منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   الارشيف (https://www.liilas.com/vb3/f183/)
-   -   سلسلة القناع الأحمر...( غير ممكتمله) (https://www.liilas.com/vb3/t36926.html)

القناع الأحمر 10-04-07 03:07 PM

سلسلة القناع الأحمر...( غير ممكتمله)
 
بسم الله الرحمن الرحيم
كنت قد وعدتكم أن أضع هنا سلسلة القناع الأحمر ، وأعتقد أن الآوان قد حان ، سوف أضع بين أيديكم العدد الأول وهو بعنوان الأسطورة ، واتمنى أن ينال إعجابكم ، مثلما نالت إعجابكم ( أسطورة القلائد السحرية) ، وأهم شيئ هو النقد البناء من أجل الاستمرار في هذه السلسلة ، وهل أعجبتك أم لا .. لأن أرآؤكم هي التي سوف تواصل هذه السلسلة الجديدة .. وفي النهاية أنا أكتب بناء على تشجيع منكم ..
والآن لونقف محطة القطار ، فقد حاون الآوان لزيارة عالم مختلف هذه المرة .. عالم القناع الأحمر بكل قوته ..
هذه السلسلة ، مزيج من الخيال والأسطورة ، والوهم والحقيقة ، ولكنها مع ذلك فهي تحمل بصمة عربية ، هذا ولأن الأحداث التي تدور ، ليست في بلد ، أو مدينة محددة ، وإنما مزيج من الوطن العربي ، فموطن الأحداث ، والذي وضعت له اسماً وهو (وطن )،يعبر عن جميع الوطن العربي ، فالشخصيات الموجودة في هذه السلسلة ، قد يحملون أي جنسية عربية ، ولكن الأهم أنهم عرب يمثلون أي قارئ عربي ، لهذا كان لابد من ( وطن ) .. وطن .. كيان كبير عربي أصيل .. مدن كثيرة وعريقة وأصيلة .. من مدينة المغرب إلى مدينة مصر ، ومدينة السودان إلى مدينة فلسطين ، ومدينة سوريا إلى تونس والجزائر وليبيا والأردن و السعودية ..
قد تتساءلون لماذا اخترت هذه السلسلة لكي تكون بهذا الشكل .. الجواب هو : أن هذه السلسلة سيقرؤها العديد من كافة الوطن العربي ، أردت أن أضع ولو لمسة بسيطة عن الوحدة العربية .. لا تفرقها حدود أو جسور ، وأخيراً أقول : أتمنى من كل قلبي أن يتحقق حلم كل عربي بالوحدة الوطنية ليخرج الكيان العربي الكبير إلى العالم ،شامخاً مرفوع الرأس ..
***
القناع الأحمر .. من بين الأساطير المعروفة والغير معروفة .. من بين عالم الخيال الواسع والضيق .. من بين ثنايا العقول المفكرة .. من بين اللهفة على كشف ستار الحقيقة الغامض ، بأي ثمن كان ، من بين عالم عجيب يكتنفه الغموض والألغاز التي ليس لها حل .. كان القناع الأحمر أحدها .. مع بطلا هذه السلسلة (عادل ) ، و ( ياسمين ) .. يخوضا في عالم متشابك ، غامض ، مرعب ..
العدد الأول
الأسطورة
سمعت ذلك النداء من بعيد ، كان يناديها بصوت خافت ، تطلعت في وجه أبيها ، وسألته في قلق وخوف :
- أبي !! هل تسمع هذا الصوت ؟..
التفت إليها وهو يبتسم في حنان ، ويربت على رأسها ، المزين بشلال من الشعر الأحمر الناعم قائلاً :
- اهدئي يا (ياسمين ) .. هذا لأننا نقترب من اكتشاف هذا الكهف لأول مرة .. أنت في هذا اليوم سوف تتمين العشرة أعوام ..
استمعت له في تردد .. لم تستطع أن تكذب أذنيها ، ذلك الصوت ما زال يتردد بندائه الخافت ..
كان أحد العمال قد اقترب من فتحة الكهف ، ونظر من ثقب صغير ، ثم نظر إلى رجل في الثلاثين من عمره ، ترك ابنته الصغيرة التي شعرت برجفة عميقة تتحرك في أعماق صدرها الصغير .. نظرت إلى أبيها الذي اقترب من العامل ، لم تستطع أن تسمع ما الذي قاله العامل لأبيها ..
لكن يبدو أنّ أباها قد قرر أن إزاحة هذا الجدار مهما كان الثمن ..
بعد نصف الساعة تمّ كل شيء .. تم توزيع المتفجرات في الأماكن المخصصة ..
جذبها والدها بعيداً، وراقبا المكان الهادئ للحظات ، ثم دوي انفجار قوي تطلعت الفتاة في خوف إلى فتحة الكهف التي ظهرت الآن .. في نفس الوقت أصبح الصوت أكثر وضوحاً ..
- (ياسمين) .. القناع الأحمر ..
كان الصوت يردد اسمها واسم القناع الأحمر .. لم تفهم ما يحدث .. لكنها بعد نصف ساعة كانت تنظر مع والدها إلى أغرب شيء رأته في حياتها .. عشرة أقنعة بعشرة ألوان مختلفة ، توزعت مناصفة على الجدارين المقابلين .. بدا كأن فنان أكثر من محترف ، قد جسّد بريشته هذه الأقنعة .. لكن أكثر ما جذب انتباهها القناع ذي اللون الأحمر .. كان مرسوما مرة أخرى على جدار بأكلمة ..
نظرت إلى الجدار في استغراب .. كان الصوت يتردد أكثر وأكثر .. شعرت بخدر يسري في جميع أجزاء جسدها ، وترنحت ثم سقطت على الأرض ..
نظر إليها ولدها في قلق متسائلاً :
- ( ياسمين) .. ماذا بك ؟..
لم تستطع أن تجيبه مع تردد الصوت ، وذلك الخدر الذي تشعر به .. وفجأة رأت خيالا يبرز من الجدار يقترب منها في هدوء .. نظرت إلى الخيال وصرخت بصوت عالٍ جداً ، جعل والدها ، يحمل ابنته في قلق ، وهو يقول :
- لن تعودي إلى المكان على الإطلاق .. سوف نعود إلى العاصمة (وطن) الآن ..
نظرت إلى الكهف نظرة خاوية ، وذلك الصوت يبتعد أكثر وأكثر .. ترى ما الذي يريده منها هذا الصوت ؟.. وما الذي رأته بالضبط ..
***
1- هذه الفتاة الغامضة …
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(عادل)
مرحباً، كيف حالكم جميعاً ؟ هل انتهيتم من قراءة آخر مجلة، صادرة لأبطال الفضاء، لا بأس لأنني أنا أيضاً قد قرأتها، وكانت نصف مرعبة، فليس من السهل أن أصاب بالرعب بسرعة، لابد من شيء رهيب، أو كارثة فظيعة حتى تشعرني بالرعب، قد تعتقدون أنني جامد المشاعر أو رجل له قلب من حجر، لا، أنا شاب لديه مشاعر مرهفة، حالمة، مثل أي شاب في عمري، ماذا ألم أخبركم كم أبلغ من العمر ؟ أنا آسف، رؤيتكم أنستني أن أقدم نفسي في البداية، حسن، أنا شاب عادي جداً، ليست لديه صفات مميزة في ملامحه يمكن أن تجذب أي فتاة إليّ، شعر أسود، وربما أبالغ قليلاً، لو قلت أنني طويل القامة نوعاً ما.
لي شارب رفيع ، أحاول أن أثبت به رجولتي ، وسط هذا العالم المتناغم المفعم بالموضة ، والأجهزة الإلكترونية الحديثة .
أما عن اسمي ، فهو عادي جداً ، ( عادل فهمي ) ، ربما له نفس رنين اسم ممثل عربي مشهور ، ولكن هذا اسمي ولا أحد يشاركني فيه .
أدرس بالجامعة ، هذا صحيح ، فأنا في السنة الرابعة ، قسم آثار ، هل راقكم هذا القسم ؟ ربما ؟ لست متأكداً من ذلك ؟ فقد عارضني أبي في هذا التخصص ، وبعد معاناة طويلة وافق.
لست أعلم لماذا اخترت هذا التخصص ، هل هو بسبب الآثار المصرية الغامضة ؟ ، أم بسبب كهوف تاسيلي العجيبة ؟ ، أم بسبب نهمي الشديد ، إلى كشف الغموض ، عن تلك الآثار التي تملأ العالم ، محاولة طفيفة من شاب بسيط .
نهار صحو جميل ، هذا الشعور ليس فيه مبالغة ، بالفعل النهار صحو وجميل .
مهرولاً إلى قاعة المحاضرات بسرعة ، لأنه لم يبق الكثير على بدئها ، وهنا لمحتها إنها ( ياسمين ) ، نظراتها الباردة ؛ التي دائماً ما ترمقني بهما ، كلما نظرت إليها ، كأنما هناك ثأر قديم بيني وبينها ، وللحقيقة ، أنا لست الوحيد الذي تنظر إليه هذه النظرات المتفائلة ، أكثر ما كان يجذبني إليها هو ..
هل حقاً تريدون معرفة ذلك الأمر ؟ حسن ، إنه شعرها الأحمر الناري ، طبيعي بلا أي أصباغ أو ألوان ، لهذا أشعر من نظراتها الباردة أنها نارية حمراء ، معذرة يبدو أن كل شيء عندي اختلط باللون الأحمر ، وجهها له مسحة ملائكية ، فيه صرامة تشي بقوة الشخصية ، لم أسمعها يوما ، لذا لا أستطيع أن أصف لكم صوتها .
المحاضرة بدأت ..
يقول الدكتور ( شامل ): أنّ لكل لغز ، تفسير مهما كان غامضاً أو عجيباً ، علينا أن نفتح عقولنا لكي تتسع مداركه ، ويستوعب كل جديد ، وألا نقف عند حقائق ، جامدة ، راسخة في عقولنا منذ الأزل.
هل تعلمون ؟. أنا أستمتع كثيراً ، عندما أستمع إلى الدكتور ( شامل ) ، فهو يشرف على مشروع التخرج ، الذي أعده حول الكهف الغريب ، الذي تمّ اكتشافه في مدينة سوريا قبل عشرة سنوات ، دائماً ألجأ إليه في ملاحظة ما ، كل ما أستطيع قوله هو ، النقوش العجيبة ، التي رأيتها على جدران الكهف ، غير ذلك لا يوجد سوى جدار، عليه نقش ، هائل لقناع أحمر اللون ، يشع بلون رهيب.
انتهت المحاضرة بسرعة ، لست أعلم لماذا ؟ ها أنا أرى صديقي (مراد ) ، يمشي بخطوات مسرعة نحوي ، فابتسمت في وجهه ، وأنا أسأله :
- ماذا فعلت البارحة أيها المشاكس ؟ هل ذاكرت جيداً لامتحان الغد ؟
ابتسم ( مراد ) ، وهو يلوح بيده في جدية :
- بالتأكيد جهزت نفسي جيداً ، لكن دعنا من هذا الآن ، وقل لي : ما هي أخبار مشروعك ، حول ذلك الكهف الغامض ؟
أجبته في جدية :
- إنني محتار يا صديقي ؛ إذ لم أجد بعد تفسيرا لتلك النقوش ، أو ذلك النقش ، الذي يمثل قناعا أحمر اللون ، حتى بمساعدة الدكتور ( شامل )، ما زال الأمر صعباً علينا.
نظر ( مراد ) إليّ قليلاً ، ثم سألني :
- هل تعرف ( ياسمين ) ؟
) ياسمين ) ، ومن ذا الذي لا يعرف ( ياسمين ) ، في هذه الجامعة ! ، ذلك السر الغامض . دائماً تجلس وحدها ؛ حتى أنني لم ألمحها ، ولو لمرة واحدة تجلس مع فتاة ، أو زميلة لها ، دائما تجلس وحيدة ، تقرأ في كتاب ما.
- نعم أعرفها ، ماذا بشأنها ؟
- عندما كنت ماراً بالقرب منها اليوم ، رأيت في يدها كتابا ، لا أتذكر اسمه ، ولكنها كانت منهمكة في قراءته ، ولم تلحظ الورقة ؛ التي سقطت من الكتاب ، ووقعت على الأرض ، فأسرعت بالتقاطها ، هل تعلم ماذا كانت تحويه هذه الورقة ؟
" حقيقة تملكني الفضول ؛ لمعرفة فحوى هذه الورقة ، ولكني لم أبدِ هذا له ؛ حتى لا أبدو له بمشهد الشاب المتطفل ، وعلى الرغم من ذلك ، رسمت على وجهي ، ملامح الدهشة ، وأنا أسأله :
- وماذا وجدت ؟
- خريطة لهذا الكهف الغامض ، الذي تقوم بإعداد مشروع التخرج حوله ، وهناك بعض النقاط الحمراء ، موزعة في نقاط معينة ، كأنها مناطق بحث.
- يا لها من مفاجأة ، لو أنّ ما تقوله صحيح ، فأستطيع أن أقول: أنني وجدت من سيساعدني ، في مشروع التخرج ، إنها ( ياسمين)
نظر ( مراد ) إليّ في دهشة متسائلاً :
- هل أنت تمازحني ؟، ألم تجد سوى ( ياسمين ) ؟ ، عزيزي ، يبدو أنك ستواجه خيبة أمل كبيرة.
- أنا أعلم ذلك ، ولكن ما باليد حيلة ، لابد أن أسعى إليها ؛ قد تمنحني المعلومات التي أحتاجها.
- أنت حر يا ( عادل ) ، ولكنك ستنتظر إلى الغد ، فلابد أنها غادرت الآن ، بالمناسبة ، لقد شوقتني لمعرفة سر الكهف ، لهذا سوف أتابع الموضوع معك؛ لعلنا نصل إلى تفسير نهائي .
نظرت إليه في هدوء ، ثم سألته :
- ما رأيك لو ذهبت معي الآن ، إلى منزلي لأطلعك على كافة المعلومات ، التي جمعتها عن الكهف الغامض ؟
- وهل هذا سؤال ؟ بالطبع سآتي معك.
غادرنا الجامعة ووقفت لحظة ، ثم ألقيت نظرة سريعة ، على اسم الجامعة المضاء ، باللون الأحمر المتألق ، ( جامعة وطن ) .
دقائق ووصلنا إلى منزلي ، والدي لا يزال في العمل ، ووالدتي وحيدة في البيت ، نسيت أن أقول لكم ، أنني وحيد والدي.
- أمي .. أمي ..
فتحت الباب ، وأنا أنادي بصوت عال ضاحك ، على أمي التي سمعت ندائي ، فقالت في عتاب رقيق :
- ( عادل ) ، كل يوم تفتعل هذه الضجة التي لا لزوم لها ، أنت على وشك التخرج ، وما زلت تتصرف ، بهذا الشكل الطفولي ، لا أعلم متى ستنضج يا بني.
- أمي ! ما كل هذا العتاب ، على أية حال معي ضيف تعرفينه جيداً ، إنه صديقي ( مراد ) ، أرجو أن تتركي بقية عتابك ، إكراماً لهذا الضيف.
ابتسمت والدتي في حنان ، وهي ترحب بـ( مراد ) قائلة :
- تفضل يا بني ، من الواجب عليك ، أن تعطي ولدي بعض النصائح ، لعله يسمع منك .
ابتسم ( مراد ) ثم قال :
- لا تقلقي يا خالتي ، ( عادل ) شاب ناضج ، لكنه يفتعل هذه الضجة ؛ لأنه يحبك كثيراً .
نظرت والدتي إلينا لحظة ، ثم قالت :
- لا بأس.
قلت في سرعة ، وأنا أمسك ( مراد ) من يده ، ذاهباً إلى حجرتي :
- حسن يا أمي ، أرجو أن تقدمي لنا العصير البارد ؛ لأننا بحاجة إليه.
أغلقت الباب ، ثمّ أشعلت جهاز الكمبيوتر ، أضغط على مستندات ، ثم ملف ( كهف سوريا الغامض .
- لقد تم اكتشاف هذا الكهف ، على يد عالم من مدينتنا ، منذ عشرة سنوات، بطريق المصادفة، لقد اختلقت الحكايات والروايات حول هذا الكهف ، هناك من دخلوه ، ثم اختفوا ، ولم يعودوا حتى الآن ، وهناك من يقول: أنه أصبح مرتعاً ، للمجرمين ، واللصوص ، لهذا قامت الحكومة ، بمنع زيارة هذا الكهف ، منذ خمس سنوات ، أي في عام ألفين ، ولكن بفضل الدكتور ( شامل ) ، وسيرته الحسنة ، فقد تمكنت من زيارة الكهف ، وقد أدهشتني النقوش الغريبة .
صمت لحظة ، وأنا أخرج ألبوم صور من المكتبة مضيفاً :
- هذه الصور ، التي التقطها للكهف من الخارج ، والداخل ، والنقوش ، ونقش القناع الأحمر .
تناول ( مراد ) الصور ، وهو يتأملها في انبهار ، ثم توقف طويلاً ، عند صورة القناع الأحمر ، قائلاً في خفوت :
- هذا النقش رهيب ، أشعر أنّ النقش تدب فيه الحياة.
-يبدو أنّ هذا من تأثير الضوء في التصوير ، فهو مجرد نقش ، لقناع أحمر عادي.
في هذه اللحظة ، دخلت والدتي ، وهي تحمل العصير البارد ، وتضعه على منضدة صغيرة ، ثم تغادر الحجرة في هدوء.
تناولت العصير ، ورشفته في هدوء ، وأنا أتأمل الصور مرة أخرى.
- سوف أغادر الآن.
نظرت إلى ( مراد ) ، الذي انتهى من تناول عصيره البارد ، وهو يستعد للخروج ، فقلت له في سرعة :
- حسن .. سوف نلتقي غداً في الجامعة.
مرت نصف ساعة على مغادرة ( مراد ) ، ثم أتى والدي ، فتناولنا الطعام ، ثم عدت إلى حجرتي ، وبدأت أذاكر وأذاكر.
***
صباح يوم الاثنين.
أبحث عن ( ياسمين ) ، بنظرات متفحصة ، هنا وهناك ، ثم شاهدتها تجلس في انتظار بدء المحاضرة الأولى ، فأسرعت إليها ، وقلبي يدق من شدة التوتر ، والقلق ، والخجل ، ووقفت أمامها ، لا أعلم ماذا أقول .
نظرت إليّ في استغراب ، ثم تساءلت في هدوء :
- أي خدمة ؟
يبدو أنني شاب سريع ، لا يحب التذويق ، أو المجاملات ؛ التي تضيع الكثير من الوقت ، فقد قلت لها على الفور:
- ماذا تعرفين عن القناع الأحمر ؟..
***
2- هذا الشاب الفضولي …
ـــــــــــــــــــــــــــ
(ياسمين)
يقولون أنني عنيدة جداً ، أنا لا أهتم لمَ يقولون ، هل دخلوا إلى أعماقي، لكي يشعروا بما أشعر به ، من مشاعر تؤرقني ، تخنقني ، تؤلمني .
منذ أن ولدت ، والجميع يقول أنني مختلفة ، بالشعر الأحمر الطويل ، صحيح أنه ناعم ، ولكن هذا لا ينفي ، كونه اللون الوحيد في المنطقة ، التي أعيش فيها ، حتى في المدرسة ، لم أجد أي فتاة لها نفس لون شعري .
ثم انتقالي إلى الجامعة ، في هذه المرحلة ، وضعت أسواراً على مشاعري ، فلم أسمح بأي صداقة ، سواء شاب ، أو فتاة .
هكذا ثلاث سنوات من الدراسة ، وأنا على هذا الحال ؛ بسبب هذه العزلة ، أصبحت لي هوايات متعددة ، منها، القراءة بنهم شديد ، أشعر أنها تعوضني عن حاجتي الماسة إلى الصداقة ، التي أحلم بها كل يوم ، ولكن في الواقع ، تقف الأسوار التي بنيتها في أعماقي ،لتشكل حاجزاً كبيراً ، كلما نظر إلىّ فتاة أو شاب ، بادلته بنظرات باردة لا تعني أي شيء ، حتى أن الغالبية من الطلاب ، في الجامعة ، قد قالوا: أنني صاحبة النظرات الباردة .
(ياسمين ) ، نعم هذا اسمي ، وهل غير هذا الاسم الجميل ، الذي يخفف قليلا من معاناتي .
منذ صغري اهتممت بالآثار ، ربما لأنَ والدي ، أحد باحثي الآثار المعدودين في هذه المدينة ، ووالدتي طبيبة مشهورة ، وأنا مشهورة بالشعر الأحمر ، أنا آسفة جداً ؛ لكني كلما تحدثت لا أنسى هذه الملاحظة الصغيرة ، على الرغم من أنّ والديّ ، لم يشعراني أي وقت أنني مختلفة ، لقد أحاطوني برعايتهم وحنانهم ، ولكن ماذا عني أنا ، هذه المشكلة! ، لقد أخفيت كل معاناتي ، ومشاعري في أعماقي ، حتى أنهما لم يلحظا ذلك ، وبسبب غيباهما الكثير عن البيت ، لم يلاحظا قط ، أنه ليس لدي أصدقاء ، وهذا قد أراحني ، فقد احترت في اختيار السبب لعدم وجود أصدقاء لي ؛ إذ لاحظا ذلك .
أعود إلى استكمال حديثي عن اهتمامي بالآثار ، الاكتشافات الكثيرة التي حدثني أبي عنها ، فتحت في أعماقي شغفاً كبيراً بالآثار ، لهذا دخلت الجامعة قسم آثار ، وكانت آخر اكتشافات أبي المذهلة ، إلى حد كبير ، الكهف الغامض في مدينة سوريا ، وقد أطلق أبي هذا عليه ؛ لأنه حتى الآن لم تحل ألغازه ، لهذا طلبت من أبي أن أزور هذا الكهف ؛ لأشبع فضولي ، لم يمض يوم حتى كنت في أعماق هذا الكهف ، الرهبة تملكتني ، والخوف تسلل إلى قلبي ، ونظرات عيني تلتفت هنا ، وهناك إلى تلك النقوش الغريبة .
أقنعة كثيرة متعددة كل قناع ذو لون معين ، فهناك القناع الأخضر ، والأزرق ، والأصفر ، والأسود ، البني ، وغير ذلك ، ولكن ما جمدني في مكاني ، نقش كبير جداً لقناع أحمر يحتل جداراً بأكمله .
لربع ساعة كاملة ظللت أتأمله في عمق ، وأحفظ تفاصيله في عقلي ، هل تذكرون القناع الأخضر ، في الفيلم الذي مثله ( جيم كيري ) ؟ ، يشبهه إلى حد كبير ، إلاّ أنّ هذا القناع ، يمتاز عنه أن لونه أحمر ، عكس القناع الذي يضعه ، ( ستانلي إبكس ) ، يكون لونه بني خشبي ، وعندما يضعه ، يأخذ اللون الأخضر ، أخرجت كراسة من حقيبتي التي أضعها على كتفي ، وقلم رصاص ، ورسمت خريطة للمكان ، وللنقوش ، بدقة ، لم أترك أي شيء إلا ورسمته بالتفصيل ..
- ماذا تفعلين يا بنيتي ؟.
التفت إلى أبي ، وهو يلقي نظرة على الخريطة التي رسمتها ، وهو يتساءل في مرح ، ويمد يده نحو الخريطة ويلقي عليها نظرة متعمقة مضيفاً :
- يا لكي من فنانة يا (ياسمين ) ! ، لقد رسمت كل شيء بالتفصيل ، ألم يكن من الأفضل ، أن تدخلي قسم الفنون الجميلة ؟ ، كان سيكون لكي مستقبل باهر ..
أطلقت ضحكة صافية ، وأنا أقول متصنعة الجدية :
- لا ، أنا ابنة أكبر عالم في الآثار ، ويجب على هذه الابنة ، أن تحذو خطا أبيها ، وتقتدي بها ، حتى يكون لها ، نفس المكانة التي هو عليها الآن ، فيشير علىّ الناس قائلين : ( هذه ياسمين .. عالمة الآثار ، ابنة عالم الآثار خليل أحمد )
ابتسم أبي في صفاء ، وهو يقول :
- أيتها المشاكسة ، دائماً تتفوقين عليّ بأسلوبك الآسر .
أجبته في سرعة :
- بعض ما عندكم أيها العالم الكبير ..
نظر والدي في ساعته ، ثم قال ، وهو يغادر الكهف :
- حسنا ، لنذهب الآن ، لقد تأخرنا على والدتك.
***
في تلك اللحظة ، تذكرت الخريطة فأخرجتها ، وتأملتها بدقة .
عمق الكهف عشرة أمتار تقريبا ، الأقنعة الصغيرة ذات الألوان ، على كلا الجدارين المقابلين ، أما نقش القناع الأحمر ، فهو في الجدار المقابل ، في الزاوية .
من المدهش أن الأقنعة ذات الألوان ، نفس عدد الأقنعة الأخرى ، على الجدار المقابل له . لكن الترتيب مختلف ، مثلاً القناع الأزرق ، يقابله القناع الأسود ، والقناع الأبيض ، يقابله القناع الأخضر ، وهكذا ، مع الاحتفاظ بعدد الأقنعة ، عشرة أقنعة في كل جدار.
حقيقة أنه أمر محير ، ما العلاقة التي تربط الأقنعة ، بالقناع الأحمر ؟ ، ولماذا هو في جدار لوحده ؟
تنهدت في حيرة ، وغصت بأفكاري حول الأقنعة ، التي قرأت عنها في الروايات ، أو التي شاهدتها في الأفلام ، دائماً هناك قناع ، إما لكي يعطي قوة رهيبة ، مثل فيلم ( القناع ) ، أو قناع ليكون شخصية رمزية مثل ، ( الرجل الوطواط ، وسر المقنع ) ، أو بطل تعرض لتجربة ، فاكتسب قوة خارقة ، فيرتدي قناع لا يكشف هويته الحقيقية ، حتى لا يهدد الأشرار أصدقائه ، أو عائلته.
نظرت إلى الخريطة مرة أخرى ، وأخرجت قلم الرصاص ، وورقة أخرى ، وبدأت برسم الجدارين المقابلين مرة ثانية ، ولكن هذه المرة بالترتيب الصحيح .
الأخضر مقابل الأخضر ، وهكذا ، وبعد أن انتهيت ، نظرت إلى الخريطة ، ثم وضعت بعض الدوائر الصغيرة ، حول الأقنعة ، وتساءلت في أعماقي : ماذا يحدث لو كانت هناك ، طريقة لترتيب الأقنعة ؟
) عادل فهمي ) ، لست أعلم ، لماذا تذكرت هذا الاسم الآن ؟ هل لأنه دائماً ، يلاحقني بنظراته؟ أم بسبب مشروع التخرج ، الذي يعده ، حول الكهف الغامض ، ربما ، لست متأكدة.
***
ذهبت إلى الجامعة ، حاملة معي الخريطة ، ليس هناك سبب محدد لحملها ، كلما ذهبت إلى الجامعة ، هل لأنني قد أحتاجها في لحظة ما ؟ ، ربما .
اتخذت لي مقعداً ، ووضعت حقيبتي على الطاولة المستديرة ، في انتظار بدء المحاضرة الأولى .
ومن بعيد ظهر ، نفس النظرات ، التي يرمقني بها دائما ، ( عادل فهمي )، يا له من فضولي ! ، ماذا يريد ؟ ، إنه يتجه إليّ مباشرة ، ويقف أمامي صامتاً ، فقلت له في هدوء :
- أي خدمة.
نظر إليّ لحظات صامتاً ، بدا من خلالها أنه يستجمع أفكاره ، ثم قال :
- ماذا تعرفين عن القناع الأحمر ؟
***
ما هذه الرجفة التي أصابتني ؟ ، والتوتر الذي انتابني بسرعة ، عندما سمعت سؤاله الغريب ، وتساءلت في نفسي ، هل يعرف عن القناع الأحمر ، ما لا أعرفه ؟
سوف أحاول أن أستدرجه في الحديث.
- عفواً .. أي قناع أحمر تقصد ؟..
قلت هذا دون تفكير ، وأنا أنظر إلى ( عادل ) في برود شديد ، لا أعلم لماذا أصر عليه ؟
- أنا أعد مشروع التخرج حول الكهف الغامض ، وقد قمت بزيارته ، ولفت انتباهي نقش القناع الأحمر ،لهذا سألتك هذا السؤال ؟
قال هذا ، وهو يلوح بيده بطريقة اعتيادية ، ثم أضاف في سرعة :
- لقد سقطت منك البارحة ، خريطة للكهف الغامض ، عليها دوائر محددة ، لمحها صديقي ( مراد )، الذي التقط الخريطة وقام بإعطائها لكي.
إذاً هكذا الأمر ، صديقه ( مراد ) أخبره بأمر الخريطة ، لابد أنه لم يكوِّن أي معلومات بعد ، إذاً لن أستفيد منه أبداً.
- ماذا قلت يا آنسة ( ياسمين ) ؟
قال آنسة ( ياسمين ) بكل بساطة ، كأنه يعرفني منذ زمن ، يا للسخافة ، هل أنا أصبحت من المشاهير؟
- كيف عرفت اسمي يا ..
- (عادل فهمي ) يا آنسة .
هكذا أفضل ، فليس من المستحب ، أن أقول له اسمه دون أن يقوله لي .
- حسن يا أستاذ ( عادل ) ، لم تجب سؤالي بعد.
بدت ملامح الإحراج ، على وجهه ، وهو يقول بصوت خجول :
- الحقيقة أنّ الكل في الجامعة يعرف اسمك ، بسبب تجاهلك الآخرين ، وعدم تكوين صداقة ،من كلا الجنسين ، دون أن نعرف سبباً لهذا .
غريب ! لم يبد أي ملاحظة ، على لون شعري الأحمر.
- هناك ظروف شخصية تمنعني من ذلك ، وبالنسبة لسؤالك حول القناع الأحمر ، فأنا لا أعلم عنه ، أكثر مما تعرف أنت ، لهذا لن تجد لدي أي معلومات قد تفيدك ،وسأنصحك نصيحة . ابحث لك عن موضوع آخر ، لن تجد أي شيء مثير يفيد مشروعك في الكهف الغامض.
لا أعلم لماذا قلت هذا ؟ ، أعتقد أنني تسرعت بعض الشيء.
- أشكرك على النصيحة ، يا آنسة ، ولكن للأسف لن آخذ بها ، أنا أهتم كثيراً بهذا الموضوع.
قال هذا بلهجة جدية ، ثم أدار ظهره واتجه إلى مدرج الجامعة ، دون أن يلقي أي نظرة على وجهي ، الذي احمر من كثرة الخجل.
***
الليل الحالك ، والظلمة ، التي تغطي كل شيء ، القمر مختف هذه الليلة ، وأنا وحيدة ، أتطلع بنظرات ساهمة شاردة ، بعيداً ، أحاول أن أخترق بتفكيري المكان والزمان ، لأتخيل الكهف الغامض ، كنت أبلغ من العمر اثنا عشر عاماً ، ربما كان هذا أحد الأسباب ، الذي جعلني أدخل قسم الآثار ، عشرة سنوات ، وأنا أحلم بهذا الكهف ، الذي حدثني أبي عنه ، عشرة سنوات ، وأنا أتخيل نفسي أكتشف أسراره، وأحل ألغازه ، وأسبر أغواره ، وعندما حانت اللحظة ، بدون أي تردد ذهبت ، ورأيت ، وانبهرت ، وتعجبت ، وألف سؤال يدق أبواب عقلي ، ما سر هذا الكهف ، ولماذا هذه الأقنعة ؟ ، هل هي أقنعة لقبيلة ما ؟ وانقرضت في زمن ما ، أم أنها فن متميز ، لفنان لم نسمع عنه أبداً ، أو هي لغز حائر ، ينتظر من يكتشفه.
تنهدت في حرارة ، وجلست على سريري في بطء ، أنظر إلى سقف حجرتي ، وبعد لحظات ، فكرت في قرار حاسم ، أخرجت الخريطة بسرعة من حقيبتي ، ونظرت إليها بعمق ، والتمعت في عقلي فكرة ، فكرة قد تؤدي دوراً فعالاً في حل هذا اللغز الغامض.
***

يتبع

wifi2010 10-04-07 04:31 PM

موضوع جميل ياريت تستمر شوقتنا للباقي بس انت كل حاجه في الحياه عندك لونها احمر؟؟؟

القناع لونه احمر
وياسمين شعرها احمر
ويافظة الجامعه لونها احمر
والخط اللي انت كاتب بيه لونه احمر
وبجد كنت خايف العصير اللي عادل شربه عصير فراوله:ekS05142: :ekS05142:

مستني البقيه

سلام

زهرة 10-04-07 05:20 PM

خيال واسع حقا
ورواية بدايتها مثيرة للاهتمام
يمكنك الاكمال دون وجل

القناع الأحمر 12-04-07 07:26 PM

أشكرك كثيرا أخي wifi2010 بجد ملاحظتك فيها روح الدعابة المحببة ، إن شاء الله تعجبك هذه السلسلة ، وأتمنى من الله العلي القدير ، أن تكون بالمستوى الذي يرضي جميع الأذواق ، أما بالنسبة للمشرفة زهرة ، سوف أحرص على إكمال هذا العدد ، حتى تكونوا على إطلاع كامل بموضوع السلسلة وفكرتها ، وإن شاء الله تنال إعجابكم ..

القناع الأحمر 12-04-07 07:29 PM

هذان فصلان آخران ، أتمنى أن تجدوا المتعة والإثارة فيهما .. والآن تفضلوا وقرأوا ............................

3- اللغز في طريقه إلى الحل ( فصل متعدد ، هناك أجزاء يرويها ( عادل ) ، وأجزاء ترويها ( ياسمين ) ..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(عادل)
القناع الأحمر التهم كل الأقنعة ، وتحول إلى كيان رهيب ، وانطلق خلفي وهو يزمجر في شراسة ،ووحشية ، والزبد يتساقط من بين شدقيه ، وأنا أحاول الهرب ، والرعب يسيطر على جسدي ، ويمنعه من الحركة ، لا أعلم ما الذي سأفعله ؟ ، وفجأة صرخت من فرط الخوف والرعب ، وصوت والدتي يأتي من بعيد :
) - عادل ) .. (عادل ) استيقظ ، استيقظ يا بني.
فتحت عيني في بطء ، مبصراًً والدتي ، التي وضعت يدها على جبيني ، قائلة في عتاب :
- ما كان عليك أن تنام بعد الغداء ، من المؤكد أنّ الكوابيس قد لاحقتك.
- لا عليك يا أمي.
- يجب أن تحافظ علي صحتك يا بني.
- أرجوك يا أمي ، أنا بخير ، إنه مجرد كابوس.
- على راحتك يا ( عادل ) ، ولكني أريد أن أقول لك ، أن صديقك (مراد) قد اتصل بك.
) - مراد ) اتصل بي ، ألم يخبرك ماذا يريد ؟
- لا ، فقط قال أن تعاود الاتصال به.
- حسن يا أمي ، سوف أتصل به.
نهضت ، ثم قمت وغسلت وجهي ، ورفعت سماعة الهاتف ،طلبت رقم بيت ( مراد)
-ألو ..
- ألو ..
)- مراد ) ، هذا أنا ( عادل ) ، لقد أخبرتني والدتي ، أنك اتصلت منذ قليل ،هل يوجد جديد ؟
- نعم ، لقد علمت من مصادر موثقة ، أنّ ( ياسمين ) ، قررت مرة أخرى ، زيارة الكهف في الصباح الباكر.
- وهل أستطيع أن أعلم من أين لك هذا المصدر الموثوق ؟
- نعم ، كل ما في الأمر أنّ والدي ، صديق لوالدها ، وقد تحدث والدها مع والدي في هذا الموضوع ، حتى يسمح لها بالسفر ، إلى مدينة سوريا.
- حسنا يا ( مراد ) ، أشكرك كثيراً ، سوف أفكر ماذا سأفعل ؟
- هل ستذهب إلى مدينة سوريا ؟
- يبدو أنّ هذا سيحدث ، فلا أستطيع أن أفوت أمراً مثل هذا ، كنت أشعر أن ( ياسمين ) ، تخفي الكثير من المعلومات.
- حسنا يا ( مراد ) ، سلام.
- سلام .
هكذا إذن ، يجب أن أفكر جيداً ، لماذا تريد ( ياسمين ) ، الذهاب إلى الكهف مرة أخرى ؟ ولماذا أشعر ، أنّ هناك جديد ؟ حسن ، لا مفر ، سوف أجهز نفسي للسفر غداً ، هذه فرصة لن تعوض.
***

(ياسمين)
لقد تم تجهيز كل شيء ، أبي وافق مرة أخرى ، على سفري إلى مدينة سوريا ، الخريطة معي في الحقيبة ، وبعض الإضافات القليلة ، التي قد أحتاجها .
أتلمس شعري الأحمر في هدوء ، ودقات قلبي تدق أكثر ، وأكثر ، وأنا أنتظر السائق ، الذي سوف يرسله أبي ، لكي يقلني إلى الكهف .
لقد سألني أبي مباشرة ، عندما أخبرته ، أنني أود الذهاب إلى الكهف مرة أخرى :
- ولماذا تريدين الذهاب ؟ ألم تذهبي المرة السابقة ؟
بهدوء شديد ، وبنفس عميق ، أحاول أن ألتقط به أنفاسي ، أجبته :
- أبي ، عشرة سنوات ، ولغز الكهف لم يحل ، وأعتقد أنك تتمنى مثلي ، أن يحل هذا اللغز ، فدعني أحاول ، لعلي أصل إلى نتائج جديدة ، تفيدنا في البحث.
رفع أبي حاجبيه ، وتأملني لحظات ، ثم قال في حزم :
- هل أنت مصرة على البحث ، مهما كانت النتائج ، والمخاطر ؟..
- نعم يا أبي ، أنا سوف أتحمل مسؤولية قراري هذا ، مهما كانت النتائج.
- حسن يا بنيتي ، أنت ناضجة بما فيه الكفاية ،ولن أحرمك من متعة الكشف ، والبحث ، ولكني أتمنى من الله أن يحميك ، فأنا أشعر بقلق لا أعلم مصدره ، يجعلني خائفاً عليك من هذه الرحلة.
- لا تقلق يا أبي ، وكن واثقاً ، أنني سأكون متيقظة جداً ، لأي شيء.
- على بركة الله يا بنيتي .. سوف أرسل في طلب السائق لكي يقودك إلى هناك …
***
(عادل)
منذ الصباح ، استأجرت سيارة حديثة ، لكي أقودها بنفسي ، ولم تمض نصف الساعة ، حتى كنت في طريقي ، إلى مدينة سوريا .
الجو صحو ، والشمس دافئة ، مع آذان الظهر وصلت ، وهنا لمحتها ، نعم كانت ( ياسمين ) ، تمسك الخريطة ، التي حدثني عنها ( مراد ) ، تنظر إليها في دقة ، وبعد لحظات ، رأيتها تلقي نظرة عميقة إلى الكهف ، وتمشي بخطوات سريعة صوبه ، وتدخله .
أسرعت من خطواتي ، ووقفت عند مدخل الكهف ، برهة من الوقت ، ثم قررت أن أدخل ، وفجأة حدث ما لم يكن في الحسبان ، لقد انهار مدخل الكهف ، وانتشرت سحابة من الغبار ، جعلتني أصرخ من الخوف ، على مصير ( ياسمين):
) - ياسمين ) ، النجدة ، لقد انهار المدخل ، و(ياسمين ) في الداخل.
ظللت أصرخ ، وأنا أحاول بلا فائدة ، أن ألتقط الحجارة ، وأرميها هنا ، وهناك ، ولكن يبدو أنه ، كلما رفعت حجرا ، تتساقط مجموعة أخرى من الحجارة ، حتى أن أحدها ، ارتطم في جبهتي وأدماها ، وقعت على الأرض ، خائر القوى ، وأنا أسمع صوت خطوات ، يأتي من بعيد ، فأدرت رأسي بصعوبة ، لألمح رجل متوسط القامة ، يسرع نحوي في قلق ، ويسألني في جزع :
- أين ( ياسمين ) ؟
أجبته وأنا أشير إلى داخل الكهف ، في تخاذل ، ودوار رهيب يهاجم رأسي في عنف ، لأستسلم لدوامة عميقة جداً.
***
(ياسمين)
أخيراً وصلنا ، ها هو الكهف أمامي ،غادرت السيارة ، وتأملت الكهف لحظات ، ثم أخرجت الخريطة ، وتأملتها مرة أخرى ، وأنا أعلم ماذا سأفعل هذه المرة.
تقدمت إلى داخل الكهف في هدوء ، وأنا أشعر أنّ أحدا ما يراقبني ، لكني لم أهتم لهذا ، دخلت الكهف أخيراً ، وأنا أهتف في راحة:
- أخيراً.
قلت هذا ، وعلى الفور اتجهت ، إلى الأقنعة على الجانبين ، قمت بلمس القناع الأسود ، على الجدار المقابل ، وأيضا نفس القناع ، على الجدار الآخر ، وفجأة تألق كل من القناعين ، بلون أسود ، رهيب ، وسمعت صوت هدير تعالى من خلفي ، فأسرعت بسرعة ، إلى مدخل الكهف ؛ لأرى أنّ انهيار كبير أغلق مدخل الكهف ، ليغرق الكهف في ظلمة حالكة.
هل هذه هي النهاية ؟ الرعب والخوف ، حلا محل الشجاعة ، والثقة ، ماذا أفعل ؟ وكيف سأخرج ؟ لا ، يجب ألا أستسلم ، لقد وعدت أبي ، أنني سأتحمل مسؤولية ما أفعله ، مهما كانت النتائج.
فتحت حقيبتي بسرعة ، وأخرجت منها مصباحاً كهربائياًً ، كنت قد وضعته ، في الحقيبة تحسباً لمثل هذه الظروف .
أشعلت المصباح ،وقررت أن أكمل ، ما بدأت به .
اتجهت إلى القناع الأخضر ، ولمسته ، ثم إلى الجدار الآخر ولمست القناع الذي يجمل نفس لونه ، وكررت هذه الطريقة ، على باقي الأقنعة ، حتى وصلت إلى القناع العاشر ، والأخير ، القناع البني ، وعندما انتهيت ، تألقت جميع الأقنعة ، ببريق طغى على ضوء المصباح الكهربائي ، دام لمدة دقيقة كاملة ، وبعدها خبا الضوء ، حتى ضوء المصباح نفسه ، ما هذا الصوت الذي أسمعه ؟ ، نعم إنه صوت غريب ، يصدر من اتجاه ، نقش القناع الأحمر ، فتسمرت مكاني ، وأنا أنظر إلى مشهد لا يصدق .
النقش ينقسم إلى قسمين ، ليكشف عن حجرة كبيرة ، غريبة ، دخلتها ، والدهشة ، والحيرة ، والخوف من المجهول ، كل هذا جعلني أتقدم بحذر شديد ، نقوش وكتابات غريبة ، وصندوق نحاسي كبيرة ، في ركن الحجرة ، محاط بأربعة من الأقنعة البيضاء ، على الفور أخرجت كراستي ، والقلم الرصاص ، ودونت كل شيء موجود ، بكل التفاصيل ، النقوش والكتابات ، وعندما انتهيت ، اتجهت إلى الصندوق النحاسي ، وحاولت فتحه ، ولكني لم أفلح ، فوجهت ضوء المصباح إلى جوانبه ، حتى عثرت ، على فرز صغير ، أدخلت سبابتي دون تفكير ، وانتبهت إلى صوت تكة صغيرة ، فدفعت الصندوق ، وأخير فتح الصندوق ، ما هذا ؟

هل تريدون ، معرفة محتويات الصندوق ؟ ، أخشى أن أقول ، لا حسن سأقول.
كتاب كبير عتيق ، وقناع أحمر حقيقي ، حجمه على مستوى الوجه ، وثلاث قلادات غريبة الشكل ، وضعت كل هذا في حقيبتي ، إلا القناع ، فقد راودتني فكرة غريبة بشأنه ، قربت القناع من وجهي ببطء ، وأنا أتذكر (ستانلي إبكس ) ، وهو يضع القناع على وجهه ليتحول إلى القناع الأخضر ، هل حقاً يمكن أن يكون هذا حقيقياً ؟ ، وأكتسب قوة خارقة ، ترددت لحظة ، ثم وضعت ، القناع على وجهي ، ولكن ..
للأسف لم يحدث شيء ، فتنهدت في حرارة ، وأنا أقول :
- هذا سخيف ، هل أتوقع من هذا القناع ، أن يحوي قوة خارقة ، كما في الأفلام ، وروايات الخيال العلمي.
وضعت القناع ، في الحقيبة ، وخرجت من الحجرة ، وحدث ما كنت أتوقعه في مثل هذه الأمور.
أنطبق قسما الجدار ، الذي يمثل القناع الأحمر الكبير ، وبدأ كل شيء ، يتساقط ، فأصبت بالجزع ، والرعب ، وأنا أسرع ، إلى مدخل الكهف ، وأنا أعلم ، أن المدخل مغلق ، ولكني لم أفكر ، في ذلك في تلك اللحظة ، تفاديت بصعوبة حجراً كاد أن يرتطم برأسي ، وأخيراً وصلت إلى المدخل ، وأنا أسمع بعض الأصوات ، فصرخت في جزع :
- النجدة ، النجدة ..
كمية الغبار تتكاثر أكثر ، وأكثر ، وقريبا ، - وهذا مؤكد - ، الكهف كله ، سوف يصبح أنقاضا .
وضعت الحقيبة على كتفي ، وبدأت في رفع الحجارة ، وأخيراً ، سمعت صوت بعض الرجال ، يهتف في اهتمام :
- دقيقة ، ونخرجك من هنا ، يا آنسة (ياسمين ) .
يا إلهي ! إنه السائق ، ولكن هل يستطيع ، أن يتمكن من إخراجي ، في الوقت المناسب ؟

كمية الغبار تتكاثف أكثر ، وأكثر ، حتى أنّ الرؤية ، باتت صعبة للغاية ، حتى مع وجود المصباح الكهربائي بدأت أشعر بالاختناق ، ووعيي يتسرب من داخلي ببطء ، وأنفاسي تتقطع

أشعر أنها النهاية ، ولكن على ، الأقل كشفت لغز الكهف ، صوت السائق ، يهتف في قلق :
- آنسة ( ياسمين ) ، أرجوك أن تتحملي ، لم يبق الكثير.
لم يبق الكثير ، فعلاً لم يبق الكثير للموت.
وقعت على الأرض ، وأغمضت عيني في ضعف ، وظلام حالك يغمرني ، وكل المؤشرات تؤكد أنني سوف أغادر هذا العالم ، أغادره بشكل نهائي.
***

4- الأسطورة ..
ـــــــــــــــــــــــــــ
(عادل)
لم أتوقع ، أن يمر كل شيء بسلام ، إصابتي كانت سطحية ، وأنا الآن ،في المستشفى في مدينة سوريا ، أنظر إلى ياسمين ، مغمضة العينين ، ووالدها ينظر إليها ، في حنان ، وهو يمسح بكفه على جبينها.
- الحمد لله على كل شيء .
قالها والد ( ياسمين ) في راحة ، وهو ينظر إليّ ، بنظرات متسائلة .
- أنا (عادل ) يا دكتور ( خليل ) ، أدرس في قسم الآثار في جامعة وطن.
- هل أنت زميل ابنتي ؟
لم أرد أن أقول له ، أنّ ابنته ليس لها أصدقاء ؛ حتى لا يصاب بصدمة ثانية ، فأومأت برأسي بالإيجاب وأنا أجيب :
- نعم ، زميلها ، أنا في السنة الرابعة.
- هل يمكنك أن تشرح لي ، ما حدث بالضبط ؟
لقد كنت فاقد الوعي تقريباً ، عندما حدث ما حدث ، ولكن سائق السيارة أخبرني بكل شيء ، لهذا عندي فكرة واضحة عن الحادث.

- في حقيقة الأمر يا دكتور ، أنّ ابنتك دخلت الكهف الغامض ، ولم تمض لحظات ، حتى انهار مدخل الكهف ، فأصبت أنا ، وأسعفني سائق سيارة ( ياسمين ) بسرعة ، وأسرع هو ينادي ،على اثنين من الرجال ، يساعدوه ، في رفع الأنقاض ، وفتح ثغرة جديدة ، ولكن فجأة ، شاهدوا غباراً كثيفاً ، يملأ المكان ، وصوت (ياسمين ) ، يصرخ طالباً النجدة ، وفي آخر لحظة ، استطاعوا ، فتح الثغرة ، وانتشلوا ( ياسمين ) ، من بين الأنقاض ، وهي في حالة يرثى لها ، وفور ابتعادهم عن الكهف ، انهار كل شيء ، وأصبح الكهف مجرد أنقاض .

وبقية الأحداث ، تعرفها أنت يا دكتور ، فقد تم إسعاف ( ياسمين ) بسرعة ، والسائق قام بالاتصال بك ، لتأتي إلى المستشفى ، على الفور ، وحالتها الصحية أصبحت جيدة الآن ، بعد أن نجت من الموت اختناقاً .
- أنا المسئول ، أنا الذي وافقت على طلبها ، بالذهاب إلى الكهف ، كان من المفترض ، أن أذهب معها.
قال هذا بصوت حزين ، وهو ينظر إلى ابنته الراقدة على السرير الطبي.
- الحمد لله على كل شيء ، يا دكتور ، المهم أن ابنتك قد نجت.

قلت هذا في هدوء ، وأنا أخفي في داخلي ، حزني الكبير ، على ضياع المشروع ، فبعد انهيار الكهف ، سيفشل مشروعي فشلاً ذريعاً ، ويجب أن أبدأ في موضوع جديد.
- أبي ! ، ماذا حدث ؟
(ياسمين ) ، أخيراً استعادت وعيها.
- ابنتي ، حبيبتي ، حمداً لله على سلامتك ، لقد قلقت عليك كثيراً.
- لا تقلق يا أبي ، أنا بخير.
قالت هذا ، وهي تنظر إليّ في تمعن ، ثم تقول بلهجة متسائلة:
- (عادل ) ! أنت هنا !
نظرت إليها في حيرة ، ثم قلت :
- نعم ، أنا آسف لأنني تبعتك ، إلى مدينة سوريا ، ودخولك الكهف.
قالت في توتر :
- ورأيتني أيضاً أدخل الكهف , لكنك مصاب.

الشك بدأ يتسلل إلى داخلي ، لماذا هذا الحذر ، والتساؤل ، حول رؤيتي لها ، وهي تدخل الكهف ؟ ما الذي رأته في داخله ؟ ، وأحدث كل هذا الدمار فيه ؟ هل تحاول أن تخفي أمرا ما ؟
- إنها إصابة بسيطة ، لأنني عندما اقتربت من المدخل ، انهار فجأة ، وأصابني بعض حطامه.
- حسنا ، دعنا من كل هذا الآن ، سوف أجهز كل شيء ، لنعود إلى العاصمة.
قالها الدكتور ( خليل ) في سرعة ، وأنا أنظر إلى (ياسمين ) ، والشك يكبر في داخلي أكثر وأكثر.
***
(ياسمين)
أخيراً ، عدت إلى منزلي ، لقد أوصلني أبي ، واطمئن عليّ قليلاً ، ثم غادر إلى عمله ، والدتي استقبلتني بحنان كبير ، بعد أن رفض والدي ، اصطحابها معه إلى مدينة سوريا ؛ لكي تطمئن عليّ ، مؤكداً لها أنني بخير.
- حمداً لله على سلامتك ، يا بنيتي.
- أنا بخير الآن يا أمي ، لا تقلقي عليّ ، سوف أذهب الآن إلى حجرتي ؛ لكي آخذ قسطاً من الراحة.
قلت هذا ، وأنا ذاهبة إلى حجرتي ، وأغلق الباب خلفي جيداً.

- الآن ، أريد أن أكتشف كل شيء.
هتفت بهذه الجملة ، في خفوت ، وأنا أخرج حقيبتي ، التي وضعتها والدتي ، بجانب السرير ، ثم أفتحها بترقب شديد ، وأخرج الرسومات ، والكتاب ، والقناع ، والقلادات الثلاث ..

أولاً: يجب تفسير النقوش ، التي على الجدار ، نظرت إلى الرسومات التي وضحت عليها ، كل شيء بالتفصيل ، لكني لم أفهم شيئاً ، ففتحت الكتاب ، ووجدت أنه مكتوب باللاتينية . الحمد لله أنني ، أتقن هذه اللغة قراءة كتابة.
الورقة الأولى ، بها رسم صغير للقناع الأحمر ، تحيط به ثلاث قلادات متوهجة ، وبعض الأسطر باللاتينية ، والترجمة هي كما يلي ..
" أسطورة القناع الأحمر ، من بين الأبعاد ، من بين النيران ، من بين أعمق نقطة ، في منطقة الموت ، استطاع شخص واحد فقط ، أن يحرر القناع ، و به امتلك قوة خارقة ، قوة كادت أن تدمر العوالم كلها ، ولكن عن طريق عشرة أقنعة ، ظهرت من كوكب بعيد ، اتحدت مع بعضها البعض ، لتأسر القناع ، وترسله بعيداً ، وبعد مئات السنين ، سيأتي شخص ذو شعر أحمر ، يحرر القناع ، ولكن عليه ، أخذ الحيطة والحذر في تحريره ، فخطأ واحد فقط ، سوف يؤدي إلى بعث طاقة الشر، كلها من جديد ، وحينها ، سيعمّ عهد من الفوضى والدمار.
- يا إلهي ! ما الذي أقرأه ؟ أية قوة ممكن أن تكون بهذا الشكل ، وكيف يمكن السيطرة عليها .

تصفحت باقي الكتاب ، ووجدت أنها تعليمات ، لكيفية تحرير القناع ، بالتأكيد ، للقلادات دور بارز ، قلادة حمراء ، قلادة خضراء ، قلادة صفراء.
ولكني حتى الآن ، لم أفهم النقوش التي رسمتها ، نقلاً عن الجدران ، ما هو تفسيرها ؟ ، وهل لها دور ، في تحرير القناع.
- ( ياسمين ) .. ( ياسمين).
من أين أتى هذا الصوت ، تلفت حولي في ذعر ، ولكني لم ألمح أحدا هنا ، أو هناك.
- (ياسمين ) ، سوف أرشدك إلى تحرير القناع.
الصوت مرة أخرى ، ما هذا الكابوس ، الذي وضعت نفسي فيه.
- من أنت ؟ ، وماذا تريد ؟
- لا تخافي ، قلت لك سوف أرشدك ، إلى تحرير القناع ، هيّا نفذي ما أقوله لك.
- خذي القلادات ، وضعيهم على شكل مثلث ، ثم ضعي القناع الأحمر ، في الوسط .

يا إلهي ! ، أشعر أن هناك قوة رهيبة ، تجعلني أتجه نحو القلادات ، وأضعهم على شكل مثلث ، ثم أضع القناع الأحمر ، في الوسط.
- جيد ، والآن دققي النظر في القلادات ، سوف ترين ، أيقونة سوداء صغيرة ، اضغطي هذه الأيقونة.
أردت أن أمتنع ، ولكن لا أعلم ما سر الحالة ، التي أصبحت عليها ، أشعر بكياني كله يستجيب ؛ لتنفيذ هذه الأوامر ، وأشعر بالخطر يحيط بي ، من كل جانب ، ولكني على الرغم من ذلك ، ضغطت الأيقونة السوداء ، في القلادة الصفراء ، والحمراء ، والخضراء ، وفجأة تألقت القلادات ، بلون أحمر قاني ، واتجهت ثلاث خيوط من الطاقة ، إلى أعلى ، لتكون كرة صغيرة من الطاقة المتوهجة ، فوق مستوى القناع ، وفجأة انقضت كرة الطاقة ، على القناع الأحمر.
- أخيراً ، أحسنت يا ( ياسمين ) ، لم تبق سوى خطوة أخيرة ، ويكتمل تحرير القناع.

يا إلهي ! خطوة واحدة ، ما الذي سيحدث بعدها ؟ ، الخوف ينتشر في جميع أجزاء جسدي ، مثل الوباء ، كيف ؟ ، وماذا أفعل ؟
-الآن عليك أن تتقدمي من القناع ، وتضعيه على وجهك.

أضع القناع على وجهي ! ، ما الذي سيحدث ، إذا وضعته على وجهي ؟
تقدمت من القناع ببطء ، وأتطلع بدهشة إلى الفراغ ، بجانب السرير الأيمن ، شيء ما يولد من العدم ، ولكني لم ألتفت إليه ، وأنا أمسك القناع بين يدي ، والشيء يكبر أكثر وأكثر ، حتى أصبحت فجوة صغيرة الحجم ، خرج منها قزم صغير ، في حجم طفل في العاشرة ، صرخ بأعلى صوته :
- توقفي ، لا تضعي القناع ..
توقفت بالفعل فور أن صرخ في وجهي ، ونظرت إلى القزم في حيرة ، وهو يتقدم ببطء ويقول :
- سوف تحررين طاقة الشر ، لو وضعت القناع.
- لا تستمعي له ، هيّا ضعي القناع ، وسينتهي كل شيء.
تقدم القزم بحذر مني ، وهو يقول :
- لا تستمعي لهذا الصوت ، إنه صادر من القناع ، إنها طاقة الشر ، التي تريد أن تتحرر، سوف يعم الدمار ، والفوضى ، في جميع أنحاء العالم.

استمعت إلى القزم ، وأنا شاردة الذهن ، أردت أن ألقي القناع جانباً ، ولكن الصوت انطلق هذه المرة بصرامة شديدة هاتفاً :
- هيّا ضعي القناع بدون تردد ، أنت الآن ، تحت سيطرتي التامة.
لا يوجد أمل إذاً ، قمت بوضع القناع على وجهي ، والقزم يصرخ في غضب:
- لا ، لقد تحرر الشر.
فور أن وضعت القناع ، انتقلت إلى عالم آخر ، عالم هو قطعة من الجحيم ، وحوش هنا وهناك ، والكل يقترب مني في شراسة ، والصوت ما زال يدوي في أذني قائلاً :
- لقد أحسنت يا ( ياسمين ) ، الآن نستطيع أن نتحرر.

صداع ، وألم رهيب ، وأنا أشعر بدوامة قوية تقترب مني في سرعة ، لم تلبث أن ، التهمت الدوامة جسدي ، وأصبحت في عالم ثان.
لست أعلم ماذا حدث ؟ ، ولكن ، نظرت حولي لأجد نفسي ، في مكان غريب ، ليس فيه حياة قط ، ولم تكد تمض لحظات قليلة ، حتى ظهرت الفجوة الصغيرة ، وخرج منها القزم الصغير ، وهو يقول في يأس :
- للأسف لقد تحررت طاقة الشر ، وتم نقلك إلى هذا البعد ، سوف تكون عودتك باهظة للغاية ، الشر سوف يعم عالمك.
نظرت إليه في جزع ، صارخة في وجهه من شدة التوتر، والقلق ، والذعر:
- ماذا تعني ؟ هل سأظل هنا إلى الأبد ؟ كيف سأعود إلى عالمي ؟ أجبني ..
- قلت لك سيكون الثمن باهظاً للغاية.
***

زهرة 13-04-07 02:51 PM

الحقيقة ان الرواية ممتازة
واذا ما استمرت السلسلة فانا اتوقع لها النجاح الكبير نظرا للموضوع الشيق
والاسلوب السلس في السرد
فهي ممكن ان تكون من السلاسل العالمية والجيدة

اتمنى لك التوفيق والى الامام دائما

القناع الأحمر 14-04-07 01:31 PM

السلام عليكم أختي زهرة ..
في الحقيقة ، لقد عرضت هذه السلسلة على دار نشر في مصر ، فلم يوافقوا على نشرها ، لأن الأسلوب ضعيف مقارنة بفكرة السلسلة الجيدة ، وكان من الممكن أن أعيد كتابة السلسلة بأسلوب آخر جيد ، يحوي ألفاظ أقوى وأساليب ثرية ، ووصف دقيق بشكل سلسل .. لكن عمل كهذا سيتطلب وقت وجهد كبرين يمكن أن أستغله في كتابة رواية أخرى أضع فيها كل النقاط التي وردتني من دار النشر ، والحقيقة أنني أرسلت لهم رواية قبل هذا العمل ، والعكس هو الذي حدث ، كان الأسلوب جيد ، لكن بعض الجمل غير مترابطة ، ودعيني أخبرك أن القارئ لا يمكن أن يعطيك رأيه كرأي متخصص ، لأن المتخصص يجب أن يكون العمل متكامل من كل النواحي ، من الأسلوب والترابط العبارات ، وعلامات الترقيم وتواصل الفكرة من البداية إلى النهاية بشكل متماسك ، غير مخلخل .. وأتعشم أن يكون العمل الثالث ، يحوي جميع النقاط التي سبق ذكرها ، كما يقولون .. الثالثة نابتة ..
وإذا راقت هذه السلسلة للقراءة ، سوف أعيد كتابتها بأسلوب جيد جداً ، واحداث جديدة .. المهم أجد من يشجعني ..

القناع الأحمر 14-04-07 01:37 PM

و الآن مع الفصل الخامس ...................................... إن شاء يعجبكم
5- طاقة الشر ..
ـــــــــــــــــــــــــــ
(عادل)
كانت رحلة شاقة ، لمراقبة ( ياسمين ) ، كدت أن أفقد حياتي ، وكذلك ( ياسمين ) ، يا ترى ! كيف حال صحتها الآن ؟ ، وما الذي أدى إلى انهيار الكهف ، بهذه الطريقة المفاجئة ، هل فعلت (ياسمين ) ، أمراً ما أدى إلى هذا ؟ كنت في البيت ، الساعة العاشرة مساءَ ، هناك شعور خفي ، يدفعني للخروج من البيت ، لست أعلم من أين يأتي ؟ هل بسبب كثرة التفكير في الكهف الغامض ، أو لغز ( ياسمين ) الحائر.
خرجت بهدوء ، دون أن يشعر بي والديّ ، وأغلقت الباب خلفي في خفوت ، وقدت دراجتي النارية ، التي أهداني إياها والدي ، في يوم عيد مولدي ، انطلقت بسرعة ، والهواء البارد يلسع وجهي بشدة ، وأنا أنظر أمامي في دهشة ، إلى سحابة حمراء ، على بعد كيلومترين ، أسرعت نحوها ، والحيرة والقلق يتملكاني ، وأخيراً وصلت .
على الرغم من الليل الحالك ، والظلام الذي يغطي كل شيء ، إلاّ أنّ السحابة الحمراء ، كانت تشع بلون أحمر ، أضاء المنطقة ، مما سمح لي ، بمراقبة السحابة في حذر ، وتلفت حولي في بطء ، لأرى بعض الناس ، قد دهشوا من رؤية هذه السحابة الحمراء الغامضة ، فخرجوا من بيوتهم ، لعلهم يصلوا ، إلى تفسير لهذه السحابة ، اقترب مني شاب صغير السن ، قال لي في دهشة :
- لقد كنت أراقب السماء ، وفجأة انطلق شعاع أحمر ، من مكان قريب من هنا ، إلى السماء ليكوّن هذه السحابة الغريبة.
- هذا غريب فعلاً ، أشعر أن وجودها غير مريح تماماً ، وتجمّع الناس بهذا الشكل ، لا يدعو للطمأنينة.
قلت هذا في قلق غامض ، وأنا أراقب السحابة التي بدأت تغير من لونها فجأة إلى اللون الأسود ، والأخضر.
- أنا أشعر الشعور ذاته ، خاصة أنّ هذه ظاهرة غريبة ، لم تحدث من قبل.
نظرت إلى الشاب في عمق و أنا أفكر في أمر ما ، ثم قلت فجأة :
- هل تستطيع أن تجلب لي كاميرا حديثة الآن ؟
نظر الشاب إليّ في دهشة ، وهو يقول :
- نعم ، توجد كاميرا حديثة في منزلي ، وهو على مقربة من هنا ، دقيقة واحدة ، وأحضرها لك.
تابعت الشاب ، حتى غاب عن أنظاري ، وفجأة لمحت فتاة في العشرين من عمرها ، تقترب مني بهدوء ، وتقف بصمت تتأمل السحابة الحمراء ، ثم تتطلع إلىّ بنظرة غريبة وتقول :
- إنها نهاية العالم.
تطلعت إليها في استغراب ، وحيرة ، وهي تضيف :
- نعم إنها نهاية العالم ، ألم تلاحظ أنّ السحابة بدأت تتغير ألوانها ، هذا يدل على أنّ الشر ، سوف يخرج عمّا قريب ، لتبدأ نهاية العالم.
هتفت في وجهها ، في ذهول :
- ما الذي تقولينه ؟ ، ومن أين أتتكِ هذه الفكرة الغريبة ؟
ألقت الفتاة نحوي نظرة عميقة ، كأنها تحاول أن تسبر أغواري ، ثم قالت :
- صدق ، أو لا تصدق ، إنه مجرد كابوس ، يتردد علىّ منذ أسبوع ، قناع أحمر اللون ، تنطلق منه طاقة شر رهيبة ، ثم تتكون هذه السحابة ، لتكون البداية.
" أصدق ، يا إلهي ! لقد ذكرت القناع الأحمر ، هل سأميل إلى تصديقها الآن ؟ القناع الأحمر ، ذلك اللغز الغامض ، الذي كاد أن يلهب كياني ، من فرط غموضه. "
- حسنا ، لنفترض أنني صدقتك ، ما العمل لمنع هذا الشر ؟
ابتسمت الفتاة في غموض ، ثم قالت :
- للأسف ، لقد انطلقت طاقة الشر من القناع ، ولا توجد أي قوة لمنع الشر ، قلت لك أنّ هذه السحابة ، هي البداية فقط ، وعلى أية حال لم يبق الكثير ،على بدء الأمر.

" ما الذي تقوله هذه الفتاة ؟ لو أنّ ما تقوله صحيح ، فهذا يعني أنّ بلادي ( وطن ) ، في خطر داهم ، ما دام مركز الشر في العاصمة"
- هل يمكن أن أعرف اسمك فقط ؟
ابتسمت الفتاة مرة أخرى ، وكأنها لا تعبأ قط ، بذلك الشر الذي حدثتني عنه منذ قليل ، والذي يفجر كل احتمالات ذلك الخطر الرهيب.
- اسمي هو ( غادة ) ، وأعتقد أنّ اسمك هو ( عادل ) ، لا تستغرب هكذا ، فأنا أدرس معك في الجامعة ، وفي نفس القسم، قسم آثار ، لهذا تعرفت عليك عندما رأيتك تنظر إلى السحابة الحمراء.
نظرت إليها في غموض ، ثم قلت لها في جمود :
- أعتقد أنك كاذبة في موضوع الكابوس ، وانطلاق الشر من القناع الأحمر ، لقد كشفت أمرك بنفسك ، عندما تعرفت عليّ ؛ إذ لابد أنك تعلمين ، أنني أعد مشروع التخرج حول الكهف الغامض ، والذي يوجد به القناع الأحمر ، فانتهزت فرصة ظهور ظاهرة طبيعية ، مثل السحابة الحمراء ، لكي تخدعيني .
" لابد أنني أذهلتها بكشف خداعها ، لن تستطيع أن تدافع عن نفسها بعد الآن ."
- أنت واهم ، يا ( عادل).
قالت هذا بمزيج من الصرامة ، والغرابة ، وهي تتطلع إليّ ، في غموض رهيب.
- لقد وصلت ، وأحضرت الكاميرا.
" نسيت الشاب الذي ذهب يحضر الكاميرا. "
- أشكرك كثيراً.
قلت هذا ، وأنا أتناول منه الكاميرا في لهفة ، وألقي نظرة سريعة إلى ( غادة ) ، التي نظرت إلى الكاميرا ، في تساؤل واستغراب ، وأنا أعد الكاميرا جيدا ، وأوجهها إلى السحابة الحمراء ، وأضغط على مفتاح التقريب والتكبير.
كان ما رأيته فظيعاً ، مذهلاً ، مخيفاً .
- مستحيل !
هتفت بهذه الكلمة في رعب ، وأنا أتراجع في خوف ، والشاب و( غادة ) ، ينظران إليّ في دهشة ، ورهبة ، و(غادة ) تتساءل في قلق :
- ماذا رأيت يا ( عادل ) ؟
رأيت ، وأي شيء رأيت ؟ كيان من الشر يتجسد ، وحوله أشياء بشعة تتكون ، تستعد لتنقض علينا مثل الوحوش المفترسة ..
- يجب أن نهرب من هنا ، على الفور ، قبل فوات الأوان ، هيّا بسرعة.
نظر الشاب إليّ في دهشة ، وهو يتساءل :
- ما الذي رأيته ، و جعلك خائفاً بهذا الشكل ؟..
رميته بنظرة غاضبة ، وأنا أمسك يد ( غادة ) وأجري بسرعة هاتفاً :
- هيّا ، لا وقت للشرح ، لم يبق الكثير.
لم نكد نتجاوز بعض البنايات ، حتى سمعنا صوت الصراخ ، والهلع ، الذي انطلق من المكان ، الذي هربنا منه .. فتوقفت فجأة ، ونظرت خلفي في خوف وقلق ، ورأيت ، كيان رهيب له وجه أسود بشع ،عملاق يبلغ الثلاثة أمتار ، وبجانبه مخلوقان متوسطا الحجم ، لا يقلا عنه ، وحشية وشراسة.
- هذا رهيب ، ما الذي أراه بعيني ؟ هل حقاً بدأ دمار العالم ؟
قالت ( غادة) هذا ، وهي ترتجف في خوف ، والشاب الذي استمع إليّ أخيرا ، وأخذ طريقه في الهرب ، يرتجف هو الآخر من المشهد ..
- هذه وحوش لم أرَ مثلها ، إلا في الكوابيس العميقة ، إنها تقتل الناس دون أدنى رحمة ، كأنّ مهمتها الوحيدة الذي أتت من أجله ، قتل الناس ، ونشر الدمار في المكان الذي تدخله.
- لم أكن أتوقع ذلك ، ذلك يفوق الكابوس ، الذي ظلّ يطاردني أسبوعاً كاملاً.
قالت ( غادة ) هذه الجملة في رعب ، وهي تنظر إلى أحد الوحوش متوسط الحجم ، الذي نظر إلينا نظرة ، تحمل الشراسة ، وهو يتجه إلينا بسرعة رهيبة ، فهتفت بهم :
- هيّا نبحث عن سيارة ، سوف يصل إلينا لو هربنا هكذا.
قال الشاب ، وهو يلمح سيارة في الجانب الآخر :
- هذه سيارة ، هيّا نهرب بها.
وصلنا إلى السيارة ، وكان قائدها يهم بالخروج منها ، فهتفت به في سرعة :
- لا تغادرها ، هيّا لنهرب من هذا المكان ، هناك خطر داهم يلاحقنا.
نظر إلينا قائد السيارة في بلاهة ، وفجأة سمع صوت مخيف ينطلق من الشارع الآخر ، فألقى نظرة سريعة ، ليشاهد الوحش الذي يلاحقنا ، فقال على الفور ، وهو يدير المفتاح ، ويستعد للانطلاق :
- هيّا بسرعة.
انطلق الرجل بالسيارة بسرعة ، والوحش ما زال يلاحقنا ، ودقات قلبي ترتفع أكثر ، وأكثر ، وأنا أتساءل عن سبب كل هذا ، ولماذا ؟ ما الذي حدث ؟
- مستحيل!
هتف بها قائد السيارة في رعب ، ودهشة ، وهو يراقب الوحش ، الذي ما يزال يقترب من السيارة ، على الرغم من أنه ، ينطلق بها ، بأقصى سرعة.
- إنني أنطلق بسرعة كبيرة ، ولكن الوحش ما زال يلاحقنا ، أنا لم أشاهد في حياتي كلها ، شيء كهذا.
قالت ( غادة ) ، في خوف :
- المهم ، هو كيف سنواجه الوحش ؛ لو استطاع اللحاق بنا ، بما أنه سريع ربما يكون قوي أيضاً ، وليس معنا أسلحة ، حتى نواجهه بها.
قهقه الشاب في هستيريا ، ثم قال :
- هل تعتقدون أنّ أي سلاح ، ممكن أن يؤثر به .. لابد أنكم تحلمون.
قلت في صرامة :
- اهدأ .. علينا أن نركز كل جهودنا الآن ، في الهرب ، وبعدها سوف نفكر في محاربته.
قال السائق في رعب ، وهو ينظر إلى الوحش ، الذي اقترب كثيراً ، ونفث من فمه كرة نار حمراء ، انطلقت نحو السيارة بسرعة خارقة.
- لا مستحيل ! كيف ؟.
ألم رهيب ، لقد حاول السائق ، تفادي كرة النار ، على الرغم من سرعتها ، ولكنها ارتطمت في اللحظة الأخيرة ، في مؤخرة السيارة ، لتقفز السيارة بنا في عنف ، وتتدحرج في قوة ، والحقيبة تشتعل النيران فيها ، وصوت الوحش يقترب منا في هدوء.
- هل سنموت ؟
قالت ( غادة ) هذا في يأس ، والوحش ما زال يقترب ، وفجأة ومن خلف الوحش ، تألق شيء غريب ، لا ليس شيء ، إنها فتاة ذات شعر أحمر ناري ، تضع قناعاً أحمر على وجهها ، يشع بضوء أحمر ، وترتدي رداءً غريب يحمل نفس لون القناع .. التفت الوحش نحوها وهو يطلق زمجرة رهيبة ، وأنا أتطلع إلى هذا في ذهول ، وحجم الألغاز يتكاثر ، أكثر ، وأكثر.
***

القناع الأحمر 17-04-07 04:24 PM

و الآن مع الفصل السادس ..................................................... مشوق بعض الشيئ ..............زز

6- قوة القناع الأحمر …
ـــــــــــــــــــــــــــ
(ياسمين )
صامتة ، أنظر إلى القزم في حيرة ، لا أعرف ماذا أفعل ، وأنا أسيرة في هذا العالم الغريب.
-لا تقلقي ، ستواجهين بعض الصعوبات هنا ، حتى تتمكني من استخدام القناع الأحمر.
استمعت إلى القزم ، وأنا أنظر إلى القناع الأحمر في يدي ، وقلت في تساؤل :
- وكيف أتمكن من استخدامه ؟ ، وما سر الوحوش التي ستدمر عالمي ؟، ومن أنت بالتحديد ؟ ، هل تستطيع أن تجيبني ؟

نظر القزم إليّ في هدوء ، وهو يقترب مني ببطء ، ثم قال :
- هذا يحتاج إلى الكثير من الشرح ؛ لكي تفهمي كل شيء ، ولكن أهم شيء ، هو أنّ هذه الوحوش التي عبرت عالمك ، لن يتم القضاء عليها ، إلاّ إذا استخرجتي قوة القناع الأحمر الخيرة ، هذا هو الحل الوحيد ، وأول عمل يجب أن تعمليه ، هو حصولك على الطاقة الأولية ، التي ستمد قناعك بقوة التحول الأول.
" قوة التحول الأول ، ما هذا الذي أسمعه ؟ ، هل هذا يعقل ؟. "
- أنا على وشك أن أصاب الجنون ، هل يمكن أن تشرح لي المزيد ، حتى أستطيع أن أفهم ؟
قال القزم بنفس الهدوء ، وهو يشير بإصبعه الصغير :
- أنت الآن محتجزة هنا ، في هذا العالم الغريب ، على الرغم من وجود جسدك في حجرتك ، إلاّ أن عقلك هنا ، والجسد الذي يوجد هنا ، تخيلي فقط ، مهمتك هي الخروج من هذا العالم ، والعودة إلى عالمك ، أنت تمتلكين القناع ، ولكنه بعد انتزاع القوة الشريرة منه ، لم يبق به أي قوة ، لذا أن ستسعين للحصول ، على أول قوة للقناع ، وهي قوة التحول الأول ، حتى تستطيعي أن تخرجي من هذا العالم ، وتعودي إلى عالمك ، على الرغم من أنّ جسدك تخيلي ، إلاّ أنك ستواجهين خطراً رهيباً ، في طريقك للحصول على قوة التحول ، ربما تفقدين حياتك لو لم تتصرفي بشكل جيد.
- هذا رهيب ، وجنوني أيضاً ، ولكني أريد أن أسألك سؤالاً :
- هل قوة التحول الأول ، التي سأحصل عليها ، هي القوة الوحيدة ، أم أنّ هناك قوى أخرى ، يجب أن أحصل عليها ؟
- بالتأكيد ، هناك قوى أخرى ، ولكن حصولك على قوة التحول الأول ، سوف تعيدك إلى عالمك ، لتواجهي أول خطر يهدد عالمك ، وبعد ذلك سوف أزورك ؛ لكي أشرح لكي كيف ستحصلين على القوة الثانية ، التي تعطيك ميزات جديدة.
- ولكن أنا في حجرة مغلقة ، ليس بها أي مخرج ، كيف سأخرج من هنا ، حتى أبحث عن قوة التحول الأول ؟
- هذا أول درس يجب أن تتعلميه ، كونك في هذا العالم ، يجعل بعض الأشياء ليست بالصورة التي ترينها ، وهذه الحجرة بالذات ، يوجد فيها مدخل واضح ، لكن عليك أن تركزي جيدا ،ً حتى تكتشفيه.
بعصبية بالغة ، وغضب ، سألته :
- ما دمت تعلم كل هذا ، لماذا لا تدلني بكل بساطة على المدخل ، أو حتى تعطيني القوة نفسها ، وأخرج منها ، لماذا تصر على أن أقوم بكل هذا وحدي ؟
- لسبب بسيط ، هو أنني لست مخولاً لفعل ذلك ، كل هذا سيعتبر تدريباً لك ، حتى تستطيعي أن تواجهي الخطر القادم بخبرة ، وإلاّ ستفقدين حياتك بكل بساطة ، والآن تأملي الحجرة ، ودققي النظر بشكل جيد ، في منتصف الحائط الأزرق ، ماذا ترين ؟

" تأملت الحائط ، الذي أشار إليه جيداً ، وبعد قليل ، خيّل إليّ أنني ألمح بروزا ينبت من المكان ، فاتجهت إليه ، وضغطت عليه ، وفجأة اختفى الحائط من أمامي ، لأرى طريقا طويلاً مظلماً توجد في آخره قلعة سوداء كئيبة "
- جيد ، لقد كشفت أول طريق ، هذه القلعة التي أمامك ، توجد بها قوة التحول الأول ، هيّا اذهبي.
- هل ستتركني أذهب وحيدة ؟ ألن ترافقني ؟
- للأسف لا أستطيع أن أرافقك ، سوف أبقى هنا ، في انتظار عودتك ، لكن تذكري عليك بالتركيز الكبير ، واكتشاف الخدع ، هذا بالإضافة إلى الخطر ، الذي ستواجهينه في القلعة السوداء.
" توكلت على الله ، حاملة القناع في يدي ، ماشية في هذا الطريق المظلم المخيف ، والقلعة ما زالت بعيدة ، مشيت ومشيت ، وعندما وصلت ، وجدت حافة منحدر ، تطل على هاوية عميقة ، تفصلني عن القلعة .
نظرت يميناً ، وشمالاً ، بحثاً عن طريق آخر ، لكن لا فائدة ، كل الطرق لا تؤدي إلى القلعة إلاّ عن طريق هذه الهاوية ، ماذا أفعل ؟ هل أقف صامتة وأنتظر ، وماذا أنتظر ؟ هيّا ركزي جيداً ، ربما توجد خدعة ما ، هنا أو هناك ، لابد من طريق ما يؤدي إلى القلعة ، طريق خفي ، هل هذا معقول ؟
تأملت جوانب الهاوية بدقة بالغة ، و لمحت بروزات تمتد إلى الأسفل ، ليس هناك أي حل آخر ، يجب أن أتسلق هذه البروزات .
" تذكري أن جسدك هذا ، تخيلي ، يمكنك فعل أكثر من ذلك ، على بركة الله "
بصعوبة بالغة تمكنت أخيراً ، من التشبث بأول بروز ظاهر ، وببطء شديد ، وحرص كبير واصلت الطريق ، وكدت أقع ، ولكني تمسكت في اللحظة الأخيرة ، نظرت إلى أسفل ، فوجدت جسراً ضيقاً ، يبعد مترين ، أخيراً وضعت قدميّ على الجسر ، تمسكت بجانبي الجسر ، ومشيت ، وأنا أنظر في تمعن إلى الأسفل ، حتى لا أسقط في ثغرة ما ، وأقع ، وبالفعل ، ما حسبت له حدث ، ثغرة هنا ، وهنا ، دقات قلبي ترتفع أكثر ، وأكثر ، وأنا أحقد على نفسي ؛ لأنني قدت نفسي إلى هذا العناء الكبير .
أخيراً وصلت إلى الطرف الأخر ، من الجسر .
رأيت بروزات تمتد إلى أعلى ، فاستنتجت أنها تقود للطريق ، إلى القلعة ، تسلقت تلك البروزات ، حتى تمكنت أخيراً من الوصول إلى الحافة ، رميت جسدي ، وأنا أتنفس في إنهاك شديد ، يا لها من مهمة صعبة جداّ ، هذا الطريق فقط ، فماذا سيحدث بعد أن أدخل القلعة ؟ ما الذي سأواجهه ؟
بعد أن التقطت أنفاسي ، تأملت القلعة السوداء ، ببوابتها المعدنية الكبيرة المغلقة ، اتجهت إلى البوابة ، وحاولت أن أفتحها ، ولكني لم أفلح في ذلك ، مرة ، ومرات عديدة ، نظرت إلى البوابة في تركيز ، لعلي أصل إلى حل ما ، تأملتها بتركيز أكبر ، حتى شاهدت بجانبها ، على الجدار ، نقش للقناع الذي أحمله ، اقتربت منه ، وأخرجت القناع ، وقربته منه ، ووضعته عليه ، وفجأة سمعت صوت صرير البوابة ، تفتح ، تناولت القناع ، وأسرعت بالدخول بسرعة.
ممر مزخرف طويل يمتد أمامي ، مشيت فيه ، وأنا أتأمل المكان ، من حولي .
نقش لكيان مخيف ، يحتل جداراً بأكمله ، تأملته بتركيز كبير ، حتى وجدت أيقونة صغيرة في المنتصف ، تلمع بلون أحمر براق ، اتجهت إليها ، وضغطت عليها ، وفجأة وجدت الجدار ، ينقسم إلى قسمين ، ليكشف عن ردهة كبيرة ، واسعة ، دخلتها بحرص ، وأنا ألاحظ النقوش التي تمثل وحوش رهيبة ، تريد أن تنقض على فريستها ، دون أدنى تردد ، ماذا أفعل الآن ؟

" الردهة كلها لا يوجد بها سوى باب واحد ، وهذا يعني ، أنه لا خيار أمامي ، اتجهت إلى الباب الوحيد ، ووجدت مقبض ، دفعت الباب ، ففتح ، هذا جيد ، فلقد مللت من الألغاز .

حجرة صغيرة ، هذا جيد ، ثلاثة نقوش ، على ثلاثة جدران ، تمثل القناع الأحمر ، والجدار الرابع لا يوجد به ، أي نقش ، وفي الأعلى ، في سقف الحجرة ، توجد بلورة حمراء تلمع . حقيقة هذا شيء محير ، ماذا أفعل ؟ أخرجت القناع ، وقربته من النقش الأول ، ولكن بدون فائدة لم يحدث شيء ، قربته من النقش الثاني ، نفس الشيء لم يحدث شيء ، لم يبق إلا النقش الثالث والأخير ، قربته ، وخفقات قلبي ترتفع بشدة ، وأنا أتوقع أنّ شيئاَ ما ، سوف يحدث .

ولكن للأسف ، لم يحدث شيء ، إذاً ما العمل؟ مكثت بضعة دقائق أفكر ، وركزت جل اهتمامي ، في الجدار الفارغ ، وفكرت في عمل ما ، قربت القناع في الوسط وببطء وبتركيز كبير ، وفجأة شيء ما ، جذب القناع إلى الداخل ، لأسمع صوتاً خفيفاً ، وما هي إلا ثوان ، حتى تغير لون الحائط ، إلى اللون الأخضر ، كاشفاً نقشاً كبيراً ، للقناع الأحمر ، له عينان تلمعان ، وتشعان بضوء أرجواني غريب ، نظرت إلى البلورة في السقف ، التي زادت من لمعانها ، وفجأة غمر المكان ، ضوء مبهر جعلني أغمض عينيّ ، وبعد لحظة فتحتهما ، لأجد مثلثا مضيئاً ، يرتفع مسافة المتر ، عن سطح الحجرة ، محلقاً في الفراغ ، اقتربت منه ، وأنا أتطلع إليه ، في تعجب ، واستغراب .
ماذا أفعل الآن ؟ حاولت أن أقبض على المثلث بيدي ، ولكني لم أفلح ، نظرت إلى القناع الأحمر ، الذي وضعته في الجدار الفارغ ، اتجهت إليه ، وأخرجته ، واتجهت به إلى المثلث المضيء ، ما أن قربت القناع من المثلث ، حتى حدث شيء لا يصدق ، لقد طار القناع من يدي ، والتحم مع المثلث المضيء ، وتولدت طاقة ضوئية رهيبة ، وفجأة توقف كل شيء . اختفى المثلث المضيء ، وبقى القناع ، يشع بلون أحمر براق ، معلقاً في وسط الحجرة ، ترددت لحظة ، قبل أن أمسك به ، سألت نفسي ، وأنا أنظر إلى القناع في عمق :
- والآن ، يا ( ياسمين ) ما العمل ؟ هل حانت الخطوة الأخيرة ؟
- نعم يا ( ياسمين ) ، لقد حانت ، لقد نجحت في الحصول ، على قوة التحول الأول ، الآن ضعي القناع على وجهك ، حتى تكتسبي القوة الأولى وتحرريها.
"ما هذا ؟ إنه صوت القزم "
- كيف استطعت أن تكلمني هكذا ؟..
- أستطيع أن أخاطبك عقلياً ، في أوقات نادرة جداً ، هيّا بسرعة ، لا داعي لتضييع الوقت . بحصولك على قوة التحول الأولي ، حررت حارس القلعة ، يجب أن تضعي القناع على وجهك ، حتى تستطيعي أن تهربي من القلعة.
" يا إلهي ! وحش آخر ، نظرت إلى القناع ، ثم في بطء ، أمسكته بكلتا يدي ، ووضعته على وجهي .
قوة ما ، سيطرت عليّ ، أشياء تبدلت ، شعور بالقوة يجتاحني ، أرتفع في الهواء ، وملابسي كلها تتغير ، كلها تكتسب اللون الأحمر ، أشعر بالقوة ، في كل جزء في جسدي ، أصابعي ، أشعر بأنها ، تريد أن تطلق طاقة ، لا حدود لها ، دام هذا الشعور دقيقة ، ثم وجدت نفسي ، أضع قدمي على الأرض ، وأتحسس القناع على وجهي ، الذي أخذ شكلاً مزخرفاً جميلاً ، ونظرت إلى ثيابي ، وتعجبت منها ، وتحسستها ، ووجدت أنها من قماش ، غير معروف . نظرت إلى الباب ، واتجهت إليه هذه المرة ، بثقة كبيرة ، وفي الردهة الكبيرة الواسعة ، رأيت حارس القلعة السوداء ، بزيه الأسود المريع ، شعرت بطاقة ما ، تتسرب من بين قبضتي ، لتنطلق نحو حارس القلعة ، وتدفعه في قوة ، حاول أن ينهض ، ويوجه لي كرة من الطاقة سوداء ، تفاديتها بكل سهولة ، نظرت بكل تصميم ، إلى الحارس ، وأنا أستجمع كل طاقاتي ، لتوجيه ضربة قوية إليه ، تقضي عليه ، وقبل أن تصل كرته السوداء الثانية ، أطلقت كرة كبيرة من الطاقة ، سحقت كرته ، وواصلت طريقها إلي الحارس في قوة ، الذي نظر إليها في دهشة ، ثم ارتطمت به وسحقته.
- أخيراً ، الآن يجب أن أصل إلى القزم ، وهذا لن يكون عسيراً ، من نفس الطريق عدت ، وقفت على حافة الهاوية ، وبقفزة كبيرة جداً ، وصلت إلى الحافة الأخرى ، حتى وصلت إلى الحجرة الزرقاء.
- أحسنت يا (ياسمين ) ، الآن أغمضي عينيك ، ودوري حول نفسك ، وستجدين نفسك ، في عالمك الحقيقي .
- وأنت أين ستذهب ؟
- لا تقلقي ، المهم أن تتخلصي ، من الخطر الحالي ، وبعد ذلك سوف أرشدك إلى القوة الثانية ، هيّا لا تضيعي الوقت ، فصديقك في خطر.
صديقي في خطر ، لا يوجد لي أصدقاء ، هل يقصد ( عادل ) ؟
إذاً عليّ التصرف على الفور ، أغمضت عيني ، ودورت حول نفسي في بطء ، ثم وجدت قوة ما ، تدفعني لكي أدور بسرعة ، و رأيت في ذهني ، جسدي في حجرتي ، ألتحم به ، وتفتح بوابة صغيرة ، اندفعت نحوها في قوة ، لأتوقف عن الدوران ، لأجد نفسي أمام وحش رهيب ، يقف أمام سيارة ، تشتعل فيها النيران.
***

ارادة الحياة 31-12-09 05:45 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
متوقفة منذ 2007
ننتظر

dali2000 08-01-10 03:54 PM

السلام عليكم

بقية المحافظة على القصص ،،تم وضع قانون جديد للروايات الغير مكتملة بقسم من وحي قلم الاعضاء

يرجى زيارة هذا الرابط

http://www.liilas.com/vb3/t134089.html

ولفتح القصة لتكملتها يرجى ،،وضع طلب بهذا القسم الخاص

http://www.liilas.com/vb3/f30/

تغلق الرواية من تاريخ وضع الرد

نرجو التعاون ،،موفقة

dali2000 08-01-10 03:55 PM

السلام عليكم

بقية المحافظة على القصص ،،تم وضع قانون جديد للروايات الغير مكتملة بقسم من وحي قلم الاعضاء

يرجى زيارة هذا الرابط

http://www.liilas.com/vb3/t134089.html

ولفتح القصة لتكملتها يرجى ،،وضع طلب بهذا القسم الخاص

http://www.liilas.com/vb3/f30/

تغلق الرواية من تاريخ وضع الرد

نرجو التعاون ،،موفقة


الساعة الآن 11:01 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية