منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات احلام المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f457/)
-   -   358 - لو يتوقف الزمن - صوفي ويستون ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t109578.html)

جين استين333 20-04-09 02:52 AM

358 - لو يتوقف الزمن - صوفي ويستون ( كاملة )
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .......
حبيت أنزلكم اليوم رواية (أنا من جهتي تعجبني ) أتمنى انها تعجبكم.......:f63:

وهادا الملخص::::


لو يتوقف الزمن
358
صوفي ويستون
The Duke's propsal
جيمينا عارضة أزياء اعتادت رؤية نظرات الإعجاب في عيون الرجال حتى أنها لم تعد تتأثر بها!
لكن السير على الشاطئ في جزيرة كاريبية ساحرة إلى جانب نيال بلاكثورن موضوع آخر تماما!
هو لا يعرف من هي, وهي لا تعرف هويته الحقيقية. غريبان تماما على رمال ساخنة جدا... ومع ذلك ثمة قشعريرة تسري في جسد جيمينا ...
-هل تشعرين بالبرد؟
خلع سترته وألقاها على كتفيها, فإذا بشعاع من الدفء والشعور بالأمان يسري في كيانها...
-يا الهي ! أنا حقا في ورطة هنا!
تلك هي اللحظات التي يصبح فيها إخفاء الأمور أصعب من قول الحقيقة!!!http://www.liilas.com

رايقه وفاضيه 20-04-09 12:11 PM

شكلها مره حلوه انتضرك

جين استين333 20-04-09 05:34 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رايقه وفاضيه (المشاركة 1933815)
شكلها مره حلوه انتضرك


شكرا عزيزتي لكني رح أنتظر أربع ردود زيادة ور أبدأ بتنزيل القصة ..............(مرة واثقة....)

:liilas::liilase::liilas::liilase:

ريما الفلا 21-04-09 01:08 PM

من الملخص واضح انها رائعة
منتظرينك تنزليها شكرا جزيلا مقدما على المجهود
ربنا يعينك على الكتابه تقبلى تحياتى

جين استين333 23-04-09 08:13 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ريما الفلا (المشاركة 1934702)
من الملخص واضح انها رائعة
منتظرينك تنزليها شكرا جزيلا مقدما على المجهود
ربنا يعينك على الكتابه تقبلى تحياتى


شكرا لك عزيزتي وانا أصلا قاعدة أكتب فيها عبال ما يسير عدد إللي ردو خمسة (أنا عارفة اني مزودتها)

وشكرا لك على المرور ......

وعن جد الله يعينني على الكتابة............:f63:

:liilase::liilas::liilase::liilas:

karamila 24-04-09 02:32 AM

ننتظرك نزليها وتسلم يدك

جين استين333 24-04-09 08:43 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة karamila (المشاركة 1936839)
ننتظرك نزليها وتسلم يدك


شكرا لك عزيزتي ..........:flowers2:

rayadeeb 25-04-09 11:12 AM

والله امبينه كلش حلوة ياريت تنزليهه كامله ومشكورة مقدما

opa 25-04-09 04:47 PM

يا ريت تنزليها دى رواية جميلة أنا قرأت منها جزء بسيط و نفسى أكملها

جين استين333 26-04-09 09:54 AM

خلاص من عيوني الاتنين دحين ان شاء الله رح أبدا في التنزيل.........

جين استين333 26-04-09 09:55 AM

1-مقدمة

اتكأ الرجل الرشيق الممشوق القامة على الدرابزين وراح يتأمل زرقة البحر. كان البيت الريفي البسيط يتوارى خلف حدائق الفندق بمنأى عن دوامة الحياة وصخبها. تنهد الرجل تنهيدة تنم عن استمتاع ورضى.
كان الليل يلفه بوشاح دافئ تخترقه بين الحين والآخر نسمة تداعب بشرته, عذبة ناعمة كنفس المرأة.
تناهت إلى مسمعه أصوات علت فوق هدير الموج الخافت, لكنه كان وحيدا تماما, كحاله دوما.
لقد اختار الوحدة بمحض إرادته والتزم بها سنوات طويلة حتى ألفها, فالمرء منا يختار طريقه ويسير فيها طيلة حياته. إلا أنه أحيانا, وفي ليلة مثالية كهذه, يجد نفسه يتساءل:" ماذا لو كان الوضع مختلفا؟ ما كان شعوره لو أنها الآن بجانبه؟".
"هي التي لم تكن وهما ولا سرابا", قال نايل بلاكثورن هذه الكلمات بصوت عال, ساخرا من نفسه.
في الجهة المقابلة من الخليج, كان مدخل كازينو كارييب رويال يشع بالأنوار كما في لاس فيغاس.
انتشل نفسه من حلم اليقظة الذي لم يعتد أن يستسلم له وتمدد بتكاسل في الظلام الذي راح يرخي ستاره. كان عاري الصدر يرتدي سروالا قطنيا قصيرا وباليا يكشف عن ساقين مسمرتين عاريتين. مع هبوط الليل, كان الهواء الذي يداعب بشرته لا يزال دافئا. رياح البحر لا تهب قبل ساعة متأخرة من الليل, وحينئذ يتوجب عليه أن يقصد العمل.
ابتسم عندما خطرت هذه الفكرة في باله. سوف يستحم ويحلق ذقنه ويسرح شعره ويرتدي بزته الرسمية المفضلة ثم يتوجه إلى الكازينو حيث يتجول بين السواح والمقامرين المتحفظين والغامضين ليجرب حظه.
يربح أحيانا, فيحسده الجميع. ويخسر أحيانا أخرى, فتدهشهم برودته ولامبالاته. لكنهم في كلا الحالتين, لا يتقربون منه. حتى النساء اللواتي حلمن بأنهن هائمات في حب المقامر الساحر الغامض ما كن ليتأخرن في الابتعاد عنه. وهو نفسه لم يرغب يوما في بقائهن.
راح يذكر نفسه ساخرا بحسنات الوحدة. ما من امرأة تتحمل هذا الجانب من شخصيته لوقت طويل حتى لو أرادها أن تفعل.
بطبيعة الحال, لم يطلب هو ذلك أبدا. وتلاشت ابتسامته في هدأة الليل. راح ينظر إلى المحيط تحت ضوء القمر بعينين تملؤهما الكآبة.
" تقبل الواقع نايل"
لم يكن قلبك يتسع لسوى امرأة واحدة كانت بدورها ملكا لآخر.!!http://www.liilas.com

جين استين333 26-04-09 09:57 AM

1-امرأة مات قلبها

خيم الصمت في الغرفة الفسيحة الصاخبة عندما دخلتها جيمينا دار.
لم يدم الصمت غير هنيهة استعاد فيها الجميع أنفاسهم, لكن السكون كان أبلغ من قرع الطبول ويعني:" ها قد وصلت الملكة".
فكرت جيمينا في سرها: هذا ما أنا عليه اليوم, ملكة تتربع عرش هذا العالم الصغير.!!http://www.liilas.com


استطاعت أن تشعر بالعيون تحدق إليها, وأن تستشف توقعات المحيطين بها. وأحست لبرهة أن أنفاسها تكاد تنقطع.
لكنها استدركت: إياك أن تخذلي جمهورك... فنفضت شعرها الأشقر المحمر إلى الوراء ثم زمت عينيها الكهرمانيتين الشهيرتين وابتسمت لهذا الحشد الصامت.
بدأت رحلتها مع الشهرة يوم اختارتها شركة بليندا لمستحضرات التجميل لتمثلها في الحملات الدولية. وها هي صورتها تتصدر اليوم, وللمرة الثانية في العام نفسه, غلاف مجلة أناقة, فضمنت بذلك التربع على عرش الشهرة.
كانت العارضات في هذه الغرفة يحسدنها, حتى أن كثيرات منهن كن يكرهنها ويحقدن عليها.
ألقت التحية على كل من في الغرفة. لكنهم كانوا قد عادوا للانكباب على أعمالهم, يسوون الملابس التي أعدها المصممون للعرض ويتبخترون بالكعوب العالية الرفيعة, ويصبون اهتمامهم كله على ترتيب شعر العارضات وتبرجهن.
وعلى الرغم من حرارة الغرفة المرتفعة, كانت جيمينا تشعر بالبرد بسبب الجليد الذي غزا المنطقة.
" انتبهي لما تتمنين..."
حسن, لقد تمنت ونالت مرادها عندما كانت في السابعة عشر من عمرها وصدقت كلام باسيل بلاين:
-أنت يا عزيزتي فنانة بالفطرة. سأجعل منك نجمة متألقة.
لم يخلف بوعده وأصبحت نجمة متألقة بحق, بل ملكة على منصة العرض. إلا أن باسيل لم يذكر يوما ضريبة الشهرة.
أجالت بصرها لبرهة في أرجاء الغرفة, وتأملت النساء اللواتي عجزن حتى عن رد التحية عليها, فامتلأت عيناها الكهرمانيتان كآبة. هزت جيمينا كتفيها استخفافا وفكرت في سرها:" بالفعل, إنها ضريبة النجاح".
اعتادت منذ حوالي خمس سنوات أو أكثر أن تشق طريقها وسط البلبلة التي تسود كواليس عروض الأزياء العالمية حتى أصبحت خبيرة في مهنتها.
-ها قد وصلت.
كانت عيناه هائجتين أما يداه فأبرد من يديها فهذا أول عرض ضخم في حياته المهنية.
-لقد اتصلت بك مرارا وتكرارا. ألا تجيبين على هاتفك؟
تلافت جيمينا الإجابة عن سؤاله هذا وردت:" أنا لا أخذل أحدا أبدا".
وهذا صحيح, فهذه, إلى حد ما, الميزة الوحيدة التي تفتخر بها اليوم.
-استرخ يا فرانسيس, سأجعلك فخورا الليلة.
كانت صادقة في كلامها فقدمت على المسرح أفضل عرض في حياتها. لاقى العرض استحسانا كبيرا, فجمع المصمم العارضات حوله وذرف دموع الفرح.
أسندت جيمينا رأسها إلى كتفه فانسدل شعرها الأشقر المحمر شلالات على صدر سترته الجلدية.
بدت عفوية, ودودة.. لا بل حنونة. يا لها من صورة مدهشة! هذا ما اجتمع الكل ليلة أمس ليخطط له: المسئولون عن العلاقات العامة, المعلنون, فرانسيس...
عفوية؟ حقا!
ثارت ثائرتها لبرهة عندما أخبروها بالأمر ليلة أمس. كانت قد وصلت للتو من باريس وقد بات السفر يؤثر في أعصابها في الآونة الأخيرة. فنسيت لهنيهة أنها تتقاضى مبالغ طائلة لتبدو عفوية!
-أنتم تسعون إلى نشر شائعة تطالني وفرانسيس.
وجهت إليهم اتهاما مباشرا يفتقر إلى اللباقة. فانكب بعض الموجودين على قراءة ملاحظاتهم فيما راح البعض الآخر يجيل نظره في أرجاء قاعة المؤتمرات. إنما لم تلتق عيناها بنظرة واحدة يتيمة من الحضور.
وأخيرا, خاطب مدير التسويق في شركة بليندا جيمينا بسأم:" أنجزي المهمة وحسب, فأنت وجه شركة بليندا. كما أننا نحتاج إلى المقال, والسيدة أتت إلى البلد لتحضر العرض".
كان الجميع, من دون استثناء, يهاب السيدة. لذا, اتكأت جيمينا على فرانسيس وابتسامة عريضة تنير محياها وكأنه جار لها لا مصمم أزياء متفان في عمله. فسارع المصورون فرحين إلى التقاط الصور في حين انهمك المحررون في كتابة بعض الملاحظات, حتى أن هذه التمثيلية لم تخل من تنهيدة رومانسية أو اثنتين.
فكرت جيمينا في سرها ومن دون حماس:" أستطيع أن أقرأ عناوين الصحف: هل وقعت جيمينا أخيرا في الحب؟".
سعت جاهدة لأن تحافظ على ابتسامتها مما أشعرها بألم في أذنيها. وما إن تواريا خلف الستارة أبعد فرانسيس يده عنها بسرعة, حتى أنه بدا منزعجا وكأنه محظور عليه لمس الملكة.
-شكرا حبي.
كان كلاهما يعلم أنها بعيدة المنال بالنسبة للجميع, باستثناء شخص واحد...
لم ينتبه فرانسيس لما يدور في خلدها وبادرها:" كنت محقة, لقد جعلتني فخورا بحق".
-هذا من دواعي سروري.
غير أن ابتسامتها بقيت باردة, ولم تنعكس في عينيها.
-أظن أنك...؟
كانت تخلع أحد تصاميمه بحركات دقيقة متمرسة فسألت:" أنك ماذا؟".
همهم متابعا:" ترغبين في تناول الطعام لاحقا؟".
واحمرت أذناه, فتنهدت جيمينا في سرها وراحت تردد لنفسها:" كوني لطيفة, كوني لطيفة, فليس الذنب ذنبه إن بخل عليه القدر بمكانة اجتماعية رفيعة".
-آسفة فرانسيس, فهذا غير ممكن حاليا لأن السيدة في البلدة, وقد تستدعيني في أي لحظة.
قرأت ارتياحا سارع إلى إخفائه قبل أن يستدرك:" فلنترك هذا إذا لفرصة أخرى".
كانت ردة فعله عفوية إلى حد أن جيمينا كادت تنفجر ضحكا لولا أنها تنبهت إلى مساعدته التي وقفت في الجوار. فقد كانت شبه متأكدة من أن المساعدة هذه على اتصال بإحدى الصحف الشعبية.
-عظيم, أتتصل بي؟
ثم بادرت المساعدة بابتسامة تجمع بين العذوبة والخبث في آن وكأنها تسألها:" هل سجلت ذلك؟".
قال فرانسيس بعجلة:" كنت فعلا رائعة, شكرا لك".
تردد لبرهة قبل أن يستأنف حديثه:" أنت تتقدمين في عملك يوما بعد يوم, أليس كذلك؟".
علت محياها إمارات الدهشة. فضحك فرانسيس ضحكة لا تنم سوى عن صراحة وإحساس بالارتياح.
-لطالما كنت رائعة. لكن ثمة ما تغير فيك في الأشهر الأخيرة, وكأنك اكتسبت لمسة من الخطورة.
توقفت عن متابعة ارتداء ثيابها عندما سمعت كلماته هذا, وقد أخذت منها الدهشة كل مأخذ:" أخطرة قلت؟".
قد لا يكون فرانسيس متملقا أو ملما بالكياسة الاجتماعية لكنه محترف. أردف يطمئنها:
-إنه لأمر جذاب فعلا, يضفي عليك جاذبية ساحرة.
وفجأة, بدت جيمينا مسحورة. فبادرته بأول ابتسامة صادقة وحقيقية في هذا اليوم.
-هذا لطف منك يا فرانسيس, شكرا لك.
-أنت أفضل مما تعتقدين.
وما كان منه إلا أن ربت على كتفها بارتباك.
-علي الآن أن أختلط بالمدعوين, أين ستقدمين عرضك القادم؟
كان هذا أسبوع الموضة في لندن, عارضات الأزياء يتنقلن بسرعة من عرض إلى آخر.
تنهدت جيمينا قبل أن تجيب:" لدي اجتماع مع فريق العلاقات العامة, إلا إذا استدعتني السيدة أولا".
-يا لحياة عارضات الأزياء المشهورات!
أجابته:" قل شبه المشهورات, لقد ولت أيام الشهرة".
-تستطيعين إحياءها من جديد.
-يا له من حلم!
وسارعت إلى ارتداء سترة حريرية. لا شك أن البرد قارص في لندن في شهر شباط, إنما لا يهم. فقد تصادف بعض المصورين في الخارج ولا يجوز أن تتدثر ملكة العارضات بثياب شتوية سميكة وتضع قفازين صوفيين حتى وإن رغبت في ذلك.
-ومن ثم؟ هل ستعودين إلى باريس؟
أومأت برأسها متابعة:" عندي جلسة تصوير في نيويورك, سأستقل الطائرة غدا صباحا".
ثم أردفت في سرها:" مبدئيا, على الأقل".
كانت السيدة بليندا قادرة على فسخ العقد معها بعد إعطائها الإنذار بأربع وعشرين ساعة إن كانت عازمة على شن الحرب. أحست بالقشعريرة تسري في جسمها. إذا ما فسخت عقدها المهم مع شركة بليندا فحياتها المهنية آيلة إلى الزوال لا محال, وهي تعرف ذلك حق المعرفة. فماذا ستفعل عندئذ؟
لا جدوى من التفكير الآن, فستعالج هذه المشكلة حين تطرأ.
لذا ركزت انتباهها على أهم موضوع تستطيع أن تعالجه الآن. وضعت قرطين مستديرين ثم رتبت شعرها المجعد المحمر. لم يطل وقوفها أمام المرآة أكثر من دقيقة, ألقت فيها على نفسها نظرة سريعة خبيرة.
ثم راحت تحادث صورتها:" لا بأس, لا بل ممتاز. يحتمل أن أتعرض لأزمة رئوية, إنما لا بأس".
ضحك المصمم.
-أنا جاد يا جيمينا, أنت نجمة بكل ما في الكلمة من معنى.
سحبت حقيبة الظهر حبذا لو يعرفون!
جلست في المقعد الأسود ومدت ساقيها الطويلتين قبل أن تتناول هاتفها النقال من حقيبتها. عضت على شفتها ثم استجمعت قواها وشغلته.

خاصتها من وسط كومة الأحذية والحقائب على الأرض. وأجابته بوقاحة:" حسن, لا تحسدني, فلن يدوم هذا طويلا".
-ماذا قلت؟
حملق فيها مندهشا.
ندمت جيمينا على انفعالها وصراحتها العفوية, فبادرته بابتسامة عريضة جذابة ثم أردفت:" انسي الأمر, علي أن انطلق, فسيارة الليموزين تنتظرني".
بعثت له قبلة في الهواء فرد عليها بالمثل قبل أن يهتف لها:" لقد حققت نجاحا باهرا...".
وانغلق الباب خلفها.
كان الشارع مزدحما, إلا أن جيمينا نجحت في العثور على سيارتها فهي تعرفها وتعرف سائقها. لطالما أصرت على الحصول على السيارة ذاتها كلما قصدت لندن, وهذا أحد الأسباب التي جعلتها تشتهر بأنها متطلبة.
في غيابها, كانوا ينادونها بالوحش أو الملكة المخيفة أو سيدة المطالب السخيفة بامتياز. كانوا يعتبرون أن لا معنى لطلباتها الخاصة وأنها تحب رؤية المحيطين بها يتهافتون لخدمتها.
استعرضت الرسائل الصوتية بسرعة. السيدة بليندا تستدعيها إلى دور تشيستر عند الثالثة.
كانت وكالة العلاقات العامة قد دعتها لتناول الغداء في السافوا حيث وجدت امرأتين تكادان لا تقلا عنها أناقة تنتظرانها على أريكتين فخمتين, تفصل ما بينهما طاولة خشبية ملمعة يعلوها صحن من المقبلات. غاصت في مقعد وثير برشاقة عارضة الأزياء.
فتبادلت المرأتان نظرة مستسلمة وكأنهما تقولان:" يا لها من حياة صعبة".
ارتعشت جيمينا. لقد عملت مع هاتين المرأتين لأكثر من سنة, حتى أن شقيقتها إيزي ستقترن بشقيق آبي, الأصغر سنا في الفريق, وهما لا تزالان تعاملانها كملكة أحيانا وكطفلة جامحة في الخامسة من عمرها أحيانا أخرى. كانتا تلبيان نزواتها كلها لأنها جيمينا دار, الوجه الذي يمثل شركات بليندا, فضلا عن أن مجلات العالم كلها تسعى جاهدة لتعمل معها.
تبادلتا النظرات ثانية. فهمت جيمينا أن هجوما ما يتحضر فاستجمعت قواها.
سألتها آبي مؤكدة شكوكها:" أترغبين في مراجعة رسائلك قبل أن نبدأ؟".
أحست جيمينا بالتوتر يتآكلها:" كلا, شكرا".
-هل تسمحين إذا بإطفاء هاتفك الخلوي, لا نريد أن يقاطع شيء حديثنا.
أجابتها جيمينا بفظاظة:" إنه مطفأ".
تبادلتا نظرة أخرى من تلك النظرات. إنهما ولا شك تحضران لهجوم ما, فما كان من آبي إلا أن سلمتها ملفا من دون أن تنبس ببنت شفة.
سألتها مولي دي بيرتي بنبرة جافة غبر ودودة:" أترغبين أولا في سماع الأخبار السيئة أم الحسنة؟".
وضعت جيمينا الملف على الطاولة وارتشفت قليلا من المياه الغازية في كأس من الكريستال.
-الجيد منها, فأنا متفائلة بطبيعتي.
وضعت مولي يدها على الملف:" كنت في الشهر الماضي شغل الصحافة العالمية الشاغل وتضاعفت المقالات التي تناولتك مجددا".
-عظيم.
وتابعت مولي بنبرتها القاسية:" أما الخبر السيء فيتعلق بفحوى هذه المقالات".
رفعت جيمينا حاجبيها تعجبا.
-لقد خف عطاؤك وكثرت مطالبك, فأمسيت بقرة متعجرفة يكرهها الجميع.
لم يرف لجيمينا جفن:" فهمت".
حاولت الليدي أبيجيل اللجوء إلى مقاربة ألطف من تلك التي اعتمدتها زميلتها, لأنها مضطرة لأن تمشي في أحد أيام الخريف على جانب جيمينا خلف إيزي دار, وإن لم تكن تتلهف إلى ذلك.
-من السهل جدا أن تسوء سمعة من يعمل في عالم الأزياء, وعليك أن تكوني أشد حذرا في المستقبل.
من جهتها, لم تنطق مولي بكلمة, أقله بصوت عال.
رمتها جيمينا بنظرة ساخرة, وقالت:" هيا يا مولي, أفصحي عما يدور في خلدك. أستطيع تقبل الأمر".
-آبي متساهلة جدا. تشتهرين بأنك طفلة مدللة, لأنك تتصرفين كواحدة بالفعل.
همهمت آبي لكن أحدا لم يعرها أهمية.
-لقد تخطت طلباتك الحدود. والكل يعتبر أنك ضللت الطريق. لا بد لك من الحصول على سيارة ليموزين سبق أن استقليتها, يقودها سائق يوافق مزاجك. تطلبين طائرات خاصة عوضا عن الرحلات المنظمة ثم ترفضين النزول في أفخم فنادق نيويورك لأنك تفضلين الوحدة, بمعنى آخر, شقة خاصة باهظة التكاليف. دعيني أخبرك شيئا عزيزتي جيمينا, أنت لست غريتا غاربو, فارجعي إلى رشدك.
تملك جيمينا الذهول. وتبادلت آبي و مولي نظرة ارتياح لأنهما, على الأقل, أفرغتا ما في جعبتهما هذه المرة.
صرخت جيمينا حانقة:" سائقون يوافقون مزاجي؟".
وضعت آبي رأسها بين يديها. وزمت مولي عينيها حتى باتا أشبه بشقين ضيقين.
-حسنا, لا تأبهي بنصيحتنا, وسترين إلى ما سيؤول بك المطاف.
بادرتها جيمينا بفتور:" أنا أدفع لشركتكم مبالغ طائلة لتدير علاقاتي العامة ولم أعينكما لتمليا علي أفعالي وترشدانني".
صاحت بها مولي غاضبة:" حسنا, سأبوح لك بالحقيقة بما أن أحدا لن يجرؤ على ذلك. إن مديرة أعمالك ترتعب لفكرة أن تتخلي عنها كما فعلت مع سابقها. أما شقيقتك فتعاملك بحذر وعناية شديدتين والله وحده يعلم السبب".
غشا الاضطراب عيني جيمينا الشهيرتين فيما تابعت مولي بنبرة لاذعة:
-عندما أخذت شركة بليندا تبحث عن الوجه الذي سيمثلها, أعلمت الجميع أنها تنشد فتاة من عامة الشعب. لم تعد ترغب في التعاقد مع المشاهير. كانت تبحث عن فتاة تعيش في كنف عائلة ويحيط بها الأصدقاء وتعيش حياتها بشكل طبيعي. لقد وضعت بعض القصاصات في الملف.
-شكرا لك.
كانت عينا جيمينا تشعان في هذه اللحظة وكأن الحنان والرقة هجراهما تماما.
-من المهم أن أذكرك بأنك عندما حصلت على العمل كنت تتمتعين بكل المواصفات المطلوبة. أما اليوم فقد اختلف الأمر وأراهن بأن القيمين على شركة بليندا بدأوا يلاحظون هذا التغيير.
أكانت تعلم أن السيدة تنتظر الآن في دور تشيستر, كأرملة سوداء تترقب أن تسحق عظامها؟
تصلبت ملامح جيمينا لكنها لم تتفوه بكلمة.
صاحت بها مولي بشيء من الاشمئزاز:" افعلي ما يحلو لك".
والتقت عيناها بعيني آبي. كانت الرسالة جلية حتى لجيمينا:" أستسلم!".
وانتصبت واقفة على قدميها قبل أن تضيف:" يستحسن بك يا آبي أن تنهي حديثك هنا. تنتظرني واجبات حقيقية في المكتب".
بقيت آبي بمفردها, فبادرتها بنبرة تحمل في طياتها معاني الاعتذار:" لا تستطيع مولي تمالك أعصابها عندما يتعلق الأمر بعملها".
بلعت جيمينا بريقها:" هل يقتصر الأمر على ذلك؟".
ظنت آبي لوهلة أن القناع الجميل سيسقط. بدا لبرهة أن جيمينا ستنزل من عليائها. لم تكن آبي تأبه سواء ضحكت جيمينا أم بكت, شتمت مولي أم أخذت ترمي الأغراض من حولها. . . شرط أن تتخلى عن المظهر الجامد أو الضجر أو حتى غير المبالي.
لكنها لم تفعل, بل رسمت على ثغرها ابتسامتها الشهيرة قبل أن تقول بفتور:" أخبريني عن أسرتي. علمت, في المرة الأخيرة التي تحدثت فيها مع إيزي, أنه يتعذر عليهما تحديد موعد نهائي للزفاف قبل أن ينظم دومينيك جدول عمله".
استسلمت آبي بدورها.
عند الغداء, كانت لهجة جيمينا لاذعة وذكية ودفاعية. كانت لطيفة مع النادل, غير آبهة بالنظرات الخفية التي يرميها بها رواد المطعم.
وسرعان ما تملكها التوتر عندما وقف أحدهم وتوجه نحوها, توتر لم يخفى على آبي.
تبين أنه محام لطيف يحمل في حقيبته نسخة من مجلة أناقة ترافقه ابنة أخ ترغب في امتهان عرض الأزياء. استقبلته جيمينا بابتسامتها العريضة التي جعلت منها يوما عارضة مشهورة, ثم لبت طلبه ووقعت على غلاف المجلة. قدم لها الرجل بطاقته قبل أن يعود إلى طاولته مسرورا.
سألتها آبي بلهجة لاذعة:" شخص لا يعتبرك طفلة مدللة؟".
أتى جواب جيمينا فاترا:" نعم".
لاحظت آبي أن أصابعها ترتجف. وفجأة شعرت بالقلق عليها:" هل أنت بخير؟".!!http://www.liilas.com


-طبعا.
لكن عينيها الذهبيتين بدتا فارغتين وكأن الخوف عرف طريقه إليهما.
انحنت آبي إلى الأمام:" هل أنت متأكدة ؟ لقد امتقع لونك عندما دنا هذا الرجل منك".
هزت كتفيها الرائعتين بلا مبالاة قبل أن تجيبها:" خلته شخصا أعرفه".
-أوليس كذلك؟
تلاشت تلك النظرة الباردة من عيني جيمينا وبدت لبرهة كئيبة حزينة, تكاد تشبه تلك الفتاة الودودة التي استخدمتها شركة بليندا لتمثلها في حملتها.
-كلا لم يسبق أن رأيته.
-حمدا لله.
وأضافت بصوت يكاد يقارب الهمس:" ما بالك يا جيمينا؟ هل ترهقين نفسك بالعمل مجددا؟".
كانت تعلم أن جيمينا عملت جاهدة منذ ستة أشهر. في الواقع, لو لم تضطر لأن تتوارى عن الأنظار لبضعة أسابيع, وحلت إيزي مكانها لما تعرفت هذا الأخيرة على دوم أبدا.
أشاحت جيمينا بنظرها وقد بدا وجهها خاليا من أي تعبير.
أردفت آبي بشيء من القلق:" حبذا لو كانت إيزي بجانبك".
كانت إيزي في النروج مع دوم ولن تعود قبل أسبوعين. استطاعت أخيرا أن تثير رد فعل لدى جيمينا.
-لا أحتاج إلى أختي الكبرى لتعتني بي. أستطيع الاهتمام بنفسي, فكما سبق أن أشارت مولي, يكفي أن أرفع سماعة الهاتف حتى يهرع أحدهم لمساعدتي. هذا عظيم بالفعل.
استوت آبي في مقعدها تحاول إخفاء اعتراضها على ملاحظة جيمينا. غيرت الحديث بعيدا عن العمل وهمومه وانتقلت إلى شؤون عائلية. لحسن الحظ تجمع بينهما عائلة تستطيعان التحدث عن شؤونها وشجونها.
استعادت آبي هدوءها ثم قالت:" بالمناسبة, أحمل معي صور عيد الميلاد, سأريك إياها".
أخرجت من حقيبتها مجموعة من الصور واستعرضتها بسرعة قبل أن تسحب بعضها ثم مررت البقية لجيمينا فيما خلفت ذكرى تلك السهرة ابتسامة على شفتيها.
-أستطيع أن أنسخ لك الصور التي تختارينها.
لم تكن جيمينا في أي من تلك الصور التي تنضح بهجة وأملا. كانت قد نجحت في تدبر أمرها لتحتفل بعيد الميلاد مع العائلة لكنها سافرت صبيحة العيد إلى جزر السيشيل لتشارك في جلسة تصوير مهمة. راجعت جيمينا الصور بسرعة كمن أمضى حياته المهنية يقلب في قصاصات الصور
-لا أرى غير أزواج متطابقة.
-عفوا؟
انتقت جيمينا أربع صور وعرضتها على آبي.
كانت إحدى الصور تمثل آبي نفسها وهي ترقص وزوجها الممشوق القامة والأنيق, وأخرى تظهر فيها إيزي ودوم تحت شجرة الميلاد فيما اتكأت ابنة عم جيمينا , بيبر, في الثالثة على كتف ستيفن.
علقت جيمينا:" والداي نفسيهما يمسكان بيدي بعضهما البعض".
أقرت آبي": فهمت".
-كنت لأخل بتوازن الحفلة لو قصدتها.
-بربك, لكنت تألقت كنجمة.
فأجابتها جيمينا بنبرة غريبة:" الأمر سيان, نادرا ما ترين النجوم أزواجا".
نظرت آبي إليها مذعورة كمن تنبهت فجأة لحقيقة فظيعة:" ألم تجدي الرجل المناسب بعد؟".
لم يدم الصمت بينهما غير هنيهة قاطعته جيمينا بالقول:" لم أجد من يستحق أن أقدمه لوالدتي. نحن يا آبي امرأتان. يعلم كلانا أنني جميلة ومتكلفة وعلاقاتي عصرية إلى حد يعجز معه والداي الرومانسيان عن تقبلها".
-أتقولين لي أنك تفضلين الرجال المستبدين؟
أجابتها بنبرة متشككة:" ليس هذا ما قصدته".
-ما هو قصدك إذا؟
ترددت جيمينا قبل أن تجيبها.
-انظري إلى الموضوع من هذه الناحية. أنا لا أبحث عن رجل يتبعني حول العالم.
-فهمت. ليس من السهل المضي في علاقة سليمة إن كان عملك يقتضي السفر المستمر.
كان زوجها رجل أعمال, صاحب مشاريع تجارية في المحيطات الأربعة, إلا أنه لم يكن يسافر بقدر عارضة أزياء عالمية مشهورة. رمقت جيمينا بنظرة فضولية:" أتشعرين بالوحدة؟".
أجابت جيمينا متذمرة:" من لديه الوقت ليشعر بالوحدة؟".
كانت الكلمات تتسارع وتتهافت على شفتيها كأنها تتفجر من عمق أعماقها.
-لقد تنقلت حتى هذا الوقت من السنة بين مدريد و ميلانو و برشلونة وباريس و لندن. سأقصد الآن نيويورك ثم ميلانو لأعود بعدئذ إلى نيويورك.
لم يرق الأمر لآبي, فعلقت:" هذا لا يمنع أن تشعري بالوحدة. هل فكرت يوما بتغيير مجرى حياتك؟".
غير أن جيمينا عادت لتقلب سريعا الصور:" عفوا؟ ما هذه؟ هل كنت مسافرة؟".
التفتت آبي إلى جيمينا ومدت يدها لتتناول الصورة وهي بخلاف الصور الأخرى, بطاقة بريدية تمثل مشهدا طبيعيا لشجر نخيل, تتكسر خلفها أمواج جامحة. أدارت البطاقة وراحت تقرأ الرسالة المدونة عليها وابتسامة تعلو شفتيها:" إنها مجرد بطاقة بريدية أرسلها إلي صديق".
أعادتها إلى جيمينا.
-إنه يقيم في انكلترا لكنه يرسل إلي بين الحين و الآخر بطاقة تذكرني بكل المتعة التي تفوتني.
علت ابتسامة حارة محياها, فيما راحت تستعيد ذكريات بعيدة.
-تبدو أشجار النخيل هذه رائعة في أيام لندن الممطرة, أليس كذلك؟
راحت جيمينا تتأمل الأمواج المزبدة وتهز برأسها ثم قالت بنبرة جافة:" عاتية بعض الشيء بالنسبة لي".
وأدارت البطاقة لتلقي نظرة على اسم المكان:" جزيرة بنتكوست؟ أين تقع يا ترى؟ في بحر الجنوب؟".
أومأت آبي برأسها:" من يدري؟ ربما. فهو في ترحال دائم".
علقت جيمينا ممازحة:" هو؟".
اقتصر التوقيع على حرف "ن" رسم بحبر أسود وبخط ينم عن كبرياء وتعجرف.
-أيجدر بإيميليانو أن يقلق؟
ابتسمت آبي فجأة:" أبدا, فهو يعرفني منذ كنت أضع مقوما لأسناني. ما من رجل آخر في العالم يعرفني حق المعرفة ويقرأ أسراري الدفينة سواه".
قطبت جيمينا وجهها:" يبدو مملا".
قهقهت آبي عاليا:" إنه مقامر محترف يتقن لعبته. يسعك وصفه بما تريدين إلا بالملل".
-أنت لا تفكرين إذا بالسفر إلى جزيرة بنتكوست لتمضي نهاية أسبوع مثيرة مع حبيبك القديم؟
-مستحيل, حتى أني لم أسمع بها من قبل.
-أنا أيضا. تبدو نائية جدا.
ردت آبي بنبرة جافة:" ليس إلى هذه الدرجة. لابد أن فيها ملهى ما".
أعادت الصور إلى حقيبتها وأشارت للنادل أن يأتيها بالفاتورة.
-إلى أين ستذهبين الآن؟ أتودين أن أقلك؟
-سأقصد الدور تشيستر.
أجابتها آبي وبريق عجيب يتلألأ في عينيها:" حسنا".
أما جيمينا فقد قطبت وجهها فجأة:" ليس إلى هذا الحد. ينتظرني استجواب قاس من السيدة".
تغيرت تعابير آبي على الفور وسرت رعشة في جسدها.
-هذه السيدة تخيفني بالفعل. أنا سعيدة لأننا نعمل لحسابك وليس لحساب شركة بليندا.
-إنها لا تخيفني.
وهزت جيمينا كتفها استخفافا.
-أنت شجاعة بحق يا جيمينا, أليس كذلك؟
-ولم عساها تخيفني؟ إنها ربة عملي وليست الامبرطور نيرون.
-لكنها شريرة أحيانا, سيئة الطباع كما أنها تبدو... معصومة عن الخطأ.
أجابت جيمينا ببرودة:" لكنني أستطيع ترك العمل بخلافها هي لأنها تدير شركتها".
أعجبت آبي بموقفها لكنها هزت رأسها واستفسرت:" ألا يؤثر فيك بتاتا؟".
أجابتها جيمينا وعيناها تلمعان:" أبدا. ثمة أمور في الحياة تستحق التعب والقلق بشأنها والسيدة ليست واحدة منها".
***********
لو قصدت آبي الدور تشيستر بعد ساعة, للاحظت أن هذه للاحظت أن هذه ليست الحقيقة الكاملة.
كانت جيمينا قلقة بالفعل, لكنها لم تشعر بالخوف, بل بالغضب.
أرجعت شعرها الشهير إلى الخلف وقد شعرت بالغضب يتأجج في داخلها. انتصبت واقفة ورمقت رئيسة شركة بليندا لمستحضرات التجميل بنظرة غاضبة.
-هل تقولين إنك قطعت المحيط الأطلسي لتجتمعي بي في أكثر أسابيع السنة عملا وانهماكا وتتذمري من أن لا حبيب لي.
امتقع وجه نائب رئيس الشركة الجالس إلى يمين السيدة إلى طاولة الاجتماعات الفخمة, في حين لم يرف للسيدة جفن.
إلا أن جيمينا لم تستطع لجم نفسها:" من تخالين نفسك, بحق السماء؟".
التقت عيناها بعيني السيدة اللتين كانتا تشعان غضبا وشرا.
-المرأة التي تسدد فواتيرك الباهظة.
-أنت لا تمتلكينني, أنا مرتبطة بعقود أخرى.
نظرت جيمينا مباشرة في عيني السيدة كما ينظر المحارب إلى عيني عدوه. ومضت فترة طويلة من الصمت لم يرف لأي منهما خلالها جفن.
سألتها السيدة ببرود:" إلى متى برأيك ستحتفظين بعقودك هذه إن أخبرت العالم أنني استغنيت عن خدماتك؟".
لم تسمح لنفسها بأن تتذكر أنه سبق لهذه الأفكار أن راودتها. كانت محاربة جريئة مصممة على القتال.
أجابت جيمينا باستهزاء:" وهل يمنحك هذا الحق في أن ترغميني على اختيار حبيب؟ لا أظن ذلك".
انتصبت السيدة واقفة. كان المشهد مرعبا, فهي على الرغم من قصر قامتها, مثال القوة والعزم. ضربت بيديها على الطاولة ومالت بجسمها إلى الأمام.
وصاحت بها بنبرة أقرب إلى الزئير, نبرة من المفترض أن تخيف جيمينا:" ستنفذين ما أمليه عليك".
كانت هذه الأخيرة متأهبة لخوض المعركة أكثر من أي وقت مضى.
-لقد انضممت إلى حملة إعلانية وليس إلى حريم.
تأوه سيلفيو, فتابعت:" هل كان سيلفيو يواعدني نزولا عند رغبتك؟".
ردت السيدة بحركة تحمل في طياتها معاني الازدراء والاستخفاف:" بالطبع".
صاحت جيمينا متعجبة. كانت من الغضب بحيث شلت حركتها.
-أفترض أيضا أنك من دفع المسكين فرانسيس هال سميث ليدعوني للخروج, أليس كذلك؟ بالمناسبة, أخبرته أن يلعب بعيدا.
احمر وجه السيدة من شدة التعب.
-أنت تمثلين شركة بليندا وإن طلبت منك أن تنتقي حبيبا لك, فستنفذين أوامري!
-لن أفعل.
صاحت بها السيدة:" أنا أدفع لك راتبك".
كانت تلك قطرة الماء التي فاض بها الإناء. فأجابت جيمينا بهدوء لامتناه:" إذا, أنا أستقيل".
التقت عيونهما لثوان سيطر فيها التوتر. هذه المرة كانت السيدة من غض الطرف.
شحب لون وجنتيها ثم استأنفت حديثها كأن شيئا لم يكن:" ما رأيك بكوب من القهوة؟ سيلفيو, اطلب قهوة على الفور".
انتصب نائب الرئيس واقفا وإمارات الارتياح بادية على وجهه:" بالطبع سيدتي".
واندفع مسرعا إلى الهاتف في زاوية الغرفة وتحدث بعجلة.
فكرت جيمينا في سرها والشك يساورها:" ما الذي تخطط له هذه العجوز الشمطاء الآن؟".
لوحت السيدة بيد مثقلة بخواتم كافية لإضرام حرائق إذا كانت الشمس ساطعة.
-حسن, حسن. اجلسي ولنحتسي معا كوبا من القهوة. سنعالج هذه المسألة سويا.
أنارت محيا السيدة ابتسامة فيما راحت تومئ برأسها كمن يطري على تلميذ مجتهد.
حاولت جيمينا أن تستعيد رباطة جأشها, وقالت بهدوء تام:" عندما تعاقدت معكم لتمثيل شركة بليندا, تعهدت بإجراء أربع جلسات تصوير في السنة وبالقيام ببعض المهام الاجتماعية المختلفة, ولقد التزمت بالجزء الخاص بي من الاتفاق".
تأففت السيدة بصوت عال, فبذلت جيمينا مجهودا جبارا لتكبت الإجابة القاسية التي عنت على بالها.
هيا, أثيري قلق هذه العجوز الشمطاء!
بادرتها جيمينا:" أعطني سببا واحدا يحول دون تركي هذه الشركة في الحال".
كاد سيلفيو يفلت سماعة الهاتف, حتى أن السيدة نفسها عجزت عن إخفاء دهشتها.
أجابتها ببساطة:" لأنا نستطيع تحقيق الكثير معا".
تأملت عينا جيمينا سيلفيو الذي بدا شديد القلق, و أجابت بنبرة جافة:" ليس إن كنت تعتزمين اختيار أصدقائي, فمن الواضح أن ذوقنا في الرجال مختلف".
لمعت عينا السيدة غضبا:" سيلفيو, أخرج من هنا".
ترك سيلفيو الغرفة فاستأنفت السيدة حديثها:" حسن, فلنكشف أوراقنا. نحن نواجه مشكلة".
رفعت جيمينا حاجبين مثاليين.
-بربك اجلسي, أشعر بأنني أتحدث إلى عمود كهرباء. لم أصبحت العارضات فارعات الطول بحق السماء؟ حين كنت طفلة في باريس, كانت مقاييسهن أقرب إلى المعايير البشرية.
حاولت جيمينا أن تكبح ضحكتها قبل أن تجلس.
-هذا أفضل.
مالت السيدة و أسندت ذقنها إلى أصابعها فلمعت خواتمها, إلا أن جيمينا لم تعرها أي انتباه.
-إن الصحف...
-تعتبرني طفلة مدللة. لقد تناولت الغداء مع مستشارتي العلاقات العامة لدي وقد أطلعتاني على المستجدات.
هزت السيدة رأسها:" إنهما مخطئتان, فالصحافة تنجذب إلى العارضات المدللات. المشكلة هي أن الأضواء بدأت تنحسر عنك".
ثم اختارت مجموعة مجلات وطرحتها على الطاولة.
-ألقي نظرة عليها. أرني اسمك. ستجدين نجوم سينما ولاعبي بيسبول حتى بعض الأرستقراطيين المقيتين الذي اختفوا عن الأضواء مدة خمسة عشر عاما. لكنك, بالتأكيد, لن تقعي على اسم جيمينا دار. والاهم من ذلك, على وجه شركة بليندا.
قطبت جيمينا لكنها كانت منصفة في حكمها. تصفحت المجلات سريعا. كانت السيدة محقة بالفعل.
-حسنا, لم تأت على ذكر شركة بليندا, أو حتى جيمينا دار. سأسلم لك بذلك. فما العمل؟
-آن لك أن تفعلي شيئا بهذا الخصوص.
سألتها جيمينا فجأة, وقد زمت عينيها:" إنها الفرصة الوحيدة و الأخيرة, أليس كذلك؟".
طرفت السيدة بعينيها, وقالت بصراحة:" أصبت. تصرفي إذا".
ابتسمت جيمينا.
-كنت أتوقع سماع كلمة (وإلا). ستفسخين العقد إلا إذا ماذا؟ إلا إذا صبغت شعري؟ كتبت رواية؟ غنيت؟ ماذا؟
تفاجأت جيمينا لرؤية السيدة تطلق ضحكة فظة, وتقول:" تعجبينني يا جيمينا. أنت جسورة".
لا بد من ذلك, عندما أتقاضى أجري من حوت مثلك.
بطبيعة الحال, لم تجهر جيمينا بما تفكر فيه, بل علت وجهها ابتسامة رزينة.
-شكرا لك. أفصحي عما يدور في خلدك. ماذا تريدينني أن أفعل؟ أن أواعد فرانسيس؟ أهذا هو الحل؟
-ولم لا تواعدينه؟ إنه موهوب فعلا. ينتظره مستقبل واعد.
استوت جيمينا في جلستها ووضعت ساقا فوق ساق:" إنه يفتقر إلى الكياسة. لقد دعاني للخروج معه في وجود فتاة أخرى وفيما كنت أبدل ثيابي".
تبادلتا نظرة تنم عن تفاهم تام, فقد كانت السيدة عارضة أزياء في ما مضى.
أردفت جيمينا وهي ترمق السيدة بطرف عينها:" ماذا بعد؟ عندما أجبته أنه من الأفضل أن نخرج سوية في مناسبة أخرى, بدا كمن حرر من سجنه".
خيم صمت على الغرفة. وزمت السيدة شفتيها.
أحست جيمينا بفضول حقيقي, فسألتها:" كيف استخدمته بحق السماء؟".
بعد صراع داخلي, أجابت السيدة بفظاظة:" عرضت عليه ترقية في عيد الميلاد المقبل".
ردت جيمينا بالنبرة نفسها:" حسنا, لقد حاول. أتودين إطلاعي على السبب؟".
بدت السيدة غارقة في تأمل خواتمها.
-عندما كنا نبحث عن وجه جديد يمثل شركة بليندا, كنا ننشد نموذجا معينا. امرأة من عصرنا هذا تتخذ قراراتها بنفسها, وتولي أهمية كبرى لمهنتها طبعا, من دون أن تهمل نواح أخرى من حياتها كالأصدقاء والفكر والحب والأولاد.
نظرت جيمينا إليها من دون أن يرف لها جفن, وقالت:" لا تتوقعي أن أنجب طفلا, فهذا ليس بالقرار الذي اتخذه بناء على رغبة شركة تجميل أو أي مدير آخر".
انفرجت أسارير السيدة حتى أنها بدت كمن حقق نصرا ما أثار دهشة جيمينا.
-بالضبط. هذه هي النبرة التي أنشدها.
رفعت جيمينا يديها إلى السماء:" أنا أستسلم".
-اسمعيني, لقد اخترتك بنفسي لتمثلي شركة بليندا. أعجبتني الطريقة التي قدمت بها نفسك.
وأردفت السيدة بنبرة كادت تخلو من الحس الدرامي الذي طغى على حديثها:" لقد فكرت في بعض الأمور ولم تخافي من إبداء رأيك فيها. أحببت هذا الجانب من شخصيتك".
-شكرا لك.
تملكت الدهشة جيمينا.
-لم يجدك سيلفيو فاتنة بما فيه الكفاية.
ذلك المراوغ! لم يكن هذا رأيه عندما كنا نتناول العشاء, هذا ما خطر لجيمينا قبل أن تجيب السيدة بصوت مسموع:" حقا؟".
-قلت له إن النقطة هذه ليست بمهمة. نحن في القرن الواحد والعشرين, وقد حان وقت التغيير. إنها تعيش مع أختها وابنة عمها شأنها شأن أي شخص عادي. كما أنهن جميعهن نشيطات وجريئات.
-أنت محقة.
أضاءت وجه جيمينا ابتسامة فيما راحت تفكر في بيبر سيدة الأعمال وفي إيزي المغامرة المجنونة.
بادلتها السيدة الابتسام.
-قلت في نفسي: هذه هي ابنة القرن الواحد والعشرين, فاتنة, صهباء, لا تعيش حياتها قلقة على حجم مؤخرتها, فتاة لها حياتها الخاصة ومستقبل باهر.
تأثرت جيمينا لسماع هذه الكلمات:" شكرا لك".
-كيف انقلبت المقاييس رأسا على عقب؟ ماذا حل بتلك الفتاة المحبة التي لطالما كانت واقعية؟
أجفلت جيمينا.
سمعت نقرا خفيفا على الباب, وإذا بنائب الرئيس يدخل برفقة نادل يحمل صينية ضخمة, سكب لهم القهوة ومياه معدنية قبل أن ينسحب من الغرفة. من جهته, بدا نائب الرئيس مترددا, فأشارت إليه السيدة بالجلوس.
استأنفت السيدة حديثها مقطبة الوجه:" عندما راح مدير أعمالك الغبي يتحكم في الحفلات والسهرات, طلبت من سيلفيو أن يتصل به ليطلب منه التروي, أليس كذلك يا سيلفيو؟".
أومأ هذا الأخير برأسه بحماس ثم أجابها:" بالطبع سيدتي".
-ثم عمدت بنفسك إلى طرده.فقلت في نفسي: جيد. هذه الفتاة تتمتع بحدس مميز, ستعود المياه إلى مجاريها الآن.
-لم أطرد باسيل.
بدأت جيمينا ترتعش وراحت تعبث بحقيبتها في محاولة منها لإخفاء اضطرابها.
خاب ظن السيدة:" هذا ليس ما تناهى إلى مسامعي".
-اتفقنا سوية على الاستغناء عن خدماته كمدير أعمال.
بدت السيدة مشككة:" حقا؟".
في نهاية المطاف, عندما هددته بفضح الضغوط المقيتة التي مارسها كإعطائها أقراصا لتحافظ على لياقتها, وإبعادها عن عائلتها لئلا تفقد تركيزها على عملها. عندما واجهته بهذا الحقائق كلها, سره أن يفسخ العقد معها لكنه الآن يعيد حساباته و...
إن لم تسيطر على نفسها, ستغلبها الرعشة مجددا.
لم يلبث مزاج السيدة أن تبدل فجأة كعادتها وكأنها فقدت اهتمامها بالموضوع.
-لا بأس. ما يهمني حاليا هو أنك لا تعيشين حياة شخصية. لا تواعدين أحدا ولا تخرجين إلا للعمل.
أجابت جيمينا وهي ترتجف:" أنا أعمل, لذا لا تتسنى لي فرصة مواعدة أحد".
-جدي بعض الوقت.
سألتها جيمينا مندهشة:" ماذا قلت؟".
-استرجعي حياتك الطبيعية. لست مضرة لأن تختفي عن الأضواء, ولا تواعدي مصمم أزياء إن كنت لا ترغبين في ذلك. إنما واعدي أحدهم!
-أنا...
-سألغي جلسة التصوير في نيويورك. خذي استراحة. أخرجي لتتعرفي إلى شبان جدد كما تفعل الفتيات في مثل سنك. أود أن أراك تعيشين حياتك كزبائن شركتنا. أنا أترقب مقالات الصحف لأتأكد من النتيجة.
وهبت واقفة معلنة انتهاء الاجتماع.
تخلصت جيمينا من الرعشة التي تملكتها, فهي لا تهاب السيدة.
كانت الغرفة مضاءة بمصابيح ترسل نورا دافئا جعل شعرها رائعا يتموج وكأنه نار مستعرة. كانت جيمينا تعرف أن السيدة اختارتها شخصيا لتمثل شركة بليندا ولن تقر بأنها أخطأت الاختيار.
سألتها جيمينا بنبرة لطيفة:" وإلا؟".
لعل السيدة تحب جيمينا شخصيا, لكنها لا تتحمل أن يتحداها أحد وتقف مكتوفة اليدين. قست تعابيرها وهي ترد:" سبق أن حضرنا حملة الميلاد ولن أستثنيك منها. لكنها ستكون الأخيرة إلا إذا...".
قاطعتها جيمينا:" واعدت أحدهم".
ثم هدأت من طبعها ومنحت سمكة القرش ابتسامة لطيفة, قبل أن تضيف:" أنا شبه متأكدة من أن إجراء كهذا غير قانوني".
لم تكن السيدة تأبه لهذه الترهات والهراء القانوني, فصاحت:" إلا إذا استعدت حياتك الشخصية".
فسألته جيمينا:" وإن لم أفعل؟".
-لن تعودي فردا من فريق العمل.
أجابتها السيدة بذلك وقد باتت عيناها كعيني السحلية برودة.
فانتصبت جيمينا واقفة, وقالت:" سبق أن أخبرتك أنني أستقيل".
واندفعت خارجة قبل أن تلقى جوابا.
***

أوقف لها البواب سيارة أجرة فغاصت في مقعدها الكبير ثم اتصلت بالوكالة.
-لقد طردنا أنا و بليندا بعضنا البعض الآخر.
بعدئذ, فعلت ما كانت تؤجله طوال اليوم, فراجعت الرسائل على هاتفها. ارتجفت أصابعها بعض الشيء فيما راحت تضغط على الأزرار. في الآونة الأخيرة لم يعد باسيل يترك لها رسائل. وكانت جيمينا قد اعتادت أن تلغيها قبل أن تقرأها. لكنها اليوم, وقعت على إحداها صدفة.
كانت الرسالة هي نفسها كالعادة. الكلمات تتغير إنما يبقى الموضوع هو نفسه.!!http://www.liilas.com


(أنت لي وحدي).

^^^^^^^^^^

جين استين333 26-04-09 09:58 AM

ان شاء الله كل يوم رح أحط فصل .........

لكني محتاجة تشجيعكم عشان أكتب بسرعة.........

aghatha 26-04-09 12:53 PM

thx sweetie i think its great plz dnt keep us waitin nd thx 4 ur efforts again

جين استين333 26-04-09 02:11 PM

عفوا عزيزتي ..........

وان شاء الله ما أطول عليكم........

karamila 26-04-09 03:47 PM

حمستينا وخليتنا نتشوق نقراها يلا ياحلوة لاتتاخرى علينا

زونار 27-04-09 04:44 PM

واو روعة يسلمو يالا كمليها بسرعة:55:

فراولة2008 27-04-09 08:10 PM

الله يعطيك العافية
الرواية من كم فصل؟

جين استين333 28-04-09 02:26 PM

سامحوووووووووووووووووووووووووني على التأخير .........
هادا الفصل التاني ........

جين استين333 28-04-09 02:27 PM

2- هروب إلى الشمس


دخلت جيمينا شقتها حيث الظلام دامس و السكون فألقت بحقيبة ظهرها أرضا قبل أن تغلق الباب خلفها.
نادت ابنة عمها من دون أن تنتظر ردا:" بيبر".
لم يجبها أحد تماما كما توقعت. لقد سافرت إيزي لتدعم حبيبها و تسانده في تدريبه, لكن جيمينا كانت تأمل أن تجد ابنة عمها في المنزل.!!http://www.liilas.com


رفعت حقيبتها إلى كتفها ثم أضاءت النور و دخلت المطبخ.
كان البيت مرتبا نظيفا على غير عادة, فما من زهور على الطاولة وما من رسائل مخربشة على اللوحة تذكرهن بما عليهن فعله. لا بد أن عاملة التنظيف هي آخر من ترك هذا المكان.
أخذت جيمينا تعد لنفسها القهوة, وإن لم تكن ترغب بشدة في احتساء فنجان منها.
خاطبت الكرسي الشاغر:" مرحبا جاي جاي. كيف وجدت باريس؟ كيف حالك؟".
بعدئذ التفت حول الطاولة لتقف في الجهة المقابلة منها:" تعلمين, عمل.. عمل.. عمل.. ومدير أعمالي السابق لا يدعني وشأني, وكأن وظيفته الجديدة تقتصر على مطاردتي. وهو لا يتردد في مضايقتي ليلا نهارا على مدار الأسبوع".
وسط هذا السكون المطبق, أتى تعليقها أبعد ما يكون عن السخرية:" تبا له".
####
رمت بنفسها كرسي المطبخ و أسندت رأسها بيديها. رن الهاتف لكنها تجاهلته. لم تذرف دمعة واحدة منذ شن باسيل عليها هجومه و بدا الآن أنه لا يود طي صفحة الماضي و المضي قدما.
وانطلق المجيب الآلي بصوت إيزي المرح:" لا يسعنا تلقي اتصالك حاليا. تحدث بنبرة لطيفة و قد نعاود الاتصال بك, استعد للصفارة".
كن قد ضحكن كثيرا في تلك الليلة عندما سجلت إيزي هذه الرسالة.
ضغطت جيمينا على زر التشغيل مجددا لتستعيد تلك الذكرى.
ستقترن إيزي بدوم و بيبر بدورها ستتزوج. ماذا عن جيمينا؟
أعادت نفسها إلى أرض الواقع, فهي تكره أن تشعر بالأسى على نفسها, لأن هذا الأمر يشعرها بالوهن و الجبن.
انتصبت واقفة تبحث عن محرمة تجفف بها عينيها اللتين تفيضان دمعا.
عاد الهاتف ليمزق الصمت العميق. علا صوت إيزي الجميل الضاحك ثانية ثم..
سمعت صوتا مألوفا:" أهلا بك في منزلك يا جيمينا".
جمد الدم في عروقها و تسمرت يدها على علبة المحارم. وفجأة, جفت العينان اللتان تبكيان على حالها وأحست بألم يعتصر صدرها. استقامت على مهل ووضعت العلبة في مكانها بدقة متناهية.
شعرت بألم في حنجرتها فابتلعت بريقها وهي تحدق إلى الهاتف لكنها لم تأت بأي حركة.
بدا الصوت ملحا لجوجا:" هيا, ارفعي السماعة. لا تكوني سخيفة. رأيتك تضيئين الأنوار".
هل يسعه رؤيتها؟
كانت نوافذ المطبخ تبعد عنها ثلاثة أقدام. تراجعت و توجهت إلى رواق لا نافذة فيه. وراح الصوت يلاحقها:" ارفعي السماعة يا جيمينا. يجب أن نتحدث. أنت مدينة لي بذلك".
بدا صوته عقلانيا, لكن الموقف برمته ليس عقلانيا. باسيل نفسه لم يعد عقلانيا.
اتكأت إلى الحائط فيما أخذت يداها تتصببان عرقا.
صاح بها غاضبا, ضاربا أخيرا بالمنطق الزائف عرض الحائط:" جعلت منك نجمة, أيتها الساقطة".
أطفأت جيمينا الأنوار.
خطر لها و القلق يتآكلها أنه ينتظر في الخارج. لعله لحق بها. لم تصادفه عندما خرجت من الدور تشيستر. لكنها قلما تنتبه لطيفه يتعقبها.
لم تشعر جيمينا بوطأة هذا الفراغ من قبل. أجالت النظر في ما حولها واتخذت قرارها. لا يسعني البقاء هنا.
لن تتكبد عناء كبيرا لتهرب من هذه الورطة. كانت تحمل في حقيبتها تذكرة سفر إلى نيويورك لن تحتاجها بعد اليوم, فمن فوائد تذاكر الدرجة الأولى أنها قابلة للبدل.
يبقى عليها الخروج من المبنى من دون أن يلحق بها.
فكرت جيمينا بجفاف:" أحتاج إلى حجاب أو إلى خوذة".
خوذة...
كان عامل البيتزا من الحيرة و الارتباك بحيث لم يتردد في إعارتها خوذته و سترته. ركنت الدراجة قبالة الصيدلية و انتظرت فيما كان الشاب يمشي باتجاهها.
-شكرا لك.
-لا داعي للشكر, سررت بمساعدتك.
كانت قد أخبرته أنها تعاني من بعض المشاكل مع حبيبها فلم يشك في قصتها لحظة. ستتصدر هذه الأخبار عناوين الصحف نهاية هذا الأسبوع, لكنها لم تأبه البتة بل طبعت على خده قبلة سريعة بريئة قبل أن تبادره:" أنت بطلي".
أشرق وجهه بابتسامة وفتح لها باب السيارة:" حظا موفقا"
فأجابته جيمينا متأثرة:" شكرا لك, أحتاجه بحق".
هل تغير التذكرة؟ كان الموظف المسؤول عن الحجوزات ودودا جدا.
-بالتأكيد, ما من مشكلة, أين تودين الذهاب؟
أحست لبرهة أن أفكارها تخونها. هزت كتفيها غير مبالية فهي قد جابت العالم بطوله و عرضه. لكنها تبحث الآن عن منفذ لها, يخلصها من هذه الورطة و ليس عن عطلة حقيقية.
اختارت عشوائيا ملصقا أظهر شاطئا تزين رماله أشجار النخيل و بحرا فيروزيا غريبا.
أشارت إلى الملصق:" هناك".
سألها الموظف:" جزر الكاراييب. حسن, أي جزيرة اخترت؟".
خطر لها أن الأمر غير مهم, لكنها لجمت الكلمات قبل أن تصل إلى شفتيها.
وإذا باسم ينبثق من عمق ذاكرتها.
-هل من جزيرة تدعى بنتكوست؟
ما إن نطقت بهذا الاسم حتى شعرت بالقشعريرة تسري في جسدها, وكأن هذه الرحلة ضرب من ضروب القدر.
استقامت في وقفتها و بادرته:" هل تؤمنون الرحلات إلى هذه الجزيرة؟".
أنارت ابتسامة وجه الموظف:" يسعنا إيصالك إليها عن طريق باربادوس. أترغبين في السفر في الدرجة الأولى؟".
لن يعرف مخلوق في العالم وجهة سفرها, و لا حتى باسيل. كما لن يستطيع الآن رشوة أحد لمراقبتها أو إرغام أحد رجاله على التجسس عليها.
وقفت جيمينا أمام مرآة الحمام في قاعة الانتظار تمعن النظر في نفسها كما اعتاد باسيل أن يفعل دوما.
تملكها ارتياح عارم لا بل نشوة دامت طوال الليل لتستمر خلال فترة الانتظار المملة في مطار باربادوس و خلال الرحلة إلى الجزيرة لا بل حتى وطأت قدماها جزيرة بنتكوست.
كان المطار عصريا إنما ضيقا, و لم تكن جيمينا قد رأت مثيلا له. ما إن مرت بمكتب الأمن العام, حتى طالعها ممر بسيط و كشك صغير.
راحت تجيل النظر في ما حولها, مدهوشة.
قالت:" مطار مدينة الدمى".
كان كشك القهوة يعرض متفاخرا إبريقا من القهوة الساخنة و قطعا شهية من الكعك المحلى, وتديره امرأة ودودة ترحب بالزبائن.
أقرت الموظفة:" أصبت, لسنا بمؤسسة ضخمة".
تفاجأت جيمينا و احمرت وجنتاها خجلا. ينبغي أن تكف عن التفكير بصوت عال.
-آه, آسفة.. لم أعن...
إلا أن المرأة لم تبد غاضبة البتة, حين قالت:" ندير مؤسسة صغيرة نفتخر بها".
وقدمت لجيمينا قطعة كبيرة من الخبز و الابتسامة لا تفارق ثغرها.
أخذت جيمينا تلتهم بفرح قطعة الخبز الساخن الذي فاحت منه رائحة التوابل الشهية.
######
ثم قالت:" أعتقد أنني اعتدت المطارات التجارية. هل من مكتب سياحي في الجوار؟".
هزت المرأة رأسها بهدوء.
-لا حاجة لمكتب كهذا هنا. فالسواح يستلمون برنامج الرحلة قبل أن يصلوا بنتكوست.
رمقت موظفة الكشك الودودة جيمينا بنظرة ثاقبة متفرسة. كانت تلك الأخيرة تدرك تماما ما تراه عينا المرأة سيما وأن هيأتها لم تكن بالمؤثرة...
لقد احتاجت لسروال جينز لتلعب دور عامل البيتزا, لكن السروال أمسى في حالة مزرية بعد الرحلة. أما قميصها فيبدو مبتذلا, كما أن وجهها الشاحب تظهر عليه إمارات التعب و السهر و يحيط به شعر مشدود في ضفيرتين. كانت الطائرات السياحية البسيطة في هذه الجزيرة تشحن الحقائب كلها من دون أن تصنفها بحسب الدرجات, إلا أن رقعة التعريف الذهبية و الفضية على حقيبتها فضحت أمرها, إذ كانت تعلن للملأ: درجة أولى.
أمعنت السيدة النظر فيها ثم أومأت برأسها قائلة:"أقصدي فندق القرصان".
تبعت جيمينا بنظرها عيني الموظفة التين تتفرسان بالرقعة:" حقا؟".
أشارت السيدة بيدها إلى إحدى الصور الملصقة على لوحة الإعلانات الوحيدة حيث وقعت عينا جيمينا على صورة: بحر فيروزي, أشجار النخيل, أمواج متكسرة بيضاء مزبدة.
كانت هذه الصورة بمثابة الحلقة الأخيرة التي أكملت الأحجية.
وتذكرت جيمينا أين سمعت بجزيرة بنتكوست للمرة الأولى: صديق آبي, السيد ن الغامض الذي أرسل لها البطاقة البريدية, والذي لا يهدد زواجها لأنه عرفها منذ كانت تضع مقوما لأسنانها.
كازينو القرصان ليس بالمكان المناسب للعطلة التي تنشدها.
توجهت جيمينا إلى الصورة لتنظر إليها عن كثب.
أبنية فخمة, حدائق, بحر فيروزي, مطبخ عالمي, فرص الفوز بثروة.
قرأت جيمينا الإعلان:" كل ما تحتاجه في مجمع واحد".
كانت لتدفع مبالغ طائلة لتتجنب فندقا كهذا. عادت إلى موظفة الكشك, وقالت :" أتمنى البقاء في البلدة لأتعرف عن كثب على الحياة المحلية".
وسألتها جيمينا بلباقة:" أمن الصعب إيجاد غرفة؟".
أومأت المرأة برأسها إيجابا:" إن الغرف كلها محجوزة في هذا الوقت من السنة".
اعتصر الحزن قلب جيمينا.
-تحدثي إلى السيد درنجر في فندق القرصان, سيتدبر لك غرفة في هذا الفندق الكبير التابع للكازينو.
ابتسمت جيمينا ساخرة. كازينو! هو آخر مكان تخيلت نفسها تلجأ إليه للهرب من الأضواء.
-لم أكن أفكر بالتحديد في الكازينو.
اقترب شاب يجر عربة تنقل بعض المواد الطبية وثب الفرامل ثم اسند ذراعه إلى الصناديق.
خاطبها الموظف:" أعرف مكانا في المدينة يسعك النزول فيه".
قاطعته بائعة القهوة بنبرة متعالية فيما عادت عيناها لتتفرسا الملصق الفضي والذهبي:" إنه يليق بالأطفال المشردين, وليس بسيدة شابة ".
-حسنا, لعلك محقة إلا أن للضرورة أحكام.
لم تعره السيدة انتباهها, بل راحت تنظر من فوق كتف جيمينا ثم ابتسمت ابتسامة عريضة أنارت محياها.
-كم أنت محظوظة! لقد أتى من يساعدك. مرحبا, نايل.
على خلفها صوت رجل يتحدث بلكنة انكليزية واضحة!
-مرحبا فيوليت. كيف الحال؟
" إنه انكليزي. باسيل؟". واستدارت على عقبيها فيما راحت دقات قلبها تتسارع حتى شعرت أنها ستنهار.
وضعت حقيبتها جانبا وكأنها تستعد للانقضاض على فريستها. تراجعت خطوة واستدارت قليلا, ثم استجمعت قواها لتصدي أي هجوم.
إلا أنها لم تر باسيل, بل رجل لم تقع عيناها عليه من قبل. فلو رأته قبلا لما نسيته.
كان ممشوق القامة, وقد ارتسمت على وجهه ابتسامة واهنة. لم يكن يرتدي سوى سروال قطني قصير وينتعل صندلا حقيرا. وقد لوحت الشمس بشرته فمنحتها سمرة يحسدها عليها عارضو الأزياء.
لم تستوقفها هذه السمرة المذهلة أو حتى هذه الملابس الفاضحة, بل تسمرت عيناها على وجهه بالتحديد.
يصعب نسيان هذا الوجه و إن لم تكن ملامحه فاتنة.
كان أنفه معقوفا إلى حد ما, وخداه عاليين متعجرفين, وملامحه تنضح قوة وذكاء حادا. إنه بالفعل وجه يصعب نسيانه.
-مرحبا. يا إلهي هل تعانين من عذاب الضمير.
فاجأها هذا الغريب بسؤاله, فحدقت جيمينا إليه بارتباك.
-ماذا؟
أردف المتعجرف ساخرا:" تبدين كمن يخشى أن تعتقله الشرطة. ضعي حقيبتك جانبا. أنظري.. لا أحمل أصفادا".
خجلت جيمينا من نفسها وشعرت بأنها غبية.
فوضعت حقيبتها جانبا, غاضبة من هذا الموقف برمته.
شعرت أنها مأخوذة به, فهو أقرب إلى أمير من عصر النهضة يتحكم بمصير حاشيته.!!http://www.liilas.com


في الواقع, لم تكن لتنسى وجها تجمع ملامحه مزيجا من كل شيء, هذا ما خطر لجيمينا في محاولة منها لتهدئ من روعها.
لكن فيوليت لم تتأثر بهذا السحر الرجولي بل تابعت:" نحن بخير. غير أن هذه السيدة ترجلت لتوها من الطائرة و ليس لديها مكان تبيت فيه. اصحبها إلى فندق آل".
تكلمت بنبرة هادئة فيما راحت تربت على كتف جيمينا و كأنها مسؤولة عنها.
كانت جيمينا قد هدأت إلى حد ما, إنما خيل لها أن فيوليت ترسلها إلى سوق العبيد.
رددت جيمينا:" فندق آل".
رماها أمير النهضة بنظرة تهكمية احمرت لها وجنتاها خجلا.
تبا لهذا الرجل, أيستطيع قراءة أفكاري؟
أجابتها فيوليت بنبرة هادئة غير مبالية:" إنه نزل محلي".
و توجهت إلى السيد المتعجرف مصممة على إقناعه:" ستأخذها معك, أليس كذلك؟".
بدا جليا أنه لا يود ذلك, فقد زم فمه وقال:" أنت امرأة مدبرة, فيوليت".
ولم يوجه أي كلمة لجيمينا.
استجمعت جيمينا قواها, إنه ليس باسيل وهي لا تخشى هذا الرجل الواقف أمامها.
أجابته بنبرة جافة وهي تحاول تلافي عينيه:" لا حاجة لذلك, لقد أتيت على غفلة من دون استعداد. من الواضح أنها لم تكن بالفكرة السديدة. سأنتظر هنا و أستقل الرحلة التالية".
رد الانكليزي بهدوء أعصاب ممل:" لا يسعك ذلك. فالرحلة التالية تقلع في الغد".
فما كان من جيمينا إلا أن استشاطت غضبا وراحت تلعن في سرها مدينة الدمى هذه. لكنها ردت بمرح:"حسنا, سأجد غرفة في البلدة و أحجزها لهذه الليلة".
-يا لحظك العاثر! لن تجدي غرفة واحدة في الفنادق الثلاثة في هذه البلدة, كان عليك الحجز قبل الآن.
والتقت نظراتها بنظراته اللامبالية.
راحت جيمينا تردد في نفسها أنها ليست مغرورة و لا تتوقع من رجال المعمورة أن يستسلموا لسحرها. لقد مضى وقت طويل منذ أن رمقها أحدهم بنظرة باردة. هي جيمينا دار؟ و شعرت بقشعريرة تسري في جسدها.
لن أخشى رجلا بعد اليوم!
كانت تحتاج إلى هذه و التشجيع. رفعت رأسها و أجابته بنبرة ودودة:" إذا لن أضيع وقتي. سأمضي الليلة هنا".
-في المطار؟
حتى السيد غير مبال بدا مندهشا.
-أصبت.
-تبدين معتادة على ذلك, أليس كذلك؟
في الواقع, لم تتجرأ على ذلك يوما. غير أن شقيقتها إيزي كانت مغامرة متمرسة, وقد اعتادت سماع قصصها حول مغامراتها المرتجلة المثيرة. كما أن النوم في مطار نظيف و هادئ ليس بالمهمة الشاقة حتى بالنسبة لعارضة أزياء مدللة, كما فكرت جيمينا في نفسها على مضض.
أمالت برأسها و أجابته:" هل من مشكلة؟".
هز كتفيه استهجانا:" ليس في ما يختص بي شخصيا. إنما قانون الجزيرة صارم جدا في ما يتعلق بحالات التشرد. ستنتهين على الأرجح في السجن".
بذلت جيمينا ما في وسعها لتحافظ على رباطة جأشها, إلا أن قناع اللطف سقط. و سألته بنبرة لطيفة:" ستحل بهذه الطريقة مشكلتي, ألست محقة؟".
هذه المرة, لم تكن نظرته إليها باردة أو غير مبالية, بل حارة.
-حسنا, لقد أقنعتني. من الواضح أنك لا ترغبين في الذهاب إلى فندق آل. إنما لا أظن أنك تملكين الخيار بالنسبة لهذه الليلة على الأقل. أخبريها يا فيوليت.
أومأت بائعة القهوة برأسها بنشاط, وقالت:" ثقي بهذا الرجل".
-إذا, ليس أمامنا خيار آخر. سأقلك إلى فندق القرصان حيث سيؤمن لك آل غرفة تقضين فيها الليلة. في الغد تستقلين سيارة أجرة إلى المطار و تعودين إلى ديارك على متن أول رحلة, ما رأيك؟
لم يكن بيد جيمينا حيلة.
-حسنا, اتفقنا.
لمعت عيناه وقال بنبرة جافة أقرب إلى التوبيخ:" لا داعي لأن تبالغي في شكري".
أجابته على مضض:" شكرا لك".
تابع وقد صرف انتباهه عنها:" هل رأيت يا فيوليت...؟".
في هذه الأثناء, فتحت البوابات ودخل منها رجل أسود طويل القامة, يرتدي بزة بيضاء مروعة. تقدم نحوهما وابتسامة عريضة تنير وجهه:" مرحبا يا نايل, لقد احتال عليك آل لتنقل له هذه البضاعة, أليس كذلك؟ ننتظره عند البوابة. أجلبت الشاحنة؟".
هز نايل رأسه:" الرانج روفر".
-حسنا, أجلب السيارة, فعلينا نقل الكثير من البضائع.
سأل نايل جيمينا:" أين وضعت أمتعتك؟".
أشارت إلى الحقيبة الموضوعة أمام كشك القهوة.
-أهذا كل شيء؟
تقوس حاجبا نايل تعجبا, فيما أجابته بنبرة جافة:" نعم".
-أتسافرين من دون أمتعة؟
-وما عساي أحتاج لعطلة في جزر الكاراييب؟
لم تشأ التفكير في أن الملابس التي أحضرتها معها تصلح لشتاء أوروبا القاسي. كانت تنوي شراء ثوب سباحة و بضعة سراويل قصيرة من المطار, لكنها لم ترغب في أن تقر للسيد متعجرف بخطئها هذا.
-ما تحتاجينه هو غرفة في فندق. أم أنك اعتدت النوم حيثما اتفق؟
كادت جيمينا تصحح له الفكرة التي كونها عنها لكنها لجمت نفسها, فقد وجدت لنفسها حجة غياب مثالية. وإذا ما نجح باسيل باللحاق بها إلى البنتكوست, فيستحسن أن يظنها الجميع طالبة تجوب العالم. وإن حاول باسيل البحث عن عارضة أزياء عالمية فلن يجدها في البنتكوست! مستحيل!
ما كان منها إلا أن أمالت رأسها إلى الخلف لتقرا في عينيه نظرة استخفاف.
-أذهب إلى حيث تحملني الريح, أيقلقك ذلك؟
بدت عيناه لبرهة قاتمتين وكأنه أمير أهانه مواطن من العامة. لكنه استعاد إحساسه بالمكان و الزمان, فانفجر ضاحكا.
-أنت تجيدين فعلا إغاظة الرجال, أليس كذلك؟ لا علاقة لي بطريقة حياتك, والحمد الله. هيا أيتها المسافرة الجامحة, فلنجد لك غرفة قبل أن أشرع في تحميل البضاعة.
بعدئذ, سحب الحقيبة وحملها على كتفه بخفة ورفع يده صوب كشك القهوة.
-إلى اللقاء يا فيوليت.
خاطبت فيوليت جيمينا قبل أن تودع نايل:" سيعجبك فندق القرصان استمتعي بإقامتك فيه".
قطع الرجلان القاعة بخطوات واسعة وخرجا من البوابة الرئيسية وهما يتجاذبان أطراف الحديث, وقد صرفا اهتمامهما عن جيمينا التي تبعتهما رغما عنها.
ما إن خرجت جيمينا من قاعة المطار المكيفة حتى لفحها هواء ساخن, واستنشقت رائحة وقود الطائرات. تسمرت في مكانها وهي تكاد تتقيأ, فتوقف المدعو نايل بدوره ليرميها بنظرة خاطفة.
-هل أنت بخير؟
-نعم.
كانت بخير حقا. فبعد مطر لندن و بردها, أحست جيمينا بالحرارة تلفها و تنفذ إلى عمق أعماقها.
أخذت نفسا عميقا و لحقت به فيما توجه الرجل الذي يرتدي الزي الأبيض إلى بوابة فولاذية عالية.
فتح نايل باب سيارة الرانج روفر و وضع الحقيبة على مقعد الراكب.
-ستضرين لإسناد قدميك عليها فالمقعد الخلفي محجوز للفافات ورق اللعب وأكياس القهوة.
سوى المقاعد الخلفية وبسطها فيما صعدت جيمينا إلى السيارة. اتجه إلى مقعد السائق و انطلق ما أن فتحت البوابة. لاحظت جيمينا أنه يقود بمهارة لم تتوقعها من شخص غير مبال مثله. وركن السيارة بدقة قرب الصناديق.
-أنت سائق ماهر فعلا, أليس كذلك؟
لم تستطع جيمينا كبح هذا السؤال. فأجابها بسخرية:" بين الفرار من الشرطة, وتوصيل الركاب تعلمت".
-أيسعني مساعدتك؟
عرضت عليه خدماتها بعد أن ألقت نظرة على البضائع المتراكمة خلفها.
-أتريدين تحميل البضاعة؟ شكرا لك. سأنتهي منها بسرعة إن تدبرت أمرها بمفردي. إنما أشكرك.
ثم ابتسم لها ابتسامة عريضة.
يبدو جذابا جدا عندما يبتسم.
ترجل من السيارة, فشعرت جيمينا بالدم يتدفق إلى وجنتيها مجددا. أنبت نفسها لهذا الاضطراب وراحت تراقبه يحمل البضائع بسرعة. إنه ماهر بالفعل وسيجز مهمته أسرع مما لو قدمت له العون.
قطبت جبينها. كيف عساه يجمع بين الرجل اللاهي, شبه العاري و السائق الدقيق الذي يجيد تحميل البضائع بطريقة عملية؟
ضحكت لهذه الأفكار السخيفة. ليس بالضرورة أن يخفي الناس حقيقتهم إن كانت هي نفسها تهرب من باسيل.
يبدو واضحا أنه يتحلى بقوة كبيرة, هذا ما خطر لجيمينا فيما كانت تمعن النظر في عضلات ذراعيه.
يا لهذه الأفكار السخيفة لا سيما وقد قطعت وعدا على نفسها بألا تخشى رجلا في حياتها. يجدر بها أن تضع حدا لأحلام اليقظة التي تراودها حول هذه القوة المذهلة وأن تركز على اسم تختاره لنفسها. إذا قررت أن تضع جيمينا دار, عارضة الأزياء العالمية في علبتها لأسبوع, فحري بها أن تجد اسما آخر بسرعة.
-عليك أن تطلعيني على اسمك, أدعى نايل.
كانا يقطعان طريقا عبدت مؤخرا عندما فاجأها بسؤاله.
-هذا ما استنتجته.
أجابته جيمينا بنبرة جافة قبل أن تكمل بسرعة:" جاي جاي كوبر".
كانت لتنجح في أي اختبار لكشف الكذب. إن كوبر شهرة والدتها و جاي جاي الاسم الذي تدللها به عائلتها.
-أهلا بك في البنتكوست يا جاي جاي. هل تترددين إلى هنا غالبا؟
تذكرت جيمينا المرة الأخيرة التي قصدت فيها جزر الكاراييب في تشرين الثاني الماضي في جلسة تصوير لحساب شركة بليندا. كانت قد أحضرت معها الكثير من الحقائب ولم تخرج من جناحها إلا و قد صففت شعرها و تبرجت.
كبحت ابتسامة كادت ترتسم على ثغرها قبل أن تجيبه بمرح:" من وقت إلى آخر".
-للعمل أم للاسترخاء.
-أتيت هذه المرة للاسترخاء.
-كيف تمضين وقتك عندما لا تتنقلين من بلد لآخر؟
لم تكن جيمينا مستعدة للإجابة عن ها السؤال.
-ما من شيء مهم. القليل من كل شيء.
رماها بنظرة تجمع بين السخرية و الريبة في آن:" ماذا تقصدين بكل شيء؟".
أجابته بصدق:" عملت فترة كنادلة...".
في الواقع, لقد عملت كنادلة حين كانت تلميذة.
لم يرضه هذا الجواب وانتظر المزيد, فراحت تستعرض المغامرات التي روتها لها إيزي:" عملت أيضا في سفن سياحية, وطبعت على الآلة الكاتبة, وشغلت وظائف مختلفة لأسدد براتبها الإيجار".
-تقصدين لتؤمني مصاريف سفرك المستمر؟
-أعتقد ذلك.
قال وهو يومئ برأسه:" أنا أيضا".
-ماذا؟
بدت نظارته مختلفة. كانت أعمق وأبلغ وكأنه يأخذها أخيرا على محمل الجد من دون أن يمنحها ثقته بالكامل. تململت جيمينا في جلستها وقد أحست فجأة بانزعاج, لم تكن لتشعر به حتى وإن لمسها.
اكتفى بالقول:" أنا عامل يحب التنقل أيضا".
أحست جيمينا بالنار تتأجج في داخلها عند سماعها كلمة أيضا لكنها سرعان ما تذكرت أنها أرادت منه أن يكون هذه الفكرة عنها. لم تكن تأبه البتة برأي متبطل يصرف نهاره في التسكع على الشاطئ, أليس كذلك؟
كانت لا تزال تفكر بهذا عندما بادرها بسؤال آخر:" لقد جبت العالم لأكثر من خمسة عشر عاما. لعلنا قصدنا الأمكنة ذاتها".
ركزت جيمينا انتباهها, وأجابته بصوت أجش:" نعم, على الأرجح".
-يجدر بنا مقارنة قصصنا و مغامراتنا.
-أأأ, أجل.
-الليلة؟ سنتناول العشاء في الفندق ذاته. لم لا نتقابل في الملهى لنأكل سويا؟
-عظيم.
تفاجأت جيمينا كيف لم ينتبه لحماستها المبالغ فيها.
وأكمل بمرح:" فلنعتبره موعدا".
كانت جيمينا على وشك الصراخ. كم هذا مذل! لم يمر على وصولها إلى جزيرة الدمى سوى بضع ساعات وها هي الآن تخطئ بتحديد موعد لا ترغب فيه مع رجل لا تستلطفه, رجل أشبه بحاكم من عصر النهضة ذي نظرة قاسية متفحصة لا يتقبل أن يكذب عليه.
فكرت جيمينا في سرها وهي تتأجج غضبا:" ستكون مهمتي شاقة هذه الليلة".
راحت تحدق أمامها إلى الطريق التي تلمع في قيظ النهار وقطعت وعدا على نفسها بأن تمسك في اليوم التالي بزمام الأمور بشكل أفضل.
-أتناسبك الساعة السابعة؟
أخذت جيمينا نفسا عميقا.
مثلي يا جيمينا, أوليس التصنع من اختصاص عارضات الأزياء؟ أنت تبلين حسنا في التمثيل. أوليس هذا ما قاله لك فرانسيس هال سميث بالأمس؟
رماها ثانية بتلك النظرات العميقة التي هزت كيانها فشعرت بوخز خفيف في أنحاء جسدها كله. كانت تشعر به يستجدي نظرة منها, وأيقنت أنه لن يسهل عليها مقاومته.
ابتلعت بريقها وأجابته:" أتطلع إلى هذا اللقاء".
أنارت وجهه ابتسامه أدركت جيمينا أنها غامضة حتى وإن لم تكن تنظر إليه, فشعرت بحرارة تسري في جسدها كله وليس وجهها فحسب.
وأجابها بنبرة عذبة:" ليس بقدري".!!http://www.liilas.com




^^^^^^^^^^^^

جين استين333 28-04-09 02:29 PM

ان شاء الله أول ما أخلص الفصل الثالث رح أنزلو .........

rayadeeb 30-04-09 05:12 AM

ان شاء الله تخلصيه بسرعه واحنه بانتضارك تسلم الايادي مشكورة

جين استين333 03-05-09 04:58 AM

أنا ما مداني أخلص الفصل (شكلي أجزت مع الاجازة)

فبدل ما عبال أخلصوا ألاقي الموضوع اتلغا رح أحط دحين الجزء اللي كتبتوا ....

وسامحوووووووووووووووني على التأخير....

جين استين333 03-05-09 05:00 AM

-خطوة خطوة. . نحو الخطر


تفاجأت جيمينا عندما وصلت إلى فندق القرصان, فقد هيأت نفسها لرؤية بقعة فظيعة تشوه هذا البحر الفيروزي.
قالت و قد استوت في جلستها و بدت الدهشة على محياها:" يا لهذا المكان الخلاب!".
تمتم نايل:" سيطير آل من الفرح!".
كان الخليج رائعا يعانقه شاطئ عاجي يخلب الألباب. لاحظت جيمينا فيما أخذت السيارة تنزل التلة نحو البحر, أنها لا ترى سوى مبنى واحد من كل زاوية؛ حتى أن الكازينو نفسه الذي رأته جيمينا من الطريق العام, يحاكي مزرعة أسبانية من حيث السحر و الحميمية, ويتوارى وسط أشجار النخيل.
-عجبا, ما من أضواء ولا فتات!
-حين تشاهدين كازينو في مكان مماثل, فإنك تسوقين لأسلوب حياة معين.
لم ينظر نايل إليها لكنها استشفت السخرية و التهكم من تقوس كتفيه.
سألته جيمينا بنبرة تحمل انفعالا واضحا:" هل أنت ضليع في المقامرة؟".
التوت شفته بابتسامة خاصة:" إذا شئت".
أيقنت جيمينا أن الرجل يسخر منها لكنها لم تجد طريقة لمعالجة هذا الوضع.
تابعت:" لا أقامر".
انفجر مقهقها.
سألته ببرودة:" تستمتع بسلب الناس نقودهم أليس كذلك؟".
رد ضاحكا وهو ينظر من النافذة إلى الطبيعة الأخاذة حولهما:" ولن أكتفي يوما من هذه اللعبة".
ما كان من جيمينا إلا أن أشاحت بوجهها وراحت تكحل عينيها بالمناظر الطبيعية في الخارج.
قاد السيارة في درب ملتوية بين شجيرات كثيفة وأبنية افترشت جدرانها العرائش. كان البحر يتراءى أمامها تارة ويختفي طورا, فيما بدت الشمس متألقة.
-هذا مدهش بحق. فما إن تنزل التلة حتى يخيل إليك أن الأبنية كلها تنصهر في مبنى واحد.
-حاولي أن تكبتي دهشتك هذه أمام آل و إيللي. فقد عملا بدأب ليخلصا إلى هذا المشروع الضخم الذي يفخران به.
لم يتسن لجيمينا تهنئة مدير الفندق على هندسة المناظر الطبيعية التي زينت المنتجع السياحي. فما إن وصلا إلى رواق الفندق حتى اعترضتهما امرأة قصيرة القامة, كانت تضرب الأرض برجلها كمن نفذ صبره. لم تعر المرأة جيمينا أي اهتمام وانبرت تقرع نايل.
-ها قد وصلت أخيرا يا نايل. لم تأخرت بحق السماء؟ لقد نفدت المؤن من المطبخ, وتأخرنا ساعة عن تقديم العشاء. هل تفهمني؟
أجابها و الابتسامة تعلو شفتيه:" آسف يا إيللي. اضطررت إلى نقل بعض البضائع الإضافية".
أومأت السيدة القصيرة إلى جيمينا ومرت بها كالسهم من دون أن تعيرها أي أهمية. بعدئذ, راحت تقلب البضاعة في السيارة وكأنها فأرة ضخمة.
-إيللي صاحبة النزل. سأعرفك إليها لاحقا. ها هو آل, الذي سيتدبر لك غرفة.
كان آل أكثر لطفا من المرأة.
-غرفة؟ بالتأكيد, هل أنت من هواة الغطس أو المقامرة؟
سألته جيمينا وقد أخذت منها الدهشة كل مأخذ:" لا هذا ولا ذاك, أهذا شرط أساسي لأحجز غرفة في هذا الفندق؟".
-كلا, إنما يتوافد النزلاء إلى هذا الفندق إما للغطس أو للمقامرة.
قرأ نايل الحيرة على محياها, فشرع يشرح لها بلطف:" الأمر يؤثر على اختيار آل للغرفة".
-ماذا؟
-يستيقظ الغطاسون باكرا فيما يأوي المقامرون إلى الفراش في وقت متأخر لذا يفصل آل المجموعتين لئلا تزعج إحداهما الأخرى.
-يا لذكائه!
لم يكن آل يتمتع بجاذبية نايل ولكن ابتسامته تنم عن لطف وود.
-إنه أسلوب فعال بحق.
بعدئذ, تناول حقيبتها وتوجه إلى الردهة الصخرية الرائعة, تاركا إيللي بمفردها تفرغ المؤن التي تحتاجها.
سألها بمرح:" إذا, أين تريدين المبيت؟ مع الغطاسين أم المقامرين؟".
أجابته جيمينا من دون تردد:" يستحسن أن أنضم إلى عائلة الغطاسين".
أخرج آل بطاقة تسجيل ووضعها على المكتب. فما كان من جيمينا إلا أن انتقت قلما و أخذت تملأ الاستمارة. ولم تغب عنها نظرة التواطؤ الغريبة التي تبادلها نايل و آل.
لاحظت جيمينا أن نايل تقدم خطوة منها. لم تتوقع أن تجده قريبا منها, يوشك أن يلمسها. وفجأة, تحكم نايل بتعابيره. وهذه ليست المرة الأولى التي تمسي فيها ملامحه قاسية جليدية لتتوارى خلفها أفكاره, كما خطر لجيمينا.
بدت عيناه قاتمتين. وخيل إليها للوهلة الأولى, أنها تستطيع قراءة أفكاره. استشفت حيرة وارتباكا ثم استغرابا. أمال برأسه إلى الخلف وكأنه أدرك أنها استطاعت أن تلج إلى أعماقه, رغم القناع الجليدي الذي احتمى وراءه.
التقت عيونهما و غرقا في تأمل بعضهما البعض و قد خانتهما الكلمات. وسرت قشعريرة في جسدها.
"انتبهي يا جيمينا, هذه ليست بالفكرة السديدة".
وضعت القلم على الطاولة وابتعدت عنه.
قال آل الذي انهمك في معاملات الحجز فلم يلاحظ ما دار من حوله:" بطاقة الاعتماد من فضلك".
وللمرة الأولى, تبادل نايل و جيمينا نظرة تواطؤ. مدت جيمينا يدها لتناوله البطاقة. وانتبهت, بعد فوات الأوان إلى أن اسمها الحقيقي مدون عليها, فشعرت بتوتر عارم. لكن آل لم يبد أي تعليق.
-وقعي هنا.
وبعد أن تأكد من توقيعها أعاد إليها البطاقة.
استعادت جيمينا هدوءها. فأصحاب الفنادق معتادون على رؤية نساء يوقعن بغير أسمائهن, كما يترتب عليهم أن يكونوا كتومين.
-غرفة رقم 409. عذرا, يجدر بي القيام بجولة سريعة الآن. ثمة حفلة هذا المساء.
قال نايل ببساطة:" إن شئت, سأرشد جاي جاي إلى غرفتها".
تلاشت تلك المشاعر المتقدة التي قرأتها في عيني نايل الذي عاد للضحك و المرح. وفكرت جيمينا في سرها أن هذا أفضل.
قطب آل, ثم بادرهما بابتسامة محزنة:" آسف يا جيمينا, لا نستخدم النزلاء في العادة. لقد خرجت اليوم الأمور عن السيطرة".
ألقت جيمينا نظرة سريعة إلى نايل قبل أن يتجهم وجهها:" نزيل؟".
لم تصدق أذنيها. أيعقل أن يكون هذا القرصان بسرواله القصير القطني نزيل في هذا الفندق؟ هنا؟
أجابها بنبرة جدية متفاخرة:" بالفعل. يسمح لي آل بالبقاء هنا لقاء تنظيف الغرف".
احمرت وجنتاها خجلا. كانت تعابير وجهه لطيفة لكنها علمت أنه يسخر منها. ثانية!
أجابتها بتحفظ:" إن كنت سترشدني إلى غرفتي, فسيسرني أن توصلني إليها الآن".
-بالطبع آنستي, رافقيني.
أراد أخذ الحقيبة من آل إلا أن جيمينا كانت قد سبقته. أحست أنها تريد إثبات شيء ما له لكنها لم تعلم ما هو.
صاح بهما آل:" أراكما هذا المساء".
ولم يحاول, هذه المرة, كبت الابتسامة العريضة التي علت شفتيه, إلا أن جيمينا تظاهرت بأنها لم ترها. قادها نايل إلى غرفتها وهو يتهادى بمشية رشيقة فيما أخذ يعرفها على المكان.
-هنا المقهى, حيث سألقاك هذا المساء. وهذه الحديقة حيث يتناول النزلاء العشاء. يسعنا الانتقال إلى الداخل إذا ما هبت ريح عاتية. هذه بركة السباحة و تجدين أخرى على التلة قرب كوخي. هذا مبناك.
وقف جانبا لتتقدمه و ترتقي السلالم التي أوصلتهما إلى ممر مفتوح وسط الأشجار.
سألته جيمينا وقد أصابها الذهول:" أهذا كوخك؟ أتعني أن غرفتك معزولة عن غرف المقامرين؟".
أجابها نايل:" لديهم ثلاثة أو أربعة أكواخ في الحديقة, وهذا أفضلها, يحافظ على خصوصية النزيل".
سرت في جسدها قشعريرة غريبة أيقظت في نفسها حذر مبهم. لن تسأل عن سبب حاجته للخصوصية ولم تشأ حتى التفكير في الموضوع.
أردف نايل يطمئنها:" لا بأس بالشقق أيضا. سترين بنفسك".
وارتقى السلالم بخفة حتى وصل إلى مكان في الهواء الطلق مزدان بنباتات ضخمة.
-تجدين هنا مفتاح الكهرباء.
أجابته جيمينا فيما كانت تصعد السلالم لاهثة, وهي تلعن كبرياءها و غرورها:" شكرا لك".
أحست بحقيبتها ثقيلة وكأنها تزن طنا. إلا أن نايل لم يعرها انتباها بل تابع طريقه بخفة حتى بلغ آخر المر حيث الغرفة 409. أدخل البطاقة فسمعت جيمينا الباب يفتح.
-أكره هذه الأشياء. إذا طرأ عطل في التيار الكهربائي, فيتعذر عليك دخول الغرفة.
أجابته جيمينا التي نفد صبرها:" أو الخروج منها".
تمتم نايل:" في بعض الأحيان لا بأس بذلك".
رمته بنظرة قاسية:" إنس الأمر, لا أتأثر بتلميحات تلميذ مراهق".
-واه أسفاه!
-إذا ما طرأ عطل على بطاقتي و عجزت عن الخروج من الغرفة, فسأستعين بأنبوب التصريف.
-أنا متأكد من ذلك.
لم تكن تثق بتينك العينين الآن أكثر من أي وقت مضى, كما كرهت لياقته البدنية العالية.
-أنا جادة.
-حسنا, لن آخذك في جولة في الغرفة أو إلى الشرفة الساحرة, لكنني سأكتفي بالأمور الأساسية. هذا المكيف وهذه المظلة, فالمطر يسقط غزيرا في هذه الجزيرة وإن كان لا يدوم طويلا. تجدين هنا الشموع في حال انقطع التيار الكهربائي. ها هو المصباح الكهربائي.
راح يجول في الشقة ليعرفها على زواياها و تفاصيلها ثم أخرج مصباحا أسود أشبه بسلاح مؤذ وربت عليه بلطف وهو يتابع:" لا تخرجي أبدا من دونه, ولا تنسي أن الليل يهبط باكرا في هذه الجزيرة".
أجابته جيمينا بحذر:" شكرا لك".
-لكن لا حاجة لإخبارك بهذه المعلومات, أليس كذلك؟ فأنت مسافرة متمرسة.
ارتسمت على وجهها ابتسامة عذبة متوعدة:" إنما أحب أن أجد من يذكرني بما علي فعله في حال نسيت. أحب الرجل الذي يحيطني بحنانه وحبه فأشعر معه بالأمان".
زم شفتيه وكأنه يطلق صفارة صامتة.
-هل أصبت وترا حساسا؟
كانت جيمينا غاضبة من نفسها. فهذا الرجل يزعجها بعقدة الفوقية التي يعاني منها لكنه لا يشبه باسيل الذي اعتاد أن يملي عليها أفعالها و يهدد بأذيتها إذا لم تنفذ أوامره حرفيا.
-لم أفهم قصدك.
أجابها بهدوء:" أقصد أنك لا تجيدين التصرف مع الآخرين".
أحست جيمينا بالغضب يعتمل في صدرها. لن تقبل بأن يحطمها رجل أحمق سواء كان نزيلا في هذا الفندق أم لا؟
-ماذا قلت؟
-مدهش بالفعل.
كان من الوقاحة و الجرأة بحيث راح يتفرس فيها وكأنها فصيلة جديدة من البشر لم يصادفها في حياته.
أجابته جيمينا ببساطة:" وداعا".
-أنت لا تقصدين ذلك.
-وداعا.
-لكنك لم تشاهدي بعد...
-لا يهم, سأراه بنفسي لاحقا. شكرا لك.
توجهت نحوه بخطى واثقة مصممة لكنه لم يتراجع. لم تكن واثقة من أنه سيخرج باحترام.
-لا تسمحين لجيرانك من الشبان بالترحيب بك كما يجب.
بادرته جيمينا فيما تابعت تقدمها نحوه:" شكرا لك, أقدر مجهودك بحق".
أجابها نايل وقد تراجع نحو الفناء:" لا تقولي وداعا إنما إلى اللقاء".
تسمرت مكانها, وقد أخذت منها الدهشة كل مأخذ:" ماذا؟".
ارتسمت على ثغره ابتسامة عريضة جذابة تنم عن ثقة بالنفس. وذكرها بنبرة عذبة لطيفة:" اتفقنا على تناول العشاء هذا المساء, لا تنسي و إلا صعدت بنفسي لاصطحابك".
وانسل خارج الغرفة قبل أن تتمكن من إجابته.
ما إن سمع نايل الباب يغلق خلفه حتى توقف عن التبختر ليعود كالسهم إلى مكتب الاستقبال. نظر إليه آل و الدهشة بادية على وجهه.!!http://www.liilas.com

جين استين333 03-05-09 05:01 AM

هو جزء بسيط لكني رح أحاول اسرع في كتابة باقي الفصل ......


زأعيد وأكرر سموووووووووووووحة على التأخير.....:flowers2::flowers2:

aghatha 03-05-09 09:12 PM

even if its a little part we want u to know that we appreciate ur efforts sweetie however curiosity is hard and i cant wait to read the next part!!!!!!!!!

جين استين333 21-05-09 08:11 PM

شكرا لك عزيزتيaghatha
أخجلتيني بكلامك الحلو

وشكرا لانتظارك

جين استين333 21-05-09 08:13 PM

أرجوووووووووووووووووووووكم سامحوووووووووووووووني

أنا حاليا مضغووووووووووطة بالختبارات وان شاء الله أخلصها الاسبوع الجاي أو اللي بعدو واول ما أخلصها ان شاء الله اكتب تكملة الفصل الثالث والرابع وبعدها أوقف كتابة عشان الاختبارات النهائية وان شاء الله بعد ما أختبرها وأختبر القدرات والتحصيلي أكملكم الرواية


أرجو من الجمييييييييييييع السماااااااااااااح

دلوعة حبيبها 25-05-09 09:44 PM

يسلمووووووووووو الغلا على القصة الرائعة

الله يوفقك في اخبتاراتك وينجحك يا رب

خذي راحتك

^_^

الماسه نجد 28-05-09 11:17 AM

روايه رائعه ننتظر تكملتها وشكرا

الدرة المصون 12-06-09 05:41 AM

روايه رائعه ننتظر تكملتها وشكرا

جين استين333 09-07-09 01:46 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


الحمد الله خلصت الدراسة وان شاء الله أبدا أكتبلكم باقي الرواية

وسااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااامحووووووووووووو وووووووووووووني على التأخير

جين استين333 09-07-09 09:26 PM

هادا جزء ححطو دحين

جين استين333 09-07-09 09:29 PM

بادره نايل بنبرة جافة:" سنتناول العشاء يا آل. أحتاج إلى طاولة منعزلة".
أضأت ابتسامة محيا آل:" أتريد قضاء أمسية رومنسية مع الآنسة كوبر النكدة؟".
-سأتفاجأ إن كانت شهرتها كوبر, أو إم كانت قد قالت كلمة صحيحة واحدة. أرني سجل الجوازات.
قال آل و الابتسامة لا تفارق ثغره:" عجبا, لقد أثرت فيك فعلا".
-إنها تجيد التلاعب بمن حولها. لقد تزوج أبي مرات عدة و عرفت خالات كثيرات. أنا أفهم جيدا هذا النوع من النساء. أحتاج إلى بطاقتها من فضلك.
لم يصدق آل أذنيه:" أترغب في تناول العشاء لأنها تشبه زوجات أبيك؟".
هز نايل كتفيه قبل أن يميل فوق المكتب ليخطف البطاقة من ملف آل ثم تفحصها وقد تجهم وجهه.
علق نايل شارد الذهن:" كنت محقا".
-هل تستلطفها؟
-جيمينا دار.
راح نايل يردد الاسم نفسه ليحفره في ذاكرته:" جيمينا جاين دار, سأجد ما تخفينه".
هز آل رأسه وقد تملكته الحيرة:" لم تتكبد هذه المشقة كلها؟".
أجابه نايل بتردد:" لا أحب أن يتلاعب بي أحد".
رفع آل ذراعيه مستسلما وقد تخلى عن أي محاولة لفهم صديقه القديم.
-هذه حياتك الخاصة. سأحجز لك طاولة في الحديقة, وسأخبر إيللي.
لم تتكبد جيمينا عناء ترتيب أمتعتها. انهارت على سرير واسع يكفي لعائلة من ستة أفراد و غرقت في سبات عميق. كان الليل قد أرخى سدوله عندما استيقظت. شعرت لبرهة بالحيرة لأن النافذة لم تكن في مكانها المعتاد, ولم تستطع إيجاد مفاتيح الكهرباء, ناهيك عن الرائحة الغريبة التي فاحت في المكان... وأخيرا استيقظت و عادت إلى أرض الواقع فتذكرت المشكلة التي يتعين عليها حلها.
لقد هربت من باسيل و تخلصت من نيره لتقع بين ذراعي نايل المقامر. جافى النعاس أخيرا مقلتيها فراحت تتلمس الطاولة قرب السرير بحثا عن مصباح و ساعة.
كانت الساعة قد قاربت السابعة مساء. لا بد من أن تتأخر قليلا عن الموعد, فهذا حقها كامرِأة.
و تحركت على السرير لتتناول حقيبة الزينة خاصتها, إلا أنها لم تشأ أن تتزين لموعدها مع نايل. كانت ترغب بالأحرى في اخفاء معالم الأنوثة لديها لأنها لا تريد أن تحظى بمعاملة خاصة هذا المساء. لن يفتح لها نايل الأبواب و لن يمسك لها الكرسي و الأهم من هذا كله, لن يغازلها. أرادته أن يتذكرها كمسافرة قبيحة, لن تترك أثرا في نفسه.
لم تكن جيمينا تحتاج إلى التبرج أو الثياب الفاخرة لتبدو في أجمل حلة. اكتفت بحمام سريع أزال عنها غبار السفر, فتألق شعرها كغيمة حمراء ذهبية. بدا براقا أخاذا حتى بعد أن رفعته كيفما اتفق إلى أعلى رأسها. همهمت جيمينا وهي تغرز دبوسا آخر في رأسها بما أوتيت من قوة حتى اهتز كيانها ألما.
تناست غرور عارضة الأزياء ونظرت إلى نفسها في المرآة, فعلمت أنها لن تكون يوما امرأة قبيحة بسيطة. ستضطر إذا لمعاملته بجفاء لتنجح في صده ! وبما أن هذا المتبطل المقامر لا ينتمي إلى نادي معجبيها و لا ينشد رضاها, فلن تكون الخطة صعبة.
إلا أنها لم تنس بعد تلك الشعلة الفريدة التي جذبتهما إلى بعضهما البعض في المطار كما لو أنهما غرقا في عيني بعضهما البعض في لحظات غريبة آسرة.
أما الآن فقد أصبحت مستعدة لصد أي هجوم. لن ينجح في تحريك مشاعرها الدفينة!
تأخرت نصف ساعة عن الموعد. وكان المقهى مزدحما بالزبائن.
أخذت جيمينا تجيل النظر في ما حولها, ترمي النسوة بنظرة خبيرة متفرسة, فلم يقع نظرها على واحدة ترتدي آخر صيحات الموضة وإن كن أنيقات بالفعل, حتى أن بعضهن تزين بمجوهرات مذهلة فعلا.
لا بد أن النزلاء ميسورو الحال. أتحرق شوقا لأعرف كيف يتأقلم هذا المتبطل المقامر نايل مع هذه الطبقة من الناس.
تفحصت جيمينا المقهى بحثا عن نايل و جف حلقها. كان لرؤيته متأنقا على هذا النحو وقع أقوى وأبلغ من المغازلة.
لم تكن قد خبرت يوما هذا الشعور الغريب الذي اعتراها فجأة. كان شعورا جديدا, فهل يسعها تحمله؟
شلت الحركة لبرهة في جسمها, ولم تعد تعرف ما العمل.
رفعت جيمينا يديها إلى صدغيها. كانت على وشك أن تستدير على عقبيها وأن تفر بعيدا. ولعل الصراع الذي ضاق به صدرها انعكس على وجهها, إذ تسمر نايل في مكانه يراقبها وقد تقوس حاجباه في تعجب أخرس.
هذا سخيف بالفعل, إذ يسعها التحكم بالموقف. تماسكت جيمينا, وقالت لنفسها:" لن أخشى رجلا في حياتي. أي رجل كان".
تقدمت من دون أن تسمح لنفسها بالتفكير ثم بادرته قائلة:" مرحبا, هذا المكان مزدحم بالفعل, أليس كذلك؟".
تغضنت عينا نايل بابتسامة مرحة ثم أشار بيده بحركة لا مبالية قبل أن يسأل:" لم تعرفيني على الفور".
-ليس للوهلة الأولى. تعكس هذه المصابيح ضوء غريبا فعلا.!!http://www.liilas.com

جين استين333 11-07-09 09:18 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هادا جزء زيادة

جين استين333 11-07-09 09:20 PM

تراجعت جيمينا بضع خطوات إلى الوراء وأخذت تنظر إليه نظرة متفحصة كما ينظر المصورون إلى عارضة مشهورة غير واثقين من مؤهلاتها.
كانت تتوقع أن يغضب منها , لكنه أطلق ضحكة مدوية و كأنه يستمتع بهذه المحادثة.
-أنت فعلا لا تقدرين بثمن
ناولها كأس شراب, فنظرت إليه متشككة:" ما هذا ؟".
-انه شراب القرصان .
لم تستطع جيمينا كبح الغضب الذي تأجج في داخلها :" وأنت تعرف أكثر مني ما أود تناوله؟".
بدت أمارات الدهشة جلية على وجه نايل :" كلا, هذا من اختصاص الفندق وهو يقدمه أولا للزبائن مجانا".
وعلى الفور , خمدت تلك الثورة المتأججة في نفس جيمينا وقد خجلت من نفسها.
قالت بحرارة بعد أن ضحكت ضحكة واهنة:" أنا آسفة".
ابتسم لها لكنها قرأت وراء هذا القناع الباسم حيرة.
-ماذا؟
أجابها ببطء:" أنت مثال التناقض".
سألته مدهوشة:" أنا؟".
و تفحصت تعابيره بحثا عن النظرة الساخرة لكنها لم تجدها.
-لم تقول هذا بحق السماء؟
-حسنا, تغضبين لأتفه الاسباب, و تستعدين لشن هجوم كلما نظرت إليك, ثم تهدأين فجأة و تعتذرين حين حين تدركين أنك مخطئة.
تفاجأت جيمينا لرؤية نفسها تحمر خجلا كما لو أنها تلقت إطراء لطيفا كما لو انها خجولة بطبعها!
استجمعت قواها , و سوت جلستها.
جيمينا دار هادئة الأعصاب, هادئة, هادئة, هادئة! إن هذا الغريب الضاحك يجهل مع من يتعامل, لكن ليس لوقت طويل. يا إلهي, سيتعرف بالتأكيد على جيمينا دار الحقيقية!
نظرت إليه نظرة ازدراء و استخفاف:" لا أرى ما التناقض في الامر".
أرجع راسه و كانها طعنته فجاة في قلبه, ثم سألها بفتور:" وهل أستحق الشنق إذا نظرت إليك؟".
-لا تكن سخيفا!
كان بالطبع يستحق الشنق, نظرا للطريقة التي يحدق بها إليها. لم تحمر وجنتاها خجلا هذه المرة مع أنه لم يسهل عليها الامر وراح يرميها بنظرة ثاقبة مصممة.
قال من غير تردد:" ضعي نفسك مكاني".
كان من الصدق ما جعلها تنزعج فأشاحت بنظرها عنه فيما ضج راسها بالف سؤال و سؤال: لما تنظر إلي على هذا النحو؟ لما تحاول السخرية مني؟ ماذا تريد مني؟
طال الصمت و ثقل . وكان عليها أن تكسره, لكنها لم تجد الكلمات المناسبة.
-حسنا, هذا لأنني لا أعرفك حق المعرفة.
لم يعلق نايل لكن الرضى بدا جليا على وجهه.
أجفلت جيمينا . لم تكد الكلمات تصل إلى شفتيها حتى لعنت نفسها على تسرعها, فقد حملت كلماتها دعوة صريحة ليقضيا السهرة سوية.
بدا و كأنه يفكر بالامر نفسه أو أنه اختار أن يفهم تعليقها على هذا النحو, فبادرها بابتسامة لطيفة:" لا بأس, دعينا نبدأ من الصفر. ادعى نايل بلاكثرون".
قال هذا كما لو أنهما يلتقيان للمرة الأولى, و ابتسامة جذابة لا تفارق ثغره.
ثم مد يده, مضيفا:" مرحبا".
لم تكن تعلم ممن تغضب أكثر, من نايل بلاكثرون لأنه يتلاعب بها أم من نفسها لأنها تعجز عن الإمساك بزمام الامور؟
كانت يده باردة قوية, فسرت قشعريرة في اناملها عندما صافحته. ابتلعت بريقها وحاولت تجاهل الصوت الذي تعالى في اذنيها.
-سابقى في فندق القرصان حتة نهاية الأسبوع, وأنت يا آنسة كوبر؟ ام أناديك جاي جاي ؟
سرت رعشة في جسم جيمينا التي أمسكت بكاس الماء بكلتي يديها .
ما كان عليها أن تعطيه اسم الدلال . فعندما نطقه بهذا الصوت الخافت, بدا حميما جداز
وحدها أختها تناديها بجاي جاي . وعندما سمعته يناديها على هذا النحو, أيقنت أنها سلمته مفتاحا ودعوة صريحة ليكتسح حياتها. و كانت شبه متاكدة من أنه يعلم ذلك.
عضت على شفتها:" نادني بما تريد فأنا راحلة في الغد".
ابتسم لها نايل ابتسامة عريضة بطيئة, أحست بها جيمينا تلسعها أسفل عنقها, و تضيق الخانق عليها, فوضعت يدها لتهدئ من هذا النبض المتسارع الفظيع.
لم يغب عنه هذا الصراع, لكن الابتسامة لم تفارق ثغره.
أجابها بنبرة عذبة:" إذا ليس امامنا سوى الليلة, ساعتبرها تحديا لي".
سألته و الشرر يتطاير من عينيها:" ماذا تقصد بتحد؟".
-علينا ألا نضيع دقيقة واحدة من هذه الأمسية. هيا بنا.
تابع نايل و ابتسامة غريبة تعلو ثغره, تركت جيمينا حائرة:" أنذهب؟".
كان يمسك بزمام الأمور بيد من حديد. وكم غضبت جيمينا من نفسها عندما وجدت نفسها ترافقه, خانعة كالنعجة.
عبرا البوابة ووصلا إلى الشاطئ حيث تكسرت الأمواج أمامهما في همهمة خافتة.
-تقصد هذا النوع من التحدي, نزهة رومنسية على الشاطئ. فكرة خلاقة بالفعل!
قالت جيمينا هذا ثم أزاحت يدها عن عنقها وقد استعادت هدوءها ورباطة جاشها.
-لا تسخري من هذه الفكرة. انظري إلى هذه النجوم.
استشفت في صوته نبرة فرحة ضاحكة.
-يستحسن أن أجد وسيلة لئلا تزل قدمي.
إن سمعت رنة انتصار في صوته, لصارحته برايها و انصرفت بكرامتها. لكنها لم تلحظ اي ازدراء أو تكبر في عرضه بل بدا بيرئا. تبا له!
-أنت تمشين بخطى واسعة, انتبهي إلى خطاك.
وما كان من نايل إلا أن امسك بيدها, فأشعلت لمسته النار في عروقها من جديد.
سمعت نفسها تجيب بصوت مبحوح:" شكرا لك".
كان النسيم عليلا وباردا لكنها حاولت ألا ترتجف من البرد. كانا يمشيان على الشاطئ, فاحست جيمينا بالبرد ينخر عظامها و ينفذ إلى اعماقها.
توقف عن السير و خلع سترته, ثم وضعها على كتفيها قبل أن يأخذ يدها مجددا ويدعوها إلى المضي قدما.
-أشعرين بتحسن؟
كانت السترة ثقيلة, تحيط بطانتها الحريرية ببشرتها العارية كمخلوق يضمها بين ذراعيه يدللها و يحميها, لا سيما من البرد! تخيلت جيمينا نفسها جالسة قرب المدفأة, تحتمي من البرد في ليلة عاصفة.
غمرها شعور عارم بأنها محبوبة. يا إلهي, أنا في مازق حقيقي.
صاحت جيمينا عاليا من دون أن ترميه بنظرة:" رائع".
تشبثت بالسترة كما لو انها معطف ملكي ولم تسلمه إياها إلا مكرهة عندما ارتقيا السلالم المؤدية إلى حديقة المطعم.
-حجزت لكما طاولة هادئة.
باردهما آل بذلك قبل أن يتبادل و نايل إحدى تلك النظرات الذكورية البليغة التي لا يفترض أن تلحظها جيمينا إلا أنها اخذت حذرها.
سالت جيمينا نايل عندما تركهما آل:" لا بد من انكما تعرفان بعضكما البعض منذ طويلة".
نظر إليها و امارات الدهشة جليه على محياه:" أنا و آل؟ انت نبيهة فعلا".
أحست جيمينا أنه لا يحب فيها هذه الصفة فردت بنبرة لا تخلو من الاعتذار:
-تبدوان صريحين مع بعضكما البعض.
-حسنا, مر حوالي خمسة عشر عاما منذ التقينا للمرة الاولى.
-تربطكما صداقة متينة إذن.
راح يحدق إلى الشمعة الصفراء التي تحترق و قد جمدت تعابير وجهه:" ربما, تقريبا".
استفهمت جيمينا وقد بدأ الفضول يتآكلها:" تقريبا أصدقاء؟ ماذا تعني بذلك؟".!!http://www.liilas.com

جين استين333 11-07-09 09:22 PM

ان شاء الله اليوم أو بكرة أكملكم باقي الفصل الثالث

جين استين333 13-07-09 05:31 PM

السلام عليكم ورحمةالله وبركاته

وأخيرا تم الفصل الثالث
والآن أنلكم هو


:8_4_134::8_4_134::8_4_134:

جين استين333 13-07-09 05:32 PM

فما كان منه إلا أن هز كتفيه قبل ان يجيب:" جلنا بلاد العالم لفترة طويلة و عشنا تجارب و مغامرات كثيرة سوية. أعتقد أننا اصدقاء , نعم".
-أخبرني عن هذه المغامرات.
نظر إليها على الفور. كيف غاب عنها هذا السحر الرجولي؟ اندهشت جيمينا عندما راحت تتفحصه على ضوء الشموع و قد تنبهت إلى أنه شاب جذاب فعلا.
قال ممازحا:" لقد طلبت قصة من ماضي الإجرامي !فلتتحملي إذا العواقب".
روى لها مغامرة حين كان آل يافعا, فيما كان نايل يكبره ببضع سنوات, و يفوقه خبرة في التغلب على الأشرار. إنما انتهى بهما المطاف في مخزن القطار منقوعين في الوحل طيلة ليلة كاملة ليختبئا من هؤلاء الأشرار.
راحت جيمينا تقهقه عاليا حتى أحست بألم في جنبها فضغطت عليه بيدها وهي تضحك.
-النساء قاسيات.
تذمر نايل و قد جرحته سخرية جيمينا, لكنه سرعان ما شرع يروي قصة ثانية عن امرأة شهرت عليهما سلاحا في عتمة جزيرة أخرى.
ختم بمرح:" كادت المرأة تلك تضع حدا لحياة آل المهنية".
سألته جيمينا وهي لم تعد تتحمل الألم في جنبها:" ماذا حصل؟".
رد :" أقنعها آل بتركنا فهو بارع في ذلك".
وبعد حين, عاد آل حاملا عصير المانغا ولائحة بالاطعمة اللذيذة التي تحضر في المطبخ.
رمت جيمينا لائحة الطعام بنظرة سريعة, فلم تصدق عينيها.
بادرته بنبرة صادقة:" لا يسعني تناول هذه الأصناف كلها".
حاول آل اقناعها وقد بدا منزعجا بحق:" إنه طعام لذيذ فعلا".
-لا أتذكر آخر مرة دللت فيها نفسي بتناول الأجبان و التحلية.
أطلق نايل ضحكة مدوية, و قال:" سيري في الحياة خطوة خطوة و ستتفاجئين كم هي سهلة و بسيطة".
تجهمت جيمينا عند سماعها نصيحته إذ لم تكن متأكدة من أنه يقصد العشاء.
-يسيل لعابي لمجرد أن أستعرض هذه الأطباق اللذيذة. سأفقد رشاقتي إن لم أنتبه إلفى نوعية الطعام الذي أتناوله.
سمع نايل نبرة الحزن في صوتها فابتسم لها إحدى ابتسامته الأخاذة ما ضاعف شك جيمينا و ريبتها.
-حاولي, الأمر أشبه بالسير على الشاطئ. سيري بخطوات بسيطة, فتجدين نفسك قد بلغت هدفك.
تقوس حاجباها غضبا, ولم تعد تشك في نواياه. كان يسخر منها و يحاول إغواءها لا محالة. فهل يظنها غبية؟
كانت ابتسامته هذه المرة لطيفة عذبة بكل ما في الكلمة من معنى.
وتوجه إلى آل:" سنطلب هذه الأطباق كلها, ولنر ماذا ستختار السيدة".
-إن السيدة واثقة مما ستختاره.
أجابته بتأن وهي تنظر مباشرة إلى عينيه, قبل أن تتوجه إلى آل.
-أريد طبقا من السمك و السلطة من فضلك.
-هذا مؤسف فعلا, ربما تتذوقين أطباقنا الشهية في المرة القادمة.
بعدئذ سأل نايل:" هل ستقصد الكازينو الليلة؟".
رد نايل برباطة جأش:" بالطبع".
-هل أنت متأكد؟ أقصد, لا ضير من ليلة ترتاح فيها من العمل.
-هل سنمضي الليلة في التشاور يا آل؟
بدا آل متضايقا, وقال:"أنت أدرى بمصلحتك, ساطلب من إيللي أن تحضر سمكتين".
راقبت جيمينا انسحابه العجيب هذا, فسألته مندهشة:" ماذا حصل للتو؟".
رد نايل:" كان آل يحاول إنقاذي من نفسي".
-ماذا؟
-اقترح أن أصرف هذه الأمسية معك عوضا عن الذهاب إلى الكازينو كما اعتدت أن أفعل كل ليلة.
أطرقت جيمينا تفكر غير راضية عن هذا الموقف برمته. لماذا يحاول آل ثنيه عن الذهاب؟ وهذا لا يعني أنها تريد مرافقته, فقدمها لن تطأ هذا الكازينو أبدا. إنما عليه أن يختار لنفسه, فالرجال عادة لا يحتاجون لمن يحثهم ليواعدونها.
همهمت وقد راحت تتفرس في نايل:" شكرا لك يا آل".
كان هذا الأخير من الدهشة ما زاد من انزعاج جيمينا أكثر فأكثر.
طالعته بنبرة مشاكسة:" إذا هل ستصحبني إلى الكازينو؟".
أجابها نايل بتلقائية:" كلا. أنا مقامر محترف. هذا عملي الذي أعتاش منه. هل كنت لتصحبي رجلا غريبا إلى مكتبك؟".
-لا أعمل في مكتب.
كانت جيمينا من الذهول ما شل تفكريها فما استطاعت التفكير برد آخر.
هز كتفيه غير مبال و أضاف:"وإن يكن, لا يذهب الرجل منا للاحتفال إن كان عليه كسب قوته".
وابتسم إحدى ابتساماته الجذابة المترددة, قبل ان يتابع:" اطلبي ما شئت في أي وقت ما عدا المساء فأهرع إليك".
-لقد غمرتني بلطفك.
ارتسمت على وجهه فجأةو ابتسامة عريضة أنارت محياه. عندما يبتسم على هذا النحو تتغضن زوايا غينيه فيما تظهر غمازتان على جانبي فمه.
رد نايل بنبرة كئيبة:" غمرتك بلطفي؟ ما من أحد في العالم يستطيع أن يغمرك بلطفه. أقله ليس أنا, فأنا أزعجك حتى عندما لا أتقصد ذلك".
سألته جيمينا و شرر الغضب يتطاير من عينيها:ط أكنت تحاول مضايقتي؟".
فرد نايل و عيناه تلتمعان مكرا:" أنت جميلة حقا عندما تغضبين با آنسة كوبر".
استعادت جيمينا أخيرا روح الدعابة لديها, فقالت:ط أنا دوما جميلة ولدي ما يثبت صحة أقوالي".
شاهدت بمرح حاجبيه يتقوسان حتى كادا يلامسان شعره. لكنه سرعان ما استفاق من دهشته ليسأل:
-هل ينظم لك الشعراء قصائد؟
أمالت جيمنا برأسها, مستمتعة فعلا بقوتها.
-شيء من هذا القبيل.
بدا نايل محتارا يتآكله الفضول:" أنت عارضة للفنانين؟ ملهمة للفنانين؟ أتقدمين النشرة الجوية؟".
أومأت جيمينا برأسها و أخذت تضحك, قائلة :" لا تيأس, حاول مجددا".
طقطق نايل أصابعه قبل أن يقول :" أنت خوان بين, إلهة الحظ السعيد, هبطت إلى الأرض لتتقمصي في جسم إنسان".
علقت جيمينا بمكر:" إلهة! هذا جيد".
-إذا سأبدل رأيي. إن كنتى إلهة الحظ السعيد فأقر بأن آل كان محقا. سترافقينني غلى الكازينو.
توقفت فجأة عن الضحك وقد فاجأها كلامه:" ماذا قلت؟".
رد وقد رفع راسه إليها:" أهلا بك إلى عالم نايل بلاكثورن المغامر".
!!http://www.liilas.com


^^^^^^^^^^^^^

جين استين333 13-07-09 10:06 PM

وهادا الفصل الرابع ....

جين استين333 13-07-09 10:07 PM

4-لعبة الحظ والحب




قطعا ممرا تزينه المصابيح الصينية وبعض الأضواء الخافتة التي توزعت بين الشجيرات. جمع هذا الممر بين الجمال و الأمان و الحضارة و كأنه درب في حديقة في إحدى ضواحي المدن.
لكنها لم تعد تشعر بالطمأنينة و الأمان مع رجل يصعب التكهن بتصرفاته. نايل بلاكثورن, المغامر ! ماذا يعني هذا؟
سألته بنبرة جافة:" هل أعتمد عليك لتنقذني إذا ما فاجئنا وحيد القرن؟".
نظر إليها وقد تقوس حاجباه مجددا:" قلت وحيد القرن؟".
أشارت جيمينا إلى الشجيرات خلف الممر قائلة:" ذاك الحيوان الذي يحدث هذه الجلبة بين الشجيرات هناك".
أطلق نايل ضحكة مدوية:" يبدو أنك لم تعتادي الحياة في إفريقيا".
سألته جيمينا غاضبة:" ماذا تعني ؟".
-كان وحيد القرن ليحدث ضوضاء تصم الآذان.
-لقد صادفت الكثير منها, أليس كذلك؟
أومأ برأسه وهو لا يزال يضحك.
-أنت لا تصادفين وحيد القرن بل تبتعدين عن دربه بسرعة. بالفعل, لقد رأيت بعضها.
-هذا ما قصدته إذا بالمغامر.
-أرجو المعذرة؟
-كنت اتساءل ماذا عنيت بكلمة مغامر, لقد حللت للتو لغزا حيرني. المغامر شخص يهرب من الحياة البرية.
وابتسمت ابتسامة مشرقة أنارت وجهها. لم يستحسن نايل هذه الانتقادات كلها, حتى أنه بادرها بنبرة تحمل لطفا:" ينبغي ان تزوري إفريقيا, لتتعرفي على الطبيعة. دعيني أخبرك عن الحياة البرية".
-أظن انك ادرى بهذا المخلوق الذي يجوب الحديقة هناك؟
أجابها و الشرر يتراقص في عينيه:" حسنا, أظن أنه حيوان الأغوضي ".
لم تكن جيمينا قد سمعت بهذا الاسم في حياتها, فقالت :" هذا من نسج خيالك".
-أقسم لك اني صادق.
ردت جيمينا بثقة:" لا أصدقك فانا لم أسمع بحياون الأغوضي".
-لم لا تصدقني هذه المراة؟
وجه سؤاله إلى مصباح صيني بنبرة ساخرة كئيبة.
شعرت جيمينا انها مفتونة بهذا الشاب العجيب, الذي تابع يسأل:" امتأكدة أنت من انك زرت جزر الكاراييب من قبل ؟".
-في المرة الأخيرة التي زرت فيها الكاراييب, لم...
تنبهت جيمينا أنها تجازف فركزت انتباهها كله.
قال نايل بنبرة عذبة لطيفة:" نعم , كنت تقولين أنك في المرة الاخيرة...".
عضت على شفتها, يا لها من كاذبة فاشلة! لقد كادت تفصح عن اسمها و مهنتها ولم تكن لتهمل رقم هاتف مدير أعمالها.
باردته غاضبة:" ماذا تفعل ؟ هل تستجوبني ؟".
-كنت احاول أن أضع النقاط على الحروف. أعتقد أنك اخبرتني أنك مغامرة غظيمة. إنما تبدة خبرتك محدودة بعض الشيء.
تسمرت جيمينا في مكانها لتلتفت إليه, ويداها على خصرها, ثم صاحت به غاضبة:" إن خبرتي ليست بمحدودة ألبتة".
لم يتفوه باي كلمة, بل وقف بدوره ورماها بنظرة هادئة تفحصتها من راسها إلى أخمص قدميها.
كانت جيمينا تستشيط غيظا لكنها حاولت لجم نفسها لأنه يسعى لأن يفقدها صبرها. تنحت عن طريقه وعاودت تقدمها نحو الكازينو.
قالت بصوت عذب فتاك:" لم أقامر في حياتي لاكسب عيشي. فشاركني مغامرتك الصغيرة هذه".
اقتحمت مدخل الكازينو الفخم و الغضب يتطاير من عينيها.
كان أكبر مما يبدو عليه من الخارج حيث تمت هندسته بشكل منمق. كانت واجهاته الزجاجية تطل على البحر وقد وضعت بعض الطاولات الصغيرة قرب الجدران الخارجية, جلس إليها الساهرون اما الشويق كله فانحصر في قلب قاعة اللعب .
علقت جيمينا وقد أخذ منها الذهول كل مأخذ:" هذا أشبه بحلبة التزلج".
عجت القاعة بطاولات القمار التي تنيرها الأضواء البراقة.
-هذا أشبه بحفلة ساهرة, لكني لم أرتد ثيابا مناسبة للسهرة.
اقترب منها نايل ثم سالها باستهزاء:" حقا؟ انظري مليا".
اجالت جيمينا النظر فيما حولها. رأت نساء يتباهين بالاماساتهن ورجال بسمرتهم الممتازة, لكنها لم تسمع صخب حفلة. ما من موسيقى أو ضحك, بل انتباه وتركيز شديدين.
علقت جيمينا بتردد:" فهمت قصدك. الساهر منهم إما يجرب حظه في ألعاب الميسر و إما يشاهد غيره يلعب".
-أهذه هي المرة الأولى التي تدخلين فيها إلى كازينو؟
ودت جيمينا أن تنكر, إذ ارادت أن يرى فيها امرأة متمرسة قوية. غير أن المنطق غلب الأحاسيس, فوجدت نفسها تجيبه بكآبة:" نعم, لم أر الكازينو إلا في أفلام جايمس بوند".
-هذا ما اعتقدته.
أحست جيمينا بتيبس في اطرافها فسالته بنبرة أرادتها مزاحا:" هل يبدو ذلك واضحا؟".
-نعم.
رفعت راسها وقد تبدد هذا المرح بسحر ساحر:" هل تعتبرني ساذجة؟".
أجابها سريعا:" لن أجرؤ أبدا على ذلك".
إلا أنها لم تصدق كلامه.
-إلى أي مدى تظنني ساذجة؟
سمع في صوتها رنة الإنفعال , فرد مبتسما:" لا ادري. سانظر في الامر".
-ماذا يعني بذلك؟
كانت في الأشهر الاخيرة تتلقى تهديدات من باسيل بلاين ولا يبدو هذا بتهديد. كان اشبه بوعد ان صح التعبير, فسرت في جسدها قشعريرة.
-إنما ليس الآن. لابد لي من أن أعمل , فابقي إلى جانبي و أحسني التصرف ولا تتفوهي بكلمة.
قدم لها عصير الليمون فادهشها ثمنه إذ انها احتست العصير في أهم ملاهي لندن و باريس و نيويورك, غير أن هذا الكازينو كان الأغلى ثمنا.
-هذا الكازينو لا يلائم شابا يعيش بميزانية محددة, أليس كذلك؟
تذكرت الملابس الحقيرة التي قابلها بها هذا المتبطل المغامر في اول لقاء لهما, فأنبها ضميرها.
أكان مقامرا محترفا أم لا, فهو يعجز بالتأكيد عن تحمل هذه التكاليف.
-عليك أن تدعني أسدد ثمنه.
-هذه مصاريف العمل, إنما أشكرك.
فاجأها بابتسامة فيها من العذوبة ما سرع دقات قلبها.
آه, لا, هذا ما كان ينقصني.
لم تحافظ جيمينا على هدوئها أثناء جولتها في أرجاء الكازينو, نزولا عند رغبة نايل بلاكثورن بل لأنها كانت تخشى المشاعر التي يثيرها فيها.
راح يراقب كل طاولة على حدة باهتمام قبل ان يكمل جولته بتعليق أو بابتسامة. وبعد حين, ادركت جيمينا أنه يتبع سياسة محددة لا محال. و كانت تتحرق شوقا لتستفهم عن تفاصيلها, لكنهاعلمت أنه لا ينبغي إزعاج الرجل أثناء عمله!!!http://www.liilas.com


أخيرا توقف عند إحدى الطاولات. وما كان منه إلا ان لف خصرها بيده بحركة أحست معها أن أنفاسها تكاد تنقطع. كان جسمه رشيقا دافئا تحت بذته الرسمية, فيما كانت ذراعه شبه تملكية. لم يقف رجل بجوارها, يحيط خصرها بذراعه في مكان عام منذ...
راحت تفكر مليا. ابدا! لم يحضنها باسيل يوما. وقد كان هذا الأخير من الغيرة ما أبعد الرجال عنها. كانت جيمينا تعيش تجربة جديدة, افقدتها إحساسها بالزمن.
لم تعرف كم من الوقت امضت في مشاهدة اللعب حتى انها أجفلت عندما انتصب احد المقامرين واقفا.
أزاح نايل يده عن خصرها:
-ساحل مكانه لبعض الوقت.
أومأ الموزع الذي لا يقل عن نايل أناقة برأسه. احست جيمينا بألم في حنجرتها. ماذا اصابها يا ترى؟ لما عساها تشعر بهذا النقص بعد أن ابعد رجل لا تعرف عنه شيئا يده عنها؟
امسك نايل بيدها من دون أن يشيح نظره عن الطاولة الخضراء أو عن اللاعبين الآخرين ووضعها على كتفه.
-امنحيني الحظ يا عزيزتي.
أتى إطراؤه هذا, أشبه بهدية مفاجئة. توقيت مثالي! أحست جيمينا بأنها محبوبة. واخيرا ثمة رجل يهتم لامرها... و تسمرت في مكانها فيما راحت أفكارها تتسارع في رأسها.
إنها محبوبة... هذا مثير للشفقة حقا!
عادت سريعا تركز انتباهها على مسار اللعبة. لاحظت جيمينا أنا نايل يخسر لكنه لم يكن يبالي البتة. لم تتغير نبرة صوته المرحة و الابتسامة اللطيفة لم تفارق ثغره, لكنها شعرت بكتفه مشدودةز غير أن حظه ما لبث ان تغير جزئيا ثم كليا. راهن في الجولة الأخيرة على مبلغ ضخم من المال و كسب الجولة مما أثار دهشة اللاعبين و الموزع كما المتفرجين.
امسك بيدها قائلا:" هل ضجرت يا عزيزتي ؟ سألعب جولة اخرى قبل أن نتوجه سوية لنسامر النجوم".
بدا كحبيب مثالي حنون يعتني بامراة ضجرة. إلا أن هذه النبرة اللطيفة في صوته لم تحمله على النظر إليها ولو للحظة ولم تجعله يصرف انتباهه عن عيني الموزع مهما كلف الامر.
حالفه الحظ ثانية. و اخذ الساهرون يتحلقون حول طاولتهم فارجع نايل كرسية معلنا:" أنسحب".
التفت نحو جيمينا ليلفها ثانية بهذه الذراع الدافئة الرائعة, إلا أن نبضات قلبها لم تتسارع كالمرة السابقة.
أنا لست إلا قناعا , تمويها مثاليا لمقامر محترف. يالذكائه!
سرت قشعريرة في جسدها.
مشى بالقرب منها, وخده يكاد يلامس شعرها. فابتلعت بريقها وحدقت امامها مباشرة.
سمعته يهمس في اذنها:" استمري بالمشي و اظهري اهتمامك بي. المدير يقف إلى يسارنا".
رفعت عينيها نحوه لتجد حبيبا هائما فاحست بالم يعتصر قلبها.
-سيد بلاكثورن؟ لم تغادر باكرا الليلة؟
قبض نايل ما كسبه من مال وفير, فلم تصدق جيمينا عينيها.
-أنسحب عندما اكون في الطليعة. لا تقلق يا هنري ساعود في الغد.
بادله المدير الابتسامة:" أنت تعلم انه مرحب بك دوما في هذا المكان. عمت مساء يا سيد بلاكثورن. سيدتي".
بادرته جيمينا فيما كانت تغادر الكازينو على ضوء المصابيح الصينية:" تبا, لم ينادني أحد سيدتي من قبل".
-لقد صرفتي حياتك تختبئين من الناس.
-لا اعتقد أن هذا هو السبب, بل لأنني لم أخرج برفقة رجل يحمل في جيبه ما يناهز ربع مليون دولار.
أجابها نايل بتلك النبرة الساخرة:" لا يهتم هنري بهذا المبلغ التافه. فهمومه كانت أعظم في الأسبوع الفائت".
بدت جيمينا محتارة, يتآكلها الفضول , غير أنها لم تعد مجبرة على تحمل عبء التفكير بذاك الألم البسيط المفاجئ الذي يعتصر قلبها.
-ماذا جرى الاسبوع الفائت؟
-لقد خسرت مبالغ خيالية.
-أولا يستفيد الكازينو من خسارتك هذه؟
-ليس إن خال أن المقامر يعجز عن إيفاء دينه.
علقت جيمينا بنبرة خشنة لاذعة:ط أو لأنك تعمل لحساب الفندق تماما كزبون يغسل الصحون عندما يعجز عن تسديد فاتورة المطعم".
أطلق نايل ثانية, ضحكة مدوية:" لم أفكر بالأمر من هذه الناحية".
رمته بنظرة من طرف عينها. بدا مسترخيا إلى حد بعيد و هادئ الأعصاب, و ممسكا بزمام الامور من حولهما. كان يصعب تخيله وقد شغلت باله قضايا هذه الحياة و شجونها.
-هل قلقت ولو قليلا؟
أجابها و الدهشة بينة في نبرته:" تعنين عندما احتسبت خسارتي؟ كلا, فالخسارة ليست من شيمي".
علقت بنبرة جافة:" أنت كما الكازينو".
-لذا ترينني اتفق و هنري.
صاحت جيمينا وقد فهمت ما يدور في خلده:" لهذا السبب ستعاود اللعب غدا كي تسمح للكازينو باسترداد ما كسبته!".
ساد الصمت لبرهة , ثم علق أخيرا:" انت حادة الذكاء فعلا".
شعرت جيمينا انه لم يكن راضيا تماما عن هذا الوضع.
-ألست محقة؟
-بالطبع, المقامر المحترف لا يحتفظ بالكثير و إلا حظر عليه المشاركة باللعب.
سألته جيمينا مذهولة:" حظر؟ هل تغش؟".
-لست مضطرا للغش. ليس علي سوى ان أفوق إدارة الكازينو ذكاء.
عاد الصمت بينهما.
كان ليتراءى للناظر إليهما أنهما في قمة التالق: شاب ممشوق القامة, وسيم في بذلته الرسمية, يتابط ذراع فاتنة صهباء رشيقة القوام, لم تتزين بابهى إنما يعكس وجهها جمالا شفافا أخاذا. كانا باختصار الزوجين المثاليين.
إلا أنهما ليسا بزوجين, كانا يمشيان بمحاذاة بعضهما البعض لكن من الممكن أن يفصل بينهما المحيط الهندي.
أحست جيمينا ثانية بألم يعتصر قلبها فابتعدت عن نايل و بادرته بابتسامة عريضة اجتماعية.
سألته بصوت مبحوح:" إذا أتتبع خطة معينة؟".
كانت جيمينا تلجأ إلى هذه النبرة كلما ترتب عليها افتتاح سفينة سياحية أو ملهى ليلي. لكن نايل لم يبد معجبا او مفتونا بها.
سألها مقطبا وجهه:" ما بك؟".
-لا شيء, ظننت أنك تعتمد خطة محددة لتتغلب على الكازينو في عقر داره.
-ماذا قلت؟
أحست جيمينا بيدها باردة, فما كان منها إلا أن رفعت ذراعيها إلى صدرها.
-هل أنا مخطئة إذا؟
هز كتفيه استخفافا, لا يريد أن يخوض في هذا الحديث, أقله في الوقت الحاضر..
-لا تجري الأمور على هذا النحو .. مامن نظام معين ينجح في الاحتيال على الروليت, لا سيما في الولايات المتحدة. إذا انتهج المقامر سياسة معينة في لعبة الروليت, خسر مبالغ طالئة. ما بك يا جاي جاي؟
حبذا لو لم يفاجئها بهذه النبرة اللطيفة! لو لم ينادها بالاسم الذي يتحبب به إليها المقربون منها وحدهم! واعتراها فجأة وهن كاد يشل حركتها.
تجاهلت جيمينا ما سمعت وراحت تطرف بعينيها بسرعة لئلا يلمح الدموع تترقرق في مقلتيها.
أشاحت بنظرها عنه. يسعها مغازلة اكثر رجال الأرض حنكة و جاذبية غير انها لا ترغب الآن في ذلك, ليس الليلة على ضوء المصابيح وسط الشجيرات التي تصطف على جانبي الممر فيما يتهادى البحر مرنما في البعيد.
ابتسم ابتسامة عذبة ساحرة قبل ان يردف:" انستطيع الآن التحدث عنك؟".
سارعت جيمينا إلى الرد:" كلا".
-فهمت ز ما رأيك لو نتمشى تحت ضوء القمر؟ لن نهدر هذه الامسية الرائعة.
أحست جيمينا بان قلبها سيقفز من بين أضلعها. لكنها أجابته بحزم قبل أن تتعمد التثاؤب:" ولم لا نهدرها؟ أنا منهكة القوى".
صدقها للوهلة الاولى لكنه عاد وقال ممازحا:" انت تكذبين".
-أنا منهكة فعلا.
-لكنك نمت طيلة بعد الظهر, إلا ان كنت اكبر سنا مما تبدين عليه.
سمعت جيمينا تحديا واضحا في رنة صوته. فأجابته و الشرر يتطاير من عينيها:" ما زلت اعاني من فرق الوقت, فوفقا لساعتي, إنها السادسة صباحا".
-إنها تقريبا ساعة الفطور.
-ليس في عالمي.
أجابها وقد زم عينيه:" بالفعل, دعينا نتحدث عن هذا".
-عما تريد التحدث؟
-عن عالمك.
توقفت فجأة عن الضحك وسالته بارتباك:"ماذا عنه؟".
أجابها همسا:" يثير اهتمامي, أنت تثيرين اهتمامي".
رمته بنظرة أكثر إثارة من نظرته:" أنت تجيد الكذب".
راح نايل يطرف بعينيه متفاجئا وقد اخذته جيمينا على حين غرة. ورأت شفتيه ترتعشان قبل أن يجيبها قائلا:" كلانا بالاحرى يجيد الكذب. أنت لا تعانين من فارق الوقت و تتمتعين بقواك كاملة".
همهمت جيمينا غاضبة.
-هيا بنا, فانت تتمعتين بما يكفي من الأنوثة لترغبي في نزهة على شاطئ البحر, أليس كذلك؟
لم يكن باليد حيلة, خاصة إن ارادت الحفاظ على كرامتها وعلى احترامها لذاتها.
بيد أنها لم ترغب في أن يمسك بيدها, فهذا اكثر مما تستطيع تحمله
!!http://www.liilas.com



^^^^^^^^^^^^

جين استين333 13-07-09 10:09 PM

الفصل الخامس طويل وحياخد مني ان شاء الله بكرة وبعدو

جوووجووو 14-07-09 08:52 AM

تسلم يدك على المجهود ياعسل
بانتظاااارك

moura_baby 17-07-09 12:23 AM

موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

جين استين333 17-07-09 03:35 AM

شكرا لكم على كلامكم الحلو ^_^ وان شاء الله تعجبكم القصة

جين استين333 17-07-09 03:36 AM

وهادا جزء من الفصل الخامس

جين استين333 17-07-09 03:38 AM

5-لو كنت عصفورة...


سرعان ما قطعا الممر مخلفين المصابيح الصينية خلفهما فيما استحال الكازينو وميضا من الانوار تتلألأ في الأفق.
تناهت إليها أصوات الليل و كانها تدنو منهما رويدا رويدا, من حفيف النسيم الذي يعبث باشجار النخيل وخرير مياه الجدول الذي ينساب من المحدر إلى يمينها إلى نبض البحر الهادر إلى يسارها.
ابتلعت جيمينا بريقها. لم تكن ترغب في ان يمسك نايا بيدها, لكنها... اقتربت منه ومشت بمحاذاته.
-اتشعرين بالبرد؟
هزت جيمينا رأسها, وردت:
-كلا, ربما بعض الشيء. حسنا, أشعر بشيء من التفوق.
-تفوق؟
أشارت نحو البحر الذي تعذر عليها رؤيته إنما رات أشعة القمر الفضية تتكسر فوق الامواج البعيدة.
-انظر من حوبك. يخيل إليك أنك في عالم آخر. تفهم لما يؤمن الناس بشتى الخرافات... من حوريات البحر و الممالك تحت البحر والسحر. لم يسبق لي أن رأيت مشهدا مماثلا من قبل. مشهد يخلب الالباب حقا, وإن كان يثير الخوف بعض الشيء.
-لقد تربيت قرب البحر.
سألته جيمينا:" لا تقل إن هذا المشهد الرائع لا يؤثر نفسك".
أجابها بنبرة ضاحكة:ط حسنا, هذا المشهد لا يخيفني".
علقت بنبرة تلقائية:ط إذا , انت لا تخاف شيئا؟".
-ماذا قلت؟
تسمر في مكانه وقد بدت الدهشة جلية على محياه. وتوقفت جيمينا بدورها لتستدير نحوه.
لعله الليل أو البحر الهدار أو حتى القمر الأخاذ الذي يرسل نوره خلف كتفي نايل! إنه سحر بالتأكيد, ما حث جيمينا على قول الحقيقة من دون قيود أو ضوابط.
كانت تجهل كيف علمت أنها الحقيقة, لكنها ادركتها ببساطة.
-يسعك حل أي مشكلة, أليس كذلك؟ لا تبالي لشيء البتة لذا تراك تتعامل مع كل شيء ببساطة.
مرت لحظات أثقلها الصمت, قبل ان يسالها غير راض عن منحى الحديث:" أنى لك هذه الفكرة؟".
كانا قريبين من بعضهما البعض ما أرغمها على إرجاع راسها لتنظر إليه, وتسأله:" اتعني اني مخطئة؟".
أجابها على مهل:" هذا أشبه باتهام".
كان محقا إلا أنها كانت تجهل السبب. وعلقت مقطبة:" عدم المبالاة أمر غير انساني".
-أتفضلين شخصا يشعر بالهلع عند حصول اي طارئ؟ لو كنت من هذا النوع لذعرت و تركتك في المطار لتعتني بنفسك.
سألته جيمينا ساخرة:" ذعرت؟ هلعت؟ لما تراك تهلع؟".
رفع يديه إلى كتفيها وكأنه يمنعها من مهاجمته او حتى الفرار منه.
-أنت لا تعلمين, اليس كذلك؟ انت لا تعرفين وحسب.
سألته جيمينا وقد ضاقت انفاسها:" أعرفلا ماذا؟".
غرق في صمته لبعض الوقت وراح يتفحص وجهها يحاول قراءة أسرارها كلها. ماذا ظن أنه قد يرى في ضوء القمر؟
بدا لها غريبا فجأة, لا يمت إلى ذاك المتبطل المتعجرف بصلة, ولا حتى إلى ذاك المقامر الجذاب. بدا اطول و اكثر جدية من ذلك الشاب الذي تعرفت عليه في المطار.
كان القمر يطبع على وجهه أنفاسا فضيا ما زاده وسامة. خالج جيمينا شعور غريب بأنها فراشة تشق طريقها لتخرج من شرنقتها, شعور عجزت عن مقاومته واهتز له كيانها. كانت تعيش تجربة جديدة و مثيرة بكل ما للكلمة من معنى. فما كان منها إلا ان رفعت يدها إلى صدرها لتهدئ من روعها ومن انفاسها المتسارعة.
إلا ان نايل لم يلمح هذا الخوف في عينيها, بل سألها مترددا:" من انت؟ من أنت فعلا؟".
-ماذا قلت؟
طرحت جيمينا هذا السؤال وهي تطرف بعينيها مذعورة. لعلها بدت سخيفة لكنها لم تصدق ما يجري من حولها. هل خالجه هذا الإحساس الغريب الذي هز كيانها؟ هل شعر به أيضا؟
هز نايل راسه, فالتمع شعره الأسود تحت ضوء القمر فيما بدت عيناه عميقتين لا يسبر لهما غور.
-حسنا , ان قصتك كذبة. فلست بمسافرة, و فرضيتي تبدو خاطئة ايضاز كما أن قدميك لم تطا يوما كازينو, أليس كذلك؟
رددت جيمينا وقد احست بقشعريرة:" فرضيتك؟".
اجابها ببرودة أعصاب:" أفترض انك أتيت إلى هذه الجزيرة لتتحري عني. لن تكوني اول من يتابع أخباري".
-آه.
طوقت جيمينا صدرها بذراعيها تحمي نفسها من نسيم البحر الذي أخذ يبرد.
-لكنك لم تبرعي في مهمتك يا آنسة جاي جاي كوبر التي تسافر متخفية تحت اسم دار.
سمعت جيمينا سخرية واضحة في صوته, فتراجعت خطوة بعيدة عن متناول يده. تبا لبطاقة الاعتماد اللعينة!
سالته وقد شرد ذهنها:" أوليس البحث في سجلات الفنادق منافيا للقانون؟".
-من يحتاج إلى البحث؟ لقد القيت نظرة على بطاقة التسجيل خاصتك.
-هذا تصرف حقير و جبان.
عضت على شفتها. فأجابها من دون أن يشعر بالندم:" إنما عملي فعلا".
-كدعوتي على سبيل المثال لتناول العشاء.
-أردت أن احصر الاضرار قدر المستطاع. إن كنت تنشدين الاستقصاء عني فمن الأفضل أن ابقيك تحت ناظري. هل من وسيلة أنجح من الذهاب إلى الكازينو معا؟
عندئذ, وضعت يديها خلف ظهرها وقالت:" أنت أيضا جبان و بغيض".
هز كتفيه استهزاء, وأجاب:" جبان بغيض يحصل دوما على ما يريد".
-أهذا صحيح؟
رفعت بصرها إلى النجوم خلف كتفيه. إن نظرت إلى السماء بعينين واسعتين فقد لا تغرورق بالدموع. لعل الجنة تحيك لياليا كهذه. لكن في الجنة فقط لا يتجسس الناس على بعضهم البعض, ولا ينصبون الأشراك.
سألته جيمينا بنبرة كئيبة:" هل تخلص فعلا إلى النتائج التي تسعى إليها؟".
-بالطبع.
عندئذ, سألته بنبرة متحدية:" إذا, إلى ما توصلت الليلة؟".
-أعرف انك تحملين اسمين, هذا على الاقل خيط أستطيع الانطلاق منه في بحثي.
-و إلام سيقودك هذا الخيط؟
-اعرف أنك لسك ما تبدين عليه.
سالته جيمينا بنبرة قاسية وقد أحست بأن كرامتها انجرحت:" من إذا؟".
بادرها وقد قرأ في عينيها الألم الذي يضيق به صدرها:" أتمانعين".
-بالطبع.
-لم أقصد هذا, أتمانعين أن أقف على الحقيقة كاملة؟
صاحت به:" باءت محاولاتك كلها بالفشل ولم تتوصل إلى شيء, لا شيء".
رد نايل بنبرة عادية بعيدة عن التحدي:" اتعتقدين ذلك؟".
تابعت جيمينا قلقة, وقد خمد غضبها بالسرعة نفسها التي تأجج بها:" ماذا؟".
-لقد بت أعرف الكثير عنك.
-بالطبع , مثل ماذا؟
-أنك حذرة و كأن أحدهم يلاحقك, و أنك لا تسمحين لأي رجل بأن يمسك يدك, وعندما تضحكين, تتغير ملامحك كلها.
لم يستطع نايل ان يتمالك أعصابه فوجد نفسه يلمس وجنتها لمسة ناعمة حريرية, خفيفة سحرية, لمسة جعلت الدم يتدفق في عروقها.!!http://www.liilas.com

جين استين333 17-07-09 06:08 AM

ابتلعت جيمينا بريقها وراحت تحدق إليه غارقة في صمتها.
إنها مجنونة إن ظنت أنه يسعها الاعتماد عليه وإن للحظة, حتى في ليلة مرصعة بالنجوم في الجنة.
-لا ترحلي في الغد. إبقي في الفندق و امنحيني فرصة بعد.
لم تتفوه ىجيمينا ببنت شفة. لعله نصب لها فخا جديدا, بقل كانت على ثقة من أنه فخ آخر.
-سأفكر في الموضوع!
لكنها كانت تعلم أنها لن تتزحزح من الفندق.
في صباح اليوم التالي, اختارت جيمينا قطعة فاكهة من طاولة الفطور وراحت تتنزه على شاطئ البحر. لاحظت مسرورة ان أحدا لم يعرها اهتماما فجلست تراقب المياه لاقبل أن تعود إلى قاعة الاستقبال في الفندق.
التقت آل الذي رفع نظره إليها وابتسامة عريضة تنير محياه:" مرحبا, هل نمت جيدا؟".
-كطفل. هل من رسائل لي؟
-كلا.
أطلقت جيمينا تنهيدة تنم عن رضا وعن فرح عارم.
((لقد كسبت هذه الجولة يا باسيل)). شعرت بالارتياح فابتسمت لآل ابتسامة عريضة, فراح يطرف بعينيه مدهوشا.
-ألا تريدين إعلام أقاربك بأنك بخير؟
-لا. في الواقع لم أفكر الأمر, ربما.
لم تكن مفكرتها مكتظة بالأعمال والالتزامات إلا أن وكالتها لن ترغب في فقدان أثرها, ناهيك عن إيزي و بيبر.
-لعلك محق. علي أن أخبر عائلتي بمكاني, أيس يسعني إيجاد محل للإنترنت؟
أنارت وجهه ابتسامة عريضة:" استخدمي الحاسوب في المكتب إذا شئت. سأعطيك بطاقة و أضيف التكلفة على فاتورتك".
-عظيم. أنت لا تملك محلا تجاريا, أليس كذلك؟ أردت أن أشتري ثيابا للسباحة في المطار, إلا أن المحلات كانت مغلقة. وهنا...
-آسف, ما من محل تجاري. عليك أن تقصدي البلدة. اخبرني نايل هذا الصباح انه ينوي اصطحابك إلى السوق.
كانت تتأمل البطاقة عندما رفعت رأسها متفاجئة:" عفوا؟".
أطلق آل قهقهة مدوية:" لم يخبرك بعد؟ يا إلهي , يسهل على هذا الرجل الإفلات من جريمة قتل".
من الواضح أن آل يكن لنايل الإعجاب و الغيرة أيضا.
سالته جيمينا بحزم:" حقا؟".
أجابها برنة كئيبة:" لطالما تمتع بالجاذبية".
ردت ببرودة:" أحقا؟".
-يعمد نايل كلما قدم إلى هنا إلى مغازلة النزيلات. إلا أن هذا الاسبوع... ها هو آت.
خطر لجيمينا و الغضب يستمر في داخلها أن آل يهنئها على اهتمام نايل لغرض في نفسه.
بادرته جيمينا بلطف مضلل:" هاهو".
-صباح الخير يا جميلتي . هل أنت مستعدة للانطلاق؟
يبدو أن نايل في مزاج جيد هذا الصباح.
كان يرتدي سروالا قصيرا يصل إلى ركبتيه ويكشف عن ساقين مسمرتين و مفتولتي العضلات.
أشاحت جيمينا بنظرها عنه, وبادرت شجرة النخيل بنبرة وقورة:" يا لحظي العاثر! لم أسجل اسمي لمواعدة احد اليوم".
نعليقها الساخر هذا لم يقلل من عزيمة نايل الذي قال:" لقد أخبرتني أنك ستصرفين النهار برفقتي. لا يسعك التراجع الآن".
-بل على العكس.
وتنهدت تنهيدة عميقة. يحتاج هذا الرجل لمن يضعه في مكانه الصحيح و يعرفه مقامه, راحت جيمينا تكرر هذا لنفسها, قبل أن تستانف حديثها:" الفرصة ليست مناسبة الآن".
تقوس حاجباه تعجبا:" لماذا؟".
صاحت به و الغضب يتطاير من عينيها:" عفوا؟".
-كيف امست الفرصة فجأة غير مناسبة؟ ما عساك تفعلين اليوم؟ أحبرتني بالامس أنك تنوين السفر اليوم, أي ليس لديك ما تفعلينه طيلة النهار.
-أريد التحدث إلى بعض الناس, وإرسال بعض الرسائل الإلكترونية ولا أدري كم سيستغرق ذلك من وقت.
ارتفع حاجباه تعجبا, لكنه لم ينبس ببنت شفة. لم يصدق كلمة مما قالته ولم يكن يحاول أن يتصرف بلياقة. فساله:" هل فقدت شجاعتك؟".
نظرت جيمينا إلى آل و الغضب يتطاير من عينيها, فوجدته يتابع حديثهما بلهفة واضحة من دون أن يكلف نفسه عناء إخفاء اهتمامه الشديد بهما.
أما نايل فلم يعره اهتماما وكأنه لا يلاحظ حتى وجوده.
ضحكت جيمينا قبل ان تجيب:ط هذا سخيف بالفعل".
-حقا؟
لم يكن نايل يفوت فرصة لاستفزازها. فضاقت عيناها حتى أمستا شقين رفيعين.
ردت بنبرة جافة:" اسمعني جيدا يا عزيزي. عندما وافقت على رؤيتك اليوم ظننت أننا سنبقى في الفندق ولم أتوقع أن تأخذني في جولة غامضة".
نصحها نايل:" عدلي إذا توقعاتك".
سمعت جيمينا \آل يضحك خلف مكتبه, فرمته بنظرة فيها من الغضب ما جعله يتوقف عن الضحك ليتظاهر بأنه يسعل. عندئذ, قررت أن تسدد له ضربة لتنتقم منه.
بادرته جيمينا بلطف:" أتريدني أن أساعدك على الإفلات من جريمة قتل؟".
-عفوا؟
طرح نايل هذا السؤال مقطبا وجهه فيما بد آل مرعوبا. فابتسمت ابتسامة عريضة أشرق لها وجهها, وشرحت له بنبرة عذبة:" لقد أخبرني آل أن هذا ما تتوقعه من حبيباتك. لعلك تحتاج إلى تعديل توقعاتك".
غرق الرجلان في صمت مطبق.
لقد كسبت هذه الجولة. هذا ما خطر لجيمينا قبل أن تستدير على عقبيها وتسير من دون أن تنظر خلفها.
علت ثغرها ابتسامة عريضة جين ابتعدت عنهما, و فتحت بابا يؤدي إلى مركز صغير إنما فعال ضم حاسوبا و فاكس و آلة طابعة.
أدارت الكمبيوتر وجلست تقرأ ما وردها من رسائل إلكترونية. وجدت أن الوكالة قد أصابها الذعر. أين أختفت؟ لم لم تتصل بهم بعد؟ أنسيت موعدها يوم الأربعاء في دروتشيستر؟
أجابتهم جيمينا برسالة سريعة و مختصرة:"كلا".
لكنها عادت و استدركت فبعثت لهم برسالة ثانية دونت فيها عنوان الفندق و أرقام هاتفه ثم أضافت:" للحالات الطارئة, فأنا أستمتع بوقتي كثيرا".
بعدئذ, وقعت على رسائل من باسيل. وكانت قد اعتادت الأسماء المستعارة المختلفة التي يستخدمها, فما كان منها إلا أن محتها كلها من دون ان تقرأها.
لم تكن جيمينا تكترث لأي رسائل لكنها أرادت أن يغادر نايل بلاكثورن الردهة, فراحت ترد على بعض الرسائل التي وصلتها من مصور و منظم لحفلات خيرية و بعض الصحفيين.
لم يعد لجيمينا عذر للبقاء في الغرفة, فعمدت إلى إطفاء الحاسوب لتخرج بحذر إلى الردهة.
كان نايل يتجاذب اطراف الحديث مع صديقه آل, وقد اتكأ إلى المكتب, وكأنه مستعد للبقاء في مكانه طوال النهار.
اختبأت جيمينا خلف شجرة النخيل, فشعرت بأنها تتصرف بسخافة.
لم تكن واثقة من أنها محصة ضد سحر نايل الرجولي الذي يحسده عليه آل. فما كان منها إلا أن جلست بين النباتات تأمل أن ينهي حديثه و ينصرف بسرعة. وسرعان ما تناهى إليها حديثهما:" هل قامرت بتهور يا نايل؟".
-لقد خططت لكل شيء.
-كما تشاء.
عاد و سأله بفضول:: إذا , ماذا كنت تفعل ليلة أمس هائما في الظلام الدامس؟".
شعرت جيمينا بالتوتر يعتريها. سأله نايل بشيء من الارتباك:" هائما؟".
-أخبرني شارلوك هولمز في المطبخ أنك جلست على رصيف المرفأ حتى الثالثة صباحا.
سأله نايل بنبرة ضاحكة ساخرة:" وما ظن السيد برايمروز أنني أفعل؟ هل كنت أعترف بخطاياي؟".
-سمعت أن لديك الكثير لتعترف به.
-إنها إشاعات لا اهمية لها.
-أحقا؟ لقد صرفت الأسبوع أخفف عن مراهقة فطرت قلبها. أيتعين عليك فعلا تحطيم قلوب النزيلات كلهن؟
رمى نايل صديقه بنظرة مشككة:" أتتذمر الآن؟ كنت لتقع في ورطة كبيرة لو جاريت تلك الفتاة".
-ربما, ربما...
-لا أريد سماع ربما, إن المراهقات عنيدات في سن السابعة عشرة, اضررت لاستدعاء إحدى الخادمات لأخرج تلك الفتاة بالقوة من كوخي. ألم يخبرك برايمروز بذلك؟
-بلى. لم لا تقصدني العازبات الشقراوات لأخفف عنهن؟
أطلق نايل ضحكة مدوية:" لأنك المسؤول عن هذا الفندق و مواطن صالح, كما أنك متزوج".
سأله آل باشمئزاز:" و أنت رجل الشهوات بالفطرة, أليس كذلك؟".
فأجابه نايل ببرودة أعصاب:" تظن الجميلات أنني رجل غامض".
-يعتبرنك جايمس بوند. تقصد الكازينو بسترتك البيضاء و تلعب الورق حتى الرابعة صباحا.
وتوقف فجأة كمن خطرت له فكرة:" لم أرك يوما تهدر وقت المقامرة جالسا على الرصيف تسامر النجم أو أقله وحيدا. هل صدتك؟".
أستوى نايل في وقفته و ألقى نظرة إلى ساعة يده:" حان وقت الانطلاق. أتريد أن أجلب لك شيئا من البلدة؟".
تابع آل متجاهلا السؤال:" لقد صدتك بالفعل , أليس كذلك؟".
-لن يضيرك أن تهتم بأمورك الخاصة من وقت إلى آخر.
قال له نايل هذا بسأم, إلا أن آل لم يعره اهتماما.!!http://www.liilas.com

moura_baby 17-07-09 01:01 PM

تسلم ايدك بس متتاخريش علينا كتير

جين استين333 18-07-09 01:18 AM

حاااااااااااااااااااااضر

جين استين333 18-07-09 04:24 AM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


هادا جزء زيادة وان شاء الله اللي بعدو حيكون تتمت الفصل الخامس

جين استين333 18-07-09 04:26 AM

-عجبا , لقد دعوت المدللة على العشاء و لم تتاثر بسحرك؟ إنها فعلا سابقة!
المدللة, اهذا ما يسميانها به؟
حسنا, لقد غازلها أكثر الرجال خبرة, وسيتعين عليه أن يبذل جهده ليبلغ معاييرها. إنها تدين بذلك لكرامتها و لنصف نساء جزر الكاراييب. وخرجت فجاة من خلف شجرة النخيل والشرر يتطاير من عينيها فيما علت ثغرها ابتسامة ماكرة.
-جيد أنك لا تزال هنا. لقد بدلت رأيي. سارافقك إلى البلدة.
لم يكن نايل بمغفل, فعلا حاجباه استغرابا وارتسمت على وجهه امارات الحذر.
في الواقع, أدرك نايل بلاكثورن أنه متورط معها في نوع من التحدي الذي لا يعني سواهما. وقد عقد العزم على الفوز.
أجابها بنبرة خشنة:" إنه يوم حظي".
أجابته بجفاء:" لا تتحمس كثيرا. احتاج إلى من يقلني, ليس إلا".
-أعتقد أنني سأكون شاكرا لله على هذه النعمة.
أنزلها في ساحة السوق في مدينة كوين كما طلبت منه.
-تجدينني عند رصيف المرفأ إذا ما غيرت رأيك.
أسند ظهره إلى المقعد يراقبها فيما راحت تتلمس قبضة الباب بطريقة غير لبقة البتة.
-تقودك الطريق إلى اليسار تمثال القرصان, إلى المرفأ. امشي بمحاذاة المراسي حتى تجدينني.
أجابته جيمينا تلقائيا:" بالتاكيد".
ترجلت من السيارة وأغلقة الباب خلفها. تمنت لو أن نايل حاول إيقافها وإقناعها بمرافقته, لكنه لم يفعل. اكتفى بالتلويح لها قبل أن يضع نظارته الشمسية السوداء وينطلق بسرعة...
لم تكن بلدة كوين أضخم أو أوسع من المطار. انتصبت في ساحتها الرئيسية بعض الأبنية المتداعية التي تعود إلى القرن الثامن عشر والتي تزينها الشرفات الحديدية الجميلة.
كانت المحال مليئة بالبضائع التي تلائم الصيادين أو ربات المنزل أو حتى الغطاسين, إنما لم تستطع جيمينا العثور على ما يتماشى مع ذوقها.
وفي النهاية استسلمت لتتوجه رغما عنها إلى المرفأ. أو لعلها تمنت ذلك في سرها؟
اكتظ المرفأ بالناس إلا أن أحدا لم يبد على عجلة من امره.
راحت جيمينا تجيل النظر في ما حولها ثم اتكأت على السور البحري تتأمل القوارب الصغيرة التي ترسو في الميناء لتفرغ حمولتها.
كانت حجارة السور دافئة و الهواء البحري ينفث على عنقها هواء دافئا. و تناهى إليها اسمها فرفعت رأسها.
رات نايل يقف على ظهر مركب راس في الميناء. عكست وقفته القوة والكفاءة و برودة الأعصاب و التحكم بمجريات الأمور... بخلافها هي.
كان قد رفع نظارته الشمسية إلى رأسه فالتقت عيونهما فيما أنارت وجهه ابتسامة مشرقة لم ينجح في لجمها. لقد فشل إذا في الإمساك بزمام الأمور!
وجدت جيمينا نفسها تنتصب واقفة لتتوجه نحوه, تقطع الطريق وكأنها فقدت السيطرة على قدميها المعفرتين بالتراب.
توقفت بعيدا عنه من دون أن تعير الحشد الفضولي خلفه اهتماما. كان عاري الصدر, تتألق بشرته في أشعة الشمس كالفاكهة والخضار التي بتاجر بها أصحابها خلفها.
حيته وابتلعة بريقها, فسألها:" هل ستمنحينني فرصة ثانية؟".
حاولت جهدها لتستعيد هدوءها قبل أن تجيبه:" هذا يتوقف على ما تعرضه علي".
أحسنت يا جيمينا! بدوت متفائلة وحتى فرحة ولم تجعلي من نفسك أضحوكة.
وثب نايل بخفة من المركب إلى الرصيف:" دعينا نتحدث".
شعرت جيمينا بالتوتر, إلا انه لم يلمسها بل وقف امامها يتفرس في وجهها وكأنه لا يصدق عينيه.
إنه ذكي فعلا, كما خطر لجيمينا في سرها. وتمنت فجاة لو أنها أسرت لهذا الرجل بمكنونات صدرها منذ اللحظة الاولى.
اشاحت بنظرها عنه قبل ان تغلبها رغبتها هذه, وتبوح له باسمها الحقيقي.
-حسنا, ماذا تقترح؟
رأته جيمينا يقف كأمير. إنه يشبه القرصان في التمثال الذي يحتل قلب الساحة الرئيسية.
حذار يا جيمينا! هذا الرجل ينضح وسامة و جاذبية وهو يعرف ذلك حق المعرفة.
سالها بلطف:" ما رايك لو نركب البحر ونقصد جزيرة مهجورة نقضي فيها نهارا كاملا؟".
راحت جيمينا تطرف بعينيها مدهوشة. فما كان منه إلا ان ضحك. يبدو وسيما بحق عندما يضحك.
-دعيني أريك جزيرة مهجورة فعليا, جزيرة لا تفصلنا عنها غير ساعتين من الإبحار.
نظرت جيمينا إلى المركب خلفه.
-اتقصد حيث ياخذ الهواة دروس الغطس؟
-كلا , لا تشغلي بالك بدروس الغطس. لن يرافقنا احد ولا حتى الطاقم. ساقود المركب بنفسي.
اجابها نايل بذلك فيما كان غارقا في تأمل عينيها فكاد قلب جيمينا يقفز من بين أضلعها. اتمضي نهارا كاملا برفقته في إحدى جزر الكاراييب؟ هل يسعها الوثوق به؟ هل يسعها الوثوق بنفسها؟
وفجأة عادت تسمع صوتا داخليا يذكرها بكلمات السيدة بليندا:" انت لا تعيشين حياة شخصية, لا تواعدين أحدا إلا إذا اضطررت لذلك".
ما من حياة شخصية! ساريها! سألقن هذا المتمرد درسا لن ينساه في حياته. ساريهم جميعا.
ارجعت رأسها لتبتسم له ابتسامة عذبة متالقة.
-إن عثرت على محل أشتري منه ثيابا للسباحة, فسأكون رهن إشارتك.
علا حاجباه استغرابا, وقال:" سأجد لك ثيابا للسباحة, فلتبدأ مغامرتنا".
انحنى امامها انحناءة ساخرة مسرحية فقرأت جيمينا في عينيه تصميما وجدية.
-حسنا. لقد اشتريت واقيا من الشمس وقبعة, إلا أنني ما وجدت ثيابا للسباحة.
اجابها و عيناه ترقصان فرحا:" سابحث في البلدة كلها! ستحصلين على ما تريدين".
امسك بذراعها وهب مسرعا يقطع الطريق ليصل إلى متجر مبرد. قادها مباشرة إلى منصة تعج بالالوان, من اثواب الساري الحريرية الملونة إلى الاقمشة الزاهية فالقمصان القطنية المطرزة.
تناول ثوب سباحة فيروزي و أحمر اللون من وسط مجموعة ملونة.
أعجبها الثوب, لكنها اضطرت لاستبداله لاحقا لتنتقي القياس الصحيح.
سدد ثمنه فيما انبرت تبحث في حقيبتها عن نقود, ثم راته يحمل ساري متدرج الالوان إضافة إلى مجموعة من السراويل القصيرة.
-لست مضطرا لذلك, لم يبتع لي أحد شيئا منذ كنت طفلة.
بدت جيمينا اشبة بمراهقة غير لبقة تواعد حبيبها الاول. فاجابها باستخفاف:" تلذذي إذا بهذه التجربة الجديدة".
ولمعت عيناه فيما راحتا تتفحصانها, فاحست بالدم يغلي في عروقها.
-قد أحتاج غلى المزيد من الواقي من الشمس, إن كنا سنمضي النهار كله في الخارج.
كانت بشرة جيمينا بيضاء شفافة, ولا يسعها العودة إلفى لندن بسمرة ذهبية سيما و أنها ستخضع لجلسة تصوير في الأسبوع المقبل.
إنما أليست حرة و سيدة قرارها؟
-من هنا.
اشار نايل إلى محل ثان حيث ابتاعت مرطبا للبشرة و نظارات شمسية. بعدئذ, وافته إلى الرصيف حيث وجدته يحمل أكياس بقالة ويصعد برشاقة إلى المركب .كان أفراد الطاقم قد رحلوا.
وضع الاكياس أرضا و امسك بيدها ليساعدها. فسالته:" أتنوي البقاء أسبوعا كاملا؟".
أجابها وفي عينيه بريق غريب:" لا تقلقي. أنا مضطر للعودة هذا المساء, فعلي أن أعمل".
-لم ابتعت إذا كل هذه الحاجيات؟
-إنها للغداء في الهواء الطلق, و بعض الأغراض التي قد تحتاجين لها.!!http://www.liilas.com

جين استين333 18-07-09 01:40 PM

-انا؟ هل ابتعت لي هدية ؟ هدية أخرى؟
بدت جيمينا حذرة و ليس مذعورة. كانت امرأة خبيرة علمتها الحياة الكثير وقد جابت العالم كله. أما هو فانحنى يمعن النظر في عينيها كما يغرق العاشق في عيني حبيبته.
-لقد خمنت القياس بنفسي.
-شيء آخر ارتديه؟
أحست بالدم يتصاعد إلى خديها. وخطر لها انها تبدو كسنجاب أصابه الهلع إنما لم يكن بيدها حيلة. استوى نايل في وقفته و امارات السرور و الرضى بادية على وجهه.
-تفضلي.
أخرج من الكيس الورقي حذاء خفيفا أسود فتناولته جيمينا منه بحركة آلية.
-ما هذا بحق السماء؟...
-قنفذ البحر حيوان شائك و صغير. ولا يسعك التنزه على الشاطئ إن كنت تنتعلين حذاء بكعب عال. كما أنه من المستحيل ان تمشي حافية القدمين إذ تكثر هذه الحيوانات على الشاطئ وقد تدوسي على احدها. لا تستخفي بالألم الذي ستعانيه أو بخطورة جرحك. يستحسن أن تنتعلي هذا الحذاء عندما تتنزهين على الشاطئ أو حتى عندما تسبحين.
-شكرا لك.
تغضنت عيناه بابتسامة, وقال:" لا ننشد غير راحتكم".
إنه وسيم بحق, و تصعب مقاومة سحره. وخيل إليها أن في وسعه قراءة أفكارها عندما رأت ابتسامة هادئة تعلو ثغره. إلا أنه لم يحاول إستغلال سحره و جاذبيته بل أخذها في جولة سريعة ليعرفها على المركب قبل ان يتهيأ للانطلاق.
رفع الشراع وأبحر عن المرفأ بمهارة لا متناهية ولم يحاول إخفاء استمتاعه بالرحلة هذه.
-هذا رائع فعلا, أليس كذلك؟
وسرعان ما أخذ النسيم العليل يلفح وجهيهما ويداعب شعر نايل الداكن فبدا أشبه بقرصان استولى على الجزيرة.
سألته جيمينا فيما راحت تجيل النظر من حولها بإعجاب:" هل تقوم بذلك باستمرار؟".
-أقوم بماذا؟ أخطف امرأة أم ابحر؟
اجابته وقد تغضنت عيناها:" أن تبحر بالطبع! أنا أستطيع الاعتناء بنفسي"..
-جيد.
وأطلق ضحكة عالية لم تستطع إدراك سببها.
-إذا أتبحر بانتظام؟
كان نايل عاري الصدر فلم تستطع جيمينا رفع نظرها عن عضلاته المدهشة. إنه جذاب بالفعل, يتمتع بسحر لا يقاوم. ولم تكن قد التقت بشاب مثله في حياتها.
راح يتأمل الأفق وقد ضاقت عيناه ثم رفع نظره إلى صاري المركب.
-بانتظام؟ ليس في الآونة الأخيرة. لطالما أبحرت في طفولتي. لقد تعلمت الإبحار قبل المشي.
بدا نايل شارد الذهن. راقبته جيمينا يوجه المركب وسط الأمواج و لم تفاجئها مهارته قط. بعدئذ, جلس قربها واضعا يده خلف ظهرها بحركة ودودة غير متكلفة, فما كان منها إلا أن مالت إلى الأمام.
-هل ولدت في البنتكوست؟
-في الجزيرة؟ كلا. ما الذي أوحى إليك بهذه الفكرة؟
-أهذا قاربك؟
وأجالت جيمينا النظر في السطح.
-أتقصدين هذا المركب البسيط؟ لا, ليس لي, لقد استعرته من بعض الأصدقاء. لا املك مركبا لا في البنتكوست ولا في أي مكان آخر.
هل سمعت رنة ندم في صوته؟ لم تر جيمينا فيه رجلا يميل إلى الندم. و تمنت لو تحيط بحياته كلها, لو تتعرف إليه عن كثب.
سألته بفضول:" لا, ألأنه يكلف ثروة؟".
هز نايل كتفيه استهزاء قبل ان يجيبها:" إنه بالأحرى نمط عيش. أمضيت حياتي في السفر. إن كان المرء منا يعيش حياته في ترحال مستمر, فلن يجد يوما مرفأ يرسو فيه".
-هل تجوب الأرض, بمحض إرادتك؟
-نوعا ما.
عندما لم تتفوه جيمينا بكلمة, أردف:" أتريدين أن أخبرك قصة حياتي المحزنة بالكامل؟".
-نعم!
الحرب الباردة لم تهدأ بينهما, فهزت كتفيها استخفافا و كأنها غير مبالية البتة.
-حسنا لقد هربت من المنزل عندما كنت في السابعة عشرة من عمري.
بدأ قصته وهو يتمطى. وقع هذه الكلمات ترك صدمة في نفس جيمينا.
-هربت؟ هل مللت المعاملة السيئة؟
أطلق ضحكة خافتة, ورد:" لم يأت قراري هذا وليد الساعة بل نتج عن علاقة سيئة ربطتني بزوجة ابي وعن سوء معاملة أخي لي الذي كان يبيح لنفسه معاقبتي, فما كان مني إلا ان غادرت البيت".
قطبت جيمينا. لم يكن نايل يعيش حياة عائلية طبيعية.
-أكان أخوك يعاقبك؟ ماذا عن أبيك؟
-كان يتحضر لطلاق آخر. لا ترتعبي على هذا النحو. إننا كنا العائلة المفككة النموذجية.
ضحك نايل لرؤية تعابير وجهها.
علقت جيمينا وهي تتأجج غيظا لما لحق به من أذى:" يبدو أنك أفضل حالا من دونهم".
و أحست باضطراب عارم يعتريها, ويشل تفكيرها.
-كان لي خالة أو خالتان لا بأس بهما, إنما لطالما كان أخي وضيعا فقد ورث عن أبي طباعه السيئة.
أوشكت جيمينا أن تنفجر بالبكاء لكنها تمالكت نفسها. أما نايل فلم يتأثر بفيض الذكريات.
تمنت جيمينا لو أنها ابتاعت محارم ورقية... وعبثا حاولت تنشق الهواء بهدوء.
وضع يده تحت ذقنه و ادار وجهها نحوه:" هيا يا جيمينا, لا داعي لهذا الحزن, فقد مرت سنوات طويلة على هذه الأحداث".
رأته يضحك, فردت بكلمات متقطعة:" لست حزينة. أنا أحب عائلتي كثيرا, و أعتقد أنه من المخزي أن يكره أفراد العائلة الواحدة بعضهم البعض".
كان يتفرس فيها فمسحت وجهها بظاهر يدها, وقالت:" أحتاج إلى محرمة ورقية".
كرر بنبرة لطيفة عذبة:" هيا يا جيمينا".
استجمعت قواها, فلم تكن تحبذ إظهار عواطفها على الملأ.
-أعتقد أنك ما عدت تراهم, أليس كذلك؟
-ما قصدت بيت العائلة منذ أكثر من خمسة عشر عاما. لقد توفي والدي. ألم تسمعي بالعادة الإنكليزية التي تورث ولدا و تحرم الآخر؟
-ماذا؟
-يورثون أحد الولدين فيما يبقى الآخر وريثا احتياطيا ولا يلمس فلسا إلا إذا أصيب الأول بالطاعون. حسنا, أنا هو الاحتياطي.
تسارعت الكلمات إلى لسانها قبل أن يتسنى لها لجمها فقالت:" هذا فظيع".
أجابها نايل برحابة صدر:" أعترف بأن عائلتي ليست رائعة و الهروب من المنزل سدد لها ضربة قاسية".
-الهذه الأسباب احترفت القمار؟ لتزعج عائلتك؟
وقف نايل ليسوي الشراع ثانية! فنظر إليها وفي عينيه بريق غريب.
-أنت تجيدين فعلا سياسة العداء بالنسبة لفتاة تنعم بالدفء في كنف عائلة رائعة تحبها.
أخذت جيمينا تتفرس فيه: قطرات فضية تتلألأ على صدره الذي لفحته اشعة الشمس, عينان تحاولان حضن هذا البحر الرائع. يبدو نايل بلاكثرون وكأنه أتى إلى هذه الدنيا مبحرا.
-ألم ترغب قط في ممارسة مهنة أخرى؟
-ربما.
وسرعان ما طوى صفحة الاعترافات ليعرفها على معالم ساحل بنتكوست الجنوبي.
وفجأةو طار الشيء الوحيد الذي وفقت جيمينا بشرائه.
-تبا! ليس القبعة.
-أنت مخطئة تماما.
أسرع بخفة إلى الحجرة السفلية ليعود حاملا قبعة على أحد اطرافها بضح حبات كرز قديمة.
بادرته مدهوشة:" تبدو هذه القبعة قديمة قدم الجزيرة".
-لا تسخري منها, فهي تعود لجدة إيللي. سرقتها هذا الصباح. ستحتاجين إليها بالتاكيد إذ غالبا ما تكون الشمس مؤذية في هذه المناطق.
أخذت جيمينا القبعة واعتمرتها فوق الخصل التي بعثرها الهواء. حبذا لو تراها إدارة الوكالة, لن يحتملوا وقع هذه المفاجأة!
-يبدو أنك اعتدت المجيء إلى هذه الجزيرة وإن لم تكن من سكانها.
-اسافر إلى أقاصي الأرض. ألم أخبرك ليلة امس؟ تنقلت من لاس فيغاس إلى لندن ومن نيوجرسي إلى موناكو.
قالت جيمينا ببساطة:" أعيش في لندن".
أرتفع حاجباه الكثان استغرابا.
-انت تسافرين وحدك بأقل قدر ممكن من الحقائب, ولا تتكبدين عناء حجز غرفة في فندق. لست من السياح التافهين ولا تستحسنين أن يساعدك من حولك على حمل حقائبك.
استشفت في صوته رنة جعلتها تتفرس في وجهه, وتسأله:" ماذا تعني؟".
-تفضلين الاحتفاظ بها طوال الوقت. هل خبأت فيها أغراض ثمينة؟
هزت جيمينا راسها, وردت:"كلا, لا شيء من هذا القبيل".
-ألم تقصدي جزيرة بنتكوست لإنجاز مهمة معينة؟
-ابدا, أعتقد أنني أردت الفرار, شانك تماما.
ردد نايل من دون أن يصدق اذنيه فيما راح يحملق في وجهها:" الفرار؟".
هب نسيم عليل داعب خصلات شعرها, وحاول حمل قبعتها القبيحة, إلا أن جيمينا تمسكت بها جيدا وأعادتها إلى مكانها.
واعترفت اخيرا, مقطبة وجهها:" نعم. اعترضتني مشكلة معينة لم أستطع حلها ما اضطرني للفرار..".
انتظر نايل ان تكمل قصتها لكنها لزمت الصمت فسال:" لكنك تعيشين في لندن؟ لديك وظيفة منتظمة أليس كذلك؟".
-حسنا, منتظمة إلى حد ما.
وابتسمت جيمينا في سرها, فما كان منها إلا أن رمقها بنظرة متفحصة سريعة.
-هل ستخبرينني ما معنى هذا؟
سالته مدهوشة:" ماذا؟".
-هذه الابتسامة السرية.
تبدد المرح واللهو واتسعت حدقتاها فيما اعتدلت جيمينا على مقعدها الخشبي. وعلقت اخيرا:" أنت حاد الملاحظة".
-يقتضي عملي استشفاف تصرفات الناس. أنا خبير بلغة الجسد.
زاد كلامه هذا من انزعاجها. فسالته:" ىهل تستطيع قراءة أفكاري؟".
ارتسم على ثغره طيف ابتسامة, ورد:" إلى حد ما".
داعب نسيم خفيف بشرتها فعلقت وهي تتمطى بدلال:" هذا أشبه بحلم".
كان نايل منهمكا عند دفة المركب لكنه استدار نحوها وابتسامة مشرقة تعلو ثغره.
-تنتظرنا جزيرة مهجورة لم تشوهها يد بشري. نحن و الطبيعة لا ثالث معنا.
اسندت جيمينا ظهرها تراقب الطيور التي بسطت اجنحتها الرائعة, فبدت و كانها تستسلم لقوى الطبيعة. فأسرت الى السماء: أريد أن أكون عصفورا مثلها. أستطيع تحمل أي شيء لقاء يوم أقضيه في الجنة.
بدأت حركة البحر تتغير فاستوت جيمينا في جلستها ولاحظت أنهما يقتربان شيئا فشيئا من إحدى الجزر.
بدا الشاطئ حصنا منيعا تصونه مجموعة من الصخور العالية. وما إن دار المركب حول الصخور حتى شهقت جيمينا وقد أخذت الدهشة منها كل مأخذ.
كانت الطبيعة قد شكلت في هذه البقعة ميناء طبيعيا, حيث المياه بلورية كالزمرد تداعب الرمال العذراء و كأنها قط كسول يتمطى ثم يتراجع مرارا وتكرارا!
قالت جيمينا بنبرة عذبة:" إنها لطبيعة مثالية".
في البدء, لم تقع عينا جيمينا إلا على أشجار رائعة بدت وكأنها مزروعة أكثر منها برية. كان الشاطئ, حيث رسا المركب, ظليلا تنتصب خلفه تلة مخضوضرة شامخة.
تقدم نايل بمركبة ببطء نحو الصخور ورمى المرساة ثم قفز من المركب واستدار ليقدم لجيمينا المساعدة.
لكن جيمينا قفزت خلفه من دون مساعدة. كانت المياه تغمرهما حتى فخذيهما ما جعلهما يترنحان في مشيتهما, إلا أنه أمسك بها بإحكام يسندها. أحست جيمينا بالموج يرتطم بها, يلفها كالدوامة إلا أن شعورا غريبا بالتوازن اكتنفها.
استسلمت لحركة الموج, فراحت تتمايل وهي تجيل بنظرها مدهوشة في أرجاء هذا الشاطئ.
وجدت جيمينا طريقا أحاطت به أشجار النخيل وكأنها مراوح مفتوحة رائعة. وشعرت بالرمل ناعما كالطحين المنخول حديثا.
قالت بنبرة لطيفة وقد استبدت بها الدهشة:" نحن الكائنان الوحيدان علفى هذه الجزيرة".
-ألم أقل لك؟
تسمرت في مكانها تراقب قاع البحر تحت قدميها العاريتين, وتشتم رائحة الملح, وتستمع إلى صوت المد والجزر.
ولكن الاهم هو هذا السكون الذي لف المكان.
همست جيمينا التي لم تكن تصدق عينيها :" لا أصدق, إنه منظر حقيقي".
راح نايل يتأملها, نايل الذي أصبح فجأة الأكثر وسامة و لطافة وحيوية. وبحركة ملحة و بطيئة, رقيقة و عذبة, أزاح عن وجهها خصلة شعر عبثت بها رياح البحر, فشعرت جيمينا بأن دفء الأرض كلها احتشد كي يتيح لها...
يتيح لها ماذا؟ لم تكن جيمينا مهيأة للخطوة التالية, هي التي حضرت شتى الحفلات الاجتماعية وغازلها أكثر الرجال سحرا.
تسكرت في مكانها وكأنها فقدت إحساسها بالواقع, فقد توازنها. كانت جيمينا دار مأخوذة بسحر نايل, مرتبكة, مشوشة إلى حد بعيد, حتى أنها شعرت بالخجل.
سكنت تلك اليد الداكنة و توقفت عن مداعبة شعرها فيما راحت العينان القاتمتان تتفحصان وجهها وقد غابت عنهما للمرة الاولى, تلك النظرة المشاكسة.
بادرها بنبرة هادئة لا تخلو من القوة:" ستحظين باليوم الذي تمنيته في الجنة, ثقي بي".!!http://www.liilas.com





^^^^^^^^^^^^^^^^^^^

جين استين333 18-07-09 01:42 PM

تم الفصل الخامس و الحمد الله

moura_baby 19-07-09 02:39 AM

شكرا ليكي
في انتظار البقية

جين استين333 19-07-09 03:11 AM

العفو عزيزتي وان شاء الله اليوم أحطلكم الفصل السادس كامل
وشكرا لتشجيعك فهادا اللي انا محتاجتو عشان أكمل الرواية ^__^

moura_baby 19-07-09 02:24 PM

rabena m3aky

لورينالي 20-07-09 07:21 PM

بلللييييييييييييييييز كمليها ومشكورة الروايه حلوه كتير

جين استين333 20-07-09 09:35 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة moura_baby (المشاركة 2011447)
rabena m3aky



شكرا لكي عزيزتي :8_4_134:

جين استين333 20-07-09 09:37 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة لورينالي (المشاركة 2012408)
بلللييييييييييييييييز كمليها ومشكورة الروايه حلوه كتير

آسفة على التأخير وان شاء الله أسرع في كتابتي ويسعدني ان الرواية عجبتك :flowers2:

جين استين333 20-07-09 09:38 PM

هادا جزء من الفصل السادس

جين استين333 20-07-09 09:40 PM

6-لم تكن وهما ولا سرابا


شقا طريقهما نحو الشاطئ يدا بيد فرحين. و تذكرت جيمينا الثنائي الذي صادفته ليلة أمس يمسك الواحد منهما الواحد منهما بيد الآخر كما تذكرت إيزي و دوم ووالديها.
بيد أن نايل بلاكثورن رجل غريب, لا يكن لها أي مشاعر, ولا يرى فيها غير امرأة مسلية و جذابة. كانت بالفعل امرأة جميلة ساحرة تتمنى لو أن الله لم يمن عليها بهذه المزايا. كما تتمنى لو لم تعد طفلة بريئة, تؤمن بأن الشاب متى أمسك بيد فتاة, فهذا يعني أنه يحبها.
في الواقع, ما من جدوى من التفكير في كل هذه المسائل, فقد وصلت إلى شاطئ يخلب الألباب برفقة شاب وسيم ليخوضا سويا مغامرة مجهولة.
بادرته جيمينا فرحة:" البصمات الأولى! لا أستطيع لجم نفسي".
و استسلمت للحماسة التي اعترتها, فراحت ترقص والابتسامة لا تفارق ثغرها.
أحست جيمينا بالرمال ساخنة فأطلقت صرخة فرح عفوية وشرعت تركض على طول الشاطئ فيما راحت حبات الرمل الناعمة تتطاير خلفها, تابعت عدوها فرحة حتى هوت أخيرا تحت شجرة وارفة الظلال عند طرف الشاطئ. نظرت خلفها فوجدت نايل متسمرا مكانه يراقبها و ابتسامة مشرقة تنير محياه.
بادرها فيما كان يتقدم نحوها:" يا لهذا الصوت القوي! يسعك تدريب فريق كرة قدم".
أجابته بجدية:" سأعتبر كلامك إطراء".
أنزل عن كتفه كيسا ضخما, فسألته:" ماذا تحمل في هذا الكيس؟".
-عصير وثياب البحر لك وأدوات الغطس و ...
كان قد أحضر معه سيفا طويلا يبدو مؤذيا وهو لا يزال في غمده.
سألته جيمينا دهشة:" ما هذا بحق السماء؟".
-منجل.
صاحت به جيمينا بنبرة حادة:" تملك منجلا؟".
-كلا, لقد أعارني إياه آل. لا تقلقي فأنا أجيد استخدامه.
هوت إلى الخلف على الرمال المظللة قائلة:" يا إلهي, أنا بمفردي مع قاتل يحمل فأسا".
-هذا الشيء لا يهاجم سوى ثمر الخبز و المنغا.
غير أن جيمينا كانت من السعادة ما جعلها تتابع مضايقته و ممازحته فقالت:" ستأسرني و تحولني إلى قرصان مثلك".
-يبدو هذا ممتعا.
-سينتهي بي المطاف على قارب القراصنة حيث أذوق الأمرين ولن أرى عائلتي أبدا.
أجابها فيما انهمك في التفتيش في كيسه:" إنما فكري في التجارب المثيرة التي قد تعشينيها.لعلك تصبحين قرصانة حقيقية إن كنت كنت تتمتعين بالمؤهلات اللازمة ".
رمى إليها ثوب البحر الجديد فالتقطت جيمينا ببراعة قطعة القماش الزاهية.
-لن اصبح يوماً أهلاً لهذا المنصب , فلطالما كنت فتاة مطيعة.
رفع نايل إليها عينان تلمعان, وسمعته يقول :"ابقي معي يا صغيرتي, وسأدلك على الطريق".
لم يتسن لها التفوه بكلمة أو حتى أخذ نفس واحد إذا اتحنى وعاتقها عناقاً عنيفاً وسريعاً.
يمكن أن يكون هذا المزاج مزحة أو اجزءاً من تمثيلية القرصان تلك,لكنه لم يكن كذلك.
لكن نايل استدار بغتة و راح يفرغ ما في الكيس من دون أن ينبس ببنت شفة.
عادت جيمينا إلى رشدها و استوت في جلستها ثم راحت تساعده في إفراغ محتويات الكيس.
-انتعلي الحذاء فنحن بعيدون جدا عن أقرب طبيب في حال دست على قنفذ بحر.
أجابته بهدوء قبل أن تنتعل الحذاء من دون أي اعتراض:" شكرا لك".
لم تشأ أن يلمسها مجددا, خاصة و أنها تشعر بهذا الاضطراب ينهش أعماقها.
قال لها:" هيا نتفرج على جزيرتنا".
فانتصبت واقفة على قدميها وكأن عبء الدنيا كله أزيح عن صدرها.
-إذا, هذه ليست المرة الأولى التي تزور فيها هذا المكان!
-أنا آسف, إنما لست أول من وطأ هذه الجزيرة.
-لكنها غير مأهولة, أليس كذلك؟
-نعم. سنضطر لجمع طعامنا بأنفسنا, يستحسن أن نبدأ العمل.
تناول عبوة فارغة من الكيس, فشرح لها عندما قرأ الدهشة في عينيها:" مياه عذبة. لا أطلب من المرأة التي أواعدها أن تكتفي بشرب العصير الساخن".
المرأة التي يواعدها! وتذكرت جيمينا اتهمات آل. هذا الرجل لا يتورع عن مغازلة النزيلات! ومع هذا, يسامحنه ويتركنه من دون عقاب! حذار, راحت جيمينا تناجي قلبها الجبان, فقد تعتبرين نفسك محنكة, واسعة الحيلة, لكنك لن تتفوقي أبدا على هذا الرجل الماثل أمامك.
تبعته مقطبة الجبين, فوجدت أنه يعرف زوايا الجزيرة ككف يده.
ما إن ابتعدا عن الشاطئ حتى توغلا في غابة من الأشجار الكثيفة الوارفة الظلال حيث غاصت أرجلهما في الوحل.
سألته جيمينا:" هل تسمع خرير جدول؟".
-سمعك حاد حقا, إنه بالفعل جدول.
-هل نستطيع أن نشرب منه؟
أجابها فيما كان يتقدم بخطى ثابتة:" بل من أعلى الجبل فالجدول حين يمر فوق الصخور يمسي موحلا".
كانت تحاول مجاراته في المشي, كما كانت تسعى جهدها لئلا يسمع رنة التعب في صوتها. لم يشعر نايل بضيق في التنفس بل تابع سيره بسهولة وكأنه يمشي على الشاطئ.
-تغطي الأدغال هذه المنطقة كلها إلا أن مياه البحر تغمر من حين إلى آخر هذه الأشجارإلا رؤوسها.
-لكني خلتك مجرد زائر, تبدو لي مقيما مستديما فيها.
فأطلق ضحكة مدوية:" أنت ذكية فعلا".
غير أنها لم تقرأ علامات الرضى على وجهه.
-هل تنتقل حقا من كازينو إلى آخر؟ أليس لديك منزل ما؟ في بلد ما؟؟
-ليس فعلا.
-على أي عنوان يراسلك أصدقاؤك؟
-اخترع الإنسان البريد الالكتروني ليسهل على نفسه مهام كثيرة.
قادهما ممر مخضوضر إلى شلال صغير فراح يملأ الوعاء ماء من الجدول فيما تراجعت جيمينا بضع خطوات لتجيل النظر في الأدغال و تستمع إلى أصواتها.
كان المكان هادئا وغريبا في آن, اقتربت جيمينا من انيل بحركة تلقائية فرفع عينيه إليها.
حاولت أن تترجم له انزعاجها وخوفها:" هذا المكان يبعث الخوف في نفسي, أشعر بأنني ضعيفة جدا, و فانية".
-لن يصيبك مكروه ما دمت لا تبارحين هذا الممر.
وانتصب واقفا قبل أن يضيف بنبرة لطيفة:" سأعتني بك".
وفجأة أحست جيمينا بأنها لم تعد تنشد فيه الرجل العطوف الذي يحميها و يخاف عليها و... بل تناجي الرجل القرصان الهمجي. تمنت أن يحملها بين ذراعيه إلى سفينته.
بلعت بريقها...
-بالطبع, لقد غلبني الخوف. ساكون بخير.
عادا أدراجهما إلى الشاطئ سريعا. وما إن لاحت لهما الشجرة الصغيرة التي كانا يتنعمان بظلها, حتى أخذت في العدو.
-أريد أن أسبح.
هرعت إلى البحر وكأن جن الادغال يطاردونها. ظنت أن نايل سيلحق بها, لكنه لم يفعل. لم تستطع جيمينا تحديد مشاعرها: هل تشعر بالفرح أم بالإهانة؟ لكنها سرعان ما تناست مشاعرها الغامضة لتستمتع بالسباحة في بحر أشبه بخيوط حريرية دافئة.
لطالما كانت جيمينا سباحة ماهرة. فراحت تشق المياه النقية من دون أدنى مجهود, حتى تلاشى الاضطراب الذي أثقل قلبها.
كان نايل بلاكثورن رجلا غريبا لا تفهم طباعه. لكن لا داعي لأن تضطرب وكأن عالمها كله يتداعى من حولها. وراح نايل يلوح لها من بعيد كلما استدارت نحوه لكنه لم يلحق بها.
ظلت جيمينا تسبح حتى أعياها التعب فعادت إلى الشاطئ ومشت على الرمال الدافئة.
راحت تردد فيما ارتمت بتثاقل على الأرض:" هذا رائع".
وجدت أن نايل أضرم نارا في بعض الأغصان اليابسة و الأخشاب الطافية. وتمدد على الرمال وقد أسند رأسه إلى قميصه.
قالت جيمينا وقد حولت بصرها عن صدره العاري الجذاب:" لا بد أنك نلت وسام الكشافة لإضرام النار, أليس كذلك؟".
-كنت حطابا مثاليا.
-هنيئا لك. ولم عسانا نحتاج إلى النار؟
-لحفل شواء. عندما تشعرين بالجوع سأذهب لصيد بعض الأسماك.
-مستحيل. كنت اسبح للتو مع هذه الأسماك. إنها صديقتي.
لم يصدق نايل أذنيه ثم أرجع رأسه وراح يقهقه حتى اختنق.
نظرت إليه جيمينا شزرا وقد شعرت بالإهانة.
قالنايل عندما توقف عن الضحك:" لقد اشتريت بعض الأغراض من السوق".
أطرقت جيمينا مفكرة وقد ضاقت عيناها كمن وقف على اكتشاف عظيم:" كنت تتلاعب بي طوال هذه الفترة. أنت لا تنوي مغادرة الجزيرة الليلة".
-فلنقل إنني جلبت معي بعض الحاجات الاحتياطية.
التهمت جيمينا غداءها بشهية قبل أن تشرب المياه العذبة التي أحضراها من الجدول.
-هذا رائع بالفعل و إن تكبدت عناء إضرام النار بلا جدوى.!!http://www.liilas.com

moura_baby 21-07-09 01:16 AM

thankssssssssssssssss

جين استين333 21-07-09 05:54 AM

العفوووووووووووووووو ^__^

you well come

جين استين333 21-07-09 07:10 AM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


تتمت الفصل السادس.......^_^

جين استين333 21-07-09 07:12 AM

جلس قبالتها القرفصاء, فراح جسده المسمر ينضح قوة وحيوية. أحست جيمينا بان قلبها سيتوقف عن الخفقان عندما رأته يهز كتفيه استهزاء لكنها أخفت ضيق نفسها وادعت أنها تسعل.
-لا تهتمي. سيحط شخص ما رحاله على هذه الجزيرة و يستفيد من النار.
أجابته وثد مطت شفتيها:" أتعني شخصا أقل حساسية و تكلفا مني؟".
بادرها بابتسامة مفاجئة تغضنت لها زوايا عينيه فبدا وسيما وجذابا إلى حد بعيد. أشاحت بوجهها عنه قبل أن يقرأ أفكارها.
-أحب أن أراك حساسة هكذا. إن كانت الأسماك من أصداقئك, فعليك أن تخبري العالم بذلك.
تنهدت جيمينا, وسألته:" هل تعتبرني طفلة مدللة؟".
-انت لا تتمنين معرفة ما أراه فيك.
بد عيناه قاتمتين. إنه جذاب فعلا!
أجابته بنبرة جافة:" قل لي. أستطيع تقبل الحقيقة".
-أحقا؟ أمتأكدة أنت؟
و التقت عيونهما, فأسرتها عينا هذا القرصان الجذاب, ولم تعد جيمينا تستطيع أن ترفع نظرها عنه. أحست بان قواها كلها خارت أو حتى انسابت في المياه لتصب في هذا المحيط المشمس الرائع الذي يتهادى خلفها.
خاضت جيمينا خلال عملها أسوأ التجارب ما خولها التعامل مع أي رجل في العالم, لكنها أحست بنفسها ضعيفة حساسة وسريعة التأثر أمام هذا الرجل.
-هل يسعك ذلك فعلا؟
كرر نايل بلاكثورن سؤاله ثم ضمها إلى صدره بحنان فقدت معه كل إحساس بالزمان و المكان. أرجعت رأسها وأغمضت عينيها و كأن الضوء أقوى مما تستطيع تحمله.
أحست جيمينا برعشة تسري في جسدها كله, و لفتها حرارة وقوة انبعثتا من جسديهما معا. وضعت يديها المشحونتين على كتفيه لتنقل إليه قوة غريبة جعلته عاجزا عن السيطرة على نفسه, تناهت إليها دقات قلبه الذي بدا و كانه ينبض في جسدها أيضا.
ألى لعناق بسيط هذا المفعول القوي كله؟ إلا أنه لم يكن بسيطا أبدا, بل رحلة إلى مجرة نائية. و عندما افترقا, غمرها إحساس غريب.
استقام نايل وراح يومئ براسه ضاحكا, وقد استبدت به الدهشة:" يا إلهي ".
فهمت جيمينا مقصده, فهذا العناق حرك في داخلها أيضا مشاعر عنيفة. أشرق وجهها بابتسامة شقت شفتيها و كأنها فراشة تحررت من شرنقتها لتنطلق إلى العالم.
-أنت ترتجف.
أحست جيمينا بجسده يرتجف تحت اناملها لكن هذه الرنة الفرحة لم تغب قط عن صوته ولا عن قلبها ايضا.
-أنا لا أرتعش.
وافقته جيمينا الرأي:" بالطبع لا".
ضمها إلى صدره كمن لا يحتمل أن يبتعد عنها ولو لخطوة واحدة. بادرت هذه إلى عناقه.
-تعالي نعود إلى المركب!
-ماذا قلت؟
لم تكن جيمينا واثقة من أنها سمعته جيدا.
-أنت لا تعني ذلك.
-أريد أن اعتني بك جاي جاي. لن أؤذيك.
كانت كلماته مخنوقة, واعترتها موجة عظيمة من الحنان.
رفعت يدا معفرة بالرمال و مررتها على رأسه.
-لا أريد لعلاقتي بك أن تنحدر إلى مستوى علاقتي مع الباقيات. أريد أن أحافظ عليك. تعالي معي!
أجابت ببساطة:" نعم".
عادا ببطء إلى المركب و أيديهما متشابكة. هناك في فسحة بعيدة عن أشعة الشمس, استلقيا جنبا إلى جنب و أحست جيمينا بأنها تحلق فوق الغيوم المتناثرة التي تعدو في السماء الزرقاء.
استسلمت جيمينا للنوم فيما راح يمرر يده على خصلات شعرها. هذا الشعر الجميل, لم يبد يوما أسوا حالا. كان رطبا و متشابكا تفوح منه رائحة البحر و تملأه الرمال.
غرقت في النوم هانئة البال لأنها تشعر بأنها محبوبة, ثم استيقظت من سباتها على رائحة البن. جلست تفرك عينيها و شعرت بأن جسمها كله يشع ابتسامة. كانت لا تزال تشعر بانها محبوبة.
اجالت النظر في ما حولها فلاحظت أن الشمس تحركت من مكانها و السماء بدت مختلفة.
-هل استيقظت؟
استدارت جيمينا نحوه فرأته يبتسم لها و قد صفت عيناه الآن.
أحست جيمينا أنها تعرفه منذ الأزل, و كأنهما حبيبان قديمان. الحب, الحب مجددا.
مدت له يدها, فطبع عليها قبلة بحركة طبيعية جدا و كأنه مغرم بها.
-أتريدين فنجانا من القهوة؟
-ممم
احضر فنجانين من القهوة تفوح منهما رائحة زكية.. فجلسا يحتسيان القهوة بانسجام تام.
بادرته جيمينا حالمة:" أعتقد أنني أحب المراكب".
-للإبحار بعض الجوانب الحسنة, انضممت مرة إلى طاقم سفينة تشحن الموز. و لطالما تمنيت معاودة الكرة.
-هل تعني عندما هربت من المنزل؟
-أجل.
أجابته بنبرة مشجعة كمن يثني على تصرفه:" هذا رائع بالفعل".
-إنها لتجربة رائعة. لكنني لن أرغب في تكرارها.
-أخبرني!
-ماذا تريدين أن اخبرك؟
-عن ذاك المراهق, ابن السابعة عشرة من عمؤه الذي هرب من البيت.
مط شفتيه قبل ان يباشر حديثه:" حسنا. لا تتوقعي سماع قصة مشوقة. وقع شجار عنيف بيني و بين أبي الذي اراد أن التحق بالجيش فيما كنت أرغب في أن أتخصص في علم الرياضيات الذي أبرع فيه إلى حد بعيد".
سالته جيمينا مدهوشة:" الم يكن بإمكانه تحمل مصاريف الجامعة؟ إلم يسعك نيل منحة ما؟".
-كان بامكانه أن يسدد التكاليف. لذاو تعذر علي نيل منحة.. كان ابي ينفق أمواله بشكل جنوني إلا أنه لم يرغب مساعدتي فهو لا يكترث لتحصيل الشهادات الجامعية. كانا يعتبران أن الابن الأصغر مرغم على تنفيذ ما يطلب منه دونما اعتراض.
قاطعته جيمينا غاضبة:" ذلك الوغد".
فما كان منه إلا أن عانقها قبل ان يتابع قائلا:" كنت أجيد احتساب الارقام فقررت أن أستفيد من هذه النعمة. كنت اقصد الكازينوهات في العطل, فقررت أن أعمل في احدها".
-كيف انتقلت من موظف على طاولة القمار إغلى مقامر؟
-لم استطع أن أشغل هذه الوظيفة طويلا لأنني كنت يافعا جدا فانتقلت إلى الجهة المقابلة من الطاولة. في هذه الأثناء, عملت في شتى المجالات لأكسب قوتي, عملت كنادل و كساعي...
-و كبحار على سفينة شحن.
-هذه كانت أفضلها.
-انا مسرورة لذلك.
-شكرا لك على مشاعرك.
-هل عدت بعدئذ إلى ديارك؟
لم تكن جيمينا راضية عن الظلم الذي لحق به.
سالها:" حددي مفهومك للديار".
-أنت تمزح , أليس كذلك؟
-كان لأبي ابنان و ثلاثة منازل و خمس زوجات. تعلمت في مدارس داخلية منذ سن الخامسة و أمضيت العطل لدى الأقارب أو زملاء الدراسة. أعيش في ترحال منذ زمن طويل.
تملكت جيمينا الدهشة فاستوت في جلستها و عانقته بشدة. فسألها بصوت مخنوق:" لقد صنعت مني هذه التجربة الرجل الذي أنا عليه اليوم. فهل تتذمرين؟".
أجابته:" كلا".
-عظيم, هل تبكين؟
راح يتلمس وجهها ثم رأسها متعجبا.
-بالطبع لا.
اشاحت بوجههاعنه, فما كان منه إلا أن أمسك بذقنها برقة ليرغمها على النظر إليه مباشرة.
-لم يذرف أحد يوما دمعة على حالي. لا داعي يا حبي. لقد أبليت حسنا بحق.
ابتلعت جيمينا بريقها:" بالطبع إذا, لم ترجع ابدا إلى دايرك... انكلترا؟ أبدا؟".
أدركت أنه لا يسعها أن تستعمل كلمة ديار و تنبهت بعد فوات الأوان إلى أن سؤالها هذا يبعث الكآبة في نفس نايل.
تبا لهذا القدر! اصبحت تنشد الآن علاقة حقيقية. كانت لتعرض عليه أن يرافقها إلى لندن كحبيبين هائمين في حب بعضهما البعض, إلا أن هذا العرض لا يلائم قرصانا رحالا يقدس الحرية.
أشاحت بوجهها عنه, مسرورة لأنه لم يلحظ احمرار وجهها خجلا.
رد نايل وهو يستعيد شريط ذكرياته:" أقصد لندن بين الفينة و الفينة. إلا أنني أتردد دوما على الكازينو الذي آواني في صغري".
استشفت جيمينا نبرة غريبة في صوته فاستدارت لتنظر إليه مليا. كانت عيناه تحدقان إلى الأفق البعيد بنظرة فارغة. لاسألته بحنان:" هذا لا يبشر بالخير, أتريد أن نتحدث عن الأمر؟".
أجابها مترددا:" ليس بحديث لبق".
-و إن يكن.
سمعت صوته يرتجف:" كنت في ربيعي الثامن و العشرين وكنت أعتقد أنني خبرت الدنيا بعد أن جبت العالم. لم آخذ امرأة في حياتي على محمل الجد حتى صادفتها فجأة, المرأة المثالية التي لم تكن وهما ولا سرابا. لم أعد أقوى على مفارقتها".
ساد صمت مفاجئ بينهما . راحت جيمينا تناجي نفسها: حسن, أنا من طلب منه مصارحتي, فلماذا ينتابني هذا الشعور الفظيع و كأنه سدد لي ضربة مميتة؟
سألته بهدوء:" ماذا جرى, إذا؟".
-لم تكن ترغب في.
أمسى صوت نايل باردا, لا رنة فيه.
-إنها مجنونة أليس كذلك؟
-أبدا, إنها تعيش حياة الأسرة, و تحب أن تعيش في كنف منزل دافئ بينما لم أرغب يوما في تأسيس عائلة بخلاف أبيجيل التي كانت تتوق لمنزل كالذي ترعرعت فيه.
أجابته جيمينا وقد فهمت أخيرا المشكلة:" إذا, لم يكن جايمس بوند يفي بالغرض؟".
خيم بينهما صمت قاطعه نايل متابعا:" لن ترغب امرأة سليمة العقل بجايمس بوند إن فكرت مليا بالأمر".
أنا لا أمانع أبدا, و ارتعشت جيمينا حين أوشكت أن تنطق بأفكارها بصوت عال.
-لكن فتيات كثيرات يخالفنها الرأيز
-ليس حبيبتي أبيجيل.
حبيبتي أبيجيل, هل سيدعوها حبيبتي جاي جاي بتلك النبرة التواقة؟ بالطبع لا. لم تكن غير دمية جذابة يتسلى بها. إنها مجنونة, لو ظنت خلاف ذلك.
بعدئذ, أتت كلماته لتؤكد شكوكها:" تحب النساء الرجل الغامض, أليس كذلك؟ أو على الأقل هذا ما يعتقدنه. كانت أبيجيل تعرفني جيدا, و تعرف أني لست غامضا. كما أنها ترفض أن تعيش في ترحال مستمر و ترغب في قطط و كلاب و أحصنة ومزرعة تربيها فيها".
بادرته بنبرة باردة:" تبدو وصولية".
رد نايل بصوت حنون يفضح الحنين الذي جاش في صدره:" كلا, لكنها شبت في إطار مماثل. وكانت تنسجم تماما و نمط الحياة الذي عجزت شخصيا عن تأمينه لها. فما كان منها إلا أن اختارت الشخص المناسب الذي يناسب الإطار الذي رسمته لحياتها".
كرهت جيمينا تلك الرنة في صوتها فصاحت به عاليا:" لا يعقل أن تكن لها المشاعر نفسها حتى اليوم, أليس كذلك؟".
-لم لا؟
تمنت جيمينا الموت لنفسها. إلا أن نايل لم يلحظ الصراح الداخلي الذي تعيشة فجاء صوته باردا قاسيا.
-أعتقد ان المقامر يعرف متى ينسحب ليحد من خسارته. و أعتقد أني رجل يعشق امرأة واحدة.
هز كتفيه استهزاءا فيما راحت تتأوه وتتعذب بصمت.
-قد تعود يوما لتتزوج بها, ما رأيك؟
أجابها ببرودة تامة:" هذا مستبعد جدا".
-هيا لا تستسلم. يمكنك الفوز بما يكفي من المال لتشتري قصرا مع بركة سباحة و طائرة خاصة وما تتمناه من أحصنة.
خيم صمت لحاظات طويلة و أحست جيمينا أنها ترجمت عاليا ما فكر فيه آلاف و آلاف المرات.
أجابها بهدوء:" لكنني سأبقى نايل بلاكثورن, ولن أتغير أبدا".
!!http://www.liilas.com




^^^^^^^^^^^^^^^^^^

moura_baby 21-07-09 03:36 PM

الف شكر ليكي
بجد مجهود ممتاز

جين استين333 24-07-09 11:31 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة moura_baby (المشاركة 2012907)
الف شكر ليكي
بجد مجهود ممتاز

شكرا لكي وصراحة أخجلتيني بكلامك الحلو و ان شاء الله أحطلكم الفصل الجاي باسرع ما يمكن


:8_4_134::8_4_134:

جين استين333 27-07-09 03:40 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


أنا آسفة على التأخير لكن النت قطع علي أمس

جين استين333 27-07-09 03:42 PM

7-عاصفة في قلب



كبتت جيمينا انزعاجها و غيرتها.
وراحت تضحك و تمازحه بذكاء أكثر من أي وقت مضى في حياتها.
و عندما استسلم للنوم, دمعت عينا جيمينا و تمنت لو لم تكن على متن هذا القارب.
كان الهواء خانقا, على الرغم من الغيوم في السماء, ولم تعد تشعر بالنسيم العليل يداعب بشرتها. فكرت في سرها أن عليها أن تجد طريقة لترحل.
أمست الفكرة حاجة ضرورية, لا بد منها. كانت تشعر بها تسري على بشرتها و تنخر عظامها, و تلوث دمها. كان لا بد لها من الابتعاد عنه, من الانفراد بذاتها و إن لفترة قصيرة. عليها إيجاد وسيلة تلطف بها الألم المبرح الذي يعتصر منها القلب.
تأملت الشاطئ حيث ضحكت, والبحر حيث لهت. أين هي الآن؟ استدارت و هربت. راحت جيمينا تسابق الريح شاقة طريقها على الصخور الضخمة التي تحاكي الزجاج نعومة. إلا أنها كادت تقع في البحر المزبد الذي يتراطم على الصخور.
حاذري يا جيمينا!
استجمعت قواها إذ لم يكن الحذاء الذي تنتعله الأمثل لتسلق الصخور. يستحسن أن تتوخى الحذر.
و اخيرا بلغت الجهة الثانية من الشاطئ. هامت على طول الشاطئ, و التقطت قطعة خشب ورمتها كيفما اتفق. الرجل يعشق امرأة أخرى, يهيم بحبها حقا فيما لا يرى فيها سوى نزوة. لكن ما هم جيمينا؟ لم تمض معه سوى ثلاثين ساعة, صرفت معظمها تتشاجر معه. لم يكن يجدر بها أن تتوقف عنى الشجار معه.
هيا يا جيمينا, لقد مررت بتجارب أسوأ. لقد نغص عليك باسيل عيشتك وتلاعب بك حتى عجزت عن التفكير بشكل سوي. ومع هذا, تخطيت تلك المحنة كما ستتخطين غيرها. إلا أن باسيل لم يفطر قلبي...
تسمرت في مكانها.
ألم يفطر قلبها؟ لاأهذا يعني أن نايل بلاكثورن يستطيع أن يحطم فؤادها؟ أو حتى حطم فؤادها فعلا؟
أحست جيمينا بشيء فيها يحثها على المقاومة, يشجعها.
عظيم! هذا كل ما أحتاج إليه: حياة مهنية متداعية ومختلا نذر حياته لإزعاجها, والآن قلب منفطر. همهمت جيمينا:" يا لها من عطلة".
تناهى إليها صوت يناديها بقوة, فاستدارت.
كان نايل وافقا على الصخور, بعيدا جدا عنها فاستحال عليها رؤية ملامحه. لكنها أدركت أنه قلق. سوت جيمينا كتفيها ولوحت له بيدها و كأنها سرت لرؤيته.
قفز بخفة على الشاطئ ومشى متبخترا نحوها فبادرته بابتسامة عريضة مشرقة ووقفت تنتظره.
حاولت أن ترمقه بنظرات طبيعية لا تترجم الشغف الذي يستعر في داخلها. و أحست رغما عنها بجفاف في حلقها.
كان نايل طويل القامة, أسمر البشرة, أما شعره فأسود ناعم. ولم يكن وجهه الغريب غير المتناسق بأنفه المعقوف و عينيه الناعستين بالوسيم فعلا.
لم عساه يستحوذ على عقلها و قلبها؟ إنه يأسرها فعلا, يسلب تفكيرها.
كانت واحدة من كثيرات ضعفن أمام سحره, و هذه الفكرة تشعرها بأنها حمقاء ساذجة, لكنها على الأقل تثلج صدرها و تبرد الخوف الذي يعتريها.
سألها عندما اقترب منها:" تبدين كئيبة".
-كنت أفكر في بعض الأمور.
-أهذا كل شيء؟.
أحاطها بذراعه, فأحست جيمينا بجسمها كله يتصلب, لكنها عادت و استرخت. لا بد لها من العودة إلى البنتكوست من دون أن تأتي بأي تصرف أحمق.
اقتربت منه و أحنت رأسها لتلقيه على كتفه فلا تعود مرغمة على النظر في عينيه.
قال نايل وهو يشير إلى شجرة قطع منها غصن صغير ليعطيها إياه:" تفوح منها رائحة البحر, أليس كذلك؟".
أحست جيمينا بالدم يتجمد في عروقها فتراجعت بضع خطوات بشكل تلقائي. لم تشأ أن يأتيها نايل, القرصان محطم القلوب, بعطور دافئة مثيرة لتشمها.
أجابته بنبرة باردة تفتقر إلى الحماس:" أنت محق".
-ما خطبك يا حبيبتي؟.
تسمر في مكانه يحاول أن يفهم من ملامحها ما يزعجها.
أحست جيمينا بألم في عينيها لسماعها هذه النبرة العذبة التحببية و إن لم يكن يعنيها فعلا.
أم لأنه لم يكن يعنيها فعلا! استدارت جيمينا لتقاوم سحره بكل ما أوتيت من قوة:!!http://www.liilas.com

جين استين333 27-07-09 08:35 PM

-لا شيء. لعلها أشعة الشمس القوية فهي تمسي مزعجة في هذه الساعة, أليس كذلك؟
رفع ناظريه إلى السماء قبل أن يجيب:" أشعر بعاصفة تتحضر, يستحسن أن نعود إن كنا نود تلافيها".
-حسن.
-ماذا لو بقينا هنا و تناسيناها؟.
بدا نايل كمن ينتظر ردا على دعوته هذه لكنها لم تتفوه بحرف, فتابع بنبرة عذبة:" يمكننا إضرام النار".
تفاجأت جيمينا باقتراحه هذا . كانت تعلم أن جرحها عميق ينزف معه قلبها, لالكن الألم الفعلي لم يبدأ بعد. ستشعر به يعتصر فؤادها بعد قليل.
أحست بيدي نايل تشدان على ذراعيها:" ما خطبك يا جاي جاي؟".
بلعت بريقها وقد عجزت عن الكلام. أما نايل, فتنهد و تابع:" حسن, سنقصد البنتكوست.امتأكدة أنت من أن هذا ما تريدينه؟".
-بالطبع, لا بد لي من غسل شعري. لم أبد يوما بهذا السوء.
عادت جيمينا : تحاربه لتمسك بزمام الامور.
تنهد نايل ورضخ للأمر الواقع, فعادا أدراجهما ووضب نايل الأغراض في الكيس الكبير ورفعه بخفة وكأنه قطعة خشب.
-أنت قوي حقا.
أشرق وجهه بابتسامة لكن عينيه ما برحتا تبحثان عن سبب هذا التغيير طوال طريق العودة.
راح المطر ينهمر فيما كان المركب يرسو في الميناء.
هرعا إلى سيارة الجيب الضخمة, من دون أن يمسك أحدهما بيد الآخر إلا أن جيمينا اطلقت ضحكة عالية متكلفة.
استحالت قطرات المطر عاصفة هوجاء فما كان من نايل إلا أن ركز على الطريق سيما و أن ستارا من الامطار انسدل على الزجاج الامامي.
لم يوصلها إلى الردهة إنما أوقف سيارته عند مدخل المبنى حيث غرفتها. أطفأ مرحك السيارة ثم استدار نحوها:" أخبريني الحقيقة يا جاي جاي. ماذا فعلت لك؟".
-قدمت لي نهارا رائعا. شكرا لك. إنما يجدر بي أن أهرع لاغتسل.
أجابته بلطف ثم فتحت الباب و ترجلت بسرعة قبل أن يتسنى له إيقافها.
داس نايل على الفرامل بعنف و اقتحم الردهة و توجه رأسا إلى مكتب الاستقبال حيث وجد آل جالسا.
-أعطني سجل الحجوزات.
أجابه:" لا أستطيع ذلك, إنه يسجل معلومات جديدة. نحن ننتظر نزيلا يصل في طائرة الغد".
-أهنئك. ظننت أنك تلعب الورق على الكمبيوتر لتوهم الناس أنك منهمك في العمل.
رد آل ممازحا:" تكون أحيانا جارحا فعلا".
كرر نايل بنبرة جافة:" أرني السجل حالا".
-لماذا؟
-جاي جاي كوبر. أريد أن أراجع المعلومات عنها.
أبدى آل اعتراضا لكن نايل لم يعره اهتماما, حتى أنه أزاحه عن كرسيه ليحل مكانه قبل أن يدخل في الحاسوب المعلومات المناسبة. نعم, ها هي, بطاقة اعتماد: جيمينا دار. دار و ليس كوبر, لماذا يا ترى؟ أهي متزوجة؟ أيعقل أن تكون قد هربت من زوجها؟.
قطب نايل وجهه.
-ماذا تفعل؟.
تابع نايل بفظاظة:" أكتشف مع من أمضيت نهاري. هاهي !".
ها هي بنفسها, جيمينا دار عارضة الأزياء العالمية تتمايل أمام عدسات الكاميرا!.
بدت فيها مثلما رآها بعد ظهر هذا اليوم: عينان واسعتان و ناعستان, فم شهي منفرج بعض الشيء.
أحس نايل بألم في معدته, فيما أطلق آل صفرة طويلة.
-يا لهذا التغيير, تبدو اليوم مختلفة.
أجابه نايل غاضبا:" ماذا تقول؟ بل تبدو تماما كهذه الصور, حورية لا مثيل لها".
ثم قرأ نايل بصوت عال:" أنوثة مؤلمة, ممزوجة بجاذبية لا تقاوم".
و أضاف:" إنهم محقون بالفعل".
علق آل:" يا إلهي!".
خانت الكلمات هذا الأخير فلم يعرف ماذا يقول لصديقه.
كان يوني أن يسخر من نايل بعد أن فشل في مغازلة إحدى النزيلات إلا أن المسألة بدت أخطر بكثير من مجرد التقرب من شابة جميلة.
-ستوضب أمتعتها لا محال لترحل في الغد, يبدو أنها تلوذ بالفرار متى طرأ طارئ, لو أنها....
-أنت تتصرف بصبيانية, تمالك نفسك, إنها امرأة و أنت بلاكثورن, ستأتي إليك في نهاية المطاف.
-ليس قبل أن تسر إلي بمكنونات صدرها. كانت على وشك مصارحتي بكل شيء.
-حاول مجددا, كيف يسعني مساعدتك؟.
-أعتقد أنها ستسافر في الغد, و ستتلافى محادثتي هذا المساء. أجهل السبب.
ضرب المكتب بقبضته بقوة, أجفل معها آل وكاد يقع عن مكتبه.
-لن يفيدني الآن غير تغويذة أو ضرب من ضروب السحر.
أجابه آل وقد ارتأى نقل هذه المهمة للسلطات العليا:" تعويذة؟ سحر؟ سأحدث إيللي".
اسغرقت جيمينا وقتا طويلا في الاستحمام, فاعتنت بشعرها عناية فائقة و دللته. صرفت أكثر من ساعة في الحمام, غمرها على إثرها إحساس عارم بالنظافة, ما نجح في تخفيف الألم الذي يعتصر قلبها.
كانت منهمكة في تجفيف شعرها عندما سمعت قرعا على الباب. فركت جيمينا في سرها: إنه هو.
لن يسهل عليها فتح الباب والعودة إلى التمثيل, إلا أنها لن تستطيع تجاهل هذا القرع!
تدثرت برداء الحمام الخص بالفندق وعقدت منشفة حول الشعر المجعد ثم استجمعت قواها.
استهلت حديثها فيما فتحت الباب:" أنا جد متعبة... آه".
لم تصب توقعاتها, فقد رأت صاحبة الفندق تقف عند الباب.
-أرجو المعذرة, هل أتجرأ و أسألك خدمة؟.
بادرتها إيللي وهي تدخل بخطى ثابتة رشيقة و كأنها دعتها للدخول.
أجابتها بسأم:" بالطبع, ماذا هنالك؟".
أفادتها إيللي أن إحدى النزيلات تعرفت عليها:" إنها محقة أليس كذلك؟ أو لست عارضة الأزياء ديمينا دار؟ لقد رأيت صورك في مجلة أناقة".
فكرت في سرها: لن يفيد النكران.!!http://www.liilas.com

ناعمة 27-07-09 11:13 PM

الف شكر حبيبتي

الرواية حلوة جدا

وانتظر التكملة :)

شكرا

جين استين333 29-07-09 08:36 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناعمة (المشاركة 2016696)
الف شكر حبيبتي

الرواية حلوة جدا

وانتظر التكملة :)

شكرا

شكرا لكي عزيزتي وان شاء الله ما أتأخر عليكم

جين استين333 31-07-09 01:11 AM

-حسن, أتساءل إن كنت تقبلين أن تحلي ضيفة شرف في الحفلة التي نقيمها هذا المساء؟ أعلم أنك تودين إمضاء عطلتك بسلام, لكنك ستكونين قد عدت إلى ديارك قبل أن تتسرب المعلومات إلى الصحافة. ستنقذين فندق القرصان. لقد وظفنا مدخراتنا كلها فيه, وقد توقف الناس عن التوافد و بدأ المال ينفذ منا و الآتي أعظم. ستنفذ مواردنا بعد عيد الفصح إلا إذا وقعت أعجوبة.
رفعت جيمينا يدا إلى رأسها:" هل تظنين فعلا أنه في حال نزلت عندكم شخصية مشهورة فسيهرع النزلاء لتمضية العطلة هنا؟".
كانت الحفلة وليدة اللحظة, ابتكرها آل و إيللي لمساعدة نايل إلا أن الأرقام التي قدمتها كانت حقيقية.
ردت إيللي بصراحة:" بالطبع".
-حسن, ليس لدي ما أفعله حاليا. لكنني أحذرك أن أملك سيخيب إن كنت تتوقعين أن أرتدي فستانا للسهرة.
لم تصدق إيللي أذنيها فهي لم تكن تؤمن فعلا بخطتها هذه.
-لا عليك! يمكنك استعارة ما شئت من خزانتي. في الواقع تعالي الآن و ألقي نظرة عليها.
استفاقت جيمينا أخيرا من غيبوبة اللامبالاة التي استحوذت عليها.
-لا يسعني الخروج هكذا, قد... قد يتعرف إلي أحد النزلاء.
ارتدت سروال جينز و قميصا بغضون دقيقتين. علا حاجبا إيللي استغرابا لكنها لم تنبس ببنت شفة بل اصطحبت جيمينا بسرعة إلى كوخها الخاص.
-من سيحضر هذه الحفلة؟.
-بعض الضيوف ووزير السياحة و محرر من مجلة مسنجر ومديرة شركة الخطوط الجوية المحلية.
لم تخبرها إيللي أن وزير السياحة ليس سوى إبن عمها.
بلعت جيمينا بريقها و كأنها تشعر بألم في حلقها:" ضيوف؟ هل سيحضر نايل مثلا؟".
أجابتها إيللي بشجاعة:" طبعا. فمديرة شركة الطيران مفتونة به".
أطرقت جيمينا مفكرة وهي تبذل قصارى جهدها لتبدو سعيدة. تقدمتها إيللي إلى غرفة النوم ذات الأرضية الخشبية ثم فتحت خزانة ضخمة.
-إختاري ما شئت. لدي مجموعة كاملة من الأزياء الجريئة و أخرى تناسب أميرة حالمة.
كانت جيمينا قد ارتدت كفايتها من الثياب الجريئة على المسارح و لم تشأ التبختر أمام هذا القرصان, محطم قلوب الحسناوات.
سألتها جيمينا بوجه مشرق:" وماذا تضم مجموعة الأميرة الحالمة؟".
جلبت إيللي الثياب من آخر الخزانة. كانت عبارة عن تنورة فضفاضة من المرسلين, وقميص مكشوف الظهر بدا لها عاديا جدا حتى لاحظت التطريز المتقن الذي زين أحد الكتفين وجزء من التنورة.
-كان أبيض اللون لكن الأقمشة كلها تصفر هنا إذا ما تركناها في الشمس, أزين عادة هذا الثوب بوشاح من الحرير لئلا يخاله الناس فستان عرس.
سرت قشعريرة في جسد جيمينا, قالت:" ساضع أكثر الأوشحة لديك إشراقا".
فآخر ما تتمناه النزول إلى الحفلة بملابس تليق بعروس, إن كانت ستلتقي نايل بلاكثورن.
وجدت إيللي وشاحا زمردي اللون طرزت عليه بعض الرقاقات الزجاجية الصغيرة التي تعكس الضوء مع كل حركة تأتي بها, و اللون الأخضر في عينيها البنيتين الواسعتين.
حملت جيمينا الثياب إلى غرفتها. ستبدأ الحفلة عند السابعة, فألقت بنفسها علىر سريرها وراحت تحدق إلى سقف الغرفة. شعرت بالألم يعتصر قلبها. و فجأة, بدا لها الإحساس العارم بالخوف و الخيانة الذي اعتراها خلال أزمتها مع باسيل سخيفا و بسيطا بالمقارنة مع ما تشعر به الآن.
نزلت جيمينا عن سريرها عند الساعة السابعة و الربع لتنسل في الثوب الجميل الذي أعارتها إياه ثم وقفت تتامل نفسها في المرآة.
كان مزينو الشعر, في الآونة الأخيرة, يتنافسون ليصففوا شعرها الرائع لكنها اعتادت منذ سنوات أن تصففه بنفسها, تنفشه بحركة سريعة خبيرة, وفي غضون دقائق, بدا شعرها شلالات من الخصل الحمراء تستعر كالجمر, كالياقوت.
لم يكن التبرج بأهمية الشعر لكنه سيتعين عليها تأدية دورها بنجاح. كانت بشرتها تتألق بسمرة ذهبية فاتحة إثر اليوم الذي قضته على الشاطئ فلم تضف عليها شيئا. و اكتفت بتزيين شفتيها بأحمر شفاه نحاسي جريء زاد فمها نضارة.
بدت جيمينا في المرآة متألفة أخاذة.
إن لم ينهر أمامي الليلة, فيستحسن أن أتقاعد, هذا ما فكرت فيه بسخرية لاذعة.
وضعت الوشاح الزمردي و توجهت إلى الحفلة لتبرهن لنايل بلاكثورن أن ثمة نساء كثيرات يسعه الانسجام معهن جيدا.
أقامت إدارة الفندق الحفلة وسط بركة من الأضواء يخيل للناظر أنها مباشرة من لوحة لرامبرانت. توقفت جيمينا هنيهة لتبتلع بريقها و تستجمع قواها ثم ارتقت مسرحا صغيرا, فبدأت الثرثرة تخفت بشكل ملحوظ فيما التفت الساهرون إليها.
ما كان منها إلا أن طبقت ما تعلمته على مر السنين: لم تعر الموجودين أي اهتمام بل ثبتت نظرها فوق رؤوسهم, ثم أرجعت شعرها إلى الخلف لتمشي الهوينى. استمالت الأصوات من حولها همسات تتناهى إليها من هنا و هناك. مشت جيمينا بين الضيوف من دون أن تتلفت يمنة أو يسرة بل توجهت رأسا إلى المضيف.
بادرته بنبرة مدروسة:" مرحبا آل. أشكرك على الدعوة".
بادرها آل وقد شلت الدهشة تفكيره:" تبدين أخاذة يا جيمينا".
-شكرا لك.
علا حاجبا جيمينا, ووضعت يدها على ذراعه لتطالع أحد المصورين بابتسامة.
تجاذبت أطراف الحديث مع وزير السياحة بلباسة الرسمي فيما ثرثرت قليلا مع محرر الصحيفة الذي ارتدى للمناسبة قميصا مزركشا.
ثم بدأت الفرقة الشعبية عزفها.
خرج نايل من الظل, و أحست جيمينا بجفاف في حلقها.
قال لها نايل :" ارقصي".
سألته بنبرة ممازحة:" هل تدعوني للرقص أم تامرني؟".
أحاط خصرها بيده وقادها بعيدا عن الأضواء.
-لا أستطيع الرقص فيما أمسك بهذا الكوب.
تناول الكوب من يدها و سكب العصير على الرمال ثم أقحم الكوب في جيب سترته.
-هذا لبق حقا, يعكس طفولة معذبة.
-لقد علمتني الحياة الكشفية أن أجد حلا فوريا لكل مشكلة.
كان الساهرون يتهادون على وقع أنغام الموسيقى الكاريبية الساحرة. فوجه نايل جيمينا إلى المجموعة من دون أن يضغط على ذراعيها.
كانت أنفاسه تداعب شعرها المنسدل على كتفيها, والذي بدا الليلة بأحسن حالاته. رآها هذا المساء على حقيقتها, لعلها لا تشبه حبيبته المثالية لكنه على الأقل سيتذكرها دوما.
همس لها في أذنها:" مما تهربين؟".
شلت الدهشة حركتها, وزلت قدمها فأحكم نايل قبضته عليها.
أجابته بعد حين:" لا أفهم ما تعنيه".
-أحقا يا آنسة جاي جاي كوبر؟".
سرت قشعريرة في جسدها و عجزت عنى التفكير بشكل سوي فيما يداه تطوقانها على هذا النحو.
-أنا شخصية مشهورة. أسافر متخفية طوال الوقت....
فأجابها نايل بنبرة لاذعة:" ليس لدرجة ان تبتاعي ثياب السباحة من سوق شعبي. اعترفي. لم هرعت إلى هذه الجزيرة وقد شبكت شعرك في ضفيرتين و أخبرت آل أن اسمك كوبر؟.
كم هذا رهيب! أغمضت جيمينا عينيها لبرهة, وقالت:" كنت أرغب في ذلك فحسب".
-ترهات.
-حسن, لقد سئمت تمثيل دور الاميرة المدللة و أردت التعرف على حياة مسافر مترحل عادي.
-عليك التفكير في عذر أفضل.
همهمت جيمينا على مضض:" أنا أحاول".
-ضاعفي جهودك.
لم يبد أي تعاطف معها, فأطلقت جيمينا صوتا ينم عن الغضب الذي يجيش في صدرها.
-لا بد أن السبب هو أحد الاسباب الثلاثة التالية:" العمل أو المال أو القلب, فأي واحدة منها؟.!!http://www.liilas.com

جين استين333 31-07-09 01:13 AM

ان شاء الله ما يطلع الصبح إلا و مخلصة الفصل

جين استين333 31-07-09 02:47 AM

أجابته رغما عنها:" فلنستبعد المال".
رمقها بنظرة متفحصة:" أهو رجل؟ زوج ربما؟".
أومأت جيمينا برأسها.
-أهو حبيب؟.
-انس الموضوع من فضلك.
-حبيب؟ ماذا حدث, هل كففت عن حبه؟ هل توقف عن حبك؟.
عاد يسألها و كأنه وقف على الجواب اليقين.
اجابته من دون أن يتسنى لها وقت للتفكير:" كلا, لاستطعت حل مسألة الحبيب هذه".
-يبدو أنك احتجت للمساعدة.
نفذت عيناه الثاقبتان إلى أعماقها, فما كان منها إلا أن اطلقت ضحكة حادة ترجمت اليأس الذي يملأ صدرها.
-إن كنت تحتاجين لبطل ما, فأنا الرجل المناسب.
كلا لست كذلك, فأنت رجل لامرأة واحدة و أنا لست تلك المرأة, هذا ما فكرت فيه جيمينا في سرها قبل أن تجيب بصوت عال:" لا أعتقد ذلك".
فأجابها نايل بالنبرة الهادئة ذاتها:" أنت إذا مخطئة".
سألته بنبرة باردة متحفظة:" ما شأنك بعلاقاتي الغرامية؟".
-لنقل إنك تثيرين فضولي.
-شكرا لك.
-أضيفي أننا أمضينا يوما معا حيث لم نكتف من معانقة بعضنا.
أخذها نايل على حين غرة فجفلت. و سمعت نفسها تجيب بذكاء متناسية الألم المبرح الذي اهتز له كيانها.
-لم يكن ذلك سوى غمامة صيف, فلا تأخذها على محمل الجد.
أحكم قبضته عليها أكثر فأكثر, وقال:" أنت لا تعنين ذلك".
-نحن نعيش في القرن الواحد و العشرين حيث لا تعلق النساءأهمية على عناق.
أجابها وقد تجهم وجهه:" لست من هذا النوع".
صاحت به وقد تملكها الغضب فجأة:" تظن أنك تعرفني جيدا, أليس كذلك؟".
-أتقولين العكس؟.
بذل نايل جهده ليبدو مرحا لكنها استشفت نبرة غضب جلية في صوته.
-أقول إنك لا تعرف عني شيئا, أفلتني الآن, لا أرغب في الرقص معك ولم أرغب في ذلك يوما.
انفجرت به غاضبة فامتقع وجه نايل, ورفع ذراعيه عنها و كأنها خزته بدبوس.
تنحى عن طريقها بلباقة تامة, فابتعدت عن الأضواء من دون أن تنظر خلفها نظرة يتيمة واحدة. لذا, لم ترى الرجل الذي ابتعد عن الحشد لينسل خلفها.
لكن آل شاهده فناداه:" أنت!".
لكن الرجل كان قد انصرف.
بادر آل زوجته بعجلة:" لقد لحق احد الساهرين بجيمينا دار".
-إنه لرجل محظوظ!
-كلا, أقصد أنها ذهبت بمفردها في نزهة على الشاطئ وقد لحق بها. لا أظن أنها تنبهت له.
سألته إيللي:" على الشاطئ؟ ألم تستوقفه؟".
-لقد ناديته لكنه لم يسمعني.
-أو لم يرغب بالرد عليك. أهو مقامر أم غطاس؟.
-لا هذا ولا ذاك. إنه الرجل الذي وصل هذا الصباح على متن طائرة باربادوس.
تبادلا نظرة متشائمة تنذر بخطر ما, فيما قالت إيللي:" نحتاج إلى نايل".
لوحت للمعني بحماسة:" نايل , نايل, هنا , بسرعة".
فما كان من نايل إلا أن توجه إليها ليسألها:" أهي حالة طارئة؟".
بدا وجهه مكفهرا كئيبا و كأنه أمضى عشرين عاما في السجن.
انبرت إيللي تخبر نايل عن الغريب الذي قدم بطائرة باربادوس. فتغير وجهه وعادت الحياة إليه:" تبا إنه الرجل الذي يطاردها. لماذا لم تخبرني بحق السماء؟ سأدق عنقها...".
ثم سأل آل:" أي اتجاه سلكا؟".
-لقد ابتعدا عن الكازينو.
في الواقع, كانا قد توجها إلى أكثر أجزاء الشاطئ عزلة ووحشة.
****

كان النسيم عليلا عابقا برائحة البحر و السماء أشبه بقطعة من المخمل. لكن جيمينا لم تعر منها اهتماما.
كانت تبلي حسنا في الرد عن أسئلته الفضولية حتى فاجأها بسؤاله الاخير.
هل اعتقد فعلا أنه يستطيع تحطيمها ليبلغ أعمق أسرارها ؟ هل اعتقد فعلا أنه إن أمضيا سويا بضع ساعات سيتسنى له معرفتها بحق؟.
أنا لست حرا, فقد منحت قلبي لامرأة لم ترغب بي, لكنني سارقص معك قليلا حول النار, أيتها المسكينة الصغيرة! هل أخبر قصته هذه للنساء اللواتي عرفهن؟.
كانت تستشيط غيظا, وتعبر عن سخطها بصوت عال. وعندما تناهى إليها وقع أقدام تلحق بها على عجلة, استدارت غاضبة ووضعت يديها على خصرها.
صاحت بالمجهول الذي كان يتبعها:" أنت تثير اشمئزازي. أنت عار على البشر!".
ظنت جيمينا أنه سيتوقف مكانه أو سيصيح بها بدوره أو حتى يطلق إحدى ضحكاته المزعجة ثم يطلب منها أن تعيد حساباتها لكنه لم يفعل, ولم يصح بها, ولم يضحك, و لم يتوقف!
وفيما كان الظل يهرع نحوها, بدأ احساس فظيع يتعاظم في نفسها فخمدت فجأة رغبتها في الصياح به.
نادت بتردد:" نايل!".!!http://www.liilas.com

جين استين333 31-07-09 03:39 AM

رأت جيمينا بقعة رمادية قاتمة تمشي خلفها بثبات وعزمو متجهة رأسا إلى هدفها, فشعرت بالخطر يحدق بها.
نادت ثانية فيما راحت ترجو أن ترى نايل أمامها تفصله عنها بضع خطواتك:" نايل؟".
بادرها باسيل لاهثا:" من هو نايل؟ حبيبك الجديد؟".
صرخت عاليا فأطلق باسيل ضحكة مدوية اقشعر لها بدنها.
سالته جيمينا مذعورة:" ماذا تفعل هنا؟".
-الطيف يلحق بصاحبه. لن أتخلى عنك يا صغيرتي. لقد اكتشفتك, وأنت ملك لي.
أخذ يدنو منها مزهوا بنفسه, فأحست جيمينا بالهلع القديم نفسه يتملكها, يضيق عليها الخناق.
أجابته بشجاعة:" أنا لا أدين لك بشيء".
-هذا ليس صحيحا. يعلم كلانا أن هذا الكلام ليس بدقيق. عندما قصدتني, كنت أشبه بحشرة نحيلة ترتدي ثيابا لا تليق بها.
احتجت جيمينا وقد غضبت من نفسها لأنها وقعت فريسة الخوف مجددا:" أنا لم أقصدك بل أنت من أخذ يطاردني ".
صحح جملتها:" قولي بالأحرى اكتشفتك".
-أنا لم أطلب من أحد أن يكتشفني. لقد رأيتني في مسرحية المدرسة ولم يهنأ لك عيش قبل أن تقنع والدي بالسماح لي بالمشاركة في بعض جلسات التصوير.
-لكنك جنيت ثروة طائلة.
كان والدها قد صرف لتوه من عمله, فراح يبحث عن آخر, لكن العائلة كانت تعلم أن أحدا لن يوظفه لأنه لم يعد شابا, فتراكمت الفواتير. عندئذ, بدأت ابنة السبعة عشرة ربيعا تتقاضى المال عن كل جلسة تصوير تشارك فيها.
تابع بنبرة حادة:" كانت عائلتك تؤمن قوتها بفضلي".
-أعترف بأن الجميع كان ممتنا لكو إذ كسبت بعض المال...
تابع باسيل وهو يستشيط غضبا:" ما كانت أختك اللعينة لتنال الشهادة الجامعية لولاي. وقد باتت تعاملني بازدراء".
-لا يسعك لوم إيزي..
تابع من دون ان يكترث لها:" لكنك اسوأ منها بكثير, فقد قررت أن تتخلصي مني لاآن وقد أصبحت نجمة مشهورة".
-أنت مخطئ!
عظيم, لقد عادت تقترف الأخطاء نفسها. تنكب فورا على تبرير نفسها وتصرفاتها و كأنه معصوم عن الخطأ.
-لقد استغليتني. أتصورت أنه ىيسعك التخلي عني بسهولة؟.
-أنا لم أفعل.
لكنه لم يعرها اهتماما, و تابع قائلا:" لقد فعلت لك المستحيل, بكل ما في الكلمة من معنى".
تلألأت أنوار الحفلة من بعيد و تناهت إليها الموسيقى الشعبية. كانت بمفردها على الشاطئ مع رجل تكرهه.
رفع باسيل يده بحركة مفاجئة, فظنت جيمينا أنه سينقض عليها, لكنه أمسك بمعصمها. فما كان منها إلا أن حاولت جاهدة الإفلات من قبضته, لكن من دون جدوى.
بادرها بنبرة قاسية:" الحقلة المفرغة نفسها. باسيل الشرير يحاول أن يدير حياة جيمينا المسكينة".
بذلت جيمينا جهدها لتحافظ على هدوئها وطلبت منه بهدوء أن يدعها و شانها. غير أن باسيل لم يعرها اهتماما بل تابع:" ماذا عساي أفعل؟ إنه عملي".
-اتركني وشأني لنتحدث.
كرهت رنة التوسل في صوتها, لكنها لم تره يوما في هذه الحالة. حملق فيها غاضبا و إمارات الإحباط تلوح كسلاح فتاك أمام ناظريها. بدا واضحا أنه فقد عقله.
-كنت عميلة أو زبونة تدفعين لي المال لأدير حياتها. لكن أختك اللعينة لم تكن مقتنعة, لطالما كرهتني.
رأت جيمينا رأسه يترنح من جهة إلى أخرى كأنه رأس أفعى, فشعرت فجأة بالذعر الشديد.
صاحت به وقد تخلت عن لهجتها الملاطفة:" توقف يا باسيل".
أرخى قبضته للحظة فسحبت يديها و أخذت تعدو. لكنها تعثرت بالرمال ووقعت على ركبتيها.
انقض باسيل عليها يحاول ضربها, فأحست جيمينا برداء إيللي يكاد يتمزق. اغرورقت عيناها بالدموع, وحاولت الدفاع عن نفسها هي التي لم تضرب احدا في حياتها.
كان باسيل قد فقد رشده تماما فصب جام غضبه عليها فيما راح يهمهم جملا و عبارات مجنونة لم تفهم منها كلمة.
حاولت جيمينا طلب النجدة لكنها ركزت قوتها كلها في الدفاع عن نفسها حتى عجزت عن التنفس أو دفع أوتارها الصوتية لإطاعتها. كانت جيمينا تشهد أسوأ كابوس في حياتها.
-أنت لي, أيتها الساقطة الناكرة للجميل.. أنت لي, سالقنك درسا. أنت لي.
وفجأة تناهى إليها وقع أقدام نحوهما. لم ينتبه باسيل لها بخلاف جيمينا جيمينا, فاستجمعت هذه الأخيرة قواها لتبعده عنها.
سمعت أحدهم يناديها:" جاي جاي؟".
صرخت جيمينا وهي تكاد تنفجر بالبكاء, لكن باسيل عاد لينقض عليها مزمجرا.
ثبت لها يديها فوق رأسها وارتمى بثقله على صدرها. فظنت جيمينا أنه سيخنقها.
صاحت لاهثة:" ابتعد عني, أنت شرير, أكرهك".
تناهى إليها الصوت أقرب بكثير من ذي قبل, لكن باسيل لم يكن واعيا لما يحصل من حوله. ومالت جيمينا برأسها وصرخت ملء رئتيها, حتى شعرت باضلاعها تحترق:" من هنا, من هنا.. النجدة!".
لفح هواء البحر المنعش وجهها وملأ رئتيها, فأغمضت عينيها.
سمعت أصواتا بشعة... ولم تستطع تبيان من يلكم من أو من يفوز في معمعة العراك الهمجي هذا. ورأت نايل ينقض على غريمه ليطرحه ارضا بلكمة وحشية ويثبته واضعا ركبته على أسفل ظهره.
رفع نظره إلى جيمينا قائلا:" أنت تتألمين".
كان صدره ينتفض لكنه بدا ممسكا بزمام الامور.
-كلا, أنا بخير.
تابع نايل وقد استعاد هدوءه بسرعة:" لا تبدين بخير, ماذا فعلت بك هذه الحثالة؟".
-لا شيء.
أجابها بفتور:" لقد رأيته".
أشاحت بوجهها عنه. كانت أنوار الحفلة تتلألأ من بعيد و تنعكس على السماء اللامتناهية. أخذت تطرف بعينيها, وكأنها لا تصدق ما تراه.
كان نايل لا يزال ينتظر ردا, فهمهمت أخيرا:" لا شيء مهم".

جين استين333 31-07-09 04:43 AM

وتمنت ألا يسمع دموعها الغبية في رنة صوتها.
لم تكن تتحمل أن يظنها إحدى النساء العاطفيات اللواتي يحتجن دوما إلى من يمد لهن يد العون.
بادرها بنبرة قاسية:" حقا؟ لا أعتقد أننا نتشاطر وجهات النظر ذاتها. لقد وجدتك ملقاة على الأرض".
تحرك باسيل مهمهما, فضربه نايل بركبته حتى همد.
-إنه أمر معقد حقا.
-معقد ؟ أهذا الرجل هو الذي أخبرتني أنه يسعك التعامل معه.
-هل كنت تسجل الحديث على شريط؟.
-أتمتع بذاكرة جيدة....
أجابته هادئة:" تخولك احتساب أوراق اللعب, هل كنت تعد لي أخطائي أيضا؟".
-عما تتحدثين بحق السماء؟.
بادرته بنبرة حادة:" لا داعي لأن تصرخ بوجهي".
أجابها بالنبرة ذاتها:" أنا لا أصرخ بوجهك".
أشاحت بوجهها عنه, إذ لم تكن دموع الخجل وحدها التي غشيت عينيها.
تابعت جيمينا بما يشبه الفحيح:" ثمة شخص آت".
-جيد, لعلنا نحظى ببعض المنطق هنا.
ثم رفع نايل يده ليحيي الشخص القادم:" مرحبا آل, ما الذي اخرك؟".
كان آل يحمل مشعلا, أضاء وجهه القلق ثم حمله عاليا ليلقي نظرة متفحصة على المكان.
-جاي جاي, أهذه أنت. هل أنت بخير؟
راحت تومئ براسها وقد أعياها التعب فجأة.
-لقد حالفنا الحظ فعلا لرؤيتنا هذا الشاب يلحق بك, يا لحظك!.
اجابه نايل ساخرا:" لا تغرنك المظاهر".
سألهما آل:" هل يسعنا معالجة هذه المسألة في الداخل؟".
هز نايل كتفيه ثم أسمك بياقة باسيل ورفعه أمامه.
لحقت جيمينا بهم وقد تنبهت إلى أن القميص الذي استعارته من إيللي يتدلى من جهة واحدة. فأمسكت به بيد ترتحف و كأنها تستطيع تغيير الدقائق القليلة الماضية بقوة إرادتها.
-لقد اوشك هذا السفاح على إلحاق الأذى بجيمينا.
قال نايل هذا لآل بنبرة جافة فيما راح يدفع باسيل إلى ارتقاء السلالم الخشبية. بدا باسيل ممتقع اللون لكنه استجمع قواه ليجيب:" أنت لا تعلم عما تتحدث".
فما كان من نايل إلا أن رمقه بنظرة ازدراء قبل أن يجيبه:" اشرح لي إذا...".
اشار باسيل برأسه غلى جيمينا وقال:" فلتسألها هي".
-أنا أسألك أنت.
سأله باسيل بنبرة تنم عن ازدراء وغضب:" هل ألقت بشباكها عليك؟".
غاصت جيمينا في كرسي وقد أخرسها الذهول, فيما أحست بألم مبرح يحرق أضلعها.
شعرت بقشعريرة تسري في جسدها حين أخذ نسيم البحر يلفح كتفها العارية, فما كان من نايل إلا أن نفض سترته ولفها بها.
-شكرا لك.
تغضنت عينا نايل حتى أمستا شقين أسودين ينضحان بغضا و هما تحدقان إلى باسيل.
زمجر باسيل:" هي, وجه شركة بليندا, لقد حازت هذا العقد بفضلي و أنظر كيف تبادلني الجميل".
-أنا يا باسيل...
لكن نايل لم يعرها اهتمامه وقال:" أنا انظر إلى ما فعلته أنت بها. لكم أرغب في إعادتك إلى الشاطئ و ضربك!".
رمى باسيل نفسه على الكرسي بسرعة. فسارع آل إلى التدخل:" دعنا الآن يا نايل نعالج المسألة, لم تسمع بعد القصة كاملة".
استدار باسيل نحوه بحماسة:" أنت محق. لم تكن هذه الفتاة شيئا قبل أن أكتشفها ولم أوفر جهدا لأصنع منها نجمة. تخليت عن عملائي من أجلها. فماذا بادلتني؟ ما إن وقعت عقدا مهما حتى تخلصت مني".
أغمضت جيمينا عينيها فقد بدا كلامه عقلانيا.
ردت:" هذا ليس صحيحا".
كانت تلعم أنهم لن يصدقوا كلمة من كلامها فمن يستمع إلى باسيل, لا يصدقها أبدا.
فتحت عينيها وسعت في محاولة أخيرة منها إلى إخبارهم الحقيقة.
لم تعر آل اهتماما وحدقت إلى نايل مباشرة قائلة:" لم أتخلص منه. لم أكن لأتركه لو انه لم...".
-لو لم تبدأ أختها بالعمل لدى قريبها الغني و تقرر أنني لم أعد أليق بأختها الصغيرة.
ابتلعت بريقها فقد بلغت الجزء الذي لم ترغب يوما في التفكير فيه مليا.
-لا علاقة لإيزي بقراري.
-بل كنت راضية سعيدة حتى تدخلت هي.
أطلقت جيمينا ضحكة ساخرة:" ولم تدخلت برأيك؟".
فجأة, لم تعد تستطيع تحمل المزيد, فانتصبت واقفة وأردفت:" لأنك كنت تستنفذني, حتى آخر قطرة دم في".
أجفل الرجلان حتى باسيل نفسه دهش متناسيا ادعائه بالظلم. وتابعت جيمينا:" لا يسعك لوم إيزي, فلا علاقة لها بالموضوع. تقتصر المشكلة علي و عليك فقط".
-هذا جنون مطبق. كنا بخير, متفقين حتى...
-أنت كنت بخير, أن لا... عندما رأت إيزي ماذا تفعل بي, قامت بما كان يجدر بي القيام به بنفسي. هذا كل شيء.
استدار نايل نحوها:" ماذا فعل بك؟".
كان الغضب يتطاير من عينيه. يا إلهي! ستضطر الآن للبوح بالحقيقة. وهذا أسوأ من أن يرى فيها طفلة مدللة. سيحتقرها فعلا بعد أن يستمع إلى قصتها.

جين استين333 31-07-09 05:57 AM

أجابته وقد جبنت:" لقد طويت صفحة الماضي".
توجه نايل نحوها بخطى واسعة وقد تجهم وجهه وقال:" يبدو أن المشكلة لا تزال عالقة بينكما".
ثم لمس وجنتيها بعذوبة لا متناهية, و أضاف:" وجهك ينزف".
-تبا, ألا يكفي أن شعري متسخ بالرمال لأخلص أيضا إلى جرح في وجهي.
سالها بنبرة باردة:" ستكونين دوما جذابة.. نوريني ماذا فعل بك بالتحديد؟".
-ماذا فعلت بك, ولم تكوني ترغبين فيه؟.
رماه نايل بنظرة فيها من الحقد ما وزع الخوف في نفس باسيل الذي ارتمى على كرسيه.
-لا تقاطع السيدة.
-كان باسيل يعطيني حبوبا تقطع الشهية بكميات وفيرة.
بادرها باسيل باحتقار:" أحقا؟ هل أمسكت بك و أجبرتك على تناولها؟".
-كلا. إنما أقنعني بأنني سمينة بحيث أن أحدا لن يرغب في العمل معي. اخبرني أن الموضة تقتضي بأن تكون العارضة نحيفة جدا, فصدقته. كنت أريد أن أنجز عملي على أكمل وجه, فأخترت الحبوب.
وعجزت عن توجيه نظرة واحدة يتيمة إلى نايل لكنها كانت تشعر بعينيه تتأملانها, وكأنهما مغناطيس يسحبها إلى حقله.
أصدر نايل صوتا أبلغ من كلمات اللغة كلها: أهو ازدراء أو غضب؟ أم اشمئزاز؟
لم ترغب في معرفة رأيه لكنها تابعت تقول:" حبسني في غرفة في أحد فنادق لندن حيث قبعت شبه مجنونة حتى اقتحمت شقيقتي إيزي المكان و أنقذتني".
خيم صمت مطبق على المكان كسره بين الفينة و الفينة النسيم الذي يداعب شجر النخيل وراحت جيمينا تحدق إلى الحديقة القاتمة و النجوم المتلألئة في السماء. لن تنسى أبدا هذه النجوم! هل يقارنها الآن بحبيبته؟ إنها مجرد بديلة زائفة جميلة, بديلة مؤقتة كما اعتادت أن تكون دوما. وقعت كتفيها وباحت لهم بالجزء الأخير من روايتها المخزية.
-لقد أدخلتني عيادة خاصة حيث أمضيت شهرا كاملا لأتخلص من المواد السامة. و عندما خرجت, أخبرت باسيل أنني لن أعود للعمل معه وأنه إذا ما رفض فسخ العقد فسأقاضيه في المحاكم لما فعله بي. لدي البراهين الطبية لأدعم قضيتي... لم أكن ارغب في العودة إلى ذاك الجحيم مهما كلف الأمر.
-لقد حولتك نجمة.
صاح باسيل بهذا متبجحا, لكنه بدا سخيفا. ولعله أدرك ذلك لأنه أطبق فمه من دون أن يامره أحد بذلك.
-منذ ذلك الحين, أخذ يطاردني حتى كدت أفقد صوابي. كنت ألجأ للتخفي و أحرص دوما الحصول على السائق نفسه لئلا اجده في سيارتي... في الواقع, لن أعيد التجربة أبدا, فما من مهنة تستحق هذا العناء كله.
مرت بنايل من دون أن ترميه بنظرة. لم تكن لتحمل النظر إليه, فهي تعلم ما ستراه في عينيه.
نظرت إلى باسيل, وبادرته بهدوء تام:" إنها النهاية يا باسيل. إن اعترضتني يوما فسابلغ الشرطة".
-لن تجرؤي على ذلك.
استشفت جيمينا من الطريقة التي أشاح بها بنظره عنها أنه كان متأكدا من عزمها على التخلص منه نهائيا.
-قلت لك, ما من مهنة في الدنيا تستحق هذا العناء كله.
أحست جيمينا بألم يضيق عليها الخناق إلا انها رفعت رأسها لتستديرنحو آل.
-لن أتقدم هذه المرة بشكوى ضده, فافعل ما تجده مناسبا.
ثم قالت لنايل بنبرة هادئة:" أتمنى ألا تكون قد تأذيت. أشكرك على المساعدة التي قدمتها لي هذا المساء. أعدك بألا أحتاجها ثانية".
وتوغلت في عتمة الحديقة قبل أن تنهمر الدموع على وجنتيها.
استغرقت بعض الوقت لتجد شقتها لكن أحدا لم يكن ينتظرها عندما بلغتها, فارتمت على السرير و انفجرت بالبكاء. عندما جفت مقلتاها, نهضت لتغسل جفنيها المحمرين وشعرها. تناولت السترة المليئة بالرمل و التي تفوح منها رائحة البحر ممزوجة برائحته وتدثرت بها.
ستعود في الغد إلى ديارها وستخلف هذه السترة هنا مرفقة برسائل شكر. لكنها الليلة ستتنشق مع كل نفس تأخذه رائحة الاقاقيا و الليالي الكاريبية و الخشب المحروق. هذا كل ما سيتبقى لها منه!!!http://www.liilas.com






^^^^^^^^^^^^^^

جين استين333 31-07-09 05:59 AM

الحمد الله تم الفصل السابع وان شاء الله قريب الفصل الثامن ويبقى الخاتمة وأريحكم مني ^___^

جين استين333 31-07-09 07:24 AM

8-فخ العسل

في الصباح التالي, استفاقت وقد عادت لطبيعتها. إنها عارضة الأزياء العالمية المشهورة, جيمينا دار! ما إن نهضت حتى اتصلت بعاملة الاستقبال لتطلب الفاتورة. وما إن بدأت شركة الطيران عملها حتى هاتفتها جيمينا. كان الموظف ودودا إنما بارد بعض الشيء فأخبرها أن ما من رحلة إلى لندن اليوم واقترح عليها فرحا تمضية عطلة الأسبوع في الجزيرة.
كانت جيمينا من الذكاء ما مكنها من التنبه للمؤامرة التي حيكت ضدها. فبادرته بنبرة عذبة:" اسمعني جيدا, سأرحل عن هذه الجزيرة اليوم ولن أتورع عن طلب طائرة من فنزويلا إذا ما دعت الحاجة".
-تسافرين بالدرجة الأولى, أليس كذلك؟
-نعم.
-لقد أتممت الحجز. أرجو أن نراك ثانية.
تمنت لو تحذف اسم بانتكوست من لا وعيها, لكنها أجابته بنبرة لبقة:" شكرا لك".
كانت وجبة الفطور قدلا فاتتها, إلا أن إدارة فندق القرصان متسامحة في ما يختص بمواعيد الأكل.
كان المقصف مقفلا إلا أن نادلة بشوشة ظهرت كما بسحر ساحر لتعرض عليها ما لذ وطاب من الأطعمة.
أجابتها جيمينا:" القهوة من فضلك".
سألها صوت مألوف:" مانغا؟ أناناس؟".
أحست جيمينا بجسمها يتصلب. اقترب منها نايل الذي لم يكلف نفسه عناء ارتداء قميص.
حيته بصوت أبح:" صباح الخير".
رد التحية وسحب الكرسي المقابل لها.
توجه نايل إلى النادلة:" اجلبي من فضلك بعض الفاكهة".
جلس فيما كانت المرأة تبتعد عنهما و ابتسامة متواطئة تنير محياها. لكن نايل لم يكن يبتسم بل راح يتفرس في وجهها لبعض الوقت قبل أن يسألها:" كيف حالك؟".
تبا له! كيف عساه يقلق عليها؟ و كأنه يكترث لأمرها؟
أجابته جيمينا تلقائيا:" بخير, شكرا لك. أشعر ببعض الرضوض فحسب".
لمس خدها كما فعل ليلة أمس فما كان منها إلا أن أشاحت بوجهها عنه وقد سرت قشعريرة في جسدها.
-الخدش في وجهي يبدو بشعا, ولدي جلسة تصوير مهمة الأسبوع المقبل.
كانت جيمينا ترمقه بنظرات تفضح أسفها لأنه وهب قلبه لامرأة واحدة ولم تكن هي هذه المرأة المحظوظة ولن تكون يوما.
علق نايل بصدق:" أنت تعملين في مجال خطر".
-أنت محق تماما, لكنها مهنة تخولني السفر حول العالم و تؤمن لي نمط حياة لم أكن لأحلم به.
وافقته الرأي بحرارة.
-وهل تكترثين لمثل هذه التفاصيل؟
أجابته بوقاحة:" إنها مهنة تبعدني عن المتاعب".
-جاي جاي..
-لا تنادني بهذا الإسم! اسمي جيمينا.
-حسن, إن كان هذا ما تريدين جيمينا.
كيف يعقل أن يكون لهذات الرجل غير الوسيم هذا الوقع المدمر فيث نفسها؟
ستتخطين هذه التجربة! لا بد لك من تخطي هذه التجربة!
عادت النادلة تحمل فطور نايل وقهوة عطرة لجيمينا.
-اتصل غوردي من مجلة المسنجر, إنه في طريقه إلى الفندق لمقابلتك.
-سيتعين عليه الإسراع. يجب أن أبلغ المطار عند الثانية.
بدت النادلة متعجبة:" لا داعي للعجلة في البانتكوست".
كيف تراها فقدت قلبها في أربع و عشرين ساعة؟ حتى قبل أن تمر أربع وعشرين ساعة. بين اللحظة التي غفوت فيها بين ذراعيه و اللحظة التي بلغت فيها المركب, مركبنا بالفعل. كانت اللحظة الأولى تمثل عالمي و عالمه فيما أصبحت اللحظة الثانية عالمنا معا. وهاهي هائمة في حبه!
اقشعر بدن جيمينا للفكرة هذه. يا إلهي, حبه يسري في عروقها!
بدا نايل بلاكثورن جذابا و قلقا حتى, لكنه لم يبد أبدا كرجل مغرم لأنه ليس كذلك.
لا بد لها من تغيير موقفها قبل ان تنهار أمامه وترجوه, فانتشلت نفسها من أحلام اليقظة وسمعته يقول:" إن انطلق الآن فسيصل إلى كوينز تاون قبل أن تبرد القهوة".
-حسن, لكنه لن يحصل منى إلا على صورة.
-أستطيع أن أخلصك منه إن شئت.
أحست جيمينا للحظة أنها محبوبة, فاستمتعت بها.!!http://www.liilas.com

جين استين333 04-08-09 10:07 PM

-هذا جزء من مقتضيات وظيفتي. إنى كان جمهوري يرغب في صورة, فسيحصل على واحدة. هذا جزء من الاتفاق.
-ألا تتمتعين بحياة خاصة؟
وراحت عيناه تبحثان عن الجواب اليقين.
-كلا, ما دمت أتربع على عرش الشهرة.
سألها وقد مال بجسمهى إلى الأمام:" هل تفعلين؟ أعني هل تتربعين على عرش الشهرة؟".
ما كان منها إلا أن أشاحت بوجهها عنه, وردت:" الشهرة لا تدوم لأحد. تبقى لي عام أو اثنين قبل أن تبحث الشركة عن وجه جديد. ساكون محظوظة إن حظيت بجلسة تصوير واحدة بعدئذ. هناك مئات النساء اللواتي كن في الماضي عارضات أزياء مشهورات".
سألها ممازحا:" هذا مصيرك بالضبط".
-نوعا ما.
اقترح عليها:" عيشي حياتك يوما بيوم".
ما كان من جيمينا إلا أن شعرت بألم يعتمل في صدرها.
سألها بعينين جديتين:" ألن تقبلي إذا بانتظار رجل تمضين معه حياتك؟".
عم يتحدث؟ لم يكن يريدها أن تنتظره, لم يكن يرغب فيها أبدا. وأن رغب فيها, فلن تنتظره أبدا.
أجابته بصوت أجش:" مستحيل".
غرق نايل في صمته.
-استفيدي من الفرصة طالما هي سانحة. فكل شيء فان, هذا شعاري.
سألها وقد تجهم وجهه:"أتعنين ذلك حقا؟".
أجابته وقد راح الألم يمتد إلى جسدها كلها:" أنظر إلى أحداث الأمس".
التوى فم نايل وقال بابتسامة متكلفة أخفت الكثير خلفها:" هذا مدهش بحق".
ما كان من جيمينا إلا أن أطلقت تنهيدة عميقة. وأحست فجأة بأنها لم تعد قادرة على التحمل, فهرعت إلى غرفتها. شعور بغيض مروع اكتسح قلبها, فأكبت توضب أمتعتها بيدين مرتعشتين.
حين أمسكت بثوب السباحة الذي اشتراه لها, أحست بقلبها يكاد يتوقف, فرمت به في سلة المهملات. أغلقت حقيبة السفر التي بدت صغيرة جدا. أمتعة بسيطة, وقت قصير... ومع هذا, انقلب عالمها كله رأسا على عقب. لكنها راحت تعزي نفسها: ألم تتخلص من باسيل للأبد؟ هل انفطر قلبها؟ ربما, لكنها لم تعد خائفة وسرعان ما سنحت لها الفرصة لتثبت لنفسها هذا التغيير الذي أصابها. فعندما قصدت الردهة لتسدد فاتورتها, وجدت نايل يتحدث إلى آل وقد أدار لها ظهره. وقفت بعيدا تستجمع قواها.
قال آل:" . . فرصة ثانية".
بدا نايل نافد الصبر:" ليس هذه المرة".
-أصبر, لعل حبيبتك تصبح يوما لك.
كان يقصد بكلامه تلك المرأة, تلك التي ترغب في تربية القطط و الكلاب والأحصنة وفطرت قلبه! وراحت تذكر نفسها بأن لا علاقة لها بهذه المشكلة.
لقد اختار نايل بلاكثورن طريقه ولم يدخلها في حساباته.
لم يكن في يدها حيلة. فيب نهاية المطاف, لا يسعها أن تطلب منه ألا يبكي على الأطلال ليختارها هي, أليس كذلك؟ لن تطلب ذلك من رجل منح قلبه لامرأة واحدة وحمل شعلة حبه البائس لسنوات طويلة. لم تكن تريده أن يحد خسارته ولم تشأ أن تحل في المرتبة الثانية. جل ما أرادته هو أن يعي هذا العاشق أنه يسعه التعرف على امرأة أخرى فيعيشان معا قصة حب عظيمة.
أرادته أن يقع في حبها هي.
يا لحظها العاثر هو لا يرى فيها الآن غير حثالة وصولية تسعى وراء المال! حسنا, كلما أسرعت في الخروج منى هذه المعمعة, كلما كان ذلك أفضل.
توجهت إليهما مرفوعة الرأس:" مرحبا".
استدار نحوها. انارت محيا آل ابتسامة في حين بدا وجه نايل مكفهرا.
-أريد الحساب من فضلك. هل يسعني أن أطلب سيارة أجرة لتقلني إلى المطار؟
اجابها نايل المتجهم و العاري الصدر:" ساقلك بنفسي".
أجابته بنبرة حادة:" لا أرغب في ازعاجك".
-هذا ليس بالأمر السهل, فأنت تزعجينني فعلا. لم تاتي جهدا لتزعجيني منذ أن وطأت قدماك هذه الجزيرة من دون أن يرف لك جفن.
راح آل ينظر إليهما وقد شلت الدهشة حركته.
استشاطت جيمينا غيظا, وردت:" هذا سبب إضافي لئلا يرى أحدنا الآخر".
أصر نايل:" قلت لك ساقلك".
راح شرر الغضب يتطاير من عينيها:" لن أذهب معك".
-أحقا؟.
تدخل آل قائلا:" إن سيارات الأجرة محجوزة إنما يسعك العودة مع غوردي إلى البلدة إن كنت لا تتحملين رفقة نايل".
أجابه نايل بوحشية:" إنها فكرة سديدة. استفيدي من بعض الدعاية طالما الفرصة متاحة أمامك".
-أنا لا أحتاج إلى دعاية. لما برأيك سيأتي إلى هنا أصلا؟
ما كان منه إلا أن أطلق ضحكة مدوية تنم عن هذا الغضب الذي يضيق به صدره. إلا أن جيمينا كانت مخطئة تماما فلم يعرها هذا المحرر أي اهتمام عندما وصل إلى الفندق. مر بها و بآل ليتوجه رأسا إلى نايل قائلا:" سعيد برؤيتك يا نايل".
-مرحبا غوردي, لقد رأيتني ليلة أمس.

جين استين333 04-08-09 11:56 PM

-وصلتني هذا الصباح رسالة الكترونية تفيد انك اصبحت دوق باوري و أطالبك الآن بمكافأتي.
سمعته جيمينا يزمجر.
صدمة؟ غضب؟ رعب؟ وتكشفت الحقيقة كلها. إنه ينتمي إلى الطبقة الأرستقراطية. كان يجدر بها معرفة هذه الحقيقة بنفسها عندما أخبرها أنه الابن الذي حرمه والده من الميراث. ألهذا لم يلق اللوم على حبيبته المثالية عندما أعطته لائحة بالأمور الأساسية التير لا تستغني عنها؟
أجالت النظر في الردهة و خامرها أغرب شعور على الإطلاق و كأن مجرة عظيمة تفصل بينهما, لا بل عالم. احست جيمينا انه بعيد و لن بعيد ولن يسمعها إن نادته مع أنه لم يبارح مكانه. تراجعت بضع خطوات لكن أحدا لم يعرها اهتماما حتى انسحبت بأقصى سرعة. كان النقاش قد احتدم بين غوردي و نايل فيما وقف آل حكما بينهما.
انتهزت هذه الفرصة المثالية و غادرت الردهة.
وجدت إيللي في المطبخ.
-احتاج إلى الخروج من هنا. لقد حافظت على ماء الوجه حتى بدأت تعوزني الكياسة. أنقذيني.
-أهو نايل.
اومأت جيمينا برأسها.
طغى التضامن الأنثوي على الموقف, فأخذت إيللي بطاقة الاعتماد و بدأت تحضر الفاتورة التي لم يتسن لآل تحضيرها, ثم سلمت زمام الأمور إلى مساعدتها و أخرجت سيارة العائلة لتوصل جيمينا إلى المطار.
-ماذا عساي أجيبه إن سألني عن رقم هاتفك او عنوانك؟.
-لن يسألك. وإن فعل؟.
لم تترك رحلة العودة أثرا في ذاكرة جيمينا. وخشيت أن ينجح أحد المصورين في التقاط صورة لها بشعرها غير المرتب و خدها المتورم و عينها المحمرة إلا أن احدا لم يتعرف عليها.
توجهت رأسا إلى شقتها, وسرت هذه المرة عندما لن تجد فيها بيبر أو إيزي.
لكن الحظ العاثر ما انفك يطاردها فما إن شاهد المسؤول في وكالة عرض الأزياء خدها المتورم حتى ذعر.
بادرته جيمينا بملل:" عش حياتك".
قصدت خبير التجميل ليخفي ما تبقى من الإصابة. وحين توجهت إلى جلسة التصوير, وجدت ان المصور اعتبر هذه المهمة تحديا.
عاودت السيدة الاتصال بها, فقصدت جيمينا مركز بليندا بعقلية مختلفة تماما. دخلت المكتب الفخم و بادرت السيدة التي لم تكن قد قطعت بعد نصف الغرفة لملاقاتها:" فلنكشف أوراقنا. سأمثل شركة بليندا في الحفلات والأمسيات والمقابلات, لكني لن أواعد أحدا لمجرد أنك تعتبرينه مفيدة لسيرتي المهنية. يسعنا ببساطة تمزيق العقد".
علا حاجبا السيدة السوداوان الرفيعان استغرابا واكتفت بالقول:" ممتاز".
ثم أكبت تصمم حملة جديدة وتحضر لها.

^^^^^^^

لم يعد نايل إلى لندن إلا في شهر حزيران. توجه إلى الباحة الرئيسية للمحطة الرابعة حاملا الكيس الخاص بالبذة على كتفه, فيما وضع ممتلكاته الأخرى في حقيبة رياضية.
لم تكن رحلته مريحة. لم يغلب التعب نايل لكنه لم يجد أحدا بانتظاره في المطار.
كان ليرمي حقائبة أرضا و يفتح ذراعيه ليلفها بهما و يعانقها بشغف لو انها قدمت لاستقباله.
ابتلع نايل بريقه وقد شعر فجأة بالحر. لعل هذه الرحلة المقيتة أثرت فيه أكثر مما تصور.
إنه محظوظ لأنه وحيد, فمن وحدته يستمد صلابته وقوة إرادته.
لم يكن من المجدي البحث عن جيمينا سيما و أنها تجهل أنه سيعود إلى لندن. لم يجد نايل أحدا ولا حتى المحامي الذي راح يراسله بيأس متعاظم, فلا أحد يعلم أنه سيعود إلى دياره على متن هذه الطائرة كما أنها ما كانت لتستقبله و إن علمت بموعد وصوله.
بطبيعة الحال, لم يستحسن إهمالها له. وهو نايل بلاكثورن الذي أبى أن يطارد امرأة في حياته, شن حملة ضخمة فراح يتصل بها و يبعث إليها بالرسائل الإلكترونية و الأزهار. حتى أنه أرسل إليها ثمرة مانغا.
لكن جيمينا لم تحرك ساكنا ولم ترد عليه مرة و كأنها تبخرت عن وجه الأرض. إلا أن الشائعات التي طالت جيمينا دار كثرت في الآونة الأخيرة.
مكنته شبكة الانترنت من مواكبة نشاطاتها كلها. لقد واعدت أحد المصورين... جيمينا دار تصرف الليل بطوله تتهادى في مؤسسة خيرية.
رأى سائقا يقف بمحاذاة السور و يحمل بطاقة كبيرة دون عليها" المسافر بلاكثورن".
تسمر نايل في مكانه. لم يكن أحد يعلم أنه قادم. توجه إلفى السائق قائلا:"بلاكثورن".

nightmare 05-08-09 12:15 PM

يسلمو جين
ماراح أقراها لما تخلصي
شكل أكشن هع:cool:
thankx

aghatha 05-08-09 10:26 PM

cant wait to see the end thank you sweetie for this excitin novel and thx for ur precious time

جين استين333 06-08-09 03:46 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة nightmare (المشاركة 2022278)
يسلمو جين
ماراح أقراها لما تخلصي
شكل أكشن هع:cool:
thankx



العفو عزيزتي ويسعدني ان القصةعجبتك...^_^


وانلا شاء الله أخلصها قريب

جين استين333 06-08-09 03:50 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة aghatha (المشاركة 2022597)
cant wait to see the end thank you sweetie for this excitin novel and thx for ur precious time

العفو عزيزتي وانا آسفة اساسا لأني ما انهيت الرواية واتأخرت عليكم ان شاء الله اليوم انزل باقي القصة كلها

جين استين333 11-08-09 02:45 AM

-صباح الخير سمو الدوق. أهلا بك في ديارك. سيارة الليموزين تنتظر في الخارج. اتسمح لي بحمل أمتعتك؟.
لن تعود حياته ملكا له أبدا. وجد نايل حشدا كبيرا ينتظره ليرحب به كما يليق بسموه.
في فندق سان جايمس الفخم حيث حجز له محاميه غرفة, حياه موظف مكتب الاستقبال و هنأه على اللقب و سأله عن تحقيقات الصحافة.
سأله نايل و الذهول باد على محياه:" تحقيقات؟".
-لقد تلقينا اتصالات هاتفية من أناس يستفسرون عما إذا كنت ستمكث هنا؟
-صحفيون؟.
-لا يعرف هؤلاء الناس عن أنفسهم. لقد تعلمنا أن نستشف هويتهم سموك.
-كلما ناداني أحد بسموك أنظر خلفي متوقعا رؤية والدي.
أجابه كبير الخدم, وقد قوم كتفيه:" في هذه الحالة سيدي, سنناديك بما تريده".
سأله نايل فرحا:" ما رأيك بأن تنادونني بالسيد بلاكثورن؟".
-سأخبر الموظفين.
صاح دوم, وقد لمح نايل ينزل السلالم الرئيسية:" ها هو".
وبادرهم دوم عندما اعترض أحد البوابين طريقه:" إنه ابن عمي بحق السماء, لقد دعاني بنفسه".
قال نايل متجهم الوجه:" هذا صديقي يا جيفز".
ثم وجه حديثه لدوم:" ليس لديك أدنى فكرة كم هو مريح التحدث إلى شخص لا يرى ضرورة للخروج والاحتفال كل ليلة".
علا حاجبا دوم استهجانا, فيما أردف نايل:" أعتقد أني أكره أبي. لم أفكر فيه طوال السنين المنصرمة. لكنني أدركت ذلك عندما لمست ما آلت إليه الملكية بسبب أبي و أخي ديريك. إنهما بالفعل تافهان, غبيان وماكران".
استحوذت الدهشة على دوم وبدت واضحة على محياه.
-بالفعل, لقد منعني والدي من الالتحاق بالكلية لدراسة الرياضيات, لينغص علي حياتي, في حين فرح ديريك لأنه خال أنني سأصير نسخة عنه. لم يتم إصلاح أي شيء في الملكية, لأن ديريك أنفق مبالغ طائلة على سباق السيارات. ساضطر إلى تقويم بعض الأمور هنا.
سأله دوم:" هل ستقوم فعلا بذلك؟".
-نعم.
-تحتاج إلى زوجة لطيفة تؤازرك. اختر لنفسك زوجة تجيد الاعتناء بالمنزل, فيهنأ لك العيش.
علت ثغره ابتسامة مشرقة, لكنه كان حاسما في إجابته:" لا أظن ذلك".
أدرك دوم المرح أنه يخوض موضوعا شائكا.
-آسف. أهي حبيبة جديدة تلوح في الأفق؟.
هز نايل كتفيه غير مبال:" ربما".
-بربك يا نايل, حدد موقفك: نعم أم لا.
أقر نايل:" نعم. لكنها ترفض التحدث إلي".
-عظيم, اخطفها عند منتصف الليل.
تلألأت عينا نايل حماسة:" أنت لا تتغير أبدا, بربك فلتنضج".
رد دوم بالنبرة المستسلمة نفسها:" هذا عظيم, يدهشني ما أسمع من رجل صرف خمسة عشر سنة يتنقل من كازينو إلى آخر. هيا أريد أن اساعدك. من هي؟".
إلا أن نايل راح يومئ برأسه وقد أبى أن يفضي له بأكثر من ذلك.
أسر دوم لحبيبته فيما كانا جالسين تلك الليلة على الأريكة, يشاهدان فيلما مسجلا:
-إنه قريبي. إنه يعيش في أحد الفنادق تحت اسم مستعار. هل نحضر حفلة على شرفه؟.
-بالطبع, قريبك هو قريبي.
سألها دوم وهو يضمها إلى صدره:" هل أخبرتك يوما أنك امرأة رائعة؟".
وعدته إيزي ضاحكة:" سنساعده على نسيان تلك المرأة".
وجد نايل نفسه مدعوا إلى حفلة ليتعرف إلى قريبته العتيدة.
-أنا نايل, صديق دوم.
بادرته الحسناء الصهباء التي فتحت له الباب:" عظيم, لقد وصلت".
-في الواقع, كانت تعليمات دوم مبهمة بعض الشيء. ولندن لم تتغير كثيرا منذ...
تجمد الدم في عروقه, وفغر فاه تعجبا.
بادره دوم وهو يتبع نظره:" يخيل إليك أنك شاهدتها من قبل. نايل, إيزي, نايل".
حياها نايل مترددا:" مرحبا".
-إنه القصة نفسها تتكرر. يخيل إليك أنك قابلتها من قبل, لكنك في الواقع شاهدت شقيقتها, عارضة أزياء, فصورها تنتشر في كل مكان.
أجابه نايل وقد استفاق من الصدمة:" معرفتي بجيمينا أعمق و أهم من الصور".
ما إن تفوه بهذه الكلمات حتى تفاجأ بجيمينا تخرج من المطبخ. أما هي فتسمرت في مكانها, وقد تملكتها الدهشة.
سالتها أختها بنبرة تنم عن حيرة و ارتباك و هلع:" جاي جاي؟ جاي جاي, هل أنت بخير؟".
لم يستطع نايل رفع ناظريه عنها. كان شعرها ينسدل على كتفيها شلالات رائعة حريرية, خصل نارية استحوذت على قلبه و تفكيره, وعلى احلام كان يستفيق منها و العرق يتصبب منه.
لم تبد جيمينا بهذه البشرة الشاحبة المكشوفة ضعيفة, بل زادتها جاملا و سحرا.
سالها بنبرة باردة:" مرحبا جيمينا, اتذكرينني؟".
-الدوق. كيف عساي أنساك؟".
نظرت إليه تينك العينان شذرا. زمجر دوم, ودهشت إيزي, فيما وضعت جيمينا الصينية بحذر..
علت ثغرها ابتسامة بغيضة:" لا أدري لماذا أخفى عني أنه دوق".
-لأنني لم أكن قد أصبحت دوقا خلال تلك الفترة, كما كنت مرتبطا بوظيفة تعين علي إنهاؤها قبل أن أسرع إلى حياة جديدة.
-وظيفة؟ المقامرة وظيفة؟.
أطلقت جيمينا ضحكة, وقطبت حاجبيها. والتقت عيونهما بنظرة تفضح الغضب الذي يملأ صدرها.
استفاق دوم وإيزي من صدمتهما. وقال دوم وقد أمسك بنايل يحثه على التقدم نحو غرفة أخرى:" هيا بنا, لعلك تتذكر صديق الدراسة فيليبز لقد عاد لتوه من الصين"..
-لم أجد أي وعاء أضع فيه الفستق, هل يسعك مساعدتي يا جاي جاي؟.
أبعداهما عن بعضهما البعض, كأنهما طفلان يتصارعان في ملعب المدرسة.
كان نايل يفكر في يأسه باستخدام نفوذه كدوق ليتدبر لقاءا مع جيمينا, لكن حين قدمت له الفرصة على طبق من ذهب, وجدها تكرهه.
تفاديا بعضهما البعض كأنهما ألد الاعداء. وعندما أخذ المدعوون بالانصراف, حاصرها في المدخل الضيق:" جاي جاي..".
صاحت به:" إياك أن تناديني بهذا الاسم ثانية, ماذا تفعل هنا؟".
-انتقلت للعيش في بريطانيا.
-يا لبريطانيا المحظوظة! لا أكترث لمكان إقامتك. أسألك عما جئت تفعل في بيتي.
-ظننت أنه منزل إيزي.
رآها تجفل لهنية, ثم تستعيد هدوءها بلمح البصر.
-أنت قريب دوم البائس. أتساءل عما حل بذلك الرجل الغامض. يخيل إلي أنك دوق محبط يفتقر إلى سكن محدد, أليس كذلك؟.
لاحظ نايل أنها جهدها لتبدو كريهة إلى حد بعيد.
-لدي مساكن كثيرة, املك قصرا متداعيا في سكوتلاندا, و بضعة عقود إيجار لشقق عديدة, اتخذها والدي و أخي لأغراض مريبة في نفسيهما.
-وتعيش في فندق؟.
-أحضر للخطوات التالية, هل من اهمية كبيرة لمكان سكني؟
احمرت وجنتاها غضبا:" لا اكترث البتة لمحل إقامتك ما دمت لا تنغص علي حياتي".
-أنغص حياتك؟ لقد فقدت رشدك.
لم يكن يقل عنها انفعالا.
-أحقا؟ أتتوقع أن أصدق انك قدمت إلى هنا لأن دوم أشفق عليك فحسب؟.
-لماذا لا تصدقين؟ هل كذبت عليك يوما؟.
نظر إلى عينيها مباشرة.
-ليس بالفعل, إلا أنك لم تخبرني أنك دوق, أليس كذلك؟.

جين استين333 11-08-09 09:45 AM

كان نايل غاضبا منها, لكنه تمنى في الوقت نفسه لو يسعه معانقتها حتى تتوقف عن مهاجمته و تستمع للحقيقة.
قال بكل ما اوتي من هدوء أعصاب:" انت نفسك لم تخبرينني أنك تهربين من رجل مزعج, و هذا يجعلنا متساويين, أليس كذلك؟".
لكن النبرة الهادئة أججت النار المستعرة في داخلها.
تابع بهدوء:" ألم تخبري أقرباءك؟ لا أحد؟ ولا حتى شقيقتك؟".
هزت كتفيها استخفافا من دون أن تنبس ببنت شفة. إلا أن أنفاسها راحت تتسارع, ومع تسارع دقات قلبها أرادته أن يظن أنها غاضبة, لكن المسألة أعمق بكثير. لكم رغبت أن يحملها بين ذراعيه و....
تمالك نايل أعصابه. الصبر يا نايل, الصبر يا نايل!
سألها بهدوء وقد خمدت النار المستعرة في نفسه:" هل أخبرتهم الآن؟".
-بماذا عساي أخبرهم؟.
أشاحت بنظرها عنه.
-إذا , أنا الوحيد الذي يعرف أن باسيل لحق بك إلى النصف الثاني من الكرة الأرضية.
سألته بنبرة حادة, كأنها تستعد لهجوم آخر:" لم تشغل بالك؟".
أجابها بهدوء:" أنت تثيرين اهتمامي. لأنك كنت لي ليوم كامل, و ستكونين لي دوما".
فقد أخيرا هدوءه, فجذبها إليه و عانقها عناقا قاسيا بائسا.
عندما ابتعد عنها, كانت حدقاتها واسعتين وجسمها كله يرتعش.
-أنا آسف. لم يكن يحق لي القدوم إلى هنا ولن أعيد الكرة.
سرت قشعريرة في جسده كلها نفذت إلى أعماق أعماقه.
تدبرت جيمينا امورها بشكل ممتاز حتى في زفاف بيبر الذي مضى من دون أي مفاجأة غير سارة.
بدت بيبر متوترة و كانت قد رفضت ارتداء ثوب أبيض ناصع.
علقت:" لا أريد أن أتألق, أريد فحسب أن أبدو نظيفة و مرتبة".
لكن الأختين نجحتا في اقناعها أخيرا. وفجأة تنبهت إيزي إلى أن جيمينا ستذهب إلى السهرة بمفردها.
-هل ترغبين في دعوة أحد؟ هذا المصور الجديد مثلا؟.
-كلا شكرا.
راحت إيزي تتفرس في وجه أختها التي بدت فجأة جدية جدا.
-هل أنت متأكدة؟ لعلك محبطة لرؤيتنا , أنا وبيبر, نحاول تأسيس بيت و عائلة.
-أستطيع تدبر أموري من دون أن تسهري على حمايتي و رعايتي.
-أنا لا أقصد ذلك. عندما حاول باسيل تنغيص حياتك, شعرت بأنك تغلبت على الأزمة بشكل ممتاز لكنني لاحظت أنك أصبحت حذرة تدرسين كل خطوة تقدمين عليها. أما الآن, فأراك مرتاحة مطمئنة البال بطريقة ما.
-بالفعل.
-لكنك لا ترغبين في دعوة المصور إلى الزفاف. هل تخافين أن يتضح لك أنه نسخة عن باسيل؟.
وضغت جيمينا يديها على الطاولة و انتصبت واقفة. كانتا جالستين في المطبخ حيث تكومت الاوراق.
-اسمعيني, لا آبه لأمر باسيل ولا أخشى الرجال بل التمثيل و التكلف.
-انت مغرمة أليس كذلك؟.
عقدت جيمينا حاجبيها وقد أخذت منها الدهشة كل مأخذ.
راحت إيزي تومئ برأسها بحماسة وقد أنارت وجهها ابتسامة.
-في الواقع لست مغرمة. ولا أرغب في الذهاب مع رجل كتمويه. إن وقعت في حب رجل ما يبادلني الشعور نفسه, فسأفتخر به و أصطحبه معي إلى حفل الزفاف و لكنني لست مغرمة بأحد و أنا لا أخجل من الذهاب بمفردي. فالحب أهم و أسمى من أن نتلاعب به.
-لكم تبدلت! متى تعلمت الحديث عن الحب؟
سألتها إيزي مترددة.
-عندما قابلت رجلا منح قلبه لامرأة واحدة.
هزت إيزي كتفيها استهجانا متمتمة:" لعلك تعرفت على أحدهم".
-لعلي أتيت إلى هذه الدنيا لأبقى وحيدة. على كل حال, لن تقضي علي هذه الوحدة.
كان يوم زفاف بيبر صافيا.
تدبرت جيمينا امرها خلال الحفلة بشكل جيد و اغرورقت عيناها بالدموع عندما تعهدت بيبر بمشاركة زوجها بالسراء و الضراء. و أخذ لها المصور صورا رائعة مع الوصيفة و العروس بفستانيهما العسلي و الذهبي.
كانت تبلي حسنا, ثم...
نفاجأت بعض الشيء عندما أرادت بيبر أن تدعو آبي فقد عملت هذه المرأة لحساب شركة الحياة العصرية لكنها بالكاد تجمع بينهما صداقة. في الواقع كانت آبي أقرب إلى جيمينا منها إلى بيبر.
كان ستيفن قد أعد لائحة كبيرة المدعوين شملت الأقارب و الأصدقاء القدامى فأرادت بيبر أن تملأ القسم المخصص لها من الكنيسة بالمدعوين, فدعت آبي, أخت زوج إيزي.
حضرت آبي متأبطة ذراع زوجها الأنيق و الوسيم فيما رافقهما مفاجأة مميزة.
لم تكن جيمينا لتعيرها انتباها لو لم.. لو لم... خلفت جيمينا المصورين الهواة في الحديقة لتعود ادراجها إلى الحفلة حيث الفرح...
وجدت نايل بلاكثورن في بزة رمادية وربطة عنق لؤلؤية اللون يتجاذب أطراف الحديث مع إيزي و ابيجيل.
"حبيبتي أبيجيل"...
همس في أذنها شبح قاس بهذه الكلمات فتذكرت فورا أين سمعت بجزيرة بتنكوست للمرة الأولى.
أحست جيمينا بقشعريرة تسري في جسدها, وكأن أحدهم سكب مكعبات ثلج في ثوبها الحريري الذهبي.
لماذا لم تتذكر ؟ لماذا ؟ لقد توفر لديها ما يكفي من خيوط تقودها إلى الحقيقة, حتى أنها سألت آبي إن كان على زوجها أن يقلق...
غبية, كنت غبية بحق! لكني لست الوحيدة, تنبهت جيمينا.
لم تضف آبي كلمة واحدة هي التي تعيش قصة حب رائعة في كنف زواج رائع.
لكنها المرأة التي تستحوذ على قلبه, على أحلامه, و حياته. إنها حبيبته المثالية.
لا بد أن نايل بات واثقا الآن من أن آبي أصبحت ملكا لرجل آخر, رجلا تهيم في حبه, يملأ عليها حياتها. إنه يتالم لا محالة, هذا ما خطر لجيمينا, فأحست بالغثيان و كأن هذا الألم يعتصر صدرها هي.
تبا لبيبر, و تبا لأبيجيل, فحبيبي قد انفطر قلبه للتو.
لكن التفاصيل غير مهمة. الآن فالأهم هو أن يجد نايل من يؤازره في محنته, من يعتني به. لقد فقد المرأة الوحيدة التي هتف لها قلبه, ولن يضطر لاختبار هذا الالم بمفرده أمام حشد من الغرباء الفضوليين, بل إلى جانب صديق خبر عذاب الحب مثله تماما. و أخيرا, خضعت للامر الواقع, فانتصبت واقفة وقطعت الحديقة العطرة و قلبها يرقص امامها.
"لقد وهبت قلبي لامرأة واحدة". تبا له! إنه نايل بلاكثورن.
وتذكرت أن نايل كان يرسل غليها رسائل بقيت كلها من دون جواب حتى أنه بعث لها يوما بحبة مانغا. بكت حين رأتها إذ عادت ذكريات هذا اليوم السحري لتعذبها.
ولم عساها تبكي إن لم تكن تحبه؟ و فجأة تجلت لها الحقيقة. لم يبعث لها بالفاكهة إن لم يكن يحبها ولو قليلا؟ لعلني لست امرأة احلامه لكنه احبني بعض الشيء. راحت جيمينا تحدق إلى عنقه و ابتلعت بريقها. كانت على وشك اختبار أهم تجربة في حياتها, لكن ما باليد حيلة.
فما كان منها إلا أن اخذت نفسا عميقا وقومت كتفيها ثم وقفت إلى جانبه.
دست يدها في يده كما فعلت على الشاطئ منذ بضعة أشهر خلت:" نايل, لم أكن أعرف أنك قادم".
نظر إليها وقد تملكته الدهشة.
لاحظت جيمينا أنه فقد بعض الوزن إذ بدا أطول و أنحف و أكثر جاذبية من ذي قبل لكنه لا يزال غاضبا. كانت مشتاقة لضحكته, لذلك الشاب الذي حضر إلى شقتها و أبدى اهتمامه بها قبل أن تقطعه إربا بلسانها الجارح. إن عاملها بجفاء, فالذنب ذنبها.
فقدت جيمينا أعصابها لبرهة, لكن أحدا لم يلحظ ذلك.
تابعت بنبرة لطيفة حارة بما يكفي لتشعل نارا للشواء:" سررت برؤيتك".
ارتفع حاجبا نايل استغرابا.
حياها بحذر:" جيمينا".
رمته بابتسامة حملت إليه كل الدعم والحب اللذين يحتاجهما.
-ناديني بجاي جاي, كيف حالك؟.
لم يكن ينظر إلى آبي. كم يتعذب! أحس بالطبع بشيء تجاه جيمينا لكنها لا تزال حبيبته المثالية.
أريد أن أبرهن له أن البديل متوفر دوما, أن المرء منا يقع في الغرام مرة ثانية. لن يتناسى أذيتها له في الحال, لكن الأيام ستبرهن له أنه هو أيضا يكن لها الحب.
احست بأن قلبها ينفطر لألمه.
اجابها نايل والدهشة بادية على محياه:" بخير, شكرا لك".
-هذا مشوق بحق! إنه بطل يا جاي جاي فقد كان يلقي القبض على المجرمين.
-ماذا؟
كان هذا آخر ما توقعته. بدا نايل منزعجا.
-لا يعود الفضل لي وحدي, يا آبي.
احست جيمينا بأن اسم الدلال هذا طعنها في قلبها على حين غرة, لكنهما لم يلاحظا ألمها. هذا مي}وس منه. كانت آبي تسكن كيانه و قلبه بحيث لن تستطيع يوما أن تنسيه إياها.
سحبت يدها أو على الأقل حاولت أن تسحب يدها لكنه أحكم قبضته عليها بحيث عجزت عن الحراك.
أدارت رأسها متفاجئة ولاحظت أن الغموض يتبدد. كانت عيناه ترقصان فرحا. من الواضح أن المتبطل الجذاب لا يزال حيا تحت ثيابه الأنيقة. أحست بالدم يعلو إلى وجنتيها المخمليتين.
ثرثرت آبي:" كان يتعقب مبيض اموال".
جاهدت جيمينا لتبدو مهتمة بحديثهما, فقد اخذ يدير إبهامه في باطن يدها فعجزت عن التركيز على أي شيء من حولها.
لكنها بذلت ما في وسعها لتبادره باستخفاف وقد ضاق صدرها:" ظننتك مقامرا محترفا".
-بالفعل. لكني كنت أعمل أيضا كشرطي.
-لا افهم شيئا.
هز نايل كتفيه استخفافا إلا أن الابهام الشرير لا يزال يؤكد لها أن نايل بلاكثورن يهتم لأمرها.
أحست جيمينا بأنها تذوب تحت لمساته.
-غالبا ما يلجأ مبيض الأموال إلى الكازينوهات لتمرير الاموال. إنها حيلة ذكية. لذا, أراقب من يربح مبالغ طائلة ومن يخسر ثم أراقبهما لأتبين إن كانا متواطئين.
اجابته آبي التي بدت و كأنها تعيش المغامرة بنفسها:" إنها لوظيفة مشوقة. هل هي خطرة؟".
-ليست بخطرة إن استثنيت النساء الصهباوات.
-فخ العسل. أليس هذا ما تعرف به؟ هل كشف أمرك؟.
-كلا, إنما في وقت من الأوقات ظننت انهم فضحوا أمري, عندما ظهرت هذه المرأة مع أضعف حجة سمعتها في حياتي.
أجابته جيمينا:" أحقا؟ وماذا فعلت".
رد نايل بلطف:" تحريت عنها".
-لا بد أنها كانت مهمة صعبة.
-استحقت العناء.
لم يكن يسعها إشاحة بصرها عنه. وسرعان ما تنبهت آبي المرحة لما يدور من حولها.
سألته جيمينا وقد أحست بأن أنفاسها تكاد تنقطع:" هل أتت النتائج مطابقة لما بانت عليه؟".
-بل أكثر بكثير. أكثر مما يسعك تصوره.
رمتها عينا نايل بنظرة متفحصة. وفجأة تذكرت ذاك الإحساس الذي تملكها عندما عانقها و كأنهما ينتميان إلى بعضهما البعض منذ الأزل.
أحست جيمينا بصعوبة في التنفس فتنحنحت لتجلي حنجرتها.
-لا تقل لي إنك أغريت مجرمة؟.
كانت جيمينا لتستنكر غباء هذه المرأة. كيف يعقل أن تكون عمياء إلى هذه الدرجة؟
-دونت بعض الملاحظات و أجريت بعض الاتصالات. لم تكن بالمهمة المسلية على الاطلاق.
-أيها المحتال! يستحسن أن أذهب للبحث عن زوجي. لاحظت أن الإشبين الأصغر حاول خطفه ليلعبا التنس.
عندما ابتعدت عنهما أدار نايل جيمينا لتقف قبالته:" تبدين رائعة".
احمرت وجنتاها خجلا هي التي دفعت بنقاد الموضة ليكتبوا عنها المقالات و ينظموا فيها الاشعار لخمس سنوات.
-أنت تخطفين أنفاسي.
لم تكن جيمينا تصدق أذنيها.
سألها نايل:" علي أن أتحدث إليك. أين يسعنا الذهاب؟".
أطرقت جيمينا تفكر في حل, ثم ردت:" في الواقع, هناك حديقة خاصة, حيث ألتقط لنا المصور صورا. لكنها مليئة بالوصوليين".
ساقها إلى الحديقة المسورة ومر بالمصورين الهواة وهو يحرسها. أغلق البوابة الحديدية و أدار المفتاح فيها.
-أرجو ألا نعلق هنا للأبد. يبدو المفتاح قديما جدا.
-لا أبالي, سابني لك ملجأ و نقتات من الازهار وماء المطر. حبيبتي, حبيبتي, حبيبتي, ظننت أني خسرتك للأبد.
فاضت به المشاعر فأمسك بها كما يمسك الغريق بقشة تنجيه من هلاكه.
كان عناقه حميما تماما كما تتذكره, بل أكثر مما تذكرته, وكما لم يعانق أحد من قبل.
وجد نفسه يعترف لها:" أنا غبي وحثالة, معتوه و مجنون. كيف عساي أخبرك عن حب مراهقتي الاول فيما وجب إخبارك أنك شعلة حياتي, لا تتركيني أبدا".
أخذت جيمينا ترتجف:" ماذا؟".
-أنا لا أجيد التعامل مع المشاعر المرهفة. قدمي لي كاولة للعب الورق أو مركبا أو أي شيء عملي, فأبرع فيه. إنما لن أجيد يوما إخبار المرأة التي أعشق أنني أحتاجها إلى جانبي.
-المرأة التي تعشق؟ ألست تتحدث عن آبي. تنتميان غلى العالم نفسه, إلى الوسط نفسه. تريد مثلك بيتا كبيرا مع احصنة و غيرها من البهارج الارستقراطية.
راح نايل يحدق إليها بعين الغضب:" يا لك من ثرثارة!".
-حتى أنها حصلت على لقب. لست إلا شخصية مشهورة تعرض الثياب و المنتجات.
بادرها نايل وقد أطلق سراحها:" أنت لا تعانين إلا من التكبر".
صاحت به جيمينا وقد عادت إلى أرض الواقع:" ماذ1ا قلت؟ كيف تجرؤ على مخاطبتي بهذا الأسلوب؟ أنا لست بمتكبرة".
تابع نايل معتدا بنفسه:" بل على العكس. كنت مغرمة بي عندما كنت تجهلين أنني دوق".
تجاهلت جيمينا عمدا الجزء الاول من إجابته وقالت:" بالحديث عن ذلك, لما لم تخبرني أنك دوق؟".
-لم أكن قد تعودت بعد على الفكرة. كما توجب علي انهاء المهمة التي أوكلت إلي قبل أن أعود إلى دياري لأستلم مهامي.
-لكنك لم ترغب بالعودة إلى انكلترا حيث تعيش آبي. خاصة و أنها أمست حبا مستحيلا بالنسبة إليك.
-يا إلهي! لقد صدقت فعلا قصتي هذه, صدقت كل كلمة منها, أليس كذلك؟
راحت تومئ برأسها, لا تفهم مقصده فاستأنف نايل كلامه.
-لا ألوم إلا نفسي, اسمعيني جيدا أيتها المخلوقة الاخاذة, لقد خلصتني و منعتني من أن أصرف بقية حياتي أخبر النساء قصصا وهمية عن حبي الضائع. لقد أشعلت نارا في قلبي, وكل ذرة في جسدي تصرخ باسمك. جعلتني أقع في حبك و أغرقت نفسي في العمل الشاق عندما هجرتني. هلا كففت عن العبث بمشاعري لتقومي بما يتوجب عليك فعله؟ أنا واثق من أن هذا ما تريدينه أيضا.
كان يرميها بنظرات جدية إلى حد بعيد, بعيد جدا. فما كان منها إلا أن مدت يديها بحركة تلقائية.
عانقته طويلا فيما راحت عيناها تشعان في الشمس.
-دعني أستوضح هذه الصورة. هل تطلب يدي للزواج؟
-احاول ذلك, فليكن الله في عوني.
بادرته جيمينا:" ضاعف جهودك".
وبذل قصارى جهده ليقنعها بمشاركته حياته.!!http://www.liilas.com







^^^^^^^^^^^^^^

جين استين333 11-08-09 09:48 AM

الخاتمة


أخبرت جيمينا نايل:" لقد غضبت السيدة غضبا شديدا".
كانا يمشيان على الرصيف الذي تعمه الفوضى, ينعمان النظر في الشمس التي تتوارى خلف البحر, فيما الهواء يرسل أنفاسه الدافئة في المكان.
كانت جيمينا قد أسدلت شعرها على كتفيها, فأخذ النسيم يداعب خصلاته المجنونة. استدار نايل ليمرر فيه أصابعه بحنان.
أطلقت ضحكة عذبة و تابعت:" كانت مسرورة لأنني ارتبطت بدوق حتى أنها شرعت في تحضير الزفاف بنفسها حتى بعد ان أخبرتها أننا سنتزوج في الكاراييب".!!http://www.liilas.com


-اشكر الله كل يوم لأنك بجانبي.
تشبثت بذراعه وقالت بدورها:" أنا ايضا".
أدار إليها وجها لم تتعرف إليه, وجه ينضح حبا و هياما بها.
-هل أنت أكيدة من أنك لا تمانعين إقامة عرس بسيط.
-لقد حظيت بمناسبات هامة تكفيني مدى الحياة. أريد أن أشاطرك حفلة حميمة مميزة.
وصلا إلى المركب الذي كانا يسافران على متنه, فوجدته جيمينا قذرا تعمه الفوضى. لكنه بدا في نظرها مثاليا.
-في الواقع, لم أتعرف على أحد تزوج على متن مركب يشحن الموز. سأمكث في السرير أتنعم بالهدوء و الراحة فيما تتباهى بعضلاتك, و أنت تنقل الموز".
بادرها نايل بحزم ثم عانقها بشغف:" ستساعدنني في المهمات الشاقة".
أجابته بنبرتها الساحرة التي تقلب كيانه رأسا على عقب:" نعم بالفعل".
-أنت حورية, بالمناسبة لدي شيء أقدمه لك.
سألته و الحيرة بادية على محياها:" إرث دوقي؟".
أجابها بغموض:" كلا, بل إرث خاص بي, شيء ما يذكرني بأنني كدت أفقد أغلى شخص على قلبي لأنني انجرفت في روايات خرافية قديمة".
-أيها المراوغ, ماذا تعني؟ لا تتركني في حيرتي.
أخرج من جيبه قطعة قماش زاهية اللون.
صاحت به جيمينا وهي تقهقه مسرورة:" ثوب السباحة! أنا سعيدة لأنك عثرت على واحد آخر. كنت غبية عندما رميته, لكني كنت غاضبة جدا...".
تسمر في مكانه وأمسك وجهها بيديه.
أعرف ذلك يا حبي. كنت مخطئا بالفعل.
-ليس حقا.
أبحر المركب و أنطلق يشق عباب البحر.
عمد القبطان إلى اتمام مراسم الزواج على ضوء مشاعل و أعلنهما زوجا و زوجة تحت ضوء القمر الذي شهد على عهودهما. بعدئذ حملها إلى الحجرة الخاصة. حيث استلقيا ينعمان بالراحة.
بادرها نايل معتدا بنفسه:" بالمناسبة, إنه ثوب السباحة نفسه".
سالته جيمينا:" ماذا؟".
-ثوب السباحة. لقد عدت إلى غرفتك و أخذته بعد أن رميته.
استوت في جلستها وراحت تحدق إليه متفاجئة:"ماذا؟".
أجابها بجدية قبل أن يضمها إلى صدره بحنان:" إنه حقيقي, شأننا تماما".!!http://www.liilas.com



^^^^^^^^^^^^^^^

جين استين333 11-08-09 09:51 AM

تمت والحمد الله

و سامحوني على التاخير

اسماء88 14-08-09 09:48 PM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

جين استين333 18-08-09 03:16 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة اسماء88 (المشاركة 2029239)
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .





العفو و جزاكي الله خير

:8_4_134:

ro0ro0-cute 19-08-09 04:38 AM

رووعه القصهـ


شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

جين استين333 20-08-09 08:51 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ro0ro0-cute (المشاركة 2034184)
رووعه القصهـ


شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

العفو ويسعدني ان القصة عجبتك

:liilase::liilas::liilase::liilas:

الجبل الاخضر 21-08-09 03:38 PM

اش الرمسيه ذي كلها مره رررررررووووعه تسلمين على الذوق الرئع وشكرن استمتعنا بضلك بعد الله

جين استين333 21-08-09 04:12 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الجبل الاخضر (المشاركة 2036072)
اش الرمسيه ذي كلها مره رررررررووووعه تسلمين على الذوق الرئع وشكرن استمتعنا بضلك بعد الله

شكرا لكي عزيزتي على كلامك الحلو


ويسعدني ان القصة عجبتك

:flowers2::flowers2:

قماري طيبة 25-01-10 03:55 PM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

الهيفاء 07-05-10 01:51 PM

رواية رقيقة ورائعة، سلمت يداك وشكرا...

jenny 28-10-10 06:06 PM

اووه قصة جميلة حبيبتي بالانتظار

زهرة منسية 13-01-11 11:50 PM

يسلم اديكى جين ومشكوره على هالمجهود الروايه حلوه كتير

فجر الكون 17-01-11 08:43 PM

رائعة تسلم الايادي

arajit 27-01-11 11:07 PM

yeslamo heya 7elwa kel 3ada merciiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiii barchaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaa

ليلياسكوم 29-01-11 12:02 PM

تبدوا القصة جميلة تسلم اديكم

ملك محمد 08-03-11 10:08 AM

رواية رائعة انا قراتها من فترة طويلة
بس قراتها تانى واستمتعت بيها جدااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا

(غموض) 10-03-11 10:42 AM

قصة رائعة

تسلم الأيادي

وألف شكر لك

غموض

طيف السما 11-03-11 09:42 AM

شكراااااااااااااااااااااااااااااا

سومه كاتمة الاسرار 13-03-11 09:29 PM

مشكوووووووووووووووووووووووووووووورة
:8_4_134:

ندى ندى 13-01-12 12:33 AM

جميله جدا ورائعه

جين استين333 16-01-12 07:04 AM

يفرحني ان القصة حازت على اعجابكم جميعاً

و إن شاء الله يكون ذوقي في اختيار ما اكتب موفق دائماً

:8_4_134:

الجبل الاخضر 24-03-13 02:13 AM

رد: 358- لو يتوقف الزمن - صوفي ويستون (كاملة)
 
:lol::peace::dancingmonkeyff8:تسلمي عيوني :55:برافو :55:برافو :55:برافو :55:برافو :55:تسلم الانامل :hR604426:على المجهودك الرائع والاختيار الممتاز:55::peace: ونشكرك على تعبكي:lol: ياعسل :wookie:وننتظر جديدك:dancingmonkeyff8:

زهر اللجين 29-08-14 07:07 PM

رد: 358 - لو يتوقف الزمن - صوفي ويستون ( كاملة )
 
:55:راية وااااااااااااااااو:dancingmonkeyff8::wookie:

منى على سيد 02-09-14 12:47 AM

رد: 358 - لو يتوقف الزمن - صوفي ويستون ( كاملة )
 
سلمت يداكى

فلورنسيا 16-10-14 12:32 AM

رد: 358 - لو يتوقف الزمن - صوفي ويستون ( كاملة )
 
شكراااااااااااااااااااااااا

Nadino 04-12-14 04:08 PM

رد: 358 - لو يتوقف الزمن - صوفي ويستون ( كاملة )
 
كتير كتير حلوة يسلمو


الساعة الآن 02:54 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية