منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات احلام المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f457/)
-   -   96 - آخر الغرباء - جانيت ديلي ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t103427.html)

تمارااا 24-01-09 04:38 PM

96 - آخر الغرباء - جانيت ديلي ( كاملة )
 
الملخص


كـ xt & كـ وورد هنـا



كانت مارغ قادره على أن تحصل على من تريد من الرجال ،
شكل بعضهم تحديا أكثر من غيره ، غير أنهم جميعا كانوا تحت متناول يدها
، المسألة فقط ، مسألة لعبة لها
وما أن يصبح الرجل تحت سيطرتها حتى يتلاشى الإعجاب .
ولكنها الآن شحذت أسلحتها من اجل هدف نبيل
هو إنقاذ مستقبل صديقتها من براثن كورونواي .
كونت مارغ انطباعا بأنه متوحش مستبد لايتردد في استخدام
قوته الجسدية ليحقق أهدافه
ولكن هل هذا النوع من الرجال منيعآ أمام إغوائها !
سارت مارغ في طريق محفوفة بالألغام نحو راعي البقر الغريب ،
وفي ذهنها شعار قديم
"يطارد الرجل المرأة حتى تصطاده"منتديات ليلاس


تمارااا 24-01-09 04:41 PM

اتمنى ان تحوز على اعجابكم وشكر خاص للكاتبة

تمارااا 24-01-09 04:53 PM

1- نمر في المدينة



خرجت مارغوت بريسكوت من باب الحمام وخصلات شعرها الذهبي تتساقط فوق كتفيها
-غلوريا؟
لامست ابتسامة خفيفة زاويتي شفتيها لدى رؤية رفيقتها في السكن....كانت غلوريا وارندر جالسة على في سرير منفرد ، تحدق إلى الفضاء حالمة ، أصبحت الفتاة الشقراء ماكرة ثم انتزعت منشفة عن رف الحمام ورمت بها رفيقتها مازحه.
وقفت مارغ وقفة تأهب في باب الحمام ويدها على خصرها النحيل وعيناها الزرقاوان تضحكان على وجه الفتاة الأخرى المذهول:
-غلوريا.........كان عليك إن تكوني مستعدة!ّ
تنهدت غلوريا:
-أيجب ذلك؟
ثم دفعت جسمها الصغير عن السرير وتوجهت نحو النافذة لتبعد الستائر في سبيل إلقاء نظرة على الخارج
أردفت :
-ليت ريف قادم الليلة.؟
هزت مارغ راسها وعادت لتقف إمام مرآة الحمام ومن هناك قالت:
-أتريدين إهمال محاضرة الأدب الانكليزي؟
-لا لا أريد.........ولكن .........
تسللت نغمة حماس إلى صوتها :
-لكنني لا انفك عن التفكير في إنني قد استيقظ لأجد كل ما جرى مجرد حلم ..
لم تبرح نظرة المزاح عيني مارغ التي كانت تستخدم في تلك اللحظة قلم الكحل البني لتحدد حاجبيها الخفيفي اللون بدقه
-غلوريا........انه أول طلب للزواج
شع بريق السعادة في عيني غلوريا :
-وسيكون الأخير !آه مارغ ...لقد طلب ريف يدي ! يريدني زوجه
التوى فم مارغ المكتنز بابتسامه:
-اعرف ياحبي .......سبق وأخبرتني بذلك
-أراني مضطرة لتكرار ذلك لأصدق فعلا انه طلبني للزواج .........أنا لست جميلة مثلك ، لم اصدق نفسي عندما طلب مني الخروج معه في المرة الأولى أو المرة الثانية والثالثة والرابعة ومع ذلك لم احلم قط ، بلى حلمت بهذا ولكنني لم اصدق انه جاد في علاقته بي..! لم يقل كلمة عما يشعر به حتى الليلة الاخيره
غمزتها مارغ:
-الم أخبرك انه سيطلب يدك..؟
رمت غلوريا المنشفة التي رمتها عليها مارغ ونظرة أسى تسلل إلى قسمات وجهها
-هل أصبت عندما أطلقت تلك الكذبة..؟لا ادري لأنني لا انوي ترك "مونتانا" من اجل وظيفة أو من اجل قضاء عطلة الصيف حتى ..........
ذكرتها مارغ وهي تنقل قلم الكحل إلى الحاجب الآخر :
-لكنه لا يعرف هذا......كما انك لم تخبريه بقبولك العمل خارج الولاية.......أليس كذلك..؟
-لا.....قلت له فقط إن رب عملك في كاليفورنيا وافق على أن نعمل في منتجعه هذا الصيف
-إذن لم تكن هذه كذبه..لقد راسلني فعلا عمي فيليب ليخبرني إن لديه عملا إذا أردنا ذلك ، وجل مافعلته هو ادعاؤك الغموض بالنسبة لقبول العرض أو رفضه..
هزت كتفيها ثم عادت تركز على صورتها في المرآة .........تنهدت غلوريا واستندت إلى إطار الباب:
-اعتقد هذا ..... لكن ،عندما تقعين في حب شخص ما تجدين إن من غير الصواب أن تقومي بمثل هذه الخدعة لفعل ما تريدين
مدت يدها إلى خصلة من شعرها البني الداكن وراحت تلفها حول إصبعها
قالت مارغ:
-ريف يحبك....كان سيطلب يدك في النهاية .......مافعلته أنت هو تقريب الوقت .......كنت تعلمين انك واقعة في غرامه ولم يكن إمامك إلا إيجاد طريقة ليعلن حبه
كانت الجملة الأولى........هي كل ما سمعته غلوريا:
-لا افهم ابدآ لماذا أحبني ريف كونورواي ........كان يجب أن يتزوج فتاة مثلك جميلة ذكيه ، لافتاة خجولة عادية المظهر مثلي
أمالت مارغ راسها جانبا فانسدل شعرها العسلي الأشقر الذهبي بحرية اكبر حول كتفيها .....كان شعرها الطويل مقصوصآ بطريقة فاخرة لتحقيق ذلك التصميم المدروس من الفوضى الذي لا تستطيع حمله إلا الجميلات
-قد تكونين غلوريا من الخارج فتاة عادية ولكنك من الداخل شخصية جميلة ورائعة ، اعتقد أن الأضداد تتجاذب دوما.......أرى إن لدى ريف غريزة قوية إلى الحماية ويبدو أن خجلك يحرك عنده هذه الغريزة......
كادت تقول أشياء كثيرة ولكنها احتفظت بما نوت قوله لنفسها .....فريف معجب أيضا بتفوقه من ناحية الذكاء على غلوريا فهو ليس ممن يحب أن يسيطر عليه احد ، وتعتقد مارغ أن المرأة التي سيتزوجها فراشة عث بنيه لا فراشة زهور جميله.
هو شاب طموح لا يعترض على أن تشاركه الأضواء زوجة جميلة لكن في قرارة نفسه يريد أن يجد زوجته جالسة بانتظاره في المنزل ، بعيدا عن المعجبين المستعدين لتسليتها في حال تأخره في العودة.
كانت ثقة غلوريا بنفسها هشة جدآ.....ولقد قالت مارغ الحقيقة عندما ذكرت أن غلوريا شخصية جميلة من الداخل ، ولا يمكنها ابدآ التسبب بإيلام صديقتها بان تشير إلى الأسباب القاسية التي جعلت ريف يريدها زوجة له .
عبست غلوريا وهي تشد خصلة الشعر وتلويها حول إصبعها:
-ليتك لا تتكلمين بهذه الطريقة مارغ
-لماذا..؟ أليس ما أقوله منطقيا وواقعيا..؟فالرجال أطفال طوال القامة ، نعم لكل منهم شخصيته الخاصه ، ولكنهم جميعا من الداخل أطفال صغار وما أن تفهم الأنثى هذا الواقع ، وتعاملهم على هذا الأساس حتى تكون الرابحة .....ليس عليك إلا إبداء التقدير لهم متى أجادوا عملا ما, والامتناع عن تدليلهم متى اخطئوا.
-ما أسهل ما عندك ، فليس هناك رجل لا ينجذب إلى سحرك وجمالك إن أردته.
تسلل حسد بسيط إلى صوتها وهي تتفرس في قسمات مارغ الفاتنة..،قسمات قد تتغير من الجاذبية الشديدة إلى البراءة المفرطة.
-هذا صحيح
توقفت فرشاة الرموش عن الحركة ، كان لون عينيها اللازوردي يزداد عمقا عندما نظرت بغرور إلى انعكاس صورة غلوريا في المرآة....
أردفت مستدركه..
-يبدو هذا غرورآ مني.........لم اعن ماقلته حقا!
-أنت لست مغرورة ابدآ بل واثقة بنفسك....لوكنت مثلك لقلت قولك...أنا مسرورة لأنك لا تنظرين إلى ريف
تركت غلوريا خصلة شعرها الدكناء ثم تلاشى صوتها وذلك أنها توجهت إلى غرفة النوم التي تتشاطرانها ،عادت مارغ اليآ لتضع المسكارا على أهدابها ، سألت:
-سترتدين ثيابك اليومية قبل الذهاب إلى المكتبة أليس كذلك..؟
هزت غلوريا كتفيها..:
-كنزة وجينز!ّ
أعادت مارغ إصبع المسكارا إلى مكانه ونظرت إلى صورتها في المرآة ، وكم أذهلتها الفتاة الرائعة الجمال التي كانت تحدق إليها ! انه الوجه ذاته الذي لطالما رأته ، لقد خلقت جميلة...ومنذ صغرها والصبيان يطوفون حولها
نعم صحيح ماقالته غلوريا فجمالها قادر على جذب كل من تريد من الرجال ومن لا تريد ...شكل بعضهم تحديا أكثر من غيره ، غير أنهم جميعا تحت متناول يدها ، المسألة فقط مسألة لعبة بالنسبة لها ، ترى نفسها أحيانا حرباء تغير لونها متى شاءت فهي قادره على أن تحول نفسها إلى أي شخصية قد يرغب بها الرجل الذي يعجبها:
ساحرة، رياضية، ضعيفة ، ذكية، ولم تكن لتشك في قدرتها على اخذ ريف من غلوريا إذا أرادت .......فبمقدورها أن تظهر نفسها بمظهر المرأة العاجزة الساذجة وهما صفتا غلوريا, مع أن جمالها قد يعيقها مع ريف ولكنها قادرة على تغيير هذا بأن تظهر له ميزات هذا الجمال بالنسبة لمستقبله العملي.....لكنها لن تفعل هذا ابدآ، فغلوريا صديقتها الحميمه وغلوريا تحب ريف.
هل نظرت مارغ قط إلى رجل بعيني غلوريا المذهولتين حبآ..؟ معها لم تدم غمامة القلوب الوردية إلى ابعد من الإعجاب الأولي الذي كان يجذبها إلى رجل محدد........وما أن يصبح في قبضة يدها وتحت سيطرتها حتى يتلاشى الإعجاب..
كان على المشجب وراء باب الحمام ، بلوزة بيضاء طويلة الأكمام ارتدتها مارغ ثم زررتها من الأسفل إلى الأعلى ، إن وصف الفراشة هو الأقرب إلى نفسها ....فراشة ذهبية تنتقل من زهرة إلى أخرى دون إن تحط طويلا في أي مكان .....فهل قدرها أن تكون دورة حياتها على هذا المنوال أم سيأتي يوما رجلا يقلم لها أجنحتها ..؟
هذه فكرة خيالية........فمنذ نعومة أظفارها وهي تعرف غريزيآ كيف تلتف حول الرجل......ولم يكن هناك من امتنع عن تنفيذ مطالبها وكانت ما إن تجعله يتراقص في خدمتها حتى تفتح جناحيها وتطير مبتعدة.
هزت كتفها لامبالية ، ثم دست بلوزتها تحت سروال ازرق قبل إن تباشر بتمشيط شعرها والخروج من الحمام إلى غرفة النوم
دست غلوريا سترة صفراء فوق كنزتها الرمادية القديمة :
-جاهزة..؟
مظهرها صبياني ينسجم مع تسريحة شعرها القصيرة ووجهها العادي، لكن المظهر لم يكن ينبئ عن شخصيتها الحقيقية
لاحظت مارغ كل هذا وهي ولكنها منذ زمن بعيد توقفت عن إقناع صديقتها بتغيير نمط ثيابها ، ولقد حققت بغيتها بدفع من تحب إلى طلب يدها للزواج وتعتقد مارغ إن هذا فرق كبير فعلا
-ومن يستطيع أن يكون جاهزآ للقيام ببحث فصلي..؟
أخرجت سترتها الجلدية من الخزانة الصغيرة المماثلة لخزانة غلوريا التي ضحكت وقالت:
-انظري إلى الأمر من هذه الوجهة البحث الفصلي يعني نهاية فصل جديد واقتراب العطلة الصيفية
حملت مارغ دفترها وحقيبتها، وتوجهت نحو الباب الذي فتحته لها صديقتها ، وقالت موافقة وابتسامة عريضة على شفتيها:
أنها فكرة تغبط النفس
ظهرت فتاة في أسفل الدرج، تقدمت منهما خطوتين ورفعت بصرها ثم وقفت أمام الفتاتين النازلتين على الدرج.
-ها أنت مارغ....كنت صاعدة لأناديك لك مكالمة هاتفيه أظنها من بيل شوغونسي
انتهى الإعلان بابتسامة تأمريه قبل أن تعود الفتاة أدراجها ......اخفت مارغ تكشيرة ، بيل شوغونسي شخصآ عرفته مؤخرآ وتحاول الخلاص منه .....ولكنه على مايبدو غير قادر على فهم التلميحات
نادت الفتاة المبتعدة:
-اخبريه إنني قادمة
تمتمت غلوريا
-يبدو مصرآّ!
-اعلم..! إنما يجب ألا يطول أمره
أشارت الفتاة إلى غرفة الهاتف الصغيرة فتوجهت إليها مارغ أما غلوريا فجلست على أريكة قريبه
قال بيل شوغونسي ردآ على تحية مارغ العاجلة:
--مرحبا مارغ........ماذا تفعلين؟
-أوه.......هذا أنت بيل كنت في طريقي إلى المكتبة أنا وغلوريا لإنهاء تسجيل بعض الملاحظات من اجل بحثي الفصلي لقد أخرت هذا حتى اللحظات الاخيره ! يجب أن أقدم البحث يوم الاثنين وها أنا لم أباشر به حتى الآن
-أوه....
ابلغ صمته وتردده مارغوت أن قولها افسد عليه مخططه لنهاية الأسبوع ، وتمتم مازحآ:
-يجعل العمل من مارغ فتاة مملة ، سنقيم حفلة راقصة يوم السبت..أتذكرين؟
-إن لم تقدم مارغ بحثها رسبت في الامتحان الفصلي..؟
كان عذرا مقبولا ولكن مارغ لن تبقى طوال العطلة الأسبوعية منكبه على البحث ولا تعتقد أن قضاء أمسية خارج المنزل قد تضرها ، ولكنها غير راغبة في الخروج برفقة بيل أضف إلى هذا أن غلوريا قد ذكرت لها أن ثلاثة :غلوريا وريف ومارغ قد يخرجون للعشاء احتفاء بالخطوبة.
كانت صديقتها حساسة بما يتعلق بعائلتها التي هي عبارة عن عمتها وزوجها اللذين ربياها بعد موت والديها .....لم تأت غلوريا على ذكر الأمر......ولكن مارغ تشعر بأن ماحدث لم يكن حدث سعيدآ
قال بيل مصرآ:
-لم قد تضرك أمسية واحدة..؟ هيا ياحلوتي سنمضي وقتا رائعآ...
صفق الباب الأمامي بشده فنظرت مارغ إلى مصدر الضجة ثم اعترضت على قول قاله بيل ولكنها في ذلك الوقت كانت تحدق بفضول إلى ذلك الغريب الذي صفق الباب بمثل هذه الطريقة الفظة.....
جالت نظرتها بمظهره، كان يرتدي سترة مزينة بجلد الغنم وجينز يحتضن خصره ووركيه وساقيه المديدتين وينتعل حذاء رعاة البقر المرتفع الساق، وهو متسخ وقديم لكثرة الاستخدام ، ولكن مع ذلك فيه ما يدل على انه ليس براعي بقر عادي.
كان بيل يقول شيئا مرة أخرى ، فأشاحت مارغ بصرها عن الغريب لتركز على ما يصدر عن الهاتف ولكن صوت الغريب اخترق زجاج غرفة الهاتف الصغيرة:
-قيل لي إنني استطيع أن أجد غلوريا وارندر هنا
كان كلامه موجهآ إلى سالي غولنغز الفتاة التي أعلمت مارغ بالمخابرة، عندئذ عادت عينا مارغ الزرقاوان بسرعة إلى الرجل ، تراقب سالي وهي تشير إلى غلوريا الجالسة على الأريكة......مارغ تعرف كل من تعرفت إليه غلوريا ولو لمدة قصيرة، وهذا الرجل غريب كليآ.
كانت خطوط وجهه القاسية هادئة أم خطواته الواسعة فذكرتها بنمر مأسور في قفص، هذا الرجل بدون شك ليس هادئآ كما توحي ملامح وجهه ..........فخط فمه مستقيم متجهم والطريقة التي ضاقت فيها نظراته على صديقتها أعطت مارغ انطباعا بأنه ينظر إلى فريسته.
لم تتظاهر حتى بأنها تهتم بالمتكلم على الهاتف ..........إذ كان سمعها منصبآ على ما يقوله الرجل لصديقتها، وقف كالطود الشامخ ثم تحدث بصوت خفيض ، حاد:
-غلوريا وارندر...؟
لم يكن هناك ما يدل على أن غلوريا تعرفه
أضاف "أنا شقيق ريف"
اتسعت عينا مارغ دهشة ، فالتشابه بين الأخوين لا يتعدى البشرة السمراء ، كانت تعرف أن لريف أخآ ، فقد ذكر هذا في يوم ما أو ربما ذكرته غلوريا.
تمتمت غلوريا بارتباك:
-كيف ...........كيف حالك؟
سرعان ما نهض جسمها الصغير عن الأريكة ووقفت أمامه ناسية أن في حضنها دفتر الملاحظات الذي وقع ارضآ حيث تناثرت الأوراق على البلاط.
صرت مارغوت على أسنانها وهي تراقب تورد وجنتي غلوريا ومحاولاتها اليائسة لجمع الأوراق المتناثرة ، لم يحاول الرجل مساعدتها ولم يصدر عنه أي كلمة دبلوماسيه ليخفف من ارتباك غلوريا، ولم يبتسم حتى لإزالة كل هذا الارتباك ، كان واقفا ببساطه نافذ الصبر حتى استعادت غلوريا الأوراق التي ضمتها إلى صدرها بطريقة دفاعيه.
منتديات ليلاس
-ريـ.........ريف كلمني عنك دائما
بدا أن غلوريا غير قادرة على مواجهة نظره الرجل، فأشاحت بصبرها بعجز أما هو فكان يقف ناظرآ إلى قدها الصغير بتحقير......
تجاهل الرجل التعليق الودي المقصود وقال بفظاظة:
-اتصل بي ريف هذا الصباح ، وقال انه طلبك للزواج
اهو عدم تصديق ........لا......لقد عرفت مارغ إن ما في صوته أكثر من عدم تصديق ....انه الازدراء القاطع
ابتلعت غلوريا ريقها بصعوبة .."اجل"
جاء اعترافها بصوت هامس وكأنه اعتذار ذليل....وكان تذللها ذاك ما زاده تجهمآ وقسوة ، سألها متحديآ ببرود:
-متى تتخرجين انسه وارندر..؟
-أمامي.......عام آخر
لان صوته ، وانخفض عندما قال :
-أمام ريف ثلاث أو أربع سنوات لينال درجة الحقوق الأخيرة ، فهل أعيلك وأعيل أخي مدة أربع أعوام؟
انتفضت غلوريا وتقوقعت على نفسها بشكل ظاهر ! ياللمستأسد المتسلط! انه ليس بمتسلط فحسب بل هو مستبد أيضا
إن هذا الرجل قادر على استخدام قوته الجسدية لتحقيق مأربه تجاه شخص آخر إذا لزم الأمر ، النساء هن اضعف جسما وأسهل هدفآ لذا ليس لغلوريا الخجولة ، المخلوعة الفؤاد فرصة في مواجهة سخريته اللاذعة.
انصرفت مارغ إلى الهاتف غاضبه ،قاطعت بيل بقولها :
-بيل علي الذهاب الآن، اتصل بي غدآ
وعندما وضعت السماعة، كان فكرها مشغولا بما قد تفعله لإنقاذ فضلى صديقاتها ، إن تولت عنها الجدال باء الجدال بالفشل ، إن هذا الرجل لن يصغي إلى منطق امرأة ، مهما كانت محقه .....وما من شك انه يرى إن للمرأه مكانين فقط في الحياة :المطبخ وغرفة النوم
ضاقت عيناها للحظه ، وعلت ثغرها ابتسامة رضى.....حسنا.... انه يؤمن بأن النساء مخلوقات سخيفة لا تتغير.
دفعت باب غرفة الهاتف ، وخرجت وهي تضم دفترها إلى صدرها ....توقفت ، ثم تبنت نظرة الشقراء البلهاء وتقدمت لمواجهة خصمها
قالت بحبور لشريكة سكنها :
-هاي غلوريا ........أنا جاهزة الآن!
تعامت عن الصدمه البادية على وجه غلوريا وتعمدت أن تكون نظرتها بريئة.
مع أنها كانت مستعدة لنظرته الكريهة، إلا إنها ذعرت ما إن رأت عينيه الشرستين ، وأحست وكأنما شرارات فضيه تشع من عينيه إلى وجهها قبل إن يرتد طرفه عنها غاضآ نظره وكأنها شخص عديم القيمة......رفرفت مارغ عينيها لحظه لتسترد رباطة جأشها .......فلم تتوقع من شخص شعره اسود إن تكون عينيه رماديتين كالمعدن.
انتاب غلوريا ارتباك وخوف ، ارتدت عيناها المتوسلتان إلى وجه مارغ التي حاولت بعث الطمانينه إليها عبر ابتسامتها التي كانت تحثها بلطف على تقديمهما واستغرقت غلوريا بعض الوقت لتفهم حيرتها.
-أنا.....أود أن تلتقي شريكتي في السكن .....صد...صديقتي .....مارغ بريسكوت ....مارغ....هذا......هذا شقيق ريف.
ارتعش صوتها ، واجتاحت وجهها موجة احمرار:
--أنا.....آسفة جدآ. لكنني لا اعرف اسمك الأول ....سيد كونورواي
-كونورواي يكفي
رفع سيكاره بين شفتيه وارتفعت يده السمراء تشعل طرفها
-تشرفت بمعرفتك سيد كونورواي
لن تمد يدها للتحية لأنها متأكده لأنه سيتجاهلها وهذه اهانة لن تسمح بها.
-وأرجوك ، نادني مارغ..........أصدقائي ينادونني هكذا
مرت نظرته الزئبقية على وجهها مجددآ بنفاذ صبر وكانت تعابير وجهه توحي بأنه يتمنى لو تذهب في حال سبيلها ، ولكن هذا مازادها تصميما على البقاء ، اتسعت ابتسامتها ونظرت إلى غلوريا التي عاد إلى وجهها بعض اللون ، نظرة دافئة:
اعرف لماذا أنت هنا سيد كونورواي .....لاريب في انك سمعت بخبر غلوريا وريف.........أليس هذا أمرا رائعا؟
في نظرته كلمات تقول أن تخرس وتغرب عن وجهه ، إذن لم يفهم البلاهة الطبيعية التي تبنتها.؟فسارعت تضيف بانفعال زائف..:
-يحسد الجميع غلوريا ، فعندما تراهما معا يعتمر نفسك الدفء ، إنهما متحابان حبآ يشع كالذهب الخالص...وريف يحسن رعايتها فما من احد يجرؤ على قول كلمة ضدها أمامه.......ستكون فعلا فخور به خاصة عندما ترى الطريقة التي يدافع فيها عنها.
ربما يريد فسخ الخطوبة ، ولكنها واثقة أن ريف لن يخضع للتهويل بسهولة كغلوريا
ضاقت عينا أخيه لتعابير وجه مارغ الساذج المخادع
رمى بنزق الكلمات ودخان سيكارته يلتف حول وجهه:
-آنسه بريسكوت!
دعت مارغ إلى الله أن يعي جمالها الأشقر ، لكنه بدا غير مهتم بجمالها وجاذبيتها ، قاطعته بسرعة قبل أن يضيف الكلمات التي أراد بها صرفها عنه.
-مارغ.......اعتقد انك قطعت كل هذه المسافة لتقابل خطيبة أخيك و ياله من أمر رائع ! أراك وأخيك مقربين جدآ .....حتام أنت باق هنا؟
سحب نفسا عميقا من سيكارته ليكبح جام غضبه ..وأجاب بكلمات ذات معنى وهو ينظر عبر سحابة الدخان إلى غلوريا:
-حتى انهي ماجئت من اجله..!
أي حتى ينهي الأمور بين غلوريا وريف..؟
عصف بها الغضب فكيف يرفض غلوريا زوجة لأخيه حتى قبل أن يلتقيها ؟ أفرجت عن الغضب الذي احتقن في داخلها بضحكة لطيفة تاركة بريق المعركة في عينيها يؤول على انه لمعان سعادة
-هذا يعني إن بإمكانك مرافقتها إلى العشاء ليلة غد..؟
دفعتها تقطيبته الغاضبة إلى الشرح:
-أنا وغلوريا وريف خارجون لنتعشى احتفاء بخطوبتهما .......ليس لغلوريا عائلة إلا عمتها.....وأنا اعتبرها أختي التي لم تلدها أمي ..انه احتفال عائلي ..الم تفقد أبويك أيضا سيد كونورواي ولم يبقى غيركما أنتما؟..ربما ألان بإمكاننا نحن الأربعة تناول العشاء ومباركة الخطوبة السعيدة ، هل رافقتك زوجتك سيد كونورواي..؟
رمشت بأهدابها الطويلة المعكوفة في وجهه القاسي التعبير....فأجابها بصوت يوحي صراحة أن هذا ليس من شأنآ من شؤونها...
-ليس لدي زوجه انسه بريسكوت
أرجعت مارغ راسها إلى الوراء تنفض الشعر الأشقر الذهبي حول كتفيها
-أراهن انك ستكون عمآ قبل أن تصبح أبآ ، واسمي مارغ
طافت عينها في وجهها المغتبط ثم انتقلتا إلى عنقها ...أحست انه يود لو يهزها بين يديه حتى تصطك أسنانها وتقع ، وفي هذا الوقت تحركت غلوريا بقلق ووقفت فرب صديقتها ، أدارت مارغ نظرها إلى صديقتها التي كانت عقد أصابعها بيضاء من شدة الضغط على دفتر الملاحظات الذي تناثرت أوراقه قبل قليل ، إذ لم يرجع إلى غلوريا رباطة الجأش وجود مارغ إلى جانبها وتوليها زمام الأمر نيابة عنها ، بل كانت على شفير الانهيار أما الدموع فتجمعت في مآقيها بذل.
مدت مارغ يدها تمسك معصم صديقتها وتلويه إلى الأعلى ثم صاحت مذعورة :
-انظري كم تأخرنا غلوريا....عندنا بحث يجب أن ننهيه قبل يوم الاثنين ...هيا! ستقفل المكتبة في وقت قريب.
تركت معصم غلوريا ودست أصابعها في كتفها ثم شدتها واقتادتها نحو الباب ثم قالت للرجل:
-سترى أخاك ريف وهو بدون شك سيبلغك بالوقت الذي سنلتقي به جميعا للعشاء ليلة الغد...تشرفت بمعرفتك ! اعرف أن سعادتك من اجلهما توازي سعادتي ..عمت مساء سيد كونورواي.
رد على تلويحها الوداعي بنظرة عميقة كئيبة ، وشعرت بعينيه الرماديتين تلحقان بهما حتى أقفلت الباب وراءها ، وتنسمت بقوة جرعه من المساء العليل.
كانت راحتي يديها تنضحان عرقآ ، إن هذا لغريب! مسحت العرق على جنبي سروالها الأزرق..لاتذكر ابدآ أنها وقعت تحت إرهاب رجل ..هذا الكونورواي المتعجرف اثر فيها أكثر مما أدركت ..التفتت إلى غلوريا التي مازالت أعضاؤها مرتعشة ، وقالت بصوت مرتفع:
-إذن، هذا هو شقيق ريف الأكبر..؟
أطلق قولها غلوريا من عقال الخوف الذي أخرسها ، ونقلت عيناها الواسعتان الحائرتان إلى الشقراء .
-أوه...مارغ..انه لايريد أن أتزوج ريف!
كانت الهستيريا تشد أطراف صوتها فالحب الكامل انقلب إلى كابوس...
-قبل أن تدخلي إلى الغرفة قال إن كنت أحب ريف حقآ لن أتمسك بالزواج منه ، قال إن على ريف إن يكمل تعليمه ومن ثم يبدأ بالحياة العملية ثم قال إن علي إلا أثقل كاهله بعالة أخرى.
ردت مارغ بهدوء:
-تفاهات هناك نساء كثيرات ينفقن على أزواجهن في إثناء دراستهم الجامعية ، وليس ريف بشخص فريد بحيث لاتستطيعين إعالته مؤقتآ.
همست غلوريا:
-إن ريف من عائلة كونورواي ، وأنا اجزم إن كونورواي الأكبر لايظنني زوجة ملائمة لريف ..أتعلمين؟ لم اسمع ريف يناديه بإسمه ، فإما يشير إليه بقوله شقيقي أو كونورواي.
نظرت مارغ من فوق كتفها فرأت إن كونورواي قد غادر المبنى..فدست يدها بسرعه تحت إبط غلوريا وجرتها إلى الرصيف:
-لاتشغلي بالك برأي شقيق ريف بك،لان الرأي المهم هو رأي ريف وحده وأنا اعتقد أن ريف مؤمن بأنك الزوجة المناسبة له ولولا ذلك لما طلب منك الزواج .
-لكنني خدعته حتى أقدم على الطلب...الم اجعله يظن إنني راحلة إلى مونتانا في الصيف ، وأنني لن أراه حتى مطلع الفصل الدراسي القادم.
-وما الفرق..؟إن تقدم بطلب يدك الآن أم في الفصل القادم ؟ هل ظننت انه قد ينتظر أربع سنوات أي حتى ينال شهادته..؟اعتقد أن هذا الكونورواي الذي قال لك انك غير ملائمة لن يلبث أن يغير رأيه .
أطاحت الريح بخصلة شعر ذهبية إلى وجه مارغ فردتها بسرعه إلى الوراء وهي تفكر في ريف ، اتره غير رأيه بالنسبة لزواجه بغلوريا فاتخذ أخاه عذرآ لـ فسخ تلك الخطوبة...؟
سألت :
-أيعرف ريف أن أخاه في البلدة..؟
-أظن أن الأخ الأكبر قرر المجئ حالما سمع الخبر من ريف في الصباح
حمدت مارغ ربها ففي ريف صفات لاتروق لها شخصيآ ، ولكنها مؤمنه بأن عاطفته تجاه غلوريا صادقه وصريحه.
سحبت مارغ نفسآ عميقآ ثم باشرت حديثها عن المعركة التي تلوك في عقلها خيوطها.
-علينا عندما نصل إلى المكتبة أن نخبر ريف بما حدث بطريقة دبلوماسيه
هزت غلوريا رأسها رافضه "لا"
اتسعت عينا مارغ الزرقاوين :
-لا..لماذا؟ انه خطيبك !
-لن أكون السبب في خلق مشكلة بين الأخوين ،لم يمر على خطوبتنا يوم كامل ، ولن اهرع إليه شاكية لمجرد إساءتي فهم كونورواي.
تساءلت مارغ إذا كان المنطق هو سبب ترددها أم خوفها من أن يتأثر ريف برأي أخيه.
سألتها متحديه "وماذا عن عشاء الغد؟"
-ريف.........ريف سيتصل بي صباحا وعندها اعرف متى موعد لقائنا نحن الأربعة.
أوضح صوتها المرتعش أن نقاشهما لم يغير من ارتباكها ، فما زالت غير واثقة من ردة فعل ريف ، وتريد أن تؤجل اللحظة التي سيكتشف فيها الأمر.
في نفس مارغ رغبة قوية تدفعها إلى إقناع غلوريا بالاتصال بريف حالا وفورآ ، لكنها كبحت هذه الرغبة .......فصديقتها نادمة تقريبآ ، لان تدخل مارغ أدى إلى طلب الزواج.
جعلت مارغ صوتها هادئآ غير مبال:
-حسنا....لماذا لاتخبرينني كل ماتعرفينه عن شقيق ريف..؟؟

تمارااا 24-01-09 04:55 PM

2- في وجه الإعصار

ما تعرفه غلوريا عن شقيق ريف معلومات لا تتجاوز عدد الأصابع
اليد الواحده فالأخ الأكبر يكبره بثماني سنوات وهذا يعني انه في الثانيه او الثالثه والثلاثين ورث مزرعه العائله بعد وفاه والدهما منذخمس سنوات 0وتقع هذه المزرعه في مكان ما قرب "ديلون"في مونتانا 00
كان نصف تفكير مارغ منصبا علي الفقره التي تقراها أما النصف الاخر فمع كونوواى0
أن طول الأخوين واحد ولكن عند هذا الحد يقف تشايههما فريف نحيل أما أخوه فمفتول العضلات ذو كتفين عريضتين0

قسماتهما الأماميه متشابهه فالفك محدد بدقه والأنف روماني والجبهه تشع ذكاء0 لكن الفم يختلف ففم ريف متقوس ومتحرك وجاهز للأبتسام في ايه لحظه0اما فم اخيه فقاس و متجهم0
كانت النتيجه أنهما يختلفان كالليل والنهار فدفء الشمس ينير وجه ريف الوسيم فيما يرمي الليل ظلاله علي قسمات وجه اخيه فيبدو رجلا مميزا انما غير وسيم أبدا0
رنت بطرف عينها الي غلوريا فضبطتها تحدق الي الفضاء وعلي وجهها حيره وارتباك 0
سحبت مارغ نفسا عميقا وزفرت تنهيده طويله فلم تكمل أي منهما شيئا في الساعتين المنصرمتين 0
اقفلت صفحات دفتر الملاحظات بحده وتمتمت لئلا تزعج الموجودين في المكتبه حولها:
فلنذهب غلوريا0
جمعت غلوريا أوراقها بدون ان تقول كلمه احتجاج ثم لحقت بمارغ الي خارج المكتبه0
كان القمر الفضي بدرا فضيا فوق عاصمه مونتانا يلامس نوره قمم الجبال المحيطه بالمدينه...راح هواء الليل البارد يتلاعب بخصلات مارغ الصفراء.سارت الفتاتان بصمت وتوتر وذهول لذا لم تسمعا همسات إطارات سياره ما فوق الرصيف حتي توقفت قربهما انفتح الباب الأمامي سادا عليهها الطريق. كانت غلوريا الأقرب إلي الشارع فتركزت عليها العينان الرماديتان الفولاذيتان.
جاء الأمر القاطع: "ادخلي سأقلك".
كونورواي مره اخري!
يبدو أنه كان بانتظارهما خارج المكتبه ولكنه يوجه الدعوه إلي غلوريا فقط..إنه مصمم علي أن يتم حديثه معها منفردا.تقدمت مارغ الي الأمام وابتسامه عريضه علي شفتيها:
سيد كونورواي!لم نتوقع رؤيتك منتظرا خروجنا .ياللطفك لانك تدعونا لتقلنا! الدراسه مرهقه فكريا بل هي تستنزف كل طاقتنا.
عندما تسللت إلي المقعد المجاور له تجنبت النظره التي صبها عليها.
_من يرى تصرفك هذا يعرف فورا انك شقيق ريف لأنه لطيف مثلك.
بعدما جلست أخذت تفسح المجال لغلوريا المرتبكه لتصعد إلي جانبها ثم سمحت مارغ لعينيها الزرقاوين البريئتين مواجهه نظرته..
كان خط فمه خشنا بشكل مخيف فتركت عينيها تشعان ودفعت ابتسامتها الي الذبول.
تمتمت بصوت خفيض:"آه!كنت تريد أن تقل غلوريا وحدها?
لم تقصد أن تقلني أيضا.آسفه سيد كونورواي..لم اقصد أن أكون بلهاء..أتريد محادثتها علي انفراد?


قال بلهجه ساخره :"أن كان هذا لا يزعجك ذلك كثيرا 00آنسه بريسكوت0"
-لا باس 0
ترجلت من السياره وهي تهز كتفيها بخجل:
المنزل غير بعيد فطالما سرت بمفردي هذه المسافه انما لم يحدث ذلك ليلا 000
ما ان وقفت مارغ خارج السياره حتي تعلقت نظره غلوريا بتوسل في وجهها 0فابتسمت لها بلطف دون ان تعطيها الطمأنينه التي تنشدها ثم قالت تحثها:"
-هيا اصعدي 0اراك في الشقه0
-مارغ00لا000ليس بمفردي !
كان الاحتجاج الخائف يظهر بوضوح ارتباك غلوريا وخوفها من البقاء وحيده مع شقيق ريف لكن مارغ تعمدت اساءه فهمها:
-لا تكوني سخيفه غلوريا 00لن يتحرش بي احد 00فالشارع مضاء كله الا ذلك الجزء الصغير 00سأكون علي ما يرام 0
كما توقعت لم تصعد غلوريا الس السياره بل كانت متردده تتوسل مارغ بصمت حتي تنقذها 0 راح كونورواي من الداخل يلعن0
ثم قال :
-"اصعدا كلتاكما 0"
كان ظهرها نحو الباب المفتوح فغمزت لغلوريا 0لم تستطع اخفاء ابتسامه النصر0
مع انها تعرف انه نصر مؤقت0
حثت غلوريا علي الصعود الي السياره اولا ثم راح تفكيرها يبحث عن وسيله لانقاذ صديقتها حتي جلستا فلا امل لها هنا في المشاركه بالنقاش كما حدث في المنزل 0
ما ان توقفت السياره بعيدا عن حافه الطريق حتي حل الصمت المطبق الذي هدد بأن يصبح ثقيل الوطأه علي النفس 00وسرت ارتعاشه لم تستطع منعها فوق كتفي غلوريا التي اشارت الي مارغ بعدم السماح للرجل بالسيطره عليهما0
قالت مارغ:"
اظن ان الجانب الرومانسي في يجعلني اري ان حفلات الزفاف مثيره جدا"0
سمعت صوتا يدل علي الأشمئزاز يخرج من حنجره كونورواي وابتسمت مطمئنه في الظلام0
لقد وعدني ريف بأن أكون "أشبينتها " 000أعرف أنه سيطلب منك أن تكون أشبينه 0 ولهذا أراني مسروره بالتعرف اليك قبل حفل الزفاف 00كنا نتحدث عن الألوان التي علي غلوريا
اختيارها 00تريد اللونين الأخضر وألأصفر المفضلان عندها ولكنني أفكر في الأصفر والأحمر أو الأخضر والأبيض 00فما رأيك سيد كونورواي؟
أقتربت الي الأمام وكأنها مهتمه حقا برده0ثم اردفت قبل ان يرد :"هل تعتقد ان هذا يتوقف علي موعد الزفاف 00فألأصفر والأبيض لا يناسبان الشتاء 0 مع انني اشك في انهما سينتظران حتي الشتاء0
جعلتها تفاهه حديثها تصاب بالغثيان00
كانت تعرف ان كونورواي يراها شقراء سخيفه بليده الحس 0في هذه اللحظات كان اهتمامها منصبا فقط علي حمايه غلوريا اطول مده ممكنه فالمسافه ما بين المكتبه ومسكنهما قصيره جدا 00
توقفت السياره أمام المبنى.. فأسرعت مارغ تقول بسعاده:
_شكرا لانك أوصلتنا سيد كونورواي
تلقت هزه رأس خفيفه ردا على كلامها
ألقت مارغ تحية سريعه ثم ترجلت من السيارة .أرادت أن تركض إلى الباب الأمامي ولكنها جاهدت للتباطؤقليلا وما ان اغلقت الباب وراءها حتى هرعت إلى غرفة الهاتف الصغيرة..
جعل الانفعال أصابعها ترتجف .زجربت الرقم مرتين قبل ان تطلبه بدقة
_ريف كونورواي هنا
_ريف أنا مارغ
كانت دهشته واضحه:
_مارغ؟ما الخطب ؟هل أصاب غلوريا مكروها؟
_اجل بطريقة ما.زليس لدي وقت طويل لأشرح لك .أخوك هنا
_كونورواي؟اللعنة عليه!
فهمت مارغ ان كونورواي اوضح لأخيه رأيه بخطوبته في الصباح.وهذا يعني أنها لن تضطر إلى شرح مطول .سحب نفساَعميقاَ, عليها أن تعلمه بمعرفتها بعدم موافقة اخيه على الخطوبة:
_إنه وغلوريا خارج المنزل الآن.أنا مؤمنة أنه يقول لها إن خطوبتكما خطوة غير حكيمة..لم تشأ غلوريا أن تعرف أنت
بالأمر..لذلك أريد منك عندما تناديها لأقول لها إنك على الهاتف
ان تتظاهربأنك المتصل.
رد ريف متجهماَ:"سأهتم بالأمر"
وضعت السماعه جانباَ ثم هرعت الى السيارة خافقة القلب فانحنت نحو النافذه0
-غلوريا اتصل ريف وهو يريد محادثتك0
في صوتها أثر للأنتصار00وقد ازداد هذا الأحساس عندما رأت الألاتياح الذي انبسط علي اسارير صديقتها 0
انطلقت غلوريا كالرصاص الي خارج السياره غير عابئه بالقاء كلمه وداع للرجل المتجهم الوجه القاعد خلف المقود 0ولكن مارغ لم تستطع مقاومه النظر اليه000في بعض الأوقات يحب المرء صب الملح فوق الجرح0
قالت بعذوبه:"
-ربما ترغب في محادثه ريف سيد كونورواي؟
اشتد ضغط فمه :"لا000آنسه بريسكوت 00لا ارغب"0
شغل المحرك ثم انطلق بالسياره00فأقفلت مارغباب السيارهوالرضى يشع من عينيها الزرقاوين اللتين راحتا تراقبان أنوار السيارهالمتواريه مهزومه هذه المره0
عادت الي المبني بخطوات كسوله 000وهناك رأت ابتسامه سعيده تشع من وجه غلورياالباكي فعرفت ان ريف بذل جهده ليقنعها بحبه 0لقد فشلت اولى محاولات كونورواي فهل سيكرر المحاوله ثانيه؟
ارتفع حاجبها البني الرفيع بريبه 0أجل سيفعل ذلك علي الأرجح 0
لم تعتد مارغ علي ان تسأل غلوريا عما يقوله ريف لها فغلوريا انسانه منطويه علي ذاتها عندما يتعلق الامر بمشاعرها الداخليه وترفض التطفل0

انتهت الأمسيه بالتأكيد علي ان العشاء في الأمسيه التاليه دفع علي مارغ المشاركه به خاصه بعد ما دعت كونورواي اليه0
ما ان حل الموعد حتي اكتشفت مارغ انها ويا للغرابه تتطلع شوقا الي لقاء آخر مع كونورواي00ولكنها عزت السبب الي فضولها 0فمن المثير للأهتمام ان تعرف ماهي خططه بعدما واجه جبهه متحده 0لقد فشل في فصل غلوريا عن ريف وعنها فهل سيحاول مواجهه الثلاثه معا ؟
ابلغت مرآه جدار الفندق مارغ انها اختارت ملابسها بعنايه فائقه فقد اعطاها فستانها البسيط جوا من البراءه فيما القي لونه الازوردي تأثيره علي عينيها الزرقاوين 000
التقطت ابتسامه ريف الدافئه في المرآه وردت عليها كانا رفاق سلاح اتحدا من اجل حمايه الفتاه الصغيره ذات الشعرالغامق الماشيه بينهما0
-أين هو؟
في سؤال غلوريا نرفزه ظاهره فعيناها تجوبان ردهه الانتظار بما فيها السلم المفتوح بحثا عن الرجل الذي جاءوا لملاقاته اشتدت ذراع ريف حول خصرها0
- قال كونورواي انه سيلقانا في الصاله 0
- سألت مارغ:" اليس لأخيك اسما صغيرا؟"0
- اجل00اسمه رايد000لكنني لا اذكر متي ناداه احد بهذا الأسم وانا لا انصح بأن تناديه رايد الا اذا اردت ان تصبحي ضفدعه في ناظريه0انه يكره الاسم0
- رايد؟لكنه اسم رائع0
- اسمته امي بأسم ابيها الذي كانت معجبه به0
- دس يده تحت مرفق غلوريا ومد يده الأخري ليفتح باب الصاله 0 رغبت مارغ في الأستفسار عن تلك المسأله الغريبه00
ولكن لا وقت لديها لمناقشه تاريخ أسره كونورواي فقد دخلوا الي الصاله حيث كان شقيق ريف منتظرا 0
ألقت عيناها علي الأشخاص الموجودين في الصاله فلم تره بينهم 0
ومض نور ثقاب في مقصوره ما في الزاويه أضفي نورا ذهبيا علي الشعر الأسود العقيقي وعلي القسمات السمراء 0
شعرت مارغ بأن ريف رأي أخاه ايضا0تلاقت عيونهما من فوق رأس غلوريا لتقول لها عيناه فلننه الأمر 0اقتادت اليد التي تلف الخصر النحيل غلوريا الي المقصوره0
انبأ لمارغ حدسها بأن كونورواي رآهم حالما دخلوا0مع انه لم يعترف بوجودهم حتي اقتربوا منه في تلك اللحظه نهض برشاقه لملاقاتهم0
لم يكن يرتدي الستره المزينه بجلد الغنم او الجينز ولم يكن منتعلا الحذاء العالي الساقين وأدركت مارغ متأخره أن مظهره أثر فيها كثيرا في لقائهما السابق 00ولم تكن تتوقع المكر والدهاء اللذين تراهماالآن 0 لو نظر غريب الي هذا الرجل المرتدي سروالا رماديا وستره سوداءفوق قميص أبيض لظنه مدير اعمال 0ولما وثق ابدا علي تصنيف مارغ له عندما كان مرتديا ثياب الرعاه تلك لقد اساءت تقديره وهذه غلطه لن تكررها ابدا0
تجاهلت العينان الرماديتان المعدنيتان مارغ وغلوريا وانصبتا علي عينى شقيقه0أجبره ريف علي العتراف بوجودهما بتقديمهما رسميا 0صحب ذلك ابتسامه ساخره اعتلت الفم القاسي لكن النظره الموجهه باختصار الي مارغ وغلوريا كانت متحفظه وخاليه من المشاعر0
قال بلطف :"هلا جلسنا"0
تاكدت مارغ بخبث من الجلوس قرب كونورواي 00ولكن اليس من الطبيعي ان يرغب ريف في الجلوس قرب غلوريا 00ان مارغ تمنت لو اختار الجلوس قرب شقيقه؟
كانت رغبتها في الألتصاق بالجدار قويه لا تقاوم فقد بدأت راحتا يديها بالتعرق ولكنها أجبرت نفسها علي الأسترخاء والتوقف عن الخوف من الرجل الجالس قربها 0لقد تلاعبت به بكل سهوله
بالأمس لذا لاسبب يدعوها إلى الخوف من عدم قدرتها على تكرار ذلك إن دعت الحاجه
سأل ريف حتى يكسر الصمت عن المزرعه فتلقى رداَ مهماَ
من كونورواي .نظرت مارغ بسرعة إلى وجه صديقتها الشاحب
متوقعة أن يكون الحديث التالي عن الطقس
بعد ما سجلت الساقية طلباتهم ,لاحظت مارغ نفاذ الصبر يعتمر
وجه ريف أما كونورواي فلم يكن غاضباَ..بل الواقع أنه بدا قانعاَ بإ قلاقهم 0
قالت مارغ بعدما تلقت ردا مختصرا من كونورواي علي سؤال لريف:
-هل لي بسيكاره؟
كان ريف يمد يده الي جيبه عندما أخرجت يد الرجل الجالس قربها سيكاره من العلبه وقدمتها لها0 هل ما شاهدته في عمق عينى كونورواي الرماديتين شئ من التسليه ؟أعرف أن طلبها للسيكاره حيله للتخفيف من حده تعبير ريف والهاء غضبه المتصاعد؟
رفضت بأبتسامه هادئه:
-لا00شكرا لك0
أصبحت علبه ريف أمامها 00فأخذت واحده منها تشرح سبب الرفض بخفه مدروسه:
-أفضل السكائر ذات الفيلتر فالنوع الذي تدخنه سيد كونورواي يلتصق تبغه بأحمر الشفاه:
-أحسد التبغ!
اضطرب نبض في عنقها وهي تنظر عن غير قصد الي فمه القاسي 0
سمعت هسيس ثقاب ثم شاهدت اصابعه تلتف حول الشعله ليقدمها اليها 00ابتعدت عيناها بطريقه لا اراديه عن بريق السخريه في عينيه 00لا يمكنه قراءه افكارها000أحنت رأسها الذهبي فلامست طرف سيكارتها الشعله 0
عندما وصلت المرطبات انشغل الجميع بها مؤقتا كلما امعنت مارغ في ملاحظه كونورواي المكشوفه ازدادت اقتناعا بأنها لم تكن محاوله لمغازلتها فليس كونورواي من الصنف العابث 0لقد كان يقرر امرا واقعا 0 لطالما اطراها الرجال فلماذا تزعجها ملاحظته العابره عن جمالها ؟ان هذا غير منطقي 0
التفت اصابعها حول الكأس البارده أمامها وابتسمت لغلوريا التي كانت تنظر باضطراب الي ريف 0أخذ يخزها التيار الكهربائي المنبعث من الرجل الجالس فرفعت كأسها :
-أريد أن أقترح نخبا0000نخب السيد والسيده ريف كونورواي
العتيدين0
رأت كونورواي بطرف عينها يرجع الي الوراء وكأنه يبعد نفسه عن المجموعه00تسلل لون وردي خجول الي وجنتي غلوريا وهي تنظر الي وجه ريف المبتسم عبر أهدابها السوداء00جعل انعكاس الأحراج شرارات الحب في عينيها ملموسه 0تلاقت ثلاثكؤؤس فوق المائده لكن غياب الرابع كان بارزا0تلاشت البسمه اللطيفه علي وجه ريفثم تصادمت عيناه بعينى أخيه 0لم يقرب ريف الكأس الي فمه بل قال بحزم :
-كونورواي؟
لم يتأثر كونوراي بالتأنيب القاسى بل بدا مستريحا واثقا من نفسه0
قال في رد وقح غير لطيف:
- لقد جعلت من عدم رضاى عن خطوبتك واضحه 00فلا تتوقع مني شرب نخبها ريف00
- لكنها حياتى 00ولي ملء الحق بتسييرها كما اريد0
- ولي كونك أخاك الأكبر الحق بالتدخل أو الحق بأبداء رأيى علي الأقل ان كنت مصمما علي الزواج بهذه الفتاه فلن استطيع منعك 0ولكنني أستطيع سحب دعمي لك بل هذا ما سأفعله0
- صاح ريف : هذا ظلم كونورواي 00المال مخصص لتعليمي
- ولكن من سوء حظك أن والدنا اعطاني الحق الحصري بالنسبه للمال حتي تبلغ الثلاثين0
كان الصوت الخفيض كسولا هادئا عندما كشف صاحبه عن اوراقه ولكن ريف أجاب بأن أحاط كتفي غلوريا بضمها اليه:
- قد تصاب بصدمه فأنا وغلوريا قادران علي النجاح بدون دعمك وهذا يعني التضحيه من كلانا 0 سنعمل فتره معينه وسنحاول تسديد اقساط الجامعه شيئا فشيئا صدقني سننجح0
- سأل كونورواي ساخرا:"وتحافظ علي درجتك العلميه التي تنالها حاليا ؟"
- ربما سأتأخر 0أنما في النهايه سنتخرج0
- ياله من موقف نبيل !الكفاح بمفردكما حتي النهايه لكن الواقع القاسي أنكما ستكونان مشغولين بالكفاح لتبقيا علي قيد الحياه وستمر أرع سنوات أو خمس قبل أن تدرك غلطتك 0انتما ببساطه غير منسجمين وحتي ذلك الوقت قد ترزقان بطفل 00أنا وأنت ريف نعرف كيف تكون الحياه قاسيه مع ابوين منفصلين0
رد ريف بشراسه :"أنا وغلوريا منسجمان كل الأنسجام وحبنا الي ذلك قوى "0
رد بهدوء أصمت ريف:"هذا ما ادعياه والدانا"0
لم يعد ريف قادرا علي ملاقاه نظره اخيه وهذا دليل مؤكد علي أن قول كونورواي قد لمس وترا حساسا لدي ريف00وترك الأخ الأكبرالصمت المشحون يستقر بثقله علي المائده قبل ان يضيف بهدوء:
-أنا لا احاول تعسير الأمور000بل أحاول الاحتكام الي المنطق ريف000هذا ليس الوقت المناسب لربط نفسك بزوجه00ليس لأنك صغير السن بل لأنك في السنوات القليله القادمه بحاجه الي تخصيص وقتك لدراستك ومستقبلك000فتهمل بذلك ما يحق للزوجه من اهتمام أو العكس000توقيتك خاطئ ريف000انت تتوقع الزواج بعينين مغمضتين 0افتحهما 000وتأكد أنك لا تمزج بين الرغبه والحب 000عاشرها اجعلها خليلتك 0أنما لا تكن غبيا وتتزوجها 0
أصبح وجه غلوريا الرمادي قرمزيا 000وتساءلت مارغ لماذا اعتقدت انه سيكون أقل وقاحه بوجود الثلاثه معا000كان ريف قد بدأ يصغي الي جدال أخيه ولكن قله الأحترام في كلامه الأخير لحسن الحظ أزالت أثر الممرات الداخليه التي بدأ يشقها في نفس أخيه000
لم يحاول ريف اخفاء غضبه:
- لو ازعجت نفسك بالتعرف الي غلوريا لما تسرعت في أهانتها!
- لم أدع قط أنني ذلك اللبق في هذه العائله00اسمع ستهدر وقتك وجهدك في الدفاع عن شرف هذه الفتاه أمامي00أن وجدت انك بحاجه الي القيام بشئ ما فاذهب وهيئ لنا مائده في غرفه الطعام00
سادت لحظه صمت مشتعله قبل ان يقف ريف مشيرا الي غلوريا حتي ترافقه وكان أن نسيا أمر مارغ 0تفرست بالرماد المتجمع في نهايه سيكارتها وأفكار مجرمه تتسابق الي ذهنها 00
التفت كونورواي متحديا بصوت هادئ0
-حسنا00آنسه بريسكوت ؟
-نعم؟
-من الواضح أنك تؤازرين هذه الخطوبه000ألن تدافعي عن صديقتك؟
-لا رغبه لدي في تكذيبك بفظاظه000لكنني أرى ثلاثه اشياء تتعلق بهما هناك رغبه جسديه لكن مشاعرهما قويه وعميقه وأظن أن شخصيه كل منهما تكمل الأخرى وتفي بحاجاتهما الأساسيه0
-عمل ريف الي وراثه جدنا00فهو ذو طموحات سياسيه فهل تتصورين غلوريا زوجه سياسي؟سيكون خجلها وجبنها مشكله بعد عده سنوات0
نفضت مارغ ببطء رماد سيكارتها غير قادلره علي ملاقاه عينيه لئلا تفصح عيناها الموافقه الجزئيه0
-يجب ان يتزوج ريف في النهايه فتاة مثلك قادره علي ان تكون عون له علي مستقبله 0
غضنت تقطيبه ارتباك جبينها وهي ترجع خصله من شعرها الذهبىالي ما وراء اذنها0
سألت:"مثلي؟"
- أمرأه جذابه000جميله تكون مضيفته التي ستستقبل جميع الشخصيات المهمه0
أحنت مارغ رأسها الي جانب واحد وكأنها تفكر في ما يقول:
-حقا ؟من الغريب كيف تتضارب آراؤنا0 كلما رأيت رجلا في مكتب عام يساورني الأحساس بأنه فقد أتصاله بالناس العاديين0
وأضف الي هذا أن ريف برأيي يفضل زوجه منتظره في البيت لا زوجه تشاركه العمل0
ضاقت مره اخري الأهداب السوداء فأسدلت ستاره علي عينيه لا يمكن اختراقها0
-هذا رأي مثير للأهتمام0أنت مقتنعه بأن زواجهما سيحقق النجاح؟
-بل سيكون ناجحا جدا0
-وهل تؤيدينزواج طالبين لم يبرحا مقاعد الدراسه؟أترضين أن تعيله غلوريا وتعيل نفسها بضع سنوات حتي ينال درجته الجامعيه؟أن هذا ضغط كبير علي الزواج000ألاتوافقيني الرأى؟
هزت مارغرأسها وبريق المعركه في عينيها الزرقاوين أجبرت نفسها علي الأبتسام لأخفاء العدائيه التي أثارها فيها0
-أجل 000ولكن لو ساعدتهما لما احتاجا الي الكثير من الكفاح00
-أهذا ما علي القيام به برأيك؟
كان كونوراي يستند الي الخلف بحيث زادت الظلال عمق لون شعره الأسود00لقد اضاء قسماته القويه الصارمه نور خفيف فقط000جعلها تفرس عينيه الجريئتين تحس بلسحر البدائي الذي يملكه000وتسارعت نبضات قلبها الذي تأثر بسحر رجولته الغامره0
أشاحت رأسها وتظاهرت بالتركيز علي اطفاء السيكاره00
يجب ان تتحرر من جاذبيه نظرته النغناطيسيه0
-لن أدعي أبدا أنني أقول لك ما يجب أن تفعل 0
ضحكت بصوت منخفض موحيه بأن الفكره سخيفه0
-ألن تدعي؟
قيلت الكلمات الساخره بصوت منخفض لم تكن مارغ واثقه أنها سمعت أم تخيلتها00ولكن عندما تكلم ثانيه لم يكن هناك مجال للخطأ أذ كان صوته واضحا وهادئا:
-لكنك قد لا تخالفيني الرأي لو قلت أنك تفضلين أن أتعرف الي غلوريا بشكل افضل قبل أن أتخذ قراري النهائي0
-بالتأكيد لن أخالفك الرأى فليس هناك ماهو أسوأ من النفوربين أخوه00لو تعرف أن غلوريا ستتألم كثيرا في ما لو سببت المزيد من الجدال بينك وبين ريف0
وهذه بكل تأكيد الحقيقه000فغلوريا أكثر من حساسه
:-وأنا لا اريدهما أن يقوما بما هو غبي كالفراروالزواج سرا0
كانت العينان النافذتان منصبتين علي وجهها ووجدت أن من الأفضل لو أنه يعتقد انها تتكلم بحكمه البسطاء وأنها لا تحاول تهديده لكي يغير رأيه0
طافت نظره عميقه بوجه مارغ ثم مد كونورواي يده ليمسك الكأس البارده أمامه00شرب العصير وأعاد الكأس الفارغه
الي المائده ثم قال مقترحا:
-هل نذهب للبحث عن ريف وصديقتك000ربما قررا تناول العشاء بدوننا0
هزت مارغ رأسها موافقه انتظرت حتي وقف لتخرج من المقصوره 00ألقت عيناه نظره شامله عليها وهي ولقفه قربه ولمستها يده لم تقودها مباشره لكنها كانت تشعر بوضوح بالرجل الذي يرافقها!

تمارااا 24-01-09 04:57 PM

ذئب وحيد

كان الحديث على العشاء رسميا وكان بالإمكان إن يريح التوتر بضعة تعليقات لطيفة من جانب كونورواي ، ولكنه لم يقم بها، لقد ظنت مارغ إن كلامها قد ترك اثرآ في نفسه ...ولكن نظرة واحدة إليه أكدت لها أن ماقالته لم يغير شيئا من موقفه بشان خطوبة غلوريا وريف.
منتديات ليلاس
ولكن الحسن في الأمر انه لم تتم أي مواجهة أخرى....اعتقدت مارغ أن السبب اعتقاد كونورواي انه دفع ريف إلى ابعد حدود قد يجرؤ عليها ، ولكن هدفه الاساسي كان إتعاس غلوريا وقد نجح...لا تتذكر مارغ أنها رأت وجه صديقتها مضطربا هكذا.
عندما كان كونورواي منشغلا بتسديد الفاتوره ، قررت مارغ أن تترك الخطيبين بمفردهما ، ستستقل سيارة أجرة وتعود بها إلى الشقة .
قالت بهدوء:
-ريف...لماذا لاتنطلقان معآ.؟ لاتخشيا علي سأتدبر أمري..
بدت الراحة في عيني ريف:
-أهذا ماتريدينه حقآ؟
ابتسمت "انه اقتراحي"
فتحت غلوريا فمها لتحتج ولكن كونورواي ارتد متحركآ نحوهم ، كانت خطواته الكسولة الخادعة تقطع المسافة بسرعه، نظر الأخ الأكبر إلى ريف وغلوريا نظرة ساخرة ثم قال :
-نلتقي هنا في السابعة لتناول الفطور ريف ، وذلك قبل أن أتوجه إلى المزرعة
لم يكن مجرد اقتراح بل امرآ ، زادت مارغ من الصر على شفتيها بسبب هذا التسلط ، ولكنها بسطت شفتيها بابتسامه حالما التفتت العينان الرماديتان إليها:
انحنى راسه المتعجرف الأسود ،مودعآ "آنسه بريسكوت"
-عمت مساء سيد كونورواي
افترقوا في بهو الفندق ، حالما اختفى كونورواي عائدآ إلى غرفته ، عرض ريف أن يقلها ، ولكنها رفضت بخفة . فأصرا على الانتظار حتى اتصلت مارغ بشركة تاكسيات وتلقت تاكيدآ بأن السيارة قادمة حالا .
انطلقت سيارة ريف من موقف سيارات الفندق ، ووقفت مارغ تراقب من وراء الزجاج راس غلوريا الأسود قرب كتف سائقها ...أن طريق الحب الصادق غير مفروشة ابدآ بالورود ، أليس هذا مايقال ؟
إن حبهما صادق..
-لاتقولي لي إنهما نسيا اصطحابك معهما..؟
ارتدت بحدة تركز عينيها المذعورتين على كونورواي ..كانت إحدى ذراعيه تفتح السترة واليد الأخرى في جيب سرواله ..أضاف بلهجة ساخرة:
-أم تراك رتبت أمر تركك هنا..؟
فقدت لبرهة القدرة على الكلام ، ارتفعت يدها إلى حنجرتها وتمكنت من إصدار ضحكة حادة..:
-لقد أخفتني..!
علق شعرها في ياقة معطفها الخفيف ، فحررته ثم أردفت:
-لن يعود ريف وغلوريا مباشرة إلى المنزل ، لذا قررت أعود بالتاكسي ...فانا لا أحب أن أكون عذولا...
كان صوتها خفيضآ ومقطوع الانفاس بشكل غريب ...هو لا يعتقد أنها بقيت على أمل رؤيته مجددآ
-اشك في أن تكوني أنت "العذول"
شدد على كلمة "أنت" ، ثم أضاف:
-لكن لم يكن هناك حاجة لطلب التاكسي ...انوي القيام بنزهة في السيارة...سأقلك
-لاداعي لهذا.......فالتاكسي في طريقه اليّ
نظرت بسرعه من الزجاج ، فلمحت أنوار سيارة تنعطف تجاه الفندق.
-في الواقع أنها هنا الآن ...اشكر لك عرضك على أي حال
قبل أن تمد يدها إلى مسكة الباب ، كانت ذراعه أمامها لتفتحه لها ، عندما مرت من تحت ذراعه نظرت لا اراديا إلى عينيه الرماديتين اللتين لاتعكسان إلا صورتها ، كان سائق السياره قد اقترب من الباب حالما خرجت إلى الممر الخارجي وكان كونورواي وراءها مباشرة .
-هل طلبتما تاكسيآ؟
ردت مارغ بسرعه "اجل"
أطبقت يد كونورواي على مرفقها وقال:
-لكن السيدة لن تحتاج إلى سيارة أجره
دس ورقة نقدية في يد السائق
-هذه مقابل أتعابك
نظر السائق إلى الورقة النقدية فتهلل وجهه
-شكرآ سيدي
سرعان ما اختفت الورقة في جيبه ، ومضى في حال سبيله
تحركت شفتا مارغ لتحتج إنما من غير المجدي مواجهة هذا الرجل، ومن الأفضل قبول عرضه بهدوء بدون افتعال ضجة ..قالت وهو يقودها إلى موقف السيارات:
-لعلني لم أبعدك عن طريقك سيد كونورواي
-ابدآ....آنسه بريسكوت
في صوته نبرة سخريه...
-لم احدد الجهة التي سأسلكها ، أضيق عادة بالأماكن المقفلة في المدينة
فتح لها باب السيارة ، ولم تعلق على ماقال حتى استوى إلى مقعده
-لكنك تبدو منسجمآ مع محيط المدينه
ضاقت عيناها على سرواله الرمادي الرائع التفصيل وعلى سترته السوداء وكنزته البيضاء ..التفتت نظرته إليها بسرعه قبل أن ينظر إلى الخلف ليرجع السياره
-أتعتقدين أن الثياب تصنع الرجل...آنسه بريسكوت ؟
عارضته لا اراديآ "مارغ ..ولكنك لاتبدو متضايقآ منها "
-هذا غريب ...مارغ! خلتك تدركين أن الذئب ذئب حتى وهو في ثياب حمل
تخلت عن واجهة البراءة ، واحتد لسانها:
-وهل أنت ذئب...سيد كونورواي؟
-ناديني كونورواي فقط....أنا ذئب مستوحد يفضل السفر بدون حقيبة أو رفيقه
ارتدت مارغ إلى الوراء ..أيحذرها..؟ أيظنها تلقي شباكها عليه ؟ بالتأكيد لا ! إذ لم تحاول إعطاءه إشارة إلى اهتمامها به
ربما هو معتاد على أن تلاحقه النساء ..فثمة عدد كبير من النساء ينجذبن إلى مثل هذا الرجل الخطير ، والفوز به في رأيهن تحد كبير..في ظل ظروف مختلفة لحاولت هي التجربة من قبيل الاستمتاع بالأمر.
وجهت بصرها إلى الخارج متظاهرة بالاهتمام بالمناظر التي تمر بها..بدا لها أن الصمت طريقة لإنهاء هذا الحديث الشخصي الغامض.
لكن كونورواي لم يترك الصمت يطول "هل أنت من مونتانا..؟"
-اجل...يعيش أبواي في "ويست يلوستون" حيث ولدت وترعرعت
-إذن أنتي معتادة على المناظر الخلابة؟
-وهل يعتاد احد عليها ؟ لا اعتقد
ابتسمت بشكل طبيعي
-الديك أشقاء وشقيقات ؟
-أربعه ثلاثة أشقاء وشقيقة واحده
أدار المقود لينعطف:
-اكبر منك أم اصغر؟
-لدي شقيق اكبر مني بسنتين ، أما الآخرون فاصغر مني
نظرت بسرعه إلى وجهه المستدير ، مستغربة اهتمامه بعائلتها
-آدم وهو أخي الأكبر الوحيد المتزوج بيننا، التقى زوجته عندما عمل في كالفورنيا ..اتصل بأهلي ذات ليلة قائلا انه تزوج ..فصدمنا الخبر جميعا ..ولكن ما أن أتيحت لنا فرصة لقاء زوجته جولي حتى أحببناها
أدار راسه قليلا ، ناظرآ إلى وجهها قبل أن يقول بفظاظة :
لم يكن المكر قط فضيلة من فضائلك ، أليس كذلك؟
ردت ، وشرر خبيث يتطاير من عينيها اللازورديتين :
-لكنني لم أتقاعس قط عن المثابرة
-أخوك هو شانك أنت أما أخي فهو شأني أنا
كان فمه خطآ قاسيا أما خطوط قسماته الصارمه فلم تتحرك قيد أنمله أمام محاولة الاقتناع المغلفة بالعسل ، سرت فيها رعشة خوف لاتعرف سببها ، فمنذ رأت كونورواي وشئ غير ملموس يقلقها ، ففي هذا الرجل شئ ما يميزه عن أي رجل عرفته سابقآ...في هذه اللحظة بالذات عرفت ماهو
لم يعجب كونورواي بها ، ليس لأنها جميله أو لأنه يعتقدها غبية ، بل لأنها امرأة ..أمسكت مارغ نفسها تاركة أفكارها تستوعب هذا الاكتشاف ، يكره كونورواي النساء....لا...ليست الكراهية الكلمة المناسبة ..انه يحتقرهن ويسخر من توق أرواحهن إلى العاطفة..إنما ما السبب؟
طفولته مختلفة عن طفولة ريف الذي لاتراه يحمل أي جرح عاطفي من جراء انفصال أبويهما الذي أشار إليه كونورواي باختصار , فهل وقع في حب امرأة نبذته في وقت ما ؟
هذا ممكن انه رجل مشبوب العاطفه إنما قوي لايرحم انه عكس ريف
مررت مارغ يدها على عينيها ..هل البصيرة النافذة نعمة أم نقمه ؟ لاتريد أن تعرف مثل هذه الأشياء عنه ...بل لاتريد أصلا أن تفكر فيها
أجبرت عينيها على التركيز على المناظر الخارجية ..كانا قد توجها نحو شارع بلدة هيلينا الرئيسي
كان قديما قناة محاطة بالصبار وقد ظل على تلك الحال حتى وصل أربعة أشخاص يبحثون عن الثراء في تموز عام 1864 وجد الأربعة الذهب وما أن حل الخريف ، حتى اكتظت المنطقة بالمستوطنات ومنذ ذاك الوقت أطلق على المنطقة اسم "لاست تشانس غوتس" أي قناة الحظ الأخير
وولدت المدينة ولكن الاسم لم يكن مشرفآ فحوله المواطنون الى هيليلنا ، وسموا الشارع الرئيسي الذي استخرج منه عشرين مليون دولار من الذهب بقناة الحظ الأخير
-فيم تفكرين..؟
قطع كونورواي الصمت مجددا ..استطاعت مارغ أن تحس بلمسة عينيه الباردتين ولكنها لم تبعد عينيها عن الشارع المضاء
هزت كتفيها ترد عليه "بالمدينة وتاريخها"
سرت قشعريرة في جسمها وتمنت لو لم تقابله يوما
-حقآ؟
أبطأت السيارة سيرها لتتوقف أمام مدخل المبنى السكني .أطفأ المحرك والتفت إليها ، طاف البريق المعدني فوق شعرها الذهبي الذي زاده لهيبا الأضواء في الشارع
امتدت ذراعه بإهمال إلى ظهر المقعد بحيث لم تكن تبعد الا انشات عن راسها..فتوترت قليلا واستجابت إلى الغريزه التي نبهتها أن تتصرف بحذر
قال بصوت هامس ساخر :
-خلتك تفكرين في طريقة جديده للتلاعب بي لاغير رايي؟
ابتلعت ريقها "أتلاعب بك"
رفرفت جفونها
-أليس هذا مافعلته منذ التقينا..؟
-لا افهم قصدك
عرّت نظرته القاطعة واجهة البراءة والسذاجة وكانت عاجزة عن منعه
-أتعني محاولتي إقناعك بإعطاء غلوريا وريف فرصه..؟ اعترف إذن إنني فعلت
ابتسم برود:
-أتتوقعين حقا أن اصدق انك بريئة كما تحاولين الظهور
رفرفت أهدابها مجددآ بارتباك:
-أنت تدور وتدور في الكلام، لا افهم ماتقول
-تمثيلك رائع ..إنما للذكاء طريقه في إظهار نفسه
-تمثيلي..؟
تعلم انه أصاب ولكن أن توقفت عن تمثيل دور الشقراء البلهاء انتهى بها الأمر إلى فقدان أعصابها وعندئذ ستقول له بالضبط ماتظنه بعجرفته ، وهذا الغضب لن يفيد غلوريا وريف ابدآ، مع انه بكل تأكيد سينفس شئ من إحباطها
مدت يدها إلى مسكة الباب:
-سيد كونورواي أنا لا افهم كلامك ...من الأفضل أن ادخل المبنى
لكن الباب كان مقفلا ..فتشت عن زر الفتح قبل أن تعي انه من جهة السائق..التفتت إليه مضطره :
-هل سمحت بأن تفتح الباب ......أرجوك؟
قوبل طلبها بصمت وبنظرة رضى عن النفس...التوى فمه بسخريه:
-كيف تتمكن الفراشات من سرقة هذه الكمية من رحيق الإزهار ثم تبقى ذات مظهر بريء ؟
لم يكن ينتظر ردآ..؟
فراشه..! سرت الكلمة كالبرد فوق بشرتها ، فاقشعر جسمها ، بالأمس فقط استخدمت الاسم نفسه لتصف نفسها ..وها كونورواي يختار الاسم ذاته ، أهي مصادفه ..؟ أم بينهما شئ غامض
-لماذا...لماذا...قلت فراشه؟
اضطرت إلى طرح السؤال ،كانت مقطوعة الأنفاس مذهولة
أجاب ببطء وعجرفه :
-لأنك ضعيفة كالفراشة ومثابرة وجميلة مثلها
إن نبرة صوته تدينها و لا تطريها ، تسمرت مارغ كالفراشة التي أطلق اسمها عليها،وسمرتها نظرته الفولاذية الحد
قال هامسآ:
-طالما تساءلت ما إذا كان العسل أحلى منك ؟
تراقصت خفقات قلبها بسبب هذه الكلمات
ومض بريق ساخر في عينيه عندما رأى تأثرها بسحر كلماته ، نظر إليها نظرة كادت تخترق أعماقها فأحست بطنين في إذنيها وبنيران حارة من الإذلال تتسابق إلى شرايينها ، ثم شعرت وكأن قلبها سيتحطم تحت عنف نظرته
غضت طرفها بتعب وانهزام فانسدل شعرها الذهبي الأشعث إلى الإمام ،ليخفي نيران الإذلال في وجهها
التوت شفتاه بابتسامة ساخرة :
-من منا الأقوى... آنسه بريسكوت؟
همست كافحيح وقد انطلقت السنه لهب زرقاء من عينيها :
-جسديآ......انت.؟
لكن كونورواي من فولاذ، لا من خشب ، والنار المندفعه من عينيها ارتدت دون ان تؤذي هدفها
اشتدت الاخاديد حول فمه عميقآ..وحذرها بصوت بارد:
-لاتظني ابدآ ان الفرق بيننا جسدي فقط؟
استوى من جديد في مقعده ، امتدت يده الى لوحة العدادات ، تبعتها تكتكه لباب السياره الذي انفتح
-عمت مساء.....آنسه بريسكوت
عندما ترجلت من السياره كانت ساقاها ترتجفان ، لكنه لم يحطم معنوياتها ، فما ان اصبحت بينهما مسافة آمنه حتى استدارت تمسك الباب المفتوح ، وتميل الى الاسفل وتحدق اليه :
لاتظن ابدآ ان الامر انتهى بيننا عند هذا الحد كونورواي ...سابذل جهدي ليتم زواج غلوريا ورف في اسرع وقت ممكن!
رمت قفاز التحدي في وجهه وصفقت الباب ثم اتجهت بحده نحو المبنى
سارعت خطواتها ظنآ منها انه سيلحق بها ، حبست انفاسها ولم تطلقها حتى سمعت هدير مولد السياره...كانت كلمات جريئه تفوهت بها لكنها عازمة على تحقيقها
عادت غلوريا في وقت ما بعد منتصف الليل ، كانت مارغ في سريرها تتظاهر بالنوم إذ كان فكرها مشغولا بأفكار انتقاميه حاقده تشك في أن تتمكن من كبحها أمام حديث ليلي ...ولكن من حسن حظها لم تحاول صديقتها إيقاظها
حمل معه الصباح فرحة كبيرة ذلك أنها عرفة أن كونورواي مغادر المدينه ، نامت مارغ ليلا نومآ متقطعآ سببه ذكرى تأثيره فيها...بدت غلوريا بدورها أكثر استرخاء واقل تعبا عندما استعدت لمقابلة ريف
قوست ظهرها ، ومددت عضلاتها المتشنجه ، فلم تستطع مارغ إلا التساؤل عما جرى في لقاء ريف وكنورواي هذا الصباح ، كانت متأكده من أمر واحد قد يرشح عن هذا اللقاء وهو إصرار كونورواي على موقفه.
رفرفت عينيه متعبه وتفكيرها منصب على المهمه التي بين يديها ، لوكانت تركز على ماتفعل لانهت البحث التفصيلي منذ ساعه،وبخت نفسها ،لتجبر نظرها على التركيز على الورق الملتف على الآلة الكاتبه.
فيما كانت تنزع الورقة الخاليه من الأخطاء،انفتح باب ردهة المبنى , فالتفتت مارغ فإذا بها غلوريا تدخل الغرفه.
استقبلت صديقتها بابتسامة وتنهد :
-توقيت رائع غلوريا ، أنها الصفحة الأخيرة والآلة الكاتبة كلها لك
-لقد أحضرت لك سندويشا ومرطبا ...الست جائعه؟
جمعت مارغ أوراقها ووضعتها في ملف ، ثم فوق السرير وهي تقول :
- أنتي منقذتي
أخذت كيس المشتريات واحتبت فوق السرير
- -هل تناولت وريف الغداء بعد مشواركما؟
قوبل تعليقها بالصمت فانعقد حاجبا مارغ، وهي تنظر إلى صديقتها ، كانت غلوريا تعلق معطفها الوردي اللون في الخزانه ولكن أفكارها كانت بعيدة جدا
فرقعت مارغ بأصابعها لتعيد إلى غلوريا انتباهها :
-غلوريا..؟
ارتدت غلوريا إليها بذهول:
-ماذا؟....أسفه..هل قلت شيئا
وضعت مارغ علبة المرطبات على الطاولة الصغيرة بين السريرين ، وأمسكت بالسندويش:
-لاشئ هام..كنت مشغولة الفكر
-صحيح..؟
علقت المعطف قبل أن تتوجه بتؤده إلى سريرها وتجلس عليه ، تنظر إلى يديها المتشابكتين في حجرها ...وتمتمت:
-كنت أفكر؟
مازحتها مارغ:
-تخمين صائب..أما السؤال التالي فهو فيمن كنت تفكرين ؟
التوت اليدان المتشابكتان بعصبية في حظنها :
-تعلمين أن ريف التقى كونورواي هذا الصباح
-اجل..........
فتحت الورقة التي تظم السندويش مدعية الاهتمام بما تفعل
قالت بصوت ساخر "ماذا قال الرجل الكبير"
-ان طلب انتقال ريف الى جامعة هارفرد مقبول ، لقد تلقى كونورواي الاشعار الاسبوع الماضي في المزرعه
كان كونورواي يخبئ ورقة رابحة في جيبه ..كل ماعليه فعله هو الفصل بين ريف وغلوريا في الصيف اما المسافة بين مونتانا والساحل الغربي تتكفل بالباقي ، وعلى مايبدو انه يتعمد مبدأ (البعيد عن العين بعيد عن القلب)
ارجعت مارغ راسها الى الوراء ، فانسدلت خصلاتها الذهبيه الى ظهرها:
-اذن عليك وريف ان تحددا موعد الزواج في شهر اب اليس كذلك..؟ان علاماتك في هذه السنة تخولك الانتقال الى جامعة اخرى بسهولة
تنهدت غلوريا:
-لكنني لا استطيع تحمل مصاريف التعليم خارج الولايه
اضافت مارغ في نفسها بوحشيه"وهذا مايعرفه كونورواي جيدآ"
اشتدت اصابعها على السندويش تسحب الخبز تتمنى لوكان عنق كونورواي مكانه
-ولن يتمكن ريف من مساعدتك لان كونورواي يسيطر على المال،لايمكنكما السماح له بابتزازكما هكذا
-يقول ريف ، انه لايعتقد ان علينا القيام بعمل عاجل
-لانه يعلم ان كونورواي لن يغير رايه..............
عندما ظهرت خطوط الالم حول ثغر غلوريا ندمت مارغ على ردها السلبي ، كان عليها ترك بصيص امل لصديقتها
سحبت غلوريا نفسا عميقا:
-لقد اقترح كونورواي على ريف هذا الصباح اقتراحا
ارتابت مارغ في اقتراح يقدمه :
-من أي نوع؟
-انه ...اعترف انه تسرع في ابداء حكمه
-هذا امر عظيم منه
قضمت سندويشها، فاكملت غلوريا:
-اعترف انه اصدر حكما مسبقا علي حتى قبل ان نلتقي وانه على الاقل يجب ان يعرفني بشكل افضل ولكنه مازال يرفض الخطوبه
سالت مارغ "اذن...ماذا اقترح؟فترة اختبار؟"
-شئ من هذا القبيل ، بعمل ريف في المزرعة صيفا ...وقد دعاني كونورواي لقضاء شهر كامل لتزداد معرفة كل منا بالاخر
اول ماطرء على بال مارغ ان هذا الاقتراح كارثة كاملة، اذ تخاف غلوريا ذاك الرجل فان امضت بصحبته شهر فمن يدري ماذا سيحدث ..انها تعرف قدراته ، كماتعرف ماقد يفعل من اجل تحقيق مآربه
حدقت الى سندويشها تقول ببطء:
-هناك عائق غلوريا...كيف ستبقين هناك شهرا؟ ان ذلك يعني عدم قدرتك على تامين قسط الفصل الدراسي القادم
ان عليهم معا العمل عند والدي مارغ ذلك الصيف في مطعمهما وفي فندقهما اللذين يملكانهما "قرب مدخل يلوستون بارك"
اضافت"سيظطر والدي الى استخدام شخص غيرك ..ولن تتمكني من الحصول على عمل صيفي بعد قضاء شهر هناك"
-عرض علي كونورواي ان يعوضني
وضعت مارغ السندويش النصف الماكول في الكيس لان طعمه بدا لها فجاة كالقطن
قالت معترضه بيأس :
-آه لن تفكري في العرض جديا ، تعرفين إن هذا لن ينجح إذ سيحول حياتك إلى جحيم كامل...تعرفين ماقد يفعله في غياب ريف..هل ستتحملين كل ذلك؟
-لن استطيع تحمل شئ بمفردي...إنما....
ارتدت عيناها البنيتان المتوسلتان إلى وجه مارغ وأضافت :
-لكن.......لوكنت معي.......
قاطعتها مارغ بسرعه ، بعدما سحبت نفسا عميقا:
-سأبوح لك بسر صغير...لم يحبني كونورواي ولن يدعوني لقضاء شهر بمزرعته ..ثم علي أن اعمل أنا أيضا في الصيف
-مارغ...لقد فكر كونورواي إن من غير اللائق لي أن أقيم في منزله لمدة شهر واحد بمفردي معه ومع ريف...اعني, لديه مدبرة منزل ,...ولكن...حسنا....لقد دعاك أنتي أيضا ...كمرافقه وعرض أن يقدم لك أنت أيضا تعويضا
-اوه........لا
هبت مارغ واقفه وابتعدت عن السرير لتقف قرب النافذه
اضفت اشعة الشمس لمعانا بلاتينيا ذهبيا على شعرها المتراقص على كتفيها
هزت راسها بقوه "لا"
-أرجوك..؟
في صوتها الم وتوسل
ارتدت إليها مارغ "لن ينجح ذلك غلوريا"
يا الهي ان هذا الرجل شرير ! لقد وضع في حسبانه كل ماقد يعترض سبيل غلوريا
تؤكد دعوته لمارغ مدى قوة غطرسته ، لقد تحدته ، وهاهو يعرض عليها مقعدا أماميا لتراقب منه كيف سيمزق الخطوبة أربا أربا.....لقد أساءت مارغ تقديره مرة أخرى وهي لاتحب الهزيمه .
لكن عيني غلوريا المتألمتين بالعاطفه لم تريا شيئا في عيني صديقتها
-يجب أن ترافقيني
احتجت مارغ بغضب:
-إلا ترين ؟....لوذهبت معك لانتهى بي الأمر بفقدان أعصابي فأضع عندئذ المزيد من العقبات إمامك وأمام ريف ، إن أفضل قرار تتخذينه هو رفض هذه الدعوه والابتهال إلى الله حتى لايؤثر في ريف فيفسخ الخطوبه
-لا استطيع
التفتت صاحبة الشعر الأسود ، والدموع مغرورقة في عينيها البنيتين ، عندئذ أرادت مارغ أن تمسك بكتفيها وتهزها لتتعقل
-لماذا لاتستطيعين...؟ لايمكنك الذهاب بمفردك
أبعدت غلوريا دمعة بيدها ، وتركت نظرتها العنيدة تلتقي نظرة مارغ النافذة الصبر :
-بلى استطيع....أنا أحب ريف ولكنني لا أريد أن أقف بينه وبين أخيه،وبما إنني افتقر إلى العائله ، لفهم أهمية علاقتهما ، إن كان هناك أمل ضئيل في أن يوافق كونورواي على زواجي بريف بعد قضاء شهر بمزرعته فسأخاطر...ولكنني سأشعر بأنني أفضل حالا فيما لوكنت معي....اعلمي إنني سأذهب في كل الأحوال
تنهدت مارغ:
-غلوريا........تعقلي، وهناك مسالة والدي اللذين يتوقعان قدومي للعمل عندهما هذا الصيف ...لا استطيع أن أقول لهما في آخر دقائق أن عليهما البحث عمن يحل مكاني
ردت غلوريا تذكرها بهدوء:
-لكنك قلت أن لديهما طلبات كثيره للعمل وهذا يعني أن من السهل عليهما إيجاد بديل
اعترفت مارغ على مضض:
-اعتقد إنهما قادران على هذا ولكنهما لن يوافقا على ما سنفعل....لدى كونورواي مدبرة منزل فلماذا مرافقه؟
-اتصلي بهما لمعرفة رأيهما
عندما رأت وجه زميلتها المستسلم والمتوسل في آن، عرفت مارغ ان عليها الاتصال ، فأي نوع من الصديقات ستكون لوتركت هذه المخلوقه الضعيفة تدخل إلى عرين كونورواي بدون حمايه؟
لكن السؤال هو: من سيحمي مارغوت...؟
وأملت أن تأتي الحماية من والديها
لكنهما كانا متفهمين بشكل يثير السخط

تمارااا 24-01-09 05:02 PM

4- مخالب امراة

بلاد السماء الواسعه ..آخر معقل للباحثين عن الاوقات السعيده ..هكذا صنفت الدراسات مونتانا كانت المروج الخضراء الواسعه تمتد غربا وكانها موجة مد بحري تغرق الارض !
اطلت من فوق الافق الواسع قمم تطاول السماء الشفافه احست مارغ باستجابه متصاعده في خفقات قلبها ..ان هذا الجمال الاخضر الحي الذي ارتدى ثوب الصيف باكرا منقطع النظير
اخضرت الارض وتدرجت فيها الوان متعدده لاحصر لها وتطاولت الاشجار والجبال الصخرية لالتقاط اشعة الشمس ، فاصبح المنظر خلابا يقطع الانفاس ويوقع في النفس رهبة واجلالا للخالق
تمتمت "هذا شعوري دائما"
نظرت غلوريا اليها باستغراب:
-ماذا قلت...؟
ادارت نظرها على مضض الى السياره:
-كنت ابدي اعجابي بالمناظر...انا لا اتعب ابدا من تامل الجبال المتوحشه التي لم تمسها يد الانسان
قالت غلوريا:
-تشعرني بصغري وتفاهتي...انها رائعة ساحره
مالت مارغ الى الامام لتنظر من وراء صديقتها الى سائق السياره
-لقد عشت في مونتانا طوال حياتي انما في بلده ..فكيف شعور من يقطن الجبال طوال السنة ريف..؟
-لا ادري
التوى راسها الاشقر الى الجانب دهشة:
-ماذا؟
-عندما ولدت انتقلت أمي للعيش في المدينه ..ولم اكن اقضي الا الصيف مع ابي في المزرعه ..لذلك لافكرة لي عن حال الريف في مثل ذلك الوقت ولكنني لم امكث فيه يوما لاعرف الاجابه
-لم اكن اعرف هذا...فلم تخبرني غلوريا شيئا عن انفصال ابويك ظننتهما انفصلا بعدما كبرت
ارتدت الى الوراء تنظر الى الامام مفكره ..من الصعب تصور كونورواي يكبر في مدينه
سألت :
-كونورواي اكبر منك وهذا يعني انه وجد صعوبة في التكيف مع الوضع ؟
رد ريف:
-لم يحاول قط التكيف اخبرتني امي انه حالما اكتشف عدم عودتها الى المزرعة ابدا هرب...كان في التسعة من عمره وقد عاد الى المزرعه بالتنقل بسيارات عده مجانا ، حدث هذا ثلاث او اربع مرات قبل ان يقترح جدي لامي تركه في المزرعه مع والدي ..واخيرا وافقت امي..اذكر انني سالته بعدما كبرت كيف تشجع وفر من هيلينا حيث كانت تسكن امي الى المزرعة بمفرده فقال انها الطريقة الوحيده التي كانت امامه للعودة الى البيت لقد كانت المزرعة بالنسبة اليه البيت دائما اما بالنسبة لي فكانت مجرد مكان اقضي فيه اجازة الصيف
فكرت مارغ في عناد ابن التاسعه الذس قطع مئة وخمسين ميلا وصولا الى مكان يعتبره بيته
يبدو ان عناده لم يتغير الان وهو عازم على منع الزواج بين ريف وغلوريا ، لن يترك شيئا يقف في طريقه ، واما سبب دعوته لمارغ فرغبته في ان تكون الشاهده على ما يحدث ، حركت مارغ راسها قليلا تسحب نفسا عميقا ، في هذه السيارة ثلاثة اغبياء وليست متاكده أي منهم هو الاكبر،ربما هي ، لان الاخران يعميهما الحب ، ان الشهر القادم شهر طويل ومتعب
-كيف كان كونورواي في طفولته؟
على المرء معرفة اكبر عدد ممكن من المعلومات عن عدوه ، ردريف مفكرا
-لا اعرف...لاينتبه المرء في طفولته الى هذه الأمور كثيرا ، كان بالنسبة لي دوما الأخ الأكبر يعلمني ركوب الخيل ويصحبني إلى الصيد والقنص ، يتركني أطارد الطريده بمفردي كان باختصار "كونورواي"
ارتجفت غلوريا رغما عنها ، فمد يده يغطي يدها الصغيره ...تمتم بصوت هامس:
-لاتبدئي بالقلق...ما أن يعرفك حتى يرى أي أخت عظيمه ستكون له
صمتت مارغ فعلى مايبدو أن ريف لن يخبرها الكثير عن كونورواي الذي يجعل مجرد ذكر اسمه غلوريا ترتبك ..ارتسمت ابتسامه على ثغرها ، أنها قلقه من ارتباك غلوريا فيما هي تجلس على أحر من الجمر منذ نصف ساعه ..بدت قمم الجبال أوضح مظهرا عندما أصبحوا بالقرب من وجهتهم
خفف ريف من سرعته وانعطف نحو طريق ترابيه ، تقود قدما نحو البريه ، لم يكن للشق في السياج بوابة إذ دخلت السيارة إلى الأرض المسيجه ثم أومأ نحو الأرض الممتده حولهم
-هذه هي........أما المنزل فعلى بعد بضعة أميال
نظرت مارغ إلى حيث أشار فلم ترى إلا لوحة تحدد أن الأرض هي أملاك "كونورواي" ولوحة أخرى مدون عليها "ممنوع الدخول"
برقت شمس العصر في عيني مارغ حالما ارتقوا تلة معشوشبة بان منه المنزل، كانت نباتات طويله تحرس المنزل من اطرافه الثلاثه تحميه من ريح الشتاء الغضوب ، وبدا المنزل المؤلف من طابقين مثالا للهندسه في مطلع هذا القرن
قالت غلوريا لتكسر الصمت وسحر الجمود بعدما توقفت السيارة أمام المدخل:
-انه جميل
قال ريف وهو يفتح بابه "انه مجرد كوخ الجبل"
لم يكن منزلا كبيرا يليق بعزبة ،لكن معالمه الرشيقه تدل على الترف ، تحرقت مارغ لرؤية الداخل
عندما خرجت من السيارة طافت عيناها في مباني المزرعه لم يكن هناك دليل على وجود نشاط في المزرعة او البيت ، توقعت ان يكون كونورواي باستقبالهم وكانت مستعده لمواجهة عينيه الرماديتين الساخرتين
همست غلوريا:
-لم اتوقع ان يكون رائعا هكذا
نظرت مارغ الى صديقتها :
-انا ايضا اتحرق شوقا الى رؤيته من الداخل
توجهت الى مؤخرة السياره حيث كان ريف يفرغ الحقائب فحمل الحقيبتين الثقيلتين فيما حملت كل منهما الحقائب الاخف وزنا
كان خشب الردهة الرسمية مصقولا اما الجدران فكانت عاجية اللون ،قاد درج خشبي في نهاية الردهه الى الطابق العلوي ..الى اليسار مدفاة من الغرانيت المحلي وفوق المدفأة رأس خروف محنط
وضع ريف الحقائب ارضا وقال عابسا :
-اتساءل اين هي لوسيا
اقترب وقع اقدام بطيئة فالتفت راس مارغ باتجاهها ، تتساءل أي نوع من النساء هي لوسيا.......على المرأة التي تدير منزل كونورواي انت تكون مثال المرأة لترضيه
فوجئت مارغ كثيرا عندما رأت المرأة الشابة اللوزية العينين التي ظهرت امامها انها اخر ماتوقعته في مدبرة منزل
كان شعرها كستنائيا طويلا يتطاير حول كتفيها وعينيها بندقيتي اللون صفرواين كعيني قطه
تجاهلت الفتاتين وتوجهت مباشرة الى ريف
-اهلا بك في بيتك ريف
توقعت مارغ ان تكون المراة بعمر كونورواي ولكن مواهبها على مايبدو تتعدى مواهب مدبره منزل
ارتبك ريف ونظر الى غلوريا قبل ان يعيد اهتمامه الى المراة الاخرى:
-لم اتوقع رؤيتك هنا بيترا
بيترا..؟ اذن هذه ليست مدبرة المنزل ؟ ارتفعا حاجبا مارغ قليلا بدهشه متزايده ..فالمراة تاخذ دور المضيفة لا الضيفه
ازدادت ابتسامة المراة عمقا:
-لقد عينت لجنة استقبال رسمية لكم ، سيغيب كونورواي اظطرارا بعد ظهر اليوم ..انا اسفه لانني لم اسمع صوت السياره ولكنني كنت في المطبخ اساعد لوسيا في تحضير عشاء الليله
قال ريف بادب ، مع شئ من الحماس "ستنظمين الينا بالتاكيد
-سافعل
ارتدت عينا المراة الى مارغ:
-انا بيترا هاريس.....اقرب جارة لكونورواي لاشك في انك صديقة ريف غلوريا
اقرب جاره؟.اهذا كل شئ..؟هذا مافكرت فيه مارغ وهي تصافح اليد الطويلة النحيلة المقدمه اليها
-لا ......انا مارغ بريسكوت صديقة غلوريا
ضاقت العينان الصفروان لحظه ثم التفتتا الى الفتاة البسيطه الجمال السوداء الشعر قرب مارغ ، اشتعلت وجنتا غلوريا بشكل مؤلم بسبب ادراكها لجمال مارغ الواضح ولمظهرها الذهبي
ارادت مارغ ان تصيح عاليا ردا على الادانه الخفيفه في عيني المراة فجمال غلوريا هو من الداخل ولكنها تشك في ان تفهم هذه المخلوقة ذلك
قهقهت بيترا بصوت مرتفع لتغطي غلطتها ولكن لم يكن في ضحكتها تسليه ..فعندما ارتدت العينان الصفروان الى مارغ كان فيهما لمعان غريب اسرعت مارغ تنظر الي يدي المراة متوقعه ان تراهما قد تحولتا الى مخالب قطه مستعده لتخدش وجهها
قالت بيترا بصوت اجش "تشرفت بمعرفتك"
كاذبه!
-يجب ان اعرف انك لاتبدين ابدا مرافقه
-انا هنا صديقة غلوريا
تركت المراة يد مارغ والتفتت الى غلوريا تميل براسها في اعتذار زائف
-اسفه للغلطه
رنت غلوريا بطرف عينها الى ريف ، كانها تخاف ان يدرك فجاه انها غير جميله..لكن عينيه الدافئتين ردتا على نظرتها المرتابه
اضافت بيترا "ستحمدين الله لان صديقتك موجوده...فبعد زوال سحر النماظر المحيطة بنا ستشعرين بالسام لانك لن تجدي ماتفعلينه"
لم تستطع مارغ ان تمنع نفسها من التعليق "لاتبدين سئمه انسه هاريس"
-لكنني اعيش هنا ..ولدي اصدقاء في المدينه يقيمون عندي وقد بدؤ يتسلقون الجدران كما يقال بعد اسبوع
وجهت ابتسامة بارده نحو مارغ "اسمي السيدة هاريس"
ردت مارغ بقليل من الدهشه "هل انت متزوجه"
-ارمله...........قتل زوجي في حادثة صيد قبل اربع سنوات
قالت مارغ بجفاء "كانت صدمة لك"
-انشغلت في البداية بالحفاظ على ادارة المزرعه وحتى ساعدني كونورواي على ايجاد مدير كفؤ ، كان اسوء مافي الصدمة قد مر
اهتزت الكتفان الناعمتان وكانما بذلك توحي ان الزواج امر مضى وانتسى
اضافت "لدي لانني مالكة مزرعه مايكفي من مسؤليات تشغلني وبناء على هذا لا اجد وقت للسام .
ضحك ريف الذي لم يدرك الشرارات المتطايره بين بيترا ومارغ:
-ولن تسام غلوريا........لانني ساملاء كل لحظة فراغ عندي لاتاكد من استمتاعها بهذا للشهر
ضحكت بيترا ملء حنجرتها ، تسخر من الشابتين :
-يتحدث كعاشق مثالي..ستجدين الحياة هنا بسيطه ياغلوريا...فليلة في الخارج تعني التنزه تحت ضوء القمر..وريف معلم صبور..وربما تصبحين في هذا الشهر ريفية مثلي
غاير ريف قول بيترا:
-لن تكون فتاة ريفية لاننا سنقضي معظم ايام حياتنا لندن لذا اريد ان تبقى فتاة مدينيه
كان البريق في عيني غلوريا يقول انها ستكون مايريدها ريف ان تكون، نسيت مارغ المراة الكستنائية الشعر ذات العينان الصفراوين وتذكرت سبب وجودها في هذا المنزل مهمتها ان تفعل ما بوسعها للتاكد من ان يعيش ريف وغلوريا (بسعادة الى الابد)
قالت بيترا بعذوبه "فلارشدكما الى غرفتكما"
وارتدت نحو الدرج في نهاية الردهه
-اعرف انكما راغبتان في افراغ حقائبكما والاستراحه قبل العشاء
سارت مارغ في المقدمه تلحق المراة المتهادية فوق سجادة الدرج المزينة بالزهور ، بدت بيترا قانعة بلعب دور المضيفه في هذا المنزل ، انما ليس لفترة الظهر فقط
وقفت بيترا في اعلى الدرج تنتظر ان تلحقا بها
-لعلكما لن تعترضا على استخدام حمام واحد ، ستكون لكما غرفة اما الحمام فسيكون مشتركا
هزت مارغ راسها "يناسبنا ذلك"
-عظيم
ابتسمت المراة ابتسامة قصيره ثم تابعت المسيرعلى الرواق وفتحت بابا لتدخله:
-هذه غرفتك غلوريا
تقدمت صديقتها بتردد الى الباب فسدت على مارغ الرؤيه وكانت بيترا قد ابتعدت تشير الى مارغ ان تلحق بها
-هاهي غرفتك مارغ
انفتح الباب على غرفة يسيطر عليها اللون الابيض وشئ من اللون الازرق ، غطت سجادة فارسيه الارض بلونها الازرق والابيض ، كان الاثاث البارع التصميم في الغرفه من الانتيكات
برقت عيناها اعجابا وتقديرا وهي تخطو الى الغرفه...كان على السرير المزدوج غطاء ابيض مزينا يدويا
وضعت حقيبتها الصغيره على الارض ثم التفتت الى المراة الواقفة بالباب متمتمه "ما اجملها"
خنقت نظرة المراة أي اعجاب قد يبدر عن مارغ اذ قالت بشراسه ان عليها الا تغرم بغرفة لن تمكث فيها سوى شهر ، ثم بدا ان عيني بيترا تغير من اللون الكهرماني المحذر الى الذهبي الاصفر المتحفظ
قالت وهي تلوح بيدها نحو باب قرب المدفاة :
- من هنا الحمام ، وغرفة صديقتك والعشاء السابعه
-شكرا لك
لكن كلمات الشكر توجهت الى باب مقفل ، زمت شفتيها مفكره،هناك ماينبئها بان عليها الا تحذر كونورواي فقط بل بيترا ايضا ، هزت راسها لتخلص تفكيرها من الافكار البغيضه ..كان الحمام كبيرا واسعا ومعداته قديمة الطراز لكنها في وضع جيد ..جعلتها تقرع الباب المشترك همهمه بدرت عن غلوريا وريف في الغرفة المجاوره
رد ريف "ادخل"
هب مسرعا ليحمل حقيبة مارغ الزرقاء الكبيره
-ساحمل هذه الى غرفتك ..على فكره .ما رايك بذات العينين المتوثبتين مارغ؟
هزت كتفيها "لم اتصور ان بامكان المرء ان يكره شخصا من النظرة الاولى"
-وضعت بيترا لنفسها حق المطالبة بكونورواي لذا لايعجبها ان تقترب منه احداهن خاصة ان كانت مثلك
-تحذيرك واضح الاسباب انما عليها الا تقلق لانني غير مهتمه بحقها على الرحب والسعه في اخذ كونورواي ..انهما زوج متناسب متكامل
رفع ريف حاجبيه:
-ارجوك يكفيني شؤم ان تكون موجوده هنا الليله فلا تطرحيها علي زوجة اخ
قالت غلوريا معترضه "ريف لاتقل كلمات كهذه"
شع الحب في وجهه ، ونظر مبتسما ابتسامة حنون :
-ولماذا الانني افضل المراة ان تكون انثى لاقطة متوحشه
-اذهب وخذ حقيبة مارغ الى غرفتها
رات مارغ رغم لهجة الامر التوهج الذي انار وجه غلوريا لاطراء ريف فبدت جميله
غمزها "امرك" وخرج من الغرفه
لاحقته نظرات غلوريا حتى ابتعد ثم عقدت ذراعيها حول صدرها وكانما تريد ابعاد برد مفاجئ ، اشاحت بوجهها عن انظار مارغ تتنهد قائله "حسنا ها نحن هنا"
طافت العينان البنيتان بالغرفه :
-اخبرني ريف عنها ، ولكنني ماتوقعت ان تكون هكذا ، بنى جده هذا النزل لزوجته...هل تتصورين مدى صعوبة الامر في تلك الايام ..؟ لقد شحن الاثاث الى "ياناك" ثم نقل بالعربات الى هنا
تقدمت مارغ الى السرير المرتفع القوائم ، فمررت يدها فوق الغطاء الربيعي الاخضر
-هذا جميل.......الغطاء الذي على سريري مشغول يدويا كذلك ومن صنعهما يملك صبرا طويلا
صححت لها غلوريا
-بل حب غامر انها هذه اللمسات الصغيره التي تميز هذا المكان انه "بيت" لان شخصا ما اهتم بالناس المقيمين فيه ..لقد اخذت وقتها لتصنع هذه الاشياء لانها تهتم ولانها كانت فخورة بالبيت الذي تعيش فيه..مارغ...لا استطيع الصبر ليكون لي بيت ، خلقت بعض النساء ليكن عاملات ولكنني لست من هذا النوع اريد زوجا واولادا ومكانا استطيع ان اصنع فيه اعمالا يدويه كهذه لهم
وعدتها مارغ بخفه:
-سيكون لك ماتريدين......اما الان فمن المفترض ان نفرغ حقائبنا ، اريد ان استحم واغير ملابسي قبل العشاء......قالت بيترا انه في السابعه
نظرت غلوريا الى الساعة الصغيرة التي في معصمها:
-الوقت متاخر اكثر مما ظننت ..لدينا الوقت الكافي تقريبا لنستعد
-وهذا على الارجح افضل لنا ......فلدي احساس ان بيترا لاتريد ان نحشر انوفنا فيما يتعدى هذه الابواب حتى السابعه
ابتسمت ابتسامه قلقه ملئها التسليه:
-ساتركك لتفرغي حقيبتك.....من ينته اولا ياخذ الحمام
-اتفقنا
كانت مارغ الاولى اذ دخلت بكسل للمغطس الفاخر العميق..في غرفتها، ارتدت روبا حريريا وتوجهت الى طاولة الزينه الصغيره ، كانت قد كومت شعرها الذهبي فوق راسها ، تثبته في مكانه بملقط ، عندما انتزعت الملقط هزت راسها فتحرر شعرها الذي شرعت تمشطه باصابعها قبل ان تاخذ الفرشاة عن الطاوله
منتديات ليلاس
انعشها الحمام ونشط جسمها،وقفت قرب الستائر الزرقاء تنظر الى الخارج ، كانت النافذه تطل على فناء المنزل الخلفي حيث يكمن منظر رائع يكاد يقطع الانفاس ، منظر الجبال المرتفعة فوق الوادي والسهل التابع للمزرعه
بدات الشمس رحلتها في المغيب ، كانت الجبال مرتفعه تلتقط النار الذهبيه التي تحول قممها الصخريه الى تيجان ملكيه .........
فرشت الغابات الخضراء القاتمه سفوح الجبل بغطاء مخملي كثيف ..واحست ان سحر الجبال يمد يده لياسرها
....
استرعت حركة ظلال اشجار الصنوبر قرب المنزل انتباهها فسمحت لعينيها على مضض ترك رهبة القمم المستحمه تحت اشعة الشمس ، كانت ابنية المزرعة الخارجية بعيده عن نظرها قابعه وراء الاشجار ترد الريح ،ومن ذلك الاتجاه جاء طيف طويل خرج من بين الظلال الى النور كانت خطوات طويلة تحمل كونورواي الى فناء المنزل الخارجي.
انه يرتدي كما شاهدته اول مره جينز باهت الالوان وقميصا ابيض مغبرا يبرز بوضوح عضلاته المفتوله وينتعل حذاء رعاة بقر كان احد قفازيه منزوعا والاخر يشد حتى ينتزع ايضا ، فجاه توقفت الخطوات المتوثبه ثم ارتفع الراس الاسود والقى نظرة على النافذه حيث تقف مارغ
ارتدت الى الوراء مذعوره ثم ادركت انه لن يستطيع رؤيتها من هذه الزاوية والمسافه ، طوى قفازه ووضعه في اليد الاخرى مع رفيقه ولكن فمه التوى بابتسامه ظلت مرتسمه على وجهه وهو ينظر الى النافذه.
خضب اللون الرمادي وجنتيها بالتأكيد لن يراها من هذه المسافه ولكن الستائر كانت مرفوعه جانبا وهذا منزله وهو يعرف بدون شك أي غرفه خصصت لمارغ ، تركت الستائر بسرعه فشاهدت ابتسامته الساخره تزداد عمقا وبعد قليل عادت خطواته الى المسير نحو المنزل مجددا فيما القفازان الجلديان يضربان جانبا ساقاه برضى.
ابتعدت مارغ متوتره كان عليها ان ترد عليه نظرته ترفض ان يظهر تفوقه عليها في لقائهما الاول هنا،قررت الا تتراجع مرة اخرى
-ماذا سترتدين مارغ؟
كانت غلوريا واقفه بباب الحمام تركز على خلع روبها لذلك لم ترى نظرة الغضب على وجه صديقتها ، ردت مارغ وهي تسحب نفسا عميقا لتطرد كل اثر للغضب :
-ال...الفستان الكريب الأحمر انه صيفي رائع ولكنه لايدل على المبالغة في الاناقه
-فكرت ان ارتدي الأصفر المزين بالزهور..مارايك؟
-سيكون رائعا..
كانت ابتسامتها مشدوده ولكن غلوريا لم تلحظ هذا ، بل أعلنت وهي تعود إلى غرفتها
-سأذهب لارتدي ملابسي ....تعالي إلى غرفتي متى ماجهزت
سارت مارغ إلى المرآة المؤطره بخشب الجوز فوق طاولة الزينه ..حققت بضع لمسات من الفراشاة لشعرها تسريحة شعثاء لغيمة ملتفه فابتعدت الخصلات المبعثره عن وجهها في موجات براقه من الكهرمان المغبر..لم تكن بحاجة إلى مكياج فقد امن لها مرطبا توهجا لطيفا أما ظلال العيون فأضفت المزيد من اللون الأزرق إلى لون عينيها الزرقاوين.
سخر منها انعكاس صورتها بخبث : اتضعين طلاء الحرب؟
اجابت نفسها مبتسمه "اجل " والتقطت الماسكارا
في السادسة والنصف كانت جاهزه تساعد غلوريا في اقفال سحاب فستانها العنيد
سالتها غلوريا:
-اتظنين ان علينا النزول الان؟لم تبلغ الساعة السابعه
-لا ادري مايحول دون ذلك فهذا يساعدنا على القاء نظرة على المنزل قبل العشاء
ترددت غلوريا بعدما تقدمت مارغ الى الباب:
-هل ابدو على مايرام ؟
ابتسمت مارغ برد مرح لتخفف من توتر صديقتها :
-كزهرة الجبل ..تعالي
كانتا فوق الدرجة الثالثه عندما سمعت مارغ خطوات تقترب منهما تشنجت عضلاتها اليا ظنا منها انه كونورواي ولكنها لم تسمعه يمر بغرفتها فهل السبب خفته بالسير؟
رغبت في التظاهر بانها لم تسمع خطوات الرجل وكان بامكانها تجاهله لولا غلوريا القت نظرة الى الوراء من فوق كتفها عندئذ لم يعد لديها خيار الا ان تحذو حذوها
لم تواجه العينين الفضيتين الرماديتين ..بل رات دفء نظرة ريف التي القاها على غلوريا التي توقفت..سرت رعشة في اوصالها ولم يكن هذا رد فعل مرحب به لانها تريد ان تكون اهدء حالا عندما تلتقي كونورواي وجها لوجه
قال ريف لغلوريا "تبدين جميله حبيبتي"
نظرت بجذل الى عينيه "اترى ذلك!"
طرد بريق الحب عنها كل بشاعه فبدت جميلة كما يقول ريف..شعرت مارغ ان لاداعي الى تواجدها معهما فقالت
-اراكما في الاسفل
ظاهريا كان وجودها في هذا المنزل من اجل مرافقة غلوريا غير انها ترفض ان تصبح ظلا لصديقتها ومن حق غلوريا وريف الاختلاء بين فترة واخرى
عندما وصلت إلى الأسفل ترددت مارغ ثم لمحت مائدة مفروشة بالأبيض عبر باب مفتوح فقدرت أنها غرفت الطعام وكان ان توجهت اليها ، كان الباب التالي باب غرفة الجلوس نظرت اليه بفضول لتتعرف الى الغرفة معتقدة انها ستجد مضيفتها في غرفة الطعام
كانت المائدة البيضاوية جاهزة عليها انية خزفية مزخرفه وكريستال لماع ، وكانت ثريا ضخمه تتدلى في وسط السقف وتنير المائده ، لم يكن في الغرفة احد ولم ترغب مارغ في انتظار الاخرين هناك
ارتدت على عقبيها وقفلت عائدة الى غرفة الجلوس وهناك انجذبت نظراتها الى لوحة معلقه فوق رف مدفأة رخاميه ، كانت لوحة لامرأة ..امرأة جميلة رائعه ذات شعر نحاسي احمر وعينين لوزيتين كانت الشفتان الخوخيتان مقوستين بابتسامه مقطوعة الأنفاس تعانق الحياه ..مع ذلك..،ورغم كل الحيوية المتدفقه من هذا الوجه الجميل كان هناك جو من والضعف البراءة.
قال صوت ساخر "هذه أمي.."
ارتدت مارغ عن اللوحه لتنظر الى زاوية الغرفه حيث جاء صوت كونورواي كانت العينان الرماديتان تسخران من النظرة القلقه في تعابير وجهها وهو ينهض من كرسي مجنح الظهر.
لقد استبدل الجينز الأغبر بسروال مفصل يدويا ، وكان القميص الحريري ناصع البياض فيه خطوط خضراء وصفراء يحتضن منكبيه العريضين ويضيق عند الخصر النحيل
وصل اهتمامها بثيابه صداه إليه إذ بادلها التحديق بتحديق آخر تأمل قماش فستانها الواسع قليلا الكاشف عن حناياه الممتلئه بدون ان يكون وقح الإيحاء كانت نظرته تحدجها من راسها لأخمص قدميها أحست مارغ بحرارة خائنه تكتسح وجهها لكنها رفضت ان تشيح بصرها
-سمعت عن أفيال وردية اللون ولكني لم اسمع عن فراشات ورديه انسه بريسكوت..؟
التوى ثغره بتسلية ساخره فلامست لا اردايا قماش فستانها الوردي
أضاف "أتحبين تناول المرطب"
ردت بحده "لا"
لكنها ندمت على حدتها وأضافت بسرعه "شكرا لك على أي حال "
لن تستفيد ابدا ان فقدت أعصابها منذ الليله
-يجب ان اعتذر عن عدم وجودي هنا لاستقبلك انسه بريسكوت أتمنى ألا تكوني قد انتظرت طويلا قدومي قرب النافذه..
ردت ببرود "لم أكن انتظرك بل كنت استمتع بمناظر الجبال من نافذتي"
ومض الرضى في عينيه...لقد تعمد خداعها لتعترف أنها رأته وهاهي قد التقطت الطعم بكل غباء ارتدت عنه غاضبة من نفسها لأنها لم تستعد بشكل أفضل لهذا اللقاء
ظهرت امرأة في الباب ترتدي فستانا ازرق اللون وميدعه زرقاء مربوطه حول جسدها الضخم كان شعرها قصيرا دب فيه الشيب ولكن لك يكن يشوب عينيها السوداوين شئ وجهها قوي البنيه ، انتقلت نظرات المرأة من مارغ الى كونورواي ان هذه المرأة بدون شك هي مدبرة المنزل
قالت المرأة وهي تدخل الى الغرفه :
-حملتني السيدة هاريس هذه الصينية المليئة بالجوز والزيتون قالت إنكم ستتناولون المرطبات هنا قبل العشاء
أكد كونورواي ظن مارغ:
-انسه بريسكوت هذه مدبرة منزلي لوسيا اروز أنها ذات دم هندي فهي من قبيلة "كراو" جدها زعيم حرب هندي..هذه مارغوت بريسكوت صديقة السيدة الشابه التي ترافق ريف
جاءت ابتسامة مارغ طبيعيه ، تدفعها إليها نظرة المرأة اللطيفه
-تشرفت بمعرفتك
جعدت ابتسامه عينا المرأة السوداوين الدالتين على الذكاء
-أتمنى ان تستمتعي بإقامتك هنا انسه بريسكوت رغم أصلي فانا نادرا ما اسلك درب الحرب بعد قضاء ثلاثين سنه في هذا البيت بات من الصعب استفزازي
كانت كلمات الترحيب صادقه وهي اصدق ماسمعته مارغ هنا .
نظرت بسرعه الى كونورواي فرات تعابير وجهه من الواضح ان لوسيا غضت الطرف عن ملاحظته الساخره وقدمت كلمات تقدم بين جنبيها نصيحة خفيه
سألت مارغ "هل لي ان أساعدك بالمطبخ!"
رفضت المرأة والابتسامة لاتفارق وجهها الضاحك "كل شئ جاهز تقريبا.....ثم يقال إذا كثر الطباخون ....."
وصمتت تاركه انطباع بأنها تعتبر وجود بيترا هاريس طباخه زائده عن اللزوم حملت الفكرة ابتسامه اضطرت إلى إخفاؤها حالما دخلت المرأة الكستنائية الشعر الى الغرفه ترمي ابتسامه تثير الذهول نحو كونورواي ..فتمتمت مدبرة المنزل وهي تنسحب:
-من الأفضل ان أعود الى المطبخ
لكن لم تكن عينا بيترا دافئتين البته عندما نظرتا الى مارغ :
-هل مر وقت طويل على وجودك هنا آنسه بريسكوت..؟أخشى إنني كنت مشغولة في المطبخ
-منذ دقائق فقط
أعجبت مارغ بالفستان الذهبي الذي احتن برقه حنايا جسدها، كانت عينا كونورواي تراقبانها من فوق حافة كأسه المرفوعة الى فمه ،انه على الأرجح يعرف ان هذه النمره لم تحب على الأرجح الفراشة الورديه ، وتنتظر الفرصه لتنشب مخالبها في أجنحتها الهشه ،
عندما توجهت عيناه الى الباب لحقت عينا مارغ بهما فرات ريف يرافق غلوريا الى الغرفه

تمارااا 24-01-09 05:04 PM

5-معركة تحت القمر

كانت مارغ عددا مفردا بين الموجودين فهناك ريف وغلوريا و كونورواي و بيترا التي سيطرت على الحديث بسرد فكاهات مرت لإحداث مرت في المزرعه
كانت تسرد قصصا إما تشمل كونورواي أو ريف موحية بمكر إلى قربها منهما ومذكره بصمت مارغ خاصة وغلوريا عامة بأنهما دخيلتان .
ولكن عزلة مارغ لم تنته في غرفة الطعام كان عليها أن تعرف أن بيترا لاتستطيع إبعادها عن المجموعة لولا موافقة كونورواي
في غرفة الجلوس قامت بيترا بدور المضيفه بشكل طبيعي فجلست على الأريكه أمام طاولة تقديم القهوه الفضيه حيث انظم لها كونورواي
جلس ريف وغلوريا على الكرسيين المقابلين للاريكه وهذا ما ترك مارغ أمام خيارين فقط احدهما مستحيل لأنه يعني الجلوس قرب كونورواي على الأريكه وثانيهما الجلوس على الكرسي الذي يجعلها خارج حلقتهم
حافظت مارغ التي كانت تغلي غضبا على جو الهدوء ورباطة الجأش لن تحاول التدخل في الحديث أو جذب الاهتمام إلى نفسها بأي طريقه فقد يكون هذا ما توقعه كونورواي منها.
أحست بالرضى لاكتشافها أن غلوريا غير مبعدة عن الحلقه فقد راحت بيترا تطرح سلسلة من الأسئلة المهذبة عن طفولتها وكليتها ودراستها وكانت ردود غلوريا مهذبة كدأبها مع الغرباء ولكنها كانت تجيب بدون تردد وهذا ماهلل له قلب مارغ بصمت ذلك أنها تعرف مدى الشجاعة المطلوبة لهذا من صديقتها الخجول .
قالت بيترا :
-ريف......يجب أن تصحب غلوريا لرؤية بحيرة القندس
نظرت إلى غلوريا ثم أضافت:
-ليست بعيدة عن المنزل انه مشوار لطيف سيرا على الأقدام وهي بحيرة رائعة للسباحة ولكن المياه باردة قليلا لأنها قادمة من الجبال والبحيرة خير مكان تقضين فيه أوقاتك في غيبة ريف..أتعرفين السباحة..؟
ردت غلوريا بارتباك:
-في الواقع...لا اعرف...لم تتح لي يوما فرصة تعلم السباحة
-وماذا عن ركوب الخيل ..؟أنا واثقة أن كونورواي سيجد لك فرسا لطيفة مناسبه ،هل تجيدين الفروسيه..؟
امتدت يد غلوريا المرتبكه إلى خصلة شعر سوداء ثم التفتت إلى ريف:
-ركبت الخيل بضع مرات لكنني غير ماهرة في ذلك
ابتسمت بيترا ابتسامة لم تعرف مارغ ما إذا كانت بدافع الرضى أو التفهم المؤدب ..كان كونورواي مستندا إلى ظهر الأريكه مكتفيا على مايبدو بالسماح لبيترا بالاقتراحات المتعلقة بالنشاطات اليومية في ساعات النهار ، أضافت بيترا التي لم تهتم بافتقار غلوريا إلى الحماس بالنسبة لموضوع الخيل
-على أية حال....اعرف انه سيأتي وقت سترغبين فيه في الابتعاد عن المزرعه وأنا أريدك أن تشعري بحرية للمجئ إلى منزلي متى شئت فهناك أنشئت ملعب تنس والتنس رياضة أهواها كثيرا أنت على الرحب والسعه في منزلي
تسلل لون وردي إلى خدي غلوريا التي غضت طرفها لتنظر إلى الفنجان :
-انه للطف عرضك هذا لكنني لا اعرف لعبة التنس ..أنا لا أميل إلى الرياضه
انفرجت شفتا مارغ قليلا بعدما هبطت عليها الحقيقة المره كيف لها أن تكون عمياء إلى هذا الحد ؟ لم يكن كونورواي مهتما بفصلها عن المجموعه لتشعر بأنها شخص غير مرحب به بل أرادها بعيدا عن غلوريا حتى يشير بخبث إلى ريف إنهما شخصان متغايرا الطباع والميول كليا
صاحت بيترا بعجب مع ضحكة مبتورة:
-يا الهي غلوريا! لاتعرفين السباحة والتنس ولا تحبين ركوب الخيل ..ماذا ستفعلين هنا مدة شهر ؟ ستصابين بالجنون إن أمضيت أيامك جالسة في المنزل بمفردك
-لقد نسيت أن غلوريا ليست بمفردها هنا
اصطك الفنجان فوق صحنه بصوت مرتفع عندما وضعته مارغ على الطاولة الصغيرة قرب كرسيها تصادمت عيناها بعيني كونورواي الرماديتين المعدنيتين لتعلمه بأنها عرفت ما الهدف من وراء تصرفه
أضافت "واثقة بأننا سنجد ما نشغل به أوقاتنا"
قال ريف وقد حل محل التعبير المرتبك ابتسامة مشعه:
-وأنا أكثر من مستعد لتسلية غلوريا في المساء غدا صباحا سأصحبك لرؤية المزرعة لئلا تضيعي إذا خرجت في نزهه..وسأطلب من لوسيا تحضير سلة طعام لنقوم بنزهه بعد الظهر إلى بحيرة القندس
تمتمت غلوريا التي استردت بسمتها "ساحب ذلك"
مال كونورواي إلى الأمام يأخذ سيكاره من العلبة على الطاوله..ثم قال بهدوء:
-أخشى أن ذلك غير ممكن فانا بحاجة إلى يد عامله هذه الأيام لذا لن أتمكن من السماح لك ببضعة أيام راحة يجب أن تستيقظ مستعدا للعمل في الصباح الباكر
غضنت تقطيبة وجه ريف الفتي :
-ماذا ؟ لماذا تفتقر إلى يد عامله.؟من هو الغائب؟
-جيم سلايد...طردته في الأسبوع المنصرم لأنه نام أثناء الدوام
اسودت عينا ريف اللوزيتان بريبه:
-هذا مايفعله جيم منذ سنوات لماذا طردته فجأة بعدما تغاضيت عنه طوال هذه المده؟
-كاد نومه يسبب حريقا في مخزن الغلال وقد طردته لأنني غير مستعد لتكرار ما حدث
تحدت العينان الرماديتان الثابتتان ريف الذي لم يرد إلا بإظهار سخطه..بعد ذلك نظر إلى غلوريا..:
-آسف حبيبتي أظن أن هذا ينهي ذاك
توقفت يدها عن أدارت خصلة شعرها بعصبيه وقالت تطمئنه :
-لابأس..سنقوم بهذا في يوم آخر
نظرت بيترا إلى الساعة الرقيقة الذهبية في يدها:
-على ذكر يوم آخر...ليس الوقت ببعيد عن الغد وعلي أن أقود سيارتي إلى المنزل ..سأحضر ثيابي و أغراضي من غرفة النوم
أية غرفة نوم ولمن..؟ تساءلت مارغ بخبث حاقد فيما كانت المرأة تنهض ..تلاشت عيناها صدفة بعيني كونورواي ..كان شيئا من كراهيتها لبيترا ظاهرا على تعابير وجهها ، فابتسم ابتسامة ملؤها التسليه
كسر ريف من غير قصد نظرات التحدي المتبادله بينهما بسؤال عن جدول أعماله غدا ، ظل النقاش بين الرجلين محصورا في عمل المزرعة حتى عادت بيترا التي وقفت بالباب ..طافت ابتسامتها الماكرة بالجميع وتوقفت أخيرا على غلوريا:
-عمتم مساء جميعا غلوريا اتصلي بي أو تعالي لزيارتي إن شعرت بالوحده تسعدني زيارتك..وأنت أيضا انسه بريسكوت
أضافت كلماتها تلك على مضض،أجابت مارغ على مضض أيضا:
-كنت لطيفه بقيامك باستقبالنا سيده هاريس
ضاقت نظرة بيترا للحظه:
-أسعدني ذلك..هلا رافقتني إلى السيارة كونورواي؟
لم يرد ولكنه وقف ، غادر التوتر الخانق الذي استولى على مارغ نفسها بمغادرة كونورواي لم تكن قد لاحظت مدى تشنج أعصابها حتى ابتعد
ولكنها عرفت أن ريف وغلوريا لن يعترضا إن تركتهما بمفردهما ..بل الواقع أنهما سيرحبان بذلك ، فقالت وهي لا تنتظر ردا:
-سأتناول القهوة في المطبخ
كان المطبخ كبيرا واسعا فيه مائدة قديمه مخصصة للفطور وكراسي من طراز وندسور الخشبية يحافظ رغم حداثة أدواته على سحره القديم الطراز كحال سائر المنزل
رفضت لوسيا اروز عرض مارغ بتقديم يد المساعدة وأصرت على أن ما تبقى من عمل لا يحتاج إلى أربع أيد لطن مارغ ظلت معها عدة دقائق تحدثها
ما أن تركت المطبخ حتى عرفت مارغ أن المدبرة تاخذ دور الأم...إنها امرأة دافئة عاطفيه لذا أحبتها مارغ أملت أن يكون هذا الشعور مشتركا
عندما اقتربت من نهاية الدرج في ردهة الدخول ، انفتح الباب الأمامي الذي دخل منه كونورواي ..فتوترت أطراف أعصابها وبعد تردد بسيط في خطواتها سارت قدما إلى الأمام ونظرتها تطوف ببروده على قسماته المتحفظة
منتديات ليلاس
اتخذت قرار كان وليد اللحظة ارتدت على عقبيها تريد العودة إلى غرفتها ولكنها شعرت بالخطوات الرشيقة تحمل كونورواي إليها
-هل ستخلدين إلى الراحة باكرا..؟
توقفت مارغ على الدرجة الأولى ولكنها لم تستدر:
-كان يوما طويلا مرهقا
أضافت بصمت إن الشهر سيكون طويلا ومرهقا أيضا خاصة إذا كانت الليلة مثالا لما هو قادم
-هل من خطب انسه بريسكوت؟
كانت السخرية من جديد هي المسيطرة على صوته ، دنا من الدرج ووقف قرب الحاجز بحيث أصبح قبالتها تماما
هزت كتفيها "لا ابدآ"
أطلقت نظرتها شرارات زرقاء حالما اصطدمت بقسوة اللون الرمادي في عينيه..وجهت عن قصد اهتمامها إلى شفتيه فرات فيهما اثر احمر الشفاه الخفيف...
أضافت ساخرة "كان عليك الاقتراح على السيدة هاريس محو احمر شفاهها ..يبدو انه لن يزول بسرعه"
ازدادت خطوط فمه عمقا..ولم يتحرك ليمسح اثر احمر الشفاه
-لم تكن الأمسية بالنسبة لك ممتعه..أليس كذلك..؟أنت معتادة على أن يحدق بك المعجبون لذا طعم المرارة حاد دائما ..ربما بعد شهر تعتادين على هذا الطعم
كانت لحظة من تلك الرهيبة التي تفقد مارغ فيها القدرة على الكلام ربما بعد ساعة تجد رد مناسبا أما الآن فهي عاجزة لم تستطع بسبب غضبها إبعاد الارتعاش عن صوتها
-أرجوك..ابلغ غلوريا إنني متعبه
أحنى راسه بأدب وتسلط والبسمة الساخرة تضحك على عذرها "بالتأكيد"
ارتجفت ساقاها ولكن حملتاها بسرعة إلى غرفتها ومع أنها لم تكن متعبه ارتدت ثوب النوم وصعدت إلى السرير
في وقت لاحق سمعت غلوريا وريف يتبادلان تحية المساء في الرواق قبل أن يقفل باب غرفتيهما ،ظلت مستلقية فترة طويلة قبل أن تغفو..ولكنها لم تسمع كونورواي يصعد لغرفته
بعد أسبوع اتخذت الحياة في المزرعة نمطا محددا كانت ساعات النهار هي المحببة إلى مارغ إذ تقضيها هي وغلوريا في التنزه والاستكشاف اكتشفتا بحيرة القندس وأماكن أخرى ولكنهما ابتعدتا كثيرا يوما عن مباني المزرعة وبعد الظهر كانتا تسترخيان تحت أشعة الشمس أو تساعدان لوسيا إن سمحت لهما
كان السبب الرئيسي لاستمتاع مارغ ابتعاد كونورواي عن المنزل منذ الصباح وحتى المساء
كانت الأمسيات والحمد لله قصيرة ، فما أن يستحم كونورواي وريف من غبار النهار حتى يمد الطعام ويؤكل ثم ما يلبث أن يحين موعد النوم لم تكن تقضي برفقه كونورواي إلا وقتا قصيرا ولكنها كانت تجده وقتا طويلا إذ دأب على مهاجمتها بكلمات ونظرات ماكرة تدفع الغضب إلى عروقها وكان يتجاهل غلوريا كل التجاهل ويتعمد ترهيبها ليجعلها تتصرف بطريقة خرقاء
كان الغرض الأساسي من الزيارة هو أي يتعرف كونورواي إلى غلوريا لكنه للأسف أبدى عدم اكتراث مطلق بها وهذا ما أزعج مارغ التي وجدت نفسها عاجزة عن القيام بشئ فلن تستطيع أبدا الإشارة إلى فضائل وحسنات صديقتها وكأنها عبدة تباع في سوق النخاسة
وقفت أمام النافذة تنظر إلى الجو الملبد بالغيوم التي اخفت قمم الجبال وحجبت الشمس ، تحولت القطرات الكبيرة التي كانت ترتد عن النوافذ وأصبحت مطرا منهمرا وتبع سياط البرق قصف الرعد
كان ريف قد أسرع في العودة إلى المنزل قبل نصف ساعه غارقا بالماء وكانت مارغ جالسه على الأريكة في غرفة الجلوس تحدق إلى اللوحة الموضوعة فوق المدفأه تتساءل كيف لهذه المرأة الجميلة إن تكون أماً لولدين مختلفين كل الاختلاف
دخل ريف إلى غرفة الجلوس "مرحبا......أين غلوريا"
مازال شعره الأسود رطبا كان الشبه بين الأخوين قويا ولكنه اختفى حالما التقت عيناه الودودتان عينا مارغ
-في المطبخ تصنع بعض الشوكولا الساخن
تنهد "ستكون هذه الفتاة زوجة رائعة لرجل محظوظ"
جلس على كرسي قبالة الأريكه ومضت صاعقه على مسافة قريبه فابتسم ابتسامة رضا
-مطر مطر مطر ! بدأت اعتقد أنني لن أحظى بظهيرة مريحه ..ماذا فعلت في هذا اليوم الممطر الجميل مارغ؟
اتجهت عيناها نحو اللوحة..لتجيب:
-اقرأ
ولكن الكتاب كان مرميا على الوساده قربها منذ وقت ثم نظرت إلى ريف عابسه :
-هل لي أن اطرح سؤالا فيه بعض التطفل ؟
-اطرحيه وسأقرر ما إذا كنت أريد الرد عليه أم لا
-مازالت صورة أمك معلقة فوق المدفأة كنت أتساءل عن السبب
أمالت راسها جانبا ترقب ابتسامة ريف المازحه تختفي وهو يلتفت ناحية اللوحه وفي عينيه حب صادق:
-كانت هي وأبوك منفصلين مدة ثمانية عشر عاما؟
-لم يكن انفصالا
استند إلى الوراء في كرسيه ثم التفت واستدار إلى مارغ مفكرا
-كانا يعيشان منفصلين كنت أعيش مع أمي عند أبيها مده تسعة أشهر ثم نعود إلى هنا صيفا
-كل سنه..؟
-كل سنه ، كنت استيقظ ذات صباح في هيلينا لأسمع أمي تقول إننا ذاهبان إلى المزرعه لم تكن تتصل مسبقا لتحذيره بقدومنا لكنني لا اذكر أن أبي قد امتنع يوما عن استقبالنا يصعب علي إن اشرح حبهما العميق كان لهما في كل صيف شهر عسل حقيقي كنت أراهما يضحكان ويتحدثان همسا وكنت أرى أبي يسرق منها قبلة بين الحين والأخر ، لا استطيع تعداد الأوقات التي رايتهما فيها يتبادلان نظرات الحب ولكن ما أن يمر شهر آب حتى تقول أمي أننا عائدان إلى جدي
أعمى الارتباك عينا مارغ:
-لكن..لماذا..؟...اعني...إن كانا متحابين فلما انفصالهما؟
سحب نفسا عميقا ونظر إلى اللوحه
-لم تكن أمي تتحمل عزلة المزرعه كانت بحاجة إلى الناس حولها أنها امرأة اجتماعيه تحب دوما رؤية وجوه جديده لقد اعتقدت أنها ستتأقلم مع الوقت ولكنها أخيرا وجدت ذلك مستحيلا
قالت مارغ بذهول:
-أنها لمعجزة أن يظلا متحابين طوال هذه السنوات
أكمل ريف:
-كان أبي يزور هيلينا سنويا في عيد الميلاد حيث يقضي فيها بضعة أيام وكان كونورواي يرافقه حتى أصبح في السادسة عشرة من عمره..سألتني عندما كنا قادمين إلى المزرعة عن كونورواي الذي اعتقد أن أمه هجرته وهجرت أباه مع انه يعرف أنها أرادته يعيش معها ..لم يبح لي قط بما يفكر به ولكنه كان يسئ الظن بأمي معتقدا بأنها تقيم علاقات مع رجال آخرين ولكن لم يحصل ذلك يوما فأمور كهذه يصعب إخفاؤها مدة ثمانية عشر عاما عن ابنها الذي عاش معها طوال الوقت كان أبي الرجل الوحيد في حياتها انه حب نادر مميز..!
نظرت مارغ مجددا إلى الصورة
-كان مميزا فعلا
-أتدرين ماكان يسميها أبي...؟ فراشته
تجمد كل شئ في مارغ البرد الذي أوقف دقات قلبها أوقف معه أنفاسها سرى شئ من الشلل في أطرافها أن طفولة كونورواي هي المسؤله عن كراهيته المريرة واحتقاره لها أنها بالنسبة له..: فراشة أخرى !
جاء صوت غلوريا السعيد من الباب:
-ها أنت ريف حضرت لك بعض الشوكولا ظننتك ستحتاجه بعد هذا المطر الذي أغرقك
غمز ريف لها "ذكريني بأن أتزوجك"
امسك بيدها وهي تضع الكوب على الطاولة الجوزية الخشب..فضحكت مقطوعة الأنفاس..."سأذكرك"

&&&&&&&&&&&&&&
قصف الرعد ، فرج الجدران
-ريف!
جعل صوت كونورواي الأمر مارغ تكاد تقفز لاشك أن الرعد أخفى صرير الباب الأمامي ، كان واقفا بباب غرفة الجلوس ثيابه جافه تقريبا ، وأكمل بجفاء:
-لا يعني هطول المطر أبدا انتهاء العمل
أشاحت مارغ بوجهها عن هاتين العينين مع أن حواسها تجاوبت بعمق مع وجوده
قال ريف متذمرآ :
-لقد غيرت ملابسي المبلله
-لو حملت معك معطفك الواقي من المطر لما تبللت تعال من الأفضل أن نسن شفرات جزازة الخشب
تنهد ريف "ها قد خسرت راحة بعد الظهر"
نهض عن كرسيه معتذرا لغلوريا بابتسامه
-شكرا للكاكاو حبيبتي ولكنني أخشى أن تشربيه أنت
ما أن اقفل الباب الأمامي خلف الرجلين حتى انطلقت تنهيده استسلام طويله من شفتي غلوريا
0اشربيه أنت مارغ فانا لا أريده
وضعت الكوب أمام الأريكه ولكن مارغ صاحت بها وقد لاحظت نظرة اليأس على وجهها:
-هاي..ليست هذه نهاية العالم.........ريف عائد
دست غلوريا يديها في جيبي سروالها وتوجهت نحو النافذه متمتمه:
-وقت العشاء
-تعرفين أن عليه أن يعمل
-اعرف
قالت مارغ:
-لا تسمحي للطقس بأن يبعث إلى قلبك الإحباط لماذا لا توقدين المدفأة فذلك سيطرد الكآبة عنك
التفتت غلوريا إليها:
-مر على وجودنا هنا سبعة أيام لم استطع خلالها التحدث على انفراد مع ريف لو لساعة انه يعمل من الفجر حتى المغرب وفي الليل يتواجد أخاه دائما
قالت مارغ بلطف "وأنا أيضا"
أدركت فجأة أنها في خضم لهفتها إلى إبعاد نفسها عن كونورواي نسيت أن غلوريا تريد الانفراد بريف والواقع انه احد أسباب مجيئها إلى هنا
أكدت لها غلوريا بسرعه
-لا ألومك
-اعرف انك لا تلومينني ولكن ربما هناك ما استطيع أن أقوم به لتأمين انفرادك بريف
ارتفع حاجبا غلوريا بشكل مؤثر"ليت هناك طريقه"
قدمت الفرصة نفسها بشكل مفاجئ ذلك المساء ، كانت مارغ تتعمد التحدث إلى كونورواي بلطف على مائدة العشاء إنما بدون المبالغة لئلا يشك في أي دافع أخر لكنها ركزت على عدم تبادل الملاحظات الجارحة أو الساخره
عندما ترك الأربعة المائدة لاحتساء القهوة في غرفة الجلوس نظر كونورواي الى النوافذ التي اظلمها الليل وقال:
-لقد توقف المطر يجب أن نخرج لتفقد الماشية غدا
كررت مارغ قوله وهي تتمسك بالفرصة:
-توقف المطر..؟ اعتذر منكم سأتخلى عن احتساء القهوة للقيام بنزهه سيرا فقد حبسني الطقس اليوم بما فيه الكفايه
كان كونورواي خلفها بحيث لم يستطع رؤية غمزتها لغلوريا التي ردت وبريق الفهم السري في عينيها البنيتين
-بالتأكيد لن نعترض
-سأحضر كنزتي
بدأت المسير إلى الدرج ثم توقفت وضحكت بخفه :
-الأفضل أن أرى إن كان لدى لوسيا مصباح يدوي لا أريد أن أتعثر بشئ واكسر ساقي في الظلام
قال كونورواي "سأرافقك"
رفضت بسرعه:
-لاداعي لهذا...سأكون على مايرام بمفردي صدقني
كانت قسماته المنحوتة المعالم متحفظة وفمه خاليا من الرحمه
ترددت مارغ متعمده إعطاءه انطباع بأنها تريد الجدال لكن كونورواي لم يكن سهلا كحال الرجال الذين عرفتهم فاستسلمت بعدما سمحت له بأن يقومها بنظرة طويله
-حسنا.......سأحضر كنزتي
عندما نزلت والكنزة في يدها كان في عنقها عرق ينبض بجنون عزت هذا النبض المجنون إلى النظرة المثيرة للاضطراب التي كان يراقب بها كل خطوة تخطوها كانت قد تأخرت في تمشيط شعرها بتسريحة توحي أن الريح بعثرته وأضافت قليلا من احمر الشفاه البراق إلى شفتيها
عرفت أنها تبدو فتاة بريئة فاتنة..كان تركيزها هذه المرة على الفتنه أكثر من البراءة كما حدث في المرة الأولى التي حاولت فيها خداعه ربما يكره الفراشات لكنه بشر ولقد أثبتت بيترا هذا
حملتها قدماها بخفه إلى الردهة ومنها إلى الباب الذي فتحه لها توقفت في الخارج بانتظار إغلاق الباب والانضمام إليها ثم تقدمته مجتازة الدرجات الحجرية القليلة عندما استدارت نحو الممر المسيج بالشجيرات الشائكة الصغيره تظاهرت بتجاهل الرجل السائر على مسافة غير بعيده عنها
كان السير في الدرب المفضي إلى المرعى خيارا مقصودا فهنا سيصب القمر عليها نوره الفضي فيزداد شعرها اشقرارا وشفتاها لمعانا
طافت عيناها في الأرض المترامية الأطراف لك يكن من الضروري التظاهر بأنها مسحورة بجمال الليل إذ كان القمر يحتل قبة السماء السوداء المشتعلة بنيران النجوم وعلى مسافة منه شاهدت برقا يومض ويخبو
تمتمت وكأنما لنفسها "ما أجمل هذا المنظر"
لكنها لم تنس للحظة واحده وجود كونورواي معها
-اجل
أجفلتها سخريته الجافة ما أن ألقت نظرة إلى جانب وجهه القوي حتى علمت انه غير متأثر بجمال الليل أو جمالها
توقفت متسائلة عن رده المعدومة فيه الحماسة " أليس المنظر جميلا"
اشتعل عود ثقاب عند طرف سيكاره ثم أنطفا وبعد ذلك ارتدت نظرته الفضية إلى وجهها
-هل تحبين الإطراء..؟
-إطراء
لاح على فمه طيف ابتسامة متوحشة :
-أليس من المفروض أن أتأثر برؤية جمالك في ضوء القمر؟؟
تطايرت شرارات الغضب من عينيها ولكن صوتها كان هادئا عندما ردت "لا"
تابعت المسير بتؤدة ولكنها كانت تشعر بنظراته المرتابه على وجهها تعرف أنها تعمدت اقتناص بعض الإعجاب منه لكنها ستقطع ذراعها قبل أن تعترف
-أليس من المفروض أن نتحدث عن ريف وغلوريا؟
جعلها تعبيره الساخر تتوتر ولكنها تابعت المسير تنظر إلى سفح الجبل بدون أن ترى شيئا منه
قالت بلا اكتراث "إذا رغبت في ذلك"
-أليس هذا سبب دعوتي إلى التنزه برفقتك؟
-أنا لم ادعك إلى التنزه برفقتي كونورواي بل أنت من دعا نفسه
نظرت إليه بتأنيب
ابتسم ابتسامة تسلية " عرفت انك تريدين مني أن أرفقك ولكنني لم افهم السبب"
رفعت راسها إلى الوراء تنظر إليه بغضب
-ليست أسباب خروجي في هذه النزهة بمعقده فهي لاتعدو أن تكون رغبة في تنقش الهواء الطلق إن هدوء الأمسية لا يشجعني على الدخول في نقاش معك
-حاولت استرضائي طوال الأمسية...لماذا مارغ؟
أطلقت لفظة اسمها الفضة اضطرابا في معدتها
-لقد سبق أن قلت لك
-لقد ادعيت سببا لكنك لم تقولي الحقيقة
الرجل شديد الملاحظة ولكنها تحدثه بخفه
-لماذا لا تقول لي ما هي الحقيقة.؟
-أتصور أن فتاة بمثل جمالك معتادة على إعجاب الجنس الآخر... بعد أسبوع هنا قد تحتاجين إلى رفقة رجل... عبث عابر لتحافظي على التمارين
ازداد راسها ارتفاعا فومض شعرها الأشقر تحت ضوء القمر وسألت:
-من المفترض أنني خدعتك لتخرج معي لهذا السبب؟
-لقد اخترت موقعا رومانسيا ...نزهة تحت ضوء القمر على درب يبعد مسافة عن البيت
ابتلعت ريقها غصبا ثم استرقت النظر إلى ما حولها لم تدرك كم ابتعدا عن المنزل وكم كانا منفردين إذ لا تحيط بهما إلا المراعي والسهول وضوء القمر
ردت بجرأة:
-لو كانت هذه نيتي لأخذت رجلا منجذبا إلي على الأقل......... إن كراهيتك لي أوضح من الوضوح
تفرس في وجهها المستدير إلى الأعلى نحوه:
-بل على العكس....أنا منجذب إليك اعتبرك ساحرة متأمره إنما هذا لا يخفف من إعجابي بك فأنت امرأة جميلة خلابة
أرسلت وقاحة إعلانه رعشات باردة إليها ردت عليه بحده وهي تشيح بوجهها:
-وفر إطراءك وغزلك لبيترا اعتقد أنها ستكون أكثر امتنانا لك مني
امسك ذقنها بإبهامه وسبابته ليدير راسها إليه مجددا:
قال ساخرا بصوت أجش وعيناه مركزتان على لون وجنتيها الوردي الذي لم يستطع إخفاؤه النور الخفيف:
-أتغارين؟
انتزعت وجهها من لمسته:
-أيها المغرور المتعجرف..........
انقلب اللمعان في عينيه إلى فولاذ
-تساءلت كم سيطول بك الوقت قبل أن تفقدي أعصابك ، اصرخي الآن ما شاء لك ذلك فليس هناك احد حولنا ليسمعك
قالت بصوت حاد "دعني"
قال "لماذا أردت أن أرافقك ؟
و ابتسم بغرور وتعجرف
فضلت الاعتراف بالحقيقة قبل أن يسئ الظن بها
-خرجت من المنزل .....لأنني أردت بعض الخلوة
-هذا طبيعي
-لا........الخلوة لريف وغلوريا أردت لهما الخلوة ولهذا أوحيت إليك إن ترافقني
ارتفع راسه عنها برضى ، وقال متمتما:
-عرفت الحقيقة أخيرا
-لقد خدعتني........أليس كذلك؟
ازدادت ابتسامته عمقا: "وهل استطيع ذلك..؟"
ابتعدت عنه " ألا تستطيع..؟"
سألها صوت صغير خفي... أيستطيع ذلك؟
لا!
لكن الإنكار المتوحش كان للصوت الخفي
قال كونورواي و الضحك الصامت في صوته:
-من الأفضل أن نعود إلى المنزل .. وان لم تقتنعي دفعني فضولي إلى اكتشاف الأمر بنفسي
بدا كلامه تهديدا لها ..من الأفضل في بعض الأحيان التراجع وخسران معركة على خسران الحرب كلها
ما ان دخلا المنزل حتى سارعت مارغوت الخطى أمامه , في هذه اللحظة خرجت غلوريا من غرفة الجلوس ..لم يكن في قسمات وجهها بريق داخلي نسيت لبرهة رغبتها في الوصول بأقرب وقت إلى غرفتها ونظرت إلى غرفة الجلوس وعلى جبينها تقطيبة حيره محاولة معرفة ما أذا تشاجرت غلوريا وريف
-أين ريف..؟
ردت غلوريا بجفاء "في غرفة الجلوس لقد كان مرهقا فنام منذ عشرين دقيقه
أغمضت مارغ عينيها وهي لاتصدق ، تناهت إليها ضحكة خافتة خلفها مالبثت أن أصبحت مجلجلة ، رمت كونورواي بنظرة غضب فلمحت بريق التسلية في عينيه ورأت الابتسامة العريضة على وجهه:
دخل نوع من المكر الى الملاح وقال وهو يهز راسه "آه يالسخرية القدر يا مارغ..؟
عبست غلوريا بعدما ابتعد نحو مؤخرة المنزل
-ما لمضحك..؟
رفعت مارغ يدها إلى شعرها المشعث وابتسامة خفيفة تلامس شفتيها ..اجابت وهي تتنهد ضاحكه:
-لاتسالي غلوريا..لا اظنك ستجدين الامر مضحكا كما وجده هو .

تمارااا 24-01-09 05:05 PM

6- نداء الطبيعة

اعلن مارغ وهي ترجع خصلة منسلة من بين خصلات شعرها المربوط على شكل موزة قديمة الطراز :
- لقد غيرنا اغطية اسرة كل الغرف الا غرفة كونورواي لوسيا لأننا لم نعرف اية غرفة غرفته .
منتديات ليلاس
كانت لوسيا آروز جاثية على يديها وكبتيها في الردهة تنظف وتلمع الخشب, فاستقامت ويدها على اسفل ظهرها :
- لقد اهتممت بغرفته .. انه ينام في الطابق السفلي في اخر المنزل ... لم افكر في ذكر الامر .
سألتها غلوريا وهي تحمل الشراشف امامها :
- اتريدين مني ان اضعها في الغسالة ؟
هزت مدبرة المنزل رأسها رافضة العرض :
- لقد قمتما بما فيه الكفاية انتما ضيفتان لا خادمتان .
اصرت مارغ :
- لكننا نستطيع مساعدتك .
اضافت غلوريا :
- هذا افضل من الجلوس بلا عمل .. اننا بذلك نفيد بشيء ثم هل غسل الشراشف امر متعب ؟ كل ما علينا وضع مسحوق الغسيل وكبس زر الغسالة .
- فلتضع غلوريا الغسيل في الغسالة اما انا فسأساعدك بتلميع الخشب .
لم تترك لها مارغ مجالا للاحتجاج اذا انحنت لتأخذ قطعة قماش قابعة قرب قدمي لوسيا آروز... لكن مدبرة المنزل حاولت أخذ قماش التنظيف من يدها :
- لن اترككما تفعلان هذا .
ابعدت مارغ القماش عن يد لوسيا .. لتسأل غلوريا بخفة :
- وكيف تمنعينا ؟
قالت مارغ تداهنها:
- هيا لو سيا .. نريد مساعدتك قلت بنفسك انك لن تستطيعي القيام بالتنظيف اللازم في الوقت المحدد. لقد مضى على وجودنا عنا 10 ايام ولا يمكننا الباقء على هذه البطالة فيما انت لا تتوقفين عن العمل .
رفعت لوسيا يديها في الهواء مستسلمة :
- استسلم ! سأحضر قطعة قماش اخرى وسننظف الردهة .
ابتسمت مارغ :
- اتفقنا . انا انظف الخشب قرب الارض لئلا تضطري الى الوقوف والجلوس كثيرا اما انت فقومي بتنظيف ما حول الزخرفة .
بعد ساعتين من الزخرف على الارض على يديها وكبتيها بدأت عضلات ظهر مارغ وكتفيها بالاعتراض .. كانت تتألم ولكنه نوع لذيذ من الالم فقد كان العمل متنفسا للتململ القلق الذي سيطر على الفتاتين .
عادت الامسيات الى سابق عهدها .. كونورواي مسيطر بوجوده على الـ3 الاخرين اذ لم تحاول مارغ كونورواي لإبعاده عن ريف وغلوريا .
لم تخبر مارغوت بحقيقة ماحدث بينها وبين كونورواي عندما حاولت ابعاده عن طريق غلوريا وريف واكتفت بأن قالت انه حاول اغواءها هذا دون ذكر استجابتها العميقه لها .
استطاعت غلوريا بعيدا عن الوقائع الدقيقة ان تفهم الجانب المضحك من المسألة.. فبينما كانت تراوغ تحاول تصد تحرشات كونورواي كانت هي بصغي الى شخير ريف .
ولكن نتيجة الحادث تضاعف احساس مارف بمصيفها المفتول العضلات. لقد كانت دوما المسيطرة على اية علاقة تقيمها لذا لم يعجبها الاحساس بأنها عرضة للخطر . لنه لا يحب الفراشات ومن الممكن ان يحاول يوما تحطيم جناحيها .
ثم هناك التحدي الصامت كذلك .. لقد حصلت على كل رجل سعت اليه ولكن ماذا عن كونورواي ؟ اهو الاستثناء والشواذ في القاعده ؟
سمعت صوت صلصلة خلفها.. فمسحت خصلة عن وجهها , وبدأت تستدير مفكرة ان من السخف ان تضع غلوريا اسوارة في يدها ثم رافق الصلثلة وقع حطوات واسعه غاضبة تقترب منها .. لمحت قسمات وجه كونورواي المخيفة التي لا تلين .
في اللحظة التالية اطبقت قبضة قوية على معصم مارغ وشدها غير مبال بصرختها واجفالها . كانت ساقاها مخدرتين بسبب الجثو مدة ويلة ولأنهما لم يستطيعا حمل تقلها سعت تثبت جسمها على صدره بيدها الحرة.
قال بحده :
- مالذي يجري هنا بحق الله ... .
جذب يدها عن صدره ليبعد قطعة القماش التي مازالت بين اصبعها وانتزعها ثم رماها بعيدا .
- لوسيا !
تهاوت مارغ بقوة على صدره وقلبها يثب وثبا . ترك معصمها آليا ولف ذراعه حول خصرها ليلتقي نقلها .
جعلتها حركتها المفاجئة الاضطرارية تنظر الى عينيه الضيقتين المظلمتين فذعرت من العنف الكامن فيهما .
صاح بصوت راعد مهدد :
- لوسيا .. ما معنى هذا ؟ الافضل ان تفسري ما يجري .
كان قربه منها يخدر احسيسها بدا أن من العسير بل من المستحيل ان تشيح وجهها عن قسماته لم تبد لوسيا آروز خائفة من غضبه لكن مارغ قفزت الى الدفاع عنها .
قالت بانفاس متقطعه :
- كنت اساعدها .
ارتدت نظرة كونورواي اليها لثوان تشل اعصابها :
- اصمتي مارغ ... لوسيا قادرة على الرد عن نفسها .
انصب اهتمامه من جديد على مدبرة المنزل التي ردت ببساطه :
- عرضت الفتاتان المساعده .
نظر من فوق كتفة قائلا :
- وانت كنت تعملين كذلك ؟
لم تستطع مارغ رؤية غلوريا التي وقفت مرتبكة قرب الدرج وعيناها البنيتان مصدومتين بسبب رؤية مارغ اسيرة الاسد الهادر :
تمتمت :
- كنت ... كنت اقوم بالغسيل .
اطلق سبابا قبل ان يضيف :
- سأقول هذا لمرة واحده فقط يا لوسيا .. انهما ضيفتان في منزلي وانا لا اسمح للضيوف بالزحف على ايديهم وركبهم لتنظيف الخشب او غسل الملابس !
وقفت لوسيا اماه بهدوء ويداها مضمومتان امامها :
- انهما فتاتان قديرتان تتمتعان بصحه كاملة كونورواي لذا لا تتوقع منهما الجلوس في المنزل يوما بعد يوم وهما تتلاعبان بأصابعهما .
- لا اهتم ابدا بما تفعلان .. لن اسمح لهما بالعمل كخادمتان في هذا المنزل . هل هذا واضح ؟
ردت مارغ بتحد:
- وكيف ستمنعنا ؟ حاولت لوسيا ولم تنجح لقد اخذت منها قطعة القماش وبدأت بتلميع الارض بدون استئذانها .
- اشتدت الراع حول خصرها تسحقها بقوة .. طالبها بريق عينيه القاسي ان تصمت . شرح سيفان فولاذيان وجهها المتورد ثم انتقلا الى لوسيا :
- فلتبق مارغ بعيدا عن هذا .. هل كلامي واضح لوسيا ؟
ردت مدبرة المنزل نظرته بلا تردد :
- لست الملامه على هذا .. انت على حق . انهما ضيفتان هنا .. وعليك تقع المسؤولية لا علي لقد اخترت اهمالهما لذا لا يحق لك ان تفقد اعصابك لنهما وجدتا طريقة خاصة لهما لللتسلية وملء الفراغ .
ابعد مارغ عنه وكأنها دمية من قماش ثم التفت ليشرف على مدبرة المنزل :
- من الافضل لك يالوسيا ان تتذكري انك لست جزءا من العائلة بل موظفة مدفوعة اجرتها .
صلصل المهماز في حذائه مجددا قبل ان تنقله خطواتها الواسعه الى الباب متوقعه ان يهتز زجاج النوافذ من تأثيره انتقلت نظرتها الى مدبرة المنزل المحدقة بصمت الى الباب ..
قالت لها مارغ صادقة :
- انا آسفة لوسيا .. لم نقصد ان نسبب لك المتاعب .
هزت لوسيا كتفيها وغمرت بعينها السوداوين :
- سينسى غضبه اما الآن فيستحسن ان تتركا شغل المنزل لي على الاقل حتى يهدأ قليلا .
ظل الجو في المنزل مشحونا . لذا كان العشاء ذلك المساء امرا مربكا .
لكن مزاج كونورواي السيء لم يتحسن .. بدا ان مزاجه السوداوي يطوف بالبيت والغريب ان خروجه المفاجئ من البيت بعد الطعام مباشرة لم يبعث الى نفسيهما الراحة ظلت الغيوم تحوم في المنزل حتى اليوم التالي .. ولأنها لم ترغب في ان تتحداه ترددت في عرض المساعده مجددا ...
في امسية اليوم التالي تفاجأت مارغ عندما سمعت ما قال . اما ريف فردد:
- رحلة على ظهر الخيل ؟
بدا كونورواي غير مهتم للذهول الذي اثاره .
- فكرت في الانطلاق صباح الاثنين باكرا . ان هذه الرحلة ستمنح الفتاتين فرصة للاعتياد على امتطاء الخيل وسنغيب يومين فقط .
ابتلعت غلوريا ريقها :
- الخيل ؟
ارتفع حاجب اسود بتسلية ساخرة واكد كونورواي لها :
- اجل .. الخيل .. الا اذا رغبت في السير على الاقدام حتى قمة الجبل ؟
- لا بالتاكيد لا .
نظرت غلوريا الى مارغ لترى ردة فعلها .
قال يذكرها :
- قلت انك قادرة على ركوب الخيل .
رد ديف عنها ومد يده ليغطي يدها .
- انها تجيد الفروسية ساختار لها فرسا لطيفة هادئة .
قال كونورواي يوجه كلامه الى مارغ :
- وانت مارغ ؟ اتجيدين ركوب الخيل ام تفضلين فرسا لطيفة هادئة كذلك ؟
في صوته شيء من الحده . حاولت استكشاف تعابير وجهه ولم تفلح فهي لاتصدق انه فعلا يريد القيام بهذه الرحلة .
ردت بشيء من التملل :
- اجيد الركوب .
علق بخشونة :
- لا ارك متحمسة .
سحبت نفسا عميقا مستنجده برباطة جأشها وشجاعتها :
- ربما .. لآنني لا اظن ان هذه الدعوة صادرة عنك بملء ارادتك .
همست غلوريا متوسلة :
- مارغ !
تحداها كونورواي :
- اتعتقدين ان خطبة لوسيا القصيرة بالامس ذكرتني بمسؤولياتي كمضيف وابتزتني لكي افعل هذا ؟
- اجل .. هذا ما اظنه .
ارتجف فمه ولكنه هز رأسه المتعجرف اعترافا :
- حسنا .. انت على حق في هذا الاعتقاد والسؤال يبقى اتردين الذهاب ؟
بالتأكيد تريد الذهاب ....
ارتفع ذقنها فالتقت عيناها نظرة كونورواي المراقبة وهو يدرك خوف غلوريا من الحيوانات خاصة من الجياد كما يدرك خوف غلوريا من الحيوانات خاصة من الجياد كما يدرك افتقارها الى روح المغامرة .
لم تدن مارغ من غلوريا ان رفضت اختبار عالم اخر .. لكن كونورواي يدينها فهو يعتبر ذلك عيبا خطيرا في زوجة اخيه العتيده وها قد آن الآوان ليعرف ان لدى غلوريا جراءة كبيرة فغلوريا وان كانت تحب امان المنزل ستذهب الى حيث يقودها ريف .
تلاعبت ابتسامة بثغر مارغ . اخيرا اجابت : اجل . احب ان اذهب .
قال كونورواي :
- اتفقنا اذن . سأبدأ بتحضير ما يلزم .
وبدا عليه الاستغراب بسبب نظرة الاذعان على وجه مارغ .
كان الفجر قد انبزغ عندما امتطو جيادهم مبتعدين عن مباني المزرعه باتجاه سفوح الجبل ... شخر جواد مارغ بانتعاش وشوق للرحلة . نظرت مارغ خلفها الى الممر العريض الذي تركوه خلفهم .
كان الصمت اسا تقريبا الا انه لم يكن صمتا حقيقيا , فالعشب يخشخش تحت حوافر الجياد التي بعثرت قطرات الندى الالماسية ..
سألها كونورواي بصوت خفيض :
- اتعيدين النظر ؟
كان وجه مارغ بريق متوهج عندما نظرت الى كونورواي الذي يسير جواده قربها .
- ابدا .
لم يدق البريق الاصفر الشاحب الا دقائق قبل ان تشرق الشمس من فوق القمم .. بدا ان الجبل يستحم اشعة الشمس المتصاعده . وما ان وصلوا الى سفح الجبل حتى ارتفعت الشمس في كبد السماء فكست السفوح بأشعتها البراقة .
عندما دخلوا الى غابة صنوبر عبقت رائحتها الزكية في الجو تقدمهم كونورواي فلحقت به مارغ وتبعها غلوريا وريف وكان الطريق ضيقا بحيث لم يتسع الا لراكب واحد وهذا ما جعل الحديث مستحيلا لم تمانع مارغ في هذا لآنها كانت غارقة في افكارها .
توقف جواد مارغ فجأة كانت تراقب سنجابا ينظر اليهم من وراء جذع شجرة بقلق اعادت بصرها الى الامام فوجدت كونورواي قد اوقف جواده ليتفحص جواد المؤن .
همز كونورواي جواده الكستنائي نحو منبسط من الارض فسيح فلحقت به محافظة على انفرادها دون محاولة الاقتراب منه .. تجاهلت للحظة المناظر وركزت نظرتها على الكتفين العريضتين امامها .
جلس كونورواي بسهولة وكانه جزء لا يتجزأ من الجواد ومما يحيط به .. كانت نظرته لطيفة كما لم تكن يوما اهتزت احاسيس مارغ وهي تلمح جانب وجهه المتجهم الذي عكست اشعة الشمس الذهبية شرارات متوهجة على قسماته جذبتها جاذبيته ورجولته كامغناطيس .
كونورواي في بلاد البراري هذه بين عالمه ومعدنه حاولت مارغ ابعاد عن جاذبيته فابتعدت عيناها الزرقاوان عمدا عنه وحطتا من جديد على المناظر التي يخترقونها ولكن كانت عيناها مع تقدم الصباح تزداد انجذابا الى الرجل الذي يتقدمهم .
بدأت كثافة الاشجار تجف مفسوحة المجال لفسحات عشبية مرتفعه مرقطه بالصخور وملونه بأزهار الجبل البرية . بدا تسلقهم المستمر رفعهم مسافة لا بأس بها ولكن قمم الجبال ما تزال بعيده وما هذه الا تلة قيمة لها مقارنة بالجبلين الآخرين اللذين ينصلان بسلسة من السفوح .
مع ذلك فقد اغوت التلة مارغ فمن ورائها كان في بطن الوادي ممر ملتو يخترق جدران الجبل المحصنه وكان المجاز الضيق في اعلى التلة بعد بمنظر رائع . حثت جوادها للاقتراب من كونورواي الذي ألقى عليها نظرة جانبية ملؤها التساؤل .
سألت :
هل سنصل الى قمة التلة ؟
اقنعت نفسها ان انحباس انفاسها عائد الى الاهاق لا الى بريق عينيه القضيتين .
- بأمكاننا هذا .
التفت نحو غلوريا وريف .
- سنصعد الى القمة ريف .
لوح ريف لهما :
- سنلتقي عند ظهر المرتفع .

لم يكن هذا ما فكرت فيه مارغ . ارادت ان يتشارك الأربعة المنظر ولكنها لن تستطيع الاحتجاج الآن. شد كونورواي حبل جواد المؤن ولكز جواده فسار الجوادان تلحق بهما مارغ .
كانت قمة الجبل اكثر انحدارا وابعد مما اعتقدت مارغ .. بدا لها ان شجرة صنوبر وحيده تنمو في شق صخرة .
اطلقت مارغ في آخر بضعة ياردات لجوادها عنانه , فأسرع يطيعها .
قالت حين توقف جوادها قرب جواده :
- لم اتوقع ان تكون بعيده الى هذا الحد .
كانت عيناها تطوفان بالمنظر الخلاب واضافت :
- ولكنه يستحق العناء .
كانت مباني المزرعه مستترة تقريبا وراء الصنوبر, وكان السهل الاخضر ممتدا كأنه وشاح اخضر على ارض الوادي .
ترجل كونورواي يلف الحبل على قربوص السرج .
- سنتنفس الصعداء قليلا هنا ونعطي الجياد بعض الراحه .
كانت مطيتها اقل رشاقه من مطيته بشكل ظاهر .. كادت عضلاتها المتشنجه غير المعتاده على الركوب الطويل تحتج . ولكن تعبها كله ولى ما ان رأت امامها شكل اسود في السماء الصافية الزرقاء .
همست بانفعال :
- - كونورواي .. انظر !
كان يخفض من رباط سرجه , فتوقف ليلحق بأصبعها .
- اهو نسر أو صقر ؟
- انه نسر .. نسر اصلع .
اقتربت مرغ منه لا اراديا ووجهها يتسابق في شرايينها من الاثارة .. لم تكن قادرة على انتزاع بصرها عن النسر السايح فوق الجبال ..
- لا اعرف كيف لأحد ان يدعي الثراء ان لم ير نسرا كهذا يطير بحرية .
- انه تصريح يدل على عمق التفكير .
في صوته ما جذب نظرها اليه .. فوراء نظرته الكسول شيء من الاعجاب . لقد جعلها منظر النسر خفيفة مرحه , نحسبالخفة والطيش .. ردت بجراءة :
- ألأنه صادر عني ؟ لم تتوقع مني مثل هذا التصريح .
برقت التسلية في عينيه قليلا قبل ان يتحرك بكسل نحو جواده . وضع الركاب فوق السرج وفك الحزام .. رفع نسيم عليل اجنحه شعرها الشعثاء فبعثر الذهب المحروق تحت اشعة الشمس .
قال بصوت هامس :
- اتحاولين المناورة من جديد مارغ ؟
هزت كتفيها بلا اكتراث :
- لا افهم قصدك .
- عرفت عندما اقترحت بلوغ هذه القمة ان غلوريا لن ترغب في ذلك بارادتها وخاصة وهي تمتطي جوادها .
ربت عنق الجواد ومر من تحت رأسه ليقف قربها .
- ألم تحاولي ترتيب انفرادها بريف ؟
تنهدت تنهيده رضى :
- قل ما تريد .
رفعت وجهها الى الشمس تاركة اشعتها الدافئة تنتشر فوقه .
- انا في مزاج رائع جدا لذا لن اتشاجر معك كونورواي .
رد بعذوبة :
- لم اكن افتعل شجار .
ظهرت التسلية في عينيها :
- حقا ؟!
نظرت عبر اطراف اهدابها الذهبية فالتقت نظرتها عينيه الساخرتين .. وطافت عيناه ببطء على وجهها .
- اعتقد انك تحاولين العبث بي .
تجاوزها ليأخذ قربه ماء عن سرجه . امالت رأسها الى جانب واحد وجرأة لعوب تكتنفها :
- وماذا ان كنت احاول العبث بك ؟
فتح غطاء القربة واعطاها اياها قائلا :
- لا اظنك من طبقتي .
تطاير الشرر من عينيها اللازورديتين من فوق حافة القربة وهي تشرب القليل من الماء البارد. كانت احاسيسها كلها متحفزه وجاهزه للقبول . اعادت له القربة وهي تقول بصوت منخفض كأنها تحذره:
- لا اظنك تعرفني جيدا .
لولا رفعه القربه الى فمه في تلك اللحظة لرأي المكر في عينيها ففي لحظة نفسها رفعت يدها تدفع القربة بخفة فانسكب الماء على وجهه ... لم يستطع رغم الغضب في عينيه منع نفسه عن الضحك .
قال مزمجرا انما دون غضب حقيقي :
- ايتها الماكرة !
اعاد الغطاء الى فوهة القربة ثم تقدم خطوة ملؤها التهديد . ولكن تراجعها تعثر اذ اصطدم بجواده الذي تحرك بضع انشات احتجاجا . حاولت التملص من يديه الممتدتين نحوها ولكنها فشلت وامسك بذراعها .
- انا آسفة كونورواي .. صدقني لم استطع منع نفسي .
لكن غليان التسلية في صوتها كذب تأكيدها فشدها اليه ضاغطا ذراعيها الى صدره فحاولت التحرر منه ضاحكة .
ارجعت رأسها الى الخلف وادارت عينيها المرحتين الى عينيه . ولكنها لم تر في اللمعان الضبابي غضب بل شيئا اخر . تلاشت الابتسامه تدريجيا عن شفتها .. انحدرت نظرتها اكثر ثم تلاشت قدرتها على المقاوة بسرعه .
اثارت يداه احاسيس لا عهد لها بها واشتياقا الى المزيد من العناق .
بدد وقع حوافز الصخور السحر . وصاح ريف الذي ما يزال على مسافة بعيده . كانت شجرة الصنوبر الوحيده والجواد يخفيانهما عن نظره:
- كونورواي .. ألن تعودا ؟
عندما رفع رأسه على كره منه , انخفضت يداه الى خصرها يضمها اليه فوضعت رأسها على صدره وابتسامة رضى صغيره تتلاعب على شفتيها .
نادى كونورواي بصوت اجش مضطرب :
- سننزل حالا .
اقشعرت بشرتها من السعاده .. كانت تشعر بأنفاسه المضطربه وتسمح خفقات قلبه غير الرتيبه التي توازي خفقات قلبها جنونا .. بامكانها ان تحصل عليه .
في تلك اللحظة السعيده عرفت انها قادرة على اركاع هذا الرجل .. ولا يهم ابدا انه لا يحبها لأنها تعرف الآن انه يرغب فيها امنت لها هذه المعرفة قوة هائلة قد تستخدمها لتتسب ما تريد .
ابعدها كونورواي عنه ثم سار الى الجوادين يربط حزاميهما ظاهريا بدا غير متأثر وكانهما غرانيت صلب سيطرته على نفسه رائعه .. ولولا تنعمها ببضع ثواني بين ذراعيه بعد انهاء العناق لما عرفت انها اثارته بنجاح .
قفز الى جواده :
- اركبي .
ضاقت عيناه بتفكير اما مارغ فنفحته بابتسامه مذهلة واطاعت امره ستكون هذه الرحلة اكثر اثارة للاهتمام واكثر اثارة مما افكرت ..

تمارااا 24-01-09 05:07 PM

7- في قلب الخطر

اشاحت مارغ وجهها بأسف عن المنظر الرائع امامها :
- ليتنا لا نغادر المكان .
التفت كونورواي نحوها يجذب السرج عن جواد مارغ :
- اترغبين في ان تعودي بدائية ؟
ابتسمت لتسليته الساخرة :
- شيء من هذا القبيل .. مالعيب في العوده الى الطبيعه والاصل ؟
- الامر سهل مامت اشتريت المؤن .. ولكنه لن يكون رومانسيا متى اضطررت الى البحث عن الطعام .
ابعد السرج ورمى بطانيه نحو مارغ :
- ادعكي ظهر الجواد وتاكدي من جفافه .
وقف الجواد بإذعان وهي تمسح بقع العرق السوداء حيث كان السرج واللباده من تحته :
- انت لا تصدق انني قد احب الحياة البرية الجافة ؟
نظر اليها من فوق السرج :
- اخبريني انت .. فبعد شهر ستتكسر اظافرك وتنخدش يداك وتتشققان وستنحرق بشرتك الجميلة . وماذا عن شعرك ؟ من سيرتب لك شعرك الذهبي اللماع ؟
ضحكت مارغ :
- لماذا لم تشر الى الصعوبات والاخطار ؟ لم لم تتهجم على شيء اخر غير زينتي ؟
كانت مسروره سرا انه لاحظ هذا القدر منها ..
وقف ريف اما الجواد الذي كان يدعكه اخاه الآن .
- اتريد بعض المساعده كونورواي ؟ المخيم جاهز وغلوريا تجمع الحطب للنار .
نظر كونورواي الى الموقع الذي اختير لمخيم الليل :
- لا ... من الافضل ان تحضر قصبات الصيد من الصرة وتبدأ بالتقاط السمك للعشاء .. اما انا ومارغ فسننهي عملنا هنا .
تحدته حالما انفردا ثانية :
- وماذا سناكل ان لم يلتقط ريف اية سمكة ترويت ؟
- هناك الفاصوليا . طعام الغرب الدائم .
انها المرة الثانية التي تشاهده فيها يبتسم بحرية . تسارع قلبها امام جاذبيته التي تظهر بجلاء عندما يضحك .
ضرب مؤخرة جواد ريف ليبعده عن الطريق ... سار الى جواده الذي مازال مسرجا . انهت مارغ جواها ثم اقتربت من الجواد الكستنائي تمسح انفه , فنفخ انفاسا ناعمه في يدها وملء عينيه البنيتين الفضول وهو يتاملها .
مرت اصابعها في غرة الجواد السوداء :
- ما اسم جوادك ؟
هز كتفيه بلا اكتراث والسخرية تطل من عينيه وهو ينظر الى وجهها :
- بوي .. فيلا .. واحيانا اسماء متعدده يجب الا تذكر امام سيدة .
رفعت رأسها دهشة : اليس له اسم ؟
- لا انه مجرد حيوان لبعض الجياد في المزرعه اسماء وهي تلك المسجله اساسا كسلاله .
رفع السرج عن ظهر الجواد ووضعه على كتفه يحمله الى حيث السروج الاخرى . ثم عاد ليبدأ دعك الجواد .
- ولد هذا الجواد في الجبل لذا لا نسب له .
- الا تسمي جيادك .. صدقا ؟ لماذا ؟
كانت حافة قبعته منخفضه الى الامام بحيث ظللت وجهه لم تكن متأكده لكنها ظنت ان قسمات وجهه ازدادت قسوه . امتنع لبرهة عن الرد فظنته سيتجاهل سؤالها ولكنه قال :
- كان عمري 5 سنوات عندما اهداني ابي اول جواد . اسمه الحجر الاصفر واعتقد انني كأي طفل في العامل خلته افضل جواد وحينما بلغت الـ12 امتطيته وانطلقت الى الجبال لأصطاد ولم انتبه الى الوقت حتى ادركت ان بعد الظهر حل ولأنني كنت بعيدا اميالا كثيره عن المزرعه ولا امل لي بالعوده قبل الظلام اتخذت طريقا مختصرا وكان ذلك يعني السير في منطقة شديدة الانحدار كثيرة المنزلقات كنت قد اتخذت الحجر الاصفر من قبل معي وسلكت به هذا الطريق لكنني نسيت ان اليوم السابق شهد عاصفة.. وما ان بدأ النزول حتى بدات الارض تنزلق من تحتنا ارتميت من فوق الجواد وتدحرجت حتى الاسفل . وتدحرج معي الجواد الذي انكسرت قامتاه الاماميتان .
انقبض صدرها بحده ... واسودت عيناها الزرقاوان لتعكسا الالم الذي شعر به ...
- كنت بعيدا اميالا عن المنزل وعن طلب العون .. مع انه لم يكن هناك ما يمكن القايم به من اجل الجواد . ولأنني لم استطع تركه يتألم ويعاني عاجزا وضعت حدا لعذابه , اخطأت مرتين قبل ان اقتله .. توجهت الى المنزل سيرا على قدمي .
لم تستطع مارغ رؤية ملامح وجهه عبر ستارة من الدموع ولكنها عرفت ان وجهه نحوها .
- لذلك لا اضع اسماء لما اضطر يوما الى تدميره .. الجياد حيوانات فقط كاماشية التي نذبحها لنأكلها كان درسا تعلمته .
ملأت الغصة صوتها عندما قالت :
- اجل .. اجل .. افهم هذا .
عرفت ان الدموع ستنهمر من عينيهافي اية لحظة وعندئذ سيسخر منها كونورواي فسارعت تقول :
- ساذهب لأساعد غلوريا .
- اذهبي لا احتاجك .. استطيع انهاء كل شيء هنا .
تساءلت مارغ عما اذا كانت حاجته للاخرين قد توقفت منذ ذلك اليوم . فقبل التاريخ بسنتين ترمته امه لسبب لم يستطع يوما ان يفهمه .. فهل من الغريب ان يصبح في كبره بهذه القسوة والسخرية ؟
رغبت بقوة في ضم ذلك الصبي الصغير بل ما عاد يسمح لنفسه بالحزن والألم .
حاولت قدر المستطاع نسيان ذلك المنظر الذي وصفه لها بصوته الاجش فلم تقدر , طاردها التفكير فيه فخيم على جمال السهول , وحجب عنها صفاء الجدول .. لم تعد تلك الحادثة القديمة تؤلمه .. لذا من الحماقه ان تتركها تؤلمها .
منتديات ليلاس
لكن هذا لم يغير واقع قدرتها الى اركاعه . فما زالت قادره على استخدام الجاذبيه التي يشع بها تجاهها لتتمكن من التلاعب به ليوافق على زواج غلوريا وريف .
لن يجعله ذاك البرود المتاصل فيه يتردد في استخدام اية وسيلة ضمن مجال قبضته .. ولن تستطيع هي ان تؤلمه مجددا لأنه اصبح ابعد من الالم نفسه . لم يكن يشفق على احد فلماذا تشفق هي عليه ؟
نظفت الاسماك التي اصطادها ريف وشويت ببطء فوق جمر نار المخيم ثم قدمت للجميع مع بسكويت من دقيق الشوفان والطماطم كانت وجبة لذيذة ولكن شهية مارغ كانت قليلة .
اخذت تحدق الى وعاء القهوة الرمادي المعلق على جانب النار .. اشركت غلوريا ريف في حمل الصحون الى الساقية لغسلها فهم لم يقيموا المخيم قرب الماء . والسبب ان كونورواي يرفض ان يسدو الطريق على الحيوانات التي تقصد الجدول للشرب .
وقف كونورواي قرب النار واعاد ملء كوبه :
- اتريدين المزيد من القهوة ؟
هزت رأسها لا اراديا فانعكس لون النار الكهرماني على شعرها .
- لا .
سمعت صراخ غلوريا الذي تبعه ضحك ريف الذي اعلن انه حيوان مسالم فابتسم كونورواي ساخرا بخبث :
- صديقتك متوترة قليلا .
جعل استهجانه عينيها الزرقاوين قطعتي الماس بارقتين باردتين وحادتين وقسا قلبها عليه .. كيف يجرؤ على السخرية من مشاعر غلوريا وخوفها امام الحيوان الذي لا تعرفه ؟
قالت بصوت هامس جاف :
- ماذا تتوقع كونورواي ؟ التخيم في البرية امر خارج نطاق خبرة غلوريا تماما .. يشعر المرء عادة في البرية حيث تحيط به الحيوانات بالارتباك والخوف .
- وهل انت خائفة ؟
نظرت اليه متحديه نظرته :
- لا ... ولكن كثيرا ما كانت عائلتي تخيم في باري يلستون لذلك ليس التخييم بتجربه جديده الي .
كان واقفا في دائرة بعيده وقال بلهجه ساخرة :
- اراك مازلت منكبة على الدفاع عن صديقتك .
ردت بعذوبة لتبعد الغضب عن صوتها :
- واراك ما زالت منكبا على الفصل بينهما .
- لم ادرك ان الفراشات سريعات الغضب هكذا .. ما بالك مارغ ؟
اغمضت عينيها لتكبح اندفاعا يدفعها الى رد حاد , سحبت نفسا عميقا ثم اطلقته بتنهيده وهي تهز كتفيها :
- لا تمضي الفراشات نهارا كاملا على ظهر جواد متسلقات الجبل .
- اعضلاتك كتشنجه ؟
ردت بجفاء وهي تحرك عن غير قصد عضلات ظهرها المتألمه.
- استنتاج ذكي .
حدقت الى السنة النار ولكن خشخشة اوراق الصنوبر حذرتها متأخره من دنو كونورواي منها . وما ان حاولت الالتفات حتى اطبقت يدان على كتفيها , وبدأتا يدلكان عضلات ظهرها المتشنجه انسدلت منها اهة صغيرة وهي مزيج من الألم والارتياح .
- لولا انحيازك الى صديقتك لرأيت ان احداهما على المدى البعيد لن يناسب الاخر ولانضممت اليّ في محاولة تفريقهما قبل ان يقوما بغلطة فادحة .
كانت اصابعه كالسحر على عضلاتها المتألمه .. تمنت لو يمتنعان عن الحديث ولكنها هزت رأسها وتمتمت :
- انت لا تعرف اخاك جيدا كونورواي . تعتقد انه نجا من فراق ابويكما ولكنك مخطئ لقد اختار زوجة يعرف انها ستبقى الى جانبه في كل الاوقات وان كنت تظن ان الرحلة ستنكشف نقاط اختلافهما فقد فشلت لأنها ان كشفت له شيئا فهو تأكده من اذعان غلوريا له مهما كان بدون تذمر الا ترى انها انضمت اليه رغم خوفها مما سيحيط بها ؟
سخر منها بصوت منخفض :
- لكن هل ستبقى على اذعانها وتبعيتها له ؟
ارسلت اصابعه القوية الاسترخاء الى عظامها ولكن سؤاله اجفلها . واجابت :
- انت لا تعترض على غلوريا بالذات كونورواي .. بل على الزواج نفسه .. لا يهم من يختار ريف لأنك لن توافق .
رد ببرود وبساطه :
- لا .
انطلقت ضحكة قصيرة عميقة من حنجرتها فلم تكن تتوقع ان يعترف بهذا .. امالت رأسها الى جانب واحد لتنظر من فوق كتفها الى تعابير وجهه الكسول .
- اتكره النساء حقا الى هذا الحد ؟
ابتسم ابتسامة ماكرة :
- وما رايك انت بالرجال .. مارغ ؟ هل انت معجبه بهم ؟ تسعين اليهم ؟ اتنظرين اليهم بعين المساواة ؟ ام تستمتعين بالتلاعب بهم حول اصبعك الجميله؟ ثم تتركينهم يقعون عندما يغدون غير قادرين على تسليتك ؟
كان اتهامه الساخر قريبا من الهدف.. انها فعلا تميل الى التلاعب بالرجال انما ليس بقسوة كما يتهمها ففي اعماقها تميل الى ان يكون الرجل الذي تسعى اليه هو من تحبه ولكنها مع كونورواي فقد تريد ان تكون الساحرة العديمة المشاعر .
لم تع مدى الاثارة التي توحيها عيناها المذعنتان حتى رات النور يظلم في عينيه عندئذ اشتعلت شرارات ماكرة في عينيها تتحداه .
تمتمت بصوت اجش :
- وانت كونورواي ؟ هل تحتقر حقا كل ما في المرأة؟ ام انك تجد انها ذات نفع احيانا ؟
ابتسم وقد تعرف الى الدعوة المنبثقة من عينيها ورد ببرود:
- احيانا .
ركزت نظرتها الزرقاء على وجهه تحس بتسارع نبضات قلبها نسيت للحظة تجاوبها الصريح مع عناقه ولم تفكر الا في الطريقه التي اثارته بها :
- كهذا الصباح عند قمة التل ؟
ضاقت عيناه مفكرا وكانه يزن قوة الشك الذي نصبته له زاد شعاع النار من كثافة شعره الاشعث الاسود ومن قسوة ملامحه المتعجرفه المؤثرة :
- هل استمتعت به ؟
ردت همسا : وانت ؟
اشتدت يداه عليها يرفعها ليديرها الى ذراعه جعلت صدمة تلامسهما رأسها يدور ويستند الى ذراعه اما شعرها الذهبي فانسكب على كتفه فيما راح يمعن النظر في جمال وجهها بتعمد بطيء تركت نفسها تسترخي بشكل واضح .
تحرك جرس انذار صغير معلنا انها ستخسر سيطرتها على نفسها وان كونورواي سيغويها .
عند هذا الاعتراف برزت قوة المقاومة فشهقت شهقة قوية والتوت مبتعده عنه مستخدمه ذراعيها لتضع مسافة بينهما .
امسكت اصابع قوية فكها ورفعت ذقنها الى فوق ولكنها لم تجرؤ على ملاقاة عينيه خشية ان يأسرها لمعانهما الفضي الى فمه البارد الهادئ المسيطر مقارنة مع ثغرها المرتعش ورقتها .. قال بعجرفة :
- اريدك .
اجل انه يريدها انما ليس بما فيه الكفاية ليس بعد .. استقامت ثم خرجت من دائرة ذراعيه ودنت من النار شعرت به يراقب تصاعد صدرها وهبوطه فحاولت السيطرة على انفاسها .
لم يتحرك كونورواي للحاق بها بل جلس مستريحا غير منزعج اجبرت نفسها على اللعب بقواعد اللعبة تلك القواعد التي ستسمح لها بالفوز .
تنهدت ثم رمته بابتسامه خفيفة من فوق كتفها :
- يجب ان تعذرني كونورواي اخشى اني انجرفت قليلا .
- لماذا الاعتذار؟ لقد استمتعت .
قالت بصدق كامل مع ان ما قالته يخدم غايتها :
- وانا كذلك اكثر من اللازم لابد وان ريف وغلوريا عائدان اتود كوب قهوة آخر ؟
- لا بأس .
نسيت ان الوعاء على النار منذ مدة طويلة وحاولت امساكه دون الاستعانه بشيء ماكادت اصابعها تلامس مسكته حتى تركته بسرعه .
رمى لها منشفة ثم قال ساخرا :
- هكذا تحترق اصابعك .
كادت تقول له ان هناك اكثر من طريقة كانت جالسه على مسافة منه عندما عاد ريف غلوريا .
ركع ريف امام الابريق :
- آه .. القهوة .
امسك بالمنفة قبل ان يحاول ملء كوبه ثم وجه سؤالا الى كونورواي قبل ان يجلس على الارض قرب النار جاذبا غلوريا اليه ضاما اياها تحت ذراعه :
- اكان هذا صوت كوجر الذي سمعته منذ قليل ؟
التفت الى مارغ فرآى انتفاضتها فسخرت منها عيناه ذلك انها كانت صماء عن كل ما حولها وهي بين ذراعيه .
عبس ريف :
- الن ترتب حملة صيد للتفتيش عنه .. قد يحدث فوضى ودمار وقت وسم عجول الربيع.
- انه حتى الآن يحصر صيده بالغزلان التي لا ابالي ان قتلها فبذلك لن تبقى اعداد كبيره من الغزلان تناقش ابقاري في المرعى , وان اقدم على تذوق لحم البقر قتلته .
ارتعدت غلوريا :
- ارجو الا يفعل هذا .
رد كونورواي بجفاء :
- وانا ايضا بالنسبة لي المزرعه كبيرة بما يكفي لكلينا وانا احترم حق الكوجر في الحياة وان تمكنت ابعدته من المنطقة بدل قتله .
احست مارغ بضيق يطبق على حلقها لمجرد شعورها بان كونورواي يعطف على حيوان مفترس اكثر مما يعطف على البشر فهل صلته القوية بالارض هي ما تجعله هكذا ؟
في وقت لاحق من تلك الليلة وفيما هي نائمة في فراشها نظرت الى النجوم والسؤال ما يزال بدون رد . في كونورواي صفات كثيره لا تفهمها سخريته قسوته كراهيته لأقامة اية علاقه دائمة مع امرأة ولكن هل هناك من مزيد ؟ اما زال الصبي ابن الـ12 الحساس الوحيد مختبئا في مكان ما في اعماقه ؟
جعلت الشمس مارغ تنسى كل تساؤلاتها التي لم تجد لها ردا في الليلة الماضية ولكن الردود في كل الاحوال غير هامة فما زالت مصممة على المضي قدما بخطتها ولكنها باتت تدرك ان ما تلعبه لعبة خطيرة وان اغواء كونورواي بوعود ايجابيه بعيدا عن الوفاء بها امر قد يخدم غايتها ويجعل اللعبة اكثر اثارة ..
عندما كانت غلوريا تصب الماء على ما تبقى من نار المخيم كانت مارغ تحرك الفحم لتتأكد من عدم ترك شيء مشتعل وكان ريف يسرج الجياد على بضع خطوات وكان كونورواي يحمل الاغراض فوق الجواد الاضافي .
اعلنت مارغ مبتسمة :
- كل شيء على ما يرام .
دنت غلوريا بقلق منها تنظر اليها نظرات ريبه :
- ليلة امس .. ليلة امس رأيتك مع كونرواي .. ماذا تفعلين ما رغ ؟
بحثت عيناها في وجه مارغ بفضول وكأنها فقدت عقلها فردت مارغ:
- ما بدا لك تماما .. انا اغريه ليلاحقني الا تعرفين القول المآثور " الرجل يطارد المرأة حتى تصطاده " حسنا .. انا سأصطاده .
سألتها وانفاسها مقطوعه من فرط الصدمه :
- هل وقعت في حبه ؟
ضحكت مارغ بخفة :
- لا ايتها السخيفة , لست غبيه الى هذا الحد ولكنني سأدفعه الى الموافقه على زواجكما قبل نهاية الشهر .. من المستحيل اقناع هذا الرجل بالمنطق لذا ليس بيدي الا وسيلة الخداع العاطفية.
- آه مارغ .. اتظنين ذلك ؟
- لا شأن للظن بهذا, لأنني سأسعى الى اغوائه حتى يركع .
وقف ريف يمسك لجام جواد غلوريا منهيا بذلك الحديث بين الفتاتين :
- تعالي حبيبتي نحن على اهبة الاستعداد للعودة .
عندما دخل الـ4 فناء المزرعه كانت الجبال غربا تعكس توهج الشمس الغاربة في اثناء رحلة العودة لم تحاول مارغ التحدث الى كونورواي او ممازحته .. فعليها في هذه الرحلة ان تظهر له انها بعيده المنال ولكن ذلك لا يعني ان تكون غير ودوده معه ان اقترب منها او حادثها .
كان احد عمال المزرعه موجودا ليأخذ الجياد منهم . حالما ساعد كونورواي مارغ على النزول عن السرج ابتسمت له ولكنها تعمدت تجاهل بقاء يديه ثواني على خصرها بعد ترجلها .
قال ريف :
- ارجو ان تكون لوسيا قد حضرت لنا شواء كبيرا مع البطاطا والصلصة والمقبلات .
كانت ذراعه ملقية على كتفي غلوريا وهو يتجهون نحو المنزل .
قالت مارغ :
- ارجو ان تكون جهزت لنا مغطسا من المياه الساخنه اما الطعام فينتظر .
ضحك ريف :
- بامكانكما الاسترخاء في مغطس ان شئتما اما انا فسأستحم بسرعه , واكل .
ضحكت غلوريا :
- وانا جائعه ايضا .
رفع ريف حاجبه بشكل معبر امام اخيه :
- هناك سيارة امام المنزل .. آه! آه! يبدو ان عندنا زوار .
تعرفت مارغ الى السيارة الذهبية والبنية انها سيارة بيترا هاريس وهذا ليس بالضبط ما ارادت ان ينتهي عليه اليوم نظرت الى كونورواي فلمحت بريقا في عينيه وهو يراقبها
انه يتوقع رؤيتها محبطة لكنها قالت عن عمد وعفوية :
- لعلها تبقى على العشاء .
لوى فمه وقال :
- سأسألها .
انتقلت عينا ريف بينهما لقد رأى ما رأته غلوريا الليلة السابقة وان لم تكن غلوريا قد اخبرته فهو بدون شك وضع لما رأى استنتاجا خاصا .
قال بجفاء :
- يجب ان تكون هذه الامسية مثيرة للاهتمام .
تبع تعليقه وخزة حاده في صدره من كوع غلوريا .
ما ان دخلو الى المنزل من الباب الخلفي حتى وجدوا المطبخ فارغا الا من الروائح اللذيذة المنبعثة من الفرن .
ومن ردهة المدخل سمعو صوت بيترا . لم تستطع مارغ ان تفهم ما كانت تقول ولكن من الواضح انها تتكلم مع لوسيا.
صاحت بيترا بغبطة عندما دخل الاربعة الى الردهة :
- اوه .. كونورواي هذا انت .
حياها برقة :
- مرحبا بيترا لم اتوقع رؤيتك هنا .
- كنت على وشك الخروج في الواقع اخبرتني لوسيا انكم خرجتم في رحله . هل ذهبتم انتم الـ4 فقط .
ارتدت عيناها الى مارغ وقد تطاير الشرر منهما .
ردت مارغ بابتسامة تحد :
- اربعتنا فقط .
- يبدو ان رحلة العودة كانت شاقه اذ ارآك تبدين متجهمة ومتعبة .
مياو! التقطت مارغ المرح المتطاير في عيني لوسيا السوداوان وحاولت الا تجعل هذا الشرر المرح يدخل عينيها فلا جدوى ان تكتشف بيترا انها ولوسيا يضحكان منها .
قالت مارغ :
- انت على حق في كلا الامرين .
دفعها الشيطان الخبيث للنظر الى كونورواي ثم اضافت :
- مع ان الرحلة بكل تأكيد استحقت التعب !
امتدت ألسنة نار ملتهبة لفحت وجه مارغ , فعرفت انها اثارت غيرة بيترا فعلا وهذا ما عرفه كونورواي ايضا اذ بدا في عينيه الرماديتين التسلية .
سأل :
- لماذا جئت الى هنا بيترا ؟ أللعمل ام للتسلية ؟
خمدت النيران ما ان ادارت بصرها اليه :
- العمل اساسا .
واضافت بعينيها ان كمية العمل تعتمد عليه :
- املت ان اتمكن من اقناعك بالمجيء الى منزلي الليلة لتساعدني في مراجعة حساباتي .
لم يدهشه طلبها وهذا ما جعل مارغ تدرك ان ذلك امر عادي , او ستار لمزيد من المواعيد الحميمه .
- اتناسبك ليلة الجمعه ؟
ارسلت بيترا ابتسامه بارده اشبه ما تكون بابتسامة نصر.
- الجمعه موعد رائع سأذهب الآن لأترككم تنظفون آثار الرحلة بحرية .
اتسعت العينان الزرقاوان ببراءة :
- ألن تبقي معنا على العشاء ؟
في لهجة مارغ رضى كامل لأنها ارادت قلب الطاولة في وجه بيترا والتظاهر بانها المضيفة هذه المرة .
اضافت :
- انا واثقة ان لوسيا قادرة على الاكثار من الطعام .
قال كونورواي :
- اهلا بك ان رغبت .
لاح على ثغره طيف تسلية وكأنه يعرف ما تضم دعوة مارغ بين حناياها .
- شكرا لك حبيبي. ولكنني اعرف انكم على وشك الانهيار .. اراك مساء الجمعة .

تمارااا 24-01-09 05:09 PM

8- امرأة سهلة المنال .

انقضت نحلة بسرعه هائلة على رأس مارغ فأحنته متجنبه اياها . رفعت يدها تحمي عينيها من شمس الظهيرة ونظرت مجددا الى الشاحنه المتوقفة قرب السياج كان كونورواي فيها فاشتدت اصابعها على زجاجة المرطبات البارده المفتوحه .
لم تر منذ الرحلة كونورواي كثيرا اذ كان بينهما عدد كبير من العوائق منها ما يتعلق بحيوان مريض ومنها ما يعود الى عطل ميكانيكي وغير ذلك . ها هو الركود يهدد خططها ان ل تأخذ زمام المبادرة بيدها . ولعلها اليوم يوم الجمعه تعمد الى التأثير في كونورواي قبل ان يزور بيترا هذه الليلة .
منتديات ليلاس
لم تكن مارغ مهتمه ستتمكن مع الوقت من التغلب على المنافسة التي تمثلها المرأة الاكبر سنا فالمشكلة ان وقتها ضيق فبعد اسبوع ينتهي الشهر .
اصبحت المسآلة مسألة ان لم يكن ما تريد فأرد ما يكون من حسن الحظ ان كونورواي يصلح سياجا قريبا من المنزل وهذا يعني انها لن تجتاز مسافة طويلة للوصول اليه .
ما ان اقتربت الشاحنة حتى مررت يدا على اطراف كنزتها الطويلة التي ربطت اطرافها حول جيدها . كانت البلوزة ظاهريا مربوطة بسبب الحرارة اللاهية ولكنها في الواقع ارادت بذلك جذب اهتمامه الى استدارة خصرها ورقته .
- مرحبا اتجهد نفسك بالعمل .
استقام كونورواي عن السياج ونظر من فوق كتفه وقد ومض بريق غريب في عينيه وقفت مارغ قرب الشاحنه الدنيا تدور بها للحظة بعد ما وقع نظرها على جذعه البرونزي الملتمع بالعرق .
- هل ستقومين بنزهة ؟
في سؤاله درجة لا يستهان بها من السخرية .
خلع قفازاجلديا ثم تحرك بكسل نحو الشاحنة ونحو مارغ كانت عيناه منصبتين على زجاجة المرطبات في يدها .
احست بطنين غريب في اذنيها لم تستطع تفسير سببه فحولت اهتمامها بسرور الى الزجاجه بعيدا عن تأثيره المغناطيسي .
ارجعت رأسها الى الخلف توحي بعدم اكتراث متهور .
- اجل .. احسست بالضجر ففكرت في التنزه قليلا. وبما ان لا مكان محدد اقصده فكرت في حمل زجاجه مرطبات بارده اليك فالحر شديد اليوم .
استند الى الشاحنه قربها ثم وضع قفازه وكماشته في مؤخرة الشاحنه وبعد ذلك اتى ليتناول زجاجة المرطبات البارده منها :
- هذا حسن تقدير منك !
ابتسمت :
- احاول ان اكون مفيده .
حاولت اختراق قناع عينينه الضبابي بسبب رده الجاف .. فقد يكون كونورواي غامضا في بعض الاوقات ..
راقبته يفتح الزجاجه ويرفعها الى فمه .. عندما ارجع رأسه الى الخلف امعنت النظر في خطوط عنقه السمراء وعروق اوتاره المتحركه القوية .
مسح الزجاجه من اثر فمه واعطاها اياها .
- خذي جرعه فلاشك انك ظمأت بعد اجتيازك هذه المسافة .
تشعر فعلا بجفاف وضيق في حلقها لذا قبلت الزجاجه ورفعتها الى شفتيها .
سألها واصابعه تلامس اصابعها وهو يتناول الزجاجه منها :
- اين غلوريا ؟
- في المنزل .
احست باضطراب فأشاحت بصرها عنه متظاهره بالاهتمام بصورة مرسومه على صفحة سماء زرقاء واسعه وراقبتها عيناه بصمت فشعرت بأن المجيء اليه غلطة فادحه .
- اعتقد ان عليّ تركك لتعود الى عملك .
قال بصوت لطيف :
- ليس الآن .
نظرت بدهشة الى معصمها الذي اصبح فجأة اسير يده ..
- جئت فقط من اجل جلب المرطب فكرت لوسيا انك بحاجه الى ما هو بارد .
ارتفع حاجبه متسائلا :
- لوسيا ؟ يبدو ان ذاكرتها بدأت تضعف والا تذكرت براد المرطبات الصغير الذي ارسلته معي ؟
اللعنه ! لماذا سمحت لنفسها بالوقوع في فخ كذبتها ؟ انها غلطة لا ترتكبها مراهقة .
قالت وهي تحاول التملص :
- ربما اسأت فهمها .. على أي حال انا الهيك عن عملك .
- وانا لا اعترض .
وضع الزجاجه نصف الفارغة في الشاحنه ثم ضغط قليلا على معصمها يجرها نحوه .
كان من المفروض ان تكون المبادره الى أي عناق انما ليس بهذه السرعه . تركت ساقاها تحملانها اليه على مضض لذا لما اوقفها على بعد قدم منه كادت تتنهد ..اضطرتها قامته المديده الى رفع رأسها الى الخلف لتلتقي نظرته المتعجرفه :
- كونورواي.. انا ..
لامست يده خدها فتوقفت كلماتها قال لها متمتما بتسلية ساخره :
- كم رجل قال ان عينيك بلون السماء ؟ سماء مونتانا .. زرقاء حية تجذب الرجل وتعد بأن وراءها الكثير الكثير .
ما ان تحرر معصمها حتى احست بيده على خصرها :
- ارجوك !
تغلب على محاولتها الظهور بعدم الاكتراث الانقباض في صوتها ..
قال لها بايحاء ساخرا :
- الم تأتي الى هذا المرج حتى تهبيني بعض العسل يا فراشتي ؟
شهقت شهقة صغيرة وحاولت الابتعاد عنه .
ثم قال لها بصوت اجش :
- آسف يافراشتي .. لكن هناك من يوشك ان يصبح معنا .
نهض بسرعه ثم نظر الى الاعلى مضت عدة ثوان قبل ان تفهم معاني كلماته ذلك ان مشاعرها هي ما يسيطر كليا عليها .
سمعت هدير محرك سيارة فوقفت مشتعله الوجنتين تفتقر الى السيطرة على نفسها ولكنها استطاعت الاستداره لترتب ثيابها .
ماكادت تنهي ما تفعل حتى توقفت سيارة الشاحنه . والتفتت مارغ مرتبكة .. فأرادت الصراخ باحباط في وجه بيترا ..
استندت بيترا الى باب سيارتها واصابعها ملتفة كالمخالب البارزة على المقود .
- هل قاطعتكما كونورواي ؟
هز كتفيه وهو ينظر ساخرا الى وجه مارغ الممتقع :
- بالامكان الانتظار هل من خدمة اسديها لك ؟
- اردت تذكيرك بموعدنا الليلة .
كانت الكلمات موجهة الى كونورواي ولكن الكراهية في عينها كانت لمارغ .
اكد لها كونورواي بعذوبة وفي عينيه بريق حميم اسود :
- لم انس .
قالت بيترا :
- لماذا لا تأتي باكرا ؟ ادعوك على العشاء .
وافق بتحفظ :
- حسنا .
كوفئ بابتسامة تصيب بالدوار .. ولكن الغثيان قلب معدة مارغ .
تمتمت بيترا ثم عادت الى السيارة تعدها للاقلاع .
- لن اعطلك عما كنت تفعل . هل اقلك الى المنزل مارغ ؟
ردت مارغ ببرود :
- لا شكرا افضل السير على قدمي .
التوى الفم المرجاني الاحمر استياء :
- كما تشائين .
هزت رأسها مودعه ورمت كونورواي بقبلة ثم شغلت السيارة وعادت من حيث اتت .
سألها كونورواي بعذوبة مثيرة :
- ستعودين الآن ؟
ردت بتصميم :
- اجل , فورا.
- اقترح عليك اذن قبل العودة ان تربطي بلوزتك مجددا .
اكدت نظرة الى مقدمة بلوزتها كلامه .. لاشك ان عيني بيترا الحادتين قد لا حظتاها ايضا .
ردت بتحد رافضة اظهار احساسها بالذنب :
- شكرا سأفعل هذا .
لكن الاحساس بالذنب طارد خطواتها . لقد رغبت في اطباق الفخ حول كونرواي ولكنها لم تتوقع ان يوقظ في داخلها هذه المشاعر . احست بصدق ان ثقتها بنفسها بانت مهزوزة بكل سيء.
لم يكن كونورواي على مائدة العشاء عندما دخلت الى غرفة الطعام مع علوريا وريف وتركت الامر للوسيا ان تشرح مكان وجوده فقد كرهت ذكر لقائها به بعد الظهر وتجنبت نظرة التساؤل في عيني لوسيا.
كانت الوجبة الممتازة بلا طعم ولكن مارغ اجبرت نفسها على تناول كل مافي طبقها لأنها لم تكن مستعده الى مواجهة الاسئلة عن شهيتها . بعد الوجبة في زاوية غرفة الجلوس مع كتاب تاركة غلوريا وريف بعض الخلوه النسبية .
كانت افكارها مشوشة ومرتبكة لذا لم تستطع التركيز على ما تقرأ بل لم تستطع التركيز الا على شيء واحد وهو صورة المرأة النحاسية الشعر المعلقه فوق المقود .. انها فراشة مثلها .
فجأة احست بالتملل والضجر فأقفلت الكتاب وقالت بصوت مرتفع جذب مرتفع جذب انظار ريف وغلوريا :
- سأذهب لأرى ان كانت لوسيا بحاجه الى مساعده في المطبخ .
لكن المطبخ كان نظيفا ومدبرة المنزل غير موجوده .. فكرت في التنزه قليلا وتراجعت نحو ردهة المدخل الخلفية .
وهناك اجتذبها باب موصد كانت تعرف انها غرفة كونورواي فقد دلتها عليها لوسيا مرة , ولكن مارغ لم تدخل الى الغرفة يوما تعاظم فضولها وسيطرت عليها حاجه ملحه الى رؤية غرفته .
فتحت الباب بحذر ودخلت الى الغرفة تلمس زر النور .. نظرت بصمت الى الغرفة شاهدت السرير المنفرد والطاولة الصغيرة الى جانبه وخزانة الادراج وكرسيا مستقيمة الظهر .
لم تتوقع هذه البساطه كلها خاصة اذا ما قرونت بأناقه الغرف الاخرى انها اشبه بغرفة راهب .. اغلقت الباب بهدوء رغم علمها بأنها تتطفل على ما لا يخصها .. ولكنها غير قادره على الخروج .
غريب هذا الرجل تقدمت نحو السرير الضيق وهي تتساءل لماذا اختار باعاد نفسه عن ترف الحياة ومباهجها التي يوفرها للمنزل .
اينام هنا ليحافظ على قسوته ؟ هل يتجنب اللمسات النسائية الرقيقة التي لاحظتها في سائر ارجاء المنزل ؟
لمست كتابا عن الزراعه على طاولة السرير. ابتسمت لنفسها , انها مجنونه لأنها دخلت الى هنا فالغرفة لا تكشف عنه اكثر مما يكشفه هو بنفسه لقد توهمت عندما ظنت العكس .
جلست على حافة السرير بدون ان تدرك ما تفعل كان الفراش قاسيا ثابتا انما غير متحجر .
شدت حركة انتباهها فتسمرت في مكانها من الخوف رأت مسكة الباب تتحرك فحبست انفاسها وتضرعت الى الله ان يكون الداخل لوسيا فالوقت مبكر على عودة كونورواي لكن كتفيه العريضتين وجسده النحيل الخصر هو من سد المدخل .. التقت عينها الرماديتان بعينها الزرقاوين المذهولتين ..
التقت عيناه الرماديتان بعينيها الزرقاوين المذهولتين .. كان قلبها قد بلغ حنجرتها فلم تستطع التفكير في سبب معقول واحد تقدمه كعذر على وجودها في غرفته ..
تمتم وهو يدخل الى الغرفة التي اقفل بابها وراءه :
- هذه دعوة غير متوقعه .
اشتعلت الحرارة على وجنتيها بعدما وعت فجأة انها جالسة على سريره اسرعت تقف فقال ساخرا :
- لا حاجه للوقوف .. كنت سأنضم اليك .
تمتمت بارتباك :
- كنت على وشك الخروج .
- لا حاجه بك الى ارتداء ماهو مريح .
تفرست عيناه الفولاذيتان بتركيز كسول فتوفتا على ثغرها المرتجف ثم على العرق النابض في عنقها واخيرا على فتحة ياقتها فارتفعت يدها تحمي الفتحه .
قالت تحتج بارتباك :

- انت لا تفهم لم اتوقع عودتك بسرعه ظننتك .. اعني .. بيترا ... .
ولكنها ببساطه لم تستطع صوغ كلمات تشير الى ماقد يفعله هو وبيترا .
لمعت اسنانه البيضاء ولاحت ابتسامة الذئب على شفتيه:
- بعدما جرى اليوم اتظنين انني افضل خربشة قطة غيور على رفرفات ناعمة من فراشة ؟
تسارعت انفاسها بشكل غير سوي :
- لا! اعرف انك ستسيء الظن بي لأنك وجدتني في غرفتك .. لقد دخلتها فقط بدافع الفضول . لم يخطر على بالي شيء مما تظن .ز اقسم لك .
اشتدت خطوط فمه عمقا .
- لا تزعجي نفسك يتوجه هاتين العينين الزرقاوين البريئتين اليّ او الانكار ان السبب من وراء سعيك اليّ ظهر . انه ترسيخ صورتك في تفكيري قبل ان اذهب لزيارة بيترا .. لقد عدت للتلاعب مجددا مارغ .. .
فتحت فمها تريد الاعتراض على ما يقول لكن الامر لن يجدي ففي اعماقها مشاعر كثيرة تعتمل بقوة .
طأطأت رأسها لتبعد عينها عنه حتى تستطيع التوجه الى الباب :
- اعذرني .. انما يجب ان انصرف .
وقف كونورواي في طريقها فسد عليها الممر .
- ماللعبة الآن ؟ اتلعبين لعبة المرأة الصعبة المنال ؟
- انا لا العب .. ارجوك دعني اخرج .
كان هناك مجال لتتخطاه ولكنها لم تثق به .
ضحك عليها بصمت وبانت التسلية في عينيه .
- هكذا اذن .. تدخلين ببساطه الى غرفتي يجذبك الفضول . والآن تريدين الطيران بعيدا تاركة اياي مع صورتك وانت بانتظاري على سريري .
ابتلعت ريقها بشدة :
- كونورواي .. ارجوك !
لا فائده من تبادل الكلمات معه .. عليها ان تنجو قبل ان يرتد عليها . في هذه اللحظات لم تكن مستعده للتعامل مع كونرواي او مع ردات فعلها المرتبكة نحوه .
اتجهت بساقين مرتعشتين الى الباب .
عندما اصبحت على مسافة منه كتمت انفاسها ثم انتفضت حالما تحركت يده ولكن تلك اليد لم تمتد اليها بل الى زر المصباح المعلق فوق الرؤوس فأطفأه فكان ان غرقت الغرفة في ظلام دامس .
اوقفها فعله المفاجئ وعماها المؤقت فعجزت عن الحراك .
كان صوته الهامس على مقربة شديده منها ناعم مغري :
- ان التقطت فراشة فامسكها من جناحيها .شهقت لأنه امسكها من كتفيها . ثم صاحت بأنفاس مقطوعه :
- اتركني .
خافت من مشاعرها التي تدفعها الى الاستناد الى صدره مستسلمة حاولت تحرير نفسها من قبضته .. ولكنه استغل حركتها وادارها اليه .
توسلت اليه ونفضت الى الوراء شعرها الذهبي الطويل فزاد من ضغط يدها على صدره :
- لا .. ارجوك .
ضحك فسرت قشعريره الى اوصالها .. قال :
- اليس هذا ماخططت له مارغ ؟
زادت انفاسها الحارة من حرارة بشرتها فقالت هامسة بيأس :
- لم اخط لهذا .
بدات عينها تعاندان في الظلام .
قال كونورواي :
- الم تخططي لإشعال رغبتي فيك ؟
سحبت نفسا عميقا فأضاف :
- اعرف انك خططت لهذا كانت الفكرة في فكرك منذ لقائنا الاول كل مافعلته كان مدروسا لتعميني مشاعري وما السبب الا التلاعب بي واركاعي لتاخذي بعد ذلك ما ترغبين وتطيرين .
شهقت مجددا :
- لا .
ارجعت رأسها الى الوراء محولة مرة اخرى ان تتخلص من قربه المثير للاضطراب وانفتحت اهدابها المغمضة بقوة تركز بصرها على قسماته القاسية فكان ما رأته عينين نصف مغمضتين تنظران الى وجهها المرتفع نحوه بنار فضية خطفت منها انفاسها .
تمتم تمتمة عميقة :
- تبدين الهة وثنية بهذا الثغر المكتنز وبهاتين العينين المتطايره منهما شرارات النجوم .
- ارجوك !
ما ان التفت اصابع يده وراء عنقها حتى عرفت انها لن تحتمل فبدات تقاوم ما هو قادم ولكن اليد الثابته وراء عنقها لم تسمح لها بتجنبه ... ارتدت قبضتاها المنهمرتان على صدره بدون ان تحدثا ضررا .
همست :
- لا استطيع ..
كانت افكارها مشوشة .. ما الذي لا تقدر عليه ؟ هي لا تقدر على التوقف ! لا تقدر على التفكير او التنفس بل لا تقدر على العيش بدون نيران لمساته المجنونه !
انهت كلامها بآهة وتنهيده :
- انا مجنونه .
ارتد رأسه عنها واكن اصابعه تابعت تسللها الى عنقها ثم تمتم بصوت اجش :
- هكذا اريدك. اريد ان تنجرفي حتى الجنون وحتى تصبحي غير قادره على التفكير فياحد سواي . اريد ان تحترق جناحاك لئلا تستطيعي الطيران قبل بزوغ الشمس .
سحبت مارغ انفاسها بحده تعرف انها لا تريد ابدا ان تطير ولكنها تدرك ان الاستسلام الى مشاعرها الجنون عينه .
قالت معترضه :
- غلوريا .. ريف ..
اصمتها مجددا :
- انهما يستمتعان بالخلوة التي دأبت على تأمينها لهما لذا لن يفقداك اشك في ان يتوقع ريف عودتي باكرا الليلة .
هزت رأسها بوهن ثم طأطأت رأسها مجددا عندئذ استراحت شفتاه على شعرها .
- كونورواي .. انا ...
عندما حملها الى السرير تسلل بصيص من نور النجوم الى وجهه فرأت خطوط وجهه مطبوعه بشراسه وهذا ما خطف انفاسها ....
- مارغ ؟
حاول صوت مالوف اختراق حلمها .. فتحرك رأسها معترضا .
- مارغ؟ اين انت ؟
صاحت باختناق لتمنع هذا الذي يريد تبديل حلمها .
- لا ؟
غطت اصابع كونورواي ثغرها بخفة :
- هس ..
جعلها اعترافه غير المباشر بالصوت الذي ناداها تدرك ان الحلم بدأ يتلاشى .
- مارغ ؟
استطاعت الآن التعرف الى صوت غلوريا الذي ما يزال على مسافة منها لكنه يقترب :
- اين يمكن ان تكون ؟
قال ريف :
- قالت انها ذاهبة الى المطبخ اليس كذلك ؟
- اجل لكنها غير موجوده هناك .
عاد التعقل اليها مجددا فحاولت التحرر من قبضة كونورواي ولكنه اوقفها بسرعه .
- لا .. فأنت تعلمين علم اليقين انك تريدين الذهاب .
كان صوته الآمر قرب اذنها ..
قال ريف :
- ربما خرجت تتمشى .
بدأ وقع الاقدام يسير نحو الردهة التي تمر بغرفة كونورواي .
اخذت يدا مارغ تدفعان بجنون جدار صدره الصلب . وهمست يائسة :
- سيجدوننا .
- لن يفتشا عنك هنا .
- لا... لا... !
قال ريف :
- ربما هي في غرفتها .
وصل وقع الاقدام قرب باب غرفة النوم ..
ردت غلوريا :
- فلنتأكد في الخارج اولا .
- انها امرأة ناضجه تستطيع العناية ..
ضاعت كلمة بنفسها وراء الباب .
تمتم كونورواي :
- قلت لك انهما لن يجدانا هنا .
تأوهت مارغ :
- ولكنهما لن يتوقفا عن البحث .. ارجوك دعني اذهب .
- لا ...
اطبقت اصابعه على ذقنها لتمنعها من الحراك ثم عاد يعانقها ..
اخترقت تكتكة قفل الباب حلمها من جديد وابلغها توتر عضلات كونورواي انه سمع التكتكة هو ايضا , ولكنه لم يرفع رأسه ولا سمح لها بالحركة .
سمعا لوسيا تقول وهي واقفة في الباب :
- كونورواي .. انهما يبحثان عنها .
استرخت قبضته عنها ثم ومضت عيناه وهما تنظران الى عينيها المتوسلتين اللتين طغى عليهما الخجل .
قال كونرواي بلهجة آمرة :
- اخرجي من هنا لوسيا .
انتزعت عينيها عن وجهه والتفتت الى مدبرة المنزل .. كان جسمها الممتلئ يبدو طويلا بفعل النور المتدفق من الردهة .. تحركت حنجرتها المتشنجه ولكنها عجزت عن نطق اية كلمة .
تنهدت لوسيا بقناعه ثابته :
- لن تفعل هذا كونورواي .
سخر بعجرفه :
- ولم لا ؟ السيدة اكثر من راغبة .
- دعها تذهب .
ابتسم ببرود لمارغ :
- لها ان تذهب انها حره .
وابتعد عنها واكمل :
- هذا ان كانت تريد حقا ان تذهب .
وقفت على قدميها تكاد تتعثر في مشيتها ولكن كانت خطوتان فقط هما ما استطاعت القيام بهما فقد علقت ذراعها بقبضة مؤلمة دفعتها من جديد الى صدره..
حذرت لوسيا بصوت منخفض :
- كونورواي .
قاطعها بصوت هامس ينذر بالشر وقال بوحشية :
- لا .. لا يمكنها الذهاب .. يعرف كلانا انني لم اكن اغويها بل هي من سمحت لي بذلك فمنذ قدومها الى المزرعه وهي تدأت على دعوتي الى مغازلتها ثم تتعمد التراجع لتستطيع التلاعب بي .. تعرف انني اجدها جذابه كحال أي رجل اخر , وتنوي استخدام هذا التجاذب لتحصل على ما تريد اليس هذا صحيحا يا مارغ ؟
لم يكن لديها القدرة على الانكار فاعترفت بصوت هامس اجش :
- اجل .. اجل .. هذا صحيح .
قال بسخرية لسعت كبرياءها بقوة :
- لكنني لم اصبح العوبة في يدك بل انا آخذ ما اريد .. وحالما انتهي منه ارميه بعيدا .
ثم تركها قبل ان يدفعها نحو الباب حيث تقف لوسيا :
- اذهبي الآن لكنني لم انتهي منك .
تقدمت مارغ الى الامام متعثرة ولكن لوسيا عقدت ذراعها لتدعمها ثم اقتادتها الى الخارج .
- سأرافقك الى غرفتك .
احست مارغ ان بمظهرها الاشعث كانت ثيابها تكشف بوضوح ماجرى ولا ريب ان شفتيها متورمتان ووجهها متورد بقوة تعرف انها تبدو كأمرأة كانت في فراش رجل ..
استرقت نظرة الى مدبرة المنزل متسائلة عما تظنه بها هذه المرآة الفخورة بها . لقد صدق كونورواي عندما قال انها ما فتئت تغويه ولكنها لم تنو الوصول الى هذه المرحلة . ارادت تأجيج رغبته فيها حتى يذعن لما تريد .
عندما وصلتا الى الغرفة لمحت مارغ العطف اللطيف في عيني لوسيا السوداوين فشعرت بالخزي والعار فهي لا تستحق ابدا رجاحة عقل هذه المرأة وتعاطفها .
اشاحت بوجهها عن نظرة مدبرة المنزل القلقة :
- انا على ما يرام .
اقتربت بعيدا عن دعم تلك المرأة .
- هلا اخبرت غلوريا انك رأيتني هنا وانني مصابة بصداع .
هزت لوسيا رأسها :
- لن اسمح لأحد بازعاجك لن اسمح لأحد مهما كان .
قصدت بلا احد مهما كان كونورواي ايضا ولم تكن لتشك في ان المرأة تنوي فعلا حراستها من نفسها ومنه . وما ان خرجت لوسيا حتى دفنت مارغ وجهها بين يديها ..
صدمتها سخرية الموقف بقسوة لقد اردته طوال الوقت ولكنه هو من اصطادها وهي من رطعت على ركبتيها .
لم تفكر قد اثناء تخطيطها في اركاعه في انها ستقع راسا على عقب في حب كونرواي . نعم هذا ما حصل لها بالضبط .. لقد وقعت في حيبه .
لم يكن ما جرى الليلة نتيجة مشاعر جسدية بحته بل كان حبا مجنونا غبيا مؤلما .

تمارااا 24-01-09 05:12 PM

9- الفراشات تهاجر بعيدا

حدقت مارغ الى القرص الذهبي المتصاعد من الافق الشرقي .. كانت عيناها الزرقاوان تشعان ألما وعلى لحاظهما بقع حمراء ليس سببهما الدموع لأنها لم تستطع البكاء ولو بدمعه واحده تريح ألم قلبها .
كان سبب احمرار عينيها الارهاق فهي لم تنم .. بل لم تحاول ان تنام فما زالت ترتدي الملابس نفسها ومازالت تذرع الغرفة بغير ترتدي الملابس نفسها ومازالت تذرع الغرفة بغير هواده . كانت احيانا لا تفكر الا في ما شعرت به بين ذراعي كونوراي ..
منتديات ليلاس
وفي احيان اخرى كان تفكيرها يتسارع بجنون للوصول الى طريقة تدفع بها كونوراي الى ان يحبها .. ولكنها رفضت كل الافكار في النهاية فهل سيقرأ افكارها كما قرأ مناوراتها ؟
سمعت طرقا خفيفا على الباب فأرتدت عن النافذه ليس الطارق غلوريا لأنها ستستخدم الباب المشترك اما ريف فلن يطرق عليها الباب ابدا !.. اهي لوسيا ؟
نادت بصوت مرتجف :
- من .. من الطارق .
- كونوراي .
انتاب قلبها خفقان ملؤه الفرح والسرور ارادت ان تطير الى الباب لتفتحه على مصراعيه ولترتمي في احضان كونوراي ..
اولكنها دست قبضتها في فمها ثم قالت وهي تعض اصابعها :
- اذهب من هنا .
تحركت مسكة الباب .. ولكنها لسبب مجهول اقفلته في الليله المنصرمه احنت الآن رأسها حامده ربها على ما فعلت .
- لن يوقفني باب موصد مارغ .. فأفتحيه !
لم يكن تهديدا اعتباطيا مع ذلك ترددت قبل ان تتقدم لتفتح الباب . الحل الآن في سيطرتها على نفسها .. يجب ان تحافظ على هدوئها وسيطرتها على ذاتها يجب الا تفضح امامه مشاعرها وحبها له .
وقفت مره اخرى في النافذه دخل الغرفة ثم اغلق الباب وراءه .. كانت مارغ تنظر الى الخارج بدون ان ترى شيئا .
- ماذا تريد ؟
- مادمت لم تستطيعي النوم ليلة امس , فلماذا لم تنزلي ؟
نظرت من فوق كتفها بحده في اللحظة التي ارتد فيها كونوراي عن السرير الذي لا يحمل اثرا للنوم . اسرت عينان باردتان نظرها .
صاحت بحده وفظاظه بسبب ملامحه المتعجرفة :
- اتركني وشأني كونورواي !
ثم سحبت نفسا عميقا لتسترد رباطة جأشها التي هي بأمس الحاجه اليها الآن .. مع ذلك بدا لها ان الطريقة الوحيده لإخفاء حبها له هو اطلاق العنان للغضب .
رد بسخرية بارده :
- ليس بعد .. جئت اقول لك ان بأمكانك نقل اغراضك الى غرفتي ابتداء من هذا الصباح .. سأشتري سريرا مزدوجا وخزانه اخرى .
ارتدت عن النافذه والصدمة تجتاح وجهها . قالت وهي تكاد تعجز عن التنفس :
- ماذا ؟
ارتفع حاجبيه:
- اوضحت الامر فلست من يتسلل ليلا ليشارك المرأة التي يريد فراشها .
تحركت يداها الى خصرها بتحد :
- اذن انت ترتب لي امر مشاطرتي فراشك ؟
اصبح فمه خطا ساخرا :
- وفري علي تظاهرك بالسخط .ان صديقتك غلوريا امرأة مدركة لوقائع الحياة . ولا شك انها تجد الامر غير محتشم ولكنها في الوقت نفسه ستراه رومنسيا وان اردت اشرح لها ولريف الامر بنفسي .
- وماذا ستشرح لهما؟ انني شريكة فراشك الجديدة ؟ اريد ان اعرف ما المركز الذي تعرضه علي .
ارتد الرأس المتعجرف الى الوراء وضاقت العينان الرماديتان الصافيتان ثم قال :
- اختاري التصنيف الذي تريدين .
اجتاحت السخرية البارده قلبها فخففت عنها ألمها ولو مؤقتا :
- وما مدة هذا المنصب ؟ حتى تسأم مني ؟
قال بصوت فيه شيء من الازدراء :
- لن اضع حدودا زمنيه يافراشتي .. من يسأم من الاخر اولا ينسحب .
- هكذا اذن . وهل تتوقع مني ان اقع رأسا على عقب شوقا الى قبول عرضك ؟
تقدم منها ووقف امامها بحيث اصبح عليها ان تثبت في مكانها ولا تتراجع .
مد يده ليلمس وجنتيها الناعمه كوريقات ورده جميلة فأحست بشيء يذوب في داخلها من جراء لمسته ولكنها قست قلبها لئلا تتجاوب بشكل ظاهر .
ذكرها بصوت هامس :
- كنت اكثر من راغبة ليلة امس .
جعل بريق عينيه قلبها يتخلى عن خفقاته ولكن التردد الذي لازمها طوال الليل بالنسبة لما يجب عليها القيام به تلاشى فأمام هذه الظروف هناك امر واحد تفعله ..
اعترفت بهدوء :
- اجل كنت راغبة ليلة امس ..
تحرك فمه باكتفاء ورضى :
- اتريدين ان ارسل لوسيا لتساعدك في توضيب اغراضك ؟
ابتعدت مارغ عن اليد التي لم تبرح وجنتها ووقفت في منتصف الغرفة .. ضمت يديها الى الامام ثم رفعت رأسها لتلتقي نظرته .
قالت بهدوء غريب :
- ارجوك ارسل الي لوسيا اريد توضيب اغراضي والخروج من هذا المنزل في اسرع وقت ممكن .
اطبق صمت مشحون مطبق على الغرفة ضاقت نظرته قليلا قبل ان يطلق كلمات ملؤها السخرية والاستهزاء :
- وهل ستطيرين بهذه السرعه يافراشتي؟
- ثمة شيء واحد اريده قبل ان اطلب منك مغادرة غرفتي .. اريد ان توافق على زواج غلوريا وريف .
تقدم مرة اخرى ليقف امامها ولكنه في هذه المرة لم يلمسها بل ركز نظره على قطرة كرستالية تهدد بالتسلل من بين رموشها الذهبية .
قال ساخرا :
- دموع ؟ انها اقدم حيلة في قاموس النساء . لا ريب انك تفتشين عميقا في جعبتك للخروج بهذه الحيلة !
نظرت الى يديها وهي غير قادره على ملاقاة نظرته :
- اعرف انك تجد دموعي امرا مسليا .. فلا اظنك قادرا على الاحساس بشيء عدا حاجاتك البدائية .
سحبت نفسا عميقا قبل ان ترفع اليه بصرها :
- انت لا تعرف اخاك حق المعرفة ايضا . فلو كنت تعرفه لعرفت انه يملك مشاعر عميقه .. انه يهتم بأمرك لكنه لن يسمح لك بالوقوف في وجه سعادته . قد تهدده بالمال او بغيره , ولكنه في النهاية سيتزوج غلوريا وسيكرهك . ربما لا تهتم لأن العائلة لا تعني لك شيئا .
رد بحده :
- هل انهيت تدخلك ؟
ارتدت عنه الى الامام .. وبروده رهيبة في قلبها :
- اجل هلا خرجت الآن ؟ و .. افضل الا اراك ثانية قبل ان ارحل .
رد بسخرية :
-اصبحنا اثنين .
صفق باب غرفة النوم فتدحرجت دمعه من بين اهدابها .. مسحتها مارغ مصممه .. لن تبكي خاصه وهي تقوم بالامر الوحيد الصائب . توجهت نحو الخزانه , وسارعت بأخراج ثيابها . بعد دقائق قليلة وصلت لوسيا فساعدتها دون ان تسألها شيئا .
كانت اخر حقيبة قد اقفلت عندما سمعت طرقة على الباب .. لم تستطع مارغ الحراك خشية ان يكن القادم كونورواي فينهار قرارها بالرحيل . لكن حينما فتخت لوسيا الباب كان ريف الواقف هنا .
قال بهدوء :
- طلب مني كونرواي ان اصحبك الى ديارك حالما تجهزين لقد اخبرني انكما تشاجرتما .
ولكن عينيه اللوزتين اوحتا بأنه يعرف ان الأمر اكثر تعقيدا مما يبدو .مررت يدا مرتجفة فوق جبهتها , ونظرت بسرعه الى الباب المشترك مع غلوريا :
- اجل انا مستعده .
- سأشرح الأمر لغلوريا ان رغبت في الرحيل فورا .
نظرت اليه شاكره :
- شكرا لك ريف .. وانت ايضا لوسيا .
احتضنت مدبرة المنزل بسرعه قبل ان تلتقط حقيبة صغيره وتهرع نحو الباب .
لحق بها ريف ثم نظر الى لوسيا :
- عندما تستقظ غلوريا ..
ابتسمت لوسيا بلطف :
- سأقول لها انك ستشرح لها الامر حين عودتك .
****
تطير الفراشات عادة بعيدا بدون اعادة النظر الى الوراء ابدا ولكن مارغ لم تشعر بأنها فراشة .
ابعدت قدمها عن دواسة السرعه ثم داست بلطف على المكابح لتخفف من سرعتها فالسرعه خطره على الطرقات الغارقة بالثلوج .بدات هدايا الميلاد على المقعد الخلفي تنزلق . مدت يدها لتوقفها .
لم تشعر بروحالاعياد ولكنها املت ان تكون في منزل عائلتها مع ابويها واخواتها واخوتها .. فهناك ستشعر بروح العيد ..
بعد الشهر الذي قضته في الزرعه امضت ما تبقى من الصيف متسكعه عاطله عن العمل ولكن اهلها لم يفهمو سبب خمولها. فهم لا يصدقون ابدا ان رجلا ما مهما علا شأنه قادر على الا يحب ابنتهم . والواقع انها لم تخبرهم القصة كامله . وحدها غلوريا من يعرفها .
كانت خطوبة غلوريا وريف قائمة مع ان ريف انتقل الى هارفرد فيما ظلت غلوريا في هيلينا فقد قررا عدم الزواج قبل ان ينهي ريف دراسته .لم تجرء مارغ على الاستفسار عما اذا كانت فترة الانتظار فكرة كونرواي ام لا . مع انها عرفت انها فكرته ولكن اسمه لا يذكر ابدا الا اذا ذكرته هي .
عاد ريف من هرفرد ليقضي عطلة الميلاد مع غلوريا ..فدعتهما مارغ لمرافقتها الى منزل عائلتها ولكن ريف رفض .. فهو يريد ان يعود الى هارفرد في الوقت المحدد وبالتاكيد قررت غلوريا الباقء معه في هيلينا خاصة بعدما البستها خاتم خطوبة أمه .
لامست مارغ الحجر الكريم الاسمر المعلق في سلسلة ذهبية رقيقة حول عنقها انه هدية ريف بمناسبة الميلاد وكان هو ايضا ملكا لأمه .. تذكرت دهشتها عندما اخبرها .
لقد امسكت بها عدة لحظات تنظر اليها باعجاب قبل ان تضعها حول عنقها .
سألت اخيرا :
- ايعلم كونوراي انك ستهديني اياها ؟
اطبقت يد بارده على قلبها ومنعته من الخفقان .
بعد وقت قصير من وصول ريف الى هيلينا سافر الى المزرعه ليرى اخاه وليختار خاتم خطوبة غلوريا من بين مجوهرات امه .
اجاب ريف بهدوء :
- اجل.. يعرف .بعدما اخذت خاتم لوريا من الصندوق ذكرت له انني انوي شراء هدية لك .فطلب مني ان اختار شيئا من مجوهرات امي .
اجبرت مارغ ابتسامة خفيفة على شفتيها , وقالت :
- انها هدية جميلة حقا ! هل ستسافر وغلوريا الى المزرعه يوم الميلاد ؟
قال بتركيز :
- لا يامارغ .. انا وغلوريا نرغب في ميلاد هادئ .
- انا واثقه ان بيترا ستسليه .
ولكن الغيرة كانت بادية في لهجتها .
قال ريف :
- لقد سافرت الى بالم سبرتغر لقضاء العطله ..جاءت لرؤية كونورواي اثناء وجودي هناك .
فيما بعد جمعت مارغ شجاعتها لتسأل عما اذا اعطى كونورواي موافقته على الخطوبة .
سحب ريف نفسا عميقا ونظرة تجهم تتسلل الى وجهه .
- فلنقل فقط انه استسلم الى واقع عدم قدرته على تغيير رأيي .
لم تستطع مارغ الا التفكير في ما اذا كان قد خفف من معارضته على خطوبتهما ولو قليلا .. لم يوافق موافقه كامله ولكنه على الاقل لم يتخذ موقفا متشددا . اليس لهذه القلاده التي زين بها معنى مميزا ؟أهي طريقة غير مباشرة للاعتذار ؟.. من قال يوما ان الامل لا يموت اصاب فهاهي تأمل ان تحدث معجزة ولكن اليس الميلاد وقت المعجزات .
الميلاد , وقت لاجتماع العائلة ولاقامة العشاء الضخم .
استطاعت مارغ ان تتصورمنزل اهلها عامرا بالزينه وبالاطعمه الشهية وبشجرة الميلاد الضخمة المزينه باجمل زينه وهناك الحطب الذي سيكون جاهزا في المفأة ولكن النار لن تشتعل فيها قبل صبيحة الميلاد أي بعد ان يستخدمها سانتا كلوز .
هذا هو الميلاد بالنسبة لمارغ .
تساءلت فجأة : ماهو الميلاد بالنسبة لكونورواي ؟ قال لها ريف ان كونورواي امتنع عن مرافقه والده الى هيلينا في الاعياد وهو في مرحلة المراهقة .. كم من الاوقات امضاها في الميلاد بمفرده في المنزل الكبير مع لوسيا اروز فقط , بدون عائلة وبدون زينه فالرجال لا يضيعون وقتهم بالتزيين .. ثم ماذا لديه هناك ليحتفل به ؟
وماذا عن ابن الـ12 الذي اضطر الى قتل جواده الحبيب عندما كسر قامتيه ؟ ذلك الولد الذي اصبح رجلا .. رجلا يرفض اطلاق الاسماء على الجياد لئلا يحزن اذا ما اضطر الى قتل احدها .
وها هو ذلك الرجل نفسه, يقضي الميلاد وحيدا مره اخرى هذه السنه فأخوه اختار صحبة امراة يحبها على صحبته وهذا ما دأب عليه والده .
فجاة اصبح من غير المهم معرفة ما اذا كان ريف على حق ام خطأ عندما فضل خطيبته على اخيه .
ارتدت مارغ عند اول منعطف جانبي لتعود من حيث اتت .. مرت بعدما اجتازت ميلين تقريبا بالطريق الفرعية التي تقضي الى مزرعة كونورواي .. احتوت احدى الرزم في المقعد الخلفي على كنزة لوالدها .. وهي قد تناست كونرواي ... وفي رزمة اخرى وشاحح يدوي الصنع ستهديه للوسيا .
ستكون هديتها ايماءة استرضاء منجانبها وقد يلتقيها في منتصف الطريق .. هناك ذلك الامل الخالد مرة اخرى ! ابتسمت بحزن .. فمن المحتمل ان يظن كونورواي انها خدعة اخرى تلعبها ولكنها ببساطه تريد ان تراه .
لم يكن الثلج قد جرف عن الطريق الريفية الرئيسية الى المزرعه فتضرعت مارغ الى الله الا تعلق سيارتها على الثلج الذي حفرته اطارات الشاحنات .
تغرب شمس الشتاء عادة باكرا في الريف الشمالي .. فالوقت لم يتجاوز منتصف بعد الظهر وهاهو نور وردي يغطي قمم الجبال رفضت مارغ التفكير في رحلة العوده التي ستقوم بها الى منزل ذويها .
وقفت امام المنزل المكسو بالثلج فبدا لها اكبر مما تذكر واكثر فراغا.. سيطر عليها انفعال وتوتر فترددت في النزول المكسو بالثلج فبدا لها اكبر مما تذكر واكثر فراغا..
سيطر عليها انفعال وتوتر فترددت في النزول ولكنها ما لبثت ان لملمت شتات شجاعتها وترجلت .. لعل ما جعلها تدخل بدون انتقرع رغبتها في مفجأة كونرواي حين لا يكون مستعدا .. او لأنها اعتادت على الدخول بهذه الطريقه بعدما امضت تلك الاسابيع الصيفية الغنية بالاحداث .
كان المنزل فارغا وصامتا لم يكن في المدخل نار مشتعله قد تبعث الدفء .. خلعت حذاء الثلج واصغت باهتمام حتى تعرف من في الداخل .
عتقدت فجاه ان كونورواي غير موجود فلربما هو في احد مخازن الغلال او في قسم اخر من المزرعه .. وهذا يعني ان لوسيا بمفردها . ولوسيا بدون شك في المطبخ ..
زفرت نفسا كانت تمسكه عن غير وعي ربما من الافضل لها الا تراه ولكنها ستكلم لوسيا .
جعلها صمت المنزل الرهيب تمشي على رؤوس اصابعها .ماان اقتربت من المطبخ حتى شمت رائحه الطبخ فابتسمت .. لوسيا هناك.
كانت يدها على مسكة باب المطبخ عندما سمعت صوت كونورواي في الداخل .
- لا اهتم بما تحضرينه قلت لك انني غير جائع .
ردت لوسيا بصوت حاد مماثل:
- اذن تناول بعض القهوة وتوقف عن التجول الدؤوب كأنك حيوان مفترس متذمر .
- انا لا اتذمر .
- اوليس الصراخ فوق رأسي كل 5 دقائق هو التذمرعينه ؟ فإما انك مصاب بحمى لاشفاء منها واما انك تفكر في تلك الفتاة.
حبست مارغ انفاسها وعجزت عن الحراك بانتظار رده ساد صمت ثقيل طويل قبل ان يقول بصوت بارد غير مكترث :
- اية فتاه ؟
- مارغ بالتأكيد وكانك لا تعرف .
رد بحده :
- لم اكن افكر فيها .
قاطعته ساخره :
- حقا ! متى ستستسلم وتطلب منها الزواج بك ؟
انفجر قلب مارغ بين ضلوعها بقوة :
سمعت صوت ارجاع كرسي ثم تبعهقول كونورواي بهزء:
- هذه قمة السخف ..!
توقف خفقان قلبها فجأة .
سألت لوسيا :
- لماذا ؟
- تعرفين السبب لوسيا .
تنهد كونورواي بغضب .. تبع قوله الغامض صمت طويل وكأنه ينتظر تعليقا من مدبرة المنزل .كانت المرارة والازدراء واضحين في صوته عندما اضاف :
- عندما غادرت امي المنزل فجأة كالعاده في احد اشهر آب , كنت في الـ13 او الـ 14 اذكر ان والدي عاد الى المنزل بعد توديعها فارغا منهكا.. طلبت منه ان يخرج ويحضرها ويجبرها على البقاء معنا . ولكنه قال انه لا يستطيع استخدام القوة او التوسل اليها لتبقى .. الشيء الوحيد الذي كان يقدر عليه هو ان يحبها فقط .
ردت لوسيا بهدوء:
- كان على حق كونورواي .
ضحك مستهزئا :
- على حق ! لم اره يبكيها قبل موتها .. بعدها اصبح نصف رجل .. عندما كانت على قيد الحياة تعرفين كم امسية جلس فيها امام صورتها ثم بعد موتها انعكف امام صورتها لا يبارح مكانه ابدا . لا يحق لأية امراة ان تذل الرجل هكذا .كان قويا وذكيا وعملاقا ولم يكن من حقها ان تستهزئ به .
صحح لها قولها متجهما :
- بل كانت تستغله .. ولو احبته لظلت معه هنا حيث تنتمي .
- لكنها لم تشعر انها تنتمي الى هذا المكان وهذا مالن تفهمه ..لقد احبت امك اباك ولكنها لم تكن سعيده اذ لم تكن المزرعه محيطها .. ألم تسأل نفسك مرة لماذا لم ينتقل هو الى المدينه ليكون معها ؟ لو انتقل الى هناك لعاش تعسا, لأنه لا ينتهمي الى المدينه ابدا . كان حبهما جسرا بين عالمين وكان جسرا قويا .
- كانت امي كالفراشة المهاجرة تطير فوق ذلك الجسر كل ربيع لتعود ادراجها كل خريف . لن ادخل الظلام مدة 9 اشهر سنويا كما كان يفعل ابي .ربما ورثت منه لعنة حب الفارشات .. لكنني لن اتزوج واحده منها !
تداعى الامل الهش الذي اعتمل في قلب مارغ , فالآمر رغم انجذابه اليها يحتقرها بقوة .
تمتمت لوسيا وهي لا تصدق :
- فراشات ؟ اوتظن مارغ فراشة ؟
تنهد بمرارة :
- تخيليها في ذهنك لوسيا , شعرها ذهبي كالشمس عيناها كبيرتان زرقاوان كالسماء .. وهي ضعيفه جدا بحيث استطيع ان اقسمها بيد واحده والرجال ينجذبون لها كما كانوا ينجذبون الى امي .
- كونورواي انت اعمى !
- آه ! لا . لقد استنفرت حواسي كلها حتى ارى الفخ الذي نصبته .
ردت مدبرة المنزل بصوت خفيض :
- منذ متى تنصب الفراشات الافخاخ؟ مارغ جميلة وخلابه لكنها ليست فراشه .. انظر الى الطريقه التي حاربت فيها من اجل صديقتها لقد وقفت في وجهك بعناد نعم هي نحيلة طرية العود كعود صفصاف ولكنها غير قابله للانكسار .
عندما حل الصمت تسارع تفكير مارغ فاستوعبت ما قالته لوسيا . نعم هي ليست فراشه .. وهي لا تحب كونورواي وحده بل تحب بيته وحياته .
لم تكن بحاجه يوما الى الاعتماد على اعجاب الاخرين لتعيش كما كانت امه . اجتاحها تيه مجنون .
انكسر الصمت الذي قطعه صوت كونرواي الساخر :
- انت لا تعرفين ما تتكلمين عنه !
حملته خطواته الطويله نحو باب الردهة حيث تقف مارغ . خافت ان يدرك انها كانت تنصت فهمت بالتراجع عن الباب . ولكنها تاخرت جدا اذ انفتح الباب حتى قبل ان تستطيع التراجع خطوة .
تحولت خطوط الغضب على وجهه الى دهشة وذهول .. رفرفت مارغ عينيها بارتباك .. لا , ليس هذا هو نفسه ذاك الرجل الذي سمعته يقول انه يحبها , فليس في عينيه او وجهه اقل بارقة سعاده او سرور لرؤيتها .
قال ببرود :
- ما ذا تفعلين هنا ؟
اشتدت يداها على الرزمة وقالت شارحه :
- انه الميلاد .
نظر الى الرزمة الملفوفة بورق براق الالوان فقال ببرود :
- اخرجي من هنا مارغ .. لا اريد شيئا منك .
همت بتنفيذ اوامره ولكن صوتا هامسا انباها انها فرصتها الاخيره وان تركته الآن فلن يكون هناك فرصة اخرى .
- هل ..
تنحنحت حتى يتجلى صوتها :
- اتحبني حقا ؟
ارتفع حاجباه الاسودان :
- اكنت تتصنتين ؟
هزت رأسها.. فأضاف :
- اجل كنت اعني ما اقول . انما هذا لن يغير شيئا .
سحبت نفسا محموما ثم خطت نحوه :
- يجب ان يغير .. لا انكر انني حاولت خداعك , والتلاعب بك . نعم لقد فعلت كل ما اتهمتني به ولكنني لم اكن اريد ان تتورط مشاعري .. يجب ان تصدقني كونورواي .. ثم هل سمعت يوما بفراشة تعود الى برد الشتاء لتموت ؟
كانت تحاول المزاح عبثا ولكنها فشلت فقد ظل متحفظا .فأضافت :
لم أشأ الوقوع في حبك ولكن هذا ما حدث .
مد يده يأخذ الرزمتين منها ثم رماهما ارضا قبل ان يضمها اليه بدون ان ينطق كلمة . تاركا بريق عينيه يخبرها كل ما يريد ان يقول .. ثم حملها الى غرفة الجلوس .
مضى وقت طويل قبل ان اصبح بأمكانهما قول كلمات اخرى غير كلمات الحب . كانت مارغ متكورة على صدره حيث عصفت دقات قلبه تحت اذنها وهي اجمل موسيقى سمعتها في حياتها .
تمتم كونورواي :
- اتظنين انها كانت تحبه ؟
نظرت اليه فراته يحدق في الصورة :
- نعم كانت تحبه وقد منحته كل الحب الذي تكنه .
اشتدت ذراعاه حولها :
- وانت حبيبتي اتعدين بان تمنحيني كل الحب الذي تكنينه لي ؟
- اجل .. آه كونورواي هذا اسهل وعد قد افي به .
ابتسم :
- قد اكون غيورا متملكا وقد تبدئين بكراهيتي .
- لن تكون اكثر غيرة مني .. ليتني غير مضطره للرحيل . حبيبي.. ارجوك تعال معي الى منزل اهلي سنذهب معا لتقابل عائلتي .
- لن اتركك تغيبين عن ناظري لحظة .
سرت في جسدها رعشة لذيذة .
- سنتزوج ونحن عند والديك . سنصبح زوجا وزوجة قبل مجيء العام الجديد .
صاحت :
- اواثق انك تريد الزواج بي ؟
- بالتأكيد .. وهل خلتني اعرض عليك مطلبا رخيصا ؟ اعترف ان ما عرضته عليك ذاك الصباح في غرفتك كان رخيصا فقد اردتك بكل قوة ولكن مالم اعرفه هو انني كنت اريدك اكثر مما قد اتصور . كنت اريدك لي وحدي حتى الابد هذا ما ادركته في الاشهر السته الاخيره واضيفي الى هذا انني يجب ان اتزوجك لأطرد شبحك من البيت لا تعرفين ابدا بما كنت اشعر به وطيفك يطاردني كل ليلة في غرفة نومي .
شدت نفسها اليه برضى وعدم تصديق ثم تمتمت :
- اظن ان لدي فكرة عن ذلك .. لا اقوى على الانتظار حتى اخبر غلوريا اننا سنتزوج .
ضحك :
- لم اتوقع يوما ان اتزوج قبل ريف .
كانت عيناها نصف مغمضتين تستمتع بهذا الحلم بين ذراعيه .. فتحت جفونها فجأه وسيطر التوتر على عينيها :
- كونرواي .. وماذا عن الجامعه ؟ امامي نصف عام على التخرج .
تشنج جسمه لحظة , ثم ابعدها عنه ونهض ليسير الى المدفأة ..
قالت :
- لا تريد ان اعود الى الكلية اليس كذلك ؟
جلست تنظر بحزن الى كتفيه العريضتين فقال بوحشية :
- لا .. لا اريدك ان تعودي ! لقد وجدتك لتوي .. فكيف اتركك تذهبين مجددا ؟
ابتلعت مارغ ريقها بصعوبه , فهي تعرف العذاب الذي يمر به ..
طأطأ رأسها فانسدل شعرها الذهبي الى الامام ليخفي خيبة امل انانية .
- لا بأس , سأترك الدراسة .. فلا ما نع عندي .
التفت اليها بحده :
- لا .. لن تفعلي . ستنهين دراستك , لن اسمح لك بترك الكلية .
- ارتفع راسها بحده لتنظر اليه دهشة :
- انت لا تعرف ما تقول .
- لن يتعدى الامر بضعة شهور .. سانتقل الى المدينة .
هزت رأسها :
- ستكره ذلك .
عاد الى الاريكة ووضع يديه على كتفيها يجذبها لتقف :
- ساتحمل .. انما لن استطيع العيش بدونك ولو ليوم واحد .
دفنت وجهها في يديه :
- ولا انا .. ولكنني لن اتركك تغادر المزرعه .. احبك اكثر من ان اطلب هذا منك كونورواي .
سحبت نفسا حادا ثم قالت :
- اعترف ما سأفعل سانقل دراستي وعلاماتي الى جامعه ديلون .. وسانتقل بالسيارة يوميا من المزرعه واليها .
تجهم فمه :
- وتتركينني اجن قلقا عليك وانا اعرف انك تقودين سيارتك على الطرقات ؟
دست ذراعها حول عنقه . ترفع رأسها بدعوة صريحه له :
- ولكنني سأعود كل ليلة حبيبي !



تمت

تمارااا 24-01-09 05:13 PM

اتمنى للجميع قراءة ممتعة
تحياآآآآآآآآآآآآآآآآآآتي

golya 26-01-09 01:16 AM

يسلمو ,,,,,

والله انا نزلتها بورد اسهل علي للقرايه واحلى شيء انو كامله تسلمين ياعسل وانا قريت كذبة بيضاء كثير عجبتني الله يسلم هل الديات ,,

تمارااا 26-01-09 04:35 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة golya (المشاركة 1835516)
يسلمو ,,,,,

والله انا نزلتها بورد اسهل علي للقرايه واحلى شيء انو كامله تسلمين ياعسل وانا قريت كذبة بيضاء كثير عجبتني الله يسلم هل الديات ,,

الله يسلمك يقلبي ومشكورة لمتابعتك ومرورك العطر :flowers2:

me me 29-01-09 11:58 AM

ألف شكر
ويعطيك العافية :flowers2::flowers2:

راحت النفس 06-02-09 07:08 PM

يسلووووووووووووووووو ^^

nana1210 10-02-09 12:10 PM

تسلم ايديكي شكلها روعة

moura_baby 18-06-09 09:38 PM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

posy220 12-09-09 07:51 PM

:rdd12zp1: على الرووووووووووووووووعه

الحب الوحيد 12-10-09 10:44 PM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .وأتمنى منك تقبل مرورى

الجبل الاخضر 20-10-09 03:45 AM

تسلمووووووووووووووووووووووو شكرا

وردة الزيزفون 21-10-09 12:17 PM

تسلم ايدك ياعسل على الرواية الجميلة

روح الامس 10-12-09 11:46 PM

الرواية جميلة جدا

يسلمووووووو

رومنسية زمانها 14-12-09 07:46 AM

يسلموووو قلبووو روواية جنااان لاهنتي استمتعت حييييييل فيهااا
شكرااااااااااااااااااااااااااااااااااا

الهيفاء 16-12-09 04:16 PM

رواية رائعة حقا، سلمت يداك وشكرا...

الجيتار 17-01-10 10:36 AM

http://www.br2h.com/uploads/5b68920eb0.gif

ماضي الهم 25-01-10 09:24 PM

الله يسلم ايدينج

قماري طيبة 02-03-10 07:35 PM

رواية جدا رااااااااااااااااااااااااااااااااااااااائعة... بارك الله فيك ورحم الله والديك, يعطيك الف عافيه... موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

ليلى3 08-07-10 12:59 AM

[FONT="Fixedsys"] شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .[/FONT]

ام حنان 11-07-10 02:03 AM

شكرا تمارا انا قراتها بالانجليزي كان في تعابير كثير ماافهمتها بصراحة بالعربي احلئ ومهدبة اكثرلكن مش عارف ليش لما بوصفوا وضع ابوهم في الحالتين بكيت حدا صار معه مثلي وللا انا الهبلة بس

rana_rana 12-07-10 12:25 AM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

لولو كات 15-07-10 06:43 PM

موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

deemaah 17-07-10 05:46 AM

:55::rdd12zp1: بارك الله فيك ورحم الله والديك, يعطيك الف عافيه

nadafha 01-10-10 09:45 PM

:0041::0041::f63::f63::f63::f63::f63:

شاهد 29-12-10 11:28 PM

روووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووعة

تمارااا 10-08-11 07:36 PM

شكراااا لكل من مر من هنا

hoob 15-08-11 01:56 AM

بصراحه حلوووووووووووة اوى تسلم ايديك

تمارااا 15-08-11 10:57 PM

العفو يالغلا..حيااااااااااااااااااااااك

sosa' 19-08-11 02:41 PM

yaay yaay yaay yaay shoo 7elwiiiiiiiiii <3
7beeeeeeeeeeeeeeet

alex rose 07-09-11 01:29 PM

جميلة جدا تسلم ايدك يا قمر على الرواية التحفة دى

omdaeme 12-09-11 11:48 PM

القصة ممتعةشكرا:55:

omdaeme 12-09-11 11:49 PM

لماذا الكوبوى بالذات :flowers2::flowers2:

omdaeme 12-09-11 11:50 PM

هل تعلمين اننى الافضل الادب الانجليزى:55:

فداني الكون0 13-09-11 02:56 AM

يعطيج العافيه علي الروايه الحلوه

شووقهـ 18-09-11 01:04 PM

رووووووووووووووووعة

تسلم ايدك ياغلاهم

جانيت ديلي من الكاتبات المفضلين عندي

مودتي لكِ

Rehana 15-02-12 05:44 PM

حبيت الرواية .. خاصة شخصية البطلة القوية
يعطيك العافية على كتابتها.. عذووب

سومه كاتمة الاسرار 15-02-12 11:26 PM

يعطيك العافيه الروايه جميله جداااااااااا
:8_4_134:

ندى ندى 04-03-12 03:59 AM

جممممممممممممممممممييييييييييييييييييله

سماري كول 13-03-12 07:00 AM

تسلمين ع الروايه الحلوه حبوبه

ام عبد الرحمن وسجى 19-03-12 04:32 PM

جميلة جدا ارجو التكملة

ام عبد الرحمن وسجى 19-03-12 10:04 PM

قمة الرومانسية سلمت يداكي شكرررررررررررررررررررررا

منال الحاسي 30-08-13 07:29 PM

رد: 96- آخر الغرباء - جانيت ديلي ( كاملة)
 
يعطيك العافية

غنجة بيا 28-01-14 07:18 PM

رد: 96- آخر الغرباء - جانيت ديلي ( كاملة)
 
من جدا مرسي على الرواية الراىعة يعطيكي الف عافية على المجهود :welcome3:

جودي جاد 11-06-14 03:37 PM

رد: 96- آخر الغرباء - جانيت ديلي ( كاملة)
 
يسلمو دياتك ياعسل كتيييييييييييييييييييييييير حلوه الروايه

najjwa 25-05-15 12:39 AM

روايه كتيررر حلوه يسلمو

شهدوف 08-06-15 12:05 AM

رد: 96 - آخر الغرباء - جانيت ديلي ( كاملة )
 
رواية كتير بتجنن بتشكرك عليها كتير حبيبتي

ميرين 13-07-15 01:56 AM

رد: 96 - آخر الغرباء - جانيت ديلي ( كاملة )
 
ما اعرف اذا الرواية حلوة او لا لاني ما قدرت اقراها لان لون الخط يتعب العين لو الخط اسود مثلا اي لون غير هذا*على العموم.....

شكرا على المجهود

رحيق مختوم 13-07-15 11:44 AM

رد: 96 - آخر الغرباء - جانيت ديلي ( كاملة )
 
رواية جميلة فعلا وراقية

راية الاحزان 17-11-15 06:20 PM

رد: 96 - آخر الغرباء - جانيت ديلي ( كاملة )
 
جميله جداا

كامل اديب 22-06-16 12:11 AM

رد: 96 - آخر الغرباء - جانيت ديلي ( كاملة )
 
عاشت الايادي ياذوووق

فرحــــــــــة 02-07-16 12:14 PM

رد: 96 - آخر الغرباء - جانيت ديلي ( كاملة )
 
غاليتى
تمارااا
سلمت يداكى على الاختيار الرائع
قصة فى قمة العذوبة والروعة
ننتظر جديدك القادم
دمتى بكل الخير
فيض ودى

ايه على 06-07-16 01:20 AM

رد: 96 - آخر الغرباء - جانيت ديلي ( كاملة )
 
شكرا ملخص مشوق 😍

betooali 16-12-20 08:12 AM

شكرا على الروايات الرائعة

هاله عيسى 01-04-21 02:29 PM

رد: 96 - آخر الغرباء - جانيت ديلي ( كاملة )
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اسعد الله صباحكم بكل خير وسعادة يارب العالمين

نجلاء عبد الوهاب 27-12-22 09:14 PM

رد: 96 - آخر الغرباء - جانيت ديلي ( كاملة )
 
:rdd12zp1::rdd12zp1::rdd12zp1::rdd12zp1::rdd12zp1::rdd12zp1: :rdd12zp1::rdd12zp1::rdd12zp1::rdd12zp1::rdd12zp1::rdd12zp1: :rdd12zp1::rdd12zp1::rdd12zp1::rdd12zp1:


الساعة الآن 03:19 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية