منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات احلام المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f457/)
-   -   حصري 47 - تسرقين العمر - آن هامبسون ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t100832.html)

doode al 7aloo 16-12-08 11:01 PM

47 - تسرقين العمر - آن هامبسون ( كاملة )
 
مررررررررررررررررررررحب

كيف الحال .. شكلي غرت منكم ياكاتبات أحلام يارائعات يامبدعات ..:flowers2:

ورح أكتب لك رواية 47-تسرقين العمر وحصريه على ليلاس فقط

وكمان هذي الروايه لم تنزل بليلاس ...لذالك قررت أني أكتبها لكم ...


طيعآ كل يوم شوي لأني مبتدأه يعني لازم تتصبر علي ..:lol:

وأن شاء الله أكون ضيفه خفيفه عليكم :lol:

مع تحياااااااااااتي




كـ xt & كـ وورد هنـا


تــــــحذيــــــر هـــــــام جـــــــدآ :

أنا مارح أدعي وأسب على اللي ينقل الروايه بدون مايذكر أسمي .

ولكن اللي ينقلها حلال له بس شرط أنه يذكر أسم منتدى ليلاس . في النقل .. وألا

رح يلاحق من قبل منتدى ليلاس ..لأن الروايه مكتوبه حصري على ليلاس فقط ..

وأنا أعرف طريقة كتابتي مثل ماأعرف تصويري للروايات ..


doode al 7aloo 16-12-08 11:04 PM



ملخص الروايه :

تسرقين العمر

((ستكونين رابع عروس في ((غريت سليف )) وأجمل وردة
في مزرعتي ))
وعد أطلقه بيري منذ أربع سنوات .. وخذلته شانا ,
فقد ضحت بعواطف قلبها من أجل نداء الضمير , ولم يغفر
لها بيري هذا ...
ودفعتها رياح الحنين بعد الغياب الطويل إلى السفر مع
عمتها إلى مزرعته , يهدهدها أمل واه أن تكون نيران
الذكريات التي تؤرق لياليها ما زالت متأججة في قلبه .

لكن بيري لوغان سرعان ما أوضح لها أنه لم يعد مهتمآ
بها , خاصة وأنه الآن خطيب فتاة أخرى ...منتديات ليلاس



1- رحلة الى الماضي

وقفت شانا على حافة المرجة تنظر بفخر إلى خطوط العشب
المخططة المستقيمة , بينما وقفت عمتها في غرفة الجلوس تراقبها
بسرور عبر النافذة .
بعد دقائق وضعت مجز العشب في السقيفة , ثم دخلت الى
حيث تجلس عمتها غلوريا التي كان في يدها صنارتا الغزل .
- كنت أقف معجبة بما صنعته يداي ...والمرجة بعد الجز
رائعة دومآ .
هزت العمة رأسها فلاحظت شانا أن العمة مشغولة البال وهي
على هذه منذ أيام . ترى مالذي يشغل بالها ؟
- لا أحب أن تقومي بهذا العمل في نهاية كل أسبوع . أنت
بحاجة ألى الراحة بعد عناء العمل .
- ولكنني أحب ما أقوم به .
والتفتت فلما لمحت وجهها في المرآة ضحكت :
- ماهذا المنظر ! كيف أتمكن دومآ من تلويث وجهي ؟
هزت العمة كتفيها , ووضعت الغزل على ركبتيها , فبدت
شاردة الذهن . عندئذ قررت شانا أن تصعد وتستحم .. فكرت وهي
مستلقيه في المياه المعطرة الساخنة أن من الغريب ما تبدو عليه
العمة غلوريا هذه الأيام . هناك دون أقل ريب ما يجول في خاطرها

-5-

------------------------------------------

الا أن شانا لن تسألها فمتى أرادت لها العمة المعرفة أطلعتها .
و بينما هي مستلقية في المغطس , دافئة نعسى , سمحت
لأفكارها بالعودة إلى الوراء .... إلى الذكريات .
كان تود شابآ قويآ حين التقته أول مرة ... يومذاك لم تتصور
لحظة أنه سيصبح مشلولآ ويموت صغيرآ ...
وقعت في غرامه إلى درجة الجنون وهي فخورة إلى حد التشامخ
لأنه أختارها من بينهن جميعآ , بيد أنهما لم يتمكنا من الزواج لأن
والد شانا منع عنهما موافقته , مصرآ على أنهما لا يناسبان
لبعضهما , ثارت وغضبت وتخاصمت مع أبيها دون جدوى , فعلى
الرغم من ترك المنزل كانت مضطرة للحصول على إذن أبيها
لتتزوج , وكان عليهما الأنتظار ثلاث سنوات , حدث خلالهما الكثير
الكثير .
ما إن وصلت إلى هذه المرحلة من التفكير حتى حاولت شانا
قطع حبل أفكارها والتركيز على الأستحمام , إنما لا جدوى , فقد
تطفل بيري لونغ على أفكارها دون عناء .. بيري الذي كان عليها
نسيانه منذ زمن طويل ..لفت نفسها بمنشفه وخرجت ألى غرفة
نومها المطلة على تلال خضراء , تشرف على بلدة شروزيري حيث
تسكن الآن مع عمتها التي أوتها بعد وفاة تود منذ ستة أشهر .
وعمتها أرملة ليس لديها أولاد , ورحبت بأن تعيش أبنة أخيها
معها .
يومذاك بكت شانا على خسارة منزلها الصغير وقالت بصوت
يغمره الحزن :
- لم أكن لأفكر أن شقيق تود قد يطردني من المنزل , لقد
أستأجرناه منه لأن تود لم يكن يكسب مالآ ... كما تعملين .

-6-
------------------------------------------

كان المنزل ملكآ لديوغ , شقيق تود الذي أجرهما المنزل حين
تزوجا بسعر معقول . ولكن بما أن ديوغ رجل عملي وجد أن لا بد
من عرض المنزل للبيع بغية الربح .
أجابتها عمتها وقتذاك :
- إنه عمل شرير ...
وأضافت على الفور أنها ستكون مسرورة بمشاطرتها المنزل
بشكل دائم . وهذا ماكان فقد نقلت شانا ممتلكاتها البسيطه المثيرة
للشفقة . ثم بقيت قي عملها المرموق في مخزن بيع الملابس
النسائيه كبائعة , تتمتع بالشعور بالأستقرار والهدوء من جديد في
منزل عمتها وفي عملها , كانت الحريه ممتعة بعد الوقت الذي
أمضته مع تود الذي بسبب حالته , كان نزقآ سريع الغضب , مع
زوجته .
حين كانت تراه العمه كانت تنظر إليه وهو في الكرسي
المتحرك وتقول :
- إنك لا تدري أبدآ متى ستشفى ! إن أي إنسان أخر كان
سيضعك في ملجأ !
وكان يرد غاضبآ :
- أصمتي ... وأخرجي من هنا !
- لا أدري لماذا تزوجتك ! وانت على ماأنت , مقعد مدى
الحياة .....
وكانت شانا تسرع للتدخل متوسلة :
- عمتي .... أرجوك ... سأزورك الأربعاء القادم ... أرجوك أذهبي
الآن .
وهذا ماكان الحال عليه , ثلاث سنوات ونصف من زواجها ,
غير أنها كانت تحس أحيانآ رغم صبرها و شفقتها أنها قد أكتفت من

-7-
-----------------------------------------

حياة العبوديه هذه ... كانت تعمل طوال النهار , وتعود الى البيت
لتقوم بعملها المنزلي , أضافة الى العناية بزوجها المقعد , وكانت
تحس كذلك أن الحياة تمر بها متجاهلة وجودها . وأنها ستبقى على
هذه الحال حتى تصبح عجوزآ هرمه .
فلم تكن تحيا حياة عادية كالتي يحياها أصدقاؤها الذين
تزوجو وأنجبو أطفالآ وعملو وما زالو يعملون لبناء مستقبل
أفضل . كان الجميع يشفق عليها , وقد حدث أن قالت لها صديقة
مشفقة عليها :
- كيف تعيشين معه شانا دون معاشرة زوجيه ؟ أنا لن أطيق
الحياة التي تحيينها . ولو كنت مكانك لما تزوجته بعد الحادثة التي
أقعدته وأفقدته ساقه . أعلم أن في قولي أنانيه كبيرة لكن كنت
سأضطر للتخلي عنه .
- كيف أتخلى عنه وليس له من يعينه . لقد رفضته زوجة أخيه
وقالت إن من الأفضل له الذهاب إلى الملجأ .
- أذن لقد فكرت في التخلي عنه ؟
أطرقت شانا حينذاك برأسها رافضة متابعة الحديث بهذا
الموضوع . فقد كان هناك بالفعل أسباب بناءة للتخلي عن تود , إنما
لا تعود إلى عجزه .منتديات ليلاس
- شانا ... عزيزتي ... الشاي جاهز !
ردها صوت العمة الى واقعها , فأسرعت تجفف نفسها .
- سأكون معك بعد دقائق . صبي الشاي , فأنا لا أحبه ساخنآ.
بينما كانت ترتدي ملابسها راحت تنظر في المرآة الى جسدها
اذي لم يتغير منذ كانت في الثامنة عشر . فهو مازال نحيلآ
وجذابآ وخلابآ , لقد مرت أربع سنوات منذ أن قال لها بيري لونغ
هذه الكلمات وهو يمسك خصرها بين يديه :

-8-


doode al 7aloo 16-12-08 11:05 PM

- يمكنني أن أقيسه بين يدي دون عناء .
ورفعها عن الأرض بالسهولة نفسها . كان شابآ طويلآ , بهي
الطلعة ذا جسد نحيل قوي أكسبه شهرة كبيرة , وكان صاحب مزرعة
مواشي في غريت سليف في نيوزيلندا . حين التقته شانا وهو يقوم
بزيارة لأقاربه في أنكلترا قال لها :
- لقد خلقنا ليكون أحدنا مكملآ للآخر . لم تكوني تعرفين
صالحك في الثامنة عشر حبيبتي . أما الآن وأنت تشرفين على
الحادية والعشرين فتعرفين ما تريدينه . قولي هذا لتود , يفهم
وضعك .
انتفضت ثانية عندما سمعت صراخ عمتها :
- شانا ماذا تفعلين فوق بحق الله ؟
- آسفة عمتي ... سأنزل حالآ .
وجدت الشاي على صينيه فوق طاولة قرب الأبواب الزجاجيه
الموصله إلى الشرفه المطلة على منظر الحديقة الجميلة ومرجها
التي عمل فيها المجز عملآ رائعآ . كانت الطيور تصدح فوق
شجيرات الكبوش والأزهار الملونه في هذا الجو الدافئ وكانت
الماشية ترعى في سفح التل حيث الربيع يودع عنده أيامه ناشرآ
شذا النرجس البري والقرنفل العطر وفارشآ بساطآ أخضر في كل
مكان .
نظرت العمه إليها بفضول :
- أنت لا تتاخرين عادة في ترتيب مظهرك ؟ ماذا كنت تفعلين ؟
اعطت شانا أشارة من يدها وهي تجلس :
- كنت غارقة في التفكير عزيزتي .
عبست العمه :
في الماضي ؟! وهل هناك غيره في ذاكرتك ؟ آن لك أن

-9-
-----------------------------------------
تضعي كل تعاستك السابقه في متاهة النسيان شانا , لبدء حياة
جديدة .
نظرت شانا إليها بسرعة , ففي نبرة صوتها , وهي تنصح أبنة
أخيها بالبدء من جديد رنة غريبة .
- وكيف للمرء أن يبدأ من جديد عكتي ؟
تناولت العمه أمام دهشتها طبقآ من السندويشات وقدمته
إليها .... ثم قالت بعد قليل من غير سابق أنذار :
- مارأيك برحلة إلى نيوزيلندا ؟ . أفكر في زيارة بيري .
خيم على أثر هذه الكلمات صمت مطبق أحست خلاله شانا
باللون يهجر وجهها .
- لا أفهم ... من أين لك المال الذي يخولك السفر الى نيوزيلندا .
- لقد ربحت جائزة صك تأمين .
- ربحت جائزة ؟ متى كان هذا ؟ لم تأتي على ذكر الأمر من
قبل .
- ربحتها في الشهر الماضي , وقد تساءلت عما أفعله بالمال .
أوه أعرف أن بإمكاني إدخاره إلى يوم أسود غير أن هذا عمل يعوزه
الخيال ... الا تظنين هذا ؟ قررت أن أراسل بيري لأرى إن كان
يرحب بنا .
وصمتت العمة .. ولم يكن هناك مجال للخطأ في العبوس الذي استقر بين عينيها حين أردفت :
- كان ... كان أكثر من راغب في أستقبالنا .
ردت شانا , وصوتها الهادئ السلس عادة , تشوبه الحدة :
- أذهبي عمتي ... بكل ترحاب . إنما من المستحيل أن
أرافقك . لدي وظيفتي , وهناك المنزل والحديقة , فكيف نهجرهما .

-10-
-----------------------------------------
أحست فجأة بقلبها تتسارع خفقاته . أيعقل أن يكون لذكر اسم
بيري بعد أربع سنوات طوال هذا التأثير في قلبها ؟ هي ماتزال تذكر
غضبه حين قررت عدم ترك تود في محنته , كان غضبه لا يوصف
إلا أنه سرعان ما استبدله بجو من الكبرياء وعدم الا كتراث , وقال
لها وهو يفارقها :
- امضي في طريق عنادك ! فلا أريد أن اراك ثانيه مادمت على
قيد الحياة . إنني أحمد الله لأنني على بعد آلاف الاميال عنك .
عاد اليها صوت عمتها ليوقظها من ذكرياتها :
- لا أستطيع الذهاب وحدي شانا .. تعرفين جيدآ أنني أخاف
ركوب الطائرة .
- سافري بحرآ أذن .
- تستغرق الرحلة وقتآ طويلآ .. لا .. يجب أن ترافقيني .
ومدت يدها الى فنجانها فارتشفت قليلآ من الشاي . إنها تعرف
ماتفكر فيه عمتها وتمتمت وكأنها تعبر عما يجول في رأس العمة :
- لا أحسب أن بيري متزوج . لأنك ماكنت لتقترحي هذه
الرحلة لو تزوج .
- أرى أنك فهمت الصورة , لذا لن أخفي دوافعي . فأنا لا أرى
ما يحول دون اجتماعكما ثانية بعد ترملك وتحررك من ذاك العبء
الرهيب الذي أعتبر جميع من يعرفك موته رحمة , فليس هناك فتاة
من بين مليون فتاة تتزوج من رجل لا يؤمن لها الحياة المرحة ولا
المعاشرة . أما لقاؤك ببيري فاعتبر نفسي مسؤلة عنه . لذا منذ
مغادرته البلد غاضبآ وأنا ألوم ذاتي على تعاستكما .
- لا مجال للومك ... كان بيري يزور أبنة عمه السيدة دالمونت
حين التقيناه . لذا دعك من لوم نفسك على مالم يكن لك شأن
فيه .
-11-
-----------------------------------------
- كانت السيدة دالمونت صديقتي , ولولا طلبي أن تقليه
بسيارتك الجميلة الصغيرة لما حدث ما حدث .
- كيف تديرين الأحداث كما يحلو لك عزيزتي .. لن أستمع
إلى مثل هذا الهراء .
صمتت العمة مفكرة ... ثم :
- سأعود الى موضوع الرحلة الى مزرعة بيري .. لقد راسلته .
- ما علمت أنك معه على علاقة تحدوك الى مراسلته .
أتتراسلان منذ زمن ؟
- لا عزيزتي . راسلته فقط بعد أن ربحت الجائزه . سألته أذا
تزوج فكان رده سلبيآ عندئذ أخبرته أنك حرة أخيرآ منذ أشهر .
- أهذا ما قمت به حقآ ؟ إن خطابك له كان موجهآ .
وصبغت حمرة الحياء وجه شانا فأضفت فتنة إلى قسماتها
المحاطة بكتلة براقة من الشهر الذهبي الشاحب الطويل , المسترسل
حتى أطرافه . كانت عيناها البنفسجيتان تلمعان سخطآ على رسالة
عمتها الحاملة بين طياتها تلك الكلمات الجرئة أي جرأة .
- حقآ ... عمتي ... ماكان يجب أن تكتبي الرسالة على ذاك
النحو!
صفقت العمة بيدينها :
- على ذاك النحو ؟ وأين الخطأ في الطلب منه القيام بزيارة له ؟
لقد كنت على وفاق إلى حد الوقوع في حبك . أعرف أنه سيسر
برؤيتنا .
أحست شانا بشحوب وجهها الآن بعد تلاشي اللون منه .
- .. ولكنه كرهني قبل سفره .
قالت العمة بعد لحظات صمت :
- لم تطلعيني على هذا . إذ كان كل ما ذكرته أنك رفضت

-12-

justangel 17-12-08 01:19 AM

موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

الليدي لين 17-12-08 06:40 AM

شكرا لك علي مجهودك الرائع و زوقك الجميل

safsaf313 17-12-08 02:01 PM

انا لسه ما قرأت الروايه بس اكيد هاتكون حلوه وذوقها عالى زى صحبتها اللى بتنزل دايما روايات مصوره رائعه يالا شدى حيلك يا دودى فى الكتابه هى متعبه حبتين بس ممتعه اول ما تنتهى الروايه ههههه
ياريت تتقبلينى صديقه ليكى

Rehana 17-12-08 09:42 PM

يعطيك العافية أم دودي ..بالتوفيق في كتابة الرواية

دمتي بوود

gagui 18-12-08 08:24 PM

هلا حبيبتي الرواية اكثر من رائعة و الله يكون في عونك لانو الكتابة كتير متعبة هاها ناطرينك

العاصفة الصامتة 21-12-08 12:48 AM

الرواية جميلة وتسلم ايدك يا ام دودى
بالتاكيد الرواية زى باقية روايتك الرائعة
ربنا يعينك عليها وفى انتظارك

doode al 7aloo 21-12-08 08:41 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة safsaf313 (المشاركة 1785503)
انا لسه ما قرأت الروايه بس اكيد هاتكون حلوه وذوقها عالى زى صحبتها اللى بتنزل دايما روايات مصوره رائعه يالا شدى حيلك يا دودى فى الكتابه هى متعبه حبتين بس ممتعه اول ما تنتهى الروايه ههههه
ياريت تتقبلينى صديقه ليكى

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قمــر الليل (المشاركة 1786048)
يعطيك العافية أم دودي ..بالتوفيق في كتابة الرواية

دمتي بوود

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة gagui (المشاركة 1787221)
هلا حبيبتي الرواية اكثر من رائعة و الله يكون في عونك لانو الكتابة كتير متعبة هاها ناطرينك

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة العاصفة الصامتة (المشاركة 1790044)
الرواية جميلة وتسلم ايدك يا ام دودى
بالتاكيد الرواية زى باقية روايتك الرائعة
ربنا يعينك عليها وفى انتظارك



مرااااااااااااااااااااحب

مشكووووووووووورة انا لكم حضوركم وتشجيعكم ..

وهذا انا كل يوم بكتب اللي اقدر عليه .. وبس اخلصها رح اضعها على شكل ملف مضغوط حتى تحملوه

وتستمعو بقرائتها مرة واحدة ..

لا تؤاخذوني على التاخير ... واشكر لكم صبركم علي :lol:

doode al 7aloo 21-12-08 08:51 PM


التخلي عن تود للزواج به , وقد كنت ما زلت أتوق إلى معرفة ما
حدث حقآ .
كان في نبرة صوتها دعوة مفتوحة فلم تجد من بد معها من أن
تقول شانا :
- شعرت دومآ بأن أبي كان مصيبآ في رأيه فلم أكن وتود
مناسبين لبعضنا بعضآ وقد حدث في الواقع أن أقترحت على تود
الافتراق ولكنه وقتذاك كان مرهف الحس .
وهزت العمه رأسها متفهمه :
- لقدواجهت صعوبات عاطفيه كبرى ... أليس كذالك ؟
- صحيح ... وكنت قد بدأت أشعر بأنني سخيفة وأن الانتظار
اصبح ثقيلآ . غير أن تود قال إن الامر سيختلف حين نتزوج .
- أفهم هذا ... إن هذه الصعوبات قد تكون رائعة إذا كان
الإنسان يحب الشخص الآخر . فقد كنت افتعل المشاكل مع زوجي
عمدآ حتى يلذ لنا التصالح .
ابتسمت شانا غصبآ غير أن أفكارها عادت إلى لقائها الأول
ببيري . فبعد أن تعرفت إليه تزايدت خفقات قلبها بطريقة مثيرة .
وارتجف جسدها من رأسها حتى أخمص قدميها وأحست بالخجل
وأنعقد لسلنها , أما بيري فسره تأثيره الكبير فها .
- يومذالك اصر بيري على أن أقابله واخرجني للعشاء .
كانت تحاول بقولها ذاك أن تخرج نفسها من الذكريات :
-أذكر أنني أحسست بالذنب كنت اتمتع بوقتي معه. مع
ذلك أعي تمامآ أنني مخطوبة لتود , وكنت خلعت خاتمي وهذا
مازاد الشعور بالذنب .
وعلقت عمتها :
-قد يكون الضمير أحيانآ مزعجآ للغاية. أكملي عزيزتي.
-13-

- كان بيري متسلطآ .. لم يصغ الي حين قلت إن علي ألا أراه
ثانيآ . وقد حدث أن كثرت لقاءاتنا وكأن القدر ساعده , فلقد سافر
تود الى اسكتلندة ففقدت بذالك من يراقبني .. أذكر انني تركت
عملي عدة ايام ليتسنى لي الخروج معه بسيارة استأجرها... ففي
ذالك الوقت بدا فجأة اننا نعرف بعضنا بعضآ منذ مدة طويلة ,
.... وكان الامر غريبآ عمتي ... غير طبيعي .
- لم يكن غريبآ بل وقوعآ في الحب . كان كل منكما يكمل
الآخر. وهذا امر بعيد كل البعد عن الغرابة . انه حدث طبيعي ,
وجميل بل هو أجمل مافي الوجود لأنه الحب شانا .. الحب
الحقيقي !
- فكرت في إرجاع الخاتم الى تود حالما يعود من رحلته ولكنه
أصيب بذاك الحادث المشؤوم , كما تعلمين , وبما أن أخاه كان
مسافرآ فقد طلبوني لأكون معه في المستشفى .. فامتلأ قلبي شفقة
عليه .. عمتي .. كنت أحب بيري حتى الجنون , ولكن تود كان
يحتاجني . أما الباقي فتعرفينه .لقد عاد من السفر أخوه وزوجته
مارغريت التي قالت ما إن رأته إنها لا ترغب في كسيح في منزلها
يقيد حركاتها .. فكان أن اتخذت قراري .
امتد الصمت طويلآ بينهما , كانت خلاله شفتا العمة مطبقتان
بشدة . تعرف أنها حاولت يومذاك اقناع ابنة اخيها بالعدول عن
قرارها فمن العبث العيش مع رجل عاجز حتى عن اكتساب
معيشته . رجل لن يعطيها سوى القلق والجهد في العمل . وكما بدا
فيما بعد أنه أعطاها إلى ذلك كله ألم القلب على مختلف وجوهه إذ
كان جاحدآ لا يعرف معنى العرفان بالجميل . فبعد اسابيع على
زواجه اصبح كل شيء عنده امرآ محتمآ .. فلم يعد يمانع في خروج
زوجته للعمل لإعالته بل أصبح همجيآ يكاد لا يقول لزوجته كلمة

-14-
متمدنة .كل ذلك شهدته العمة بأم عينها ولم تشهده مرة يقول لها
كلمة شكرآ , حينتقدم له فنجان شاي أو تأتيه بسكائره أو بحلواه
المفضل . وكانت تمضي الشهور عليها دون أن تشتري ثوبآ جديدآ
ودون أن ترى من الحياة ما يبهج . ولم يحدث في السنوات الثلاث
التي بقيت فيها متزوجه به أن عطلت يومآ أو قامت برحلة الى مكان
ولو ليوم واحد .
كان التهاب الرئتين الذي أودى بحياته , نعمة من الله , هذا ما
فكرت فيه العمة دائمآ مع أنها أخفقت هذا الشعور عن ابنة اخيها
التي قالت , حين قيل لها إن لا أمل منه , بصوت مفجوع :
- إنه صغير جدآ ..أليس الامر مهولآ عمتي ؟ إنه يحتضر في
مثل هذا السن !
نظرت العمة الى ابنة أخيها الآن وهما جالستان قبالة يعضهما
بعضآ . أجل ... لقد كان التهاب الرئتين نعمة من الله !
- لن أسأل ما اذا كنت مهتمة ببيري , فلقد شاهدت هذا في
عينيك طوال ازمتك . وشاهدت الندم على ما كان . ألم تسأليني منذ
قليل , كيف للمرء أن يبدأ من جديد .. إن الجائزة التي ربحتها
ستجعلك تسافرين إلى بلاد بيري .
- حبآ بالله عمتي لن أسافر الى نيوزيلندا لأرمي نفسي عليه..
لقد قلت لك إنه كرهني قبل سفره .
- أهذا ما قاله لك ؟
- كانت الكراهية مسطورة على وجه .
- هراء ! فالرجل لا يحب في لحظة ويكره في أخرى .
- قال إنه لا يريد رؤيتي مادام حيآ .
- إنه رد فعل طبيعي يقوم به من اعتاد على أن تنفذ أوامره
ورغباته , وقد طلب منك التخلي عن تود فرفضت .. وكان يعلم

-15-
مثلنا جميعآ , انك مخطئة في اتباع طريق تدمير حياتك وحياته معآ.
لذا أفهم غضبه .منتديات ليلاس
تمتمت شانا :
-كان يبدو مريرآ جدآ .. لا استطيع الذهاب عمتي فمن
المستحيل بعد هذه المدة الطويلة التقاط الخيوط .
- لا أقترح عليك التقاط الخيوط من حيث تركتها .. إنما أطلب
منك البدء من جديد .
البدء من جديد ... إن رغبتها في رؤية بيري من جديد تمد
جذورها في نفسها . فما الضير في المحاولة ؟ وما الضير في السفر
ورؤية ما ستكون عليه ردة فعله حين يلقاها .
قالت بعد تردد لعمتها :
- هل لي أن اقرأ رسالته ؟ اذا كنت لا تريدين .. فلا بأس ...
ولكن .
- بالطبع كنت سأسمح لك بقراءتها يا عزيزتي إلا انني
وللأسف رميتها , فأنت تعرفين اشمئزازي من الاحتفاظ بأشياء لا
لزوم لها .
صاحت بها شانا حتى قبل أن تنهي كلامها :
- عمتي ! أنت اكثر شغفآ الى ادخار الرسائل ...
أنا لا أخفي عليك شيئآ فرسالة بيري كانت ردآ عاديآ على رسالتي .
وفد ذكر فيها انه يسره أن يسمع أخبارنا , وأن نزوره..وإذا أردنا ..
الوقت الذي نريد .
- ألم يذكرني ؟
- طبعآ ذكرك .. قال إنه يتطلع شوقآ الى رؤيتك من جديد .
زادت العمة عن غير وعي كمية من السكر فوق فنجانها ,

-16-
وشرعت تحركه ثانية , تحدق بالدوامة التي أحدثتها الملعقة في
الفنجان .. أما شانا فسمعت قلبها يخفق بسرعة متناهية فسألت :
- هل قتل هذا ؟
فسألتها العمة متجاهلة سؤالها :
- هل سترافقيني ؟
أعقب كلام العمة صمت طويل , قطعته شانا أخيرآ .
- لا أدري عمتي .. أحب أن أراه ثانية .. لكن ..
- تحدثت الى السيدة ماكسويل عن الرحلة , فوعدتني بالاعتناء
بالمنزل أما السيد بلايت فوعدني بالعناية بالحديقة .. إنه يعاني من
البطالة بعد تقاعده ويجد أن في جني بعض المال عونآ له .
أجفلت شانا :
- لقد أعددت كل شي . كيف لك أن تكوني واثقة متيقنه من
مافقتي .
- لم أكن واثقة . بل متفاءلة .. وبما أنك فتاة عاقلة عرفت أنك
سترغبين البدء بحياة جديدة .. أنت قادمة معي اليس كذلك ؟
ترددت شانا قليلآ وهي تتصور اللقاء بينها وبين بيري الذي كان
في ذروة الغضب يوم رحل بعيدآ . ولكن مضى على ما حدث أربع
سنوات .. وهو زمن كفيل يكسر حدة المرارة . الم يكتب الى عمتها
رسالة يقول فيها إنه يتطلع شوقآ الى رؤيتها من جديد , وهذا خير
دليل على نسيان الأسى .
وتطلعت اى عمتها ثم قالت :
-أجل ... أنا قادمة معك .
لم تضيع العمة لحظة من وقتها فلم يمض أسبوعان حتى كانتا
على متن الطائرة .
وكانت شانا قد سألت دهشة قبل سفرها بيوم وذلك إثر

-17-

golya 22-12-08 12:04 AM

يسلمو حبي أحنا بالانتظار _

doode al 7aloo 22-12-08 05:23 PM

عوتهما من برمنغهام حيث قامتا ببعض التسوق .
- ماهذه العجلة عمتي ! كنت أعتقد أن شعارك في العجلة
الندامة ...
- لم يكن لدي من قبل مايحدوني الى العجلة . أما الآن ....
ماألذ المال ! لن أقول لك كم ربحت من المال ... فلا تسأليني ثانية
لأنني لن أضيف على أنها جائزة كبرى كلمة واحدة .
ضحكت شانا :
- هذا واضح .
ابلغت رب عملها بسفرها فوافق على ان يجد بديلة لها , إلا
أنها لم تقل له كم هي مدة غيبتها , فإن حدثت معجزة ووجدت
بيري مازال على حبها باقيآ لا تعود ابدآ .
سألت عمتها وكأنها تفكر في صوت مرتفع :
- كيف هي غريت سيلف ياترى ؟
- ماأسعدني برؤيتك سعيدة ! إنني أشعر بمتعه لأنني ألعب دور
الجنية الراعية .
- انت رائعة عمتي .. مارغبت في قبول كل ما قدمتة لي .
لكنك أمرتني بقوة حتى أشتري المزيد من الملابس الجميلة التي
كلفتك مبلغآ هذا عدا تسريحة شعري الجديدة .
- أنت لم تذهبي الى مزين منذ سنوات .. وماكنت تجنينه من
مال بعرق جبينك كان يطير في مهب الريح قبل أن يصل إلى
يديك .
- وهذه الاحذية ! لقد بت أملك منها عددآ لا أعرفه .
- آن لك هذا , مع انني لم أحب تلك الاخفاف الأوروبية
الصنع .
- وفساتين السهرة .... اتساءل ماإذا كنت سأستخدمها فعلآ ؟
-18-
- هي موجودة إن احتجتها .
- إنهم يقومون بحفلات خاصة طلبآ للتسلية في تلك المزارع .
إنها حفلات رقص وعروض لأفلام سينمائيه , لقد قرأت الكثير عن
حياتهم , مع انها تبدو حياة خشنة .
- ليتك تجدين فيها المتعة عزيزتي !
- طبعآ سأجدها ! انت تعلمين مدى شغفي بالطبيعة , وبالعزلة
والصمت والهواء النقي والمساحات الشاسعة المفتوحة .
كررت شانا السؤال الاول بعد ركوبها الطائرة :
- كيف هي غريث سليف ياترى ؟ قال لي بيري يومآ إنني
سأحب منزله .
وصمتت لتحتفظ بالذكريات الأخرى لنفسها . ستكونين رابع
عروس لمزرعتي ... هذا ماقال لها قبل أن يضيف بلكنته المحببة .
- إلا أنك ستكونين أجملهن وأعظمهمن رونقآ.
ردت العمة تتم عنها كلامها وتتحدث عن منزله .
- لا بد أن يكون منزله وبيري على هذا الثراء مميزآ . إن مربي
المواشي هناك يقضون أكثر أوقاتهم خارج المنزل إلا أنني اتصور أن
بيري سيسعى الى راحته في المنزل .
- سنعرف هذا عما قريب عمتي !
اللقاء ... ؟ لا بد أن يكون عند حدوثه مربكآ لهما . وكيف لا
يكون ذلك والفراق كان غاضبآ من جهته ودموعآ سخية من قبلها .
فقد حنثت بوعدها الذي قطعته له . كانت قد وعدته بفسخ خطوبتها
بتود لتتزوجه قبل أن يعود إلى نيوزيلندا وقد أسعده قولها وبدا في
غاية السرور لأنه انتزع منها هذا الوعد . يومذاك بدا أصغر من عمره
الذي لم يتجاوز التسهة والعشرين رغم بعض الشعر الرمادي على
فوديه وبعض الخطوط حول عينيه , وكان يضحك قائلآ : إن عودته

-19-
برفقة عروسه ستكون مفاجأة كبيرة لهم جميعآ في دياره . خاصة
وأنه لم يقضي في انكلترا ألا أسابيع قليلة .
- سأكون سعيدة بعد انقضاء الدقائق الأولى (هذا قالته
لعمتها ) .
- هل أنت قلقة بشأن لقائه من جديد ؟ ليس عليك أن تكوني
قلقة عزيزتي ألم اقل لك إنه يتطلع شوقآ الى رؤيتك من جديد .
- بلى ... إنما .. هناك ما يقلقني !
حين حطت الطائرة اخيرآ مرت بهما رحلة طويلة عبر الجمارك
بعدها استقلتا سيارة أجرة الى محطة القطارات التي عادت فاستقلتا
فيها قطارآ متوجهآ الى كريستشرش . حيث التقاهما أحد موظفي
مزرعة بيري , ((بيتردين)) . بعد التعارف وتبادل الكلمات والأسئلة
المهذبة , صعدتا إلى سيارتة مبتعدتين عن محطة القطارات وكان
بيتردين قد أبلغهما أن الرحلة ستطول ساعات حتى يصلوا الى
مزرعة غريت سليف التي تقع في اليكسندرا وأضاف بيتر : سنصل
إليها بعد الظهيرة غدآ . الرئيس حاليآ غير موجود في المزرعة ولكنه
سيعود الى المنزل ظهرآ ليرحب بكما .

****
-20-

doode al 7aloo 22-12-08 08:23 PM


2- أرض الأحلام
بعد أميال وأميال من السفر الطويل في عمق الاراضي
النيوزيلندية التي كانت فيها الماشية ترعى , ورعاة البقر يبدون من
بعيد كأنهم ملتصقين بأديم الأراض . اشار بيتر أخيرآ الى منطقة
حرجية برزت أمام الناظرين خلف تلة صغيرة , وقال باختصار :
- ها هو المسكن ..
ثم زاد لا شعوريآ سرعة السيارة فقد اخذ منه التعب بعد هذه
المسافة الطويلة كل مأخذ وقد بدا ذلك في نبرة صوته , وفي تثاؤبه
بين الحين والآخر وفي عينيه المتعبتين من وهج الشمس وجبينه
المتصبب عرقآ .
المسكن ... إنهم يدنون منه . رأت شانا أن له اطلالة مبهجة ,
ونباتات متعرشة تتربع على جدرانه مضفية عليه مظهرآ فاتنآ ملونآ.
المبنى واسع كبير , تظهر عليه آثار السنين التي تجاوزت المئة
وعشرين سنة والحدائق تحيط به من كل جهة وقربها أراض وأراض
لا تنتهي تقف أمامها جدرانه الملوحة القابعة تحت النباتات
المتعرشة الممتدة إلى سطح الأرض .
كانت أشجار (( البونسيتا)) ذات الأوراق الحمراء القرمزية الملتفة
حول أزهارها البارزة الى الأمام تشكل بقعآ من الألوان منتشرة في
كل مكان أما اشجار نخيل البالم المروحي الأغصان واشجار الآس

-21-
الصمغي فيشكلان سياجآ حرجيآ طبيعي يحدق بالمنزل ويحميه من
الريح والشمس . من الناحية الغربية للمنزل بعيدآ عنه قليلآ , تقوم
بيوت الرعاة والموظفين وفي الجهة الشمالية منه ثمة قسم ((حرس
الجبال )) التابع للدولة , فعملت شانا أن لكل مزرعة من هذه المزارع
المترامية الأطراف في نيوزيلندا نظامآ إداريآ تابعآ للدولة خاصآ بها
وان مزرعة غرين سليف ينطبق عليها أيضآ هذا النظام , لأنها تأوي
عددآ كبيرآ من العائلات تعيش في مساكن يستطيع ساكنوها أخذ ما
يريدون من حليب وخضار ولأن لها مدرسة ومحلآ تجاريآ
وتسهيلات للاستجمام والراحة وتنقلات مجانية إلى أقرب بلدة
لتسهيل عملية شراء مايلزم مما ليس موجودآ في دكان القرية وفي
غريت سليف طبيب أرمل , استدعي قبل سنتين حين كان في رحلة
استكشافية في المنطقة التي أقام فيها أسبوعآ قبل أن يعود الى بلده
لتسوية بقية أعماله , وقد حدث بعد أن أنهى ماعليه من التزامات
أن عاد إلى القرية الصغيرة ليتولى الطبابة بناء على طلب من بيري
لونغ وهو الآن نصف متقاعد !
حين خرجت العمة من السيارة تمطت ثم تثاءبت :
- ها قد وصلنا أخيرآ لا أطلب الآن أكثر من حمام وفراش .
ترجلت شانا أيضآ فأسر انتباهها مارد طويل نحيل كان يهبط
درجات الشرفة الامامية بحركات طفل في العاشرة . قطع المسافة
القصيرة التي تفصله عن زائرتيه برشاقه , فاكتشفت شانا انها
ترتجف , وأن أعصابها تتشتت وسيطرتها تفلت من زمام نفسها . لقد
تغير ... كان انطباعها الأولي هذا مخيبآ لآمالها فالسنوات العابرة
طبعت على قسماته خشونة تذكر انها قاسية , ليس إلا وبدا فمه
أرق , وعيناه الرماديتان أكثر حدة ونفادآ , والخطوط حولها أشد
بروزآ على بشرة ذهبية لماعة . أما الشيب على فوديه فقد زادته

-22-
السنين قليلآ .
-بيري ... !
خرج اسمه لا إراديآ من فمها . لا يبدو أن شيئآ في مشاعرها
تغير . إنها الآن في هذه اللحظة قد تذوب دون وعي بين ذراعيه ..
لا .. لا شيء في مشاعرها تغير , على الرغم من تغيير بيري
السطحي ... مدت يدها بلهفة وشوق الى يد بيري السمراء القوية :
- ما اشد سروري برؤيتك ثانية .
ولكنه لم يرد عليها الابتسامة .. فحدقت إليه حائرة . حالما
سحب يده من يدها التفت إلى عمتها قائلآ :
- لعلك أمضيت رحلة ممتعة سيدة جيليس ؟
- كانت ممتعة ... ومثيرة ! ماأروع موافقتك على استقبالنا يا
بيري .. اتمانع ان اناديك بيري ؟ فمناداتك بالسيد لونغ رسمية
للغاية .
- لا مانع لدي أبدآ .. والآن .. تفضلا لتناول الطعام
والشراب ... فانتما دون شك بحاجة الى بعض المرطبات سترافقكما
إحدى الخادمات إلى غرفتيكما اللتين أرجو ان تعجبكما .
ردت شانا التي غدت فجأة مصممة على جذب اهتمامه :
- نحن على يقين من هذا .
التفت إليها لينظر إلى عينيها البنفسجيتين فلما رأى نظرة
الارتباك فيهما , قطب حبينه قليلآ وكأن فكرة ما عنت على باله .
- كيف حالك هذه الايام شانا ؟ أطلعتني عمتك على ترملك .
أقدم لك تعازي .
لم يكن في صوته أو نظرته دليل على تعاطفه بل بدا لها من
المستحيل أن يكون هذا الرجل احتواها يومآ بين ذراعيه وجعلها
تلمس حبه وتملكه . فجأة أحست أنها تود الرحيل فما هذا بالتصرف
منتديات ليلاس
-23-

golya 22-12-08 11:54 PM

روعه يسلمو نستنى الباقي وصلنا للحماس

cocubasha 23-12-08 12:53 AM



أم دودي

شكرااااااا ألف شكر على الرواية

في أنتظار الباقية أن شاء الله

تسلم الأيادي


:rdd12tf:

ناتالي 23-12-08 06:57 PM

:55::55::55::55::55:
واااااااااااااااو الرواية حلوة كتييير
يعطيك العافية على تعبك ومجهودك الرائع والدائم معنا
دائماً بتتحفينا بإختيارك للروايات
بس بلييييييييييييز نزلي التكملة بسرعة
إحنا بإنتظارك لاتطولي علينا
ميرسي إلك:flowers2:

doode al 7aloo 26-12-08 07:58 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة golya (المشاركة 1792361)
روعه يسلمو نستنى الباقي وصلنا للحماس

مشكوووووووووووووووورة ياعسل ... ايوه شجعوني شجعوني خخخخخخخ:lol:



اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة cocubasha (المشاركة 1792430)


أم دودي

شكرااااااا ألف شكر على الرواية

في أنتظار الباقية أن شاء الله

تسلم الأيادي


:rdd12tf:

مرررررررررررررحب يااحلى كوكو .. ومشكوووووورة ياعسل مصر انتي ..:flowers2:

وجودك بمواضيعي يشد من عزمي دائمآ ... واعرف انه فيه معي احد يساعدني .:55::flowers2:


اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناتالي (المشاركة 1793044)
:55::55::55::55::55:
واااااااااااااااو الرواية حلوة كتييير
يعطيك العافية على تعبك ومجهودك الرائع والدائم معنا
دائماً بتتحفينا بإختيارك للروايات
بس بلييييييييييييز نزلي التكملة بسرعة
إحنا بإنتظارك لاتطولي علينا
ميرسي إلك:flowers2:


مشكووووووووووووورة ياقمووووورة .. والله يعافيكي .. انا علشانك بس

قررت اكتب وانا مااحب الكتابه خخخخخخخخ .. تكرم عيونك ياحلوات ...

ورح انزلها بملف كوورد او مفكرة بس اخلص كتابه ,,

تحيااااااااااااااااااااااتي لكم ..

:friends: :friends:

doode al 7aloo 26-12-08 08:29 PM

المرجو من رجل كتب في رسالته أنه يتطلع شوقآ إلى رؤيتها ثانية .
- أنا بخير .. شكرآ لك بيري .
أطلت عليهما فتاة سمراء تقف في الشرفة وكأنها تنتظر شيئآ
فأضافت شانا بسرعة :
- أتنتظرنا هذه الفتاة ؟
التفت بيري ثم هز رأسه إيجابآ فهذه المرأة تنتظر إرشاد
السيدتين إلى غرفتيها .
-إذن سأذهب .. اذا كنت لا تمانع ؟
خرجت منها هذه الكلمات بتحفظ وتباعد ثم وقبل أن تترك
مجالآ له للرد تركته وعمتها معآ , وانظمت الى لونا , التي اقتادتها
من غرفة جلوس مجهزة بعناية وروعة الى ردهة عالية السقف فيها
درج هلالي عريض يفضي الى غرفة نوم تطل على الحديقة
الأمامية .
سألتها الفتاة مبتسمة :
- أهناك شيء آخر تريده الآنسة ؟
- حقائبي .
- إنها في غرفة الملابس .. سأفرغها اذا شئت ؟
هزت شانا رأسها وهي تنظر الى باب مغلق داخل الغرفة .
- شكرآ لك.. سأقوم بهذا العمل بنفسي .
حين خرجت الفتاة , تقدمت شانا من الباب المغلق فتحته .
كانت حقائبها موضوعة على كرسي خشبي سندياني مرتفع . في
الغرفة الفخمة خزانة وطاولة زينة , التقطت منها احدى الحقائب
وحملتها الى غرفة النوم فوضعتها على السرير ثم فتحتها . كانت
عيناها مظلمتين بالدموع وهي تفرغ الحقيبة بشكل آلي , لم تكن
تفعل ذلك إلا لتشغل بالها بما يبعدها عن التفكير باللقاء البارد
-24-


الذي تلقته من بيري .
اكتشفت أنها باردة وأن يديها وجبهتها باردتين أيضآ , فارتجفت
متمتمه :
ماكان يجب أن آتي !
أحست أن لديها عوارض الانفلونزا , ولكنها كانت تعلم أن
الأمر نفسي لا جسدي ....
-لا .. ماكان يجب ان آتي .
كانت النافذة مفتوحة على مصراعيها تتلاعب الريح بالستائر
الجميلة فتحملها الى داخل الغرفة . تقدمت تغلقعا إلا أنها توقفت
قبل ان تصل اليها إذ كانت الآن تشرف من حيث تقف على المكان
الذي وقفوا فيه جميعآ ساعة وصولهم , وها هي العمة وبيري لا
يزالان يتحدثان فسمعت عمتها تقول :
لا تقدم أي تبرير يا بيري ... أعتقد أنه كان عليك ان تكون ألطف
بعض الشيء في معاملتها .
- سيدة جيليس .. ألم أطلب منك عدم اصطحابها معك . لقد
سألتني في رسالتك إن كنت أرحب بك ضيفة عندي وذلك بعد أن
شرحت لي رغبتك في السفر مع شانا التي تعيش معك منذ ترملها
وسألتني اذا كان بإمكانك اصطحابها معك . وقد أجبتك عن
رسالتك بكلمات واضحة سيدة جيليس تفيد أنني أرحب بك بدونها
وكنت قد قررت بعد لأي تفكير ألا أقبل بها ضيفة عندي . وعندما
وصلني خطابك الثاني بدوت متفهمة طلبي ولكنك قبل سفرك
مباشرة كتبت تخبرينني بأنك ستصطحبين شانا معك لأنك لم
تستطيعي تركها وحيدة .
- منزلي يقع في بقعة منعزلة بيري .
- هذا لا يعنيني سيدة جيليس إلا أنني للأسف لم أجد متسعآ
-25-



من الوقت للرد على رسالتك الأخيرة .. لو سنح لي الوقت لقلت
لك بشكل حازم انني لا أرحب بشانا ضيفة منزلي .
ارتدت شانا الى الوراء وقد ابيضت شفتاها ووهنت ساقاها
فوضعت أصابع مرتجفة على جبهة مبللة تحس بألم يلمع في
رأسها , يمتد إلى لحاظ عينيها ... وانطلقت الدموع ...
كانت كلمات عمتها لا تزال تصل اليها بوضوح من حيث
يقفان .
- أفهم شعورك .. فقد آلمتك شانا كثيرآ .
حاولت شانا التراجع إلا أن ساقيها لم تطيعاها فسمعت صوت
بيري بصوت أجش , تطغى عليه مرارة حقيقية :
- لقد رمت بي بعيدآ عنها سيدة جيليس .. بعد أن وعدتني
بالزواج .
- كان هذا في الماضي بيري .. لقد احببتها مرة ..
أصبح هدف العمة واضحآ .. فقد تعمدت الكذب لتقنع شانا
بأنه يرحب بها في (( غريت سليف )) .
- كان هذا مرة ...
- وبإمكانكما البدء من جديد .
أحست شانا بالحرارة تحل مكان البرود .. لماذا لاتتقبل
عمتها الحقيقة فتدع الامر وشأنة ؟
- لا أستطيع البدء من جديد ! أولآ لأنني لا أرغب في ذلك ,
وثانيآ لأن لي خطيبة .
- خطيبة ...
تحركت ىلآن شانا باتجاه السرير وشرعت تغلق آليآ حقيبتها
التي وضعتها على الأرض , ثم خلعت حذاءها واستلقت على
الفراش , تضغط جبينها المتألم على الأغطية الباردة . وهطلت
-26-


دموعها دون تحفظ دقائق حتى ادركت انها بللت أغطية الفراش
الجميلة . فنهضت , تكره ضعفها وتزجر نفسها وتدفعها إلى أن
تستعيد شتات ذاتها بعد الضربة التي تلقتها أحلامها بعودة المياه
الى مجاريها مع بيري .منتديات ليلاس
دخلت الحمام لتستحم .. ثم خرجت لترتدي أجمل أثوابها ..
وكان فستانآ من القطن المزين بالرسوم , اشترته خصيصآ للجو
الحار . ساعد مظهره المنعش وألوانه النضرة على رفع روحها
المعنوية كما آزرها الماكياج الذي زينت به خديها وشفتيها . لذلك
بدت حين انضمت الى عمتها وإلى بيري الرابط الجأش متماسكة
الأعصاب .
كانت مسرورة لأنها سمعت الحديث الذي جرى , ذلك أنها
منذ الآن فصاعدآ ستكون حذرة لئلا تتعرض لخطر التودد الزائد له
ولئلا تتركه يعرف مافي قلبها من مشاعر . كانت تتمنى طبعآ لو
تغادر المكان حالآ إلا أن هذا مستحيل وليس عليها إلا أن تتبنى
تصرفاته وتعامله ذات المعاملة التي اتخذها . اما بالنسبة للعمة فرغم
احتقارها لتآمرها , فتعترف بأن نواياها كانت طيبة شريفة ولذلك
قررت ألا تظهر أمامها التعاسة التي خلفتها في قلب ابنة أخيها كما
رأت ان أبسط الطرق لإراحة عمتها أن تقول إنها بعد مقابلة بيري
أحست إن كل ماكانت تشعر به تجاهه قد ولى ! ما أصعب ما
سيكون عليها التلفظ بهذه الكذبة .
غير أنها عازمة على ذلك لأن عمتها ساعتئذ لن تلوم نفسها
على فعلتها فتسطيع التمتع بعطلتها . إنها الآن لا تتمنى إلا أن تفقد
عمتها الرغبة في البقاء وذلك لئلا تتحمل عذاب رؤية بيري يوميآ أو
تضطر الى التصرف وكأنها لا تضمر له شيئآ .
حين دخلت غرفة الطعام , أخبرها بيري فورآ :
-27-


- إن العمة تستريح , لقد أرسلت إليها بضع سندويشات وابريق
شاي .
ثم جذب لها بتأدب كرسيآ لتجلس عليه , فشكرته بطريقة جافة
باردة توازي طريقته ولكنها لم تنس أن تضع على شفتيها ابتسامة مع
أن نصلآ حادآ كان يدور في قلبها فيمزقه .
- أتعبتها دون شك الرحلة الطويلة , ستكون على ما يرام حين
تنام قليلآ .
غير أن بيري لم يكن يصغي إليها بل كان يوجه اهتمامه الى
أوراق موضوعة أمامه . عندما قدم الحساء وجدت شانا نفسها لا
ترغب فيها أبدآ .
فلما لا حظ بيري ان ضيفته وضعت ملعقتها من يدها وتراجعت
الى الوراء سألها بقلق :
- أهناك شيء خاطئ ؟
- لا .. إنه لذيذ . ولكنني لا أشعر بالجوع .. هذا كل شيء ؟
أحست أنها دخيلة , ضعيفة , ضيفة غير مرحب بها في منزله .
- أتودين شيئآ آخر ؟ عصير البرتقال ؟ كوكتيل فاكهة ؟
هزت رأسها :
- لا .. شكرآ لك بيري .. سأتناول قطعة لحم , وبعض
الخضار .
لم تكن ترغب واقعآ في شيء . إلا أنها تعرف أنه سيصر على
ان تتناول الطعام وإن أصرت على الرفض يحس بأنها غير مرتاحة
أو مستأنسة , وربما إن صدق مع ذاته اعترف بأن عدم استئناسها
يعود ءليه . ويبدو أن هذا ما شعر به فعلآ .. فقد راح يوليها
اهتمامه , فوضع الأوراق جانبآ .. وسألها بعد عشر دقائق من
محادثة عادية :
-28-


- كم ستمكثان في منزلي ؟
- ليس لدي فكرة في الواقع فأنا .. نحن .. لا نريد إقلاق
راحتك بيري .. لذلك يجب ان تخبرنا حين نثقل عليك بوجودنا
وتشعر بأنك لا ترحب بنا .
هل اجفله ما سمع ؟ آه ليتها لم تذكر هذه الملاحظة , فهما في
كل الأحوال قد وصلتا منذ برهة لذا ليس طبيعيآ أن يصدر عنها هذه
الملاحظة .
- نحن عادة نترك زائرينا يقررون مدة مكوثهم .
- نحن ؟
أفلتت الكلمة من فم شانا قبل أن تفكر فيها . إنها دون شك
تفكر في خطيبته . ولكن أتشملها لفظة نحن هذه التي تفوه بها ؟ لا ,
لا يمكن فخطيبته لا تعيش في منزله .
- نحن الرعاة والمزارعين نرحب بالزائربن الذين يأتون إلينا
بشكل دائم فالسواح حين يفدون علينا يطلبون مضجعآ يبيتون فيه
ليلتهم أو مكانآ يستريحون فيه من عناء السفر أو مساعدة ليشيدوا
مخيمآ , وهناك من السواح من يأتي حبآ بنمط حياتنا أو سعيآ
للانتقال من جانب البلاد الى الجانب الآخر .
تلاعبت شانا باللحم أمامها :
- فهمت .. أليس لديك ضيوف آخرون في الوقت الحاضر ؟
- لا .. إنما بعد اسبوعين سيكون لدينا طالبان من كلية الزراعة
الواقعة في كريستشرش . والطلاب عادة يفدون علينا بشكل دؤوب
ليتعلموا كيف يطبقون ما يتعلمونه نظريآ على أرض الواقع .
- أهم من الرجال ؟
- أجل . وقد يصلنا في بعض الأحيان طالبات .
- إن مهنتهم هذه دون شك مثيرة للاهتمام .
-29-


لم تكن تلك المحادثة إلا سبيلآ إلى تمضية الوقت بين غريبين
تقريبآ .. كان بيري قد قال لها بحنان في الماضي إنها ستكون
عروس المزرعة الرابعة وإنها ستكون أجملهن و أحبهن إلى قلوب
الجميع .
عادت أفكارها إلى خيارها الذي اتخذته والذي حرمها من بيري
وحرمه منها ثم لم تلبث أن عادت إلى الرحلة وآمالها الواهية التي تحطمت على صخور الحقيقة بعد دقائق من وصولها . بيري يوشك
على الزواج من فتاة أخرى مما يعني أن لا مكان في المزرعة للفتاة
التي احبها , يومآ . أو لذكريات أليمة غابرة كانت تجعلها الآن
ترتجف .
قال بيري وهذا ما أدهشها .
- هل أنت بخير شانا ؟ أنت شاحبة جدآ . وتبدين .. متضايقة
بطريقة ما ؟
كيف ترد على هذا السؤال ؟ عليه ألا يكتشف الحقيقة . لقد
مات حبه لها , ويجب ألا يعرف أن حبها مازال على عهده .
- لست على طبيعتي منذ وفاة تود ...
ولم تكن تكذب .. فتوتر السنوات الطويلة الخالية من الشكر
والامتنان ازداد بعد وفاة زوجها وقد ذكر الطبيب لها أن ما تشعر به
ردة فعل طبيعية .
سمعت صوتآ موجزآ مؤدبآ , ولمحت عينين ضيقتين :
- لقد مرََََََََ على وفاته ستة أشهر .
ومد يده الى طبق فضي أفرغ منه بعض السلكة في صحن
فصمتت شانا لحظات تراقبه سعيآ الى تغيير دفة الحديث .
- هذا صحيح ... هل تزرع كل هذا بنفسك ؟
نظر اليها مقطبآ وقد اعتلت وجهه الحيرة بسبب هذا السؤال
-30-


الذي لا علاقة له بموضوع حديثهما أبدآ .
- نحن في الواقع نعتمد على أنفسنا هنا .. أجل .. وهذا
ضروري فأقرب بلدة منا تقع على بعد سبعين ميلآ .
- أهي بعيدة إلى هذا الحد ؟ أعلم أن المزارع بعيدة جدآ عن
بعضها بعضآ .
- إن اقرب جار لي تقع مزرعته على بعد مئة ميل قريبآ من
بحيرة إليكسندرا .
علمت شانا بالبديهة ان هذه المزرعة التي يتحدث عنها هي
موطن خطيبته فسألته :
- وهل أصحابها أصدقاء لك ؟
تردد قليلآ ثم قال ينظر مباشرة إليها :
- ابنة صاحبها .. خطيبتي !
أطلقت شانا تنهيدة لم تستطع كبحها تمكنت بعدها من القول :
- خطيبتك ! ما أروع ما أسمعه .. أنا .. أنا مسرورة بيري...
- شكرآ لك .
- وهل الزمان وشيك ؟
- تقريبآ .
دفعتها رغبة خارجة عن إرادتها إلى أن تسأله عن خطيبته .
- أهي سمراء أو شقراء ؟
وكأن اهتمامها سلاه , فتألمت لذلك .
- إنها سمراء بقدر ما أنت شقراء .
- سمراء !
لم تتصور قط أن يحب سمراء .
- شعرها أسود , عيناها بنيتان ...
توقف .. ثم ضحك :
-31-



- أنت لا تريدين معرفة المزيد عنها , أليس كذلك شانا ؟ لا
أحسبك تهتمين بمعرفة فتاة أوشك على الزواج بها .
احمر وجهها برقة , وعادت تعبث بالطعام .
- لا .. أنا آسفة .. كان فضولآ ليس إلا .
- ستقابلين سندي ووالديها قريبآ , فهم قادمون لقضاء يومين
هنا . وسيكون هناك آخرون كذلك , فسأقيم حفلة وفي الليلة التالية
سنعرض فيلمآ . فنحن نصنع تسليتنا بأنفسنا , فهل تعرفين عاداتنا ؟
-أجل أعرف .
ما أملَ هذا الحديث إن قارنته بالمواضيع التي كان يتطرقان
إليها في الماضي حيث كان ينسيان مرور الوقت كان يقول لها :
(( سأعوضك عن كل هذا حين نصبح في المزرعة .. سنجلس معآ
بعد العشاء , على الشرفة في الهواء البارد لنتسامر )) ولكن ذلك
الحديث كان في الماضي البعيد .
حينما انتهت وجبة الطعام شعرت بالراحة ذلك أنها تستطيع
الآن الانسحاب . راقبته وهي في غرفتها يتجه نحو ريك الخادم
الذي كان يمسك له حصانآ كستنائيآ كبيرآ , علمت فيما بعد أن اسمه
(فايتر) أي المقاتل , ثم راحت عيناها تتأملان الفرس وفارسها حتى
اختفيا في المراعي البعيدة .
ابتعدت عن النافذة . لن تقدر على الاحتمال أو الاستمرار بل
لن تسمح لتفكيرها بأن يبحث عما كان من الممكن ان يكون ...
لقد ضاع بيري إلى الأبد لها , ويجب أن تعتبره شخصآ عرفته في
ماضيها . شخصآ كان لطيفآ معها بشكل غير عادي ثم أصبح غير
مهم في حياتها .
ذهبت إلى غرفة عمتها تقرع عليها الباب :
- ادخل ؟
-32-



- عمتي . هل أنت أفضل حالآ الآن ؟ هل أيقضتك من النوم ؟
- لا يا عزيزتي .. لم أكن نائمة .. شانا .. يا طفلتي العزيزة لا
تعلمين شدة ندمي على اصطحابك إلى المزرعة . هل أخبرك بيري
شيئآ عن نفسه ؟
ابتسمت شانا ابتسانة مشرقة .. زائفة :
- أخبرني بأمر خطوبته .
نظرت اليها العمة بذهول :
- لا تبدين منزعجة من هذا الخبر ابدآ .
- لا .. لست منزعجة . غريبة حياتنا يا عمتي , فنحن نحتفظ
في ذاكرتنا بصورة ما سنوات و سنوات , أتعتقدين أن هذه الصورة لم تتغير وأنها ستكون على ما هي عليه حين نلقاها ثانية ؟ بعد لقائي
ببيري وجدت أنني ما عدت منجذبة إليه كما كنت .
حدقت فيها العمة من موضعها على السرير .
- أتقولين الحقيقة شانا ؟
- عمتي .. لقد ولى الأمر بكل بساطة . أعجبني بيري يومآ ليس
إلا .
تنهدت العمة بعد أن أمعنت النظر قليلآ بوجه ابنة أخيها .
- يا لهذه الراحة .. ليس لديك فكرة عما كانت عليه حالتي
حين علمت بأمر خطوبته .. ذكر أمامي الخبر بعد أن تركتنا وقد
شعرت عندئذ بأنني عليلة من الذنب . وما ذلك إلا لأنني ألححت
في طلبي وأصررت عليك حتى تريه بعد هذه المدة . أترين ..
اعتقدت أنه ما زال على حبك باقيآ . لم أستطيع حضور الغداء ..
لم استطع مواجهتك .. ولكن بما انك شفيت من حبه , فلا
سبب يجعل ضميري يتألم , ومع ذلك آسف على هذا الوضع
لأنكما لطيفان وطيبان غير أننيل لا أرجو إلا أن تكون خطيبته امرأة
-33-


مناسبة له .
- لن يختارها إن لم يكن واثقآ منها عمتي .
- لا أعتقد هذا .. حسنآ .. نحن الآن هنا .. وليس علينا إلا
التمتع بعطلتنا .منتديات ليلاس
نظرت شانا اليها بمحبة :
- فعلت كل ذلك من أجلي .. أليس كذلك ؟ أنت رائعة
عمتي .. وأنا سعيدة بوجودي معك .
وتهدج صوت عمتها من التأثر وهي ترد :
- وأنا كذلك سعيدة , لأنك معي عزيزتي ..
ثم قامت :
- إلا أنني لن أكون أسعد إلا حينما تستقرين . فلن أدوم لك .
حين نعود الى الوطن , يجب عليك حقآ ان تفتشي عن زوج صالح
خاصة بعد أن ولى حب بيري من قلبك .
هزت شانا رأسها موافقة , ثم استدارت نحو الباب وقالت
مبتسمة ابتسامة قسرية :
- سأقوم بنزهة .. أراك ساعة الشاي .
-34-



3-حروب النظرات

استيقظت شانا فجرآ على صياح . الديكة وزغردة العصافير ,
وصيحة طير شبيهة بضحكة إنسان . قفزت الى النافذة علها تشاهد
بعض الطيور ولكنها في البدء لم توفق ثم لم تلبث أن رأت بعضها
تغادر أعشاشها القابعة على قمم الشجر . كما رأت ببغاء ملونآ ما
كانت لتلاحظ ألوانه الشبيهة بالوان الشجر لولا ابتعاده عنها .
وجدت نفسها تتجاوب مع الطبيعة المبتسمة حولها :
- حسنآ تصوروا هذا .. إنها أفضل من منبه !
راحت ترسل الشمس شلالآ ذهبيآ على الأرضي الحرجية
الواسعة وعلى سفوح الجبل البعيدة . كان المنظر المترامي أمامها
يمتد حتى اقدام الجبال حيث تغتسل الآن تحت أشعة الشمس
الصاعدة الى كبد السماء . يالهذه الأرض ! إنها جميلة رغم
خشونتها تمتلك الجمال والجاذبية الخاصة بها وهي دون شك أرض
خلقت للرجال . إنها أرض المقاتلين القساة الذين يستطيعون تحمل
معركة البقاء ضد عدائية الطبيعة .
تحولت أنظار شانا الى بيوت الرعاة المرتبة الجميلة الغنية
بالألوان والحدائق الساحرة ففي القرية بحسب ما قالته عمتها مدرسة
وأكثر من حانوت ومطار تقلع منه الطائرات إلى مدينة كريستشرش
التي تعتبر من أهم مدن البلد .
-35-


قال ليلة أمس للعمة :
- إذا أرادت أي منكما الذهاب الى المدينة للتسوق أو للتفرج
أصطحبها معي بكل ترحاب , فسأذهب الى كوينس تاون بعد ثلاثة
أسابيع .
لم تكن سهرة امس مملة , نعم هي لا تنكر أن بيري ركز
اهتمامه ووجه أحاديثه إلى العمة ولكنها كانت قانعة بالسمع فقط .
لا حظت أنه مرة أو مرتين صب اهتمامه عليها وكان بين الفنية
والأخرى ينظر إلى وجهها فتتوق الى أن تشاهد من جديد ابتسامة
من ابتساماته التي مازالت حية في ذاكرتها والتي كانت لها في
سنوات محنتها ملاذآ حبيبآ إلى قلبها .
بعد أن استحمت شانا ارتدت ملابسها وتوجهت الى غرفة
الفطور التي ارتها اياها لونا يوم أمس . كان بيري هناك , يقف
منتصبآ , طويلآ قرب النافذة . ينظر بعيدآ الى قطيع من الماشية يرعى
في السهول التي لا نهاية لها حين أحس بها استدار قليلآ سامحآ
لعينيه بالاستقرار على وجهها قبل أن يسأل بأدب :
- هل نمت نومآ مريحآ ؟
- أجل .. شكرآ لك بيري , فغرفكم تسر القلوب ومنزلك
جميل بيري !
أعقب قولها هذا صمت مطبق أحست خلاله أن لونها يشتد
أحمرارآ . إذا كانت عيناه تقولان إن هذا المنزل الذي أعجبها , كان
يمكن ان يكون لها , فأشاحت ببصرها عنه , تحس بغصة تتجمع في
حنجرتها .. قالت وهي لا تنظر اليه :
- سأصعد لأرى عمتي .. كان يجب ان تنزل الآن فهي
تستيقظ باكرآ عادة .
قاطعها بيري بهدوء :
-36-



- دقت عمتك الجرس للونا , وطلبت الفطور لتتناوله في
السرير .
قطبت شانا :
- ليست العادة التي تتبعها . إنها دون ريب مريضة , ليتك
تعذرني بيري .
- بكل تأكيد لقد بدت للونا على ما يرام ؟
ردت بارتياح متسائلة :
- صحيح ؟ ربما هي متعبة إذن .. ومع ذلك سأتفقد صحتها
للاطمئنان .
وكان رد عمتها حين سألتها بقلق :
- لا يا عزيزتي .. أنا لست مريضة , ولكنني أحسست بصداع
بسيط . فلما طلبت من لونا حمل الماء إلى غرفتي لأتجرع حبة دواء
تخفف الصداع عرضت علي إحضار الفطور إلى الفراش . فقررت
أن أدلل نفسي , فأنا هنا في عطلة أليس كذلك ؟
- طبعآ حبيبتي .. وهل ستنهضين قريبآ .
- أوه طبعآ .. لا أريد أن يمضي وقتي هباء , فأنا عازمة على
التجول والتمتع بالمناظر . من الافضل ان تنزلي الآن عزيزتي ,
لأنني لا أحسب بيري يقدم على تناول فطوره بدونك .
بعد دقائق كانت جالسة قبالة بيري تتمتع بفطورها وقال لها
دون ان تتوقع :
- إذا شئت القيام بنزهة على ظهر الخيل شانا فاتخذي لك
جوادآ من المزرعة .
- أخالني سأحب امتطاء الخيل شكرآ لك بيري .
- سأطلب من ريك أن يختار لك فرسآ . ولا أحسبه سيختار
لك إلا أونو الفرس الرمادية الجميلة الهادئة . ولكن رجاء لا تجعلي
-37-



المنزل يغيب عن ناظريك , هذا أمر لا نصيحة .. اتفهمين ؟
هزت شانا رأسها .
- أجل طبعآ .
- قد تتعرضين للخطر إذا توغلت في الأحراج والأدغال راكبة
كنت أو ماشية . فإذا قررت وعمتك القيام برحلة الى المرتفعات
فأعلماني لأبعث معكما من يرافقكما .
- أشكرك بيري شكرآ جزيلآ .
وأبتسمت له , ولكنها كالعادة لم تتلق ردآ فأكملت :
- بت أحب التنزه مشيآ منذ انتقالي الى منزل عمتي .
- أما كنت تتنزهين من قبل ؟ لقد قالت عمتك إنك لم تخرجي
كثيرآ إلا إلى عملك .
قطبت شانا , متسائلة عما كشفت عمتها من أوراق حياتها .
بقي ينظر اليها وكأنه يتوقع المزيد من التعليق غير أنها لاذت
بالصمت الذي لم يقطعه إلا اعتذار مهذب منه ذكر فيه أنه سيراها
وعمتها وقت الغداء .
ولكنها شاهدته قبل هذا , فحين خرجت لتأخذ الفرس وجدته
يتحدث الى عامل المخيم , فقالت بعد أن توقف الرجلان عن
الحديث :
- جئت لآخذ الفرس .
فسارع ريك يقول :
- سأحضرها لك بلمح البصر آنسة .
وسألته شانا معتذرة وعيناها البنفسجيتان شاخصتان الى وجهه :
- هل جئت في وقت غير ملائم ؟
- لبدآ .. لا يهم متى تأتين .. قلت لريك ان يتوقع مجيئك في
أي وقت .
-38-



وكان عليها ان تتحدث بما يبعد الصمت عنهما .
- ألن تمتطي فرسك اليوم ؟
- فيما بعد لدي اعمال أنهيها ..
وأتكأ على الباب واضعآ أصابعه تحت حزامه .
- لا بد أنه عمل رائع , أقصد العمل في الأرض .
- إنه مثير للاهتمام .
بعد رده المقتضب , ساد صمت آخر . قطعه ريك حين عاد
ممسكآ بلجام الفرس التي ركبتها شانا وعينا بيري النافذتين تراقبانها
أمام دهشتها , اجفلت الفرس قليلآ .. فنظرت شانا الى بيري
متسائلة عن تأكيداته السابقة التي ذكر فيها أن أونو فرس هادئة . قال
ريك مقطبآ :
- هذا غريب !
أما بيري فعلق على ما حدث وهو مقطب .
- لم يمتطها احد منذ فترة .
ولم تكن شانا قد اعتلت صهوة جواد منذ أربع سنين ففكرت
في أن ارتباكها الاوعي انتقل الى الفرس . وما استغربته أن بيري
قرر مرافقتها .
فنظرت إليه وقد تفاقم ارتباكها :
- كيف ؟ لديك أعمال أهم من مرافقتي ؟
- فلتنتظر الأعمال ساعة . ريك احضر لي ((فايتر)).
- حاضر سيدي .. دقيقة فقط !
بعد أقل من خمس دقائق على انطلاقهما استكانت الفرس
فتوقعت شانا مقطوعة الانفاس أن تسمع بيري يقول إنه سيتركها
الآن وحدها . ولما مرت خمس دقائق أخرى تنفست الصعداء ..
امتدت نزهتهما إلى طريق ضيقة تقع في دغل بعيد عن

-39-

نجمه الشرقيه 26-12-08 09:09 PM

شكرا على هذي الروايه الرائعه DOODE AL 7ALOO:cool:
انتظر الروايه على احر من الجمر
بليييز لا تطولي علينا
;)

ناتالي 27-12-08 02:50 PM

شكرا ياقلبي
وبإنتظار الباقي

رسائل الدهر 27-12-08 03:38 PM

حبيبتي لاتطولي علينا مرررررررررررره متحمسه
ومشكووره عالجزء الي حطيتيه

doode al 7aloo 29-12-08 12:30 AM


المزرعة . وكان بيري يعرف الارض كظاهر يده ولكن المكان كان
بالنسبة لشانا غريبآ مخيفآ فقد ارتجفت حين فكرت في أن تجد
نفسها ضائعه في مثل هذا القفر المتوحش .
سألها بيري بأدب عندما نظر إليها وهما يسيران جنبآ الى جنب
فوق صهوتي جواديهما .منتديات ليلاس
- كيف تبدو لك بلادنا ؟ أم لعل الوقت مبكر على اتخاذك
انطباعآ .
ردت شانا على الفور :
- إنها بلاد مخيفة .
- مخيفة ؟
- أعتقد أن إحساسي هذا مرده إلى المساحات الامحدودة
والعزلة التي تجعلني أشعر بالرهبة .. فالمكان هنا غير مأهول ..
أعني هذه الاراضي الواسعة ..
- اذن أنت لم تتأثري أيجابيآ ؟
- أوه ... بلى ! أجد أن كل ما يحيط بي جذاب وجميل حتى
غدوت متناغمة مع .. الألوان المتعددة التي تطبع جزءآ من الارض
حين تسطع عليها الشمس . هناك تباين كبير حتى في المناطق
القريبة من المنزل .. فهناك تباين بين ألوان الأشجار والأزهار وبين
لون المنزل نفسه , الذي تلونت المناخات جدرانه وطبعت حجارته
بطابعها الفريد .
كانت تتحدث مندفعة , وقد نسيت كل شيء , إلا الاحساس
الذي كان يتفاقم مع كل لحظة من لحظات مسيرها على أرض
نيوزيلندا .
- إنني أتمتع بهذا التغيير الذي كاد يكون كاملآ . بيري إن كل
شيء حتى الطيور مختلفة .
-40-


- اسمعت صياح الببغاء الأخضر فجرآ ؟ إنه يقترب عادة من
المنزل ليلتقط الفتات الذي تركته له لونا .
- أجل سمعته .. وتساءلت عندما عندما سمعت صوته عما إذا كان
ضحكآ .
شاهدت للمرة الأولى المرح يغمر قسماته .
- اتعلمين أنه قد يتعلم الكلام ؟ وأن ضحكاته أحيانآ قد تصيب
الانسان بعدوى الضحك ؟ هل أضحكك ؟
- نعم .. فعلآ !
احست فجأة بسعادة مردها اللطف الذي يظهره لها وإحساسها
بأنه ماعاد يعتبرها ضيفة ثقيلة عليه بل صديقة قديمة لم ينسها
بعد .
اقترح عليها بيري بعد نصف ساعة ان يستريحا وذلك حين
وصلا إلى بحيرة صغيرة ينمو حولها صنف من أصناف شجر الآس
الصمغي الاصلي . . وبعض انواع الصمغ الأحمر .
- أهذا بحيرة متفرعة من النهر ؟
- هذا صحيح أتعرفين شيئآ عن الجغرافيا الفيزيائية ؟ حسنآ لا
بأس .
وصمت .. كانا يجلسان على حافة البحيرة والجياد تشرب
منها . مد هو ساقيه إلى الأمام واستند الى جذع الشجرة .
- لماذا توقفت ؟ أما كنت ستشرح لي شيئآ عن هذه البحيرات ؟
حينما ادار رأسه إليها نظرت إليه وابتسامة مشرقة تتراقص على
شفتيها .. فانخفض جفنا بيري .. ثم قال بعد صمت غريب :
- يصعب شرح أمر كهذا لمن لا يعرف عنه شيئآ . إن هذه
البحيرة تتكون وتتجمع من تسرب مياه النهر حين يصل جدول ما
إلى طريق مسدود . وهذا يحدث عادة وقت الفياضانات , حين ترتفع
-41-



مياة النهر وتندفع عن أطرافه في جداول وسواق حتى تتجمع في
بركة كهذه , ونحن نسمي هذه البحيرات ((عتق الثور)) لانها تشبه ما
يطوق به عنق الثور لدى الفلاحة , انها تحدث في الواقع جرَاء
تسرب مياه النهر وقد يحدث أن تكون أكبر من هذه بكثير أو أصغر
منها , وهذا يعتمد على حجم الجداول المتفرعة هي عنها .
كان وهو يتكلم يرسم بأصبعه دون وعي على التراب رسمآ
بيانيآ لما يقول .. فرفعت نظرها ونظرت الى ((غريت سليف)) التي
بدأ الجفاف يطرق أبوابها , قالت :
- هذا يعني أن هذه البحيرات تكون عادة قريبة من النهر ؟
- في الأساس أجل . إنما هناك استثناءات تعود أسبابها الى
مسار النهر .. وهذه هي عملية تقنية . لن تهمك على اية حال .
عادت شانا للتحديق في مياه البركة وتمتعت :
- تبدو كأنها موجودة هنا منذ الازل .
حاولت جاهدة تصور ما كان عليه مجرى النهر قبل ان يحدث
هذا السد الطبيعي .
- إنها هنا منذ مئات السنين . نحن نعرف ذلك من بعدها عن
النهر فثمة مسافة ارضية شاسعة بينهما حاليآ .
نظر الى ساعته وهو يتكلم , فأحست باكتئاب لأن أوان العودة
قد أزف . ولكن ما أدهشها أنه لم يظهر حركة تدل على العجلة . بل
العكس ألقى أكثر فأكثر بثقله على جذع الشجرة , فسألته وهي تقول
ما يجول في أفكارها :
- هل تستريح بعض الوقت من العمل ؟
- في بعض الأحايين القليلة .
قالت , ليس لأنها تريد ان تقول , بل لانها أحست بأنها مدفوعة
بقوة غريبة للتحدث عن الفتاة التي سيتزوجها .
-42-


-أتبيت عادة عند أهل سندي ؟
- حينآ أقصدهم أنا وأحيانآ يقصدوني .
- أعتقد أنك بعد الزواج لن تعمل جاهدآ كما يحدث حاليآ ؟
- ربما سأستريح أكثر . إذ يحق للزوجة أن ترى زوجها في
المنزل , بين الحين والآخر .
بين الحين والآخر ... هناك شيء بارد وغير عاطفي في طريقة
كلماته لذا تساءلت كيف هي سندي هذه , فلربما كانت هي كذلك
هادئة باردة فيليقان عندئذ ببعضهما بعضآ .
- لقد تغيرت ...
خرجت الكلمات منها لا إراديآ , فأدار رأسه اليها متعجبآ :
- تغيرت ؟ كيف ؟
- اصبحت قاسيآ .. يا بيري , وساخرآ قليلآ ... قاسيآ.
وفكر في الكلمة لحظات وعيناه الرماديتان ضيقتان وحاجباه
معقودتان :
- أجل إن الزمن كفيل بجعل المرء قاسيآ وساخرآ أيضآ . اليس
كذلك ؟ أم أنك لست واثقة ؟
أطرقت برأسها تنظر الى يديها المنقبضتين معآ بشدة :
- انت مختلف .. مختلف جدآ .
- تقدمت في العمر .
فجاة لاح لها منه وجهآ زاجرآ أصابها بصدمة كبيرة . كان
الحديث الآن ينتقل الى منطقة كان عليها تجنبها لأن للماضي يدآ
مريرة فيها , فسارعت إلى الموضوع :
- أخبرني عن عملك بيري .. لديك مكان ضخم مذهل هنا ..
لم يكن لدي فكرة عن مدى اتساعه وتراميه . إن ادارته دون ريب
مسؤولية ضخمة .. ألديك عدد كبير من الموظفين الذين يساعدونك
-43-

في اعمالك المكتبيه ؟
رد عليها دون أن يظهر أقل تأثير لتغييرها دفة الحديث :
- هناك رجل واحد يساعدني في أعمالي المكتبية , وهو لانس
كالدر , الذي ستقابلينه هذا المساء . إنه يعيش في أحد أكواخ القرية
ولكنه يتناول العشاء معي مرتين في الاسبوع , حين نناقش أمور
العمل . إنما طبعآ ليس حين يكون لدي ضيوف .
- أهو أعزب ؟
- جاء إلى هنا ذات يوم في العام الماضي إثر عطلة أخذها من
عمله المكتبي في كريستشرش . ويبدو أن عمله في المدينة كان
يضجره , فلما لمست منه ملله ذاك عرضت عليه الوظيفة لأنني
وجدت فيه مؤهلات تفيدني . فكان أن عاد إلى كريستشرش ليقدم
استقالته ولم يلبث أن عاد الى غريت سليف بعد شهر فسلمته بعض
المهام التي تقع على كاهلي فسهل علي وجوده الحياة . وماذا
تريدين معرفته ايضآ عن المزرعة ؟ إذا كنت ستمكثين عندنا مدة
طويلة , فستكتشفين كل شيء بنفسك .
- لست أدري ما هي المدة التي قد نمكثها بيري . ولكن أعرف
أنه يجب ألا نمكث عندك إلى وقت نصبح فيه مصدر ازعاج لك .
فكر قليلآ في ما قالت :
- يجب ان تبقيا الوقت الذي تشاءانه شانا . فلا أرى أن أيآ
منكما قد تصبح مصدر إزعاج .
ابتسمت له بفتنة :
- شكرآ لك بيري .. إن قولك هذا لمنتهى اللطافة .
رفع حاجبيه متسائلآ :
- لطافة ؟ أذكر أنك قلت لي إنني أصبحت قاسيآ .
- قد يظهر القساة أحيانآ لطفاء .
-44-

doode al 7aloo 29-12-08 12:33 AM

مررررررررررررررررررررحب


مشكوووووووووووورين ياأحلى رووووومانسيااااااااااااات ..على المتابعه ..

والله ودي اكتبها كلها مرة واحد وانزلها بس مشكلة الوقت معااااي..

لأني أنا ما أحب الأنتظااااااااااااااار ... مثلك خخخخخخخخخخخخخخخخ

عاد القصه بدت تحلووووووووووووووووووو ههههههههههههههه

نجمه الشرقيه 29-12-08 07:01 PM

thank sooooo much
for you effort
انتظر احر من الجمر هههههههههه:rolleyes:
لاتطولي ;)

doode al 7aloo 30-12-08 01:58 AM



لامست البسمة شفتيه , وبقيت للحظات , ثم قال :
- اخشى أننا مضطران للتوجه الى المنزل غير أنني أرجو أن
تكوني قد استمتعت بجولتك الأولى لك على أونو ؟
ردت بنعومة :
- جدآ .
وتساءلت في نفسها عما قد يظنه لو عرف كم عنت لها هذه
النزهة , آلمتها هذه الفكرة حتى تمنت لو تلوذ إلى الوحدة لتطلق
العنان لدموعها .
وصلت سندي ووالدها قبل الضيوف الآخرين بيوم . وقد بدوا
من تصرفاتهم أنهم مستأنسين هانئين وكأنهم في منزلهم . ففهمت
عندئذ شانا انهم معتادون عى زيارة الرجل الذي سيصبح عما قريب
فردآ من افراد العائلة .
حين التقت الفتاتان , تلقت شانا صدمة .. فالفتاة كانت تختلف
في المظهر تمامآ عما تصورته . نعم لقد عرفت من بيري أنها
سمراء , ولكنها لم تكن تتوقع أن تكون جميلة الى هذا الحد وأنيقة
الى هذه الدرجة . كان شعرها الجميل يشع اسوداده أمام بشرتها

العاجية القرنفلية ويسترسل أملس نضرآ على أبعد من كتفيها ,
وكانت سندي تعلم أن مظهر الأملس أمر حيوي لذلك كانت مرارآ
وتكرارآ ترفع رأسها لتلفت الاهتمام الى تموجه الطبيعي الجذاب .
وإذا كانت شانا قد صدمت لرؤية سندي فسندي تلقت صدمة
اكبر وقد بدت صدمتها هذه وهي تمد يدها مصافحة . فعيناها ضاقتا
وهما تتأملان وجه شانا عن كثب .
غير أن بيري لم ير شيئآ غريبآ إذ كان يبتسم لخطيبته .
- كيف حالك آنسة جيلبرت ! (سألتها شانا ) .
ولكنها لم تتلق ردآ على سؤالها بل اتساعآ في العينين القاتمتين
-45-


اللتين اخذتا صورة وجه شانا كاملة بشعرها الذهبي الفاتح اللون
وقسماتها الرقيقة . حين مرت عدة لحظات ولم تظهر الابتسامة على
فم الفتاة , اختفت الابتسامة عن شفتي شانا وتراجعت ذلك أنها
شعرت بأنها عوملت بازدراء فحتى المصافحة كانت خالية من
الحرارة وتبين أن ما أحست به شانا لم يكن ازدراء فحسب بل
توترآ مشحونآ .
ورفعت سندي وجهها الى بيري الواقف قربها وقالت بلال :
- بيري .. حبيبي .. سمعتك تقول بواسطة جهاز الإرسال إن
السيدة بلايث صديقة قديمة .. أم أنا مخطئة .
نظر بيري وشانا إليها بحدة , فقد كان في صوتها تغيير غريب
جعل وجه بيري يعبس :
- لا يا سندي . . لست مخطئة . . لقد التقيت أنا وشانا منذ
سنوات حين كنت أزور انكلترا . أعتقد أنك تذكرين سفري ذاك .
هزت الخطيبة رأسها ببطء :
- وهل كانت السيدة بلايث متزوجة آنذاك ؟
لم يكن لسؤالها علاقة بالموضوع فازداد وجه بيري تقطيبآ :
- لا . . في الواقع لم تكن متزوجة .
وتحرك فجأة بشكل ملفت للنظر فلحقته نظرة ساندي الضيقة
وهو يتجه الى طاولة الشراب السنديانية الجميلة القديمة الطراز .
- أتودين ان نجلس هناك ؟
اشارت شانا إلى مقعد يقع قرب النافذة العريضة فنظرت اليها
سندي نظرة حقد اعداء قديمين جعلت نبضات شانا تتسارع .. ما
خطب هذه الفتاة ؟
أتعلم سندي شيئآ عن علاقتهما الماضية ؟ ولما أخذت منها هذه
الفتاة جانب العداء ؟
-46-


قررت شانا محاولة التعرف اليها بحديث ودي :
- هل منزلكم بعيد عن المزرعة مئة ميل .. كما قال لي بيري.
- بل أكثر .
والتفت نحو بيري مبتسمة وقد أحضر لها شرابها , بينما
اشاحت شانا نظرها عن اناقته الجذابة فيجب عليها ألا تفقد توازنها
أو تنسى للحظة أنه ليس لها .
التفتت الى سندي الناظرة ببهجة الى خطيبها .. هذه الفتاة هي
من اختارها ... وما أغرب اختياره فتاة هي نقيضها تمامآ ليس في
الألوان فحسب بل في اللباس والتكوين والنفسية .. بيري الآن رجل
بارد ..قاس . اختفى ذاك الذي عرفته محبآ ولهان في الماضي . بيد
أنه ما زال يحافظ على أدبه ولطفه رغم رغبته في ابتعادها عن
منزله .
- تفضلي شرابك شانا .. وكأنك كنت تحلمين في اليقظة !
التفتت اليه تتناول منه كأسها .
- شكرآ لك .
قالت سندي بعد ابتعاد بيري عنهما :
- ذكر لي بيري أنك ارملة .. أنت شابة على الترمل ..
لم ترد شانا .. وبعد لحظات صمت اضافت سندي :
- لماذا قررت عمتك القيام بهذه الزيارة لبيري ؟
- ربحت عمتي بعض المال .. وبما أنها تحب السفر فكرت في
بيري .
قاطعتهما بفظاظة , تنظر نظرة غريبة الى العجوز .
- أتساءل لماذا ؟ لماذا اختارت هذا المكان ؟
- لا أعتقد أن هناك سببآ محددآ . لقد أرادت أن تقوم بزيارة
الى نيوزيلندا وبما أن بيري هو الشخص الوحيد الذي تعرفه هنا ,
-47-

فمن الطبيعي ان تزوره .
عقب قولها صمت قصير فيه برودة غريبة جعلت شانا تتمنى لو
تجد عذرآ لتترك الفتاة وأفكارها المجنونة . أخيرآ قالت سندي :
- ليست عمتك على ما يبدو ممن يحب السفر . لذا أستغرب
رغبتها في السفر الى هذه المناطق النائيه التي لا تكاد لا تجذب
انظار الناس .
احست شانا بالتوتر , وما شأن سندي بهذا .. ما شأنها بما
تختاره عمتها ؟ وردت عليها ببرود :
- لا أحسب أن هذه المراعي خالية مما يجذب الناس اليها .
ففيها الهدوء والفضاء بل هي في الواقع مختلفة عن العالم الذي
نعرفه هناك , المرء بعيد بعد عالم كامل عن طاحونة العمل
والصحف والضجيج والسير الكثيف والروائح والتلوث .
قالت سندي بقسوة وسخرية بغيضة :
- ألست متحمسة أكثر مما يجب ؟ فلو كنت صادقة مع نفسك
لوافقت معي فلن تجدي سواحآ هنا .
- لكننا لسنا سواحآ .
توقفت فجأة عن الكلام فقد ضاقت عينا الفتاة :
- لستما من السواح ؟ إذن انتما هنا .. في زيارة خاصة ؟
ما أخبث هذه الفتاة الحادة الذهن التي تشد شانا نحو فخ ما ,
ولكن شانا سارعت للشرح :
- إنها زيارة ودية الى موطن بيري .. ولقد اختارت عمتي هذا
المكان , والتزمت أنا باختيارها .. فمالها هو الذي حملني الى هذه
المزرعة .
كانت النظرة التي تلقتها شانا ردآ على اعترافها هذا سوداء
حاقدة ممزوجة بازدراء وتكبر .. ويبدو أن الفتاة تعتبر نفسها أرفع
-48-

قدرآ من هاتين الزائرتين القادمتين من انكلترا .
- لقد كانت عمتك محظوظة بربح جائزتها , التي ذكرتها . اليس
كذلك ؟ فلولا حظها الكبير لما استطعتما القيام بهذه الرحلة ؟
- ما لديها من إيراد قادر على تغطية نفقات الرحلة .
واخذت تحاول التفتيش عن عيني عمتها لتوحي اليها أنها
تحتاجها هنا لتنقذها .. ولكن العمة كانت تتبادل الحديث المرح مع
مضيفها ومع السيد والسيدة جيلبرت اللذين لا يملكان على ما يظهر
عجرفة ولؤم ابنتهما .
تابعت سندي بعد لحظات :
- كما كنت أقول .. ليس في هذه المنطقة ما يجذب اهتمام
السواح . فهل توافقين الرأي ؟
انعقد حاجبا شانا بعبوس قاتم .. إلى ماذا تلمح سندي ؟ إنها
على ما يبدو عازمة على جعل شانا تقرَ أن المكان خال مما يجذب
اليه الناس إنما لماذا ؟ من الاسهل لها ان تظهر ما تريد ..
ردت تصلح لها قولها :
- ربما أنت على حق بعض الشيء فليس في هذه المنطقة أماكن
كثيرة قد تجذب السواح .
فجأة قالت الفتاة بفحيح غريب :
- لقد اعترفت الآن أن منطقتنا ريفية خالية من التسهيلات
والتسلية بل هي مملة .منتديات ليلاس
ردت شانا ببراءة :
- ربما إن قارنها بما قد يجده من تسليات في مدن ومنتجعات
كثيرة اعتبرها مملة . فهذا المكان يبدو مملآ غير مثير للاهتمام لا
لجميع الناس بل لبعضهم .
هزت الفتاة رأسها بطريقة راضية .. وفكرت شانا : غريبة هي
-49-


هذه الفتاة .. حسنآ , اذا كان الاعتراف يرضيها ويوقفها عن
اصرارها الغبي فليكن لها .
ولكن ما إن انتهى العشاء وجلس الجميع مع مضيفهم على
الشرفة يشربون القهوة , حتى فهمت شانا غرض تلك الفتاة وحين

فهمت السبب كادت تختنق ليس فقط بسبب تحويرها ما قالته لها
بل كانت تريد أن توصل رسالة ما إلى بيري بعيدة عن الحقيقة كل
البعد .
- كنت أتحدث والسيدة بلايث حديثآ مهمآ قبل العشاء , كما
لا حظت حبيبي ..
- أجل .. لا حظت حديثكما , ولا أستغرب ذلك فلا بد أن لدى
شابتين جميلتين اهتمامات مشتركة .
فجأة أظهرت سندي فتنة وحماسة غريبتين جعلتاها تظهر بمظهر
مختلف عن تلك المتعجرفة التي تحدثت مع شانا .
- هذا صحيح كنا نتحدث عن زيارتها .. وكانت تقول إن
المكان هنا ممل حتى الموت بل هو غير مثير للاهتمام . وتظن أن
البلاد هنا رتيبة , خالية من التسالي والتسهيلات كما قالت إنها ودت
لو أقامت وعمتها في مدينة ليستطيعا زيارة بعض الآثار والمنتجعات
وأتوقع أن ترغب في حضور المهرجانات والحفلات الصاخبة التي
تحضر خصيصآ للسواح .
شهقت شانا لأن الفتاة حورت كلماتها بطريقة خبيثة جعلت
بيري يظهر جفاء تجاهها . ففجأة ضاقت عيناه واستغرتا بغضب
جعلها تخفض نظرها بعيدآ عن لهيبهما .. ماذا عليها أن تفعل الآن ؟
أتنكر فتسبب مشكلة وجدالآ حتى ينفر منها بيري وهذا مرام سندي .
أتصحح لسندي ما تفوهت به . فيظنها بيري تقول ذلك مرضاة
لخاطره . ولكن ماذا قد سيظن بها إن لم تنكر ؟ وماذا ستكون عليه
-50-


ردة فعله إن نعتت خطيبته بالكذب ؟ فهي إن كذبتها لن تكسب شيئآ
إذ سيصدق كلام خطيبته ويكذبها هي .
لم ينس بيري انه المضيف , ولكنه لم يحاول الحد من برودة
كلماته :
- اذن لقد مللت . ولكنك لم تعطيني هذا الانطباع صباح اليوم
حين كنا نتنزه على ظهور الخيل .
صاحت سندي :
- كنتما تتنزهان ؟ هل خرجت معها متنزهآ بيري ؟ كيف ذلك
وأنت من يدعي الانشغال كلما طلبت منك الخروج معآ .
علا صوتها حتى بلغ درجة الارتفاع وبلغ الى أسماع الجالسين
على طاولة أخرى على زاوية الشرفة البعيدة , فنظروا اليها متسائلين
وعبس بيري في وجه خطيبته .
أصبح لون سندي شديد الاحمرار ذلك أنها لا حظت غباء
احتجاجها الذي لا علاقة له بالموضوع المطروح للنقاش .. ردت
شانا على سؤال بيري :
- أنا لم أضجر بل أنا بعيدة عن ذلك .
فجاة تغير موضوع النقاش , ولكن مع مرور الوقت تبين لها أنه
يتجنب الحديث معها . شاهدت شانا عينا عمتها تراقبانها عدة
مرات . وكان فيهما كذلك تعبير غريب .. وكأنها مشغولة البال ..
تنقل بصرها من بيري إلى سندي ومنها الى شانا .
أما سندي فكانت تتألق كالنجمة .. كانت تعرف كل
الألاعيب .. فحركات يديها كانت تجذب اهتمام بيري اليها
غصبآ .. وكانت دائمآ ترفع رأسها لتظهر شعرها الأملس , الذي كان
اهتمام بيري يتسمر عليه تسمرآ راحت تتساءل معه عما إذا كانت
يداه تتوقان للمسه .
-51-


تذكرت بألم بليغ كيف كان يجمع يومآ شعرها بين يديه
ليقبله .. بطرقة تملكية .
كان رفضها طلبه طعنة نجلاء لكبريائه وقلبه , لأنها تعرف أنه
احبها وستتذكر حتى مماتها نظرة الألم التوسل التي القاها عليها
لتعيد التفكير في قرارها قبل ان تدمر حياتهما معآ .
والآن .. اختار فتاة اخرى .. فتاة باردة خبيثة . ستصبح سيدة
أملاك هذا القصر الكبير غريت سليف وسيدة بيري لونغ .
-52-

golya 31-12-08 01:35 AM

يسلمو روعه بالانتظار _

doode al 7aloo 31-12-08 07:05 PM




4-ليتني أنساه

بعد اسبوع من ذاك اليوم التقت شانا شارلز شقيق سندي الذي
كان صدفة مارآ حين تعطلت سيارة الطالبين المقبلين من كلية
الزراعة الى غريت سليف ... فاصطحبهما معه الى مزرعته
((انياسكا)) حيث بقيا ليلة ثم أوصلهما الى غريت سليف واعدآ
بإرسال من يصلح لهما السيارة .
قال له باتريك , الشاب البالغ من العمر الحادية والعشرين
وعيناه تومضان إعجابآ بشانا :
- نحن شاكران لك جدآ .
كانت شانا تقصد الشرفة حين كان الرجال الاربعة يقفون فيها
فقدمها بيري إليهم . لم تنتبه كثيرآ لاهتمام باتريك ولكنها دون شك
لاحظت اهتمام تشارلز بها كما لاحظه بيري الذي ضاقت عيناه وهو
يرى أن شقيق سندي قد اطال مصافحة شانا وأبقى يدها في يده
أطول مما يلزم . قال بصوت ضاحك :
- لم تقل لنا إنها ساحرة الجمال ! وإنها تحمًر خجلآ , بل لم
تذكر لنا أنها الفتنة والبراءة بعينها . يجب ان نتعرف إلى بعضنا
بعضآ شانا !
عندئذ قال لها بيري بلهجته الباردة غير المكترثة :
- ستكتشفين قريبآ أن تشارلز اكبر عابث في المنطقة .
-53-



اطلق تشارلز ضحكة أخرى ثم ترك يد شانا ولكنه أبقى نظرة
الاعجاب مثبتة على وجهها . قالت شانا :
- لا أظن أن هناك فتيات جميلات كثيرات ليغازلهن هنا .
نظرت نحو بيري فازدادت حمرة الخجل من جراء نظرته التي
ذكرتها بالكلام الذي قالته سندي عن لسانها . ورد تشارلز:
- هناك عدد لا بأس به . ستقابلين بعضآ منهن حين نقيم حفلتنا
الراقصة الأسبوع القادم .
نظر اليه بيري مستغربآ :
- الاسبوع القادم ؟ لم تذكر أمامي سندي شيئآ عنها .
- لقد اتخذت أمي قرارها هذا الصباح , أنت تعرفها .. تتردد
اسابيع عدة وحين تقرر ,علينا التنفيذ فورآ . لقد دعوت باتريك
وجايمس كذلك . وها قد نقلت الخبر اليك . نتوقع قدومكم بعد
أسبوع يا بيري وحذار أن تنسى شانا وعمتها .
- شكرآ تشارلز ... هل أنت ذاهب الآن ؟
- أود الوصول قبل حلول الظلام .
نظر بيري الى السيارة القوية الواقفة امام المنزل .
- لن تستغرق الرحلة معك أكثر من ساعتين . فبعد أن تجتاز
الطرقات السيئة وصولآ إلى الطريق العام ستسير بسرعة تسعين ميلآ
في الساعة .
- اجل .. انت على حق .
- مارأيك لو تحتسي معنا الشاي قبل ذهابك .
فوافق تشارلز .
نظر بيري إلى الشابين قائلآ :
- سترشدكما لونا الى غرفتيكما . وضعت لكما طاولتين
صغيرتين للكاتبة .
-54-




واستدار جايمس فلحق بالخادمة , بينما وقف باتريك يحدق
مذهولآ في وجه شانا .. فقال له بيري ببعض السخرية :
- أتريد شيئآ ايها الشاب ؟
احمر وجه باتريك ثم سارع دون تردد يلحق زميله . فقطب
تشارلز :
- يسرني أنك وضعت ذلك الشاب عند حده .. إنه مهتم جدآ
بشانا .. وهذا ما لا يعجبني .
نقل بيري نظره من تشارلز الى شانا التي احمر وجهها حرجآ ..
فتمتمت :
- انت تخطئ سيد جيلبرت . إنه لا يعدو أن يكون ولدآ .
- اسمي تشارلز . لم يسبق أن دعاني أحد بالسيد جيلبرت منذ
سنوات .
فضحكت شانا ضحكة بعثت الى نفسها بعض الراحة .
- لست أدري إذا كان من الائق مناداتك تشارلز فأنا لم أتعرف
إليك إلا منذ مدة وجيزة .
ما أشد اختلاف طباعه عن طباع شقيقته . أيعقل أن يكون
ودودآ إلى هذا الحد فيما أخته عدوانية إلى تلك الدرجة ؟ وسأل
تشارلز بيري :
- إنها لطيفة .. أليست كذلك ؟
لم يرد بيري على سؤاله بل قال :
- ربما تود غسل يديك وتنظيف نفسك . تعرف الغرفة
المخصصة لك . فلا لزوم إلى أن ترشدك لونا إليها .
- لا .. بالطبع . أراكما لاحقآ .
بقيت شانا وحدها مع بيري . كان بينهما برودة , حافظ عليها
منذ سماعه كلمات خطيبته الشريرة غير أنه حافظ على تصرفه
-55-




المهذب كمضيف . فحينما كان يظهر عليها أي تردد او عدم قابلية
للأكل , كان يسارع إلى السؤال أو إلى تقديم النصيحة . كانا يقفان
الان على الشرفة , ينظر اليها من علو بينهما هي تضع ابتسامة على
شفتيها عله بذلك يصبح أقل جفاء معها . لولا كلمات سندي
الحقود , لخرج معها ثانية في نزهة ولزال الشعور بأنها شخص
غير مرغوب فيه في المزرعة .
قال لها معلقآ :
- لقد تركت على ما يظهر تأثيرآ بينآ في مشاعر تشارلز .
- ألم تقل إنه عابث ؟ يستطيع المرء بسهولة معرفة النوع الذي
ينتمي إليه .
- إذن أنت لست ممن يستجبن للعبث ؟
- انا لا استجيب لأمثال تشارلز الذي تنقص نواياه الصدق .
ووقف هناك وقد ران عليهما صمت غريب تحدق بهما الحديقة
الدافئة التي تظلل فيها اشجار النخيل المروج المنبسطة كسجادة
ناعمة والتي تحدها أزهار مختلفة الألوان . كانت الأشجار تتمايل
مع الهواء الرقيق فيعبق الجو بأريجها العطر واريج الأزهار الغريبة .
قطع بيري عليها أفكارها .
- ستجدين صعوبة في ابقاء تشارلز بعيدآ عنك متى وضع نصب
عينيه مغازلتك .
رفعت رأسها فنظرت إليه , دون ان تدرك الصورة الجميلة التي
تمثلها ... فقد كان شعرها الذهبي يتطاير بدلال , أمام جدران
المنزل القاتمة , كالفتنة بعينها .
ردت شانا بثقة :
- سأعرف كيف أتعامل معه . فأنا لست صغيرة أو حمقاء , حتى
يدير رأسي كلامه المعسول .
-56-




إنه حديث غريب جعلها تتذكر أيامآ خلت , كان فيها بيري يغار
عليها غيرة عمياء . وقتذاك . لم يكن يطيق ان تكلم تود , الذي كان
خطيبها ثلاث سنوات . وها هو الآن يا للغرابة ! يتحدث إليها عن
امكانية تودد تشارلز إليها , وكأن حبهما لم يكن ...
- فيم تفكرين الآن ؟ إنه دون شك مؤلم .
جعل سؤاله وجهها يحمر بطريقة جذابة جدآ .
- لم يكن أمرآ مهمآ بيري .. إنها مجرد ذكريات ...
ولكنها سرعان ماندمت على ما قالته إذ أساء فهم قصدها ,
وقال بقسوة خالية من المرارة والندم :
- تتعلق بزوجك ؟
لقد مات بالنسبة له الماضي , وهو الآن لا يسأل هذا السؤال
إلا لأنه السؤال الوحيد الذي برز الى ذهنه . إذ يعتقد أن شيئآ لا
يؤلمها غير ذكرى زوجها . لم يكن مقدرآ لها ان تجيب عن سؤاله ,
فقد خرجت عمتها في تلك اللحظة من المنزل , فاستدارا معآ
ليشاهداها تبتسم لنفسها ابتسامة رضى , قد توصف بالغموض
كذلك :
- ها أنتما ! ما أجمل صورتكما معآ . بيري ..أنا معجبة حقآ
ببلادكم ! أتظن أن بامكاني شراء مزرعة صغيرة في مكان ما هنا ..
بالمال الذي أملك ؟
اندرثر التوتر في لحظة فضحك بيري وشانا معآ .
- بما انني لا اعرف المبلغ الذي تملكينه سيدة جيليس , فلا
استطيع الرد . إلا انني أستطيع التأكد بان هناك مزارع صغيرة ولكن
عليك أن تعلمي أن هذه المناطق غير غنية زراعيآ كبلادكم . . قد
تتمكنين من شراء مزرعة مواشي صغيرة اذا كان يرغب أحدهم في
البيع .منتديات ليلاس
-57-




- لا تبحث في هذا الموضوع ايها الشاب .. ! فانا لا أملك
المال ولا النية لشراء مزرعة مواشي ! فماذا يمكن أن أشتري إذن ؟
اليس في بلادكم مكاتب سمسرة ؟
- عمتي . . لا تتصرفي ببـلاهة . . فأنت لا تريدين حقآ
الاستقرار في نيوزيلندا إذ سرعان ما ستشعرين بالحنين الى الوطن
وما ذلك الا بعد شهر واحد !
- شهر ؟ وكم مضى على وجودنا هنا ؟
- اسبوعين فقط .
- اسبوعين .. تمتعت فيهما بكل لحظة . وقد سبق أن قلت لك
إنني معجبة ببلادكم !
التفتت عيناه الى شانا وهو يرد على العجوز :
- ما أروع أن أسمع منك هذا سيدة جيليس .. مع أن ابنة
اخيك ليست متحمسة مثلـك . إذ تجد البلد ممـلآ وغير مثير
للاهتمام .
عبست العجوز , ونظرت حائرة الى ابنة اخيها :
- لست افهم ؟ أقلت هذا لبيري .. وأنت ضيفة في منزله ؟ لقد
قلت لي إنك أحببت الاقامة هنا وإنك تحسين بالشاعرية في الصمت
والهدوء . وانك مبتهجة الى حد النشوى بشروق الشمس و مغيبها
وبالوان الارض في تلك اللحظات .
ثم هزت رأسها بشدة , وأردفت :
- لا اصدق أنك قلت شيئآ كهذا لبيري !
نظر بيري اليها , وعيناه الرماديتان تضيقان من الحيرة :
- هل قالت شانا أمامك أنها تحب هذا الجزء من البلاد ؟
عبست العمة بصمت لحظات ثم ردت بحزم :
- هذا ما قلته , كما أنه لا يمكن لشانا أن تقول إنها لا تحب
-58-




المكان لأن ذلك بكل بساطة غير صحيح .
- قالت , ليس أمامي إنما أمام خطيبتي , إنها تجد المكان مملآ
غير مثير للاهتمام أليس ذلك قولك شانا لماذا أسمع انك اعطيت
عمتك وجهة نظر مختلفة ؟
فكرت شانا في كيفية التعاطي مع هذه الوضع الذي سيزج
خطيبته في موقف سيء قد يؤثر في بيري نفسه ويسبب له الاحراج
حين يعلم أن خطيبته حرفت كلامها , لسبب غير معروف :
- لقد كان ذلك سوء تفاهم .
- سوء تفاهم !
كانت رغبته في الحصول على تفسير كامل واضحة .. فحاولت
بلباقة الانسحاب انهاء للجدال . فأجبرت شفتيها على الابتسام .
- ليس الأمر مهمآ بيري .. لقد أساءت الآنسة جيلبرت تفسير
كلامي .. هذا كل شيء . الأمر كما قلت لك غير مهم ..
التفتت إلى عمتها مردفة :
- نحن مدعوون الى حفلة راقصة في منزل آل جيلبرت ..
أليس هذا مثيرآ ؟
غير أن عمتها التي تجاهلت محاولتها هذه لتخطي الموضوع
سألت :
- كيف أساءت الانسة جيلبرت تفسير كلامك .. شانا ؟
وقبل ان ترد عليها استدارت الى بيري :
- لعلك لا تمانع إن ألححت في الطلب ؟ فأنا اكره الغموض ..
شانا .. عزيزتي .. اشرحي الامر .. ارجوك !
هزت شانا رأسها غير قادرة على ايجاد سبب لرفض عمتها ترك
الموضوع . وتدخل بيري بلهجة حازمة :
- وانا كذلك اكره الغموض .. لقد سبق أن قلت أمامي إنك
-59-




تحبين المكان .. وقلت أمام عمتك إنك تجدينه مكانآ شاعريآ ثم لم
تلبثي أن ذكرت شيئآ مختلفآ أمام سندي . فهل لي أن أعرف لماذا ؟
لوحت شانا يديها بنفاذ صبر ثم قالت متوسلة تنظر إليهما
عابسة :
- ألا يمكننا نسيان الموضوع ؟ قلت إنه غير مهم ..
قال بيري بصوت خفيض :
- الغموض يزداد عمقآ .. شانا .. أطلب تفسيرآ منك ... لو
سمحت .
هزت كتفيها باستسلام لأنها تعلم أنه سينتزع الرد منها انتزاعآ
فشرعت تسرد ما حدث تحاول جاهدة أن تحمي سندي .. ولكنها
عرفت , من تشدد فم بيري أنه غضب ... أما عمتها فسارعت تقول
قبل أن يتكلم بيري :
- إذن انت لم تذكري شيئآ من ذاك القبيل . فلست من قال إن
الإقامة في المدينة والمنتجعات أروع وامتع ؟ هذا يعني بكلمات
أخرى أن الآنسة جيلبرت اخترعت الكلام كله ؟
صاحت شانا لا إراديآ وقد ازعجها ما قالته عمتها التي لم تبال
بمشاعر بيري .
- عمتي !
فقاطعهما بيري ساخطآ :
- أظن .. أن بإمكاننا الآن ترك الأمر جانبآ . والآن أرجو أن
تعذراني لأن لدي عملآ اقوم به ..
ثم ذهب دون أن يضيف كلمة أخرى .
- عمتي .. لقد كنت قاسية ! فهل نسيت أن الآنسة جيلبرت
خطيبته .. كان من المزعج ان يعلم أنها كذلك , هذا دون أن
تركزي على تأكيد الكذب .
-60-



- لقد قصدت ان أركز عليه ! فمنذ رأيت تلك الفتاة نفرت
منها . إنها ليست امرأة صالحة لرجل رائع كبيري .
- المهم أنه يعتبرها مناسبة .
- إذن هو غبي أو أعمى ! لا أستطيع فهمه ابدآ .
- فهم ماذا ؟
- كيف اتخذها خطيبته أصلآ ؟ إن أي إنسان قادر على رؤية ما
هي عليه من الزيف والتصنع هذا عدا التكبر ! وها أنا الآن أصدم
أكثر بعد أن وجدتها كاذبة تستخدم كذبها لتحدث شرخآ بينك وبين
بيري الذي كان باردآ معك منذ تلك الليلة , أتظنين أنني لم ألاحظ
بروده ؟ ما أصررت على حديثي منذ قليل إلا لأفضح كذبها علنآ .
لماذا يجب أن تنجو بفعلتها على حسابك !
- لم يكن الأمر مهما عمتي .. كنت افضل ترك الامر على ما
هو ..
لقد تألم بيري لهذا وأصيب بجرح فانسحب ليلعق جرحه ..
فهي تعرف تمامآ معنى أن يجد المرء نفسه مخدوعآ بمن يحب .
- أكنت تفضلين هذا ؟ لماذا ؟
- أنني لا أريد أن يتألم بيري .
- مع أنك لا تحبينه ! أليس هذا ما اعترفته أمامي ؟
- أنا لا أحبه .. لكن هذا لا يعني أنني أريد له الألم أو
الأحراج . أحسب أنه كان من الأجدى تركه جاهلآ بما حدث.
- أنا حائرة . ترى لماذا تريد سندي تلك أن توهم بيري بكرهك
لموطنه .
ومطت العمة شفتيها بعبوس , بينما هزت شانا رأسها متمتمة :
- لست أدري .. لست ادري !
إن غضب بيري من سندي على كذبها ولُى على ما يبدو من
-61-


نفسه حين رآها ثانية , كان هذا ما لا حظته يوم الحفلة الراقصة فقد
تألقت سندي هناك كالعادة تبتسم وترمش بأهدابها ببراعة خبيرة إلا
أن ابتسامتها سرعان ما تلاشت عن وجهها حالما وقعت أنظارها
على شانا فهزت رأسها بفتور تحييها , ارتدت سريعآ إلى الطالبين
اللذين قدمهما بيري إليها . كانت العمة قد لاحظت نظرة سندي
تلك فاشتعل فيها الغضب , وقالت لشانا حين كانتا تتناولان الدجاج
المشوي تحت الاشجار :
- يا لها من مخلوقة كريهة ..! إن بيري فقد عقله دون ريب !
- إنه يعرف ما يفعل عمتي .
فغاصت العمة في احد أمزجتها المفكرة , تاركة الطعام يبرد في
طبقها .
- لا يمكنني فهم الرجال , إن المرأة لا تعرف ما ينوون الإقدام
عليه .
عبست شانا بحيرة وسألت :
- ماذا تعنين عمتي ؟
- ألم تلاحظي أن سندي جيلبرت هي نقيضك تمامآ ؟
- تعنين في ألوانها ؟ طبعآ
- إنه على ما يبدو لا يريد زوجة تذكره بالفتاة التي أحبها
يومآ ..
كانت العمة ماتزال غارقة في أفكارها تتمتم شيئآ ما لنفسها ..
حين نظرت شانا إلى بيري فرأته وسندي يضحكان امام الطاولة
الطويلة المليئة بالحلوى , تتكئ ذراعها على ذراعه , ويقبع خدها
على كتفه تألمت المآ شديدآ حتى تمنت معه العودة الى الوطن .
ولكن العمة بدت قانعة هنا فهي لم تذكر الرحيل البتة . صاحت
العمة فجأة وقد أبعدت اهتمامها عن بيري .
-62-




- آه .. تشارلز . اجلس هنا يا ولدي العزيز .. تحركي قليلآ شانا
ودعيه يجلس بيننا .
التفت الى شانا دون أن يخفي إعجابه :
- أتتسلين ؟ هل لي أن اتحين الفرصة لأعلق على جمال
فستانك ؟
ضحكت شانا , وقد تذكرت كيف أن بسمة خبيثة لا حت على
فم عمتها دون سبب ظاهر يوم تعرفتا إلى تشارلز .. ردت عليه :
- الجواب نعم .. على كلا السؤالين .
- فستانك أجمل فستان في الحفلة الليلة وشعرك أروع شعر
رأيته قط .
كان لغزله تأثير كبير فيها فقد ضحكت ضحكة دوى صداها
أكثر مما أرادت . الا أن ما أحرجها أن بيري نظر وشريكته إليها ,
فاخفضت عينيها إنما ليس قبل أن تلاحظ التعبير على وجه
عمتها ...وأن العجوز تضمر امرآ ما .
لم تستطع شانا منع نفسها من التساؤل :
- لماذا أرى أنك راضية عن نفسك هكذا عمتي ؟
ردت العمة بنبرة تعمدت أن تمزجها بالاستهجان :
- راضية عزيزتي ؟ لا أفهمك ؟
- كنت تبدين راضية عن أمر ما .
لماذا تشعر العمة بالامتنان لمجرد أن بيري التفت الى شانا
حين ضحكت ؟ لكن العمة ردت بحزم :
- واهمة أنت عزيزتي .
تنهدت . ثم تركت المسألة .. فتشارلز عاد الى حديثه الان
ليقول إن عليها أل تضحك على تعليقاته الصادقة .
- هيا الان تشارلز .. انت تعرف انك أكبر عابث في المنطقة .
-63-



رد بازدراء :
- هذا اتهام بيري .. إنه يغار مني لأن لدي طريقة مع النساء لا
يعرفها !
ولكن بعد أن أرجعت الزمن قليلآ إلى الوراء تذكرت أن بيري
قد يكون أكثر من فاتن .
- لا يعرفها ؟ لا يبدو أن شقيقتك توافقك الرأي .
التفت تشارلز إلى حيث يقف الاثنان اللذان انضم اليهما
زوجان هما مايدن وايربي ويتش , اشهر عضوين في المجتمع
الارستقراطي في المنطقة , وصاحبا أكبر مزرعة في المنطقة
المعروفة منذ اكثر من ثلاثمئة عام باسم ((بروكن لانس)). قال معلقآ
على كلام شانا :
- من الواضح أنها لن توافقني الرأي .
ثم التفت الى العمة يستأذنها لمرافقة شانا ليراقصها فوافقت
العجوز بحبور ثم راحت تلوح لهما . دس تشارلز ذراعه حول
خصرها أثناء توجههما إلى الخيمة الكبيرة المشعة بالاضواء حيث
باحة الرقص . قال تشارلز حين سمع الموسيقى الريفية :
- إنها رقصة ريفية .. عنيفة جدآ .. أتفضلين التنزه ؟
- لا ادري تشارلز .. ربما من الأفضل ان نعود إلى الرقص .
فهي واقعآ كانت تأمل ان تحظى برقصة مع بيري فإن غابت عن
باحة الرقص فاتتها هذه الفرصة . فأضافت :
- إن انسحابنا سيظهر أمام الأنظار غير مناسب .
- ولماذا يبدو غير مناسب ؟ إن تفكيرك شرير يا طفلتي ..أؤكد
لـك انني قادر علـى أن اقف عند حدي وقت الضرورة . فلا
تتحججي بالسخافات لرفض طلبي ! إن الجميع يسعون إلى التنزه
في سهرات كهذه .. انظري .. هاك بيري وشقيقتي يذهبان في الظلام
-64-



وحدهما . إنهما ينويان تبادل االعناق والغزل أما نحن فسنتمشى
فقط .
لحقت عينا شانا بالشبحين الملتصقين ببعضهما بعضآ المبتعدين
في الظلام .. عناق وغزل .. أغمضت عينيها بشدة .. تعض شفتها
من الداخل لمنع دموعها .. لماذا اتت الى هنا ؟ لم تكن تحس بمثل
هذا الالم في الوطن .. هناك كان يمكنها ان تحلم بانه لا يزال
لها .. اما الآن فقد انتهى كل شيء . فمن الآن فصاعدآ لا ذكريات
من الماضي بل من الحاضر المرير .
احست أن من الواجب إبعاد تفكيرهـا الى قنـوات اخرى
فسارعت تقول :
- اجل .. أفضل ان اتمشى .
اذا تمشت وتحدثت إلى تشارلز , قد تنسى ولو مؤقتآ .. فقد
ينتزع منها الضحك ويجبرها عليه .. وهذا صحيح .. لانها واثقة أن
قلبها المحطم لن يضحك ابدآ .
************
-65-

ناتالي 31-12-08 10:11 PM

شكرا ياقلبي عم نتعبك معنا بس بلييييييييز القصة عم تحلو اكتر بإذا ممكن اطلب منك إنك تزيدي كمية اللي بتنزلي يعني فصلين سوا مثلا(طماعة بعرف)بس إذا قدرتي ارجوكي
الله يخليلك دودي
بليييييييييييييز

caspora 01-01-09 06:27 AM

:friends:تسلمى يا قمرى شكلها جنان رغم انى مقرتهاش لكن الكتابه منظمه ما شاء الله عليكى .
هبتدى اقراءها النهارضه بس ارجوكى متطوليش علينا فى باقى الروايه رغم اننا عارفين المجهود الى بتبذليه فى الكتابة. شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .:friends:

doode al 7aloo 02-01-09 07:14 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناتالي (المشاركة 1801751)
شكرا ياقلبي عم نتعبك معنا بس بلييييييييز القصة عم تحلو اكتر بإذا ممكن اطلب منك إنك تزيدي كمية اللي بتنزلي يعني فصلين سوا مثلا(طماعة بعرف)بس إذا قدرتي ارجوكي
الله يخليلك دودي
بليييييييييييييز

منووووووووووره ياناتالي ... وتكرم عيونك .. ولو انك طماعه شوي مو كثير خخخخخخخخ

أصلآ هو الباقي يمكن فصلين يمكن ما عديدت لأني لو بعد يمكن افقد حماس الكتابه خخخخخخخخخخ


اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة caspora (المشاركة 1802220)
:friends:تسلمى يا قمرى شكلها جنان رغم انى مقرتهاش لكن الكتابه منظمه ما شاء الله عليكى .
هبتدى اقراءها النهارضه بس ارجوكى متطوليش علينا فى باقى الروايه رغم اننا عارفين المجهود الى بتبذليه فى الكتابة. شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .:friends:

يامرررررررررررحب بك

اتني القمر اللي نور صفحتي ... ومشكوووره على التشجيع ..

ومارح اطول عليكم أنا قاعده أكتب بكل فرصه أحصلها ... حتى الويك آند ما طلعت به خخخخخخخخخخخ
تحياااااااااااااااااااتي لكم

golya 04-01-09 02:49 PM

بأنتظارك ياعسل ,,

doode al 7aloo 04-01-09 06:28 PM


5- الذكرى كنز دفين
ماهي إلا دقائق حتى احتواهما ظلام الدغل واتساعه فنتج عن
العزلة شفاء غريب لكل جروح شانا وعذابها النفسي . فجاة وجدت
نفسها غارقة في هدوء لم تكن منذ دقائق لتعرف انه سيجد له مكانآ
في قلبها .منتديات ليلاس
سألها تشارلز بعد أن أضحكها مرتين او ثلاثآ بروحه المرحة :
- حدثيني عنك شانا . أنت صغيرة جدآ لتكوني ارملة ..
أيمكنك التطرق الى الموضوع ؟
نظرت إليه حائرة .
- هل أخبرتك عمتي شيئآ عن ماضيً ؟ عجبآ .. لماذا فعلت ؟
إنها ليست عادة صريحة مع الغرباء .
- التقيتها صدفة عندما أوصلت الطالبين . يومذاك ثارت
حفيظتي وفضولي بسبب مجيئكما إلى هذا المكان الذي يعتبر مكانآ
غريبآ يقضي فيه الإنسان عطلته .. فطرحت بعض الاسئلة .. فقالت
عمتك إنك ترملت وإن المأساة حطمتك في سن مبكرة . ثم
أخبرتني عن جائزتها وعن قرارها في المجيء الى هنا .
- وماذا أخبرتك أيضآ ؟
- لا شيء سوى رغبتها في أن تحمل العطلة لك إفادة لتنسي
خسارتك التي حطمت قلبك .
-66-


حطمت قلبها .. لم تعرف من قبل أن عمتها قد تزيف الحقائق
على هذا النحو . ألم تكن هي من قالت إن موت تود كان نعمة من
الله لشانا ؟ ألم تذكر عمتها ان المأساة الحقيقية كانت ستحل لو
عاش تود حتى بلغت عمرآ تعجز معه عن إيجاد السعادة التي
تستحقها ؟ لذلك كان غريبآ ان تسمع أنها أستخدمت تعبيرآ مثل
((تحطم قلبها)) .. هناك دون ريب وجيه لقول عمتها التي
تعرف أنها لا تقدم على قول أو فعل دون سبب .
قاطعها صوت تشارلز عن تفكيرها .
- أنتخذ هذه الطريق ؟
بما أن بيري وسندي اتخذا الاتجاه المعاكس فلا خطر من
الالتقاء صدفة . هزت رأسها إيجابآ , فعاد يسألها بعد لحظات
صمت :
- طلبت منك أن تحدثيني عن نفسك ؟
- ليس هناك الكثير تشارلز .. كنت مخطوبة لتود ثلاث
سنوات , لأن والدي رفض الموافقة على زواجنا , وموافقته كانت
ضرورية لانني كنت دون الحادية والعشرين .
- ثلاث سنوات فترة طويلة قد يقرر فيها شبان كثر السكن معآ
في زواج عرفي .
- لكننا لم نكن نحب بعضنا بعضآ الى تلك الدرجة .. ألا
تعرف كيف يصبح الأمر حين يقع الإنسان في فخ الرتابة ؟ يصبح
كل شيء عادة .
نظر تشارلز وهو لا يصدق ما يسمعه .
- أتزوجته .. دون حب ؟
تردد .. أتبوح أمامه بكل شيء ؟ من المؤكد أنها ستحس
بالراحة حين تفضي بسرها لأحد يرغب في الاستماع والتفهم ..
-67-


لكن .. لا ! ستثير شفقته فقط , وهذا آخر ما تريده !
- هناك عوامل اخرى تشارلز .
- عمتك تحدثت عن الأمر وكأن حزنك على زوجك الحبيب
يمزق قلبك .
إلا أن شانا بقيت صامتة بعناد , فهز كتفيه بصمت مهملآ
الموضوع . تمتمت شانا بعد ظهور القمر في السماء .
- إنني احب فعلآ هدوء هذه المنطقة . ففي المساحات الواسعة
الكبيرة والصمت المطبق والبعد عن المدينة سحرُ غريب . أظن انني
كنت سأجد هذه الحياة في زمن انسان الكهف .
ضحك تشارلز لكلامها :
- لجرك أحدهم من شعرك .
ردت شانا :
- ولكنت انا متوحشة أتجاوب مع تلك المعاملة بغرز اظافري
في عنق زوجي المعتدي .
- ما كان ليكون لك زوج في تلك الحقبة , بل وليف . مما
يعني الانتقال من شخص إلى آخر . وهذا أمر مسل .
- الرجال يرون في ذلك تسلية .
- وماذا عن النساء ؟ إنهن مثلنا .
- هذا ماتريد أن تقنع نفسك به .
- إنها الحقيقة .
- وكأنك تعرف الكثير عن النساء .
- لدي أم وشقيقة لذا أفهم النساء . كما أنني لست ممن يسير
مغمض العينين .
- كم عمر .. شقيقتك ؟
- سبعة وعشرون ... وكم عمرك ؟
-68-


- خمسة وعشرون .
- ولكنك تبدين أصغر بكثير .. ربما ذلك لأنك شقراء أو
لأنك تبدين ضعيفة هشة .
- لست هشة !
- آسف .. أنا مخطئ .. إنما ليتك هشة .
- يا إلهي .. لماذا ؟
- لأن الاقتراب منك عندها أسهل . إذ تشعرين بالحاجة إلى
حمايتي .
- ها قد عدنا إلى عادات رجال الكهف !
- أنت تعجبيني شانا .. لا .. انا لا أعبث معك !
- اذن , انا لا اعرف ماهو العبث !
- هل عبث معك احدهم من قبل شانا ؟
- أبدآ .
- في هذه الحالة , أنت على حق لا تعرفين ماهو العبث .
ضحكت .
- هذه نقطة لصالحك .
رفعت عينيها البنفسجيتين الامعتين في ضوء القمر إليه فصاح
بذهول :
- انت الجمال عينه !
ولف ذراعه حولها , فحاولت الابتعاد . قال لها :
- لا تخافي شانا .. ألم أقل لك إنني قادر على الوقوف عند
حدي ؟ هل أحببت من قبل شانا أحدآ غير زوجك ؟
وهل أحببت تود يومآ ؟
احست ان اللون غادر وجهها .. فقالت وقد استحضرت في
ذهنها صورة بيري , الواقف هنا في مكان ليس ببعيد عنها , يحتضن
-69-

سندي ..
- مرة .. أجل .
- حدثيني عنه .
- إنه سري الخاص الثمين يا تشارلز .. لذلك أرجوك .. لا
تسألني عنه .
- سأحترم رغبتك . مع أنني اكاد اشتعل فضولآ .
- حدثني عن نفسك إذن . لماذا لم تجد فتاة تستقر معها قبل
الآن ؟
- ماذا تعنين بـ قبل الآن ؟ أنا في التاسعة والعشرين فقط .. قد
تزيد قليلآ .
- حسنآ .. لقد تجاوزت مرحلة المراهقة . وعليك الزواج . الم
تفكر في وريث قط ؟
- أظن أن على المرء أن يفكر في وريث . سأقوم بشيء ما في
هذا الخصوص في وقت غير بعيد . ولكنني لست ممن يتزوج دون
حب , فما الزواج في عرفي مشروع تجاري . قد اكون عابثآ , كما
يتهمني بيري , إلا أن عبثي هذا سينتهي حالما يحين وقت الزواج
الذي أريده ان سيتمر الى الأبد .
جعلتها كلماته الصادقة , تنتفض قليلآ ذلك أنها لم تكن تعرفه
جادآ الى هذه الدرجة , قالت بعد قليل :
- أليس اختيارك في مكان كهذا محدودآ ؟
- إلى حد ما .. اجل .. إنما ثمة أصدقاء لي في كريستشرش
أقصدهم في الإجازات احيانآ . ولا بد أن أجد أخيرآ لي هناك
زوجة . أتعلمين أن بيري ادهشنا جميعآ عندما خطب شقيقتي أخيرآ .
- اخيرآ ؟
-70-


نظرت إلى ما حولها فإذا بها ترى أنهما ابتعدا كثيرآ عن انوار
الحفلة وانوار المنزل كذلك . ولكنها تعرف ان تشارلز يعرف اين
يذهب .
- لقد كانت سندي تلاحقه منذ أن كانت في العشرين من
عمرها .. وهذا ليس سرآ ... ولكنه لم يكن ينظر اليها . أما هي
فكانت تجن غضبآ لذلك , ثم حدث قبل أربع سنوات أن سافر الى
انكلترا في زيارة قام بها لأقاربه فالتقى هناك فتاة ...
- التقى فتاة ؟
كانت المقاطعة سريعة من غير سابق إنذار حتى أن تشارلز نظر
اليها متعجبآ .
- أجل .. أفي الأمر خطأ ما ؟
- لا .. لا .. بالطبع لا .. تابع .
- لم يذكر أمام أحد أنه التقى بالفتاة .. ولكن يومأ وبينما هو
يخرج شيئآ من حافظة نقود وقعت منها صورة أرضآ . حدث هذا
في حفلة . يومذاك كانت امه حية فالتقطتها , وكنت أقف وسندي
على مقربة منهما إلا أنهما لم يلاحظا وجودنا .. فسمهناها تسأله
عن فتاة الصورة ذلك أن بيري كان يتصرف تصرفات غريبة منذ
عودته من انكلترا وكان كئيبآ نكد المزاج لا يقوى صبرآ على أحد.
فأرادت امه معرفة صاحبة الصورة . في البدء لم يعترف بيري لها
بشيء , إلا أنه بسبب حبه العميق لها عاد فاعترف لها أنها فتاة
التقاها في انكلترا ...فأرادت كعادة الأمهات ان تعرف المزيد
فسألته بصراحة ما اذا كان قد وقع في حبها واجابها بالايجاب .
- هل اعترف لأمه ؟
- بل اجبرته على الاعتراف . حينذاك أمطرته بالأسئلة غير أنه
رفض الرد مع أنني اعتقد أنه قال لها المزيد فيما بعد . كان واضحآ
-71-



أن عدم قبولها به زوجآ حطمه .
حطمه .. اعتصر الألم قلب شانا ... نعم لا شك في أنها
آلمته وهي من احبته حتى العبادة , علمت في تلك اللحظة انه لو
عاد الزمان ثانية فلن ترتكب الخطأ نفسه ولن تتخذ القرار نفسه .
فسيكون بيري الأول : قبل الواجب , وقبل الضمير وقبل الشفقة .
تذكرت شانا أن بيري التقط لها عدة صور ... فهمست :
- ألم يشاهد تلك الصورة أحد غير أمه ؟
لم يكن تشارلز يتوقع منها هذا السؤال , فنظر اليها مستغربآ
عندئذ أحست بالخجل يجتاحها :
- ليس في ذلك الوقت . لانه انتزعها من امه فورآ .. فلـم
تلمحها إلا لحظات قليلة ... ولكن ..
وصمت ... فسألته شانا باصرار :
- ماذا تشارلز ؟
- أكره أن اعترف بهذا شانا .. ولكن شقيقتي القت عليها
نظرة , دون علم بيري ..
- كيف ذلك ؟
لقد توضحت لها أمور كثيرة الان . إنها تفهم تلك النظرة
الذاهلة التي اعتلت وجه سندي حين قٌدمت إلى شانا كما تعرف
سبب التعبير الغريب في صوتها وعدوانيتها المفضوحة . سألت
بصوت منخفض :
- كيف تمكنت من رؤيتها دون علم بيري ؟
- لقد سرقت المحفظة من جيبه حين كان معطفه معلقآ في
ردهة منزلنا , في إحدى الحفلات . ما كان يجب ان افشي هذا
السر فأنت .. غريبة ! انسي الامر شانا .. عديني !
- اجل .. اجل تشارلز ... سأنسى ..
-72-


اذن .. سندي تعرف أنها الفتاة التي أحبها بيري ..
- لن اذكر الامر أمام احد . اذا كان هذا ما يريد ؟
تنهد بقوة شاكرآ ثم أضاف :
- كانت سندي ترغب في بيري منذ أن كانت في العشرين لذا
غضبت حين اطلعت على امر الفتاة خاصة وأن بيري استمر في
تجاهله لها رغم تحطم تلك العلاقة التي ماتت قبل ان تولد
تقريبآ ... لقد تلقى يومذاك ضربة كبيرة , كانت ظاهرة عليه ..
ولكنه شفي منها اخيرآ , وعاد يهتم بسندي حتى خطبها منذ
شهرين .
- أيحبها .. الآن ؟ اوه آسفة .. هذا ليس بالسؤال المناسب .
فلا بد انه يحبها ... طبعآ .
وما أدهشها أنها لمحت تشارلز يفكر برهة قبل ان يجيب :
- أظنه يحبها .. وإلا لما رغب بالزواج بها .
حدق إلى ساعته :
- لا يمكن هذا ... !
ووجه الساعة إليها على ضوء القمر حتى ترى الوقت .
- يا الهي .. ستكون الحفلة قد انتهت عند وصولنا .. ! لم أنتبه
إلى مضي الوقت . آه لقد ابتعدنا كثيرآ كذلك !
عندما وصلا لم تكن الحفلة قد انتهت , لقد اختفيا ساعة
ونصف لذا كان اول ما قاله لهما بيري :
- ظننا أنكما تهتما ... هل تمتعتما ... بالنزهة ؟
اصطبغ وجه شانا بحمرة الخجل من جرًاء نبرته الجادة كما
أحست فجأة برغبة في البكاء . ولكن لماذا تهتم بما يفكر فيه بيري .
وحبه تحول إلى جهة أخرى وزواجه وشيك ... فلماذا يهمها رأيه ؟
شعرت فجأة أنهما غدوا وحيدين بعد دخول تشارلز الى الخيمة
-73-


الكبيرة ليراقص إحدى مساعدات امه .
- اجل .. شكرآ لك بيري .. لقد تمتعت بنزهتي .
- لقد ابتعدتما كثيرآ ؟
- اجل , كانت المسافة بعيدة .
نظر اليها متفرسآ , فرفعت عينيها إليه ويدها على عنقها تحس
بألم داخلي في حنجرتها يكاد يخنقها :
- أحسبك متعبة , تعبآ لن تستطيعي معه مراقصتي .
ردت بنعومة وصوت خفيض :
- لست تعبة .
أمسك ذراعها دون أن يتفوه بكلمة ثم اختلط بها مع الزمرة
الراقصة الصاخبة .. قادها بسهولة دون عناء بين الراقصين . كان
أطول من الجميع بما فيهم تشارلز الذي كان يضحك مرحآ مع
رفيقته ؟
- هل اضطررت لمقاومة محاولات تشارلز الغزلية ؟ أذكر أنك
بدوت واثقة من قدرتك على معالجة الأمر .
كان صوته متوترآ وابتسامته رفيعه ساخرة .. ابقت شانا رأسها
مرتفعآ فالتقت عيناها بعينيه المتسائلتين .
- لم أكن مضطرة لمعالجة الأمر .. فقد كان مثال السيد
المهذب .
- طوال الوقت ؟
أغضبها تلميحه وآلمها .
- لقد تحدثنا يا بيري .. وتمشينا .. ولكن تشارلز لم يحاول
شيئآ .
كان صوتها منخفضآ أجشآ ينبعث منه صوت الحقيقة , ذلك
الصوت الصريح الحلو الذي عرفه وأحبه .. أحست بجسده .
-74-


يتصلب , فظنت السبب الذكرى نفسها .
- يبدو أن تشارلز احترم رغباتي .
وتوقف ذكر اي شيء في هذا السياق .. ثم قال لها بعد قليل
حين توقفت الموسيقى :
- عمتك تريد مرافقتي الى كوينستاون يوم الاثنين , فهل
ترافقيننا ؟
لمعت عيناها :
- سأحب هذا شكرآ لك .
لفت لمعان عينيها اهتمام بيري , فمرر طرف لسانه على شفتيه
وغدت حنجرته مطبقة حين ابتلع . ثم اشتدت تعابير وجهه وعادت
بعيدة .. بعيدة . وقال لها :
- ليس هناك الكثير في تلك البلدة . بعض المصارف ,
والمكاتب والمحلات التجارية , وبضع مطاعم ... بالطبع .
- سيكون أمرآ غير عادي لذا سأجد فيه بعض المتعة .
نظر اليها مكتئبآ .. فلاحظت الخشونة حول فمه , واللمعان
الغريب في عينيه الذي لم يكن موجودآ في زمن سعادتهما . ترى
كيف يبدو عندما يكون وحيدآ مع سندي ؟ لم تستطع شانا تصوره
معها . ربما لأنها لا ترغب في هذا .. ربما يكون مثارآ قرب
خطيبته , فسندي ممن يثير الرغبات بجمالها الاسمر وألوانها السوداء
وشفتيها المكتنزتين وجسدها ..
قطع بيري عليها أفكارها بقوله :
- منطقة البحيرات هي أنسب مكان للسباحة . مارأيك بالقيام
بنزهة إلى البحيرات قيل عودتكما ؟
- هل سترافقنا ؟
- أظن هذا .. سأجد وقتآ لاصطحابكما وعند ذاك نقضي يومين
-75-


هناك .
واستدار حين ظهرت العمة , مضرجة الوجنتين مخطوفة
الأنفاس .
- يا الهي ! لعل وزني قلً في الساعتين الأخيرتين .. وإلا لما
كان الامر يستحق هذا الجهد .
قال لها بيري مازحآ .
- أو رقصت فقط لتفقدي بعض الوزن .
تقدمت العمة نحو ابنة أخيها أكثر :
- نعم . لقد شاهدتك شانا تذهبين مع تشارلز الفاتن .. فهل
أمضيتما نزهة ممتعة عزيزتي ؟
- ممتعة جدآ عمتي .
- إنه جذاب . ألا تعتقد هذا بيري ؟
رد بنبرة جافة :
-أظنه يروق للسيدات .
- وحينما راقصك شانا بدوتما دون شك أجمل شريكين .
اوه .. سامحني بيري .. أنت جذاب أيضآ . كما أن خطيبتك الفاتنة
جذبت الكثير من الاهتمام .
نظرت شانا الى عمتها باستغراب .. خطيبته الفاتنة .. كيف
تصفها بتلك الصفة وهي من أظهرت كرهها وبغضها لسندي في
مناسبات عديدة . لم يسبق أن كانت العمة غلوريا بهذا النفاق ,
وتابعت تقول لشانا :
- اجل .. أنت وتشارلز كنتما رائعين .. ألا توافقني الرأي
بيري ؟
- لم ألاحظ هذا سيدة جيليس .
- ألم تلاحظ ؟ إذن لاحظ في المرة القادمة ...
-76-



قاطعتها شانا , غير قادرة على تركها تتمادى هكذا :
- عمتي .. ليس مهمآ ابدآ ما أبدو عليه مع تشارلز ... اجلسي
قليلآ ... تبدين مرهقة .
- شكرآ عزيزتي .. ظن ذلك الشاب جايمس أنني سأنسحب
أثناء الرقصة الريفية ولكنني لم أفعل .. ولن أفعل ؟
ضحك بيري وهو يسمع ما تقول , مما لطف الجو قليلآ بالنسبة
لشانا التي احرجها حديث عمتها . في هذه اللحظة خرج باتريك
الذي حالما شاهد شانا دعاها إلى الرقص . وبعد باتريك راقصها
مدير حسابات بيري , بيتردين , والطبيب ولانس كالدو , أما بيري
الذي كان يراقص خطيبته فجاء في النهاية يطلب منها مشاركته
رقصته .
- هل نرقص ؟
أبدت استعدادها العاجل بمد يدها اليه .. كان ما يفعله بالنسبة
له عملآ اوتوماتيكيآ , قد ينطبق على اية فتاة أخرى . أما هي فتعتبر
هذه الرقصة ذكرى غالية أخرى تضمها إلى مخزونها عنه .
- هل تمتعت بالحفلة .
- لقد احببت كل لحظة منها !
- كل لحظة ...
صمت ليسحب نفسآ عميقآ ثم أدار نظره فوقع على تشارلز .
ولاحظت شانا ان الكلمات بلغت الى فمه ولكن ماهي إلا لحظات
حتى استرخت اساريره وكأن قوة إرادية داخلية قد جعلته يكبحها .
لم تدر لماذا شعرت أنها كلمات كانت تحمل في طياتها سخرية .
عندما لاحظت التعبير على وجه سندي تلاشت سعادتها . فلقد
استعر وجه تلك المرأة غضبآ حينما لاحظت توهج شانا . انحنى بيري
فجأة وهمس لها شيئآ فلاحظت أن فم سندي التوى وعيناها برقتا .
-77-


أهي خائفة ؟ كانت الفكرة تتصارع في رأس شانا لانها تعني ان
سندي رغم خطوبتها ليست واثقة من بيري ... لا .. لا يمكن هذا
ربما ما تشعر به غيرة .. غيرة طبيعية لأن خطيبها مهتم بفتاة أحبها
يومآ ..
راحت شانا تقنع نفسها بأنها لو كانت مكانها لشعرت بالغيرة
ذاتها إنما لما استطاعت في الوقت ذاته أن تظهر هذا العداء
المفضوح الذي يأكل دون شك نفس سندي .
* * * * *
-78-

doode al 7aloo 04-01-09 06:29 PM


6- القلب يبكي

كان على العديد من الضيوف , إمضاء ليلتهم في مزرعة
جيلبرت ولكن بيري قرر العودة الى مزرعته مخيبآ أمل خطيبته التي
طلبت منه البقاء .
- آسف سندي ... ولكننا مشغولون جدآ في المزرعة هذه
الأيام ... لدينا آلاف من الماشية لم تدمغ بعد , علينا البدء بدمغها
في أسرع وقت .منتديات ليلاس
- لا حاجة بك إلى العمل وأنت تملك ذاك العدد الهائل من
العمال والرعاة الذين يستطيعون القيام بكافة الأعباء عوضآ عنك .
هز رأسه بحزم . كانت شانا تقف غير بعيدة عنه فدهشت لأن
سندي ألحت على بيري الذي تعرف شانا أنه لا يقبل جدالآ فلو أنها
كانت مكانها لتراجعت عن اية محاولة لجعله يغير رأيه .
- أنا أحب أن أشرف على العمل سندي .
- ليس هذا ضروريآ حبيبي .. أرجوك ابق . فنحن لا نلتقي إلا
قليلآ لذا لن أدعك تذهب الى المزرعة قبل الغد !
همس صوت تشارلز في اذن شانا :
- ماذا دهى شقيقتي ؟ ألا ترى أنها تخوض معركة خاسرة ؟ اذا
قال بيري إنه ذاهب فهو ذاهب , شاءت أم أبت .
اصبح فجأة صوت بيري الناعم باردآ كالثلج :
-79-


- لن تدعيني أذهب سندي ؟ اهذا ما قلتيه ؟
احمر وجه خطيبته واشتدت قبضة يدها ثم ردت بتكشيرة
قصدت منها أن تكون مزاحآ .
-أنت لست لطيفآ ابدآ في عدم الانقياد لي بيري !
ولكن لم يكن لقوله أقل تأثير في بيري .. فقد تجاهلها تمامآ ,
وقال بببرود قاطع :
- سأراك الخميس المقبل في حفلة الشواء .. والآن سندي
يجب أن اذهب لأننا لن نصل الى المنزل قبل الثالثة .
عبست ثانية سندي , وقالت بطريقة مشاكسة :
- لدينا غرف كثيرة تضمكم جميعآ , فلماذا تقود سيارتك ما
يزيد عن مئة ميل في مثل هذا الوقت من الليل ؟ أنا واثقة أن
الآخرين لا يريدون العودة في مثل هذه الساعة المتأخرة .
همس تشارلز ثانية مبتسمآ :
- إنها لا تتعلم ابدآ . ولكنه سيعلمها جيدآ متى تزوجى !
شاهدهما بيري .. فترك سندي وتقدم منهما .
- شانا .. اعتقد أن عمتك جاهزة .. أنا مغادر في الحال .
- اجل ..
وابتسمت لتشارلز .
- عم مساء أم أقول عم صباحآ ؟ هل ستأتي الى حفلة الشواء
التي سقيمها بيري ؟
- بكل تأكيد . فانا لن أقوى صبرآ حتى أراك مجددآ احسبني
أجيء يوم الاثنين لأراك فقط .
كان بيري يقطب بشدة , فرد عليه بهدوء :
- سنذهب الى كوينس تاون يوم الاثنين , فلن يجديك نفعآ
مجيئك .
-80-


- الى البلدة ؟
كانت صيحة سندي فحيحآ أكثر منه سؤالآ . فقد تبعته
وأمسكت بكم قميصه :
- هل ستصطحب السيدة بلايث وعمتها معك ؟
- هذا صحيح ... فأنا سأقصد المصرف .
ونظر الى ساعته , فضغطت سندي شفتيها دليل الغضب . لكن
الرد الوحيد الذي تجرأت على الاتيان به هو أن تهز كتفيها ببرود .
- تصبح على خير .. إلى اللقاء في حفل الشواء .
بقي بيري في طريق العودة الى المزرعة صامتآ صمتآ لم يكن
يقطعه إلا ليرد على أسئلة العمة فقط . أما شانا , فقد طرق نعاس
شديد أجفانها لم تصح منه إلا عندما كبح بيري السيارة متجنبآ ابن
آوى الذي كان يجتاز الطريق , وجدت رأسها يستريح على كتفه ..
فأبقت نفسها صاحية عمدآ حتى وصلوا المنزل .
في الصباح التالي , أيقظها كالعادة صياح الببغاء الاخضر الذي
سرعان ما ظهرت وليفته معه , فراقبتهما شانا بسعادة وهما يتمتعان
بالفطور الذي كانت تضعهما لهما وللطيور لونا كل صباح . راحت
عيناها تتجولان في السهول فلاحظت أن الشمس تلقي أشعتها على
أجزاء منها بينما تبقى الأخرى مظللة أو حمراء قرمزية ثم لا تلبث
أن تمتزج ألوان السهول حتى تصبح لونآ واحدآ ذهبيآ . تنهدت شانا
لأنها ستفتقد هذا الجمال كله حين يحين أوان المغادرة إلى الأبد
هذه المرة . لقد اعتادت على السير صباحآ في عالمسحر أضوائه
يغير منظر كل ما يحيط بالجبال والأكواخ والمنزل , سحر يترامى مع
هذه السهول اللامتناهية ذات التلألؤ المرجاني والأرجواني العجيب
وهناك في البعيد تموج المواشي السوداء المنتعشة تحت الأشعة
الذهبية .
-81-


لم تكن عمتها قد صحت بعد لتناول الفطور .. هذا ما عرفته
لدى دخولها إلى غرفة الطعام الملحقة بالمطبخ الذي انبعث منها
رائحة الخبز الطازج واللحم والبيض والقهوة . قال لها بيري :
- لم اتوقع نزولك لتناول الفطور . ألم تشعري برغبة في البقاء
نائمة ؟
- لقد أيقظني الببغاء الأخضر .. لقد بت أعشق رؤية شوق
الشمس .
جذب لها بيري كرسيآ لتجلس إليه :
- يبدو أن عمتك اخذت تتمتع بتناول فطورها في السرير . أهي
عادة قديمة أم جديدة اعتادتها منذ قدومها الى غريت سليف ؟
- لم تفعل هذا من قبل .. على الأقل .. ليس منذ أن سكنت
معها . إنها تصر دائمآ على الاستيقاظ لتعد الفطور بنفسها , مع أن
هذا غير ضروري .
كانت شانا مع مرور الأيام حائرة من تصرفات عمتها في بعض
الأحيان . جلس بيري قبالتها وعلى وجهه سيماء التفكير .
- انت محظوظة بعمتك التي لجات اليها حين مات .. زوجك .
بدا التردد البسيط في ذكر زوجها وكأنه نتيجة تحفظ ما .. ترى
أما زال يذكر الجرح الذي أنزلته به ؟ لا بالتأكيد ليس بعد هذا
الوقت الطويل .
- أجل .. كنت محظوظة .
اخذ بيري يطرح على قطعة الخبز الزبدة وقال :
- أخبرتني عمتك بأنك طردت من منزلك ؟
هزت شانا رأسها .. فسقطت اشعة الشمس المتسللة من النافذة
على شعرها الذهبي , فابتلع بيري ريقه بصعوبة مقطبآ , ثم أخفض
رأسه الى صحنه :
-82-


- كان المنزل لشقيق زوجي وقد أراد بيعه طبعآ .
- طبعآ ! إن تصرفه مجحف فكيف يطردك من المنزل ؟
أهي شفقة ما تشعر بها في نبرته ؟ إن للكلمة تأثيرآ جارحآ ..
فالشفقة آخر ما قد تطلبه منه . فلن تستطيع رؤيته يشفق عليها بينما
تحظى فتاة أخرى بحبه !
أجبرت نفسها على ابتسامة مشرقة :
- أنا سعيدة بالعيش مع عمتي , فنحن رفيقتان رائعتان . لقد
تبين لي أن تركي ذاك المنزل كان خطوة إلى الأمام , فلو أصاب
عمتي المرض تجدني أمامها إن أتى عليها وقت عجزت معه عن
العناية بنفسها وجدتني قربها أرعاها .
اشتد خط فمه .. ومد طبقآ فضيآ بصمت الى شانا فتناولت
حصتها من البيض واللحم . ثم قال بعد صمت طويل كان أثناءه
غرقآ في افكاره :
- انت قانعة بقضاء حياتك على هذا النحو .
- اجل .. اجل .. انا قانعة .
بعد أن تناولت ماتريد صمت صمتآ غريبآ ولكنه سرعان ما
فاجأها بقوله إثر انتهائه من الفطور :
- سأمتطي حصاني متفقدآ خزانآ يشرب منه القطيع . أتودين
مرافقتي ؟ فليس من المستساغ بقاؤك وحيدة ولا أحسب عمتك
تستيقظ قبل عودتنا .
قفزت كلمة شفقة إلى ذهنها ... واحست فجأة بذراع واق
يلفها إلا إن إغراء مرافقته للتنزه على صهوة جواد كان أقوى منها
فلم تتردد .
- ساحب ان أرافقك بيري .
- هيا بنا إذن .. سأطلب تسريج ((اونو)) لك .
-83-



كان جواده جاهزآ , فأخذ اللجام من ريك , الذي عاد فورآ
لتحضير الفرس ((اونو)) التي اصبحت معتادة على شانا الآن . صهلت
الفرس عندما رأتها فاكتسى وجه شانا بابتسامة ترحيب . قالت
بسعادة :
- باتت تعرفني ..
قال ريك :
- ستفتقدك حين تسافرين , فالجياد تتعلق بفرسانها . اليس
كذلك يا ريس ؟
هز بيري رأسه دون ان يتكلم , ثم أعطى شانا يده ليساعدها
على اعتلاء صهوة الفرس , فشكرته بابتسامة . أضفت الشمس على
المراعي الجميلة المستوحشة ألوانا اخرى منها البنفسجي والذهبي
والأخضر النضر . كانت رؤوس العشب المتموج تمتد إلى ما لا
نهاية على هذه التربة القديمة قدم الزمن الذي دمغها العدوانية
والوحشة غير المحدودة .
فيما الجوادان يسيران جنبآ إلى جنب , استرقت شانا النظر الى
الرجل الصامت , الجهم الوجه , المستقيم الجسد , الذي لا يحمل
ذرة غير ضرورية من الوزن , فبدا لها مع حصانه وكانه جزء واحد
لا يتجزأ . لقد قررت أن تعتبره رجلآ عرفته في الماضي ولكنها رغم
عزمها ذاك لم تستطع ان تكبح خفقات قلبها المدوية حبآ لرجل
تعلم علم اليقين انه لن يغفر لها الجرح الذي مُني به بسببها .وهذا
يعني أنه وإن لم يكن مرتبطآ لن يرغب في البدء من جديد مع فتاة
رفضته وطردته من حياتها غير مبالية بقلبه الذي تحطم بزواجها
برجل آخر .
- هل تعبت ؟
أتى سؤاله بعدما تسارعت خطوات الجوادين :
-84-


- لا .. بل أنا أتمتع متعة عارمة !
وصمتت .. فبدا أن بيري متفاجئ . شد لجام جواده سهوآ ,
فتراجع قليلآ بدهشة فمال بيري الى الأمام ليربت عنقه معتذرآ
بصمت ولكن الجواد فهم ما يعنيه سيده . نظر بيري إليها فعلمت
شانا أنه مثلها , قد صدمته ذكرى .. ذكرى بعثتها جملتها هذه حية
حية.
منذ زمن بعيد , كان يضمها اليه بشدة حتى كاد يمنع عنها
التنفس يومذاك أحست بالالم فسألها :
- حبيبتي .. هل آلمتك ؟
فأجابت بلهفة تماثل لهفتها الحالية :
- لا بل أنا أتمتع متعة عارمة .
لقد تذكر تلك الحادثة بعد هذه المدة كلها . قال لها بشيء من
الفظاظة :
- سنصل في الوقت المناسب لننضم الى بعض الرجال . أظنك
بحاجة إلى شراب ؟
- سيروي ظمئي شراب بارد .
تركها وحول اهتمامه إلى مرأى القطعان وهي ترعى في أسفل
السفوح الخضراء.
تفقد خزان المياه اةلآ ثم علت وجهه تقطيبة بسبب حالة المياه
ومستواه قال لرئيس رعته برويل :
- سأرسل من يصلحه .. عليك في هذه الأثناء أن تبعد القطيع
عنه .
- لقد أعطيت الأوامر بهذا .. هل نقدم لك شرابآ
- طبعآ ..
ترجل عن ((فايتر)) بينما ربطت شانا ((اونو ))..
-85-


قال لها مشيرآ الى صخرة مسطحة صغيرة :
- تفضلي بالجلوس .
- شكرآ لك .
أجالت نظرها في المكان الذي أشرف على بعض الرعاة
والناس في هذه المساحة الواسعة .. وفكرت في المدينة حيث جمع
غفير من النساء والرجال يتجولون كجيش من النمل .. إنما الى
اين ؟ ولا وقت لديهم لتبادل الحديث , لا وقت لديهم للتطلع إلى ما
حولهم , ولا وقت لديهم للتفتيش عن الجمال الذي ما زالت
الاشجار تطلقه , أو للنظر إلى فوق للإعجاب بنافذة قام احدهم
بزرعها بالنباتات والأزهار الملونة . في الواقع كل هذا النمل البشري
قد ربط حياته في سباق نحو هدف محدد لن يصله ابدآ .. لذلك ,
فلا وقت لديه للوقوف والنظر إلى ما حوله .
هنا الحياة أقل سرعة , والصحبة أقوى والمساحات أوسع
مجالآ والهواء أرق نسمات .
تناهى إليها صوت بيري من حيث يقف :
- ماهي هذه الأفكار التي تشغل بالك إلى هذا الحد فتجعلك
تعبسين تارة وتبتسمين أخرى ؟
كان يق مستندآ الى شجرة باسترخاء تام , احدى يديه في
حزامه , والاخرى تدلك وجهه .. نظرت اليه , والبسمة ما زالت
على شفتيها , والقبعة متراجعة الى الوراء وياقة قميصها مفتوحة
على عنقها :
- كنت أفكر في الفرق الكبير الشاسع بين محيط حياتي ومحيط
حياتك . فبلادنا تكتظ بكل شيء فترانا نعيش في علب صغيرة .
ربما هي مصممة أحدث تصميم , إلا أنها لا تحل محل هذا
الجمال .
-86-


ولاذت بالصمت من جديد . أما بيري فرفع حاجبيه بطريقة
دفعت الدماء حارة إلى وجنتيها فارتجف فمها استعدادآ للتجاوب
مع اهتمام بيري .
- انت.. تفضلين .. الحياة هنا ؟
كان صوته خشنآ أجشآ قليلآ فاطبقت الغربة على نفس شانا وما
عادت تستطيع تفسير احاسيسها المرتجفة , او عواطفها المتصاعدة .
ردت مفكرة :
- أجل .. افضلها . فأنا احب الهدوء , والمساحات ..
صمتت فجأة وقد تذكرت أنها قالت له هذا في مناسبة اخرى
عندما كانا يتنزهان في الدغل , كما تذكرت كذلك كلمات سندي
الخبيثة . كلمات صدقها بيري في البداية , ولكنه عرف فيما بعد أنها
اكاذيب .
سمعت برويل يقول لها وهو يقدم لها عصيرآ باردآ :
- اذن .. يجب أن تبقي هنا , ولا تخشي شيئآ فالرئيس سيجد
لك عملآ فنحن بحاجة دؤوب إلى اليد العاملة . أيمكنك الطبخ ؟
فضحكت ثم ضحك سائر الرجال المصغين الى حديثه ,
فنظرت اليهم شانا مجددآ . إنهم رجال ضخام قساة ذوو شهية
مفتوحة للطعام , يتناولون كما ذكرت لونا كميات هائلة من اللحم
حتى في الصباح . فردت ضاحكة :
- لن اتمكن أبدآ من طهو وجبات تشبع هؤلاء الرجال
الجائعين , فأنا لا أطبخ إلا لعمتي ولنفسي في نهاية الاسبوع فقط .
كان بيري لا يزال يرقبها .. فجاهدت حتى تبدو هادئة متزنة .
غير أن طريقته في الكلام معها منذ هنيهه ما زالت مؤثرة فيها ..
ففي علامة ذاك ما هو أعمق من سؤال عابر .
قال لها :
-87-


- وكأنك بحق معجبة بجمال بلدنا .
لمست في صوته مرة أخرى إيماءة إلى تيار أعمق .. فأحست
معها بحاجة إلى تبني الحذر , مع أنها لا تعلم السبب ..ردت بعد
تفكير :
- إنها بلاد تفوق أحلامي . فأنا أحب فكرة العيش ملتصقة بأديم
الأرض .
كان صوتها خفيفآ , وعواطفها جياشة . قال برويل :
- نحن فعلآ نعيش ملتصقين بأديم الأرض هنا .. وماذا عن
الأضواء والمرح .. ؟ ألا تشتاقين إليها قليلآ ؟
هزت شانا رأسها :
- هناك ما يعوضنا عنها , كالتنزه على الأقدام في الأمسيات
واللجوء الى الهدوء بدل صخب الرقص .
- ولكنك تمتعت بحفلة الرقص تحت الخيمة ؟
- طبعآ إلا أن هذا المكان يبعث الى النفس إثارة لا تبعثها
قاعات الرقص .
ضحك بضعة رجال وهم يسمعون كلامها , وقال أصغرهم
سنآ :
- لن أمانع أبدآ بزيارة قاعة رقص بين حين وآخر . ومع ذلك لا
أفضلها على موطني .. فأنا لم أعتد يومآ على حياة المدينة , ولا
أظنني سأعتاد عليها .
- وهل عشت دائمآ عى هذه الأرض ؟
- صحيح .. فقد ولدت فيها فوالدي استوطن فيها منذ أن كان
شابآ يعمل لدى والد السيد لونج . إنها عيشة ممتعة ومحببة إلى
النفس .
ارتشف ما في كوبه ثم مد يده إلى إبريق العصير ليملأه من
-88-



جديد .
- مستعدة ؟ ( قال بيري بعد أن انهى كوبه ) .
فشربت ما تبقى بسرعة , وأعطت الكوب لبرويل ثم لم تكن
غير لحظات حتى انطلقت وبيري فوق صهوة جواديهما باتجاه
المنزل , المختبئ خلف حزام من أشجار المطاط والصمغ الباسقة
الضخمة .
كانت العمة غلوريا على الشرفة حين وصلا , فراقبت تقدمهما
بعينين ضيقتين .
قالت العمة لشانا بعد أن ذهب بيري :
- أكنت تتنزهين مع بيري ؟
- كانت نزهة جميلة .. لقد تنزهنا ما يقرب من الثلاث ساعات
ثم استرحنا مع الرجال لاحتساء شراب بارد .
كانت شانا تحس بأن سعادتها هذه ستمكنها من مواجهة
المستقبل الوحيد القادم إليها بسهولة . قبل مجيئها إلى هذه الأرض
كانت تتساءل أحيانآ عما إذا كانت ستتزوج في وقت ما . أما الآن
فباتت مقتنعة بأن هذا مستحيل .
سألتها العمة بعد تفكير :
- ما الذي جعل بيري يقرر التنزه معك ثانية ؟ إنه مشغول دائمآ
خاصة في الصباح الباكر , حين يكون الطقس باردآ منعشآ .
- كنت نائمة فظن أنني سأشعر بالوحدة إن بقيت وحيدة .
اتسعت عينا العمة , وبدأت تهز رأسها كعادتها حين تغرق في
أفكارها . كان بيري الآن قد اختفى نهائيآ عن الأنظار فأدارت العمة
غلوريا عينيها الى وجهه ابنة اخيها .
- ما ألطفه !
- كان ذاهبآ لتفقد خزان مياه .. فقال إن بإمكاني مرافقته .
-89-


تمتمت ثانية وهي لا تزال تهز رأسها :
- لقد كان لطيفآ بتصفه ذاك .
- تتصرفين بطريقة غريبة .. مذا تضمرين يا عمتي ؟
انتفضت العمة عندما سمعت هذا السؤال ولكنها قالت بقوة :
- ليس لدي ما أضمره .. مالذي دفعك إلى هذا السؤال ؟
- الحالة التي أنت عليها لا أستطيع تفسيرها , لكنك لست على
طبيعتك .
عبست عمتها في وجهها ولكن شانا نظرت اليها بريبة وهي
متأكدة من أن هذا التظاهر بالحيرة زائف . قالت العمة :
- أنت تتخيلين الأشياء عزيزتي , فانا في شوق إلى زيارة
كوينس تاون ألا تشعرين بالشوق ؟
- أجل .. قال بيري إنه قد يجد بعض الوقت ليصحبنا الى
البحيرات .
- صحيح ؟ كنت أظنه كثير المشاغل على القيام برحلة ترفيهية
كهذه .
صمتت شانا لحظات ثم :
- متى تفكرين في العودة الى الوطن عمتي ؟
- أو تريدين العودة ؟
- ليس في الواقع ...
صعب عليها ان تشرح , فصمتت تفكر .
- ما زلت تحبينه .. أليس كذلك شانا ؟ (سألتها العمة)
- لا .. قلت لك إنني ما عدت أحبه . لقد اختلفت أحاسيسي
بعد أن التقيته ثانية .
وصمتت .. فلو علمت العمة الحقيقة لتألمت كثيرآ لأنها من
اقنعت ابنة أخيها على المجئ الى نيوزيلندا .
-90-

كان اليوم التالي أحدآ اتصل فيه تشارلز بالمزرعة عبر الراديو
طالبآ التحدث إلى شانا التي بلغت الرسالة من قبل بيري نفسه .
- يريدني ؟
- أجل .
أسرعت إلى المنزل .
- مرحبآ ! كيف حال شقرائنا اليوم ؟ (حياها تشارلز)
- بخير , ولكن لماذا تريد التحدث اليَ ؟
- أيجب ان يكون هناك سبب ؟
- لا .. إنما لا أرى ...
- أردت تبادل الحديث معك فقط .. ماذا كنت تفعلين ؟
- أتشمس .
- بم ؟
- بم ؟ اوه .. تعني أين .. فوق المرجة !
- أيتها الخبيثة ... أعني ماقلته .. بم ؟ أبثوب سباحة مؤلفة
من قطعتين .
احمر وجهها ولكنها تمكنت من الرد عليه باللهجة العابثة
نفسها :
- أجل .. كنت أرتدي قطعتين .
- كنت ؟
- ومازلت .. إلا أنني سترت معظمه , بروب .
- آه ليتني كنت هناك قبل أن نضعي الروب !
- أنت تعبث تشارلز .. لقد حذرني بيري منك . أتذكر ؟
- اوه .. هو ... ! أتصدقين كل ما يقوله لك ؟
- إنه مضيفي .
- آه ليتك ضيفتي !
-91-



- وهل سأكون آمنة ؟
- اجل .. إذا أردت هذا ... شانا أنا مسافر الى كريستشرس
بعد حوالي الاسبوع .. أترافقيني ؟ سأزور جدتي التي يعيش معها
ابنا عمي . ليتك ترافقيني .
بحثت عن حجة للرفض دبلوماسية .
- سأستشير عمتي أولآ ..
- ولكنني لا أدعو عمتك , بل أدعوك انت . سنقيم مع أقاربي
يومين او ثلاثة , نزور خلالها معالم المدينة ونقصد المراقص
ونشاهد المسرحيات والاستعراضات ونسبح على الشاطئ الدافئ .
فكري في دعوتي شانا .. أتعدينني ؟
- لست أدري تشارلز .
- ستكونين آمنة كما لو كنت مع بيري .
- انا واثقة من هذا تشارلز , فلا تعد إلى ذكر هذه العبارة ثانية .
المسألة كل المسألة أنني لا أستطيع ترك عمتي .
- ستعجبك الرحلة .
- لا .. لا أظن .
لم يكن هناك مجال للباقة مع تشارلز , فهو لن يتراجع
بسهولة .
- أشكرك على دعوتك ولكنني آسفة لن أستطيع .
سمعت الآن تنهيدة :
- وهل أنتم ذاهبون في الغد الى كوينس تاون .
- هذا صحيح .
- أتتوقين إلى الرحلة ؟
- طبعآ .
صمت صمتآ غريبآ لم يلبث أن قطعه بصوت خفيض دفع شانا
-92-


إلى ان تصغي جبدآ لتفهم كلماته :
- قد يهمك .. أو لا يهمك .. أن تعرفي . أن شقيقتي تغار
منك .
ارتجف صوتها :
- تغار ؟ ماذا تعني ياتشارلز بحق الله ؟
- اوه .. تعرفين النساء .. إنها لا تحب أن تعيش فتاة أخرى
جميلة بل خلابة في منزل خطيبها , وأعتقد أن هذا أمر طبيعي .
إن سندي تعرف انها هي الفتاة التي أحبها بيري يومآ بينما
تشارلز يجهل هذا الواقع , ويجهل حساسية الموقف . قالت :
- وهل ذكرت سندي أمامك شيئآ عن الموضوع ؟
- ليس بكلمات كثيرة . ولكن لا يصعب علي قراءة أفكارها ,
لقد تدربت على فهمها منذ سنوات .. للتسلية فقط .. إنها تكره
فكرة نزهاته معك كما انها تكره ذهابك معه إلى البلدة .. اسمعي ..
لا تبوحي بهذا ابدآ .. إنه سر بيننا .. فكرت أن أذكره لك , دون أن
أدري السبب .
- لن اقول شيئآ تشارلز .
- أين بيري الآن ؟
- لا أعرف . كان في الحديقة منذ لحظات .
- وهل أعد العدة لحفلة الشواء ؟
- أظن هذا .. ريك مشغول بتعليق المصابيح على الشجر,
ولونا كانت تتشاجر مع مساعدتيها بسبب العمل الإضافي .
- لا ادري لماذا يتشاجران ما دمن سيحطنني بمساعدة كافية .
انا أعرف بيري , ما من احد منا يفكر في عماله كما يفعل هو . لا
ادري كيف ستتصرف هؤلاء الخادمات حين تصبح سندي سيدتهن ,
فهي تتمتع بعرض سلطتها وتفوقها على خادماتنا .
-93-


قطبت شانا , فهي تكره منه التشهير بأخته ولكن يبدو وكأنه
يقول ما يقول عن غير تفكير .
- أظن من الأفضل أن أذهب الآن تشارلز . لقد حان وقت
تناول الشاي , وعلي أن أستحم وأغير ملابسي .
- حسنآ .. اراك في حفل الشواء .. باي يا حلوتي !
احست بالتوتر فجأة , فلما التفتت رأت بيري يقف خلفها
ونظرة ساخرة تعلو وجهه .
- وماذا يرغب كازانوفا أن يقول لك ؟
- كان يرغب في محادثتي ... أتمانع ؟
ارتفع حاجباه :
- أمانع ؟ ولم أمانع ؟
أحنت رأسها فرأت تعبيره المتألم .
- بدوت .. منزعجآ .
انسدل شعرها الاشقر مشكلآ ستارة حول وجهها تحميها
بطريقة ما , فتأملها بيري لحظات طويلة مفكرآ تفكيرآ عميقآ . قالت
أخيرآ تقطع الصمت المشبع بالتوتر بينهما :
- هل أنت غاضب مني .. بيري ؟
- ولماذا أغضب ؟ لـك أن تفعلي ما تريدين ... ولكنني
حذرتك من تشارلز .
وكأنما كلمات التحذير الجديدة كانت وليدة انفجار داخلي
يعتمل في نفسه .
فردت بهدوء :
- إنه يعرف حدوده معي .
- لماذا أراد أن يكلمك إذن ؟ أو أن هذا أمر شخصي ؟
- لقد سبق أن قلت لك إنه أراد محادثتي .
-94-


لم تشأ أن تخبره عن الدعوة التي وجهها تشارلز لها . ولكنها
حين نظرت الى وجه بيري , استنتجت أنه سمع على الأقل جزءآ من
حديثهما .. فتابعت :
- طلب مني مرافقته الى كريستشرش لزيارة جدته .
شاهدت فم بيري يشتد ويصبح خطآ رفيعآ .. لماذا هذا
الاهتمام الشديد ؟ فبعد ان عاملها بعدم اكتراث ظاهر في البداية ,
عاد الآن يظهر اهتمامآ جامحآ بها .
- وهل ستذهبين معه .
هزت رأسها نفيآ .
- لا .. قلت له إنني لا أستطيع ترك عمتي .
نظر اليها بقوة وقساوة .
- أراد منك أن ترافقيه وحدك ؟
بللت شانا شفتيها بطرف لسانها .. لم هذا الاحساس بالخوف ؟
إنها لم تخف من قبل .. من بيري .. ولكنه نوع غريب من الخوف
فهي تشعر بارتعاشة حقيقية بعثت خفقات قوية مؤلمة إلى قلبها .
- اجل .. لقد اقترح أن أذهب وحدي فرفضت طلبه .
صدمها موقفها الدفاعي هذا . كانت تريد أن تهدئ غضبه
وكأنما له سلطة ما عليها ! وقد نجحت إذ سرعان ما استرخت
اسارير وجهه , وبدا متأثرآ بلهفتها لتهدئة خاطره , وكأنما اراد ان
يريح لها بالها أيضآ فابتسم قائلآ :
- أنا مسرور شانا لأنك أظهرت هذا التعقل . كان على تشارلز
ان يكون أكثر حكمة فلا يطلب منك الذهاب معه وحدك .
استجابت شانا لبسمته , وعاد عالمها مشرقآ ورديآ , وقالت :
- لا أظنه فكر مليآ في الأمر . إنه دون شك اعتقد انني سأجد
متعة وإثارة هناك .
-95-



- وهذا صحيح ... اليس كذلك ؟
- لدي اشياء كثيرة أخرى تهمني عدا الاثارة . أنا على اية حال
لست معتادة على هذا النوع من الاثارة .. والمرء عادة لا يشتاق إلى
ما لا يملكه .
تمتم بيري مفكرآ , ينظر اليها :
- لم تعرفي الكثير من الاثارة .. هل كانت حياتك مملة شانا ؟
أيسألها ما اذا كانت نادمة ؟ اجل .. اوه .. اجل ! قلبها يجيب
عنها . فقد كانت وهي في الحادية والعشرين عمياء . أعماها الواجب
وجعلها تضحي بقلبها كما جعلها تجرح الانسان الوحيد الذي
احبته . اكتشفت منذ أن وطئت قدماها هذه الأرض ما جنته يداها
قبل اربع سنوات . أحبها بيري بشغف وعلم بأنها تحبه فتصور
مستقبلهما مزهرآ ومستقرآ حتى أتت هي فجأة وهشمت أحلامه
ودمرتها ولكنها لم تؤذه وحده بل أذت نفسها أيضآ . كانت تلك
الحادثة التي وقعت لتود مشؤومة جعلتها تختار الواجب على
الحب . عصر الالم .. والاحباط .. قلبها فبيري لن يغفر لها أبدآ .
ردت عليه , بعد ان أدركت أنه ينتظر ردها :
- في معظمها ... أجل .
- معظمها .. اي أنك حصلت على فترات أقل ضجرآ ؟
ماذا يسألها الآن بالضبط ؟
- بعد .. زواجي .. لم يكن هناك .. اي .. اي ...
وتدفقت الدموع دون توقع فخنقت تتمة الجملة . كانت تلك
اللحظة مشحونة بالتوتر وبالمشاعر , ولكنه كان قاسيآ دون رحمة في
اصراره .
- وقبل الزواج .. شانا ؟ قبل زواجك .. أكان هناك إثارة ؟
أعرفت معنى السعادة ...منتديات ليلاس
-96-


صاحت متألمة :
- توقف ... ارجوك ! لماذا تحاول ان تعذبني ؟ أعرف أنني
اتخذت القرار الخاطئ .. فلا داعي إلى تذكيري .
- ولكنك في ذلك الوقت , كنت ترينه القرار الأصوب .
نفرت شرايين زرقاء فوق صدغيه الاسمرين واحمرت عيناه
واشتعلتا غضبآ :
- قبل زواجك عرفت معنى الحب .. ومع ذلك رميت به
بعيدآ . وكأن لا قيمة له ! .. دموع .. ما أسهل ذرف الدموع .. وهل
بكيت ...
- لم استطع بيري ... بدا لي .. شلتني المأساة .. وفقدت
المشاعر أسابيع .. ماذا تحاول ان تفعل بي ؟ كان هذا كله في
الماضي ... أما الآن فلديك امرأة أخرى .
نظر اليها وقد انحسر الروب عن جسدها الفتي الجميل , ثم
ابتلع لعابه بصعوبة , وكأن شيئآ مؤلمآ عالق في حلقه ولكن الشفقة
كانت غائبة عن فمه الصارم . ثم قال أخيرآ وهو يرتد عنها :
- اجل .. اجل .. كان هذا كله في الماضي , أما الآن فلدي
امرأة أخرى .
استدار إليها ثانية فضاقت عيناه على جسدها قبل أن يعود
فيغادر الغرفة ..
* * * * *
-97-





doode al 7aloo 04-01-09 09:07 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة golya (المشاركة 1806465)
بأنتظارك ياعسل ,,

مرررررررررررررررررررررحب


أن شاء الله تكوني مبسووووووطه .. هالمرة نزلت فصلين ...

والله يعين على الباقي ..

مشكووووووووووووووووورةعلى الحضور عزيزتي ..:flowers2:

karamila 05-01-09 01:39 AM

متشوقين وننتظرك تكمليها
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
:)
موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

ناتالي 05-01-09 12:01 PM

شكراً يا قلبي:flowers2:
تعبناك معنا والله يعينك على الباقي
بس بصراحة الرواية كتييييير عجبتني ومتحمسه معها للنهاية
ومرة تانية شكرا لمجهودك وتعبك ونحنا بإنتظارك ياقمر:0041:

golya 05-01-09 01:07 PM

الف الف شكر وبأنتظار التكمله بفااارغ الصبر الف شكر على مجهودك ياقلبي .

caspora 07-01-09 11:19 AM

بجد انا على نااااااااااااار لحد متكمليها . عارفه ان الكتابه متعبه بس ربنا معاكى يا قمر وتسلملنا . موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

**شوق** 08-01-09 05:07 AM

الف شكر على مجهودكـ الملحوظ


يعطيكـ العافيه

doode al 7aloo 08-01-09 07:58 AM



7-في قلب الأدغال
كان من الطبيعي أن يترك ما جرى بينهما أثرآ عميقآ في نفسها .
فحينما وقفت أمام النافذة بعد نصف ساعاة كانت مضطربة من جراء
المواجهة . لماذا بعث بيري الماضي حيآ هكذا ؟ إنها لم تتوقع منه
ذلك أبدآ , فهو ممن يحافظ على مشاعره مكبوحة وبحزم . ولكن
تصرفاته الهادئة تزعزعت واضطربت وغدت غضبآ عنيفآ يشبه غضبه
الذي شهدته قبل أربع سنوات ولكنه في ذلك الوقت لم يكن مخيفآ
كما الآن ذلك إنه كان يومذاك يدافع عن مستقبله , ليجعلها ترى
بوضوح ما تفعله بهما معآ .منتديات ليلاس
لم تذهب في أفكارها بعيدآ حين بدأت تسأل نفسها ما إذا كان
عليها العودة الى الاسفل , فلا بد أن عمتها وبيري سيتساءلان عن
سبب تاخرها عن موعد الشاي . ولكن التفكير بالطعام كاد يصيبها
بالغثيان , فقالت لنفسها : سأفعل ما يحلو لي ! لماذا أضطر دائمآ
إلى أن اخضع تصرفاتي لحاجات ومرضاة الآخرين ؟ لن أفعل ذلك
بعد الآن ! لانني حرة .. في أن أفعل ما أريد .
جعلها مزاجها هذا ترغب في عزلة لن تجدها إلا خارجآ في
البرية .. حيث لا حاجة لكلام .. أو لادعاء سرور ليس في قلبها
منه أثر ولا حاجة إلى تكبح دموعها مستعيضة عنها بابتسامة
مصطنعة , ولا حاجة إلى أن تجبر نفسها على الطعام إرضاء
-98-



لشخصين يراقبانها . لا .. لن اجلس هنا لافعل ما يريده الاخرون
مني .. ! لا أريد أن آكل أو أشرب كما لا أريد أن أشترك في
حديث ! ولماذا اضطر إلى الضحك وأنا بأمس الحاجة إلى البكاء ؟
لماذا لا أستطيع أن أفعل ما يحلو لي ؟
و تدفقت الدموع , فتركتها على غاربها .. دون أن تسعى إلى
منديل ... سارت نحو الهدوء والسكينة .. ما أروع الابتعاد عن
الناس إلى أحضان الطبيعه . ابتسمت عندما رأت سربآ من أسراب
الطيور ... هذه هي الطبيعة . . وهذه هي مخلوقاتها التي لا تؤذي
أبدآ .. لقد خرج بيري عن طوره وآلمها .. نبش الماضي دون اي
سبب . لم يعد يهمه ما حدث .. لانه رجل مستقبله مستقر امامه ..
مع زوجة يعود اليها بعد يوم عمل مرهق .. وأطفال سيأتون قريبآ,
اطفال سينمون أمام عينيه الراضيتين السعيدتين . أما هي فستفقد كل
سعادة . فلماذا ينبش الماضي ؟ أليؤلمها فقط ؟
كانت الشمس قد أذنت بالمغيب حين اكتشفت فجاة انها قد
سارت أميالآ عديدة .. نظرت الى ساعتها فقفز قلبها فزعآ لأنها
أدركت أنها ما زالت تسير منذ ساعة ونصف تقريبآ . فالظلام يوشك
أن يحل وعندها ستجد صعوبة في إيجاد طريق العودة ... طريق
العودة . خفق قلبها خفقة أخرى قوية لظهور حقيقة اخرى امامها .
إنها لا تعرف أي اتجاه سلكته ولن تتذكر الاتجاه في الأدغال
التي سارت فيها .. فالتفتت حولها ! ربما تستطيع رؤية أنوار
المنزل . بعد قليل حين تضاء ..
ارتدت على الفور تعود أدراجها على الطريق الذي كانت تسير
عليه . ولكن لم تكد تقطع مئة يارد حتى وقفت جامدة , مرتبكة لا
تعرف أي اتجاه تسلك . لقد سارت معمية القلب لا تنشد إلا العزلة
فلم تتوقف لحظة للتفكير في الرجوع .
-99-


اتجهت يسارآ تسير بسرعة ولكنها بعد أن قطعت ربع ميل
التفتت فشاهدت الطريق خلفها فإذا بها ترى انها سلكت دون ريب
اتجاهآ خاطئآ . ولكن ما ان عادت الى التقاطع , حتى عادت الى
الحيرة: أظن أنني كنت اسير في خط مستقيم .. اجل إن أكملت
طريقي بشكل مستقيم فقد أكون في الاتجاه الصحيح ..
ولكن سرعان ما طالعها تقاطع آخر فآخر حتى أخذ الظلام
يخيم على الأدغال فعلمت أنها تاهت ..

كم من الوقت نامت ؟

جلست شانا فوق العشب المرتفع تنظر في العتمة إلى ما
حولها . ما من ضوء في أي مكان .. كم الساعة الآن ؟ لا تذكر إلا
أنها سارت وسارت حتى مات أملها برؤية أنوار المنزل . فجلست
تستريح تضع رأسها على ذراعها ولكنها بعد ذلك لا تذكر شيئآ .

جمدت صرخة ابن آوى الدم في عروقها فقد بدد ذاك العواء
الصمت الملموس حولها ولكن سرعان ما عاد مجددآ يطبق على كل
شيء ممتزجآ بالظلمة القاتمة مخلفآ عالمآ ضبابيآ من الفضاء
اللامتناهي . ليس حولها إلا فراغ وفراغ .. فارتجت واستوت
قاعدة . تدفع الى ذاكرتها الخفية كل تفكير بعمتها وبيري وبالقلق
الذي يعتمل وسيعتمل في نفسيهما حتى يجدوها .

سعت عوضآ عن التفكير فيهما إلى تأمل ما حولها في الظلام
فلم تر إلا جبالآ لا حدود لها . عندئذ قررت أن من العبث التحرك
لسلك سبيل ما فجلست ثانية . تحس بفمها جافآ وبأطرافها مجمدة
من جراء الجلوس ساعات في وضعية واحدة . احست بالرجفة
تغمرها حين سمعت من جديد عواء ابن آوى . فقد بددت تلك
الصيحة الفراغ الذي حولها وجعلها تعرف أنها ليست المخلوق
الوحيدفي ذلك الظلام . الصمت المخيف الذي تلا عواء ابن آوى
-100-

نزل عليها وكأنه غطاء من نوع ما منع عنها التنفس , حتى خافت ان
ينتهي ما حولها من مخزون الهواء .

عندما ازداد ارتباكها تركت لتفكيرها العنان .. فتصورت قلق
عمتها وقلق بيري , وشاهدت كل من في المزرعة مستنفر بحثآ
عنها .

- اوه ... يا الهي ! ... مالذي دفعني إلى هذا ؟
احست للحظات بالرعب .. إنها تفضل أن تموت هنا .. على
أن تواجه غضب بيري حين يجدها أحد أفراد فرقة التفتيش التي
بدأت دون شك في البحث عنها .

كان ظمؤها يتعاظم وفراغ معدتها يشتد وشعرها باهتياج هو
مقدمة للوهن الذي يسببه الجوع . كم من الوقت ستمكث هنا حتى
يجدها أحدهم ؟ كانت متأكدة من ان بيري سيشارك في التفتيش ..
وهذا يعني ان عمله في كوينس تاون سؤجل ولن يلبث أن يغضب
عليها غضبآ يشبه النار البيضاء .

اعترفت أنها تستحق غضبآ كهذا . مسكينة عمتي .. هي دون
شك لم تأو الى الفراش بل تجلس ساعات الليل الطويلة قلقة على
سلامة ابنة اخيها . آه ليتني أرى ساعتي فقط لأعرف الوقت .

انزلقت إلى مستوى العشب خشية ظان تجذب انتباه ثور بري
هائج أو بنات آوى . فكان أن رقدت مسمرة بهدوء تبدو لها
اللحظات ساعات , والساعة دهرآ ملؤه عذاب الضمير لما أنزلته
بنفسها وبالآخرين .

فلنفترض أنهم لم يجدوها .. ولكنهم سيجدونها !
وبدأ الرعب يأكل اعصابها فقد تصورت نفسها تضعف
وتضعف ...
* * * * *
-101-


فجأة سمعت صوت محرك فوق رأسها , فتمكنت من رفع
نفسها من الوضع الذي تكورت فيه بين العشب , ولوحت
بذراعها .. بضعف .. فقد مر على تركها المنزل أربعآ وعشرين
ساعة , أفقدتها خلالها الشمس كل قطرة ماء في جسدها وكل قوة
تملكها . فبعد أن سارت ساعات في الصباح , استسلمت للتعب
واستراحت تحت ظل شجرة صغيرة .. في تلك اللحظات سمعت
صوت الطائرة الصغيرة ولكن نعاسها ودوارها جعلاها لا تستعيد
وعيها إلا بعد وقت كانت فيه الطائرة قد ابتعدت ختى توارت عن
ناظريها . في تلك الساعة لوحت ذراعيها بقوة ثم لم تلبث أن
تدفقت دموع الإحباط بغزارة عظيمة .

بقيت في العراء فترة طويلة مرهفة تعاني من التعب ومن حروق
الشمس التي لذعت ذراعيها وساقيها . فسعت مرة اخرى الى
الاشجار .. واختار القدر مرة أخرى هذه اللحظات لمرور طائرة
التفتيش فصاحت وهي تركض خلفها :

- عودي الى هنا .. عودي !
وانهارت حيث كانت تقف .. ولم تتحرك من موضعها حتى
الآن .... وها هي في هذه اللحظة تسمع أزيز الطائرة للمرة
الثالثة .. فراحت تلوح وتلوح يساعدها الرعب .. في البدء لم
يرها .. فقد ابتعد ولكنها راحت تصرخ رغم معرفتها بعبث ما
تفعله .

- لا تذهب ! انظر الى الوراء ! ارجوك انظر الى الوراء !

نظرت الى الجسم الاسود في السماء .. كان جسدها مفصولآ
عن تفكيرها , فلم تكن تشعر بأطرافها . أما معدتها وفمها فماتا ولم
يبق إلا دماغها يصرخ بصمت حتى يرجع الطيار إليها .
-102-


استدارت الطائرة فجأة .. فاستعادت شانا الاحساس بجسدها ,
وخفق قلبها بقوة , وتوترت اعصابها الميتة .. فرفعت ذراعيها . لقد
شاهدها .. ما إن انبعث الأمل إلى قلبها حتى عاد إليها الإحساس
بالضياع إنما هذه المرة كان له تأثير على عقلها ودماغها قبل
جسدها . وفيما كانت ترى الطيار يدور ويدور بطائرته حتى يحط
أرضآ خرت الى الارض تحس بشلل مضيء يغمرها .. شلل نتج
عنه فقدان وعي كامل .

صحت على جدران بيضاء وعلى رائحة الادوية المطهرة ..
فأدركت أنها في غرفة مستشفى .. إنها تلك المستشفى الصغيرة
قرب المدرسة التي شاهدتها وعمتها اكثر من مرة وهما تتمشيان .

أغمضت عينيها ثانية .. تحس بأطرافها محترقة .. ثم راح
الضباب ينجلي بطيئآ أمام أشعة الشمس الدافئة فتذكرت كل ما
حدث لها منذ أن انطلقت إلى البرية انتهاء بالراحة التي تسللت إلى
نفسها بعد يأس .

ولكن .. ماذا جرى بعد ذلك ؟ وكم مضى عليها هنا ؟ ادارت
رأسها لأنها شعرت بحركة ما قرب السرير ... رفعت نظرها لتنظر
الى عيني صاحب مزرعة غريت سليف .. المتعبتين . لم يخرج من
بين شفتيها أي صوت رغم رغبتها في الاعتذار على ما سببته من
متاعب .

- كيف تشعرين الآن ..شانا ؟

نبراته هادئة نعم إنما قلقة أيضآ .. فانتفضت تتساءل كيف
استطاع كبح غضبه وماذا سيفعل لو قالت له إنها بخير .
- أنا بخير . ( قالت بوهن )
- لكنك محروقة .. تشعرين بالالم ؟
- اجل .. هناك ألم لاذع في قدمي وذراعي .. أنا آسفة جدآ
-103-


بيري .. لما سببته من متاعب للجميع .

وصمتت , بعدما رأت أن أي اعتذار أو تبرير سيكون سخيفآ ..
- هل انت من وجدني ؟ ( عادت تسأله )
- اجل .. بعد أن بدأت أفقد الامل . كنت أعلم أنك لم تبتعدي
كثيرآ , سيرآ على قدميك . ومع ذلك لم أستطع أن أراك .
- سمعت الطائرة مرتين . ولكنني كنت في كل مرة أفيء إلى
شجرة . وكنت في المرتين نائمة ولكنني حينما كنت أسمع الأزيز
كنت أركض إلى العراء فأرى الطائرة قد توارت بعيدآ . كنت انت
في الطائرة على الدوام ؟

- استرحت أكثر من مرة فقد شاركني بقيادة الطائرة لانس .
كان وجهه متجهما .. أكان قلقآ عليها يا ترى ؟ ولكن أجل ..
هذا طبيعي . سيقلق على أي إنسان يضيع في البرية . فلم تكن
بالنسبة له الفتاة التي أحبها يومآ بل فتاة تائهة في الأدغال .

- ما الذي دفعك الى الهيام على وجهك دون أن تقولي شيئآ
لأحد .
احمر وجهها حائرة من الرد . إنه السؤال الذي كانت تخشاه منذ
أن اكتشفت أمر ضياعها .
- كنت أحس برغبة في العزلة .
يا لهذه الحجة الواهية . كادت تندفع بتهور إلى البوح
بالحقيقة . كانت ستعترف أنها أحست بجرح عميق لما حدث بينهما
فشاءت أن تلوذ إلى الوحدة والصمت والهدوء لتذرف الدموع دون
خجل أو تردد .. ولكنها اخيرآ أردفت :
- ليس عندي عذر في الواقع .
كانت تعلم أنه غاضب غير انها أحست بتردد في إظهار غضبه
وهذا ما أكدته كلماته .
-104-


- أنت سالمة .. وهذا ما يهم الآن . ستبقين في المستشفى
يومين .
- يومين ؟
رد بحزم :
- نعم شانا .. ستبقين يومين تحت المراقبة .. وهذا امر طبيعي
أمر به الطبيب .
- وعمتي .. هل قلقت علي ؟
- طبعآ .. قلقنا عاليك جميعنا .
- آسفة ...
ولكنه قاطعها بخشونة :
- لا تهتمي بهذا ... عمتك نائمة الآن , ولذا لا تجدينها هنا .
جلست معك فترة بعد أن حملناك الى المستشفى غير أنني طلبت
منها أن تخلد الى النوم .
- أبقيت مستيقظة طوال الليل ؟
نظر مباشرة الى عينيها :
- لم يطبق لنا جميعآ جفن طوال الليل فالقرية كانت بأفرادها
جميعهم مستنفرة .
ثم لم يلبث ان وقف ليدير رأسه نحو الطبيب الذي دخل لتوه .
- لقد صحوت اذن ... عظيم !
وتجهم وجه الدكتور بورغلي .
- مالذي دفعك إلى هذا العمل بالله عليك ؟ ألم يحذرك أحد
من عاقبة مخالفة قوانين المنطقة !
- أجل لقد حذرني بيري منذ وصولي ...
وتحشرج صوتها فتدخل بيري :
- دع الامر حاليآ أيها الطبيب . سأذهب الآن , وستحضر عمتها
-105-


في المساء .
سألته شانا دون تفكير :
- وأنت بيري .. هل ستأتي معها ؟
كان رد بيري نظرة غريبة . ولكن الطبيب اجاب عنه :
- الرئيس بحاجة الى الراحة . بحث عنك أربعآ وعشرين ساعة
أو ما يزيد .
خجلت شانا من نفسها , فأدارت وجهها ولم تمض لحظات
حتى أصبحت وحيدة .منتديات ليلاس
أتت عمتها بعد العشاء مع بيتر دين الذي شارك هو أيضآ
بالبحث عنها وقد استسلم بعد الظهر للتعب فنام . جلست العمة
على كرسي في مواجهتها تبتسم :
- هل أنت أفضل حالآ الان عزيزتي ؟ لقد أوى بيري إلى فراشه
حالما وصل الى البيت , ولكنه ترك لي رسالة يخبرني فيها أنك
بخير استلمتها بعد استيقاظي .
- لا أدري ما أقول عمتي .. انا آسفة لما سببته لكما من قلق .
قاطعتها العمة بسرعة :
- لاتفكري في هذا الآن يا طفلتي .. لقد انتهى الامر ..
وعدت سالمة الى البيت .
- لا أدري لماذا أقدمت على تلك الفعلة غير أنني أحسست
بالحاجة إلى العزلة التامة .
نظرت اليها بجد :
- أشعرت بالتعاسة بسبب امر ما ؟
ترددت شانا .. ولكن عمتها التي تعرفها جيدآ لن تخدعها أية
كذبة قد تخترعها ابنة شقيقها . فاطرقت برأسها , تعترف بأن تعاستها
كانت سبب تيهها . سألتها عمتها بالطبع عن سبب التعاسة ,
-106-


فاعترفت ثانية :
- كان بيري قاسيآ معي .. ذكرني .. بالماضي ...
حل صمت ثقيل تلاشى فيه كل توتر العجوز التي ابتسمت في
الواقع .
- أو ذكرك به حقآ . غريب ؟ إنما لما تأثرت هذا التأثر كله ,
عزيزتي ؟ فأنت ما عدت تحبينه .
كان هناك بعض الخبث في كلامها , فحارت مرة أخرى من
تصرفات عمتها الغريبة .
- رغم ذلك تألمت ذلك أن نبش الماضي يؤلم دائمآ .
- أجل .. ربما .. أظنه يؤلم .. ماذا قال لك بالضبط عزيزتي ؟
- ذكرني بالقرار الذي اتخذته . ذكـ .. ذكرني .. بأنه قرار
خاطئ .. إنه .. إنه .. لقد بدا منزعجآ رغم ارتباطه بفتاة أخرى .
- منزعج ؟ أليس غريبآ انزعاجه ؟
- تذكر جرحآ قديمآ لذا من الطبيعي ان يبدي الانزعاج لما عاناه
في الماضي .
طافت ابتسامة غريبة على فم العجوز :
- أطنك على حق عزيزتي . إن المرء دون ريب ينزعج حين
يتذكر ألمآ قديمآ . كان بيري هنا حين استعدت وعيك .. فكيف
تصرف ؟ أعني .. أكان غاضبآ منك ؟
-لا .. أبدآ .. ولم أفهم السبب . لأنه دون شك كان غاضبآ
على الازعاج الذي سببته للجميع وعلى تأخير زيارته إلى كوينس
تاون , ولكنه لم يظهر غضبه . بل على العكس كان في غاية
اللطف .
ونسيت وجود عمتها لحظات وهي تستعيد صورة بيري وشريانه
ذاك الذي كان ينبض على فكيه حين كان يقول إنه كاد يفقد
-107-


الأمل .. أجل .. منذ أن فتحت عينيها , فرأته واقفآ قرب سريرها ,
أحست بلطفه ورقته لطف كان مألوفآ لديها في تلك الايام حين
كانت الفتاة الوحيدة في حياته . الفتاة التي كان يأمل في أن تكون
عروس مزرعة ((غريت سيلف )) الرابعة .

وبرقت عيناها للذكرى , فادارت رأسها لئلا تلاحظ عمتها
ذلك ..
- كان لطيفآ معك .. صحيح ؟
قالت العمة ذلك وكأنها تكلم نفسها ثم غاصت ثانية في
أفكارها إلا أن ما كان يشغل بالها أمر ملؤه الرضى لا علاقة له بما
جعل ابنة اخيها تكاد تجهش بالبكاء ...

* * * * * *
-108-

pretty 09-01-09 06:37 PM

يعطيكي العافية و يسلمو ايديكي

و نحن عم ننتظرك

golya 09-01-09 07:59 PM

ياي الجزء كثير يحمس احنا معاكي ياقلبي ,,

ناتالي 10-01-09 11:21 PM

ميرسي كتيييييييييييييييييييير
ويسلمو هالأدين الحلوة على الكتابة:55:
ويعطيك العافية ياقلبي ويااحلى ام دودي
ومنطمع بتكملة القصة كلها مرة واحدة شو رأيك؟فكري بالموضوع:f63:
بلييييييييز بإنتظارك ياقمر :i05Tulip:

doode al 7aloo 11-01-09 01:27 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناتالي (المشاركة 1815802)
ميرسي كتيييييييييييييييييييير
ويسلمو هالأدين الحلوة على الكتابة:55:
ويعطيك العافية ياقلبي ويااحلى ام دودي
ومنطمع بتكملة القصة كلها مرة واحدة شو رأيك؟فكري بالموضوع:f63:
بلييييييييز بإنتظارك ياقمر :i05Tulip:

ههههههههههههه انتي طماااااااااااااااااااعه واجد :lol:

طيب اذا تصبرو كم يوم ؟ رح انزلها مره واحده .. تكرمي ...

pearla 11-01-09 01:41 AM

تسلم ايدك حبيبتي على الجزء الحلو متلك و لا تتاخري علينا

فراولة2008 11-01-09 07:44 AM

ألف شكر
تعودنا منك كل حلو
الله لا يحرمنا منك

doode al 7aloo 12-01-09 10:14 AM



8-لا أطلب شفقة

تلقت شانا في يومها الأول في المستشفى زيارة سيدتين أو
ثلاث من زوجات الرعاة ممن تعرفت عليهن وعمتها أثناء تنزهاتهما
اليومية وقد حملن معهن الزهور والفاكهة والكتب , لتتسلى بها أثناء
وحدتها . أما بيري فجاء قبل الغداء ليوصل عمتها ولكنه بعد الظهر
عاد وحده فقال لشانا إن العمة تستريح الآن , وهي ستقصد
المستشفى في السادسة .منتديات ليلاس
قالت شانا له بوهن عزيمة , لاحساسها العميق بالذنب:
- إنها متعبة . أليس كذلك ؟
كان بيري عندما زارها في الصباح متحفظآ غير أنها علمت أن
عليها قريبآ مواجهة غضبه وأسئلته المتعلقة بأسباب عصيان أوامره
والذهاب إلى الغابة وحدها . ستعود غدآ إلى الدار وعندها سيبدأ
بطرح الاسئلة , وبالتأنيب المناسب ..
- أعتقد أن الجميع متعب . (أجاب باقتضاب)
وقف يشرف عليها وهي مستلقية على السرير . كان شعرها
الجميل كهالة ذهبية حول وجهها المستلقي على الوسادة وكانت
عيناها النجلاوان البنفسجيتان ملبدتين وشفتاها مرتعشتين حين
قالت :
- أنا مذنبة أستحق اللوم بيري ... أريد العودة .. الى انكلترا !
-109-


لا تدري كيف انسلت منها هذه الكلمات فهي لم تشأ قول اي
شيء من هذا القبيل غير أن رغبتها المفاجئة في السفر وترك الرجل
الذي يثير وجوده فيها جيشانآ من المشاعر , دفعت هذه الكلمات
إلى الانسلال قبل أن تستطيع كبحها أو لجمها .
- أتودين مغادرتنا ؟
هزت رأسها .. كانت تشيح وجهها عنه , فغاب عنها رؤية
الخطوط الرمادية المرتسمة على وجهه ... ولأنها لم تجد سبيلآ
إلى التراجع أجابت :
- أجل بيري .. أريد الرحيل . لقد تمتعت بإقامتي هنا , أشكر
لك حسن استقبالنا . إلا انني أشعر بوجوب التفكير في الرحيل
قريبآ .
أعقب عبارتها تلك صمت مطبق طويل .
-هل تحدثت إلى عمتك ؟
حين هزت رأسها نفيآ .. أضاف :
- أنها مسرورة بوجودها في المزرعة لذا أعتقد أن من الخير لها
ألا تصر على الرحيل قبل ان تستعد هي . فربما تكون عطلتها هذه
آخر عطلة تحظى بها , فهي ليست صحيحة الجسم دائمآ . لذلك .
لن يكون مستساغآ قطع العطلة عليها .
أدارت وجهها اليه متفحصة , فكانه لا يرغب حقآ ان يغادرا
بيته بعد .. تعسر على شانا ان تصدق ما قاله , فعندما وصلتا ذكر
أنه لا يرحب بوجود شانا ولكنه عاد فتبدل فتغيرت تصرفاته بشكل
واضح دون أن تفهم لذلك سببآ . تنهدت تنهيدة عميقة :
- أعتقد انك علة حق . ربما يجب أن أكتم عنها شعوري هذا .
- لقد جعلتني أؤمن أنك احببت الاقامة عندنا ؟
جر كرسيآ فجلس عليه ... كان مظهره أكثر رسمية وهويرتدي
-110-


سترة رمادية قاتمة وربطة عنق فوق قميص ابيض ناصع كالثلج .
- لماذا غيرت فجأة رأيك ؟
هزت كتفيها بعجز :
- إن مرد قولي ذاك شعوري الحالي . فمن الخطأ الفادح هيامي
على وجهي في البرية . أشعر أنني الحقت الخزي والعار بنفسي .
ابتسم فدهشت .
- أيكون مرد ما أسمعه منك خوفك مما سأقوله لك حينما
تستعيدين عافيتك ؟
اخفضت جفنيها استحياء :
- انت شديد الملاحظة بيري .
- لا تصعب قراءة أفكارك شانا .
عكس صوتها دهشتها حين ردت :
- لا أفهم لماذا لست غاضبآ مني .
- غضبت في البدء غضبآ شديدآ , ولو وجدناك في الليلة الاولى
لصببت عليك جام غضبي كله . ولكنك بقيت تائهة فلما مرت
الساعات وحل الظلام عليك ..
وصمت .. وظل صامتآ فترة طويلة وكأن الكلام تعسر عليه
فجأة .. فلما أردف خرجت منه الكلمات بصعوبة .
- لقد تغلل القلق إلى نفوسنا واستولى علينا , لأننا كنا نعرف
انك تضعفين وتضعفين طوال الوقت . وسيأتي عليك وقت تعجزين
فيه عن التحرك وعندئذ تستلقين بين العشب المرتفع ويصبح من
المستحيل علينا إيجادك .
صمتت شانا تحدق إليه مذهولة .. بعد لحظات أضاف :
- لا تشغلي بالك شانا .. فلن أوبخك على ما حدث قلت
لعمتك إن حاجتك إلى العزلة التامة دفعتك إلى الخروج كما
-111-


فعلت . وأحسبني أفهم ما شعرت به شانا . ولأنني فهمتك لن أسبب
لك المزيد من الانزعاج .
وأمسك يدها فوق الغطاء , فغطاها بيده التي شعرت بها دافئة
وقوية تؤكد لها بشكل حاسم أنه صادق . لقد قال إنه فهم .. إذن
فهو يعرف انه آلمها ألمآ شديدآ عندما ذكرها بالماضي .. وهو يتفهم
ألمها ويعتبر الذكريات السبب في عصيانها أوامره , فابتسمت له ,
ورد عليها بابتسامة مماثلة . وسألها بلطف :
- أما زلت راغبة في العودة الى وطنك ؟
ردت بخجل :
- ليس الآن بيري .. أشكرك لأنك لست غاضبآ مع أنني
أستحق غضبك .
حلت ابتسامة خبيثة مكان الاخرى :
- ألذلك أقلقت نفسك حتى المرض ؟ هل انا مخيف الى هذه
الدرجة شانا ؟
إن محادثتهما الحميمة هذه غريبة .
- لا أشعر بالخوف عندما تكون على هذهى الحالة .
زال تحفظه تمامآ .. كان ينظر اليها والرقة في عينيه . يده تضم
يدها بنعومة . لقد أصبح سهل المنال فجاة , فتذكرت أملها بأن
يسامحها قبل أن تغادر منزله الى الأبد . فظلل وجهها سحابة الم ,
وارتجف فمها , فقال لها باهتمام مفاجئ :
- مابك ؟ أتعبة انت ؟
هزت رأسها , لا تريد ازعاجه او اقلاقه :
- لا .. لست متعبة .
وقعت اشعة الشمس على شعرها فزادت من نظارة لونه
الذهبي , ولامس الضوء عينها ليغير لونهما فتغيرت سيماء وجهها
-112-


وأصبحت الشرايين الزرقاء أكثر شفافية حول صدغيها .. فابتلع
بيري ريقه بصعوبة , ثم أشاح بصره عن صورتها الرائعة . قال
بطريقة مباغتة أذهلتها :
- يجب أن أذهب . وكما قلت .. ستحضر عمتك لقضاء ساعة
معك قبل العشاء .
نظرت اليه .. ما أشد وسامته وما أروع طوله وما أبهى استقامة
كتفيه العريضتين .
- شكرآ لمجيئك .. هذا لطف منك لأنك كثير الانشغال هذه
الأيام .
بقي قرب السرير فترة , يحدق في وجهها .. وكأنه يكره ان
يتركها . ثم وعدها مبتسمآ :
- سأعود صباح الغد .. أما في المساء فستعودين معي .
- ما أسعدني حين أعود إلى البيت !
قطعت كلامها فجأة وقد أدركت أنها تسرعت في الكلام من
غير تفكير . ارتفع اللون الوردي الى وجهها , فأسدلت ستارة
أهدابها على عينيها لتمنعه من رؤية الانفعال فيهما . ظل يتفرس فيها
بصمت وجمود , وكأنه يفكر في كلامها . عرفت انه مثلها , يسمع ما
قاله لها منذ زمن بعيد : ستكونين عروس (( غريت سليف )) الرابعة
وأجملهن وجهآ وأحبهن إلى القلوب .
أخيرآ , تمكنت من التطلع إليه . كانت عيناه كئيبتين واحدى
يديه مشدودة .. ودعها بسرعة ثم غادر الغرفة .
جاء الطبيب بعد برهة قصيرة , وعبر عن رضاه عن حالتها ثم
ذهب فورآ ..
كانت شانا تقرأ كتابآ حين ظهرت الممرضة الشابة تعلن وصول
زائر .
-113-


-تشارلز !
حيته شانا بحماس , ثم وضعت كتابها على غطاء السرير .
- ما أسعدني برؤيتك .. اكنت مع بيري ؟
تقدم منها ليجلس على الكرسي الذي تركه بيري منذ قليل ..
- لا .. جئت خصيصآ لأراك .
- أوَ اجتزت تلك المسافة كلها لتراني فقط ؟
ارتد في كرسيه , ناظرآ الى وجهها :
- ولم الدهشة ؟ ألا تذكرين أنني قلت لك إنني قادم يوم أمس ,
ولكن بيري ذكر أنكم ذاهبون الى البلدة .
صمت لأنه لاحظ انه بملاحظته تلك أحرج شانا . ثم لم يلبث
أن تنهد , ناقلآ حديثه إلى مسألة ضياعها.
- إن بيري دون شك حذرك مسبقآ من مغبة التوغل بعيدآ ,
فنحن نحذر الزائرين دائمآ من المخاطر التي تشكلها الأحراج هنا .
- اجل .. حذرني .. ولكنني نسيت تحذيره .
- نسيت ؟ وكيف تنسين بحق الله ؟
- يصعب علي شرح الوضع لك تشارلز . فأرجوك لا تطرح
المزيد من الأسئلة . كيف عرفت أنني تهت ؟ هل اتصل بيري بكم ؟
- طلب منا المساعدة.
- طلب مساعدتكم ؟ أتعني ان رعاتكم بحثوا عني أيضآ ؟
- لم يبلغ بيري أبي قبل صباح الامس . إذ وجد انه في ذلك
الوقت بحاجة الى كل رجل قادر على المساعدة . لم يكن يشك في
البدء في قدرته على العثور عليك قبل الغروب . ولما أغربت
الشمس رأى أن لا بد من طلب المساعدة .. فأرسلنا له الرجال ..
طبعآ .
- كلهم ؟
-114-


- معظمهم .
- ما أفظع ما قمت به لقد انزعجت المنطقة بأسرها ! وكيف
وصلوا ؟
- بل قولي بما سافروا .. لقد أتوا بالسيارات والشاحنات
والفانات والسيارات الخاصة ... لا تشغلي بالك بهذا الأمر شانا
فلست أول من يتيه في المنطقة .
- لن أسامح نفسي إذ كان على التفكير في ما سأكبدكم من
متاعب وإزعاج قبل أن أهيم على وجهي . لن أنسى ذلك أبدآ ..
أبدآ .
- بل ستنسينه بكل تأكيد .. لقد انتهى الأمر بسلام .. كيف
تشعرين الآن ؟
- بخير إلا من الحروق طبعآ .
هز رأسه متفهمآ :
- حروق الشمس كالجحيم أما العطش فهو الجحيم عينه .
ارتجفت للذكرى .. مع أنها ما زالت متكدرة لما كبدتهم من
مشاق .
- اجل إنه الجحيم .
وغير تشارلز الموضوع .
- كان علي المجيء لأراك شانا . بيري لا يعلم أنني هنا .
ولكنني سأزوره قبل عودتي .. طبعآ .
في نبرته ما أحرجها من جديد .. آه ليت تشارلز لا يعقد إقامتها
فتمتمت عازمة على تجنب الموضوع .
- هذا لطف كبير منك .. هل انزعج أهلك حين أرسلوا
رجالهم للبحث عني ؟
كانت بسؤالها تفكر في سندي التي تخشى عندما تلقاها أن
-115-


تواجهها بتعليق لئيم يتعلق بمن لا يحترمون القوانين . سمعت
تشارلز يرد :
- انزعجوا ! .. أبدآ .. فليست المرة الاولى التي نُطلب فيها
لمساعدة احد . لقد تاه في السنة الماضية جماعة من السواح كانوا
قد تركوا سياراتهم بعد تعطلها وقد حدث أن شاهد أحد رجالنا هذه
السيارة فعاد ليبلغنا . وقد أسرع عندها رجالنا ورجال بيري للبحث
عنهم .. كانوا جماعة من الاغبياء ! لا بد انهم تلقو تحذيرآ بأن
افضل وسيلة للنجاة هي البقاء قرب سياراتهم .. ولو فعلوا هذا لما
عانوا شيئآ .. لقد لزمنا حتى وجدناهم يومين من التفتيش . وعندما
عثرنا عليهم حملناهم إلى المستشفى حيث مكثوا فيها أربعة أيام .
دخلت الممرضة الى الغرفة تسأل :
- أتتناول الشاي مع شانا سيد جيلبرت ؟
- لا .. شربة ماء فقط .. ارجوك .
ثم التفت الى شانا ليتابع الحديث .
- أفضل انتظار العشاء , لأتناول وجبة كاملة .
ظل عندها نصف ساعة اخرى , ثم خرج قائلآ :
- سأراك في الحفلة .
ابتسمت له شانا . ثم برقت عيناها وهي ترى عمتها غلوريا في
الباب تبتسم لتشارلز , الذي تنحى جانبآ ليتركها تمر :
- تشارلز ... يا للطفك ! أيعلم بيري أنك تزور شانا ؟
جعل انتقال حديث عمتها من الترحيب الى السؤال شانا
تشهق .. لقد قاد تشارلز سيارته ما يزيد عن مئة ميل في حر الظهيرة
- لما يعرف بعد ...
إذن يجب أن تزور المنزل .منتديات ليلاس
-116-

نظر اليها تشارلز مستغربآ , ثم تبادل النظرات مع شانا :
- كنت على وشك أن أقول إنني سأزوره .
احمر وجه العمة بشدة .. وتمتمت :
- عذرآ على تطفلي . كان علي أن أدرك انك لا بد زائرآ
المزرعة قبل عودتك .
- إلا أنك بدوت ملهوفة حتى أقوم بهذه الزيارة سيدة جيليس ؟
لقد حيرته بالحاحها كما اذهلت شانا . ولكن العمة هزت
كتفيها بعدم اكتراث مفتعل :
- ملهوفة ؟ ولمَ أكون ملهوفة إن زرته أم لم تزره ؟ لا .. لقد
ذكرت تلك الكلمات عرضيآ ليس إلا . هذا ما يحدث للمرء عادة
حين يكون فكره مشغولآ بأمور اخرى .
نظرت شانا الى وجهه عمتها ممعنة وأجابت :
- وما هي الأمور التي تشغل بالك عمتي ؟
- انت بكل تأكيد ...! لا أقوى على عدم التفكير في المحنة
الفظيعة التي مررت بها . إنها وحدها تكاد تميتني رعبآ .
نظرت شانا اليها بارتياب , تتذكر كيف تجاوزت العمة الأمر
بسهولة . ولكنها لم تقل شيئآ . بل ودعت تشارلز الذي لوح بيده
قبل ان يغادر الغرفة .
- اجلسي عمتي .. كيف جئت ؟ أوصلك بيتر ثانية ؟
- اجل .. أليس هذا لطفآ منه ؟ أنا لن اتعب إن جئت سيرآ
ولكن بيري يرفض ذلك . ذلك الشاب عطوف حقآ لقد قال بصوته
الصارم : لا .. ستتعبين كثيرآ .. فكان أن ارسل بيتر ليوصلني ...
والآن عزيزتي .. كيف حالك اليوم ؟ تبدين بصحة جيدة , وأنت
على فراشك مستلقية .
-أنا في أتم عافية فكل شيء حتى الحروق أفضل حالآ .
-117-


لاح لها أن أفكار عمتها بعيدة جدآ . فبعد أن سألتها ذلك
السؤال فقدت الاهتمام بردها وراحت تتمتم وكأنها تحدث نفسها :
- اتساءل ماذا سيعتقد بيري حين يعرف ان تشارلز قطع تلك
المسافة ليراك . أنا نفسي ما كنت لأصدق أنه سيفعل ذلك .
هزت شانا رأسها مرتبكة فهي ما عادت تفهم عمتها هذه
الايام . فقررت أن من الأجدى لها ترك العمة وشأنها فلتفعل ما
تشاء .
غير أن العمة لم تلبث أن انتقلت إلى الحديث عن أمور أخرى
بعفوية حتى حان وقت رحيلها .. فانحنت تقبل ابنة اخيها :
- عمت مساء عزيزتي .. وانا سعيدة لأنك لم تتلقي اللوم على
ما قمت به .
ولكن لماذا تهتم العمة بأثر زيارة تشارلز على بيري ؟
والسؤال هل سيبدي بيري أية ردة فعل ؟ طبعآ لن يفعل . ولكن
شانا كانت مخطئة في ما تيقنت منه ذلك أن بيري حين وصل إلى
المستشفى صباح اليوم التالي كان أول ما قال باقتضاب ووجوم :
- يبدو تشارلز مهتمآ بك اهتمامآ عليه أن يشعرك بالفخر , فلقد
قطع هذه المسافة ليراك فقط .
نظرت شانا اليه بسرعة , كانت جالسة الى الوسائد ..
تبدو جميلة خلابة ترتدي سترة نوم وردية جميلة , فردت عليه:
- هذا ما أدهشني ايضآ . فلو كان قلقآ علي لسأل عن حالي
بواسطة جهاز الإرسال .
جلس بيري ساخطآ :
- كان قلقآ عليك بالتأكيد . ما من شك في هذا !
وازدات حيرة شانا فسألته متوترة :
- هل أنت منزعج لأنه زارني ؟
-118-


ارتفع رأسه بتعجرف فجأة .
- منزعج ؟ ولماذا أنزعج ؟
- لا سبب أبدآ .. لكنك لا تبدو راضيآ .
ارتجفت شفتها , فقطب جبينه ثم غدا أرق وألطف .
- لست غاضبآ ولكن زيارته فاجأتني وهو إلى ذلك لم يعلمني
بها . إنه لا يتمادى عادة ولا يتجاوز غزله حدود معينة .
- لكن تشارلز لم يغازلني قط ولم يتمادا
- أثق بكلامك ولكن هذا لا يعني أنه لن يتمادى .. فهو مهتم
بك حقآ .
جعله هذا التفكير يعبس عبوسآ شديدآ .. لكن وجهه كان
يرتدي قناعآ باردآ لم تفهمه . فقالت شانا بهدوء:
- هو يهدر وقته إذن . لأنني لست مهتمة به أبدآ .
- ألا تجدينه جذابآ ؟
- إنه جذاب دون شك ؟ فمظهره جميل وجسده رائع وأخلاقه
عظيمة لذا أحسب أن امرأة ما ستقع في حبه رأسآ على عقب يومآ .
ابتسم بيري ابتسامة خالية من المرح . كان متباعدآ منطويآ على
نفسه , فعيناه كئيبتان وأفكاره بعيدةكل البعد عن السعادة .
- اذن .. تجدينه جذابآ ؟
هزت رأسها وقد اربكتها تصرفاته :
- قلت لك إنه جذاب . إما أنك أسأت فهمي وإما أنك حرفت
معنى قولي .
فكان رده غير المتوقع :
- أنا آسف .. أفهم من هذا أنه رغم طلته البهية لم يفتنك ؟
- لست في مزاج يقدر فيه أي إنسان على أن يفتنني بيري . أقوم
وعمتي بعطلة ستنتهي وشيكآ لذا من الغباء أن اتورط مع احد .
-119-

هز رأسه وقال :
- لن تسافرا قريبآ . فعمتك تحس بالاستقرار والرضى .
نظرت اليه بدهشة :
- ألا تهمك المدة التي سنمكثها عندك ؟
- نحن نحب الزائرين , فالزيارة تضفي تغييرآ مستساغآ على
حياتنا .
- لدى عمتي منزل وحديقة ..
- ومن يرعاهما لها ؟
- جاران غير أننا لن نستطيع الابتعاد طويلآ .
- أخبريني ... ماذا ستفعلين حين تعودين ؟
- سأعود الى وظيفتي التي أرجو أن تكون شاغرة .
- وماذا تفعلين في العطلات الأسبوعية ؟
- اقوم بأعمال منزلية , أو أخبز إلا أنني أمضي معظم أوقات
فراغي برعاية الحديقة فعمتي لم تعد قوية الجسم . ورعاية الحديقة
تتطلب قوة وقدرة .
بدت عيناه مستقرتين في عمق عينيها بشكل غريب فاحمرَ
وجهها وحل الاحمرار محل الشحوب , وارتفعت ابتسامة الى
شفتيها , أما هو فلم تتزحزح نظرته عن وجهها حتى هز رأيه أخيرآ
وقال بصوت تغمرة الشفقة :
- ليس لديك خيارات كثيرة .
أهذه شفقة ؟ ثارت أعصابها .. شفقة ! ونظرت الى الوراء تتذكر
مناسبات أظهر فيها الشفقة ولكن وجهه حاليآ مطبوع بالشفقة .. انه
يفكر في حياتها ورتابتها . . ربما يحس رغم شفقته أن اللوم يقع
عليها وحدها . فحياتها كان يمكن ان تكون مختلفة كل الاختلاف
لو اتبعت قرار قلبها بدل قرار ضميرها . أحست بالبرود فامسكت
-120-


آليآ بالاغطية تشدها ثم لم يلبث أن عاد الشحوب إلى وجهه فتغيرت
ملامح وجهه وهو يرى هذا التغيير المباغت .
قالت بجفاء :
- حياتي هادئة مستقرة وعامرة . ربما ليس فيها إثارة . نعم
ولكنني قانعة بها .
اتضح أن تصرفاتها وكلماتها جعلته ينتفض فمال الى الامام في
كرسيه ... واقترب منها كثيرآ , تلمع عيناه غضبآ . حتى بدا اكثر من
مخيف .. ورغم ذلك .. تحبه ! ألا تتمكن من مد يدها إليه فهذا
عذاب أليم . آه ليته يمسك يدها أو يضمها ضمآ شديدآ قويآ كما
كان يفعل في الماضي . يالبؤسها وضعفها ! أيجلس حبيبها قربها
وهي عاجزة عن الابتسام ابتسامة مشرقة أو عن الاستناد إلى كتفه
بتملك ؟ تجمع ثقل كبير في عينيها ومات قلبها فعوضآ عن القيام بما
تتوق إليه كان عليها ادعاء الهدوء والبرود , ووضع قناع غير
عاطفي .. كان عليها أن تحافظ على رأسها شامخآ لتظهر أن
كبرياءها ما تزال محفوظة .
ووقف بيري فجأة .. وكأنه أحس أن وجوده لم يعد مرغوبآ ..
فودعها بكلمات متوترة ككلماتها وتركها .. تركها تعض بقوة على
شفتها , وتبتلع بصعوبة الشفقة ...!
إنها ذل لن تقوى على احتماله أبدآ !
أن يتصرف بلا مبالاة خير لها من الشفقة .
* * * * *
-121-



nana1210 12-01-09 10:59 AM

:) السلام عليكم ورحمة الله وبركاته شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . جزاك الله الف خير بارك الله فيك ورحم الله والديك, يعطيك الف عافيه

doode al 7aloo 12-01-09 03:12 PM

مررررررررررررررحب

أولآ مشكوووووووووووورين كل اللي كرموني وشجعووووووني برد جميل ..

وانا قلت اني مارح انزل شي الا لما اخلصها كلها..... بس الفصل هذا مشوووووووووق

كثير وحبيتكم تشاركوني به .. واشوف حمااااسكم خخخخخخخخخخ

doode al 7aloo 12-01-09 03:13 PM


9- لن أغفر لك أبدآ
كان الجميع في الأمسية التي سبقت أمسية الحفلة جالسين
يرتشفون القهوة . الطالبان بيتر ولانس يتبادلان الحديث بعيدآ عن
بيري والعمة غلوريا , المستغرقين في حديث طويل وشانا تجلس
باسترخاء في الكرسي الهزًاز غارقة في أفكارها .
وكانت منذ أن لمست من بيري شفقته قد لاذت الى تحفظ
بارد أشبه بعباءة تحميها من الألم ترتديها كلما وجدت نفسها مع
بيري وحيدين ... وكان بيري من جهته قد لاذ إلى كبريائه وراح
يعاملها بفتور وما هي إلا ساعات على عودتها من المستشفى حتى
أصبحا لا يتبادلان الحديث إل في الحالات الضرورية . وقد حارت
العمة في أمرهما فاستجوبت شانا التي لم تتردد في قول الحقيقة .
- بيري يشفق علي وأنا أرفض منه الشفقة . أذا بقيت باردة
متحفظة معه فسيعرف سريعآ انني لا أتوسل لأحظى ببعض لطفه أو
عطفه . وبما أنه يشفق علي فقد اتخذت قرارآ بأن أعامله ببرود أثناء
إقامتي في مزرعته . أنا آسفة عمتي الا أن لي كرامتي فافهمي رجاء ,
فمن الصعب على فتاة كانت تملك حب رجل وحياته أن تصبح
موضع شفقته .
غضبت العمة عندما سمعت كلماتها هذه فخرجت عن طورها :
- الشفقة ! أوه لا يا عزيزتي ! أنا على يقين من وقوعك في خطأ
-122-


فادح .
وقتذاك أوشكت العمة على الإجهاش بالبكاء فتأسفت شانا
لأنها لم تقل لها ما قالته لباقة . ولكن الاوان فات للتراجع .
- لقد كان لطيفآ معي إلى درجة الرقة , كما لاحظت بل إنه لم
يعاتبني على ما فعلته وقد لاحظت شفقته عدة مرات فيما بعد
خاصة في تعابير وجهه .. وأعرف أنني على حق عمتي فلا
تجادليني .
تنهدت العمة بعمق , ثم قالت وكأنها تحدث نفسها :
- حسنآ .. لم آخذ هذا الامر في حسباني .
ولكن شانا لم تتأكد من كلامها . أما العمة فقطعت كلامها
بحدة وكأنما خافت أن تفهم ابنة اخيها ما يجول في خلدها ثم
تابعت :
- لم أرَ ما يشبه الشفقة في تصرفاته عزيزتي شانا إنما لماذا
تتصورين الأمر على هذه الصورة ؟ انه متعاطف معك ليس إلا .
- هل عليً برأيك أن أستأنس بشفقته ؟
لم تفهم عمتها معنى ان تتلقى الشفقة عوضآ عن الحب الضائع
الى الأبد . كذلك , ربما كان لها عذر في ما تقول وها هي الآن
تتحدث الى بيري , وتنظر الى شانا بين حين وآخر .. وكأن
تأكيدات ابنة اخيها لها تدور في رأسها غير أن هذه النظرات
تغيظها .. فوقفت ووجهت نظرتها الى المجموعة كلها قائلة:
- أخالني سأخلد إلى فراشي فهلا عذرتموني ؟
نظر اليها بيري عندما وقفت :
- أمتعبة أنت ؟
وشملت نظراته ذراعيها المتورمتين من جراء حروق الشمس
التي لا ترحم , فهزت شانا رأسها :
-123-

- اجل بيري .. أحس بالتعب فعلآ .
وخالته يعبس ولكن مهما كانت مشاعره , فالعطف يغلب عليه .
فليحتفظ بعطفه لنفسه . ارتفع رأسها , ونظرت مباشرة الى عينيه,
وفمها متوتر بتعجرف , فضاقت عيناه فيما أطبقت يده المستلقية
على الكرسي بشدة .
- إلى الفراش إذن . أرجو أن تشعري بأنك أفضل حالآ في
الصباح .
ثم التفت الى عمتها ليقول شيئآ . فعلمت شانا أنه يتصرف
بتكبر ولكنها السبب فلِمَ ترتجف شفتاها وتجتاحها موجة من
الاشفاق على النفس ؟
تركتهم دون أن تتوجه إلى فراشها , بل تسللت الى الحديقة
بهدوء تريد أن تنفرد بنفسها بعيدآ عن الناظرين في الشرفة .. نادتها
دالية ظليلة إليها , فجلست على مقعد حجري تناهى إليها الأصوات
من بعيد .. أصوات بعض عمال بيري الجالسين خارج منازلهم ..
أحست بعدو مسرع أعقبه ركض على قدميها ربما صاحبه سنجاب
صغير يجري ليؤمن طعامه .. جلست جامدة تنظر حولها , تأمل أن
تشاهد عينيه السوداوين الامعتين ولكنه كان قد اختفى دون ان
يترك أثرآ . اتكأت الى الوراء تحدق الى غصون الأشجار وأوراقها
فشاهدت كوكب الجنوب فوق رأسها يلمع وكأنه مزاييك متلألئ
في كبد السماء المخملية القاتمة ذات اللون الاحمر الشديد
الاسوداد .. ثم لم تلبث أن سمعت صوتآ آخر ... لا بل وقع أقدام
واثقة ظلت تقترب وتقترب فارتدت إلى الوراء رغم علمها أنها لم
تكن بعيدة عن الرؤية .
- ألم تقولي إنك ذاهبة الى النوم , بينما كل ما تريدينه بعض
العزلة ثانية .
-124-

وكان في صوته الحاد النبرات اتهامآ , فاستوت على مقعدها ,
وقد انزعجت منه لأنه راقبها عندما قصدت الحديقة . كان يقف
تحت الدالية طويلآ مستقيم القامة يضع احدى يديه في جيب
سرواله , والأخرى يسندها الى دعامة الدالية . كان حدود الجبل
القابع وحيدآ يبدو واضحآ خلفه , أما القمم فتاهت في بساط قطني
أبيض منخفض ..
أجل وجدت هذه الحديقة مؤنسة منعش هواؤها . فلم يطب
لي الإيواء إلى فراشي باكرآ .
- وهل اكتشفت هذا بعد ان تركتنا ؟
ابتلعت ريقها بصعوبة , لتريح الالم الذي أحست به يطبق على
حنجرتها .
- أجل .. أعتقد أنني أدركت هذا بعد تركي لكم .
تجهم وجهه .. وتقدم خطوتان غير أنه لم يحاول احتلال
المكان المجاور لها على المقعد . ثم قال بنبرة حادة قاطعة :
- وكأنك بت متيمة بصحبة نفسك أكثر من العادة .
- قد يجد المرء في كثير من الأحيان البهجة في الخلوة .
- وفيما تفكرين حين تكونين وحيدة هكذا ؟
لاحظت أن البرودة التي ما زالت صوته قد بدأت بالتلاشي ,
وهذا ما لا تريده ذلك أنها تعني العودة الى وضع تتمنى تجنبه ..
وضع تكون فيه عرضة لشفقته .. ولكن الغريب أنها في الوقت ذاته
كانت تتوق الى رقته ولطفه وابتسامته .
صمتت تحاول التملص من الحقيقة إلا أنها لاحظت أن بيري
فقد صبره أثناء هذا الصمت .
- أفكر في أشياء كثيرة , إنما أحاول بشكل رئيسي ..إراحة
تفكيري .. والمرء يستطيع إيجاد الراحة حيث الهدوء والسكينة ,
-125-

والقرب من الطبيعة .
- لقد اصبحت متعلقة بهذا المكان , أليس كذلك شانا ؟
رغم انبثاق الكلمات من شفتيه بنعومة وهمس إلا أنها رأت
إنذارآ ما مما مسَ كرامتها وجعل قسماتها تتغير . اعترفت بقدر ما
استطاعت من صراحة :
- يعجبني .. إنها بلاد مخيفة , غير أن لها جمالآ وجاذبية
فريدين .
كانت مهذبة عفوية الكلام , ليس في كلامها ذرة حماس أو
مواربة كذلك .
رفعت رأسها الى السماء , فنسيت وجود بيري لحظات .. في
تلك اللحظة انسلَ القمر من بين الغيوم البيضاء التي تحيط بقمم
الجبل , فأضاف نوره الفضي أنوارآ الى انوار النجوم .. كانت مجرة
درب التبانة تبتعد مسافرة الى ما لا نهاية , مع مجموعة لا تنتهي
من اللآلئ اللامعة في كبد السماء . وكانت الاراضي الممتدة
هاجعة تحت هذه الأنوار .. والصوت الوحيد الذي كان يتحرك في
الهواء هو همس اشجار الصنوبر قرب السفوح البعيدة .
تقدم بيري فوقف على مقربة منها . عندما التفتت إلى وجهه
راحت شفتاه تتحركان بطريقة غريبة . ولكن ما من صوت كان
يتناهى الى أذنيها . أحست بتوتر , كانت قد عرفت مثيله منذ قدومها
إلى هذه البلاد إلا أن هذا التوتر في هذه اللحظات كان أقوى
وأشد .. ولا بد انه احس بهذا .. فتوقف .. وتكلم .. يسألها :
- رغم ميلك الشديد للعزلة .. أتمانعين إن جلست معك ؟
اهو رجاء ؟ ما هذه الكلمات الغريبة ! لا .. هذا مستحيل كيف
خطرت لها هذه الفكرة ؟
- إنها داليتك .
-126-

قالت هذه الكلمات برقة تدفعها قوة غريبة من الود لم تستطع
كبحها للتخفيف من توتر كرامتها . إنه ضعفها هو الذي يجعلها
تتوق إلى هدنة قصيرة .. قبل ان يلجأ كل منهما , في ضوء النهار,
الى الرسميات .
- طبعآ يمكنك الجلوس .
- شكرآ لك .
احتل الفراغ الملاصق لها , وأخذ يحدق بكآبة إلى الجبال وقد
ران الصمت عليه وعلى شانا أيضآ بشكل طبيعي . غير أن صمتهما
هذا ركز التوتر أكثر , حتى أصبح حيآ نشيطآ جاعلآ كل منهما يتمنى
لو يحطم الآخر هذا الصمت الذي لم يقطعه سوى صراخ ابن آوى
المرعب الآتي من البعيد . تحركت شانا لا إراديآ قليلآ نحو رفيقها ,
وقد ارتجفت .. وقالت هامسة :
- كائن ما سيقتل قريبآ هناك .
وصمت الدغل صمتآ لا رحمة فيه بل قسوة كبيرة .
- إنه قانون الغلبة للأقوى . سيقتل كائن ما ليبقى الاخر حيآ .
أكان يفكر في أعداد القطعان الكبيرة التي يطلقها في هذه
الأقفار ؟ ولكن تربية المواشي لسوقها الى الذبح عمل قائم على قدم
وساق , دون التفكير في أن هذه الحيوانات المسكينة لا تستطيع
فعل شيئ إزاء مصيرها .. نطقت بأفكارها , دون قصد , فأمعن فيها
بيري النظر ثم قال :
- إنها الضرورة مرة أخرى شانا .. غير أن حيواناتنا تبقى
مطمئنة هنا حتى نرسلها الى قطارات شحن المواشي . وعملنا هذا
لا يشبه أبدآ المزارع الصناعية التي تربي المواشي داخل جدران
مغلقة .
ابتسمت تهز رأسها :
-127-


- أعرف هذا .. كانت فكرة ليس إلا فأنا اكره مجرد التفكير في
أن كائنآ ما سيقتل .
- .. اذكر هذا ..
وصمت .. إلا أنها سرعان ما عرفت إلى أين ارتدت ذاكرته
فقالت له :
- إنما حالة كلبتي تحسنت .
فالتفت اليها بحدة يسأل :
- ألم تستدع الحاجة إلى أن يقتلها البيطري ؟
هزت رأسها :
- أجرى لها البيطري عملية جراحية قامت على أثرها سليمة
قوية وقد عاشت بعد ذلك ثلاث سنوات أخرى حتى ماتت بسلام
وهي نائمة أما سبب موتها فالهرم .
- حسنآ ! أذرفت تلك الدموع كلها على لا شيء ؟
ضحكت بنعومة :
- لقد مررت بعذاب من أجلها !
أذكر هذا . كان ذلك قبل ثلاث أيام من ...
صمت فجأة إلا ان شيئآ أبعد من سيطرتها جعلها تنهي جملته :
- .. قبل أن نودع بعضآ بعضآ . أجل بيري .. اذكر هذا جيدآ ..
بكيت وبكيت حتى بدأت تفقد صبرك معي ..
- لا شانا .. لم أفقد صبري معك ! ولكنني قلقت عليك من
المرض ..
صمت ثانية إنما فجأة كما فعل في المرة الأولى . فقد
تحرك شيء ما في حنجرته . فتمنت شانا لو أن الحديث لم يأخذ
هذا المجرى .. المؤلم ذلك أن التأثير بدأ جليآ عليه كما هو جلي
عليها فقالت :
-128-


-فنغير الموضوع بيري .
- لقد وعدتك برحلة الى البحيرات , لذلك يجب فعل شيء
حيال الأمر .
استرخى الوضع بينهما بشكل ظاهر :
- ما ألطفك بيري .. إنما هل سنبقى هناك فترة قصيرة كما
ذكرت .
ابتسم :
- طبعآ .. فسترغبين وعمتك في رؤية المناظر الساحرة
والشلالات المتدفقة .
دام حديثهما ما يزيد عن ربع ساعة وكلاهما يكره أن ينتهي
الحديث , وكلاهما يكره العودة الى المنزل .
ران صمت طويل لم تقطعه الا همسات الاشجار وحفيف
أوراقها .
قال بيري أخيرآ :
- ربما من الأفضل أن نتحرك من هنا .
ووقف . هب نسيم ناعم من جهة الجبال لاعب شعره برقة ..
فاضربت شانا لروعة منظره وأغمضت عينيها لئلا ترى فتنته
وجاذبيته , غير أن قلبها كان يعصف بها ويتوسل بصمت : ابق بعد
بيري .. ارجوك ابق بعد !
ماهذا الجنون ؟
حاولت تنحية هذا الجنون عن أفكارها فهبت تقف بسرعة
ولكنها في تسرعها هذا لوت كاحلها , وقبل أن تتمكن من موازنة
نفسها كان بيري قد التقطها . حاولت بضعف أن تنسحب غير أن
ذراعيه اشتدتا . وقال لها آمرآ :
- استرخي .
-129-


أرخت عضلاتها المشدودة بطاعة عمياء وماهي إلا لحظة حتى
ارتد رأسها الى الوراء بعد أن أمسك بيري شعرها وشده بلطف .
كان لطيفآ ناعمآ وهو عينيها فوجنتيها .
- أذن .. ما زلت تحبينني على الرغم من المعاملة التي عاملتني
بها مؤخرآ .
وأعقب عبارته تلك عناق آخر فآخر وطفقت تشعر مع كل عناق
بأحاسيسها تشتد حرارة وشغفآ .
تمتمت باحتجاج :
- بيري .. أرجوك !
سألها مازحآ :
- أرجوك ماذا ؟ أتسألينني المزيد ؟
اجتاحتها عاصفة من الحياء , فردت في محاولة لإظهار
الحشمة :
- بالطبع لا ! كنت أطلب .. أن تتركني .
رفع حاجبيه وقد التمع المرح في عينيه :
- لكنك , لا تحاولين التخلص . فهل أنت متأكدة من أنك
تريدين مني أن أتركك .
إنه آخر ماتريده ومع ذلك قالت مضطربة:
- طبعآ .. أنا واثقة ..
- كاذبة !
وشدها مجددآ .. وكان في عناقه شوق ولهفة وتجاوب ..
فارتفعت ذراعاها إليه تتعلق به بينما توهج وجهها الساحر
إشراقآ وسعادة . ولكن ذكرى قاسية أتتها من زاوية سخيفة : ذكرى
فتاة اسمها سندي . لا .. إنها صورة فحسب فلا أهمية للفتاة أبدآ ,
لأن بيري لم يحبها يومآ .. إنها هي .. شانا .. حبه الوحيد ,
-130-

فوفو 12-01-09 05:25 PM

شكــــــــــــرا كثير لك
كملىيها يسرعة من فضلك

doode al 7aloo 13-01-09 01:11 AM



والمرأة التي لم يتوقف عن حبها قط .. لقد عرفت شانا مشاعره
غريزيآ , عرفتها من طريقة احتوائه لها , ومن تعابير وجهه الرقيقة ,
ومن ابتسامته اللطيفة التي كانت تتراقص على شفتيه . سيكون
صادقآ مع سندي وسيعترف لها إنه ما زال يهتم بحبه الاول ..
ستغضب سندي دون شك ولكنها في الوقت نفسه ستقف بتعال
وتنظر إلى ما سيقوله متفلسفة وستفهم أنها لن تستطيع الاحتفاظ
ببيري , ولن تلزمه بوعوده .
- شانا ...
انطلقت ارتعاشة من جسده أوقفت تعويذة السحر التي سقطت
فيها . . فلمس قلبها أصبع من ثلج وهبطت أحلامها من غيمة
الرضى والدفء إلى أرض الواقع الباردة . تلك الافكار الضخمة ,
والاستنتاجات الواثقة .. كانت أفكارها وحدها وها هي الآن تنظر
بوجل الى وجهه .. وجه الرجل الذي تراخت قبضته حولها . وجه
الرجل الذي طغت على ملامحه قناع لا حياة فيه .
- سامحيني شانا .. أعتذر لك بصدق على هذه الهفوة .. لن
أغفر لنفسي عليها أبدآ .
الصمت .. وكأنه الصمت الذي يلي يوم القيامة .. تاركآ الثلج
المحدق بقلبها عذابآ . أحست به يستولي على جسدها كله .
- هفوة ..؟
انسلت الكلمة من شفتيها لا إراديآ وارتدت الى الوراء مبتعدة
عنه فهبطت ذراعاه الى جانبيه .. وتابعت :
- وأنا كذلك آسفة .
راحت عيناها تحرقانها وأخذ الحريق يمتد الى صدغيها حتى
كادت تنفجر من الألم . لقد وقفت بين ذراعيه , تتلقى عناقه وتبادله
إياه .. فكيف ..
-131-


قالت بلهجة خشنة :
- لا شيء هناك يستدعي المسامحة .. إنها غلطتي كما هي
غلطتك !
وارتدت عنه .. تحدق الى الظلام الكثيف وتردف :
- كان .. يجب .. أن ندخل الى المنزل .. منذ زمن طويل ..
وتكسر صوتها ثم توجهت بسرعة الى مدخل المنزل ذي
القناطر . ولكنه سد عليها الطريق .. ولو عن غير قصد .. فقد
تحرك وكأنه يريد كذلك الخروج من هذا المكان .. الحميم ..
الموحش .. فتوقفت شانا ترفع نظرها اليه , والرجاء في عينيها .
تمتمت بصوت مختنق :
- دعني أمر .
- أنا آسف .. أشعر أنني نذل شانا ..
صمت قليلآ .. فشاهدت قطرات من العرق تتصفد من جبينه .
وتابع بخشونة :
- لم يقدر لنا السير في طريق واحد .
ثم ارتد على عقبيه مبتعدآ .. تركها لتلحق به ببطء شديد ..
ولكنه لم يبتعد كثيرآ حتى التفت ونظر الى الوراء .. ليتأكد من أنها
قادمة ثم انتظر حتى أصبحت على محاذاته فسار معها توازي
خطواته خطواتها .. فقالت دون أن يظهر في صوتها تأثر:
- لا تقلق . فلن أخرج الى الأحراج ثانية .
احسته ينتفض لكلامها , فقد ارتفع رأسه وأخذت قبضتاه
تشتدان فرد بهدوء :
- لست خائفآ من هذا .
- إذن أرجوك اكمل طريقك . أود لو أكمل الطريق وحدي .
هز رأسه , وأبقى عينيه الى الامام :
-132-


- سأرافقك حتى المنزل .
قالت شانا بعد أن قطعا بضع خطوات :
- لا شك في أنك توافقني الرأي على وجوب مغادرة المزرعة .
فليتك تفكر في طريقة ما لتسرع سفرنا .
توقف مفكرآ .. وعاد صراخ ابن آوى من جديد ليبدد الصمت
الذي سرعان ما خيم ثانية .. وبدأ القول :
- سيكون هذا صعبآ .
غير أن شانا قاطعته , وقد فقدت السيطرة على أعصابها :
- لن ابقى ! أريد العودة الى بلدي حالآ ! وفي أسرع وقت
ممكن . ادع أمام عمتي أنك تنتظر زوارآ أو أنك ستتزوج قريبآ , لذا
ترغب في ألا يزعجك أحد .. لا أعبأ بما تدعيه أمامها إنما قل شيئآ
يجعلها تفهم أنك ما عدت ترحب بنا كلانا لا وحدي .
وتلاشى صوتها بعد أن خانتها الكلمات وبعد أن غدا النطق
متعسرآ . لم تستطع حتى الآن استيعاب حقيقة تصرفه , فهو لم
يتعمد فقط إيلامها .. بل في الوقت نفسه كان خائنآ لخطيبته فتوقف
عن سيره والتفت إليها :
- ليس وحدك ؟ ماذا تعنين ؟
عندئذ فقط وعت شانا ما قالته .. فأجابت فاقدة الصبر :
- لا يهم .
إلا أن قبضته على رسغها أوقفتها :
- ماذا تقصدين ؟
نظرت اليه فإذا وجهه مرهق . عندئذ أحست بتوق مجنون إلى
أن تبعد عنه الإحراج , ولكن تلك اللحظة ولت لتجتاحها موجة من
المرارة كبيرة , فلم تتردد في أن تكشف له ما سمعته حين
وصلت ... وفي هذه المرة علمت أنه ارتبك فقد تصاعد خطان من
-133-


الاحمرار الشديد الى جانبي فمه .. إنه آسف .. آسف لانه جرح
مشاعرها .. أحست في هذه اللحظة المريرة الكاشفة انها تكرهه
فصاحت به قبل أن يتفوه معتذرآ :
- لا أريد شفقتك ! احتفظ بها لنفسك ! لقد أوليتني إياها منذ
وقت وقد شاهدتها في كثير من المناسبات ! لست حمقاء بيري ..
فأنا أعرف ملامح الشفقة حين أراها !
لمعت عيناه فجأة وغضب لهذا التهجم فعلمت شانا أنها آلمته
أكثر مما يجب , وأنه كان ينوي إنكار اتهامها . ولكن تعابيره سرعان
ماتبدلت الى غضب عارم .
- أتسعين إلى أن تظهريني بمظهر النذل . ولكن قبل أن تلقي
اللوم علي عودي بالذاكرة الى الوراء الى ما فعلته بي , ألست أنت
من تخلى عني ؟ أتذكرين ؟ والآن ماذا تريدين ؟ هل تريدين أن أتخلى
عن سندي كما تخليت أنت عني ؟ حسنآ .. فكري ثانية .. لا .. لا
تنكري هذا ..! أعرف تمامآ ما في ذهنك ! ربما لا تكترثين بإيذاء
الناس أما أنا فأهتم ! لذا فأخرجي فكرة نبذي لسندي من رأسك !
حدقت الى وجه اصفر شاحب من الغضب .. وعلمت دون أي
ظلال من الشك أنه لا يزال يحبها . لقد قال إنها قد لا تهتم بآلام
الناس أما هو فبلى . خرج عن طوره ليؤلمها لما فعلته به . لما
انزلت بحياته من دمار .. فهو يعلم أنه إن تزوج سندي فحياته دون
شك ستتدمر !
وبسبب غبائها هي , حرما من السعادة !
قالت وهي متيقنه من أنه لن يتخلى عن خطيبته :
- أتقول إنك لن تنبذ خطيبتك ؟ ألا تذكر يومآ طلبت مني نبذ
خطيبي ؟
فوقف عن سيره , ونظر اليها :
-134-


- إن ذلك مختلف .
- مختلف ؟
- أجل .. مختلف ! لقد وعدتني بإخلاص بالزواج ثم حنثت
بوعدك ...
- لماذا ؟ أليس بسبب حادثة تود ؟ لماذا لا تفهم ؟ لماذا ؟
ولكنه رمى بحجتها عرض الحائط وقال:
- هناك فرق كبير .. فأنا لم أعدك بشيء الآن وهذا يعني أنني
لن أحنث بوعودي ...
ردت شانا بلطف :
- إنك تجادل جدالآ بيزنطيآ .. بيري لا تقاطعني .. فأنا لا
أنتظر منك ان تتخلى عن سندي ..
- بل كنت تنتظرينه ! لقد رأيته في عينيك .
هزت رأسها موافقة , لكنها قالت إنها الآن لا تتوقع منه ذلك .
- أفهم أنها مسألة شرف بالنسبة لك .. أعرف يا بيري أن قدرنا
كما ذكرته منذ قليل ليس واحدآ وأن سبيلنا منفصل وما اللوم إلا
واقع على كاهلي ..
أمتدت يدها برجاء الى كم قميصه :
- بيري أرجوك . أغفر لي لتصبح حياتي أسهل .
لم تتغير تعابير وجهه البتة بل كانت صارمة كصوته حين قال
بمرارة :
- لن أغفر لك ابدآ .. ابدآ
* * * *
-135-

عصماء 13-01-09 10:54 AM

ام دودي ينطبق عليك المثل اللي يقول كيف الزبدية الصيني من وين مايرنوها بترن


ماشاءالله عليك في كل مكان متواجدة ومشكورة علي مجهوداتك الجبارة


الرواية حلوة ومشوقة ياريت تكمليها بسرعة



وعلى فكرة ألف مبروك على الوسام وتستاهلي اكثر :55: :55:

doode al 7aloo 13-01-09 01:53 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عصماء (المشاركة 1819353)
ام دودي ينطبق عليك المثل اللي يقول كيف الزبدية الصيني من وين مايرنوها بترن


ماشاءالله عليك في كل مكان متواجدة ومشكورة علي مجهوداتك الجبارة


الرواية حلوة ومشوقة ياريت تكمليها بسرعة



وعلى فكرة ألف مبروك على الوسام وتستاهلي اكثر :55: :55:


مرررررررررررررررررررحب هلا

ههههههههههههههه حلوووووووووووووووووه الزبديه الصيني ...:lol:

مشكووووووووووووووووره حبيبتي على هالوصف .. وأن شاء الله دائمآ بكون عند حسن ظنكم

دائمآ وأبدآ ... والله يقدرني على أسعادكم :f63:

والله يبارك فيكي ياحلوه .. وعقبال ما تاخذي الوسام انتي كمان ... بس شدي حيلك :lol:

فعلآ الروايه رووووووووووعه .. وحتى أنا قاعده أقرأها معكم لأني لم أقرأها كمن قبل ..

والحمد لله ماباقي ألا فصل واحد .. والله يقدرني أني أخلصه الليله لكم ..

نوووورتي موضوعي ياعسل ..:flowers2:

ناتالي 13-01-09 05:26 PM

:flowers2:يعطيك العافية ياقلبي:flowers2:
عن جد شكرا كتير لتعبك معنا
وبصراحة خجلتينا بكرمك لأنك نزلتي جزء كبير بفترة قصيرة:c8T05285:
وانا عارفة ومقدرة إنك مشغولة
وبصراحة ابدعتي ياقمر
ومنستنى النهايه ياأحلى ام دودي:i03Rose_Yellow:

doode al 7aloo 13-01-09 06:20 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناتالي (المشاركة 1819563)
:flowers2:يعطيك العافية ياقلبي:flowers2:
عن جد شكرا كتير لتعبك معنا
وبصراحة خجلتينا بكرمك لأنك نزلتي جزء كبير بفترة قصيرة:c8T05285:
وانا عارفة ومقدرة إنك مشغولة
وبصراحة ابدعتي ياقمر
ومنستنى النهايه ياأحلى ام دودي:i03Rose_Yellow:

مرررررررررررررررررررحب

هلا وغلا ياناتالي ..:flowers2:

بصراحه أنتي مشاركة ومشجعة تمام :lol:

وبأذن الله الليله تكون القصه كامله ...

ومشكووووووووووووووره عزيزتي على تواجدك الدائم ..:55:

doode al 7aloo 13-01-09 06:21 PM


10-عروس غريت سليف

كانت مرارته واضحة وندمه على خطوبته واضحآ أيضآ . وليس
لدى شانا أدنى شك في هذين الاستنتاجين .منتديات ليلاس
قالت حين ذكرت لها عمتها إن بيري تجاهلها أثناء الفطور
والغداء في اليوم التالي :
- ماكان يجب أن اعود الى حياته , فعودتي الى حياته أحدثت
شرخآ فظيعآ فيها . وهذا ما يكرهه .
- لقد تخاصمتما إذن ؟
- يمكنك تسمية ذلك بالخصام . لم يستطيع مسامحتي على ما
فعلته به .
- لم يستطع مسامحتك .. ما أغبى هؤلاء الرجال ! إنما ألم
تذكري بحزم أنك ما عدت تعبئين به ؟ أكان ذلك كذبآ ؟
هزت شانا رأسها بلا تردد :
- ما قلت ذلك إلا لأبعد عنك الإحساس بالذنب .. ولكنك
كنت تعرفين منذ البداية أنني كذبت , أليس كذلك ؟
حين هزت عمتها رأسها إيجابآ :
- عرفت ذلك يا عمتي من الملاحظات الوقحة التي كنت
توجهينها لي في مناسبات مختلفة .
- وهو أما زال يحبك ؟ طبعآ يحبك أعرف ذلك .
-136-


رفعت شانا رأسها .. بعد أن ظلت مستيقظة طوال الليل ,
فهمت من بين أشياء كثيرة أسباب تصرفات عمتها . فهمت أن كل
حركة قامت بها العمة وكل تصرف تصرفته يصب في غاية واحدة
وهو جمعهما من جديد .
- كنت تأملين منذ البداية أن تقنعي بيري بالتخلي عن سندي
والزواج بي .. تآمرت , وناورت , بكل الطرق .. تركتنا في الصباح
ساعة الفطور ومهدت لنا الطريق لنبقى معآ , وقلت لتشارلز إن قلبي
محطم بسبب موت تود , ليكون لطيفآ معي , فتثيرين بذلك غيرة
بيري . أعلم أنك كنت متفائلة , تحسين بالرضى على جهودك ذلك
أن بيري كان يبدو أحيانآ غيورآ من تشارلز ..
- كنت اعلم أنه يحبك .. ولما ذكرت شيئآ عن نبش الماضي
اضفت الى أدلتي دليلآ اضافيآ . اعلمي أنني حتى الآن موقنة انه لن
يتزوج سندي .
- سيتزوجها عمتي .. كنت تتآمرين ولم تفكري في أن اللطف
الذي يظهره لي ما هو إلا شفقة غير أنك لم تأخذي هذه الحالة
بعين الاعتبار .
- منذ متى تعرفين .. مؤا ... خططي ؟
- فكرت في كل شيء ليلة أمس .
- أكنت مستيقظة ؟
- لم أستطع النوم .
تمنت لو تتخلى العجوز عن الموضوع غير أن الأخيرة لم تكن
مستعدة بعد :
- بسبب خصامكما ؟
- أجل .. طبعآ بسبب خصامنا !
حركت العمة يديها بسرعة دليل الغضب :
-137-


- لماذايخرج الناس دائمآ عن طورهم فيؤلمون من يحبون ؟
أليس لديه عقل يمنعه من الزواج بتلك الفتاة الرهيبة ؟
- إنها مسألة شرف عمتي .. لن يتخلى عنها !
- شرف ! بل حماقة وعناد .. عناد لعين صرف .. هذه عادة
الرجال !
- لن يفسد حياته بسبب العناد . لا .. انها مسألة شرف . ألم
تفكري في ما سيكون عليه موقفه أمام الناس لو فسخ خطوبته
وتزوجني ؟ إنه عضو محترم في هذا المجتمع , وأهل سندي هم
اقرب جيران له . فكري في الإحراج الذي سيسببه فسخ الخطوبة
وفي الاحترام الذي سيخسره حين سيدينه جميع الناس على سوء
تصرفه .. لا يمكنه فسخ خطوبته ولو أراد .
حين لم ترد العمة طرقت شانا موضوع عودتهما بلادهما ,
فنظرت اليها العمة متفهمة :
- انت ترغبين في العودة في أسرع وقت , طبعآ . أنا مستعدة
للسفر متى شئت .. ولكنني يجب أن أقول إنني أكره الهزيمة . ما
هذا الموقف السخيف ! انت وبيري تحبان بعضكما بعضآ بجنون .
ومع ذلك يرفض الغبي فسخ خطوبته . انني حانقة عليكما كليكما .
لماذا تضعان الضمير والشرف , أو كائنآ ما تسمى تصرفات بيري ,
قبل السعادة ؟ انت يومآ رفضت الاصغاء الى نصيحة من كانوا
ينظرون الى وضعك بموضوعية وركبت رأسك الابله العنيد دون ان
تفكري في المعاناة التي تنزلينها بك وببيري .
- عمتي .. لقد تباحثنا هذا مرارآ من قبل , لذا أرجوك لا
تعودي إلى تذكيري بغلطتي .
تابعت العمة وكأنها لم تسمع مقاطعة شانا :
- والآن جاء دور بيري .. أيمكن لرجل في مثل سنه أن يكون
-138-


عديم التفكير أو التعقل فيرمي بسعادته عرض الحائط ؟ أرجو أن
يندم على هذا في كل لحظة من لحظات حياته !
- عمتي ! ما أفضع هذا القول ! انظري إلى الأمر من جهة
أخرى . إن بيري وسندي إن نحينا الحب جانبآ , متلائمان فهما
ينتميان الى الطبقة ذاتها ويشتركان في الاهتمامات نفسها .
- بالله عليك يا طفلة .. لا تستفزيني أكثر من هذا لم أر قط
شخصين أقل أنسجامآ وملاءمة من بيري وسندي ! أما بالنسبة للحب
فتكادين تخرسينني من الذهول .
ولكن من الواضح انها لن تخرس أبدآ .. اذ تابعت وتابعت ,
متجاهلة احتجاجات شانا تلوح بيديها ساخطة :
- الحب .. ! الحب ! تتكلمين وكأن لا اهمية له , تمرين به
مرور الكرام .. إن كنت تحسبين الحب غير مهم فأخطأت . إنه
السبب الرئيسي للزواج الذي يدوم طويلآ , وهو أي الحب كان منذ
الأزل وسيظل إلى الأبد السبب الرئيسي لزواج ناجح دائم .
أتعتقدين أنهما قد ينسجمان في حياتهما دون حب ؟
- إذا كان لهما اهتمامات أخرى ..
قاطعتها العمة ثانية :
- أتعلمين ما هو رأيي ؟ إن بيري قرر الزواج لينجب وريثآ .
وهذه رغبة طبيعية .. أجل .. هذا هو سبب خطوبته لتلك الفتاة .
وغاصت العمة في تفكيرها العميق , فسارعت شانا تقول بنفاذ
صبر .
- المهم يا عمتي أنه خطبها , وهو ينوي الزواج بها .
كانت شانا قد فكرت قبلآ , أن الرغبة في وريث , قد دفعت
بيري إلى اتخاذ خطوة الزواج . فقد انتظر وقتآ طويلآ لم ينظر خلاله
كما قال تشارلز الى فتاة أخرى بجدية حتى أشهر قليلة ماضية , راح
-139-


يلاحظ سندي غير ان استنتاجها هذا حفظته لنفسها . لأنها كانت
ترغب في وضع حد لهذا الجدال المؤلم , فقد بدت عمتها على
وشك أن تتفهم الموقف , وبدأت بالحديث عن حفلة الشواء ..
التي دعي اليها بعض عائلات المزارعين من مسافات بعيدة ..إضافة
الى رعاة بيري , وهذا يعني أنه سيكون هناك حشد كبير ..
التقت شانا ببيري وهي تبدو ساحرة خلابة رغم شحوب وجهها
حين كانت على وشك الخروج من المنزل . . تنحت عنه لأنها
تتوقع أن يرغب في الوحدة وأفسحت له المجال ليتقدمها بيد أنه
توقف , غير قادر على إخفاء بريق الاعجاب في عينيه اللتين طافتا
بها من رأسها حتى أخمص قدميها .
- يليق بك اللون الأزرق خاصة فيه هذا اللون بالذات ماذا
تسمينه ؟
ارتفعت حمرة لذيذة على خديها وقالت بخفر:
- عمتي اشترته لي .. تسميه زهرة العريشة الزرقاء .
هز رأسه , أما هي فاسترقت النظر اليه من تحت أهدابها ..
فلاحظت ملامح وجهه المتوترة المتشددة , وعرفت أنه يجبر نفسه
على أن يظهر بمظهر المسترخي .
- أجل .. هذا ما يجب ان يسمى .
وانتقلت عيناه الى شعرها الذهبي الذي يشكل هالة جميلة حول
وجهها المستدير ثم قال فجأة :
- تعالي فلنتمش معآ .
تقدمت سندي واهلها من بيري قبل ان تتمكن شانا من الابتعاد
عنه . فنظرت الفتاة اليها نظرة مهينة قبل أن تلتفت إلى وجه بيري
غير المبتسم , وتسأل بنعومة فائقة :
- أهناك خطب ما حبيبي ؟ تبدو متجهمآ بشكل مخيف .
-140-


هز رأسه ثم رسم ابتسامة ضعيفة على شفتيه نحو والدها :
- لا شيء سندي .. أين تشارلز ؟
- قادم أراد أن يأتي بسيارته .
قطب بيري .. وتوجه نظره الى السيارة الكبيرة التي لم
يستخدمها سوى ثلاثة.
- لماذا أراد المجيء وحده ؟
- أظنه سيطلب منك البقاء هنا الليلة .
رافق رد السيد جيلبرت نظرة إلى شانا فضحكت أفكاره وجعلت
فم بيري يشتد ويتصلب فجأة .
- انه على ما يبدو عازم على اصطحاب السيدة بلايث معه غدآ
الى البلدة .. ولكن ما كان يجب أن أذكر هذا .. فسيقدم هو على
هذا الطلب حالما يصل .
تدخلت سندي وعلى فمها ابتسامة زائفة تقول لشانا :
- هذا بسبب خيبة املك ذلك اليوم . هل استعدت عافيتك
تمامآ من مغامرتك سيدة بلايث ؟
برقت عينا شانا وردت بجفاء :
- أجل .. شكرآ لك آنسة جيلبرت .
ثم التفتت الى والد تلك الفتاة وقالت بصوت لطيف :
- أشكرك لأنك أرسلت رجالك بحثآ عني .. شكرآ لك . وأنا
آسفة لما أنزلته بكم من إزعاج .
هز رأسه اعترافآ بالكلمات المتواضعة , ولكن ابنته تدخلت مرة
اخرى .
- أستغرب فعلتك تلك . ألم تكوني على علم بالأخطار
المحدقة بالأحراج سيدة بلايت .. بيري حبيبي .. ألم تحذرها ؟
لمعت عيناه غضبآ يخبئه لها متى أصبحا منفردين . كان يبحث
-141-


عن كلمات ما فسارعت شانا بكرم اخلاق لإنقاذه:
- حذرني بيري بالفعل آنسة جيلبرت غير أنني كنت قد ابتعدت
كثيرآ حين تذكرت تحذيره أي بكلمات أخرى تهت قبل أن أتذكر .
اتسعت عينا سندي .
- أي أنك استخففت بالتحذير ؟
احمر وجه شانا .. ولكن قبل أن ترد قال بيري متوترآ :
- شرحت شانا الأمر سندي .. وقالت إنها نسيت تحذيري فلا
تتهميها بالاستخفاف . . فما من أحد يكون طائشآ بإرادته كما
تذكرين .
مرت دقيقة صمت متوتر تمنت شانا فيها أن تعتذر وتنسحب ..
ولكن عملآ كهذا سيكون أكثر من موجه وستعوزه اللياقة في هذه
المرحلة . قالت سندي بصوت حزين فيما نظرتها إلى شانا مشبعة
بالحقد :
- آسفة بيري .. لقد بدا لي ان السيدة بلايث تنظر الى المسألة
بخفة , وأنا واثقة أن ايآ منا لا يريد أن تتيه ثانية .
ردت شانا ببرود :
- اطمئني لن يتكرر هذا ثانية . فلست غبية لأقع في الغلطة
ذاتها مرتين .
احمر وجه سندي هذه المرة فرأت شانا أن لا بد من
الانسحاب . رفعت نظرها الى بيري وابتسمت له بعذوبة , لأنها
امرأة , ولانها تريد أن تشغل بال سندي . وتمتمت بنعومة:
- يجب أن أذهب لأبحث عن عمتي . أتسمح لي بيري ؟ وأشكر
لك لطفك وتفهمك .
وأبتسمت منحنية لوالدي , ثم ابتعدت .. ولكن وجهها
راح يتضرج عندما فكرت في ما قالته لبيري .. فسيعرف ما تعني ..
-142-


وفكرة معرفته هذه أحرجتها وجعلتها تبدو مضطربة حتى وجدت
عمتها , التي سألتها حالآ :
- مالخطب يا طفلتي وجهك أحمر .. لعلك مصابة ببوادر
انفلونزا ؟
- لا شيء من هذا القبيل .
وأخذت تروي لها ما حصل وانتهت :
- كنت لئيمة عمتي .. أليس كذلك ؟ لا ريب أن بيري يعرف
ذلك .
- ويعرف كذلك أن تلك الفتاة الكريهة تستحق كل شيء ..
بدت العمة عدوانية إلى أقصى حد وهي تردف :
- ليتني كنت معكم ! لأنني كنت سأجعلها تتمنى لو أنها لم
تفتح فمها بكلمة !
ومدت اصبعها قرب وجه شانا مهددة :
- ستكون هي سبب خراب نفسها .. تلك الفتاة .. تذكري
كلامي !
أدارت وجهها وقد تغيرت أساريرها بأعجوبة:
-آه .. تشارلز .. يا ولدي العزيز ! سأتركك مع شانا .. إذا
كنت لا تمانع .
ومالت اليه قليلآ وكأنها تسر اليه بشيء.
- أظن انني وجدت لي شابآ.
وحدق تشارلز مذهولآ إليها وهي تبتعد :
- حسنآ .. هل هذا صحيح ؟
ولكن صوتها كان حادآ , وهي تنظر بصمت محركة رأسها
وكأنها لا تصدق .
-143-


- الطبيب ... ؟
- جورج ؟ .. عمتك والطبيب ! يارب العالمين ! من كان يفكر
في هذا ! هل انت واثقة ؟
قطبت جبينها وراحت تمعن التفكير في هذه العلاقة .
- إنهما يجلسان دائمآ قرب بعضهما بعضآ , وكثيرآ ما يتحدثان
حين نخرج الى الشرفة عند المغيب .. وقد رقصا معآ طوال الوقت
تقريبآ في حفلتكم الراقصة . أتذكر ؟
هز تشارلز رأسه ورد بحبور :
- لم يكن لي عينان يومها إلا لك .
انطلقت من فمها ضحكة لا إراديآ , وسألت وأفكارها تتمدد في
كل اتجاه :
- أتظنه قد يتزوجها ؟
سيباع المنزل وعندئذ تضطر هي إلى البحث عن مسكن آخر
تعيش فيه وحدها فليس لها أحدى في انكلترا , لا احد أبدآ .
لقد اعتمدت على عمتها .. تستمد منها الراحة . خلال الايام
العصيبة التي مرت بها كانت عمتها تزورها رغم كرهها لتود وهي
عندما كانت تأتي كانت تحمل معها الهدوء والراحة حتى وإن كانت
أحيانآ غير قادرة على منع نفسها من تعنيف تود في محاولة منها
لدفعه الى التعقل .
كررت السؤال ثانية :
- أتظنهما سيتزوجان تشارلز ؟
- لا أستطيع الجزم شانا .. وكيف لي بحق الله أن أعرف .
- لا .. طبعآ .. لن تستطيع أن تعرف .. ولو بقيت هنا ..
كان وجهها قد كل ألونه ولكن في الضوء الخـافت في
الحديقة لم يستطع تشارلز رؤيته وكانت نظرتها على رجل يدنو من
-144-

عمتها التي راحت ما إن أصبحت على مقربة منه تحدثه ثم رأت
ذراع جورج تندس حول كتفي العمة غلوريا ليكملا طريقهما الى
حيث كان يجري تحضير الطعام .
قال تشارلز :
- فلنلحق بهما لنرى ما قد نجد .. عمتك والطبيب !
- حسنآ .. حسنآ ! هذا موضوع جديد للثرثرة سيدوم طويلآ ,
أؤكد لك . هل تعرفين أن كل امرأة متوسطة العمر تتصل بجورج
عله يحبها ولكن جورج كان منشغلآ عنهن جميعآ لذا لا استطيع
فهم الوضع الآن .
- قد نكون متسرعين في استنتاجنا .
- هذا صحيح .. تعالي ..
وضع تشارلز يده تحت مرفقها وقادها الى حشد من الناس
كانوا يتحدثون ثم لم تجد نفسها إلا خلف العمة وجورج الذي ما
زال يضع ذراعه حول كتفي العمة ويتحدث معها بصوت منخفض
عندما ارتدت شانا خطوة الى الخلف , همس تشارلز :
- ما بالك ؟ ألا تريدين الإصغاء ؟
همست ترد :
- بالطبع لا ... دعنا نحمل شيئآ نأكله .
هز كتفيه باعتذار .
- هل غضبت مني ؟
- لا .. إنما ليس من اللائق استراق السمع الى احاديث الناس .
- أنت محقة . . ظننتك أردت معرفة ما إذا كانت علاقتهما
حميمة , فإن كانت علاقة صادقة بقيت عمتك هنا طبعآ .
- طبعآ .. فلا أعتقد أن جورج قد يرغب في العيش في
انكلترا , فضلآ عن ذلك أن عمتي أحبت موطنك هذا بل لقد
-145-


تكلمت مازحة عن رغبتها في شراء مزرعة .
- وهل ستعيشين وحدك .. لو قررت عمتك البقاء ؟
هزت رأسها , تتمنى لو تتغير دفة الحديث .
- سأضطر عندئذ إلى العيش وحيدة .
- ألك منزل ؟
- قلت لك أعيش مع عمتي .
- أجل .. إنما .. ألم يكن عندك منزل حين كنت متزوجة ؟
توقفت لتتناول قطعة ضلع من لحم خروف .. تردد تشارلز
قليلآ ثم حذا حذوها .
- لقد تخليت عنه بعد وفاة زوجي .
واقترب من مقعد خشبي طويل يقبع تحت شجرة فجلست
عليه مختارة زاوية بعيدة عن اشخاص يحتلون منتصفه ويتحدثون
بصوت مرتفع . جلس تشارلز على مقربة منها وراحا يتناولان
الطعام .
- إذن .. لن يكون لك منزل حين تعودين إلى بلادك . هذا إذا
قررت عمتك البقاء هنا ؟
التفتت اليه عابسة , لتسأله :
- والى أين يقودنا حديثك هذا ؟
انتفض تشارلز قليلآ :
- لا أفهم قصدك شانا ؟
ردت بهدوء :
- بلى .. تعرف . فأنا متأكدة ان في رأسك فكرة ما تشارلز .
- تعرفين إذن ما أود الوصول إليه ؟ أنت تعجبينني كثيرآ .. لذا
أطلب يدك للزواج .
تسـاءلـت كيف تـرد علـى هذا , دون أن تجرح مشاعره أو
-146-


كبرياءه ؟ لن يحس بالجرح , لسبب بسيط هو أنه لا يحبها ..بل
يعتقد ذلك .. فبعد هذه المدة القصيرة باتت تعرفه أكثر مما يعرف
نفسه , فردت عليه بلهجة ناعمة :
- يشرفني هذا تشارلز ولكنني لا أستطيع الزواج بك .
- لماذا شانا ؟ أنا أعجبك دون شك ؟
-الإعجاب لا يكفي ..
- لكن .. لا يمكنك العيش وحيدة . فكري في طلبي .. أرجوك
عديني أن تفكري .
ردت بمرارة :
- أنت تحس بالاسـى علي وأنا أرفض شفقتك تشارلز أما
بالنسبة للعيش وحيدة , فالوقت ما زال مبكرآ على هذا التكهن .
فعمتي لم تلمح بعد إلى أن علاقتها بالطبيب علاقة جادة .
- إذن أنت لن تفكري حتى في الزواج بي ؟
بدا كئيبآ إلا أن شانا لم تشعر بالذنب ذلك أنه سيتغلب على
جرحه هذا في بحر أسبوع . قالت له :
- ليس الزواج جزءآ من مخططاتي المستقبلية .
ما إن ظهرت سندي مع بيري حتى توقف البحث في
الموضوع .
سألت سندي أخيها :
- هل رتبت امر رحلتك الى كريستشرش ؟
فقطب اخيها في وجهها , وقال لها بحدة :
- لا .. لن نذهب .
احتلت نظرة رضى وجه شقيقته بينما نظر بيري بحدة الى شانا ,
التي أخفضت رأسها امام نظرته ..
- ألم ترغبي في الذهاب الى البلدة ؟ ( سألها بيري بفضول )
-147-


- لم يطلب تشارلز مني ذلك .
اتجهت عينا بيري الى تشارلز :
- أو لم تفعل ؟
حبست شانا أنفاسها وهي تنظر الى وجه تشارلز المحتقن . كان
يسود الجو صمتآ متوترآ قبل أن ينفجر قائلآ :
- لا ! بل طلبت منها ان تتزوجني .. ورفضت !
وهب عن المقعد الذي كان يجلس عليه قرب شانا ثم ابتعد في
الظلام , فقالت سندي بلهجة متسلية وازدراء بارز :
- طلب منك الزواج ؟ ما أسعدني لأنك أظهرت بعض التعقل
ورفضت طلبه سيدة بلايث ..
صمتت فجأة , ليس بسبب البريق الغاضب الذي ظهر في عيني
شانا .. بل بسبب النظرة التي رمقها بها خطيبها . إنها تسعى دون
ريب للمتاعب .. ولا بد أن سندي فكرت في ما تقدم عليه فقد
سارعت تتابع , وكلماتها تتعثر الواحدة بالاخرى في محاولتها منها
للتراجع عن قلة تهذيبها التي أظهرتها أمام فتاة هي ضيفة بيري :
- ما أعنيه .. أن تشارلز يفكر حاليآ في وريث , ولا أحسبك
ترغبين في الزواج لهذا السبب فحسب .

تركت هذه المرة صوتها يتلاشى في نهاية الجملة ذلك أنها
أدركت أنها لم تنجح في تصحيح غلطتها إذ كان فم بيري المشدود
وعظام فكيه البارزين يعصفان بخفقات قلب شانا الى درجة
الجنون . ولكن سندي تستحق هذه النظرة لأنها السبب في ما يقع
عليها من توبيخ .
قال بيري بقسوة :
- فلنغير الموضوع . ماذا تريدين أن أحضر لك من طعام أم
تفضلين الاختيار بنفسك ؟ اتنصحيننا بما تأكلين شانا ؟
-148-


نظر الى وجهها , فهزت رأسها :
- إنه لذيذ .
غير أن الارتباك لم يمر بعد على الرغم من الحديث الطبيعي
المتعلق بالطعام . كانت سندي شاحبة شحوبآ أزرق , من جراء
غلطتها .. والنظرات التي وجهها اليها خطيبها , ولكنها تمكنت من
الابتسام :
- احضر لي ماتريد بيري.
حاولت بكلماتها هذه استرضاءه وعندما فشلت أضافت:
- سأتناول ضلعآ مشويآ وهمبرغر.
تحرك دون أن يتفوه بكلمة , إلا أنه أثناء توجهه إلى المقصف
تكلم مع بعض المدعوين , أما سندي فقالت بنبرتها الناعمة التي
يفوح منها الزيف :
- آسف سيدة بلايث , إن أغضبتك .. إنما كنت أحاول
المساعدة . أترين .. الحياة في هذه المنطقة مملة لمن عاش في
أماكن معدة للتسلية والمرح . صدقيني لن تتمكني من تكييف نفسك
في محيط مختلف تمامآ .
ردت شانا بهدوء دون أن تلتفت إليها .
- لن أقبل الزواج بأخيك أبدآ آنسه جيلبرت , فلا تقلقي . فأنا
لا أحبه .. وهو لا يحبني .
- حب ..
فكرت الفتاة قليلآ في الكلمة ثم أردفت ببطء وحقد:
- أنت دون شك تحبين شخصآ آخر .. سيدة بلايث ؟
رفعت شانا نظرها عن صحنها , وقد توترت اعصابها . ليت
بيري يعود .. قالت .
- لا اظنني أفهم قصدك .

golya 14-01-09 01:32 AM

يعطيك الف الف الف عافيه على الاجزاء الجديده بجد بدت السوالف تحلى ,, نستناكي ياعسل الله يسلم هل اليدين يارب ,,

doode al 7aloo 14-01-09 03:01 AM


غير أن الفتاة اطلقت صيحة استهجان بنفاذ صبر .
- ليس من الصعب أبدآ أن أرى أنك متيمة ببيري . وعلى ما
أحس أن الجميع لاحظ هذا الحب .
تساءلت شانا عندئذ ما قد تقوله سندي لو أعلمتها أن هذا
الخداع لا طائل منه لأنها تعرف أن سندي تطلق هذه الكلمات فقط
لأنها على معرفة مسبقة بها .. معرفة اكتسبتها حين تعمدت سرقة
صورتها من جيب بيري لتراها . ولكن , شانا طبعآ لن تبوح بما
تعرفه حتى وإن ارادت , لأن ذلك يعني أفتضاح أمر تشارلز . تصاعد
لون احمر قاتم غطى وجهها , فرفعت رأسها لترى بيري يعود حاملآ
صحنين من الطعام . فوقف فجأة تنتقل عيناه النافذتان عدة مرات
منها إلى الفتاة الأخرى وكانت شانا تشعر بالراحة لأنها أنقذت من
ايجاد رد مناسب لكلمات الفتاة الاخرى الكريهة .
- هل لي أن أجلس هنا ؟
جعل صوته , المهذب , البارد شانا ترتجف .. وكان على
وشك الجلوس بينهما ولكن سرعان ما ألصقت سندي نفسها بشانا ,
فجلس في الفسحة الشاغرة الى جانب خطيبته . تناولت منه صحنآ
ومنديلآ ورقآ .
- شكرآ حبيبي .
وابتسمت له , فأحست شانا أن الابتسامة كانت عن أمر
متعجرف له ليتخلى عن بروده ويعاملها كما يجب أن تعامل
الخطيبة .. شعرت شانا أن بيري فهم ما فهمته , إلا أنه أبقى الأمر
مخفيآ تحت قناع لم يتغير واحتفظ بصوته باردآ مهذبآ وهو يرد على
اسئلة سندي غير أن شانا وجدت الجومتوترآ مشحونآ فاتخذته عذرآ
وتركتهما وحدهما .
لحقت بعمتها وبجورج وراحت تتحدث معهما فترة حتى
-150-


سألتها العمة عن مكان وجود تشارلز .. ففكرت شانا قليلآ ثم
قالت :
- لقد ذهب الى مكان ما .
- الى أين عزيزتي . لا أراه هنا ؟
-لن تستطيعي رؤيته بين هذه الجموع .
نظرت اليها العمة متسائلة :
- تبدين متعبة عزيزتي .. لا يجب أن نبقى هنا طويلآ .
- لا .. أظنني سأدخل الى المنزل قريبآ .
وقال الطبيب :
- ربما لم تشفي بعد من محنتك تلك التي عرضت لك في
الأحراج .. أجل .. يجب أن تستريح باكرآ .
بعد قليل تقدم منها لانس فراح يبادلها الحديث ثم لم يلبث ان
تركها , فالتفتت الى عمتها فإذا بها تراها قد ابتعدت غير أن جورج
اقترب منها قائلآ إنه يريد أن يتحدث معها على انفراد فعملت ما
سيقول :
- طبعآ , ما الامر دكتور ؟
وراح يتكلم ذاكرآ لها أنه وعمتها يريدان الزواج ولكن عمتها
ترفض أن تتخلى عن ابنة أخيها , التي لا تستطيع العيش وحيدة .
فكان أن رفضت طلبي رغم موافقتها عليه . فقلت لها إنه يمكنك
العيش معنا ولكنها ذكرت أنك لن توافقي أبدآ . لهذا أردت أن
أتحدث إليك إذ اشعر أن الغموض يلفك . فالمكان يعجبك هنا ,
وأنت تتكيفين مع الحياة في بلادنا بشكل رائع . فلماذا هي متأكدة
من رفضك الاقامة معنا ؟ أهناك سبب خاص يمنعك من السكن
معنا ؟
فكرت شانا في أنها ستحب الاستقرار في هذه الأرض إنما
-151-

ليس على أساس أن تكون ضيفة عند الطبيب فعليها ان تدفع ثمن
اقامتها , وكيف لها ذلك ولا وظائف في مجتمع كهذا . إنها على أية
حال لن تستطيع البقاء بعد زواج بيري بسندي .
عندما كرر الطبيب سؤاله اضطرت للرد :
- ثمة سبب ما غير أنني أرفض أن يؤثر في علاقتكما , أنا أريد
للعمة السعادة لذا يجب عليها ألا تضحي بنفسها لأجلي . سأحدثها
بالأمر .
- أخشى أن تغضب عمتك مني إذا كلمتها . فقد منعتني من
إزعاجك ولكنني تمكنت من ترك المجموعة دون أن يلاحظني
احد , لأكلمك .. لا .. يجب الا تقولي شيئآ .
- أتعرف ؟ شككت في أن علاقة ما تنمو بينكما .
- صحيح ؟
- لم يكن الأمر مفاجئآ .. ذلك أنكما كنتما تجلسان على
الشرفة متلاصقين , وتتمشيان معآ وذراعك حول كتفيها ..
- أجل .. أجل .. أظن أن
- لذلك سأتمكن من التحدث إليها دون ذكر حديثنتا هذا .. فلا
تقلق .. سيكون كل شيء على ما يرام .
- شكرآ لك عزيزتي .
- عليك العودة قبل أن ترانا .
وقفت تحدق فيه وهو ينسحب بسرعة سعيدة بما سمعت متمنية
بإخلاص نجاح مساعيها في دفع العمة الى الزواج بالطبيب .
ارتدت على عقبيها تسير ببطء مفكرة قبل أن تدخل إلى البيت
غير أنها توقفت فجأة , وتراجعت لتلتصق بجذع شجرة فقد سمعت
أصواتآ .. صوت بيري وسندي .. ما أغباها لأنها توقفت هنا فهما
لم يشاهداها بسبب وجودها بين الأشجار .
-152-

- .. ولن أقبل بأن اتعرض للإهانة بتصغير شأني امام تلك
الفتاة ..!
كانت شانا تسمع هذا القول من سندي الحقود .
قاطعها بيري :
- ما السبب الذي يدفعك الى كرهها ؟ لقد شرعت منذ البداية
بالكذب وادعاء ما لم يحدث منها لتحدثي شرخآ وسوء تفاهم بيني
وبينها .
خفق قلب شانا .. إنه شجار .. نظرت حولها بيأس . يجب أن
تبتعد , فهي لا تريد التطفل والإصغاء إلى شجار خطيبين ولكن لو
تحركت الأن للاحظا وجودها . لماذا لم افكر في هذا الاحتمال قبل
أن أتوقف هنا ؟
- لقد ذكرت حين تحدثت إلي بواسطة جهاز الإرسال , أنها
صديقة فإذا هي أكثر من صديقة .. أليس كذلك ؟
شهقت شانا بصمت .. أتدرك سندي ما تفعل ؟
- أكثر ؟
كانت النبرة ناعمة يلفها غضب لاذع بلغ مسمعي شانا حاملآ
معه شرآ .. فارتجفت .. إن بيري في مزاج بشع الآن .
- وكيف , أذا جاز لي السؤال , حظيت بهذه المعلومات ؟
- إذن انت تعترف ؟
أتحاول خداعه ؟ هزت شانا رأسها وكأنها تقول لسندي إن بيري
حين يشاء ينال ما يريد رد بيري بثبات :
- أعترف .
- أتعترف أيضآ أنك ما زلت تحبها ؟ أتعترف ؟
لا رد من بيري .. وبعد لحظات صمت كرر بيري سؤاله :
- ألن تخبريني كيف توصلت الى المعلومات ؟ ... فأنا أريد
-153-


الوصول إلى الحقيقة .
حاولت مرة أخرى التخلص منه :
- أشعر وكأنك تريد فسخ خطوبتنا ؟
صمتت تنتظر رده فلما لم يجب تابعت بصوت كالفحيح :
- لن أسمح لك بفسخها . لن أفقد ماء وجهي .. فأبعد اي
فكرة عن فسخ الخطوبة من رأسك !
شهقت شانا وهي تسمع هذا الكلام ثم لم تلبث أن ارتدت إلى
الوراء ببطء مبتعدة عن الشجرة الملتصقة بها . فلو استطاعت التسلل
إلى الأخرى ومنها إلى التي بعدها لاستـطاعت الابتـعاد دون ان
يلاحظها أي منهما .
كانت سندي تتوجه رأسآ الى المتاعب .. لكنه فاجأها ببرود :
- مازلت أنتظر ردك على سؤالي سندي .
بدأت الفتاة تتكلم بشكل غير مترابط وبصوت أجش مشبع
بالغضب . اغتنمت شانا الفرصة فتسللت الى الشجرة الثانية فالثالثة
فالرابعة وهكذا دواليك حتى وجدت نفسها أخيرآ بعيدة عن الأشجار
فسارت بطريقة طبيعية .
صاح احد الرجال :
- إنه أحد الجياد الوحشية ؟ لقد فر من الإسطبل .
وانهالت عشرات التحذيرات إلى مسمعي شانا التي شُلت
قدماها فجأة إذ كانت ترى الجواد يتجه إليها بشكل عاصف بل
بالأحرى كان يطير شامخ الرأس يزبد أنفه .. كانت أمامه مباشرة ..
تقف في طريقه وصرخات التحذير تعلو وتعلو حتى صمها
الصياح .. ولكن بين الصياح سمعت بيري يأمر بشراسة وهو يركض
أمام الجمع المسحور .
- شانا .. بالله عليك تحركي !
-154-


غير أنها بقيت مسمرة يخفق قلبها بشدة وقد شلها الرعب شلآ.
- شانا ...
أحست بألم عظيم حين لمس حافر طرف رأسها . تأوهت تأوهآ
شديدآ منتظرة الألم والعذاب الذي سيأتيها تحت الحوافر .. غير أن
يدآ أمسكت عنق الجواد الجامح ولجمته وهذه اليد لم تكن يدآ قوية
فحسب بل يدآ فائقة القوة استطاعت أن تغير وجهة الجواد قبل أن
تطأ قائمتا الجواد وجه شانا المذعورة .
- شانا .. حبي ...
أحست به يحملها من حيث وقعت وأحست بالرجال يسرعون
للإمساك بالجواد الفار . أما سائر الناس فراحوا يتحدثون دفعة
واحدة مهنئين بيري على سرعة تصرفه . أما بعضهم فسمعتهم
يقولون إنها معجزة أن تبقى على قيد الحياة ولكن صوتآ أجش
صاح :
- يا لحماقة الفتاة ! كان امامها متسع من الوقت للابتعاد عن
طريقه .
إنها سندي ...
قالت شانا بصوت يقطعه الالم :
- أنا آسفة بيري ... حاولت أن أتحرك .. حاولت حقآ غير
أن الرعب شلني .
- اصمتي حبيبتي ... اصمتي ..
كان يحملها بسهولة , فأنزلت رأسها الى كتفه وهي تفكر ..
لا .. يجب ألا اضع رأسي عليه , لئلا يفسد الدم ملابسه .
- شانا .. شانا .. أوه يا طفلتي هل أنت بخير .
تقدمت العمة مع الطبيب يسيران جنبآ إلى جنب مع بيري
قاصدين المنزل فردت بضعف :
-155-


-أجل عمتي .. لا تقلقي .
- لولا بيري لــ ...
وصمتت غير قادرة على إتمام الجملة .
حمل بيري شانا إلى غرفة نومها يتبعه الطبيب الذي ما إن
عاينها حتى استقام واقفآ ونظرة رضى على وجهه :
- إنه جرح بسيط .. أنت أكثر الناس حظآ في هذه البلاد .
بعد وقت قصير دخلت خادمة تحمل الماء الساخن الذي تناوله
الطبيب منها ثم شرع ينظف لها الجرح , وضمده لها بضمادة بيضاء
أما بيري فوقف قرب السرير يراقب العملية كلها حتى ذهب الطبيب
مبتسمآ برفقة العمة بعد ذهابها . جلس بيري على كرسي , وفتح فمه
ليقول شيئآ ثم لم يلبث أن صمت ذلك أن طرقآ على الباب انهال
في اللحظة نفسها .
أطلت لونا ونظرة غريبة تعلو وجهها .
- الانسة جيلبرت تو التحدث إليك سيدي .. وهي تقول
حالآ .
فوقف بيري وعيناه تقدحان شررآ بشكل خطير :
- أين هي ؟
- في غرفة الجلوس .
فلحق بالفتاة ولم تمض خمس دقائق حتى عاد وابتسامة تضيء
قسماته . كانت شانا قد تركت السرير ووقفت امام المرآة تنظر الى
الضمادة الضخمة التي تغطي الجرح الذي تلقته من حافر الجواد .
فاستدارت حالما تلاقت نظراتهما في المرآة .. استدارت بدافع لا
يقاوم مرتبكة خجلى متمنية لو تأخر قليلآ في الدخول عليها . كانت
ترتعش فلم تجرؤ على التفوه بسؤال كان يلوح على فمها .. أما
هو فقطع المسافة الفاصلة بينهما ليحتويها بين ذراعيه , دون أية
-156-


كلمة . ثم أنحنى يقبل رأسها المضمد بحنان , ودقات قلبه تصل إلى
مسمعيها لتتناغم مع دقات قلبها .
تمتم وفمه على شعرها المنسل من الضمادة :
- كل شيء على ما يرام يا أعز الناس . أصبح كل شيء الآن
على مايرام .
غير معقول .. غير صحيح .. وارتجفت بين ذراعيه ثم دست
نفسها أقرب فأقرب إلى قلبه .
- على مايرام .. وسندي ؟
شرع يقص عليها أمر الشجار , دون أن يذكر التفاصيل ولكنها
فهمت أنه أجبر سندي على الاعتراف بالحقيقة فعلم أنها سمعت ما
قاله لأمه وعلم طبعآ بعملها المشين الذي حدث حين فتشت جيوبه
بحثآ عن الصورة . كانت شفتاه وهو يتكلم ترتجفان ازدراء .
- قرفت منها حتى كدت أرفض أن أتم حديثي غير أني عدت
فقلت إن الخطوبة انتهت ...
عرفت شانا حين صمت أنه لا يريد أن يخوض في التفاصيل.
ولكنه أردف :
- لم يكن بيننا حب بل مصلحة أردنا أن يقوم الزواج عليها
وهو زواج مناسب لشخصين لديهما رغبة معينة لا حب . كنت
أرغب في وريث في حين أن سندي رغبت في المركز الذي سؤمنه
لها زواجي بها .. لديها المركز والثراء . لذا لم تشأ الزواج إلا ممن
يؤمن لها ما اعتادت عليه دائمآ . فلما فكرت وجدت أنني الشخص
الذي ينسجم مع مخططاتها . أما أنا فلم أكن لأتزوج بفتاة أسبب لها
ألمآ . وبما انني احبك أنت حبآ سيدوم إلى الأبد , فقد اخترت
سندي التي هي نقيضك تمامآ آمنآ بذلك من أن تذكرني بك .
- أنت تجعلني .. أشعر .. بالحزن ...
-157-


لم تكن تريد أن تقول هذه الكلمات التي انسلت من بين
شفتيها دون رقيب . ولأنه يفهمها ويفهم أحاسيسها , فقد جذبها إليه
اكثر ورفع لها رأسها , وطبع على جبينها قبلة .
- أعلم أنني قلت أشياء فظيعة لك عندما كنت غاضبآ ولكن يا
أغلى الناس , لم أعن منها شيئآ ...
وارتجف .. وهذا غريب عليه لأنه يناقض قوته .
- يا حبيبتي .. لقد مضى علينا زمن طويل طويل .. إنك لي
أخيرآ .. با للمعجزة !
- في الواقع هي معجزة ..
وفكرت : كنت في البداية امرأة مرفوضآ وجودها .
قرأ بيري ما في افكارها فرد عليها .
- أتفكرين في رفضي الترحاب بك ! أترين حبيبتي .. كنت
أشعر أن لا فائدة من فتح الجروح . لأنني كنت قانعآ بالصفقة التي
عقدتها مع سندي كما انني لم أستطع تصور نفسي أتخلى عنها .
أجل يا حبي .. أعرف أنني لم احاول فهمك حين رفضت ترك
تود .. ولكنني بت أفهمك الآن , فالشرف والكرامة انتصرا على
حبك كما انتصرا على حبي حتى احسست أنني لن أستطيع العيش
دونك .. نعم إن هذا ما أحسسته منذ أن عدت إلى حياتي ثانية ..
لم أستطع إجبار نفسي على التفكير في ترك سندي ..أترين ؟ في
ذلك الوقت لم يكن لي عذر .. ولكن حين عرفت أنها فتشت
جيوبي وحين رأيت تصرفاتها معك أدركت ان لديها جانبآ مختلفآ
تمامآ عن الذي أعرفه . عرفت ان لدي عذرآ لأعيد النظر ثم عندما
قالت بحزم إنها لن تقبل ذل فسخ الخطوبة , عزمت الرأي ولكنها
طلبت مني ان أُشيع بين الناس انها هي التي تركتني .. كان هذا ما
أرادت الحديث عنه الآن .. فوافقت .. طبعآ .
-158-

أعقب كلامه صمت عميق رفعت على أثره عينيها فتمتم :
- يا فتاتي العزيزة الحلوة .. لم تتغيري أقل تغيير .. احبك
شانا !
وأحس بقلبها يقفز على صدره فرحآ .. فقال وكأن الغيرة لا
تزال تحرقه :
- كرهت تشارلز .. كرهته مع أنني اعرف أنك لن تقبلي الزواج
به .. لأنك تحبينني أنا .
تراجعت الى الوراء لتنظر إلى عينيه , واخذت تخبره بكل شيء
عن عمتها وما اكتشفته من مؤامراتها .. فابتسم :
- تلك المتآمرة العجوز ! كم سببت لي من ألم قلب !
ضحكت شانا :
- لقد أخبرت تشارلز قصة محزنة عن قلبي المحطم حتى يحس
بالأسى علي .. وما هدفها إلا أن تجعلك تغار فتفكر ساعتئذ في
ترك سندي والزواج بي . أما أنا فظننتك تشفق علي . لقد اتخذت
جانب البرودة لأنني أرفض الشفقة .
- اذن هذا هو سبب تبدلك ذاك ؟ الشفقة ؟ آه لم أشعر قط
بشفقة تجاهك بل بالحب . ألم أقل لك يومآ إنه قُدر لنا أن نكمل
بعضنا بعضآ .
وضحك يضمها اليه ثانية , فاستكانت على صدره متوهجة .
- ستسعد عمتي .. لأن الفضل يعود لها في اجتماعنا من
جديد ... كدت أنسى ! عمتي والطبيب سيتزوجان ...
أبعدها عنه دهشآ :
- ماذا ؟ ماذا قلت ؟
- هذا صحيح ...
ثم راحت تشرح له .
-159-

- لم أفكر قط ان جورج قد يتزوج .. إنها أخبار رائعة ! ماكنت
لأتركهها تعود إلى انكلترا لتعيش وحيدة بل .. كنت سأعرض عليها
مسكنآ .. لأنني مدين لها كثيرآ .. كثيرآ .
وافقت بحرارة :
- كلانا مدين لها .
بعد صمت قصير بين احضان بعضهما بعضآ قال لها :
- سنقوم بالرحلة الى البحيرات لنقضي شهر عسل ممتعآ .
سنتزوج حالآ .. أتوافقين ؟
لقد لاح أنه يطلب ولكنه في الواقع ما كان يطلب بل يأمر .
فردت بطواعية :
- بكل تأكيد .. أنا تحت أمرك حبيبي .
وتمتم بحنان ويداه تطبقان على خصرها :
- ستكونين أروع عروس تشهدها غريت سليف وأحبهن
وأجملهن على الإطلاق .

* * * * * * * *

وأخيرآ تمت الرواية على خير .. بقلم أختكم أم دودي


-160-

doode al 7aloo 14-01-09 03:16 AM

مرررررررررررررررررررررحب

وللي يحبون يقرأون الرواية على الجوال .. بأول مشاركة رابط تحميلها ..

ودعواتكم لنا مش علينا خخخخخخخخ

وأعذروني أذا فيه أخطاء أملائيه ..لأني عملت جهدي علشان مايكون فيها أي غلط


تحيااااااااااااااااااااااتي

cute_crazy 14-01-09 11:28 AM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مشكوووووووووورة ما قصرتي يعطيكي الف عافية

مس دمار 14-01-09 02:20 PM

تسلم ايدج ع هالروايه الرووووعه

golya 14-01-09 02:47 PM

يعطيك الف الف الف الف عافيه والله انا عاجزة عن شكرك على الرواية الجميله والمميزه من ايدينك العسل ياعسل ,,

نستنى جديدك واكيد من تقدم لتقدم يارب ,,

doode al 7aloo 14-01-09 08:55 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة cute_crazy (المشاركة 1820414)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مشكوووووووووورة ما قصرتي يعطيكي الف عافية

الله يعافيك وأهلآ وسهلآ بك ..

doode al 7aloo 14-01-09 08:56 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مس دمار (المشاركة 1820538)
تسلم ايدج ع هالروايه الرووووعه

وأيدين اللي خطت كلمات الشكر .. :flowers2:

doode al 7aloo 14-01-09 08:59 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة golya (المشاركة 1820559)
يعطيك الف الف الف الف عافيه والله انا عاجزة عن شكرك على الرواية الجميله والمميزه من ايدينك العسل ياعسل ,,

نستنى جديدك واكيد من تقدم لتقدم يارب ,,


الله يعافيك .. ويسلم وجودك .. والشكر لك ولتواجدك الدائم والمشجع ..

بس توبه ما عد اعيد الكتابه خخخخخخخخخخخخ

تدرين كم مرة بعد مااكتب كم صفحه يخلص شحن الاب توب ويضيع العمل كله

وارجع اعيد الكتابه وانا ميييييييييييييييته قهر هههههههههههه


تحياااااااااااااااتي يالغاليه:flowers2:

ناتالي 15-01-09 11:17 AM

ياحياتي يعطيك العافية ويسلم إيديك على الروايه:55:
تعبناك وأشغلناك معانا
ذوقك بإختيار الرواية كان كتيير حلو
وكانت تستحق الإنتظار
وماخيبتي املنا وكملتي الجزء الأخير بسرعة
عن جد شكرا ياقمر وبإنتظار جديدك:flowers2:
لاتحرمينا من رواياتك:f63:

ريما الفلا 15-01-09 12:40 PM

تسلمى ام دودى على الروايه الروعة
والف الف شكر على مجهودك

caspora 18-01-09 01:47 AM

جهد موفق حبيبتى. شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

caspora 18-01-09 02:20 AM

تسلملنا يا ام دودى . يعطيكى العافيه ويخليلك دودى وابوه وكل الى تحبيه
اختياراتك اكثر من رائعه . بارك الله فيك ورحم الله والديك, يعطيك الف عافيه

ام هنا 24-01-09 04:09 PM

قصه روعه تسلم يدك دائما متميزه يا ام دودي الله يعطيكي العافيه

تمارااا 24-01-09 05:39 PM

مشكوووووووووووووووووووووووووورة يعسسسسسسسسسسسسسسسسسسل على مجهودك الرائع رواية فعلا رائعة زيك:flowers2:

doode al 7aloo 24-01-09 08:18 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناتالي (المشاركة 1821995)
ياحياتي يعطيك العافية ويسلم إيديك على الروايه:55:
تعبناك وأشغلناك معانا
ذوقك بإختيار الرواية كان كتيير حلو
وكانت تستحق الإنتظار
وماخيبتي املنا وكملتي الجزء الأخير بسرعة
عن جد شكرا ياقمر وبإنتظار جديدك:flowers2:
لاتحرمينا من رواياتك:f63:

مشكووووووووووورة يالغلا ... على كلماتك الرووووووعه جدآ ... أما اني أعيدها فتووووووووبه

مارح اعيدها الا اذا فيه شي مااقدر اصوره لكم ...خخخخخخخخخخخ

التصوير ارحممممممممممممم بكثييييييييير خخخخخخخخخخخ
بس تعبكم راحه ياعسل ...



اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ريما الفلا (المشاركة 1822026)
تسلمى ام دودى على الروايه الروعة
والف الف شكر على مجهودك

الشكر لله وحده ... وانا شاكرة لك تواجدك ياعسووووله ...

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة caspora (المشاركة 1826461)
تسلملنا يا ام دودى . يعطيكى العافيه ويخليلك دودى وابوه وكل الى تحبيه
اختياراتك اكثر من رائعه . بارك الله فيك ورحم الله والديك, يعطيك الف عافيه

ههههههههههههه انتم خلو ابو دوي لي انا بس اللي ادعي له ..:lol:

تراااااااااااااااني غيووووووووووووورة جدآ جدآ جدآ :lol:
وانتم ادعو لدودي حبيب امه والمنتدى ههههههههههه ... مشكووووووووووورة يالغاليه :flowers2:


اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ام هنا (المشاركة 1833740)
قصه روعه تسلم يدك دائما متميزه يا ام دودي الله يعطيكي العافيه

وايدك يالغلا .. وتميزي بفضل دعواتكم وتواصلكم وتواجدكم بجانبي ,,, يااحلى رومانسياااااااااات

كل الشكر لكم وأليكم .. وتقبلو تحياااااااااااااااتي





اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة تمارااا (المشاركة 1833847)
مشكوووووووووووووووووووووووووورة يعسسسسسسسسسسسسسسسسسسل على مجهودك الرائع رواية فعلا رائعة زيك:flowers2:


برنسيسة ليلاس 26-01-09 03:22 PM

يااااي الرواايه حلووووه

يسلمووو يا عسل

^____________^

ام البخاري 26-01-09 10:09 PM

تسلمي-ام-دودي
دائما-متميزة
ولكن-ممكن-طلب-صغنون-يا_تكتبي_لنا_ملخص_الفصة_عارفة_ان_احنا_بتقل_عليك_بس_من_عشمنا_ فيك_زي_ما_بيقولوا
وشكرا_يا_قمر

ذكرى 27-01-09 12:13 AM

مشكور أم دودي الله يعطيك العافيه على الروايه لي بجد اكثر من الرائعه وتسلم الانامل الحلوه والله يوقفك ان شاء الله

حبيبة النادر 27-01-09 02:00 AM

مشكوووووره لى الرواية الرااااائعه

doode al 7aloo 31-01-09 09:40 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ام البخاري (المشاركة 1836573)
تسلمي-ام-دودي
دائما-متميزة
ولكن-ممكن-طلب-صغنون-يا_تكتبي_لنا_ملخص_الفصة_عارفة_ان_احنا_بتقل_عليك_بس_من_عشمنا_ فيك_زي_ما_بيقولوا
وشكرا_يا_قمر

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ذكرى (المشاركة 1836768)
مشكور أم دودي الله يعطيك العافيه على الروايه لي بجد اكثر من الرائعه وتسلم الانامل الحلوه والله يوقفك ان شاء الله

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حبيبة النادر (المشاركة 1836879)
مشكوووووره لى الرواية الرااااائعه

مرااااااااااااااااحب


مشكوووووورين ياقمرايات على المرور .كل الشكر ...

وبالنسبه للملخص أنا أسفه جدآ هاليومين رح اكتبه .. ولا يهمك ياأم البخاري ..

وانا شاكر لك تنبيهك لأني كنت ناسيته.. وتحياااااااااااااااتي

doode al 7aloo 31-01-09 09:50 PM

تم أضافة ملخص الروايه .. مع أعتذاري الشديد لنسياااااااااانه

سيمراء 22-02-09 02:03 PM

تسلمى على هذا الجهد الرائع ويسلم موقع ليلاس المميز:)

ro0ro0-cute 01-03-09 04:38 PM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

نوووور2010 03-03-09 02:52 AM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

احلى الذكريات 03-03-09 05:17 PM

روابة اكثر من رائعة

مشكورررررررررررة

ema82 04-03-09 11:23 AM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .:)

هدى القلب 04-03-09 01:14 PM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

reeme 13-03-09 11:27 PM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

sall 15-03-09 09:53 AM

عنجد يسلموووووووووووووو على الرواية جناااااااااااااااااااااااااااااااااااااان جد دمتي للمنتدى على طووووووووول يارب

nightmare 16-03-09 06:59 AM

غاليتي
دائما مبدعة
سلمت يداك
:55::110:

حبي الأزلي 01-06-09 05:17 PM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

moura_baby 02-06-09 07:48 PM

يسلمووووووووووووو شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

manag 03-06-09 09:31 PM

[[SIZE="5"]ررررررررررائعة جداااااااااا شكراااااااااا

doode al 7aloo 03-06-09 09:41 PM

مراااااااااااااااحـب

انا شاكرة كل اللي كرموووني برد جميل . وعطرو صفحتي بمرورهم الكريم ...

تحياااااااااااااتي للجمييييييييييييييييع

primerose 06-06-09 01:29 PM

شكرا على الروايه

rora142004 08-06-09 04:12 PM

والله يا ام دودى انت ديما مفرحنا بى قصصك الجميله و اختيارتك الرائعه تسلم ايدك على مجهودك فى الكتابه وخصوصا انى بحاول اكتب قصه من بدرى ولسه مخلصتهاش فا عارفه انت تعبتى اد ايه علشان تخلصى القصه بى السرعه ده :rdd12zp1:

lona-k 12-06-09 07:42 PM

:55:شكرا على الرواية الحلوة
تعبناكي معنا يا احلى ام دودي:55:
:8_4_134:

Shomoo5_3ashgah 18-06-09 09:14 AM

يعطيك العافيه قصه جميله

نورالايمان 23-06-09 02:10 AM

مشكورة ياالغالية على الرواية الحلوة واااايد
موفقه بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

نداء الحق 25-06-09 07:27 AM

رواية جميلة جدا وشكرا على المجهود المبذول في الكتابة ياكاتبتنا المتألقة دوما

little angel 14-07-09 12:33 PM

thank you :)

الجبل الاخضر 27-07-09 02:36 PM

رررررررررررررررررررررررررررررررروعه تجنن تسلم ايدك

orma 29-11-09 01:05 AM

mais ou est la fin?pour l'amour du dieu.......on veut le roman complete ou vous n'avez pas besoin de les apparaitre

orma 29-11-09 01:06 AM

mais ou est la fin?pour l'amour du dieu.......on veut le roman complet ou vous n'avez pas besoin de l'apparaitre

sassou 15-12-09 05:31 PM

thanks a lot om doudi
the novel were wondrful
************************************************************ *****

sassou 15-12-09 05:34 PM

--------------------------------------------------------------------------------

mais ou est la fin?pour l'amour du dieu.......on veut le roman complet ou vous n'avez pas besoin de l'apparaitre
la fin existe deja dans la page 12

ocean heart 16-12-09 12:43 AM

يسلمو دودي يعطيكي العافية

الجيتار 17-01-10 10:33 AM

http://octaa.org/images/thanks.gif

قماري طيبة 13-02-10 01:01 PM

رواية رائعة جدااااااااااا. بارك الله فيك ورحم الله والديك, يعطيك الف عافيه

سفيرة الاحزان 19-04-10 03:45 PM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

سفيرة الاحزان 20-04-10 04:05 PM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

جنون العشق 30-04-10 04:55 AM

الله ! غرااااااتسي يا عسل وربي رواية جووووووووووووونان

♥°°♥ملاك الحب♥°°♥ 31-05-10 06:54 PM

الله يعطيكي الف عافيه يارب
تسلمي

حجر فيروزي 02-06-10 09:23 PM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

♥°°♥ملاك الحب♥°°♥ 01-08-10 01:47 PM

الله يعطيك العافيه يارب

أحاااسيس مجنووونة 23-08-10 06:16 AM

ام دودي حياتي سلمت يداك على الرواية الرائعة والله اللسان يعجز عن وصفها رائعة جدا جدا يعطيك الف عافية

ليلى3 02-09-10 12:58 AM

الرواية رووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووعة:55::55::55: يسلمو والف شكر على المجهود.

الحائره7 04-09-10 02:12 AM

الروايه غايه فى الروعه سلمت اناملك

posy220 12-09-10 10:00 PM

رووووووووووووووووووووووووووووووووعه مووووووووووووووووووووووووووووووت

sedef 18-09-10 09:27 AM

ثانكيووووووووو على الرواية الرائعة

samahss 22-10-10 04:01 PM

تسلمى الروايه جميله جدا

ساكنه 08-11-10 03:39 PM

الف شكر على جهودكم الرئع والله اسعتونا لكمفاءق تحياتي واتمنى اكمل قرئت نو العمر للاسف مالحقت اكملة ودمتم لي سكنة

زهرة منسية 03-01-11 02:16 AM

مشكوره ام دودى الروايه حلوه كتير

charouza 06-01-11 12:00 PM

yeslamoooooooooooooooooooooo habibty rywaya waaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaw

charouza 06-01-11 05:02 PM

MERCIIIIIIIIIIIIIIIIIIIIIIIIIIIIIIIIIIIIIIII

malak1976 21-03-11 04:06 AM

chokran 3ala riwaya lmodhila istamiriiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiii:55:

hoob 23-03-11 10:54 PM

:55::55::55:

ملك محمد 25-03-11 03:37 AM

تسلمى على ذوقك الرائع فى اختيار الروايات الجميلةيا ام دودى

ندى ندى 25-03-11 08:31 PM

رووووووووووووووووعه

ربي اسالك الجنة 29-03-11 07:35 PM

وااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا اااااااااااااااااااو
:55::liilas::55::liilas:
مشكورة حبيبتي ماقصرتي الرواية موووووووووووووووووووووووووووووووووووووت تسلمين0

sara00 11-04-11 10:05 PM

الف الف الف شكررررررررررررررر ‏
يا اغلى دودى

انجلى 19-04-11 05:54 AM

انا قراءة جزء من الراوية الرائع اللى انت مختارها شكرااااااااااااااااااااااااااا لك الباداية روائعععععععععععععععععع:Welcome Pills4::55::55::55::55::55::flowers2:

انجلى 19-04-11 10:10 AM

ام دودى شكراااااااااااااااااااااااااا شكرااااااااااااااااااا :flowers2::flowers2::flowers2::flowers2:

فجر الكون 09-05-11 04:59 PM

ي

سلمو حبيبتي على الرواية الرائعة جدا

صداقة للابد 14-05-11 09:27 PM

سلمت يداك على هذه الرواية الجميلة
اللهل لايحرمنا منك ومن رواياتك الرائعة

green pearl 29-09-11 03:52 PM

لا ادري اي وصف يليق بك ولا اي اي كلمات مديح تفيك حقك
فانت وكل كاتبات منتدانا الغالي لكم منا كل الود والتقدير على المجهود الرائع الذي
تبذلونه من اجل المنتدى
شكرا لكي

أم أيمن الحلو 29-09-11 07:53 PM

[/RIGHT] شكرا على جهودكم

أميرةالاحساس 02-10-11 11:59 AM

شكرا على الروايه
ويعطيكي العافية على مجهود الكتابة

شووقهـ 03-10-11 12:35 PM

قكة في الروعة يعطيكي العافية

نونا المجنونه 04-10-11 12:14 PM

:55:
:55::55:
:55::55::55:

h.radi 21-09-12 12:42 PM

شكررررررررررا شكرررررررررررررررا على )

كـ xt & كـ وورد هنـا) ياريت كل اللي يكتبون الروايات مثلك والى مزيد من الابداع

امبراطورية ع 06-10-12 06:32 PM

رد: 47-تسرقين العمر - آن هامبسون ( كامله)
 
روايه حلووووووووووووووووووووووه كتيرررررررر
تسلم أناملك

الجبل الاخضر 08-10-12 12:34 AM

رد: 47-تسرقين العمر - آن هامبسون ( كامله)
 
:55:برافو :55:برافو :55:برافو :55:برافو :55:تسلم الانامل :hR604426:على المجهودك الرائع والاختيار الممتاز:55::peace: ونشكرك على تعبكي:lol: ياعسل :wookie:وننتظر جديدك:dancingmonkeyff8:

princess miroo 28-02-13 07:18 PM

رد: 47-تسرقين العمر - آن هامبسون ( كامله)
 
يعطيك الف عافيه علي المجهود :peace:

wind 01-04-13 01:13 AM

رد: 47-تسرقين العمر - آن هامبسون ( كامله)
 
تسلم أديكى يا أم دودى مشكورررررررررررررررررةعلى الرواية الرائعة

ولاء اسلام 26-04-13 05:35 PM

رد: 47-تسرقين العمر - آن هامبسون ( كامله)
 
تسلم ايدك
:55:

منااوي 13-09-13 08:15 AM

رد: 47-تسرقين العمر - آن هامبسون ( كامله)
 
:peace:وااااو روايه خيااااال

ريماس مصطفى 15-09-13 08:18 PM

رد: 47-تسرقين العمر - آن هامبسون ( كامله)
 
رواية روووووووووووووووعة

دودودندش 11-11-14 03:19 AM

رد: 47 - تسرقين العمر - آن هامبسون ( كاملة )
 
شكرا سكرا شكرا على تعبك واختيارك روايه اكتر من رائعه تحفه تسلم ايديكى

ام موزة 28-12-14 10:08 AM

رد: 47 - تسرقين العمر - آن هامبسون ( كاملة )
 
شكرا جزيلا .... كثير حلوة الرواية

toyti toyti 29-02-16 09:08 PM

thanksssssssssssssss

toyti toyti 29-02-16 09:19 PM

thanksssssssssssssss

toyti toyti 29-02-16 09:50 PM

thanksssssssssssssss

toyti toyti 29-02-16 11:05 PM

شكرا جزيلا ربنا يوفقك

toyti toyti 01-03-16 12:16 AM

شكرا جزيلا ربنا يوفقك

نجلاء عبد الوهاب 01-05-16 11:53 PM

رد: 47 - تسرقين العمر - آن هامبسون ( كاملة )
 
:8_4_134::8_4_134::8_4_134::8_4_134::8_4_134::8_4_134::8_4_1 34::8_4_134::8_4_134::Welcome Pills4::Welcome Pills4::Welcome Pills4::Welcome Pills4::Welcome Pills4:

فهاووه 21-09-16 05:09 AM

رد: 47 - تسرقين العمر - آن هامبسون ( كاملة )
 
شكراً وتسلم دياتك 🌹👍🏻

فرحــــــــــة 22-09-16 06:16 PM

رد: 47 - تسرقين العمر - آن هامبسون ( كاملة )
 
غاليتى
doode al 7aloo
سلمت يداكى على حسن الاختيار
لك منى كل الشكر والتقدير
ننتظر جديدك القادم
دمتى بكل الخير
فيض ودى

زهرة الفلامنجو 23-09-16 04:15 AM

رد: 47 - تسرقين العمر - آن هامبسون ( كاملة )
 
رواية جميلة تسلمي عليها كثيرا

نجلاء عبد الوهاب 12-12-21 07:35 PM

رد: 47 - تسرقين العمر - آن هامبسون ( كاملة )
 
جميله جدا جدا جدا
:rdd12zp1::rdd12zp1::rdd12zp1::rdd12zp1::rdd12zp1::rdd12zp1: :c8T05285::c8T05285::c8T05285::c8T05285::c8T05285::c8T05285: :rdd12zp1::rdd12zp1::rdd12zp1::rdd12zp1::rdd12zp1::iU804754: :iU804754::iU804754::iU804754::iU804754::iU804754::iU804754: :congrats::congrats::congrats::congrats::congrats::congrats: :f63::f63::f63::uJl04657::uJl04657::uJl04657::uJl04657:

سماري كول 13-12-21 02:51 AM

رد: 47 - تسرقين العمر - آن هامبسون ( كاملة )
 
الرواية جميله


الساعة الآن 09:18 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية