منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   المنتدى الاسلامي (https://www.liilas.com/vb3/f3/)
-   -   مختارات من كتابات الشيخ عائض القرني (https://www.liilas.com/vb3/t110222.html)

حفيدة الألباني 03-05-09 02:15 PM

مختارات من كتابات الشيخ عائض القرني
 
http://www.liillas.com/up2//uploads/...36cc1e6dc8.gif

مرحبا بكم أعضاء منتدانا الكرام ..

أحببت أن أنشىء موضوع خاص نطرح فيه مواضيع لشيخنا الفاضل عائض القرني لما يتميز به إسلوبه الرائع بالسهوله ..

http://www.liillas.com/up2//uploads/...167b8d565e.gif

قبل البدء في المواضيع أحببت أن أضع نبذة مختصرة لشيخنا الفاضل: عائض القرني ..

http://www.liillas.com/up2//uploads/...18b02bc2c8.gif

عائض بن عبدالله القرني داعية إسلامي من السعودية ،وصاحب كتاب لا تحزن الذي حقق نسبة مبيعات عالية وهو صاحب منهج وسطي لأهل السنة والجماعة. من مواليد بلاد بالقرن عام 1379ه ، ودرس الابتدائية في مدرسة آل سلمان، ثم درس المتوسطة في المعهد العلمي بالرياض، ودرس الثانوية في المعهد العلمي بأبها، وتخرج من كلية أصول الدين بأبها،وحضر الماجستير في رسالة بعنوان: (كتاب البدعة وأثرها في الدراية والرواية)، ثم حضر الدكتوراه في (تحقيق المُفهِم على مختصر صحيح مسلم).وكان إمام وخطيب جامع أبي بكر الصديق بأبها.
له أكثر من ثمانمائة شريط كاسيت إسلامي في الخطب والدروس والمحاضرات والأمسيات الشعرية والندوات الأدبية..

http://www.liillas.com/up2//uploads/...18b02bc2c8.gif

حصل الشيخ الدكتور عائض بن عبدالله القرني على جائزة المؤلف العربي الأول من قبل رابطة الفن الإسلامي بمقرها في مملكة البحرين الشقيقة. وقد قامت الرابطة بعمل بحث ميداني للكتب في المكتبات وقد حاز الدكتور عائض القرني على جائزة المؤلف العربي الأول استناداً على أكثر الكتب إصداراً وانتشاراً حيث كانت الكتب الأكثر انتشاراً هي: لا تحزن، أسعد امرأة في العالم، ابتسم، محمد كأنك تراه

http://www.liillas.com/up2//uploads/...18b02bc2c8.gif

مجاله في الدعوة إلى الله:
وللشيخ ـ حفظه الله ـ مجالٌ واسع في الدعوة إلى الله تعالى ، ونشاطه في ذلك معروف عند العلماء والدعاة طلبة العلم وعوام الناس لا يحتاج إلى بيان ولاأدل على هذا من هذه الأشرطة التي سُجلت له فقد بلغت أكثر من ألف شريط، والشيخ قد ألقى هذه المحاضرات في المساجد والنوادي والمؤسسات والشركات والكليات والجامعات وغيرها كثير، فبارك الله في دعوته وكتب له القبول عند الناس ، هذا وقد كان يشجعه كثيراً سماحة العلامة الإمام ابن باز رحمه الله تعالى على مواصلة طريق الدعوة لأنها طريق الأنبياء ....

http://www.liillas.com/up2//uploads/...18b02bc2c8.gif

هذه نبذة موجزة عن الشيخ حفظه الله ..

وبإذن الله نضع كل ماقرأناه للشيخ عائض القرني حتى تعم الفائدة ..

ملاحظه: الموضوع ليس مقتصراً علي أنا فقط بل أريد الكل مشاركتي في إنزال المواضيع ^ــــ^

تحياتي: فيدوو ..

http://www.liillas.com/up2//uploads/...18b02bc2c8.gif

حفيدة الألباني 03-05-09 02:20 PM

http://www.liillas.com/up2//uploads/...4e3c0aa00e.gif

بسم الله نبدأ بكتابات شيخنا الفاضل

http://www.liillas.com/up2//uploads/...4e3c0aa00e.gif

وإنك لعلى خلق عظيم

من منكم يقرأ أخلاقه عليه الصلاة والسلام ثم لا يهتز كيانه وتسيل دموعه، ويذوب قلبه شوقاً ؟ من منكم يملك عواطفه أمام نبله وكرمه وشهامته وتواضعه صلى الله عليه وسلم ؟ من ذا الذي يطالع سيرته الجميلة وصفاته الجليلة وأخلاقه النبيلة، ثم لا ينفجر باكياً ويصرخ: أشهد أنك رسول الله ؟ ليتنا نعامل أصدقاءنا كما عامل رسولنا صلى الله عليه وسلم أعداءه: " إن الله أمرني أن أصل من قطعني وأن أعطي من حرمني وأن أعفو عمن ظلمني"، ليتنا نعامل المسلمين كما عامل رسولنا صلى الله عليه وسلم المنافقين فقد صح عنه أنه كان يعفو عنهم ويستغفر لهم ويَكِلُ سرائرهم إلى الله، ليتنا نعامل أبناءنا كما عامل رسولنا صلى الله عليه وسلم الخدم والعمال، فقد كان له صلى الله عليه وسلم غلام يهودي يخدمه فمرض الغلام فعاده صلى الله عليه وسلم وجلس عند رأسه وسأل عن حاله ثم دعاه إلى الإسلام فأسلم الغلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مستبشر مسرور: "الحمد لله الذي أنقذه بي من النار"، وقام رجل من اليهود يتقاضى الرسول صلى الله عليه وسلم ديْناً في المسجد أمام الناس ورفع اليهودي صوته على الرسول صلى الله عليه وسلم وألـحَّ بصخب وغضب والرسول صلى الله عليه وسلم يتبسّم ويترفَّق به فلما طال الموقف صرخ اليهودي قائلاً: أشهد أنك رسول الله لأننا نقرأ في التوراة عنك أنك كلما أُغضبت ازددت حلماً، آذاه قومه، طردوه، شتموه، أخرجوه، حاربوه، ما تركوا فعلاً قبيحاً إلا واجهوه به فلما انتصر وفتح مكة قام فيهم خطيباً وأعلن العفو العام على رؤوس الأشهاد والتاريخ يكتب والدهر يشهد: (عفا الله عنكم اذهبوا فأنتم الطلقاء) طرده أهل الطائف ورموه بالحجارة وأدموا عقِبيه بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم فأخذ يمسح الدم ويقول: "اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون"، يوقفه الأعرابي في الطريق فيقف معه طويلاً ولا ينصرف حتى ينصرف الأعرابي، تسأله العجوز فيقف معها مجيباً مترفّقاً باراً حنوناً، تأخذ الجارية بيده صلى الله عليه وسلم فينطلق معها حتى توقفه على مشهدٍ أثَّر في نفسها، يحافظ على كرامة الإنسان واحترام الإنسان وحقوق الإنسان فلا يسب ولا يشتم ولا يلعن ولا يجرّح ولا يشهّر وإذا أراد أن ينبّه على خطأ قال: ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا ؟ ويقول: "ليس المؤمن بالطّعان ولا اللعّان ولا الفاحش البذيء" ويقول: "إن أحبكم إليّ وأقربكم مني مجالسَ يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا"، يخصف نعله، يخيط ثوبه، يكنس بيته، يحلب شاته، يؤْثِر أصحابه بالطعام، يكره التّزلّف والمديح والتّملّق، يحنو على المسكين، يقف مع المظلوم، يزور الأرملة، يعود المريض، يشيّع الجنازة، يمسح رأس اليتيم، يشفق على المرأة، يقري الضيف، يُطعم الجائع، يمازح الأطفال، يرحم الحيوان، قال له أصحابه: ألا تقتل الشرير الفاجر رأس المنافقين عبد الله بن أُبي بن سلول ؟ فيقول: "لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه".

أقرأُ سير العظماء والفاتحين والمجددين والمصلحين والعباقرة فإذا قرأتُ سيرته صلى الله عليه وسلم فكأنني لا أعرف أحداً غيره، ولا أعترف بأحد سواه، يصغرون في عيني، يتلاشون من فؤادي، ينتهون من ذاكرتي، يغيبون عن مخيّلتي:

تعاودني ذكراك في كل لحظة ويُورق فكري فيك حين أفكّرُ

وأصرخ والآهات يأكلها الأسى: زمانك بستان وروضك أخضرُ

أحبك لا تفسيرَ عندي لصبوتي أفسّر ماذا ؟ والهوى لا يُفسّرُ


بأبي أنت وأمي يا رسول الله، لن تغيب عنّا، أنت في قلوبنا، أنت في أرواحنا، أنت في ضمائرنا، أنت في أسماعنا وأبصارنا، أنت في كل قطرة من دمائنا، أنت في كل ذرة من أجسامنا، أنت تعيش في جوانحنا بسنَّتك وهديك ومُثُلك العليا وأخلاقك السامية، فديناك بالأنفس، فديناك بالأبناء والأهل جميعاً، أرواحنا لروحك الفداء، أعراضنا لعرضك الوقاء:

أتسأل عن أعمارنا ؟ أنت عمرنا وأنت لنا التأريخ أنت المحرِرُ

تذوب رموز الناس مهما تعاظموا وفي كل يوم أنت في القلب تكبرُ


صلى الله وسلم عليك كلما ذكرك الذاكرون، وصلى الله وسلم عليك كلما غفل عن ذكرك الغافلون..

من كتاب سنابل وقنابل للشيخ عائض القرني

http://www.liillas.com/up2//uploads/...4e3c0aa00e.gif

حفيدة الألباني 03-05-09 06:58 PM

http://www.liillas.com/up2//uploads/...bed44789f1.gif

قراءة في المحنة

((لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا))، ولله الخيار فيما قضى: ((فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا)) : ((وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ)) : ((أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ)) : ((حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ)) ..
هذه الكليات الشرعية السالفة، معتقد للمؤمنين بربهم، إذا أصابتهم المصائب، وداهمتهم الشدائد، فهم يعلمون أن ما حصل قد كتب من قبل، فليس هناك إلا التسليم وأن الخيرة لله، فليس معهم إلا الثقة بحسن اختياره، وأن اليسر سوف يعقب العسر، فهم على بوابة الانتظار، وأن أعظم علاج لهم في المحنة هو الصبر، فهم في عيادته يتداوون، وأن الله يجيب الداعي، فأكفهم مرفوعة إليه، وأنه يكفي عمن سواه، فهم يتوكلون عليه جل في علاه، علاج المصيبة حسن ظن لا يغلبه يأس، وثقة لا يغلبها قنوط، وصبر لا يهزمه جزع، وتفاؤل لا يعرض إليه إحباط، وتسليم لا يخامره اعتراض.
المصيبة تهون عند تذكر أجرها، وتلمح عاقبتها، وانتظار زوالها، وتوقع الخلف منها، والتأسي بالمصابين، والعزاء بما بقي من دين، والسلوة لأنها من رب العامين.
والمصيبة مطرقة تسحق فرعون النفس، وسيف يذبح نمرود الكبر، ونار تحرق حطب الشهوات، وليموت بلهبها أبو لهب العجب.
المحنة سبع، والسبع لا يأكل الميتة، وتاج لا يلبسه الخدم، وسيف لا يحمله الجبناء، ومنبر لا يصعده أهل العي والحصر.
أحق الناس بالفوز من عانى في السير، وأجدرهم بالأمن من هانت عليه الشدائد، وأحظاهم بالزلفى من تجرع الغصص، وأسعدهم بالقبول من صبر على قرع الباب.
لكل شيء ثمن، وثمن الدر مشقة الغوص إلى القعر، ولكل شيء قيمة، وقيمة النصر تلقي الجراحات ومعركة الحياة؛ ولكل محبوب ضريبة، وضريبة النجاح دمع حار، ودم فائر، وجفن مسهد، وجسم مجهد، وقلب مفجوع.
المحنة عمرها أقصر من النعمة، وأجرها أكبر من العافية، وتجربتها أعظم من الحياة، ونفعها أجل من السلامة، المحنة معها الاعتبار، والتذكر واليقظة، ومعها الرصيد والثناء والتاريخ..


من كتاب حدائق ذات بهجة

http://www.liillas.com/up2//uploads/...bed44789f1.gif

BENT EL-Q8 03-05-09 10:35 PM

موضووع رووعه فيدو..اروى فضوولي تجاه معرفة هالشخـص..اسلووبه وايد بسـيط ما شاء الله..شوقتيني اقراله فيدو:)
لا لقيـت شي اكيد برجع معاه ان شاء الله
يسلمووو فيدوو

نونو 04-05-09 12:04 AM

حفيده الالباني

موضوع مميز ورائع جدا

سلمت يمناك اختي وبورك في حروفك وجزى ربي شيخنا عائض خير الجزاء

نفع الله بك وجعلها في ميزان حسناتك

واسعدك الله في الدارين ولاحرمك الاجر

متابعه ومشاركه معكم باذن الله

دمتي في حفظ الرحمن

نونو 04-05-09 12:50 AM


خواطر للشيخ عائض القرني


الخاطرة الأولى

لاتيأس من عودة قلبك القاسي إلى الخشوع فعسى أن يلين مع مداومة الذكر ، وأن تصبحه وتمسيه بالأوراد وأن
تشن عليه غارات من الدعاء في ميدان السحر وساعة الإستجابة يوم الجمعة وبين الأذانين وفي السجود وأدبار
الصلوات ، فأدمن اللهج بالإسم الأعظم وابتهل إلى مولاك في إصلاح قلبك ، واستعن بالغدوة والروحة وشيء
من الدلجة مع تدبرالقرآن العظيم ، فلعل آية منه تقع موقعها فتداوي جراح هذا القلب وتخرج صدأه وتزيل علته
وتذهب عاهته
http://www.liillas.com/up2//uploads/...12cf9b7f34.gif



الخاطرة الثانية

إنما جعل بين الصلوات الخمس أوقات وفصل بينها بأزمان لترتاح النفس وتستعيد نشاطها وقوتها ثم تقبل على
العبادة بنهم ورغبة وشوق ، وهذه عبرة للعبد في أموره فينبغي ان لايجهد نفسه ويواصل العمل طيلة الوقت
فتنقطع به وتمل العبادة وتكره الطاعة ، بل ينبغي له ان يكون ماهراً في قيادة نفسه لطيفا معها حتى يحيا حياةً
طيبة مع طاعة مولاه ،وكان بعض العباد يرتاح من الأوراد في بعض الوقت ليتقوى على أوراده فتكون الراحة
في حقه عبادة .
http://www.liillas.com/up2//uploads/...12cf9b7f34.gif


الخاطرة الثالثة

لاتثق بمدح الناس ولاتخشى بذمهم ، فكل يوم لهم مذهب يرضون لأغراضهم ويغضبون لها ، فعامل أنت واحداً أحداً فرداً صمداً واترك غيره ، لأنه سوف يقبل لك بقلوبهم على رغم أنوفهم
http://www.liillas.com/up2//uploads/...12cf9b7f34.gif


الخاطرة الرابعة

لاتنخدع بكثرة الإخوان والأصدقاء وقت الرخاء فإنهم ذباب طمع ، ولن تجد منهم وقت الأزمة إلا قليلاً ، فخالطهم بالمعروف ولا تثق إلا بالله


http://www.liillas.com/up2//uploads/...12cf9b7f34.gif


الخاطرة الخامسة

لاتحتقر رأي أحد مهما كان ، فإني استفدت من أناس ليس عندهم علم كثير ولايشار لهم بالبنان وليسوا في أماكن مرموقة ، ولكن عندهم من سداد الرأي ما يفوق كبار الناس ، ولله في خلقه أسرار




.





من كتاب ' حدائق ذات بهجة '
'

حفيدة الألباني 04-05-09 11:40 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة BENT EL-Q8 (المشاركة 1944891)
موضووع رووعه فيدو..اروى فضوولي تجاه معرفة هالشخـص..اسلووبه وايد بسـيط ما شاء الله..شوقتيني اقراله فيدو:)
لا لقيـت شي اكيد برجع معاه ان شاء الله
يسلمووو فيدوو


أهلييييين بنووته ..

تابعينا وشاركينا أيضاً :)

الله يسلمك ..

شاكرة لك مرورك ..

دمت بحفظ الله ..

حفيدة الألباني 04-05-09 11:44 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نونو (المشاركة 1944993)
حفيده الالباني

موضوع مميز ورائع جدا

سلمت يمناك اختي وبورك في حروفك وجزى ربي شيخنا عائض خير الجزاء

نفع الله بك وجعلها في ميزان حسناتك

واسعدك الله في الدارين ولاحرمك الاجر

متابعه ومشاركه معكم باذن الله

دمتي في حفظ الرحمن


اهلييييييين نوني ..

الله يسلمك ويبارك فيك ..

آآآآآمييييين الله يجزي شيخنا كل خير ..

آآآآميييييين ولك بمثل مادعيت ..

سعيدة جدا مرورك ومشاركتك لنا ^ــــ^

دمت في رعاية الباري ..

حفيدة الألباني 05-05-09 11:28 AM

حتى تكون أسعد الناس

* الإيمان يذهب الهموم، ويزيل الغموم، وهو قرة عين الموحدين، وسلوة العابدين..

* ما مضى فات، وما ذهب مات، فلا تفكر فيما مضى، فقد ذهب وانقضى..

* ارضَ بالقضاء المحتوم، والرزق المقسوم، كل شيء بقدر، فدع الضجر..

* ألا بذكر الله تطمئن القلوب، وتحط الذنوب، وبه يرضى علام الغيوب، وبه تفرج الكروب..

* لا تنتظر شكراً من أحد، ويكفي ثواب الصمد، وما عليك ممن جحد، وحقد وحسد..

* إذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وعش في حدود اليوم، وأجمع همك لإصلاح يومك..

* اترك المستقبل حتى يأتي، ولا تهتم بالغد لأنك إذا أصلحت يومك صلح غدك..

* طهر قلبك من الحسد، ونقّه من الحقد، وأخرج منه البغضاء، وأزل منه الشحناء..

* الكتاب أحسن الأصحاب، فسامر الكتب، وصاحب العلم، ورافق المعرفة..

* عش مع القرآن حفظاً وتلاوة وسماعاً وتدبراً فإنه من أعظم العلاج لطرد الحزن والهم..

* توكل على الله وفوِّض الأمر إليه، وارض بحكمه، والجأ إليه، واعتمد عليه فهو حسبك وكافيك..

* اعفُ عمن ظلمك، وصل من قطعك، وأعط من حرمك، واحلم على من أساء إليك تجد السرور والأمن..

من كتاب حتى تكون أسعد الناس

ساعه بلا عقارب 05-05-09 12:34 PM


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته السلام
بارك الله لكي في نفسك ووقت ومالك واهلك وكل ماتحبين وتصبوين اليه اختى ..موضوع رائع ...ليت الكثير يبحث عنه ويقراءه لنفع بالدارين ...جزاك الله عني وعن الجميع كل خير ..
سوف ابدا معك رحلتك القيمه عن شيخنا حفظه الله بكتاب (ضحايا الحب )..وسف انزل كل يوم منه جزء صغير الى ان يكتمل ..وياحبذا نستمر في انزال كل كتبه من بدايتها الى نهايتها حتى تجتمع لدينا هنا كل صفحات كتابه او نفتح لك كتاب صفحه خاصه باسم الكتاب ...
نفعني الله وياك والجميع الى ما يرضاه عنا من صالح اعمالنا ...

ساعه بلا عقارب 05-05-09 12:46 PM

ضحايا الحب
الشيخ الدكتور عائض بن عبدالله القرني
مقدمة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله ومن والاه وبعد :
فيظن بعض الناس أن أصحاب الشريعة وأبناء الملة لا يعرفون الحب ، ولا يقدرونه حق قدره ، ولا يدرون ما هو ، والحقيقة أن هذا وهم وجهل ، بل الحب العامر أنشودة عذبة في أفواه الصادقين ، وقصيدة جميلة في ديوان المحبين ، ولكنه حب شريف عفيف ، كتبه الصالحون بدموعهم ، وسطره الأبرار بدمائهم ، فأصبحت أسماؤهم في سجل الخلود معالم للفداء والتضحية والبسالة . وقصدت من هذه الرسالة الوقف مع القارئ على جوانب مشرقة ، وأطلال موحشة في مسيرة الحب الطويلة ، التي بدأها الإنسان في حياة الكبد والنكد ، ليسمو إلى حياة الجمال والجلال والكمال ، وسوف يمر بك ذكر لضحايا الحب وقتلاه ، وستعرف المقصود مما أردت إذا قرأت ، وتعلم ما نويت إذا طالعت .
والله وحده نسأل أن يجعلنا من أحبابه ، والشهداء في سبيله .

الحب

الحب ماء الحياة ،وغذاء الروح ، وقوت النفس .
تعكف الناقة على حوارها بالحب ، ويرضع الطفل ثدي أمه بالحب وتبني الحمرة عشها بالحب ، بالحب تشرق الوجوه ، وتبتسم الشفاه ، وتتألق العيون . الحب قاض في محكمة الدنيا ، يحكم للأحباب ولو جار ، ويفصل في القضايا لمصلحة المحبين ولو ظلم ، بالحب وحده تقع جماجم المحاربين على الأرض كأنها الدنانير ،لأنهم أحبوا مبدأهم ، وتسيل نفوسهم على شفرات السيوف ، لأنهم أحبوا رسالتهم ، أحب الصحابة والمنهج وصاحبه ، والرسالة وحاملها ، والوحي ومنزله ، فتقطعوا على رؤوس الرماح طلبا للرضا في بدر ، وأحد ، وحنين ، وهجروا الطعام ، والشراب ، والشهوات في هواجر مكة ، والمدينة ، وتجافوا عن المضاجع في ثلث الليل الغابر ، وأنفقوا طلبا لمرضاة الحبيب .
بالحب صاح حرام بن ملحان مقتولا : فزت ورب الكعبة !، بالحب نادى عمير بن الحمام إلى الجنة مستعجلا : إنها لحياة طويلة إذ بقيت حتى آكل هذه التمرات ! ، بالحب صرخ عبد الله بن عمرو الأنصاري : اللهم خذ من دمي هذا اليوم حتى ترضى !. لما أحب الخليل ـ عليه الصلاة والسلام ـ صارت له بردا وسلاما ، ولما أحب الكليم موسى ـ عليه السلام ـ انفلق له البحر ، ولما أحب خاتمهم حن له الجذع ، وانشق له القمر .
المحب عذبه عذاب ، واستشهاده شهد لأنه محب .

أحبك لا تسأل لماذا لأنني *** أحبك هذا الحب رأيي ومذهبي

بالحب يثور النائم من لحافه الدافئ ، وفراشه الوثير لصلاة الفجر ، بالحب يتقدم المبارز إلى الموت مستثقلا الحياة ، بالحب تدمع العين ، ويحزن القلب ، ولا يقال إلا ما يرضي الرب ، الحب كالكهرباء في التيار يلمس الأسلاك فإذا النور ، ويصل الأجسام فإذا الدفء ، ويباشر المادة فإذا الإشعاع ، الحب كالجاذبية به يتحرك الفلك ، وتتصاحب الكواكب ، وتتآلف المجموعة الشمسية ، فلا يقع بينهما خصام ولا قتال ، بالحب تتآخى الشموس في المجرة ، فلا صدام هناك ، ويوم ينتهي الحب يقع الهجر والقطيعة في العالم ، وسوء الظن والريبة في الأنفس ، والانقباض والعبوس في الوجوه ، يوم ينتهي الحب لا يفهم الطالب كلام معلمه العربي المبين ، ولا تذعن المرأة لزوجها ولو سألها شربت ماء ، ولا يحنو الأب على ابنه ولو كان في شدق الأسد ، يوم ينتهي الحب تهجر النحلة الزهر ، والعصفور الروض ، والحمام الغدير ، يوم ينتهي الحب تقوم الحروب ، ويشتعل القتال ، وتدمر القلاع ، وتدك الحصون ، وتذهب الأنفس والأموال ، ويوم ينتهي الحب تصبح الدنيا قاعا صفصفاً ، والوثائق صحفا فارغة ، والبراهين أساطير ، والمثل ترهات ! . لا حياة إلا بالحب ، ولا عيش إلا بالحب ، لا بقاء إلا بالحب ، إذا أحببت شممت عطر الزهر ، ولمست لين الحرير ، وذقت حلاوة العسل ، ووجدت برد العافية ، وحصلت أشرف العلوم ، وعرفت أسرار الأشياء .
وإذا كرهت صارت كل كلمة عندك جارحة ، وكل تصرف مشبوها ، وكل حركة مشكوك فيها ، وكل إحسان إساءة . المحب هجره وصال ، وغضبه رضا ، وخطيئته إحسان ، وخطؤه صواب .
ويقبح من سواك الفعل عندي *** وتفعله فيحسن منك ذاكا !
الحب حبان : حب ارضي طيني سفلي إنما هو هيام وغرام ، وحب علوي سماوي إلهي ، وهو طاعة وعبادة وشهادة وسيادة .
فحب الأرض للعيون السود والخدود والقدود ، ووادي الغضا ، وأهل البان ، وذكريات سلمى ، وأيام ليلى .
وحب الإله تعلق بشرعه ، وانقياد لأمره ، وامتثال لدينه ، وتقرب منه .
حب الطين آهات وزفرات وحسرات وندامات .
وحب رب العالمين علو ورفع وكرامة وسلامة وسعادة وريادة ، كيف لا تحب الله وما من نعمة عليك إلا هو منعمها ، ولا بلية إلا هو صرفها؟ ! هو المحسن وحده _ جل في علاه _ .، فقضاؤه عدل ، وشرعه رحمة ، وخلقه جميل ، وصنعه حكيم ، وفضله واسع ، ووصفه حسن ، فلا عيب في شئ من صفاته ، بل الكمال كله فيها ، ولا نقص في تدبيره ، بل الحكمة أجمعها فيه ، ولا خلل في صنعه ، بل الحسن أوله وآخره فيه ، فحبه واجب ، والتقرب منه فريضة ، وشكره حتم ، وطاعته لازمة .
أما الحب سواه فمنافع متبادلة ، وأهواء مشتركة ، وأغراض مادية ، يشوبه الخلل والزلل والإسراف وعدم الاستقرار ، مع ما يعقبه من أسف وندامة وحسرة .
ولا أحد في الكون يسكن له العبد ، ويتوكل عليه إلا الواحد الأحد ، ولذلك سمى نفسه ( الله ) ،. قيل هو الذي تأله النفوس إليه ،. وتسكن إليه في علاه .

الحب للرحمن جل جـلاله *** وهو مستحق الحب والأشواق
فأصرفه للملك الجليل ولذبه *** من كل ما تخشاه من إرهاق

ما الحب ؟

لا أعلم كلمة في قاموس العربية تعبر عن الحب مثل كلمة ( الحب ) ، فليس هناك أصدق من ( الحاء والباء ) في دلالتهما على هذا المقصود العظيم ، فالحاء تفتح الفم فيبقي فارغا حتى تأتي الباء فيضم الفم وتطبق الشفتان ، إذا هنا اجتماع بعد فرقة بعد هجر !.
وكلمة ( حب ) كلمة عامرة ، لها أنداء وأفياء وظلال وأبعاد ، وهي كلمة مؤنسة مشجية منعشة مشوقة ، بل هي معجبة مطربة مغرية ، لكنها ذائعة شائعة ، غير أنها خفيفة لطيفة شريفة وفيها نضارة .
كلمة (حب ) عالم من المودة والصلة والأنس والرضى والراحة ، وهي دنيا الأمل والفأل الحسن ، والأمس الجميل واليوم الحافل ، والغد الواعد .
إنها رحلة في عالم التآلف والتآخي ، والتفاهم والتكاتف ، والتضامن والتعاون ، في كلمة ( حب ) بسمة وضمة ولهفة واشتياق ولوعة ! .
إذا قلت : ( حب ) تداعت الذكريات القديمة ، وثارت المعاني الجميلة ، وحضرت المواقف المشجية ، واستعادت النفس شبابها ، والقلب أمله ، والروح إشراقها ، والمجلس بهجته ، والحضور أنسه .
إذا قلت : (حب ) سافرت بك قافلة الذكرى إلى صور ومشاهد لا تمحى من ذاكرة الزمن ، فعرضت لك الطفل يضم الثدي ، والناقة تحنو على الفصيل ، والآكام تلف الثمار ، والأغصان تعانق الجذوع ، والفراشة تلثم الزهرة ، والعش يكتنف الطائر ، فما احسن كلمة ( حب ) وما أبدعها وما أروعها .
الحب حرفان حاء وبعدهـا باء *** تذوب عند معـانيها الأحباء !

إذا قلت ( حب ) هل غيث الرجاء ، وهبت ريح الصفاء ، وسرى نسيم الوفاء ، وتهللت أسارير الوجوه ، وانبلجت معالم الطلعات ، وأشرقت شموس الأيام ، وإذا قلت (حب ) امتلأت الجوانح بالأشواق ، والحشايا بالتلهف ، والضمائر بصور الأحباب ، ومعاهد الأصحاب ، ومغاني الأتراب .
إذا قلت: ( حب ) تساقطت أوراق البغضاء ، وتلاشت نزعات الشر ، وارتحلت قطعان الضغينة ، وفزت زمر الأحقاد ، وغربت نجوم العداوات .
كلمة ( حب ) سماء شمسها اللقاء ، وقمرها العناق ، ونجومها الذكريات ، وسحبها الدموع . كلمة ( حب ) إشراقة من عالم الملكوت ، وإطلالة من ديوان الخلود ، ووقفة في بساط العظمة . من استظل بسمائها اتقد شوقه وتدافع خاطره .
وأما تعريف كلمة ( الحب ) فخذه نظما ولا تخش ظلما ولا هضما :
الحب بسمـة عاشق ولو أنها *** سفرت لغار البدر من إطلالها !
وقيل :
الحب أكبادنا تشوى وأعيننا *** تكوى ، وأعمارنا تطوى على الأمل
وقيل :
إذا قلت هذا الحب بعد ولوعة *** وفرقة أصحاب وهجر أقارب
فما الحب إلا الأنس والقرب والرضى *** فدعني فهذا الحكم بعد التجارب
وقيل :
الحب كالسحر إلا أن رقيته *** شهادة لا يذوق الموت لاقيها
وقيل :
الحب ليس رواية شرقية *** بأريجها يتزوج الأبطال
لكنه الإبحار دون سفينة *** ومرادنا أن الوصول محال
وقيل :
لعلك يا محب ظننت ظنا *** بأن الحب جمع وافتراق
أجل هو جمع أوصال تداعت *** وفرقة مهجة ، ودم يراق !
وقيل : الحب قصة طويلة فصولها الشهداء .
وقيل : الحب سر لا يعرفه المحبون .
وقيل : الحب ليس له تعريف إلا الحب .

ساعه بلا عقارب 05-05-09 12:53 PM

أسئلة في الحب

السؤال الأول :
سألت إمام الحي عن حكم عاشق *** إذا أزداد حبا صار من شوقه صبا
أيجزئه ذكر ورد تحية *** وشهقة شوق كالنسيم إذا هبا ؟ !
فقال : عليه النحر يوم لقائه *** بمحبوبه حتى يزيل به الذنبا !

السؤال الثاني :
سألنا أبا حمدان عن حكم صاحب *** أحب فأهدى الروح خلا بلا ثمن
أيحرم هذا البيع والشرط باطل *** أليس يقال المرء حقا إذا غبن
فقال معاذ الله بل صح بيعه *** وهذا الذي نفتي به سائر الزمن


السؤال الثالث :
سألت حماد عن صب جرى دمه *** من أجل أحبابه ماذا نقول له ؟
فقال : قولوا له يفدي بمهجته *** إما سواه على عمد نقول لهوا


المتنبي مفتيا :
يقول أبو الطيب :
قفي واغرمي الأولي من اللحظ مهجتي *** بثنائه والملتف الشيء غارمه




غدا ً بإذن الله لنا وقفه من نفس الكتاب ...
عن ..
صحوة من سكار الحب

حفيدة الألباني 05-05-09 04:09 PM

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

مرحبــا سوسو

آآآآآميييييين ولك بمثل مادعوت عزيزتي

أسعدك الله أينما كنت

متابعين معك أخيه

وجزاك الله خيراً لمشاركتك في الموضوع

بإذن الله نضع كل ماألفه شيخنا الفاضل حتى يتسنى للجميع قراءته وأخذا الفائدة منه

دمت في رعاية الله سوسو

نونو 06-05-09 01:18 AM

قطوف من كتاب : اسعد امرأة في العالم


الفصوص غصون الذهب


الغصن الاول :
كثير من نساء العالم طلبوا السعادة في كل شيء وبحثوا عنها في كل اتجاه لكنهم لم يهتدوا إلى الايمان بالله
http://www.liillas.com/up2//uploads/...45407805b9.gif

الغصن الثاني :
الله وحده هو الذي يملك إسعاد الاخرين ، فلا تطلبي السعادة من غيره ولا تلتمسيها من سواه .
http://www.liillas.com/up2//uploads/...45407805b9.gif

الغصن الثالث :
ظن الاغنياء أن السعادة في المال ، وظن الملوك أنها في السلطة ، والصحيح أنها في عبادة الله .
http://www.liillas.com/up2//uploads/...45407805b9.gif

الغصن الرابع :
يقول احد المشاهير بعدما اسلم : لي اربعون سنة أبحث عن السعادة فما وجدتها إلا في الايمان بالله .
http://www.liillas.com/up2//uploads/...45407805b9.gif

الغصن الخامس :
المرأة الكاملة الشريفة هي التي يرجى خيرها ويؤمن شرها ، فهي توصل النفع للآخرين وتكف أذاها عنهم .
http://www.liillas.com/up2//uploads/...45407805b9.gif

الغصن السادس :
المرأة المتعلمة المتفقهة تقرأ في كتاب الكون المفتوح فترى أسطر الوحدانية ، وتشاهد حروف القدرة .
http://www.liillas.com/up2//uploads/...45407805b9.gif

الغصن السابع :
إذا أصلحت المرأة ما بينها وبين الله أصلح لها زوجها وأبناءها ، فأنجبت الصالحين الأبرار .
http://www.liillas.com/up2//uploads/...45407805b9.gif

الغصن الثامن :
لن نصدق الحضارة الغربية في دعواها بأنها تسعد المرأة فلقد رأينا المرأة الغربية وهي تضيق بحياتها .
http://www.liillas.com/up2//uploads/...45407805b9.gif

الغصن التاسع :
أعظم دليل على أن الدين أعطى للمرأة حقها ما ذكره الله في سيرة مريم البتول الطاهرة وآسية إمرأة فرعون الداعية الصادقة.
http://www.liillas.com/up2//uploads/...45407805b9.gif

الغصن العاشر :
أما تسأل المرأة نفسها لماذا رفض إمرأة فرعون القصور والجاه واختارت المواجهة مع الطغيان ؟ لأنها مؤمنة بالله .

http://www.liillas.com/up2//uploads/...45407805b9.gif


أهلاً بك ..........مصلية صائمة قانتة خاشعة .

أهلاً بك ..........متحجبة محشمة وقورة رزينة .

أهلاً بك ..........متعلمة مطلعة واعية راشدة .

أهلاً بك ..........وفية أمينة صادقة متصدقة .

أهلاً بك ..........صابرة محتسبة تائبة منيبة .

أهلاً بك ..........ذاكرة شاكرة دعية واعية .

أهلاً بك ..........تابعة لاسية ومريم وخديجة .

أهلاً بك ..........مربية للابطال وصانعة للرجال.

أهلاً بك ..........راعية للقيم ، حافظة للمثل .

أهلاً بك ..........غيورة على المحارم ، بعيدة عن المحرمات


نعم .....لبسمتك الجميلة التي تبعث الحب ورسل المودة للاخرين .

نعم .....لكلمتك الطيبة الي تبني الصداقات الشرعية وتذهب الاحقاد .

نعم .....لصدقة متقبلة تسعد مسكيناً ،وتفرح فقيراً ، وتشبع جائعاً.

نعم .....لجلسة مع القرآن تلاوة وتدبراً وعملاً وتوبة واستغفاراً.

نعم .....لكثرة الذكر والاستغفار وادمان الدعاء وتصحيح التوبة .

نعم .....لتربية ابنائك على الدين وتعليمهم السنن وارشادهم لما ينفعهم .

نعم .....للحشمة والحجاب الذي امر الله به وهو طريق الصيانة والحفظ .

نعم .....لصحبة الخيرات ممن يخفن الله ويحببن الدين ويحترمن القيم .

نعم .....لبر الوالدين وصلة الرحم واكرام الجار وكفالة الايتام .

نعم .....للقراءة النافعة والمطالعة المفيدة مع الكتاب الممتع الراشد


http://www.liillas.com/up2//uploads/...45407805b9.gif


من كتاب اسعد امرأة في العالم د. عائض القرني


زهور السوسن 06-05-09 02:07 AM

جزاكـ المولى خير الجزاء


وجعلهـ في موازين حسناتكـ

ساعه بلا عقارب 06-05-09 06:04 AM

صحوة من سكار الحب

ومن المحبين من هجر الحب المحرم واتصل بالحب الشرعي الطاهر العفيف ، فأنتقل من عالم الزور ، ودنيا الهيام ، وظلام الغرام ، ومقام الآثام ، إلى جنة الصدق ، وروضة المعرفة ، وبستان اليقين ، وباحة الإيمان : فهذا ابن أبي مرثد هام ـ قبل أن يسلم ـ بفتاة وعشقها وسكب عمره في كأس هواها ، وأفرغ روحه في كوب نجواها ، وفرغ شبابه على تراب مغناها ، فلما هداه الله وغسل قلبه من أدران الهوان وأوصار المعصية ، أفاق ـ والله ـ من رقده الغفلة ، ومن سنة الجهالة ، ومن سكرة الغي ، على صوت بلال ، فارتجف جسمه ، وتهذبت روحه ، وأعلن في إباء ، وصاح في استعلاء : أتوب إليك يا رب ، وأقبل على المصحف ، وهب إلى المسجد ، واستعان بالصبر والصلاة ، وأدمن الذكر ، وسجل رائعته في ديوان الخلود وسفر النجاة ودفتر المجد :
أأبقى غويا في الضلالة ساردا *** كفي بالمرء بالإسلام والشيب ناهيا

وهذا لبيد بن ربيعة الشاعر المشهور ، هام بالغزل ومات بالمقل ، وانغمس في الشعر وحده ، يعيش للقافية ، ويضحي للقصيدة ، ولكنه عرف الله عن طريق الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم ، فتاب من حياة العبث والضياع ، ورجع إلى المحراب ، وأقبل على التلاوة ، وأنشد :
الحمد لله إذ لم يأتني أجلي *** حتى اكتسب من الإسلام سربالا
ونذر لله لا ينظم ولو بيتا واحد ، فإن فعل أعتق رقبة ، وقال : كفتني سورة البقرة عن الشعر
وهذا إبراهيم بن أدهم عاشق الملك ، وهاوي الإمارة ، والمولود في الرئاسة ، فكر ذات يوم فقال : كان أجدادي وآبائي ملوكا فأين هم الآن ؟ هل تحس منهم أحد أو تسمع لهم ركزا ؟!، وتذكر قول الشاعر :
وسلاطينهم سل الطين عنهم *** والرؤوس العظام صارت عظاما !

فأعلن توبته ، وفر من قصره ، وخلع ثياب الملك ، وهرب من الترف والجاه والنعيم إلى قرة وراحة الأرواح ، فكان يسكن الخراب ، ويمرغ أنفه بالتراب ، ويأكل الشعير ، وينام على الرصيف ، ويقول نحن في عيش لو علم به الملوك لقاتلونا عليه بالسيوف :

أمطري لؤلؤا سماء سرنديب *** وفيضي آبار تكريت تبرا
أنا إن عشت لست أعدم خبزا *** وإذا مت لست اعدم قبرا !

وهذا عمر ابن عبد العزيز ابن النعمة والحشمة ، وارث الدور والقصور ، أرغد الناس في شبابه عيشا ، وأكثرهم ترفا ، وأزكاهم عطرا ، لكن نفسه تاقت إلى الجنة فزهد في الفاني ، ورغب في الباقي ، واقبل على الله تعالى ، وصدق مع ربه فعدل في الرعية ، وأخلص في العبودية ، وقاد الأمة الإسلامية خير قيادة ، مع ورع متين ، وعلم راسخ ، وخشوع صادق :
جزاك ربي عن الإسلام مكرمة *** وزادك الله من أفضاله كرما



برقيات إلى الأحبة

الحب على المحبين فرض ، و به قامت السماوات والأرض ولم يدخل جنة الحب ، لن ينال القرب ، بالحب عبد الرب ، وترك الذنب ، وهان الخطب واحتمل الكرب ، عقل بلا حب لا يفكر ، وعين بلا حب لا تبصر ، وسماء بلا حب لا تمطر ، وروض بلا حب لا يزهر ، وسفينة بلا حب لا تبحر .
بالحب تتآلف المجرة ، وبالحب تدوم المسرة ، بالحب ترتسم على الثغر البسمة ، وتنطلق من الفجر النسمة ، وتشدو الطيور بالنغمة ، أرض بلا حب صحراء ، حديقة بلا حب جرداء ، ومقلة بلا حب عمياء ، وأذن بلا حب صماء !
الحب هو بساط القربى بين الأحباب وهو سياج المودة بين الأصحاب :
شكا ألم الفراق الناس قبلي *** وروع بالنوى حي وميت
وأما مثل ما ضمت ضلوعي *** فأني ما سمعت ولا رأيت !!
بالحب ترضع الأم وليدها ، وتروم الناقة وحيدها ، بالحب يقع الوفاق ، وبالحب يعم السلام ، والمودة والوئام .
بالحب يفهم الطلاب كلام المعلم ، وبالحب يسير الجيش وراء القائد ويتقدم ، وبالحب تذعن الرعية ، ويعمل بالأحكام الشرعية ، وتصان الحرمات ، وتقدس القربات .
بيت لا يقوم على الحب مهدوم ، وجيش لا يحمل الحب مهزوم ، لكن أعظم الحب وأجله ما جاءت به الملة ، أجمل كلمة في الحب قول الرب : (يحبهم ويحبونه ) . فلا تطلب حبا دونه

ليس حبا قطعة معزوفة *** من يراع الشاعر المتنحب
ما ( قفا نبكي ) هو الحب ولا *** ظيبة البان وذكرى زينب
إنما الحب دم تتزفــه *** في سبيل الله خير القرب
أو دمـوع ثرة تبعثهـا *** سحرا أصدق من قلب الصبي
أو سجـود خاشع ترسمـه *** فوق الطين فاسجد واقرب
أحب امرؤ القيس فتاة ، وأحب أبو جهل العزى ومناة ، وأحب قارون الذهب ، وأحب الرئاسة أبو لهب ، فأفلسوا جميعا ! ، لأنهم أخطؤوا خطا شنيعا . أما حب بلال بن رباح فهو البر والصلاح ؛ سحب على الرمضاء ، فنادى رب الأرض والسماء ، وانبعث من قلبه ( أحد أحد ) ، لأن في القلب إيمانا كجبل أحد
إذا كان حب الهائمين من الورى
بليلى وسلمى يسلب اللب والعقلا
فماذا عسى أن يصنع الهائم الذي
سرى قلبه شوقا إلى العالم الأعلى ؟!
الحب لا يعترف بالألوان ولا بالأوطان ، والدليل بلال وسلمان ؛ بلال أبيض القلب أسود البشرة ، فصار بالحب مع البررة ، وأبو لهب بالبغض ليس من أهل البيت ، وسلمان نال بالحب جائزة : ( سلمان من أهل البيت ! ) .
دعني من حب مجنون ليلى ، ومحبوب سلمى ، ومعشوق عفرا ، فلطالما لطخت بأشعارهم الطروس ، وضاقت بأخبارهم النفوس ، وخدعت بقصائدهم الأجيال واتبعهم الضلال ، وحدثني عن أنباء الأنبياء ، وهم من أجل حب الرب يهجرونه الأباء والأبناء ؛ فإبراهيم يتبرأ من أبيه ، ونوح من بنيه ، وامرأة فرعون تلغي بنفسها عقد النكاح ؛ لأن البقاء مع الكافر سفاح .
هذا هو عالم الحب بتضحياته ، بأفراحه وأتراحه ، وهو حب يصلك برضوان من رضاه مطلب ، وعفوه مكسب .
والله ما نظرت عيني لغيركم
يا واهب الحب والأشواق والمهج
كل الذين رووا في الحب ملحمة
في آخر الصف أو في أسفل الدرج !


امرؤ القيس يصيح في نجد وقد غلبه الوجد ، ( قفا نبك )،
فإذا بكاؤه على الأطلال ، وإذا دموعه تسفح على الرمال ، وإنه هيام العقل بلا وازع ، وحيرة الإنسان بلا رادع ، ورسولنا صلى الله عليه وسلم يذوق الويلات ، ويعيش النكبات ، ثم ينادي مولاه في مناجاة وإخبات ، ويقول : " لك العتبى حتى ترضى " !.
لا تضع عمري بشعر طرفة العبد وهو يشكو الحب والصد ، حب ماذا يا هذا ؟ !. . أما علمت أن أحد الأنصار ، كان يقرأ (قل هو الله أحد ) بتكرار ، فسئل عن المقصود ، قال : لأن فيها مدح المعبود ، وأنا أحب تلك البنود ، فدخل الجنة بالمحبة ، لأن الله احبه ...

دعني أمسح فوق الروض أجفاني
فالنار موقدة من حر أشجاني
نسيت في حبكم أهلي ومنتجعي
فحبكم عن جميع الناس ألهاني !

شغلونا بالروايات الشرقية والمسرحيات الغربية ، ويل هذا الجيل ويله !.. سهر مع غراميات ألف ليلة وليلة ، وفي الذكر المنزل والحديث المبجل قصص الحب الصادقة ، والمعاني الناطقة ، ما يخلب اللب ، ويستميل القلب .
أخرجونا يا قوم من ظلمات عشق الأعراب ، والهيام في الأهداب ، فكل ما فوق التراب تراب ، الذي تطير له الأرواح ، وتهتز له الأشباح ، في ملكوت الخلود ، وعلى بساط رب الوجود .

بكت عيني غداة البين دمعا
وأخرى بالبكا بخلت علينا
فعاقبت التي بالدمع ضنت
بأن أغمضتها يوم التقينا

دع حب هؤلاء فإنهم مرضى ، وتعال إلى الواحد وناد : (عَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى)

(فأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً )
في حالة البعد نفسي كنت أرسلها *** تقبل الأرض عني وهي نائبتي
وهذه دولة الأشباح قد حضرت *** فامدد يمينك كي تحظي بها شفتي

حمزة سيد الشهداء يمزق بالحب تمزيقاً، وأنتم تهيمون بروايات غرامية لفقت ، نقول حدثونا عن الحب عند ابن عباس ، فتذكرون لنا عشق أبي نواس! كفي جفاء ، فأما الزبد فيذهب جفاء!!
حب طلحة والزبير أعظم من شكسبير؛ لأن حبهم سطر في (بدر) لمرضاة القوي العزيز، وحب شكسبير كتب في شوارع لندن لمراهقي الإنجليز.
إن كنت يا شاعر الغرب كتبت رواية الحب بالحبر، فالصحابة سجلوا قصص المحبة بدم الصبر.
ومن عجب أني أحن إليـهم *** فأسال عنهم من لقيت وهم معي
وتطلبهم عيني وهم في سوادهـا *** ويشتاقهم قلبي وهم بين ضلوعي
لا تدري ربما عذبت بحيك، وكنت عنك عند ربك( هذا فراق بيني وبينك)! ونحن نسمع من أجل امرأة بكاءك وأنينك.
ولما جعلت الحب خدنا وصاحباً *** تركت الهوي والعشق ينتحبان
فلا تسمعني(شكسبير) ولهوه *** ورنة عود أو غناء غواني
فلي في رحاب الله ملك ودولة *** أظن الضحي والليل قد حسداني!

كلما خرج علينا شاعر مخمور، فاقد الشعور ، حفظنا شعره في الصدور ، وكتبناه في السطور ، وقلنا: يا عالم هذه قصصنا الغرامية، ونسينا رسائلنا الإسلامية ، وفتوحاتنا السماوية ، التي أهلت الإنسانية.
علمني الحب من سورة الرحمن، ولا تكدر خاطري بهيام ( يا ظبية البان) ، أنا ما أحب لغة العيون، ولكن أحب لغة القلوب، ولا أتبع فلتات أبي نواس والمجنون ، ولكني أرتع في رياض الكتاب المكنون)وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ).

ومعنفي في الحب قلت له: أتئد *** فالدمع دمعي والعيون عيوني

الحب الصادق في جامعة (إن المسلمين والمسلمات)، والغرام الرخيص في مسرح الفنانين والفنانات. استعرض نصوص الحب في وثيقة الوحي المقدس، لتري فيها حياة الأنفس، فالحب السماوي يدعو العبد إلي حياة مستقيمة، ليجد فضل الله ونعيمه، أما الحب الأرضي فإنه يقتل الإنسان ويجعله بلا قيمة.
أرق علي أرق ومثلي يأرق *** وجوي يزيد وعبرة تترقرق
جهد الصبابة أن تكون كما أري *** عينا مسهدة وقلباً يخفق

حب العز عند فرعون ، وحب الكنز قارون، أما حب الجنة ، فعند أبطال السنة، الذين حصلوا علي اعظم منة. الجعد بن درهم ذبح علي الابتداع، وأنت تبخل بدمعة في محراب الاتباع.
أتريد من الجيل أن يحب الملك العلام، ويصلي خلف الإمام، ويحافظ علي تكبيرة الإحرام، وأنت تحفظه رباعيات الخيام، ليبلغهم رسالة لا بعث ولا نشور؟ أعوذ بالله من تلك القشور!.. يا حاج ..! أين حملة المنهاج؟ وأنت من أحرص الناس علي حياة ، فبماذا تدخل الجنة يا أخاه؟!
من تداجي يا إبراهيم ناجي، ومن تكلم ومن تناجي؟ تقول: يا فوادي رحم الله الهوي، بل قتل الله الهوي!.. من يشارك في ثورة الخبز، لا يحضر معركة العز ، لما نسيت الأمة حب القلوب، واشتغلت بحب البطون، رضيت بالدون، وعاشت في هون.
)وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) .
هل عند الأمة فراغ في الأزمان ، تسمع صوت الحرمان، وهو ينادي:
باد هواك صبرت أم لم تصبــروا *** وبكاك إذ لم يجر دعك أو جري

نحن بحاجة إلي صوت خبيب بن عدي وهو يلقي قصيدة الفداء، علي خشبة الفناء، في إصرار وإباء ، وصبر ومضاء:

ولست أبالي حين أقتل مسلمـــــاً *** علي أي جنب كان في الله مصرعي
وذلك في ذات الإله وإن يشــــأ *** يبارك علي أشلاء شلو ممزع

بارك الله فيك وفي أشلائك يا خبيب ،فأنت إلي قلوبنا حبيب: ) وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّه) اللهم اجعلنا ممن يحبك ويحب من يحبك، ليؤنسنا قربك، اللهم ازرع شجرة حبك في قلوبنا، لنري النور في دروبنا، وننجو من ذنوبنا ، ونطهر من عيوبنا.

أحبك حباً ليس فيه غضاضــة *** وبعض مودات الرجال سراب
وأمحضتك الحب الصحيح وفي الحشا *** لودك نقس ظاهر وكــتاب
إذا صح منك الود فالكل هين *** وكل الذي فوق التراب تراب

وإن تعجب فعجب أن تري شاعراً بائساً ، يشكو طللاً دراساً ، فهو يبكي من نار الغرام ، ويشكو ألم الهيام، ولو سافرت روحه في عالم الملكوت ، لصار حبه عنده كالقوت. ولو أدرك عنترة الإسلام ما كبا، وما قال: اذكري يا عبل أيام الصبا.
جرير يشكو العيون السود، وبشار يشكو الصدود ، والشريف الرضي يشكو فتنة الخدود، وكأن الحياة لديهم اختصرت في امرأة حسناء، ووكأن العمر يتسع لهذا الهراء، ويحسبون أن الناس من أجلهم تركوا المنام، وهجروا الطعام‍..إذا افتخرنا علي الغرب بأن لدينا نساء حسناوات، وفتيات فاتنات ، قالوا لنا: عندنا في ذلك مسارح ومسرحيات، ومغامرات وغراميات، لكن فخرنا علي الناس أن لدينا رسالة ملأت الكون نوراً، والعالم حبوراً، والدنيا طهوراً.

نحن الذين ملأنا جــونا كرمـــاً *** وقد بعثنا علي قرآننا أممـا
والعــالم الآخــر المشبوه في ظلم *** من يعبد الجنس أو من يعبد الصنما

ساعه بلا عقارب 06-05-09 06:23 AM

قتيلان لا يستويان

ذكر أهل السير أن سيداً باع جارية له وكان له غلام يحبها حباً شديداً ، فلما ذهب البائع بالجارية رمي الغلام بنفسه من علي سطح بيت عال فوقع ميتاً! وقد قال بعض هؤلاء:

والله لو قطعـــوا رأسي لأتركها *** لما نحو هواها في الهوى رأسي!

قارن بين ما سبق وما رواه ابن حبان ، والغزالي في ( الإحياء) في كتاب السماع من أن غلاماً كان في بني إسرائيل علي جبل فقال لأمه: من خلق السماء؟ قالت : الله عز وجل ، قال فمن خلق الأرض؟ قالت الله عز وجل، قال: من خلق الجبالظ قالت: الله عز وجل ، قال: فمن خلق السحاب؟ قالت: الله عز وجل، قال : إن هذا الرب عظيم، ثم رمي بنفسه من الجبل فتقطع، وإنا وإن كنا لا نقر هذا العمل، لكن أنظر كم هو الفرق بين من جعل حياته فداء لجارية ومن ضحي بروحه من أجل ربه.


ذبت فداها

أما عاشق آخر فيخبرنا بإلحاح ويعلن للملأ أنه قد امتلأ غراماً وعشقاً حتى النخاع ، يقول:

أخـبروهـا إذا أتيتم حـمـاها *** أنني ذبت في الغرام فداها

فإذا أخبرناها أنه ذاب في الغرام فداها فماذا سوف يحدث؟! أمن أجل سواد عينيها يذهب حياته هدراً : )أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ) ؟!.. ولكن تعال إلي شاعر بغداد وهو يمدح الحي القيوم ـ جل في علاه ـ بيتين من أعذب الشعر يقول :

إليك وإلا لا تشد الركائب *** ومنك وإلا فالمؤمل خائب
وفيك وإلا فالغرام مضيع *** وعنك وإلا فالمحدث كاذب

أحسنت لا فض فوك!.. وهكذا فليكن الإبداع واللموع والتفوق ، وأما شاعر صنعاء فيشاركه في الثناء علي الله ولكن مع الاعتذار من التقصير يقول:

سبحان من لو سجدنا بالجباة علي *** حرارة الجمر والمحمي من الإبر
لم نبلغ العشر من مقدار نعمته *** ولا العشير ولا عشراً من العشر


العيون التي في طرفها حور
للموت ألف طريقة، فمنهم من يموت ساجداً لربه، ومنهم من يموت بحد السيف في سبيل الله، ومنهم من يموت تخمة من كثرة ما أكل، ومنهم من شرب عصيراً فشرق فمات، ومنهم من ضاع له مائة دينار فمات غبناً ، ومنهم من بشر بجائزة فمات فرحاً ، أو جرير فيخبرنا لنكون علي بينة بسبب موته وأمثاله فيقول:

إن العيون التي في طرفها حـور *** قتلننا ثم يحيين قـــتلانا
يصرعن ذا اللب حتى لا حراك به *** وهن اضعف خلق الله إنسانا‍

ياله من قتل غير جميل، ومن موت غير شريف ، ومن وفاة رخيصة، ولكن اسمع إلي بطل مجاهد صنديد شهيد وهو يقول:

تأخرت أستبقي الحياة فلم أجد *** لنفسي حياة مثل أن أتقدما
فليس علي الأعقاب تدمي كلومنا *** ولكن علي أقدامنا نقطر الدما‍‍‍! ‍‍‍‍‍‍‍

شكراً لهذه النفوس الحية والأرواح الخالدة، ما أجلها وأشرفها يوم عرفت كيف تموت ‍ميتة شريفة بالذبح في سبيل الله، لا ميتة رخيصة من أجل العيون السود‍
وقد قال الصحابي الجليل طلحه بن عبد الله يوم أحد:
اللهم خذ من دمي هذا اليوم حتى ترضي
جزاءك الله خيراً يا طلحة علي هذا الحب الصادق ، وهنئياً لك ذلك المصير المبارك.
وهذا شاعر يشاركه هذه الأمنية الغالية فيقول:

لا تمتني يـا رب إلا بســيف *** صارم الحد مصلت في سبيلك
فيقتل شهيداً في سبيل العيون السود‍ ‍

ابن عباس يتصدق بعينه
وهذا ابن عباس ترجمان القرآن وبحر الأمة وحبرها، يبكي من خشية الله حتى تذهب عيناه فيعزيه أحد الشامتين فينشد ابن عباس:

إن يأخذ الله من عيني نورهــما *** ففي فؤادي وقلبي منهما نور
قلبي ذكي وعقلي غير ذي عوج *** وفي فمي صارم كالسيف مشهور

وفي الحديث القدسي (( من ابتليته بحبيبتيه (أي بعينيه) فصبر ، عوضته منهما الجنة))‍‌‍... وهذا سعيد بن المسيب إمام التابعين أبكاه الحب الصادق حتى ذهبت عينه لمرضاة ربه، وكذلك يزيد بن هارون المحدث المشهور فإنه عمي من كثرة البكاء، فقيل له : أين العينان الجميلتان ؟ قال أذهبها ـ والله ـ بكاء الأسحار‍
أما أحد الشعراء فقد بكي علي محبوبته حتى ذهبت منه عيناه فقال:

أعيناي كفــا عن فوادي فإنه *** من الظلم سعي اثنين في قتل واحد
لقد عميت عيناي من كثرة البكا *** لفــرقـة حب أو لتذكـار فاقد

ويشاركه المتنبي هذا البكاء فيقول:

قد كنت أشفق من دمعي علي بصري *** فـاليوم كل عـزيز بعدكم هـانا

فابن عباس ذهب بصره لمرضاة الله فثوابه الجنة ، وهؤلاء ذهبت أبصارهم لفلانة فثوابهم الإفلاس والندم والحسرة.


يا لهف نفسي علي ملل ‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍
وخرج شاعر من المدينة وراء قافلة وهو يبكي فسئل عن ذلك؟ قال معهم جارية أخذت قلبي وذهبت فكان كلما نزلوا منزلاً سأل عنها، فإذا ارتحلوا ارتحل معهم وأخذ ينشد:

وقالوا صحيرات اليمام وقدموا *** ركائبهم من آخر الليل في الثقل
وردن علي ماء العشيرة والهوى *** علي ملل يا لهف نفسي علي ملل

لكن جعفر الطيار ابن عم المختار، يخرج مسرعاً إلي مؤتة لترفع روحه هناك: (وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى) ، فيتقدم ويقاتل ليضحي بنفسه فداء لدينه ويلقي المنية باسما وهو ينشد:

يا حبذا الجنة واقــترابهـــا
طيـــبة وبارد شـــرابها
والروم روم قد دنا عذابها
كافرة بعيدة أنسابهــــا
علي إن لاقيتها ضرابها

فتقطع يداه وتطير روحه إلي الجنة ويبدله الله بجناحين يطير بهما في الجنة حيث شاء )وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ).


جعل المناسك أرض محبوبته
وهذا محب مفتون غلب عليه العشق والغرام والتوله بمحبوبته حتى رفض الخروج إلي مكة لأداء الحج وقال معتذراً

حجي إلي الباب القديم، وكعبتي *** الباب الجديد، وبالمصلي الموقف
والله لو علم الحــجيج وقوفنا *** في زندروز عشية ما وقـفوا
أو شاهدوا جسر الحسين وشعبه *** بين المحصب والنقا ما عرفوا

أما علي بن الحسين زين العابدين فإنه لما حج أراد أن يلبي ؟ فارتعدت فرائصه وارتعش جسمه واحمر لونه فقيل له:مالك؟ قال أخشى إن قلت : لبيك اللهم لبيك أن يقال لي: لبيك ولا سعديك!. ‍
وهذا من خشية وعظيم تقواه وقوة ورعه وخوفه من ربه، وعند الحاكم في المستدرك أن الرسول صلي الله عليه وسلم لما استلم الحجر الأسود بكي بكاء شديداً ، ثم ألتفت فرأي عمر فقال: هنا تكسب العبرات يا عمر


وأي جهاد غيرهن أريد؟‍‍
دعي جميل بثينة للجهاد في سبيل الله ليكون كفارة له عل الله أن يرزقه شهادة ينال بها رضوان الله، فاعتذر وهو يقول:

يقولون جــاهد يا جميل بغزوة *** وأي جـهاد غـيرهـن أريد؟

وفي الحديث: (( ومن كانت هجرته إلي دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلي ما هاجر إليه)).
ولكن الطرماح بن حكيم الشاعر المجاهد الصادق يدعو ربه أن يرزقه الشهادة ويقول :

أيارب شهيداً لا تجعل وفاتي إن أتت *** علي شرجع يعلو بحسن المطارف
ولكن شهيداً ثاوياً في عصابة *** يصابون في فج من الأرض خائف

فجميل يري أن أعظم الجهاد حب النساء،والطرماح يري أن أعظم من ذلك رضوان رب الأرض والسماء‍ !... ) مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ )
ألا بلغ الله الحمي من يريده *** وبلغ أطراف الحمي من يريدها


في القلب لا في الرأس

ويزعجنا إيليا أبو ماضي بصياحه ونحيبه وعويله وصراخه وهو ينادي:

يا من لقلب كلــما ضــمـدته *** ملأ الجراح مواجعي وحواسي
لو أنه في الرأس كنت ضــمــدته *** لكنه في القلب لا في الرأس

وما الجرح؟.. أظنه جرح الهوي والغي الذي شرحه في طلاسمه ( جئت لا أعلم من أين ولكني أتيت)‍..

ساعه بلا عقارب 06-05-09 06:49 AM



محب يتوب

يا أخي لغني أنك تبت ، وإلي ربك أنبت، فسرني والله ذلك سرور من وجد المفقود وبشر بالمولود؛ لأننا كنا نفقدك في صفوف الطائعين، والآن وجدت ، وكنا نسأل عنك في موكب الضالين وتجددت ، فو الله لو كتبنا برموش العين علي صحائف الخدود تحية لقدومك لما انصفنا ، ولو رسمنا بنياط القلوب علي سويدائها ثناءنا عليك لما بالغنا ، احبك الله فاجتباك وآثرك فاصطفاك ، كنت عبد بعد التوبة قريباً مطيعاً محبوباً، يا أهلاً بمن فرخ الله بتوبته، يا مرحباً بمن استبشرت الملائكة بعودته، يا سهلاً بم تفتحت السماء لدعائه، يا حناناً لمن ذابت المهج لبكائه، يا قرة عين لمن أنصت عالم الغيب لندائه، سبحان من ابتلاك بالذنب ليكسرك كسرة فيها حسرة، ثم جبرك بالتوبة لتذوق لذة الأوبة ويغسل عنك أدران الحوبة، ركبت إلي الخطايا المطايا فأمهلك وما أهلكك براً وكرماً ، ثم جذبك إليه بحيل التوفيق وأركبك سفينة النجاة في البحر العميق، تبارك من ألبسك تاج التوبة، وزينك بوشاح المحبة، وجملك براء القبول، دمعك علي ما مضي يسأل في ديوان الرضي ، وتأسفك علي ما فات منشور الحسنات وسلم الدرجات، كلما قلت من ذنبك آه، قيل لك : طبت يا (أواه) فقد قلبك الله، كلما صحت من خطاياك ونحت ، نوديت نجوت وأفلت ، كلما ذرفت منك دمعة أوقدت لك في عليين شمعة ، كلما ضج فؤادك شاكياً باكياً قيل لك: دمت طاهراً زاكياً، أدمت الخطيئة ـ قبل ـ أبيك آدم فنودي: يا آدم لو لم تكن التوبة أحب شئ إلينا ما ابتلينا بالذنب أعز الناس علينا:

لعل عتبك محـــمود عواقبه *** فربما صحت الأجسام بالعلل

لما ترك الذنب زال عنه الكرب ، وذهب عنه الخطب، ورضي عنه الرب )ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى):

سـامح الدمـــع إن أبان جوانا *** نحن لا نكتم الدموع الغزارا

بكي داود حتى بكت معه أحبابه، وتفجع حتى رق له أصحابه فنودي:
رجوعك إلينا أحب من إدلالك علينا، دمعة علي مصابك أشرف من ألف ركعة مع إعجابك، فيا أيها التائب لو تدري بمدلول حديث : ((لله أفرح بتوبة عبده)) لهمت طرباً ، ولتقطعت من الشوق إرباً إراباً ، ولو علمت بتزين الجنان لقدومك لجعلت أفراح أعيادك مكان همومك ، ولو اطلعت فرأيت مقعدك في الفردوس الأعلى، والملائكة ينادون أهلاً وسهلاً ، والحور يقلن وأغلي وأعلي لذبت سروراً ولملئت حبوراً ، ولصرت من البهجة مبهوراً ، وفي ظلال الإنس مغموراً ، أيها التائب أبشر بخير يوم طلعت عليك فيه الشمس ، فأنت ابن اليوم لا غد ولا أمس، طاب ممشاك، وأفلح وجهك، وقرت عينك، وسرت روحك، وعلا قدرك، ورفع ذكرك ، هنئياً لك بنداء: ) يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا) ، إذا وصلك الخطاب، وعرفت الجواب النبي صلي الله عليه وسلم ورفع لك الحجاب، فسبحان من جبر كسر من زل، ودمل جرح من ضل ، وراش جناح من ذل، اقترفوا ، وعلي الهلاك اشرفوا، فاعترفوا، فبشروا بـ (يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا) ، أخطؤوا ،فأسفوا، وندموا علي ما أسلفوا فوعدوا بـ) بَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا) للمعاصي في أول العمر أزلفوا، ثم عادوا إلي باب أرحم الراحمين ووقفوا فسمعوا:
)قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا) .. يتقلب التائب في الليل الداجي يبكي ويناجي فيقال له: ما عليك أطلعنا فسترنا ، وعرفنا فعذرنا ، وعلمنا فحملنا، وقدرنا فغفرنا!.
قال التائب : يا رب أذنبت قال: وأنا غفرت ، قال التائب: ذنوبي تجل عن الإحصاء ، قال الرب: ولو بلغت عنان السماء، قال التائب: يا رب أهلكتني السيئات ، قال التائب : يا رب تسامحنا علي ما فات أما تحاسبنا علي تلك الزلات؟ فقال الرب: بل أبدل السيئات حسنات، قال التائب: لا أكرم منك أحد ، قال الله أنا الصمد!..
جاء مذنب إلي عالم فقال: غرقت في الذنوب، فقال له: الآن أدركتك رحمته علام الغيوب ، وقال أحد السلف: والله لو خيرت أن يحاسبني ربي أو يحاسبني أبى وأمي لاخترت حساب ربي لأنه أرحم الراحمين!.
أيها التائب أبشر فإن تذكرك لذنبك طاعة منك لربك، كلما احترق قلبك بنار الدم ، ذابت جبال الخطايا والمم، كلما أطار الهم نومك وكدر الحزن يومك غسلت سيئاتك ومحيت خطيئاتك ،التائب حبيب الله وصديق عباده، وضيف رحمته، ووافد جنته، ومستحق كرامته، وحائر قربه، التائب يحبه المرسلون لأنه صدق قيلهم، واتبع سبيلهم ، واقتفي دليلهم، والتائب تحبه الملائكة؛ لأنهم يستغفرون له ، ويفرحون بطاعته، ويحبون توبته، والتائب يحبه المؤمنون؛ لأنه أعانهم علي نفسه، وجاهد مهم شيطانه، وارضي إلههم وإلهه، دمع التائب طاهر، لو وقعت منه قطرة علي جليد الخطايا لذاب، ولو سقط علي ركام المعاصي لغاب ، دمع التائب علي صدق صاحبه برهان، وعلي صحة توبته سلطان:

إذا اشتبكت دموع في خدود *** تبين من بكي ممن تباكي

أيها التائب الآن عرفت فالزم،ووصلت فاسلم ، وحصلت فاغنم، فتقدم ولا تحجم، الباب أمامك مفتوح، والعطاء من ربك ممنوح، والكرم منه يغدو ويروح:

والله والله ما أبكي علي طلل *** أقفى وأقفر من أهل وسكان
ولا بكيت علي واد الغضا سحراً *** أو خيمة بين روض الطلح والبان
وما ذرفت دموعي في الهوي سفهاً *** لفيء خل ولا تذكار جيران
لكن لذكر ذنوب ليتها محيت *** بعفو رب وغفران وإحسان

قل للمخطئين ومن في المعاصي تورطوا، لأنكم خلقتم من الطين أبشروا برحمة ارحم الراحمين ، من الذي دعاه فما لباه؟ من الذي سأله فما أعطاه ؟ من الذي استجار به فما حماه؟ من الذي استنجد به فما كفاه؟ من الذي أوى إليه فما آواه؟.. أيها التائب ارتكبت امرأة ذنباً، فأسقت كلبا، فأرضت رباً، وكشفت خطباً، وأزالت كرباً، قالوا في الأخبار وقديم الآثار: وقعت حمامة في ملامة فأكثرت الندامة، فبكت علي الغصون بدمع هتون ، وناحت في شجون وأنشدت:

ربي إذا ما القلب أفحم بالرضا *** وبكي لفرط ذنوبه وأتاكا
هل تعف عنه وهلا تزيل همومه *** إذ لا إله لذي الوجود سواكا

فهتف بها هاتف يقول: من عصانا أمهلناه، ومن تاب إلينا قبلناه ومن أطاعنا قربناه.. يا أيها التائب أما تري فيل أبرهة وجهوه إلي البيت العتيق فأبي، وضربوه فبكي خجلاً من صاحب البيت!.

والله لو قطعـوا رأسي لأجلـكم *** لسار نحو هواكم في الهوي رأسي
ولو هوت قدمي ممشى لغيركم *** لقلت بيني وما البين من بأس

نظر رجل في المرأة وهو في الأربعين وقد عصى رب العالمين، فرأي الشيب قد غطي عارضيه فصاح: أواه، واأسفاه، يا رباه!، ثم ذهب إلي عالم فقال له:

أما تري الشيب في هذا السواد شطا *** ونحن في ليل لهو نركب الغلطا
أراه ينهـــرني عـمـا ألم بـه *** كـأنما هو سيف بالهلاك سطـا؟!

فقال العالم: إن كان صبح الشباب عذرك ، فإن غروب الشيب أنذرك ، فتب إليه واشك الحال عليه، فإذا لقيته يوم الدين ،وقال لك: عبدي ما أغرك بي؟ فقل برك بي ‍‍‍‍.
بكي عمر بن عبد العزيز ثم قال : اللهم إنك قلت: )ُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ)، وأنا شيء فلتسعني رحمتك . وخرج أحد العباد يصلي بالناس الاستسقاء وهو شيخ كبير ، فكشف رأسه فإذا هو أبيض كالقطن، وقبض لحيته وبكي وقال:

سبحــان من يعفو ويعفو دائماً *** ولم يزل مهما هفا العبد عفا
يعطي الذي يخــطي ولا يمنعه *** جلالة عن العطى لذي الخطا‍
فنزل الغيث ‍‍‍‍‍.

براهين الحب
الأبطال يقدمون الرؤوس والنفوس لتلك المعالي والضروس ، فيا عابد الدراهم والفلوس، عش في عبوس، ودم في نكوس.
قال نور الدين محمود: (( اللهم احشرني في حواصل الطير وبطون السباع، فرزق الشهادة. وقال ابن الطرماح: اللهم لا تجعل وفاتي علي سرير في الدار، ولكن اقتلني بسيف الكفار. وقال طلحة يوم أحد: اللهم خذ من دمي هذا اليوم حتى ترضي. وقال عبد الله بن جحش: اللهم إنك تعلم أني أحبك.. وقال إعرابي رب أرسل علي في المعركة سهماً يقتلني.. وصح في الحديث : (( من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات علي فراشه))، وسأل ابن رواحه ربه أن يطعن في سبيله طعنة تصل الكبد‍ !..

يا ليت أنك قد حـضرت نزالنا *** ورأيت كيف تقطع الأعناق
كأس المنايا بيننا نحـــسو به *** حب المهـــيمن كله ترياق
صارت كأغماد السيوف دورنا *** والرمح في أحشائنا خفاف
متضرجين دماً فلو أبصرتنــا *** أنسـاك ما قلد أنشد العشاق

طعن الإمام المحدث النابلسي بالخنجر في سبيل الله، فكلما طعن طعنة قال: الله الله الله !، فمات وهو يقول الله الله !.. قال أهل السير نزف دمه، فكتب علي الأرض الله الله الله ، فالله أعلم ، والعهدة علي الرواة:

إذا قتـلوا صحت بحق دماهــم *** وكانت قديماً من مناياهم القتل
تدوس الخيول الصافنات رؤوسهم *** غريبون لمال لديهم ولا أهل
تكسرت الأسياف يوم نزالهم *** وفلت رماح الموت وانقطع النبل

تضحية برجال لا بجمال ‍!
وفي عالم التضحية يتقدم عضد الدولة الملك المشهور بذبح ثلاثة ملوك من الكفار في عيد الأضحى المبارك ويهنئه الشاعر فيقول:

صل ياذا العــلا لـربك وأنحـر *** كل ضد وشانئ لك أبتر
أنت أعلي من أن تكون ذوي السؤدد *** تيجانهم أمامك تنثــر
كلما خر سـاجــدا لك رأس *** منهم قال سيفك: الله أكبر‍ ‍!

وهذا مثل أضحية الأمير خالد القسري لما صعد المنبر يوم عيد الأضحى ، فخطب الناس وقال أيها الناس: ضحوا تقبل أضحيتكم ، فإني مضح بالجعد بن درهم،إنه زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلاً، ولم يكلم موسى تكليماً، يقول ابن القيم:

ولذاك ضحي خـالد بالجـعـد *** يوم ذبائح القـــربـان
إذ قال إبراهيم ليس خليلــه *** كـلا ولا مـوسى الكليم الداني
شكر الضحية كل صاحب سنة *** لله درك من أخي قربـــان

(يحبهم ويحبونهم)
( يحبهم) ‍!.. هذا عجيب، لأنه غني عنهم، وهم فقراء إليه، ولا يعتمد عليهم، ويعتمدون عليه ، ولا يطلب شيئاً منهم، وهم يطلبونه في كل شئ .
وعجيب أن يحبهم وهم مخلوقون ، وهو الذي خلق، ومرزوقون وهو الذي رزق.
(ويحبونه) .. ليس بعجيب، فقد صورهم وهم أجنة ، ثم أخرجهم من بطون أمهاتهم وله المنة ، ثم هداهم بالكتاب والسنة.
ويحبونه؛ لأنه أعطاهم القلوب، والأسماع ، والأبصار ، وسخر لهم الشمس والقمر والنهار، وحماهم من الأخطار في القفار والبحار.
ولو قال: يحبهم، وسكت لتوهم منهم الجفاء، ولو قال: يحبونه، وسكت، لقيل ليس لهم عنده اختفاء، فلما قال: (يحبهم ويحبونه)، تم الوداد والصفاء، وظهر الوفاق والوفاء.

ضحايا الحب .. شعراً

الحب في لغة الـهوي حرفان *** لكنه يوم النوى لغــتان
لغة القلوب ولا يفك رموزها *** إلا فؤاد دائم الخفقان
متوهد بهليب ذكري لو هوت *** في البحر ظل البحر في هيجان
ومضرج بدم الشهادة معلناً *** أسماء من ذبحوا علي القربان
ذابت حشاشة ورق خطابه *** فتجاوبت لحنينه العينان
بعثت له بالدمع ألف رسالة *** مظروفة بكمائم الأجفان
فإذا قرأت حروفها في ليلة *** أيقنت أن الحب شئ ثان
الحب ليس قصيدة عربية *** محبوكة الأطراف والأوزان
الحب ليس رواية منسوجة *** للعرض والأعلام والإعلان
الحب ليس تهتكا وتهافتاً *** وتظاهراً بمرارة الحرمان
الحب ليس من الدعي مقالة *** منحوتة بعجائب البلدان
كلا وليست خيمة بدوية *** مضروبة الأطنان في الصوان
ما كان حباً مسرحية عابث *** أدوارها تصميك بالدوران
الحب أن يقف الفؤاد مولهاً *** أنفاسه من لاهب النيران
لو سال من جسم المحب دماؤه *** كتبت حروف الحب في الجدران!
ترمي العيون إليه وهي نواعس *** سهمين من وصل ومن هجران
فإذا التقي سهم الوصال بقلبه *** هزته ذكر ملاعب الولدان
وإذا أتي بالهجر سهم صائب *** فهو الشهيد بساحــة الميدان
وتثير أنفاس الصباح بروحه ‍ *** أشواق من رحلوا من الأوطان
فيظل في بحر التذكر باكياً *** ما عاد من صبر ومن سلوان
وإذا الصبا هبت وحل أريجها *** هجر الكرى ومجالس الإخوان
لو مر طيف حبيبه بمنامة *** لارتاع وهو يعد في الشجعان ‍!‍
أما الضلوع فلو لمست لهيبها *** لظننتهـا مـن لاهب النيران ‍!
هجر الرقاد وقد تصدق بالكرى *** فكأنه يشكو إلي الدبــران
خلعت له الجوزاء من أسمالها *** ثوب السهاد بليلة الأحـزان
وكساه حتى الليل بردة عاشق *** تغنيه عن خلع وعن قمصان
تلقاه مفجوعاً يقلب كفه *** متلهفاً كـالواله الحــيران
فإذا غفا فحبيبه في جفنه *** متمثلاً في صـورة الخجلان
وإذا صحا من يهوي غدا *** في كل ناحية وكل زمــان
إن لاح برق قال بسمة عاشق *** أو ناح رعد قال صوت فلان!
والصبح طلعة وجهه وجماله *** والغيث يشبه دمع من يهواني!
ونشيد طير الروض يحيي ميتاً *** من شوقه في سالف الأزمان
فهو المعذب ما قد راعه يحنو له *** حساده فهو البعيد الــداني
يا لائمي في الحب ليتك ذقنه *** وسقاك من جفنيه من أسقاني!
إن كنت تعذلني فجرب ساعة *** هجر المحب وفرقة الخلان
فلسوف تعذرني وتفقه قصتي *** وتبيت أنت مجرح الأركان
أنا ما هويت مربرباً ألحاظه *** سحر وفوق لماته خالان
ورموشه كسيوف هند اشرعت *** ضرباتها تهدي الردى لجنان
وعلي الجبين من الجمال مهابة *** وحلاوة من منطق فتان
فالنور من تلك الثنايا ذائب *** والشهد ترشف شمعة شفتان
وكلامه سحر حلال مترف *** ينسيك عذب معازف العيدان
وكلامه سحر حلال مترف *** لا يصح سامعه من الإدمان
سكر من النغم البريء وآخر *** من دفء حب إنه سكران
قالوا الثريا علقت بجبينه *** وتوضأت بضيائها كفان
ما روضة فيحاء باكر الندي *** والغيث مساها علي إبان
والمسك في أعطاف كل خميلة *** ما شئت من شيح ومن ريحان
والطل في أردانها متمارج *** لله من طل ومــن أردان
يوماً بأذكى من تضوع عطره *** كلاً ولا في الحسن يستويان
لم يسبني هذا ولم أهدي له *** حبى ولم أراهن عليه جناني
كلا وما أحللته من مهجتي *** روضاً وما اسكنته بستاني
عهد الزيانب كله أنسيته *** وذكرت كل العمر ما أنساني!
حبي لمن منح الجميل وزادني *** شرفاً وبصرني الهدي وحباني
حبي لمالك مهجتي ولخالقي *** ولرازقي هو صاحب السبحان
شرفي بأرني عبده يا فرحتى *** والفخر لي بعبادة الرحمن
وعليه سار الفائزون جميعهم *** متوهجين إلي عظيم الشان
ولأجله بذلوا النفوس وعلقت *** تلك الجماجم والتقي الجمعان
سالت علي حد السيوف دماؤهم *** وسعوا دامي الملابس قاني
ومقطع الأوصال يسحب جسمه *** فوق اللظي، يشوي علي الصوان
ومبعثر الأشلاء لو جمعته *** ألفيته بحواصل الغربـــان !
قتلوا لأجل محبهم وحبيبهم *** وسواهمو لمحبـــة النسوان!
فاعرف( ضحايا الحب) وافعل فعلهم *** إن كان ذاك الفعل في إمكان
فإذا جبنت من القتال وخفت من *** وهج السيوف وزحمة الشجعان
وخشيت من وخز الرماح ولم تطق *** ضرب الردى من فارس طعان
وبخلت بالنفس النفيسة موقناً *** أن العلا حرمت علي الكسلان
فاهجر فراشك والمنام مهللاً *** يوم الاذان يضج في الآذان
واحضر إلي الصف المقدم ضارعاً *** متملقاً للواحـــد الديان
واسكب دموعاً لا تصان لموقف *** عند العظيم مصور الأكوان
واهتف بصوت خافت متخشع *** متصدع لعجائب القــرآن
ومعفراً منك الجبين ومعلناً *** ندمـاً بنطق مقصر خجلان
فإذا أبيت ولم تطق هذا ولم *** تقدر عليه لسطوة الشيطان
فتمن موتاً عاجلاً وارحل فما *** أقسى البقاء لمفلس خسران!

النهايه
هنا نهاية الكتاب لكن ليست نهاية الخير الذى جنيناه
هنا النهايه لنبدأ بها صفحات جديده من حياتنا
هنا النهايه لماضينا واخطائنا
هنا البدايه لحب الله وخشيته وقربه

استودعكم بحفظ المولى

مع كتاب أخر
لشيخنا حفظه الله

حفيدة الألباني 06-05-09 11:16 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زهور السوسن (المشاركة 1946491)
جزاكـ المولى خير الجزاء


وجعلهـ في موازين حسناتكـ


آآمييين ويجزاك خير أختي

مشكووره على مرورك

دمت في رعاية الباري

حفيدة الألباني 06-05-09 11:27 AM

نوني .. سوسو

جزاكم الله خيراً

جعل الله ماتفضلتم به في موازين حسناتكم

وفقكم الله وبارك فيكم

حفيدة الألباني 06-05-09 11:32 AM

http://www.liillas.com/up2//uploads/...4986a08361.gif

غثاء كغثاء السيل !!

يقول عليه الصلاة والسلام: {تزوجوا الودود الولود؛ فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة}، والرسول صلى الله عليه وسلم إنما يكاثر بنا الأمم إذا كنا مؤمنين صادقين أقوياء متعلمين، أما إذا كنا جهلة متخلفين كسالى محبطين، فنحن لا نستحق أن يكاثر بنا الأمم؛ لأننا كالأصفار التي لا قيمة لها، ماذا نفع المسلمين الآن عددهم الذي يقارب مليار مسلم ونصف؟ أين مكانهم في العالم؟ أين صوتهم؟ أين صناعاتهم؟ أين إبداعهم؟ أين اختراعاتهم؟ وأين اكتشافاتهم؟ شيء قليل لا يكاد يذكر..

لقد تحقق فينا قول الرسول صلى الله عليه وسلم: {ولكنكم غثاء كغثاء السيل}، وعجبي لا ينتهي ممن هو مستمر في الإنجاب والتوالد والتناسل والتناسخ والتبييض، والتفريخ، ثم إذا ملأ بيته بالأطفال تركهم بلا تعليم ولا توجيه، ولا تربية، ولا رعاية، فخرجوا فارغين عاطلين عن العمل بلا علم، ولا أدب ولا وظيفة، فمنهم من أصابه مرض نفسي ووسواس قهري، ومنهم من وقع في المخدرات والمنكرات، ومنهم من نظم نفسه في عصابات قطّاع الطرق والمحاربين والقتلة، فهل هذا من تكثير الأمة ومن تطبيق أمره صلى الله عليه وسلم؟.

لقد حدثني أستاذ عن حارس في مدرسته راتبه ألف وخمس مائة ريال، ومتزوج بثلاث زوجات وعنده سبعة عشر من الأبناء، وكلما ولد له مولود بشر المدير والأساتذة ورقص رقصة الفرح وهو يدور بصك الإعسار وخطاب الشحاذة يشحذ عباد الله ويتسول لزوجاته وأطفاله، هل هذا الصعلوك المفلس قوة للإسلام؟ وهل يمكن أن ينجب علماء وأطباء وحكماء ومهندسين وأساتذة وهو جاهل أمي ضعيف عقل، وقليل رشد؟ وقس على هذا الآلاف المؤلفة ممن همهم الإنجاب حتى وقعنا في كثرة الإنتاج مع سوء التوزيع وكثافة الكم مع ضعف الكيف.

آمل من المسلمين أن يفهموا دينهم فهماً صحيحاً، وألا يسيئوا استخدام النصوص، وألا يحمّلوا الإسلام ما لا يحتمل، وألا يكونوا عالة على أمتهم ومجتمعهم، وليجتهدوا في بناء ذواتهم بناءً صحيحاً على الإيمان والمعرفة والرشد، والهمة العالية والعمل النافع المفيد، ومن عنده طفلان فرباهما تربية صحيحة واعتنى بهما وعلمهما أفضل ممن عنده أربعون من الجهلة الكسالى قليلي الأدب الذين يذرعون شوارعنا صباح مساء، بلا علم ولا عمل، وإنما يحملون أجساماً سمينة مترهلة كأجسام البغال، عليها رؤوس ما فيها إلا الغباء، وقد أضروا بالبيئة وأكسدوا الهواء وأسهموا في أزمة الماء، وازدحام الطرق والمواصلات وغلاء الأسعار بلا فائدة مرجوّة، ولا خير منتظر، والجيد منهم من لزم بيته ولم يؤذ الناس، ولكن المصيبة إذا تحول أحدهم إلى غدة سرطانية في باب المخدرات أو التفجيرات أو المنكرات.

نريد توعية شاملة عن مقاصد الإنجاب في الإسلام، أنظر إلى سكان إسرائيل خمسة ملايين، والعرب أكثر من ثلاثمائة مليون، وقد سامت إسرائيل إخواننا في فلسطين الخسف وسوء العذاب وضربتهم جواً وبحراً وأرضاً والعرب يتفرجون ولا يحركون ساكناً ولا يجلبون نفعاً ولا يدفعون ضراً، إنما يملكون بيانات الشجب والتنديد والاستنكار.

فهل ضر إسرائيل في عالم القوة قلة سكانها؟ وهل نفع العرب في العالم الدنيا كثرة سكانهم؟ أليس هذا غثاء السيل الذي أخبر به المصطفى صلى الله عليه وسلم؟ إن الأمة الإسلامية دموع هادرة وبحور هائجة وسيول متلاطمة من الجماهير، ولكن أكثرهم أمي فقير عاطل عن العمل، فكيف تريد من هذه الأمة أن تصنع مجداً دنيوياً أو نصراً إسلامياً وهي عجزت عن تربية وتدريس وتوظيف أبنائها، وصارت أمة مستهلكة لصناعة وإنتاج الغرب والشرق، إن الرسول صلى الله عليه وسلم يكاثر بنا الأمم إذا كنا أتباعاً له بصدق، وأنصاراً له بحق، نحمل الأمانة، نفي بالعهد، نحترم الكبير، نرحم الصغير، ننصر المظلوم، نردع الظالم، نجتنب الحرام، نصدق في القول، نجد في العمل، نجتنب الغدر والخيانة والزور، نحمل روح الإخاء والصفاء، أهل همم عالية ومشاريع كبرى، وعمل صالح مثمر وإنتاج مفيد نافع، عندها يكاثر الرسول صلى الله عليه وسلم بنا الأمم ويباهي بنا الشعوب..

من كتاب سنابل وقنابل لشيخنا الفاضل

http://www.liillas.com/up2//uploads/...4986a08361.gif

حفيدة الألباني 06-05-09 09:01 PM

http://www.liillas.com/up2//uploads/...078e5d28ae.gif

أيتها العير إنكم لسارقون

ينبغي أن نستحي من ممارسة التزوير الذي نقوم به صباح مساء، فقد عرفت بعض الناس جعل لنفسه لقب الدكتور، وهو لم يحصل على الدكتوراه، وبعض طلبة العلم تظاهر بأنه يحفظ كذا وكذا متناً، وهو لم يحفظها، وبعض التجار أوهَم الناس أن لديه مشروعات مساهمة فتورّط الناس معه، وساهموا فأفلسوا، وبعضهم ضحك على البسطاء حتى باعوا بيوتهم وأودعوا أموالهم عند هذا المفتري فأخذ المال وهرب، لكنه لا يستطيع أن يهرب يوم القيامة، واستمعتُ لرجل يكتب في التاريخ ادّعى في المجلس أنه شاهد سد ذي القرنين على حدود الصين، وقد كذب بعد ظهور برهان كذبه، وبعضهم يدعي أنه رأى رؤيا منامية هائلة وهو كاذب، وقس على ذلك صنوف التزوير..

فلماذا هذا؟! أمن أجل الناس؟! ومن هم الناس؟ ما قدرهم حتى يُعصى الله من أجلهم؟ وقد كان السابقون الأخيار ينادون بأسمائهم المجردة، ويذكر للواحد إنجازات عملية فيقولون أبو بكر الصديق حضر الغزوات كلها، وأنفق ماله كله في سبيل الله، وكان مع الرسول (صلى الله عليه وسلم) في الغار والهجرة والعريش يوم بدر ونحو ذلك، فلما جاء المتأخرون قالوا للواحد: سماحة العلامة الفهّامة، وحيد العصر، أعجوبة الدهر، النظّار المجتهد، البحر الجهبذ، وآية الله، وحجة الإسلام، فلان بن فلان، ولهذا عَلَت وسبقت الأمة في أول عهدها، وأخفقت ورسبت في عصرنا، حتى اني رأيت بعض من يذكر سير بعض المتأخرين يقول: ما رأى مثل نفسه وعجزت النساء أن يلدن مثله، ولو كان في بني إسرائيل لكان عجباً، ولو حلفت بين الركن والمقام ما رأيت مثله لصدقت، ونحو هذا الكلام الفارغ الفاضي الفاشل.

ونحن نحتاج إلى كتابة تاريخ صادق لنا وشفاف وعادل بدل تاريخنا الذي أغرق في سيرة الملوك والخلفاء فقط، حتى ذكر لنا جواريهم وموائدهم وملابسهم وأهمل تاريخ الأمة العلمي والإصلاحي والاجتماعي، ثم الواجب أن تذكر الحسنات والسيئات بلا أهواء ولا عواطف ولا ظلم، وإنما الإنصاف مع ذكر سنن الله في الأمم والشعوب واستخلاص الدروس النافعة من كل حادثة وواقعة تستحق الدراسة، تاريخنا في أكثره سرد قصصي، وتهويل مع ذكر عجائب وغرائب أحياناً لا يصدقها العقل مع المبالغة في الأوصاف والأرقام.

ونحن بحاجة إلى من يمحص تاريخنا، ويغربله من الأوهام، ويقدّمه في أحسن صورة، ويقوم بذلك فريق من العلماء الملمين بالتاريخ وفقه التاريخ، وحبذا لو ربط هذا التاريخ بالقرآن بحيث تتجلى سنة الله في كتابه في الأمم والدول والعبر المذكورة في كتابه عن هذا الباب، فالتاريخ لا يجوز أن يزوَّر، ومن التزوير الثقافي اعتداء بعض المؤلفين على كتب سابقة أو معاصرة وسلخها في مؤلفاتهم من دون الإشارة للمؤلف السابق، ومنهم من أخذ قصائد لغيره ونسبها لنفسه، وذكروا في السير والأخبار تهاويل وغرائب مثل كتاب «بدائع الزهور» و«مروج الذهب» و«الزير سالم» ونحوها، حتى ذكروا أن أحد ملوك العمالقة كان طويلاً ضخماً إلى درجة أنه كان يدخل يده في البحر فيصيد سمكة ثم يرفعها ويشويها عند الشمس ويأكلها!! وهذا هذيان، وذكروا في عدد الجيوش في منطقة صغيرة ألف ألف مقاتل أي مليونا وأرضهم لا تتسع لهذا وعدد سكانهم لا يُخرِج عُشْر هذا العدد من المقاتلين، وقد رد مثل هذه الغرائب ابن خلدون وبعض المعاصرين من المؤرخين والكتّاب، يذكر أن الزعيم الفلاني الميت حدّثه بكذا واتصل به وشاوره ومازحه وأكل معه؛ ليعظم هذا المتكلم عند الناس وهو مطمئن لعدم انكشاف كذبه، لأن هذا الزعيم مات من زمان، وبعض طلاب العلم يذكر أنه حفظ عشرات المتون وقرأ آلاف المجلدات وكان يحفظ في اليوم مائة بيت، ولكن للأسف مرت به ظروف، فنسي كل شيء حتى جزء عما، وهذا من التزوير العلمي، وقبل أربعمائة سنة حكم مصر حاكم ظالم طاغية وأصاب مصر زلزال خاف منه هذا الحاكم، وأراد أن يتوب فقام شاعر متملّق فأنشد الحاكم قوله:

ما زلزلت مصر من كيد ألـمَّ بها
لكنها رقصت من عدلكم طربا


فعاد الحاكم إلى ظلمه وهذا من التزوير الأدبي، والقرآن هدّد الجميع بقوله تعالى: ((سَتُكتَبُ شَهَادَتُهُم ويُسأَلُونَ)) ..


من كتاب سنابل وقنابل للشيخ عائض القرني

http://www.liillas.com/up2//uploads/...078e5d28ae.gif

ساعه بلا عقارب 07-05-09 09:28 AM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مقتطفات سنابل رائعه جعلها الله لكاتبنا مئات السنابل بالاخره ...ولكي اختي فيدو
فعلاً اصبح زيف القول وسرقة العلم والقول منتشره بهذا الوقت اكثر من السابق , اجارنا الله وياك والجميع هذه الخصال ..

حفيدة الألباني 07-05-09 08:54 PM

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

آآآميييين وإياك أختي سوسو

شاكرة لك تعقيبك ومتابعتك ^ـــ^

دمت بحفظ الله

حفيدة الألباني 10-05-09 09:57 PM

http://www.liillas.com/up2//uploads/...6f9414badc.gif

أوقد شمعه ولا تلعن الظلام

الذكي الموفَّق يحوّل خسائره إلى مكاسب، طُرد الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة فانشأ دولة عادلة ملأت سمع الزمان وبصره، سُجن ابن تيمية فكتب في السجن ثلاثين مجلداً من العلم النافع، وضُع السرخسي في بئر معطّلة تحت الأرض فألَّف كتاب المبسوط عشرين مجلداً، أُقعد ابن الأثير فصنَّف جامع الأصول أنفع وأفيد كتاباً في الحديث، تعطَّل عطاء بن أبي رباح عن المكاسب الدنيوية لأمراضه وضعفه فجلس في الحرم ثلاثين سنة يتعلم العلم فصار عالم الدنيا، أصابت الحمى أبا الطيب المتنبيئ فأرسل للعالمين قصيدته الرائعة الذائعة:

وَزائِرَتي كَأَنَّ بِها حَياءً فَلَيسَ تَزورُ إِلا في الظَلامِ

وعمي طه حسين فواصل دراسته حتى نال العالمية، وبُتِرت رجل الزمخشري فلزم بيته يقرأ ويصنِّف فصار أعجوبة الدهر، إذاً استثمر الوجه الآخر للمأساة وانظر إلى الجانب المشرق للمصيبة وحاول أن تصنع من الليمون شراباً حلواً، وتكيّف مع ظرفك القاسي واعلم أن العظماء إنما شقّوا طريقهم إلى المجد على الجمر وعلى الشوك والتعب والمشقة؛ لأن طريق الراحة التعب، والتفوق والانتصار قطرات من الدموع والآهات والدماء والعرق، أما الإخفاق والهزيمة فإنها كبسولات مسكِّنة من الفشل والكسل والتّسويف والإحباط والراحة.

فإذا واجهتك أزمةٌ وصدمتك مأساة فلا تقابلها بالعويل والثبور والبكاء والتّحسر بل واجهها بالاحتساب والصبر والإصرار على الانتصار والثبات والاستمرار، إن العباقرة في الغالب لم تكن ظروفهم مهيأة ولا النعم لديهم مكتملة ولا الوسائل متاحة، فمن عنده مالٌ ليس لديه صحة، ومن رُزق ذكاءً خسر الثروة، ومن مُتِّع بسمعه قد يفقد بصره، فحال الدنيا عدم الاكتمال، فلو أن الدنيا تـمّت لأحد من العز والمال والصحة والجاه والسرور والأمن لصارت جنّة ولما كان في الآخرة جنّة ثانية، لكن هذه الدنيا (من سرَّه زمنٌ ساءته أزمان).

فلا تنتظر أن يصفو لك العيش وتسالمك الأيام وتُتاح لك الفرص وتُفرش لك طريق المجد بالورود، ولكن انطلق بما أعطاك الله من موهبة ونعمة ووظِّفها أحسن توظيف واجتهد غاية الاجتهاد، وإذا ضمك الليل فلا تلعن الظلام ولكن أوقد شمعه، وإذا تعطَّلت بك سيارتك فلا تلقي خطبة رنّانة في سبّ من صنعها أو الطريق الذي مشت عليه، ولكن أصلحها وواصل السير، وإذا تنكَّر لك صديق فلا تنظم فيه قصائد الهجاء وتضيّع وقتك ولكن ابحث عن صديق آخر أو عش وحيداً، وكن كالنملة تحاول الصعود ألف مرَّة ولا تؤمن بالإحباط أبداً، وكن كالسيل إذا وُضعت في طريقه صخرة انحرف ذات اليمين وذات الشمال.

الفرص أمامك كثيرة والأيام المشرقة تنتظرك، والانتصار حليفك إذا بذلت واجتهدت وتوكّلت على الله، لا تعترف في الحياة بالهزيمة أبداً وقاوم إلى آخر نَفَس من حياتك فإن أبا الريحان البيروني بقي يدّرس حتى في يوم وفاته، وأبو يوسف القاضي يناقش طلابه وهو في سكرات الموت، وابن سيناء يكمل مصنَّفه والموت يدبُّ في أطرافه، لأن الحياة لا تعترف بالخاملين الكسالى، والدهر لا يصفق للفاشلين، والمؤمن القوي خير وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف، قال شوقي:

وَما نَيلُ المَطالِبِ بِالتَمَنّي وَلَكِن تُؤخَذُ الدُنيا غِلابا

وقلت أنا (وأعوذ بالله من كلمة أنا):

كن أحمر العين إن المجد منتهبٌ وكن فديتُكَ مرجوّاً ومرهوبا

لم ينفع الشّاةَ في الدنيا سكينتها والليث ما ضرّهُ أن ليس محبوبا


من كتاب سنابل وقنابل لشيخنا الفاضل


http://www.liillas.com/up2//uploads/...6f9414badc.gif

حفيدة الألباني 12-05-09 07:23 PM

http://www.liillas.com/up2//uploads/...d051c0d030.gif

اشكر حسادك

النقد الموجّه إليك يساوي قيمتك تماماً، وإذا أصبحت لا تُنقد ولا تُحسد فأحسن الله عزاءك في حياتك؛ لأنك متَّ من زمن وأنت لا تدري، وإذا أصبحت يوماً ما ووجدت رسائل شتم وقصائد هجاء وخطابات قدح فاحمد الله فقد أصبحت شيئاً مذكوراً وصرت رقماً مهماً ينبغي التعامل معه، إن أعظم علامات النجاح هو كيل النقد جزافاً لك فمعناه أنك عملت أعمالاً عظيمة فيها أخطاء.

أما إذا لم تُنقد ولم تُحسد فمعناه أنك صفر مكعَّب (( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ )) [المائدة:3] يقول صاحب كتاب (دع القلق): إن الناس لا يرفسون كلباً ميّتاً، ولكن أبا تمام سبق لهذا المعنى فسطَّره وعطَّره وحبَّره فقال:

وَإِذا أَرادَ اللَهُ نَشرَ فَضيلَةٍ طُوِيَت أَتاحَ لَها لِسانَ حَسودِ

يقول أحد الكتّاب: عليك أن تشكر حسّادك؛ لأنهم تبرعوا بدعاية مجانية نيابة عنك، وإذا وجدت هجوماً كاسحاً ضدك من أصدقائك الأعداء أو من أعداءك الأصدقاء فلا ترد عليهم بل سامحهم واستغفر لهم وزد في إنتاجك وتأليفك وبرامجك فإن هذه أعظم عقوبة لهم يقول زميلي أبو الطيب:

إِنّي وَإِن لُمتُ حاسِدِيَّ فَما أُنكِرُ أَنّي عُقوبَةٌ لَهُمُ

إن نقد أعدائنا الأصدقاء يقوِّم اعوجاجنا الذي ربما أعمانا عنه مديح الجماهير وتصفيق المعجبين، يقول غوته: إن الدجاجة حينما تريد أن تبيض وتقول: قيط..قيط تظن أنها سوف تبيض قمراً سيّاراً، فالعالِم لكثرة ما يمدح يظن أن الله لطف بالخلق لـمّا أوجده في هذا الزمن، والمسئول إذا أُثني عليه بقصائد يحسب أن الملائكة في السماء تصفّق له.

إذاً فلابد من وخزات نقدية؛ ليستيقظ العقل المبنَّج بأُبر أهل المدح الزائف الرخيص، يقول أحد الفلاسفة: إذا رُكِلتَ من الخلف فاعلم أنك في المقدمة، إن التافهين ليس لهم نقّاد ولا حسّاد؛ لأنهم كالجماد تماماً، وهل سمعت أحداً يهجو حجراً أو يسب طيناً ؟! وتذكر أن الكسوف والخسوف للشمس والقمر أما سائر النجوم فلم تبلغ هذا الشرف.

يقول زهير:

مُحَسَّدونَ عَلى ما كانَ مِن نِعَمٍ لا يَنـزِعُ اللَهُ مِنهُم ما لَهُ حُسِدوا

ذكروا عن العقاد أن أحد الكتّاب شكا إليه تهجم الصحافة عليه فقال العقاد: اجمع لي كل المقالات التي هاجمتك فجمعها فقال له: رتّبها وضع قدميك عليها فلما فعل قال له: لقد ارتفعت عن مستوى الأرض بمقدار هذا الهجوم ولو زادوا في نقدهم لزاد ارتفاعك، يقول ابن الوزير:

وشكوت من ظلم الحسود ولن تجد ذا سؤدد إلا أصيب بحسّدِ

إن أصدقاءك الأعداء وإن أعداءك الأصدقاء لم ينقموا عليك لأنك سرقت أموالهم أو اغتصبت دورهم ولكنك فقتهم علماً أو معرفة أو مالاً أو حققت نجاحاً باهراً فلابد أن يقتصّوا منك جزاءاً وِفاقاً لتصرفك الأرعن لأن الواجب عليك عندهم أن تبقى تحتهم بدرجة، إذاً فلا تنتظر من حسّادك شهادات حسن سيرة وسلوك ودعاء في السحر بل توقَّع قصائد عصماء مقذعة وخطباً نارية بشعة ومقامات أدبية مشوّهه.

والمشكلة أن صديقك الحاسد يرفض دستور المودة وأنت تعرضها عليه ويبحث عن آخرين يصنع معهم الصداقات كما قالت الشاعرة البارعة رضي الله عنها:

الّلي يبينا عيّتْ النفـسْ تبغِيـهْ واللّي نبـي عيّا البَختْ لا يِجيبـه

من كتاب سنابل وقنابل لشيخنا الفاضل

http://www.liillas.com/up2//uploads/...d051c0d030.gif

نونو 13-05-09 02:59 AM

رائع ياحفيده

اعجبني جدا ماقطفتيه لنا من هذا الكتاب

يحاكي واقع امتنا

اسلوب يجمع بين الجد والهزل

المتعه والتذكير

بارك الله في شيخنا

وبارك الله فيك حفيده على هذا الطرح المميز

استمري

فنحن متابعين معك

وفقك الله

حفيدة الألباني 13-05-09 10:58 AM

الأروووع هو متابعتك لي نوني

آآميين وبارك الله فيك عزيزتي

شاكره لك مرورك وتعقيبك

دمت بحفظ الله ورعايته

ساعه بلا عقارب 17-05-09 10:34 AM

جزاك الله كل خير فيدووو على ما تنقلين لنا من روائع الكلام
اعذري تاخري بسبب انقطاع النت عندي ..

ساعه بلا عقارب 17-05-09 10:49 AM

من أروع ما قرأت من كتبه القديمه ...
أول ليلة في القبر.
فضيلة الشيخ / عائض بن عبد الله القرني
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين.
( الحمد لله الذي خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور، ثم الذين كفروا بربهم يعدلون)
(الحمد لله فاطر السماوات والأرض جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء إن الله على كل شيء قدير).
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، بعثه ربه هاديا ومبشرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بأذنه وسراجا منيرا.
بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حتى أتاه اليقين.
صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
فارقتُ موضعَ مرقدي يوماً ففارقني السكون…….القبرُ أولُ ليلةٍ بالله قلي ما يكون
ليلتانِ اثنتان يجعلها كلُ مسلمٍ في مخيلته.
ليلةٌ وهو في بيته مع أطفاله وأهله.
منعما سعيدا، في عيشٍ رغيد في صحة وعافية، يضاحكُ أطفاله ويضاحكونه.
والليلةُ التي تليها مباشرةً ليلةٌ أتاه الموت فوضع في القبر، أي ليلتين ؟
ليلةٌ ثانيةٌ وضع في القبر لأولِ مرة، وذاك الشاعرُ العربيُ يقول:
فارقتُ موضعَ مرقدي يوماً ففارقني السكون، يقول:
انتقلتُ من مكانٍ إلى مكان، وذهبتُ من موضع نومي في بيتي إلى بيتٍ آخر فما أتاني النوم.
فبالله كيف تكونُ الليلةُ الأولى في القبر ؟
يومَ يوضعُ الإنسانَ فريداً وحيداً مملقاً إلا من العمل، لا زوج ولا أطفال ولا أنيس:
(ثم ردو إلى اللهِ مولاهم الحق، ألا لهُ الحكمُ وهو أسرع الحاسبين).
أولُ ليلةٍ في القبر بكاء منها العلماء، وشكاء منها الحكماء، ورثاء إليها الشعراء، وصنفت فيها المصنفات.
أولُ ليلةٍ في القبر.
أُتيَ بأحد الصالحين وهو في سكراتِ الموت لدغته حيه.
وكان في سفر، نسي أن يودع أمه وأباه وأطفالهُ وإخوانه، فقال قصيدةً يلفظُها مع أنفاسه هيَ أم المراثي العربيةِ في الشعر العربي. يقولُ وهو يُزحفُ إلى القبر:
فلله دري يوم اُتركُ طائـعاً ……… بنيَ بأعلى الرقمتينِ وداريا
يقولون لا تبعد وهم يدفنونني …….و أين مكانُ البعد إلا مكانيا
يقول كيف أفارقُ أطفالي في لحظة ؟
لماذا لا أستأذنُ أبوي ؟
أهكذا تُختلسُ الحياة، اهكذا أذهب ؟
أهكذا أفقدُ كل ممتلكاتي ومقدراتي في لحظة ؟
ويقولُ عن نفسه:
يقولُ لي أصحابي واللذينَ يتولونَ دفني، لا تبعد أي لا أبعدك الله.
وأين مكانُ البعد إلا هذا المكان ؟
وأين الوحشةُ إلا هذا المنقلب ؟
وأين المكان المظلم إلا هذا المكان ؟
فهل تصورَ متصورٌ هذا.
(حتى إذا جاء أحدهم الموتُ قال ربي ارجعون لعلي أعمل صالحا في ماتركت، كلا إنها كلمة هو قائلها، ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون).
كلا‍، آلان تراجع حساب ‍‍‍‍‍‍‍‍، آلان تتوب، آلان تنتهي عن المعاصي.
يا مدبرا عن المساجد ماعرف الصلاة.
يا معرضا عن القرآن، يا متهتكا في حدود الله.
يا ناشئا في معاصي الله.
يا مقتحما لأسوار حرمها الله.
آلان تتوب، أين أنت قبل ذلك ؟
أو ليلية في القبر.
قال مؤرخوا الإسلام:
مات الحسنُ ابن الحسنِ من أولادِ علي ابنَ أبي طالب رضي الله عنه و أرضاه.
كان عنده زوجةٌ و أطفال وكان في الشباب،
والموتُ لا يستأذنُ شاباً ولا غنياً ولا فقيراً ولا أميراً ولا ملكاً ولا وزيراً ولا سلطانا،
الموتُ يقصمُ الظهور ويخرجُ الناسَ الدور وينزلهم من القصور ويسكنهم القبور بلا استئذان.
الحسن ابنُ الحسن مات فجأة، نقلوه إلى المقبرةِ.
فوجدت علية امرأتُه وحزِنت حزناً لا يعلمه إلا الله.
أخذت أطفالها وضربت خيمةًَ حول القبر.
( وهذا ليس من عمل الإسلام ولولا أن مؤرخو الإسلام ذكروه ما ذكرته).
ضربت خيمةً حول القبر وأقسمت بالله لتبكينا هي و أطفالها على زوجِها سنةً كاملة.
هلعٌ عظيم وحزنٌ بائس.
وبقيت تبكي فلما وفت سنة أخذت إطناب الخيمةِ وحملتها و أخذت أطفالها في الليل.
فسمعت هاتفاً يقول لصاحبه في الليل:
هل وجدوا ما فقدوا ؟، هل وجدوا ما فقدوا ؟
فردَ عليه هاتفٌ أخر قال :
لا، بل يئِسوا فانقلبوا.
ما وجدوا ما فقدوا، ما وجدوا ضعيتهم، ولا وديعتهم:
كنزُ بحلاون عند الله نطلبُه…..خير الودائعِ من خير المؤدينا
(قال لا، بل يئِسوا فانقلبوا).
ما كلمَهم من القبر، ما خرج إليهم ولو في ليلةٍ واحدة، ما قبل أطفاله، ما راى فتاته، لا.
ولذلك هذه هي أولُ ليلةٍ ولكن لها لياليٍ أخرى إذا احسن العمل.
قل الله، جل الله :
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ).
أتى أبو العتاهية يقول لسلطانٍ من السلاطينِ غرتُه قصوره، وما تذكرَ أولَ ليلةٍ ينزل فيها القبر.
ونحن نقول لكل عظيم ولكل متكبر، متجبر أما تذكرت أو ليلة ؟
هذا السلطان بناء قصوراً في بغداد، فدخل عليه الشاعر يهنئه بالقصور يقول له:
عش ما بدا لك سالماً في ظل شاهقةِ القصور
عش ما بدا لك سالماً عش ألف سنه، عش مليون سنه سالماً معافاً مشافا.
يجري عليكَ بما أردتَ مع الغدوِ مع البكور
ما تريدُ من طعام، ما تريدُ من شراب هو عندك، ولكن أسمع ماذا يقول:
فإذا النفوسُ تغرغرت بزفيرِ حشرجةِ الصدور…….. فهناك تعلمُ موقناً ما كنت إلا في غُرور
فبكى السلطان حتى أغمي عليه: فهناك تعلمُ موقناً ما كنت إلا في غُرور.
أولُ ليلةٍ في القبر.
وأنا أطالبُ نفسي و إياكم آيامعاشر المسلمين أن نهياء لنا نوراً في القبر أولُ ليلة.
و ولله لا ينورُ لنا القبر إلا العملُ الصالحِ بعد الإيمان.
لنقدمَ لنا ما يؤنسُنا في القبر يوم ننقطعُ عن الأهل المال الولد والأصحاب.
خرج عليه الصلاة والسلام إلى تبوك:
وفي ليلةٍ من الليالي نامَ هوَ الصحابة، وكانوا في غزوةٍ في سبيل الله.
قال ابنُ مسعود رضي الله عنه و أرضاه:
قمتُ أخرَ الليل فنظرتُ إلى فراش الرسولِ صلى الله عليه وسلم فلم أجده في فراشه.
فوضعتُ كفي على فراشهِ فإذا هوَ بارد.
وذهبتُ إلى فراشِ أبي بكر فلم أجده على فراشه.
فألتفت إلى فراش عمر فما وجدته،
قال وإذا بنورٍ في أخر المخيم وفي طرف المعسكر، فذهبتُ إلى ذلك النور ونظرتُ.
فإذا قبرٌ محفور، والرسولُ عليه الصلاة والسلام قد نزلَ في القبر.
وإذا جنازةٌ معروضةٌ، وإذا ميتُ قد سجي في الأكفان.
وأبو بكرٍ وعمر حول الجنازة، والرسولُ صلى الله عليه وسلم يقول لأبي بكر وعمرَ دليا لي صاحَبكما.
فلما أنزلاهُ، نزلهُ صلى الله عليه وسلم في القبر، ثم دمعت عيناه عليه الصلاة والسلام ثم التفتَ إلى القبلةِ ورفع يديه وقال:
( الهم إني أمسيتُ عنه راضٍ فأرضَ عنه)، ( الهم إني أمسيتُ عنه راضٍ فأرضَ عنه)،
قال: قلت من هذا ؟
قالوا هذا أخوك عبد الله ذو البجادين مات في أولِ الليل.
قال ابنُ مسعود فوددت واللهِ أني أنا الميت : ( الهم إني أمسيتُ عنه راضٍ فأرضَ عنه).
وإذا رضي اللهُ عن العبدِ أسعده.
وإنما هي مسألةٌ لمن نسيَ اللهَ و أوامرَ الله وانتهكَ حدودَ الله.
نقولُ له هل تذكرتَ يا أخي أولُ ليلةٍ في القبر ؟
كان عمر بن عبد العزيز أميراَ من أمراء الدولةِ الأموية، يغيرُ الثوبَ من حرير في اليومِ اكثرَ من مرة، الذهبُ والفضةُ عنده.
الخدم القصور، المطاعم المشارب كلَ ما اشتهى وكل ما طلبَ وكلَ ما تمنى.
ولما تولى الخلافة، مُلك الأمة الإسلامية انسلخَ من ذلك كلِه لأنه تذكرَ أولَ ليلةِ في القبر.
وقف على المنبرِ يوم الجمعةِ فبكى وقد بايعتهُ الأمة.
وحولَه الأمراء الوزراء والشعراء والعلماء وقوادَ الجيش، فقال:
خذوا بيعتَكم.
قالوا ما نريدُ إلا أنت.
فتولاها فما مرَ عليه أسبوعٌ أو أقل إلا وقد هزُل، وضعف وتغير لونه ما عنده إلا ثوبٌ واحد.
قالوا لزوجتهِ مالِ عمرَ تغير ؟
قالت واللهِ ما ينامُ الليل، والله إنه يأوي إلى فراشه فيتقلبُ كأنه ينامُ على الجمر ويقول:
آه توليت أمر أمةِ محمد، يسألني يوم القيامةِ الفقير والمسكين والطفلُ والأرملة.
يقولُ له أحد العلماء يا أمير المؤمنين:
رأيناك قبل أن تتولى الملك وأنت في مكة في نعمةٍ وفي صحة وفي عافيه، فمالك تغيرت؟
فبكى رضي الله عنه حتى كادت أضلاعَه تختلف، ثم قال للعالم وهو أبن زياد:
كيف بك يا ابن زياد لو رأيتني في القبرِ بعد ثلاثةِ أيام.
يومَ اجرد عن الثياب، و أوسد التراب، وأفارقُ الأحباب وأترك الأصحاب.
كيف لو لرأيتني بعد ثلاث والله لرأيت منظراً يسوءك.
فنسأل اللهَ حسن العمل.
والله، والله لو عاش الفتى في عمرهِ …. أسمع
والله لو عاش الفتى في عمرهِ …….ألفاً من الأعوامِ مالكَ أمره
متنعماً فيها بكلِ لذيذةٍ ………….متلذذاً فيها بسكناَ قصره
لا يعتريه الهمُ طول حياته ………. كلا ولا تردٌ الهمومُ بصدره
ما كان ذلك كلُه في أن يفي……. فيها بأولِ ليلةٍ في قبره
واللهِ لو عاش ألف سنه، وما طرقَه همٌ ولا غم ولا حزن.
واللهِ لا يفي بأولِ ليلةٍ في القبر.
و واللهِ لننزلنَها جميعاً، أولُ ليله.
فيا عباد الله، أسألُ الله لي ولكم الثبات، ما ذا أعددنا لضيافةِ تلك الليلة ؟
يقول رسولُنا صلى الله عليه وسلم:
( القبرُ روضةٌ من رياض الجنةِ أو حفرةٌ من حُفرُ النار).
كان عثمانُ بنُ عفانُ الخليفةَ رضي الله عنه إذا شيعَ جنازةٍ بكى حتى يغمى عليه فيحملونَه إلى بيتهِ كالجنازة إلى بيته. قالوا مالك ؟ قال سمعتُ الرسولَ صلى الله عليه وسلم :( يقول القبرُ أولُ منازلِ الآخرة فإذا نجا العبدُ فيه أفلح وسعُد، وإذا خسرَ والعياذُ بالله خسرَ أخرتَه كلها).
والقبرُ روضةٌ من الجنانِ ………..أو حفرةٌ من حُفر النيرانِ
إن يكو خيراً فالذي من بعده…. أفضلُ عند ربنا لعبده
وإن يكن شراً فما بعدُ أشد………….. ويلٌ لعبدٍ عن سبيلِ اللهِ صد.
أقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولجميع المسلمين.
فأستغفروه وتوبوا إليه إنه هو التواب الرحيم.
……………………………………………

لحمد لله رب العالمين، ولي الصالحين، ولا عدونا إلا على الظالمين.
والصلاة والسلام عل إمام المتقين وقدوة الناس أجمعين، وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
أتيتُ القبورَ فناديتُها ….. أين المعظمُ والمحتقر ؟
أتيتُ القبور. قبور الرؤساءِ و المرؤوسين.
قبور الملوك والمملوكين
قبور الأغنياءِ والفقراء فناديتُها أين المعظمُ والمحتقر ؟
تفانوا جميعاً فما مخبرٌ.. وماتُوا جميعاً ومات الخبر
فيا سائلي عن أناسٍ مضوا.. أما لك في ما مضى معتبر
تروحُ وتغدو بناتُ الثرى….. فتمحو محاسنَ تلك الصور.
أريت قبراً ميز عن قبر ؟
أ أنزل الملكُ في قبرٍ من ذهبٍ أو فضه ؟
والله لقد ترك ملكَهُ وقصوره وجيشهُ وكلَ ما يملك، ولبسَ قطعةً من القماش كما نلبس واُنزل التراب.
ولدتك أمك باكيا مستصرخا…….والناس حولك يضحكون سرورا
فأعما لنفسك أن تكون إذا بكوا…….في يوم موتك ضاحكا مسرورا
لكن كثيرا من الناس علموا بالقبر، وأول ليلة في القبر فأحسنوا العمل، ولذلك متهيئون دائما.
يريدون الله والدار الآخرة، ثبتهم الله في الليلِ والنهار.
يترقبون الموت كل طرفة عين.
خرج رجلُ من الصالحين وشيخُ من المشائخ أعرفه من مدينة الرياض.
خرج بزوجته وكانت صائمة قائمة وليّة من ولياء الله، خرج يريد العمرة، والغريب في تلك السفرة أنها ودعت أطفالها، وكتبت وصيتها، وقبلت أطفالها وهي تبكي. كأنها ألقي في خلدها أنها سوف تموت.
(ثم ردوا إلى لله مولاهم الحق، ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين).
ذهب وأعتمر بزوجته وهو وإياها في بيت أسس على التقوى، إيمان وقرآن وذكر وصيام وقيام وعبادة.
لا يعرفون الغيبة ولا الفاحشة ولا المعاصي.
عاد معها فلما كان في الطريق إلى الرياض، أتى الأجل المحتوم إلى زوجته.
(وعد الله الذي لا يخلف الله وعده، ولكن كثر الناس لا يعلمون…)
(.. يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون).
ذهب إطار السيارة فأنقلبت ووقعت المرأة على رأسها، لكنها إن شاء الله شهيدة.
(أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون).
خرج زوجها من الباب الآخر، ووقف عليها وهي في سكرات الموت تقول:
لا إله إلا الله محمد رسول الله، الله، الله، الله.
وتقول لزوجها: عفى الله عنك، اللقاء في الجنة، بلغ أهلي السلام.
(والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء كل امريء بما كسب رهين). إي والله.
أسأل الله أن يجمع تلك الأسرة في الجنة، وأن يجمعنا وأحبابنا وأقاربنا في الجنة.
بنتم وبنا فما أبتلت جوانحنا….…شوقا إليكم ولا جفت ماقينا
تكادُ حين تناجيكم ضمائنا………....يقضي علينا الأسى لولا تأسينا
إن كان عز في الدنياء اللقاء ففي…..مواقف الحشر نلقاكم ويكفينا
عاد الرجل إلى الرياض و دفن زوجته، دخل بيته وحده بلا زوجة، دخل بيته واستقبله الأطفال، لكن حياة سهلة وبسيطة.، ولكن الموقف المرعب أن واحدة من الطفلات بنت، قامت تقول أين أمي؟
قال سوف تأتي.
قالت لا والله لا بد أن أرى أمي.
وإنهار الرجل.
ونقول لتلك الطفلة سوف ترينها بأذن الله في جنة عرضها السماوات والأرض.
يعمل لها العاملون، ليست كدنيانا الحقيرة، السخيفة التي يعمل لها الذين لا يريدون الله والدارالآخرة.
( وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها الساوات والأرض أعدت للمتقين).
فاعمل لدار غدا رضوان خازنها……..الجار أحمد والرحمن بانيها
قصورها ذهب والمسك طينتها……والزعفران حشيش نابت فيها
يا أخوتي في الله:
يا شيخاً كبيراً احدودب ظهرُه ودنى أجلُه، هل أعدت لأولِ ليله ؟
يا شاباً مصطحاً متنعماً غره الشباب والمالُ والفراغ هل أعدت لأولِ ليله ؟
إنها أولُ الليالي:
و إنها إما أولُ ليلةٍ من ليالي الجنةِ.
أو أولُ ليلةٍ من ليالي النار.

عباد الله:
صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه.
وصلوا على أصحابه، وترضوا على أحبابه.
أسأل الله لي ولكم الضوان، والسعادة في الدنيا والآخرة.
أسال الله أن يصلح ولاة الأمر، وأن يهديهم سواء السبيل.
أسأل الله أن يصلح شباب الإسلام، وأن يخرجهم من الظلمات إلى النور، وأن يكفر عنهم سأيتهم.
وأن يهيئهم بعمل صالحا لأول ليلة من ليالي القبر
أسأل أن يثبتَنا و إياكم بالقول الثابت.
وولا يظلم ابصارنا وبصائرنا.
ولا يجعلنا قوماً انحرفوا عن منهجِ الله و اشتروا معاصِ الله، وغفلوا عن آياتِ الله، فعموا وصَموا وضلوا و ابتعدوا.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.

انتهى الكتاب ...

(( اللهم احسن خاتمتنا وعفوو عنا ونجنا برحمتك وهون علينا اول ليله في القبر وجعلها روضه من رياضك لنا بالخير والصلاح يارب ))

حفيدة الألباني 17-05-09 10:05 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ساعه بلا عقارب (المشاركة 1955900)
جزاك الله كل خير فيدووو على ما تنقلين لنا من روائع الكلام
اعذري تاخري بسبب انقطاع النت عندي ..


آمين ويجزاك الله خير عزيزتي

مسموحه أخيه ^ــ^

شاكره لك متابعتك لنا ومشاركتك ..

جزاك الله خيراً

حفيدة الألباني 18-05-09 09:03 PM

آآآمييييين

هذه أولى منازل الآخره وهو القبر

نسأل الله الرحمة والمغفرة لجميع المسلمين والمسلمات

جزاك الله خير الجزاء سوسو

بارك الله فيك وسدد على درب الخير خطاك

موفقه يالغلا

حفيدة الألباني 18-05-09 09:06 PM

http://www.liillas.com/up2//uploads/...5c9d180be3.gif

العصبية القبلية

يهدد مجتمعنا اليوم سرطان العصبية القبلية التي أصبحت تُثار بشكل بشع ممقوت، يقوم بذلك بعض الشعراء الشعبيين العوام تساندهم بعض القنوات التي لا تفكر في العواقب، فأصبحنا نُمطر صباح مساء بقصائد هوجاء يمدح بها الشاعر قبيلته ويمجدها ويرفعها فوق النجوم وكأن هذه القبيلة صاحبة البطولات في بدر والقادسية واليرموك ويعرِّض بغيرها من القبائل.

وإذا نظرت إلى هذا الشاعر وجدت تعليمه لا يتجاوز (خامس ليلي) من محو الأمية في يساره سيجارة يشعلها بسيجارة قد تفحِّمت أسنانه واسودت شفتاه وأعفى شنبه حتى وصل أذنيه، ثم تقوّس حتى كأنه قرني خروف نعيمي.

لماذا هذه الصرخات القبلية والعصبية الجاهلية؟

لماذا تُثار الآن بعدما وحدَّنا الإسلام ثم اجتمعنا تحت راية لا إله إلا الله محمد رسول صلى الله عليه وسلم؟

هل يؤمن هؤلاء حقاً بمبدأ (( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ))[الحجرات:13] الله أعلم بما في قلوبهم.

أنا أعرف أن الناس معادن خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقِهوا، لكن أن نسلم ديننا ومبادئنا ووحدتنا واجتماع شملنا لبعض الشعراء الجهلة السفهاء وبعض القنوات التي لا تفكر إلا في الشهرة وابتزاز الأموال فهذا أمر خطير جد خطير، أنقذوا البلاد والمجتمع من سرطان العصبية القبلية ومن ريح العنصرية الجاهلية.

سمع الرسول صلى الله عليه وسلم رجلين يفتخران بالقبيلة على حساب القبيلة الأخرى فقال: "دعوها فإنها منتنة"، من أشد الحرام أن نربي أجيالنا على النعرات الجاهلية.

ومن أعظم المنكر أن نسعى في هدم كيان الدولة المسلمة بمعاول الهدم والتفرقة، عيب علينا أن نفرّق الصف بالفخر بالقبيلة والتعريض بالقبائل الأخرى، إن الفاسد في حياته والمحبط في نفسه والذي يشعر بمركَّب النقص يريد أن يعوّض ذلك بمدح قبيلته فحسب وإضفاء الثناء عليها وحدها وإهمال غيرها من القبائل.

إن المجتمعات التي لا زالت القبائل فيها تكوِّن بذور المجتمع كدول الخليج عموماً سوف تقع فريسة لهؤلاء الحمقى الذين سوّل لهم الشيطان تقديس القبيلة حتى أن بعضهم لا يحفظ له قصيدة في الثناء على الله عز وجل أو الدفاع عن رسوله المصطفى والمجتبى صلى الله عليه وسلم أو الإشارة بالرسالة الخالدة، أو الدعوة لمكارم الأخلاق أو التنويه بالوحدة وجمع الكلمة.

وإنما قصائده كلها نعرات جاهلية وعصبية قبلية فمثل هذا يُوقف عند حده ولو قالوا له: لا تلعب بالنار أيها السفيه، فمثلاً نحن في المملكة العربية السعودية جمعنا الله بفضله في كيان واحد ودولة واحدة فضلاً من الله ونعمة وكنّا قبل نتقاتل ونتهاجى بأبشع السّب وأقذع الشتم حتى قامت القبائل ببناء حصون الحرب مع القبائل الأخرى ولا زالت بعض هذه الحصون قائمة للعيان وأدعو إلى هدمها؛ لأنها تذكر بالإحن والعداوات والثأر.

فلما تـمّت الوحدة واجتمع الشمل صار الثناء على الكيان كله والمدح للمجتمع بأسره حتى استيقظ الشيطان في رؤوس بعض الشعراء الأغبياء فقاموا بتقسيم البلاد في قصائدهم وتشتيت الشمل في أبياتهم وعادوا إلى كهنوت القبلية ونسوا الدين والدولة وأغفلوا التوحيد والوحدة ولو كان عمر حيّاً لبطح الواحد منهم على بطنه وأدبه بالدِّرة حتى يخرج وساوس الشيطان من رأسه.

ماذا نفع أبا لهب الهاشمي القرشي نسبه؟

وماذا ضرَّ بلال بن رباح المولى الأسود الحبشي نسبه؟

أيها الشعراء احترموا أنفسكم، ارفعوا رؤوسكم، طهِّروا ألسنتكم، قبل أن تؤدِّبكم سياط الدولة ومن أنذر فقد أعذر، نحن أمة واحدة، ربنا واحد، ورسولنا واحد، وديننا واحد، وقبلتنا واحدة، فلماذا التفرقة والعنصرية والدعوة الجاهلية وبث بذور الفرقة والفتنة:

مجـدنا ملـحمة عنـوانها : نـحن في بـدرٍ قتلنا الوثنا

وطنـي لا وطـن يشبهـه تعشق الأوطـان هذا الوطنا


من كتاب شيخنا الفاضل سنابل وقنابل

http://www.liillas.com/up2//uploads/...5c9d180be3.gif

تالا 15 23-05-09 12:37 AM

جزاك الله خيرا
موضوع جدا رائع
الشيخ عايض القرني شخصيه رائعه
وكتاباته شيقه وجميله
تقبلي طلتي

تالا 15 24-05-09 06:23 AM

يــا الله


﴿ يَسْأَلُهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ﴾ : إذا اضطرب البحرُ ، وهاج الموجُ ، وهبَّتِ الريحُ ، نادى أصحابُ السفينةِ : يا الله.
إذا ضلَّ الحادي في الصحراءِ ومال الركبُ عن الطريقِ ، وحارتِ القافلةُ في السيرِ ، نادوا : يا الله.
إذا وقعت المصيبةُ ، وحلّتِ النكبةُ وجثمتِ الكارثةُ ، نادى المصابُ المنكوبُ : يا الله.
إذا أُوصدتِ الأبوابُ أمام الطالبين ، وأُسدِلتِ الستورُ في وجوهِ السائلين ، صاحوا : يا الله .
إذا بارتِ الحيلُ وضاقتِ السُّبُلُ وانتهتِ الآمالُ وتقطَّعتِ الحبالُ ، نادوا : يا الله.
إذا ضاقتْ عليك الأرضُ بما رحُبتْ وضاقتْ عليك نفسُك بما حملتْ ، فاهتفْ: يا الله.
إليه يصعدُ الكلِمُ الطيبُ ، والدعاءُ الخالصُ ، والهاتفُ الصَّادقُ ، والدَّمعُ البريءُ ، والتفجُّع الوالِهُ .
إليه تُمدُّ الأكُفُّ في الأسْحارِ ، والأيادي في الحاجات ، والأعينُ في الملمَّاتِ ، والأسئلةُ في الحوادث.
باسمهِ تشدو الألسنُ وتستغيثُ وتلهجُ وتنادي،وبذكرهِ تطمئنُّ القلوبُ وتسكنُ الأرواحُ ، وتهدأُ المشاعر وتبردُ الأعصابُ ، ويثوبُ الرُّشْدُ ، ويستقرُّ اليقينُ، ﴿ اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ ﴾
الله : أحسنُ الأسماءِ وأجملُ الحروفِ ، وأصدقُ العباراتِ ، وأثمنُ الكلماتِ، ﴿ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً ﴾ ؟! .
اللهُ : فإذا الغنى والبقاءُ ، والقوةُ والنُّصرةُ ، والعزُّ والقدرةُ والحِكْمَةُ ، ﴿ لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ﴾ .
الله : فإذا اللطفُ والعنايةُ ، والغوْثُ والمددُ ، والوُدُّ والإحسان ، ﴿ وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ ﴾ .
الله : ذو الجلالِ والعظمةِ ، والهيبةِ والجبروتِ.
اللهم فاجعلْ مكان اللوعة سلْوة ، وجزاء الحزنِ سروراً ، وعند الخوفِ أمنْاً. اللهم أبردْ لاعِج القلبِ بثلجِ اليقينِ ، وأطفئْ جمْر الأرواحِ بماءِ الإيمانِ .
يا ربُّ ، ألق على العيونِ السَّاهرةِ نُعاساً أمنةً منك ، وعلى النفوسِ المضْطربةِ سكينة ، وأثبْها فتحاً قريباً. يا ربُّ اهدِ حيارى البصائرْ إلى نورِكْ ، وضُلاَّل المناهجِ إلى صراطكْ ، والزائغين عن السبيل إلى هداك .
اللهم أزل الوساوس بفجْر صادقٍ من النور ، وأزهقْ باطل الضَّمائرِ بفيْلقٍ من الحقِّ ، وردَّ كيد الشيطانِ بمددٍ من جنودِ عوْنِك مُسوِّمين.
اللهم أذهبْ عنَّا الحزن ، وأزلْ عنا الهمَّ ، واطردْ من نفوسنِا القلق.
نعوذُ بك من الخوْفِ إلا منْك ، والركونِ إلا إليك ، والتوكلِ إلا عليك ، والسؤالِ إلا منك ، والاستعانِة إلا بك ، أنت وليُّنا ، نعم المولى ونعم النصير.

***************************************
من كتاب لاتحزن للشيخ عايض القرني

حفيدة الألباني 25-05-09 12:07 PM

تالا

آمين وجزاك الله خيراً عزيزتي

شاكرة لك مرورك وماشركتك لنا

جزاك الله خير الجزاء

بارك الله فيك وسدد على طريق الحق خطاك وخطانا

حفيدة الألباني 27-05-09 06:35 AM

http://www.liillas.com/up2//uploads/...0eb9925db5.gif

خطباء وأئمة عذبوا الناس


يقول عليه الصلاة والسلام: «يا أيها الناس إن منكم منفرين فأيكم أم الناس فليتجوز، فإن من ورائه الكبير والصغير وذا الحاجة» (متفق عليه)، وغضب صلى الله عليه وسلم على معاذ بن جبل، لما طول بالناس في الصلاة، وقال: «أفتان أنت يا معاذ؟» ثلاثا، (أخرجه الشيخان).

وقد ابتلينا في عالمنا الإسلامي بأئمة وخطباء للمساجد عذبوا الناس بجهلهم بالشريعة الميسرة، والسنة السمحة، فمنهم من حول التلاوة في المسجد إلى نواح كربلائي حسينـي، ومنهم من يصرخ في الميكرفون إذا كبر صراخا لو سمعته الحامل لأسقطت جنينها، ومنهم من حول التلاوة إلى مقامات حجازية، ومنهم من قلب الدعاء في التراويح إلى خطب منبرية وإلى حكايات عن الأموات وعجائب وغرائب عن أهل القبور، فهو يصف حالهم منذ أن ماتوا فغسلوا فكفنوا فصلي عليهم فدفنوا فغطوا بالتراب فأكلهم الدود فوزعت ثرواتهم وقسمت تركتهم وتزوجت نساؤهم وتيتم أطفالهم، ونسي المسكين الدعاء لهم بالرحمة، ومنهم من دخل في تفصيل التفاصيل في الدعاء، فدعا لفلسطين، والعراق، وأفغانستان، والشيشان، والصومال، والبوسنة والهرسك، ومسلمي الفلبين، وجبهة مورو، ومسلمي تايلاند، ومسلمي كوسوفو، وأهالي دارفور، وجزر الملوك، حتى نام الناس وهم وقوف.

ومنهم خطيب حول خطبة الجمعة إلى مقامات الحريري مع السجع والتكلف والتعسف والتمطيط والتفحيط (والتعشيق بالدبل) مع الشهيق والزفير وإخراج الحرف من آخر الحلق، بل من الجوف فيقول مثلا: أيها المسلم عليك الرضا بالقضا، على جمر الغضى، ونسيان ما مضى، فما قضى قد انقضى، ثم يعجبه حرف آخر فينشب فيه، فقلدته في مقامات القرني فقلت: إن اليهود وقعوا في غلطه، وسقطوا سقطه، وصاروا في ورطه، لما زادوا نقطه، قيل لهم قولوا: حطه، فقالوا: حنطه، ومنهم من زاد: فمن قط قطه، فليشتر بطه، وليأخذ شطه، ويضعها في شنطه، وغالب جمهوره من النيجيريين وساحل العاج وإندونيسيا وطاشقند وتركمانستان وأبخازيا وجورجيا، وهناك خطيب تحتاج إلى قاموس لتفهم مفرداته، فهو يقول: إن دستور الأخلاق يقوم على الوسط، بلا وكس ولا شطط؛ ليكون على أحسن نمط، وخطب خطيب عن إنفلونزا الطيور أربعين دقيقة وخلص إلى أنها مؤامرة عالمية على المسلمين! فحمدنا الله على نعمة العقل، وخطب خطيب في قرية عن الغزو الفكري وطوفان العولمة، وأهل القرية لا يعرفون نواقض الوضوء، وخطب خطيب في البادية عن عملية السلام والتطبيع مع إسرائيل، وأقسم أنه لا يقبل بالدنية ولن يتم هذا الأمر، ومثل هذا الخطيب يبرك على صدره ويقرأ عليه آية الكرسي ويكوى ثلاث كيات حتى يشفيه الله مما أصابه، وغالب الخطباء يقرأون من أوراق صوروها من الكتب أو سحبوها من النت، فتأتي خطبهم باردة مثلجة سخيفة سامجة هزيلة، ميتة، لأنها بلا روح ولا تأثير (حرمت عليكم الميتة).

وصلينا خلف إمام صلاة الفجر فقرأ سورة: (نون والقلم وما يسطرون) فمد (نون) ومطها حتى كادت أزرار ثوبه تتقطع، وما انتهى من الصلاة حتى عذبنا وشق علينا، فكلمته بعد الصلاة وقلت له: أنا صليت خلف الشيخ ابن باز، والشيخ ابن عثيمين، وهما عالما العصر وأتقى وأورع منا وأعلم منا فكانت صلاتهما يسيرة خفيفة لطيفة، وتلاوتهما سهلة ميسرة بلا تشدق ولا تنطع، وفهمت من جوابه أن من لم يعجبه أن يصلي معه فليصل في مسجد آخر! وهناك إمام يصلي بعشرة خلفه ومكبرات الصوت على رؤوسهم، فيرفع صوته إلى النهاية، ويصرخ بالتكبير صراخا، وينوح بالتلاوة نوحا، وما أدري ما السر وراء ذلك، ويروى أن مؤذنا نفخ في الميكرفون بقوة فاحترق الجهاز والبطارية وكادت الكهرباء أن تضرب بشررها فتحترق الحارة ثم المدينة، والله المستعان، هذا قبل أن يؤذن فكيف لو أذن؟! والواجب على القائمين على أمر الخطباء والأئمة أن يفهموهم السنة، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «إن قصر خطبة الرجل وطول صلاته مئنة من فقهه» (رواه مسلم)، والأحسن والأجمل أن لا تزيد خطبة الجمعة في هذا العصر عن ربع ساعة، وأن تكون مركزة في موضوع واحد بأسلوب سهل جميل واضح ميسر، بلا تعذيب ولا تعنيف ولا تعسف ولا تكلف ولا تعمق ولا تشدق ولا تفيهق وخير الهدي هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي قال عنه ربه: (( وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى )) [الأعلى:8]وقال هو صلى الله عليه وسلم: «إن الدين يسر» ، وقال صلى الله عليه وسلم: «هلك المتنطعون والمتعمقون والمتشدقون والمتفيهقون»..


من كتاب سنابل وقنابل لشيخنا الفاضلhttp://www.liillas.com/up2//uploads/...0eb9925db5.gif

حفيدة الألباني 04-06-09 01:24 PM

أنقذوا الأطفال والنساء!!

اطلعت على قضية حصلت لطفل في الخامسة من عمره فارق أبوه أمه، وتزوج امرأة أخرى ثم تسلط هذا الأب الظالم على الابن، فعذبه سوء العذاب، وجلده ونكل به، وتركه جلدا على عظم، دخل عليه مرة وهو نائم مع إخوانه من أبيه فسحبه برجله حتى أخرجه من غرفة النوم، وترك في جسمه كدمات وآثارا مبكية، وضج الجيران بالتنكيل على هذا الأب القاسي الفظ الغليظ، وكلمت هيئة حقوق الإنسان بالرياض فوعدوا خيرا، وأخشى أن ينتقل هذا الطفل إلى الآخرة قبل أن يبتوا في الموضوع، وداخلنا في قناة «اقرأ» الفضائية في برنامج «السلام عليكم» امرأة أبكت المشاهدين لما وصفت حالها مع زوجها، فقام هذا الزوج العتل الجافي المارد بتعذيبها، وكسر يدها مرة من المرات، ومرة جرها من شعر رأسها حتى أخرجها من البيت، ومرة أخرجها من المنـزل وأغلق الباب وتركها ليلة كاملة في الشارع، وحكم القضاء عندنا مشكورا بإعدام جبار عنيد عذب ابنته الطفلة الصغيرة حتى ماتت، وتفنن أب ظالم في تعذيب ابنه حتى علقه ليلة من الليالي برجليه منكوسا بسقف الغرفة حتى الصباح! وأعرف قصصا لأناس يدعون الإسلام ويتشدقون بالفضائل وهم وحوش في صورة بشر، نكلوا بأبنائهم وبناتهم وعذبوا زوجاتهم، وقد طُمست معالم إنسانيتهم، وذهبت الرحمة من قلوبهم، وتحول الواحد منهم إلى وحش كاسر، لا يردعه دين ولا يحميه خلق، ولم يجد من لم يكسر شوكته ويوقفه عند حده؛ لأن هذه القضايا في الغالب لا ترفع للقضاء ولا تعرض على السلطة، وجزاء هؤلاء الجبابرة الأوغاد أن يسحبوا إلى المحاكم مقيدين بالسلاسل حتى ينالوا الجزاء الرادع، وبسبب هؤلاء المردة العتاة القساة الجفاة يمنع القطر من السماء، وتجدب الأرض، وتموت البهائم، وتذبل الأشجار، وفي حديث قدسي يقول الله عز وجل عن الظلمة: «وعزتي وجلالي لولا شيوخ ركع، وأطفال رضع، وبهائم رتع، لخسفت بكم الأرض خسفا»، متى تأخذ العدالة مجراها لتأخذ هذه الوحوش البشرية؟ متى نشاهد السياط الشرعية تهوي على ظهور هؤلاء الجبناء القتلة المتلاعبين بالدين والقيم؟ هل يعقل أن يوجد في العالم من يعذب طفله في الخامسة من عمره إلى درجة الموت؟ إن البهائم تحنو على أولادها، إن الناقة تحن إلى حوارها، وإن البقرة تحنو على عجلها، وإن الحمامة تشفق على فراخها، لكن الذئاب البشرية والنمور الكاسرة من بني الإنسان سلبت من قلوبهم كل آثار الرحمة والشفقة والحنان فتحولوا إلى نقمة على أهلهم وذويهم والمجتمع بأسره، وهؤلاء الأشرار ينبغي أن تردعهم القوة العادلة وأن تطالهم السلطة الشرعية فإن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن وهذا عمر بن الخطاب ـ الفاروق ـ تدخل أكثر من مرة مع أطفال مضطهدين وضعفاء مقهورين ومساكين مظلومين، فأنزل العقاب بالظلمة، وخوفهم بعدله وكسر عنفوانهم بهيبته؛ لأن من أمن العقوبة أساء الأدب، بل تطور الحال ببعض هؤلاء الفجرة إلى ضرب وتعذيب آبائهم وأمهاتهم، ومنهم من قتل أباه وجلد أمه وخرج من إنسانيته، وتبرأت منه الفضيلة، وفارقته الرحمة، وحرم التوفيق، وحل به الخذلان مع غضب الله، يا مسلمون نحن بحاجة ماسة لوقفة صادقة مع المظلومين والمضطهدين خاصة من صنف النساء والأطفال الذين لا يملكون حولا ولا قوة وإنما يدافع أحدهم بدمعه وزفراته وحسراته وآهاته، وويل لهؤلاء الظلمة من يوم عظيم ينتظرهم، حيث لا حاكم إلا الله، ولا قاضي إلا الله ولا محاسب إلا الله: إذا جار الوزير وكاتباه وقاضي الأرض أجحف في القضاء فويل ثم ويل ثم ويل لقاضي الأرض من قاضي السماء (وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ)..

من كتاب سنابل وقنابل..

حفيدة الألباني 28-06-09 05:12 PM

كل عام والحج أجمل وأفضل

إذا اجتمعت النية الصادقة والهمة العالية والعمل الدؤوب، جاءت النتائج عظيمة والعواقب سليمة، وقد اجتمع أكبر حشد بشري في زمان محدّد ومكان محدّد بمشاعر الحج وفيهم الشيخ الكبير والمريض والجاهل والعربي والعجمي فقامت جهود، وسهرت عيون، وبذلت سواعد، حتى توفر لهذه الجماهير الهائلة الهادرة كل أسباب الراحة من غذاء وماء ودواء وأمن مع طرق معبده ووسائل ميسرة، وقام أكثر من مائة ألف جندي كأكبر جيش أياديهم على الزناد يحرسون ضيوف الرحمن ويحفظون أمنهم.

واجتماع أكثر من ثلاثة ملايين حاج في مساحة ضيقة في ساعات معدودة أمر مخيف محرج محيّر، ولكن الله سلم وأعان وسدّد فأنهى الحجاج حجهم في يسر وأمان وراحة وسلام، حصل في بعض الدول حشود تقارب مائة ألف في مظاهرات واحتجاجات، فوقع بينهم جرحى وأحياناً قتلى، ولكن الحجاج يجتمعون كالبحر الهائج راكبين ومشاة، كباراً وصغاراً، رجالاً ونساء، أغنياء وفقراء، أقوياء وضعفاء، ومرضى وأصحاء، فإذا غذاؤهم حاصل، وشرابهم حاضر، وعلاجهم متوفر، وأمنهم شامل، كل يرحب بهم من الملك إلى عامل النظافة بلا منّة ولا علّو، بل بصمت وتواضع وأريحية وكأن الفضل للضيف والمنّة للحجّاج الذين أعطوا المضيف فرصة لخدمّتهم وسمحوا له بإسعادهم وتسهيل حجّهم، والآن يشهد العالم نجاح أكبر مؤتمر عالمي للبشرية حيث يعلن فيه التوحيد لله والوحدة بين المسلمين وحقوق الإنسان وحقوق المرأة والسلام العالمي والتعايش السلمي والتسامح بين أهل الأرض، فشكراً لكل مسؤول تصدق بنومه وأنفق راحته لإسعاد الحجاج، وشكراً لكل جندي حمل بندقيته وعرّض روحه للخطر لراحة ضيوف الرحمن، وشكراً لكل موظف أتعب فكره وبدنه وصرف وقته لتيسير حج عباد الله، وشكراً لكل مواطن قام بحق الضيافة فأكرم نزل الوافدين، وشكراً لكل حاج سمح لأهل هذه البلاد بشرف خدمة أكرم ضيوف وأشرف وفود وأنبل سياح...


.. من كتاب سنابل وقنابل ..

روح مظلومه 02-07-09 12:50 PM

موضوع رائع ومميز

تسلم يديك

جزاك الله خير

شكرا لك

بالتوفيق لك

حفيدة الألباني 03-07-09 10:33 PM

أهلييين رووح

الله يسلمك يارب من كل شر

ويجزاك خير يالغلا

شاكرة لك مرورك

دمت بحفظ الله

حفيدة الألباني 16-07-09 04:06 AM

بسم الله الرحمن الرحيم ..

اليوم راح أبدأ معكم بكتاب جسور المحبة لشيخنا حفظه الله ..

.. جسور المحبه ..

المقدمه

بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد: فإن المحبة في الله عز وجل من أعظم عرى الإيمان وقواعده، كما أخبر بذلك الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم. وللمحبة جسور أقامها ربنا تبارك وتعالى بين المؤمنين، ووصل قلوبهم بها. وقد ذكر سبحانه وتعالى هذه الجسور في كثير من المواضع في كتابه العزيز، كقوله: ((إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)) وقوله جلت قدرته: ((وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا)) ويقول تبارك اسمه: ((وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)). وقصر سبحانه وتعالى الولاية على المؤمنين فقال: ((وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ))، وقال سبحانه وتعالى: ((إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ))، ((وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ))، وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم جسور المحبة أيضاً فهو الذي أسسها وأرسى بناءها، ومد حبال الود في قلوب أتباعه إلى يوم الدين.
قال عليه الصلاة والسلام كما عند مسلم من حديث أبي هريرة : (حق المسلم على المسلم ست، قيل: ما هن يا رسول الله؟
قال: إذا لقيته فسلم عليه، وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحك فانصح له، وإذا عطس فحمد الله فشمته ، وإذا مرض فعده، وإذا مات فاتبعه)
وهذه المسائل تدعو إليها الحاجة، ولا يمر يوم أو ليلة إلا ويقع أحد أفرادها، ومع ذلك فإن كثيراً من الناس يقصر مع إخوانه المسلمين في أداء هذه الحقوق، فلا تراه يعود مريضاً أو يمشي في جنازة أو يسلم على أحد.
ولما رأيت هذا الأمر واضحاً جلياً، استعنت بالله عز وجل في جمع مادة هذا الكتاب، وقد تناولت فيه بعضاً من تلك الجسور جسور المحبة تذكيراً لنفسي أولاً، ثم حثاً لإخواني على مد هذه الجسور فيما بينهم، لتنتشر المحبة والألفة والمودة بين المسلمين. فهيا نتحاب.. وهيا نتآلف.. وهيا نتراحم..

حفيدة الألباني 16-07-09 04:12 AM

أولاً: التحية في الإسلام

السلام تحية الإسلام

يقول صلى الله عليه وسلم في المسلم يقابل المسلم: (إذا لقي أحدكم أخاه فليسلم عليه) .
فالسلام هو التحية التي أنزلها الله على رسوله صلى الله عليه وسلم وهي تحية أهل الجنة. قال تعالى:
((تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ)).
وهي التحية التي رضيها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم لأتباعه وأمته من بعده، ولا يجوز للمسلم أن يستبدل بتحية الإسلام غيرها من تحايا الأمم الأخرى؛ لا بصباح الخير، ولا أهلاً وسهلاً، ولا أنعم صباحاً، ولا غير ذلك. قال عمران بن حصين : [كنا في الجاهلية نقول: أنعم الله بك عيناً، وأنعم صباحاً، فلما كان الإسلام نهينا عن ذلك]
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان ، قال: كانوا في الجاهلية يقولون: حييت مساء، حييت صباحاً، فغير الله ذلك بالسلام. إذن فلابد أن يبدأ المسلم بهذه التحية العظيمة، بالسلام الشرعي السني الموروث عنه عليه الصلاة والسلام.
قال الله عز وجل: ((وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا)).
(بأحسن منها): أي تزيد على تحيته، فإذا قال: السلام عليكم ورحمة الله فقل: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أو بمثلها بأن تقول: وعليكم السلام ورحمة الله. وعند أبي داود و الترمذي بسند صحيح عن عمران بن حصين : (أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليكم، فرد عليه ثم جلس. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: عشر. ثم جاء آخر، فقال: السلام عليكم ورحمة ألله، فرد عليه، فجلس فقال: عشرون. ثم جاء آخر، فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فر د عليه، فجلس، فقال: ثلاثون.) .
أي ثلاثون حسنة لمن أدى التحية بتمامها. هذه تعاليمه عليه الصلاة والسلام، وهذا هديه في تعليم أصحابه. انظر كيف يحبب السنة إلى قلوب أصحابه عن طريق إبلاغهم بالأجر العظيم الذي ينتظرهم من الله الواحد الأحد، إذا هم طبقوا تعاليمه وساروا على هديه.

يتبع بإذن الله ..

حفيدة الألباني 18-07-09 04:59 PM

على من نسلم؟

ورد عند البخاري و مسلم من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: (أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الإسلام خير؟
قال: تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف). وهذا أيضاً هدي إسلامي نبوي شريف، أن تسلم على من عرفت من المسلمين ومن لم تعرف!!
قال بعض السلف: أصبح السلام عند المتأخرين على المعرفة، وهذه من علامات الساعة، فالواجب على المسلم أن يفشي السلام بين الناس، من عرف ومن لم يعرف خلا أهل الكتاب، خلا المشركين، خلا الوثنيين، فالمسلم هو المقصود بهذا الحديث وغيره من الأحاديث التي تبين حقوق الناس بعضهم على بعض.
فإذا كان الإنسان يعيش في المجتمعات الإسلامية، فإنه يطلب منه إفشاء السلام على من لقيه، سواء عرفه وكان صديقاً أو قريباً، أم لم يعرفه.
ومن الملاحظات الاجتماعية أننا نسلم الآن على المعرفة فقط! وترى الناس في الطرقات لا يسلمون إلا على من عرفوه! أما من لم يعرفوه فلا يسلمون عليه! وهذا من عمل الجاهلية، وهو مخالف لسنته عليه الصلاة والسلام، ففي الصحيحين أن آدم عليه السلام لما خلقه الله قال: (اذهب فسلم على أولئك النفر من الملائكة جلوس، فاستمع ما يحيونك، فإنها تحيتك وتحية ذريتك، فذهب فقال: السلام عليكم. فقالوا: السلام عليك ورحمة الله، فزادوه: ورحمة الله). هذه هي تحية آدم ، وتحية ذريته، وتحية أهل الجنة، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟
أفشوا السلام بينكم). فبين عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث أن الجنة لا تدخل إلا بالإيمان، وأن الإيمان لا يحصل إلا بالحب، وأن الحب لا يحصل إلا بإفشاء السلام.
وإفشاء السلام يزيل الضغينة من القلوب خاصة بين الأقارب والجيران.
ومعناه في الإسلام أنك ترفع رايتك البيضاء المسالمة، كأنك تقول: أتيت أرفع رايتي البيضاء، فأمنوني ولا تتهيبوا مني.
وهذا هو شعار المحبة والود الذي أقامه رسولنا صلى الله عليه وسلم وحث على إرسائه وتثبيته في قلوب أصحابه وأمته من بعده.
وعند البخاري موقوفاً على عمار بن ياسر رضي الله عنه وأرضاه أنه قال: (ثلاث من جمعهن فقد جمع الإيمان: الإنصاف من نفسك، وبذل السلام للعالم، والإنفاق من الإقتار) . وبذل السلام للعالم هنا يتضمن تواضع العبد، وأنه لا يتكبر على أحد، بل يبذل السلام للصغير والكبير، والشريف والوضيع، ومن يعرفه ومن لا يعرفه، والمتكبر ضد هذا، فإنه لا يرد السلام على كل من سلم عليه كبراً منه وتيهاً، فكيف يبذل السلام لكل أحد؟
.
وفي الصحيحين عن أنس رضي الله عنه: (أن الرسول صلى الله عليه وسلم مر على غلمان فسلم عليهم) (1) وهذا من شدة تواضعه ولينه ورحمته صلى الله عليه وسلم، وهو بذلك يدخل أعظم البهجة على نفوس هؤلاء الصغار، لأنهم سوف يتشرفون بسلام رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم، وسوف يحكون ذلك في المجالس.
فعلى المسلم أن يتواضع لمثل هؤلاء، ولا يتجاهلهم لأنهم صغار، بل يتفقدهم، وسلامه عليهم يعلمهم بذلك الحب، ويدفعهم إلى مكارم الأخلاق.
وقد رأينا في السيرة أن عمر رضي الله عنه على هيبته وقوته في الحق كان إذا مر بالصبيان وقف وسلم عليهم، ومازحهم، وهو خليفة المسلمين!!.
وقد مر على صبيان المدينة وهم يلعبون، فعندما رأوه وسمعوا جلجلته وهيلمانه وسلطانه فروا إلى بيوتهم!
الشياطين تفر من عمر فكيف بالصبيان؟
كيف بالصبيان الذين قلوبهم كقلوب الطير، أما يفرون من إنسان أصاب قياصرة الدنيا باليأس، وأكاسرة المعمورة بالذهول؟
ففروا جميعاً إلا عبد الله بن الزبير ، فإنه لم يفر، كان شاباً صغيراً.
فقال له عمر يمازحه: [فر أصحابك ولم تفر أنت، أما خفت؟
] قال عبد الله : [ما فعلت جرماً فأخافك، وليست الطريق ضيقة فأوسع لك!] فاستدل على ذكائه وشجاعته من تلك اللحظة، وكيف لا يكون ذكياً وأبوه الزبير بن العوام ، وأمه أسماء رضي الله عنهم جميعاً؟
((ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)).

حفيدة الألباني 18-07-09 05:09 PM

أمانة تحمل السلام وتبليغه

كان صلى الله عليه وسلم يسلم بنفسه على من يواجهه، ويحمل السلام لمن يريد السلام عليه من الغائبين، كما ثبت أنه صلى الله عليه وسلم بعث فتى إلى رجل مريض، فلما أتاه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرئك السلام .... الحديث. وكان صلى الله عليه وسلم يتحمل السلام لمن يبلغه إليه ، فعند البخاري و مسلم (أن جبريل عليه السلام نزل من السماء، فأتت خديجة رضي الله عنها، فقال جبريل عليه السلام: يا رسول الله! هذه خديجة أتتك بالطعام فاقرأ عليها السلام من ربها، وبشرها ببيت في الجنة من قصب، لا صخب فيه ولا نصب) وقد بلغ كذلك صلى الله عليه وسلم السلام لـعائشة أم المؤمنين من جبريل. (متفق عليه).
وينتهي السلام على الصحيح عند قول: وبركاته كما روى ذلك أبو داود و الترمذي بسند قوي، وقد زاد بعضهم: ومغفرته. ولكن هذه الزيادة ضعيفة، ذكرها أبو داود في حديث لا يثبت. وكان عليه الصلاة والسلام كما عند البخاري . و الترمذي و الحاكم عن أنس أنه إذا سلم سلم ثلاثاً، ولعل هذا كان هديه صلى الله عليه وسلم في السلام على الجمع الكثير الذين لا يبلغهم سلام واحد، إن ظن أن الأول لم يحصل به الإسماع، كما بينت ذلك رواية الحاكم .
وقد ورد في السنة: أن الرسول صلى الله عليه وسلم ذهب يزور سعد بن عبادة ، فأتى الباب فقال: (السلام عليكم ورحمه الله وبركاته، فسمعه سعد فرد في نفسه، ولم يرفع صوته! فقال صلى الله عليه وسلم: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فرد سعد في نفسه، ولم يسمعه صوته! فقال عليه الصلاة والسلام: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فرد سعد في نفسه ولم يسمعه صوته! فذهب صلى الله عليه وسلم فلحقه سعد بن عبادة ، وقال: يا رسول الله! والله ما سلمت من سلام إلا سمعتك، وقد رددت في نفسي، لكن أردت أن تزيدنا من السلام، فقال عليه الصلاة والسلام: السلام عليكم أهل البيت ورحمته، إنه حميد مجيد).

يتبع بإذن الله ..

حفيدة الألباني 20-07-09 12:43 AM

السلام على النساء

ورد عند الترمذي وأبي داود وابن ماجة و البخاري في الأدب المفرد (أن الرسول صلى الله عليه وسلم مر يوماً بجماعة من النسوة فألوى بيده بالتسليم. جماعة من النسوة كن في طرف الطريق وهو مار صلى الله عليه وسلم، فالتفت إليهن وقال: السلام عليكن ورحمة الله وبركاته) وهذا خلقه عليه الصلاة والسلام؛ لأنه رسول للرجال والنساء جميعاً.
قال بعض أهل العلم: إذا انتفت الموانع، وأمنت الفتنة فيجوز السلام على النساء، كالعجوز الكبيرة مثلاً، فإن عليك أن تسلم عليها وتصحبها، وتسألها عن حالها، كما فعل الصحابة رضي الله عنهم، فقد كانوا -كما في حديث سهل بن سعد عند البخاري - يصلون الجمعة ثم يأتون إلى عجوز في طريقهم فيسلمون عليها، وهذا مرغوب فيه من باب الرحمة بالكبير من المسلمين الطاعنين في السن، وهذا مما حث عليه الإسلام في كثير من النصوص، وقد ذهب الإمام ابن القيم إلى ذلك في زاد المعاد ..

حفيدة الألباني 20-07-09 12:46 AM

من آداب السلام

1- صح عنه عليه الصلاة والسلام عند البخاري و مسلم و الترمذي أنه قال: (يسلم الصغير على الكبير، والمار على القاعد، والراكب على الماشي، والقليل على الكثير)



الصغير يسلم على الكبير

فقوله صلى الله عليه وسلم: (يسلم الصغير على الكبير) لحكمة، فإن الكبير له حق الوقار فيبدؤه الصغير بالسلام، فأنت إذا التقيت برجل أكبر منك سناً، فالواجب عليك أن تبدأه بالسلام لتشعره باحترامك له وتقديرك لكبره، ولو بدأك هو بالسلام فهو أفضل منك بلا شك.
فصغير السن يبدأ بالسلام على الكبير، ويقاس على ذلك أنه يبدأ العالم، والشيخ الجليل، وعلى من له مكانة ووجاهة، وعلى من له بلاء حسن، أو منزلة في الإسلام، فيبدأ كل هؤلاء بالسلام.



المار يسلم على القاعد

وأما قوله صلى الله عليه وسلم: (المار على القاعد). فالواجب على الماشي أن يبدأ القاعد بالسلام، لا كما يفعل بعض الناس فهم دائماً ينتظرون من يبدأهم بالسلام على أي حال؛ سواء كان راكباً أو ماراً، أو قاعداً، وهذا خطأ ويخشى على صاحبه من الكبر، فلا بد من معرفة السنة في هذا الأمر، والالتزام بها كما جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالمار هو الذي يبدأ الجلوس بالسلام، لأنه هو الطارئ على المكان، وفي الغالب يكون وحده، بينما يكون الجلوس جماعة.



الراكب يسلم على الماشي

وأما قوله صلى الله عليه وسلم: (والراكب على الماشي) فإن الراكب يسلم على الماشي، ويبدؤه بالسلام، فراكب السيارة - مثلاً - يسلم على من يمشي، وكذلك راكب الدابة، ونحو ذلك، وقد ذكر بعض الشراح -كما في فتح الباري - لطائف منها قولهم: إن الراكب يشعر بزهو دائماً، فألزمه الإسلام بالسلام على الماشي تواضعاً وخفضاً للجناح، حتى لا يتطرق الكبر إلى صدره.



القليل يسلم على الكثير

وقال صلى الله عليه وسلم: (والقليل على الكثير). فإذا مر الواحد على الجماعة فالواجب أن يبدأ هو بالسلام، وإذا مر الخمسة على العشرة سلم الخمسة على العشرة، ولم يسلم العشرة على الخمسة.
و (يجزئ عن الجماعة إذا مروا أن يسلم أحدهم، ويجزئ عن الجلوس أن يرد أحدهم). كما عند أبي داود وله شاهد يحسنه عند مالك في الموطأ . وورد عند الترمذي أنه صلى الله عليه وسلم قال: (يسلم الماشي على القائم).
فهذه آدابه صلى الله عليه وسلم وهذه تعاليمه وحكمه ولطائفه، فإنه لم يترك خيراً إلا وحثنا على فعله، ولم يترك شراً إلا وحذرنا منه..

حفيدة الألباني 20-07-09 12:52 AM

فضل البدء بالسلام

جاء عند ابن حبان والبزار عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليسلم الراكب على الماشي، والماشي على القاعد، والماشيان أيهما بدأ فهو أفضل). وقال عليه الصلاة والسلام فيما رواه أحمد و أبو داود بسند صحيح: (إن أولى الناس بالله من بدأهم بالسلام).
والمعنى: أن أقرب الناس إلى الله عز وجل وأكثرهم ولاية وحباً وزلفى إلى الله، الذي يبدأ المسلمين بالسلام، وكانت هذه عادة أخيار الصحابة والتابعين أنهم يبدءون غيرهم بالسلام.
وورد عنه عليه الصلاة والسلام كما عند ابن السني ، قال: (السلام قبل السؤال، فمن بدأكم بالسؤال قبل السلام فلا تجيبوه) ومعنى الحديث أنه لا يبدأ أحدٌ في سؤال ولا في كلام حتى يسلم، فإذا سلم بدأ في سؤاله وموضوعه.
وعند الترمذي و أبي داود و أحمد بسند صحيح عن كلدة بن حنبل : (أن صفوان بن أمية بعثه بلبن ولبأ (أول ما يحلب عند الولادة)، وجداية (الصغير من الظباء)، وضغابيس (صغار القثاء) إلى النبي صلى الله عليه وسلم، والنبي صلى الله عليه وسلم بأعلى الوادي، قال: فدخلت عليه، ولم أسلم، ولم أستأذن، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ارجع فقل: السلام عليكم، أأدخل؟
). أمة أمية..
((هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ)). بعث الله في هذه الأمة هذا الرسول صلى الله عليه وسلم ليزكيها ويفقهها في دينها، ويعلمها الآداب الرفيعة والأخلاق العالية. والشاهد في حديث كلدة : أن البدء بالسلام يكون قبل الدخول، وقبل الكلام، وقبل أي شيء.
وكان صلى الله عليه وسلم كما في سنن أبي داود من حديث عبد الله بن بسر ، (إذا أتى باب قوم لم يستقبل الباب من تلقاء وجهه، ولكن من ركنه الأيمن أو الأيسر، فيقول: السلام عليكم، السلام عليكم) حديث حسن.
وكان من هديه عليه الصلاة والسلام أنه يبدأ من لقيه بالسلام.
وكان يحرص على ذلك، خلافاً للمتكبرين، فإنهم يتحرون أن يبدأهم الناس بالسلام.
وابتداء السلام بلفظ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ويرد الراد: وعليكم السلام بالواو. وقد أثبتها النووي و ابن القيم ، وهي أجمل وأحسن من لفظ: عليكم السلام. ويكره أن يقول المبتدئ: عليك السلام، قال أبو جري الهجيمي كما عند أبي داود و الترمذي و أحمد بسند صحيح: (أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: عليك السلام يا رسول ألله، فقال: لا تقل عليك السلام، فإن عليك السلام تحية الموتى).
فعلينا تجنب قول: عليك السلام، فإنهم كانوا يحيون موتاهم بذلك، كما قال الشـاعر لما مر بقبر قيس بن عاصم :


عليك سلام الله قيس بن عاصم ورحمته ما شاء أن يترحما



تحية من ألبسته منك نعمة إذا زار عن شحط بلادك سلما



وما كان قيس موته موت واحد ولكنه بنيان قوم تهدما


فبدأ بالجار والمجرور لأنه على ميت.
فكره النبي صلى الله عليه وسلم أن يحيى بتحية الأموات، ومن كراهته لذلك لم يرد على المسلم بها..

.. يتبع بإذن الله ..

حفيدة الألباني 21-07-09 01:45 AM

آداب السلام في المجلس

قال عليه الصلاة والسلام فيما رواه أبو داود و الترمذي و أحمد و البخاري في الأدب المفرد و الحميدي و ابن حبان بسند حسن: (إذا قعد أحدكم فليسلم، وإذا قام فليسلم، وليست الأولى أحق من الآخرة).
والمعنى: إذا أردت أن تودع إخوانك وأصحابك عليك أن تسلم فتقول وأنت تغادر المكان والمجلس: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وهذه سنة غفل كثير من المسلمين عنها، حتى تجد الكثير يقول: في أمان الله، أو أستودعكم الله، ويترك هذه السنة العظيمة التي نص عليها رسول الهدى عليه الصلاة والسلام! وعند أبي داود بسندين أحدهما مرفوع وسنده صحيح، والآخر موقوف وسنده ضعيف عنه صلى الله عليه وسلم: (إذا لقي أحدكم صاحبه فليسلم عليه، فإن حال بينهما شجرة أو جدار، ثم لقيه فليسلم عليه أيضاً). وقد ورد هذا من عمل الصحابة عند الطبراني في الأوسط ، وابن السني ، وأخرجه البخاري في الأدب المفرد ، عن أنس رضي الله عنه قال: (كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتماشون، فإذا استقبلتهم شجرة أو أكمة تفرقوا يميناً وشمالا، وإذا التقوا من روائها سلم بعضهم على بعض) سنده حسن. ويقاس على هذا الداخل والخارج في المجلس، فإنه يسلم كلما دخل أو خرج، وهذا فعل حسن يثاب فاعله.



آداب السلام عند دخول المسجد

قال ابن القيم يرحمه الله: (ومن هديه صلى الله عليه وسلم أن الداخل إلى المسجد يبتدئ بركعتين تحية المسجد، ثم يجيء فيسلم على القوم)
واستدل رحمه الله بحديث رفاعة في المسيء صلاته (أنه صلى ثم أتى فسلم فقال له صلى الله عليه وسلم: وعليك، فارجع فصل فإنك لم تصل) الحديث. (1)وهذا رأيه يرحمه الله ولكن ليس هناك دليل على أن الرجل لم يسلم أول ما دخل المسجد، ثم إنه قد يكون بعيداً في طرف المسجد فابتدأ بالصلاة أولا ثم جاء فسلم.
والأقرب أنه إذا دخل المسلم المسجد أن يسلم على إخوانه المسلمين، ثم يصلي ركعتين.
وإذا سلم عليك مسلم وأنت في الصلاة نافلة كانت أو فريضة فإن السنة في ذلك كما صح عند مسلم وغيره، أن تبسط يدك فتجعل باطنها إلى الأرض، وظاهرها إلى اتجاه وجهك، ولا تقل بلسانك وأنت في الصلاة: وعليكم السلام.
وبعض أهل العلم يقول: تشير بسبابتك، ولكن بسط الكف أولى عند أهل العلم، وهو القول الراجح.



آداب السلام على الأهل

كان صلى الله عليه وسلم إذا دخل على أهله بالليل يسلم تسليماً لا يوقظ النائم، ويسمع اليقظان. رواه مسلم . فلا يدخل الإنسان على أهله فيسلم بإزعاج فيوقظ أهله! فانظر إلى لطافته ورقته وصفوه صلى الله عليه وسلم. أما حديث: (السلام قبل الكلام). فهو باطل لا يصح عنه صلى الله عليه وسلم، فقد ورد عند الترمذي من حديث جابر ، لكن في سنده عنبسة بن عبد الرحمن وهو متروك، ورماه أبو حاتم بالوضع، فقال: وضاع: يعني كذاب، كما أن شيخ عنبسة وهو محمد بن زاذان متروك أيضاً، فالحديث باطل.

حفيدة الألباني 21-07-09 01:51 AM

حكم السلام على أهل الكتاب

كان صلى الله عليه وسلم لا يبدأ أهل الكتاب بالسلام، وقد صح عنه عليه الصلاة والسلام عند مسلم و أبي داود والترمذي ، أنه قال: (لا تبدءوا اليهود والنصارى بالسلام). فالسنة لمن يعمل مع اليهود و النصارى ألا يبدأهم بالسلام، لكن إذا سلموا قال: وعليكم. ومر صلى الله عليه وسلم كما في البخاري و مسلم و أحمد على مجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان واليهود ، فسلم عليهم.
فإذا مررت بمجلس فيه مسلمون -وهذا شرط- وفيه يهود و نصارى ، فسلم عليهم السلام الشرعي.
وكتب عليه الصلاة والسلام كما في البخاري و مسلم لـهرقل وغيره: (السلام على من اتبع الهدى). وقد ورد ذلك في كتاب الله سبحانه وتعالى في قول موسى لـفرعون : ((وَالسَّلامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى)) فإذا سلمت أو كتبت رسالة لأهل الكتاب فإنك تقول: السلام على من اتبع الهدى. لكن لا تبدأهم بالسلام.



ترك السلام على العاصي حتى يتوب

كان من هديه صلى الله عليه وسلم ترك السلام ابتداءً ورداً على من أحدث حدثاً حتى يتوب منه، كما فعل صلى الله عليه وسلم بـكعب بن مالك مع صاحبيه كما عند البخاري و مسلم و الترمذي و أبي داود و أحمد ، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن يبدؤهم بالسلام، بل قال كعب بن مالك : فكنت أسلم على الرسول صلى الله عليه وسلم فلا أدري هل يرد علي أم لا؟
وهل حرك شفتيه بالسلام أم لا؟
ومثل ذلك المبتدع الذي عرف بابتداعه، أو أحدث حدثاً في الدين، فلك أن تهجره، لا تسلم عليه، ولا ترد عليه السلام حتى يتوب، وذلك بعد نصحه وتخويفه وحثه على ترك الابتداع في الدين.
وكذلك مثل من ترك صلاة الجماعة بلا عذر وهو جار للمسجد، معافى، وفي صحة، فلك أن تهجره من السلام، ومن الرد حتى يصلي مع الجماعة.
وورد من حديث أبي أيوب الأنصاري أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه المسلم فوق ثلاث، يلتقيان، فيعرض هذا، ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام). (1) وهذا في أمور الدنيا، فإن الغضب والغيظ في الدنيا ينتهي بثلاث، ويحرم الهجر بعد ذلك، أما في الدين فلا ينتهي حتى يتوب من خطئه، ويتوب من ابتداعه.



السلام عند الشعراء

قال كثير عزة في السلام:


حيتك عزة بالتسليم وانصرفت فحيها مثلما حيتك يا جمل



ليت التحية كانت لي فأشكرها ما كان يا جملاً حييت يا رجل


وذكر أهل الأدب أن رجلاً طلق امرأته، فتزوجها رجل آخر؛ فأراد الأول أن تعود إليه، فقال مهدداً الثاني:

سلام الله يا مطر عليها وليس عليك يا مطر السلام



فطلقها فلست لها بكفء وإلا يعل مفرقك الحسام!!


ويقول جرير الخطفي في ديوانه:

يا أم ناجية السلام عليكم قبل الرواح وقبل لوم العذل



لو كنت أعلم أن آخر عهدكم يوم الرحيل فعلت مالم أفعل


.. يتبع بإذن الله ..

حفيدة الألباني 28-08-09 04:29 AM

ثانيا: إجابة الدعوة

حكم إجابة دعوة المسلم

ومن جسور المحبة قوله صلى الله عليه وسلم: (وإذا دعاك فأجبه).
ومن الدعوات ما تكون واجبة، ومنها ما تكون سنة، ومنها ما يحرم إجابتها.
فأما ما هي واجبة: فدعوة الزواج إذا لم يكن هناك منكر ففي الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما: (إذا دعي أحدكم إلى الوليمة فليأتها) والوليمة هي وليمة العرس، لأنها تسمى هكذا في كتب اللغة.
وفي لفظ مسلم : (إذا دعا أحدكم أخاه فليجب، عرساً كان أو نحوه).
قال أهل العلم: هذا الأمر للوجوب، أي يجب عليك شرعاً أن تجيب الداعي ما لم يكن هناك منكر مخالف للشرع..

آداب الدعوة

ورد عند مسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (شر الطعام طعام الوليمة يمنعها من يأتيها، ويدعى إليها من يأباها، ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله) . فشر الولائم التي للرياء والسمعة، يدعى إليها علية الناس، ويمنع منها الفقراء، وعند مسلم أيضاً (إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب، فإن شاء طعم، وإن شاء ترك) فأنت تحضر وليس المقصود أن تأكل، فإن البعض الآن إذا دعي إلى وليمة قال: ما أستطيع لأني أكلت، أو يقول: لا أريد الأكل، فهذا خطأ، ليس المقصود أن تأكل، احضر وادع لهم، وتحدث معهم وآنسهم، فإن كثيراً من السلف كانوا يحضرون وهم صيام، فكانوا يدعون لأهل المنزل من حسن خلقهم. وعن ابن مسعود مرفوعاً: (طعام الوليمة أول يوم حق، وطعام الوليمة في اليوم الثاني سنة، وطعام الوليمة في اليوم الثالث سمعة، ومن سمّع سمّع الله به). رواه أبو داود وأحمد وفي سنده مجهول، وهذا الحديث ضعيف.
والبخاري يرى ضعف الحديث. وقد قال البخاري في الصحيح: (لم يوقت النبي صلى الله عليه وسلم يوماً ولا يومين). فللإنسان أن يزيد على يوم أو يومين أو ثلاث، لكن الأقرب للسنة يوم واحد، ووليمة واحدة.
والمقصود إجابة الدعوة إذا لم يكن هناك منكر.
والدعوة لمن سبق: فإذا دعاك داعيان في يوم واحد، أو في أيام مختلفة، فقدم الذي سبق إلى دعوتك، واعتذر للثاني، وقل له: سبقك فلان بالدعوة، فإذا تساوى أهل الدعوة، فالأقرب منهم الأولى بالإجابة، وذوي الأرحام أولى بك بإجابة دعوتهم من الجيران إذا دعوك سوياً.
وإذا كان هناك منكر فليس عليه أن يحضر -كما سبق- إلا إذا علم أن في حضوره منعاً للمنكر، أو حداً منه، فله أن يحضر..


يتبع بإذن الله ..

حفيدة الألباني 28-08-09 11:43 PM

ثالثاً: الدين النصيحة

وجوب النصيحة

أما قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث: (وإذا استنصحك فانصح له). فهذا أدب ثالث يبينه عليه الصلاة والسلام لنا، وهو شعار المحبة، وهو الواجب الشرعي علينا بعضنا لبعض. فالنصيحة واجبة عند أهل العلم، وقد قال صلى الله عليه وسلم كما عند مسلم \ : (الدين النصيحة، قلنا: لمن؟
قال: لله ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم). وقد قال صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين ، وهذا من باب النصيحة: (انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، قلنا: يا رسول الله! ننصره مظلوماً، فكيف ننصره ظالماً؟
قال: ترده عن الباطل فإن ذلك نصره). فالواجب علينا أن نتناصح فيما بيننا، والإنسان لا يسلم من الخطأ والنسيان، ونحن جميعاً يعترينا النقص والخطأ في كثير من تصرفاتنا، لأن العصمة لرسول الهدى عليه الصلاة والسلام، فالواجب على الأخ إذا رأى أخاه قد أخطأ في مسألة، أو في اجتهاد أو في تصرف، أو في أسلوب، أن يذهب إليه وينصحه، ولن يجد الناصح إلا الحب والدعاء والبشر والاستقبال الحسن.
يقول علي رضي الله عنه: [المؤمنون نصحة، والمنافقون غششة] فإذا رأيت الإنسان ينتقد إخوانه وينالهم في المجالس، ويتعرض لأعراضهم، ثم لا ينصحهم في وجوههم، فاعلم أنه غاش لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين. ومن علامة المؤمن إذا أراد أن يقوم أخاه أن يذهب إليه، ويأخذه على حدة، وينصحه ويوجهه، ويحن عليه، ويتعاطف معه، ويتلطف به حتى يقومه إن كان يريد النصح حقاً، وإن كان يريد التشهير بأخيه المسلم فالله يتولاه، والله حسيبه، والله من وراء قصده.
وقد ذكر الله عز وجل في كتابه طريقة الأنبياء في الدعوة، وأنها قامت على النصيحة، فهذا نوح عليه السلام يقول لقومه: ((أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ)) ويقول لهم أيضاً: ((وَلا يَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ)). وهذا نبي الله صالح عليه السلام يقول لقومه: ((يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ)). وقال شعيب : ((لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ)).
فهؤلاء هم أنبياء الله عز وجل وصفوة خلقه، ومن تشبه بقوم فهو منهم..

آداب النصيحة

للنصيحة آداب ثلاثة: الأول: الإخلاص، والثاني: اللين، والثالث: الإسرار بها.
وكثيراً ما يخطى العبد، فنحن لسنا معصومين من الخطأ، وإني أكرر ذلك ليعلم الناصح أن الخطأ والنسيان شيء عادي مركوز في أصل الجبلة، فلا يتعصب في نصيحته. يقول الشاعر:


من ذا الذي ما ساء قط ومن له الحسنى فقط


ويقول الآخر:

تريد مهذباً لا عيب فيه وهل عودٌ يفوح بلا دخان!!


ويقول ثالث:

ولست بمستبق أخاً لا تلمه على شعث أي الرجال المهذب؟



ويقول رابع:

من ذا الذي ترضى سجاياه كلها كفى المرء نبلاً أن تعد معايبه


وإن الإسرار بالنصيحة من هديه صلى الله عليه وسلم، فإن النصيحة على رءوس الأشهاد فضيحة.
قاله الشاعر:

تغمدني بنصحك في انفراد وجنبني النصيحة في الجماعة



فإن النصح بين الناس نوعٌ من التوبيخ لا أرضى استماعه



فإن خالفتني وعصيت أمري فلا تجزع إذا لم تلق طاعة


وكان عمر رضي الله عنه يقول: [رحم الله امرأ أهدى إلي عيوبي، وكان يستمع للصحابة وهم ينصحونه].

.. يتبع بإذن الله ..

حفيدة الألباني 03-09-09 09:19 PM

رابعاً: تشميت العاطس

متى يشمت العاطس وكيفية التشميت؟!

قال عليه الصلاة والسلام في الحديث: (وإذا عطس فحمد الله فشمته) ، ويقول صلى الله عليه وسلم: (إن الله يحب العطاس، ويكره التثاؤب).
فالعطاس رحمة من الله، والتثاؤب من الشيطان؛ لأن العطاس فيه تفتيح لشرايين القلب، وانشراح للصدر، وهو رحمة من الله، والله أعلم بالسر في ذلك.
فكان الواجب أن تقول: الحمد لله.
أما التثاؤب فإنك تكظم ما استطعت، وقد قال صلى الله عليه وسلم كما عند البخاري وأحمد : (إذا عطس أحدكم فليقل الحمد لله، وليقل له أخوه: يرحمك الله، فإذا قال له يرحمك الله فليقل: يهديكم الله ويصلح بالكم) وعند البخاري ومسلم والترمذي وابن ماجة وأحمد عن أنس : (أنه عطس عنده رجلان فشمت أحدهما، ولم يشمت الآخر، فقال الذي لم يشمته: عطس فلان فشمته، وعطست فلم تشمتني، فقال: هذا حمد الله، وأنت لم تحمد الله). وعند مسلم وأحمد من حديث أبي موسى الأشعري أنه صلى الله عليه وسلم قال: (إذا عطس أحدكم فحمد الله فشمتوه، فإن لم يحمد الله فلا تشمتوه)
ففهم من الحديث أنه من قال: الحمد لله، فعلينا وجوباً أن نقول له: يرحمك الله، وإذا سكت ولم يحمد الله، فليس عليك أن تقول له: يرحمك الله، بل تسكت..

هل التشميت فرض عين أم فرض كفاية؟!

ذهب المالكية ومنهم ابن أبي زيد و ابن العربي إلى أن التشميت فرض عين، وهو الصحيح، فإن على أهل المجلس مثلاً إذا سمعوا الحمد لله أن يقولوا: يرحمك الله لا يكفي منهم واحد، فهو فرض عين وليس فرض كفاية. وكان من هديه صلى الله عليه وسلم في العطاس ما ذكره أبو داود والترمذي وأحمد وابن السني -وسنده حسن- كما أن الحاكم صححه ، (أنه كان إذا عطس وضع يده أو ثوبه على فيه، وخفض أو غض به صوته) فالسنة ألا يرفع المسلم صوته بالعطاس.
وهناك حديثان ضعيفان أشير إليهما: الحديث الأول: (التثاؤب الشديد والعطسة الشديدة من الشيطان) رواه ابن السني ، وهو ضعيف لا يصح عنه صلى الله عليه وسلم.
الحديث الثاني: (إن الله يكره رفع الصوت بالتثاؤب والعطاس) . حديث ضعيف لا يصح عنه صلى الله عليه وسلم.
وقد قال عليه الصلاة والسلام فيما رواه أبو داود بسند حسن: (شمت أخاك ثلاثاً، فما زاد فهو زكام) يعني أنه يعطس في المرة الأولى فيحمد الله، فقل له: يرحمك الله. وفي الثانية قل له: يرحمك الله، وفي الثالثة قل له: يرحمك الله، وفي الرابعة قل له: عافاك الله. وقد عطس رجلٌ عنده عليه الصلاة والسلام، فقال له: (يرحمك الله. ثم عطس أخرى فقال له صلى الله عليه وسلم: الرجل مزكوم) قال ابن القيم : وقوله في الحديث: (الرجل مزكوم) تنبيه على الدعاء له بالعافية؛ لأن الزكمة علة، وفيه اعتذار من ترك تشميته بعد الثلاث، وفيه تنبيه له على هذه العلة ليتداركها ولا يهملها، فيصعب أمرها، فكلامه صلى الله عليه وسلم كله حكمة، ورحمة، و علم، وهدى.
وقد قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو داود بسند حسن: (إذا عطس أحدكم فليشمته جليسه، فإن زاد على الثلاثة فهو مزكوم، ولا تشمته بعد الثلاث).
وذكر أهل العلم أنه إذا زاد على الثلاث فيدعو لصاحبه بالعافية.
هنا مسألة: إذا لم تسمع أنت حمد العاطس، لكن سمع من بجانبه أنه حمد الله فماذا تفعل إذا تبين لك أنه حمد الله؟
ولو لم تسمعه، فقل: يرحمك الله، أما إذا لم يتبين لك، فلا تشمته.
مسألة ثانية: هل تذكر العاطس إذا نسي الحمد؟
ذهب إلى ذلك نفر من أهل العلم كـالنووي وغيره من العلماء، واستحسنوا ذلك، وقد فعله إبراهيم التيمي ، كما فعله أيضاً ابن المبارك ، فقد عطس رجل عند ابن المبارك ولم يحمد الله، فقال ابن المبارك : ماذا يقول الرجل إذا عطس؟
قال: يقول: الحمد لله، قال: يرحمك الله، هذا قول.
والقول الصحيح: أنه لا يلزمك أن تذكره، لأنه لو كان يلزمك أن تذكره لكان النبي صلى الله عليه وسلم أولى بتذكير من عطس ولم يشمته، ولم يذكره، وهذا تعزير له وحرمان لبركة الدعاء، لما حرم نفسه بركة الحمد.
وقد تعاطس الناس في مجلسه، ولم يذكرهم عليه الصلاة والسلام، بل لم يشمتهم، وهذا هو القول الراجح.
وكان اليهود يتعاطسون عنده عليه الصلاة والسلام، فيقولون: الحمد لله، فيقول: (يهديكم الله، ويصلح بالكم) رواه أبو داود والترمذي وأحمد والبخاري في الأدب المفرد ، وصححه الترمذي و النووي و الحاكم .
فانظر إلى الحكمة: اليهود بحاجة إلى الهداية، وليسوا أهلاً للرحمة، فهل يترحم عليهم وهم مخالفون؟
لا. هم بحاجة إلى أن يهديهم الله أولاً، قبل أن يرحمهم، فعدل عليه الصلاة والسلام عن لفظ: (يرحمكم الله) إلى لفظ: (يهديكم الله ويصلح بالكم)..

.. يتبع بإذن الله ..

حفيدة الألباني 05-09-09 12:57 AM

خامسا: عيادة المريض

فضل عيادة المريض والدعاء له

قال عليه الصلاة والسلام:(وإذا مرض فعده)
وهذا جسر آخر من جسور المحبة بين المسلمين، فمن حق المسلم على أخيه المسلم إذا مرض أن يعوده، والعيادة لها آداب، ولها فضل من الله عز وجل فقد روى مسلم عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من عاد مريضاً لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع). وفي لفظ: قيل: (يا رسول الله! وما خرفة الجنة؟
قال: جناها). يعني كأنه يمشي في بساتين الجنة. وقد عاد عليه الصلاة والسلام أصحابه، فقد عاد سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه وأرضاه و دعا له، وقال له: (ولعلك تخلف حتى ينفع بك أقوام. ويضربك آخرون)
وعاد عليه الصلاة والسلام جابراً رضي الله عنه فوجده مغمى عليه فتوضأ عليه الصلاة والسلام وصب عليه الماء فاستفاق.
وعاد عليه الصلاة والسلام أعرابياً -كما في الصحيح- فلما دخل عليه صلى الله عليه وسلم قال: (لا بأس طهور إن شاء الله. فقال الأعرابي: كلا، بل هي حمى تفور على شيخ كبير تزيره القبور، فقال عليه الصلاة والسلام: فنعم إذن)، فكانت هالكته وقاصمته.
وكان صلى الله عليه وسلم إذا عاد مريضاً دعا له، وجلس قليلاً عند رأسه، ووضع يده الكريمة على صدره، وهذا من الأنس والملاطفة..

آداب العيادة

العيادة عند أهل السنة كل ثلاثة أيام، إلا أن يكون قريباً كالأب والابن والأخ ومن في حكمهم، أما إذا كان غير ذلك، فإنك تزوره كل ثلاثة أيام، أما أن تأتيه كل يوم، أو تأتيه مرة في الصباح ومرة في المساء فهذا مزعج!
وقد ذكر الذهبي في ترجمة سليمان بن مهران الملقب بـالأعمش أنه مرض مرضاً مزمناً، فدخل عليه الناس، وترددوا عليه كثيراً فأزعجوه، فكتب وصف مرضه في ورقة، ووضعها تحت مخدته التي ينام عليها، فكان كلما سأله أحد عن مرضه، أخرج هذه الورقة، وقال له: اقرأ!
فلما كثر الناس عليه، قفز فأخذ المخدة، وجعلها تحت إبطه، ووقف وقال: شافى الله مريضكم!
وعلى المسلم أن يتحرى وقت العيادة، بحيث يكون مناسباً للمريض، فلا يكون عند نومه، ولا عند طعامه، ولا عند صلاته، ولا في وقت يرى أنه يرتاح فيه المريض، بل يتوخى وقت العيادة المناسب.
ومن آداب العيادة أنك لا تطيل الجلوس عند المريض، فإن بعض الناس إذا زار المريض زاده مرضاً على مرضه، فيبقى الساعة والساعتين! وهذا ليس من أدب العيادة.
فإذا عدت المريض وكان مرضه خفيفاً، حسنت له صحته، وهونت عليه مرضه، وقلت: ما شاء الله، ما كنت أظن أنك هكذا.. صحتك طيبة.. وحالك طيبة، شافاك الله وعافاك، قريبا تخرج من هذا المرض إن شاء الله ونحو ذلك من الكلام، لا أن يأتي العائد بوجه آخر، فيزيد المريض مرضاً على مرضه، فبعض الناس هداهم الله يشعر المريض أنه في أسوأ حال، وأن مرضه ليس له علاج البتة، وأنه يجب عليه أن يوصي بماله، ويوزع تركته! وهكذا حتى يجعل المريض في عداد الموتى!
وهذا خطأ، فالحالة النفسية لها دورها، فأنت إذا أشعرته أنه سليم معافى، يمكن أن يكون ذلك سبباً في شفائه بإذن الله ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا عاد مريضاً قال له: (لا بأس طهور إن شاء الله) ونحو ذلك كما تقدم في عيادته للأعرابي.
ولكن يقول أهل العلم: إذا وصلت إلى رجل أصبح قريباً من الآخرة، ومرض مرضاً لا يرجى برؤه، فحسن ظنه بالله، وحسن قدومه على الله، وحسن رجاءه في الله، هذه هي السنة في العيادة.
قال أحدهم:
مرض الحبيب فعدته فمرضت من خوفي عليه
وأتى الحبيب يعودني فشفيت من نظري إليه


وقال آخر وهو القاضي الحنفي الشهرزوري :
والله ما جئتكم زائراً إلا وجدت الأرض تطوى لي
لا انثنى وجهي عن بابكم إلا تعثرت بأذيالي


ويقول أبو تمام :
إذا مرضنا أتيناكم نعودكم وتذنبون فنأتيكم ونعتذر


وقال آخر في ذكره سبحانه:
إذا مرضنا تداوينا بذكركم ونترك الذكر أحياناً فننتكسُ

ولا يكثر العائد عند المريض من ذكر الدنيا، وكثرة المزاح، ولا من الكلام الذي لا يليق، ولكن يخفف الزيارة ويذهب..

.. يتبع بإذن الله ..

حفيدة الألباني 09-09-09 12:51 AM

سادساً/ إتباع الجنازة ..

فضل اتباع الجنازة

يقول صلى الله عليه وسلم في الحديث: (وإذا مات فاتبعه) ، ضريبة المسلم على المسلم!! حتى بعد أن أصبح جثماناً، وأصبحت روحه في عليين، تتبعه وتقوم بحقوقه، وتشفع له وأنت تصلي على جنازته، وتترحم عليه وهو في الثرى، وتواصله بالدعاء، وتدعو له بظهر الغيب.
هذه أخوة الإسلام، وهذا ميثاق الإيمان، وتلك حقوق المسلم على المسلم التي لا تقتصر على الحياة فقط، بل تشمل المسلم بعد موته أيضاً. قال عليه الصلاة والسلام كما عند الترمذي بسند ضعيف: (من تبع جنازة وحملها ثلاث مرات، فقد قضى ما عليه من حقها) ..
ولكن في الصحيحين أنه قال: (من شهد الجنازة حتى يصلى عليها فله قيراط، ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان قيل: وما القيراطان؟
قال: مثل الجبلين العظيمين) ..
فانظر ما أسهل العمل، وأعظم الأجر..

آداب الجنازة والعزاء

من السنة أن يمشي أمام الجنازة، وفي هذا تفضيل، قال ابن عمر عند الخمسة ، وصححه ابن حبان ، وأعله النسائي بالإرسال: (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم و أبا بكر و عمر يمشون أمام الجنازة) فالسنة المشي أمام الجنازة، لكن الراكب يمشي خلفها، والماشي أمامها، وإن مشى خلفها فلا بأس.
وقالت أم عطية كما في الصحيحين : (نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا) فالواجب أن ينهى النساء عن اتباع الجنائز؛ لأن المرأة ضعيفة، وتصاب بالجزع، وربما تفتن، وربما تتسخط على قضاء الله وقدره، فليس للمرأة -ولو كانت عجوزاً- اتباع الجنازة، ولا زيارة القبور.
وهنالك عادات تخالف الشرع، نبه عليها أهل العلم، وكتبوا فيها، وبينوا الخطأ، ونبهوا عليه، وأشاروا إلى الصواب فجزاهم الله خيراً، ومن هذه العادات:
الاجتماع على العزاء، ونصب الخيام والولائم، والقيام بالصياح والنياحة، وضرب الوجه، وشق الجيب، وكذلك الجزع من القضاء والقدر.
ومن المخالفات الشرعية أيضاً: أن يمزح بعض الناس في العزاء، أو أن يضحكوا مما يثير انتباه الحضور، أو يتحدثوا بإسهاب في أمور الدنيا، إلى غير ذلك من الصور المخالفة للشرع التي بينها ونبه عليها العلماء.
هذه بعض جسور المحبة التي أتى بها محمد صلى الله عليه وسلم، والتي اتصف بها أصحابه رضوان الله تعالى عليهم فحققوا هذه الصفات في عالم الواقع. وكانت استجابتهم استجابة فذة من كل جوانبها، وهم الذين امتلأت قلوبهم بهذه الأخلاقيات حتى أعماقها، فآتت ثمارها بإذن الله، فوصلوا بذلك إلى القمة التي لا يحسن صعودها إلا من أحسن العبودية لله، وتمسك بكتاب الله وبسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، واتصف وتخلق بأخلاق الإسلام.
والحمد لله... ما زال الباب مفتوحاً، وما زالت البضاعة مطروحة أمام الجميع، وليس علينا إلا أن نتاجر مع الله عز وجل ولا يكون ذلك إلا بالتخلق بأخلاقيات هذا الجيل العظيم، وإذا فعلنا ذلك فسوف نصل إلى أرقى صورة بشرية يمكن أن يصل إليها الإنسان على وجه الأرض، صورة الإنسان الذي توشك أن تصافحه الملائكة!!



الساعة الآن 02:04 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية