترك الباب مواربا ؟

دفعت يداها الباب الخشبى لتنقشع الرؤية وتصرخ عاليا وهى ترى غادة وعلى بين يدى الرجلين مضرجين بدماؤهما

وبينما صرخاتها تتعالى اندفع عمرو مشتبكا مع الرجل الذى اسقط غادة محاولا الهرب

لكن الرجال الذين اسرعوا الخطى الى صريخ مى لم يمكنوا الرجلين من الهرب

فوقع الفأر فى المصيدة ، والتف حول الرجلان دائرة شائكة لا يمكن الفكاك منها


*****

jen 04-04-09 07:33 PM


تلفتت دنيا التى ظهرت انفعالاتها القلقة على وجهها حولها وهى تتمتم :

-اين هى ؟ اين هى ؟

اشار ادهم بيديه لنهاية الرواق حيث جلست فتاة منكمشة على نفسها ووقف امامها شابا

محاولا تهدئتها ، وهتف بلهجة منتصرة :

-ها هى .

التفتت الى حيث اشار وعدت الى حيث مى التى ما ان رأتها حتى وقفت رامية بنفسها فى احضانها

وهى تبكى بحرقة :

-ارأيتى يا دنيا !! غادة هى الاخرى تضيع منى ..لا ادرى ماذا فعلت حتى استحق ان يرحل عنى كل احبابى هكذا ؟

اسرعت دنيا بوضع اصبعها على شفتى مى لتمنعها من التفوه بمزيد من الحماقات

قائلة بصوت حرصت ان يخرج هادىء حتى يهدىء من روعها :

-ششش..كفى كفى ..اطمئنى ..باذن الله ستخرج سالمة .

تهدج صوتها وهى تهتف بغل:

-لقد طفح الكيل..لقد تعبت ..تعبت ..لم يعد يمكننى الصمود اكثر من ذلك

هذا يفوق الاحتمال .

ربتت على ظهرها وهى تقول:

-اعلم ..اعلم بما تشعرين به ..لكن لا تدعى نظرية المؤامرة تلك تهزم ايمانك

ما ضاقت الا فرجت يا مى ..والمؤمن دوما مصاب ..

مال ادهم على اذن عمرو يسأله بلهفة وقلق:

-كيف حالها الان ؟

هز رأسه بحسرة وهمس :

-الامور لا تبدو جيدة .. حالتهما خطيرة خاصة الشاب..انهما فى حجرة العمليات منذ اكثر من ساعة .

ارتفع حاجبا ادهم فى تساؤل واضح مرددا:

-الشاب !! من هو ذلك الشاب ؟

هز عمرو كتفيه وهو يشير الى مى قائلا:

-حالتها لا تسمح بالتساؤل عن هويته .

اومأ ادهم برأسه وهو يعاود اسئلته :

-هل قبضتم حقا على الفاعل ؟

-نعم .. رجال الشارع والجيران هبوا لصرخات مى المستغيثة وتمكّنا من القبض عليهم حتى جاءت الشرطة وأسرتهم .

هز ادهم رأسه فى فهم ثم عادا حاجباه ينعقدان مع قوله:

-ترى ما هو الدافع لتلك الجريمة ؟ سرقة ام ....

انفتح باب غرفة العمليات بضجة شديدة فتطلع الجميع الي العربة المحمولة التى دفعتها الممرضات

والتى رقدت على سطحها غادة شاحبة الوجه فاقدة الوعى ، فاسرعت مى وارتمت على

صدرها وهى تصرخ من بين دموعها :

-غادة ..غادة ..

ابعدتها الممرضة بخشونة وهى تهتف:

-من فضلك ..ابتعدى ..الزيارة ممنوعة الان ..حالتها لم تستقر بعد

*******

وقف امامها منكسا رأسه شاعرا بالخزى ..ضبطته امه وحان وقت العقاب

ارأفى بحالى يا اماه ..انا صغير يا امى ..انا ضعيف يا امى

رفعت وجهه اليها ليخفق قلبها لمرأى الخطين الشفافين اللذين ارتسما على وجهه

ضربت صدرها بكفها وهى تتمتم بمرارة :

-هل تبكى ؟؟

لم يستطع النظر فى عينيها طويلا فادارهما بعيدا عنها لكنها اجبرته على التطلع اليها حينما امسكت ذقنه ورفعته فى مواجهتها ، قالت بتأنيب:

-لماذا كذبت علىّ ؟ وادعيت البراءة ؟

قال بحسرة :

-لم اشأ ان اخيب املك ..لطالما فعلتى من اجلى الكثير..لم اشأ ان يكون ثوابك هو عار مجرم مثلى

لم اشأ ان تكرهيننى ..

اختنق صوته وهو يضيف بعد لحظة توقف:

-انتى الوحيدة التى تحبيننى حقا ..لم اشأ ان افقد ذلك الحب .

ضربته فى صدره بقبضة يدها بخفة وهى تقول بغير تصديق:

-ربما انا غاضبة منك ..متحسرة على حالك ..حزينة على ماآلت اليه الامور

لكننى لا يمكن ان اكرهك ابدا ..انت ولدى..فلذة كبدى ..

عض على شفته السفلى باسنانه وهو يندفع ليخمد رأسه بصدرها هاتفا بحرقة:

-انا آسف

مسحت على شعره بيدها وهى تقول بحزم:

-هل تريدنى ان اسامحك ؟

دفع رأسه بعيدا عنها لتظهر اللهفة على وجهه بينما هى تواصل باغراء:

-بل واكون فخورة بك ايضا ..

هز رأسه فقالت :

-تحمل ذنبك وحدك ..

وبينما ظهرت علامات عدم الفهم على وجهه أضافت :

-لا تتملص من عقابك ..

-امى ..انا لا افهم....

قالت بحزم:

-لقد عرفت كل شىء يا حسام .. لا داعى لمزيد من التلاعب

يجب ان تفعل شيئا واحدا حتى يغفر لك ربك وحتى يصفى لك قلبى وادعو لك

تطلع اليها بترقب فقالت برجاء صارم :

-اكشف الحقيقة واعترف بما أجرت ..انهى ظلمك واعترف ببراءة ذلك الولد

ارتفع حاجباه بدهشة بينما قالت كلمتها الاخيرة :

-محمد



******


-لقد اصبحت افضل حالا الان ، معدلاتها الحيوية عادت لطبيعتها

انها بحاجة فقط للراحة والعناية والغذاء المناسب لتلتئم جراحها

تنفست مى الصعداء وهى تتمتم براحة:

-حمدا لله ..اشكرك

قالتها بامتنان للممرضة التى اغلقت باب غرفة النقاهة- التى ترقد بها غادة -وراءها

ثم التفتت الى غادة التى بدت بعيونها المغمضة وشفتيها المطبقتين وشعرها المسترسل على كتفها وجزء من جبينها الناعم كالملاك ، ومسحت على شعرها وهى تردد :

-الحمد لله ..الحمد لله .

دلفت دنيا الى الحجرة بعدما طرقت بيدها الرقيقة باب الحجرة الذى التفتت له مى لتبتسم قائلة بسعادة وهى تشير الى غادة :

-..لقد طمئننى الطبيب عليها ..حمدا لله.. جروحها لم تكن عميقة بدرجة كبيرة فلم تتلف شيئا باعضائها الداخلية ..

ثم اضافت بحزن :

-عكس على للأسف الذى اهترئت كليته اليسرى .

هزت دنيا برأسها وهى تقول:

-حمدا لله ان الامر اقتصر على كليته فقط ولم يتطور لاكثر من هذا .

ثم برقت عينيها وهى تهتف بحنق :

-هل تعلمين يا مى من وراء هذه الجريمة ؟ هل تعرفين من الذى استأجر الرجلين لقتل غادة ؟

بدا الاهتمام على وجه مى وهى تتساءل بلهفة حذرة :

-من !!

خبطت دنيا بقبضتها الحائط الذى ارتكزت بجسدها عليه:

-لن تصدقين

عـمـتـى نــاهــد .

اتسعت حدقتا مى فى دهشة وهى تهتف بغير تصديق:

-من !! هل تمزحين ؟؟

هزت رأسها نفيا وهى تقول بأسف:

-لا..اقسم ان هذه الحقيقة ، لكننى لست مندهشة مثلك ، فهى حقيرة قد تفعل اى شىء قذر كهذا .

قالت مى بملامح لا تستطع هضم المفاجاة :

-كيف علمتى بالامر ؟

-انا وادهم كنا لتونا بقسم الشرطة لنتقصى ، لقد اعترف الرجلان بعدما ادركا انهما وقعا

وبهذا الوقت.. اعتقد يكونون قد انهوا الامر واعتقلوها .

كانت تقول كلماتها بسرعة وارتباك وعيناها تتطلعان الى خارج الغرفة من خلال الزجاج الذى احتل الجدار الذى يواجه رواق المستشفى ، فما ان انتهت حتى اتجهت بسرعة الى الخارج وهى تقول :

-سأعود فى الحال .

توقفت فى الرواق وقلبها يدق بعنف ، ظلت جامدة بلا حراك حتى اذاب جليدها ادهم الذى اقترب منها قائلا بقلق:

-دنيا..ماذا بكى ؟؟

حدقت فى وجهه دون ان تتفوه بحرف فعاد يهتف:

-دنيا !!

تشبثت فى كتفه وهى تقول بوجه منتصر:

-ادهم ..وجدت الحل ..عرفت كيف نخرج من مأزقنا .



********


-هل لديك أقوال آخرى ؟؟

ألقى وكيل النيابة سؤاله الروتينى على مسامعه بعدما أنهى اعترافه فهز رأسه قائلا:

-لا .

وغاب بذهنه عن كلمات الضابط التى خرجت من فمه ليتوه بعيدا عن المكان الذى استكانت فيه قدماه على ارضه

ها قد فعل شيئا ربما يبدو احمقا لكنه فى قرارة نفسه يدرك انه الصواب

ها قد برىء ذمة محمد

هكذا ستسامحه امه وتغفر له

وربما تكون خطوة تقربه من ربه كما قالت مى ، فهو بالفعل فى اشد الحاجة اليه الان

لم يعترف يوما بضعفه او حاجته الى احد كما يقر الان

كم بدت المسافة بينه وبين ربه دوما بعيدة او بالاحرى معدومة..بينما هى الان اقرب مما كان ليتخيل يوما ان تكونه

اقرب حتى من المسافة التى تفصله عن مقعد ذلك الضابط

اختفت الان معانى كثيرة حرص على وجودها بحياته وتبدو الان سخيفة جدا بينما هو على هذه الحال ، غطرسة وغرور ..سلطة ومال .. غش وخداع.. نساء ونساء ونساء ونزوات لا تنتهى

كلها مسميات مأفونة لا يدرى كيف كان يعتنقها

أشياء بلا معنى واودت به فى النهاية لهذا المصير المقزز

سقط القناع من على وجهه وانزاحت القشور التى كانت تغطى جسده

وبات الان ضعيفا صغيرا .. انتهى كل شىء

ولم يبقى سواه وافكاره ومشاعره المضطربة ومصيره الكريه

خارت قوى الاسد


*******


فتح الجندى باب مكتب الرائد مصطفى وهو يرفع كفه الى جوار جبهته ضاربا بقدمه الارض بقوة قائلا لشخص دلف خلفه :

-تفضل يا باشا ..الف مبروك على البراءة ..وان شاء الله نكون بخدمتك هنا بعدما تنهى دراستك فى اكاديمية الشرطة يا محمد باشا .

ابتسم محمد بسعادة وهو يدلف الى الحجرة لتهجم عليه مى التى تعلقت بعنقه بقوة فتأوه الما :

-مى ..حاذرى .. ستقتلعين عنقى .

احتضنته بحرارة وهى تضحك من بين دموع السعادة التى انهمرت على وجهها :

-حمدا لله ..مبروك على براءتك يا محمد ..

ربت الرائد مصطفى على ظهر محمد وهو يقول بفخر:

-شقيقتك فعلت المستحيل من اجلك يا محمد..يجب ان تكون فخورا بها .

ابعد محمد مى عن احضانه وهو يتطلع الى وجهها بامتنان وحب وقال وهو يمسح دموعها ثم يقرب شفتيه من يدها ليقبلها :

-انا بالفعل فخور بها ..انا محظوظ لاننا من ذات الام والاب .

ابتسم الرائد مصطفى بينما اختلجتا شفتى مى ودمعت عيناها وهى تتنهد بحسرة قائلة :

-كان ليتمنى ان يشهد براءتك .

ادركت فداحة خطأها بعدما تلفظته من كلمات ، فمحمد يجهل وفاة ابيه فوضعت يدها على شفتيها قائلة بجزع:

-محمد ...آآآآ

انفرجت شفتاه قليلا وهو يقول بصوت حزين :

-اعلم يا اختى الغالية ..رحمه الله واسكنه فسيح جناته .

قالت بدهشة حزينة :

-كيف عرفت ؟

اقترب من النافذة وامسك قضبانها بين يديه وهو يقول بصوت متهدج :

-الاستاذ ربيع المحامى ..فلت لسانه مرة ..هذه الامور لا تحيا وسط الظلام .

خيم الصمت على المكان فتنحنح الرائد مصطفى قائلا :

-الفاتحة على روحه .

ارتفعت اكفهم امام وجوههم وقطع الصمت همهمات خاشعة وعيون حزينة وشفاة مرتجفة

التفت اليهم وهو يمسح دموعه بكفه قائلا بحب وهو يقترب من مى :

-انتى رائعة يا مى ..اعلم انكى اخفيتى الامر عنى حتى لا تزيدين من همى

لكن صدقينى كان بامكانك اخبارى ..لقد رأيت الكثير فى الشهور الماضية وصرت اكثر قدرة على تحمل اى شىء .

هزت مى رأسها باشفاق بينما دفن رأسها فى صدره بعد ان قبل جبينها

تطلع اليهم الرائد مصطفى بشفقة فقال محاولا طرد الحزن الذى احتل الصدور :

-ما الامر ؟ الا تريد مغادرتنا ام ماذا ؟ الم تشتق لعبير الحرية !

اشرقت ملامح وجهه وهو يقول بسعادة :

-بلى..اريد المغادرة .

اشار الرائد الى ورقة بعينها بينما ناوله قلما جافا قائلا وهو يبتسم :

-اذن وقع هنا يا محمد باشا


*********

jen 04-04-09 07:41 PM



-لااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا

اخرجونى من هنا ..انا لا انتمى لهذا المكان ..ابعدونى عن هذه الزنزانة الحقيرة

انا لا اريد ان ابقى هنا ..هذا ليس مكانى..اخرجونى ..الا تسمعون ايها الحمقى !!

قلت اخرجونى ..انتم ايها الحثالة ..انا لم افعل شيئا ..اخرجونى ..اخرجونىىىىىىىى

اطبقت ناهد اسنانها على شفتيها بعنف حينما تراءى لها انه لا جدوى من الصراخ

احتوت بين يديها القضبان الصدئة -التى احتلت ثلث الباب الحديدى الذى لم تتزحزح عنه

منذ ايداعها بتلك الزنزانة الضيقة المنفردة - وهزتها بعنف وهى تهتف بغل :

-انا لا انتمى الى هذا المكان ..بل يجب ان يكون مقامى بقصر فخم به خدم وحشم تحت امرتى وطوعى ..نعم..هذا ما استحقه .. لا ادرى ماذا فعلت كى يظلمنى هؤلاء الاشخاص البشعين ..انا استحق الافضل ..استحق الافضل ..الافضل

الافضااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا ااااااااال

هتفت بها وهى توجه ركلة قوية الى الباب الحديدى جعلتها تصرخ الما وهى تتهاوى على الارض الحجرية المتسخة محكمة قبضتها حول قدمها التى تأذت من عنف الضربة

سالت دموع الالم من عينيها وهى تتطلع بضيق الى الدلو الذى سقطت بجواره

وهتفت باشمئزاز وهى تقذفه بيدها بعيدا :

-هل هذا ما يتصورون اننى ساقضى حاجتى به !!

اطلقت صرخة متألمة حينما اشتبكت يدها بسطح الدلو المسنن فجرحها واندفعت دماءها

التى اثارتها وجعلت عينيها تدور فى محجريهما مع شلال الافكار المجنونة الذى تدفق بعقلها

امتدت يدها المجروحة نحو الدلو تعيده الى احضانها وهى تهتف بوحشية :

-نعم ..انا استحق افضل من هذه الحياة البشعة ..سأرحل عنها ..سأرحل وادعهم جميعهم يندمون

سأرحل

واقتربت الاسنان الحادة التى برزت من سطح الدلو من معصمها ..اقشعر جلدها عندما لامستها

لكنها اعتزمت امرها واغمضت عينيها بقوة وهى تهمس بكراهية :

-سيندمون


*******




هتف محمد بصوت مدوى وهو يدلف الى مدخل البناية متأبطا ذراع مى وعلى وجهه ابتسامة متهالكة:

-لا استطيع محو تلك الابتسامة عن وجهى رغم ان فكى يؤلمنى بشدة لكننى سعيد للغاية ان الجميع شهد براءتى واننى اخيرا استطعت والفضل لكى بالطبع ان احطم كل الاقاويل البشعة التى كانت تقال من وراء ظهرى وان انظر للجميع فى اعينهم بتحدى بعد ان كنت ادفن رأسى فى التراب خوفا من العار الذى لحق باسمى .

ربتت مى على كتفه وهى تقول بسعادة :

-وبالتأكيد ابى الان نائما هانئا فى مرقده فخورا بك .

كاد يعقب على كلماتها لكن الابتسامة انمحت من على شفتيه وكأنها مرض غزا وجهه فاحتشدت جيوش البؤس محاربة ذلك العدو الغير المألوف والذى كاد يسقط الحزن من على عرشه ويحتل مكانا لم يبرحه منذ زمن طويل

لاحظت مى ذلك التغير الملحوظ الذى شحب له وجه محمد ولم يدم السر خافيا عنها طويلا اذ خلعت قلبها زغرودة قادمة من شقة هند فادركت مى وهتفت ومحمد يعدو على الدرج :

-محمد .

احدث دخوله المدوى همهمات عالية كادت تصم اذنه وعيناه تجرى بين العيون التى تسمرت على وجهه ..بلل شفتيه بلسانه وهو يستند الى الجدار محاولا التقاط انفاسه المتهالكة

دلفت مى خلفه بثوانى متطلعة بحسرة الى الزينات والانوار المتلألأة التى اغرقت اجدر الشقة

وتنقلت عيناها بين المدعوين والعريس الذى بدا على وجهه الاستغراب لدخول محمد الذى قلب الاجواء وهند التى انقسم وجهها الى نصفين ..نصف يحمل سعادة الدنيا فى ملامحه والنصف الاخر تتجلى المفاجأة واضحة بقسماته

فهمست فى اذن محمد بلهجة مشفقة :

-محمد..ماذا تفعل ؟

التفتت اليها وفى عينيه نظرة حادة وقال بكلمات صارمة :

-انها لى ..هند لى وحدى .

وبينما يتقدم من والدها تبادلت عيناه وعينى هند ابلغ رسائل الغرام والاشتياق

هتفت له بعيناها ..انقذنى ..فاجابها بعيناه ..سأفعل يا حبيبتى

تطلع اليه والدها بدهشة ثم لم يلبث ان استجاب ليده الممدودة نحوه مصافحا اياه

فاحت الثقة والصرامة من كلمات محمد :

-عمى ابراهيم ..لقد ظهرت براءتى وتم القبض على الجانى الحقيقى الذى اوقعنى فى هذه التهمة الدنيئة التى لا تمسنى بصلة ..

هز الرجل رأسه بسعادة وهو يقول بفرح حقيقى :

-حقا..هذه اخبار رائعة يا محمد ..مبروك يا ولدى .

لم يبد اى تأثير على ملامح محمد الحادة فاستطرد :

-مى ..شقيقتى الغالية هى التى اخرجتنى من مأزقى الصعب ..هى التى اوقعت بالمجرم

فكافأتها الشرطة بمبلغ كبير منحته هى لى لابدأ حياتى مع الانسانة الوحيدة التى احببتها والتى لا ارى سواها زوجة وشريكة حياتى ..مى ستتزوج يا عمى فستبقى لى الشقة وحدى .. كما قدمت لى ادارة اكاديمية الشرطة خالص اعتذارها واعادت الحاقى بصفوفها ..وهذا ما يعنى ان امامك طالب شرطة لديه شقته الخاصة وماله الخاص ووظيفته المشرفة ..

التمعت عينا هند بأمل فامتدت يدها المكتنزة قصيرة الاصابع تلتقط فستانها الوردى تاركة مكانها الى جوار عريسها الذى صاح مندهشا:

-هند..الى اين تذهبين ؟

لم تأبه به وهى تقترب من محمد الذى التفت اليها مضيفا برجاء :

-عمى ..اعلم ان اليوم خطبة هند لكننى يستحيل ان اتخلى عن حلمى واملى وحب حياتى

عمى ..انا اتقدم لخطبة هند واتمنى الا تردنى خائبا .

سرت همهمات مستنكرة بين المدعوين وتسلطت العيون على والد هند الذى سكنت ملامح وجهه وبدا انها فى سبات عميق فلم تطرف عيناه ولم تحملا اى تعبير

تنقلت عينا محمد بين هند ووالدها فى قلق وقلبه يرتجف بشدة

اخترق الصمت الذى احتل المكان شهقة والدة هند التى هتفت:

-محمد ..ما هذا يا ولدى ؟؟ كيف تطلب هذا ؟؟ الا ترى ان هند مخطوبة بالفعل !

صاحت هند متذمرة :

-لكننى لا اريده .. انتم ارغمتونى على قبوله..انا احب محمد ولا اريد سواه .

انقلب الامر وامتلأ المكان بضجيج ..همهمات وصيحات..استنكارات واستحسانات

اغرقت الصالة فقطعها والد هند بصيحة قوية :

-محمد ..

تركزت كل العيون على شفتى والد هند التى انفرجتا عن قوله :

-مبارك لك يا ولدى ..يا عريس ابنتى .

قام العريس من مكانه وهو يهتف باستنكار :

-ماذا !! ما هذا يا عمى ؟ كيف ..............

لكن ضاعت صيحاته وسط الضحكات والتنهدات المشفقة السعيدة التى انطلقت هنا وهناك

واقبلا الحبيبان ..اشتبكت ايديهما ..وتعانق قلبيهما

وتدفق نهرا أعياه الجفاف وأخيرا وبعد طول انتظار مرير ترفل فى نعيم الفيضان الذى اجتاحه

لقد اتقن كيوبيد عمله هذه المرة



**********


توسط احد الضباط خصره بكفيه العريضين وهو يتطلع باشمئزاز الى امرأة افترشت الارض الحجرية المتسخة لزنزانة ضيقة ، وتساءل وهو يبعد عينيه عن عينيها المتسعتان بألم وبشرتها المزرقة :

-اذن هل كانت حقا مجنونة !!

اجابه ضابط آخر وهو يبعد قدميه عن الدماء اللذجة التى التصقت بحذائه:

-لا ادرى .. على اى حال ، لقد فعلنا واجبنا ..كان علينا القبض عليها ..فهى المحرضة للرجلين اللذين امسكناهم بجريمة الشروع فى قتل الرجل والمرأة ..وسواء كانت مجنونة ام فى كامل قواها العقلية كان علينا التقيد بالقانون.. والمحكمة هى التى تقرر اى مكان ستلازمه..

السجن او مستشفى الامراض العقلية .

اجابه الاخر وهو يخرج ببطء من الزنزانة تاركا رجال المعمل الجنائى يتولون عملهم:

-لكنها كانت بالفعل فى احدى هذه المستشفيات .

-كانت مستشفى خاصة يا صديقى ..وهى من دخلتها بارادتها ودفعت حسابها بمالها الخاص

أتظن ان مجنونا قد يقدم على هذا !! ثم ان الرجلين اقرا انها لم تبد لهما هكذا على الاطلاق

ثم ماذا بك مهتما بهذا الامر ؟

هز رأسه بأسى قائلا:

-اشعر ببعض من تأنيب الضمير ..اخشى ان نكون نحن من دفعناها للانتحار

بدلا من التروى فى....

قاطعه فى حزم :

-لا تحمل الامر اكثر من حجمه ..تلك المرأة لم تكن مجنونة..لا يوجد مجنون يخطط لجريمة قتل ويدفع كى تتم ..صدقنى ..لقد كانت تدعى الجنون او ربما تعانى ازمة نفسية ما.. لكن فقدان عقلها....

أشار بسبابته فى وجه صديقه وهو يضيف بثقة:

-اؤكد لك ان هذا ليس صحيحا .



*********


صاحت نور بحنق عندما رفض على فتح فمه ليتلقى ملعقة آخرى من الحساء الدافىء :

-على ..هذا لا يفلح ..هكذا لن تلتئم جراحك ولن تشفى سريعا..هل تحب البقاء كثيرا فى المستشفى !! هل هذا ما ترغب به ؟

اشاح على وجهه بعيدا قائلا باشمئزاز :

-مذاقه مقزز جدا .. اتمنى الا تكونى متصورة اننى استسيغ مذاقه ..لن يفعل احدا اعتاد على الطعام ذا النكهة القوية مثلى .

ارغمته على فتح فمه عندما لامست الملعقة الساخنة وجهه وقالت بلهجة مغرية وهى تدفع الملعقة داخل فمه :

-ومع هذا يجب ان تحتمل مذاقه المريع حتى تخرج من هنا قريبا .

اومأ برأسه وهو يقول بامتنان :

-لا ادرى كيف اشكرك على كل ما تفعلينه من اجلى .

افتعلت الضيق وهى تقول :

-لا تقل هذا يا على ام تريدنى ان ارحل !!

ثم اضافت بلهجة حانية :

-انا لم افعل شيئا يذكر بجوار ما فعلته انت معى

لن انسى مطلقا شهامتك ونبلك معى ..انت انسان رائع يا على .

ربت على يديها وهى تضيف :

-لا تتخيل كيف كان حالى حينما هاتفتك واجابتنى تلك الفتاة التى تدعى مى واخبرتنى بحالك

كدت اموت قلقا .. وهرولت انا وابى على المطار وفى اول طائرة متجهة الى القاهرة كنت على متنها حتى وصلت هنا ولن ابرح مكانى الا عندما تشفى تماما.. او كما ترغب يمكننى الا ابرح مكانى مطلقا .

ادار عينيه بعيدا متصنعا عدم فهمه لمغزى حديثها فتنهدت بخيبة امل

انقذه من تأنيب ضميره الطرقات الرقيقية التى حطمت سكون باب حجرته

فهتف بلهفة:

-تفضل بالدخول .

انفتح الباب لتقع عيناه على مى التى دفعت مقعد متحرك احتلت فراغه غادة التى تطلعت الى على بخجل ، جذب على جسده من مرقده واستقام فى جلسته محتويا بين عينيه غادة التى قالت لنور عندما لمحت محاولتها مغادرة الحجرة :

-لا ..لا داعى لذلك ..لن ابقى طويلا .

بدت خيبة الامل فى عينى على التى ارتكزتا على غادة وهى تقول بأسف :

-على..انا آسفة بشدة على ما حدث لك بسببى ..اشعر بذنب شديد لاننى السبب فيما اصابك

هز رأسه نفيا وهو يهتف :

-لا تقولى هذا ..لم يكن لكى اى ذنب ..انتى ضحية ..انا الذى اشعر بالضيق والغضب لاننى لم استطع الدفاع عنك وحمايتك من هؤلاء الاوغاد ..حتى لو كانت حياتى هى الثمن لكن للاسف لم استطع .

قالت غادة بامتنان:

-اشكرك يا على ..لقد فعلت ما عليك وتعرضت للاذى بسببى ..

استطردت بسرعة عندما لمحت محاولته للتعقيب على كلماتها :

-حمدا لله على سلامتك يا على ..اتمنى لك الشفاء العاجل .. ان شاء الله تتحسن سريعا

اتمنى لك كل السعادة فى حياتك القادمة

ونقلت بصرها الى نور وهى تضيف :

-وتحقق احلامك ..خاصة حلمك الكبير ..

وداعا .

اومأت برأسها لمى فدفعتها خارج الحجرة واغلقت الباب ورائها

اغلق على عينيه متألما وقد انطفأت شعلة الامل بقلبه الذى اذرف دموعا حارة على رحيل حبيبته

وشعر بدقات قلبه تعزف نغمات لحن الوداع



لمين هعيش....بعده هعيش انا ليه

هتسوى ايه حياتى لو مش ليه

هتسوى ايه احلامى لو مش بيه


من غيره صعب الدنيا دى احس بيها

وحياتى بعده صعب اتعود عليها

مش كل حب بينتهى هنحب بعده

ولا كل حاجة حلوة بسهولة نلاقيها



**********


فتح عمرو باب شقته اثر رنين جرسه ليتدلى فكه بدهشة امام زائره

ابتسمت ميرفت وهى تضع يديها بوسطها متساءلة :

-الن تسمح لى بالدخول !!

افسح لها الطريق الى الداخل وهو يهتف بتعجب :

-امى !! ماذا ..لماذا ..اعنى ...

ضحكت قليلا قبل ان تقول :

-حسنا ..كفاك ارتباكا ..سأوفر عليك عناء اختيار السؤال المناسب .

واقتربت منه مداعبة شعره باناملها قائلة بعينين نادمتين :

- لقد جئت هذا المنزل الذى لم تطأه قدمى منذ اكثر من خمسة وعشرون عاما

جئت لاعتذر لابنى ..فلذة كبدى الذى تخليت عنه قديما ولم يكفنى هذا بل ظننت به وقسوت عليه

لكنك لا تدرى يا عمرو كيف لحسام ان يكون مقنعا ..لقد خدعنى بتلك الاكاذيب .

لاحت ابتسامة تهكمية على شفتيه وهو يقول :

-اعلم يا امى ..لقد تمكن منى انا ايضا ..حسام ماهر جدا فى هذا الشأن .

اغمضت عينيها بضيق وهى تقول :

-نعم ..للأسف ..حسام اخطأ كثيرا بحقك وحقى وغيرنا كثيرون ..لكن ارجوك لا تكرهه .

-انا لا افعل يا امى .. صدقينى حتى هذه اللحظة لا اكرهه..هو من يكرهنى

زفرت بمرارة وهى تقول :

- هو يكره نفسه ايضا ..يكرهها لانه يعلم كم هى سيئة ..يكرهها لان الجميع يفعلون

لذا حارب باستماتة حتى لا اكرهه كذلك ..فعل المستحيل ليضمن حبى له

حاول ابعادك عن حياتى خوفا ان تسرق حبى له ..خوفا ان اوليك اهتمامى واتناساه وبذلك يفقد الشخص الوحيد الذى يحبه حقا .

اومأ عمرو برأسه وهو يتمتم :

- انه غبى .. بدلا من كل تلك الحيل والالعاب الخادعة ليضمن بقاء الشخص الوحيد الذى يحبه

كان يمكنه ان يضع ذلك الجهد ليجعل كل الناس تحبه ...اتعلمين يا امى ! انتى لستى الشخص الوحيد الذى يحب حسام..انا كذلك احبه رغم كل شىء لكنه اغبى من ان يدرك ذلك .

ضمته بين ذراعيها وهى تهمس :

-انا آسفة يا عمرو ..حقا آسفة ..

قبل يديها وهو يبتسم قائلا :

-هل تريديننى ان اتقبل اسفك ؟

اومأت برأسها بلهفة فقال بحنان :

-هل تقبلين دعوتى لكى للاقامة معى لاعتنى بكى واحظى بفرصة القرب من حضنك الدافىء ؟

دمعت عينيها وهى تحتضنه بقوة هاتفة :

-طبعا اقبل يا ولدى الحبيب .



***************


خلى كل الناس تشوف

كيف بنغنى ..كيف بنفرح

حبك نسانى الحروف

غيرك ما بدى اتذكر

قصة صارت على المكشوف

خلى اللى مش سامع يسمع

من ها اللحظة عم اقلك

ايامى صارت ملكك

لا ما بدى غيرك حدا





مال محمد الذى بدا وسيما فى حلته السوداء على اذن غادة قائلا بسعادة :

-ما رأيك بهذه الاغنية .. انا الذى انتقيتها ..شعرت انها تناسب الجو .

ابتسمت غادة وهى تربت على كتفه :

-اختيار موفق .. معانيها تنطبق تماما عليهما .

قالتها وهى تتطلع الى العروسان اللذان توسطا حلبة الرقص وتمايلا بنعومة وخفة

على الانغام الرومانسية

دققت غادة النظر فى فستان مى الابيض الذى تهادى على جسدها فابرز تناسقه وجماله

وكشف عن ذراعيها المخمليان الذين تشبكا حول عنق عمرو الذى احاط خصرها بيديه

امالت غادة رأسها متطلعة الى وجه مى الذى بدا بزينته البسيطة والسعادة التى ارتسمت على قسماته كوجه فينوس الهة الجمال .. وهمست بحنان ونظرها مرتكز على ابتسامة عمرو :

-يبدوان رائعين معا .. حمدا لله انهما اجلا عرسهما هذين الشهرين حتى اتعافى واتمكن من الحضور.

احاط كتفيها بيده وهو يقول :

-حمدا لله على سلامتك يا غادة .

تنهدت وهى تتمتم:

-اشكرك يا محمد ..والعقبى لك قريبا باذن الله .


*

*

*


جذبها ادهم من يدها وهو يهمس فى اذنها بغضب مصطنع :

-دنيا ..ماذا بكى ؟؟ هل ستتركين زوجك وحده هكذا وتنشغلين عنه طوال السهرة بالمدعوين ؟

ابتسمت دنيا وهى تداعب وجهه بيدها وهمست :

-مطلقا يا حبيبى ..ها انا بين يديك .

التقط يداها التى مدتها نحوه ووضعها حول عنقه وهو يجذبها الى حلبة الرقص قائلا بحب :

-تبدين جميلة الليلة .

ابتسمت فى خجل فى حين داعب وجنتها الناعمة بانامله قائلا بسعادة :

-انا محظوظ لان بين يدى هذه الحورية الرائعة .

ارتعشت اهداب عينيها الواسعتان اللتان تألقتا بالظل الذهبى الذى احاط جفونها ، وهمست بحب:

-تقصد اننى انا المحظوظة اننى بين يديك .

قرب وجهها منه مقبلا اياها على جبينها مغمغما :

- احبك يا دنيتى .

رددت بنعومة :

-دنيتى ..يروق لى هذا .

ثم اضافت بحنق مصطنع :

-افضل من ذاك اللقب السخيف المخادع الذى اعتدت مناداتى به ..دندن

قالت الكلمة الاخيرة مقلدة صوته فانفجرا الاثنان ضحكا


*

*

*


غمغمت مى بخجل وهى تتطلع من طرف خفى للمدعوين اللذين لم تزل عيونهم من عليهم لحظة واحدة :

- انظر يا عمرو الى كل هؤلاء الناس .. لم اتصور قط اننى سأكون يوما تحت الاضواء والانظار مسلطة علىّ بهذا الشكل .

امسك ذقنها وادراها نحوه ليحملها على النظر الى عينيه قائلا:

-لماذا تتطلعين الى الناس وتهربين من عينى ّ ايتها الخبيثة ؟

ارتبكت واطلقت ضحكات متقطعة حملت خجلها وسعادتها فهمس :

- اين ذهبت الفتاة القوية الواثقة من ذاتها التى اعترفت بحبها لعازب بشقته ؟

ابتسمت فصاح بلهجة من لن يتنازل عن حقه :

-لا..انا اطالب بسماع هذا الاعتراف ثانية ..هيا ..اطربينى .

اكتست بشرتها الخمرية بحمرة خفيفة لكنه احتج هاتفا:

-مى ..لم اطلب منكى الكثير ..اريد ان اسمعك تقوليها .

غمغمت بصوت غير مسموع من وسط ضحكاتها :

-احبك .

هز رأسه نفيا وهو يقول :

-لا..لم اسمع جيدا ..اريدها قوية واضحة عالية ........

صاحت :

-حسنا....احباااااااااااااااااك ...اهذا يكفى !

تلفتت حولها لترى العيون متطلعة اليها والشفاة مبتسمة فكادت تتوارى خلفه خجلا

فاحتضنها وهو يضحك قائلا :

-وانا احبك ايضا يا مى .


*

*

*


صاح محمد بلهجة حانقة متصنعة :

-لااااا..اشعر بغيرة شديدة ..هيا بنا يا هند ننضم اليهم نريهم عن حق ما هو الحب .

ضحكت هند وهى تتأبط ذراعه متجهين سويا الى حلبة الرقص التى لم تفارقها عينان غادة اللتان دمعتا قليلا فاسرعت بالتربيت على محيط عينيها حتى لا تفسد زينتها وبينما هى تتنهد بحسرة

تجمدت ملامحها وتحجرت عينيها عندما تناهى الى سمعها كلمات حانية مألوفة :

-هل تسمحين لى بهذه الرقصة ؟


*

*

*


رفعت دنيا رأسها من على كتف ادهم وهى تهمس بسعادة :

- الطائر المهاجر عاد لعشه .

التفت الى حيث تشير فابتسم بدوره قائلا :

-نعم ..شريكنا ومنقذنا وصل .


*

*

*



بدا له انها لم تسمعه اذ لم تتحرك بوصة واحدة ولم يبد على وجهها اى انفعال سوى انه تحول لصورة ثابتة ..تمثال من المرمر يحمل ملامح متحجرة

هز رأسه بفهم وكشفت شفتيه عن ابتسامة رائعة معيدا سؤاله وهو يقف امامها هذه المرة :

-هل لى ان احظى بشرف مراقصتك يا اميرتى !!

ارتجفت حينما لامس كفه اناملها فرفعت عينيها اليه بعفوية وتطلعت اليه بغير تصديق

تركته يقودها الى حلبة الرقص الخشبية المستديرة التى تساقطت على سطحها اضواء متراقصة

واصلت التغيير من لون الى آخر

امال رأسه متطلعا الى عينيها وهو يتساءل :

-اذن هل سأرقص وحدى !

ولما لم تبد اى استجابة احاطها بحنان بين ذراعيه وهو يهمس :

-اوحشتينى كثيرا .. كدت ابتعد نهائيا عن حياتك لكننى لم استطع الحياة بدونك

اصبحتى كل شىء بحياتى ..بل اصبحتى انتى حياتى

لقد ابتعدت من اجلك حتى اعود شخصا سويا متخلصا من كل الشوائب التى كادت تدمر حياتنا.

استطرد بخجل :

-اعنى كل العقد التى سيطرت علىّ ودفعتنى لتلك التصرفات الهوائية الحمقاء.

استطاعت بصعوبة ان تخرج عن عزلتها بعدما استكان جسدها بين ذراعيه واعتادت اذنها على صوته الدافىء فابتعدت عنه قليلا محدقة بوجهه هامسة بكلمات متقطعة متعجبة :

-ام....امجد.....انت !! انت حى !

ابتسم وهو يومىء برأسه قائلا :

-نعم ..مفاجاة ..اليس كذلك !!

هتفت بينما لم تتخلص من دهشتها بعد :

-كك...كيف ؟ انا لا افهم .

تنهد بحرارة وهو يدفع برأسها على كتفه قائلا :

-بعدما افقت من الحادث ، كانت نفسيتى محطمة للغاية وحياتى مظلمة خالية من ادنى بصيص ضوء

هل تتذكرين شجارنا الاخير ؟ لقد عانيت كثيرا يا غادة ونشأت مؤمنا بان المرأة خلقت لتخون

وان بساط الامان لها يجب ان يزيحه الرجل من تحت قدميها .

همست مشفقة :

-والدتك ..اليس كذلك ! دنيا وضحت لى كثيرا ..عرفت حينها لماذا كانت تراودك الظنون دوما بشأنى ولماذا كنت تتعامل معى بهذه الحدة .

مسح بيده على شعرها وهو يقول بندم :

-آسف يا حبيبتى على ما جعلتك تمرين به ..انا اعلم انكى مخلصة لى ..كنتى ومازلتى حتى الان رغم ظنك بوفاتى .

واضاف وان بدت السعادة فى صوته :

- علمت بمحاولات على المستميتة لعودتك له وانكى ارجعتيه خائبا .

تجاهلت الامر فعلى ..صفحة قديمة طوتها بعناية واقسمت انها لن تعود لفتحها ثانية

فتساءلت بلهفة :

-امجد ...لماذا زيفت وفاتك ؟

صمت قليلا متطلعا بعيدا ثم قال بعد ان تنهد بحرارة :

-احتجت ان انفرد بنفسى واعيد زمام الامور لحياتى المبعثرة .. كان علىّ ان اعيد الامور الى نصابها الصحيح ..لقد عانيت كثيرا وتكالب علىّ كل شىء .. اردت ان ارحل بعيدا ..لم اكن انوى العودة ..انتويت حقا الرحيل عن هذه الحياة

اردت التخلص من امجد وان ابدأ من جديد وحدى .. شاءت الصدفة ان يكون مالك المستشفى هو صديق لى ..عقدت معه هذا هذا الاتفاق.. بأن يمحينى من لائحة الاحياء

قضيت الشهور الماضية مع اطباء نفسيين فى الخارج ..تمكنت من التغلب على عقدتى ومشاكلى

وكدت ابدأ الحياة التى اردتها ..حاولت لكننى فشلت ..

احتوى وجهها بين كفيه وهمس متطلعا الى عينيها الخضراوين :

-فشلت لانكى لست بجوارى .. فشلت لاننى اكتشفت اننى وقعت فى حبك

واننى لا استطيع الحياة بدونك ..عدت الى مصر لاكتشف الحادثة الاليمة التى وقعت لكى على يد تلك المرأة الكافرة التى شاء القدر ان اكون ولدها ..حينها علمت دنيا بحقيقة بقائى على قيد الحياة

وهيئنا عودتى من جديد ..وقعنا عقد شراكة بين شركتينا وحفظت هى الامر سرا حتى اكون مستعدا لملاقاتك

..وها انا الان على اتم الاستعداد لكننى ........

صمت قليلا ثم قال بحزم محاولا التغلب على صوته المختنق :

-لكننى تخليت عن انانيتى ورغبتى فى تملكك.. وعودتى لا تعنى انكى مرغمة على العودة الىّ

لكى الخيار يا غادة ..وبسهولة يمكنك ان ترفض........

وضعت سبابتها على شفتيه فتوقف عن الحديث بينما هزت رأسها وهى تقول بتردد :

-يمكننا ...يمكننا ان ننجح الامر سويا .

ابتسم بسعادة وهى تعيد وضع رأسها على كتفه مغمغة :

- فقد اشتقت اليك انا ايضا .


عاد محمد مسرعا الى حلبة الرقص حيث وقفت هند متطلعة اليه بحنق وتساءلت بغيظ وهو يعيد وضع كفيه حول وسطها معاودا الرقص معها :

-ما هذا الذى فعلته ؟ لماذا تركتنى بمفردى وجعلتنى ابدو كالغبية ؟

-اعذرينى يا حبيبتى كنت انتقى اغنية مناسبة لهذان العصفوران المنسجمان

فانا ادين لهما ..اتتذكرين ..لقد دمرت زفافهما حينما تم القبض علىّ .

اومأت هند برأسها بتفهم وهى تتمتم :

-احسنت .


تمايلت الازواج الراقصة بنعومة على نغمات الاغنية الهادئة التى سرت كالمخدر فى عروقهم

وأسرت قلوبهم التى انتصرت بصعوبة فى المعركة الابدية

المعركة التى شاء القدر ان يخوضها كل انسان ..معركته ضد الفارس الاسود الملثم

"الظلم"

..الذى استشرى فى الحياة التى نئت بنفسها عن الشبهات متخذة جانب المحايدة فلم تربح كفة احدهما

وتركت تحديد المصير وفوز المنتصر للانسان نفسه

لكنها قدمت له الاكسير ذا المفعول السحرى


الصبر والايمان ..الحب والامل


وانا بين ايديك ..محتاجة ايه ؟

فيه حاجة اكبر من كدة !

وانا عمرى كنت ..احلم فى يوم

اعيش حياة بالشكل دة !


كل اللى فات ..من عمرى فات

ومش بايدينا نرجعه

خلينا اكتر فى اللى جاى

مبقاش فيه وقت نضيعه


وانا مش هضيع عمرى تانى

لو ثوانى .. هينفعونى


انا مش هفكر فى اللى جاى

انا عمرى لسة فى اوله

كفاية انى بقيت معاك

ومعاك هعيشه واكمله


كلمة أخيرة


***


يجب ان نؤمن انه حتى وان لم تكن الحياة بأحسن حال فهى تواكب على اعطاءنا فرصة ثانيةلنعيد الامور الى نصابها ونربح المعركة لصالحنا

فدعونا
نؤمن ان حياتنا تستحق ان نتنازل ونعطيها فرصة ثانية لتثبت لنا


انها لا تحمل شيئا ضدنا

ففى بعض الاحيان

يكون من الجميل ان نزيل غمة التشاؤم عن اعيننا

يكون من الافضل ان نتحلى بالصبر والايمان ونجعل الحب مفتاحا لكل الاقفال

يكون من الرائع ان نفتح قلوبنا للحياة مرحبين بها ضيفا عزيزا

فوقتها

ووقتها فقط

قد تتغير معالم الحياة التى نألفها

ويصبح شعارها


** حياة.. شعبة أمل **

**** تمت بحمد الله ****

3-4 -2009 م

2:57 a.m


الساعة الآن 11:31 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية