أسطورة الحارس الشخصي سينمائيا
 

استهلاك أسطورة الحارس الشخصي سينمائيا
عبدالكريم يحيى الزيباري
الحارس الشخصي الذي يقع في حبِّ العميلة التي يقوم بحمايتها، ثمَّ يفترقان لأسبابٍ واهية، فرصة لإعادة شريط الذكريات وهما يلعبان ويرقصان ويضحكان، فتحنُّ إليه ويحنُّ إليها، كحنين الإبل(كأَنَّ لَدَيْها سائقاً يَسْتَحِثُّها/ كَفى سائقاً بالشَّوْق بينَ الأَضالَعِ) ثم تنتهي بالزواج. لهذه القصة عشرات الأفلام . ربما كان أولها الفلم الأمريكي بعنوان حارس شخصي، إنتاج عام 1948، للمخرج ريتشارد فلايشر وكتبه فريد بطولة برسيلا لين ولورانس تيرني بدور الشرطي مايك كارتر، الذي استقال من إدارة شرطة لوس أنجلس، بعد مخالفته للقوانين والقواعد، ثم يصبح حارسا شخصيا للمغنية يوجينيا دايسون (إليزابيث ريسدون).
فلم كود 36، إنتاج 2006 من إخراج أحمد جلال، وقصة نادر صلاح الدين، وبطولة: مصطفى شعبان(ابن الممثل يوسف شعبان)/ شريف: ضابط في إدارة شرطة الحراسات الخاصة مكلَّف بحراسة المطربة اللبنانية مايا نصري/ نورهان. وهذه أول بطولة سينمائية لها.. والممثل أحمد سعيد عبدالغني(ابن الممثل سعيد عبدالغني).
في المشهد الأول الذي ينظر فيه ضابط الحراسات شريف البنداري بحبٍّ وشَغَفْ إلى صورة نورهان، وهذه الحقيقة، هي أنَّ ضابط الشرطة الذي يحلُّ القضايا بالركل والرفس وتعذيب المجرمين والأبرياء بعين الأساليب، سيذهب لحماية الأميرة. أكشن استعراضي ضيَّع الجد والهزل، فلا ظهراً أبقى ولا أرضاً قَطَع، مثير للضحك المبكي على المستوى الهابط الذي وصلت إليه السينما العربية وهي تحاول تقليد هوليود في مطاردات صبيانية في إثارةٍ هشِّة خارج الدراما والكوميديا أو أية خانة أخرى، فنحن نعلمُ أنَّ البيئة العربية لا تحتمل المطاردات وتحطيم وانفجار السيارات، ولا يليق بها إلا الأفلام التجارية، ولكم أعجبني الممثل الأمريكي جان كلود الملقب فان دام، حين قال في مقابلة تلفزيونية أنا أنتجتُ جميع أفلامي للأطفال، وهم يحبونني كثيرا لأنني أنتصر على الشر دوماً، وهذه الحقيقة التي واجهت بها بعض منتجي ومخرجي الأفلام لدينا لغضبوا وثاروا.
يدعي رؤساء شريف بأن نور مُستهدفة، ورغم حرصه على مهنيته العالية والتزامه بواجبه إلا أنَّهُ يُبَادِلُها الإعجاب والحب بسرعة كبيرة وبدون مقدمات، وتغضب منه نورهان التي أخبرها رئيس شريف في العمل بأنها لم تكن مستهدفة وإنما المستهدف هو لاجئ سياسي في فيلا ملاصقة لقصرها، وليس هناك أيُّ سببٍ لإخبارها!! وما هو الدافع وراء إخبار نورهان من قبل أعلى شخصية أمنية في الفلم، ونحن نعلم أنَّ أول مبدأ أمني في جميع المؤسسات الأمنية هو(المعلومة لمن يحتاجها)ولا يجوز الثرثرة والرياء على حساب المعلومات مهما كانت تافهة، فما بالك وهي على درجة عالية من الخطورة؟ والإرهاب جريمة دولية لا علاقة للشرطة بها، بل أجهزة الأمن والمخابرات في أعلى مستوياتها. وليس هناك أيُّ سببٍ لغضب نور!!، كما أنَّ صديقة نور كانت ترغب في حماية وحراسة كصديقتها، ومهما يتوسل شريف بنور ترفض اعتذاره، وتحنُّ الإبل مع شريط الذكريات.
كيفن وكستنر ومصطفى شعبان:
إذا كانت القصة هي عين القصة، والمشاهد هي عينها، فما هو دور كاتب القصة والمخرج؟
والفرق بين هذا الفلم وفلم الحارس الشخصي إنتاج 1992، إخراج ميك جاكسون، وإنتاج وبطولة كيفن كوستنر بدور فرانك أمام البطلة المطربة ويتني هويستن بدور راشيل مارون نجمة موسيقى البوب، حقق مبيعات 122 مليون دولار في الولايات المتحدة، و411 مليون دولار في أنحاء العالم كافة، يحاول فرانك أن يتجنَّب الوقوع في حبها، ثم يذهب بها إلى بيت والده في الريف، كما يفعل شريف مع نور يذهب بها إلى بيت والدته، التي تعترف لنور بأن ابنها قد أخبرها بكل ما يعرفه عنها، وعن مشاعره الصادقة رغم أن مثل هذه المعلومات يفترض أن تكون سرية،اعتقد النقَّاد أنَّ النجمة ويتني هيوستن أخفت رأسها عَمداً في ملصق الفلم كي لا يظهر وجهها، وتأولوا وذهبوا بعيداً، للمشاعر العنصرية لأنَّها سوداء البشرة وفرانك أبيض، وربما كان هو هدفها إثارة ضجة فقط.
تتضايق(راشيل/ نور)من إجراءات الحراسة، مما يسبِّبْ العديد من المشاكل الجادة في الحارس الشخصي، والمتأرجحة بين الجد والهزل في كود 36، مما ضيَّع الفرصتين. القاتل مأجور في الحارس الشخصي من شقيقة راشيل بسبب الغيرة، والقاتل في كود 36 منظمة إرهابية تهدد أحد اللاجئين السياسيين والساكن بجوار قصر نور، ويكذبون عليها بأنَّها مهددة بسبب دور عمِّها في إيذاء هذه المنظمة، والمصيبة أنَّ هذه المنظمة الإرهابية تترك هدفها المزمع(اللاجئ السياسي)وتبدأ بملاحقة نور، ولا أحد يعرف سبب هذا التغير، لكن المنظمة الإرهابية تقتل جميع أفراد الحراسة الخاصة المصاحبين للضابط شريف، ورغم ذلك يريد مديره أن يكرمه، حتى أنَّه لم ينجُ منهم إلا هو وصديقته نور وصديقه، والذي يظهر برتبة أقل من البطل شريف، ورغم ذلك يعرف هو حقيقة أنَّ الحماية للقصر المجاور وليست لنور، وشريف لا يعرف، فجأةً يتذكر شريف حين يرى صورة أحد أفراد المنظمة الإرهابية واسمه حسام، ويبدو شريط ذكرياته دقيقاً حتى أنَّه يتذكر رقم السيارة التي اقتحمت القصر مقارنةً برقم سيارة كانت تركن بجانب القصر، وأشياء أخرى يصعب على ذاكرة الهارد والحاسبات تذكرها ومعالجتها بسرعة ذاكرة شريف، ويذهب سريعاً ليجد القاتل الإرهابي حسان قد قيَّد البطلة نور، وبعد نفاد الإطلاقات النارية من مسدس حسام، يرمي شريف مسدسه جانباً، ليخوضا معركة قتال وهمي كالكونفو الصيني، ولكنَّها مضحكة جداً، لا تليق حتى بأفلام الكارتون، حيث في إحدى المشاهد يتسلق شريف الحائط ويركل حسام، محاولا تقليد جاكي شان وجت لي، وفي الأشد منها عجباً، بينما هما متقابلان، يقوم شريف بمنحه ظهره، ويركع على أربع، ثم يرفسه بقدمه، ولم أرَ هكذا حركة هزيلة ومضحكة ومثيرة للشفقة في آن واحد.

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .