منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   القصص المكتمله (https://www.liilas.com/vb3/f717/)
-   -   ذات حُـبٍ شتـوي للكاتبة شوق بوظبي (https://www.liilas.com/vb3/t82313.html)

Malame7 23-06-08 09:06 PM

ذات حُـبٍ شتـوي للكاتبة شوق بوظبي
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أعضاء ليلاس الغاليين .. وقراء الروايات والقصص الأعزاء

هذه قصة .. من أروع قصص الكاتبــة المبدعــة : شوق بوظبي

حفظتها لدي منذ زمنٍ بعيـــــــد .. ربما سنتين أو أكثــر ،

هي ، رائــعة ، من أكثر ما قرأتُ روعةً ، وأعدتُ قراءتها مراتِ كثيرة

وللأسف هي غير منتشرة على الانترنت .. ربما لأن المنتدى الذي وضعتها به الكاتبة قد أغلق منذ فترة..

ولكنني قررت أن اضعها بين أيديكم لتستمتعوا بها مثلما استمتعت بها منذ سنوات وحتى الآن ..

أنصحكم .. بقراءتها بكل مشاعركم ..

وسأنتظر تعليقاتكم حتى أعود من الاختبارات بإذن الله ..


والآن ..

أترككم مع :

.
.
[ذاتُ حُـــبٍ شَتَـــــويّ]
.
.




كُتبت هذه الأقصوصة في قرنٍ لن نعيشه..ولن نصل إليه...قرنٍ لم يأتِ بعد ..
ولـ نفترض أنها كُتبت في العام 3230 ميلادي أي بعد 1226 سنه من يومنا هذا....

ولكنها حدثت قبل أن نُخلق...نسجتها مجموعة من بنات أفكاري..

فـ ودّ القلب قبل الفكر لو تروها معي...
.
.










الإهداء لـ:

لـ سحابة لازالت تمطرني..وقلبٍ لا زال ينبض بين حناياي...وطفولةٍ كسيرةٍ تسكنني..ووطنٍ جريح يأن بداخلي..ومدينة دمويةٍ رحل كل سكانها المتمثلين في شخصٍ واحد..ولإمبراطوريةٍ واسعه غادرها إمبراطورها وخلّف وراءه حرباً أهليةً لن تهدأ مدى الحياه....
حدث قبل قرون

ذات نهارٍ صيفيٍ تكاد حرارة شمسه أن تذيب الصخر..

أحكمت ربط خيط حذائها..واستدارت بسرعة أمام مرآة والدتها..

وتركت شعرها مفتوحاً ينساب على كتفيها وظهرها،، ويعانق صدرها ،،ويتدلى على جنبيها...

وخرجت من البيت..خطوه،، خطوتين..

وقفت أمام ذلك الباب الخشبي المهترئ..وبكل ما يختزنه جسدها الصغير من قوه..

دفعت الباب وأحدث صريراً ينم عن إهترائه..

ودخلت...عانقتها الممرات المظلمة التي تسترق الشمس نظراتها بين ثقوب سقفها الخشبي..

فرأته يقفز محاولاً جر قميصه من على الحائط اللبني..وحينما ظفر به..ارتداه على عجل..

والتفت إليها بسرعة...

تبادلا الابتسام...وخرجا سوياً في ظهيرةٍ لا ترحم طيراً ولا عوداً أخضر...





هي باسمه: ما رأيك أن نلعب ؟

هو يبادلها الابتسام: أي لعبةٍ تفضلين...؟

هي خجلى مستغرقةٌ في التفكير:أي لعبة يشترك فيها اثنان...(وتهز رأسها بتأييد) أريد أن ألعب معك...

هو انفجر ضاحكاً: تدعينني للعب..ثم تقولين أريد أن ألعب لعبةً يشترك فيها اثنان..؟

هي عاقدةً حاجبيها تتوسط خصرها يدها: هل تستهزئ بي؟

هو وقد فتح عينيه على إتساعهما: من قال أنه يستهزئ بك؟ إني أُمازحكِ لا غير..

هي بنظرةٍ مغرورة: حسناً،، سامحتك.. (تبتسم وتمسح عرقها) لـ نلعب..

ابتسم بهدوء الواثقين..وأحكم قبضته على يدها..ونظر بمكرٍ نقي في عينيها..فـ وجد ما لا تقواه خلايا جسده الغض..فـ لتلك العينين بريقٌ يفترس نبضات قلبه..ويجعلها تتزايد وتتسارع كما لم يسبق له أن أحس به..

يحكم إمساك كفها الطري الصغير بقبضة يده..وهي تنظر له مستغربه...

هي والغرابة تكسو نظرتها: لماذا تمسك بي بـ هذه القوه..لـ نلعب..

هو بلؤم: سنلعب الآن..

هي باسمه: إذاً اترك يدي..إني لا أفهم شيئاً مما تفعل..

وحانت منه إلتفاتةٌ سريعة..وانطلق بسرعة البرق راكضاً وهو محكمٌ إغلاق كفه على يدها..وشعرها الأسود يتطاير خلفها..تتخلله خيوط الشمس وتكسوه لمعةٌ كـ بريق القمر في ليلةٍ حالكة السواد...

هي برعب:أيها المجنون..ماذا تفعل..؟؟

هو يضحك بفرح: سترين..!!

كان يسابق نفسه..لا يعلم أين يذهب..أو لنقل يعلم ولكنه أدرك بوقتٍ متأخرٍ أنه لا يعلم..لم يعد يحس بتلك النفحات الساخنة التي تصفع وجنتيه..ولم يدرك للحظه واحده أنه حافي القدمين..يجري بين ردهات بيوتٍ لبنيةٍ والصمت يخيّم على الممرات والطرقات..وهو يجري ويجري..ويجر خلفه أجمل وردة خزاما تربعت في قلبه...

لم يلتفت إليها..ولم يدرِ بماذا تفكر..فذلك العرق المتسرب من كفها المبلول الذي إلتحم أخيراً مع كفه..كفيلٌ بأن يجعله ينسى أن يلتفت بسرعه..ليرى شعرها الحريري الأسود وهو يطير خلفها..

كشعر حوريةٍ جلست على صخرة الشاطئ فعبثت به الرياح إلى أن عانق الموج الساقط..

وللحظه سرعان ما هدأت سرعته..وأطلق كفها..وجلس على ركبتيه...

وأمسكت هي بتلك النخلة الشامخه التي تتبادل أحاديث الظهيره مع إحدى الغيمات العابرات بسرعة البرق..أو لنقل أولئك اللواتي لن يعشن نصف عمرهن قبل أن تنال منهن الشمس وتجعلهن يتناثرن متبخرات...

هو رافعٌ نظره إليها يلهث متعباً: نلعب؟

هي ودقات طيرها في القفص تتسارع: أنهكتني..!!

هو باسمٌ بحنان: لن أُتعبكِ بعد الآن...

ونهض مقترباً منها وهي مسندةٌ رأسها إلى جذع تلك الشامخه...ومد كفه إليها..

هي بتعب: كلا..يكفي..لم أعد أستطيع السير...

هو: لن تسيري..لقد وصلنا...

وأشار بيده لشجرةٍ ضخمه بجانبها بئر ماءٍ عميق وتلتف حول البئر والشجره القليل من الأعشاب الخضراء...

هي : ماذا؟

هو يبتسم: سأجعلك تطيرين...تعانقين الغيوم..وتقبلين القمر..

هي تضحك: أنت مجنون..

هو: سترين...!!

هي بتحديٍ: هيا..

وأمسكت كفه وركضا بسرعه إلى أن وصلا للشجره..ففتحت ثغرها على اتساعه..وتوسعت حدقة عينها بصورةٍ لم تحدث معها من قبل..ووضعت كفيها على فمها...

هي والعالم لم يسعها من الفرح: حقاً سأطير..

هو وطيره في القفص يتراقص وقد أعلنت الطوارئ فيه..وقُرعت الطبول: أخبرتك ولم تصدقينني..!!

هي تحاول الجلوس وتمسك بالحبال المتدليه من تلك الشجره الشامخه..ولكن محاولاتها باءت بالفشل...

هو يبتسم: سأنحني..وأصعدي على ظهري..ثم إجلسي وأحكمي قبضتك على الحبلين..

هي بنظرةٍ متعجبه: هل أخلع حذائي...؟

هو ينظر بطرف عينه: إخلعي حذاءك وإصعدي على ظهري حافية القدمين..

هي بتملل: ولكن يصعب علي إرتداه..

هو: لا بأس سوف أساعدك..

هي : هيا إنحني..!!

وإنحنى..وضعت قدمها الأولى على ظهره وبقيت الثانيه على العشب الاخضر..

هو: لماذا لا تصعدين..؟

هي: أخاف أن أكسر ظهرك...

هو يضحك: أيتها الحمقاء..أنا رجلٌ قوي..لست هشاً مثلك..

وسرعان ما أنزلت قدمها من على ظهره وجلست بسرعةٍ على العشب وقد إمتدت شفتها السفليه بشكلٍ أكبر إلى الأسفل في تعبيرٍ مضحكٍ عن غضبها...

هو يجلس: لماذا نزلتي؟

هي غاضبه: لا أريد أن أتحدث معك..أعدني إلى البيت..

هو مستغرب: وماذا بدر مني حتى تغضبي؟

هي بغضب: لقد قلت أنني هشةٌ سهلة الكسر...وأنت رجلٌ قوي..

هو يضحك: لا تكوني حمقاء..هيا نلعب قبل أن يحضر بقية الصبيه والفتيات فلا يأتي دوركِ إلا في الغد..

هي: إعتذر أولاً..

هو وقد تسمر مكانه: لن أعتذر..

هي: لن ألعب..

هو: إفعلي ما شئتِ..مللت غنجكِ..

وجلس صامتاً وهي صامته...تلفح وجنتيهما رياح ساخنه..ويسود الصمت جلستهما..

هي متأثره: غضبت؟

هو: كلا..هيّا إنهضي..اصعدي واجلسي على القطعة الخشبية..وحذاري أن تقعي..

هي تنهض: حسناً..

وإنحنى وصعدت بسرعه وجلست على الأرجوحة...وأسرع هو بالنهوض..ووقف أمامها..

تأملها بصمت...وإبتسم..

هي: هيّا..إدفعني..بقوّه...أريد أن ألمس تلك الغيمه..

هو يضحك: حسناً تمسكي بقوّه...
ووقف خلفها..وجرّ حبال الأرجوحة ناحيته..


وتراجع عدة خطواتٍ للخلف...وأغمض عينيه باسماً وأطلقها للريح...و,,و,,و طارت !!

إبتسمت وأطلقت هي ضحكتها..وتناثر شعرها خلفها..وهي ترجع مرةً للوراء..وتارةً تسير للأمام...

والأرجوحة تفقد سرعتها لحظةً بعد لحظه..وهو واقف بالخلف يتأمل شعرها الذي طالما فتنه..وأدهشه كيف يلمع ببريق يأخذ لباب قلبه وعقله...قلبه وعقله الطفولي الذي لم يتجاوز فضاء تلك الصبيه..

وإلى أن بدأت تلك الأرجوحه بالهدوء والسكينه..عاجلته تلك الصبية الشقيه بصوتها الرنّان صارخة بدلعٍ ممزوجٍ بالتذمر...

هي متذمره: هيّا إدفعني مرةً أخرى...هذه المره أريد حقاً أن ألامس الغيوم..

هو وقد استيقظ من شروده: لن تلامسيها...لن تستطيعي..

هي بإنكسار: أنت قلت لي..

هو بجديه: لن تستطيعي..ذلك مستحيل..

هي: لا بأس..هل تستطيع أن تدفعني بقوّه حتى أستطيع أن أرى آخر العالم..؟

هو مستغرب: وماذا تريدين من آخر العالم..؟

هي مبتسمه وتظهر أسنانها اللبنيه المكسوّه بالسواد: أريد أن أرى كيف يعيش الناس هناك..

هو يبادلها الإبتسام: لن تستطيعي أن تريهم..غداً عندما أكبر سأسافر إليهم..وسأطلعكِ على أخبارهم وماذا يفعلون..

هي برعب: ولماذا تسافر؟

هو: أريد أن أكون شيئاً مهماً يشار إليه بالبنان...

هي عاقدة الحاجبين: أولن تستطيع أن تكون ذلك الشيء المهم إلا بالسفر..؟

هو بفخر: نعم !!

هي بأسى: وكم ستغيب؟

هو شاردٌ: لا أعلم..

هي: هل يجوز أن تأخذني معك..؟

هو:كلا...

هي بعصبيه: لماذا؟

هو يبتسم بلؤم..لكم عشق ذلك الجنون الغاضب القادم من عينيها: أنتِ ضعيفه..هشه..أنت قطعة بسكويت..

هي وقد تطايرت من عينيها شرور الكون: أنا؟

هو يشاغبها: نعم أنتِ ولا أحد سواكِ...

هي تمنحه فرصةً أخيره: أعد ما قلت...هل هي أنا؟

هو يبتسم ويعاكسها بجنون مخرجاً لسانه في تعبير مضحكٍ عن البراءه: أنتِ،، أنتِ،، أنتِ،، أنتِ،، أنتِ،،!!

هي تحاول النزول ولكن لم تستطع...

هو: ابقي هنا...سوف نرى من يقوم بإنزالك...

هي بقوّه: أنزلني قبل أن تندم...

هو يضحك مقلداً إياها بإستهزاء: أنا،، أنا،، أنا،، أنا،، أنا،، أنا،،!!!

هي وقد بدأت تفقد أعصابها: أنزلني...سوف لن أتحدث إليك بعد اليوم..

هو وقد إرتعدت فرائصه من ذلك التهديد المجنون: لن أُنزلك..وسنرى من الذي سيندم..

هي متعجبه: ومن ماذا..أو على ماذا سوف أندم؟

هو بغرور وثقة: سوف تندمين...هيّا قاطعيني ولا تحدثيني...ولا تلعبي معي...إبقي مع صبية وفتيات القريه..هناك عددٌ من السنين قليل سوف أمضيها هنا...

هي برعب: وأين ستذهب بعدها.؟

هو بغرور: سبق وأخبرتك..علي أن أسافر إلى آخر العالم..كي أصبح شيئاً مهماً...

هي بنظرةٍ قاسيه: إذهب...لم أعد أهتم...أنت تهددني بأنك لن تلعب معي..ولكن تحمل ما يصيبك حينما تعود ولا تجدني...ولن تجد بعد اليوم من يلعب معك أو يحادثك..

هو عاقدٌ حاجبيه: وأين ستذهبين؟

هي وقد اغرورقت عيناها بالدموع: سوف أموت...

هو فُجع بما سمع: ماذا ؟!!!

هي: سوف أموت.. (وبدلع مصطنع مدت شفتها السفلى في محاوله أخيره للبكاء) عندما يضربني الصبيه في القريه..وتقوم الفتيات بإيذائي...

هو يمسك ضحكة كادت تدوي في المكان: حسناً لن أسافر..

هي باسمةٌ بغرور: كنت أعرف ذلك..

هو يحك رأسه متمللاً منها لبرهه: هل تودين اللعب أم تفضلين أن نعود للبيت..؟

هي: ساعدني بالنزول سنعود للبيت..تأخر الوقت..

هو يقترب منها ويمد يديه إليها ،، تتشبث به وترمي نفسها بقوه إليه،، يحملها ثم تقف على قدميها بعد أن أنزلها..

هي: ثقيله؟

هو: قليلاً...

هي: ساعدني لا أستطيع لبس حذائي لـ وحدي..

هو: حسناً اجلسي..

جلست وجلس أمامها فمدت قدمها بعفويه..جر هو حذائها وأدخله في قدمها الصغيره..وابتسم وهي يحرك اصبعه في قدمها محاولاً إضحاكها...فإبتسمت وضحكت بعدها..

هي: توقف..أنت تضحكني...

هو: وجهك أحمر..

هي ترفع خصلات شعرها المتدليه على وجهها: أجل يكاد الحر يفتك بي..

واستمر بربط خيط حذائها بقوه..والتفت يدخل الآخر وهو باسم وهي تنظر إليه شارده..

وقفت ووقف بجانبها ومشيا في طريق العوده..

وأرتفع صوت الحق يدوي في أركان المكان..وانسابت الكلمات بعذوبه تداعب آذانهم الطريه..وتتخلل رقة الصوت وعنفوانه شغاف قلوبهم الصغيره..

هي: أين ستذهب.؟

هو: الى المسجد،، بعدها سألعب مع الصبيه..وأنتِ؟

هي ترفع عينيها للسماء: ربما نذهب أنا وأمي لتلك السيده.. (وبصوت ضجر) سنحفظ اليوم جزءً جديداً من المصحف...

هو: وهل تحفظين الكثير؟

هي: لا لقد بدأت بالحفظ منذ فتره قريبه..

هو: ولمَ أنت ضجره؟

هي: كنت أودُ الذهاب انا والفتيات لمتابعة تلك اللعبه الجديده التي ستلعبونها مع الصبيه..

هو يضحك: غبيّه...ذلك مفيدٌ أكثر من هذا...

هي تقف: حسناً إذهب..أراك في الغد..

هو يبتسم ويراها وهي تبتعد نحو بيتها: إلى اللقاء...

ركضت وفستانها الزهري يتمايل وشعرها لا يزال يعانق الهواء وخصلاتٌ خفيفه منه تلتصق بوجنتيها وعنقها من حبيبات العرق التي اكتستها...

ركض نحو المنزل وفتح الباب الخشبي المهترئ وذهب ليتوضأ...
.
.







نهاية الجزء الأول ..
أجمل مافي الحب بطاقة تلازمه..

في كل مسالكه..وأسفاره..طرقه..وأزقته..

كتب عليها " المستحيل"

أجمل مافي الحب أنه كـ طفلٍ لئيم متمرد ..

لا يستكين ..لكنه يبقى طفلاً..

وبراءة الطفوله دائماً تبعث بداخلنا ألم " الحنين"

أجمل مافي الحب حلمٌ..لذيذ..طويل..ممتد..موغل في العمق...ثم بكل حواس اليقظة يقذفنا خارج حدود " اليقين"

أجمل مافي الحب أنه يأتي بلا موعد..يأتي دون مقدمات..وبلا إشارات..وبلا مشاعر مسبقه..أو أحاسيس مهيئه....



كتبتها ذات صيف كاتبه مبتدئه تدعى شوق ..

.
.
إهداء لـ:

سـ...ـيدٍ لا يجيد فن بعثرتي سواه..وملكٍ لا يجيد حكم مملكتي سواه..

وقلبٍ لا يجيد حياكة أساطير الحب في حياتي سواه...وشرقيٍ أعشق قسوته وجفاه..

ولا أستطيع لـ برهةٍ أن أتخيّل كفّي لا تعانق كفاه...

بوحي وسطوري..لـ شخصٍ يحضر بالروح ويفتقر المكان لـ عبيره الفواح..وأريجه المنبثق من حروفه..ونظرةٍ سرمديةٍ بهيه..تُقبل عينّي وخدّي ولا بأس إن كان هناك نصيبٌ لـ(..........)(1)


(1) حُذف لـ مخالفته الشرع الأخلاقي في الكتابه ...


--------------------

.
.
يتبــع ..

Malame7 23-06-08 09:09 PM




طعنة الطفولة !!!!









وَضَعتْ ما تبقى من ملابسها الجديده في صندوقها الحديدي..المائل للسواد المُنقوش بالفُريدات النحاسية...وحانت منها التفاته نحو فراشها الممدد على الأرض المليء بالألوان..وانحنت وضمت بكفيها قطعةً طويلة من قماش أخضر اللون; كانت سيدةٌ كبيره قد ذهبت للحج قبل عام وأحضرته هديةً لها من أُم القرى...

رفعت شعرها وربطته بطريقةٍ عشوائيه..وتنفست بعمق،،خرجت من غرفتها تتمرغ قدميها في أرض بيتها اللبني المصنوع من الطين والماء...والذي أتقن صنعه ذات نهار جدها-رحم الله جدّها- وأبناؤه منذٍ أمد بعيد لا تدركه لا هي ولا والدتها...

دخلت تلك الغرفه الكبيره التي يستر سقفها خشبٌ ثقيل يعتليه سعف النخيل المُوزع في أنحاء قريتهم والذي قاموا بزرعه في أرجاء المكان..

وصلت لـ توها فوجدت فوانيس البيت قد أُضيئت فهناك على يمين المدخل فانوس يتوقد بوسطه اللهيب وآخر على مخْدعِ والديها..

تنفست بـ ضجر،،كل شيءٍ حولها يدعوها وبـ قوه للملل،،عادت اليوم بعد صلاة المغرب من بيت السيدة التي تقوم بتحفيظها أجزاء القرآن الكريم...

خرجت من البيت وجلست على درجهِ الحجري المتعرج ومدت ساقيها وهي تتأمل السماء وقد إرتدت عباءتها السوداء ونثرت النجوم كلالئ تزينها ،،فـ حانت منها ابتسامةٌ عذبه وهي تتذكر الأرجوحه..

" إستمتعت كثيراً بالتحليق اليوم في كبد السماء الملتهبه،،كان المكان شديد الحراره ولكني شعرت بالسعاده..وكيف لا أشعر بها و هو دفعني بقّوه حتى كدت ألامس الغيوم،،"

ضحكت ضحكةً خفيفه وهي تتذكر حوارها الغاضب معه...

هي متذمره: هيّا إدفعني مرةً أخرى...هذه المره أريد حقاً أن ألامس الغيوم..

هو وقد استيقظ من شروده: لن تلامسيها...لن تستطيعي..

هي بإنكسار: أنت قلت لي..

هو بجديه: لن تستطيعي..ذلك مستحيل..

" هو عصبيٌ مزاجي،، لا يقبلُ حلاً وسطاً..إنه يقتلني بغروره،، ولا أدري كيف يُطلق عليّ لقب المغروره في حين أنه لا يرى ما يفعل..."

وإستمرت بمراقبة السماء والنجوم،،وإفتقدت هذه الليلة القمر،،...

"ترى أين هو ؟"

ونقلت بصرها في كل أرجاء المكان ولكن محاولتها باءت بالفشل،،فـ تخطت دُريجات المنزل يطير معها جلبابها البُني الفضفاض ذو الأكمام الطويله..المزركش من على الصدر الملئ بالخطوط الذهبيةِ المستقيمه...

وركضت حافية القدمين تتمرغ قدميها في تراب القريه التي ينبثق منها عبق البساطه..الساكنه الهادئه والتي في أغلب الظن أن أهلها قد أووا إلى غرفهم للنوم..

كانت أضواء الفوانيس تشع بهدوء من بعض منافذ البيوت..ولكن القدر الأكبر من الضوء قد انبثق من القمر وأُسرته الملكيه..

و هي تمشي ورأسها للسماء في محاولاتٍ عبثيه للبحث عن القمر،،ومرت أمام الباب الخشبي الضخم وتخيلت صريره صباح اليوم..فابتسمت ابتسامةً عذبه ورفعت بصرها لـ نافذته وأدركت حينها أنه لم يخلد للنوم حتى الآن..

مشت وواصلت سيرها وتوقفت فجأه وهي تنظر إليه مدّور الوجه باسمٌ لها يراقبها بهدوء إلى أن وجدته،، ابتسمت ولوّحت له بيدها وسارت لليمين وسار معها،، وحوّلت مشيتها لليسار فمال معها يساراً...

وجلست في أعلى صخره بين بيتين من بيوت القريه فـ هبت نسمةٌ خفيفه عبثت بشعرها فـ طار الخيط الأخضر وإنفرد شعرها كخيلٍ جامح فوق ظهرها وغطاها والتفتت تبحث عنه ،،

ولكن،،،، هيهات !!!

رجعت مُسرعةً إلى البيت ووجدت الباب مفتوحاً وقد أُطفئ فانوس مخدع والديها فركضت مسرعةً لتنعم بالنوم قبل أن تشرق الشمس وتستيقظ حتى قبل الطيور والفراش...

بينما كان هو مع صبيٍ آخر يقضيان الليل في اللعب أمام حطبٍ مشتعل في الطرف الآخر من القريه..

كانت النار تضطرم والحطب يُعلن انتهاءه بمنظر دموي يرعب الناظر للبعيد،، سُرعان ما أدركهما الوقت فنهضا وافترقا كلٌ لمنزله..

و هو عائدٌ للبيت خَطَرتْ الأُرجوحه على باله فابتسم وتذكر النهار السرمدي الذي قضاه مع دُميته المفضله،، شعرها الأسود الذي تغازله خيوط الشمس،، عيناها شديدتا السواد..

وأمام تلٍ صغير لا يبعد الكثير من الخطوات عن منزليهما،، وجد خيطاً أخضر،، لم يخدعه ناظره ابداً فيه،، ولم يساوره الشك للحظةٍ واحده أن يكون ذلك الخيط الأخضر لـها هي...

ابتسم وركض مسرعا نحو منزله ،، فتح الباب الخشبي الضخم ودخل قبل أن تدغدغ خيوط الشمس جسده الغض الطري فلا يهنأ له نوم...

.
.
وأعلن الفجر إنذاره وتغلبت الشمس في محاولةٍ جهيده أن يتمخض بها رحم السماء فـ تقضي على آخر خيوط العباءة السوداء المنتشره في كبدها...
وتناثرت طيور الحي ذات اليمين وذات الشمال،، واختارت لها غصناً أخضر لم تنل الشمس منه فوقفت تعزف سيمفونية الصباح المعتاده...

مدت كفيها وأغمضت عينيها بقّوه،،وقفزت بسرعه من فراشها ووقفت أمام نافذتها التي يغطيها وشاحٌ صغير كانت قد ادثرت به ذات طفوله..!!

تجولت في الغرفه وبعد أن أدت فرضها أبقت جلبابها البني الموشح بالأعمدة الذهبيه،، وانطلقت كـ فراشةٍ حالمه تعانق عالمها وربيعه الذي لم يتجاوز عدد أصابعها في كلا كفيّها...

وجدت اللبن وقطعة خبزٍ مغموسةً بداخله بإنتظارها على حصيرٍ صغير مُد في وسط المدخل،، فرأت والدها يستعد للخروج...

ركضت بغنجها المعهود وألقت نفسها فوقه لتحتضن ساقيه حيث لم يسمح لها طولها أن تصل حتى لخاصرته...

هي: أبي هل ستذهب؟

والدها يمسح على شعرها: نعم...وهل ستخرجين...

هي بمرح: نعم سأذهب إليهم سيلعب الصبية اليوم أمام بركة الماء...

والدها محذراً: حذاري أن تفكري بالنزول إليها...

هي بغرور: لن أنزل لا أستطيع أن أتحمل منظر إتساخ ملابسي..

والدها ضاحكاً: حسناً أيتها المغروره...

هي باسمه: أبي أبي...سأخبرك شيئاً لن تصدقه...!!

والدها الذي تأخر: بعد أن أعود لقد تأخرت وسيذهب الرجال للمدينة وتركوني هنا أجلس بجوارك أنتِ وأمك..

هي بإنكسار: حسناً...

خرج والدها،، وتناولت فطورها على عجل وخرجت مسرعةً إلى بيته....وقفت أمام نافذته ودفعت باب البيت الخشبي ،، فعزف لها معزوفته الصباحيه المعتاده...

دخلت تركض إلى أن وصلت غرفته ولكنها كانت تضج بالصمت...نقلت بصرها بين الأشياء ونادته عدة مرات...لم يستجب...

" ترى أين يكون !!!؟"

عادت تركض مرةً أخرى فرأت والدته وقد جلست على الأرض وأمامها صحن حديدي ضخم وبه العديد من القطع القماشيه التي بدا الأمر وكأنها تقوم بعجنها فيه...

اقتربت منها وقبلتها...

والدته: هل تريدينه؟

هي بإنكسار: ليس في غرفته...

والدته التي اندمجت في الغسيل: لقد ذهب لبركة الماء....

هي بألم: ولمَ لم ينتظرني؟

والدته: لا أعلم...ما أخبار والدتك ؟

ولكنها اختفت قبل أن تسمع سؤال أمه عن والدتها،، وركضت لـ بيت إحداهن لترافقها الى هناك..

نزلت قرينتها ومررن في الطريق على أخرى ترافقهن....وكل هذا والشمس لا تزال تجاهد للوصول إلى نصف السماء...

وقد دبت الحياة في القريه الصغيره،،وابتسم الذاهب للراجع،، والكل يمضي بطريقه لعمله..ولا يبقى في البيوت حتى رباتها...

فهاهي إحداهن تمشي مع أُخرى وقد هجمتا على إحدى الشُجيرات اليابسه وقضيا على أغصانها التي فوقها سـ توقد نيران الطعام..

وأُخريات قد إفترشن الأرض للبيع وعرض بعض الأواني الفخاريه والنحاسيه...وهاي هي أُخرى تقود حمارها بإتجاه السوق في المدينة القريبه...علها تجد بضاعةً تدوم لها حتى الشهر القادم...

وصلت أجل لقد وصلن جميعاً،،، وتعالى صراخهن المزعج...

صديقتها: إلهي إنها كبيره...

الأُخرى مصعوقه: رباه..!! من أين لهم الجرأه بالنزول إليها...؟

أما هي فقد إلتزمت الصمت...كانت تعاني الأمرين...لقد ذهب وتركها...ذهب للعب ونسي أنه وعدها مساء البارحه بعد أن عادت من التحفيظ أن يصطحبها معه لترى مهارته أمام الصبيه في السباحة والعوم لقعر الماء...

غاضبةٌ هي و ياله من يومٍ أسود بانتظاره...!!

كان الصبيةُ يغطسون الواحد تلو الآخر إلا هو وصديقٌ أشعث أغبر معه...

أما هي فقد تجاهلته وكأنه لم يكن...وعندما رآها ركض مسرعاً نحوها...يناديها وهي لا تلتفت إليه وبقية الفتيات ركضن بإتجاه الصبيه يصرخن ويضحكن ويتبادلن الحديث معهم..

فيما إشتد جنونهم فأخذوا يرشونهن بالماء....

وهي وقفت بغرورها وعنجهيتها،، وهو يقترب منها يلبس سروالاً أبيض يستره..ضعيف الجسد حنطاوي البشره تقفز عظيمات قفصه الصدري بشكل مرعب،، ينم عن ضعفه الجسدي...

هو: أنتِ لماذا لا تأتين...سوف أُريكِ كيف أسبح..

هي تلتزم الصمت...

هو قلق: مابكِ؟

هي: لا شأن لك...

هو بقلقٍ أكبر وقد صعد إليها حتى وقف أمامها: ما بكِ؟

هي تنظُرهُ بإزدراء: وهل يعنيكِ أمري حتى تسأل ما بي؟

هو ينظر إليها بعتب: هل بدر مني ما أزعجكِ؟

هي وقد قررت الكلام: إذا لم ترى نفسك أهلاً للوفاء بالوعود فلا تقطعها..

هو مصدوم: وبماذا وعدتكِ ولم أفي؟

هي تكابر بجنون: أن تصحبني معك لبركة الماء...

هو يتنهد: ولهذا أنت غاضبه؟

هي بغضب: وتلومني على غضبي؟

هو يُنزل رأسه ويمسك كفها الصغير: تعالي..وسأخبرك ما حدث لاحقاً...

استسلمت بهدوء ومشت خلفه......

ترى هل تتخلى عن ذلك الغرور الذي يسكنها؟ أم أنها تنوي شراً....!!!

وصلا للبركةِ وجلس الصبية يتفاخرون من يغطس بعمق أكثر...

أحدهم ينظر إليه: لمَ لم تغطس حتى الآن؟

هو بثقه: سأنزل للماء الآن وأُريكم كيف يكون الغطس الحقيقي...


ووقف يستعرض عضلات كتفيه التي تكادا أن تظهرا...ويماثله في ذلك كل الصبيه الذي لا تكتسي أجسامهم سوى قطعة جلدٍ رقيقه تغطي العظم،، في تعبير بسيط عما تعيشه تلك القريه من صعوبة الحياه...
وتناثر الصبيه على البركه يستعدون للقفز...ووقفن الصبايا ينظرن إليهم...وهي تقف بطرفهن تراقبه عن قرب وكلما نظر إليها حوّلت بصرها لشخصٍ آخر حتى تثير غضبه منها...
وبينما هو غارقٌ في النظر إليها يستجدي نظرة إعجابٍ وإنبهار بما سيفعل....هوى سريعاً وتدحرج على المرتفع الذي يسبق بركة الماء...تدحرج وتدحرج حتى سقط بعنفٍ وسط الماء...
بعد أن دفعه أحد هؤلاء السذجه،،لقد راعهم المنظر...وإنطلقت صرخات الفتيات تملأ المكان...
بكت إحداهن والأُخرى وضعت كفيّها على فمها....
والأبله وقف مكانه مذعوراً،، وبقية الصبيه تسمروا قبل أن يقفزوا...
بينما هو إختفى تحت الماء....!!! اختفى ...!!
وتراكض الصبيةُ مسرعين حين أخرج رأسه وقد بدا عليه الإنهاك،،وهو يلهث ويتنفس بصعوبه ويصارع الموج بيديه في محاولةٍ فاشله للخروج...إنه يغرق..!!
أما هي فقد أحست لبرهة أن الكون قد أعلن الصمت،، وكأنه يعيش لحظة حداد على روح أحدهم...
صمتٌ قصير شعرت به أن قلبها يصارعها للخروج...إنه يتمرد...ورجفةٌ غريبه بين كفيّها...
ولم تصحو من صمتها الذي أبرد أطرافها إلا حين رأت الصغار يسحبونه من يديه خارج بركة الماء...وهو يحاول الجلوس بعدما تبين أنه لم يُصب بأذى،، إنما أصابه ذُعرٌ شديد من الغرق...
أحدهم: هل أنت بخير يا صديقي؟
هو يتنفس بسرعه: نعم ،، الحمدلله شعرت بالموت...
آخر بلؤم: ظننتك تعرف الغطس ولكنك أذهلتني بفشلك الذريع...
أحدهم: نعم لقد رأيت ذلك...
هو بغضب: إنني أعرف الغطس في الماء...إنما أصابني ذعرٌ بعد السقوط...وسأريكم الآن..
أحداهن تضحك: لا تجادل..لقد كنت تصرخ كـ فتاةٍ ضعيفه...
انطلقت ضحكات الصبيه والفتيات،، وارتدى الصبية ملابسهم بينما بقي هو في مكانه مغمضٌ عينيه في انتظارها...هي لـ وحدها من ستدافع عنه...ستثبت لهم أنها رأته يسبح ذات يوم في بحيرة عميقة تكوّنت ذات شتاء بعد المطر...
هو يشير إليها: إسألوها...لقد رأتني وانا اسبح في ذلك السيل الجاري الذي خلّفه المطر منذ عام...أليس صحيحاً؟
هي تنظر إليه وقد حطم الغرور قلبها: لم أرك...ضعيفٌ هش...سهل الكسر...أنت قطعةُ بسكويت...
صعقته...صدمته...دمرته...لا لا...إنها أكبر من كل ما فعلت...لقد أنهته...
تعالت صرخات الفتيات وتصفير الفتيه وهم يستهزئون به...بينما نهض مسرعاً وإرتدى قميصه وعاد إلى المنزل...
إفترقوا جميعاً وكلٌ ذهب إلى منزله...هي وهو ،، بينما أكمل الصبيةُ والفتيات لعبهم الجماعي قبل أن تغدر بهم الشمس حين تتوسط كبد السماء فلا يمكنهم ملامسة الأرض...
.
.
وبعد أن حلت الظهيره...جلست هي تتلوى في دارها لوماً..تندب غرورها وتلوم نفسها ألفَ ألفَ مره...تريد أن تبكي...
ولكنهم تخلوا عنها...كلهم...الصبيه والفتيات...
ونفسها...
حتى الدموع كابرت وخانتها...حاولت أن تنزفها ولكن دون جدوى...
وأهم من كل هؤلاء أنها فقدته،، فقدته في غمضة عين...
هو الأهم منهم جميعاً....
و دبيب الضمير في أعماقها لم يهدأ...وإحساسها بالذنب لم يبرحها لثانيه...
ولكن هيهات..!!
بعد أن كسرت الزجاج أنى لها أن تعيده ،، وإن أعادته فعبثاً تحاول أن يرجع لشكله الأصلي...
.
.
جلس في غرفته يشغل نفسه بنحت قطعةٍ خشبيه...بشكل قمرٍ شاهده ذات مساءٍ شتوي..ويجعله على عمودٍ خشبي مستقيم...قرر أن يهديه لها...
ولكنه تراجع مؤخراً بعد فعلتها الشنيعة تلك...
وبينما هو غارق في إستعادة ما مر به صباح هذا اليوم...دخل والده الغرفه فابتسم ونهض إليه يحتضنه...
هو بإبتسامة باهته: أبي لقد عدت من المدينة باكراً...
والده الذي جلس على فراشه: وهل انت سعيد؟
هو: أجل،، سأجلس معك طويلاً..
والده: حسناً...ألن تخرج لتلعب بعد صلاة العصر..؟
هو وطيرٌ في قفصه يتسارع: كلا...ربما...لا لا لن أخرج..
والده وقد استغرب: ولماذا؟ هل يوجد ما يضايقك في الخارج..
هو يبتسم مُمثلاً البرود: بالتأكيد كلا...أنا اجد متعتي خارجاً...ولكني أُفضلك عليهم..
والده يبادله الإبتسام وهو يمسح على شعره الكثيف الأسود: عندي لك خبرٌ جميل سيسعدك...
هو بفرح مصطنع: ما هو؟
والده بجديه: حينما ذهبت اليوم مع رجال القريه للمدينه المجاوره...تلك القريبه،، أتعرفها؟
هو بإهتمام: أجل تلك التي تبيع فيها سيداتنا تمور القريه..
والده: أجل إنها هي...
هو: ما بها...؟
والده: لقد أحضروا رجالاً مثقفين يقومون بتعليم الصبيه القراءة والكتابه...وأنا لا أريد أن تضيع هذه الفرصه من يديك دون أن تستغلها...
هو وقد ذُعر: لا يا أبي لا أريد...
والده مُندهش: لا تريد أن تتعلم؟
هو محاولاً إقناع والده: أبي إني احفظ الكثر من المصحف...لا حاجة لي بالكتابه...
والده حازما: بُني لا بد أن تكتبت وإلا لن تسافر...كيف تسافر وأنت لا تعرف الكتابه..
هو بحماس: سأتعلمها هناك...
والده يقف: العلم في الصغر كالنقش على الحجر...
هو: ولكن المسافة بعيده وأيضاً نحتاج المال لدفع مصاريف الدراسه...
والده: سأدبر كل هذا...في الصباح ستذهب مشياً لأن الشمس لا تكون شديدة الحراره...وعند الظهيره سوف أستأجر حمار جارتنا لإعادتك للقريه...ومصاريف المعلمين ليست بالكثيره سأدفعها...
هو وقد لامس الإصرار في عينّي والده وأدرك أن بقاءه هنا لن يفيده،، وأنه لم يعد هناك من يستحق أن يبقى من أجله...لقد صعقته اليوم بما فيه الكفاية حتى قرنٍ قادم...
هو وقد تنفس بعمق: حسناً أبي..إفعل ما تريد سمعاً وطاعه..
والده يبتسم: بارك الله فيك...

نهاية الجزء الثاني ...


أجمل مافي الحب..غموض عوارضه..وعجز كل قلم يحاول ان يكشف ستار غموضه..
أجمل ما في الحب ألوانه المتناقضه..والمتضاده..
أحاسيسه المتلعثمه..حضوره الخفي..واختفاؤه الحاضر..

أجمل مافي الحب زمنه السرمدي..اللامنتهي..
والضارب بجذور الحياه في اعمق عمق بداخلنا..
أجمل ما في الحب نزيفه..
فهو لا ينزف الألم كله..ولا ينزف اللذة كلها..
نزيفه مثله تماماً ..لا يمكن أن يكون جزءاً ولا يمكن أن يكون كلاً...
من قال...ان الزمن يبدأ عند حافته ومن قال ان الرحيل يضرب بانتهائه..؟!
الحب لا يموت..واذا مات فموته بعث جديد...بعث لـ نبتةٍ جديده وحياة أخرى..
وشوق آخر..وحنين آخر..
لكن لـ بذرة واحد...
هي هو " الحب نفسه "كتبتها ذات صيف شرقيةٌ حالمه تُدعى شوق..

الإهداء لـ:
نرسيس الذي لن يعود...وعذراءٍ غبيةٍ ساذجه...صرخ ذات ليلةٍ بين أحضان ورقها متألماً فـ إبتسمت له ببرود...وانفجرت ضاحكه...
إهداء لقلبها المتجمد وغلطتها الشنيعه....ومن الأعماق أُهديها كلماتي...
ولـ تُصدر عليها محكمة الحياه عقاباً طول الزمن الـ لامنتهي...
بأن تدفع ثمن غلطتها غالياً والغالي ذلك...غاليٌ جداً لا يمكن لخيالكم العذب أن يستوعبه....

Malame7 23-06-08 09:11 PM


وعلّمها الحُبْ !!

وضع رأسه بهدوء على إرتفاعٍ قليل عن الأرض ومد جسده الصغير على فراشه...في محاولةٍ مضنيه يجاهد فيها عينيه أن تغمُضا وينام...
ولكن جميع المحاولات كان الفشل حليفها الأول..جرحها لازال ينزفُ بغزارة،،وطيره في القفص أقسم ألا يسامحها..
نور الغرفة الخافت لم يسمح له أن يرى بقاياها فيها..فـ نهض على عجل..ووقف أمام فتحةٍ ليست بالعميقه في جدار غرفته صُنعت على شكل مستودعٍ صغير يضع فيها كل ملابسه التي لا تتجاوز قميصين وسروالين وثوباً واحداً...
وأخرج منه قطعةً صغيرةً من القماش تزينها خطوط ذهبيه صنعت من النايلون بطريقةٍ إسلامية بسيطه يُعبر عنها الساكن في رحاب الله العظيمه عن امتنانه وحُسن ضيافته للقادمين من أرجاء الأرض جميعاً...
ضمّه لـ صدره العاري وبقوّه...يُعبر فيها بكل ألم وبطريقةٍ بريئه،،عفويه،،وصادقه عما يجتاحه من شوقٍ إليها رغم مكابرته..ورغم الجرح الذي استوطنه ذات صباح ...
ولا زال النزيف مستمراً...
مضى على الحادثة شهر لم يرها حتى للحظه..وعلِم من والدته والصبيه أنها لم تبرح البيت ابداً..ولم تخرج لتلعب مُطلقاً...وقامت الفتيات بزيارتها ولكنها رفضت استقبالهن...
ابتسم وهو يعلم أنها تعيش فصلاً مؤلماً من التعذيب النفسي...ولكنه لم يأبه.!!
هي من تسببت بكل ما يحدث...
اقترب من الفانوس وأشعله..وجرّ أوراقاً تميل للإصفرار وغمس الريشةَ في الحبر الأسود،، وخط حرفه الأول والثاني ثم تلا كل الحروف التي مضى شهرٌ كامل وهو يتعلمها في المدينه...
" أ،، ب ،، ت ،، ث ،، ...........ي"
أخيراً لقد أتقن رسمها كاملة...
وفجأه...!!!
صرخ بصوتٍ عاليٍ وهو يبتسم....
" وجدتها ...لقد وجدتها...."
وأخيراً سينام بهدوء..وفي الغد ستحدث المفاجأه..
.
.
وافترست الشمس القمر..قهرته حتى انحنى راحلاً...وتربعت على عرشها تتمايل بغرور بين الجبال وعلى السماء وفوق سطح الماء...وتسترق النظر من الشرفات..وتداعب حيناً الوجنات...
وربما اشتاقت لـ فراشة حبست نفسها...فلم تعد ترها كما كان يحدث في الماضي...شهرٌ كامل لم تحضر درساً للقرآن،، ولم تخرج لتمارس لعبةً مع الصبية والفتيات...
وعلمت بوقت مبكر أنه رحل وياله من رحيل.....لقد رحل للمدينة وهو الذي وعدها ذات ظهيرةٍ مشمسه على سطح إرجوحة متمايله أنه لن يذهب أبدا....
ولكنه ذهب !!
نهضت بتكاسلٍ مقيت من فراشها وتلفتت للأجواء...اليوم هو يومٌ جديد في الأسبوع ولكنها لا تعلم ما هو...
توضأت ولبست ثوباً أحمراً منقوشاً بمربعاتٍ سوداء...وصلت الفجر بوقتٍ متأخر...ثم....!!!
ثم أخيراً قررت الخروج...
وحافية القدمين أيضاً...لم تلبس حذاءها هذا الصباح وللمره الأولى تتخلى عن غرورها...
مشت ثم مشت ومشت..ومن يراها تمشي هكذا يظنها على غير هدىً ولكنها كانت تعلم مسبقاً أي طريقٍ تعانق...
كانت نسماتٌ خفيفه تدغدغ وجنتيها التي كساها الاحمرار..الجو بديع رغم الصيف الذي يكاد يفتك بالبشر في هذه القريه...وما إن وصلت حتى لفّت ذراعيها حولها...واحتضنتها بصمت بليغ أشبه ما يكون بـ صرخةٍ صامته...
تلك كانت شجرة اللوز التي رُفعت عليها الأرجوحة حين دفعها ذات ظهيرةٍ مشمسةٍ فوقها وأوهمها بملامسة الغيم ،، ولمّا انقادت له راضيه صفعها بالواقع مُتقناً دور الحقيقة المُره ،، حين عاجلها قائلاً " ذلك مستحيل" !!!
أمسكت الخيط وحاولت بجهدٍ بليغٍ أن تصعد،،ولكن محاولاتها انتهت بالفشل،، الواحدةَ تلو الأخرى...
إلى أن تمكنت أخيراًً....
" رباه إني أُحبك"
صرخت بجنون حين تمكنت أخيراً أن تتربع فوق القطعة الخشبيه التي تخيلت لوهلةٍ من الزمن أنها غيمةٌ سرمديه وضعها لها ذلك الـ "هو" حتى يوهمها بأنه قادرٌ على تحقيق المحال...
جلستْ بهدوء ثم حاولت دفع نفسها،، جاهدت،،عاركت،،حاولت،،ولكن دون جدوى...
فجسدها الضئيل ليس أهلاً أن يدفعها لتمارس الطيران خلسةً..
فتململت وحركت قدميها بهدوء وهي معلقةٌ في الهواء...تمسك حبليّ الأرجوحه دون حراك...فيما عدا نسمات خفيفه تغازل وريقات شجرة اللوز الضخمه..
وفي صمتها وقوقعتها التي آثرت أن تعزل نفسها بها،، أحست بشيءٍ يجرها للخلف و بـ قوّةٍ خارقه ثم ما لبثت أن انطلقت نحو السماء وانفرد شعرها كـ شلالٍ أسود...
لم تستطع النظر للخلف ولكنها كانت سعيده...بالوقت نفسه كتمت ضحكتها..فلماذا الضحك...ومن يفرحُ لـ ضحكتها غير حاضر....
وقطع صدى الصوت سكون المكان...وهدأ النسيم..وتوقفت وريقات الشجر العريضه عن الرقص،،وانتبه الكون في موقفٍ بهيج لذلك الضجيج العازف القادم من الخلف...
حين عاجلها على غِرّه...
هو: اضحكي بصوتٍ عاليٍ...
هي بـ لا تعبير: انت !!!
هو يبتسم: طيري..
هي ترسم ابتسامةً طفوليه: هيّا نطير...
هو يبتسم...
هي والهواء يأرجحها: كيف عرفتَ أني هُنا؟
هو: مررت بيتكِ صباحاً،، صعدت لغرفتك وكنت تغطين في نومٍ عميق...
هي تضحك بعفويه: ولماذا لم توقضني؟
هو بثقه: كنت اعلم انك سوف تذهبين اليوم لـ الأرجوحه...
هي مندهشه: وكيف عرفت؟
هو يحرك عينيه للأعلى: عندما دخلتُ مخدعكِ وجدت حذائك وثوباً جديداً وربطةً للشعر...وعرفت بعدها أنك ستخرجين...
هي تمد قدميها للأمام: ولكني خرجت حافية القدمين...
هو يبتسم: حسناً..لقد عرفت ويكفي...
هي: أنزلني...
هو: كيف صعدتي؟
هي: جربت مراراً حتى تمكنت...
هو: إنزلي لوحدكِ...
هي وقد توسلته بعينيها: أرجوك..
هو يكابر: لن ......(وصمت)
هي: ماذا؟
هو يقترب،، يمُدُ يديه،،وتقفز إليه بقوّه...حتى توقعهُ أرضاً...فـ ترفع رأسها بسرعه وهي لا تزال متمسكةً بعنقه...
هي بذعر: هل حطمتك؟
هو بأسى: خبرٌ قديم...
هي لم تفهم وسارعت بالنهوض: لقد اصبحت سمينةً جداً...
هو ينفض عنه غبار الأرض: كلا لقد تقلص حجمكِ...
هي باسمه: تعال نذهب لمكانٍ ما...
هو: أين؟
هي: سأريك اشياءً وأخبرك عن أشياء...
هو بهدوء: أنا أيضاً لدي الكثير أخبركِ عنه...
هي تمشي: ولمَ لم تذهب للمدينة اليوم؟
هو: اليوم هو الجمعه والكل عائدون لديارهم وعليّ أن أصلي في قريتي..
هي تهز رأسها بإيجاب: وصلنا...
أوصلتهُ للتل الصخري الذي جلست عليه ذات مساء تبحث عن القمر وطار رباط رأسها الأخضر...
هو: ما الغريب هنا...؟
هي محاولةً لفت إنتباهه: كنت ذات ليلةٍ هُنا...إسألني ماذا حدث؟
هو: ماذا حدث؟
هي: بحثت عن القمر طويلاً...ولم أجده..ظننته لا يودُ أن يراني..ولكنني وجدته..
هو بإهتمام: وماذا قال لكِ؟
هي بعفويه: ابتسمت له ولكنه صمت...ذهبت يميناً فتبعني...ذهبت يساراً فتبعني...(ابتسمت ابتسامةً واسعه) لقد اكتشفت انه يحبني...
هو فاغرٌ فاهه: نعم !!!
هي بنظرةٍ ماكره: هو يلاحقني...
هو بدهاء: بالتأكيد يحبك...القمر يخدعُ كل الفتيات...يزورهن في المساء كلما فتحن نوافذهن،، لست وحدكِ فلديه ألفُ ألف صبيةٍ يقوم بملاحقتها...
هي بغضب: أنت مغرور...
هو ببرود: وأنتِ متعجرفه..
هي: أنانيّ..
هو: بارده...!!!
هي: ساذج...
هو: هشّه...
هي: غبيّ...
هو: كاذبه..!!
هي: أُقسم أنه يلاحقني...لقد قام بملاحقتي...
هو يبتسم ويمسك خدها ويقوم بقرصه: القمر ثابتٌ وأنتِ حين تتحركين تظنين أنه يتبعكِ في حين أن حركته لا تُشكِلُ سوى وهمٍ ترسّخ في خيالك النديّ...
هي تتنهد: ماذا تودُّ إخباري..؟
هو بفرح: تعالي للبيت...

مشيا سريعاً نحو بيته...وفتحا الباب الخشبي فعزف لها بالشوق كله أجمل أهازيج الترحيب،،حيث مرّ وقتٌ طويل لم تعطر بمرورها أزقة ذلك الحي...
كانت أمهُ تُصلح شقاً في جدار البيت الداخلي،،وما إن رأتها حتى هرولت إليها تُقبلها وتبثها أشواقها...
والدته: بنيتي أين اختفيتِ كل ذلك الوقت؟
هي بخجل: كنت مريضه...
والدته: سألت والدتك فقالت لي إنك تلزمين دارك...
هو ينظر إليها: لا حاجة لها بالخروج إذا لم أكن موجوداً...هذا كل ما في الأمر..
هي دهشا من ثقته العظيمه: من قال ذلك..؟
هو يبتسم بثقه: اعرف ذلك...
والدته: أنت اسكت...لا تؤذها...
هو يحك شعره: حسناً اجتمعت النساء...
هن يضحكن..ويجر يدها ليكملا ما جاءا إليه..بينما تراهما أمه يشكلان طيرين لا يمكن أن يوجد لفضائمها حدٌ أو خط انتهاء...
ابتسمت وأكملت سد الشقّ الذي بدا واضحاً في الجدار العتيق...
بينما وصل الإثنان لغرفته التي كانت بلا باب إنما توجد فتحة في الجدار تتسع لمرور رجل كبير الجثه..ونافذةٍ بلا أبواب،، بل عُلق عليها غطاء صغير من قماش باليٍ ليسد الضوء أو ربما ظنوا أنه يحمي الغرفةَ من الجو المتقلب خارجاً...
وفي أغلب الظن أنها وضعت لدخول الهواء لا غير...
هي جلست على فراشه القديم،،الممدود على الأرض والذي يحميه فقط من غبار الغرفه بينما هو ملاصق للأرض لا فائدة له الا انه يعزل جسده الضئيل عن ملامسة قاع الغرفه...
أخرج أوراقه الصفراء،،وأحضر قارورة الحبر وبضعُ ريشاتٍ صغيره..وجلس بجانبها..
هي: ما هذا؟
هو: أوراقٌ وريش وحبر...
هي: ماذا يفعلون به؟
هو: يكتبون..
هي مُندهشه: هل تعرف الكتابه...؟
هو يفرد الأوراق: كلا...
هي متسائله: إذاً...!!!
هو: لا زلت أتدرب على حفظ الحروف...
هي متعجبه: وبعدها؟
هو: سأُتقن الكتابه...
هي تتنهد: وبعدها؟
هو: سأكتب..
هي: ماذا؟
هو: كل شيء..
هي تصمت..
هو: تودين معرفة موعد سفري...؟
هي صامته..
هو: لا تقلقي إنه مؤجلٌ لزمنٍ بعيد...
هي تبتسم: ماذا ستكتب ؟
هو: كل شيء وأي شيء...
هي: وهل ستقرأ لي ما تكتب..؟
هو: كلا...
هي بغضب: لماذا؟
هو بهدوء : سأعلمك الكتابة...واقرئي ما سأكتب لك..
هي تكاد تطير من الجنون-عفواً- الفرح: حقاً...
هو: ولهذا أحضرتك إلى هنا...
هي: وماذا سأكتب؟
هو يضحك: ماتشائين..وستقرأين أيضاً...
هي فرحه: متى سنبدأ..؟
هو: الآن..
هي: لن أخبر أحداً..
هو باسم: حسناً ذلك أفضل...
هي: سأكتب لك...
هو: ماذا ستكتبين؟
هي بإبتسامةٍ تمتزج بالحزن: عندما يحين السفر...وتنوي الرحيل سأكتب لك في العالم الآخر..
هو يهز رأسه بالنفي: اسمه آخر العالم...وليس العالم الآخر...العالم الآخر يعني الموت...
هي متعجبةٌ من بلاغته: لقد صرت رجلاً...
هو يضحك: ولما تقولين ذلك؟
هي: كلامك أصبح صعباً..لم أعد أفهمه...هل عندما أتعلم الكتابه سأتحدث مثلك كالكبار؟
هو بفخر: نعم...
هي تبتسم...
هو: ماذا ستكتبين لي حين أرحل...؟
هي تبتسم لينقشع الستار عن عائلة بيضاء امتزجت بالسواد بين شفتيها:لن أُخبرك حتى ترحل..
هو مازحاً: سأرحل في الغد..
هي تضحك: قلت سترحل بعد وقتٍ طويل...
هو يمد الورق امامها: ستتعلمين الكتابه...سأعلمك الحروف...
هي: علّمني..
هو يكتب.." أ..ب..ت..ث........"
هي: جميل..نقوشٌ كثيره..
هو يمسك كفّها: أكتبي ألف...
هي تبتسم: على مهلك...لا زلنا في البدايه...
هو يُغريها: ستكونين الفتاة الوحيده في كل القريه التي تستطيع الكتابة والقراءه...
هي بغرور: حقاً...!!
هو يبتسم: ثقي بي...
.
.
وحلّت الظهيرة...فعادت إلى بيتها سريعاً ممسكةً بورقٍ شديد الاصفرار وريشةٍ طاووسيه،،وعلبةٍ صغيره تحتوي على القليل من الحبر الأسود الذي تقاسماه...
وقضت هي الليل في تكرير الحروف كما كتبها لها في ورقةٍ أخرى،،فرحةً بالذي ستنتهي إليه...آملةً من الغد أن تمرر يدها على الورق فـ تنساب الكلمات..مشكلةً عُرساً أُسطورياً من الجُمل..
وحين يرحل...آهٍ وألف ألف آه من الرحيل...
" حين يرحل...سأكتب له عني وعن أخباري...سأمزج له بين حُزني وهمّي...وأبوحُ له بمكنونِ قلبي... وسأخبرهُ حين يرحل..أنه شخصٌ مهمٌ بحياتي....وأنني آسفةٌ على ما فعلتُ بهِ في بركة الماء..وسأعتذر له بين السطور دامعةً عمّا بدر مني طوال فترة لعِبنا.....
سأُخبرهُ حين يرحل...أنني حزينةٌ جداً...كلا لن أُخبرهُ عن حزني...فقد يتألم ويفشل في أن يكون شيئاً مهماً... (وابتسمت) سوف لن أخبره عن مصيبتي في فُقدانه..ولكنني سأمضي في تدريب نفسي حتى أُتقن دور السعيده...فإذا ما وصلته رسائلي يظنُ أني فرحةٌ ولا أشكو حزناً...
سوف لن أتسبب في تعاسته بعد اليوم...!!!"
كانت تحدث نفسها وهي مستلقيةٌ على بطنها تُمرر الريشة على سطح الورق...تنسج من كل غطستٍ في سواد الحبر حرفا...
.
.
وبقربها جداً،،وجداً تلك قريبه...يجلس هو على دُريجات منزله الذي بدأت الشقوق تغزو جدرانه القديمه...يتأمل السماء..
يرى النجوم وقد فُرشت على سطح السماء...كقطعٍ ماسيةٍ تفرد وحده بالنظر إليها...واغمض عينيه وأطلق لخياله الطفولي العذب العنان....
" ماذا لو استطعت إحضار تلك النجوم..؟ (وابتسم فرحاً) وغرزتها الواحدة تلو الأخرى في شعرها...وحين يحين الليل...أُجلسها على تلك الأرجوحه..طالباً منها لبرهةٍ قليله أن تتخيلها غيمةً بيضاء...وأدفعها بقوةٍ عاليه....وعاليه تلك بعيدةٌ تصافح السماء وتبتسم للغيم...وتعلق خصلةٌ من شعرها الملائكي في يد القمر..."
وتنهد بفرح....
"قريباً وقريباً جداً ستكتب الرسائل...وأقرأها...قريباً سأعلمها...وقريباً ستقرأ لي..سأخبرها عن جرحها النازف بشده في أعماقي...وسأخبرها آسفاً أنه لن يندمل..."

ومضى المساء سريعاً....فـ ودع الصبّي الصامت..والصبية الشقيّه...طفولتهما العذّبه...ودعاها بجنونها وفرحها...بعذوبتها ورقتها...
راحلين إلى عالمٍ آخر يستطيعان فيه أن يرسما الحب كيفما شاءا....
لوحدهما فقط.....


نهاية الجزء الثالث....

ونهاية الفصل الأول من الأقصوصه....
فلسفة الحب غريبة،، قلّما تفهمها الأقلام لـ تبوح بها..وقلّما الأعين ترى مضامينها...
كثيرةٌ هي الألسن التي تهذي به...
وكثيرةٌ هي الأقلام التي تخطُ عنه..
وكثيرةٌ هي القلوب المُعلنه نبضاً به...
ولكن لكل هذيانٍ مسبب...ولكل خطٍ عنوان..ولكل نبضٍ إعلان..
الكل يتحدث عنه..والكل يدّعي وجوده...والكل يدّعي الاستشعار به...
لكن مَن مِن أولئك الذين يوقنون بدائرته الفعلية وقانونه اللامستند لنظرية أو محور،،
هذا إن كان له قانون !!!
أصعب شيء أن نخوض في أمورٍ أعمق منا..وأكبر منا..وأعظم منا..
ولا أعني في العمق المسافة فقط..
ولا في الكبر الحجم فقط..
ولا في العظمة الإجلال فقط..
ولكن أقصد أن الحب أعمق منا...لتعدد دهاليزه وكثرة أبوابه، ونوافذه...
والتي قد تكون مُشرّعه مفتوحة، وقد تكون مُغلقه موصدة...
وقد يكون بعضها موصداً وبعضها الآخر مُغلقاً....
والإطلال من ذلك العمق سواء كان من الأبواب أو النوافذ أو الدهاليز يعني المخاطرة..
فللحب عمقٌ أعمق منّا..لذلك محاولاتنا الساذجة للنظر في ذلك العمق يعني الشعور بالدوران واحتمالية السقوط...
وحتى بعد السقوط لن نصل أبداً إلى نهاية ذلك العمق...
سنبقى معلقين فقط...

طرّزتها آنسة حالمه،،حطمها الواقع تُدعى شوق

الإهداء لـ:
أرواحٍ ستبقى معلقةً بين سماء قلبي وأرض قفصي الصدري،،ومهما دارت بها الأيام فلن تقع يوماً...لـ روحٍ نقيه جمعني وإياها حبٌ ذات شتاء،،،
وفرقنا الصيف....!!!!
لـ عشقٍ ودعني ذات ضعف،،،فـ كانت النهاية أعذب ما يكون...وكانت قمةً في الحزن وقمةً في العجب...
قمةً في الحزن لم نستنزف فيها دمعه ولم نبكِ فيها ساعة...
إهداء لروحي المعلقة،،،وروحهِ التي لن تعود..!!!

Malame7 23-06-08 09:12 PM

شتاءٌ قارص !!

قررت السماء هذه المرة أن تغير حُلتها،، فارتدت من الثياب أكثرها بهتاناً...ولبست الرمادي الذي يُنذِرُ بـ غيثٍ طال انتظاره...
وهزت الرياح بأمر مجريها أوراق الشجر..فـ ضمت الطيور في الأعشاش صغارها لأحضانها،،ولم تستطع الأشجار قوةً على الريح العاتية التي كادت تفتك بها...
بينما العذراء الجميلة ضمت كفيّها بـ فزعٍ بليغ على قلبها الذي أعلن فصلاً جديداً من الرعب...حين صرخت السماء برعدها مُنذرةً بعاصفة طبيعية قد تستنزف الكثير مما تحويه تلك القرية الصامتة من مؤونة
كانت ترتجف بصمت..والرعب يدبُ في أوصالها..وصوت الرعد المخضرم يهزُ أركان بيتها اللبنيّ الصغير...
وبعد أن طالت مدة العاصفةِ خارجاً...سمعت صوت عزفٍ جميل،،داعب أسماعها فـ وقفت رغم الخوف تُطل من نافذتها الصغيرة وأخرجت يدها ثم مدت يدها الأخرى وقعرتهما حتى تجمعت حبيبات المطر فيهما...
واستمر المطر بالهطول وبغزاره...
وقفت بسرعةٍ شديدة أمام مرآتها التي أحضرها لها والدها مؤخراً من المدينة،، ولفّت حجابها بشكل جميل حول رأسها ولبست ثوباً أخضراً مزركش،، به الكثير من النقوش الغريبة والذي سبق وخاطتهُ لها أُمه...
نزلت مسرعه نحو الباب وفتحته،، وانطلقت !!!
لم تركض كما كانت تفعل في طفولتها..إنما مشت بخفة كـ سحابةٍ صيفيه نحو طريقٍ ألفته،،وتحفظ له الكثير الكثير من الذكريات العذبة والمؤلمة أيضاً...
وما إن وصلت حتى وجدت ما بين الجبلين قد قارب على الامتلاء من مياه المطر التي لا زالت تهل وبغزاره في قريتها الصغيرة...بينما يتراكض الصبية والفتيات يميناً ويساراً ،،فرحين بنعمة الله الكبيرة...
ورفعت رأسها ترى نوافذ البيوت وقد أطلت منها رؤوس النساء وهن يلوّحن بفرح للجميع وتلهج ألسنتهن بالدعاء حمداً لله على نعمته الجليلة...
جلست على مرتفعٍ صغير تَجَمّعَ في أسفله الكثير والعميق من الماء وشرع الصبية العُراةُ بالنزول إليه فرحين....فراقبتهم بـ صمت وهي تستعيد في جنونهم طفولتها العذبة التي ودعتها منذ فترةٍ قصيرة....
ثم ما لبثت أن دُغدِغت أسماعها بلحنٍ لا يكف فؤادها عن النبض به...
هو بصوته الخشن: هل تذكرين؟
هي برقه: لا أستطيع أن أنسى...
هو: جميلٌ منظر هؤلاء الأشقياء...!!
هي تبتسم: يذكرونني بك...
هو باسم: لا زلتِ مصرةً على هذا الغطاء الذي تضعينه فوق رأسك...!!
هي تبتسم بفرح: وهل تريدني أن أكشف لك شعري؟
هو يتمايل بجسمه: لا زلتِ صغيره..
هي: قالت أُمي لا بُد أن أتعودَ منذ الآن...
هو بضجر: حسناً...
هي تبتسم وتتابع النظر في الماء والصبية...فيركض إليها أحدهم وقد اتسخ جسمه بالطين...
الصبي: تعالي والعبي معنا...
هي تبتسم: لقد لعبت في طفولتي بما فيه الكفاية...دورك الآن...
الصبي: الماء نظيف لا تقلقي لن تتسخ ملابسك..
هو وقد بدا ضجراً: أكمل لعبك بعيداً عنّا هي لا تريد الحديث معك..
الصبي: وما دخلك أنت؟
هو بغضب: إنها زوجتي...
هي انفجرت ضاحكه،، بينما عقد الولد حاجبيه وهرول ناحية الماء بسرعة...
هو: ما المضحكُ في الأمر...؟
هي وقد بدا أن خديها هما من يقومان بضخ الدماء لا قلبها: لماذا قلت له زوجتي؟
هو بثقة: لأنك ستصبحين كذلك فعلاً...
هي بغرور: وإذا رفضتك..؟!
هو يضع يدهُ على قلبه: رُفضتُ قبل أن أتقدم...يالها من مصيبة !!!
هي تضحك وتلتقط حجراً وتقذفها في الماء: ألن تسبح؟
هو: ليس الآن...
هي: تعال نذهب للأرجوحة..
هو يمشي معها ذاهبين للأرجوحة...يُجددان الحنين الذي أكاد أقسم أن نيرانه في اشتعالٍ منقطع النظير...
مشيا حتى وصلا للأرجوحة والمطر لم يتوقف...فالتصق حجابها برأسها ونزلت بعض الخصلات حول خدّيها،،واسترقت بعضها النظرات فوق جبينها...واشتعل وجهها وكساه الاحمرار،،وبدأت يديها بالارتجاف...
هو يبتسم: كنّا صغاراً...
هي بغنج: ولا زلنا للآن...
هو: أنتِ أما أنا فلا....
هي بثقة: لن تكون غير ذلك المغرور...
هو يبتسم: اصعدي سأجـ...
هي تقاطعه وتقلّده: تعانقين الغيم،، وتقبلين القمر،،وتحادثين الشمس،، و..و..و.. (ثم ضحكت)
هو انفجر ضاحكاً: كنتِ ساذجة...كيف صدقتني...؟
هي بطرف عينها: لم أكن ساذجة...لكنني لم أكن لأكذبك يوماً...
هو يهز رأسه بإيجاب: حسناً...اصعدي..
هي تهز رأسها بالنفي: لقد كبرت..
هو يضحك ويسحب يدها بسرعة يحملها بجنون ويضعها فوق الأرجوحة إكراهاً...وهي تصرخ وصراخها قد اختلط بالضحك...
هي تُمسك الحبال: مجنون !!
هو وقد غرق في عينيها: مجنونٌ بـ .....( ثم صمت)
هي: ادفعني بقوّه....دعني أعانق تلك الغيوم....وأُمسك القمر..إنه يحبني..كما قال لي في الطفولة..
هو بغيره: ادفعي نفسك بنفسك...دعي القمر يحبك وعانقي الغيوم...
هي باسمه: تعال أيها المجنون...لن أعانقه ولن أحادث القمر...ادفعني..
هو يعود لها: حسناً..تمسكي بقوّه..
دفعها بقوه...والمطر لم يتوقف للحظه...طارت للبعيد وعادت بقوه..واستمر بدفعها بكل قوته...كانت تذهب بعيداً وتعود بسرعة..وهو يبتسم وهي صامته...
هذه المرة،، لا شعرٌ يتمايل ولا خصلاتٌ سوداء تعانق ضوء الشمس،،،غطاءٌ يدعو لـ ضيق الصدر يحجب عنه الجمال الأسود الذي طالما عشقه...
حتى ضحكتها لم تَجُد بها هذا الشتاء...كان ينتظرها لتنفجر ضاحكه،،ثم طال صمتها وزاد استغرابه حينما التفت إليها فوجدها تسرح بنظرتها للبعيد...ثم جرّ الأرجوحة بقوه وأوقفها..
هو ممسكٌ بالحبل وينظر إليها: ما بكِ؟
هي شاردة: هاه..لا شيء..!!
هو: تكلمي..ما بكِ؟
هي تنزل من الأرجوحة لوحدها..
نعم لقد أجادت النزول هذه المرة دون مساعده..بعد أن كانت تتكئ على كتفيه وتتمسك بيديه وأحياناً تتعلق في عنقه ويطول العناق...
بينما راقبها وهي تفتح حجابها بعيداً عنه وتُدخل خصلاتها التي خرجت أثناء البلل وبعد أن أصلحته التفتت إليه بوجهٍ يكسوه الغموض...
هو فزِع: ما بكِ؟
هي بسكون: انظر الشمس كيف غابت بين الغيوم...
هو بهدوء: وماذا في ذلك؟
هي بغموض: أنت الشمس...
هو يصمت...
هي تُكمل: والغيوم ستكون أقدارنا...
هو: وهل تكونين القمر؟
هي تبتسم بقلق: ربما..!!
هو: إذن اتفقنا...
هي: ستوقع رسائلك باسم الشمس...وسأُمضيها باسم القمر...
هو: لم أرى شيئاً مما تكتبين حتى الآن...
هي: لأني لم ولن أكتب شيئاً حتى تغادر..
هو: ومن سيقوم بإيصال رسائلك إليّ..؟
هي تبتسم: الحمام الزاجل..
هو بفرح: حسناً...متشوقٌ للسفر..
هي بحزن: وفقك الله...
هو يشاغبها: ليس للبعد عن قريتي وأهلي ومن أُحب...متشوقٌ لقراءة ما ستكتبين...
هي بارتباك: لن تحتوي سطوري أكثر من سؤالي عنك وعن أحوال دراستك..
هو يبتسم: سنرى...
هي: لنعد للبيت لا بد أن الماء قد تسرب للغرف...
هو مؤيد: حقاً...يوجد في جدار الممر الداخلي شق بدا يتعمق منذ فترةٍ طويلة..
هي تتنهد بينما يسيران نحو بيتيهما: شقٌ في جدار..!!
هو توقف وتوقفت هي لتوقفه وناظرها بكل القلق والخوف....
هي: ما بك ؟
هو ينظُر في عينيها ويطيل النظر: لم أعُد أفهمك..
هي وقد ارتبكت: لمـ.....
هو مقاطعاً: اشتد المطر عودي للبيت قد تصابين بالمرض..
هي بتوسل: توقف...
هو يركض مسرعاً نحو البيت: هيّا قبل أن تلزمي الفراش طويلاً...
وسرعان ما غزت السماء غيوم سوداء لتغطي تلك البيضاء،،وصرخت بقوّه معلنةً فصلاً جديداً من الصراخ...فيما ركضت العذراء نحو البيت وقد اختلط خدّيها بالدموع والمطر....
وعلى ورقةٍ صفراء تميل لـِ لون أوراق الخريف،،الخريف الذي لا يحمل سوى الألوان الباهتة والتي تنحصر في الأصفر والبرتقالي والبنّي و درجاتهم...
جرت الريشة وغمستها في الحبر الأسود وبـ عرض الصفحة كتبت رسالةً لن يقرأها،،ولكن ستوضع في أدراجها التي اكتظت بالكثير من الرسائل التي لن يكون لها صاحب في يوم من الأيام...
" لم يكن في سماء اليوم نجوم،،،
هل تصدق ؟
ولم تظهر الشمس...ولن يظهر القمر....
وهل تعي ما معنى أن أُسميك بالشمس وأنعت نفسي بالقمر؟
هل تفهمني ؟
أشكُ في ذلك..!!
نعم أشك....
وافقت دونما أدنى اعتراض على نعتي لك بالشمس..
ورضيت بلا تفكير أن ينير كلٌ منّا الآخر..
وغفلت عن الأكبر و الأدهى...
إلهي..!!
ألم يخطر ببالك أن قدر الشمس والقمر ألا يلتقيا منذ بدء الخليقة الأول..!!!"
توقف لـ برهة وغمست الريشة في الحبر الأسود...وأكملت...
" عجبي لقلة إدراكك !!!
ويزداد العجب حين أبوح هنا لك بسطورٍ لن تعانقها عينيك يوماً...
ترى كم سيكلفني الزمن من الصبر حتى أستطيع أن أُوصل لك ما أودّ!!!
هل سـ يستغرق مني الوقت الكثير؟
هل سـ ينزفني قطرات تتابع مراراً كما رأيت حبات المطر اليوم تتساقط فوقينا...؟
تباً لكل الأحلام تبا....
تباً لكل حلم أبعدني عن الواقع...
وتباً لكل حلمٍ رفعني هام السحاب ثم أوقعني بعنفٍ نحو الأرض...
سحقاً حتى لهذه الريشة التي لم أجني من الإمساك بها سوى أن أنزف الألم كل ليله بانتظار ما لن يجيء....!!
التوقيع/ القمر"
.
.
هو في ركن غرفته....في موقفٍ لا يخلو من الدهشة...ولا أغرب منها حين تتملك شخصاً دون أن يجد لحيرته أدنى تفسير...
"ترى ماذا دهاها اليوم ؟ أجزم أني لم أعد أعرفها.....موعد سفري اقترب والحمقاء لا زالت تبحث عن السخافات حتى تفتعل الخصام...!!"
تنهد بعمق واقترب من أوراقه...لقد أصبحت متنفسه الوحيد كما هي لها...وأصبح يعانقها كل مساء يبوح فيها بما لا يستطيع أن يقوله لها أو يجادلها به...
" مساءٌ شتوي تفوح منه رائحة المطر...
لروحكِ النقية،،
قلبكِِ الذي أقسم أنه لم يزل طيراً لا يُحسن الطيران،،
أنفاسك الممزوجة بعبق الورد،،
عيناكِ التي لا أُجيد سوى الإبحار فيهما،،
وشعركِ الذي يأسرني كلما عانق ضوء الشمس وأثار جنون غيرتي...
مساء الحب والشوق،،
لا أدري ما بكِ ولا أعلم ما سرُ تقلباتك المزاجية تلك...
لكنني أعلم ولا تعلمين...
وسوف لن تعلمين...
أن ذلك القفص الذي يقتنيه جسدي...
يمتلك طيراً أقسم ألا بشرٌ في الأرض يمتلكه..
طيرٌ قد نذر العمر والروح لكِ وحدكِ دون سواك..
لا يطير سوى في فضاء طيرٍ آخر تملكينه وحدك فقط...
ليتكِ تعلمين أنك بذلك الوجه الذي لم يترك للقمر شيئاً يفخر به..
قد أثرتي فيّ براكين لم تكن يوماً لتثور...
حتى أحسست أن بركاناً عظيماُ خامداً في روحي،،
نشط لتوه مع أنه لم يهدأ منذ ميزت وجهك الذي كان ثالث وجه أُميزه على هذه الخليقة بعد وجه أمي وأبي...
ليتك تعلمين...ليتك تعلمين..
وأجزم أنكِ بيومٍ لن تعلمين....!!!

التوقيع/ الشمس "

نهاية الجزء الرابع....
الفصل الثاني من الأقصوصه....

الحب أكبر منّا،، فكيف نحاول عبثاً فهم ووصف ما هو أكبر منّا...؟
فالحب أكبر منا ليس حجماً ولكن أكبر منّا في ابتداءاته وانتهاءاته...
ابتداءاته التي لم ندرك ماهيتها،،، وانتهاءاته التي لن ندرك ماهيتها...
هكذا كالطيف كالضباب يلفنا وكأن كل شيء حولنا..نتيه داخله فلا ندري ابتداءه وانتهاءه...!!
نبقى داخله لا نرى حتى خُطى أقدامنا ثم يتلاشى كالضباب وتلاشيه لا يعني انتهاءه وإنما ابتداء حجم جديد من النور...
فإذا به هو من جديد ولكن في صوره ساطعة،، واضحة هكذا يوهمنا بالوضوح ربما لأنه أكبر منّا...
فهو يزداد غموضاً كلما ازداد بعداً في خطوط الابتداء والانتهاء...!!
نسجتها قبل الموت بكل ألم ،، شوق !!!


الإهداء لــ:

لمن قاسمني أحلامه،،ضحكاته،،أفراحه،،نبضاته،،وحتى أنفاسه،،شاركني بالدمع والحزن وجنون الفرح...

أرضعني الحب حتى وصلت للسُكرْ...وأمسك يدّي بكل الودّ وعلّمني أبجديات الكتابة ورسم معي جزيرةً مجنونة أحكمها أنا،،أسكنها أنا،،أطير فيها أنا،،أعانق قمرها كل مساء،،ويتأخر بالعودة هو...وحين يعود أراه مُثقلٌ بسلال مُلِئت بالنجوم...فنقضي الليل بزرعها في ظفائري...

لحلمٍ لن يعود...

وقلبٍ تعاقبتني بعد رحيله الأحزان ...

وشخصٍ لو أفنيت له الصحائف والمداد فلن تكفيني لـ رثائه..!!!

Malame7 23-06-08 09:13 PM


أحلامٌ عذراء !!!

تنفست الأحلام الصعداء حين أنذرت السماء الأرض بعواصفٍ رعدية تواصلت لـ عدة أيام جرفت على أثرها كل عودٍ أخضر أنبتته أرضهم الطيبة الخصبة...
فـ طار الحلم سريعاً يرفرف فوق سماء قلبها وفكرها،، ويعانق بكل الحب عينيها وأوراقها وريشةً طاووسيه تمركزت بشكلٍ شبه عمودي في قنينة حبرٍ أسود صغيره اقتنتها ذات طفولة وهي تلهو في بيته...
وقفت أمام نافذتها المُطلة على القرية كلها،،،فـ رأت الشمس وقد تمزقت غيوم السماء من قافلة الذهب القادمة من باطن الفضاء تجاهها في محاولةٍ جهيدة للظهور في ذلك الصباح...فابتسمت وهي تنظر لكل ذلك الصراع الدائر في كبد السماء...
" إنها الحياة،،، هكذا تستمر،،أحدهم يرحل والآخر يعود..."
ارتدت حجابها على عجل وبقيت بجلبابها الذي ارتدته بالأمس،،،فليس لديهم كلهم القدرة على تغيير ملابسهم كل صباح،،،فللغسيل يوم محدد تلتزم به كل سيدات القرية وصباياها...
وحين وصلت للممر في جُنبات منزلها،، رأت والدها يرتدي ثوبه الثقيل ويستعد للخروج،، ووالدتها أشعلت الحطب في أحد أركان المنزل...
هي: أبي هل أنت ذاهب؟
والدها على عجل: نعم...هل ستخرجين في المطر؟
هي: ربما...لما؟
والدها يفتح باب المنزل الخارجي: لا تبقي في الخارج كثيراً ربما تمرضين..
هي باسمه: حسناً...
والدتها: هلاّ قمتي بجلب جرة اللبن تلك...؟
هي مسرعه: أجل...أُمي ماذا تفعلين؟
والدتها: أُشعل الحطب كما ترين...عليّ أن أغلي اللبن حتى يصل للفوران ثم أُوزعه على الجيران،،،أبقار جدتكِ أنتجت الكثير الصيف الماضي...
هي فرحه: وهل سأقوم بإيصالها؟
والدتها: بالتأكيد لن أستطيع إيصال كل تلك الدلاء لـ وحدي...
هي تبتسم بفرح: هل انتهيتِ من شيءٍ للآن ؟
والدتها تسكب بعض اللبن في الدلو: اذهبي به للبيت المجاور ابدئي يميناً لحين تمرين بالحي كله...
هي وقبلها تتسارع نبضاته: حسناً...
حملت دلو اللبن وخرجت من البيت ،،، بالتأكيد فـ بيته هو الأول يميناً لذا فقد أملت عليها السعادة أوامرها وأحست بالكون يفرش نفسه بالألوان...
فتحت الباب ورأت السماء لا زالت ترتدي فستانها الرمادي،، فابتسمت وهي ترى الشمس وقد جاهدت كل قوافل الذهب المنبثقةِ منها لتقشع الغيوم ولكن محاولاتها باءت بالفشل حيث أن غيوم السماء هذا اليوم تبدو شديدة القوه غليظةً متماسكة...
تمايلت مع دلو اللبن الثقيل الذي تحمل،،وارتعد كفيّها من البرد حين هب هواء شديد البرودة صافعاً خديّها وكفيها وقدميها الحافيتين...وما إن وصلت للباب الخشبي الذي مر عليه عمرٌ،،،لا يكف عن العزف حتى وإن كان اللحن حزيناً....فتحته وهي تدفعه بظهرها ودخلت للممر الذي طالما عانقها وعانق جدائلها وخصلات شعرها ووقع أقدامها...
شمت عن بعد رائحة الحطب يحترق ولابد أن والدته أوقدت النار أيضاً،، مشت حتى وصلت للمدخل الذي تجلس فيه وألقت عليها التحية...
والدته: هاتي عنك أساعدك...
هي تناولها الدلو: تفضلي...
تبادلا القُبل سريعاً والحديث عن المطر والشقوق في الجدران وآخر مستجدات ما أفسده سيل الجبل في واديهم الأخضر...
والدته: اجلسي هُنا حتى أُحضر لك من الرطب الذي أحضره زوجي من المدينة...أعطيه لوالدتك...
ابتسمت،، وما إن اختفت أمه عن الأنظار حتى تلفتت يميناً وشمالاً تبحث عنه بعينيها وقلبها،،ولكن لا بد انه ليس بالمنزل...
فهرولت للأعلى تندفع في خطواتها نحو غرفته،، سـ تفاجئه على حد قولها...
ما إن وصلت حتى فاجأها الصمت،،وخلو الغرفة من محتوياتها،،لا تدري أما أحست به يكون رُعباً أم ألماً،،كلما تعلمه في تلك اللحظة أن يديها باشرتا بالارتجاف والسؤال الذي يطرح نفسه أرجفة البرد تلك أم رجفة الخوف ؟
كلما فعلته هو أن تطيل النظر في حجرةٍ بدت خاويةً من كل شيء،،فراشه،،غطاءه،،ملابسه،،حتى الريشة والحبر والأوراق...
لا تدري هل كل تلك المشاعر المُرعبه التي اجتاحت جسدها،،وكل ذلك الجيش العتيد الذي انطلق من قفصها الصدري تخُص ذلك الـ هو ،، ألهذه الدرجةِ يا ترى تُرعبها مجرد فكرة رحيله.؟؟
تجمعت قطرات من ندى صغيره في حدقة عينها،،سرعان ما تسابقت لـ تُقبل خديّها،،"قطرات ندى في فصل الشتاء !!!" وجرى سيلٌ من ندى _عفواً_ دموع وهي ترى الحياة غدت رمادية لـ برهةٍ قليلة،، فـ جرّت قدميها على عجل وركضت تعيد في جريها طفولتها التي سلبها حبٌ ما كانت لـ تحسب له حساباً...
خرجت من البيت مسرعه بعد أن دفعت الباب الخشبي الذي رغم الجراح،،والآلام ورغم قسوة السنين لازال يعزف ويستمر في العزف مهما بلغ عِظمُ الحزن الذي يعزفه...
ركضت نحو البيت وهي تحمل من الذكريات أتعسها،،دخلت غرفتها وافترشت الأرض الصماء وفجرت براكين دموعها وأطلقت لقلبها العنان يعبر عن غضبه،،حزنه وان شاء مصابه،،غسلت قلبها بالدموع علّها تجد الراحة التي لن تستمتع بها بعد اليوم،،وكيف ترتاح وقد أعلنها عنوةً ورحل حتى دون وداع..!!!
.
.
نحو حقول لم تعد خضراء تجردت من ملابسها،، كساها العريّ واستوطنها ،،وفوق أرضٍ طالما عانقها اللون الأخضر،،هاهو يرحل بقوّه كما جاء بقوه،،لـ تحل محله مياه ضحلة تجمعت في هذا المطر المُدمّر...
تجمهر الصبية والشباب وكبار الحي البسيط ليحلوا فاجعتهم الكبرى في دمار محاصيلهم التي يعيشون منها...فكانوا يدفعون بالشباب الواحد تلو الآخر ليقفزوا داخل الماء وينقذوا ما يمكن إنقاذه،،!!
أحد الكبار: هل تبقى شيء؟
شاب صغير: لم يتبقى شيء سوى محاصيل القمح في الجهة الأخرى...ونحتاج صبيين يجيدان الغطس حتى يرفعا سنابل القمح الطويلة دون أن تتكسر...
أحد كبار السن: لا بد لنا من شابين ذوي حكمه لا يمسكان السنابل بعنف حتى لا يتناثر الحب منها...
ابتسم الشاب واستدعى الصبية يهتفون بكل رجولة وهم يتدافعون من يمسك بقصب القمح لكن كبار الحي رفضوا ذلك خوفاً على محاصيلهم التي جاهدوا حتى أثمرت لهم...
هو بثقه: سأغطس في الماء وليرافقني صبيٌ صغير...
أحد الكبار: فيما تحتاجه؟
هو: دعهُ يرافقني وسترى...

ترك الجمع ذلك الـ هو يغطس بالماء واصطحب معه صبياً لم يتجاوز عمره أصابع يديه...وسبحا حتى وصلا لسنابل الحب التي أوشكت على الغرق فيما دُفن بعضها تحت السيل الذي انحدر من الجبل...
جمع عيدان القصب وبخفة مُذهله وضعها على ظهر الصبي وقام بربطها نحو ظهره حتى لا تقع،،وبقوةِ شابٍ في عمره رفعه للأعلى بكلتا يديه ووضعه على ظهره حتى تبدو السنابل في علوٍ عن الماء،، وسبح حتى وصل لمنطقةٍ قليلة العمق وتابع بعدها مشياً والصبي الصغير لا يزال فوق رأسه ممسكاً به بيديه...
فتسارع الشباب والصبية يمسكون سنابل القمح التي ما إن أوصلوها لطرف الوادي حتى باشروا بنثر الحب منها ليجففوه وغداً يطحنونه...
انصرف الجميع يحملون سنابل القمح بين أيديهم فليست كل نساء القرية يُجدن تنقيته وطحنه،،حمل هو القليل منه ومشى نحو منزله ليُخبر أمه أن تقوم بتصفيته ثم تشريقه على سطح المنزل قبل أن يهطل المطر ثانيه فيفسده عليهم...
وفي أثناء ذهابه للبيت رأى قوافل الذهب تشق غيوم السماء والشمس قد برزت في كبدها وتربعت العرش الملكي لإمبراطورية السماء العُظمى..
ابتسم وهو يرى صراعاً دائراً انتصر فيه نور الشمس على غلظة الغيوم...
" قالت أن تلك الغيوم ستكون أقدارنا،،،ها أنا ذا أرى القدر قد انقشع ونحن في انتصار !!!"
دفع الباب لـ يستقبله بمعزوفةٍ تنذر ليس إلا بالحزن....ودخل على والدته التي كانت تقف في وسط الممر الداخلي للمنزل متعجبة..
هو باسمٌ: ما بك أمي تقفين هُنـا شاردة؟
والدته: لقد كانت هنا منذ بضع لحظات ولا أدري أين اختفت ،،اصعد ربما تكون في الأعلى أريد إيصال هذا الرطب لوالدتها....فقد اقترب موعد ولادتها وربما تضع صبياً...كل الإشارات تؤدي لذلك...
هو : تظنينها ذهبت؟
والدته : لا أدري....(ومدت يديها له بسلة الرطب) اذهب أنت لمنزلهم وأعطه لوالدتها...
هو يهز رأسه بتأييد: حسناً ناوليني إياه...
وأخذ الصحن بـ كلتا يديه...وقبل أن ينصرف عاد ملتفتاً للوراء...
هو: أُمي...لا تنسي أن تقومي بـ فصل الحبوب عن السنابل وأن تُشرقيها على السطح فـ بعد غد ستقوم النساء بالطحن..
والدته باسمه: حسناً...
خرج من البيت يحمل سلةً ليست بالكبيرة ماشياً نحو منزلها،،،تعلو وجهه ابتسامة عذبه رسمها وعيناه تعانقان فضاء الله الرحب،،
طرقاتٌ خفيفة على باب المنزل ثم فتحه وعاجل بالدخول للممر...فـ سمع صوت والدتها تناديها من غرفتها ولكن دون استجابة...فابتسم وأصدر صوتاً ينم عن وجوده..فـ باشرته والدتها بالأحضان وألقى عليها التحية...
هو: تفضلي،،، من أمي وتشكرك على دلو اللبن..
والدتها باسمه بحنان وتمسح رأسه: أشكرك يا بنيّ...هل رأيتها؟
هو عاقدٌ حاجبيه: أليست في المنزل؟
والدتها: لقد أرسلتها لمنزلكم ولكنها لم تعد للآن..
هو بجدّيه ممزوجة بالخوف: أتظنين أنها قد ذهبت لـ مكانٍ معيّن...؟
والدتها : لا أعلم يا بني ولكن إن وجدتها أخبرها أن تحضر لتساعدني في حمل هذه الدلاء للبيوت المجاورة فأنا لا أستطيع الخروج وحملها...إنني متعبه...
ابتسم ابتسامةً باهته وخرج بسرعة..ركض نحو الأرجوحة...ربما تكون هناك...هو متأكد بأنها لن تكون غير هناك...
مشى مستغرباً،، لا يعلم سر تقلبات تلك الصبية المجنونة..كما يحب أن ينعتها...مرةً تأتي ومرةً أُخرى تختفي...
وصل للأرجوحة وكما توقع وجدها تجلس تُسند ظهرها لجذع الشجرة،،وتُمسك شيئاً في يدها...لم يميزه عن بعد..اقترب منها على غفلة...فـ وجدها للمرةِ الأولى تكتب،،ابتسم بمكر...وقرر أن يدعها تتوقف ثم ينقض عليها...
لم يرى وجهها،،والذي لا يعلمه أنها كلما كتبت حرفاً وتوقفت كانت تمسح دموعها التي تخونها في كل حرفٍ تقوم بنحته على ذلك الورق الأصم...
و بينما هي جالسه تضع حجابها على رأسها وتجلس القرفصاء والأوراق على فخذيها..انقض بسرعة الفهود وطار بالورقة بعيداً وهي لدهشتها لم تصدم ولكنها التزمت الصمت،، إنها تراه..لم يرحل...ترى أي جنون حبٍ ذلك الذي يسكنها !!!؟؟؟
هو بمكر: سأقرأ...
هي بهدوء: لم تسافر؟
هو مُندهش: من قال ذلك...
هي تصمت..
هو يبتسم بفرح: سأقرأ..
هي بجنون بعد أن عادت الدماء تُضخ في جسدها بشكل طبيعي: لا تقرأ...
ركض وركضت هي خلفه،، استمرا بالدوران على تلك الشجرة الكبيرة،،هو يحتضن الورقة ويركض وهي تصرخ خلفه بتهديد فضيع وتواصل الجري....
هي بغضب: أعد أوراقي...
هو بغرور: من علّمك الكتابة؟
هي بجنون: أعد أوراقي..
هو بفرح لطالما عشق جنون غضبها: إنها أوراقي أنا اشتريها لك...
هي: إذن ادخل أوراقك في الماء حتى يزول الحبر وخذها لك..
هو بلؤم: ولكنني من اشترى الحبر أيضاً...
هي بغضب: إني أكرهك أيها المغرور..
هو يبتسم: أنا أكرهك أيضاً...
هي: أعد لي كلماتي وخذ أوراقك وحبرك الأسود لا أريده...
هو: هل أنت غاضبه؟
هي بغضب شديد: لا شأن لك..
هو ببرود: حسناً سأقرأ ما كتبتِ أولاً وسأعيدها لكِ..
هي توشك على البكاء: كلا..
هو وقد أثرت فيه: ستبكين؟
هي وقد أحمرّ خديها: كلا..
هو: ألن تكبري؟
هي بصوت متقطع: كلا...
هو: هل ظننتِ أني رحلت؟
هي برعب: نعم..!!
هو يخفي ابتسامة ستخونه في أي لحظه: ما المُحزن في الأمر..؟
هي: لا شيء يُحزن..
هو: إذن لم حضرتي هُنا...لم تكتبين..لم تُخفين ما تكتبين...لم عيناكِ توشكان على البكاء..؟
هي بغضب: أنت لئيم..
هو مشاغباً إياها: وأنت مجنونة..
هي: أعد أوراقي..
هو يعيد لها أوراقها...ويقابل جنونها بهدوء: عندما أرحل ستكونين آخر من أودع..
هي بتردد: عدْني !!!
هو: أتودين أن تطيري الآن..؟
هي تبتسم بعفويه: كلا...
هو يبتسم: تعالي تعالي...سترين أين تذهبين...؟
هي: لما أخليت غرفتك؟
هو استوعب الآن: لذلك ظننتِ أنني رحلت؟
هي بغرور: نعم...لكنني لم أهتم..
هو بثقه: لما كنت تبكين؟
هي: تأثرت،،،ظننت أنني من أصدقاءك المهمين..
هو بهدوء غامض: أنتِ أهمهم كلهم..
هي وقد سرت رعشه غريبه في كفيّها وبكل عفويه: يديّ ترتجفان..
هو يتنهد بعمق: ربما تشعرين بالبرد..
هي تهز رأسها بالنفي: كلا لا أشعر بالبرد،، الجو دافئ..
في حين أن الجو كانت له برودةٌ تفلق الصخر وتنبت به أشجاراً،،وزمهرير الرياح و حفيف الأعشاب يعزفان مقطوعةً قلما يستوعبها أي إنسان...
هو: تعالي معي...
هي: إلى أين..؟
هو: تعالي قبل أن يحل الظلام فلا ترين ما أودك أن تري..
هي شعرت بالإثارة: حقاً...شيء جديد..بالأمس الماضي فاجأتني بالأرجوحة..واليوم ماذا سأرى..
هو: فضولية جداً..
هي: مثلك...
هو: ثرثارة..
هي: مثلك..
هو: مغرورة..
هي: مثلك..
هو يصمت ويسرع بخطواته نحو المكان وهي تمشي ببطء بالخلف وراءه...

هي: أين نذهب ؟ لقد ابتعدنا كثيراً...
هو: اصمتي...
هي بشغب: لن اسكت..أين نذهب.؟
توقف لثواني قليلة وجلس على الأرض بين عدة شجيرات صغيره نُزعت عنها أوراقها لشدة المطر الذي هطل ليلة البارحة..وحولها القليل من الصخور الملتصقة بحافة المرتفع...
هي: إلى ما تنظر؟
هو: تعالي...
جلست بجانبه وابتسمت ابتسامةً رقيقه ومدت يدها لكنه أمسك بيدها ومنعها مما تود أن تفعل..
هو بهدوء: لا تفعليها...
هي وقد ارتبكت: لما..؟
ترك يدها ونهض...
تلك كانت زنبقة بقيت رغم العواصف والرياح ثابتة..لا تنحني ولا تموت...احتفظت بلونها الخلاّب وجمالها الهادئ ورونق شكلها...احتمت بين صخور المرتفعات ودفعت شجيرات المكان حياتها ثمناً لأجل أن تعيش تلك الزنبقة...
هو: لا تقطفيها...
هي: لماذا..؟
هو: تلك الزنبقة هي أنتِ..
هي تبتسم: أنا؟
هو: نعم أنت وغداً حين تكبرين كثيراً،،سوف......
هي وقد تحشرج صوتها: قل حين تعود من السفر...(وتحولت نبرتها للغضب) لا أودّ أن أعرف شيئاً...
هو وقد أشفق عليها من الحزن: لن أسافر قبل أن تكبري كثيراً ،،وقبل أن تموت هذه الزنبقة،،وقبل أن يجيء الصيف وتعود القرية خضراء كما كانت في السابق...لن أسافر قبل أن أودعكِ وأترك لك من الذكريات أجملها...
هي تبتسم ولون الحزن قد غدا عميقاً في عينيها: صدقتك...سـ يكون وداعك حافلاً جداً..أعدُكْ....!!!
هو بمرارة يخفيها في ابتسامه باهته: هل نتسابق..؟
هي بشقاوة: أمسك بهذه الأوراق ( وبنظره تهديد) لا تفتحها وأعطني إياها حين نصل لبيتنا...
هو يضحك بصوتٍ عالي: حسناً...هيّا نعد من واحد لثلاثة...
وضع الأوراق داخل قميصه الواسع ووقف بجانبها يستعدان للركض...وما إن انتهيا من العدّ حتى تسابقا...
انطلق بسرعة قبلها وهي تجري خلفه وتضحك بصوتٍ مرتفع قليلاً ،، ثم سرعان ما هدّأ من سرعته حتى يراها أمامه ،،، سبقته وسقط حجابها وانتثر شعرها يغطي الفضاء كما كليلةٍ سوداء لم يعانقها بدرٌ ولا حتى نجوم...
اتفقا أثناء الجري أن تكون محطة النهاية عند شجرة اللوز التي تعتليها الأرجوحة...
كانت تركض بقوّه متناسيةً شعرها الغجري الأسود الذي قتلهُ ذات شتاءٍ متجمد..لدرجة أنه توقف عن الركض وظل يمشي خلفها وهي تركض بغير إحساس ،،،،تطير،،،تظنها بجنونها وغرورها ستعانق كبد السماء أو تضم ببلاهةٍ قرص الشمس الملتهب..!!!
وصلا للأرجوحة وتوقفت وشعرها ينسدل على كتفيها وهو يقف قريباً منها....
هي بخجل: توقف سأغطي شعري...
هو بتذمر: لقد رأيته كاملاً لا تزالين صغيره على وضعه...
هي تضحك: كلا لن تراه ..
هو: ساذجة...
هي: هيّا سنعود..
هو: حسناً...
هي: سبقتك..
هو: لقد تعمدت أن أمشي ببطء حتى ستبقينني..
هي مُندهشة: إنك ترفض الهزيمة...لقد هزمتك...
هو يضحك: نتسابق للبيت؟
هي: كلا لقد تعبت..
هو: تهربين من المواجهة..!!
هي: لا بأس...هل تصدق كدت بقفزة قصيرة أن ألامس خيوط الشمس...!!
هو بجديه: تظنين ذلك؟
هي: نعم...قليلاً من التدريب وأطالها...
هو: حقاً...طموح جميل...
هي: ألا تثق بي...
هو: لكنها الشمس هل تقوين التحدي..؟
هي بثقة: نعم...
أمسك يدها وأوقفها...
هي: ماذا؟
هو: ارفعي رأسكِ وانظري لها...إن استطعتِ التحديق بها لمدةٍ قصيرة فهي لكِ..
رفعت رأسها للشمس البارزة بغرور في عرشها الرمادي الذي غطته كل الغيوم التي لن تهزمها...ولكنها سرعان ما وضعت كفّها على عينيها...
هو يبتسم: لن تستطيعي...
هي بثقة: سأصل لها يوماً وسترى...
هو: أرجو ذلك..
هي: وهل تطال القمر؟ هل تقدر أن تصل لسبائك الفضة المتسربة منه.؟
هو يبتسم : سبائك الفضة هي نتاج جدائل الذهب التي تصنعها الشمس...
هي: مغرور..
هو: مثلكِ..
هي تبتسم: يجب أن أذهب..أراك بالغد...
هو: حسناً..إلى اللقاء..
ومشت أمامه ذاهبةً للبيت..
هو: توقفي...
هي: ماذا...؟
هو: قالت أمي أن أمك ربما تضع طفلاً جديداً..هل تظنينها فتاه...؟
هي وقد تطاير الشرر من عينيها وأحست بالجنون يلفها: ما شأنك أنت...سـ يكون صبياً إن شاء الله..
هو: أرجو أن تكون صبيةً جميله...حتى نلاعبها..
هي بغضب: حسناً لتكن فتاه...لكن لا تكلمني بعدها..
هو انفجر ضاحكاً لغيرتها المجنونة...
هي: أكرهك..
هو بهدوء: ليس أكثر مما أكنْ لكِ من كراهية...
هي: غبي...
وذهبت للبيت مسرعه...بينما رجع لمنزله بهدوء الواثقين يرى السماء وهي تدفن الشمس دون رمال ودون كفن ودون صندوق،،، لينبثق القمر يعتلي العرش حتى يحل الصباح وتزيحه بجبروتها وجدائل الذهب المسجاةِ من قرصها الدائري....
ما إن وصل لغرفته التي غيرها بسبب تسرب المياه حتى رمى قميصه أرضاً وتناثرت أوراقها التي نسيتها قبل قليل...فابتسم بهدوء...
فتح الورقة ليجد خربشات آنسه جرّت طفولتها معها حتى في الكِبرْ...
" لماذا تركتني وحيدة!!!

وأنت كنتَ لي نبع الحياة،،ومصدر الأمان !!!

وأنت الذي جعلت لي من كل فصول الربيع مولداً...

أنت يا أجمل من كل أحلامي وأبعد...

أرجوك...

لا تقل أنك سافرت..!!

وأن غداً لن يولد كما ولدت الأيام السالفات...

لا تقل لي أن الشمس لن تشرق عليّ للأبد...

إن أنت سافرت...سيلبس النور ستاراً أسود..

ويذبل الروض..ويغضب الورد من قلة الندى..

وستهيم بالأرض روحي،،،وتزيد في القلب جروحي...

أخبرني أين ستسافر..!!!

ربما ألقاك في بعض متاهات المدى..!!

وربما أراك من غير موعد...

أو يظهر لي نورك،،أو فجرك ،، أو بدرك...

أرجوك هوّن عن السفر...

حتى يعود العطر وينتشر...ويرجع الربيع...

وحتى......"
ووجد الكلمات قد قُطعتْ من منتصفها...فابتسم بحزنٍ لا يعلوه حزن...وأقسم منذ هذه اللحظة أن يكون الوداع حافلاً كما طلبت منه...وأنه لن يدعها تذرف دمعةً واحده في فراقه...
ضم الأوراق لـ قلبه بقوّه...تنفسها كما يريد...ووضعها مع أوراقه...

نهاية الجزء الخامس...
الفصل الثاني من الأقصوصة...

الحب أعظم منّا فكيف نحاول عبثاً الخوض فيما هو أعظم منا،،

فنحن لسنا إلا أقزاما نقف على عتبته ،،

فما إن حاولنا الخوض فيه حتى نقلنا إليه ملوثات حسية سطحيه منا....

وبالتالي واجب علينا احترام قدسيته وان نبقى بعيداً عنه،،

نجول معه لا في داخله،،

نجول بصحبته لا في دائرته،،

هكذا حتى نضمن لأنفسنا عدم تلويثه ونضمن له طهارته...

وكم يتلاعب الحب بورقة الاختصار..!

حرفان فقط...حرفان من أخف الحروف نطقاً هما مكونات لفظه ولكن مفعول هذين الحرفين قوي ومملكته شاهقة عنيفة،، وتاجه منيع لا يمكن أن يتوج لأي مدعي ينبض به..
تمخضت بها ذات ولادةٍ بالكلمات،،، شوق !!

الإهداء لــ:


لمن تجرد منيّ كما تتجرد الشجر من أوراقها خريفاً،،

ونزعني عنه كما ينُزع جذرُ الشامخات عن قاع الثرى،،،

وتركني !!!

مُخلفاً وراءه من التعاسةِ أعظمها،،

ومن الألم أكبره،،

ومن مُدن الحنين أضخمها،،

وقبل أن يرحل لم ينسى أن ينزع عني تاج الحكم في قلبه،،

وقلّدني باستحقاق تاج مملكة الحزن،،

وترك لي من الرحيل أعذبه،، ومن الدموع أكثرها،،

ثم رحل !!!

Malame7 23-06-08 09:15 PM


أتموت الأحلام !!!

وصلت للتو سيدتان لمنزلها،،إحداهما كبيرة في السن والأخرى هي أمه،، ومشيتا بسرعة لحجرة والديها حيث كانت أمها تتلوى ألماً..

أما هي تقف خائفةً،، تنحدر دموعها بهدوء مع رجفةٍ بكفيّها..

والدته: بُنيتي اجلسي هنا حتى تضع أمك وليدها ولا تقربي هذه الغرفة..

هي بخوف: حسناً...

وما إن دخلت والدته الغرفة حتى جلست على مرتفعٍ صغير في ممر المنزل تدفن وجهها بين كفيّها تحاول ألا تبكي،،، ولكن هيهات كان خوفها على أمها اكبر مما كان لخيالها الواسع أن يتصور..

فجأة !!!

انفتح باب البيت الخارجي بقوّه وصوت أقدامٍ راكضه تقطع الممر المؤدي لبهو البيت،، فنهضت على عجل تظنه والدها سمع بخبر أمها....ولكن !!!

هو يلهث ثم يبتسم..

هي تعاجله بابتسامةٍ بين الدموع: أتيت؟

هو: هل وضعت أمك؟

هي: ليس بعد...

هو يلطف الجو: أظنها فتاه...

هي بغضب: اخرس..

هو انفجر ضاحكاً: حسناً...

هي: من أين أتيت؟

هو صامت..

هي: من أين أتيت؟

هو يستمر بالصمت...

هي: لما لا تتحدث..؟

هو: لقد طلبتِ مني أن اخرس...لا أستطيع عصيان أوامركِ...

هي خجلى: حسناً...

هو: لما الدموع..؟

هي بضعف: خائفه...

هو وقلبه يرتجف: أكره أن تكوني ضعيفة..

هي تمسح دموعها: إنها أمي..

هو: أعلم ولكنك قويه أقوى من قطعة بسكويت..

هي تبتسم: جميلةٌ كانت تلك الأيام...

هو وقد بدا عليه الارتباك: أتخرجين؟

هي بتردد: يجب أن أبقى هنا لحين خروج والدتك..

هو يبتسم: كلا..تعالي نخرج ربما يمر الوقت سريعاً وتعودين وقد وضعت أمك طفلةً تشبه الغيم الأبيض ولخديّها لون الورد...ولعينيها وشعرها سواد الليل...

هي تعض على شفتها بغضب وتتنهد...

هو يبتسم: مجنونة...

هي: لا تُغضبني...

هو يمسك يدها: تعالي نخرج سأريكِ شيئاً جميلاً...

هي مستسلمة: أحب أشياءك الكثيرة التي تريها لي....لأني لم أرى مثلها عند غيرك..

هو بنرجسية: لأنني لست كالآخرين..

هي تضحك: بالطبع...ليس الكل أغبياء ومغرورين مثلك..

هو يضحك: ولا ساذجين سريعي البكاء مثلكِ...

هي تضحك:ماذا سأرى ؟

هو: قد جاء الوقت لكي تفتحي لخيالك العنان،، فكري فيما سوف ترين...

هي: أشياء كثيرة...كيف لي ان اعرفها...

هو: همممم...

هي: أوصِفه...

هو: جميل...

هي: أيضاً..

هو: ناعم...

هي: حسناً..

هو: رقيق جداً...وشفافٌ جداً..

هي بدهاء: حي أم جماد؟

هو: حي..

هي: ذكرٌ أم أنثى؟

هو يبتسم: أنثى..

هي تتوقف عن المشي: لا اريد ان اعرفها..

هو: غبيه...استمري بالأسئله..

هي: كبير؟

هو: صغيرٌ جداً..لكنك تستطيعين رؤيته واللحاق به..

هي: هل سبق ورأيته في حياتي من قبل..؟

هو: لا أعتقد ذلك وإن كنت رأيته لم تعيريه اهتماماً لأنك كنتِ طفله..

هي عاقدةٌ حاجبيها: صعبٌ جداً...

هو: شديد الجمال..

هي: أجمل مني؟

هو يشاغبها: قليلاً لكن ليس أجمل مني..

هي: مغرور...

هو: مثلكِ...

توقف هو عن المشي وهي توقفت معه....

هو يتبسم: وصلنا...( ويلتفت إليها) هاتي يدكِ..

ناولته يدها ،، أمسكها،،وصعد بها المرتفع...ونظر إليها بهدوء أن تلتزم الصمت ،، وحتى ألا تهمس...

وحينما توقف اختبأ خلف كومةٍ من أعشابٍ وشجيرات..ونظر إليها وهز رأسه كي ترفع رأسها وتقترب،،،

اقتربت ألصقت رأسها برأسه وانفرجت حدقة عينها على اتساعها بينما هو أغمض عينيه لبرهةٍ قصيرة،،كان رأسها قريباً منه جداً...

هي بهمس: جميل،،جميل،،جميل،،!!

هو مبتسم: أليس أجمل منكِ؟

هي: بالطبع كلا...

هو يبتسم: هل نقفز إليهم..؟

هي بشغب: هيّا..

هو: اصبري قليلاً،، اختاري إحداهن لـ تمسكي بها...

هي بفرح: أريد تلك الصفراء الموشومة بالبقع السوداء...

هو يضحك: تعبر عنكِ...

هي: لنذهب...أريدها...

هو: انقضي عليها بسرعة..

هي تسرع نحوها فـ تتطاير الفراشات تعانق الغيوم وتترك لها الزهر الذي بيومٍ لن يطير...

هو يضحك: غبية...

هي: لقد ذهبت...امسكها لي...

هو: غبية...أخبرتك أن تنقضي عليها بسرعة..

هي: لنعد للبيت أريد أن أرى أمي...ربما وضعت أخي الصغير..

هو يضحك: وكيف علمتِ أنه صبي...أشعر أنها فتاه..

هي تصمت...ثم تمشي...تبتعد...يلحقها ثم يبتسم ،، يمشي بجانبها...يمسك كفها الصغير...

تسحب يدها بغرور...

هي: توقف عن خداعي كلما أغضبتني...هذه المرة حقاً لا أريد الحديث معك..

هو: حقاً..

هي بغرور: أنا لا أكذب..

هو يمهلها فرصه أخيره: سـ تندمين...!!

هي تمشي بسرعة: لن أندم..

هو يمسك يدها بعنف وينظر في عينيها بغموضٍ لن تفهمه: فلا تبكِ غداً حينما لن أكون هنا...ولا تتعبي قلبكِ بالبحث عني حين لن أعود...أبداً لا تهدري مشاعرك في البحث عن من لن تريه بعد اليوم...

وظل ممسكاً بيدها بقوّه ناسياً نفسه،، ينظر لعينيها المرعوبتين من تهديد كـ بوق الموت...
وسرعان ما أنزلت رأسها لبركان الغضب القادم من عينيه،، والثواني بدأت عدها التنازلي ،، أيركع غرورها لنقائه،، أم تظنها بجنونها تحجب شعاع الشمس؟؟
توقفت ولم تمشِ،،بينما هو كـ عادته التزم الصمت،، عض شفتيه نادماً على قسوته لكنه لم يبين لها ذلك حتى لا تظن بغرورها أن تضم قرص الشمس....
مر الوقت وهما يطيلان النظرْ....مخطئٌ حقاً من ظنهما صامتان..فقد كانت عينيهما تحكيان ألف ألف حكاية،،وتضمان ألفاً وما بعد المئة من قصصٍ لم يكشف سرها بشر..
هو بهدوء: اذهبي...
هي وقد ارتجفت شفتاها:لن أذهب...
هو بهدوء: اذهبي،، أمكِ بانتظاركِ..
هي وقد بدا الأمر صعباً للسيطرة على عينيها: تعال معي...
هو وقد أخذ نفساً عميقا: قلت اذهبي لوحدكِ...
هي وشفتاها ترتجفان: أرجوك..!!
وكان لا بد أن لا يكسر رجاءها ،،وكان لا بد ألا يخذلها ،، وكان لا بد أن لا يزيد انكسارها،، وكان لا بد أن يلبي ذلك التوسل الذي لم يعهدهُ منها...
مشى معها حتى وصلا للبيت بصمت..ثم دخلا...فـ رمقتها السيدة التي كانت مع والدته بـ نظرة ازدراء لم تأبه لها ثم وصلت حتى غرفة والدتها..فسمعت بكاء وليدٍ صغير..وسرعان ما
دخلت بسرعة بينما بقي هو خارجاً في فناء البيت...ووجدت والدتهُ تصب لأمها اللبن في الوعاء كي تشرب منه...
هي بفرح: أمي أخيراً أنجبت لي أخاً...
والدته تبتسم: كوني لطيفه مع امكِ إنها متعبه...(ثم سألت عن ابنها)
هي: انه في الخارج ( والتفتت لأمها) هل أدعوه للدخول؟
والدتها بتعب: لا بأس...
وسرعان ما أدخلته لغرفة والدتها التي كانت مستلقيةً على فراشها وبجانبها الصغير الذي ولدته...
هو يكلم أمهُ: أصبيٌ أنجبت خالتي أم صبيّه..!!؟
هي بفرح: صبيّ .. صبيّ...
والدته بابتسامةٍ ناعمة وبهدوء يشابه هدوءه: إنها فتاةٌ يا بنيّ...
والدتها تبتسم: ستقاسمكِ والدكِ الآن...
والدته تستفزها: وربما ينساكِ وينشغلُ بها...
وتضحك النساء وهي تصمت...بينما هو يراقبها باسماً...
هو بثقة: قلت لك أنها فتاه ولم تصدقينني..
هي تتنهد: أمي لما أنجبتِها...كنت أرغب في صبيّ...
والدته: هذه مشيئة الله يا ابنتي...
هي بغنج: لن أُحبها...
هو يبتسم...
والدته: يجب أن نذهب الآن...لقد حل الظلام...
والدتها تكلمها: ناولي خالتك الفانوس في الردهة الخارجية...لا بد أن الجو مظلمٌ بالخارج..
وخرجت هي وهو ووالدته وناولتها الفانوس وأوصلتهما حتى باب المنزل الخارجي..
والدتها: تصبحين على خير يا ابنتي غداً صباحاً سأعود لأطمئن على والدتكِ..
هي تبتسم بخجل: أشكركِ جزيل الشكر...
ومشت والدته تُمسك الفانوس بينما وقف هو على عتبة بابهم لم يبرحه...وهي وقفت معه تبتسم...بينما هو يطالع السماء...
هي: ألن تذهب؟
هو: سأذهب الآن...
هي: أراك غداً..
هو: أنظري للقمر..
وحينما رفعت رأسها رأته..كان يختفي خلف جيشٍ سميك من الغيوم السوداء والرمادية...بشكلٍ غامضْ يشدّ الناظر إليه...
هو: ألا زلتِ تعتقدين أن هذه الغيوم هي أقدارنا؟
هي: لم يكنْ إلا شيئاً من السخافات..
هو يهز رأسه: حسناً...بالغد نرى هل للسخافات أي معنى..
هي: أتجلس؟
هو ينظر إليها: ألن تدخلي؟
هي: لابد أن والدتي قد خلدت للنوم فهي متعبه...أما أبي فلن يعود سوى مع والدك مساءً..
هو يجلس على عتبة الباب اللبنيه المرتفعة...وهي تقف بجانب الباب الخارجي قريباً منه...
هو: هل بإمكاني أن أطلب منكِ شيئاً...؟
هي تبتسم: أطلب ما شئت....
هو يبتسم: هاتي لي ما تكتبين...
هي بهدوء: مستحيل...
هو: لما...؟
هي: أخبرتك..حين ترحل سأُراسلك...
هو: وإذا لم تصلني...وإن تأخرت بالسفر ماذا تفعلين...؟؟
هي برعب تداركته سريعاً: سـ تصلك...ولن تتأخر...كلها سنواتٌ قليلة وستعود..
هو بثقة: وإن عدتْ ربما لن تعرفيني...
هي بهدوء: سأعرفك لو بعد مئة سنه...
هو: أتنتظرينني..؟
هي بألم: كل العمر..
هو وقد كابر على الألم الذي اجتاحه وحاول جاهداً ألا يكون ضعيفاً أمامها...وقف من طوله ونظر إليها...
هو بتوسل: هاتي كلما كتبتِ لي الآن لأول مرةٍ فقط نفذي ما اطلبه منك دون تردد..
هي بخوف شديد: لن تراه قبل أن تسافر...في اليوم الذي ستذهب فيه سأعطيكْ كل رسائلي..
هو يرجوها:اسمعيني للمرة الأخيرة أرجوكِ لا تحرميني من طلبي الأخير..
هي وقد أحست بخوفٍ غريب ونبضاتها في القفص تتسارع: هل ستسافر قريباً..؟
هو بتردد: كلا...
هي بثقة: لن تسافر ،، لقد وعدتني أن وداعنا سـ يكون حافلاً...
هو أمسك كفّها بقوه: عديني أن تبقي على انتظار...
هي وقد خانتها دموعٌ كابرت ألا تنزل: أعدكْ...سوف لن أقضي العمر إلا في انتظارك..
هو: عديني أيضاً...
هي بحزن: بماذا؟
هو: ألا تبكِ مُطلقاً...
هي تبكِ: أعدكْ...
هو بألم: وأن تكون هذه هي المرة الأخيرة التي تنزل فيها دموعكِ قبل أن أعود..
هي: أعدكْ...
هو: وأن تبتسمي الآن...
هي تبتسم: حسناً...أنا عند وعدي في كل شيء إلا شيئاً واحداً...
هو: ما هو...؟
هي: سوف لن أبكي مطلقاً حين لن تكون هُنا...فقط سامحني...يوم وداعك سأستثنيه من الأيام..
هو بهدوء غامض: حسناً ...ابكي في ذلك اليوم كما تشائين...كي أضحك كما أشاء..
هي تبتسم: قد أبكي..وقد لا أبكي...(ثم توسعت ابتسامتها) وإن بكيت فلن تراني..
هو يبتسم بشغب: سنرى...
هي: في الغد سأريكَ شيئاً...
هو: بدأنا بالتقليد...
هي: لا أُقلدك...سأريك شيئاً أجمل من كل أشياءكَ...لن تراه غير الغد...
هو يعبث بقدمه في التراب: سأذكركِ به؟
هي: كلا لأنك لن تراه سوى مرةٍ واحده..
هو: ستنامين الآن...؟؟
هي: لا أظن...سأبقى حتى يأتي أبي..أريد أنه أخبره عن شقيقتي الصغيرة...
هو يبتسم: إذاً سأجلس معكِ حتى يعودان...
هي بفرح: اجلس..
جلسا على عتبة باب المنزل...ساد المكان صمتٌ قصير،، كانت فيه كائنات الليل تعزف بأصواتها لحناً تسمعه كل الخليقة الهادئة...وتتهادى فيه الأشجار ويتناغم عليه العشب ويشدو به الهواء...
هو ينظر للبعيد: غداً حين نكبر كثيراً سنغادر...
هي باهتمام: إلى أين؟
هو: للبعيد...أتعلمين...سآخذكِ لـ جزيرةٍ لا يوجد بها بشر..أسكنها أنا وأنتِ فقط..
هي بحماس: وبعد..
هو يبتسم: وحين يجيء الليل.......
هي تفتح عينيها على اتساعها بفضول: ماذا سيحدث...؟
هو باندفاع: سأرحل سريعاً...
هي بدهشة: وتتركني لوحدي؟
هو: كلا..
هي: إذاً؟
هو: سأذهب للسماء..أقطف لكِ النجوم واحدةً تلو الأخرى....أملأ سلالي بها،،،وأعود..
هي وقد أحست بحماس شديد: ماذا سنفعل بالنجوم..؟؟
هو بهدوء: نزرعها...
هي: وماذا سينبت لنا؟
هو بغموض: شعرٌ وهاجٌ مضيء...
هي غير مستوعبه: ما حاجتنا بالشعر الوهاج؟
هو يبتسم: سأزرعها في ظفائركِ السوداء،،فمكان النجوم المناسب هو شعرك الأسود..

هي وقد عانق لون الورد خديّها وقلبها يقرع كـ طبول الحرب بـ قفصها...أدارت وجهها للطرف الآخر منه...وراقبت القمر يسير في عرض السماء تلحقه الغيوم كفتياتٍ شقيات أبين إلا أن يغازلنه...

هو يبتسم: هل أُكمل..؟

هي بهدوء: هل بقي شيء؟

هو: لم أقل شيئاً للآن..

هي: أكمل..

هو: انظري هنا لا تديري ظهركِ...

هي: لا أريد..

هو: إذاً لن أكمل...

هي بطفولة: كلا كلا...سألتفت هُنا...

وعادت تنظر معه للسماء...بينما ابتسم هو ابتسامة نصرٍ غريبة..لم ترها و إلا لم تكن لتسمع كلامه...

هي: ماذا أيضاً...؟

هو: ألكِ أن تتخيلي معي أيضاً...؟

هي: ابدأ وسأكمل عنك..

هو: حين نكبر....سنذهب للبحر...لوحدنا...لن يرافقنا أحد..

هي بغباء: وسأركض على الشاطئ حافية القدمين..

هو بعصبيه: كلا...ستركضين بحذائك...

هي تهز رأسها بإيجاب...

هي: وعندما نكبر كثيراً...سنبني بيتاً كبيراً نملأ حديقته بالزنابق...وستأتي الفراشات إلينا كل يوم..

هو بهدوء: وسننجب طفلاً وطفله ونصنع لهما أرجوحة..

هي بغضب: كلا...سننجب الأولاد فقط..

هو يضحك: وهل تغارين من بناتكِ..؟

هي بغضب: لن ننجب أبناءنا سريعاً...

هو مندهش: لمَ؟

هي بوجهٍ حالم: دعنا نربي ما في القفصين أولاً ثم فكر بالأطفال..

وقبل أن ينطق...سمعا خُطى والديهما قادمين في أزقة الحي الضيق...يُمسكان بالفانوس حتى توقف والده ودخل منزله...بينما والدها واصل المسير حتى بيته...فنهضت إليه بسرعة...

هي بفرح: أبي لقد عدت....أمي وضعت صبية صغيره...

والدها بفرح: حقاً....!!

ودخل البيت مسرعاً بينما هو بادلها الابتسام..وودعها للغد وذهب...و هي عادت للبيت مسرعه...نحو غرفتها...أو بالأحرى ريشتها...

وعلى غيمةٍ بيضاء أمسكت مطر السماء ونقشت بكل الحب إحساسها...

" سـ...ـيدي !!!

أتخيلك الآن تقرأ كلماتي وأنت مُندهش...

ولا أعجب حين أرى الدهشة تكسو ملامحك العذبة..

وأنت مصدوم من ندائي لك بالسيد....

نعم أنت سيد القلب...

فمعك وحدك فقط أجد كبريائي يخلع لك قبعته وينحني..

ومعك وحدك فقط أجدني أنا أتجرد من غروري وأتعرى كما شجرةٍ بلا أوراق..

سـ..ـيدي !!!

أترك لي أضلعك أستوطنها كيفما أشاء...

لا أغادرها...

ولا تنفيني منها...

نعم أيها الوطن...

لن أغادرها...

وإن حدث !!!


فـ لن أغادرها إلا لـ قبري ،،




اطمئن هناك بين أوردتك مرابعي وبين ضخات دمك مياهي ،،


وبين شرايينك أنفاسي وفي قلبك عرشي،،،

وهناك بـ وسط القلب احكم قيادة مملكتي...

لا تستعجل الفرح كثيراً فـ ربما كلما طال الانتظار زاد الحب والشوق،،

لا البث الآن إلا أن أغمض عينّي،،

أتخيل منزل أحلامي ممتلئاً بـ هم منك يا هذا،،

كُثرٌ هم أولئك السعداء وتلك السعيدات ،،

وأنا بينهم أعيش بأحضانك أتربع على عرشي الذي هو قلبك،،

وأنت سيد مملكتي..!!!

لا تحلم بالصغار كثيراً ،،تصيبني الغيرة!!!

فأنا أود البقاء بصحبتك وحيدةً لفترة طويلة...

دعنا نربي ما بين القفصين ثم فكـر بالأطفال....

صرت أؤمن بك استشعرك،،،

حينما أود أن أخلو بـ نفسي،،

حينما يحل المساء اشعر بنبض قلبي يتسارع حتى اشك أن صدري سـ يُشق،،

لا تترك لطيرينا العنان دعهما في قفصيهما،،

فذلك أفضل،، فالطيران قد يفقدهما السيطرة،،

هناك فائدة للأقفاص أحياناً،،،

وليست الحرية دائماً مطلوبة !!!


التوقيع/ القمر ".
.
وعلى فراشٍ تمازجت به الكثير من الألوان واختلطت في بعضها كان مستلقياً على ظهره يشاهد القمر الذي مر منذ دقائق قليلة أمام نافذته والغيمات الشقيات لازلن يلاحقنه...

تقلب يميناً ويساراً وسرعان ما جر ورقةً كانت مدسوسةً بعناية تحت فراشه الغريب،،ابتسم وهو يراها ثم أعاد قراءتها...

" هنا أسكني في أضلعي...

أرجوكِ أن تسكنيها مدى الحياة،،،

أنا كلي ،، بالعمر،، والروح،، ونبض القلب ،، وحتى ضخة الشريان،،

ملكٌ لكِ وحدكِ دون سواكِ....

فمتى أميرتي يتحقق الحلم ،،

فتكونين أنتِ لي و أنا لك ،،

و نأتي بالطفل الذي تريدين،،

و الطفلة التي أحلم بها..!!!

أشتاقك و أنت معي ..،،

أعدكِ أننا سنربي ما بين القفصين ..،،

حتى يتمردا و يخرجا من ذلك القفص اللعين،،

ليطيرا بعيداً جداً،،

كما يحلو لك أن تصفين القلوب الخفاقة،،

نعم ستتمرد ..!!!

و سيتكلم الجميع عن مملكتنا،،

و لسوف أعلمك أنه ما عاد مستحيلاً آنستي ،،

أن أزين ضفائرك بالنجوم،،،

و أن أضمك إلى صدري ذات مساءٍ عشقي،،

و أن أشرب من كأس حبك أمامهم حتى الثمالة !!!

ابقي هنا ،،

أنظريني أنظري في عينيّ...

فهناك بعيداً عنهم وعن تطفلهم،،،

أستطيع أن أضمكِ بالعينين ،،

وأُقبلكِ بهما إن شئتِ !!!


التوقيع/ الشمس "



نهاية الجزء السادس...
ونهاية الفصل الثاني من الأقصوصة...


وكم يتلاعب الحب بورقة السرد والإطالة،،

فمهما حاول اللسان الحديث عنه،،

فلن يروي آذان السامعين..

ومهما حاول القلم الكتابة عنه لن يطفئ نهم الأعين المتتبعة لحروف هويته..

ومهما حاول النبض ترجمة الأحاسيس وشحنة الشعور به،،

لن يستطيع إدراك معانيه ومفرداته..

إننا حين نحاول أن ندرج تحت الحب مفرداتٍ لغوية أخرى ،،

كالانتظار،،

والشوق،،

والحنين،،

والألم،،

واللذة،،

والألم..

يكفي أننا نختصر كل هذه المفردات،،

ونقول أن الحب موتٌ وحياة...

الإهداء لــ:

سجونٍ فارغة في وطن قلبي،، ومُدنٍ مشيدة شديدة الفراغ،،فُتحت أبوابها للريح،،

فباتت الأبواب تناجي بصريرها قوة الرياح وبرد الليل وغياب القمر،،

واحتضار الشمس،،وأنين الفجر ،، وعذوبة الندى ،،وورق الورد...

لعالمٍ فارغ أمسى يستوطنني ويدمر كل بيوت الحب ويستبدلها بالشوق والحنين،،

وربما اللذة في الألم،،والصعوبة في الوصول للأمل...

لكل تلك المساحات من التعاسة التي شيدت قلاعها،،وكل تلك البيوت اللبنية البيضاء التي باتت خاليه لا يحدها ولا يقربها ولا يسكنها سوى الذكريات !!

وأي ذكريات تلك !!!!!
نسجتها بدم القلب ،،شوق.

Malame7 23-06-08 09:17 PM


قبل الجنون !!!



أدخلت آخر عودٍ من الحطب الذي أحضرته من الأرض القفرة خلف البيوت وأشعلت النار ووضعت قدر الماء عليها ثم ثبتته بأربع صخراتٍ عريضة كي يستقر دون وقوع...

لامس عمرها الآن عمر الأنثى التي لا بد أن تكون سيدةً ناضجة لبيتٍ وأسره...وأصبحت فتاةً يشار إليها بالبنان وتتحدث عنها النساء وأينما مرت لاحقتها الأعين ،،، بدأت أحلامها بالنضوج وبدأت هي بـرسم أحلامٍ كان من الأفضل لها التروي في التفنن بها،،فـصارت تحيك من كل أحلام العذارى بيتاً ووطناً وجزيرة وسماءً ونجوماً تملكها هي..

نهضت من مكانها وخرجت لا تدري إلى أين ولكنها وصلت لبـاب البيت خاصتها فتحت وتمنت لو كان لها بابٌ كبابه يعزف لها كلما جاءت أعذب وأحزن وأقدم الألحان...

حين فُتح الباب وقفت أمامه و عانق بؤبؤ عينيها زرقة السماء التي تطل من سقف الردهة الأولى في بيته ،، إبتسمت وصعدت للأعلــى بهدوء...

صمتٌ طويل يلف جدران البيت وحينما عانقت ممرات غرفته،، إلتهبت مشاعرها،، وسرعان ما بدأت بنداءه فــخرج إليها باسماً...

هو بإبتسامةٍ تتفجر شوقاً: صباح الحب، والأشواق،، صباح رقيق كـرقة كل العذارى اللواتي يغرن حتى من أثر قدميكِ...

ابتسمت بخجل واضح،،وحين صابها التوتر،،لم تدري أين تفرغ لهيب مشاعرها...

هي: صباح الجنون أيها المجنون...

هو: أين شقيقتكِ؟

هي: في المنزل..

هو: هل نذهب..؟

هي: إلى أين؟

هو: لنتمشى...

هي:أين أمك؟

هو يبتسم: ذهبت للمدينه..مع أمك..

هي تبتسم ثم تتنهد...وبجنون يمد كفه وبلمسة محرمه يمسح على رأسها...فتصيب جسدها الغضّ ارتجافةٌ فضيعه...

تبلع ريقها ويتنفس هو بعنفٍٍ فضيع...

هو: آسف..

هي تتنهد: لنخرج...

خرجا سوياً ،، وكان هذا الخروج قد غدا من المحرمات،، حيث بلغا من السن ما يحرّم عليهما اللقاء،، فـمنعتها والدتها من مقابلته كما نهته امه عن الذهاب إليها...

فلقاءتهما المتكررة فاح عبيرها واستشفت كل الوجوه والعقول وحتى السماء بغيمها وقمرها وشمسها،، والروض بورده وفراشه وأرجوحته والشجرة الضخمه فيه قصة حبٍ عنيفه تدور بين عصفورين حُبسا في قفصيّ شابٍ وفتاه...

ذهبا لبركة ماءٍ تبعد كثيراً جداً عن القريه،، وسرعان ما جلسا على الأرض لدرجة التلامس غير المقبول،، فاتكأ على يديه وفعلت هي المثل...

انطلقت نظراتهما البريئة الرقيقة تخترق صفاء وكثافة الغيم وتعانق بقوّةٍ شديدة زرقة السماء بل و الأدهى من ذلك أنهما في صمتهما يتبادلانا الأحاديث ليس بأي لغةٍ حتى لغة العيون،، ولكنهما تبادلاها صمتاً بالإحساس...

فكان التهاب المشاعر وتأججها في قفصّي كلٍ منهما كفيلاً أن يذيب الصخر ويفلق الحصى،،ويجمد الماء بل ويبعثر الغيم ويمنع أشعة الشمس الحارقة من اختراق سطح الأرض...

هو بجنونه المعتاد مشيراً للسماء: تلك الغيمةُ لي..

هي تبتسم: وانا تلك التي أمامها...

هو بتهكم: ولماذا لا تكونين تلك القابعة في الوراء...؟

هي بطرف عينها: وهل يسرك أن أظل كظلك؟

هو : اممممم

هي: تمتم كما تشاء،، لا أحب المراكز الأخيرة..

هو: حسناً...تخيلي لو أننا نلامس ذلك الغيم...؟

هي تضحك: أعدنا لخيالك الذي لا ينتهي؟

هو بجدّية: أرجوكِ تخيلي...

هي وقد اندمجت سريعاً: رائع،،،أتخيل لو أمشي حافية القدمين أركض في ذلك الغيم وأُلقي نفسي بقوّه على كثافته...أتظنه بارداًً؟؟

هو يبتسم: أعتقد ذلك،، وإلا لما نزل المطر بارداً...!!!

هي تغمض عينيها لثوانٍ: سأقول لك شيئاً...

هو يبتسم: ما هو؟

هي بغنج: لن أقول...

هو الذي استشعر ما بها وما ستقول: لقد عرفته دون أن تنطقيه..

هي: إذاً ما هو..؟

هو مقلداً إياها: لن أقول...

هي تضحك،،،

هو: لقد سقطت الأرجوحة هل نذهب لإصلاحها...؟

هي: لا لن نذهب لأنها لم تسقط..بت احفظ حيلك،،أعلم أنك ذاهب هناك لتدفعني بقوّه للسماء..إنك تتلذذ بصراخي...

هو يضحك: ماكرة...

هي تنهض: لنذهب لمكانٍ آخر..

هو وقد تغير شكله وكأنه يكتم شيئاً ما.

هي: ما بك؟

هو يعبث بقدمه بالرمال: لا شيء ما رأيك أن نذهب للصخره البعيده..

هي تهز رأسها إيجاباً: حسناً...

وصلت هي وهو على الصخره البعيده في القريه،، وبدت على وجهه ملامح التعب والإرهاق،،ولو دققت هي بعمق في صورته لوجدت أنه كان يخفي حزناً دفيناً في أعماقه...

وكأنه كان لا يودّ الرحيل،،

أو تظنونه قدّ حلّ ؟

هي بقلق: أأنت بخير؟

هو بإرتباك: نعم..!!

هي تتنهد: تبدو حزيناً...أهناك ما يزعجك..؟

هو: وددت لو أطلبكِ أمراً لا تردينه لي أبدا...

هي بحماس: أتودّ النجوم،،أم القمر،، أتحلم أن تعانق الغيم ذات جنون،، أم أن تلاعب قرص الشمس،، وتتعلق في خيوطها وتتأرجح بها،،أو أن تجلس على سحابة ثقيلة وتبدأ بالقفز عليها بطفولة...

هو يبتسم: نضجتِ كثيراً...

هي: مثلك...

هو: أتذكرين تلك الأحلام.؟

هي: وكيف لي أن أنساها حتى أذكرها...!!

هو: لنعد لطلبي...

هي: ما هو؟

هو: لقد كبرتِ وصرت قريبةً من عمر الزواج..وآن لك أن تصبحي أُماً...تسكنين بيتاً منفرداً..وتعيشين حياتك الطبيعية...

هي وقد ارتعدت فرائصها وارتجفت...وبدا الاحمرار يطغى على لونها الحنطي الشديد اللمعان..

هو بتردد: أريدكِ...لكن لا أستطيع الآن فعل أي شيء...كل الأشياء ضدي...

هي تلتزم الصمت وتغرس كفها بين العشب في محاولةٍ غير مجديه في تفريغ عواطفها الملتهبه...

هو: لابد أن أرحل ،، أسافر ولسوف أتأخر...سنون طويله عليك إنتظارها....

هي بخوف ومحاوله اخيره في السيطره على ارتباكها: ما هو طلبك ...؟

هو: سأرحل...وسؤالي له جوابان لا ثالث لهما...

هي بغرور وثقه قاتله: سأنتظرك...

لحظةُ صمت سادت المكان،، ثم كغيمةٍ سرمديه ووطنٍ سندسي،،، ومشاعرٍ متضاربه،، ودّ لو كانت تلك الصبيةٌ حلالاً عليه،، لكان لم يتردد للحظةٍ أن يضمها لصدره العريض حتى تنصهر بين يديه،،وتذوب به كـ قطعةِ سكر في كأس ماء ساخنٍ...

تنهد بعمق ونظر للسماء...ثم بجنون أمسك كفيّها،،!!!

هو بجنون: عديني أن تبقي على انتظار...

هي بحزن: أعدك...

هو يتنهد...

هي: أرجو ألا تتأخر...كي لا يمل قلبي من الانتظار..

هو: سأعود سريعاً...سأبذل كل جهدي وأهديكِ من الأعماق تفوقي..

هي تبتسم وقد فتحت عينيها على اتساعهما حتى تعبث الريح بالدمع فلا يراه ذلك المهووس المجنون...

هي تنهض: سأعود للبيت..

هو مندهش: لم العجله...لن يعدن الآن...

هي بهدوء: شقيقتي في المنزل ولا أحبذ أن أتركها لوحدها..

نهضت ونفضت التراب عن ثوبها البنيّ المزركش بالورود،، بينما راقبها بصمت وهي تنظر إليه تنتظر منه أن يرافقها للبيت...

وسرعان ما ينهض ويواصل المسير إلى منزلها....،،

وفي عرض الطريق بالقريه التي لا زال عبق الماضي الدفين يفوح بين جنباتها،، وتلك الظهيره الحارقه التي تحمل معها روائح الحطب المحترق،،وصوت غليان المياه في القدور،،وغيرها من المظاهر التي لا يفتأ القلب إلا أن يرتاح إليها...

وقبل أن يصلا للمنزل وقف أمام شجرة تفرعت منها فروع الياسمين ،، وتناثر البياض في أرجاء المكان،، وفاح العبير مع كل هبةٍ من نسيم...وسرعان ما أعدم المجنون إحدى فروع الياسمين من عنقها،،وقدمها للطفله التي نضجت جسداً ولكن الفكر ظل طفولياً لا يكبر...

أمسكتها بعفويه بالغه،،وابتسمت....

هي تنثر الورق على قارعة الطريق وبمرح طفولي تردد: يحبني،،لا يحبني،،يحبني ،، لا يحبني...

هو يبتسم: لماذا انتهت بتشاؤم...؟

هي بدلال: أمازحك لا غير...

ودعته بسرعه ودخلت البيت راكضه،، وسرعان ما أطلت برأسها تراقب الطفلة الرقيقة الملامح في مهدها،،،وحين وجدتها تغط في سباتٍ عميق...صعدت حجرتها بسرعه نحو ورقةٍ بيضاء غمست ريشتها في سواد الحبر وجرت القلم جراً يسطر إليه رسالةً يعلم الله وحده هل ستصل...!!!!


""الهمسة ما قبل الأولى"

ولأنه لم يخلق بالكون كله من تتنفس كل خلية في جسدي بإسمه سواك..فأنا أحبك..!!

ولأنه لم يتمكن من القبض على قلبي ذلك الخيل الجامح سواك..فأنا أحبك..!!!

ولأنه لم يرّوض عنفوان كبريائي سواك..ولم ينتشلني بقوه بين ثنايها رقة الورد من مقبرة الغرور سواك..فأنا أحبك..!!

ولأنه لا يوجد رجل على الأرض يستحق أن أمنحه شرف منحي فرصة الغرور الأخيره سواك..فأنا أحبك..!!

(1)

ولأن الكثير الكثير مما تحويه يا سـ...ـيدي جعلني أحبك حباً امشي به مغمضة العينين..

فـ لا حاجة لي بالنور يا سـ..يدي إذا ما كان نبض قلبك ضوءً يشعل لي دروب الحب ويضئ لي قنديل الحياه..ويزودني بل ويضخ فيّ الحب والعشق وأيضاً الشوق..

فهل لك أن تتخيل أنك تملأ الشوق بالشوق..؟؟!!!

ذاك أنت يا من أسعدت حياتي بل وأضأتها وأنرتها وأشعلت الشوق بين جنباتها..

ورميت بحزني في قارورة زجاجيه وألقيت بها في عرض الجحيم وأسمعتني صوتك العذب يردد بقوه..

" إلى البعيد يا أحزانها...!!"

ووجدت قلبي يرفرف لك شوقاً وحباً وأغمضت عينّي أدعو جبار السماء أن لا يحرمني متعة الحب تلك التي أعيشها معك..

فـ هل ترضى ياأيها السـ...ـيد بحزني بعد أن قتلته بيديك؟

وكيف لك أن تقتل الحزن فّي ثم تعيد بث الروح فيه بيديك؟

أي تناقض هذا أيها السـ...ـيد الذي أشقيتني؟

(2)

ولأنني إمرأه،،أنثى،،عاشقه،،محبة،،وسيدة تهواك إلى ما بعد الجنون..فأنا لي الحق أن أتوج ملكة على عرش قلبك..!!

توجتني أيها السـ...ـيد ملكةً على قلبك الدفّاق بالحب..فكيف لك أن تجعلهم يشاركونني وبكل بساطه أمور مملكتي...؟

كيف تجعلهم يتجرأون بالسير في ردهات قلبك،، يغلقون الأبواب ويفتحونها،،يعبرون ممرات الإحساس فيك ويتكلمون بصوت مسموع في قاعات قلبك...

كيف تسمح لهم بذلك وأنت من أوهمني بأني ملكه وألبسني تاج الحب وتنازل عن حقوقه في قلبه بكامل إرادته لي أنا وحدي..!!


التوقيع/ القمر "


مشى هو بين ممرات تلك القرية وكأنه قبل الرحيل يودّ لو ينحت في ذاكرته أدق التفاصيل كما يُنحت على صفيح الحديد،،حاول جاهداً أن يتشرب كل ما تحتويه مخيلته وكل ما يمكن لاتساع عينيه أن يحتوي..
كانت الدنيا في عينيه رمادية اللون وكأنه كان يخفي برعبٍِ أمر رحيله،، ولكأنه يشعر إن هو رحل دون علمها أنه كمن يخونها...

كان تضارب الأفكار في خياله مؤلماً وصعباً ولا يمكن لأي شخصٍ أن يحصر أو يحصي مدى اتساع مساحات الحزن التي تستعمر كيانه،، إلا من كان عاشقاً يعيش تجربته ويقاسي مرارتها...

قرر أن يكتب ولكنه سرعان ما غير رأيه ففضل أن يأخذ أوراقه ويذهب للبعيد عساه يكتب لها بعمقٍ أكبر وتفكير أوسع ولعله يسطر ما لن يستطيع أن يسطره في داره بين جدران أربعه ربما تمنعه من التفكير وتحجب عنه نور الشمس وضياء القمر وعذوبة المساء ورقة الصباح...

كان يعيش إحساساً صعباً لا يشابهه إحساس،، وقلبه يعيش قصة تناقض لم يجربها بشر،، فـ هو حائرٌ بين نارين،، ألطفهما أشدهما سعيرا...

جر أوراقه وتنهد بيأس حين علم أن لا الكتابة ولا الأوراق ولا الأقلام ولا حتى تغيير المكان أو أي شيء بإمكانه أن يبث في نفسه راحة البال سوى مصارحتها وإطلاق قفص تلك الكلمة السحرية لها ،، والتي تأبى الخروج مهما حدث....

خربش بسرعةٍ بالغة بين أوراقه...كاتباً إليها ربما الاعتراف الأول في الحب ،،،

ومن يعلم فـ قد يكون الأخير !!!!


" أحبكِ.. فوق احتمال الخلايا
أحبكِ حقاً ..
ولا تسأليني لماذا أحبُ؟
وكيف أحبُ؟
فهل يـُسألُ الغيثُ كيف انهمرْ؟
وكيف أفاقتْ زهورُ الربيعِ ..
وكيف شذاها الزكيُّ انتشرْ؟

أحبكِ أنتِ ..
لأنكِ أنتِ ..

فأنتِ النسائمُ وقتَ السَحَرْ
وأنتِ الندى فوقَ خدِّ الزهرْ
وأنتِ الرياضُ..
بثوبِ المطرْ
بعطرِ المطرْ
بنقر المطرْ
.
.
تضورتُ شوقاً..
زماناً طويلاً ..
لما خَبـَّأتـْهُ سـِلالُ القدرْ
إلى أن أتيتِ بنصفِ العُمُرْ
بكفيكِ شهدٌ ..
ومهدٌ ..
وألعابُ طفلٍ..
وأحلى ثمرْ
وأرجعتِ عقربَ عُمري لنصفٍ ..
وربعٍ ..
لأحلى سنينٍ محاها الضجرْ
وغنيتِ لي أغنيات المنامِ..
وسرَّحتـِني من سجونِ السهرْ
وأركبتـِني فوق ظهرِ الغمامِ
وأرجحتني في شعاعِ القمرْ
لأنسى انسحاقي..
وأنسى احتراقي..
وتبقين أنتِ.. بكل البشرْ!
بكفيكِ طفلٌ..
طريُّ الفؤادِ..
حييٌ..
شقيٌ..
لذيذ العنادِ..
قليلُ السفرْ
.
.

أحبكِ..
لا تهربي في سؤالٍ برئٍ :
- لماذا؟
-...وكيف؟

وأنتِ حصارٌ بمدِّ البصرْ

تخبأتُ لحناً ..فصرتِ الوترْ
وأصبحتُ شهراً..فصرتِ القمرْ

فكيف سأهربُ.. أين المفرْ؟
.
.
وأيضاً : (لماذا )

لماذا..!
لماذا..!

لأنكِ حين اشتعالي حزناً..
تصيرين دون رجائيَ ألطفْ

لماذا..!

لأنكِ حين أروغُ بعيني..
تهُبـًّين ريحاً من الريحِ أعنفْ

لماذا..!

لأنكِ حين تروقين جداً..
ألاقي فتاةً من النفسِ أظرفْ

أحبكِ..
ليس لديَّ اختيارْ
وقد أصدرَ القلبُ هذا القرارْ..
فـ خلِّي التغابي.. وخلِّي الخـَفَرْ

فما بعدكِ..في حياتي هدايا..
ولا قبلكِ.. في حياتي هدايا..

أحبكِ..
فوق احتمال الخلايا..
وفوق الأماني..
وفوق الخيالِ..
وحدَّ إغتيالي..

أحبكِ..
فوق التشابيهِ..
فوق البلاغةِ..
فوق الصُوَرْ

أيا أمراةً
غيـَّرت لي حياتي..
ولونَ حياتي..
وطعمَ حياتي..

أيا أمرأةً
أصبحت لي حياتي..

أحبكِ..
لاتسأليني لماذا..

فهذا قضائي ..
وأغلى قـَدَرْ...

التوقيع/ الشمس"

فانطوت ورقة الإعتراف الأولى ولربما تتبعها أخريات،،
ومن يدري هل تكون الأولى بعد الحب أم الأخيره،،
وإن كانت الأخيره،،
ترى هل تتبعها أخريات..!!!!


نهاية الحلقه السابعه من الفصل الأخير

قد يبدأ الحب بالحياة وقد يبدأ بالموت...

ومتى بدأ فهو لا ينتهي...

ومتى انتهى فهو ابتداءٌ لبعثٍ جديد..

لنفس الأمر..

ألا وهو "الحب"

عبثاً نحاول الكتابة عنه...

عبثاً نحاول فهمه وترجمته..

عبثاً نحاول وصفه..

العجيب في الأمر أننا ندرك أننا لن نوفيه معانيه..ولا أحاسيسه..

ولا كيان وجوده...

ولهذا ندور في حلقة مغلقة،،

كلما حاولنا الكتابة عنه...

ربما القلم هو المسؤول الأول فهو يعشق الكتابة عن الخب بغزاره..

حتى أنه يأبى الوقوف عند نقطة انتهاء بمجرد اعلان حرف الابتداء..

ربما للقلم شعور أيضاً بالحب...

فيشعر بدفء الأصابع الممسكة به لذلك يبقى في الهذيان المحموم عن أمر يحتاجه هو أيضاً..!!!

الأهـداء لــ:


ليس لحبٍ هجرني ورحل،،ولا لرجلٍ تركني على حافة الفقر في الإحساس...ولا لرجلٍ رسمت معه جنون المجرة..وغيرت معه خارطة الكون...

إنه لرجلٍ يسكنني بلا قصة حب..بلا أشواق بلا مشاعر فاضحه..لذلك المختبئ في قوقعة الحزن..القابع في دهاليز الألم...

لأجلك أنت وحدك فقط دون سواك...لكل تلك الآلام التي تسكنك ولا تود منك الخلاص..

لكل خلية تعيش بداخلك ترجوك العودة للحياة..

لحلمٍ يعانقني عنك كل مساء سرمدي...

لكل رجاء تطلقه لك شوق أن تعود أنت كما كنت..وتترك الأحزان على الهامش..

للرجل الذي أودُ أن يتشرب السعادة حتى نخاعه..

وبعدها أرتوي من ذلك الغدير...إنها إليكَ أيها الليث الذي أدمت قدمك شوكة....

نسجتها لأول مره بكل الفرح،،شوق

Malame7 23-06-08 09:18 PM


وأفلت الشمس !!!



عندما نزعت السماء ثوب زفافها الذهبي،، وخلعت أحذيتها الزجاجية،،ونزلت الشمس بخيلاءٍ في مشهدٍ منقطع النظير،،انحنت فيه الشمس بجبروتها لتنزل بهدوء الملكات الواثقات وتدفن نفسها بلا كفنٍ ولا قبرٍ ولا حفرةٍ ،،غير ذلك الفراغ الكبير الذي اختارته لنفسها مرتعاً..
لملم البقية الباقية من أوراقه ومحبرته وريشه الطاووسي،،وخبأها بعنايةٍ فائقة ثم خرج،،،ورغم أن الصيف قد فتح ستائره وأعلن بصافرات الإنذار الساخنة عن رحيل ذلك الشتاء وحلول الحر بسخونته وبشاعة جوه وملله وثقل دمه...إلا أن هواءً ونسيماً بارداً قد عانق خديه وقبّل شفتيه،،ودغدغ ذلك الفراغ في عنقه وعبث بدلال بخصلات شعره الكستنائية اللون...
فابتسم للحياة رغم مرارتها،،وعانق الشوق بالرغم من جفاء المحبوبة،،ومشى سريعاً إليها،،يمشي الخطوات بل يطير بها...وما إن وصل حتى وجدها واقفة أمام باب منزلها تضع يديها بعتب على خاصرتها،،وتملأ عينها العذبة نظرة عتب وشغب وان شاء غضب..." فيا ويلاه إن كان الغضب قد وصل لتلك العين!! "
هي بحاجبين مربوطين: أين كنت ؟
هو يبتسم استعداداً للمعركة: هناك...
هي بغضب: وأين هناك؟
هو تتوسع ابتسامته لذلك الغضب العارم: أمام الصخرة..
هي وقد بدا الشرار متطايراً: هيا عد من حيث أتيت،،مجنونة أنا إن قضيت الوقت في انتظارك...
هو يرفع حاجبيه محتفظاً بابتسامة باردة: أتملين اللحظات،،وتعدينني بالانتظار العمر كله،،؟؟ أي تناقضٍ ذالك الذي يسكنك أيتها المجنونة...؟؟
وتستدير،،وتستدير من حولها مجرات الفضاء،،وتنتفض المجرة بأكملها،،بل ويثور الكون وتعصف العواصف ويتناثر الغيم،،وتتبعثر الغيوم،،وسرعان ما تلتقي عينيهما،،فتغوص إلى الأعماق وتغرق بلا تنفس في بحر عينيه،،فلا تقوى السباحة ولا هي تبقى معلقة...
جلس يتنهد على صخرةٍ أمام البيت-بيتها هي- بينما هي اكتفت بالوقوف بعد أن استيقظت على كفٍ غير ملموس بل اختصر كل الإحساس في حناياه...
هو باسم: أجرحتكِ؟
هي بهدوء: لا..
هو: ألا زلتِ غاضبة..؟
هي بغرور: لا شأن لك..
لا زالت تكابر بالرغم من أخطاءها...ولازالت تحتفظ بعنفوان كبرياءها..ولازال جنون الكفر بالتواضع يلبسها...
هو: اممم ألا ترين أن المكابرة هي حطب نيران المشاكل.؟
هي بثقة: صرت تتكلم كالكبار...
هو بعقلانية: لم يتبقَ الكثير لا تُهدري الأيام في التنقيب عن المصائب..
هي بخوف: لم يتبقَ كثير مما؟
هو: تفهميني،،لا داعي للشرح...
هي: وكم بقي؟
هو يصرف وجهه للجهة الأخرى: يعلم الله وأنتي لا تعلمين ولا أعلم...
هي تجلس قريبةً منه: كم تبقى أرجوك...؟
هو بهدوء يلفه الصمت: أُقسم بمن زرع النجوم في ظفائر السماء،،وألبس الشمس فستان الفرح المجنون،،ودفن القمر في مقبرة الشروق،،وقتل الشمس على حافة الغروب إني لا أعلم...أقسم بمن استبدل دمي بعشقكِ...
فارتجفت أطرافها،،ودبت قشعريرةٌ قوية بين جُنباتها،،فقد وصلت كلمته الأخيرة لأبعد مدىً يعانق روحها ويقبل قلبها..وصلت سهامه وأصابتها في مقتل،،لتعلن لها عن جنون طالما التبس ذلك الصبي الذي عانقها منذ الطفولة وزرع بين جنباتها حباً لا يمكن لصبي أو شابٍ أن يزرعه في قلب صبيةٍ عذراء كما فعل هو...
لله درّه من فتى !!!!
هو محاولاً تخفيف وطأة الكلمة على مسمعها: كنتِ قد وعدتني بشيء سأراه،،أجمل من كل أشيائي...أين هو؟
هي تسترد وعيها: آآه،،سنراه بعد قليل...!!!
هو باسم: وما هو..؟
هي:أأنهض من هُنا ونجلس بعيداً عن باب منزلي..أخاف أن تستيقظ والدتي وتعلم أنني لم أنم للآن...
هو: هيا نذهب للتل الأخضر...
ونهضا سيراً على الأقدام حافييّ القدمين نحو التل الأخضر..
التل الأخضر الذي عانق معهما كل مراحل الحياة،،من جنون الأرجوحة،،وفراشات الحقل،،ورسالة خفيّه أرعبتها ذات خوف من رحيله ،،وأبجديات الكتابة،،وزنبقةٍ قاومت عواصف الزمان وأفنى المكان عمره فداءً لها من أجل البقاء...
ذلك التل الذي طالما عانقها ذلك الصبي فيه بحجة الإمساك بها في لعبة الاختباء...
ذلك التل الذي ركضت به هرباً من جنونه حين ارتدت الحجاب لتغطي به سماء رأسها منه...
ذلك التل الذي دفنت به كفيها تمزق العشب وهي ترتجف توتراً حين أعترف لها ذات مساء أنه يود لو تكمل معه شطر الحياة الآخر...
جلسا بهدوء على العشب الذي استمد برودته في عزّ الصيف من برودة الليل وسكونه وهدوء كائناته باستثناء صرصارٍ أبى إلا أن يقضي الليل في العزف على أوتار الجراح...
هو باسم بمرح: ما تظنين هذا الصوت..؟
هي تفكر: أعتقد أنها فراشه...
هو: امم كلا...فكري قليلاً بخيال..
هي بعمق: صرصار..؟
هو يبتسم بتأييد: نعم...
هي: أتخيله وحيداً يعزف لحناً حزيناً...
هو: كل ليلة؟
هي:ربما...!!!
هو: ولما هذا الحزن الأزلي...؟
هي:ربما فارق من يحب...
هو يبتسم: اها لقد فهمت ما الذي تودين قوله..
هي تبتسم بعذوبة:لا أودّ قول شيء...فقط عُد سريعاً...
هي يتنهد: أتعلمين....!!!
هي: تلك هي المصيبة...
فابتسم بجنون وودّ بجنون أكبر لو طوقها بالياسمين،،وربطها حوله فلا تفارقه أبد الدهر...
اعتدلت في جلستها والتفتت إليه باسمة تحمل في عينيها شوق الأرض لغيث السماء،،وتضم في نظرتها كل اختصارات الحب بعنفوانه وجنونه وشبهاته وعشقه وضيمه وظلائمة...
هي: ناظر السماء وانتظر حتى يمر نيزكٌ الآن وتمنى ما شئت...
هو: أين قرأت هذه الخرافة؟
هي بأسى: لم أقرأها..
والتفت هو يراقب السماء واندمجت هي الأخرى معه..ومر من الوقت الكثير..والنيزك لم يمر..ومر الوقت تلو الوقت والصمت يلفهما وبرودة المكان في ازديادٍ شديد..
ومر النيزك سريعاً....
هي بفرح طفوليٍ عذب: لقد تمنيت لقد رأيته،،تمنيت،،تمنيت،،،تمنيت،،ربي حقق لي أمنياتي...
هو بجنون أكثر من جنونها وبأسف: لقد سهوت قليلاً وفاتني أن أتمنى...
هي بأسى: كلا...!!!
هو يلطف الجو: هلّي يا أميرتي أن أعرف ما كانت أمنيتكِ؟
هي بهدوء تقلب عينيها ذات اليمين وذات الشمال: امممم...
هو: أرجو أن لا تبقيها سراً...
هي: لن أخبرك إنها سر...
هو بمكر: إذن...لقد أعلنتِ لي ضعفكِ...!!
هي وقد فتحت عينيها على اتساعهما: لمَ.؟
هو: التزامك بإخفاء أمنيتك هو دليل إنها إن لم تتحقق فإن ذلك النيزك ما هو سوى خرافة قرأتها في حكايات أطفال الحيّ...
هي وقد ارتعدت مملكة كبرياءها: مجنون يا أنت سأخبرك ما هي أمنيتي..
هو بعدما ابتسم أن حيلته انطلت عليها: ما هي...؟
هي بخجل: لقد تمنيت أن أراك يوم رحيلك وألا يكون قريباً...
ودارت به الأرض دورتان،،دورتها الطبيعية في فلكها،،ودورةُ الإحساس التي عصفت به لتلك الأمنية العذبة التي تفوهت بها شفتّا تلك الصغيرة العذبة،،والتي طالما سكنت في أعماقه وعانقت خلاياه وتنفست هواءه...
هو: أتعلمين...!!!
هي وقلبها قد تسارع نبضه: أعلم ،،ولكنني أودُ لو أجهل لأسمع منك ما أجهله وتعلمه أنت...
اقترب منها كثيراً،،كثيراً،،حتى صفعت سخونة أنفاسه خديها...ثم صدّ بوجهه نحو السماء وأمسك بكفها...
هو بكل الإحساس: أتعلمين...!!
هي وقد انتفضت بأكملها: لا...
هو:أحبـكِ!!!
وضاق بهما الفضاء رغم اتساعه،،وتسارع دوران الأرض في محورها،،والتقى القمر بالشمس للمرةِ الأولى...
فأزهرت الرياض بالزنابق والخزاما،،وفاح عبير البنفسج،،وتناثرت غيوم السماء من تلقاء نفسها،،ودارت حواليهما وزرعت النجوم نفسها بالعفوية ذاتها في جدائل تلك الصبية العذراء...
وزارت أجمل نسائمٍ من هبوب ذلك التل الذي شهدَ ميلاد الحب الأول في قلبيهما...واتسع لهما الفضاء بعد أن ضاق...وسرعان ما تعانقت القلوب...
ورغم ذلك الإعتراف الصاخب في عرض السماء إلا إن أياً منهما لم يجرؤ النظر للآخر...وكأن تلك الكلمة قد شكلت حاجزاً من كل تعب السنين وألمها ومرارتها وغرورها وجنونها...
ومشت ثم تبعها مشياً نحو البيت وكان الفجر قد أوشك على البزوغ...وضياء الشمس من خلف كل اللوحات الفنية قد رسم نفسه من بعيد...
هي بخجل حارق: أعائدٌ للبيت..؟
هو يبتسم: نعم ..
هي وقد اشتعل خديّها بلون الدم: طاب آخر ليلك ونوماً هنيئاً..
هو: لكِ بالمثل أيتها الأميرة...
هي تبتسم وتلوح بيدها معلنةً عن نهاية تلك الليلة الأسطورية بينهما...بينما مشى هو نحو البيت يستلقي عله يجد للنوم طريقاً إن شاء...
وبدون مقدماتٍ طللية،،أشعلت فتيل أوراقها فالليلة آخرها لم تكُ أبدا ككل الليالي...
" وظهر في حياتي من بكلماته أشعل الأضواء على اسوار مدينتي ،،
وبأنفاسه هب نسيم الحب في مملكتي..
وبقلبه الدفّاق بالحب عادت الحياه التي لم توجد تدب في اركاني ،،
وحينها فقط اكتشفت بكل عفويه ما معنى نبضات القلب..
اكتشفت معه بأني سيدةً راقيه يحق لها ما لا يحق لغيرها من البشر،،
واني املك مؤهلات لا تملكها سيدات الارض جميعاً..
هو ليس ككل الرجال ..!!
بقدومه إلي أُعلنت حالات الطوارئ في مملكتي وأُشعلت الأضواء وأدري ولا أدري إن كان هو من قام بإشعال النيران في أرضي..
ووجدتني أقف مذهولةً منه فاغرةً فاهي بعجب...!! عفوا لأكن صريحه وأقل بـ حب !!
أوااه ليتك تعلم من أمري ما لاتعلم..
حين قفز ذلك الرجل بدون سابق إنذار لقصري العاجي..وجلس بهدوء الواثقين وتربع العرش باسماً..
فما كان مني إلا أن إنحنيت أمامه مصفقةً وعيناي تلمع بـ فرح طفولي..وأنا أرى فيه ما لم لعيناي أن تراه في سكان المجرة أجمعها...
فـ جررت يده أُقبلها أمسح بها على خدي المتجمد..
لوهلةٍ ضننته بارد المشاعر..ولكن آه من ظني !!
أنّى لمن أشعل بلداً بأكملها أن يكون للبرود إليه سبيل...!!
إن هذا الرجل وحده دون سواه...
نقش على جدار قلبي اسمه وشخبط بـ كل براءة الأطفال عليه تواريخ لن يجرؤ الزمن يوماً على مسحها حتى لو مسحني من الوجود...
و أخبرني ذات مساء عشقي أن النجوم في ظفائري تبدو أجمل..وأن الرحيق يوماً لم يمت للورد بصله ..وأخبرني أن كل قصائد الحب لم تكن يوماً إلا فيّ أنا وهو..
أنا وهو فقط !!!
التوقيع/ القمر "
فخلدا للنوم دون ان يكتب ذلك الرجل شيئاً لتلك الصبية واكتفى بذلك الاعتراف على الهواء وتحت مسمع من الخليقة جمعاء طبيعتها وبشرها وكائناتها...

وحين فتحت الشمس ذراعيها بكسل في عرض الحياة...لم يكن الصباح كما كان المساء...!!


تأففت السماء وهي تقذف بحممها النارية وغضب رياحها وعنفوان لهيبها على الأرض التي لم تفعل لها شيئاً،،وكان ذلك اليوم كئيباً لم يمر عليهم يومٌ بمرارته وجفافه وصعوبته ولكأنه جاثوم فرض نفسه على سطح كوكبهم ونفوسهم،،فلم تكن الوجوه هذا اليوم الا عابسه مكفهره كارهةً لكل ما قد حلّ وسوف يحل...

فيما كان هناك على الطرف الآخر من الحي بيت يعج بالضجيج الصامت،،تملأ جُنباته وحدةٌ قاتله،،وصمت فتّاك،،ورائحة وداع آن أوانها...

ثم سرعان ما احتدّ النقاش وساءت الأمور أكثر مما لخيال كائنٍ بشريٍ أن يتصور...

هو بجنون: لا يا أبي هذا هو المحال ،،إنه المحال..

والده بهدوء: بني لا مفر،، لا بد أن تعي أنك كبرت والعمر يمضي..

هو يلهث بتوسل: أبتاه إني أرجوك ،،أرجوك يا أبي...

والده الذي بدا حازماً: لا نقاش في الأمر،،لا بد أن نتحرك الآن..

هو مصعوق: أبي لِم لم يكن لدي علمٌ بالأمر منذ وقتٍ مسبق...

والده: هيّا اسرع لا اود ان يفوتك ركب الرواحل...

هو بتوسل: ابي لما العجله...!!!

والده بجديه شديده: لن تتحرك القوافل الا بعد 12 شهرا وكيف لي أن اصبر وانا اراك هنا بلا عمل والعمر يمضي ولا اعلم متى سأرسلك إلى هناك...

وخر على الأرض جالساً على ركبتيه يعاني الأمرين،، بينما تركه والده يغط في غياهب الألم،،لا يعلم ما الذي حل وسوف يحل به..

" طفلتي كيف أتركها كيف !!!!،أواه يا قلبها كيف سيضيق عليه هذا الكون رغم اتساعه،،رباه كُن لها عوناً،، "

ثم جثم على الأرض ودفن وجهه في كفيه العريضتين،،وانهال بالتنهيدات والزفرات ومحاولات لم تبؤ بالفشل في درء سيل الدموع التي وقفت تجاهده الوقوف على إطلالة الجرح،،ذلك الجرح الغائر في أعماق الذات،،

أنه جرح الفراق،،الذي يعلم الله وحد ماهيته...

بينما هي بالعفوية كلها كانت تقف أمام تلك الفتحة الضيقه التي اعتبرتها دوماً شرفة تشرف بها على العالم وتراقب فيها القمر وغيمات المساء الشقيات يلاحقنه،،وكانت تشاهد منها النجوم وعبثاً حاولت أن تركز في كبد الشمس ولكن هيهات !!!

ابتسمت بهدوء وهي تحكم ربط حجابها وتضع في إصبعها شريطاً وردياً كانت قد أخذته عنوةً من ملابس شقيقتها..فبدا في إصبعها كالخاتم الصغير...

قررت الخروج ثم ما لبثت ان عدلت عن رأيها ودار بينها وبين غرورها -عفواً- نفسها حوار سريع مغرور ذاتي نرجسي...

" لن أذهب إليه اليوم،، مللت من هذا العمل كل يوم،،أما آن الأوان لكي يأتيني هو لمرةٍ واحده،،إنه يتعمد أن يجرح كبريائي حين حضوري إليه،،- أحكمت ضم يديها حول صدرها- لن أذهب اليوم"

وسرعان ما خلعت حجابها ونزعت ذلك الشريط الوردي من بين أصابعها،،ونزلت المغرورة بذاتها نحو بهو البيت تمرح بين أركانه...

أما هو فكان لا بد له من خيارين أحلاهما هو أشدهما مراره،،،فاسترجع البارحة والماضي الذي سبق وما سيحدث ان هو ذهب واخبرها بما قال له والده..وكان على يقين تام بأنها لن تصدقه أن اقسم لها بجبروت الرب أنه لم يكن يعلم الا هذا الصباح...فكان عليه ان يختار...

أن يذهب ويخبرها ويخسر كل الذكريات الجميله التي ستدمرها بغضبها وجنونها،،مع علمه انه ليس لديه الوقت ليرضيها او يبرر لها او يشرح...

والخيار الثاني ان يرحل بهدوء ويترك للزمن كل الحلول وأن يترك لها كل الذكريات العذبه ويتحمل نيران التفكير فيما سيأول إليه حالها...

فجمع أشياءه على عجل واستل من بين الحطام ورقة وريشةً وحبراً...وكتب على عجل..وأسرع ثم ما لبث أن احتضن والدته وأوصاها بكل الناس الذين يعيشون به خيرا...

وبينما صعد مع والده على قافلة الجمال الراحله،،ودّ لو يمر على منزلها ولكنه على علم بأنها لا تزال نائمه وان ايقاضه لها شبهةٌ لها قد تثير التساؤلات أكثر مما يثار حالياً...

فكتب على ظهر راحلته رسالة يعلم الله هل ستراها...ثم نزل من على ناقته وركض نحو التل وربطها في غصنٍ ثابت لا يسقط ابداً.....

"على أبوابكم يا أحبائي

وفي فوضى حطام الدور

بين الردمِ والشوكِ

وقفتُ وقلتُ للعينين : يا عينين

قفا نبكِ

على أطلالِ من رحلوا وفاتوها

تنادي من بناها الدار

وتنعي من بناها الدار

وأنَّ القلبُ منسحقاً

وقال القلبُ : ما فعلتْ ؟

بكِ الأيامُ يا دارُ ؟

وأين القاطنون هنا

وهل جاءتك بعد النأي ، هل

جاءتك أخبار ؟

هنا كانوا

هنا حلموا

هنا رسموا

مشاريعَ الغدِ الآتي

فأين الحلم والآتي وأين همو

وأين همو ؟

أحبائي

مسحتُ عن الجفون ضبابة الدمع الرمادية

لألقاكم وفي عينيَّ نور الحب والتحنان

بكم ، بالأرض ، بالإنسان

فواخجلي لو إني جئت ألقاكم

وجفني راعشٌ مبلول

وقلبي يائسٌ مخذول

وها أنا يا أحبائي هنا معكم

لأقبس منكمو جمره

لآخذ يا مصابيح الدجى من

زيتكم قطرة لمصباحي

وها أنا يا أحبائي إلى يدكم أمد يدي

وعند رؤوسكم ألقي هنا رأسي

وأرفع جبهتي معكم إلى الشمسِ



فكيف الجرح يسحقني ؟

وكيف اليأس يسحقني ؟

وكيف أمامكم أبكي ؟


كيف أمامكم أبـكي !!!!


التوقيع/ الشمس التي أفلت"

ثم رحــل !!!!


نهاية الحلقه الثامنه من الفصل الأخير..

إهداء لــ :

للرجل الذي أحبه،،أعشقه،،أتنفسه،،يغزو سمائي،،يدفئ إحساسي،،يطربني،،ينزفني بعشقٍ مجنون،،

يمسكني من تحت ذراعي،،و يراقصني كلما نضحت سماء الله بالغيم!!

ينثر لي الورد أمشي عليه،،وتنزف لي شفتيه قصائد حبٍ لا تروى إلا لي أنــا فقط دون نساء الأرض..

للرجل الوحيد الذي يسكن فيّ كما تسكنني تلك الأنا...للرجل الوحيد الذي روّض الأنثى الأشرس،،الأنثى الأكثر غروراً،،الأنثى الأشد بأساً،،لذات الكبرياء اللامع في سماء الحياة،،لمن تختال حروفي في حضرته غروراً،،ولمن لا تسعفني في وجوده الكلمات،،للحالم الواقعي،،للجرح الأزلي،،للحب الذي بات ينزفني و أنزفه،،لألذ جراحي وأعمقها،،

والأقرب والأمجد و الأخلد والأسعد !!

للحب الذي يبدأ ولا ينتهي،،لقصةِ حب تسكنني بكامل فصولها،،قصةٍ تبدأ من الألف،،ولا تعترف بالياء،،لقصةٍ يبدأ عدها من الواحد ولا تعترف بآخر الأعداد..!!

للرجل الوحيد الذي امتطى صهوة جموح خيلي،،وروضني كخيلٍ حلم كل فرسان الأرض ورجالتها بإقتناءها،،وفشلوا!!

للرجل الوحيد الذي لم يحلم فيّ كفتاةٍ يطمح لها باقي الرجال،،للذي عشقني كما أنا و اكتشفني كما أنا،،وراقصني كما أنا،،وكتبني كما أنا،،وعانقني كما أنا،،وقبلني كما أنا،،وركض معي حافية القدمين كما أنا...للوحيد الذي استنشق معي عطر التراب بعد المطر،،وعانقت معه جذوع الأشجار وهي مبلولة !!

للذي أعادني للطفولة والكبرياء والنقاء وصفاء الذات وحسن السريرة،،للذي افترش معي الغيم،،وعانقني في كبد السماء،،وقبلني حين التقى القمر بالشمس...للرجل الوحيد على سطح المعمورة الذي كسر وحدتي واخترق عالمي وكتبني كما لم يكتبني رجلٌ من قبل،،وللذي استشف الكثير الكثير من البشر قصة حبي معه دون حديث..

للذي علمني التناقض وغرابة الأطوار،،والغرور والثقة والكبرياء والتواضع والحقد والأنانية وحب الذات والتعجرف وفن الكتابة وحب الذات والقسوة والحنين والشوق و الأصالة والعبث بالذكريات والجنون والعشق والأسى والألم والجراح والفرح والحزن و التعاسة وجنون ولذة الحب والكراهية وأبجديات الكتابة ورموز الوصل وتقاطيع الهجران ودهاليز الشوق وعلمني ممارسة الجنون والهذيان والكتابة في غيابة..

للرجل الوحيد على سطح الأرض الذي تحبه " شـــوق" !!!

Malame7 23-06-08 09:21 PM


الفصل الأول

ما قبل النهاية

فصلٌ من وجع !!


سنواتٌ ثمانية؛ثمان سنواتٍ من الضيم والظلائم،،مشاعرٌ لازالت تلتهب،،ومشاعرٌ قد دُفنت منذ أمدٍ بعيد،،لربما كان اليوم الأليم الذي ركضت فيه نحو بيت الفتى الذي تأخر بالحضور إليها،،حينها عاندت الأعراف والتقاليد وصعدت في لهفةٍ مجنونة تركض في ممرات الحي وتفتح الباب الخشبي بجنون غير عابئةٍ بذلك اللحن الحزين الذي طالما نزفه ذلك الباب بأسى كلما استقبلها،،ولكأنه يهيئها لاستقبال مثل ذلك اليوم..

وتوالت الأحداث،،وهي تقف أمام باب غرفته،،تجدها خاليه إلا من رائحة المسك والياسمين وأعواد الخشب ووردةٍ من الليلك المائي الشفاف..وقبل أن يبدأ الغرق العينيّ نزلت مسرعة تتبعها لهثاتٌ قطعت أوردتها وعذبت بعنفٍ رئتيها،،لتقطع كل وسواسٍ من شكٍ بسيفٍ حاد من اليقين وهي ترى والدته جالسةً في طرف الممر تمسح دمعتها عقب رحيله..

حينها تحطمت كل قلاع الأمل الرملية التي طالما تمرغت يديها ويديه في بناءها داخل قلبها بضربة معولٍ واحده،،واحدةٍ فقط..!!

وهبت ريحٌ خفيفة حملت معها كل سنوات العذاب والحنين والشوق و"الأحقاد" التي تجمعت في قلب تلك الصبية "ظلماً" لذلك الصبي،،ريحٌ خفيفة ضمت سنوات ثمانية من ورق الورد وعبق الياسمين ورائحة الخزاما وعبير البنفسج،،ومن شموخ الزنابق وانكسار الحنين ولهيب الشوق،،وأرجوحةٍ عبثت بها السنين فتدلى أحد "طرفيها" منكسراً ضعيفاً هشا،،حتى من برد الشتاء الذي كان وليد الحب وشاهداً عليه،،ومن زخات المطر التي عزفت في لحنٍ منقطع النظير أجمل حبٍ أسطوري طالما حلّق بهما نحو القمم..!!!

حتى تلك الشمس الساطعة بجبروتها وذلك القمر الباهت المستمد نوره منها،،وتلك الغيمات وحتى طريق الحي الذي قطعاه سيراً كل طفولةٍ وصبى وشباب،،كلها شاهده حملتها رياح من عذابات وأسى،،لـ ينهيها الصيف وبقسوة،،قسوةٍ شديدة...عنيفةٍ قاتله لا تمت للحب الأزلي بأية صله...!!!

لفت شعرها الذي كان طويلاً والذي تفننت في تخريبه منذ سنواتٍ ثمان،،طالما قصته وأجادت تقطيعه والعبث بخصلاته الطويلة،،ولكأنها تودّ أن تحرق قلبها وقلبه الذي طالما حلم أن يزرع النجوم في تلك الظفائر الطويلة،،ولكن هيهات!!! فـ بعد أن رحل أصبح شعرها الأسود الغجري الذي يضج بالحياة أسوداً باهتاً مقطع الأطراف يابساً ميتاً يعبر عنها بكل_قسوة_!!

حتى كل ألوان الربيع التي اتخذت من خديّها مولداً،،تلاشت مودعةً وجنتيها التي طغى عليهما الاصفرار والبهتان،،ذبلت ألوانها ومات بها إحساس النضج،،دفنت نفسها بعد رحيله حيةً ترزق..!!!

سنونٌ مرت وإن صح التعبير و اخترنا ما جاز لنا من مفرداتٍ وألفاظ لاكتشفنا أن تلك الـ هي قد ماتت على قيد الحياة !!!

وأمام ذلك المنزل الذي على عتبته شهد الكثير الكثير من الحوادث والذكريات وربما جزءً لا يمكن فصله عن الحياة حتى وإن كان قد ولى و انقضى؛ جلست طفلةٌ صغيره ذات شعرٍ بُني اللون؛وعينين عسليتان واسعتان ذوات رموشٍ كثيفة بدت وكأنها ظلالٌ لأرض صحراويه،،عمرها لا يتجاوز أصابع اليدين،تلبسُ فستاناً أبيض له كُمان قصيران وينفرد ذلك الشعر البني الملتف الغجري على كتفيها وظهرها وتتدلى منه عناقيد على جبهتها وإن حنت رأسها مالت خصلاتها بجنونٍ على عينيها...

الطفلة بابتسامةٍ أقل ما يقال عنها عذبة: سأبني بيتي هناك في ذلك التل البعيد..

الطفل بتملل: ستحطمه الرياح..

الطفلة: لن تحطمه،،لقد سألت أمي وأخبرتني أن لن يتحطم..

الطفل: إذن سأبني بيتي بجواركِ..

الطفلة: كلا..أنا فتاةٌ وأنت صبيّ لمَ تبني بيتكـَ بجواري..!!!؟

الطفل ينهض: حسناً...

الطفلة ترفع رأسها إليه: إلى أين؟

الطفل ينفض التراب عن ثوبه: للصِبية..

الطفلة باندهاش: وأنــا !!

الطفل بثقة: أنا صبيٌّ وأنتي فتاة..

الطفلة تبتسم وهي تحاول تدارك عبثها: اجلس اجلس هنا،،إنني أمازحكـَ لا غير..

الطفل: حسناً..

واندمجا مؤخراً في التراب الذي عبثا به أمام منزلها،،طفلةٌ صغيرة تمرح في مسرح الحياة بـ سبع سنوات لا غير..تأخذ من الزهور لها أقراناً،،ومن الفجر لها عنوان الطهر والنقاء..وصبيٌّ جميل المُحيـا يلهو معها أمام ذلك البيت الذي شهد قبل ثمانِ سنوات أسطورة حبٍ سرمدية طُرزت بنجوم السماء وغُزلت من غيم الفضاء،،وأجيدت حياكتها من خيوط الشمس،،ورُصعت بسبائك الفضةِ القادمة من قلب القمر..

وبغضبٍ عارم وبعاصفةٍ أشبه ما تكون برعد السماء،،فُتح باب المنزل الخارجي وكانت نظرات الغضب هي المتحدث الوحيد والتي تناقلتها تلك العيون بين أولـئك الأشخاص الثلاثة..

هي بجنون:ادخلي بسرعة..

الطفلة بخوف: حسناً...

الطفل ينهض بسرعة ويقف أمام تلك الغاضبة..

هي باحتقار: وما الذي يوقفك هنا الآن،،ليست هذه هي المرة الأولى التي أطلب فيها منك ألا تحضر هنا...

الطفل: إنها صديقتي...

هي: اذهب لأطفال الحي فهم كُثر..أختي لا تريد اللعب معك أتفهم..!!؟؟

الطفل بانكسار: حسناً...

أغلقت هي الباب بغضب،،فمنذ رحل وهي لم تعد هي،،وكل همها أن تتدخل في حياة الآخرين والسيطرةِ عليهم،،ربما تعويضاً للنقص الذي تحس به،،فكانت شقيقتها الصغرى هي كبش الفداء الذي يتصدر قائمة البشر الذين تفرغ فيهم ضيمها...

وعلى مسافةٍ ليست ببعيدةٍ من الباب جلست الطفلة تبكي بحرقة بعد أن حرمتها هي بجنونها من اللهو والعبث...

والدتها تهدئها: اهدئي بنيتي...إنها غاضبة لا تلقي باللوم عليها..

الطفلة ببكاء: أريد أن ألعب إنها في كل يومٍ تحرمني من اللعب وتتعمد إحراجي أمام البقية من أصدقائي..

تتنهد الأم؛؛ وعلامات اليأس قد بدت جليةً في محياها...وقد فقدت الأمل في أن تعود ابنتها كما كانت عليه...ثمانُ سنوات عجاف،،انقلب فيها حال تلك الصبية من سيءٍ إلى أسوء...

يأس والدها،،بل تحطمت كل آمالهِ فيها،،فقد تغيرت كثيراً..وتبدلت ولم تعد هي "هي" عصبيةٌ لأبعد الحدود متذمرة غير عابئة بمظهرها،،وكل همها وجل عملها في أن تفرض سيطرتها على الجميع لتحرمهم لذة السعادة التي انتُزعت منها ذات فجرٍ غامض..

دخلت غرفتها وأغلقت الباب ونزعت حجابها بعنف فتناثرت خصلات شعرها القصيرة في الهواء ثم سقطت على كتفيها..وضعت رأسها بهدوءٍ على مخدتها العريضة وابتسمت ببلادةٍ وتحجر..بعدها تقلبت في بالها ذكرياتٌ وسنون مضت،،لا تعلم عنه شيئاً...

وكـ العادة كان لابد للدمعة ألا تجد صعوبةً في شق الطريق إلى خديّها.. الدمعة التي سرعان ما رفعت يديها لتمسحها وكأنها تمنعها بقسوةٍ أن تعلن ضعفها الذي طالما كابرت وهي تخفيه...

"ترى لمَ خدعتني،،!! لمَ لم تخبرني،،ألست أنت من وعدني أن يكون وداعنا حافلاً..لماذا خدعتني،،!!!كم أكرهكَ كم أكرهكَ...لقد أنهيت حياتي ودمرتها.."

ودفنت وجهها في تلك المخدة التي أعلنت احتضارها منذ سنينٍ طويلة،،وها هو عمرها قد تخطى الزواج والانتظار،،وباتت الأعين تُركز في شقيقتها الصغرى رغم فارق الجمال والسنّ..إلا أن تلك الـ هي قد فقدت بريق الفتيات في ريعان الشباب...

كلما في الأمر أنها كرهته -قسراً- لا برضاها ،، فقد حتمت عليها الظروف القاسية التي وجدت نفسها فيها ألا تتقبل فكرة وجوده لديها ثانيةً...حتى وإن حاولت مراراً وتكرارا،، ففكرة رجوعه وعودتها إليه قد باتت مستحيلة ،، في نظرها هي على أقل تقدير..



أما هو فذلك أمرٌ آخر ،،،



وحيث كان هو هناك ،، يرى السنون قد مضت،، ولا يسمع عنها خبراً ،، ولا عن حمامٍ زاجلٍ كانت قد وعدته بأن يكون رسول محبةٍ بينهم ذات ربيع مُزهر..كل الوعود تبخرت وكل الأماني ما كانت إلا أحلام طيشٍ وصبى...

لا زال قلبه لها ،، يخفق بحبها،، لكن عتبة لم يكن بسيطاً،، فـ ثمان سنواتٍ لم تكن بذلك الشيء الذي يغتفر فيه النسيان...

لم يكن يعلم من أمرها شيئا،،ولا يعلم ما آل إليه حالها على أسوء تقدير...ولكن ما يجدر ذكره إنه في هذه الأيام بدا جلياً أنه عائدٌ للديار ،، فـ تلك الحقيبةُ الخشبية أمام ذلك الباب تبدو موصدةً تنذر عن رحيل وعودةٍ وحنين طال انتظارهما...

لم يتحدث إلى أمه ولم يسمع خبراً عن أبيه ،، حتى هم في آخر مكانٍ على هذه الأرض المستديرة لا يعلمون عن ابنهم شيئاً...لقد أرسلوه ينهل من علم الدنيا الكثير،، واستودعوه الله الذي لا تضيع ودائعه..

عاش بعيداً عنها ثمانية سنوات بكل شوقها ألمها وعتبها وحتى حنينها ،، شوقٌ للصبية التي غدت الآن شابه..كثيراً ما زارته في أحلامه وداعبت خياله،، ولقد حان الوقت ..قالها بينه وبين نفسه،، لقد حان الوقت لـ كي يتوج ذلك الحب بما هو أسمى منه..

" كيف تكون الآن،، ترى هل هي بانتظاري؟...هل هي غاضبه؟؟..(يتنهد)رباه أعني حتى أصل"

لا يعلم أن تلك الصبية الصغيرة قد كبرت ( وجُنت) غضباً حين رحل ولن تلتمس له الأعذار مهما حصل...هي هكذا غاضبه فكيف لو رحل دون وداع..!!

وهو يعلم أنها صبية تحمل داخلها قلب وعقل طفلة،، لا تعي ما معنى الفراق،،ولا تعي ما معنى الوداع ولا الغضب،، لم تكن غلطته ولم يكن ذنبها...



إذن أكانوا هم من أخطأوا ؟



للأسف فكثيراً ما يقرر الكثير قدرنا ،،، من لا دخل لهم في علاقات البشر..كثيراً ما يعبثون ويقررون وللأسف هم الناجحون...هم من يحددون علاقاتنا بالطرف الآخر..وفعلاً هذا ما قد حدث معهما...

Malame7 23-06-08 09:24 PM

الفصل الثاني

النهاية

فصل اللقـاء !!


كان المساء قد حلّ وتسربلت السماء بثوبٍ من تعاسة كانت تلك الـ هي قد اعتادتها منذ ثمانِ سنوات طويلة..

وكان الفضاء والعالم والشمس والقمر والنجوم وسائر كائنات المجرة،، إضافةً إلى الأعشاب والزنابق وورق الورد وماء المطر وقطرات الندى وورق الشجر وأغصان الأشجار وسعف النخيل وأبواب البيوت وطرقات الحي وأزقته،، وكل توابع المجموعة الشمسية وجميع شجيرات الياسمين وصخور التل وعشبه وشجرة اللوز وأرجوحة الطفولة وحتى البحيرة التي خلفها المطر ذات طفولة فخذلته تلك الصبية في أن تقف في صفه،، وحتى الشال الأخضر الذي طار من بين خصلات شعرها ذات صيف ،، والريشة الطاووسية ومحبرة الحبر والجلد الذي سطرا عليه حروفهم وحتى المنحوتة الخشبية التي عمد ألا ينتهي منها حتى يطول فضولها،، والنيزك الذي مر ذات صيف حارق فتمنت ولم يتمنَ ،،كلهم كلهم كل تلك الأشياء حتى أصغرها وحتى حذاءها الذي انحنى يوماً يساعدها في ربطه وظهره الذي انحنى يوماً لتصعد به الأرجوحة كل هذه التفاصيل إضافةً إلى خيوط الشمس التي طالما تدلت نحو الأرض واستمالة غرور تلك الصبية لمعانقتها وسبائك الفضة التي كثيراً ما توهجت من ذلك القمر الذي هرب طويلاً ولا زال في رحلة هرب من جنون تلك الغيمات الشقيات اللواتي أصبنه بالإنهاك لكثرة الهروب...



كلها كل تلك التفاصيل وأدق منها وما حضرني وما لم يحضر كانت شاهدةً على حجم الفجيعةِ التي ألمت بقلب تلك الصبية التي ما عادت سوا بقايا أنثى تفنن الغياب في تقطيعها وبعثرتها،، إلى أن عجزت حتى قوى الطبيعة العظمى أن تعيدها كما كانت..

حتى أبسط الأشياء التي تبعثرت كانت قد انتهت،، فلم يعد بالإمكان أن يلملم شتاتها سوى عودته..



إنه عائد ،، عائدٌ عائد...ولكن كيف ستستقبله عقب هذا اللقاء !!!



كانت خيوط الفجر الأولى قد خرجت لتوها من باطن الفضاء،، وللحظة كانت الأرض والسماء في حالة تمخض لولادة الشمس من جديد،، فآلام الولادة تلك في استمرارٍ كل يوم ،، وقبل أن يظهر الوليد كاملاً كان ظل أحدهم يدفع باب البيت بيديه ،، ولكن الباب كان صامتاً ما عاد يعزف له شيئاً ،، حتى الحزن بعده قد نسيته كل الأشياء...

وكان الباب هو التغير الأول الذي صادف هذا الشاب اليافع الذي وصل للتو للبيوت اللبنية العتيقة التي ضمّتـه...

دخل يسبقة كل الشوق للقاء سيدته الأولى التي سمع وقع أقدامها خارجةً من تلك الغرفة التي توضأت بها استعداداً لصلاة الفجر...

وكان اللقاء الأول ،، فما إن رأته حتى وقفت في مكانها ،، لا هي التي تقدمت ولا هي التي تراجعت...فوقفت تنظر إليه ثم بدأت حبات لؤلؤٍ عذبه بالتجمع بين الهدب والهدب...

أسرع وأسرع نحوها فما عاد به متسعٌ من وقت لكي يقضيه بالنظر إليها..وبعد جزيئاتٍ من لحظات كان يذوب بين يديها...فاختلطت الدموع بالبسمات..وتهللت أساريرها فرحاً..فجلست على الأرض سريعا وهو كذلك..تُمرر كفيها فوق خديه وعلى وجهه تمسح شعره الذي غدا طويلاً ناعماً يتدلى على جبهته ورقبته..

والدته بفرح: متى عدت؟ ولم لم تخبرنا عن موعد عودتك؟

هو يبتسم بحنان وبصوتٍ بدا غليظا: عدت للتو..ولم يكن بالإمكان أن تعلموا موعد حضوري بأي طريقة...( ويبتسم) هكذا أفضل أليست مفاجأة؟

والدته تسحبه بحنان لبحر أحضانها: إنه العيد حضر قبل أوانه...!!

استرسلا بالحديث طويلاً حتى أخذت الشمس من مساحة الممر مفرشاً لخيوطها..كان يحكي لها بكل اللهفة ما صادفه وما رأى وكيف العالم هناك...وكان ينتظر أن تنطق شفتيها بسؤالٍ عن عشقه الأبدي...إلى أن وصل لمبتغاة..!!

والدته: الجميع يسألون عنك..أتعلم أنه بعد رحيلك بأسبوع وضعت جارتنا صبياً صغيراً،، سبحان الله إنه يبلغ من العمر ثماني سنوات...

هو بتملل: جيد..!!!

والدته بنظرةٍ متفحصة لملامح وجهه: إنه بعمر أختــها!!

فارتبك وتغيرت ملامحه ثم ما لبث أن تدارك الأمر سريعاً ولكن بعد أن فضحت ملامحه سره...

هو بلا اهتمام: وكيف هم؟

والدته بهدوء: جميعهم بخير....أ..أأ..( تنهدت) بإستثناءها..

فتلخبطت كل أحاسيسه ورمى بكل الحياء والخوف جانباً...لقد أرعبته وأنهكته وأخافته...رباه،، لقد مسته في مكان الجرح..إنها تضع الملح على الجرح...الجرح الجرح...!!

هو بخوف: ما بها؟

والدته: لا أعلم لم أرها منذ زمنٍ طويل...والدتها تبكيها ليل نهار...يقولون إنها ربما مصابة بالجنون..

وبلا مقدمات وبعيداً عن شعارات تندد بحق الرجل في البكاء..كانت دمعته قريبةً من عينه ثم عانقت بكل الأسى خديه..." رباه أكُنت أنا السبب؟؟،،، طفلتي ما حلّ بها؟ "

والدته: غُض النظر عنها يا بني...!!

هو وبألم: أنتِ تحكمين عليّ بالإعدام...أماه إنها الحياة...لولاها ما عدت..لولاها لم أعش..وقد عاهدتها يوماً أن أعود...ويكفي أنها انتظرتني...

والدته تهز رأسها بأسف: ستغير رأيكـ صدقني...

ونهضت فقد نسيت صلاتها من فرحتها...بينما صعد بحقيبته يحتضن رائحة البيت والمكان والزمان...وبحركةٍ سريعة تفقد غرفته..ثم فتح حقيبته..وأخرج رسائله لها...وابتسم بحزنٍ عميق..

" طفلتي بالله كيف ألقاها !!! "

غير ملابسه ثم ارتدى شيئاً مما اقتناه حديثاً وخرج،، لا يدري إلى أين ولكن حتماً ذاهبٌ بلا وعيٍ إليها...

وسريعاً بخطواتٍ متباعدة وقبله يمشي قلبه ،، والشوق يدفعه دفع الموج لرمل الشاطئ،، مشى سريعاً حتى وقف أمام ذلك البيت..ورفع رأسه ليرى تلك الفتحة الضيقة التي تطل لدارها...

وسرت قشعريرةٌ أليمه في جسده..وتنهد سريعاً وارتجف قلبه خوفاً وألماً..

" أتراها تكون هناك !! "

وبينما همّ بطرق الباب ،، سمع أصواتاً خافته تتهامس خلف إحدى أشجار البيت..تراجع قليلاً واسترق نظرةً وتفاجأ...

بينما تلك العيون الأربعة حدقت فيه...اثنتان منها بخوف واثنتان منها بتعجب...وابتسم سريعاً وخفق قلبه بسرعة.." يـاااه ،، إنها نسخةٌ متفجرة الأنوثةِ منها"

هو بفرح: من أنتِ؟

الطفلة تبتسم: ومن أنتَ؟

هو يبتسم لبراءتها: أين والدتكِ؟

الطفل بنظرةٍ غريبة: ومن تكون أنت؟

هو يبتسم بينما يتجدد الماضي في عينه: بل من أنت؟

الطفل يسرد له التفاصيل ويخبره بأنه ابن جارة تلك السيدة التي سافر ولدها بعيداً...وتسترسل الطفلة في شرح بقية الحكاية بأنها ابنة صاحب هذا المنزل وأخت الشابة التي تفشى خبر مرضها..وهي تعيش وحيدةً مع والدتها ووالدها وشقيقتها...

هو وقلبه قد أعلن التمرد: هلّي أن أدخل؟

الطفلة تعود لإكمال لعبها: لا أحد في المنزل..

هو بخوف: وشقيقتكِ؟

الطفل: مالك ولها؟

هو يكلم الطفلة: أليست في المنزل؟

الطفلة: إنها في الأعلى...كالعادة..!!

هو: وأمكِ؟

الطفلة: في الداخل تغزل الصوف..استعداداً للشتاء ( وتبتسم) إنه قريبٌ جداً..سيهطل المطر..!!



تركهما يلعبان..ووقف أمام ذلك الباب طويلاً...وليس لديه حُجةٌ للدخول..ولا حتى الكلام ولا السلام...خائفٌ راجف..

حتى وردت على باله فكرةٌ بدائية رآها مناسبةً للظرف الذي يمر به...فعاد للطفلة والطفل...وهو متلهف باسم..

هو: أيتها الجميلة الصغيرة هلاّ أسديتِ إليّ معروفاً.؟

الطفل بغضب: كلا..

الطفلة بغنج: وما طلبك؟

هو: تعالي معي سريعاً...

فنهضت الطفلة وتبعها الطفل خلف ذلك الشباب المجنون...وركضوا ثلاثتهم سريعاً نحو بيته..فرأتهم أمه وابتسمت..لا يكف عن ممارسة الجنون حتى ولو كان عائداً للتو..

صعدوا للأعلى...فجر ورقةً صغيره..كتب عليها من الكلام ما استطاع واختصر بها رحلاته وأشواقه وعذاباته ولهفته وحنينه...ووقعها بكل الحب...وبطبيعة الحال..

فقد كانت هي الفتاة الوحيدة بين نساء كل تلك القرية من تستطيع القراءة والكتابة..وحتى شقيقتها الطفلة لم تكن تجيد حتى الإمساك بالورق...

فركضت الطفلة سريعاً...لا تعلم ما تحمل...وكل ما تعيه حولها..هو أنها ستجعل شقيقتها سعيدة وسعيدةً جداً...

وما هي إلا جزيئاتٌ من وقت..حتى كانت ترتجف بخوف..أمام باب تلك الشرسة...وهي مترددة أتدخل أم تبقى بعيدةً عنها....

طرقاتٌ خفيفة على الباب...

هي: أمي؟

الطفلة: بل أنا؟

هي وقد تغيرت نبرتها: وماذا تريدين؟

الطفلة: أحمل شيئاً لكـِ؟

هي: احتفظي بهـِ لنفسكـِ لا أريده...

الطفلة: إنها ورقة..!!

هي بلا مبالاة: لا أريدها..اذهبي لا تثيري غضبي...

الطفلة بإصرار: لقد أعطاني إياها أحدهم...

وبشقاوةٍ غريبة فتحت الباب ووضعت الورقة على فراش شقيقتها...وأغلقت الباب وخرجت مسرعه...

تفحصت بعينيها الورقة الملقاة...ثم سرت فيها غرابةٌ غير مألوفة...وبتفحص فتحت الورقة التي ضمت خطاً لم تره في يوم قبل هذا...



" عاد الربيع يا طفلةً راقصتها تحت المطر

التوقيع/ الشمس التي عادت "



وإن كان للفرح صوت،، وحتى إن كان للأسى دموع..ولو بكت الشمس وسقط القمر...

لخانتها كل تعابير الأرض ولم تسعفها سوى الدمعات الحارقات اللواتي انسبن في وجعٍ على خديّها..فبكت حتى بكت وبكت .. حتى شبعت ولم تشبع منها الدموع...

وسرعان ما استيقظ مارد الغرور في أعماقها وأفاق كبرياءها من غفوته...فصحى فيها صوت الكراهية والحقد والاستبداد..فما كان منها إلا أن بعثت إليه تقول...



" ما كنت في يومٍ إلا خريفا...فحاشى الربيع أن يكون مثلك..

فقد تفننت في إسقاط أوراقي ،،

الورقة تلو الأخرى،،

الورقة تلو الأخرى،،

وفي رحيلك الغادر،،

ما تركت وراءك إلا مساحات لم يتسع لها الكون،،

من الحزن والأسى والعذاب وفواجع الانتظار..!!

وما اتسع الكون لـ دمعي ولا حزني..

ولا أسعفتني بعدكـَ كل كلمات الحب التي تلوتها على مسمعي..!!

ولا شفعتْ لي لقاءاتي بكـَ خلسةً في شتاءات الحب...

فـ بالله يا أيها الذي ،،

خدع،

وغدر،

وخان،

وأوجع،

وترك،

وتفنن في الغياب..

بالله أخبرني كيف أسامحك

التوقيع/ قمرٌ لا تستحق شرف حبه "


ورغم القسوة وعنف الرد..إلا أنه استقبل تلك الرسالة بفرحٍ عارم..هو يعلم كم في قلبها الكبير من مساحاتٍ شاسعة قادرة على الغفران...وليته لم يثق كل هذه الثقة..وليته ما علم يوماً أن الصبية ما انتظرته أبدا إلا لكي تحيك له من العذاب ألواناً..وتتفنن في رسم خريطة الجنون التي ستقوده إليها قريبا...فبعث إليها مازحاً وهو على يقينٍ من الغضب الذي سيحل بها حين تقرأ كلماته..ولكنه آثر المداعبة بعيداً عن كلمات الحب...فهو في يقينٍ مطلق أنها ما صبرت العمر هذا بغير ارتباط إلا في انتظاره...فكيف لها أن تدعي توقف قلبها عن النبض بحبه...



" طفلتي الشرسة/

أهناكـَ من استوطن وطني؟

أهناكـَ من زرع أرضي؟

أهناكـَ من جرعكـِ الحب أكثر مني ؟

بالله أجيبي !!

من انتظرتِ كل هذه السنين حتى يعود!!

أما قلتِ يوماً بأنك ستقضين العمر بانتظاري؟

اعذري في كلماتي غرورها..

ولكنكـِ كنتِ وحدكِ فقط من شحذ هذا الغرور...

طفلتي الأجمل /

أقلبكِ ما زلتُ أسكن فيه !!!



التوقيع/ الشمس "

وصلتها تلكـَ الرسالة..فجُنت غضباً...فأي منطقٍ ذلك الذي يحكم قلب ذلك المتعجرف..وأي مشاعرٍ معتوهة تلك التي يتملكها عقله الفارغ وقلبه المتحجر...

فخطت بغضبٍ إليه تقول...

" أيـها المغرور/

ما ابتسمت هُنا إلا لكي أقتلكـَ عمداً..

علّي بعواصف برودي...أقتلكَ كما قتلتني نيران غيابك...!!

أبعد ألف سنة من الفراق تأتي ؟

تقتلع قلبي من بين أضلعي..

تبحث فيه عن كل بصمة لسواك...

تحاكمه بغرور المستبد..

تستجوبه تفاصيل قصص الهوى..

وتسأل عيني كم عزيزاً سواك بكت..

أيها المغرور

بعد ألف سنةٍ من الفراق تأتي؟

تبعثر أوراقي..تشرح الجمل..

تحاسب الحروف..تعاقب الكلمات..

تصدر حكمك القاسي بإعدام

كل ما لم يكتب لك..

وإحراق كل ما لم يرسل إليك َ..!!



بعد ألف سنه؟

يااه أبعد ألف سنةٍ تعود ؟!

التوقيع/ القمر "

وختمت على كل أحلامه بالشمع الأحمر...فما خُلق قلبها ليعيش به مغرور غادر...وأثبتت له باستحقاق أنه ما استحق ذلك الذهب ليقتنيه يوما...وما كان لديها متسعٌ من وقت لتسمع تفاصيل رحيله ولا كان لديها الكثير من الوقت لكي تجلس تنتقي من أخطاءه ما يغتفر ثم بغباء

تسامحه بقلب العاشقة الحنون...

فما عاد يليق بها مطلقاً أن تغفر وتسامح...وقد ودعت منذ برهة دور البريئة التي أخذت وقتاً

طويلاً تتقمصه...

Malame7 23-06-08 09:25 PM


ترى هل تنقلب الأدوار !!!

ما بعد النهاية

فصلُ من أمـ(!)لم



ولأن الحب كالورد..لا يعيش إلا بالماء...فقد كانت التضحية هي ماء الحب...ولأن كلا الطرفين قد أصابتهما العدوى ،، وانتقل الغرور المجنون حتى عانق أطراف أصابع قلوبهم...فقد دمُر ذلك الحب وتهالك...وتآكلت أطرافه..حتى بدا كـ قطعة حلوى نخرتها جيوش نملٍ غفيره..أو كـ جسدٍ دُفن في قبر فـ تفنن الدود في حفره..وتشويه جثته...!!

أكان ذلك الحب العذري الطاهر الدافئ العذب...الذي ما عرف الفجور يوما...يستحق منهما كل ذلك الغباء؟

أهانت كل تلك السنون...؟

وكيف لقلبين اتفقا في كل شيءٍ حتى الموت.!!! حتى الموت !!!

حتى الموت الذي لم يكن لهما به يدٌ...اتفقا على الدعاء ليل نهار..بأن يجتمعا حتى في الموت...واستلذا بالتوسل ليل نهار لله بأن يموتا في دقيقةٍ واحده...حتى لا يُعذب أحدهما بعد الآخر...

بالله كيف تنتهي قصة حبٍ كـ هذه ؟

وكيف تهون الأشواق ويرخص الحنين...وينسى الطرفان لذة " الانتظار" " ،، وكأن تلك الأرجوحة بتفاصيلها قد هانت..وكأن ذلك التل الأخضر والزنبقة التي قاومت رياح القدر..و الشمس التي عانقت عذوبة أرواحهم..وشعرها الغجري الأسود الذي ألهب إحساسه يوماً..والغيوم البيضاء التي ما تخيلتها إلا وطناً تقفز فيه بطفولةٍ هنا وهناك...وكأنها لم تكن أحلاماً بُنيت مذ بزغت هي وهو في هذه الحياة..ولكن سرعان ما تبخر حلم السنين في لحظة مرض قصيرة ،، ارتكبتها هي ذات صيف فقابلها بجحودٍ ونكرانٍ أشد منها..

ولكأنهما لم يتذكرا بأن الله وهو الله في علياءه قد عاقب آدم على تفاحةٍ ثم ما لبث أن سامحه رغم شدة العقاب الذي ألم بنا بعده...فكيف بالله يظنان نفسيهما أفضل من الله..!!!!

أوليس الله هو من يغفر؟

أوليس الله هو الأولى بتعذيبنا ؟

أوليس الله هو القادر ؟

فلماذا تنتهي قصص الحب العذرية الطاهرة بتلك البشاعة؟

ولماذا نحكم على حياتنا بالإعدام؟

ولمَ نقتل كل السويعات الجميلة؟

ولماذا بعد الفراق ننسَ كل اللحظات العذبة ولا نذكر سوى أبشع التفاصيل؟



أليست الحياة أجمل بالتسامح؟

أوليس الله من اشتق النسيان من الإنسان؟

وهل كان النسيان غير رحمةٍ إلهيه !!!!



مرت فترةٌ من زمن...طويلةٌ على القلوب...قصيرةٌ في محتوى تفكير البشر..نسيا حتى من هما..

ولا مجال للشك بأنها كانت لا تفارق تفكيره...ولكن بالكثير من (الكره) و القليل من (الحب)..



أما هي مع طول الانتظار..وبشاعة النهاية الا إنها لم تلبث أن تستسلم لكل دفقات الحنين بداخلها..إليه..فصابها الندم بعده...

فوجوده قريباً منها ما كان إلا شرارةً تزيد نيران حطب شوقها...شوقها إليه..!!!



ورغم قوّة الحنين والشوق لأطفال كتبهما...إلا إنهما استمرا في غيهما وغضبهما وغرورهما...ولم يستسلم لا هو ولا هي لصرخات طفلةِ وطفلْ الدفتر..



حتى أنه بعث إليها آخر رسائله التي ما احتوت إلا بشاعةً شديدة وقاسية ما نمّت إلا عن قسوته وعنفوانه الذي أجزم بأنه مصطنع....

فـ بعث إليها ذات بدايةٍ في شتاء بعد صيف الفراق ..

" رسالة من رجل يكرهكِ

بعدكِ .. لم يعد لدفاتري أطفال و لا أحلام.. (!)



/م /  



لم أعد أعترف بالتاريخ .. !!!!!



عمرٌ يا سيدتي.. و أنا أتنفسكِ كما تنفست أنتِ رائحة التراب بعد المطر ذات براءة ..

عمرٌ و أنا أحاول فك طلاسم تلكـ الرائحة .. و ـهل للمطر عطرٌ سواكـِ ؟!!

عمرٌ و أنا أحاول أن لا أهديكـ جنوني.. أن لا أهديكـ شوقي.. أن لا أهديكـ جرحي .. و أن..

..

..

لا أهديكـِ كرهي (!)

أتراكِ تستحقين أن أشعر بكِ..

إنكـِ حتى لا تستحقين أن أشغل خلية واحدة من خلايا دماغي بالتفكير " بكـِ "

نعم .. كما جننتُ بك ذات حبّ.. فقد شفيتُ منكـ مؤخراً.. و .متأخراً. .. متأخراً جداً.. !!

عمرٌ مضى .. و سـ يمضي عمرٌ آخر .. سنرحل ..!! ســ نرحل مخلفين عمراً.. و حباً.. كان

سنمضي سيدتي .. و ستكرر القصة .. ؛ نعم .. فقصص الحبّ لا تختلف نهاياتها.. ولا بداياتها..

وحدها تفاصيلها تختلف..

أنتِ كنتِ إحدى تلكــ التفاصيل المملة .. يااااااااااااااه .. كم كنتِ مغرورةً بي .. !!

آنســتي الأنانية .. !! أتعلمين ؟؟!!

لم تعد هنالك قواعد ولا قوانين و لا معادلات محددة في مادة الحب.. لم تكن هنالك مادة للحبّ أساساً.. أنتِ

" كنتِ " المادة الوحيدة الجديرة بـ أن تُدرس لفقراء الحب..و أغبيائه..و .. مغفليهـ .. أمثالي..

لقد استذكرتكـِ كثيراً سيدتي .. استذكرتكـِ و غروركـِ حتى أصابني درسكـِ الأخير بالخرس.. من قال أن القمر و الشمس لا يلتقيان.. من خدعك ؟؟!!



“سيدتي.. ألا تحلمين .. ؟!
ألا تزوركِ أحلام الخسوف و الكسوف ؟؟!! "

هه..

كم كانت نهايتـ"ـنا" بشعة .. كانت تماماً .. كنهايات كل قصص الحب الكبرى .. موجعة..، أعتذر لأنني جمعتني بكِ لم يعد للـ " نا " مكاناً بيننا .. عفواً .. بيني و بينكِ..!! و أعتذر لنفسي "متأخراً " كعادتي.. لأنني أكتبُ لكِ هذه الكلمات .. !!

في هذا الصباح المتباكي مطراً أعدتُ قراءتكِسيدتي.. و أعتذر لنفسي أيضاً لأنني قرأتكِ يا امرأة تعشقني..!!

كيف استطعتِ أن تخدعينني.. بتواقيعكِ السرية ؟!! .. لم تكوني أبداً " امرأة تعشقكِ "

لم تكوني إلا حرباء تتلون بلون "القمر " و الـ "هي" .. و الـشتاء ..



لم تكوني إلا أنثى .. كأي أنثى .. كسيرة و فاشلة.. تملك إحساس جرح وتحاول البوح عن حبّ مستحيل .. و عن متعة غرور سبق الغرور الأول .. تحسد الكفن .. الذي يحوي روحي .. و تفقد أعضاءها كذباً لأجلي .. لتقرر ذات مساء أن تحلم بي.. و تعترف اعترافات لن تلغي من صرح غرورها عفواً كبريائها و شموخها شيئاً.. !!

لم تكوني إلا أنثى تتقن التنازل عن أحلامها بجدارة ..

لم تكوني إلا سحابة صيف .. و غريبةً في الوطن .. و شيئاً من الألم.. و حباً شتوياً.. لا يموت .. أو هـ كذا ظننتِه ..

لم تكوني إلا ليلى و شما و مريم و ظبية و "هي" ..

لم تكوني أبداً باقية "هنا" من أجلي ..

هنا ..؟!! اسألي الأرجوحة عن هنا .. !!! اسألي شوارع أوردتي و حارات أضلعي عن هنا !! و اسأليها .. اسأليها عن قرار حضر التجول .. يا امرأة تسكعتني ..!!



و مع هذا قرأتكـِ ..



هل تصدقين ؟!

لقد.. لقد كدتُ أجنّ و أنا أقرأكِ.. تشبهيني.سيدتي تشبهينني حد الوهم.. تشبهيني .. تشبهينني حتى خلتكِ أنا..!! أنا لا أشبهكِ.. و لكنكِتشبهيني.. تشبهين الشتاء .. بكل تفاصيله الصغيرة.. أو أنكِ تتلبسينه ..



أتذكرين ؟!!

أتذكرين طفولتنا .. أتذكرين مراهقتنا .. ؟؟!!

لم أستطع في هذا الصباح الجميل من أن أمنع نفسي من مجاراتك و لثم ثغركِ الكاذب و لو وهماً .. لم أستطع إلا أن أنسج بحروفكِ الملغومة مملكةً للـ " هو " ..



أتذكرين قولكِ لي في تلك الصباحات.. : "الحب هو أن تكون ضعيفاً .. هو أن تبكي بسبب أو بدونه .. هو .. هو تلك الدموع المكابرة في عيني رجلٍ رومانسي يحاول أن يعود لواقعيته بعد أن حلّق معي ذات قبلة..

أعترف .. لا أجمل من حبكِ الشتوي في هذه الصباحات و المساءات العشقية .. كم أحب الشتاء .. إنه يشبهكِ

الشتاء كـ طفل يبكي ثلوجاً و أمطاراً و رياحاً ..

الشتاء كـ امرأة عشرينية أجهضت فراشات العمر و أحلامه

الشتاء كـ رجل متناقض له في كل يوم حالة حبّ جديدة

الشتاء كـ الحبّ في عبثتيه و غواغئيته و مباغتته .. " ؟!!



أتراكِ عندها حاولت التخلص من كلماتي .. من : " اشتقتكِ سيدتي " ؟! أنا الذي اكتشفتُ بعدها أنني ما اشتقتُ إلا "الشتاء" وحده ..

والشتاء هو أنا ..

أتراكِ حاولت التخلص من ذلك الحب الشتوي بعدها ؟!!

أتراكِ بعدها حاولتِ التخلص من ضعفكِ بتخليك عني و خذلانك إياي ؟!!

إنكِ بتلك الطريقة الغبية سيدتي لم تشفي إلى من حبي ..



ستظلين مجنونة بي .. لم تستذكريني يوماً كما استذكرتكِ .. و لن تشفي مني أبداً كما شفيتُ "أنا" منكِ..!!.. !!!



أنا .. أنا .. أنا .. سـ أرددها و أعزفها كالموسيقى و الأشعار ..لقد أصابني غروركِ بالعدوى ..

لم أعد أحب إلا الـ أنا و لم أعد أشتاق إلا الـ أنا .. أحبكَ يا أنا .. اشتاقكَ يا أنا ..



أتذكرين ..؟!

إنكِ لا تذكرين إلاكِ .. أجيبيني بالله عليكِ .. كيف أحببتك "أنت" دون سائر نساء الأرض ..؟!!

"أنتِ" .. أقولها بتشفي .. !!

لم تكوني الأجمل ..

لم تكوني الأذكى ..

لم تكوني الأشهى ..

بــ ماذا أهذي "أنا"..لربما..كنتِ الأشهى .. و ربما كنتِ الأجمل و الأذكى بعيني الشمس ..!!

أكرهكِ..

لم يعد لدي متسع من الوقت لأضيعه في كتابة رسالة إلى امرأة لا و لن يهمني أمرها ؛ فبانتظاري ألف ألف امرأة..و ألف ألف قصة حب..دعيني أرحل بعيداً..

دعيني أستحضر طقوسكِ معهن...و أصل خصلات شعرك الغجري المعطرة و المهداة لقلبي كما كنت تقولين بشعورهن .. دعيني أوصلهن إلى السماء السابعة بأرجوحتي.. دعيني ألقي عليهن قصائدي إليكِ..

دعيني أسافر إلى ثغورهن الشاحبة .. و أتغزل بعيونهن الذابلة "رُغماً" .. دعيني أنثر حبات رمل المدينة التي تسكنني على أجسادهن و أنحتهن بصخورها و أرسمهن بهوائها و أكتبهن ببحرها الذي ارتكب أجمل جرائم الغرق و أكثرها سادية.. دعيني و شأني ..!!

إنه الكره إذن ..!!

تماماً كذلك المراهق و المتناقض و اليتيم بكِ و منكِ .. الذي كنته ..

سأعيش حالةً من الضياع و التناقض و الحبّ .. سـ أحبهن و أكرههن .. و سـ أكرههن و أحبهن .. و سـ أحبهن و أكرههن .. !!!!

سأخونكِ معهن بكل ما أوتيت من طاقة .. سأمارس معهن الكره بكل طقوسه .. سأكن لهن العاطفة .. أياً كانت..

و سيتحول الـ هو إلى عاشقٍ آخر..







ورغم ذلكَ سـ أظل ،،

أحبكِ بـ جنون .. !!

أحلام شتوية جميلة.. يا ملاكي



ملاحظة:كل ما ورد في هذه الرسالة لا يمت للحقيقة بصلة.. كل ما ورد في هذه الرسالة من أكاذيب لتعلمي فقط أنكِ لوثتني.. أنا أكذب .. نعم ..؛ فبفضلكِ أصبحتُ رجلاً متبلداً يحسن الكذب و الضحك و البكاء و تمثيل الأدوار.. أنا .. مدينٌ لكِبـهذا..!!


التوقيع: رجل يكرهكِ /يمقتكِ،،الشمس.."

فبعثت إليه بانكسار بعد أن أنهكها التعب وما وجدت من العودة إلى قلبه بُدا...وبعد أن تلفت أجزاءها،، وحين علمت لاحقاً أن لا مناص من حبه..فقد بات يصبح ويمسي بين خفقات قلبها ودقاته...وتأكدت مؤخراً أنها لا تستطيع الحياة بعده...وإنه لا جدوى من ذلك الفراق الذي أسقم روحها..

فنسيت في أقسى لحظاتها وأكثرها انهزاماً كل قوافل الكبرياء التي طالما استعمرتها..وحين قرأت رسالته الأخيرة ما وجدت فيها سوى شوقٍ وحنين لروحه التي طالما عانقتها بصمت..فكان في رسالتها الكثير من الانكسار والكثير الكثير من الضعف...

فضمت تلك الرسالة باختصار " انكسار أنثى "
"وهل يجمعنا نجم !!
حبيبي
كنتَ شمساً
وكنتُ قمر ،،
وكان قدرنا
أن يضيء كل منّا الآخر
و يطفئه
دونما أدنى لقاء !!
...
تُشرق فأسقُط
وتسقُطْ فأزدادُ إشراقاً ،،
لنبقى ما تبعثر لنا من روح
نحيا باحتراقِ بعضنا !!
...
هل كان من الحكمة
أن نبقى طرفين
في يومٍ .. يُقتل فينا .. كل مرة
ونُقتلَ فيه !!
فلا نكون إلا ضحايا
الذنب ..!!
...
حبيبي
تركتُ لك في الفضاء غيمة ،،
وتركتَ لي في المساء نجمة ..
حتى إذا تعانقا
كان الحنين هطول !!
فاعذر المطر على أبوابي الليلة !!
...
"وهل يتفق النقيضين
بحكاية عشق ؟؟"
كان هذا تساؤلي الأول
منذ بدء الخلق ،،
أنت النار .. وأنا مغمورة بالجليد
أنت النور .. وأنا هالة من الظلام
وكان الاتفاق الوحيد
أن أكون شاهدةً دائمة على غيابك
كل غروب !!
...
جدائل الفضة تقطع طريقها كل ليلةٍ إليك
وترجع خائبة العينين
لأنها ما أن تصل لمنتصف المسافة
حتى تُحرقها
قافلة الذهب المتناثر منك !!
..
أنا .. و أنت
و أسطورة الغياب الأبدية
منذ تكوين الكون الأول
وللآن ،،
مازلنا !!
نُبعث كل يوم ..
لـ نُقبر في الفضاء !!
لـ نُقبر .. في الفراغ ..
فلا حضن .. ولا رمل .. و لا صندوق مظلم !!
...
حبيبي
عزائي أن بين أضلعنا حلم
و قصة حب مستحيلة ..
فهل يجمعنا نجم لا ينطفئ !!!

التوقيع / حبيبتكَ هي !!!"


و لانهُـ من الظلم أ(ن) تُسمع القصة من أحد طرفيها فقط ..

و لأنهُـ من المؤلم أن تنفرد "هي" بحياكة الأوهام ..

و لأنهُـ من المتعب أن تنشغل "هي" وحدها بحكاية الأحلام..

فقد منحتُ هذه المغرورة بحبي أنا " هو" شرف كتاباتي لبعض أحرفي المتواضعة هنا في شتاءاتها الـ دافئة.. (!)



حسناً ..

توقعت هي ما يندرج تحت قائمة الغير المتوقع..

تخيلت قصتنا عقب ثمان سنوات عجاف ..

ظنت نفسها مجنونة أخرى.. و مغفلة أخرى.. و حمقاء أخرى..



و كأن عدوى جنوني قد انتقلت إليها أخيراً.. كمشاركة وجدانية لغرورها.. ارتكبت هي أجمل الحماقات هنا .. بجنونها الجميل ..



فيا يتيمة حبي .. و موتي .. و جنوني ..

يا أرملة فني .. و طربي. و أدبي ..

يا ثكلى جرحي.. و شفقتي .. و شوقي ..



دعينا نقسط الميزان .. و لتكوني عادلة في حكاية الحُب/ الحُلم هذه..

قولي لهم ما حلّ بها.. و كيف أنها حاولت أن تتبع درس حبي الأول : " بعض مشاعرنا بحاجة إلى أن تغلف بورق سولفان "..

قولي لهم..كيف حاولت أن تمارس غرورها و أنانيتها..وكيف أنها سـ تلجئ أخيراً إلى صدري،صدر هو ..قولي لهم .. أنّ نهاية قصتنا ستكون سعيدة.. مثلنا تماما ..



هيا .. أكملي سردكِ .. و لكن بحب أكبر هذه المرة..

و لتبدئي بـ رسالتهـ هذه:



" هه ..

ستعودين إلي راكعة ..

بكل الحب..

كغجرية أخرى ..

يطربها صوتي ..

و تقتلها همساتي المسائية ..

و تجهضها مدني المسائية..

و تفطمها قبلاتي المسائية..

و تلفظها شفاهي المسائية..



ستعودين إلي راكعةً ..

بكل الحب ..

كغجرية أخرى ..

تتنبأ بها قارئة فنجان نزار ..

"عيناها سبحان المعبود ..

فمها مرسوم كـ العنقود ..

ضحكتها أنغام و ورود ..

و الشعر الغجري المجنون..

يسافر في كل الدنيا .."



ستعودين إلي راكعة ..

بكل الحب ..

و معكـِ لي ..

وردتين ..

و كذبتين..

و طفلين..

أعدكِـ .."



أحبكِ شتاءً و صيفاً و خريفاً و ربيعاً ..






التوقيع/هو"


ولأن النهايات السعيدة لا توجد إلا في أكبر أساطير عظماء الكتابة..-كما أخبرني أستاذي الروحي يوماً-..فقد آثرا أن تتوج قصة حبهما بالكثير الكثير من الواقعية التي لا تخلو من الأحلام/الأوهام..

ولأنها أحبته بـ صدق الأنثى ،، وعشقها هو بجنون الرجل الشرقي..فقد كان من مفارقات القدر أن خلعت هي عباءة الغرور ليرتديها هو..فـ غسل هو قلبها بماء المطر حتى أصبح أبيض من سحابة صيف وأطهر من ابتسامةٍ عذبة على شفتّي يتيم..

فمارس هو دور السلطان الظالم الخائن الجبّار المتمرد العاشق على غفلة للحرية..وأتقنت هي دور العاشقة المظلومة المغلوبة على أمرها...ونسيا في غمرة التمثيل أنها من أخطأت ونسي هو إنه كان المجروح لا الجارح...ولكأن الأدوار انقلبت رأساً على عقب...

فهل كان من الجميل أن يُكملا حياتهما في إتقان أدوار شخصيات مسرحية لا تليق أبداً بعفوية حبهما..!!!



ليس مهماً...!!



فتلك التفاصيل لا تلغي من جلال وهيبة عفوية وعذرية وبراءة الحب الذي استبدلوا كرياتهم ونبضاتهم وأنفاسهم وحتى أشواقهم بهـِ !!!

ولتعيد الحكاية نفسها..بنفس الرجل ونفس الأنثى...ليعود الحب الذي ما اختفى يوماً..يستهل نبضه بين أضلعهما..حتى وإن مارس هو دور الجلاد فقد استعذبت بجنون هي دور السجينة...!!



النهــاية


وبعد ألف ألف قرن،،وبين رمالِ تلٍ أخضر ،،انتشرت فيه الزنابق الشامخة،، ولم تبرحه في الربيع،،، فراشاتٌ مجنونةٌ بالضوء..

وُجد دفترٌ صغير اتسع لكل خربشاتهما...وضم قصة الحب من الألف ولم يعترف مُطلقاً بالياء التي لا تعبر إلا عن النهايات...فلم يكن لهما نهايةٌ تذكر...

وضمت آخر صفحةٍ بالدفتر تفاصيل اللانهاية...التي كانت أعذب من شذا الورد..



ذلك الـ{هو} استمر بحبها دون توقف..رغم قسوته وجبروته والعنف الذي استلبسه بعدها..ورغم كل مساحات النقاء التي أحدثت {هي} بها الكثير الكثير من الجراح الغائرة التي وحتى إن شفي منها إلا أن أثرها بقي بليغا...

ورغم عنفوانه وغروره الذي ما كان يوماً غرورا..إلا أنها عاشت بين أضلعه حبيسةً برضاها..فما وجدت غير صدرهِ موطناً..ولا أحضانهِ مرتعا...ولا كان لها في عينيهِ إلا بحرٌ من حب تُغرق نفسها فيه كما تشاء..ولا تمل الاختناق...

فعاشا معاً وافترقا معاً...

ودُفنا معاً....!!!

نهاية كل الفصول !!


النهــــــــايـة

Malame7 23-06-08 09:28 PM

أتمنى أن تعذروني لأنني لم أنسقها كما ينبغي

فهي حقيقةً تستحق أكثر من ذلك ولكن الوقت يداهمني لكي أدرس قبل انتهاء اليوم ><!

لذا .. فسأترككم تقرؤون هذه الرائعة

وأنا واثقة أنها ستنال على إعجابكم

وربما فات الأوان على تعليقي الخاص على القصة

لذلك سأفكر في التعليق عليها عندما أتفرغ بإذن الله

فالمجال الآن مفتوح لديكم لتعلقوا

السلام عليكم

ضجة الصمت 08-03-09 12:42 AM

على فكرة ..القصة هذي تجنن .. أعتبرها تحفة ادبية و رائعة عاطفية ..

>> مع اني اخذتها منك وضاعت مني .. وغريبة اني دورتها كثير بالنت ومالقيتها ...

لكني فرحت جدا لما لقيت نسخة منها بليلاس (مع انها مغببببرة )..
عموما.. مرررة شكرا على تنزيلها باعيد قراءتها ومتأكدة اني راح استمتع فيها مثل اول مرة




شبيهة القمر 08-03-09 11:46 AM

بصراحه من كثر ماشفت مدحكم لها شوقتوني أقراها ...

نلتقي باذن الله بعد الانتهاء من القراءه ..

مشكووووره اخت ملامح ...مقدما ...


الساعة الآن 08:27 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية