السلام عليكم ورحمة الله وبركاته العنوان: بُورجيا من جزئين تأليف: ميشال زيفاكو http://www.espejodetinta.es/images/borgia.jpg الرأي الشخصي:قد يستغرب البعض أنني وضعت رواية مثل "بورجيا" فمثل هذا الرواية تحكي عالم ملئ بالشهوات والشرور والانحراف والقتل وكل ما يخطر في بال أحد قصة بورجيا تحكي قصة شاب فرنسي رحل الى ايطاليا بحثا عن الثروة وأراد الانضمام تحت قيادة قيصر بورجيا ولكن مبادئ الحق والعدل انتصرت في قلب الشاب الذي ما لبث ان وقف ضد كل مبادئ قيصر بورجيا ولوكريس بورجيا وأراد مساعدة بريمفيرا الحسناء (أبنت عائلة نبيلة) من براثن هذه العائلة الجهنمية الإحداث باختصار:هناك عدة أسر مالكة اشتهرت في التاريخ بقسوتها وتحجر قلبها في سعيها للحصول علىالقوة والنفوذ، أسرة بروجيا هي واحدة من تلك الأسر الحاكمة عاشت في إيطاليا فيالقرن الرابع عشر. جاءت أسرة بورجيا إلى إيطاليا من إسبانيا، وفي عام 1455جعلت من كاليكستوس الثالث البابا ومالبث أن صار ابن عمه ردوريجو بورجيا بابا أيضاًمثله في ذلك مثل ألكسندر السادس. كان رودريجو البابا الأكثر شراً وأذى فيالعالم بأسره، عمل على كسب الثروة والنفوذ لأسرته وقد كان له عدة أولاد بالرغم منالحقيقة تقول يحظر على القساوسة الزواج، نصب ابنه قيصر كاردينالاً، وزوّج ابنتهالجميلة لوسي ريزيا أربع مرات، الزواجان الأوليان كانا باطلين أما زوجها الثالثقتله أخوها. كانت أسرة بورجيا محترفة في الجريمة ولا سيما في تناول السموالانتحار للوصول للنهاية. وكان قيصر مقاتلاً بارعاً وقد استطاع أن يبسطنفوذ أسرة بورجيا على إيطاليا الوسطى وما حققه من أمجاد ما لبث أن تزعزع وانحط بعدموت أبيه. الروابط مره اخرى http://www.liillas.com/up/extension/zip.gif http://www.liillas.com/up/extension/rar.gif |
اختي العزيزة سمعت بالشخصية من قبل بس ما كنت اعرف القصة
ارجوك عزيزتي تحطي الرابط عشان ابدأ اقراها و الف شكر لك و على فكرة استعراضك حلو كثير |
هلا عزيزتي القصه ما فيها رابط انا الحين قاعده اكمل الجزء الأول عسب احطه لكم
وتسلمين على المرور :flowers2: |
نشكرك اين الرابط
|
:pQ204444: أخي ممممممممممم انا قاعده انزل الروايه يعني ما شي رابط يعني انا قاعده اكتب
الرورايه اسفه اذا فهمتوني غلط بس صبروا المشوار طويل :flowers2: |
اقتباس:
شكرا يا اختي و خذي راحتك في الكتابة يعطيك الف عافية |
شوقتنا إلى قراءتها. شكرا مقدما
|
اقتباس:
|
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اليوم راح ابتدي احط الجزء الأول واللي اقدر عليه كتابيا بس بعد ايام يوم احل مشكله السكنر راح ابتدي اصورة بأذن الله :friends: :friends: |
الجزء الأول
بريمفيرا الحسناء هذه روما أقدم عاصمات العالم المتحضر تنام وعلى كاهلها كلكل من الحزن القاتم وكان رعب غامض يجمد المدينة الرائعة فإذا هي تلتفع بالصمت وتصلي وتختنق وفي المكان ذاته الذي كان يجلجل فيه صوت شيشرون على منصة ميدان الفوروم الصاخب كانت تتعالي بعض الترانيم بأصوات شجيه حزينة وفي هذا المكان بالذات الذي قاتل فيه آل كراكوس دفاعا عن الحرية كان يضغط كابوس رهيب من طغيان آل بورجيا ولم يكن رودريك بورجيا سوى فرد من الثالوث المرعب الذي كان يبسط سلطانه على روما مدينة المدن ذلك أنه كان لرودريك أيضا ابن يمثل العنف وابنة تجسد الحيلة تجسيدا أما الفتى فقد كان يدعى قيصر وأما الفتاة فقد كانت تدعى لو كريس بورجيا. وها نحن الآن في شهر نوار من عام 1501 في هذا النهار بزغت الشمس في سماء صافية زاهية فالصبيحة مشرقة والفرح يغمر الأجواء غير أن روما كانت ما تزال ساكنة متجمدة وكأنها تعيش في ظل الكهنة الذين يرزح كابوسهم في كل مكان من أنحاء المدينة فقط أمام بوابة قصر "سانت آنج" الضخمة وقريبا من الفاتيكان كان قد احتشد بعوامل الفضول عدد من رجال الشعب وها هم بأقدامهم الحافية وآسمالهم ورؤوسهم المغطاة بقبعات حمراء يتأملون بدهشة واحترام شرذمة من الأسياد الشبان الذين اجتمعوا في الساحة وراحوا يتمازحون صاخبين ويتضاحكون ويترفعون عن أن يرمقوا بنظرة واحدة الجماعة التي وقفت مشرئبة الأعناق تنظر إليهم من بعيد. وكان هؤلاء الفرسان المكتسون بالمخمل والحرير فوق دروع رقيقة الصنع والممتطون أحصنة جميلة قد تجمهروا بالقرب من باب القصر وفجأة إذا بالباب ينفتح عريضا فيجثم الصمت على المكان وتنكشف الرؤوس وإذا برجل بشرته سمراء قاتمة متوشح بالمخمل الأسود يبرز على صهوة حصان أدهم ويتقدم نحو الأسياد الشبان الذين شرعوا يصطفون لتحيته وبعد أن ترك عينه تشردان على المدينة التي بدت أكثر صمتا وكأنما هي تعتلج بأسى عميق أخذ يهمهم هذه الكلمات التي لم يسمعها أحد: - إن حبك ليحرقني يا بريمفيرا! آه فليهلكني الله إذا لم أمتلك جسدك في هذا النهار بالذات! حينئذ أومأ بيده إلى الفرسان فأخذت شرذمتهم تسير نحو باب من أبواب روما بينما سرت كقشعرية في الجماعة المكتظة هناك هذه الكلمة التي رددتها الأفواه الخائفة: - إنه ابن البابا غبطة قيصر بورجيا! ****************** وفي هذه الصبيحة نفسها من نوار على بعد سبعة فراسخ من روما تقريبا وعلى طريق فلورنسا كان يسير منفردا على صهوة حصان مطهم فارس دلج متجها نحو مدينة المدن وكان يبدو عليه أنه في التاسعة والعشرين من العمر ذو بزة بالية فد رأفت سترتها مرات عديدة وحزمة علتها الرقعة غير أنه كان يملك وجها عزيزا وشعرا طويلا متهدلا على كتفيه في عقد طبيعية وشاربين دقيقين مرفوعين وقامة فارعة وعينين حييتين ثاقبتين وكان يملك خصوما هذا الدفق من الفرح البرئ المشع على وجهه وكان يبدو على الشاب أنه يحلم بشئ منزها نظرة في أرجاء الريف الروماني القاحل العاري الذي تحرقه الشمس وإذا به يهتف محدثا نفسه: - يا لبؤس هذا الريف! فإنه لا يشبه مطلقا الضواحي الزاهية في باريس الحبية لا بغاباتها ولا بحاناتها ذات الخمور اللذيذة والبنات الغويات (قد حرم الإسلام شرب الخمر والزنا:yellow: ) هيا يا " كابيتان" اجر بي يا صديق فلعلنا نقع على نزل مريح. أما كابيتان فإنه اسم الحصان الذي انطلق يعدو بصاحبه ولم تمض عشر دقائق حتى شاهد الفارس بعيدا غمامة صغيرة من الغبار كانت تتقدم نحوه وبعد برهة وجيزة ميز حصانين كان ينهبان الأرض نهبا وكان يخفق فوق أحدهما رداء أسود: إنه كاهن! وفوق الآخر رداء أبيض: إنها امرأة وما كان أسرع دنوها منه ! وكان الفارس يتأهب لتحية السيدة البيضاء عندما أوقفت فجأة فرسها المسرعة مصطفة إلى جانبه وهي تصرخ مرتجفة: - أغثني ، أغثني يا سيدي! فأجاب الفارس بحرارة: - يشرفني يا سيدتي أن أعرف بماذا أستطيع خدمتك - أنقذني من هذا الرجل! وبإصبعها دلت على الكاهن الذي توقف بدوره - فصاح الفرنسي متعجبا: - - رجل كنيسة ! - بل إنه شيطان وإني أتوسل إليك أن تساعدني لكي أستأنف الطريق وحدي. فزمجر راكستان قائلا: أيها الكاهن ، هل سمعت؟ عندئذ خاطب الرجل الأسود الثياب الصبية قائلا: - لسوف تندمين ولكن ساعة لا ينفع الندم! فانفجر به الفارس الشاب قائلا: - - صه أيها الكاهن! أو وحق السماء لأقصمن ظهرك بهذا السيف! - أو تجرؤ على تهديد كاهن؟ - أما أنت فإنك تجرؤ على تهديد امرأة! ألا عد القهقرى حالا ولإ تقوتك فرصة تهديد أي كان بعد اليوم! وفي الوقت نفسه كان الفرنسي قد شهر سيفه متجها نحو الكاهن الذي رمى الشاب بنظرة حاقدة ثم أعاد وجهة حصانه وفر هاربا باتجاه روما وظل رداءة الأسود يخفق طيلة دقيقة في الريح ثم أخذ يتوارى حينئذ عاد الفارس الشاب نحو السيدة فوجد صبية في حدود الثامنة عشرة حسناء عجيبة الحسن وفي هذه البرهة بالذات كان الاستياء يورد وجهها ويصبغه بالأرجوان فيزداد حسنها ألف مرة أكثر وكانت هي أيضا تبعت بنظراتها الكاهن المخيف ثم استدارات نحو مخلصها وقالت بصوتها العذب الطروب: - إني أحفظ لك عرفان الجميل يا سيد؟ ...................فأجابها الفارس: - راكستان .. - فرنسي؟! - باريسي يا سيدتي ! - حسنا يا سيد راكستان إني أشكرك على الخدمة التي أديتها لي. - لكم كنت أتمنى يا سيدتي أن أشهر السيف على عدو ذي شأن كرامة لسيدة كاملة مثلك ولكن هل أستطيع أن أعرف ما شأن هذا الراهب؟ - لقد ارتكبت حماقة بابتعادي عن البيت وحيدة أكثر مما كان يجب فإذا بهذا الرجل يقترب مني ويشتمني بكلامه فأزمعت على الهرب ولكنه لحق بي وو -............. هذا كل شي! - لقد كان واضحا أن السيدة لم تفه بالحقيقة كلها . فأعاد الشاب كلامه قائلا: - وأنت ، ألا تعرفينه ؟ فترددت برهة ثم حملت نفسها على القول: - بلى اعرفه ويالتعاستي! إنه آله سافلة في يد رجل مشؤوم قادر آه يا سيدي لقد قلت إنه عدو غير ذي شأن بالعكس إن هذا الكاهن هو بالنسبة إليك منذ الآن عدو يخشى جانبه فإذا صادفته مره أهرب منه وإذا قادك القدر إلى الإلتقاء به فلا تقبل منه شيئا وعليك أن تخشى أولا أن يلقى بك في زانزانه من قصر " سانت أنج" فهذا الكاهن هو " دون كاركونيو!" فأجاب الفارس راكستان: - إني أشكرك يا سيدتي على المخاوف التي تخامرك بشأني غير أنني لا أخاف شيئا. - على يا سيدي أن أطلب منك خدمة ثانية - تكلمي يا سيدتي - بألا تحاول النظر إلى أيه جهة سأمضى ولا معرفة من أنا - ماذا يا سيدتي ألن يكون لدي أي تذكار من هذه المقابلة ولن أعرف أي اسم سأطرحه على هذا الوجه الساحر الذي سيلازم أحلامي! وكان الفارس يتكلم بصوت متأثر فنظرت إليه وقد جعلت الابتسامه ترتسم على شفتيها وقالت: - لا أستطيع أن أفوه باسمي حتى لك انت الذي انقذتني ولكني أستطيع أن أقول لك اللقب الذي أدعي به فسألها الفرنسي: - وما هو هذا اللقب؟ - إنني أدعى بريمفيرا وبعد أن أشارت إشارة الوداع أعطت السيدة البيضاء قوائم فرسها للريح واندفعت باتجاه فلورنسا فبقى الفارس مذهولا من هذه الرؤيا وظل بصره معلقا على الرداء الأبيض الذي كان يخفق في غمامة من الغبار ولقد أبصرها تعرج إلى اليمين وتندفع في الرحب من الريف ثم تغيب في قعر طريق جوفاء؟ . وإذا به يقول في نفسه: - بريمفيرا يالاسم الجميل بريمفيرا أي الربيع إنها بالحقيقة حسناء كالربيع المزهر ولكن ماذا يفيدني أن أفكر بها فلسوف تنساني بعد ساعة ثم ماذا يمكنني أن أرجو أنا المغامر الفقير الآتي الى إيطاليا لأطلب العمل في خدمة شريف من الأشراف! وبهذه الفكرة القاتمة راح الفارس راكستان يكمل ما انقطع من طريقة إلى روما |
راكستان فارس الصمام لقد كان موكب قيصر بورجيا من النبلاء الشبان يخب بزهو منذ ساعتين تقريبا على طريق فلورنسا وكان ابن البابا يخاطب الريف ومن وقت لآخر كان سباب يفلت من شفتيه وإذا به يصرخ: وأخيرا هذا هو! ثم اندفع إلى أمام فارس يكر نحوه - دون كاركونيو! - هوذا أنا يا مولاي! - فل، أيه أخبار وراءك؟ - لدي أخبار حسنة وأخرى سيئه لقد أبصرت الفتاة فاصفر وجه بورجيا وقال مرتجفا: أبصرتها؟ - ولقد كلمتها أيضا - كاركونيو! سأجل أبي يهبك أرباح دير " القديسة مريم الصغرى" - إنك سيد كريم يا مولاي! - ولكن تابع الحديث لقد كلمتها إذن؟ وماذا قالت؟ - هنا تصبح الأخبار سيئه في تتجنبنا ولكننا سوف نبلغ الهدف - أما عرفت اسمها الحقيقي؟ أما تبعتها؟ أما عرفت مخبأها؟ - لقد طاردت الفتاة يا مولاي وفقا لأوامرك ولكنني إذا لم أوفق إلى اكتشاف أمرها فالغلطة ليست غلطتي. - يا للجحيم! لقد أفلتت إذن من قبضتي! - لقد صادفتها (لا يجوز القول الصدف بل بلقدر) قرب غابة الزيتون فاقتربت منها وكلمتها كلاما رقيقا ولكنا أرادت الهرب فالتصقت بها وهي تكاد تجن وكنت على وشك أن أعرف حقيقة أمرها لولا التقاؤنا بقاطع طريق انبرى يخاصمني ثم هجم علي والسيف في يده وإذا بالطائر الأبيض يسلم جناحيه للريح ويطير. - ياللعنة وهذا الرجل أين هو؟ ماذا ألم به؟ أتركته أيضا يغيب عن بصرك أيها الجبان؟ - كلا! لقد رصدته وإن هذا الغريب يتناول الآن فطوره في مطعم " الفورش" على بعد عشرين دقيقة من هنا فزمجر ابن البابا وقد أدخل مهمازية الذهبين في خاصرتي حصانه - هيا في الطريق إليه فاندفعت الشرذمة في عدو جهنمي ولم يطل بها الوقت حتى كانت أمام النزل الذي سماه الكاهن أما هذا النزل فقد كان أشبه بحانة في الطابق السفلي حيث كان المسافر لا يجد لتبريد عطشه سوى نبيذ ردئ وماء فاتر وكان هناك حديقة تمتد أمام هذا الكوخ على طول الطريق التي لم تكن تنفصل عن الحديقة بأية حفرة ولا بأي سياج وكان يرتفع في هذه الحديقة نفق ردئ المظهر وفي هذا النفق المسقوف بالقماش لفقدان الأغصان الخضراء كان الفارس راكستان يتناول الفطور ولم يكد الكاهن يراه حتى هتف قائلا: -هو ذا الرجل! فتفرس قيصر في الشاب الذي حيا الفرسان عند وصولهم ثم جلس يستأنف فطوره ولقد عرف راكستان الكاهن فسوى حالا منطقة الجلد التي تحمل سيفه كما أن عينه الثاقبة وهي تجوب الجمع كانت قد عرفت رجلا آخر هو قيصر بورجيا فتمتم الفارس في نفسه قائلا" إنه لقاء رائع! وإن نجمته السعيدة قد هيأت لي مفاجأة موفقة أما قيصر بورجيا فكان قد استدار نحو النبلاء الشبان المحيطين به وصاح بأحدهم ساخرا: - كيف يبدو لك يا " أسطور" هذا النبيل الشهير الذي يفطر في هذا القصر؟ ولم يسه الفارس عن حرف واحد من هذا السؤال كما انه فهم محتواه المهين فشرع يفكر قائلا: أظن أن المفاجأة لن تكون موفقه بشئ وأن نجمتي السعيدة غائبة عنها. أما النبيل الذي ألقى عليه السؤال فكان قد تقدم بعض خطوات وهو رجل يناهز الثلاثين من العمر قوى البنية ذو رقبة غليظة كرقبة الثور وكان معروفا عنه في روما أنه مبارز رهيب ذلك أن خمس عشرة مبارزة المعروفة كان حصادها خمسة عشر قتيلا: وراح الرجل الضخم يحدج الفارس ثم انفجر ضاحكا وقال: إني أفكر بأن أعطي هذا المجهول عنوان الإسكافي الذي يرقع أحذية خدامي. فانفجر الجميع بضحك عام. لكن بورجيا ظل رزينا إلا أنه غمز " أسطور" فتابع كلامه بإصرار" - سوف أعطيه أيضا عنوان خياط لترقيع سترته ثم تقدم أيضا وقال: زه أيها السيد! أريد أن أؤدي لك خدامة فنهض الفارس عندئذ وتقدم منه بدوره قائلا: أية خدمة تقصد يا هذا؟ أو تقرضني قليلا من هذه الروح التي تؤجج في خطابك؟ - كلا! ولكن إاذا مررت على فإنني أعتقد أن حاجبي قد وضع جانبا بزته الأخيرة وهو يخلعها هبه عليك لأن بزتك هه تبدو في حاله يرثى لها. - إنك تقصد ولا شك يا سيدي الرتوق العديدة التي تزين سترتي؟ - لقد حزرت من اللحظة الأولى! - حسنا إذن! فهذه الرتوق هي موضة جديدة أريد أن أجعلها معروفة في إيطاليا ثم إنه ليسيئني أن تكون سترتك أنت سليمة وإني أطمع في أن أفتح لك فيها شقوقا بعدد الرتوق في صدري - وبأي شئ من فضلك؟ فأجاب الفارس مستلا سيفه من غمده: -بهذا! فقفز "أسطور" عن صهوة حصانه ونضا سيفه وقال: أنا أيها السيد البارون أسطور من الأوصياء الأشراف واني عريض الصيت في روما ! - أما أنا يا سيدي فإنني من الباستيل ومن الباستيل هذه ولدت حتى اللوفر يدعوني الناس فارس الصمام ذلك أني والصمام شخص واحد وهنا وسوس قيصر بورجيا بدهشة قائلا : إنه فرنسي! أما اسطور فقد صرخ قائلا: هيا آذن الى الصمام، واني لسوف أحطمك وأثقب بطنك في آن واحد ومال كلا الرجلين إالى الأمام يتربص أحدهما الآخر ثم اصطدم النصلان - سيدي البارون أسطور يا ذا العين الثاقبة هل عددت كم هي الرتوق في سترتي؟ - إني أرى ثلاثة يا سيد الصمام - - أخطات إنها ستة فلك الحق بستة شقوق وإليك أولها فقفز أسطور إلى الوراء صارخا لأنه قد أصيب في صدره وإذا بنقطة دم أرجوانية تلطخ حرير سترته الرمادية فصاح بورجيا : احذر يا أسطور - وحق الجحيم لسوف أسمره في الأرض ثم هجم الرجل الضخم شاهرا سيفه الا أن راكستان أجاب وهو منفجر يضحك: واإليك الضربة الثانية! وهكذا ضربة إثر ضربة علم الفارس عليه ثلاثا أخر فكانت نقطة من الدم تظهر كل مرة! وبينما كان الرجل الضخم يجأر ويثب كان راكستان هادئا لا يتحرك ولكنه ما عتم أن قال: سيدي عندك الآن خمسة جروح فاحذر من السادس. فأطلق أسطور دون أن يجيب ضربة محكمة تلك التى يوفرها عادة لخصومة الأشداء ولكنه لم يعتم أن جرح جرحا آخر فعوى من الألم راميا سيفه ذلك أن راكستان كان قد ثقب له ذراعه الأيمن وهو يقول بهدوء: دونك الضربة السادسة! ثم استدار نحو جماعة المتفرجين وقال: هل منكم من يريد اقتباس الموضه؟ فقفز اثنان أو ثلاثة من النبلاء الشبان إالى الأرض وصرخوا مزمجرين: دونك الموت! إلا أن قيصر صرخ قائلا: كلااااا أصمتوا بسلام ! ذلك أنه لم يكن في نفس بروجيا هذا غير عبادة واحدة هي عبادة القوة والمهارة ولكم أذهلته مرونة الفارس وصمودة فحدث نفسه بأنه سوف يجعله أحد أتباعه البسلاء لذلك اتجه إاليه بينما كان رجاله يتجمهرون حول أسطور الجريح وقال: - ما اسمك أيها السيد؟ - الفارس راكستان يا صاحب الغبطه فارتعش بورجيا وقال: - ولماذا تدعوني " صاحب الغبطه"؟ - لأنني أعرفك ومن ذا لا يعرف من هيبتك المحارب الشهير الذي تعجيب به فرنسا كسياسي كبير باسم دون فالنتينو والذي تحييه إيطاليا كقيصر جديد باسم بورجيا! - فصاح بورجيا قائلا: إن مهارة هؤلاء الفرنسيين في فن الخطاب هي كمهارتهم في فن السيف فتابع راكستان قائلا: جئت يا مولاي إلى إيطاليا يحدوني الرجاء بأن أنضوي تحت لوائك وانني فقير بالمال ولكنني غني بالأمل لذلك فقد فكرت بأن القائد العظيم قيصر بورجيا سيعجب بسيفي فيجعلني من رجال. - حسنا! لن يخيب رجاؤك ولكن كيف يحدث أنك تجيد الإيطالية ؟ - لقد أقمت طويلا في ميلانو وبيزا وفلورنسا التي أنا قادم منها الآن ومن ثم فقد قرأت تكرارا دانتي الذي درست له الكوميديا الإلهية. في هذه الأثناء اقترب دون كركونيو من بورجيا وقال: - لقد شهر هذا الرجل سيفه في وجه رجل من رجال الكنيسة ولولاه لكانت برمفيرا الآن في حوزتك. ولم يسمع راكستان هذه الكلمان ولكنه فهم من التعبير على وجه بورجيا بأن قضيته ستنقلب الى منقلب سئ فانبرى يقول: - لم تسألني يا مولاي أين عرفتك وإني سأقص هذا عليك . فقال قيصر يإيجاز: تكلم فخلع الفارس قفاز يده اليمنى فإذا ماسة مغروزة في خاتم ذهبي تلمع في إصبعه الصغير. - أتعرف هذه الماسة يا مولاى؟ فهز بورجيا رأسه فيما تابع الفارس يقول: إنها ذخيرتي وإليك قصتها: وصلت منذ أربع سنوات إلى "شينون" عند المساء --- فقال بروجيا متعجبا: شينون!! - نعم مولاي وكنت قد بلغتها في مساء يوم دخولكم إليها دخولا مازلوا يتحدثون عنه لأنه أحدا من الناس لم يشاهد أبهة كتلك ! فبغال موكبك كانت منعلة بالفضة وكانت الأحصنة مسمرة في حوافرها بمسامير من الذهب وكانت تلك المسامير شبه معلقة بالحوافر فراحت البغال والأحصنة تبذر الفضة والذهب الذي ازدحم عليه الناس لكي يجمعوا نثار جودك الزاخر . فقال بورجيا حالما: - أجل إني لأذكر ذلك . - وفي المساء عند منتصف الليل ارتكبت غلطة فادحة إذا خرجت من القصر وحيدا وعندما اجتزت باب المدينة كنت متجها نحو بيت هناك منعزل غني المظهر فإذا ............ - فإذا بثلاثه أو أربعه لصوص يهجمون على طامعين ولا شك بجواهري - تماما! ولكن هل تذكر تتمة الأمر؟ - وكيف أنسى ذيك؟ فقد كنت على وشك العياء عندما أقبل رجل مجهول فطرد بسيفه أولئك الأرذال. - أجل، ولقد وهبتني يومئذ هذه الماسة الجميلة. - ولقد قلت لي بأن استخدمها لكي أكشف لك عن نفسي كلما كمنت بحاجة اإلى حماية - أيها الشاب أنت في خدمتي منذ هذه الساعة والويل لمن يجرؤ على مسك بأذى!!! وأدار نظره لكي يعزز هذه الكلمات فإذا الموكب بأجمعه ومنه أسطور المعصب الذراع ودون كاركونيو قد انحنوا أمام الشاب الفرنسي الذي استولى على عطف اسكندر بورجيا الذي أمر قائلا: هيا أيها السادة إالى السير ولنعد إلى روما أما أنت أيها الشاب فإني أنتظرك عند منتصف الليل. - وأين ألقاك يا مولا ي ؟ - في قصر شقيقتي لو كريس ، أي في القصر الضاحك . - في القصر الضاحك ! عند منتصف الليل ! سمعا وطاعة يا مولاي! ثم انحني الفارس راكستان وعندما انتصبت قامته رأى شرذمة النبلاء تبتعد في غمامة من الغبار وكان الفارس قد لاحظ أن نظرتين حاقدتين مميتتين قد رماهما عليه خلسة البارون أسطور والكاهن كاركونيو ولكنه هز كتفيه ثم أكمل فطوره المتواضع وبعد أن دفع الحساب عاد فامتطى صهوة جوداه . :3EO05175: :3EO05175: :3EO05175: |
:3EO05175: :3EO05175: :3EO05175: بعد صلاة العشاء إن شاء الله اكمل الجزء الثاني اشوفكم على خير |
القصر الضاحك على قدميه ليتسنى له الاستلام إلى تأملاته وأحلامه والفارس راكستان هو بان أرصفه باريس وكان حتى ذلك التاريخ يعيش عيشة يحكمها القدر لأنه لم يكن يعرف أباه ولا أمه التى ماتت ساعة مولده أما والده فقد كان نبيلا فقيرا من مقاطعة غاسكونيا جاء إلى باريس يطلب الثروة ولكنه مات من البؤس والفارس مايزال رضيعا عند مرضعة . وكانت هذه المرضعه تبيع الثياب المستعملة تحت سقيفه منصوبة في زاوية شارع القديس أنطوان تقريبا باتجاه باب الباستيل الكبير ولقد تعلقت بالصبي الفقير اليتيم ووضعت في رأسها بأنها ستجعله خلفا لها في تجارتها بالملابس القديمة وعندما أصبحت أرملة أخذت لها زوجا لتستعيض به عن زوجها وكان عمر الفارس الصغير عندئذ سبع سنين وكان عشيق التاجرة راهبا يقرأ ويكتب ويمارس الحساب ولقد انتقل العلم بأجمعه من دماغه الى دماغ الفارس الذي أصبحت معرفته وهو في سن الرابعة عشرة تقريبا معرفة كاهن وكانت التاجرة قد ابتدأت تحلم له بمستقبل باهر الا انها اصيبت بداء الحصباء وقضت نحبها. وقد مشى الفارس الشاب باكيا وراء المرأه التى كانت تحل محمل أمه ثم جفف دموعه ودخل دكان المرحومة فاتختار لنفسه بذله كاملة يزينها سيف طويل. ولكن كيف عاش بعدئذ؟ من المحتمل أنه عاشر كثيرا الحراس العسكريين وبعض شذاذ الليل حتى أنه اصبح وهو في الثامنة عشرة مبارزا مرا يخشى جانبه في الحانات وعداء كبيرا وراء الفتيات وشاربا نهما لدنان تراه ممزق الثياب وسيفه الى النصف خارج القراب يلتقي بالحارس فيلطمه وبالبورجوازي فيوسعه لكما: أي انه اصبح من الرعاع الحقيقين . ولكن لا يظنن القارئ أن الفارس كان أحد بؤساء العصر من أهل التسول والنهب والسلب جل أمره أنه فطر على طبيعة مغامره ولقد كان يقتسم ما تملكه يداه بينه وبين من هم أكثر فقرا منه كما أنه كان يدافع عن الضعفاء دون أن يقترف أي عمل شنيع غير أنه بسبب تربيه المهمله في وسط أخلاقه مطاطه حيث لا موجه له غير شهيته للمغامرات كان يعيش على هواه مقتنصا القوت أينما تقع عليه يداه . وفي أحد الأيام إذا بهذا الذي يدعونه فارس الصمام والذي غدا يثير العب قد اختفى فجأه ومن المحتمل أن يكون قد ثقب صدر سيد نبيل أو اختطف امرأه بورجوزاي قادر ثم توارى عن الأبصار إلا انه من المؤكد أنه قام في هذا الوقت بالذات بجولة ابتدأت في فرنسا وانتهت في أوربا . وكان من جراء ذلك أنه ازداد تعقلا إذ تغلبت في نفسه الصفات الحسنة على الصفات الرديئه فإذا بالفارس يطرح عنه هوس الشباب ويصبح من الشرفاء الكاملين. بهذا كله كان يفكر يطلنا وهو يقترب من روما فقد كان يعيش ماضيه بأشواق رجل يرى مستقبلا جديدا ينفتح أمان ناظريه أما هذا المستقبل فقد كان يدور حول هذا الاسم : بورجيا !! وفيما كان يجتاز باب روما أخذ يقول في نفسه ها أنذا الآن بين عدوين السنيور أسطور والكاهن كاركونيو لقد هددت هذا واوقعت بذاك أجل ولكنني في حماية رجل قادر هو قيصر بورجيا وباللشيطان إذا لم أبلغ خدمته مركزا مرموقا! ولعلي لا محالة بالغ ذلك ترى من يدرى؟ حينئذ تطلع الفارس حوله بنظرات فاتح إلا أنه كان يرى في هذا المستقبل الذي كان يستشفه نقطه سوداء يظلم بها الأفق إذ أنه كان يفكر بتلك المرأة المجهولة العجيبة العذبة الاسم والوجه وإذا به يتنهد مرددا: بريمفيرا ياللاميرة الساحرة ! أيقدر لي أن أراها مرة ثانية ؟ ولكنها من تكون؟ ولكاذا كان يطاردها ذلك الكاهن الرهيب؟ ولسوف اتوسل من أجلها وأحصل لها مهما كلف الأمر على حماية الرجل القاهر قيصر بورجيا!! ولكن ياللفارس المسكين ...... لو كان يدرى !! هنا رفع الفارس رأسه فلاحظ أن بعض الناس ينظرون إليه بفضول وعلم أنه يسير فوق جسر فالتفت إلى ولد وسأله قائلا: أي جسر هذا؟ - إنه يا سيدي جسر الرؤوس الأربعة . - والقصر الضاحك هل تعرفه؟ فسأله الولد برعب بدا على وجهه قائلا: قصر السينورا لو كريس؟ - أجل أتعرف موضعه؟ فقال الولد الصغير مادا ذراعيه: - هناك!! ثم عدا هاربا كأن شيطانا دخل في ثيابه . فتبع الفارس الإتجاه المعين مفكرا بهذا الرعب الغريب الذي استولى على الصبي ثم إذا به يستوضح رجلا عىل الطريق وعندما سمع الرجل اسم القصر الضاحك حدجه بوجه مربد ثم سار في طريقه مهمهما يعلن ويشتم فتمتم الفارس قائلا: يا للعجب! ياللعجب! الإ أنه وصل أخيرا إلى ساحة خالية قام فيو سطها بناء غني ولقد استوى في مقدمتها صفان من أعمدة الرخام الوردي يؤلفان ممشى ممتدا أمام القصر. وكان هذا الممشي ينفرج بشكل خليج فسيح فيظهر في قعره درج فخم من الرخام أيضا أما واجهة القصر فكانت مزينة بنحوت قديمة ثمينة مهوبة من بقايا الآثار التي يعثر عليها صدفة بين كنوز روما القديمة. وعندما شاهد الفارس ذلك قال في نفسه : لا شك بأن هذا هو القصر الضاحك الذي استحق هذا الاسم من هذه التماثيل الكثيرة الضاحكة التى تزينه ومن هذه الأزهار التي نبتت داخل الممشي كحديقة لا نظير لها. وفي مقدمة هذه الحديقة كان يقوم بالحراسه فارسان وقفا صامتين كأنهما تمثالا خيالين فمال الفارس إلى أحدهما يسأله أهذه هو القصر الضاحك؟ فأجاب التمثال منذرا: نعم إبتعد ! فهمهم الفارس في نفسه وهو مبتعد في طريقه يقول: ياللشيطان إنه قصر شددت الحراسة عليه! وكانت الساحة خالية فإذا بالقصر الضاحك يبدو وكأنه قصر لسكان ألم بهم الطاعون أما راكستان فبعد أن خطا قرابة خمسين خطوة في الشارع المتفرع من الساحة وجد نفسه أمام نزل نشأت فيه الحياة ولكن على شئ من الفزع والتردد . هناك نزل الفارس عن صهوة جوداه ودخل في النزل الذي كان يدعي " مقهى جانوس الجميل" حيث طلب مكانا في الأسطبل لحصانه "كابيتان" وغرفة له فقام صاحب النزل وقاد راكستان إلى غرفة صغيرة في الطابق السفلى ولكن الفارس قال ملاحظا: - إنها رطبه - ولكننا لانملك غرفة غيرها فارغة - سآخذها لأنكم هنا قريبون من القصر الضاحك فقال المضيف متعجبا: رباه ! أنت إذن في خير مكان لأنك من النافذه تستطيع رؤية مؤخرة القصر. حينئذ فتح المضيف النافذه أو بالأحرى بابا شبيها بالنافذة فإذا بهبة رطبة تنفح راكستان على وجهه فيسرع إلى السؤال: - ماهذا؟ - إنه نهر التيبر ألا تعرفه؟؟! وفي الواقع كان النهر يجري بين صفين من البيوت دون رصيف أو ضفة وقد لاحظ راكستان ان سملا بعدة درجان كان ينتهى طرفه عند صفحة الماء وذلك وراء كل بيت وأمام باب الغرفة الشبيه بالنافذة وهنا قال المضيف مرة ثانية: أنظر أترى ذلك الدرج العريض عند كوع النهر؟ إنه درج القصر الضاحك . فقال راكستان وهو يدخل إلى الغرفة ويغلق النافذه : حسنا! تعجبني هذه الغرفة رغم رطوبتها فقال المضيف: ولكن الدفع سلفا فدفع الفارس ما عليه ثم طلب خيطا وإبره وانهمك في إصلاح ثيابه إصلاحا دقيقا وبعد أن فرشاها ونظفها بكاملها قام وتناول العشاء ولقد استنفدت هذه ولقد استنفدت هذه المشاغل وقته حتى السعة التاسعة وبعد ساعة أخرى من الوقت كان الفارس راكستان مفهمفا والسيف إلى جانبه ينتظر بفارغ صبر البرهة التي يذهب فيها إلى قصر لو كريس بورجيا . وكان قلبه يخفق قليلا عندما يفكر بأنه سوف يرى أكيدا وعن كثب المرأة التي يخلب حسنها عقول أحكم الناس ولقد كان صمت عميق يثقل كاهل المدينة النائمة ولم يكن هنالك غير خرير نهر النيبر الذي يبعث في الليل أصواتا حزينة كانها شكاوي بتألم بالغ حتى أنه أخيرا أخذ يتحرك لكي يخلص نفسه من هذا الشعور ولعى كل حال فبعد قليل سيجئ نصف الليل. هنا قام الفارس إلى شمعدانه فأطفأه وكان يهم بالخروج ملتفعا بمعطفه عندما ند عن النهر تأوه ممزق فارتعد راكستان وغمغم في نفسه يقول: الآن هذا ليس بوهم ! إن صوتا بشريا قد أرسل بالحقيقة هذه الزفرة وإذا بصراخ اليم يصعد من جديد وكأنه يدوي في الغرفة فارتجف راكستان ثم ارتفعت زفرة ثالثة مختنقة فصاح راكستان : هذا آت من التيبر . ثم انطلق مسرعا ففتح الباب الشبيه بالنافذة فإذا بالليل صفيق وإذا بالثيبر المضغوط بين البيوت يدفق أمواجا سوداء فنزل الفارس على الدرجات الأربع وانحنى فوق النهر ثم مد يديه فالتقتا بقماش حريري على جسم رجل كان يزفر فأمسكه راكستان بكتفيه فساله الرجل قائلا: من انت؟ - لاتخف إنني رجل غريب بل صديق - ليس هناك أصدقاء آه سأموت بعد قليل . إسمع !! فأراد راكستان أن ينتشله من الماء غير أن الرجل قال وهو يشهق شهقة النزاع الأخير : كلا ! لا نفع من انتشالي لأنني سأموت بعد قليل ولكنني أريد أن أنتقم إسمع ! فقال راكستان وقد وقف شعر رأسه: تكلم إنني أسمع . - حذر الكونت آلما وحذر ابنته فـ"هو" يريد أن يخطفها - ومن هو الكونت آلما ومن هي ابنته؟ - ابنته بياتريكس ،بريميفيرا فارتعش راكستان من السخط وقال: قلت إنه يريد اختطافها ..... فهمن هو هذا ؟ - الذي قتلني الآن : انه مو.............. وفي هذه اللحظة انتفض الرجل انتفاضة مميتة ثم تقلص ساكنا وقد تركت يداه الحجر وانقلبت جثته في الماء فإذا به يغيب في وحل الأمواج السوداء فانطلقت عينا راكستان تبحثان في الظلام ولكن عبثا!! حيئذ دخل إلى غرفته ومسح وجهه الناضح بعرق الكمد والقلق . ولم يلبث أن تلفظ قائلا: أواه ماهذا السر المخيف!!؟ إنها تدعى بياتريكس وهي ابنة الكونت آلما وهناك من يريد اختطافها فمن يكون هذا؟ من يكون؟ وفي هذه الثانية دقت ساعة في كنيسة القديس بطرس فقال الفارس: - هوذا منتصف الليل!! ثم اندفع إلى الخارج راكضا نحو القصر الضاحك حيث كان بانتظاره حاميه الشهير قيصر بورجيا |
هذا الجزء يحكي شرور هذه العائلة ومخالفاتهم الاخلاقية ضد كل الأديان ولكني وضعت هذه الجزء حتى يرى القارى بعد ذلك اانتصار الخير على الشر :3EO05175: :3EO05175: في البرهة التي كان فيها الفارس راكستان منهمكا بتعليق بعض الشرائط على سترته تحو الساعة التاسعةليالي روما كان قيصر بورجيا برفقة أربعة شبان يدخلون إلى القصر الضاحك أما القصر فقد كان ينقسم إلى قسمين واضحين: يتألف القسم الأول من شقق رسمية ويحتوي دزينة من الغرف الفسيحة المطلة على الساحة والتي جهزت بطنافس فخمة لم ير لها مثيل. ولقد اجتاز قيصر ورفقته هذه الغرفة حتى وصلوا إلى باب من البرونز قام على حراسته نوبيان أسودان كالليل أخرسان كالصخر الأبكم عندئذ أشار قيصر إشارة واحدة فوضع أحد النوبين إصبعه على زر جعل باب البرونز ينفتح بسرعة . ولم يكد قيصر ورفاقه الأربعة يجتازون الباب حتى انغلق خلفهم فإذا بهم في بهو جدرانه العالية من الرخام المعروق وفي ضوء وردي كان ينهمر من قنديل في السقف فيدع المكان في شبه ظلمه وكان يصطف حول هذا البهو عدد من التماثيل الرخامية البيضاء التي يبرز عريها الأباحي إلى الأبصار بشكل مدروس وفي الوسط منه كانت بركة موزعة المياة تنشر برودة لذيذة في جو المكان ومن البركة كان يرتفع تمثال ملاك الحب وهو متقلص بينما راحت تتوجه وتجلوه إلهة اللذة ولقد كان هذا التمثال رائعة من روائع نحات شاب يعيش في حماية لو كريس ويدعي ميكال آنج بيوناروتي........ وباتجاه المدخل كان هناك باب مصنوع من خشب الورد مطعم بسبائك لطيفة من الفضة كانت تحرسه امرأتان مستلقيتان على مسندين وسرعان ما فتح هذا الباب بطريقة سحرية فدخل قيصر مع صحبه إلى غرفة أقل اتساعا ولكنها ذات فخامة أكثر ذوقا وأكثر جمالا ولقد قام في أنحائها شمعدانات ذهبية تحمل مشاعل من اشمع الوردي الذي تتصاعد منه عطور مثيرة وكان هناك موسيقى تسمع كأنها قادمة من بعيد وهي ممزوجة بأصوات نسائية تتغني بالمجد . ولم يكن في هذه الغرفة من أثاث سوى خزانة للآنية وطاولة واسعة إلا أنه كان ينتشر هنا وهناك عدد كبير من المتكآت الوثيرة والسجاد السميك وكانت الطاولة تحمل قصاعا أسطورية الغنى تحتوى ثمارا مثلجه ومربيات غريبة وحلويات شهية كانت لوكريس وحدها تملك منها. أما الطاولة فقد كان عدة رجال آخذين مكانهم حولها لم يكونوا جلوسا ولكنهم متكئين على شبه أسرة على طريقة الرومانيين لالقدماء وكان يوجد بينهم امرأة : إنها سيدة القصر الساحرة المسيطرة على حواس الرجال أخت قيصر وابنة البابا لو كريس بورجيا! وعندما دخل قيصر مدت له يدها التي كان كل إصبع فيها يلمع بثروة من الحجارة الكريمة وقالت : كم أنت متأخر يا أخي ! فأجابها قيصر قائلا: أعذرينا يا لوكريس العزيزة فلقد عدنا في الليل بعد نزهة طويلة - إني أعذرك ولكن ألا تكلمن أخاك بشئ فاستدار قيصر نحو رجل جالس قرب لوكريس كان القلق قد ظهر على وجهه عندما رأى قيصر داخلا هذا الرجل هو فرنسوا بروجيا دوق غانديه الإبن الثاني للبابا وشقيق قيصر لوكريس ولقد مد الأخوان يديهما وتصافحا مبتسمين غير أن كلا منهما كان يراقب كل حركة يقوم بها الآخر أما لو كريس فقد مالت في هذه اللحظة نحو فرنسوا وقبلته بعنف فقال قيصر ساخرا: - ياللحب الأخوي الذي يبدو لي غريبا رغم خبرتي في هذا الموضوع! فقالت عندئذ لوكريس: إنني أحب فرنسوا لأنه خيرنا فقال دوق غانديه قلقا مضطربا : إنك تغدقين علي عطفك ولقد نسيت أنه إذا كان بيتنا ينعم بالمجد وإذا كان عرش والدنا البابوي صامدا لا يتزعزع فالفضل في هذا إنما يعود إلى سيف عزيزنا قيصر فقال قيصر منذرا: هذا صحيح فلطاما أجدت استعمال السيف فالطعن بالسلاح الأبيض هو من اختصاصي أكان ذلك السلاح سيفا أم خنجرا!!! وفيما كان يقول هذه الكلمات أخرج خنجره ثم غرزه بضربة عنيفة فوق الطاولة فاعترى الجلوس ومن بينهم فرنسوا ارتجاف واصفرار أما لو كريس فقد انفجرت ضاحكة وقالت بمرح: هيا إلى العشاء! ولم تكد تلتفت إلى ستارة من الحرير المقصب حتى أخذت تتحرك بالطف ثم أقبلت الوصيفات يسكبن في الأكواب سرقسطة وشيو معطرة وديمة المعصفرة التي تشبه بأالوانها حجارة الياقوت وكانت الوصيفات وعددهن تسع بعدد الجلوس. وكانت لوكريس مكتسية الذي كانت تبدو تقاطيعه كأنها منحوتة في الرخام وكانت بين حين وآخر ترمي نظرها على الستارة فإذا بها ترتجف ومهما كان رجفان القماش خفيفا فقد كان كافيا لإعلام لو كريس بأن أحدا هناك يرقبها ويصغى إليها وفجأة إذا بها تسأل : ماذا يقولون في روما؟ فانبرى دوق ريانزي قائلا: تالله يا سيدتي إنهم يتحدثون بشئ غريب لم يرو مثله من قبل! - وماذا يروون يادوق ريانزي؟ فهم الدوق أن يفتح فمه بالحديث إلا أن فرنسوا قاطعه بالهجة متوسلة قائلا: أرجوك أيها الدوق! - ولكن الشراب الثقيل كانت قد بدأت تفعل فعلها في الرؤوس ، لذلك فقد استأنف الدوق حديثه قائلا: إنهم يروون في روما حكاية حب ! فقالت لوكريس : هلا رويت لنا الحكاية! فالحب هو الشئ الوحيد الذي يستأثر بالحياة والموت ثم شرعت تعانق أخاها فرنسوا قائلة بصوت مخدر : قص أيها الدوق ! فصاح الحضور : أجل أجل ! هات عن الحب وكانت الموسيقى البعيدة ترسل أمواجا من الألحان التي كانت تزاد رقة عندئذ تابع دوق ريانزي كلامه قائلا : إنها قصة حب طاهر عذري أخجل من روايتها هنا فقال قيصر بلهجة مقتضبة : تكلم!! - سمعا وطاعة يا صاحب الغبطة : يحكى عن قائد مشهور أنه عاشق فاجتمعت الأنظار على قيصر إلا ان الدوق تابع قائلا : بل إن العشق آخذ منه كل مأخذ حتى أن قلبه المقدود من البرونز قد أضحى الآن قلب حمامة إنه يتنهد ويتأوه أما المرأه التي اججت ضرام حبة فإنها شرسة لا يستطيع أحد أن يدانيها هنا تصبح القصة غريبة عن العقل إذ أن المرأه الشرسة بدل أن تتقبل بالشكر هدايا الأمير الكبير فإنها ترفضها وتحتقرها فسألته لو كريس : وما اسم هذا العاشق الطريف؟ فتعلثم دوق ريانزي قائلا وهو متمتع بالسكر: - إحرزيه إنه موجود بيننا فزمجر عندئذ قيصر بورجيا : لا داعي إلى ذلك فأنا العاشق والويل لم يفتح فمه منتقدا ! فتلجلج دوق ريانزي وقال: مولاي صدقني ------ فقاطعة قيصر قائلا: - أما المرأة الشرسة كما أحسنت تسميتها فقد كانت اليوم على وشك أن تقع بين يدي وكانت ستكف عن احتقاري فانفجرت لوكريس ضاحكه وقالت: - أهكذا تخونني يا عزيزي قيصر؟ فأجاب قيصر الذي كان يشعر بأن عقله بات يغيب في سكر شديد سكر من الحواس وسكر من الكبرياء الطاغية : كلا يا الوكريس إني لا أخونك فأنت ملك لي كما ستكون ملكا لي هي أيضا وكما كانت لي امرأتك يادوق وكما يجب ان يكون كل شئ ملكا لي وحدي !!! وكان قيصر يلهث في نوبة جنونية في هذه اللحظة بالذات قامت لوكريس إلى شقيقها فرنسوا دوق غانديه فطوقته بذراعيها وهي تتمتم: - لحسن الحظ أنك باق لي يا فرنسوا الأمين وها إني أخصك بفردوسي فإذا بقيصر يجأر دافعا الطاولة بغضب شديد: - يا للجحيم وفي الوقت ذاته انتزع الخنجر الذي كان ما يزال مغروزا أمامه وتقدم نحو أخيه فرنسوا وهو يقول بصوت أعياه الغضب والسكر : آه ليصحبك إذن سرك إلى الجحيم!! وارتفع ذراعه ثم انخفض فاخترقت المدية صدر دوق غاندية الذي سقط على ظهره قائلا والدم يتدفق من فمه: لقد مت !! هنا جمد مشاهدو هذا الفصل كأنهم الحجارة أما لو كريس فقد تراجعت إلى الوراء وقد ارتسمت ابتسامة غريبة على شفتيها اللتين لم تبتهتا مطلقا وكان دوق غانديه التعيس الحظ يزفر قائلا: إلى إلى إني أشتعل ! قليلا من الماء أشفقوا علي قليلا من الماء ! فقال قيصر يهزء مشؤوم أتريد ماء؟ انتظر يا أخي فسأسقيك ! ثم أمسك برجلي أخيه وشرع يجره وهو يجأر قائلا : الماء لأخي فرنسوا! الماء بل كل مياه التيبر! وبعد أن اجتاز به وهو على هذه الحال صفا من الغرف وصل إلى باب أخير ففتحه بنفسه فكان التيبر من دونه جاريا في الليل عندئذ رفع قيصر الجسم وبدفعة عنيفة ألقى به في النهر أما شهود هذا الفصل فقد هربوا بعد أن نصل لونهم من الفزع بينما قامت لوكريس بورجيا فرفعت الستارة الحريرة المذهبة ودخلت إلى حجرة خاصة في هذه الحجرة كان يجلس على الأريكة شيخ ذو ملامح صلدة متسم بخبث لا يحد وكان هذا الشيخ قد سمع كل شئ ورأى كل شئ من وراى الستارة التي كانت تتحرك من حين لآخر بالرغم من أنه والد فرنسوا دوق غاندية ووالد قيصر دوق فالنتينوا ووالد لو كريس دوقة بيزاقلية أي أن هذا الشيخ هو رودريك بورجيا أو الباب المزيف اسكندر الثالث وعندما رأته لوكريس سألته قائلة: هل أنت مسرور الآن يا أبي؟ - ليس كثيرا يا ابنتي فقد تماديتم قليلا يا لفرنسوا المسكين ؟ ولكن ماذا يمكننا أن نفعل نحن أمام إرادة الله؟ على كل حال هذا ما حصل وسأحتفل بقداس عن رحة نفسة ياللخسارة لقد كان حذفا فرنسوا هذا!! ولكن ألم يكن دوق غادنديه يزعج مشاريعي؟ هيا وإلى اللقاء يابنتي إني أمنحك البركة الرسولية وعندما نهضت لو كريس كان والدها قد اختفي :3EO05175: :3EO05175: :3EO05175: في ملاحظات أي شي مممممم |
:3EO05175: :3EO05175: :3EO05175: (يا ساتر شكلها الروايه ما عجبتكم) نزوات لوكريس بورجيا عادت لو كريس إلى "قاعة الوليمة" ولكنها ألفتها خالية فتمتمت قائلة: يا للجبناء! لقد هربوا آه ما أقل الرجال ! لقد كان أبي رجلا ولكنه عجوز الآن أما أنا فإنني أشعر الآن بشهية لتمزيق عالم بأجمعه . وتمددت على مقعدها وتئاءبت ثم تابعت قائلة : إني ضجرة والضجر ينهشني نهشا إني أخلق وأبتكر كل يوم ملذات جديدة ولكن بال جدوى وبلا جدوى أراني أبهر روما بأبهة أعيادي المستمرة أجل إن قلبي قارغ والضجر البطئ يقرض روحي. وفجأة إذا بخيال ينتصب إلى جانبها فقالت وهي تمد يدها : هوذا أنت يا أخي؟ أجل إنه قيصر بروجيا الذي دخل إلى القاعة منذ لحظة ولو رأة أحد لما داخله الشك مطلقا بأن هذا الرجل إنما هو عائد من عرس أخيه . ذلك أنه جاء يطالع أخته بوجه مرح بينما راحت هي أيضا تنظر إليه مبتسمة ثم قالت: - أيها الشرير لماذا قتلت فرنسوا هذا المسكين؟ كنت تعتلج بالغيرة؟ - نعم يالوكريس يزعجني ألا أكون المفضل أمام أصدقائي وما عدا هذا فما أنا بالأحمق الذي تظنين إذ تعتقدين أنني غيور مبتذل فأنا لا أهتم أن تكوني للآخرين شرط أن تكوني لي وحدي عندما أظهر فهزت لو كريس رأسها وطفقت تفكر ثم قالت فجأة: هذا صحيح ولكنك سترث يا قيصري العزيز "فالحادث" يجعلك أيضا دوق غانديه . - أجل يا أختي الصغيرة ولكن ستنالين حصتك من الورثة مليونا من الليرات الذهبية أيسرك هذا؟ - طبعا يسرني فقد كنت أود بناء هيكل وليراتك الذهبية هذه كفيلة بتحقيق الهدف . فهتف قيصر متعجبا: هيكل !! - نعم هيكل لفينوس ، فينوس الدنسة فأنا أريد أن أبعث عبادتها في روما وأريد أن يبني الهيكل بين كنيسة القديس بطرس والفاتيكان فينما يكون والدنا محتفلا بقداسه في هيكله المسيحي أكون أنا محتفلة بقداسي في كنسيتي الوثنية ولسوف نرى من منا سيتبعه عدد أكبر من المؤمنين. فصاح قيصر: إن فكرتك لرائعة يا لو كريس ! - ولكنها أقل روعة من فكرتك بالاستيلاء على إيطاليا وبتنصيب عليها ملكا يا عزيزي القيصر. - عندما أحقق خطتي يا لو كريس فكلانا سنحكم العالم!! في هذه اللحظة ارتفع ضجيج صراخ قريب فأصغيا إليه فإذا هو آت ن شقق القصر فقال القيصر: - ما هذا ؟ - هيا لنرى ! رمت لوكريس معطفا على كتفيها الرخاميين وانطلقت في الردهة يتقدمها قيصر ثم فتحت باب البرونز ووقفا هناك على العتبة فكان النوبيان الساكنان الصامتان مازلا في موضعهما ويطقان أجرد في يديهما غير أن مشهدا غريبا جذب أنظارهما هناك في قصر الردهة فقد كان ما يقارب الثلاثين خادما يجأرون ويشتمون محيطين أو محاولين الإحاطة برجل غريب كان وحده يقابل هذه المظاهرة المتكالبة حوله فهتفت لوكريس: - من هذا المتجرئ؟ وكانت على وشك أن تنطلق نحوه عندما أمسكها قيصر بقبضتها هاتفا : - هاها ! إنه الفرنسي الصغير ال1ي ضربت له موعدا هنا عند منتصف الليل ياله من مقدام!! ويالهذه الضربات ! دونك إلى اليمين! دونك إلى اليسار! أحسنت ! هوذا اثنان طريحان على الأرض أحسنت ! هوذا اثنان يبصقان أسنانهما ! يالك من مغوار ! يالك من مغوار! ومضى قيصر يصفق بيديه بعصبية بارزة! أما الرجل الذي كان ينازل الخدم مستثيرا إعجاب قيصر فقد كان الفارس راكستان ال1ي كان قد انطلق من نزل " جانوس الجميل" حين دقت الساعة الثانية عشرة . ولقد كان يفكر وهو يعدو قائلا في نفسه: آه ! يا لهذه الرؤيا الفظيعة ! رج غارق في التيبر ! يا للمسكين لقد نحروه منذ حين! آه ! هذا الجسد كيف اختفى في اللجج السوداء .. ثم تلك الكلمات المبهمة : سوف يخطفون بريمفيرا! لا شك بأن الخاطف هو القاتل نفسه! ولكن من هو هذا القاتل؟ وأين يمكن العثور عليه؟ وكيف السبيل إلى إنذار الكونت آلما؟ يجب أن أقص هذه الأحداث الغريبة للقائد الفذ الذي ينتظرني فهو وحده قادر على اكتشاف الحقيقة . ولم يلبث الفارس وهو يخاطب هكذا نفسه أن بلغ قصر لوكريس فهم بأن ينطلق بين العواميد إلا ان الحارسين الخيالين اعترضا دربه آمرين : - إبتعد عرض الطريق! فقال راكستان: مهلا! إنني منتظر في هذا القصر . فأجاب أحد الحارسين: سر عرض الطريق! - يالك من عنيد يا عزيزي قلت لك إنني منتظر من قبل غبظة مولاي قيصر بورجيا . هيا افسح لي طريق المرور ! ولكن الحارس لم يذعن لطلب راكستان ثم إذا بدرزينة من الخدم ينطلقون نحو الفارس الذي قال في نفسه: يبدو أن الجنون هلم بالخدم بهذا البلد ولكن هل تراهم يجرأون على رفع أيديهم على ! إلى الوراء أيها الخدم!! وأصبح شكل الفارس صارما حتى لقد تراجع الخدم أما الحارس فقد هجم على الشاب حينئذ فهم راكستان بأن انتصاره سوف يكون موقتا وبأنهم سيحيطون به إذا لم يعطيهم مثلا رادعا لذلك فقد قفز على الحارس وتكمش بساقه وأخذ يهزه هزا عنيفا لكي يقضي على توازنه. عند الهزة الأولى صرخ الحارس مجدفا ثم تشبت بناصية حصانة وعند الهزة الثانية رفع عفب سيفه لسحق طبه خصمه الشديد إلا أن الوقت لم يمهله لتنفيذ مأربه فكان نبها لهزة ثالثة أعنف من الاثنتين السابقتين لذلك فقد بقى فمه المتأهب لقذف شتيمة مقذعة مشقوقا صامتا من الذهول أما راكستان نفسه فكان قد تراجع عدة خطوات وهو يكاد يشرف على السقوط. فما الذي حدث إذن؟ شئ بسيط : ان راكستان لكثرة شدة على ساق الحارس العملاق كان قد انتزع جزمته الكبيرة فبقى مخبولا ورجلة عارية ولكنه لم يبرح مسمرا على متن حصانه بينما اندفع الفارس إلى الوراء تحت تأثير الهزة العنيفة حاملا بين يديه الجزمة الضخمة . عندئذ حصل تفرق بين الخدم ولكن عونا انضم إلى هؤلاء المهاجمين فإذا بعددهم يشارف الثلاثين وجميمعهم مسلحون بالعصي . لذلك فقد ألفى راكستان نفسه محاطا من كل جانب لكنه فجأة أحس بفكرة منيرة تخرج من دماغه المزدحم فصرخ بينهم راعدا: آه أيها الأوباشَ! ويا حثالة الأرذال ! لأصدنكم بهذه الجزمه ! وأمسك الجزمة من قدمها وشرع يستخدم جذعها كككتلة من الأسلحة ثم دار بها على نفسه دورة قوية متجها في الوقت نفسه نحو الدرج الذي بغله والمظاهرة ما زالت مزمجرة خلفة . وعند طرف الدرج وجد راكستان نفسه في ردهة واسعة فالتصق في إحدى زوايها عندئذ أصبح المشهد ملحميا : ذلك أن راكستان كان ليوح بجذع الجزمة كما شمشون قد لوح بفك حمار ليفتك بأعدائه أما الجذع فقد كان يدور محوما فوق رأسه وفي كل لحظة كان يقع على رأس أو على خد أو على ظهر . وكان هنالك صرخات ألم وإنذارات رهيبة ولقد استمر هذا حتى أنه سقط عشرة من الخدم فتراجع الآخرون طالبين النجدة وبعد أن راى راكستان نفسه منتصرا في هذه المعركة الحربية دون أن يصيبه خدش واحد أطلق ضحكة قوية وهتف قائلا: هيا أيها الخدم! اذهبوا واخبروا سيدكم بأن الفارس راكستان هو الآن رهن أوامره فهتف صوت يقول : لقد أخبرتّ بكل شئ لأنك أنت أيها السيد قد أعلمت عن نفسك. فاستدار راكستان واجدا نفسه في حضرة قيصر ولو كريس وإذا به يستمر ثانية وهو مشدوه بروعة ابنة البابا الآسرة . فابتسمت لو كريس إلا أن الفارس كان قد انحنى مجيبا : يا مولاي وأنت يا مولاتي تكرما على بالعفو لأنني أسأت التصرف مع خدمكما أما دفاعي الوحيد الذي أقدمه فهو أمركم إياي بأن أكون هنا عند منتصف الليل إني لإطاعة هذا الأمر ليسهل علي اجتياز طابور من الأبالسة . فقال قيصر: - تعال أنا المذنت لأنني لم أخبر هؤلاء الحمق بأنني أنتظرك . فتبع راكستان الأخ و الأخت بينما ظل الخدم مذهولين ومقوسين حتى الأرض أما النوبيان عند باب البرونز فقد كانا هنالك دون أن يقوما بحركة: إذ كان عليهما فقط حراسة الباب ولقد بقيا يحرسانه وعندما وصلت إليها لو كريس سألتهما قائلة : - وأنتما ماذا كنتما فاعلين لو حاول اجتياز هذا الباب؟ فابتسم الأسودان ابتسامة عريضة أبرزت أسنانهما الباهرة ثم لمسا بطرف إصبعهما نصل يطقانهيا وأشارا إلى عنق الفارس الذي أسرع القول: هذا واضح ! كانا يقطعان عنقي ولكن لكي أسعد بمشاهدتك يا مولاي أقسم بأني كنت مستعدا لمجابهة هذا الخطر. فابتسمت لوكريس مرة ثانية وبعد أن ربتت على خدي النوبيين عبرت ومن خلفهما قيصر والفارس اللذان قادتهما إلى بهو صغير دهش راكستان من حاشيته الباذخة الرقيقة عندئذ قال قيصر: أقدم لك يا أختي العزيزة الفارس راكستان إنه فرنسي. وهذا العنوان كاف كتوصية تجعله يفوز بعطفك وما هذا بكل شئ: فالفارس راكستان أنقذ حياتي يوم كنت مسافرا إلى شينون . فقال الفارس: آه يا مولا كم أنت عطوف لكي تتكلم عن مثل هذا العمل الرتيب!! هنا قالت لوكريس: إنني أحب الفرنسيين ولسوف أحب حضرة الفارس بنوع خاص حبا لك يا أخي وإننا سنعلي من شأنك أيها الفارس!! - آه يا مولاتي إنني خجل من عطفك علي . فقالت لوكريس ببشاة: إنك تستحقة ولكنني أظن أنك بحاجة لمرطب بعد هذه المعركة الضارية فتعال إذن أيها الفارس! ثم أمسكته بيده وجرته معها فارتعش الفارس مقشعرا إذ أن هذه اليد الفاترة المتعبة كانت قد ضغطت على يده . ترى هل كان ذلك صدفة أم عن قصد؟ عندئذ أطبق الشاب المغامر عينيه طيلة ثانية وإذا به يقول في نفسه : لربما كنت أخاطر مخاطرة كبيرة ولكن اللعبة تستحق. ثم أعادت يده بشدة الضغطة الغرامية ليد لو كريس وبعد لحظه كانوا قد بلغوا ردهة الولائم فخيل لراكستان وقد تمشت الحمى في جسمه أنه انتقل إلى فردوس من ألف ليلة وليلة وكانت لو كرس بنفسها تضع أمامه الأترج والبطيخ المثلج ثم صبت في كأسه نبيذا مزبدا وقالت بنظرة أمعنت في هيجانة: إشرب هذا النبيذ من بلادك ولكنني أدارية بطريقة خاصه. فقال قيصر: - إن أختي شرهة إذ أنها تقضى وقتها في ابتكار وسائل من اللذة أكثر كمالا وذوقا. فقالت لوكريس بابتسامة خاصة: أجل إني شرهة والشراهة لذة من ملذات الآلهة ! ألا اشرب هذه الراح أيها الفارس إنها الكوثر!! ثم ذق هذه المربيات فإنها من عسل الآلهة !! عندئذ أفرغ الفارس كوبه فإذا بأوردته تشتغل ثم ذاق من المربيات فشعر بأن صدغيه يخفقان وبأن مخيلته انتحتحت على رؤى غريبة هي أقرب إلى الأحلام فشرع يقول: يا مولاتي إني أشرب وآكل وأسمع أصواتا وإتي لأتسائل إذا لم أكن في حلم رائع بمسكن جنية فاتنة ., - يا للأسف إنك في بيت لو كريس بورجيا التي تفتش عن اللهو ولكنها لا تعثر عليه إلأا فيما ندر ! - وماذا يا مولاتي! أتكونين تعسة ! ولكن قولي أي مطلب تشائين وأي مراد لا تبلغين لكي أجعله والله رهن يديك حتى ولو قلبت العالم رأسه على عقبه أو رحت كالطيطيان أتسلق جبال الألب مفتشا عن سر السعادة . فهتف قيصر: أحسنت أيها الفارس . إلا أن راكستان تابع قائلا: ما أنا إلا برجل شريف بلا ثروة غير أنني أملك قلبا يعرف كيف يخفق وذراعا لا ترتجف وسيفا وإني أجعلها جميعها يا مولاتي تتفاني في خدمتك . فقالت لوكريس برزانة: إنني أقتنع بهذا. هنا قال قيصر: - أما الآن وقد أصبحت محظيا لدى دوقة بيزاقلية فدعنا نرى كيف نجد لك مركزا رسميا يمكنني أن أحصل لك من والدي على شهادة تثبت أنك من حرس الأشراف. فقال الفارس وقد أعيد إلى الواقع: أعترف لك يا مولاي بأنني أفضل شيئا آخر . - ياللشيطان إنك رجل صعب! فالمنتمي إلى حرس الأشراف يجب أن يثبت أنه نبيل من الدرجة السادسة. ومن ثم (أضاف قيصر بفظاظة) مازلت أجهل من أنت. فوقف راكستان وتحفز بخيلاء ثم قال بنغم جارح: ما رأيتك يامولاي تطلب صك نبالتي في شينون! فهتف قيصر: لقد أصبتني بكلامك هذا إصابة نافذة ! فتابع راكستان قائلا: أما عناوين سلالتي فهذي هي مطبوعة على وحهي وإني مستعد أن أمهرها بخاتم من رأس سيفي. - ما أبرع جوابك أيها الفتى ! - وبما أنك تعتقد أنني قادم إلى إيطاليا لأكون حرس الكنائس فا أنذا قائل لك : الوداع يا مولاي - ولكن هون عليك ! أي شيطان نزق يقطن بردك يا هذا! إني أعرف أن تستحق أكثر وقد عرضت عليك هذا لكي أجربك . ولا أخفي عليك بأن تعجبني بأشياء كثيرة : بطريقتك التي سويت بها أمر أسطور العملاق الذي لا يغلب ، وبأجوبتك وبشكلك وبهذه اللطمات البارعة التي ألقمتها منذ حين أولئك الخدم الرعاع . ها ها ! لشد ما يضحكني هذا! وانقلب قيصر ضاحكا بملء شدقية: ثم استوى فقال: اتريد إذن أن تعمل في خدمتي؟. - هذا ما قلته لك يا مولاي . - إذن لك ما تريد فأنا بعد أيام سأجرد الحملة من جيد على بعض الأمراء الصغار الذين يحسبون أنهم في مأمن مني. ولسوف أعتمد عليك أيها الفارس لأن القليل الذي رأيته منك ينبئني عنك. لذلك فسأجعلك تخوض غمار المعركة تحت أوامري على رأس فيلق من الجنود . فقال راكستان وقد وثب من مكانه: ماذا تقول يا مولاي ؟ لا شك أنك تسخر مني؟ - تعال بعد غد إلى قصر " سانت آنج" لتأخذ شهداتك . فانحنى الفارس مخمورا من الفرح وقد سمع ما يفوق أمانية ثم أخذ يد قيصر وحملها إلى شفتيه. غير أن قيصر استأنف قائلا: - يبقي لقي كلمة واحدة: هذا الصباح عندما أرعبت كركونيو الراهب المسكين هل التقيت بصبية ذات ثياب بيضاء تمتطي حصانا أبيض؟ فأعادت هذه الكلمات فجأة إلى عيني راكستان مشهد نره التيبر المخيف وجعلته يتذكر الصورة الرقيقة لتلك المرأة المجهولة التي دعت نفسها بريمفيرا وإذا به يفطن إلى اعترافات جريح التيبر معتقدا أن الوقت قد حان كي يفوه بكل شئ لقيصر بورجيا طالبا من حماية هذه الصبية لذلك فقد أجاب قيصر قائلا: - نعم التقيت بها وإنني ...... هنا توقف راكستان لأنه كان يفتش عن الكلمات التي من شأنها أن تضمن لبريمفيرا عطف قيصر بورجيا إلا أن الكلمات اختنقت فجأة في حنجرته ذلك أنه وهو ينحني أمام قيصر كان ألقى ببصر على الفسيفساء الرخامية المكونة منها أرض الردهة فإذا به يلمح بقعة واسعة من الدم . ولكن ترى لماذا أوقف هذا المنظر الكلمات الضرورية التي كان سيلفظها؟ وأي وحي أيقظ الفطنة النائمة في فؤادة النزق السريع الظنون؟ ثم أي ارتباط غريب اكتشف أو ظن أنه مكتشف بين بقعة الدم ومشهد نهر التيبر حتى اقشعر بدنه وصمت؟ وهنا قال قيصر : - ماذا كنت تقول أيها السيد؟ - نعم التقيت بالسيدة التي ذكرتها وإنني آسف لقطعي حديث الراهب معها بعد أن عرفت أنه ينتمي إليك . فقال قيصر بوجه مربد: أنت إذن لا تعرفها؟ - وكيف أعرفها ؟ فأنا أجهل اسمها ، بل إنني أجهل في أية طريق اختفت. - حسنا يمكنك أن تنصرف الآن ولا تنس ميعادك بعد غذ في قصر " سانت آنج" - لن أنسى إلا إذا فقد عقلي. هنا قام راكستان بشكل طبيعي فحيا لو كريس تحية عميقة لطيفة ولقد منحته يدها فقبلها ثم خرج محاولا ألا يفكر بشئ ولكن هاجسا قلقا جعله يفكر بعواقب هذه الحادثة فإذا به يرتجف ويتذكر تحذيرات بريمفيرا له. وفي هذه اللحظه بالذات شعر بيد تمسك يده وبصوت يهمس في مسمعه : - تعال ولا تثر أية ضجة!! ظل راكستان رابط الجأش لأن الصوت الذي سمعه لم يكن عدائيا بل محببا ولكنه بالرغم من ذلك شعر بضيق في صدره . إلا أنه تشدد بسرعة وتبع دليله الذي كان إحدى وصيفات القصر وإذا به بعد قليل يجد نفسه في غرفة الولائم الفسيحة التي كان ينيرها الآن قنديل بضوئه الشاحب فأخذ قلبه يخفق هنا وسوس الدليل: : لا تنتقل من هنا ولا تتحرك وانتظر أن يأتي أحد فيأخذك . ثم مضت الوصيفة التي قادت الخادم واختفت فلم يعم راكستان أن أحس بعينيه مجذوبتين بقوة قاهرة نحو بقعة الدم التي كانت ماتزال هناك وعندما لمس الدم بيده وجد أنه لم يكن متجمدا يابسا فهمهم في نفسه قائلا : لم تكد ساعة تمضى على هذا الدم المراق! ولكن ماذا ترى يكون هذا الدم؟ ثم ظهرت بقعة ثانية ثم بقع أخرى ثم طريق من الدم فتتبع هذه الطريق خطوة خطوة وهو يلهث حتى بلغ بابا ففتحه غير أن طريق الدك كانت متواصله ففتبعها راكستان قاطعا عدة غرف حتى انتهى إلى باب آخر وعندما فتحه خنف في حلقه آهه ذعر وذهول إذ وحد نفسه على حافة نهر التيبر! عنئذ همس في نفسه قائلا: - يالله هل هذا ممكن ! ولكن بلى فالأحداث ترتبط بوضوح كبير وهاهي الحقيقة تملأ ناظري فالرجل القتيل ألقي من هنا ولا شك أنه طعن في هذا المكان لقد فهمت الآن أسباب الرعب المحيط بهذا القصر الذي ماهو غير بؤرة للقتل!! أما جنية القصر الساحرة فإنها نمرة ظامئة للدم ! ومن ثم من يعلم أنها لا تراقبني؟ في هذه اللحظه فكر الفارس بأن يرتمي في التبير لكي ينجو بنفسه . إلا أن فكرة الهرب عظمت عليه لذلك فقد ركز سيفه على خصره وأغلق الباب ثم عاد إلى قاعة الولائم حيث مكث عدة دقائق هناك واخيرا ظهرت الوصيفة نفسها فأخذته من يده كما فعلت سابقا واجتازت به ثلاث أو أربع غرف ثم توقفت عند باب وقالت له : باستطاعتك الدخول. فتردد راكستان ثم هز كتفيه ودخل فوجد نفسه على عتبه مخدع معزل صغير أضئ بنور غامض كما تضاء المعابد في الليل وكان في قعر هذا المخدع امرأة استقلت على كومة من فراء الفهود ! : إنها لو كريس التي سمعها تناديه : تعال إيها الفارس!!!! |
لقاء مع الحورية الفاتنة كانت الساعة قد شارفت على الثالثة صباحا عندما عاد راكستان إلى نزل " جانوس الجميل" فارتمى من توه على سريره منهوكا ونام نوما نقيلا كالرصاص ولقد نائما حتى الساعة الثامنة حيث جاء صاحب النزل فأيقظه أما الرجل الروماني فقد كان آتيا لطلب أجرة اليوم الطالع إذ أن القاعدة كانت تقضي بالدفع سلفا. فتنهد الفارس وألقي نظرة على الماسة في يده ثم رجا صاحب النزل أن يمضي فيحضر له صائغا وكان الرجل قد فاجأ النظرة إلى الماسة ففهم ماذا وارءها . - الصائع على خطوتين من هنا وسأجلبه لك في خمس دقائق إنه يهودي يشتري الحجارة الكريمة. - واجلب معه أيضا تاجرا للثياب فأجاب صاحب الفندق قائلا: هو نفسه تاجر للثياب. وبعد دقائق معدودة عاد الرجل يتبعه عجوز ذو لحية مهيبة ولكنها قذرة وقد حيا هذا العجوز بارتباك ثم وضع على السرير تشكلية من البزات ولم يعتم أن قدم راكستان له ماسته فأخرج اليهودي من جيبه ميزانا صغيرا وزان به الجوهرة الرائعة وفحصها بعدسة مكبرة ثم ابتدأ يقدم ما يساوي ربع قيمة الماسة ولكنه شعر أنه يحال خصم قوي لذلك فقد اضطر على الاقتناع بربح لا يزيد عن ثلث الثمن الحقيقي. حينئذ اختار راكستان بزة جديدة وراح يرتدي كل جزء من الثوب يقع ليه اختياره ولكن بعد أن تنتهى أفنانين المفاصلة عليه حتى أنه وجد نفسه أخيرا الأتفان لامعا مشرقا وقد سدد كل شيء من الحساب ودفع لصاحب النزل عن ثلاثة أيام سلفا. غير أنه لم يبق في يده إلا بعض الدنانير. وكان موشكا على الخروج عندما أدل صاحب النزل إلى غرفته شخصا غريب المظهر جاء طالبا مقابلته ولقد كان هذا الرجل عجوزا صغير القامة نحيفا نحيلا له وجه شيطاني كوجه مفيستوفلس ولكن يخيل لرائيه أنه صائم دهرا. دخل هذا العجوز وشرع يقوم بانحناءات عديدة وكان صاحب النزل قد أدخله مظهرا له شيئا من الاحترام الممزوج بالرعب. ولما كان هذا الأخير مزمعا على البقاء بدافع الفضول أشار إليه راكستان إشارة قاطعة تأمره بالخروج فخرج صاحب النزل ولكن دون أن يفته منظر واحد من هذه المقابلة إذ أنه انحنى على ثقب الباب فحضرها بكاملها وعندما ظن راكستان أنه أصبح وحيدا مع زائرة نظر إليه نظرة استفهام فأجاب العجوز الصغير: - أنا السنيور جياكومو - وماذا يأمر السيد جياكومو؟ - إنني مكلف بأن أوصل لك هذا ، فقط وكان السينور جياكومو قد فتح معطفه ووضع على الطاولة كيسا صغيرا ند عنه صوت معدني ثم قال وهو ينحني من جديد: في هذا الكيس مائة دينار ذهبي عدها إذا شئت . فهتف راكستان متعجبا : إنها لي!! - ألست مولاي الفارس راكستان؟ - بلى أنا هو بلحمة وعظمة ولكن ترى هل أنا في يقظة أم في حلمّ!! - إذن هذه الدنانير الذهبية هي لك - ومن مرسلها إلي؟ تالله لسوف ..... - صه ! عدها يا سيدي فحل راكستان الكيس فيما كان وجه جياكومو الشيطاني ينشق عن ابتسامة غريبة . ولقد وجد الدنانير المالية كاملة فلم يشعر لكثرة ذهوله وسروره إلا وقد دسها في زناره الجلدي الملفوف حول خصره وعندما انتهى من ذلك تأهب لسؤال الزائر الغريب ولكن الزائر كان قد اختفى فنادي صاحب النزل وقال: - أين السينور جيوكو؟ - لقد مضى يا سيدي منذ لحظة! ثم انحنى صاحب النزل أمامه مرتين فأثار هذا الإجلال المفاجئ دهشة راكستان الذي قال: - لا شك أنك رأيت كل شيء - يا مولاي أرجوك أن تغفر لفندقي فقير كان يجهل منزلة السيد العظيم الذي يشرف نزله! ولقد كنت غرا حين تركتك تدفع سلفا وها إني معيد إليك المال . ابق يا سيدي ونم وكل واشرب ولأخسرن الجنة إذا طالبتك ببارة واحدة - يا للعجب ! ألا تخبرني ماذا يعني هذا! - هذا يعني أنني أعلم الآن ما كنت أجهل سابقا وهو أن النازل عندي حليف بل صديق بل قريب لأشهر أشراف روما! وإنني أعلم هذا لأن السنيور جيوكومو الذي خرج الآن من هنا .. - أجل من يكون السنيور جيوكومو ؟ - إنه الرجل الوثوق لدى لو كريس بورجيا أي وكيل القصر المضحك . وبعد أن تفوه صاحب النزل بهذه الكلمات بارتجاف وتأثر خرج متراجعا وهو يحيي منحنيا حتى الأرض . فمكث راكستان طيلة دقيقة يحلم ثم قام إلى الاسطبل فأسرج حصانه كابيتان وقفز على صهوته بخفه ومضى يسير متمهلا في الطريق المؤدية إلأى الباب الذي دخل منه إلى المدينة الخالدة ترى أي سراب فاتن كان يجذبه إلى هذه الطريق طريق فلورنسا؟ وأي أمل غامض كان يقوده إلى النقطة التي التقى فيها بالسيدة البيضاء الرقيقة الحسن؟ هو نفسه كان يجهل هذا فقد كان منظر بريمفيرا قد خلق في نفسه شعورا من تلك المشاعر التي يزيد وضوحها وينغرز شبحها أعمق فأعمق كلما مر عليها الزمن أما هو فقد كان يتعذر أمام نفسه بأن عليه أن يحذر الفتاة مما يحاك حولها وعندما وجد نفسه في رحب الريف راح يخاطب نفسه بهذا الحديث: - لا شك أنني حتى الآن قد بدأت بداية موفقه هذه المبارزة مع أبرع مبارز في روما وعطف القائد الرفيع الشأن الذي ما كنت لأتجرأ على مقابلته والمغامرة الغريبة في هذه الليلة مع لو كريس والتي ترجمعت عن عطفها على بهذه المنحة من الذهبيات! أجل هذا كله حسن ثم ها قد أصبحت قائد فرقة وغذا سوف يمنحني مولاي بورجيا شهادة بذلك كلا لم يبدأ مغامر أبدا مثل هذا الطالع الفأل ! ولكن من أين يأتيني هذا الضيق المقيم في صدري؟ ذلك أن راكستان كان يشعر حقيقة بقلق غامض ينبجس من أعماق قلبه ولما كان لا يخشى شيا على نفسه فهو إذن خائف على مصير تلك الحسناء المجهولة لا سيما وأن المشهد على التيبر كان قد صفع مخيلته بعنف. رما كان باستطاعته أن ينسى بريمفيرا بعد أيا قليلة لو لم يجهر له الجريح الغامض بأنها معرضة لخطر جسيم وإذا بالكلمات المشؤومة التي تفوه بها القتيل تظن ثانية في أذنيه. عندئذ جمع ركبتيه ولمز بهما كشحي فرسه كابيتان حتى بلغ المكان الذي فيه ناشدته بريمفيرا مساعدتها مساعدتها من ملاحقة الكاهن كاركونيو ثم اجتازه منطلقا بين الحقول ومنحرفا نحو اليمين حيث كانت بريمفيرا قد عرجت من هناك ولم يطل به المسير حتى وجد نفسه في طرف غابة زيتون حيث اضطر إلى التمهل في سيره، لأن الجذور كانت تتشعب كوما أو حفرا في الأرض حتى أنه أخيرا نزل يمشي على قدميه. ولقد وصل راكستان إلى شفة ساقية صغيرة كانت جارية في الغابة: فإذا بالمكان شهي بديع ولم يكن الفارس من ذوي الطبائع الشاعرية الميالة إلى التأملات اللذيذة إلا أنه رأى أن المكان أخل للاستراحة التي كان ينوي القيام بها لذلك فقد وقف ونزع لجام كابيتان وسقاه ثم تركه طليقا يختار وجبته من الحشائش والغروس الصغيرة النابتة هناك عندئذ بدأ يفكر بذاته فأخرج من حقيبته رغيفا ومربعا من اللحم وقنينة من النبيذ الأبيض وضعها لكي تبرد في الساقية وانبرى فقضم شريحة اللحم ثم راح يقول بصوت شبه مرتفع: - لله در هذه الغابة الرائعة وهذه الساقية الجميلة التي تجعلني طرواتها وكأني أعيد قصيده " لفرنسوا فيللون" كان يعلمني ؟إياها الراهب أما هذه القصيدة فلا ينقصها الآن إلا تلك الحورية الساحرة التي يتغني بها الشاعر. وإذا بصوت عذب يجيب: الحورية حاضرة تشاهد وجبة طعامك ولكنك لا تراها فانتصب الفارس بقفزة واحدة مذعورة وبقى مضطربا عندما رأى على الضفة الثانية من الساقية عليقة خضراء تخرج منها التي كان يفتش عنها عبثا : الصبية ذات الرداء الأبيض .. بريمفيرا!! ولكم كانت تبدو في هذا الإطار أنها تستحق لقبها الشاعري أكثر من أي وقت مضى لأنها كانت حقيقة كجنية من جنيات الأزهار. ولما كان راكستان قد مكث صامتا مذهولا أما رؤيتها قالت بريمفيرا: - ماذا أيها الفارس أيخيفك منظر حورية الساقية ؟ فأجاب راكستان وهو لا يعلم ماذا يقول: - كلا يا سيدتي! فأنا لا أخاف إلا شيئا واحدا هو أن تتبخر رؤياك وأن يغيب منظرك البديع. حينئذ ارتفع نظره بجرأة أكثر إلى الفتاة فإذا بظل سويداء ينسدل على وجهها وإذا بها تستأنف القول: ماذا تعمل في هذا المكان؟ - كنت أبحث عنك! وأنت يا سيدتي؟ - كنت انتظرك فأطلق راكستان صرخة خفيفة من الفرح وبقفزة واحدة اجتاز الساقية الفاصلة بينهما وكان على وشك أن يرتمي على قدمي الصبية عندما أوقفته هذه بإشارة منها ثم تابعت القول بصوت متأثر: - كنت أنتظرك أيها الفارس لأنني عرفتك منذ لقائنا الأول رجلا لا يخشى أن يضع نفسه في خدمة المظلومين وأن يقارع الظالمين ولأنه ظهر لي أنك أحببت أن تعرف المرأة المجهولة التي دافعت عنها البارحة ومن ثم لأن شيا لا أعرف كنهه أضحى يهمس في داخلي بأنني أستطيع الركون إليك ركونا تاما فهل تراني أخطأت التقدير.؟ - كلا يا سيدتي!! لم تخطئي التقدير بثقتك برجل لم يحلم منذ رآك ك إلا بأن يعيش وأن يموت في خدمتك دون أن يرجو مكافأة غير لذة تفانيه في الدفاع عنك - أجل إنني بحاجة إلى من يحميني ويا لأسف ! - إني أعرف هذا يا سيدتي ! بل إنني أعرف شيا آخر دفعني إلى البحث عنك . فصاحت الصبيه تقول: وماذا عساك قد عرفت؟ - أولا اسمك! فأنا أعلم أنك تدعين بياتريكس وأنك ابنة الكونت آلما أما هي فقد عند سمعاها هذه الكلمات رامية حولها نظرة من الرعب ثم إذا بلامبالاة مفاجئة تظهر في عينيها عندئذ قال راكستان بحرارة : ولكن اطمئني يا سيدتي فلن يخرج هذا الاسم مطلقا من فمي إذا كان لك وطر في إخفائه ولسوف أنساه حتى في أعز أحلامي لكي لا أذكر فيما بعد غير بريمفيرا اللقب المعبود الذي شرفتني به كثيرا عندما بحت لي به. عندئذ مدت له يدها فحملها الفارس إلى شفتيه إلا أنها مضت تقول: - سامحني يا سيدي فأنا محاطة بالأحابيل والأعداء وهذا الاسم هو في الواقع سر من الأسرار وإني لمصعوقة بأن تعرفه حتى أنت الشريف المخلص. - الصدقة هي التي جعلتني أعرف هذا السر وإني أعترف بأن هذه الصدفة مرعبة. - وماذا تقصد؟ فروى راكستان المشهد الذي رأه وأعاد كلمات جريح التيبر وأثناء ذلك كان اصفرار أكثر شحوبا يكتسح رويدا رويدا وجه بريمفيرا . فإذا بها تحجب عينيها اللتين تدحرجت من أهدابها بعض الدموع ثم تمتمت تقول: آه لقد قضي علي !! فهتف راكستان عندئذ: - أقسم لك بأن أيام الشقي الذي يبكيك ستكون معدودة إذا أردت أن تبوحي لي باسمه ! فهزت بريمفيرا رأسها وهي ترتجف ثم قالت : نعم نعم ستعرف كل شيء ولكن ليس اليوم ولا في هذا المكان اليوم نهار الاثنين فلاقني نهار الجمعة عند الساعة الواحدة ليلا على طريق المدافن حيث يمكن أن تعد عن يسارك اثنين وعشرين مدفنا وعند الثالث والعشرين قف واقترب فيهتف لك رجل كلمة "روما" فأجبه أنت بكلمة "آمور" (أي الحب) عندئذ ستعلم من هم أعدائي وما هو عملي وما هي المخاطر التي تحدق بي ثم ما هي الأخطاء التي يتعرض لها كل من يقترب مني! ولكن من الآن حتى ذلك الحين إياك أيها الفارس أن تخطو خطوة واحدة على طريق فلورنسا حيث رأيتني أو أن تفوه بكلمة واحدة تثير الظنون بأنك تعرفني! ولاشك أنك مطيع كلامي هذا إذا كنت تحمل لي قليلا من هذه الصداقة التي يخيل إلي أنني أقرأها في عينك فوضع الفارس يده فوق قلبه الذي كان يخفق خفقانا شديدا وأراد أن يجيب . إلا أن بريمفيرا كانت قد دخلت بخفة وفتنة بين الأوراق الكثيفة وقبل أن يفيق راكستان من الاضطراب الذي بعثته فيه كلمات الصبية الأخيرة سمع على بعد خمسين خطوة من هناك عدو حصان منطلق فعاد مفكرا إلى حصانه كابيتان فلجمه وعندما خرج من الغابة امتطى الحصان وسار على طريق روما إلا أنه كان حذرا فقام بدورة صغيرة ثم عند المساء دخل إلى المدينة من باب آخر غير الباب الذي كان قد خرج منه . |
اسكندر بورجيا في اليوم التالي استعد راكستان ببزته المتـألقة للدخول إلى قصر سانت آنج وبينما كان يهم بالخروج رأي جماعة من الناس يتضاحكون فيما بينهم ويسيرون جميعا في اتجاه واحد فسأل الفارس صاحب النزل الذي كان يمسك له الركاب باحترام بالغ: - إلى أين يذهب جيمع هؤلاء الناس؟ - إلي كنيسة القديس بطرس أيها السيد -إلى كنيسة القديس بطرس! فهل هناك عيد ديني؟ -كلا! ولكنها جنازة غبطة مولاي فرنسوا بورجيا دوق غانديه الذي قتل بيد جبان -وكيف قتل؟ -لقد وجدوا جثته مثقوبة بنصل خنجر! -وأين وجدوها ؟ -في نهر التيبر تقريبا على بعد ثلاثماية خطوة من هنا ولم يكتف اللصوص بتقل غبطة مولا ي المسكين ولكنهم قذفوا جسمه في الماء آملين بأنه سيحمل إلى البحر إلا أن جثته وقفت عند شبكة كان قد مدها صيادو السمك- لقد وجدت الجثة إذن في التيبر! ثم انتقل فكر راكستان حالا إلى ذلك الجريح الذي رآه إلى ذلك الطريق الدموي الذي كان قد تتبعه بين شقق القصر الضاحك أما صاحب النزل فقد أضاف قائلا: ولقد جرى اكتشاف الجثة صابح البارحة . -وهل من شبة على القاتل؟ -لقد أوقف درزينة من الناس الرديئي السمعة ولا شك أنهم سيكتشفون المجرمين لأن غبطة مولاي قيصر هو المشرف بنفسه على التحقيق. -أشكرك على روايتك يا سيد برتولومايو أما برتولومايو فهو صاحب نزل "جانوس الجميل" وهو بعد أ، سر من استماع الفارس إليه باهتمام أضاف فجاه بلهجة مبهمة : أتعلم ماذا يهمس الناس؟ فقال راكستان وقد أصبح على صهوة حصانة. -ماذا يهمسون؟ -إنهم يقولون ----- هنا صمت برتولومايو فجأة إذا تذكر أن الفارس تلقي البارحة زيارة جياكومو وكيل القصر الضاحك وهذا يجعله ولا شك صديقا لآل بروجيا لذلك تمتم متعلمثما : -لا شيء ! لا يحكي الناس شيئا فقال الفارس: بل أنا أخبرك ماذا يروي الناس أنهم يرون بأن القصر المضحك هو المكان القريب من التير حيث وجد دوق غادنديه . عندئذ تضرج وجه برتولومايو ثم امتقع من الرعب لا أعلم شيا يا مولاي ! أقسم لم بأنني لا أعلم شيئا ولا أقول شيئا ولا أفترض شيئا هنا اتجه الفارس سائر الهوينا نحو قصر سانت آنج مجتازا كنيسة القديس بطرس حيث كان يجتمع الناس الذي قذفتهم جيمع الشوارع وما تزال ذلك أن موت فرنسوا بورجيا قد بعث تأثرا عميقا وقد كان الناس يعرفونه غريما لقيصر وخصما له لذلك فقد كانوا يرجون بأن الخصام المستتر الناشب بين الاخوين سوي ينتهى بهزيمة بل بموت ابن الباب البكر ذلك أن قيصر بورجيا قاهر رومانيا ومرهب روما كان يعيش في جو من البغضاء أما راكستان فقد راح يلاحظ الجمع الغفير الذي كان يشقه ببطء وقد كانت اهناك هتافات مستترة ترجف بين الجمع وتسير على سطحه كما تسير انفاس عاصفة فوق البحر ولم تكن تتردد بعض الجماعات بالتصريح بأنه من الواجب الثأر لموت فرنسوا فتتجه الأنظار إلى قصر سانت آنج كأنما هي إنذار لقيصر ولكن ترى هل تقع ظنونهم علي؟ ولما كان راكستان ساهيا عن نفسه فإنه لم ينتبه لكاهن بزي رجل عادي كان يجتاز الجماهير هامسا الكلمات في إذن البعض ومشير لآخرين إشارات غامضة هذا الكاهن هو دون كاركونيو ولكن بأيه مهمة كان يقوم هذا الرجل ؟ هذا ماكان يطرحه الفارس على نفسه لو أنه شاهد الكاهن إلا انه كان يسير محاولا أن يلم بمشاعر الناس المحتشدين هناك ومفكرا باللقاء الغريب الذي حصل له البارحة مع بياتريكس إلا ان فكرة الصبية قد تغلبت عليه أخيرا مستأثره بمجمل انتباهه . وعندما أصبح أمام باب قصر سانت آنج طرأ تغير عليه غريب على موقف الجمهور من الناس ولكان راكستان ارتجف لو أنه رأى في هذه الفترة العيون اللامعة التي كانت ترتمي عليه والابتسامات الشريرة التي كانت ترافقه الا انه لم ير شيئا فدخل في باحة القصر الذي كان مكتظا بالجنود وبالاسياد من جماعة النبلاء ذلك ان مللك فرنسا لم يكن محاطا بالحرس ورجال الحاشية كما كان ابن البابا. وكان راكستان قد نزل عن صهوة فرسه وشرع ينظر حوله مرتبكا عندما سمع صوتا غليظا يصيح قائلا: أيها الخدم ألا ترون أن الفارس راكستان يمد إليكم لجام حصانه؟ فقدم الحجاب المعنيون بهذا النداء وأخذوا كابيتان ثم قادوه إلىإحدى اسطبلات القصر وإذا به يصيح متعجبا : البارون أسطور! فأجاب الرجل الضخم أنا هو وإني لأكون مسرورا بأن أضع نفسي تحت تصرفك لكي أقودك في هذه المدينة الصغيرة الكثيفة التي يتألف منها قصر سانت آنج . لا أعرف كيف أشكرك على عرضك هذا ايها البارون العزيز ولكن اسمح لي أولا ان استفهم عن صحتك إنني اراك معصب الذراع ولكنني ارجو الا اكون قد جرحتك جرحا بليغا . أنت ترى أنني لست في شبه نزاع أخير والسيف الذي سيسوردني الحمام لم يصهر بعد ولكن تعال سأقودك إلى جناح مولاي قيصر الذي يعقد اجتماعا مع والده الذي هو والدنا جميعا بالمسيح اليسوع ورسم البارون علامة الصليب فظن راكستان أن الواجب يدعوه إلى تقليدة ثم تبع دليله البارون الذي جعله يتسلق درجا من الغرانيت الوردي الذي كان يفضي الى صف من الغرف المزانة ببذخ أقل غني من بذخ القصر الضاحك وغذا بهما يصلان الى بهو واسع حيث كان يصخب عالم كبير من النبلاء والحراس والحاشية الذين راحوا على هواهم يثرثرون عندئذ قال أسطور: اسمحوا لي يا سادتي أن أقدم لكم حضرة الفارس راكستان الذي هو شريف فرنسي قادم الى ايطاليا ليعلمنا كميعا كيفية استعمال السيف ولقد بدأ بإعطائي أمثولة سوف اذكرها وقتا طويلا! فاجتمعت الأنظار على الفارس الذي ارتجف إّذ خيل إليه أ،ه مكتشف في صوت أسطور بعض النبرات الساخرة وأن الأنظار التي استدارات نحوه ما هي إلا أنظار هازئة . |
أما قيصر بورجيا فقد كان في الواقع عند البابا اسكندر بورجيا الذي كان في ذلك الحين شيخا في السبعين
من العمر يحمل وجهه " المتموج المتلون" دلائل دبلوماسي داهية ولقد كان يلمع في عينة السوداء خفة مدهشة ولهب حيلة فظة كما أن السمات العنيفة كانت بارزة على هذا الوجهه الخالي من شحوب الشيخوخة والذي يبدو كأنه مشوي بالشمس , ولقد كانت قامة اسكندر هذا فوق الوسطى فهو كان يقف منتصبا رغم أنه أحيانا كان يتظاهر بانحناء الرأس دلالة على ثقل التفكير ولقد كان أيظا يظهر ريعانا جما فتظهر أصولة الإسبانية في عينه القاسية المتعالية وفي فمه الكاز وفي حاجبيه الكثيفين لقد كان الباب في شبه مصلي مخشوشن الأثاث يجلس في أريكة واسعة ذات ظهر مرتفع منقوش فوق مخدة مخملية وكان يقف أمامه شاب لم يكد يجتاز بسنه العشرين بينما راح البابا يتابع حديثا بدأه منذ نصف ساعة وعيناه مسمرتان على لوحة علقت منذ وقت قريب على الجدار وكان الشاب يتتبع نظر البابا باضطراب فقال البابا: إنه جميل بل إنه رائع! لسوف تكون يا بني رافائيل راساما عظيما فقال الشاب: هل قداستكم هي راضية عن هذه العذراء؟ - إنها مدهشة ! وإني لا أجد غير هذا التعبير لوصفها بل إنها عذبة وبسيطة جدا في كرسيها الشعبية هذه كما أنها شديدة الأمومة في مداعبة يديها لابنها ثم ياللطفل يسوع ! هل يمكن تصوير طفل أكثر نبلا وقداسة؟ هيا يا رافائيل مر على أمين خزانتي مع هذا الوصل الذي أعطيتك إياه غير أن أموال صناديقي بأجمعها غير كافية لمكافأة موهبتك لأنني فقير فقير جدا وكان الشاب الحديث السن ذو الجبين الناصع والعينين الحالمتين يستمع ببساطة إلى هذه النصائح وكان على أهبة الخروج عندما أوقفه البابا بإشارة قائلا: - ولوحة التجلي هل يتقدم عملك فيها؟ - فبدا القلق على رافائيل سانزيو الذي تنهد وقال بصوت منخفض : - أكاد أيأس من هذه اللوحة ولربما لم تستطيع يدي أبدا التعبير عن فكرتي - يجب أن تتشجع ! يبقى لدي كلمة واحدة يا رافائيل الرقيق: كيف تختار نماذجك ذات الحسن الرائع ؟ ومن هي التي جلست أمامك لرسم هذه العذراء؟ لا شك أنها سيدة رفيعة المقام لأن رسمها ينبئ عن نبل مدهش في شخصها . فأجاب رافائيل: لتسامحني قداستكم! فأنا لا أجد بين السيدات الرفيعات المقام من تملك عذوبة هذه الخطوط وأشعة النبل العميق التي تصدر عن النفوس العفيفة البريئة. - ومن أين تأخذ إّذن نماذجك؟ - من الشعب الذي يعرف أن يحب ويتألم ويفكر - إذن عذراؤك هي ......... - من بنات الشعب : عاملة متواضعة في فرن فأطبق البابا المزيف عينه ثم قال ببساطة : حسنا يا رافائيل أريد أن أعرفها هيا اذهب آلان فخرج الشاب بينما راح البابا المزيف يتمتم وعيناه مسمرتان على صورة العذراء الجالسة على كرسي: - بلى يجب أن أعرف هذه الطفلة العفيفة البريئة وأن أحيي بعض الشرارات الكامنة في رماد قلبي المسن أواه يا ليتني أحب مرة أخرى ولكن إذا كان الرسم يخلق في هذه الأحساسيس التي كنت إخالها ميتة فكيف يفعل بي إذن النموذج الحي ؟ إنها عاملة في فرن؟ لا بأس ! فلسوف أخلق لها دوقية وعنوانا أثيلا لكي تصبح أهلا لرجل من آل بورجيا وهنا استدار اسكندر السادس نحو باب وقال: - أدخل! ففتح الباب حالا وظهر قيصر وسرعان ما طرأ تغير غريب على وجه البابا المزيف الذي بدا متألما شديدا إلا أنه كان من المستحيل معرفة ألمه إذا كان جسديا أم روحيا وبعد إشارة منه جلس قيصر دوق فالنتينو الذي كان يؤلف بدرعه وجزمته ووجهه الصلب وعينه اليقظى وفمه المجعد بابتسامة أباحية مفرطة نقيضا حادا لأبية ذلك أن قيصر كان يمثل الرجل العنيد الفظ بينما كان هذا الأخير ينظر إلى ابنه بطرف خفي فيما كان قيصر يدق السجادة بجزمته منتظرا وأخيرا تلفظ البابا قائلا: - إذن يا ابني أكانت هذه الفاجعة تنقصنا ! وهل كان من القدر لي في آخر أيام حياتي ان ارى احد أولادي يسقط قتيلا بخنجر مجرم بائس ؟ آه يا لشقوتي أنا الأب المسكين ! لأنني فقد أكثر أولادي خضوعا بل خيرتهم على الأطلاق! ثم مسح البابا المزيف عينيه اللتين كانت خاليتين من الدموع واستطرد قائلا: - ولكن سوف يكون انتقامي رهيبا! أتعرف ما هو العقاب الذي يستحقه القاتل يا قيصر ؟ فارتعش قيصر وعبر ظل على جبنه ولكنه بقى صامتا فأمسكه اسكندر السادس بيده وقال: أريد عقابا شديدا لأن القاتل أكان من الشعب أو من النبلاء أو سيدا من ذوي السلطان أو قريبا من أقاربنا يجب أن يعاني التعذيب الذي امليت صيغته منذ برهة : تقتلع أظافرة ويبتر لسانه وتفقأ عيناه ويظل هكذا معروضا على خشبة التشهير حتى يموت عندئذ يؤخذ قلبه وكبده فيرميان للكلاب ثم تحرق جثته ويلقى برمادها في نهر اليبر! أترى هذا كافيا يا قيصر ؟ - ولكنك أنت قلت ذلك - أجل إلا أنك فكرت به أيظا - لنفرض أن هذا صحيح فماذا بعد؟ - يجب أن توضح لي هذا الأمر : مع من كان فرنسوا يتآمر علينا؟ هذا أمر هام يجب أن أعرفه - لا شك أن فرنسوا التعس قد اتفق علينا مع ألد أعدائنا - سمهم يا أبي في هذه اللحظه ارتدى وجه قيصر تعبيرا من الحقد جعل البابا يقول في نفسه" هذا هو ابني الوحيد" ثم عاد إلى الفكرة التي ما زالت تشغله وهتف: - أقول لك أسماءهم ؟ يالك من ساذج! لو استطعت إعلان أسمائهم لكانت المهمة سهلة إني أعلم أن هناك من يتأمر علينا هذا كل شيء وأعلم أن الخونة كانوا واثقين بأخيك لترأف بنفسه العناية الإلهية ! - ولكن فلنفكر بنفوسنا يا أبي - هذا صحيح ولدي فكرة بهذا الشأن . فسأله قيصر قلقا : - وما هي هذه الفكرة ؟ - لقد كانت أقكار الباب عادة شؤما على الذين يبوح لها لهم ولم يكن قيصر يجهل هذا وفجأة قال بورجيا العجوز : إني أفكر بتزويجك فانفجر قيصر ضاحكا وقد اطمأن باله وإذا به يصيح قائلا: وأي شر أتيته لكي تزوجني يا أبي؟ - لا تمزح يا قيصر ---- أنا أعلم أن الزواج يبعث فيك الكره والاشمئزاز ولكن إذا ما حدثتك عن زواج معقول فهذا معناه اني ارى فيه ترسيخا أبديا لسلطاننا - - ها أنذا مصغ إليك يا أبي !! - إسمع يا قيصر إني أتذكر أحيانا كل ما فعلته في سبيل مجد بيتنا وثرائه وإنه ليخيل إلى أن أشباحا اخذت تدور حولي الأمراء والنبلاء والمطارين والكردالة وجميعهم يؤلفون حولي دائرة من الرؤوس التي تهددني اجل جميع الذين تساقطوا حولنا بالسيف أو بالسم من آل ما لا تيسيا إلى آل مانفردي إلى آل فيتللي وسفورزا جيمعهم يقولون لي:" إي رودريك بورجيا لا بد للقاتل من أن يقتل ولسوف تهلك مسموما يا بورجيا!" - هيا اطرد عنك يا أبي هذه الخيالات الصبيانية ! فهمهم البابا قائلا: - قيصر قصر ! عندي شعور مخيف بأني سأموت بعد قليل وبالسم دعني اكمل ! إن مت أنا فما علي ولكن انت – - وهل أنا مهدد بالموت؟ حينئذ شعر الأب بأن الرعب أخذ يفعل في نفس قيصر فتابع قائلا بعنف: أو كنت تعتقد إذن بأنهم يريدون رأسي أنا؟ كلا كلا ! لو لم يكن أمامهم سواي لتركوني أموت من الشيخوخة ... أما أنت ! فإنك وريث سلطاني أنت الذي احتتلك رومانيا ! أنت الذي تحلم بإحياء أمبراطورية نيرون ! أنت هدفهم الأول يا بني ! وهم لكي يتسنى لهم ضربك يعملون على هلاكي أولا. فزجر قيصر وقد صعد الدم إلى عينية قائلا: إني أقسم بالجحيم لأحرقن إيطاليا بأجمعها قبل أن يلمسوا شعرة واحدة من رأسك ! -هناك ماهو أجدى من هذا يا قيصر ..... فصاح قيصر قائلا: - تكلم ! إني مستعد لكل شيء - هذا الزواج سيحل جميع مشاكلنا - ولكن يجب أن أعرف - اسم التي سيكون مهرها تهدئة إيطاليا وتدعيم سلطاننا الموطد ؟ حسنا : إنها ابنة الكونت آلما بياتريكس . فصاح قيصر متعجبا: ابنة الكونت آلما ؟ - هل تعرفها؟ - بل كنت اجهل أن للكونت ابنة ومن ثم كيف يمكنك يا أبي الافتراض أن التحالف ممكن بين آل بورجيا وآل آلما ؟ لقد قلت منذ لحظة إني احتللك رومانيا هذا صحيح ولكنني لم أستطيع إسقاط قلعة مونتفورتي! لذلك فإن الكونت آلما سيد قلعة مونتفورتي مايزال قويا متحديا مغطرسا كأنه إنذار دائم لنا . - أجل إنك الأن تضع إصبعك على الجرح فلقد أصبحت قلعة مونتفورتي ملتقى جميع الناقمين لأن الكونت آلما بمكائده وشجاعته جمع حوله جميع أصحاب الأحقاد فهل ترى الآن أي مصلحة لنا بأن تصبح بياتريكس زوجة لك؟ - ولكن لن يوافق الكونت أبدا؟ - بإمكانك ان ترغمه على ذلك - وكيف؟ بخطفك ابنته اولا فمكث قيصر مهموما يفتش عن البراهين التي تنقذه من هذه العملية التي لم ترقه كثيرا لا سيما وأن قلبه كان يضم حبا آخر إلا أن البابا استأنف قائلا: - ياله من ضرب مدهش! أن تسير إلى منتفورتي بقوات كافية فتستولي على هذا الحصن الأخير وتأسر الكونت آلما ثم تعرض عليه أن تتزوج من ابنته هذه هي الطريقة الوحيدة التي نتصر بها على أعدائنا بعد أن ثبطنا عزائمهم وكان يقصر يعض طرف شاربه بغيظ كظيم عندما أضاف اسكندر وهو يراقبه بطرف عينه قائلا: أما الفتاة فإنها حسناء رائعة حتى أنها لتفتن بابا من البابوات! فهز قيصر كتفيه عندئذ وثب البابا واقفا وقال: - أرى أن الأمر لم يقع منك موقعا حسنا؟ فاستمر قيصر صامتا متشبتا فاستأنف البابا قائلا وهو يصب على قيصر نظرات تنطوي على خبث : حسنا إني أتنازل عن هذا الرأي ولسوف أجد وسيلة أخرى للدفاع عن أنفسنا دون اضطرارك إلى هذا الزواج المقيت من بريمفيرا هذه الصغيرة حينئذ وثب قيصر شاحب اللون وقال بصوت أجش: ماذا قلت؟ - قلت : بريمفيرا لقب بياتريكس - أو تقول إن بريمفيرا هي ابنة الكونت آلما؟ - أجل ! فما الذي يثيرك في هذا! فاستدار قيصر نحو أبيه وقال: أبي متى تريدني أن أسير إلى مونتفورتي؟ - سأقول لك خلال أربعة أيام --------------لقد قبلت إذن؟ فقال قيصر كازا على أسنانه: - نعم قبلت ! - حسنا ! إذهب الآن للاهتمام بجنازة فرنسوا لأن هذا الموضوع قد أثار بعض الحمى في العشب فخرج قصر هازا كتفيه بازدراء فاستمع البابا برهة إلى صوت مهمازية المتباعدين المرنين على الرخام ثم تمتم قائلا: ياله من غبي! أما قيصر فقد هبط على درج ثم على آخر حتى وصل إلى أقبية الفاتيكان ولم بصحبته أحد وهناك في وسط الأقبية فتح بابا سريا في الأرض ونزل إلى كهف مستدير وكان هناك جحر لا شيء يميزه عن غيره فضغط عليه بكلنا يديه فإذا بالجدار ينفتح عن ممر لرجل واحد يفضى إلى نفق ضيق مظلم عندئذ دخل قيصر في هذا النفق دون أن يشعل ضوءا ما اما هذا النفق فقد كان ممرا أرضيا يجمع بين الفاتيكان وقصر سانت آنج وكان ثلاثة فقد يعرفون في ذلك الزمن وجود هذا الممر وهم البابا وقيصر ولو كريس :3eo05175: :3eo05175: :3eo05175: :3eo05175: :3eo05175: :3eo05175: - |
شكرا اختي أنا متابعة معاك
|
الراهب كاركونيو أثناء العمل كنا قد تركنا الفارس راكستان داخلا إلى ردهة الشرف المفضية إلى الجناح الخاص بقيصر بورجيا في قصر سانت آنج ولقد كان جمع الحاشية من النبلاء بعد تقديم البارون اسطور الساخر قد استدار نحو هذا القادم الجديد فالتفت إليهم راكستان وقال بتواضع كأنه الغطرسة : إن طيبة البارون أسطور يا سادتي هي التي تدفعة إلى تذكيريكم بانتصاري عليه إذ أصبته ست ضربات ممتالية فاصفر أسطور وكان من الواصح أنه لا يستطيع مباراة الفارس في مضمار الغمز حيئذ تقدم شاب وحيا راكستان قائلا: حضرة الفارس قادم إذن كما قلت يا أسطور لتعليمنا فنون السيف؟ فقال راكستان: أنا تحت تصرفك يا سيدي! فقال أسطور: إحذر لنفسك أيها العزيز رينالدو إن السيد يحمل إسما مخيفا إذ أنه يدعي فارس الصمصام فانفجرت عدة ضحكات حول راكستان ثم قال رينالدو : - لكم يشرفني أن أرى إلى أيه درجة ينطبق هذا اللقب على صاحبه ! فأجاب راكستان : - ولكن هذا أمر صعب - ولماذا إذن من فضلك؟ - لأنني لا أريد أن أتغلب عليك - بل قل لأنك لا تريد منازلتي - كلا ليس السبب منك إذ أنني لا أطلب شيئا خيرا من أن أعطيك الأمثولة الصغيرة التي أنت بحاجة إليها حينئذ ساد صمت شديد فأردف الفارس قائلا: إني آسف إذ ربطت البارحة نفسي بقسم - أقسمت بألا تعرض نفسك للخطر بعد الآن ؟ - بل لأنني رأيت كم هي سهلة إصابتكم أيها الرومانيون فارتفعت بعض همهمات منذرة ولكن راكستان تابع قائلا: لقد أخذتني الشفقة عليكم ! فصرخ رينالدو هائجا منذرا: وماذا بعد ؟؟؟؟ - لقد قررت ألا أقبل مبارزة في روما إلا مع خصمين فإن صمصامي هل أنت صاغ، أنما يحتاج إلى سيفين على الأقل - ياللمسيح وياللعذراء !! ..... وياللقرون الشيطان !!! - هذه الهتافات المختلفة انبجست من عدة أفواه فإذا بثلاثة سيوف تلمع كالشرر وسيف رينالدو واحد منهم - لقد طلبت سيفين فقدمتم ثلاثه ولكنني أقبلها ما دمتم تقدمونها إلي حيئذ سحب سيفه من غمده وانبرى متأهبا بتحد رائع وبعد لحظات شن الثلاثة هجومهم معا فأخذت سيوفهم تحوم تحويما وأخذ صمصما راكستان يبعث شررا متطايرا وإذا به يقول ساخرا: اليوم يا سادتي سأعطيكم درسا بسيطا وسترون كيف يمكننا أن نجعل ثلاثة سيوف تتطاير وهو ترتسم دوائر في الفضاء وإليكم الأولى! فإذا بأحد المبارزين يصيح بغضب لأن سيفه قد فر من يديه ! فقال الفارس فجأة: - والثانية !! فإذا بسيف رينالدو يفر وإذا به يصرخ قائلا : أين سيفي! أين سيفي! ثم عدا وراء السيف فوجده معوجا في هذه اللحظه اقترب كاهن كان في زاوية مظلمة يراقب هذه المبارزة ففتح معطفة وأخرج منه سيفا مجرا قدمه لرينالدو قائلا: هذا سيف آخر لن يعوج! فاقتحم به هذا العي لكي تصون شرف روما ولكي تنقذنا من شره لم يسمع رينالدو هذا القسم الأخير من كلام الراهب لأنه لم يكد يأخذ السيف حتى اندفع نحو الفارس وتأهب المنازلته في اللحظة التي سمعه فيها يصيرخ قائلا: الثالثة ! وإذا بخصمه الثالث قد تطاير سيفه من يده عندئذ استدار راكستان نحو مهاجمه وقال متضاحكا : ألا يكفيك درس واحد؟ ولكن زه زه ! في يديك سيف جديد؟ لقد ظننت أن سيفك قد اعوج فلم يجب رينالدو بل ظل يشغل سيفه غير آبه لسخريته فأضاف راكستان قائلا: أرى أنك لم تفهم جيدا إنتبه إنني أبدا بتخدير قبضتك بهذه الضربات وبهذه السلسلة من الضربات المزودجة أقيد سيفك ثم ....... هوذا سيفك الرابع يطير!! ولقد فر السيف راسما نصف دائرة ثم سقط بين المتفرجين فأذا بصرخة تسمع ذلك أن السلاح عند سقوطة كان قد خدش يد حاجب مار من هناك فتراكض الرهب نحو الحاجب وقال : هو ن عليك! ثم اصمت واتبعني فإني سأشفى لك هذا الجرح فتبعه الحاجب متعجبا إذ أن خدشه الذي يكاد لا يرى لم يكن بهذه الخطورة لكي يستدعي مثل هذا الاهتمام إلا أن تراجعا أخذ يحدث في دائرة رجال الحاشية الذي شرعوا يكشوفن عن رؤسهم إذ أن قيصر بورجيا قد ظهر فجأة ولم يلبث أن قال: هيا على أحصنتكم إلى الجنازو الاحتفالية ولكن بعد أيام ستذهبون على احصنتكم إلى المعركة ! فارتفع صوت الجمع الغفير تحية لقيصر ثم أخذوا يلتفون حوله وهو مستطرد يقول: - أجل أيها السادة سنمضى إلى المعركة بعد قليل فليستعدن كم منكم بسرعة لحملة سوف تكون قاسية! ولآن فلنذهب إلى دفن أخي الحبيب فرنسوا أما أنت أيها الفارس راكستان فستقف إلى جانبي أيها السادة أقدم لكم حضرة الفارس راكستان صديقي بل أحسن الأصدقاء ! ثم توجه قيصر حالا نحو درج الشرف الكبير الذي يوصل إلى باحة القصر ومن خلفه حاشيته التي تبعته بين صرصرة المهاميز أما راسكتان فقد شرعت أيد عديدة تمتد نحوه وكان البعض يساروعون إلى تحيته كمقرب إلى قيصر والبعض الآخر يظهرون إعجابهم بشجاعته . في هذه الأثناء كان دون كاركونيو الراهب الذي أمد برينالدو المجرد من سلاحه بسيف جديد قد جر معه الحاجب الذي خدشه السيف ولكنه لم يخط به عشرين خطوة حتى وقف الرجل كمن أصيب بدوار مفاجئ وإذا به قد أصبح باهت اللون أراد أن يتلكم إلا أن بلعومه لم يصعد إلا صرخه مختنقة في الحنجرة ولم يلبث أن خبط في الأرض؟. وكان كاركونيو يتابع بانتباه مراحل هذا النزع الأخير فرأى أن الرجل قد تشنج جسده ثم خفق في رجفة أخيرة ثم سكن مصعوقا على الأرض وقد أسلم الروح. فغمغم دون كاركونيو قائلا في نفسه : حسنا ! لقد صحت تقديراتي فالسم يربط اللسان حالا عندما يبدأ مفعوله فما من هذر إذن ساعة النزاع ولكن ساعة النزاع أقبلت بسرعة فقد كنت مقدرا أنها لن تحين قبل ساعتين من حدوث الجرح يجب إذن تعديل كمية السم , :3EO05175: :3EO05175: :3EO05175: ثم مضى كاركونيو سائر الهوينا منحنى الرأس مشغولا بحسابات علمية . |
اقتباس:
|
تكملة الجزء السابق وجرت جنازة فرنسوا بروجيا دوق غاندية باحتفال مهيب وبعد القداس الاحتفالي في كنيسة القديس بطرس طوف بالجثمان في المدينة وبعد أن انتهى الطوفان في المدينة كانت الساعة الخامسة تقريبا عندما أعيد النعش إلى كنيسة القديس بطرس حيث أغلق ووضع في سراديب الكنيسة المقدس , وأثناء المسيرة كلها كانت جماعات من الشعب تتمتم عند مرور قيصر غير أنه لم يعرها انتباهه إلا فيما ندر ولكن إذا بصراح يعلو أكثر فأكثر فرفع قيصر رأسه الذي كان يخفضه إيهاما بالحزن ثم قال في نفسه: أوه أوه ! أصحابنا الرمانيون شجعان اليوم ! وإنهم جريؤون بالنظر مباشرة إلى وجهي! إلا أنه لاحظ بعد قليل أن ألوف التهديدات الصاعدة من الشعب لم تكن موجهة إلية فقال في نفسه : ياللشيطان ! من تراهم يقصدون؟ لقد كان الفارس راكستان واقفا إلى جانبه على يمينه ومن خلفه " أسطور" المقرب المنزل عن عرشه ثم رينالدو والدوق دي ريانزي ثم مائة من النبلاء وألقى قيصر نظرة إلى خلفه واستغرب أن يرى رجال الحاشية الذين كانوا في عشرين حالة سابقة يرصون صفو فهم حوله كيف أنهم الآن لم يتحركوا؟ حتى أنه خيل إليه أن بعض النبلاء يتبادلون بعض إشارات مع أبناء الشعب فاصفر قيصر ترى هل خانه صحبه؟ ولكنه لم يلبث أن اطمأن الآن لهتافات أخذت تنفجر فجأة واضحة المعنى : الموت لقاتل فرنسوا! - ليلق الفرنسي الملعون في التيبر! - نطلب العدل ! والمشنقة للقاتل واتضح أن القبضات كانت تمتد نحو راكستان - ياللشيطان ! أسامع أنت أيها الفارس؟ - إنني سامع يا مولاي ولكنني لا أفهم - ولكن ماذا تراك فعلت لهم؟ - لم أفعل شيئا يا مولاي يا للسماء ..... هاهم يشتعلون غضبا !! هيا استعد يا كابيتان ! وإذا بالموقف يصبح حرجا وقد رأى راكستان نفسه مطوقا بل مفصولا عن قيصر بين مد الجمع الزاخر وجزره كأنما هو في عاصف مفاجئ حينئذ شد الفارس أعنة حصانه أما بورجيا فقد كان على أهبة أن يدور إلى الوراء لكي يأمر بالهجوم على هؤلاء المتمردين لو لم يمسك رينالدو لجام حصانه صارخا : إلى القصر ! ثم نعود منه بقوة لقمع هذا العصيان أما الآن فإنهم قد يسحقوننا بعددهم. فبقى راكستان وحيدا ولم يسأل نفسه لماذا ترى يتهمه الشعب بقتل دوق غانديه لأنه لم ير الراهب كاركونيو مستترا بثياب الجماعة من الناس ومنتقلا من جمع هنا إلى جمع هناك كل ما رآه أنه محاط من كل جانب ولكنه صمم أن يبيع حياتة غالية في هذه اللحظه الخطرة خفق أمام عينه خيال بريمفيرا فتأوه نادما ولكنه غمغم في نفسه : لن تهون عزيمتي بل سأظهر لهؤلاء الأوغاد أيه ميتة يستطيع أن يموتها المغامر المسكين الذي لا رأسمال له سوى حسامه واستهانته بالموت . ثم غرز مهمازيه في كشحي حصانه فإذا به وهو غير معتاد على مثل هذه المعاملة ينتصب على قائمتيه الخلفيتين ثم يشرئب إلى أعلى ثم يوزع حوله درزينه من الرفسات الرهيبة وبلمح البصر كانت دائرة من الفراغ قد انفرجت حوله فيما راحت تعلو ولولة ممزوجة بعويل المصابين الذي حطم كابيتان أحناكهم أما راكستان فقد رد على هذا الصراخ الصاخب بضحكة منفجرة وهو رغم أنه لم يسل سيفه الذي كان غير نافع في تلك اللحظة ظل مركزا على صهوة حصانه مرتفع القامة كهرقل الذي كان بإمكانه أن يطرح إلى الأرض جيشا من المردة , وكان كابيتان لا يزال يدق الأرض بقوائمة دقا جنونيا ويزبد وينفخ كما تنفخ العاصفة وإذا براكستان يترك له العنان على عواهنه فوثب الحصان ثم شرع يرفس الهواء بحوافره حيئذ زعق راكستان: - شقوا الطريق أيها الأوغاد ! ايها الأرذال ! فأجاب الجمع صاخبين : الموت للقاتل ثم سمع أزير بندقية إلا أن الفارس لم يصب برصاصة واحدة لأنه كان يدور على نفسه في سرعة خاطفة وهو يتقدم نحو ساحة القصر إلا أن عشرة من صفوف الناقمين كانت تكون حاجزا منيعا بين الفارس وهذه الساحة ومع ذلك فقد استمر راكستان متقدما ولكنه أبصر فجأة رجلا يقترب منه وفي يده ساطور عريض وكان هذا الرجل على أهبة أن يطع عرقوبي كابيتان فأبصر راكستان الهلاك أمام عينه إلا أنه شعر بأن قواه ازدادت مائة مرة فإذا به في اللحظة التي وثب فيه الرجل بساطوره على كابيتان ينحتي بسرعة البرق ومسك الرجل من حزامه ثم يرفعه ويضعه مقلوبا على سرح حصانة لقد كان هذا الرجل كاركونيو بالذات ! ولكن راكستان لم يعرفه لأنه لم ينظر إليه بل انطلق مباشرة نحو الحاجز من الناس المزمجرين الصاخبين المتقلبين عليه في هذه اللحظة ترك راكستان لجام حصانه وأخذ بقبضته الرجل المنتفض أمامه ثم رفعه فوق رأسه بذراعين متصلبين وبعد أن وقف على ركابي فرسه طوح بالراهب بعنف وقذفه بملء عزيمته على الجمع من المهاجمين ثم أمسك من جديد لجام الحصان وانطلق به مندفعا كالعاصفة فإذا به يثب وثبة مدهشة قافزا فوق عدد من الصفوف وساقطا في الجانب الآخر من الحاجز البشري. أما الراهب فقد تدحرج جارا معه عند سقطته على الأرض ثلاثة أو أربعة من الرجال إلا أنه عاد فتحامل على نفسه ونهض مغمغما : إنه الشيطان ! إنه الشيطان بينا وقف جمع المحاصرين مخبولين من الذهول لأنهم رأوا الفارس راكستان يفلت من أيديهم متجها على حصانه نحو باب القصر الكبير . |
في بيت الماغا الساحرة كان في روما حي خاص يسمونه "الغيتو" مؤلف من عدة أزقة متشابكة كانت مياه السواقي تتجمع في وسطها مليئة بعفن النفايات والأقذار وعلى بلاط هذه الأزقة كان يزدحم عالم من الصبيان أنصاف العراة ومن العجائز الجالسات القرفصاء ومن الكلاب والهرره وكنت تسمع في هذا الحي المشوش الغريب جميع ألسنة العالم المعروف وكنت ترى كل باب مفتوحا على حانوت وكانت الحوانيت أشبه بخانات تباع فيها الأشياء المختلفة الأنواع والأصناف . أما هذا الحي الذي لم يكن لسكانه الحق في تركه إلا فيما ندر هذا "الغيتو" الذي كان يبتعد المسيحيون عنه بخوف وإشمئزاز فقد كان مخصصا للكفرة والوثنين فهناك كان يعيش مصريون شذاذ من بائعي الرقى (؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟) وغجر من كاشفي الحظ ويهود من تجار الحجارة الكريمة والأقمشة ومغاربة من صانعي الأسلحة وزرود الفولاذ(؟؟؟؟) إلى هذا الحي نقود القارئ الآن في مساء اليوم الذي جرى فيه ذلك الحوار الغريب بين البابا وقيصر وذلك الحديث بين البابا ورفائيل سانزيو ذلك اليوم الذي تمت فيه جنازة فرنسوا ثم بسالة راكستان وحصانه كابيتان. في مساء ذلك اليوم عندما كانت تدق الحادية عشرة دخل رجل زقاق من تلك الأزقة المبوءة يرافقه أربعة خدم: واحد يسير في المقدمة حاملا قنديل في يده وثلاثة يسيرون خلفه مسلحين بالمسدسات والخناجر وبعد أن اجتاز هذا الرجل وصحبه السلسلة التي تقطع الزقاق دخلوا متوغلين في حي "الغيتو" ولقد كان الرجل من حين إلى حين يعين الطريق لرفاقة بكلمة مقتضبة. وبعد قليل توقف الزائر الليلي أمام بيت منخفض متداع أكثر ضعة من البيوت المجاورة له وبإشارة أمر اصحابة أن ينتظروا في الشارع ثم دخل في ممشي صغير وتسلق درجا خشبيا أوصلة إلى باب ففتحه ودخل فيه ثم أغلقه خلفه وإذا به في غرفة ينيرها ضوء مشغل من الخشب الصمغي أمام امرأة مقرفصة في وسط الغرفة وذقنها على ركبتيها امرأة تبدو من وجهها المجد أنها عجوز عتية السن إلا أن الناظر إليها إذا رأي بصرها الثاقب قد يمنحها ما يقارب الستين. وعند دخول الزائر هزتها رجفة قوية كان منظر هذا الرجل قد أحيا في داخلها ألما سريا وسرعان ما قال الرجل : أنت بانتظاري أيتها الماغا . حسنا حسنا! - لقد أعطيت علما بزيارتك فأعددت نفسي للاجابة عليك ترانيم خاصة وها أني مستعدة الآن وعندئذ فك الرجل عرى معطفه وخلع قمع رأسه إلى الوراء فإذا به مقنع الوجه له قفازان في يديه وقد غاب شعره تحت قلنسوة سقط حرفها على قفا رقبته هنا انتابت العجوز قشعريرة ثانية وأخذ الزائر الغامض الغريب ينزه على الغرفة نظرا مفكرا ولقد ساد عليها جو من السحر: فهنا في زاوية يبدو هيكل عظمي له تكشيرة قبيحة علق واقفا بواسطة بعض اللوالب النابضة ولقد وقف على عظمة كتفه ديك أسود الريس كان يهز من وقت لآخر جناحيه ويفتح فمه منذرا وكان عند قدمي العجوز أفعيان ترفعان رأسيهما صافرتين أما السقف فقد تدلى منه بعض الضباب ( الحراذين) المقششة كما أن بوما مسر على درفة الباب وكان هناك طاولة واسعة تحمل قماقم وقرعات زجاجية وانبيقا ثم مدخنة أشتعل فيه جمر ملتهب تحت طنجره يغلي فيها خليط عجيب من الأعشاب ذات العبير. وكانت اساحرة مرتدية ثيابا بالية مبرقشة ولا يعلم أحد من هي أو ما اسمها وهي هناك منذ زمن بعيد يقصدها الناس في طلب مشورتها وتنبؤاتها وهم يخافونها للقوة الشيطانية التي ينسبونها إليها ثم إنهم يسمونها الماغا أي الساحرة (حرم الأسلام السحر) ولقد كان يظنها الناس مصرية ولكن لو أن ممحصا درس وجهها لما وجد فيه علامة واحدة من مميزات المصريين بل إنه قد يجد في وجهها ملامح خاصة بالإسبانيين هنا سألها الزائر: - أتعلمين من أنا ؟ فمكثت العجوز صامتة - أنا لورانزو فيشيني بورجوزاي ثري لن يسأل عن أجر مشورتك لقد أخبروني عن علمك وبالرغم من أن نفسي المسيحية تنكر رقياتك فقد أردت أن ألجأ إليك مرة أولى أرجو أن تكون الأخيرة في حياتي. فبدا على الماغا أنها تضحك في سرها - ولكن ماذا تقصدين؟ ألا تصدقينني؟ في هذه اللحظة صفق الديك بجناحية تصفيقا صاخبا فأمرته العجوز قائلة: إهدء يا طائر! ثم استأنفت القول بهدوء: - إنك للمرة الثالثة تأتي إلى هنا أيها السيد !! فذهل الرجل مصعوقا إلا أن العجوز تابعت تقول : جئت للمرة الأولى منذ زمن طويل تطلب إلى وسيلة للقتل دون أن يشك أحد في أنك القاتل فر كبت لك ذلك الماء المميت الذي استعملته مع رجل لم يشرب منه إلا بعض نقاط ممزوجة بسائل آخر ولقد مضى الرجل معافى لأن السائل لم يتغير لونه ولم يتغير طعمه ولكن بعد انقضاء ثمانية أيام أصيب الرجل برجفان شديد انتقل إلى دماغه فأقبل الأطباء يقصدون الرجل ولكن بعد فوات الأوان : إذ أن الرجل قد مات في عارض من الجنون رهيب وقد قضى عليه من بعيد الماء الذي لا يرحم دون أن يعرف من قتلة بل دون أن يشعر أنه قتل ....لقد قتله السم الدقيق الذي ركبته لك : الأكواتوفانا (1) وظل الزائر في أريكته محبوس الأنفاس فتابعت المرأة قائلة : في المرة الثانية أيها السيد جئت تطلب أن أنقذك من على كادت تودي بك إلى القبر لقد استدعيت يومئذ الأطباء دون أني يعيد إليك أحدهم قواك المنهارة ولكنني أعطيتك قمقما فيه شراب قضيت ليالي عديدة في تحضيره لك فاد إلأيك النشاط بعد شهر واحد كعهدك تماما من الشباب ولقد حدث هذا منذ عشر سنوات يا سيدي - أنت حقيقة ساحرة !! صرخ الزائر . إلا أن العجوز استطرد ت وهي منحية نحو الرجل : في المرة الأولى كنت تدعي اسطفانو، وفي المرة الثانية جبوليو فاينزا واليوم لورانزوفيشيني ولكنني سأقول لك اسمك الحقيقي : الاسم المرعب الذي يخيفك أنت نفسك. ثم انحنت أكثر وتمتمت الاسم في اذن الزائر الذي ارتجف ثم صاح: وحق السماء أنت عالمة بأشياء كثيرة ولسوف تموتين ! وإذا به يضع يده على سيفه غير أن المرأة العجوز مدت إليه ذراعها قائلة : كلا لن أموت لأن ساعتي لم تقترب بعد ولأن مصيري ومصيرك لم ينتهيا ... ثم لن تقتلني لأنني لم أخنك ولأنك مازلت بحاجة إلي حينئذ هدأ روع الزائر المجهول وقال/ أنت على حق أيتها الساحرة فقد كان بإمكانك فضح سري ولكنك لم تفعلي لذلك فإنني أثق بك ولكن هذا الاسم الذي كشفه لك علمك الجهنمي. فقاطعته الماغا قائلة: أيها السيد هذا الاسم هو أكثر اختفاء في قلبي منه في فكرك أنت - إني أصدقك !! - حسنا ! فلنر إذن ماذا تريد لقد جئتني في زيارتك الأولي تطلب موتا وفي زيارتك الثانية تطلب حياة فماذا تلطب مني الآن ؟ فأجاب الرجل مغمغا: - جئت اطلب الحب. فانتفضت المرأة مرتجفة ولمعت عيناها الحادتان بلهب غريب وانقلب وجهها المجد بألم عنيف دام عدة ثوان ثم عاد رويدا رويدا إلى جموده اما الرجل فقد كان يستطرد قائلا: لقد منحتني سلطة القتل ومنحتني سلطة الحياة فامنحيني أيتها الماغا سلطة الحب! ركبي لي الشراب السماوي الذي لا يجعلني فقط محبوبا من المرأة التي أريد ولكنه يخلق في عروقي من الشغف ما يشبه السيل أنت تعلمين أيتها الماغا انني مسن وأن دمي قد اعتراه الجمود على بطء إلا أنني ما زلت ظمآن للحب! أريد أن أحب أيتها الماغا وها أنذا أرمي كنزا على قدميك فهزت الماغا رأسها فقال الرجل بقسوة : أترفضين ؟ - إني أرفض كنوزك فقط أما الشراب الذي حدثتني عنه والذي سيعيد إليك الشباب بعض ساعات فإنه غدا سيكون جاهزا فأضاف الزائر قائلا : ولكن لا تنسي أن تجعلي هذا الشراب يمنح الإمرأه التي أخذتها مقدرة النسيان بأنني مسن . ثم المقدرة على حبي . فقال العجوز : يجب أن أعرف من هي!! - من هي ! أكاد لا أعرفها أنا نفسي فلقد رأيتها مرة واحدة اليوم وحتى الصباح كنت أجهل أنها موجودة إلا أن رسمها بعث في رغبة محرقة لرؤيتها ! ولكن ماذا يكون الرسم إذا قيس بجمال الأصل الرائع! لقد رأيت السم بعد ظهر هذا اليوم في مقري من كنيسة القديس بطرس فطفقت مختبئا أتأمله ولم أعرف أبد في حياتي الطويلة ما يشبه الشعور الذي تأجج في نفسي فقالت الساحرة بلهجة حزينة: أبدا لم تعرف مثل هذا الشعور؟ - كلا أبدا؟ - وكيف يسمونها ؟ - إنها عاملة فرن بلا اسم ولا عائلة فاقشعرت العجوز ووضعت يدها على قلبها لتحد من خفقانه ثم مضت تسأل : والرسم من صنعه؟ - رسام شاب يدعي رفائيل سانزيو ولكن دعينا من هذا ......... هل ستعملين ما طلبته منك؟ - سأعمله - وكم من الوقت سيكلفك؟ - شهرا - شهرا !!! ولكن هل ستنجحين ؟؟ - سأنجح - حسنا !! ليكن إذن كذلك وبعد شهر سوف ترينني - سأكون مستعدة لتسليمك الشراب عندئذ نهض الزائر واتجه نحو الباب ثم انزل على الدرج وانضم إلى مرافقيه عائدا معهم إلى قصر سانت آنج وفي ساحة القصر مد يده لكل منهم بقطعة ذهبية فتناولوها وابتعدوا متفرقين وعندما غابوا عن بصر الرجل المجهول مشى هذا نحو القصر ودخله دون ما صعوبة ولوكان أحد يرصده لرآه بعد دقائق معدودة يعيب في ظلمة النفق الضيق الذي كان قيصر بورجيا قد اجتازه عند الصباح ولكن باتجاه معاكس وبعد أن انطلق من أقبية قصر سانت آنج وصل بواسطة باب سري إلى غرفة نوم في الفاتيكان حيث نزع عن وجهه القناع وحيث استلقى على سرير رسم عليه تاج ومفتاحان ولم يلبت أن نقر على جرسة فضية وعندما أقبل حاجبة مسرعا أمره قائلا: أحضر شرابي الساخن فأسرع الخادم منفدا الأمر - والآن قل لقارئي أن يحضر فاختفى الحاجب وحل محله كاهن شاب - آنجلو يا بني لي ساعتان أتقلب على سريري دون أن أجد الكرى فاقرآ لي شيئا ...........ماذا؟ خذ الإنيادة. فأجاب الكاهن: - سمعا وطاعة يا قداسة البابا!!! 1: الاكواتوفانا سم شهير كان يستعمله آل بورجيا وما زل تركيبه مجهولا رغم الابحاث الكيماوية التي قام بها اختصاصيو المواد الساعة :3EO05175: :3EO05175: إن شاء الله اكمل بعد صلاة العشا في دولة الإمارات :3EO05175: |
:friends:
العذراء الجالسة على كرسي قبل أن نرجع إلى بطلنا الفارس راكستان فلنعد إلى بيت الماغا ساحرة حي " الغيتو" التي بعد أن غدرها الزائر بقيت مقرفصة في زاويتها بالقرب من الأفعيين وهي تحلم بشيء عميق سمر عينيها مفتوحتين وكانت عيناها اللتان لم تخلقا للبكاء ناضحتين بساقية من الدموع راحب تسيل نقطة إثر نقظة ثم تجف على خديها الملتهبين بحمى محرقة أجل لقد كانت الماغا تبكي ! وعندما سمعت هياج الديك محييا الفجر تمتمت قائلة : بعد قليل يطلع النهار! عندئذ نهضت من مكانها ومضت تتلمس طريقا إلى صندوق قديم خشبي فتحته وضغطت على لولب فيه حتى انتفتح جاروره وامتدت يداها إلى وسط هذا الجارور فأمسكتا علبة من الخشب منقوشة مطعمة بالذهب وكانت العلبة تحتوي على شيئين فقط: خنجر حده مصقول ولا شك أنه من صنع مغربي ولقد كان هذا الخنجر بسيطا جدا وله قراب مغطى بمخمل قرمزي ناصل اللون. أما الشيء الثاني فإنه تمثال مصغر موضوع داخل إطار من الذهب المزين بالماس والدر وكان هذا الإطار وحده كافيا لكي يؤلف ثروة كبيرة للماغا ومثل التمثال المصغر شابا يرتدي ثوبا كان سائدا بين تلامذة الإسبانين في القرب الخامس عشر! وله رأس مغبر مطبوع على العزم والخيلاء وعينان سوداواون حاجبان غليظان وفم ساخر وبإلاضافة إلأى هذا كله جرأه لا تصدق وعناد عنيف إلا أن الصلاة والقسوة النادتين عن التمثال كانتا تلينان خلف هذا الإشراق الذي يضيفه عليه الشباب ولقد راحت الماغا تنظر إليه بألم شديد متمتمة: إيه ياحبي ! إيه يا شبابي! أين أنتما الآن ؟ إن قلبي مدفون في هذه العلبة التي لم أجروء على فتحها منذ عشر سنين أي منذ زيارته الأخيرة آه أيها القلب الشقي لماذا لم تساعدني الشجاعة على اقتلاعك عندما ............ وفجأة وقعت على ركبتيها وأخذت تجهش بالبكاء وفمهما ملتصق على التمثال الصغير. - أمي !! يا أمي المسكينة ! أما زلت تنتحبين؟ صوت شديد الحنان لفظ هذه الكلمات فسارعت الماغا إلى غلق العلبة فالجارور فالصندوق ثم عادت إلى باب يفتح على غرفة مجاورة فرجع الصوت قائلا: أين أنت؟ لقد سمعتك فأنارات الماغا مشعلا ودخل إطار الباب ظهرت فتاة بسن السادسة شعرة تقريبا يتألق جبينها بإشعاع لم تحلم بمثله نفس شاعر وتنبلج عينيها عن طهارة صافية ويتفتق ثغرها كتويج من الحنان حتى أنه ليخيل إلى ناظرها أنها ليست عذراء فحسب بل هي العذرية بالذات وعندما أنير المشعل تقدمت الفتاة وهي شبه مكتسية وبقدمين حافيتين نحو العجوز فطوقت عنقها الذابل بذراعين خارقي البياض نحو العجوز ثم تركت رأسها الجيل يستريح على صدر العجوز النافر العظام حينئذ قالت الماغا: روزيتا! آه يا تعزيتي الوحيدة ! ثم رفعت روزيتا عينيها نحو الساحرة بحنان وقالت : كنت تبكين يا أمي لهم طارئ عليك أفلا تقولينه لي أنا أبنتك؟ - ابنتي ..... أجل ابنتي ! ابنتي الوحيدة ! وهمهت العجوز هامسة في سرها : لتكن معلونة تلك "الأخرى" التي حطمت قلبي كوالدة كما كان "هو" قد حطم قلبي كحبيبة ثم تابعت بصوت مرتفع: أجل يا عزيزتي روزيتا لدي هم يقتلني رويدا رويدا ولكن لن أقوله لك لأنني سأضطر إلى أن أروي لك قصة حياتي الكاملة ملقية على طهرك نقابا دنسا يربد به نقاؤك !! - أمي إني أحبك من كل قلبي وأتألم لألمك أتمنى أن أعرف مصائبك لكي أقاسيها معك أعزيك - آه يا روزيتا الحبية إن وجودك بقربي هو وحدة تعزية لي لا حدود لها وإن لمسة وإحده منك تكفي لتنسيني موقتا الألم الشديد الذي يقرض نفسي ولكن ها أنذا قد كففت عن البكاء . فلنتحدث قليلا لأن الوقت قد حان لأقول لك بعض الأشياء - وكان النهار قد ارتفع وملأ بألقه جوانب الكوخ فسألت الفتاة : ماذا تريدين أن تقولي؟ فلم تجب العجوز بل طفقت تتأمل هذه الطفلة - آه يا ليتني أمك الحقيقة !! - بل أنت أمي الحقيقة أمي الوحيدة لأن أمي الحقيقة قد تركتني ! - أجل وعن هذا أريد أن أحدثك - وما نفع هذا يا أمي وعلام نوقظ تلك الذكريات ؟ - هذا ضروري ! هل ستذهبين اليوم إلى مرسم رافائيل؟ عند سماع هذا الاسم اهتزت جوانج روزيتا من الفرح وتمتمت: رافائيل!! فأخذت العجوز يدها وقالت : أنت مغرمة به إذن؟ - نعم يا أمي روزا إني أحبه من كل نفسي وهو يحبني كذلك ....آه كم هو جميل وطيب! - هذا صحيح إنه يملك طبيعة شاعر فنان - ولقد عينا تاريخ زواجنا شرط ألا تمنعي موافقتك عنا وغدا سيأتي رافائيل ليحدثك في الأمر - لست مهتمة للتاريخ كوني سعيدة هذا ما يهمني ولكن هل ستلتقين به اليوم؟ - كلا يا أمي لأنه انتهى من وضع آخر لمسات ريشته في رسم هذه العذراء الجميلة التي نقل ملامحها عني ولسوف نلتقي هنا غدا لأنه من المؤكد أنه حمل اليوم لوحته لقداسة البابا - للبابا !! - نعم يا أمي ! وإن رسم حبيبي رافائيل هو أهل لأن يظهر بين روائع الفاتيكان هنا ساد الصمت بعض دقائق ثم إذا بالقتاه التي تدعوها العجوز روزيتا والتي يدعوها الجيران " لا فرنارينا" أي عاملة الفرن لأنهم لا يعرفون اسما آخر لها تبتسم ابتسامة ذاهلة وتقول : عندما أفكر بسعاتي أراني متسألة ّا كنت لن أفتقدها بشر مستطير! عندئذ ارتجفت الماغا ثم سألت بقلق شديد : ماذا تقصدين؟ - لا شيء يا أمي إنها إفكار مجنونه تنتابني ّ! ولكنني أشعر أنني سعيدة جدا طوال ست سنوات عشتها معك ! ألا تذكرين كم تألمت قبل ذلك .؟ فارتجفت الماغا متألمة وهمهمت في نفسها : تلك هي غلطتي! فاستطردت روزيتا قائله:/ كان عمري عشر سنوات وكلما ابتعدت صعدا في ذكرياتي أجد انني كنت محتقرة مضطهدة إذ كان البعض يدعونني الهجينة الصغيرة ويقسم آخرون بأنني لم أكن معمدة أما الأمرأة التي كانت تحتفظ بي في بيتها فقد كانت تضربني لاسعة كتفي عند أقل هفوة بعصاها الثقيلة. ولقد كانت العجوز تصغي إلى هذا الحديث بانتباه عميق بالرغم من سماعها له مرات عديدة أما الفتاة فقد تابعت تقول: كانت تلك المرآه شريرة فدعاها الناس الخفاش الدموي ولم أكن أعرف لها إسما أخر كما أنها كانت تدعي أنني مجهولة الاسم لذلك فقد اعتاد الناس أن يسموني لافورنارينا ولقد ظل ها الاسم مخلوعا على حتى أن رافائيل نفسه يدعوني به احيانا آه يا لتلك المرحلة القاسية من حياتي ! يوم كنت أرتدى أسمالا بالية وأسير حافية القدمين وأعمل في الفرن طول النهار, ولم تكن الخفاش الدموي تطعمني إلا نزرا يسيرا حتى انني حسبت في أحد الأيام أن ساعتي قد دنت من الجوع إلا انني شاهدت في فرن الخفاش الدمو ي أرغفة استثارت شهيتي فانتظرت حلول الليل وقمت فسرقت رغيفا واحدا وفي اللحظه التي كنت فيها اهم بالعودة إلى الوكر الذي انا فيه استيقظت المرآه البغيضة ورأتني ! قأقبلت تطرحني في الأرض وتدوس علي ثم انحنت علي وعضتني عضة سال معها دمي فصعقت من الرعب وأغمي علي .. وعندما ألإقت وجدت نفسي هنا بين ذراعيك يا أمي روزا وكنت تشهقين باكية هكذا كما تفعلين الآن !! ولكن لماذا تبكين يا أمي ! فلقد انقضى كل هذا - لقد انقضى كل هذا ولكن ذكره مازال يلذعني كالحديد الحامي - آه يا أمي الطيبة روزا! كم أنا حمقاء لكي أقص عليك أشياء كنت تجهلينها !!! ولكن ها قد انتهى الآن كل شيء فقالت العجوز : إن ما لم ينته هو تأنيب الضمير فهتفت لا فورنارينا متعجبة : تأنيت الضمير !! - أجل وستعملين ما كنت جاهلة - آه إنك تخيفيني يا أمي ! - أخيفك ! هذا لا شك عقاب لي . فهتفت لافورنارينا متعلثمة : - امي ! أمي ! أي دوار قد استولى عليك ! إن كلماتك تثير رعبا في نفسي فقالت الماغا فاتله ذراعيها : مع ذلك يجب أن تعلمي وأن تعرفي الحقيقة . اسمعي : فأنت عندما عانيت الأضطهاد وعندما عذبت طفولتك كان ذلك بإراتي عنئذ استلقت الماغا على ركبتيها حتى لامس جبينها الغبار وصاحت / - ألعنيني يا روزيتا لأنني كنت جلاك أنا بنفسي! - أألعنك يا أمي أنت التي أنقذتني والتي جعلتني أعرف لذة الحب؟ - اسمعي .... أنا التي أسلمتك إلى خفاش الدم فتعلثمت لافورنارينا قائلة : إنه حلم مخيف !! - ولم أسلمك فقط إلى هذا الشيطان ولكنني كنت أدفع لها دراهما لكي تقيم على كرهك وتعذيبك - آه يا أمي روزا! أرجوك أن تنهضي - لن أنهض قبل أن تعرفي كل شيء فقد كنت أرصد آلامك وأسد رمقي بها وكانت دموعك تبرد قلبي المقروح . واستطال ذلك حتى تلك الليلة التي رأيتك فيها ترتجفين وتختلجين تحت نواجذ خفاش الدم فإذا بثورة عاتية لا افهم مصدرها تثور في نفسي فطفقت عليك وانتشلتك من هناك! وكنت مستعدة أن أهب حياتي شرط أن تنسى ذلك الاستشهاد الطويل ولكنك لم تنسى ! أو واه من تلك الساعات الرهيبة التي قضيتها عندما كنت تقصين علي شقاءك المنصرم! ومن تبكيت الضمير الذي كان يرهقني! اما الآن بعد أن عرفت كل شيء فما عليك إلا أن تصبي لعنتك على نفسي . فشهقت لا فورنارينا ثم انحنت على الأمرأة العجوز فرفعتها قليلا وطوقتها بذراعيها قائلة بصوت مرتجف : أمي أمي إني أحبك ! وانت أما عدت تحبين ابنتك ؟ عندئذ جأرت الماغا صارخة: ربي ربي! أها تغفر لي ولا تدفعني عنها بل إنها تدعوني أيضا أمها ! وهكذا فقد ظل الكوخ ال******************************** لدقائق طويلة يرجع زفرات هذين الكائنين البائسين اللذين كانت هذه اللحظة من الفرح تحمل إليهما القلق كألم أخير عندئذ طردت روزا العجوز الدموع من عينها وقالت: الآن يا ابنتي يجب أن تعلمي كل شيء - ولكن يا امي لقد حان الوقت لأن أذهب إلى فرن "نوشيا" - لن تذهبي اليوم يا ولدي! - لكنك ستخسرين أجرة نهاري . فأجابت الماغا بحرارة تشبه الحمي: قلت لك يا روزيتا بأنك ستعلمين كل شيء أتفكرين بأجرك الزهيد؟ حسنا تعالي وانظري . هنا قادت العجوز الفتاة حتى الصندوق الخشبي وفتحت جارورا ممتلئا بقطع الذهب والفضة ثم صاحت قائلة: ألم تفهمي أنني عندما تركتك تستسلمين لتلك الأعمال الوضيعة كنت أريد فقط إيعاد الظنون عنك ؟ كلا يا ابنتي لن تذهبي اليوم إلى الفرن ولا غدا ولا في الأيام المقبلة وصمتت العجوز متمتمة في نفسها: آه ! لقد كان هنا ، هنا في هذا المكان! ثم عادت إلى لا فورنارينا تقول مرتجفة: اسمعي يا روزيتا ! ستعرفين لماذا أنت ابنة بلا اسم ولا عائلة وستعلمين لمااذا أسميتك روزيتا أنا التي أدعي روزا ولماذا أبغضتك بغضا شديدا – أجل ستعلمين كل شيء يا ابنتي لأن الخطر الذي يداهمك إنما يفوق هولا كل ما عانته طفولتك البائسة ولسوف يبدي لك خفاش الدم ذاته رقيقا أمام النمر الذي يرصدك في الظلام !! |
خاتم اسكندر بورجيا الذهبي تقودنا هذه الرواية إلى مسرح آخر يجري فيه العمل وإن هذا الفصل الذي ستتلى حوادثه الآن لا يفرضه مجرى الحوادث وحسب ولكن قد يكون هناك علاقات غامضة تربطه بالفصل السابق الذي خططنا ملامحه منذ حين ومن واجبنا إظهار هذه العلاقات . لقد كانت الساعة نحو العاشرة صباحا عندما توقفت عربة قرب الباب الفلورنسي في ظل غوطة من السنديان فنزلت منها امرأة مجلببة بالسواد ودخلت على قدميها إلى روما متجهة بسرعة نحو الفاتيكان ولكنها لم تتقدم منه من جهة واجهته الأمامية بل من الجهة الخلفية داخل حديقة عريضة مسورة بالجدران كان يستحيل الدخول إليها إلا من باب صغير مهمل وعندما وصلت المرأة المحجبة الوجه بنقاب سميك إلى هذا الباب أخذت مفتاحا ووضعته في غاله الصدئ الذي امتنع قليلا ثم انفتح عندئذ توقفت الزائرة لتكبح خفقان قلبها ثم اتجهت نحو دارة أنيقة مختفية في دغل مكتظ من أشجار الدفلى وكان خادم مسن يتنزه عند باب هذه الدارة فلمح المرأة المجهولة وهب إليها يصرخ غاضبا: كيف دخلت إيتها السيدة ! أخرجي حالا! فلم تجب المرأة ولكنها أخرجت من صدرها خاتما ذهبيا وقدمته إلى الخادم قائلة: أرجوك أن توصل هذا الخاتم إلى حيث أنت أعلم ولا شك . فانحنى الخادم خاشعا وتمتم مبتسما: أجل يا سينيورا أعرف أين أوصله ثم أخذ الخاتم وانطلق به نحو القصر فدخلت الزائرة إلى غرفة منزوية في تلك الدارة وجلست تنتظر مرهفة السمع خافقة القلب حتى مرت ساعة وهي على هذه الحال ثم إذا بوقع أقدام تجرى مسرعة على رمال الحديقة وإذا برجل يظهر فجأة في الباب ملقيا على الزائرة نظرة المليء بالفضول والقلق فنهضت السيدة وكشفت عن وجهها فهتف الرجل مغمغما : الكونتيسة آلما ! فأجابت المرأه بصوت ضعيف: كنت تدعوني فيما مضى يا رودريك ، أنوراتا! - لا أعرف الآن سوى الكونتيسة آلما يا سيدتي المرآة العدوة لكنيستنا أما أنا فلست سوى خاطئ مسكين يقضى أيام حياته الأخيرة مستغفرا الله القدير عن ذنوبه الماضية ولكن اجلسي يا سيدتي فأطاعت المرأة وقد أطلت الدموع من عينيها بينما راح الرجل يراقبها ببصر حاد وإذا بالسيدة تتمتم قائلة: سبع عشر سنة أجل منذ سبع عشرة سنة دخلت إلى هنا للمرة الأخيرة ثم إنك تتحدث عن ذنوبك فمن ترى يغفر لي ذنوبي ! - الله كبير يا سيدتي وسكت الرجل منخفض الرأس متشابك اليدين فتابعت السيدة قائلة: أجل! إني أتألم منذ ذلك الزمن البعيد لأنني خنت واجباتي يوم رمتني بين ذراعيك دقيقة من الأطماع ولكنني عوقبت بقسوة آه لكم فكرت بتلك الطفلة التي تركتها عند عبته الكنيسة ولكم قلت مرارا في نفسي إن المصائب التي ألمت ببيتنا لم تكن إلا عقابا عادلا. - الله عادل يا سيدتي فهتفت الكونتيسة ألما بلهجة ثائرة : - أو تقول لي هذا أنت الذي نصحني بهجر الطفلة وأنت الذي نشرت الألم على بيت آلما كما نشرته على جيمع بيوت النبلاء في إيطاليا؟ - البابا غير مسؤل عن اخطاء العاشق . فأجابت الكونتيسة بمرارة : نعم أيها الأب الأقدس أنت لم تعد روردريك بالنسبة لي ولم أعد أونوراتا بالنسبة لك وها إنني الآن أرفع صوتي للأب الأقدس وللحبر الأعظم أقدم توسلي المتواضع. - تكلمي فلعل باستطاعتي أن أخفف عنك - أيها الأب الأقدس لو كان الأمر يتعلق بي وحدي لكنت هجرت هذا العالم باكرا إلى دير يغلق جدرانه على عاري وذكرياتي . فقال البابا مستخفا: هذا قصد رائع! - ولكنني لا أملك حق تنفيذه ثم لو كان الأمر متعلقا بالكونت آلما لكانت معنوياته الضعيفة تخضع حالا لما تمنحه إياه قداستكم مقابل تخليه عن كونتية مونتفورتي. - ليتأكد الكونت آلما أنه واجد في روما وفي الفاتيكان ذاته مركزا ممتازا عندما يروق له أن يترك حصنه عش النسر وإني أمنحك صلاحية إبلاغه هذا - لست بحاجة لإبلاغه الامر فالكونت آلما عالم بأنه سيغنم من خضوعه لقداستكم وهو يفكر به دوما . - فمن يقف في طريقة إذن؟ إنني سأفتح له ذراعي الأثنتين - من ذا يمنعه من تسليم حصن مونتفورتي؟ ومن ذا يمنعني أن أدخل الدير؟ إنها ابنتي بياتريكس - هذه الطفلة ! حسنا لسوف أقدم لها مهرا غنيا بل سأجعلها أميرة والرجل الذي سيكون من نصيبها ربما صعد هو نفسه على عرش فتصبح ابنتك ملكة ! أتسمعين يا أورنوراتا؟ - إن قداستكم لتدعوني من جديد أونوراتا! - أيها المسيح ! لقد أفلت هذا الإسم على لساني - ولكن من الرجل الذي سيكون من نصيب ابنتي ؟ فقال البابا بلهجة فيها من الأبهة شيء كثير : اسمه قيصر بورجيا دوق فالنتينوا - ابنك!!! - هو نفسه ! وثقي أيتها الكونتيسة أنني أمنحك في هذا اليوم دليلا على الحب لم تنله واحدة سواك - ولكنك تجعل من هي بياتريكس ! إن دم آل سفورزي الذي نسيته أنا يجري دافقا في عروقها إنك تظن أيها الأب الأقدس أن الكونت آلما هو الذي حمى حصن مونتفورتي القلعة الوحيدة التي صمدت أمام قيصر بورجيا وجيمع الناس إنما يظنون ذلك ولكن بياتريكس هي التي أشعلت حماس حامية الحصن وهي التي فرضت على ابنك الهزيمة وهي حتى اليوم مازالت مستعدة للقتال (ثم تابعت الكونتيسة وقد ارتمت على ركبتيها) آه أيها الأب الأقدس عن هذه الأشياء كنت أريد أن أخاطبك فقد جئت أطلب عطفك على ابنتي لأن ابنك آخذ في تجهيز حملة جديدة على حصن مونتفورتي إني أستحلفك باسم الله الرحيم أيها الأب الأقدس أن تنقذ ابنتي التي بقيت وحيدة لي وأن تمنع ابنك من متابعة خطته لاسيما وأن إماراة مونتفورتي البائسة لن تضيف إلى تااجك سوى زهيرة فقيرة فاترك لنا هذه الخلوة ودعني أقضي فيها البقية الرثة من عمري ودع الكونت يعيش فيها قناصا مسالما ومقابل ذلك فإني أقسم لك بأنه لن تبدر في مونتفورتي طيلة بقائي حية أية محاولة ضد سلطان آل بورجيا هنا لجأ البابا إلى أسلوب كان معتادا عليه فأجاب المرآة التاعسة سائلا: - أنت إذن ترفضين زواج ابنتك من قيصر؟ - فرفعت المرآة رأسها بدهشة وقالت : إني لا أرفضه ولكنه مستحيل لأن في نفس بياتريكس حقدا عليكم جميعا قد ورثته من آل سفورزي - لتتحقق مشيئة الرب! - أيها الأب الأقدس إني أنتظر قرارك فبأي جواب تريدني أن أعود إلى مونتفورتي؟ - يا لأسف ! لقد استقل قيصر عن تأثيري عليه ولقد قام بحروبه ضد إرادتي ولن يكون هناك قوة في العالم تمنعه عن الهجوم على مونتفورتي فنهضت السيدة ملقية آخر نظرة يائسة ثم قالت : الوداع يا رودريك! عندئذ خرجت أونوراتا امرأة الكونت آلما متعثرة الخطى ولم تكد تبتعد قليلا حتى نهض البابا متمتا : يا لهذا الشبح ! لم اكن أبدا انتظر هذه الزيارة بل كدت أنساها أونوراتا الطيبة ثم تقدم الشيخ نحو باب فتحه ودخل إلى غرفة مجاورة حيث كان هناك رجل ينتظر جالسا في الظل هذا الرجل هو قيصر بورجيا الذي أتي به البابا عندما نقل إليه الخادم خاتم الكونتيسة الذهبي وسرعان ما قال البابا: - إذن هل سمعت ؟ - سمعت كل شيء ولسوف أمحو هذا الحجر الصغير الذي يدعى مونتفورتي ! - على شرط أن المحاربة بياتريكس .......فقاطعه قيصر مصفرا : - بريمفيرا !! ! - أسمعت ما هي عواطفها نحوك ؟ فأجاب قيصر بصوت مربد: - لسوف أرغمها على تغييرها - ولكننا إلى أن يحين ذلك حيال عدوة جديدة : هي الكونتيسة آلما التي كنت أعتقد قليلا عليها لتمهد أمامنا الصعوبات فإذا هي بدل أن تكون حليفة لنا تمضى إلى بياتريكس لتحول نفورها منك إلى كره بل إلى حقد شديد عليك - ستفعل هذا إذا وصلت حية إلى مونتفورتي أما ابنتها فقد لا تراها عن قريب - وماذا تقصد؟ - أقصد أن بياتريكس شوهدت في جوار روما . فصرخ البابا مرتجفا: - في جوار روما! آه إن آل سفورزي هؤلاء مبارزون أشداء مخيفون ! إذهب يا بني فسأمضى أنا إلى الصلاة راجيا السماء أن تفصل بين الأم وابنتها إلى الأبد. فهمهم قيصر: بل أنا سآخذ على عاتقي هذا العمل - آه إني فطنت لقد نسيت الكونتيسة هذه الجوهرة الصغيرة هذا الخاتم الذهبي فباستطاعتك أن تلحق بها لترد لها هذا الرمز الذي قد يكون من الواجب أن تحتفظ به على كل حال إذا لم يكن خاتمها بعينه فهو خاتم آخر مع تعديل بسيط . فقال قيصر بصوت اجش: - هاته يا أبي. ولم يكد يستلم الخاتم حتى وثب مندفعا إلى الخارج |
تكمله :friends: أما الكونتيسة آلما فبعد أن ابتعدت بسرعة وصلت إلى المركبة التي كانت تنتظرها قريبا من الباب الفلورنسي ولم تكد تصعد إليها حتى مضت العربة تنهب الأرض نهبا إلا أنها لم تكد تقطع خمس مائة قدم حتى تبعها فارس أخذ يشير إلى الحوذي بأن يقف عندئذ انحنى الفارس على باب المركبة وحياها بإجلال فعرفته الكونتيسة وتمتمت وهي باهتة اللون: قيصر بورجيا - أنا هو يا سيدتي لقد أردت أن أقدم لك جليل احترامي رغم العداوة القائمة بين بيتينا وعندما أراد أبي أن يبعث في أثرك خادما يحمل إليك شيئا نسيته لم أقبل أن يكون هذا الخادم شخصا آخر غيري . فسألته الكونتيسة متعجبة: شيئا نسيته؟ - هذا الخاتم ولقد أكد لي والدي أنك ستأسفين على إضاعته لذلك أردت أن أوفر عنك ما ينكدك فابتسمت الكونتيسة ابتسامة حزينة وقالت بعد أن علت الحمرة وجهها : إني أشكرك يا سيدي . ثم مدت يدها لتتناول الخاتم الذهبي إلا أنها أطلقت آهة صغيرة لأن نتوءا في طبعة الخاتم خدشها في راحتها خدشا طفيفا . فقال قيصر : عذرا هل آلمك شيء يا سيدتي؟ -كلا لا شيء - الوداع إذن يا سيدتي لقد انتهت الآن مهمتي ولكن دعيني أضيف بأنني سأحتفظ لك ولذويك مهما كانت ضرورات الحرب بعطف عميق. واستدار قيصر بحصانه قافلا نحو روما إلا أنه قبل أن يدخل إلى المدينة وقف يتأمل العربة التي شرعت تغيب ثم غمغم قائلا: - ستصل هذه المركبة بعد ثلاثة أيام إلى مونتفورتي ولكنها لن تصل إليها إلا بجثة هامدة ! غير أن المركبة لم تذهب إلى مونتفورتي بل توقفت في نزل "الفورش" حيث تعرف الفارس راكستان إلى قيصر بورجيا وهناك حبست الكونتيسة آلما نفسها في غرفة لم تتركها إلا بعد سقوط الليل إذ امتطت صهوة حصان وتابعت وحدها الطريق . ولم يطل بها الطريق حتى انحرفت عن طريق فلورنسا ثم راحت تسير الهوينا طيلة ساعتين حتى وصلت آخيرا إلى مضيق بين الصخور بني في قعره بيت ذو مظهر متواضع ولم تكد الكونتيسة تطل على هذا البيت حتى خرج ظل أبيض من بين الصخور الجاثمة بين العليق وانتصب على الدرب فهتفت الكونتيسة : بياتركس!! فقالت بياتريكس وقد اقتربت تضم أمها بين ذراعيها : لكم برحني القلق عليك لأنك تأخرت كثيرا وأسرعت المرأتان فدخلتا إلى البيت الذي أغلق بابه خادم مسلح . هنا سألت بياتريكس أمها تقول: إذن يا أمي هل نجحت؟ وهل استطعت رؤية الأشخاص الذين كنت تأملين لقاءهم. فأجابت الكونتيسة بصوت مختنق: كلا لم اجد هؤلاء الأشخاص في روما - آه يا أمي لكم يفرحني هذا ! لأنك عندما أخبرتني البارحة بعزمك على نشدان السلم بيننا وبين آل بورجيا لم أستطع أن أصد الانقباض عن قلبي إّ أنه ليس من سلم يرتجى في إيطاليا ما دام هؤلاء المسوخ يبصرون النهار هيا تشجعي يا أمي فقد صممت على متابعة النضال حتى النفس الأخير ولكن هل أنت متأكدة من أنهم لن يكتشفوا خلوتنا هذه ومن أنهم لم يحلقوا بك راصدين ؟ - اطمئني يا بياتريكس لأنني تبعت خطتك تاركة المركبة في نزل "الفورش" - حسنا فعلت ! على كل حال سنتهي أسرنا هذا مساء غد سأمضى إلى موعدي الأخير في روما وبعد غد عند الفجر سنترك هذه الخلوة التي قضينا فيها شهرا بأكمله لنعود إلى مونتفورتي - آه إن نفسك نفس بطلة يا بياتريكس !! - من الواجب أن أكون كذلك عندما يصبح للرجال قلوب نساء - إنك تقصدين أباك! - أجل ! ولكن ماذا بك يا أمي إني أراك تصفرين؟ - لا شيء فقد أردت أن آخذ هذه الكأس من الماء لأنني أشعر بعض ملتهب إلا أن يدي لم تساعدني على حمله . فقدمت بياتريكس الكأس لها قائلة: اشربي يا أمي فحاولت الكونتيسة أن تمسكه إلا أنه أفلت من أصابعها المشنجة وسقط متحطما على الأرض - لست أعلم ما بي ! إني أشعر كأن يدي مشلولة . فصرخت بريمفيرا تقول: هذا ما أراه يا أمي ! إن يديك مبيضة وأصابعك مشنجة ترى ما الذي حل بك؟ - ها قد تخدرت ذراعي وإن صقيعا مميتا يصعد حتى مرفقي بل هو ذا رأسي يدور آه لقد فهمت الآن!! لفظت الكونتيسة هذه التنهيدة الأخيرة بصوت يملأه الرعب. فسارعت بريمفيرا أخذة أمها بين ذراعيها كأنها تريد ان تحميها من شر مداهم ثم أخذت تمتم وهي تكاد تفقد رشدها : ماذا أعمل !! ماذا أعمل ! فأجابتها الكونتيسة : لا شيء لأن السم الذي يجري في عروقي هو سم لا يرحم . فصرخت بريمفيرا مصعوقة من الخوف : سم !! - سم آل بورجيا !!! فظلت الفتاة مذهولة مصروعه على الأرض. فتابعت الكونتيسة قائلة بصوت لاهث: فتشي في صدري لأن يدي ميتتان . فأطاعت الفتاة مسرعه مادة يدها إلى صدر أمها - تجدين خاتما هاته ! - هذا هو يا أمي - هذا ليس خاتمي لقد بدلوه بخاتم آخر وضع السم في طبعته - آه ما أقسى هذا الحلم ! - بل إنها حقيقة رهيبة يا بياتريكس ........ وها إني سأموت - كلا كلا ! - قلت لك سأموت وبعد ساعة أكون قد انتهيت . لذلك أصغي إلي ولا تقاطعيني فركعت بياتريكس وطوقت خصر أمها بذراعيها وأخذت تجهش ببكاء منخفض. - بياتريكس إنك فتاة صغيرة ولكنك قوية ويمكنك الاستماع إلى كل شيء - ولكن أي شيء لا أعرفه؟ - بل إن الأشياء التي سأقولها لك تحتاج إلى شجاعة يمدني بها الموت فقط وثقي بأنني لن أراك فيما بعد لكي لا يحمر وجهي خجلا منك - تخجلين !! أنت أمي التي هي من آل سفورزا!! - أجل يا بياتريكس إني امرأة مذنبة !! إسمعي لقد حل عندنا رجل بينما كان أبوك غائبا في سفر طال ثمانية ايام وأخذ الرجل يغريني حتى شعرت بجنون غريب ينتابني وحتى سقطت فارتفع نشيج قاس من حنجرة بريمفيرا . - وصرت ألتقي بالرجل بعدئذ بقصره في روما فكان لهذه العلاقة تابع يجب أن تعرفيه : ذلك أنني أصبحت اما لطفلة ولدت . وعندما لفظت الكونتيسة هذه الكلمات ألقت نظرة ملتهبة على بريمفيرا التي لم ترفع وجهها بل ظلت تستمع مشوشة القلب من الهول عندئذ تابعت الكونتيسة تقول: ولم أكن زوجة مذنبة فحسب بل صرت أيضا أما مجرمه لأنني قبلت نصيحة الرجل وتركت الطفلة هناك على عتبة الكنيسة الصغيرة المبنية عند مدخل حي الغيتو والتي تسمى كنيسة الملائكة ومنذ ذلك الحين أخذ الضمير يعذبني فصرت افتش عنها ولكن عبثا تلك هي جريمتي الحقيقة يا بياتريكس التي ها أنذا أكفر عنها اليوم ليس بالموت ولكن بالندم الذي يشد على قلبي شدا مميتا . أما تلك الطفلة يا بياتريكس أختك فإنني أشعر أنها حية وربما كانت شقية معذبة لذلك فإني أتوسل إليك أن تفعلي ما لم تستطع فعله أمك الميتة فتشي وجدي أختك وأنقذيها من الشقاء لكي لا تلعن أمها المجهولة آه يا بياتريكس يا ابنتي أنتي أنتظر وعدك لي فرفعت بريمفيرا نحو أمها نظرة مضطربة وهمست تقول: أختي !! - أجل أختك فهل ستفعلين ما طلبته منك ؟ فقالت بياتريكس بوسوسة كان التأثر يخنقها على شفتيها : سأفعله يا أمي ولسوف أجد هذه الأخت ولسوف أحبها !! فلمع الفرح في عيني الكونتيسة وقالت وهي تبحث عن الكلمات بجهد لأن لسانها اخذ يتعلثم : آه !! ها انذا اموت شاعرة بالغفران . - وبالحب يا أمي إني أحبك كما فعلت دائما . ثم أدنت بريمفيرا شفتها الطاهرة من جبين أمها الخاطئة وطبعت عليه قبلة مشفقة بنوية - أرجوك كفى عن التفكير بالماضي . - يجب أن أقول لك اسمه . - اسمه .؟؟؟؟ - أجل يجب أن تعرفي والد شقيقتك ! إنه الرجل الذي يغرق إيطاليا بالدماء والذي سممني بواسطة ابنه إنه اسكندر بورجيا . فندت عن الفتاة صرخة من الرعب وسارعت إلى السؤال: أوه! لم أسمع أعيدي هل هذا ممكن؟ إلا أن الكونتيسة آلما بقيت بلا حراك صامته إلى الأبد إذ أنها أسلمت الروح في رجفة مخيفة أما بريمفيرا فقد سقطت راكعة عند ركبتيها . |
في مرسم رافائيل سانزيو لندخل الآن إلى بيت جيل قائم على صفح ؟" بينشيو" إحدى روابي روما في الطابق الأول من هذا البيت غرفة فسيحة يدخل إليها النور امواجا زاهية: إنها مرسم رافائيل سانزيو كان الفنان بمساعدة شاب من عمره منهمكا بإنزال اللوحات التي كانت تملأ جدران المرسم وكان الشابان كلما أنزلا لوحة يربطانها بحبل ثم يدليانها عن الشرفة إلى عربة كانت مقيمة أمام العتبة فيستلقيها عامل ويشرع في تنضيدها في مكانها حتى أنه ليبدو أن القوم مزمعون على رحيل وكان الشابان أثناء عملهما يتحدثان. فقال صاحب رافائيل: إذن سأنقل لك هذه اللوحات إلى فلورنسا.؟ - نعم يا عزيزي ماكيافيللي وإني أرجو أن ألقى مساعدة هناك بفضل أستاذي الرسام " باريجان" - سأعمل على نقل هذه الكنوز إلى فلورنسا في مدة أقصاها خمسة عشر يوما وسأكتب لك يا سانزيو - شكرا يا ماكيافيللي أعلم انه باستطاعتي الاعتماد على صداقتك ولكن لماذا لا تنتقل أنت بنفسك إلى هناك لكي نلتقي معا؟ إن فلورنسا هي دماغ إيطاليا فهز ماكيافيللي رأسه وقال: سأذهب يوما ما إلى هناك لكي أرتب ملاحظاتي وأبدأ الكتاب الذي أفكر به دائما ولكنني واجد هنا مادة للكتابة لا أجدها في أي مكان آخر - وما ذا تعني.؟ - أعني أنني لن أجد نموذجا لكتابي خيرا من بورجيا يا له من مجرم أصيل! وياله من مثال رائع للحاكم المستبد الذي يوحي للشعب بفظاعة الاستبداد! آه لكم أنا سعيد بالتراجع عن طعن بورجيا بخنجري لأنني أريد أن يكون كتابي طعنة نجلاء في صميم الطغاة! أريد أن أصور الطاغية صورة قبيحة حتى تقسم الإنسانية بأن تتخلص إلى الأبد من جميع امرائها وجميع ملوكها أتفهم الآن يا رافائيل لماذا أريد البقاء في روما على مقربة من أعمال هذا المسخ الذي يدعي بورجيا؟ ورفع ماكيافيللي إلى جبينه يده المحرقة ثم عاد فجأة إلى رافائيل الذي كان يتأمله فقال: اغفر لي لأنني تركت نفسي تثور على سجيتها بينما أعلم أن أخطارا جمه تحيط بك ولكن قل لي بماذا أنت تفكر واجما؟ فارتعش رافائيل سانزيو ارتعاشه قوية وتمتم وقد استولى عليه قلق مفاجئ: أني أفكر بروزيتا - حبيبتك لافورنارينا؟ ولكنك لم تقل بي ما هي أسباب رحيلك من هنا؟ - إن الدقائق ثمينة الآن يا ماكيافيللي ولكنك ستعرف السبب يوم تتبعني أما اليوم فاعلم فقط أن روزيتا مهددة بخطر رهيب إذ أن ما روته لي البارحة الماغا ساحرة حي الغيتو قد صعقني صعقا ولسوف نكون أنا ولافورنارينا غدا عند الفجر بعيدين عن روما أما الوقت الذي سيسبق سفرنا فإننا سنشغله بحفلة الزواج الليلية التي لن يحضرها أحد غير الشهود - فليكن كذلك! ومتى يعقد الزواج؟ - في هذه الليلة في كنيسة الملائكة الصغيرة على مدخل حي الغيتو حيث كانت لافورنارينا مطروحة هناك ساعة وجدتها الماغا الساحرة في هذه الكنيسة ستصبح روزيتا امرأتي - في أيه ساعة؟ - عندما يحتفل بالقداس الأول أي في الساعة الثانية صباحا بعدئذ سنترك روما سرا على الأقدام حتى نصل على المركبة التي ستنتظرنا في المكان الذي تعينه أنت - كن مطمئنا سكون كل شيء جاهزا ثم إني أملك خمسين ذهبية خبأتها في درج هل انت بحاجة إليها؟ - كلا أنني غني الآن لأنني قبضت البارحة من خازن البابا ثمن لوحتي : العذراء الجالسة على كرسي وكان تنزيل اللوحات قد تم فودع الصديقان أحدهما الأخر على أمل أن يلتقيا في حفلة كنيسة الملائكة لأنهما اتفقا على أن يكون ما كيافيللي إشبينا لفورنارينا ثم انتقل رافائيل حالا غلي كنيسة الملائكة ودخل إليها وكان متجها نحو السكرستيا عندما أبصر راهبا يخرج منها وقبعته نازلة على عينيه فاقترب رافائيل منه قائلا: أتستطيع يا أبت أن تخبرني إذ كان كاهن هذه الكنيسة موجودا الأن؟ فرمقه الراهب بنظرة سريعة وندت عنه دهشة أخفاها بسرعة ثم اجاب قائلا: الكاهن مريض وأنا أحل مكانه هل لك حاجة؟ - الموضوع يا أبت يتعلق بالزواج - حسنا يا ابني وماذا يلزم؟ - أن يكون الزواج متواضعا بلا بهرج ولا ضجة لذلك فإن الخطيبة راغبة في أن يتم الزواج أثناء الليل - أنت هو الخطيب؟ - نعم يا محترم - والخطيبة من هي؟ - ستعرف اسمي واسمها في الوقت الضروري - حسنا حسنا يا ابني! وانت أيضا تريد أن يتم هذا الزواج في الليل؟ ربما أردتما أن يظل سريا؟ لا تخف يمكن أن تبوح لي بكل شيء يا ابني!! - نعم يا أبت الجليل يجب أن يظل هذا القران سريا - حسنا حسنا لدينا قداس في الساعة الواحة ليلا وقداس آخر في الساعة الثانية - هذا الأخير يوافقني - أحسنت الاختيار ولكن متى؟ - في هذه الليلة يا أبت - إذن عليك أن تحضر هذه الليلة عند الساعة الثانية مع خطيبتك ومع شاهدين ولوسف أكللكما فشكر رافائيل الراهب واندفع إلى الخارج أما الأب المحترم فقد انتظر ابتعاد الشاب ثم اتجه مسرعا نحو السكرستيا حيث كان هناك كاهن عجوز منهمك بترتيب إحدى الخزائن فالتفت إليه الراهب وقال: أيها الأخ دومينيكو عد إلى بيتك الآن فرفع الكاهن السمن نظرة تعجب على الأب المحترم الذي تابع قائلا: إنك مريض اليوم!! - هل أنا مريض يا دون كاركونيو؟ - أجل وحتى نهار الغد أفاهم أنت؟ فانحنى الكاهن المسن بتواضع جم وتمتم قائلا: لتكن مشيئتك يا دون كاركونيو ! أما دون كاركونيو فقد قال له : منذ الصباح يمكنك أن تعود إلى الكنيسة ولكن حتى ذلك الحين إياك أن تغادر السرير فسلم الكاهن العجوز مفتاح الكنيسة للراهب ومضى مبتعدا عندئذ خرج الراهب بدوره فأغلق بالمفتاح الكنيسة ثم انطلق مسرعا على طريق الفاتيكان ......... - إنها الساعة الواحدة .... ناموا بسلام يا سكان الحي!!! هذا ما صاح به حارس الليل على مدخل حي الغيتو أما رافائيل سانزيو وخطيبته روزيتا لا فورنارينا الصغيرة فقد كانا في بيت الماغا يودعان الساحرة العجوز وكانت الماغا تعزي لافورنارينا الباكية بين ذراعيها والتي كانت تجهش قائلة: أمي أرجوك تعالي معنا . فأجابتها الساحرة بصوت قاس تقول: يجب أن أبقي هنا ! ولربما تبعتكما بعد قليل لأن عملي العادل لم ينته بعد .... لقد كانت هذه الكلمات تحتوى معنى التهديد واضحا ولكن ترى من هو المقصود بهذا التهديد؟ هذا هو السؤال الذي طرحه رافائيل لحظه على نفسه ولكنه سرعان ما عاد إلى الواقع فقال بصوت متأثر: كما تشائين أيتها الماغا إلا أن الظل سيعكر سعادة روزيتا إذا لم تكوني بقربها وإننا نعدك إذا عشت معنا بأننا سنجعل شيخوختك سعيدة وقالت لافورنارينا: - أجل كيف يمكنني العيش بعيدا عنك ؟ فتنهدت الماغا واربد وجهها ثم قالت: اذهبا ايها الولدان لقد حان الوقت ؟ فقال رافائيل: ولكن لا تنسى وعدك لي بأنك ستخبريني من هم الأعداء الذين يهددون حياة روزيتا ومن هو ابوها - من هو ابو روزيتا؟ ستعرفه عندما يحين ذلك أما الآن ففكرا فقط بحبكما وأسرعا في الهرب إلى روما ! - سنكون في فلورنسا بعد أيام قليلة - حينئذ فقط يمكنني أن أتنفس الصعداء .... هيا اذهبا!! وضمت الماغا روزيتا بتأثر شديد ثم انسحبت بسرعة إلى الغرفة المجاورة أي إلى غرفة لافورنارينا الصغيرة والدموع تنهمر من عينيها وعندما مضى الحبيبان جلست القرفصاء وحيدة ورأسها على ركبتيها والألم العظيم يستبد بتقاسيم وجهها ثم راحت تتمتم في نفسها قائلة: الآن انتهى كل شيء فقد ذهب فرحي وطارت سلوتي وتعزيتي وتلاشي وامحى كل ما كان في حياتي المظلمة من بقايا الطهر والألق وها قد دقت الساعة لكي انتقم من نفسي! وكانت الساعة قد قاربت الثانية عندما بلغ رافائيل وروزينا كنيسة الملائكة وإذا بهما يشاهدان في مؤخرة صحن الكنيسة معبدا جانبيا تنيره شمعتان بضوء شاحب بينما وقف الشهود منتظرين وهم اصدقاء لماكيافيللي ورافائيل عندئذ خرج من السكرستيا كاهن وبرفقته صبي لخدمة القداس أما المكان فقد كان يجثم عليه صمت جليدي وجرى الاحتفال بالقداس بطريقة سريعة ولم يكد يتبادل الخطيبان مجبسيهما حتى اقترب ماكيافيللي من رافائيل قائلا له: العربة منتظرة قرب الباب الفلورنسي خارج الأسوار وسأنطلق الآن لأفتح الباب فعليك انت أن تسرع ثم اختفى الشاب فخرج رافائيل سانزيو ورزيتا من الكنيسة واقترب منهما الشهود فحيوا العروس مهنئين ثم ابتعدوا فبقى رافائيل وروزيتا وحيدين ولم تمض لحظات حتى أخذا يجدان السير في شارع ضيق كثير التعاريج .. غير أنهما شعرا فجأة أن خمسة عشر شبحا انتقضت من حولهما من الأمام ومن الوراء واقبلت تطوقهما فشهر سانزيو خنجره بينما صرخت روزيتا صرخة قوية من الرعب ولم يفه رافائيل بكلمة ولكنه انحنى على امرأته فحمها بذراعه فحملها بذراعه بينما راحت ذراعه الثانية تهوي بالخنجر على جماعة انتصبوا أمامه إلا أنه لم يكد يخطو خطوتين حتى هوى متدحرجا على الأرض لأنه أصيب بضربة على راسه ولم يسمع بعد ذلك إلا صرخة استغاثة يائسة ثم أغمي عليه !!! ........ عندما استرد رافائيل وعيه كان الليل ما يزال منسدلا على المدينة لذلك فقد شاهد النجوم تلمع هنالك عاليا بين السطوح ولكنه لم يلبث أن نادى بصوت حزين متأوه يقول: روزيتا!! روزيتا!!! ثم أخذت يداه تتلمسان في الظلام وإّذا بمشاعر الحقد تنتابه وتشحذ قواه فيستطيع النهوض على ركبتيه وينظر حوله سارد البصر ثم ينادي من جديد: روزيتا! ولكنه لم ير شيئا ولم يسمع أحدا يجيبه وإذا بالحقيقة الرهيبة تبرز واضحة في ذهنه : لقد اختطفوا روزيتا !! ولم يبق له سوى امل واحد هو أن يخبر الماغا بما حدث لأن الساحرة كانت تعلم أشياء كثيرة وهي تعرف ولا شك من يهمهم اختطاف لافورنارينا إذ أنها كانت قد اخبرته بأن بقاء الفتاة في روما إنما يعرضها إلى خطر جسيم ناصحة إليه الهرب إلى فلورنسا. عندئذ تحامل رفائيل على نفسه وهو ما يزال طائشا تحت تأثير مقبض السيف الذي هوى على رأسه وسار مترنحا في طريق حي الغيتو حتى وصل إلى بيت الساحرة فدخله مسرعا وإذا بأحد المشعلين قد لفظ أنفاسه الأخيره وإذا بالصندوق مفتوح وجواريره مبعثرة بالقرب منه فصاح بصوت مبحوح من القلق يقول: ماغاااا!!! ما غا!! ثم اندفع نحو غرفة روزيتا فإذا هي فارغة وإذا بالماغا قد اختفت ولم يبق له أثر في البيت |
طريق المدافن في هذه الليلة بالذات كان الفارس راكستان قد غادر نزل جانوس الجميل حيث كان مايزال ساكنا وكان قيصر بورجيا قدم له منزلا في قصر سانت آنج بعد نجاته من الأقتحام الذي كاد الجمهور فيه أن يقطعه إربا إربا إلا أن الفارس رفضه قائلا:إنني لأختنق يا مولاي في القفص الجميل الذي تعرضونه على لأنني كنت طيلة حياتي الماضية من متشردي الليل وأنا أحب أن أعود إلى منزلي في أيه ساعة أشاء وأبواب هذا القصر تغلق عند الساعة التاسعة. ولم يًحلف قيصر بورجيا في طلبه بل إنه أجيب بلا مبالاة الفارس كما كان من قبل قد أعجب بشجاعته لذلك فقد راح الفارس هذه الليلة في الشوارع المليئة بالظل والصمت حتى وجد نفسه أخيرا عند مدخل طريق المدافن هذه الطريق التي كانت تتقدم في الظلام محاطة بالمدافن القديمة التي راح القمر يرسم فوقها رقعا مبيضة وهنا أخذ الفارس يتمتم في نفسه قائلا : قالت لي: المدفن الثالث والعشرين إلى اليسار أما كلمة السر فهي أن أجيب بلفظة " آمور" على اسم روما ثم تقدم وهم يعد المدافن التي كانت تارة ملتصقة بعضها ببعض وطورا منفصلة بمساحات طويلة نبتت فيها شجيرات متماسكة خضراء وجعل يفكر في نفسه بأنه سيري للمرة الثالثة هذه الصبية الغريبة التي ما يزال مصيرها لغزا أمام ناظريه والتي لم يستطيع أن يبعدها عن مخيلته وعندما بلغ المدفن الثالث والعشرين أخذ قلبه يخفق خفقانا شديدا وراح يدور حول المدفن ولكنه لم ير أحدا ففكر في نفسه قائلا: ترى هل جئت متقدما أم متأخرا؟ في هذه اللحظة ارتفع بالقرب منه صوت يتمتم قائلا: روما! فأجاب الفارس مرتجفا: آمور! ثم ظهر رجل من جب من الشجر الملتف ودنا من الباب البرونزي الذي يسد باب القبر فدفعه وغاب لكي يتسنى لراكستان الدخول. فدخل الفارس ووجد نفسه في حجرة ضيقة ينيرها مشغل صغير أما الأرض فقد كانت من البلاط الرخامي وإذا ببلاطة قلعت من حجرها تاركة مكانها ثقبا مفتوحا أسود. وعندما انحنى راكستان على هذا الثقب أبصر درجا حجريا ينغرز في الأرض فنزل عليه حتى وصل إلى حجرة ظهر في جهة منها نور خفيف فاتجه نحو هذ النور ووجد أن الجرة مفضية إلى غرفة فسيحة ينيرها عدد من الشموع فتمتم قائلا: إنها الدياميس! وكانت الغرفة التي دخل إليها مستديرة يحيط بها عند جدرانها صف من المقاعد البسيطة المريحة أما عددها فإنه يبلغ العشرين وقد جلس على كل كرسي مها رجل وبإشارة من يده دل أحد هؤلاء الرجال الفارس على مقعد شاغر فاقترب راكستان وجلس عليه منتظرا مر ربع ساعة كان راكستان خلالها يدرس ملامح الذين يحيطون به ولقد رأى أن أغلبية هؤلاء الرجل هم شبان يبرز على وجوههم نموذج الجمال الإيطالي الذي يجمع بين الصلابة والرقة في آن واحد إلا أن جوا من الرصانة كان يطبع هذه الوجوه المختلفة بطابع مشترك هو طابع الإرادة القوية عندئذ اختصر راكستان ملاحظاته بهذه الفكرة " هؤلاء هم رجال حقيقيون إذا تآمروا على أحد – وهذا ما ينبئني به شكلهم- فيا ويل من يتآمرون عليه ! ولكن " هي " أين هي الآن؟ وما هو دورها في هذه التمثيلية الرهيبة التي أرى ملامحها على هذه الوجوه؟ وما هو الدور الذي هيأته لي؟ ثم بأي شيء ييستطيع أن يطمع فارس مثلي لا درع عنده ولا درهم؟ في هذه اللحظة سمع حفيف ثوب وهسهسة اقدام خفيفة في الحجرة التي مر فيها راكستان فاستدارت جميع الرؤوس نحو هذه الجهة وراح الفارس بنظرة سريعة يتفحص مرة أخيرة الأشخاص الغامضين المجتمعين في هذه المقبرة ثم تنهد تنهدا عميقا ولقد لاحظ بأن ملامح الجميع تشير إلى فروغ الصبر من الانتظار إلا أن ثلاثة منهم أو أربعه كانوا يعبرون عن شعور واضح لم يكن راكستان ليخطىء في تقديره! وهو شعور الحب ! وظهرت فجأة امرأة – عرف راكستان أنها بريمفيرا- مغطاة الوجه بنقاب وعليها ثياب سوداء لاحظ الجميع أنها دلائل حزن جديد فجرت بينهم همهة ووقفوا جيمعا مطوقين الفتاة التي يجهر شكلها بألم عميق لا تستطيع التغلب عليه عندئذ أخذ أحد المجتمعين وهو شيخ ذو لحية رمادية يد الفتاة وقال لها: ماذا تعني يا بياتريكس العزيزة ثياب الحداد هذه ؟ تكلمي أيه مصيبة حلت عليك؟ فرفعت بريمفيرا نقابها وقالت : إنها مصيبة فادحة كما قلت أيها الأمير ما نفريدي ! مصيبة ألمت بأغلى من أحب وكادت تغرق عاطفتي البنوية في خضم من الأسى واأسفاه ! لقد ماتت أمي ! - ماتت؟ الكونتيسة آلما؟ - مقتولة مسممة ؟ ألا يكفيكم هذا أيها الأسياد المجردون من أملاكهم ؟ أيها الأمراء والبارونات والكونتات المغتصبون ؟ أوتلزمكم جرائم أخرى ؟ إليكم إذن بعد الكثير من رجال الشعب والكثير من النبلاء إليكم أمي ضحية جيدية تسقط اليوم لا لشيء إلا لكونها أمي! ثم تلك اليد ذاتها التي تضرب وذلك هو الطاغية نفسه الذي يصمم الجريمة : اسكندر بورجيا!! وذلك هو الرجل نفسه الذي ينقض على الفريسة المعينة : قيصر بورجيا الإبن البكر للبابا!! فهتف الفارس راكستان في داخلة قائلا: قيصر بورجيا الرجل الذي أعطاني الحماية والذي وضعني على رأس فيلق لكي أشاركه حملته بعد قليل؟؟!! أما المجتمعون فقد سرت بينهم رجفة عاتية وارتسم على وجوههم شعور حقد عنيف إلا أن الأمير ما نفريدي هو الذي تابع قائلا: بياتريكس يا ابنتي دعيني امنحك هذا الاسم لأن أباك غائب عن المكان الذي كان عليه أن يحتله إنني أتفش عبثا عن الكلمات التي تستطيع تعزية حزنك ماذا!! هل تجرأ آل بورجيا أن يحملوا يدهم على الكونتيسة آلما؟ إنها داهية نكراء يا ابنتي !! ولكن إذا كان شيء يستطيع تعزيتك فهو التأكد من أن الانتقام قريب وأن أصحابنا الحاضرون جميعا في هذا الاجتماع الذي عينته أنت قد أتوا بأخبار حسنة : رومانيا أخذت تتحرك وفلورنسا بدأت تظهر نقمتها على سلطان آل بورجيا وبولونيا وبلومبينو على وشك أن يثورا وفورلي وبيزاروا وإمولا وروميني شرعت بتعبئة الرجل وتكفي شرارة واحدة لإشعال هذا الحريق المتأجج تحت الرماد ! فارتدى وجه بياتريكس العذب قناعا إراديا من العزيمة والإقدام ومضت تقول: أيها الأسياد الأعزاء مهما كانت الضربة التي حلت بي قاسية فإنها لن تبدل شيئا من قراري لقد عصت قلعة مونتفورتي في المرة الأولى على قيصر وفي هذه المرة ستنطلق من حصن مونتفورتي إشارة التحرر . إن قيصر بورجيا يستعد الآن للهجوم على قلعة آل آلما التي هي معقل حرياتنا الأخيرة لذلك فعلينا أن نحضر في مونتفورتي جميع قوى المقاومة فصاح الجميع في صوت واحد قائلين : إلى مونتفورتي ! أما بياتريكس فقد تابعت تقول: ولآن نحن على وشك الفراق ولكنني سأقوم بواجبي نحوكم جميعا فاقدم لكم هذا الرفيق الجديد الذي بيننا. فانتقلت الأنظار بعطف على راكستان وقال الأمير مانفريدي: لقد رأيناه داخلا منذ قليل ولما كنت يا بياتريكس وحدك تعطين كلمة المرور فإن أحدا لم يدهش لحضورة عندئذ أمسكت بريميفيرا بيد الفارس قائلة : أيها الأسياد إني أقدم لكم الفارس راكستان صاحب السيف الأبي والقلب النبيل الذي لم يتردد عن إنقاذي معترضا لحقد آل بورجيا . فمد الأمير مانفريدي يده لراكستان قائلا: أيها الفارس أهلا بك بيننا. إلا أن الجميع قد دهشوا لأن راكستان لم ياخذ اليد التي مدت غليه بل بقى منخفض الرأس وقد استبدت به موجة من الحزن فإذا بصمت مملوء بالوعيد والإزدارء يسود المكان مما حدا بريمفيرا إلى أن تتراجع إلى الوراء باهته اللون . عندئذ رفع راكستان رأسه وراح يجول ببصره الممتلئ ثقة على الجمع حتى انتهى إلى بيريمفيرا فمضى قائلا: يا سيدتي لا يليق بي أن أخفى الحقيقة ومهما كانت نتائج صراحتي علي أن أعلمك بأنني مرتبط بصاحب الغبطة مولاي قيصر بورجيا منذ وصولي إلى روما فصرخ الأمير مانفريدي قائلا: هذه خيانة!! - كلا ليست خيانة يا سيدي! إنه سوء تفاهم لست مسؤولا عنه ! ولولا هذه الظروف لكانت الكلمة التي لفظتها تكلفك حياتك !! أما الآن فإني أصفح عنك نظرا لشيخوختك ومخاوفك ولأفكار أخرى لن أشرحها ... فصرخ الشيخ يقول: تصفح عني ؟ للمرة الأولى يخاطب الأمير مانفريد بهذا الشكل - نعم ياسيدي ولي الحق في مخاطبتك كذلك لأنك أهنتي باتهام باطل ولو كنت أمبراطورا لكنت أكبر منك قدرا لأنني أمتنع عن رد الإهانة بالاهانة لقد تلفظ راكستان بهذه الكلمات برقة متناهية وبنبل وترفع حقيقين حتى أن جيمع اولئك الرجال لم يتماسكوا عن الإعجاب به وكانت بريفيرا قد انتحت جانبا وأخذ تراقب هذا المشهد دون ان تفصح بشيء عن حقيقة مشاعرها أما الأمير مانفريدي فقد عض على شفته وقال موجزا : افصح ماذا تعني؟ فاستدار الفارس نحو بريمفيرا وقال: يا سيدتي عندما سعدت بلقائك واستطعت أن أحول بينك وبين ذلك الراهب كنت أجهل صداقاتك وعداواتك حتى أنني لم اكن أعلم أن الواجب الذي قمت به كان يعرضنني لانتقام الأمير بورجيا لو كنت أعلم ذلك لكان لي شرف عظيم أن أعرض نفسي للمخاطر من اجلك ولكنني كنت اجهل حقيقة الأمر تماما لذلك فإنني لا أستحق أبدا الإطراء الذي خلعت ه على منذ حين بل إنني أضيف انني جئت فقيرا إلى إيطاليا لأضع نفسي في خدمة مولاي قيصر بورجيا فقال الأمير مانفريدي باندفاع: حسنا ياسيدي إذا لم تكن مرتبطا......فقاطعه راكستان قائلا: ولكنني ارتبطت لأنني قابلت الأمير بورجيا الذي استقبلني استقبالا يفوق رغائبي وإن عطفه على وترحابه بي كانا من القوة بحيث يمنعاني ان أحكم عليه الآن قبل أن أرى أعماله بنفسي - إذن ما شأن حضورك إلى هنا؟ - كنت أجهل أنني سألتقي بأعداء بورجيا عندئذ تقدمت بريمفيرا تقول: السيد راكستان على حق إذ أن وجوده ناتج عن سوء تفاهم أنا مسؤولة عنه والآن يا سيد راكستان أنت حر وإن عهدك بعدم البوح بما رأيت وسمعت سيكون كافيا لنا فشعر راكستان شعورا قاسيا بأن حفرة قد فغرت فاها بينه وبين الفتاة التي كان يعبدها عبادة ربما كان لا واعية لذلك فقد اجاب بصوت تغلب عليه التأثر: وأنت أيضا يا سيديت أصفح عنك .... لقد طلبت عهد مني بألا أبوح بشء وهذا يفترض ظنك بأنني جدير بالخيانة !! ولكن بما أنك أنت طالبة هذا العهد فإليك عهدي الذي تطلبين. عندئذ انحنى جماعة المتحالفين وقد دهشوا بهذا النبل الذي بدا في أقوال الفارس وفي موقفه. فحياهم راكستان تحية فضفاضة ثم اتجه بخطى ثابتة نحو الحجرة الموصلة إلى القبر . أما بريمفيرا فقد رأته يبتعد وهي ممتقعة اللون إلا أنها شعرت بأن حزنها على أمها كان يمزق قلبها بقسوة أشد وبأنها كم تكون سعيدة لو أعطي لها أن تخبئ رأسها في صدر المرأة الغائبة التي مضت وخلفت لها الدموع |
نفس معذبة صعد راكستان إلى سطح الأرض باهت الوجه وكأن شيئا جديدا وعميقا قد دخل إلى حياته وكان يعتلج في نفسه شعور حاد من اليأس والفرح والكبرياء إذ أنه كان يحس بقدرته على القيام بأعمال اسطورية تفوق الخيال ويحس في الوقت نفسه بوحشة أكيدة أخذ يرتجف لها قلبه رجفات عنيفة وطفق يسير بخطي بطيئة محاولا ان يفهم حقيقة ما يدور في نفسه مستفيضا بهذا الحديث الباطني : عندما كان يحدث لي في الماضي أن أشعر بخفقان قلبي لرؤية امرآه كنت أقول مرارا إنني أحب ثم كان يحدث خصام أو مبارزة فينسيانني المرآة الحبوبه كنت عندئذ حرا وياللنشوه العذبة في هذه الكلمة ! كنت حرا دون أن يربطني شيء حرا بأن أقطع العالم بفرح شديد يجعلني أحس كأنني في بيتي. وهنا وقف قليلا فمسح جبينه بقفا يده ثم تمتم قائلا: حرا ووحيدا .... وحيدا....أهذا إذن ما يخيفني؟ ألست اليوم كما كنت بالأمس ؟ ألست اليوم حرا؟ من ترى يمنعني أن أودع بورجيا وأن أودع إيطاليا كلها؟ من ترى يمنعني أن أسرج كابيتنا إذا وأن استأنف سياحاتي الجميلة في الجبال وفي الوديان؟ أجل ومن ترى يمنعني عن كل ذلك؟ ألا أن صورة بريمفيرا خفقت أمام عينية وإذا به يراها جميلة تحت نقابها الأسود وفي عاطفة حزنها الغامر وبالدموع المتساقطة من عينيها ولكم كان يود أن يقدم مختارا عن كل دمعة منها كأسا من دمه ! عندئذ شعر أن هذه الصورة لم تعد لتتركه أبدا فتنهد طويلا وتمتم مصعدا من اعماق قلبه : بريمفيرا!!! وبينما كانت يده الشنجه على عينه اللتهبتين بالحمى شعر أن يده هذه قد ابتلت بشيء : أجل لقد كان راكستان يبكي وإذا به يجدف قائلا: ـألهذا الحد أنا مضطرب ! آه إن هذا ليفوق قدرتي إني أحب أجل هنا يكمن الداء ! إني أحب ولا يتطرق شكي إلى ذلك ولكن هنالك أدوية للحب أيتها الأبالسة ! ثم ماذا يمكنني أن آمل من حبها وقد رأيتها محاطة بهؤلاء الأسياد الكبار ومن بينهم من ملكوا الجمال والشباب والشجاعة ولا شك أنها عشيقة أحد هؤلاء ! لذلك عد أدراجك أيها الفارس واذهب منذ غد حاملا وداعك لأمير بورجيا إلا أن فكرة جديدة أتته فارتجف قائلا: أأترك بورجيا !! أأترك الرجل الذي سيكون سبب ثروتي ! هذا الذي جعلني قائدا والذي هيأ لي طريق المستقبل والمجد الذي طالما حلمت به ثم كيف أتنازل عن كل شيء ساعة بلوغ الهدف ولماذا؟ أجل لماذا؟ وإذا بالجواب يأتيه في غمرة من الفرح المر: من أجلها ... من أجلها سأتنازل عن لقبي كقائد ! ومن أجلها سأرفض الثروة والمجد وسأترك بورجيا لأنه عدو آل آلما ولأنه حمل يده على والدة بريمفيرا أجل سأفعل كل هذا دون أن تدري "هي" فهيا إلى الطريق يا راكتسان وهيا إلى السفر إلى مكان آخر قد يتنظرك فيه البؤس لا لشيء إلا لأنك جننت فسمحت لقلبك أن يخفق!! |
اسمحولي راح اتوقف عن الكتابة وعن جريب راح ادخل عصر التطور واستخدم السكنر :ekS05142: |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
:ekS05142: مشاركتي 100 :ekS05142:
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
مساء النور :3EO05175: تم بحمد الله الجزء الأول وباقي الجزء الاخير :3EO05175: لتحميل الجزء الأول :3EO05175: |
شكرا لك اختي الكريمة
|
اقتباس:
|
اسمحي لي برجاء وهو ان تقومي بمسح الصفحات الاولى من الجزء الاول على السكانر حتى تكتمل متعة القراءة
ارجو ان لا اكون قد اثقلت عليك بهذا |
اقتباس:
إن شاء الله اخي الكريم بس اخلص الجزء الثاني يمكن اخذ فتره بس :3eo05175: |
خذي راحتك
الله يعطيك العافية |
الجزء الثاني والأخير :3EO05175: :3EO05175: :3EO05175: :3EO05175: http://www.espejodetinta.es/images/borgia.jpg |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
جزيل الشكر لك اختي الكريمة
الصفحات الاخيرة لا تظهر! |
اقتباس:
تسلم أخي الكريم على المرورو وعلى التنبيه وبالنسبه للصفحات الحين قاعده احمل الملف كله وراح احطه وبعدين ان شاء الله امر على الصفحات المفقوده واشوف |
مممممم وخلصت روايه بورجيا من جزئين http://www.m5zn.com/download5.php?fi...40445ac31f.zipلتحميل الجزء الأول كتابه مع pdf وإن شاء الله احوله في المستقبل القريب لي pdf لتحميل الجزء الثاني pdf http://www.m5zn.com/download5.php?fi...170cc20fac.pdf ممممم ما ادري اذا تبون انزل روايه مهرج الملك للكاتب ميشال زيفاكو الجزء الأول نسخه دار الروائع |
الف مليون شكر لك
اتوق لرؤية رواية مهرج الملك بل وبقية روايات ميشال زيفاكو من دار الروائع ان امكنك ذلك ممكن اعرف اي الروايات تملكينها؟ |
تسلم اديكي عزيزتي بجد مجهود جبار وانا ان شاء الله رايحه نزل اربع روايات لميشيل زيفاكو الاسبوع القادم كلهم من دار الروائع وبهيك بنكون عمبنوفر اكبر عدد ممكن من روايات هالكاتب المميز الف شكر الك حبيبتي ،،، |
اقتباس:
ولكن عندي تكملتها من دار ثانيه وهي اسمها "فرنسوا" من دار الثقافه عندي الفارس الخالد "ما نعرض في المنتدى" باردليان 1-2-3 باردليان وفوستا نهاية بردليان نهاية فوستا جوهان - انعرض- الفارس اليتيم - انعرض- وعدة اجزاء من رواية باردليان بس من دار الثقافه وصغيره كابيتان دار الثقافه وياريت عندي من دار الروائع و إن شاء الله عند الاخت رياحين صخرة الحب - وياريت عندي من دار الروائع و إن شاء الله عند الاخت رياحين روايه البطل اسمه هاردن دي بسفان ممممممم اعتقد الملكه ايزابوا :3eo05175: |
:3EO05175:
اقتباس:
مشكوره عزيزتي على المرورو والتشجيع :flowers2: ومشكوره مشكوره مشكوره على تنزيل الروايات واللي اتمنى تكون كلها من دار الروائع بس ما قلتي لنا اساميها - وحده طماعه- يالله ما عندي صبر لين الاسبوع القادم |
الف شكر لكما اختي رياحين واختي وحدة فاضية
ويا ريت يكون تنسيق بينكما بهذا الامر انا من زمااااااااااااااااااااااااااااااان امنيتي ان اقرأ روايات ميشال زيفاكو كاملة وعندي امنية ثانية لكن خلوها لبعدين |
الاخت رياحين
تسلم ايدك على هذي القصص الحلوه انا من مدمنين ميشال زيفاكو بس للاسف سافرت بلاد الغربه و ما اخذت معي و لا روايه و جيتي انتي و تعبتي نفسك و حملتيهم بس عندي طلب بسيط يا ليت تنزلي جوسلين و اي روايه موجوده معك للكاتب الرائع ميشيل زيفاكو شكرا |
اقتباس:
هلا اخي الكريم بالنسبه لطلبك ان شاء الله بعد ما تعرض الاخت رياحين كل مجموعتها هذا الاسبوع اشوف شو الناقص واعرضه سواء كان من دار الروائع او دار الثقافه وبالنسبه لام******************************** تراها نفس اماني لاني من محبي روايات الكاتب ميشال زيفاكو بس ما خبرتنا شو امنيتك الثانيه ما تعرف يمكن حد عنده وتتفاجأ وتحياتي اخي الكريم |
اقتباس:
|
امنيتي الثانية هي ان اعيد قراءة جميع الالغاز التي كتبها محمود سالم واخرون
ابطالها تختخ ومحب ونوسه وعاطف ولوزه وعامر وعارف وعالية |
الرابط للجزء الاول لا يظهر ممكن تتاكدي منه:flowers2:
|
يعطيكي الف عافيه اختي العزيزة وناطرنك انتي والاخت رياحين |
حبيبتي وحده فاضيه الروابط موشغاله ممكن تنزلين غيرها ويعطيكي الف عافيه |
اقتباس:
ممممم ما عندي اي فكره بالنسبه للكاتب ان شاء الله رياحين او حد من الاعضاء يحطه ونشوفه وان ان شاء الله اذا شفته راح احطه |
اقتباس:
هلا اخي الكريم اعتقد العطل في الجزء الاول الجزء الاول http://www.m5zn.com/download5.php?fi...c03fe9fcf2.zip أو http://www.4shared.com/file/11635106...2/Borgia1.html |
إنتي تحفة بارك الله فيك عجبتني وإحتمال أسويلها فليم فلاشي متقن إن شاء الله بحاول دمج هذة الرواية مع الفارس اليتيم وتأليف قصة جديدة ياريت ياكرميتنا تتحفينا برواية الفارس الخالد أكون لكي من الشاكرين
|
التحيه والسلام لكل الاخوه العاملين على تطوير هذا الموقع
امنيتى ان اقراء نهاية فوستا لميشال زيفاكو ممكن وهذا رجاء |
اقتباس:
امممممممم الجزء الاول مش موجود بلييييييييييييييييييييييييز ممكن اذا مافي مشكله تنزلي تاني ثااااانكس باي |
اقتباس:
فكذا انتظر تنزل وبعدين اشوف واسعدني مرورك |
اقتباس:
انا انتظر المشرفه حتى تنزل رواياتها وبعدين راح انزل وبالتوفيق |
اقتباس:
|
|
|
أختي العزيزة والقديرة في البدء أشكرك من أجل ذوقك الثقافي الرفيع وأهنئك على طريقة رفعك للرواية القيمة
|
اقتباس:
أخوي الكريم اسعدتني كلماتك بصراحه :friends: شكرا على كلماتك الاكثر من راقيه واسعدني مرورك الكريم |
مممممم روايات ميشال زيفاكو
|
السلام عليكم :
ياصباااااااااااااااااااااااااح الفل أهلا بالغالية لست أدري كيف أشكركي .. و حروفي تقف حائره في غضون بهجتي وسروري .... بروائعكي ... شكرا لكي من كل قلبي ..... أخوكم المحب الفارس الخالد (*) __________ من كان الله معه فمن عليه --- ومن كان عليه فمن معه |
تجنن الرواية ربي يسعدك احب روايته
يسلموووووووووووووو يا عسل |
مشكورة أختي على الرواية الرائعة
وان شاء الله راح أقراها اليوم |
اقتباس:
شكرا اخي الكريم على هذا التشجيع الحار والله احس بالفرحه يوم اشوف ردودكم وان شاء الله احقق امنيتك واحط الروايه اللي تباها |
اقتباس:
تفاجأت ان اول رد لك في هل المنتدى كان في هذه الصفحه وفرحت باعجابك بالروايه شكرا على المرور والتشجيع :flowers2: |
اقتباس:
ما خبرتيني اذا عجبتج الروايه وله لا ؟ |
مرحبا يا عيني فاضيه
كيفك؟؟؟ اممممممممممم بالنسبه للجزء الاول منالورايه يبدأ من صفحه 126؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ لاني نزلت الجزئين,, بس الاول يبدا من صفحه 126 فين البدايه من صفحه 1؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ايش المشكله؟؟ و اسفه جداااااااااااا على ازعاجك شكراااااااااااااااااااااااااا |
اقتباس:
يسعدني مررورك وبالنسبه للروايه روايه بورجيا كانت من الرويات الاولى اللي نزلتها وما كان عندي سكنر فكنت اكتب الروايه ولاحظ تحصلين الكتابه في الصفحات الاولى وبعد نزلتهم مرافقه مع الجزء الاولى في ملف مضغوط اتمنى افدتك وبالتوفيق |
اقتباس:
اها اي والله افدتيني يا عسل انا مخزنه عندي الجزء الاول على ملف وورد بس ما كتبت انه بورجيا خخخخخخ عشان كده ضعت شكرااااااااااا يا عسسسسسل |
بوركت وبورك مجهودك
|
عفووووا وشكرا على المرور والتشجيع
|
اختي ألف شكر بكل معنى الكلمة
ولكن الجزء الأول غير موجود وقد أعجبني اصرارك على التميز |
جزيل الشكر على هذه الرواية الرائعة ولكن عندي سؤال :
- هل هذه القصة هي ملحمة تاريخية حقيقية أي أن حوادثها وقعت حقيقة في مثل هذا التاريخ والمكان ...........؟ أرجو الإجابة لأن الجواب مهم جدا لي......................... |
اقتباس:
|
اقتباس:
|
shokrannnnnnnnnnnnnnnnnnn kter wow
|
مشكووووووووووووووووووووووووووووووووووووور
|
شككككككككرررررررررررررررراااااااااااااااااااااااااااااا
|
مشكورة اختي الغالية بس تدرين لو كان الرابط موجود كان احسن |
السلام عليكم.. شكرا جزيلا لك.
|
hi there
please provide the link for this novel. thanks |
Thank you very much
|
أختي وحدة فاضية. شكرا للرواية. لكن الجزء الأول ينتهي في الصفحة رقم 277 ، والجزء الثاني يبدأ في الصفحة رقم 284 ، فأين الصفحات الناقصة. أتمنى إنزالها قريبا.
|
لسلام عليكم، جزيل الشكر على المجهود الرائع في نسخ وتحميل القصة. للاسف لم اتمكن من قراءة القصة لان الرابط معطل او تم ازالته (جزء 1 و2) كما ان القصة المكتوبة غير كاملة.
ارجو اضافة رابط جديد أو تحميل ملف الاجزاء مره ثانية. لقد كان انزال الروايات اسهل بكثير في السابق. ارجو ان تكزن هذه التعديلات في موقع ليلاس مؤقتة وان يعود انزال القصص سهل كما في السابق. انا من عشاق الكاتب ميشال زيفاكو والناشر دار الروائع. ارغب بشراء قصصه لذى يرجى ممن يرغب بالبيع باعلامي. مع الشكر. |
شكرا جدا على المعلومة عن الرواية ولكن اين رابط الرواية
|
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ان الجزء الثاني من بورجيا غير موجود. كما ان الجزء الاول يتوقف عند ص 277 يرجى اعلامي عن كيفية انزال الرواية بالكامل. واين يمكنني ان اجدها. وبارك الله فيك شـكـــــرا لك ... لك مني أجمل تحية . |
مرحبا تم تجديد الموضوع على هذا الرابط http://www.liilas.com/vb3/t131003.html#post2123389 ينقل هذا للأرشيف |
الساعة الآن 02:17 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية