منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   القصص المهجورة والغير مكتملة (https://www.liilas.com/vb3/f837/)
-   -   (رواية) زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل (https://www.liilas.com/vb3/t183200.html)

اسطورة ! 24-12-12 02:27 AM

زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كيفكم اعضاء وزوار ليلااس

حبيت انقل لكم رواية جديدة لانآت الرحيل

من دقايق طرحتها بالمنتدى المجاور

قراءة ممتعة مع الزفرة الاولى

تحيتي

اسطورة !

اسطورة ! 24-12-12 02:29 AM

رد: زفرات اغتصاب الكاتبة : أنآت الرحيل
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ها أنا اعود من جديد لاسطر مولودتي الجديدة على صفحات ****** ..
وكم كنتُ سعيدة بنجاح مولودتي الثانية .. التي اخذت من وقتي الكثير .. ومن نفسي الشيء الاكثر ..
حتى انني كنتُ قد قررت ان اغيب عن الصفحات لفترة لا بأس بها ..
ولكنني دون ارادة مني وجدتني اخط حروف جديدة بشخصيات جديدة .. تحمل في جعبتها الكثير والكثير ..
وكما افعل دائما .. اضع افكار روايتي من الالف الى الياء .. وبعدها احيك احداثها ..
لم استطع ان اكتبها وانهيها لاني اعلم يقين العلم انني لن انهيها اذا كنتُ وحدي .. قد اكتب فيها ولكن لن اصل الى النهاية ..
فعدت اليكم لتشجعوني كما عادتكم .. وارصف الافكار لاشيد بنيانا معكم ..
فاهلا بكم معي من جديد |~


,،

مقدمة ~

نحن البشر في هذه الدنيا كدمى في مسرح .. علقت بخيوط ليتم التحكم بها .. ونمشى على ظروف قد احكمت سيطرتها علينا ..
فنرى انفسنا رهن قيدها .. الا من ندر منا .. فيكسرون حاجز الاستعباد تحت مسمى الظروف .. ويبنون حياة جديدة رغم قسوة الايام ..
هنا عبر شخوص روايتي " زفرات اغتصاب " ساحكي عن قصص ليست بالجديدة .. ولكنها ستُحكى بطريقتي ..

في زفراتي الكثيرة ستكون هناك ارواح اغتصبت فضحكت حين تذكرت ..
هنا بين زوايا مولودتي .. شباب تجمعهم القرابة ويجمعهم الجوار ..
فهنا ساكتب لاعبر عن امور تجتاح الكثيرين .. ويتغاضى عنها الكثيرون ..
ابطالي في حياة متواضعة عاشوا .. فرحوا ولعبوا .. وضحكوا كثيرا ..
ابطالي قد يكونون قريبون منكم وانتم قريبين منهم .. فابطالي ليسوا ببعيدين عن واقع حياتنا |~


,،


دقائق واكون معكم في بداية لروايتي .. قصيرة اجل ..
ولكنها كفيلة بان تضعكم على عتبات الزفرات ..

اسطورة ! 24-12-12 02:31 AM

رد: زفرات اغتصاب الكاتبة : أنآت الرحيل
 

,،










السماء مكتنزة بالغيوم المثقلة .. وكأن بها وجع تحاول ان ترميه على الارض .. تمخضت فاسقطت قطرات التهمها الثرى .. وكأن بها تبكي لتسقي من واراه ذاك التراب .. من اسقط تحت كلمات وعبارات كثيرة : لا اله الا الله .. لا حول ولا قوة الا بالله .. ان لله وان اليه راجعون ..





والكثير من الاستغفار وطلب الرحمة .. وجسد يرتجف .. رجفة برودة مطر ورجفة وجع فـ العظم .. تقبله تلك القطرات وجدا على رأسه وجبينه ووجهه وحتى رمش عينه .. لتتعلق بالرموش لاليء لا يُعرف ان كانت بكاء مطر ام بكاء عين .. ارتعش جسده حين تناثرت ذرات التراب على " خالد " وما ادراكم من خالد بالنسبة له .. هو أخ قبل ابن عم .. وصديق قبل ان يكون صاحب .. ورجل حتى آخر رمق تلحف بالإيثار .. وأي إيثار كان بالنسبة له .. كان وجع طعنة خنجر في صميم الروح .. زادت رجفته حد الاعياء .. لتنهار تلك العصا المتأبطة ذراعه .. ويسقط مغشيا عليه ..





وحمل كما صاحبه منذ سويعات .. بل كانت دقائق .. رآها هو كساعات عناء .. تكررت الكلمات من الافواه وزادت التمتمات : ما بيتحمل كان دوم وياه ...





واخر يزيد : الله يكون بعونه ..





وكثر الكلام وهناك حين رفع على السرير المدولب جاءه كما اعتاد رؤيته .. يبتسم بل ان السعادة كانت لتهرب من عينيه .. ليردد على صاحبه المسجى على السرير : لا تنسى .. لا تنسى اتفاقنا .. لا تنسى ..



ويبتعد الصوت وتردد شفتيه المرتعشة : ليش .. ليش ..





"قلت لكم غلط انه يطلع .. بس ما سمعتوا الرمسة(الكلام) " رددها خاله وهو في الانتظار ..ليردد سعد : اهدى .. ان شاء الله ما فيه الا العافية .. والحين بيطلع الدختور يطمنا .




صفق اليمنى باليسرى بغيض واضح : لا حول ولا قوة الا بالله .. لا حول ولا قوة الا بالله ..




زفر انفاسه وهو يضع كفيه في جيب " البالطو " الابيض .. طوح برأسه وعاد ليزفر .. حانق .. بل اشد من ذلك .. لقد حذرهم من مغبة ذاك الفعل الارعن الذي اقدمو عليه .. القى اوامره على تلك الممرضة بتغيير الضمادات وتعقيم الجرح جيدا .. وايضا المراقبة الشديدة .. فهو في حالة هذيان مر .. تتبعثر من فيه كلمات شتى .. احيانا بغضب واحيانا اخرى برجاء .. خرج وقد توعد بالقاء كلمات قاسية على اصحابه ومن كان معه في ذاك العمل ..





ما ان تراءى لهم .. حتى شدوا خطاهم .. خاله منذر الذي يكون قريب جدا من عمره لا يسبقه الا ببضع سنوات لا تتعدى الاربع .. وزميله سعد .. وابن عمه جابر .. ليبدأوا باستجواب ذاك الطبيب الذي صرخ بهم : دامكم خايفين عليه بهالشكل ليش ما اقنعتوه انه ما يطلع ..





تمتم جابر : سبق السيف العذل .





ليرد ذاك الطبيب : مب وقت فلسفتك يا جابر .. الريال حالته حاله .. الحمى هلكته .. وما يندرى نقدر نخفضها او لا .. صارلنا نراقبه ساعة – التفت لمنذر – عسى امه ما درت ؟





طوح برأسه نافيا .. لينطق سعد : اكييد بيوصلها الخبر .. طاح بينا .. وكل اللي كانوا ويانا راحوا بيت بو خالد الله يرحمه ..





,،



هناك في ذاك المنزل الذي توشحه الحزن منذ يومين حين عُلم بما اصاب خالد .. ليكتنفه حزنا قاسي بعدها عند وفاته .. هناك كانت حبات " المسبحة " تتلاحق بين اناملها .. ولسانها لا يكل من التمتمة بـ سبحان الله والحمد لله والله اكبر .. والنسوة المتوشحات السواد ينحنين لتقبيلها .. والقاء كلمات العزاء على مسامعها .. فهي ام ثكلى .. وهي اليوم اهدى عن الامس .. فبالامس صرخت غير مصدقة .. واليوم تحتسب مصابها عند بارئها .. بجانبها ام ذاك المرمي على ذاك السرير في ذاك المستشفى .. تحاول ان تلقي عليها بكلمات تصبرها اكثر .. لتربت على فخذها : البركة فمطر ومبارك يا ام خالد ..







لتتهدج شفتيها .. فسيبقى اسم خالد عالقا بها . سيذكرونها به كلما نادوها .. فهي ام خالد .. ام ولدها الاول .. اغمضت عينيها لتسحب ذرات الهواء لعلها تمنع تلك الدموع من السقوط .. فهي لا تريد ان تعذبه بدموعها .. يكفي دموع الامس .. عادت لتتمتم بالاستغفار ..




تلفتت الاخرى في المكان .. لا يوجد سوى ابنة ام خالد الكبرى .. فاين ابنة اختها .. تلك الفتاة التي خطبتها لابنها منذ شهرين .. وكان الاتفاق على عقد القران في هذه الاسابيع القليلة .. امعنت النظر لتراها تداري وجهها للجهة الاخرى .. تمسح دمعة سقطت .. فهي لا تزال تذكر كلام والدتها مساء الامس حين صرخت بها وبمها : والله ان شفت دمعة وحدة ما تلومن الا نفسكن .. ما اريد دموع ع خالد ..




ارتجفت لسقوط تلك اليد على كتفها .. لتلتفت : هلا خالتي .. بغيتي شيء .




تنهدت : الله يصبركم يا بنيتي .. ليلى فديتج وين مها ؟




وقبل ان تجيب تلك تحملقت الانظار الى ذاك الواقف متوسط تلك الصالة المكتضة بالنساء .. منذ دقائق كان هناك مع الرجال .. واذا بحديث وقوع اخيه يسيطر على بعض الحوارات .. حتى وكأن المكان اضحى بعيدا عن موت خالد .. وتلك الاذنان تلتقطان الحديث بنهم .. واذا به يقف خارجا من ذاك المجلس .. وما ان وضع قدميه على عتبة الباب من الخارج حتى هرول بتلك الساقين النحيلتين .. ليتسمر في تلك الصالة .. مشتتا انظاره في المكان .. يبحث عن وجه والدته التي كانت تحادث ابنة عمه ليلى .. وما ان رفعت رأسها رأته .. وقفت تشد الخطى الى ذاك المنقطعة انفاسه .. تعانق راحتيها كتفيه النحيلين .. تنحنى قليلا وهي تنطق : شو بلاك ؟




يلهث ويلهث .. حتى هزته مرددة : تكلم يا هاشل .. شو مستوي ؟




بكلمات متقطعة وهو ينظر لوالدته ويبعثر انظاره للنساء الواقفات خلفها : اخوي .. اخوي طاح فالمقبرة ..




لتمسكه ليلى تديره ناحيتها : شو اللي تقوله ..




ليردد بعبارات سن العاشرة : والله والله .. سمعتهم يقولون طاح فالمقبرة .. وشلوه المستشفى – يأشر بيده لباب الصالة – روحي سأليهم .. هم اللي يقولون ..




بعد صمت تحاول معه ان تستوعب ما قاله ابنها تحركت .. لتناديها ليلى .. وتمسك بذراعها .. وتنفضه بقوة : خليني اروح اشوف شو السالفة .. هذا ولدي .. هذا سندي من بعد المرحوم ..




ليضج المكان بكلمات النساء يحاولن ان يهونن عليها ما قيل .. ومن بينهن تشق طريقها تلك الثكلى .. وتقف : استهدي بالله .. ان شاء الله ما فيه الا العافية . ولا تنسين انه مريض .. اكيد ما تحمل الوقفة ..




وضعت يدها على صدرها لتشد ملابسها باناملها .. فما بالها فقدت اعصابها .. وتلك التي فقدت ابنا يتملكها هدوء غريب .. هل تلك اقوى منها .. او ان حبها لابنها اقوى من حب ام خالد لابنها .. امسكت بابنها : وين خالك ؟




تحاول ان تستجمع قوتها ولتوازي تلك بالقوة .. ليجيبها : محد .. راح المستشفى وياه ولد عمي جابر ..




ما ان سمعت اسم جابر حتى امسكت بذراع ليلى مترجية : اتصلي ع جابر .. شوفيهم شو صار عليهم ..




بهمس لا يسمعه الا الاخرى : ان شاء الله خالتي .. بس انتي اهدي . الحين اتصل عليه ..




لتحمل ليلى نفسها مبتعدة عن المكان .. وبيدها هاتفها .. فجابر زوج لها منذ سنة تقريبا .. ولا بد ان يخبرها بكل شيء .. ولا ترغب ان تلتقط تلك الخائفة شيء من ملامحها اذا هناك ما يريب .. وبابتعادها ابتعدت فتاة كانت من بين الحضور لتصعد السلالم متوجهة لغرفة مها .. فتحت الباب لتجد تلك منطوية على نفسها تبكي .. اغلقته بسرعة لتجلس على حافة السرير : مها ..




رفعت يدها بتردد لتضعها على كتفها .. فهي تعلم بان صديقتها عصبية جدا .. وضعتها ونطقت باسمها .. لتصرخ : خليني بروحي يا سوسن .. اللي في مكفيني ..




وتنخرط في بكاء مؤلم .. لتتنهد تلك وتنطق : خطيبج طاح عليهم فالمقبرة .. لا تسوين بعمرج جذي والله ما فيه شيء ..




اعتدلت تلك وخصلات شعرها المبللة تلامس وجهها : انتي فشو وانا فشو ..




استنكرت سوسن ما نطقت به : انتي شو بلاج .. اذا امه واخته ما صاحن عليه مثلج .. من امس حابسة عمرج لا اكل ولا حتى شرب .. والريال اللي بيرتبط اسمج باسمه طايح فالمستشفى ولا همج ..




صرخت بعصبية : غبية .. يايه تقرانين ميت بحي .. هذاك مات .. يعني ما بشوفه .. يعني خلاص ما في خالد ..




تبلعمت فصمتت .. بعدها وقفت : الله يكون بعونج .. ياليت تحاسبين ع كلامج عند امه وخواته اذا ين يعزن ..




ادبرت لتردف وهي تسحب مقبض الباب لتفتحه : مع السلامة .




كتمت شهقاتها بباطن كفها .. لتنساب دموعها حارقة وجنتيها .. وترمي بنفسها مجدداً على السرير ..



هدوء في الاسفل لا يسمع الا صوت اذاعة "القرآن "من ابوظبي يتلى عليها بعض ايات القرآن الكريم .. وتلك الخائفة غادرت المكان بعد ان طمأنتها ليلى .. حتى انها تحدثت مع جابر مطولا لتتأكد من صحة ابنها .. تنهد وهو يغلق الهاتف .. لينظر اليه منذر وبعينيه سؤال يتلوه سؤال : اختك ؟




" هاا" نطقها وهو يقف يحث الخطى لذاك الواقف عند عتبة الباب .. ويردف : شو قلت لها .. ؟




نظر لشبيب النائم بهدوء مريع : قلت لها انه بخير .. بس حمى وراحت .. شو تباني اقولها .. اخبرها باللي قالوه حقنا عنه .. تباها اطيح عليهم ..




شد بقبضته على كتف جابر : اهدى شو بلاك ؟




- حاس بالذنب .. لو ما طاوعته كان مب هذا حاله يا منذر .. شوفه – يمد يده ناحية شبيب – حتى ما يحس علينا .. نحركه ونكلمه وهو فعالم ثاني .. ياليتني ما طاوعته ..




زفر منذر انفاسه : تعوذ من بليس .. ان شاء الله باكر بيقوم ..





,،



زفرت انفاسها هي الاخرى بعد ان خرجت من دورة المياه (اكرمكم الله ) منزوية في غرفتها من قبل خبر وفاة ابن عمها .. فهي تشعر بانها في مصيبة .. وكلما مر يوم غرقت اكثر .. جلست على حافة سريرها لتمد يدها وتسحب ذاك الدرج .. وتخرج دفترا لها دونت فيه محاضراتها .. سحبت القلم المتعلق بظهره .. لتفتحه باصابع مرتعشة .. وتخط وهي تخاطب نفسها : اليوم 19 الشهر .. يعني تاخرت اسبوعين – كتبت التاريخ وخطت تحته اليوم – لحظة .. مب قادرة اركز ..




رمت الدفتر .. وعادت تخاطب نفسها : يتني يوم الثلاثا .. هيه يوم الثلاثا قبل محاضرة الدكتورة هبة .. صح صح




كانت تحاول ان تطمأن نفسها باي طريقة .. لتكمل حديثها بعد ان وقفت وهي تخطو في الغرفة ذهابا وايابا : لا لا .. ما كان يوم الثلاثا .. كان الاحد .. هيه الاحد .. تاخرت .. تاخرت واايد .




احتضنت بطنها وانحنت لتنسكب دموعها : لا مستحيل .. مستحيل يسويها في .. قالي ما بيلمسني ..




جلست على الارض وظهرها لجانب سريرها واجهشت بالبكاء وتمتمت : قالي بس بنشوف الغرفة .. لا ما سواها .. لا .. بيذبحني شبيب .. والله بيذبحني ..




ارتجفت لتسرع واقفة تمسح دموعها .. فالباب قد فُتح .. ودخلت تلك بخطوات ثقيلة بسبب حملها .. وقفت امام اختها .. وفجأة شدتها اليها تحتضنها : طلبيله الرحمة فديتج ..




ليزداد بكاءها .. وتبتعد قليلا بعد ان هدأت : شو اللي يابج هني .. ليش ما رحتي العزا ..




جلست على السرير ويدها تعانق ظهرها.. تشد على شفتيها : فارس حلف علي ما اروح .. ما مصدقين ان الحمل ثبت لشهر السادس .. خايف علي .. بس ما قدرت ابقى فالبيت .. وولد عمي ميت واخويه فالمستشفى ..




جلست على ركبتيها امام اختها : شبيب بخير ؟..




نفس الجملة القتها والدتهما على مسامع منذر .. تسأله بالحاح عن حال ابنها .. لا يعرف بما يجيبها .. فذاك منذ الامس لم يفق .. حتى الاطباء احتاروا في حالته .. صرخت به بعد ان طال صمته : بتتكلم والا شو .. من البارحة اتصل عليك ما ترد .. واليوم الصبح بعد .. ويايني الحين وشكلك هالشكل .. بتخبرني والا شو ..




طوح برأسه : شو اقولج يام شبيب .. خايفين ليكون صابه مس من المقبرة .




- شو ؟



,،



اتوقف لادع لكم مجالا لرد ..


وقريبا نبدأ بالتعمق اكثر |~

اسطورة ! 24-12-12 02:32 AM

رد: زفرات اغتصاب الكاتبة : أنآت الرحيل
 


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

متابعيني الحلويين .. حبيت اخبركم .. ان البارتات بيكونن بارت واحد في الاسبوع ..
عشان اعطي كل بارت حقه فالمراجعة ..
بس هالشيء ما يمنع اني انزل بارتين في الاسبوع بحسب تمكني من البارت واحداثه .. وطبعا بعطيكم خبر اذا كان في بارت فغير الموعد ..
بيكون الموعد المعتمد بنهاية الاسبوع ..
اذا ما كان يوم الجمعة بيكون السبت باذن الله ..
وطبعا الموعد بالليل واللي تابعوا روايتي الثانية يعرفون ان تنزيلي للبارتات يكون بالمساء ^^
ويا رب اكون عند حسن ظنكم ..
وقبل ما اطلع اخمد ..
حبيت اقولكم ان يوم الاحد باذن الله بيكون فيه اول بارت لروايتي من بعد البداية اللي حطيتها ..
وتصبحون ع خير

|~




^

كلام الكاتبة

اسطورة ! 24-12-12 02:33 AM

رد: زفرات اغتصاب الكاتبة : أنآت الرحيل
 
http://up.graaam.com/forums/616798/01356271903.gif
,,

كان كمن غاب ايام وايام وعاد .. شعره مرتب باصابعه للخلف .. وتلك " غترته " المطلية باللون البني شتائية الصنع تنام على كتفه بهدوء .. القى عليها كلمته لتتجمد بعد ان نطقت " شو " .. تتبعها بعينيه وهي تدبر لتجلس على الارض بعد ان اسندت نفسها بظهر النمرقة القاسية ..لترفع بعدها نظرها اليه : ييبوله مطوع ... لا تطولون عليه – تستند على كفيها لتقف – والا اقولك قوم وصلني عنده ..







كفاه الغليظان يعانقان كتفيها ونظره لاسفل حيث وجهها : استهدي بالله .. هذي كلها ظنون منا ..






- حتى ولو .. قوم وصلني اشوفه ..






رفع معصمة لناظره .. لينظر لتلك الساعة الفاخرة المزينة لمعصمة مزدحم الشعر : بتنتهي الزيارة ما بنلحق ..






خرجت تلك من غرفة اختها حين سمعت صوت خالها وصوت والدتها ذي النبرة العالية .. بثقل جسدها مشت حتى انتهت من ذاك الرواق لتطل عليهما بابتسامة شاحبة : منذر ..






رفع رأسه لها ليرغم شفتيه على ابتسامة بسيطة .. فتلك الوحيدة التي تناديه باسمه المجرد دون كلمة " خالي " .. مشى تاركا اخته الجالسة بعد محاولة عقيمة معه لاخذها الى حيث شبيب .. امسك بيدها لتمشي معه : كنّه شو اللي يايبنج .. ؟






ساعدها لتجلس ..ويجلس هو بمقابلتها ومقابل اخته المتقوقعة بجانبها .. نطقت : لا تخافون علي .. والله ما في الا العافية ..






خوف جديد يتربع في قلوب من يعرفونها ويكنون لها حبا .. فمع كل حمل ترتفع الايدي داعية لها .. قطب حاجبيه على صوت اخته : قوم اتصل بحارب .. ما بقدر اصبر لباكر .. قوم ..






تنهد ليتحوقل بعدها .. فهو متعب جدا ولا يقوى على الجدال مع شقيقته التي يعتبرها ام له من بعد امه .. عيونه تنظر لـ كنّه وكأنه يرغب ان تسانده باقناع والدتها .. لتنطق : شبيب بخير ؟








اغمض عينيه فلقد مل هذا السؤال الذي لا يجد اجابة عليه الا ان يقول ما قاله لتلك المرعوبة .. وقف وزفرات انهاك تتكالب فارة من صدره : بخير .. ان شاء الله بيكون بخير – التفت لشقيقته – اختيه .. يام شبيب لا تسوين بمعرج جذا .. باكر ان شاء الله بوصلكم تشوفونه .. ولا تنسين ان المستشفى ما يهدى من اللي يزورونه .. من يوم صار اللي صار والريايل الا حد طالع وحد داخل .. وباكر يمكن حد من الشيوخ اييه .. بس بقول لحارب يدخلنا ولا يهمج ..






عيونها تحكي عتب لذاك الاخ .. ايقول لها ان تهدأ .. وكيف تهدأ وابنها لا تعلم بحاله .. او كيف ستمضي هذه الليلة عليها بعد ما قاله .. وقفت : كثر الله خيرك يا منذر ..






وبعدها اختفت .. جملة ضربته فـ الصميم .. ولكن لا ذنب له .. فما عساه يفعل .. سكن في مكانه لثواني واذا به يتحرك ليتبعها لتستوقفه : منذر روح ارتاح .. وامي انا بكلمها ..






كانت كلماتها ترياق له .. فهي قريبة من والدتها وجدا وستخفف عليها كثيرا .. خطواته تتلاحق للخارج .. ليرتد جسده للخلف بسبب كومة العظم التي صدمته .. يده تسرع لتمسك الجسد النحيل حتى لا يقع .. لينطق بغضب : ما تشوف ؟






ليرمي بسؤال خاله المتهكم خلف ظهره وينطق : اريد اشوف شبيب ..






نظراته تتفحصه من قمة رأسه الى اخمص قدميه .. شعر مغبر . ووجه كالح .. وملابس رياضية احيلت للون غير لونها .. وساقان بهت لونهما بسبب الرمل والبرد .. وحذاء رياضي فك رباطه حتى نام بجانبه على الارض ..




صرخ متأوه حين دعكت اذنه اليسرى باصابع خاله القوية : كم مرة قلت لك لا تلعب فالليل بهالرمل ..






- آخ آخ .. هدني يعور .. والله كلهم يلعبون فالليل






زاد من الشد ليصرخ الصغير من جديد .. ويشد هو على اسنانه : ما شيء روحه لشبيب الين ما تركد وتقر فالبيت فاهم ..






عكازها يسبقها .. وانحناء ظهرها دليل على سنوات عمرها .. لتشد بيدها على ذراعه .. توبخه : ما قلت لك لا تضرب هاليتيم ..






ارتعش جسده من مسكتها تلك .. ليفلت هاشل .. ويجري الصغير كطير اطلق من قفص .. ويرسم هو ابتسامة على وجهه ويحني راسها بكفيه ليلثمه : اليتيم يباله تربية .. والا لو كل مرة قلنا يتيم .. كان ما تربى ..








نهرته لتتابع سيرها نحو الصالة : الا بنت اختك مالها شوفه من ايام .. شو بلاها .. والا تكبرت من بعد الملجة .. والا يمكن موت خويلد الله يرحمه ضربها فالعظم ..








ما بالها تتهكم هكذا .. فهو اعتاد على كلماتها . ولكن هل هناك ما تخفيه اضلعها عن الجميع .. ومن التي تقصدها .. كنّه كانت معه منذ دقائق خلت .. فلا بد ان المعنية شامة .. تنهد فهو ليس بحال تسمح له بالبحث في امور تلك المراهقة العشرينية .. رفع حاجبه وهو يرى تلك العجوز ترمي بفنجان القهوة بعد ان سكبته .. لتطال قطراته السجادة وبعض من النمارق القريبة : حشا ما شيء قهوة ..






كتم ضحكته .. وردد بعدها : الساعة بتوصل عشر .. خلج من القهوة وروحي رقدي ..






"يالسه ع راسك انا .. والا يالسه ع راسك " رددتها تلك العجوز لتردف : قوم روح خلهم يسون قهوة .. هذي بردت ..






رفع حاجبه : مب رايح ولا عندي خبر .. بروح ارقد ابركلي .. تصبحين ع خير ..






غادر المكان .. لتبدأ شفتيها المجعدتين بالحديث الكثير .. تحقد على ذاك المنذر .. لانه ابن لامرأة اخذت منها زوجها يوما .. فغاص وجع " العديلة " حتى استفحل .. واصبح مع الجسد كتوأمين .. ورضت .. ولكن ذاك المنذر لا يزال يذكرها بايام كانت .. لا تنكر ان مزاحه يعطي المكان فرح جميل .. وهي بحق افتقدته لايام مضت .. منذ ما حدث لشبيب وخالد .. ابتعد عنها وعن منواشتها .. تمنت لو بقى معها قليلا .. ولكن هو كوالده يكسرها حين حاجتها له .. تحوقلت وهي تنادي على ابنتها .. وعلى شامة ومرة أخيرة تعود لتنادي هاشل الصغير .. لتردد حين لم تصلها اجابة : حشا دياي راقديلي من المغرب ..






لتتحامل على نفسها بتعب وتقف .. تعود ادراجها لغرفتها القريبة من الصالة .. وهي تردد كلمات ساخطة على الوضع الذي بدأت تكرهه ..






اناملها تشد غطاء السرير باستغراب غريب تملكها من اعصاب والدتها الباردة .. ونظراتها تتبعها وهي تختفي خلف جدران دورة المياه ( اكرمكم الله ) وكلمات والدتها ترن في اذنها : قومي ردي بيتج .. وانا ما في شيء بقوم اصلي ..






اتطردها خوفا عليها من النفوس الحزينة .. او لعلها تخفي الم في صدرها .. لم تكن امها التي كانت كالكتاب المفتوح امامها ..تقلب في صفحاته يوما .. المنزل كئيب بالفعل .. حتى شامة طردتها من غرفتها بعذر الراحة التي تريدها .. وضعت كفها على بطنها البارزة .. لترتسم على شفتيها ابتسامة .. وتقف بعدها .. لن تغادر كما يرغبون .. لما الخوف عليها بهذا الشكل .. هي بخير .. وجنينها بخير .. ليس كباقي من سبقوه .. ولن يكون .. وقفت على عتبة الباب وهي ترى والدتها تخرج وتشد الخطى لتسحب سجادة الصلاة وتفرشها .. تأملتها لدقيقة ربما .. وبعدها ابتعدت مغلقة الباب بهدوء ..




,,








خطواتها تتلاحق .. تقف على اعتاب الباب لتتأكد من خلو المكان .. وتمشي من جديد .. تطوي المسافة الفاصلة بين المنزل ومجلس الرجال .. وتقف من جديد لعلها تلمح نعل غريب فتتراجع .. تنهدت وتابعت .. لتخلع نعلها الخفيفة وتدفع الباب بحافة الصينية التي تحملها .. وتبعثر نظراتها في ذاك المجلس الكبير .. قالوا بان بعض الشيوخ قدموا للعزاء .. ولكنها لا تهتم بحديث النسوة في صباح هذا اليوم .. ولن تهتم ..




بلعت ريقها وهي تراه .. حزينا جدا وكأن به كبر عشرين سنة على سنواته الخمسة والاربعين .. اهتزاز جذعه الخفيف وتمتمته ببعض ايات الله كان شيء كفيلا لاسالت دموعها .. لم يتحرك حتى بوصولها اليه .. انحنت تضع الصينية امامه وتقبل رأسه .. وتمسح دموعها قبل ان يراهن .. لتقع على ركبتيها جالسة بجواره .. تمد يدها لرغيف الخبز تقتطع منه قطعة .. وتغمسها في مرقة اللحم .. يدها تقف عند فيه : ياللا يالغالي .. تراك من البارحة ما ذقت شيء ..






انامله تعانق رسغها ليبعد تلك اللقمة عنه : النفس طابت يا بنيتي ..






رفعتها من جديد : عشان خاطري .. والا بنتك ليلووه ما لها خاطر ..






نظر اليها بعيون تغوص في بحر حزن لم تره يوما : امج كلت ؟






ابتسمت دون ارادة منها .. فحب والديها غريب بالفعل .. ها هو يفكر فيها حتى في قمة الوجع :قبل لا اييك كنت عندها .. تعشت الحمد لله .. وخليتها وهي تصلي ..






- الله يزاج الخير يا بنيتي ..






وضعت اللقمة في زاوية الصينية .. لتمسك كوب الحليب تمده له : دامك ما تبي خبز وصالونة .. اندوك اشرب هالحليب .. حطيت فيه زنجبيل ولا كثرت شكر (سكر) .. سويته مثل ما تحبه ..






اغمض عينيه .. ليفتحهما ويده ترتفع لتقع على رأسها : عشانج فديتج .






ابتسمت وهي تراه يرشف من الحليب .. وما هي الا لحظات حتى ترك ما في يده وهو يرفع نظره للواقف عند عتبة الباب : شخبار شبيب ؟






اغتاض من سؤال والده .. حتى تشابكت الشعيرات الخفيفة بين حاجبية .. نظرت هي اليه مليا .. كبر ذاك الـ مطر .. وبان على شفته اخضرار غض .. وعلى جانبي وجهه تبعثرت الشعيرات .. ليتجهم وجهها على رده : ما اعرف عنه شيء .. ولا اريد اعرف ..






ليترك المكان بعدها .. التفتت لوالدها الذي تحوقل ووقف بعدها .. لتقف : ابويه ما تعشيت ..






لا رد يصلها منه .. لتزفر انفاسها .. هناك في جوفها غصة لا تستطيع اخراجها ولا تستطيع ابتلاعها .. هذا حالها منذ ما حدث .. حملت تلك الصينية لتركنها في المطبخ .. وتحث الخطى لغرفة اخيها .. فتحت الباب لتجده يخلع ثوبه ويرميه على الارض بغضب : انت شو بلاك ؟ هذا بدال ما تداري ع ابويه ترد عليه بهالرد ..






صرخ بها معنفا : لا تدخلين .. ابويه للحين حاسب حساب لشبيب .. حتى واخويه ميت يفكر فيه .. يعني محد يهمه الا هذاك ..






لتلتفت على صوت مبارك الذي وقف عند الباب صارخا : ما احبه ما احبه .. ياليته هو اللي مات مب خالد .. هو اللي قتل خالد .. هو ..






ليجري بعدها .. وتقترب هي من مطر ترص على اسنانها : انت شو قايل لاخوك عن شبيب ..






يده تتحرك في دولاب ملابسه وظهره لها : اخوي مب صغير






بيده يتعلق ثوب نوم خفيف قصير الاكمام .. وهو يرتديه اردف : الرياييل ما عندهم سيره الا هالسالفة .. تقول يالسين فقهوة مب عزى ..






طوحت براسها وخرجت دون ان تنطق ببنت شفة .. لتتسارع خطواتها لغرفة اصغر اشقاءها .. فتحت الباب لتجده على سريره يبكي .. نائما على بطنه وذراعيه تشابكا تحت وجهه .. متعلق بخالد كثيرا .. وعقله الصغير لم يعد يتحمل ما يحدث .. جلست بجانبه لتغوص اناملها في شعره الكثيف : بروك حبيبي .. مب زين تصيح بهالشكل .. لازم تفتخر ان خالد اخوك .. وترفع راسك فوق ..






بصوت مكتوم دون ان يتحرك : شبيب قتله .. هو السبب .. ما احبه .. ولا احب هاشل .. ومب لاعب وياه مرة ثانية .. ولا بروح بيتهم ..






انحنت له ولا تزال اناملها تلعب في شعره : حبيبي لا تقول هالكلام .. ترا خالد بيزعل منك .. انت ما تعرف ان خالد يحب شبيب واايد .. واذا انت كرهته وكرهت هاشل خالد بيزعل .. يرضيك خالد يزعل منك ..






قفز من مرقده لتبعد يدها هي بخوف : انا مب صغير تضحكين علي .. وخالد مات يعني ما بيزعل ..






تمد كفيها تحاول ان تلمس وجهه فيبتعد صارخا : لا تصكيني( تلمسيني ) .. وطلعي اريد ارقد .






حتى مبارك لم يعد مبارك الصغير الذي كانت تعتني به .. لتبتسم له دون اكتراث لاعصار الغضب الصغير الذي يجتاحه : انزين بطلع .. بس دامك صرت ريال وكبرت .. لا تفكر مثل اليهال .. الحين ما انت تقول انك مب صغير ..






نظرته حادة تكاد تخترقها .. ادركت بانه بدأ يستمع بتركيز لها .. يقف على ركبتيه يتأملها بقسوة .. وهي تبتسم بهدوء لتكمل : الكبار لازم يفكرون زين .. الحين اذا واحد يحب انسان هالحب كله معقوله يروح يقتله ؟ .






كتف ذراعيه على صدره وربع ساقيه جالسا وظهره لتاج سريره : ما اعرف ..






قامت واقفة : لازم تعرف .. تقول انك صرت عود .. خلاص فكر فكلامي وانت بتعرف انزين .. والحين ارقد ولا تيلس تسمع لكلام الناس اوكي حبيبي ؟






خرجت دون ان تنتظر منه اي جواب .. ابتعدت تداري عيونها عنه فان رآها لن يصدق شيء مما قالته .. تركته ليستلقي على سريره ويغرق في النوم بعد كلامها الذي هاج في نفسه لدقائق .. اما هي فوقفت تنظر الى غرفة مها .. تقدم رجل وتؤخر الاخرى .. فهي لن تحتمل صرخة من تلك القاسية .. ولن تسمع لها كـ مبارك الصغير .. وقد تُسمعها كلمات جمة .. ففضلت الانصراف الى غرفتها .. ليستقبلها رنين هاتفها .. فتلتقطه وتجلس بتعب على حافة سريرها .. كم تحتاج له في هذا الوقت .. ابتسمت لاسمه .. لترد بتعب اتضح في نبرتها .. ليسارع هو بالسؤال : ليلى فيج شيء ؟






طوحت برأسها نافية .. وكأنه امامها ويراها لتنطق : تعب العزا بس ..






زفر انفاس الراحة .. ادار مقود السيارة يسارا : ليلى جهزيلي فراش برقد عندكم الليلة .. ما اقدر اخلي عمي بروحه يمكن تحتايون شيء ..






كم ان ذاك الخبر اسعدها .. لتقف بعد ان اغلقت الهاتف .. تسرع الخطى للاسفل .. وتخرج فراش له هو من ملك قلبها سنين .. حملت " الدوشق" ( مرتبة سرير ) .. وما ان فتحت الباب حتى هاجمتها ريح باردة ارجفت اضلعها .. وبريق في السماء أكد لها بان هذه الليلة ستكون ماطرة .. ابتعدت بسرعة تجر تلك التي بيدها لتضعها في الصالة الصغيرة المجاورة لمجلس الرجال .. وتعود بعدها راكضة تحمل وسادة وبطانية ثقيلة .. بدأت دموع المطر تتساقط رويدا .. اسرعت حتى كادت ان تقع .. لتلج الى تلك الصالة وترمي ما بيدها بتعب .. لم تنتبه الا بمن يقف امامها .. لترفع نظرها اليه : انت هني ؟






ارادت الهروب من عينيه فاردفت وهي تنحني تلتقط الغطاء : خلني ارتبلك الدوشق عشان ترقد ..






ينظر اليها وهي تتحدث ..تحكي له عن مبارك ومطر .. وبالاكثر عن مبارك الذي اشغلها .. لتقف بعدها وتستدير له : تعشيت ؟






اقترب منها .. صامت كان .. وصمته ذاك يزعزع ثبات روحها .. لترتجف من برودة انامله التي تداعب وجنتيها .. وتنسل مبتعدة لتوقع " شيلتها " .. انكسرت نظراتها لقرب انفاسه الافحة لبشرتها الحنطية : ويهج شاحب .






ما ان نطق حتى هلت دموعها كسيل على خديها .. لترفع راسها له : تعبت يا جابر .. حاسه بغصة فحلقي – شهقاتها تتلاحق – امي حالفة ما تريد تشوف دموعنا .. وابويه حالته حاله .. واخواني احس انهم بيضيعون .. تعبت ..






سحبها اليه ليدفن وجهها في صدره العريض .. وكفه الايمن على رأسها وكأنه لا يريدها ان تبعد رأسها ابدا : صيحي .. صيحي الين ترتاحين ..










,,



يــتــبــع|~

اسطورة ! 24-12-12 02:34 AM

رد: زفرات اغتصاب الكاتبة : أنآت الرحيل
 


غفوة راحة في آخر الليل .. ذراعاه تحت رأسه وقدماه قد ارتفعا على تلك الطاولة القصيرة .. العمل ارهقة الى حد الاشعور بالمكان .. يطلب الراحة فقط .. لسويعات .. بل لدقائق قليلة جدا .. واذا به يفتح عينيه وينزل قدميه على صوت تلك الممرضة المقتحمة عليه خلوته .. وصوتها الخائف المرتعش يتهادى الى مسامعه .. ليقف ويسرع الخطى معها يسألها وهو يهرول : متأكدة انه فتح عيونه ..


لترد وهي تحاول ان تجاري هرولته : ايوه فتحهن .. بس خوفني ..



فتح الباب بقوة ليلج .. يدنو منه .. يمسك المصباح الصغير .. ويفتح جفنيه .. اليمين ثم اليسار .. ويعود ليمسك معصمه ويرقب ثواني ساعته .. ويسألها من جديد : متأكدة ؟



-
والله يا دكتور حارب فتحهن .. وسكرهن بسرعة .. كل شيء بسرعة ..


انحنى ليناديه : شبيب .. تسمعني ..



انتصب واقفا وكفه تغطي فيه .. ونظره متمركز على وجه شبيب .. لينزل يده بعد ثواني وينظر اليها : ما كنتي تحلمين ؟



هزت رأسها مرارا .. ليتنهد : الغريب ان ما في اي اشارة على انه واعي – تثائب وهو يغطي فيه بيساره – سمعي راقبيه الين تنتهي مناوبتج اذا صار اي شيء اتصلي علي انزين – نظر لساعته – مناوبتي انتهت من ربع ساعة .. الدكتور عدنان بيكون موجود اذا صار اي شيء ..



القى نظرة فاحصة اخيرة .. لعل هناك شيء لم ينتبه له . وبعدها غادر الغرفة .. وبعد ربع ساعة تهرول قدماه على الرصيف المبتل ليصل الى سيارته وقد تبللت ملابسة .. وغرقت نهايات بنطاله الكحلي ببقع الماء المتشتتة في المكان .. الشوارع خالية .. الا من لثمات المطر على الارض الصلدة .. وتمايل الاشجار لدرجة انه تخيلها ستقتلع من جذورها ..

اخيرا منزله يترآءى له .. ليدخل سيارته الـ"جيب " البيضاء تحت تلك المظلة القاسية .. ترجل لتلفحه برودة الهواء .. وتداعب انفه ليعطس مرة واثنتان وثلاث .. ويشد الخطى بعدها لداخل .. سكون رهيب اعتاده منذ سنوات طوال .. لا شيء ينطق في تلك الزوايا الا صورا لاشخاص كانوا ورحلوا .. صعد السلم القصير الذي لا يتجاوز الست درجات .. ليمر بالرواق ذو الانوار الصفراء الخافتة .. وبعدها يفتح باب غرفته على مصراعيه .. ويبدأ رحلة البحث عن ملابس نظيفة تقيه من برودة الملابس التي عليه ..



" بجامة " قطنية ناعمة كفيلة لتعيد الدفئ لجسده المرهق .. رماها على السرير وجلس .. ظهره ينحني لينزع جواربه ويرميهن قريبا من كومة الملابس المتكدسة .. ليبتسم على عدم ترتيبه .. فهو لا يجد وقت لذلك ..



دقائق واذا به يلقي بجسده على السرير بتعب .. لم يشعر الا بتلك الرائحة تنسل دون استأذان الى رئتيه .. ليسحب الهواء بنهم .. وتتراءى له صورتها . شعرها الكستنائي القصير .. و شفتاها المكتنزتين .. سحب تلك الوسادة ليحتضنها بقوة .. وكأن به يحتضن الحبيبة .. والعشيقة .. والخليلة .. لا اجمل من ان ينام على رائحتها .. ويستيقظ عليها ..



لم يشعر الا به معها في حلم جميل .. يغوص معها في عالم خيالي اخاذ .. وشعرها طويل جدا كحورية حسناء .. ووجها جميلا .. بل نقيا وحانيا .. وصوت يتعالى رويدا رويدا .. وهي تذوب في الا شيء رويدا رويدا .. لتختفي حين فتح عينيه .. وذاك الصوت ازعجه .. تقلب في سريره .. واذا به يمد يده الى " الكوميدينة " يتفحصها بانامله بعشوائية .. فهاتفه يرن وهو لا يعلم مكانه .. ليصمت .. ويعود هو يدس وجهه في تلك الوسادة .. واذا بالصوت يعود .. ليصرخ بحنق : اوووووف .. حشا ما يخلون حد يرقد – قام من سريره وهو يتلفت – اووهههوو وينه هذا بعد ..


تحركت قدماه للبحث عن مصدر الصوت .. ليسكت من جديد .. ويصرخ هو من جديد : عساني ما لقيتك .. طار الرقاد ..



ليخرج من غرفته يجتاحه غضبا عارم .. ويدخل المطبخ الصغير الذي يجاورها .. المكان متسخ .. لعله لم ينظف منذ اسبوع او اكثر .. وسرعان ما تبدل مزاجه العكر .. ليقهقه على حاله التي يرثى لها ..




,,

وتلك في حالة يرثى لها .. تتهرب من عائلتها حتى لا يشكون بامرها .. تسمع صوت والدتها الذي يرن على رأسها كجرس حريق اصابها بالصمم .. تهزها وهي تردد : شامة قومي .. بنروح نشوف اخوج ..



لتتمتم بنعاس : ما اريد اروح .. اريد ارقد ..



لتصرخ تلك بها : حشا مب حاله هذي .. حتى بيت عمج ما رحتي وكله راقده .. بتخيسين .. قومي ياللا ..



شدت الغطاء اكثر : ما اريد اروح .. خلوني بليييييييز ..



تحوقلت بغضب واردفت : خل اخوج يقوم بالسلامة .. وبتشوفين شغلج عندي ..



تجعد وجهها وتقوست شفتيها .. لتنتحب مع صوت اغلاق الباب .. وتجلس بعدها تضرب بطنها بقبضتهيا .. صارخة بخفوت : اطلع اطلع .. ما اريدك ما اريدك ..



لتصمت فجأة .. تصلبت في مكانها على صوت خالها وهو يفتح الباب يطلب منها النهوض .. انفاسها تتسارع .. لقد رآها .. ستموت على يدي خالها قبل اخيها .. ارتجفت وارتجفت .. وبكت حد الوجع ..



,,

اتمنى ان ينال على استحسانكم
http://forums.graaam.com/images/smilies/msn%20(2).gif

نجلاء الريم 24-12-12 10:19 PM

رد: زفرات اغتصاب الكاتبة : أنآت الرحيل
 
السلام عليكم أسطورة

رواية اقل كلمة عنها انها متميزة

حبذا لو طلبت من الكاتبة انات ان تزين وحي الاعضاء بروايتها

عواااافي أسطورة لذائقتك الراقية

اسطورة ! 30-12-12 08:54 AM

رد: زفرات اغتصاب ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
هلا وغلا نجووله

الله يعافيكِ يارب

ان شاء الله ببلغها واشوف

نورتِ




~

اسطورة ! 30-12-12 08:56 AM

رد: زفرات اغتصاب ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كما نوهت في بداية روايتي ..
اتمنى عدم نقل الخواطر الى اي مكان بعيدا عن احداث الرواية ..
وخاصة تلك التي كتبت باقلام غير قلمي ..

فاتمنى ان لا تضعوني في موقف حرج مع من طلبت منهم تلك الخواطر والاشعار ..
ولا ارغب بان يتكرر موضوع المقال في رواية " انا انثى ... "
الذي اخذ بل دعوني اقول سرق وعدل بحسب اهواء من سرقه .. دون اعطاءي اي حق من حقوق القلم ..

////

دقائق وستكون الزفرة 2 بين ايديكم
اتمنى عدم الرد حتى انتهاء التنزيل
تحياتي |~

اسطورة ! 30-12-12 08:58 AM

رد: زفرات اغتصاب ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 

المرآة قصة مع الجسد .. ومع الوجوه .. وحتى مع الظلال المختفية .. تقف امام مرآتها واناملها المرتجفة تغلق ازرار العباءة السوداء.. فكرها في ضياع لا يعلم به الا هي .. توقفت عند نحرها .. هنا قبلها متمتما لها بان نحرها يغريه وجدا .. ابتلعت ريقها .. لتفيق من افكارها على بعثرات الاصوات بالخارج ..

منذ دقائق خلت كانت موقنه ان ملك الموت يحوم على رأسها .. مع صوت خالها المنادي لها وهو يفتح الباب .. لا تعلم ان رآها وتجاهل الامر او انه لم يرها .. هي لم تنظر ناحيته وهو يفتح الباب ونظره للخارج حيث اصوات اخته ووالدتها .. ليبتسم وهو يدخل ويحث خطواته نحوها .. تجهم وجهه حينها . فهي متصلبة كفزاعة في حقل .. حتى ما وضع يده على كتفها جفلت .. ليجلس على طرف السرير امامها .. يرفع وجهها بانامله الملامسة لذقنها : شامة شو بلاج ؟ شيء يعورج ؟



تلك اللحظة انهمرت دموعها خوفا .. او لعلها طلبا لراحة .. وعلى طرف لسانها حديث مؤلم تود البوح به .. لتنتهي من كل شيء ..من معاناة الليالي الطوال .. ومن بعده والسبب اخيها .. هزت رأسها مرارا لا تريد الحديث .. ولا ترغب بالاجابة على تلك الاسئلة .. فألمها اعمق من ان يرى .. وما على السنتهم الا تلك الجملة " طلبيله الرحمة " .. آآه يا خالها لو تعلم بأن ما فيها اصعب من تلك الجملة ..


مسح دموعها بكفيه ليقف : تجهزي مب حلوة منج ما تروحين تزورين اخوج .. ياللا بنترياج ..



هزت رأسها بانها ستفعل .. وهاهي تقف امام مرآتها التي مثلها مثلهم لا ترى الا ظاهر الناظرة اليها .. سحبت الهواء بنهم لتزفرة بقسوة .. وكأنها ترمي ما في صدرها مع زفراتها .. ضربت وجنتيها بخفة باطرافها مرارا .. وشدت على شفتيها .. ورسمت ابتسامة كاذبة .. وفجأة اذا بها تستدير .. هل بطنها بارزة؟ .. ام ان هذا الامر يخيل اليها .. مسحت عليها بكفها .. مجرد بروز طفيف لن يلاحظ ..



قدماها تتحركان حيث تقبع " شيلتها " سحبتها ولفتها على رأسها دون العودة الى تلك المرآة .. واذا بصوت شقيقتها العاشق ينسل من خلال فتحة الباب الموارب .. لا تذكر بانها تحدثت معه يوما بهذا الحب .. وبتلك النبرة العاشقة ..تذكر انها دائما توبخه لاتصالته الدائمة ..والتي تحرجها كثيرا .. هذا ما كانت تقوله له : لا تحرجني باتصالاتك .. خفف منها وترى ما باقي شيء وبنكون لبعض ..

وخفف منها لاجلها .. بل انه بدأ يتناساها في الاونة الاخيرة .. وهي اليوم بحاجة لتلك المكالمات التي كانت .. ترغب بها بشغف لا حدود له ..


,,



في زاوية الممر وقفت ووجهها للجدار وكفاها تخبآن هاتفها على أذنها .. وكأنها لا تريد لاحد ان يسمعها : حبيبي الله يخليك .. صدقني ما بتعب عمري ..


تشد على شفتها السفلى وهي تسمعه يعاتبها لبعدها عنه .. و يقذف على مسامعها حديث ملامة لانها اصرت على ترك منزلهما .. لترمي عبر الاثير بقبلة تلجمه عن المتابعة .. ويقهقه بشدة .. ويرفع الراية البيضاء لها .. فهي عشق قديم لا يزال يتربع ويحتل روحه .. رددت مرارا كلمة " احبك" ..ليسكتها بنبرة ضاحكة : حشا كل هذا عشان وافقت .. عيل لو لبيت لج كل اللي تطلبينه شو بتسوين هاا..



صوت والدتها يصل جليا اليها بالاسراع .. وصوت باب غرفة اختها يغلق من ورائها .. لتهمس : حبيبي اهلي مستعيلين .. اكلمك بعدين – وقبلة اخرى تبعثها – باي .



جرت خطاها وهي تعيد ترتيب " شيلتها " واختها تمشي امامها بتوهان لا تراه .. حتى ما ان وقفت وقفت من خلفها .. تبعدها قليلا لتتعداها : امايه كلنا بنروح ..



عيناها ترمقان هاشل بقسوة وهو يختبيء خلف جدته خوفا : شو اسوي ببو اللسان اللي فت كل شيء عند يدتج ..



ليصرخ وهو يخرج رأسه : انتوا ما تبوني اروح لشبيب .. وحتى خالي ما يباني اروح ..



تمشي لتصل اليه واذا بعصا والدتها تعترضها : لا تخلين دوبج من دوب هالياهل ( لا تضعين راسك براسه ) – تهز عصاها امامها بالترتيب – والا ناوين ما تقولولي عن ولدي شبيب .. افاااا بس ما هقيتها منكم .. طاح فالمقبرة ولا تعلموني ..



تحوقلت ام شبيب تحت انظار ابنتيها : اميه شو بلاج علينا .. وشبيب ما فيه الا العافيه ..



تشد تلك العجوز خطاها للخارج وهاشل متمسك بها خوفا من والدته : لو ما فيه شيء ما بتي تحاتينه طالعه وداخله لحجرتج .. ياللا سرعن متولهه ع وليدي ..



وما هي الا ثواني حتى صدح بوق سيارة منذر .. ليخلو البيت من بعدهم .. وتضج تلك السيارة بالاحاديث المعاتبة .. فتلك العجوز لا تكف عن القاء اللوم عليهم .. من ام شبيب حتى منذر مرورا بكنه وشامة .. تجلس خلف ابنتها وبجانبها هاشل لا يهدأ من الحركة .. لتصرخ به والدته : ايلس عن تعور اختك – تلقي بحديثها على شامة – وانتي شو فيها اذا خليتي اختج تيلس عند الباب ..



لتحاول تلك ان تهدأ الجو قليلا .. تعانق كتفي شقيقها بذراعها : خلاص ياميه .. وهشوله هادي فديته .. خلوا عنكم العصبية شوي ..



ابتسمت وهي تسمع جدتها تردد : لا حول ولا قوة الا بالله .. يدسون عني السالفة ويبوني اسكت ..



" خالي وقف .. نسيت فوني " .. قالتها شامة بخوف .. ليجيبها : ما بتحتاينه وبعدين ما في ارد الحين .. شوي وبنوصل ..



لم يكن كاذبا في كلامه بل هي ظنت بانهم لا يزالون قريبا من منزلهم .. توقفت السيارة ليبدأ المسير حيث شبيب .. ذاك النائم في سبات عميق .. شعر ذقنه بدا نموه واضحا .. رموش عينيه الكثيفه النائمة بهدوء توحي لمن يراه بأنه سيستيقظ .. الاصوات تطن في اذنه .. يسمع صوت والدته المشرئب بالحزن والخوف .. لمسات شفاه متتالية تلثم جبينه بعمق .. ودفئ اكف تعانق كفه .. وانامل تتحرك على وجنته .. يسمعهم .. صوت جدته جليا يصل اليه .. ولكن هناك ما يمنع عينيه ان تزيحان الستار للنظر .. شيء ما يخبره ان لا يستيقظ .. وبكاء ممزوج بصوت خاله : خلاص يام شبيب .. شو بلاج الحين قلبتيها مناحة ..



كفاها تشدان على كفه : ما يسمعنا يا منذر .. ولا يحس فينا .. يا ويلي عليك يا ولدي .. يا ويلي عليك يا شبيب ..



انسلت من المكان وهم مشغولون بتهدأت تلك الام .. مشت تتلفت في المكان تبحث عن مرشد يقودها اليه .. لتستوقف تلك الممرضة تسألها عنه .. فتجيبها بان عمله سيبدأ مساءاً .. وقفت في ذاك الرواق طويلا .. يجب ان تخبره بالامر .. هو يستطيع ان يساعدها .. عادت ادراجها لتجد تلك الغرفة خاوية الا من جسده .. دنت منه تنظر الى وجهه الشاحب .. وعيناه المغمضتان .. انحنت لتقبل جبينه .. واطالت التقبيل .. لتنسكب دموعها تروي بشرته المتعبة : شبيب سامحني .. صدقته .. بس ..



وكأن اللحظات التي تسترقها للبوح حُرمت عليها .. تقاطعها والدتها بسحبها من ذراعها : انتي وين رحتي ؟ واحنا ما خلينا مكان ندورج فيه ..



بكلمات متوترة اجابت وهي تنزع ذراعها من كف والدتها : رحت اسال عن حارب .. اريد اساله عن اخوي ..



تزيحها من كتفها لتمر من امامها متعدية سرير اخيها .. وبغضب مكتوم : ما سمعتي خالج يقول ان دوامه العصر .. والا وين عقلج ؟



اتسألها اين عقلها .. وهو الذي ابتعد عنها وارتحل منذ اسابيع .. اتسألها عن اختفاء سمعها .. وضيعان فكرها .. لو تعلم هل ستعذر لها ما حدث .. ام هل سيسامحونها .. نظرت الى والدتها وهي تقف عند عتبة الباب .. تمسح على وجهه .. وتدعو له بالشفاء .. وتلقي عليه وعدا بالرجوع ..




,,

قطعت وعد لقلبها يوما ان تمحيه من شرايينه واوردته .. ولكنها خانت ذاك الوعد .. فأبت تلك الاوردة ان تتخلى عنه .. افاقت من نومها بعيون منتفخة .. تبكيه وجدا .. هو الذي تربع هناك منذ الازل .. منذ ان ابتعد الاهل .. امها وابيها واخويها الاثنين في ليلة شتائية مرعدة مبرقة .. كليلة البارحة التي اخافتها حتى تراقصت عظامها .. وكتمت خوفها .. لم تخف وهو على قيد الحياة .. والآن تشعر بان الخوف يتربص بها دوما .. غسلت وجهها مرارا .. تريد ابعاد صورته المرتسمة في تفاصيل عينيها .. المنسكبة مع قطرات الدمع الأبية .. قررت الخروج من عزلتها .. يكفي ابتعادا .. والنسوة لا يكففن عن السؤال عنها .. لا تريد لاحد ان يوصمه بكلمة بعد رحيله بسببها ..



اغلقت عينيها تعُب ذرات الاكسجين في رئتيها .. وتزفرهن بغصة الم .. تقترب بوجهها من تلك المرآة .. عيونها حمراء مخيفة .. وكأنها كانت تبكي دما .. لا تعلم لماذا شعرت حينها ان هناك من يناديها .. كصوته هو .. ضحكاته هو .. ومشاكسته الدائمة لمبارك .. شدت خطاها خارجة من غرفتها .. وشيء ما يدفعها الى غرفته دفعا .. ابتسمت وهي تسير .. لعله هناك جالسا على مكتبه .. او نائما على سريره .. او لعله يبحث في دولاب ملابسه .. وستسمع ندائه لتلك الخادمة .. يسألها وهو يمثل الغضب عن جوربه الكحلي .. او عن " شماغه " الجديد ..



مقبض الباب يستدير .. ولاول مرة يصدر صريرا حزينا .. هل يبكي صاحب الغرفة الذي ارتحل .. رعشة سرت في اطرافها .. ليرجف لها قلبها خوفا .. رائحة المطر الراكد على السجاد تعبق في الاجواء .. وصوت الريح .. وستائر تلوح بعنف وتهدأ بعدها .. اقتربت اكثر وهاتفها في يدها تكسر من شد اناملها .. اغلقت النافذة .. وكأنها لا تريد لغيرها ان يتطفل على المكان .. عادت للوراء خطوات لتتعثر بحذائه الاسود المركون عند طرف السرير .. اناملها تسد طريق شهقاتها لتبتلع ريقها بوجع ..



كيف لها ان تنساه .. وكان هو القلب .. وهو الحب .. وهو دموع الشوق .. كيف لها ان لا تبكيه .. وكان هو الحب العذري المخبأ في طيات روحها .. وكيف لهم ان يلوموا عينيها .. وخالد كان فارس الاحلام لها ..



صوت توقف سيارة خارجا .. اعادها للوقوف عند النافذة تزيح الستار .. ليصل اليها صوت كنه وهي تخاطب خالها : منذر اريدك توصلني البيت عقب ما اسلم ع حرمة عمي وعمي ..



وهدأت الاصوات .. تنهدت وهي ترقب منذر يتوجه نحو خيمة العزاء .. ليرن هاتفها في يدها ويرعبها .. لتبتسم على حالتها ويحتضنها سرير " المرحوم" .. وهاتفها يلامس اذنها : ليش متصلة ؟



لتبتسم الاخرى : لانج ربيعتي (صديقتي ) وحبيبتي .. وعمري ما بزعل منج .. والوم اللي يلومج ..



صوتها وحديثها بعث بالراحة اليها : تعرفين انا وين ؟



بعثرت نظرها على جدران الغرفة واثاثها البسيط لتردف : فحجرته .. سوسن .. لا تقاطعيني اوكي ..



هزت تلك رأسها مع قولها : اوكي ..



خرجت تنهيدة قبضت معها قلب سوسن الخائف على صديقتها .. لتستطرد من بعدها : تصدقين .. مب مصدقة انه مات .. حتى ما خلوني اسلم عليه .. كلهم راحوا يسلمون الا انا .. كنت اريد اقوله اني احبه .. وانه ذبحني باللي سواه ..



لم تستطع الا ان تقاطعها : بس هو بروحه راح لخالتج يقولها يباج لشبيب ..



نزلت دموعها : ذبحني يومها يا سوسن .. ياليتني ما سمعته وهو يقول لامه ان شبيب يباني .. وافقت لانه مثل اخوه .. ولانه ابد ما فكر في الا كاخت .. كان ودي اصرخ فيه واقوله اني اعشقه واحلم فيه واحبه ..



تسترسل بالحديث براحة تامة .. غير مدركة بان هناك آذآن قد التقطت ما قيل .. وانامل تلامس الشفاة صدمة .. اتعشق من كان اخا لخطيبها .. وما ذنب شبيب .. اذنبه انه قريب له .. فوافقت عليه لتكون قريبة من حبها المدفون .. هل ستستطيع ان تكون في حضن رجل وعقلها وقلبها لرجل آخر اضحى في عداد الاموات .. ابتعدت الخطوات للخلف .. تجر الم جديد يتغلغل في حنايا الروح .. ليبقى ما سمعته تلك الآذآن سرا الى حين .. تكفي تلك العائلة صدمات ..



اقتربت لتجلس بثقل على الارض بجانب زوجة عمها بعد ان غابت دقائق حين طلبت دورة المياه( اكرمكم الله ) : خالتي اريد اسلم ع عمي .. عنده حد ..



لتنطق امها : هيه والله نريد نسلم عليه قبل ما نروح ..



لترفع ام خالد نظرها لابنتها : ليلى شوفي ابوج .. قوليله مخلفة(ارملة) اخوه وبناتها يبن يسلمن عليه ..



شدت تلك خطاها مبتعدة .. لتردف تلك : شخبار شبيب ؟



-
والله حالته ما تسر يام خالد .. تونا يايين من عنده .. ولا حس فينا ..


تربت على فخذها : ييبوله مطوع .. لا تتهاونون ..


" ان شاء الله " نطقتها ليعم الصمت بعدها .. وما هي الا دقائق حتى اقبلت مها تقبل رأس ام شبيب ومن ثم رأس ام خالد .. وتتبادل القبل مع كنة وشامة .. وتجلس بهدوء .. ترد على اسئلة ام شبيب بكلمات قصيرة موجزة .. وهي لم تنطق ولم تسأل عن ذاك المرمي هناك .. رفعت شامة نظرها اليها .. تبقى جميلة حتى وان كان وجهها شاحبا .. انتبهت مها لنظرات تلك .. فابتسمت على مضض .. ليقفن على صوت ابو خالد وهو يعلن وقوفه عند الباب .. تعاد كلمات العزاء من جديد .. تثبت لها بانه مات .. تراهما يقبلان عمهما وهناك دموع تراها واضحة تأبى ان تسقط من عيني شامة .. واسم ذاك الذي تكون له خطيبة يتبعثر في المكان ..



ابو خالد وهو ينظر للارض : شخبار شبيب يام شبيب .. عساه بخير .. منذر وجابر يقولون ان حالته ما تسر .. وقالوا بيبوله مطوع ..



كفها المتدثر بطرف " شيلتها " يخبيء نصف وجهها السفلي عنه : والله مب عارفين شو بلاه ..



" ان شاء الله خير " رددها مرارا ليردف بعدها : اليوم اخر يوم فعزى خالد الله يرحمه .. وباكر ان شاء الله بروحله المستشفى وبطمن عليه ..




,,

الحياة هكذا تعود رويدا رويدا لما كانت .. كما هي التي تجر خطاها الى منزلها .. اشتاقت لغرفتها .. ولصالة جلوسها التي تجمعها معه .. وفلم قديم او جديد يقرب الجسدين من بعض .. المنزل خالي جدا .. لا حياة فيه من بعد سفر والدته للعلاج كما تقول .. لتتعلق بها ابنتيها وتذهب .. رفعت عباءتها وثوبها المزركش بالورود قليلا حتى لا تطاله تلك البقعة التي كومتها دموع السماء بالامس .. رائحة المكان مطر جميل احتضن الارض ليلا .. حتى فارقها عند الشروق ..

مشت وهواء بارد يضربها ليرعشها لتقف امام الباب الصغير الذي فتح على ساحة المنزل من جناحهما الصغير .. حتى لا تتضايق هي من وجود شقيق زوجها .. وتكن لها راحة التحرك في المكان .. فتحته لتبتسم .. وسرعان ما انعقد حاجباها حين فتحت الغرفة .. تطوح برأسها ففارس هو فارس يبعثر اشيائه دون اكتراث .. خلعت عباءتها و" شيلتها " لترفع شعرها جيدا بعد ان اسدلته .. وتبدأ بترتيب تلك الغرفة متناسية توصياته لها .. ما ان انتهت حتى ولجت لدورة المياه ( اكرمكم الله ) .. لتزيح عنها تعب اليوم ..



رائحة المكان مختلفة عن ذي قبل .. ابتسامة واسعة جملت وجهه الطويل الذي تحده لحيته الخفيفة .. وعيناه نائمتا الاطراف ضحكتا بعمق لضحكات ترددت في روحه .. فالحياة عادت للمكان من جديد .. طوله الفارع يشق الممر بشغف .. ليفتح الباب بهدوء صامت .. وتترآى له هناك على السرير .. ليزف الخطى اليها بعد ان داعبت رائحة العطر انفه بشغب جميل ..


أُداعبُ أنفها بِأنفي ،
" صَباحُ الخيرِ "
و أسرِقُ مِنْ أنفاسِها زَفراتْ .









نومها ثقيل .. لينحني يداعب انفه الطويل انفها الصغير مرة واثنتان وثلاث ورباع .. حتى ارتسمت ابتسامة على ملامحها .. وتعلن جفونها لعينيها الظهور .. لتعيد اغلاقهما بسبب شفتيه .. يقبلها على عينيها ويبتسم بعدها مرددا : لو دريت كان من زمان وافقت عشان تردين ..


يده تمسح على بطنها : شخبار ولي العهد .. يا ويلج اذا تعبتيه ..



تتصنع السخط وهي تشيح بوجهها عنه : قول هو اللي تعبني مب انا ..



تجلس وهي تنزل ساقيها وبنبرة معاتبة لنفسها : نسيت عمري ولا سويت غدا .. اكيد انت يوعان ..



ليمسكها ويجلسها من جديد : مابي غدا .. بنطلب من برع وبناكل .. اهم شيء ما اتعبين عمرج .. خبريني شخبار اهلج واخوج ..



لمحة حزن بانت على وجهها .. لتلتقفه كفاه : شو بلاج فديتج ؟ ترا ما احب اشوفج متضايقة ..



-
زرنا شبيب ..


-هيه قلتيلي بتروحوله ..


اطلقت تنهيدة اوجعته : ما حس فينا .. ضعيف واايد .. وويهه مب ويهه المازر ( الممتليء) .. يوم حبيته ع راسه تخيلت انه بيسحبني له وبيحبني من خدودي مثل كل مرة احبه فيها ..



اصابعه تمسح دموعها .. ليدنيها من صدره : لا تضايقين عمرج فديتج .. ان شاء الله بيقوم وبيرد مثل قبل واحسن – ابعدها وهو يحملق في وجهها – بروح اتسبح اوكي .. وعقبها بنطلب غدا .. عندج من الحين الين اطلع تفكرين باللي تبينه .. اذا ما قررت ترا اسحب ..



ضحكت لحديثه .. لتظهر له لسانها وتغيضه بحب : يحقلي مب ام ولدك ..



يشد على وجنتيها بسبابتيه وابهاميه : واحلى ام .. انتي بس تدللي ..



هو هدية لها من السماء .. تنظر اليه بعيون الحب .. تعلم كم انه يحبها ويعشقها بل انه يموت على الارض التي تحمل أثر قدميها .. لم يستسلم حين رُفض من والدها مرات لانه دخل السجن يوما .. ايحكم عليه بغلطة تعلم هي يقينا انه لم يفعلها بل ظُلم فيها .. ولكنه اصر الا ان تكون له .. وكأن القدر يأبى الا ان يجتمعا .. وهاهو يقف في وجه والدته التي تسعى لتزوجيه فقط لان رحمها لا يثبت به حمل .. وهاهي تثبت بانها ستكون ام .. وستعطيه ما يتمنى .. طفلا يربيه ويحبه كما حبها .. وهي واثقة بان حبها في قلبه لن يوازيه اي حب حتى لو كان لابنهما ..



دنى بخوف منها وتلك المنشفة تتحرك على شعره القصير جدا .. فهي على جلستها قبل دخوله للاستحمام .. رمى المنشفة ليجلس على طرف السرير امامها .. يطوي ساقه اسفل منه .. ويمسك كفيها لتجفل .. ويتمتم : بسم الله عليج .. وين وصلتي .. كل هذا تفكرين شو بطلبين ..


لم تبتسم بل ارتسمت على وجهها الجدية .. لتتحرك اناملها على وجهه وكأن بها تحاول ان ترسم تقاسيمه .. ليرتعب عليها وجدا .. ويمسك كفيها يقبلهما : فديتج لا تخوفيني عليج .. شو بلاج جي ؟



ابتسمت وفجأة تحولت الابتسامة لبكاء .. ويردد هو : بسم الله عليج ..



يدفنها في جانب صدره ويبتسم حين سمعها تردد : احبك ..ربي لا يحرمني منك ..



يعبث بشعرها كطفلة في حضن والدها : الحين اطيحين قلبي فريولي واخر شيء لانج تحبيني .. وربي حسيت ريولي ما بتشلني خلاص ..



تبعد نفسها وهي ترتب شعرها : يعني لازم تنفشه بروحه ياللا ياللا يثبت .. وبعدين يا قلبي انت نعمة من ربي لازم احمده عليها ليل ونهار .. ليت ابوي الله يرحمه عايش ويشوف الهنا اللي انا فيه ..



" الله يرحمه " تمتم بها وقام واقفا : خلينا نطلب غدا تراني مت من اليوع ..


,,



يــتــبــع|~

اسطورة ! 30-12-12 08:59 AM

رد: زفرات اغتصاب ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 

لم تكن تشعر بالجوع فاخذت غفوة قبل صلاة العصر .. تاركة خلفها ابنها وزوجته وابنيه الصغيرين .. واصوات شجارهما المعتاد .. فهو لا يطيق شيء منها .. وهي تتنمر من تعامله معها .. وتلك العجوز تعبت بينهما .. وضعت رأسها تطلب اغفاءة تريحها .. ولكن تاتي الرياح بما لا يشتهي السفن .. قامت فزعة من مرقدها .. تعود لها تلك الكوابيس الحارقة لها .. هي تعلم بان ذاك الذي تخفيه كفيلا بان يلقيها في نار جهنم التي تراها تعبث بجسدها في منامها .. ووجوه ارتحلت تتفرج عليها وهي تصرخ .. قامت تستعيذ من الشيطان .. وتنفث على يسارها .. وتردد : لا حول ولا قوة الا بالله .. لا حول ولا قوة الا بالله .. كله منه ما سمع رمستي .. كله منه ..


وبعدها قامت فصوت اذان العصر صدح في غرفتها .. ستصلي وستذهب لزيارة ام شبيب هذا ما قررته مسبقا .. وهي على سجادتها دعت ربها كثيرا ان يعفو عنها .. ويصفح عنها ما كان .. ولكن سكوتها مقبرة لها هذا ما تشعر به .. خرجت من غرفتها لترى زوجة ابنها جالسة في الصالة مع ابنيها .. هما يشاهدان التلفاز وهي تقلب اوراق مجلة اسبوعية قديمة .. تنظر الى تلك الازياء التي تتمنى ان ترتدي يوما مثلها .. ولكن وزنها لا يعطيها ما تريد ..


انحنت ام سالم لتلتقف " دلة " القهوة ذات القاعدة الذهبية : بروح لام شبيب اسلم عليها واسالها عن ولدها وعن ام خالد .. ما رحتلهم الا اول ايام العزى .. ما بتيين وياي .


رفعت رأسها : سلمي عليهم ..


تشدقت .. لتبتعد بقدميها عن المكان .. منزل ام شبيب ليس بعيدا .. فشارعان فقط يفصلان بين المنزلين .. سارت في طريقها متخطية المنازل .. تشق طريقها بين الازقة الضيقة .. حتى ما ان وصلت استقبلتها ام شبيب في مجلس النساء : شو يايبنج فهالبرد يام سالم .. ووين سالم عن يوصلج ..


تضع الـ" دلة " من يدها وتجلس وهي تسحب " صينية" التقديم التي تحمل وعاء به تمر وفناجين القهوة .. وتفتح الوعاء لتقضم لها تمرات وهي ترد على ام شبيب : بيقولي ما يقدر ادريبه .. وبعدين ما شيء برد ذاك الزود .. السيل اللي يانا من يومين شكله بييب الحر وياه ..


جلست بجانبها لتسكب لها فنجان قهوة : الا البرد زايد .. بس ما شاء الله الشحوم اللي عليج ما تخليج تانسين( تحسين) البرد .


" اعوذ بالله " قالتها ام سالم وتلك تكتم ضحكتها .. لتردف : شو اخبار شبيب .. ان شاء الله يبتوله حد يقرا عليه ..


انزلت الفنجان من يدها واجابت : الحمد لله ع كل حال ..


" وكنه " قالتها ومن ثم بعد صمت من ام شبيب اردفت : شخبار الحمل وياها ..


تدرك بان ام سالم لم تنسى يوما انهم رفضوا ابنها حين تقدم خاطبا لكنّه .. حتى انها قاطعتهم شهورا طوال .. وعادت بعد وفاة ابو شبيب .. ولسانها دائم السؤال عن ابنتها .. الا يزال ذاك السالم راغبا بها وهي على ذمة رجل يعشقها حد الجنون ..


ارتشفت من فنجانها : الحمد لله بخير .. ما فيها الا العافية ..

- الحمد لله ..


كانت جملة انهت الحديث في الموضوع .. لتبدأ الحديث عن ام خالد وعن ما حدث له مع شبيب : الله ياخذهم بيدمرون عيالنا .. وبعد ما سدهم قتلوا خالد وكانوا ناوين ع شبيب .. ربج ستر ويت فريله ما فمكان ثاني ..


اردفت بعد صمت من الاخرى : وبعدين ليش ما يتاكدون قبل ما يروحون للحراميه بريولهم .. زين الحين اللي صار .. ترا الغلط من الشرطة يوم ما خذت الحذر .. وولدج حشا مب فعقله يوم يخلي الدختر ( المستشفى) ويروح المقبرة ..


-
مكتوب يام سالم .. مكتوب – تمد يدها – اصبلج قهوة ..


مدت يدها بالفنجان : صبيلي من قهوتي .. قهوتج باردة ..


لتدخل الجدة وعصاها تسبقها .. فتقف تلك ترحب : حيالله ام منذر .. زين اللي شفناج ..


لتتجهم تلك العجوز وتبان تجاعيد وجهها من تحت " البرقع " : ام شمسة مب ام منذر يام سالم ..


تشدقت وهي تعود للجلوس بعد ان قبلت رأس العجوز : ومنذر ولدج بعد .. انتي اللي ربيته من بعد امه .. ينقاله ولدج ..


كانت ساعات ثقيلة لا تحبها تلك العجوز .. فام سالم ثقيلة لا تستطيع استساغة مجالستها .. واذا بضحكاتهما تصل اليهن .. لتقف ام سالم وهي تردد : انا بقوم ارد البيت ..


ليدخلان ويلقيان السلام .. وما ان رآها واقفة حتى قال : وين يا خالتي .. والا اذا حضرت الملائكة ..


ليزيد ضحكاته على ضربت تلك العجوز بعصاها الارض : يا مسود الويه .. هذي رمسة تقولها ..


ينحني ويقبلها : ما يرضيني زعلج يالغالية .. وترا كلها مصخرة ومزح .. لا تاخذين فخاطرج يا خالتي ..


-
انت مثل ولدي .. وما بشره عليك .. الحين رخصولي ..


وولت مدبرة من المكان .. ليدخل جابر يقبل رأس ام شبيب ومن ثم رأس والدتها .. ويجلس بجانب منذر .. لتتهكم الجدة : ع شو الضحك وربيعكم طايح للحين ما قام ..


يعتدل في جلسته وهو يقترب قليلا منها : نضحك ع المطاوعة اللي قالولنا نييبهم .. سمعي يام شبيب – ينظر لجابر- عندك ورقة وقلم ..


تجهم ذاك : عشان شو ؟


قهقه ليردف : عشان اقولهن طلباتهم ..


تلكزه بعصاها : لا تتمصخر علينا .. بتتكلم والا شو ..


يؤشر بيده ويبعد العصا بيده الاخرى : بتكلم بتكلم بس بعدي هالمشعاب ( عصا غليظة ) عني .. حشا مب عصا قب ..


صرخت به اخته معنفة : بتتكلم والا شو .. ترا ما قادرة اتحمل اكثر .. شو قالكم المطوع ..


نظر لجابر الذي سكب لنفسه فنجان قهوة .. ونطق : واحد قال يريد تيس اسود .. نذبحه ونصب دمه فطاسه (وعاء معدني صغير ) ونطمس صبوع شبيب فيه – يفتح كفيه في وجه اخته – العشرة .. والثاني يقول نسوي خبز بدون ملح ونشله المقبرة ونحطه وين طايح ولدج .. ونروح .. وع هالموال اسبوع كامل ..


قاطعته الجدة : وشو اللي تترياه .. اذا ما عندك فلوس بعطيك .. واشتر التيس وذبحه ..


بغضب نطق : انتي صاحية والا شو ..


" ما غلطت " قالتها ام شبيب ليردف هو : شو ما غلطت .. تقولج اقوم اشتري التيس ولو ما عندي تعطيني .. والله ماشيء يغلى ع شبيب .. بس هذا سحر ودجل .. كفر – يوجه كلامه لام شقيقته – كفر .. تدرين شو كفر .. يعني طرد من رحمة ربج .. وتقوليلي اروح اشتري .. والله لو ما بقى الا هالشيء ما سويته ..


ليردف جابر : صح كلامه .. مب زين هالشيء .. وانا ان شاء الله باكر بدورله مطوع يقرا عليه ويعالجه بالقرآن .. بلا تيوس وبلا خبز ..


ارتفعت قهقهات منذر لتصاحبها ضحكات جابر ..


-
من حر ما في .. صارله اسبوعين ع حالته ..


تحوقل جابر ليردف : ما عليه .. كل شيء قدر وان شاء الله بيقوم – تلفت – الا شامة وين صارلي كم مرة ايي وما اشوفها .. حشا ما تقول اخوها وامها مرضعتني الين خلصت كل الحليب عن شبيب ..

ضحكت شمسة ( ام شبيب ) : الله يقطع بليسك يا جويبر .. شامه راسها يعورها خذت حبوب ورقدت .. و


لتقاطعها امها : والحين ما بتسون اللي قالوه .. وولدي شبيب متى بشوفه وتقر عيني فيه ..

,,


الحديث يعود ليكون ذاك النائم المحور الاساسي فيه .. وهي التي ذُكرت في وسط الحديث ونُسيت عزمت العزم على الابتعاد عن المنزل في غفلة منهم .. فهي موقنة بان جابر سيبقى حتى ساعة متأخرة .. فخالها لا يمل من مجالسته كعادتهم دوما .. الا ان جلساتهم باتت ناقصة دون شبيب وخالد .. ابتعدت عن المنزل لتستقل سيارة اجرة متوجهة حيث اخيها .. تسأل عن ذاك الطبيب بخوف حتى ما ان علمت مكانه حتى حثت الخطى اليه .. الخوف يلعب في ملامح وجهها من تحت طرف " شيلتها " الذي خبأته به .. وساقاها تشعر وكأن بهما سيتوقفان وينهاران قريبا .. طرقت الباب لتلج بخجل يصاحبه خوف وارتعاب شديدين .. وقفت ليرفع ذاك ظهره ويستقيم متجهم الوجه .. عاقد حاجبيه .. يطلب من تلك الممرضة المغادرة .. فرائحتها يميزها من بين مليون رائحة .. وجسدها الممتلئ قليلا يعرفه بحق .. ليدنو منها : شامة ؟


انزلت الغطاء واذا بدموعها تنساب دون رادع .. ليردف بخوف : صاير شيء ؟ منو اللي يايبج ؟


يتحرك لجهة الباب لعله يعرف مع من جاءت .. لتستوقفه : ييت بروحي ..


يلصقها في الجدار بعنف .. يكبل ذراعيها باصابع كفيه .. ارتعبت من تصرفه .. لينفث الغضب في وجهها : بروحج .. وفهالليل ..


-
حارب عورتني ..


ارخى كفيه .. لتحرك كفيها بالتبادل على ذراعيها حيث انغرست انامله : حارب انا محتايتلك .. حارب انا حامل .. وبطني ..


قاطعها يرص على اسنانه : شو اللي قلتيه .. عيدي ما سمعت ..


" حامل " .. ما ان نطقتها حتى عاد يثبتها بعنف على الجدار : ومنو ولد الحرام اللي سواها فيج .. منو هذا اللي سلمتيه عمرج وانتي ع ذمتي – صرخ – تكلمي ..


اهتز فيها بخوف .. وباهتزاز قالت : انت ..


لترتخي ذراعيه : شو ..


تشدق مبتسما بسخرية : انا؟ - يده تعانق نحرها – منو اللي حملج ويايه تتبليني بولده ..


صرخ بها وهي تحاول بكفيها الضعيفين ان تفك قبضته : تكلمي ..


ليعتقها .. وتسعل سعالا مرا .. وتصرخ بدورها : انت انت .. يوم كنت فبيتك .. انت اللي سويتها في محد غيرك ..


سبابته تقف على فيه بغضب عارم : شب.. شب ولا كلمة ثانية .. حارب ما يخون الريال اللي أأتمنه ع اخته .. يايه تتبليني بسواياج الشينة .. لانج عارفه اني ما بقدر اقول لا لشبيب .. بس بقول لا وستين لا .. وخلي اللي سواها يتزوجج – طوح برأسه ضاحكا – الظاهر متعوده ع الهياته بنص الليالي ..


يدها ترتفع بغضب ليمسكها هو قبل ان تقع على وجهه .. لتصرخ : نذل .. حقير


لينطق : ما عاشت اللي بتمد ايدها علي يا شامة .. ما عاشت ..


واذا بصوت خافت يصل اليه ليقطع اتمام الحديث : حااااارب .


,,

اتمنى ان ينال على استحسانكم ..
موعدنا في نهاية الاسبوع باذن الله
http://forums.graaam.com/images/smil...am%20(276).gifhttp://forums.graaam.com/images/smil...am%20(276).gif

اسطورة ! 05-01-13 10:41 PM

رد: زفرات اغتصاب ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 

الابتعاد لم يرتجيه يوما في تلك الظروف .. ولكن عقله كان يبتعد شيء فشيئا .. يسمعهم ويشعر بهم .. وكثيرا ما يشعر بصوت صاحبه الذي ارتحل عن الدنيا .. واحاديث قديمة وضحكات شبابية متداخلة .. وعيناه تطبقان الجفون بقوة .. تتمسكان بالظلام بعنف .. كم كانتا قاسيتين لتبعده عن عزاء خالد .. وعن عمه الذي هو سند له من بعد ابنه البكر .. لو تمنى شيء واحد الآن لتمنى السقوط بعد العزاء لكان ارحم وارحم .. انتفض جسده بعنف .. او كأن عظامه هي التي تنتفض .. تعلن العصيان على عقله النائم .. تريد اشعال ثورة توقظه من سباته العقيم ..


وصوت بعيد يقترب .. بل هي اصوات ممتزجة بالبكاء والغضب .. وحارب قريب .. شعر به بجانبه وشعر به وهو يبتعد .. لتتردد همهمات لا يعيها .. وشيء من بكاء وصراخ .. ورائحة عطر نسائي ليس بغريب عليه يغزو رئتيه وينتشر في خلاياه .. يجبره على الاستيقاظ .. لكن لا تزال الجفون تهوى الارتخاء ..


سحب الهواء بنهم غريب .. لتشرع عينيه ابوابهما .. ويزفر ويزفر ويزفر .. زفرات متوالية .. وكأن به غريق التقط الاكسجين بعد عناء غوص .. ليصله صوته الاجش وينطق هو باسمه : حااارب ..


صوت خافت ولكن كان كفيل بان يصل الى اذآنهما .. هل سمع كل شيء ؟ هل فُضح امرها ؟ .. ترك يدها بعنف .. لتسرع على فيها .. تخنقه بقسوة .. لعلها تعاقبه لانه تكلم في هذا المكان .. عيناها تتبعان حارب الذي وقف ينظر لاخيها بابتسامة وتسمعه يتحدث ولكنها لم تعي شيء ..فدقات قلبها غطت على فهمها .. تشعر به سيخرج من صدرها .. سيهرب ويبتعد بعيدا .. ظلت واقفة لدقائق لتنسحب بعدها دون ان تعي اي شيء .. خوفها يحملها على العودة للمنزل .. مؤكد ان الجميع سيكونون هنا في ظرف ساعات .. مشت ومشت واذا بها تهرول في ذاك الممر .. لتنتبه لنفسها فترفع طرف " شيلتها" على وجهها الباكي وتتابع الهرولة .. لو بيدها لطارت وحطت في غرفتها وتدثرت ببطانيتها .. لو بيدها لاعادت عقارب الساعة للوراء شهرين .. لو بيدها لما وافقت على ذاك الذي اكتشفت نذالته منذ دقائق خلت .. كل ما ترغبه الآن هو سريرها .. منزلها وكل شيء هناك ..



,,

وهناك ارتجفت فرائصها وهي تستمع له حتى رددت : اعوذ بالله منك يا نويذر .. اعوذ بالله منك ..


ليغرق في ضحكة غير متناهية .. ليقفز بعدها حين ضربته بعصاها على ساقه .. ومن بين وجعه لا يزال يضحك وهو منحني يمسك ساقه : اعوذ بالله من هالعصا يا ام شميسه .. اعوذ بالله من هالعصا ..


ليغرق الجميع في الضحك الا هي .. لتزفر بغيض مرددة : تريد توسمه ( تكويه ) تريد تشوهه يا ولد ام منذر ..


جلس وهو يحني رجله ولا تزال كفه على ساقه .. ولكن هذه المرة ابتعد عنها في جلسته .. فتلك العجوز لا يؤتمن قربها وهو يحب المزاح وجدا .. همس : ااح تعور ..


لينظر له جابر : تستاهل محد قالك تيلس قربها وانت تعرف سواياها ..


نظرت اليهما بغضب : شو فيكم تتساسرون .. تكلموا .. الحين ما لقيتوا الا الوسم (الكي ) ..


تحوقل ليردف : ترا قالوها قبل .. آخر الدواء الكي .. وفي قصص عن الصحابة رضوان الله عنهم تتكلم عن الكي .. اللي هو الوسم يا ام شمسة ..


وقفت شمسة : بروح اسويلكم عشا .. ولا تكثر كلام يا منذر ..


تحوقل من جديد وهو يتبع اخته بنظراته : ترا ما عرفنالكم .. اذا ما تكلمنا ما عيبكم واذا تكلمنا بعد مـ ...


لم يكمل بسبب رنين هاتفه ليقف بوجه متجهم .. وذاك ينظر اليه : ع وين ؟


لم يرد عليه ليردف : منو اللي متصل ؟


لتنطق العجوز وهي تقلب حبات المسبحة في يدها : اكيد وحدة من الخياس اللي يكلمهن ..


لتجحظ عينا جابر وكأنهما ستخرجان من محجريهما .. ويرمش مرارا وهو يتجهم من قولها .. فـ منذر ليس من هذا النوع من الشباب .. ولكن تلك العجوز تقول كلمات تأتي بالريبة للسامع .. تنحنح ليقف : بروح اشوفه .. سمحيلي ..


اقتربت خطواته من ذاك المستتر بالجدار حتى لا تعصفه نسمات الهواء الباردة .. يراه مبتسم .. وعيناه تلتمعان فرحا .. ليغلق الهاتف ناظرا للواقف امامه : قام ..


لتنفجر الشفاة عن اسنانه .. وينطق وهو يعانق كتفي منذر بكفيه : احلف ..


امسكه بيده ليجره معه للخارج : خلنا نروحله ..


ولا تزال الفرحة متمسكة به وهو يقف ليمنع منذر من التقدم : خلنا نبشرهم ..


هز رأسه بمعنى لا .. ليردف : حارب يقول قام .. بس ما يرد عليه .. يكلمه ولا يرد .. عيونه لفوق وبس ..


تحوقل .. ومشى معه يستعجله وما ان وصلا للبوابة الحديدية حتى اصتدم جسدها بجسدجابر .. ليسحبها منذر اليه .. صارخا باسمها .. يضغط على ذراعها وجدا .. ليصرخ : انتي من وين يايه ..


بكاء فقط وحشرجة صوت لا يريد الخروج .. وشهقات وصمت عن الجواب .. لتعانق يده اليمنى ذراعها الاخرى يهزها وهو يكاد يخترق عظامها بانامله الشديدة : تكلمي يا بنت شمسه ..


سقطت " شيلتها " جراء حركة جسدها المتطوح بين كفيه .. ليمسك الاخر برسغيه : خلها .. منذر خلها مب وقته ..


يعرفه حق المعرفة .. فعند الغضب لا يرى امامه قد يضربها .. يركلها .. ويشتمها .. نفضها بعيدا لتجري .. ويلتفت اليها وهي تهرول لداخل : بتشوفين شغلج بعدين يالخايسة .. بتشوفين ..


ليسحبه جابر من ذراعه ليخرج به : خلاص يا منذر .. امشي نشوف شبيب الحين ..


" وين رايحين " نطقتها شمسة وهي تقترب منهما : وشو بلاه شبيب ؟


بابتسامة اجابها : اتصلوا علينا عشان سيارته للحين عندهم ورايحين نييبها .. ما بنطول .. وبنرد وبنتعشا لا تاكلون العشا عنا ..


" زين ".. قالتها واردفت : ديروا بالكم ع اعماركم .. وهاللا هاللا فالشارع .. زلق ولا ينضمن ..


بارد جدا .. قليل الكلام نعم .. ولكنه يستطيع ان يخرج نفسه من اي شيء بسهولة .. وملامحه تلك لن تشكي اي تغير .. بعكس منذر .. الذي لا يزال الغضب مرتسما على وجهه .. ولم يستطع النظر في وجه اخته ففضل المشي تاركا الامر لجابر .. جلس والغيض يفترسه افتراسا .. كيف لها ان تكون خارجا وامها تخبرهم انها نائمة ؟ .. قبضة يده على فخذه وانفاسه الثائرة اجبرتا جابر على الالتفات له لبرهة .. ويرجع نظره لطريق .. ليردف بهدوء : هدي عمرك .. واكييد لها اسبابها .. العصبية والضيجة ما بتييب فايدة ..


لم ينطق وفضل النظر جانبا .. فتلك ستجلب لهم فضيحة ما بما فعلت .. ماذا لو رأوها الجيران ؟ .. وماذا ان حدث لها شيء وهي بالخارج .. انتفض جسده على تلك الفكرة التي راودته .. ليعود له وجهها الباكي .. لم تبكي لوجودهما وكشفهما امرها .. بكاءها كان قبلا .. تمتم بالاستغفار .. ليلتفت له جابر من جديد : ان شاء الله ما يكون فيها شيء ..


التفت له بجزع .. منذ المراهقة وهو يستطيع ان يقرأ ما يدور في رؤوسهم .. هو وخالد .. اما شبيب فلم يكن يوما يستطيع معرفة ما يفكر به .. زفر بعنف : يا ويلها مني اذا صارلها شيء فهاليل .. والله ما اخليها وانا ولد ابوي ..



,,

نظره كان متسمرا في السقف .. وذاك يسأله عن حاله .. وسرعان ما تركه ليخرج خلفها ويقف عند باب الغرفة من الخارج .. ينظر اليها لتختفي بعدها .. لا يفهمها .. كيف بمقدورها ان تتهمه بذاك الاتهام .. الأنه فقط صديق شقيقها منذ ايام طوال .. منذ ايام اللعب بين بيوت " شعبيتهم " القديمة .. منذ ايام " الدكان " الذي جمعتهم عتبته مرارا ..اقترب منه من جديد .. يحدثه .. ويقيس نبضه .. نظره شاخص للبعيد .. ايعقل ان يكون سمع كل شيء .. سمعها تتهمه وسمعه يعنفها .. مصيبة ان فعل .. فالا اخواته لا يرضا ان يمسن بسوء .. تنهد ليقترب منه ينحني بجذعه .. قريبا من وجهه : شبيب انت بخير ..

وانامله المرتجفة تمسك رسغه لتسري رجفته لشبيب .. وينطق بهدوء : منو كان هني ؟


بلع ريقه .. لينظر ذاك اليه ويعيد سؤاله بهدوء : منو كان هني يا حارب ؟


ابتسم .. ليردف بكذبة : محد .. بشو حاس ؟


اغلق عينيه ليسحب الهواء بوجع ارتسم على حاجبيه القريبان من بعضهما بشعيرات ارتسمت كجسر واصل .. ويفتحهما بتعب : احس جسمي مكسر .. آآه

تأوه .. واردف : ريلي تعورني .. احسها متيبسه ..


-
شيء عاادي .. صارلك اسبوعين ع الفراش .. لا تخاف جسمك ما فيه اي شيء .. ونبضك الحمد لله اوكي .. يبالك بس تتحرك شوي شوي وبترد مثل قبل . .


ابتسامة ساخرة ارتسمت على محياه .. لم يفهمها حارب .. ليمتعض منه .. ويعقد حاجبيه اكثر .. فذاك يحاول الجلوس بارهاق جم .. اسنده وساعده : لازم ما تتعب عمرك .. صح ما فيك شيء والحمد لله .. وكل الفحوصات تأكد هالشيء بس لازم نحسب حساب انتكاسة يمكن تصـ


قاطعه : شخبار عمي ؟ وعيال عمي ؟ - بلع غصة استوطنته ليردف – وام خالد ؟


" بخير .. كلهم بخير " .. ما ان انهى جملته حتى ولج منذر يتبعه جابر .. وسلام حار .. واحضان شوق من خال لابن اخت ورفيق درب .. وسلام آخر من شقيق روح واخ رضاعة .. ليمسك معصمه تحت حديث منذر الصاخب لحارب : خوفتنا يا ريال .. تقول ما يتكلم .. وعيونه فوق .. هذوا مثل التيس قدامنا ..


ليغرق بعدها في ضحكة وكانها تخبر شبيب عن الشوق القابع في صدر ذاك المنذر .. ويتمتم بعدها : بخبرك بعدين سالفة التيس ..


وعاد يضحك مع مناوشات صغيرة لابن اخته .. وذاك يبتسم وهو يشعر بقبضة شبيب على رسغه تحاول ان تشتد ولا تقوى .. ليربت عليها بيده الحرة .. ويبتسم أكثر .. لينطق منذر : اموت واعرف شو اللي بينكم ..


اعتق يد جابر ليضحك بتعب ضحكة قصيرة : ما بينا الا كل خير ..


" عن اذنكم " اطلقها حارب ليغادر بعدها .. يشعر بنظرات شبيب تخترق جسده .. لا يقوى على الكذب امامه .. مائة بالمئة سيكتشف تلك الكذبة التي قالها عليه سابقا .. وقف خارج الغرفة وهو يسمع ضحكات منذر وحديث خافت من جابر .. سيتعبونه بالحديث .. انعقد حاجبيه .. فقد ينتكس وهو لم يحذرهما .. هو لا يقوى على الرجوع .. اطلق قدماه للمسير .. عدنان كفيل بافهامهم ما يتوجب عليهم فعله .. سيتعذر باي شيء .. ربما بمريض يحتاج مراقبة اكثر .. او بحالة طارئة .. لا يهم ما نوع العذر .. المهم ان لا يبقى مع شبيب هذه الليلة ..


دخل عليهم وهو يتحمد له بالسلامة .. ويقترب منه يقوم بعمله .. لينطق جابر : دكتور عدنان .. وين حارب .. معقوله يخلي مريضه اللي يشرف عليه من اول ما انصاب ويروح ..


اجاب وهو يرفع جذعه : مشغول شوي .. عندو كم مريض .. معافاي باذن الله ..


-
الله يعافيك ..


خرج ليحرك ذاك جسده ليتبعه .. ويمنعه شبيب : جابر .. خلك ..


يشعر بانه في موقف حرج جدا .. لا يريد ان يترك منذر لوحده فان عاد الى منزله بمفرده سيحدث ما لا يحمد عقباه .. ولا يرغب بترك شبيب لان هناك رجاء منه للبقاء معه .. محاصر جدا .. الرنين المتواصل لهاتف منذر اخرجه من تلك الحيرة .. لينظرا له وهو يتحدث بكلام مبتور : انزين اهدي .. كنه لا تصيحين .. الحين بكون عندج ..


بخوف الشقيق نطق : كنه شفيها ..


-
فارس تعبان .. تقول مب قارد يقوم من الفراش .. بروحلهم ..


اسرع واذا به يعود : جابر السويج ( مفتاح السيارة) – التفت لشبيب - شبيب ترا للحين محد يعرف انك قمت .. فلا تتهور وتتصل بامك فهالليل .. والله ما ترقد للصبح ..


التقف المفتاح الذي رماه له جابر .. وخرج وهو يضحك .. هو هكذا يعشق الضحك امام الجميع حتى وان كان صدره مليء بغصة ما .. كفعلة شامة التي لن يغفرها لها ..


سحب كرسي وجلس عن يمينه : لا تفكر بشيء . توك قايم خل كل شيء لوقته ..


هز رأسه بالايجاب : حاس بوهن ..


" ارقد " .. قالها وصمت .. صمت موحش مع دفء الغرفة البيضاء .. يراقبه بصمت وهو يغلق عينيه ويتنهد .. خلف ذاك الرجل اسرار كصاحبه الذي توفاه الاجل .. والاسرار على كاهل القابع امامه اضحت اثقل واثقل .. بحجم جبل " حفيت " .. او اكبر .. لا يحق لاحد ان يلوم عقله ان فكر الابتعاد .. الابتعاد للراحة .. والعودة من جديد ..


حفيت: جبل في مدينة العين يحتل المركز الاول في الارتفاع في امارة ابوظبي والمركز الثاني في دولة الامارات ككل .



سحب نفسه للامام ليسند ظهره ويربع ذراعيه على صدره ..يحمد الله بان ما حدث لفارس قد يكون سببا لتهدأت منذر .. قدر جميل حدث .. ابتسم.. يتخيلها فيغمض عينيه .. اسبوعان واكثر هي بعيدة عنه مع اهلها .. لم يكن يعلم حين اقترن بها بانه سيعشق تفاصيلها بهذا الشكل .. الغياب جعله يدرك ما معنى رائحة عطرها في غرفته وعلى السرير و في كل مكان .. وجعله يدرك انها تحب ترتيب المناشف باتقان في دورة المياه ( اكرمكم الله ) .. وايضا جعله يعلم بأن ذراعه خفيفة جدا في لياليه الطويلة .. ابتسم لتنتظم انفاسه بعدها ..ويغفو ..


,,

يـتـبـع |~

اسطورة ! 05-01-13 10:43 PM

رد: زفرات اغتصاب ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 

اما هي فلا تنكر بان شوقها له يضاعف شوقه لها .. فعلى الغداء تشتاق ليده التي تمتد لفيها بلقمة صغيرة بحجم فمها الصغير .. وعند المساء تشتاق لقرب انفاسه .. التحفت شالها القطني وحثت الخطى خارجة من غرفتها .. عليها ان تطمئن على مبارك .. وايضا على مطر .. فهي خائفة عليهما وجدا .. وكذلك والدتها .. فما حدث على مائدة العشاء ارعبها .. قالت لها وهي تضع الطعام للجميع " لا تنسين تحطين عشا خالد ع صوب " .. هل لا تزال تعتقد بانه على قيد الحياة .. ام انها اعتادت هذه الامور .. اعتادت على قبلته الصباحية .. وعلى عودته المتأخرة في كثير من الليالي .. تنهدت لتسحب الشال على كتفيها اكثر .. وتضمه على صدرها كعاشقة تحتضن حبيبها .. عانقت اناملها مقبض الباب وولجت بهدوء ..

تمشي على اطراف اصابعها .. لتبتسم له .. متدثر بالكامل بذاك الغطاء الثقيل .. لا يزال طفلا وغدا سيبدأ دراسته من جديد من بعد انقطاع دام اسبوعين .. حقيبته المدرسية السوداء تستند على الجدار .. ومقبضها قد ارتفع للاعلى .. وعجلاتها الصغيرة كالحة اللون .. دنت منه اكثر تحاول ان ترفع الغطاء عن وجهه قليلا .. حتى تجد انفاسه الحرية بعيدا عن ذاك الغطاء .. تحرك لينقلب على ظهره .. مسحت على شعره وانحنت تقبله .. رددت في نفسها : الله يحفظك ..



خرجت لتتوجه لغرفة مطر .. وهالها ما رأت .. لم يعد للمنزل بعد .. معصمها يرتفع لتنظر الى ساعتها .. ستصل الحادية عشر والنصف .. زفرت فلا حيلة لديها لتحتالها .. هو عنيد لن يستمع لنصائحها .. ستخبر والدها هذا هو الصواب .. نفضت رأسها لتهمس لنفسها : ما بيسمع منه .. استغفر الله العظيم ..



تديره ولا يستجيب لها .. اغلقته مجددا .. هل باتت تخاف من بعد خالد .. ممن ؟ .. فمطر صغير ..نفضت رأسها فمطر لم يضحى صغيرا سيكمل السابعة عشر قريبا .. وقفت طويلا عند باب مها .. تحاول ان تجد تفسيرا للباب المغلق .. هل غيابه السبب ؟ اضحت انطوائية .. وهي التي كانت دائمة الحضور في زوايا المنزل .. تلفتت لتقع انظارها بعيدا هناك حيث مكانه الخالي .. حقا المكان مخيف .. الجميع نائمون الا هي .. لم تعد تستلذ النوم بعيدا عن بعلها .. هنا تشعر بانها مسئولة عن الجميع .. خطاها الثقيلة تنزل الدرجات رويدا .. وصوت الاشجار في ساحة المنزل بسبب الريح الباردة كفيلة بان توقع الرعب في قلبها .. لا تعلم لماذا قادتها قدماها للخارج .. للصالة القريبة من المجلس .. هناك كان يأتي ويجلس معها بالساعات .. تحكي له .. وتشكي .. وقفت وهي تستمع لكلمات تخرج من هناك .. كلمات باستطاعتها ان تصعقها كقوة كهربائية مميتة .. الجمتها عن الحراك .. فذاك مطر .. وحديثه لا يبشر بخير .. فتحت الباب بعنف ليقف بغضب يغلق هاتفه ويصرخ : انتي شو اللي يايبج هني .. وبعدين كيف تدخلين بهالشكل .. لو كان وياي ربعي؟ .. صدق ما تعرفين السنع ..



دنت منه بغضب غير مكترثة لحديثه المنافس لغضبها .. رفعت سبابتها امام وجهه : والله يا مطر ان سويتها ما بتلوم الا نفسك ..

ضرب ذراعها ليعطيها ظهره : محد له خص .. فاهمه – التفت لها – واللي فراسي بسويه .. واذا فيج خير تكلمي ..


اخافها بل ارعبها .. مطر مختلف بحق .. ناقم بل اشد .. اتخبر عنه ام تحاول معه من جديد .. خطر على فكرها جابر .. وسرعان ما ابعدت تلك الفكرة عنها .. هو تحملها كثيرا .. تحمل شكواها الدائمة .. لم تعد تسمعه الكلمات التي يعشقها .. و لم تعد تُريه ابتسامتها التي يحبها .. لم تعد تريه الا دموعها وحال اهلها .. وصمت .. بل انه صبر عليها .. جلست على الارض بارهاق مميت .. والجو بات حارا جدا .. وكأن بها حمى لا تريد ان ترحل .. حمى حارة تتصبب معها عرقا ..

,,



قال لها بانه سيستلقي فغادر من المكان بعد ان عاد من المسجد القريب مصليا العشاء .. فجلست تجهز العشاء بفرح .. لم تنتبه له .. ولوجهه المتعب .. اعدت تلك المعكرونة التي يعشقها من يديها بحب جم .. وبعدها استحمت وارتدت ثوبا ناعما .. ووشاح يقيها البرودة المتسربة .. نظرت لساعة الحائط الدائرية .. لتقرأ دقائقها وساعاتها .. على الحادية عشر تشير .. ابتسمت وسحبت نفسها لتناديه للعشاء .. لا يعقل انه نام .. اشعلت الانوار واقتربت من السرير لتجلس على طرفه .. حاولت ان تنحني لتفعل فعله بها .. فلم تستطع فتمتمت بهدوء وهي تحرك يدها على بطنها المتكورة : كله منك ..


ابتسمت وهي تعض على شفتيها .. فلقد وجدت طريقة اخرى .. مدت كفها لتعانق انفه بسبابتها وابهامها .. ويدها اليسرى استقرت على جانبه اليمين تستند عليها .. ما ان لمست انفه حتى جفلت .. حراراته مرتفعة جدا .. هلعت فاقتربت منه .. تعانق كفيها وجهه : حبيبي .. فروس قوم ..



خوفها يكبلها .. لا تعلم ماذا تفعل .. تهدج صوتها وهي تمسح على وجهه .. نومه خفيف سيفيق من اقل لمسة منها : حبيبي الله يخليك قوم ..



تأوه بتعب ليبتسم نصف ابتسامة متعبة : لا تصيحين .. انا بخير ..



ليغلق عينيه بعدها .. بكت .. وقامت تتلفت لا تعلم ماذا تفعل : فااارس شو اسوي .. فارس قوم



ضربت برجلها الارض كطفلة غاضبة .. وسرعان ما حثت خطاها تبحث عن هاتفها .. هناك في المطبخ كان قابعا .. لم تتذكر بانها كانت هناك .. فعادت اليه تجلس بجانبه ترفع رأسه لحجرها .. وتربت على وجنته : فارس رد علي الله يخليك ..



شعرت بانها ستفقده .. لم تره يوما هكذا .. انتبهت لهاتفه على الـ" كوميدينة " فسحبته .. ليصلها صوت منذر .. وتترجاه بان يكون معها .. ها هو يقف يسند ذاك المتعب بجسده .. وينتظرها لترتدي عباءتها .. فلن يتركها بمفردها في هذا المنزل وفي هذا الليل الموحش .. اسرعت معهما للخارج .. اجلسه في الكرسي ليعدله له بحيث يستند بظهره جيدا : بوصلج البيت عند امج وعقبها بشله الدختر ..



ركبت في الخلف لتنطق حين ركب هو : منذر بروح وياكم .. الله يخليك ..



يحرك السيارة وينطلق .. لم يرد عليها .. ينظر الى وجهها في المرآة الامامية .. خائفة بحق .. اهكذا يفعل الحب .. يمسح وجود الغير ويبقى فقط الحبيب .. ينظر ليدها على كتف فارس وكأنها تخبره بانها بجانبه لن تتركه .. قال وهو يسمع شهقاتها : الا حمى .. لا تسوين بعمرج جذي .. شكلها حمى قوية – اوقف السيارة – ياللا نزلي ..


التفتت ليظهر لها منزل عائلتها .. وتطوح رأسها بعنف : ما بنزل .. بروح وياه ..


تحوقل وترجل .. ليفتح بابها ويمسك يدها : كنه حبيبتي بشله الطواري وانتي بتتعبين ويانا .. ياللا نزلي ولا تاخرينا .. ولا تنسين اني ياي فسيارة جابر اكيد يريدها الحين .. نزلي فديتج ..



نزلت بعدم اقتناع لتمسك منذر من يده قبل ان يغادر : اتصل في الله يخليك ..

وقفت تنظر الى تلك السيارة وهي تختفي .. وكأن قلبها يختفي معها .. شكله المتعب اخافها بحق ... تذكرت ضحكاته معها قبل ان يغادر المنزل عصرا .. دمعت عينيها .. لتنتشل طرف " شيلتها" تمسح دموعها .. وتحث الخطى للمنزل .. الانوار مضاءة في تلك الصالة .. لا بد ان والدتها هناك .. وقد تكون جدتها معها .. فتلك العجوز اضحت لا تنام مبكرا .. حثت خطاها لتقف تسحب الهواء .. لن ترعبهما .. وستخبرهما بكل شيء بهدوء ..




,,

ضحكاتها تصدح في ارجاء غرفتها في هذا الصباح الشتائي .. وسماعة هاتفها تتطوح بين اناملها .. من يسمعها لن يصدق بانها هي مها التي كانت منذ ايام .. ارتمت على سريرها وعيونها لسقف غرفتها المنقوش بـ"الجبس " : الله يعين حتى بنات الين (الجن) ما سلمن منه ..



وعادت لتضحك .. فسوسن قد اسرت اليها بحديث تناقلته النساء عن شبيب .. بان هناك جنية تسكن جسده .. يقولون بانها تعشقه فتلبسته .. لتنفجر مها ضاحكة .. وترد الاخرى : انتي شفيج .. بسم الله الرحمن الرحيم .. ليكون الينيه لبستج انتي مب هو ..



انقلبت على جانبها الايمن .. وذراعها تسند رأسها .. وسبابتها اليسرى تلعب بهاتفها .. تديره وتعيده لموضعه من جديد : تراها رمسة تضحك .. والا يقولون ينيه تحبه ..



قهقهتها اثارت غضب في نفس صاحبتها .. لتزفر بحنق وترد عليها : مها انتي وايد متغيرة .. يعني اوكي .. آمنا بالله انج ما تحبينه .. بس ابد ما عندج اي شيء تجاهه .. ما تتعاطفين معه .. ما تحسين باهله .. ليش صايره جذي متبلده .. اذا ما تبينه رفضيه وبعده القرار فيدج .. ولا تقوليلي عشان خالتج وريل خالتج .. هذا شيء مب مقنع .. ولا بيقنعني .. لاني اعرف انج قوية وتقدرين تقولين لا والف لا ..



جلست لتتدلى ساقيها عن السرير : ما اقدر .. احس اني مديونة لهم .. احس اني لازم ما ارفض لهم شيء والا بكون قليلة اصل .. فوق هذا يحسسوني انهم مركبيني يميل (واجب) لانهم ربوني ..



صرخت بها لتقف ويقع الهاتف ساحبا السماعة معه : هذا اللي قدرج عليه ربج يا مها ..



استدارت لها لتبلع ريقها : خالتي مب قصدي .. بس ..



لا تزال تقف عند عتبة الباب : لا بس ولا شيء .. احنا يوم دقينا الصدر وخذناج من اعمامج ما كنا نريد شيء من ورى هالشيء غير الاجر .. يوم اني احطيج فمكانة عيالي ما اريد شيء ..



وقفت ليلى خلف والدتها مشدوهة لا تعلم مالذي يحدث .. وتلك نظرها على ام خالد ووجهها متجهم .. وتتابع حديثها : يوم ياني خالد يقولي شبيب حاط عينه عليج .. وكلمتج ما ضربتج ع ايدج عشان توافقين .. ومنزلة شبيب من منزلة خالد عندي .. واللي ما تبي ولدي مب مجبورة عليه ..



وابتعدت حتى دفع كتفها كتف ليلى .. نظرت لوالدتها حتى اختفت .. ومن ثم نظرت لمها التي طأطأت رأسها خجلا ربما .. لتتقدم تلك منها فتصرخ بها : طلعي ما اريد اشوف حد ولا اسمع حد .. طلعي ..



تسمرت في مكانها لدقائق وبعدها ابتعدت .. لتمشي تلك بخطى غاضبة تغلق الباب بقوة .. وتستند عليه : ما بتفهمون .. محد بيفهم ..



وتنسحب لتجلس على الارض الباردة .. وتفرد ساقيها رافعة رأسها ومغمضة عينيها .. وتنطق بهمس لروحها : شو فيها اذا عطيته فرصة .. ع الاقل هو يحبني .. عاادي – بكت فانزلت رأسها – عاادي .. الا حياة هي ما بتفرق ..

,,

اتمنى ان يكون نال على استحسانكم ..
انتظروا تغير الاحداث في الجزء الرابع باذن الله ..
ولا تزال زفراتنا في بدايتها ^^

اسطورة ! 12-01-13 11:42 PM

رد: زفرات اغتصاب ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
يسعد صباحكم حبايبي

الكاتبة تعتذر ماراح تطرح الزفرة الرابعه الليله

تحيتي

اسطورة ! 16-01-13 06:50 AM

رد: زفرات اغتصاب ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
ارتجف كرجفة جسد عاري في يوم شديد البرد .. ودموعها تنسكب وهي تسمع ذاك الطرق وتلك الرجفات المتتالية على باب غرفتها .. تكورت على نفسها في تلك الزاوية البعيدة .. وهي تدعي رب العباد ان يرحمها .. صراخه الغاضب يصل اليها مع الطرقات المتوالية : فتحي الباب يا شامة .. فتحي بالطيب والا والله اكسره .. فتحيه ..


هرولن على صوته الهادر .. الوقت لا يزال باكرا .. حتى الشمس لم تستيقظ من نومها .. تركت كل شيء من يدها .. وابريق الشاي بدأ يهيج ويهيج .. لتجري مع خروج والدتها من غرفتها بخطوات واهنة وتلك العصا تتقدمها .. امسكته من ذراعه تحت انظار ابنتها كنّة وهاشل الذي استعد للذهاب الى مدرسته .. وذاك الجاكيت الاسود يقي نصف جسده برد هذا اليوم .. فينفض يدها بعنف .. بعد ان سألته : شفيك ؟



بعيون تكاد تخرج من مكانها .. وحاجبان منعقدان .. وانفاس متتابعة اجابها : بنتج .. اللي تقولين انها راقدة .. البارحة يايه من برع نص الليل .. وتسأليني شو في ..


عاد يطرق الباب بعنف .. وكلمات التهديد والوعيد تصدح في المكان .. حتى انكمش ذاك الصغير على نفسه ملتصقا بالجدار الذي خلفه .. تقدمت بخطوات ثقيلة لتقف بجانبه : حبيبي منذر اهدى .. اكييد انتوا فاهمين غلط .. كانت ...


قاطعها وهو ينظر اليهن : اي غلط يا كنه اي غلط .. وانا وجابر متلاقين وياها عند الدروازه ( بوابة البيت الحديدية ) داخله من برع .. وتقوليلي غلط – ضرب براحة يده بعنف – فتحي ..


انتبهت كنة لاخيها .. فاسرعت اليه تبعده عن المكان وتلك العجوز تبتعد خلفهما وهي تثرثر : اخوج تخبل يا شمسة .. الله يجيرنا بس ..


تسكب له كوب شاي بالحليب بعد ان اتمت عمل امها على عجل .. وهو جالس ونظره ينسرق بين الفينة والفينة الى صوت خاله الغاضب : شو فيه خالي .. بيقتل شامة ؟


تمد يدها بكوب الشاي : حبيبي هشول .. خالك زعلان منها لانها طلعت بدون ما تقوله بس هذي السالفة ..


انتفض واقفا : وهي ليش تسوي هالشيء .. يعني ما تعرف خالي .. وشبيب لو عرف والله ما يسامحها ..


اناملها تحيط برسغه : ايلس تريق الحين بيي الباص ..


-
مابي ..


قالها وخطف حقيبته يجرها خلفه .. وهي في حالة اندهاش من تصرفه .. حتى توقف قبل ان يخرج ويلتفت لها : والله بعلم شبيب عليها ..


وبعدها خرج مسرعا .. وكأنه خائف من ردة اخته .. لم يلحظ ابتسامتها مع ارتفاع حاجبها .. واذا بوجهها يكفهر .. على صوت منذر الذي لم يهدأ مع رجاء شمسة .. واذا بها تشهق .. وتقف تهرول للمكان ..


كسر الباب برجله .. واندفع اليها لتقف مذعورة تكاد ساقاها لا يحملانها .. واخته من خلفه لعلها تمنعه .. سحبها من ذراعها حتى دارت لتقف امامه : وين كنتي البارحة يالخايسة .. تكلمي ..


اسرعت وهي تحدثه : منذر الله يخليك ..


ليرفع كفه الحرة في وجهها : شمسة لا تدخلين ..


كانت ترتجف ليس بردا بل خوفا من ذاك الهائج كثور مصارعة ادمته الرماح .. شفتاها لا تريدان اخراج الكلام .. وعيناها تهلان الدمع بكرم غريب .. لم ينتبه الا وهي تقف بينه وبينها .. تمسك رسغه : منذر اهدى وخلنا نفهم شو السالفة ..


تعرف اختها لن تتحمل تلك العصبية التي فيها خالها.. وغير مستبعد ان يغمى عليها .. سحبتها والدتها حين ارخى كفه .. لتختبأ خلفها وتسمعه يردد : شامة تكلمي وين كنتي ..


نطقت كنة : شامة حبيبتي خبرينا وين كنتي ؟


لتصرخ بها والدتها : تكلمي .. والا تبينه يكسر راسج بالضرب ..

ضربتها على كتفها : تكلمي ..


يدها تعانق مكان ضربة والدتها .. لا تعلم لماذا جاء اسمه على شفتيها .. لتنطق : كنت بالمستشفى .. سألوا حارب ..


سحبت خطواتها للخلف حتى صدها جدار غرفتها وردي الطلاء .. وعيونها تنكسر للارض بسبب نظرات منذر لها .. يحاول اخارج هاتفه النقال من جيبه : بنعرف الحين صدقج من كذبج – يضغط على الاتصال – بس والله ان كنتي تكذبين تحملي اللي بييج مني ..


يرن ويرن .. الجميع يستمع .. ليردف : ما اريد اي صوت .. خلكم تسمعون بذنيكم ..



لماذا تستنجد به ؟ ولماذا حتى الوهلة تثق به ؟ اوليس هو من انكر فعلته امامها .. اوليس هو الذي كان سيقتلها هناك بيديه ؟ والآن تقف ترتجف تريد الجلوس ولا تقوى .. ولا تقوى على الوقوف ايضا .. معلقة بين هذه وتلك .. ونبضات قلبها تسابق رنات الهاتف المتوالية .. حتى توقف الرنين .. ليعيد الاتصال بالرقم الثاني لذاك الحارب .. ولكن الهاتف لا يعمل .. والصمت يسيطر على الجميع .. ونظرات شمسة لابنتها كسهام تطعن جسدها .. لعل تلك الام وجدت الاجابات على حال ابنتها المتغير في الاونة الاخيرة .. تراقبها حتى وكأنها جردتها من ملابسها بتلك النظرات .. لتزدرد تلك ريقها بصعوبة .. ويعود الرنين من جديد .. لن يخرج حتى يأتيه صدقها او كذبها ..




,
,

تقلب كثيرا وهو منزعج من رنين هاتفه .. ليصرخ وهو يبعد الغطاء الثقيل عن جسده : واللعنة .. حشا ما يخلون حد يرقد ..



ترك الفراش ليختطف هاتفه القابع بجانب زجاجات العطر على ذاك السطح الخشبي .. وبصوت عالي : الو .. خير ويا ويهك .. يعني ما تعرف اني ..


ليقاطعه الاخر بصراخ لا يقل عن صراخه : شفت شامه البارحة ..


رفع حاجبه مستهجنا ذاك السؤال .. لعلهم افتضحوا امرها .. هذا ما جال في خلده .. ليعود الى واقعه على صرخة منذر : رد .. شفتها البارحة والا لا ..


تتعلق بكلمة منه .. فقط كلمة قد تنتشلها من نيران خالها .. ليأتيهم رده : هيه كانت فالمستشفى .. سالتها منو يابها قالت بروحها ..


نظراته عليها وعلى وجهها الشاحب : وشو رايحه تسوي ؟


اصابعه تنغرس في شعره الكثيف الاسود .. ويحك فروته باحباط : بالله شو رايحة تسوي .. يايه تزورنا مثلا .. تراها خايفه ع اخوها ..


وكأنهم في جلسة استجواب .. الشاهد حارب والمتهم هي .. انفاسها بدأت تضيق .. لعله يجيبه الآن عن كل شيء .. سيخبره بما اخبرته هي به .. سينكر وسيصدقونه لانه صديق طفولتهم .. سيرمي عليها بعدها ثلاث كلمات تحيلها لمطلقة لم تصل العشرين بعد .. رفعت رأسها على سؤال منذر له : وليش ما وصلتها البيت ؟


ايقنت انها ستعدم الآن .. سيقول بانها ساقطة عديمة الحياء .. وخائنة .. وهو لن يتكفل بها بعد اليوم ولا تهمه .. سيقول بانها تحمل في احشاءها علقة صغيرة لا تمت له باي صلة .. سيقول وسيقول .. وساوس كثيرة عصفت بها في تلك ثواني الانتظار المُرة .. لتبتسم حين اجاب : لان وقتها شبيب قام ولا قدرت اخليه ..


يغلق الهاتف في وجهه على صوت اخته المقتربة منه : شبيب قام يا منذر ..


الاصوات تتداخل .. بل انها تتوه في مسامعها .. لا تعي الا همهمات .. واصوات تبتعد .. صوت اختها وخالها وامها .. قدماها اعلنتا الوفاة والاستسلام .. ليخر جسدها على الارض ساقطا ..


برودة على وجهها .. وكأن بها تحت قطرات المطر في هذا الشتاء .. ارتجفت واذا بصوت حنون يصلها : حبيبتي قومي ..


انتفضت بخوف : انا وين ؟


تتلفت في المكان حتى ادركت بانها في غرفتها .. وعلى سريرها .. وكنة بجانبها .. كيف ؟ وماذا ؟ ولماذا ؟ اسئلة بانت في عينيها المغرورقة بالدموع .. تمد لها كوب الماء : شربي ..


امسكته بايدي مهتزة .. لتردف تلك : ما بتتغيرين .. ما تتحملين شيء .. طحتي علينا وشلج منذر وحطاج ع فراشج .. كان يريد ياخذج للمستشفى .. بس اختي واعرفج ..


اسندت جذعها على ظهر سريرها .. ونظرها يتابع تلك التي اخذت كوب الماء ووقفت : ما قدرت اخليج بروحج .. كلهم راحوا لشبيب ..


اناملها فجأة سقطت على فيها .. لتخرج منها شهقة مع وقوع الكأس وتهشمه .. لتسألها الاخرى ما بها بخوف واضح على وجهها بعد ان رأت دموعها .. فتجيبها وهي تمسح دموعها : ما شيء .. ما شيء ..


وابتعدت من الغرفة .. تجر خطاها الى غرفتها .. تلتقط هاتفها من على سريرها .. تتصل به وتمشي ذهابا وايابا وهو على اذنها .. ولسانها يردد : سامحني نسيتك .. سامحني ..


ليأتيها صوته المتعب : هلا حبيبتي ..


لتنفجر عينيها بالدموع : سامحني يا روح كنة .. لهيت عنك .


ابتسم وهو يرفع جذعه قليلا : كنونتي لا تصيحين .. ما في شيء الحمد لله .. والعصر ان شاء الله بيطلعوني ..


ربضت على السرير : والحمى .. ان شاء الله راحت .. خبرني شو سوالك .. وشو قالولك ..


ينظر الى ظهر كفه .. وذاك الانبوب الممتد حتى اعلى رأسه : حطولي سقاية (المصل) وللحين فيدي .. والحمى خفت .. قلتلج بيطلعوني العصر ان شاء الله ..


تنفست الصعداء .. ومع هذا فهناك خوفا لا يزال بين ثناياها : ياليتني يمك ..


-
لا يا روحي .. خلج مرتاحة ولا اتعبين عمرج .. اوكي ..


هزت رأسها مجيبة له : ان شاء الله .. بس بسبقك لبيتنا .. بخلي منذر يوصلني ..


صمتت وصمت هو .. فانعقد حاجبيه : حبيبتي وين رحتي ..


بارتباك واضح في صوتها : هني ما رحت مكان ..


تسلل اليه الخوف حتى قبض قلبه وحاله الى نبضات تطرق عظام صدره وكأنها تنشد الهروب : كنة انتي بخير ..


ردت بسرعة فرائحة الخوف قد داهمتها .. تسعد لذلك وجدا : بخير يا قلبي والله بخير .. بس تذكرت ان منذر مشغول .. لان شبيب قام ..



,
,

شبيب قام .. وكأنه ميت بُعث من قبره .. كانت فرحة من سمعوا بالخبر لا توصف .. وحتى تلك العجوز رفضت وبشدة ان تترك تلك الغرفة حتى يتركها هو .. وهي التي تكره رائحة الاماكن البيضاء .. يدها على رأسه .. تتمتم بايات قد حفظتها منذ امد طويل .. وتنفث على رأسه تكرارا .. يده الخشنه تقع على يدها المجعدة .. يقربها من فيه ويلثمها مرات : الله لا يحرمني منج ياميه العودة ( بمعنى امي الكبيرة اي الجدة)



والاخرى تقترب لتمسك بكفه الاخر .. يبتسم لهما فهو لدية والدتين .. ليس كغيره .. الاولى عن يساره والاخرى عن يمينه على ذاك " الكنب " الجلدي .. وساقه ممدودة امامه .. فتلك الاصابة لا تزال تؤلمة بعض الشيء .. ليدخل ذاك المرتدي " البدلة " العسكرية .. يقبل رأس تلك العجوز ومن ثم رأس والدته بالرضاعة .. ويصافح شبيب وينحني بعدها ليلامس انفه انف الاخر : شو صحتك يا بطل ..


قالها ليبتسم شبيب على مضض : الحمد لله .. بس البطل الله يرحمه ..


التفتت له شمسة : شو اللي استوى وياكم ذاك اليوم .. محد طايع يخبرنا بشيء ..


يربت على يدها بكفه : لا تحاتين ما صار شيء ..


وقفت جدته ليمسك كفها : وين .. تراني ما شبعت من ريحتج ..


سحبت يدها : بروح اصلي الظهر .. ترا ريحتي ما بتنفعني ..


تحوقلت ابنتها وضحك هو .. ليرفع صوته : الله يتقبل منج يالغالية .. وادعيلي لا تنسيني ..


توارت عن انظارهم حين ولجت للصالة .. لينظر للواقف الذي تحدثه والدته بان يجلس ليستريح .. ابتسم حين تلاقت الاعين .. ليبتسم جابر ويردف : الربع ( الزملاء) بيزورونك اليوم العصر – يلتفت لشمسة- والاحسن تردن البيت .. وباكر شبيب بيكون عندكن هناك ..


-
كلمت عدنان ؟..


-
هيه .. وعمي بعد بيزورك العصر ..


عقد حاجبيه واردف وهو يمد كفه ناحية عكازه المستندة بجانب السرير : عطني العكاز ..



خطواته تبتعد لتعود وبيده ذاك العكاز ذي المتكأ الجلدي .. وقف بمساعدة جابر على صوت والدته : شو بلاك ..


يعانق العكاز ابطه : عمي له الحق بالزيارة مب انا – يوجه كلامه لجابر- قول لدكتور عدنان يسمحلي بالطلعة ع مسؤوليتي ..


تحوقلت والدته : ياولدي اركد .. شفت شو صار المرة اللي راحت .. انت ناوي ع عمرك ؟


مشى خطوتان ناحيتها ليقبل رأسها : دامني طالع باكر ما شيء فرق .. وان شاء الله الكل بيزورني فبيتي .. جابر اتصل بمنذر خله ياخذ امي ويدتي وانت وصلني بيت عمي ..

,,

يــتــبــع|~

اسطورة ! 16-01-13 06:52 AM

رد: زفرات اغتصاب ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 



,,








قرارات توصلنا لنهايات قد نشتهيها .. ونهايات قد لا نحبذ حتى العيش فيها .. كقرارها هي .. لا تريد لمن كان اخ لابنها ان تُبنى حياته على زيف مشاعر ادركته مؤخرا .. بعد الغداء جلست معه في صالة منزلهما .. لتضع النقاط على الحروف .. سكبت له فنجان قهوة ومدته له : اليوم بتزور شبيب ؟




- ان شاء الله ..




ارتشف من فنجانه ثلاث رشفات .. واعطاه لها لتسكب له فنجان آخر .. سكوت ادرك ان وراءه حديث مكروه .. انهى فنجانه ليهزه . وتطمسه هي في وعاء الماء مع اخوته : فاثمج كلام ومب عارفه تقولينه ..




اغلقت غطاء" الدلة" واجابته وهي تعدل من جلستها : هيه عندي كلام .. خالد الله يرحمه كان يعز شبيب كثر اخوانه ويمكن اكثر بعد .. ومثل ما خالد يعزه انا بعد اعزه ومحطيتنه فمقام خالد ..




تمتم : الله يرحمه ..




واردف : وين تبين توصلين يا حفصة ..




ازدردت ريقها : خبر شبيب ماله نصيب عندنا .. البنت مب موافقه ..




" انا موافقة" .. بعثرتها على مسامعهما وهي تلج حيث هما .. لتستطرد : منو قال اني مب موافقة يا خالتي .. يمكن اللي سمعتيه كان فوقت تعب وحزن – التفتت لابو خالد – عمي انا موافقة ولا بحصل احسن من شبيب ..




نهرتها : بس انتي ما تبينه .. شو اللي غيرج الحين .. والا هيه لعبه يوم اباه ويوم لا ..




ابتسمت .. لتنحني بعدها تقبل رأس خالتها : قلتلج ما كنت فعقلي ..




بنبرة خافتة وكأن بها خجل ما : سلملي عليه عمي ..




" شبيب برع " .. قالها مبارك وهو يلهث عند باب الصالة : ابويه .. اميه .. شبيب برع وياه جابر ..




وقفا .. وبهتت هي .. تراه يجر الخطى بفرح .. يحبه بل انه يفضله عن البقية .. وتسمعه يردد : زارتنا البركة .. زارتنا البركة وانا عمك .. هلا والله بالغالي ولد الغالي ربيع الغالي ..




هل دموع الرجال عيب .. ام ان تلك الدموع حكرا للاناث .. هل دمعة الاب على ابن غاب عيب .. ودمعة الصاحب للفراق مهانة ؟ .. ام ان الدموع شهادات اثبات وفاء في زمن انعدم فيه الوفاء ؟ وصكوك امتلاك للقلوب القاسية .. او التي تدعي القسوة كتكوين جسدي .. احتضنه .. يشمه وكأنه يبحث عن رائحة المفقود بين انسجة الثوب البني .. والاخر انحنى على كتف ذاك الذي اخذت منه الدنيا الكثير .. وانهت الاخذ بابنه البكر .. قبله على كتفه ومن ثم على رأسه .. وابعده عنه قليلا .. او لعله هو من ابتعد يداري دمعات سقطت .. يشيح بوجهه ناحية الباب : يا ام خالد سوى قهوة .. وتعالي سلمي ..




تمتم بكلمات عزاء .. رد عليها ابو خالد .. ومن ثم رحب بهما لداخل المنزل .. وذاك الـ مبارك يتخذ لنفسه زاوية بعيدة .. لا يرغب بالاقتراب من شبيب .. ففي عقله حديث يخبره بان شبيب ابعد خالد ..



جلس بجانب عمه بمساعدة جابر .. وضع كفه على فخذ عمه : وشخبارك يالغالي .. وشخبار الدنيا وياك ..




- بخير بخير – يده تربت على يد شبيب- انت شخبارك ياولدي .. والحمد لله ع سلامتك .. ما خبرونا انك بتطلع اليوم .. وهذوه جابر سأله وبيقولك ..




نطق جابر : طلع من كيفه يا عمي .. ما قدرنا عليه .. والا هو طلوعه باكر مب اليوم .. حتى اتصلت بالربع وخبرتهم لا اييون ..




وجهه الصغير مشرأب بغضب واضح .. وذاك يسترق له النظر بين لحظة واختها .. ليمد يده له : ما بتسلم ع ولد عمك يا مبارك ؟




تجهم عمه : ما سلم عليك ؟ - ينظر لمبارك ليصرخ به – ايالهرم .. تعال سلم ..




اقترب بخطوات صامتة كصمته .. يده الصغيرة تقع في يد شبيب .. ليشد عليها ويسحبه ناحيته يحيه بالتحية الاماراتية : شخبارك ؟وشو لعلوم ؟




- بخير .




مختصرة .. وسريعة .. القاها وابتعد .. ليعي ذاك ان امامه مشوار طويل مع العيون الصغيرة الحاقدة .. يعلم بما في قلوبهم من حديث جابر عنهم .. ويعلم ان مشواره سيبدأ الآن من بعد خالد .. اما هي فاعتزلت المكان في تلك الساعة التي كان فيها شبيب في منزلهم .. لا يفصلها عنه الا خطوات .. تسمع صوته .. وحديثه الهادئ .. وتنعقد حاجباها .. هل قرارها صواب .. ام ان عقلها اصيب بالجنون ليقصي قلبها في هذه الايام .. تنهدت وبعدها حثت الخطى الى غرفتها ..





لم يرضى ان يغادرا بسهولة .. حتى وعده بان يزوره دوما .. يجلس بجانب صاحبه واخيه وابن عمه في تلك السيارة .. وعقله بعيدا .. عاد اسابيع للوراء .. في ذاك اليوم المشؤوم ردد تلك الكلمات التي قالها له كثيرا في السابق .. يربت على كتفه : كلثم امانه فرقبتك يا شبيب ..




كان يبتسم على غير عادته يومها .. وكأنه شعر بدنو اجله .. فوصاه عليها كثيرا .. ما ان تتاح له فرصة حتى اعاد نفس الحديث .. وقفا والهواء البارد يعصف بهما .. وقد التثما " غترتيهما" ينتظران اقتراب تلك السيارة ذات الدفع الرباعي منهما .. اليوم سيوقعان بؤلئك المجرمين .. القاتلين لشباب بلدهما .. عليهما لعب دور مجرمين كهم .. يقترب منهم ذاك المتلثم .. وآخر يقبع في السيارة .. لا يظهر منه شيء في هذا الليل .. ودار حديث عن صفقة المخدرات بينهم .. طويلا كان او لعله كان قصيرا وفي زمنهما كان الاطول .. وذاك يماطل وكأن به اكتشف الامر .. شبيب يحاول معه بعرض حقيبة مليئة بالنقود امام ناظريه .. ولم ينتبه لشخص الثالث في تلك السيارة .. يصوب نحوه فوهة ذاك السلاح .. ليصرخ به خالد : انتبه ..




ويسقطه ارضا متلقيا ثلاث رصاصات في الصدر بدل عنه .. ورصاصة رابعة استقرت في ساق شبيب .. وعج المكان يومها بالفوضى .. رجال شرطة ومطاردات .. و دماء انسكبت على جسد شبيب من جسد خالد ..





اغمض عينيه وتمتم : الله يرحمك ..




ليلتفت له جابر : يومه يا شبيب ..




- كنت انا المقصود .. وهو اللي راح ..




- كنتوا انتوا الاثنين بتروحون .. ما توقعنا يومها انهم كاشفينا .. كنا نراقب الاثنين اللي نعرفهم – تنهد – قدر الله وما شاء فعل .. الله يرحمه




سكون خيم على المكان ليردف : متى بتخبرهم ؟




اسند رأسه على الكرسي : مب الحين ..




وصلا واستقبل بحفاوة حب ايقنه في تلك الوجوه وتلك الدموع .. تعلق به هاشل حتى انه لم يرغب بمفارقته .. يطوقه بذراعيه النحيلتين ويمشي بتعثر معه .. ليضحك : تراك بطيحني وبرد الدختر بسببك ..




ابتعد عنه : لا لا .. خلاص .. بس انت لا تروح ..




كفه تعبث بشعره القصير .. ليلج الى المنزل وهو بجانبه : كلهن فالمطبخ .. يسون لك عشا ..




" هيه من قده دلوع البيت " .. نطقها وهو يقترب من شبيب يحيه : الحمد لله ع السلامة .. تو ما نور البيت – واخذ يقلد العجوز – والله البيت بدونك ما يسوى .. ومنيذر كله يعاندني ويضايقني .. محد غيرك يا وليدي اللي يحبني ويودني ..





ضحكا سويا .. وصمتا فجأة على ضربة عصاها بالارض : ياللي ما تستحي .. تعيب علي ..




حثت خطاها اليهم .. لتجلس وتربت بجانبها : تعال يا شبيب ايلس يمي .. وخلك من هالخبل ..




اقترب ليساعده على الجلوس وهمس : لا بالله الا طاح كرتي عند العيوز ..




وقفت تغالب دموعها .. تراه امامها من جديد .. شدت على شفتيها .. هو هناك يجلس بجوار جدتها .. خطت نحوه لتهلل : هلا والله بالطش والرش والما ورد فالغرش .. هلا بريحة ابوي .. هلا باخوي ..




تحامل على نفسه ليقف لها .. اخته القريبة منه كثيرا .. احتضنته .. وبكت .. ليمسح على رأسها : فديتج يا كنه .. لا تصيحين ..




تكلم منذر وهو يرتشف فنجان قهوة : حشا انتوا حزنكم صايح وبعد فرحكم صايح .. الحمد لله اللي ما بلاني باللي بلا فيه غيري ..




ضحكت على حديث خالها .. لتبتعد عن صدر اخيها وتقبل رأسه .. تحوقل : لا حول ولا قوة الا بالله – امسك بوجهها – كم مرة قلتلج لا تحبيني ع راسي .. والله تحسسيني اني شيبه ..




تمتمت الجدة : خلها .. هذا احترام لك .. ولا تقولهم لا يسونه ..




وكأنها تريد مخالفة قول جدتها .. امسكت بوجهه وقبلت وجنتيه : الحين زين ..




نهرتها : هذي اللي اقول عنها عاقله .. شفت شفت .. هذي البداية ..




وغرقوا في الضحكات .. انحنى ليجلس ولم يلحظ تلك القادمة بخطوات مرتبكة .. لتغطي عليها والدتها وهي تقبله وتحتضنه وجدا .. اشتاقت له كما هم .. جلست بجانبه فبانت تلك .. تبسم وعينيه في عينيها .. وحديث مزعج يراودها .. لعله يعلم بكل شيء .. سيصمت ويصمت وبعدها لا تعلم ما قد يكون .. انحنت تقبله وتتحمد له بالسلامة .. كان سلامها فاترا جدا .. امسك بكفها : الحين هذا سلام وحدة ما شافت اخوها من اسابيع ..




غرقت في دموعها لتنحني من جديد تقبله وتبكي : سامحني .. سامحني ..




ابتسم على مضض .. ليبعدها عن صدره : عشان شو اسامحج .. ما سويتي شيء فديتج .. تعالي يلسي ويانا ..




يتضاحكون وهي تبتسم مرغمة احيانا .. فاحشاءها تتعبها .. وان اخفت فلن يطول الامر .. نظرت لاختها واذا بنظرها يقع على تكور بطنها .. لا اراديا وضعت يدها على بطنها .. سينمو كبطن كنه .. سيكون من الصعب اخفاءه .. وهو لا يأبه .. ولن يأبه .. تراودها وسوسات شيطان بان تخطف هاتف خالها على حين غفلة منه .. وتأخذ رقم حارب الاخر الذي لا تعلمه .. اسمها يصل الى مسامعها .. لتنتبه لهم ينظرون لها جميعا .. ويدها تبتعد رويدا عن بطنها : خير ..




همست لها كنه الجالسة بجانبها : شفيج . شبيب من ساعة يزقرج وانتي ما تردين ..




تسمع والدتها تردد : هذا حالها من ايام .. حتى دراسه ما تريد تكمل .. وتعبت وياها ..




لتردد تلك : ديري بالج ع بناتج يا شمسه .. ترا الزمن مب نفس الزمن اللي راح .. دير بالج عليهن ..




رفع منذر حاجبه : شو اللي تقصدينه يام شمسه ...




وقفت : سمحولي راسي معورني .. الحمد لله ع السلامة ..




وقبل ان تغادر اوقفتها كنة : هذا بدال ما تيلسين ويانا وويا اخوج .. حتى ولو راسج يعورج دوسي ع الويع ويلسي ..




طأطأت رأسها لتعود وتجلس كطفل أُنب لفعل قام به .. لينطق هو : شامة حبيبتي اذا تعبانه روحي ارتاحي .. وانا بعد بروح اصلي العصر .. قومي فديتج ..




هزت رأسها مرارا بلا .. وصمتت .. فقط الصمت والنظر حيث كفيها المتعانقان في حجرها .. نظرات شمسة عليها لا تمل .. وهو يلحظ التوتر الذي غطى المكان .. ليقف منذر ويوجه كلامه لكنة : ترا اذا تبيني اوديج البيت ياللا .. لاني بروح اييب فارس من المستشفى ..




نظرت لاخيها .. وكأنها في اختبار صعب .. شوقها لشقيقها .. وحبها لزوجها الذي بحاجتها .. وقفت ودنت من شبيب لتجلس على ركبتيها امامه : لازم اروح .. فارس محد له ..



تبسم حتى بانت نواجذه : الله يحفظج فديتج .. وتراني ما بطير مويود فالبيت .. وان شاء الله بزوره واتحمدله بالسلامة .. وانتي تحمديله بالسلامة عني ..




كفاها تعانقان وجهه لتشده اليها وتقبل جبينه : الله لا يحرمنا منك ..





كررت تلك الجملة على مسامع فارس وهي تغطيه .. تشعر بالامان حين يكون بجانبها .. امسك بكفها قبل ان تغادر : وين رايحه .؟




- مسوية شوربه بيبلك منها .. لازم تتغذى اوكي ..




- بيأذن المغرب ..




ازاح الغطاء لينزل ساقيه .. فتمسكه من كتفيه : وين رايح ؟




رفع نظره لها : بتوضا وبصلي الين تسوين الشوربة وتيبيها .. الحين تبين تقنعيني انها جاهزة – استنشق الهواء مرات متتالية – تراني ما اشم شي ..




ضحكت حتى توجعت وصرخت وهي تضع يدها على وسطها : آآه ..




لينهض بسرعه : فيج شيء ..




هزت رأسها : لا .. بس من الضحك .. يعني لا تضحكني مرة ثانية ..




مشى بتعب وهو يقول : الله يعين من الحين يحب النكد ..




ضحكت وبعدها انصرفت .. اما هو فيشعر بان جسده منهك الى حد السقوط .. توضأ وخرج من دورة المياه ( اكرمكم الله ) وهو يستند على الجدار .. لم يأتي له يوما وتعب بهذا الشكل .. اقترب من الكرسي يأخذ من عليه تلك السجادة الخضراء المطوية .. يفترشها ويبدأ التوجه الى ربه .. حتى ما دخلت هي رأته يبكي وهو يرفع كفيه .. يبكي بكاء مؤلما .. وضعت الصينية من يدها .. ومشت لتجلس بجانبه تسمعه يردد : اللهم سامحني .. اللهم سامحني ..




رددها كثيرا .. حتى بكت معه .. لتنطق باسمه .. فتعانق راحتيه وجهه يمسح بلل دموعه .. يدها تسقط رويدا على فخذه : حبيبي انت بخير ..




- اول مرة ما اصلي فالمسيد جماعة .. حاس اني خذلت ربي ..




ابتسمت : معذور فديتك .. ياللا قوم .




تمسكه من ذراعه لتنهض وينهض معها .. وتساعده ليستلقي .. تغطيه بحنان الام لا الزوجة .. وبعدها تحث الخطى لاحضار تلك الصينية المحتظنة لذاك الوعاء المزركش .. وتنفذ الى انفه رائحة الحساء الذي اعدته لها .. تحمل الوعاء بيد والملعقة بالاخرى .. لتغترف له وتطعمه : بسم الله ..




تنهد بعد عدة ملاعق : بسني فديتج .. شبعت . وبعدين بتقوليلي ليش ما تعشيت .




برجاء وهي تقرب الملعقة المليئة بالحساء : بعد وحدة حبيبي .. عشاني ياللا ..




فتح فيه لتطعمه وابتسمت له : احبك .. والحين ارتاح – تجهمت لتردف – باكر ما بداوم صح ؟




هز رأسه لتتهلل اساريرها : حلو .. احسن لا اداوم الين تصح ..




بادرها بالحديث عن شبيب .. يسألها عن حاله .. لتشد انفاسها وتزفرهن : مشتاقتله .. لو شفت هشوله كيف لاصق فيه .. ما يريد اي حد يقرب منه .. والا يدوتي الفرحة بتطلع من عيونها بس تحب تكابر .. كان ودي ايلس وياه اكثر ..




يده تتلمس وجنتها .. لتريح راسها قليلا في راحته : اتصلي بمنذر ايي ياخذج تسهرين وياهم ..




هزت رأسها نافيه واردفت وهي تمسك بيده تعانقها بكلا كفيها : كلهم حواليه .. بس انت بروحك .. ما اريد اخليك .. سعادتي يمك – تغيرت نبرتها للجدية – وبعدين امك بتيي عقب كم يوم .. تباها تاكلني .. وتقول اني خليتك وانت مريض ورحت .. ترا هي ما تصدق تلقى علي شيء ..




" تكرهينها " .. قالها لتصمت .. هي لا تكرهها .. ولكنها تمقت معاملتها لها .. هزت رأسها : ما اكرهها .. ما اعرف اكره .. حتى لو اعرف ما اظن اني بكره ام حبيبي وروحي ودنيتي .. صح انها صايرة وايد تضايقني بالنغزات .. وانها تريد تخطبلك وتزوجك .. بس الحمد لله حملت .. وما باقي الا ثلاث شهور وبيينا نونو .. شو تريد بعد .. والله اني ما اتذمر بس .. بس ..




تقطع صوتها خلف حشرجة دمع باغتتها .. ليمسح هو دموعها بكفيه .. يضعف كثيرا امام دموعها .. ويعلم بان والدته شديدة معها وهي تتحمل لاجله هو .. فقط لاجله .. وهو يريدها هي فقط .. ولن يبحث عن سعادته بعيدا عنها ..





,,



خطوات اقدامه تمشي بهدوء في تلك الغرفة .. يبحث بين ملابسه .. وكتبه .. وادراجه .. وحتى تحت سريره .. لا بد انه هنا في مكان ما .. تلفت وهو يحرك انامله على رقبته يشدها متعبا .. ويزفر انفاسه .. لم يجده .. ولكن هو رآه مرة في يده .. تلفت من جديد .. ليعود الى ذاك الدولاب .. لعله اغفل عنه .. بحث وبحث .. واذا بكفه تنسل بين المناشف المطوية .. ليبتسم .. فـ اصابعه لامست ذاك المعدني الذي يبحث عنه .. زادت ابتسامته اكثر .. وهو يسحبه لينظر اليه .. يفتح مخزن ذخيرته ليجد اربع رصاصات لم تمس .. اغلقه ليضعه امام عينيه ويتمتم : نهايتك قربت ..



,,



اسمحولي ع التاخير بس المنتدى علق علي بعد ما نزلت اول جزء من الزفرة ^^


اتمنى ينال ع استحسانكم ~

fadi azar 18-01-13 08:12 AM

رد: زفرات اغتصاب ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
رائعة جدا منتظرين باقي الزفرات

اسطورة ! 23-01-13 03:53 PM

رد: زفرات اغتصاب ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 

كل ما يراه هو حديث قيل .. وضحكات اصحاب سوء تخدش رجولته التي لا تزال في طور نضجها .. ارتسمت على وجهه ابتسامة النصر .. وملمس الحديدي يداعب انامله النحيلة .. اشرق وجهه النحيل محفور الجانبين حتي يوحي للناظر له بان لا طعام يدخل جوفه .. وكأنه في مجاعة ما .. وشعرات خفيفة تبدأ في استيطان جانبي لحيته واعلى شفتيه .. خبأه في جيبه على عجالة .. وخرج .. ليقف على صوتها وهو يغلق الباب من خلفه ويلتفت ..


نطقت وحاجباها مستنكران وجود مطر في غرفة خالد : انت شو تسوي فالحجرة ؟


التفت لها وسرعان ما انزل نظره صارخا بها : وانتي شقايل اطلعين قدامي بدون شيلة .. لازم تنسين مطر الصغير .. صرت ريال ولازم تغطين شعرج عني مثل ما كنتي تغطينه عن خالد ..


لا تعلم حينها لماذا حديثه تسرب الى روحها واجبر كفيها لرفع " شيلتها " عن كتفيها .. واخفاء شعرها الحريري .. لتنطق بعدها : جذي زين؟ .. وبعدين جاوبني شو تسوي فحجرة المرحوم ..


رفع نظره وابتسامة داعبت فمه الواسع : مالج خص يا مها .. وقريب بيوصلج الخبر ..



خطواته تترك ساحة السرقة .. وساحة السؤال الذي اثار في كيانها زوبعة خوف .. لتجبرها على الولوج الى تلك الغرفة من جديد .. جسدها ينتفض .. وكأن به حشد كبير من جمهور ينتفضون اعتراضا على دخولها .. شهقت وعينيها جحظتا .. فالغرفة قلبت رأس على عقب .. تلفتت لعلها ترى شيئا مفقود .. فلا تزال الموجودات فيها في مخزون عقلها منذ اخر مرة دخلتها ..


زفرت انفاسها وطبول خوف بدأت تقرع قلبها .. لعله اخذ شيء ما . فحديثه ذاك لا يبشر بخير .. انسحبت مدبرة الى غرفتها .. نزعت " شيلتها" بغضب وهي تتكأ على الباب بعد أن اغلقته : ما ناقص الا مطر يتحكم في .. اوووف ..



رمتها على السرير .. ليلفت انتباهها هاتفها الصامت .. يغرق في طيات الحاف الثقيل .. ويعود ما حدث كومضات تجبرها على التصرف .. لتنتشله باليمين .. واليسرى تعانق وسطها .. عيناها الخضراوان يختفيان خلف جفونها برمشات متتالية .. فتلك العدسات تتعبها ولكنها عنيدة ولا تستمع لنصائح خالتها .. ابتسمت وهي ترى اسم ليلى قد سطع على شاشته ..



,,

تنظر اليه .. ممشوق القامة .. وجسمه الرياضي يزيد من عشقها له .. عيونها الحوراء لا تمل من ذاك المشهد .. يحرك انامله بسرعة غريبة ليغلق ازرار قميصه العسكري .. اقتربت منه وابتسامتها ترتسم بحب .. ويبتسم هو لها بشوق : ما قلتلج لا تعبين عمرج ..



تمسك القدح الابيض .. وسطحه الخارجي تداعبه نقوشات ورق فضية خفيفة .. وكفاها تعانقاه وجدا وكأنهما يبحثان عن الدفء في حرارته .. وبخار الـ" نسكافية " يمر الى اعلى بين ناظريهما : وقلتلك ما يهنالي بال وانت تداوم وما طايح بطنك شيء ..


مد كفيه لتقعا على كفيها .. ويدنو يقبل وجنتها : تسلميلي ..


ويأخذه يرشف منه بضع رشفات .. وبعدها يحث خطاه نحو المرآة .. فشعره بحاجة لترتيب .. وضعه على سطح " التسريحة " واختطف مشطه البيضاوي .. ذو الاسنان مدببة النهايات .. التفت لها حين صدحت نغمة هاتفها في المكان : من يتصل فيج فهالوقت – ينظر الى معصمة المرصع بساعة سوداء – الساعة ما وصلت سبع ونص ..


هاتفها في يدها .. ووجهها يشرأب باستغراب .. لتنظر اليه ناطقة : مها – تبتعد بخطواتها خارجة – خلني اشوف شو تبا ..


ابتعدت بالقدر الكافي عن الغرفة .. لتقف وتجيب .. ويأتيها صوت مها يحكي لها ما حدث مع مطر .. حركت هاتفها من اذنها اليمين على اليسار .. وذراعها اليمين بدأت تعانق خصرها بخوف : شو اللي خذه من الحجرة ..


رمت تلك نفسها على سريرها جالسة : مادري .. بس قلت اقولج يمكن تقدرين تتصرفين وياه .. لانه صاير ما ينطاق .. ومسوي فيها ريال البيت ..


يغزوها حديث قديم سمعته صدفة ..حديث اصابها بالذهول .. تعود اليها تلك الليلة مع حديث مها الذي بدى لا يُسمع .. هواء بارد يعصفها وهي تقف خارج تلك الصالة في تلك الليلة الحزينة .. وصوته الممزوج بكلمات التحدي يصلها بوضوح : قلت لك اني ريال وولد ريال .. وبتشوف كان ما انتقمت منه ع اللي سواه فخالد .. والله اني ما اخليه يتهنى واخوي تحت التراب بسبته .. وبيوصلك خبره قريب يا علي ..



انتفضت على صوت مها التي تنادي اسمها عبر الاثير : وين رحتي ..


ازدردت ريقها لتجيب : وياج .. بس يلست افكر شو ممكن يريد مطر من حجرة خالد الله يرحمه ..



اعشق تفاصيلك بنهم جوع سنوات عجاف ..

فارتشف من بحر فيك ارتواء ذات ..

ومن عينيك عالم فرح لا ينام ..

يكفي انني اعشقك ..

ويكفي ان حدود مطلبي هو عشقك لي ..

(بقلمي)



تنظر اليه من جديد يرتدي حذائه .. يشعر بوقوفها ولكنه لم يرفع رأسه .. وقف ومشى يأخذ قبعته عن تلك " الشماعة " ذات النهايات الذهبية .. ليفاجأ بها تضمه من الخلف .. بل انها تحكم امساكه .. يمسك ذراعيها بجزع قد وقع في نفسه : ليلى شو فيج .. شو قالتج مها ..


هزت رأسها ليشعر بها .. يشعر بانفاسها تخترق لباسه الشتوي .. تفتت عظام عموده الفقري .. يشعر بذراعيها تغرقان في عضلات بطنه المشدودة .. يمسك ذراعها يريد ان يبعدها عنه.. فتزداد تمسكا به لتتمتم : دير بالك ع شبيب ..


لو لم يكن يعلم مقدار حبها له .. لصرخ بها .. فكيف توصيه على ابن عمها .. لظن فيها سوء.. ولكنه يعرف قلبها .. يعرف قصة حبها له منذ امد بعيد .. فاجبرته تلك الحكاية على الباسها خاتمه .. سحب ذرات الهواء حتى كادت ان ترتخي قبضتها : ليلى .. شو مستوي ..


نطقها لتبتعد هي .. نظرها للارض .. وسرعان ما رفعتها له : مطر ناوي يقتله .. دير بالك عليه .. اخوي طايش .. والله انه طايش .. وابوي مب حمل انه يعرف هالشيء .. بيروح فيها .. ابوي روحه فشبيب من بعد خالد ..


يطبق على شفتيها باطراف انامله : اشششششششش .. لا تخافين .. مطر ما بيسوي شيء .. ما بيقدر يسوي شيء صدقيني .. ولا تخبرين ابوج ولا امج باي شيء .. انا بتصرف اوكي ..


هزت رأسها ولمست كفيه المحتضنتان لوجهها بكفيها .. وابتسمت .. ستبتسم رغما عن خوفها .. وابتسم هو لابتسامتها .. هي لا تملك سوى الابتسام في وجهه .. حتى لا تقلقه بقلقها الزائد .. مشت معه يكلمها وهو يسبقها بخطوتان : لا تفتحين ا لباب لحد – ينزل الدرجات وهي من خلفه – اذا حابه تروحين عند اهلج السيارة الصغيرة فالكراج .. وخذي الشغالة وياج ..


وهي تمشي وترد عليه بتلك الجملة : ان شاء الله ..


كلما قال شيء قالتها .. تريد ان تضحك على خوفه الدائم وتوصياته تلك التي حفظتها .. يده تمسك مقبض الباب ليلتفت لها : ما اوصيج ع عمرج ..


-
لا تحاتي – تضع يدها على يده لتدير مقبض الباب – ياللا روح تراك بتتأخر ع شغلك ..


فاجأها بقبلة سريعة على وجنتها الباردة : مع السلامة ..


تنهدت وهي تغلق الباب من خلفه .. لتسرع الخطى كعادتها تنظر اليه من تلك النافذة المطلة على ساحة المنزل .. تصعد الاريكة لتقف على ركبتيها .. وتزيح الستار .. لتمتعض .. فهناك تقف تلك المتوشحة السواد .. عباءتها الكبيرة التي تضعها على رأسها .. وجسمها الممتلئ قليلا لا يخفى عليها .. هي تلك التي تخاف منها ان تهدم حياتها .. تتمنى ان تسمع الحديث الدائر بينها وبين جابر ..



حين خروجه التقى بها عند البوابة .. فسيارته الـ"جيمس" تركها خارجا بالامس .. لتلقي عليه السلام .. ويجيبها بافضل منه .. يسألها عن حالها وحال ابنتها المطلقة .. لتغدقه بدورها بأسئلة جمه .. من بينها ذاك السؤال الذي تنهد وزفر في داخله كثيرا بسببه .. فهي دائمة السؤال عن زوجته ان كانت تحمل في احشائها طفلا له .. ليجيبها بابتسامة : الله كريم يام نوال .. الله كريم ..


تحرك شفتيها بسخط لتنطق : يا جابر ترا والله انك بحسبة ولدي .. وامك الله يرحمها كانت اختي قبل جارتي .. والله وربي شاهد علي اني ما اريد لك الا الخير .. بنت عمك ع العين والراس .. بس ترا السالفة طولت واللي عرسوا عقبكم عيلو (انجبوا اطفالا) وانت بعدك عايش فهالبيت وياها وييا الشغالة ..


ابتسم من جديد : ياخالتي تونا معرسين لاحقين ع الولاد .. و ..


قاطعته : بنت الحلال مويودة يا ولدي .. بس انت قول تم .. وانا بروحي بروح اخطبها لك .. والشرع حللك اربع وانا خالتك ..


غصبا عنه زفر انفاسه امامها .. وتحوقل في داخله .. فتلك العجوز .. جارته منذ زمن بعيد .. كانت قريبة جدا من والدته التي توفيت بمرض السرطان منذ سنوات خلت .. وهاهو الحاحها يزداد يوما بعد يوم من بعد طلاق ابنتها الوحيدة .. اراد ان يبتعد عن المكان : تاخرت ع الشغل .. اشوفج ع خير ياخالتي ..


وابتعد وهي تردد من خلفه : انت بس وافق والبنت حاضرة ياولدي ..



,,

الموافقة احيانا تجرنا الى البعيد .. تغرقنا في مستنقع طيني لا نقوى على الخروج منه .. هي وافقت منذ اشهر وتم كل شيء سريعا .. اخبرها اخيها انها لن تجد افضل منه .. فوافقت .. بل انها ظنت بانها احبته .. احبت طوله ووسامته وشعره الكثيف .. احبت لحيته التي يحلقها على شكل حلقة حول شفتيه .. والباقي منها يبيده عن بكرة ابيه .. احبت عينيه الصغيرتين .. وانفه الطويل .. احبت تقاسيمه الكاملة .. ظنت انها غرقت في بحر اسمته " حارب " .. بحر جديد لم ترى مياهه ومدى عمقها .. واليوم تشعر بانها تغرق في ذاك اليم .. تغرق ولا احد يسمع صراخها المستنجد .. كرهته بقدر ما احبته .. بل اكثر من ذلك .. كرهت تهربه .. كرهت خبثه .. وكرهت خيانته لاخيها ..


دموعها باتت رفيقة سريرها .. تسهر معها حتى الفجر واحيانا تنام قبل الفجر من تعب الم بها .. استيقظت على وجع في احشاءها .. لتدوس على شفتها السفلة .. حتى كادت ان تسيل الدم منها .. تنفست مرات ومرات .. تنفست بعمق وزفرت انفاسها وكأنها تودع الحياة .. ورويدا رويدا ابتعد الوجع .. لترفع نفسها عن السرير .. ويقع نظرها على زجاجة العطر معقودة العنق بشريطة سوداء .. تذكرتها .. هدية منه .. اخبرها بانه يعشق رائحة هذا العطر .. ويريدها ان تعشقها كما هو .. رفعتها فتأملتها .. واذا بها ترفعها اعلى رأسها .. فتتوقف .. قد يسمعون تكسرها .. سيسألون لماذا .. تراجعت ذراعها .. لتعود وتتأملها من جديد .. تمتمت : اكرهك .. اكرهك .. اكرهها .. اكره كل شيء منك – كفها الاخرى تقع على بطنها – اكرهه ..


حثت خطاها نحو الباب .. لتقف وتلك السلة الصغيرة امامها .. تقبع هناك بجانب الباب وبها بعض قصاصات الورق فقط لا غير .. رمت القنينة فيها وابتعدت تحمل لها ملابس من دولابها .. وتتوارى خلف جدران دورة المياه (اكرمكم الله ) ..

,,

يــتــبــع |~

اسطورة ! 23-01-13 03:54 PM

رد: زفرات اغتصاب ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
كفاه يدعكان بعضهما تحت المياة الفاترة .. والرغوة تنزلق مبتعدة من الحوض الصغير .. اغلق الصنبور بجانب كفه .. وعانق تلك المنشفة الصفراء المعلقة .. ونظراته تبحث عن شيء ما في المرآة .. ليتركها ويدنو بوجهه اكثر .. عيناه الصغيرتان تنظران الى عينيه .. هل يعقل ان تفضحاه امام شبيب .. لماذا يشعر بانه يعلم بكل شيء .. هادئ جدا .. وحديثه مقتضب .. نفض رأسه .. فلعلها مجرد هواجس تؤرقه لفعل قام به .. تنفس وهو يسمع ضحكاتهم تصل اليه .. هناك يجلسون .. شبيب وجابر وزميلهم سعد .. ومنذر ونسيبهما فارس .. الجميع هناك وهو تركهم لغسل يديه بعد تناول قطعة من الحلوة العمانية .. متعذرا انها ستبقى في كفه ان لم يغسله بالصابون .. حث الخطى وهو يرسم ابتسامة على وجهه .. ليبادره منذر قائلا : حشا يالس تسبح ما تغسل ايدك ..


وضحكوا على تعليقه القصير .. ليمشي دون اكتراث ويرمي بجسده بجانب فارس المبتعد قليلا عنهم .. وهناك في الوسط قبعت سلة " شوكلاتة " وسلة من الفاكهة بجانبها .. و وعاء حلوى عمانية صفراء اللون .. فتح عنه منذر الغطاء لتبان المكسرات المرشوشة على سطحها .. و نصفها المأكول .. ليقتطع منها بالملعقة ويمدها لسعد .. يتناولها وهو يستمع لحديث خافت بين جابر وشبيب الجالس بجانبه .. يدنو منه : الحين مب ناوي تعلمهم .. ؟


هز رأسه ونظره على فارس .. لينطق : حارب شو صار ع البنغالي اللي بتكفله ..


تنهد : والله بعدني ما خلصت المعاملة ..


قال وهو يغطس كفيه في وعاء الماء وبعدها يسحب بعض من المناديل الورقية : عرس وفك عمرك من العامل وطاريه ..


جابر : والله ويبتها يا سعد .. انت شو متري عن تعرس ..


تجهم وجهه : الحين ولد عمك ما صارله شهر من توفى وانت تقوله يابها .. لا ما يابها .. ترا عندي دم ..


اتكأ منذر على النمرقة القاسية : شبلاك شبيت ما قالولك عرس باكر .. يعني قرر الحين .. وما اظن شبيب بيمانع .. والا شو رايك يا شبيب ؟


-
والله ما عندي مانع اذا هو عزم .. كلها حفلة صغيرة وياخذ حرمته .. ترانا ما بنكلف عليك ..


ايتعمدون هذا الحديث .. فمنذ مكالمة منذر ذاك اليوم وهو يشعر بان الجميع يرمقه بنظرات مختلفة .. ما بالهم يتحدثون عن الزواج الآن .. ولم يمضي الا خمسة اشهر على عقد القران ؟ .. تنهد وقام واقفا : مب وقته خلوا الحزن يكمد .. وبعدين بنتحدث فالموضوع ..


فارس الجالس بجانبه : على وين يا حارب .. لا تاخذ ع كلامهم .. ويلس ..


" مشغول " قالها وهو يبتعد نحو باب المجلس .. ليستطرد وهو يلتفت : وبعدين ما بعرس قبل ما يعرس شبيب ..


ضحك بل قهقه وبشدة ليردف بعدها : على خير عيل ..


وعاد يضحك .. حتى استنكروا فعله ذاك .. فيسأله جابر : شعليه تضحك .. صدقه حارب ليش ما تقصوا الحيه وتعرسون وييا بعض ..


-
انا بعدني اللهم خطبة .. وما يندرى توافق عقب ما صرت اعري ( اعرج ) والا لا ..


" ومن قال انك اعري " نطقها حارب وهو لا يزال واقفا في مكانه .. ليجيبه شبيب : انت اللي قلت العظم تضرر .. ويمكن ما ارد امشي مثل قبل .. وهاذوني من شهر وانا ع العكازه ..


رد منذر : وخير يا طير .. واعري يعني مب ريال .. والا انتقصت من ورا هالسالفة .. ترا اللي بترفضك ما عندها سالفة .. وخيره وبركة .. لانها ما عرفت قيمتك ..


ضحك فارس : اعتزى الخال ..


ليضحكوا على وجه منذر الذي اشرأب بالغضب وقام واقفا : ضحكوا ضحكوا – نظر لشبيب – الحق علي بعد معطنك قيمة .. صدق اللي يخاويكم ما لاقي سالفة ..


انفض المجلس الا من جسده هو .. جالس وبجانبه العصا بعد ان استبدل عكازه القديم بها .. نظره مركز على نقطة واحدة .. وهناك في فكره احاديث مختلطة .. التفت ناحية الباب حين سمع صوت شقيقته تنادي زوجها .. مؤكد ان رسالته القصيرة التي بعثها لها قبل خروجه وصلتها .. فحثت الخطى للخارج غير ابهة اذا كان هناك احد ..


وقف ثم التفت .. وهو ينظر اليها بنظرة حادة .. حتى ما دنت منه باغتها قائلا : واذا كان وياي حد ؟


-
مب غبية اطلع قبل ما اتاكد .. شفتهم يظهرون قبلك ..


ابتسم لها : انزين انا بروح عندي شوية شغل .. وفالليل بردلج .


تمسك بكفه : بتتعشى ويانا ؟


هز رأسه .. فاعادت جملتها كتأكيد : بتتعشى ويانا .


يمسك ذقنها باصابعه ويقرب وجهه من وجهها : لا .. عقب ما تتعشون بيي اخذج .. ترا مب حلوة مني اتغدا وبعد اتعشى عندكم ..


رضخت له .. وراقبته حتى اختفى .. لتلتفت على وقع العصا الضاربة للارض .. وتشد الخطى اليه .. الوقت عصرا .. لتقف تتأبط ذراعه الحرة .. وقف معها : شو هالحب يا كنة ..


ابتسمت : قول آمين ..


ضحك وكأنه يعرف ما قد ستقول : آمين .


رفعت كفيها : يا رب يا رب يكرمك بحرمة تحبك مثل حبي لفارس واكثر بعد ..


قهقه بشدة لدعاءها .. عفوية جدا معه .. وعلى ضحكاتهما القت هي السلام .. ليرداه عليها .. وتردف وهي تحمل " دلة " القهوة في يدها : شخبارك يا ولدي .. شو صحتك الحين ..


-
الحمد لله يام سالم .. شخبار سالم وعياله ..


-
الحمد لله .. ما يشكون باس ..


تنظر لكنة ولبطنها وبعدها تنظر اليها وبشيء من حزن قالت : شخبارج يابنيتي .. واخبار فارس .. وام فارس .. بعدها ما يت من العلاج .. ؟


على مضض رسمت ابتسامة : الحمد لله كلهم بخير .. وعمتي بعدها قالت الاسبوع اللي راح بترد بس تاخروا .. يمكن هاليومين يردون ..


-
على خير ..


تركت المكان وهي تدعوها لدخول لمجلس النساء .. وستذهب بعدها لتنادي والدتها وجدتها .. اختفتا من أمامه .. ليحث خطاه الى غرفة شقيقته الاخرى .. طرق الباب طرقتان ولكن لا من مجيب .. فتح الباب ببطئ .. وولج .. ليسقط نظره على قنينة العطر المرمية في تلك السلة الصغيرة .. وصوت ماء يصل الى مسامعه ..مشى وجلس على سريرها .. ينتظرها .. سينهي كل شيء معها .. ومجيء ام سالم كان في صالحه .. ستلتهي امه وجدته واخته معها .. زفر وحديث المستشفى يعود اليه .. كانت هي .. وكان عطرها الذي خالط انفاسه يومها .. وحارب يخفي امرا عظيما .. انكسار نظراته .. تهربه .. و مماطلته في حديث الزواج منذ ساعة .. فتح الباب .. لتشهق لرؤيته .. ويبتسم هو لها .. وفتغتصب ابتسامة .. وتمشي ناحيته .. وتقف على بعد ثلاث خطوات منه .. وشعرها الرطب قد دفنته تحت تلك المنشفة .. وثوب اماراتي " مخور " اسود بورود بيضاء وحمراء مختلطة يزين جسدها .. ربت بجانبه : تعالي يمي .. اريد اكلمج ..


اللحظة التي ارقتها ليالي طوال من بعد خروجه من المشفى حانت الآن .. يعرف .. تأكدت من انه يعرف .. اقتربت وجلست على حياء وشيء من الاضطراب .. لتشد بقبضتيها على حافة السرير .. يده تقع على يدها .. فانتفضت : ليش ما تبين تكملين دراستج ؟ ..


-
تعبت .. مب قادرة اكمل .. احس بضغط مب متعوده عليه ..


لا تريد ان تنظر اليه .. فتركت نظراتها تقع على ركبتيها المتراصتان ..يرى توترها واضحا بعينيه .. كيف باستطاعته ان يبعد خوفها لتبوح له بمكنونات روحها .. ابعد يده .. لتعانق كفه .. وينحني بجذعه قليلا : سامحيني انشغلت بالعزايم والزيارات .. كان المفروض ايلس وياج عقب ما خبرتني اميه عن حالتج .. خبروني انج رحتي المستشفى فالليل عشـ..


هنا شهقت دون ارادة منها .. لتكتم باقي الشهقات بيمينها .. وهو تأكد من اشياء سمعها .. ليمد كفه يبعد كفها عن فيها .. عيناه على وجهها .. على دموعها .. بداخله بركان يخمده بالقوة .. ليبلع ريقه ويستطرد : شو اللي صار بينكم ؟ .. ومتى صار هالشيء ؟


اجهشت بالبكاء .. وتشعر بألم قبضته على معصمها .. ليتقطع حديثها : والله .. والله هو .. هو ...


احتضن وجهها : شامة .. اهدي .. لا تخافين .. ما بسويلج شيء .. بس خبريني بكل اللي صار .. تنفسي ..


شدت نفسها مرارا .. ومن ثم اكملت : حارب .. يوم كنت مسافر اتصل علي .. كنت فالجامعة .. العصر ياني وقالي يريدني اشوف بيته .. ونخطط كيف نأثثه .. لانه يريد يغير كل شيء ..


صمتت وهي تمسح دموعها .. وهو ينتظر لتكمل .. يريد ان يعرف معدن الرجل الذي أأتمنه على اخته .. لتكمل بعد ان هدأت قليلا : رحت وياه .. يومها ما اعرف شو صار .. عطاني عصير .. وعقبها راح وانا ما اعرف كيف رقدت يومها .. وقمت والساعة صارت سبع .. حتى فوني ما سمعته وهو يرن .. ما اعرف شو صار .. بس ..


انتحبت لتقع في حجره باكية : سامحني .. سامحني .. ما كان لازم اروح وياه .. انا حامل .. حامل ..


وقعت المنشفة عن رأسها المبتل جراء حركة يده التي شدت على خصلات شعرها .. لينتبه حين صرخت .. ويبعد كفه ويبعدها عن
فخذيه .. ويقف مستندا على عصاه : لبسي عباتج .. اترياج فالسيارة ..


وغادر .. لتحاول بعدها الوقوف .. سينتهي كل شيء .. سيجبرهما على الزواج قريبا .. وستعيش مع ذاك الخائن الذي كرهته .. جرت خطواتها لتسحب عباءتها من دولابها .. و ترتديها بارتجاف .. وتغطي شعرها المبتل وتخرج تتبعه .. توقفت وهي تسمع اصواتهن الخارجة من تلك الصالة .. ثواني ظلت في مكانها .. تشعر بانها خائنة لثقتهن .. خائنة بقدره هو واكثر .. تركت المكان .. وساقاها بالكاد تحملانها .. لتجلس بجانبه في سيارته السوداء ذات الباب الواحد .. تشعر به يتألم من رجله اليسرى التي لا يستطيع مدها بالقدر الذي يريحه .. انطلق في صمت .. وقسمات وجهه غير معروفة لها .. هل هو غاضب .. ام ناقم .. ام منكسر .. او لعله كل ذاك مجتمعا ..


تشعر بالطريق طويلا جدا .. وكأنها تجر الى حتفها .. كمجرمة تساق لحبل المشنقة .. توقفت السيارة عند باب المنزل الذي زارته منذ شهران .. شهران غيرا حياتها .. وقلبا حالها رأس على عقب .. وغرسا بذرة كره في قلبها المتوجع .. نزل بصعوبة .. وكأنها سمعته يصرخ متوجعا من ساقه .. او لعلها بدأت تتخيل امور وامور ..

مشى وهي من خلفه .. ليقرع الجرس مرارا .. حتى وكأن اصبعه سيغوص في الزر ويقتلعه بعدها .. صوته الاجش يصل اليهما : ياي ياي .. حشا حرقتوا اليرس ..


ليفتح الباب ويبلع لسانه .. ويزدرد ريقه بسبب نظرات صاحبه الحارقة .. وتلك التي تخفي نفسها خلفه دليل على تصديقهم لها .. ابتسم مرغما : حياكم ..


اشار بيده ليدخلا الى الصالة ... ظلا واقفين .. فوقف .. ينتظر حديث يقال .. ولكن لا شيء الا الصمت وحديث عينين تملأهما تساؤلات كثيرة .. يجيد العب بالاعصاب حتى تدميرها .. لن يستغرب تمسك رئيسه في العمل به حتى بعد معرفته عن عرجه الذي قد يطول .. شخص يثير ريبة في قلوب من ينظر اليهم .. رحم حال المجرمين .. احس انه في هذه اللحظات مثلهم .. ليبدأ هو الحديث : شو قلتيلهم ؟


اختبأت اكثر خلف شقيقها .. لينطق : خبرني يا حارب .. شو معنى الامانة ؟.. شو معنى اني اقولك قبل لا اسافر دير بالك ع اهل بيتي .. شو معناته اني اوصيك فيهم ..


" يلسوا " قالها وهو يجلس .. لم يتحركا .. فعاد للوقوف .. اردف : ما انكر اني خنت الامانة يوم طلبت من شامة اتي هني .. ما انكر هالشيء .. بس والله اني ما لمستها ..


بسخرية : يعني افهم ان اختي فلتانه ..


شهقت هي وصرخت : حرام عليك .. والله حرام عليك .. انت يبتني هني وعطيتني منوم فالعصير وسويت سواتك .. اعترف ..


صرخ بها : خافي ربج .. مب حارب اللي يسوي هالسواه ..


رفع سبابته في وجهه : اسمع يا حارب .. الى هني وبس .. اختي متربية ولا عمرها الردية طلعت منها .. عندك اقل من شهر تجهز كل شيء للحفلة وتاخذها من البيت .. واداري سواتك ..


صرخ بغضب في وجهه : لا عااد .. طالت وشمخت اشوف .. مب حارب اللي تغصبونه عشان يستر ع ..


-
اصصصصصصص ولا كلمة يا حارب .. غير هالكلام ما عندي ..


رفع وجهه يكتم غيضه .. ويزفر انفاسه .. لينظر اليها : عيبج .. مثل ما تريد يا شبيب .. بستر عليها .. مب اعتراف مني بشيء لا .. بس لانها اخت انسان غالي علي .. بس صدقني .. ورب الكعبة انها ما بتتعدى كونها اخت لي من بعد ما اخذها ..


اوقعت رأسها على ظهر اخيها .. لتتشبث به .. انتهت حياتها .. انحنى للامام لثقلها الذي رمته عليه : فيك الخير ..


قالها وسحب يد اخته ومشى .. تاركا ذاك واقفا .. يشعر بنفسه يغوص في رمال متحركة .. يحاول ان يخرج ولا يستطيع .. رمى بجسده على الاريكة .. ونظره للسقف .. للثُريا الكريستالية المعلقة هناك .. خسر .. خسر كل شيء .. هو لم يحبها يوما .. ولكنه كان مستعدا ان يدخلها قلبه رويدا .. واليوم يمقتها .. أتتهمه بالخيانة .. وتصغره في عيون صديق طفولته .. اغمض عينيه .. يحاول ان يتذكر ما حدث .. يتذكر خوفها ووقوفها عند الباب .. يتذكر امساكه بيدها وارغامها على الدخول .. يتذكر شربها لكوب العصير .. حتى تلك المكالمة التي جاءته من احد زملاءه الاطباء يتذكر كل ما قيل فيها ..يتذكر كل شيء الا انه فعل ما تقول ..


نفض رأسه ليصرخ : والله ما سويتها .. والله ..

,,

يــتــبــع |~

اسطورة ! 23-01-13 03:55 PM

رد: زفرات اغتصاب ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 

,,










" والله اني احاول " قالتها لصديقتها في " كفتيريا " الجامعة .. وامامها كوب " كابتشينو" تحرك الملعقة فيه تذيب ذرات السكر .. لترفعها منه وتضعها جانبا .. وتمسكه بكلتا كفيها وترتشف منه .. لتضع تلك كوبها : الله يكون فعونج .. تدرين احس انج بتحبينه .. يمكن اللي كنتي تحسينه صوب خالد اعجاب بس .. عطي نفسج فرصة ..




كفاها لا تزالان تعانقان حرارة الـ"كابتشينو " ونظرها للرغوة المتكونة على سطحه : خالتي تقول انه بيصير اعري ..




- مب عيب .. ولا بينقص منه شيء ..




رمقتها بنظراتها وتنهدت .. تضع كفها على صدرها : مب قادرة ادخله هني .. حاسه انه ما يحبني .. زواج تقليدي وبس .. انا ما اريد هالشيء .. ما انكر انه وسيم وحليو .. بس ما دخل قلبي ..




- مها .. الحب ايي عقب العرس .. انتي شو بلاج متمسكه بانسان ميت .. قلتي بتعطين نفسج فرصة .. كوني قد هالكلمة ..




تأففت بغضب وهي تقف : انتي عمرج ما بتحسين في ..




سحبت كتبها عن الطاولة وابتعدت .. لتفعل تلك نفس فعلها وتجري خلفها : شو بلاج عصبتي .. ترانا الا نسولف .. انزين شو بلاها اخت خطيبج ما اداوم ..




توقفت والتفتت لها : اوووهوو علينا .. تروحين وتردين تقولين خطيبي .. وبعدين ما ادري عنها .. يقولون انها تعبت من الدراسة ..




تابعا المشي .. لتنطق سوسن وعلى وجهها شيء من الحياء : انزين عادي ازورها ..




" ها " قالتها مها وهي تقف .. تنظر لوجه صديقتها وتردف : وليش ان شاء الله تزورينها .. ومن متى تعرفينها ..




تنحنحت .. وتابعت المشي : اعرف اختها كنة .. درست وياها الثانوية .. وسنتين فالجامعة قبل لا تيلس فالبيت .. واجب علي ازور اختها ..




" اها " .. قالتها مها بعدم اقتناع .. لتتبعها : خير ان شاء الله ..





,,




وترحل الاعمار كـ سرب طيور ..



باختلاف الرجوع ..



وشرخ يتصدع منه القلب ..



ودموع على الوجنتين تحترق ..



أيطالُنا البُعد هكذا ..



دون موعد ..



دون خبر ..



ودون قرع اجراس الرحيل ..



(بقلمي )







اغلقت المصحف وضمته بقوة الى صدرها .. الغرفة باردة .. المرايا متغطيات كفتيات يتوشحهن الخجل .. و الصمت يطوقها .. يبعثر انفاسها الحارة .. نزلت دمعة فسارعت تمسحها .. وقفت بتعب .. شهر مر .. وبقي ثلاث وعشر .. هل ستقوى على سجن الارملات هذا .. هل ستبقى انفاسها تخرج وتلج الى صدرها هذه المدة الطويلة .. وهي في كل يوم تختنق .. تتخيله معها .. تتخيل صوته الحنون .. لم يعشقها .. ولم يكرهها .. يكفي انه كان الصدر الآمن لها ..




خطواتها تصل الى الـ" كوميدينة " لتضع المصحف بعد ان قبلته .. في هذا الشهر ختمته مرتان .. تشعر بانه انيسها .. يريحها .. يدخلها في سكينة تتوق لها وجدا ..




منزل اخيها فيه اناس كثيرون ولكن تشعر بوحدة تقبرها في غرفتها .. تسمع اصوات ابناءه في الخارج .. وصوت زوجته التي لا تطيق وجودها معها .. تسمع تذمرها وتحتسب وتوكل امرها لخالقها ..



جلست على الارض .. وظهرها لسريرها .. تمتمت : الله يرحمك يا خالد .. رحت وخليتني لزمن .. وين الله بيرميني من عقبك ..




اغمضت عينيها : يا رب .. يارب مالي غيرك .. لا تخليني يا رب ..




,,

الى هنا نقف ..
ان شاء الله عجبتكم الزفرة ^^

اسطورة ! 27-01-13 03:29 AM

رد: زفرات اغتصاب ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 


http://up.graaam.com/forums/616798/01359143215.gif
,,




وكأن الشتاء لا يريد ان يغادر الارض استحلها منذ اشهر ولا يزال يعبث في عظام البشر .. انتفض بردا وهو يترجل من سيارته .. فالساعة آخر العصر .. والشمس تحمل اشعتها وتلملها لتترك السهر للقمر .. رفع نظره ليراه كالعرجون القديم .. بداية شهر عربي لا يذكره .. لعله ربيع الاول .. او الثاني .. او لعله احدى الجمادات .. زفر دخان رئتيه .. واختبأ كفيه في جيوب " جاكيته" القطني على جانبي جسده .. وتابع المسير .. يلقون عليه التحية ولاول مرة لا يردها لهم .. وحتى الابتسامة لا تخرج منه .. مشى ومشى .. ليقف امام المصعد .. يرى عداده يرتفع .. الطابق الثاني فالثالث .. ويستمر .. عقد حاجبيه وترك المكان .. ليهرول على الدرجات وحديث الامس يعصف به .. يتهموه بالرذيلة .. كم هو قاسي هذا الاتهام .. وممن؟ من صديقه شبيب ..


كفه يمسك مقبض باب مكتبه ليلج .. يخلع ما يدفيه ويرفعه يعلقه لينتزع الابيض .. يرتديه بفكر مشغول .. سيرتبط بها ابكر مما يظن .. وهو الى الان لا يعرفها جيدا .. ستكون معه في منزله الخالي مع طفل لا يعرف والده .. و سيكون مسؤولا عنهما .. عن خيانتها التي لا دخل له فيها .. اهكذا العقاب على فعل بسيط قام به .. ايعاقبه وهو يوقن بانه بريء من تلك التهمة .. هز رأسه يبعد ترهات حديث عقله .. فكيف لشبيب ان يكون ظالما .. اعتصر جبينه بكفه وجلس خلف مكتبه .. امامه عمل عليه ان يقوم به .. وقبلها يجب ان يهدأ .. تنفس مرارا لعل ذاك الحديث الذي كان يخرج مع انفاسه .. ولكن سرعان ما يعود له حديث كان .. ابتسم حين تذكر ابتسامتها البريئة الخائفة في ذاك اليوم .. ليتمتم : حيه من تحت تبن ..



في خضم افكاره لم ينتبه للباب الذي طُرق .. ولا لذاك العامل الحامل له فنجان قهوته اليومية .. لم ينتبه الا لليد التي امتدت لتضع ما بها .. ابتسم له .. ليبتسم الاخر : دكتور .. انت مريز (مريض ) ..



حتى ذاك العامل الهندي استشعر الم صدره .. ليبتسم له وهو يحمل فنجان قهوته يرتشف منه : لا .. تسلم راجو ..



وغادر لتعود تلك الافكار تضرب جدران رأسه .. وضحكات قديمة اجبرت شفتيه على الابتسام .. يومها كان لا يزال طالبا .. سمعها تضحك .. جميلة جدا كانت تلك الضحكة .. حتى انها اذابت قلبه يومها .. ويراها بعد تلك الضحكات تمشي متوجهة الى منزلها .. واذا بالريح تتطفل عليها .. تُسقط " شيلتها " الملونة .. لييتبعثر شعرها الطويل .. يضرب وجنتيها .. فتتأفف وتسقطه على ظهرها لتعود تجمعه وهي تمشي .. حتى توارت .. يومها اشتعل قلبه حبا لاول مرة .. ولا يزال عطرها في ذاكرته قابعا .. يشمه دائما .. حتى اهداه لتلك التي وقع في براثيم خداعها ..



شد قبضتيه على فنجان قهوته حتى كاد ان يتفتت .. لماذا لم تكن له .. ولماذا بحث عن البديل في غيرها .. هو لم يرغب بغيرها .. ولكنه اجبر على القبول .. وهل يجبر الرجل على ما لا يريد ؟



تنهد مع دخول تلك الممرضة : دكتور حارب المريض فغرفة 212 مصر انه يطلع ..



وقف ليطوق عنقه بسماعته الطبية : كيف يطلع .. امس مسوايله العملية ..



خرج وخرجت من خلفه : دكتور اقصد المريض اللي بغرفة 212 اللي عنده السكري ..



زفر انفاسه .. فهو لا يستطيع التركيز .. توقف عن المسير فوقفت هي .. ليس الدكتور حارب الذي تعرفه .. به شيء مختلف .. به ضياع غريب تستطيع ان تلاحظه هي : دكتور فيك شيء .؟



طوح برأسه وتابع المسير .. ايخبرهم بان عقله توقف عند تلك الليلة .. وان بندول ساعته يجري ليصل لليلة حكم عليه فيها ان يواري سوءة امرأة كل ذنبه كان بأنه دعاها الى منزله في غياب اخيها ..




,,

الافكار لم تكن بعيدة عن عقل صاحبه ايضا . شيء ما كسر في تلك الليلة البعيدة .. كسرت تلك الثقة التي قلدها صاحبه يوما .. ايستحق ان يكون زوجا لاخته ؟ هل يجبرها على العيش في حياة كتلك التي اقسم عليها حارب .. اخت .. يمد يده يتناول طعام العشاء مع عائلته .. لا يسمع شيء الا صوت ينبع من داخله ..



الايدي تمتد الى صحن الخبز الغارق في مرقة الدجاج .. وابتسامة رسمها حين تحدث منذر : الله ع الثريد اللي تسوينه يا شمسة .. ما له وصيف ..



-
بالعافية – نظرت لشبيب – شبيب ما عيبك طباخي ..



كف يده عن الصحن : تسلم ايدج يالغالية .. بس احس اني شبعان – اتكأ على يده ليقف – الحمد لله ..



طأطأت تلك رأسها .. تعلم ما به اخيها .. وتجبر هي نفسها على الاختلاط بهم .. هو اجبرها ان تمارس حياتها كما كانت قبلا .. ولكن كيف تعود المياه للوراء .. حمدت ربها وقامت هي الاخرى ..

لتتحوقل شمسة وتردف : شو بلاهم من امس وهم متغيرين .. طلعوا وردوا ولا عرفنا وين كانوا .. استغفر الله يا رب ..



قامت من المكان .. ليبقى منذر مع الجدة .. هادئ جدا . وتلك تأكل وعينيها على كفه : شو بلاك انت بعد ؟



رفع نظره لها وابتسم : ما بلاني شيء .. والحمد لله ..



ليصمتا ويشرخ الصمت صوت جرس الباب .. ليصرخ منذر وهو يقف : هاااااااشل .. راعي الكفتيريا وصل .. قوم اطلعله .. والا اقوله يرد من وين ما ييا ..



ويقهقك بعدها على هاشل الذي خرج يجري .. وما هي الا ثواني حتى دخل يحمل كيس بيده .. ليجلس على مقربة من جدته .. ويخرج العلب ليفتحها : يدتي تعالي كلي وياي ..



وقفت بثقل : الحمد لله والشكر تسمي هذا عشا – لتلتفت لشمسة القادمة نحوها – بدال ما تعطينه فلوس ع هالخرابيط خليه يضرب بالخمس ويانا .. وانتي تشوفين كيف بيصير ..



تنادي على الخادمة لتحمل ما تبقى من العشاء .. وتجيب والدتها : شو اسويبه يوم ما يعيبه العيب (العجب) واذا نازعناه والا ضربناه زعلتي علينا وسمعتينا كم كلمة ..



بفم مليء تحدث وهو ينظر اليهما بحاجبان معقودان : الحين انتوا ليش تتكلمون علي .. انا ما احب الثريد وقلتلج ما اريده .. بس قلتيلي شبيب يحبه .. كله شبيب شبيب ..



ضحك على حديث اخيه الصغير الغاضب .. ليجلس بجانبه : افااا .. هاشل يغار مني ..



اشاح بوجهه : انا ما اغار .. بس امي ما تحبني مثل ما تحبك ..



عادت لتتحوقل : لا حول ولا قوة الا بالله .. ما ناقص الا انت ياللي بعدك ما طلعت من البيضة تقول هالكلام ..



الجو مشحون جدا .. ووالدته بدأت تخرج من طور هدوءها المعتاد .. وهو يدرك السبب .. ليقف متحاملن على وجع ساقه الذي لا يريد ان يعتقه .. يدنو منها يمسك بكفها ويقبل رأسها : شو بلاج يالغالية شابه ضو (نار )



بسخرية اجابته : ما في شيء .. شو حلاتي ..



نظره يتجه لمنذر المستند بجانبه على باب الصالة .. ليتحرك داخلن عند دخول الجدة بعد ان غسلت يداها وعادت .. اذا تحدث فعلى الجميع ان يسمعه .. تنهد ليشد على يد والدته .. ويعرج وهو يمشي بمعيتها .. يجلسها ويجلس بجانبها : يالغالية ادري انج تبين تعرفين اشياء واايد .. ولا اييج مني الا السكوت .. اللي صار البارحة ان حارب حدد موعد العرس عقب شهر ..



انتفضت : شو .. وع شو مستعيل .. مب هذا حارب البارد .. اللي كل شيء يسويه بركادة ( ببطء ) .. شو اللي تغير الحين ..



لا يعلم لماذا نظرات خاله تحكي حديث يسمعه ويعيه .. وابتسامته تحكي سخرية ما .. انزل نظره لكفها الذي بكفه وعاد يرفعه لوجهها : يقول انه بيسافر ويريدها وياه ..



ابتلع ريقه .. هل وصل به الامر للكذب على من حملته تسعة اشهر .. وربته وسهرت عليه .. هل وصل به الامر ان يخفي اخطاء اخوته بالكذب والخداع .. اين شبيب الذي كان .. هل دفن يومها مع خالد ليولد شبيب آخر من رحم المقبرة تلك ..التفت على صوت جدته الجالسة بالقرب منهم : شبيب .. لا تقول شيء .. ومب محتايين اسباب للي يصير .. وانتي يا شمسة لا توقفيله ع الكلمة .. وزين ما سوى حارب .. ياخذ حرمته ابركله وابرك لها ..



وقفت وهي تخاطبه : قوم اريدك فسالفة ..



يده تحني رأس والدته ليلثمه : سامحيني يالغالية ..



وبعدها قام يتبع جدته .. واسئلة كثيرة تتبعه .. لعل تلك العجوز في جعبتها الكثير لتخبره به .. مر بجانب منذر : انت شو بلاك هاليومين ..



ابتسم : انتوا شو بلاكم وييا هالسؤال .. ما في شيء .. البلى فيكم انتوا .. كل واحد يقول شيء .. والله يستر من تواليها ..



حثت خطاها نحو اخيها بعد ان ابتعد شبيب خلف جدته .. لتقف امامه : منذر شو السالفة .. شبيب وراه شيء من كم يوم .. واليوم ياي يقول عرس شامة عقب شهر .. وعمه ما فكر فيه ما فكر بحزنه .. هذا مب شبيب يا منذر .. ولدي واعرفه ..



كفاه الغليضان يقعان على كتفيها .. ووجهه يدنو من وجهها بانحناء جذعه : ما صاير شيء .. واللي فالقدر بيطلعه الملاس يا ام شبيب ..




الغاز والغاز تدور من حولها .. تشعر بانها ستنفجر في وجوههم .. حتى والدتها تخفي عنها الكثير .. حتى تلك جارتها خلف احاديثها الغاز مستورة .. التفتت ليقع نظرها على هاشل المتربع في كبد الصالة تلك .. وبيده قطعة بطاطس يغمسها في الـ"كاتشب" بعد ان اساله على غطاء علبة الـ"زنجر " .. صغير لا يأبه بترهات الكبار التي تؤرقها حد السهر في لياليها الطوال .. انفاسها تتبعثر باختناق .. لتختفي من المكان ..



اما تلك الغارقة في صراع ذاتها وصراع اخر ينتظرها مع المدعو حارب .. ولجت الى غرفتها بعد العشاء .. فقط جلست هناك على طرف سريرها .. صامتة جدا .. متجمدة لا حراك يصدر منها الا من صدرها المضطرب بانفاسها .. وجفونها الرامشة كل حين .. وضعت اخاها في موقف صعب جدا .. كسرت صداقته مع حارب .. لماذا وافقت على الخروج معه ؟ ولماذا وصل الامر الى هذا الحد ؟ ..

مرت الدقائق وهي في مكانها .. لم تشعر الا بيد والدتها ترفعها من ذراعها : دريتي ان عرسج عقب شهر ..



هزت رأسها بهدوء .. لتردف الاخرى : شو اللي صاير يا شامة ؟



ازدردت ريقها مرارا .. وبتوتر في نبرة صوتها اجابت : ما صاير شيء ..



اعتقت ذراعها بعنف .. لتخطو نحو دولابها .. تبعثر اشياءها .. تبحث عن دليل يؤكد لها شكوكها .. لتخرج علبتان من الفوط الصحية .. احدهما قد اخذ منها القليل .. تحملهما في كفيها : من متى ما يتج ؟



اختناق يحيط برئتيها .. يحيل انفاسها دبابيس تنغرس في صدرها .. لتقترب تلك منها وما في يدها تضعه امام وجهها : كل شهر تروحين السوق تشترين .. واذا ما رحتي وصيتيني اييبلج .. وصارلج شهرين ما وصيتيني ولا طلعتي السوق – هزت ما في يدها امامها – هذا شو يا شامة .. ؟



الدموع فقط كانت الاجابة .. احتظنت نفسها بذراعيها .. وتلك رمت ما في يدها على وجه ابنتها : حسبي الله عليج من بنت .. حسبي الله عليج كان بتفضحينا ..



تحشرج صوتها : مب ذنبي ..



يداها تقبضان على ذراعيها بعنف .. لتقطع حديثها وهي تهزها .. وصوتها بغيض يخرج خافتا : مب ذنبج .. عيل ذنب من .. ذنب حارب .. لا يا شامة .. الذنب ذنبج يا مسودة الويه ..



دفعتها بعنف على السرير .. لتجلس وتنحني على ذاتها .. تسمع حديث والدتها الساخط : لا بارك الله فيج من بنت .. لا بارك الله فيج ..



ساقاها لم تعد تستطيع حملها فجلست .. جلست بجانب ابنتها .. تحترق .. تشعر بان نار تأكل جسدها : وطيتي راس اخوج .. وانا اقول شو بلاه .. اتاريه عارف وساكت .. ساكت ع فضيحتج .. لا حول ولا قوة الا بالله ..



مسحت دموعها وقامت واقفة : طلعه من هالحجرة ما بتطلعين .. الين ايي وياخذج ..



وبعدها خرجت .. وانهارت تلك في نحيب قاتل .. لتجفل على صوت اغلاق الباب .. تستحق اكثر من ذلك .. هذا ما كان يجوب في عقلها تلك اللحظة .. هي من قادت نفسها اليه .. كان باستطاعتها الرفض .. ولكنها لم تفعل .. رنين هاتفها المتواصل الزمها النهوض .. حثت الخطى الى الـ" تسريحة " لتنتشله وترتجف يدها .. هو يتصل بها .. اسيعدمها بعد ان قتلها .. ام ان القتل اضحى لعبة يمتهنها هو .. وهل يضر الشاة السلخ بعد الذبح ؟؟ ضغطت الاخضر .. ليلامس هاتفها اذنها .. لم تنطق فقط انفاسها كانت كفيله بان تعلمه بانها معه .. وهو لم ينطق .. جلست على الارض الباردة .. وظهرها " لتسريحتها " الخشبية .. تنتظره ليلقي بقنبلة ما عليها .. لعله يطلقها الآن .. ويضرب بحديثه السابق مع اخيها عرض الحائط .. جاءها صوته : مرتاحة الحين ؟ اكيد مرتاحة .. حصلتي اللي بيستر عليج وبيكون بويه المدفع قدام اهلج .. عيبج اني صرت ما اسوى شيء فنظر شبيب ونظر منذر .. عيبج ؟ شو اللي باقي بعد .. تبينا نعرس .. اوكي .. بس مثل ما كسرتيني يا بنت الناس بكسرج ..



صرخت بخنق : بس .. بس حرام عليك ..



اسنانه تصطك : انا اللي حرام علي والا انتي .. مب حرام عليج اطيحيني من عيون اخوج .. مب حرام عليج تتبلين علي ..



-
ما تبليت .. انت انت اغتصبتني ..



صرخ حتى كادت جدران مكتبه ان تتشقق : جب .. ما اريد اسمع كلمة منج .. ما اريد اسمعج ولا اشوفج .. الله ياخذج ..




,,

" بتاخذها " نطقتها تلك العجوز بعد حديث طويل جمعها مع شبيب .. والده قبلا كان يثق فيها اكثر من زوجته واكثر من والدته .. كان يودع لديها اسراره .. وها هو الابن يخطو على خطوات والده .. ليحكي لها كل شيء .. وهي بحنكتها استطاعت ان تجعله ينطق . يزيح ذاك الجبل الرابض على صدره ..


صمت مليا .. لتعيد سؤالها : بتاخذها ؟


شد انفاسه ليبعثرهن بتعب : مادري .. المصيبة اني خاطب مها .. وموافقة .. خالد الله يرحمه حملني حمل ما تحمله يبال .. وجابر كل يوم يسألني متى اخبرهم .. ما يدري ان اللي بقوله صعب على عمي وعلى حرمة عمي .. مب عارف شو اسوي ..



يدها المجعدة تربت على يده القابعة على فخذه : استخير ربك .. ومها ما بتضيمها .. بتعيشها وياك معززة مكرمة وما بينقصها شيء .. والامانة نفذها وانا امك .. هذي امانة .. وخالد ما امنك عليها الا لانه يعرفك زين ..



" وامي " .. بعثر سؤاله على مسامعها لتصمت .. امه قد تمانع .. وقد تغضب عليه .. عادت تربت على يده : ما عليك من شمسة .. بنتي واعرفها بتزعل كم يوم وبترضى .. انت سو اللي قالك عليه خالد .. وريح ضميرك ..


,,

اسطورة ! 27-01-13 03:30 AM

رد: زفرات اغتصاب ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 


,,







ايرتاح الضمير لكلمات تُقال ؟ او افعال نقنع انفسنا بها اننا فعلنا ما باستطاعتنا ؟ .. ضميرها يؤنبها وجدا .. هي تكلمت يوما فقابلوها بكلمات كثيرة اجبرتها على الصمت .. والصمت يقتلها الآن .. يؤرق منامها .. يدعو كوابيسها لوليمة عظيمة كل مساء .. لتسهر بعدها حتى الفجر .. قد تكون واهمة فيما تعلم ؟ ولكنها رأت بعينها .. أتكذب ما رأته لتريح ضميرها فقط .. تنهدت وهي تجلس في صالة منزلها وحيدة .. سوى من حديث شخوص على شاشة التلفاز لا تعي ما تقوله .. ففكرها ارتحل بعيدا .. المنزل هادئ جدا .. تنهدت من جديد وهي تسحب صينية التقديم ناحيتها .. لتسكب لها فنجان قهوة وترتشف منه .. لتلتف على صوت زوجة ابنها تلقي عليها السلام : وعليكم السلام – وضعت الفنجان من يدها – وينج من الصبح .. وخبرتي سالم انج بطلعين والا طلعتي من وراه ..




تأففت .. وبنبرة خافتة : الله ما طولج يا روح ..




لتبتسم وتردف : قلتله اني بطلع وييا اختي ..




- وعيالج وينهم ؟




- اختي خذتهم عندها .. عن اذنج عمتي ..




ادبرت وهي تحمل كيسين بيدها .. لتتوارى خلف باب قسمها .. توجهت للمطبخ الصغير لتضع فيه كيس الغداء .. وبعدها خطت نحو غرفتها .. لترمي عباءتها .. وتضع كيس اخر على السرير .. تخرج ما فيه .. ثوب بلون الدم بسيط ذو قصة عريضة على الصدر .. رفعته امامها .. وابتسمت بخجل .. ستثيره اليوم بالتغيير الذي قامت به .. فاختها اخبرتها بان تغير من نفسها .. وقفت امام المرآة بعد دقائق وهي ترتدي الفستان الجديد .. جسدها ممتليء ولكنه يبدو رائع عليها .. وشعرها ذو الخصلات المصبوغة يزيد من جمال وجهها المكتنز .. سمعت صوت سيارته .. لقد عاد من عمله .. ستجهز الغداء وستتناوله معه بمفردهما دون ازعاج اطفالها .. شدت على شفتيها حين فتح الباب وولج .. جسده العريض يخطو لداخل لترتفع يده لـ" شماغه وعقاله " يرميهما على السرير .. وينظر لها : وين العيال ما اسمع لهم حس ..




مشت بدلع لتعانق كفيها ازرار ثوبه .. ويقع نظره على طلاء اظافرها .. ويرفع حاجبه مستغربا : سالتج وين العيال ؟




- عند اختي .. خلنا اليوم نبقى وييا بعض – تشير اليه بسبابتها وتعيدها اليها – انت وانا وبس ..




امسك مرفقيها : تتصلين فيها وتخلينها تيبهم الحين .. اذا هم مب فالبيت فماله داعي وجودج – يبعثر شعرها – وهالخرابيط اللي مسويتنهن شليهن .. ترا الوضوء ما ينقبل والصبغ ع ظفورج ..




ادبر وهو يردف : بدخل اتسبح .. اطلع احصل عيالي فالبيت فاهمة .. عيالي ما ييلسون فبيوت الغرب ..




اهتاجت غضبا : بيت اهلي صار بيت غرب يا سالم ..




لم يبالي بها واختفى خلف دورة المياه( اكرمكم الله ) .. لتشد شعرها بعنف : آآآآخ .. كله منج سويله وسويله .. هذا ما يبان فيه .. وما بتحلى فعينه الا كنه .. الله ياخذها وافتك منها .. حتى فاحلامه يردد اسمها ..




الماء الدافيء تقرع قطراته جسده دون هوادة .. لا يزال يعشقها .. يفرح حين تتحدث والدته عنها بخير .. سكنت قلبه وهي لا تزال صغيرة تبلغ الخامسة عشر من عمرها .. يراها تعود من مدرستها فيرفر قلبه لها .. واخذوها منه .. ابعدها والدها عنه .. فاعدموه يومها .. وتزوج بعد زواجها بسنة .. واكرم بفتاة ليدعوها بـ كنة .. احتجت يومها والدته وزوجته كثيرا .. ولكنه اسماها باسمها .. حتى اذا ما نادها تذكر تلك ..




خرج ولم يجدها في الغرفة .. يسمع صوتها في صالتهما الصغيرة .. تتحدث مع شقيقتها وتشكي لها .. مر من جانبها فصمتت .. لتردف وهي تنظر اليه : اترياج .. لا تتاخرين ابوهم ما يعيش يوم بدونهم ..




تحرك ليجلس ويمسك جهاز التلفاز .. يتجول بين قنواته .. هناك كلمات تريد ان تلقيها عليه .. حذرتها اختها مرارا ان تفعل .. فان عاتبته سينبذها اكثر .. ازدرت ريقها .. وتنحنحت : احطلك غدا ؟




- لا ..




نطقها دون ان يبعد نظره عن التلفاز .. لتنطق من جديد : انزين ليش ما عيبك اللي سويته ؟




التفت لها بهدوء .. وتطلع فيها لثواني .. ثم اعاد نظره للتلفاز : يا شين السرج ع البقر ..




كتمت غيضها .. حتى غرورقت عينيها بالدمع .. فوقفت لتبتعد عنه .. ليسند هو رأسه على ظهر " الكنبة " ويتمتم : محد قالج توافقين علي وانتي عارفه ان القلب لغيرج .. لو سويتي ما سويتي ما بتوصلين ظفر من ظفورها ..





,,



تعانق فرشاة الطلاء اظافرها بعناية فائقة .. يدها اليسرى على النمرقة الصغيرة النائمة في حجرها .. وبهدوء تحرك تلك الفرشاة الصغيرة الملطخة بالاحمر على ظفر الوسطى .. لترفع نظرها لوالدتها التي وقفت تنزع عباءتها وترميها على " الاريكة " وتجلس بتعب : ما لقيت حد ؟




دون ان تترك ما بيدها : انتي وين كنتي ؟




نزلت على الارض لتتربع في جلستها .. وتتناول لها عنقود عنب اخضر من سلة الفاكهة .. لتقضم حبة من حباته الناضجة : رحت اشوف ليلى حرمة جابر .. يمكن يلين راسها وتعرف ان الريال ماله ذنب يعيش بدون عيال ..




رفعت يدها تنفخ على اظافرها : وانتي شو لج فيهم .. كل يوم رايحتلهم ..




- يالخبلة ادور مصلحتج ..




فتحت عينيها على وسعهما : مصلحتي ؟ وانا شو دخلني فيهم ..




" اريدج لجابر" .. ما ان نطقتها حتى هاجمها سعال حاد .. لتجري نحو ثلاجة الماء ترتشف ما يخمد السعال .. وعادت لتقف بجانب والدتها الجالسة : ومنو قالج اني اريد هالمعقد ..




رفعت نظرها لها وعادت تاخذ برتقالة وتلتقط السكين لتبدأ تقشيرها : لا تكلميني ويديج ع خصرج .. وبعدين وين بتلقين احسن عن جابر ..




جلست بجانبها : ما اريده .. منو قالج تروحين تعرضيني عليه .. هذا اللي ناقص بعد تقوليله تعال خذ بنتي ..




- خليتج تختارين قبل .. شوفي اختيارج وين وصلج .. يالسه فويهي لحد يباج ولحد فكر يخطبج من سواياج ..




اشاحت بوجهها وبغضب قالت : ما سويت شيء .. كله من امه ..




- وتروحين تقصقصين ملابسها ..في وحده عاقل تسوي سواتج .. ما اقول الا مالت عليج ..




برجاء قالت : اماااااايه فديتج ما اريده .. شكله يخوف .. وبعدين حد يمشي وراسه بالارض ..




وهي تقضم من البرتقالة التي في يدها : عيل تبين واحد ما يخلي حرمة ما يطالع فيها .. اقول سكتي وخليني اتصرف ..




نظرت لوالدتها التي بدأت تبتعد بفكرها عن المكان .. لتتنهد وتتمتم : ما ناقص غير اخذ هالمريض النفسي ..




قامت واقفة لتترك والدتها مع افكارها .. فكيف لوالدتها ان تسترخصها بهذا الشكل .. وتفكر بعرضها على ذاك الجابر .. انتفضت بغيض .. وزفرت بقوة : شو بلاها اميي .. شكلها خرفت ..




وغرقت في ضحكة قصيرة .. اما تلك فخرجت تحمل عباءتها من جديد .. ترتديها وهي تمشي .. وما ان وصلت عتبة باب منزلها حتى رأتهما ينزلان من السيارة .. يده في يدها .. اغتاضت وتمتمت : هين ان ما زوجتك بنتي يا جابر ما اكون ام نوال ..




رمى بنفسه متكأ على النمرقة : والله سوالف عمي ما تنمل .. بس حسيت انه تعبان ويفكر واايد ..




خلعت عباءتها وجلست بجواره : ابويه صاير يفكر بمطر .. واايد يغيب عن البيت .. ويوم يسأله يقوله اذاكر وييا الربع ..




تغير من جلستها لتقابل جانبه ويدها تعانق كفه .. ليلتفت لها : جابر .. انت ما تفكر بالعيال ؟




لماذا تفتح موضوع قد يفتح مواضيع اخرى ؟ .. اتعبت من السكون في حياتهما .. ام ان هناك من عبث برأسها ؟ ..



تجهم وجهه : حد قالج شيء ؟ .. ام نوال رمستج فشيء ؟




ام نوال .. تلك المرأة التي تبغضها هي وجدا .. اذا فهي تحدثه عن الموضوع ايضا .. هاهو يعترف جراء خوفه .. هزت رأسها : لا .. بس امي اليوم سألتني عن هالموضوع ..




احتضن وجهها بكفيه : ليلى حبيبتي .. انا ما افكر بالعيال الحين .. شغلي ما يخليني افكر بهالمواضيع .. اتمنى تنسين هالموضوع ولا تعيدينه ..




" بس هم ما بينسون " .. قالتها لتقف وتتركه .. هم يتدخلون في حياتهما دون وجه حق .. هم حقا لن يصمتوا .. تنهد .. وقام يتبعها .. هاله منظرها وهي جالسة على سريرها تبكي .. دنى منها ليجلس بجانبها .. يحتظن كتفيها بذراعه : يا حبيبتي ليش تصيحين الحين ..




- نفسي بيهال .. والله اني اريد اصير ام .. اريد اشوف عيالي منك ..




بكت ليدفن رأسها بجانب صدره .. وتتشبث هي به : الله كريم فديتج .. كله من رب العباد .. وان شاء الله بتصيرين احلى ام ..




ضحكت على حديثه .. لترفع رأسها وتمسح دموعها : وساعتها عاد لا تقولي خليتيني عشان عيالج ..




قهقه .. ليشد على وجنتيها : يا حلاتج وانتي تضحكين – يمسك بكفيها



– ياللا مب ناويه تعشينا ..





,,



" ليش رمستيها فهالموضوع يا حفصة " قالها وهو يقف غاضبا من زوجته .. ليردف : خليهم مرتاحين ولا تفتحين عليهم بيبان ما بتسكر الا باشياء بتكسر بنتج قبل جابر ..




وقفت : الله يهداك يا حمد .. اذا انا ما تكلمت ونبهتها الناس بتتكلم .. خلها تقنعه يسون تحاليل يطمنون ع الاقل ..




- لا حول ولا قوة الا بالله – عاد ليجلس – بس انتي ما يبتيلها طاري تحاليل ما تحاليل .. يا بنت الحلال خليهم عايشين بدون ما توسوسين فراس البنت .. الريال شاريها ولا بيبيعها فسكتي عنهم ..




- خير تفعل شر تلقى ..




قالت جملتها على دخول مطر للمنزل : وانت من وين ياي هالساعة ..




تلعثم حين باغتته والدته بذاك السؤال .. ليشد الخطى ينحني يقبل رأس والده ومن ثم رأس والدته : عند ربيعي نذاكر ..




- ووين كتبك ان شاء الله .. والا تذاكر من الهوا ..




ابتلع ريقه وهو ينظر لوالده الصامت : ذاكرت فكتبه .. ذاكرنا ويا بعض .. تصبحون ع خير ..




ادبر واذا به يقف على صوت والده : مطر ..




التفت : خير يا ابويه .. آمرني ..




- ترا شبيب عتبان عليك .. من يوم ما طلع وانت لا زرته ولا سلمت عليه .. مب حلوة فحقك وهذا ولد عمك .. لحمك ودمك ..




استعر بركان الغضب في داخله .. لينطق بخلاف ما يعتمر في صدره : ان شاء الله بزوره قريب .. بس والله مشغول بالامتحانات .. وهو لازم يقدر ..




" بس ماشي امتحانات الحين " قالها مبارك وهو يقف على مقربة من مطر .. الذي رمقه بنظرات جعلته يبتعد عن طريقه ويقف بجانب والدته .. ليجيب مطر : انت شعرفك بامتحاناتنا .. مدرستك غير ومدرستي غير ..




وقف حمد ليقترب من ابنه : مطر يابوك خلي بالك ع دراستك .. ترا ما بتنفعك الا الشهادة .. ولا تخيب ظني وظن المرحوم فيك ..




شيء ما ارتجف في داخله .. هو بات غير مهتما بتلك الكتب كما قبل .. اضحى يبحث عن موعد للانتقام .. موعد مع شيطان الذات .. نسى احلامه خلف حلم واحد اسماه القصاص لموت شقيقه .. برعشة قال : ان شاء الله .. ان شاء الله ..




وابتعد .. يطوي تلك المسافة القصيرة بين الصالة وغرفته .. اغلق الباب .. بل انه اقفله مرتان .. لينزع " الجاكيت " الجلدي عن ظهره .. ويقف لدقائق .. وحديث نفسه يطلب السماح من ذاك الذي رحل وابتعد .. فهو وعده بان يكون ناجحا .. ان يحذو حذو اخيه الضابط .. الذي يضرب به المثل دوما في المجالس .. ولكنه سيتخلى عن ذاك الوعد لاجل وعدا جديد قطعه على نفسه .. وعد يرى بان راحته ستكون بتنفيذه ..





,,

يــتــبــع |~

اسطورة ! 27-01-13 03:34 AM

رد: زفرات اغتصاب ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 


لم تكن مرتاحة لذاك الخبر الذي وصلها من والدتها منذ دقائق .. أيقولون بان حارب حدد موعد الزواج بعد شهر ؟ وحارب شخص يضع ظروف الاخرين دوما نصب عينيه .. فاين احترامه لعمها وابن عمها المتوفي .. اوهمت والدتها بانها اقتنعت بذاك العذر الذي قيل عن سفره .. ولكن حال اختها يحكي اسباب اخرى .. لا يزال الهاتف يقبع بين كفيها .. وتلك الافكار تعبث بها .. واذا بها تهم لتتصل بشامة .. هي ستستطيع ان توضح لها امورا تجهلها .. ردت على الاتصال بصوت مبحوح .. لتسارع كنّة بالسؤال : فيج شيء ؟




رفعت جذعها لتستند على ظهر سريرها : لا .. بس مزجمة .. يمكن لاني طلعت من يومين وييا شبيب بدون ما انشف شعري ..




اطلقت انفاسها لتسألها من جديد : شامة .. انتي عايبنج يكون عرسج عقب شهر ؟




-
عاادي .. ما يهم .. فالنهاية بنعرس .. يعني ما تفرق ..




-
ما تفرق ؟ .. شامة شهر ما يكفي عشان نجهزج .. وبعدين ان شاء الله تبين تطلعين من بيت اهلج بدون عرس وزفه ؟




-
ما يهمني ..




اجوبتها تلك تؤكد لها بان هناك اسباب تجهلها هي .. لتغلق الهاتف في وجه اختها بغضب بعد ان قالت : انتوا شي وراكم .. والا مب انتي ولا امي ترضون بهالشيء وولد عمي ما صارله شهر من توفى ..




اهتزت رجلها بغضب .. وانفاسها تحترق امامها .. وتمتمت بغيض : اكيد شيء مستوي .. اكيد ..




جفلت حين طوق كتفيها بذراعه .. جلس بجانبها : بسم الله عليج .. شو بلاج نقزتي ..




يمسك ذقنها ليرى وجهها المشرأب بالغضب : شو بلاج معتفسة جذي .. منو كنتي ترمسين ؟




تركت الهاتف من يدها وامسكت كفيه : فارس طلبتك .. لا تردني ..




حرك كفيه من كفيها ليمسكهما هو ويقربهما من فيه يقبلهما تباعا : لو تطلبين عيوني ترخصلج ..




-
فديت عيونك .. اريدك تكلم حارب .. تشوف شو سالفة العرس اللي عقب شهر .




انعقد حاجباه : شو هالطلب فديتج .. انتي تعرفين اني ما احب اتدخل فامور غيري .. وباي حق اروح استفسر عن هالشيء ..




شدت على كفيه وتحركت نحوه قليلا : الله يخليك يا فارس .. روح شوف شو اسبابه .. ايلس وياه هو قريب منك واكييد ما بيخفي عليك شيء .. انا مب مرتاحة من هالعرس اللي ييا فجأة .. الله يخليك ..




استسلم لرجاءها .. ليسحب هاتفه من جيبه يتصل بـ حارب .. يحدد معه موعد زيارة .. ابتسمت وقبلته وجدا .. تضعفه هي كثيرا .. قام واقفا : بروحله البيت .. يقول ع الساعة ست بيطلع للشغل ..




هزت رأسها : الله يحفظك ..




هدوء يحطم المكان والاعصاب .. جالس معه في منزله الذي شهد الكثير .. ارتسمت على وجهه ابتسامة وهو ينظر لفارس .. ليعود ينظر الى كفيه المتعانقين بين ركبتيه : تسألني شو السالفة ورى تحديد العرس .. تراكم من يومين كنتوا تلحون علي اعرس ..




يده تمتد لتقع على كفي حارب : كنت منهم ؟ سمعتني ارمس عن الموضوع ؟ حارب انا اعرفك واعرف انك من البداية ما تريد هالعرس .. كل شيء صار فلحظة .. مب انت قلتلي هالشيء .. مب انت اللي ييتني من عقب ما خطبت شامة تقولي ان قلبك فيه بنت غيرها ؟ وسالتك منو هالبنت ما رديت علي .. قلتلي راحت خلاص .. ولا سألتك عنها .. قلتلي يومها بحاول ادخل شامة قلبي عشان شبيب .. بس محتاي وقت .. واشوف هالوقت خلص بسرعة ما توقعتها ..




سحب كفيه ليقف .. وذاك ينظر اليه : شبيب ظلمني يا فارس .. ظلمني .. ومب قادر اقوله اكثر من اللي قلته ..




التفت له واردف : انا غلطت ومب ناكر هالشيء .. بس ما يعاقبني بهالعقاب اللي بيدمرني ..




جلس من جديد وساقه قد طويت اسفله .. ليقابل فارس وجها لوجه : ما صرت قادر اركز فشغلي .. البارحة كنت بقتل انسان لاني مب مركز .. مب قادر اسيطر ع هالافكار اللي اتيني – يده تربت على صدره – حاس بخنقه وغصة مب راضيه تخليني ..




-
وشو اللي يجبرك تعرس بهالسرعة .. انت مسوي شيء للبنت ..




هنا انتفض صارخا : والله ما سويت شيء .. شو فيكم كل واحد يتهمني بشيء .. ربي يشهد علي اني ما لمستها .. بحلفلكم ع المصحف اذا تبون ..




تجهم وجه فارس .. واشرأب بالغضب المكتوم : يعني السالفة وراها هالشيء ؟ .. حارب ليكون رجعت ..




امسك رأسه بكفيه : ما رجعت .. ما رجعت .. ما اذكر .. ما ادري ..




امسكه من كتفيه : حارب شو بلاك بديت تخربط ..




هز رأسه بأسى : فارس وربي مب عارف شيء .. البنت تحلف اني ...



صمت ليردف بعدها : تقول اغتصبتها .. وانا ما اعرف .. اتذكر كل شيء الا اللي تقوله .. مب قادر اتذكر مب قادر ..




تحوقل واستطرد : ما ينلام شبيب على اللي سواه عيل .. لا تلوم حد الا نفسك يا حارب ..

,,




الملامة دواء مر .. يحيل اللسان لغدد متذوقة للمرارة لا غير .. فذاك يلوم نفسه كثيرا .. لقد مشى مع خالد ذاك الطريق .. وكان شاهد على ذاك الزواج الغير متكافئ .. والآن في عنقه امانة عليه ان يقوم بها .. وكم هي ثقيلة .. ما ان تغيب الشمس ويضع رأسه على وسادته حتى قال في قرارة نفسه بأنه سيخبر عمه بكل شيء .. وما ان تبزغ حتى تردد واحال القول ليوم اخر .. اليوم قرر الاجتماع بشقيق تلك الارملة .. وبصحبته ابن عمه وكاتم اسراره جابر .. يجلسان بقرب بعضهما وذاك يجلس قبالتهما وفي يده مسبحة ذات حبات سوداء .. يحركها ويتحدث .. فهي كمنظر لا غير : انزين البنت بعدها فالعدة .. وما اقدر اخبرها بهالشيء .. يعني صبروا علينا ..




نظر اليه وبهدوء قال : وليش نصبر .. خلها تعرف من الحين .. وتفكر زين ومن تطلع تكون قررت يا توافق يا توافق ..




انتفض واقفا : انت ياي تاخذ الشيء بالقوة ..




ليقف جابر : اهدى .. شبيب ما قال شيء غلط .. وصية وبينفذها .. وهي لازم بعد تنفذها ..




عاد ليجلس ولا تزال اصابعه تحرك تلك الحبات تباعا : بس ريلها ما له حق يوصي بهالوصية ..




ابتسم وهو يقف : له حق او ماله حق .. هو وصاني وعندي شهود ع هالشيء ومنهم جابر .. كلمها وردلنا خبر .. عندها من الحين الين تطلع من العدة .. وصدقني هالشيء فمصلحتها ..




خرجا .. ليحث هو الخطى الى شقيقته .. يفتح الباب عليها بعنف .. لتفزع وتصدق وتضع كتاب الله من يدها : بسم الله الرحمن الرحيم .. شو بلاك داخل علي بهالشكل ..




-
ما بتيني من وراج الا المصايب .. عيال عم ريلج ياين هني .. ويوقولون ان خالد موصينهم ..




تجهم وجهها وهي تستمع لحديث اخيها .. اية وصية هذه تحرمها من حقوقها .. لا تستطيع الرفض .. الموافقة فقط .. نطقت بغضب : شو هالرمسة المخبقة اللي ياي تقولها .. مب موافقة واعلى ما فخيلهم يركبونه ..




اقترب منها يشدها من ذراعها حتى تألمت : لا ادخليني فمشاكل وياهم .. هذيلا شرطة مب حي الله حد .. وفكري زين .. والا والله ما سألت فيج وعطيتهم اللي يبونه ..




دفعها وخرج .. تنفست بعنف : حسبي الله ونعم الوكيل .. حسبي الله ونعم الوكيل ..








,,

اتمنى ان تكون اعجبتكم ^^

اسطورة ! 28-01-13 06:21 AM

رد: زفرات اغتصاب ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 

نرتمي على قارعة الطريق مرارا .. حين ينسل اليأس الى ارواحنا .. فنعيش سواد حياة .. نتوه .. ونضيع .. ويحملنا الحلم للبعيد .. الى حياة كانت .. الى تاريخ ماضٍ .. ويبقى رصيف العمر يخط حكاياتنا بصمت .. هدوء يسدل ستاره على حياته .. ويحيل جسده الى سكون مرغم .. ابتعد عن عمله خوفا على ارواح الغير .. اجازة مفتوحة .. فله رصيد اجازات لم يمس بعد .. وهرب الى سواد منزله الكئيب من بعدهم .. امه والده واخيه وثلاث من اخواته .. ايلوم نفسه انه لم يكن معهم في رحلة الموت تلك .. صلالة الموت هكذا ينعتها .. فعلى طريقها فارقت اسرته الحياة في يوم خريفي .. وهو قبع هنا .. فكان وقت اختبارات نهائية له .. وجاءه خبر الوفاة مع اقدام الانصراف من اخر اختبار دراسي في مدرسة ثانوية .. وانتهى الى حياة الوحدة القاتلة الا منه هو .. صديقه الذي لم يتركه .. يذكر وقوفه معه .. حثه على اتمام دراسته .. وتذكيره بحلم والديه بان يكون طبيبا ..


رحلت تلك الايام الا من تلك العلبة القابعة في يده في هذه الساعة من الفجر .. (
Tramal ) اي شيطان هذا .. يعتصره في كفه .. علبته البيضاء المصبوغة بزاوية اخضرار .. تثير العين .. وتهلك اعصاب الروح رويدا رويدا .. انتشلها من احد الادراج .. لا يعلم كم مضى من الوقت وهي مسجونة هناك .. يكفي انها نادته في هذه الساعة لتبعث في نفسه نشوة عانقته ايام من بعد الفراق ..


يجلس على الارض الباردة .. وبنطال قصير لا يستر ساقيه المكتسيان بالشعر .. ظهره للجدار .. وذراعه اليمنى على ركبته و قابضة على تلك العلبة .. واليسرى استراحت بجانبه .. وشعره الاسود يتطوح امام جبينه الموجه للارض .. وابتسامة صفراوية ترتسم على وجهه .. هو ضعيف عند الفراق .. وطوق النجاة تسرب منه الهواء منذ ايام .. ليغرق ويغرق حد الانصياع لحبات هلوسة كانت ..


يدها على رأسه فيبتسم يرفع نظره اليها .. ويبتسم لها ويحكي : امايه صرت دختور .. بس شبيب خلاني .. امايه وين ابويه ليش ما يبتيه وياج .. تدرين بعرس عقب اسبوع ..


هز رأسه بعنف : لا لا لا .. مب اسبوع .. يمكن شهر .. يمكن سنة .. ومرت سنة ...


وتمتم بكلمات تلك الاغنية .. وضحك .. فاختفت .. ليتلفت في المكان : امايه لا تخليني .. كلهم خلوني .. كرهوني .. كرهوني .. كرهوني ..


وسقطت العلبة من يده .. وسقطت دمعة من عينيه .. ونام جسده على الارض كطفل صغير يبحث عن حضن قديم ..



لا يعلم لما راوده ذاك الاحساس حتى اجبره على زيارة منزله في هذه الساعة المبكرة من الصباح .. صلى الفجر في المسجد القريب من منزله وبعدها قرأ آيات من القرآن حتى نشرت الشمس اشعتها الباردة على البسيطة .. وبعدها حمل نفسه مبتعدا .. توقفت سيارته في ساحة المنزل الكبيرة .. ومشى نحو الباب .. واذا بهاتفه يهتز في جيبه .. نسيه على الصامت .. ليبتسم وهو يضعه على اذنه : هلا بغلاتي ..


جلست بتعب على الكرسي في المطبخ .. فالبارحة عادت والدة بعلها وابنتيها وشقيقه من السفر .. وهي لا بد ان تقوم بواجبهم هذا الصباح .. تنفست بتعب ليشعر بها : حبيبي تاخرت .. كل هذا بالمسيد .


تجهم وجهه ليتحرك مبتعدا قليلا عن الباب .. يواجه الهواء بظهره : حبيبتي شكلج تعبانه ..


ابتسمت : فالمطبخ اسوي ريوق ..


انفجر بها صارخا : كم مرة نبهتج لا تعبين نفسج .. انتي شكلج ناوية ع عمرج ..


يصرخ بها .. ليس من عادته هذا الشيء .. صمتت وشدت انفاسها : ما سويت شيء والشغالة تساعدني .. والتعب تعب حمل بس ..


يعلم بانه قسى عليها بتلك الجملة التي اطلقها : خايف عليج فديتج .. وامي وخواتي بيقدرن وضعج .. لا تعبين عمرج وبعدين نتعب احنا ..


حياتهما على كف الاقدار .. وايامهما دعاء يتبعه دعاء .. فقط لينعما باسرة صغيرة سعيدة .. والخوف من تكرار الوجع الذي لازمهما طيلة سنوات زواجهما الاربع .. اغلق الهاتف ليرن الجرس مرارا .. يعلم بتلك الاجازة التي اخذها ذاك الحارب .. لا مجيب سوى صدى الصوت في المنزل الكبير .. ليتذكر حديثا قديما جمع الاصحاب هنا .. وصوته : ترا في نسخه من المفتاح تحت الحصاه اللي هناك .. اخاف بعد اموت ولحد يدريبي ..


التفت حيث اشار ذاك قديما .. ولا تزال ضحكته الساخرة من قدر الوحدة الذي حكم عليه يتردد في اذن فارس .. مشى حتى وصلها .. حجارة جبلية تزين المدخل .. وقف يتأملها وكأن به لا يود اقتحام المنزل بهذا الشكل .. او لعله لا يتمنى ان تكون شكوكه صائبة .. انحنى ليبعدها قليلا ويلوح له المفتاح المتسخ بشيء من التراب .. استغفر ربه وهو يبتعد متوجها نحو الباب .. ليديره بحذر .. او لعله الخوف من المجهول .. ليلج بعدها في جُب السكون .. فقط صوته اخذ يتردد منادي صاحبه .. مرة واثنتين وثلاث .. وهو يصعد الدرجات القليلة .. ثم الرواق بإنارته الخافتة .. واخيرا يقف بمواجهة باب غرفته .. ليقرعه بتوئدة .. لا صوت .. سوى صوت انفاسه المضطربة .. ليلج ويهوله منظر ذاك النائم على البلاط الصلد .. وعلبة دواء يعرفها جيدا تنام بجانبه .. يسقط امامه على ركبتيه .. ينتشله من هناك .. ويردد : حارب .. حارب شو سويت بعمرك ..


يثبته على صدره ليسحب العلبة .. يقلبها يبحث عن تاريخها . سنوات كثيرة مضت .. يذكره .. هي هي نفسها التي كانت تدمره عند المراهقة .. ليصرخ وهو يرميها : غبي .. تريد تموت عمرك .. لحبوب منتهي ..


ليتمتم ذاك بصمت : كلهم خلوني ..


يرفعه من تحت ابطيه .. يشده للاعلى .. ويجره معه حتى تحتك اصابع قدمه بذاك الصلد .. ليوقفه هناك .. وسبابته تتسلط الى فيه .. سيرغمه على القيء وهو يصرخ به : زووع ( تقيء)


ليكح بعنف ويفرغ ما في احشاءه في ذاك المرحاض(اكرمكم الله ) .. ويتنفس بعدها بتعب .. وذاك يجلس على ركبتيه بجانبه يسنده .. ويرفعه من جديد يوقفه على حوض " المغسلة " ويرمي بالماء على وجهه .. غرفة تتبعها الاخرى .. حتى تبلل قميصه وثوب فارس الاسود ..


ارتجف لبرودة الماء ليتمتم : ليش ؟ ..


-
خل الاسئلة الحين ..


ويعود يسنده حتى يجلسه على سريره .. ينزع عنه قميصه المبتل ليبان جسده النحيل .. ويتركه ليعود وهو يحمل قميص قطني يلبسه اياه ويساعده هو قليلا : خبل انت .. تريد تقتل عمرك ..


رفع رأسه لينظر لفارس الغاضب : مالي ويه اشوفهم .. شوهت سمعتي بنت الـ..


قطع كلامه بقبضة يده التي رفعته من قميصه لاعلى .. حتى اضحى وجهه بوجهه .. وانفاسه الثائرة تضرب بشرته : حذاري تغلط يا حارب ..


لم يشعر الا برأسه يندفن في كتفه : مالي حد غير شبيب واهله .. خالتي ام شبيب اكيد عرفت .. طحت من عينهم .. طحت يا فارس .. طحت ..


سحب انفاسه بقوة .. لا يعلم ما عساه يفعل .. لعل هذا الذي اكله الضعف حد التهلكة قد ظُلم حقا .. ولعله لا .. ولعل ذاك لن يصفح عنه ابدا .. اجلسه على السرير .. ليدس يده في جيبه : بتصل بشبيب ..


لم ينتبه الا بيد ذاك تخطف الهاتف وترميه بعيدا .. صارخا : لاااا .. لا تخبره ..


ليستلقي بعدها على السرير .. يطوي ركبتيه الى صدره .. ويغطي شعره وجهه .. لعل ذاك الشعر ايقن بان عينيه ستبكي .. وهو سيخفي هذه الدموع .. نظر اليه مطولا .. وبعدها انسحب الى حيث وقع هاتفه .. ينحني ليرفعه وينظر اليه .. واذا بشرخ استوطن شاشته .. وخدش على جانبه .. ليهتز في يده ..



,,

تجلس بجانب ام زوجها وعلى وجهها ابتسامة .. وبيدها هاتفها بعد الحاح تلك عليها بالاتصال بـ فارس .. المكان يضج بصوت التلفاز الذي تقبع امامه الابنة الكبرى لام فارس .. انهت الثانوية وفضلت المكوث في المنزل .. هذا ما تردده والدتها على مسامع النساء .. دون ان تخبرهن بان تلك لم تحصل على نسبة تؤهلها لاكمال التعليم .. التفتت لكنة : ها .. وينه من الصبح ؟ ليكون مزعلتنه ومخلي البيت بسبتج ..


ابتسمت على مضض : لا يا خالتي .. اموت ولا ازعله .. بس مشغول شوي .. بيي ع الغدا ان شاء الله ..


نحنحة عند الباب لتعدل هي من " شيلتها " .. وتنطق تلك : حياك يا وليدي .. محد غريب الا حرمة اخوك واختك ..


ولج بجسده الضخم .. وثوب ابيض قد قصّره بمسافة شبر عن مفصل القدم .. ولحيته الطويلة التي تصل الى صدره .. ليلقي السلام .. ويردنه .. وتنطق تلك : الحمد لله ع السلامة ..


-
الله يسلمج .. فارس وينه .. طلع قبلي من المسيد وسيارته مب مويوده ..


-
عنده شغل ..


قالتها وقامت تستند على يدها : بروح اسوي الغدا ..

لتفاجأ بأم فارس تمسك يدها : يلسي ..


وبعدها تصرخ على ابنتها : نوره .. قومي سوي الغدا ..

لتصرخ تلك بسخط : شو .. ومن متى انا اسوي الغدا .. وكنه ليش ما تسويه .. تعبانه ولا في حيل ..


لتقف بهلع بعد صرخة من اخيها : تراددين امج ياللي ما تستحين .. بتقومين والا شو ..


-
ان شاء الله .. بقوم ..


وابتعدت عن المكان تثرثر بحديث غاضب .. فهي تخاف شقيقها المتدين .. بل انها تمقته احيانا كثيرة .. ظل واقفا ليخاطب والدته : لا تهلكونها بالشغل مثل كل مرة وبعدين ترمون عليها الذنب .. الرحمة زينه يا ام فارس ..


انتفضت في مكانها : ما قلت شيء .. وانا يلستها عشان هالشيء .. زين الحمل ثبت للحين .. مناي اشوف ولد ولدي واشله بيديني ..


-
الله يقومج بالسلامة .


لتتمت ردا عليه : الله يسلمك ..


وتنظر اليه منصرفا من المكان .. تشعر بالخجل مما حدث .. معاملتهما مختلفة .. هل تلك السفرة التي استمرت شهرا ونيف غيرت فيهم شيء .. اما انها لحظات قد تتشرب منها لاحقا الما مرا .. ضلت صامتة في مكانها .. فذاك العُمر اغرقها في حياء من حديثه ذاك .. تنفست وهي ترى ام فارس تبتعد لتنزع سماعة الهاتف من مرقدها وتبدأ بالاتصال بجارتها .. لعله الشوق يشدها للحديث المطول معها .. وكلمات عن العلاج وفحوصات خضعت لها طويلا .. وتذمر من ان لا شيء ينفع .. التفتت للتلفاز وبها شيء من تأنيب الضمير .. لتقف وتترك المكان الى المطبخ .. وتسمع تلك تقلب ما في القدر وتثرثر بحنق : الله يعيني الحين ما عندهم الا نوره .. نوره شلي ...نوره حطي .. نوره طبخي ... نوره غسلي .. اووف ..


كتمت ضحكتها وتابعت مسيرها لتقف بجانبها .. وتصمت تلك .. ابتسمت : خلي عنج انا بكمله ..


وهي تحرك الملعقة الخشبية في القدر التفتت لكنه مبتسمة : لا فديتج .. روحي ارتاحي .. بعدين يسولي سالفه وانا ما اقدر ع كلامهم ..


استشفت من بين حروف تلك حقد تحاول ان تخفيه : ما عليج منهم .. بطبخ وبقولهم انتي اللي طبختي ..


لتتجمد على صوت عمتها المنادية باسمها .. وتقترب تلك منهما : روحي ارتاحي يا كنه .. ما فينا بعد تقتلين ولد ولدي مثل غيره .. يوم ايي بالسلامة ساعتها سوي اللي تبينه .. ولا بنقول لا ..


اذا فهي لا تهتم الا بالحفيد المنتظر .. لا تهمها تلك الحاملة له .. ابتسمت مرددة : تسلميلي .. عن اذنكم ..


لتحتضنها بعد دقائق غرفتها .. ووجع يذهب ويعود زائرا احشاءها .. تقلصات اتعبتها منذ الصباح .. لا تشعر بالراحة وقلقا من القادم يعبث في نفسها .. صوت ساعة الحائط تشرخ الهدوء .. لتلتفت لها تشير الى الثانية عشر والاربعين من الدقائق ..قامت متحاملة على نفسها لتتوضأ .. وما هي الا ربع ساعة حتى دخل ليجدها تطوي سجادتها وتبتسم له .. تحث الخطى اليه ليباغتها : ليش مب يالسه وييا اهلي .. والا عيبتج اليلسة بروحج ..


يتهكم بها .. مثل والدته واخته .. ما بالهم اليوم عليها .. او لعلها هي اصبحت ترى الامور بمنظار الحساسية : ليش تكلمني بهالشكل .. امك اشتكتلك .. قالتلك اني ما يلست وياهم .. وما خدمتهم .. رجعنا ع طير ياللي ..


انتزع " الحمدانية" عن رأسه ليرد عليها بغضب : شو هالرمسة اللي اسمعها ..


انذار الدموع لاح في مقلتيها لتنطق بحشرجة : مادري عنكم واقفيلي ع الوحدة اليوم .. حتى انت متغير من كم يوم .. اسألك شو فيك ولا ترد علي .. من يوم ما رحت لحارب وانت غير .. شو مستوي ..


شعر بضميره يؤنبه .. الا هي لا تستحق ان يقسى عليها .. ويرمي عليها بضغوط الحياة التي تواجهه .. اقترب منها يحتضنها .. فتبعده عنها : شو اللي مستوي يا فارس .. انا مب غبية ولا مدمغة عشان ما احس ان في شيء .. صوت امي .. تصرفات اخوي ومنذر .. حتى انت تغيرت .. وكله من ذاك اليوم اللي تحدد فيه عرس شامة ..


يده تمسك بيدها ويبتسم : تعالي ..


مشى معها ليجلسها على طرف السرير ويجلس بجانبها .. سيحكي لها عن معاناة حارب وعن قصة ذاك الموعد الذي حدده شبيب .. سيحكي لها سر نظرات منذر وصوت والدتها المتغير .. سيعلمها بان رباط الصداقة قد قطع بسبب تهور من اختها وحارب .. وان شبيب لم ولن يسامح .. سيضعها في معمعة الاحداث خوفا عليها من هواجس الفكر .. لتستمع له بانصات تام .. وتنطق بعد ان صمت : لحظة .. انت شو تقول ؟ .. وشو يأكد لكم انها حامل .. شو عرفها اصلا ..


كفيه تعانقان كفيها : تحلف انه اعتدى عليها .. وحارب حالته لا تسر عدو ولا صديق .. واخوج راسه والف سيف الا يتزوجون ويدارون هالفضيحة ..



" فضيحة شو " .. قالتها والدته وهي تقف على الباب .. ليعقد هو حاجبيه .. وتردف هي : السموحة الوقت الظهر واكيد مب راقدين .. يايه اقولكم الغدا زاهب ..


تعتصر كفها بغضب اتضح له .. ليقف ويحث الخطى خلف والدته : اميه مب حلوة انج ادشين علينا الحجرة بهالشكل .. حتى ولو الوقت مب وقت رقاد .. شيء اسمه باب ..


لتقف صارخة به : والله وطلعلك اللسان .. وتعلم امك السنع ..


استغفر ربه .. وقبل رأسها : السمووحه يالغالية .. بس ما يصير هالشيء ..


-
توبة اعيدها .. ارتحت .. روح استسمح من الشيخة عن تزعل علينا بعد ..


هذه هي الحياة التي ابتعدت عنها شهر وشيء من الايام .. وهاهي تعود من جديد .. واليوم هي اضعف عن ذي قبل .. لن تحتمل كما كانت .. وحملها يتعبها وجدا .. سمعت الحديث الذي كان بين فارس وبينها .. ساخرة منها .. الا يكفي انها هي ايضا تعاني في كل مرة تنتظر فيها مولودا لا تكتب له الحياة .. اوليست ذات احساس .. تنهدت وتبعت خطاهم ..

,,

يــتــبــع |~


اسطورة ! 28-01-13 06:22 AM

رد: زفرات اغتصاب ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 

اصواتهم تصل اليها واضحة .. تسمع صوت ابنتها الصغيرة ذات الست سنوات وصوت ابنة اخيها ذات التسع سنوات يتعاركان على شيء ما .. تنهدت .. وعدلت" شيلتها" الطويلة .. لتخرج وتتبع صوت زوجة اخيها الغاضب .. تصرخ بابنتها وتنعتها بمسميات بغيضة انعقد لاجلها حاجبيها .. وما ان ظهرتا لناظريها حتى رأتها تضرب ابنتها على كتفها بعنف وتسحبها لترميها بعيدا .. تقدمت بغضب ترفع ابنتها عن الارض : قص يقص هالايد ان شاء الله .. شو سوتلج البنت عشان تضربيها ..


يدها على خصرها : قص يقص ايدج .. مآوينج فبيتنا وبعد اطولين السانج علينا .. بنتج هذي قليلة ادب وما تربت ..



بكاء الصغيرة لم يردعها عن الوقوف في وجه زوجة اخيها : والله البيت بيت اخوي مب بيتج .. وبنتي متربية الدور ع بناتج ..



تشهق شهقات متتالية وهي تشير لابنة خالها : ماما خذت حلاوتي ..



لتمشي تلك تسحب ما في يد ذات التسع سنوات .. لتصرخ : اميه هذي حلاوتي .. بنتها كذابه ..



استغلت الامر لتنطق : خليها لهم .. متعودة هي وبناتها ع الفضلة ..



لم تنتبه الا بقطعة الحلوى تضرب وجهها .. لتصرخ : عمى ان شاء الله ..



تنتشل ابنتها وترفعها : يعميج ..



وتختفي من امام ناظري تلك وابنتها .. لتغلق الباب من بعدها بعنف .. تنزل ابنتها وتصرخ بها : كم مرة اقولج لا تروحيلهن .. روحي يلسي عند اختج ..



تقوست شفتها السفلى .. ونظرها عانق الارض .. لتبكي وتصرخ : ما احبج ما احبج .. اريد بابا ..



فجأة دفنتها في صدرها .. لا تعلم لماذا ثارت بهذا الشكل هذا اليوم .. لن تغفر لها زوجة اخيها ما حدث .. واخيها ينتظر اي شيء منها ليعاقبها كما كان يفعل .. ضمتها وتلك تنظر اليها وفي يدها لعبة محشوة .. احتضنتها وكأنها تقلد فعل امها .. تشعر بعدم الامان في هذا المنزل .. كما امها .. لتقف وتقترب منهما .. لتسحبها اليها وتدفنها في صدرها مع اختها : سامحني فديتكن .. خوفتكن .. خلاص لا تصيحين .. باكر بروح وياج وبنشتري الحلاوة اللي تحبينها ..



رفعت راسها : بنروح وييا بابا الالعاب ..



نطقت تلك : ابوج مات .. مثل ابوي .. كم مرة اقولج هالشيء ..



امسكت ذراع ابنتها : مريم لا تكلمين اختج بهالشكل .. بعدها صغيرة ما تفهم هالسوالف ..



طوحت تلك برأسها : ميوم (مريوم) تكذب .. هي ما تحب بابا لان ما عندها بابا ..



هل فعلت ذنبا ما .. لتعاقب بالموت مرتان .. وتدفن في سجن الارملات مرتان .. هل كتب على من يرتبط بها ان يفارق الحياة يوما .. وتبقى هي تتجرع الم الوحدة والم الفراق .. والم الضيم والذل عند اخ قاسي تقوده امرأته كيف تشاء ..

امسكت بكفيهما ومشت معهما .. لتستلقي على السرير بينهما .. الصغرى على يمينها .. والكبرى على يسارها .. جناحاها الباقيان لها من رجلين رأت معهما حياة اخرى .. ضمتهما اليهما وهي تستمع لثرثرة الصغيرة المنتظرة لوالدها .. تقول بانه سيعود .. فدائما يسافر ويعود .. وسياخذها ليلعب معها .. وسيحملها فوق رأسه .. ويدور بها حد الاعياء .. ويسقط بعدها وهي تجلس على بطنه .. يضحك وهي تضربه بقبضتيها الصغيرتين على صدره .. تريد منه المزيد .. تتبع حديثها الطفولي .. وصمت اختها الغريب .. عشر سنوات تعانق جسدها .. وعقلها بدا اكبر من ذلك بكثير .. تقسو على اختها مرارا .. ولكنها تبقى معها .. فهي لا ترى الا امها واختها لتتبعهما حيث ذهبتا ..

,,



تبعه بعد صلاة العصر .. ليقف على باب غرفته .. يراه يبدل ثوبه بثوب اخر .. ويلف " غترته " الحمراء على رأسه .. ينظر اليه بصمت .. وذاك صامت ينتظر منه حديث ما .. ليتقدم خطوة الى الداخل .. ليسمح للباب ان يرتد من خلفه : شبيب .


رفع نظره اليه عبر المرآة الصامدة امامه .. دون ان ينطق .. ليتقدم ذاك ويقف خلفه بخطوات قليلة : وين رايح ؟



" مشوار " قال كلمته وتابع عمله على " غترته " ليسحب عطره يرش منه على هندامه .. ويستطرد منذر : هذا اللي قدرك ربك عليه .. تزوجهم وخلاص .. لو منك كسرت راسها قبل راسه ..



انعقد حاجبيه والتفت : اظن قلتلك ما نريد الموضوع يكبر ..



تنهد : بس كبر .. الكل صار يعرف .. ومب بعيده باكر اتيك ام سالم تقول عن السالفة ..



مشى ليدس قدميه في نعله الاسود : محد يدري الا انت وامي ..



كتف ذراعيه على صدره : ويدتك وفارس .. ومب بعيدة بعد تقول لجابر ..



صرخ به : شو قالولك حرمة ما تعرف تسكت .. امي عرفت بروحها محد خبرها .. فارس ربيع حارب واكييد عرف منه .. ويدتي كانت حاسة وساكته .. وانت ..



صمت فهو لا يعلم كيف علم منذر بالامر .. ليقترب منه : انت شو عرفك ..



-
من بعد ذاك اليوم اللي ردت فيه البيت فالليل وانا حاس ان وراها سالفة .. وتأكدت يوم قلت ان العرس عقب شهر .. وهي ساكته ما تتكلم .. غير هذا طلعتك وياها ذاك اليوم ورجعتك اللي من بعدها يلست بروحك فحجرتك لليوم الثاني .. الواحد غصب عنه يشك ..



سكت واردف بعدها : حارب شو ذنبه .. يوم اختك دايره ع حل شعرها .. ما همها اهلها .. لو هي شيء ما وافقت تروح وياه من ورانا .. ياي تحط حرتك فيه .. وانت تعرفه زين .. تعرف انه كان مـ...



قاطعه : المصيبة اني اعرف .. بس لازم يعرف انه طاح من عيني بسواته .. يستفرد فيها وفالاخير يحلف انه ما سوى شيء – ادبر نحو الباب- سكر ع الموضوع .. انا طالع وبرد فالليل ..



ليخطو بعرج خفيف الى الخارج .. بعد اسبوع سيبدأ عمله من جديد .. ليس كالسابق ولكنه سيعود لما يحب .. قبل رأس والدته وجدته وبعدها غادر .. اليوم سينهي الامر مع عمه وزوجة عمه .. فالسر يجب ان يظهر الآن .. والا فانه لن يطفو الى السطح ابدا .. ركب سيارته وانطلق .. واذا بذاك الجابر يتصل به .. ليحمل اليه خبر مشواره .. ويجيبه ذاك : ليش ما قلتلي .. تعرف ان علي زام اليوم ( عمل ) .. وكنك تتحين هالفرصة عشان تروح بروحك ..



نظره على الطريق والسماعة السوداء تستريح على صدره وتعانق اذنه براحة : ما اريد ادخلك فالمشاكل .. لا تنسى انك ماخذ بنتهم .. خلك بعيد يا جابر .. واسمك ما بيبه فالطاري ..



-
بس ..



قاطعه : لا بس ولا شياته .. انا المسؤول وانا بتحمل كل شيء ..



ليغلق الهاتف بعدها .. ويشد ذاك قبضة يده .. ويتمتم : الله يكون فعونك ..



ما هي الا دقائق حتى وصل هناك .. ليستقبله عمه بالترحاب كالعادة .. ويتابدلان اطراف الحديث وموضوع زواج تلك لم يكن بعيدا عن الكلمات التي قيلت .. يشعر بتوتر يستوطن ذاته في هذه اللحظة .. شبيب الهاديء الذي يسيطر على اعصابه لا يستطيع الآن ان يمسك بزمام نفسه .. سيصدمهما بابنهما وحقيقة خفيت عن الجميع .. سيقابلانه بالسكوت ربما .. وربما يثوران في وجهه مكذبان ما سيقال ..



طلب من عمه ان يستدعي زوجته للحضور .. والجلوس معهما .. فهو سيفجر سر قديم له من العمر سبع سنوات ربما .. سبع سنوات من الكتمان المر .. زفر انفاسه وهو يرى ترقبهما للحديث الذي سيثيره على مسامعهما .. كفاه يتعانقان وجلسته يعدلها قليلا .. لتنفرج شفتاه بالحديث : عمي .. عذروني بس وربي مب عارف كيف ابدا والا من وين ابدا ..



-
قول وانا عمك .. تراك خوفتني .. اخوانك فيهم شيء .. انت محتاي شيء .. ترا لا يردك الا لسانك ..



سحب انفاسه لعله يهدأ من نفسه .. فصمت تلك يوتره اكثر .. رفع نظره لها ومن ثم اعاده على وجه عمه : الموضوع يخص خالد ..



" شو بلاه خالد " .. قالتها بخوف .. ليجيبها : خالد الله يرحمه كان معرس وعنده بنت ..



صدمة .. وصمت مطبق من قبلهما .. وصوته فقط يصل اليهما : من سبع سنين ثارت شهامته وتزوج حرمة اكبر عنه وعندها بنت من ريلها الاولي .. ارملة وضامها اخوها .. طاحت علينا واحنا طالعين من المسيد مصلين .. تترجانا نثيبها .. ما كان منه الا دق الصدر .. حاولنا نمنعه بس ما قدرنا .. بنته صغيره عمرها ست سنين ..



-
حاولتوا – قالها وصمت قليلا ليردف – من انتوا اللي حاولتوا .. ومن سبع سنين بعده ياهل ما كمل تسعطعشر (19) سنه .. من وين له يصرف عليها .. يا شبيب قول كلام يدخل الراس وانا عمك ..



عاد يسحب الهواء وكأن المكان قد فسدت ذرات الاكسجين فيه : هي ساعدته الين توظف .. كانت تخيط ملابس للحريم اللي تعرفهن .. واحنا بعد كنا نساعده باللي نقدر عليه ..



وقفت .. واخيرا تكلمت بغضب .. ليقف .. وتنفجر في وجهه : عفيه عليك .. ياي الحين تطعن فظهر اخوك .. لانه مب مويود ياي تقول عنه هالرمسه .. هذا العشم فيك يا شبيب .. ياللي حطيتك حسبة ولدي .. ياي تتبلى ع خالد عقب وفاته ..



-
عمتي انا ما تبليت ع حد .. وبنته مالها الا انتوا ..



-
خالد ماله بنت .. خالد مات وهو بعده ما عرس .. خالد كان يقولي اميه دوريلي الحرمة اللي تعيبج .. مب خالد اللي يكسر كلامه ويعرس من وراي .. مب خالد يا شبيب ..



التفت لعمه : عمي قول شيء ..



وقف بهدوء : خالد ما عنده بنات ...



وبعدها انصرف وانصرفت هي ايضا .. وبقي جسده هو في المكان .. لم يكن غريبا ما حدث .. لقد وضعه احد الاحتمالات التي كانت تراوده .. لا يعلم كم من الوقت بقي هناك .. لينصرف بعدها .. وذاك الحديث لم يكن بعيدا عن اذني تلك الـ مها .. كانت قريبة .. وصوت خالتها عاليا جدا .. نزلت دموعها تحرق وجنتيها دون رحمة .. ايقول بان من تربع في قلبها كان متزوجا .. ومنذ فترة ليست بقليلة .. وله ابنة .. أيقول بان شهامته جعلته يرتبط بامرأة تكبره سنا .. وارملة ؟ .. أيأتي الآن يشوه تلك الصورة النقية التي رسمتها له .. استلقت على سريرها .. تحتضن وسادتها .. وتترك دموعها تناسب دون توقف .. وصورته تحوم امامها .. صوته وضحكاته .. وفجأة ينهار كل شيء بقصة قديمة .. حتى وان انكرها والديه فشبيب لن تسول له نفسه الافتراء بهذا الشكل على صديق عمره .. بكت بوجع ودفنت وجهها لعلها تبعد صورته تلك .. وانتحبت ..

,,



لم يدرك حينها ان بداية عذابات روحه ستبدأ من خروجه من منزله في تلك الساعة .. كل شيء سينهار في هذا اليوم .. ستتبعثر كلمات كثيرة لن يستطيع هو ولا غيره لملمتها .. افاقت من غفوتها بألم على جانبها الايمن .. لتهرع الى دورة المياه( اكرمكم الله ) .. وتخرج بعدها بدموع تكاد ان ترسم اخاديد على وجنتيها .. تبحث في دولابها وتعود من جديد الى دورة المياه ( اكرمكم الله ) .. وتمضي الدقائق .. لتخرج تكتم شهقاتها باناملها .. تشد على وجهها حتى ابيضت بشرتها تحت اصابعها .. وتنهار على ركبتيها تبكي .. دورتها عادت .. عادت لتنهي مرار ايام واسابيع كابدته .. اكانت تتوهم .. هم قالوا وهي صدقت .. هم كتبوا وهي صدقت .. هو صرخ وهي كذبته ..

مشت على ركبتيها ويديها .. كطفل يحبو .. حتى ما وصلت للـ" كوميدينة" استندت عليها لتنتشل هاتفها .. وتعود تجلس على الارض .. لا ترى شيء الا الضباب امامها .. مسحت دموعها مرارا .. لتتصل بها .. هي القريبة من الجميع .. ويتقطع صوتها : كنة .. لحقي علي ..



وتقف تلك بهلع .. تجري الى غرفتها توقظ ذاك النائم .. تهزه من جانبه : فارس قوم ..



ليجلس مرتعبا .. هل فاجأها مخاض مبكر .. ام ماذا بها .. نطق بخوف : شو بلاج ؟



-
وصلني بيت اهلي .. الله يخليك ..



لم يفهم شيء وهي لم تقل اكثر من تلك الجملتين .. يحاول ان يفهم منها ولكن دون فائدة .. يرى وجهها الشاحب فازداد خوفه عليها اكثر .. وما ان وصلا حتى ترجلت . وبها شيء من الغضب .. لم تستمع لنداءه لها .. وبقي خارجا لم يدخل .. لعل هناك امر عائلي قد حدث .. جرت خطاها لتفتح الباب على مصراعيه .. وتجد تلك بجانب السرير متكومة .. تقف امامها : شو اللي قلتيه لي ؟



رفعت رأسها : يتني .. يتني ..



امسكتها من ذراعيها لتوقفها : متأكدة انها هي .. ليكون سقطتي ..



هزت رأسها مرارا .. لتدفعها تلك على السرير : شو اللي سويتيه .. دمرتينا بسواتج .. وبعدين ليش من اول ما يتيني .. ليش ما كلمتيني .. من كيفج خمنتي انج حامل .. كيف؟



ببكاء اجابت : وحدة من ربيعاتي قالت ان قريبتها حملت لانها نامت ع سرير واحد .. وقريت هالشيء ع النت ..



صرخت بها : مينونه انتي .. كيف تصدقين هالكلام – امسكتها من ذراعها – حارب لمسج والا لا ..



صرخت بها حين لم ترد : عاشرج والا لا ؟ تكلمي ..



-
انا رقدت .. يومها رقدت .. ما ادري .. مادري ..



دخلت عليهما شمسة : شو فيكن ؟



نظرت اليها كنه بغيض يحتقن فيها : بنتج يا اميه .. بنتج كانت تتوهم انها حامل .. بنتج تقرا كلام وتصدقه .. بنتج خربت صداقة ولدج وييا حارب ..بنتج بتفضح عمرها وبتفضحنا وياها



بانت علامات الصدمة على وجه شمسة لتنخرس عن الحديث وتصرخ تلك : بس يوم رديت ملابسي كانت مقلوبه .. شو اللي قلبها ..


-
من يوم يومج وانتي تبالغين .. تذكرين يوم طحتي وراسج والف سيف انج انكسرتي .. حتى تعبتي ومرضتي .. وهي بس رضة صغيرة .. تذكرين .. تذكرين يوم تردين المدرسة تصيحين .. لان البنات ضحكن عليج لانج لابسه قميصج مقلوب .. تذكرين ليش لبستيه بدون ما تنتبهين .. لانج اذا توترتي ما تعرفين ادبرين عمرج ..



يدها تعود لتعانق ذراع اختها : حارب قالج بياخذج بيته قبل ما تروحين الجامعه صح والا لا ..



دموعها تسقط بغزارة .. وعينيها على والدتها الواقفة دون حراك .. وعلامات كثيرة ارتسمت على وجهها .. لتصرخ بها وهي تهزها : ردي ..



وتشد بمسكتها على ذراع اختها .. وتصرخ : آآآآآآآآه ..



وتنحني ويدها تربض على اسفل بطنها .. وشفتها تداس باسنانها : امايه بموت ..



لتصرخ شامة باسمها : كنه ..



وتجري شمسة اليها .. تسندها : تنفسي .. تنفسي – وتخاطب شامة صارخة – روحي ييبي عباتي بسرعه .. تحركي ..



وتصرخ تلك من جديد .. لينقبض قلب ذاك الواقف بجانب سيارته .. ويجري لا يعلم كيف وصل الى هناك .. ليراها منحنية تبكي .. تصرخ بخوف .. تستنجد به .. باسمه هو : فارس الحقني بمووووت ..



وتغيب عن الوعي بين كفي والدتها .. ليهرع اليها ينتشلها ويرفعها .. يجري بها لسيارته .. وتلك تجري خلفه تختطف عباءتها من يد ابنتها .. وتجري مبتعدة .. لتلتفت تلك على صوت جدتها المتساءل : شو مستوي .. شبلاها امج تركض ..



ركضت لها لترتمي في حضنها باكية : يدوتي .. كنه بتولد ..



يقود سيارته وعينه تارة على الطريق وتارة على تلك المستلقية على فخذ والدتها فاقدة الوعي .. يتمتم بينه وبين نفسه بدعاء ورجاء .. شاحبة هي منذ الصباح .. وهو لم يكترث لها .. صرخ بغيض والم يعتصر قلبه العاشق : عمتي بعدها ما دخلت السابع ..



" ان شاء الله خير " رددتها مرارا .. لتفيق تلك متأوهة : امايه بموت .. بطني يتقطع .. آآآخ ..



يتوجع مع وجعها .. حتى وكأنه يحس بوجع المخاض ينتابه هو .. ليركن سيارته امام باب الطواريء .. وينبه المستشفى بصوت بوق سيارته مرارا .. يترجل بارهاق الم به فجأة ويصرخ بهم .. لتحمل بعدها وهي تصرخ بأسمه .. تمسك بيده وهو بالكاد يستطيع مجاراة عجلات ذاك السرير .. لتنسل اصابعها من بين اصابعه حين وقف .. لا يقوى على المتابعة .. وكأن ساقاه ركضا اميالً واميال .. انحنى على ركبتيه : يا رب .. يا رب ساعدها ..



صراخها يشق جدران غرفة الولادة .. وتلك الطبيبة السودانية تحثها على الولادة المبكرة .. ووالدتها بجانبها .. تمسح عرق جبينها بطرف " شيلتها" .. وتقرأ عليها آيات تحفظها .. وهي تشعر بان روحها تنتزع من جسدها انتزاعا .. لتصرخ بقوة مرات ومرات .. وتشد على اطراف السرير بقبضتيها .. تشعر بانها ستموت .. ستفارق الحياة بسبب ذاك الالم الذي استحل اسفلها .. لتصرخ صرخة مكتومة وهي تشد على شفتيها بقسوة .. لتشهق بعدها .. وتسحب ذرات الهواء بنهم .. ودموعها تنسكب على وجنتيها .. لا صوت الا صوت تلك الطبيبة تثرثر بكلمات لم تعد تعيها .. وطفلها بين كفيها .. تدثره بسرعة .. لتتمتم بتعب لوالدتها حين خرجوا به : ولدي .. امايه شو بلاه ولدي .. امااايه اريد اشوفه ..

,,

هنا اقف .. ولنا موعد يوم الخميس باذن الله ^^

اسطورة ! 01-02-13 10:08 PM

رد: زفرات اغتصاب ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 


نختنق احيانا بوجع الايام حتى نتمنى الموت رغما عنا .. كفاها تتشبثان بعباءة والدتها برجاء جم .. حتى تكاد تسقطها من على كتفيها كما اسقطتها من على رأسها : اماية وينه .. امايه اريد اشوفه .. فااارس ..



صرخت بأسمه مرارا لتسحب يدها بعنف من ايدي اولئك الممرضات .. يردن اخراسها بابرة مهدئة ستحيلها الى السكون .. صرخت بوالدتها ان لا يفعلن .. ولكن هيهات ان يستمعن لها .. ليتهادى صوتها رويدا : اريده .. امايه شو قالت من شوي ..



واختفى صوتها مع ارتخاء قبضتها .. ودموع ام على حال ابنتها انسكبن .. لتمسحهن بطرف" شيلتها" وتمسح على رأس ابنتها مرارا .. ستنام وستهدأ .. وغدا يوم جديد سيحمل لها الهدوء بين طياته ..



اما هو فجلس على كراسي الانتظار الخارجية .. يسمع صوتها .. ندائها .. وبكاءها .. اصابع كفيه متشابكة ومستندا عليها جبينه .. ومرفقيه قد عانقا اعلى ركبتيه .. وجفونه متسمرة .. وبصوت خافت تمتم : اللهم لا أسألك رد القضاء ولكنني اسألك اللطف فيه .. اللهم أن كان هناك ذنب اذنبته فغفلت عنه .. اغفره لي .. وامدني صبرا من صبر ايوب ..



رفع رأسه حين لمح سواد عباءتها قد دنى منه .. هادئ ولا يرغب بالحديث .. لتبادره هي : ياولدي ما بتدخل تشوفها .. من يوم ما درت ان ولدها طاح ميت وهي تصرخ باسمك ..



تعلقت دمعة في رمش عينه .. أبت السقوط .. ليهز رأسه بـ لا .. ويردف : ريولي للحين مب شايلاتني .. عمتي ما اعرف شو بقولها .. انا بروحي مب عارف شيء .. يقولون ميت من يومين . كيف ؟- تدارك نفسه ليسارع – استغفر الله العظيم ..



انحنت ليعانق كفها كتفه الايسر : قوم روح البيت .. وانا بيلس وياها .. الوقت تاخر ووراك دوام .. قوم وانا عمتك .. قوم ..



وقف بتعب اتضح لها .. ليقبل رأسها ويطلب السماح منها .. ويحث الخطى مبتعدا .. وهي تنظر اليه .. تتحسر على حاله وحال ابنتها .. توارى من ذاك الممر .. لتزفر وتتحوقل .. وتردف : الله يكون فعونكم .. الله يكون فعونكم ..



وانسحبت هي ايضا من تلك البقعة .. لتلج الى تلك الغرفة الساكنة .. عايشت معها صراعها منذ ساعة مضت .. بكاءها وجع ولادتها التي تمخضت عن جنين فقد حياته .. سحبت الكرسي حتى اصدرت اقدامه صوتا مع الرخام الابيض لتضعه بجانب السرير .. ويدها تتحرك مبعدة العباءة ..حتى تستقر كفها على رأس كنة .. وتقرأ عليها شيء من آيات الله .. لم ترها يوما هكذا .. لربما لانه الطفل الوحيد الذي تجاوز الاربعة اشهر بسلام .. لربما الانتظار وتحطم الآمال كسرها واضعفها ..



الليل البهيم مرهق حين الوحدة .. الساعة تقارب الحادية عشر .. مضى عليهم في ذاك المشفى ساعات طوال .. ليرن هاتفه القابع في ذاك الصندوق بجانبه .. ينظر اليه دون اكتراث .. ويهمله .. لعله المرة المليون التي يرن فيها .. حتى الحسابات باتت مختلطة جدا ..




,,

يهزه الخوف عليها يقف في منتصف صالة منزلهم .. وبيده هاتفه .. وتلك تقف ظهرها للجدار وبيدها هاتف والدتها .. والعجوز افترشت الارض جالسة .. يرن الهاتف مرارا .. ليصرخ بغضب : اوووف هذي سابع مرة اتصل ولا يرد .. حرقت فونه وهو خبر خير



يقترب من شامة لتنكمش على نفسها .. يخيفها انفعال خالها وجدا .. وجهه هذا مخيف جدا بالنسبة لها .. وقف امامها لينطق : ما قالولج اي مستشفى راحوا – هزت راسها بـ لا ليصرخ – اصلا ما بتينا من وراج الا المصايب .. وييا دلعج الماسخ ..



تجعدت ملامح وجهها تعلن دموعها العصيان .. لتنزل رأسها للارض وتشد قبضتها على هاتف والدتها .. وتستمع لجدتها تنهره : لا تحطون الحق عليها الحين .. الحق من اول عليكم وعلى ابوها الله يرحمه .. شربتوها الدلع شرب .. والحين ياين تلومونها .. اتصل بشبيب شوفه وين ..



تنهد وهو يحرك قدميه مبتعدا قليلا .. شبيب الاخر لا يجيب على هاتفه .. ليغلق الهاتف وهو يرى جسده يلج عليهم المكان .. لترتجف تلك في مكانها .. لو يعلمون حقيقة الامر لقتلوها واراقوا دمائها وهي على وقفتها تلك .. تشعر بان ساقيها بدأتا بالارتجاف وسيقعان ارضا .. ليمشي نحوهم ملقيا السلام .. ويقاطع اتمام سلامه منذر قائلا : انت وينك من العصر .. واتصل فيك ما ترد .



اقترب وكعادته التي لن ينساها يوما ينحنى على رأس جدته مقبلا له .. ويقف وحاجباه قد انعقدا .. وتلك " غترته" نامت على كتفه .. ليسحبها ويرميها جانبا : شاللي مستوى .. بلاكم جذي صاخين( صامتين)



قصد بالحديث جدته واخته .. لينطق ذاك بدلا عنهما : كنه تعبت اليوم المغرب .. وامك راحت وياها المستشفى .. من الصبح اتصل بفارس ما يرد علي ..



يده تختفي في جيب ثوبه .. ليدرك بانه كان صامتا ودون حراك منذ ان كان في منزل عمه .. ومكالمات لم يرد عليها بعدد كاد ان يحطم الشاشة صارخا : بتصل باميه..



-
لا اتعب عمرك .. فونها نسته هني .. لو حافظة ارقامنا كان ع الاقل دقت علينا ..



وكأن حديث خاله لم يصل اليه .. فاصابعه تعزف على ازرار هاتفه ليرفعه الى اذنه وينتظر .. لا من مجيب .. ليباغته بسؤال : بمنو تتصل ؟



" فارس" .. زفر ذاك وهو يراه يعاود الاتصال .. ليمشي ويرمي نفسه جالسا قريبا من الجدة : ما يرد .. حرقت فونه ولا رد علي .. والمستشفى اللي تراجع فيها ما راحت لها .. مادري وينهم .



اعتدل في جلسته فجأة حين نظر اليه شبيب ناطقا : اتصل بحارب ..



ليتجهم وجهه : اموت ولا اتصل فيه ..



تحوقلت لتستطرد : الحين بطمنوني ع بنيتي والا بتيلسون تتناقرون مثل الدياكة .



انسلت تلك من بين الاحاديث العقيمة لؤلئك الثلاثة .. الجميع يبحث عن خبر ما .. وسيتناسون ما حدث منها هي .. لا يعلمون الا وجع كنه وخروجها الى المستشفى .. لا يعلمون ما حدث قبل الوجع .. لا احد يعلم الا والدتها .. ووالدتها امرأة لن ترضا بالفضيحة لابنتها .. هي توقن بان والدتها لن ترضاها لها يوما .. لربما خوفا على شبيب .. ابنها الاكبر .. رجل المنزل من بعد والدهم .. دخلت غرفتها والجدار احتضن ظهرها لدقائق .. لما هي بهذا الضعف .. وهذا الخوف الذي يكتسيها من كل شيء ..



لا تزال اصواتهم تصل اليها .. خوفهم على شقيقتها يحيلهم الى دون عقل .. فقط يتناوشون ويذكرون اسم ذاك الذي لا يعلم الى الآن شيء عن الذنب الذي القي على عاتقه وتجلت حقيقته منذ ساعات مضت .. استدارت لتغلق الباب .. ادارت المفتاح مرة وتبعتها بأخرى .. لتبلع ريقها وهي تتأمله .. وتبعد نظرها تتأمل الهاتف في يدها .. لم يرن حتى الآن الا مرة واحدة حين اتصل عليه منذر ليكتشفوا مكانه قريبا منهم ..



اعتقت الباب من ظلها المرسوم بخفوت بسبب انارة المصباح القريب من سريرها والبعيد عن ذاك الخشبي .. امتطت سريرها .. وسرعان ما احتضنت ركبتيها واراحت ذقنها عليهما .. والهاتف امامها على السرير .. تنظر اليه تتأمله .. وهدوء غريب استحل المنزل .. لعلهم عرفوا اي مستشفى تقبع فيه كنة الآن .. او لعلهم يأسوا وتركوا كل شيء للصباح .. ازدردت ريقها لتسحب الهاتف وهي لا تزال على جلستها تلك .. يد حره واخرى لا تزال قابضة على ساقها ..



يده تلملم اشياءه بعشوائية مفرطة .. فهو ليس من النوع الذي يجيد الترتيب .. مبعثر هو وبعثرته زادت اضعاف عن ذي قبل .. تنهد وهو يلتقط قمصانه التي غُسلت خارجا وكويت ولم تعبث بعد بجسده .. يرمي بها في حقيبته دون اكتراث لتبعثرها .. هو يشعر بانه ليس اهلا للبقاء .. ليس اهلا لان يكون طبيبا .. وليس اهل ليكون زوجا واب .. فهو اضعف مما يتصور .. ويحتاج الى ترميم ذاته المرهقة .. التفت ليقع نظره على اوراقه التي تناثرت .. متى تناثرت بهذا الشكل .. لربما ذاك الفارس قرأ شيء من ترهات حرفه .. كان لها ذاك الحرف ولا يزال لها هي فقط ..



شد انفاسه لتتراكم في رئتيه ذرات الاكسجين ويزفرها بعيدا .. ليحث الخطى وينحني يجمع الاوراق البيضاء الخالية من الحب .. حتى ما وقعت بين اناملة ورقة يذكر جيدا اللحظة التي خط فيها تلك الاحرف .. رفع جذعه وهي هناك امام ناظريه .. ليسحب شعره للوراء بيساره .. ويبتسم للاسطر .. يقرأها بنغمة شاعر :





رمــاد يسكن أنحائي

اختلط بورد الأشواق

أحـرق حتى ذاكرتي

بـل غطى كل الآفـاق

أترانـي أهذي سيدتـي

أم أن فـــراقك حـراق



* * *

أحياء حين عرفناهم

أموات حين الأشواق

مابـال هواهم ينكرنا

من سكرة حب قد فاق

لو كان فؤادي يسمعني

لتركت حياة العشاق ...





تمتم : معقولة مب قادر انساج ..



التفت حيث هاتفه الذي شرخ رنينه سكون الغرفة الباردة .. ليرتب اوراقه على ظهر طاولته بارتباك .. لربما هذا الشيء الوحيد الذي يجيد ترتيبه .. اوراق احرفه .. ومشاعره المختبئة .. مشى بخطى متخوفه .. وفي عقله احتمالات كثيرة بمهية المتصل .. ليقف حين توقف الرنين .. هل تُراه تأخر ؟ أم ان المتصل غير رأيه واحجم عن الحديث ؟..



نظره اليه وهو ساكن على طرف سريره .. حتى انه لو رن ثانية لوقع ارضا بسبب اهتزازه .. لعله فارس يريد الاطمئنان عليه .. فمنذ ان غادر في وقت الظهر لم يعد .. او لربما شبيب يتأكد بانه لا يزال عند كلمته .. انعقد حاجبيه فهو ينوي الابتعاد بعد ان صرخ به بانه ظالم .. نفض رأسه فهو ما ادراه بانه لم يفعل .. اعتصر اعلى انفه بانامل كفه اليسرى وسرعان ما اسقطها على الرنين .. لينتشله قبل ان يقع ويزدرد ريقه مرارا .. ثم يرفع نظره ليرى ساعة حائطه.. فيده جردها من تلك التي كانت تطوق معصمه .. الساعة ستقارب الثانية عشر .. وهي تتصل .. هل ستوبخه كأمه قديما حين كان يخطيء .. ام انها ستترجاه ليرتبط بابنتها .. ان فعلت ذلك فهو سيرمي قراراته جميعها ولن يعود اليها .. رفعه الى اذنه بارتباك بعد ان ضغط الاخضر .. وصوته بخفوت يتسرب : هلا خالتي ..



اخرسته انفاسها المتصاعدة .. ليجلس على طرف السرير ويسمع صوتها المتوتر : حارب .. ابيك تسمعني .. بس تسمعني ..



وصمت اطبق على المكان .. صمت غريب استحله هو .. لعله تعب من ترداد نفس الكلمات على مسامعها .. او لربما شعر بانه بحاجة لفرصة تحكي فيها .. سيصمت وسيستمع .. لعل في جعبتها حديث يستحق ان يُسمع .. لا تسمع الا انفاسه .. مضطربة كانت وكأنه يجبر نفسه على الامساك بذاك الهاتف .. لتبلع ريقها الجاف : حارب .. انا انسانة مريضة .. مب طبيعية وعارفه هالشيء .. تعرف اني اخاف من اي شيء .. واصدق اي شيء ..



صدره يعلو بقسوة وكأن به يريد ان ينفجر فيها ويتمنع .. لتشعر به هي . وتصمت تزدرد جفاف حلقها .. وتبلل شفتيها بدموعها .. لتتنفس بتعب وتكمل حديثها : اذكر من زمان يوم كنا صغار .. ولد جيرانا كان يضحك علي وقالي باكر بتموتين .. تدري صرت اخاف ارقد ما اقوم .. تعبت وابوي وامي تعبوا وياي .. الين بعدين عرفوا السالفة وحاولوا وياي الين صدقتهم – سحبت انفاسها واكملت – اي حد بيقولي شيء احس اني اصدقه حتى لو كان عقلي يقول شيء ثاني .. تصدق اني ما ارقد الا والليت مولع ... اخاف الظلام .. اخاف يكون في ينانوه فالحجرة ما اشوفهم ...



سكتت وتابعت بعدها : البنات فالجامعة يتكلمن واايد عن روايات يقرنهن وعن سوالف ع النت .. قبل ما اروح وياك البيت تكلمن عن الحمل .. يقولون كلام واايد ..



الى ما تريد الوصول بحديثها المتأرجح ذاك ؟ حديث ترابطه ضعيف جدا .. انعقد حاجباه وهي تردف : اليوم عرفت اني مب حامل ..



" مب حامل " ترددت في عقله كثيرا .. وكأن بها تضرب جدران جمجمته فيرتد صداها .. ايفرح لبراءته ؟ ام عليه ان يصرخ بها ولحماقتها تلك ؟ .. تابعت وهو بالكاد يستطيع ان يسيطر على اعصابه المحقونة باللوعة : يوم اتصلت في الصبح وقلتلي بتخطف علي .. وبتاخذني بيتك .. توترت .. ما عرفت شو اسوي .. يمكن وقتها لبست ملابسي التحتانية بالمقلوب .. انا اذا توترت ما اعرف اسوي شيء .. يومها انا رقدت عقب ما شربت العصير .. وقامت الافكار تلعب في عقب ما رديتني البيت ..



اختفى صوتها خلف ذكرى ذاك اليوم .. وكأن باحداث تلك الليلة تعود اليه كشريط سنيمائي لم يتعرض للـ" مونتاج " صريح جدا كان .. يومها اوقف سيارته ليترجل منها .. وهي جالسة بتوتر على الكرسي .. لم تنزل .. ففتح لها الباب وابتسم .. ليمسك كفها .. وترتجف هي مرددة : رجعني البيت ..



انزلها وهو يمسك بكفها : لا تخافين .. وربي ما مسوي لج شيء .. بنتجول وبنخطط لحياتنا .. ياللا ..



مشت معه بتردد .. حتى ما ولجت المنزل شعرت بشيء من الراحة .. لعل الوانه هي السبب .. او لعل الهدوء الذي يسكنه .. لا تزال يده بيدها .. مرا على الصالة الكبيرة .. ومن ثم صعدا الدرجات لرؤية الغرف هناك .. تتحرك معه ويتحدث هو : اريد اغير كل الاثاث .. واريد ذوقج فيه .. لاني ما اعرف فهالسوالف .. تصدقين اخر مرة تغير قبل موتهم بسنتين ..



وصمت بعدها .. وهما على باب غرفته : هذي حجرتي .. دخلي ..



ترك يدها وهي تنظر اليه يبتعد : بيبلج شيء تشربينه ..



واختفى لتدخل هي .. تبعثر نظراتها في المكان .. سرير قصير لا يفرق عن الارض الا ببضع " سنتيمترات " .. ومكتب خشبي عليه اوراق بيضاء صماء .. وعلبة اقلام تملأها الثقوب .. وستائر تتموج باللون الاسود يتخلله الارجواني .. حتى يكاد لا يرى جيدا .. جلست على طرف السرير .. لترفع وجهها له .. يبتسم ويدنو منها وبكفه كوب عصير .. يمده لها : الحمد لله لقيت عصير فالثلاجة .. ترا كل اكلي برع ..



وقهقه بشدة .. وبعدها رن هاتفه ليبتعد .. مكالمة من احد زملائه الاطباء .. ليعود ويراها مستلقية .. نائمة بعمق .. وكفيها اسفل وجنتها قد تراصا .. ليمشي ويصعد من خلفها .. لا يعلم لماذا تخيل حينها فتاته هو .. ليستلقي بهدوء خلفها .. ويقترب يدس وجهه في شعرها رويدا .. ويغلق عينيه .. ولم يفتحهما الا على نهوضها المفاجئ بعد ساعات من تلك الاستلقاءة .. لم يلمسها ابدا .. هو نام حينها وكأن شذى العطر الذي يعرفه جيدا اسكره حتى غرق في سبات ساعات ..




افاق من غفوة الذكرى تلك على صوتها المرتجف .. تناديه بخوف اتضح في رجفة حروفها : حارب .. شبيب اذا درى بيذبحني .. حارب لا تتخلى عني ..



لم يجد بُد من اغلاق الهاتف .. فان تكلم قد يسبها .. يلعنها .. وينعتها بصفات لن تقوى على تحملها .. اعتصر الهاتف في يده.. وشفتيه اعلنتا حالة غضب .. ليصرخ وهو يرمى هاتفه على الجدار ليتشظى .



انسحبت يدها عن اذنها .. والهاتف سقط معها .. ودموعها لا تهدأ .. لتنسحب بجذعها مستلقية دون غطاء .. ويأخذها التعب الى عالم آخر بعيد عن واقع حياتها .


,,

يــتــبع|~

اسطورة ! 01-02-13 10:09 PM

رد: زفرات اغتصاب ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 

يمشي وكأنه في عالم غير عالمه .. لا يشعر بلسعات البرد .. ولا لرذاذ السحب .. أهي تبكي معه ؟.. لعلها دموعه التي لا تريد الانسكاب سكبتها السماء عوضا عنه .. مكث في سيارته طويلا .. ايراجع اخطاء ما فات من العمر ؟.. أيبحث عن غفوة روح لم يحتسبها يوما .. او ذنبا غفله ولم يستغفر عنه ..


المنزل ساكن .. الساعة ستقارب الثالثة فجرا .. لما الساعات تجري مهرولة هذا المساء .. اتستعجل الصباح وانتشار خبر الوفاة .. ام انها ترأف بحاله وترغب بتغيرها كما يتبدد الظلام بنور الضياء .. قصد باب قسمهما ليبتعد عن عيون قد سهرت تنتظره .. ليلج ويباغته عطرها .. رائحة البخور الذي تعشقه .. و كأس العصير على الطاولة قد قبل شفتيها عصرا .. تنهد ليستغفر ربه .. ويسحب خطاه الى دورة المياه (اكرمكم الله ) .. سيستحم .. ويتوضأ .. ويطلب الغفران والصبر من ربه .. ليس له الا ربه في هذه الساعة يشكوه فيسمعه ..



جلس طويلا على سجادته .. طويلا جدا دون ان يشعر .. هو راضي بما يقدره الله له .. ولكن هم هل سيكون الرضا له سبيل الى قلوبهم .. قام وهو يسمع اذان الفجر يصدح في الارجاء . يشق السكون بسكون جديد يريح الانفس .. تنهد وهو يقف وبيده يرفع سجادة الصلاة ..

يطويها ويركنها على كرسي " التسريحة " .. ويبتعد ليشعر بدوار غريب اجبره على الجلوس على جانب سريره .. اتعب عقله هذه الليلة .. واتعب جسده ايضا .. لم يشعر الا بطرقات خفيفة على الباب .. ليقف من جديد يشد خطاه .. ليفاجأ بها هناك واقفة .. تحاول ان ترى ارجاء غرفتهما من خلف جسده : متى رديتوا ؟ ولا تفكر ان عندك ام تحاتيك وانشغل بالها عليك ..


يده تحني رأسها قليلا ليلثمه ويصمت .. فتنظر له بامعان .. عيناه متعبتان .. وابتسامته تلك شحيحة جدا .. ليكفهر وجهها خوفا : شو بلاك ..


ليرغم الشفتين على التمدد ورسم ابتسامة : قل لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا .. كنه فالمستشفى .. الولد عطاج عمره من يومين فبطنها ..

يدها تمسك ذراعه بجزع : لا حول ولا قوة الا بالله .. الله يصبرك يا وليدي ..


وفجأة وكأن ذاك الحنان اندثر ليأتي مكانه وجه آخر تمناه ان لا يكون : قلتلك ما تصلحلك .. ربك ما يريدها لك .. حتى الظنا ما فرحتك فيه .. من باكر بدورلك الحرمة اللي تستاهلها ..


أهي هكذا ؟ ام انها تتعمد الدوس على الجراح .. الا تعلم بان ذاك المعلق بين اضلعه لا ينبض الا باسمها هي .. كيف له ان يأتي باخرى .. ايأتي بها ليظلمها فقط ليرضي والدته .. والاخرى هل سيقوى على عذاباتها بسبب ما ستقترفه يداه حينها .. طوح برأسه .. ليمشي من جانبها : اميه مب وقتها هالرمسه .. اسمحيلي بروح المسيد ..



,,

أتكوم الشر وقُذف ليضرب قلوب بعض البشر ويتشابهون في العمل لقض مضجع راحة الغير .. كتلك التي باتت لا ترى الا ذاك الرجل زوجا لابنتها .. لعله حلم قديم دُمر باقترانه بابنة عمه .. ولكن ها هي الاقدار تفرحها وتصب في شبكة صيدها .. اسرعت الخطى الى غرفة ابنتها لتدخل دون استاذان ضاربة بالباب عرض الحائط وتقف وهي تلتحف بعباءتها .. تشدها تحت ابطها .. وترفعها على رأسها بعجل : ياللا شهلي (اسرعي ) .. شو بعدج تسوين ..


وهي تقف ترفع خصلات شعرها القصير الى اعلى : اوووف .. امايه شو بلاج اليوم متصربعه ( مضطربة ) .. كنا رايحين بيت الوزير .. الا بيت ليلوه


ضربتها على كتفها .. ومن ثم سحبت احد ادراج تسريحتها .. تجمع بعض ادوات " مكياجها " وتضعهن على السطح : اندوج (خذي ) حطيلج من هالازرق والاحمر .. تعدلي .. مالت عليج وعلى اللي يسوي فيج خير .. ياللا


وخرجت من عندها حتى ما وصلت الباب التفتت لها : بسرعة .. اترياج عند الباب ..


ملأت فيه بالهواء وزفرته بحنق .. وضعت بعض من " الروج" الاحمر .. وقليلا من " الكحل " الازرق على جفنيها السفليين .. وتركت المكان ترتدي عباءتها المفتوحة المزخرفة بنقوش سوداء .. ولفت " شيلتها" على رأسها مع ترك غرتها يعبث بها الهواء .. وخرجت .. حتى ما وصلت والدتها امسكت بيدها وسحبتها معها : سمعيني زين ..


تمشي لتقطع الشارع الفاصل بين المنزلين .. وتستطرد : من توصل عشر تتعذرين بالغدا واطلعين من عندنا .. وتخليني ويا ليلووه بروحنا ..


" عشان ؟" .. نطقتها بتملل وهي بالكاد تمشي بذاك الحذاء العالي .. لتكمل تلك وهي تقف عند بوابة المنزل ترفع عباءتها على رأسها بعد ان وقعت : يالخبلة .. جابر ينزل من دوامه عشر .. اباج تطلعين فويهه .. لا تخلينه الا وهو طايح فيج سامعتني ..


وضعت يدها على رأسها : اللهُ اكبر .. امايه انتي تشتغلين بالاستخبارات وانا ما ادري ..


تشد على اسنانها : آآآآآخ .. يا ربي ليش بليتني بهالبنت الخبلة .. هذا بدال ما تحمدين ربج ان عندج ام ادور مصلحتج ..


تشدقت وهي تشيح بوجهها : بس انا ما اريد جابر المعقد .. شرايج تزوجيني المهندس(ماجد المهندس)


تحتظن كفيها وتغمض عينيها بحب : فديته وفديت شكله .. وسيم ويطيح الصقر من السما ..


-
يقولون يطيح الطير من السما مب الصقر .. بس ما اقول الا مالت عليج وعلى من يابج ..


يدها تضغط على الجرس وهي تثرثر بينها وبين نفسها بحديث لم تفهم منه تلك الـ نوال شيئا .. لتخرج لهما بعد دقائق الخادمة .. وتباشرها تلك وهي تدخل : وين ماما .. قوليلها جارتها هني .. ياللا جلدي( بسرعة) ..


لتكتم تلك ضحكتها على والدتها المتهورة .. وتمشي تتبعها بخطوات بالكاد تتزن معها .. لتخرج تلك الخادمة وتراهما في وجهها .. وتعقد حاجبيها بسخط : انت ليش يجي داخل ..


-
هذا اللي ناقص بعد .. تعالي ضربيني ..


لتأتي ليلى وجسدها يزينه ثوب مغربي.. يزيد ذاك الحزام المرصع بالاحجار جسمها رشاقة .. وشعرها الطويل الى نصف ظهرها قد تمرد ليخرج من تحت وشاحها الذي اخذ لون ثوبها الزمردي .. ابتسمت لغضب جارتها لتخرج لهما : حيالله من يانا .. حياج خالتي قربي (تفضلي ) ..


-
تسلمين ..


ويتبادلن القبلات .. وترحب بهما حتى الصالة الداخلية .. وبعدها تعتذر منهما لتخبر الخادمة بأن تأتي بما ستضيفهما به .. لتقرص تلك فخذ ابنتها .. وتصرخ : آآخ .. امايه يعور ..


تحرك يدها على فخذها .. وتلك تقترب منها وتهمس : لا اوصيج ع الساعة عشر تخلينا توقفين عند الباب من داخل من تشوفينه تتحركين صوبه .. ولا اوصيج سولفي وياه وسالي عن اخباره .. ولو تدعمينه واطيحي يكون احسن ..


فتحت تلك فيها بدهشة .. وعيناها تسمرتا على وجه والدتها .. لتضرب اسفل ذقنها باطراف اصابعها : سكريه .. الله يصبرني بس ..


لتقترب تلك من والدتها هامسة : الحين انتي من صدقج تبيني ادعم فيه واطيح .. وبالكعب .. لا والله الا تكسرتي يا نوال .. انتي شايفة جسمه كيف .. اعوذ بالله اعوذ بالله ..


تشد على اسنانها بغضب .. فتلك الابنة ان لم تقبرها يوما بغباءها فانها من المؤكد ستقودها الى الجنون .. لتشد على يدها وتدس النصائح في اذنها .. حتى ما اقبلت ليلى تبسمت نفاقا .. وتحدثت كثيرا .. وسألت عن الجميع حتى انها تطرقت للحديث عن حياة ليلى مع جابر .. لتقدم تلك صحن الفاكهة الذي قطعته امامها : اكلي خالتي .. نوال مدي ايدج ..


ستهرب من تلك الاسئلة بقدر ما تستطيع .. فاسرارها واسرار عائلتها شيء مقدس لا يجب ان يحكى عنه مع الاغراب .. نظرها يحدق في الساعة المعلقة .. لتلكز ابنتها بمرفقها .. وتلك بغباء غريب قالت : شو فيج اميه .. تراج عورتيني ..


لتبتسم تلك على مضض : قومي ردي البيت وسوي الغدا .. انا بتونس شوي وييا بنتي ليلى .. قومي ..


وكأن عقلها بدأ يعمل لتبتسم : ان شاء الله ..



منذ البارحة وهو يتصل به ولا من مجيب .. ترجل من سيارته بلبسه العسكري .. وقبعته قد احتضنتها انامل كفه اليسرى .. ليمشي وبيده هاتفه يخط فيها رسالة لذاك المختفي : شبيب من البارحة وانا اتصل ما ترد علي .. توني نازل من الدوام لو واعي اتصل علي ..


كان وجهه لهاتفه وتلك تحينت الفرصة لتمشي بخوف وتوتر طال ساقيها .. وكلام والدتها يرن في اذنها .. لتمشي دون اتزان .. ونظرها للارض تتمنى ان لا يوقفها .. دون ان تدرك بان ذاك قد انشغل فكره قبل عينيه بصاحبه .. لتصطدم به .. وتفقد اتزانها وما كان منه الا ان مد يده يمسكها كردة فعل منه .. ليستغفر بعدها مرارا ونظره للارض ويردف بغضب : ما تشوفين ..


ارتجفت وهي في مكانها تشد عباءتها على جسدها : ما .. ما انتبهت .. السموحة ..


وتتسمر نظراتها على وجهه .. لم تره بهذا القرب يوما .. ايعقل هذا الوجه له .. بلحيته المطوقة لذقنه .. وحاجباه الكثيفان .. وانفه الدقيق .. ايعقل هو جابر المعقد الذي لم تكن ترغب فيه .. انحنى ليلتقط هاتفه الذي سقط وابتعد عن المكان قليلا .. ووقف ونظره بعيدا عنها : انتبهي وانتي تسيرين .. واذا ما تعرفين تمشين بالكعب لا تلبسينه وتوهقين عمرج ..


وكتم ضحكة كادت ان تخرج .. لتذوب هي فيه وتتجمد في مكانها تتبعه بنظراتها حتى اختفى .. لم تشعر الا بيد والدتها تضربها على جانب ذراعها : شو فيج متبلعمه .. سويتي اللي قلته لج والا لا ..


" هااا " .. نطقتها .. لتستغفر تلك وتتحوقل مرارا وتسحبها معها للخارج .. اما هو ما ان القى التحية على ام نوال حتى صعد الى غرفته .. ليرمي هاتفه على السرير .. ويحمل منشفته التي جهزتها له مسبقا .. تهتم بادق ما يعنيه .. حتى ملابسه اخرجتها له .. توارى خلف جدران دورة المياه ( اكرمكم الله ) .. وهاتفه بدأ يصدح من بعده ..



,,

وصلته نغمة الرسائل وهو يمشي في ممر المستشفى مع خاله منذر .. وتلك العجوز تمشي بهوادة معهما .. ليبتسم على خوف ذاك عليه .. وينطق : سبقوني بلحقكم ..


جاءه اتصال في الصباح الباكر من والدته .. تخبره بمكانهما .. فتلك الشقيقة استيقظت هادئة جدا .. واتصلت لوالدتها به .. وظلت صامتة حتى الساعة .. رفعت وجهها الشاحب نحو الباب حين دخلت جدتها يتبعها منذر .. لتبتسم لهما بتعب .. ويقتربا منها .. تقبلها جدتها وجدا .. وتواسيها بكلمات كثيرة .. ليقترب هو من بعدها يقبل جبينها : الله يعوضج فديتج ..


هل دموعها جفت .. ام ان احساسها بالفقد بعيدا عنه قد نضب : وين شبيب ؟


قالتها ليدخل هو يخبيء هاتفه في جيبه .. فذاك الجابر لم يجب عليه .. يقترب بلهفة كبيرة نحوها : يحتضن وجهها ويقبل جبينها : الله يعوضج باللي احسن منه .. قولي اللهم اجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها ..



لا تعلم لماذا هدوءه اثار نفسها لتتشبث به .. تمتمت ما قاله لها .. وتفرج عينيها عن دموع احتبست طويلا .. وتتمت له بحديث لا يسمعه غيره .. وهو منحني عليها حتى ان ذقنه لامست قمت رأسها : خلاني وراح .. ما اقدر اعيش بدونه .. زعلان مني ادري .. بس مب ذنبي .. والله مب ذنبي ..


انحنى اكثر ليصل فيه الى اذنها : لا تلومينه .. هو بعد تريا هالياهل .. بيي .. صدقيني بيي .. فارس ما يقدر يبعد عنج ..


-
شبيب تراها رافضة تاكل اي شيء .. تعبت وياها وانا امك ..


لتقدم تلك العجوز بعكازها وتضع كفها على رأسها : بنيتي كنه بتاكل من الريوق اللي سويته لها .. وسويتلج حريروه ترم عظمج ..


الحريروة
: حساء تستخدم فيه الحبة الحمراء وله اكثر من طريقة لطهي ..
يعطى للمرأة في فترة النفاس ليعيد اليها صحتها




لتبتعد عن حضن شقيقها .. تمسح دموعها وتلتقف كف جدتها تقبلها : الله لا يحرمني منج ..


ليتحدث ذاك : يعني محد الا شبيب ويدتج – ينظر الى شمسة – شموس فديتج قومي نظهر كرتنا احترق ..



لتضحك رغما عنها ويضحك الجميع معها .. ويردف هو : هيه جذي .. اضحكي ما بناخذ من الدنيا شيء .. وربج له حكمة .. واذا حب عبده اختبره ..


تمتمت : والنعم بالله .. الله لا يخليني منكم ..


ابتسم شبيب لينطق وهو ينظر لعينيها المتعبتين : ترا هشول ما طاع يروح المدرسة .. يقول اريد اشوف كنه .. عطوني اجازة مثل قبل .. يظن ان السالفة حلاوة ..بس ما قصر فيه خالي ..


بغضب اكملت العجوز ذاك الحديث : ما ناقص الا يضربه ..


-
والله عاد هذي تربيتي له .. والدلع مب زين .. شوفوا اخته كل ما نقولها شيء تقول ما اريد ..



اختها تذكرتها الآن لتنظر الى والدتها .. التي ابتعدت متعذرة بدورة المياه ( اكرمكم الله ) .. وبعثرت نظرها عليهم .. يتحادثون بضحك وهي تجبر شفتيها على الابتسام .. ليقع نظرها على شبيب .. هل سيحتمل ما وقع منه في حق صاحبه .. هل سيغفر لشامة ما فعلته .. ؟ .. لتنتبه لنفسها حين شد على وجنتها بانامله : شو بلاج اطالعيني جذي ..


هزت رأسها واذا بنحنحنة على الباب .. لتبتسم حين دخل .. ودموعها لا تعلم لماذا تنزل دون استأذان .. القى التحية عليهم .. وما كان منهم الا الانصراف .. ليبقى هو وهي فقط .. وعيونهم تحكي بصمت .. تنظر اليه متجهما .. كسرت حلمه دون قصد منها .. هو كان حلمها ايضا .. طال الصمت وهو يرى انسكاب الدمع دون هوادة .. ليقترب يرسم ابتسامة على ثغره الواسع .. ويجلس على طرف السرير امامها .. كفاه تحتضان وجهها .. وابهاميه يمسحان دوعها .. ليشد رأسها اليه يقبله ويدفنه في صدره : قدر الله وما شاء فعل ..


لتنتحب هي وتردد : لا تخليني .. بدونك والله اموت ..


يشدها اكثر اليه : وانا بدونج اضيع فديتج ..


,,

يــتــبــع|~

اسطورة ! 01-02-13 10:12 PM

رد: زفرات اغتصاب ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 

الضياع ما تحس به منذ الامس .. منذ ذاك الحديث الذي ارهقها ليلا .. تقف امام المرآة تشبك بعض من خصلات شعرها بمشبك صغير اسود .. وتتركها تنساب على ما تركته حرا .. تنفشه مرارا وهي تنظر لنفسها .. حتى توقفت حركة كفيها واناملها لا تزال غائصة بين شعرها .. لتنزلهما بعد حين .. ترفع " شيلتها " عن كتفيها فتتبعثر خصلاتها حين انسلالها .. لترتديها بعشوائية .. ترمي اطرافها الى الخلف لتحيط برقبتها براحة .. وتترك غرفتها .. تنزل الدرجات بهدوء .. فالاجواء مشحونة.. والصمت يخيم على حمد وخالتها .. لتلقي التحية وتجلس .. هو ينظر الى نشرة الاخبار بشرود غريب .. و خالتها تقطع بعض الفاكهة الفاسدة في طبق لتبعدها عن الجيدة .. وتتركها جانبا فيما بعد لتكون طعام للدواب في " عزبتهم" .. لم يشعران الا بدخول ليلى تلقي التحية وتقبل رأسيهما .. لترمي عباءتها بعد ان قبلت مها .. لتنطق وهي تجلس : دريتوا ان كنة سقطت ..


التفت لها وهو يخفض صوت التلفاز : واخبارها الحين .. ان شاء الله زينة ..


-
الحمد لله .. بيرخصونها اليوم .. قلت ايي عشان اروح وييا امي نزورها ..سمعت انها بتطلع ع بيت اهلها


تكلمت بغضب اتضح في نبرتها : من ظلم اخوها .. شقايل تبوها تتوفق فحياتها ..


صرخ بها : حفصة اقصري الشر ..


لترمي ما بيدها في الصحن : عيل تباه يتبلى ع خالد ونرضا .. عادي عندك .


بهدوء اجابها : واذا ولدج ما كان مسويلنا قدر ..


احتدم الجدال .. لتحرك تلك رأسها لمها متسائلة عن الامر .. لترفع تلك كتفيها بصمت .. وتنظر تلك لوالدتها : شو مستوي ؟ شبلاكم معصبين .. وشو بلاه شبيب عشان تقولون عنه ظالم ..


وقفت : ياي يقول لنا ان اخوج معرس وعنده بنت .. حسباله بنصدقه ..


سكتت فمالذي تقوله والدتها .. نظرت لوالدها : شو هالرمسة ابويه .. شو يعني معرس وعنده بنت .. ومن متى ؟ وجابر يدري والا لا ..


وقف هو الاخر ليقطع حبل التساؤلات : شبيب ما يقول شيء مني والطريج .. وولدج شكله مسوينها من ورانا .. بس من الحين اقولكم بنته تبقى عند امها .. ما نبيها ولا نبي نعرفهم ..


وابتعد .. لتزفر تلك انفاسها بغضب : شفتي هذا اللي قدر عليه .. يصدق شبيب ويسكت ..


واختفت هي الاخرى .. لتمسك ذراع مها وبرجاء سألتها : شو اللي صاير ..


" يلسي " .. قالتها لتجلسها بجانبها وتردف : امس العصر شبيب كان هني .. قالهم ان خالد كان معرس من سبع سنين بحرمة اكبر عنه .. وعنده بنت .. ويقول ان هالبنت مالها الا امج وابوج ..


" وانتي " .. سؤال استغربته مها من ليلى .. لتنطق : أنا شو ؟


لتنتشل كفيها تحتضنهما بين اناملها : سمعتج ذاك اليوم وانتي تتكلمين مع سوسن .. تحبين خالد الله يرحمه .. عقب ما عرفتي ..



سحبت كفيها قبل ان تكمل تلك حديثها .. لتقف وهي تحاول ان تتهرب من غصة احتلت صدرها : خالد الله يرحمه .. وانا الحين مسمايه لريال غيره .. ولازم احترم هالشيء ..


ابتسمت وهي تنظر لـ ليلى الجالسة : طيش .. كله كان طيش وحب توهمته لاني دايم كنت اشوفه قدامي .. متأكدة ان شبيب بيقدر يدخل قلبي .. يكفي ان الكل يمدح فيه .. والا انتي شو رايج ؟


هزت برأسها موافقة حديثها .. وسرعان ما تجهم وجهها .. لتثرثر لنفسها : معقولة جابر كان يعرف ولا خبرني .. بس ليش .. ليش يضمون (يخبأون) هالشيء عنا .. وليش الحين تكلموا .. عشان بنت خالد ..


رفعت نظرها لمها التي ابتعدت عن المكان .. لا تعلم ماذا قلت قبل المغادرة .. ولا تعلم الى أين قد يوصلهم هذا الطريق .. وخالد ليس ابدا بهذه الشخصية .. كيف استطاع ان يخفي هذا الامر سنين طوال .. زحفت لتسحب حقيبة يدها التي رمتها سابقا بجانب عباءتها .. تفتحها وتبعثر ما فيها .. محفظة .. واقلام تحديد .. و"بودرة " وثلاثة من اصابع الشفاة .. وهاتفها .. انتشلته تتأمله .. ستقض نومه وستسأله عما سمعت .. ستعاتبه ان كان يعلم واخفى الامر عنها .. او لعلها تغضب منه طويلا .. شدت عليه بين أناملها .. لا تقوى على ازعاجه بهذا الشكل .. لن تقوى على تركه والغضب منه .. حتى وان كان يعلم فلربما هناك اسباب دعته للصمت ..

,,


الصمت سجن احكم قضبانه عليها .. احالها الى جسدا بلا روح .. تتتبع الاخبار وتصدمها تلك التي وصلتها .. لتوقن ان الامر خلفه اسباب تعرفها .. انتحت في مكان قصي في ذاك المجلس الهادئ .. لا تريد لاحد ان يرى دموعها .. ان يرى خوفها وسنين مضت على سر طوته في احشاءها ..


لا يعلم لماذا قادته قدماه الى المجلس في هذه الساعة من الليل .. لعله العشق لذاك الانبوب وتلك القنينة المليئة بالموت .. فصدره يلبي نداء شوق لسحب انفاس الحب مقبلا لشفاة ذاك الانبوب .. يركنها هناك دوما في ذاك المجلس المهجور الا منه ومن صحبه في ليالي الاجتماعات .. دنى من الباب واذا بضوء خافت يتبعثر من تلك الفتحة اسفلة .. ليعقد حاجبية .. ويشحن جسدة بالقوة خوفا من متسلل في آخر هذا الليل .. فتح الباب بهدوء .. ليراها جالسة وقد سالت دموعها انهارا .. جالسة دون صوت .. الا شهقات خافتة تبعثر صمت المكان .. نطق وهو يدنو منها : أميه .. شو تسوين هني بروحج ..


لتسارع تمسح وجهها بعد ان اشاحت به عنه .. ليجلس امامها : ليش تصيحين .. شو مستوي ؟ حد مات ..


" ولد كنه " .. قالتها وصمتت لتردف مع دموعها : يا ويل حالي عليها .. ما تهنت بظنا ..



يشعر بأن قلبه قد قبض .. وكأن هناك يد عملاقة تسلطت اليه واعتصرته بين اناملها .. لتختفي الحروف من قاموس نطقه .. لا يجد شيء يقوله .. حبيبته ومالكة قلبه تتألم الآن .. لعلها تبكي وجع الفقد .. شد على قبضته ليتمتم : اذا الله ما كاتبلها ظنا منه .. ليش ما تخليه .


نظرت اليه وقد طأطأ رأسه .. لا يزال يعشقها .. بل انه يأمل ان تكون له يوما .. ايعقل ان يصل به التفكير الى هذا الحد .. يتمناها وهي في احضان رجل غيره .. تجهم وجهها وقامت : انساها يا سالم .. الحرمة فذمة غيرك .. وانت عندك حرمة وعيال ..


رفع وجهه لها .. اتسأله ان ينساها .. وهل ينسى القلب تدفق الدماء اليه؟ .. هي دماءه التي تغذي جسده .. فكيف له ان ينساها .. ابتسم وهو يقف : يمكن الله ما يباهم لبعض .. يمكن هي نصيبي انا مب نصيبه هو ..


غضبت من حديثه ذاك .. فاجابته بغيض يقدح من نبرتها : سالم اخزى بليس وخلك مع حرمتك وعيالك .. وادعيلها الله يوفقها ..


وانصرفت حتى يطويها الظلام .. ويبقى هو يتمنى شيء بعيد المنال .. يبتسم على ترهات عقله المريض بالحب .. او لعله اضحى يحتضر بالعشق .. مشى ليرفع تلك المركونة في الزاوية .. يقرب ذاك الموقد الصغير المليء بـ"القاز" ويشعله ويضع عليه قطع فحم سوداء بسواد هذه الليلة .. لينتظر وهو يحاول ان يعدل من تلك التي ستنفث في صدره سمها .. حتى ما استوى الفحم وصار جمرا .. التقطه يضعه على رأسها .. ويشد انفاسه تباعا .. وينفث الدخان مع افكار عقيمة تراوده بشأن تلك البعيدة ..



,,

جالس هناك وفي عقله ضحكات واحلام يرسمها على حياة تلك .. ليبث بما في جعبته لزوجته .. وتبتسم بشر واضح .. وبعدها تنهض .. لتطلب من تلك الحضور والاستماع لما جاء به شقيقها الاكبر ..

قامت من على سجادتها بعد ان ادت ركعتا الضُحى .. تتمتم بدعوات لخالقها .. فهي تخاف من هذا الاستدعاء .. اياما مضت وهو وزوجته تلك صامتان .. لم يفعل شيء بشأن ما فعلته بزوجته ذاك اليوم .. لعل الان حان موعد العقاب .. ارتجفت اوصالها خوفا .. لتدنوا بخطوات متوترة .. وتقف هناك تنظر اليهما .. يجلسان بجانب بعضهما .. والمنزل هادئ جدا .. فالصغار ارتحلوا الى مدارسهم .. تنهدت وبلعت ريقها بعد ان رأت ابتسامة ارتسمت على وجه تلك المرأة التي تمقتها .. سحبت انفاسها لتنبهه ويلتفت اليها حين قالت : خير يا عيد .. تقول حرمتك انك تريدني ..



يدفن اصبع سيجارته في تلك المنفضة القذرة من اعقاب تلك الاصابع ذوات اللونين .. ليتبسم : خير .. اكيد خير .. يايج معرس ..


اكفهر وجهها .. واضطربت انفاسها .. لتنطق بغيض تكدس من افعال اخيها : خاف ربك يا عيد .. بعدني فالعدة .. شو عريسه .. انت كل يوم يايني ويايب وياك معرس والا شو ..



وقف يدنو منها : لا لا لا .. هذا غير .. هذا هامور .. تدرين يعني شو هامور .. يعني بيغرقج ويغرقنا فالعز ..


هزت رأسها مستنكرة تفكير اخيها الذي لم ولن ينصلح يوما .. ليردف بثقة : عطيته كلمة ولا برد فيها .. من تخلصي العدة باسبوع يملك عليج وياخذج ..


انتفضت في مكانها : لاااا .. انت اكيد شاربلك شيء ..


لم تشعر الا بكفه تليح رأسها للجهة الاخرى : شارب مب شارب اظن مالج حق تدخلين .. والريال عطيته كلمة ولا برد فيها ..


لتحشر تلك نفسها : حمدي ربج حد يفكر يتزوجج .. والا وحده ما وراها الا تعرس وتقتل وهذا نصيبها .. لازم تحب ايديها بطن وقفا ..


صرخت من بين دموعها : وبناتي ..


عاد ليجلس : ما عنده مانع تاخذيهن وياج .. الريال مب كبير عمره تقريبا تقريبا – وهو يحرك كفه امامها – خمسة وثلاثين .. وتراه ما يتعوض .. ويكفي المهر اللي بناخذه منه ..



وقفت بحزم وهي تمسح دموعها بقسوة .. وكأن تلك الدموع ما كان يجب ان تخرج الى النور وتفضح ضعفها : واذا ما وافقت ..


نظر اليها نظرة وعييد .. لطالما عرفتها عنه .. ليولع سيجارة اخرى .. ويشد انفاسه وينفثها امامها : بناتج ما بتعرفيلهن طريق .. وانتي تدرين اني عند كلمتي .. والحين ما عندج خالد ثاني تطلبينه العون .. لانج فالعدة .. الا اذا تبين ربج يغضب عليج ..


يعرف بان خوفها من ربها اكبر من اي خوف آخر .. ارتعشت شفتيها .. وسكنت في مكانها .. ثواني او ربما دقائق .. وتسمع حديثهما يخططان لمستقبلهما .. اتعمي النقود النفوس بهذا الشكل .. حتى يبيع اخته مرات ومرات لاجلها .. ترغب بان تقترب منه وتبصق في وجهه ووجه زوجته تلك .. بل انها ترغب بخنقه حتى يلفظ انفاسه .. ابتعدت من المكان تجر اذيال الضعف .. تكتسيها مرارة الذل عند اخا لا يرى الا المال نصب عينيه ..

,,

يـتــبــع |~


اسطورة ! 01-02-13 10:13 PM

رد: زفرات اغتصاب ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 

سقطت دراهمه من يده بعد ان اصطدم جسده بجسد احد الطلاب في ساحة المدرسة .. ليسرع هاشل يلتقطهن عن الارض .. ويتقدم من مبارك يمد له يده بالاربعة دراهم التي سقطت .. ليقف ذاك ينفض الغبار عن ثوبه الابيض .. يسحب النقود بعنف من يده .. ويبتسم ذاك النحيل : بروك ليش ما صرت اتي صفنا .. حتى بيتنا ما قمت اتيه ..


لم يشعر الا بكفي ذاك تدفعانه من صدره ليقع على الارض .. ويصعد عليه يلكمه صارخا : لان اخوك قتل خالد .. قتل اخوي ..



دفعه عنه ليضربه هو بدوره : كذاب ..



عراك صغار تجمهر عليه الكثيرون .. واخرون ركضوا نحو مكتب الاخصائي الاجتماعي وهم يصرخون : ضرابه .. ضرابه .. الحق يا استاذ ناصر ..




ليجري ذاك وبصحبته استاذ آخر كان معه في مكتبه .. لينتشل هاشل عن مبارك .. ويُسحب مبارك عن الارض .. ويقتادان الى مكتب الاخصائي .. ينظر اليهما .. مغبران جراء التمرغ هناك .. ضرب بيده على الطاولة : انتوا مب عيال عم .. ليش تضاربون ..



تكلم هاشل : والله والله هو اللي بدا .. يقول شبيب قتل خالد .. كذاب ..



وذاك صامت مشيحا بوجهه عن ابن عمه .. غير آبه بحديث ذاك الاخصائي .. ولا لاستدعاءه ولياء امرهما .. ظلا واقفين كعقاب لهما منه .. ينظر اليهما .. رغم صغرهما الا هناك نظرات تقدح شر يتبادلانها .. لم تمر اكثر من ربع ساعة حتى حضر حمد .. يلقي التحية ويسأل عن الامر وهو ينظر الى الصغيرين .. ليجيبه : ولدك وولد اخوك متضاربين .. زين ما ذبحوا بعض ..




واذا بذاك يدخل مع عرجته الواضحة .. يلقي التحية ويقبل رأس عمه الذي اشتاق له وجدا .. فمن بعد ما حدث في الاسبوع الماضي وهما لم يتحادثا .. صافح الاستاذ ناصر .. واذا به يدعوهما للجلوس .. يحاول ان يتوصل لحل لموضوع هاشل ومبارك .. ليتحوقل حمد .. ويبتسم شبيب ويقف يدنو من عمه يلثم رأسه : سامحني .. هاشل صغير وما يعرف شيء .. امسحه بويهي يا عمي ..



ليصرخ ذاك في ابنه .. الذي ارتعد خوفا : كم مرة قلنالك ان هالسلفة غلط .. الين متى واحنا نفهم فيك .. تروح تضرب ولد عمك ..



" هدو يا جماعة " نطقها ناصر .. واردف : صغار وبيكبرون وينسون ..



-
ابويه .. محد قاله ايني .. انا اخليه وهو يلاحقني – التفت لهاشل – يا اخي افهم ما اريد اكون وياك ..




صغار واحاديثهم تنم عن رجولة مخبأة .. حتى ما جلس بجانب اخيه في سيارته نطق : والله والله يا شبيب هو اللي بدا .. انا ما سويت له شيء ..



ضحك ونظره على الطريق : انت يالمعصقل(النحيل) يطلع منك كل هذا .. تبطحه واطيح فيه ضرب وهو اللي اطول عنك وامتن منك ..



نفخ صدره بخيلاء : لاني هاشل اخو شبيب ..



" والنعم " .. قالها وقهقه ضاحكا : بس يا حبيبي لا تنسى انه ولد عمك .. يعني كون وياه ع الغريب ..



ونصائح كثيرة قالها وذاك يستمع له بانصات .. يتعلم منه .. بل انه يرغب بان يكون مثله يوما .. ليسود المكان السكون وفكره يرتحل مبتعدا .. ماذا عساه يكون تفكيره الآن .. اذا كان الاصغر لا يزال ناقما .. فماذا عن مطر ؟

,,



يجلس مع اصحابه في مجلس احدهما .. يلعب مع احدهما " بلايستيشن 3" وصراخ تشجيعات من الاخرين .. ليقترب منه علي يجلس بجانبه .. ينظر الى الشاشة ويعاود النظر له : مطر ما سمعت شو ينقال عن اخوك ؟


لا يزال تركيزه على ما في يده ونظره متشبث بتلك التي امامه : شو ؟



قهقهوا .. حتى ذاك ترك ما في يده ووقف : اووه انت صدق ماتدري عن شيء ..



انزل ما في يده وهو يلتفت .. يبعثر نظراته على الوجوه .. لينطق علي : شبيب يقول انه كان معرس وعنده بنت .. وامك وحليلها ما عارفه حق منو تشكي .. قالت لامه – ينظر لاحد الواقفين – وهي ما قصرت انشرت الخبر ..



وبخبث اردف : الا صدق هالكلام ؟ والا شبيب قايم يطلع هالرمسه عشان يشوه سمعة اخوك ..



صدره يعلو ويهبط .. وانفاسه تتشتت امامه .. ليقف صارخا في وجه علي : انت شو اللي تقوله ؟



حرك كفيه امامه دون اكتراث : مب انا اللي اقول .. هذا شبيب قام يطلع رمسات ع اخوك وانت خبر خير ..



ثارت نفسه التي خمدت الايام الماضية .. ليصرخ بغيض : والله ما اخليه الكلب ..




ويجري بعدها خارجا من ذاك المنزل .. يهرول مسرعا يعبر تلك الازقة الضيقة .. ليصل اخيرا الى منزله وهو يلهث .. يصعد الدرجات بتعب .. وسرعان ما نزلها تحت انظار والدته : مطر متى ييت .. ووين رايح ..




لم يرد عليها .. فما في رأسه اكبر من ان يجيب على احدهم .. الساعة قبيل المغرب .. واليوم سينهي ذاك المتغطرس في نظره .. سيبعده حيث يرقد اخيه .. سينتقم اليوم لموته ولتلك الاحاديث التي تقال عنه .. مشى طويلا .. لن يستقل سيارة توصله .. فقدماه كفيلان بذلك .. مع ان المنزل يبعد مسافة لا بأس بها .. الا انه لم يأبه .. ليقف بانفاس متقطعة على عتبة البوابة المفتوحة .. يسمع اصوت الضحكات صادرة من مجلس الرجال .. لعله يجتمع مع اصحابه هنا .. نزع المسدس المختبيء تحت قميصه القطني .. يحتضنه حزامه الجلدي .. ليحث الخطى .. والاصوات تقترب .. صوت منذر وصوت جابر .. وصوته هو .. غريمه الذي ينتظر اللقاء به منذ مدة .. دخل لترنو الانظار اليه .. على عتبة الباب واقفا .. ويده تختفي خلفه والاخرى بجانيه .. ونظراته تبعثرت على اولئك المرحبين به .. حتى ما ان طال وقوفه قام ذاك مرحبا : حيالله مطر .. حياك ليش واقف هناك ..



وما ان اقترب ولم تعد تفصله عنه الا خطوات بسيطة .. حتى اشهر المسدس في وجهه ناطقا : محد بينتقم لخالد منك غيري ..


,,

هنا اقف .. ولنا موعد يوم الاحد اذا شاء الرحمن ^^


اسطورة ! 05-02-13 05:26 AM

رد: زفرات اغتصاب ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 

صباحٌ يثير في النفس رغبة بالضحك .. والمرح .. والعودة الى ايام البراءة .. منذ ايام وهناك شيء ما يراه في عينيها .. في حديثها المتغير .. وفي شرودها المبعثر لهدوءها الذي عهده دوما .. ليست هي زوجته ومن دخلت قلبه من اوسع ابوابه .. لتكن الاولى فيه ويتمنى دائما ان تكون الاخيرة هناك ايضا .. فتح عينيه بعد ليلة نامها بهدوء لاول مرة ..وبعد غفوة اخذها بعد عودته من المسجد مصليا الفجر .. لا احداث تقلقه .. الا من احداث صاحبه الذي وضع نفسه في وجه عمه الغاضب .. ابتسم ليحرك وجهه ناظرا اليها .. ظهرها له .. وشعرها متناثر برغم تلك الجديلة التي اعتادت عملها قبل النوم حتى لا ترهقه بشعرها الناعم .. انقلب على جانبه الايسر ليشد بجسده اليها .. يطوق خصرها ويسحبها حتى تلتصق به ..


انعقد حاجبيها .. وتمتمت بنوم خالط نبرتها : جابر عن السخافة وخلني ارقد ..



استند على يساره ليرفع جذعه قليلا .. ولا تزال ذراعه الاخرى تطوقها برغم محاولاتها الفلات .. ليقبل رقبتها .. ويهمس في اذنها : وين ليول حبيبتي .. اللي من اصلي الفير ما تنام .. وتقوم ع راحتي بدون ما اطلب ..



لاحظ انكماشها على ذاتها .. ليشد من جسدها اليه .. ويتابع الهمس : حبيبي زعلان صح ؟



لا رد سوى من يدها التي ارتخت عن ذراعه .. ليبعد وجهه مقتربا منها اكثر .. وناظرا لسكون عينيها وانعقاد حاجبيها .. ليدنو يقبل وجنتها ويضيف : من يوم ما دريتي عن خالد الله يرحمه وانتي متغيره ..



افلتت منه حين غفلة من ذراعه تلك .. لتقف بـقميص نومها القصير .. تزيح خصلات متمردة على وجهها : لاني كل ما اسالك ما تقولي الصدق ..



انعقد حاجباه لوهلة .. ليجلس على ركبتيه ينظر اليها .. و ذراعيه قد كتفهما كما فعلت هي بغيض .. رفع شفته السفلى على العليا ونطق بعدها : يعني كنت اكذب .



وجهها يتغير ولكن تصر على المكابرة .. لتصمت كرد واضح عليه .. واردف : شبيب قالكم اني ادري ؟



وهي على وقفتها : لا .. بس من يوم وعيت ع الدنيا وانا دوم اسمع اذا تبون تعرفون وين خالد دقوا ع جابر والا شبيب .. من يوم يومكم وييا بعض .. معقولة ما تدري .. وانتوا الثلاثة مثل التوائم ما تفترقون .. وتريدني اصدق انك ما تدري ..



تحرك لينزل ويقف امامها .. وتبتعد هي خطوتان للوراء .. ليبتسم : انزين ولو كنت ادري شو بتسوين ..



أيختبر حبها ببروده هذا ؟ .. ام ان الثقة تحركه دون ان يطرف بعينه ؟ .. تتكوم الدموع في عينيها وهو ينظر الى ارتجاف شفتيها .. لن يقترب .. سيرى الى اين ستصل بحديثها وانفعالها ذاك .. ماذا ستقول ؟ هل سترمي بشخصيتها الجميلة بعيدا .. وتظهر شخصية مغايرة ؟ ..



نطقت مع انسكاب دموعها : يعني من قبل ما تاخذني .. تدري بكل شيء وساكت – مسحت دموعها واكملت – ابويه هان عليك .. كل يوم سهران وياه ولا كسر خاطرك انه ما يدري .. تنافقون وتجاملون ع حسابنا .. وخالد .. خالد كيف له قلب يسوي سواته .. وامي تتريا اليوم اللي تشوفه فيه بالبشت .. وما شافته الا بالكفن ..



لتنفجر ببكاء قطع قلبه .. ليقترب يغلق عليها ذراعيه غصبا عنها .. تحاول الفلات .. ولكن هيهات ان تهزم عضلات زوجها القاسية .. صرخت به : هدني .. هدني ..




يعلم يقين العلم بانها تطلبه بتلك الكلمات ان يبقى معها .. ان لا يتركها كما تنطق هي ..ظل صامتا وهي بين ذراعيه .. تنتحب و تتلعثم بكلمات مدفونة لا يعيها .. ولكنه يدرك بانها غاضبة .. لتدفعه فجأة عنها .. وتمشي مبتعدة وهي تثرثر بحنق : انت ما تحبني لو تحبني ما دسيت عني هالشيء ..




لينظر اليها تختفي .. يحث الخطى خلفها .. يسمع صوت وقوع شيء ما .. ليقف عند الباب يراها راكعة تجمع ما سقط من تلك العلبة .. فرشتا الاسنان .. وانبوب المعجون .. لتضع المعجون فيها وتمسك الفرشتان .. تسكب عليهما من الماء الساخن .. حتى تختفي معالمها خلف تكثف البخار على تلك المرآة .. يراها تمسح عينيها دون ان تلتفت له .. لينطق وهي لا تزال تدس رأسيّ الفرشتان تحت الماء : انزين شو بيتغير لو عرفتي ..



لتلتفت له دون ان تنتبه .. وتصرخ حين لامس الماء ظهر كفها .. ترمي ما في يدها .. ويتقدم هو نحوها .. يمسك معصمها وينظر لجلدها المحمر .. لتسحب يدها بعنف .. وتخرج ..زفر انفاسه فهو يدرك ان غضبها صعبا جدا .. فلقد كابده من قبل .. تبعها ورآها تخرج دواء من احد الادراج .. مرتبة جدا هي .. وتحفظ كل شيء في مكان .. لتجلس على كرسي " تسريحتها" وظهرها له .. تفتح غطاء ذاك الانبوب .. لتسيل منه على ظهر كفها الايسر .. وتبدأ بمسحه بخفه .. اقترب ليتعداها ويقف امامها .. يدرك انها تتوجع من رجفة كفها .. ليجلس على ركبتيه امامها .. يسحب ما في يدها ويمسك معصمها .. لتنطق وهي تحاول سحب نفسها منه : بسويه بروحي ..



يضع المرهم على كفها : سكتي .. وسمعيني ..



-
ما اريد اسمع شيء .



صرخ بها حتى تزلزلت في مكانها : قلتلج سكتي – هدأت نبرته ليردف – سمعيني ولا تقاطعيني ..



صمتت تنتظره ليحكي .. ليبعثر اعذاره .. واسباب اخفاء ذاك الامر لتلك المدة الطويلة ..صمت مطولا .. لعله يريد ان ينهي ما في يده اولا .. او لربما يبحث عن مكان يبدأ منه .. ليمسك كفيها بعد لحظات .. يوقفها دون ان ينظر لوجهها .. يعلم بانها تبكي لصراخه عليها بذاك الشكل .. اجلسها على السرير ليجلس بجوارها ووجهه لها : سمعيني انزين ؟.. وعقبها ما اريد اسمع لج حس .. بطلع اصلي اليمعه ولا تتريني ع الغدا ..



ارتجف قلبها .. سيعاقبها بالبعد لانها صرخت في وجهه .. لانها نعتته بالكاذب .. سيبتعد عنها ويغضب .. سيعاقبها بفعلها معه منذ اسبوع .. لن يهتم لها .. تعرفه جيدا .. تعرف عقابه القاسي لها .. جربته مرة بعد زواجهما بشهرين فقط .. بسبب حديث نسوة فارغ اثارها عليه .. تأمل وجهها الغارق بالدموع .. نظراتها للاسفل .. ابتسم يعلم انها لن ترى تلك الابتسامة .. ليردف : بخبرج السالفة .. وترا الوعد ع الريال مثل حد السيف .. اذا ما وفابه كن السيف قطع رقبته ..



ازدرت ريقها .. اذاً كان وعدا بينهم .. وعد لربما اجبروا عليه .. تنهد ليعتدل جالسا وساقاه قد ابتعدا عن السرير .. يذكر هو تلك الحادثة جيدا .. ضحكاتهما على خالد .. الذي خرج من المسجد بمعيتهما عند الفجر .. ليس بالمسجد القريب من سكنهم .. بل انه مسجد واجهوه وهم عائدون الى ديارهم بعد رحلة قاموا بها الى عُمان .. ليحتظنهم ذاك المسجد الهادئ الا من بضع رجال ..


يرتدي نعليه ويثرثر عليهما : الحين شو فيها اذا قلت اللهم ارزقني بالزوجة الصالحة ؟


ضحكا عليه لينطق شبيب : ما فيها شيء .. بس ليش مستعيل .. بعدك صغير والا مشتاق لنكد ..



ليقهقه جابر : الا شكله مشتاق ومشتاق ..



ليزفر بغيض : والله بتشوفون ..



ليركضا عنه مبتعدان وهو من خلفهما .. ليقف على وقوف ذاك الجسد امامه .. تسمر في مكانه .. لعله ليس من الانس .. سواد فقط من قمة الرأس حتى اخمص القدمين .. ليسمي بالله وهو يراهما عائدين بحذر .. ليتفاجأ بذاك الجسد يقع على قدميه .. ليرتجف يحاول الابعاد ولا يستطيع .. ستوقعه تلك المتمسكة به .. بصوت رجاء يخالطه بكاء مر : الله يخليك .. الله يخليك ساعدني .. طلبتك لا تردني .. تكفى يا اخوي ..



ليقترب منها جابر وبشدة قد اعتلت نبرته : شو بلاج .. قومي عنه .. واذا وراج بلوه لا تبلينا وياج ..



تلفت شبيب لعله يرى احدا كان يتبعها .. او احد يعرفها .. ثم اعاد نظره على وجه ابن عمه الساكن .. الا من نظراته على تلك الواقعة امامه .. تمسكه بشدة .. كان باستطاعته ان يبتعد بعد ان يدفعها عنه .. لكنه ظل صامتا .. اقترب منه ليضع يده على كتفه .. وذاك نظره لتلك المنتحبة المترجية : خالد .. خوزها عنك ..



لم ينتبه الا وهو يقول : وصلتي خير .. قومي ..



ماذا يعني ؟ هل سيلبي لها ويساعدها ؟ وان كان ما وراءها شيء عظيم هل سيوقع نفسه في تلك المعمعة دون تفكير .. اكفهر وجهه .. ليدير خالد اليه بعد ان اعتقته هي : انت صاحي ..



لا شيء سوى ابتسامة منه .. وتضيق حدقتي عينيه بسبب اشعة الشمس التي تطفلت على تلك الواقعة .. لتبدأ هي بالشكر له .. لم تنظر اليه ولا تعلم منه الا انه رجل من اولئك الرجال المرتادين لذلك المسجد في صلاة الفجر .. تحدثت بخوف وبرجاء : مالي غير الله ثم انت .. الله يخليك لا تتخلى عني .. اخوي .. اخوي يريد دفني بالحييا عشان لفلوس .. بيزوجني واحد قد يدي (جدي) .. انا مب حمل هالشيء والله ما اقدر .. وبنتي صغيرة ..



انعقد حاجباه .. وهما لوحا برأسيهما حسافة .. ليقف جابر قريب منها : اختي دوري من غيرنا .. احنا ما بيدنا شيء نسويه .. ولا لنا فالمشاكل وييا اخوج .. باين من كلامج انه شراني .. يا بنت الحلال لا توهقين خالد وياج .



رفع رأسه ليرى وجه ليلى وارتباط حاجبيها .. اذاً كان هو المخطيء .. هو من وضع نفسه في ذاك الموقف .. ليخرجها من خطط اخيها بالزواج منها .. وهي لم تكتشف صغر سنه الا بعد ان وقف في وجه اخيها ذاك اليوم .. مهدد له بعمه ابو شبيب .. العقيد ناصر الذي بأمكانه ان يجره الى السجون في أي لحظة .. ليرتجف عيد يومها ويرمي بكلمات الغيض عليهم ويصرخ بهم : عيل واحد منكم ياخذها .. لاني مب فاتح ملجأ لها ولبنتها ..



بيعت يومها له هو .. لتصرخ حين رأت وجهه .. صرخت به تستحلفه .. أن يبقى كل شيء على الورق لا غير .. لترفع ليلى رأسها له : والبنت ؟ من وين يت اذا كان زواجهم ع ورق – صمتت مع صمته واردفت بعدها – يعني مب بنته .. بنتها هي صح .. البنت اللي كانت خايفة عليها صح ؟



وقف وهي تنظر اليه : لا مب صح ..



وابتعد .. فقط اعطاها ظهره وادبر .. لا يريد ان يعيد الماضي اكثر .. يكفي ما قاله .. تتبعته بنظراتها حتى اختفى .. اذاً هناك اشياء اخرى يخفيها .. اشياء مدفونة لا يريد لها الخروج ؟ نفضت رأسها .. وهل هناك شيء آخر ؟ لا تظن ذلك .. الوعد .. كان وعدا تحملاه معه .. وهي جاءت تتهمه بالكثير ..

,,



عيونهم تحكي اتهامات لا حصر لها .. وكأن هذه اللحظة تجر نفسها ليشاركا فيها الحديث .. حتى وان كانا بعيدين .. امه وجدته الصامتة .. وكنة المتحاملة على وجع روحها .. ومنذر .. وايضا شامة المبتعدة بذاتها وهي تستمع .. يحكي لهما بعد حديثه مع والدته صباحا .. تسأله عن تلك القصة المتداولة بين النساء .. وهو؟ كيف هو مع عمه الآن ؟ .. ليجلس معهم بعد الغداء .. الا هاشل الذي صرخ به ان يترك المكان لان هناك أمور لا داعي لان يسمعها .. يعم الصمت على الوجوه .. لا حديث بعد قصة مرت عليها سبع سنوات مدفونة .. وأرملة تنتظر مصيرا يقرره القدر .. وابنتان .. احداهما لذاك الشهيد .. ازدردت ريقها : عمك ما يبي البنت صح ؟


رفع وجهه لينظر اليها .. بالامس فقط كان هناك حديث طويل له مع عمه حمد .. طويلا بحيث مرت الساعات دون ان يشعران بها .. بالامس واجهه قائلا : مها لك يا شبيب وبعدني عند كلمتي .. وخالتها عند كلمتها .. بس البنت اللي تطراها ما نبيها .. ولا نريد اي صله فيها او في اهلها .. تبقى مع امها احسن لها ..



شد انفاسه حين تذكر كلام عمه : عمي مب متحمل اللي صار .. ولا مقتنع للحين ..



وقفت كنّة .. ليلتفت لها : على وين ؟ ما سمعت منج كلمة ع اللي قلته .



ابتسمت وهي تنظر لشقيقها .. ومن ثم تبعثر نظراتها على الجالسين .. لتعيد النظر اليه : شبيب انت مب محتاي كلمة منا .. انت عارف شو لازم تسوي .. ومن يومك وانت تعرف .. واذا عمي ما يبيها .. بيتك ما بيتعذرها ..



لتصرخ والدتها : شو هالرمسة يا كنة .. تبينه ايبها هني .. تبينها تعيش ويانا ..



ابتسمت : امايه هذا اللي لازم يصير .. مالها الا شبيب ..



وقفت بغضب : اص ولا كلمة .. الظاهر انج روحتي عقلج .. خليج ساكتة دام هذي رمستج ..



" ان شاء الله " .. قالتها وابتعدت .. حتى والدتها تتحامل عليها من ذاك اليوم .. أتلوم ام فارس ان لم تأتي لزيارتها ؟ وأن لم ترد على اتصالاتها ؟ .. أتلوم فارس اذا صمت طويلا في حضرتها ؟ .. كيف تلومهم اذا اللوم جاءها من اقرب الناس لها .. من والدتها .. ولجت الى غرفتها بهدوء .. لتتنفس وتتمتم : يا رب .. ارحمني ..



وما ان خطت بضع خطوات حتى فُتح الباب من خلفها واُغلق .. لتلتفت وتشيح بوجهها بعيدا .. يحتظنها السرير وظهرها لتلك الواقفة من خلفها : كنة .. محد يدري صح ؟.. يعني انتي وامي بس ..



سحبت ذرات الاكسجين : شو تبين اقولج يا شامة .. يمكن اللي صار وياي واللي صار وييا شبيب وعمي خلانا ما نفكر فاللي صار لج .. بس محد يدري لا تحاتين ..



فركت كفيها ببعضهما امامها .. وبللت شفتيها اللتان اتعبهما الجفاف .. وبتردد : حارب يدري ..



تجمدت وكأن دلو ماء بارد سكب على جسدها .. وتجهم وجهها وتلك تتابع الحديث عما اقترفته يداها منذ ايام .. لتقف تلك تقترب منها بغيض تكابد وجع جسدها لتنطق بنبرة خافتة مليئة بالغيض والسخط : وحارب شو قالج .. شو رد عليج ؟



هزت رأسها : ما قال شيء .. سكت .. بس سكت ..



كفاها تمسكان كفي كنه : كنه انا خايفة .. كنه ما اريد هالعرس .. ما اريد اعيش باقي حياتي بهالشكل .. هو حلف انه ما بيلمسني ..



دموعها تتسابق .. حتى رمت بنفسها في حضن شقيقتها الساكنة في مكانها .. لم تتحرك .. حتى ذراعيها أبيا ان يرتفعا ويطوقان تلك .. فقط الصمت وبكاء تلك وهمهمات خوف ترددها بخفوت .. ماذا عساها تفعل ؟ ووالدتها هادئة جدا .. مبتعدة عن الحديث مع شامة .. لعل قلبها يحمل غيضا عليها .. ولكن الى اين سيؤول كل هذا ؟ .. هل ستباع اختها كتلك التي كانوا يتحدثون عنها قبل قليل ؟ .. هل سيبقى الاتفاق على ورق كما اقسم حارب سالفا ؟ ام سينتهي بطفل كما هو حال كلثم ..



شعرت ببرود شقيقتها .. فتداركت نفسها لترتفع عن صدرها .. تكفكف دمعها وتبتسم .. تنظر لوجه الاخرى الخالي من الملامح : انا استاهل ..



قبلتها على وجنتها : لا تشغلين بالج فيّ .. اهتمي بعمرج ..



وابتعدت مغادرة .. الجميع مبتعد فلما لا تبتعد هي ايضا .. ظلت جامدة ولا تزال تشعر بشفتي شقيقتها على وجنتها .. لتجفل على صوت هاتفها .. تحركت لترفعه عن ظهر "الكوميدينة" وتجلس : هلا حبي .. اشتقتلك ..



هو ايضا يشتاق لوجودها معه .. يدرك بان بقاءها بعيدا افضل لها .. ولكن الا تحتاج الارض لقطرات المطر .. فهي مطره الذي يشتاقه دوما .. يذوب في همسها .. ويشعر بضياعها في نبرة صوتها .. ويعلم انها تشعر بان هناك افكار تتخبط في محيطه تحيله الى الشرود والتفكير الدائم .. باغتته : شخبار عمتي .. عساها بخير ؟



هل تشعر بمخططات والدته لزواجه ؟ .. هل تشعر بان هناك امر ما يخيفه وجدا ؟ .. نطق وهو يبتسم : بخير يا قلبي .. كلنا بخير .. متى ودج تردين البيت .. انتي آمري وانا علي التنفيذ ..



سحبت انفاسها لتبعثرهن في اذنيه .. ليردف : يا روحي انتي .. شو اللي متعبج غير اللي صار .. ترا والله اني راضي .. حتى لو ما الله رزقنا .. انا راضي .. وغيرج ما بيكون في حد فحياتي .. حاس انج خايفة من هالشيء .. وانا الحين اوعد...



لتقاطعه : لا تقولها .. دخيلك يا فارس لا تقولها .. اخاف ايي يوم ما تقدر توفي بهالوعد ..



ارتجفت شفتيها .. واعتصر قلبها .. وكأن به يداس بين اضلعها .. مُرة كالعلقم تلك الكلمات التي تريد ان تبعثرها في مسامعه .. ومتعبة حد الموت .. ازدردت ريقها : حبيبي .. تدري اني احبك واموت فيك ..



بكاءها يمرضه .. صوتها المتهدج يرجف قلبه كشجرة ترجفها عاصفة هوجاء .. اردفت : ما اريد احرمك من الظنا .. ما اريد ..



" اص " .. صرخ بها وهو يعتصر ذاك الذي على اذنه : لا تقولين كلمه زايدة يا كنه .. غيرج ما بطب فراشي فيوم .. سامعتني ..



لا تعلم أتبتسم لذاك العاشق الذي لم ولن يرضا بغيرها ..ام تحزن لانها هي لن تستطيع اسعاده وحدها ؟ مسحت دموعها لتتابع حديثها معه بعيدا عن تلك المنغصات التي احتلت ايامه من بعد غيابها ..

,,

يــتــبــع |~

اسطورة ! 05-02-13 05:27 AM

رد: زفرات اغتصاب ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 


هل ذاك الاجتماع بالامس سيزيل ما استحل في قلوبهم تجاهه .. ليوافقوا على اكمال ما بدأوه ؟ اتعتبر المُثُل فوق كل شيء .. قالوا له انهم لن يربطوا ما حدث مع ما تم سابقا .. لتصيبها رجفة في اضلاعها .. ستتزوج ذاك الذي لم تلمحه الا مرات قليلة برفقة "المرحوم" .. ازدردت ريقها وهي تتخيل نفسها تزف اليه .. اليوم سيمضي وسيأتي الغد الذي فيه سيكون موعد مع تحاليل ستقوم بها .. وبداية لمشوار جديد يرتبط فيه اسمها باسم شبيب .. اغلقت الماء لتخرج من "البانيو" بخطوات مبتلة .. تسحب "بالطو" الاستحمام لتلفه على جسدها .. وبضع من خصلات شعرها ابتلت لتنام على رقبتها وكتفيها .. والباقي كان مرتفعا لم ينله من الماء الا رشات خفيفة .. لا تشعر بالبرد .. لعل الافكار التي تجتاحها كفيلة ان تحيل جسدها الى كتلة من النار .. تنهدت .. لا تعلم لماذا تلك التناهيد لا تعتقها منذ ان سمعت بموعد الارتباط المؤكد .. رفعت ذراعها لتنزع ذاك المشبك محررة شعرها القصير .. وترتمي بعدها على ظهرها .. وساقاها متدليتا عن السرير ..


ابتسمت وهي ترفع كفها تتخيل خاتما منه يعانق بنصرها .. ستكون زوجة له ان كانت النتيجة لتلك التحاليل لصالحهما .. ما بالها باتت تفكر فيه كثيرا .. هل عشقته ؟ .. لعل تلك الاحاديث الحانقة على خالد منذ ايام مضت جعلتها تنظر للامور بمنظار مختلف .. انقلبت على يمينها .. لترتجف على فكرة الارتباط من جديد .. ستحبه ؟ .. لا بل انها بدأت في ذلك ..


انعقد حاجبيها فجأة على حديث قد قيل سابقا .. حديثا عن ارملة خالد وابنتها .. نفضت رأسها تبعد الافكار السوداء عن العبث بها .. لتمد ذراعها تسحب هاتفها .. وتعود تنظر لسقف وهو على اذنها ..


,,

تقلبت في فراشها مرارا وهي تسمع رنين هاتفها .. لتلتقفه بعد ان تخبطت يدها مرارا على " الكوميدينة " .. وتسحبه الى اذنها تحت الفراش .. وبصوت نائم : الووو ..

لتضحك تلك على صوتها .. وترد مقلدة لها : الووو ..


وتردف : قومي .. حشا مب رقاد عليج .. يعني اجازة وقلتي ما بقوم .. ترا رقادج بيتخربط..


رفعت الغطاء ولا تزال مستلقية : غريبة فرحانه .. والصوت يغني من الفرحة ..

جلست : قل اعوذ برب الفلق .. خمسه وخميسه


وغرقت في ضحكة طويلة استغربتها سوسن .. لتقطع عليها : لا اكيد صاير شيء .. هذي مب مهوي اللي دوم عافسة الويه .. ياللا بشريني شو مستوي ..


بحياء وكأن بها تهمس لا تتحدث : حددوا موعد الملجة ..


ابتسمت سوسن .. لتزيح الغطاء بالكامل وتترجل عن سريرها : شكله القلب قلب الوجه للجهة المعاكسة .. انزين برد اتصل عليج وباخذ كل علومج .. الحين بقوم اتجهز عندي مشوار .. باي ..


وما هي الا ربع ساعة حتى وقفت امام المرآة ترتب من نفسها .. تضع القليل من " المكياج" .. وتترك ساعتها الرشيقة تزين معصمها .. لتسحب ذاك الخلخال .. وتجلس على سريرها ترفع قدمها اليسرى .. لتدع كفاها يطوقان مفصل قدمها به .. حركته باصابعها وهي تبتسم .. لتقف تسحب عباءتها وهي تسمع والدها يناديها : يايه الحين ..


ترجلت من السيارة بحياء جم .. و ودعت والدها الذي وعدها بالعودة لاخذها بعد ساعة من الآن .. مشت عبر الممر القصير الى الداخل .. اخبرتها بانها ستكون في انتظارها في مجلس النساء .. وان لا احد في المنزل سواها واختها .. ووالدتها وجدتها وهاشل الصغير ..


خلخالها ذاك يصدر اصوات عند سيرها .. وكأن به يخبر الساكنون بانها هنا .. لترفع عباءتها قليلا .. لتفاجئ به يمسكها من طرفها .. انحنت تحاول اعتاقها منه .. هناك على مقربة من الباب .. لتباغتها النسمات وتحل وثاق " شيلتها " وتصرخ : لا مب وقته ..


وتقف من جديد تتلفت في المكان .. زفرت انفاس الراحة .. لتعيد لملمة شتات روحها مع تمتمات بـ الحمد لله .. تسمع صوت التلفاز جليا وهي على بعد خطوات من باب ذاك المجلس الصغير .. لتنحني من جديد عند عتبته تحل وثاق خيوط حذائها الاسود .. وتقف لتطرق على دفة الباب المفتوح بطرقات متتابعة .


كانت مع جدتها بعد حديث طال مع فارس .. وبعد محادثة من سوسن تؤكد لها مجيئها لزيارتها .. فهي لم تزرها منذ مدة .. وقفت وهي ترحب بتلك التي تقدمت خطوات .. لتنحني تقبل رأس العجوز وتسأل عن حالها : شخبارج يدوه ؟


-
بخير .. ما نشكي باس ولله الحمد ..


لتكمل اكل تمرات في يدها .. وتحتضن سوسن كنة بشوق لصديقة كانت معها على مقاعد الدراسة .. وتردد تلك : حيالله سوسن .. عاش من شافج والله ..


ضحكت بهدوء : عاشت ايامج فديتج ..


لتجلس بجانبها .. تقدم لها صحن البسكويت وتسكب لها كوب من الشاي .. واذا بتلك العجوز تسألها : شخبار اهلج ؟


ابتسمت وهي تنزل يدها الممسكة بقطعة بسكويت بعد ان قضمت منه قليلا : الحمد لله يدوه كلهم بخير ..


تطمس اصابعها المتجعدة في وعاء الماء .. بعد ان انهت تناول تلك التمرات .. تحمد الله .. وتستند بظهرها على النمرقة المخططة بالابيض والاسود والعنابي .. لتصمت على احاديث الشوق بين تلك الفتاتان .. واذا بها فجأة تعود من جديد تسأل : تزورين امج ؟


تشعر بعدم الارتياح لتلك الاسئلة .. لربما ستصل بها الى اسئلة أخرى .. ابتسمت على مضض واجابت : من زمان ما زرتها .. ما عندنا فرصة نروح نشوفها .. تدرين دراستي وشغل ابوي الله يحفظه ..


" زين زين " رددتها تلك العجوز وهي تسحب عكازها الى جانبها .. وتردف : ابوج بعده فشغلته ؟


تكلمت كنّة وكأنها تريد ان تسكت جدتها بلطف : يدووه باخذ سوسن داخل .. سوالف بنات يعني – لتقف وتمد يدها لسوسن – ياللا قومي ..


وتلك تنظر لهما بطرف عينها .. وسرعان ما اوقعت تلك النمرقة ارضا .. وتمددت مسندة رأسها بها .. وهي تتمتم ببعض الحديث الخافت بينها وبين نفسها ..


دخلتا الغرفة لتستدير لكنة الواقفة عند الباب : عيل امج وين ؟ وشامة وينها ؟ حتى هشول ما اشوفه ..


" استريحي " قالتها لتمشي وتجلس متربعة على سريرها .. وتستطرد : امايه راحت بيت خالتي ام سالم .. تقول من زمان عنها .. ويقولون انها مريضة ..


جلست على طرف السرير : الله يشفيها .. والباقي ؟

- هاشل اكيد فالملعب مع ربعه .. بيتمرغ فالتراب وبيي .. بس يا رب منذر ما يشوفه والا بيسويله سالفة


وقهقهت .. لتتابع الاجابة بعدها .. وتلك صمتت تستمع لها .. تشعر بانها بحاجة للحديث معها .. عن اشياء كثيرة بعيدا عن حياتها الزوجية ومشكلاتها التي بدأت تكبر من بعد ما حدث .. وسوسن كانت نعم الفتاة المنصتة لها . وسرعان ما مر الوقت بين ضحكات على الماضي البعيد .. وذكريات دراسية ممزوجة بالفرح .. وليتطرقن للحديث عن مها بين احاديثهما الشيقة .. لتسأل سوسن : كنه انتي عادي عندج ياخذ مها ..


لما هذا السؤال الذي يخفي بين طياته الكثير .. هزت رأسها بخفة مستنكرة السؤال : وشو فيها مها عشان ما نوافق عليها .. جمال وأدب .. وامي اختارتها على ذوقها .. والصراحة ذوق امي لا يعلى عليه ..


لتغرق في ضحكة قصيرة .. وتصمت وهي تضع كفها على كف سوسن الراقد على السرير بجانبها : سوسن في شيء ؟


رفعت رأسها لتبتسم .. وتهز رأسها بـ لا .. وقبل ان تنطق رن هاتفها .. لتجيب وتقف بعدها : ابويه برع ..


سحبت معصم سوسن تنظر لعقارب ساعتها : اووف ما حسينا بالوقت ..


لتغرق سوسن هذه المرة بالضحك .. وتقف ترتب " شيلتها " وعباءتها التي التصقت من جديد في ذاك الخلخال .. لتزفر لتلك الحالة التي لا تطيقها .. وتنحني تفك طرف عباءتها وهي تردد : مادري شو بلاه اليوم .. مب بالعادة كل شوي يشبكلي عباتي .. والله تقطعت منه .. شوفي ..


ترفع طرف العباءة لكنة .. لتضربها على كتفها : ليش تلبسينه من الاساس .. فوق انه يلفت الناس لج وانتي تمشين .. محد يشوفه اصلا ..


ابتسمت وهي تمشي معها خارجتان من الغرفة : ما رايحه السوق ولا رايحة بيت حد غريب .. ياية بيت اختي .. وقلت البسه ..


-
فديت اختي انا ..


نطقتها وهي تطوق كتفي سوسن بذراعها .. لتقف تلك عند الباب .. تلتفت لكنّة : خلج لا تعبين عمرج .. ادل الطريج .. ياللا مع السلامة ..


وقبلات متبادلة .. ومن ثم تلويح بالاكف .. لتختفي من امامها وتظل في مكانها واقفة .. تاخذها الافكار لايام مضت .. تشتاق لايام المزاح مع صديقاتها .. بل انها تشتاق لايام الدراسة بكل ما فيها .. سبحت في خيالاتها وهي على وقوفها ذاك .. لتفز صارخة حين باغتها من خلفها قائلا : بووووووو


يدها تعانق صدرها الذي بدأ يعلو ويهبط بعنف : الله يغربل بليسك يا منذر ..


ليغرق في ضحكة طويلة وهو يضم بطنه بذراعه .. والاخرى استند بها على جانب الباب .. لتغتاض منه وتضربه على كتفه : هذي سواه تسويها في .. ولو مت ..


من بين ضحكاته: والخيبة .. عاد من ترويعة تموتين ..


خذلتها روحها فلم يدم غضبها الا هنيهة وسرعان ما ضحكت معه : لا تعيدها ..


يقبل رأسها .. ويضع انملة سبابته على ارنبة انفه : ان شاء الله وعلى هالخشم .. شو تبين بعد ..


نظرت اليه متفحصة .. ثوب رمادي بـ"طربوش " قد تدلى على صدره .. و" غترتة " بيضاء لفها بأحكام على رأسه : اووه صاير معرس .. ع وين ؟


نفخ صدره بخيلاء .. وهو يتنحنح : يعني اذا رحت اخطب مرة بيوافقون ..


لتبتسم وكأنها في حلم مما تسمع : من صدقك .. واخيرا طاح اللي فراسك وبتعرس ..


ليعود لقهقهاته ويردف وهو يتعداها خارجا : عشم ابليس .. جابر ياي فالطريج ..


رفعت حاجبها : هذا كله عشان جابر ؟


رجع بخطواته لها ليضع عينيه في عينيها : يهبي الا هو اتعدله .. كنت رايح السوق .. وبعدين غيرت رايي ..


,,

يــتــبــع |~

اسطورة ! 05-02-13 05:28 AM

رد: زفرات اغتصاب ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 


ليجمعهم لساعات ذاك المجلس .. يتبادلون اطراف الحديث .. وحديث عن ما كان وما قد سيكون من الامر لاحقا .. ليصمت جابر طويلا .. وحديث مقتصر بين منذر وابن اخته شبيب .. ليسأله : الا شبيب ما انت تقول انه كان ع ورق .. عيل من وين يت البنت ؟


ليرفع ذاك رأسه وكأن بذاك السؤال يعيده لما حدث صباحا بينه وبين ليلى .. ليجيب بدلا عن شبيب : ولد عمه حامي ما قدر يمسك نفسه ..


فرد ذراعيه على الكنب " البيج " .. واراح ظهره عليه : الله لا يبلانا ..


ليغرقوا في ضحكات متقطعة .. ويستطرد : لا وبعد تبوني اعرس .. والمصيبة ما طايع ياخذ بشوري


قالها وهو ينظر لشبيب .. ومن ثم نظر لجابر : شوفه وتعلم منه ..


ليحرك جابر رأسه مستنكرا : شو فيني بعد .. منذر خلك بعيد عني .. ما شكيتلك ..


اعتدل : لا وبعد يقول شو فيني .. اقطع ايدي اذا مب مضارب وييا حرمتك .. والدور ع ولد الاخت .. الله يعينكم بس ..


رفع جابر كفيه : يا رب اشوف فيك يوم يا منذر يا ولد ام منذر ..


ليضحكوا على دخول شمسة .. ووقوف ذاك بعد ان رد عليها السلام .. لينحني على كتفها .. يدعي البكاء : لحقي علي يا شمسة .. عيالج يبوني اعرس ..


-
وهم الصادقين .


" ها " قالها بجزع وهو يبتعد : قيتك يا عبد المعين تعين .. لأيتك يا عبد المعين عاوز اللي يعينك ..


ويعودون ليضحكوا وكأن تلك الساعات كانت اجتماع لترويح عن النفوس .. لا ينكرون بان جلستهم تلك ينقصها حارب وينقصها شخصا انتهى عن وجه الارض .. لا يزالون على حالهم بعد ان تركتهم شمسة فهي لا تقوى على مزاح اخيها الذي يثير غضبها احيانا .. حتى ما ان وقف ذاك على الباب ويده اختفت خلفه .. تحلقت الانظار اليه .. وتراحيب منهم ليدخل .. ليبتسم شبيب ويقف : شو بلاك حياك ادخل .. عاش من شافك يا ولد عمي ..


ودنى بخطواته وهو يستطرد : حيالله مطر .. حياك ليش واقف هناك ..


تسمر في مكانه .. لم يجرؤ على التقدم أكثر .. فذاك في وجهه .. والاخر يشتعل غضبا تفجر من مقلتيه .. ليردد بغضب جم : محد بينتقم لخالد منك غيري ..


وقفا بهلع .. ليتقدم جابر بحذر : مطر شو هالرمسة .. نزل المسدس .. عيب ترفعه فويه ولد عمك ..


لم يتحرك ولم تتحرك مقلتيه ابدا : مالك دخل يا جابر .. السالفة بيني وبين شبيب ..


بهدوء كما عُهد منه : تعوذ من الشيطان .. تراك مب بعقلك ..


" خليت العقل لك " .. صرخ بها .. وهو يشيح بنظره لمنذر الذي تحرك .. ليقف بعدها ويعود ذاك يطبق على المسدس بكفيه .. وعينيه في عيني شبيب .. ليردف : ومن وين بينا العقل وانت يالس تعق بلاويك ع ظهر اخوي ..


" مطر" صرخ جابر باسمه وهو يتقدم .. ليصرخ ذاك به : لا تقرب يا جابر .. والا والله انقع فيه الحين ..


" تعوذ من بليس يا مطر ".. قالها منذر وهو يقف في مكانه ليتابع : منو هذا اللي لاعب بعقلك ومشيشنك ع ولد عمك .. انت قدها توطي راس ابوك وتدخل السجن .. قد هالشيء يا مطر .. ما فكرت فابوك وامك ..


لا يهمه اي حديث يقال .. ما يهمه الآن هو ذاك الصامت امامه .. لما لا ينطق .. لما لا يدافع عن نفسه .. لتتسلل اليه رجفة غريبة .. واضطراب من ذاك الصامد وعينيه هادئة .. كأخيه .. الآن فقط يرى بأن تلك النظرة يتقاسمها اولئك الثلاثة .. جميع محاولاتهما بآءت بالفشل .. فهو لا يستمع ابدا الا لحديث نفسه الناقمة على شبيب ..


التفت شبيب نحو جابر الذي يتقدم بخطوات سريعة نحو مطر : عطني اللي فيدك ..


يمد يده وذاك يبتعد خطوات للخلف .. لا يعلم ماذا حدث . . ليدوي صوته في المكان .. ويقع ما في يده وهو ينظر لدماء جابر المنبثقة من ذراعه اليسار .. وكفه اليمنى تردع تلك الدماء دون فائدة .. ليتلعثم وهو يرى شبيب يقترب منه .. ومنذر يخرج من المجلس .. ردد بتوتر : مب قصدي .. مب قصدي .. هو اللي حدني..


ليمسكه من ذراعه يجره ليرميه على الكنب في زاوية المجلس وبعيدا عن الباب : يا ويلك اذا تحركت من هني يا مطر ..


ليسارع الى صاحبه الذي خر على ركبتيه .. واسنانه تدوس على شفته السفلى بقسوة .. والدماء لا تتوقف .. ليجلس ذاك بجانبه : جابر – يلتفت للوراء ليرى اثر الطلقة على الجدار – الحمد لله الا يرح ..

ليشد ذاك من أزر نفسه .. مؤلم ذاك الجرح الذي شق جانب ذراعه .. ليستمع لشبيب الذي انتشل هاتفه وهو ينظر لمطر الخائف : الو .. حارب تعال بسرعة البيت .. جابر منصاب .. واليرح كبير .. بسرعة لا طول ..


على صوت تلك الرصاصة .. خرجن .. ليقابلهن منذر .. وقد علت وجهه ابتسامة .. وهو يرى الخوف على وجوههن .. الجدة المتكأة على عكازتها .. وشمسة التي وقفت في وجهه .. وشامة التي تنظر بخوف من بعيد وهي تشد على كتفي هاشل الذي يحاول الخروج .. وكنة التي تقترب بخطوات متوترة من والدتها .. لتنطق شمسة : شو استوى يا منذر .. هذي رصاصة والا نتوهم .. شبيب فيه شيء ..


صرخ : شوي شوي علي .. حشا .. سؤال ورى سؤال ..


لتصرخ به العجوز وهي تحرك عكازها امامها : مب وقت غشمرتك .. شو اللي استوى ..


تصنع الضحكات ليردف : يالسين نجرب مسدس شبيب .. صارله فترة مركون فالسيارة .. والله انه عارف انكن بتخافن .. والا ما طرشني لكن ..

ليقفز ذاك من بين يدي شقيقته : اريد اشوف ..

ليصرخ به : والله ان شفتك معتب الميلس ما بتشوف خير ..

ليبتعد بخوف يعود الى مكانه : انزين ما بروح لا تعصب ..


نطقت تلك بخوف : انتوا ناويين ع موتي .. مرة انت ومرة شبيب .. عناللاتكم حد يجرب مسدس فالميلس ..


-
دخلن دخلن .. ما فينا الا العافية ..


ليحث خطاه عائدا الى المجلس .. ويكتفين هن بالوقوف دقائق ثم العودة الى الداخل .. ليصل على صوت مطر الواقف في مكانه في الزاوية كطفل عاقبه استاذه : مب قصدي .. شبيب ما بتسجني صح .. انتوا السبب ..


التفت له شبيب ليخيفه بنظرته .. ويعود ليجلس مكانه دون صوت .. فقط يراقب ما يحدث .. ليرفع نظره لمنذر وهو يربط اعلى ذراع جابر بـ" غترته " .. ويشدها بقوة يمنع تدفق الدم اكثر : روح اوقف برع .. من يوصل حارب دخله من الباب اللي ورى ..


" وهذا " .. يشير الى مطر الخائف .. ليجيبه شبيب بصوت عالي وكانه يريد ان يسمع ذاك الخائف : ان تحرك بيشوف شيء عمره ما شافه ..



,,

ارتدى ملابسه بسرعة .. بنطال " جينز " ازرق باهت اللون .. و " بلوزة " سوداء تبعثرت على صدرها كتابات ورسومات متداخلة .. ليسحب حقيبته الطبية بسرعة .. يتأكد مما بها .. ويخرج على عجالة .. لا يعلم كم مخالفة مرورية ارتكب .. فلم يعد عقله يعمل الا على سرعة الوصول .. ليتلقاه منذر قبل ان يصل بسيارته للبوابة .. يدخلان بخطوات مهرولة .. ليسأل حين ولج : شو اللي استوى ..


يترك حقيبته جانبا . يفتحها .. ويعاين الجرح .. يحتاج الى خياطة .. وهناك الكثير من الدماء بحاجة للتعويض .. هدوء تام اجتاح المكان .. ومراقبة من منذر على الباب .. وكأنهم في مهمة عسكرية اعتادوا عليها ..


لم يخفى عليه وجه صديقه الشاحب .. وعيناه الغائرتان .. ينظر اليه وهو يعقد حاجبيه .. دقيق جدا .. تركيزه منصب على الجرح الذي امامه .. حتى حين صرخ جابر متألما .. نطق : مسوي فيها قوي وتتويع من شكة ابره ..


من بين اسنانه نطق : خف ايدك ولا بتويع ..


ضحك شبيب على صراعهما .. ويبتسم هو على تلك الضحكة التي وصلته .. لن ينظر اليه .. بل انه لا يرغب بالنظر اليه .. سينهي عمله وسيغادر .. دون كلمة .. ودون اي حرف .. هو مجروح من شبيب حد النخاع .. يؤلمه وجدا ما حدث .. ويؤلمة أكثر ما عرف .. ليقف شبيب يتقدم من مطر .. يشده من ذراعه ليقف : قوم وياي ..


لينظر بخوف لذاك الحازم معه : بتحبسني ..


بصوت خافت يشوبه الغضب : ما اريد اسمع ولا كلمة .. بتمشي وياي وانت ساكت فاهم ..


يجره معه .. ونظراته على جابر .. وكأنه يطلب منه المساعدة .. ولكن ذاك اكتفى بالنظر قليلا ثم اشاح بوجهه ليقف مع حارب الذي يسنده .. وينطق وهو يساعده على الاستلقاء على " الكنب " الطويل : نزف واايد دم .. محتاي تغذية ..


لينظر الى منذر الواقف بصمت .. يعلم بان هذا الاخر يمقته .. ليبتسم : سويت اللي علي .. دير بالك عليه .. يمكن ترتفع حرارته – التفت لجابر – كنت ببقى وياك لولا اني حاس باني شخص مب مرغوب فيه هني ..


يد جابر تمسك بمعصم حارب الايمن .. وبنبرة متعبة : ايلس .. ما عليك منهم .. ايلس ..




,,

هنا اقف .. وموعدنا باذن الله يوم الخميس ^^

اسطورة ! 09-02-13 09:12 AM

رد: زفرات اغتصاب ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 


http://up.graaam.com/forums/616798/01360326742.gif

,,


عالم آخر .. وحديث جسد لا يعلمه حتى صاحب الجسد .. وهدوء غريب يتبعثر في ذاك المكان الذي يقبع فيه منذ البارحة .. لا يزال صوت شمسة الصارخ حين رؤية الدماء يطن في اذنه .. هي تحفظ اخيها جيدا .. لم تنطلي عليها تلك الكلمات والضحكة الماكرة .. لتلج الى المجلس بعد نصف ساعة لتجده مسجى على "الكنب " الطويل .. وتحث الخطى بخوف اليه .. يذكر كلماتها الهجومية عليهم .. وحتى هو لم يسلم منها .. وخوف على شبيب لطالما رافق تلك الام .. وبعدها لا يذكر شيء .. لا يذكر أي شيء ..

عيناه متعبتان ..ولا يرغبان لتلك الجفون ان تبتعد .. او العكس .. ليحاول هو ان يفتح عينيه على حركة احدهم بجانبه .. وابتعاده عنه بعد ملامسة جبينه ..لتتفتح الجفون قليلا جدا .. بالكاد استطاع ان يميز منكبي ذاك الواقف بالبس العسكري .. ليحاول ان يرى اكثر دون فائدة .. ليتمتم : شبيب.


دخل عند الفجر الى قسمه الخاص في الجهة الغربية من المنزل .. ليأخذ حماما ساخنا . ويستعد لاول يوم عمل بعد غياب طال وجدا .. يحث الخطى الى دولابه الخشبي الكبير . وينتشل له ما يلزمه .. منشفة و ملابس داخلية ..ونظره الى ذاك الساكن .. لا يريد ان يزعجه بضجة قد يحدثها .. ويستدير رأسه حيث الاخر .. ينام على الكرسي دون ارتياح .. متعب هو . ولكنه هادئ هدوء الميتين .. اتعبه السهر ليراعي ذاك الجابر الغارق في حمى تسحبه الى قاع الامعقول .. لتبصقه قبيل الفجر من جوفها .. ويغرق ذاك بعدها في خيالات احلامه متناسيا وجع الكرسي لجسده ..


سحب ساقيه بخفة وهدوء .. حتى يستقر بعد دقائق عند سرير النائم .. كفه تقع بهدوء على جبينه .. وتمتمة بالحمد تخرج من بين شفتيه .. ليبتعد ويقف امام المرآة يرتب هندامه .. ويمشط شعره الى الخلف .. واذا بنبرته المتعبة تصل الى اذنيه .. ليمشي اليه .. يبتسم وهو يقف اعلى رأسه : تحلم ؟


قالها لان عينيه مغمضتين .. وانفاس صدره قد باتت مستقرة كـ"نوتة " موسيقية تحمل نغمات متواترة .. وقف قليلا .. لعله يفتح عينيه .. يجيبه .. ويقول مالذي دعاه لذاك النداء الآن .. سحب انفاسه .. ولا يعلم لماذا عينيه تسرقان النظر الى الآخر .. يشتاق لاحاديثه التي انقطعت .. بسبب امر قد قُدر .. هل الاقدار تحكم بنا الى الفراق ونحن في نفس المكان ؟ وتحيل ارواحنا الى انهار شوق تأبى الجريان ؟ ..



غادر المكان بهدوء كما دخل .. وعيون تتبعه دون ان تنظر .. ليتنهد وهو يبتسم .. يجر الغطاء على اكتافه .. لم ينم .. ولم يستطع الا الادعاء في حضرة الصديق والاخ .. والخليل الذي اشتاق الى السمر معه ..


وعيون أخرى قد استرقت العتب .. بعد نطق الشفاة التي تمردت في لحظة رسمت تعابير وجهين .. وحديث قلبين .. اغمض عينيه اللتان لم تنظران الا من خلال فتحة الجفون الصغيرة .. وتنهد .. يكاد يقسم انها كانت هنا .. وعلى شفتيه لا يزال مذاق دمع عينيها .. يكاد يجزم ان يده لا تزال تشعر بكفها الصغير الناعم يشد عليه .. وصوتها يتردد في المكان .. وكلماته المبحوحة من البكاء .. تنطق باسمه مصغرا " جبور " وتتبعها بكلمة " حبيبي " .. هل تلك الحمى ضربت عقله لتحيله الى هلوسة غريبة تطرق ابواب نفسه ؟.. تبا لها احالت جسده القاسي كورقة في مهب الريح ..



دوامة افكاره تلك لم تجعله ينتبه لذاك الصوت المناديا لـ حارب .. ولا خروجه المتوتر من الغرفة .. ها هو يعود بعكس ما ظهر .. حاجباه معقودان .. وافكاره متشتتة .. ليمشي في تلك الصالة مطولا .. ويقع نظره على كتاب اشعار ليبتسم .. كم يعشق الاشعار .. لينحني يلتقطه .. وتزيد ابتسامته .. لا يزال شبيب القاسي محبا لترهات اولئك اصحاب الحرف المنمق كمثله هو .. ليحمله بين كفيه .. يقلب اوراقه .. ليقف حيث اندست قصاصة ورق صغيرة .. لربما كانت من زاوية لورقة قرار ما .. او امتحان ما ..


ليرفع نظره لذاك المستلقي وعلى وجهه ابتسامة حمقاء . ليلعن تلك الحمى التي جعلت من صديقه طفل يهذي في آخر الليل .. ومتيما يلقي بهمهمات عشق في اوج حرارة الجسد .. ليجلس على طرف السرير .. ذاك ليس نائما .. ولكن تلك الحمى استنزفت قوته حتى كاد لا يقوى على الاستيقاظ التام .. بخفوت بعد ان جلس ذاك نطق : حارب .. كم الساعة ؟


ليتشدق ذاك وهو يربت على ذراع جابر اليمين : لو مكانك كنت خست من كثر ما رقدت ..


واتبعها بضحكة استغربها جابر وهو يعقد حاجبيه ويفتح عينيه : لا تقولي صارلي اكثر من يوم .. لاني احس جسمي متكسر .. الا اذا الدكتور حارب فشل فالعلاج ..


وضحك ضحكة قصيرة .. ليرفع ذاك حاجبه : تدري عاد .. لو ما خالتي ام شبيب كان ما يلست ..



ايدعي الغضب كالاطفال الصغار من مداعبة صغيرة منه ؟ ام انه حقا ناقم لما حدث ؟ .. رفع يده ليمسك ذراع حارب المندمج مع تلك الابيات المرصوفة .. ليلتفت له : انتوا مخابيل يا حارب .. وربي مخابيل ..



وصمت .. وذاك تسمرت عينيه على الاحرف السوداء .. وكأنها تاهت هناك .. ايدعوه بالجنون ؟ ايدرك ما يعانيه من جراء ما حدث ليتحامق بذاك القول .. تشدق بابتسامة جانبية ليبعثر الصمت : اقول جابر .. تراك البارحة بس تصاوبت ..


" اعرف " .. قالها وهو يغمض عينيه .. يرغب لذاك الحلم ان يعود .. ان تعود رائحة الخوف عليه في صوتها .. ورجفة اناملها على وجنتيه .. يرغب بان تعود .. ليفتح عينيه بغضب حين نطق ذاك : اسمع شو يقول نزار ..


أهذا وقتك ووقت نزار يا حارب ؟ دعه يعيش لحظات حلم جميل وهو بعيد عنها .. ليقرأ ذاك بصوت شاعر متمكن :



كي أستعيد عافيتي
وعافية كلماتي.
وأخرج من حزام التلوث
الذي يلف قلبي.
فالأرض بدونك
كذبةٌ كبيره..
وتفاحةٌ فاسدة....



ليقف ويكمل جابر بصوت متعب :



حتى أدخل في دين الياسمين
وأدافع عن حضارة الشعر...
وزرقة البحر...
واخضرار الغابات...


اعجبه الامر .. وتابع بعد ان توقف ذاك .. تابع ليتابع ذاك حلم ذكرى .. ونار مشتعلة .. ورمال صفراء اسودت في البعيد .. وكثبان تزاحمت .. وعصا في يد من اندثر .. يقلب الجمر وهو ينطق : احلى شيء ان اجازتنا يت وييا بعض ..


ليرد شبيب : هيه وانت الصادق .. ويا حلاة البر دام فيه الرباعي ..


لتتعارك الضحكات .. تشرخ سكون الصحراء .. ليقرأ وقتها حارب تلك القصيدة .. ذات القصيدة التي يسمعها الآن .. ليرد عليه خالد :



أريد أن أحبك
حتى أطمئن..
لا تزال بخير..
لا تزال بخير..
وأسماك الشعر التي تسبح في دمي
لا تزال بخير...


أريد أن أحبك..
حتى أتخلص من يباسي..
وملوحتي..
وتكلس أصابعي..
وفراشاتي الملونة
وقدرتي على البكاء...



كان يحفظ الاشعار .. يعشقها .. لو قرأت له بيتا أكمل من بعده ابيات من صدره .. التفت لسكون جابر .. وشيء ما سقط على جانب عينه .. أجابر يبكي ؟ هل الاقوياء يبكون ؟ كان يظن بانه الضعيف الوحيد بين الاربعة .. الرقيق الوحيد الذي يدخل مشاعره دائما في كثيرا من الامور.. ابتسم .. وهو يمد يده .. وبظهر اصابعه مسح ما سقط .. ليبتسم جابر : مب عيب اطيح دمعه ع روح خالد ..



يا الله يا جابر كم اني اغبطك في كل شيء .. في كلماتك التي تُخرس اي انسان عن المتابعة .. وفي عشقك الممزوج مع دماءك .. لا تظهر ابدا الا ساعة فقدان وعي .. وفي عنفوانك وقسوتك الحانية .. وهل هناك قسوة حانية يا حارب ؟ سؤال طرحه على نفسه في صمت .. ليقف يترك الكتاب جانبا .. لا داعي لبعثرة حروف اخرى تجر معها دمعة اخرى من رجل كـ جابر .. وقف ليسحب الهواء ويزفره .. اين هي تلك الايام التي كانت .. هل ستعود ؟ هل سيكون لها خط رجعة بدونه .. اجل بدونه هو .. فهو لن يبقى اكثر .. لن يدع الاقدار المرسومة ان تكسره .. بيده ان يقول لا .. وان يبتعد .. فقط يبتعد .. وابتعد عن الصمت .. ليجر ذاك جسده يسنده بظهر السرير .. ويغمض عينيه من جديد .. ليشعر بالضحكات تداعب روحه ويبتسم ..

,,


ارتفعت الضحكات على تلك المتمنعة .. فـ البارحة جاءت الى هنا بعدما وصلها خبر جابر .. وبقيت حتى صباح اليوم .. لتضع تلك الصينية امامها : قومي شليها له ..

- مابي خليه يتأدب ويعرف انه مب ليلى اللي يندس عنها اسرار ..


ارتفع حاجبيها وهي تجلس بجانبها في الصالة الصغيرة : يعني تفهميني انج مب مهتمه . وانتي البارحة صوتج شاق البيت شق .. حتى الشباب استحوا وانتي هاجمه عليه فالحجرة .. زين منهم انهم طلعوا قبل لا ياخذون اثم فيج ..


وكتمت ضحكة .. لتزفر الاخرى وبصوت متعذر : عااد وقتها كنت مصدومة .. بس الحين خلاص – التفتت لكنة وهي تحرك كفها امامها – الظالم سبع سنين يدري ولا يقول .. سبع سنين يا كنه ..


قهقهت تلك ولاول مرة تضحك بهذا الشكل من بعد ما حدث : الله مرة وحده ظالم ..


وعادت تضحك وتلك تغيرت ملامح وجهها وهي تضربها على فخذها : وكيف تبيني اروحله وحروب عنده ؟


تمالكت نفسها لتسيطر على الضحكات التي اتعبتها .. وهي تهز رأسها تحاول ان تنطق ولكن دون جدوى .. فتلك القهقهة عادت اليها .. وكأن بها تحاول ان تعيد كنّة القديمة .. اكملت الضحك ويدها تشير الى النافذة .. لتتحوقل ليلى وهي تقف : حشا الا كلمة وقلتها ..


وتابعت خطواتها بغضب نحو النافذة .. لتزيح الستار وتراه هناك .. يمشي وقد عانق هاتفه اذنه .. وعادت مسرعة تجلس بجانب كنّة : مب رايحة .. خليه يتأدب ..


قامت واقفة بعد نوبة ضحك لا تزال اثارها على عينيها الدامعة .. لتنحني ترفع الصينية عن الارض وتلك تنظر اليها .. وما ان استقامت : فارس بس حمى قتلت عمري عشانه .. وانتي مادري من وين قلبج .. ما اقول الا الله يعينك يا جبور ..


واردفت بضحكة .. جعلت من الاخرى ترمي عليها علبة المناديل لتصيب ظهرها : آآخ ..


زمت شفتيها وهي تستدير : هين يا ليلوه ان ما علمته عليج وع سوالف البارحة ما اكون كنة اخت شبيب ..


لتفتح تلك ثغرها وسرعان ما هرولت خلف تلك التي سبقتها .. لتقف عند عتبة باب القسم .. وتلك قد وصلت عتبة باب الغرفة .. استدارت لها ورفعت حاجبيها مرات متتالية .. وتلك تشتاط غضبا وتتوعدها بكفها ..



بعثرت نظراتها في المكان وهي تخطو نحو السرير .. وذاك يرقبها .. وكأنه ادرك انها تتيقن من عدم وجود ثالث في الغرفة .. ليبتسم : حياج .. حارب طلع وبيروح ..


وضعت الصينية جانبا وجلست .. ترفع كفها لتعانق جبينه .. وتحمد الله على رحيل تلك المتطفلة القاسية .. لتنحني وتهمس في اذنه حديث جعل شفتيه تتمددان وما لبث حتى غرق في ضحكة توازي ضحكاتها السابقة .. جميل جدا حين يضحك .. وعيناه تشعان بفرح غريب .. سعال داهمه بعد تلك القهقهات على من تسكن قلبه .. لينطق : طول الليل وهي تصيح ؟


هزت رأسها .. ليعود يضحك .. وهي تحكي له خوف تلك الممثلة القسوة .. تخبره عن حديثها الخائف لعدة ساعات .. تدرك كم هو يعشقها .. وهي تعشقه حد الانغماس في بحور الحب والعشق .. كما هي العاشقة لفارسها .. كم تشتاق قربه .. لمساته .. وحضنه في لياليها .. تطعمه بيدها كطفل صغير تدللـه والدته .. هل هي بهذا الحنان مع الجميع .. لها من حنان ليلى الكثير .. اخته وزوجته كم هما متشابهتان .. يبتسم لها .. وحنحنة افزعتها .. لتسحب غطاء شعرها عن كتفيها .. تدسه بتوتر .. وترد تحية السلام باضطراب .. لما الاضطراب هكذا من زوج اختها .. الانها تعلم انه ظُلِم .. بعثر كلماته وظهرها له .. ونظراتها لجابر وهي تشد على شفتيها .. بعثرها ناطقا : السمووحة .. بس نسيت السويج (مفتاح السيارة ) ..

ينحني ليلتقطه من على ظهر " الكوميدينة "..ونطق جابر : شو بلاك ؟


لاحظ ارتجاف يده وهو يأخذ ما جاء لاجله .. حتى هي استشعرت نبرته .. اهناك ما يخفيه .. ووالدتها ماذا ارادت منه عند الصباح الباكر .. نظرت اليه لتنطق قبل ان يجيب : حارب امي شو كانت تريد منك ؟


سحب نفسه ماشيا : ولا شيء ..


قالها مبتعدا ليقف عند عتبة الباب وظهره اليهما : كلام عادي من ام حرمتي ..


أي حياة هذه التي سيُرمى اليها .. ماذا بعد اليوم ؟ .. غادر المنزل وفي جعبته حديث صعب من خالته كما ينعتها .. حكم عليه بالكثير .. والحكم القادم قاسي جدا .. ارتسمت على وجهه ملامح السخرية حين نطق " ام حرمتي" .. اي زوجة هذه التي يقصدها .. حين اضحت على شفه ان تقع في قلبه ابتعدت بعقلها الغريب .. ومرضها الجنوني بالتوهم .. والخوف والتقوقع .. أي زوجة هذه يا شبيب التي تكافئ بها صديقك .. او انك لا تعلم من ترهات روحها شيء .. وان كنت تعلم هل سيبقى الصد قاموسا ترتضيه ..



امسكها من يدها سائلا : شو السالفة يا كنّة ؟


ابتسمت : اي سالفة ؟


عيناه لا تختلفان عن عيني شبيب .. لولا انها تعلم بانه اخ بالرضاعة لاقسمت ان لهما منظر الاشقاء واكثر .. بعمق نبرة قال : سالفة شبيب وحارب .. وامج ..


يلاحظ اضطراب انفاسها .. ليردف : مب معقولة ان شبيب ياخذ ع غلطة كلام مثل ما قالي ..


- ما صاير الا كل خير .. بس هم متغيرين عشان قرب العرس .. انت تدري ا...


قاطعتها كفه التي لامست شفتيها .. ليبتسم وهو يشد انفاسه : اذا ما تبين تقولين لا تكذبين ..



,,

يــتــبــع |~

اسطورة ! 09-02-13 09:15 AM

رد: زفرات اغتصاب ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 

الكذب لنا معه حكايات منذ الصغر .. منذ الخوف من العقاب حتى وان كان لا يذكر .. فتتفوه اللسنتنا بفراغات الحقائق فقط للنجو .. ولِد معنا وسيبقى معنا في كلمات قد توصلنا احيانا للندم .. واحيانا اخرى للنجاة .. وقليلون من يضعونه في رف النسيان حتى لا تتشوه صفائحهم به .. هي تحاول ان تكذب على نفسها .. تخبر نفسها مرارا بانها لا تريد ان تهدم منزلا .. وعقلها يتهادى الى مزعمات والدتها .. فتبتسم وتضحك لذاتها مرددة " الشرع حلل اربع " .. هل نضع الشرع حيث نريد شاهدا .. ونرميه بعيدا حين لا يكون في صف مخططاتنا .. بلعت ريقها وهي تقترب من والدتها الجالسة على الحصير المصنوع من "النايلون" تحت الشمس .. فهي تبحث عن دفئ ابتعد هذا اليوم عن المحيط خلف نسمات هواء ترجف الارض ..

دنت منها تجلس وتسكب لها كوب من الشاي بالحليب .. وتختطف من الكيس قطعة " توست " تقتطع منها وتغمسها في الكوب .. وتبلعها بهدوء .. ووالدتها تبعثر خيوط " البراقع " وتغرس في احدهن الابرة لتعيد ترتيبه بما يتناسب مع وجهها العريض .. وهي في صمت ارجف تلك الهادئة الا من مضغ تلك اللقمة .. لتشرب الشاي بعد ما اضحى بعيدا عن السخونة باميال واميال .. وتردد بعدها : امايه .. خلينا نروح عند ليلى ..


لم ترفع وجهها عن ما في يدها : محد فالبيت ..


ارتبط حاجباها ببعضهما : وشو دراج ؟


وهي على ما هي عليه : البارحة بعد العشا يتهم سيارة .. وحزري( اظن) انها لاخو ام شبيب .. حرمة عمهم الله يرحمه ..


" انزين " .. قالتها وهي تحث والدتها على المتابعة .. لتردف تلك وهي تبعد ما في يدها وتنظف اصابعها من الصبغ البنفسجي الذي سلطه عليهن ذاك البرقع الذهبي : راحت وياهم .. وللحين محد ييا منهم ..


دعكت اطرافها ببعضهن .. وتبلعمت في الحديث : جابر بعد ما رجع من عقب ما طلع امس الظهر ..


ابتسمت تلك : تبينه ؟


زحفت ناحيتها لتمسك كفيها : امايه تقدرين تخلينه ياخذني ..


وكأن ذاك الطلب جاء في وقته .. فهي تسعى لهذا منذ امد .. وها هي ابنتها تسهل عليها الامر .. لتهمس لها بخبث : تسوين اللي اقوله لج .. وهو بيطيح ..


جفلت تلك مبعدة كفيها : لا تقوليلي ادعم فيه .. ترى ذاك اليوم غسل شراعي ..


" لانج غبية " قالتها وهي تقف تحمل ما انهته وتتبعها بكلمة : وخبلة ..



تمشي وتلك تنظر اليها .. وسرعان ما قامت تتبعها .. الى المنزل ومن ثم الى غرفتها .. لتقف عند الباب تنتظر شيء من تلك الداهية .. ظلت واقفة وتلك في صمت مخيف ترتب بعض الملابس في دولابها بعد ان وضعت ما كان في يدها .. زفرت وهي على وقفتها : اوووف .. امايه شو اسوي .. ترا والله اريده ..


" تعالي " نطقتها وهي تمشي خارجة من غرفتها .. وتلك تتبعها كأمعة لا تعرف اي خطوة تخطو .. لتجلس في تلك الصالة وتجلس هي بجانبها بعد ان ربتت بيدها .. وبشوق لما ستنطقه والدتها : هاا امايه .. شو اسوي ؟


قالت وهي تضع كفها على فخذ ابنتها : تتقربين من ليلى .. تصيرين دوم وياها ..


لتصرخ بغباء : امايه وانا شو لي فليلوه .. اقولج اريييييد جابر ..


ضربتها حتى صرخت وهي تضع يدها مكان كف والدتها : يالخبلة .. تبينه صيري دوم فويهه .. ولا بتصيرين الا اذا صارت هي ربيعتج .. فهمتي يالثوله ..


هزت رأسها بغباء .. ونطقت : يعني عشان يشوفني دوم ويحبني وعقبها ياخذني .. صح ؟


تشدقت بفيها : الحمد لله والشكر .. زين انه بعدج عندج عقل .. انتي كل يوم روحيلها تعذري باي شيء .. ملانه ولا عندج حد .. والا انج بروحج فالبيت .. المهم تلقين اي عذر وتروحين عندها .. سولفي وياها تخبريها .. خليها مثل ربيعتج ..



تدس سم التفكير في رأس ابنتها .. حتى ما ان ابتعدت عنها خارجة من المنزل لزيارة لاحدى جاراتها .. اعتزلت هي نفسها في غرفتها .. تبحث عن اعذار من تلك التي وسوست بها والدتها .. لتبتسم ببلاهة وهي تتربع على سريرها .. هي ليست بذاك الجمال الذي يطلبه اي رجل في شريكة حياته .. امتعضت حين قارن عقلها بينها وبين ليلى .. فتلك جميلة مع انها اقصر منها .. وشعرها ناعم جدا بعكس شعرها هي .. وشفتيها على صغرهما الا انهما بارزتان بجمال رائع بعكس شفتيها المختفيتان الا من القليل منهما .. قامت مترجلة عن سريرها .. تنظر الى وجهها في مرآتها .. وتشد خصلة من شعرها : مب حلو مثل شعرها – ابتسمت – لازم اروح الصالون واتعدل ..



رفعت مقلتيها للاعلى وسبابتها على شفتيها .. تدعي التفكير .. واذا بها تعدد : بملس شعري وبصبغه .. وبسوي تنظيف لبشرتي .. و... – نظرت لحاجبيها في المرآة وهي تحرك عليهما سبابتيها – يبالهم تخفيف .. وبصير عقبها حلوة .. واحلى من ليلوه .. وووع ..



,,

احلام نرسمها .. لا نعلم هل ستضعنا يوما على اعتابها .. ونلمسها حقيقة .. ام ستبقى سابحة في ملكوت فكرنا .. جميعنا نحلم وهي ايضا تحلم .. بحياة مختلفة .. بعيدة عن الطمع والاذلال .. بعيدا حيث هي فقط مع ابنتيها .. لا ترغب الا بالحياة الكريمة لهما .. ترفع كفيها في كل ليلة داعية بالفرج .. تشعر بالاختناق حتى انسكاب الدمع .. تبكي خوفا من المجهول الذي ينتظرها .. والايام تجري مسرعة .. كأنها ترغب بوضعها مع مواجهة المصير من جديد .. لاول مرة تتمنى من تلك الاشهر الاربعة ان تطول حد الاربعين واكثر .. تتمنى ان تبقى على ذمته بعد موته .. حتى لا يدنسها رجلا كما اخيها .. تكره التفكير في ذاك الرجل القادم لاجلها .. فهو ليس بالرجل الكبير .. فلما يضع نفسه معها وهي ارملة مرتين .. وليست لوحدها بل معها روحين ..



طوت سجادتها بعد ان اتعبها التفكير في هذا الامر .. تشعر بان عقلها توقف عن الاستيعاب .. ترغب بمواجهة عيد .. لربما يخبرها سر ذاك الرجل .. تنهدت وهي تستغفر ربها .. المكان هادئ جدا .. الا من صوت التلفاز الضاج بحديث " الكرتون" المتحرك على شاشته .. خرجت من غرفتها بعد ان صلت العصر .. لتجد ابنتها مريم جالسة امام التلفاز .. وعيناها تنظران بنهم لتلك الشخوص المتحركة .. تلفتت لعلها تلمح ابنتها الصغرى .. وحين خاب بحثها دنت من مريم : مريوم وين اختج ..


هزت رأسها دون ان تبعد عينيها عن تلك الشاشة : ما اعرف .. يمكن تلعب برع وييا فطوم وحصوه بنات خالوه شيخة..



كم تمقت هذا الاسم .. وتمقت صاحبته المتعجرفة الطماعة .. زفرت وبصوت غاضب اردفت : كم مرة قلت لها لا تلعب وياهن ..


تحدثت تلك وهي لا تزال مندمجة مع ما تشاهد : عادي .. خالوه شيخة محد .. يعني لا تخافين ما بتضربها ..


تمتمت بـ " إن شاء الله " .. لا حول لها ولا قوة .. فهي لا تستطيع الخروج لساحة المنزل الخارجية .. تركت المكان لتنزوي من جديد في غرفتها .. وهي تدعو الله ان يحمي تلك الصغيرة من كل سوء ..


تفترش الارض والهواء البارد الذي تنفثه تلك الثلاجة يلفح وجهها دون اكتراث .. وكفها الصغيرة تنغمس في ذاك الوعاء .. تسحب منه " الشكولاتة " الداكنة .. وتتلذذ به شفتيها .. حتى بات ثغرها وجانبه متسخا .. حتى ملابسها اتسخت .. تعشق الـ" نوتيلا" وجدا .. لم تشعر بتلك الخطوات القادمة الى المطبخ البعيد عن المنزل في احد زوايا ساحته الخارجية ..


كفأر صغير مختبأ .. هكذا كانت تختبأ خلف الباب المفتوح .. لتقف تلك خلفها ولا تزال بعباءتها .. لتنزع عباءتها بحنق : غربلاتج يا بنت خويلد ..


بخوف وقفت حتى وقع ما في يدها وتهشم امامها .. لم تشعر الا بكف تلك تقبض على ملابسها من الخلف تطوحها يمنة ويسرى : انا اشتريه لبناتي وانتي تاكلينه .. مسودة الويه ..


وشتائم قذفها لسانها القذر مع صراخ تلك المذعورة الباكية .. لتضربها مرارا على وجهها وعلى كتفها .. وتشدها بقوة تسحبها من المكان وترميها في ذاك المستودع بجانب المطبخ .. لتقع على الارض .. وسرعان ما غطى الظلام المكان .. لتبكي ويتقطع صوتها منادية والدتها .. ووالدها .. وصوت تلك من خلف الباب : عشان تتعلمين ان السرقة حرام يا بنت خويلد .. اذا امج ما ربتج انا اللي بربيج ..


انتحبت حد تحشرج صوتها الطفولي .. لتشعر ببرودة المكان .. والظلام يخيف مقلتيها الصغيرتان .. لتغمضهما وهي تضم ساقيها الى صدرها .. وشهقات صغيرة تخرج منها ونفسها ينقطع مع كل شهقة .. وتمتمات خافتة منها : ما بسرق .. خالوه فتحي الباب .. ماما ..



لا شيء سوى صوتها يتردد .. تمر الدقائق وهي في مكانها .. تتبعها الساعات لترتجف من البرد .. والظلام الذي صار قاسيا اكثر .. وهناك خرجت تلك بعد ان غابت الشمس .. وعادت ادراجها الى غرفتها حين لم تجد للصغيرة اثرا في تلك الصالة .. لتجلس بجانب ابنتها التي افترشت كتبها تقوم بواجبها المدرسي : مريوم حبيبتي قومي شوفي اختج وين ..


بخوف قالت : ظلام برع .. ما اريد اروح ..


تحتضن كتفيها الصغيرين بكفيها : حبيبتي خالج وحرمته وبناته طلعوا يتعشون برع .. قومي شوفي اختج ... انا ما اقدر اطلع من البيت .. روحي عند اليران (الجيران) ساليهم .. قومي فديتج ..


طوحت برأسها رافضة : ما اقدر .. انتي تقولين اذا طلعنا فالليل بتينا ام الدويس وبتاكلنا ..


نزلت دموعها بضعف لتطأطأ رأسها .. فترفعه تلك بكفها الصغير : امايه لا تصيحين .. خلاص بروح ادورها .. بس انتي لا تصيحين ..


تمتمت : يا رب احفظها .. يا رب احفظهن .. مالهن غيرك يا رب ..


خطواتها الصغيرة المترددة تعبر الطريق الى باب المنزل الخارجي .. وتقف لتنظر للخلف .. لترى ثوب والدتها من خلف الباب .. وصوتها يصل اليها : روحي فديتج .. سأليهم وتعالي ..


لتتابع المسير برعب من " ام الدويس " لعلها تهجم عليها الآن وتاخذها معها .. اختفت عن انظار والدتها .. لتقف تلك : حسبي الله عليك يا عيد .. حسبي الله عليك .. لو فاتح تلفون البيت كان ما طرشتها وهي خايفة .. يا رب .. يا رب تحفظهن ..


لتفتح الباب على مصراعيه حين وصلها صوت صراخ ابنتها الخائفة تهرول برعب : امايه امايه ..


ودموعها تتساقط بخوف على وجنتيها .. لتحتضنها برعب تسلل الى صدرها : شو بلاج ؟ شو بلاج فديتج ..


لتصرخ مرددة : حرامي حرامي ..


لتشد تلك من احتضانها .. لتبقى معها تبكي خوفا على صغيرتها المفقودة .. وضعفا تشعر به يكاد يدمرها .. لا تعلم كم مر من الوقت عليها وهي جالسة تدعو ربها ان يحفظ صغيرتها .. حتى ما سمعت اصواتهم قامت .. تتعثر بخطواتها القلقة .. ومريم اخذها النوم بعد لحظات الخوف التي مرت بها .. وقفت : عيد بنتي مب فالبيت ..


ليشد خطاه ويجلس دون اكتراث .. تتبعه تهزه من ذراعه : اقولك البنت مب فالبيت .. قوم دورها ..


لتتذكر تلك ما اقترفته يداها .وهي تطلب من ابنتيها الذهاب للنوم .. لتنظر اليهما وهي ترمي عباءتها جانبا .. وبصوت متوتر : اكيد مندسه فمكان .. والا وين بتروح – واردفت وهي مدبرة – بروح اسويلي زعتر .. هالاكل ما تقبلته .. كنه الا لحم رجاب ( جمل ) ..


هرولت بخطاها الى حيث موقع جريمتها .. وهي تسمع صراخ شقيقة زوجها عليه .. لتفتح الباب ومن بعده النور .. لتراها متكومة على الارض بين اكياس الارز والطحين .. وانفاسها متقطعة .. وصوت صدرها يضج في ذاك المستودع .. لتحملها بخوف .. وتجري خارجة .. وما ان وصلت حتى وضعتها ارضا لتجري تلك تاخذها في حضنها .. تبكي بخوف : وين لقيتيها ..


بلعت ريقها واجابت : راقدة فالستور (المستودع ) .. قلتلج مندسة فمكان .. شوفي حلجها ويديها ..


وكأنها تريد ان تدس جريمتها بجرم تلك الطفلة المتطفلة على تلك العلبة ..


تحرك كفيها على جهها تمسح الاثار عنه برعب.. لتنطق : عيد الحق البنت بتموت ..



,,

الموت قد يكون بداية لشخصياتنا المخبأة تحت اضلعنا .. او قد يكون نهاية لشخصيتنا الظاهرة للملأ .. منذ يومين وهو مختلف .. يذهب الى مدرسته بهدوء ويعود بهدوء .. لا يغادر المنزل مع صحبه .. حتى وان جاءوا يحثوه للخروج معهم يعتذر .. هناك شيء ما في داخله انتهى .. وشيء آخر ولد في تلك الليلة الظلماء .. التي قاسى منها الكثير .. والده ووالدته لم يسألاه شيئا .. فذاك الشبيب ابلغهما بوجوده معه .. الهذه الدرجة يثقان به .. ولا يسألان عن ابنهما دام شبيب برفقته ؟ .. زفر انفاسه وهو يقلب صفحات كتاب الفيزياء الذي اتعبته مسائله .. الكثير من القوانين التي لا يجيد تطبيقها .. لربما بسبب فكره المحمل بالكثير من الاحاديث المتضاربة .. لانه طالب ذكي .. لن يقف عند احد تلك المسائل هذه المدة الطويلة ..


شبك اصابعه ليسند ذقنه الخشن عليها .. فتلك الشعيرات تحث طريقها للنمو .. تنهد مرات ومرات .. وما حدث في تلك الليلة يؤرقه .. لم يعد الا ليلا في الليلة التي تليها .. فقط لان لديه مدرسة عليه ان يرتادها في اليوم التالي .. والا لم يكن ليعود .. سيطبق عليه ذاك مدة اطول .. نفض رأسه وهو يتذكر كلام كثير قيل من ثغر ذاك ابن العم ..


تنهد من جديد واذا به يلتفت حين فتح الباب .. ودخول شقيقه ذو العشر سنوات الى الداخل .. ظل واقفا عند الباب لينطق : ابويه يباك فالميلس ..



هز رأسه بنعم .. دون ان ينطق .. وعلامات استفهام اخذ يجرها خلفه وهو خارج .. ليسحب الهواء الى رئتيه .. الجو بدا دافئ في عصر هذا اليوم .. لربما سيرحل الشتاء باكرا .. كما رحل بعض ما في نفسه .. ولج ملقيا السلام .. ليقبل رأس والده ويجلس بجانبه .. يبدو غاضبا .. وانعقاد حاجبيه وصمته خير دليل ..



كانت والدته بمعيته .. تتناولت معه القهوة بعد ان صلت العصر وعاد هو من المسجد القريب .. لتنهي فنجانها حينها بحديث قد أرقها الاسبوعين الماضيين : حمد .. دام البنت لخالد خلنا نشوفها .. شو ذنبها المسكينه ..


ليتجهم وجهه : وانتي عادي عندج تربين بنت ما تعرفين امها من وين ..


ابتلعت ريقها وهي تغلق غطاء" الدلة " بعد ان هز هو فنجانه مكتفيا : بس نعرف ابوها ..


- سمعي يا حفصة .. الام ما يندرى عنها وعن اصلها وادبها .. دامها قدرت تلعب بعقل خالد وتاخذه فما منها امان .. ولدج وتعرفينه زين .. ما ينضحك عليه بكلمتين .. ولا هو من الشباب اللي ما يفكرون زين قبل ما يسون شيء ..


- يعني شبيب يكذب ..


- لا .. امها تكذب ..



بعد الصمت الذي طال .. نطق وهو يرى وجه والده : خير يا ابويه .. مبارك يقول انك بغيتني .. آمرني ..


نظر اليه وقد خطت تجاعيد السنون تحت عينيه اخاديد صغيرة .. هو ليس بذاك الكبير .. ولكن وفاة اكبر ابناءه قدمته سنين وسنين .. حتى بات يحمل سنين على سنينه الحقيقية .. تنهد : مطر من يومين وانا اشوفك رديت مطر اللي اعرفه .. ولا خاب ظني فيك .. وادري ان اليوم اللي كان فيه شبيب وياك هو السبب ..


عدل جلسته ليستند بظهره واستطرد : ما بسألك شو ستوى .. وشو اللي خلاك تروحله .. وشو اللي خلاه يبقى وياك يوم كامل ..


ازدرد ريقه .. احس بان والده يعلم بما فعله في تلك الليلة .. ربما ليلى ابلغت عنه بعد ان علمت من زوجها .. وربما ان شبيب هو من اخبره .. طرد تلك الافكار من رأسه .. فشبيب وعده بانه لن يخبر احدا .. كان هادئ جدا وهو يستمع لوالده .. الذي اردف : خل بالك من مبارك وانا ابوك .. الولد متغير وكاره بيت عمك وعيال عمك .. وتعرف منو السبب ورى هالشيء ..


اجل هو وافعاله وحديثه الحانق على شبيب كانوا سببا في زرع الكره في قلب ذاك الصغير .. ابتسم وهو يقف ينحني على رأس والده يقبله : ان شاء الله ..


وبعدها ابتعد .. يعلم بان ليس الامر بتلك السهولة .. تمنى لو يملك جزء بسيطا من شخصية خالد .. او شخصية شبيب .. ما ان ابتعد عن المجلس حتى كان لضيوف قادمون مكانا مع والده .. وحديث كثير يجر معه احداث اكثر ..



,,

جالسة امام التلفاز في الصالة .. تقلب في قنواته دون ان ترسي لها على شيء .. رأته خارجا وهاهي تراه داخلا .. تتغطى عنه .. فلم يعد مطر الصغير الذي تكشف شعرها في حضرته .. ابتسمت وهي ترى عرض ازياء على احدى قنوات الموضة .. وفساتين بيضاء جعلتها ترتحل بينها .. ستكون رائعة بفستان من تلك الفساتين .. بالامس اجرت تحاليلها .. وغدا او بعده ستظهر النتيجة .. وبعدها ان اراد الله ستكون له .. لشبيب الذي لا تكل الالسنة عن مدحه .. حتى خالد حبها القديم كان يمتدحه وجدا .. التفتت لخالتها التي توجه الخادمة باخذ القهوة والفاكهة .. والخبز الذي صنعته للمجلس .. خالتها هادئة من بعد اجتماعها مع بعلها .. وقفت لتجر خطواتها اليها : خالتي .. عمي عنده ضيوف ؟


تنفست وكأن بها خوف من وأد حلم تلك اليتيمة .. تراها فرحة مبتسمة على الدوام .. والآن هناك شيء ما يخبر قلبها بان هذه اليتيمة الواقفة امامها ستجر الى مكان لا تريده .. نطقت وهي تبتعد .. وتلك من خلفها : عمج وعياله هني ..


عمي .. أقالت عمي .. أي عم هذا يا خالتي .. ولما الآن يأتي لزيارة من مكان بعيد .. يبعد كيلومترات طوال .. ؟ ترددت تلك الاسئلة بخوف في صدرها .. لتجلس بسكون في تلك الصالة حيث كانت قبلا .. والاخرى جلست تشاهد مسلسلا ما .. ازدردت ريقها : خالتي ..


التفتت لها .. وسرعان ما عادت تنظر الى تلك الشاشة : خير ..


- اي عم فيهم ..


خوف يعتصر قلبها .. فاذا كان عمها الاكبر فهي في سلام .. لان اكبر ابناءه الذكور اصغر منها بسبع سنوات .. واذا كان الاخر فهنا طامة كُبرى .. نفسها تصرخ بدعوات متلاحقه .. ليس الآن ..وبعد ان بدأ قلبها يضخ حب لذاك الشبيب .. ليس الآن .. بعد ان رسمت احلامها القادمة معه ..



وقف بغضب من بين والده واخيه الاكبر صارخا : هذي مب رمسة يا عمي .. البنت بنت عمي الله يرحمه وانا احق فيها ..


ليمسكه والده من معصمة : ايلس .. السالفة ما بتنحل بالعصبية – ليتوجه بالحديث لـ حمد – شوف يا بو خالد .. البنت مالها الا ولد عمها .. وسلطان يبيها .. وانتوا حتى ما سألتونا قبل لا توافقون .. وهذي مب من شيمنا وانا اخوك .. الحق تشاور عيال عمها اذا يبونها او لا ..



تنهد وبهدوء : اسمعني يا بو عبدالله .. ولدك سلطان ع العين والراس ولا يعيبه شيء .. والبنت ربينها من صغرها .. وسالناكم اذا تبونها .. قلتوا خالتها اقرب لها .. ويدتها ما بتقوى ع تربيتها .. ربيتها وعيال اخواني بحسبة عيال عم لها .. وشبيب ولد عمها دامه ولد اخوي ..


صرخ من جديد : مها ما بتاخذ غيري .. وهذا الكلام ولا عندي زيادة عليه .. وصل هالرمسة لولد اخوك .. خبره ان سلطان يريد بنت عمه وهو اولى فيها ..



الصوت العالي وصل اليهن .. ليقتربن بخطوات وجله من باب المنزل .. لترتجف ومن بين شفتيها تنطق : هذا صوت سلطان – تمسك بكفي خالتها – خالتي الله يخليج ما ابيهم .. ما ابيهم .. الله يسلمج قولي لعمي .. خبريهم ..


دموعها تتسابق على وجنتيها .. وتلك لا تعلم ماذا تفعل .. ما عساها تخبرها ؟ .. فهم باستطاعتهم ان يبعدوا عنها اي رجل ان كان ابن عمها يطلبها .. فهو احق بها من الغريب .. يدها تربت على كتفها : لا تخافين .. عمج شاري شبيب .. واكيد بيقنعهم ..


ابتلعت خوفها وابتعدت مهرولة .. تريد ان تبتعد عن الاصوات تلك .. صوته هو .. قاسي جدا .. ولم تفكر يوما ان تكون له زوجة .. جلست على طرف سريرها بتعب الجري .. انفاسها تتقاذف بلهاث امامها .. تمتمت بينها وبين نفسها : يا رب .. دخيلك تبعده عني .. يا رب لا تخليني ..


,,

يــتــبــع |~


اسطورة ! 09-02-13 09:56 AM

رد: زفرات اغتصاب ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 

الخوف يوصلنا الى افكار وحديث ساذج غير عقلاني .. منذ ايام وهي لم تغادر منزلها .. مريضة بمرض الخوف من القادم لها .. زيارات جاراتها لم تنقطع يوما .. حتى تلك الام الموجوعة لوجع ابنتها جاءتها .. تحكي لها قسوتها على صغيرتها التي مهما كبرت تراها طفلة تحتاجها .. تنهدت وهي ترى فرحتها في زواجها منذ اربع سنوات .. فرحة جدا كانت برغم خوفها يومها .. تنهدت من جديد وكأنها تحاول اخراج سرا مدفونا ارقها طويلا .. رآها فاقترب منها .. يرمي ما على رأسه جانبا على الجلسة الارضية .. ويقبل رأسها متسائلا : اميه اذا تعبانا خليني اوصلج الدختر .. انتي من ذاك اليوم اللي لقيتج تصيحين فيه وانتي مب ع بعضج .. شو اللي مستوي وياج .. حد مزعلج ؟ سامعه كلام كدرج (ازعجكِ) .


اشاحت بوجهها : ما في شيء ..


شيء ما يحثه على السؤال عنها .. يشعر ان ما في والدته يتعلق بها .. فهي من زينها في عقله قديما .. حتى استقرت في اعماق قلبه النابض .. فتاة احبتها والدته حتى احبها هو لذاك الحب .. انزل عينيه وهو جالس على ركبتيه امامها .. وكفاه قد استقرا على فخذيه .. بهدوء نطق : كنه فيها شيء ..


هيج ذاك السؤال براكين تحاول ان تخمدها في صدرها .. لتصرخ به : انت شو بلاك .. ليش ما تنساها .. الحرمة عند ريال وانت تفكر فيها – تشير بيدها للباب – قوم روح ييب حرمتك من عند اهلها .. وخل عنك هالخبال ..


احتقن وجهه بالغضب وهو يضرب بقبضته على صدره : انتي اللي دخلتيها هني .. قلتيلي البنت لك وفارس ما بياخذها .. واشوفه خذها .. خذها وانا بس اتفرج .. والحين تبييني افكر فغيرها .. كيف .. خبريني كيف ..


وقفت وهو لا يزال امامها جالسا : لو انك ريال وكفو ما تخلي حرمة تلعب فيك بهالشكل .. خاف الله فحرمتك وعيالك .. حتى الريق الحلو ما شافته منك .. شو ذنب بنت الناس باللي فعقلك .. خبرني ..


رفع نظره لها : ذنبها انها وافقت تزوجني .. قلت لها القلب غيرها تملكه .. قالت الايام تنسي .. خليها تتريا الايام الين تنسيني ..


التفت للباب حين جاءه صوت ابنته ناطقة" بابا " .. ليبتسم وهو يفتح ذراعيه لتجري وتسقط في صدره .. يرفعها وهو لا يزال على جلسته .. يضحك مع تلك ذات الثلاث سنوات .. يعشقها بقدر عشقه لصاحبة اسمها .. والاخرى وقفت وعلى ذراعيها طفلها ذو السنة من العمر .. سمعته يبوح بحبه .. بحديثه عنها .. هي اخطأت حين ظنت بان قلبه كقلب اي رجل ستنسيه الايام الحب القديم .. ابتسمت .. ونطقت حين رحبت فيها والدته : اخوي يابني .. بنتك من امس تصيح تباك ..


واختفت من المكان .. تحمل اثار عقاب ليس لها اي حق في اخذه .. لتضع طفلها في سريره الكبير .. وتغطيه .. وتتنهد .. تبتعد تخلع عباءتها بهدوء .. وتعلقها على تلك " الشماعة " في ركن غرفتها .. وحديث نفس يضرب فيها : يعني مب قادر تنساها .. لا تنساها بس ع الاقل فكر في .. فعيالك – تشدقت بابتسامة ساخرة – اقصد ولدك .. والا بنتك هي فوقنا كلنا ..



,,

القانون فوق الجميع .. هذا ما تعلموه وهم على مقاعد الدراسة في كلية الشرطة .. وها هم ينفذوه بحذافيره .. انتصب واقفا حين جاءه خبر ما قام به ذاك العائد منذ اربعة ايام الى العمل .. يقولون بانه اعاد التحقيق مع اولئك المجرمون .. وانه سيبدأ بفتح حبال البحث من جديد .. سيعودون ليجرون اولئك الى مقاعد الاسئلة .. والوعيد .. لماذا ؟ .. مشى في ممر المركز ببدلته ونجمتين تتكللان على كلى كتفيه .. يحث الخطى حتى تطرق كفيه باب مكتب ذاك " النقيب " .. ليحيه بالتحية العسكرية ... ويصافحه ومن ثم يجلس .. ليبتسم وهو يرفع نظره عن ملف بين يديه : شو بلاك ملازم سعد ؟


سأله حين ساد الصمت المكان .. ليرد ذاك مستفسرا : الكلام بفتح القضية صح ؟ والا مجرد كلام ؟


ابتسم وهو يغلق ما بين يديه .. ويربع ذراعيه على مكتبه : صح .. في شيء غفلنا عنه .. واريد اتحقق منه .


هز رأسه مستنكرا واردف : شيء مثل شو .. احنا مسكناهم وحققنا وياهم .. هم الثلاثة اللي صار وياهم الاتصال .. وانت والمرحوم خالد عارفين هالشيء ..


تمتم : الله يرحمه ..


واردف : في شخص رابع ما انتبهناله .. ونسيته بس من كم يوم صرت اتذكر شو صار في ذيج الليلة زين .. ولا بيهنالي بال الا وانا ماسكه ..

,,

هـنا اقف .. وموعدنا يتجدد باذن الله يوم الاحد ليلا ^^

اسطورة ! 10-02-13 08:56 PM

رد: زفرات اغتصاب ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سامحوني بس من امس تعبانه ..
اليوم ما بيكون في بارت .. لاني ما انهيت كتابته ><
بس ما بطول عليكم .. وببقى معكم مثل ما اتفقنا بارتين في الاسبوع ..
يمكن البارت يتاخر يوم ..
فعذروني ..

^


كلام الكاتبه

اسطورة ! 15-02-13 12:15 AM

رد: زفرات اغتصاب ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اول شيء اريد احط تنبيه لكل اللي ينقلون روايتي ..
ورجاء خاص تقومون باللي بطلبه منكم .. لاني اريد ابري ذمتي من وجود رابط صفحة على روايتي ..

في الجزء الثاني .. نزلت خاطرة لـشاب اسمه ( عشريني مبعثر )
طلبتكم تحذفونها .. لان الخواطر الجديدة في صفحته ما حبيتها ولا اريد روايتي تكون سبب فنشر هالخواطر ..
فرجاء خاص تحذفون الخاطرة اللي هي :

أُداعبُ أنفها بِأنفي ،
" صَباحُ الخيرِ "
و أسرِقُ مِنْ أنفاسِها زَفراتْ .


//////

لحظات وبتكون الزفرة 11 بين ايديكم

اتمنى عدم الرد حتى انتهاء التنزيل

تحياتي |~

اسطورة ! 15-02-13 12:18 AM

رد: زفرات اغتصاب ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 

حين تغلق الصناديق على امر ما لفترة لا بأس بها .. وتعود لتفتح ليثار غبار الماضي .. نتنفس حينها ذرات ذكريات ترجعنا الى حيث كنا .. لألم تجرعناه يوما .. او سعادة لمحناها وعشنا تفاصيلها .. رجع ليفتح اوراق انطوت منذ ما يقارب الشهر .. فقط لانه تذكر ما حدث يومها .. حين اغتيل ذاك على غفلة منهما .. لربما يومها ضاع الحدس الذي يمتلكانه دوما .. ولعل القدر يضع بصمته رغما عن الجميع .. ليطيل النظر الى من سولت نفسه قتل صاحبه .. يثير زوبعة خوف بصمته ذاك .. والاخر رمى بنظره للاسفل .. يحرك مقلتيه بخوف .. صامت الا من تضارب انفاسه .. ولحيته التي نمت زادت من بشاعة وجهه المكفهر .. أيسأله عن شخص كان يومها معهم ؟ .. كيف والقضية قد اغلق التحقيق فيها ..



ضرب بقبضته على الطاولة بعنف حين لم يأته ردا من ذاك .. ليقف ويدور من حول المكتب ويجلس قبالته : رد .. منو اللي كان وياكم فذيج الليلة .. اللي عطاكم التحذير بوجودنا فالمكان ؟


ازدرد ريقه .. ليرفع نظره بخبث اتضح .. وهدأت انفاسه مع ابتسامة فاسدة ارتسمت على محياه .. وبهدوء : ما اعرف .


لتتسلل ابتسامة تبعد البركان الثائر في جوفه .. ويقف وظهره لذاك المجرم : اعرف انك بايعنها .. وقتلك لرجل شرطة معناته الموت .. بس اذا تكلمت بيكون هالشيء فصالحك ..


اعاد نظره للارض : ما عندي شيء اقوله .. والعمر واحد ..


وقف خلف مكتبه لينحني بجذعه مستندا على كفيه .. ونظره لذاك الذي استشعر منه الاضطراب : زين .. بنشوف الباقيين .. وساعتها محد بيندم الا انت .



بعد دقائق وقف ليساق الى زنزانته .. وذاك خرج بعدها يجر خطاه مبتعدا عن المكان .. فحديث قد وصله يجب ان يبت فيه الامر .. ليستوقفه جابر قبل ان ينطلق بسيارته .. ينزل الزجاج ويرد التحية : على وين ؟


سؤال من جابر اجبره على الابتسام : بخلص الموضوع وياهم ..


عقد حاجبيه .. وابعد نظارته عن عينيه .. وكأنه يرغب بشبيب أن يرى نظرته الجادة حين نطق : بروح وياك .. اصبر اخلص شغلي وبخاويك ..


هز رأسه ونظره رنا بعيدا عن زجاج سيارته الامامي : جابر خلك بعيد .. ما اريد اورطك مثل ما ورطنا خالد الله يرحمه وياه ..


شد بلطف على نظارته الداكنة : وتسمي اللي صار ورطة ..


التفت له .. ولا تزال تلك الابتسامة ترتسم باصرار : ورطة دام ان فيها عيد ..



يجلس بكل ثقة امامه .. فهو قد خطط لكل شيء .. سيبعدها ويستفيد من وراءها مئات الآلاف .. يراوغ في حديثه .. ويربكه ذاك الهدوء الذي يكتسي ذاك الجسد خلف الزي العسكري .. وعيناه وكأنهما تخترقان صدر عيد .. وتنظران الى ما في قلبه .. الى خططه المدسوسة هناك .. ازدرد ريقه : عاادي ياهل ومرضت ما فيها شيء ..


لم يتحرك الا شفتيه الناطقتين : عادي .. ما قلنا شيء .. بس انها تترقد يوم كامل وفوق هذا يقول الدختور ان البنت خايفه وفيها شيء .. فهذا ابد مب عادي يا عيد .. واللي ييت فيه من قبل ياي فيه الحين ..


بهدوء استغربه شبيب اجاب وهو يقف وكأنه ينهي ذاك اللقاء : خلاص مثل ما تريد .. بس خلها تخلص العدة .. وعقبها اللي تباه بتاخذه ..


" بس بنت خالـ.." ليقاطعه قبل ان يكمل جملته : بنت خالد عند امها .. البنت عندها الربو واللي صار شيء طبيعي – تحرك ليقترب من شبيب الذي كان واقفا بدوره – والخوف ترا كل اليهال يخافون .. لا تسوي فيها شغل الشرطة ..


وقهقه في وجهه ليشيح به مشمئزا من رائحة ليست بغريبة عنه ابدا .. ليبتعد بخطوات رتيبة ويقف عند باب المجلس .. ليبتسم وينطق ولا يزال ظهره لـ عيد : ما باقي شيء ع العدة .. خلها تجهز ..


ليس بذاك المتعنت .. ولا ذاك القاسي .. ولكن ما يحدث يستدعيه ان يكون حازما .. قاسيا .. وقويا .. لو لم يكن هناك طلبا قد حُمل به عنقه لما اهتم .. وتابع حياته بعيدا عن عيد وتفاهاته ..


احتقن بغضب .. ليمتقع لون يده بسبب اناملة التي شدت عليها .. ويخرج بخطوات غاضبة .. تراه هي فتتبعه وفضولها يرغب بما جاء به شبيب ..وما ان وقف ببابها حتى فتحه على مصراعيه .. لتهب بخوف من جانب ابنتها التي نامت منذ دقائق وهي تمسح على شعرها الاجعد .. ارتجفت اضلعها حين صرخ باسمها .. لتترجل من على سريرها .. وعينها على ابنتها .. لتقترب منه واطراف كفها تربت على شفتيها : اااااش .. ما صدقت انها رقدت ..


لتدفعه بعدها للخارج وتغلق الباب .. وتردف بصوت خافت : خير يا عيد .. ولو انه ما بيي من وراك اي خير ..


ليرد بغضب : الخير يابه شبيب وياه – يده تعانق ذراعها بقسوة – سمعي اول ما تخلصين العدة بينكتب كتابج اذا تبين بناتج وياج ..


نفض ذراعها وابتعد .. لتغلق عينيها بانكسار وضعف .. اخذت انفاسها مرارا .. وتبعته حيث جلس وتلك بجانبه تسأله آخر الاخبار .. وقفت لينظرا اليها .. وينطق هو : خير ..


ازدردت ريقها بغصة : اسمع يا عيد .. عرس مب معرسه .. وبناتي محد بياخذهن مني .. اصلا اهلهن ما يبوهن .. ولحد له حق ياخذهن دامني ما عرست ..


تشدق وهو يعتدل في جلسته : بس اهمالج بيكون ورى خسارتهن ..

اقتربت صارخة : اي اهمال ؟..


حاجباه يرتفعان .. ليقف وتتراجع هي للخلف : صوتج ما اريد اسمعه .. وتسألين أي اهمال .. البنت راقدة فالبرد وانتي ما تحركتي تدورينها .. وتقوليلي اي اهمال ..


" بس انا فالعدة " .. قالتها لتقف تلك ناطقة : العدة ما قالتلج هملي بناتج .. الحريم يعتدن وما شفنا منهن اللي تسوينه انتي .. اربع وعشرين ساعة منكنة فحجرتج ..


ارتجفت شفتيها : هذا اللي تعلمته من امي ومن يدتي .. يشرن رضا ربهن قبل رضاهن ..


تشدقت شيخة لتعود وتجلس حيث جلس عيد : الدين يسر مب عسر ..


ابتسم وهو ينظر لزوجته التي ظهرت ثقافتها فجأة .. ليردف على كلامها : هيه صدقها الدين يسر .. ويسرلج العرس من بعد العدة .. بعد شو تبين ..


ايتحدثان عن التيسير في الامور ؟ وقفت ترى تبادلهما لحديث خافت .. لربما خطة اخرى يبحثان فيها عن نقود .. لا تعلم من اين جاءتها الشجاعة وهي واقفة تلك الوقفة .. لتسحب ذرات الاكسجين وتزفرهن بعنف : اسمع يا عيد .. وانتي بعد يا شيخة ..


نظرت الى عيونهما التي كادت ان تخرج من مخدعها .. يبدو عليهما الخوف او لعلها تتخيل ذاك .. لتردف : انتوا تقولون الدين يسر .. صح ؟


الصمت فقط ما جاء منهما .. لتردف وهي تدبر مولية لغرفتها : عيل بيسر ع عمري ..


لم تشعر الى بيده تنغرس في ذراعها بعنف .. وجسدها يتغير اتجاهه .. وانفاسه القذرة تلفح وجهها : تهدديني يا بنت عويش ..


لا تعلم تلك القوة الى اين فرت حينها .. ليرتجف قلبها خوفا منه .. ليردف متابعا حديثه الغاضب : خذي مني باللي يرضيج .. ان سويتي شيء ما يرضيني بناتج عمرج ما بتشوفيهن .. وعيد اذا قال شيء يسويه ..


تركها لتعانق مكان يده بكفها .. آلمها وجدا .. تشعر بان العظم قد تحطم من تحت اللحم .. وآلم حديثه روحها .. هو من بقي لها من اهلها .. وهو اضحى اقسى من عدو تجاهها .. دنت منها شيخة ولا يزال نظرها متسمرا على نقطة واحدة .. فتلك الصدمة جمدت حواسها .. تحركت شفتيها ناطقة : طيعيه .. ترا عيد ان قال سوى .. وخذي الريال اللي يابه لج .. ع الاقل راضي ببناتج وبياخذج بعيد صوب الفجيرة ولا شبيب ولا غيره بيعرف مكانج .. وانتي تدرين البنات اهلهن ما يبوهن .. حتى لو عطيتيهم اياهن ما تدرين كيف بيعاملوهن .. تحت عينج ابرك لج ..


يدها تعانق كتف تلك المتسمرة .. وتردف : فكري زين .. ما باقي الا شهر وشوي .. فكري ببناتج وبحياتهن اذا راحن بعيد عنج .


رمشت بعينيها مرارا .. وتلك ابتعدت .. كلامها مقنع بحق .. تبعثر حديثها كثيرا بين جدران عقلها .. ان وافقت فستكسب ابنتيها معها .. وان رفضت ستخسرهما للابد .. وكلى الامرين صعب ..



,,

من الصعب ان توضع بين امرين كلاهما سكين تغرس في صدرك .. بل في منتصف قلبك لتحيله الى ميت رغم نبضاته المتتابعة .. انقضى وقت الغداء منذ ساعتان فحوت تلك الصالة جسديهما .. يتابعان الاخبار على قناة اخبارية .. يثيرهم ما يحدث في العالم .. ليشرد عقله بعيدا حيث حبيبته وساكنة روحه .. قالت على نهاية الاسبوع ستعود .. ستعود لتنير غرفته التي اظلمت من بعدها .. يقسم بان حتى الهواء في بعدها لا يطيقه .. التفت له شقيقه المستند على احدى النمارق القاسية ومفترشا بجسده تلك السجادة الايرانية المزخرفة .. ابتسم : فارس اكلمك ..


ابتسم بدوره ونظر لشقيقه وهو يعتدل في جلسته .. يربع ساقيه ويشدهما بكفيه : خير ..


عاد بوجهه للتلفاز يتجول بين قنواته .. ليقع على قناة غنائية .. لتثار روحه صارخا : هذي منو طلعها .. مب انا حاذف هالقنوات السم ..


-
يمكن نسيت تمسحها .. عاادي تصير ..


اعتدل وهو يكتم الصوت .. حتى بدت تلك الافواه لا يعلم منها شيء .. ليصرخ باعلى صوته مناديا اختيه ..


اغلقت الباب وهي تكاد تسقط من ارتجاف اوصالها .. لتفزع تلك من دخول شقيقتها ذات الاربعة عشر ربيعا .. لتضع المشط من يدها .. وتلك تجري ناحيتها مرددة : لحقيني .. لحقيني ..


تتشبث بها وتنفضها تلك : هندووه شو بلاج .. قومي عمر يزقرنا ..


بخوف رددت : لا لا ما اريد اروح .. اكيد درى اكيد لقاها ..


دنت منها لتقع عينيها في عيني شقيقتها : شو هي اللي لقاها ..

ازدردت ريقها : القناة .. امس نسيت امسحها ..


" قناة شو ؟" نطقتها وحاجبيها منعقدان ..وقبل ان تجيب جاءهما صوته صارخا بغضب .. لتمسك بيدها تجرها معها وهي تردف : سكتي ولا تتكلمين .. بس يا ويلج ان عدتيها ..


ترتجف من خلف شقيقتها التي وقفت بعد ان ولجت بخطوتان الى داخل الصالة .. ليستقبلها هو بعيون حمراء يقدح منها الغضب .. ويشير بيده التي تحمل جهاز التحكم الى الشاشة : منو مطلع هالشياطين .. مب انا قايل ما اريد اشوف هالقنوات ..


لفت انتباهه رجفة هند .. حتى تكاد تقع .. يشفق عليهما .. فـ عُمر قاسي جدا في امور الدين .. ويطبق كل ما يتعلمه في كلية الشريعة والدراسات الاسلامية .. التفت لشقيقه قبل ان تنطق نورة بجوابها .. ليقاطعها : انت اللي طلعتها يا عُمر ..


" شو ؟ " ..قالها وهو ينظر لشقيقه الاكبر .. ليردف براحة تامة : هيه انت .. قايم عليهن قومه .. كل شيء ممنوع .. تريد تنصحهن انصحهن باللين مب بالغصب والتهديد والوعيد – ينظر لشقيقتيه – شوفهن حتى عيونهن ما يقدرن يرفعهن فعيونك .. ترا هذا مب احترام يا عمر ..


وقف وكأن لا يريد للاخر ان يتكلم من بعد حديثه .. وقف امامهما وهو ينظر لهند : لا تعيدنها ..


" وايد عليك " صرخ بها عُمر وهو يحاول يحذف تلك القناة .. ليردف : طبطب عليهن وامسح ع روسهن بعد ..


رفع حاجبه وهو ينظر لشقيقه المتأفف .. برغم قسوته الا انه حنون جدا .. ليعود وينحني حيث كان جالسا .. يلتقط هاتفه وسماعته : خلك رحيم فيهن .. وهن بيطيعنك بدون اوف ومرادد ..



حث خطواته خارجا اذا بها تقف حائل بينه وبين باب الصالة .. وتتابع سيرها داخلة وهي تدعوه لدخول : تعال اريدك فسالفة ..


لتجلس في صدر الصالة .. ويعتدل عُمر في جلسته احتراما لها .. ويدنو هو بوجل من وجه والدته الجاد .. ليجلس على مقربة منها .. وتبدأ حديثها لتشل نبضاته رويدا رويدا : سمعوني انتوا الاثنين .. لو تعزوني وتحبوني وتبون راحتي ما تعارضوني باللي يايه فيه ..


تبادلا النظرات .. وخوفا غزى روحه بخلاف اخيه الهادئ .. لينطق : خير يالغالية .. شو السالفة ؟ وان شاء الله ما بنخالفج ..


لتنظر اليه : ما بتخالفني يا فارس ؟


شيء ما شد ع قلبه العاشق .. حديث والدته له بالتحديد يجبره على ان ينتفض كعصفور صغير في يوم ماطر .. يشعر به يرجف بين اضلعه .. ما كان يخافه أتى .. ستخيره بين غضبها وبين زواجه على معشوقته .. أواه يا والدته ما ستجني يداك بقلبه المسكين ..

صمت وفقط .. ادرك ما تريده .. ليبتسم مرغما .. وعيناه تحكي وجع احتله .. لتردف بعد دقيقة او لربما كانت دقيقتان : امس فعرس ولد ييرانا .. شفت بنتين يقولن للقمر قوم وبنيلس مكانك .. جمال وادب واخلاق .. خوات .. الكبيرة مخلصة ثانوية ويالسه فالبيت .. والصغيرة الحين ثالث ثانوي .. وكلمت امهن والحرمة طيبة ما قالت الا الشيء الزين فيكم ..


تنحنح عُمر مقاطعا لها : اميه من صدقج بتزوجين وحدة ياهل ..


ردت عليه بحنق : لا ياهل ولا شيء .. اللي كبرها مازرات البيت عيال .. سمعوني يوم اليمعة تروحون وييا اعمامكم واخوالكم وتقصون الحية .. انا كلمت الحرمة وكلمت ابوهن .. ويتريونا يوم اليمعة ..


صمتت تنتظر كلمة من ذاك الواجم .. لو نطق فستنطق بما لا يرضاه .. لتحثه على الاجابة : ها شو قلت يا فارس ؟


عاد يرسم ابتسامته بألم : مابا العرس .. وغير كنه ما بتكون حرمة لي ..


لتصرخ بغضب : هيه الساحرة ماكله عقلك . ولا همك امك وشو بيقولون عليها العرب عقب ما اتفقت وياهم ..


قاطعها عُمر وهو يزحف ناحيتها ليجلس امامها يمسك كفها : اميه السالفة مب جي .. يعني انا مب مستعد للعرس توني متخرج ومن شهر بس ماسك وظيفتي .. وتبيني اعرس ..


وقفت : سمعوني زين انت وياه .. تبون رضاي يوم اليمعه اشوفكم زاهبين ورايحين لبيت العرب وتقصون الحية .. والا والله غضبي عليكم بيكون ليوم الدين .. سامع يا فارس ..


شدت خطاها مبتعدة .. بعد ان اغتالته .. بل انها حكمت عليه بالاعدام .. شد بقبضته على هاتفه الذي لا يزال بين انامله .. وذاك يطوح برأسه ناظرا اليه .. ليته كان يستطيع ان يقف معه .. ولكن هي ام .. رضاها من رضا رب العباد .. قام واقفا .. وكأنه لمح دمعة في محجرة .. ليبتعد جسد دون روح من تلك المحكمة الظالمة .. اتجبره ان ياخذ في احضانه امرأة غير محبوبته ؟ .. أترى الامر سهلا عليه ؟ .. بل كيف سيكون عليها هي ؟ ..


,,

يــتــبــع |~

اسطورة ! 15-02-13 12:20 AM

رد: زفرات اغتصاب ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 

,,








مفترشة الارض .. ساق مثنية اسفلها والاخرى بجانبها .. واكمامها قد رفعتهما الى مرفقيها .. ووعاء مليء بالدقيق امامها .. تسكب عليه الماء وتعجنه رويدا رويدا .. فرحة هي .. فلم يبقى الا بضع ايام وتعود الى منزلها .. وقفت تلك قريبة منها : ليش الكل مرتبش ؟




دون ان تترك ما في يدها اجابت : عمج وحرمة عمج وعيالهم بييونا اليوم .. وانتي بسج من حجرتج .. ترى اللي ما بيشك بيشك فيج ..




" يشك فشو؟" .. قالها وهو يحث خطاه نحو الثلاجة يفتحها ويخرج له علبة " كوكا كولا " .. ليردف وهو يستند يفتح العلبة ويرتشف منها : ما رديتن علي ..




لتجيبه كنه : ما في شيء .. سوالف حريم ..




وتلك طأطأت رأسها تنظر لشقيقتها .. شعرت بالخوف من ذاك السؤال الذي القاه منذر .. ليدنو .. ويرتعب قلبها اكثر : سوالف حريم قلتيلي ؟




وقفت وهي تحمل الوعاء : اووهووو يا منذر .. مب وقت اسألتك الحين .. طلعوا وخلوني اخلص شغلي ..




- انزين انزين .. حشا كلتيني الا سؤال هو ..




خرج من المطبخ وهو يثرثر لنفسه : حشا صايرين ما ينطاقون كل واحد ماد البوز .. استغفر الله العظيم ..




لم تشعر الا بقبلة على وجنتها .. وحضن من جانبها : مشكوورة .. بدونج ما كنت اعرف شو اسوي ..




وتركتها مهرولة الى مقرها الدائم .. لتتنهد تلك في مكانها .. وتتمتم وهي تغسل كفيها من العجين : الله يستر ..





وقفت لدقائق وحدها .. تشعر بضيق غريب يستوطنها .. لما الآن ؟ .. لما الشعور بالضياع في لحظة .. كانت قبلها سعيدة .. وبعدها كمن حُشر بين جداريين متحركيين .. يطبقان على جسدها بقوة .. رمت ببعض التعليمات على الخادمة وانسحبت من المكان .. الهواء بات ثقيل جدا بالكاد تستطيع تنفسه ..



خلف المنزل انزوت بنفسها .. لتجلس على المرتفع الصغير عن الارض .. ويدها لا اراديا تسقط على صدرها .. هل تراه بخير ؟ هذا ما جال في فكرها .. تشعر به .. تشعر بان فارس ليس بخير .. يتألم ربما .. لتنسل يدها الاخرى في جيب ثوبها .. برهة من الوقت واذا به يعانق اذنها .. تزدرد ريقها مرارا .. لا يجيب .. لما لا يجيب عليها ؟ .. واتصال آخر ويتلوه آخر .. حتى تعب من عرق كفها .. لا تعلم كم مرة اتصلت به دون اجابة منه .. ولا تعلم لماذا حملتها اصابعها للاتصال بشقيقته نورة .. تقسم عليها ان تخبرها ما به .. تلح عليها حتى تعبت تلك من نبرتها الخائفة .. لتسكب في اذنيها رصاص مذاب لا كلمات ولا حروف .. سمعتها وتقطع صوتها .. بل انخرس عن مغادرة جوفها .. وعينيها تهلان دمع لا يكفكف وان حاولت ان تسكته .. تسمع المؤذن لصلاة العصر يتبعثر صوته الندي في اجواء المنطقة .. وتسمع بكاء خافت في صدرها .. بكاء طفل صغير عاش ليحب فارس .. فارس فقط .. تسمع نحيبه .. وكأنه يخبرها بانه متعب وجدا .. وصوت اخيها تسمعه ضبابيا .. هل شعر بها هو كما شعرت هي بحبيب قلبها .. لم تشعر الا به يجلس بجانبها .. يشيح بوجهها ناحيته .. ليرتاب من منظرها : شو صاير ؟ سالت الخدامة قالتلي انج هني من ساعة .




لا رد منها .. سوى ابتسامة ترتسم وتختفي خلف دموعها .. ليشدها الى صدره : كنه فديتج شو مستوي ..




ارتجفت شفتيها تتجرعان دموعها المالحة .. لتبعثر صوتها المتحشرج : فارس .. بيعرس علي ..





شدها اليه اكثر .. يخبرها بانه هنا معها .. لن تنكسر وهو بجانبها .. يريد ان يدفنها هناك في صدره .. ويطمأنها بأنها لن تضام يوما وصدره لا يزال يعلو ويهبط في هذه الدنيا .. تكاد تختنق برائحة عطره .. بل لعلها اختنقت بما سمعت منذ دقائق خلت .. شعر بها وكأن بها تهدأ .. ليمسح على رأسها : قومي فديتج ..




ليأخذها معه .. يسندها اليه .. ويدس رأسها في صدره .. كلما مره احدا يسكته عن البوح .. لا يرغب منهم السؤال .. لانه لا يرغب بالاجابة .. لا يرغب باي شيء الآن الا ان يرى ذاك الفارس .. يسأله ما ذنب قلبا عشقه حد المجاهرة بالعشق .. وما ذنب جسدا تألم لاجل ان يجلب له سعادة لم تأتي ؟ .. لا يرغب الا بان يعيد ابتسامة كنّة اليها .. وضعها في سريرها .. وجلس بجانبها يقرأ عليها .. وكفه لم تعتق رأسها ابدا .. وصوت والدته الخائف من عند الباب يأتيه جليا .. فيسكتها باشارة من يده .. حتى ما اطمأن بانها غادرت واقعها خلف المنام .. خرج يغلق الباب من خلفه .. ويأتيه وابل اسئلة كثيرة .. ليجيب ببرود : ما فيها شيء .. بس تعبت والحين هي احسن – ليخطوا مبتعدا ويردف- توها مربية ما مر عليه اسبوعين واتعبونها فالمطبخ ..




وكأن بذاك العذر يسكتهم عن المزيد من الاسئلة .. وما ان خرج حتى ترآءت له سيارة عمه .. ليرحب بهم ايما ترحيب .. ويجمعهم المجلس بعد دقائق سلام طالت .. وتجمع النساء صالة المنزل الصغيرة .. ويبدأن الحديث عن امور الابناء .. لتتطرق حفصة للحديث عن سلطان .. وان هذا الامر ما جاء بهم اليوم الى هنا ..


تمد لها صحن الفاكهة التي قطعتها : شو هالرمسة يام خالد .. يعني سلطان ما يتكلم الا الحين .. يوم ما صار الا كم يوم وبيملجون .. وينه من قبل يوم راح شبيب وعمه يخطبونها من اعمامها .. ولولا اللي صار كان الحين هي فبيتنا ..





بجدية شبك اصابعه في بعضهن : عمي شو هالرمسة .. يعني ما حلت فعين ولد عمها الا قبل الملجة بكم يوم ؟




توقفت اصابعه من تحريك حبات المسبحة : يا ولدي والله مستحي منك .. اعمامه مستحين منا .. بس هو راسه والف سيف البنت ما تاخذ غيره .. وتدري هو كان مسافر ورجع من اسبوع ..




نطق منذر الجالس قريبا من شبيب : يعني الحين ياي يشوف عمره علينا بشهادة الدكتوراة اللي يابها ؟




- لا يا ولدي مب جذي السالفة .. هو يقول البنت مالها الا ولد عمها .. وهو ما درى الا الحين ويبيها ..




هو لم يشعر يوما تجاهها باي شيء .. لم يرها يوما ؟ لا يعلم كيف هي الا من وصف والدته واختيه لها .. والآن بعد ان بدأ في ترتيب اموره لتكون زوجة له بعد ايام قليلة يقولون بانها ليست له .. تنهد : البنت شو رايها ؟




سحب انفاسه ذاك الاربعيني لينطق : ما تبيه .. من يومها وهي ماسكة فخالتها .. البنت ما تبيهم ولا مقبله صوبهم ..




التفت لمطر الجالس بهدوء بجانب والده .. لم يرفع نظره ابدا .. ثم اعاد نظره لمنذر وكأنه يطلبه الكلام .. لا يعلم لماذا تأتي الامور جملة واحدة .. والآن يخبره عمه بان مها متمسكة به هو .. وان ادار ظهره سيكون انسان لا يستحق ان يقال له رجل حين تخلى عن فتاة هي بحاجته .. سكوت غريب حل بالمكان .. اجبر مطر لان يرفع نظره يبعثره عليهم .. وينطق : روحوا خطبوها من ولد عمها يمكن يرضا ..




لا يعلم لماذا ابتسم .. بل اخذ يتأمل مطر الذي خجل من قوله وطأطأ رأسه .. يشبه خالد في حديثه وافكاره .. ليجيب ردا عليه : شورك وهداية الله يا مطر ..





ايرغب بان يثبت له بانه رجل يؤخذ بقوله .. ايخبره بانهم يستطيعون الاعتماد عليه .. ابتسم وهو ينظر لوالده الذي اخذ يحدد مع شبيب موعدا للقاء اعمامها وابن عمها ذاك .. الآن يشعر بانه شخص اهل للثقة .. وما ان يعود للمنزل حتى يبدأ مع مبارك الذي رفض المجيء معهم .. سيبدأ باخباره حقيقة شبيب .. وحقيقة ما حدث لخالد .. وحقيقة تلك الترهات التي سكبت في عقله من قِبل اصحاب السوء .. وسيكون له الاخ والصديق ..



,,









الجميع يتغير .. البعض للاحسن والبعض للاسوء .. وهي تشعر بانها كلما تغيرت للافضل كلما عوقبت على ذلك .. ليحكم عليها بالبقاء تحت امطار التوتر ساعات وساعات .. حتى اظافرها بدأت تطلب الرحمة من بين براثم اسنانها .. تقف وتنظر من على الباب وتعود ادراجها خائبة .. لتقف في منتصف الصالة التي يضج فيها صوت التلفاز .. وهو ينظر الى توترها باستغراب جم : مها شو فيج كل شوي طلعتي ؟




- ما في شيء .. خلك وييا هالمصارعة اللي ما بتشبع منها ..




واذا بها تلتفت بفرح حين سمعت اقتراب سيارة ابو خالد .. لتحث الخطى وهي ترتب " شيلتها " تقف عند اعتاب الباب تنتظر دخولهم بلهفة .. تريد ان يخمدوا تلك النار التي اشتعلت منذ ان جاء سلطان مطالبا باحقيته فيها .. وكأنها سلعة ما .. دخل الجميع وهي تنظر اليهم .. ليتركهم مطر صاعدا .. وتتبع هي البقية الى الصالة حيث مبارك .. تجلس بجانب خالتها التي جلست بعد ان رمت العباءة بجانبها : خالتي ..




لا تعلم بماذا تسأل .. لا ترغب بان ينتزع ما زُرع في قلبها بكلمة منهم .. تحوقلت ام خالد لتردف : ان شاء الله خير ..




لتنظر الى ابو خالد الذي تكلم : بنروح لعمامج يوم اليمعة وبنطلبج منهم من يديد وبنتكلم وييا سلطان .. وان شاء الله خير ..




هل ستكون تلك الجمعة حافلة بالاحداث .. هل سيفرح فيها البعض ويبكي البعض الاخر .. قامت من المكان .. وهي تسمع خالتها تسأل مبارك ان كان قد تناول العشاء ام لا .. ابتعدت ليحتضنها سريرها .. وتحتضن اناملها هاتفها .. ليس لها احد تشكو له الا سوسن .. التي باغتتها بسؤالها : واذا ما طاعوا ؟




لتنطق بحزم : سلطان ما باخذه .. ان شاء الله ابقى بدون عرس بس هو لا ..




تنهدت سوسن وهي تعتدل وتخفض على صوت التلفاز امامها : مها .. انتي كل يوم لج راي .. امس تحبين خالد واليوم شبيب مب بعيد باكر تقولين احب سلطان ..




احتقنت الدماء في رأسها .. فكيف لتلك ان تحدثها بهذا الشكل .. وهي من اعتبرتها اختا لها قبل ان تكون صديقة .. منذ مدة وهي تستشف من وراء حديثها امور مخفية .. ليتأكد لها ما ظنته حين اردفت تلك : وشبيب يمكن نصيبه مع غيرج مب معاج ..




لتثور انفاسها : سوسن شو هالرمسة .. وبعدين لا تسوين فيها الصديقة اللي خايفه علي وانتي ترسمين لبعيد .. سمعيني حبيبتي لو شو ما سويتي بتبقين بنت السـ...




قاطعتها : بس .. والله عارفه انا منو وبنت منو .. مابي حد يعلمني ..




لتغلق الخط في وجه مها .. وتمتمت : غبية .. طول عمري غبيه وع نياتي .. بس هين يا مها .. انا اعلمج بنت السواق شو بتسوي .. انا اعلمج .. ما اكون سوسن ان ما ادبتج .. وبتشوفين ..





رمت تلك هاتفها على السرير .. لتشد خطاها تسحب لها منشفة وتبتعد خلف جدران دورة المياه (اكرمكم الله ) .. ستطفيء تلك النار التي زادتها سوسن حطبا منذ قليل .. لتدع الماء يغسل شوائب روحها التي لا تزال عالقة فيها .. ما كان عليها ان تبوح باسرارها لاي احد .. كان عليها ان تدعها مخبأة في قلبها فقط .. اغلقت عينيها وتلك المياه تنهمر دون هوادة .. تريد ان تنسى ما دار بينهما منذ دقائق .. لا تريد التفكير في اي شيء .. لا ترغب الا بان تبعد نجاسة التفكير عن روحها وعقلها المتعب ..





,,



منذ دقائق وهو تحت المياه الباردة .. يحاول ان يربط افكاره .. يحاول ان يضع قواعد ما يرغب بفعله .. الليلة سينهي كل شيء .. سيبدأ من جديد من حيث اغتيل برمح صاحبه .. خرج بخطوات مبتلة لا يغطيه الا منشفة تهادت على جسده تغطي عورته .. وشعره المبتل يسكب قطرات الماء لتمر على ظهرة متراقصة .. ليجلس على طرف سريره .. ونظره يلمح تلك الحقيبة التي لا تزال في مكانها منذ ذاك اليوم .. بها ملابسه وحقيبة صغيرة بجانبها بها اوراق يحتاجها .. منذ ان تحدثت معه شمسة وهو يحسب الامور بمليون طريقة .. سيخسر ان فعل ما تريده هي .. وسيخسر ان فعل ما يريده شبيب .. كم يشعر بالتارجح بين الامرين .. ليبتسم على ذكرى صورتها .. حديثها .. و ضحكتها التي اشتاق لها ..




تنهد .. لينحني يسحب هاتفه من اخر السرير .. وينطق بعد لحظات : اريد أأكد الحجز .. هيه .. تسلم ..





سيرحل وسيترك الجمل بما حمل .. سيرحل ولن يكون له من ذكرياته الا حديث سيقوله لاحقا .. و رسالة كتبها تقبع على طاولة مكتبه بجوار اوراقه البيضاء .. رسالة خط عليها اسم شخص لطالما كان له اخ قبل ان يكون صديق ..




وقف وهو يزفر انفاسه الضائعة .. وحث خطاه اليها .. تلك التي كتبها في صباح هذا اليوم .. لا يعلم مما كتبه الا القليل .. ولكن يكفي لان يكون طعنة مقابل تلك الطعنة التي لا تزال تدمي قلبه ..




ارتدى ملابسه وخرج يحمل حقيبتيه وحقيبة جهازه المحمول .. ورسالة دسها في جيب " جاكيته " .. يقود سيارته بشرود تام .. لا يفصله عن منزل شبيب الا دقائق يعلم بانه ليس بمفرده الآن فجابر اخبره بانه سيكون هناك هذه الليلة .. اوقف سيارته وترجل .. يسحب الهواء الى رئتيه وكأنه يرغب بشحذ نفسه بطاقة تكفيه ليقف في وجه الجميع .. يسمع احاديثهم من داخل المنزل .. ليسوا في المجلس .. ازدرد ريقه وحث خطاه لداخل .. ليس بغريب عنهم .. تنحنح .. ليسمع صوت شبيب : اقرب ( ادخل )




ليتراءى لهم .. ينظرون اليه وينظر اليهم تباعا .. منذر وجابر وشبيب .. ومن اسماها يوما بامه .. وتلك العجوز وعصاها الثقيلة .. القى تحية الاسلام .. وصافحهم .. كان سلامهم بارد جدا .. الا جابر كان سلامه كما عهده دوما .. انحنى يقبل رأس شمسة .. ويبتسم لها .. وكأنه يخبرها بأنه جاء اليوم لينفذ ما طلبته منه .. جاء لينهي كل شيء .. ولينكشف كل شيء بعدها .. لا يهم ما قد يحدث .. فسيشتري راحته فقط ويبتعد ..




يرحب به جابر ليجلس ولكنه فضل البقاء واقفا .. لينظر لـ شبيب : شبيب .. سامحني .. عندي كلام بقوله ولا اريد اي حد يقاطعني .. انت يومها ما سمعتلي .. واليوم اطلبك تسمعني .. حارب اللي تشوفه قدامك هو حارب نفسه اللي أأتمنته ع اهلك .. وعمره ما خان ولا بيخون .. شبيب كنت اتمنى فوق ما كنا ربع واخوان نكون انساب .. بس للاسف ما اقدر اكون نسيبك ..




الجميع على اقدامهم واقفين الا تلك العجوز .. ليقاطعه شبيب : شو هالرمسه يا حارب .. اتفقنا ع ان العرس يكون باخر هالشهر .. وما باقي منه الا اسبوع .. وياي الحين تقول ما تريد هالنسب .. واختي ؟





كانت تقف بجانب باب غرفتها القريبة جدا من الصالة .. وقد فتحت لاصواتهم طريقا من خلال الباب الموارب قليلا .. وجوده يربكها .. يخيفها .. حين كان هنا منذ اسبوع كانت ترتعد خوفا وهي تعلم بانه ينام في الجانب الاخر من المنزل مع جابر .. والآن تسمعه .. قريبا جدا .. يحادث اخيها ويرغب بانهاء كل شيء .. سينهيها مع انتهاءه من الحديث .. ازدردت ريقها مرارا وهي تلتقط الصمت ومن ثم حديثه الهادي .. واخيرا نبرة شبيب الغاضبة ..





بنبرة بها بعض من الشدة : اختك يا شبيب .. اللي هي حرمتي مريضة .. مريضة وتوهمت انها حامل وصدقتوها وكذبتوني مع اني حلفتلكم ايامين ..




حديث جديد على جابر .. مالذي يسمعه الآن ؟ وما هذا الحديث الذي يدور يخترق طبلة اذنه .. بعثر نظره على شبيب الذي بان عليه الغضب واضحا لاول مرة بهذا الشكل .. وجهه يكاد ينفجر من تدفق الدماء اليه .. وذاك يتابع حديثه : انا يا شبيب ما لمستها .. بس كلامكم وكلامها خلاني اشك فنفسي .. خلاني ارد للحبوب اللي خليتها من اكثر من ست سنين .. تركت شغلي عشان توتري وخوفي ع المرضى اللي بيكونون بين ايدي ..




صمت وهو ينظر الى شمسة ووالدتها الصامتتان .. ويعيد نظره على شبيب .. ليدس كفه في جيبه .. ويخرج ذاك المغلف المكلل باسم ذاك الواقف امامه .. يمسك بيمينه ويضع المغلف فيها : اقراها بعدين .. سامحني .. بس شامة طالق ..




,,

هنا اجبر نفسي على التوقف .. لادع ثلاثة احداث للزفرة القادمة يوم الاحد باذن الله .. فعذرا لهذا القرار المفاجئ ^^

اسطورة ! 17-02-13 11:08 PM

رد: زفرات اغتصاب ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اليوم زفرتنا فيها وجع .. فاعتذر لان الوجع عميق جدا ><

انتظروني ..

لحظات وستكون بين ايديكم ..
اتمنى عدم الرد حتى انتهاء التنزيل

تحياتي |~




اسطورة ! 17-02-13 11:09 PM

رد: زفرات اغتصاب ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 

تختلط الدموع بالضحكات .. حتى نكاد نجزم باننا على اعتاب الجنون .. ضحكت ثم بكت .. ثم عادت وضحكت .. لينسحب جسدها مفترشا الارض .. سمعته ينطقها ينهيها .. لماذا بهذا الشكل المهين ؟ وامام الجميع .. لتبتلع غصة لازمتها في تلك اللحظة .. تنسكب دموعها وثغرها يضحك .. هي ارادت الطلاق وهو قام به .. هي لا ترغب بالزواج وهو اعطاها ما تتمناه .. تشعر بثغرة عميقة احدثتها تلك الكلمة في قلبها .. حتى احالته لخواء اذا هبت فيه الريح اصدر صوتا حزينا ..



وجمت الوجوه .. لا حديث تنبس به الشفاه .. جميعهم يحتبسون انفعالهم لاحتباس ذاك لانفعاله الذي يظهر على وجهه جليا .. نطق بجملته تلك وصمت .. نظره يتبعثر بانكسار احسه للتو .. ترقب عيونهم .. انعقاد حواجبهم .. وهم يرقبون ردة الفعل .. يكاد يقسم في وقفته تلك انه يسمع اجيج نار صدر صاحبه .. اليوم هو اخطأ بالفعل .. اليوم لن يدافع عن خطأه ابدا .. قبل ان ينطق .. قاطعه شبيب : ليش ؟



كانت باردة حارقة تلك التي نطق بها .. لا يجد جواب الا النظر لام شبيب .. ومن ثم الابتسام على مضض .. ليكسر نظره ويعود يرفعه : ما نصلح لبعض ..


آآه يا حارب .. كسرتني بحديثك .. كسرتني باختي .. وحطمتني بخطأي معك .. تأتي الآن لتخبرني بأنكما غير متوافقين .. الآن يا حارب ؟ .. كيف لي ان انظر الى العيون التي تحدق بي .. والتي اكاد اجزم انها ترى ما يعتمل في صدري من غضب .. جابر صديقي كيف سينظر الي بعدها .. امي .. لما نظراتك لامي بهذا الشكل يا حارب .. انطق اجبني .. لماذا الآن؟


نظر اليه مطولا وذاك يحاول الهرب من رصاصات اعينهم .. وقذائف عيني شبيب .. ليتنهد بضحكة .. لم يعي بانها شرخت صدر شبيب وقسمته اقسام .. ليجيب وهو يحرك رأسه بـ النفي : ما اعرف شو اقولك .. بس شامة محتايه تتعالج من اللي هي فيه .. وانا ما بقدر ع حمل مسؤوليتها .. ما بقدر .. سامحني .. وحللني يا شبيب ..


لا يعلم لماذا لا يتحرك ؟ لا ينطق ؟ وذاك يدبر مبتعدا .. سيبتعد للابد هذا مغزى جملته الاخيرة .. يرى جابر يتحرك ليتبعه .. لا يعلم لماذا اراد ان يستوقفه في هذه اللحظة .. هل هو الخوف من خسارة جابر ايضا كما خسر حارب وقبله خالد .. لكنه لم يفعل .. لم يستطع الا الصمت .. وبعدها التفت لوالدته .. لتقف على سؤاله : كنتي تعرفين ؟


لينظر لها اخيها .. يعلم بان فراسة شبيب لن تخيب .. حتى وان خابت سابقا مع حارب .. بثقة اجابت : هيه .. لاني انا اللي قلتله يطلقها ..


سوط جديد يجلد به جسده .. حتى لكأنه سيخر راكعا من قسوة تلك السياط المتكالبة عليه .. نظره هو من كان يسألها .. لتردف : من يوم ما تقدم لها وانا اقولك شامة ما تنفع لحارب ولا حارب ينفع لها .. بنتي واعرفها .. محتاية ريال قوي يتحمل غباءها واخبالها ويرضى فيه .. حارب اعرفه وكأنه ولدي .. اعرف انه ما بيقدر .. ظلمته يوم وافقت على هالزواج .. وانا ما اقدر اسكت اكثر يا شبيب ..


" رحتي تكحليها عميتيها يا شمسه " .. نطقتها والدتها وهي جالسة ..لتلتفت لها ناطقة : كنت بعميها ياميه اذا كملنا فهالشيء – تعود لتلتفت لشبيب – ما قدرت اسكت .. واختك الغلط راكبها من راسها لساسها ..


لم يحرك نظره عنها .. ليصرخ باسم شامة .. حتى اهتزت جنبات المنزل من صوته .. وارتعدت هي في مكانها .. تشعر انها لا تستطيع الوقوف .. وكأن هناك شلل اصابها .. حتى الاخرى خرجت ويكاد التعب والنعاس يعصف بجفونها عصفا .. لتتهادى اليهم .. وما في قلبها اعظم من ان ترى الوجوه الغاضبة .. لتسأل : شو مستوي ؟


ترى منذر يحاول ان ينفس غضبه في حركة قبضة يمينه .. يشدها ويرخيها .. صامت جدا .. لا يرغب بالتدخل الآن .. شبيب سينهي كل شيء .. بعثرت نظرها عليهم .. واذا بها تلتفت خلفها .. تلك تمشي كأنها عجوز اعياها تعب ساقيها .. لتقف على مقربة من كنة .. وبعيدا عنه بخطوات قليلة .. تراه حانقا .. بل ان دخان حنقه يخرج من اذنيه .. لتنطق بشفاه مرتجفة : خير ..


التفت لها ببرود لا يعكس ما فيه .. دنى منها بخطواته ليقف ينظر اليها .. والجميع ينظر اليه .. لم يشعروا الا بيده تقع على وجهها وتوقعها على الارض .. مع صرخة امه باسمه .. ويترك المكان لهم .. الذهول سمرهم في مكانهم .. حتى هي لم تشعر بشيء .. هناك طنين في اذنها .. وارتجاج تشعر به في رأسها .. وحرقة غريبة تتسلل الى بشرتها .. لم تشعر الا بيدا تنتشلها بغضب من ذراعها .. تحت حديث لا تعيه من والدتها .. ارتفع جسدها ليتطوح .. وترى خالها كوحش سيكمل ما بدأه شبيب .. ليصرخ من بين اسنانه بكنة : ييبي عباتها يا كنه ..


تتشبث في ذراعه خوفا على ابنتها : وين بتاخذها يامنذر ..


لم يجب وصرخ بكنة من جديد ليجبرها غضبه ان تبتعد مهرولة تحضر عباءة تلك الغائبة عن الواقع .. وتلك العجوز تتحوقل في مكانها .. وتنطق لابنتها : سويتي اللي فراسج يا شمسة لا تسأليهم عن اللي بيسونه ..


التفتت لها .. أتعاتبها لانها فعلت الصواب .. فعلت ما كان يجب ان يُفعل منذ مدة طويلة .. عادت تنظر لابنتها المرتجفة .. وتلك تساعدها على ارتداء عباءتها تحت انظار منذر الحارقة .. لتقترب منه .. تعود تمسك ذراعه وتنظر لعينيه : حلفتك بربك ما تسوي فيها شيء يا منذر ..


" لا تخافين " نطقها وابتعد يجرها معه جثة خالية من الاحساس .. ليستوقفه جابر : وين ماخذنها ؟


- مالك خص يا جابر ..


الاجواء لا تحتمل نقاش آخر .. فمسح وجهه بكفه مستغفرا .. ليحث الخطى يسأل عن شبيب .. ذاك المتألم من وجع اوجع به صاحبه انسحب بعد تلك الضربة القاسية منه لمن كان يدللها يوما .. هل استحقت تلك الصفعة منه ؟ .. ولج الى صالة قسمه بضياع غريب يحس به .. والدته واخته ولربما كنة ايضا اخفوا امرا ككذبة حمل عنه هو .. وذاك قسى عليه لاجل شقيقته .. هل نسى مشكلاتها تلك ؟ ام ان دخولها الجامعة اوحى له بانها كبرت .. وزواجها ذاك اجبره ان يخبر نفسه بانها اضحت امرأة لا يُخاف عليها .. رفع يمينه وهو واقف امام النافذة .. نظر الى المغلف .. ليترآءى له وجه حارب المبتسم حين وقف هناك منذ دقائق مع جابر .. هل علم بوجوده هنا فرفع نظره مبتسما ؟ .. كيف وذاك الزجاج المخادع لا يمكنه من رؤية ما خلفه .. لربما شعر بجسده وبعينيه التي نظرت مليا لصاحبه النحيف ..


اقتحم المكان عليه ناطقا باسمه .. ليقف بعد ثواني خلفه مردفا : حارب بيسافر ..


تمتم بينه وبين نفسه : الله يحفظه ..


ليقف ذاك بعد ثواني صمت امامه وهو يديره ناحيته من ذراعه : ليش يا شبيب .. ليش تسرعت بهالشكل .. وليش ما قلتلي ؟


يعاتبه وهو يعاتب نفسه بقسوة تكاد عينيه ان تنطق بها .. ابتعد ليربض على " الكنب " المتوسط الصالة .. وذاك ظل واقفا .. رمى ما في يده على الطاولة امامه .. بها شيء ثقيل .. ولكن لا رغبة له الآن بفتحه.. لربما يحوي طعنة اخرى ستبيده .. صمت وذاك ينظر اليه نظرات متسائلة .. ليبدد السكون : جابر خلني بروحي ..


تنهد .. وزفر انفاسه الخائبة .. وابتعد .. ليبقى ذاك مكانه واجما .. أتسأله لماذا تسرع ؟ لو يعلم بان ما حدث شيء لم يتوقعه .. هل كان لتلك الغيبوبة اثرا فيه .. حتى غيبت عقله في ذاك الوقت .. ولماذا لم يلحظ جسم شامة .. أين التكور .. وأين تغيرات الجسد .. لماذا غفل عن كل ذلك .. حتى وقع فيما لا يرغب ..

,,


وهي لم ترغب بكل هذا .. لم تختلق تلك الكذبة .. بل هي ايضا كذب عليها جسدها وعقلها المريض .. تجلس بسكون بجانب خالها .. وكأنه مسلوبة الارادة .. عينها اليسرى تهل الدمع من وجع الصفعة .. وهناك طعم غريب في فيها .. هل تنزف ؟ وهي لا تشعر ؟ دارت حدقتا عينيها .. اين يذهب بها .. هل سيقتلها ليداري فضيحة لا ذنب لها فيها .. تسمر نظرها عاليا حين توقفت السيارة .. لوحة هناك .. عيادة الدكتورة .......


ابتسمت بألم .. خالها جاء بها هنا ليعالج جرح شفتها .. لم تشعر الا به يسدل طرف " شيلتها " على وجهها .. ويحثها للنزول .. هادئ جدا .. يمسك بكفها حتى غاصت اناملها الضعيفة في قبضته .. يؤلمها بتلك المسكة القاسية .. تريد ان تنطق وتخبره انها لن تهرب .. ولكن لا يشد اكثر .. انها تتوجع .. اختناق تشعر به في ذاك المصعد .. لربما من رائحة من كان فيه قبلهما .. او لربما اختناق انفاسها هي السبب .. سحبها معه .. ليطلب منها الجلوس على مقاعد الانتظار .. واخذ يتحدث مع تلك التي في الاستقبال .. مضت الدقائق وهي لا تذكر الا نظرات شبيب .. ضربها بقسوة حتى ظنت بان رأسها فُصل عن جسدها .. ابتسمت من تحت الغطاء حين قال لها : قومي ..


حنون بحق يا خالي .. وانا التي كنتُ اظن انك ستحطمني وتكسر اضلعي .. كنت اظن ان شبيب احن علي منك .. وها أنا أخطأ في ظني ..


ربضت على الكرسي وجلس هو على الكرسي قُبالتها .. وما أن سألت تلك الدكتورة عن العلة .. حتى تحطم ما ظنته .. بل تهشم مع تلك الكلمات التي قذفها ..


كشف عذرية يا خالي .. وانا التي ظننت انك رؤوف بي .. وانت هنا تطعني مليون مرة .. ليتك قتلتني .. ليتك واريت جسدي قبل ان تراه تلك الدكتورة .. انا اخجل .. الا تعلم باني مع الحياء صحبة .. وجأت بي هنا لاكشف عن جسدي لامرأة غريبة .. آه يا خالي .. بقدر ما احببت توهمي فيك .. زرعت كرها في صدري تجاهك ..


ابتسم حين جاءه الخبر من تلك الطبيبة بعد دقائق الكشف التي احالت تلك الشامة الى حطام لم ولن يعيه هو بتصرفه هذا .. " البنت عذراء " نطقتها له .. تبسم في بادئ الامر .. ومن ثم شعر بالخزي من فعله ذاك .. كيف له ان يظن في أبنة اخته هذا الظن الاليم .. لعله اراد ان يثبت ان ذاك الحارب لم يلمسها .. او لربما اراد اثبات العكس .. فهو ينطق عودته لحبوب الادمان تلك ..



,,

تنهد وهو يشد قبضته على مقبض حقيبته يرفعه ليجرها خلفه .. وحقيبة استقرت على كتفه .. واخرى مع مقبض الاولى تعانقت .. ليسلم جواز سفره وتذكرة المغادرة .. وبعدها شد خطاه مبتعدا .. فالنداء كان سريعا .. وكأنه رغب في عدم تردده .. ليربض بعد دقائق على الكرسي في الدرجة الاولى .. لم يسافر يوما الى على هذه الدرجة .. اسند رأسه ولا يزال وجه صاحبه يزوره .. بل انه يقبع في عينيه وعلى عدستيهما .. زفر وهو يشد الحزام على حجره .. يشعر بعيون ترقبه .. ولكن لا يرغب بالنظر .. مالذي ينظرون اليه .. وجه شاحب وهالات سوداء غرقت فيها عينيه .. ام ينظرون الى اطياف قد رحل عنها وجاءت تحوم على رأسه .. تذكر الرسالة التي كتبها .. هل كان من المفترض ان يبوح قبل الغياب .. ؟ اسئلة تزاحمت في ذهنه .. تنهد على الصوت المعلن للانطلاق .. انتهى وجوده على ارض كانت هي فيها .. وكان هو في زوايا ذاك الوطن عاشق حد الثمالة .. ولكنه عاشق خلف اسوار الكتمان ..



رسالته كانت غريبة بين كفي شبيب الذي لم يخرج من قسمه ولم يرغب في الحديث مع اي احد .. وكأنه يريد ان يعيد حساباته بعد فوات الآوان .. فتح المغلف بقص طرفه بانامله .. ليهزه ويسقط المفتاح في يده .. تتدلى منه علاقة فضية كتب عليه حرفه وحرف آخر لطالما اراد ان يعرف سره ولم يستطع .. لم يكن واحد بل اثنان .. مفتاح البيت ومفتاح سيارته .. انحنى ليضعها على الطاولة امامه .. ويخرج تلك الورقة المطوية بدقة .. لتبتسم شفتيه .. وتترآءى له الاحرف :


*
وينك أمس ..؟؟
وين حسك يالحبيب ..؟؟
وين طيفك ..؟؟
لاعيونك ناظرتني ..
ولاشفاتك ..!!
حتى شفاتك ..
مااهمست بأي همس ..
وينك أمس ..؟؟


**

المدينة خالية
والشوارع فاضية
والرصيف اللي مشيته
من فراقك .. يشتكي
كني لمحت الدمع
من عينه نزل
واختنق صوته بكي
تذكر ايام الصفا
والليالي الماضيه
بس غبت عن عيونه
صارت الدنيا فراغ
والشوارع فاضيه


**

آآآه يا الموج الحزين
تذكر أيام الحنين ..؟؟
يومها يمسك بيدي
وهمس وبكل ذوووق
الوعد مانفترق
مهما خانتنا السنين
مدري فاكر يابحر ..؟؟
اسأل امواجك دخيلك
وينه ؟؟
وين الحنين ؟؟
وآآآه ...
آآآآآآه يالموج الحزين


**




ناظرت صورته وبكيت
وانزلت مني الدموع
وبللت حتى الملامح
ارتجف قلبي بصدري
وانتفض ويمم بعيد
صحت وينك ؟؟
تعال ياقلبي هنا ..
تعال وقلي وين رايح ..؟؟
التفت لي من بعيد
وناظر الصوره وقال
وش بقى بس احتريه
عيشتي بعده محال
عيشتي بعده محال






لا اعلم ماذا عساي اكتب يا شبيب .. اردت ان اخط لك بالعامي ولكن اعلم باني لن استطيع التعمق بالبوح بها .. ففضلت ان اكتب لك باللغة التي عشقتها مذ ايام الدراسة .. هل تذكر تلك الايام يا شبيب ؟ واستاذ اللغة العربية المصري الذي كان يجبرنا على حفظ الاناشيد حتى وان لم تكن مقررة علينا – هنا ابتسم شبيب وتابع القراءة – لا زلت اذكر كل شيء .. كل شيء حتى آخر نظراتك .. اذكرها كلها يا شبيب .. انت ناقم علي الآن اعلم بذلك وموقن ايضا .. شبيب .. ساخبرك بسر تدثر باضلعي منذ سنوات طوال .. لا احد يعلم به .. هل تصدق يا شبيب ان صاحبك عاشق عشق مستحيل .. ولا يزال خيال معشوقته يطارده مثل شبح " كاسبر" الابيض .. ههههههههه تذكر هذا الكرتون .. كنا مدمنون عليه وعلى توم وجيري .. اتصدق ان اخبرتك اني لا زلت اتابع توم وجيري ..



قهقه شبيب على كلمات صاحبه .. تابع القراءة واحاديث كثيرة حكاها ذاك المرتحل .. والسر الدفين بان له .. وذاك الحرف المعانق لحرفه علم لمن يكون .. لا يعلم كم مرة قرأ تلك الرسالة .. لعله لا يريد ان يصدق بان صاحبها رحل .. بل انه الآن بين السماء والارض .. طوى الرسالة بعد ان عذبتها اصابعه .. واعاد العلاقة بالمفتاحين معها في ذاك المغلف .. ليقف ويرمي بجسده على السرير بعدها ..

,,

يــتــبــع |~

اسطورة ! 17-02-13 11:11 PM

رد: زفرات اغتصاب ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
مستلقية ونظرها للاعلى .. وتلك تضع على وجهها كمادات ثلج .. واجمة هي .. وعينها لا تسكت دموعها .. تمتمت تلك : الحمد لله انها يت ع هالشيء ..


مالذي تقولينه يا كنة ؟ الا تعلمين بان روحها منهكة .. وانفاسها تخرج مرغمة من صدرها .. فقط لانها حية .. هدوء غريب توشح الاركان .. بعد ذاك الصراخ الذي كان.. لا شيء يسمع .. الا انفاس كنة التي تنهدت وهي تنظر لهاتفها .. روحها هي الاخرى معذبة منذ الامس .. لا يجيب عليها ذاك الفارس .. وكأن شامة احست بها .. لتستلقي على جانبها الايمن وكفيها التصقاء اسفل رأسها .. وتمتمت : كنه اريد ارقد ..



وقفت تلك لتسحب الغطاء على شقيقتها .. وبعدها انسحبت بهدوء .. وما ان اغلقت الباب خلفها حتى عانق هاتفها اذنها .. لا تعلم كم مرة اتصلت به منذ ان علمت حتى هذه الساعة .. لا يجيب .. لماذا يتهرب بهذا الشكل ؟ الا يحق لها ان تعرف رأيه فيما سمعت ؟ الا يحق لها ان تقطع الشك باليقين ؟ هي ما ان تنام حتى تاتيها كوابيس ترهقها .. حتى باتت تكره النوم دونه .. كيف ان اخذ غيرها ونساها .. نفضت رأسها من تلك الافكار .. لتجلس في الصالة التي شهدت ذاك الحدث الذي تفرق من بعده الجميع .. الجميع اختفوا خلف الجدران .. وهي ترى ان تلك الجدران تطبق عليها حتى انفاسها تكاد تنتهي في اي لحظة .. نزلت دموعها وتركتها .. لربما تريحها تلك الدموع ..


فارس عشقها وروحها وحبيب قلبها الاول .. تشتاقه بل انها اضحت تخاف رحيله عنها .. تخاف ان يبتعد عنها حد عدم استطاعتها النظر في وجهه .. زفرت انفاسها وهي ضغط على ازرار هاتفها .. لتخط له في رسالة نصية : فارس دخيل ربك رد علي .. والله تعبت .. تعبت يا فارس ..



تردد ابهامها ضغط الارسال .. فوقفت .. لا تعلم لماذا ترغب بالهواء في هذه الساعة المتأخرة من الليل .. مشت لتخرج الى ساحة المنزل .. وابهامها يعانق الارسال بهدوء .. لترفع كفها تنظر الى الشاشة .. والى تلك الاحرف التي كتبتها .. هل يحق لها ان تمنعه من الزواج ؟ هي لم تستطع ان تأتي له بطفل .. حاولت كثيرا .. حتى ان الاطباء يؤكدون انها بخير .. لا شيء يمنع الانجاب عندها .. ولكن لما الموت يتربص بهم .. اطفالها الصغار .. لو عاشوا لكان اكبرهم يجري بين كفيها الآن .. وينطق ماما وبابا ..

سحبت الهواء الى رئتيها بنهم .. وارسلتها .. صوت رنة رسالة واردة طرقت اذنها .. ابتسمت لربما بدأت تتوهم .. وما ان رفعت رأسها حتى وجمت .. يقف هناك قريبا منها .. خطوات فقط تفصلهما .. حالته صعبة جدا ..شدت على هاتفها الذي عانقت به صدرها .. لا تعلم كيف وصلت لترتمي في احضانه .. ربما طارت .. فقدماها لم تشعر بهما يطآن الارض .. شدها اليه بعنف الشوق .. لتردد وهي تكاد تمزق ثوبه من على ظهره : حرام عليك يا فارس .. تعبت وانت ما ترد علي .. هنت عليك .. والا حبك لي ما صار له وجود ..



اغمض عينيه يسحبها الى صدره .. وكأنه يخبأها : تعبان يا روحي .. تعبان .. يومين مب قادر ارقد .. امي حالفة ان ما عرست تغضب علي .. شفتي كثر شو الهم ذابحني ..


أصمت يا فارس .. بالله عليك أصمت .. فانا مقتولة في بعدك فلا تعيد القتل باحرفك المسمومة .. اصمت وفقط .. دعني في صدرك اتنفس عطرك .. وارتشف راحتي من بين ذراعيك ..


اختنقت بدموعها .. وهل تخنق الدموع صاحبها يا كنّة ؟ .. لتبتعد بعد برهة .. تمسح دموعها وتمسك بكفه : تعال ..


مشى خلفها كطفل صغير مشتاق لوالدته .. لتلج به الى الصالة الصغيرة الملاصقة لمجلس الرجال .. وتمسكه من كتفيه تجلسه .. وتجلس بجانبه .. وتربت على فخذها : حط راسك ..



وضع رأسه ورفع ساقيه .. واناملها تغرق بين شعر رأسه وتعود للخروج وكأنها سباحة ماهرة في مسابقة .. دموعها تنسكب وقلبها مذبوح .. بل انه مسحوق بالوجع .. ابتسمت ومن بين غصاتها المتلاحقة : انسى كل شيء .. وارقد .. تعرف حبيبي ..


صمتت وكأن الكلمات لا تستجيب لها .. والحروف جمحت بعيدا كفرس لعوب برية .. ساد الصمت لينطق وهو مغمض العينين : اعرف شو يا روح فارس ؟


هل تمطر السماء ونحن يقينا سقف من اعلى رؤوسنا ؟ .. فهناك مطر بدأ يداعب شعره متسللا .. وينسحب حتى خلف اذنه .. لتشد على شفتيها .. وتنطق : احبك .. بس احبك .. اريدك تعرف هالشيء .. واللي يحب ما يأذي حبيبه .. وانا ما اريد اعذبك بغضب امك عليك ..


مالذي تفعلينه يا كنّة ؟ هل تهوين تعذيبي .. ام انك طفلة صغيرة لا تعلم ماذا يعني القادم المر بالنسبة لها .. تقولين لن تعذبينني .. وانا أولستُ أحبك ؟ .. أولستُ سأعذبك حين احتضن امرأة غيرك ؟ .. كيف تفكرين .. او لربما انا بدأت اهذي من تعبي الروحي والجسدي .. دعيني انام في حجرك .. دعيني أنام ..



,,

الا يدركون بان افعالهم سكاكين تنغرس في قلوب الغير .. هل وصلت الانانية بهم حد ارتكاب الجرم بابتسامة .. بل احيانا بضحكة عالية .. وقفت على جانب باب غرفة ابنتها متذمرة : بعد اليوم رايحة ؟


منذ ايام وهي تبتعد عن منزلها لتجلس مع ليلى .. تحكي احاديث من هنا وهناك .. وتلك تتسلى معها حتى مجيء جابر من عمله .. فهي وحيدة وجاءت من تضحكها باحاديثها العفوية .. سحبت حقيبتها لتقف امام والدتها : هيه اليوم بعد بروح .. بنروح الصالون .. قلت لها ووافقت تروح وياي ..



تحوقلت تلك العجوز حين مرت نوال من جانبها .. واردفت وهي تتبعها : صرتي ما تقرين فالبيت ..


تنتعل حذاءها : ما تبيني اطيح فارس .. خلاص بطيحه وبخليه يكره ليلوه من اليوم ..


وخرجت مولية وراءها والدتها المتسائلة .. هل صنعت وحشا من حمل وديع ؟ لماذا تغيرت ابنتها بهذا الشكل حتى باتت لا تعرفها .. اين الغباء الذي كانت تصفها به .. تنهدت وتمتمت : استغفر الله العظيم ..



بعد نصف ساعة ولجت مع ليلى الى ذاك " الصالون" لتربض على احد الكراسي بعد ان طلبت منها احدى العاملات ذلك .. وجلست ليلى تراقبها من بعيد .. سحبت مجلة وهي تبتسم على جدال نوال مع العاملة : لا ما اريده اشقر .. شوفي اريده بني فاتح وفيه خصلات شوية صفرة .. فاهمه ..


تقدمت احدى العاملات من ليلى : مدام ما بدك تعملي شي ..


هزت رأسها بلا .. واذا بتلك العاملة تردف : شوفي مدام في عندنا تخفيضات هاليومين .. ع الصبغ والقص وتنظيف البشرة .. فيكي تأولي ع كل اشي ..


لتصرخ تلك منادية لها .. لتقف بجانبها : تفضلي مدام ..


لتبتسم بخبث : تقولين مسوين تخفيضات .. انزين اريد اقص شعري واصبغه واريد اسشوره .. وبعد اريد انظف بشرتي واحف حواجبي .. وبعد لو تقدرين اريد اسوي منكير وبدكير ..


- من عيوني .. هلأ راح نعملك كل اللي بدك ياه ..


لتنسحب من المكان وتقف ليلى مكانها : نوال شو بلاج .. جذي بنتأخر .. انتي قلتي بس بتصبغين وتقصين ..


وهي تنفش شعرها بكفيها لتسلمه للايدي التي ستعتني به : ما دام عندهم تخفيضات ليش ما اسوي .. وبعدين ما بنتأخر .. الله يخليج ليول عشاني .. تدرين ما اطلع من البيت الا وين ووين .. عشاني ..


كانت تترجاها وهي تنظر الى انعكاسها على المرآة .. لتنطق : ما اقدر .. خليها ليوم ثاني .. جابر بيوصل اليوم الظهر .. وانا لازم ارد البيت ..


تشدقت : انزين شيء اسمه مسج .. كول .. كلميه وهو الا يوم واحد .. يعني ما بيصير شيء ..


وهي على وقفتها تلك وصلها صوت رسالة نصية .. واذا به هو يرسل لها : ليلى انا بتأخر شوي اليوم .. لا تتريني ع الغدا ..


ابتسمت براحه : خلاص مب مشكلة .. عيل بعدل ظفوري ..


شيء من الغيض اجتاح تلك الجالسة على الكرسي .. لعل تلك الرسالة منه .. هل ستفشل وهي في بداية مشوارها الذي ترتجي منه الفوز بـ جابر .. ابتسمت لليلى متداركة نفسها .. ليمر الوقت عليهما هناك .. وعقارب الساعة تجر خطاها لتصل القمة ..


اوقف سيارته بعد يوم متعب في العمل .. ليزفر ويبتسم بعدها ..استأذن وخرج .. تمتم : واخيرا بناكل وبنريح ..


ترجل بجسمه الرياضي بذاك اللبس الذي يزيد من هيبته ووسامته .. ليحث الخطى الى منزله .. ليقف على عتبة الباب لثواني .. ستنزل الآن راسمة ابتسامتها وتردد .. كنت انتظرك .. ستخطو ناحيته لتقف على اطراف اصابعها ويطأطأ رأسه هو قليلا لتقبل وجنته .. وتردد : الحمد لله ع السلامة ..


ويضحك هو عليها بمليء فمه .. فتشتاط غضبا .. او لعله ادعاء مرددة بان كل ساعة يقضيها بعيدا تعتبر رحلة طويلة .. وعودته تستحق الحمد والشكر .. طالت وقفته ليلج مناديا باسمها .. واذا بتلك الخادمة الاندونيسية تجيبه .. بانها لم تعد بعد .. تنهد وخطى صاعدا الدرجات .. ليغسل تعب اليوم تحت المياه الدافئة .. قالت ساعة فقط وستعود .. والآن مضى على خروجها اكثر من ساعتين .. شعر بتوتر غريب يعتريه .. فمنذ ان اصبحت تلك النوال تزورهم وليلى تبدو مختلفة .. يجب ان يضع حد لزياراتها المتكررة .. اخذ يحدث نفسه كثيرا وهو تحت تيار الماء .. ليخرج بعدها وكله أمل ان تكون تنتظره في الغرفة وقد جهزت له ملابسه ..


مشى بخطوات يتأجج منها الغضب .. ليفتح دولابه ويخرج له ثوب نوم باكمام قصيرة .. وما هي الا دقائق حتى خرج من الغرفة .. ينادي على تلك الخادمة .. يسألها ان هناك من طعام .. لتجيبه : ما في اكل بابا .. ماما يتصل يقول يسوي تاخير ..


استغفر ربه مرارا .. ليطلب منها المغادرة ويربض في الصالة بحنق .. ليس معتاد على عدم وجودها في انتظاره .. اتقول ساعة وتخلف بقولها .. سحب هاتفه يتصل بها .. وسؤال القاه على مسامعها : متى بتردين ؟


بلعت ريقها وهي تنظر لنوال التي لم تنتهي بعد : بعد شوي حبيبي .. انت وين ؟


كان صوتها هامسا مع انها في ركن بعيد عن العاملات وعن تلك النوال .. لتأتيها اجابته .. وتشعر بعدها بوخزات في صدرها .. مؤكد انه جائع .. سيفتقد وجودها .. قبلتها وضحكتها .. مشت حيث تلك تسأل متى الانتهاء .. ويأتيها ان موعد الرحيل الى الحبيب قد يطول .. لتعود بانكسار وتجلس مكانها بتوتر يجتاحها .. ليتها لم توافق .. ليتها اخبرت نوال انها لا تطيق " الصالونات " .. ليتها وليتها ..


نظر الى الساعة البيضاء على رسغه .. ليزفر ويتحوقل .. وبعدها يسحب هاتفه .. يضغط على ازارا الهاتف .. لتصلها احرفه : خذي راحتج .. بطلع اتغدا عند شبيب ..


احساس بالوجع رافقها وهي تنتظر تلك .. لم تفعلها يوما وتأخرت .. ماذا دهاكِ يا ليلى .. أين عقلك ؟ لما لم تفكري بان هناك من سيحتاجك اليوم عند الظهر .. هل نسيتي مواعيد عمله .. ام ان تلك تمتلك سحرا غريبا محمل بالنسيان .. حتى اضحت تقنعك بتفاهاتها .. وقفت لتشد الخطى نحوها .. نظرت اليها .. وصوت ذاك الجهاز ورائحة احتراق شعرها تتبعثر في المكان : نوال انا بروح .. رجعي فتكسي ..


فتحت عينيها على وسعهما : ليلى شو اللي تقولينه .. معقولة تتخلين عني ..


ابتسمت وكأن للتو ادركت ما تصبوا اليه تلك .. او لعلها لم تدرك من الامر شيء .. ولا تعلم من اين جاءتها الوقاحة لتجيب : نوال انتي وحدة فاضية .. وانا ورايي بيت وريل .. عن اذنج ..


ادبرت وابتعدت .. وحديث روحها يعاتبها .. بل انه يقسو عليها حتى اوجع عينيها فبكت .. لتدخل منزلها تجري مسرعة الى غرفتهما .. وتقف على اعتابها .. وملابسه مرمية بفوضوية .. لتشد الخطى تنحنى تلتقط ما خلفته يديه .. وتجلس على طرف السرير : سامحني ..

,,

يــتــبــع |~

اسطورة ! 17-02-13 11:12 PM

رد: زفرات اغتصاب ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 


,,















" سامحني " نطق بها سلطان بين عدد الرجال المجتمعون في مجلس والده .. قالها لشبيب الذي جاء بطلبه اليوم بصحبة عمه حمد وابن عمه جابر .. ليردف : البنت ما لها الا ولد عمها ... ودام ولد عمها باغينها فخلاص ما نريد كلام ثاني ..




صرخ والده باسمه .. ليردف : شكلك الا نسيت السنع وانت برع .. لا تنسى ان هذيلا ضيوف ابوك .. ضيوف هالبيت .. عندك كلمة قولها باحترام .. والا اسكت ..




تكلم حمد : يا بو سلطان احنا يينا مرة ثانية نريد البنت ونطلبها منك ومن اخوانك .. مع ان الحق لنا لانكم انتوا اللي اخلفتوا الرمسة اللي قبل ..




نطق وذاك ينظر اليه ببرود يستفزه : يومها محد خبرني .. والحين عرفت .. وعن بنت عمي مالي حياد ..




كان الحديث الدائر من بعد العشاء الذي تناولوه .. وكان هو هادئ حتى ظن الجميع انه لا يعرف ما يقول .. انتظر الحديث حتى انتهى .. واصرار ذاك كان قويا .. تنهد ليقف ويقفون معه .. ليجيب الاخ الاكبر : وين ؟ يالسن ؟




- كثر الله خيركم .. احنا يينا بطلبنا ووصلنا الرد .. وما بينا الا المعزة والمودة .. والله يوفقكم ..





انتهى كل شيء .. لا يرغب بحرب جديدة .. يكفيه الحروب التي كابدها الاسبوعين المنصرمين .. على طول الطريق كان الصمت يسود تلك السيارة التي يقودها جابر .. وعمه حمد يجلس بجانبه .. وذاك مستندا في الخلف .. ليتبعثر السكون بعد فترة من حمد : ليش ياولدي تخليت عن كل شيء ..




ابتسم واعتدل : مب انت تقول ان البنت ما تبيه .. عيل خله يحلم فيها .. محد يقدر يجبرها تاخذ حد ما تباه يا عمي ..




ابتسم جابر .. لا يعلم ماذا جرى لصاحبه من بعد غياب حارب .. ربما امور في داخله تجددت .. امور لا يعلمها الا هو وتلك الرسالة التي تركها ذاك المغادر .. مالذي حوته تلك الحروف .. ومالذي اجبر الثقة تتبعثر وبعدها تعود اقوى عن ذي قبل .. حتى من يراه الآن يظن بان الغرور قد استوطنه ..




ها هو يعود الى منزله الذي هدأت فيه النفوس قليلا .. ليجدهم هناك ما عدا جدته وشامة .. ليجري اليه هاشل يمسك بكفه : شبيب وين اللي طلبته ..




بعثر شعره بكفه .. ومشى معه : سامحني فديتك نسيت .. باكر ان شاء الله بيبلك الشريط اللي طلبته .. كم هاشل عندنا .




انحنى يقبل رأس والدته .. يعلم بان قلبها لا يزال يحمل بعض الغضب عليه .. فهو لم يحادث شامة منذ ما حدث من يومين .. لينظر الى منذر الذي صرخ بأعلى صوته : قووووووووووووووول الله عليك ..




ضحك : الحين ما رحت ويانا عشان هالمباراة .. هذا بدال ما تساند ولد اختك ..




حرك كفه ناحيته : اسكت اسكت .. وخل العتب بعدين ..




طوح برأسه وهو يراه يتفاعل مع كل تسديدة .. وكل هجمة ودفاع .. لينظر الى كنّة الصامتة .. يعلم مدى وجعها .. فاليوم اعطى فارس الاذن بدخول امرأة غيرها في حياته .. يراها تقلب في تلك الرواية التي بين كفيها .. لينظر الى والدته السائلة بعد صمت : شو صار وياكم ؟




انحنى وقبل وجنة شقيقته التي رفعت نظرها له وابتسمت .. وسرعان ما اعادته ع الحروف .. لا تريد لدموعها ان تعود .. يكفي دموع الامس واليوم .. يكفي وجع استحلها .. لو بيدها لطارت للبعيد وفراغات كفها تتمتلئ باصابع كفه .. لو بيدها لما صمتت وسكتت .. لكانت اشعلت نيران ونيران .. ولكن هي من يقع الحق عليها دون ذنب .. وهو الحق معه حتى وان اذنب فيها ..




انسحبت وهي لم تعي من حديث شقيقها لوالدته اي شيء .. انسحبت وهي تشعر بان ساقيها ضعيفان ... تشعر بان الروح اليوم ستفارقها .. ستغادر وسترتحل .. مدت كفها لتلامس مقبض الباب واذا بها تلمسه وتعبر للاسفل .. ليسقط جسدها على اعتاب غرفة حوت دموعها واسرار قلبها المتعب ..




,,

هــنا اقف .. وموعدنا الخميس باذن الله ^^





ملاحظة : الخاطرة عدلت فيها بعد اخذ الاذن من صاحبها ~







اسطورة ! 22-02-13 12:19 AM

رد: زفرات اغتصاب ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اعتذر منكم .. ما بقدر انزل البارت اليوم ..
وموعدنا ان شاء الله يوم الاحد ..

والسمووحة |~

اسطورة ! 25-02-13 03:29 AM

رد: زفرات اغتصاب ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 

نحتاج للحظات نستجمع فيها قوة انفسنا .. لنبث في امر قد يقلب حياتنا .. نحتاج الى البوح وللمصارحة .. لا نقف وننظر حتى تتبعثر حبات المسبحة وكنا قد رأينا اهتراء خيطها .. يجب علينا ان نبادر .. ان نقف وقفات صادقة مع انفسنا ومع من نحب .. فـ " لو " لن تعمل شيء بل تفتح عمل و وسوسات شيطان انت في غنى عنها ..

شد انفاسه وهو يعلم بانه اوجعها في اليوم السابق بصده عنها .. لم يكلمها الا باجوبة مختصرة لاسئلتها .. ظل دقائق في سيارته من بعد ان اوصل شبيب الى منزله ومن قبله عمه حمد .. اخبرها ان لا تصادق تلك الـ نوال .. فهو يرى الخبث فيها .. فما كان منها الا ان رفضت ما يقوله .. فهي تراها طيبة .. ساذجة الى حد الغباء .. حتى انها اتهمته بالظن .. وذكرته ان بعض الظن اثم .. زفر انفاسه وهو يعلم يقينا بانها تكابر في غضبها منه .. يعلم بانها رقيقة جدا وتشتاق له وجدا .. فهو ايضا اصيب من جراء كلماتها الدفاعية عن تلك الصديقة الجديدة لها .. نفض رأسه من تلك الفكرة .. فهو لا يتمنى ان تكون صديقة لنوال تلك .. حث الخطى الى المنزل .. كم يتمنى ان يسمع الضجيج فيه .. ان يشعر بالحياة في اركانه وليس الهدوء الذي عانقه حين دخوله ..





دونه تشعر بالوحدة تغزو اركانها .. وكم تكره ان يكون معها بجسده فقط .. هل اخطأت اذا طلبت دقائق لنفسها بعيدا عنه ؟ ام خطأها كان بالجدال العقيم الذي كانت نوال سبب فيه ؟ .. اطلقت العديد من التناهيد وهي قابعة على الكرسي مقابل التلفاز .. نظرها يرنو للساعة الحائطية مجددا .. وتعود تكمل المشاهدة لذاك الفلم الامريكي .. قامت بالكثير منذ خروجه غاضبا حتى الساعة .. نظفت غرفتهما .. اعادت ترتيب الملابس .. بخرت المكان برائحة العود .. وغسلت عباءآتها مع انهن يصرخن بالنظافة .. الا انها كانت تبحث عن اي شيء يبعد عنها التفكير .. واخيرا اعدت لنفسها وللخادمة العشاء .. ووضعت القليل منه له .. هو ذاك الذي اغضبها بحديثه عن جارتها وخرج .. مع انها تعلم بان عشاءه كان خارجا ..




لا تعلم متى وكيف غفت في مكانها .. رأسها مستندا على ذراع الكنب .. وجسدها التف على بعضه .. وصوت اولئك الممثلون يتبعثر في الزوايا .. ولج الى الداخل .. ليخلع نعله جانب الباب ويغلقه بهدوء .. التفت ويده قد شدت على " شماغه " .. ليسحب الهواء ويحث المسير نحو الاصوات .. مستيقظة تنتظره كعادتها .. لينعقد حاجبيه وهو يراها .. ابتسم وهو ينحني ليلتقط جهاز التحكم الذي سقط منها على الارض سهوا .. يطفيء التلفاز ويركنه على جانب الطاولة ..




تأملها مطولا .. صغيرته الكبيرة .. وساكنة قلبه .. ومالئة حياته .. لا يقوى على تركها في مكانها فقط لانه غاضبا منها .. لم يشعر بنفسه الا وهو يدس ذراعه اسفل كتفيها والاخرى اسفل ركبتيها .. ويحملها .. لينعقد حاجباها وتنطق بخمول : جبور عن السخافة ..




لم يستطع كتم ضحكته لهذيانها ذاك .. فأنفجر ضاحكا .. لتفتح عينيها وهي تشعر بانها غير مستقرة .. لليتراءى لها اسفل ذقنه .. ورائحته تعبث بشعيرات انفها لتسكرها رغما عنها ..




كفى يا دموعي لا تفضحي ضعفي بجانبه حتى وان كان مفضوحا ؟ كفى ولا تزيدي من عتب نفسي علي ؟ فانا مخطئة في حقه .. مخطئة واستحق ان يقسو علي .. يهجرني اذا اراد .. ولكن لا يعاقبني بطيبته هذه ..




تعلقت برقبته ليقف .. تدفن وجهها في اعلى صدره .. وتتمتم بأسف مخنوق .. ليبتسم ويتابع المسير .. ليكون مرسى طريقه سريرهم .. يضعها برفق .. ويبتعد .. ابتعد دون ان ينبس ببنت شفة ..




تمتمت لنفسها وهي تسمع انسكاب الماء في دورة المياه ( اكرمكم الله ) : شو بلاج يا ليلى .. كنتي عايشه احسن عيشه .. معقوله كلامه يكون صح .. ونوال تريد تخرب بينا .. ادور ريل فريلي .. فجابر ...




نفضت رأسها بقوة وهي تمسح دموعها .. لن تسمح لها باخذه ان كان هذا مبتغاها .. نزلت عن السرير لتقف بعد ثواني امام الدولاب تخرج له ملابس نوم .. وتضعهن على السرير .. وتلتقط هاتفها المزدحم بعدد المكالمات من تلك النوال .. لم تأبه للوقت .. لتضغط الاتصال بها وهي تغلق الباب وتبتعد عن المكان ..





،,

المبرد يعانق كفها .. ليشذب اظفر سبابتها بعنف .. ووالدتها تنظر اليها وهي تسكب لها كوب من الحليب بالزنجبيل الذي اعدته منذ ساعة .. لتنطق بعد ان ارتشفت منه : شوي شوي ع ظفورج .. مب من يومين معدلتنهن .




رمت ما في يدها وهي تهز ساقها بعنف : هيه عدلتهن .. بس من حوبتها انكسر ظفري ..




تلتقط هاتفها بجانبها .. وترميه بعنف مكانه : ولا ترد ع مسجاتي ولا اتصالاتي .. شو بلاها ذي .. اوووف ..




وضعت الكوب من يدها : انتي شو بلاج ؟ .. خلج ثقيلة .. وسوي اللي فراسج شوي شوي .. واذا بدت تشك فيج تعاليلها من صوب ثاني .. تراها دثوية ( غبية ) كلمة تيبها وكلمة توديها .. والا ما كنتي لعبتي فعقلها بهالسرعة .




مشت على الاربع نحوها لتجلس بجانبها : يعني كيف اييها من صوب ثاني ؟..




وكأن ذاك السؤال اعاد لتلك العجوز مكانتها في التدبير .. فمنذ ايام ونوال تقوم بما تشتهي دون تدخل من والدتها .. ابتسمت واجابت : خليها هي اللي اتييج .. مب انتي تروحيلها .. من امس وانتي ادقدقين عليها .. ثقلي .




بانزعاج نطقت : الحين هذا شورج .. اقول اميه خلي اقتراحاتج لعمرج ..




التفتت حين رن هاتفها لتبتعد عن والدتها التي اخذت تزجرها : الحق علي .. بنشوف اذا ما ييتي تدورين الشور مني ادواره يا بنت بطني ..




" اشششش" نطقتها والهاتف في يدها .. لتردف : ليلووه تتصل ..




وبعدها حثت خطاها خارجة الى ساحة المنزل تحت زفرات والدتها الحانقة على ابنتها .. لتقف والهواء يحرك شعرها : هلا ليلى .. وينج ؟ من الصبح اتصل فيج ولا تردين ..




لتستند تلك على الجدار بظهرها وعينها على باب الغرفة : كنت مشغولة ..




تحدثت تلك دون ان تسمح لـ ليلى بالرد : مشغولة كل هالوقت .. وامس وين كنتي رحت البيت والشغالة تقولي نايمة .. ورحت اليوم وبعد نفس الشيء .. حشا بتخيسين رقاد .. وجابر ادريبه طالع من العصر .. يعني ما عندج عذر ما تستقبليني يوم ييتج العصر ..




كيف لها ان تعلم متى خرج جابر ومتى عاد ؟ تكرر هذا السؤال في عقلها وتلك تثرثر دون راحة .. تحفظ مواعيد خروجه وعودته الى المنزل .. حتى لربما تحفظ ملابسه التي يرتديها عند خروجه .. انعقد حاجباها وهي تستمع للكلمات الخارجة من ثغر نوال .. لتباغتها بسؤالها : نوال انتي تحبين جابر ؟




تلعثم وتوتر ما رجفت به شفتيها .. لتجيب متداركة الوضع بعد ضحكة قصيرة اطلقتها : انا احب جابر؟ – وعادت تقهقه واردفت – لو ما بقى غير هو ما فكرت فيه .




بدفاع الانثى انفجرت فيها : خير ان شاء الله .. وجابر شو فيه ؟




ازدردت تلك ريقها .. تحاول ان تلملم الفوضى الذي احدثها لسانها دون تفكير منها : ما فيه شيء .. شو بلاج يا بنت الحلال هبيتي في .. بس مب هو النوع اللي انا افضله ..




نست مراقبتها لباب الغرفة فاستدارت بغيض من حديث تلك .. لتنطق بتهديد يشوب نبرتها : نوال لو دريت انج تلعبين علي وتخططين عشان جابر .. والله وهذا انا حلفت ما برحمج .. ليلى الطيبة عند حدود ريلها مستعدة تصير وحش ما يرحم ..




اغلقت الهاتف في وجهها .. لتصرخ نوال وهي تبعده عن اذنها : خيبة تخيبج – واردفت بوعيد بان في نظرة عينيها – هين يا ليلوه .. انتي بعدج ما عرفتي منو نوال .




ارتد الباب بهدوء حتى انغلق .. وتبتعد كفه عن المقبض وهناك ابتسامة لا يعلم ماهيتها قد ارتسمت على شفتيه .. ربما فخر وربما اعتزاز .. ولكن الاكيد انها فرحة لما قالته ليلى منذ قليل وتسابق الى مسامعه .. اما هي فابتعدت لتختلي بنفسها في دورة المياه ( اكرمكم الله ) في الغرفة المجاورة .. تستند بكفيها على حوض المغسلة .. وصدرها يعلو ويهبط بعنف .. كيف جاءت لها تلك القوة .. كيف استطاعت ان تنسلخ من طيبتها كما تنسلخ الحية من جلدها .. ايعقل حبها لجابر قد يصل الى هذه الحدود التي لم تعرفها يوما .. انحنت وهي تفتح الصنبور لتملأ كفيها بالماء وتنضحه على وجهها .. وكأنها تريد ان تطفيء الحرارة التي استوطنتها جراء ذاك الحديث ..




سحبت المنشفه وخرجت وهي تجفف وجهها بلطف .. لتشد انفاسها مرارا قبل ان تغادر الغرفة لغرفتها حيث هو .. بيد مرتعشة لامست مقبض الباب .. هل تراه نام ؟ كان سؤال يعبث فيها وهي تشد انفاسها مع فتح الباب .. ليبادر الى مسامعها صوت مجفف الشعر .. يقف امام المرآة يجفف تلك الرطوبة من شعره .. ليسحب بعض منه وهو يقترب من المرآة بعد ان اطفأ الجهاز .. يخيل اليه شعيرات بيضاء ؟ ام انها الحقيقة ... لينطق وهو يرى انعكاسها امامه : طلعلي الشيب وانا توني ما دخلت السبعه وعشرين ..




نطقت بخفوت وهي تمشي : الشيب هيبة .. ولا يعيب الريال ..




شد شعره المتوسط الطول الى الخلف بانامله .. وسعى نحوها .. ليجلس قبالتها ساقا مطوية اسفله واخرى تدلت من على السرير .. لتشد ساقيها اليها وتبعد ظهرها قليلا عن ظهر السرير .. تريد ان تخبره بالكثير .. بانها تعتذر .. بانها تشعر بالخوف من ابتعاده عنها .. كما فعل فارس بكنه .. فالخبر انتشر كالنار في الهشيم .. ترغب بان تخبأه في صدرها عن النساء اجمع .. وعن نوال خاصة .. لم تشعر الا بدمعها تدحرج وكأنه يعلن العصيان والتمرد .. ويشق طريقه عبر وجنتيها الى شفتيها .. لتعانق انامله السيل ويبعده : ليش تصيحين ؟




هزت رأسها مجيبة .. بان لا شيء هناك .. وهناك في صدرها شعور بالاستغفال من طرف تلك النوال .. الطيبة التي هي فيها قد تقودها يوما لخسارته .. تأملته وكأنها تحفظ تقاسيم وجهه .. ضاعت بين ملامحه القاسية .. ونظرة عينيه .. لم تعد لواقعها الا على كفه الذي احتضن كفها .. ليزيد الاحتضان له بكفه الاخر .. يطوقه ويشد عليه برأفة .. وهي تنظر اليه .. وتطأطأ رأسها حين نطق : ليلى .. لا تعتبرين اللي اسويه تحكم فيج واستغلال لج .. انا ما حرمتج تشوفين حياتج .. بالعكس اتمنى تكون عندج صديقات .. بس مب نوال يا ليلى .. عندج كنة وشامة بنات عمج .. وعندج مها بنت خالتج .. تكلمي وياهن .. زوريهن .. خليهن يزورنج .. وربي ما بمانع لاني عارف تربيتهن زين ..




صمت لبرهة .. وكأنه يريد منها ان تبادله الحديث .. فلم يجد الا الصمت منها وقطرات دمع سقطت على كفه .. ليترك كفها يرفع وجهها من ذقنها : الحين ليش تصيحين .. كلامي ما عيبج .. والا عندج كلام ثاني ..




عادت لتهز رأسها بـ لا .. لا تعلم لما تلك الحروف لا ترغب بالتبعثر من على لسانها .. لماذا تقبع هناك في جوفها لتحرقها ..استغفر ربه حين بدأت الشهقات تعلن عن نحيب قادم .. ولم يجد بدا من سحبها اليه .. وضمها الى صدره : ليلووه .. شو بلاج اليوم فديتج .. هذا وانتي اللي مزعلتني .. والا تسوين ضربني وبكى وسبقني واشتكى ..




ضربته بقبضة يدها على صدره .. ولا تزال تدفن وجهها هناك : خايس ..




نطقتها ليقهقه .. يعشق طفولتها تلك .. يعشق انوثتها .. ويغرق يوما بعد يوم في حبها له .. لا يرغب ان تتغير طفلته يوما .. لتبقى كما عهدها ليزيد حبها في قلبه اكثر واكثر .. امور تجتاح كيان عائلته الصغيرة وتذبذب افكاره .. فلما الآن تظهر تلك النوال مع والدتها لتشرخا السكون الذي اعتاده هو .. لما الآن اضحى الحديث عنهما يزور احاديثه مع ليلى دون اي استأذآن ؟..



،,

يــتــبــع |~

اسطورة ! 25-02-13 03:31 AM

رد: زفرات اغتصاب ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 




،,









كما ذاك الذي زاره شبح قديم في آخر الليل .. ليخرج من منزله ويركب سيارته .. لا يعلم لما ذاك الشبح جاء يطارده من جديد .. شبح فتاة صغيرة بلبس المدرسة .. شبح ضحكاتها مع رفيقاتها العائدات معها من حافلة المدرسة الكبيرة التي تنزلهن على قارعة الطريق .. لما يحدث مع معشوقته كل هذا البلاء ؟ هو لا يتمنى ان تتعذب .. يكفيه عذابات روحه في بعدها .. قاد سيارته ببطئ وكأن به لصا يراقب المنازل .. بل يرقب طريق منزلها البعيد عن منزله بشارعين .. توسعت حدقتا عينيه .. حين لمح سيارة شبيب تدخل في هذا الوقت .. لمحها تجلس بجانبه .. لمح وجهها الذي تغير كثيرا .. هي ام انها اختها .. لما يجد نفسه الا وهو يوقف سيارته خلف سيارة شبيب .. اي وقاحة زارته عند الساعة الثالثة صباحا ؟ ليترجل وهو يرى شبيب يساعد كنة في النزول .. وينعقد حاجباه حين رفع نظره الى ذاك الملقي السلام .. لترد شمسة عليه .. وتمسك ابنتها نيابة عن شبيب لتدخل معها .. ويشد هو خطاه ليقابل خطى ذاك المسرعة نوحه : خير يا شبيب .. الاهل فيهم شيء ؟




ببرود وهو يمد يده ليصافحه : ما فيهم الا العافية .. اختي تعبت علينا .. والحمد لله هي بخير .. الا انت شو موعينك فهالوقت وياي عندنا .. ان شاء الله الوالدة ما تشكي باس ؟..




تيار خجل عصف به .. فهو لم يشعر بما اقترفه .. ليجيب : لا والله ما فيها الا العافية .. بس كنت اتمشى بالسيارة .. لان الرقاد مجافيني . وشفتكم وحبيت اتطمن عليكم ..




- يزالك الله خير .. حياك داخل ..




يده تصافح يد شبيب من جديد : كثر الله خيرك .. بس راد البيت .. وما تشوفون شر ..




قال جملته وابتعد تحمله سيارته عن المكان .. وما ان وصل منزله حتى اسقط رأسه على المقود وتمتم : ما تشوفين شر يا قلبي ..




ظل على حاله ذاك دقائق عديدة .. ليحمل نفسه لاحقا الى غرفته .. يرمي بجسده بجانب تلك النائمة التي استيقظت على اهتزاز السرير .. وعادت لتغلق جفونها .. طوى ذراعيه اسفل رأسه واخذته الافكار اليها .. بالامس كان الوجع لروحها عميق .. كيف استطاع ذاك الفارس ان يوجعها بهذا الشكل .. تنهد وتلك تقطب جبينها مع حركته .. لتصرخ به : اذا ما بترقد خلني ارقد ..




نظر اليها بغيض .. وقام من على السرير : بخليه لج شبعيبه ..




ليختلي بنفسه بعيدا عنها حتى اذان الفجر .. وليختلي بعدها بنفسه في بيت الله حتى شروق الشمس .. وتلك الافكار تأبى ان تتركه .. حاقد بقوة على فارس .. فكيف استطاع ان يؤلم حبيبة روحه بإمرأة اخرى .. كيف استطاع ان يضع معها شريكة في قلبه .. وهو حتى الساعة لا يستطيع ان يدخل لقلبه زوجته حتى لا تشاركها المكان .. قرر وخرج من المسجد ليبث بقراره ذاك على مسامع والدته بعد ان تناول معها الافطار تحت شجرة اللوز في فناء المنزل .. ليلقي عليها بكلماته : امايه دريتي باللي سواه فارس ؟




وضعت فنجانها : هيه وما بيدنا شيء ..




" لازم تطلق منه " .. نطقها .. لتنهره: سالم اخزى بليس ..




- امايه بنت ناصر ما تنضام بعديلة ..




زفرت انفاسها وشدت خطاها الى حيث يجلسان لتقف بغضب اتضح من تكتيف ذراعيها : اكيد ما بيعيبك فحبيبة القلب .. ومب بعيد بعد تكون عندها فتالي الليل البارحة ..




كتم غيضه .. لا يرغب بالرد عليها .. فان فعل فستسبق يده قوله .. لتتابع تلك : عمتي يرضيج اللي يسويه ولدج في .. البارحة تالي الليل راد وهو مب ع اللسانه الا اسمها .. يحسب ما سمعته ..




-اذا ما سمعتيها بسمعج اياها الحين .. هيه احبها .. وغيرها ما حبيت ولا بحب .. وهالكلام اظن انتي عارفتنه من قبل ما تاخذيني ..




تحوقلت والدته واردفت باستغفار .. وتابعت : انتوا شو بلاكم ؟ الين متى ع هالحال ..




- سألي ولدج .. اللي ما عبرني ولا حتى معبر مشاعري ..




وقف واقترب منها : وانتي عبرتي مشاعري وانتي يالسه تتغزلين ففلان وعلان وييا ربعج ع التلفون .. ياللا تكلمي ..




تلعثمت : هذا شيء واللي انت تسويه شيء ثاني ..




التفت لوالدته : امايه لازم تقنعين كنه تطلق من فارس .. مالها الا الطلاق .. وان ما سويتي هالشيء انا اللي بقنع شبيب يقنعها – التفت لوضحة – وانتي جهزي عمرج عقبها .. لانها من تطلق بتكون حرمة لي ..





،,



فتح الباب بهدوء عليها .. لا تزال نائمة .. اقلقتهم عليها .. فوقوعها افزعهم جميعا .. مهملة في صحتها بسبب ذاك الذي تعشقه .. يحمد الله ان عمله اليوم مساءً .. جلس على طرف السرير .. يرى ملامحها المتعبة .. وظهر كفها لا يزال يحمل آثار تلك الابرة التي تجرعتها طوال ساعتين في ذاك المستشفى .. أنين اصدرته اوجع روحه المتعلقة بهذه الشقيقة .. ليلتفت على دخول والدته .. وقف وقبل رأسها .. سالته : شو حالها الحين ؟




ابتسم وهو يراها تفتح عينيها .. ليعود ويجلس حيث كان : وعيناج ؟




تقدمت منها والدتها لتجلس مقابلة لذاك الجالس عند رأس ابنتها .. تمسك كفها : يا بنتي مب زين اللي تسويه بعمرج .. هذا ذنب .. يالسه تذنبين فنفسج .. وانتي فاهمة ما تبين اللي يفهمج – وقفت لتردف – بروح ايبلج ريوق ..




اذا بها تشد يدها : لا ياميه .. لا اتعبين عمرج ..




نطق هو : لازم تاكلين ..




سحبت جذعها ليساعدها ويسندها على ظهر السرير : بقوم اتريق وياكم برع .. ما اريد ايلس بروحي هني .. ما اريد ..




ابتسم وهو يحني رأسها يقبله : ولا يهمج .. قومي تغسلي وبتلقينا يالسين فالصالة نترياج .. تراني ما بتريق الين اشوفج تمدين ايدج وتتريقين ..




خرجا لتنهض هي بوهن .. بكت برجاء في حضن شبيب وهي على السرير الابيض .. ترجته ان لا يخبر فارس بما هي فيه .. لا ترغب بان تحزنه يكفيه ما فيه .. وقفت تغسل وجهها .. تشعر بان عينيها تحترقان من الماء .. وهناك رجفة في اطرافها ترهقها .. استجمعت قوتها لتستحم وتغير ملابسها .. وتحاول رفع شعرها وقد اقعدها الانهاك على طرف السرير .. حاولت ولكنها لم تستطع .. وكأن ذراعيها ثقيلان لا تقوى على رفعهما .. استسلمت لتدعه منسدلا على ظهرها .. وتخرج تجر خطاها الى الصالة .. لا احد هناك الا جدتها ووالدتها وشبيب .. فـ هاشل في مدرسته .. ومنذر في عمله .. وشامة حبيسة غرفتها كالعادة لا تخرج الا وقت الغداء تتناول القليل وتعود الى سجنها الذي اتخذته لها .. وقف حين رآها مقبلة .. يسندها حتى تجلس .. ابتسمت : فديتك .. والله انا بخير ..




- اشوفج تاكلين وتضحكين بعدين بصدق .




تنهدت العجوز وكأنها ترمي بثقل من على صدرها : شخبارج الحين يابنيتي ..




وهي تتناول كوب الشاي بالحليب من يد شقيقها : بخير .. لا تحاتيني يدوتي .. بس هم مكبرين السالفة .. كلها دوخة من قل الرقاد ..




ليعم الصمت المكان وهم يتناولون الافطار .. لتربت الجدة على فخذ شبيب الجالس بجانبها : شبيب ربك ما يرضا بالظليمة ..




ماذا تقصد بهذا الحديث الآن ؟ هل ستخبره بان يطلب من فارس ان ينفصل عني ؟ لا يا جدتي .. لا تفعلي .. فان روحي هناك معه .. ستقتليني ان فعلتي .. رباه لا تدعها تنطق بما لا اشتهي ...




بعثرت نظراتها امامها وذاك الحديث المتأوه يثور في داخلها .. لترفع نظرها حين نطقت جدتها .. بعد ان استفسر شبيب عن مقصدها : شامة يا شبيب .. من ذاك اليوم وانت لا تكلمها ولا حتى تسأل عنها .. كنه من طاحت قمت فيها قومه .. والا هذي اختك وهذيك لا .. تراها يتيمة وانت ان كنت مب شايف ظلمك لها بشوفك اياه ..




نطقت شمسة : امايه شو له هالرمسه الحين ..




نهرتها : انتي سكتي .. كله من تحت راسج ..




لتتحوقل شمسة وتقوم : بسكت ياميه بسكت .. بس مب كل ما تغلط بنروح نطبطب عليها .. ونقولها لا تعيديها مثل الياهل .. شامة ان ما تسنعت بتبقى طايحة فكبدي وكبد اخوها ..




انصرفت ليتنهد هو : استغفر الله العظيم ..




ليصمت وتنطق جدته : عيبك كلامي والا ما عيبك ؟




ابتسمت كنه وهي تنزل قطعة الخبز من يدها : شبيب .. كلام يدوتي صح .. شوف من متى حابسة عمرها .. هي غلطت ما نقول لا .. بس بعد ما ننسى ان هالشيء مب بايدها .. هي صدقت اوهامها .. يعني لا نكون احنا والزمن عليها ..




التفت لها مبتسما .. ثم قام يقبل رأس جدته ويمضي الى غرفة تلك الـ شامة .. يعلم ويدرك جميع ما قالوه .. ولكن نفسه لا تعرف الاعتذار .. لم تعرفه يوما .. وتلك شقيقته الصغيرة تحتاجه .. كما اخبره حارب في تلك الرسالة :




" شبيب دير بالك على شامة .. البنت مريضة ومرضها اذا ما تعالج بيتطور .. حطيت لك كرت دكتورة ثقة اعرفها من زمان خذها لها وبتساعدها "





لا تزال تلك السطور وغيرها تزوره .. تجبره ان يخطو تلك الخطوة لاجل شامة .. ويأتي شيء يمنعه عن المواصلة .. والآن سيواصل للنهاية .. يكفي كلام جدته الذي اوجعه .. فهو ليس ظالما .. ولن يكون .. طرق الباب طرقات ثلاث .. ثم دخل بعد ان اذنت له بالدخول .. تجلس على الارض وظهرها للجدار وبيدها كتاب ما تقرأ فيه .. للوهلة الاولى ظن بانه كتاب الله .. وحين اقترب اكثر علم ماهيته .. كتاب يشرح فن التصوير الفوتوغرافي .. اغلقته وسحبته الى صدرها .. تحتضنه وكأنها تبعده عن عيون شقيقها الذي جلس امامها على الارض : شخبارج ؟




تسألني ما اخباري ؟ الآن ؟ .. أين كنت قبلا .. اين كنت حين اغرقت وسادتي بدموعي .. اين كنت حين كسرني خالك الذي اكرهه .. وحين انكر الجميع وجودي بينهم ؟ .. الآن تسألني ؟ .. حسنا سأخبرك عن حالي يا شبيب .. انا فتاة ميتة .. لم يبقى منها الا الجسد .. حتى الجسد سيندثر قريبا ..




ارتجفت شفتيها .. لتسقط رأسها على ركبتيها وتبكي .. تريد ان تبكي .. تريد لدموعها تلك ان تصرخ نيابة عنها .. امتدت يده لتقع على رأسها : شامة ..




لتنفر منه واقفة وتصرخ به : شامة ماتت .. ماتت ..




ينظر اليها ويقف لتبتعد هي من مكانها : منو شامة اصلا .. شامة وحدة ما تتمنوها تكون بينكم .. كل شيء عندكم كنه وبس .. وانا لو يصير في ما يصير ما يهمكم .. ما يهمكم .





على صراخها وقفت كنة على باب الغرفة .. لتتوارى بالجدار .. تسمع صراخ تلك .. وانتفاضتها الباكية .. لتستطرد : لو ابويه حي كنت ما ضربتني .. ولا ذاك – وهي تشير بيدها للباب – ياخذني عشان يتاكد اني بنت .. لهالدرجة انا رخيصة عندكم .. لهالدرجة يخلي غريبة تكشف علي .. اكرهكم .. اكرهكم .. لا تقرب ..




كانت تصرخ وهي تتراجع بخطواتها للوراء .. وهو يتقدم بخطواته منها .. حتى التصقت بالجدار .. واقترب منها وجدا .. ليعانق وجهها بكفيه .. ويقرب شفتيه من وجنتها .. يقبلها مرة واثنتين وثلاث .. هناك حيث كفه طبعت بصمتها سابقا .. ارتجفت من فعله .. ليسحبها اليه يضمها .. وتنتحب هي .. يعدها بان كل شيء سيكون على ما يرام .. كل شيء سيعود لسابق عهده .. ونسى بان بعض الجراح تترك آثارا صعب ان تمسح ليعود الجسد بعدها كما كان ..





،,



ربض جسدها في الصالة عند الساعة العاشرة صباحا .. لتقدم لها شمسة القهوة .. وتسأل هي عن كنة وعن الجدة .. لتردف شمسة : اميه طلعت وييا شبيب وشامة .. قالتله يوصلها عند ناس تعرفهم .. وكنة داخل الحين بتيي ..




ما ان انتهت شمسة من جملتها حتى اقبلت كنة لتلقي التحية وتقبل ام سالم .. وتجلس تسحب صحن الفاكهة وتبدأ بالتقطيع .. لتنطق تلك : لا تقطعين شيء .. والله ما اشتهي .




بكفها تفاحة وبالاخرى سكين : افا عليج يا خالتي .. ما بسوي شيء .. وترانا بناكل وياج ..




لتقف عن التقطيع بعد ان قالت ام سالم : الا صدق فارس خطب .. وبيعرس عليج ؟




ابتلعت غصتها .. ورسمت ابتسامتها وتابعت التقطيع : الشرع محلله اربع يا خالتي .. وانا ما بحرمه من الضنا .. وربي يوفقه ويسعده ..





مالذي تقولينه يا كنّة ؟ .. اتبررين الوجع بوجع آخر .. ام تسكتين الافواه لتصرخ الافواه القابعة في روحك .. وان صرخت فكيف ستسكتينها ؟ .. هل ستقوى على البعد ؟ ام هل سيقوى هو على البعد ؟ .. كم تتمنى لو انها غفت بالامس ولم تفق ..




- والله هالريايل ما منهم امان .. انزين يا بنتي تطلقي .. ترى العديلة مرة ما بتقوين عليها .. طلبي الطلاق واشري راحتج .. وبييج اللي احسن عنه




بغضب وهي تضع الفنجان من يدها : شو هالرمسة يام سالم .. انتي محضر خير والا شر .. والا يايه بالسوالف القديمة اياها .. اظن ناصر الله يرحمه رد عليج يومها ..




تلفلفت في عباءتها وهي تقف : شو بلاج يام شبيب كلتيني .. انا ما قلت الا الصدق .. البنت ما لازم تكمل وياه .. وترى الشمس ما تتغطى بمشخلة .. والريال باع بنتج .. والاحسن تشترون راحتها .. شوفي ويها كيف صاير .. وسالي امج عن نار العديلة وهي تقولج .. بخاطرج ..





صفقت اليمنى باليسرى : لا حول ولا قوة الا بالله – نظرت لكنة المشدوهة اليها – وانتي شفيج اطالعيني جذي .. سمعيني حطي عقلج فراسج وما عليج من كلام هالسوسة .. من يوم يومها وهي تسعالج تكونين لولدها ..




،,

يــتــبــع |~





اسطورة ! 25-02-13 03:33 AM

رد: زفرات اغتصاب ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 

عقلها بعيدا كل البعد عنها في هذه الساعة .. تطرق برأس القلم على الطاولة مرارا .. حتى بان الانزعاج على الدكتورة .. لتصرخ بها : هدوء .


وهي لم تسمع شيئ فافكارها تعصف بها .. تخلى عنها شبيب عند اول فرصة .. ابو خالد اخبرها بما قاله .. ولكن لا تصدق من ذاك الحديث شيء.. ايريد منها الرفض .. ترفض وترفض .. وان اصر ذاك على موقفه .. هل تبقى هكذا ؟ هل سينتظرها هو ؟ .. جفلت حين ضربت الدكتورة على الطاولة امامها : ماذا هناك ؟



لتسمع الضحكات من خلفها ومن جانبها .. وتعقد حاجبيها على حديث تلك : ان كنتِ لا ترغبين بمحاضرتي فالافضل ان تتركي القاعة .. فهناك من يرغب بالاستفادة ..



ابتسمت لتسحب كتبها وتقف : حسنا .. لكِ ذلك ..



ادبرت خارجة من القاعة تحت وعيد تلك المحاضرة بحرمانها من درجات الامتحان .. ادبرت تحت نظرات سوسن لها .. ابتعدتا عن بعض منذ ذاك اليوم .. قدماها تاخذانها الى خارج الجامعة .. نظرت الى الساعة في هاتفها ومن ثم اعادته الى حقيبتها .. الساعة الثالثة عصرا .. لا توجد لديها اي محاضرات اخرى .. لتحث الخطى الى موقف السيارات .. ستعود الى المنزل وستنام لتبعد التفكير في هذا الموضوع عنها .. لا يهم مالذي سيحدث لاحقا .. فيكفي انها سترفض ذاك السلطان حتى اخر رمق فيها .. رفعت حاجبها وهي ترى إطار سيارتها فارغ من الهواء .. لتركله بغيض : مب وقتك ..



تنهدت .. وشدت الخطى الى الشارع العام لتوقف سيارة اجرة .. لا تريد ان تتصل باحد لايصالها .. ولن تركب مع تلك السوسن في الباص الذي يقوده والدها .. لن تختلط بها مجددا .. توقفت السيارة وما ان همت بالركوب حتى سحبت من ذراعها .. شعرت بالخوف يجتاحها .. لتصطدم بجسم قاسي .. ويعصف صوت اغلاق باب سيارة الاجرة باذنها : بنات الناس اللي متربين ما يركبون تكاسي بروحهم وفعز القايلة ..




وصلها صوته القوي .. لتنفض ذراعها من كفه : وعيال الناس اللي متربين ما يمسكون البنات فالشارع لا خواتهم ولا يحلن لهم ..



بغضب اجابها : تراددين ياللي ما تستحين .. امشي قدامي اشوف ..


ضمت كتبها الى صدرها : سلطان ابعد عني .. وخلني اروح البيت بكيفي ..


بتشدق : تذكريني .. ما شاء الله عليج .. ذاكرتج قوية



اقترب منها لتبتعد هي بخطوة للوراء وبنبرة تهديد : ويهج هذا ما اريد الناس تشوفه تفهمين .. والا والله ما تلومين الا نفسج .. ما عندنا بنات يكشفن ويوهن ..



تسلحت بالقوة لترد عليه : يوم تكون لك كلمة علي ساعتها تعال تكلم ..


يدها تندس في حقيبتها لتخرجت هاتفها امام نظره .. واذا بها تنطق : هلا عمي .. عمي لو ما عليك امر اتيني الجامعة سيارتي امبنجرة .


ما ان انتهت حتى نطق : بيكون لي كلمة عليج يا بنت عمي .. وساعتها السانج الطويل بقصه فاهمه ..




مشت ليتبعها .. فوقفت ليقف : ليش تتبعني .. عمي بوخالد بيني .. والا بعد تريد تمنعني اركب مع الريال اللي رباني ..



مشى ليتعداها ويقف وظهره لها : خلي عنج الغرور .. ترى سيارتي بذاك الصوب ..



كرهته .. بل ان كرهها له ازداد اضعاف واضعاف .. من هو ليأتي ويتحكم بها بهذا الشكل ؟ .. لن تكون له .. هذا ما اقسمت به بينها وبين نفسها .. لتتابع خطاها لتقف قريبا من سور الجامعة .. وتلتقي عينيها بعيني سوسن .. وتقف بقربها : منو هذا اللي كنتي وياه ؟


ابعدت نظرها .. لتشد على كتبها بذراعيها : مالج خص .. ولا تدخلين فشيء ما يعنيج ..



لتحث الخطى مبتعدة بعد ان تراءت لها سيارة ابو خالد .. وتقف تلك تحترق غيضا .. وفي رأسها امورا عليها ان تنهيها .. ستنهي كل شيء كما ترغب هي .. وستعطي تلك الـ مها درسا لن تنساه يوما ..

على طول الطريق الى منزلها وهي تحيك الافكار لترسم خط تمشي عليه .. فهي لن تصمت على اهانة تلك لها .. حتى وان كانت يوما ما صديقتها المقربة .. وصلت المنزل وابتعدت عن والدها الذي ترك المكان ليصلي العصر .. رمت بحقيبتها على السرير .. وتنهدت .. وابتسمت على ما جال في نفسها .. ستحدثه قريبا .. ستخبره بالكثير حتى وان لم يكن له مكان من الصحة .. فهي لن تسكت وفقط ..




،,

حين ترتحل الامال بعيدا .. ونحاول ان نتمسك بها بشتى الطرق ونفشل .. نستسلم .. ونرفع رايتنا البيضاء ونلوح بها ..هي استسلمت وها هي توشك على رفع رايتها .. لم تستطع النوم طوال ليلها .. نظرها على ابنتيها .. وحديث عقيم يشق طريقه الى رأسها مرارا .. اليوم ستنتهي حياتها .. سينتهي ارتباطها القديم بارتباط جديد .. هل مات قلب اخيها ليتاجر بها بهذا الشكل .. بالامس فقط كان اخر يوم في عدتها .. يستعجل اعدامها .. بل انه يستعجل بيعها لشخص لا تعرفه .. وعقد قران في المنزل بشهود لا تعرف من قد يكونون .. تنهدت وهي تطوي سجادتها بعد ان صلت ركعتي الضحى .. سيأتون عند المساء .. وستبيت بعيدا عن هنا هذه الليلة .. ابتسمت وهي ترى ابنتيها احداهما تكتب والاخرى ترسم .. تفترشان الارض .. وصوت جدالهما بين الفينة والاخرى يطمأنها .. ستكونان معها .. لن تفترق عنهما .. تنهدت وهي تنظر لساعة المنبه القابع على " الكوميدينة " ..كم هذا اليوم سريعة ساعاته ..




مر سريعا يسابق الريح .. يسابق انفاسها المنهكة .. لتقف الان بباب المنزل وذاك " الشيخ " يسألها موافقتها .. واصابع عيد قد انغرست في لحم ذراعها .. وهمس قاسي يهمس به في اذنها : لو تبين بناتج قولي موافقة .



ازدردت ريقها مرارا .. لعل ذاك الرجل الذي ستقترن به يكون ارحم عليها من شقيقها .. قد يحب ابنتيها كما فعل خالد مع مريم .. قد ينسيها معاناتها .. جميع ما عانته .. لا ترغب بالقبول .. ولا ترغب بالخسارة التي قد تتجرعها اذا رفضت .. لا حل بين الاثنين .. اما الاول او الثاني ..



،,

هنا اتوقف .. وموعدنا الخميس باذن الله ^^

♫ معزوفة حنين ♫ 31-03-13 12:38 AM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
لتأخر أسطورة بطرح الأجزاء ..
بنزل بدالها انا ..
عسى المانع خير يارب ..

♫ معزوفة حنين ♫ 31-03-13 12:39 AM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
كالجثة انتزعت منها الروح يكون ذاك الجسد الذي عوقب بقسوة .. وظلت اثار العقاب عليه ظاهرة .. تشوهه وتحيله الى الانطواء والابتعاد عن الاعين .. معهم بجسده فقط .. منذ ذاك اليوم وهي تراه يذوي كمصاب بداء خطير لا علاج له .. يحزنها حاله ولكن هي مُصرة على ما تريد .. وهو سينسى مع الوقت .. تمد يدها للعشاء وبين الفينة والاخرى تنظر اليه .. يلوك اللقمة في فمه مرارا ومرارا .. وكأنها طعام لا يستساغ .. اجبرته من جديد ان يجلس معهم للعشاء .. تحاول ان تعيد له ابتسامة وجهه التي افتقدتها .. وحديثه المرح الذي كان يداعب المكان وزواياه .. ابعدت نظرها لابنها الثاني .. عُمر الذي كان ممانعا وبدأ يتقبل الموضوع سريعا .. يتحدث وكأنه سيكون لتلك الفتاة معلما .. سيوجهها كيف يشاء ..اعادت نظرها الى فارس الذي نفض كفه واقفا .. ناطقا بالحمد لله على نعمه .. لتنطق هي : وين ؟ ما كلت شيء ..


ابتسم ابتسامة باهتة .. وكأنها تخرج عنوة على شفتيه : الحمد لله شبعت .


لتطأطأ هند رأسها : حرام اللي تسوه فيه .. هو يحب كنه .


لترجفها صرخة من عُمر ..حتى تجمع الدمع في عينيها : عيب .. ما عندنا بنات يتكلمون بهالسوالف ..


المحرمات الا متناهية في هذا البيت تخنقها .. بل انها تؤدها دوما .. وقفت لتمشي مسرعة مبتعدة عن ذاك المكان .. وقف هو الاخر حامدا ربه وتاركا المكان لغسل كفيه .. لتبقى والدته مع نورة .. لتتحدث وكانها تحدث نفسها : ليش مب باغي يفهم ان اللي سويته هو الصح ؟


بنظرة غريبة رمقتها .. وما لبثت حتى قامت هي الاخرى .. فوالدتهم قاسية رغم كمية الحب الذي تكنه لهم .. لم يبقى في المكان الا هي .. تحاول ان تعيد حساباتها .. ليس لتراجع بل للمضي قُدما .. فكل شيء اضحى مقررا لا تراجع فيه .. وهي بين افكارها اذا بها ترفع رأسها لتلك التي القت السلام .. تدنو منها بابتسامة تقبل رأسها : شحالج عموتي ؟


لتقف بغضب : انتي شو يايبنج الحين ؟


أهذا استقبال تستقبلها به بعد غياب طال .. ؟ . ازدردت ريقها .. وبشيء من القوة اجابت : هذا بيت ريلي .. بعدني ع ذمته .. ومب لاني سكتت معناته اني بخلي كل شيء .. حقه فالزواج ما بعارضه .. بس فارس بيبقى ريلي عمتي .. والشرع حلله العرس بس بالعدل ..


لترد عليها بشيء من الغضب : يعني ما فيج اتصبرين الين يعرس ويتهنى .


مالذي تنطق به تلك المرأة ؟ .. اتريد ابعادها عن المكان الى حيث يشاء الله ..ابتسمت وكأنها تقذف بالغيض لقلب الواقفة امامها : شو هالرمسة عمتي ؟ تبيني ايلس فبيت اهلي بالشهور .. الين يعرس ويتهنى ؟ - لوحت برأسها – ما برد بيت اهلي فديتج .. واظن البيت عود وبدال الحجرة عندكم ثنتين فاضيات .. وقسمي بيبقى لي بعيد عنها ..


-
اشوف طلعلج صوت يا بنت شمسة ..


بشيء من الكبرياء المفتعل اجابت : تحملي السان وحدة بتصير لها عديله وهي مب قادرة الا تسكت وتنطم ( تصمت) .


ابتعدت عن المكان قبل ان ينكسر جدار القوة الذي بنته عليها منذ ان قررت الرجوع .. لتلج الى قسمها .. تجر خطاها الى الغرفة .. تكتم غيظا فجرته في نزع " شيلتها " ورميها على السرير .. وخلع عباءتها بقوة ورميها بجوار تلك .. لتسمع اسمها من فيه .. فتلتفت له .. يقف عن باب دورة المياه (اكرمكم الله ) .. واكمامه قد رفعت الى المرافق .. ومنشفة صغيرة في يده كان يجفف بها بقايا قطرات الماء من وضوء قام به .. سعيدا جدا بها .. بل انه يكاد يطير فرحا ..


نظرت اليه والغضب قد تمكن منها : كل شيء له حدود يا فارس .. رضيت بعرسك علي .. رضيت بشريكة فيك .. بس ما برضا ان مكاني بعد ينخذ .. ما برضا بهالشيء ..


لا يأبه لانفجارها الثائر في وجهه .. لا يأبه الا بوجودها معه الآن في غرفة واحدة .. وتحت سقف واحد .. دنى منها .. لتنهره عن الاقتراب .. فيقف يعقد الحاجبين .. وتزيد هي من حدة صوتها المتهدج في وجهه : انا تعبت .. والله العظيم تعبت ...


ومن بين شهقاتها توال الحديث منها .. وهو فقط يستمع بوجه متجهم : كلامهم مثل السم اللي ينهش في بدون ما يحسون – تشير بيدها للباب – وامك تباني اغيب عن البيت .. تباك تستانس مع العروس وانا بعيد عنك .. حتى ما قالتلي الحمد لله ع السلامة .. شهر وشهرين راحن وهي ولا حتى اتصلت تطمن علي .. ولا كأني عايشه معها اربع سنين .. كل هذا عشان العروس ما تزعل .. ما ناقص بعد غير تقولك طلقني ... انا وبعدني ع ذمتك احس روحي بتطلع مني وانا اتخيل وحدة غيري ترقد وياك ع سرير واحد .. وايدك تلمسها .. كيف اذا طلقتني .. انا شو مسويه تحت ربي عشان يصير وياي كل هذا .. شو مسويه ؟


صرخ بها وهو يدنو منها يحاول ان يحتويها بين ذراعيه : استغفري ربج يا كنه ..


دفعته عنها لتبتعد للوراء بخطوة متوجعة : خوز عني .. مابي حد يواسيني .. مابي ..


لتحث الخطى تتوارى خلف جدران دورة المياه ( اكرمكم الله ) تنحني على حوض المغسلة بعد ان نضحت بالماء على وجهها مرارا .. لتختلط دموعها بالماء المنسكب .. والى مسامعها تهادى صوت والدتها : خلج من ام سالم وغيرها .. ولزمي بيتج وريلج .. هو مب اول واحد ياخذ حرمة ع حرمته .. وخلي عقلج فراسج وتراه البعد بيبعده ..


لتتكرر تلك الجملة " تراه البعد بيبعده " يرجعها صدى عقلها مرات ومرات .. لتنتحب وتتمتم : انا ما بقدر ع بعده .. ما بقدر ..


لم تشعر الى بمن يدس ذراعيه من تحت ذراعيها يسحبها عن الحوض الى حضنه .. ورأسه قد عانق كتفها الايمن : ولا انا بقوى على بعدج .. لو يصير اللي يصير .. محد بياخذ نقطة من وجودج فقلبي .


بكت اكثر وهي ترجع رأسها للوراء حتى استند على صدره .. يشعر باهتزازه .. ودقات قلبه تسانده .. يتعبه حالها .. كانت عاصفة ما بعد الهدوء الذي استحلها ايام واسابيع .. سحب انفاسه تاركا عطرها يداعب شعيرات انفه .. كم يشتاق لها ولرائحتها .. كم يشتاق ان تكون معه على سريرهما .. وتحت غطاءهما .. وصدره وسادة لرأسها .. زاد من احتضانها لتزيد هي من الشد بكفيها على كفيه : سامحني .. بس تعبت وانا اكتم ..


لم ينطق .. فقط غير من احتضانه لها .. حتى يطوق كتفيها بذراعه ويمشي معها .. يجلسها على السرير ويحتضن وجهها .. لا يعلم لما شفتيه التصقتا بجبينها طويلا .. لعله الشوق الذي حدهما للمكوث هناك .. وعيناها تمنتا ان يطول الالتحام .. لتشعر به .. وبقربه .. وبانفاسه ودقات قلبه المتناغمة مع دقات قلبها المتعب .. لتفتح عينيها .. وهناك بين شعيرات ذقنه قطرات تنسكب .. هل هي بقايا ماء الوضوء ؟ ام انها شيء آخر ؟ .. لترفع مقلتيها .. لا ترى شيء سوى اسفل لحيته .. ترغب بابعاده ولا ترغب .. لتنطق بهدوء : فارس ..


وكأنه لا يريد لها ان ترى وجعه .. فشد برأسها سريعا على صدره : لا تفكرين بشيء .. بتبقين انتي قلب فارس وروحه ولو كانت فحياتي مية حرمة .. ولا وحدة بتقدر تاخذ شيء من مكانتج ..


ليبتعد عنها بعد برهة سآئلا اياها : منو اللي يايبنج ؟


تعلم بانه اراد اخفاء وجهه عنها .. فطأطأت وجهها وكأنها تلبي له طلبه دون ان ينبس .. لتجيبه : شبيب .



وقف في ساحة المنزل حين اوصلها .. لتختفي هي خلف الجدران .. ويأتيه صوت عُمر مرحبا به .. يصافح يده ويشد عليها ليشعره بخجل استوطن ذاته مما ألم باخته بسبب امه واخيه : السموحة منك يالنسيب .. ترا ما باليد حيله ..


-
تكسرونها يا عُمر .. هذا وابوي الله يرحمه موصينكم عليها .. وانا عايش سويتوا فيها هالشيء عيل من عقب موتي شو بتسون .


لا تزال يده تحتضن كف شبيب بقوة : والله مب بايدنا .. ولا كان لنا نيه فهالشيء .. امي الله يهداها حطته بين نارين .. لو انت مكانه كان سويت سواته ..


تحوقل ومن ثم اردف : الله يكون فالعون .. المهم اترخص ..


ليبدأ ذاك بدعوته بنهم للدخول الى المنزل .. ويتعذر باعمال تحتاج الى انهاء من قبله .. هو يبتعد عن المكان فلو تقابل مع فارس في هذه اللحظة لربما ينفجر فيه صارخا .. الهذه الدرجة يستعجل الجرح على شقيقته .. ليكون الزواج بعد شهر من الآن ؟ .. لما لا يصبروا حتى تتقبل هي ما هي فيه ؟ ..



,,

تحاول ان تتقبل وجود ذاك الشخص الجديد في حياتها .. قبعت على الكرسي في سيارته بعد ان اطمأنت على ابنتيها في الكراسي الخلفية .. تغطي وجهها بـ النقاب .. لا تريده ان يراها .. تسمع صوته يقترب مع اخيها الظالم لها .. من هو عوض هذا ؟ كيف عساه يكون ؟ تنهدت وهي تسمع مشاجرات خفيفة بين ابنتيها على تلك اللعبة الالكترونية الصغيرة .. لتلتفت لهما : فديتكن بس .. لا تسون حشرة ( ازعاج ) ..


لتتحدث مريم وهي تترك اللعبة لاختها .. وتتمسك بظهر كرسي والدتها وتنحني للامام : امايه بيكون مثل عمي خالد .. طيب ويشلنا الالعاب .


-
هيه .. بس انتن سكتن وخلكن عاقلات .. والا بيزعل منكن ..



ليهدأ المكان .. لا تعلم من اين جاءت بتلك الكلمات الكاذبة .. فهي نفسها لا تعرف عن ذاك الذي اقترنت به شيئا .. سوى اسم تردد على شفاه اخيها .. وكتب على عقد بجانب اسمها .. لم تشعر به يجلس بجانبها في خضم تلك الافكار التي داهمتها .. لتجفل على صوت اغلاق الباب .. وتلتفت لتراه يعدل المرآة الامامية .. وكأنه يرى ابنتيها .. عاقد الحاجبين .. كثيف شعر الكفين .. وحنطي البشرة .. لا يبدو في الثلاثين كما قال اخيها .. بل يبدو اكبر من ذلك .. حتى وان كان السواد يكتسي شعر لحيته .. ليرجف قلبها من سخريته حين حرك سيارته : خذ وحده وبيعطوك ثنتين مجانا ..



ليقهقه بعدها بغضب اتضح في نبرته .. لتبلع ريقها مرارا .. وتنزل نظرها الى كفيها في حجرها .. ليس طيبا ؟ وليس كخالد ؟ ليس هناك رجلا مثل خالد ؟ لتنسكب دمعة تبلل نقابها .. الهدوء عصف في المكان .. حتى صوت تلك اللعبة اختفى .. هل شعرتا بما شعرت هي به من خوف ؟ تحركت شفتيها .. تقرأ آيات من القرآن .. ودعاء يخفف وطئ الحال عليها .. الطريق طويل حيث مسكنه .. يريد ان يبعدها عن المكان .. ولكن كيف سيكون المصير معه ؟ ..


طوال ذاك الطريق المؤدي للمناطق الشمالية من الدولة كان الجو هادئ .. بل انه كمقبرة لا حياة فيه .. وابنتها الصغرى قد نامت والاخرى بدأ النعاس يداعب جفنيها .. ليسقط رأسها مرارا وتصحو .. توقفت السيارة بجانب بيت شعبي .. يبدو قديما .. لتستعيذ من الشيطان كثيرا بعد ان نطق : وصلنا .. ياللا نزلي ونزليهن ..


ليترجل متوجها لخلف السيارة ينزل حقيبتها الكبيرة التي اتسعت لملابسها وملابس ابنتيها .. ومن ثم تابع طريقه وهي بيده .. ينظر اليها واقفة وقد امسكت بكفي ابنتيها .. وتلك الصغيرة تدعك وجهها بظاهر كفها الحُر .. مر من جانبها ليفتح الباب .. وتتبعه هي بخطوات متوجسة تحت الحاح ابنتيها برغبتهما في النوم .. لتستقبلها صالة صغيرة قد ترك الحقيبة في منتصفها .. و غرفتان بينهما دورة مياه ( اكرمكم الله ) .. يبدو انه ملحق في احد المنازل قد استأجره .. ليخرج لها من احدى الغرفتين ويقف على مقربة منهن : هذا بيتج حجرتين وصالة ومطبخ وحمام .. اظن يسدنا .


نظراته تكاد تخترق مريم .. جسدها الطويل الممتلئ بعض الشيء اثار في نفسه سؤال .. ليبعثره وهو يدنو منها .. يلمس وجهها المشرأب بقليل من الحمرة : كم عمرها ؟


شيء من الخبث احسته في سؤاله .. لتسحبها اليها : عشر .


نطقتها وابتعدت بهن على صوته الواصل لها : يعني كم سنه وبتصير عروس .. شو عليه بنصبر كم سنة ..


وضحك وهو يرمي بجسده على الارض .. يمسح بكفه اليمنى على لحيته : مب مشكلة يا عيد .. مسكتني من ايدي اللي تويعني .. بس خير وبركة هي وبناتها ..


فرشت لهما على الارض .. لتنام الصغيرة مباشرة .. وتبقى تلك مستلقية بعينين خائفة : امايه ..


نطقتها وهي تستلقي على يمينها تنظر لوالدتها المنشغلة بترتيب ملابسهن في ذاك الدولاب الصغير .. لتردف : امايه ما حبيته .. شكله يخوف .. سمين وفيه كرشه كبيرة مب مثل عمي خالد ..


شدت بقبضتها على تلك الملابس المطوية بين يديها : بعدج ما عرفتيه فديتج .. صبري واكيد بيكون زين ..


شدت بالغطاء عليها وهي تسمعه ينادي والدتها : امايه كيف بروح المدرسة باكر ..


اقتربت منها تطبع قبلة على وجنتها ..وبعدها تشد النقاب من جديد على وجهها : بنقلج لمدرسة قريبة .. الحين رقدي ..


لتتابع ظل والدتها يختفي مع اغلاق الباب عليهما .. اقتربت وعلى لسانها تعاويذ من الشيطان .. ودعوة بالتوفيق والتيسير .. لتقف وتراه ينظر اليها من اعلى رأسها الى اخمص قدميها .. زادت من توترها تلك النظرات .. لينطق : بتمين طوال الوقت متغطية ؟ .. سمعي تراني مجبور عليج .. وعيد النذل بياخذ جزاه مني .. بس هذا ما يعني اني امنع نفسي من حقي فيج ..


-
اسمع يا عـ..


قاطعها وهو يقف يدنو منها : يوم اخلص كلامي عقبها فتحي حلقج وتكلمي – يمسك كم عباءتها بطرف اصابعه ويهزها – هذا اللي عليج ما اريد اشوفه وانا هني .. وابيج تعرفين اني ريال متزوج وعندي حرمة وعيال .. يعني تبقين حرمتي فالسر لا من شاف ولا من درى .. اخذ حقي الشرعي بس بدون عيال .. فاهمه .. والحين تروحين تتجهزين لريلج .. ياللا ..


زفرت خوفها مع انفاسها .. وكم تمنت ان يرتحل عنها ولكنه قبع مع قلبها بين ضلوعها : عوض .. دامك معرس شو تريد مني .. خلني هني وييا بناتي .. وصدقني بيبقى اللي بينا سر محد بيعرف فيه ..


لم تنتبه الا بيده تسحب نقابها بعنف عن وجهها .. حتى انحلت " شيلتها " معه . لينخرس وهو ينظر لوجهها الابيض .. وانفها الطويل وعيناها الواسعتان .. جميلة بل انها ملكة جمال لم يره يوما .. تأملها طويلا .. حتى انها شعرت به يعريها من باقي ثيابها .. ليرفع حاجبيه : وانا اقول بناتج من وين يايبات الحلى .. والا لو ع خالهن كان محد طالع فويوهن ..


ارتجفت شفتيها وهي تراه يتلمس بشرتها .. وانفاسه النتنة جراء التدخين الذي اسكر به جو الصالة تلفح وجهها : ما تنلامين اذا بتغطين ويهج .. وتبين تحرميني من الباقي بعد ..


ابتعدت للخلف : ما بمنعك .. بروح اتجهز ..


لتترك المكان له وحده .. تريد الهرب من اللا مهرب .. لتلج الى غرفة ابنتيها .. تقفل الحقيبة على ما تبقى من ملابس لها فيها .. وتجرها معها .. حتى ما ولجت للغرفة الاخرى .. وجدته ينتظرها على السرير .. وقفت بل انها تسمرت في مكانها .. لتتمتم : حسبي الله عليك يا عيد .. حسبي الله عليك ..


وقف يقترب منها : خليني اساعدج ..


شعور بالاشمئزاز والتقزز حملته معها وهي تلف جسدها العاري بالغطاء بعد ان فعل هو ما يشتهي .. لتدلف في دورة المياه ( اكرمكم الله ) تغلق عليها الباب .. وتبكي بصمت .. تشعر ان جسدها بيع على يد شقيقها ثلاث مرات .. لم تشعر بطعم الزواج فيهما الا مع خالد .. حتى انها بكت وانتحبت حين تذكرت خوفه بعد ان اخذ حقه منها .. يقف وهي تنظر اليه : سامحيني بس والله ما قدرت اردع نفسي عنج .. وانتي الله يهداج كان منعتيني .. وانتي تشوفيني ياي تعبان وادور اي شيء يريحني ..


ابتسمت ووقفت حينها لتمسك كفيه : قدر الله وما شاء فعل .. منعتك بس انت كنت مب فوعيك.. كل تفكيرك ما كان معي .. لا تحاتي .. اول وآخر مرة ..


تذكرت ابتسامته حينها فوقعت على الارض تشد بالغطاء عليها اكثر : الله يرحمك .. ياليتك عايش كنت بعيش وياك مثل ما تريد .. برضا نكون مثل الاخوان طوال العمر ..


,,

يــتــبــع |~

♫ معزوفة حنين ♫ 31-03-13 12:42 AM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
كانوا كالاخوة في فترة سابقة .. حتى حدث ما حدث في ذاك اليوم .. كان يمشي بمعية ابن عمه شبيب بخوف جم .. لا ينطق الا بجمل قصيرة خائفة مرتعبة من المجهول .. وذاك صامت وعينيه على الطريق .. حتى ظن يومها انه يحدث انسان لا يعرفه .. قاسي لابعد حد .. ليمر الوقت سريعا مخيفا مظلما .. ويمسكه من ذراعه ينزله من سيارته .. ويجره معه الى ظلام المزرعة .. بين نخيلها مشيا .. حتى تراءى له البيت الصغير .. ينير الساحة الخالية بانواره البيضاء .. ليدخل المفتاح باليد الطليقة .. وبعدها يدخله ويجلسه على الكنب الطويل في الصالة الصغيرة .. ويسحب كرسيا ليجلس امامه .. ازدرد ريقه وردد : والله ما قصدت اضربه .. هو .. هو اللي تسبب لعمره .. ما بيموت صح ؟


شد انفاسه وزفرهن امامه : يوم انك مب قد اللي تفكر فيه لا تسويه .. تدري ان اللي صار اليوم قريب من اللي صار يوم كنت ويا خالد .. تدري ان خالد دزني عشان ياخذ هو الرصاصة بدالي .. انا ما ادري منو اللي يالس يترس راسك بالكلام ضدي .. من يوم يومنا انا وخالد وييا بعض مثل الاخوان واكثر .. وانت .. انت يا مطر كنت تشوف هالشيء كل ما خذناك ويانا .. صح والا لا ؟


يرفع حدقتا عينيه لشبيب وهو مطأطأ الرأس .. ليردف الاخر : انت تدري لو اخبر عليك شو كان بيصير فيك .. تعرف انك بتنحبس سنين وبتتأهل فالحبس .. ما فكرت فابوك .. فامك .. فاخوك مبارك .. ما فكرت فخالد اللي ياما شجعك انك تكون احسن الشباب .. نسيت كل هذا يا مطر .. وين عقلك يوم تكلموا عني بالردية .. ورموني بكلام شين وانت تسمع وتسكت – صمت لبرهة واردف بتأكيد – وتصدق .



يذكر الحديث الطويل الذي القاه شبيب على مسامعه في تلك الليلة وقلب حاله .. يذكر تعنيفه الهادئ .. ويذكر حين اخرج مسدسه ليدسه في كفه ويحثه على قتله .. ليرميه بعيدا صارخا : ما اريد اقتلك .. ما اريد خالد يموت مرة ثانية ..


ابتسم وهو يذكر خوفه وحتى بكاءه في ذاك المكان .. يمشي اليوم وبيده كتبه المشدودة بحزام على جوانبهن الاربعة .. ليتفاجأ عند سور المدرسة من الخارج بمن يدفعه بعيدا ليتوارى به على السور البعيد عن الشارع .. يدفعه ليلصقه بالجدار .. ويمسكه شاب آخر من الجانب الايسر .. ويتقدم ذاك الذي كان يشحن عقله بالكثير من الترهات : تكبرت علينا يا مطر .. حتى الكلام ما صرت تتكلم ويانا ..


يحاول ان يتخلص من ذاك التكبيل الذي اوجع ذراعيه : علي .. خلك بعيد عني ... ياخي ما اريد ارابعك .. انت ما عندك كرامة ..


ليصرخ حين انغرست قبضة علي بجانبه الايسر : يالخايس .. لو ريال تواجهني بروحك .. مب وياك هالانذال تحتمي فيهم .. آآآآآآخ ..


ضربة أخرى جعلته يصمت جراء انفاسه المتوجعة .. ليشد ذاك على شعره يرفع وجهه ليواجهه بوجهه : علي ما ينقاله لا.. تفهم .. وهذا درس لك يا اخو خالد ..


شدد على الكلمة الاخيرة وهو يلكمه من جديد حتى خر على ركبتيه .. وتوالت الركلات من الشابين الاخرين .. وبعدها فروا هاربين .. تاركين خلفهم مطر وقد انهكته تلك اللكمات والركلات .. لتخرج انفاسه مرغمة .. دقائق تحت الشمس مرت عليه وهو جالسا مستندا بالجدار .. لترسم شفتيه ابتسامة متعبة وهو يتمتم : نذل ..


ويتسابق السعال من فيه .. ليقف ينتشل " غترته " من على الارض .. ويليها بكتبه .. ويجر خطاه مبتعدا .. متوجها الى منزله .. هناك حيث توقفت حافلة المدرسة لينزل منها مبارك .. ويتبعه هاشل مترجلا .. ليقف يمنعه من الدخول : انت شو يايبنك وياي .. ما تفهم .. غبي .. اقولك ما اريد اكون وياك .. اوووف ..


ليجيبه ذاك بصراخ اقل حدة من صراخ الاول : انت شو دخلك .. اريد اشوف عمي وعمتي .. والعب وييا مطر بلاي ستيشن ..


ترك حقيبته ليصرخ به عند عتبة بوابة المنزل : مطر ما بيلعب وياك .. روح من بيتنا ..


ليدفعه بكلتا كفيه ويترنح للخلف .. وكاد يسقط لولا جسد مطر الذي منعه : مبارك .. شو بلاك ع ولد عمك .. كم مرة اقولك مالهم خص باللي صار وييا خالد .. انت ما تفتهم ..


ليصرخ بشقيقه وهو يشد حقيبته متوجها لداخل : انت اللي ما تفتهم ..


" جب " .. صرخ بها مطر .. ليتوقف ذاك عن المسير راميا حقيبته لتقع على الارض .. ويلتفت لمطر : جب انت ..


ليقترب منه يدفعه من كتفه بغيض : انت جب فاهم ..


لم يشعر الا بهاشل يدفعه عن مبارك : لا تضربه ..


ابتسم ليصرخ بهما : انتوا الاثنين مخابيل ..


ويكيل عليهم الشتائم وهما يردانها باكثر منها .. ليصرخ بعدها مبارك : بس .. اسكت .. والا والله اضربك ..


" ياللا اشوف اضربني " نطق بها وهو يجري بعد ان رمى بكتبه على الارض بجانب حقيبة اخيه .. ليجري خلفه مبارك .. ويصرخ على هاشل بان يساعده .. ومطر يركض متفاديا اكفهم الصغيرة تحت ضحكاته العالية وصراخهم عليه .. رغم وجع جسده مما تلقاه الا انه شعر بسعادة غريبة والهواء يداعب ثيابه وهو يجري في ساحة المنزل ..


شدها الصراخ لتقف عند النافذة تنظر للخارج .. ابنيها وابن عمهما يلهون .. ما تراه جعل افكارها تبتعد حيث ابنة خالد .. لربما لو اقنعت حمد لكانت هي الان بينهما .. وتجري مع عميها وتلعب .. ولكن حمد عنيد جدا .. ولا يرغب بوجود تلك الطفلة في حياتهم .. لم تشعر بمها التي وقفت خلفها تشاهد ما تشاهده .. وتبتسم : خالتي شو بلاهم عيالج تخبلوا ..


وضحكت على هاشل الذي وقع على الارض وتبعه مبارك متعثرا به .. وذاك يقفز متحديا لهما : قلت لكم ما بتمسكوني ..


ليحمل كتبه ويجر خطاه تحت تهديدهما له .. وتعانق كفه جانبه بالم .. وما ان ولج حتى ابتسم لوالدته .. يدنو منها يقبل رأسها : شحالج اميه ؟-يلتفت لمها - شخبارج مها ..


وبعدها انصرف .. حتى دون ان يسمع ردهما .. ابتعد ليريح جسده المنهك .. ليدخل بعده مبارك وهو يجر حقيبته ومن خلفه هاشل .. لتقابلهما والدته بقولها : شوفوا اعماركم كيف متوسخين .. يعني ما يحلالكم العب الا بكناديركم ( الاثواب الاماراتية ) .. روحوا تغسلوا ..

تمسك هاشل من ذراعه : امك تدري انك عندنا ؟


-
لا ما تدري .. اتصلي فيها وخبريها ..


وهرول بعدها يتبع مبارك الى غرفته .. لتضحك مها ضحكة قصيرة على عفويته .. لتبتعد حفصة : بروح اتصل بشمسة ادريبها بتيلس تحاتي ..



زفرت انفاسها وتركت المكان .. تشعر بالخوف من وجود سلطان حولها .. لا يمر يومان الا وتراه هناك عند جامعتها .. يراقبها .. بل انه يتربص بها .. وما ان تكون وحدها حتى يحتك بها .. تشعر بالخوف وتتمنى ان تعود سوسن معها .. فان كانت بجانبها لن يجرؤ على الاختلاء بها .. ولجت الى غرفتها .. لتغلق الباب وتستلقي بعدها ..


لماذا الحياة تعاكسني ؟ لولاه لكنتُ الآن مع شبيب .. لكانت لي احلام مختلفة .. لرسمت طريقي معه كما اشتهي واتمنى .. ولكن هو ابتعد .. هل يظن بأن القوة لن تغادرني يوما .. هل يطمأن لاني لا ارغب بابن عمي ؟ ماذا لو كان ابن عمي يتمتع بالعناد افضل مني ؟ ماذا لو تعبت يا شبيب ؟


انقلبت على يسارها وهي تلعب بخصلات شعرها : اصلا شبيب ما يحبني عشان يتمسك في .. واكيد بيخليني اول ما يلقى غيري .. اووف


زفرت انفاسها وجلست تشد ركبتيها الى صدرها : سلطان ما اطيقه ..



هل اضحت مجنونة تحدث نفسها بصوت عالي ؟ ام ان الحياة تسحبنا حيث اللاوعي منا .. وتحيلنا الى مجانين نتخبط باحاديث روحنا .. وترهات عقولنا المضمحلة ؟ نرى امامنا فقط .. نحاول ان نرى البعيد فنتعب ونتقوقع كما تتوقع مها مع افكارها المتخبطة بين شبيب وسلطان .. تشعر بانهاك فكري لا تقوى معه مراجعة محاضراتها .. ويشدها تفكيرها مرارا الى سوسن .. لتنتشل الهاتف تقف على اسمها .. واصبعها متردد على الاخضر .. لماذا تحتاجها هكذا ؟ وهي التي ابعدتها عنها بعنجهيتها وتكبرها عليها .. ؟ رمته بجانبها وعادت للاستلقاء من جديد .. ترغب بالهروب من واقعها بالنوم ..



,,

تناهيد يطلقها صدره في هذا المساء المشحون بخيالات فتاة رآها دون علمها .. وسلسال من الذهب يتدلى من كفه المرفوع عاليا حيث ظهره يحتضنه سريره بعد ان صلى العصر .. يبتسم حين يتذكر الهواء العاصف بها وهي منحنية عند قدميها .. هل اعجب بها ؟ ام انه الحب بدأ يتسلل الى قلبه الذي لم يعرف نبضات العشق قبلا .. جميلة بملامح غريبة ليست لبنات البلد نصيبا منها .. ابتسم اكثر حين سمع صوتها .. لعلها هنا لزيارة كنة .. لربما لا تعلم بانها تركت المنزل لمنزل بعلها ؟ او لعلها جاءت لزيارة شامة الرافضة للخروج للعيادة مجددا ؟ برغم محاولات شبيب معها الا انها لا تريد العودة الى تلك الطبيبة النفسية .. فهي لا تحبذ البوح بمكنونات روحها لاي كان ..


شد جبينه حتى تجعد .. تسأل عن شبيب ؟ يسمع صوتها واضحا من الصالة القريبة من غرفته .. لا يعلمون بانه لم يغادر المنزل من بعد الغداء .. تنهد ليضم الخلخال في كفه ويقف يحاول ان يلتقط الحديث باقترابه من الباب .. لكن لا شيء .. لعلها خرجت الى مجلس الرجال حيث شبيب .. فتح الباب لتقف تلك تنظر اليه : انت هني ؟


رفع حاجبه مقتربا منها : هيه هني .. عندج مانع ؟ الا ..


صمت وهو يتلفت في المكان ليردف بعدها : مب صوت سوسن من شوي هني ؟


لا تعلم لما شعرت بنشوة غريبة تجتاحها .. لربما شعرت بشيء مختلف من وراء ذاك السؤال .. لتنطق : هيه هني .. يايه تشوف كنه وتشوفني .. بس عندها كلام تريد تقوله لشبيب يخص ابوها .. وراحت تكلمه ..


امسكها من ذراعها لتجفل لفعله ذاك : خالي شو بلاك ؟


-
شامووه كيف تخلينها تروح لاخوج بروحها .. عيب ما يصير هالشيء ..


نفضت يده بعيدا : عاادي .. هي ما تعرف العيب .. واخوي ما ينخاف عليه ..


ابتعدت لتقف وتلتفت له من جديد : خالي خلك بعيد عنها ما تناسبك اوكي ؟


هل هو مفضوح لهذه الدرجة ؟ هل لاحظ الجميع عليه انقلاب حاله من حال الى حال ؟ تنهد ليجر خطاه خارجا واذا به يقف حين وصله صوتها المتحدث .. هناك عند باب مجلس الرجال من الخارج وقفت .. وهو كان يقف على عتبته يستمع لها ونظره للارض .. لم يقاطعها منذ ان بدأت الحديث : شوف انا وياها من زمان ربع .. حتى علاقتنا مثل الخوات .. ولا اريدك تنخدع فيها لاني اعز كنة وشامة واتمنى لهم الخير وانت اخوهم اكيد بتمنالك الخير .. مها انسانه طايشه تعرف شباب وتكلم شباب ع الفون .. وفوق هذا هي ما تحبك ولا تريدك ومن يوم يومها وهي تحب ولد خالتها خالد الله يرحمه .. ويوم مات ما لقت غيرك عشان توهم نفسها انها تحبك .. بس صدقني انت ما تستاهل وحدة مثلها ..


صمت فقط ..الصمت كان كفيلا ان يزعزعها حتى ارتجفت نبرة صوتها ليبتسم هو .. استشعر الكذب من حديثها .. فتزدرد هي ريقها تباعا في انتظار كلمة منه .. ليسحب انفاسه ناطقا : يزاج الله خير .. بس لو كنتي تعزينها مثل اختج كان داريتي عليها ما فضحتيها ..


ارادت ان تنطق فقاطعها : ع العموم مشكورة وما قصرتي .. واللي ربي كاتبه بيصير .. الحين سمحيلي عندي شغل ..


ليمر بجانبها دون ان ينظر اليها .. ابتعد وعيناها ترقبانه .. حتى ما ان دست يدها في حقيبتها لتخرج هاتفها .. تفاجأت بصوته خلفها : هذا لج ؟ .. لقيته طايح فال***ة ( ساحة المنزل )


التفتت لتراه يمد يده وقد تدلى ذاك الذهبي منها .. لتاخذه مع كلمة شكر .. وابتسامة منه .. ليكون دور عينيه في مراقبتها وهي تبتعد خارجة من المنزل .. ويتمتم هو : كل الحريم نفس الشيء .. ما منهن امان ..


" ينيت " .. نطقتها اخته من خلفه .. ليستعيذ من الشيطان ويقهقه بعدها : الواحد غصب بيتخبل دامكم تطلعون له مثل الشياطين ..


-
انا شيطان ياللي ما تستحي ..


عاد ليضحك : لا والله .. محشومة يام شبيب ..


تفاجأ بكفها تمسك كفه : تعال ..


لتمشي وهو من خلفها الى مجلس الرجال .. وتقف معه : تحب ؟ في بنت فبالك ؟


تكاد مقلتيه ان تخرجان من مخدعهما : هااا ..


لتضربه على كتفه : شو ها بعد .. يعني انت معتفس علينا صارلك ايام .. مب منذر اللي نعرفه .. قلت اكيد ورى السالفة بنت دامك صاير ما تحب تيلس ويانا مثل قبل ..


تبعثرت ضحكته في ارجاء المكان .. ليحتضن كتفها بكفه : منذر ما تطيحه حرمة يا شمسة .. وبعدين اللي في تعب من الشغل ومب حرمة ..


تحوقلت وهي تراه يخرج تاركها خلفه .. لتتنهد وتطوح برأسها .. اما هو فخرج من المنزل باكمله .. وهناك احلام بترت قبل ان تكتمل .. وخيالات فتاة انكسرت على يديها منذ دقائق مضت .. ليقنع نفسه بان قلبه لا يستحق ان يحب امرأة .. ولا يستحق ان يتعذب لاجل امرأة .. سيبقى حرا كما كان دوما ..

,,

يــتــبــع |~

♫ معزوفة حنين ♫ 31-03-13 12:42 AM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
كذاك الذي فضل الحرية وارتحل .. ليصفر صوت الريح في خواء منزله .. والاشجار تبكي وجع الوحدة من بعده .. حتى ان الاحجار المرصوفة هناك اشتاقت له .. يبعثر نظره في الارجاء .. هنا اجتمعوا كثيرا .. ضحكوا .. مزحوا .. وتشاركوا المشكلات .. هنا كانت تفوح روائح العطور الفخمة التي كان يصرف عليها الكثير من امواله .. وهنا كانت ضحكات اخوته الصغار .. نظر على صوت ذاك العامل من صعيد مصر : يا بيه البيت حالته تصعب ع الكافر .. والزرع تعبان ..


ابتسم : شوف شغلك هني يا عبدالغفور .. انت المسؤول الحين عن الزراعة وعن البيت .. مثل ما قلتلك بيي كل اخر اسبوع افتح البيت عشان تنظفه .. وحجرتك فيها كل شيء تحتايه ما اوصيك .. ترا هالبيت غلاته من غلاة صاحبه ..


- ماتوصيش يا بيه .. من النهرده حشوف شغلي كويس .. ولما تيجي المرة الجاية حتشوف الفرق ..


" السلام عليكم " القاها جابر وهو يشد خطاه نحو ابن عمه .. ليصل على انهاءهما رد التحية .. ويبتعد عبد الغفور من المكان : عرفت اني بحصلك هني ..


ضحك ليردف : هيه .. ما كأني قايلك بروح اييب عبد الغفور عشان يشوف البيت ويباريه (يهتم به )


ليقهق الاخر .. ويصمت فجأة : عيد زوج اخته .


وكأن دلو ماء بارد اريق على رأسه .. كيف حدث هذا ؟ ولماذا ؟ .. اسئلة كثيرة قرأها جابر من تعابير وجهه .. ليردف : انت ناسي ان عدتها خلصت من اسبوع .. اليوم رحت اشوفه واطمن ع بنت خالد .. ما لقيتها .. زوجها الواطي .. ولا طاع يخبرني منو ريلها ووين راحت ..


شد قبضته بجانبه .. يرغب بتنفيس الغضب الذي اجتاحه من خلالها .. ليحث الخطى مسرعا : اتبعني بسيارتك ..


نطقها ليتبعه جابر مهرولا .. وما هي الا دقائق حتى توقفت السيارتان امام منزل عيد .. ليرن الجرس مرارا .. اصبعه لا يرغب بترك ذاك الزر حتى خروج ذاك العيد اليهما .. عانقت كفه كتف شبيب : اهدى .. لا تفقد اعصابك ع واحد مثله ..


فُتح الباب .. ليظهر لهما بإزار و بلوزة بيضاء قطنية : خير .. حرقتوا اليرس ..


لم يلبث حتى اكمل جملته الا بيد شبيب تعانق مقدمة هندامه يشده اليه بعنف .. وانفاسه الحارقة غضبا تلفح وجهه : وينهن ؟



فك يده : اايه انت .. لا تحسب عمرك قوي .. وانك ضابط ولا بقدر عليك .. تراني اروم اشتكي عليكم .. ومب خايف منكم ..


صرخ به : وينهن ؟


ليتزلزل في مكانه .. عيون شبيب الغاضبة لم يرها يوما .. وكأنه سرق شيء غالي منه .. الهذه الدرجة يرغب بتنفيذ تلك الوصية الحمقاء .. ام انه الوعد يجري في عروقه مجرى الدم .. حتى احاله الى وحش لا يغفر لمن يتعدى حدود ممتلكاته .. بلع ريقه : محد .. راحت وييا ريلها وشلت بناتها وياها .. ولا لكم شيء عندي ..


نطق جابر : عيد .. وين راحت وييا البنات ؟


- اووهووو علينا .. انتوا ما تفهمون .. الحرمة عرست .. راحت .. سافرت وييا ريلها ..


تعود كف شبيب لتتشبث به : عيد .. يقولون اتقي شر الحليم اذا غضب .. بتخبرني وينها والا شو ..


- لا حول ولا قوة الا بالله – يده تحاول ان تفك يد شبيب – يا ريال اقولك الحرمة عرست ..


ابتعد بعد ان تخلص من تلك القبضة : يعني محد هني .. مب فالبلاد .. فهمت والا اعيد ؟


,,

هنا اقف .. وموعدنا بعد اربعة ايام .. اسمحو لي ان احدد موعد الزفرات بعد كل زفرة .. وسابتعد عن الالتزام بالموعد القديم ..
موعدنا اذا يوم الثلاثاء باذن الله ^^

♫ معزوفة حنين ♫ 31-03-13 12:47 AM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 

الريح .. وكأنها تواكب عواصف روحه التي لم تهدأ .. ولن تهدأ الا اذا فعل ما اراد ذاك المتوفي .. يقف ينظر لتهادي قمم النخيل في مزرعته .. ويسألها لما تهيجين .. أتشعرين بما يعتمل في صدري ؟ .. اتعلمين بما يخبأه القدر لي ؟ .. أهدأي فأني أرى نفسي تصرخ مع صراخ الرياح المتكالبة على اخضرار ارضي .. متى سأعتق من سلاسل كُبلت بها يداي بيدي اعز اصدقائي ؟ أيعاقبني على شيء أجهله ؟ أم انه يمتحنني ؟ .. وما فائدة الاختبار يا خالد إن لم تصحح اخطاءه ؟ ..


تنهد .. حتى باءت تلك التناهيد مسموعة للواقف على بعد اقدام منه .. يشعر بأن الماضي يرمي باثقاله على كاهل ذاك الموليه ظهره .. تركه مع هواجسه حتى تهدأ روحه الغاضبة .. ولكن لا بد من كسر الصمت في حضرة العاصفة .. ليخطو خطوات والهواء الشرس يحرك ثوبه كما يحرك ثوب صاحبة دون هواده .. ليقف قريبا من جانبه ويكتف ذراعيه على صدره .. وينظر للبعيد : ما كان لازم تفقد اعصابك .. وعلى واحد مثل عيد ..


عض شفته السفلى .. وصمت .. لا يرغب بالحديث .. فالحروف موجعة .. تجرح جوفه عند خروجها .. حاجباه ينعقدان غبنا .. ليشعر ذاك بتناهيده وزفراته .. يكاد يقسم انه يميز انفاسه من انفاس الرياح .. ليصمت مع صمته .. ويكسر الصمت بعد برهة : خذلك اجازة يا شبيب .. انت من يوم قمت من الغيبوبة وانت مب راحم عمرك .. شوف جسمك .. وين اللي كنا نضحك عليه لانه وزنه اكبر عنا .. ريح عمرك .. قدر الله وما شاء فعل ..


رأسه تتطوح : ليش ما وفيت بكلامي ؟ - ليلتفت لجابر ويردف – مب انا اللي قلت ان عندها فرصة الين تخلص عدتها .. وانا ما وفيت .. ضاعت كلثم يا جابر ..


-
ما ضاعت ..


ليصرخ به : كيف مب ضاعت .. وعيد الكلب مب طايع يقول وينها .. وين اراضيهن .. وخالد ؟.. واللي وصاني عليه؟ ..


تعانق كف جابر كتفه .. لينطق وهو عاقد الحاجبين : اهدى .. شو بلاك شاب ضو ..


لينفض ذراعه مبتعدا عنه بخطوات للامام : لان الامانه كانت بين ايدي وفرطت فيها ..


استغفر ربه ليتحدث بكل هدوء : انت اعصابك مشدودة .. وكل يوم طايحلي تحقيق وييا اللي ما يتسمون .. وتزيد حرقة اعصابك اكثر واكثر .. هذا غير مشاكل بيتك .. شبيب اسمع مني وابعد هالفترة .. سافر ولا تشل هم امك واخوانك .. بحطهم فعيوني .. ومنذر مويود بعد ..


التفت له ليحث الخطى من جانبه : انت مب فاهم شيء يا جابر ..


ليتبعه بخطواته ويستوقفه بامساكه من ذراعه : فهمني ؟ شو اللي مب فاهمنه – بحدة في صوته اردف – فاهمنك يا شبيب .. وداري انك ما بترتاح الين تطلع شريكهم اللي بلغهم .. بس ما اظن بتوصل وياهم لشيء .. صارلك اسابيع وكل يوم يارنهم تحقق وياهم .. وهم ع نفس الكلمة .. مب ويانا حد ..


تعداه ليقف امامه .. ويضع عينيه في عيني شبيب : لا تضغط ع عمرك .. وكلثم بترجع .. صدقني بترجع ..



,,

" يلاحقون كلثم تقول كلاب تلاحق طريدة " نطق بهذه الجملة ليردف بصرخة : آآخ .. شوي شوي ..


فشفته قد شقت بسبب قبضة شبيب .. وهي تقف امامه حيث كان جالسا على السرير .. تنظفها من الدماء وتداويها : قص ان شاء الله تقص ايده ..


لتعود تضع القليل من الدواء بحذر : وبعدين انت ليش مب طايع تشتكي عليهم .. ترا البلاد فيها قانون ..


وقف لتقف هي معتدلة وترجع خطوة للوراء .. ويتابع هو طريقه نحو الدولاب يخرج له ثوبا وملابس داخلية : خبلة انتي .. هذيلا ضباط وعندهم مراتب .. ظنج بيصدقوني انا وبيكذبونهم.


يبتعد متجها نحو دورة المياه ( اكرمكم الله ) : خليها ع الله يا شيخة .. وكلثم لو يضربون الارض ويحفرونها حفر ما محصلينها ..


زفرت انفاسها لتتمتم بغيض : لا حول ولا قوة الا بالله .. زين اللي افتكينا منهن ..


لتجر خطاها للخارج .. وراحة تتسلل اليها من ابتعاد تلك وابنتيها .. فهي لم ولن ترغب ببقاءهن معها في منزل واحد .. لتجلس في الصالة تتابع التلفاز .. وقد احتضنت بعض " المكسرات " المحمصة .. تبتسم تارة .. وتارة اخرى تصرخ على من في ذاك المسلسل وكأنهم سيسمعونها .. لتلقي ببعض الدعاوي عليهم وبعض الشتائم .. وهي على حالها اذا به يمر .. لتقف تنفض ثوبها من فتات ما اكلته وتسرع خلفه : عيد صبر شوي ..


زفر بغيض وهو يلتفت : خير شو تبين ؟


حركت فيها بسخط : ما اريد شيء .. بس بسألك الفلوس اللي عطاك اياها ريل اختك شو سويت فيهن ..


حاجبه يرتفع مستنكرا : مالج خص .. اسوي فيهن اللي اريده ..


" شو " .. قالتها وهي تعانق وسطها بكفها .. وتردف : من وين يايب هالرمسة بعد .. وين كلامنا واللي خططناه .. والا يوم مسكتهن طمعت ونسيت كلامك .. بتعطيني حقي والا والله يا عيد ما بيصير خير ..


ليشتاط غضبا ويلف ذراعها خلفها حتى تألمت متوجعة : مب عيد اللي يتهدد يا شيخوة ..


يفكها دافعا بها حتى كادت ان تقع : ولزمي بيتج ..


ابتعد للتتزاحم انفاس الغضب امامها : هين يا عيد .. بتخون في .. بخونك فيك ..


لتعود ادراجها للمنزل .. وتصرخ بابنتها الواقفة عند الباب .. وكأن لها ذنب فيما حدث .. تشعر بالخيانة من قبل بعلها .. أيخبرها ان لا دخل لها في تلك الاموال ؟ أيبعدها هكذا وبكل سهولة .. وهي عليها ان تصمت وترضا ؟ ..



منذ ان تركها وهو يقبع في سيارته .. لم يتحرك .. فهناك احاديث تثير الريبة في نفسه .. لربما ستخبر شبيب عن عوض .. وتفضحه شر فضيحة .. نفض رأسه ويكاد الغيض يميز ملامحه : بتسويها شيخوه .. وانا بخسر عقبها .. بخسر اشياء واايد ..


قبضته تطرق المقود بعنف : الخبلة .. لازم اسكتها – ابتسم واردف – بناكل بعقلها حلاوة وبتسكت ..


لتشرخ قهقهته سكون سيارته .. ويتحرك بعدها مبتعدا الى حيث وجهته .. وتفكير بشيء ما يستطيع اسكاتها به يحوم على رأسه .. وشيء من الخوف يداعب قلبه .. فالامور وصلت الى حدود مخيفة جدا .. وذاك الـ شبيب لن يصمت .. مؤكد ان السكوت ليس في قاموسه هذه الايام .. تنهد وهو يتوقف لاشارة المرور الحمراء : شو السواه الحين .. ان طاح عوض طحت انا ..


نفخ انفاسه .. على صوت السيارة التي تطالبه بالتحرك .. ليتحرك دون ان ينتبه لمن يقطع الاشارة مسرعا .. اصطدام في مربع الاشارات ذاك .. تتوالى الصدمات من المركبات تباعا .. وضرر ليس ببسيط لحق بالعديد منها ..وظلام اطبق على عينيه .. وسائل حار يستشعره جبينه مرورا برقبته ..



,,

ولكنها ليست كأضرار روحها الممزوجة بالوجع .. نظرت اليها صديقتها لتهمس في اذنها : شو بينج وبينها ؟


كان نظرها يتابع مها الخارجة من الـ" كفتيريا" لتبتسم وهي تعود لنظر الى طبق غداءها : ما بينا شيء ؟


ليتبادلن النظرات فيما بينهن .. فهن يرين الابتعاد والفجوة الكبيرة بينها وبين مها .. لتنطق احداهن بعد ان سمعت رد سوسن على تلك الهامسة منذ برهة : كنتن ما تفترقن .. والحين تشوفينها وكانج شايفها ابليس ..


شدت على الشوكة التي بيدها .. وهي تقطب شفتيها بغضب .. ونظرها لا يزال في ذاك الطبق .. وما هي الا هُنيهة حتى رفعت نظرها تبعثره على وجهي تلك الفتاتان الجالستان مقابلها : عاادي .. تضاربنا .. وتزاعلنا .. فيها شيء ؟


لتقف بعدها مبعدة كرسيها للوراء .. واذا بيد الجالسة بجانبها تعانق رسغها : يلسي .. وين رايحة ؟


" بروح المكتبة " .. قالتها وهي تسحب حقيبة كتبها لتردفها على كتفها .. تشعر بان الطريق اصبحت تقصر وتقصر للوصول الى ما تريد .. ستصل حتى وان طال الامر ايضا .. فهي لن ترضا بان تكون تلك سعيدة وهناك في جوفها جرح من لسانها لا يريد ان يندمل ..

ابتسمت وهي تلمحها من جديد تقف قريبا من بوابة الجامعة مع احداهن .. وحديث لا تعيه بينها وبين الاخرى .. لتقف تنظر بحاجب مرفوع .. لتبتسم حين التفت مها لها .. شيء ما يخبرها بان سوسن تتألم لما فعلته هي بها .. بسبب ذاك اللسان السليط الذي لم يثمن ما نطق به حين غضب .. قطبت حاجبيها وهي تراها تقبل نحوها .. ستأتي لها كما كانت دائما بعد اي مشاجرة بينهما .. فسوسن طيبة القلب .. ابتسمت حين دنت منها .. لتفتح فيها .. تريد ان ترحب بها .. وربما بعدها تعتذر ..


خطواتها تتابع الى ان وصلت وهي ترى ابتسامة مها .. وتغير ملامحها حين نطقت وهي تحدث الفتاة الاخرى : تدرين كلمت ابوي ووافق اروح وياج .. بس خلينا نطلع من وقت لاني مابا اتأخر ..


وما هي الا لحظات واذا بها تشبك يدها بيد تلك وتبتعد معها .. لتزفر مها متمتة : طيبتي بتوديني فستين داهية .. والساني يباله قص .. اوووف ..


لتجر خطاها خارجة من تلك البوابة .. ورغبة بالبكاء تعتريها .. اهينت منذ دقائق.. هي أهانت نفسها حين ظنت في تلك خيرا .. قطبت جبينها حتى تجعد .. وهي ترى شابا يقف بالقرب من سيارتها .. لتقترب منه وصوت ازالة القفل صرخ في المكان .. رفع نظره وابعد جسده عنها .. ليبتسم حين نطقت : خير اخوي بغيت شيء ..


-
السموحة منج .. ظنيتها سيارة ربيعي .. قالي اشترى سيارة بي ام ومبركننها قرب الجامعه .. وعبالي هذي هي .. السموحة اختي ..


-
حصل خير ..


قالتها لبيتعد هو يعيد كلمات السماح .. وهناك عيون ترقب ما حدث بغضب .. طال الوقوف بينها وبين ذاك الشاب .. وحديث قد تبادلته الافواه .. ولربما تلامست الايدي .. كانت تلك الافكار تراوده وهو يقف بعيدا لا يرى منها الا ظهرها .. وذاك الشاب امامها .. مشى بخطوات غاضبة .. لينتشلها من مقعدها بعد ان فتح الباب : منو هذا اللي يالسه تسولفين وياه ؟


خوف .. اختناق .. و حقد طغى على السطح .. لترجف ذراعه مبعدة اياها عن ذراعها : وانت شو دخلك .. الين متى بتيلس تلاحقني .. افهم .. ما اريدك ..


يده تعود تشد على ذراعها حتى احست بان انامله قد تصل العظم لا محالة .. ليقرب وجهه من وجهها .. وانفاسه الجامحة بالغضب تصفع بشرتها المحمرة من اشعة الشمس : السانج هذا يا بنت عمي يبيله قص .. ومحد بيقصه لج غيري ..


تحاول باناملها الضعيفة ان تخلص ذراعها .. ليشعر بالمها من عينيها .. ويعتقها .. لتنظر له بتحدي غريب : سلطان .. لو ما بقى غيرك في هالعالم كله ما تزوجته .. تفهم .. لو انت ريال وكفو ما تلاحقني كل يوم والثاني طالعلي ..


" يضايقج هالشيء " .. قالها وهو ينظر لها بعيون تكاد ان تقدح شررا .. ليردف : اكيد بيضايقج .. بضيع عليج جوج ..


" تفو " بصقت على وجهه وهناك دموع قد تكدست في مقلتيها تأبى النزول : انت انسان تافه .. تافه ..


لتركب سيارتها وتنطلق بعجل .. لم يتحرك من مكانه .. ولم يحرك نظره .. فقط ظل يعيد ما حدث في فكره مرارا .. اما هي فنزلت دموعها بغزارة اغرقت وجهها .. الطريق امامها كيوم ضبابي صعُبة الرؤية فيه .. لا تعلم كيف استطاعت ان تصل الى المنزل سالمة .. لتهرول الى الداخل .. تريد ان تصرخ .. ترغب برمي ذاك الثقل الذي يتعبها .. جرت وصوت وقع حذائها أنبأ حفصة بوصولها .. لتقف من مقعدها .. وتلك ولجت الى غرفتها .. لترمي بحقيبتها ارضا .. تلتها بـ " شيلتها " لتصرخ وهي تغلق الباب بعنف : استاهل .. انا استاهل .. الله ياخذني وارتاح ..


" مها شو بلاج فديتج " قالتها حفصة وهي تلج .. ليقابلها ظهر مها .. ازدردت ريقها دون ان تتحرك : ما في شيء .. خالتي بتسبح وبرقد لا توعيني .. ترا ما علي صلاة ..


لتبتعد عن المكان خلف جدران دورة المياه ( اكرمكم الله ) .. لتستند على الباب .. ودموعها تنسكب دون كلل .. لتحدث نفسها : كلهم اكرههم .. اكرههم .. ما يحسون .. وسلطانوه عساه الموت ع كلامه اللي قاله .. عساني احضر عزاك يا سلطان ..


انهارت جالسة على الارض .. اهينت ؟ وتشعر بانها تغوص في حفرة عميقة .. وهناك من يردمها عليها دون رحمة .. قلبها متعب .. يحتاج لمن يأخذ به ويشفيه من اوجاع تتكابد عليه .. ظلت مكانها دقائق طويلة .. ارادت ان تغسل تلك الاهانة بدموعها .. لتقف وهي تستند على كفيها .. وترجفها البرودة .. وكأنها الآن فقط استطاعت الشعور .. تنهدت .. لا تذكر شيء الا كلماته الطاعنة لها .. هي لم ولن تفعل ما تسيء به لأُناس ربوها .. سهروا عليها .. وكانوا لها اما واب .. غسلت وجهها كثيرا .. وكأنها تخجل من تلك الدموع التي داهمتها واضعفتها .. لتجفف بشرتها وتركن تلك المنشفة مكانها .. جلست على طرف سريرها .. وما هي الا ثواني حتى اندست تحت لحافها .. لعل تلك التي فيها سبب مزاجها المتعكر .. وزاد الامر بـ سوسن وذاك الـ سلطان المتسلط ..


,,

يـتـبـع |~

♫ معزوفة حنين ♫ 31-03-13 12:47 AM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
بعد ان تركت غرفتها دون اقتناع بجوابها عليها .. وهي تحاول ان تسيطر على نفسها .. تريد ان تخبره بان ابنة خالد لا بد لها بان تعيش معهم .. ان تربى هنا كما تربت مها قبلا .. لا تريد لتلك الصغيرة ان تكبر بعيدا عن عينيها .. فتحت باب غرفتهما .. هي تعلم بانه يأخذ غفوة بعد الغداء وقبل ان ينهض لصلاة العصر .. عادة قديمة لا يستغني عنها .. تلفتت لتراه يخرج وقد رفع اكمام ثوبه بعد وضوئه .. وتمتمات بالاستغفار يرددها لسانه وهو يحث الخطى ليمر بجانبها متوجها لصلاة في المسجد .. استوقفته حين نادته .. تدنو منه وتقف على مقربة منه .. ليلتفت لها : خير يا حفصة .. فيج شيء ؟


فوجهها يحكي قصص كثيرة .. ليعيد السؤال عليها حين كان الصمت جوابها : حفصة .. فيج شيء ؟ العيال فيهم شيء ؟ شيء مستوي ؟



استوعبت خوف زوجها اخير .. لتبتسم : ما فيهم الا العافية .. بس بغيت اكلمك فموضوع ..



" ان شاء الله " .. نطقها وهو يبتعد خارجا ليردف : بصلي العصر وبيي .. قولي للعيال يلحقوني ..




لن يطول الامر اكثر .. وعليها ان لا تسكت .. فهذه ابنة خالد ؟ الا يحق لها ان ترى شيء يذكرها به .. لعلها تشبهه .. تقاسيم وجهه .. حواجبه العريضة الملتصقة .. ربما ورثة ابتسامته .. وعينيه وحتى روحه المرحة .. تريدها بين يديها .. تنشأها كيفما تريد هي .. لا كيفما تريد والدتها التي لا يعلمون عنها شيء .. مر الوقت سريعا لترفع نظرها لصوت مبارك وهو يجري مسرعا للداخل .. ويتبعه مطر .. وما ان رآها حتى اقبل عليها .. يجلس بجوارها : امايه فيج شيء ؟




لما هذا السؤال يتردد من جديد ؟ هل يتضح ما في صدرها على وجهها ؟ .. وقبل ان تنطق اذا بحمد يلج .. ويجلس على مقربة منهما .. ويبادرها : شو الموضوع اللي تبيني فيه يا ام خالد ؟



جدية امتزجة في صوته .. قد تكبلها عن النطق .. واذا بها تمد يدها تمنع مطر الذي استأذن ليتركهما لوحدهما : خلك يا مطر .. الموضوع مب سر .. وانت الحين كبرت ولازم تشاركنا برايك ..




جلس متوجسا .. وذاك وكأنه عرف موضوعها لينعقد حاجبيه : قولي اللي عندج يا حفصة ..



سحبت انفاسها وزفرتهن : بنت خالد الله يرحمه .



وقف : قلتلج خالد ما له بنت .



لا تريد ان يحتدم النقاش بينهما .. هدأت من نفسها : حمد .. ليش مب طايع تاخذها .. انت سامع شيء .. تعرف شيء عنها والا عن امها .. ليش كل ما قلتلك عنها واني اريدها هني .. اريد اشوف بنته .. تقولي ما له بنت ..



يجلس ينظر اليهما يقفان .. هي تنظر لوالده وهو ينظر للفراغ .. ليلتفت لها : يا حفصة ما نريد مشاكل .. خليها عند امها .. وبعدين منو قالج انها بنت خالد .. الحرمة كل يوم والثاني معرسة .. مب بعيدة ....



قطع حديثه مستغفرا .. ليدنو منها : يا حفصة .. ما اريد تبلين عمرج وييا هالناس .. والبنت حتى لو مب بنتنا وهذي امها بتعقها علينا اول ما تدري عنا ..



وقف مطر : ابويه .. واذا كانت بنت خالد ؟



-
لا حول ولا قوة الا بالله .. اسمعني انت وامك .. كلام فهالموضوع ما اريد .. هكوه شبيب من يوم ما قلتله لا اييب طاريها عندي وهو ما تكلم .. سوا مثله .. البنت هذي ما اريدها فبيتي .. بنت خالد مب بنته ما اريدها .. ما اريد ننبلي فيها .. والبنت تطلع ع امها يا حفصة لو ربيتي فيها وكبرتي فيها .. العرق يير (يجر ) .




ترك المكان بعد ثورة الحديث الذي القاه .. لتقبع هي جالسة حيث كانت .. متحوقلة مرات كثيرة .. ليجلس مطر بجانبها وكفه تمسك كفيها .. لتشد هي على انامله : امايه يمكن كلام ابويه صح .. وبعدين ابويه ما بييب كلام مني والدرب .. تعرفينه زين .. اكيد سامع شيء والا ما رفض البنت تكون عندنا واحنا احق بتربيتها .. يمكن كل الموضوع تلفيق .. وحتى شبيب انضحك عليه .. ترا هالشيء مب بعيد ..




وقلبها يا مطر .. ماذا تفعل به ؟ وهو يشدها اكثر الى هناك .. الى حيث لا تعلم كيف تكون تلك .. ماذا تخبره ليهدأ .. وتترك الامر رامية به في غياهب النسيان .. هناك في صدرها رغبة في تلك الصغيرة .. لا تعرف كيف تستطيع ان تطفأ نارها ..




,,

نيران تشتعل في جوفها .. فلقد عادت منذ ثواني من منزل تلك التي باتت تمقتها بشدة .. دخلت لتراها بعباءتها .. فتبتسم لها وتقبل وجنتيها : حشا من صدقج صدقتي اني اريد ريلج .. هذا وبينا ايام حلوة ..



لتصمت وتلك تنظر اليها .. فتردف : اشوفج لابسه عباتج .. ع وين العزم ؟



ابتسمت على مضض : بطلع السوق وبتعشى برع .. فياليت يا نوال تطلعين لاني بسكر البيت ..




تطردها بشكل غير مباشر .. غليان في جوفها عكسته بابتسامة باردة : دامج طالعة بروح وياج .. وتراني جاهزة عباتي علي وشنطتي فايدي ..



هل كانت تعلم بخروجها لتأتي متجهزة على غير عادتها .. بلعت ريقها بغصة : انتي كنتي تدرين اني بطلع ؟



هزت رأسها : لا .. اصلا يايتنج كنت اريدج اطلعين وياي .. ودامج بطلعين خلاص عيل بنروح وييا بعض ..



ليهزها صوته وهو ينزل الدرجات : السموحة منج اختي .. بس طالع انا وليلى ولا نريد حد ويانا ..




تسمر نظرها عليه .. وهو يقترب وليلى تنظر اليه بابتسامة فرح .. شيء ما اعتصر قلبها .. هل تغار عليه ؟ كيف وهي لا تعرفه الا من حديث والدتها وبضع مرات صادفته فيها ؟ هل تحبه ؟ انزلت نظرها قبل ان تستدير تلك : اها .. عيل خلاص .. بنروح مرة ثانية ليول ..




تقترب منها تقبلها دون ان تبادلها تلك القبلات .. وبعدها غادرت .. يجتاحها سيل عارم من الحقد .. لتصرخ في منتصف الصالة : امااااااااايه ..



لتأتي تلك مهرولة : خير .. شفيج ؟



تمسكها من اكتافها بجنون غريب .. حتى تلك خافت من نظراتها : امايه اريده .. اريده .. سوي اي شيء عشان ياخذني واقهر هذيج الهبلة حرمته ..



بفزع رددت : بسم الله الرحمن الرحيم .. شبلاج ع هالمغرب .. ما كنتي بتروحين ترجعين اللي بينكم .. واطلعين وياها تتعشن برع .. شو اللي عفس حالج ؟



تركتها لتخلع عباءتها بغيض .. وتجلس بعنف : الغبية ما استقبلتني زين .. واطردتني .. اريد اقهرها فريلها ..



جلست بجانبها : قلتلج خليني اتصرف ما طعتي .. شوفي وين وصلتي عمرج .. لا هي طايقتنج ولا هو يفكر يصد صوبج ..



" والحل " .. قالتها بيأس غريب استشفته والدتها في نبرتها .. لتطمأنها بأن الحل قد اوجدته هي دون ان تعلم .. وتصمت ... لتبدأ تلك باسئلتها .. فتنهرها وتقف : سمعي .. هم فالبيت الحين ؟



هزت رأسها بلا .. لتردف تلك : خلاص .. اول ما يوصلون بتصرف .. وجابر لج يا نوال .. والصراحة ما بطمن عليج الا وييا ريال مثله ..




,,

كان وسيما بقصة لحيته .. التي زادت من عرض وجهه .. وتلك الـ" الغترة " مع ذاك الـ" عقال " رسماه كعريس في يوم زواجه .. تنظر اليه وهي ترتشف من عصيرها : قريت ع نفسك ؟



قهقه وهو يمد كفه يمسك كفها : اذا حد بيحسدني فهن عيونج ..



تلفتت وهي تشعر بالاحراج .. فلم يحالفهم الحظ بمكان خاص في هذا المطعم .. لتتسمر نظراتها على طفل صغير في عربته القابعة بجوار والدته .. تحاول ان تطعمة بعض من الطعام المهروس الذي اعدته في وعاء خاص .. ونظرات حب رأتها في عينيها .. وابتسامة رآها هو على شفتيها .. وحزن ارتسم في مقلتيها .. ليلتفت حيث تنظر .. تعشق الاطفال .. وان اضحت اما فستكون اروع ام .. شد قبضته على كفها وكأنه يخبرها ان هذا يكفي .. يكفي تفكيرا في امور قد تتعبها .. ابتسمت له على مضض .. وبعدها نطقت : جابر خلنا نرد البيت .. تاخر الوقت ..



لينظر الى ساعته .. لا تزال العاشرة على بُعد ربع ساعة من الوقت .. ولكن يعلم بان مزاجها تاه في حلم ترغبة بشدة .. ليقف وتقف هي : ياللا ..



لا تعلم مالذي ينتظرها هناك .. ارادت فقط العودة فلربما سريرها يحملها الى حلم ملئ بالاطفال .. اطفالها هي .. منه هو .. ترجلت من السيارة : ما بتنزل ؟



-
شوي وبنزل ؟



اغلقت الباب وابتعدت .. ليتنهد هو .. يعلم بانها ستكون مختلفة الان .. ربما تبكي .. وقد تعيد الموضوع من جديد .. وهو يكره ان يراها تجري خلف حلم لا يعلم متى يتحقق .. تحوقل واستغفر .. ثم ترجل .. وما ان خطى خطوات متوجه الى باب منزله اذا بصوتها يصل اليه منادية باسمه .. التفت : هلا ام نوال ..



نظره يسرع ليسترق الوقت من ساعة معصمة .. وبخوف اردف : خير ان شاء الله .. فيكم شيء ؟



" هيه فينا " .. قالتها ليزيد خوفه من نبرة صوتها : شو بلاكم .. نوال فيها شيء ؟ محتايين شيء ؟



-
نوال فيها اشياء منكم .. منك انت .. وصلني كلام مثل السم يا جابر .. ترضاها علي يقولون اني مسيبة بنتي .. ترضا ربيعة امك اللي بمثابة اخت لها يرمسون عليها وع بنتها ..



تجهم وجهه وهو يحاول ان يعي ذاك الحديث الوارد على اذنيه .. لتردف بشيء من الحزن المصطنع : الناس كلوني يا ولدي .. يقولون مخليه بنتها تزاور بيت الريال حتى لو حرمته محد .. تكلموا عليك وعليها .. وهالشيء ما ارضاه لا عليك ولا ع بنتي .. وكلام الناس يجرح وانا امك ..




تحوقل ليردف : يا خالتي ما عليج من كلام الناس .. كلامهم لهم ..



-
هيه اكيد بتقول هالشيء انت ريال ما بيضرك .. بس بنتي شو ذنبها اذا حبت حرمتك وقالت انها بتصادقها يطعنون فيها ويقطعون فلحمها بسبايبك ..



زفر .. فاقتربت منه : ياولدي ما اريد منك اي شيء غير انك تستر عليها .. واداري الفضيحة اللي صارت بسببك وسببها .. وصدقني ما نريد منك لا مهر ولا عرس ..



انتفض : شو هالرمسة يا خالتي ..



لتقاطعه قبل ان يكمل : منها ستر ومنها تيبلك الولد اللي تتمناه وليلى ما قادرة تيبه لك ..



رفع حاجبه لينطق : الولد ما بيي اذا تزوجت بنتج يا خالتي .. وانا ما سويت ذنب عشان اداريه ..



" شو يعني " .. قالتها واردفت بغضب : تباها اطيح فكبدي وانت السبب ..وتتبرى بعد .. وبعدين نوال ما فيها الا العافية .. وبتيبلك بدال الولد عشره ..



-
واذا الريال ما فيه عيال .. من وين بتيبهم ..




ارتجفت شفتيها بعد ارتجاف جسدها .. وجملته تلك تمسح ما قبلها .. هو عقيم ؟ وهي تحلم بطفل امام عينيها ولا يأبه بها ..يكذب عليها بامل يرسمه ويجمله بالصبر .. عانقت اناملها فيها .. واذا بها تشد عليه لتنساب دموع موت الحلم .. تتخلل اناملها وتنسحب بعيدا على ذراعها .. وحديث الخارج بدى غير واضحا .. بدى كطلاسم لا تسمع فيه الا تلك الكلمات القاتلة لامل كانت ترتجية ..

,,

هنا اقف .. وموعدنا باذن الله يوم الاحد .. كان المفروض السبت ..لان كل اربع ايام بنزل بارت .. بس السبت بيجونا ضيوف ^^

تحياتي |~

♫ معزوفة حنين ♫ 31-03-13 12:48 AM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
تهادت الشمس باشعتها نحو الغرب .. لتغييب منذ دقائق قد تصل الى الساعة .. ليترجل هو من سيارته .. وقد التقف " شماغه " بيده اليسار .. وسماعة هاتفه قد تدلت على صدره .. ليمشي في ذاك الممر بالقرميد الملون : اسمع لو تقدر بس تنقلني من هالمكان بكون شاكر لك – قهقه – كفو والله .. وهذا العشم يا بوجسيم ..


يده ترتفع لتردف ما بها على كتفه : ما تقصر والله .. بس ضروري خلال هالاسبوع تكفى ..


انتهى الحديث لتنتهي حركة اقدامه عند عتبة الصالة بعد حين .. ينظر الى والده ووالدته التي بدا عليها التوتر من نبرتها : حياك .. ابوك يبيك فموضوع .



رمى بنفسه على الكنب في الجهة المقابلة لوالده .. وتلك تنهدت وهي بين الاثنين على الكنب الطويل في صدر الصالة الواسعة .. ليقف نظرها على بعلها : سلطان .. مب ناوي اطيح اللي فراسك .. البنت ما لها نية فيك .. وتراني مفتشل من بو خالد للحين بسبب سواياك .. الريال ما قصر واحتوى بنت اخوي الله يرحمه فبيته ولا يوم يانا يقول هذي بنتكم وانتوا احق فيها ..


" ياليته قال " .. نطقها وهو يستقيم بجذعه ويردف : ع الاقل بتكون بينا .. بيربيها عمي والا انت .. مب الحين شايفه عمرها علينا ..


- دامها مب عايبتنك شو بلاك ع هالرمسة اللي ما بتنفعك ولا بتنفعها .. انت تباها وهي ما تباك ..


استدار بوجهه ناحية والدته التي نطقت : شوف يا ولدي البنات وايد وكل وحدة احلى من الثانية .. اخت حرمة اخوك اخلاق وجمال واد....


وقف مقاطعا لها : لا ياميه .. غير مها مب ماخذ .. وصبروا شهر او اثنين وصدقوني بتوافق .. بخاطركم .



ترك المكان تحت حوقلات والده : هذا شو بلاه .. حشا مب ولدي سلطان اللي اعرفه .. هكم اخوانه معرسين وعايشين .. ما قالولنا يوم لا .. ولا خالفوا شورنا ..


" هذي بلاد برع واللي تسويه فعيالنا " قالتها لتردف : قلتلك لا توافق يدرس برع بس ما سمعت الشور ..


وقف وقد فاض به الغضب : عيال الناس راحوا وتغربوا بالسنين وردوا ما غيرتهم اراضي الغرب . بس ولدج هذا فيه بطره ( دلع ) .. وانا غسلت ايدي منه .. يسوي اللي يباه ..


ابتعد عنهما وهو يدندن بكلمات احدى الاغنيات الاماراتية .. ويبتسم حين وصلت حوقلات والده الى مسامعه .. كان يصعد السلالم وافكار تجتاحه .. وخطط عليه ان ينفذها كيف يشتهي هو .. لا كيف يشتهي والديه .. فتح باب غرفته ليلج .. زفر وعيونه قد شخصت .. هو ليس سلطان الذي كان .. وهي كسرت الكثير من الخصال الجميلة التي كانت فيه .. منذ الصغر وهو يسمع والدته وزوجات اعمامه يتحدثن عنها .. وحين كبر قل الحديث الا من بضع جمل كانت كفيلة ان تعيد له وجهها الطفولي الذي عرفه .. رمى بثوبه دون اكتراث وهو يسحب له منشفة قد علقت قريبا من الدولاب .. ليطوي المسافة الفاصلة بين وقفته وباب دورة المياه ( اكرمكم الله ) .. تنهد وهو يخلل اصابعه في شعره الطويل الاجعد .. نظر الى انعكاسه في المرآة .. ليعصف بخصلاته بعنف : انا تتفلين فويهي يا بنت عمي ..


تشدق ليردف : مقبوله منج .. مقبولة ..



,,

نقبل بالكثير في حياتنا حتى لو لم يكن هناك قبول بين جنبات روحنا .. شيء ما في داخلها يرفض التحكم الذي تعيشه .. عليها ان تستمع لهم فقط لانهم يعرفون اين مصلحتها .. وهل كانت مصلحتها معه حين عبثوا بعقلها حتى وافقت ؟ .. هل كان في مصلحتها ان يسحبوها متهمة الى حيث لا ترغب ؟ .. هدوء يصيبها بكآبة لا تعيها .. اُجبرت من جديد ان تعود الى هذا الكرسي .. وان تقابل تلك المتبرجة القابعة امامها .. ليست كبيرة في السن .. لربما من عمر حارب .. اذا فهو يعرفها منذ زمن .. فلماذا لم يتزوجها هي وتركني ؟



كان لذلك السؤال الذي باغتها أثر على حاجبيها لينعقدان .. وتلك تبتسم هادئة .. رفعت نظرها لساعة التي تصرخ في المكان بصوت عقاربها .. ربع ساعة وهي صامتة لا ترغب بالحديث .. وهي لن تجبرها على شيء .. ستعطيها خمس دقائق أُخرى ..



تنهدت بخفوت لتقف وقد حشرت جسدها في بلوزة ضيقة وتنورة " جينز " لا تقل ضيقا عنها .. استدارت عن مكتبها لتخطو خطوات نحو تلك المتسمرة.. وتجلس على مقربة منها .. بان الامتعاض على وجه شامة .. لتشد على مسكة كفيها لبعضهما .. ورائحة العطر سببت لها ضيق نفس .. او لعله قرب تلك الطبيبة الشابة منها .. ابتسمت : شامة .. صارلنا ثلث ساعة يالسين بدون ولا كلمة .. وحتى الجلستين اللي قبل ما قلتي فيهن اي شيء .. حبيبتي لازم تثقين فيني ..



" خليني اثق بنفسي بالاول بعدين طالبيني اثق بالغرب " .. ابتسمت وهي تسمعها تنطق بما قالت .. لا يهم ما قد تتفوه به .. ما يهمها هي ان تتحدث .. ان تفضفض بما يعتمل بين اضلعها .. رأت توترها بعد ان قذفت بتلك الجملة دون وعي منها .. لعلها كانت تفضل ان تبقى صامته حتى تمل هي منها .. ولكن لسانها كسر صمودها في حين غفلة من عقلها .. نطقت بهدوء : لهالدرجة حتى ما عندج ثقة بنفسج .. ليش ؟ ..



كُنت صامتا .. اخرس .. فلماذا نطقت يا لساني ؟ لماذا فتحت لي ابواب لا اريدها ان تفتح ؟ كُنت والصمت رفيقان اياما مضت في حضرتها .. فلما الآن تخون عهد الرفقة .. وتدفعني ثمن نقض المعاهدة ؟ .. لا ارغب بالحديث يا هذه .. فانتِ لا تروقين لي .. هيئتك تثير في نفسي رغبة بالتقيء .. تذكريني بالكثير من آهات روحي .. فأنتِ تعرفينه .. وهو قد اشاد بكِ لاكون بين كفيكِ مريضة .. ولكنني لستُ بمجنونة .. لستُ كذلك ؟



لا اجابة منها .. سوى الصمت من جديد .. لتكسر تلك هذا الحاجز مجددا : انزين ليش ما ترتاحين وتعقين عباتج وشيلتج .. ترا المكتب محد بيدخله الين تخلص الساعة .. واذا حد دخله فاكيد ما بيكون ريال ..



شعور بان هناك على صدرها يقبع وزنا كجبل كبير .. يجعلها تتنفس بقسوة .. وكفاها يتعرقان دون هوادة .. تريد ان تبعده .. ان ترميه حتى يتهدم ويتفتت فيتبعثر بهواء زفراتها .. شدت شفتيها بابتسامة سريعة مغتصبة .. وطأطأت نظراها الى تلاحم كفيها .. لتفتح ثغرها بصوت خافت بالكاد تسمعه تلك : من يوم وانا صغيرة مالي راي فشيء .. حتى يوم دخلت الثانوية كنت اسألهم شو اختار .. الكل قالي علمي لاني شاطرة فيه .. ودخلته .. حتى ملابسي ما اقدر اقرر اذا يناسبني او لا .. لازم تكون كنه وياي واسئلها هذا حلو .. هذا بيناسبني .. والا اخذ هذاك .. شو رايج فهذا ..



صمتت تبتلع غصة ماضي تتكالب عليها في هذه اللحظة .. لتردف بحزن عميق : ابويه الله يرحمه كان واايد مدلعني .. وامي كانت تضايق من هالشيء .. حتى خواني كنت احس انهم يتضايقون ..


تتعثر في حديثها .. عن اشياء لا تعرف الرابط بينها .. فقط انها هي كانت هناك .. في خضم تلك الايام المولية : يوم تقدم لي حارب .. ما قلت رايي .. كانوا يمدحون فيه كلهم .. قالولي ما بتحصلين ريال احسن عنه ..


تقوست شفتيها معلنة لدموعها الانسكاب : ما احبهم .. خالي منذر وحارب وحتى شبيب ما احبهم ..


- معقولة ما تحبين اخوج .. وحتى خالج ؟



التفتت اليها وكأنها افاقت من سُكرٍ اصابها : حتى انتي ما احبج .. لانج تسوين اللي تسويه عشان مصلحتج .. كلكم تدورون مصلحتكم .. محد يفكر فمصلحتي ..



انحنت تسحب لها مناديل ورقية من الصندوق المزين بالكرستال القابع على تلك الطاولة امامها .. لتمسح دموعها وانفها المحمر .. وتعود للصمت من جديد .. حتى في سيارته كانت صامتة .. يسمع تنفسها المضطرب و شهقات خافتة تباغتها بين الفينة والفينة .. ادار " الراديو " على احد البرامج .. واغنيات تحت الطلب تعود بين فترة واخرى .. وهي فقط صامتة .. تنهد ليغلقه .. الهدوء افضل .. ليبتسم وهو يلتفت على يساره يتأكد من خلو الاتجاه من السيارات ..وينطلق وهو يسألها : كيف كانت اليلسه اليوم ؟ ..


- الشيء اللي تنجبر عليه ما يكون له طعم .


عدوانية في حديثها معه .. يدرك انها لا تزال غاضبة رغم اعتذاره لها .. لن يلقي باللوم والعتب عليها .. بل سيحمل كل ذلك وسيلقيه على عاتقه .. هي لم تكن هكذا .. وبهذا الانكسار .. أيعقل ان كل ما فيها بسبب ذاك الطلاق .. وبسبب ذاك الكف الذي تلقته منه في لحظة غضب ؟ ..


توقفت السيارة اخيرا في ساحة منزلهما .. لم تتحرك .. وكأن هناك كلمات متمردة تحاول تثبيطها ولا تقوى .. ينظر اليها بتساءل : وصلنا فديتج .


بلعت ريقها وهي تشد بقبضتيها على عباءتها .. كطفلة صغيرة ستنفجر باكية بعد ثوان .. ريقها جاف يجرحها حين تجرُعه : خالي يوم صار اللي صار ..


لا تعلم لماذا تريد ان تقول له .. لترغب بان ياخذ حقها من ذاك المنذر ؟ ام انها تود انتقام لا تعيه ؟ .. اردفت وهي تنظر الى وجهه المتجهم : خذني العيادة عشان يكشفون علي ..


اهتز فكها .. لتشهق بألم لروحه : حسسني اني رخيصة ..


مسحت انفها بظاهر كفها .. لترفع نظرها الذي تخاذل عن النظر لوجهه لثواني .. هادئ .. لم تتوقع هذا الهدوء الغريب منه .. ابتسمت .. فمن تكون هي ليهتاج غضبا لاجلها .. يدها تعانق مقبض الباب .. تفتحه وتنطق : ظنيت انك بتهتم ..


وقبل ان تترجل اذا بقبضته تمسك رسغها : ليش ما خبرتيني فوقتها ؟ ليش الحين يايه تقولين هالشيء ..


أتسألني لماذا تأخرت ؟ لما لا تطرح السؤال على نفسك ؟ .. التفتت له : لان محد اهتم .. وعمركم ما بتهتمون ..



سحبت نفسها بعنف منه .. لتترجل وتهرول لداخل المنزل .. وخلفها باب لم يوصد .. وقلب يغلي بدماءه .. فذاك المنذر بفعلته اهان تربية والده .. اهانه هو .. حين ظن السوء بشقيقته .. ترجل اغلق بابه وتوجه لبابها .. ليبتعد بخطواته الى المنزل .. بالاحرى الى غرفة خاله .. ليطرق الباب ويلج حين لم يجد ردا .. ويقبع بعدها على ذاك الكرسي الخشبي ذو القاعدة الاسفنجية .. وتبدأ ساقه باهتزاز يحاول به ان يسطر افكاره ويرتبها .. حتى وان كان اخطأ سيبقى خاله الذي يكبره ببضع سنوات .. ويبقى الاحترام من حقه عليه ..


,,

يــتــبــع |~

♫ معزوفة حنين ♫ 31-03-13 12:48 AM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
ضحكاته تملأ المكان .. وهدوء المنزل في هذه الساعة يساعدها لتصل جليا الى مسامع شبيب .. اقترب من غرفته ولا يزال حديثه عبر الهاتف يشوبه الضحك .. وتداعبه القهقهات والمزاح المعتاد منه .. ليفتح الباب ويصمت عن الكلام .. والضحك .. وحتى حركة الجفون توقفت .. فوجه ذاك الناظر اليه لا يبشر بخير .. ليقطع مكالمته : ولا يهمك .. اسمع مشغول الحين .. نتلاقا فالليل شو رايك ... اوك .. تم ... بحفظ الله .



اغلق الباب وهو ينزع السماعة من اذنه ويطويها في كفه مع هاتفه .. ويدنوا بخطوات متوجسة من ابن اخته : شو مستوي ؟




وكأن ذاك السؤال منه كان انطلاقة عاصفة شبيب في وجهه : أنت شليت شامة للعيادة تكشف عليها اذا بنت او لا ؟



رمى بهاتفه في حضن السرير .. ووقف يقابل ذاك الذي ينفث براكين الغضب من عينيه : هيه ..



- كيف طاوعتك نفسك تسوي هالشيء ؟ لهالدرجة مافي ثقة فتربية ابوي .. ولا في ثقة فتربية اختك .. وانا



ضرب بقبضته على صدره : والله ما هقيتها منك ..



وكأن الهدوء الذي لطالما تمتع به شبيب انسل هاربا ليقبع بين اضلع منذر : انا ما خونت فتربيتكم .. بس الخوف كان من ربيعك .. من حارب يا شبيب .. انت بروحك صدقت فيه اللي انقال .. وياي الحين تنافخ علي ..



" بس غلط اللي سويته " .. ليقاطعه : وانت مب غلطت يوم عطيتها كف قدامنا كلنا ..



لوح برأسه : بس انت كسرتها ..



ولاه ظهره : انا خفت ع سمعتكم .. البنت دثويه ( بها من الغباء ) .. ما تعرف شيء ..




يشعر بان حبات العقد تتسارع لتنحل من بين كفيه .. الكثير مما يحدث لم يعد يستطيع احتماله .. ترك المكان خارجا .. لتقوده قدماه الى غرفة جدته .. يطرق الباب ويسمع صوتها تأذن له بالدخول .. تفترش سجادتها العتيقة التي تأبى استبدالها .. وفي يدها مسبحة طويلة لعل عمرها من عمر تلك السجادة .. دنى وقبل رأسها .. لم يشعر بنفسه الا وهو يضع رأسه في حجرها : تعبان ياميه .. من وين ما اضربها عويه ..




توقفت الاقدام عند عتبة الباب .. وكُتمت الحروف عن الخروج .. حين رأت منظرهما .. ابنها متعب وملاذه والدتها .. لما ليست هي .. لما يرمي بحمل اكتافه على تلك العجوز .. شعور بالغيرة داهمها .. لتسحب الباب بهدوء وتخرج بعد ان اشارت لها والدتها بيدها .. لتضعها على رأسه حين خرجت تلك .. تمتمت بآيات قصار .. وتنفث على رأسه : شبيب شو اللي مستوي وياك .. صاير مب شبيب اللي نعرفه .. ياولدي اذا الشيء غصب عنك خله ع ربك .. لا تحمل روحك ازود عن اللي فيها ..




يده تعبث بطرف السجادة : ياميه كلثم ما اعرف وينها .. وكنة كل يوم عن يوم تكسر خاطري .. والحين شامة اللي ما اعرف متى بترد مثل قبل واحسن .. وفوق هذا امي مب راضية الا بمها حرمة لي .. والصراحة ياميه السالفة مسخت من قلبي .. قبل كنت متشوق لشوفها والحين كل هواجسي بعيد عنها ..




" تريد تعرس ؟ " .. نطقتها ليبتسم على مضض .. ويستدير بجذعه ليقابل وجهها الاجعد .. واخاديد سنون مضت لعبت في تقاسيمه : لو العرس بيغير الحال اريده .. بس ما هقيت الحال بيتغير .. الا الخوف يزيد اكثر ..



رفعت رأسه عن حجرها لتسحب عصاها : قوم ..



ليرفع جذعه : ع وين يالغالية ..



يقف ليساعدها تنهض : بروح اطلق رويلاتي شوي .. وانت قوم صل ركعتين وادعي ربك وهو بيساعدك .. وخل كل شيء لوقته .. المكتوب بيصير برضاك والا غصب عنك .




,,

كتبت على نفسها الابتعاد عنه .. جاءت بالامس وهو في عمله .. اخبرته بانها متعبة وترغب بالمكوث في منزل اهلها .. ووافق ظنا منه ان تعبها بسبب ما حدث تلك الليلة في ذاك المطعم .. فهو حين ولج الى غرفتهما بعد ذاك الجدال مع تلك الجارة رآها قد تدثرت بلحافها ونامت .. لم يزعجها .. وخرج الى عمله وهي لا تزال نائمة .. واليوم هاهي تشكي لابنة عمها مصابها وقد احتضن سريرها جسدها .. وشهقات توالت بين جملها : ذبحني يا كنه .. والله العظيم ذبحني .. وانا اقول ليش مب مهتم .. ليش كل ما اتكلم فهالموضوع يغيره .. اتاري العيب فيه وانا يا غافلين لكم الله ..



تحرك الملعقة في القدر المليء بالخضار المقطعة .. جزر وبطاطا و بقدونس وغيرها .. فهي تعتزم صنع شوربة الخضار هذا المساء .. لتتركه على نار هادئة .. وتوجه كلامها للخادمة : شوفيه .. اذا استوى سكري عنه ..




وحثت خطاها مبتعدة .. البيت ساكن جدا .. فعمتها وابنتيها وعُمر وحتى فارس قد خرجوا لشراء " شبكة " العروستين .. وهي هنا وحدها .. ومهاتفة ليلى حتى وان كانت تحمل الكثير من الوجع الا انها كانت منقذ لها من وساوس روحها القاتلة .. جلست على الاريكة في صالتها .. وتلك لا تزال تشكي : تباه ياخذ بنتها .. وانا الغبية مصدقة انها تريد ترابعني ..



- ليلى فديتج اهدي .. وبعدين انتي سألتيه .. تحدثتي وياه .. يمكن قال اللي قاله بس عشان يسكت ام نوال السوسه .



طوحت برأسها نافية : لا .. هو كان واثق من اللي يقوله .. اعرفه زين .. وبعدين حتى لو حدثته بيغير الموضوع وبيضحك علي مثل كل مرة .. انتي تعرفينه وتعرفين اسلوبه .. حتى اللي عمره ما يصدق بيصدق ..




انفجرت ضاحكة دون ارادة منها .. لتغضب تلك : ليش اضحكيني .. احر ما عندي ابرد ما عندج .. وانا اللي يايه اشكيلج ..



استغفرت ربها : والله غصب عني ضحكت .. انتي شو بلاج مقومه الدنيا ومب راضيه تقعديها .. يا بنت الحلال يلسي وييا ريلج وتفاهمي وياه .. تراه هو اذا ما عرف اسبابج ما تحرك .. وسمعي مني اتصلي فيه وقوليله انج سمعتي رمسته .



" لا " صرخت بها ..لتردف : يا ويلج يا كنه لو قلتيله شيء .. ترا والله ازعل منج ..




صمتت وهي ترى الباب يُفتح على مصراعيه .. لتنطق منهية تلك المحادثة : كنة اكلمج بعدين ..



رمته بجانبها وترجلت عن سريرها : انتي كيف ادخلين علي بهالشكل .. الباب عشان شو مسواي ؟



لا تزال يدها تقبض على مقبض الباب : انتوا ليش انانيين .. يعني ولو العيب فيه بتهدينه عشانج .. وعشان احلامج .. افرضي العيب فيج انتي .. هو بيهدج؟ ..



- انتي منهو سمحلج تتصوخين(تتنصتين ) علي ..



لم تعرها انتباها واكملت : كلكم انانيين .. خالد وانتي وشبيب .. كلكم مثل بعض .. ما همكم الا نفسكم ..



لتدبر وهي تغلق الباب بعنف .. حتى تمتمت تلك : الحمد لله والشكر .. هذي شو بلاها ..




ولجت الى غرفتها وبنفس العنف اغلقت بابها .. لتمسح دمعة خانتها .. فاليوم كان حافلا بالنسبة لها .. امور غريبة لا تستسيغها تحدث .. وتهامس بين فتاتين وصل الى مسامعها .. كلمات بذيئة تشاع عنها .. لماذا ؟ ومن وراء كل هذا ؟ لتقع عينيها على تلك الورقة المطوية على السرير .. وهذا الاخر لم تعد تعلم ما يجوب في فكره .. لتفاجأ برسالة منه تحت ممسحة سيارتها .. لتلتقفها وترميها في حقيبتها دون اكتراث .. ومنذ دقائق فتحتها .. وقادتها قدماها الى غرفة ابنة خالتها .. تريد ان ترمي بحمل قلبها عليها .. ولم تعي ما حدث لها حين التقطت حديثها مع كنة ..



جلست على طرف السرير ويدها تمتد لتلتقط تلك الورقة .. وتعيد فتحها :




" سامحيني يا بنت العم . ادري زودتها عليج .. بس ترا ما اعرف شو صار يوم شفتج واقفه وياه .. ما اعرف شو صار وخلاني اعق عليج هذيج الرمسة .. مها ترى فقلبي لج مكان وما اصريت الا لاني باغينج .. سامحيني "




طوتها في يدها .. وسرعان ما وقفت لتقطعها قطعا صغيرة وترمي بها في سلة المهملات : ما تهمني يا سلطان .. ما تهمني ..


,,

يــتــبــع |~

♫ معزوفة حنين ♫ 31-03-13 12:48 AM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
جميع المؤشرات تؤدي الى تعب نفسي .. ارتفاع الضغط الدائم .. وقلة النوم .. وكثرة التفكير .. اهتمامه لامرها جعله يلح عليها باخذها للمستشفى .. ليقوم بجميع الامور ومن ثم يجلسها على كراسي الانتظار .. حتى اذا ما نودي عليها دخلت .. فهو لديه عمل استأذن منه بضع دقائق ليوصلها وحين عودته لاخذها سيعلم كل شيء .. فزوجته ابت المجيء معها متعذرة بابنيها ..



قبعت على كراسي الانتظار طويلا .. وفي يدها مسبحة ذات حبات سوداء .. وعقلها شرد لحديث قديم عقيم .. فهي تكلمت وهم لم يأبهوا .. تنهدت وكأنها تبحث عن راحة لا تجدها .. لتسمع اسمها وتقف .. لا تعلم كم مرة تم النداء .. وجرى الفحص الاعتيادي .. ليجدوا ارتفاعا ملحوظا في مستوى الضغط .. وهناك مؤشرات لوجود مرض السكري ايضا .. تحوقلت وهي تأخذ الوصفة وتخرج بتعب مع الممرضة .. لتبتعد بخطواتها الى حيث الصيدلية التي حفظت طريقها ..



مرت الدقائق مملة ومتعبة وهي تجلس على الكراسي القريبة من بوابة الخروج .. وبجانبها قبع كيس مليء بالادوية .. وتمتمات بالاستغفار تتبعثر من على شفتيها .. لتتلفت وهي تسمع صوتا تكاد تجزم انها تعرفه .. صوتا غاب سنوات طويلة عن اذنيها .. واذا بأمرأة ملتحفة السواد جالسة وبجانبها فتاة عشرينية .. تحادثها وهما في انتظار من سيقلهما .. وقفت لتحث الخطى وتقف تلقي السلام عليهما وتنطق : انتي ام عبدالله ..



فتلك المرأة لا يُرى وجهها جيدا بسبب الغطاء الاسود الذي ينسدل على وجهها .. لتجيبها : لا والله .. وياج ام راشد .. اكيد مغلطة ..


ابتسمت من تحت برقعها : صوتج مثل صوت وحدة اعرفها ومن زمان ما شفتها .. عاد ظنيتج هي .. السموحة ..


عادت وجلست حيث كانت .. لترفع نظرها حين رأت قدميه قريب قدميها : تاخرت عليج ؟


طوحت برأسها : لا .. عسى خلصت اشغالك ..


- هيه .. بروح اشوف الدكتور واسئلة عنج ..


اوقفته وهي تمسك برسغه وتقف : ما في شيء .. يقولون الضغط مرتفع .. ويمكن في سكري .. ووزني ناقص .. عطوني ادوية وموعد عقب اسبوعين بيسولي تحاليل اكثر .. خلنا نرد البيت ..



" ان شاء الله " قالها وهو ينحني ياخذ كيس الادوية .. ويسند والدته خارجا بها .. ليتركها واقفة : بروح اييب السيارة من الباركن ..



هرول مبتعدا .. لتسحب هي انفاسها بنهم .. وتزفرهن بقسوة .. وما هي الا دقائق حتى توقفت السيارة لتخطو وتركب بجوار ابنها ..

سكوتها وتغير حالها يثير في عقله الكثير من التساؤلات .. فوالدته منذ تلك الليلة التي رآها فيها تبكي في منتصف الليل وهي ليست بخير .. حتى عندما اقنعها بان تجبر كنة على طلب الطلاق من بعلها .. ظن بانها لن تفعل .. وتفاجأ بانها فعلت وقوبلت بحديث لاذع من شمسة انهكها اياما .. تنهدت ليلتفت لها : امايه شو بلاج .. شو اللي مضيق خاطرج ومكدرنج .. سولفيلي .. ارمسي ..


- الرمسة انقالت من زمان بس ما تصدقت يا سالم .. والخوف ان الله ياخذ امانته وبعدها ما تصدقت .



اللغاز وحديث طلاسم اعتادها منها : انزين شو هي هالرمسة اللي انقالت من سنين .. ومنو اللي ما صدقها .. وليش ما صدقها ..



ابتسمت على مضض : الدليل غاب من عشرين سنة .. ولا له شوفه .. وامك تعبت ولا هي حمل تكذيب يديد ..


تنهدت من جديد ليقبض قلبه : لا حول ولا قوة الا بالله .. انزين قوليلي يمكن اقدر اساعدج .. والله حالتج مب حالة .. وانا اشوفج كل يوم تمرضين اكثر عن قبل ومب رايم اسوي شيء ..


- خلها ع ربك ..


كانت تلك الجملة نهاية لحديث عقيم معها .. ليعم السكون حتى وصولهما للمنزل .. وتتركه متوارية خلف جدران غرفتها .. قالت بانها ستنام .. ولا يعلم ان النوم اضحى عدوا لجفنيها .. لا يصاحبهما .. ليحث هو خطاه الى حيث زوجته وابنيها .. ليسمع صراخها على طفلته .. ويلج واذا بيدها تقع على تلك الصغيرة ضاربة لها .. صرخته جعلتها تتسمر في مكانها .. هرول يحمل صغيرته ويحتضنها : شو بلاج ع البنت .. كم مرة اقولج ايدج هذي – وهو يشد على رسغها ويرفع كفها عاليا – ما تنمد عليها .



" آآآخ " صرخت بها وهو يعتق رسغها بعنف .. ليردف : اشوفج تعورتي .. والا كنة ما تتعور من ضربج لها .. خذي مني باللي يرضيج اذا ضربتيها بتشوفين مني شيء عمرج ما شفتيه.



ليدبر وتلك بدأت تهدأ على كتفه .. وتنطق تلك بغيض وهي تمشي خلفه : كل هذا وما شفت منك شيء .. شو اللي باقي بعد ..


لتجفل حين اغلق الباب في وجهها .. ليعتصرها حنقا من حبه لتلك الطفلة .. فكرهها يزداد بسبب اسمها .. وبسبب حبه الزائد لها ..




,,

اما تلك الام فمن حبها لابنتيها اغلقت عليهما الغرفة .. ليست المرة الاولى التي تفعلها .. فهي تعلم بفضول ابنتها الصغيرة .. ستخرج وقد تلج الى القسم الاخر من المنزل حيث يجتمع هو مع اصدقاء السوء .. وقهقهات نجسة حتى آخر الليل .. وخوف يتملكها كل ليلة .. فمنذ اسبوع وهذا هو حاله .. هناك شيء ما يخفيه .. وهاهي تقف في المطبخ تعد لهم الطعام .. في ذاك المطبخ المبني من الصفيح .. وتكاد تقسم بانها تسمع صوت فئران قادم من خلف ذاك الدولاب الخشبي .. ترنح في مشيته .. ليس مخمورا كثيرا .. ولكن لوهلة كاد ان يفقد توازنه .. ليقف عند باب المطبخ : بعدج ما خلصتي .. حشا تسوين ذبيحه ما كنه خبز وفاصوليا ..


التفتت له : عوض كف بلاك عني .. اللي تباه بسويه ..


اقترب منها : وين بناتج .. كان خليتي مريوم تيبلنا الماي والعصير بدال ما انتي كل شوي تزقريني .. تعال وتعال .. ترا هذي مب عيشه ..


شدت بقبضتها على تلك الملعقة الخشبية .. ومن بين اسنانها نطقت : عوض خلك بعيد عن بناتي .. دامني مويوده انا اللي بسد عنهن .. بناتي ما بيطبن بيتك اللي ما خبرتني عنه .. وعبالي مستأجر هالملحق ..


- ما يخصج ..


قالها وادبر : خلصي ويبيه .. ولا تتاخرين .. ولا اريدج ترقدين الين ما يروحون ..



تمتمت : الله ياخذك انت وربعك الخمة .. حسبي الله عليك يا عيد اللي رميتني هالرمية انا وبناتي .. حسبي الله عليك ..



عركت عينيها بنعاس وهي ترى اختها مندمجة في تلك اللعبة : مريوم .. ماما وينها .ليش تسكر الباب .


ولا تزال تلعب : امي ما تبانا نطلع عشان عمي عوض عنده ضيوف ..


خفتت اضاءة تلك اللعبة : روحي يبي الشاحن ..


لتقفز تلك الصغيرة .. لعلها تتغلب على نعاسها ... تبعثر الادراج بحثا عن شاحن ينقذ تلك اللعبة من الموت المؤقت .. وتعود وهي تمد يدها لـ مريم : اندوج .


اخذته ومشت على الاربع لتجلس بجانب مقبس الكهرباء .. وما ان ادخلت الشاحن حتى انطفأت الكهرباء .. لتصرخ الصغيرة بخوف .. فهي تكره الظلام .. وتقف تلك تتلمس الطريق الى اختها : خلاص لا تصيحين .. الحين بيفتح ..


خوفها واضحا هي الاخرى .. وتلك تبكي وشهقاتها تتوالى .. ونداءها على والدتها لا يكف .. لتمشي تلك معها تحاول ان تصل الى مقبس النور .. تحاول اشعاله مرارا ولا تفلح .. بكت لبكاء اختها : خلاص .. لا تصيحين ..


تصل بها الى الباب وتأخذ كفها الصغيرة تطرق عليه بعنف : ماما .. ماما وينج .. فتحي الباب ..



شهقات تلك المتتالية ارعبتها فزادت من طرقاتها وندائها .. حتى ما صمتت تلك وارتطم جسدها بالارض صرخت : امااااااااايه .. لحقي كلثم ماتت ..


,,

هنا اقف .. وموعدنا باذن الله يوم الخميس ^^

♫ معزوفة حنين ♫ 31-03-13 12:50 AM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 

خوف اصاب اضلعها الصغيرة .. حتى اضحى قلبها يسابق الوقت بنبضاته .. تتحسس اختها الواقعة على الارض .. ظلام لا ترى شيء .. ودموعها تنسكب وهي تناديها مرارا لترد عليها .. لتصل اناملها الى وجهها .. شفتيها .. وتمررهن على وجنتها اليمنى : كلثم .. قومي ..




رددت اسمها وذاك الطلب ولكن لا من مجيب .. لتسارع كفاها للباب الخشبي تضربه بعنف .. ونداء عقيم لوالدتها .. ودموع طفلة تكاد تفقد صوابها .. وشهقات مختلطة ببعضها .. شهقات صدر متعب لا يدخله الاكسجين الا بعنف قاسي .. وشهقات صدر اتعبه البكاء ..




تنهدت وهي تعبر عتبة الباب الفاصل بين الملحق الصغير الذي يجمعها بابنتيها وبه في بعض الليالي .. وبين باقي المنزل الذي يجمعه مع اصحاب السوء .. وسهر المجون وفقدان العقل .. عبرت وبيدها " الصينية " الكبيرة التي حملت عليها الطعام لهم .. واذا بالظلام يحيط المكان .. الا نور المطبخ الذي مدت له اسلاك الكهرباء من المنزل .. فتلك الغرفتان وتلك الصالة لهما امدادات كهرباء مختلفة ..


رمت الصينية وجرت .. تتعثر في المكان .. تبحث عن مصباح يدوي تذكر انها لمحته ذات يوم بقرب التلفاز .. وبكاء طفلتها افقدها صوابها .. لتتعثر قدمها بزاوية السجادة وتقع .. صرخت : خلاص يا مريم يايه ..



لتقف من جديد تبعثر لمساتها على المكان .. لتلتقط ذاك المصباح .. وكأن الروح عادة اليها وهي ترى طريقها .. خطاها تهرول لتفتح الباب .. ويقع ضوء المصباح على وجه مريم المحمر والغارق بالدموع .. وبصوت تقطعه الشهقات : كلثم .. ماتت ..




وما هي الا هنيهة حتى جثت على الارض ترفع الجسد النحيل .. وتصرخ بمريم : يبي البخاخ من الدرج بسرعة ..



لتمسح دموعها بكفيها وتهرول على الضوء الخافت .. تقلب ما في ذاك الدرج رأس على عقب : ما لقيته ..



" شوفي الدرج الثاني " صرخت بتلك الجملة وهي تضع طفلتها على الارض تحاول ان ترفع رأسها للوراء قليلا .. فهي في حالة اختناق قد توصلها للنهاية : فديتج تحملي اشوي ..



لتمد لها تلك يدها وهي تلهث : هااا .. لقيته ..




تنظر لوالدتها الملتحفة بالسواد .. لا شيء ترى منها الا عينيها .. ودموع بللت ذاك " النقاب " وتمتمات لا تعيها .. لعلها دعاء او ذكر من آيات الله .. وصوت ذاك الـ"مستنشق " ينفث ما في جوفه الى فيها .. لتنطق بخوف : بتموت ؟ ..



لا اجابة من والدتها التي وقفت تحمل ابنتها : تعالي وياي ..



وتعود ادراجها قبل المغادرة .. تسحب حقيبة يدها .. تشعر بضياع يجتاحها ..فاين عساها تذهب .. وتلك على كتفها هامدة .. لا تشعر بانفاسها الا بصوت صفير صدرها المتعب .. خرجت بخطوات مسرعة .. لتقف مريم : بروح اقول لعمي عوض ..



كفها تطوق رسغ صغيرتها تمنعها من الجري : لا .. عمج عوض مب فاضيلنا ..



تشد قبضتها على رسغ ابنتها الممتلئ بعض الشيء .. وتطلق العنان لقدميها .. خوف .. وهلع .. وخشية من الليل .. وغربة توشحت بها في هذا المكان .. ومصير قد لا يؤتمن .. تتعثر خطواتها في ذاك الطريق الترابي بين البيوت القديمة بعض الشيء .. وصوت قطط متشردة تخيف مريم لتلتصق بامها وجدا .. والثقل اصاب ذراعها بالخمول .. حتى ما خرجت من تلك الحارة للطريق المعبد .. وانارت اضواءه المكان .. نطقت : امايه وين بنروح ؟



لا اجابة منها سوى سحبها معها لتقطع الطريق .. وتقف تتلفت في المكان .. لعلها تلمح سيارة ما تساعدها .. ودعاء يتمتم به صدرها ..




تعب وانهاك من عمل طال .. ورغبة بالنوم تجتاح جفنيه .. غدا اجازة وسيقضيها مع عائلته .. اجبر نفسه على العودة في هذا الوقت المتأخر فقط ليقبل رأس والدته العجوز ووالده الاشيب .. الطريق طويل ومتعب .. حرك رقبته ورمش بجفنيه مرارا .. وكأنه يخبر النوم ان يبتعد .. ليتنهد : استغفر الله العظيم .



رغما عنه اسدلت الجفون نفسها لبرهة .. وما ان فتح عينيه اذا بخيال اسود يقف امامه على بعد امتار .. لتسرع قدمه تغير مكانها .. لتقف سيارته بعنف حتى احتكت الاطارات بذاك الاسفلت .. ورائحة احتراقها فاحت في المكان .. انفاسه تتبعثر بعنف امامه .. وعيناه جحظتا .. وتعويذات من الشيطان اطلقها مرارا .. فهل ما يراه انس ام جان ؟




صدرها يعلو ويهبط .. وذراعها تحتضن كلثم بشدة .. اغلقت عينيها تنتظر المجهول .. لربما تلك السيارة تصدمها .. او تقف وتساعدها ؟ صوت الاطارات ارعبها لتبتعد للخلف بخطوة .. هي في منتصف الطريق وهو في سيارته .. يتقاسمان خوف اللحظة .. وتلك ذات العشر سنوات على الرصيف .. لتصرخ : اماااايه ..



صوتها المرتعب اجبرها لتفتح عينيها .. وتتقابل نظراتها بنظراته .. وصدريهما يتشاركان الشهيق والزفير .. بلعت ريقها الجاف .. وخطت نحوه .. ونظراته تتبعها حتى استقرت على زجاج النافذة الذي وقفت هي خلفه .. يدها تمتد لتطرق بهوادة الزجاج .. تنهد : اعوذ بالله من الشيطان الرجيم ..




انزل النافذة .. واذا بصوتها المشرأب بجزع خالطه شيء من الرجاء : الله يخليك وصلنا المستشفى .. بنتي تعبانه وبتموت وما لنا حد .. الله يخليك ..




"ركبي " .. قالها وصمت يراقبها وهي تعود ادراجها تمسك يد ابنتها وتمشي لسيارته .. يشعر بنشاط غريب وكأن ما حدث اخاف النعاس وهرب .. لينطلق تحت كلمات الشكر منها .. تشد ابنتها الى صدرها وهي في حجرها .. ودعاء خافت تنبسه شفتيها .. حتى ما اطل بناء المشفى بانواره تنفست الراحة .. لينطق : وصلنا اختي ..



خرجت تهرول فابنتها لا تكاد تتنفس .. ليتنفس هو الصعداء .. وشيء ما يحثه ان يقف بجانبها .. تحركت عجلات سيارته الى المواقف .. ليعود بعدها ليلج مدخل الطواريء .. ويسمع صوتها : الله يخليكم شوفولنا اي دختور بنتي واايد تعبانه .. ما تتنفس الله يخليكم ..



- ما نقدر يا اختي .. يلسي كل شيء بالدور .. وما عندنا اطباء مناوبين الا واحد ..



اسرع الخطى ليقف امام ذاك الجالس على مكتب الاستقبال : يعني طواري وما فيها الا طبيب واحد .. بدخلون البنت والا شو ؟ ..



عيناها تسمرتا على جانب وجهه .. ليس اعجابا به بل هناك شيء ما يشدها للماضي .. لم تعد لواقعها الا على صوت احدى الممرضات تاخذها لغرفة معاينة .. وسرعان ما جاء طبيب مناوب اليها .. وهو واقف قريب من الاستقبال يرى ما يحدث .. ليطوح برأسه : لا حول ولا قوة الا بالله ..



- اخوي .. ياليت بطاقة البنت عشان اقوم باللازم ..



قالها ذاك الجالس وامامه شاشة " كمبيوتر " .. ليتنهد وهو يجيبه : ان شاء الله ..



اقترب من الغرفة ليطلق حنحنة ومن ثم ينادي عليها .. لتزيح الستار خارجة اليه : خير اخوي .. في شيء ..



- يبون البطاقة الصحية .. عندج ؟



" هيه " .. نطقت بها واردفت وهي تفتح حقيبتها : الله يعطيك العافية ع اللي سويته لنا .. الله يوفقك .. هذيه ..



تمدها له باستحياء .. ليأخذها : ما سويت الا واجبي ..




,,

يده ترتفع لتغطي فيه المتثائب بنهم .. لليدعك عينيه بعدها بانامله .. ويتابع السير وبيده تعلقت مفاتيحه .. سكون المكان في هذا الوقت يثير شوقه لها .. ولج الى منزله ولا يزال سؤال شبيب له يتكرر في ذهنه : انت شو بلاك ؟ من كم يوم وانت مب ع بعضك .. صاير شيء وياك ؟




آه لو تعلم يا شبيب كم اني اشتاق لوجودها هنا .. لو تعلم بانها تتهرب من الحديث معي كلما هاتفتها .. اشغال تخرجها من اي مكان فقط لتنهي محادثتي .. ولا ترغب بقول ما بها .. تركت منزلها بعد ان خرجت منه الى عملي .. والى اليوم لا ترغب بالعودة .. وتسألني ما بي ؟ ..



اغمض عينيه بتعب .. ليفتحهما على زوايا غرفته الهادئة .. وبعثرات ملابس مرمية .. وتطوح اغطية السرير مستنجدة بيد ترفعها قبل ان تقع .. رمى بنفسه في حضن سريره .. لينحني يخلع حذاءه الجلدي .. وجواربه .. ويرفع جذعه قليلا ليحل حزامه الضاغط على وسطه .. ويسحب قميصه العسكري من اسفل بنطاله .. وانامله تتسابق لازراره .. ليرميه جانبا .. ويقف يخلع بنطاله ويرميه بجانبه .. بعد ان انتشل هاتفه من الجيب الايسر ..



الساعة فجرا .. صلى في المسجد القريب بعد انتهاء عمله الليلي .. وها هو ينظر الى اسمها على شاشة هاتفه .. سيتصل بها يوقظها للصلاة .. ابتسم بمكر .. فهو يعرف ان لا صلاة عليها .. يحفظ تفاصيل روحها الدقيقة .. رفعه الى اذنه .. انتظار مر يشوبه بعض القلق .. سينهي كل شيء قبل ان يضع رأسه على وسادته لينام ..



تقلبت وهي تسمع رنين هاتفها .. ليست عادتها ان تتركه دون ان تكتمه .. ولكنها منذ ان تركت مكانها بجانبه وهي تنسى امور كانت تفعلها .. همهمة منها وكأنها تطلب من ذاك الصوت ان يخرس ..

ليخرس وتسحب الغطاء على رأسها تحاول العودة حيث كانت بعيد عن الواقع .. ضج الصوت من جديد في المكان .. لتصرخ : اوووه .. من هالاذية اللي ما يخلي حد يرقد ..



سحبته واجابت دون النظر من يكون .. لتسقط رأسها من جديد على وسادتها وقد تدثر وجهها بشعرها الناعم : الوو ..



ابتسم ليسقط جذعه للوراء .. وينظر لسقف : هلا بهالصوت .. هلا بالقاسية اللي ما تحس ..



انتفض جسدها .. فكل خلية فيه تشتاقه .. سحبت جذعها ويدها ارتفعت لتبعد خصلات شعرها المتناثرة : جابر ؟



لا يزال مستلقي : افا ياليلى يعني ما تقومين للصلاة الا اذا انا قومتج ..



" هااا " .. نطقتها .. ليقهقه بشدة حتى داهمه السعال واعتدل جالسا : يقولون من قال ها سمع ..



سحبت الهواء وطردته خارج رئتيها : متصل الحين عشان تنكت حضرتك .. يعني انت ما تعرف اني ما اصلي .. والا شكلك تحب تنكد علي وبس ..



حديثها وتصرفاتها تخبره بان هناك امر ما تخفيه عنه : يوم كنتي قربي كنت اعرف كل شيء عنج .. انتي بعيده الحين ما ادري عنج ..



- اكيد .. ودامني انا بعيد اكيد ما بعرف عنك شيء .. حتى وانا قربك ما عرفت شيء ..



- ليلى شو بلاج ؟ وليش ما تبين تردين بيتج .. شو مستوي ؟ .. قوليلي حد قايلج شيء .. سامعه شيء .. انا غلطت عليج فشيء .. تكلمي .. ما يصير اللي تسوينه ..



تشعر برغبة بالبكاء .. والانفجار فيه .. ترغب بوضع نقاط كثيرة على حروف حياتها معه .. هي تحبه حد الجنون .. ولكنها كجريح لا يعرف ماذا يفعل : يعني اذا تكلمت بستفيد شيء .. تراك دوم تلعب بعقلي بكلامك .. ما اقدر اعرف الصدق من الكذب ..



الى هنا وكفى .. يكفي ما تنطق به .. الا ان تنعته بالكاذب .. صرخ بها : انا مب كذاب ياليلى .. وسمعيني زين .. تبين تردين البيت بيتج .. ما تبين لا تترين مني ايي احب راسج واراضيج .. اللي علي سويته .. واكثر من اللي سويته ما بسوي .. اذا شاريتيني وتحبيني بتلقيني .. وترا البيت بدون حرمة ما له عازه ..



شدت على هاتفها لترميه عند قدميها بغيض : كيفك .. يالكذاب ..



لتغرق في البكاء ومن بين شهقاته رددت : انت ما تحبني .. ما تحب الا نفسك يا جابر .. وتهددني بعد .. ما برد فاهم ما برد ..



اغرق جسده بالماء البارد .. وانفاسه الحارة تهيج بعنف .. افقدته صوابه بتصرفاتها الطفولية .. بدأ يكره هذا التصرف منها من بعد ما عشقه .. يقسم بان هناك ما يبعدها بهذا الشكل .. اغلق عينيه ليرفع رأسه .. ويواجه اندفاع الماء بوجهه .. ونفسه تحدثه : منو اللي غيرج علي ..

,,

يــتــبــع |~

♫ معزوفة حنين ♫ 31-03-13 12:51 AM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
اخذ بنصيحة جدته .. ليتغير كثيرا .. اضحى دائم الابتسام .. ولج الى منزله فجرا بعد ان افترق عن جابر .. ليحث خطاه الى غرفتها .. يفتح الباب بهدوء ويطل برأسه .. نائمة بسلام .. استغرب هذا الامر منها .. ليدنو بخطوات هادئة بلبسه العسكري .. يترك الـ " كاب " جانبا .. وكفه تربت على كتفها : امايه .. يدوه ..


لتفتح عينيها بتعب : خير يا شبيب ..


ابتسم : اشوفج راقدة .. بالعادة القاج تصلين ..


" صليت " .. قالتها وهي تحاول رفع جذعها .. ليساعدها وتردف : وقلت ارقد شوي ..



شفتاه تقعان على رأسها بقبلة حانية : سامحيني وعيتج من رقادج .. خلاص استريحي وانا بروح اشوف امي وعقبها برقدلي كم ساعة ..



ليلتقي بوالدته خارجة من غرفتها بعد ان خرج هو من غرفة جدته .. يقبل راسها : صبحج الله بالخير يالغالية ..


-
صباح النور .. وربي يعطيك العافية .. ان شاء الله ما تعبت فشغلك ؟


ضحك وهو يمسك كفها التي ربتت على كتفه ليلثمها : ما شي تعب .. ويكفيني هالدعوات الزينة منج ومن امايه العودة


يعود ليحني رأسها بكفه ويقبله : سمحيلي بروح اتسبح وارقد .. واذا ما قمت لصلاة الظهر لا تنسين توعيني ..



رمى بجسده على سريره بعد ان استحم .. رأسه ثقيل ولا يكاد يشعر بباقي جسده بسببه .. ليدسه في الوسادة .. ويغلق عينيه متمتما بدعاء النوم .. وما هي الا دقائق غفوة حتى افاق بجزع على صوت هاتفه : الوو .. خير يا سعد .. شو .. متأكد من اللي تقوله ..



لينهي المحادثه وهو يقف واصبعه يعاود ضغط ازرار الهاتف : هلا جابر .. ليكون راقد ..


زفر انفاسه وهو يعتدل في جلسته : لا والله ما ياني رقاد .. يالس اطالع التلفزيون .. خير في شيء ..


رمى بثوبه على السرير : اباك تخاويني ..


" وين ؟ " قالها بشيء من الخوف .. ليجيبه : بخطف عليك وبنروح .. بعدين بتعرف وين .. المهم تيهز .. الحين ياينك ..



اغلق التلفاز .. وحث خطاه الى غرفته .. ليرمي الهاتف على السرير .. ويغير هندامه .. لتجبره نغمة هاتفه على التوقف عن تسريح شعره .. فتلك النغمة المميزة يعني هي .. سيأدبها .. سيعلمها ان لا تنعته بصفات ليست فيه .. انتشله وهو لا يزال يصرخ مناديا له ليجيب .. ولكن لا من مجيب ..

" زين يا جابر " .. قالتها بشهقة بكاء خفيفة .. وتبتعد بعد ان وضعته على " الكوميدينة " واردفت : لا ترد .. سو اللي تباه .. وانا بسوي اللي اباه ..


لتدس يدها في دولابها تخرج لها بعض الملابس .. واذا بصوت والدتها من خلفها : ليلى .. شو مستوي بينج وبين جابر ..


اعادت ما في يدها حيث كان .. ووقفت قليلا .. لتستدير لوالدتها : ما فينا شيء .. شو يعني بيكون فينا ..


اقتربت منها : وهذا – تشير لوجهها – يعني بتصيحين مني والطريج .. جابر قايلج شيء .. متزاعلين ..


هزت رأسها بـ لا .. واردفت : ما فينا الا العافية .. وبعدين ما اصيح عليه .. انا تذكرت خالد الله يرحمه ..



هروب آخر بكذبة أخرى .. لتستغفر حفصة : يا بنتي خالد الله يرحمه .. لا تقلبين علي الموايع .. انتي بتروحين السوق اليوم ؟



" هيه " قالتها وهي تمسح وجهها : بغيتي شيء .. ايبلج شيء وياي ..


-
لا .. بس ياليت تقولين حق مها تروح وياج .. ما اعرف شو بلاها متغيره ... ولا قامت تطلع الا للجامعه وترد .. ويوم اسالها تقول ما فيها شيء ..


" بس " .. قاطعتها : لا بس ولا شيء .. روحي قوليلها تروح وياج .. تغير من يلست البيت ..


زفرت بغيض بعد ان ادبرت والدتها خارجة .. لتتمتم : يا رب تقول ما تبا تروح ..



,,

" مينون " همست بها لنفسها وهي تضع ثلاث اوراق مطوية امامها على طاولة الحاسوب .. ثلاث اوراق سطرها لها .. وقرأتها بإمعان تام .. تشعر بان هناك كذبة ما تحتويهن .. تكاد تقسم انها تشم رائحة كريهة تنبعث منهن .. فليس سلطان الذي يغرق في الحب بين ليلة وضحاها ..أيخبرها بانه يعشقها منذ امد .. ايعلمها بانه بنى لها في قلبه مكانا .. وشيد لها قصرا واسكنها فيه .. لما الآن ؟ وأين كان قبلا ؟ تنهدت وهي تشبك انامل كفيها تحت ذقنها .. وسرعان ما انتشلت هاتفها لتضعه على اذنها .. فتلك المكالمة كانت كفيلة ان تعيد الابتسامة اليها : من صدقج .... انزين خبريني بكل شيء .. اها ..

التفتت للباب حين طُرق : نادية اكلمج بعدين اوكي ..



تغلق الهاتف وتسحب الاوراق بسرعة وترميهن في احد الادراج : هلا ليلى .. حياج دخلي ..


قالتها وابتسمت .. وتلك تشعر بغرابة الموقف وهي واقفة عند عتبة الباب : عبالي راقدة ..



وقفت لتقترب منها : تدرين تعودت ع نشة الصبح .. بغيتي شيء ؟


" بتروحين وياي السوق؟ " .. زمت شفتيها بتفكير وبعدها اجابتها : اوك .. بروح .. دقايق واتجهز ..



,,

ارتدت عباءتها المغلقة .. ووقفت امام المرآة ترتب " شيلتها " بإتقان .. ليدخل ويغلق الباب ويقف بعدها .. يتأملها .. متغيرة كثيرا .. يشعر بان قلبها يصرخ بعكس شفتيها المبتسمة .. دنا منها حتى الصق صدره بظهرها .. لتتسمر وهي تنظر اليه .. وتبتسم لانعكاسه .. وينطق هو بتعب لازمه مؤخرا .. حتى اصبح جزء منه : انتي صايرة تعشقين تعذيبي ؟


طوحت برأسها .. لتنتشل كفيه من جانبيه وتحيط بهما وسطها وتشد بقبضتها عليهما .. ويردف هو : اجبرتيني اروح اشتريلها ذهب .. تدرين اني ما ارفض لج طلب .. والحين رايحه السوق وفرحانه بعد ..


ارجعت رأسها على صدره : اموت ولا اعذبك يا فارس .. بس انا ما اريد من هالدنيا الا سعادتك .. وسعادتك فرضى امك عليك ..


التفتت له لتقع عينيها في عينيه : فارس ربك محلل لك العرس .. وانا مب من حقي ارفض دامني مب قادرة ايبلك ياهل تربيه وتكبره .. وتفرح فيه .. وانا مب اول وحدة ولا اخر وحدة ريلها يتزوج عليها ..


تقتليني يا كنّة دون ان تدركي .. تجبرين جسدي ان يبتعد ليكون مع غيرك .. الا ترين وجعي .. الا تشعرين باني اشعر بانكِ تتعذبين وتكابرين ؟ .. ارغب بالبكاء حتى الموت على صدرك ؟ ارغب بالصراخ حتى تصم آذان السامعين وتبقى اذنيكِ تستمع لهذيان عشقي الاسطوري .. اعشقكِ .. وأنتِ لا تنطقين .. لا تبوحين الا بسموم تجري في دمي ..



" ليش ساكت " .. قالتها وهو لا يزال ينظر اليها .. واردفت : كلامي غلط ؟ .. فارس انت حبيبي وروحي وعمري .. وسعادتك من سعادتي ..


تنهد وابتعد ليجلس على طرف السرير .. فتبعته بعد ان انتشلت " لثمتها " من على كرسي " التسريحة " .. لتقف امامه وهي تمد كفها : ايدك ع كم الف ..


ابتسم مرغما : البوك هناك .. خذي اللي تبينه ..


زمت شفتيها بخبث وهي تبتعد حيث تقبع محفظته على " الكومدينة " لتفتحه : عادي اخذ كل اللي فيه ..


ضحك .. لا يعلم كيف لتلك الضحكة ان تتمرد .. وخرجت دون شعور منه : حلالج يا قلبي .. واذا تبين راعي البوك بعد حلالج ..


صرخت بضحكة مكتومة : لا .. وشو اريد براعي البوك .. خله هني .. عيب يرابع حريّم ..


انفجر ضاحكا ليقف ويدنو منها .. وفي عينيه شيء من الدهاء : يعني ما تبيني ..



" ها " .. قالتها وابتعدت عن طريقه لتتعداه وهي تنتشل حقيبتها من على السرير : بتاخرني ..



وهرولت خارجة .. ليزفر انفاسه ويلتفت بعد دقائق للباب حين فُتح .. ايعقل بانها لن تذهب ؟ .. واذا بوالدته تدنو منه .. تقف امامه وهناك لمحة حزن استوطنت وجهها .. لقد سمعت ما دار بينهما .. لتنطق : محد مثل كنه يا فارس .. وانا اشهد ..



ابتسم .. لعله الفرج .. لعلها هنا لتقول له بانها احلته من ذاك القسم المريع .. ستخبره بانه ليس مجبرا على الزواج .. وجهها يقول ذلك .. جملتها تلك تثبت انها ستنهي معاناته .. لينطق : وانا اشهد بعد ..



" يوم تعرس عليها لا تضيمها ياولدي " .. قالتها وادبرت .. مالذي تخبره به .. اين الحلم الصغير الذي راوده .. اتقول بان لا يضيمها .. والآن تُراه ماذا يفعل ؟ الا يقتلها في يومها الآف المرات .. فيسمع بكاءها ليلا حين يوهمها بانه قد نام .. ويشعر بانفاسها المضطربة حين يتحدثون عن الزواج .. ويوم الزفاف .. آآه يا أمه لو تعلمين .. بأن العشق سكين تنحره كل حين ..



,,

خرجت لتتراءى لها سيارة ليلى .. فتبتسم وتحث الخطى لتفتح الباب واذا بمها : هلا مهاوي .. ما كنت اعرف انج بتروحين ويانا ..


لتترجل وتقبلها .. لتنطق : ليلى سالتني اذا بروح .. فقلت اوكي اغير جو شوي ..


اشرت بيدها وهي تنحني لتنظر للواقفة خارجا مع مها : ركبي ركبي .. ترانا خسنا واحنا نترياج ..


ضحكت .. وقبل ان تتوجه للباب الخلفي امسكتها مها : ركبي قدام ..


-
افاا يا مها .. خلج .. انا بركب ورى ..


صرخت تلك بغيض : اوهو علينا .. بعد يالسات تتعازمن .. ركبن وخلصنا ..


جلست وهي تغلق الباب : حشا شو بلاج شابه ضو .. وعاقدة حياتج .. تقول متضاربة وييا حد ..


انطلقت دون ان تجيب على كنّة .. ليعم الهدوء لبرهة .. وتنطق بغضب : انتي الحين من صدقج تبين تحضرين عرسه ..


التفت لها مها : كنه شو هالرمسة اللي تقولها ليلوه ..


-
وازيدج من الشعر بيت يا مها .. رايحين عشان تشتري لها فستان .. تقول بكون احلى وحده فالعرس ..


لتنطق وهي عاقدة الحاجبين : لااه .. كنووه انتي من صدقج والا ينيتي ؟


زفرت انفاسها : وشو فيها ؟


-
اشتري فستان اسود ..


قالتها ليلى وهي تستدير لجهة اليمين .. لتنطق تلك بخوف : اعوذ بالله .. ليش ؟


-
لانها جنازة مب زواج ..


كتفت ذراعيها على صدرها : فال الله ولا فالج يا ليلوه .. اقول لا تقلبين علي الحين .. انتي شيء فيج مب طبيعية ..



شعرت وكأنها حائل يحول دون راحة ليلى مع كنة .. لتبتسم حين ساد الصمت .. وتنطق بعد برهة : حاسه اني عذول بينكن ..


وقهقهت بعدها بخفة .. لتجيبها كنه : بنت خالتج ما عندها سالفة .. بيدها تحل كل مشاكلها بس ما تسمع الرمسة .. مخها اعوي .. وعقلها ضارب ..


" كنه " صرخت بها بغضب وهي توقف السيارة امام احد محلات الازياء .. لتستطرد : لا تيلسين تحنين ع راسي الحين .. ترا والله قافلة وياي من الصبح .. واخوج المصون ما يرد علي .. مطنشني ..



حركت شفتيها وهي تمسك مقبض الباب لتفتحه : ياما طنشتيه .. دواج ذوقي اللي ذاقه المسيكين ..


واردفت وهي تترجل : ياللا مهوي خلينا ندخل .. وسكتي .. تراني اخاف تخلينا وتروح ..


لتضحك بعدها وهي تمسك بكف مها وتمشي معها .. لتهمس في اذنها : كنه انتي بخير ؟


التفت لها : ليش الكل يسأل هالسؤال .. والله العظيم اني بخير .. ما في شيء .. يمكن فبالكم اني لازم ايلس اصيح واقطع فشعري .. يا مها .. الواحد اذا هونها ع نفسه تهون .. امشي بس .


لتمشيان وتلك تتبعهما وفي يدها هاتفها تخط رسالة قصيرة له .. اتعبها صده كثيرا .. هل يعقل انها ظلمته ؟ ايعقل بان يكون ما قالته كنه صحيحا .. وبان حديثه ذاك كان فقط ليردع ام نوال .. وهي بما تفعله تفتح الباب لها لتنفذ ما تسعى اليه .. نفضت رأسها ورمت بهاتفها في حقيبتها .. وتابعت المسير حيث ابنة عمها وابنة خالتها ..

,,


زفرت انفاسها وشعور غريب يسيطر عليها .. اهو الخوف من ذاك العوض الذي لا يعلم مكانهن حتى الساعة .. ام من ذاك الشاب الذي بدى مألوفا لها .. غطت مريم النائمة على الكنبة الوحيدة في تلك الغرفة .. لتجلس على الكرسي البلاستيكي بجانب ابنتها .. وصوت صدرها لا يزال يثير في نفسها الريبة .. اخبروها بان ازمة الربو التي تعرضت لها كانت ستودي بحياتها .. امسكت بكفها الصغير وقبلته .. لم تنهض منذ ساعة دخولها .. لا شيء سوى همهمات تعب بين الساعة واختها ..



تركت كفها .. وغطتها .. وصوت جهاز التنفس يعج في تلك الغرفة .. لما هذه المعاملة الخاصة .. كانت في غرفة مشتركة مع اربعة مرضى صغار .. وفوجئت في ساعات الصباح الاولى بنقلها الى غرفة خاصة .. ايعقل ان تكون لذاك الشاب يدا فيما هي فيه ؟

راودها هذا السؤال كثيرا .. تحاول ان تتذكر اين رأته .. ولا تقوى على التذكر .. ربطته بوالد كلثم بسبب لبسه العسكري .. لكنها لم تره يوما .. لا تعرفه .. تنهدت وهي تحرك رقبتها بتعب .. تشعر بألم في عظامها .. لتقف تشد النقاب على وجهها حين سمعت الطرق على الباب .. قلبها يخبرها بان امر سيء سيحدث .. هذا ما تشعر به .. لتمشي بخطوات متوترة .. وتقف خلف الباب سآئلة : منو ؟


لا يعقل انها احدى الممرضات .. فهن يقرعن الباب بخفة ويدخلن بعدها .. من عساه يكون ؟ هل يعقل ان يكون عوض ؟ انتفضت وهي تعيد السؤال : منو ؟



" فتحي يا ام مريم " .. نطقها وهو ينتظر لتفتح له .. لن يدخل .. بل هي عليها ان تخرج .. لتفتح الباب بهدوء يصاحبه خوف .. وتقف لترفع نظرها .. وبنبرة مرتجفة : شبيب ..


,,

هنا اقف .. وموعدنا الاثنين ليلا مع الزفرة 18 باذن الله ^^

♫ معزوفة حنين ♫ 31-03-13 12:51 AM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
نرمي همومنا بعيدا .. ونضع نصب عينينا ان هناك رب قادر على كل شيء .. وما اصابنا ما كان ليخطأنا .. وما اخطأنا لم يكن يوما ليصيبنا .. هذا ما فعله هو .. ليأتيه الفرح من حيث لا يحتسب .. من اتصال في ساعة صباح .. وصوت يخبره عن كلثم خالد .. الصغيرة التي علقها والدها كأمانة في رقبته .. لتشده الى قاع الخوف من ضياعها .. يحكي لجابر ما اخبره به سعد .. لو انه لم يصر على الرحيل حيث منزله في الشمال لما التقى بهن .. لما وصل هو اليها ..

خطاه تجبره ان يسابق الجميع حيث الغرفة وحيث سعد ينتظره .. وساقي جابر تنطلق خلفه يشدها الفرح لفرح ابن عم وصديق واخ ..

يبتسم وهو يصافح شبيب ومن ثم جابر .. ليسارع شبيب بالسؤال وكأنه في حلم يحاول ان يثبته : سعد انت متأكد انها بنت خالد الله يرحمه ؟


تنهد وهو يدس يده في جيب بنطاله العسكري .. وعيني شبيب تقع على الشيء الذي مده له : اقرا ..


قالها ليتناول شبيب تلك البطاقة الصحية .. وصورة لطفلة في الزاوية اليسرى من اعلى .. واسم قد خط بوضوح امام عينيه .. هي ابنة صاحبه .. ابنة ابن عمه ورفيق دربه .. هي كلثم الصغيرة التي لطالما خشي ضياعها .. الآن هي هناك خلف ذاك الجدار .. خطوات تفصله عنها .. عن وصية وامانة ارتبط بها من بعد رحيل خالد ..


ارتسمت ابتسامته لا اراديا وهو يرى وجه كلثم في تلك الصورة .. ليدنو منه جابر يضع كفه على كتفه : بتاخذها وياك ؟


ارتبط حاجبيه ببعضهما .. ليلتفت لجابر : اكيد .. امها عرست والحق ويانا ..


لينطق سعد وكأنه يعيده الى الواقع : بس انت اللهم ولد عم ابوها .. اذا في حق فالحق مع اعمامها ويدودها ..


" كلام سعد صح " .. قالها جابر ليثبت لشبيب واقع غاب عنه .. ووعد قطعه لابو خالد .. كيف سيأخذها اذا جدها لا يعترف بها .. تنهد .. وزفر انفاسه : خلوها ع الله ..


ليشد انفاسه من جديد وهو يقف يواجه الباب .. وكفه ترتفع لطرق عليه .. وما هي الا ثواني من طلبه لتفتح الباب . حتى اطلت بسوادها المتدثرة به .. ورجفة شفتيها تنطق اسمه .. اهو قدرها ان ترتبط بهذه العائلة .. اهو قدرها ان تشعر بالضعف في حضرتهم .. غضت بصرها عنه لتسمعه يسأل عن حالها .. ومن ثم يردف : شخبار كلثم ؟


" بخير " .. قالتها بخوف يخالطه حزن تكاد تخفيه .. لتردف : الحمد لله كلنا بخير ..


لتلتفت لذاك الواقف ولا يزال بلبسه العسكري : انت اللي خبرته عنا .. بس منو انت ؟


ابتسم بتعب : سعد .. ربيع خالد الله يرحمه .. وكنت شاهد على زواجج منه ..



ترجعها الذكرى الى ذاك اليوم .. اليوم الذي غادرت فيه منزل اخيها لشقة صغيرة تأويها مع صغيرتها مريم التي لم تكمل الرابعة بعد .. تعود للوجوه التي كانت هناك برفقته وهي تنتظر في سيارته يشوبها الخوف من القادم المجهول .. لتلمح وجهه وهو يبتسم وحديث لا تسمعه يدور بينهما .. وذاك الشبيب كان هناك ايضا .. الا جابر .. لتتذكر حديث خالد لها حين دخلت الى شقتها الصغيرة بمعيته .. جابر لديه عمل وتخلف عن القدوم للشهادة على عقد زواجه .. وذاك الـ سعد كان حاضرا عوضا عنه .. اعادت نظرها للارض : ما بتاخذوها مني ..


لترفع عينيها له : الله يخليك لا تاخذها مني .. ما بتقدر تعيش من دوني ..


وبرجفة شفاة كاذبة : ريلي ما مقصر عليهن فشيء .. يعاملهن مثل بناته وازود .. والبنت صغيرة مالها غنى عني .. الله يخليك ..



الجسم الذي اطل من جانبها اسكته عن الكلام .. لتحل ابتسامة ثغر حانية على وجهه .. يمد يده لها لتمسك كفها الصغيرة ويخرجها من خلف والدتها بشدها اليه .. يقبل وجنتيها ويجلس القرفصاء امامها : مريوم كبرتي .. صرتي حرمة ..


" شبيب " نطق بها سعد .. ليلتفت له .. ويردف : انا بخليكم .. خلاص مب قادر اسند طولي ..


ترك كفها ليقف .. يربت على كتف سعد : الله يعطيك العافية يا سعد .. ما قصرت باللي سويته .. عليك بياض الويه ..


" اهل المرحوم اهلي " .. قالها وبعدها تصافح معهما وادبر .. ليختفي من ذاك الممر .. ويعود شبيب ادراجه يمد كفه لام مريم يعطيها البطاقة : هذي بطاقة كلثم ..


لتأخذها .. ويعود هو يجلس القرفصاء امام تلك .. وكفيه تمسك بكفيها وتهزهما بلطف : شو مسوية يا مريم ؟ وكيف عايشة وييا ريل امج اليديد ؟


تسلل الى اوصالها الخوف .. سيحقق مع ابنتها وببراءتها قد تخبره بما يحدث .. ستخبره عن اغلاق الباب كل ليلة عليها وعلى اختها .. وستخبره عن عوض وضيوفه ثقال الظل .. لا تتحدثي .. لا تخبريه باي شيء يا مريم .. كان ذاك رجاء يتخبط في فكرها وهي تنظر اليهما على مقربة منها .. ليقبض قلبها حين فتحت تلك ثغرها : كل يوم العب وييا كلثم فالحجرة .. ومرات نلعب فالحوش .


تدير رأسها ليرتفع نظرها لوالدتها .. هل شعرت بخوف تلك الام من الفقد .. ام انها هي ايضا تخشى الفقد .. لتعود للنظر اليه حين ابعد خصلة من شعرها عن وجهها الى خلف اذنها : كلثم شقايل مرضت ..


لتسابق تلك بالجواب : كلثم عندها ضيق فصدرها .. واظن خالد قالكم هالشيء .. يعني بين فترة وفترة اتييها ازمة .. بس المرة كانت قوية شوي .. وما كان عندي حد فالبيت .. وخفت عليها .. والله يجزاه خير ربيعك وصلنا ..



وكأنها تتدارك السؤال القادم .. تضع الاجابات على اشياء قد تثير الاستفسار في عقل شبيب .. وقف لينظر الى جابر المبتعد بفكره خلف شاشة هاتفه بعد ان وصلته رسالة نصية .. لعلها الرابعة التي يسمع وصولها شبيب منذ ان ترافق معه .. ليرجع النظر الى مريم الرافعة نظرها اليه .. ويبتسم على مضض وهو يضع كفه على رأسها .. وينطق : اقدر اشوفها ؟


ليرفع جابر رأسه .. وكأن ذاك السؤال اعاده الى واقعه .. ليحث الخطى ويقف قريبا من ابن عمه .. لتنسكب دموعها هي وبحشرجة صوت : شبيب .. جابر .. الله يخليكم ما بقدر اعيش بدونها .. صدقوني انا اقدر احميها .. بربيها احسن تربية . بدير بالي عليها اكثر .. بس الله يخليكم لا تحرموني منها .. لو تبون اطيح عند ريولكم هني بطيح .. بس الله يخليكم لا تاخذوها .. لا تاخذوها ..



" نقدر نشوفها ؟ " .. اعاد السؤال من جديد .. يبدو قاسيا امامها .. لتهز رأسها بنعم .. تمسك يد ابنتها تشدها اليها .. وتتنحى عن الباب .. لترقبه يلج ومن بعده جابر .. شيء ما في داخلها يرفض ما تفعله .. وقلبها لا يرغب بالفراق .. لن تقوى على بعدها .. ستفعل المستحيل حتى لا يأخذوها .. زفرت انفاسها لتمشي مع ابنتها باتجاه تلك الكراسي المصفوفة .. وعينيها ترقبان الباب ..


خطى بخطواته نحو سريرها .. ضئيلة هي فيه .. وكمامة الاكسجين تغطي نصف وجهها .. ويدها الصغيرة تتأوه بسبب تلك الابرة المغروزة في ظاهرها .. وقف ينظر اليها وجابر بجانبه .. لتسقط يده على رأسها ويبتسم : ماخذه شعر خلوود ..


وقهقه بخفة بعدها .. لينطق الاخر : وحياته بعد .. غلاظ .. بس بشرتها بيضه مب مثل ابوها الاسمراني ..


ضحكا معا .. لتشد حاجبيها بامتعاض .. ليتداركا الامر ويصمتان .. ازعجاها بصوتهما .. يرفع كفه لتقع على كتف شبيب : بتاخذها ؟


سؤال كمعادلة كيميائية صعبة .. او كبناء هندسي غريب لا يجد له مدخل .. وتلك اجبرت قلبه على اللين مع بكاءها .. هل هو بتلك القوة ليحرم طفلة صغيرة من حضن والدتها .. ان فعل ذلك لن يكون هو .. لن ياخذها بالقوة .. فلربما يكسرها ..يجرحها .. ويضع بين حناياها عقدة اليمة لن تحل ابدا .. تنهد : ما ادري ..


تحوقل جابر ومن ثم استغفر .. ليبتسم وهو يراها تفتح عينيها الصغيرتين .. يعشق الاطفال كما شبيب .. ليتكلم : وعت ..


لينحني ذاك يقبل جبينها ولا تزال كفه تحتظن رأسها : الحمد لله ع السلامة ..


انفاسها متعبة .. وتشعر باعياء غريب .. وهناك وجوه ليست بغريبة عليها .. ولكنها اخافتها .. لتتهدل شفتها السفلى .. ومقلتيها تدوران في المكان : ماما ..


-
اششش .. لا تخافين .. ماما الحين بتي .. كلثوم ما تعرفيني .. عمو شبيب .. اللي كان دوم وييا ابوج .. كنت ازوركم والعب وياج ما تحيدين .


بدأت شهقاتها تتابع .. وكأنها تعلن بداية بكاء يشوبه الخوف .. ليخرج جابر مبتعدا تحت حديث شبيب لها ليهدأها .. فُتح الباب لتقف وتمشي اليه .. يتنحى جانبا : كلثم تباج ..


اندفعت الى الداخل لتراها تبكي وصوت ذاك يتبعثر في اذنيها .. جلست بجانبها وشدتها اليها حتى سقطت تلك الكمامة : فديتج انا هني لا تخافين .. انا هني ..


رباه مالذي تفعله ؟ اتخبره بانها لن تستطيع الابتعاد عنها .. اتجبره على تركها .. اترى ما يعتلج في صدره من وجع .. لتزيده بافعالها مع ابنتها الصغيرة .. تقبلها وتشدها اليها حتى تهدأ .. اتخبره بان تلك الطفلة بدونها لن تقوى على العيش .. ابتسم بوجع دفين .. سيخسرها للمرة الثانية .. ولكن بارادته هو .. ابتعد عن المكان .. ليخرج ويجد جابر مستندا على الجدار بظهره ليلتفت له مبتسما : نروح ؟


يعرفه جيدا .. ويعلم بان هناك بين اضلعه قلبا رقيقا جدا .. ابتسم له بدوره : عندك ورقة وقلم ؟


" لا " .. قالها واردف وهو يبتعد : بيبلك من الاستقبال .. اترياني ..


ليعود بعد دقيقة ربما او اكثر قليلا .. وبيده ورقة بيضاء وقلم حبر ازرق يمدهما لشبيب .. لياخذهما ويسند الورقة على الجدار .. ويخط بعض الاحرف هناك .. تبعها بعدد من الارقام .. ليقف بعدها مناديا : ام مريم ..


ارتجفت فلقد ظنت بانهما رحلا .. وهاهي الآن تسمع نداءه من جديد .. وقفت ترتب نفسها وتسدل نقابها على وجهها : مريم خلج وييا اختج ..


" خير " .. قالتها واردفت وكأنها تسابق الحديث : لا تقولي بتاخذها .. ترى والله اموت من دونها ..


يقع نظرها على الورقة الممدودة .. وصوته يصل اليها : عنوان بيتي وارقامي .. رمضان ع الابواب واذا احتيتي اي شيء ما يردج الا لسانج ..



لينتهي اللقاء القصير بالرحيل السريع .. ليبتعد بفكره وهو خلف مقود سيارته .. لا يرغب بشيء في هذه اللحظة الا بالنوم .. فقط النوم الذي غادرة مع خبر ايجادها .. سيبقى قريبا منها حتى وان لم يكن .. سحب انفاسه وهو يستدير بسيارته ليدخل طريقا داخليا .. ليجبر ذاك الصامت على الكلام : ع وين ؟


قهقه : اذا انت مب يوعان .. انا ميت يوع .. وراسي بينفجر .. اريد اتريق قبل لا يوصل وقت الغدا ..


ليضحك ذاك بخفة ويردف : غداي عندكم اليوم ..


" شرايك تشل شلايلك وتعيش عندنا ؟ " .. قالها من باب المزاح .. واخذها ذاك من باب الجدية : على قولتك احسن من اليلسه فالبيت بروحي . وبيتكم هو بيتي محد غريب علي ..


يلتقف نظارته الشمسية من الصندوق الصغير بجانبه وذاك يترجل نازلا .. ويترجل هو : للحين مب طايعه ترد ؟


التفت له ليراه يغطي عينيه بتلك النظارة .. ويشد قبعته السوداء على رأسه : راكبه راسها .. وانا بسويلها طاف الين تتأدب ..


" تهون عليك " .. قالها وهو يمر من جانبه ليتبعه الى داخل احد المطاعم الصغيرة .. ليتخذان لهما مكانا على احدى الطاولات : المشكله يا شبيب .. اني مثلك .


جاءهما العامل ليأخذ منهما الطلب .. ويسأل شبيب جابر عما يريد .. لينطق بعد ان غادرهما ذاك العامل : كيف يعني مثلي ؟


-
قلوبنا ما تقسى ولو تظاهرت بالقساوة .


،,

يــتــبــع |~

♫ معزوفة حنين ♫ 31-03-13 12:52 AM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
تجلس على الارض مسندة ظهرها على النمرقة القاسية وعلى يسارها جلس شقيقها .. في قلبها خوف من المستقبل .. فهي تخاف من ربط مصير ابتيها بشقيقين .. لتعتدل بجلستها لتواجهه : اخوي .. ما بنظلم سمية باللي نسويه ؟


يترك هاتفه جانبا .. ليمسد لحيته الطويلة بكفه : الريال والنعم فيه .. واذا بنتج ما بتتعدل عنده انا اللي بعدلها ..


-
بس الخوف لو ..


ليخرسها دخول ذاك الشايب وقد تعكز على عصاه .. ليقف شقيقها يساعده ويحيه بالتحية الاماراتية ( المخاشمة ) : هلا والله ببو سيف ..


ليجلس وقد اعياه تعب قلبه .. نجى من موت محتم بسبب جلطة تعرض لها .. وبدأ الخوف يساور زوجته وشقيقها عليه .. ليخفيان امورا كثيرة عنه .. لينطق معاتبا لنفسه : والله مكلف عليك يا سعيد .. وهم البنات وهم العرس وسوالفهن كله ع ظهرك ..


-
افا عليك يالنسيب .. تراني مب غريب .. ولو علي ما خليتك تمد ايدك لشيء ..


ربت على فخذه : كفو يا سعيد .. وهذا العشم ..



هناك في الاعلى دخلت الى غرفة شقيقتها بعنف .. لترمي بنفسها على السرير .. لتنظر اليها تلك ومن ثم تنطق وهي تحرك سبابتها من الاسفل الى الاعلى على جسد سلوى : انتي بتروحين جذي ؟


بنطال التصق بجسدها وقميص تدلى على ردفيها : سميووه مب ناقصتنج .. لا انتي ولا خالي المعقد .. مادري ع شو مستعيلين .. كل شيء بسرعه بسرعه .. ليش ما تفهمون اني ما اريد اعرس .. جامعة وطلعني منها .. قلت عاادي مب مهم .. وحبسه فالبيت وحبسني بعد قلت عادي .. بس انه يزوجني واحد معرس .. لا وبعد يموت فحرمته هذا شيء مب عاادي ..


استدارت لتكمل تمشيط شعرها : انتي مكبرة السالفة .. الصراحة ناس طيبين .. وخواته يدخلن القلب ..وانتي تقدرين تخلينه يحبج .. واذا ع حرمته ترا الكل يمدح فيها ..و ...


اشرت لها بيدها : بس بس .. مب ناقص الا تكتبين فيهم قصيدة – وقفت لتكون على مقربة من شقيقتها – وبعدين انتي شعليج .. شوف وشفتيه .. ومن ملكنا صار لنا اسبوع وهو كل يوم يتصل عليج ..


تغير نبرتها باستهزاء : سمية ناقصنج شيء .. سمية لا يردج الا لسانج .. سمية لا تستحين ..



عادت لترمي بنفسها على السرير .. وتضرب بكفيها وتوجههما الى وجهها : وانا مالت علي .. حتى شوفه شرعية متخلي عنها .. ومب بعيدة يوم العرس يترياني فالسيارة ..


كتمت ضحكتها .. ولكنها لم تكن بعيدة عن عيني سلوى.. التقطتها لتقف وتقف قريبا منها : ضحكي ضحكي


ترفع يدها وتبعثر شعر شقيقتها التي ابتعدت برأسها عنها : وبعدين يا فهيمة ريلج مطوع .. والشعر القصير ما يعيبه اكيد ..


عادت ترتب ما افسدته شقيقتها : عاادي بطوله مب مشكله .. الحين خلينا نستعيل .. بنروح نخلص اللي باقيلنا وبنقيس فساتين العرس يمكن يحتاين تعديل – التفتت لسلوى – وبعدين فستانج واايد مفسخ لو يشوفه خالي ما بيسكت ..


ادبرت وقبل ان تغلق الباب : عاادي .. واصلا ما له خص .. يسوي اللي يباه وانا اسوي اللي اباه .. وبعدين فكه منه باقي اسبوع ويحكمني ريال .. بروح البس عباتي .. واكيد مسكرة .


اكدت على الجملة الاخيرة واغلقت الباب خلفها بعنف .. لتطوح سمية برأسها .. وتشد خطاها تخرج عباءتها و " شيلتها " .. وهناك في قلبها خوف من تلك الايام التي تستعجل المسير ..



،,

جرت مستعجلة في خطواتها حتى ربضت بجانب والدتها في الصالة .. فزعت الاخرى واستعاذت من الشيطان : شو بلاج داخله بهالشكل ..


-
اماايه راح ..


اخفضت على صوت التلفاز : بسم الله الرحمن الرحيم .. منو اللي راح ؟ ..


" جابر " قالتها وبدموع تماسيح مفتعلة اكملت : شفته شال شنطته وطالع من بيته .. خلاص راح ما بشوفه .. امايه سوي شيء ..


التقطت جهاز التحكم من جديد .. واستدارت بوجهها للتلفاز ورفعت صوته : انسيه ..


تركت مكانها لتقابل والدتها وجها لوجه : لا ما بنساه .. اريده .. انتي دخلتيه فراسي .. والشيء اذا دخل راسي صعب يطلع ..


قالت بشيء من الامبالاة : الريال ما اييب عيال شو تبين فيه .. خليه يلحق حرمته .. وبييج اللي احسن منه ..


انتفضت في مكانها لتصرخ : ما اريد عيال .. ما اريدهم .. اريد جابر فاهمه ..


لتصمت على كف والدتها الذي ادار وجهها : تأدبي يا نوالووه .. اذا انا فيوم فكرت فيه لج .. لاني اريده يسنعج .. بس الظاهر محد بيسنعج غيري ..


ارتجف وجهها بغضب : اضربيني عشانه .. بس باخذه ياميه .. باخذه ..


وقفت واردفت : بالطيب بالغصب جابر ما بيكون الا لي .. فاهمة ..



ادبرت مولية .. وتلك اغلقت التلفاز وتحوقلت : يا ربي انا شو سويت .. البنت تخبلت .. استغفر الله العظيم ..



تنهدت فهي من صنع من الغباء خبثا .. ومن الطيبة شرا .. فتلك لا ترى نصب عينيها الا هو .. والانتقام لكرامتها من ليلى كما تردد دائما .. وقفت عند نافذة غرفتها وقد ازاحت الستار بيدها قليلا .. وانفاسها الثائرة تشرخ سكون المكان .. وعيناها تسمرتا على مسكنه الخالي من ساكنيه : جابر لي .. وبتشوفون ..


انزلت يدها بعنف .. واختطفت هاتفها من على " التسريحة " لترمي بجسدها على الكرسي الوحيد في غرفتها .. لتطوح بجسدها عليه للامام والخلف .. واصبعها يبحث بين الاسماء .. حتى ما ان وجدت مبتغاها رفعت الهاتف الى اذنها .. وابتسامة مصطنعة .. وسؤال عن الحال .. لتردف بعدها : في مرة كلمتيني عن ولد خالتج .. هيه هو .. قلتيلي انه تغير صح .. اوكي اريدج تساعديني .. لا لا .. ما اريد فلوس .. الحمد لله عندي خير .. اريد شيء ثاني ..



،,

لا اريد منك الا ان تجيب على رسائلي .. على اتصالي المتواصل بك .. اترغب بالابتعاد عن من اسميتها طفلتك ؟ اشعر باني كارهة للحياة بدونك .. ثلاثة ايام ولا رد يصلني منك .. هل انت بخير ؟ هل ظلمتك بدلالي الذي ارتشفته من بين احضانك ؟ آآه يا جابر لو تعلم مقدار اسفي .. ومقدار شوقي .. ومقدار عتبي الذي لا حدود له .. ومع كل هذا هناك ما يردعني من الذهاب اليك برجلي .. أأنتظرك كعادتي ؟ ام ان انتظاري سيطول ؟



كانت تائهة في سراديب الفكر .. تريد ولا تريد .. تتهادى بين الندم وبين التمسك بما قامت به .. وهم يتحدثون بحديث لا يصل الى اذنيها .. وكأن هناك جدار عازل بُني على اسماعها ..


-
ابويه شو رايك نسوي عزومه ونتيمع فيها قبل رمضان .. ترا والله من زمان ما تيمعنا ..


قال ذاك الحديث مطر وهو يتجول في قنوات التلفاز وقد جلس في منتصف الصالة واتكأ بذراعه على احدى النمارق الساقطة بجانبه ..

ليجيبه حمد وقد علت محياه ابتسامة : ان شاء الله .. والله انه نعم الشور .. بس بنسويها فالمزرعة شرايكم ؟


لتعتدل هي في جلستها : ما نريدها فالمزرعه .. وين بتيلسون هناك .. كلها نخل وشير .. والبيت تراك هدمته وقلت بتبنيه من يديد ولا شفنا شيء للحين ..


قفز مبارك من مكانه ليجلس بين والديه : نروح السيح .. ونخيم .. ونشوي .. ربعي دوم يروحون وييون يسولفون انهم ركبوا دراجات ع العراقيب ( تلال رملية )


" وان شاء الله بعد بتركبلي دراجات؟ " .. قالتها والدته .. ليجيبها : شو فيها .. يعني انا مب مثل ربعي .. والا هم احسن عني ..


ليلتفت لوالده : ابويه الله يخليك وافق .. وتراني ما بسرع .. ولا بسوي حشرة .. وهاشل بيلعب وياي ومطر بعد ..


التفت ذاك حين سمع اسمه : لا والله .. قالولك ياهل العب بدراجات .. انا لو اريد اركب العراقيب بركبها بالفتك مال خالد الله يرحمه ..


" كملت ؟ " نطقتها حفصة بعصبية لتردف : يوم هذي سوالفكم ماشي روحه .. وانت يا حمد اذا بتسوي عزومة سوها هني فهالبيت ..


وقفت لتتركهم وقد علت ضحكاتهم : زين جذي زعلتوا امكم ..


التفت لابنته : ليلى ما سمعنا رايج .. ومها وينها كل هذا تتكلم فالتيلفون ؟


" ها ؟ " .. تبعثرت على شفتيها لتردف : السموحه ابويه .. بغيت شيء ؟


وقف : تعالي وياي ..


حث خطاه للخارج حيث مجلس الرجال وهي تتبعه بعد ان اردفت " شيلتها " على شعرها .. ليجلس ويربت بجانبه لتجلس .. تقدمت على استحياء وجلست : خير يالغالي ؟


-
شو مستوي بينج وبين ولد عمج ؟


أتفضح ما تخبأة بين حناياها ؟ وتبلبل هدوء والدها بادخال اعصار من مشكلة واجهتها ؟ .. اتخبره بان ابن اخيه قد خدعها ؟ ام تخبره بانه لم يعد راغبا بها .. حتى صوتها لم يشتاقه .. ابتسمت على مضض وهي ترفع كف والدها تقبله : ما بينا شيء .. بس هو عنده شغل واايد .. ما صاير يهدى .. وقلت ايي عندكم بدال ما ابقى بروحي فالبيت ..



حمحمة صادرة من على عتبة الباب ارجفت اضلعها .. وصوته ادخل في قلبها رعشة غريبة .. لتقف مع وقوف والدها الذي حث خطاه مرحبا : اقرب .. البيت بيتك ..


ليظهر لها بطوله يقبل رأس والدها ويسأله عن الحال .. هل جاء لاجلها .. سيخبرها بانه اشتاق لها .. ترغب بالجري نحوه ورمي جسدها بين ذراعيه .. لن تخجل من احد .. حتى من والدها .. هو زوجها وحبيبها وروحها وقلبها النابض بين اضلعها .. ابتسم وهو يحث الخطى مع والدها الذي يشد على كفه : حياك ياولدي .. ولد الحلال ع الطاري تونا يايبين في سيرتك ..


ضحك .. ليقترب منها .. ويقبل وجنتيها ببرود : شحالج ليلى ؟


فقط هذا ما استطعت قوله ؟ .. ردت عليه بابتسامة وبعدها اعتذرت منهما للخروج .. تسمع صوته خلفها .. سيناديها ربما لتبقى .. سيخبرها ان تتجهز .. ها هي تصل الى عتبة الباب .. الآن سيناديها .. كانت تمني نفسها بشيء لم يفعله .. فتوارت خلف الجدران لتهرول بعدها مسرعة ..



اسف يا ليلى .. فانكِ اوجعتني دون ذنب .. ولا ترغبين بالبوح بخطأ لم اجده حتى الآن .. ساجبرك على البوح بما يعتلج في صدرك وان طال الزمان .. آسف لاني دست على قلبي حين رأيتك .. فاني اعلم بانه سيفضح شوقي ان بقي كما كان ..


تنهد وهو يسمع سؤال عمه له : مشاغل يا عمي .. وانت تدري ما يبعدني عنكم الا الشيء الكايد ..



رأتها تدخل غرفتها على عجالة .. لتلحق بها وتطرق الباب ومن ثم تدخل .. لتراها تبكي على سريرها .. دنت منها حتى جلست بجانبها .. وكفها ترفع خصلات شعرها لعلها تلمح وجهها المندس في الوسادة : ليلى حبيبتي شو بلاج .. ليش تصيحين ..


بصوت مكتوم نطقت : جابر هني .. ولا عبرني .. متغير علي واايد يا مها .. مب بعيد العقربة نوالووه خذته ..


ضحكت لترفع تلك رأسها : ليش اضحكيني ؟


تزايدت قهقهتها .. لتدفعها تلك عن السرير وتقع على الارض .. مما زاد من ضحكها اكثر .. فتصرخ تلك : مهاااا


تتمالك نفسها حتى تستطيع الكلام : دامج تحبيه روحيله وخبريه هالشيء ..


وقفت وكتفت ذراعيها على صدرها : يا هبله شو يعني ما اييب عيال .. هذا اذا هو ما اييب عيال صدج .. يعني تظنين اذا ياكم ياهل بيكون بار فيج وفيه .. كل يوم نسمع عن العقوق .. وناس تقول ياليتنا ما يبناهم ..


اقتربت منها لتحتضن وجهها بكفيها : يعني بلاها هالدموع .. قومي روحيله .. مب لازم هو اللي يبدا دايم – انتصبت واقفة بعد ان كانت منحنية – مشكلتنا اذا حبينا وانحبينا نتمادى .. نظن ان بهالشكل نثبت حبهم لنا .. وما نعرف ان بهالشكل نحطم حبنا بيدنا .. قومي ولا تصيرين عنيدة .. وبعدين تقولين ياليت ويا ليت ..


" مب رايحة يا مها " .. قالتها ومسحت وجهها : هو غلط .. لازم ايي ويعتذر ..


لوحت برأسها : غلطانه .. سمعي الكلام وقومي قبل لا يروح ..



قالت كلامها وخرجت .. وهناك اشياء كثيرة بدأت تتغير في ذاتها .. لتلج الى غرفتها .. ويقع نظرها على سلة المهملات .. وقصاصات ورق تناثرت فيها .. رسائله .. ورقم هاتفه .. وكلمات العشق المنمقة .. جميعها ستأكلها النيران قريبا .. سحبت انفاسها وسحبت بعدها هاتفها لتجلس على طرف سريرها وقد ضغطت على الاخضر .. وانتظار مع ابتسامة صغيرة .. ما ان استقبل اتصالها حتى نطقت : هلا سوسن .. شحالج ؟


تعثرت الحروف على لسانها .. لتزفر : هلا .. خير اشوفج متصلة ؟ بتعتذرين مني ؟ ما بقبل اعتذارج يا مها ..



ضحكت تلك حتى اغتاضت سوسن : ومن قالج اني متصلة عشان اعتذر .. حبيبتي اللي لازم تعتذر هي انتي .. قايمة اطلعين رمسات علي مني ومناك .. انتي ما تخافين ربج .. وبعد تقولين مرافقة شباب ..


وقفت بغضب : انا ما قلت هالشيء .. ولا تيلسين تتبلين علي ..


" لااه " .. قالتها وقد مدتها بهدوء واردفت : سمعيني ترا قذف الناس بالباطل اثم .. ولو تشوهين سمعتي من اليوم الين ما تشبعين .. مها ما بتتغير .. واذا ع كلمة قلتها فساعة غضب قومتي الدنيا علي .. انا بكون احسن عنج .. وما بقول الا الله يهديج ..


زمت شفتيها .. لتعتقهما بنبرة ساخطة : اكيد نادية اللي وصلتلج هالرمسة .. اشوفج دووم وياها .. شكلج بديتي تصدقين اي كلام ينقال عني ..


" الله يسامحج يا سوسن " .. بعثرتها على مسامعها واردفت : باقي كم شهر وبنتخرج .. والله العالم نلتقي بعدها او لا .. مع السلامة ..


رمته بجانبها واستلقت على ظهرها .. اغمضت عينيها ونفسها تحدثها باحاديث متزاحمة .. وافكار تعبث بروحها .. ولا تزال تضع مئات الاسئلة خلف كلمات العشق اليومية ..

،,

يــتــبــع |~

♫ معزوفة حنين ♫ 31-03-13 12:52 AM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
تثيرها تلك الاسئلة التي تتلقاها من تلك المتأنقة .. لا تعلم لماذا لسانها ينطلق بالحديث في حضرتها عن كل شيء .. عن قديم حياتها .. وعن جديد احلامها .. نظرت اليها : تدرين صايرة اتضايق واايد .. اعصب مرات ع اخوي الصغير .. يريدني اعلمه واذا ما فهم ايلس اصارخ عليه .. وكأنه هو اللي وصلني لهني ..


طأطأت رأسها وابعدت غرتها للخلف باناملها : انا ما كنت جذي ..



" تصلين ؟ " .. القت بسؤالها عليها .. فالتفتت باستفهامات كللتها .. لتهز رأسها بالايجاب : هيه .. اكيد اصلي ..



استنكرت سؤال مثل هذا من تلك المتبرجة .. لربما هيئتها تحوي لها بانها لا تهتم بمثل هذه الامور .. ليزيد تساؤلها حين سألت تلك : تصلين كل الصلوات باوقاتها ؟




ابتسمت بحياء : الصراحة لا .. يعني الفير ما اقوم اصلي .. ما اعرف احس اني ما اريد اقوم من الفراش .. اغلب الايام اصليها وييا الظهر .. حتى باقي الصلوات ما اصليهن فوقتهن .. محد يهتم ..



" محد يهتم ؟ " .. قالتها باستنكار لتردف : كيف يعني محد يهتم يا شامة ؟ وانتي ليش ما تهتمين ..



ابتسمت وبسخرية اجابت : يعني انتي تصلين ؟




قامت واقفة وابتعدت بخطواتها عن شامة .. لتمد كفيها الى العلاقة الموجودة قريبا من طاولة مكتبها .. وكل ذاك كان تحت انظار شامة المستغربة .. لتعود وبيدها عباءتها وشيء آخر .. تفردها امامها : هذي عباتي ..



وضعتها على ذراعها وفردت ما في يدها : وهذا نقابي ..



بتلعثم : تلبسين عباة راس؟ .. وتتنقبين؟ .. عيل ليش هالمكياج هني ..



ضحكت وهي تضع ما في يدها على ذراع الكرسي : قليل اطلع من البيت .. وما اخذ راحتي الا هني .. صح احط مكياج فبيتي .. بس لمنو .. لامي وابوي واخواني .. وكم ساعه بس .. ما يحتاي .. وهني ايلس مع حريم .. ازين نفسي .. يعني فيج تقولين ارضي شيء فداخلي ..



تمتد يدها لتمسك كف شامة : شامة لا تحكمين ع الناس من مظهرهم .. وحاولي تحافظين ع صلاتج ..



تركت يدها : شوفي بنسوي اتفاق اوكي .. من اليوم تبدين تصلين كل صلاة بوقتها .. وتضبطين المنبه ع صلاة الفير .. وفي هالاوقات بيوصلج اتصال مني .. اذا صليتي قبل اتصالي بخفف الجلسات عنج .. واذا لا بزود عدد الساعات .. وعاد انتي عليج تتحمليني مب ساعة – ترفع سبابتها والوسطى – ساعتين .



زفرت انفاسها : يعني تدرين اني ما اطيق ايلس وياج ..



هزت رأسها بنعم : ياللا يتج فرصة تتخلصين مني ..



ضحكت .. وضحكت تلك على مضض .. هي ايضا ترغب باشياء ولا ترغب بها .. حين تجلس مع تلك الطبيبة لا تشعر بالوقت .. تشعر بانها ترغب بالبقاء اكثر .. وحين تعود الى منزلها تود ان لا تخرج ابدا .. لا تريد ان تبعثر المزيد من مكنونات روحها لغريبة .. كما تسميها كلما تحدث معها شبيب عن جلساتها .. لا ترغب بان تكون صفحة مقروءة بهذا الشكل .. ولكن كل الامور تنسل من بين كفيها حين تكون في حضرة الصمت وحضرتها ..

،,



بدأ زمام قبضته ينحل دون ان يدرك .. كيف يحدث ما حدث .. ويأتي ذاك هاجما كحيوان يبحث عن فريسته .. هل بدأ بعشقها ؟.. ابتسم بسخرية وهو يرفع ساقه المجبرة على السرير .. ويستند بظهره ويتنهد .. تخرج من منزله مع ابنتيها وهو لا يعلم .. اذا فبأمكانها ان تصل الى شبيب .. قد تخبره بالكثير .. اشياء عنه هو .. عقد حاجبيه وهو يشعر بحكة تنساب تحت الجبيرة .. ليصرخ : شيخة .. شيخوة وثول ان شاء الله .. وينج ..


دخلت وهي تثرثر بغيض : لا حول ولا قوة الا بالله .. حشا ما صارت ريل وانكسرت .. وراس وانفلع ..



وضعت صينية العشاء امامه : خير شو بلاك ..



- تعالي ضربيني بعد .. قومي يبيلي السيخ( حديدة رفيعة ) احك ريلي ..



غادرت وعادت في ثواني .. لتمد له بما يرغب .. فيدخلها بين الجبيرة وساقه .. وابتسامة قد داعبت شفتيه : شيخة لقيتلج صالون ..



تهللت اساريرها : شو قلت ؟ كيف يعني لقيتلي صالون ..



سحب ما في يده .. ليضعها جانبا : يعني وصيت واحد من الربع يدورلي ع مكان زين .. ولقالي اياه اليوم .. وانتي تدرين الصالونات هالايام يكسبن ذهب .. انتي روحي شوفيه .. شو محتاي .. واللي بيشتغلن بنيبهن .. كم محنية وكم كوفيرة ..



كفاها تقعان على ساقه السليمة لتدلكها : بيكون باسمي ؟



" النص بالنص " .. قالها وهو يسحب صينية العشاء لجانبه .. ويتناول الملعقة .. يغرف من الصحن .. وهو يمضغ ما في فمه اردف : بس بطلب منج طلب .. اذا نفذتيه هالشيء بيصير كله هالاسبوع .. واذا لا بصرف النظر عن المشروع بالكامل ..



كفت يداها عن التدليك .. لترفع حاجبها : يعني ما في شيء ببلاش .. وانا اقول هذا مب عيد اللي اعرفه .. انزين شو هو الطلب ..



ابتسم وهو يسقط جذعه على ظهر السرير : تروحين بيت شبيب ..


،,

هنا أقف .. وموعدنا بأذن الله يتجدد مع زفرة جديدة يوم الجمعة ليلا ..





♫ معزوفة حنين ♫ 31-03-13 12:54 AM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
رياح هادئة تدغدغ اوراق الشجر .. فتُسمع قهقهات التعب .. فتثور مع ثوران الهواء .. كثوران تلك بعد ان نطق باسم شبيب .. وقفت وهي تصرخ : شو ؟ .. هذا اللي ناقص بعد اروح للحبس بريولي ..


امسكها بيدها وسحبها حتى جلست وعلى لسانه غلظة في الكلام : يلسي لا بارك الله فيج من حرمة .. سمعيني وبعدين تكلمي .. اعوذ بالله ..



تشدقت بغيض .. وضربت ظاهر كفها الايسر بالايمن : ياللا قول .. سمعني ع شو ناوي ..



زفر انفاسه وهو يعود ليسحب جسده للخلف ويسند ظهره من جديد : اباج تروحين بيتهم .. وتخبريهم انج حرمة فلان .. و..




" فلان منو؟ " .. قاطعته ليشتاط غضبا على غضبه : ابليس انزين .. يعني بالله منو ريلج ..



تمتمت وهي تشيح بوجهها عنه : صدق انك ابليس ما كذبت ..



ليعقد حاجبيه : قلتي شيء ؟



- شدراني عنك – وبنبرة اقل حدة اردفت – كمل كمل .. بشوف شو اخرتها وياك ..




ليسترسل بالحديث مطولا .. يرغب بان ينهي تلك العلاقة بين اخته وعائلة شبيب الذي بمقام العدو بالنسبة له .. وقبل ان يكمل قالت بشيء من الذكاء : وشو لك فأم شبيب ؟



عقد حاجبية مستنكرا .. فاردفت : الحين تريدني اروح لها واقولها كل هالرمسة اللي مالها اصل .. شو اللي يثبتلك انها بتروح تعلم يدة كلثم .. ليش ما اروح لام خالد بدال ام شبيب .



لتضرب بيدها على فخذه : ترا يا ذكي .. شبيب ما يروم يسوي شيء .. حتى لو وصلها للمحاكم .. بدون الاصل الفرع خسران – وبخبث اردفت – ما بيصدقون بدون ادله .



لتبان نواجذه ويضحك بعدها حتى ظنت بان عقله لم يعد له مكان في رأسه : ليش تضحك ؟ انا قلت شيء يضحك ؟



انفاسه تتزاحم داخلة وخارجة من رئتيه .. وبلهاث : قومي .. فتحي ذاك الدرج – يشير لاحد الادراج في اسفل دولاب الملابس – بتحصلين كيسه بيضا ويبيها ..



وقفت وهناك موجات توتر تقافزت الى قلبها .. لتعود بعد ثواني وهي تقلب ذاك الكيس في يدها : شو فيه ؟



يمد ذراعه ليتناوله منها .. ويخرج ما في جوفه .. اوراق كثيرة .. ومن بينها انتزع بعض الاوراق ليهزها امام عينيها : هذا الاثبات يا شيخة .. والكلب الواطي عوض بيسوي اللي اباه من عقبها ..




,,

دخان وزجاجة مُسكر وكأسان .. احدهما قد وقع على جانبه ليرتاح والاخر يقف بصمود .. وحديث يتفوه به لسانه مختلطا بدخان سجائره الكريه .. ليجيبه ذاك وقد بدت نشوة ما تداعب عقله : تقدر ؟



غرق في ضحكة فاسدة : افا عليك .. اقولك بوصلها لبيتك .. وانت ما عليك الا تعطيني النصيب .. تراها حلووووووووه ..



مدها وذاك ينفث الدخان من فيه الى سقف المجلس الذي جمعهما : لك اللي تبيه .. من الف لمية الف ..



انتفض معتدلا .. ليدس عقب سيجارته في المطفأة التي تكاد تصرخ من ازدحامها : شو مية الف .. اتفاقنا نص مليون .. والا نسيت ..


انحنى يطفئ سيجارته : ترا وراها مشاكل يا عوض .. وانا مالي فالمشاكل ..


- اقولك مقطوعة من شيره ..




تتضارب انفاسها وذاك الحديث يصل الى مسامعها جليا .. وعلى كفيها صينية تعج بالعشاء .. وسكين وقع عليها نظرها .. لتضع ما في يدها جانبا وتنتشل تلك الحادة .. تشعر بان صدرها يختنق وكأن ذاك الحديث حمل معه هواءهم القذر .. لتفتح الباب على مصراعيه .. كفاها تقبضان على السكين بقوة : تساوم ع بنتي يالنذل ..



وقف وقد استوطنه بركان غضب سينفجر فيها في أي لحظة .. وذاك وقف بجانبه وقد اعتلاه خوف من تلك الهاجمة عليهما في حين غفلة .. اقترب منها : بدرية طلعي من الميلس احسنلج ..



توجه حديثها للاخر غير مكثرة بـ عوض : اطلع من بيتي..



تحرك السكين في وجهه .. لتستدير وتحركها في وجه عوض : والله ان ما طلع يا عوض لخلي هالسكين اطلع اللي طفحتوه ..



انتهر ذاك وقد بان الخوف في عينيه : ما بتي من وراك الا المصايب ..



وجه حديثه بلكنة جزع وهرول بعدها مبتعدا عن المكان .. ونظراتها كانت تتبعه .. لم تشعر الا بمن شد شعرها بغطاءها .. حتى سقط ما في يدها : تعلين صوتج وتهددين ..



سحبها بعنف معه .. وكفاها تستميتان محاولة فك قبضته .. لتتعثر وتصرخ لوجع رأسها : آآآه .. الله ياخذك ..



حتى ما ان تخطى بها عتبة الباب الفاصل بين المنزل وملحقها الصغير .. اذا به يرفعها حتى ليجزم الناظر بان فروة رأسها ستنتزع مع شعرها بقبضته .. يهزها : بيتج هااا .. تشوفين هالباب ان عتبتيه مرة ثانية اريولج بقصهن .. وشغلي مالج خص فيه ..



سحبها من جديد ليدلف بها الصالة الصغيرة .. هناك كانتا تشاهدان التلفاز .. لتقفان برعب حين فُتح الباب على مصراعيه .. ويلتصقان ببعضهما على صراخه : ان ما تربيتي انا بربيج ..



ليدفعها وتقع اسفل قدمي ابنتيها .. لتنطق مريم : امايه ..



صوتها مرتجف .. خائف .. والاخرى دموعها مع بكاءها اجبره ان يصرخ بهما : اُص ..



لتنتبذان لهما مكان للوراء بخطوات .. وتخرسان الا من شهقات متتالية .. ونحيب متقطع مكتوم .. لينحني ينزع ما اختفت خلفه ملامحها .. ويرميهن جانبا .. ويده تشد على ذقنها .. ينظر الى عينيها : والله يا بدرية ان تدخلتي مرة ثانية باللي ناوي اسويه .. بتشوفين شي عمرج ما شفتيه ..



ليعتق ذقنها بعنف .. تشعر بان بها نار تشتعل .. لو اطلقتها ستحرقه وتحرق منزله .. تنظر اليه وتكاد عينيها تخرجان من محجرهما .. وهو ينظر اليها لبرهة .. ليحول نظره الى ابنتيها الملتصقتان : وانتن ان سمعت لكن حس يا ويلكن ..



لم يشعر الا بمن وقفت امامه باصقة في وجهه : تفو عليك .. تهدد بنات صغار .. ما فقلبك رحمة ..



لم تعرفيني بعد يا بدرية .. فلا تجني على نفسك بتصرفات قد توصلك للقبر .. اجل ساوصلك للقبر ان تعديتِ حدودك معي .. لستُ أنا من يُبصق في وجهه .. ويستصغر امام صحبه .. لستُ أنا من تهدديه وترفعين صوتك عليه ..




لتعود قبضته تشد على خصلات شعرها المتبعثرة : تأدبي وياي ..


ليدفعها من جديد صارخا : طلعتي من البيت بدون شوري من قبل .. بس تحلمين تطلعين مرة ثانية ..


ليدبر ويصفع الباب بقوة .. واذا بصوت القفل يستدير مرتان .. دموعها انسكبت .. وريقها قد جف كصحراء تطلب الارتواء .. واذا ببكاء وشهقات متتالية تصل الى مسامعها .. لتستدير وتراهما .. مريم تشد على كلثم بجانبها وكأنها تحميها .. تحميها من غدر الدنيا بهما .. لتقترب وارتجاف الشفاة تعلن عن بداية دموع لن تهدأ .. لم تشعر الا بمن ارتمت في حضنها باكية .. وتلك الصغيرة كفعل اختها فعلت .. لتشدهما اليها .. وتخور قواها لتسقط على ركبتيها وهما هناك في احضانها .. لتتمتم : ماما اريد بابا ..



وتكمل مريم : ما احبه .. امايه خلينا نروح عند خالي ..




,,

ارجفت الباب بقبضتي كفيها .. تضربه بعنف دون هوادة .. ترغب بان يُفتح .. فقط يُفتح لها وتخرج حيثُ تريد .. منذ ساعة وهذا حالها .. لربما ذاك الحديث الذي وصل الى مسامع والدتها اوقعها في حبس غرفتها .. انتفضت وهي تضربه بعنف مجددا .. وتركله بقدمها : فتحي الباب .. اقولج فتحي الباب ..



تصرخ كمجنونة لا تعي ما تتفوه به .. ليأتيها صوت والدتها وهي تردف بعباءتها على رأسها : قص ان شاء الله يقص هاللسان ..



لتهدأ تلك قليلا : فتحي الباب .. امايه فتحي الباب ..



- ناويه تسحرين الريال .. هذا اللي الله قدرج عليه .. ما بفتح الباب الين تعقلين .. وتخلين خرابيطج .. تبين تعرسين بييج اللي احسن منه ..



تتبعثر انفاسها الغاضبة امامها : ما اريد غيره .. وليلوه النذلة انا بخليها تندم ع طردها لي ..



ارتجفت وهي تسمع ضربة بقبضة والدتها على الباب : انا ما اريد ابتلي فيج باخر عمري .. لو لج ريال يأدبج كنت ارتحت ..



" كله منج " صرخت بها واردفت : لو ما شردتي عن اهلج وخذتيلج واحد ما تعرفين اصله من فصله .. كان ما صرنا بروحنا لا عم ولا خال ولا اخو .. يايه الحين تقولين لو ولو – ركلت الباب بقدمها – فتحي الباب ..



زمت شفتيها : مب فاتحتنه الين تعقلين يا نوالووه .. الحمام وعندج والاكل بيوصلج .. بس اني افتح واطلقج تسوين اللي تبينه فلا .. سامعه ..



لتدبر تعدل من عباءتها .. وتحث الخطى خارجة من منزلها .. ستصل حيث تلك الساخطة والمبتعدة عن بعلها لسبب يجهله هو .. تريد ان تصلح بعض مما فعلته دون قصد .. كل ما تمنته هو رجل كـ جابر يصلح حال ابنتها .. وتستطيع ان تأتمنه عليها اذا اخذ الله امانته يوما .. اوقفت سيارة اجرة وانطلقت .. ستخبر تلك بان تحافظ على بعلها .. ان لا تدع لابنتها مجالا بفعل ما تريد .. ستخبرها بان تبتعد عن اعين ابنتها حتى لو اضطرا لترك منزلهما .. منزل عائلته الذي تربى فيه ..



توقفت السيارة .. لتمد يدها ببعض العشرات من الدراهم .. ويلتقطها السائق الهندي .. ترجلت لترتب هندامها وتشد عباءتها على رأسها .. وتزفر بتوتر ..


,,

يــتــبــع |~

♫ معزوفة حنين ♫ 31-03-13 12:55 AM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
احيانا تتغير المفاهيم .. فتصبح بخلاف ما كانت .. نبني اساسات روحنا من جديد .. نبعثر ما فات ونكسر كل ما هو عن الاستقامة قد حاد .. هذه هي كسرت قيود الماضي .. لعلها كانت مراهقة وتوق لكنف حب ترتجيه .. فانتهى الاول للقبر وانتهى الاخر بسبب تقاليد عقيمة .. كل ما حدث قربها من الجميع .. من عائلتها ومن ليلى بالتحديد .. او لعل ما قربها من ابنة خالتها هو عقلها الذي رأته صغيرا جدا .. لم يكن هكذا قبلا ..


تجلس معها على السرير في غرفتها هي .. بعد ان حطمت قيود الفكر برسائل ابن عم يدعي العشق .. تستند على ذراعيها وتميل بجذعها للخلف .. وساقاها قد ردفت احداهما على الاخرى .. والاخرى ربعت ساقيها وعلى ظهر السرير اسندت ظهرها .. لتنطق : مها ..



التفتت لها ولا تزال على جلستها : همممممم



لتفك ساقيها وتتركهما يتدليان عن السرير .. وتنحني قليلا بجذعها وقد قبضت بكفيها على حافة السرير : خلاص نسيتي شبيب ؟



وبتردد اردفت : وخالد ؟



سحبت انفاسها .. لتسقط نفسها على السرير .. ويتعانق كفيها على بطنها .. وتلك تنظر اليها .. سحبت انفاسها من جديد وكأنها ستخوض معركة بين العقل والقلب : خالد الله يرحمه .. سبق وقلتلج كان اعجاب وبس .. وشبيب مب مجبور يحارب عشاني .. ما بينا شيء .. الا كلام بينه وبين عمي بو خالد وبين خالتي وبين امه ..


التفتت لها وابتسامة تكلل شفتيها .. لتعود من جديد تنظر لسقف غرفتها : وبعدين سلطان ما بيبها لبر ..


رفعت ساقها لتثنيها تحتها .. وكأن حديث تلك يشدها للاصغاء بعمق : ليش ما تعطينه فرصة ؟



انفجرت ضاحكة .. لترفع نفسها وتجلس مقابلة لتلك : سلطان شري .. مع اني كنت صغيرة بس اذكره زين .. شراني واناني .. كان يضربني ويضرب عيال عمه الصغار .. اخاف اعطيه فرصة واندم ..



ابتسمت : بس كنتوا صغار .. يعني اكيد تغير .. يعني لو تعـ...



قطعت حديثها للطرقات المتوالية على الباب ومن ثم دخول والدتها : ليلى قومي ام نوال تريدج فالميلس .




ام نوال .. تلك المرأة التي بتُ امقتها .. تاتي الآن وترغب برؤيتي ! .. ماذا عساها تحمل في جعبتها ايضا .. هل هناك في يدها دعوة لحفل زفاف ابنتها .. او لربما جاءت تدعوني لزواج زوجي من نوال ابنتها ..




ارتعبت من تلك الافكار التي تغزو عقلها وهي تشد خطاها نحو المجلس الصغير .. هناك تنتظر بعد ان ضيفتها حفصة وجلست معها دقائق تتحادثان .. لتنهي الحديث بطلبها لترى ليلى .. تنهدت .. فرفعت نظرها لتلك الملقية السلام .. وببرود اقتربت تقبلها وتجلس : حياج خالتي .. يلسي ليش واقفة .. سمحيلي ما دريت انج هني الا من امي من شوي ..



لم تنسى آدآب الضيافة والابتسامة في وجه الضيف حتى وان كان عدو .. لتجيبها : مسموحة فديتج ..



لا تعرف كيف تبدأ .. ولا تعلم بما يستوطن قلب تلك الشابة ناحيتها .. لتستطرد : شخبارج يا بنتي .. واخبار جابر .. بلاكم مخلين البيت بدون حد ؟ والا عيبتكم اليلسة عند ابوج ؟



اذاً فهي لا تعلم عن امر ابتعادهما .. وتسأل عن جابر .. اتريد ان تلح عليه من جديد بالزواج من ابنتها .. هل جاءت الى هنا لتحمله على الموافقة .. ارغمت ابتسامتها على الظهور : الحمد لله بخير .. بس جابر مشغول هالايام واحسن اكون عند اهلي ..



- عين العقل يا بنتي ..



قالتها وصمتت .. وتلك تقرب آنية القهوة منها : اصبلج قهوة خالتي ؟



لترفع كفها لها مكتفية : لا فديتج متقهويه ويا امج ..



عاد الصمت لتقطعه ليلى : خالتي في شيء ؟ ييتج عندنا غريبة ..


تحركت نحوها قليلا حتى تلامست ركبتها بـ ركبة ليلى : ليلى سامحيني يا بنتي .. يمكن غثيتج بدون ما احس .. بس حال نوال هو السبب .. تدرين مقطوعه من شيره وبغيت ازوجها ريال يدير باله عليها ..


حدثت نفسها بشيء من الكره : وما لقيتي غير جابر ..



لتتابع تلك حديثها : نوال تخبلت .. وراسها والف سيف الا تاخذه منج ..



قلبها ينبض بشكل غريب .. أهو وجع الخسارة اصابها .. ام الخوف من شيء مجهول .. لتتبعثر كلماتها بجزع : خالتي يعني ما لقيتوا غير جابر ؟ وبنتج شو ناويه عليه ..



كفها تمتد لتمسك بكف ليلى .. شعور غريب اجتاحها وهي تنظر للكف الماسك بكفها : يا بنتي بعدي عنها .. لو تقدرون تاخذون لكم بيت غير بيتكم سوها .. بس لا تكونون قرب نوال .. بنتي واعرفها اذا نوت ع الشر بتسويه .. جابر ريال مقتدر يقدر ياخذلج بيت بعيد عنا .. ولو كان بيدي كان انا اللي خليت بيتي ورحت .. بس ما باليد حيله ..




تستند بجانب الباب وهي تراها تخرج عباءتها و" شيلتها " ومن ثم ترتديهما امام المرآة : يعني بتروحيله ؟



دون ان تلتفت لها وهي تحاول اغلاق زر العباءة : هيه .



رفعت رأسها وانتشلت " شيلتها " تضععها على رأسها وتلفها : ام نوال خوفتني عليه .. خوفتني من بنتها .. وعرفت ان كلام كنه مب عشان احن وارد .. صدق هو مخلي البيت ورايح بيت عمي الله يرحمه .



سحبت حقيبتها من على السرير .. واقتربت من مها : انا احبه .. ما بقدر اعيش بدونه .. قلبي يعورني يا مها ..



صوتها وخوفها والآن دموعها التي تمسحها ولا تسكت .. اثار الرعب بين حناياها .. لتشدها اليها محتضنة لها : خلاص ليول .. ان شاء الله ما فيه شيء .. وبعده عنج يمكن لانه يريد يقولج انه ما غلط ..



ابعدتها وقد انعقد حاجبيها وكأنها تذكرت شيء مهم : انزين هو شدراه انتي ليش زعلانه ؟ .. مب انتي طلعتي من البيت عقب ما نزل لدوام ؟



" لازم يدري " .. قالتها وهي تدبر نحو " التسريحة " تسحب لها بعض المناديل لتمسح أثر الدموع .. واردفت : اكيد يدري اني دريت ..



لوحت برأسها : الله يكون فعونج ع عقلج .



تركت مكانها لتقف خلفها وكفاها يسقطان على كتفيها .. لتنحني برأسها أعلى كتفها الايسر ناظرة لوجهها بالمرآة : اذا انتي ما قلتيله من وين بيدري .. صدج خبلة .



انتفضت .. لتبعد مها بذراعها : خوزي عني مهوي ..




,,

قهقهاته تتعالى شيء فشيء .. وهو يردد : خوز عني .. خلاص هلكتني ..



ساقطا على ارضية المجلس وذاك يجلس على بطنه يحاول ان يصل الى رأسه .. فيمنعه هو بكفيه القويين : عطني اياها ..



" ذوقها .. قلت لك لا تسوي سبه له .. بس ما فادك الكلام " .. قالها شبيب وهو يقتطف حبات العنب ويلتقمها .. وضحكات ذاك لا تهدأ .. وثورة هاشل تكاد تجتاح المكان ليصرخ : جااااااابر ..



وغرق ذاك في ضحكة جعلت ذراعيه ترتخي .. حتى وصل كف هاشل الى قبعة الصوف التي على رأس جابر .. ينتزعها ويقف بسرعه متخطيا جسد جابر : غبيييييييييي ..



وبعدها خرج من المجلس .. ليلهث ذاك وهو يطوق وسطه بذراعه واخرى نامت بجانبه .. ومن بين لهاثه وضحكاته المتقطعة : عن اللاته الهيس .. قوي ..



يرفع جذعه .. ليفاجأ بحبة عنب يقذفها ذاك عليه : قول ما شاء الله ..



امسكها بكفه ليدسها في فمه .. وينطق وهو يلوكها : ما شاء الله .. بس ع ضعفه ما قدرت عليه ..



رفع ذاك حاجبه .. واستند بظهره على النمرقة : لو ما كنت قاتل عمرك ضحك كان ما غلبك ..




ضحكاته العالية .. ومن ثم خروج هاشل مسرعا وبيده تلك القبعة .. جعلها تقف مبتسمة وتشد انفاسها الى صدرها .. كانت هناك تراهم يدخلون الاثاث الجديد للمنزل .. تنظر اليهم من نافذتها .. وعُمر يوجه العمال .. اما هو لم يكن .. لم تره الا في الغرفة بعد حين .. لا يرغب بالمشاركة في أي شيء .. تشعر برؤوس خناجر كثيرة تضرب في قلبها .. تركته في حزنه وخرجت الى هنا .. يومان وستكون معه في حفلة زفافه .. تشدقت على ما حدث بينهما من صراخ .. فهو لا يرغب بما تفعله بنفسها .. وهي تكابر بوجع روحها .. لتقنعه بان هذا ما اراده الله .. وهاهي تقف تستمع لضحكات جابر وصراخ هاشل .. وتقترب لتسمع حديث شبيب الهادئ .. لتطل برأسها بعد ان ارغمت نفسها على الابتسام .. واجبرت المرح ان يدخل جنباتها : سلام ..



ليردا السلام .. وتدخل هي تقترب من ذاك الجالس على الارض في وسط المجلس وتنحني تحيه : اخبارك جويبر ..



" الله من جابر لجويبر " .. لتضحك وهي تضربه على كتفه : جويبر وشو فيها .. والا تريد اقولك جبوور ..



قالتها بخبث وادبرت لم تلحظ تعابير وجهه التي اختلطت بشيء من الحزن .. لتجلس بجانب شبيب بعد ان فتح لها ذراعه .. يشدها اليه : اخبار كنون اليوم ؟



قبلت وجنته لتجيب بعدها : بخير .. انتوا شو اخباركم ؟



ارتجف جسدها حين لامست شفتيه وجنتها .. وهمس بعدها : ما تخدعيني ولو حاولتي ..



لتتفجر الدموع دون ارادة منها .. هل جملة بهذا الصِغر كفيلة بان تؤجج ما تخفيه ؟ .. لما يا شبيب تثير في نفسي ما احاول ان اخمده اياما وايام ..



عيناها على ذاك الناظر اليها وقد تغورقت بالدموع ونضحت .. ليقف بصمت تاركا المكان لها ولشقيقها .. اصابعه تمسك بذقنها لينظر الى وجهها .. لدموعها .. لحزنها العميق : الله يكون فعونج ؟ رضيتي بشيء غصب عنج ..



ارتمت في حضنه .. لا ترغب الان سوى بالبكاء .. بكت كثيرا .. وهو صمت وفقط .. لعل الدموع تريحها .. يشدها اليه بذراعه .. لم يشعر الا بصوت يطرق اذنيه .. وتدس هي رأسها اكثر في صدره : الحين يايه تصيحين ؟ عقب ما سكتينا .. ذوقيها يا كنه ..



" منذر " .. صرخ بها بغيض . لا ينطق اسم ذاك مجرد الا اذا فاض به الغضب .. ليردف الاخر دون اكتراث : صيحي يا كنه .. صيحي .. الله ياخذ الحب اللي بيخليني لعبه فيدين غيري .. الله ياخذه اذا بيذبحني فاليوم مليون مرة ..



انسحب من بين كفيها واقفا في وجه خاله : انت شو بلاك داخل علينا بهالشكل .. يعني ما تشوف حالتها وياي تزيدها ..



هي وقعت على النمرقة تغطي وجهها .. لا ترغب بسماع المزيد .. نظر اليها : تحبه وتحط روحها فالنار عشانه .. لا تقولولي مغصوبين .. محد ينغصب ع شيء وهو مب قادر عليه ..



امسكه من ذراعه يرغب باخراجه من المكان .. لينفض كف شبيب ويقترب منها : تحملي اللي سويتيه بايدج ..



انسحب جسده للخلف تحت شهقاتها .. ليقف بعد ثواني خارجا وذاك يسد الباب بجسده : يعني ما يكفيها اللي فيها ياي تزودها عليها بكلامك ..



دون اكتراث ادبر وهو ينطق : هي اللي يابته لعمرها .. خلها تصيح يمكن يموت قلبها عقبها ..



استدار ليعود ادراجه لها .. ليجدها تقف امامه .. تجبر نفسها على الابتسام : كلامه صح ..



تنهدت وهي تبتعد برأسها عن كف شبيب .. لا ترغب بالبكاء من جديد .. لتستدير متخطية جسده : بروح اسلم عليهم ..



تنهد وهو يراها تبتعد .. اتحبه لهذه الدرجة .. واذا وقع هو في الحب يوما .. هل سيكون مثلها .. نفض رأسه من تلك الافكار التي راودته .. عليه ان يترك الحب جانبا .. ان حدث ما تخيله قد يكون ضعيفا .. سيكسر .. ابتسم وهو يضع فكرة الابتعاد عن الحب نصب عينيه .. عاد من افكاره على صوتها الخجول ملقيا عليه السلام .. ليرد عليها ويردف : هلا ببنت عمي .. عاش من شافج .. اظن اخر مرة شفتج يوم طاح علينا جابر ..



وضحك بعدها لتغرق في خجل جم .. هو تخجل منه بشدة .. لربما بسبب قربه من جابر .. تشعر بانه يعلم الكثير عن حياتها مع ابن عمه ذاك ..ابتسمت لترفع وجهها المكتسي بالحمرة : جابر مويود ؟



لا يعلم لماذا تمركز نظره على عينيها .. ايبحث عن الحب فيهما .. هل يرى نظرة كنه العاشقه هنا ايضا .. شعر بنفسه ليغض بصره : دخلي الحين بقوله انج هني ..




ليمر بعدها بجانب الصالة .. يسمع حديث والدته الغاضب الذي تكيله على شقيقته النائمة على فخذ جدته .. تبكي من جديد .. وحديث منذر تعيده والدته على مسامعها بكلمات مغايرة .. طوح رأسه على صوت جدته الزاجر لابنتها .. هو كجدته .. وهي كشقيقها منذر .. وتلك تتجرع المر مرتين .. حث خطاه ليلج الى الصالة الصغيرة في قسمه الخاص .. ويرى ذاك ينحني يلتقط مفتاح سيارته عن ظهر الطاولة .. غير ملابسها الرياضية بثوب اماراتي ابيض وقبعة تهادت على رأسه .. وفي كفه نظارته الشمسية وبالكف الاخرى التقط مفاتيحه : ع وين العزم ..



ضحك بخفة وهو يدنو من شبيب : بغير جو .. لا تنسى اليوم دوام ليل .. يعني خلني استانس شوي فهالعصر ..



" لا تطلع " .. قالها ليرفع ذاك حاجبه : وليش ان شاء الله .. ليكون بتسويلي فيها ولي امري والبيت بيتك .. تراني اشتكيك عند يدتي ..



ضحك .. وبخبث وهو ينظر لعيني جابر : الحب فالميلس يترياك ..


انعقد حاجبيه .. سيذله بالاسم المسجل به رقمها على هاتفه .. رآه بالامس حين لم يكن في المنزل .. ليخبره بان" الحب " اتصل به مرات كثيرة .. ويضحك بعدها ساخرا منه .. تنهد : شبيب ترا حتى لو كان بالي طويل .. بييني وبنفجر فويهك .. لا تمسكها علي ع الطالعة والنازلة ..


بلامبالاة قال : وهي شو مسميتنك ؟



لينفجر ذاك صارخا : شبيييييييب .. تراك زودتها ..



ليدفعه بكتفه من كتفه .. ويسارع ذاك يمسك ذراعه ولا يزال يضحك على عصبية ابن عمه : اقولك الحب فالميلس يترياك ..



سحب انفاسه بغيض .. واستدار ليرى ذاك يحاول ان يكتم ضحكته .. لتفرج شفتيه عن قهقة لا ارادية منه .. فوجه شبيب اضحكه : استغفر الله العظيم .. حتى التعصيب ما اقدر عليه ..



وبجدية اردف : ليلى هني ؟

,,

يـتــبــع |~


♫ معزوفة حنين ♫ 31-03-13 12:55 AM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
لتقف هي على دخوله .. يستدير ليغلق الباب .. ويقترب منها ببرود مصطنع .. ليفاجأ بها تجري وتدفع بجسده للوراء قليلا .. ارتمت في حضنه بعنف .. وتشد بقبضتيها على ظهره .. وبصوت مبحوح : لا تخليني ..


ليبعدها عنه بهدوء .. لينعقد حاجبيها لفعله .. ظنت بانه سيشدها اليه اكثر .. سيحتضنها بعنف .. وسيخبرها بانه اشتاق لها .. نظرت اليه .. الى عينيه : منو اللي خلى الثاني ؟



لا تعذبني يا جابر .. لا تعاقبني بصوتك وبحديثك وبملامتك .. فقلبي اليوم متعب بتعب جميع الايام الماضية .. انا هنا معك .. لا ارغب باي شيء الا انت .. لا تعاتبني بقسوة .. فاني لا احتمل ..


انسكبت دموعها وهو على حاله : جاوبي .. منو اللي ترك الثاني بدون سبب .. انا والا انتي ؟ .. منو اللي كان يتهرب باي شيء عشان ما يسمع صوت الثاني ؟ خبريني ..


شدت على شفتيها : ليش ما خبرتني .. ليش ؟


صرخت بالاخيرة واردفت : سمعتك .. سمعتك تقول لام نوال انك ما تييب عيال .. ليش كنت تضحك علي .. وكل ما اسولف وياك عن العيال تقولي تصبري .. ليش ما خبرتني .. خايف اخليك .. خايف اقولك طلـ


كتم صوتها كفه الذي سقط على فيها .. ليلفح وجهها بانفاسه : حتى لو مجرد كلام ما تقوليها ع لسانج ..


دموعها تنسكب تبلل كفه .. تسمرت في مكانها .. تستطيع ان تبتعد لتبتعد كفه عنها .. ولكنها لم تفعل .. لربما الشوق للمساته اجبرها على التصلب .. لتسمعه وعينيها في عينيه : انا قلت ما فيّ عيال .. ؟ .. قلت اني عقيم يا ليلى ؟


انزل كفه ولا تزال عينيه في عينيها : اذكر كلامي زين .. قلت ...


اقترب برأسه منها لينحني عند اذنها : واذا الريال ما اييب عيال ..


ارتجفت .. خلايا جسدها تراقصت من همساته تلك .. وانفاسها تتضارب في صدرها حتى لتجزم بان قلبها سيقفز من صدرها .. ابتعد ليجلس على الارضية ويستند بظهره على جانب " الكنب الطويل " .. ينظر اليها متسمرة في مكانها .. لينطق بوجع لروحها : شو اللي يابج يا ليلى ؟


ازدردت ريقها .. كل شيء في هذه الساعة وفي هذه اللحظة بالذات يجرحها .. لتهتز شفتيها .. وشهقة خفيفة خرجت من صدرها تكاد لا تُسمع : ام نوال يتنا اليوم .. تقول ان بنتها ناويتلنا ع شر .. ولازم نخلي البيت .. لازم نبعد عن نوال ..


شهقة متعبة خرجت لتطعنه في الصميم .. وهو يتصنع الامبالاة .. ويكابر على شوقه والمه لالمها : نخلي بيتنا ؟ بيت اهلي .. البيت اللي كبرت فيه .


وبسخرية قاتلة لها : والا هو عذر وبس .. قولي انج تبين بيت باسمج ..



قاسي يا جابر .. ولم اعهدك هكذا يوما .. اجل اخطأت واعترف .. لكن لا تقسو .. ارجوك قف وتعال هنا امامي .. انظر الى وجهي والى عيني .. انظر الى وجع نفسي كيف ارتسم على ملامح وجهي الهاربة .. متعبة يا جابر .. واشعر بان هناك ما يشدني بقوة .. دوامة لا نهاية لها ..



سحبت انفاسها لتستدير تنظر اليه .. ليبعد نظره عن وجهها .. وثغرها سرعان ما اغلقته بعد ان ارادت ان تنطق .. كبلها بصوته : لو انتي اللي ما فيج عيال .. بخليج ؟


ابتسمت بشحوب : سامحني .. يومها فهمت انك تقول ..


وقف وهو يخرسها بكفه التي وجهها لوجهها : بس .. باين انج ما عرفتيني زين يا ليلى .. والا دلعي لج وحبي خلاج تتمادين .. بجاوبج ع سؤالي .. لو انتي العاقر ما تخليت عنج يا بنت عمي .. ما بكون ريال اذا سويتها .. بس


يوخز صدعها بسبابته اليمنى ويردف : هذا ما تفكرون فيه ..


طأطأت رأسها وسحبت انفاسها بعنف : احبك .. لا تخليني .. جابر .. انا .. انا ..



انعقد حاجباه على اثر صوتها المتقطع .. يشعر بشيء غريب .. هناك شيء ما اجبره ليستدير لها بعد ان ولاها ظهره .. تقف وهالة سوداء تحيط بها .. الظلام يمتد ويمتد .. والهواء يبتعد .. بل انه يهرب مسرعا .. وثقل غريب يشد رأسها الى القاع .. والم غريب يتسلل من قدميها لساقيها .. لصدرها المكتوم .. لتنهار بين كفيه .. وصوته يبتعد .. سمعته يصرخ باسمها .. وبعدها تزاحمت الحروف وتباعدت في آن .


,,

هنا اقف وموعدنا مع الزفرة 20 يوم الثلاثاء باذن الله ^^

♫ معزوفة حنين ♫ 31-03-13 12:55 AM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
وبس هذا اخر مانزل امسس ..

fadi azar 31-03-13 12:32 PM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
رائعة جدا اخيرا يحست ام نوال بخطاها بس بعد ما علقت نوال بجابر الله يستر من نوال فهي حقودة وانانية
اتمنى كنة تطلب الطلاق من فارس لاني اعتقد انه لا يستاهل حبها لو كان العقم منه كانت عاشت معه وصبرت هي سوف تندم على بقائها معه لان الالم يسبب الكره على المدة فالافضل الانفصال قد تلاقي شخص يحبها وهي تنس فارس

♫ معزوفة حنين ♫ 04-04-13 12:17 AM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
فسحة هدوء كل ما يحتاجه المرء ليعيد توازن نفسه .. وترتيب افكاره .. ومجابهة العيون .. ولربما مجابهة الالسُن .. يختنق بالاحداث التي تلت وفاة خالد .. كيف لحادثة ان تقلب موازين عائلات كثيرة .. عائلته .. شبيب ومن بعده شامة ومن ثم كنه .. وكأن خالد ذاك كان العقدة الواصلة اواصر الهدوء والسكينة في حياتهم .. هل لشخص مثله ان يكون مهم بهذا الشكل ؟ .. تنهد وهو يسحب قنينة " اورنامين سي " أخرى من الصندوق الذي بجانبه .. وهناك امامه ثلاث زجاجات قد فرغت وكان الرمي على الثرى مصيرهن ..




سبابته تعانق الغطاء ليثنيه وينتزعه .. ليصدر صوت تنفس القنينة من ضغط كان بها .. ودخان ابيض تصاعد من فوهتها ثانية وهدأ .. لينفض سبابته ويسقط الغطاء جانبا .. تنهد وهو يرفع ذراعه ليلثم فم الزجاجة الصغيرة .. يتلذذ بالطعم الذي يعشقه ويبدو انه أدمن عليه دون ان يشعر .. ذراعه اليسرى متدلية من على فخذه امامه .. هدوء غريب يكسوه .. وصوت هواء يأرجح قمم الاشجار السوداء.. لما يجلس في هذا المكان بالذات ؟ ألأنه بعيد عن اعين البشر؟ .. او لأنه هُجر وصرخت فيه الجدران مطالبة بالاُنس ..




تنهيدة انطلقت من صدره مجلجلة .. تنبأ عن معركة طاحنة بين اضلعه .. وومضات ماضي تترآءى امام ناظريه .. وجمل تضرب جدران عقله الساكن لتوقظه على حادثة آفلة منذ سنوات خلت ..


" مسوي فيها ريال ؟!" صوته الحانق حرقه في تلك الساعة .. ولا زال يحرقه الوقع الذي كان .. وهو يقف احتراما لذاك الصارخ امامه .. يشد جذعه بألم .. يشعر بأن ظهره واكتافه ورقبته من الخلف يتأوهون .. يرغبون بنزع الثوب الملطخ بقطرات الدماء .. وهو صامد مرغما .. احتراما فقط .. وصامتا على قهر وغل ورغبة بالصراخ بانه لم يفعل ما يقولونه .. ولكن عرق " الشهامة " كان ينبض بشدة .. يسكته ويدوس على لسانه حتى تكسرت الاحرف .. فصمت ..




" لا بارك الله فيك من ولد .. هذي سواه تسويها .. يا ويلي ويا ويل ابو عيالي من الفضيحة " .. وضربة بكفيها على صدره .. ترجعه للخلف مترنحا .. وكتم صرخة وجع من التصاق ثوبه من جديد على جراح ظهره .. وايضا صمت .. من جديد احتراما لتلك الصارخة في وجهه بعد صراخ بعلها الغاضب ..




نفض رأسه من تلك الاصوات الغاضبة .. ليرفع الزجاجة ويكتشف انها فرغت هي الاخرى .. ليرميها وتصطدم باخواتها الخاليات .. وينتشل أُخرى .. عقله غائب عنه .. واحداث ذاك اليوم المهين لكرامته يعود ضاربا حاضره بقسوة .. لقد نسي ما حدث .. لقد نسي كل شيء واعاد ضحكاته ومزاحه الى روحه من جديد ..



لا هو لم ينسى .. هو تناسى فقط .. وتعود اصوات أخرى تخترق هالة الصمت الدفين .. وقد اشير اليه بالبنان يومها .. وصوت لن ينساه ينطق ببكاء غريب : هو .. هو اللي هجم علي ..



وصراخ لم يعد يتذكره .. يتذكر جُمل مشتته " ان ما ربوك بربيك " . . " يالهيس تتعدى ع حرمة بيتي وانا فيه " .. وتكبيل كفيه على جذع شجرة النخيل .. يشد اليه حتى التصق صدره بجذعها الجاف .. ووجع يقطع ظهره النحيل يومها .. لا لم يفعل ؟ كان يصرخ بها ويقسم بانه لم يفعل .. كان سينطق .. سيخبر بما كان حقيقة .. ولكن صمت .. كانت الشهامة من جديد .. تبا لها من شهامة تضع الرجال تحت جلدات " العقال " .. كان رجل .. هو يقسم انه كان رجل حينها وليس مراهقا ..



ازدرد ريقه بمرارة وجع لكلمة كانت اجابة له بعد شهور من تلك الحادثة .. فرحا كان يومها .. يظن بان ذاك نسى كما تناسى هو ما حدث .. ليقف بفرح : بسافر ..



" درب تسد ما ترد " .. قالها وقام من مكانه .. يكرهه .. يشعر بذاك الكره يستوطن ملامحه .. تنهد وهو ينظر اليها : ما بتقولين شي ؟




ابتسم بسخرية على ذاك الموقف .. ليقطب حاجبيه وهو يتذكر يد صغيرة على ظهره .. وشهقات مكتومة يسمعها جيدا : لا تصيحي .. وبعدين منو قالج اتين الحجرة ..



فقط الشهقات يومها .. يتحامل على وخزات ذاك الدواء الذي تضعه على ظهره بكفها الصغير .. تنهد .. ولا تزال كفاه اسفل وجنته .. ووجهه بعيدا للجهة الاخرى : شو اللي تحطينه ع ظهري .. تراه صار يحرقني اكثر عن قبل ..



" كركم وملح " .. وصمتت .. بكاءها مؤلم له .. لن ينظر اليها .. سيدعي النوم رغم وخزات ذاك الدواء على ظهره .. لن ينظر لوجهها .. ولن ينطق .. فقط سيصمت حتى تخرج ..



سحب انفاسه وهو يحرك يده في الصندوق بجانبه .. ليلتفت .. وضحك بسخرية .. ونظر بعدها امامه .. شرب ست زجاجات من ذاك الـ " اورنامين " دون ان يشعر .. لما الآن تعود تلك الحادثة ؟ .. لما تلك الجمل تتبعثر في ذهنه من جديد ..



شبك كفيه ورفعهما اعلى رأسه يشد بهما جذعه .. كما لو قام من نومة طويلة .. وسرعان ما قبعا خلف رأسه ليضحك .. هو هكذا يضحك حتى وان كانت الذكريات مؤلمة .. سيضحك فحزنه لن يغير ما حدث .. اغمض عينيه لبرهة وتمتم : ما تستاهل ..



ليفتحهما على صوت ذاك الواقف خلفه بخوف : يا بيه عاوز تتعشى معايا ؟



ابتسم .. قلبه يبتسم .. لعله يحتاج ليتحدث مع شخص لا يعرفه .. ليقف وينفض ثوبه من غبار التصق به : ليش لا ..



نطقها واردف وهو يمشي بمعية عبد الغفور : مستانس ويانا يا عبد الغفور ..



جلسا متقابلين وصينية مستديرة بينهما .. قبع عليها صحن " فول " قد غرق بالسمن البلدي كما يقول عبد الغفور .. وخبز قد اشتراه منذ ساعة من الـبقالة القريبة .. ونصف دجاجة مشوية .. وخضار مختلفة .. وايضا صحن وقع نظر منذر عليه مطولا .. وهو يسمع رد عبدالغفور على سؤاله : الحمد لله يا بيه .. الاستاز شبيب مش مخليني محتاج حاجه .. ربي يديله طولت العمر ..



رفع رأسه سائلا : شو هذا يا عبد الغفور ..



" ملوخية " قالها وضحك .. واستطرد : باين انها مش كويسه .. بس كان نفسي فيها ..



وضحك بقهقهة اضحكت منذر .. وبعد مد الايدي .. كان هناك صمت يتخلل حركات الاكف .. وتردد من قبل ذاك المغترب عن اهله .. لينطق وهو يزدرد ريقه : الا الاستاز شبيب فين ؟ صارله اسبوع مامرش ولا سأل ؟



رفع ذاك نظره وبين اناملة قطعة خبز استقرت في صحن " الفول " .. ليكف يده بما فيها .. يشعر بان ذاك القابع امامه يخفي امر لا يرغب بالبوح به : بخير بس مشغول شوي ..



يلوك اللقمة ويلتقط كوب الماء من يمينه يرتشفه : في شيء يا عبد الغفور ؟ ناقصك شيء ؟



" لأ يا بيه " .. وصمت .. ثم اردف : كنت عاوز مرتب الشهر والشهر اللي بعده .. مزنوق حبيتين .. بنتي ع وش جواز ..



تمتم بالحمد وقام واقفا : الله يعطيك العافية ع الاكل الطيب ..وسامحني ما اكلت من ملوخيتك .. ما استصغتها ..



وضحك وهو يستغفر .. فتبقى نعمة من نعم ربه .. وغاب عن المكان دقائق .. ليعود يقف امام باب غرفة عبد الغفور مناديا عليه .. ليأتي له وهو يمسح كفيه المبتليين بجانب ثوبه .. ويسأله ماذا يريد منه .. ليدس ذاك كفه في جيبه .. ويخرج قبضته .. يسحب كف عبد الغفور ويضع بها بعض النقود ويشد عليها : هذا مني .. ولا تعلم حد ..



كلمات الشكر والثناء غمرت المكان من ثغر ذاك الرجل .. ليفتح كفه حين ادبر منذر .. وعيناه تلتقفان الألف .. والثاني .. وحتى الرابع .. ليهرول لاحقا به : يا بيه .. استاز منزر ..



وقف قبل ان يصعد سيارته : خير يا عبد الغفور .. صاير شيء ؟



يمد بكفه له : كتير يا بيه ..



يعود يشد على كف عبد الغفور ويهمس بخفوت : يعلها دفاعة بلا – اردف بنبرة اعلى – اعتبرها هدية الزواج ..



ابتسم له .. وودعه .. وانطلق مبتعدا بسيارته .. يشعر بان امواله لا يجب ان تبقى معه دون حاجه لها .. هو هكذا .. يعمل ويكسب ومن ثم يساعد بما يستطيع .. في الخفاء دون علم احد .. لا يرغب بالمدح .. لا يرغب بكلمات الثناء .. فقط يبحث عن الراحة خلف ما يفعل ..

,,



يشعر بالراحة تتسلل اليه .. ينحني قليلا بجذعه ليرى نعله .. ومن ثم يدس قدميه .. اليمنى ثم اليسرى .. لا ينسى الاقتداء ببعض افعال النبي صلى الله عليه وسلم .. ووقف يرد التحيه لمن قدم متأخر للمسجد .. مشى متوجها لمنزل شبيب القريب .. ولا يزال يرى وجهها الشاحب بين كفيه .. حين سقطت صرخ باسمها .. حاول ان يوقظها من اغمائتها بالربت على وجنتها .. لكن دون فائدة .. وسرعان ما امتدت يده لـ " شيلتها " يفكها عن رأسها .. يرغب بان تكون مرتاحة لعلها تستفيق ..


ضحك كمجنون يحدث نفسه .. اضحكه ما فعله بشبيب حين دخل عليه المجلس سائلا ماذا حدث .. ليصرخ به طاردا اياه من المكان .. طوح برأسه .. وبعدها انعقد حاجبيه .. هل هي بخير الآن ؟ كانت متعبة وجدا .. حين حملها على ذراعيه مُصرا على اخذها للمستشفى .. لتتعلق به كطفلة صغيرة خائفة .. ترتجيه ان لا يأخذها .. لا تحب المستشفيات .. حث خطاه على عجل .. يريد ان يصل اليها بسرعة ..




رفعت جذعها بتعب بمساعدة كنه .. هي على سريرها الآن .. لا تزال تسمع تمتمات الخوف من شمسة ومن الجدة وايضا من شامة .. بالرغم من تعبها الا انها شعرت باختلاف في تصرفات تلك الشابة .. كان هناك تفاعل غريب لم تعهده ..


ابتسمت حين نطقت كنه : بشو حاسه الحين ؟


ابتسمت بتعب .. وهزت رأسها : احسن ..



سحبت انفاسها وتلك تنظر اليها بخوف لتهمس : لتكوني ..



وصمتت حين انعقد حاجبا تلك .. وطوحت برأسها نافية .. فـ دورتها الشهرية منذ ايام غادرتها : لا .. من كم يوم مطهرة ..



وبالحاح غريب : كيف كانت .. مثل كل مرة .. والا خفيفة .. ترا مرات الحامل ما تنتبه ودورتها تنزل عادي وبعـ ..



قاطعتها تلك بامتعاض : كنون لا تسويلي فيها ام العريف .. انا مب حا..



صمتت هي الاخرى على دخول شامة وبيدها صينية صغيرة .. تبتسم .. تأكدت الان بان تلك مختلفة وجدا .. وضعت الصينية على طرف الـ"كوميدينة " .. ونطقت : امي مسوية شوربة .. صبتلج منها .. تقولج اكليها كلها والا يا ويلج من جابر ..



وبعدها ضحكت بخفة .. واتخذت لها مكاناً على طرف السرير الاخر .. لتسحب كنه الصينية وتضعها على جانب ليلى المستلقية .. وتبدأ باطعامها .. لتتمنع باشاحة وجهها : كنه ما اريد ..



" لتكوني .. " .. وقبل ان تكمل شامة جملتها صرخت ليلى : لا ..



لتلتفت على صوت هاشل الداخل عليهن من الباب الموارب : جابر ليش واقف هني ؟ ..



سؤال ذاك الصغير ارجفها .. لقد سمع الحديث .. طأطأت رأسها بخجل وتمتمت : اسفه شيوم .. بس نفسيتي تعبانه ..



ابتسمت وقامت واقفة : ولا يهمج – وجهت حديثها لكنه – خلينا نطلع اكيد جابر يريد يطمن عليها ومستحي يدخل ..




يخجل ؟! .. لا يا شامة ليس خجلا فهذا منزله .. وانتي اخته .. هو فقط يعاقبني بقسوة .. يقتلني دون ان يشعر .. لا ترحلا .. فاني اضحيت اعشق عدم الاختلاء به في هذه الايام .. لا ارغب بكلمات الجفاء .. ولا ارغب باحرف العتاب الضائعة بين قلبين .. اعشقه .. وما حدث اسبابه مجهولة .. بدأت اجهل حبي له ودرجاته .. من فينا يحب الاخر أكثر .. هههه هل سابدأ بالغناء الآن .. وساقول " اختلفنا من يحب الثاني اكثر " .. آه كم ان هذه الابيات لها من ما اعانيه الكثير ..




ارتجفت حين لمس كفها .. احتضنها بكفيه الكبيرين .. لم تشعر به .. متى دخل ومتى جلس امامها .. ومتى خرجتا .. ازدردت ريقها .. واخفضت وجهها .. لا ترغب بالنظر في عينيه .. نظرات الملام ستقتلها .. لا تزال كلماته الباردة تطن في اسماعها ..



كان في عينيه خوف عليها .. لا يوجد عتب .. ولا يوجد ملام .. كل ما هنالك حب عميق جعله ينسى قسوته .. ينسى كُل شيء .. هي ستبقى مدللته الصغيرة .. زوجته .. وخليلة روحه .. ربت على ظهر كفها .. فرفعت نظرها اليه .. وابتسامة جزع تمردت على شفتيها : شو فيج يا ليلى ؟



سؤال عقيم يا جابر .. اسألها ما ليس بها .. هي متعبة .. كارهة لنفسها .. ترى الحب في عينيه .. تحاول ان تبحث عن القسوة التي كانت فلم تجدها .. تنهدت تنهيدة خافتة .. وعادت تطأطأ رأسها .. تحرك بجلسته للامام قليلا .. ليرفع وجهها بانامله من ذقنها .. يتأمل وجهها الشاحب .. هل يعقل ان تكون حامل ؟ .. ابتسم في خفاء .. لا يعقل ابدا .. ليس في هذا الوقت وبعد تلك الزائرة التي يحفظ موعدها : ليش ما تبين اطالعيني ؟



بعثرت نظراتها .. وكأنها تهرب منه ومن تلك الاسئلة : ليش ما رحت دوامك ؟



تذكر .. انها تذكر مواعيد عملي .. لم تنسى .. لا تزال تهتم ..

انفرجت شفتيه بابتسامة .. لينحني بجذعه ليأخذ وعاء الحساء .. سيطعمها بيده .. احست بغثيان من رائحة عطره .. قريبا منها كان .. تراجع لينطق : بتاكلين الشوربة ومن ايدي ..



لاحظ الامتعاض على وجهها فاردف : شفيج يا ليلى ؟ انت مب طبيعية ..



اعاد الوعاء وقام واقفا : باخذج للمستشفى .. قومي ..



تعلقت فيه : لا .. ما اريد .. جابر انا تعبانه ..



سحبت نفسا عنيفا وزفرته باجرام امامه .. جعله يجلس بجانبها .. يشدها الى صدره : خايف عليج .. ومن حقي اتطمن ..



- اخاف يطلعون في مية علة وعلة .. ما احب ..



شدها اليه اكثر .. وكأنه يحتوي ضعفها الظاهر له .. وضحك بخفة .. يتذكر خوفها من الابرة .. لربما هذا سبب خوفها من المستشفيات بشكل عام .. سحب انفاسه : اذا تبينا نخلي بيتنا وناخذ بيت ع قدنا وقريب من اهلج تسمعين الرمسة ..



ستفعل أي شيء يا جابر فقط لتبتعد عن نوال .. ابتعدت عن صدره .. وبشحوب غريب : بتخلي بيتك ؟



زم شفتيه : البيت كبير .. واايد كبير .. وبعدين ما بخليه بس بنبعد عنه كم شهر الين ترتاح نفسيتنا ..



فجأة قال بفرح : شرايج نسافر ؟



قطب حاجبيه قبل ان تنطق واردف : بس تسوين اللي اريده .. واولها تشربين الشوربة كلها .. وتتعشين وترقدين .. وثانيها من الصبح اخذج للمستشفى تسوين تحاليل واطمن عليج .. ثالث شيء اذا صار اي شيء ..



وهنا رفع حاجبه وبنبرة فيها تهديد اردف : اذا صار اي شيء تخبريني فيه .. ما اريد زعل مني والدرب وانا مثل الاطرش فالزفة ..



لا تعلم لماذا ملامحه في هذه اللحظة ادخلت السرور اليها .. فضحكت .. وكتمت ضحكتها وقالت : ان شاء الله ..

,,

يــتــبــع |~


♫ معزوفة حنين ♫ 04-04-13 12:17 AM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
كل ما يدور هنا كان بعيد عن ما يدور هناك في غرفة شمسة .. التي وقفت على دخول والدتها .. تتبعها بنظراتها حتى جلست مستندة بظهرها على صف النمارق القصير في غرفة شمسة .. التي نطقت : خير ياميه .. اشوفج فحجرتي ؟


نطقت تلك بعنف : من وين بيي الخير يا شموس .. خبريني من وين بيي ..


برعب اقتربت وجلست على ركبتيها امامها : شو مستوي ؟


لتهز تلك العجوز عصاها بجانبها : طايحة فالبنت هذا ما يصير وهذا ما يستوي .. مب انتي اللي قلتيلها تردله .. والا الحين يوم شفتيها تتعذب حطيتي عليها .. كان من الاول هالكلام .. من يوم ما درينا انه بيعرس مب الحين والعرس عقب باكر .. عمرج يا شمسة ما بتحسين بضيم بنتج .. عمرج ..



تكلمت تلك العجوز بسبب وجع طالها سابقا .. لا احد سيشعر بالم كنه الا من عاشت عذابات الامر نفسه .. قالت تحاول ان تبرر كلامها القاسي : بس ياميه مب عقل هذا .. تروح عرسه .. الا ينان وخبال بعد ..


-
خليها ..


واردفت وهي تقف بعد ان ردعت ابنتها عن مساعدتها .. تتوكأ على عصاها الغليظة : البنت مويوعه .. والعقل ساعة الويع ضايع .. يايتنج تريد منج كلمة زينه .. واذا ما عندج هالكلمة لا تتكلمي ..



وخرجت .. لتراه واقفا .. سمع ما قالت .. وكأن الحديث من فيها كان له .. هو ايضا قسى على تلك المتوجعة .. نظرت اليه طويلا .. طويلا جدا .. شعر بتوتر يغزوه .. لما تسمرت انظار تلك العجوز الكارهة له على وجهه بهذا الشكل .. بلع ريقه وبعثر نظراته .. هي عايشت تلك اللحظات التي داهمته منذ ساعة .. هي تعلم بوجعه هو ايضا .. لا يعلم لماذا عادت الذكرى من جديد .. لتحمل حديث غاب عنه .. لربما لانه لم يصدق ما يسمع يومها .. ومنها هي .. تعود الجمل تتراص في مسامعه وكأنه يسمعها الآن : لا تظلمونه .. ما هقيت منذر يسويها .. منذر مب ياهل ما يعرف الصح من الغلط .. ولا هو من شين الفعول .. غير ان البنات صاير من وراهن بلاوي ما يعلمها الا رب العباد ..



ابتسم لها .. يرغب في هذه اللحظة ان يقترب منها ويقبل رأسها .. يرغب بان يقول لها : صدقتي ياميه ..



ابتعدت عن المكان بتعب جسد تقدمت به السن .. وهو تنفس بعمق .. ليحث الخطى يبحث عن تلك التي قسى عليها .. يسمع صوتها في غرفة شقيقتها .. كانت هناك معها بعد ان خرجتا من غرفتها .. لتجلس معها على سريرها .. وكأنها تحاول الابتعاد عن التفكير في ذاك اليوم القادم مسرعا .. تستمع لحديث شامة : سوتلي سالفة اليوم .. لانها اتصلت وانا بعدني ما صليت الظهر .. والله يا كنه رقدت بدون ما احس وراحت علي .. وعشان اللي صار قالت من باكر بتعطيني ساعتين ..


ابتسمت : يعني انتي ما تبين هالساعتين ..


صمت تهادى في المكان لثواني .. فاوقفت تهاديه قائلة : اممم ما اعرف .. من عقب ما عرفت انها ..


استغربت سكوت شقيقتها .. مالذي عرفته عن تلك الطبيبة .. لتحثها للمواصلة : عرفتي شو ؟


بنبرة مندهشة اجابت : تلبس عباة راس وتتنقب .. قالتلي ان المتاعب النفسية اكثرها بسبب البعد عن الله .. هذا اذا ما كانت كلها ..


ربعت ساقيها وشدتهما اليها بحماس واردفت : تعرفين بديت اصدقها .. من ذاك اليوم وانا اصلي كل صلاة بوقتها .. وبعد مب اي صلاة .. اكون هادية ما افكر في اي شيء وانا ع السيادة .. قالتلي اذا حطيت ريولي ع السيادة ووقفت .. اتخيل اني واقفة والله من فوقي يطالعني ..


لا تعلم لماذا شعرت بشعيرات جسدها تقف .. ربما هو الخوف من الله .. او من انه يراقبها .. وانصتت لتلك المستطردة : كل ما اتذكر كلامها احس برجفة . واغيب عن الدنيا الين اخلص صلاتي ..


تنهدت وتابعت : بديت احبها ..


الطرقات الخفيفة على الباب المفتوح جعل انظارهما تتوجهان اليه .. وقف بابتسامة طالبا من كنه ان تذهب معه .. لم تلحظ ان ابتسامة شقيقتها غابت حين دخل .. غابت خلف سواد ما حدث لها بسببه .. لتنزل ساقيها وتحث الخطى لتغلق الباب .. ترغب ان تكون وحدها ..



تمشي من خلفه وكأنها مغيبة عن الواقع .. لعل حديث شامة القصير ابعدها عن الكثير من الافكار السوداء .. تنهدت ورسمت ابتسامة جافة على شفتيها .. حين وقف في وسط المجلس .. لا احد هنا .. الجميع في المنزل .. وشبيب في عمله .. سحب انفاسه واستدار لها .. سيعتذر .. هذا ما كانت تخاطب به ذاتها التي عادت لتعبها .. حين طال الصمت قالت : منذر .. بغيتني فشيء ؟


بحركة مفاجأة لها اقترب منها وقبل جبينها وفقط .. عاد ليصمت .. ومرة اخرى تتفاجأ به يمسك كفيها يتأملهما مطولا .. ماذا به ؟ هل جُن ؟ ام هي في حلم لا تعلم متى سينتهي ؟ .. امالت برأسها قليلا .. تنظر اليه .. وجهه الطويل يذكرها بوجه فارس .. ابتسمت على هذا التشبيه الاحمق ..فوجه فارس نحيل ووجه منذر ممتليء قليلا .. اعادة راسها للاستقامة حين رفع عينيه : ما نسيت اللي سوته هاليدين لي .. ما نسيت ..


عما يتحدث ؟ لماذا اشعر بالضياع ؟ هل انا اهلوس .. ام ان ذاكرتي تلاشت ؟ مالذي فعلته هذه اليدين سوى انها حكمت على القلب بالموت مئات المرات .. لا .. بل ملايين المرات .. اخبرني يا منذر ماذا فعلت حتى لا تنسى .. ماذا بك ؟ او لعل السؤال الاسلم .. ماذا بي أنا ؟


-
سامحيني .. قسيت عليج .. بس من النار اللي في .. انتي غير يا كنه .. وما تستاهلين اللي يصيرلج .. يمكن لاني مب قادر اسوي شيء صرت اقسى ..


عادت ابتسامتها لوجهها .. وبمرح استغربه هو قالت : عادي .. وبعدين اعرف ان كلامكم من ورى قلوبكم ..



كما هي .. تصرفاتها مع ذاك القابع بجانبها في سيارته ليست من قلبها .. ترغب لو تخفيه عن العالم اجمع .. ان تسجنه وتبقى هي على باب السجن حارسة .. نظرت اليه صامتا .. لم يقل شيء منذ ان جاء ليقلها من بيت اهلها .. تنهدت حين توقف في فناء منزله .. بالقرب من باب قسمه .. وقبل ان تترجل امسك بيدها .. نظر اليها ..

ارغم الشفاة ان تبتسم : كنه .. اقدر اطلب منج طلب ؟


قلبها يعتصر .. قد يخبرها ان تتركه وتعود الى منزل اهلها غدا .. او ربما يخبرها بانه سيبتعد من بعد الزواج ولن تراه الا بعد ايام ولعلها اسابيع وربما تصل الى شهر .. ابتسمت بوجل : عيوني لك ؟


رفع كفها ولثم ظاهره .. وتأمل اناملها النحيلة .. وبعدها رفع نظره لها : لا تحضرين العرس ..


فاني سأٌقبل جبين أمرأة اخرى .. والمس كف امرأة اخرى .. وسابتسم لغيرك .. فاني سافعل الكثير .. لاجل اُمي .. ولاجل الناس .. ولاجل فتاة لا ذنب لها .. لستُ ممن لا يراعون مشاعر الاخرين .. ومشاعركِ فوق الجميع ..


لا تعلم لماذا ابتسمت .. ووافقت .. وكأنها كانت تنتظر هذا الطلب في هذا اليوم بالذات .. لانها ايقنت بان عنادها سيقودها للجنون .. ليست قوية .. ليست كما تدعي .. وهو يعرفها جيدا ..




,,

جميع من حولها تراهم ينظرون اليها بنظرات تكرهها .. وحتى الهمسات تشعر بانها عنها .. اضحت مهوسة بما يحدث .. ولعل حديث نادية يريحها قليلا .. بان سوسن ما ان تتخرج ستسافر .. ستعود الى بلدها الاصل .. الى ايران .. عقدت حاجبيها .. فهي لم تكن تحبذ فكرة ان تكون صديقة لها يوما .. ولكن تلك الفكرة ارتسمت واقعا .. وتكسر الواقع على جنون الغرور والنرجسية العقيمة التي تمتلكها .. تنهدت وهي للمرة الرابعة تقرأ ذاك السطر في ذاك الكتاب بين كفيها .. لا تستطيع استيعاب المعنى ..



تجلس على احد الكراسي الخشبية الطويلة .. تحت ظل احد مباني الجامعة .. ترى تحركات البنات .. لاول مرة تشعر بغصة في جوفها .. هي كانت انانية .. فقط ترغب بان تكون الدائرة عليها فقط .. تجرح بالكلام كثيرا من باب انها افضل .. عادت ذاكرتها للوراء قليلا .. بعد انقطاع اواصر الصداقة باسبوعان .. حين سمعت على التلفاز برنامجا يتحدث عن ما كان بها .. وحديث الرسول الكريم لا يزال يتردد في عقلها .. " لا فرق بين عربي ولا عجمي الا بالتقوى " .. اذا هي لماذا كانت ترى نفسها مختلفة .. ترى من هم ليسوا من جنسيتها اقل منها .. تنهدت من جديد واغلقت الكتاب .. لن تستطيع ان تدرس في هذا المكان ..


سحبت حقيبتها المتوسطة الحجم لتدس فيها كتابها .. وتنتزع نظارتها الشمسية لتردفها على عينيها .. ستعود للمنزل .. وبعدها ستعود للجامعة لمحاضرة الساعة الخامسة .. وقفت وهي تخرج هاتفها تتأكد من الوقت .. الساعة الثانية ظهرا .. هناك ثلاث ساعات طوال باقية ..


حثت خطاها لتخرج من البوابة .. فكرها شاردا بعيدا .. تفكر كثيرا في سوسن في الاونة الاخيرة .. تذكر بانها تكره والدتها .. ولا ترغب بالعودة الى بلدها .. ولكن اقامة والدها لن تُجدد .. هذا ما سمعته ..


وصلت سيارتها وركبت وقبل ان تغلق الباب تفاجأت بالجسد الذي رمى بنفسه على الكرسي بجانبها .. شعرت بالخوف مع الغيض .. شعور مزعج اصابها .. تضاربت معه دقات قلبها لتصرخ : شو اللي يالس تسويه يا سلطان ..


-
اريد اتكلم وياج .. وانتي ما اتصلتي ولا رديتي ع رسايلي .. قلت اييج بروحي ..


الصقت ظهرها بالباب .. وكأنها تبتعد عنه : والله ؟.. تباني اتصل فيك .. واكتبلك رسايل حب وغرام .. احنا وين عايشين يا سلطان .. ترضاها ع خواتك .. ترضا يتكلمن وييا ريال غريب تلفون .. او يراسلنه ..


نظر اليها .. يحاول ان يرى عينيها من خلف ذاك الزجاج الداكن : انا ولد عمج ..


رفعت حاجبها واردفت باستهزاء : ما شاء الله – تابعت بجدية – يعني مب محرم لي .. يعني انسان غريب يا سلطان .. والا دراستك برع وامريكا خلوك متحرر .. انت عايش هني وسط ناس تربوا ع عادات وقيم .. مب ع حب وخرابيط .. وتربيتي ما تسمحلي اكلمك .. لانك تبقى غريب علي.. فياليت تنزل ..


شعرت بالخوف من نظرات الاستحقار التي اخذ يبعثرها عليها .. ما به ؟ هي لم تخطئ .. ولن تخطئ معه في حبه الذي لا تعلم صدقه من كذبه حتى الآن .. تمالكت نفسها المتوجسة واردفت باصرار : انزل من السيارة ..


ابتسم : احبج يا مها ..


شعر بانفاسها المضطربة .. شعر بان هناك شيء ما في داخلها بدأ يلين من جملته تلك .. فاردف : اخر الاسبوع برجع اخطبج يا مها .. ومتأمل خير .. تدرين نقلت شغلي هني .. عشان اكون قريب منج ..


وبنبرة استشعرت فيها الصدق : لا تكسريني يا مها .. لا تكسريني ..


وابتعد عن المكان .. لتتردد تلك الجملة مرارا في ذهنها .. ولا تزال انفاسها تخرج مرغمة .. وكأن بها تجري دون هُدى .. اغمضت عينيها وتمتمت : اللهم لا تكلني لاحد سواك .. اللهم انر بصيرتي ..

وتمتمت بعدها بـ العياذ من الشيطان .. وتلتها بالاستغفار .. غريب ذاك السلطان .. وضعيفة هي في هذه اللحظة ..



,,

ضعف مها كان مختلف عن ضعف ذاك العاشق المعذب .. يجلس متكأ وبين كفيه صغيرته .. وبيدها قلم اسود اخذته بشغب من بين اوراقه في غرفته .. وكفها الصغيرة تمسك بكفه الضخم بالنسبة لها .. وترسم .. خطوط متعثرة ببعضها .. وتنطق ببراءة : بثويلك حنه مثل خالوه ..


ضحك ضحكة خفيفة واجابها : اوكي ..


وعاد بنظره على التلفاز .. وتلك تنظر اليه .. تعلم بانه موجود معهم بجسده فقط .. بحجرها صغيرها .. تهز ساقها لينام .. وقد استقر بين اناملها كيس " شيبس " تقضم منه بقهر مستفحل فيها .. حتى وان كان ذاك السالم باردا معها .. فهي ستشعله وستقهره .. هي تستطيع ان تفعل ذلك .. نظرت الى والدته التائهة في بحر افكارها .. وبيدها تتحرك مسبحة ذات حبات خضراء .. قالت وهي تمضغ ما في فمها : عمتي .. بتروحين العرس باكر ..


انعقد حاجبيه على سؤالها .. وشد قبضته حتى صرخت ابنته : بابا .. افتحها ..


قضم غيضه ولبى طلب ابنته .. وعلى جمر ينتظر رد والدته .. لتنطق : عرس منو ؟


التفت لا اراديا لها .. والدته مختلفة .. تخيفه بجمودها .. وبسرحانها المتواصل .. لتنطق تلك مجيبة : عرس عيال المرحوم خميس .. عيال ام فارس .. مب زين ما نروح وواصلتنا بطاقة منهم ..


بغيض قال : اكلي بعيد عن ولدج .. عن يطيح شيء فعيونه ..


هي كانت تقضم قطع " الشيبس " جانبا .. ولكنها علمت بان ثورته تلك من الحديث عن الزواج المنتظر .. لتبعثر الكلمات : ليش ما تشوف .. تراني اكل ع صوب ..


واردفت : شو قلتي عمتي ..


-
مب رايحة .. واذا ع ام فارس باستسمح منها ..


وقامت من المكان .. لينظر لكنة الصغيرة الضاحكة : ثوف ثوف .. حلو ..


وبعدها قالت : بابا نلوح الالعاب ..


وكأن طلب صغيرته جاء في وقته .. ليبتسم ويقبل وجنتها : باكر نروح فالليل ..


الكلمة الاخيرة شد عليها .. وكأنه يخبر تلك بانه لا يهتم .. لن يهتم .. ولكن دون ارادة منه يرى افكاره تسحبه اليها .. كيف تكون الآن ؟ لعلها تبكي .. او لعلها لا تستطيع البكاء من قسوة الامر .. عاد لسراحنه خلف اسألته عقيمة الاجوبة .. لم يشعر بذهاب صغيرته مع والدتها .. لم يشعر ببقاءه وحيدا في المكان .. ولم يشعر بان تلك الافواه في التلفاز لم يعد يعي ما تقول ..

,,

يــتــبــع |~


♫ معزوفة حنين ♫ 04-04-13 12:18 AM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
شعور بالضياع يجتاحها .. شعور بالخوف .. هلع غريب يرجفها .. هادئة جدا منذ الصباح .. لا بل منذ الامس .. ساكنة .. وساكتة عن الكلام .. صدرها يعلو ويهبط برعب .. تنظر الى نفسها في المرآة .. الفستان الابيض السافر .. يتضح من خلف " الشيفون " بطنها .. وآخر ظهرها .. تشعر بانها عارية .. لما لم تستمع لسمية .. لما تشعر ان العناد الذي اصابها ارداها الى حفرة عميقة من الجزع .. ارتجفت حين فُتح الباب .. لتطل سمية بفستانها المختلف .. جميلة كانت .. وهي ايضا جميلة بزينتها التي ابرزت ملامحها .. اقتربت منها شقيقتها : سلوى حاسه ريولي ما بتشلني .. امي تقول نص ساعة وبنروح للقاعة ..


ابتسمت بجمود غريب : عادي ..


ماذا عساي اقول لكِ يا سمية ؟ اشعر بخوف يجتاحني كاعصار هائج .. لستُ كأنتِ .. أنا مختلفة .. متمردة .. والآن اشعر بان تمردي يخذلني .. خائفة .. بل اني اشعر بان قلب سيتوقف من الرهبة ..


حركت يديها بتوتر على جانبيها .. وهي تنظر لجسدها في المرآة : فاسخ .. صح ؟


-
لا .. حلو عليج ..



لتمضي الساعات تباعا .. يقترب الموعد الذي تخافه .. الموعد الذي لم تحسب بانه سيؤلمها بهذا الشكل .. لم تتناول اي شيء هذا اليوم .. منذُ الصباح وهي تشعر بان عينيها ستنفجران .. وستنضحان دما لا دموع .. البيت هادئ هدوء الميتين .. يشعرها بالغربة .. ويزيد من اوجاع روحها .. لا تعلم لماذا قادتها قدماها الى دولاب ملابسها .. وتخرج يدها فستانها الذي اشترته .. بسيط .. طويل .. وبلون السماء اكتسى .. لا تعلم لما ارادت ان ترتديه .. هل ترغب بان تثبت لنفسها بانها سعيدة .. اي سعادة هذه .. وقلبها المعلق به ينتفض كغريق في بحر تتلاطم امواجه دون ان تهدأ .. نظرت الى نفسها في المرآة .. جسدها لا يزال ممشوقا .. بدت نحيفة .. لعلها الافكار اوقعتها في حمية قاسية دون ان تدرك ..


ارتجف كفها ورفعته لشعرها المنسدل على كتفيها .. سحبته الى الخلف من جهة اليمين .. والتقطت دبوس شعر اسود وثبتته .. لتباغتها شهقة .. وتتبعها اخرى .. واخرى .. حتى ابتل صدرها بدموعها .. ولون السماء تحول للون زرقة غريب .. انهارت على ركبتيها .. وسرعان ما ضمتهما الى صدرها .. وتمتمت : اللهم لا اعتراض على حكمك .. اللهم لا اعتراض .. اللهم لا ..



لم تستطع الاكمال .. تشعر بان ذاك الفستان يحرق جسدها .. نار تلتهب فيها .. مسحت وجهها بعنف .. وخلعته بتهور .. تشعر بانه كلما لمس جسدها كأن هناك جمر يتغلغل في لحمها .. خطت عارية الى دورة المياه ( اكرمكم الله ) .. تشعر بان عليها ان تطفيء ذاك الهيب .. لتغطس في حوض الاستحمام .. وتدع الماء يتدفق بعد ان سدت مجراه في الحوض ..



دموعها لا تسكت .. لا تريد عينيها ان تتوقفان .. تشعر بألم في مقلتيها .. سيكون مع غيرها الليلة .. الليلة لن يكون قريب منها .. سيتقاسم الهواء مع امرأة .. غطت وجهها بركبتيها العاريتين .. تحتضن نفسها بألم .. لم تشعر بالماء الثائر المبتعد عن حواف الحوض .. والهارب الى فتحة المجاري في منتصف دورة المياه ( اكرمكم الله ) .. لا تشعر الان الا بان تلك النار لا تريد ان تهدأ .. لن تهدأ .. وزادت هيجانا حين سمعت اصوات السيارات .. يزفون فارس . فارس القلب .. فارس الروح ..



انتحبت .. لا يوجد امامها سوى البكاء .. اغمضت عينيها وكأنها تحاول ان تضع نفسها في مكان اخر غير هذا المكان . لتهدأ .. هدأت ولا تعلم لماذا اصابها الجمود .. حتى عينيها كفتا الدمع .. اغلقت الماء وسحبت " السدادة " المطاطية .. وراقبت المياه الهاربة .. وكأنها ترى هروب مشاعرها .. هروب ضعفها .. هروب وجعها . الذي لم تعد تشعر به ..



خرجت بعد ان جففت نفسها .. لترتدي ثوب نوم طويل .. كأنها لا تريد لشيء من جسدها ان يخرج اثناء نومها وهو غير موجود .. سحبت خطواتها .. واستلقت .. ما هذا الجمود الذي استحلها .. لا تشعر بشيء .. ابتسمت لنفسها كمجنونة ..



هو الآن معها .. هدأت الاصوات .. سيقف معها عند عتبة الباب .. وسيخبرها ان تسمي بالله وتدخل بيمينها .. ومن ثم سيضع يده على رأسها .. ويتمتم بالدعاء .. " اللهم اني اسالك خيرها وخير ما جبلتها عليه .. واعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه " .. وسيخبرها ان تقوم وتتوضأ .. سيخبرها ان السجود لله في هذه الليلة سيبعد شحنات التوتر التي تجتاحهما .. ليحل الاطمئنان والسكينة روحيهما .. وبعدها سيتمتم لها قائلا : انا ما ارقد الا ع وضوء .. واحب اللي يرقد معي يكون ع وضوء الا اذا كان في عذر يمنع هالشيء ..


سيخبرها بان هناك ملك سيكون معها اذا فعلت ذلك .. سيستغفر لها حتى تصحو .. وكلما استيقظت في جوف الليل سيطلب لها المغفرة والعفو ..



نزلت دموعها .. كل ما مر هي عاشته .. وكأنها تذكر اول ليلة لها معه .. دموعها عادت تهطل دون هوادة .. اغمضت عينيها .. تشعر بالم في جفونها .. وتشعر بان جسدها حار .. حتى انها ابعدت الغطاء عنها .. وغفت .. وما هي الا برهة حتى شعرت ببرودة على بطنها .. ويد تكتم صرختها .. تكممها عن النطق ..


,,

هـنـا اقف .. وموعدنا يوم السبت باذن الله مع الزفرة الـ 21 ..
تحياتي |~

♫ معزوفة حنين ♫ 07-04-13 11:59 PM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 

خطواتنا تمشي نحو مستقبل لا نعلم عنه .. قد نواصل بتوازن الخطوات .. وقد نتعثر ونقف من جديد .. وقد نسقط ولا نقوى على المسير .. صغيرة هي ما ان اتمت الثامنة عشر حتى ارتبطت باسم رجل .. وما ان انهت دراستها الثانوية حتى امسك بكفها منتشلها من كنف منزل تربت فيه .. بلعت ريقها .. تشعر بتعب نفسي يداهمها .. منذُ يومان انهت اخر اختبار لثانوية العامة .. تراكمت عليها العديد من الضغوط ..



تنهدت وهي تركب سيارته بمساعدة اخته نورة التي رفعت ذيل فستانها لداخل .. وبعدها قبلت وجنتها : مبرووك .. ان شاء الله تتهنون ..



وابتعدت خطوات لتغلق الباب .. لا تعلم ان كانت سمعت تمتماتها المرتجفة والخافتة حين ردت عليها المباركة .. نظرها لكفيها العازفة عليهما نقوشات الحناء .. وخاتم من الذهب الابيض يزين بنصرها الايسر بنعومة .. تدعك اطراف اناملها اليسرى باليمنى .. وتسمعه يضحك مع صحبه .. يبدو فرحا وغير مباليا .. رفعت نظرها قليلا لتسمعه يودعهم وهم يتمنون له ليلة سعيدة .. لتخفض انظارها حين وقعت عينيه عليها ..


رغبت بان تراه لعلها تستمد شيء من قوته فتعينها على اسكات رجفتها .. لتبتلع توترها بتوتر اكبر حين جلس بجانبها .. والقى السلام .. لتهمس برد التحية .. ومن ثم يردف : بتريا اوخوي يطلع وبطلع وراه ..



الهذه الدرجة مرتبط باخيه الاكبر ؟ .. هل هو الاحترام ؟ ام انه شيء آخر ؟ .. لم ترغب بكل هذا .. لم تتصور بانها ستتزوج رجل ملتحي بهذا الشكل .. ارتبطت بـ " مطوع " .. ارتجفت حين ايقنت الامر .. لم تتعرف عليه جيدا .. اسابيع قليلة لم تكن كافية لتعرفه .. حديثهما كان مقتضبا عبر الهاتف .. لا تعرفه .. هي توقن الآن وبقوة انها لا تعرفه .. كل ما تعرفه بانه يكبرها بست سنوات ربما .. او اكثر قليلا .. خريج كلية الشريعة والقانون .. ويعمل في دائرة القضاء ..


زاد توترها اضعاف وهي ترى اختها تخرج وامها بجانبها تحدثها .. ترى تحرك شفتي والدتها .. توصيها كما اوصتها هي .. إطاعة الزوج .. واحترام اهله .. وتوصيات تخجل منها .. ما ان تذكرتها حتى انفجرت الدماء في وجهها الدائري البريء .. تسللت الى نفسها شيء من الراحة .. فشقيقتها ستشاركها بتوتر هذه الليلة ..


نظر الى كفيها لبرهة ثم عاد بنظره على الطريق .. وبصوت هادئ نطق : بنروح البيت .. وبعد يومين بنسافر السعودية .. بنعتمر ..


لما هو جدي بهذا الشكل .. ولما يتحدث في هذه الامور الآن ؟ لماذا لا تحاول ان تنتشلني من توتري وخجلي وخوفي الذي اغرق فيه .. يا الله ساعدني .. كيف ستكون هذه الليلة معه .. هو لا يعرفني جيدا كما انا .. كيف سنكون ؟ أسيوافق على ان اتم دراستي كما اتفق مع ابي وخالي .. ام سينسى الاتفاق وسيكون علي السمع والطاعة ؟ كنت اتمنى الكثير .. ان اكون حرة نفسي .. اقود سيارة واعمل .


رفعت مقلتيها محاولة ان تسترق نظرة على وجهه .. فلم يتعدى نظرها لحيته السوداء الطويلة بعض الشيء ..
تضاعف الخوف في قلبها حين توقفت عجلات السيارة .. لترفع نظرها وترى سيارة فارس قد توقفت قبلهما .. ليفتح الباب لها .. ويده تمتد لتمسك بكفها المرتعش : حياج فبيتج ..



قالها ببرود غريب ضاعف ارتجاف قلبها الغض .. لتعانق اناملها كف يده .. ويشد عليها ليساعدها بالنزول .. لا تعلم ماذا حدث او كيف وصلت عند اعتاب الباب الموصد .. لم تشعر بشيء .. وكأن ذاك الخوف خدرها حتى اضحت في سُكر حمل ذهنها بعيدا .. تسمع احرف لا تعيها .. ويد تسحبها بخفة لتلج .. هنا ستموت البنت القابعة فيها .. وستحيى امرأة ..


تمر الدقائق غريبة .. حتى هو اختفى لتتراءى لها فتاة تبدو اصغر منها سنا .. تبتسم وتدنو منها حيث كانت واقفة في منتصف الغرفة : تبيني اساعدج ؟


ابتسمت
.. هي بحاجة للحديث .. لشخص غير ذاك الذي صار زوجها : ياليت ..


وتجلس بعدها على كرسي التسريحة .. وتلك تقف من خلفها تسحب تلك الدبابيس المتزاحمة لتثبت " الطرحة " البيضاء .. لتنطق : خايفة ؟


بل اني اكاد اجن من الخوف .. اشعر بقلبي سيهرب من صدري بسبب قرعه لتلك الطبول الضاربة لعظامي .. كم اتمنى ان تنتهي هذه الليلة المخيفة بسلام ..


ابتسمت : شوي ..


لتردف : انتي نوره ؟


هي نست كُل شيء في هذا الوقت .. هزت تلك رأسها وهي تنزل تلك البيضاء من رأسها وتبدأ بنزع دبابيس اخرى قد ثبتت شعر مستعارا على شعر تلك العروس الحقيقي : انا هند .. نورة راحت لاختج تسألها اذا تريد مساعدة ..


فتحت فيها لبرهة حين وقع الشعر المستعار ليبان ما تحته .. لتنطق تلك الناظرة الى انعكاس صورة هند : شو فيج ؟


بارتباك : هااا .. ما في شيء .. بس شعرج وايد قصير ..


وقفت لتلتفت : ما احبه طويل ..


ابتسمت الاخرى على مضض : تبين مساعدة فالفستان ..


طوحت تلك راسها بلا .. لتغادر هند المكان بتوتر لم يخفى عن سمية .. التي تنهدت وهي تراقب ظهر تلك المغادرة .. اخبرتها والدتها ان لا تخف .. وان تستسلم له .. وعليها ان تطمئن وهي معه .. كيف لها ان تفعل ذاك مع شخص غريب عنها .. وهذه الدقائق كارهة البقاء .. فتجري لتجر معها دخوله عليها .. ومن خلفه خادمة تحمل صينية عشاء .. تضعها وتخرج .. ليقفل الباب من خلفها .. ويقف وهو ينظر لتلك الساكنة بوقفتها وقد شبكت كفاها امامها .. ليرفع حاجبه ويقترب منها .. ويضرب قلبها صفارات هلع منقطع النظير .. ليلف من جانبها يحني رأسه ناظرا الى شعرها .. واذا بكفه تقع على رقبتها من الخلف بشيء من الشدة المستحبة : لعن الله المتشبهات من النساء بالرجال ..



تُقسم بان قلبها في هذه اللحظة سقط عند قدميها .. تسمرت في مكانها .. بل ان جميع خلاياها تجمدت .. برغم حرارة جسدها الملتهبة .. ليمر من امامها يخلع ما على رأسه ويرفعه ليردفه على " الشماعة " الذهبية في زاوية الغرفة .. وهي ثابتة فقط تشعر بحركاته .. عاد يقترب منها .. وترتجف من لمس انامله لذقنها ..


اغمضت عينيها لتسقط دموعها تباعا .. لا تريد ان تراه .. وان تسمع تلك الجمل المخيفة .. تفاجأت حين لمست شفتيه وجنتها الحارة .. وقبلة اوقعتها في تناقض شخصيته .. ليهمس : ليش الدموع ؟ اباج تعرفين ان ديني وربي ورسوله اولا .. وامي ثانيا ..


ليبتعد ويقع نظرها على وجهه .. فيه راحة غريبة .. عينيه نائمة الاطراف تحكي هدوء جم .. ليرتفع نظرها على اخضرار رأسه .. لا شعر هناك .. بخلاف وجهه المكتسي بشعر لحيته السوداء .. لا تعلم لما شعرت بطمئنينة تعانقها .. وسكينة تُصب عليها من حيث لا تدري .. قد يكون السبب ذاك الدعاء الذي قاله ويده تلامس رأسها ..



,,

انفاسها تتهادى براحة كم تمنتها مؤخرا .. لتغلق الجفون دون ادراك منها .. لعله الاستسلام لما قدره الله لها .. ولعل ذاك الماء اطفئ لهيب روحها المتوجعة .. لتنسى كُل شيء خلف اغفاءة انهاها ذاك الشيء الرطب الذي عانق بطنها .. لتفتح عينيها بجزع .. وقبل ان تتفوه بصرخة تكسر هدوء الليل .. اذا بيد تكتمها .. يد رطبة لا يزال الماء يقطر منها .. جفلت بل حتى الحركة غادرتها .. وقطرات ماء تتساقط على جانب وجهها .. وانفاس حارة تقترب من بشرتها .. لتسارع الجفون الهرب خلف الظلام .. وتُفتح على همسات انزلقت الى مسامعها لتصل الى قلبها وتسكنه : ما اريد اسمع اي كلمة يا كنة .. ولا اي سؤال .. احلفج بربي الذي لا اله الا هو ما تسألين ليش ؟ ولا تسألين عن اي شيء ..


لتترك يده فيها وينحني يدس رأسه عند كتفها الايسر .. لتشعر ببرودة الرطوبة التي يعاني منها شعره .. لترفع كفها وتسقطها على رأسه : ما بسألك .. بس كم الساعة الحين ؟


لم يجبها .. تشعر بانه يغرق في جسدها .. وبعد صمت تمتم : الفير .. قومي صلي وتعالي ..


لتنسحب منه ويدس وجهه في الوسادة .. وتقف هي بذهول تنظر اليه .. لتحث الخطى تغلق التكييف .. فجسد ذاك مبتل وكأنه استحم بملابسه .. وغادرت لتختفي خلف جدران دورة المياه ( اكرمكم الله ) .. ولا تعلم لماذا وهي تقف على سجادة الصلاة تذكرت حديث شامة لها .. لعلها بحاجة للخشوع في هذه الساعة كثيرا .. لتنسى كُل شيء .. حتى ما انتهت من صلاتها .. قادت خطاها اليه .. لا يزال على استلقاءته .. مع انه يكره استلقاء البطن لقول رسول الله : " انها ضجعة يبغضها الله عزوجل " ..



دنت منه .. ورفعت نفسها على السرير .. لتتحرك كفها تبعد شعره المبلول للخلف : غير رقدتك يا قلبي ..


غيرها كما طلبت .. ليعانق جسدها بذراعيه .. ويترك شق وجهه الايمن على صدرها .. ترغب بسؤاله عما به .. ولكنها لن تفعل .. وزوجته ماذا ستقول اذا قامت من نومها ولم تجده .. تنهدت .. ليدرك ما يجوب في خلدها .. وينطق ولا تزال عينيه مغمضتين : لا تجبريني ع شيء .. دخيل ربج يا كنه لا تجبريني ع شيء .. اوعديني ..


ارتفع رأسه مع صدرها حين سحبت الهواء الى رئتيها بنهم .. ليردف : اوعديني ..


لتبتسم وهي تمسد رأسه بكفها : اوعدك .. اوعدك ..


آه يا كنة كم اني اشتقت لحضنك .. وكم اني اشعر باني عطش ولن ارتوي منكِ حتى الممات .. أنتي مختلفة .. أنتي لولا اني اخاف ان اكفر لقلت انكِ ملاك منزل من السماء .. ولقبعت عند رجليكِ دون ملل ولا كلل .. استغفرك يا الله .. فاني انسان وخلقتني ضعيفا .. ولا اقوى الا بك .. فامدني بقوة من حيث لا احتسب ..



,,

الوعود كحبل مشنقة تلف على رقاب الواعدين .. كلما تخاذلوا رميت اجاسدهم لتعلق حتى الموت .. انزل قبعته ليشد شعر رأسه للخلف .. لا فائدة من الاستجواب الذي طال .. والجميع يأكدون له ان لا احد آخر .. وهو يُقسم بان هناك احدا اتصل بهم في تلك الساعة وابلغهم بتمركز قوات الامن .. تنهد ليرفع رسغه ينظر الى الوقت .. ساعات الصباح الاولى .. انتهى عمله منذ ساعات طوال ولا يزال في مكتبه .. زفر انفاسه من جديد وتعود له ذكرى تؤرقه ..


خالد وحديث ماضي .. ووعد بالوفاء يأكل جسده دون هوادة .. وخذلان لاجل اُم لا تقوى على بُعد ابنتها .. قام واقفا ليسحب قبعته العسكرية ويترك المكان .. سيعود الى منزله سيأخذ قسط من الراحة .. التحية العسكرية تُرمى عليه حين مروره من رجال الامن الذين صادفهم .. وابتسامته تنم عن راحة ظاهرة ..


فتح باب سيارته ليركب راميا بتلك التي في يده على الكرسي المجاور .. وينطلق .. وما هي الا دقائق حتى جاءه اتصال جعل نواجذه تبان من خلف الشفاه المنفرجة .. يدس سماعته في اذنه وعينه على الطريق : هلا والله .. شحالج يا قلبي ؟


قهقه بقوة ليردف : اوو شكله المزاج عال ..


توقف لاشارة مرور صادفته .. وهو يستمع لصوت تلك الذي امتزج بنبرة فرح غريبة .. واجاب : هيه اكيد مصدق انج فرحانه .. واعرف انج ما تمثلين .. هو حد يعرفج اكثر مني ..


تحرك وضحكاته تجلجل في الاركان : الله الله .. يعني حبيب القلب قام ينافسني ..


طالت تلك المحادثة .. حتى ما توقفت سيارته في فناء المنزل وترجل منها .. تحرك بهدوء الى باب المنزل : الحمد لله .. والله كنت خايف عليج واحاتيج ..


رفعت ساقيها لتتربع على الاريكة : الحمد لله .. المهم انه وياي وما خلاني


عينها تبتعد لتنظر الى باب غرفة النوم .. وتردف : هذا اهم شيء يا شبيب .. المهم انه وياي ..


ردد الحمد لله .. واستطرد : كنه اذا حتيتيني انا مويود ..


-
الله لا يحرمني منك .. حسيت انك بتكون قلقان وتحاتي .. قلت اتصل عليك واطمنك ..


انتهت المحادثة بينه وبين شقيقته لتتخطى قدميه عتبة الباب .. وصوت الـ" راديو " يصل الى مسامعه من الصالة الصغيرة .. ليدخل وقد علت وجهه ابتسامة : صبحكن الله بالخير ..


ويقع على رأس جدته مقبلا ومن ثم رأس والدته .. لتنطق العجوز بعد ان ردت عليه تحية الصباح : هلا بوليدي .. اليوم متاخر عسى ما شر ..


ظل واقفا : ما شر يالغالية .. الحين سمحلي بروح اريح شوي ..



اختفى .. ليظهر جسد شامة في المكان .. بتردد نطقت : ما كأنه صوت شبيب من شوي ؟


وبعدها انسحبت من المكان .. تقف على اعتاب قسمه .. سحبت انفاسها وزفرت .. متوترة جدا .. هي ليست قريبة منه كما كنة .. يعود اليها حديث قديم من تلك الطبيبة عن هواياتها .. وان عليها ان تشغل وقتها بشيء تحبه اذا كانت لا ترغب بالعودة الى الدراسة في الوقت الراهن .. يدها المرتجفة تسقط على مقبض الباب .. وكفها الاخرى تطرق عليه بظهر اناملها ..


لا اجابة تصل .. ففتحت الباب وولجت .. ومن ثم حثت الخطى الى غرفته .. الباب مفتوح على مصراعيه .. دنت حتى بعثرت انظارها في غرفته البسيطة .. وصوت الماء يتهادى اليها من دورة المياه ( اكرمكم الله ) .. اذا فهو هناك يستحم .. عادت لتسحب الهواء وتزفره .. وفجأة تسمرت في مكانها .. ليغرقها حياء من منظر اخيها المتأزر بمنشفة بيضاء .. ومنشفة صغيرة تتحرك على شعره .. ليرفع نظره وتسقط هي نظرها للارض : شامة !


التعجب يلفه وجدا .. فتلك لم تدخل غرفته منذ امد طويل .. بنبرة مرتعشة اجابته : اسفه .. شكلي ييت فوقت غلط ..


ابتسم .. فكم يعشق حياء شقيقته .. لينطق : اتريني فالصالة الين البس ..



تشعر بان الجو حار جدا .. ستقف وتبتعد عن المكان قبل ان يأتي .. هذا ما كانت تفكر به وهي تشد كفيها عند فيها .. بعد ان اسندت مرفقيها على ركبتيها .. التفتت كمقروصة على صوته : حيالله شيوم .. تو ما نور المكان ..


ليكتسيها الخجل اضعاف مضاعفة حين جلس بجانبها واحاطها بذراعه : شو سر هالزيارة اليوم ؟


طال الصمت من قبلها .. ليسحب ذراعه عن كتفيها .. ويستند بظهره على جانب " الكنب " الطويل الجالسان عليه .. سيدع لها مجال لتتنفس .. وتزايدت ابتسامته وهو ينتظر الرد .. لا ينكر بانه متعب حد الاغماء .. ولكن هي هنا .. وفي جعبتها حديث لا تعرف كيف تقوله ..


تبدد الهدوء على صوتها وهي تنظر لظهر الطاولة الزجاجية امامها .. وكفاها قد ارتاحا في حجرها : امم .. شبيب اريد كام ..


وصمتت ثم اردفت بنبرة تتخللها فرحة استشفها هو : احب التصوير .. ومن زمان كنت اريد كام – صمتت واردفت – تكون بروفيشنال ..


لم يقاطعها وانتظر منها المزيد .. استطردت بعد ان نظرت اليه لبرهة وعادت بعدها للنظر الى تلك الطاولة : تقول الدختورة لازم اشغل نفسي فشيء احبه .. عشان ما افكر تفكير سلبي .. اريد احترف التصوير ..


بعد جملتها تلك تعلقت انظارها بعينيه الهادئتين .. ليتمنى ان يقابل تلك الطبيبة التي قلبت كيان شقيقته .. ليشكرها .. ليخبرها بانها طبيبة ناجحة بالفعل .. مد كفيه ليعانق كفيها المتشنجان من التوتر : من عيوني .. كم شامة عندنا ..


وقفت بفرح .. كطفلة لا تعي ماذا تفعل .. لتنحني وتقبل وجنته وبعدها تهرب .. فقط هربت .. ليضحك بخفة ويسقط رأسه للخلف .. يشعر بان الفرح كبير هذا اليوم .. لم يعتد عليه .. شقيقتيه سعيدتين .. وهو يقُسم ان سعادته لسعادتهما عظيمة جدا .. رفع جسده متوجها الى غرفته .. ليسقطه على السرير .. هو مُتعب .. ولكن لا يرغب بالنوم .. تسمرت عينيه على سقف غرفته المرسوم بسماء زرقاء وسرب طيور وسُحب صيف بيضاء .. وكأنه ينظر لسماء الكون .. تنهد واغلق عينيه وذراعيه تعانقا تحت رأسه ..


,,


اما صاحبه الذي استأذن من عمله قبل الفجر بساعات ثلاث .. عاد الى منزله ليقضيهن في النوم .. او لعله كان يوهم نفسه بذلك .. فمنذ ان علم بان هناك فرد جديد سيضاف الى عائلته وهو مختلف .. حتى النوم يهرب منه مبتعدا .. تسوقه الاحلام بعيدا .. وهاهو يجهز بعض من اغراضه لينقلها الى الشقة التي استأجرها .. لن يخاطر اكثر فهناك حياة عليه ان يحميها .. ابتسم وهو يرمي ببعض ثيابه في حقيبته .. يذكر ماذا حدث بالامس صباحا .. اصر عليها بان ترافقه الى المستشفى وتقوم بالتحليل الازمة ..



تطقطق برجلها بخوف .. سحبوا منها دم كاد ان يرديها الى اغماءة لا تحبذها .. وزاد مزاجها سوء ضحكات جابر عليها حين اخذت تردد بانها لا ترغب بالابرة .. تنهدت وهي تنتظره على المقاعد القريبة من العيادة النسائية .. تشعر بالخجل لقيامها باعطاءهم عينة بول .. لم تقم بتحليل مثل هذا من قبل .. تنهدت من جديد ليتراءى لها حين رفعت رأسها ..


قبع بجانبها يفتح لها علبة عصير برتقال .. ويعطيها اياها : ما نادوج ؟


هزت رأسها بلا .. قالوا فقط نصف ساعة على ظهور النتائج كاملة .. وهاهي تمر اربعون دقيقة دون اي خبر .. بلعت ريقها والتفتت له : جابر انا تعبت .. خلنا نروح .. وتعال بعدين شوف النتيجة .. والله اريد ارقد .. حاسه جسمي مكسر ..


قام واقفا : بشوفهم وبرجع ..


زفرت انفاسها بغضب .. وكفاها تحيطان بتلك العلبة وفكرها ارتحل بعيدا .. هل يعقل ان اكون حامل ؟ سؤالا طرحته على نفسها ونفضت رأسها من بعده .. لترفع نظرها من جديد للواقف امامها : شو قالوا ..


- قالوا بتتاخر النتايج .. عندهم عطل فواحد من الاجهزة .. ويمكن يحولون العينات لمختبر ثاني .. قومي ..


تمسكت بذراعه وتشعر بانها ستسقط ارضا .. لينطق بخوف : انتي بخير ؟



انعقد حاجباه وهو منحني يغلق حقيبته .. فهي حتى الساعة لا تعلم شيء .. وهناك اشياء تقلقه في تلك التحاليل .. لديها انيميا حديد .. ستحتاج الى جرعات من الحديد وهي تكره الابر .. زفر انفاسه فمهمته القادمة صعبة جدا ..




,,

الصراخ والثورات المتكررة منها .. تصيبها بانهاك غريب .. تصرخ على والدتها بحدة لتفتح لها الباب .. بالامس دفعتها حتى سقطت على الارض وانحنت تبحث في جيوبها عن باب المنزل .. دون جدوى .. لتحتقن بالغيض : ليش ما تبين تفتحين الباب ؟


اليوم هي على سريرها هادئة .. هل اصيبت بالجنون ؟ .. مدت يدها على والدتها بالامس لاجل هوس اصابها .. انقلبت على يسارها بشرود غريب .. هي ليست بخير .. هي تشعر بان هناك من يأجج عصبيتها رغما عنها .. وكأن هناك من يستحثها لفعل الحرام .. السحر حرام .. هي تعلم ذلك جيدا .. وايضا هي لم تكن هكذا من قبل .. كانت فتاة مسالمة بحق .. لا ترفع صوتها الا نادرا .. والآن وصل بها الامر لضرب والدتها ..


قامت عن السرير بضياع يتملكها طوال ليلها الفائت .. وقدماها تحثان الخطى الى النافذة .. تزيح الستار وترقب المنزل المجاور .. ابتسامتها اتسعت .. فسيارته هناك .. بتهور انتزعت عباءتها و " شيلتها " خرجت من غرفتها جريا الى الخارج .. لتشد مقبض الباب مرارا لفتحه دون جدوى .. وتزم شفتيها بغضب جم .. وتبعثر انفاسها الحانقة امامها .. لتلتفت لصوت القادم من وراءها .


- يالله صباح خير .. وين رايحة من غبشة ( ساعات الصباح الاولى ) ..



شدت بقبضتيها تنفس عن غضبها .. لا تريد ان تغضب .. لتنهمر دموعها تحت انظار والدتها المليئة بالاستغراب : امايه فتحي الباب .. امايه الله يخليج فتحيه .. اريد اشوفه .. اريد اقوله اني احبه وانه لازم ياخذني ويخلي ليلوه الخايسة ..



ادبرت دون ان تنبس ببنت شفة .. وهناك في عقلها ترددت احاديث غريبة .. لما لا تدعها تواجهه .. لربما يستطيع ردعها عما تنوي فعله .. ابتسمت وهي تسمع ابنتها الواقفة عند عتبة باب غرفة والدتها بعد ان تبعتها : الين متى يعني بتسكرين علي ..


ترقب والدتها الصامتة التي تبعثر دولابها .. وتعقد حاجبيها عندما اقبلت اليها .. ليزيد استغرابها حين رفعت امام ناظريها بالمفتاح .. لتشد تلك على شفتيها وتختطفه : مشكوورة ..


وتجري مسرعة خوفا من عودة تلك في قرارها .. انطلقت للحرية .. كعصفور طار من قفص حديدي .. لتقف تشد انفاسها وتقطع الطريق الفاصل بين المنزلين .. لتبعثر النظر من البوابة المفتوحة .. وتراه هناك يدخل حقيبته في سيارته .. مشت على حياء حتى ما ان فصلت بينهما بضع خطوات : احم .. السلام عليكم ..


لم ينظر اليها .. رد التحية واغلق الباب الخلفي لسيارته .. واتخذ له مكانا جانبا ووقف وظهره لها .. لتنطق : شخبارك جابر – وبغيض اردفت – وشحال ليلى .. عساها بخير ؟


باقتضاب اجاب : بخير ولله الحمد ..


لتزم شفتيها : ليش خليتوا البيت ؟


تنهد : يقولون في ناس يبون لنا الشر .. وما هقيت اللي يحب يضر حبيبه ..


التفت لها وسرعان ما غض نظره عن وجهها : اللي فيج يا نوال مب حب .. انتي يالسه ادمرين عمرج بدون ما تحسين .. تدرين ان السحر حرام .. وانتي وراسج والف سيف الا تسوين هالشيء .. تعرفين اني اقدر اسجنج ع هالسالفة ..



مؤكد ان والدتي وصلت اليه قبلي .. ما كانت لتعطيني المفتاح ان كانت لم تفعل .. لا احبك .. ولا ارغب فيك ايها المتعجرف المتكبر .. كل ما هنالك اني اكره زوجتك الحمقاء .. اكرهها ..


بصوت هادئ اكمل بعد صمتها الذي اخذ دقيقة ونيف : نوال خلي عنج هالخرابيط .. وشوفيلج شغلة تسليج ..


قال حديثه ذاك ليثور بركان غضب فيها .. وتترك المكان تحيطها نيران تتآكلها .. حتى ما دلفت الى منزلها وقفت تنظر الى والدتها الجالسة في الصالة تتناول افطارها : رحتيله صح ؟ خبرتيه عني وعن اللي بسويه ..


دون اكتراث وهي تشرب من كوب الشاي : شو قالج ؟


" مالج خص " قالتها بغيض لتقف تلك في وجهها : احترميني انا امج .. واللي فراسج خليه عنج .. ترا والله ما بيردني شيء عن حبسج اذا تماديتي .. بس ما بيكون حبس بيت ..


صرخت : الله ياخذها وياخذه .. عساهم ما يتوفقون لا دنيا ولا اخرة .. زولة بلا رده ان شاء الله ..


ادبرت وعلى لسانها دعوات عليهما .. وتلك تنظر اليها ومن ثم تمتمت : الله يهديج ..


وقفت من جديد امام نافذتها تنظر اليه يغلق بوابة منزله وينطلق .. سيترك المكان ويرتحل بسببها هي .. تنهدت وهي تتتبع سيارته المبتعدة .. الهذه الدرجة يعشق زوجته .. وفضل الابتعاد لاجلها .. اذا لماذا زوجها السابق لم يفعل مثله .. لماذا لم يترك منزل عائلته لاجلها .. وتركها تتخبط بين كره والدته ودسائسها وبين حديث اخواته المتكبرات .. هي تشعر بالغيرة فقط .. وتشعر بكره يتآكلها .. لما ليلى تلقى هذا الاهتمام وهي لا ..



,,

كانت تلك تجلس بتعب على سريرها وحديث والدتها الحانق يصل اليها : هذي سواه تسويها .. شو فيه بيتكم عشان تخلينه يودره .. وتكلفين عليه اجار شقه .. هذا بدال ما تاخذينه ع كفوف الراحة مثل ما هو مسوي .. افااا بس .. الظاهر ما عرفت اربيج ولا عرفت اعلمج كيف ادارين ع ريلج اللي ما بتلقين مثله بهالدنيا ..


رفعت راسها للواقفة امامها والغضب يتطاير من عينيها .. وبذبول اكتسى به وجهها : امايه السالفة مب مثل ما انتي تظنين ..


- ما اريد اسمع شيء .. وبعدين تعالي قولي سوى وسوى ..


لتخرج بعدها مغلقة الباب بقسوة .. وتستلقي تلك على السرير وساقاها متدليتان عنه .. جسدها متعب كثيرا .. ترغب بالنوم فقط .. لتغفو وهي تسمع صوت والدتها الثائر من جديد .. ولكن هذه المرة على مبارك .. والدتها في الاونة الاخيرة اصبحت صحبة مع الغضب على اتفه الاسباب .. منذ زيارة تلك المرأة الغريبة .. هناك في عينيها حديث ترغب بقوله ولا تستطيع ..



تنهدت وهي تفتح عينيها .. هدوء المنزل اراحها .. لربما ما في والدتها بسبب الاجازة وترقب نتيجة مطر في الثانوية العامة .. وسرعان ما تتهادى لها اصوات خافتة من نافذة غرفتها المفتوحة .. لتتحامل على تعبها وتقف .. تمشي لتنظر الى اصحاب الاصوات .. والدتها هناك ووالدها وايضا جابر .. ابتسمت وهي تنظر اليه .. وسرعان ما عقدت حاجبيها على صوت والدتها الحانق على جابر .. لماذا هي غاضبة على الجميع بهذا الشكل ..


- يا حفصة لا تدخلين .. هو وحرمته ينيازون ..


قالها حمد واردف : ما عليك من عمتك يا جابر .. اهم شيء راحتكم .. ودام البيت كبير عليكم وتبون تغيرون وانت قادر ع هالشيء توكل ع ربك ..


وقبل ان يفتح فيه اذا بحفصة تنطق : بس مب بهالشكل يا حمد .. كل ما قالتله شيء قالها هيه والله .. سمحولي بس هذي مب مريله اذا بتبع شور حرمة ..


حمحم وهو يستمع لحديثها الاذع .. تتحدث عن الرجولة .. ما بالها هذا اليوم هائجة عليه : عمتي الله يهداج بغينا نرتاح شوي .. وبعدين اريد ليلى تكون قريبة منكم .. والشقة كلها ربع ساعة وانتوا واصلين .. مب بيتنا اللي يبالكم ساعة الين توصلونه ..


تنهدت وحركت يدها بعدم اهتمام : كيفكم ..


وبعدها انصرفت .. ليبدأ حمد بالاعتذار : لا تواخذها وانا عمك .. ماعرف شو بلاها من كم يوم .. شابه ضو ..


" ولا يهمك يا عمي " .. نطقها واردف : تقدر تقول حق ليلى اني ابغيها ..


قبل ان ينطق والدها مجيبا اذا بها تقف على عتبات الباب ويدها تستند على جانبه .. لتلقي التحية وتمشي بخطوات متعبة ليقترب منها ويسندها : انتي بخير ؟


نظرت اليه .. عينيه تحكي خوفا غريب عليها لم تعهده يوما .. سمعت كلمات والدها المستأذن بالانصراف .. واذا به يمشي وقد اسندها بذراعه القوي .. حتى ما ان دخلا المجلس الصغير واراحها على الكنب الطويل .. قبع بجوارها وكفاه تحركا ليعانقا كفيها : شخبارج اليوم ؟


تنهدت : بخير .. ما رحت تشوف النتيجة .. للحين احس بتعب .. اريد بس ارقد .. ياللا اقدر اسند طولي ..


بحركة تفاجأتها تسقط يده على بطنها وبصوت حنون : كله من اللي ياي فالطريق ..


قطبت حاجبيها دليل لعدم الفهم .. ليرفع هو نظره اليها .. ويحرك سبابته بين حاجبيها : لا تعقدين حوايبج .. النتايج تقول انج حامل .. وفبداية الحمل بعد ..


ابتسمت وعادت وتجهمت .. ثم عادت وابتسمت : شو اللي يالس تقوله .. اصلا كيف اكون حامل ..


صمتت تنظر للحقيقة في عينيه .. ربما يداعبها بمزحة ثقيلة لن تستسيغها .. ولكن لا شيء سوى الجدية المرتسمة على ملامحه .. ليشد كفيها اكثر : ليلى انتي حامل .. ولازم نراجعهم عشان يطمنون عليج اكثر .. وانا اطمن بعد ..


دموع تنم عن فرح عانق روحها .. دموع اختلطت بدموع ندم على ما بدر منها يوما .. ظلمته دون ان تعي حقيقة الامر .. والآن هي حامل .. تحمل نطفة صغيرة منه هو في احشاءها .. وكأن الله يعلمها درسا بان تثق في بعلها .. انامله تمسح خط الدموع المنهمر : لا تصيحين .. ما اريد ولدي يطلع صياح بسببج ..


اختلطت ضحكتها ببكاءها .. ليشدها الى صدره : ليلى شو قلنا الحين ..


بنبرة مكتومة في صدره نطقت : مب مصدقه .. حاسه اني بطير من الفرحه ..


أأخبركِ بما هو اسوء .. ام اصمت حتى حين ؟ لا ارغب بقتل فرحتكِ التي استشعرها من رجفة جسدكِ بين ذراعي .. لا ارغب الا بان احتوكِ .. وغدا لناظره لقريب .. غدا سنستمع لكل شيء .. وسنضع نصب اعيننا حماية صغيرنا القادم .. ليلى ارغب بان تكوني قوية .. لا ارغب بالضعف ان ينهككِ ..



ابعدها عن صدره ليمسح دموعها : قدمتلج موعد باكر ع الساعة حدعش ( 11 ) ..


هزت رأسها بالموافقة .. وبعدها عادت الى حضنه .. ترغب بالبقاء هناك حتى الغد .. حتى موعد اللقاء مع الطبيبة التي ستشرف على علاجها .. هناك في احشاءها روح صغيرة .. وهي لا ترغب بتركه .. لا ترغب بان تبتعد عن سماع نبضات قلبه .. عن انفاسه التي تشعر بدخولها وخروجها ..



اُم .. ساكون أم يا جابر .. سيجمعنا طفل صغير زيادة على الحب .. اشعر بنبضاته الصغيرة في جوفي .. هناك يرقد بسلام مطمئن .. آآه كم ان الشعور رائع .. سأسكت جميع النساء الكارهات لعشقنا .. وسأعلن اني امرأة كاملة .. سأصرخ بأني سآتي بطفل من حبيبي الذي تتعاركن لنيل نظرة منه .. هو لي .. وله .. هو لنا نحن عائلته الصغيرة .. هل تسمعون .. جابر لي انا فقط ..


,,


الانانية تقبع في نفوس البشر بنسب متفاوتة .. بين حناياك وحناياكِ انانية خرقاء تقوم في لحظات دون ان نشعر بها .. وتعود للخمود .. وهناك في قلبها انانية مفرطة كونها اُم .. وقلب الام ورقة خاسرة في معركة الإثار .. تفترشان الحصير البلاستيكي بالقرب من باب المطبخ الصغير .. وبينهن وعاء عجين .. وقطع جبن " كيري " .. وصينية فرن مدهونة بالزبدة .. وهي تجلس تنظر الى مناوشاتهن ..



تفرد قطعة العجين الصغيرة في الصحن الصغير وتضع قليل من الجبن وتلفها بكفيها الصغيرتين .. لتصرخ وهي ترى كلثم لا تجيد العمل : امايه .. شوفي كلثم خربت الفطاير ..



لتنطق تلك بصوت متعب وهي تحاول اغلاق العجين باناملها : ماما .. ما تسكر ..



لتترك ما في يدها وتبدأ بتعليم ابنتها الصغيرة كيفية صنع فطائر الجبن .. لا مدرسة الآن .. والملل أخذ من صغيرتيها الكثير .. لتصنع لهن من العمل تسلية .. ترقب تنفس ابنتها المتعب .. الربو اضحى لا يفارقها .. قلقة بشأنها كثيرا .. الجو في هذه المنطقة تغير عليها .. لتلتفت لمريم السعيدة بمساعدة والدتها .. تلك الاخرى ينتابها قلق شديد ناحيتها .. فـ عوض لا يكف عن تجميلها في اعين صحبه .. وبالامس صرخ بها : باقي كم سنه وبتصير حرمة .. وانا ولي امرها دامني ريل امها ..




تنهدت وهي تقف .. لترفع مريم نظرها اليها : اماية وين رايحة ؟



حركت كفها على شعرها : برجع حبيبتي انتبهي لاختج ..



وقفت عند عتبة باب غرفتهما .. تشد انفاسها الى رئتيها .. عليها ان تضع انانيتها جانبا .. ستضع مصلحة ابنتيها اولا .. هما هنا ليستا بخير .. ولن تقوى على تحمل تبعات حياتهما بجانبها .. هي مهما قويت فلن تستمر .. فعوض قاسي جدا .. ستخضع له يوما لا محالة .. سيقضي على سعادة طفلتيها .. جلست القرفصاء امام دولاب ملابسهما .. تجمع ما فيه وتضع ملابس مريم في كيس وملابس كلثم في كيس آخر .. لتختم الجمع باوراقهما الثبوتية .. وشهادات مدرسية لمريم ..




خرجت على صوت مريم المنادي لها .. ومن خلفها تمشي كلثم بخطوات متباطئة : امايه خلصنا الفطاير ..



تنظر لاكفهن المتسخة .. تبتسم ومن ثم : حبيباتي روحن تسبحن ..

بتحصلن ملابسكن ع الشبرية ( السرير ) ..



لتدفعهن بخفة من اكتافهن لداخل : ياللا فديتكن ..



سحبت انفاسها وتسابقت خطواتها الى غرفتها .. تذكر انها رأت مفاتيح باحد الادراج .. لعل بينهن مفتاح اضافي للباب الرئيسي لهذا الملحق .. بعثرت الدرج الاول ولم تجد شيء .. وايضا الثاني .. لتقف : يا ربييه والله اني شفتهن بس وين ؟ ..



زمت شفتيها بتفكير وانظارها تتبعثر في الارجاء .. لتبتسم وهي تتوجه للصالة .. ربما هن هناك بالادراج في تلك " المكتبة " الكبيرة .. لتفتح احد الادراج بجانب التلفاز .. وتبعثر ما به .. اوراق فواتير واقلام رسم .. وعلاقة مفاتيح مهملة في اخره .. سحبتها وخرجت مهرولة للباب الرئيسي ..



يدها ترتجف لتجرب المفتاح الاول دون فائدة .. تحركه ولا يستجيب ذاك القفل .. بتوتر تركته لتلتقف الاخر .. ليكون كما صاحبه .. تنفست بهلع وهي تجرب المفتاح الثالث .. ادارته واذا بابتسامة تعانق شفتيها .. الباب انفتح .. ستُخرج ابنتيها من هذا السجن .. اقفلته وهرولت الى المطبخ .. لتتملكها غصة من حزن اليم وهي ترى ما صنعته اكف طفلتيها في تلك الصينية .. تنحني لتحملها وتدخل بها الى المطبخ .. وتغطيها وتترك المكان .. لا يوجد وقت لطهيها ..




بعد ساعات في سيارة اجرة .. تقبع هي بجانب الباب لا تُرى الا عينيها التائهة .. وبجانبها مريم وبجانب مريم كلثم .. تشعر باختناق .. وكأن هناك اكف ضخمة تقبض على رقبتها تمنع الاكسجين عن الدخول الى رئتيها .. ليصلها صوت مريم : امايه .. منو الريال اللي كان يصارخ عليج فذاك البيت .. وشو يعني بنت حرام ..



آه يا مريم أأخبرك بان ذاك الرجل هو احد اعمامك .. أأخبرك بانهم يظنون بانكِ ابنة غير شرعية لي .. وانكِ لا تمتين لهم بصلة .. سامحيني يا ابنتي .. حاولت ان افتح عقولهم المتحجرة لكن دون جدوى ..



التفتت لها : لا تهتمين فديتج ..



نظرت الى تلك الصغيرة المتعبة .. انفاسها منهكة بسبب داء الربو الذي لا يرغب بان يعتقها في الايام الماضية .. يتطوح رأسها حين تغلق عينيها بتعب .. عادت انظارها للامام حين سألها السائق عن الطريق .. لتجيبه : ادخل يمين ووقف عند آخر بيت ..



تنهدت حين توقفت العجلات : ياليت تتريانا ما بنتأخر ..



وشدت خطاها مع ابنتيها وبيدها كيس به ملابس كلثم .. وقفت تنتظر المرأة التي طلبت مقابلتها .. وطال الوقوف .. لعل تلك الخادمة لم تخبرها .. لتجلس كلثم القرفصاء : ماما متى نرد البيت ..



تهدج صوتها : تعبت ماما ..



وقبل ان تنطق اذا بأمرأة تقف ترحب بها .. ظنت بانها متسولة تطلب معونة ما .. فمدت يدها بخمسون درهما : سمحيلي ما عندي غيرهن الحين .. وربي يرزقج ..



كفت يد المرأة بكفها : لا فديتج انا مب طلابه ..



لتتلعثم الكلمات على لسانها .. وطفلتيها تشبثتا بعباءتها من الخلف .. وبهمس قالت : انا ارملة ولدج خالد .. الله يرحمه ..



صمت .. وسكون مخيف .. وانفاس ثائرة من قبل حفصة .. لتصرخ بها : خالد ما عرس .. ولا له ارملة ..



بعثرت نظراتها على الصغيرتين المختبئتان بخوف : واذا يايه ترمين بلاج علينا .. فاقولج ردي من وين ما يايه .. مب احنا اللي نربي بنت حرام .. وينضحك علينا ..



-
سمعيني يا ام خـ ...



قاطعتها وهي تدفعها بيدها : طلعي من بيتي .. ما اتشرف تكون وحدة مثلج هني .. وحمدي ربج اني للحين ساكته .. والا ما بيردني عنج الا الحبوس – وبصراخ اردفت – طلعي برع



تمسكت بذراعها تتوسل التصديق : الله يخليج سمعيني .. بنت خالد بتضيع الله يخليج ..



نفضت يدها : طلعي قبل لا ايي ابو خالد .. تراج ما بتشوفين خير ساعتها .. طلعي ..




" حسبي الله ونعم الوكيل " رددتها مرارا وهي تمسك بكفي ابنتيها وتبتعد .. لتدخل السيارة ودموع لا تريد ان تتوقف .. حتى ذاك السائق قال سائلا : شو في ماما .. ليش يصيح ..



لا اجابة .. فصمت .. وشهقة خفيفة صدرت من كلثم .. هي على وشك البكاء .. فصراخ جدتها ارعبها .. لتندس بجانب شقيقتها الايسر .. وتلك المريم لم تعد تعلم شيء .. ونفس الجملة تتكرر في عقلها .. التفتت على والدتها : اماية منو هذي .. وشو يعني بنت حـ ...



صرخت بها قبل ان تكمل : مريم سكتي عني .. اللي في مكفيني ..



واردفت : اطلع ولف يسار ..



لا يوجد امامها الا هو .. هو فقط من سيحمي ابنتها .. ستحمي واحدة والاخرى ستحاول ان تحميها بنفسها .. ستتركها هناك .. حتى ان صرخوا بها بابشع الكلمات .. ستصرخ هي ايضا .. ستخبرهم انهم مخطئون .. وانها ليست فاسقة تبحث عن من يداري فسقها .. هن بناتها بالحلال .. وهي ابنتهم حتى وان صرحوا بغير ذلك ..



توقفت السيارة من جديد .. لتترجل وبيدها الكيس نفسه .. وتحث ابنتيها على النزول معها .. لا تأمن ذاك السائق اذا تركت مريم هناك وحدها .. حثت خطاها وبيدها كف كلثم وباليد الاخرى كيس ملابسها .. ومريم تمشي من خلفها .. حتى ما توسطت فناء المنزل نادت باعلى صوتها : هود ياهل البيت ..



مرت دقيقة واذا بخادمة تقف امامها : ما في حد .. كلش يروه ..



-
وين راحوا ؟



حركت يدها تلك الخادمة : يروه سوق عشان رمزان في يجي .. بابا شبيب ياخذ ماما كبير وماما شمسه وماما شامة وهاشل ويروه .. ما في حد .



انسحبت راجعة ادراجها .. واذا بها تقف عند بوابة المنزل تضع الكيس عند الجدار من الداخل .. وتوقف ابنتها قريبا منه .. تجلس القرفصاء وكفيها تعانقان كتفيها الصغيران : كلثم حبيبتي . انا ومريم بنروح وبنرجع بعدين .. انتي تريينا هني ..



بعثرت نظراتها على والدتها ومن ثم على مريم الواقفة خلفها : بروح وياج ..



اغمضت عينيها بنفاذ صبر .. وفتحتهما وبنبرة حانية : حبيبتي ما بنتأخر .. انتي تمي هني ولا تطلعين برع البيت انزين ..



هزت رأسها وتقوست شفتيها : ما اريد ..



وبشهقة باكية متعبة اكملت : بروح وياكم ..



لتقف تلك وتصرخ حتى ابتعدت مريم خطوتان عنها حين صرخت : كلثم سمعي الرمسة .. والا تبيني اضربج .. قلتلج يلسي هني تريينا ..



لتمسك يد مريم وتدبر واذا بتلك تتحرك : ماما



استدارت وعادت تصرخ عليها : كلثم لا تخليني ازعل منج .. خلج هني ..



وسحبتها من ذراعها لتوقفها بعيدا عن البوابة.. حتى بكاء صغيرتها لم يردعها .. لتعود بنبرة قاسية : والله ان تبعتيني بضربج ..



تقوست شفتيها اكثر وانهمرت دموعها .. وهي ترقب تحرك والدتها مبتعدة : ما .. ما ...


,,

هنا اقف وموعدنا باذن الله يوم الاربعاء ليلا مع الزفرة 22



♫ معزوفة حنين ♫ 10-04-13 04:35 PM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
كلام الكاتبة امس..

اقتباس:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

حابه اقولكم اني بنقطع عن الرواية اسبوع او اكثر ..
لان النت عندنا مفصول .. والحين داخله ع السريع اعطيكم خبر ..

والسمووحه الظروف اقوى مني ^^

نلتقي ع خير قريب باذن الله

تحياتي ~


النصف الاخر 19-04-13 01:59 AM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
هلا وغلا ماشاء الله الروايه روعه


والزفرات مليانه احداث واثاره


مشكوره على النقل ويعطيك الف عافيه

♫ معزوفة حنين ♫ 02-05-13 12:35 PM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
هل تخيلت نفسك يوما تتخلى عن قلبك ؟ .. او عن احدى عينيك ؟ .. هل استشعرت الفقد بيديك ؟ .. هي فعلت .. تخلت عن فلذة كبدها خوفا من المستقبل .. ذاك الخوف الذي لا يراه الا من احب بعمق .. كحبها هي لتلك الصغيرة الواهنة .. خيم على تلك السيارة السكون .. وخوف طفلة على اعتاب الحادية عشر من صراخ قد ينوبها اذا نبست ببنت شفة .. اذا سألت .. لماذا يا اماه ؟ ..


اضواء الارض تنير حدود السماء وكأنها تتحدى نجومها .. الشمس ابتعدت مع ابتعاد تلك العجلات عن مكان لا تعلم ان العودة اليه ستكون يوما ام لا .. تنهدت وعيناها اتعبهما البكاء .. وقلبها كقطعة اسفنج اعتصرت حتى لم يعد به دماء تنبض بها اوردته وشراينه .. لتقف العجلات اخيرا .. والتفاتة خوف من مريم الى النافذة حيث والدتها هناك .. ومنزل كرهته اضعاف بعد هذا اليوم .. نطقت بتوتر : امايه وصلنا ..


ليتبع صوتها صوت ذاك السائق : ماما ما في ينزل ؟


يدها المرتجفة تغوص في بطن حقيبتها .. الرؤية ضبابية .. وبالكاد استطاعت ان تنتشل ما يطلبه ذاك السائق اجرة له .. لتترجل بعدها تسحب ابنتها من خلفها .. وذاك الكيس البلاستيكي كما ذهب عاد .. وخلف الابواب غضب يتأجج من رجل اضحى لها البعل والمسؤول .. عيناه القادحتان بالشرر تنظر الى الباب الذي ادير مقبضه وفُتح .. ليعتصر شفتيه بغيض .. ودون ان ينطق التقت العيون الغاضبة بالعيون الدامعة .. لتضع الكيس في يد ابنتها ويدها الاخرى على ظهرها تدفعها بهوادة : حبيبتي روحي حجرتج .. ولا تطلعين منها الين اقولج ..


هل الشعور بقدوم المهانة جعلها تبعد ابنتها بشفاة تحاول ان تبعثر الصوت بقوة خلاف ذاك الضعف المستوطن حنايا الجسد .. الصمت يعود .. وكلام العيون يتبعثر في المكان .. لتسارع كفها نزع النقاب ويتدلى من بين الاصابع الساكنة بجانبها .. لتنظر اليه وكأنها تقرأ حديث قادم : ياللا .. قول اللي عندك ..


خطواته تتقدم نحوها .. ليقف امامها لا يفصل بينهما الا مسافة بسيطة .. وبتهكم ابتدأ الكلام : طالعة من البيت ويايه الحين باقي ساعة ويأذن العشا .. ولا كأن لج ريال لازم تاخذين شوره .. واظن انج تعرفين الصح من الغلط ..


اناملها الملتصقة ببعضها تغلق شفتيه : اسكت .. لا تزيد ولا كلمة يا عوض .. دخيل ربك ..



لتستدير من حوله راغبة بالانزواء بعد الفقد .. ولكن هيهات ان يكون لها ذلك .. يده الغليظة تمتد لذراعها .. يشدها اليه : مب عوض اللي ينقاله اسكت يا بدرية .. ووين بنتج ؟ يايتني ببنت وحدة والثانية وينها ..


آآه .. ليتني استطيع ان ادفنها بين ذراعي حتى مماتي .. ليتني ضعفت حين تركتها وعدت ادراجي .. تسأل عنها يا عوض وكأنها لك ومن املاكك .. ونسيت بان لها اهل هم احق بها .. اهل تخلوا عنها .. ولكن عندي يقين بانه لن يتركها : راحت لاهلها .


قالتها وانتزعت ذراعها من براثمه .. وهرولت مبتعدة .. ليشد خطاه المتباعدة خلفها .. ويُغلق الباب في وجهه ويُقفل .. ليضرب عليه بعنف : بدريه فتحي الباب وفهميني وين بنتج ؟


صراخه ذاك ارعب مريم لتقفل هي الاخرى الباب .. وتبتعد خطوتان للخلف .. تستمع الى صراخه ووعيده لوالدتها .. و عيناها جامدتان ..تنهدت حين هدأ المكان لتجلس بعدها بجانب سريرها .. لعل والدتها تأتي وتطرق الباب فتندس هي بين ذراعيها ..



يجوب الساحة الخالية امام ذاك الملحق وحديث غاضب يبعثره في مسامع عيد : اقولك البنت مب وياها .. وين اللي قلته لي .. وان البنات بيبقن عندي وانا اللي اتصرف فيهن مثل ما اريد ؟..


تنهد وفي عينيه لا مبالاة واضحة : انزين الحين هي قالتلك ان اهل البنت خذوها .. ما اظن ان اهل خالد بيقبلون فيها عقب اللي وصلناه لهم ..


انفجر من جديد صارخا : تظن والا ما تظن .. البنت محد – صمت واكمل – تدري شو .. فكه منها ..


انتشل الهاتف من على اذنه ليرميه بجانبه ويعود ليقضم حبات تباع الشمس .. ليتمتم لنفسه : انت وبدريووه تنيازون شو دخلني فيكم ..


ليلتفت بغضب حين نادته ابنته : خير .. شو تبين انتي بعد ..


بلعت ريقها : ابويه اكل الخدامة مب حلو .. وامايه ما صارت تطبخ مثل قبل ..


لتتحلق انظارهما على من القت السلام .. ورمت عباءتها على الوسائد في تلك الصالة . لتتأفف بتعب وتصمت حين لم تجد ردا على سلامها .. وعيناها تقعان على ابنتها ومن ثم على عيد : خير ان شاء الله .. شو بلاكم صاخين ( صامتين ) .


لتفترش الارض وتسحب اليها الصينية التي تعج بآنية القهوة وسلة فاكهة .. وتلتقط لها تفاحة خضراء تغمسها في وعاء الماء وتقضمها .. ليأتيها صوته الاجش : ليش الحين يايه .. كان بتي هناك ..


تربعت في جلستها وباهتمام اجابته : الصالون محتايلي و ..


يقاطعها بصوته وهو يقف : فشو ان شاء الله ؟ .. تنتفين شعر والا تحنين ؟ .. سمعيني زين من باجر ماشيء طلعة للصالون الا ساعة وحدة .. تشوفين الشغل وتردين .. والا ترى بقفلة ..


وقفت هي الاخرى بغضب : ان شاء الله تباهن يسرقنا .. اذا ما وقفتلهن ما بيبقالنا شيء .. وقالوها .. المال السايب يعلم السرقة ..


-
قلت كلمتي يا شيخوه وغيرها ما عندي .. لزمي بيتج وقابلي بناتج ومطبخج .. ترا العيشه صارت ما تنطاق من ورى اكل هالشغالة ..


ادبر لتشد شفتيها متشدقة .. وتقطب حاجبيها وهي تنظر لابنتها : كله من تحت راسج .. شو قايلة لابوج ؟


طوحت برأسها : قلت له ما نريد اكل الشغالة مب حلو ..


وجرت مسرعة خوفا من يد والدتها .. التي نفخت انفاسها بغضب .. لتنحني تلتقف عباءتها بعنف وشفتيها لا تكلان من التذمر .. فهي تعلم بان ذاك العيد لا يثني كلمته .. واذا قال فعل .. لربما خروجها زاد عن الحد المعقول بالفعل .. واذا استطاعت التوفيق بين المنزل وبين الـ"صالون " سيرضى هو .. هذا ما اقنعت به نفسها وهي تحث خطاها الى غرفتها .. وما هي الا دقائق حتى ولج بجسده .. ينظر اليها مدبرة ووجهها لدولاب ملابسها .. تتنزع لها بعض الملابس استعدادا للاستحمام ..


استدارت بعد ان جفلت من صوته القائل : الا شيخوه انتي شو سويتي فبيت ام خالد ؟


" بسم الله الرحمن الرحيم " قالتها ويدها عانقت صدرها .. لتردف وهي تتشدق : مثل ما خبرتني خبرت ام خالد .. بس ليش تسأل ؟


-
ولا شيء .. بس بدريووه وصلت البنت لاهلها وما ردوها ولا قالوا شيء ..


شهقت وهي تقترب منه بجانب الباب : من صدقك .. يعني الحين كلثم مب عندها – وبتفكير اكملت – بس ام خالد باين عليها صدقتني .. يمكن عقت بنتها .. والا غابت عنها ..


لتعود وتسأله بتأكيد : انت متأكد ان اهلها خذوها ؟


مشى حتى استقر على طرف السرير جالسا : هذا اللي قاله عوض .. بدرية كانت هني وصلت البنت وراحت ومب بعيدة بعد تكون راحت لاهل مريم ..


وكأنها تريد انهاء الحديث .. اردفت ملابسها على ذراعها ونطقت : بروح اتسبح .. وبدرييووه ما بتسوي شيء .. ومب عارفه انت ليش ما تريد البنات يردون لاهلهن ..


ادبرت لينظر الى ظهرها وبصوت عالي قليلا : عشان عوض يريد يستفيد من وراهن مثل ما استفدنا من ورى امهن ..


رأسها يطل من خلف باب دورة المياه ( اكرمكم الله ) : وليش انت ما فكرت مثله وخليت البنات عندك .. هذوه غلبك واخذهن .. واللي لازم تفكر فيه الحين شبيب اذا درى عن الاوراق والكلام اللي وصل حرمة عمه ..


اختفت .. ليصله صوت نزول الماء بعد ثواني .. هي محقة فيما تقول .. ليس الخوف من عوض وغضبه انما الخوف من شبيب اذا علم بما فعله .. تنهد ليقف .. ويحث الخطى خارجا وقد عقد حاجبيه في خوف من القادم .. واخذه التفكير ابعد من مكانه ..



,,



,,

تخلل الهدوء المكان بعد ابتعاد مبارك مع هاشل الى غرفة مبارك للعب .. لتمدد تلك العجوز ساقيها .. وتنظر الى مها الجالسة تشاهد التلفاز : تعالي همزيلي ريولي ..


التفتت نحوها واذا بها ترفع نظرها لخالتها المقبلة من المطبخ : انا بهمزهن لج .


وجهت حديثها لمها : مها فديتج روحي شوفي العشا .. وقصري ع الغاز ..


" ان شاء الله " .. قالتها وقامت واقفة لتغادر الصالة الصغيرة .. وتجلس خالتها تدلك ساقي تلك العجوز : خالتي ترى العشا ع الغاز .. ولا بتروحون من بيتنا الا وانتوا متعشيين ..


-
بلاج يام خالد .. ما قالج شبيب مانبي عشا .. ومن عقب التفرفر بالسوق اكيد بيروحن يرتاحن ..


يداها تتحركان لتدلكان جيدا : يا خالتي ما سويت شيء .. عشانا هو عشاكم .. يعني ياين عندنا ولا نكرمكم .. وبعدين بو خالد بيزعل اذا درى انكم وصلتوا ولا تعشيتوا ..


اردفت وهي تتوقف عن عملها : سبحان الله ولد الحلال ع الطاري .. هذوه وصل من المزرعة ..



قالت ذاك الحديث حين سمعت وقوف سيارة في ساحة المنزل .. لتنطق تلك العجوز وهي تتتبع حفصة بنظرها حيث وقفت : وشو دراج انه هو .. يمكن حد ثاني ..


-
محد بيينا ..


واذا بها تتراجع عن الخروج حين دخل مطر : امايه سلطان ولد عم مها هني وياه ابوه وواحد من اعمامه ..



تقترب منه : انزين القهوة زاهبة فالميلس .. واتصل ببوك شوفه وين ..



وما هي الا لحظات من خروج مطر حتى وقفت مها سائلة عن القادم .. لتفاجأ بالجواب .. وبعدها تترك المكان صاعدة .. هاهو كما قال فعل .. نهاية الاسبوع .. تشتتت افكارها بشكل لا يمكن ان تصفه .. حتى استقرت على نافذة غرفتها المظلمة .. ونظرها يسرق من الخارج صور .. تراه يقف مع مطر ومن ثم يلج الى داخل المجلس .. بلعت ريقها لتترك النافذة وينسدل الستار .. ومن ثم تنير الاضواء .. وحديث نفس يطرق المكان : شو بلاج يا مها .. ليش هالتوتر .. ؟



يمضي الوقت لتنتبه لاختلاط الاصوات في الاسفل .. لتقف تشد على شعرها " شيلتها " .. لم تعد تشعر بالراحة بوجود مطر في المكان .. كما كان وجود خالد يجعلها حبيسة الغرفة .. ابتسامتها ترتسم وهي ترى ام شبيب وشامة مع خالتها في تلك الصالة .. لتحاول مع الوقت ان تنسى من يقبع هناك .. تنساه بالحديث والضحك المتبادل .. الاجواء عائلية لا تستدعي لحظة تفكير بما سيأتي لاحقا .. فاتخذت من الاحاديث الدائرة عازل لها ..



هناك في ذاك المجلس الرجالي .. يجتمع الجميع .. وانظار غاضبة مستترة تتبعثر من عيني سلطان لوجود شبيب في المكان .. وسرعان ما ارتسمت على وجهه ابتسامة .. لعلها ابتسامة نصر حين القى والده بالطلب الذي تمناه .. يرقب حركة شبيب الهادئة .. تناوله لفنجان القهوة وارتشافه منه .. ومن ثم بهدوء يهزه لمطر معلنا الاكتفاء ..



لماذا هذا السكون يجتاحك يا شبيب ؟ .. وانا الذي كنتُ اظن بانك ستثور بغضب من هذا الطلب .. ستتمنع وستهيج لان خطيبتك ستبتعد عنك .. ايعقل باني منقذ لك من ارتباط لم ترغبه .. اجل هو ارتباط لا يرغب به احد .. حتى انا يا شبيب لا رغبة لي به .. ولكن عليّ ان افعل .. بل الزاما لي ان اكون زوجا لها ..


تنهد وهو يسمع حديث حمد لوالده : يا بو سلطان البنت وسبق انها رفضت العرس .. وانا ما اقدر اجبرها ع شيء ما تريده .. هذي حسبة بنتي ..


ليقاطع الحديث هو : عمي .. هذاك اول .. وبقاء الحال من المحال .. انت اسألها من يديد ما بتخسر شيء .. وترا انا شاري بنت عمي ولا باخذ غيرها ..



,,

هل تمر الاحداث في حياتنا سهلة ؟ .. فننساها ونتركها .. وان كانت لا تعنينا هل الى غياهب الامبالاة نرميها .. افكاره تاخذه بعيدا .. تلك التي جُملت في عينيه سيأخذها شخص آخر .. سينتهي فصل من حياته كان على وشك الاستمرار .. لينتهي على يد ذاك السلطان .. هل له من اسمه نصيب ؟



تلك اسئلة عقيمة تتراكم في عقله على اصوات شقيقيه ووالدته وجدته في تلك السيارة .. فذاك الهاشل غاضب .. ليدنو من كرسي شبيب ويطل برأسه : شقايل تاخذلها هدية وانا لا .. هي ما تدرس .. وانا طالع من الاوائل ..


وبهدوء اجابه ولا تزال عينيه على الطريق : هذي مب هدية نجاح ..


ليصرخ : اريد مثلها .. ما يخصني .. ليش تشتريلها كام وانا لا ؟


" لا حول ولا قوة الا بالله " .. ضجت في المكان من فيه شمسة .. لتسحب هاشل من ذراعه : ايلس وخل اخوك يعرف يسوق ..


واذا بيدها تمتد من خلف ظهر ذاك الصغير لتضرب كتف شامة : وانتي ما حلالج تفتحينها الا الحين ..


-
آآخ .


وكفها تتحرك على مكان تلك الضربة : اماية ليش تضربيني .. وبعدين شدراني ان هالمفعوص – تضربه على كتفه – بيسوي كل هالحشرة ( الازعاج )


-
جب انزين .. انا ريال مب مفعوص ..


ليعود يطل برأسه : شبيب ما يخصني اريد هدية مثلها ..



كان هناك في رأسه ضجيج لا يعلم به احد .. ففضل الصمت .. لتنطق تلك العجوز زاجرة حفيدها : هاشل ايلس .. واللي عند اختك بتعطيك اياه ..


لتصرخ تلك وهي تدس العلبة بجانبها : لا والله ما بعطيه .. تبينه يخربها علي .. هذي مب اي كام يدوه .. هذي بروفيشنال .


وتلك الكلمة الاخيرة مدتها مطولا .. ليصرخ هاشل مجددا : سمعتوا .. ما يخصني تيبولي مثلها يعني تيبولي ..


ليصمت الجميع فجأة بعد صرخة غضب اطلقها شبيب : هاشل اقصر الشر وايلس .. والا والله انزلك فهالمكان واروح عنك .



ثغره مفتوح وعينيه تركزتا على جانب وجه شبيب .. لينسحب للوراء ويجلس بأدب .. والجميع فضل الصمت .. شبيب غاضب .. وغضبه لا يأتي الا نادرا وقد يكون معدوما جدا .. لا صوت يسمع حتى استقرت عجلات السيارة في ساحة المنزل ..


ترجل الجميع .. ووقف هاشل بجانب السيارة .. ساخط بقوة .. يكتف ذراعية وقد اعتصر شفتيه بقسوة .. يرى تحركات الخادمة لحمل اكياس المشتريات .. و شبيب هناك في الخلف ينزل الاكياس .. وبعدها يغلق باب سيارته ويبتعد دون ان يهتم لذاك الغاضب .. لتخطو خطواته الصغيرة خلف شقيقه .. ومن ثم يسمع جدته تنادي عليه .. ليقف يراه يبتعد خلف الجدران .. ويحث الخطى لغرفة والدته .. يقف عند الباب : امايه الحين ليش شبيب يعصب علي .. وشامووه الغبية ما يقول لها اي شيء ؟



بصوت هادئ وهي تعلق عباءتها في دولابها : هاشل فديتك راسي معورني .. بسك من الحنه .. باكر بيشتريلك شبيب اللي تباه ..



وتركته هي الاخرى نحو غرفة والدتها .. لتلج حيث كان الباب مفتوحا .. وتراه جالسا بجانب جدته .. لتسمعها تسأله : شو بلاك .. مب عوايدك تصارخ ع اخوانك .. والا اللي صار فبيت عمك اثر عليك ؟



التفت لوالدته الساكنة في وقفتها .. ليعود نظره الى حجره حيث ربع ساقيه : مادري شو بلاني .. يمكن من اللي صار .. ويمكن من ضغط الشغل .


اقتربت لتجلس بجانبه .. وكفها تقع على فخذه : انت تخليت يا شبيب ومالك حق الحين تحط اللوم ..



أجل يا والدتي أنا من بدأ الابتعاد ظنا مني ان هذا ما اريده .. لا اعلم ماذا حدث اليوم .. هل هو حب التملك الذي سيطر علي .. هل شعرت باني املك تلك المها حين خطبتها وسميت لي ؟ .. لا اعلم ما يحدث بين اضلعي .. لعله الشعور بالخسارة .. لم اخسر يوما شيء بسيط كهذا ..



تنهد .. واذا به فجأة يقف على صراخ الخادمة .. وتهرول من خلفه والدته وتتبعها شامة .. وتحاول تلك العجوز ان تتعكز على عصاها لتلحق بهم ..



,,

ارتحلي يا عذابات سنيني القصيرة

ارتحلي وودعي حنايا انفاسي المتعبة

فاني اغرق في عالم لا اعيه

بقلمي ~





هناك قبيل ان تغيب الشمس خلف محيط الارض .. كانت تنظر الى والدتها المبتعدة .. ترغب بالحاق بها فتمنعها زجراتها القاسية .. فتسمرت القدمان .. وشهقات تتابع من صدرها المتحشرج .. والم الدموع يطغى على مقلتيها .. وهي مكانها تقف كما امرتها والدتها .. بعيدا عن بوابة المنزل .. بجانب الجدار وكيس بجانبها وقع على جانبه .. صوتها الخافت المتقطع ينادي من حملتها تسعة اشهر ... ولكن لا من مجيب .. حتى اتعبها البكاء . واعياها مرض لا يرغب بعتقها .. لتجلس بعد حين تترك رأسها يستند على الجدار ..ورغبة بالاكسجين تعتري رئتيها .. حتى ما جن الليل تهادى جسدها المتعب ليسقط على التراب .. وحرب رعناء تعتمل في صدرها لنيل ذرات الهواء ..



تقف بخوف امامه وهو يسألها : شو مستوي .. شبلاج ؟


لتشير بيدها بعيدا : بيبي في موت .. انا يروح يسكر باب يشوف بيبي ميت ..



هرول من المكان الى حيث اشارت تلك الخادمة .. ليجد الجسد الصغير الساقط .. فيسقط هو على ركبتيه بجواره .. كفه اصابتها ارتعاشة خوف .. قد تكون فارقت الحياة .. ليبتسم حين وصل الى مسامعه صفير صدرها المنهك .. فيسارع بوضع راسها على ذراعه .. وكفه اليسرى سرعان ما اندست اسفل الركبتين لينتشلها ..



" منو هذي ؟ " سؤال القته والدته المرتعبة عليه .. ليجيبها : مادري ..


وبعدها يصرخ على شقيقته : شامة لبسي عباتج وتعالي وياي ..



ارتباك غريب اصابها .. لتجري تنفذ أمره .. ويجلس هو على حافة العتبة المؤدية الى داخل المنزل .. وكلثم في حجره .. يرى وجهها الآن بوضوح .. فالانوار هنا كشفت له من تكون .. ليجيب على التساؤلات المتقاذفة من الشفاه : كلثم بنت خالد .



كفه تبعد خصلاتها المتبعثرة على وجهها .. واسئلة تتلاحق على ذهنه .. لما هي هنا ؟ .. كيف جاءت ؟ ولماذا ؟ .. ليقف مع خروج شامة من المنزل .. ويأمرها بالصعود ليضع كلثم بين ذراعيها .. ابتسمت وهي تنظر اليها .. وسرعان ما رفعت نظرها تتابع مرور شبيب من امام السيارة .. وصوت والدتها يصلها : شبيب وين رايح ؟ .. توك ياي وما واحيت ترتاح ..



التفت لوالدته ليمسكها من كتفيها وتلك الابتسامة غيرت ملامح وجهه الذي كان : باخذها للمستشفى .. هذي بنت خالد يا ام شبيب ..



ليبتعد بعدها .. وتبتعد السيارة من المكان .. وذهول اصاب شمسة ..
وان كانت ابنة خالد هل تستحق ان يتعب نفسه لاجلها بهذا الشكل .. لتلتفت على كف والدتها الرابت على كتفها .. وبعدها ترفع نظرها لها حين نطقت : هذي راحته وحصلها .. انتي بس ادعيله ..



أي راحة تتحدثين عنها يا أمي ؟ الا ترين ان وجود تلك الصغيرة بمفردها هنا يضع العديد من الاحتمالات .. فاين والدتها .. وكيف سيستطيع ولدي ان يعتني بها .. وكيف ستكون حياته القادمة ؟



انسحبت خلف والدتها وتلك الاسئلة تحوم عليها كجوارح تنتظر فريستها .. وهناك بعد دقائق اختصرها هو بسرعته الجنونية .. جرى مسرعا بعد ان حملها من على ذراعي شامة .. ممرات الطواريء يذكرها جيدا .. هنا تحدث الكثير من الامور .. وحدث في حياته الكثير منها .. مرورا بوالده وانتهاء بصاحبه .. والآن طفلته الصغيرة .. تقف شامة بجانبه وهو ينظر لذاك الطبيب الذي باشر بوضع المصل المغذي في كفها .. وكمامة الاكسجين على فيها وانفها .. وسماعته تعود من جديد تقبع ببرودتها على صدرها العاري .. ليهز رأسه .. ويبادر شبيب بسؤاله : خير دكتور ؟


-
لازم تبقى عندنا .. وبنسويلها اشعة باين ان ازمة الربو عنيفة هالمرة ..



قطب حاجبيه لينظر الى الطبيب يحدث احدى الممرضات .. وما ان انتهى حتى تحرك ناحيته .. وشامة من بعيد ترقبهما وسرعان ما ابتعدت لتقف بجانب السرير الابيض ..


اقترب منه وهو يكتب بعض الملاحظات في ذاك الملف : قلت هالمرة ؟ .. يعني تعرفها من قبل ..


رفع بصره : هيه .. بنت خالد الـ ... .. ابوها كان دوم ايبها لنا .. ملفها مويود عندنا .. بس الظاهر ان هالمرة ازمتها اقوى عن قبل .. بنسويلها تحاليل واشعة .. ويمكن نغير لها البخاخ اللي تستخدمه ..



كفها تمسح على رأسها بحنان .. لا تعلم لماذا يخالجها شعور جميل بالنظر الى وجه كلثم الصغير .. ارتفع نظرها على دخول شقيقها : شو قالك ؟


تنهد وهو يضع كفه على رأسها .. لتبعد شامة كفها .. ويجيبها : بيخلوها عندهم ..


وبعدها صمت وقد التصق حاجبيه .. فوجهها الطفولي متعب .. وصدرها يثير الحزن بصوته وارتفاعه وهبوطه المتسارع .. ليجد نفسه لا شعوريا يضع كفه الايمن على صدرها .. وشفتيه ترتلان ايات من الذكر الحكيم ..


حين رأته بهذا المنظر صمتت .. واخذت ترقب ملامحه ونظراته الناظره لوجه الصغيرة .. شقيقها الحنون .. دائما كان هكذا .. وسيبقى هكذا .. مهما قسى في بعض الاحيان .. الا ان قلبه سيظل ينبض بحب غريب لمن هم قريبون منه .. تتمنى في هذه اللحظة ان تنبش بين افكاره وترى سر تلك النظرات للوجه المريض .. نظرات غريبة لم ترها يوما .. او لعل تغيرها بات يجعل كل شيء مختلف ..



,,

,,

يوم آخر يحمل في طياته الكثير من الاحداث .. انهت ارتداء عباءتها و " شيلتها " ومن ثم نقابها .. لم تبقى في عيادتها الا ساعة لموعد مع احدى مريضاتها .. وها هي تغادر المكان .. وحقيبتها السوداء على ذراعها .. تنزل الدرجات بعد ان رأت شاب قد سبقها ليستقل المصعد .. وهاهي تصل اخيرا بتعب انفاسها .. لترى السيارة قد توقفت تنتظرها في الموقف .. مشت حتى ما فتحت الباب الخلفي لتصعد داهمها هواء التكيف البارد .. القت التحية : السلام على من اتبع الهدى .


لتجيبها تلك الفلبينية : سلام مدام ..



وانتظار تحفظه تلك السائقة جيدا .. ونظرها على القابعة في الخلف تنزع النقاب وتضعه جانبا ومن ثم تتسارع شفتيها لتنطق بخفوت : سبحان من سخر لنا هذا وما كان له مقرنين .. وانا الى ربنا لمنقلبون ..




وتبعتها : اللهم أنت ربي لا اله الا انت خلقتني وانا عبدك وانا على عهدك ووعدك ما استطعت .أعوذ بك من شر ما صنعت . وأبوء لك بنعمتك علي وأبوء لك بذنبي فاغفره لي فانه لا يغفر الذنوب الا انت .




وتمتمت بصوت عالي قليلا : بسم الله ، توكلت على الله . ولا حول ولا قوة الا بالله .




تنهدت .. وتلك تحركت بالسيارة .. ترى عادات تلك المسلمة الدائمة .. ادعية كثيرة تتمتم بها وهي لا تعيها .. تساورها الشكوك .. وكان قبلا يساورها الخوف منها .. اما الآن فهي تشعر بطمأنينة بقيادتها لتلك السيارة وتلك الـ ريّا تقبع في الخلف ..




نظرت من جديد من تلك المرآة لتراها مطأطأة الرأس وفي يدها ذاك الكتاب الصغير .. كتاب الله تعالى .. وكلامه الباقي ليوم الدين .. بلعت ريقها وتكلمت : مدام .. هل استطيع ان اسألك ؟



تمتمت بالتصديق واغلقت المصحف : تستطيعين ذلك ..



عيناها على الطريق : لماذا دائما تستوقفينني خمس دقائق قبل ان اتحرك ؟ وماذا تقولين بصوت لا اسمعه ؟



ابتسمت : نيرما .. نحنُ المسلمون نحاول بقدر المستطاع ان نكون قريبين من ربنا .. ليحمينا .. ما اقوله هي ادعية تحفظني .. ليس خوفا من الدنيا بقدر ما هو خوف من الاخرة .



قوست شفتيها .. وسرعان ما هزت رأسها .. لتبتسم ريّا : لم تفهمي ؟



-
لم افهم



بللت شفتها السفلى بلسانها .. عادة تسبقها دائما اذا بدأت التفكير بحديث تطلقه : اممممم انتم الا تعبدون إله ؟



هزت تلك رأسها بالموافقة .. لتردف هي : وتطلبون منه ان يساعدكم .. نحن ايضا نفعل ذلك .. ونعلم ان إلاهنا لا ينام .. وسيظل ينظر الينا دائما .. فنطلبه الحماية كُل حين .. بالطبع ليس جميعنا .. كثيرون منا نحن المسلمون تاهوا خلف ملذات الحياة .. متناسيين ملذات الحياة الاخرى .



-
هل هناك حياة بعد الموت ؟



-
اجل .. سنبعث بعد الممات .. الصالح يذهب الى الجنة .. والسيء يُقاد الى النار ..




التفتت الى النافذة بعد صمت تلك .. لن تسترسل بالحديث .. فان ارادت تلك المزيد ستعطيها .. كفها تمسك مقبض الباب بقسوة .. وعيونها ترنو ابعد عن تلك السيارات المارة بجانبها .. لا تراها كم لا يرونها هم .. اولئك المتسابقون على الاسفلت .. وياليتهم يتسابقون الى الخيرات ..




توقفت السيارة في ساحة الفلة الصغيرة .. لتترجل بعد ان شكرت تلك السائقة التي استقدمتها لتكون معها على الطرقات .. فهي تخشى السياقة .. وان كانت طبيبة نفسية فهي انسانة لها مخاوفها .. ولجت الى الداخل لتبتسم اكثر واكثر وهي تدنو من الجسد القابع على الكرسي المدولب إثر اصابة بشلل نصفي .. لتقبل رأسه الاشيب وتشمه بنهم .. وبعدها ترمي حقيبتها جانبا .. وتجلس عند قدميه بعد ان نزعت عباءتها وغطاء شعرها .. لتتسابق كفاها تدلكان الاعضاء الميتة : شلونك يالغالي ؟ ادري زعلان علي لاني طلعت واليوم اجازة .. بس شو اسوي احتايتني وحدة من مريضاتي وما قدرت اقول لا ..



يده السليمة تتحرك لتقع على رأسها .. وسرعان ما تلتقفها تقبلها وتضع وجنتها فيها : الله لا يحرمني من وجودك ..





,,

وجودها اضحى مريضا في ذاك المكان .. تشعر بالضياع من بعد رحيلهما .. هل بدأت تشتاق للخروج مع ليلى .. ابتسمت على ترهات افكارها .. لماذا فعلت كُل ذلك ؟ وهي لم تحبه سوى نزوة عابرة تملكتها .. تجلس امام التلفاز في شرود تام .. والجهاز في يدها ساكن .. حتى اصبعها سكن على احد ازراره .. اليوم هادئ ووالدتها غادرت المنزل لشراء ما يلزم للشهر الفضيل القادم بعد ايام معدودة .. لعله بعد ثلاثة ايام او اربعة .. العلم عند الله في ذلك .. تنهدت وهي تستفيق من شرودها ذاك .. لتترك المكان الى المطبخ .. ستصنع لها خُبز بالجبن وتاخذ معها عصير برتقال وستعتزل في غرفتها ..




تنهدت من جديد وهي تغترف بالملعقة الجبن لتضعه على قطعة الخبز وتدهنها .. وحديث نفسها يتسابق : الين متى هالحال .. حاسه اني مب عايشه ..




زفرت انفاسها وهي تلتقف ما صنعته .. وخطواتها تشدها نحو الثلاجة لتختطف علبة عصير برتقال .. وترتحل الى غرفتها وهي تقضم من قطعة الخبز .. ولجت واذا بها تضع علبة العصير على " الكوميدينة " وتلتقف هاتفها .. الساعة تقارب الحادية عشر صباحا .. رمته لتشد الخطى الى نافذتها .. وسرعان ما توقفت عن المضغ وهي ترى شخص يقف هناك .. امام بوابة ذاك المنزل .. وحقيبة كبيرة بجانبة ..



يقف منذ دقائق امام المنزل .. ترجل من سيارة الاجرة مع حقيبته تلك .. وعلى رأسه قبعة سوداء وقد تسابقت خصلات شعره الناعم لتقع على كتفه من خلفها .. وشعيرات لحيته المطوقة لثغرة تكسي وجهه النحيل شكلا جميلا ..

تمددت شفتيه ببتسامة واسعة .. وذراعه ترتفع لتمسك انامله طرف نظارته الشمسية .. وينتزعها ويدسها في جيب قميصه .. قريبا من القلب .. وتنهيدة شوق بعثرها : واخيرا رجعت لريحة الطيبين .


,,

هنا اقف وموعدنا باذن الله يوم الاحد مع زفرة مليئة بالاحداث ..





♫ معزوفة حنين ♫ 08-05-13 02:14 PM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
اوتار قلبها منذ البارحة تعزف سيمفونية لا تعيها .. لحنها غريب وكأنها قادمة من مكان لا حياة فيه .. مكان مغاير او لعله موازي للمكان الذي هي فيه .. جاءتها بالامس خالتها بحديث قاله لها حمد .. يخبرها بان سلطان راغبا بالارتباط بها .. ويشتري ابنة عمه .. وهل هي سلعة لتشترى ؟ .. تنهدت بعد ان افاقت من غيبوبة التفكير .. لينسل المشط من بين خصلاتها ليقبع على ظهر التسريحة داكنة اللون .. نظرت الى وجهها في تلك المرآة .. تخاطب ذاتها .. عينيها اللتان ابتعدتا عن النوم ليلا .. وفضلا السهر خلف افكار عقيمة تأخذها للبعيد .. كثيرا ما تركت سريرها لتصلي مطالبة رب الكون بالعون .. ليمدها بشيء تتمسك به .. لكن لا شيء .. لم ينتابها اي شعور .. فقط الفتور المخيف ..



وقفت لتحرك ساقيها خارجة من غرفتها بعد ان ارتدت " شيلتها " خوفا من مصادفة مطر .. سكون غريب طوقها وهي تقف على عتبات النزول .. تنظر الى الاسفل .. البارحة كانت هناك في الاسفل تحاول ان تتناساه .. وبعدها اجتاح كيانها بحديث كانت تخاف منه .. مشت بخطواتها تنزل الدرجات ببطء ويدها تعانق المعدن المذهب ..

تنهدت من جديد .. وهي تتخطى آخر عتبة للنزول .. وسرعان ما رسمت ابتسامة حين جاءها صوته مصبحا عليها .. لربما هي بحاجة للحديث مع من اعتبرته ابا لها .. تابعته بنظراتها الى الصالة التي جمعت احاديث نساء منذ ساعات خلت .. لتتبعه بعدها بقدميها .. حتى ما ولجت تسارعت انفاسها .. توتر يجتاحها .. ولكنها بحاجة لتصل الى جواب .. تحتاج لتُسكن الخوف الذي يعصف بقلبها ..



تقدمت منه وهو يرتشف له فنجان قهوة صباحي قبل ان يغادر الى حيثُ المزرعة .. لتقف : عمي اقدر اسولف وياك شوي ؟


ترك الفنجان من يده وابتسم : يلسي .. وقولي اللي عندج ؟


جلست على ركبتيها بخجل احاطها .. لتزدرد ريقها : عمي انت ربيتني مثل بنتك .. ووالله انك ما قصرت .. عرفتني الصح من الغلط .. بس هالمرة مب عارفه الصح من الغلط ..


شدت قبضتيها الساكنتين على فخذيها .. ونظرها يصب امامها .. لينطق هو : مها .. اذا ما تبينه محد بيغصبج .. حتى ولو كان ولد عمج ..


هزت رأسها بعنف ونظرها يرتفع ليقع على عينيه الغارقتان في تجاعيد خفيفة : مب ذا قصدي .. عمي انا ما اعرف سلطان .. ما اعرف اذا هو زين او شين .. عقلي ضايع مب عارفه افكر .. الموضوع وترني .. اخاف يمنعني اكمل السمستر اللي باقي لي اذا وافقت عليه .. اخاف انه ما يكون مثل ما احلم ..


تنهد : سمعيني يا بنتي .. محد ياخذ اللي يتمناه واللي يحلم فيه .. الحياة غير فديتج .. وسلطان ما اقدر اقول فيه الا الخير .. يمدحونه .. ويسد انه تغرب ورجع بشهادة عودة بدون ما يتأثر بالغربة .. صلي استخارة .. ولا تستعيلي بالرد .. وصدقيني اللي تبينه هو اللي بيستوي ..


وقف واردف وهي تقف معه : فكري زين لان هذي حياة كاملة مب يوم وليلة .. وحطي فبالج انه بيصونج دامه من اهلج ..



وابتعد لتتقاذف الافكار عليها من كُل حدب وصوب .. تجبرها على الضياع .. لم تنتبه لدخول خالتها حاملة صينية الافطار .. ولم تنتبه لسؤالها عن بعلها .. هي في دوامة جديدة عليها .. زواج ومسؤولية كبيرة .. ليلى في مثل عمرها ولكنها تراها مختلفة من ناحية تكوين اسرة .. حركت قدميها وهي تسمع صوت حمد في الخارج يتحدث في هاتفه .. فانصرفت عائدة ادراجها .. عليها ان تضع جميع الاحتمالات امامها .. ان هي وافقت فعليها وضع شروط اولها انهاء الدراسة واخرها العمل ..



وقف في ساحة المنزل حين باغته اتصال من شبيب .. ليرحب به كثيرا .. وسرعان ما قطب الحاجبين : انت شو يالس ترمس .. قلت لك هالسيرة لا تفتحها .. خالد ما عنده بنات ..


تنهد بخفوت وهو خلف مكتبه : عمي الله يهداك اسمعني .. لا تسكر باب النقاش بهالشكل .. لو ما متاكد انها بنته ما رمستك .. كلثم محتايتلكم انتوا اهلها .. و..


ليقاطعه وقدماه تدوران في ساحة بسيطة من تلك الساحة الشاسعة : شبيب كلمة وقلتها .. واذا امها رمتها عليك انا مب مجبور اربي عيال الغير .. وكلمة زيادة فهالموضوع ما اريد اسمع .. ووصل بنتها لها ..



الحديث كان امام ناظريها .. ومسامعها التقطت كل حرف قيل .. لتبتلع ريقها وهي تقترب من حمد الغاضب : بو خالد .. عندي سالفة ما قدرت اخبرك فيها .. بس دامني سمعت اللي سمعته لازم اقولك ..


انعقد حاجبيه : حفصة لا تقوليلي بنت خالد وانا بربيها .. الي سمعتيه الحين انسيه .. وشبيب بيرجع البنت لامها ..


هزت راسها بخفة : لا مب ذي السالفة .. تعال وياي وانا اخبرك ..


مشت امامه نحو مجلس الرجال الخالي .. هناك ستبعثر حديث ارادت ان تطويه في صدرها ولا تخرجه .. ولكن وجود كلثم وظهورها في حياتهم يستدعيها لان تتكلم .. لان تضع الحروف امام عيني حمد ..


جلست في زاوية الكنب الطويل ليجلس هو بجانبها على الكنب الاخر : خير يا حفصة شو اللي داستنه وتبين تخبريني عنه .


تحتاج الى القوة لتحكي .. وللهواء لتعُب رئتيها حتى لا ينقطع الحديث .. فشدت انفاسها : من ايام يتني هنا حرمة اخوها ..


حاجباه ينعقدان في عدم فهم لحديثها : حرمة اخو منو ؟


-
الحرمة اللي يقولون ان خالد تزوجها .


اطرق السمع بصمت في رغبة لمتابعة الحديث من ثغرها .. لتكمل : يت ووياه اوراق .. هالاوراق تقول ان البنت مب بنت ولدك .. وفي اوراق غيرها تقول ان خالد عمره ما خذها .. ورقة الزواج كانت باسم ريال غير ... وشهادة ميلاد البنية باسم هالريال .. اولاد اخوانك ضحكوا عليك يا حمد .. والله العالم شو نيتهم ..


لتدارك ما سيؤول اليه حديثها اردفت : ويمكن هم بعد مخدوعين .. ما اعرف .. بس الاوراق قريتهن زين ..


صرخ : شو هالرمسة اللي اسمعها ..


كفاها يشدان على يده بقوة : الله يخليك يا حمد .. الحرمة حلفتني ما اقول شيء عن الاوراق .. تراها يايبتنهن بالخش .. الله يخليك لا تييب سيرة لشبيب ولجابر عنهن ..


سحب يده وهو يقف .. ونظراته تقدح بشرر نحوها : وليش ما تكلمتي من يومها .. الحين يايه تخبريني ..


وقفت وكفاها عادا ليشدان على يده : لا تخليني اخلف بوعدي .. ولولا الحلف والوعد كنت تكلمت من يومها ..


مشى عنها دون ان ينطق .. فذاك الحديث اخرسه .. بل انه اثقل لسانه عن البوح .. وقلبه بدأت نبضاته تتسارع حتى وكأنه في سباق مع ذاته .. ابتعد عن المنزل .. سيعيد ترتيب ما قيل .. وما سيقال سيرتبه ايضا .. ليس سهلا ان يُخدع ممن اعتبرهما في مكانة ابناءه ..


اما هي فجلست بانكسار .. تحاول ان تسيطر على انفعالات روحها .. ولسانها يتمتم بدعاء ليكون كل شيء بخير .. لا تريد ان تخلف بما اتفقت به مع تلك المرأة .. ولكن لن ترضى باستغفال زوجها من قبلهم .. لن ترضى بذلك ابدا ..



,,

منذ ان تركها شبيب متوجها الى عمله وهي تشعر بملل قاتل .. ونعاس يداعب مقلتيها كُل حين .. ولكن صوت جهاز التنفس يجبرها على عدم الاستمتاع باغفاءة حتى لدقائق قصار .. وتلك الجلسة المتعبة على تلك الاريكة الصغيرة تجعل عظامها تتأوه كلما استلقت .. اغمضت عينيها وقد اطلقت العنان لرأسها ليرتاح على ظهر تلك الاريكة .. فقط ستغفو قليلا حتى يأتي الطبيب يطمئن على تلك الصغيرة .. وربما تخرج معها بعدها ..


انفاسها بدأت تنتظم دون ان تشعر .. ارتحلت بعيدا عن صوت ذاك الجهاز .. ابتعدت عن زوايا المكان .. كلثم مستلقية في تعب انهكها .. وتنفسها شبه طبيعيا .. فلا تزال رئتيها تأنان تحت وطأت ضيق الانفاس .. جفونها تصدر حركة خفيفة تنبأ عن الاستيقاظ .. وسرعان ما فتحت عينيها .. ليس غريب عليها الصوت المسموع .. ولا قطرات البخار التي تشعر بهن على انفها واسفله وجانبي فيها .. كُل شيء تعرفه .. لتعود لها ذاكرتها .. تركتها والدتها واقفة هناك .. تقوست شفتيها وبنبرة متقطعة نطقت : ما .. ما ..



واذا بشهقاتها تتابع .. ونداء لامرأة كانت لها الصدر الدافئ .. رمشت تلك بعينيها مرارا وكأنها تستوعب الصوت الذي طغى على المكان .. لتعتدل في جلستها وسرعان ما تقف تشد خطاها الى ذاك السرير .. ويدها تقع على رأس كلثم .. وجذعها قد انحنى اليها : اشششش حبيبتي .. ليش تصيحين ..


-
اريد ماما


وبابتسامة مع صوت حنون : خلاص فديتج لا تصيحين .. وماما بتي .. بس خلج شاطرة .. بعدين البنت اللي تصيح مب حلوة ..


اناملها تمسد شعر تلك الطفلة المجعد .. لتهدأ رويدا رويدا : عفيه ع الشطورة ..


تركتها لتسحب لها كرسي وتجلس بجانبها .. وكفها تمسك الكف الصغير : انا شامة .. وانتي شو اسمج ؟


لا اجابة تصلها .. وتقوس الشفتين لا زال قائما .. اما تلك الشهقات المتتابعة ارتحلت .. لتردف وهي تمسح دموع سقطت على جانبي الوجه الصغير : يعني ما بتخبريني باسمج ..


حركت راسها في سخط .. وقطرات دمع انسكبت من جديد .. لتسارع الانامل الصغيرة لليد الحرة لمسحها بعشوائية .. قلبها بدأ يؤلمها .. فحال تلك المستلقية لا يسرها .. تنهدت فلا تستطيع فعل المزيد .. ماذا عساه تقول لها .. كم من كذبة عليها ان تلقيها على مسامعها .. مسحت على شعرها من جديد .. وابتسامة ارتسمت على شفتيها : ما قلنا ما نريد دموع ..


لتسحب يدها بسرعة على صوت الطرقات .. وتسارع لترتيب " شيلتها " وتدس اطراف خصلاتها عن الاعين .. القي السلام من قبله .. لترده على مضض .. وتبتعد للوراء .. شعور غريب اجتاحها .. تشعر براحتيها تتعرقان .. ونبضات قلبها تتسارع .. وانفاسها تضيق .. تكره صنف الرجال .. او لعلها تكره ما يذكرها بما حدث لها .. وهو هنا مع تلك الممرضة .. وهي وحيدة .. تنظر اليه وهو منحني عليها ..



دخل بطوله الفارع .. ومن خلفه ممرضة تصل الى اسفل كتفه .. ليبتسم بعد القاءه للسلام .. وينحنى على ذاك السرير : شخبار بنوتتنا الصغيرونه ..


تعرفه .. وتذكر معاملته لها .. طبيبها المعالج .. رأى تقوس شفتيها يزداد .. ونوبة بكاء على وشك الانطلاق : افااا .. الحلو زعلان منا ..


اشار للممرضة لتنزع ابرة المصل من كفها .. واقترب اكثر هامسا في اذنها : اذا صحتي مافي حلاوة .. ولا باخذ الكمامة عن ويهج ..


ابتعد ليرى عيونها جامدة ودمعها ينسحب على جانبي صدعها : تبيني اخذها عن ويهج ..


صرخت بتأوه حين المتها الابرة .. لتهز رأسها له : ما اريدها ..


ابتسم .. لينزعها عنها ويرفع رأسها قليلا ليسحبها بعيدا : اليوم انتي احسن واايد .. خبريني من متى وصدرج يعورج ..


رفعت كفها الصغير وهي تعد على اصابعها بكفها الاخر .. وابتسامته تزيد حين رأى الفرح في عينيها .. لترفع اصابعها له : سته .. يمكن .. ما اعرف


لتردف حين رفعها لتجلس : ماما تقولي ما العب .. بس انا ما العب .. هو بروحه يعورني .. مني يعورني ..


وضعت كفها على صدرها : الحين ما يعورني ..


-
لان كلثم شطورة وتسمع الكلام .. عشان جذي راح الويع ..


ضحكت وكأنه انساها كُل شيء : انت خبرتني ..


ضحك بخفة : خلاص .. كل ما تسمعين كلام اللي اكبر منج الويع يخاف ويشرد ..


التفت لشامة الواقفة بارتباك بعيدا عنهم .. لينظر هو بدوره لها .. لتزدرد ريقها .. لماذا ينظر اليها .. يكفي خوفها لوجودها بمفردها .. شعرت ان الانظار تبتعد فرفعت نظرها .. لتسمعها تنطق : سمعت كلام ماما .. بس ما راح ..


قبل جبينها وكأنه يحاول ان يبعدها عن اي شيء يعيد الدموع لها : يمكن ما سويت كل اللي طلبته منج .. لازم تسوين كل شيء ..


طوحت برأسها نافية : سويت كل شيء .. راحت .. ومريوم راحت .. ما ..


شدها الى صدره يهدأها .. واذا به يوجه كلامه الى شامة : شو اللي مستوي ..


حين رأى حركة رأسها بعدم المعرفة .. اردف : خلي شبيب يمر علي المكتب اول ما يوصل ..


ليتابع بعدها الحديث مع تلك الصغيرة .. نسى سنه ليكون في مثل سنها .. يضحك معها ويداعبها .. ويمنحها لوح من الشكولاتة .. تراه وتتمنى ان يترك المكان .. هي لا تستطيع ترك الغرفة وترك تلك الصغيرة وحدها .. فـ شبيب قد اوصاها بالعناية بها .. وبعدم تركها .. اخبرها ان تكون لها اخت كُبرى وتنتظر انتهاءه من عمله وعودته اليهما .. تنهدت لتعود ادراجها الى تلك الاريكة .. وتقبع عليها جالسة .. وعيناها للاسفل .. واسماعها الى ضحكات ذاك الطبيب .. الا يوجد لديه مرضى اُخر يهتم بهم ؟


يالله .. أين أنت يا شبيب .. بدأت اختنق هنا .. وذاك الطبيب لا يرغب بالمغادرة .. وصغيرتك تلك راضية بوجوده حد المشاكسة معه .. ماذا بي ؟ اشعر وكأن هواء الغرفة انسرق .. وأن صدري يجثم عليه شيء ما ..



سحبت انفاسها وقامت واقفة .. وبنبرة مرتجفة : بكون برع ..


لتتسابق خطواتها للخارج .. لم ينتبها لها .. ولم يسمعا نبرتها تلك .. ليشد على كفها : كلثوم انا بروح الحين .. في صغاريه غيرج يبوني اعطيهم دواهم .. لازم اروح ..


تمسكت به .. هو الوحيد الذي اشعرها بالامان .. تعرفه ويذكرها بوجود والدها : لا تروح .. انا ما بصيح ..


يده تمسح على شعرها : تبين اليهال الصغار يصيحون .. ويتعبون ؟


هزت رأسها بالنفي ليردف : عيل لازم اروح .. وانتي خلج شطورة عشان تطلعين وتروحين البيت ..



ستفعل ما يقال إن كان سيوصلها الى كنف والدتها .. لن تبكي .. لن تصرخ بالمطالبة .. فقط ستكون هادئة .. ستقوم بما يريده منها ان كانت النهاية التي تتمناه ستكون .. والعودة الى والدتها واختها ستتحقق ..


,,


,,

طرق العودة لا بد لها ان تكون في يوما ما .. وقد لا تكون .. معادلة من الصعب ان تقاس على قانون .. عاد ليقف ينظر الى الجدران .. يذكر ان رقمه كان بين الاسماء في هاتفه .. ولكن ما لا يذكره هي تلك الارقام بعينها .. تنهد وهو يرفع نظره للسماء .. الشمس حارقة والباب موصد .. والجرس قد تعب من ضغط اصبعه عليه .. اين هم .. لما لا يجيب احد .. اسند ظهره للجدار في الظل الهارب لجهت الغرب .. ساعات وسيختفي خلف الجدار وتجتاح اشعة الشمس الجهة الواقف فيها .. ساقه تنثني ليثبتها على الحائط .. ويده تقبض على هاتفه .. يحاول ان يتذكر الارقام .. هناك تسعة .. و اربعة .. وخمسة .. لا .. لا يوجد خمسة .. نفض رأسه من تعب التفكير .. تلفت .. ثم تسمر نظره على المنزل المقابل .. هناك ام نوال .. قد يجد عندها الجواب ..



دس هاتفه في جيب بنطاله .. وانحنى ليرفع حقيبته بيمناه .. وسرعان ما تخطى الاسفلت ليقف امام باب المنزل .. رأته يتجه نحو منزلها .. فاسدلت الستار .. الشخص ليس غريبا .. وجهه مألوف لكنها لا تذكره .. جفلت وهي تسمع رنين الجرس .. لتسحب " شيلتها " وتغطي رأسها .. مشت بتردد .. حتى ما وقفت قريبا من البوبة سكنت .. لعله ذهب .. واذا بالجرس يرن من جديد .. سحبت انفاسها وزفرتهن .. لتفتح الباب قليلا ..



ابتسم حين تحرك الباب .. ليلقي السلام وترده .. يراها تتفحص وجهه فشعر بالحياء لفعلها .. ليسقط نظره للاسفل .. ويسمعها تسأله : خير اخوي .. بغيت شيء ..


رفع نظره لبرهة من خلف نظارته .. واعاده بسرعة : دقيت ع بيتنا بس محد طلعلي ..


باستغراب اجابته بسؤال : بيتكم ؟


ابتسم لتبان فتحة في جانب اسنانه .. هناك سن مفقود .. تتأمله بكل تفاصيله .. وهو يغرقه الحياء من نظراتها الجريئة .. ليجيبها : اقصد بيت جابر .. وينهم ؟


تشدقت : اها .. محد .. خلوا البيت وراحوا ..


انعقد حاجبيه : انزين ما تعرفين وين راحوا ؟


ابتسمت وكأن خبثها عاد من جديد .. ستفعل شيء يريحها : لحظة شوي .. بيبلك رقمهم ..



وغادرت ليظل واقفا .. وتعود بعد دقائق تملي عليه رقم ليلى .. لربما يدب الخلاف بينهما بسبب هذا الغريب .. اخذ الرقم شاكرا لها .. وابتعد عن المكان .. لتغلق البوابة وتعود الى مكانها .. وابتسامة نصر رافقتها .. شيء أخير لعله يريح بالها .. لا يهمها الا ان تأول خططها للنجاح .. رمت بنفسها على سريرها .. وضحكة جنونية صدحت في ارجاء الغرفة ..

,,


حلم راودها لمدة طالت شهورا .. ترى المتزوجات ينجبن من بعد زواج سنة وهي طالت السنه ولم تحمل في احشاءها نطفة منه .. اتعبها ما يحدث .. والآن تناست تعبها .. وخوفها .. جُل تفكيرها ينصب على تلك الروح الصغيرة القابعة في احشاءها .. لا يهمها ان غرسوا فيه ملايين الابر .. لا يهمها ان اكلت آلآف الادوية .. ما يهمها ان يكون ذاك الصغير بخير .. فاجأته بعدم خوفها من ابرة الحديد التي طالت في يدها .. فاجأته بهدوءها .. وابتسامتها .. وضحكات عينيها التي لا تختفي .. ينظر اليها بجانبه .. تريح رأسها على الكرسي .. متعبة .. ولكنها تجد لذة في تعبها .. ترى في كل خطوة سعادة تناديها .. ابتسم وهو يعود بنظره على الطريق .. حتى اذا توقفت العجلات ناداها بخفة ..


سمعت صوته الهادئ فادارت وجهها اليه : هممم


-
وصلنا .. والا عيبتج الرقدة هني ..


ضحكت فابتسم .. حثها على النزول .. وساعدها بان امسك بكفها ومشى معها .. لا يعلم لما يشعر بها بهذه القوة في هذه الايام .. يشعر بانها ستطير في السماء فرحا .. ستحلق امام ناظريه .. وصلا .. واذا به يُخرج المفتاح من جيب ثوبه .. وهاتفه سبقه الى كفه .. ليلجا وتسبقه هي الى الغرفة .. تلفت في المكان ليحث الخطى الى المطبخ .. ويجد تلك الخادمة تقطع خضار السلطة : سوي عصير برتقال ويبيه لمدام ليلى ..



ردت عليه وتابعته يغادر .. لتغسل كفيها وتمسحهما بثوبها .. وتحث الخطى الى الثلاجة تخرج البرتقال لتقوم بعصره .. اما هو فولج الى الغرفة واغلق الباب .. واذا به يعقد حاجبيه حين رآها مستلقية بعباءتها .. و" شيلتها " قد رمتها بأهمال حتى تدلت من على السرير قريب قدميها .. تقدم ليجلس بجانبها : ليلى فيج شيء ..


فتحت عينيها بارهاق .. وهزت رأسها بالنفي .. ليردف هو : تغدي وبعدين ارتاحي ..


ابتسمت : المفروض تقول صلي وبعدين تغدي وبعدين ارتاحي ..


قهقه واذا به يصمت وهو يضع كفه على بطنها : من الحين قام ينسي ابوه اهم شيء فالحياة ..


ابعدت يده واعتدلت : ما اسمحلك .. انت بروحك نساي .. لا تحط اللوم عليه ..


وقف : الله يالدنيا .. الحين هو صار الكل بالكل وانا ركنتيني ع يانب ..


ابتسمت .. وقبل ان تنطق رن هاتفها .. ليسحب هو حقيبتها القابعة على اخر السرير .. ويفتحها ليخرجه لها .. انعقد حاجبيه : رقم مب مدون .. انتي عاطيه رقمج لحد ..


نفت واذا بها تمد يدها لتأخذه .. حملقت فيه لبرهة .. ومن ثم رفعت نظرها له حين صمت الرنين : ما اعرفه .. اكيد حد غلطان .. واذا شيء مهم بيرد يتصل ..


رمته جانبا ووقفت : بتسبح وبصلي الظهر .. و ..


قاطعها الطرق على الباب .. لتلج تلك الخادمة بعد ان اذن لها بالدخول .. وبيدها كأسين من العصير .. تناولهما منها وترك الصينية على الطاولة الصغيرة .. ليلتقف احدهما ويتقدم من ليلى يمده لها : شربيلج شوي وروحي تسبحي ..


اخذته من يده لترتشف منه .. واذا بها تعيده ليده حين رن هاتفها من جديد .. انحنت لتاخذه .. زفرت انفاسها والتفت له : نفس الرقم ..


-
ردي عليه ..


ضغطت زر الرد واذا بها تردفه على اذنها .. نطقت بالـ " الو " .. لكن لا من مجيب .. سوى انفاس تسمعها .. اعادت الكلمة من جديد .. ليأتيها الرد : اسف اختي .. شكلي غلطت بالرقم ..


ليغلقه بسرعة .. وترميه من جديد وتبتعد : يقول غلطان ..



لم يهتم .. ليخرج من الغرفة يحمل بيده كأس العصير وهاتفه في الكف الاخرى .. ليتربع على الكنب الطويل .. يترك هاتفه والكأس على الطاولة الصغيرة بجانبه .. ويلتقط جهاز التحكم .. ليتنقل بين القنوات .. ليستقر على " ام بي سي 2 " وفلم المساء قد تمت اعادته .. يتابع ويرتشف من العصير .. سينتظر الاذان وبعدها يغادر الى المسجد ..



وهو بين افكاره وبين مشاهدة التلفاز اذا بهاتفه يرن .. يسحبه اليه ليفاجئ بالمتصل : هلا عمي .. شخبارك وعلومك .. عساكم بخير ..


ليأتيه صوته الغاضب : وين شبيب .. ليش ما يرد على تلفونه .. والا عرف ان كذبه انكشف وقام يتهرب ..


وقف في فزع : عمي شو مستوي .. واي كذب ..


لم يجبه الا بأمر : اريدك تكون وياه عندي فالبيت اليوم .. دوره وييبه وياك ..


ليغلق الهاتف في وجهه .. استغفر ربه .. واذا به يبحث عن شبيب بين القائمة ..

,,

ذاك الذي ارتسمت على وجهه ابتسامة نصر لطالما نشدها .. فذاك المجرم يجلس قبالته في هذه الساعة .. وهو يرغب بالمزيد من تلك الاخبار المتعطش لها .. هادئ .. بل وكأنه جثة هامدة .. يثير الخوف في قلب ذاك النحيل الجالس على الكرسي ..


طلب من حارس السجن ان يقابله .. يرغب بقول امور تتعلق في تلك الليلة .. يرغب في تخفيف الحكم الصادر بحقه .. كره حياة السجن بعيدا عن الحرية .. كره الصحبة التي معه .. جلس بتوتر .. وذاك ينتظر منه المبادرة بالحديث ..


لينطق : بغيتني .. ياللا اسمعك ..


بلع ريقه ونطق بعدها وفي عينيه امل يرتجيه : انتوا قلتوا اذا ساعدناكم بتخففوا علينا .. وانا بساعدكم باللي اعرفه ..


الصمت فقط من قبل ذاك المنتظر .. نسى تعب جسده الذي لم يذق النوم منذ الامس .. نسى ارهاقه .. وهاهو يجلس يستمع بكل تركيز .. ليردف ذاك : ذيك الليلة .. خلفان ياه اتصال .. ما اعرف من منو .. بس خلانا وراح بعيد يتكلم .. عقبها يانا وقالنا بنفذ المهمة .. ورحنا وياه ع اساس نسلمكم البضاعة اللي عندنا وناخذ الفلوس .. بس يومها خلفان خلانا احنا نتقدم لكم وهو بقى عند السيارة .. وقبل ما نتحرك صوبكم يته رسالة .. ما اعرف شو فيها بالضبط .. وصار اللي صار عقبها ..


ابتسم : الحين تريد تقولي ان خلفان هو اللي يعرف .. ترا ع فكرة موبايلاتكم تم تفتيشها .. ما حصلنا شيء ..


حرك رأسه : ما اعرف .. هذا اللي اعرفه وبس .. احنا كنا رايحين واحنا ضامنين المبادلة 100 بالمية .. وخلفان هو اللي بدا وضربكم بالرصاص .. هو اللي يدري بكل شيء ..



زفر انفاسه .. فما يقوله ذاك لن يوصله الى شيء .. فالمدعو خلفان لن يعترف .. حاول معه مرار ولاذ بالصمت .. فقط السكوت كان جوابه على كم الاسئلة التي القيت على مسامعه .. نادى على الشرطي لياخذه الى زنزانته .. يشعر بان الخيط الذي تعلق به كان مهترئ وقطع قبل ان يصل لمبتغاه .. اسقط رأسه على رأس كرسي الجلد الاسود .. وكفه سارعت لدعك عينيه .. وانسحبت انامله على انفه ومن ثم لحيته .. منهك الى حد السقوط ارضا .. حتى الساعة ارتشف خمسة فناجين من القهوة .. فقط ليبقى مركزا .. لكنها لم تكن ذا فائدة .. قام واقفا ليسحب قبعته .. ويرتحل عن المكان ..



آه كم احتاج الى قسط من الراحة .. جفناي ثقيلان .. وخيالات اشخاص تراودني .. ونبضات قلبي تشعرني بحدوث شيء لا احبذه .. لماذا بات طيفك يا حارب يراود احلامي في ايامي التي خلت .. هل ظلمي لك هو السبب ؟ بل هل ظلمتك ؟ اشعر بشتات يدمر عقلي .. وكلثم .. والف سؤال ارغب بالاجابة عليه .. لماذا ؟ .. اوليست هي من تمسكت بها وترجتني ان اتركها .. اوليست اسقطت دموعها امامي حتى ابتعد واتخلى عن وصية طوقت رقبتي .. وماذا الآن ؟ ماذا الآن يا شبيب ؟



قبع على كرسيه .. واذا به ينتبه لهاتفه في ذاك الصندوق .. نسيه هنا .. ونسى العديد من الامور .. فغضب والدته في الصباح حين عاد ليغير هندامه لاجل عمله وضعه في ضياع .. لا يلقي باللوم عليها .. فهي تبحث عن راحته .. ولكن هذا عمله .. وتلك وصية من اعز اصحابه .. تنهد وهو يرى الاتصالات الواردة .. شامة .. وكنة .. ووالدته .. وما يفوق العشر مكالمات من عمه .. ارتعب قلبه .. ليهتز الهاتف في يده .. واسم جابر هناك ..


يحشر سماعته في اذنه ليجيب : هلا جابر .. شو مستوي عمي متصل علي فوق العشر مكالمات ..


اتسعت عينيه : شو تقول .. ما خبرك شو مستوي ..


تنهد : جابر خلاص نلتقي عقب ساعة .. الحين انا رايح المستشفى .. باخذ كلثم وشامة للبيت .. وبشوف الدختور شو يريد مني .. لا لا .. من شوي وصلتني رسالة من شامة .. رخصوها ..المهم نلتقي ..



اغلق الاتصال .. ليصدح صوت اذان الظهر في مسامعه .. وياخذ طريق فرعي يوصله لاقرب مسجد .. سيصلي وبعدها سينهي اعماله .. لم يستطع البقاء في عمله حتى العصر .. فعينيه بالكاد يستطيع ان يفتحهما .. وهاهو بعد نصف ساعة يسير في ممرات المستشفى بعد لقاءه بذاك الطبيب .. يخبره بان التهاب الشعب الهوائية عندها كان قويا .. كان هناك اهمال في مراجعاتها .. لا يريد للامر ان يتكرر .. وهاهي مسؤولية ترمى عليه دون رحمة .. لا ينكر بانه سعيد لوجود تلك الصغيرة في حياته .. ولكن ماذا بعد ؟ هل ستتقبل هي هذه الحياة .. هل ستتقبله في حياتها .. تنهد وتبعها بابتسامة .. يشعر بانظار المراجعين عليه .. أيستنكرون وجود رجل أمن هنا .. وصل اخيرا .. ليسمع صوت شامة وهي تحاول ان تلعب معها لعبة قديمة ..


" خوصة بوصة يالنبوصة .. كلاج الدود من حمدون ".. تنطقها شامة وهي تمر على اصابع كلثم المفرودة على طرف السرير بسبابتها .. وعلى اصابع كفها اليسار ايضا .. وما ان وصلت نهادية تلك الاهزوجة .. حتى صرخت كلثم : ما يصير ..


لتضحك معها وسرعان ما يصمتان لدخوله .. يدنو من السرير وتلك تنظر اليه بشرود .. تعرفه ولا تذكره .. لينحني يقبل رأسها .. ويحدثها : شخبار بنتي الصغيرة الحين ؟


التفتت لشامة وكأنها تسألها من هذا .. لتبتسم تلك : تاخرت علينا .. من متى اتصل فيك وانت ما ترد .. مليت هني ..


-
سامحيني فديتج .. بس نسيت الفون بالسيارة .. المهم ياللا بوصلكن البيت


تنظر الى عينيه المتعبة .. فتبتسم لتنطق : انت كنت اتينا البيت ..


تذكره .. لا تزال تذكر جمعاته مع والدها .. رغما عنه ابتسم وضمها اليه : هيه كنت اييكم ..



الحزن هذا ما تراه في عينيه .. حزن ممزوج بتعب .. ونظرة رأتها بالامس .. نظرة الى الآن لا تعيها .. حملت نفسها تتبعه وهو يحمل كلثم على ذراعه .. ولسانها لا يكف عن الثرثرة .. تسأله ان يأخذها الى والدها .. وان يلعب معها كما كان يفعل بصحبة والدها .. وهي تنظر الى وجهه لتجد مسحة حزن رغم ضحكاته معها .. ووعوده التي لا تعلم ان كان سيستطيع الوفاء بها .. فكيف له ان يأتي بوالدها .. او بوالدتها .. كيف له ان يتصنع الجلد بهذا الشكل .. قاسي على نفسه .. عقلها يكتب تساؤلات على صفحاته ولا من مجيب عليها ..

صامتة في تلك السيارة .. وكلثم في حجرها .. متعبة وسيطر عليها النوم .. لتسقط رأسها على كتفها ..


نظرت اليه : شبيب


دون ان يبعد نظره عن الطريق : آمريني ..


-
فيك شيء ؟



في داخلي اشياء يا شامة .. ابتّي تقرأيني كما كانت كنه قبلا تفعل .. هل ستكونين مثلها يوما .. تقرأين آهاتي من عيني .. وتضحكين لتُضحكيني .. ام سابقى وحدي .. سأتوه وحدي .. بماذا عساي اجيبك .. سؤالك صعب يا شامة .. صعب بصعوبة الصعود على سطح املس قائم .. هل جربتي هذا الشعور يوما .. اني اشعر به يدمرني ..



ابتسم وصمت .. لن يجيب .. لن يكذب .. هو بخير وليس بخير .. وعقله يترقب القادم من عمه .. توقفت العجلات .. لينظر اليها : لا تحاتين ما في الا الخير ..



نزل ليحمل الصغيرة عنها ويسبقها الى الداخل .. سيضعها في غرفته اليوم وقد يكون غدا ايضا .. وقد يستمر الى الابد .. دخل لتستقبله والدته .. تسأل عن حال الصغيرة .. فيجيبها بجواب مختصر .. ويتركها واقفة تنظر لسيارة التي توقفت .. وذاك الاخ الذي ترجل .. وشامة تقف مكانها تنظر الى هاتفها .. يقترب منها ويلقي السلام فترده وتبتعد .. تنهد فعلاقته معها ليست على ما يرام .. ابتسم وهو يدنو من شقيقته الواقفة عند عتبة الباب .. قبل رأسها : اخبار ام شبيب ..


لتباغته : انت وين كنت .. يومين غايب ما ندري عنك .. ولا كأن هني بيت يحتايك ..


طوق كتفيها وشدها اليه وهو يلج الى الداخل .. لتبتعد عنه وتتابع خطواتها بدونه ..


-
اووف اووف .. شموس زعلانه علينا – عاد يطوقها ويقبل راسها – فديت الزعلان يا ناس ..


دفعته عنها : يوم تحس ع دمك تعال راضني .. ما بيي من وراك الا الهم ..


ابتسم : انا رايق .. ولا اريد سالفة راحت تنفتح يا شمسة .. نسيتها وانتي نسيتيها .. فلا تخبصين المواضيع فبعضها .. الموضوع تسكر من اكثر من 11 سنه ..



" شو بلاكم " قالتها تلك العجوز وهي تمر من جانبه تتعكز على عصاها .. لتردف وهي تستند على ذراعيها لتجلس : شميس خلج منه .. ولا اطلعين قهرج ع الرايح واللي ياي .. تراج بتخسرين ..



قبل ان تنطق نظرت الى شبيب .. يرتدي ثوب اماراتي ابيض .. وغترة لفها على رأسه .. لتقترب منه : ع وين .. لا تقولي شغل .. تراك من امس واقف ع ريولك .. ارحم نفسك يا شبيب .. الدنيا ما بطير ..


-
زين انك طلعت .. استلمها عني ..


قال جملته وابتعد .. وهي زفرت انفاس الغضب .. ليبتسم ويقبل رأسها : عمي يترياني يالغالية .. وكلثم فحجرتي ياليت تبارونها الين ارد .. لا تخلونها بروحها .. والادوية عند شامة ..


نظرت الى والدتها : شفتي ياميه .. وتقوليلي لا انقهر .. شفتي فعايلهم .. ولا همهم شيء ..


ضحك بخفه : يالغالية ليش معصبة جذي .. هو جسمي والا جسمج فديتج ..


نظرت اليه بغضب : هذا يزاتي لني احاتيك .. سو اللي بتسويه .. ما يهمني ..



طوح برأسه وهو يتتبعها بنظراته .. ليحث الخطى بعد ذلك الى جدته .. يقبل رأسها .. ويجلس بجانبها : شو بلاها .. ترا والله ياميه اللي في مكفيني .. ولاني حمل زعلها ..


ربتت على فخذه : قوم .. قوم روح لعمك شوف شو يريد منك .. وشموس بتزعل وبترضى من كيفها .. قوم وانا امك ..


,,

,,

دقائق واذا بسيارته تتوقف عند منزل حمد .. وسيارة جابر متوقفة قبله بدقائق .. ينتظره ليدخلان سويه .. لا يرغب بان يكون الاول .. بل انه لا يرغب بان ياخذ التعنيف لوحده .. ضحك وهو يدنو منه حين ترجل من سيارته .. ليضربه على كتفه بقبضة يده : عوايدك ما تخليها .. الين متى تخليني كبش الفدا هاا ..


قهقه جابر بعنف : حرام عليك .. تراني اريدك تقاسمني باللي يصير ..


رفع حاجبيه : لا والله صدقتك .. اقول خلنا ندخل ونشوف عمي شو يبانا ..



يجلسان في انتظاره كتلميذين عوقبا وفي انتظار تنفيذ ذاك العقاب .. هدوء يعم المجلس .. منذ ان خرج مطر من المكان خيم السكون على ارجاءه .. وسرعان ما وقفا على صوت حمد الملقي السلام .. ليرداه ويتقدما يقبلا رأسه .. واذا به يتحدث : هذا سواه تسويها يا شبيب انت وجابر ..



نظرا الى بعضيهما بذهول .. لينطق شبيب : خير يا عمي ..


ليصرخ فيه : من وين بيي الخير .. وانتوا لا قدرتوني ولا احترمتوا اني عمكم .. ياي تكذب علي .. وانت – يوجه حديث لجابر – ياي تبيني اصدق كلامه .. شوهتوا سمعة ولدي .. خليتوه ولا شيء فعيون اخوانه .. اتهمتوه انه معرس وعنده بنت ..


جابر : شو هالرمسه يا عمي .. احنا ما كذبنا ..


-
كذبتوا ونص .. افاا يا ولد ناصر .. افاا .. قلت شيبه وبضحك عليه بكم كلمة وبخليه ياخذ البنت .. تبيني اسوي يميله ( معروف ) فحد بسويها بس بدون كذب .. وبدون ما تطعنون فاخوكم وهو ميت ..


-
عمي ..


كان سيتحدث سيدافع عنه وعن شبيب .. واذا بكف شبيب تمنعه .. عمه غاضب .. لا يناديه باسم ابيه الا اذا آلمه بافعاله .. افعال هي حقيقة .. وهو يؤكد ذلك .. تقدم منه : عمي .. عمري ما كذبت .. ولا بكذب وبطعن فخالد وهو تحت التراب .. انا وسعد كنا شاهدين ع عقد الزواج .. و البنت عندنا واذا تبون نسوي تحليل نأكد انها بنتكم خل مطر يروح ويانا اذا انت ما تريد ..


رص على اسنانه بغيض : خلك بعيد عن عيالي يا شبيب .. والا والله .. وهذا انا حلفت .. والله لا انا اعرفكم ولا تعرفوني ..


تقدم جابر حين رأى الوجوم على وجه شبيب : عمي شو اللي مستوي .. منو اللي قالك ان السالفة كذب .. خبرنا واحنا بنيبه الين عندك يحلفلك بصدقه اذا يقدر .. ومليون بالميه ما بيحلف بهالشيء لانه كذاب ..


-
كلام وقلته لكم .. غيره ما عندي .. وطلعوا من بيتي .. اذا ما عندكم شيء .. والبنت خلها عندك اذا تبي تربي ولاد الحر..


قاطعه : لا تزيد يا بو خالد .. لا تزيد وتحط فذمتك .. انا طالع .. بس قبل ما اطلع ..


دنى منه وقبل رأسه : هذا راسك احبه .. وحقك علي اذا اخطيت .. تبقى فمقام ابويه الله يرحمه .. واحترامك واجب علي ..


دنى الاخر منه وقبل رأسه : سامحنا يا عمي .. والله يسامح اللي كان السبب ..



تركا المكان .. ليتسمر هو في مكانه .. هل اخطأ ؟ لماذا يظل شبيب مختلفا .. لماذا يظل الاحترام قائما في تصرفاته رغم ما حدث .. مشى .. ليرمي بجسده على الارض ويستند بظهره على الكنب .. قسى عليهما .. وفي ظنه بانهما يستحقان المزيد ..



,,

والظروف قست عليه هو .. قست حتى جعلته عاقد الحاجبين دوما .. يرى الحياة الماضية تنسل من بين كفيه .. راحته ترتحل بين اثنتين .. عشق قديم .. وامر فرض عليه .. خرج من غرفته وقد شمر عن ساعديه متوضيء .. ليقف عند عتبة الصالة ناطقا : كنه تجهزي بصلي وبنروح السوق نتشرى اللي تبونه لرمضان ..



كانت جالسة هناك مع شقيقتيه ووالدته .. تقطع الفاكهة في الصحن .. تلتقف " كيوي " وتقشره .. لتنطق تلك الجالسة بجانبها بهمس لا تسمعه ابنتيها اللتان تشاهدان التلفاز : كنه .. زعلانه علي ؟


أهو الشعور بالذنب .. ام هو تبرءة للذات مما قد يكون ؟ .. ابتسمت .. ودون ان ترفع نظرها : قدر الله وما شاء فعل ..



وصمتت .. اخرست تلك العجوز بجملتها .. ماذا عساه تجيبها .. اتخبرها بانها تتأوه ليلا عندما يكون هناك مع الجديدة .. اتخبرها بانها لا تنام حتى الفجر فقط لتخرج وتراه خارجا للصلاة فتطمئن .. ماذا عساه تجيب .. اتحكي لها عن اسطر وجهه الحزين .. عن احرف الوجع التي حفرت بين ثنايا روحه .. هي لم تفهم .. ولن تفهم .. رفعت رأسها لصوته : ان شاء الله ..



ليأتي صوت تلك التي وقفت على مقربة منه : وليش هي مب انا .. من يوم ما خذتني ما طلعتني مكان ..


نظر اليها بغضب : لانها تعرف شو يريد البيت اكثر منج ..


ربعت ذراعيها على صدرها : اها .. ترا بيتنا ما يختلف عن بيتكم .. ولا اكلات رمضان تختلف ..


ابتسمت كنه : خلاص يا فارس .. خلها هي تروح ..


لتنطق والدته : طلعها يا ولدي .. هكوه اخوك سافر وييا حرمته يعتمر .. ما فيها شيء لو طلعتها من البيت وياكم ..


نظر اليهن .. فاختيه قد شدهما الحديث : امايه سمحيلي ..بس اللي بيني وبين حريمي ما اريد حد يدخل فيه .. واللي بيني وبين كنه سلوى ما لها علاقة فيه .. واللي بيني وبين سلوى كنه مالها اي علاقة فيه ..


قال جملته الاخيرة وهو ينظر لكنه .. ليلتفت بغضب على صوت سلوى العالي : انت شفيك .. حتى اهلي ما خذتني لهم ..


-
قلتلج آخر الاسبوع ..


-
بيكون رمضان .. وانا اريد اروحلهم قبل ..


الصمت من قبل الاربع الجالسات .. وحديث غضب يتبعثر من فيه : سلوى قلتلج بنزورهم آخر الاسبوع ..


لتصرخ : انت شفيك .. ماخذني عشان تحبسني والا شو .. حتى حقوقي حارمني منها ..



هنا لم يتمالك نفسه .. ليشدها من عضدها .. تقسم بانها شعرت باصابعه تحفر لحمها لتصل للعظم .. شدها من المكان بعنف .. حتى ما ولج الى غرفتهما رماها على السرير : انتي ما تستحين تقولين هالكلام قدام امي وخواتي .. خذي مني باللي يرضيج يا سلوه .. اذا طلعت كلمة من هالكلام لهم .. ولا طلعت رمسه عن اللي يصير هني ما تلومني الا نفسج ..



وقفت لتنظر اليه بتحدي : ليش بتهجرني .. تراك هاجرني .. ومسوي فيها الديّن المحافظ ع الصلاة .. وانت كلك اكاذيب .. ليش اتيي هني دامك ما تباني .. والا عشان يقولون انك عادل بينا .. عادل طل ..


دنى منها حتى صار وجهه بوجهها : سلوى قصري الشر .. والا والله ما يردني عن الطلاق شيء ..


-
تباها من الـ...


صمتت حين قاطعها الطرق على الباب .. ليشد خطاه بغضب .. ويفتح الباب بقسوة : خير ..


ازدردت ريقها .. فارس يعاني .. عشقها وحبها وروحها يعاني .. بعيون تكاد ان تغرق : الخير فويهك .. بس صوتكم عالي .. وصلاة العصر بتفوتك ..


اغمض عينيه .. وسحب انفاسه ليزفرهن .. هي لا تستحق قسوته هذه .. ابتسم : يزاج الله خير .. لا تنسين تتجهزين ..



خرج ليغلق الباب على الاخرى .. تشعر بالغيرة تتآكلها .. يعاملها كحثالة التقطها من الشارع وليست كزوجة لها حقوق ترغب فيها .. ترى تعامله مع كنه فتتحسر .. تسمع ضحكة شقيقتها في الهاتف وفرحتها فتندم .. لماذا رمتها الاقدار هنا .. لماذا رمت هي نفسها في هذا الجحيم الذي تحياه .. جلست على السرير بغضب .. لا تعلم كيف تجعله يلين لها .. كيف تكسبه وتسحبه من احضان القديمة .. هي الجديدة وهي الاحق به من تلك ..



انهى صلاة العصر جماعة في المسجد .. ليمسك المصحف بعدها يقرأ فيه .. قرأ كثيرا من الايات .. رتل العديد والعديد .. وهناك عينان ترقبه .. ترقب تغيره .. ترى ابتعاد فارس الذي كان .. فارس مختلف .. عيناه تحكي احاديث مكبوته لا ترغب بالخروج .. دنى بخطواته وثوبه الكاشف عن اسفل ساقه .. ليجلس امامه متربعا .. وتلك المسبحة المزخرفة الحبات تتدلى من بين اصابعه .. صدّق ورفع نظره لوجه امام المسجد البشوش وابتسم .. لينطق ذاك : شو بلاك يا ولدي .. مب عوايدك ؟


قطب حاجبيه : ما فهمت ؟


-
ضايق وشايل هموم الدنيا ع راسك .. وين الويه السمح .. وين البشاشة والابتسامة .. وين اللي يسابق المصلين ع الصفوف الاولى .. وين فارس يا فارس ؟



اتسألني اين فارس يا شيخ ؟ كيف اجيبك وانا لا اعلم اين هو .. اين ارتحل .. فارس هناك مدفون بين احضانها .. ومقتول بين احضان الاخرى .. آآه لو تعلم بما في صدري .. لما سألتني .. اشعر بالفراغ يجتاح جنبات روحي .. اشعر اني اغرق وان اعصابي حبات زئبق تنفرط من بين اصابعي ..



ابتسم الامام . ليربت على فخذه : وكلها ع ربك .. اللي يتوكل عليه ما يخيب .. سو اللي عليك والباقي خله عليه ..



تسللت اليه الراحة من جراء ذاك الحديث القصير .. ليحث الخطى بفرح الى منزله .. ويفاجأ بوالدته تقف تنتظره .. وتدعوه الى غرفتها بشيء من الشدة .. مشى خلفها حتى ما ولج أمرته باغلاق الباب .. لتجلس وتنظر اليه واقفا : شو اللي سمعته يا فارس .. ترا بنات الناس مب لعبة .. وما ربيتك ع هالشيء ..


-
دخيل ربج ياميه لا تجبريني ع شيء .. احب راسج واطيح عند ريولج بس لا تجبريني ..

ضرب على صدره بقبضته : فيوفي نار مب طايعه تنطفي .. نار محد حاس فيها .. دخيل اللي خلقكم لا تحدوني ع شيء ما ابيه ..



لا تعلم لماذا اعتقته .. هل رأت المعاناة فيه اخيرا ؟ .. تركته يبتعد من امامها .. لم تنطق بشيء .. فقط انظارها تسمرت على ظهره .. منذ متى وهو يمشيء حانيا ظهره .. هل بحثها عن ملذات الدنيا في طفل من صلبه جعلها عمياء ولم تعد ترى ما يعانيه بكرها .. تنهدت .. وصمتت .. ستلتزم الصمت .. لا لشيء .. سوى لتراه كما كان سابقا ..



,,

الصمت كان عنوانها في تلك الجلسة النسائية عند الضحى .. تجمعن عند احداهن يتبادلن الحديث .. ويرتشفن القهوة .. ويأكلن مما اعددنه بايديهن او بايدي خادماتهن .. جلست تستمع للاحاديث بشرود .. هي ايضا تغيرت كثيرا .. لم تعد تلك المرأة التي تستلذ بالاجتماعات مع جاراتها .. نطقت احداهن : شو بلاج يام سالم ؟ لا تسولفين ويانا مثل اول .. ولا تزورينا .. لولا ام سيف كان ما يتي ..


ابتسمت من اسفل برقعها : ما في شيء .. بس المرض هدني يام فيصل .. والعمر مب مثل قبل ..


لتخرسها احداهن بمزاح : تكلمي عن نفسج احنا بعدنا شباب ..


ليتضاحكن .. وفجأة تبعثر الحديث عن امرأة تبحث هي عنها .. امرأة ارتحلت الى الاراضي البحرينية منذ امد بعيد .. كان الحديث من احداهن دائراً : والله ولدها هني صارله كم يوم وييا لعيال .. يقول اشتاق للبلاد .. ويمكن ايون ع العيد هو واهله ..


شدها الحديث لتسأل : ام عبدالله بتيي ع العيد ؟ ..


-
هيه هذا اللي قاله ولدها عبدالله حق عيالي .. بيعيدون ويانا مثل قبل .. ترا بيتهم بعده مكانه ما تغير .. يقول بيون قبل العيد هو وواحد من اخوانه يعدلونه .. والباقين بيون عقبهم .. والله من زمان عنها ..


فرح يخالجها ممزوج بخوف من القادم .. هل ستعيش الى يومها لتبوح بالسر من جديد .. ستبوح به مع دليل لطالما طالبوا به لاثبات كلامها وادعائها .. تنهدت .. وهناك في قلبها دقات متسارعة .. وكفاها ارتجفتا .. وبرودة سرت في عظامها .. لتبتسم كبلهاء لا تعي مما حولها شيء .. ويتمايل جسدها على اليسار .. وسرعان ما سقط بين صرخات النساء ..



,,

هنا اقف .. وموعدنا باذن الله يوم الخميس ^^



تفاحة فواحة 19-06-13 07:54 PM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 


الزفرة 24
,‘,


الموت مخيف .. نهايات البشر قد تكون انوار وقد تكون ظلام .. وهي خافت منه حتى نهش عظمها تفكيرها .. وترسبت الامراض بين طيات الجسد الفاني .. وهو خائف عليها حد الموت معها .. امه والوحيدة الباقية له من بعد ربه وابناءه .. فهو لا يعترف بزوجته .. يرى فيها خبث يحاول ان يخمده بقسوة المشاعر والنبرات .. جاءه الاتصال وهو في عمله ليهب مسرعا يقوده الهلع .. ايخبروه بان والدته نقلت الى المشفى بالاسعاف .. ليأتيه الخبر بأن السكري انخفض لدرجة الاغماء .. وان طال الامر لربما تاخذها غيبوبة السكر بعيدا عنهم ..



ذراعاه تسندانها لتترجل من سيارته .. يمشي بمعيتها بهدوء .. وهي فقط تهذي بان الموت سيأتي ويأخذها وهي لم تثبت الحقيقة بعد ..



أي حقيقة التي ترغبين في اثباتها يا اماه .. لما لا تبوحين لي بما يقبع بين اضلعك حتى احالك الى جلد على عظم .. لا اعلم ماذا علي ان افعل .. اخبريني كيف اساعدك حتى لا اخسرك فاتحسر .. واغرق في ندم قاتل .. اُمي الا تثقين بي .. بـسالم ابنك الوحيد .. آآه ليتني آخذ منك التعب لتعودي كما كُنتِ .



سم بسم الله .. وهو يجلسها على حافة سريرها .. ويجلس على الارض يحتضن ساقيها ووجه نام على ركبتيها .. وبصوت تكتمه الانفاس : يالغاليه ريحي عمرج وريحيني .. قولي شو اللي ضامتنه فصدرج .. شو اللي مخلينج كل يوم عن يوم يزيد المرض فيج ؟


كفها الذي يحمل أثر أبرة غُرزت فيه يتحرك ليقع على رأسه .. وبصوت متعب : اخاف منك لو عرفت يا سالم .


ارتفع رأسه في ذهول .. وذراعيه ترتخيان عن ساقيها .. ليتأملها مبتسمة ابتسامة صغيرة .. وعينيها مدفن به الكثير .. طوح برأسه : تخافين من ولدج .. من تربية ايدج ..


يدها لا تزال على رأسه : من كم سنة بس كنت بتدخل السجن بريولك .. هذا بس من كم سنة ..


ابتسم وهو يطأطأ رأسه : طيش شباب وكبرنا .. ما بقى من الطيش الا الشيشة .. مب قادر اخليها ..


رفع رأسه واردف : راحت ايام الضرابة والسكاكين .. واني قوي محد يقدر علي .. راحت يالغالية عقب ما راحت الغالية ..


اصابعها تنثني قليلا في شعره : ما بتنساها ؟


تنهد حتى قبض قلبها : مب قادر انساها .. ما اعرف شو بلاني .. يمكن الله يعاقبني ع ذنوب سويتها .. وداري اني اللي اسويه غلط .. بس وربي حاولت امسحها – كفه تقع على صدره – حاولت اشلها من صدري ولا قويت ..



التفت على الطرقات الخفيفة .. لتتراءى له هُدى .. تحمل صينية وعينيها تحكي استماع لما قيل .. ابتسمت وهي تضع الصينية المحتضنة لصحن ارز مسلوق .. وقطعة سمك شويت .. وكوب ماء .. وعلبة " روب " ..وضعتها هناك على آخر السرير ودنت تقبل رأس ام بعلها : الحمد لله ع سلامتج .. يبتلج غدا .. وسامحيني ما اقدر احطلج سمن مثل قبل .. اللهم ريحة ..



" ما قصرتي يام محمد " .. قالتها وهي تنظر لسالم وكأنها تذكره بأن له ابناء عليه ان يهتم بهم .. وزوجة حتى وان كانت في بعض الاحيان لا تُطاق .. فستظل صدرا عليه ان يرمي احماله عليه .. رفع رأسه ليراهما ينظران اليه .. انعقد حاجبيه على صوت محمد الباكي .. لتقع عينيه في عينيها .. عينيها تروي حكايات وجع منه .. وهو لا يستطيع ان يفعل ما لا يستطيع .. ليتابع خطواتها المبتعدة .. ويبتسم وهو يقف ليشد الصينية ناحية والدته .. ويجلس يقتطع من قطعة السمك ويضعه امامها : ياللا فديتج تغدي ..



تمضغ الطعام بفكر مبتعد الى البحرين .. اذا جاءها ملك الموت قبل العيد .. ماذا سيكون مصير ذاك السر الذي اقض مضجعها ليالي طوال .. ماذا سيحل باصحابه ... نزلت دمعة من عينها اليمنى لتتبعها أخرى من اليسرى .. ليفاجئ حين ارتفع نظره وفي كفه لقمة لم تصل الى فيها .. فتوقفت في منتصف الطريق : دموعج غالية يام سالم ..



لتبادر انامل كفه اليسرى تمسح الدمع .. وتتبعها اليمنى تدس اللقمة في فيها .. ليردف : اوعدج باللي تبينه .. بس قولي ..



يعلم بانها تعلم ان الوعد عنده كحد السيف .. اذا وعد لن يخلف وعده حتى وان كان الثمن حياته .. ابنها الذي يرى الخلف بالوعود جريمة يعاقب عليها الانسان .. ويجعل الرجال في خانة الا رجال .. وهو رجل يقول وحين الوعد يفعل ويفعل ..



قام واقفا ليغسل كفيه .. ابتعد عن انظارها .. وبيده يحمل بقايا الغداء .. لتتنهد هي .. لن يقول ما قاله الا لانه يرغب بحمل معاناتها معها .. وهي عليها ان تحكي لشخص ما .. حتى وان جاء هادم اللذات يوما لا يموت معها ذاك الذي اتعبها .. رفعت نظرها حين ولج .. ليعطيها ظهره وهو يغلق الباب .. وبعدها يحث الخطى ويساعدها لتستند على ظهر السرير .. ويمدد ساقيها ويدلكهما لها بحنان ابن اخذته الخشية من القادم ليرأف بها حد التعامل معها بما تشتهي ..


- اوعدني يبقى اللي بقوله فقلبك الين توصل ام عبدالله ..


رفع نظره وتوقفت كفاه عن الحركة .. ولم ينطق .. لتردف : اوعدني انك ما تصرف باي شيء الا اذا كانت ام عبدالله وياك ..


ابتسم .. وسحب انفاسه وتنهد : اوعدج .. ما بسوي اي شيء الا مثل ما قلتي ..


طأطأت رأسها وكأنها تبحث عن بداية لحديثها .. ونطقت ولا تزال عينيها الى الاسفل : بتكلم ولا تقاطعني .. خلني اقول كل اللي عندي .. ولا تسألني الين ما اخلص ..


نظرها يرتفع ليراه يبتسم بخلاف حاجبيه المنعقدين : تكلمي وان شاء الله بسمعج للاخير ..



اغمضت عينيها وبدأت الحديث باسم " ام عبدالله " .. وتلته بالكثير من الاحداث عفى عليها الدهر .. كانت انفاسه ثائرة .. وصدره يرتفع يقسو على اضلاعه بانفاسه الحارة .. لن يقاطعها سيحتمل ما يعتلج فيه حتى تنتهي .. وما ان انتهت قالت ودموعها تنسكب : هذي السالفة .. وما صدقوني يا سالم .. ما صدقوني .. واخاف اموت ويبقى الحال ع هالحال ..



اغرورقت عينيه بالدموع .. لتُسكب بصمت .. وفجأة انسحبت انفاسه بقوة وكأنه كان يغرق فنجى .. اهتزت شفتيه .. وزفر انفاسه .. ما سمعه لا يصدق .. ليطوح برأسه : كيف ؟ ..



ارغب بالصراخ يا امي .. ارغب بان اموت في هذه الساعة .. ليتني لم اعدك .. وليتني لم استمع لما نثرته على اسماعي .. آآه يا قسوة الحياة .. آآه كيف يكون الظلم .. وكيف يوصلك الكره الى تحدي لا يُطاق .. يرمي باناس ابرياء الى جحيم الدنيا ..



الصمت كان على الشفاه .. والدموع تحكي حكايات ندم .. لينظر اليها حين نطقت : سويت اللي علي .. وربي سويت اللي علي .. سامحني يا ولدي ..


ظاهر كفيه تمسح عينيه وسرعان ما تعود راحتيه تمسح ما تبقى : حرام اللي صار يا .. ام سالم ..


شد على شفتيه وطوح رأسه .. وقام بعدها واقفا ليبتعد .. انهكه الوعد .. واتعبه ما عرف من اسرار دفنت سنوات وسنوات .. كيف ترى الحرام وتسكت .. تفضل الصمت وترضى بالانسحاب بعد المحاولة .. خرج لتراه زوجته يتجه الى غرفتهما .. تبعته بعد ان وضعت محمد الصغير على الارض في سريره الصغير .. نظرت الى كنه النائمة على ظهرها وعينيها على " ام بي سي 3 " .. ارتفعت بجسدها لتلج بعد دقائق الى الغرفة لتراه ساكنا على السرير .. ورأسه للارض .. تقدمت منه : تاخرت عند امك .. ما تبا غدا ؟


يده تكتم فيه وعينيه لا تزالان متسمرتان على الارض .. اخافها منظره فدنت اكثر منه .. حتى اضحى نظرها ينظر الى الاسفل حيث رأسه : سالم .. شو بلاك ؟ .. عمتي فيها شيء ؟


شهقت فلقد ظنت بان والدته قد ارتحلت .. لتستدير في رغبة لذهاب للاطمأنان عليها .. واذا بكفه تمسك رسغها بعنف : امي بخير .. بس انا مب بخير يا هدى ..


رفع نظره ليراها عاقدة الحاجبين .. لا يصدق بانه لم يرى الخوف في عينيها .. الا تخاف على بعلها .. ليردف : سامحيني يا هُدى .. سويت اللي علي .. سويت كل اللي اقدر عليه .. وانتي ما ساعدتيني فشيء ..


ارتجف قلبها .. حديثه غريب اثار الشكوك لتتوتر وهي تنظر لكفه الاسمر الممسك برسغها الحنطي : بطلقني ؟


رفع نظره وابتسم .. يالا تفكيرها الضئيل .. وسرعان ما ضحك .. وقهقه حد الاستلقاء على ظهره .. ضحك حتى ثار جنونها فصرخت : عاادي يعني اذا بتسويها .. اصلا فكه من هالعيشة ..


لتبتعد من المكان .. ويكف هو عن الضحك .. ويغلق عينيه لتتدحرج دموعه على الجانبين ..



,‘,

البداية على الكثيرون صعبة جدا .. فيخافون الابتداء .. ويتمنون لو أن هناك من يمسك بكفهم ويشبك اصابعه باصابعهم .. ويشد عليهن ويمضي معهم الى الامام .. كانت في تلك الليلة القاسية فيها المشاعر .. والمتأوهة فيها القلوب من رعب الغربة وابتعاد أُلفة الروح .. يدها تتحرك على رقبتها وتلامس نهاية شعرها القصير .. هنا صفعها في اول ليلة لهما معا .. وبعدها ارتعبت حد الاختناق .. وفجأة ارتخت اعصابها كجليد اذابته الشمس .. تذكرت عينيه يومها فابتسمت وهي ترى وجهها البريء في تلك المرآة .. التفتت الى حيث السرير .. نائم بسلام .. هي معه منذ ايام قليلة .. كلامه قليل الا اذا استرسل في النُصح .. المكان هادئ يوحي بسكينة لا متناهية .. وصوت الاذان في هذا المكان كسلسبيل بارد يطفئ لهيب الروح ..



وقفت فتحرك كرسي التسريحة مصدر صوتا .. فتقلب ذاك في سريره .. خطواتها الخجلى تتحرك اليه .. لم تعتده بعد .. وما ان وصلت بجانبه تأملته .. كيف لوجهه بشة جميلة .. لا تخفي بانها تشعر بالراحة بجانبة .. واحيانا بخوف يتملكها .. ترغب بكسر حاجز الخجل ولكن هناك ما يقيدها .. فتنبس بخفوت : عُمر ..


الهواء ينسحب الى رئتيها ويُزفر بارتباك .. لتنحني قليلا .. وكفها ثبتت جانب من شعرها .. واخرى استقرت على الفخذ : عُمر ..



زفرت وهي ترفع جذعها .. سيوبخها اذا لم توقظه للصلاة .. وهي محرجة منه بقوة .. كما انه يثير في نفسها بعض من الشفقة .. فهو متعب لسهر باغته ليلا لألم في بطنه .. تحركت مقلتيها في الغرفة .. وتعود من جديد عليه .. لحيته الطويلة تكسبه وسامة مع انفه الطويل المدببة نهايته .. وذاك الانحناء البسيط في الاعلى يجعله مختلفا عن كثير أنوف رأتها .. ابتسمت على افكارها .. وسرعان ما عقدت حاجبيها .. كيف توقظه .. تنهدت : عُمر أذن الظهر .. ما تبانا نروح نصلي فالحرم ..



الهذه الدرجة صوتها خافت حتى لا يسمعه .. تحركت لتتركه واذا بصوته يوقفها : بس هذا اللي قدرتي عليه .. ما عندج ايد تمديها . اذا ربج سئلج ليش ما قومتيني للصلاة وشديتي ع هالشيء شو بتجاوبين ؟



بلعت ريقها والتفتت له .. لتراه ينزل ساقيه عن السرير ويقف .. حتى يمر من جانبها وصوته يبتعد مع ابتعاده : تجهزي عشان ننزل نصلي ..



الساعات واللحظات والدقائق تشعر بها مختلفة في هذا المكان .. حتى الثانية يكن لها طعم مختلف .. وكأن ذاك المكان يصلنا بخالقنا بقوة .. فنمشي ونتحرك وكأننا نراه ينظر الينا .. حتى هي تشعر بانها مختلفة .. وقلبها ينطق بالايمان دائما .. تقف تطل على المكان الذي كانت فيه منذ لحظات .. امام النافذة بسكون .. وشفتيها تتحدثان دون صوت .. وكفيها مرتفعان ومتلاصقان .. وهو يقف دون حراك ينظر اليها .. يتأمل تفاصيل جانب وجهها .. لا تزال صغيرة حتى وكأنه يرى نفسه كبير وجدا عليها .. نحيلة وملابسها الفضفاضة تخفي ذاك النُحل .. دنا منها حين لامست كفيها وجهها متشهدة ..


تشعر بخطواته وبجسده الذي توقف عن المسير .. قريب هو من ظهرها .. ربما يتحرك خطوة فيلتصق بها .. نطق ففتحت عينيها المغلقتان : بشو كنتي تدعين ؟



يا الله يا عُمر .. أأخبرك بأني اطلب من ربي ان يمدني بالقوة لافتح معك حديثا .. أن اضع رأيي فيك .. في حديثك .. في تهكماتك التي توئد الشجاعة في نفسي ..



ابتسمت والتفتت له .. ونظرها تسمر على وجهه .. تحب النظر اليه .. فياخذها بعيدا ولا تشعر بعينيها الا اذا نطقت شفتيه .. لكنه لم ينطق وهي استمرت في التحديق .. تتأمل عينيه في شرود .. ويتأمل براءتها باعجاب .. حتى ما طال الصمت اصدر حمحمة ايقضتها من شرودها .. للتتعثر بتوترها وتنطق : اقدر اتكلم وياك ؟


رمش بعينيه تباعا ومن ثم ابتسم وقد عقد حاجبيه باستغراب : تكلمي ما بمنعج ..


خطت للخلف لتستند بالجدار وقد شبكت كفيها خلفها .. ونظرها حيث قدميها : ليش انت جذي .. من اول ليلة لنا مع بعض وانت تخوفني .. اي شيء اسويه تخليني اندم اني سويته .. تدخل الدين في كل شيء ..


رفعت نظرها له : اللي اعرفه اذا بغيت تحبب حد في شيء رغبه فيه .. لا تخوفه منه ..



هل هذا الحديث الكبير صادر من طفلة ارتبطتُ بها بطلب من والدتي ؟ .. هل عقلك اكبر منك وقطع اشواطا كثيرة حتى تعداني .. ليلجمني عن الحديث تحت حقيقة في جملتين قصيرتين .. سعيدا انا .. وشاكرا لربي بان وهبني عاقلة في جسد طفلة ..



صدرها يعلو ويهبط خوفا لربما من كلام قد يجعلها تندم كما سابقا .. تغض نظرها وتشعر بان العرق تدفق شلالا من كفيها .. لترى كفه تتعدى جانبها الى وراءها .. يمسك كفها ويمشي يقودها خلفه .. ويستدير بعدها يضع كفيه على كتفيها ويجلسها على الاريكة ويجلس هو على الطاولة امامها : خايفة ؟


هزت رأسها بنعم .. وتمتمت بخفوت : اسفه اذا غلطت ..


طوح برأسه نافيا .. وشفتاه تحركتا بقول : ما اريدج تخافين مني .. اللي احنا فيه يمكن لانا بعدنا ما عرفنا بعض زين .. ما تعودت على وجودج يمي .. ولا كنت افكر اني اعرس الا عقب كم سنه .. يمكن اذا صرت فالثلاثين ..


قهقه ضاحكا .. فتجهم وجهها : ليش تضحك ..


- تذكرت اول ليلة وييا بعض – ضحك بخفة واردف – حسيتج شوي وبطيحين من الخوف ..


سحبت كفها من كفه : والله منك .. يعني باللا هذا كلام تقوله لي ..


ابتسم وغض نظره .. لتدارك هي بتوتر حديثها : اسفه .. مب قصدي ..


نظره يرتفع لها .. ورأسه يتطوح .. ليزفر : سميه لا تتأسفين .. ما اريدج تخافين مني .. ترا هالخوف ما بيعمر بيت .. تعودي علي .. حاولي تتعودين ع اسلوبي .. حاولي توقفيني اذا زدت عليج .. قربي مني وانا بحاول اقرب منج اكثر .. تقدمي خطوة وبتقدم ثنتين .. واذا شفتيني تقدمت خطوة تقدمي حتى لو بنص خطوة .. المهم ما نخلي اللي بينا مسافات تكبر مع الوقت وما بنقدر نطويها ..



تنظر اليه .. تستمع لحديثه .. كُل ما فيه بات يأسرها .. أمجنونة هي لتعشق بسرعة جنونية .. ام الاعجاب قادها اليه مرغمة .. كأسيرة حرب مقيدة .. حين رأى صمتها نطق : فاهمه علي ؟


هزت رأسها بنعم .. وطأطأت نظرها .. واناملها اليسرى بدأت تأن من دعك اليمنى لها : بس .. انا استحي .. يمكن ما اقدر ..


وقف مبتسما : الحياء شعبة من شعب الايمان .. بيسدني حياج دامه شيء طيب ..


,‘,

يــتــبــع |~


تفاحة فواحة 19-06-13 08:00 PM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 


,‘,

تلك عكسها تماما .. وكأن بها ليست شقيقتها .. ولا تحمل دماء كدماءها .. وهو يشعر بقوتها تكبر مع ابتعاده عنها .. تُصر على الكثير .. الخروج .. الابتعاد عن المكان .. البقاء خارج المنزل اياما في منزل ذويها .. وهو يقابل طلباتها بالرفض .. فتتأفف صارخة من سجن حبسها فيه .. حتى باتت تتمنى لو لم تكن هنا .. ماذا كانت تنتظر .. يحب زوجته فيتركها تفعل ما تشاء .. تنهدت وهي تراه يرتدي ثوب نوم مقلم .. لتعانق كفها وسطها : فارس .. الين متى بتم تعاملني بهالشكل .. وبعدين ربيعتي بتيني .. بروح وياها بزور ربيعتي المربية واتحمد لها بالسلامة وارد ..



تصلب واقفا وظهره لها .. ليستدير وحاجبه ارتفع : بوصلج بروحي .. تسلمين وتطلعين يلسه فبيت الغرب ما في ..


صرخت : لا عااد .. تراك مصختها ..


هدوء غريب اكتساه .. لم يعد ذاك الثائر المتأجج بغضب حين علو صوتها .. مشى متخطي وقوفها الغاضب .. لتستدير تمشي بسخط وتقف امامه : طلقني ..


تضّحَك ويده تمسك بذقنها .. شد مسكته : يا بنت الناس للحين ما شفت اللي اريده منج .. والا نسيتي كلامنا .. تبيني اذكرج شو صار باول ليلة .. تبين اعيد كلامي اللي قلته لج فاليوم الثاني ..


انزل يده : يوم اشوفج مثل ما اريد .. ساعتها بقولج يا بنت الناس انتي فطريق وانا فطريق ..



تخالجها رغبة بالبكاء .. ليس هذا المصير الذي تمنته .. ليس ما تعانيه راغبة به وتشتهيه .. تنهدت لتجر خطاها بعد خروجه واغلاقه للباب .. ذاهب للاخرى .. لامرأة لن ولم تصل الى حدودها يوما .. امرأة شفافة .. تبحث عن سعادته وتتناسى سعادتها .. ترسمه امام عينيها فارسا .. ويرسمها امام عينيه حورية لم توجد مثلها بين النساء ..



أطل برأسه ليراها تمشط شعرها الطويل الواصل وسطها .. وتلفه وتشبكه بعدة مشابك .. لترفع نظرها واذا به مبتسما .. فابتسمت مستديرة له : حياك ليش واقف عند الباب ..


اغلق الباب واستند عليه : ليلتها ..


وقفت : يهمك ؟


وخطت بخطواتها تعتلي سريرها .. لتراه يتنهد .. فتختفي ابتسامتها .. تعلم بان بقاءه هناك صعب .. وتدرك ان امنياته تصب في وعاء واحد .. وعاء القرب منها .. ربتت بجانبها مبتسمة .. ليبتسم ويحث خطاه بشغف طفل يبحث عن الحب .. ليستلقي ورأسه اسقطه في حجرها .. لترفع ذراعيها متفاجأة من فعله .. وسرعان ما سقط كفها يداعب شعره الاسود .. واخرى طوقت جسده لتعانق اصابعها اصابع كفه .. ويشد عليها يقربها من صدره .. وكأنه يخبرها أن تستمع لنبضاته في حضورها ..



كان الصمت يثير حديث بينهما .. حديث تتبادله اللمسات .. والانفاس .. ورمشات الجفون .. ليكسره هو وقد اغمض عينيه : ليتني ابقى هني الين اشبع .. وادري اني ما بشبع فيوم ..


- فارس .. تعرف كثر شو احبك ؟



أسؤال هذا تسأليه له يا كنّة .. وهو اعلم الناس بحبك له المشيد بنيان في قلبك .. لا تضاهيها ابنية الارض كافة .. صمت .. فالصمت اصدق اجابة قد تصلها .. لتردف : ادري اني وعدتك ما اسأل .. بس حالك غصب يقولي سأليه .. تكلمي وياه .. خبريه انج تبين فارس يرد ..



ولا تزال عينيه في ظلام الجفون : خلج ع وعدج .. ولا تسألين .


توقفت حركة يدها على شعره : بس انا ما اريد فارس الحين .. ما اريد فارس اللي كل شوي يعصب .. ما اريده فكل ساعة يتنهد .. انا اريد فارسي .. حبيبي اللي عرفته .. اللي يحس في بدون ما اقول ولا كلمة ..


صمتت قليلا واردفت بصوت بدأ يختنق : فارس انا بشر ... ما بقولك اني ما اغير .. وان كل شيء عادي عندي .. انا مب مثالية .. مب غير عن اي حرمة حبت وشافت حبيبها ينسحب منها شوي شوي .. اريدك لي ..



شد على كفها اكثر .. وكأنه يخبرها لا تبكي .. لا تزيدي ناري المشتعلة حطبا .. فتح عينيه حين التصقت شفتيها بوجنته .. وسائلا رطبا سقط على بشرته .. ان اخبرها بان تكف عن البكاء فستبكي اكثر .. تنهد لتبتعد كفها عن رأسه تمسح دموعها .. وباهتزاز شفتيها اكملت : ما اريدك تكون ظالم .. وفنفس الوقت ما اريدك تكون مع غيري .. ما اريد ايدك تلمس غيري .. ولا صدرك يضم غيري .. بس ..


استلقى على ظهره ووجهه لها .. ينظر الى انفها المحمر .. وانسكاب دمعها كقطرات مطر .. تقع على وجه احيانا .. واحيانا أُخر تسيل على وجنتيها متخطية رقبتها الى نحرها .. لينطق : خذت حقها ..


ليردف معيدا على مسامعها ما قال : سلوى خذت حقها ..


ابتسمت مع تنهيدة يعلم بانها ليست تنهيدة راحة .. لتنكمش الشفتين من جديد .. وتتتمدد .. وكأنها في مد وجزر بين ضحك وبكاء .. لتنفجر باكية .. ويعتدل هو بجانبها جالسا .. ويدفن رأسها بجانب صدره .. سيتركها تبكي .. تبكي حكما ظالما آحال حياتهما رغم هدوءها الى جحيم ..


اهتزاز جسدها الباكي يبتعد وامساكته لها ترتخي .. ليبتسم وهو يحني رأسه طمعا في وجهها المختبئ : مثل كل مرة ..


استفهام تمركز على رأسها فرفعته .. لتنطق وهي تكفكف دموعها : كل مرة شو ؟


- فطورج عند اهلج اول ليلة ؟


اراحت رأسها على صدره .. ليسمع نبرتها تداعب اضلعه : اكيد .. شيء لا بد منه .. باكر رمضان ؟


- الله اعلم .. يمكن باكر اول رمضان ويمكن متمم شعبان ..



,‘,

صباح آخر تفوح منه روائح ايمانية .. فغدا رمضان .. هذا ما تداولته وسائل الاعلام .. وهي تشعر بالضياع حين اقفلت تلك ابواب المكان .. ليس الآن فهي تجلس معها تحادثها .. واحزنها ابتعاد تلك عن عيادتها في نهار الشهر الفضيل .. والليل جمعات ومسامرات .. وهي تطمع باكثر من ساعة حديث .. طأطأت رأسها وكفاها تعانقا امامها .. وتلك بجانبها تمد يدها وتردفها على كتفها : شامة حبيبتي .. صدقيني فرمضان ما بتحتايني .. تدرين ليش ؟


نظرت اليها لتردف : عشان رمضان غير .. انتي بدون ما تسوين اي شيء بتحسين انج مختلفة .. وقلتلج اذا ما يعيبج انج اتيني ساعة فالليل خلي بينا تلفون .. والحين ما بتحدثيني عنج .


تنهدت وهي ترمي بظهرها على يد الكنب المائل .. وساقيها لا يزالان للارض ملامسان .. لتكتف ذراعيها على صدرها : عاادي ؟


ضحكت تلك لتضربها بخفة على فخذها : سوي اللي يريحج ..


ابتسمت وعينيها تحدقان بالسقف : دايم اشوف هالشيء فالتلفزيون .. ينسدحون ويتكلمون .. بجرب يمكن الكلام يكون غير ..


- وانا بسمعج .. ياللا خبريني شو سويتي فالايام اللي راحت ..


سحبت ذرات الهواء وزفرتهن : صرت اهتم بكلثوم ..


- ومنو كلثوم ؟


اعتدلت جالسة .. وبسخط قالت : مب مريح .. شوي وبرقد ..


لتضحك ريّا وتضحك بمعيتها .. وسرعان ما اجابت على السؤال المطروح : كلثم بنت ولد عمي الله يرحمه .. حبوبة .. امها خلتها عندنا وراحت .. وشبيب حملني مسؤوليتها .. اول يوم لها فبيتنا كل شوي كانت تصيح وتسأل عن امها .. وامي تضايقت منها .


التفتت لها واكملت : تقول انها دلوعة ..


- وانتي شو رايج ؟


- مسكينة .. رحمتها .. صح اني تعبت معها وانا احاول اسكتها باي شيء .. حتى الكام عطيتها تصور فيه تصوري؟ ..


ابتسمت ريّا : الكام اللي قومتي الدنيا وراسج والف سيف ما ياخذها هاشل ..


قهقهت حتى فر الدمع من جانبي عينيها .. ويدها اعتصرت بطنها جراء الضحكات القاتلة .. وتلك تراها مختلفة .. لاول مرة ترى تلك الضحكات .. وتلك الاحاديث الممزوجة بعبث امرأة تحولت من طفلة مدللـة إلى عاقلة تبحث عن سعادة غيرها .. سكتت اخيرا لتمسح بقايا الضحكات .. وتتوجه بانظارها الى طبيبتها الشابة : حبيتها ..


يدها تلتقف يد شامة : شامة لا تشكين انج مب طبيعية ولو واحد بالمية .. انتي كنتي محتاية شيء يطلعج من اللي كنتي فيه .. كنتي محور الاهتمام .. وصرتي تهتمين بغيرج .. باخوانج .. والحين بكلثم ..


ابتسمت وارتجفت شفتيها . وسحبت هواء تحاول ان تمنع الدموع المتكومة في مقلتيها عن النزول .. لتردف تلك : سامحي يا شامة .. صدقيني كل ما سامحتي غيرج تكوني تصالحتي وييا نفسج اكثر .. كل انسان يغلط .. بس احلى شيء اذا عرف غلطه وعقه بعيد بس عشان ما يقابله مرة ثانية .

تلك عكسها تماما .. وكأن بها ليست شقيقتها .. ولا تحمل دماء كدماءها .. وهو يشعر بقوتها تكبر مع ابتعاده عنها .. تُصر على الكثير .. الخروج .. الابتعاد عن المكان .. البقاء خارج المنزل اياما في منزل ذويها .. وهو يقابل طلباتها بالرفض .. فتتأفف صارخة من سجن حبسها فيه .. حتى باتت تتمنى لو لم تكن هنا .. ماذا كانت تنتظر .. يحب زوجته فيتركها تفعل ما تشاء .. تنهدت وهي تراه يرتدي ثوب نوم مقلم .. لتعانق كفها وسطها : فارس .. الين متى بتم تعاملني بهالشكل .. وبعدين ربيعتي بتيني .. بروح وياها بزور ربيعتي المربية واتحمد لها بالسلامة وارد ..



تصلب واقفا وظهره لها .. ليستدير وحاجبه ارتفع : بوصلج بروحي .. تسلمين وتطلعين يلسه فبيت الغرب ما في ..


صرخت : لا عااد .. تراك مصختها ..


هدوء غريب اكتساه .. لم يعد ذاك الثائر المتأجج بغضب حين علو صوتها .. مشى متخطي وقوفها الغاضب .. لتستدير تمشي بسخط وتقف امامه : طلقني ..


تضّحَك ويده تمسك بذقنها .. شد مسكته : يا بنت الناس للحين ما شفت اللي اريده منج .. والا نسيتي كلامنا .. تبيني اذكرج شو صار باول ليلة .. تبين اعيد كلامي اللي قلته لج فاليوم الثاني ..


انزل يده : يوم اشوفج مثل ما اريد .. ساعتها بقولج يا بنت الناس انتي فطريق وانا فطريق ..



تخالجها رغبة بالبكاء .. ليس هذا المصير الذي تمنته .. ليس ما تعانيه راغبة به وتشتهيه .. تنهدت لتجر خطاها بعد خروجه واغلاقه للباب .. ذاهب للاخرى .. لامرأة لن ولم تصل الى حدودها يوما .. امرأة شفافة .. تبحث عن سعادته وتتناسى سعادتها .. ترسمه امام عينيها فارسا .. ويرسمها امام عينيه حورية لم توجد مثلها بين النساء ..



أطل برأسه ليراها تمشط شعرها الطويل الواصل وسطها .. وتلفه وتشبكه بعدة مشابك .. لترفع نظرها واذا به مبتسما .. فابتسمت مستديرة له : حياك ليش واقف عند الباب ..


اغلق الباب واستند عليه : ليلتها ..


وقفت : يهمك ؟


وخطت بخطواتها تعتلي سريرها .. لتراه يتنهد .. فتختفي ابتسامتها .. تعلم بان بقاءه هناك صعب .. وتدرك ان امنياته تصب في وعاء واحد .. وعاء القرب منها .. ربتت بجانبها مبتسمة .. ليبتسم ويحث خطاه بشغف طفل يبحث عن الحب .. ليستلقي ورأسه اسقطه في حجرها .. لترفع ذراعيها متفاجأة من فعله .. وسرعان ما سقط كفها يداعب شعره الاسود .. واخرى طوقت جسده لتعانق اصابعها اصابع كفه .. ويشد عليها يقربها من صدره .. وكأنه يخبرها أن تستمع لنبضاته في حضورها ..



كان الصمت يثير حديث بينهما .. حديث تتبادله اللمسات .. والانفاس .. ورمشات الجفون .. ليكسره هو وقد اغمض عينيه : ليتني ابقى هني الين اشبع .. وادري اني ما بشبع فيوم ..


- فارس .. تعرف كثر شو احبك ؟



أسؤال هذا تسأليه له يا كنّة .. وهو اعلم الناس بحبك له المشيد بنيان في قلبك .. لا تضاهيها ابنية الارض كافة .. صمت .. فالصمت اصدق اجابة قد تصلها .. لتردف : ادري اني وعدتك ما اسأل .. بس حالك غصب يقولي سأليه .. تكلمي وياه .. خبريه انج تبين فارس يرد ..



ولا تزال عينيه في ظلام الجفون : خلج ع وعدج .. ولا تسألين .


توقفت حركة يدها على شعره : بس انا ما اريد فارس الحين .. ما اريد فارس اللي كل شوي يعصب .. ما اريده فكل ساعة يتنهد .. انا اريد فارسي .. حبيبي اللي عرفته .. اللي يحس في بدون ما اقول ولا كلمة ..


صمتت قليلا واردفت بصوت بدأ يختنق : فارس انا بشر ... ما بقولك اني ما اغير .. وان كل شيء عادي عندي .. انا مب مثالية .. مب غير عن اي حرمة حبت وشافت حبيبها ينسحب منها شوي شوي .. اريدك لي ..



شد على كفها اكثر .. وكأنه يخبرها لا تبكي .. لا تزيدي ناري المشتعلة حطبا .. فتح عينيه حين التصقت شفتيها بوجنته .. وسائلا رطبا سقط على بشرته .. ان اخبرها بان تكف عن البكاء فستبكي اكثر .. تنهد لتبتعد كفها عن رأسه تمسح دموعها .. وباهتزاز شفتيها اكملت : ما اريدك تكون ظالم .. وفنفس الوقت ما اريدك تكون مع غيري .. ما اريد ايدك تلمس غيري .. ولا صدرك يضم غيري .. بس ..


استلقى على ظهره ووجهه لها .. ينظر الى انفها المحمر .. وانسكاب دمعها كقطرات مطر .. تقع على وجه احيانا .. واحيانا أُخر تسيل على وجنتيها متخطية رقبتها الى نحرها .. لينطق : خذت حقها ..


ليردف معيدا على مسامعها ما قال : سلوى خذت حقها ..


ابتسمت مع تنهيدة يعلم بانها ليست تنهيدة راحة .. لتنكمش الشفتين من جديد .. وتتتمدد .. وكأنها في مد وجزر بين ضحك وبكاء .. لتنفجر باكية .. ويعتدل هو بجانبها جالسا .. ويدفن رأسها بجانب صدره .. سيتركها تبكي .. تبكي حكما ظالما آحال حياتهما رغم هدوءها الى جحيم ..


اهتزاز جسدها الباكي يبتعد وامساكته لها ترتخي .. ليبتسم وهو يحني رأسه طمعا في وجهها المختبئ : مثل كل مرة ..


استفهام تمركز على رأسها فرفعته .. لتنطق وهي تكفكف دموعها : كل مرة شو ؟


- فطورج عند اهلج اول ليلة ؟


اراحت رأسها على صدره .. ليسمع نبرتها تداعب اضلعه : اكيد .. شيء لا بد منه .. باكر رمضان ؟


- الله اعلم .. يمكن باكر اول رمضان ويمكن متمم شعبان ..



,‘,

صباح آخر تفوح منه روائح ايمانية .. فغدا رمضان .. هذا ما تداولته وسائل الاعلام .. وهي تشعر بالضياع حين اقفلت تلك ابواب المكان .. ليس الآن فهي تجلس معها تحادثها .. واحزنها ابتعاد تلك عن عيادتها في نهار الشهر الفضيل .. والليل جمعات ومسامرات .. وهي تطمع باكثر من ساعة حديث .. طأطأت رأسها وكفاها تعانقا امامها .. وتلك بجانبها تمد يدها وتردفها على كتفها : شامة حبيبتي .. صدقيني فرمضان ما بتحتايني .. تدرين ليش ؟


نظرت اليها لتردف : عشان رمضان غير .. انتي بدون ما تسوين اي شيء بتحسين انج مختلفة .. وقلتلج اذا ما يعيبج انج اتيني ساعة فالليل خلي بينا تلفون .. والحين ما بتحدثيني عنج .


تنهدت وهي ترمي بظهرها على يد الكنب المائل .. وساقيها لا يزالان للارض ملامسان .. لتكتف ذراعيها على صدرها : عاادي ؟


ضحكت تلك لتضربها بخفة على فخذها : سوي اللي يريحج ..


ابتسمت وعينيها تحدقان بالسقف : دايم اشوف هالشيء فالتلفزيون .. ينسدحون ويتكلمون .. بجرب يمكن الكلام يكون غير ..


- وانا بسمعج .. ياللا خبريني شو سويتي فالايام اللي راحت ..


سحبت ذرات الهواء وزفرتهن : صرت اهتم بكلثوم ..


- ومنو كلثوم ؟


اعتدلت جالسة .. وبسخط قالت : مب مريح .. شوي وبرقد ..


لتضحك ريّا وتضحك بمعيتها .. وسرعان ما اجابت على السؤال المطروح : كلثم بنت ولد عمي الله يرحمه .. حبوبة .. امها خلتها عندنا وراحت .. وشبيب حملني مسؤوليتها .. اول يوم لها فبيتنا كل شوي كانت تصيح وتسأل عن امها .. وامي تضايقت منها .


التفتت لها واكملت : تقول انها دلوعة ..


- وانتي شو رايج ؟


- مسكينة .. رحمتها .. صح اني تعبت معها وانا احاول اسكتها باي شيء .. حتى الكام عطيتها تصور فيه تصوري؟ ..


ابتسمت ريّا : الكام اللي قومتي الدنيا وراسج والف سيف ما ياخذها هاشل ..


قهقهت حتى فر الدمع من جانبي عينيها .. ويدها اعتصرت بطنها جراء الضحكات القاتلة .. وتلك تراها مختلفة .. لاول مرة ترى تلك الضحكات .. وتلك الاحاديث الممزوجة بعبث امرأة تحولت من طفلة مدللـة إلى عاقلة تبحث عن سعادة غيرها .. سكتت اخيرا لتمسح بقايا الضحكات .. وتتوجه بانظارها الى طبيبتها الشابة : حبيتها ..


يدها تلتقف يد شامة : شامة لا تشكين انج مب طبيعية ولو واحد بالمية .. انتي كنتي محتاية شيء يطلعج من اللي كنتي فيه .. كنتي محور الاهتمام .. وصرتي تهتمين بغيرج .. باخوانج .. والحين بكلثم ..


ابتسمت وارتجفت شفتيها . وسحبت هواء تحاول ان تمنع الدموع المتكومة في مقلتيها عن النزول .. لتردف تلك : سامحي يا شامة .. صدقيني كل ما سامحتي غيرج تكوني تصالحتي وييا نفسج اكثر .. كل انسان يغلط .. بس احلى شيء اذا عرف غلطه وعقه بعيد بس عشان ما يقابله مرة ثانية .


رمشت بجفونها لتتعلق الدموع وتسقط لتتوقف : بس مب قادرة اسامح خالي ..


- ليش ؟


طوحت برأسها : ما اعرف .. قسى علي .. لو ضربني مثل شبيب كان اهون علي .. بس ما يروح يشكك في ..


بللت شفتها السفلى وبهدوء : لانه شرف .. تدرين ان البنت لاهلها شرف .. ليش ما تسألينه ليش سوى هالشيء .. وقفي قدامه وسأليه .. حاولي تفهمين منه ..


تركت يدها .. لتقف وشامة تتبعها بانظارها .. لتعود من جديد وبيدها حقيبة شامة .. تمدها اليها : اتصلي باخوج وخبريه لا اييج .. واتصلي بخالج قوليله ايي ياخذج .


طوحت برأسها : ما اقدر ..


" تقدرين " .. قالتها بتأكيد لتعود وتجلس بجانبها .. وتردف : اصعب شيء هي البدايات .. بس هذا ما يعني نوقف مكانا ولا نتحرك .. ونقول صعب ما نقدر .. ما شيء اسمه صعب دام الانسان قادر عليه .. وانتي تقدرين ..



صمتت تنتظر رداً ولكن لم يصلها شيء .. لتكمل : ما انتي تقولين ان اخوج تعبان .. مب البارحة اتصلتي علي تصيحين .. تقوليلي شبيب كاسر خاطري .. مب قادر يرتاح ..


طأطأت رأسها لتتقاذف دموعها هاربة .. وتتنهد تلك : شامة حبيبتي ما اريد اشوفج ضعيفة .. بادري ياللا .. ثبتي للكل انج تغيرتي .. ثبتي هالشيء لنفسج ...


اخذت الحقيبة بيد مرتجفة وعلى وجهها ابتسامة خافتة .. واهتزازت رأس بالموافقة .. لتبتعد تلك تترك لها مجال لتكون بمفردها .. لتعانق كفها هاتفها المرمي على ظهر الطاولة محترقة الخشب .. وهناك ما هالها .. كثير من المكالمات لتشد عليه وتبتعد من المكان بعد ان ابتسمت لشامة التي تنتظر ردا من خالها ..



,‘,

كان جالسا بمفرده يرتشف ادمانه .. وبيده الاخرى بطاقة دعوة لزواج احد زملائه في العمل .. نظره لفراغ المساحات الخالية من البنيان .. فقط جبال تعانق لون السماء .. واشعة شمس حارقة لا يبالي بها .. ابتعد عن الشارع الرئيسي ليدنو من الطبيعة .. من حبات الرمال .. واشجار الجفاف .. يجلس على مقدمة سيارته ليرمي تلك التي بيده بعد ان فرغت .. وتنغرس في التراب .. وحديث سابق لم يمضي عليه الا ساعة وبضع دقائق ..


- ها متى بنفرح فيك .. ربعك اصغر منك وعرسوا ..


وقهقهات يرتفع معها حاجبه : ليش يالس ع راسك .. الحين اللي يشوفهم يقول متهنين .. ما كأن الواحد يمشي ويقول ياليتني ما عرست ..



قفز من على سيارته يزيح ما التصق بثوبه .. وتلك الدعوة لا تزال بين انامله .. ليرميها لاحقا بجانبه .. ويستند بذراعيه على المقود ونظره لسنين تفوح منها رائحة الغدر .. قالوا له بان لا احد هناك .. وان الجميع غادر .. ليضعه القدر على طريق المنزل في ساعة ليل متأخر .. وخيال رجل يتسلق الاسوار .. لتحمله حميته هناك .. ويتهم بما جاء به غيره .. ويصمت ليستر عار احداهن .. تبا للفتيات البائعات شرف اهلهن ..



تنهد ليصدح هاتفه .. وعلامة تعجب تزاحمت في الاجواء .. وانفراج شفة بعد الحديث القصير .. ليرميه بجانبه لاحقا كتلك التي سبقته .. وذكرى الاتهام ترافقه حين عودته الى الطريق المسفلت .. ناقمٌ هو على فتاة كاذبة .. خائنة .. لم يرف لها جفن وهي تراه يتعذب تحت سياط والدها ..



الدقائق عقيمة معه .. وحاله عقيم لن يجد مؤنس يبعده عن هواجس نفسه .. كلما طالت كلما اعادته للوراء اشواطا .. يرغب بالضحك .. بالمزاح مع تلك العجوز .. بمشاكسة شبيب وادعاء الغضب على هاشل .. يرغب بمزاولة حرب الماء مع كنة .. و ... و ماذا؟ .. فتلك التي ينتظرها امام بناية شاهقة لا يوجد له معها ذكرى .. لا شيء ..



التفت وهو يراها تقترب .. لتفتح الباب .. تُلقي السلام .. وتزيح طرف " شيلتها" عن وجهها .. وتصمت .. ويصمت هو .. لا حديث يجمعهما بعد ما حدث .. وعقله يعتصر الذكريات لعلها تتمخض عن ذكرى جميلة جمعته بها .. لكن لا شيء .. تنهد .. وعاد يسحب انفاسه ويزفرهن .. حتى عقدت هي حاجبيها .. ونطقت ببرود : متضايق ؟


التفت لها كبرودها الناطق .. وعاد لينظر امامه : لا .. بس احاول اتذكر شيء وما قدرت ..


اضحى دورها لتتنهد .. وهو ينظر اليها ويُرجع انظاره : تبين تقولين شيء ؟


- لا .... بس الدختورة اقلقتني .


" كيف ؟ " .. سؤال طرحه لتدير هي وجهها للنافذة .. وتجيبه : طلعت مستعيلة .. أجلت كل مواعيدها .. في شيء صاير وياها ..


وعاد الصمت يزعزع الاركان .. يشرخ السكون جدران الحديث فيفر هاربا .. توقفت العجلات امام المنزل .. ولم تنزل .. وهو ينتظر : ما بتنزلين ؟


نظرها على وجهه : خالي .. انت ليش سويت اللي سويته ؟


حين رأت في ملامحة الف سؤال وسؤال .. استطردت وصوتها كلما طال الحديث تهدج اكثر : ليش ما سألتني .. سحبتني وياك وانا الغبية كان عبالي رايح عشان الجرح اللي ياني من شبيب .. ولقيتك تتهمني فاغلى شيء .. ليش ؟


ارتجفت حين اقترب بوجهه من وجهها .. وانفاسه تضربها معلنة ثورة تخشاها .. هي هكذا تراه هائج قد يصل به الامر الى حدود الجُرم .. لينطق ومع نطقه ارتعشت اوصالها : اذا انتي حطيتي فنفسج العيبة .. لا تلومين غيرج اذا ظن فيج الشينة .


ابتعد بجذعه ليطرحه على ظهر الكرسي ويردف ونظره تسمر على باب المنزل : هنا .. شفت اشياء محد للحين عارفنها .. وهنا شفت وسكتت – التفت اليها – وهنا بعد قطعتي حبل متين كان مستحيل حد يخمن انه بينقطع ..


سحب كفيها فارتعبت .. حتى كادت مقلتيها تبصقان عينيها : بيديج هذيلا .. خليتينا نشوفه انسان خاين .. بس لانج دلوعة البيت .. لانج انسانه سطحية ..


سحبت كفيها : يعني الغلط علي ؟


- شامة نزلي .. واريد منج شيء .. دوريلي ع شيء حلو يمعنا سوى فيوم .. لعبة .. ضحكة .. مقلب .. كلام .. اي شيء .. واذا لقيتي خبريني لاني تعبت احصل هالشيء .. واذا ما لقيتي .. صنعي شيء يذكرج بخالج المتوحش ..



تتهكم يا خالي .. تبتسم وعينيك تحكي اساطير وجع .. هل اصبحتُ ساحرة تقرأ العيون يا خالي .. ام لاني لم انظر للعيون من قبل .. ولم افهم احاديث النظر .. ولا ضحكات الجفون .. انت محق .. اقسم انك محق .. ولكن الا تستحق ابنة اختك المدللة الغفران ؟!


ابتسمت واقتربت منه تطبع قبلة على وجنته حتى وخزتها شعيراته المحلوقة منذ يومين .. وفقط .. فعلت ذلك وترجلت .. ليتسمر في مكانه .. وابتسامة كبيرة استحلت وجهه الممتلئ .


,‘,

يــتــبــع |~

تفاحة فواحة 19-06-13 08:11 PM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
تقبع على السرير وبيدها دُمية محشوة اختطفتها من جانب سرير شامة .. وحديث طفلة يملأ المكان : محد يحبني .. وعمو ما شلني عند ماما .. اصلا ما شفته ..


تعتصر الدُمية بكفيها الصغيرين .. وكأنها تخاطب احد من اترابها .. ليُفتح الباب رويدا دون ان تشعر .. وحديثها الحزين يصل الى أذنيها .. تشعر بسعادة وستوصلها لتلك الطفلة بأي طريقة كانت .. اقتربت منها لتقفز على السرير جالسة .. ولا تزال عباءتها تدثر جسدها : الحلو يالس بروحه ليش ؟


بسخط تتدلى شفتها السفلى : عموه ما تحبني .. محد يحبني .. اريد اروح عند ماما .


- بس انا احبج .. وشبيب يحبج .. وهشول يحبج .


صرخت بغيظ : ما احبه .. ما يخليني العب وياه .. وعموه صرخت علي .. ويدوه ما اعرف شو تقول ..


ضحكت شامة على كلماتها المختلة النطق : ولا يهمج بيحبونج .. بس انتي حبيهم .


قطبت حاجبيها الغليظين .. وقفزت من على السرير : بروح عند ماما .


وركضت مختفيه من تحت انظار شامة .. التي جرت مسرعة لعلها تلحق بها .. ولكن لم تلمحها .. لتسأل والدتها القادمة من المطبخ بعد ان اعدت الغداء : امايه شفتي كلثوم ؟


بغيض نطقت وهي تتابع طريقها : ما شفتها .



لم ينم خلال اليومين الماضيين برغم تعبه الذي الم به .. حين يغلق الجفون طلبا للراحة .. يجفل منتفضا .. ليقضي ايامه بين تفكير لما آل اليه مصيره .. وتفكير اخر يقوده لموقف عمه من كلثم .. هاهو الآن ينام لأول مرة ساعات متتالية .. بعد ان اوصل شامة عاد ليطرح جسده المثقل على سريره .. ويأخذه النوم بعيدا ..



شعر بحركة في المكان ولكن انفاسه الاهثة خلف راحة تأبى بأن يفتح عينيه .. أيحلم ؟ .. أم ان هناك من ينظر اليه .. يتأمله .. وجل فوقف شعر جسده خشية .. ليفتح عينيه واذا بعينيها تطلان من علو عليه .. وانفاسها المتسارعة تصل اليه فتتلاشى .. ابتسم وسحب جذعه ليستند على ظهر سريره : كلثم الحلوة عندي ..


نطقت وهي تعتدل جالسة على ركبتيها : خذني عند ماما .. انت قلت بتوديني .


تثاءب لتسارع راحته تغطي فيه .. وبصوت يملأه النعاس : ماما شو قالتلج يوم خلتج عند الباب وراحت ؟


- قالت ما اتحرك .. وانا ما تحركت ..


- الريال اللي عندكم تحبينه ؟


طوحت برأسها : ما احبه .. يضرب ماما .. وما يحبنا ..


التفتت للوراء بخوف على صوت شمسة الغاضب : انتي هني .. ما قلتلج لا ادخلين هالمكان ..


قفزت تحشر نفسها بجانب شبيب وتخبأ وجهها عن والدته .. لينطق : امايه الله يهديج خليها .. البيت بيتها .


وقفت تنظر اليه : انت مب شايف شكلك كيف صاير .. يعني ساعتين رقاد مستكثرينهن عليك .. وهذي المفعوصة اقولها لا اتي هني .. ولو ما واقفتلها كانت من زمان هني ..


بخوف وهي تحرك رأسها ليحتك بجانب شبيب : والله ما سويت شيء .. والله ..


بحزم قالت : شبيب شوفلك حل .. يلستها هني ..


ليقاطعها : امايه فديتج مب وقته هالكلام ..


- متى وقته عيل ..


" شمسة " .. نادتها تلك العجوز وهي تلج الغرفة تتوكأ على عصاها .. لتردف : لا تخلين دوبج من دوب هالضعيفة .. وسوي خير فيتيمة .. ربج بيازيج ..


همس في اذنها .. لتقفز راكضة مبتعدة عن شمسة ووالدتها .. ليقف بعدها يقبل رأس العجوز ومن بعده رأس والدته : الله يهديكن بس .. تتكلمن ولا كنها مويودة وتسمعكن ..


جلست على طرف السرير بانفاس ثائرة : انا عندي ولاد .. وباكر البنت بتكبر .. ومكانها مب بينا .


- هكيه ام خالد ربت مها ما قالت عندي عيال واخاف عليهم .


- امايه .. ام خالد غير ومها غير .. وانا مب ام خالد ولا عيالي مثل عيال حمد .. والبنت غريبة .



انسحب هو تارك الجدال قائم بينهما .. لا يرغب بسماع المزيد من ترهات الحديث حول تلك الطفلة .. يسمع والدته تعيد كلام عمه .. يبدو ان زوجة عمه استطاعت ان توصل ما يقال الى اسماع والدته .. تنهد وهو يغلق باب دورة المياه ( اكرمكم الله ) ويستند عليه .. وفي نفسه حوقلة رددها آلآف المرات في يومين ..



خرج وبيده منشفة صغيرة تعانق وجهه بعد وضوء قام به .. ليتلفت في المكان .. لا احد الا جدته قابعة على السرير متوكأة على عصاها بكفيها .. ليدنو منها : وين راحت اميه .


نظرت اليه : اسمع ياوليدي .. خلك من كلام الحريم اللي ما يودي ولا اييب .. انت متاكد بانها بنت خالد وهذا هو المهم .. لا كلام عمك ولا حرمته ولا كلام امك بيغير هالشيء ..


جلس بجانبها : بس انتي تدرين ..


قاطعته : شبيب اذا بتبقى تفكر بهالسالفة ما بتوصل لشيء .. خل كل شيء ع ربك .. محد يدري باكر شو بيستوي ..


نظر اليها وتجاعيد وجهها تحكي سنون تجارب عايشتها : لو درت امي .. شو بيكون موقفها ..


وقفت ليقف يسندها : ساعتها بنتكلم ..


لتتحلق الانظار فجأة لداخل وهو يجري .. وقد قطعت انفاسه من الجري : شبيب واحد يريدك برع ..


بتوبيخ محبب : هاشل كم مرة قايلتلك العيلة ( العجلة ) ما منها فايدة .. انت ما اتوب ..


التفت لها : يدوه واحد يقول انه ولد عمي خالد .. ويريد شبيب ..


" شو قلت ؟ " .. نطقها شبيب وهو يمسك كتفي هاشل : متأكد من اللي يالس تقوله ؟


هز رأسه واردف : هيه .. هكوه واقف برع .. قلت له يدخل الميلس بس ما طاع ..



ابتسم وحث الخطى خارجا .. هناك كان يقف .. بجانب شجرة المانجو يستظل بظلها .. تعب فالوقوف الطويل ينهكه .. تنهد مرارا .. وهو يحاول ترتيب الكلمات التي سيغدقها على مسامع شبيب .. هل يحق له ان يضع الاعذار .. وأي عُذر سيحمل الاخرون على المسامحة .. امتعض من افكاره اليائسة .. وسرعان ما رفع نظره لذاك القادم بخطواته نحوه .. في عينيه صور قديمة لاشخاص عايشهم .. وتلك الصور اضحت ضبابية .. حتى هذا الواقف محدق فيه دون تصديق تغيرت ملامحه ..


بعدم تصديق وكأنه يتأكد من الجسد الواقف : بطي؟


ابتسم .. لا اجابة لديه في هذه اللحظة سوى الابتسام .. فتلك الكلمات أبت أن تصطف ليبعثرها ..



,‘,

كتلك التي تتعثر بالحديث مع ابنتها السائلة .. ماذا عساها تجيبها .. اتخبرها بان والدها اسمع زوجها حديث اغضبه واغضب ابن عمه معه .. شردت بفكرها وهي في حضرتها .. ماذا لو كان شبيب على حق ؟ .. ماذا لو ظُلمت تلك الصغيرة .. فتخبطت في القادم من حياتها ؟ وماذا لو اثبتت الايام انها لخالد ابنة ؟ انتبهت لصوت ليلى فادارت وجهها ..


منهكة تلك الـ ليلى من ابر لا تود ان تنتهي .. ووالدتها تخطفها الافكار بين دقيقة واخرى : اماية .. شو بلاج .. ارمسج وانتي مب عندي ؟


- شبغيتي .. تراج من ييتي وانتي تحنين ع راسي .. قلتلج ما صاير شيء .


- بس جابر متغير .. من ذاك اليوم اللي اتصل فيه ابويه وقال يريده .. ومب من عادته يوصلني ويروح بدون ما ييلس يسولف مع عمه .. حتى ابوي سلم وطلع .. مستوي شيء وانا ما اعرفه ..


" لا حول ولا قوة الا بالله " قالتها وهي تقف وتلك تحمل انظارها اليها .. لتردف : ليلوه اهتمي بعمرج وباللي فبطنج .. وخلج من الوساوس اللي فراسج ..


وقبل ان تبتعد قالت : روحي باركي لبنت خالتج .. خطبها ولد عمها ووافقت ..


رمشت بعينيها مرارا .. أتقول بان مها وافقت على ذاك السلطان ؟ .. اوليست هي من اخذت تضع فيه كل ما هو سيء .. قامت حتى ما وصلت اسفل الدرجات رفعت بنظرها الى اعلى .. ماذا عساها تفكر ؟



تقف تُخلي دولاب ملابسها .. ترمي بما لا تريده على السرير .. حتى تكدست الملابس وتكومت جبلا .. طرقات الباب لم توقفها عن عملها .. فهذا تحتاجه وضعته جانبا .. وذاك لا ترغب به انتزعته ورمته على سريرها .. لم تلتفت الا بعد ان جاءها صوت ليلى : شو تسوين ؟


قهقهت بشغب : بحرقهم ..


" من صدقج " .. قالتها ودلفت اكثر لتغلق الباب من خلفها .. واردفت : وبعدين صدج اللي سمعته ؟


ازاحت الملابس المتكومة جانبا .. وجلست بعد ان سحبت تلك كرسي التسريحة وجلست عليه : الحين تبيني اجاوب ع الاول والا الثاني ؟


- مهوي عن الملاغة ..


ضحكت : يا طويلة العمر .. هالملابس بنعطيهن الهلال الاحمر .. بسوي حسنه قبل رمضان .. اما سؤالج الثاني فما ادري عن شو تتكلمين ؟


- سلطان ؟


- اممممممممم


تنهدت واستندت على كفيها متراجعه بجذعها للوراء : صليت .. ما شفت شيء .. وما حسيت بشيء .. قالي عمي مب شرط ارتاح او اتضايق .. لان الاستخارة توكيل الامر لله .. يعني اذا الله رايد هالشيء لي بيسره .. واذا لا فاكيد ما بيكتمل .. وانا توكلت ع ربي .


- متأكدة .


هزت رأسها بنعم : متخوفه شوي .. الغريب انه وافق ع كل شروطي .. دراستي وشغلي .. حتى قال بنسكن هني ما بنروح شمال صوب اهله .. اممممم .. الملكة والعرس فيوم واحد عقب العيد العود



" شو ؟ " قالتها تلك بفزع .. واستطردت : ينيتي انتي .. ليش ؟ما تبين تيلسين وياه .. تعرفينه ويعرفج .. المفروض تملكون وبعدين العرس ايي ..


رفعت كتفيها بعدم اكتراث : مب مهم .. خلينا مني وخبريني شو اخبار خلود الصغير ..


- انتي بعد من الحين تقولين خلود .. يمكن بنت ؟


- خلاص سميها خلود ..


وقهقهت لتشاركها تلك الضحكات ..

,‘,



اما هو فمنذُ ما حدث من عمه .. وهو يشعر ببركان يغلي في صدره .. لا يعلم لماذا لا يستطيع السيطرة على غضبه اكثر .. يُقسم بانه سينفجر في اي لحظة .. وحال صاحبه وابن عمه يزيد من نار تحرقه وتحيل هدوءه الى هشيم ستذروه اي كلمة لن يستطيع احتمالها ..

اوصلها منزل اهلها .. وخرج من بعد ان سلم على عمه .. وحديث قصير دار بينهما لا يتعدى السؤال عن الحال .. وهاهو يزفر بقسوة على الاريكة .. يشاهد التلفاز ويحاول ان يتناسى ما سيحمله الغد معه .. افطاره سيكون معهم .. وكم تمنى لو كان الافطار في منزل شبيب او هنا معها هي فقط .


اغلق الافواه المثرثرة على تلك الشاشة .. وقام .. سيغرق جسده تحت الماء البارد لعل ما فيه يعتقه .. يرغب بالصراخ حد تحشرج الصوت وانقطاعه .. حتى الرياضة التي يمارسها لم تنفع في تنفيس ما يعتلج في صدره .. لما يقسى عليهما عمه بهذا الشكل .. يتمنى لو يمسك من دس السم في رأسه ورأس زوجته .. يتمنى فقط ان يمسكه .. يقسم بانه لن يعتقه حينها ..



عضلات جسده تتكسر عليها قطرات الماء .. تنتحر تباعا .. وهو يستند بذراعيه على الجدار ورأسه مطأطأ .. وسيل ماء ينهمر .. وعينيه ترمشان بهدوء .. يكره الظُلم .. ويكره ان يكون الظالم من عائلته .. رفع رأسه ليتلقى الانهمار بوجهه .. ويبقى دقائق يحاول ان يضع روحه في اتزان ..



خرج بعد فترة يجر خطواته المبتلة .. ويستره ازار وبلوزة قطنية بيضاء .. ليجلس على السرير بجانب الكوميدينة .. ومنشفة تتحرك على شعره .. ليتوقف عن تجفيفه على صوت هاتفه .. وسرعان ما وقف لينهي الاتصال .. ويهرول يسحب له ثوب رمادي يرتديه على عجل .. ويسحب هاتفه ويختفي من زوايا شقته الصغيرة ..



,‘,

الاصابع العشرة تشابكت .. وتيار توتر اجتاحه في هذه اللحظة .. يستمع لذاك الذي تحدث عبر الهاتف .. وشاهد اغلاق الاتصال .. مضت ساعات وهو هنا .. تناول الغداء معهم وجلس بمعية شبيب لم يحكي اعذار .. لا يرغب بالحديث عن امور كانت الا معه هو .. ابتسم وذاك يسأله العديد من الاسئلة .. أيعتبره احد المجرمين .. رفع حاجبه : شبيب قلت لك ما بقول اي شيء الحين ..


بعثر انفاسه : ولا يهمك .. بتريا .. ويا خبر اليوم بفلوس ..


ماذا بك يا ابن عمي ؟ .. مختلف وكأن بك انسان لا اعرفه .. لا اضع اللوم على هاشل إن لم يعرفك .. فلو كنتُ مكانه لما عرفتك الا بعد حين .. لحم وجهك اختفى حتى بانت عظام فكيك .. وهناك شعيرات بيضاء تحاول اخفاءها بالسواد دون جدوى ..






,‘,

تقبع على السرير وبيدها دُمية محشوة اختطفتها من جانب سرير شامة .. وحديث طفلة يملأ المكان : محد يحبني .. وعمو ما شلني عند ماما .. اصلا ما شفته ..


تعتصر الدُمية بكفيها الصغيرين .. وكأنها تخاطب احد من اترابها .. ليُفتح الباب رويدا دون ان تشعر .. وحديثها الحزين يصل الى أذنيها .. تشعر بسعادة وستوصلها لتلك الطفلة بأي طريقة كانت .. اقتربت منها لتقفز على السرير جالسة .. ولا تزال عباءتها تدثر جسدها : الحلو يالس بروحه ليش ؟


بسخط تتدلى شفتها السفلى : عموه ما تحبني .. محد يحبني .. اريد اروح عند ماما .


- بس انا احبج .. وشبيب يحبج .. وهشول يحبج .


صرخت بغيظ : ما احبه .. ما يخليني العب وياه .. وعموه صرخت علي .. ويدوه ما اعرف شو تقول ..


ضحكت شامة على كلماتها المختلة النطق : ولا يهمج بيحبونج .. بس انتي حبيهم .


قطبت حاجبيها الغليظين .. وقفزت من على السرير : بروح عند ماما .


وركضت مختفيه من تحت انظار شامة .. التي جرت مسرعة لعلها تلحق بها .. ولكن لم تلمحها .. لتسأل والدتها القادمة من المطبخ بعد ان اعدت الغداء : امايه شفتي كلثوم ؟


بغيض نطقت وهي تتابع طريقها : ما شفتها .



لم ينم خلال اليومين الماضيين برغم تعبه الذي الم به .. حين يغلق الجفون طلبا للراحة .. يجفل منتفضا .. ليقضي ايامه بين تفكير لما آل اليه مصيره .. وتفكير اخر يقوده لموقف عمه من كلثم .. هاهو الآن ينام لأول مرة ساعات متتالية .. بعد ان اوصل شامة عاد ليطرح جسده المثقل على سريره .. ويأخذه النوم بعيدا ..



شعر بحركة في المكان ولكن انفاسه الاهثة خلف راحة تأبى بأن يفتح عينيه .. أيحلم ؟ .. أم ان هناك من ينظر اليه .. يتأمله .. وجل فوقف شعر جسده خشية .. ليفتح عينيه واذا بعينيها تطلان من علو عليه .. وانفاسها المتسارعة تصل اليه فتتلاشى .. ابتسم وسحب جذعه ليستند على ظهر سريره : كلثم الحلوة عندي ..


نطقت وهي تعتدل جالسة على ركبتيها : خذني عند ماما .. انت قلت بتوديني .


تثاءب لتسارع راحته تغطي فيه .. وبصوت يملأه النعاس : ماما شو قالتلج يوم خلتج عند الباب وراحت ؟


- قالت ما اتحرك .. وانا ما تحركت ..


- الريال اللي عندكم تحبينه ؟


طوحت برأسها : ما احبه .. يضرب ماما .. وما يحبنا ..


التفتت للوراء بخوف على صوت شمسة الغاضب : انتي هني .. ما قلتلج لا ادخلين هالمكان ..


قفزت تحشر نفسها بجانب شبيب وتخبأ وجهها عن والدته .. لينطق : امايه الله يهديج خليها .. البيت بيتها .


وقفت تنظر اليه : انت مب شايف شكلك كيف صاير .. يعني ساعتين رقاد مستكثرينهن عليك .. وهذي المفعوصة اقولها لا اتي هني .. ولو ما واقفتلها كانت من زمان هني ..


بخوف وهي تحرك رأسها ليحتك بجانب شبيب : والله ما سويت شيء .. والله ..


بحزم قالت : شبيب شوفلك حل .. يلستها هني ..


ليقاطعها : امايه فديتج مب وقته هالكلام ..


- متى وقته عيل ..


" شمسة " .. نادتها تلك العجوز وهي تلج الغرفة تتوكأ على عصاها .. لتردف : لا تخلين دوبج من دوب هالضعيفة .. وسوي خير فيتيمة .. ربج بيازيج ..


همس في اذنها .. لتقفز راكضة مبتعدة عن شمسة ووالدتها .. ليقف بعدها يقبل رأس العجوز ومن بعده رأس والدته : الله يهديكن بس .. تتكلمن ولا كنها مويودة وتسمعكن ..


جلست على طرف السرير بانفاس ثائرة : انا عندي ولاد .. وباكر البنت بتكبر .. ومكانها مب بينا .


- هكيه ام خالد ربت مها ما قالت عندي عيال واخاف عليهم .


- امايه .. ام خالد غير ومها غير .. وانا مب ام خالد ولا عيالي مثل عيال حمد .. والبنت غريبة .



انسحب هو تارك الجدال قائم بينهما .. لا يرغب بسماع المزيد من ترهات الحديث حول تلك الطفلة .. يسمع والدته تعيد كلام عمه .. يبدو ان زوجة عمه استطاعت ان توصل ما يقال الى اسماع والدته .. تنهد وهو يغلق باب دورة المياه ( اكرمكم الله ) ويستند عليه .. وفي نفسه حوقلة رددها آلآف المرات في يومين ..



خرج وبيده منشفة صغيرة تعانق وجهه بعد وضوء قام به .. ليتلفت في المكان .. لا احد الا جدته قابعة على السرير متوكأة على عصاها بكفيها .. ليدنو منها : وين راحت اميه .


نظرت اليه : اسمع ياوليدي .. خلك من كلام الحريم اللي ما يودي ولا اييب .. انت متاكد بانها بنت خالد وهذا هو المهم .. لا كلام عمك ولا حرمته ولا كلام امك بيغير هالشيء ..


جلس بجانبها : بس انتي تدرين ..


قاطعته : شبيب اذا بتبقى تفكر بهالسالفة ما بتوصل لشيء .. خل كل شيء ع ربك .. محد يدري باكر شو بيستوي ..


نظر اليها وتجاعيد وجهها تحكي سنون تجارب عايشتها : لو درت امي .. شو بيكون موقفها ..


وقفت ليقف يسندها : ساعتها بنتكلم ..


لتتحلق الانظار فجأة لداخل وهو يجري .. وقد قطعت انفاسه من الجري : شبيب واحد يريدك برع ..


بتوبيخ محبب : هاشل كم مرة قايلتلك العيلة ( العجلة ) ما منها فايدة .. انت ما اتوب ..


التفت لها : يدوه واحد يقول انه ولد عمي خالد .. ويريد شبيب ..


" شو قلت ؟ " .. نطقها شبيب وهو يمسك كتفي هاشل : متأكد من اللي يالس تقوله ؟


هز رأسه واردف : هيه .. هكوه واقف برع .. قلت له يدخل الميلس بس ما طاع ..



ابتسم وحث الخطى خارجا .. هناك كان يقف .. بجانب شجرة المانجو يستظل بظلها .. تعب فالوقوف الطويل ينهكه .. تنهد مرارا .. وهو يحاول ترتيب الكلمات التي سيغدقها على مسامع شبيب .. هل يحق له ان يضع الاعذار .. وأي عُذر سيحمل الاخرون على المسامحة .. امتعض من افكاره اليائسة .. وسرعان ما رفع نظره لذاك القادم بخطواته نحوه .. في عينيه صور قديمة لاشخاص عايشهم .. وتلك الصور اضحت ضبابية .. حتى هذا الواقف محدق فيه دون تصديق تغيرت ملامحه ..


بعدم تصديق وكأنه يتأكد من الجسد الواقف : بطي؟


ابتسم .. لا اجابة لديه في هذه اللحظة سوى الابتسام .. فتلك الكلمات أبت أن تصطف ليبعثرها ..



,‘,

كتلك التي تتعثر بالحديث مع ابنتها السائلة .. ماذا عساها تجيبها .. اتخبرها بان والدها اسمع زوجها حديث اغضبه واغضب ابن عمه معه .. شردت بفكرها وهي في حضرتها .. ماذا لو كان شبيب على حق ؟ .. ماذا لو ظُلمت تلك الصغيرة .. فتخبطت في القادم من حياتها ؟ وماذا لو اثبتت الايام انها لخالد ابنة ؟ انتبهت لصوت ليلى فادارت وجهها ..


منهكة تلك الـ ليلى من ابر لا تود ان تنتهي .. ووالدتها تخطفها الافكار بين دقيقة واخرى : اماية .. شو بلاج .. ارمسج وانتي مب عندي ؟


- شبغيتي .. تراج من ييتي وانتي تحنين ع راسي .. قلتلج ما صاير شيء .


- بس جابر متغير .. من ذاك اليوم اللي اتصل فيه ابويه وقال يريده .. ومب من عادته يوصلني ويروح بدون ما ييلس يسولف مع عمه .. حتى ابوي سلم وطلع .. مستوي شيء وانا ما اعرفه ..


" لا حول ولا قوة الا بالله " قالتها وهي تقف وتلك تحمل انظارها اليها .. لتردف : ليلوه اهتمي بعمرج وباللي فبطنج .. وخلج من الوساوس اللي فراسج ..


وقبل ان تبتعد قالت : روحي باركي لبنت خالتج .. خطبها ولد عمها ووافقت ..


رمشت بعينيها مرارا .. أتقول بان مها وافقت على ذاك السلطان ؟ .. اوليست هي من اخذت تضع فيه كل ما هو سيء .. قامت حتى ما وصلت اسفل الدرجات رفعت بنظرها الى اعلى .. ماذا عساها تفكر ؟



تقف تُخلي دولاب ملابسها .. ترمي بما لا تريده على السرير .. حتى تكدست الملابس وتكومت جبلا .. طرقات الباب لم توقفها عن عملها .. فهذا تحتاجه وضعته جانبا .. وذاك لا ترغب به انتزعته ورمته على سريرها .. لم تلتفت الا بعد ان جاءها صوت ليلى : شو تسوين ؟


قهقهت بشغب : بحرقهم ..


" من صدقج " .. قالتها ودلفت اكثر لتغلق الباب من خلفها .. واردفت : وبعدين صدج اللي سمعته ؟


ازاحت الملابس المتكومة جانبا .. وجلست بعد ان سحبت تلك كرسي التسريحة وجلست عليه : الحين تبيني اجاوب ع الاول والا الثاني ؟


- مهوي عن الملاغة ..


ضحكت : يا طويلة العمر .. هالملابس بنعطيهن الهلال الاحمر .. بسوي حسنه قبل رمضان .. اما سؤالج الثاني فما ادري عن شو تتكلمين ؟


- سلطان ؟


- اممممممممم


تنهدت واستندت على كفيها متراجعه بجذعها للوراء : صليت .. ما شفت شيء .. وما حسيت بشيء .. قالي عمي مب شرط ارتاح او اتضايق .. لان الاستخارة توكيل الامر لله .. يعني اذا الله رايد هالشيء لي بيسره .. واذا لا فاكيد ما بيكتمل .. وانا توكلت ع ربي .


- متأكدة .


هزت رأسها بنعم : متخوفه شوي .. الغريب انه وافق ع كل شروطي .. دراستي وشغلي .. حتى قال بنسكن هني ما بنروح شمال صوب اهله .. اممممم .. الملكة والعرس فيوم واحد عقب العيد العود



" شو ؟ " قالتها تلك بفزع .. واستطردت : ينيتي انتي .. ليش ؟ما تبين تيلسين وياه .. تعرفينه ويعرفج .. المفروض تملكون وبعدين العرس ايي ..


رفعت كتفيها بعدم اكتراث : مب مهم .. خلينا مني وخبريني شو اخبار خلود الصغير ..


- انتي بعد من الحين تقولين خلود .. يمكن بنت ؟


- خلاص سميها خلود ..


وقهقهت لتشاركها تلك الضحكات ..

,‘,



اما هو فمنذُ ما حدث من عمه .. وهو يشعر ببركان يغلي في صدره .. لا يعلم لماذا لا يستطيع السيطرة على غضبه اكثر .. يُقسم بانه سينفجر في اي لحظة .. وحال صاحبه وابن عمه يزيد من نار تحرقه وتحيل هدوءه الى هشيم ستذروه اي كلمة لن يستطيع احتمالها ..

اوصلها منزل اهلها .. وخرج من بعد ان سلم على عمه .. وحديث قصير دار بينهما لا يتعدى السؤال عن الحال .. وهاهو يزفر بقسوة على الاريكة .. يشاهد التلفاز ويحاول ان يتناسى ما سيحمله الغد معه .. افطاره سيكون معهم .. وكم تمنى لو كان الافطار في منزل شبيب او هنا معها هي فقط .


اغلق الافواه المثرثرة على تلك الشاشة .. وقام .. سيغرق جسده تحت الماء البارد لعل ما فيه يعتقه .. يرغب بالصراخ حد تحشرج الصوت وانقطاعه .. حتى الرياضة التي يمارسها لم تنفع في تنفيس ما يعتلج في صدره .. لما يقسى عليهما عمه بهذا الشكل .. يتمنى لو يمسك من دس السم في رأسه ورأس زوجته .. يتمنى فقط ان يمسكه .. يقسم بانه لن يعتقه حينها ..



عضلات جسده تتكسر عليها قطرات الماء .. تنتحر تباعا .. وهو يستند بذراعيه على الجدار ورأسه مطأطأ .. وسيل ماء ينهمر .. وعينيه ترمشان بهدوء .. يكره الظُلم .. ويكره ان يكون الظالم من عائلته .. رفع رأسه ليتلقى الانهمار بوجهه .. ويبقى دقائق يحاول ان يضع روحه في اتزان ..



خرج بعد فترة يجر خطواته المبتلة .. ويستره ازار وبلوزة قطنية بيضاء .. ليجلس على السرير بجانب الكوميدينة .. ومنشفة تتحرك على شعره .. ليتوقف عن تجفيفه على صوت هاتفه .. وسرعان ما وقف لينهي الاتصال .. ويهرول يسحب له ثوب رمادي يرتديه على عجل .. ويسحب هاتفه ويختفي من زوايا شقته الصغيرة ..



,‘,

الاصابع العشرة تشابكت .. وتيار توتر اجتاحه في هذه اللحظة .. يستمع لذاك الذي تحدث عبر الهاتف .. وشاهد اغلاق الاتصال .. مضت ساعات وهو هنا .. تناول الغداء معهم وجلس بمعية شبيب لم يحكي اعذار .. لا يرغب بالحديث عن امور كانت الا معه هو .. ابتسم وذاك يسأله العديد من الاسئلة .. أيعتبره احد المجرمين .. رفع حاجبه : شبيب قلت لك ما بقول اي شيء الحين ..


بعثر انفاسه : ولا يهمك .. بتريا .. ويا خبر اليوم بفلوس ..


ماذا بك يا ابن عمي ؟ .. مختلف وكأن بك انسان لا اعرفه .. لا اضع اللوم على هاشل إن لم يعرفك .. فلو كنتُ مكانه لما عرفتك الا بعد حين .. لحم وجهك اختفى حتى بانت عظام فكيك .. وهناك شعيرات بيضاء تحاول اخفاءها بالسواد دون جدوى ..



التفتا على الداخل وقد القى السلام .. ليقفا ويقترب ذاك الجديد منه ..فيستوقفه بصرخة تهكم : عاش من شافك يا ولد امي وابوي ..


جابر غاضب .. امر لم يحدث يوما .. حتى شبيب يُقسم بانه يرى جابر مختلف في هذه اللحظة .. تقدم من جابر : جابر اهدى واسمع منه .


التفت له : اهدى ؟


وعاد يلتفت لذاك : وينك عنا يا بطي .. وينك عن وفاة ولد عمك .. ومرض شبيب .. وينك عن اتصالاتي فيك .. والله وفيهم الخير ربعك يردون علي .. والا الباشا بطي ما يتنزل يرد ع اخوه العود ..


يد شبيب تقع على كتفه : جابر شبلاك شاب ضو .. شو مستوي وياك ..



صرخ في وجهه : شو مستوي ؟ .. تسألني شو مستوي يا شبيب .. ما ادري كيف قادر تتحمل وتسكت .. وتسكت .. انفجر يا اخي .. اصرخ .. انا ما قدرت اتحمل اللي صار حتى لو جاملت وقلت اني بخير .. وهذا – يشير الى شقيقه – هايت وييا الخمة ربعه .. وكل ما اتصل يقولون ما يريد يرد عليك .. ليش .. مستعر مني .. مستعر من اهله .. وليش ان شاء الله ..



كان صامت يستمع للانفجار الذي لم يحدث الا مرة واحدة قديما .. منذ سنوات طوال كان هو في الرابعة عشر حينها وذاك الجابر في السابعة عشر .. انفجر يومها بسبب رائحة دخان شمها في ملابس شقيقه .. ولكن الاسباب للانفجارين اختلفا .. يراه يصرخ .. ويتهكم .. ويضحك ساخرا .. ويُخرس ذاك الشبيب عن النطق .. ليتقدم منه اكثر .. وبذراعه اليمنى احتظنه .. وهمس في اذنه اليمنى : سامحني ..


موقف حتى الجدران صمتت له .. وعيني ذاك تسمرتا .. يد واحدة .. ذراع واحدة .. لما يحتظنني دون الذراع الاخرى ؟ سؤال تجمدت معه انفاسه الثائرة ..


,‘,


هنا اقف .. وموعدنا سيكون يوم الاحد باذن الله لانشغالي في نهاية هذا الاسبوع ^^


تفاحة فواحة 19-06-13 08:16 PM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 


زفرات 25
,‘,


انكسرت ثورته في ثواني .. بين اقتراب ذاك منه ومعانقته له .. تبعثرت خلف الانفاس المتزاحمة في خروجها من جوفه .. ليبعد جذعه بخوف .. وكفيه قد امسكا بكتفي ذاك تبعده عنه ليتسنى له رؤيته .. ذبول وجهه .. شحوب ابتسامته وانكسار نظرته امام انظاره هو .. كذاك الموقف البعيد القريب .. حين صرخ به معنفا لفعل لا يمت للرجولة بشيء .. انما اقوال اصحاب سوء .. دخن ان كُنت رجُلاً .. ومتى كانت الرجولة متعلقة بعقب سيجار؟



وقوفه هذا بخلاف وقفته المليئة بالثقة في موقف آخر منذُ سنتين .. حين وقف امامه يعلن عن سفره الى بلاد النيل .. ويشحذ هو ثقته بكلمات الفخر .. لا يدرك سبب صمته .. وسبب سكون قبضته تلك .. اهو الخوف من نزولها على الذراع الساكنة .. اغمض عينيه وكأنه يحاول ان يقتل افكاره العقيمة المتشائمة .. والصمت خيم على الثلاثة طويلا ..ليفتح عينيه بانسحاب يمينه على ذراع شقيقه .. شيئا فشيئا حتى وصل انامله ليدس انامله بينهن ويهمس : شو بلاها ايدك ؟


رفع نظره .. وحملق بوجه اخيه العاقد الحاجبين .. ومن ثم اشاح بوجهه حيث ابن عمه الواقف قريبا منهما .. وابتسم ليعيد النظر الى جابر : صابني حادث ..



وصمت بعد تلك الجملة .. صمت لان ذاك بخوف اب لا شقيق شده اليه يحتضنه بعنف .. وكأنه يرغب بالتأكد بأن الصغير الذي كان له ابا دوما بخير .. هو بخير ويقف امامه .. هذا فقط ما يرتجيه .. بعيدا عن ملامحه المتعبة .. وبعيدا عن اختفاءه الذي طال .. هو بخير ..

ابتسم من جديد لينطق : جابر .. تراني كبرت وانت بعدك تعاملني مثل الياهل ..



صمت وهو يرى ظهر شبيب يغادر المكان .. وانسحب للوراء بسبب ابعاد جابر له .. وسرعان ما عانق وجهه بكفيه الغليظين : وين بطي ؟ وشو صار فالحادث اللي تطراه بالضبط ؟



بلع ريقه .. ليشده ذاك من ذراعه وهو ينطق " تعال " .. ويجلسه ويجلس بجانبه : خبرني شو استوى بك .. وليش انقطعت عني .. ليش ما كنت ترد على تلفوناتي ..


وبتأكيد اردف : والله لولا الشغل اللي كنت فيه .. والاشيا اللي صارت لنا كنت ما ترددت لحظة اني اروح ادورك ..



لا تُقسم .. أعرفك جيدا يا جابر .. وأعلم اني ارتكبتُ ذنبا حين افقت واتهمتك غيابيا بانك لا تهتم .. وانك يأست بعد عدم ردي عليك .. ذنب كبير لن اغفره لنفسي يا جابر .. والآن ترغب مني البوح .. بماذا ابوح لك .. او من أين ابدأ هذا البوح ..



يده تتحرك لتمسك ذراع اخيه : شو بلاها .. ليش مب رايم تحركها ..

يسحب كُم ثوبه للاعلى وكأنه يبحث عن اجوبه .. واذا بيد ذاك توقف يده وتعيد الكُم الى مكانه : تلف اعصاب .. جابر ..


نطق باسمه وصمت .. لا يعلم كيف يبعثر له ما حدث .. ليسحب انفاسه ويزفرهن : حلفتهم ان صارلي شيء ما يخبروك .. ما يخوفوك علي .. كني كنت حاس انه بيصير علي شيء .. وصار علي الحادث فطريقي للجامعة .. تضرر راسي ودخلت فغيبوبة فوق الثلاث اشهر .. وقمت منها لاني حي ولاني ميت .. احس ولا احس ..


طأطأ نظره على كفه الممسكة بكفه الاخر .. وذاك صامت ينتظر المزيد .. ليعود يعُب الهواء في رئتيه : وعقبها خذت شهور بالعلاج الطبيعي – رفع نظره واردف – خبروني ان خالد مات .. خبروني انك كنت تتصل وتصارخ عليهم ليش ما ارد اوقف وييا عمي ووياكم .. وقالولي انك ما صرت تتصل .. قلت فاخر اتصال لك .. يوم يذكر ان له اهل خلوه يرد .. ما نسيت اهلي بس الظروف غصبتني ..


رفع نظره ناطقا : الحمد لله ع السلامة ..



,‘,

انسحب ذاك من المكان لتتلقاه الافواه بالاسئلة عن ذاك البطي الغائب منذ سنوات .. ماذا عساه يجيب وهو لا يعلم شيء .. اجابهم بانه لا يعلم اي شيء .. وجلس هناك يقلب في قنوات التلفاز .. وسرعان ما رفع نظره لتلك الواقفة بعيدا عن المكان .. تنظر لشمسة تارة .. وتارة أخرى لتلك العجوز .. وتسترق نظرات سريعة له هو .. تشعر بالخوف من صرخة مباغتة ان اقتربت منه .. فوقفت تنظر اليهم برأس مطأطأ .. ليبتسم حين رآها : كلثم حبيبتي تعالي .. ليش واقفة بعيد ..



تحملقت الانظار حولها .. فهزت رأسها نافية وصمتت .. يرى نظرات خوف ترسلها لوالدته الجالسة بجانب والدتها تدلك لها ساقيها .. واذا به يترك الجهاز من يده ويقف .. يصل اليها ويمسك بكفها الصغير ويأخذها معه تحت انظار والدته ..



نفخت هواء رئتيها لتنطق تلك العجوز : شبلاج تنافخين ؟


جسدها يتحرك مع تدليكها لوالدتها لتنطق بحنق : اللي يصير شيء ما ينسكت عنه .. ليش باللا نربي عيال الغرب .. اذا يدل امها يوصلها لها .. مب يالس يباريها ويسكتها بكم كلمة ..


سحبت تلك العجوز ساقيها بغضب : بس ما اباج تهمزيني .. وخلج من كلثم .. البنية محتاية مباراة وانتي طايحتلي فيها تهزب ومصارخ .. لو بنتج ما سويتي فيها اللي يالسه تسوينه .


تحوقلت واردفت : امايه فهميني .. شبيب اذا تعلق فحد صعب يخسره .. واذا خسره بيتعب .. وانتي ابخس فيه مني ..


قامت تستند على عصاها : انتي الكلام وياج ما منه فايده .. قال يتعب .. ولدج ريال من ظهر ريال .. وخلي عنج اللي يالسه تسوينه .



ذاك الرجل الذي تباهت به جدته كثيرا .. وتباها به والده حين كان يراه يكبر بين عينيه .. وافتخر به عمه وابن عمه .. والعديدين ممن يعرفونه .. يجلس وتلك الصغيرة في حجره .. مفترشا السجادة في منتصف صالته الصغيرة .. وكفيه تمسك كفيها الصغيرين .. ورأسه ينحني من على كتفها : حبيبتي منو مزعلنها ؟


حركت رأسها يمنة ويسرى وقالت بخفوت : اريد ماما .. اريد العب وييا مريوم ..


رفعها ليبعدها عن حجره ويجلسها امامه ينظر الى وجهها الصغير : نروح عند ماما ..؟


أسؤال ذاك تسأله لطفلة اشتاقت لاحضان امها ؟ .. قفزت بفرح صارخة : والله؟ .. بنروح عند ماما ؟..


ابتسم وهناك حزن لا تدركة صغيرة في سنها الطفولي : هيه .. روحي قولي لشامة تبدلج ملابسج ..


جرت مسرعة لتختفي من المكان .. ليزفر هو انفاسه ويقف على صوت رنين هاتفه .. ليجيب عليه ويأتيه خبر بانصراف جابر مع اخيه على لسان جابر .. وينطق هو : جابر .. بوصل كلثم لامها ..


ابتعد ذاك بخطواته عن اخيه الذي كان يمشي بمعيته نحو بوابة المنزل .. وبصوت هامس : شو اللي تقوله .. هي تخلت عنها وانت رايح تردها لها .. انت ناسي ..


ليقاطعه : مب ناسي وصية المرحوم .. بس البنت مب مرتاحة عندنا .. ما اريدها تتعقد هني .


" وتريدها تتعذب عند امها " .. صرخ بتلك الجملة لينظر اليه بطي بعد ان استند بظهره على جانب سيارة شقيقه.. ليردف جابر : بعد اللي عرفته عن ريل امها تريد توصلها للنار بايدك .. اسمع اذا مب قادر تربي انا باخذها .. ولا اشوف بنت خالد عند ريال مثل عوض ..


ابتسم على حديث ابن عمه .. وفجأة التفت على صوتها الناطق : شوف .


ترفع اطراف فستانها القصير وتبتسم .. لينطق : جابر اكلمك بعدين اوكي ..


اغلق الهاتف وجلس القرفصاء امامها .. وانامله ترفع بعض من خصلات شعرها ويدسها خلف اذنها : امييره ..


ليقف حين لمح تلك التي تسمرت عند باب قسمه .. ليطلب من الصغيرة ان تسبقه للخارج .. وتمر ونظرات شامة تتبعها .. وتعود من جديد تنظر اليه : ليش ؟ .. عقب ما تعلقت فيها تاخذها مني .. اذا امها ما تباها ليش تاخذها عندها ..


كفيه تعانقان وجهها الغاضب المشرئب بحمرة خفيفة : البنت عايشه ع امل ان امها اتييها ..


ابعدت كفيه : بس انا حبيتها .. تعودت عليها بينا .. تعودت اشوفها راقدة يمي .. انت قلتلي اهتم فيها صح والا لا ..


" شامة " .. صرخت بها والدتها .. وتابعت خطاها داخلة : عيب ترفعين صوتج ع اخوج .. ودامه عرف وين امها خليه يوصلها .. تربية الام غير ..


تركت المكان بسخط .. ونطق هو : امايه ليش ما تبين كلثم عندنا ؟ لا تقوليلي عشان عيالي .. انا كبير وهاشل اذا كبر وهي وياه ومتربية قدام عيونه ما بيفكر فيها الا مثل اخت له ..





,‘,


انكسرت ثورته في ثواني .. بين اقتراب ذاك منه ومعانقته له .. تبعثرت خلف الانفاس المتزاحمة في خروجها من جوفه .. ليبعد جذعه بخوف .. وكفيه قد امسكا بكتفي ذاك تبعده عنه ليتسنى له رؤيته .. ذبول وجهه .. شحوب ابتسامته وانكسار نظرته امام انظاره هو .. كذاك الموقف البعيد القريب .. حين صرخ به معنفا لفعل لا يمت للرجولة بشيء .. انما اقوال اصحاب سوء .. دخن ان كُنت رجُلاً .. ومتى كانت الرجولة متعلقة بعقب سيجار؟



وقوفه هذا بخلاف وقفته المليئة بالثقة في موقف آخر منذُ سنتين .. حين وقف امامه يعلن عن سفره الى بلاد النيل .. ويشحذ هو ثقته بكلمات الفخر .. لا يدرك سبب صمته .. وسبب سكون قبضته تلك .. اهو الخوف من نزولها على الذراع الساكنة .. اغمض عينيه وكأنه يحاول ان يقتل افكاره العقيمة المتشائمة .. والصمت خيم على الثلاثة طويلا ..ليفتح عينيه بانسحاب يمينه على ذراع شقيقه .. شيئا فشيئا حتى وصل انامله ليدس انامله بينهن ويهمس : شو بلاها ايدك ؟


رفع نظره .. وحملق بوجه اخيه العاقد الحاجبين .. ومن ثم اشاح بوجهه حيث ابن عمه الواقف قريبا منهما .. وابتسم ليعيد النظر الى جابر : صابني حادث ..



وصمت بعد تلك الجملة .. صمت لان ذاك بخوف اب لا شقيق شده اليه يحتضنه بعنف .. وكأنه يرغب بالتأكد بأن الصغير الذي كان له ابا دوما بخير .. هو بخير ويقف امامه .. هذا فقط ما يرتجيه .. بعيدا عن ملامحه المتعبة .. وبعيدا عن اختفاءه الذي طال .. هو بخير ..

ابتسم من جديد لينطق : جابر .. تراني كبرت وانت بعدك تعاملني مثل الياهل ..



صمت وهو يرى ظهر شبيب يغادر المكان .. وانسحب للوراء بسبب ابعاد جابر له .. وسرعان ما عانق وجهه بكفيه الغليظين : وين بطي ؟ وشو صار فالحادث اللي تطراه بالضبط ؟



بلع ريقه .. ليشده ذاك من ذراعه وهو ينطق " تعال " .. ويجلسه ويجلس بجانبه : خبرني شو استوى بك .. وليش انقطعت عني .. ليش ما كنت ترد على تلفوناتي ..


وبتأكيد اردف : والله لولا الشغل اللي كنت فيه .. والاشيا اللي صارت لنا كنت ما ترددت لحظة اني اروح ادورك ..



لا تُقسم .. أعرفك جيدا يا جابر .. وأعلم اني ارتكبتُ ذنبا حين افقت واتهمتك غيابيا بانك لا تهتم .. وانك يأست بعد عدم ردي عليك .. ذنب كبير لن اغفره لنفسي يا جابر .. والآن ترغب مني البوح .. بماذا ابوح لك .. او من أين ابدأ هذا البوح ..



يده تتحرك لتمسك ذراع اخيه : شو بلاها .. ليش مب رايم تحركها ..

يسحب كُم ثوبه للاعلى وكأنه يبحث عن اجوبه .. واذا بيد ذاك توقف يده وتعيد الكُم الى مكانه : تلف اعصاب .. جابر ..


نطق باسمه وصمت .. لا يعلم كيف يبعثر له ما حدث .. ليسحب انفاسه ويزفرهن : حلفتهم ان صارلي شيء ما يخبروك .. ما يخوفوك علي .. كني كنت حاس انه بيصير علي شيء .. وصار علي الحادث فطريقي للجامعة .. تضرر راسي ودخلت فغيبوبة فوق الثلاث اشهر .. وقمت منها لاني حي ولاني ميت .. احس ولا احس ..


طأطأ نظره على كفه الممسكة بكفه الاخر .. وذاك صامت ينتظر المزيد .. ليعود يعُب الهواء في رئتيه : وعقبها خذت شهور بالعلاج الطبيعي – رفع نظره واردف – خبروني ان خالد مات .. خبروني انك كنت تتصل وتصارخ عليهم ليش ما ارد اوقف وييا عمي ووياكم .. وقالولي انك ما صرت تتصل .. قلت فاخر اتصال لك .. يوم يذكر ان له اهل خلوه يرد .. ما نسيت اهلي بس الظروف غصبتني ..


رفع نظره ناطقا : الحمد لله ع السلامة ..



,‘,

انسحب ذاك من المكان لتتلقاه الافواه بالاسئلة عن ذاك البطي الغائب منذ سنوات .. ماذا عساه يجيب وهو لا يعلم شيء .. اجابهم بانه لا يعلم اي شيء .. وجلس هناك يقلب في قنوات التلفاز .. وسرعان ما رفع نظره لتلك الواقفة بعيدا عن المكان .. تنظر لشمسة تارة .. وتارة أخرى لتلك العجوز .. وتسترق نظرات سريعة له هو .. تشعر بالخوف من صرخة مباغتة ان اقتربت منه .. فوقفت تنظر اليهم برأس مطأطأ .. ليبتسم حين رآها : كلثم حبيبتي تعالي .. ليش واقفة بعيد ..



تحملقت الانظار حولها .. فهزت رأسها نافية وصمتت .. يرى نظرات خوف ترسلها لوالدته الجالسة بجانب والدتها تدلك لها ساقيها .. واذا به يترك الجهاز من يده ويقف .. يصل اليها ويمسك بكفها الصغير ويأخذها معه تحت انظار والدته ..



نفخت هواء رئتيها لتنطق تلك العجوز : شبلاج تنافخين ؟


جسدها يتحرك مع تدليكها لوالدتها لتنطق بحنق : اللي يصير شيء ما ينسكت عنه .. ليش باللا نربي عيال الغرب .. اذا يدل امها يوصلها لها .. مب يالس يباريها ويسكتها بكم كلمة ..


سحبت تلك العجوز ساقيها بغضب : بس ما اباج تهمزيني .. وخلج من كلثم .. البنية محتاية مباراة وانتي طايحتلي فيها تهزب ومصارخ .. لو بنتج ما سويتي فيها اللي يالسه تسوينه .


تحوقلت واردفت : امايه فهميني .. شبيب اذا تعلق فحد صعب يخسره .. واذا خسره بيتعب .. وانتي ابخس فيه مني ..


قامت تستند على عصاها : انتي الكلام وياج ما منه فايده .. قال يتعب .. ولدج ريال من ظهر ريال .. وخلي عنج اللي يالسه تسوينه .



ذاك الرجل الذي تباهت به جدته كثيرا .. وتباها به والده حين كان يراه يكبر بين عينيه .. وافتخر به عمه وابن عمه .. والعديدين ممن يعرفونه .. يجلس وتلك الصغيرة في حجره .. مفترشا السجادة في منتصف صالته الصغيرة .. وكفيه تمسك كفيها الصغيرين .. ورأسه ينحني من على كتفها : حبيبتي منو مزعلنها ؟


حركت رأسها يمنة ويسرى وقالت بخفوت : اريد ماما .. اريد العب وييا مريوم ..


رفعها ليبعدها عن حجره ويجلسها امامه ينظر الى وجهها الصغير : نروح عند ماما ..؟


أسؤال ذاك تسأله لطفلة اشتاقت لاحضان امها ؟ .. قفزت بفرح صارخة : والله؟ .. بنروح عند ماما ؟..


ابتسم وهناك حزن لا تدركة صغيرة في سنها الطفولي : هيه .. روحي قولي لشامة تبدلج ملابسج ..


جرت مسرعة لتختفي من المكان .. ليزفر هو انفاسه ويقف على صوت رنين هاتفه .. ليجيب عليه ويأتيه خبر بانصراف جابر مع اخيه على لسان جابر .. وينطق هو : جابر .. بوصل كلثم لامها ..


ابتعد ذاك بخطواته عن اخيه الذي كان يمشي بمعيته نحو بوابة المنزل .. وبصوت هامس : شو اللي تقوله .. هي تخلت عنها وانت رايح تردها لها .. انت ناسي ..


ليقاطعه : مب ناسي وصية المرحوم .. بس البنت مب مرتاحة عندنا .. ما اريدها تتعقد هني .


" وتريدها تتعذب عند امها " .. صرخ بتلك الجملة لينظر اليه بطي بعد ان استند بظهره على جانب سيارة شقيقه.. ليردف جابر : بعد اللي عرفته عن ريل امها تريد توصلها للنار بايدك .. اسمع اذا مب قادر تربي انا باخذها .. ولا اشوف بنت خالد عند ريال مثل عوض ..


ابتسم على حديث ابن عمه .. وفجأة التفت على صوتها الناطق : شوف .


ترفع اطراف فستانها القصير وتبتسم .. لينطق : جابر اكلمك بعدين اوكي ..


اغلق الهاتف وجلس القرفصاء امامها .. وانامله ترفع بعض من خصلات شعرها ويدسها خلف اذنها : امييره ..


ليقف حين لمح تلك التي تسمرت عند باب قسمه .. ليطلب من الصغيرة ان تسبقه للخارج .. وتمر ونظرات شامة تتبعها .. وتعود من جديد تنظر اليه : ليش ؟ .. عقب ما تعلقت فيها تاخذها مني .. اذا امها ما تباها ليش تاخذها عندها ..


كفيه تعانقان وجهها الغاضب المشرئب بحمرة خفيفة : البنت عايشه ع امل ان امها اتييها ..


ابعدت كفيه : بس انا حبيتها .. تعودت عليها بينا .. تعودت اشوفها راقدة يمي .. انت قلتلي اهتم فيها صح والا لا ..


" شامة " .. صرخت بها والدتها .. وتابعت خطاها داخلة : عيب ترفعين صوتج ع اخوج .. ودامه عرف وين امها خليه يوصلها .. تربية الام غير ..


تركت المكان بسخط .. ونطق هو : امايه ليش ما تبين كلثم عندنا ؟ لا تقوليلي عشان عيالي .. انا كبير وهاشل اذا كبر وهي وياه ومتربية قدام عيونه ما بيفكر فيها الا مثل اخت له ..


" بس هي مب اختكم " .. قالتها واردفت : وعمرها ما بتكون .. وصلها لامها وخلنا نرمض مثل قبل مرتاحين البال ..


ادبرت وهو وقف لبرهة وتبعها بعد ذلك .. ليجد تلك الصغيرة واقفة تنتظره وهاشل يقف بعيدا يركل الكرة على الجدار لترتد اليه ويعاود ركلها .. توقف عن الركل لينظر الى شبيب وبعدها يحث خطاه . حتى ما ان وقف امامه : بتوصلها بيتهم ؟


نطقت هي وكأنها ترغب بإغاضته : هيه بروح عند ماما .. وبلعب وييا مريوم ..


" احسن " نطقها وهو يرى شبيب يمسك بكفها .. ليردف بعد ان استدار ينظر اليهما : بتيينا فالعيد ؟


التفتت له : لا .. ماما ما بتخليني ..


ناداه شقيقه ليجري ويقف بجانبه : لا تتاخر بالعب برع البيت تسمع .. كم مرة خالك نبهك ع هالشيء ..


- انا ما طلعت يالس العب فالبيت ..


بخجل اردف : يعني ما بترد ؟


أبدأ هو الاخر يعتاد على وجودها .. حتى وان كان مكوثها في هذا المنزل لا يتعدى بضع ايام .. وقع كف شبيب على رأسه : ربك كريم ..


وما هي الا ثواني حتى اختفت تلك السيارة من امامه .. تحمل طفلة صغيرة ضايقها كثيرا .. ولكن قلبه الصغير تعلق بها .. زفر انفاسه وعاد الى كُرته يركلها ..

,‘,


ترسمني الاحزان بسواد الفحم ..

وترسمني الافراح ببياض الثلج ..

وأني بين هذا وذاك ضاعت ملامحي ..

بقلمي ~





قلبها الناطق باسمها منذُ ذاك اليوم وهو متعب .. تشعر به يختنق باوردته وشراينه .. تكابر الشوق لاجل مريم .. تتصنع الجلد لأجل نفسها.. فإن انهارت لن تقف من جديد .. وقفت امامه وهو يرتشف من ذاك السُم لتأن رئتيه تحت وطأت دخانه : عوض ..


لم يتحرك وهو يتلذذ بتقبيل شفاة الـ"مالبورو " الحمراء : هممممممم


ملأت صدرها بالهواء ونطقت : باكر رمضان والبيت ما فيه شيء .. قوم وصلني السوق محتاين اشياء وايد .


بطرف عينه رمقها .. هي تبدو قوية بخلاف ما كانت عليه سابقا .. هل لعدم وجود تلك الصغيرة معها سبب لهذه القوة التي بات هو يخشاها .. اعاد نظره الى سيجارته التي بدأ يدهسها في صحن صغير تشوه حتى اضحى بياضه سواد : كتبي اللي تبينه وبشتريه لج .


زفرت انفاسها من جديد : عوض السالفة مب اندوك واشتر .. في اشياء لي ولمريم انت ما بتعرفها ..


وبدون خجل قال سآئلاً : ليكون يتها ؟


عضت على شفتيها بغيض : انت ما تستحي .. لا ما يتها .. واللي فراسك ما بيصير فاهم .. حتى لو وصلت في اشتكي عليك ..


لم تشعر الا بذراعها تأن تحت قبضته لتصرخ متأوه : السانج هذا يباله قص ..


دفعها بعيدا : كتبي اللي تبينه وبيبه لج .. عندج نص ساعة بس .. وان طلعت ترا ما بتشوفين شيء مني ..



شفتاها تتحركان بسخط دعوات عليه وعلى حالها وعلى اخ لها .. لتصل الى باب غرفة ابنتها وتراها تقف بشرود اعتادته منها .. مشت عنها وهي تبحث عن قلم من بين دفاترها .. وتسحب دفتر وتخط عليه .. وتلك مكانها متسمرة .. تنظر لوالدتها .. لحركة يدها على سطور الدفتر : ليش ما نشرد ؟..


ضاق بها المكان حتى اضحت تسمع وتصمت .. تكبر دون سنواتها .. فتراها عجوز بافكار يائسة .. شهقت وهي ترى يده الغليظة تنقض على شعر ابنتها فتصرخ تلك بخوف : تبين تشردين يا بنت بدريه ؟


انقضت عليه وهي تحاول ان تخلص ابنتها المتطوحة امامه .. ليدفعها بعيدا عنه .. ويرمي بابنتها عليها .. وتدسها تحت جناحها : حسبي الله عليك ياللي ما تخاف ربك ..


بكاء مريم وصراخ بدرية زاد من غضبة ليتشبث بشعر زوجته غير آبه بصراخها : ان سمعت منكن هالرمسة والا سويتنها ترى والله ما يمنعني عن موتكن حد ..


دفعها من جديد وصرخ : كتبي اللي تبيه ويبيلي الورقة برع ..


تدس ابنتها المنقطعة انفاسها بسبب بكاءها : بس خلاص .. يعني ما حلالج تتكلمين الا والباب مفتوح ..


لتردف : حسبي الله ونعم الوكيل .. حسبي الله ونعم الوكيل ...


عاد ليجلس حيث كان بقهر استوطنه .. يشعل سيجارة وسرعان ما يطفأها ليشعل اختها .. وبين انفاسه الثائرة افكار متخبطة : هين يا عيد .. انا اللي تلوي ذراعي بهالشكل .. بس ما اكون عوض ان ما علمتك كيف تنلوي الذراع ..



حرك رأسه ناظرا لتلك الواقفة وبيدها ورقة .. سحبها منها واخذ يقرأ ما فيها .. وسرعان ما دسها في جيبه .. ليقف دون ان ينظر لوجهها الباكي .. لربما لانه ضعيف امام الدموع .. او ربما لا يرغب بكلمة اخرى منها .. سحب " غترتة " ليردفها على كتفه .. وتلك " طاقيته " اخذ يثبتها على رأسه .. ليختفي من المكان .. وتلتفت هي على صوت ابنتها المتحشرج : ما احبه .. ما اريد اعيش وياه ..


اقتربت من والدتها تتشبث بثوبها ووجهها ترفعه لوجه بدرية المتسمر للامام : امايه خذيني عند كلثم .. ليش ما خليتيني وياها .. انتي تحبيها اكثر مني صح ؟


اغمضت عينيها لتسقط دموعها .. وشفتيها قد تعانقتا حتى ضُخ الدم في اوردتهما .. كيف تطلب منها أمرا كهذا .. وهي حتى الساعة تتألم مما صنعته يداها .. حين لم يأتي شيء من والدتها ابتعدت عنها : ليش تحبينها اكثر مني ..



وبعدها جرت مسرعة تندس تحت لحافها .. تبكي خوفا .. تبكي طمعا .. او لعلها تبكي خلاصا لا يرغب بالمجيء .. اما تلك فظلت متسمرة في مكانها .. لا حركة فيها الا دموعها المنهمرة .. كيف لام ان لا تحب فلذة كبدها .. مسحت دموعها على صوت طرقات الباب .. الساعة قاربت الثامنة ليلا . فمن عساه يكون .. اسرعت من المكان تتدثر بسواد ملابسها .. وخرجت بخوف .. تلفتت في المكان .. حتى ما ان وصلت الباب نطقت : منو ؟


,‘,

يــتــبــع |~


تفاحة فواحة 19-06-13 08:19 PM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
,‘,

كلثم .. تلك البريئة التي تسعدها كلمة .. وتفرحها لعبة .. وتبتسم لاجل قطعة حلوى تعشقها .. تجلس على الكرسي بجانبه تحرك ساقيها وتغني .. اغنيات مختلفة احيانا لا تعي جملها .. الحت بان تجلس هناك عوضا عن الكرسي الخلفي .. ووعدته بانها لن تتحرك من مكانها .. ولم تتحرك سوى ساقيها النحيلان المغطيان بجورب ابيض الى المنتصف .. وحذاءها الاسود تضرب به احيانا فينتبه هو وينظر اليها مبتسما ..



كيف سأأمن وجودك هناك يا صغيرتي ؟ .. اتمنى ان تبقي معنا .. امام عيني تكبرين .. اسقيك مما علمتني اياه الحياة .. ارغب وبشدة ان انفذ وصية ذاك الفاني المدعو والدك .. سيقتلني التفكير بك في بعدك ..



تنهد وهو يغلق هاتفه ويصف سيارته جانبا .. لتتلفت هي : ليش وقفنا .. بعدنا ما وصلنا ..


تصعد على الكرسي وتجلس على ركبتيها تنظر من النافذة .. وسرعان ما تلتفت اليه : عمو ..


نظر اليها : حبيبتي يلسي ع الكرسي .. ربيعي الحين بيي وبنروح بيتكم ..


لم تعلم ماذا يقصد فقط نفذت ما طلبه منها .. وعادت تترنم باغنيات متداخلة .. حتى ما ان رأته يترجل صمتت .. تنظر اليه يتوجه الى السيارة الاخرى التي توقفت خلف سيارته .. تتعلق بظهر الكرسي وتراقب بصمت ..


ترجل سعد وتصافح مع شبيب .. وسؤال عن الحال طال بعض الشيء .. ليسأله بعدها : ليش تريد ترجع البنت لهم .. امها ما خلتها الا ووراها شيء ؟


تنهد : والله يا سعد ما اعرف شو اقولك .. البنت لا تاكل زين ولا احس انها مرتاحة فبيتنا .. صح ما مقصرين وياها بس بعد هي محتاية امها .. لو تشوف فرحتها من يوم ما خبرتها اني باخذها صوب بيتهم ..


التفت للوراء ينظر اليها .. ابتسم لها وعاد يدير وجهه لصاحبه .. واردف : شو اللي عرفته عن ريل امها ؟


- الريال معرس ع بنت عمه من زمان وعياله رياييل .. وبدرية شكله ماخذنها فالسر .. بيته فابوظبي واللي هني شكله بيت اهله .. اللي سألتهم عنه يقولون البيت ايونه رياييل يسهرون للفير يوم هو يكون هني .. ولا يعرفون عنه اكثر ولا عن حرمته .. لانهم اصلا ما يحتكون بييرانهم ..


- ما عرفت اي شيء ثاني .. شيء يوضحلنا ليش خذ ارملة خالد ؟


طوح برأسه : لا والله ما عرفت شيء غير اللي قلته لك .. بس يا شبيب بيت بهالشكل ما يتأمن ع بنت صغيرة فيه .. واحنا ما نعرف سهراتهم ع شو .. ولا نقدر نتصرف من راسنا .. واصلا ما لنا سلطة فهالمكان ..


زفر انفاسه .. وهو يربت على كتف سعد : الله كريم .. وان شاء الله ما بيصير الا الخير ..


ليودعه بعدها وينصرف .. بعد ان اخذ العنوان منه .. لتبادره بسؤال قبل ان يتحرك بسيارته : منو هذا ؟


يتاكد من خلو الطريق ويجيبها : ربيع بابا حبيبتي ..


وصلا اخيرا .. لتصرخ بشوق : وصلنا وصلنا ..


لا يعلم لماذا قُبض قلبه في هذه اللحظة .. يشعر بأن دبابيس كثيرة تدخل فؤاده وتخرج منه وتعود من جديد .. تعوذ من الشيطان وترجل ليساعدها بعد ذلك بالنزول .. وتسرع الخُطى تقف عند الباب تضربه بكفها الصغيرة .. وهو بتوجس مد يده لتقع على كتفها : حبيبتي ايدج بتعورج .. صبري بنرن اليرس ..


نظرت اليه بعينيها الصغيرتين .. وسرعان ما عاد نظرها الى الباب حين سمعت صوت والدتها .. لتلتصق بالباب : ماما فتحي ..


شدت بقبضتها على مقبض الباب .. تشعر بان قواها هجرتها في هذه اللحظة .. لتسمع صوت ابنتها من جديد .. يؤكد انها لا تحلم : ماما .. ماما فتحي الباب ..


نظرت اليه ووجهها ينبأ عن نوبة بكاء : ليش ما تفتح ؟


تقدم من الباب : ام مريم فتحي الباب .. بنتج تريدج ..


آآه يا قلبي .. ليتك والحجر واحد .. كيف لي ان اعيدها الى جحيم عوض .. كيف لي ان اراها تؤنبني كما مريم .. خذها يا شبيب وابتعد .. ابتعد ولا تُرجعها .. فأني ضعيفة .. وضعفي قد ينهيها ..


كفيها الصغيرين تضربان الباب بعنف .. ونداءها لوالدتها يعلو .. لينحني هو يحاول ابعادها عن الباب : كلثم حبيبتي اهدي ..


ليصرخ بعدها : فتحي الباب .. والا عايبنج صايح بنتج ..


" ما عندي بنت " صرخت بها واردفت : خذها وياك .. خذوها ما اريدها ..


توقفت عن النداء وعن طرق ذاك الباب الحديدي .. لتعود خطوة للوراء .. وتصرخ وقد انحنت بجذعها للامام : ما احبج .. ما احبج ..


ليسارع هو يحتضنها .. تحاول ان تتخلص منه ولا تقوى .. تركله بساقيها وتحاول دفعه بقبضتيها الصغيرتين .. لكن لا سبيل لان يعتقها من قبضته .. بكت .. وصرخت مُصرحة بالكُره لوالدتها .. التي انهارت على الارض باكية .. ويدها متعلقة بمقبض الباب .. لتنهار معها للاسفل بعد سماعها صوت انطلاق السيارة ..



,‘,

تتأرجح الحياة ولا تستقر على حال .. وهي تشعر في هذه اللحظة بان حياتها تأرجحت مرارا .. يقف يغير هندامه وهي تقف من خلفه .. اخبرها بقرار العودة .. وهي لا ترغب بذاك المكان : جابر انا ما اريد ارد بيتنا .. عايبتني الشقة.. واصلا كان لازم نتناقش فالسالفة مب مني والدرب اتيي تقولي باكر بنرد بيتنا ..


يرتب ثوبه لينساب على جسده .. ويتحرك ليخرج من الغرفة وهي تتبعه .. يجلس على الاريكة وظلت واقفة : اخوك عود ويعرف يدبر عمره ..


نظر اليها : ليلى انا ما بخلي اخوي بروحه فالبيت .. بطي محتايلي ..


- يعني عادي عندك يعيش ويانا .. انت ناسي ان شغلك ياخذ اكثر وقتك .. تباني ابقى وياه بروحنا ..


- لا حول ولا قوة الا بالله .. ياليلى يا حبيبتي هو بيبقى فالقسم الصغير وانتي لج باقي البيت .. وبعدين اثق فبطي .. وادري انه بيخاف ع بيتي مثل خوفي واكثر .. فلا تيلسين اطلعين اعذار مني ومناك .


تركت وقوفها لتجلس بجانبه : حبيبي انا كارهه ذاك البيت .. من عقب نوالوه ونواياها ما اريد اردله .. والا انت ما تهمك نفسيتي .


استغفر ربه وتنهد ليمسك كفيها : حبيبتي. نوال راحت فحالها .. والصراحة انا اريد اخوي بقربي .. وخاصة فرمضان .. بطي محتايلنا يمه فديتج .. محتاي حد يهتم باكله وبلبسه .. محتايلي وياه ..


طأطأت رأسها : وانا ما اقدر ارد هناك .. اخاف ع ولدي ..


رفعت نظرها واردفت : ما اقدر .. ما برتاح ..


وقف : الحرمة تروح وييا ريلها وين ما يروح .. اذا تبين تفكرين بالسالفة اكثر بعطيج هالشيء .. بس اني اخلي اخوي فسمحيلي ما اقدر .


تركها وغادر الى الغرفة .. تشعر بانها تفقد بعلها دون قصد منها .. تنهدت ونظرها يتبعه .. لتمضي الدقائق عليها وهي في مكانها .. جالسه ونظرها للارض عند قدميها .. تسحب انفاسها مرارا وتزفرهن بعنف احيانا .. وبهدوء احيانا اخرى .. لن يأتي .. تعلم بانه حين يقرر امرا لا يعود فيه الا بقتناع .. واسبابها واهية كبيت عنكبوت ..



وقفت لتلحق به اخيرا .. وتفتح الباب وتلج .. لتستمع الى حديثه عبر الهاتف مع ابن عمه : زين اللي صار الحين .. بدال ما تكحلها عميتها .. قلتلك الام ما بتخليها اذا تريدها عندها ..


نظره يرتفع اليها ويتبعها واسماعه مع شبيب .. تتحرك باتجاه دولاب الملابس .. تأخذ لها ثوب نوم طويل .. وتغادر المكان الى دورة المياه ( اكرمكم الله ) .. وهو ينظر اليها والى اختفاءها .. لتتسمر انظاره على ذاك الباب : المهم كلثم شو اخبارها ..



بكت كثيرا تلك الصغيرة .. حتى نامت على كتفه .. لتهول الجميع عودته بمعيتها .. سخط من والدته وفرحة من الاخرين .. رفض ان تاخذها شامة معها .. واصر ان تنام على سريره .. التفت لها واجاب على سؤال جابر : كسرت خاطري .. ياللا ياللا سكتت ..


خرجا من الحديث عن كلثم ليأتي الحديث عن بطي .. وعن موقف سيجمعهما غدا مع عمه حمد .. مرغما هو على الوقوف بجانب شقيقه ليضع النقاط على حروفها .. حتى تُزاح الافكار السيئة من عقل حمد كما زيحت من عقل جابر .. خرجت هي فنظرت اليه .. وانعقد حاجبيها على ذكر اسم شقيقه .. فمن اين ظهر هذا ليقلب حياتها رأسا على عقب .. مرت من أمامه الى حيثُ يقبع هاتفها على تلك الكوميدينة يرتشف طاقته .. سحبته من هناك . وعادت تمر من امامه الى حيث جهتها على ذاك السرير .. ترغب بان تقول له الكثير .. تريد اخباره بانها لا ترغب بوجود شخص معهما في منزلهما حتى وان كان شقيقه وابن عمها .. انهى المكالمة لينظر اليها تدلك كفيها بسائل مرطب وتضع العلبة جانبا .. ومن ثم تستلقي على جانبها وتشد اللحاف الثقيل على كتفيها ..



,‘,

اول رمضان .. بداية الانسلاخ من الذنوب والبحث عن الثواب .. والهث وراء المغفرة .. وهجران المعصية .. حتى اللسان يسارع بالتوبة حين الخطأ وينطق " اللهم اني صائم " .. تتغير النفوس .. حتى تحركات البشر ترسم خطاً مغايراً .. فذاك يواضب على افتراش سجادته بعد ان هجرها صلوات .. وآخر يقلب صفحات كتاب ربه بعد ان غطاه الغبار .. وكل ذاك يصب في البحث عن ثواب .. وكأن البحث عن الثواب لا يكون الا بهذا الشهر .. كبحث تلك القنوات عن المشاهدين فيه .. وكأن رمضان وجد لتتزاحم المسلسلات والبرامج التي لا طائل منها .. سوى تجمهر الناس حولها وترك العبادة ..



تقف في المطبخ من بعد ان صلت الظهر .. تعد وجبات طعام كثيرة .. ستحمل منها لاهلها كما عادتها في اول ليالي رمضان .. تفرد العجين وتقطعه دوائر صغيرة .. ترمي عليه بالحشوة التي اعدتها ومن ثم تكيل على القطع الجبن المبشور .. والاخرى تعد طبق من الـ " كب كيك " .. لتسألها : كنة ليش ما تفطرين ويانا الليلة وباكر تروحين لاهلج ..


ابتسمت وهي تشعر باستمتاع بما تفعل : نوره تدرين اني ما اغير هالعادة .. تعودت افطر وييا اهلي ..


وقفت تلك عند عتبة الباب تنظر الى تحركات الخادمة في المطبخ ووقوف كنة في احد زواياه .. وانحناء نورة امام الفرن تضع ما اعدته فيه .. اقتربت بخطى خجلة : تبون مساعدة فشيء ؟


التفتت لها نوره وتبعتها كنة .. لتنطق الاولى : اذا حابه تسوين شيء ما نقول لا ..


تلفتت : اوكي بسوي شوربة .. بس عقب ما اصلي العصر ..


وقفت تلك قبل ان تهم بالمغادرة : كنه تقدرين تشوفين الكيك .. بروح اوعي هند .. بسها رقاد ..


نطقت تلك قبل ان تنطق كنه : انا بشوفه ..


لتلاحظ ابتسامة كنه وابتعادها لتغسل كفيها .. وحديثها مع الخادمة لتغطي صينية البيتزا حتى حين .. اقتربت منها ووقفت على استحياء : كنه انتي زعلانه .


وهي تدعك كفيها بالصابون : لا فديتج .. بس تعودت اروح عند اهلي ..


- امممممم مب قصدي جذي .. اقصد لان فارس اخذ اختي ...



كلما تناست الامر جاء من يذكرها به .. اغمضت عينيها تحاول ان تهدئ من غيرة اجتاحتها منذ ايام كثيرة .. وسرعان ما ابتسمت وهي تغير مكانها لتسحب بعض المناديل تجفف كفيها بهن : وليش ازعل .. من حقه ..


شعرت بنبرة غضب تتقاذف من بين تلك الاحرف .. لتدنو منها : اسفه ..


" وليش تعتذريلها ان شاء الله " .. قالتها تلك وهي تلج .. لتمسك كف شقيقتها وتسحبها معها للخارج وهي تنطق : تعالي اريدج فسالفة ..


تحركتا تحت انظار كنة .. وما ان اختفتا حتى استغفرت ربها .. اما تلك فاغلقت باب غرفتها بعد ان ادخلت سمية لتقف بغيض : مب قاصر الا تحبين راسها .. هذا بدال ما توقفين وياي رايحة تتأسفين منها .


قالت بتوتر وهي ترى غضب سلوى : انزين ما صار شيء .. وبعدين احسها طيبة بعكس الكلام اللي تقولينه عنها .. من وقت ما وصلنا من السفر وانا ما اشوف منها الا كل خير ..


- يعني انا كذابة .. اوكي يا سميووه .. روحيلها .. ياللا شو تترين ..


سحبتها من عضدها لتخرجها : ياللا روحي .. وقفي وياها وساعديها .. مسيكينة سرقنا ريلها منها.



لم تشعر الا بالباب يغلق من خلفها بقوة .. لتقف مشدوهة اليه .. شقيقتها لم ولن تتغير .. ستبقى تلك الباحثة عن الاستحواذ في كُل شيء .. وتثير المشكلات حتى تشعر بنشوة انتصار كاذب .. طوحت برأسها .. ومشت بخطوات شاردة .. حتى وصلت غرفتها .. دخلت والشرود لا يزال يرافقها .. وتتابع خطاها تتخذ من طرف السرير مقعدا .. ليرفع عُمر نظره من كتاب ربه .. وينظر اليها لبرهة ويعود بعدها يتلو الباقي من الايات في تلك الصفحة .. حتى ما ان انتهى صدق .. وقبل المصحف : شبلاج ؟


قالها وهو يقف يطوي سجادته بيد وباليد الاخرى يمسك المصحف .. حتى ما ان ركنهما جانبا وقف امامها .. لتنظر اليه .. ويعيد سؤاله : شو ستوى مب من شوي تقولين بتروحين المطبخ تساعديهن .. ليش راده بهالشكل ؟


هزت رأسها وطأطأته : ولا شيء ..


جلس بجوارها ناطقا : سمية ياليت تكلمين اختج ..


نظرت اليها مستغربة : اكلمها فشو ؟


الهواء ينسحب الى رئتيه ويُزفر : حاس ان فارس مب مرتاح وياها .. خليها تريحه ..

-هو اشتكالك ؟


-لا .. ومب فارس اللي يتكلم بامور بيته . بس هالشي واضح مب محتاي حد يتكلم فيه .. وترا صوتها عالي من شوي وصلني لهني .. قولي لها البيت فيه ريال غير ريلها ..


- ان شاء الله ..


وكأن بها تحاول الهرب من ذاك الحديث بتلك الجملة .. وترقبه يخرج من المكان .. كيف باستطاعتها ان تتحدث مع سلوى في هذا الامر .. وتلك ما ان تسمع نصيحة من احد حتى اشتعلت كالنار .. تنهدت في قلة حيلة تنتابها في هذه اللحظة ..

,‘,

يــتــبــع |~

تفاحة فواحة 19-06-13 08:23 PM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
رد: روايتي الثالثة : زفرات ملتهبة





,‘,

يمر الوقت سريعا من بعد العصر وكأنه يطلب من تلك النسوة القابعات خلف مواقدهن الانتهاء مما في ايديهن .. ويتباطئ حين يتحولق الجميع على الافطار .. حتى ليظن الصائم ان مكبرات الصوت في المساجد بها خلل .. فيسارع يفتح التلفاز لعل هناك اليقين ..

قُبيل المغرب بنصف ساعة ارتحلت من منزلها بصحبة بعلها .. الذي ما ان يوصلها حتى يعود ليفطر مع عائلته ..

تتوقف السيارة ويترجل هو تتبعه هي .. ونداء للخادمة لحمل ما لذ وطاب القادم بصحبتهما .. حتى ما ان مشت خطوتان اذا بصوت شقيقها يثنيها عن المتابعة .. فتلتفت ناحيته حيث المجلس : هلا والله بكنون .. هلا بالحامل والمحول ..


ضحكت ليضحك فارس بعد ان اغلق باب سيارته .. فتضربه بخفة على كتفه وهي تحيه : يعني مب لي للمحمول ..


ليطوق كتفيها بذراعه ويخطو معها بتجاه فارس : انتي الاساس – يمد كفه ليصافح فارس – شحالك وشحال الاهل ربكم الا بخير ..


لتنسل هي من تحت ذراعه : خلوني اروح اسلم عليهم واساعدهم ..

اندست كفه ما ان غادرت زوجته المكان .. ليخرجها وقد عانقت مغلف ابيض صغير .. ليمده لشبيب : لك .. واسمحلي لازم اروح ..


يلتقفه في حيرة : افاا وين .. بتفطر ويانا ..


يده تربت على يد شبيب المصافحة ليمناه : مرة ثانية .. وصيام مقبول باذن الله ..



تداخل الاصوات بمرح بين ذاهب وآتٍ .. واولئك يجلسون بانتظار اجتماع الجميع .. وتحت صوت هاشل المتملل من صيام قد طال .. وجوع قد الم بامعائه ارتحل هو .. حيث ذاك الابيض الذي تركه في غرفته .. يشعر بانه من ذاك الغائب عن الوجود .. يرغب بفتحه ولا يرغب .. يخشى ان يجد ما يسوءه .. كما يتمنى ان يعلم خبرا طيبا عنه .. طال غيابه وجدا .. وهو قد اكل جوانبه الحنين كالصدأ يأكل الحديد ..


تمتم مع الاذان .. واذا به يردف : اللهم لك صمت وبك آمنت وعليك توكلت وعلى رزقك افطرت. ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الاجر ان شاء الله .



وهناك همسات بين شامة وكنة السائلة عن كلثم .. جعلته يقف يطلب من منذر وهاشل الاسراع لذهاب الى المسجد .. ابتعد بعد ان التقم تمرات وقليلا من الماء .. ليتبعه هاشل مسرعا ويلحق بهما منذر .. وتبقى الايدي الاخرى تلتقف من هذا وتاخذ من الاخر ... حتى ما جاءهن صوت تلك العجوز : لاحقات ع الاكل .. قومن ذكرن ربكن ..


وقفت متوكأة على عصاها ويد ابنتها تسندها .. لتضحك كنه وهي تنزل كوب العصير : والله انج صادقة .. قومي شيوم .



خلا المكان الا من طعام ازدحمت به الاوعية .. وسرعان ما ضج بصوت التلفاز واصوات حديث وضحكات .. اما هو ابتعد بعد عودته مصليا .. ليلج الى غرفته يفتح احد ادراج " الكوميدينة " وينتشل ذاك المغلف .. وما إن جلس حتى رفع نظره لتلك الواقفة محتضنة دمية تدلت ساقيها .. وانحنى ظهرها تحت ذراعها .. مد كفه لها .. لتتقدم بصمت .. هذا حالها منذ البارحة .. لا ترغب بالحديث .. لا ترغب باللعب .. ولا ترغب الا بالبقاء قريبة منه هو ..

رفعها لتجلس بجانبه : كلتي شيء ؟


طوحت برأسها وسكتت .. ليتنهد هو .. وسرعان ما ابتسم وهو يرفع نظره للمتحدثة : كلثوم خلها علي ..


لتقترب منها تجلس امامها القرفصاء : ما تبين تلعبين ويياي .. شوفي بنطلع الحين وبناكل .. تدرين مسوية فطاير روعه ..


لتنطق بخفوت : مثل ماما .


امسكت بكفها الصغير وانزلتها : انتي اكلي وقوليلي فطايري والا فطاير ماما احلى ..


تلاشت ابتسامته تحت ثرثرات كنة وتلك الصغيرة .. ليصمت المكان .. صمت مخيف بات معه رفيقا .. يأنسه ويرميه في بحر افكار لا ينتهي .. تنهد ليفتح تلك الرسالة المثيرة للتوجس في نفسه .. وتاهت عينيه بين اسطرها .. تبهُت ابتسامته وتعود .. كم هو مشاغب ذاك الحارب .. حتى احرفه تقهقه رغم وجع الاغتراب .. عقد حاجبيه وهو يقرأ :



" مستحي منكم .. ومشتاق لكم وايد .. توصلني اخبار شامة من الدكتورة .. اتواصل وياها بين فترة وفترة .. شبيب لا تغفل عنها .. وسامحني بس انت تعرف حروب وطبعه .. واللي صار لازم تتوقعه .. تعرف رمضان هني ما بيكون له طعم .. طعمه غير وسط لمتكم وسهراتنا .. سحورنا وفطورنا .. وطلعاتنا .. متوله ع البلاد فوق ما تصور .. بيتنا .. ما بقول بيتي لاني احس انه مب بيت اذا ما كنتوا وياي فيه ........"



وتتابع حديث الشوق .. وحديث العتب .. واحاديث أخرى كان يتمنى ان توصله الى مكانه .. لكن لا شيء سوى احاسيس بعثرها على السطور .. ورمى معها وجع افتراق .. وملامة قاتلة لا تزال تسحبه الى قاع الخسارة .. فمتى الفوز سيكون ؟ ومتى يأن للمياه ان تعود ادراجها ..؟

,‘,



ومياهها هي لن تعود يوما وأن حلمت .. سنوات عجاف محملة بغيوم الحزن .. سكبته على ارضها ولم تنبت به الا حزنا عقيما .. رمت عليه في ساعة صحوة الكثير من الامل بالله .. فتلاشى من بين ناظريها .. وتمطر غيوم جديدة المكان .. سحابات تحمل الطمأنينة اليها .. صلت التراويح بعد ان مهدت الامر لوالدها .. لتأتي اليه بعدها تحمل مصحفا قد تمزقت زوايا غلافه .. قديم بقدم شباب والدتها .. لتجلس عند قدميه .. وتبدأ بالتلاوة على مسامعه .. اجزاء تتلوها لتختمه في حضرته .. وهو يتمتم معها بما يحفظ .. تكرار الايات جعلها ترسُخ في صدره .. حتى ان اخطأت هي في لفظ ما حرك يده منبها لها ..



تمضي عقارب الساعة دون الشعور بالوقت في حضرة كلام ذو الجلال والاكرام .. على مشارف الانتهاء من الجزء الاول .. وما ان قرأت قوله تعالى : (تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ) وصدقت .. حتى رأت دموع والدها انسكبت .. منذ الامس وهو ليس على ما يرام بسبب ابن عاق .. رمى عليه الكثير من لاذع الكلم .. واختفى .. وهو لا حول له ولا قوة .. الا صرخات مكبوتة لا تجد النور فتُسمع .. قبلت رأسه بعد ان مسحت دموعه : يالغالي لا تاخذ ع كلامه .. بييه يوم وبيعقل .. ادعيله الله يهديه ..



" ليش قالولج مينون؟ " نطقها ابن التاسعة عشر .. وهو على اعتاب غرفة والده .. لتضع المصحف على السرير .. وتهرول اليه .. لا ترغب بالمزيد من الكلمات المهلكة لنفسية والدها المتعبة .. لتسحبه من ذراعه وتغلق الباب من خلفهما .. تجره معها واذا به ينفض يدها : خليني ..


- الين متى يا وليد .. حرام عليك .. هذا ابوك ..


- ما اتشرف انه يكون ابوي .. لو مات كان ريحنا منه ..


" اص .. اص " قالتها تباعا وهي تضرب على فيه باناملها .. ليمسك رصغها : هو السبب خليه يتعذب مثل ما اتعذب ..


سحبت رسغها وقد طوقته بكفها من ألم ٍ ألَمَ بها : حرام عليك .. احنا فرمضان توب لربك .. ما يندرى تشوف رمضان غيره او لا ..


صرخ بها: تفاولين علي .. مسويه فيها مطوعة .. تبيني اذكرج عن سوالفج .. والا ما في داعي اظن تذكريهن زين .. فلا تيلسين تنصحين .. انسانه مثلج لو حفرت الارض حفر سواياها بتم وراها ..


نزلت دموعها : ما برد عليك .. لانك ما تستاهل حد يضيع وقته وياك .. الله يهديك ..



" أووهووه " قالها متذمرا محركا ذراعه دون اكتراث .. ليتركها تغرق في دموعها .. ويغرق لسانها بالدعاء له .


,‘,

هنا اقف .. وموعدنا ساحدده لاحقا باذن الله ^^



تفاحة فواحة 19-06-13 08:26 PM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
هذه اخر زفرتين انزلوا والرواية مغلقة حالياً

تفاحة فواحة 25-06-13 10:13 PM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
التخيير والتسيير تراهما في هذه الحالة متشابكان وكأن هناك ثالث لهما .. لم تُخير في هذا الامر ومع ذلك فهي كانت ستختاره هو .. من اسكنته قلبها .. ولكنه سيرها الى هنا برغبته .. ايام مرت على عودتها الى منزلها .. تشعر بالغربة فيه وتشتاق له .. كم هي متناقضة في هذه الساعة .. تحركت في سريرها تسحب احدى الوسائد من طرفه هو تدسها تحت رأسها .. تحاول ان تبعد عنها التفكير في حالها ولا تستطيع .. مستيقظة منذ نصف ساعة ربما ولكنها لم تغادر سريرها .. تارة نظرها لسقف وتارة أخرى تُغمض عينيها .. مع انها نامت من بعد صلاة الفجر الا انها لم تنم الا ساعات قلال ..وها هي الساعة ستصل الثانية عشر ظُهرا وهي كسلى لا ترغب بعتق جسدها من براثم لحافها ..




هو غادر عند الساعة السادسة والنصف الى عمله .. قبلها على وجنتها فاحست به لتعلم بانه يبتسم لامتعاضها .. حديثهما اضحى قليلا جدا .. حتى ساعات خلوتهما تراها لا تكفيها .. ليست كما قبل .. قبل ان يأتي ذاك المدعو شقيقه .. سحبت انفاسها حين تبادر وجوده الى ذهنها .. لتجلس بعدها مغلقة عينيها وتحرك رأسها لتلين رقبتها ..




تمر الدقائق لتتسمر قدماها على طرف سجادة الصلاة .. ستصلي وتدعو ان لا يخبو حبه في قلبها .. او العكس .. ركعت لتشد شفتيها لتشنج الم ببطنها .. لتقف من جديد بتعب تُكبر وتسجد .. طال جلوسها من بعد سجدتها .. تشعر ان انفاسها متعبة .. ربما السبب نومتها الغير مريحة .. او بسبب الصوم .. تسحب انفاسها مرارا وتنفثهن من فيها وكفها تعانق جانب بطنها الايمن ولسانها يتمتم بالعياذ من الشيطان وذكر اسم الله ..




اخذت وقتا لا بأس به وهي تشد انفاسها وتزفرهن من فيها .. حتى تسللت الطمأنينة والراحة الجسدية اليها .. لتطوي سجادتها وتتركها جانبا .. صوت الخادمة شدها .. هناك في الاسفل .. لتقف وتخطو نحو النافذة تزيح جانبا من ستارتها المخملية .. لتراها تبتعد الى جهة المطبخ .. لتعود بانظارها للجهة اليسرى .. لتراه وينعقد حاجبيها ..

بالامس كانت تشتكي وجوده عند جابر .. صوتها لم يكن خافتا .. كانت تطلب منه ان يعيدها الى شقتهما الصغيرة .. فهي لا تشعر بالراحة لوجود ذاك البطي داخل اسوار منزل يكتنفها معه ..



ابتسمت ساخرة وهي ترقبه وبيده اليمنى مجرفة صغيرة .. يرتب التراب على الشجيرات الصغيرة التي غُرست على يد جابر منذ اسابيع .. وترقبه يقف ينفض إزاره من ذرات تراب رطب علقت به .. الا يستحي وهو بالملابس الداخلية ؟ ..




ابتعد وعينيها تبتعدان معه .. يفتح صنبور الماء .. ويمشي بخُطى مهرولة ليلتقف الانبوب ويبعده عن الممر المسفلت .. راميا به على تلك الشجيرات .. لتنفث انفاسها وهي تتذكر صوته ذاك اليوم ينادي على جابر .. مؤكد انه سمع جميع ما تفوهت به .. سمع تذمرها من وجوده .. وسمع طلبها الغير عادل الذي القته على جابر .. ليصرخ بها ذاك بعد هدوء استغلته هي بالالحاح : ليلى بسج عاد .. ترا البيت له ولي .. مب لي بروحي ..




تجمدت ويدها تبتعد عن الستار ليعود ادراجه .. وعيناها جحظتا وكأن بها ترى امامها شبحا .. وثغرها اضحى هو ما تتنفس به .. هناك بين فخذيها حرارة جمدتها في مكانها ..



يا رب .. يا رب .. احفظه لي .. يا رب اني اشتاقه ليكون بين كفي فلا تحرمني منه .. اعلم بانني اتعبت نفسي بالاعتراض على أمر قد قُدر .. فسامحني ..




شدت بذراعها على اسفل بطنها وظهرها قد انحنى قليلا .. وتمتمت : لا لا .. لا تطيح .. يا رب ..




الصقت فخذيها ببعضهما وكأنها بذاك الفعل تحميه .. وتخطوا بتقوس ظهرها متوجهة الى دورة المياه ( اكرمكم الله ) لتمر عليها الدقائق يتصفد فيها جبينها عرقا .. وتخرج بعد حين بدموع اغتسلت وجهها المحمر من حرارة دورة المياه .. وذراعاها قد احتضنتاها وكأنها تخفف على نفسها المصاب .. لتجلس بتعب على طرف سريرها وتسحب هاتفها تضغط على ازراره وتنتظره : رد الله يخليك رد ..




شعور بالخوف يعتريها.. وذاك لا يجيب على هاتفه .. خمول اكتساها .. وبرودة تتشربها اطرافها .. تشد على شفتيها ليعانق مذاق الدمع لسانها .. لتتذكر فجأة طبيبتها .. وترفع الهاتف لوجهها تحاول ان تركز في الاسماء من خلف غمامة الدموع .. وأخيرا يأتيها الرد لتسارع الحديث بجزع : دكتورة عندي نزيف ومب عارفه شو اسوي .. الله يخليج ما اريده يموت .. الله يخليج ..




تهز رأسها على حديث طبيبتها .. لتسألها عن ذاك النزيف كيف كان .. ومن ثم تسألها ان صاحبه وجع ما .. لتنفض رأسها وظهر كفها تمسح دموعها : لا .. ما حسيت بويع .. شو اسوي ..؟




شدت باناملها على هاتفها فتلك تطلب منها الذهاب الى المشفى باسرع وقت .. ليطمأنوا عليها وعلى الجنين .. وسرعان ما تعاود الاتصال به .. ومثل المرات السابقة لا مجيب .. لتقف بعد محاولات يائسة بالاتصال به وبوالدتها التي لا ترفع هاتفها هي الاخرى .. ربما هي بالمطبخ في هذا الوقت .. تمتمت بالدعاء ليحفظ لها جنينها ..

تسحب عباءتها و" شيلتها " وحقيبة يدها السوداء وترمي بهن على السرير.. لتفتح الاخيرة ترمي بها الهاتف وتتأكد من وجود بطاقتها الصحية في محفظتها الصغيرة حمراء اللون ..





,,

الشعور بالغربة كتجرع السم دون الموت .. يحيط بك .. يؤلمك .. ولكن يأبى أن يصرعك فيرديك قتيلا .. هذا شعوره بعد غياب سنتين لتصدمه العودة بتغير الكثيرين .. عمه ابناء عمه و شقيقه .. حتى شقيقه أبن امه وابيه تغير .. نفض رأسه وقد افترش ارضية الصالة الصغيرة الملحقة بالغرفة التي باتت ملاذه .. يمد ساق ويطوي الاخرى لتقابل ركبته صدره بمسافة ما .. تنهد ربما هو من تغير لا هم .. ربما تلك الموحشة بدلت فيه اشياء دون شعور منه .. وربما تبدل الاحساس بهم ..




يذكر ما حدث منذ يومين حين التقى مع عمه بصحبة شقيقه .. كان جافا وحديثه فيه من الغضب الشيء الكثير .. وجابر كان مختلفا معه باردا وليس على العادة التي عهدها منه .. كان يحب الضحك مع عمه وتبادل اطراف الحديث بكثرة .. وما حدث كان مغايرا .. فقط كلمات توضيح منه كان يراها قبل ان يسمعها .. يراها في هدوءه وحركة كفه .. هل كان يدرك شيء ما ؟ ..




اليوم اشغل نفسه بمزروعات جابر في ساحة المنزل .. وبالامس ابتعد عن المنزل ليقدم على وظيفة .. لا يحبذ البقاء في قمع الكسل .. سحب انفاسه وسبابته ترتفع لتتحرك في اذنه اليسرى .. هناك شيء ما فيها .. يحني رأسه ليواجه الارض بجانب وجهه الايسر .. ربما حشرة ما تحاول البحث عن ملجأ في عقر أذنه .. قهقه كمجنون : استغفر الله العظيم .. شكلي بستخف ( اصاب بالجنون ) .



التفت ناحية الباب حين سمع طرقات خفيفة عليه .. ليقف وهو يردد : ياي ياي ..



ليغض النظر بعد ثواني من رؤيته لها .. حتى وان كانت غطت وجهها فهو لا يحبذ النظر الى الوجوه .. بصوت مرتجف يشوبه حياء وتوتر : بطي تقدر توصلني المستشفى .



ارتجفت يده اليمنى لبرهة .. فتلك واقفة تطلب منه امر لم يفعله منذ امد طويل .. ليأتيه رجاءها بعد صمته : الله يخليك .. جابر ما يرد علي .. ومالي حد .. ولازم اروح المستشفى .



" ان شاء الله " قالها واردف : بغير ملابسي وبيي ..



يغسل وجهه ويخلل شعره بالماء وهو يتمتم بسخط : شو هالبلية .. اسوق وانا من زمان عن السواقه ..



ليخرج وبيده منشفته .. ليرميها وينتشل هاتفه من حضن الكرسي .. ربما يرد عليه ذاك ويعتقه مما اُلقي على كاهله .. ولكن لا مجيب .. كفه تقع على فيه وحركته في مكانه تدل على توتره .. اسقط يده فعليه ان يفعل شيء فهو الآن في مكان جابر .. سيقع الحق عليه ان حدث لها امر ما .. لينفخ هواء رئتيه .. يتحرك يسحب ثوبه الابيض من تلك العلاقة بزاوية الغرفة .. ويلف " غترته " البيضاء على رأسه بعجالة .. وبعدها يخرج .. ليقف وهو يراها واقفة بجانب السيارة .. تذكر انه لا يملك المفتاح .. ويتقدم نحوها بحياء وعينه تلمح الخادمة الواقفة بالجانب الاخر .. ليرتفع حاجبه : ما عندي السويج ؟



بيد مرتجفة تفتح حقيبتها وتبعثر ما فيها .. لتنتشل ما يطلبه وتمده اليه .. وسرعان ما تختفي الاجساد في تلك المركبة المعدنية .. يعب صدره بالهواء ويزفره مرارا وكأنه سيخوض معركة ما .. ويسمي باسم الله ويتحرك للوراء .. ليسمع خفوت شهقة منها ..



تبكين ؟ .. مالشيء الذي يبكيك الآن ؟ هل هو الحياء من قول قديم فاطاح طلبك اليوم بكرامتك ... ام ان مصابك قوي .. لم ادرك انانية البشر كما ادركتها بالامس يا ابنة عمي .. شيء يدعو لسخرية ..




,,

ويالا سخرية القدر التي أرادت لتلك ان ترى مشهد الخروج من المنزل .. لتلمحه وتلمح تلك جالسة في الخلف .. وتتشدق وهي تبتعد عن النافذة .. شيء جديد قد يجعلها تحظى بمكانة في قلب ذاك المتعجرف .. فلقد رأت زوجته بصحبة شقيقه لتو .. ربما هناك ما يخفيانه .. بدأ حديث عقلها المجنون بنسج الظنون حول عدوتها ..



خرجت من غرفتها قاصدة المطبخ لتستقبلها تلك الجالسة على كرسي صغير مقابل " الصاج " الملتهب .. ويدها تفرد العجين لتعد خبز " رقاق " : اخيرا ييتي .. وينج .. من متى قايلتلج اطلعين تسوين شيء .



تتحدث بحنق ويدها المتسخة بالعجين تغمسها في وعاء الماء لتغسلها .. لتتنهد تلك : امايه عشان شو تسوين كل هالاكل .. محد فالبيت الا انا وانتي .. تكفينا شوربة وييا السح (التمر) والبن .



" بيونا ناس الليلة " .. قالتها وصمتت ترفع قطعة الخبز وتقلبها على الصاج وتركنها لاحقا في صحن دائري كبير .. لتردف : سوي كيك .. والا فطاير .. والا من هالعفيس اللي يسونه البنات ..



تحركت تفتح الادراج .. تُخرج عبوة كعك جاهز ووعاء : انزين بسوي .. بس منو هالناس ؟



وقبل ان تجيب والدتها اردفت بسرعة : دريتي شو صار ؟



تجهم وجه والدتها لتلتفت لها : شو مستوي بعد ..



كفها تحمل ثلاث بيضات والكف الاخرى تغلق باب الثلاجة : ليلوه طالعه وييا اخو ريلها .. ولا كنها فرمضان .. استغفر الله العظيم ..



تحوقلت والدتها حتى بان انفعالها بطريقة خبزها للعجين : انتي ما بتوبين .. خلي الناس فحالها .. ترا الظن اثم ..



تنهمك في خلط المكونات لتجيب والدتها : انتي وايد متغيرة .. قبل كنتي ادزيني دز عشان اخليه يشوفني .. والحين يايه تقولين لي اخليه .. وبعدين الوحدة لازم ادور مصلحتها .



-
مصلحتج يايتنج لا تستعيلين عليها ..



تجهم وجهها من كلام والدتها .. لتسكب الخليط في وعاء وتضعه في الفرن وهي تقلب تلك الكلمات في فكرها .. لتنطق وهي تتكأ على حافة سطح دولاب المطبخ : اسوي معكرونه بعد ؟



" هيه " .. قالتها تلك وهي تضع آخر قطعة خبز في الصحن .. لتقف تحمل الاوعية لتغسلها .. وتلك تلهي نفسها بالتحضير لعمل المعكرونة .. واذا بها تلتفت لوالدتها المنهمكة في تنظيف ما بيدها : امايه شو تقصدين بكلامج ..



وكأنها لم تسمعها .. انهت ما في يدها وقبل ان تخرج التفتت لنوال : سامحيني .. وخلج من ليلى وجابر .. ادعيلهم بالتوفيق وشوفي نفسج بعيد عنهم ..



تدور على رأسها الكثير من علامات الاستفهام .. فوالدتها اضافت الى استغرابها تساؤلات أخرى .. تنهدت وتمتمت : والله ما عارفتلج .



لتردف وهي تضع حبات المعكرونة في الماء المغلي : الحين منو اللي بيونا .. وشو سالفة ليلى واخو ريلها – ابتسمت بتهكم واردفت – وانا شو علي ..



اكملت عملها وعقلها يتخبط بين ما رأته وما سمعته من والدتها .. تعمل وهناك زفرات تتبعثر بين الفينة واختها .. حتى ما ان سمعت اذان العصر تنهدت : ليش هاليوم تعب .. والوقت ما يمشي .




,,

الوقت حين يقترب من المغرب تتباطيء ساعاته لكل من صام في هذا الشهر .. يشعر بان تلك الثواني تمشي خلاف الجاذبية .. ترفع نفسها بتعب ومقاومة .. الا من اشغل نفسه في هذا الوقت فيرى ان تلك الثواني تهرول تسابق الدقائق .. كتلك الواقفة تحرك كُرات " لقمة القاضي " في وعاء الزيت بملل .. اخذت وقت طويل في اعدادها .. لربما كانت الكمية كبيرة .. ولكنها لم تعرف المقاس بالضبط .. حركت رقبتها بتعب .. فخالتها تركتها منذُ ساعة بعد ان اعدت ما استطاعت .. التفتت على صوت مبارك : وين احطهن ؟



يحمل في كفه الايمن صحن وبالاخر صحن .. يقف عند الباب متضجرا .. لتبتسم له .. تترك ما في يدها وتأخذ ما في يده : من عند منو ؟



-
من عند ييران .. ولدهم راشد يابهن .



نطق بتلك الكلمات وادبر عائداً ادراجه .. الفضول اعتمل فيها لتكشف غطاء الالمنيوم وتبتسم : الله هريس ..



وفي الصحن الاخر " ورق عنب " قد زُين بشرائح الليمون وورق النعناع .. وحبة طماطم صغيرة استقرت في المنتصف .. لتتمتم : عليهم حركات بعد .




صرخت بخوف حين رأت تلك الكُرات قد بدأ لونهن يميل للاسوداد .. لتخرجهن وقد قطبت حاجبيها .. وتعزلهن عن البقية في صحن صغير .. التفتت على صوت خالتها المنادي لاسمها : خير خالتي .. في شيء ..



وجهها ينم عن قلق تشعب في عروقها .. زفرت وهي تقترب من مها وبيدها هاتفها : ليلى متصله علي فوق الخمس مرات .. مادري شو بلاها .. اتصلت عليها وما ردت .



ابتسمت تلك وهي تحرك الغارقات في الزيت : لا تحاتين يمكن ناويين يفطرون عندنا .. تعرفينها لازم تعطينا خبر قبل لا تطب علينا ..



ابتسمت الاخرى وتمتمت : ان شاء الله يكون هذا السبب – لتردف بعد ان تذكرت – مها اليوم عقب صلاة التراويح بيينا سلطان .



وكأن هناك من وخزها بأبرة حادة لتجفل بخفة على نطق اسمه .. حتى الآن لم تستوعب فكرة الارتباط به .. وخالتها تخبرها بانه سيأتي ليجلس معها ويتحدث .. لتقطب حاجبيها ودون ان تلتفت لخالتها : كيف ايلس وياه .. ما يصير ..



يد حفصة تربت على كتفها : عمج ما بيخليكم وييا بعض .. بيكون وياكم ..



الصالة تعج بالطعام .. وهي انسحبت بعد ان اتمت كُل شيء لتغتسل من تلك الرائحة العالقة بها .. ارتدت ملابسها على عُجاله فصوت الاذان قد صدح من مكبرات الصوت .. ترتب " شيلتها " وهي تنزل السلالم مهرولة .. لتصل وتمشي بحياء .. وجود مطر يذكرها بخالد .. كبر حتى اضحى وجهه يقترب من وجه ذاك الغائب .. جلست بهدوء بين خالتها ومبارك .. ليصلها صوت حفصة بعد ان ارتشفت قطرات من الماء : اللهم أرحم خالد واجعل قبره روضة من رياض الجنة .. اللهم اعتق جسده من نار جهنم .. واغفر ذنوبه عظيمها وصغيرها .. اللهم آآمين .




لتتمتم الشفاة بـ آمين .. ذاك الدعاء منذُ اول افطار في هذا الشهر وهو يتردد كُل ليلة .. ابتلعت اللقمة التي كانت تلوكها على صوت حمد الواقف : ياللا يا ولاد ..



ليخلو المكان وتبقى هي بعد مغادرة خالتها .. فكرها يذهب الى ساعات قادمة .. لم تره منذُ ذاك اليوم في سيارتها .. حتى زياراته الاخيرة لم تستطع ان تلتقط منها طيفه .. قامت فالوقت يجري وصلاة المغرب لا تنتظر .. صلت لتدعو ربها التوفيق .. لعله اصعب قرار قامت به في حياتها .. لو كانت كما السابق .. عصبية .. منطوية .. ثرثارة لسوسن .. هل كان سيتملكها كُل هذا الخوف ؟




وكأن حديث نفسها ذاك يقرأ الغيب -والعياذ بالله- .. ليرن هاتفها منبأ بمكالمة .. اغلقت المصحف مصدقة .. هي في هذا الشهر كسولة جدا .. لا تزال في الجزء العاشر و الشهر يقترب من المنتصف .. وكلما رغبت بالقراءة فيه جاءها ما يعطلها .. ارتفعت عن الارض تلتقف هادفها من على " الكوميدينة " وتصدم بالمتصل .. لتعقد الحاجبين تحت وطأة انين جانب شفتها السفلى بسبب اسنانها .. وتسحب انفاسها وتزفرهن وقد قبلت المكالمة : وعليكم السلام .. هلا سوسن .. شحالج ؟



كان في نبرتها برود تعودته تلك من آخر لقاءتهما السريعة .. لا تزال على وقفتها : آمري بغيتي شيء ؟




تلك ترغب بالزيارة الآن .. ترغب بفتح صفحة جديدة .. و مها لم تعارض .. ستستمع لها ولاعتذاراتها ربما .. تشدقت وهي تغلق الهاتف .. فاي اعتذارات ترتجيها من تلك الطامعة الحاسدة .. استغفرت ربها واخذت نفسا طويلا لعل تلك الهواجس تتبعثر مع زفرتها المثقلة .

,,

يــتــبــع |~

[/QUOTE]

تفاحة فواحة 25-06-13 10:19 PM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
تحتاج إلى الراحة .. وقلة الحركة ستساعدها أكثر .. هذا ما بعثرته طبيبتها على مسامع جابر .. لينظر الى بطي الواقف بعيدا مستندا بظهره على الجدار وذراعه تشد عليه انامل كفه اليمنى .. لعل وجع اعصابه داهمه .. هو منذ العصر لم يفارق المشفى الا للافطار والصلاة .. مشى بخطوات ثابتة إليه ..وكفه الغليظة تقع على كتف ذاك اليسرى : تعبان ؟


رفع نظره وانزل ساقه المثنية لتعانق قدمه الارض .. وابتسم : لا .. تطمنت؟ .. قلتلك ما فيها الا العافية .. بس ما تتعييا ( تقتنع )


ليردف : بيطلعونها ؟


-
لا .. يمكن باكر ..بس الليلة بتبات هني .. يقولون لازم يراقبونها اكثر ..



ربتت يده على كتف بطي واردف : بروح اشوفها .. انت روح ارتاح ومشكو...



ليقاطعة وهو يعطيه ظهره مشيحا بيده : لا تشكرني .. ما بينا هالكلام ..



يرقبه حتى جلس على كراسي الانتظار القريبة من غرف الكشف في جناح الطواريء .. ليستطرد كلامه وقد ارتفعت ساق على أخرى : ما بروح بترياك ..




متغير ذاك الـ بطي .. ليس ذاك المفعم بالحيوية .. وكأن به دوامة تجر اليها ما كان في روحه .. يعلم ان لا احد يبقى على حاله .. ولكن ذاك يخفي بين طيات رحلته الكثير .. وهو بارادته يمشي على خط سير شقيقه .. لربما يأتي يوم تتقلب فيها اوراق السنين الماضية .. ابتعد ليلج اليها من خلف الستار الابيض الممتد ليغطيها وهي قابعة على السرير الابيض .. وبيدها انبوب يضخ في اوردتها دواء ..

انحنى يقبل جبينها .. ويده ترتاح على قمة رأسها .. يبتسم لها حين فرجت اجفانها . لتبتسم بتعب : وين كنت ؟



سؤال عتاب بعثره لسانها المتعب من نوم اثقل اعضاءها : كنت فشغل ..




العمل والعمل .. كم بتُ اكره عملك يا جابر .. تخرج في مهمات لا اعلم عنها شيء .. تلتقي بمجرمين ، القتل لا يحرك في جنباتهم شعره .. وتأتي الآن مبتسما لي .. احتجتك اليوم .. احتجتك وجدا .. ولم اجدك .. اخشى ان احتاجك يوما ولا اجدك ابدا ..



-
له له له .. ليش هالدموع ..



نطق بتلك الكلمات وانامله تمسح دمع سال على جانبي عينيها : يا روحي سامحيني .. بس ما قدرت ارد ع الفون .. ولا سمعته اصلا .. والحمد لله كل شيء تمام ..



" واذا راح ؟ " .. رمت سؤالها تتبعه شهقة وجع منها .. ليجيبها : لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا .. والحمد لله انتي بخير وهو بخير .. والزم عليّ الحين اني اشوف راحتج .. تبين تروحين بيت اهلج ترتاحين ما عندي مانع ..




" اكيد هذا اللي بيصير " .. نطقت بها حفصة وهي تلج يصاحبها ذُعر على ابنتها .. تقترب منها تقبلها وتسألها عن حالها .. حتى ما سألها ذاك : شحالج عمتي ؟



ليتجهم وجهها مجيبة : مب بخير يوم هذي سواياك ..



ماذا حدث الآن ؟ أيحاسبوني على عملي .. الم يدركوا ماهيته الا في هذه الايام .. تباً .. لستُ راغبا بسماع سيل الاتهامات يا عمتي .. لم اجبرها على عدم الراحة .. لم اجعلها تتحرك جيئة وذهابا في ذاك المنزل .. كبير هو ولكن هي من لم تحاسب على نفسها .. أتكيلون بالاتهام علي .. وسبب ضعيف تتعذرون به .. بطي .. بطي .. بطي .. ما بالكم على شقيقي .. أين ارمي به وهو لا احد له الا انا ..



انتهت من حديثها الغاضب في وجهه .. ليأتيه حديث عمه الذي قبل جبين ابنته وسألها عن صحتها .. ليطلب من ذاك الواقف ينظر اليهما معها بأن يرافقه للخارج .. وهناك على مقربة من الشقيق الواقف وقفته الآنفة .. بدأ الحديث .. لربما غضب حمد بسبب رؤيته لابنته المسجاة على ذاك السرير وقد خط التعب على ملامحها خطوطه المتشابكة .. ليصرخ في وجه جابر : بنتي مب شغاله لك ولاخوك الضايع ..




انفرجت شفتاه عن ابتسامة ساخرة وعيناها تعانقان الارضية البيضاء .. أيقول عنه ضائع .. ما هذا الهراء .. هل الغياب عنهم اورثهم فكرة خاطئة عنه .. سُحقا لافكار عقيمة لا ترى الا ما امام ناظريها .. يقف بصمت يسمع الحديث بين جابر وعمه ..



-
عمي الله يهداك عشان شو الظليمة ..



ليقاطعة بحنق : الحين انا ظالم يا جابر ..



ليتحوقل بخفوت : محشوم .. مب ذا القصد الله يهديك .. وبنتك ما عليها الا العافية .. وما بظلم اخوي .. والا لانه غاب ولا درينا عنه قمنا نحكم عليه بالغلط ..



ابتسم ذاك لدفاع شقيقه الاكبر عنه .. ويرتفع نظره لصوت عمه : اسمع يا جابر بنتي ما بتشتغل لك ولاخوك وهي حامل .. ولا لها رده ع البيت وياك .. الا يوم تعرف قدرها ..




جمود اكتسحه .. الا من حركة جفنيه بين الفينة والاخرى .. يبعدونها عنه لاسباب ضعيفة .. عمله .. شقيقه .. قطب حاجبيه حين احس بكف بطي على كتفه : يومين وبيرجع كل شيء مثل قبل ..



التفت ليرى ابتسامة تكلل وجهه النحيل .. وثقة غريبة تجتاح عينيه المستظلتان بحاجبيه الكثيفين .. ابتسم هو الاخر .. فعمه لا يريده ان يرى ابنته .. اي زوجته .. اي عرف هذا يبعد الزوجة عن زوجها ؟




" ليش؟ " قالتها ودموعها تتسابق .. لترد عليها والدتها : شو اللي ليش .. خليه يحس ان وراج حد ..



عينيها على والدها : حتى ما سألتوني شو اريد ..



تحوقل وهو يتقدم منها يضع كفه على رأسها : يا بنتي جابر يباله اللي يعلمه الصح من الغلط .. واللي يسويه ما نرضا عليه ..



لترمي بكلمات رماها هو على اذنيها سابقا : بس هذا اخوه .. البيت بيتهم هم الاثنين .. وزين منه راضي يبقى فالملحق ومخلي لنا البيت بكبره ..



صرخت بها تلك : سمعي عاد .. رده للبيت ما بتردين .. الين يعرف ان الله حق ..




اصدر الحكم عليهما من والدها ووالدتها .. الا يدركون بان الاعدام في غيابه عنها .. الا يشعرون ان قلبها لا ينبض الا له هو .. أسَتَقوى على البعد طويلا .. وهي التي لم تقواه اسابيع ابتعدت عنه فيهن مجبرة .. وكان ترياقها زياراته المتقطعة .. ألا يعلمون بأن الحياة جابر بالنسبة لها .. صمتت لا حول لها ولا قوة .. فهي متعبة ترغب فقط بالهروب من ذاك الحديث المتفاقم على رأسها من والدتها .. وجُمل يلقيها والدها موافقا لحديث زوجته .. الاثنان لم يعودا كما قبل ..

,,



قهقهات تضج في المجلس الصغير من ثغر منذر عند الساعة العاشرة ليلا .. مضطجع في منتصف المجلس مستندا على مرفقه الايمن .. وذاك التلفاز امامه .. وكأن بالحديث الصادر من جابر هو المسيطر على مسامعه .. لتتبعثر ضحكاته بقوة .. زادت من رفع حاجب ذاك البطي الجالس قريبا منه : لا حول ولا قوة الا بالله .. بلاك انفجرت ..


اعتدل ولا تزال نبرته تحوي من الضحكات شيئا : اخوك .. صاير لعبة فيد عمه وحرمته ..



-
خالي شو هالرمسة ؟



ليعود الى اضطجاعته : شبيب كم مرة اقولك لا تقولي خالي .. تراني مب شيبه .. واذا ع الاحترام ما اريده وييا هالكلمة ..



" تستاهل " .. نطقها جابر واردف : تضحك علي يا منيذر .. وانا اللي ياي اشكي لولد اختك .. وبعدين تعال هني .. انت شو دخلك بسوالفنا .. مب يالس اطالع التلفزيون .. والا العين هناك .. والاذن صوبنا ..



انتبه الجميع للباب حين دخول ذاك الجسد الصغير راكضا . مرتميا في حضن شبيب .. ليضحك هو .. والاعين تنظر اليه بتعجب .. حتى ما نطق بطي : هذي بنت خالد ؟



لينطق ذاك وهو يجلسها في حجره : هذي كلثم بنت خالد بن حمد الـ .....



" والنعم " قالها جابر ليشيح منذر بوجهه عنهم : تراكم مغترين بقبيلتكم .. كنه محد فالبلاد الا الــ....



تربع بطي جالسا : اشم ريحة غيرة .. افا ما هقيتك تغار ..




" اقول انت انطب( اسكت ) " .. ليردف : تراك فاللسته السودا عند عمك ..




حمحمة تنم عن توتر بعثرها ليغض نظره عن جابر الذي تسمرت انظاره عليه .. يشعر بان خلف هدوء ذاك الشقيق اشياء لا يتمناها .. لينقذه حديث شبيب مع جابر .. ويعيد هو النظر اليهما بشيء من الارتياح .. يشاكس كلثم بالشد على وجنتيها لتصرخ به : يعور ..



وتدس وجهها في صدر شبيب ليضحك : خلاص ما بيسويلج شيء .. ما اقول الا الله يعين ولدك عليك ..



" قول يا حظه دام ابوه جابر " .. اتبع تلك الجملة بقهقة عقيمة ..

يرغب بان ينسى ما حدث الليلة .. يرغب بان يسهر معهم حتى الفجر .. ومن ثم يذهب الى عمله .. ويعود هنا .. لا يرغب بان تختلي به وحدته فيتذكر البعد الكائن كحد قصاص عليه ..





تصفق كفيها ببعضهما وهي تتحرك من مكان لاخر .. وعلى لسانها : لا حول ولا قوة الا بالله .. وينها ذي ..



لتصد تلك العجوز عنها تلتهي بالنظر الى التلفاز .. ومسلسل قد بث منذ اقل من ساعة .. بدأت حلقته على مشارف الانتهاء .. لتجلس تلك بغضب على مقربة من والدتها .. دون ان تلتفت لها : شبلاج ادورين من مكان لمكان ؟



انفاسها الغاضبة تتبعثر امامها وهي تشد اليها آنية الشاي .. لتسكب لها منها : كلثوم ما ادري وين راحت .. من شوي كانت تلعب وييا هاشل .. ويوم سالته قال طلعته .



" تلقينها عند شبيب " .. نطقت بها وصمتت .. وتلك ايضا صمتت .. تشعر بان شبيب تعلق بتلك الطفلة كما تعلقت هي به .. لا ترغب بما يحدث .. تترك غرفة شامة ليلا لتندس في سريره هو .. لسانها لا يردد الا اسمه حين غيابه .. وهو ما ان يأتي من مكان ما حتى وان كان قريبا سأل عنها .. ويده لا بد ان تحمل شيء لها .. تلك الطفلة المتطفلة على منزلها ..




انتهى المسلسل لتعتدل العجوز في جلستها .. تنظر لابنتها الشاردة الذهن : شمسة ..



نظرت اليها : خير ..



انفاسها تسحب كمية من الاكسجين .. وكأنها ستلقي بقنبلة على مسامع تلك : انتي تدرين عن شيء ؟



باستغراب اجابت تلك وهي تضع فنجان الشاي على الصينية : شي مثل شو ؟



" ولا شي " .. نطقتها والدتها .. وقامت تتوكأ على عصاها ..




,,

ذاك كان جوابها هي ايضا على سؤال بعثرته سوسن عن جديد حياتها .. تجلسان كغريبتين في صالة النساء .. وامامهما كوب عصير جلبته كضيافة لصديقة قديمة .. وبمعيته قطعة كعك .. وشيء من البسكويت بالكاكاو .. احاديثهما فارغة جدا .. مر على وجودها ساعة ربما صلت التراويح معها في غرفتها .. ومن ثم شهدت خروج خالتها وزوجها من المنزل على عجالة بسبب خبر عن ابنتهما .. والآن تجلس بهدوء متوترة .. لتتبعثر الاحرف ناطقة : اممم الفصل الياي يمكن ما نلتقي فالجامعة .. بيكون عندي تدريب واكثر الوقت بكون برع الجامعة .. وعقب التخرج بسافر .



قالت حديثها وقد استقر كوب العصير بين كفيها .. ونظرها على حافته التي اتسخت بقليل من احمر شفاهها .. ليعم الصمت ثواني .. وتنطق تلك : الله يوفقج ..



صوت استقرار الكأس على الطاولة الزجاجية يعيد شيء من الحياة في ذاك الصمت المطبق .. لتعود الى كرسيها وتبتسم : ويوفقج يا رب ..



واعقبتها : زعلانه مني ؟



لتبستم مها على مضض .. وبشيء من عدم التهذيب قالت : يمكن ايونا ناس الحين ..



وقفت تلك ترفع عباءتها عن الكرسي وترتديها .. ومن ثم تردف " شيلتها " على رأسها .. لتتبعها بحمل حقيبة يدها الصغيرة : اسفه خذت من وقتج واايد .. بس اريدج تسامحيني ..



وقبلتان توالتا على وجنتي مها .. هناك برود غريب استوطنها في هذه الساعة .. شيء ما يخبرها ان لا تفتح اوراقها لها من جديد .. حتى وان طلبت تلك صفحة جديدة للبدئ .. وسرعان ما انعقد حاجباها حين نطقت تلك : مبرووك الخطبة .. سمعت ان ولد عمج خطبج .. هو نفسه اللي كان يضايقج عند الجامعة صح ؟



بشرود انتثرت حروفها ردا : الله يبارك فيج ..



لتختفي بعد حين تلك من امامها .. لتسرع الخُطى خلفها وتتسمر قدماها عند عتبة الباب الداخلي .. فتلك تقف هناك مع من اسمه خطيبها وابن عمها .. لعلها تدس في رأسه حديث ما .. او لربما تخبره ان يتركها لانها معقدة .. نفضت رأسها من شوائب تفكير حاقد .. واستعاذت بربها من شيطان روحها الموسوس لها .. وتدارت عن الانظار مع تنهيدة وابتسامة خافتة ..

,,



تفاجأ حين علم من مطر ان والده غير موجود .. وان هو ذاك المراهق على اعتاب الثامنة عشر سيكون في مكانه .. اوليس صغيرا ليأخذ مكان حمد ؟ .. هذا ما يعتلج في فكره وهو جالس على الكراسي المكسية بقطع المخمل الذهبي والمنقوشة بحرفية بالغة .. ونظره على ذاك الذي تركه جالسا في مكانه بعد ان سكب له فنجان قهوة مكتفي به عن سواه .. ليجلس وبيده جهاز التحكم بتلك اللعبة سوداء اللوان .. وحرب رعناء تدور بينه وبين اشخاص أُخر ..


تنهد وهو ينتظر .. اخبره بأن مها ستكون هُنا في دقائق .. ولكنها تأخرت .. لعلها خجلة .. او لعل ذاك المطر هو السبب .. عاد يسحب انفاسه في ملل تربص به .. وذاكرته تاخذه لحديث قديم مع والدته ..




-
ما اعرف كيف خليتها توافق يا سلطان .. بس لازم تعرف انها يتيمة وفرقبتك .



-
ياميه ادري اني فعيونكم ما اسوى .. بس وربي انا قدها ..



لتنطق باستفهامات خالجتها : الحين شو وراك ؟.. ومن متى حلت فعينك ؟ .. انت حتى ما تذكر ان لك بنت عم الا من كلامنا عنها ..



تحوقل واردف : اميه شو بلاج انتي وابويه علي .. اذا زعلانين لاني خليت البلاد ورحت سكنت فبلادها تراها فترة ما بطول .. واذا على انها يتيمة تراني ما بظلمها .




انقطعت الذكرى حين القت هي السلام على استحياء .. لا تعلم من اين جاءها الحياء بهذا الشكل .. وهي التي كانت ترد عليه كلمات ثقال حين يعترض لها .. الأنه اصبح خطيبها .. وسيكون بعد اشهر زوجها .. جلست بعيدا عنه .. تفصل بينهما مسافة كرسيين .. لينظر لهما مطر لبرهة ويعاود اللعب ..



الساعة تقارب الحادية عشر .. وهما يبعثرهما توتر غريب من بعد السؤال عن الحال .. وهو منزعج لوجود مطر في المكان .. لينطق : الحين انت شو ميلسنك هني .. اصلا انت مب من محارمها يعني مثلك مثلي .



دون ان يلتفت له : لا تغلط .. انا مب مثلك .. ولا اتشرف اكون مثلك ..




اناملها تشد على بعضها .. سيحتدم الحديث بينهما مؤكد .. فذاك المطر من بعد الصلح بينه وبين ابن عمه شبيب اضحى كما اخ له .. ما يؤذي ذاك يؤذيه .. نظرها يتبعثر بين الجالس على الكرسي والاخر الجالس على الارض امام شاشة التلفاز .



بغضب يحاول اخفاءه : لا والله .. ما تتشرف .. قول الا مب طايل تصير مثلي ..



رمقه بنظره هادئة .. وكأنها زلزلت شيء في ذاك السلطان : شوف .. تراني مب خسيس اخطب ع خطبة اخوي .. ولاني صايع الاحق بنات الناس ..



تفجر الدم في عروقه حتى اتضح في وجهه ونظرته لمطر .. ليقف وتقف .. وتحول بينهما بجسدها .. ذاك على الارض خلفها وهذا واقفا امامها : الله يخليكم اهدوا ..



صرخ بها : ما تشوفين ولد خالتج وكلامه ..



" لا تشره عليه .. خلك اعقل منه " .. قالتها وذاك بدأ يرخي ملامحه : زين ..



لينطق مطر : بعدين صح اني مب محرم لها .. بس وجودي هني يبعد الشيطان .. يعني نفسك لو سولت لك شيء ما بتروم تسويه .. ومها مثل اختي .. حتى لو هي مب اختي .




تبعثرت ضحكة ساخرة منه .. لم يعرها سلطان اي اهتمام .. ليعود ويجلس في مكانه .. وبعدها قال وقد ارتسمت على شفتيه ابتسامة : افكر اشتري سيارة .. بس المادية مب زينة .




ماذا به ؟ اهذا ما جاء لاجله .. ويصر على رؤيتي ؟ .. يسألني عن سيارة يرغب بشرائها .. لعله يبحث عن دين مني .. هه لا اظن ..



قالت : زين مب لازم من الوكالة .. خذها مستعملة .. ياما سيارات مستعملات مثل اليداد ..



تشدق واجاب : سلطان ما ياخذ مستعمله ..



متعجرف .. تساءلت كيف سيجمعهما بيت واحد .. هو انسان متهكم .. يبطن شيء ويظهر شيء آخر .. لم يستمر الحديث بينهما الا نصف ساعة او اقل .. حديث اجوف منه .. يقول اشياء هي لا تدرك ما يقصد من وراءها .. لينتهي بالحديث عن حفلة الزواج .. وانها ستكون عائلية فقط .. أهو بخيل ؟ .. سؤال تشتت في عقلها مرارا .. او لعله يوهمها بذاك الامر .. كل ما كان منها ان تقوله هو ان الامر بيد حمد زوج خالتها .. وكفى ..


,,

يــتــبــع |~

تفاحة فواحة 25-06-13 10:28 PM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
على قارعة الغُربة أيقن ان الحنين عروق ممتدة ، صدرها الوطن .. وقلبها منزل اكتنفه منذُ الصغر .. طاولة من الخشب تكدست على جانبيها كُتب .. وكتاب آخر قد توسطها تحتضن جوانبه انامله .. الكثير من المعلومات يغرقها في عقله .. كفى به كسلا طال سنة ونيف .. وكفى به تخاذلا واكتفاء بشهادته ..



ارهقته القراءة لتلك الكتب الطبية .. ليرفع كفيه ماسحا وجهه .. وهواء جم ينفثه من فيه ..وسرعان ما قامت انامله بدعك عينيه .. يشعر بحاجة لاستنشاق الهواء .. او ربما هو بحاجة لقلم وورقة صماء .. ابتسم وقد مد ذراعه ليسحب ورقة بيضاء من آخر الطاولة .. وقلم حبر ازرق .. تسمرت كفه الممسكة بالقلم على زاوية تلك الورقة لبرهة .. ايخط حديث لذاك البعيد .. ام يخط سطور جوفاء خاوية .. او يبعثر شوق طال مدفونا بين اضلعه .. تنهد .. واذا بالقلم يكتُب :




أجيد البوح عن ذاتي الغارقة في وحل الحياة ..

أجيد البوح عن مجمل احاديثي الفارغة ..



فأنا اطروحة أحرف يغزلها الحنين ..

وينسجها الشوق ..



أجيد ترتيب تبعثرات وجعي على الطرق المتهالكة ..

أجيد دفن ثغرات روحي حين تراها اعين صامتة ..



فأنا بناء غرق ببحر الكذب ..


واعمى أعين الناظرين بصدق ..

بقلمي ~







تأمل السطور واذا به يشد الورقة يكورها بكفه ويرميها لتصطدم بالجدار .. ويقف يشد ذراعيه لاعلى وظهره تقعر .. ليسحب هاتفه ويخرج .. سيجوب الطرقات في هذه الساعة .. وسيعود ليكمل قراءة تلك الكتب .. او ربما يعود يخط شيء مما يختلج في جوفه ..



يمشي واُناس تمشي .. لا احد يأبه لاحد .. الساعة صباحا .. اشرقت الشمس منذ ساعات .. ولا تزال اشعتها تنفض برودة الليل عنها .. ولجت قدماه ارض خضراء .. وصبية يلعبون .. وفتيات يتضاحكن .. وعجوز ترمي بفتات خُبز من على كرسي خشبي اتخذته لها ركنا للاختلاء .. سحب انفاسه بنهم .. يعبُ من ذرات الاكسجين الطازجة .. لا يكدرها دخان .. ليقف تحت شجرة معمرة .. ربما تصل من العمر مائة وما يزيد .. استند بظهره على جذعها .. وسرعان ما جلس يطوي ساق ويفرد الاخرى .. وهاتفه يقلبه في يده .. يرغب بالاتصال .. وسماع صوت صاحبه ..




ذاك الصاحب يمارس رياضة الجري من بعد ان صلى التراويح في المسجد القريب من منزلهم .. يجري وقد اغرقه العرق .. وكما هو يطرق ابواب الافكار في عقل حارب .. فحارب البعيد يطرق ابواب الفكر في عقله دون استأذان .. وصل اخيرا عند زاوية الشارع المؤدي الى منزلهم .. لتتلاشى الهرولة ويحل مكانها مشي سريع .. ينتهي قريبا من منزلهم بانحناءة ظهر وانفاس متضاربة .. ليرفع جذعه يسحب الهواء ويزفره .. ويتسمر لتلك السيارة السوداء القادمة ..




يقسم انها سيارة ذاك الذي واراه الثرى منذ اشهر خلت .. ابتسم حين اتضح ذاك الجسد القابع خلف المقود .. يرفع يده ملقيا التحية على شبيب .. ويدخل السيارة الى المنزل من تلك البوابة المشرعة .. ليدخل ذاك من بعده .. يراه يترجل ويدنو منه .. ويرحب هو به وجدا : حيالله مطر .. هااا نقول مبروك ؟



ليضحك ذاك يصافح ابن عمه ويحيه بالتحية الاماراتية : لا بعدنا .. باقي لي الشارع وان شاء الله اخذ الرخصة .. بس قلت اطلع واحرك سيارة المرحوم بدال ما هي واقفه بلا فايده ..




" شبشب شبشب " .. نطقتها مرارا وهي تجري مسرعة ناحيته .. دلع اخذته من شامة حين ضحك . لتتخذه نداء له لا تهاون فيه .. تلتصق برجليه .. وترفع رأسها عاليا تنظر اليه : والله والله ما كسرتها .. هي بروحها طاحت ..



استشعر الخوف في حديثها .. ترتجف وهي متشبثة بساقيه .. ليسمع والدته المقبلة نحوهم : وينها اللي ما تتسمى ..



لتختفي من تحت انظارها خلفه هو .. تنكمش على نفسها حتى لا تلحظها تلك .. لينطق : شو مستوي ؟



انتبهت تلك لوجود مطر .. لتلقي عليه السلام وتسأل عن حال عائلته .. وسرعان ما التفتت لتلك المختبأة : يعني وين بتروحين مني ها ..



يشعر بدغدغة حين تدس نفسها اكثر .. لينطق بنبرة ضاحكة : شو مستوي .. وشو اللي انكسر ؟



" دلة القهوة " قالتها بحنق واردفت : ما تسمع الرمسة نقولها تيلس بس ما تتعييا .. الين طيحتها واكسرتها .. وانت لا تيلس تدلعها ..




وبعدها ادبرت غاضبة .. وذاك رفع حاجبيه مبتسما : عبالي محد ينازعك ( يصرخ عليه )



وضحك بملئ فمه .. ليتجهم وجه شبيب : لا اله الا الله .. حتى انت تطنز .. ما ناقصنا منذر ..




تسترق النظر الى ذاك الطويل الواقف امام شبيب .. تطل برأسها وتتأمله .. وما ان ينظر اليها حتى تعود محتمية بشبيب .. تحرك وهي تتمسك به بشدة : كلثوم خلاص محد بيضربج .. طلعي ..



وكأن كلماته أمانا لها لتتركه على مضض .. تتسمر في مكانها .. ليجلس امامها القرفصاء وكفيه تعانقان كتفيها الصغيرين : وصلي مطر للميلس .. انا بروح اتسبح .. ويلسي وياه الين ارد .. انزين ..




باحاديث طفولية اجابته عن سؤاله " من هو والدها " .. تجلس امامه ترفع كفيها عاليا : بابا يشلني فوووووق .. بعدين يدور يدور يدور .. بعدين يطيح وهو يضحك وااايد ..



وتردف بفرح : يشلني الملاهي .. يقول حق مريوم تلعب وياي سيارات .. بس هي ما تطيع .. تريد سيارة بروحها ..



ينظر اليها .. يتفرس وجهها الدائري الصغير .. حاجبيها الغليضان كحاجبيه هو عندما كان صغيرا .. كحاجبي خالد .. وفمها الواسع يشهد على صلة القرابة من جهة أخرى .. الا بشرتها البيضاء تحكي شيء آخر .. يستمع لها مشدوها لكلماتها المتتابعة .. يسألها عن مريم لتجيبه بطفولية عنها .. عن لعبها معها .. ومن ثم تقف ترفع ثوبها المطرز لتظهر له ركبتها .. وجرح هناك قد استقر : شوف .. طيحتني من فوق الدري ( السلم ) .. صب دم وااااااااااااااايد ..



كان المكوث معها ممتعا بحق .. لتتبادر الى ذهنة اسئلة كثيرة .. لما والديه لا يرغبان بها ؟ كيف يحكمان عليها جراء احاديث بعثرتها السن لا يُعرف صدقها من كذبها ؟ إن رأوها كما رآها هو .. هل سيقتنعون بها ؟




,,

في مكان آخر من ذاك المنزل .. خلف جدران غرفتها " بنكية " اللون .. تجلس في منتصف سريرها متربعة .. وسماعة هاتفها تتدلى من اذنها اليمنى.. وبيدها قلم تخط به على الورقة : انزين سمعي .. اريدج تعطيني وصفة الشوربة اللي سويتيها ذاك اليوم .. خالج عافسنا يقول انتوا ما تعرفون تطبخون مثل كنون ..




غرقت في ضحكة قصيرة .. لتتكأ على النمرقة ويدها ممسكة بهاتفها .. واليد الاخرى تسحب جهاز التحكم تخفض على صوت التلفاز : يحليله منذر .. تراها ما ترزا (بمعنى سهلة ) .. شوفي اول شيء تقطعين البصل وتحمسينه ..



تقاطعها تلك : كنون عطيني بالمقادير .. يعني كم بصل ..



ضحكت من جديد : حبه صغيرة تكفي اذا ما بتسوين واايد .. وحبة بطاطس ويزر واحد ..وكوسا صغيرة .. انزين ..



تخط بالقلم هناك وتكمل : اوكي يعني اقطعهن مربعات صغيرة .. واعقهن ع البصل واحط عليهن كركم وفلفل بارد .. وشوية كاري ..



- هيه هيه .. وتحطين بعد مكعبين ماجي .. لحظه لحظة ..



جفلت تلك بخوف : ها .. شو ..



لتنفجر تلك بضحكة تستثير شامة لتضحك معها .. وهناك اعين ترى وتسمع ما يدور .. لتنسل الاقدام مبتعدة من المنزل .. وتلك لا تزال غارقة في حديثها مع شقيقتها : نسينا الزيت .. تحطين قطرة زيت وييا البصل ..



- عاد القطرة من وين ايبها .. انا اذا مسكت الدبة ما اعرف اقايس .. وتقوليلي قطرة .



وقفت تلك لتشد خطاها الى المطبخ : يا الله يا شامة يعني لازم تدققين .. يعني شوي بس حطي .. لان شوربة ماجي فيها زيت .. وحتى المكعبات ..



واسترسل الحديث بينهما .. ليتطرقا الى ما حدث مع ليلى .. ومن ثم عن والدتهما وكلثم .. ويتبادلن الضحكات مرارا .. فتلك الصغيرة المشاكسة جعلت للمنزل حياة من جديد .. لتنهي تلك الاحاديث بسؤال كنة : الحين انتي بروحج وييا بنت بليس ..



تضع الوعاء الذي اغرقت فيه الارز بالماء جانبا وتغطيه .. لترفع القدر على النار وتنتظر الماء حتى يغلي : حرام عليج شامووه .. شو بنت بليس بعد .. ترى اذا ما خذته هي بتاخذه غيرها ..



انزلت تلك ساقيها عن السرير : ما علينا .. وبعدين ليش ما رحتي وياهم صوب اعمامهم .. يعني اخوه خذ حرمته وطلعوا صوب اهلها .. وفارس خذ امه وخواته وراحوا صوب اعمامهم .. كان خليته يخطفج علينا بدال ما يالسه بروحج .. وعق هذيج عند اهلها ..



" ما طاعت تروح " .. قالتها واردفت : ودام هي ما طلعت من البيت مب حلوة اخليها بروحها ..



- يالله انتي وقلبج هذا ..



لتسكتها تلك فجأة : شاموه اكلمج بعدين .. اسمع سيارة عند الباب ..




لتغلق الهاتف وتحث الخطى تسترق النظر من الباب الداخلي .. لترى تلك تدخل بعباءتها .. وسيارة قد اوصلتها وغادرت .. متى خرجت ؟ وهي كيف لم تنتبه ؟ ومن يكون ذاك الذي اوصلها ..


ولجت لتجفل حين تراءت تلك امامها : من وين يايه فهالساعة ..


بتلعثم اجابت : مب من مكان ..



لتنظر لها كنه بعيني الشك : والعباة .. والسيارة ..



- اوهوو .. يعني بتحققين وياي .. هذا خالي .. اتصل علي وقالي اتجهز عشان بتسحر عندهم .. بس فنص الطريق غيرت رايي تذكرت اني ما قلت لفارس وخليته يردني ..



لتدبر تحت انظار تلك .. تعود الاخرى ادراجها الى المطبخ .. ستعد ارز مسلوق وقطع من الدجاج المشوي لتتسحر به هي و " ضرتها " .. يمر بها الوقت وهي تتحرك في المطبخ .. لتقف تلك عند الباب .. تشعر بان تلك الـ كنة لم تصدق شيء مما قالته .. وربما تسر بما رأت لفارس .. وحينها سيحدث مالا يحمد عقباه ..




تنظر الى كنة ترفع الارز لتصفيه من الماء .. بعد ان جهزت المصفاة .. لتتحرك تلك بمكر .. تدفع الاخرى لينسكب ماء الارز الساخن على كفها .. وتصرخ بالم .. تنتشر حبات الارز هنا وهناك .. وتلك تقف مشدوهة : مب قصدي .. والله تخرطفت ( تعثرت ) وضربتج ..



تقاوم المها بامساك رسغ يدها اليمنى بشده .. ودموعها تفر من عينيها : يبي ثلج ..



بلعت ريقها وجرت تبحث عما تطلبه تلك وتعود خاوية اليدين : ما لقيت ..



لتقف تلك تسرع الخطى الى غرفتها .. تشعر بان روحها ستفارقها .. ومعدتها ستفرغ كل ما فيها .. بعثرت الادراج بحثا عن دواء للحروق .. لتجده اخيرا .. تعصره على كفها المحمرة .. وتستلقي بتعب على سريرها .. تشعر بان اللحم قد انسلخ عن العظم .. تأن بين الفينة والاخرى ..

,,



خرج من منزل ابن عمه .. يكاد يقسم بان تلك الصغيرة تخصهم .. تقربهم .. هي ابنة خالد .. وشبيب لم يكن كاذبا يوما .. ربما ستكون شبيهة به اكثر حين تكبر .. اوقف سيارته قريبا من المسجد .. الساعة تقارب الثالثة فجرا .. سيصلي ركعتي قيام ليل .. وبعدها سيعود الى المنزل يتناول السحور بمعية امه ووالده ومبارك و مها ..


تبسم حين تذكر حديثه مع سلطان .. وغضب والده حين علم بما تفوه به .. ذاك السلطان لا يستطيع ان يبتلع لسانه ويسكت .. وكأنه طفل صغير .. وقف يخلع نعليه عند عتبة بيت الله .. ليسلم على بضعة رجال اتخذ كل منهم له مكانا وبيده مصحفا .. ليقف متوجها للقبلة .. خشوع اجتاحه .. حتى ظنوا اولئك بان مصابا داهمه حين سجد واطال السجود وجدا .. لترتاح انفسهم حين رفع من سجوده ..




انتهى من صلاته وخرج .. ليشد انفاسه يأخذ من نسيم الفجر نصيبا .. وما ان وصل السيارة التي اوقفها على مسافة من المسجد .. حتى جحظت عينيه .. وتأوه فاهه صارخا ..وذراعه لا اراديا تختفي خلف ظهره .. وصوت مكتوم يصل اليه : خذها مني يا اخو خالد ..


,,

هنا اقف .. وموعدنا باذن الله سيكون يوم الاحد ..

تفاحة فواحة 03-07-13 02:12 AM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
[
الندم .. او لعله عدم احتساب توابع الامر اصابها بتوتر مُر .. جعلها تغادر غرفتها لتلج الى قسم زوجها .. بخطوات بالكاد تلامس الارض .. لتقف عند باب الغرفة المغلق .. وتنحني بجسدها تُلصق اذنها اليسرى عليه .. لعلها تسمع شيء ما .. ازدردت ريقها .. وابتعدت .. لتتسمر بجزع حين سماعها أنين خافت اخترق الخشبي ..




ما الذي فعلتُه؟ .. اذا اخبَرتهُ سينتهي امري .. سيغضب .. قد يضربني .. وقد يعيدني الى اهلي .. لا ارغب بذلك .. كُل ما اردته ان تنسى ما رأت وتهتم بما حدث لها ..




ابتعدت خطوة للوراء .. ولبثت برهة ثم عادت ادراجها .. تمشي في غرفتها بخطى متوترة ذهابا وايابا .. الساعة تقارب الثالثة فجرا .. مؤكد ان ذاك الفارس في الطريق الى منزله .. ارتعبت من فكرة تواجده وعلمه بما قد حدث لحبيبته تلك .. ليتزلزل كيانها حين تخيلت معرفته بخروجها من المنزل سرا .. دون علم احد .. نفضت رأسها مرارا .. تحاول ان تبعد التفكير في الامر .. ليمر الوقت وتنتبه لصوت هند تشاكس نورا .. لقد عادوا .. سيأتي إليها .. الليلة هو هنا .. تعثرت خطاها في المكان .. وسرعان ما اندست تحت لحافها .. تشده اعلى رأسها .. ستوهمه انها نائمة ..



" لا اله الا الله " تبعثرت من ثغره مع دخوله .. التفت اليها .. وعاد يشيح بنظره .. هو بحاجة الى الاستحمام والوضوء وركعتين إناء الليل .. وايضا ترتيل لايات الله في هذا السحر .. تشعر بخطواته تقترب منها .. لتتوقف .. تسمع فتح باب الدولاب ومن ثم اغلاقه .. ومن ثم الاختفاء خلف دورة المياه ( اكرمكم الله ) .. وانفاسها المرتعبة تخرج مهرولة من صدرها .. لا تكاد تزفرهن حتى عادت تسحب غيرهن .. تشعر بانها عطشى .. خوفها أحال ريقها الى جفاف يصعب معه الازدراد ..




لا تقوى على النهوض .. او حتى على الحراك .. ان فعلت سيشعر بها مؤكد .. لتغلق عينيها بقوة حين فُتح باب دورة المياه .. لقد خرج .. في خلجات روحها دُعاء بأن يبتعد .. لا تريده الليلة هُنا .. حالتها كتلك الكلبة التي ادى عواءها في ليلة ظلماء لابادتها وابادت قومها .. وجنت على نفسها براقش ..



دنى منها يقف قريب جدا .. هي تشعر به .. بجسده .. لينطق : سلوى .. سلوى ..


لتفز برعب .. تبعد الغطاء : خير ..



-
بسم الله عليج .. شو بلاج ؟



وبتوتر اتضح بنبرتها المترددة : هاا .. لا .. بس خوفتني ..



تنهد براحة : تسحرتي ؟



-
لا .. هيه ..



عقد حاجبيه : هيه والا لا ..



بلعت ريقها : لا ما تسحرت ..



ابتعد ينتشل السجادة من على كرسي " الكوميدينة " : قومي تسحري .. ما باقي شيء ع الفير .. وانا بصلي وبروح اشوف كنه ..




حين ذُكر اسم تلك ارتجفت في مكانها .. لتترجل عن السرير .. لا ترغب بان يرى توترها اكثر .. ستختفي عن عينيه .. مؤكد انه سينشغل بها اذا ذهب اليها .. خرجت لتلتقي بام بعلها خارجة من المطبخ : شو بلاه المطبخ معفوس .. منو اللي مسوي عيش( ارز ) ؟



حمحمت فصوتها لن يخرج مع الجفاف الذي اصابها نتيجة ذاك الهلع الذي تكبدته : هذي كنه .. كانت تسوي سحور



وبتجاهل اردفت : ليش شو مستوي ؟



لتزم تلك شفتيها بغيض .. هي لم تعد تطيق هذه الـ سلوى .. فتصرفاتها مقيتة .. ولسانها طويل جداً .. وفارس لم يعد فارس الذي كان .. تشعر بان على اكتافه جبل من هموم من بعد ان ارتبط بها .. وصوتهما العالي لا يمر يوم الا ويُسمع .. وان لم يُسمع فهذه معجزة حدثت من السماء .. تنمرت بحديثها : قالوها .. ليغاب القط العب يا فار ..




وبعدها غادرت تاركة تلك واقفة مكانها .. ماذا تقصد بتلك الجملة .. أيعقل بان امرها قد كُشف .. وان تلك العجوز رأت كنة فاخبرتها بما تعلم .. زفرت انفاسها الموبوءة بالخوف .. وسحبت خُطاها الى المطبخ .. لتقف وتعود ادراجها .. ترغب بمعرفة ما سيحدث .. تريد ان تكون قريبة من لقاء فارس بخليلة روحه التي اصبحت تكرهها .. وتكره قلبها الذي يسكن ضلوعها .. اقتربت من الصالة .. لتجلس على مضض .. تنظر لها هند لبرهة وتعاود النظر لتلفاز .. وبرنامج مسابقات قد بُث .. لتبعد عنها التفكير قالت : شخبار اعمامج ؟



-
بخير .




فقط كلمة قصيرة .. ليست أهل لفتح حديث مع تلك الملتهمة لشاشة بعينيها .. تنهدت ونظرها بين الفينة والاخرى يتوجه الى الباب .. سيخرجان الآن مؤكد .. او لعله نسى امرها والتهى بقراءة القرآن ..




,,

الموت تقسم بانها كابدته مرارا في هذه الساعة .. تشعر بانسلاخ لحمها عن عظمها .. لترتجف بتعب الالم .. تسحب انفاسها المتألمة تحاول ان تسيطر عليها فلا تقوى .. وتلك دموعها تنحدر دون هوادة .. تبلع ريقها المتشبع بالدموع مرارا .. لتستلقي تشد ساقيها اليها .. هناك وجع لم تعد تعلم اين .. جسدها ككل يؤلمها .. وأنينها بدأ يضج في الغرفة .. ترغب الاستفراغ ولكن هيهات ان تستطع .. وكفها مركز الوجع قد القتها على الوسادة امام وجهها الشاحب .. واخرى تشد على ساعدها لعلها تُسكن شيء من الألم ..




هو حين قام من صلاته .. التقط هاتفه الذي أخذ يرن دون هوادة .. ليحتضنه سريره .. وابتسامة اعتلته .. ليردف الهاتف على اذنه .. ثواني واذا به يجيبه : هلا والله بالغايب .. يعنـ....



وقبل ان يُكمل داهمه ذاك بسؤاله : انتوا بخير .. فارس دخيل ربك لا تغبي علي .. انتوا بخير ؟



فزع ذاك من سؤال حارب وتكراره .. لينطق بجزع : بخير .. الحمد لله ما فينا الا العافية .. شو مستوي وياك ؟



احس براحة مؤقته وكأنه اخمد نارا بسكب الماء عليها .. كفه الايسر ينسحب للوراء على شعره .. البارحة لم يستطع النوم بسبب رؤيا ارقته .. لينتظر الساعات تمر .. حتى بان الفجر في توقيت الامارات .. وضُحى بتوقيت سيدني .. ابتلع ريقه وهو يسند ظهره على مكتبه : متأكد ما فيكم شيء .. انزين شبيب فيه شيء .. جابر اي حد منكم ؟



تحوقل فارس ليردف : والله ما فينا الا العافية .. شو بلاك يا حارب ؟



سحب انفاسه وتنهد : شفت منام البارحة .. يلست اتريا يوصل الفير عندكم .. ادريبك تقوم قبل الفير .. بس دخيل ربك يا فارس اذا مستوي شيء تقولي ..



ابتسم : دام خايف علينا ارجع .. بتقولي دراسة وتريد تكملها .. ما قلنا شيء .. بس اكيد في اجازات .. واذا ع اللي صار ترى الانسان يسامح ويغفر .. ومحد مثل شبيب متسامح ..



" هو بخير؟ " .. قالها بخفوت .. وكأن الحنين هو من نطق .. ليجيبه : بخير .. كلهم بخير .. وسألني مرة وينك .. وقلت له يعفيني من الاجابة .. ومن بعدها ما سأل .. ورسايلك توصله اول باول ..




انحنى بجذعه للامام .. ليحرك بانامله قصاصات الورق المصطفة على بعضها : ما فكر يكتبلي رساله .. او يرد علي ؟



" لا تسألني " .. جواب اخرسه عن المتابعة في الحديث .. لينزع احدى القصاصات بشيء من السخط .. يُلصقها على ظهر الطاولة امامه .. ويشد قلم رصاص .. يعبث في وجهها الاصفر .. خطوط وخطوط وخطوط .. وهو يستمع لحديث فارس : اللي اعرفه انه مشتاق لك .. مب سهل عليه تختفي بهالشكل .. يمكن حاس بالذنب انه شك فيك .. بس بعد ما نقدر نلومه .. هذي اخته .. وصية ابوه ..




وأنا يا فارس .. أيحق لكم ملامتي ؟ .. معاقبتي .. ورمي اثقال لا اقواها على كاهلي .. كُنتُ ضائعا حين بعثرت حديثي له ولوالده بأني راغبا بالزواج .. ليكافأني بها .. واجبر النفس لتقبلها .. وحين كان ما كان جاء الحق علي ... ماذا عساي ان افعل .. سوى الهرب من واقع مر لم اعد اطيقه .. وهي لم ترغبني يوما .. لم ترغبني .. وقلبي أبى ان يفتح ابوابه لها رغم محاولاتي البائسة .. هي وصية والده .. وانا لمن اوصي بنفسي يا فارس .. ؟




انتهى الحديث وخوفا لا يزال ينهش قلب ذاك المغترب .. لعل ما رآه اضغاث احلام .. ولكن يبقى السؤال مترددا " هل هم بخير ؟ " ..




قام الاخر واقفا .. الساعة تقارب الثالثة والنصف سيرى تلك .. ان كانت نائمة ايقضها .. وان كانت ساهية ذكرها .. ابتسم وهو يترك المكان ليلج الى قسمه القديم .. هنا هي .. محبوبته وتوأم روحه .. من تجري في عروقه مجرى دمه .. اغمض عينيه وهو يقف على بعد خطوات من عتبة الباب الرئيسي لذاك المكان الذي جمعهما اربع سنوات ونيف .. باب الغرفة امامه .. ليشد انفاسه يتلذذ برائحة المسك المعطر .. لم تنسى يوما واحدا ان تبخر المكان به .. تخبره دوما بانها تعشق المسك ..




دقيقة مرت ربما على وقوفه ونشوته بالرائحة .. لتعانق كفه مقبض الباب بعدها .. يفتحه بخفه ويتطفل برأسه قبل جسده على الغرفة الباردة .. هي هناك تحت اللحاف الثقيل .. ابتسم مغلقا الباب متابعا سيره نحوها .. ليشد الخطى حين أتاه أنينها الموجع .. يبعد اللحاف بهلع .. يربت على كتفها بلطف : كنه .. كنه يا روحي شفيج ..



لتقع عينه على شريحة " بندول " قد افرغت مما فيها .. وقبعت على حافة " الكوميدينة بجانبه حيثُ يقف .. ليديرها من كتفها ناحيته .. يرى وجهها المتعب .. دموعها التي تغرقه .. و ارتجافة شفاهها وهي تنطق : فارس .. مب قادرة اتحمل ..



يسألها ما بها من جديد .. وقد ربض بجانبها يرفعها بذراعه .. وتقع عينه على يدها المشوهة .. يمسكها من رسغها : شو هذا ؟



يرتخي رأسها على جانب صدره : احترقت .. تعبانه ..



" قومي " .. نطقها وهو يحاول بها ان تنهض .. ليردف : كم حبة بندول كلتي ..



يمسكها من كتفيها يحقق معها .. وهي لا تدرك الا وجع استوطنها فاخذ منها طاقتها : ما ادري .. بس ما منه فايدة ..



تركها يهرول يحضر عبائتها .. غشوتها .. وشيلتها .. يرمي بهن جانبها .. ويلبسها الاولى بخوف من منظر يدها .. وسرعان ما قامت تتوشح بالسواد .. وهو لا يعلم باي حال كان .. أنينها كطعنات خناجر تخترقه بين الحين والاخر .. يخطو معها للخارج .. وتجفل تلك حين رؤيتهما لتقف وتسمع صوت نورا من خلفهما : فارس وين رايحين ..




الموقف لا يسمح له بالالتفات او التوقف عن المسير .. وذراعه تحيط بخصرها تمشي بمساعدته : المستشفى كنه محترقه ..



وفقط هذا ما قاله ليتوارى عن انظار تلك المتسمرة من خلفهما .. لتلتفت الى الاخرى التي لمحتها تقف بمقربة من باب الصالة : كيف احترقت ؟



لتبلع ريقها : اكيد يوم كانت تسوي سحور ..



وخرجت يحتك جسدها بجسد نورا .. وعيني الاخيره تلاحقها حتى اختفت .. ينظر اليها وقد اراحت رأسها على الكرسي .. ليتنهد .. موجع هو حالها وأنينها الذي تحاول ان تكتمه في حضرته .. لينفجر بغضب المحب : ليش ما تنتبهين ع عمرج وانتي تطبخين ..



سحبت انفاسها مع ازدراد ريقها المنهك : سلوى دزتني ..



تداركت ما قالت حتى لا يُفهم من قبله بصورة خاطئة .. لتردف : بدون ما تقصد ..



حاجبيه المعقودان ونظرته الغاضبة على الطريق .. ويده القابضة بشدة على المقود .. جميعها تدل على مدى حُنقه في هذه الساعة .. لينطق : حطيتي عليها ثلج ؟



هزت رأسها نافية .. تبلل شفتيها وتجيبه : ما شيء .. قلت لسلوى تيبلي بس ما حصلت ..




سلوى سلوى سلوى .. ما بالها اليوم تردد اسم تلك على لسانها بهذا الشكل .. هل اصبحتا صديقتين بين ليلة وضُحاها .. الهذه الدرجة قلبها الطيب يقودها .. الا تعلم من تذمر تلك اليومي منها .. وصراخي معها بسبب كلمات تنطقها متهكمة بكِ يا كنة .. ليت جميع نفوس البشر مثلك .. ليتهم ..




التفت لها .. يشعر بان قلبه قُبض مرات ومرات في هذه الدقائق .. ليأخذه التفكير الى ذاك الذي كان معه قبل ان يكون معها .. هل هذا ما يعنيه بسؤاله " هل انتم بخير؟ " .. ام ان هناك شيء أمر وادهى في الطريق .. فذاك الحارب لا يعطي احلامه اي اهمية .. لما الآن يقلق نفسه بسبب منام عابر .. او لعله غير عابر .



يقف بجانبها ينظر لما يفعله ذاك الطبيب .. يدها متضررة بقوة .. وحروق من الدرجة الاولى والثانية .. رفعت نظرها اليه لتراه متجهم الوجه .. وكأن الوجع الذي تحس به هي.. هو يشعر به .. لتشعر ببرودة ذاك الدواء على كفها فتنظر اليها بتردد .. وترى تلك الممرضة تكمل عمل ذاك الطبيب المناوب .. تشد الشاش على يدها .. وتثرثر عليها بلغة عربية تكسرت حروفها على لسانها .. تعنفها لعدم انتباهها .. ومن ثم تردف بان كفها جميلة لا تستحق ان تشوه .. لتبتسم كنة على الم الوخز الخفيف .. ويرتفع نظرها لفارس الذي غادر مع ذاك الذي عالجها ..




وكأن الم تلك الساعة ابتعد خلف ابرة مسكن اخذتها .. لتشعر بخمول يصيب اطرافها ورأسها .. لتثقلها وجدا .. تشعر بخوف حين تتحرك كفها اليمنى دون قصد منها .. كحركة تعودتها وهي تضع " غشوتها " على رأسها .. اصابعها الطويلة قد دُفنت تحت الشاش الابيض .. لا يظهر منها سوى الشيء البسيط ..




"بتتشوه ؟" سؤال بعثرته عليه حين عاد الى غرفة المعاينة .. ليبتسم .. يقترب منها حيث تقف .. وكفاه تحتضان وجهها ليلثم جبينها بعمق .. وكأنه يعتذر .. عن خوفه وخوفها .. عن صراخه عليها وتوبيخها .. وعن ابتعاده عنها في ساعة حاجتها اليه .



اعادت السؤال ليعتق وجهها وجبينها .. وينظر الى عينيها : شوي .. بس يقول ان عملية تجميل بسيطه بترجع ايدج مثل ما كانت ..


,‘[COLOR=SeaGreen],
يــتــبــع |~
[COLOR]

تفاحة فواحة 03-07-13 02:17 AM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 

وهل للارواح عمليات تجميل تعيد اليها نقاءها ؟ روحه الغضة تشوهت كثيرا .. حتى بات يكره الحياة ويكره ذاك المدعو مطر .. غاضب وجدا .. ويذكر عيون الشفقة من اقاربه .. والذل من اقرانه .. حقده اعماه حتى تربص بذاك الشاب .. يكيد له مرارا .. واليوم حان الوقت لينتشل روحه لروح غالي عليه .. رآه يخرج من منزله بتلك السيارة السوداء .. ومن ثم ادرك مقصده .. ليتبع الطريق ولم يخب في ظنه .. ليمكث طويلا ينتظره .. درس عاداته في هذا الشهر طويلا .. بل انه حفظها عن ظهر غيب .. ليصاب بحنق اعظم لتمسك ذاك بحبل الصلاة وجدا .. واليوم على اعتاب نهاية العشر الثانية من رمضان .. مؤكد له مخطط آخر في آخر العشر المتبقيات .. وعليه ان يغتنم الفرصة قبل ان تضيع ..



خلف شجرة نخيل اختبأ .. خارج ساحة ذاك المسجد .. تبعه من منزل شبيب الى حيث توقف قريب من ذاك المسجد .. ليوقف هو سيارته بعيدا عنه .. ويترجل ويختبئ .. ليمر الوقت بضيق .. ويجلس هو بعد تعب الوقوف .. يشد على وجهه " غترته " الحمراء .. لا شيء ظاهر سوى عينيه المتيقظتان لاي حركة تصدر .. حتى وان كانت من قط ضال ..



وهناك في قبضته سلاح ابيض .. انتشله من احد ادراج مطبخهم .. سينهي الامر هذه الليلة .. وسيموت ذاك وسيموت معه الدليل عليه .. وقف حين انتبه لخروج مطر من باب المسجد المطل على الشارع .. ليمشي بخطوات هادئة نحو سيارته المركونة بعيدا بعض الشيء .. يمسك هاتفه ويبتسم لرسالة جاءته من شبيب .. يطمأن ان كان قد وصل بالسلامة الى منزله .. لتسارع انامله بالضغط على الازرار وهو يخطو ببطيء ليصل الى سيارته .. وما هي الا لحظات حتى تأوه مع انغراس نصل السكين في جانبه الايمن .. وصوت ذاك .. ونبرته وكأنه خارج من بئر : خذها مني يا اخو خالد ..


وتهرول الاقدام مبتعدة لاصوات بعيدة لشباب قد داهمت اذني ذاك المجرم .. تاركا السكين تغوص في الجسد .. وكف ذاك تحاول الوصول اليها دون جدوى .. وحتى صرخاته لم تعد تخرج .. وثغره يحاول جاهدا بها .. ليقع على ركبتيه مع ارتخاء ذراعه اليمنى .. واقعا على جانبه الايسر .. متمرغا وجهه بذرات التراب .. وهاتفه يصدح بدعاء جميل .. منبأ عن مكالمة ولكن ما من مجيب ..



تتسارع الطرقات على الباب .. وصوت الجرس قد اثار اعصار من القلق والخوف في نفوس المتحلقين على مائدة السحور .. لتردد تلك العجوز مرارا : يالله عساه خير .. يالله عساه خير ..


ويقف هو بعد ان رمى لقمة الارز من يده .. ويقف من بعده خاله .. والوجوه الباقية اصابها من الهلع ما اسكنها مكانها .. ويأتيها صوت منذر : كملوا سحوركم .. بنشوف من ع الباب ..



يفتح الباب ليجد ثلاثة شباب يعرفهم جيدا .. ووجوههم لا تبشر بخير .. يلقون السلام ويعتذرون عن الازعاج ويردفون : مطر ولد عمك .. لقيناه مطعون يم المسيد اللي فالحارة الثانية ..



أهو في حلم .. منذُ دقائق فقط جاءته رسالة منه بانه بخير .. والآن يخبروه بانه مسجى بدمه .. كيف ؟ .. ليثور في نفسه بركان جزع لم يعهده الا مرة واحدة .. أيعقل ان يخسر ابن عم آخر : وينه الحين ؟


نطقها وذاك المنذر قد وصل اليهم اخيرا : شو مستوي ؟


ليجيب احد الشباب : نقلوه الاسعاف بعد ما ييوا الشرطة وشافوا المكان .. ما قدرنا نعرف شيء لانهم منعونا نقترب منهم .. اول ما راحوا ييناك .. ما فينا نروح لابوه فهالساعة ونخوفه ع ولده ..


ليكمل آخر : الله يكون بعونه ما وحاله يقوم من حزنه ع خالد ..


اجتاحته نوبة هدوء غريبة بعد ان غادروا .. ليمشي دون اكتراث لاسئلة منذر المتزاحمة .. تحرك وقبل ان يلج الى المنزل وقف وظهره لخاله : لا تقول لهم اي شيء ..


هكذا هم .. غموض يسيطر عليهم في حالات تماثل هذه الحالة .. ليلج متجهم الوجه .. ويقفن هن بخوف .. تبادر والدته بالقول : شو مستوي يا شبيب .. ؟


انحنى ينتشل هاتفه : مب مستوي شيء .. مشكله فالشغل ولازم اروح ..


ليترك المكان دون ان يخمد تلك التساؤلات من نفوسهن .. تحركت تلك العجوز بعصاها الغليظة .. تقابل منذر وتبتعد .. تعلم بان ذاك المنذر كتوم كابنها شبيب .. لتلج وتراه يرتدي ملابسه العسكرية .. ايعقل ان تكون مهمة ما ؟ .. هذا ما دار في خلدها .. ليلتفت ويراها واقفة متوكأة على رفيقة دربها ..


دنى منها يقبل رأسها : دعيلنا ..


" حد من اهلك فيه شيء ؟ " .. ابتسم .. تبقى تلك المرأة مختلفة .. تعرف خلجاته دون ان ينبس .. لعل خوفه كان واضحا لها .. وهو لا يخاف من مهمات يقوم بها ابدا : ما فيهم الا العافية .. سمحيلي يالغالة .



غادر وهو يسمع استجواب والدته لاخيها .. الذي يخفي خلف ضحكاته خوف لا يدركه الا هو .. خوف من تكرار امر قد حدث سابقا .. أيقولون طعن بسكين .. وأنه تحت ايدي الاطباء الآن .. شد انفاسه وهو ينهي الحديث مع جابر المناوب هذه الليلة .. يخبره ان البلاغ وصلهم منذ ساعة وتحرك سعد مع مجموعة من الرجال الى المكان .. وهو لا يعلم التفاصيل بعد .. ليهوله شبيب بما يعرفه .. ويترك مكتبه متوجها الى المستشفى ..



تتابع الخُطى على الارضية البيضاء الملساء .. المكان تسوده حركة رجال أمن منذ تلك الساعة التي أدخل فيها ذاك المغبون .. لتقف الخطوات اخيرا قريبا من غرفة العمليات .. ويبعثر شبيب حديثه : سعد .. خبرني بكل شيء ..


تنهد الاخر ليبعثر عليهم ما حدث .. وابعاد اداة الجريمة خلف جدران المختبر لكشف البصمات .. واخذ صور لموقع الجريمة من بينها آثار اقدام .. وعليهم انتظار افاقة مطر ليعلموا المزيد .. وما هي الا ساعة او اقل منها حتى خرج الطبيب .. يخبرهم بان تلك الطعنة لم تكن عميقة .. والا لتضررت الكلى اليمنى بقوة ..



يجلس بزيه العسكري ورأسه للارض وذراعاه ارتاحا على ركبتيه .. لتتركا لكفيه حرية المكوث بين ساقيه .. يشعر بانه في حالة لا يحسد عليها .. ماذا لو ؟ نفض رأسه من افكار سوداء داهمته .. وماذا عن ذاك الذي اهلك هاتف مطر بالاتصال .. وهاتفه ايضا .. قلب الاب .. سحب انفاسه وهو يرى اضاءة هاتفه تخبو بين انامله بعد ان توقف الاتصال .. حركة اعلى شفته وبجانب انفه الايمن .. تدل ان هناك بركان يعتمل في صدره .. ليشد انفاسه من جديد حين جلس جابر بجانبه : شو بتقول لعمي ؟



آه يا جابر .. لو تعلم بان سؤالك لا اجد له اجابة الآن .. لو كنت ساخبره لامسكت ذاك الهاتف واجبته .. كيف لهم ان يكيدون لمطر .. ومن هم ؟ .. لا ارغب بخسارة المزيد من اهلي .. حقا لا ارغب .. لو كان بيدي لوضعت عليهم اسوار امنع عنهم الاذى ..



عب رئتيه بالهواء لتتبعثر زفرة متعبة بعدها : مب قادر ارد عليه ..


ليقاطعه الاتصال من جديد وينظر لجابر .. لاول مرة يرى شبيب بهذا الضعف .. ليسحب الهاتف من بين كفيه ويقف .. يجيب عليه : هلا عمي . . هيه هذا تلفون شبيب .. لا تحاتي بس شبيب شوي تعبان ..



نظر اليه وهو لا يزال جالسا .. مالذي يتفوه به ذاك الجابر ؟ .. لينهي الحديث مع عمه مخبرا اياه بان مطر معهما .. وانه بخير .. ويصمت بعدها يغلق الهاتف .. أيقول بأن مطر نائم ؟


تشدق بضحكة صغيرة .. لينظر اليه جابر وهو يمد كفه بالهاتف : اندوك .. الحين عمي بيحاتيك انت وبينسى ولده ..


وبعدها اردف حين التقط شبيب هاتفه من يده : قوم نروح لعمي .. مطر بخير .. بيقوم من تحت البنج وبيخبرنا منو اللي سوى فيه هالسواه .. كله ساعة او ثنتين وبيقوم .. ولا تخليني اشوفك بهالضعف مرة ثانية ..


وقف بغضب : انا مب ضعيف يا جابر .. بس يوم يكون الموضوع يمس اهلي وحياتهم فهذا شيء ما اقدر عليه ..


لم يتحرك .. ولا يزال ظهره لشبيب : خلنا نروح لعمي .. لازم يعرف ..



,,

يقف وثورة غضب قد اجتاحته .. أيخبرانه بان مطر اصيب بطعنة كانت ستودي بحياته وتلحقه بشقيقه .. ايقفان ببرود يرميان بمصيبة كانت لتشله عن الحركة .. وتودي بحياة ام لم تستفق بعد من صدمة الموت الاول .. صرخ به .. بشبيب الواقف امامه : شو بيينا من وراك غير المصايب .. بالاول خالد والحين مطر .. مب كان وياك .. فبيتك .. يايني الحين تقولي فالدختر مطعون .. ولدي مطعون ومب عارفين منو اللي سواها ..


كفاه تقعان على رأسه ليقع هو جالسا على الارض : ماني حمل مصايب .. اخواني وعيالي .. يالله انك تاخذ روحي ولا اشوف موت غالي .. يالله يـ....


ليقاطعه شبيب وهو ينزل على ركبتيه يقبل رأسه : الله يعطيك طولة العمر .. مطر بخير .. واللي سواها ما بيفلت منا .. قوم يا عمي .. توضى وصل ركعتين .. قوم .. وخل فبالك ان اللي بيصيبنا عمره ما كان بيخطانا ..



كوالدك يا شبيب .. كشقيقي ناصر .. شقيقي الاكبر الذي اخذه الموت فجأة .. مهما فعلت بك اجدك بجانبي .. لا تحمل لي ضغينة او كرها .. هل استحق هذا منك .. هل يستحق عمك الذي جافاك طيبة قلبك عليه .. آآه ليتك تدرك ان مصابي في خالد الى الآن ينزف وجعا ... ينزف يا شبيب ..



اسنداه من ذراعيه .. كسيرا كان .. وكأن بما سمع بيت انهدم على رأسه فارداه صريع الضعف .. توضأ وانتظراه ينهي صلاته .. ليلمحا حشرجة بكاء في صوت دعاءه .. ويقف جابر : بترياكم برع ..



خرج ليسند ظهره على الجدار .. لا يرغب برؤية دموع رجل في مقام والده .. سحب انفاسه .. ونظره ارتفع للاعلى .. لنافذة غرفتها .. هل هي نائمة الآن ؟ أتتألم ؟ .. لم يحادثها منذ يومان .. منذ ذاك اليوم الذي بث على مسامعها بطلبها .. كانت قد ارسلت له رسالة قصيرة في ذاك اليوم المشؤوم .. تسأله ان يسأل ان كانت تستطيع الصوم مع النزيف الذي داهمها ام لا .. ليبعثر في مسامعها ليلا بما علم .. يجوز لها الصوم لان ذاك الدم في فترة حمل يعتبر دم فاسد .. وعليها ان تتوضأ لكل صلاة .. وتقي ثيابها من دماءها ..كان حديث جافا جدا ..وكأنها يقدم خدمة لغريب لا لزوجة استحلت مكامن الروح فيه ..


هناك تقف تنظر اليه .. تشتاقه .. بل انها باتت لا تنام الا وهي تحلم بان رأسها على صدره .. وأن تلك الوسادة تصبرها .. اناملها تتحرك على زجاج نافذتها .. وكأنها تحاول ان تتلمس وجهه الذي تراه متعبا وجدا .. ترغب بفتح النافذة ليراها .. لتشعر بنظرات عينيه تتفحصها ..


" ليش خليتي فراشج ؟ " .. قالتها مها وهي تلج الى الداخل لتغلق الباب من بعدها .. وتقترب من تلك المتسمرة .. لم تشعر بها .. لم تسمعها .. وكأنها في عالم آخر .. لتجفل حين عانق كفي مها كتفيها : كلمي اهلج ..


لتصمت هي الاخرى حين رأت ذاك الخارج ساندا حمد .. ويتحرك الثلاثة مبتعدون .. لتسأل : شو مستوي ؟


هزت رأسها : ما ادري .. صارلهم ساعة مع ابوي .. قالت لي امي ما اطلع .. وما اسلم عليه ..


انسلت دمعة تتلوها اخرى على وجنتيها .. لتردف : ما اقدر اعيش بدونه .. ما اقدر ..


,,

هناك في ذاك المنزل قبل ساعات من الآن .. ساعدها لتستلقي على سريرها .. ونظرها اليه يغطيها .. لتبتسم : اقدر اصوم ؟


رفع حاجبه : والدوا .. والا تبين تتويعين كل شوي .. وبعدين انتي مب متسحرة .. اللهم كوب ماي شربتيه قبل الفير بكم دقيقة .. على شو بيعينج ؟ ..


بكسل وهي تغمض عينيها : نويت اصوم اليوم وما افطر .. واذا ع الويع بستحمله .. وتراني ما بسوي شيء .. ايدي ما تساعدني ..


انحنى يقبل وجنتها .. ويرتفع بعدها ليغادر الغرفة .. شيء ما يخبره ان يقود خُطاه الى المطبخ .. وبالتحديد الى الثلاجة .. ذاك الشيء يجعله لا يثق بحديث بعثرته حبيبته في ساعة الم .. ليفتح الثلاجة .. ومكعبات الثلج قد ترآت له .. تلك السلوى كاذبة .. ادرك الامر حين اخبرته كنه بانها لم تجد الثلج .. كيف وهو يذكر بانه رآه قبل ان يغادروا المنزل الى منزل عمه ..



سحب انفاسه .. ليشد خطاه بغضب الى غرفة زوجته الثانية .. يقتحم المكان بعنف .. لتجفل هي واقفة وبيدها جهاز التحكم .. ابتلعت ريقها .. فمنظره الغاضب زلزلها .. ودنوه منها اصابها بهلع.. تقسم معه بان قدماها تسمرتا بالارض .. ليقف على مقربة منها : انتي من اي طينة مخلوقة ؟


ارتجفت شفتيها .. وبتوتر جم : ما دخلني .. وبعدين هي شو لها تحقق وياي .. اطلع.. ايي هي ما دخلها .. لا هي امي ولا اختي .. يعني ما لها حق ..


اختفى الغضب من وجهه ليستحل محله برود تساؤل .. عما تتحدث الواقفة امامه ؟ .. لينطق : شو ؟


لتدرك حينها بان رعبها ذاك اوداها الى الجحيم .. هي وضعت نفسها في مكان كانت تخشى ان تضعها كنة فيه : هاا ..


لتعانق كفيه كتفيها يهزها : طلعتي من البيت بدون شوري ؟


وحين صمتها الذي طال .. هزها بعنف دافعا اياها للوراء .. صارخا بها : تكلمي .. وييا منو طلعتي ؟


بنبرة مهتزة مغلفة بكبرياء تحاول ان تلملمه : لا تعلي صوتك .. طلعت وييا خالي .. ورجعت .. ما فيها شيء ..


بتهديد : والله يا سلوى ان دريت انج طالعة مع حد غريب .. والله ما بيكون بينا الا الطلاق ..



وها هي حتى هذه الساعة لم يعانق اجفانها النوم .. تجلس متربعة على " الكنبة " الطويلة .. وذاك التلفاز بدأ باعادة حلقات المساء .. وهي لا تعيش الا حالة سُكر لا تعيها .. إن عادت الى بيتها فلن تُرحم من والدتها .. وقد يصل الامر لاخوتها الشباب .. نظرت للباب .. لتراه يدخل بعد ان صلى الظهر .. مالذي اعاده الى هنا ؟ سؤال طاف عليها ليبتعد حين رأته ينتشل هاتفه عن ظهر " الكوميدينة " .. مؤكد انه نسيه حين عاد من زيارته لاعمامه .. لم ينظر اليها .. لم يعبرها حتى بكلمة واحدة .. فقط غادر كما دخل ..


لم تخف يوما كما خوفها في هذا اليوم .. تشعر ان الارض من اسفلها رخوة .. ستسحبها الى احشاءها في اي لحظة .. سحبت ساقيها .. تحتضنها وتغطي بركبتيها وجهها .. ماذا حل بها ؟ أهو الندم ؟ أم الخوف من القادم المجهول ؟


,,

يــتــبــع |~

تفاحة فواحة 03-07-13 02:19 AM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 

تجر الايام نفسها سريعا في هذا الشهر الفضيل .. لعلها تبحث عن فرح لاولئك المتعبون من الوجع .. كتلك المتعبة من شقيق رسمت له الصدمات طريق لم تعد هي قادرة على انتشاله منه .. تجلس عند قدمي والدها .. وتسند رأسها على جانب ركبته ..و كفاها تعانقان المصحف بعد ان رتلت منه ايات كثيرة لتختمه تحت اسماعه ..


وها هي تتمتم له باحاديث كثيرة .. عن شوقها لمريضاتها .. عن شوقها لايام كانت.. وعن براثم عصيان استحلت صدر وليد .. هل يحق له ان يغضب من والدها بهذا الشكل .. رفعت نظرها لوالدها المبتعد بفكره : ابويه .. انت مالك ذنب .. قضاء وقدر .. كل شيء قضاء وقدر .. بس وليد مب طايع يفهم .. ان موت امي واخواني واللي صار لك بسبب ريال متهور .. ما حاسب ع روحه وارواح غيره .. شو استفاد الحين بسرعته .. يتم عياله .. ويتمنا ..


اختنقت بغصة لطالما سيطرت عليها .. لتسكب عيناها الدمع حين وقعت يده السليمة على رأسها .. وصوته الثقيل لاول مرة تسمعه بعد سنين عجاف : قدر .. الله .. قدر .. الله ..


مسحت دموعها بفرح .. لتقف على ركبتيها .. تحتضن كفه .. تنظر الى عينيه : ابويه شو قلت .. ابويه رد قول اللي قلته ..



هل كنتُ أحلم حين سمعت صوتك يا أبتاه .. هل كنتُ نائمة حينها .. هيا انطق .. مشتاقة لحديثك .. ورب هذا الكون ان شوقي اكبر مما تتصور .. اعدها .. رددها .. انطق اسمي .. قول لي " ريووه " .. كم اشتاق لهذا الاسم من بين شفتيك .. كم اشتاقه ..



تنظر اليه وقد غرق وجهها بدموع الفرح .. هو يتحدث بصعوبة .. ولكنه يتحدث .. ينطق .. يخبرها بان " الحمد لله " .. اخذت تقبله وجدا على وجهه .. جبينه .. وجنتيه .. رأسه .. وانتهاء بكفيه حتى قدميه انحنت لتقبلهما .. وتمسكهما لتنتحب بعدها .. لتقع يده على رأسها تبعثر شعرها المصفف : قولي .. الحمد .. لله ..


رفعت نفسها لتنطق بالحمد لربها .. واذا بوجهها يتجهم لرؤية ذاك الواقف .. بعيون نصف مفتوحة .. حمراء وكأن بها انسكاب دم .. يقف بانفاس لاهثة .. لتدنو منه ناطقة باسمه .. ومن ثم تردف : شو فيك ؟


" اريد فلوس " .. نطقها لتصرخ به : انت ما بتوب من السم اللي تتعاطاه .. ما عندي فلوس.. روح للخمة اللي متعرف عليهم يعطونك ..


وقف لبرهة ينظر اليها .. وبعدها هرول مبتعدا الى غرفتها .. لتجري خلفه تقف عند اعتاب الباب .. تراه يبعثر اشياءها بتوتر كفيه .. يقلب حقيبتها رأسا على عقب .. كمجنون غيب عقله .. يبحث بين اشياءها المتناثرة .. حالته تثير الشفقة .. لتدنو منه تنظر اليه في الاسفل : متى بتوب عن هالشيء .. حرام عليك .. انت فرمضان .. لا صوم ولا صلاة .. حرام عليك ..


وقف وانفاسه بدأت تلفح وجهها ..وكفيه تتحركان على ذراعيه .. تشدان على جلده الملتهب : ريا .. عطيني فلوس .. الله يخليج .. هالمرة بس .. هالمرة .. بموت .. الله يخليج ..


هزت رأسها وقد كست وجهها مياه عينيها : ما عندي ..


دفعها عنه صارخا : كذابه ..


ليعود يبحث .. يفتح الادراج تباعا .. ومن ثم يتوجه الى دولابها .. يعبث بملابسها .. لتقترب منه تحاول ان تبتعده .. ليدفعها من جديد عنه .. يملك قوة غريبة وهو في حالته هذه .. لتعود تمسك ذراعه : وليد اهدى .. خلني اوصلك المستشفى .. بيساعدونك ..


صرخ بها : ما اريد .. خوزي عني ..


وقفت متسمرة تنظر اليه .. سكونه المفاجأ ومن ثم .. حركته السريعة لانتشال علبة من المخمل .. ليبتسم وهو يفتحها .. ليلتفت لها وتجحظ عينيها .. تدنو منه تسحبها من بين كفيه : الا هذي يا وليد .. هذي من امي .. خلها ..


سحبها بعنف هاربا من براثمها .. لتصرخ باسمه .. ومن ثم تجري خلفه : وليد رد .. وليد ..



اختفى لتقف مكانها .. وسرعان ما عادت حيث والدها .. ذاك الذي هاله منظر ابنه .. بكاء ابنته .. ضعفها وانكسارها .. لتهرول تقع امامه تحتضن ساقيه .. وتدفن وجهها في ركبتيه : ابويه .. خذ صيغة امي .. ابويه وليد ضاع .. لا تخليني الله يخليك .. لا تخليني ..



,,

منذ الامس .. بعد أن رأت ابنها المتعب .. وافكارها اغرقتها في يمها .. تعيد حسابات شهور مضت .. هي غير راضية لما يحدث .. وذاك المطر بعثر عليها بتعب صوت .. ان كلثم الصغيرة تشبهه .. وانه يرغب بان تزوره .. يرغب بان يستمع لحديثها الطفولي الذي يثير الفرح في نفسه ..


وقفت على اعتاب باب غرفتها عقب صلاة التراويح بساعة .. عاد هو من المسجد وآثر الانزواء خلف جدران الغرفة .. هو ايضا سمع حديث مطر ذاك .. ورأى غضب شبيب لكلمات بثها في مسامعه بخفوت لا يعلمها .. يقسم ان عيني شبيب حينها كانت لتخرج من مكانها ..


تنهدت وهي تراه جالسا يقرأ في كتاب الله .. لتغلق الباب .. وتدنو منه : حمد ..


انهى قول الله تعالى : (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) (البقرة: 155/ 156 /157)



احيانا تأتي آيات الله لنا بنفسها .. تخبرنا بأن هناك حكمة من وراء ما يحدث .. كمثل هذه الاية التي يقرأها للمرة الرابعة في هذا الشهر .. اغلق المصحف مقبلا له .. ليلتفت لها : خير .. في شيء ..


تحركت لتجلس على طرف السرير .. وهو لا يزال جالسا امامها : راضي على اللي نسويه .. هكوه مطر .. كان بيلحق اخوه .. لولا ستر ربك .. قلتلي خالد تربيتنا .. خالد ما يسويها .. ولو رضينا بنأكد كلام الناس .. عيونهم اللي تقول لنا ان ولدنا غافلنا وسوى اللي سواه من ورانا .. خبرتني ان الحرمة كل يوم عند ريال .. واخوها ماسكنها يبيع ويشتري فيها .. ويمكن باعها ع خالد عقب ..


سحبت انفاسها مستغفرة .. لا ترغب بالقذف في عرض امرأة لا تعرفها في هذه الليلة من ليالي رمضان .. لتردف : ولدنا كان متغير .. خالد كان يغيب عنا اكثر عن قبل .. وكنا نشوف وساكتين .. نقول شغل .. وشبيب .. وجابر ما كانوا وياه؟ .. عيل ليش ما تغيرت حياتهم؟ .. ليش ما غابوا عن بيوتهم باليالي؟ ..


سحب هو الاخر انفاسه : كلام مطر غيرج ..


بحدة نطقت : كلام مطر خلاني افكر .. خلاني اشوف اللي ما كنت اشوفه .. اذا شبيب كذاب .. عيل جابر بعد كذاب .. ريل بنتك انسان كذاب .. ربيعهم اللي قالوا انه شهد ع زواج خالد من ذيك الحرمة كذاب ..


ابتسم بخفوت .. ووقف مستندا على كفيه .. يرفع كتاب الله .. ويضعه بجانبها .. ويجلس بجانبه : والاوراق اللي شفتيهن ..


- ما بيعيزون يغيرون فيهن ..


نظر اليها : هذا مب كلامج يا حفصة ..


بلعت ريقها وتنهدت : شمسة .. يوم خبرتها ان خالد ماله بنت ولا تطرالي البنت اللي عندهم .. وعلمتها عن الاوراق اللي شفتهن .. قالت هالكلمة .. ما بيعيزون يغيروهن ..



نظرت اليه لتراه شاردا .. وكأنه ارتحل بعيدا عنها .. اليوم هو ليس حمد الذي تعرفه .. هناك أمر ما يخفيه .. أمر اثقل من امر مطر .. لعل ذاك الرجل الذي قال بانه سيذهب لزيارته في نفس المشفى هو السبب .. او لعل هناك شيء آخر ..


ربتت على كفه الاسمر النائم بجانبه على السرير : حمد .. شو بلاك .. ضايقتك بكلامي .. غلطت بشيء ..


قُبض قلبها وهي تراه يزفر انفاسه بتعب : ما كان ودي اقسى ع عيال اخواني .. ولا كان ودي يقولون عن خالد اللي قالوه .. كنت يوم اقوله .. هاا نقول لامك ادورلك حرمة .. يضحك .. يضحك ويقول .. يوم ادورون لشبيب دورولي .. ولا كانه معرس ومعيل .. آآه يا حفصة .. حاس اني مسؤول عنهم .. اخاف عليهم يغلطون .. وهو غلط ..


على مضض قالت : وليش ما تقول ريال .. ما صد يوم احتايتله حرمة .. بس انت اليوم مب عايبني .. فيك شيء ..


وقف :اذا تبين تزورين مطر قبل لا يسكرون قومي تيهزي ..



,,

منذ الامس حين تمتم ذاك المطر في اذنه وهو يشتعل غيظا .. يعد الدقائق لبزوغ الشمس .. ليعتلي كرسي مكتبه .. ليرمي بما في جعبته على من يستحق ان يحترق بغضبه .. وها هي شمس يوم جديد تتربع السماء .. ترمي بانفاسها الحارقة على وجوه البشر .. وهو ينتظر بصحبة جابر في مكتبه ..

لينطق الاخير : شبيب اهدى ..


نظر اليه : كانوا بيقتلونه والسبة اللي ما يتسمى خلفان الكـ

تمالك اعصابه .. ليستغفر ربه .. ومن ثم يلتفت على الباب ودخول الشرطي ملقيا بالتحية العسكرية : خلفان برع سيدي ..


بهدوء اجابه : دخله ..


لينهض جابر عن الكرسي ويقف بجانب شبيب الجالس .. ويدخل ذاك يقف امامهما .. وينظر للشرطي المبتعد بامر من شبيب ... وينطق ببرود : انت ما تمل .. اللي عندي قلته ..


ابتسم شبيب بسخرية : مشكلتك .. انك طحت فيدين ريال مب ملول ..


وفجأة اردف : وين ولدك علي ؟


ضحك المدعو خلفان .. ليصرخ به جابر : جاوب ؟ واحترم المكان اللي انت فيه ..


عقد كفيه امامه : تسألوني .. وانا شعرفني .. والا قالولكم اطلع وارد واعرف اللي يصير برع ..


بهدوء مستفز تحرك جابر ليجلس حيث كان سابقا .. وذاك يتابعه .. ومن ثم يعود نظره على شبيب الذي نطق : ولدك علي مطلوب فجريمة شروع بالقتل ..


" شو ؟ " .. قالها ذاك الواقف ليردف : انت ياي تلعب عليّ .. ولدي ما يسويها .. والا يالس ادبر خطة عشان تسحب مني الكلام .. ترى ما عندي شيء ..


ضرب بكفيه على الطاولة وهو يقف : مب انت اللي فكل زيارة تدس سمومك فعقل ولدك .. جنيت ع عمرك وع شبابنا والحين جنيت ع ولدك .. تقدر تقولي شو سبب كرهه لمطر ..


" منو مطر ؟ " .. قالها بتوتر واردف : انا ما اعرف حد اسمه مطر ..


وقف جابر : شبيب انا طالع ..


وانحنى لينطق بهمس في اذن ابن عمه : لا يخليك تفقد اعصابك ..


وابتسم وغادر بعدها .. ليعود ذاك يجلس على كرسيه : ما تعرف مطر؟ .. تعرف خالد اللي قتلته .. مطر يكون اخوه .. فهمني الحين شو استفدت .. انت هني وولدك لاحقنك .. اذا تعرف وين نلقاه ياليت تخبرنا .. واذا تتواصل وياه خبره يسلم نفسه احسنله ..



بعد دقائق ينسحب ذاك من مكتبه .. ويسقط هو رأسه على الكرسي .. يشعر بانه محتاج لراحة ايام طوال .. دون تفكير .. دون خوف .. ودون اي شعور بالاختناق .. كالشعور الذي اجتاحه فجأة .. ليجعله يتعوذ من الشيطان مرارا .. شد انفاسه ليخرج .. وقبل ان يخرج يرن هاتفه .. ليبتسم .. مؤكد ان ذاك الجابر يرغب بالاطمئنان على سير الحوار بينه وبين خلفان : هلا جابر .. لا تحاتي كل شيء تمام ..


عقد حاجبيه : عمي .. ان شاء الله ... اوصل البيت واغير ملابسي واخبرهم ان فطوري عند عمي .. وبلاقيك هناك ..



ساعات مرت عليهما في المسجد .. صليا التراويح ومكثا .. الحديث الذي بعثره حمد عليهما لم يكن هينا .. جابر لم ينطق باي كلمة .. فقط استمع لعمه .. ولطلبه من شبيب ان يقول " تم " .. لينطقها ذاك باحترام الابن لابيه .. والآن حاله يقول .. ياليتني لم اقل ؟


المصحف بين كفيه .. يقرأ فيه .. وذاك جابر ينظر اليه بين الفينة واختها .. هادئ وجدا .. يراه يبتسم .. وكأن به ابتعد عن آيات الله خلف ذكرى ما ..


ابتسم ليصدق بخفوت .. يحب تلك الصغيرة .. تمسكت به قبل خروجه مرددة عليه ان لا يذهب .. ليرفعها على ذراعه ويضحك : لازم اروح .. وبعدين هذا عمي ولازم احترمه والبيه ..


هزت رأسها : يعني ما بتاكل من البسكوت اللي سويته ..


ثم اردفت وهي تلعب بـ" طربوش " ثوبه : سويته وييا شامة .. سهل واايد ..


ابتسم ليهمس في اذنها : ضميلي ( خبأي لي ) منه .. قبل ياكلونه .. انزين ..


هزت رأسها لينزلها ويغادر .. وليته لم يغادر ليسمع ما سمعه .. اغلق المصحف وقام .. يمشي على السجاد الاخضر حيث الرفوف .. يركنه هناك بعد ان قبله .. وذاك حذى حذوه .. ليوقفه قبل ان يركب سيارته بوضع كفه على كتفه : شبيب ..


رفع يمينه .. يرغب من ذاك الصمت .. لا يرغب بالحديث .. لا يرغب الا بشيء واحد .. أن يرى جدته .. ان يخبرها بما في صدره .. ان يدفن رأسه في حجرها كطفل صغير .. ابتعد تحت انظار جابر .. ليتنهد : الله يكون بعونك ..



هناك حين وصل منزله .. بعثر انظاره على الجالسين بعد ان القى التحية .. والدته .. وشامة .. وكلثم الصغيرة نائمة بجانبها .. على الارض .. وهاشل وخاله لا اثر لهما .. وحتى جدته .. لينطق : وين امايه العودة ؟


نظرت اليه شامة نظرة خاطفة لتعود انظارها على التلفاز : فحجرتها ..


اقترب منها .. لينحني يرفع تلك النائمة .. واذا به حين استقام يسمع صوت والدته : شو كان يريدك عمك ؟


وقبل أن ينطق اردفت : شبيب .. شلها حجرة شامة ..


" ان شاء الله " .. قالها وابتعد .. هو لا يرغب الان باي شيء .. يرغب بالوحدة بعد لقاء جدته .. سيلتقي بها بعد ان يوصل كلثم .. يضعها في السرير وينحني يقبل وجنتها .. ومن ثم يتأملها طويلا .. اكثر مما ينبغي .. ليستيقظ من حاله ذاك على صوت شامة : شبيب فيك شيء ؟ حاسه انك مب بخير .. عمي قالك شيء ..


بلع ريقه .. لم يشعر بانه سبب الخوف في نفسها ببروده الغريب .. لم يشعر بانه كان واضح الشرود .. هو الآن لا يشعر الا بمرارة تتكاثر في جوفه .. وكأن غصاته القديمة جميعها تعاظمت ولم يعد يقوى على اخراجها .. التفت لها وهو يرسم ابتسامة هادئة : سوالف .. يلسنا نسولف وخذنا الوقت ..


نظر الى كلثم .. وبعدها عاد ينظر لشامة : اذا بغتني يبيها حجرتي ..


" ان شاء الله " .. نطقت بها وهي تتبعه بنظرها .. حتى سمعت طرقاته على باب غرفة جدتها .. ومن ثم اختفى .. تنهدت وعادت ادراجها الى الصالة .. اما هو فما ان سمع صوت جدته تأذن له بالدخول حتى ولج .. يدنو منها جالسة على فراشها الارضي .. وبيدها مسبحتها الطويلة .. يدنو منها يقبل رأسها ويجلس : امايه حاس اني مكسور ..


" بسم الله عليك " .. بعثرتها وهي تعانق وجهه بكفيها المجعدتين : شبيب ما ينكسر .. ولدي ما يكسره الا الشيء القوي .. وما في شيء قوي عقب سبحانه ..


ابتسم .. ليلتقف كفيها يلثمهما .. وسرعان ما وضع رأسه في حجرها .. يحب ان يعود صغيرا في حضرتها .. كفها المداعبة لشعره تبعث فيه سرور كبير .. اغمض عينيه .. واسترسل بالحديث .. وكأنه يحدث ذاته .. ليخرس احاديثها الناصحة بقوله : المصيبة اني قلت تم .. ومب شبيب اللي يرد فكلمة قالها لعمه اللي فمقام ابوه .







,,

هنا اقف .. وموعدنا القادم سأحدده لاحقا باذن الله ..

تفاحة فواحة 10-07-13 04:55 AM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
نجيد التنكر بهويات غير هويتنا .. ونجيد الصمت في كثير من الاحيان .. وايضا نجيد التفكير العقيم الذي يصب في مصلحتنا اولا .. ولكن هناك شيء لا نجيده البوح بالذنب .. فنحن نرتدي رداء الطهارة فنلقي بالحق على الغير .. هذا عند الكثيرين من بني العرب .. كما هي .. تذكر احاديثه لها في أول ايام زواجهم .. اخبرها بان تساعده على النسيان .. ان تقف معه .. بجانبه .. ان تظهر له الحب وترديه عن الحب القديم .. لكنها لم تفعل .. كانت تحب اظهار القديم .. بحركاتها .. وبنبرتها المتهكمة في وجهه .. اليوم تجلس بجانب شقيقتها .. في غرفة الالعاب التي اعدتها الاخيرة لاطفالها الصغار في منزلها ..




وأولئك الاطفال الصغار يتحركون من لعبة الى أخرى .. ابنيّ الاخت وكنة الصغيرة .. وذاك الصغير نائم قريب من أمه في سريره الصغير .. تنهدت وهي تلتقف لها شيء من الحلويات التي اعدتها شقيقتها .. لتبادرها تلك : بسج اكل .. كل يوم تنتفخين اكثر عن قبل .. داري ع صحتج ..


تشدقت وهي تلوك لقمتها .. وبنبرة مليئة بحركة الطعام : خليني اطلع الغل والغيظ اللي في ..



سحبت الاخرى الصحون من امام شقيقتها التي اتضح الغضب على وجهها : شبلاج .. متبيخله علي بكم بسكوت وكم كيكة ..



" لا " .. نطقتها الشقيقة بشيء من الحدة .. لتردف : هدى .. انتي مب عايبتني .. بعده سالم ما يلتفت صوبج ؟ ..



لتُكمل حديثها حين اشاحت هدى بوجهها بعيدا وهي تتأفف : نصحتج .. قلتلج داريه بيداريج ..



لتصرخ تلك بقوة افزعت شقيقتها وتلك الصغيرة التي اخذت احدى الدمى من ابن خالتها لتلعب بها : كنوه وثول .. خلي الالعاب لهم .. مب من حقج تلعبين فيها ..



لتتقوس شفتيها .. وتترك اللعبة تسقط على الارض .. وتأتيها صرخة أخرى : ويع .. تبين تكسرينها ..



لتقف وتردعها تلك بامساكها من معصمها : الله يهداج خليها تلعب .. العيال مستانسين وييا بعض .. يلسي بس ..



لترمق صغيرتها بنظرات باتت تعرفها ذات الاربع سنوات ونيف جيدا .. لتتراجع للوراء بخطوات خائفة .. وتجلس بعيدا عن ابنيّ خالتها .. تراهما يلعبان وتنظر هي برغبة مكبوتة .. اما تلك فجلست وهي تتذمر : بتكسر العابهم بنت سلوم ..



لتتحوقل الاخرى وتردف : تغارين منها ؟



اطلقت نبرة سخرية من فيها : اغار منها .. ليش ان شاء الله ؟



" لان اسمها يذكرج باسم البنت اللي كان يحبها " .. قالت جملتها ووقفت تحمل اطباق الحلوى وتبتعد عن المكان .. لتلحقها تلك وتنطق وهي تراها تركن الصحون في الصالة الصغيرة القريبة من تلك الغرفة التي كانتا فيها : يداري عليها واايد .. من نسمة الهوا .. مرات احس انها عديلتي مب بنتي ..




جلست بجانب شقيقتها واتكأت .. لتكمل الحديث تحت صمت الاخرى : ما كنت اريده .. وللحين ما اريده .. ما احس ان فقلبي اي شيء له .. يوم عرست قلت ببقى معه شهر وبطلب الطلاق .. بس فهالشهر حملت فيها .. كرهتها اكثر لانها يت فغير وقتها ..



نطقت تلك بسخط : استغفري ربج .. شو بعد يت فغير وقتها .. قلنالج الريال متعلق فبنت خطبها كذا مرة قلتي ما عليه .. عاادي .. محد ضربج على ايدج عشان تاخذينه..




فجأة وكأنها تذكرت حكايات قديمة .. ونظرات اعجاب عتيقة كانت تكنها هُدى لابن عمها .. لتسأل : ليكون بعدج تحبيه .



الصمت .. كان الجواب من تلك .. لتنطق متابعة حديثها بتساؤل : تزوجتي سالم عشان تنتقمين منه ؟ .. لانه ما عبرج وخطب وحدة مب من اهلنا .. والحين رديتي تتكلمين عن سالفة انج ما تطيقين سالم .. عقب ما دريتي انه طلق حرمته ..



رمقتها بنظرة عابرة : لا .. ما انكر اني للحين احبه .. وللحين مصدقه انه يحبني .. بس عيون الناس ما ترحم .. امه تكرهني وبغت تحرني وزوجته من غيري .. وانا بغيت افهمها انه ما يهمني .. لا هي تهمني ولا ولدها .. ما يهموني ..




لتقف تبتعد عن المكان عائدة الى الغرفة .. وتلك ابتسمت .. ادركت بان تلك تلقي بالملامة على الجميع متناسية الاعتراف بشيء من اخطاءها .. قامت لتتبعها وتقف عند عتبة الباب .. تراها تنتشل محمد ترضعه من صدرها .. وكأنها لمحت دمعة سارعت تلك لمداراتها ..


تقدمت لتجلس بجانبها .. وبصوت اقرب الى الهمس : خلي عقلج فراسج يا هدى .. لا تضيعين حياتج ع ماضي .. سالم ما قصر وياج فشيء .. انتي بروحج من ثاني يوم لج وياه اتصلتي علي تخبريني انه طلبج تساعدينه .. وانتي شو سويتي .. كنتي تصبين الزيت ع النار .. ع كل شيء تحتكين فيه وتذكرينه فيها .. وبعدين تردين تصيحين انه ما نساها .. كيف بينساها .. خبريني ..


من بين دموعها نطقت وهي تنظر لشقيقتها : ما بينسى .. ما بينسى .. مثلي انا .. مب قادرة انسى ..




لتضع تلك كفها على فيها .. ماذا عساها تفعل اكثر مما فعلت .. شقيقتها الصغرى متمسكة بماضي هين .. بنفخة هواء يندثر .. وتضع الملامة على رجل حتى وان كان قلبه لغيرها فهو لم يهنها يوما الا بسبب هي تعلمه جيدا .. تنهدت لتربت على كتف شقيقتها : عيشي يومج يا هدى .. وخلج من اللي راح .. عمره ما بينصفج .





,,

ولكن بعض الماضي خناجر لا تنفك من الطعن في الجسد .. الماضي كان نقطة سوداء في صفحتها البيضاء الحالية ... والحاضر رمادي اللون .. مبهم .. يشعرها بانها تعيش حالة رُعب لا تنتهي .. تمضي جُل ليلها على سجاتها .. بين صلاة وقراءة قرآن .. ونهارها بين هذا وبين افكار جوفاء تصفر في عقلها المنهك .. صلت التراويح وحثت الخُطى الى غرفة والدها .. فشقيقها منذُ سرقته تلك لم تره .. وقفت خلف الباب طويلا .. نظرها صامد عليه ..




ماذا بكِ يا ريا ؟ لما تلك الافكار السوداء باتت تأكل تفكيرك بنهم ؟ حتى وصلت الى عينيكِ .. أين التفاؤل الذي كنتِ تُغرقين نفسكِ فيه ؟ هل جف بحره .. ام انه لفظك بعيدا عن شواطئه ؟




ليتني اعلم .. ليتني اجد الطريق السوي في حاضري الغريب .. ليتني اعود طفلة صغيرة .. لا تعلم شيء سوى المرح .. وان بكت جف دمعها بمسحة من كف أمها .. او قبلة من شفتي والدها ..




سحبت انفاسها .. وكأنها تشحذ من الهواء طاقة تحتاجها .. لتنطق في خلجات صدرها " يا رب " .. وتسارع كفها تدير بكرة الباب .. والابتسامة تخط خطواتها على وجهها .. لا ترغب بان تُري ذاك خوفها .. لا ترغب بأن تزيد من وجع روحه بوجعها .. دنت من السرير .. لتزيد ابتسامتها وهي تقبل رأسه .. اغمض عينيه لفعلها .. وفتحهما على صوتها : شو صحتك يالغالي ؟




تنهد وكأنه ينفث كثبان رمل قد دفنته تعبا .. لتجلس على حافة السرير تمسك كفه : سلامتك يالغالي .. تعبان؟ .. يعورك شيء؟ ..



وبصوت مثقل لا تكاد تميزه : ديري بالج .. ع عمرج .. وسامحيني ..



-
على شو اسامحك يالغالي .. ع القدر والمكتوب .. مالك ذنب .. صدقني لو شو يصير بتبقى ابويه وتاج راسي .. وسندي وعضيدي ..




طأطأت رأسها وكأنها تهرب بدموعها عن عينيه .. ليشد بقبضة يده على اناملها التي حاولت الابتعاد ولم تفلح : وليد .. ما بين ؟




مسحت دمعها بيدها الحرة .. لتطوح برأسها مغمضة عينيها .. فذاك الـ وليد لا أثر له .. ولا تعلم له طريق اتصال .. فتحت عينيها حين زاد شد كفه على اناملها .. لترى وجهه المتعب : ابويه فيك شيء ؟



-
ودي ارقد ..



ابتسمت وقد اطلقت تنهيدة خافتة لتبتسم بعدها وهي تتمتم : ربي لا يحرمني منك ..




لتتركه بعدها .. تغادر الغرفة بهدوء حتى لا تزعجه .. حتى ما إن اغلقت الباب من خلفها استندت عليه .. ونبض قلبها يرهقها .. احساس بالخوف يتملكها منذ ايام خلت .. بلعت ريقها لتحث الخطى الى الصالة القريبة .. هناك تركته قابعا بعد اتصال اجرته احدى مريضاتها تخبرها بانها ستتوقف عن المتابعة معها .. كُل شيء تراه يحدث لامر ما .. تحاول ان تجمع الخيوط ولا تقوى .. تنهدت وهي ترمي بجسدها في حضن " الكنبة " .. ورأسها اسقطته للوراء .. تبحث عن النوم .. ولكنها لا تجده الا دقائق تحمل لها بين طياتها اضغاث احلام تؤرقها .. جفلت بعد اغفاءة داهمتها .. هاتفها يرن .. واهتزازه على تلك الطاولة اثار فيها جزعا مؤقتا ..



امتدت يدها اليه .. لتغصب ابتسامة وهي تجيب : هلا وغلا ..



نسمات الهواء تداعب خصلا من شعرها قد تمردت على جبينها وقد اتخذت من العتبات المتلاحقة امام باب المطبخ كرسي لها : اهلين .. خفت تكونين راقدة ..



-
ما ارقد فهالوقت .. اخبارج شامة؟ .. اشوفج نسيتيني .. صايرة بخيلة بالاتصال .. امممم



اردفت بعد تفكير وهي تنظر للاعلى : كم مرة اتصلتي فهالشهر ؟




قهقهت تلك بجنون لتقف وتحث خطى وأيدة في الساحة الصغيرة امام المطبخ : ادري قاطعة .. بس والله انج صادقة . نفسيتي فهالشهر متغيرة واايد .. كل وقتي مليان .. عبادة وشغل البيت وكلثوم ..



استرسلت بالحديث دون ان تقاطعها تلك .. وكأنها ترغب بالسعادة من سعادة شامة .. تبحث عن الشيء الضئيل ليفرحها في هذه الايام .. " ما شاء الله " .. قالتها ريّا بعد ان اخبرتها شامة عن مغامراتها في التصوير .. ليأتيها ضحكها من جديد : والله اني اذلهم ع الاكل .. صايرة كل ما اسوي شيء اصوره .. اليوم العصر حاولت اصور فراشة ع شيرة الورد .. بس حسيت اني ما اتقن هالتصوير .. ومب عارفه كيف اقدر احترف ..




ضيقة مفاجأة استحلت صدرها .. لتجبر يدها اليسرى ان تقبض ثوبها وتشدها لصدرها .. ترغب بان تهدأ ثوران ذاك النابض .. لتجامل مريضتها براحتها : خذي دورات .. المعاهد ما شاء الله ما يقصرون ..



" دكتورة فيج شيء ؟ " ... كان سؤال بعثره فيها بعد ان ادركت تغير النبرة في صوت طبيبتها .. لتجيب تلك : لا فديتج .. ما في الا العافية .. بس ما اقدر اطول وياج .. سمحيلي ..




,,

ستعود تلك الفتاة الظالمة .. ستعود وستجدد نزف الجراح الكامدة .. هل سيكتب اللقاء بينهما للمرة الثانية .. ام انها مرة اولى وانتهت .. يذكر صراخها في حضور والدها .. واتهامها الظالم لكرامته وتربيته .. تنهد يعب من اصبع معشوقته السرية .. معشوقة لا تأتيه الا نادرا .. حين وجع .. وحين قهر .. لتواسيه بتمتمات لا يعلمها الا هو .. وهي الجماد الصامت المحترق ..




ابعدها بعد ان قبلها بشفتيه وجدا .. لتلتمع مؤخرتها في ظلمة الليل في آخر ليالي الشهر .. لينفث الدخان عاليا .. يرقبه يزاحم الهواء فيخسر .. كهو حين خسر تحت مسمى الشهامة .. أية شهامة كانت يمتلكها في سن السابعة عشر .. حتى الآن لا يجد سبب لكتمانه .. أهو الستر على فتاة باعت نفسها لشيطان .. أم انه كان الخوف .. ولكن أي خوف لا يتزعزع تحت سياط العقال الاسود ..




نساها بين اصبعيه .. تلك المنتحرة تحت تلذذه .. وتحت مرارة جوفه حين علم بالرجوع .. التفت على صوتها : خالي !



كان تعجبا يكتنف نبرتها .. ليبتسم : هلا شامة .. شو يايه تسوين ورى البيت ؟



لترقبه يعدمها في التراب الرطب بعد ان فاض عليه ماء الزرع .. لم تعطي سؤاله اي اكتراث .. لتنطق : ادوخ ؟


مسد شعره بكفيه .. ليشبك انامله خلف رأسه ويشد جذعه للخلف : من زمان .. بس مب مدمن ..




أي عقل سيقبل بقوله هذا .. ومن لا يدمن بعد ارتشاف تلك القاتلة .. صمتت ليقف هو يدنو منها وقد ارتفع حاجبه .. وذراعه امتدت ليستند بها على الجدار : ما قلتيلي شو يابج هني ؟




" هاا " .. نطقتها وكأنها أفاقت من غيبوبة مؤقتة .. لتردف وهي تشير بيدها للخلف : كنت فالمطبخ .. بعدين اتصلت بالدكتورة .. ولا حسيت بنفسي وانا امشي ..



ربت على كتفها ليتعداها ناطقا : انتبهي ع عمرج .. ترا الشير ( الشجر ) فالليل ما ينظمن ..




لتتلفت برعب .. وخشخشة ورق جاف احدثها الهواء في قمم شجر المانجو .. لترتجف في مكانها .. لا يزال خوف الماضي من الظلام موجود في نفسها حتى وان كان بنسبة لا تذكر .. تعوذت من الشيطان .. وابتعدت تشد خطاها خلف خالها .. لتقف من جديد على حركة في المطبخ .. ازدردت ريقها .. والتفت له .. قد ولاها ظهره .. لتجري مسرعة وتلتصق به حتى جفل : بسم الله الرحمن الرحيم .. شبلاج ؟




بعيون جاحظة وانفاس تكاد تندثر من تسارعها : حد فالمطبخ .. سمعت صوت ..



تجهم وجهه : هااا .. يمكن امج والا حد من الصغارية .. تراهم صايرين فيران يتخششون فأي مكان ..



وقهقه بعدها .. لتتمسك بذراعه وتختبأ خلفه : هاشل وكلثوم راقدين .. وامي وييا يدتي فالصالة .. الله يخليك خالي تعال وياي .. الدياي فالفرن لازم اشوفه ..



رفع حاجبه . وتأفف : امري لله .. أمشي ..



,,


يـــتــبـــع |~

تفاحة فواحة 10-07-13 04:57 AM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
هناك تسللت خلسة الى الثلاجة والى عشقها .. علبة " النوتيلا" .. لتأخذها تفترش الارض .. وساقاها قد ثُنيا خلفها .. وتلك امامها تغمس فيها يدها وتلعقها بنهم بريء .. وقف عند عتبة الباب ينظر اليها .. يكتم ضحكته .. فوجهها لا يُرى لونه من لون الشوكلا ته الداكن .. رص على شفتيه يثني نفسه عن الانفجار .. وتلك من خلفه .. لا ترى شيء .. خائفة من التقدم .. لتسأله بخفوت : خالي في حد ؟



هنا لم يستطع كتمان ضجيج ضحكته .. لينفجر وقد انحنى جذعه نتيجة تطويقه لوسطه بذراعيه .. لتجفل الصغيرة واقفة مبتعدة خطوات للوراء .. وتدخل تلك تقف في ذهول .. تمتمت كلثم : ما فيها واايد ..



وهناك بوادر بكاء في نبرتها الساخطة .. نطقت شامة : ولا يهمج حبيبتي ..



التفتت على صوت منذرالمعجون بصخب القهقهة : ما قلتلج فيران ..




وارتفعت قهقهته أكثر .. لتصرخ به شامة : خالي خلاص عااد ..




" لا تضحك " رددتها الصغيرة مرارا من بين دموعها : لا تضحك .. بعلم عليك شبشب ..




لينفجر ذاك اكثر عن ذي قبل .. فذاك الاسم الذي تنطقه يذكره بحذاء المنزل الخفيف .. حين رأت تلك ضحكات خالها العالية .. حاولت ان تكتم ضحكتها براحة كفها .. فهي تعلم بان ذاك الاسم هي من اطلقه على شقيقها في ساعة مزاح لتأخذه الصغيرة اسما له .. وفجأة ضحكت .. فمنظر كلثم الذي يشير اليه خالها يثير الضحك في النفس دون رادع .. لتصرخ الصغيرة بهما : والله اعلم عليكم شبشب ..




جرت مسرعة تعبر بينهما .. لينفجرا ضحكا دون اكتراث لحال تلك .. جرت فلمحت دخولها شمسة : كلثوم شبالج تركضين ؟




ليقطع عليها تحركها دخول شبيب مُلقي السلام .. ليبادرها بقبلة على رأسها .. ومن ثم يحث الخطى للجالسة تشاهد التلفاز .. يقبل رأسها ويجلس بجانبها .. وهناك حديث خجول لا يسمع قد دار بينهما .. لتدنو تلك بغضب : شبيب شو اللي بينك وبين يدتك ؟



نظر اليها بابتسامة كللت وجهه المستدير : ما بينا الا كل خير ..



على وقفتها ردت على جملته : باين .. كل ما يصير وياك شيء ركضت ليدتك .. وامك ما تفكر فيوم تقولها ..




" تغارين من امج يا شموس ؟ " .. قالتها تلك العجوز وقد تشابك حاجبيها .. ونظرها تسمر على ابنتها .. وذاك غض نظره للأرض .. لتردف وهي تهز عصاها في وجه ابنتها : لو عندج عقل كان ما خلاج وياني ..



-
الحين انا ما عندي عقل ياميه ..



دخلت شامة يتبعها منذر ولولا صوت شبيب الذي نم عن مشكلة ما ستقوم .. لكان ذاك الخال انفجر ضاحكا من جديد .. وقف لينطق : الله يهديكن .. تراها مب مستاهله ..



يقترب من امه يحني رأسها يقبله : لا تزعلين علي يالغالية .. حقج علي .




ابتعدت عنه : ما اريدك تتسامح مني .. بس ع الاقل عبرني .. ريحني .. وانت كل ما يصير وياك ما على السانك الا امايه العودة ..




" يلسي يا شمسه " قالتها العجوز واردفت : شبيب خذ اختك وخالك وخلونا بروحنا ..




تنهدت تلك التي خطت سنون العمر على وجهها اخاديد .. هناك في جعبتها الكثير .. وتلك ابنتها لا تعي بأن افعالها المتسرعة هي التي تبعد شبيب عنها .. ويأتي ليرمي ما في جعبته في حضن جدته : خبريني بشي سويتيه يشفعلج .. ويخلي شبيب ايروحلج ويعطيج اسراره واللي يضايقه ..



اشاحت بوجهها بغيظ : انتي مب فاهمتني ..



عادت تنظر لوجه والدتها : يذكرني بابوه .. كان يحسسني اني ما انفع اشاركه باسراره ويروحلج انتي .. ليش ؟ مب انا بنتج .. والبنت تطلع ع امها ..



" بس ما طلعتي علي " .. قالتها واردفت : شوفي عقلج وين وصل بنتج .. مطلقة وطايحه فكبدج ..



-
مب احسن من حياه ما بتكون قدها ..



-
وكلام الناس ما فكرتي فيه ..



-
بس هذي بنتي واعرفها ..




سحبت انفاسها وصمتت .. لتنطق بعد حين : بس الناس ما بتقول اللي تفكرين فيه .. الناس بتقول البنت اللي فيها شيء .. ومن متى الناس عيبوا الريال خبريني .. هكوه ابوج الله يرحمه .. يوم خذ علي بنت من عمرج ما قالوا يدور ع الولد .. قالوا هدايه فيها بلا .. قالوا امج فيها وفيها .. ما قالوا الريال يريد الولد اللي يشل اسمه .. وبنتج الحين .. ظنج الناس تقول حارب .. الناس ما بتقول الا شامه فيها وفيها .. يوم انه خاب شورج وطلبتيه يطلقها بدون علمي وعلم اخوها .. تريا حد اييها الحين ..




هناك كانت تستمع دون قصد .. خرجت تبحث عن كلثم التي لم تجدها في غرفتها .. لتقف ويثقب حديث جدتها اذنيها .. ما ذنبها إن كانت تعاني حينها .. لما المجتمع ظالم .. يضع الفتاة في الخانة السوداء حين الخطأ .. ويبرأ الرجل كبراءة الذئب من دم يوسف .. أهناك وشم تحمله يؤكد الخطيئة .. ام هي عقول انغمست في بؤرة الجهل ..




سقطت دمعة من عينها .. ولم تشعر الا بيد تسحبها .. وصدر يحتضنها .. وكف تمسح على ظهرها بهدوء .. لعلها بحاجة للبكاء بصمت .. ولكن الحاجة الاكبر هي صدر يأخذ من وجع صدرها .. شهقت .. لتسمع تمتماته وهو يمشي معها الى قسمه .. يهدأها بآيات ربه .. حتى ما اجلسها على الاريكة بعثر خطاه .. ليختفي ويعود وبيده قنينة ماء صغيرة .. يفتحها ويمدها لها : شربي ..



امسكتها دون ان ترفع وجهها : يعني الحين الناس يشوفوني ضايعه .. مب متربية ..



جلس بجانبها : سمعي يا شامة .. انسي اللي سمعتيه .. ترا كلام الناس لا يقدم ولا يأخر .. وانتي عاقل وتدرين بهالشيء ..



-
بس كلام الناس ظلمني .. وظلم كلثم .. وام كلثم .. بس لانا بنات ..



رفع وجهها ليمسح دموعها : ما اريد اسمع هالرمسة مرة ثانية .. واللي ربج كاتبة بيصير .. ولو ع كلام الناس كان محد عاش ..



عقد حاجبيه وكأنه تذكر شيئا : انتي شو اللي خذاج صوب الصالة .. ما قلت لج تروحين حجرتج ..




مسحت بقايا دمعها بظهر كفيها : كنت ادور كلثوم .. ما ادري وينها ..



" كيف يعني ما ادلين وينها ؟ " .. نطقها لتبعثر على مسامعه ما حدث .. وبعدها يضج البيت ببحث مستميت عينها .. تمر الدقائق تباعا .. وكأن اختفاء الصغيرة سحب معه الجو المشحون بالغضب الذي كان .. لتقف شمسة في منتصف ساحة المنزل الخارجية .. ونظرها الى البوابة التي ولج منها منذر لاهثا .. تسرع خطاها اليه : هاا لقيتها ؟



التقط انفاسه بتعب : لا .. ما لها اثر .. وبعدين الدروازة كانت مسكرة .. ما اظن انها طلعت وسكرتها وراها ..



ليدخل ذاك الى الساحة : ما لقيتوها ؟



سؤال وجهه الى والدته وخاله .. ليتحوقل وهو يرى شامة قادمة .. وهناك على ملامحها خوف امتد ليطال شفتيها بارتعاش : دورت البيت حجرة حجرة ما لقيتها ..




صرخ بغضب : يعني انتوا ما لقيتوا الا تضحكون عليها ..



" يا ريال استهدي بالله " .. قالها منذر ليردف : ان شاء الله ما فيها شيء .. تلقاها منخشة هني والا هناك ..




طفلتي الصغيرة .. أين انتي ؟ .. أعلم باني ابتعدت عنك في الايام الماضية .. ولكن ليس ذنبي .. اعلم بأنك تبحثين عني ولا تجديني .. فتنامين على امل رؤياي في اليوم التالي .. سامحيني .. فأني اشعر باني لستُ أهل لحمل أمانة والدك ..




ولج الى غرفته .. يبعثر نظره على المكان .. ليبتسم على بصمة الكف الصغير على جانب دفة الدولاب .. ليدنو منه بخطى متأملة .. ويفتحه .. ليجدها قابعة بين اثوابه الجديدة .. نائمة .. لا يعلم حينها لما ضحك .. أعلى وجهها الملطخ .. ام على اثوابه التي اتسخت ..


لينحني يجلس القرفصاء يتأملها .. سيأخذوها منه .. سيبعدونها عنه حين يرونها .. حين يرون خالد في وجهها .. قالها حمد له صريحة .. إن كانت أبنة لخالد ..فبقاءها معهم افضل من بقاءها معه ..




تجهم وجهه .. وغيمة حزن استحلته .. احبها .. واعتاد على وجودها وعلى نداءها له بـ " شبشب " .. حتى وان كان اللقب غير محبب الا انه احبه من فيها .. تنهد ليمد يده يبعد خصلات شعرها المنغمسة في حبات العرق .. لتجفل .. وسرعان ما تقوست شفتيها .. وانتحبت باكية .. لترتمي عليه : اريد ماما ...





,,

منذ أيام القت عليها والدتها الكثير من النصح .. وهي اليوم تتخبط بين الموافقة على ذاك الرجل المتقدم لها او عدم الموافقة .. تنهدت وهي تضع المشط من يدها .. وتركن كفيها على فخذيها .. وتشد انفاسها المتعبة من التفكير .. فلا تزال صورة زوجته مرتسمة امامها .. كانت تجلس هادئة وجدا .. تبتسم .. وتمدحه كثيرا .. هل يعقل ان تخطب لزوجها ؟ وأي مبررات تلك .. من اجل الانجاب ..




وقفت وتمتمت وهي تشد خطاها لتجلس على سريرها : يعني يبوني ايبله عيال وبس .. واذا ما يبتله بياخذ غيري ..



التفتت على دخول والدتها : نوال .. الين متى بتبقين فحجرتج .. ما تسوى علينا هالخطبة .. بس سمعيني الريال تراه ينشرى .. دين واخلاق .. وحرمته ما شاء الله عليها .. متربية وبنت ناس .. وبتحطج بحسبة اختها ..




ترغب بحديث طويل عنه .. طويل كطول قامته التي لمحتها مع وجهه المكتسي بشعر لحيته الطويلة .. ترغب بان تقول بانها خائفة .. لا تريد ان يتكرر الطلاق من جديد ..




ما بالي ؟ .. الم اكن اخطط لانتزاع جابر من زوجته .. اوليس الحالة هي هي .. زوجة ثانية .. الاولى بعدم رضى الزوجة والثانية بخلافها ..




تنهدت : امايه .. صارلي اربع ايام استخير .. مرة احس اني مرتاحة ومرة لا .. ما اريد اتطلق من يديد .. ما اريد ..



جلست جانبها : سمعي يا نوال .. الزواجة الاولى انتي الغلطانه من راسج لساسج .. يوم انج ما عرفتي ادارين امه وخواته ..



-
شو اداري ياميه ؟.. كانن يكرهني .. تعبت وياهن .. وفالاخير يقولن طلقها .. ليش ؟ بس لاني عصبت من امه وقصصتلها كناديرها ..




تحوقلت : نوال .. عندج عقل وفكري فيه .. الريال بيحطج فعيونه .. يكفي انه يخاف ربه .. وانا تراني ما دايمتلج ..




وقفت وابتعدت .. لتختفي .. اما تلك فتنهدت بتعب .. تشعر بانها بحاجة لصديقة تفهمها .. تحتاج لاحد يعلم كيف يواسيها .. استغفرت ربها .. هي خائفة من الزوجة الاولى .. وكونها الثانية والجديدة .. تمتمت " يا رب " .. وقرار بتأجيل البت بالموافقة او عدمها لبعد العيد .. ستكون قد وصلت للقرار اليقين ..




,,

قرارات البعض تأتي بثمار رائعة .. وقرارت البعض الاخر قد تأتي بدمار لا يستطيعون تحمله .. وهو قد قرر منذ ايام ان يقف بجانب اخيه .. كما وقف بجانبه .. ارتدى ثوبه الاسود .. و" غترته " البيضاء .. ونعله الجديدة التي اشتراها مع تلك التي ادخرها للعيد .. اليوم تناول افطاره بمفرده .. فجابر في عمله .. واليوم سينهي الموضوع العالق ..




أيقولون بانه صايع .. ويضيفون انه ضائع .. أوليس البشر خطاءون .. "وخير الخطائين التوابون ".. كثيرا ما قرأ هذه الاية في هذا الشهر .. رددها على لسانه مرارا .. لما البشر لا يأخذون بقول رب العباد ..




وقف على اعتاب بوابة منزل عمه بعد ان رن الجرس .. اجبر نفسه على التدخل دون علم جابر .. فحال ذاك لم تعد تسره .. ايمنعونه الاطمئنان على زوجته وابنه المنتظر .. تبا لتدخل عقيم يمارسانه .. ابتسم وهو يصافح مطر .. لقد خرج من المشفى بالامس .. متعب وذاك الامر ظاهر على مشيته البطيئة .. رحب به وجدا وادخله المجلس .. ثم انصرف ..




" حيالله بطي " .. قالها حمد وهو يلج الى المجلس وبعدها القى السلام .. ليرده ذاك .. ويحث خطاه يقبل رأس عمه .. ومن ثم يمتنع عن الضيافة .. فهو ليس هنا للاكل .. او شرب القهوة .. سحب انفاسه : عمي اريدك تسمعني ..




لم يعقب ذاك بشيء .. فقط صمت وانتظر تتمة الحديث : الله ما يرضا ع اللي قاعد يصير .. يعني الريال متشفق ع شوفة حرمته وانتوا تمنعونه .. مب هذا ولد خالد .. خالد اخوك .. اللي سميت ولدك عليه ..



وقف : بطي لا تدخل فشيء ما يعنيك ..




" يعنيني يا عمي " .. قالها بعد ان وقف لوقوف عمه .. واردف : انت وابوي الله يرحمه كنتوا ابد ما تفترقون .. والحين ياي تبي تفرق عياله عن بعض




اكتظ وجهه بالغضب : عندك رمسه زينه قولها .. واذا ما عندك الباب تدله ..



ببرود : الحين شو الغلط اللي سويته وتحاسبون جابر عليه .. ربنا يقول .." ولا تزر وازرة وزر أخرى ".. فليش قايمين تاخذون الواحد بغلط غيره .. هذا اذا كان شيء غلط من الاساس .. انا سافرت اكمل الدكتوراة .. وصار اللي صار علي .. واكبر دليل ايدي اللي مب قادر احركها الا وين ووين .. تبون دليل غير .. مستعد ايبلكم ربعي اللي كانوا وياي .. بس لا تظلموني وتظلمون جابر وياي .. عمي انت متغير .. واعرف ان اللي فقلبك شيء واللي تسويه شيء ثاني .. انت الباقي لنا من بعد اهلنا .. بمقام ابونا .. ابونا اللي يوم مات ما قال غير طيعوا عمكم حمد .. وجابر قايم بوصيته .. ساكت وبالع الضيم اللي اييه .. وانت بشو تكافأه ..




طال الحديث من بطي .. وذاك صامت موليه ظهره ..يدرك بان ما يبعثره ذاك الشاب عين الصواب .. ويدرك ان قسوته قد لا تأتي المنال المرجو منها .. لا يعلم ان كان ما يفعله سيجعله يحافظ على ابناء اخوته .. أيبحث عن ترميم الاخطاء مع خالد بهم ..




حين طال الصمت مع الوقوف .. بعثر بطي كلماته : اذا تبوني اخلي البيت بخليه .. برد من وين ما ييت .. بس جابر ما ينخذ بشيء ماله ذنب فيه ..




ليجر خطاه مبتعدا عن المكان .. وهناك الم بات يوهنه .. يستفحل في ذراعه اليسرى .. يحتاج الى دواءه ليهدأ حربها المستميتة .. صعد سيارته .. ليبحث عن دواءه .. ويبتلعه دون ماء .. وسأسه قد نام على مسند الكرسي .. انتظر دقائق .. حتى شعر بان ما تبعثر منه قد اجتمع .. وانطلق .. لربما الحديث مع ذاك العم لا طائل منه ..




اوقف سيارته في مرأب المنزل .. ليترجل .. ويحث الخطى الى ملحقه .. سيرتاح ساعة وبعدها سيغادر لصلاة التراويح .. لعلها آخر صلاة في هذا الشهر الفضيل .. تسمر في مكانه .. وهو يرى جابر قد ربع ذراعيه على صدره .. وملأ الباب بجسده .. ابتسم .. وتقدم منه : اتصل فيك ؟



قالها وتجهم وجه جابر وهو يترك لبطي مجالا ليلج .. ويلحق به : منو اللي اتصل في ؟



لوح بيده : لا تهتم ..



جلس بتعب ونظره على جابر الذي لا يزال واقفا : كنت تترياني ؟




لم يلحظ ذاك المغلف في يده .. لعل وجعه ابعده عن الملاحظة .. ليرميه جابر امامه : تقدر تفهمني شو هذا ؟



نظر للمغلف الاصفر .. وسحبه .. يفتحه ويبعثر العديد من الاوراق .. ومن ثم يبتسم : لا تهتم ..




ما باله على هذه الجملة .. حتى احتقن وجه جابر بالغضب : ما اهتم .. هذا اللي ربك قدرك عليه .. ما اهتم ..




وقف ليدنو من شقيقه : دخيل ربك يا جابر مب وقته .. اوعدك متى ما احس اني قادر ع الكلام عن هالموضوع بييك بنفسي وبتكلم وياك ..




هناك تعب بان في انفاسه وعينيه .. لينطق : تعبان يا اخوي .. خلني ارتاح ولا تزيدها علي ..


وبعدها غادر الى غرفته .. تاركا جابر واقفا في مكانه .. ذاك البطي يخفي خلف الغياب اسرار .. وخلف المرض حكايات .. وخلف الصمت احاديث يجب ان تُسمع يوما ..



,,

يــتــبــع |~

تفاحة فواحة 10-07-13 04:59 AM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 


خلف الصدور قلوب لا تُعرف خباياها .. وخلف قلب تلك الانثى غيرة مكمنها المرأة الاخرى .. منذ تلك الليلة .. وهو يعتني بها اعتناء اصابها بالاشمئزاز .. عند الافطار يطعمها بيده .. يسقيها من كأسه .. ويهمس لها لتظهر على ملامحها حكايات خجل .. الا يخجل من تصرفه بين اختيه ووالدته .. قالتها له يوما في شجار عقيم اعتادته .. والسبب تلك الكنة .. ليخبرها .. بان ما يفعله محض مساعدة لان يدها لا تقوى بها فعل شيء .. واليوم هي تجلس تأكل نفسها بنفسها .. هادئة بينهم .. حتى اوهمتهم بانها تغيرت .. تحاول ان تخمد ما كان بحسن التصرف .. وغياب خالها في العشر الاواخر من رمضان اسعفها وجدا ..




تنهدت على طرقات الباب .. لتأذن لطارق بالدخول .. واذا بها سمية .. اقتربت منها : مباركن عيدج .. توني سمعت الاخبار .. باكر عيد ..




وقفت تقبل شقيقتها : الله يبارك فيج .. انتي اول وحدة تباركلي .. فيج الخير ..




لن تتبدل ابدا .. تتهكم دائما .. ابتسمت سمية على مضض .. وهناك حديث تخفيه .. لتعلم تلك بان هناك ما جاء بها .. فتوترها ملحوظ .. لتنطق وهي تعود لتجلس على " الكنب" الطويل : شو وراج ؟



اقتربت ووقفت امامها : ليش ما تهتمين فريلج .. مثل ما تهتم فيه كنه .. شوفيها حتي وهي محترقة ما تنساه .. تدير بالها عليه .. وانتي كل يوم والثاني مناقر وياه .. حبيبتي اكسبيه .. وخلج من سوالفج ..



وقفت وبتهكم معهود : الله الله .. والاستاذة سمية طلع لها لسان .. ليكون ريلج مطرشنج .. وليكون ريلي اشتكى لكم .. ومب بعيد بعد قالكم اني ما اسمعه .. واني واني ..




" استغفر الله " .. قالتها تلك لا اراديا .. اخذتها من حديث عمر الدائم واستغفاره بين الفينة والاخرى .. لتصرخ تلك بها : شو شايفتني عاصية والا مسوية ذنب .. عشان تستغفرين مني .. والا المطوع عمر قالج اتين تهديني ..



بلعت ريقها : مب قصدي .. طلعت من لساني بعفوية .. وبعدين ترا كلنا ملاحظين ان فارس تعبان .. وكل ما كان وياج ما نسمع الا صوتكم .. حبيبتي اذا بعدج ع خرابيطج .. ياليـ..



ليسكتها عن الاتمام كف سلوى على وجنتها : مب ناقص الا انتي تعلميني الصح من الغلط ..



ارتفعت كفها تتحسس مكان الضربة : الله يهديج ..



وبعدها ابتعدت .. بل انها هرولت .. وبدون شعور منها اصطدمت به عند باب غرفتهما .. لتتركه وتلج ..وتهرول مبتعدة عنه خلف دورة المياه ( اكرمكم الله ) .. ليصلها صوته مع طرقه الخفيف على الباب : سمية فيج شيء .. ردي علي ..




كتمت شهقاتها براحة كفها .. لم تُمَد عليها كف يوما .. واليوم لاجل اصراره هو امتد كف شقيقتها عليها .. تحركت لتفتح الباب بعد ان تعبت من اصراره .. فتحته ليلوح له وجهها الغارق بدموعها .. واحمرار وجنتها .. لتنطق : ضربتني .. قلت لك ما اريد اكلمها .. ما اريد انصحها .. بس اصريت اني اروح ..



كفيه الغليظين يمتدان ليمسح دمعها .. وتستقر اليمنى على وجنتها .. وهناك ابتسامة رسمها على شفتيه : سويتي اللي عليج .. وما عاد اطلب منج تنصحيها ..





اما تلك ما ان خرجت شقيقتها .. حتى عمدت الى هاتفها .. تبث بهمها عبره .. حديث طويل منهك .. وحديث لا يقبله شرع .. تحاكي رجلا وهي على ذمة رجل .. كانت خطواته تتحرك الى الغرفة لتتسمر عند الباب من الخارج .. يسمعها .. تناديه " بحبيبي " .. وتبكي وتشكي له .. وتصوره هو كوحش يقتلها كُل ليله .. اوصل بها الامر الى الخيانة ؟..

فتح الباب على مصراعيه .. وهناك براكين غضب متأجج فيه .. لتقف هي بهلع .. يسقط ما في يدها على الارضية الصلدة .. وتتناثر قطعه .. اغلق الباب .. ليسرع بخطاه نحوها .. وتبتعد هي خطوات للوراء .. لم يشعر الا بيده تمسك شعرها حتى تأوهت .. يقولون اتقي الحليم اذا غضب .. وهو اليوم ذاك الحليم .. ولكنه لن يطبق تلك المقولة .. هزها بعنف : وصلت فيج الخيانة يا سلووه .. جهزي شنطتج .. الليلة ما بتباتين فبيتي .. وورقتج بعد العيد بتوصلج ..




ليدفعها ويبتعد .. يريد ان يبتعد عن المكان .. عن الجميع .. حتى عن عشيقته .. قبع في سيارته مطولا .. ينتظر خروجها .. ليبعث لها رسالة نصية بأن تخرج والا سيأتي ويجرها امام اهله .. انفاسه تثور كماء يغلي على نار متأججه .. دون ان يتبخر ..





,,

يوم العيد .. وثياب جديدة .. وهواء تعانقه رائحة البخور .. وحركة خفيفة تحمل معها الفرح في منازل اضناها الحزن .. الاطفال لذة الاعياد .. وكأن بهم لا تكتمل .. تدور بفستانها الجديد امام تلك العجوز : يدوه شوفي .. واايد حلو صح ..




وتلك الجدة ترى الفرح مختلفا .. ترى الوجوه هذا اليوم صافية .. ينبعث منها نقاء الروح .. حتى ذاك الشبيب كان فرحا وهو يستقبل المهنئين .. ويبعثر النقود في أكف الصغار المطالبين " بالعيدية " .. حتى هي اغدقها بـ " عيدية " تحت ضحكاته .. وبانها ستظل نور منزله الدائم ..




اليوم كل شيء مختلف .. حتى حمد كان مختلفا وهو يقف مع شبيب عند البوابة .. يقول بانه جاء ليهنيء الجدة بما انها متعبة ولا تقوى على الخروج .. هل كان صادقا .. ام خلف حضوره امرا آخر ؟



ابتسم له شبيب مرحبا به .. ويسأله عن البقية أين هم .. ليخبره بانه جاء بعد زيارة لاحدهم ولم يكن معه احد من ابناءه او زوجته ..

حمحمة ومن بعدها ولج ليخبر جدته بوجود عمه عند الباب .. وقفت بمساعدته وهي ترتب " شيلتها " السوداء الكبيرة على رأسها المشتعل بالشيب .. لتخرج تتوكأ على عصاها .. وتتبعثر التهاني ..


واذا به يتسمر نظره على تلك الصغيرة الواقفة امام شبيب في غفلة منهم خلف الاحاديث : شبشب اريد مثل اللي عند هاشل .. هذاك الصاروخ اللي يروح بعيد ..



وتأشر بيدها للسماء .. وهو ينظر اليها .. يتفرس وجهها .. ابتسامتها وعينيها .. لتنظر اليه في التفاتة سريعة .. وتقترب منه ببراءة طفلة .. بعد ان رفض شبيب ان تلعب بالمفرقعات النارية : عمو قوله يعطيني واحد .. بس واحد ..




وتأشر بسبابتها الصغيرة امامه .. تنهد لينحني يحتضن رأسها بين كفيه .. ويلثم جبينها .. وكأنه يبحث عن رائحة من غاب .. يدرك بانها ابنته .. ما بقي منه بعد الثرى .. وصمت المكان ..




,,

الاماكن شواهد ذكريات .. تتأجج حين العودة اليها .. وهو قرر العودة ليبقى هناك يومان .. ليعيد الذكريات القديمة .. واحاديث الصحبة التي لا تزال تجره جرا .. تنهد وهو يحزم حقيبته .. سيهنئهم بالعيد حتى وان كان متاخرا .. ابتسم وهو يتوجه الى اوراقه المبعثرة .. احاديث كثيرة اجتاحته في غربته .. سطرها باحرف جميلة على نصاع البياض .. واليوم هو سيتركها هُنا .. ليعود اليها ويعيد معها الذكريات .. ويزيد عليها احاديث اللقاء بعد الشوق ..




رتبها ودسها في احد الادراج .. وبعدها حمل حقيبته السوداء المكتنزة ببعض الملابس .. صغيرة ولكنها تكفيه .. فلا يزال منزله يعج باثوابه .. والكثير من حاجياته .. ابتسم وهو يشد نظارته السوداء على عينيه .. ويغلق باب شقته من خلفه .. وينزل المصعد وفي قلبه دعاء بمرور الوقت سريعا .. فانه يراه بطيء كسلحفاة اثقلها حمل ظهرها ..




سيمضي الليل في منزله دون ان يخبر احدا .. او لربما يقضيه في احد الفنادق .. لعل منزله مكتنزا بالغبار بعد هذا الغياب .. وبعدها في اليوم التالي سيشد المسير نحو صاحبه .. رفيق طفولته ومقاعد الدراسة .. سيلقي عليه بعتبه لعدم كتابته اي رسالة تطفيء عطش روحه الملتاعة ..




بحث عن مقعده في تلك الطائرة .. وما ان جلس حتى شد اليه بالحزام .. يظن انه اذا اسرع بفعل ذاك ستقلع الطائرة سريعا .. ابتسم على حاله .. ليتلفت حين ايقن ان هناك عيون ترقبه .. ربما يقولون عنه مجنون .. يبتسم لنفسه .. ويتمتم لنفسه ..




اشاح بوجهه الى النافذة الصغيرة .. ولا تزال ارض مطار سيدني تلوح له .. وكأنها تأبى الافراج عن تلك الطائرة .. ليعج بعد دقائق صوت مساعد الطيار بدنو الاقلاع .. ليتسلل اليه فرح جم .. وتعلوه ابتسامة مع علو الطائرة مغادرة ارض الغربة متوجهة الى ارض الوطن ..





,,

ذاك الوطن الذي يحمل في طياته اسرار يدفنها أناس سنين طوال .. وستتبعثر على اعتاب الرجوع .. وكأن ذاك القرار بالرجوع كان يدرك بان هناك أمور قد تحدث .. واوضاع قد تختل ..




اردفت عباءتها على رأسها .. وابتعدت عن المنزل .. لتراه خلف المقود ينتظرها .. ركبت .. والصمت سيد الموقف حينها .. اليوم سيشاع سر دُفن لاكثر من ثلاثة وعشرون سنة .. اليوم ستتبعثر الاوراق على ارصفة الزمان ... هناك خوف يعتريه .. خوف لم يشعر به يوما كما الآن .. هاديء وهي كذلك .. لتترجل : خلك هني .. لانك بتاخذنا لبيت شبيب ..




قالت كلماتها واغلقت باب السيارة .. لتنطلق بخطى تبحث عن راحة ضالة .. طال مكوثها وهي تقرع الجرس .. وكأن الوقت يستكثر عليها الراحة .. لتلج اخيرا سآئلة عن ام عبدالله ..




" يا كبرها عند الله يا ام سالم " .. رددها ام عبدالله مرتان .. وهي جالسة تصفق اليمنى على اليسرى .. لتردف : ليش ما تكلمتي .. ليش ما قلتيلهم .. يايه الحين تقوليلي ..




بصوت يشوبه الكمد وتأنيب الضمير : قلتلهم يا أم عبدالله .. وربي يشهد علي اكثر من مرة رحتلهم اقولهم خافوا ربكم .. بس ما سمعوا .. وكذبوني .. والسبة ان سالم كان ...




لتقاطعها وهي تقف : قومي .. خلينا نروحلهم .. قومي لا بارك الله في ساعة سويت فيها ذيك السواه ..




غاضبة تلك العجوز .. لتخرج بعد دقيقة تشد عباءتها عليها .. وتخرج مع ام سالم بعد ان القت على ابنتها بانها ستعود لاحقا .. وان لا ينتظرونها على الغداء .. ركبتا السيارة .. وتحوقل عم المكان من ثغر ام عبدالله .. تشعر بانها ارتكبت ذنبا لن يغتفر .. لتتوقف العجلات عند بيت شبيب .. تنزلان بسوادهما يحثان الخطى لداخل .. تعلم ام سالم بان الجميع ينتظرها .. جميع من يهمهم الامر هناك .. تشوبهم افكار قاتلة في هذه الساعة ..




ابتعد بسيارته عن المكان .. لا يرغب بان يكون في مسرح جريمة أخرى .. يشعر بان امر غير سار يحدث جراء افشاء هذا السر .. تنهد : يا رب




همس بها مرارا لنفسه .. وكأنه يحثها على الصمود .. يحثها على التفاؤل بالخير ..

وهناك كانت تجلس بجانبه وقلبها يقرع طبول غريبة .. طلبوها وطلبوه للمجيء .. وامه ايضا هنا .. ووالدتها وجدتها .. واخيها .. وحتى خالها يجلس بعيدا وكأنه لا يرغب بالمكوث في هذا المكان المشحون ..




وقف الجميع على دخولهما .. ملقيتا السلام .. لترحب ام شبيب ووالدتها بهما وجدا .. وكان جُل الترحيب لام عبدالله القادمة من بعد غياب .. ليتبعثر السؤال عن الحال طويلا .. وكأنهن نسن القلوب الراجفة بنبضات الخوف في تلك الاجساد الواقفة ..




ابتعد عنها .. لتنسل يده من بين اناملها .. نظرت اليه وهمست بخفوت : خلك يمي ..



ابتسم : بيلس صوب الرياييل ..



وابتعد ونظرها عليه .. ليقبع بجانب شبيب .. وتجلس تلك النسوة اخيرا .. ويتبعثر الحديث من ثغر ام عبد الله .. وكأنها في محاضرة استرجاع للماضي القصير والطويل الامد : يتني اليوم ام سالم .. تخبرني عن السالفة اللي صارت من اربع سنين .. وخبرتني انج انتي والمرحوم ناصر ما صدقتوها .. وحلفتلكم ايامين ان اللي تقوله صدق ..




تترأس المكان بالحديث في حضرة صمت الاخرين : تذكرين يا ام فارس يوم العزومة اللي سويتيها عشان سلامة ولدج عمر .. يوم طاح مريض اسبوع كامل ونذرتي ان قام تعزمين حريم الفريج ..




لترد تلك : هيه اذكر .. ويومها اعتفسنا .. يوم طاح شبيب من فوق الدري وانكسرت ريله ..



تكلمت تلك العجوز بعد صمت : شسالفة يا ام عبدالله .. ؟




وكأن الاحداث تعود كشريط سينمائي على عقل شمسة .. يومها حملت ابنها وتركت كنة بصحبة ام سالم .. اخبرتها ان تعتني بها .. وان ترضعها حليب " نيدو " ان جاعت .. ولكن يومها .. أبت تلك الطفلة ان ترضع من الرضاعة الاصطناعية .. وبكاءها كان ليهلك بها .. لتحملها ام سالم رغم تحذيرات شمسة لها بان لا تدع احد من النساء ان ترضعها .. لان ناصر لا يحبذ هذا الفعل ..



عقلها توقف عن الاستيعاب .. وعقله يحاول ان يجمع الحديث والاحداث .. وشبيب يلتقط الخيوط قبل ربطها .. وذاك صامت .. يستمع لثرثرة نسوة كبار من بينهن اخته التي تنطق بكلمات موجزة تُأكد ما يقال ..




قالت : يومها يا شمسة رضعت بنتج فوق الاربع مرات .. رضعتها وانا من قبل مرضعة فارس وييا ولدي عبدالله يوم طاحت امه مريضة بالحمى عقب ما يابته ..




كسيل كهرباء سرى في جسده .. لتختنق انفاسه .. ونظره دون شعور منه يقف على وجهها الجامد .. ليعود ينظر لشبيب الذي وقف بغضب : شو هالرمسة اللي يالس اسمعها .. امايه اللي يقولنه صدج ؟




لم يعد يسمع شيء .. ولا هي لم تعد تعي شيء .. بكاء شمسة .. حوقلة الجدة .. وثورة شبيب التي تزعزع الاركان .. لينسل من المكان لا يرغب بسماع المزيد .. ايقولون بانه كان يعاشر اخته فوق الاربع سنوات معاشرة الازواج .. ارتعش جسده .. وهو يقف مستندا على جدار المجلس .. انفاسه لا يعلم ان كانت تخرج ام انها تختنق قبل الصعود الى قصبته الهوائية .. ليسمع صراخها .. تلك التي اسماها قلبه .. تكذبهم .. تنتحب من بين كلماته .. هائجة وجدا على والدتها وعلى والدها المتوفي .. لا يسمع الا صراخها وكأنها تنازع من اجل البقاء ..




وفي تلك اللحظة كانت خُطى المغترب تقترب من بوابة المنزل .. ليبتسم وهو يرى فارس واقفا هناك .. لم يدرك ان ذاك وقف عقله عند حدود الانتحاب .. وانفاسه انتحرت على حواف الحقائق المُرة .. ليبتسم .. وكأن تلك الابتسامة ترثيه .. وتسدل اجفانه ليسوده الظلام ساقطا على الارض على صرخة من فيه حارب ناطقا معها باسمه : فااااارس ..

,,

هُنا أقف . وموعدنا بعد الشهر الفضيل باذن الله ..

وكل عام وانتوا بخير



فريال 29-07-13 06:06 AM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
روعه الروايه ما شاء الله

بس ابي اعرف للكاتبه 3 روايات هذي وروايه انا انثى لا يقف المستحيل وروايتها الاولى ما ادري اش اسمها

اذا تعرفين ياليت تخبريني

abeer alward 11-08-13 05:38 PM

رد: زفرات اغتصاب الكاتبة : أنآت الرحيل
 
رائـــــــــــــــعـــــــــــــه جـــــــــــــــــــدا

تفاحة فواحة 13-08-13 07:47 PM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
هل هو اعصار .. ام زوبعة في فنجان .. ستهدأ بعد لحظات .. دقائق ربما .. اهتزت شفتيها بخوف فصوت شبيب الحانق على ترهات تلك النسوة افزعها .. اوقفها تنظر اليهن.. لحوقلة جدتها ومن ثم صراخها بعد صراخ حفيدها القريب منها وجدا .. ليس قرب المكان بل قرب الافئدة .. عيناها تبكي وعقلها لا يستوعب ما يحدث .. ايقولون بان زوجها اخيها .. كيف ؟ .. تستمع لجدتها : حسبي الله ونعم الوكيل فيكن .. حسبي الله ونعم الوكيل .. وانتي – تحدث تلك الجامدة ومطأطأة رأسها – ليش ما تكلمتي يومها .. ليش ما يتيني وخبرتيني عن كلام ام سالم .. الحين يايات تقولن اخوان .. لا بارك الله فيكن من حريم ..



لم يلحظوا انسحاب ذاك ولا انسحاب الخال الذي اثقله العلم .. تحركت تدنو منهن .. جالسات وكأن على رؤسهن الطير .. التفتت لصوت شبيب الواقف على مقربة منها : ليش ما تكلمتي يا ام سالم .. ليش ؟




قبل ان تنطق ردا عليه اسكتتها تلك وهي تقع امام ام عبدالله .. تقبل كفيها راجية : الله يخليج يا خالتي قولي انه كذب .. قولي انج مغلطة .. مب انا .. صح مب انا .. او . او .. او يمكن مب فارس ..




سحبت تلك كفيها تدسهما تحت عباءتها : سامحيني يا بنيتي ..



نهضت صارخة بهن : كذب ..



لتردف وهي تخطوا للوراء خطوات مثقلة .. تتوجه بالحديث لام سالم : ليش ما قلتي لعمتي .. ليش سكتي .. ليش ما رحتي لها ليش ؟ ..



لتنطق ام فارس بغضب الام المصابة : صدقها .. ليش ما يتيني تخبريني ..




لتصرخ تلك رافعة رأسها تنظر للوجوه تباعا : لاني خفت ع ولدي .. خفت ع سالم .. وابوك يا شبيب كان واصل .. اسأل امك .. اسألها شو قال يوم كلمته عن السالفة .. مب مرة ولا مرتين حاولت وياه .. سألي امج يا كنه .. يومها قالي .. لو سمعت ان حد درى بخرابيطج اللي يالسه تقوليهن ما بيحصل خير ..




وقفت لتردف : قال انه خرابيط .. وانا مالي غير ولدي .. مالي غير سالم ..




لتترك المكان بعدها مبتعدة .. وتحتسب ربها فيما حدث .. يتردد صوتها على مسامعهم .. وصوت ذاك يصلها جليا قبل ان تخرج : اميه قولي شيء تكلمي ..




لم يكن يرافقها الا الصمت .. تستمع انتحاب ابنتها .. وصوت والدتها الغاضب .. وصوته المرتفع يحاول ان يضعف الحجج الملقاة من فيه ام عبدالله .. ومن ثم انسحبت تلك الاخيرة .. ليبقى هناك ام فارس في صدمة اذهلتها واقعدتها عن الوقوف : حسبي الله عليكن .. ضيعتن ولدي .. ضيعتن فارس بسواتكن .. حسبي الله عليكن ..




تشعر بثقل في صدرها .. يثقله نزف قلبها .. وتعب لسانها من المحاولة لايجاد مخرج مما قيل .. تقف وتشعر بان تلك الدموع لا ترغب بان تتوقف عن الانهمار .. اصواتهم كطنين موجع لطبلتيها .. وهناك طنين اشد يضرب جدران جمجمتها .. ادارت رأسها لذاك الذي ركع امام والدته : امايه تكلمي .. الكلام اللي تقوله ام عبدالله صدج .. ؟




تراه ضعيفا .. يحاول كما حاولت هي قبلا بالصراخ .. وبالتوسلات المهدرة امام الوجوه .. لا تعلم بما تفوهت به والدتها له .. ليقع جالسا يدس رأسه بين كفيه .. شبيب انهار .. كما لو ان جبل انهار فجأة فانهارت له اجنحة المكان .. خطواتها المنهكة تحملها على السير للوراء .. فصدق القول بفعل الجسد من ذاك القوي في نظرها .. لا تزال معمعة النبرات تخترق مسامعها .. غضب .. يتلوه غضب .. فانفجار اصوات تدمي روحها .. لتمشي مبتعدة ما ان وصلت عتبة باب المجلس .. هل رأيتم يوما جثة تمشي على الارض ؟! .. هي كذلك في هذه اللحظة .. تشعر برجفة تعتريها .. والاصوات تلاحقها إلى غرفتها .. حتى اغلاق الباب من خلفها لم يسكتها .. لتقع راكعة على الارض .. تسد اذنيها تصرخ في داخلها بـ " كفى " ..




انسحبتا عن اذنيها لتقعا بجانبها .. تشد الانامل الى راحتها شدا .. وجذعها ينحني كما لو ان وزناً بغرار وزنها يقبع على ظهرها .. لتتتابع انفاسها .. وشهقاتها .. حتى ذرات الاكسجين باتت مثخنة برائحة غريبة لا يقوى صدرها على استيعابها .. ودموعها ترويها ملوحة حزن .. هل انتهى كل شيء ؟




تشعر بأن جميع عضلات جسدها متشنجة .. لا تقوى على تحريك اطرافها بسببهن .. والكلام الآنف يعيد نفسه مرارا وتكرارا .. وفجأة وكأن برودة ما استوطنتها .. تجبرها على احتضان نفسها بعنف .. ومن ثم الانحناء للامام .. فالنحيب الجاف .. وكأن صدرها يتمزق رويدا رويدا .. لتقف بعد برهة بصعوبة .. تجر خطاها الى دورة المياه ( اكرمكم الله ) .. وعقلها متجمد على حديث يخنق انفاسها .. ويبعثر شهقاتها .. لترتجف حين وقفت اسفل الماء المنهمر في مربع الحوض الصغير.. بعباءتها وبملابسها الجديدة التي اختارها هو لها .. دقائق واذا بها تحرك كفيها على ذراعيها بقسوة .. تدعكهن وكأن بهما وسخ لا يتزحزح .. كفها اليمنى لا تزال متدثرة بالشاش الابيض .. والاخرى عانقتها نقوش حناء زينتها .. ترفعها امام وجهها .. تتأمل راحتها وحديث قديم مرت عليه خمسة ايام يعود يتخلل تعبها ..




قهقه يومها حتى فر الدمع من عينيه .. وهي كانت مشدوهة له .. افعاله مختلفة منذ ان ابتعدت تلك السلوى عنه .. وهي لا تجرؤ على السؤال .. فلقد وضع حدود لا يجب ان تتخطاها هي .. تكتفي بالقول السائد انها ترغب بالعيد بين اهلها .. ضحكاته اجبرتها على الابتسام .. فلقد اضحكته بعبارتها " تراها عمية ما تشوف عشان تغار " ..

كانت تلك الجملة ردا عليه حين قال " حرام تحنين وحدة والثانية لا .. تراها بتغار " ..




ضحكت وهي تشد قبضة يسارها وتنزلها رويدا .. ومن ثم بكت .. هل يضحك هو كما هي كمدا .. ام انه جبل راسخ يحيل كُل شيء لاختبار من الله ؟ ..




جلست القرفصاء بتعب ألم بها .. وهناك مرارة تستوطن روحها .. واشمئزاز من ذاتها تكدس ولم تعد تطيقه .. لتحيل الجنون الى سلاح في اظفارها .. تحاول تمزيق الجسد بهن .. لتسحبهن مرارا على ذراعيها .. فصدرها .. ورقبتها .. وتنتحب ..





,,

الهدوء كان غريبا في غرفة شقيقتها .. الا ببعض مناوشات بينها وبين كلثم الجالسة امامها .. تحاول تسريح شعرها المتبعثر جراء العب المتواصل مع هاشل في ساحة المنزل منذُ ساعة خلت : كلثوم اعدلي راسج .. خليني اربط شعرج وانخلص ..



" بس يعور " .. صرخت بها الصغيرة وهي تغلق عينيها بقسوة حتى اختفت جفونها .. لتنطق تلك وهي تشد شعرها لاعلى : لان شعرج ما شاء الله تقول صوف ياعدة




وتضحك بعدها تحت سخط تلك وكلماتها المتوعدة لشامة .. وما ان انتهت حتى قفزت الاخرى مبتعدة .. لتصرخ تلك بها : وين رايحة ..



وقفت ونظرت لشامة وهي تحرك يديها ببراءة : بروح عند هاشل .. بنبني بييت كبييييير ..



تشير للخلف وتردف : هناك ورا البيت ..



وبعدها جرت مسرعة .. لتطوح شامة برأسها وهي تقف تنفض ملابسها من بعض الشعر الذي تساقط .. وتمتمت : الله يعينكم ع منازع امي ..




تحركت لتضع المشط على " التسريحة " .. ومن ثم خرجت .. لا تعلم مالذي يحدث في المنزل .. الهدوء غريب .. منذ ساعات كان يجتاحه صوت كنة مع عمتها .. وصوت والدتها وجدتها .. واصوات ضحكات من خالها وفارس وشبيب .. والآن لا شيء سوى الصمت ..




توقفت عن سوق خطواتها وهي تنظر لغرفة شقيقتها .. هل هي هناك ؟ خلف الباب المغلق .. ابتسمت وتهادت اليها .. الى غرفة لا تزال مقر شقيقتها .. لتطرق الخشبي ومن ثم تلج .. صوت الماء اخرسها عن النطق .. لتمشي وتقف .. فالباب مفتوح : كنه انتي تتسبحين ؟




لا جواب .. لتشد الخطى تعج بها نبضات الخوف .. وتطل لتراها .. على جلستها تلك .. وحربها لم تهدأ على الجسد المشمئزة منه .. لتتقدم تلك تغلق الماء وسرعان ما تنحني بهلع تحاول رفع تلك المتكومة امامها : كنون حبيبتي شو بلاج ؟



جسدها يندفع للوراء في ذهول جحظت منه عينيها .. دفعتها بقسوة حتى انزلقت بالماء المتبعثر : خوزي عني ..




صرخت بتلك وعادت تحارب جلدها .. هل جُنت شقيقتها ؟ .. كان هذا السؤال يعانق فكرها مع لهاثها المتوتر .. لم ينتبها لتلك الصغيرة التي عادت ادراجها باحثة عن شامة .. وقادتها قدماها الى حيثُ هُما .. لتفزع مما حدث .. وتجري مسرعة .. تناديه بخوف .. تندفع الى حيث قبع في سكون .. ليقف على صوتها : شبشب .. شبشب .. خالوه كنه ضربت شامه ..




لا يعلم كيف وصل هناك يقف ليهوله منظر الاولى .. وتثيره نظرات الاخرى الخائفة وهي لا تزال في مكان سقوطها .. تحرك ليجلس القرفصاء .. يمسك رسغيها غير آبه بمحاولاتها الضعيفة : كنه فديتج اهدي ..




يتهدل شعرها المبتل يغطي ملامحها .. يثير الخوف منظرها ذاك .. لتشد انفاسها تباعا .. شهقات قصيرة متوالية : كيف ..يكون.. اخوي ..



اوقفها ليبعدها عن ذاك المكان قليلا .. وكفاه تبعدان خصلات شعرها للوراء .. ينظر لوجهها : حبيبتي .. ان شاء الله تكون ام عبدالله غلطانه .. لا تسوين بعمرج جذي .. وانا ما بسكت .. بروح اعرف منها كل شيء وبتأكد أكثر ..



ليبتسم ويصمت لبرهة .. ويردف بعدها : ما عندج ثقة فشبيب ؟



تحركت شفتيها .. لتبكي .. ومن ثم تنطق برجفة : لو .. طلع فارس اخوي .. بموت .. بموت ..



دسها في صدره غير مباليا بثيابها المبتلة .. اما تلك فوقفت : شبيب شو اللي يالسه اسمعه ..




رفع كفه في وجهها أن اصمتي .. فلا داعي للحديث في حضرة الانكسار .. الصمت هو الحل في هذه الساعات .. لم تشعر الا بجسد كلثم يلتصق بها : كلثوم روحي عند هاشل ..



هزت تلك رأسها بلا .. لتمسكها شامة من يدها تبعدها عن المكان .. وسرعان ما تعود للغرفة لتجده يجلسها وهي كدمية تتحرك بين كفيه كما يشتهي .. لينظر اليها : شامة ساعديها تغير ملابسها .. وخليها ترقد ..



ليعود ينحني يرفع بكفيه وجهها : بتأكد من ام عبدالله .. لا تفقدين الامل ..





,,

أغمض عينيه .. يرغب بأن يكون كل ما مر حُلما .. بل كابوسا مفزعا .. سيصحو منه على صوت كلثم وهاشل المتنازعان على بعض مفرقعات اشتراها هاشل من عيديته .. او على صوت جدته الزاجرة لهما .. سحب انفاسه وهو خلف مقود سيارته .. لا يذكر مما حدث الا الاحاديث .. وانسحاب الضيوف تباعا .. واختفاء خاله ..




تبا لما يحدث .. لما يبتعد حين اكون بحاجته ليقف بجانبي .. لما ترتحل الافراح عني مسرعة .. ألا يطيب لها المكوث بجواري ؟ .. آآه .. ليت ما كان لا يمُت للحقيقة بصلة .. اللهم لا تخيب رجاءي .. يا رب تكن ام عبدالله متخبطة بين الاسماء .. فاخطأت بأسم احدهما ..




سحب انفاسه من جديد وزفرهن .. ليترجل من سيارته .. تقف قدماه امام باب منزل ام عبدالله .. عليه ان يتحرى الحقيقة .. لربما تاه امرا ما دون ان تشعر هي .. يعود يعب رئتيه بالهواء .. يشعر بان جسده يحتاج لكميات اكسجين هائلة تُعيد له توازن روحة المتزعزعة ..




" هلا شبيب .. حياك " .. نطقها عبدالله وهو يرحب به وجدا .. ليدخل بعدها .. ويشد ذاك خطاه نحو والدته .. يبلغها بان شبيب هنا يرغب في الحديث معها .. اسند والدته لتقف .. باحت له بُكل شيء حين عادت الى المنزل في حالة اخافته .. لتخبره بان تلك الافواه الداعية عليها لا تزال تلاحقها .. هي لم تخطيء .. بل الزمان اخطأ حين ابعدها عن الاحداث ..




بعد سلام بارد منه يشوبه جزع من القول القادم .. جلسوا لتنطق هي : سامحني يا ولدي .. والله ما كان بايدي اللي صار .. ولو دريت فوقتها كان ما سكتت .. بس ..



قاطعها : خالتي .. يمكن انتي مغلطة .. تذكري زين .. السالفة فيها حرام .. فيها طلاق ودمار لاختي وفارس ..



رفع عبدالله نظره عن شبيب متوجها به الى والدته .. لم يرها يوما بهذا الحال .. وكان الصمت يرافقه .. يستمع لها حين تحدثت مسترسلة : يوم طاحت ام فارس مريضة بالحمى كان فارس بعده ولد اسبوع ويمكن اقل .. وولدي عبدالله يومها كان له ست شهور .. خذيته منها ورضعته من صدري الين تعافت .. حتى عبدالله وقفت عنه حليب النهار وصرت أأكله .. عشان فارس ما ياخذه اليوع .. وام فارس بتأكد ذا الكلام لو سألتها ..




كفاه تشابكتا بالانامل .. حتى امتقع لونهما من جراء الشد الذي يكابدانه منه .. بلع ريقه ليسأل : وكنة .. كيف ...



صمت لاول مرة يشعر بانه لا يعرف ادارة حوار ما .. وكأن ممارساته في التحقيق اختفت .. تبخرت .. يتمنى في هذه اللحظة ان تقول بانها لم تكن كنة .. لم تكن شقيقته التي ارضعتها .. ولم يكن هو السبب في حدوث ذلك .. رفع نظره لعبدالله الذي وقف على طلب والدته : عبدالله .. قوم ييب جوازك وجواز فيصل ..




ماذا الآن ؟ هل هناك اثباتات ستخرس لساني عن المحاولة ؟ اشياء مكتوبة وموثقة ؟ رباه اشعر باني في موقف لا احسد عليه .. وتلك لا اعلم عن حالها شيء .. حتى ذاك المختفي .. ماذا حل به ؟ .. لا تخيب ظني يا الله .. فلتكن هناك أخرى ليست بكنة .. ارضعتها تلك القابعة امامي ونست .. فقط لا تكون كنة ..




عاد عبدالله ولا يزال الصمت مسيطر على المجلس .. ليدنو من والدته يمد لها بما في يده .. فتطلب منه ان يعطيها لـ شبيب .. ليرفع نظره يمد كفه يتناولها .. ويتبع عبدالله ببصره حتى جلس .. ليستمع لها من جديد : يوم مستوي فيصل كان عمر كنه شهرين .. يمكن ثلاثة .. ويوم رضعتها كنت توني طالعة من الاربعين ما صارلي كم يوم ..




فتح الجواز الاول ليرى اسم عبدالله .. ويقرأ يوم مولده .. وسرعان ما اغلقه ليفتح الاخر .. عام ثمانية وسبعون وتسعمائة والف . واليوم كان في أواخر شهر مارس .. هذا كان ميلاد فيصل .. وهو يذكر ميلاد شقيقته .. في عام يسبق هذا العام .. وفي آخر اشهر تلك السنة المولودة فيها .. اذا فذاكرة تلك المرأة لم تضعف ..




استطردت : يومها يولدي كان عمرك ثلاث سنين .. يوم العزومة اللي سوتها ام فارس كنت ما تقر ( تهدأ ) .. انت وسالم وعبدالله وفارس والبنيات عفستونا بلعبكم .. وطحت انت علينا يومها وانكسرت ريلك .. ام سالم يزاها الله خير هي وابو سالم الله يرحمه شلوك الدختر بس ما طاعوا يخلون كنه وياكم .. وخذتها ام سالم وياها ..




" وابوي ؟ " .. سؤال بعثره لتجيبه : ابوك كان مسافر .. يتني ليلتها ام سالم وكنه ع ايدها .. وسالم يمشي وراها .. تقولي لحقي البنت مب طايعة ترضع من المرضعة .. واحنا كنا ندري ان ابوك شديد ومحرص ع امك عياله ما يرضعون من غير صدرها .. بس البنت كسرت خاطرنا ..خفنا يصيبها شيء ..



اغلق ما في يده ووضعه جانبا : وليش ما خبرتوا امي يومها .. ليش ما قلتي لها انج رضعتي بنتها وهي غايبة .. ؟



سحبت انفاسها : قلت لام سالم لازم شمسة تعرف .. بس حلفتني ما اقول .. قالتلي ما بيصير شيء .. وان صار هي بتصرف .. ام سالم وامك كانن مثل الخوات .. ويخافن ع بعض .. خافت ان ابوك يطلق امك ع هالسواه .. وحلفت لها ما اعلم دام ما بيصير شيء ..


,,

يــتــبــع |~

تفاحة فواحة 13-08-13 07:48 PM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
لو كُنا نعلم الغيب ماذا كُنا سنفعل ؟ سنلهو .. وسنمرح .. وحين موعد الموت سنتوب .. او ماذا عسانا نفعل .. ان علمنا بان الغد موحشا .. هل سنفضل النوم على الاستيقاظ ؟ .. الحمد لله ان علم الغيب عند علام الغيوب .. ثالث ايام العيد كان كالقنبلة القيت على رأسها .. لتجعلها تردد بحنق : ما يصير هالشيء .. كل يوم له راي ..



ولم تُقابَل الا بالصمت من ابو خالد وام خالد .. ليدعا لها مجال لتفكير .. وبماذا عساها تفكر .. تنهدت لتخرج من غرفتها في هذا اليوم .. تتوجه الى غرفة ليلى .. فتلك لم تغادر منزل ذويها حتى الساعة .. وبقاءها مع بعلها لا يتعدى نصف ساعة حين زيارته .. طرقت الباب وولجت .. لتفاجأ بما تفعله ابنة خالتها .. تفترش الارض وامامها حقيبتها .. وملابسها تكدست بجانبها .. تنتشل منهن وتطويه في جوف تلك الجلدية : شو يالسه تسوين ؟




دون ان ترفع نظرها لمها : مثل ما تشوفين .. اقرر حياتي .. انا هني وهو هناك .. مب حالة ذي ..



رمت بنفسها على السرير .. لتربع ساقيها تشدهما بكفيها نحوها : امج وابوج يدرون ؟



هزت تلك رأسها بنعم دون ان تتفوه ببنت شفة .. لتردف مها : دريتي عن سوايا سلطون ؟ ..



توقفت ونظرها يقع على ملامح مها المحتقنة بشيء من الغضب : اذا ما تبين هالشيء مب مجبورة عليه .. وبعدين هو صاير كل يوم براي .. واسبوعين شو بنسوي فيهن .. آمنا بالله ما يريد حفلة عودة .. بس ع الاقل يعطيج فرصة تتجهزين فيها ..



-
انا ما اريد اعرس بهالسرعة .. كنت مخططة لعقب العيد العود .. وهو الحين ياي يخلف اتفاقنا .. صرت اشك انه بخيل ..



ضحكت ليلى : شكله مغرم وهيمان ومب قادر ع البعد ..



ترجلت عن السرير : اقول سكتي .. قال هيمان قال .. اقطع ايدي ان ما وراه سالفة .. والا ع غفلة يطلع الحب .. ومن منو .. سلطوون ؟




جلست امام ليلى تساعدها .. لتنطق الاخرى : مهوي .. اذا ما تبينه لا تجبري نفسج انج تتقبلينه .. هذي حياة .. مب يوم وليلة .. شوفيني .. كل فترة وفترة الا يصير بينا شيء .. هذا واحنا نحب بعض .. عيل انتي شو بتسوين ؟



تضع ما في يدها في الحقيبة : ما ادري .. بس صرت اميل له .. صح مب حب .. بس كثر ما افكر فيه صرت احس اني اريده .. والحب بيي عقب العرس – لتزداد نبرتها حدة – بس مب عقب اسبوعين ..



" تكلمي وياه " .. قالتها ليلى وهي تغلق الحقيبة .. لتفغر تلك فاهها : هاا ..



وتردف وهي تقف لوقوف ليلى : مينونه انتي ؟ .. شو اتكلم وياه .. حامض ع بوزه .. من غير شور عمي ما بسويها ..



فتحت تلك دولابها تُخرج عباءتها : بسم الله الرحمن الرحيم .. ومنو قالج تكلمينه بدون شور ابوي .. خبري ابوي وهو بيدبرها ..



لتنهي الحديث : المهم .. خالتي للحين ما يت من المستشفى ؟


هزت تلك رأسها : لا .. الله يكون بعونها .. ما ادري من وين طلعلها ويع الركب ..




,,

على تلك المقاعد كانت تنتظر موعدها .. لا تعلم لذاك الوجع سببا .. اجريت لها بعض الفحوصات والاشعة .. وهاهي تنتظر لتعلم داءها .. بيدها مسبحة تتحرك حباتها تباعا .. وشفتيها تنبسان بالتسبيح .. ليشدها صوت امرأة مع ابنتيها .. تعرف هذا الصوت .. لتستدير للوراء .. وتعقد حاجبيها .. فتلك المرأة لو مرت سنين وسنين لن تنساها .. هي من جعلت منها امرأة لا يقودها الا الكره .. قامت واقفة ترفع عباءتها على رأسها جيدا .. لتقف بعد ثواني .. وتنظر تلك للجسد الذي استحل واقفا امامها .. لتزدرد ريقها : حيالله ام خالد .. شخبارج ؟ وشحال العيال ؟



كانت ستدنو لتقبلها الا ان تلك ابتعدت للوراء : وين الاوراق اللي يبتيهن لي ذاك اليوم .. محتايتنهن ..



" هاا " .. نطقتها واردفت : مب عندي .. قلتلج اني يايبتنه بالدس .. لو يدري ريلي كان ذبحني ..



وبصوت خافت به من الحدة شيئا : انتوا ما تخافون ربكم .. تطعنون فالحرمة وتزورون اوراق بنتها واوراق زواجها ..



بتلعثم : ما طعنا فحد .. والاوراق انتي بعيونج شفتيهن وقريتيهن .. ما تبلينا ع حد ..



-
حبل الكذب قصير .. وبنت خالد طالعتله .. وانتوا بيوصلكم خير عن قريب ..




انتهى اللقاء بذاك الحديث المبطن .. لينتاب شيخة هلعا لم تدركه يوما .. انكشف امرها وامر بعلها .. وامر تلك المقيتة اخته .. نست فيما جاءت .. لتصرخ عل ابنتيها بالرحيل .. وطوال الطريق كان عقلها يضرب اخماسا في اسداس .. لعل عيد يجد مخرجا فيما وقعا فيه ..

نزلت من سيارة الاجرة تتبعها ابنتيها .. لترمي بعد دقائق عباءتها بغضب على سريرها .. وتطوي الساحة الخالية في تلك الغرفة ذهابا وايابا .. ان كُشف الامر فعن السجن لا مفر .. ماذا عساها تخبره .. عودته الى المنزل باتت وشيكة .. تنهدت : كله منك يا عيد .. كله منك ..




" شو سويت بعد ؟ " .. قالها وهو يلج .. لتلتفت له .. يرمي ما على رأسه على السرير ويهم لخلع ثوبه : التقيت بام خالد اليوم فالمستشفى ..



-
انزين ..



قالها وهو يرمي بجسده على السرير ينتظر منها المتابعة .. وقد كتف ذراعيه خلف رأسه مستندا.. لتنظر اليه : يدرون عن سالفة الاوراق ..




دون مبالاة قال : مب شي يديد .. تراج بروحج رايحتلهم ..



لتنطق بغضب : يدرون انها مزورة .. وام خالد تقول البنت طالعة لابوها .. وحبل الكذب قصير .. والخير ياينا فالطريق ..




صمتت حين رأته يجلس وقد اكتساه هلعا من الحديث .. ومن ثم استطردت : تدري الخير فشو .. الخير فشبيب وجابر .. الخير فالحبس اللي ما حسبت حسابه وانت تدبر وتخطط ..




" تفلي من اثمج" .. قالها وهو يترك السرير مبتعدا نحو دولاب الملابس : الله لا يقولها ..



تراه ينحني يخرج الاوراق من ذاك الدرج : شو بتسوي ؟



اعتدل وخط الخطى نحو جانب اخر من الدولاب : قومي جهزي اللي بتقدرين عليه .. الليلة مالنا بيات فهالبيت ..



-
عيد انت ناسي اني حامل .. تباني اشل واحط ..



-
عيل يلسي وباتي فالحبس ..



تبعثرت خطاها في المكان بتوتر .. لا تعلم من اين تبتدئ .. لتسأله : انزين وين بنروح ؟



صمت وهو يفرغ جهته من ذاك الدولاب .. لا يرى الآن سوى الهرب .. فقد تحمل قضية التزوير قضايا أخرى هو في غنى عنها .. سيبتعد الى مكان لا يمكن لشبيب او عائلة خالد ان يجدوه فيه .. سيبدأ من جديد حياة أخرى .. سيقطع صلته بالجميع وأولهم عوض الذي يتقاسم معه اشياء مُخبأة ..




استنفر المنزل كاملا على مدى ساعتين من الوقت . لتتكدس الاشياء في سيارة الـ" بيك أب " البيضاء .. ابنتيهما تسوقان الاكياس من المنزل اليه حيث يقف .. ويرمي بهن في أي مكان فارغ يبصره ..

ليصرخ : وين امكن .. ياللا ما عندنا وقت ...



لتقف عند اعتاب الباب تحمل صندوق يعج بالاحذية : تباهن .. والا نخليهن ..



" لا بارك الله فيج من حرمة " .. واردف : انتي من الصبح شو يالسة تجمعين .. ليكون خلاقين مني ومناك ..



حركت فيها بسخط : والله ما بطلع من البيت وبخلي ساماني ( حاجياتها ) .. واصلا ما باقي الا هالنعلان .. اذا تباهن بصرهن فكيس ..




" عقيهن " .. صرخ بتلك الكلمة ليغلق الباب الخلفي بقسوة .. وبعدها يشد الحبال من اليسار الى اليمين على الامتعة : ياللا سكري الباب وتعالي ويا بناتج .. ما بترياكن .. اخاف فاي وقت يطبون علينا ..



وقفت وهي تشد بعباءتها على جسدها : مب ناسي شيء ؟



لم يجب عليها .. ولاذ بالصمت ليتركها متخذا مكانه خلف المقود .. وما هي الا دقائق حتى ابتعدوا .. لم يبقى لهم في المكان الا بيت يعج
بالاثاث .. وستعثوا به العناكب بعد حين ..




,,

ياليت .. كثيرا ما ننطقها .. أملا منا في تفادي ما يحدث .. وهو ينطقها تباعا في جوفه .. يجلس وقد احاطت به هالة وجع لا يعلمها الا هو .. تحيله الى انسان لا حول له ولا قوة .. هل قادته قدماه للرجوع حتى يصدمه الواقع شر صدمة .. سحب انفاسه ليسقط رأسه على الجدار المستند عليه بالكرسي البلاستيكي .. وكفه تعانق خصلاته السوداء .. تسحبهن للخلف .. ذاك المنذر ساعده في حمل فارس .. وضج نفسه بالحدث الجم ومن ثم رحل .. رحل وهو لا يزال يتساءل : كيف حدث كُل هذا ؟




رفع معصمه ليرى الوقت المقارب للساعة الرابعة والنصف عصرا .. لو لم يصل في الوقت المناسب لأدى انخفاض الضغط في جسد ذاك المسجى على السرير الى اعراض لا يحمد عقباها .. تنهد وهو يعيد حديث منذر .. سر مثل هذا يدس عن الجميع .. ولماذا ؟ .. استغفر ربه .. لينزل رأسه عن الجدار .. ومن ثم يقف يشد جذعه .. واذا بذاك يستيقظ اخيرا ..



التفت على الصوت : اخبار كنه ؟



ابتسم وهو يحث خطاه وبيده حمل ذاك الكرسي .. يضعه بجانب السرير ويجلس : بخير ..



بلع ذاك ريقه الجاف بصعوبة .. ليحاول اجبار نفسه على الجلوس ... تحرك حارب ليساعده .. يراه متعب .. فيبتسم لعله يريحه .. حتى وان كانت تلك الابتسامة كاذبة : الحمد لله ع السلامة ..




" الله يسلمك " .. قالها وصمت .. نظره يتسمر للامام دون هُدى .. وهناك شعور بالضياع ينتابه .. يدرك ما سمعه جيدا .. لا زال الحديث قابع في عقله .. ليس الامر بتلك البساطة ليتناساه .. اربعة سنوات ليست بالعدد القليل ليرميه خلف ظهره ويتابع حياته وكأن شيء لم يكن ..




مخيف ذاك الصمت من قبله .. يقسم حارب في هذه الساعة انه لا يعرف صاحبه .. هادئ وجدا .. حتى انفاسه لا يستطيع ان يميزها إن كانت غاضبة ام لا .. وهو لا يجد ما يقوله ليسعف به حال ذاك ..


تبعثر الصمت فجأة حين قال : تدري .. إن الحصان اذا عاشر اخته بدون ما يدري وبعدين درى .. ينتحر ..



" شو اللي تقصده ؟ " .. سؤال لم يجد من فارس عليه الا ابتسامة متعبة .. ومن ثم قال بألم : اربع سنين .. اربع سنين يا حارب .. وانا متزوج اختي .. ظنك شو بتكون حياتي ..



انتفض الاخر واقفا بغضب : بس احنا مب حيوانات .. عندنا عقول نفكر فيها .. واللي صار قدر من ربك .. ما اتيي الحين تعترض عليه وتفكر تفكير جهله ..



كفه تقع على كتف فارس .. وبهدوء : فارس .. انت مؤمن .. احمد ربك انها يت ع هالشيء ..



التفت له بعيون تكاد ان تغرق بدمعها : وهالشي تظن انه سهل .. تظن انه بيروح ..




" آآآآه " .. مدها طويلة موجعة وهو يسقط رأسه للخلف : كل ما يموت لي ولد .. كنت ادعي ربي واقول .. اللهم ان كان هناك ذنبا غفلته فلم استغفر عنه .. فغفره لي ...



اغمض عينيه لينساب دمعه .. ضعيفا كان .. ليس فارس الذي عهده .. ليردف وهو يطرق برأسه الجدار : والذنب كان عود .. عوووود يا حارب .. عوود ولا دريتبه ..



ارتفع كفه الايسر ليعتصر جبينه بانامله .. ماذا عساه ان يفعل : بخبرهم يخلوك هني يومين .. الين ترتاح ..



" خايف مني ع نفسي ؟ " ... قالها وهو يكفكف دمعه .. لينطق الاخر : خايف ع صحتك .. اتصلت بعمر وخبرته انك هني ..




فالأصمت عن الكلام .. يكفي ثرثرة يا حارب .. أأخبره بان والدته قلبت المنزل مناحة كما قال لي عُمر .. وبانه لا يستطيع تركها خوفا عليها من امراض بها .. أم اخبره بان بي خوف على صاحبي الاخر وارغب بالذهاب اليه .. آآه كم ان الامور باتت تتخبط ببعضها ..




عاد ليقبع على ذاك الكرسي .. وهو يرقب فارس الذي وضع رأسه على الوسادة البيضاء .. يعلم بانه يحاول الابحار بعيدا عن الواقع المر الذي تكالب عليه .. كتف ذراعيه على صدره .. وهناك حديث متأجج منه لنفسه .. عن حال صاحبه الاخر .. كيف عساه يكون في هذه الساعة .. وهي .. شقيقته المقربة منه .. هل تبكي كما بكى فارس .. ام انها انتحبت حد الاختناق بالوجع ..




مر الوقت ليقف يتأكد من ان ذاك المتألم غاب خلف عالم النوم .. ليحث خطاه خارجا من تلك الغرفة .. سيتصل بشبيب يسأل عن حاله .. فلن يستطيع ترك فارس بعد ما باح به عن الانتحار .. الهاتف يرن مرارا .. ولكن لا من مجيب ..


,,

يــتــبــع |~

تفاحة فواحة 13-08-13 07:51 PM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
فذاك الـ شبيب ترك هاتفه في منزله .. يجلس في المسجد بعد ان صلى العصر .. المكان خالي الا من جسده .. يتذكر كلام ام عبدالله حين سألها عن عدم معرفتها بما حدث .. كيف لم تصلها الاخبار وهي القريبة من ام سالم وجدا كما اسلفت .. حينها تنهدت وقالت : يا ولدي من سبع سنين انقطعت اخباركم عني .. وقبلها كانت حرب الكويت اللي ما خلتنا نعرف نعيش .. كنا ماسكين قلوبنا بايدينا .. يوم خلصت هذيج الحرب الله لا يعيدها .. ردينا هني انا وابو عبدالله .. ما طولنا .. ويومها التقيت بام سالم .. واللي خلاني ما احاتي انها قالت انها تبي كنه لسالم .. وتترياها تخلص مدرسة وبتخطبها .. عقبها ما رديت هني .. ولا ابو عبدالله قام ايي .. لان المرض ما خلاه يقدر يروح وايي .. ولولا عبدالله اللي وسع معارضه وفتح واحد هني كان ما شفتنا .. وكنت ما دريت بالمصيبة اللي صارت ..



تنهدت واستطردت : واللي ريحني ان ام فارس وشمسه صار بينهن خلاف .. هذا اللي عرفته من ام سالم من سبع سنين .. يا ولدي .. لو دريت بان هذا اللي بيصير كان ما رضعت ولا بليت عمري .. سامحني ..





سحب انفاسه يحاول ان يسيطر على ما تبقى من رباطة جأشه .. ليقف .. يترك المكان .. هناك مواجهات عليه ان يقوم بها .. وامور عليه ان يفهمها .. قاد سيارته ببطء .. حتى وكأنه لا يرغب بالوصول الى منزله .. سبقه بدقائق منذر داخلا الى المنزل .. لتقف تلك القابعة في الصالة يعتريها الخوف .. وعلامات استفهام كثيرة لم تستطع ان تجد لها جوابا .. فوالدتها تبكي وجدتها تفترش سجادتها لا ترغب بمغادرتها .. وكنة تدعي النوم او لعلها نائمة .. لا احد في راحة سوى هاشل وكلثم المتسمران امام لعبة " البلايستيشن" .. حتى ان صراخهما يجبرها على الابتسام بين الفينة واختها ..




وقفت وشدت خطاه اليه .. علاقتها معه مختلفة عما مضى : خالي ..



نطقتها ليقف ينظر اليها . وجهها الشاحب .. عيونها الباكية .. وارتجاف شفتيها : صدج ان فارس يصير ..



اغمض عينيه وكأنه يؤكد لها ما نطقت .. لينطق : وينها كنه ؟



" راقدة " .. قالتها ومن ثم اردفت : متأكدين .. ترا والله حرام اللي يصير .. كنه تموت ففارس .. وهو بعد ..




لا يعرف لتهدأت النساء سبيل .. ليس كـ شبيب .. يسحبهن في حضنه .. يسجنهن بذراعيه .. آخر عهده بحضن امرأة حين كان في السادسة من عمره .. حين احتضنته والدته بقسوة وكأنها ترغب بأخذه معها الى مثواها الاخير : لا تصيحين .. قدر الله وما شاء فعل ..



بعثر نظره في المكان : وينهم ؟



بظهر كفيها اخذت تمسح دموعها : امي فحجرتها .. تصيح ولا ترد علي .. ويدوتي بعد فحجرتها تصلي .. وشبيب طلع من قبل العصر .. قال يريد يتأكد من ام عبدالله .




ما ان اتمت كلامها حتى القى السلام على مسامعهما .. ليرداه بخفوت .. وبشيء من الغضب : انت وين رحت .. مخلي الكل ورايح .. ما تقول في ناس بيحتايوني .. والا ما همك الا نفسك ..



" كنت وييا فارس " .. قالها ليصمت شبيب وانظاره عليه .. ليكمل : طلع من الميلس وطلعت وراه لقيته طايح وحارب عنده ..



حارب .. تكرر هذا الاسم في فكر شبيب كما هي .. ليخبرهم ذاك بانه عاد البارحة من سفره .. ويطرح ذاك سؤاله : فارس بخير ؟



سحب انفاسه : الله يكون بعونه ..



تركهما مارا من بينهما .. سيذهب ليختلي بنفسه قليلا .. لا يرغب بالمزيد من تلك الاحاديث المؤلمة .. اما هي فظلت في مكانها تتبع شبيب بنظرها حين تركها ليلج الى غرفة كنة .. يثني ساقه اسفله جالسا على جانب السرير .. لتهوله الجروح على ذراعها الايمن العاري ..


نائمة على جانبها الايسر .. او تحاول ان تنام .. احست به حين دخل .. بكفه التي مسحت على رأسها مرارا .. لتنطق : شو صار ؟



كفه الايسر تسد فيه وتنسحب على لحيته .. أيخبرها بان كُل شيء انتهى ؟ .. وأن فارس لم يعد لها زوجا .. ام يصمت وكفى .. اعادت السؤال حين لم تصلها اجابة منه .. ليجيبها : قل لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا ..




لتنكمش على نفسها .. يسمع بكاءها .. وكأن الامل هو ما كان يجبرها على الصبر وعدم ذرف الدموع .. وانقطع حبل الرجاء في غلط كان .. لم تكن هناك اخطاء .. لم يكن هناك الا رصاصات حارقة لقلبها .. يده لا تزال على رأسها .. لينحني هامسا : كنه .. فديتج لا تصيحين ..




يقسم في هذه اللحظة ان قلبه كطير مذبوح .. وان وجعها يصب في روحه وجعا مضاعفا .. وبكاءها المتقطع يقطع جسده دون هوادة .. ويقسم انه لوجع عظيم لم يعهده يوما ..



لم يستطع الا ان يتركها ويبتعد .. لعل الدمع يرهقها فتخلد الى سُبات راحة .. تقدم من تلك التي لا تزال على وقفتها .. وبها شرود غريب : شامة .. اتصلي بالدختورة اللي تتعالجين عندها .. حالة كنه لا تسر عدو ولا صديق ..



افاقت من شرودها على صوته : ما ترد علي .. من قبل العيد وانا اتصل وهي ما ترد .. حتى فالعيادة محد يرد ..




" حاولي " .. قالها وقد عانقت يده كتفها .. ومن ثم ابتعد .. لتقع تلك اليد على مقبض باب غرفة جدته .. لربما هو بحاجة لها الآن .. لربما بامكانها ان تضع بعض النقاط على الحروف .. ولج .. لتلتفت له وهي لا تزال على سجادتها وتلك المسبحة تتحرك دون هوادة بين اناملها المجعدة .. دنى ليقبل رأسها ويجلس على ركبتيه : مب فاهم شيء ياميه ..




لاول مرة لا يجد من تلك العجوز حديثا .. لاول مرة يبعثر الاسئلة دون ان يجد لها جواب شاف في حضرتها : ليش صار اللي صار .. الرسول قال لنا .. الحلال بين والحرام بين .. وبينهما مشتبهات ..



وقف صارخا : معقولة ابوي ما يعرف هالحديث .. معقولة امي ما تدري ان الشك في الشيء يمكن يبطله .. جاوبيني يدووه .. الله يخليج جاوبيني ..




" انا بجاوبك يا شبيب " .. قالتها شمسة وهي تقف عند عتبة الباب .. لتغلقه من بعدها .. ويقف هو ينظر اليها لبرهة ثم يغض بصره للارض : يوم يتنا ام سالم تخطبها لولدها .. ابوك رفض .. قال .. ما ازوج بنتي لواحد مثل سالم ..



قال بحسرة : ياليته زوجها اياه .. ياليته وافق ..



-
تريده يوافق وهو كل ما عنده عياله .. نسيت انه طعنك بسكين فيدك .. وابوك يموت ولا يعطيه حد من خواتك عقب سواته ..



-
كنا طايشين .. تضاربنا ..



مسحت سيل دموعها .. واكملت : انا ما دريت عن السالفة ..



ارتفع صوته من جديد : وام سالم .. ما يتكم تخبركم ؟ .. ما احلفتلكم ايامين ان فارس اخو كنه .. ليش ما صدقتوها .. اصلا ليش زوجتوهم .. ليش ما تريتوا نصيبها مع غيرهم ..



-
ابوك حلف الا يكسرها ويكسر ولدها .. وكان متأكد ان كلامها كذب .. يوم سألها منو شهودج .. قالت ام عبدالله .. وام عبدالله منقطعة اخبارها من سنين ..



" يكسرهم ؟ " .. تبعها بضحكة ساخرة .. ليلتفت لجدته التي لا تزال على سجادتها : سمعتي يا اميه .. ابويه كان يتحداهم .. ابويه بغى يكسرهم وكسر بنته بدون ما يدري .. وفكل المرتين انا السبب ... يوم رضعتها ويوم زفوها لاخوها ..




" شبيب " .. نطقت بها شمسة .. ليسكتها بيده .. ارتجفت شفتيه ليقمعهما بكفه . يدوس عليهما حتى لا يخذلانه .. لا يوصلانه لامر لا يرتضيه شرع .. نطق : خلوني ..




وبعدها انسحب .. تاركا المكان لتنهار فيه والدته على ركبتيها باكية .. وتصدح تحوقلات الجدة مزعزعة الاركان ..


,,

هنا اقف وموعدنا يوم الاربعاء في نفس هذا الوقت مع الجزء الثاني من الزفرة 29

/////






همسة :: لا تدعن الايام تسرقكن .. واغتنمن شوال لقضاء الدّين وصيام الست .. وتقبل الله صيامكم ~


تفاحة فواحة 20-08-13 06:38 PM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
اصوات مختلطة .. لا تستطيع ان تميز منها شيء .. وطاولة انتبذت لها في زاوية ذاك " الكافية " مكانا .. وشاب بالثوب الاماراتي قد تأنق .. يتناول كوب " لاتيه " ويستمع للاخر الجالس قبالته .. احاديث بعثراها عن الاحوال ومن ثم الصمت يداعب الدقائق بينهما .. لينبس ذاك الشاب بعد ان ارتشف من مشروبه المفضل : يعني خلاص بتبدا الشغل ان شاء الله ..


-
هيه .. ولو اني متخوف .. حاس اني مب قد هالشغلة .. صح اني درست وتفوقت .. بس ابد ما خطر فبالي اني اكون معيد فالجامعة اللي درست فيها ..



-
اشوفك مب متحمس .. وكنك مغصوب ع هالشيء .. مب انت اللي اخترت هالتخصص .. قلتلك تعال وياي ندرس بزنس بس ما تتعييا ( تقتنع )



قهقه لبرهة .. ثم سحب نفسه للوراء مستندا بظهره : تدريبي عشقت العربي .. من ايام الابتدائية والرسوم المتحركة ..



رفع حاجبيه بدهشة : يعني اللي حببك فيها الرسوم – ليردف بسخرية – ماذا دهاك يا اخي ؟



ليضحكا سوية .. ومن ثم يُكمل : شوف اللي انت فيه تخوف من البداية .. دايم البدايات نشوفها شيء صعب .. نقدم فيها خطوة ونأخر عشر .. ونتكاسل شوي شوي .. وانت من زمان متخرج .. ويمكن لو موافق ع هالوظيفة قبل تسافر ما كنت متردد مثل الحين ..



ليرتشف رشفة ويستطرد : هو اول يوم .. او فيك تقول اول اسبوع .. بتحس بغربة بس شوي شوي بتتعود وبتنخرط مع الدكاترة والطلاب .. شوفني ما شاء الله علي .. اعطي محاضرات في كلية التقنية وعندي شغلي الخاص .. واللي اعرفه عنك انك كاتب .. واذكر يوم تقول .. بتشوفون كان ما ترست هالمكتبة من كتبي ..



ابتسم لينحني يحرك اكياس السكر الصغيرة التي لم يرغب بها في كوب الـ " كابتشينو " الذي لم يرتشف منه الا بضع رشفات ليتركه : كانت احلام وراحت فحال سبيلها ..




" نتحرك ؟ " .. سؤال طرحه صاحبه وهو يقف يحمل هاتفه من على ظهر الطاولة .. ويعيد اطراف " غترته " للامام ليردفهن من جديد للخلف .. ليقف ذاك بمعيته .. يخرجان من " الكافيه " ومن ثم يتوجهان الى مخرج " المول " .. ولا زال الحديث بينهما قائما : ما اظن انها احلام يا بطي .. يمكن الغربة غيرتك .. بدلتك .. بس بتبقى بطي اللي درست وياه الاعدادية والثانوية .. والتأسيسي فالجامعة .. حتى التخصصات اللي اخترناها ما فرقتنا .. وادري ان عشقك للقلم ما بيزول بسهولة .. يمكن ينام بس ما يموت ..




خرجا ليضرب الهواء ثوبيهما .. ويردف بطي نظارته الشمسية على عينيه ..لتقع بعدها يده على ظهر صاحبة بضربة مداعبة : وصاير تقول درر من ورايي يا ربيّع ..



ومن ثم ضحك : للحين اشوف ان اسمك مب لايق عليك .. احسه يناسب واحد عبد (اسمر) .. جسمه كبير .. وكنخرته ( أنفه ) تقول مدق ثوم ..




" اما عليك اوصاف يا بطي ؟ " .. ليضحك ذاك بشدة وهو يفتح باب سيارة صاحبة ليركب .. ويتخذ ربيّع مكانه خلف مقود سيارته : قلتلك ما تغيرت .. ما صدقتني ..



واردف بمداعبة : بعدك بطي – وشد على نبرته - ثقيل الدم ..



ضحكاتهما تضج بالاجواء .. واحاديثهما المفعمة بالفرح تطرد دقائق الساعة لتحل غيرها .. لينتبه ربيّع على بطي وهو يشد بقبضته على ذراعه الايسر : اخوك يدري ؟



" حادث " .. وكأنه بهذه الكلمة يخرس صاحبه .. ليردف : مابغي حد يدري ..



تنهد الاخر ونظره على الطريق : انزين سو العملية ع الاقل ترتاح من هالويع ..



يده تتحرك على ازرار الراديو يبحث عن قناة تبعثر جو التوتر الذي شعر به .. لينطق من بين انهماكه : يبالها فلوس .. وما بسويها فالبلاد .. المستشفيات هني صايرة تخوف .. كل يوم نسمع عن غلط طبي .. الله يكافينا ..



انتفضت شهامته : آمر من الف لميتين الف .. رقبتي سدادة ..



اعتدل على الكرسي بعد ان استقر على اذاعة " ابوظبي اف ام" .. وبرنامج يتخللها ليخفض على الصوت ويجيب صاحبه : ما تقصر .. بس اريد اسويها من فلوسي وعقب ما اعرس ان شاء الله .. ع الاقل تكون وياي حرمتي تباريني ..



وضحك بعدها .. ليجاريه ذاك بضحكة ساخرة : عيل انطر ياحمار .. ترا الحين العرس يكلفك اكثر من ثمن عمليتك بوايد .. الا اذا بتاخذ من اهلك وبيهونون عليك .. والا لو من بعيد .. المهر يوصل خمسين الف ومرات مية .. هذا غير فلوس العروس وامها وابوها .. وحتى اخوانها بعد بيتشرطون ..



-
اوف اوف .. عز الله ما عرسنا .. وانا اللي افكر بعد ست شهور من استلامي للشغل اعرس .. وفهالشهور ابني لي قسم ..



نظر اليه واعاد نظره سريعا على الطريق المزدحم : ومن وين لك فلوس تبني ؟ الا اذا بتاخذ من اخوك ..



انحنى يغلق تلك الاذاعة المبعثرة لمزامير الشيطان : بقدم بقدم ع قرض .. البنوك ما بتمانع وخاصة ان راتبي بيكون عود ولله الحمد ....



ضحك ربيّع : شو لك بالقروض وصدعة البنوك ؟ .. .. وبعدين بيت اهلك مويود .. اسمعني يا بطي اذا تدور الراحة خل العرس ع صوب .. ومتى ما الله فتحها عليك عرس .. لا تبدا حياتك بالديون ..



وباستفسار متعجب اردف : ليكون محطي العين ع حد ..



انفجر الاخر مقهقها : لا والله .. ولا عندي حد يدورلي ..



-
انت بس عزم .. والعيوز ما بتقصر ( يقصد والدته )



-
الله يعطيها طولة العمر ..



-
آميين






[/COLOR]
[/SIZE]كريح عاتية بعثرت معها الاخضر قبل اليابس .. اقتلعت الهدوء في ايام يقال انها مزدحمة بفرحة العيد .. الجميع منزويون خلف الجدران .. الا هي جلست وحدها في تلك الصالة .. وبيدها هاتفها .. مرات عديدة ضغطت زر الاتصال لعل صوت تلك الطبيبة يرأف بحالها عبر الاثير .. ولكن لا شيء سوى القلق والخوف من عدم الرد الذي طال .. تنهدت وهي تتذكر حديث خالها عن حارب .. لا تعلم لما انتابتها حرارة غريبة .. سرت في جسدها دون ارادة منها .. أهو الخوف من العودة اليه ؟ أم الشوق لايام الارتباط الهادئة ؟ [/SIZE]



رفعت رأسها لصوت هاشل الواقف امامها : شو مستوي .. ليش امي يالسه تصيح فحجرتها ؟



تحول نظرها لتلك الناطقة وهي تقف بجانب هاشل : وبعد خالوه كنه اضربت شامة .. وشبشب كان يصارخ ..خوفني ..



ابتسمت لهما : ما مستوي شيء ..



صرخ في وجهها : لا تضحكين علي .. انا مب صغير ..



" هاشل مب فاضية اشرحلك " .. نطقتها وهي تقف لتردف : روحوا لعبوا .. ومالكم خص فسوالف الكبار ..



تأفف وامسك بكف كلثم ليخطو مبتعدا : بروح عند بروك احسن منكم ..




جرت خلفه لتمسك يد كلثم توقفه عن جرها خلفه : كلثم ما بتروح وياك .. وانت لا تروح فهالوقت ما باقي شيء ويأذن المغرب ..



" أوووف " نطقها بعنف واكمل : كل شيء ممنوع هني .. وين خالي .. خليه يوصلني .



بثوب نوم مقلم قصير الاكمام وقف وقد بدا عليه الانزعاج وخير دليل انعقاد حاجبيه : وين اوصلك ؟



كفوا عن الحديث ملتفتين له .. وينطق ذاك بحدة : اباك توصلني بيت عمي ..



" وانا بعد " .. قالتها كلثم وهي تقف تدعي الغضب كما يفعل هاشل .. لم يعرهم اي اهتمام والتفت لشامة المتأففة : حطيتي الفطور ليدتج ؟



شهقت ويدها تعانق صدرها : نسيت ..



لتردف : والله اللي صار نساني انها صايمة ..



تحركت : ما ادري اذا شيء جامي باقي من اللي يابته خالتي ام ناصر ..



واكملت طريقها وهي تعاتب نفسها وجدا .. ليتنهد هو ناظر للجسدين الضئيلين الواقفان : تبون تروحون ؟



صرخا بقوة معا : هيه .



لعل ابتعادهما عن المكان خير لهما .. ولكن ماذا عن كلثم ؟ .. حمحم حين اعاد التفكير في قوله .. سيبعدهما عن المكان ولكن ليس لبيت حمد : روحوا تجهزوا .. بنروح الالعاب ..



بفرح اطفال تسارعت الخطوات وحديث بريء يتبادلانه بمرح .. ليبتسم ويختفي هو من المكان ايضا .. لعله يبحث عن راحة لنفسه عن طريقهما .. لا يهم ان نعتوه بِـ الامبالي .. ما يهمه الان هو ان يرتب ما زعزعه الحدث في داخله .. كذاك الحدث القديم حين زعزع ثقة الاخرين به .. واضطره للابتعاد خارج حدود دولته لدراسه ..




ولج الى غرفته .. يُبدل ثوب نومه ببلوزة نيلية وبنطال اسود .. ليردف على رأسه بقبعة سوداء تخللتها نقوش نار باللون البرتقالي يخالطه الاصفر .. وسرعان ما قبع على سريره .. ينحني يدس يده اسفله ساحبا حذاءه الرياضي ..




دائما تفضل الهرب .. تبتعد .. لا تجيد المواجهات .. قد يرمي لسانك حديث لن يحتمله احد .. الهروب حيث تكون مع افكارك وحدكما .. مع ماضيك .. مع حاضرك المتذبذب ..



وكأن روحه كانت تعاتبه ليحادثها : لستُ جبانا .. ولكن الخوف مني عليهم هو من يبعدني ..




صوت هاشل من خلف الباب مناديا له ويستعجله للخروج ، ابعده عن حديث نفسه .. ليتنهد ويقف يشد القبعة جيدا على رأسه .. ليخرج لهما ويرفع حاجبيه لتقافزهما امامه .. واحاديث مختلطة منهما : بركب قطار الموت ..



وترد عليه كلثم : لا بنركب هذيك اللي تدور فوق ..



وغيرها من احاديث طفولة ابتسم لها وهو يمشي من خلفهما وكأن حاله يقول " يا من شرى له من حلاله عله " .. ليصادف شامة عند عتبة الباب وبيدها صينية احتوت على صحن تمر .. وصحن " جامي " .. وكوب عصير برتقال وكوب ماء .. ترك لها مجالا لتدخل : وين رايحين ؟



سؤال بعثرته بامتعاض .. ليجيبها وقد ولاها ظهره : بشلهم الملاهي .. بسوي فيهم خير .



دعت له بالعافية .. واكملت المسير الى غرفة جدتها .. تلك العجوز هادئة جدا من بعد تلك الثورة التي اطلقتها في وجوه تلك النسوة ومن بينهن ابنتها .. اوكلت لذراعها اليمنى مهمة الامساك بالصينية .. لتفتح الباب بعد ان طرقته بخفوت .. ترى جدتها جالسة وبيدها مسبحتها العتيقة .. اقتربت لتضع الصينية امامها .. وقبل ان تستقيم انحنت على رأسها تطبع قبلة سريعة : الله يتقبل منج يدوتي ..



واردفت : سمحيلي اللي صار نساني اسويلج شيء .. لولا خالي اللي ذكرني والا اذن وانتي ما فطرتي ..



جلست بجانبها : بس ان شاء الله من اصلي المغرب بسويلج عصيدة ادريبج تحبينها ..



" يزاه الله خير " .. قالتها واستطردت وهي ترفع نظرها لشامة : شخبار اختج ؟



ساد الحزن ملامحها : كل شوي اشوفها .. ما قامت من فراشها .. من عقب ما خلاها شبيب وهي ع ذي الحالة .. اخاف اوعيها والا اكلمها ..



تحوقلت تلك العجوز .. تنظر الى الصينية امامها .. وتنتظر ان تصدح مكبرات الصوت باذن المغرب وتباشر هي افطارها .. قالت : وامج ؟





الجامي : خلاصة لبن الماعز او البقر .. يتكون نتيجة طبخ اللبن على نار هادئة فتغطيه طبقة كثيفة وهي ما تسمى بـ الجامي



,
,




يــتــبـــع ~

تفاحة فواحة 20-08-13 06:40 PM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
لأول مرة تناقش والديها مطولا في امر حياتها .. استمعا لها وقاطعاها مرار .. حاولت والدتها ردعها من جنونها بالعودة الى منزلها .. متعذرة بحملها .. لتخبرهما بانها ستكون بخير .. جنينها بخير كما اكدت اخر الفحوصات التي قامت بها .. واجبرتهما على الاقتناع لان هذه حياتها هي .. وجابر ان رضي بما حدث طوال شهر مضى لن يرضى اكثر .. وللصبر حدود .. حتى وان كان ذاك الشخص متسماً بهذه الصفة وجدا ..

وها هي جالسة بجانب شقيقها مطر في سيارة ذاك " المرحوم " .. الوقت بين نهار وليل .. لتترجل ما ان توقفت عجلات السيارة في ساحة المنزل ..وبيدها كيس تحمله جيدا .. ويترجل هو معها .. يُنزل حقيبتها المثقلة بالملابس .. وصوت اذان المغرب قد تبعثر في مسامعهما : تبيني اوصلها الحجرة ؟



هزت راسها واردفت : ما قصرت .. الشغالة بتشلها ..



تركها قريبا من الدرجات في مدخل المنزل واستقام : عيل اخليج .. بروح اصلي المغرب فالمسيد ..



" بترد ؟ " .. سؤال القته عليه وهو يفتح باب السيارة : لا .. بمر ع سوق شوي .. وعقبها برد البيت ..




تمتمت بالدعاء ليحفظه رب العباد .. وراقبته يختفي .. لتصرخ بعالي صوتها تنادي تلك الخادمة .. وسرعان ما جاءت تلك ينتشيها فرح لعودة مالكة المكان .. تغدقها بالتراحيب وتلك تبتسم لها .. لتمشي تلحقها بالحقيبة من خلفها .. وتثرثر عليها العديد من القصص .. متذمرة احيانا .. ومتنمرة احيانا اخرى ..




بقيت معها في الغرفة ترتبها وتلك تُشرف عليها .. ولا يزال صوت الخادمة يصدح في المكان .. وكأنها اشتاقت لوجودها وما كان حديثها المتتابع الا تعبيرا عن مشاعرها ..

طوت سجادتها بعد ان صلت المغرب .. شعرت بالسكون في هذه الدقائق الا من صوت فتح الادراج .. او سحب الكراسي .. او الضربات المتتابعة من منفضة الغبار ..



تشعر بصداع يفتك برأسها جراء تلك الثرثرة .. لتجلس بعد مضي الوقت وابتعاد العاشقة للـ " بربرة " .. كما تقول عنها دائما ..
ابتسمت بخفوت وقد اغلقت عينيها مُسقطة راسها على الكنب الناعم .. سيأتي قريبا .. قبل اذان العشاء ستطء قدميه المنزل .. او لعله سيتأخر ليُصلي العشاء في المسجد ومن ثم يعود الى هُنا ..



قامت لتستعد لاستقبال من تُيمت به حُبا .. بها شعور متضارب بين فرح وخشية من ردة فعله معها .. قد يتلقاها بالاحضان والقبلات والهمسات المشتاقة .. وقد يقف متجهما في وجهها .. ساخطا على ضعفها .. وساخرا من عودتها المتأخرة جدا ..




فستان اصفر بسيط وطويل وواسع من اسفل الصدر .. باكمام طويلة يطل من خلفهما ذراعيها .. وقفت امام المرآة تشد شعرها لاعلى بعشوائية .. سيكون اجمل ان كان بعفوية دون ترتيب .. لتسقط بعض الخصلات الناعمة على جبينها لعدم مقدرتها بالالتحاق بباقي الشعر تحت المشبك المتخذ من لون الثوب لونا قريبا منه .. لتسرع كفها تحمل المرطب وتغدق به راحتها اليسرى .. لتفركه وتمرره على وجهها ورقبتها وينال كفيها منه نصيب ايضا .. لن تبالغ بالتزين . فبشرتها رائعة في هذه الايام .. ستزيد كحل اسود واحمر شفاه ناعم وفقط ..




توجهت نحو النافذة لتفتحها قليلا .. وتنادي منها الخادمة طالبة منها صحنان صغيران وشوكتان وسكين لتقطيع الكعك .. وقبل ان تغلق النافذة وتنصرف تلك .. عادت تناديها لتعود تلك تطل براسها من باب المطبخ : نأم مدام ..



بخجل رقيق : ييبي ثلاث وردات من شيرة الورد ..




واغلقت النافذة لينسدل السدار وتعض على شفتها السفلى بشقاوة يداعبها حياء .. ستغدق تلك الطاولة ببتلات الجوري الوردية .. وستُقعد قالب الكعك الذي اعدته في منتصفها مع شمعتان على زاويتين متقابلتين .. او ربما تضعهما على طرفيها .. شمعة واحدة في المنتصف افضل .. لا .. لتكن شمعتان ..



تجعد جبينها بضيق من تفكير عقيم بتلك الشمعتان .. لتتركهما بعيدا عن الطاولة .. وتخطو لتاخذ ما جلبته لها نيرمي الخادمة : تسلمين ..



وقبل ان تنصرف : نيرمي ..



وقفت مستديرة لها .. مستفسرة منها سبب النداء .. لتجيبها : امممم .. نظفي الغرفة الكبيرة اللي تحت .. وطلعي كل شيء منها .. تقدرين تروحين لبيت جيرانا تطلبين من خداماتهم يساعدنج .. بس مب الحين خليها باكر الصبح ..



" ان سالله مدام " .. قالتها وانصرفت .. وعادت الاخرى تنفذ خطتها المتأرجحة بين مكان الشمعة الاولى والشمعة الثانية .. لتهتدي اخيرا الى ان شمعة واحدة طويلة في المنتصف افضل بكثير ..





رؤوس انامله تشد على صدعيه .. يدلكهما بقسوة لصداع الم به .. جالسا في سيارته بعد ان صلى العشاء في احد المساجد .. وذلك بعد ان تناول له سندويش " شاروما " من احد المطاعم على الطريق .. فالجوع كافر كما يُقال .. وشقيقه اخبره انه سيقضي جُل يومه مع صاحبه .. وقد يجتمع معه للعشاء والسمر .. ارخى جبينه ولا تزال عينيه مغمضتين .. ليفتحهما على هاتفه المعلن وصول رسالة ما ..



" جابر السمووحه ما رديت عليك .. وياليت لو تقدم لي اجازة باكر حاس بتعب شوي وما بقدر ع الشغل " .. كانت رسالة من شبيب .. لتسارع انامله تخط ردا عليه : ما تشوف شر .. كان ودي اييك اطمن عليك بس راسي مصدع هههه .. الحال من بعضه الظاهر . ان شاء الله بكلمهم عن الاجازة .. وزين ما تسوي من متى العي (اثرثر) عليك تاخذها




وختمها بضحكة اطول من الاولى .. وارسلها .. لينطلق بسيارته وجهته منزله .. سينام حتى الفجر .. ساعات طوال هو بحاجتها .. ولعل قرصان من الـ" البنادول " كفيلان باقصاء الصداع عن رأسه .. ترجل ساحبا معه هاتفه وقبعته العسكرية .. خطواته ثقيلة .. وتلك الدرجات تبدو اشد انحدارا عن ذي قبل .. واكثر تعبا في صعودها ..


سحب انفاسه حين وصل للطابق المنشود .. لتطرق شعيرات انفه رائحة عطر غاب عن المنزل طويلا .. وتداعب الشفتين ابتسامة .. إن عادت فهذه أول مرة تقرر دون تدخله هو .. وهذا أمر يشفع لها ايام الغياب ..



فتح الباب لتقف تبتسم وتنظر اليه .. تدس شفتيها توترا وتعتقهما .. متمتمة رد السلام عليه .. تراه متسمرا مكانه .. تفحصها طويلا ومن ثم جال نظره على الطاولة امامها .. وقالب من الـ" كيك " مزين بحبات الكرز الحمراء غارقة في الكريمة .. وهناك على سطحه خُط شيء ما بالشوكلاتة .. لا يستطيع ان يعرفه من موقعه ..



طال الوقوف يصاحبه صمت يشحن نفسها بتوتر لم تعهده يوما .. لتبادر هي بالمسير اليه .. تقترب منه لترفع بصرها الى وجهه وتبتسم .. جسدها يرتفع نتيجة وقوفها على اناملها وقد عانقت كفها كتفه .. لم تطل وجنته فكانت القبلة على طرف ذقنه .. ليضحك قليلا عليها .. وتغرق في خجلها : يعني ما تقدر توطي شوي ..



انامله تمسك ذقنها ليرتفع وجهها بعد ان واجه الارض استحياءً .. لتلفحه انفاسه من تنهيدة اطلقها .. وبشيء من الجدية التي باتت تكرهها في حديثه قال : من كيفج رديتي ؟



هزت رأسها بنعم .. ليعتقها مبتعدا يجلس على طرف السرير .. ويحل وثاق قدميه من الحذاء والجوارب .. ويريح احتباس جسده من ذاك الحزام الجلدي .. يخلع ما عليه ليبقى ببنطاله وبلوزة بيضاء دون اكمام .. وينشد بخطواته دورة المياه ( اكرمكم الله ) بعد ان سحب معه المنشفة .




وهي واقفة صامتة .. فقط تتبعه بنظراتها .. يحق له ما يفعل .. وتستحق هي هذا الجفاء منه .. لتعود الى حيث كانت .. تنظر الى تهادي لهيب الشمعة جراء هواء التكييف ..



لتمر الدقائق ثقيلة عليها .. يخرج دون ان ينبس ببنت شفه .. يرتدي " بجامة " نوم مقلمة .. يجفف شعره بالمنشفة الصغيرة .. وهي في مكانها دون حراك .. الا من تحرك صدرها هبوطا ونزولا عند تنهيدها .. تشعر بالاختناق من سكوته .. لم يشعرها بالراحة الا تلك الضحكة القصيرة التي سبقت خجلها منه .. وسبقت سؤاله الذي اخرسها ..




جفلت خارجة من يم افكارها حين قبع بجسده جانبها .. ينحني يقرأ ما كتبته .. خطها اثار الضحك في نفسه .. لا تجيد الخط على قوالب الكعك بعكس الورق .. فهي تتفنن في رسم الاحرف .. يمعن النظر حتى قطبت حاجبيها .. وترص شفتيها بغضب حين سألها : شو كاتبه ؟



" بداية صفحة جديدة " .. نطقتها ليرفع حاجبيه .. ومن ثم يمتد اصبعه الى كلمة " جديدة " يحدث فراغا بين " الدال " و " الياء" .. ويدس ما علق بانملته في فمه : الحين صح ..



ليأتي دورها للانحناء .. فيسارع هو يعيدها لجولسها : هيه شو تسوين ..



نظرت اليه باستغراب .. وببراءة اجابته : اشوف شو سويت ..



" وناسية ان فبطنج ولدي " .. ليردف وهو يرى اندهاشها : اخاف عليه .. لا تضغطين ع بطنج ..



-
اوكي .



لتسارع بالنزول على ركبتيها .. تنظر الى مكان عبث اصبعه فتبتسم : انت شليت اليا بكبرها .. صارت جدده ..



وضحكت ليضحك معها .. وينزل على الارض كما هي : ليلى .. صدج تبينها صفحة يديدة ؟




لتستدير نحوه جالسة على ساقيها وكفيها اردفتهما على فخذيها : هيه .. ادري زودتها عليك .. وتدلعت عليك واايد .. وعرفت ان اللي اسويه ما بيب لنا الا البعد والجفا .. وانا ما اريد هالشيء .. اريد نرجع مثل قبل .. اذا زعلنا من بعض نراضي بعض بدون محد يدري ..



كفيه احتضنا وجهها وقد علت ملامحه الجدية : ليلى انتي مب صغيرة كل ما صار شيء لقيت اهلج فويهي .. وتدرين اني ما اقدر اقول لهم شيء .. احترام مني لعمي .. بس غصب عني اتحمل واسكت .. وبطي اخوي سويتو منه سالفة .. هذا بطي ولد عمج .. ياما لعبتي وياه وسلمتي عليه .. يايه الحين تخيريني بينه وبينج ..




لما الآن تقول هذا القول ؟ لم اسمعه منك في منزل عائلتي يوما .. كنت هادئا .. تتحدث بشكل مختصر ولم تتطرق يوما للحديث عما حدث .. لما الآن ؟ ألِأنني معك وحدي ؟



انسكبت دموعها تغرق راحتيه .. ليمسحها ويستطرد وهو يعبث بخصلات شعرها المتمردة : ما اباج تصيحين .. انتي قلتي تبين نفتح صفحة يديدة .. ولا بنقدر نفتحها اذا ما حطينا النقاط ع الحروف .. صح والا انا غلطان ؟



تركها ليستند بظهر على حافة الكنبة : انا ريال شغلي متعب .. اريد ارد البيت احصل فيه الراحة .. ادور ع توازن فحياتي .. وانتي بعقلج صايرة ما تفكرين زين .. يعني قبل مرتاحين .. محد يدخل بينا .. والحين ع اي شيء اشوف الكل واقف ضدي ..




شدت قبضتيها على فخذيها وهي تستمع له .. يعاتبها على تصرفاتها الطفولية .. ولكنها اليوم مختلفة .. ليست ليلى التي عهدها قبل شهر .. كُل ما فيها بات ينطق بالتغيير .. حتى نبضات جنينها تُخبرها بانها صارت أمرأة بكُل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى .. مسحت دموعها ونظرت اليه : بحاول ما تشوف مني الا كل شيء زين ..




,,

هل تنصفنا الحياة بما تفعل بنا ؟ ام تختبرنا في الاستحقاق ؟ صلت العشاء وجلست على سجادتها مطولا .. تدعو الله رافعة كفيها .. وسيل من الدموع لعلها تشفع لها عند ربها فيتوب عليها .. هي كما قالت لم تستطع فعل شيء .. ولكن كان بيدها ان تحاول اكثر ..

سحبت انفاسها لتمسح براحتيها وجهها .. وتطوي سجادتها ناهضة من المكان .. ستحاول الحديث مع ابنتها .. ستوضح لها موقفها مما حدث .. ستخبرها بانها كانت ضعيفة بيد والدها .. كعود جاف يخاف من الكسر في أية لحظة ..




سحبت خطاها للخارج .. وتوقفت .. فالجميع اتخذ منها موقفا .. يحاسبونها هي على صمتها .. على عدم محاولاتها لردع ذاك الزواج .. هي تذكر امر ارضاع ام عبدالله لفارس .. كانت تلك القصة حديث نساء الحارة في ذاك الوقت .. لتظهر ام عبدالله بصورة البطلة التي لم تترك جارتها في مرضها .. وآثرت فارس على عبدالله بصدرها .. وتذكر ان الايام لما فعلته ام عبدالله كانت طويلة .. ربما اسبوع واكثر .. حتى انها كثيرا ما كانت تاخذ فارس معها الى منزلها .. ولكن كنة لا تذكر بانها وطأت لها بيتا .. ولكن ما ادراها ان كانت تركتها يومان كاملان عند ام سالم .. والسبب بقاءها في المستشفى مع شبيب ..




" يا رب " .. قالتها بخفوت وتابعت المسير .. تقطع عرض الصالة الصغيرة المطلة على غرفتها .. حتى ما وصلت الى الباب الموارب وقفت تدفعه بهدوء .. لترى شامة الجالسة تقرأ من كتاب الله بصوت خافت بجوار سرير كنة .. التي يبدو بانها في حرب مع البكاء من جديد ..



ادارت وجهها حين اصدر الباب صوتا من خلفها .. لتبتسم لوالدتها .. تترك المصحف عند رأس كنة وتقف تدنو منها .. لتبادرها بالسؤال : راقدة ؟



لتهز رأسها نافية : كل ما تهدى شوي ترجع تصيح ..



مشت متعدية شامة التي اخذت ترقبها وهي في مكانها عند الباب .. اما تلك فجلست على طرف السرير خلف الباكية .. ويدها تقع على كتفها .. ولاول مرة تشعر بغصة تمنعها من الكلام .. لتزدرد ريقها : الله اذا حب عبده اختبره ..




تشعر بالوجع .. بالاختناق .. بالانتهاء الى فوهة سحيقة مظلمة .. لا ترغب الا بالفناء لترتاح من ألم يمزقها كُل حين .. وكم تتمنى لو تستطيع الانسلاخ من جسدها القذر .. جسدا استحله اخ لها دون علمهما .. اغلقت عينيها بعنف حين سمعت صوت والدتها .. وبلعت مرورة جوفها .. لا ترغب بوجودها معها الآن .. حديث والدتها الذي اعاد شريط الاحداث في رأسها تكرهه .. شدت على قبضتها اليمنى متناسية جراح أخرى لا تزال تأن تحت وطأة الألم ..




-
ابوج الله يرحمه كان عنيد .. ما يسمع من حد .. وكلام ام سالم يومها ما كان يتصدق .. لاني دارية انج ترضعين بمرضعة .. بروحي كنت ارضعج منها اذا ما كان فصدري حليب ..




كُفي عن الحديث بالله عليكِ .. فاسماعي باتت تؤلمني .. اشعر بها تنزف دماً مما قيل .. فلا تُحدثي النزف بسابق ما تفوهت به الافواه .. دعوني لنفسي .. لوجعي .. لصرخات روحي قبل جسدي .. كفى اصوات تخترقني .. كفى سكاكين تقطع قلبي .. كفى ..




لم تحتمل تلك المبررات من والدتها .. لم تعد تحتمل وجودها معها .. فتراها كمن باعها للحرام .. لتعتدل جالسة فجأة .. وجهها احمر من البكاء .. تنظر لوالدتها التي جزعت للوراء قليلا : طلعي من حجرتي ..



" سمعيني " .. قالتها شمسة لتصرخ بكل ما فيها من قوة .. وهي تشد قبضتيها على السرير بجانبيها : ما اريد اسمع شيء ..



صراخها العالي اوقفها على قدميها .. وجعل من تلك تقترب : كنه حبيبتي اهدي ..



كانت كطفلة تضرب السرير بقسوة : طلعوا من هني .. انتوا ما تفهمون .. طلعوا ..



لترتجف شفتيها : لا تقولون ابوي وابوي .. وينه ابوي .. يبيه .. يبيه خليني احاسبه .. خليني اسأله ليش عاندت .. ليش عقيتني للحرام ..





يحاول في هدوء المكان الذي يكتنفه أن يرمم قوته المتصدعة .. يشعر بان طرقات المصائب لم يعد جسده ندا لها .. هل يصدق القول " كثر الطرق يفك اللحام " .. هو يقسم في هذه الساعة بان القول يمثله قلبا وقالبا .. صلى المغرب والعشاء في غرفته .. من بعد ما حدث في غرفة جدته انزوى عن الجميع .. والسكون الذي اكتنف المنزل جعله يرتاح بعض الشيء .. مع ان الهواجس والافكار المتقاذفة عليه بسبب مصير شقيقته كانت تقتله .. لا يزال بثوبه الذي قابل به ام عبدالله .. يعود حديثها مرارا على ذهنه .. يحاول ان يجد فجوة ما ولم يُفلح ..




يجلس على الارض مستندا على " الاريكة " مغمض عينيه في لحظة تفكير سيكون كسابقاتها لا محالة .. ليرن هاتفه يوقظه مما هو فيه .. ليسحبه من خلفه حيث رماه مسبقا بعد تلك الرسالة القصيرة التي استلمها من جابر ردا على رسالته .. حارب يتصل بك .. رماه من جديد .. فيخشى من صوته اذا تهادى الى مسامع احدهم ..


عاد لرنين .. لن يهدأ ذاك الحارب ابدا .. ليكافأه باغلاقه تماما .. ورميه بسخط للمرة الثالثة .. ليقف فجأة على صوت صراخ شقيقته .. يطوي المسافة حتى يصل اليها .. ليجد شامة خارجة وقد دست فيها بكفها تبكي .. يلج ليسمع والدته تنطق : حرام اللي تسوينه بعمرج ..



وتلك واقفة على ركبتيها على ذاك السرير تنحني صارخة بها بأن لا شأن لها .. وتضرب صدرها بقبضتيها كمجنونة فقدت عقلها : اريد امووت .. سامعه .. هني .. هني .. نار مب قادرة اطيقها .. طلعي ..



صرخت باخر كلمة .. لتجد نفسها مقيدة بذراعيه .. ينظر لوالدته : الله يخليج طلعي .. لا تزيدون عليها ..



لتعود للانتحاب بشكل مخيف .. تحاول ان تتخلص من قيد صدره لها .. ولم تفلح .. راقب والدته الخارجة .. لم يقصد القسوة عليها .. ولكن تلك التي بين ذراعيه تُعاني .. لا احد يشعر بوجعها حتى هو .. تمتمت بحشرجة : مب قادرة ..




وصمتت .. ليشدها اكثر .. يشعر بدموعها تتساقط على كُم ثوبه الممتد على صدرها .. وقمة رأسها تلامست مع اسفل ذقنه .. وشهقاتها يقسم كأنها خارجة من صدره هو .. اناملها الشادة على طرفي زنده بدأت بالارتخاء .. لتسقط ذراعيها ويرتخي رأسها ..




سيحتويها كطفلة صغيرة .. سيحاول انتشالها من تلك المعمة الغارقة بها روحها .. حتى لو قبع بجوارها ليل نهار .. فهي شقيقته .. وهو الامان لها ..



,,

يــتــبــع~

تفاحة فواحة 20-08-13 06:42 PM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
وهناك في مكان آخر .. اضحى الخوف من الشقيق يجبرها ان تسجن نفسها في غرفتها ليلا .. لا تستطيع النوم الا بتقطعات تنهك جسدها .. بالامس اختفت بعض من الالكترونيات في المنزل .. وقبلها اختفى ذاك السيف المذهب المعلق في صدر المجلس .. كم كان والدها يتباها به .. وكُل شيء تحول من بعده .. تركها في ليلة من أواخر ليالي رمضان .. وحيدة .. تبكيه على صدره .. تخبره بان ينهض او يأخذها معه .. ارتحل وبقيت مع اخ لم تعد تعلم منه الا دخوله لسرقت منزله مع اصحاب السوء .. تطال يده اغلى الاشياء وياخذها .. اصبح كوحش لا تستطيع ان تقف بوجهه .. فلا يزال وجهها يصرخ من تلك الضربة التي تلقتها منه في ثالث ايام العزاء .. ان حدث بينهما امر آخر ربما يقتلها ..



فزعت على تلك الفكرة التي راودتها .. ان حدث ما تخشاه قد يتعفن جسدها في مكانه دون ان يعلم به احد .. ترجلت من سريرها .. الساعة تقارب الثانية صباحا .. لا تسمع اصوات في المنزل كما الليلة السابقة .. سحبت انفاسها لتختطف " شيلتها" تحسبا .. ورويدا فتحت الباب .. حررته من قفله ساحبة المفتاح تدسه في جيب ثوبها .. فتخشى من سرقة مفتاحها على يد وليد في حين غفلة منها ..



اطلت برأسها ومن ثم حثت خطاها الى حيث غرفة والدها يرافقها الخوف من دخول شقيقها في اي لحظة .. انحنت لتسحب المفتاح المدفون تحت السجادة الكبيرة .. عند زاويتها القريبة من تلك الغرفة .. سمت بالله وادارت المفتاح .. لتصيبها قشعريرة عند ولوجها .. تسحب المفتاح من الباب وتغلقه .. المكان الثاني الذي لم تلمسه يد وليد بعد .. غرفتها وغرفة والدها .. سيأتي عليهما الدور لا محالة ..سالت دموعها على ذكراه .. كان لها سندا حتى وان كان عاجزا ..


كفاها يسارعان لمسح وجهها .. الوقت ليس في صالحها .. ستبعثر اوراق والدها وتأخذ ما يهمها .. سحبت الحقيبة السوداء من الدولاب .. وقامت بفتحها .. تفترش الارض .. تتجول بين العديد من الاوراق .. اوراق تحاليل .. وشهادات وفاة لعائلتها .. وصور كثيرة لجوازات السفر .. لتقع يدها على مغلف ابيض كبير .. وعلى اصوات في الخارج وقفت .. عليها ان تترك الغرفة .. مؤكد سيفعل شيء ليدخلها ..




توترت خطواتها .. لتعود تغلق الحقيبة وتدسها في الدولاب .. وتقف عند الباب تسترق السمع .. تُجزم ان صوت وليد تهادى اليها .. او لعل خوفها هو من خيل لها هذا الامر .. لتقع يدها على مقبض الباب .. وتتمرد من بين شفتيها شهقة عالية حين فُتح الباب قبل ان تفتحه ..




,,

وعلى اوتار الخوف كان يعزف خططا .. يكتظ ذاك المجلس بالدخان النتن .. وقارورة مُسكر انتصفت .. واحاديث يشوبها المكر .. هو واحد صحبه لا يزالان يقبعان في المكان بعد ان غادره ثلاثة من ثُلة الفساد .. اخمد سيجارته : اريد ناس تنفذ لي مهمة ..



نفث دخانه للاعلى : آمر يا عوض .. من باكر بيكونون عندك .. بس شو تبغي فيهم ..



-
سرقة وخطف ..



بخوف اعتدل في جلسته .. ليعب من كأسه : رجعنا لسرقة ؟



قهقه بقوة واردف : اريدهم يسرقون شيء من واحد كلب .. مسكني واجبرني ع اخته ..



" أهااا " .. نطقها صاحبه واستطرد : السرقة وعرفناها .. والخطف ؟



نظر اليه وبمكر اتضح في عينيه : اذا ما لقينا اللي نبي نسرقه ناخذ حد يهمه وهو بريوله بيي الين عندي وبيعطيني اللي اباه ..



وفجأة التفت على صوت بالخارج .. ليسأل ذاك : شبلاك ؟



" حاس في حد برع " .. وقبل ان يقف امسكه بيده : ايلس يا ريال .. منو بييك فهالساعة .. وحرمتك من ذاك اليوم ما صارت تعتب هالمكان .. تلقاه قطو من هالقطاوة ..



بشيء من عدم الراحة جلس : يمكن ..



نحو حديث آخر توجه : البضاعة بتوصل بعد اسبوع ..



" ليش ؟ " .. قالها واكمل : ما كان لازم توصل عقب يومين .. شو اللي يد (جد ) فالموضوع ..



فرك رأسه باظافرة : ما بتوصل عن طريق البر .. هالمرة بنيبها ع البحر .. البر صاير ما ينظمن ..



وعاد ليلتفت من جديد .. ويقف : ايلس هني .. بروح اتأكد اذا ما فيه حد ..




اطل برأسه من الباب .. وخرج خطوتان يتلفت في المكان .. يُقسم بانه شعر بوجد احد يستمع لهم .. هل تراه احساس كاذب .. مشى بضع خطوات ناظرا للباب الفاصل .. ليقطب حاجبيه حين رآه مغلقا .. ربما يتوهم .. والخوف هو من يقوده .. تنهد براحه .. وعاد ادراجه .. ليتلقفه ذاك سائلا : هاا .. لقيت حد ؟



" لا " .. قالها وهو يجلس .. لينحني يلتقف علبة السجائر يسحب منها عود ويعاود التدخين ..

,,

هُنا أقف .. وموعدنا يوم الاثنين بأذن الله .. سمحولي ما بحدد ساعة لان وقتي صاير ما ينظمن :


تفاحة فواحة 20-08-13 06:47 PM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 

أي وَصَب اباح لنفسه انتهاك الجسد الجريح حتى رمى برداء الهذيان عليه .. يغطيه به ويسحبه الى دهاليز الوجوه .. وجه جدها وجارهم العجوز المتوفي منذ عشر سنوات واكثر . ووجوه اطفال صغار يصرخون .. وطاولات دراسة .. ومعادلات كيميائية معقدة .. وخوف يجتاحها .. هل نست المذاكرة للاختبار الفلاني .. كيف ستجيب !.. وتعثرات قدم تحيل ساقها لحركة لا ارادية .. تجبر الجفون على الانبلاج قليلا في فتور مُنهِك ..ورجفة جسد مستلقي وملتوي على نفسه كجنين في رحم امه ..




عيونهم الخائفة عليها وجدا كانت ستبتلعها بسبب تمنعها الغريب منذ ساعة خلت .. تُقسم عليهم أن لا يخرجوا جسدها من غرفتها حتى وان كان الموت يتربص بها .. ارتجتهم .. خالها الذي دفعته بعيدا عنها حين اصر على حملها على ذراعيه عنوة ليريحها من حمى اغدقت عليها بوابل سهامها .. وشقيقها الباكية روحه على شقيقته الباكية امامه .. تستعطفه ان لا يأخذوها من سريرها .. وشامة الواقفة مستندة على الدولاب .. ويدها تطبق على فيها تمنع شهقاتها على حال وصلت اليه من كانت دائما معها وتساندها .. وقفت وكفاها تحملان عباءة طلبها خالها بصرخة .. واستوقفتها صرخة أخرى من تلك الـ كنة حين دفعته عن جسدها المشتعل ..



استعانوا باكياس الثلج على مدى تلك الساعة لعل تلك الحمى تهرب مولية .. ولكن لا فائدة .. عاد ذاك الخال ادراجه الى الغرفة بعد ان غادرها .. ليقف يكتف ذراعيه ومستندا على جانب الباب المفتوح .. ينظر لكف شبيب تبعد خصلات شعرها المبتلة بسبب تكثف القطرات على الاكياس الرابتة على جبينها : خلنا نشلها الطواري .. الحمى مب طايعه تخليها .. يمكن ايدها ملتهبه .. ان كان ع الحلفان فبتكفر عنه ..



ليزفر انفاسه ويردف : اذا مب قادر تشلها .. انا بشلها ولا اشوفها بهالشكل ..


ليطوح برأسه وهو يسمع ذاك يوقظها بهدوء .. لتهمهم وينطق : قومي اوصلج الدختر ..


وتجيبه كطفلة صغيرة عنيدة : ما اريد .. الله يخليكم خلوني ..


ان اجبرها ستصرخ .. وستثور في وجوههم كما حدث آنفا .. ليقف يغطيها جيدا .. ويبتعد من امام ذاك الذي ابتعد عن الباب قليلا : اذا ما صحت لباكر الصبح ما علي منكم ..



قالها منذر وترك المكان ساخطا متبرما .. الا هي .. لا يجب ان تكافأ على طيبتها بهذه القسوة .. تتأرجح بها المصائب حينا بعد حين .. وقف في ساحة المنزل يعب الهواء في رئتيه .. وينظر للسماء .. داكنة والنجوم تتسامر على وجهها .. تنهد ليجر خُطاه يتخذ من عتبة الدرجات كرسيا .. النوم لا يرغب بزيارته هذه الليلة .. لعل السبب اللعب مع هاشل وكلثم ساعات طوال .. وهاهما يغطان في نوم عميق لا يكترثان لشيء ..وحال ذاك الشبيب الصامت يثير في نفسه الرعب .. لا يحكي ولا يشكي .. فقط حديث قصير بالامر احيانا على شامة وبحنانا احيانا اخرى على كنة .. يرأف بحالهم والسبب ناصر .. ذاك المتعنت الجلف .. حتى هو لم يسلم من قسوته ..



يذكره بعد تلك الحادثة .. يذكر حديثه الفج وصياحه الاذع عليه كما كانت تلذع جراح السياط ظهره .. هو يومها صمت احتراما لشقيقته .. خوفا عليها من بعلها اذا رفع هو صوته في وجهه .. وهي صمتت ايضا .. هل كان خوفا منه .. ام خوفا عليها هي من حياة بدونه ..


بصق في نفسه .. فأي ضعف يكتنف النساء يحيلهن الى تجارب وجع لا يرحم .. وأي قلوب يحملن .. لاجل رجال يتخطين المعقول واللا معقول .. تبا لنسوة آثرن انفسهن يوما .. وتبا لها تلك القاتلة لمراهقته .. وتبا وتبا ومائة تبا على رجل تهينه أمرأة .



كان ماضيه يجتاحه يجره من حاضره الى حادثة علقت في عقلة ولا ترغب بالزوال .. خروج ذاك من الباب خلفه جعله يلتفت له .. يراه يبتعد الى البوابة .. وصوت عجلات توقفت وإضاءة سيارة ما انسلت من بين الفراغات .. لم ينطق .. فقط وقف في مكانه وبصره على ظهر ذاك المدبر .. ليبتسم بخفوت .. غريب ذاك الشبيب حقا .. يرغب بالثوران في وجهه .. فكيف يرضى ؟..




,,


رغم اصراره عليه بان يعتقه ويرحل .. ينشد راحته خيرا له من البقاء بجانب جسد اعيته حراب الحقيقة .. الا انه لم يغادره ساعة واحدة .. يجلس على الارض .. فاتعبه المكوث على ذاك الكرسي .. وبيده هاتفه يشد عليه بانامله يكاد ان يهشمه .. فذاك الشبيب القاسي لا يجيب .. بل انه اغلق هاتفه حتى لا يزعجه هو .. الا يزال يكرهه .. يحقد عليه .. وماذا عن حديث فارس .. انه لا يكره بل يسامح .. وان خلف اضلعه قلبا لا يعرف الحقد .. حقيرة تلك اللحظات المبتعد عنها العقل .. ك***** تتلوى .. تزين لك التسرع في الاحكام .. وتقودك بعدها الى حفرة ندم لا قرار لها ..



جفل على الرنين والاهتزاز في راحته .. ليبتسم بسخط .. هو هكذا ذاك المتعنت .. متى احتاجه طلبه .. يدوس على قرارته الجوفاء .. وقف ناظرا لفارس النائم .. سيتركه .. فالصبح قادم وعُمر سيكون معه حينها .. وبعدها حث الخُطى .. شديدة كانت .. يرغب بتحطيم وجه ذاك الشبيب .. ضربه والصراخ عليه .. يرغب بان يدفعه ويحشره في زاوية ضيقه وينهال عليه جلدا بالكلمات .. أيطلبه الآن .. وهو من جف الدم في عروقه خوفا عليه ..



ترجل من سيارته .. يدفع بشعره الكثيف للخلف .. وبيده حقيبته .. ليقف ينظر الى من فتح له الباب .. يبدو متعبا .. شاردا .. غارقا في سحيق الآه .. دنا منه .. وتلاقت الاعين .. وابتسامة شاحبة من شبيب ..




هل ستحتضنني يا أخي .. ام ستلوذ بالابتعاد ؟ هل تشتاق الى وجودي كما اشتاق .. ام ان القلوب شق بينها جدار العتاب ؟ ابتسم هيا ابتسم .. واقترب شدني اليك كسابق عهدنا بعد غياب .. ارمي بمخلفات الماضي في محرقة الآت .. وضمني .. اخبرني بأنك تشتاقني .. هل تخجل من الشوق بين الاخوة يا شبيب ؟



جحظت عيناه فذاك اقترب منه وهو في معمعة حديثه .. ليشده من كتفه .. يربت على ظهره ويتمتم : الحمد لله ع السلامة .



تكشف شفتاه عن ابتسامة سطت على احاديثه السابقة فاغتالتها .. ليمشي بمعية صاحبه نحو ذاك المتكتف واقفا .. لينبس قبل القاء السلام من حارب : من صدقك يا شبيب .. يايب ريال غريب يكشف ع اختك ..



" وانا لقيت حل وقلت لا " .. قالها بنبرة عالية مردفا : العيادات فهالوقت مسكرة .. من وين اييب دختورة تشوفها خبرني ..



نظرة غيض اقتحم بها وجه حارب وهو ينطق : نشلها الطواري ..


ضحك بسخرية ليجيب : والطواري مب فيه رياييل .. والا هناك حلال وهني حرام .. مب كلهم دخاتر .


ليهديء من نبرته المشحونة : خالي .. دخيل ربك خل هالليلة تمر .



انكسار تطاير مع تلك الاحرف الخاتمة للجدل العقيم .. جعل من جبين حارب ان ينقطب .. ليمشي من خلف ذاك يشعر برهبة المكان .. ولا تزال احاديث قديمة تصرخ في اذنيه .. هنا قال وهنا تناثر ما كان .. رعشة تنسل اليه .. فهو يسمع ذاك يطلب من شامة ان تستر شقيقته الاخرى .. شامة .. تلك الفتاة المكسورة .. كيف عساها الآن ؟



تنهد وهو يقف في اول الممر .. ظهره لهما .. يشعر بخطواتها بتمتماتها لشقيقها ويقسم انه استشعر رعشة شفتيها .. هل لا يزال له مكان في ذاك النابض خلف الاعوجاج ؟ ام تلاشى كما ضباب انقشع بزفرات نهار ؟



كفى يا قلبي ضجيجا .. كف عن تناهيدك الموجعة .. دعني اخطو دون رعشة .. دون همساتك القاتلة .. كف عن النبض الناهك لي لدقائق فقط .. واعصف بي كما تشاء حين الاختلاء .. فحضرة الصاحب رهيبة .. وعيناه ستلتقف ما تستره روحي .. كف ان كنت ترغب بالحياة .. ودعك من الحياء .



لستُ نادما يا حارب .. فما كان كليلة مسامرة لذات مع الذات .. وانت، ها أنا اراك من جديد .. مختلف .. بك شيء من أنين .. وشيء من حنين .. وشيء آخر اود يوما أن اطأ ارضه .. اتمحص فيه واعرف دهاليزه وخباياه .. لم الارتعاش .. ولما التردد في الحركات ؟ هل لا زال قلبك ينبض بها .. ام اني اعيش عالم من ماض ؟



يجلس قبالتها تلك المستترة بغطاء رأسها الهاربة منه بضع خصلات متمردة .. يقيس حرارتها .. يجهز ابرة ليحقنها بها تُسكن لهيب الاحتراق المسيطر على بدنها المتأوه .. كل ذاك بارتعاشة انامل يلحظها الجالس على طرف السرير .. يرقب عمل صاحبه .. ليتوتر ناطقا : بعطيها ابره فايدها ..


ليفهم عليه الاخر يخرج نصف ذراعها العارية من تحت الغطاء .. ليستوقف الاخر ذاك الشاش الابيض الملتف على راحتها متسائلا : شو بلاها ايدها ؟



كان لهذيانها صوت خانق .. ابتسامتها وحركة رأسها المتعبة .. اختلط الهذيان بصوت شبيب المجيب على التساؤول المطروح .. وذاك يغرس الابرة بحذر .. لينتهي ويعبث في حقيبته .. يخرج المعقمات والشاش .. وتسارع انامله الى كفها .. يحل وثاقه بهدوء يكتنفه الخوف .. حرق من الدرجة الثانية .. هذا ما قاله ذاك الجالس بجوارها .. الماسح على رأسها . المهديء لها بحديث خافت .. وكأنها طفلته المتعبة .. وكأن سنين عمرها لا تتعدى الثلاث سنوات .. مشدوها هو بشخصية صاحبه الحنونة ..



قطب حاجبيه حين ظهرت له تلك الحروق .. وبحذر يطببها .. بانفاس ثائرة فالاجواء لا يطيقها .. وولوج ذاك المنذر المربع ذراعيه الواقف بجانبه يثير التوتر في خلاياه .. يعلم بان ذاك الخال ناقم عليه .. لا يسامح بسهولة .. ولا ينسى مطلقا ..


ليقف ويسأله شبيب : شو ؟


ينهمك في ترتيب حقيبته منحني الظهر : يبالها راحة وتغذيه .. بكتبلها ادويه لازم تاخذهن ع الموعد .. وان شاء الله خير .


ينهي كتابة الوصفة ويمدها لشبيب مبتسما : سمحولي .. وما تشوف شر .



ليبتعد على عجالة من المكان يصحبه منذر الصامت .. حتى ما خرج طالبا الطريق للبوابة الرئيسية نطق : مشكور .. والحمد لله ع السلامة ..


التفت وكأنه يرغب في اخفاء روحه الضائعة ناطقا على عجل : الله يسلمك .. والعفو هذا واجبنا ..




,,

الواجب المثقلة به النفوس .. يسير العقول حيث يرغب لا حيث يرغب مالكيه .. يكتنفها خوف من اصوات اقتحمت عليها هدوء غرفة والدها .. تذكره هنا نائما .. اخبرها في تلك الليلة انه يرغب بالنوم .. ولم تدرك ان مطلبه النوم الابدي .. وقفت بخوف امام الباب الموصد تحرك المفتاح ببطء ومن ثم تتحرك قبضتها المرتجفة على تلك البكرة تُديرها .. واذا به يُفتح فتشهق بخوف مبتعدة للوراء خطوات .. لتزفر بعدها براحة مثقلة بالرعب ويدها تقع على صدرها الهابط بقوة والمرتفع بلهاث يجبر الحروف على الانتحار قبل الخروج من جوفها .. ليأتيها صوتها : أنا اسفة .. لقد اخفتك دون قصد .


واردفت وهي تدخل مقتربة منها : هل انتِ بخير ؟


اسقطت جسدها على سرير والدها .. تُجزم بان الموت هلعا كان متربصا بها .. التقطت انفاسها .. ناظرة الى تلك السائقة المتطفلة في ساعة متأخرة من الليل . لتنطق بحدة : نيرما .. ماذا تفعلين في المنزل وفي هذه الساعة ؟


" رأيته خارجا كما الامس " .. قالتها ومن ثم اردفت وهي لا تزال واقفة امام تلك : انه لص .. لم يبقى في المنزل شيء .. اخذ الاجهزة الالكترونية .. والتحف الخزفية .. وذاك السيف المطلي بالذهب .. ماذا تبقى ؟ .. حتى سيارة والدك باعها ..


قلبت مقلتيها بسخرية : لم يبقى الا انتِ .


" أتسخرين مني ؟ " .. قالتها ووقفت تنحني لتلتقط ذاك المغلف الذي سقط منها في لحظة خوف : وماذا عساي ان افعل ؟


تحركت خارجة وتلك من خلفها : اتصلي بالشرطة .. يضعوا له حدا .. لص ومدمن .. دعيهم يردعوه عما يفعله هو وصحبه .


تسمرت في مكانها .. وكأن بالارض من تحتها مغناطيس يمنعها من الحراك .. لتنطق بخفوت : لا استطيع ؟


هي تعتبرها صديقة لا موظفة لديها .. دائما كانت تخبرها بذلك .. وهذا ما جعلها تمسكها من ذراعها تديرها اليها .. لتنظر تلك لوجهها الدائري المكتنز وعيونها الغائرة .. وشعرها الناعم الساقط على جانبي رأسها .. تنظر اليها ساخطة ناطقة : لا تدعيني اكره دينكم بعد ان احببته ..


" وما دخلي ان احببته او لا ؟ " كان سؤال ابعد معه يد تلك عن ذراع ريّا : لانكِ انتِ من حببني فيه .. اخبرتني ان المرأة مكرمة .. لا تُذل .. لا تهان .. ولا تداس كما يدوسك وليد .


لتكمل وقد ربعت ذراعيها : وما اراه عكس ما اخبرتني به .. أين التكريم في حالتك ..


خطت نحو اقرب اريكة لتجلس : حالتي مختلفة .. لا دخل لها بتكريم الدين لنا ..


تربت بقبضتها على جانب صدرها الايسر : هنا الم .. لا استطيع ان اتناساه .. ووليد اخي .. والناس لن ترحمني ..


-
وهل سيرحمونك الان .. هه ..


متهكمة هي وتلك تعلم بان معها الحق فيما تقول .. تسمعها تكمل : عليكِ ان تنقذي نفسك ..



ثرثرت كثيرا على رأسها .. وهناك غصة استوطنتها .. ينحني معها رأسها للاسفل .. تتساقط دموعها وتأن شفتها السفلى تحت وطأة اسنانها .. وتلك تزيد من شحنها بالحديث المحرض على وليد ..


لتصرخ رافعة وجهها الغارق : كفى يا نيرما .. كفي عن الحديث .


عقدت حاجبيها وسرعان ما ارتخت ملامحها مستغربة حين اردفت تلك : لدي ملف اسود عند الشرطة .


" ماذا ؟ " .. لتستطرد : وان يكن ..


وقفت تلك تمسح دموعها .. تسحب المغلف معها : انتِ لا تفهمين شيئا .. الناس هنا لا يرحمون احد .. وعائلتي لن ترحمني ان فعلت شيئا لوليد .. ان فضحتهم كما حدث منذ ست سنوات ..



كانت تتحدث صاعدة للاعلى .. ناقمة هي على تهور فتاة كانت .. وعلى عائلة تبرأت منها ومن والديها .. تغلق الباب صارخة : محد بيفهم .. عمره محد بيفهم ..



ترمي المغلف من يدها على سريرها .. وتنهار جالسة .. سيكون مصيرها الموت ان فعلت شيئا لوليد .. سيدفنونها حية ان ارادوا ذلك .. فالسجن فضيحة .. ومركز الشرطة مقصلة معلقة من يدنو منها عليه الموت واللعنة .. وهي لُعنت دون الموت سابقا .. فهل تقود نفسها لبراثم هادم اللذات والسبب وليد .. فليمت هو .. وليموتوا هم .. وليمت الجميع .. لا بأس بأنانية مقننة .. تثير راحة مؤقتة في نفسها ..



,,

يــتــبــع |~

تفاحة فواحة 20-08-13 06:56 PM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
كراحة تلك الام في ساعة الفجر الاولى .. كانت قاب قوسين من اكتشافها على يد عوض .. في تلك الساعة قادها الخوف على صغيرتها الغارقة في سُعال مُر الى حيث هو .. ستطلبه ان ياخذها الى المستشفى .. ارتدت عباءتها ونقابها خوفا من صحبه الكارهة لهم .. ومشت تسحب انفاسها على اعتاب الباب الفاصل .. ومن ثم تفتحه ببطء تسمع حديث رجال يبتعد .. لتطل برأسها لتلمح ثلاثة منهم يغادرون المنزل .. تنهدت براحة لتخطو الى الطرف الاخر مغلقة الباب من خلفها .. لتستوقفها الاحاديث عن ابنتها .. عن صغيرتها مريم .. لا يزال ذاك النذل يطلبها من عوض .. كانت ستقتحم المكان عليهما صارخة ومهددة مثل ذاك اليوم .. ولكنها تراجعت .. فالحديث الجديد الدائر بينهما شدها للاستماع ..


تلتقطه بنهم .. يكيد لاخيها السافل عيد .. لا يهمها فليتقاتلا ولكن بعيدا عنها وعن ابنتيها .. كاد قلبها ان يقع من صدرها حين سمعته ينطق : حاس في حد برع .



تسمرت في مكانها .. فخطواتها المرتعبة قد تفضحها ولن تفلت منه ابدا .. لتتنفس الصعداء على حديث صاحبه .. يُكملان الحديث .. حتى ما التقطت : هالمره بنيبها ع البحر .


حتى تحركت بهدوء مبتعدة عن الباب . مستديرة حول المجلس .. لتختبيء خلفه قريبا من السلم الصاعد الى سطحه .. لن تجازف بالوصول الى الباب الفاصل .. فهو بعيدا جدا .. قد يراها .. او يستمع لاغلاقه من خلفها .. مرت الدقائق قاسية .. سمعته يحدث نفسه بغيض : شو بلاني اهوجس ..



ومن ثم عاد ادراجه .. لتسرع هي الخطى .. تلتفت خلفها مرارا .. تفتح الباب بهدوء عكس العاصفة المُأججة للتوتر والهلع في داخلها .. لتجري بعدها مسرعة الى حيث ابنتها .. تسحب ما على رأسها بعنف ليتبعثر شعرها .. وتندس تحت الغطاء مع مريم .. قد يأتي ليتأكد من وجودها .. وصدق حدسها ذاك .. شعرت به يفتح الباب .. اطال البقاء واقفا ناظرا اليهما .. وهي تكاد تختنق برعبها منه ..

طوح برأسه : خزاك الله يابليس ..



ليعود ادراجه على سُعال تلك المتلوية في فراشها .. ويرقب الاخرى التي نفضت الغطاء عن جسدها لتبان عباءتها المرتدية لها .. ليمشي بخطوات سريعة يشدها من عضدها .. لتشهق بخوف : ليش لابسه عباتج وانتي راقدة .


انفاسها تتبعثر بعنف امامها .. لتقف تدعي القوة وهي تشير لابنتها : ما تشوفها تعبانه .. كنت لابسه عباتي ومتيهزه عشان اشلها الدختر .. قلت بروح اشوفك .. بس شوفها كل شوي تكح .. ما خلتني اروحلك .. مادري من وين يايبه هالعناد ؟


لتهوي جالسة ترفع رأس ابنتها بعد ان تناولت كأس الماء بيد مرتجفة : شربي فديتج ..



" ورحتي ؟ " .. قالها ووجهه محتقنا بالغضب .. لتريح رأس ابنتها على الوسادة .. وتقف تردف كفيها على جانبيها : وانت شو شايف .. رقدت يمها وانا افرك صدرها بفكس .. طول الليل ما قدرت ارقد من كحتها .. وانت لاهي ويا الخمة اللي عندك ..


بتهديد وقد ثبت سبباته امام وجهها : بدريووه .. مالج دخل فربعي .. فاهمة .. ومريوم اذا ما صحت لصبح بنشلها العيادة ..


ليردف وهو مدبر : انخمدي .. لا بارك الله فيج ولا فبنتج ..



يزلزل الباب من خلفه .. لتسقط هي على ركبتيها .. كاد ان يكتشف انها كانت هناك .. حمدت ربها كثيرا الذي الهمها بما نطقه لسانها في ساعة خوف .. لتلتفت على صوت ابنتها : امايه حلقي يعورني ..



رشح الم بها منذُ الامس .. ليقسو عليها في هذه الليلة وجدا .. وهو بدى رحيما معهما .. يتركها معها كما تشاء .. لا يرغمها على النوم معه .. لعل ما تحدث فيه مع صاحبه كان سببا في مزاجه هذا .. تنهدت وهي تربت على ذراع ابنتها : بقوم اسويلج حليب بالزنجبيل .. لا تقومين ..



ووقف تنزع عباءتها ترميها على عجالة .. وتلتقف " شيلتها " المنزلية الكبيرة .. تردفها على رأسها وتمضي .. تقف لبرهة تنظر لباب الغرفة المجاورة .. تسمعه يتحدث عبر هاتفه .. لن تجازف هذه المرة بالاستماع .. فيكفي ما وصلها آنفا .



,,

تجر خطواتها جرا خلف والدتها التي تتبع خالها سعيد .. ذاك الخال الذي تمقته حد الاستفراغ .. صرخ بها مجلجلا حين اخبرته والدتها بانها لا ترغب بالخروج لزيارة بعلها المكلوم .. ضحكت بسخرية في سرها .. فهو مؤكد الان في حالة يرثى لها .. سيساعدها ما هو فيه على طلب الطلاق .. وادعاء ان زوجها لم يعد كما كان ..



ارتجفت وهي تقف تستمع لخالها المستفسر عن غرفة فارس .. الخبر الذي اوصلته سمية لوالدتها زعزع اركان المنزل .. ليثير شيء من الفرح في قلب والدتها .. التي لم تستمع لاعذارها الواهية .. بان فارس لا يرغب منها الخروج دون اذنه .. لتصرخ فيها والدتها وهي تستعجلها لتجهز نفسها : لا تخافين بنقوله احنا اللي طلبنا منج .


وياتي بعدها خالها صارخا في وجهها بان من الاحترام ان تقف مع بعلها في هذه الظروف .. تنهدت .. وتابعت المسير بخوف .. لا تسمع شيء سوى نبضات قلبها القارعة طبول الهلع .. قد يثور فيها .. سيفضحها ويفضح خيانتها امام خالها الغليظ سليط اليد قبل اللسان ..



رباه .. قد اُحمل جثة هامدة على يدك يا خالي .. وبسببك يا فارس .. ليتك مت بما عرفت .. ليتني ارملة الان .. يا رب .. لا تجعله يفضحني .. فالى الان لا احد يعلم سبب ابتعادي عن منزله .. اسباب واهية ابعثرها على مسامع والدتي وفقط .. يا الله .



طرقات خفيفة من ظهر كف خالها جعلتها تلوذ عن حديث خلجات روحها .. تنظر الى والدتها تشد بعباءتها الكبيرة على رأسها .. ووالدها كالعادة مهمش في كثير من الامور خوفا على صحته .. ليحكمها ذاك الـ سعيد بقبضة من حديد ..



انتفضت وهي تُسحب لداخل على يد والدتها .. تسمع خالها يحمد الله على سلامة فارس .. ومن ثم يثرثر بان كل ما يحدث خير .. لتتحدث والدتها المختبأة هي خلفها : ما تشوف شر يا ولدي .. وربك اذا حب عبد ابتلاه ..



صامت هو .. الا من جمل قصيرة يردها عليهما .. وذاك الـعُمر انسحب من المكان ما ان دخلوا .. لينسحب من بعده خالها .. مؤكد سيذهب ليفتح ابواب التحقيق عن ما حدث .. وربما يتطرق للحديث عن اسباب بقاءها في منزل عائلتها اسبوعا كاملا دون سؤال ذاك الجالس على السرير الابيض عنها .. رفعت نظرها حين دفعتها والدتها امامها : ما بتسلمين ع ريلج ؟



لتراه يقطب حاجبيه .. تقسم انها تسمع ثوران انفاسه في هذه اللحظة .. اقتربت بخوف .. تمد يدها لتبقى معلقة في الهواء . وبنبرة راجفة : الحمد لله ع السلامة ..


ليرص على اسنانه يلتقف كفها يشد عليها : الله يسلمج ..


جحظت عيناها . وتأوهات كتمتها خوفا من تلك الواقفة خلفها .. تثرثر وهو لا يرغب بعتق كفها المحمرة بين اصابعه .. حاولت سحبها دون ان تشعر تلك بها .. ولكن لا فائدة .. تمنت لو انها تقع ارضا الان .. فذاك الوجع لا يحتمل ..



اترك يدي .. ليس ذنبي ان اجبروني للمجيء اليك ؟ ليس ذنبي ان في قلبي حُبا لغيرك .. وليس ذنبي انك طلبت الزواج بي وانا ..



صرخت : آآه ..


ليترك يدها .. على صوت والدتها : شبلاج ؟


تديرها نحوها ناظرة الى وجهها الشاحب : ما في شيء .. بس النعال رصت ع صبعي ..



لتنحني كاذبة .. تنزع حذائها وتعيد ارتداءه .. وبعدها تبتعد خطوات للوراء تستند بظهرها على الجدار .. ليعود خالها يثرثر على رأسه من جديد : مب حلوة منك يا فارس مخلي حرمتك اسبوع لا تسأل عنها ولا شيء .. لو بينكم زعل ترانا بنصالحكم ..



أهذا وقت حديث كحديثك يا سعيد .. الا تعلم بان قلبي مدمي .. وجسدي متأرجح في مهب الحرام المشبوه .. وتلك لا ارغبها زوجة .. ولم ارغبها يوما زوجة لي .. كفوا عن تقيدي بما تريدون .. لن اصمت بعد اليوم .. لن اصمت .. ولن اخضع لما لا رغبة لي فيه ..



رفع وجهه لسعيد : سعيد .. ما كان ودي ان الامور بينا توصل لهالمواصيل .. بس اسمحلي .. بنت اختك طالق .



كفها تطبق على فيها بقسوة .. طلقها .. ابعدها عن حياته .. وذاك الخال لن يهدأ .. سيبحث عن الاسباب وجدا .. صدمة الجمت الجميع عن الحديث .. الا من طلب المبررات من سعيد .. وذاك يرد عليه : ما عندي غير اللي قلته .. وسمحولي .



لتتشبث بعدها انامل خالها في ذراعها .. يشدها خارجا بها من تلك الغرفة المشؤومة .. غاضب .. ويكاد الغضب يذيب جسدها المتعثر بين الفينة واختها .. ووالدتها من خلفها .. تارة تتحوقل .. وتارة تدعي على ابنتها .. وتارة اخرى تدعي على فارس ..




,,

تنتهي طُرق وتبدأ أخرى .. والحياة تستمر دون توقف .. دون رادع .. دون خوف .. وهو يشعر بان الحياة توقفت عند اقدامه .. لا ترغب بان يتقدم على طرقها يطويها .. ليقف متسمرا في دائرته الضيقة .. المنبعث منها فرح غريب .. فرح سيطول به السماء صعودا .. ويطأ به الارض رقصا .. سيرقص هذا اليوم على اسطر الصفحات البيضاء ... سيبكي قلمه الاسود فرحا .. لا بأس إن عاكسته الحياة يوما .. فاليوم صاحبه يعود .. واشياء قديمة ستعود .. او لعلها لن تعود ..



ابتسم خارجا من دورة المياه( اكرمكم الله ) في تلك الغرفة في الفندق الذي احتضنه يومان .. لا يزال بعيدا عن منزله .. سعيدا هو لوصول الامور الى خط ساكن .. وهذا السكون يشعره بالخوف من القادم .. فارس .. وكنة .. وشبيب ..



قطب حاجبيه ليرمي بالمنشفة المبتلة من شعره الاسود الكثيف على احد الكراسي .. يسحب له بلوزة وبنطال جينز .. يرتديها وافكار شتى تعصف برأسه .. تدور حول اولئك الثلاثة .. المتربصون بالسكون .. هي بخير بعد ان اعتقتها تلك الحمى القاسية .. ولكنها في سكون غريب كما اخبره شبيب حين سأله عن نفسيتها .. والاخر هاديء لا يتحدث مع احد .. منزويا في غرفته كما اخبره عُمر .. وشبيب غامض .. يحدوه الانكسار المخيف ..


مشى بخطواته يرمي بنفسه على ذاك الكرسي بجانب تلك النافذة المطلة على الغروب .. لا يعلم لماذا اجتاحه سيل مشاعر قديم .. لا يزال يذكرها .. لا تزال تتربع في قلبه .. متشعبة في دماءه .. ولا تزال احلامه تجمعه بها ..


قفز في فرح يبحث في الادراج عن قلم وعن اوراق بيضاء .. وسرعان ما عاد يثني ساقه اليمنى على الكرسي .. يسند الاوراق بها .. ويخط ، وتلك الابتسامة ترافق انسكاب الحرف على البياض :







يخلو جبيني من حرقة النسيان والشتاء مألوف في صدري
بلا صوت
أيتها الطرقات فخطوتي الأولى تنبت الضجيج
وينام في زندي أثر المتعبين والإنتظار
بلا صوت

أيتها التي تمر بذاكرتي وتطوف في أحداق عيني
وتتدلى في صباحات عمري وتشرق من عيني غواية النبيذ
المتسرب من نعاس الليل وأسقف الظلال الحالمة
أخرجي المساء من حنجرتكِ أحتاج ثورة غناء تقيدني في جدائلكِ

أفئدة لم تمسّها الشمس
وجروح تنبت من أقصى الإحتراق الى خرير دمكِ
إلى ساقية سابعة تصب في مفرق الصبح ومطلع النور
هاتيكِ من ثلاثون يوم أخير ودعي ثلثي الأول ينام جوعاً عتيّا
وبعثريني عند يومكِ الخامل سُكراً ونادي المطر
وَ حومي فوق رؤوس البائسين
أخرج من ظلكِ وعُرى النوافذ
وأستار الهاربين من الضجيج
أسكنكِ بِإسراف
ومشيئة تأخذني بغفوة تتمغط في بحر عينيَّ وَ مداكِ





بقلم : عبد الرحمن العتيبي ( شلال )






شد بانامله اليسرى على جبينه وهو يقرأها بعد الانتهاء .. احاديثه تختلف .. هل نشوة الفرح توصله الى حدود السكر فيها .. ابتسم لنفسه ملتفتا بعدها لصوت هاتفه .. واقفا تاركا اسطره والقلم في حظن الكرسي .. لتعلوه ابتسامة اخرى .. اكبر عن سابقاتها .. وهو يرى اسم ذاك ينير على هاتفه للمرة الثانية في يوم واحد .. ليردفه على اذنه .. ويخطو الى حيث كان .. ينظر لإحمرار السماء : هلا والله بشبيب .. اخـ ..


ليقاطعه الاخر : حارب الحقني ..







,,

هُنا أقف .. واعتذر عن قصر الزفرة لظروف يومي المتعب ^^


موعد الزفرة القادمة سأحدده لاحقا ^^


تفاحة فواحة 24-08-13 07:46 PM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
هذا كلام الكاتبة

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Anaat Al R7eel (المشاركة 23725625)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عشان ما اتعبكم فالدخول اليومي لرواية ..
بخبركم ان الزفرة 31 .. ان شاء الله بتنزل يوم الاثنين بالليل ..

الوقت ما بقدر احدده .. لان يمكن الظروف تعاكسني فأتأخر ..

انتظروني |~


قليله بوح 27-08-13 08:13 PM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
السلام عليكم طولتي حييل انتي قلتي لينزل الاثنين واليوم الثلاثاء

تفاحة فواحة 27-08-13 08:25 PM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
اعتذر على التأخير بس البارت اليوم نزلته الكاتبة

تفاحة فواحة 27-08-13 08:27 PM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
تتلاعب به الاقدار كيف تشاء .. وهو ليس عليه سوى التأرجح .. يقبع خلف مقود سيارته تتآكله المخاوف .. يزفر بسبب الازدحام يوم خميس .. وكأن الناس لا تخرج الا في هذا اليوم وفي هذه الساعة المشؤومة .. كان صوته متعبا .. شعر به .. ليس شبيب القوي الذي يعرفه .. هل يعقل بان تلك اصابها مكروه ؟ .. نفض رأسه من تلك الفكرة السوداوية التي طرقت عقله .. وانامله امتقع لونها جراء الشد القاسي على المقود .. لا يتحركون .. وكأن من تحت عجلاتهم بيض يخشون ان يتهشم ..




بوق صدح من خلفه .. ليصرخ وكأن ذاك سيسمعه .. ومشيرا بيده للامام بغضب : ما تشوف .. والا تباني ادعمهم ..




ومن ثم استغفر ربه وهو يتنهد .. ليس بالشخص العصبي .. ولكن انقطاع الحديث من بعد تلك الجملة القصيرة اصابه بهلع لا مثيل له .. كره وجوده في ذاك الفندق البعيد .. لو إنه في منزله لكان الان في منزل صاحبه .. قال له بصوت متعب " الحقني " ومن ثم صمت .. حتى ان صراخه عليه ليجيبه ذهب ادراج الرياح .. يغلق الخط ويعاود الاتصال لكن لا من مجيب .. ماذا حدث ؟




في خضم قلقه اخذ يعد ايام فرحه .. لا يعلم كيف يبعد توتره .. فامسى يتذكر لحظات السعادة .. يذكر فرحته حين اختارته والدته ليختار اسما لشقيقته الجديدة .. فكان " رنا " اختياره .. ليضحك الجميع عليه حين نطق بانه اسم يحبه لشخصية كرتونية .. كان مجيء تلك الباكية ليل نهار عيدا .. يتزاحمون للعناية بها .. ورويدا رويدا اختفى الاهتمام الا قليلا .. ويذكر ان يوم نجاحه في الابتدائي ليكون على عتبات المرحلة الاعدادية عيدا اخر .. حين فاجأة والده بلعبة الكترونية كانت يومها في مقام " البلايستيشن" الحالية .. " الفاملي " بالعابها البسيطة .. واشرطتها ذات الثمن البخس مقارنة بالاخرى ذات الابعاد الثلاثية .. ضحك وهو يتذكر تسمرهم بالساعات الطوال امام شاشة التلفاز واللعب .. هو وشبيب وكثيرا ما ينضم لهما خالد .. اما جابر فكان بعيدا عنهم لا يأتي الا في الاجازات .. ويذكر غضب والده منهم حتى عمد الى كسرها ذات يوم ..

كانوا يمنعون عن انفسهم الطعام ليدخروا النقود لشراء شريط العاب قد رأوه في ذاك الدكان القريب .. لم يدركوا الا بعد حين ان ذاك الهندي كان يخدعهم حين يخبرهم بان ما لديه اصلي وثمنه اعلى بقليل عن ما كانوا يشترونه ..




تحرك وهو يبعد تلك الافكار .. هل تستكثر الحياة عليه الفرح ؟ .. فما يلبث حتى يختفي .. استغفر ربه مرارا .. هو من يضع نفسه في دائرة الغضب .. لعل الامر ابسط مما يتصور .. ربما وقع هاتفه وتحطم .. او هو من حطمه .. لانه اظهر نفسه الضعيفة لحارب الضعيف ؟ .. تشدق بضحكة ساخرة .. وسرعان ما قطب حاجبيه .. لا ليس شبيب من يفعل ذلك .. ليضغط على " البنزين " منطلقا بسرعة حين فُتح الطريق امامه اخيرا ..


,,



حين تحتضر الانفاس في صمت المكان نرغب بافراغ ما يعتلج بداخلنا .. وهو كان بداخله الشيء الكثير .. لم يدخل جوفه الا الماء منذُ الامس .. وهاهي الشمس تودع يوما آخر .. كُلما فرش سجادته للصلاة استشعر الرهبة .. يرفع كفيه للدعاء لها ولذاك الذي لا يعلم عنه شيء الا انه غادر المستشفى عند الظهر كما اخبره منذر .. وايضا يدعو لنفسه ليمده الله بالقوة الكافية ..

قبل صلاة المغرب خرج متوضيء ليجلس بتعب على طرف سريره .. وانفاسه متعبة .. يشعر بأن لا طاقة له .. استنفدت جميعها .. يرغب بالخروج والصلاة في المسجد لكنه يشعر بالخوف .. يشعر بانه ان غاب لربما يُفجع .. قد تحاول تلك شيء فتبيد نفسها .. وخاله يفضل الهرب كعادته .. لا يستطيع الاعتماد عليه .. هو في المنزل ولكن لا يشعر بالراحة ..




اسقط رأسه بين كفيه .. هل امسى على حافة الجنون ؟ .. لاول مرة يحتاج للبوح .. للكلام حتى تنفد الحروف منه .. به رغبة بالصراخ .. يحتاج للجري اميالا طوال .. لعل الجري الذي يحبه يريحه .. يحتاج لوجود شخص بجانبه .. كـ جابر مثلا .. نفض رأسه فلا يستطيع ان يدخل جابر من جديد في معمعة ما يكتنفه .. يكفيه ما حدث من عمهما حمد .. يكفي ان خالد جرهما الى امور ارهقتهما وجدا ..



تنهد ليرفع رأسه ويقع بصره على هاتفه المندس بين قنينة العطر وعلبة المناديل .. على طاولة " التسريحة " .. سحب انفاسه واقفا .. يختطفه ويعود يقبع على طرف السرير .. لا يعلم لماذا تخطى الحروف ليطبع حرف الحاء .. ويترك الاسماء ليتأمل " حارب " .. ظل ينظر ثواني .. يحاكي اربعة احرف امام ناظريه ..




لاول مرة يدرك ان الاربعة اجتمعوا باربعة .. وانهم اجتمعوا بالمد .. وهو الوحيد الذي اختلف بمد الياء عنهم .. هل تختلف الارواح كاختلاف الاسماء .. هل يسكنه كبرياء مختلف .. ووجع مختلف .. ؟ .. خالد .. جابر .. حارب .. وهو شبيب بالياء ..




ابتسم ابتسامة صغيرة .. صغيرة وجدا بالكاد تحركت لها شفتيه .. ما بال عقله يأخذه الى مكان مختلف . هل هو على مشارف الجنون حقا ؟ يعيد التساؤل ذاك مرارا .. حتى ما ضغط الاخضر واردف الهاتف على اذنه نطق مقاطعا لذاك الذي تشع من نبرته سعادة ما : حارب .. الحقني ..




لتتهادى يده نازلة عن اذنه .. وهو يلمح ذاك الجسد الواقف عند بابه .. يبكي .. هاشل يبكي .. ترك الهاتف على السرير ليسوقه الجزع واقفا امام النحيل .. يمسك ذراعيه : شو بلاك ؟



الخوف فقط ما تسربل اليه من ملامح شقيقه .. لينطق ذاك بخفوت .. يرفع ذراعه ماسحا وجهه .. وكأنه يقول بانه رجل لن يبكي : امي تصيح ..



ليشير بذراعه للخلف : سمعتها تصيح ورى البيت .. امي شو فيها ؟..




" ما فيها شيء .. ما فيها شيء " .. قالها له ليبتعد بخطاه .. وكأنه يخبر نفسه بان لا داعي للخوف .. لا يوجد شيء يستحق الخوف .. ولا داعي للضعف .. هو يستطيع ان يمسك بزمام الامور .. يستطيع ان يكون العون للجميع .. لاخوته ولوالدته ولجدته ولكلثم الصغيرة .. يستطيع ان يقف دائما على قدميه حتى وان كان داخله روح مهشمة تنتظر اكف تجمع بعثرتها .. يستطيع ويستطيع .. متناسي كُل شيء من خلفه .. ذاك الصارخ بجزع عبر الاثير في هاتفه المُلقى حيثُ كان .. متناسي انه كان بحاجة للبوح وللصراخ .. فقط الان ما يراه هو انه كان قاسي دون ان يدرك ذلك .. قاسي لدرجة انسكاب دمع امه في الخفاء ..




قبل ساعات طوال على الغداء كانت المتعة مغتصبة .. ومد الايدي بالاكراه لصحن الارز يشوبه سكون ما .. الا من بعض المناوشات بين هاشل وكلثم .. وزجر من شمسة ان يصمتا ويأكلان دون صوت .. تجلس على يمينها شامة وعلى يمين شامة منذر .. تراهما يلتقمان الطعام مجبرين .. ربما بسبب الجوع .. ولكن النفوس تغص بلوعة مُرة .. اما هي فمدت كفها بضع مرات لتقبض لقيمات بالكاد استصاغتهن .. المكان ينقصه شبيب .. متوجعة لوجعه .. تعلم انه مع شقيقته يجبرها على الطعام كما اجبرها قبلا على الافطار .. ويناولها بعده الدواء ..



التفتت تتربص بالممر .. تأخر وهي ترغب بان تدعوه للاكل من جديد .. لا يحادثها .. بل انه لا ينظر اليها ...تحلقت الانظار لها حين وقفت تحمد ربها على نعمه .. لتجر خطاها بعد ان غسلت كفيها الى حيث ابنيها .. لا تستطيع ان تلومهما على الوجع المستوطنهما .. ولكن هي ايضا بحاجة لمن يخبرها بان الامور ستكون بخير ..


وقفت بهدوء وصوته يصل اليها .. هاديء ويجبر تلك على ابتلاع دواءها : خذي دواج ..



كانت تمد كفها المرتعشة له .. وبسرعة خاطفة ترمي الحبتان الى فيها .. لتعانق كفيها الباردة كفه المطوقة لكأس الماء البارد .. يشعر بان جسدها يرتجف .. لادنى امر تغرق عينيها بالدموع وترتجف شفتيها دون ان تنطق بحرف .. ابعد الماء ليبتسم في وجهها ناطقا : كنه ..




لم ترفع نظرها اليه .. لا ترغب سوى بالهرب عن الوجوه .. حتى وجهه لا ترغب بالنظر فيه .. استطرد ويده تشد على انامل كفها اليسرى : ربج قال .. ولا ترموا بانفسكم الى التهلكة .. الحياة بتمشي .. وحياتج بتمشي .. ما بتوقف ع شيء صار ولا لج يد فيه .. قولي الحمد لله ..




انهى حديثه لينحني يقبل جانب جبينها .. وبعدها يقف للمغادرة .. رفع نظره لوالدته الواقفة بجوار الباب ولم ينبس ببنت شفه .. مر من امامها طالبا ملاذه .. غرفته التي لا يخرج منها الا لغرفة كنة .. شعرت بقلبها ينقبض فحاله لا تسر .. لتستدير وتلج غرفة ابنتها .. ما ان اقتربت منادية باسمها .. حتى تدثرت تلك بغطاءها .. مولية والدتها ظهرها ..




أوجعوها بقسوة .. اخطأت ولكن الا تستحق الصفح وقبول الاعذار .. لينهكها الالم حد الاختناق من حال آل اليه ابنيها .. لتقبع خلف المنزل على المساحة المرصوفة المرتفة عن الارض ببضع " سانتيمترات " وتسكب الدمع .. يتخلله نشيج وأنين مضني .. ليلتقط هاشل الاصوات المتضاربة والمكتومة .. ويجري مسرعا لشبيب .. يدرك بان شقيقته لن تعود لمنزل فارس بعد اليوم .. اخبره بذلك خاله بعد الحاح منه لمعرفة ما يحدث .. ليصرخ ويهيج متوعدا لفارس .. طفل يرى الجميع مذنب الا اهله ..




خطواته تهرول ليقف على تكومها هناك .. تغطي وجهها بكفيها وتبكي .. ليعاود المشي مسرعا .. يقع امامها على ركبتيه .. يبعد كفيها : يالغالية شو بلاج ؟




إلا دموعكِ يا أمي لا اقواها .. لا تغتالي قلبي بعد الاغتيال مرات ومرات .. أنظري إليّ .. حادثيني .. اصفعيني ان كان صفعي يسكن الدمع فلا ينسكب .. لا تتأوهي .. فالآه نصل سام من فيكِ ..




سحبت انفاسها بشهقة قتلته .. لتنطق : شو اللي تبونه وبيريحكم .. قولولي شو اللي تبونه وبسويه لكم .. لو موتي بيريحكم عساني الموت ..



ترك رسغيها ليحني رأسها يلثمه : عسى عمرج طويل .. لا تقولين هالكلام ..



ابعدته عنها : تلوموني ليش سكتت .. تلوموني وانا يومها ما كنت داريه منو اصدق .. ابوكم والا كلام ام سالم .. تلوموني لاني خليت كلام ابوكم فوق اي كلام .. والحين تتصددون عني .. ولا كأني مويوعه من اللي صار .. هي ما تبي شوفتي وانت ما تبي لسانك يكلمني .. ليتني مت ولا شفت قلوبكم السوده .. ليتني مت و ..



بلوعة وهو يعود يمسك رسغيها : دخيلج ياميه لا تقولين هالكلام ..



يشد بكفيها على وجهه .. يضرب بهما وجنتيه : ضربيني .. استاهل الضرب .. ضربيني ..



لتسحب كفيها منه بعنف : ياولدي لا تلوموني ..



انامله تقع على وجهها تمسح دمع انهكه هو قبل ان ينهكها .. ليسحب رأسها اليه .. يقبله وجدا .. قبلات كثيرة تناثرت .. ورائحة الحناء المخضبة له منذ ايام لا يزال يشمها .. وطلب بالسماح يردده وجدا .. ليصدح صوت الاذان يجبره ان يبتعد عنها قليلا .. ويبتسم : سامحيني يالغالية .. بس اللي صار للحين كاتم علي .. وكنه لا تلومينها مويوعه وويعها كبير .. يبالها وقت عشان تبرا .. قومي .. مب زينه يلستنا هني ..




يطبب جروح الغير ويخمد جراح روحه .. ليقبع بعد دقائق على سجادة الصلاة في مجلس الرجال .. كان قبل دخوله هناك تضج اسماعه بحديث هاشل المسترسل دون انقطاع .. يسأل اسئلة كثيرة ولا يلومه ابدا .. فحتى الاعمى سيشعر بان هناك امور اختل توازنها .. تركه هاشل حين رآه يفرش سجادته ناطقا : روح صل قبل لا تفوتك ..




ليهرول من المكان يلبي الامر بفرح .. يحب ان يأمره شبيب بأمور يراه يفعلها دوما .. وبعجالة ادى صلاته لينظر للجالسة بجانبه تحاول تقليده .. ارتبطت به في الايام الاخيرة .. كشقيق اكبر .. تلعب معه ويضربها احيانا .. ويصرخ عليها احيانا اخرى .. رآها تشد بكفيها الصغيرين على وجهها .. لينطق : كيف تصلين وشعرج برع ما يصير .. وبعد لابسه قصير ..



نظرت اليه وقد شدت على شفتيها وانعقد حاجبيها : انت بعد تصلي وشعرك برع .. ولابس قصير ..



ضحك عليها وهو يقف : انتي بنت يالخبلة .. انا ريال عادي ..




وخرج بعدها يجري .. وخرجت هي ايضا لتشكي قوله لشامة .. ليقف عند اعتاب الباب من الخارج .. يسمع لصوت حارب الواقف عند البوابة الكبيرة : هود هود



ليجري نحوه وذاك يتقدم منه بخطوات ويقف .. يحيه بالتحية الاماراتية ومن ثم يردف : ما سمعتوا الجرس ؟



" خربان " .. قالها هاشل ليقاطعه ذاك بسرعة : صاير فيكم شيء .. حد منكم تعبان .. اختك .. يدتك .. امك .. شبيب ؟



كان ذاك يهز رأسه بالنفي متخوفا بعض الشيء من امساك حارب لكتفه .. ومن كم الاسئلة المتساقطة عليه .. ليتنهد الاخر عاتقا كتف هاشل .. سائلا : وين شبيب ؟



-
فالميلس ..



عقد حاجبيه ونظره يبتعد لجهة المجلس : حد عنده ؟




ما باله ؟ أيلعب باعصابي .. أم ماذا ؟ هو بخير .. وهم جميعا بخير .. اذا ما سبب ذاك الصوت وتلك الكلمة الخارجة من فيه الضاربة بي كقذيفة نارية التهبت معها جميع اعضاءي .. ولما لم يجب على اتصالتي .. تبا لك يا شبيب بعدد نبضات قلبي المرتعبة عليك وبك ..





تسمرت قدماه عند الباب حين لاح له الجسد الجالس يكتسيه بياض الثوب .. واصابعه تتحرك في تسبيح للخالق .. ليرفع معصمه ناظرا لساعته .. استغفر ربه .. وحث خطاه لدورة المياه ليتوضأ .. هو ليس بذاك المواضب على مواعيد الصلاة .. وادائها في اوقاتها ..قد يأخذه العمل كثيرا عن هذا الامر ..




سحب احدى السجادتين القابعتين على الطاولة الصغيرة في زاوية المجلس .. ليفترشها بجانب ذاك .. الاخر سلم عن يمينه وعن يساره ليرفع كفيه لربه .. يتمتم بدعاء يكاد يكون مسموعا للواقف بجانبه .. حتى ما انتهى ومسح بكفيه وجهه .. طوى سجادته وتركها في مكانها .. واتخذ لنفسه مجلسا على الارض ومستندا بظهره على " الكنب ".. وعينه تقع على المصلي بملبسه البسيط جدا .. ليدرك بانه جاء على عجاله .. فحارب يحب التأنق والواقف يبدو بعيدا جدا عن صفات صاحبه ..



يشعر بان هناك بركان ثائر في صدره .. انتهى من صلاته ليأتيه صوت شبيب : تقبل الله ..



وبغيض يكاد يخفيه اجاب : منا ومنك ..



ليقف ناظرا للجالس والرافع نظره له : فيكم شيء ؟ انت فيك شيء ؟



-
الحمد لله ما فينا الا العافية ..




وكأن تلك الجملة فتحت فوهة البركان في صدره .. ليصرخ في وجهه : شايفني مخقه لك والا شو .. تتصل في وتقولي الحقني وعقبها تغيب .. قلت الريال فيه شيء .. حرقت فونك ولا همك .. خليتني اطلع فهالزحمة لو ستر ربك كان الحين واصلنك خبر وفاتي .. ويالس ولا عبالك شيء .. عبالك اني انسان ما احس وبتضحك عليه .. شو قالولك حجر ..




سكت عن الحديث .. وذاك كان ثائرا بحق .. لاول مرة يراه بهذا الشكل .. وجهه محتقن بالغضب .. ذراعه لا تهدأ من التلويح .. ولسانه يلقي باشياء واشياء .. جديدة وعتيقة .. شد على شفتيه ناظرا للاعلى .. مردفا كفيه على وسطه .ياخذ انفاسه بقسوة .. ليعاود الكلام بنبرة اقل حدة .. ناظرا لعيني صاحبه : تدري ان بسواتك طيحت قلبي .. شبيب محد لي فهالدنيا غيرك .. انت اخوي وربيعي واهلي ..




" تعبان يا حارب " .. قالها وقد اخفض رأسه ولا تزال ذراعه متكأة على ركبته متدلية على ساقه المثنية .. ليردف : لا تلومني ..



جلس القرفصاء وكفيه ارتخياء امامه .. يقابل ذاك الواهن : من متى ما رقدت ؟




كان ينظر لوجهه الشاحب .. ومقلتيه النابضتان بلون الدم .. لابتسامته الخافتة حين نطق : واللي احنا فيه يخلي حد يرقد .




تلك النبرة المنكسرة لا يحبذها على صاحبه .. وقف : وين شبيب اللي اعرفه .. وين شبيب اللي كان يقولي شوف زين ترى مرات المصايب خير .. تذكر يوم ماتوا اهلي الله يرحمهم .. قلتلي ..



وعاد ليجلس جلسته السابقة ليردف : قول الحمد لله .. يمكن ورى موتهم خير لك .. والحين اقولك يمكن ورى اللي صار خير لهم ..



صرخ ذاك : اي خير يا حارب .. اي خير بعد ما كانت تموت فيه صارت تتقزز من كل شيء صار بينهم .. اي خير وهي للحين ما نطقت .. عمرك ما بتعرف ويعها ..



وقف ليعطيه ظهره ناطقا بنبرة وكأنها خرجت من اعماق سحيقة : عارف الويع يا شبيب .. عارف يوم تتمنى انسان قربك ولا تحصله .. عارف شو يعني انك تفقد شخص خليته فقلبك سنين وسنين .. وبعدك مب مقتنع بالخسارة ..



التفت له : الانسان يقول الحمد لله .. الحمد لله ..




هل هُناك ارتعاش في نبرتك يا حارب ؟ أو انه يُخيل اليّ ؟ .. أكل تلك العذابات في صدرك حتى الآن .. ولم تبح .. تتحدث .. تتلعثم .. تبحث عن جمل اغدقتها عليك فيما مضى .. الا تدرك ان الحديث اسهل من الفعل .. الم تدرك ذاك حتى الان ..




" قوم " .. صرخ بها في وجهه .. واردف : سافر .. خذها وياك واطلع من هالمكان .. كنه محتايه تغير جو .. محتاية تبعد .. لا تيلس مثل العايز اللي ما بيده شيء .. ترا بيدك اشياء وانت غافل عنها .. ولا لو كل من ياه شيء قال الموت ارحم .. محد عاش .. قوم والا والله ما عاد تشوفني يا شبيب ..





ليحرك بعدها خطواته خارجا .. لا يرغب بالبقاء اكثر .. فلسانه في هذه الساعة قد تبرأ منه .. اصبح عاق به وبعقله .. يفعل ما يشتهي .. والابتعاد افضل وافضل ..


,,

يــتــبــع |~

تفاحة فواحة 27-08-13 08:29 PM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
وهناك في بيت بعيد بعض الشيء .. منذ ساعة او لعلها اقل .. كان يشرد بذهنه عن واقعه .. لاول مرة يشعر بانه في الخانة البعيدة .. منزويا غير مرغوب فيه .. لاول مرة يأتيه احساس الخيانة .. هل هي خيانة يا جابر ؟ ام ان القرب الدائم اضحى مسيطرا وان حدث البعد ولو لفترة اعلنت الخيانة منك ؟




خرج من دورة المياه ( اكرمكم الله ) بعد ان استحم من عمل دام ساعات طوال .. كان مشغولا حتى رأسه بقضية مطر .. كان يرغب بالقول لصاحبه لقد امسكنا ذاك الـ علي البارحة فجرا .. وفاجأه ذاك حين الاتصال بان لا رغبة له بسماع شيء .. وانه متعب ويرغب باجازة طويلة جدا .. لتسوقه افكاره بان ابن عمه ارهقته الاحداث الماضية وحقا يحتاج لراحة .. ليبتسم له ناطقا : ولا يهمك .. ارتاح .



ليُلام بعدها من منذر حين التقاه في محطة البترول .. يعاتبه اين هو من صاحبه وابن عمه واخيه .. ليهوله مصدر تعب ذاك .. الهذه الدرجة لم يفكر بان يطلب العون منه .. لماذا ؟ يشعر بان في داخله ملايين علامات الاستفهام تتراقص .. كانوا ان حدث امر علموا به جميعا .. يتكاتفون عند المصيبة ويفرحون عند المسرة ..




كان يقابل الدولاب ليسحب له ثوب يرتديه حين اتاه صوتها الساخط من عند الباب .. وبيدها هاتفها : جابر .. انا شو بالنسبة لك ؟ شو مكاني هني ..




لا رد منه .. تتحول خطواته الى " التسريحة " يشد له مجفف الشعر .. انحنى يفتح القابس وهي في غيظ استشفه من نبرتها قبل ان يرى وجهها المنعكس امامه .. صدح صوت المجفف .. لترفع صوتها : ليش ما ترد ..




واردفت وهي تتقدم رامية الهاتف وسط السرير : طرطور هني صح ؟ .. هذي مب اول مرة ولا ثاني مرة اعرف من بعيد .. وانت تدري ولا خبرتني .. ليش ؟ .. تخاف افشي اسرارك .. ومن متى كنت ثرثارة ما احاسب ع كلامي ..




بلعت ريقها : ليش ما ترد ؟ والا كنه مب بنت عمي ومثل اختي .. خايف ع ولدك اذا دريت ..




تقدمت منه .. لتسحب المجفف من يده .. تغلقه وتضعه بعنف على سطح " التسريحة " .. ليحتقن هو بالغضب .. وتستطرد هي بغيظ : هذوني عرفت .. ما صار شيء لولدك .. ما صار شيء .. اييني الخبر من امي اللي وصلها من يارتها .. وانت تدري ولا همك .. ما قلت قومي وقفي وييا بنت عمج .. طلعتني قليلة اصل .. وانت ..




لتصمت حين اطبقت انامله على فيها : سكتي .. الله يخليج سكتي ..




كانت نظراته محتقنة بكثير من السخط .. فقط قال تلك الجملة الامرة وصمت .. ليجر خطاه خارجا من المكان .. كُل ما يرغب به الان هو ان يواجه ذاك الشبيب .. يسأله لما لا عِلم له بما حدث ؟




ليصطدم بحارب خارجا من هناك .. رفع حاجبيه وتكتف .. ليقف ذاك مبتسما .. وتغيب الابتسامة حين قال جابر : الحمد لله ع السلامة .. الظاهر مب الا شبيب اللي يدس عني ..




تقدم منه يحيه بالتحية الاماراتية : الله يسلمك .. ترا ما يليق عليك الزعل ..




لستُ في مزاج يسمح لي بالضحك يا حارب .. انت وهو وانا اخر من يعلم .. هل كنت تعلم بالامر اول حدوثه .. وجئت راكضا الى هُنا ؟ ام انها الصدفة ؟



ربت على كتفه : لا تاخذ ع خاطرك .. ترا اللي صار دوده الكل ( جعلهم لا يفكرون باي شيء )



-
لي كلام وييا شبيب ..




قال جملته وابتعد .. ليهز الاخر رأسه : الله يعينك يا شبيب .. بيكمل عليك جابر ..




وغادر بعدها المكان .. ليتحطم السكون على صوت جابر المجلجل حين التقى بشبيب عند باب المجلس يرغب بمغادرته : افاا يا شبيب .. وع كل اتصالاتي ما قدرت تقولي تعال .. تعال اوقف وياي .. تتهرب مني وتقول تعب .. حتى ظنيت انك مريض ومحتاي راحة .. والمصيبة اكبر من هالشيء ..




" اهدى يا جابر " .. قالها واردف وهو يمسك بيده : تعال ..



وقبل ان يدبر ليجره من خلفه .. نفض الاخر يده : مب ياي .. صرت ادري اخباركم عقب الكل .. مب منكم انا ؟ .. مب كنه اختي ؟ وفارس ربيعي ؟ .. والا هي اختك انت وبس ..




ليعم الصمت على صوت عجلات السيارة المتوقفة في ساحة المنزل .. ويترجل منها عمهما وزوجته .. يحث خطاه لهما .. ليتلقف جابر مسيره بقبلة على الرأس .. ويتبعه شبيب بنفس فعله : افاا وانا عمك يا شبيب .. يصير وياكم كل هذا وانا آخر من يعلم .. ما قلت ان عندي عم لازم اخبره ..




" سمحولي " .. نطقها جابر ليبتعد يقبل رأس حفصة .. ومن ثم يختفي خلف جدران المنزل .. ينحني مقبلا رأس العجوز ومن ثم شمسة بعد ان القى التحية .. ووقف ناطقا : سمحولي .. والله ما دريت الا من منذر قبل ساعة ..




تحركت تلك العجوز تسحب عصاها بجانبها .. وتعتدل في جلستها : مسموح يا وليدي ..




" وين كنه ؟ " .. سؤال بعثره لينهى وجوده في الصالة بعد ان وصله الجواب .. وتحل هناك حفصة تجلس مع شمسة ووالدتها .. واحاديث نسوة يسودها الحسرة على الحال .. اما هو فطرق الباب على تلك المدعية النوم .. الهاربة من الوجوه خلف اسدال العيون .. تشعر بالضعف وبالخجل .. وبمشاعر كثيرة تجتاحها .. وجُل مرادها ان لا ترى العيون المشفقة .. اغمضت عينيها حين ولج .. وقف طويلا على مقربة من الباب .. يرى تنفسها المتعب ليعلم بانها مدعية ما هي فيه .. ليتركها ..




وتوالت الاقدام هناك .. عمها وتتبعه زوجته .. واحاديث يبترها قول " لا حول ولا قوة الا بالله " مرارا .. يكسرونها باحاديثهم المكتظة في اسماعها .. حتى الهروب لم ينفعها .. لتسكب دموعها بعد ان هدأ المكان .. كيف ستستطيع مواجهة المجتمع وهي لا تقوى على مواجهة اهلها ؟



,,

كذاك الذي اتخذ من غرفته ملاذ له من بعد خروجه من المستشفى عند الظهر .. لم يغادرها حتى الساعة .. اراد النوم والهرب لكن ليس كمثلها بالادعاء .. بل اراده حقيقة .. ولكن لم ينله .. ليقف في هذه الساعة المتأخرة من الليل .. يتوضأ ويقبع على سجادته .. يصلي بخشوع .. ويدعو ربه كثيرا .. كُل شيء ينطق بوجودها .. سريرهما .. عطورها المزدحمة على " تسريحتها " .. شموعها الساكنة في انتظار اناملها لتوقظها من غفوتها وتتراقص طربا ..




حتى الاثاث يصرخ محتاجا لبخور المسك الذي انقطع منذ يومين .. وهو .. حتى هو يشعر بانه لا يقوى على الفراق .. هل يجوز التفكير فيها من جديد كمعشوقة ؟ تناثر عشقها وجدا على جسده .. ؟ ام عليه ان يردع العقل عن الترهات المحرمة ؟ .. وكيف سيردعه ؟ ..




انسكبت امطار عينيه لتغرق كفيه المستتر خلفهما وجهه الطويل .. يطلب من الله ان ينزع حبها من قلبه .. وان يحل مكانه حُبا جديدا .. يطلب العون .. يطلب ان لا يكله لافكاره طرفة عين . ويطلب الكثير والكثير .. والغفران كان جُل مطلبه ..




تنهد ليجلس براحة على طرف سجادة الصلاة .. يشعر بان احباله الصوتية قد اهترأت .. وان هناك عقدة لا يقوى على حلها لينطق .. قلبه به وخزة لا ترغب مفارقته .. خالف ساقيه .. وذراعيه استندا على ركبتيه .. يشد قبضتيه تارة ويرخيهما تارة أُخرى .. يسمع ثرثرات ساخطة بين اخيه وزوجته .. احاديث يسودها الكمد .. لربما طلاقه لشقيقتها أثر على حياتها مع شقيقه .. تنهد .. فلا يريد ان يزحم عقله بالتفكير اكثر ..




سحب انفاسه وزفرهن .. ليقف ينظر الى المنبه الصغير على " الكوميدينة " .. الساعة تقارب الفجر .. حتى ذاك المنبه انخرس في غيابها .. اغمض عينيه ينشد الراحة في انفاس هادئة .. يعب رئتيه بسكون جسد .. ويزفرهن ببطئ .. وسرعان ما حث الخطى خارجا .. سيخرج وسيقابل الناس .. لن ينفعه البقاء خلف الجدران .. سيحتمل نظرة العيون .. وشفقة الالسن .. وتمتمات الافواه .. ولكنه لن يقبع مع افكاره القاتلة .. افكار مُحرمة .. وهل يشتهي الحرام الا من قل ايمان قلبه ؟




وهو ايمانه بربه كبير .. خرج لتلفحه نسمة هواء ناعمة .. تحرك لها ثوبه مرحبا .. سيمشي الى بيت الله .. سيبقى هناك بين جدران العبادة .. لا بأس بقراءة القرآن حتى طلوع الشمس .. سيريحه ذاك الفعل وجدا .. اوليس بذكر الله تطمئن القلوب ؟ وهو يبحث عن الاطمئنان .. ولن يجده الا عند رب رحيم رؤوف ..




دخول صلاة الفجر اجبره على الوقوف بعد ان كان جالسا وبيده كتاب ربه .. ليصافح مجموعة الرجال المقتحمة السكون .. الباحثة عن السجود .. واحاديث ترثي حاله .. وجمل تقويه منهم .. لينطق لسانه مرارا " قدر الله وما شاء فعل " .. أو " الحمد لله ع كل حال " ..




لينتهى السلام وتبدأ الصلاة .. وبعدها يعود لكتاب الله .. مر الوقت وهو يتمتم بأحرف القرآن .. لم يشعر الا بقدمين ارتفع عنهما الثوب الابيض تقفان امامه .. ليصدق .. ويرفع نظره .. ذاك الرجل العجوز .. شائب اللحية .. بشوش الوجه .. إمام مسجدهم .. ابتسم لا اراديا له .. لياخذ مكانا بجانبه ويجلس .. وانامله تحرك المسبحة مع تمتمات التسبيح المنبعثة من شفتيه .. وبعد الصمت الذي لم يتعدى ثواني نطق : اخبارك يا ولدي ؟




تنهد وابتسم ثم اجاب : الحمد لله .. الذي لا يحمد على مكروه سواه ..




" متأكدين يا فارس ؟ " .. سؤال كان الجواب عليه اغلاق المصحف وتقبيله .. ومن ثم الوقوف والسير الى الارفف في زاوية المسجد .. والعودة بعد حين .. والجلوس امام ذاك الوقور .. ليعم السكوت .. ويقطعه ذاك : يا ولدي اخوة الرضاعة لها شروطها .. قولي .. كم رضعة رضعتكم الحرمة ..




ابتسم بانكسار : سالفتي معروفة من زمان .. الكل يدري اني ولد ام عبدالله بالرضاعة .. اكثر من اسبوع وانا ارضع من صدرها .. لو تسأل اي حرمة بتقولك عن السالفة ..




سحب انفاسه واردف : السالفة اليديدة هي انها مرضعة حرمتـ...



قطع حديثه .. ليبتسم الاخر رابتا على ظهر كف فارس .. ليستطرد فارس حديثه : امي تقول ان الحرمة متأكدة انها رضعتها فوق الخمس مرات .. يمكن سبع ويمكن ثمان .. ويمكن اكثر ..



سحب ذاك الشيخ انفاسه : وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم .. لا تقسى ع عمرك .. واللي صار ما بتأثم عليه لان ما كان لك علم .. وربك اذا احب عبده ابتلاه .. وين بلاءنا من بلاء يعقوب او بلاء ايوب .. وغيرهم من الرسل .. بس احنا صايرين هشين وننكسر بسرعه .. وناسيين ان من تعلق برب العباد ما خاب .




" والنعم بالله " .. قالها .. ليتبعثر بعدها حديث طويل عن الصبر على البلاء .. كان نعم المستمع .. وكأن بتلك القصص المروية على لسان العجوز قارب نجاة انقذه من الغرق .. بعد ان كُسرت مجاديفه ..


,,




بانامل مرتعشة اخذت تبحث عن ورقة قديمة .. بحثت عنها مطولا سابقا ولم تجدها .. لتفتح دولاب ملابسها .. لا تعلم لماذا امتدت يدها للثوب المركون على احد الرفوف بعد ان طوته .. تمزق يومها بسبب السير الطويل .. فتركته دون رجعة .. سحبته لتنفضه .. وتدس كفها في جيبه .. لتعيقها ورقة دُمرت بسبب الماء حين غسلته ..

انتزعتها متلهفة لنقطة قد تكون المخرج لها ولابنتها .. لا .. بل لابنتيها .. وسرعان ما اغتيل الامل خلف ارقام مبهمة .. اغتالها الماء والصابون .. زمت شفتيها لتطوي الورقة المهتريئة بين اناملها .. يشغلها الحديث الذي سمعته وجدا .. حتى باتت ترى النور من ثقب صغير يطل من بعيد .. خلف اتصال صغير يبعد عنها عوض لسنين طوال .. دون ان يعلم هو ..




ولكن الامل اندثر مع الورقة العارية من الخطوط .. الا من تشوهات على وجهها .. طوت ثوبها لترميه حيثُ كان .. في قلبها غل لا يهدأ .. ترغب بانهاء معاناتها .. لا يهم ما تكون النتيجة لاحقا .. فالتعب اضناها الى حدود عدم الارتواء بالصبر .. اسرعت الخطى الى الغرفة المجاورة .. هو سيأتي في أي لحظة .. اخبرها بانه سيتناول الغداء معهما .. اذا فلم يتبقى الا ساعة من نهار وستطأ قدماه ارض الملحق ..




ولجت لترى مريم منكبة على كُراس رسم .. والالوان تبعثرت من حولها .. ركعت بجانبها .. لتشد كفيها : مريوم سوي عمرج تعبانه ..



" شو ؟ " قالتها صغيرتها باستفهامات احاطها الاستغراب من والدتها .. لتنطق : خلي عمرج مريضة .. كحي .. صيحي ..



-
ليش ؟



تربص بها الخوف من انفعال والدتها : امايه انتي بخير ..



اطبقت باناملها البيضاء على ثغرها .. ومن ثم بهدوء تكلمت : سمعيني مريوم .. لازم نطلع من هني ... بنخلي عوض ياخذنا للعيادة .. والوقت وقت غدا ما بيقدر يتحمل يتريانا هناك .. بقنعه يرد هني عشان يتغدا .. لازم اتصل بحد ..




كانت تنظر لها ببلاهة .. لتسألها : تسمعيني .. لازم اطلع .. اريد اتصل ضروري .. فديتج لازم تساعديني ..




" بس ما اعرف اسوي اني مريضة " .. قالتها ويتخللها صوت فتح الباب الخارجي . لتمد كفها ضاربة مريم بعنف .. وتكتم من بعدها صوت مريم عن الصراخ .. همست : قولي ان بطنج يعورج .. مثل ايام المدرسة يوم تكذبين علي عشان ما تروحين ..




كانت دموعها تنسكب .. مشدوهة لوالدتها .. هل جُنت؟ .. ومن ثم اعتقتها بعد ان همست من جديد في اذنها : ساعديني فديتج ..



وبعدها وقفت تشد خطاها خارجة .. صارخة بعوض المدبر ليدخل الغرفة الاخرى : عوض الحقني .. مريوم ما اعرف شو فيها .. تصيح وتتلوى ..




عقد حاجبيه ليشد الخطى ويقع نظره على الجالسة تشد بذراعيها على بطنها ودموعها تتساقط .. ليجلس القرفصاء بجانبها .. يحاول رفع رأسها دون جدوى : مريوم شو يعورج ؟



صرخت مرات متوالية : آآخ ..



ليقف ناطقا : لبسي عباتج .. بناخذها العيادة نشوف شو فيها ..




قلبها يقرع طبول خوف اتعبت انفاسها .. تجلس بالخلف مع ابنتها تشدها اليها .. لا ترغب بكشف ذاك التمثيل .. سيقتلها وسيقتل مريم اذا اكتشف امرهما .. تنهدت حين توقفت العجلات بالقرب من بوابة العيادة .. التي تبدو مزدحمة بعض الشيء لوجود عدد من السيارات في المواقف ..




ترجلت تساعد مريم المندمجة في التمثيل .. لعله خوفا من والدتها ومن كف اخر يقع على وجهها .. او ربما خوفا من عوض اذا اكتشف انها لا تعاني من شيء .. وان البكاء ما كان الا لضرب امها لها .. لترتجف اوصالها حين نطق : ببركن السيارة وبلحقكن .. روحي قدمي بطاقتها الين ايي ..




لم يعطها فرصة لتجيب .. لتنطق مريم وهي تمشي تحت ذراع والدتها : امايه خايفة ..




تمر الدقائق وهي جالسة تنتظر دورهما في الدخول عند الطبيب .. من حسن حظهما انه لا يوجد الا طبيب واحد . ولكن عدد المرضى قليل .. كانت تحرك رأسها تحسب الجالسين على المقاعد الخشبية .. رجل عجوز مع عامل هندي .. يبدو عليه الارهاق .. يسعل بين الفينة والاخرى .. وهناك على مقعد مقابل .. طفل قد يكون بعمر مريم .. يجلس مع والده ويبدو ان يده تعاني من جرح تلوث الشاش من عليه ..




التفتت على صوت البكاء الذي لا يهدأ .. لرضيع في حضن امه .. تهاديه ليسكت .. لكن لا فائدة تُرجى .. وقبل ان تلتفت لابعد عن الكرسي المقابل لها .. اذا به يقف من خلفها .. وما لبث حتى جلس بجوارها وقد بان الامتعاظ على وجه تلك الام السافرة الوجه .. المكان للنساء هُنا .. نطق : بطلع اترياج فالسيارة .. ما اداني هالاماكن .. من تخلصي وقفي عند البوابة وانا بييج .. انزين ..



بلعت ريقها : ان شاء الله ..




كانت تخطط ان تصرفه هي .. كانت تشحذ نفسها بالشجاعة .. ولم تدرك ان شجاعتها بجانب عوض تتلاشى .. وقفت ونظرت لمريم : يوم ينادوج دخلي .. خبريهم ان بطنج يعورج ..



شدت حقيبتها على ذراعها واردفت : ما بتأخر ..




هناك في سيارته ارتسمت على ملامحه علامات الغضب .. وهاتفه قد عانق اذنه : انت شو تقول ؟



ليأتيه الصوت : البيت ما فيه مخلوق .. ولا لقينا اللي تدوره .. الشباب ما خلو مكان فيه ما دوروه .. شكله صاحبك شرد ..




رص على اسنانه بغيض .. واغلق الهاتف ليشد قبضته ضاربا طرف المقود .. انفاسه الثائرة كانت تشرخ السكون .. ليتمتم بغضب : عيد الكلب .. والله ما اعديها لك بالساهل ..




تمر الدقائق مثقلة بالخوف .. لتدثرها وهي ترى خلو المكان الا منها هي .. ماذا لو جاء عوض ؟ .. ماذا لو سألها اين والدتها ؟ .. التفتت للخلف ترقب طريق اختفاء بدرية .. وقفت بهلع حين نادت الممرضة باسمها .. لتتلفتت باحثة .. هل تركتها كما فعلت مع كلثم ؟




ابتسمت وهي تراها تدنو منها . لتتشبث بها وكأنها عادت من بعد غياب : وين رحتي ؟




" خلينا ندخل " .. انصرفت معها الى غرفة الطبيب .. لا بد من علاج يسكت شكوك عوض .. ولا بد من تمثيل القوة من جديد ..


,,

يــتــبــع |~

تفاحة فواحة 27-08-13 08:31 PM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
" شفتها يا حمد شفتها " .. كانت كلمات فرح من فيه حفصة القادمة من منزل شبيب .. بالامس لم تستطع رؤيتها .. واليوم رأتها مختبأة بجانب شمسة .. كيف لشمسة ان تقول لها بان الطفلة تخافها ؟ .. وهي قد رأتها تلوذ عنها تحت ذراعها ؟ ..



اردفت وهي ترمي عباءتها جانبا .. وتجلس تنظر لعيني حمد وهو يرشف من فنجان قهوته : شفتها .. يا حلاتها يا حمد .. تشبه خالد .. بس ما غير البياض مغيرنها .. شفت شعرها يا حمد ؟ .. والله انه شعر خالد ولدي .. حتى الحيات ( الحواجب ) .. والخشم .. بنته يا حمد .. بنته ..




تدحرجت دموعها .. لتكفكفهن بهدوء : اللهم لك الحمد .. اللهم لك الحمد ..




تحركت لتشد كفه التي اغرقت الفنجان في وعاء الماء .. وبشوق : متى بنيبها هني .. ؟




ومن ثم وكأنها افاقت على امر جلل : وعيد واللي ما تسمى .. خبرت شبيب عنهم .. ؟




" يا حرمه مب وقته " .. قالها ليقف .. وتقف هي من بعده .. تشد خطاها خلفه .. يلج غرفتهما فتلج قائلة : شو اللي مب وقته يا حمد ؟ شو اللي مب وقته ؟




جلست على طرف السرير تنظر اليه وهو يجلس على الجلسة الارضية الحمراء : شبيب متعلق فالبنية .. ما اريد ازيدها عليه .. خليها عندهم الين تطيب جروحه وجروح اخته ..



تركت مكانها .. لتقبع بجواره : يعني متى ؟



-
خليها كم يوم وانا بكلمه .. بس بتقدرين ع تربيتها ؟



-
هيه ان شاء الله بقدر .. مثل ما ربيت مها بربيها .. مثل ما ربيت ابوها بربيها ..




تبسم لها : انزين .. قومي جهزيلي القهوة والخبز .. بروح المزرعة قبل العصر .. اشوفها واشوف وين وصلوا فالبنيان ..




" ان شاء الله " .. قالتها بفرح وهي تقف ومن ثم توقفت عن المسير : مب اليوم بيينا سلطان ؟..




نظر اليها : ما بتأخر .. وسلطان بيي عقب المغرب .. عسى الله يهديهم ويسعدهم ..



-
آآمين .





,,

تأنق .. يرش ثوبه من عطره الثمين .. ويتغنى باغنية لـ " حسين الجسمي " .. سيقابلها بطلب منها .. أمور جدت لصالحه .. نظر لوجهه الحنطي في المرآة .. ليس بالوسيم .. ولكن به من الجمال ما يشفع له عندها .. ملامحه هادئة عكس الصفة التي تلتصق به .. "عصبي ".. ابتسم ساحبا مفتاح سيارته وهاتفه مع سماعته .. ونحو منزل حمد ستكون الوجهة ..




برودة غريبة استوطنت اطرافها وهي مع خالتها في المطبخ .. لتشد بكفيها على بعضهما مرارا .. وتخرج بخطوات للخارج للمرة الثالثة .. وتعود ناطقة : خالتي .. عمي للحين مايا .. هو قالج ما بيتأخر ..




سكبت الشاي في الـ " دلة " الفضية .. واقعدت الابريق جانبا : يا مها لا تخوفيني ع عمج .. يمكن اخروه العمال .. مشاكلهم ما تخلص ..




لتنادي على الخادمة .. ترفع الصينية وتتوجه بها الى المجلس .. وتمسك تلك بذراع خالتها : واذا ييا الحين منو بيلس وياه ..




" انتي " .. قالتها وخرجت وتلك تتبعها وعلامات استغراب تتراقص معها : انا ؟ ..



ومن ثم اردفت وهي ترى خالتها تجلس تفتح التلفاز بجهاز التحكم : بروحي ؟



لتصرخ خالتها منادية لمبارك .. مرة .. واثنتان وثلاث .. ليأتي مهرولا : هااا ؟




التفت له : الحين بيي سلطان .. اباك تقربه وتقهويه .. وتيلس وياه الين ايي ابوك .. واذا طلب يشوف مها خبرنا ..



تأفف مبارك .. ونطق بفتور : ان شاء الله ..





مضى على وجوده هناك ربع ساعة .. ينظر للصغير القابع بجانبه .. هل سيواجه مبارك الان ؟ .. تنهد : وين ابوك .. تأخر ..




لم يأته رد من مبارك .. فلقد اعاد الاجابة على مسامع سلطان مرتان انفا .. اردف ساقه على الاخرى .. واخذ يحركها بتوتر .. وبيده هاتفه .. ملل .. يشعر بانه غير مرغوب فيه .. هم من طلبوه ان يأتي ليتحدث معها .. والآن هو عليه الانتظار حتى تتكرم سموها بالحضور .. ابتسم بسخرية .. ومن ثم : خبر مها اتيي .. انا عندي اشغال مب فاضي ..




" انزين " .. قالها وترك المكان .. ليزفر سلطان انفاسه .. وتتسمر عينيه بعدها عليها .. تمسك بكف مبارك .. متدثرة بعباءتها .. و " شيلتها " السوداء .. ظهرت تلك الابتسامة من جديد .. بعد ان تفحصها من رأسها الى اخمص قدميها .. رادا عليها تحية الاسلام .. مردفا : حياج يا بنت عمي .. يلسي ليش واقفة عند الباب ..




من اين ابتديء معك يا سلطان ؟ اشعر بان الحروف هربت مني . وتلك الكلمات التي تعبت في رصفها والنطق بها امام المرآة انتحرت في حضرتك .. لما تلك النظرات المتهكمة ؟ .. هل تستصغرني يا ابن عمي .. ام ان وراءك امر عظيم تخفيه ؟ هل الحب من قادك اليّ كما تقول ؟




مشت بمعية مبارك لتجلس بعيدا عنه وجدا .. وتنطق : سلطان .. انت شاريني ؟




بدون تردد اجابها : هيه عيل شو ؟ .. شقايل تسألين هالسؤال .. وانتي عارفه اني متمسك فيج ولا ابغي غيرج ؟




تنهدت .. لينظر لها مبارك .. يشعر ببرودة يدها الممسكة بيده .. ومن ثم نظر الى سلطان .. لا يحبه وفي نفس الوقت لا يكرهه .. لتعود انظاره اليها حين قالت : خل العرس عقب العيد العود مثل ما اتفقنا .. انا ما اريد اعرس الحين .. والظروف ما تساعدنا ع هالشيء ..




" اي ظروف ؟ " قالها وقد بان الغضب واضحا في نبرته وعلى ملامحه .. لتجيبه : بيت خالتي ام شبيب يمرون بظروف و ..



قاطعها واقفا : قصدج بيت حبيب القلب ..



وقفت بدورها : احشم نفسك والمكان اللي انت فيه يا سلطان .. والكلام اللي ما منه فايده لا تطريه ..




ارتفع حاجبه : والله .. وبتعلميني بعد يا .. بنت عمي ..



شدد بالنطق على اخر كلامه .. ليردف : العرس عقب اسبوعين .. وانا تكلمت وييا عمي حمد .. وخبرته اني مليت العيشه بروحي ومحد يهتم في .. اريدج تكونين وياي ..




تشدقت : محد قالك تنقل شغلك لهني .. ودام هذا اللي فراسك .. ومستعيل ع العرس .. روح عرس .. مسموح .. ولا لك نصيب عندنا ..




تحرك من مكانه وقد اتقد الشر في نظراته .. ليشدها من ذراعها .. ويلتفت على صرخة زلزلته : نزل ايدك يا سلطان .




لا تعلم .. اتضحك ام تبكي .. تستمع لصوت مطر الغاضب .. يكيل بالكلمات على سلطان : العرس مب غصيبه .. ومها معززة ومكرمة فبيت خالتها .. تباها بالحسنى كان بها .. والا طلبك متعذرين منه ..




-
وانت منو عشان تدخل .. اللهم ولد خالتها .. ياهل ما بعدك طلعت من البيضة .. لا توقفلي وتسويلي فيها ريال .. ترا الرياييل مب بالشنب والحى ..




وبهدوء رد عليه : ولا هم بطولة الايد .. وانفلات اللسان ..




مختلف .. رجل بجسد لم يتعدى الثامنة عشر من عمره .. كبيرا هو .. هذا ما رأته في هذه اللحظات .. تنقل بصرها بينهما .. كما يفعل مبارك الواقف قريبا من شقيقه .. هل يتعلم منه شيئا .. ام ان الدروس تفرض نفسها على صغار السن .. التفتت حين نطق سلطان : بنت عمي وباخذها يا مطر ..




-
وبنت خالتي ما بتطلع من هالبيت الا برضاها .. والنصيب ما بيوقف عندك ولا عند غيرك ..




" مطر " .. نطقها حمد الداخل عليهم .. لتنحدر ذراعيه عن صدره .. ويشد خطاه يقبل رأس والده .. ومن ثم يردف حمد : استريح يا سلطان ..




ابتسم وكأنه انتصر على ذاك الشاب الذي يمقته .. ليجلس بعد ان حيى حمد بالتحية الاماراتية : والله يا عمي ما عيلت بالعرس الا عشان ظروفي ..



التفت لمها التي لا تزال واقفة : مها .. شو رايج ؟



-
العرس عقب العيد العود .. واذا مب راضي يا سلطان .. انت بطريق وانا بطريق .. غير هالكلام ما عندي .. سمحولي ..




وخرجت من المكان تلفها رعشة غريبة .. تشعر بان عظامها تتراقص .. وان نبضها في سباق مارثون لا نهاية له .. ولجت لتتلقفها خالتها : شو صار .. مطر وصل من دبي ومن قلت له ان سلطان هني .. راح صوبكم .. شو استوى ؟



بلعت ريقها وابتسمت : ما صار شيء ..



امسكتها بذراعها : والصوت اللي وصل الين هني .. سمعي يا مها ما اريد مطر يتمشكل وييا ولد عمج ..




الخوف دائما يحكم تلك الام .. منذ ايام احتدم النقاش بينها وبين مطر .. فقط لانه يرغب بان يلتحق بسلاح الجو .. وهي لا ترغب له الا وظيفة ادارية في مؤسسة ما .. بعيدا عن القوات المسلحة او الشرطة .. لا ترغب ان تعيش الخوف من جديد .. تنهدت مها : لا تخافين يا خالتي .. مطر ما ينخاف عليه .. واللي الله كاتبه بيصير .. وسلطان لو يباني بيطيع الشور ..





,,

اسوار يبنيها دون ان يعي .. دون ان يدرك تشيدت حتى حالت بينه وبين جابر .. وبينه وبين حارب .. منذ الامس وهما لا يردان على اتصالاته .. لاول مرة يغضب منه جابر بهذا الشكل .. بعث له رسالة نصية مفادها ان ما حدث ابعد عنه التفكير .. لم يكن هناك مجال لان يحكم عقله .. او ان يضع بالحسبان اخبار الاخرين .. تنهد وابتسم .. حين نطقت تلك باسمه : شبشب ..




كان جالسا في صالة قسمه .. فتح ذراعيه لتدنو منه .. يجلسها على فخذه ويسألها : شو بلاها الحلوة ؟




يدها تعبث بـ " طربوش " ثوبه .. لم يغير ملابسهه من بعد ان صلى الظهر جماعة .. تناول طعام الغداء على عجل وشد خطاه بعدها لكنة .. يتأكد بانها تناولت غداءها .. وها هو يقبع وحيدا ينتظر ردا من ذاك الغاضب .. نطقت واناملها الصغيرة تتحرك عند نحره : هذيك الحرمة ما احبها .



عقد حاجبيه : اي حرمة ؟



نظرت اليه : هذيك اللي يت عند امي شمسة ..



مدت ذراعها لاعلى ناطقة : الطويلة ..



وبعدها قفزت لتقف امامه.. تعض ظفر سبابتها : اممم .. اللي عندها ذاك الولد .. اللي كان يلعب وييا هشول ..



سحب كفيها : ليش ما تحبينها فديتج .. تراها طيبة واايد ..



" ما احبها " .. قالتها وقد تهدج صوتها .. لتردف : ضربت امي .. كنا هناك .. هناك .




كان حديثها متقطعا .. ليشدها اليه : خلاص فديتج لا تصيحين .. اششش ..




كفه تمسح على رأسها يحاول ان يهدأها .. لم يشعر الا بجابر وحارب يقفان امامه .. ليرمي ذاك بتذكرتي سفر امامه على الطاولة .. لينطق متسائلا ولا تزال تلك بين ذراعيه : شو هذا يا حارب ؟



بنبرة متهكمة اجابه : تستغبي حضرتك .. يعني ما تشوف شو هذا ..



رمى جابر بنفسه على الاريكة بجانب شبيب : بتسافر .. واذا ع الشغل تراني قدمتلك اجازة ووافقوا عليها .. ولا تيلس تتعذر ..



التفت اليه وهو يرى وجه كلثم وبيدها الصغيرة تمسح دموعها .. لتنطق صارخة بوجهه : شبشب ما بيسافر .. ما بيخليني .. وانتوا طلعوا مني .. طلعوا ..




اخذت تسحب جابر من يده .. وحين لم تستطع قامت بدفع حارب الواقف .. تصرخ مرارا : طلعوا .. ما بتاخذونه مني .. طلعوا ..


,,

هُنا اقف .. ولنا موعد يوم السبت باذن الله مع الزفرة 32


تفاحة فواحة 02-09-13 01:20 AM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 

الحرمان سُطر على ملامحها في هذه اللحظة .. دموعها المنشقة عبر وجنتيها البريئتين .. وصراخها الذي اطاح بقلبه ليسحبها اليه عن حارب الذي لم يتزحزح رغم دفع اكفها الصغيرة له .. يكبل كفيها .. وبحنان نبرة يكلمها : فديتج ما بروح مكان .. هذوني وياج ..


ومن بين شهقاتها القاطعة لحديثها : اللي احبهم .. كلهم يروحون .. بابا راح .. ماما راحت .. مريوم تقول بابا ما يرجع ..



اعتق كفيها .. ليمسح بهما شعرها للوراء .. ومن ثم دموعها المنهمرة .. يزاحمان كفيها العاركان لعينيها : لا تصيحين ..



" تحبيني ؟ " .. سؤال القاه وهو يداعب خصلات شعرها من خلف اذنها .. لتهز رأسها بنعم مرارا .. ويردف هو : وانا بعد احبج .. والحرمة اللي كنتي تتكلمين عنها تحبج ..



حركت رأسها نافية : ما احبها ..




كم هو صعب اقناع طفلة .. اصعب بكثير من عمل يقوم به مع من لا قلوب لهم : بس بابا خالد يحبها .. هذي امه .. وهي تحبج لانج بنت ولدها ..




تنظر اليه تستوعب الحديث الخارج من بين شفتيه .. ليبتسم في وجهها ويستطرد : شو رايج تروحين معها تشوفين بيت بابا ..



بعنف حركت رأسها لتتحرر الخصلات من جديد : ما اريد ..



يسقط كفيه على كتفيها النحيلين : حبيبتي سمعيني .. هم اهلج .. ام وابو ابوج .. يحبونج ويريدونج وياهم ..




" ما اريد .. ما اريد " .. كررتها بعنف وهي تنسرق من بين كفيه مهرولة .. ليزفر انفاسه ويقع نظره على ما رماه حارب آنفا .. كيف سيسافر ؟ .. هو لم يترك المنزل يوما الا لمهمات عمل .. ولكن كان في حال افضل من الآن .. اغمض عينيه ليشد انفاسه ويبعثرهن بصوت واضح .. ويضرب بكفيه على فخذيه واقفا .





ارتفعت الاعين على دخوله .. تتبعه حتى استقر على مقربة من جابر الجالس على الارض يلتقم له حبات من التمر .. استأذنا سابقا ليخليا المكان له ولكلثم .. ويستقران في المجلس في انتظاره .. صمت الا من صوت تصادم الفنجانين حين اغرق جابر انامله ليغسلهما بالماء .. ليتشتت السكون من كلمات حارب : ترا رحلتكم باكر الظهر .




انعقد حاجبيه .. واطال النظر في وجه حارب .. ليرفع حاجبيه وكأنه يخبر صاحبه بانه لا يهتم لتلك النظرة .. ممددا شفتيه بابتسامة صغيرة : لا اطالعني جذي .. اذا ما حطيناك امام الامر الواقع ما بتتحرك ..




" بس .. " .. وقبل ان يتم حديثه قاطعه جابر : حروب صادق .. واذا ع البيت ترانا كلنا هني .. وين بنروح يعني ..



تحوقل وهو يشتت انظاره للاعلى .. ويتنهد ناظرا لحارب : وكلثم .. انتوا شفتوا حالتها .. وتبوني اخليها ..



نطق جابر وهو يبتعد عن الصينية متكيء بظهره : كلثم يدودها يبوها .. وعمي اكثر من مرة قالك انه يبيها عندهم .. ومثل ما تعودت عليك بتتعود عليهم ..



-
تعودت علي لانها تعرفني من قبل .. بس هم ما تعرفهم .. ما تعرف الا يدتها ضربت امها .. كيف ان شاء الله بتتعود .. ولا تنسى انها مريضة ..



" استغفر الله العظيم " .. قالها حارب وهو يقف ليجلس على " الكنب " .. ويردف وعينيه في عيني شبيب : تراك انت بروحك تصعبها .. لا تتعلث ( تتعذر ) بكلثم .. اذا ما بغت تروح ما بينقصها شيء هني فغيابك ..




تنهد ليستطرد حديثه بشيء من الهدوء : شوف .. تراك انت تعبان ومب طايع تعترف بهالشيء لاي حد .. انت محتاي لهالسفرة اكثر من اي حد ثاني .. اسمع الكلام وتوكل ع ربك ..




تجتمع الاجساد كما سابقا في المكان .. فجسده ايضا ولج وقد علت وجهه ابتسامة .. يلقي السلام ويردون عليه وهم في جلستهم تلك .. ليبتعد قليلا حين دفعته اكف صغيرة عن الباب .. ويتتبع الجسد المسرع ليقع بجانب شبيب .. ليتهكم كعادته : شو بلاها ذي .. لتكون شموس ضربتها ؟




جسدها المحتك بجانب جسده يثير دغدغة خفيفة تجبره على الابتسام ليطوقها بذراعه .. نظرتها تقع على منذر الرامي بنفسه اسفل الكنب مستندا بظهره .. وحاجبيها قد انعقدا بغضب .. ليبادر بقوله : بسم الله الرحمن الرحيم .. شبلاج اطالعيني جذي .. صدق اللي خلف ما مات .




غرق شبيب في ضحكة استغربها الجالسون .. ليسمروا بانظارهم عليه .. يطوح جابر برأسه متبسما .. وحارب ضحك ضحكة قصيرة ومن ثم صمت .. ليخرس شبيب ضحكته على صوتها الغاضب : لا تضحك شبشب .



كانت قد اعتقت جانبه لتقف امامه بغيض .. وقد تقوست شفتيها .. ليشد كفيها بكفيه : يا روح شبشب ما اضحك عليج .. اضحك ع كلام خالي ..




لا يعلم لما وجهها العابس وحديث خاله اعاده لضحك من جديد .. ليستغفر منذر وهو يعتدل يشد بصينية القهوة اليه ويردف وقد بدأ يسكب لنفسه فنجانا : الريال استخف ..



ليرد عليه جابر : والله منك ومن كلامك ..



يرتشف من فنجانه رشفتين ليتركه في جانب الصينية : انزين بالله شوف وييها .. ما تشبه خالد الله يرحمه ..



التفتا ناحيتها .. تضرب شبيب بكفها على كتفه مرارا : لا تضحك .. لا تضحك ..



ليسيطر على ضحكته أخيرا يحتضن وجهها الصغير : سامحيني .. بس كله من خالي .. لا تعصبين .. تراج مب حلوة وانتي معصبة ..



كان يحرك ابهاميه على جبينها وكأنه يمسح انقطابه .. لتحدثه بحزن : ما اريدهم ياخذونك ..



تشير اليهما ببسبابتها : ما احبهم .. قول لهم يروحون ..



" عيب فديتج " قالها وهو يجلسها في حجره .. يراها غاضبة ناظرة اليهما .. يكتنفهما الصمت مع ذاك المنذر البعيد بعض الشيء عنهما .. ليستطرد حديثه : هم يحبوني مثل ما انتي تحبيني .. وبعدين يبوني اسافر عشان ارتاح ..



لتصرخ ناظرة لوجهه : بروح وياك ..



نطق جابر وهو يقف : ما اظن بتقتنع بكلامك .. اذا راسها مثل راس ابوها فالكلام وياها ضايع ..




" وين رايح ؟ " ..سؤال القاه حارب وقد رفع نظره لظهر جابر .. ليجيب : بروح اشوف اللي ما تبي تشوف حد .. الناس ايونها الين حجرتها وهي ما عندها الا الرقاد والكذب ..



ابعد كلثم عنه .. ليقف امام جابر : لا تروح لها .. اللي فيها مب سهل عليها ..



يده تربت على كتف شبيب : يبالها حد يدفعها عشان تتخطى اللي هي فيه .. وبالمرة اخبرها عن السفر ..



غادر ليشتت شبيب نظره بين حارب ومنذر .. ويستقر على يد كلثم الممسكة بكفه .. تنهد .. فكيف سيستطيع اقناعها .. يبدو انها ستصبح ملازمة له خوفا من ان يتركها .. اعاد نظره على حارب المنهمك في هاتفه : حارب ..



ارتفع بصره بابتسامة خفيفة .. ليكمل شبيب : بترجع تسافر ؟





ماذا استشف من سؤالك ؟ هل كرهت بعدي وعودتي ترياقا لفراق مضني ! ..أترغب ببقاءي هنا بجانبك كما سابقا .. يا الله كم ان قلبي يخفق فرحا .. يرقص طربا .. حتى وان كان سؤالك يحمل عكس ما جال في خاطري .. فيكفيني ظني بك ..




زادت ابتسامته : عقب اسبوع .. برد اكمل التخصص اللي بديت فيه .




" احسن لا ترد " .. قالتها تلك المشاكسة الصغيرة .. ليضحك بحبور ويجيبها : بس شبشب بيزعل اذا سافرت ..



لينفجر الاخر ضاحكا : حتى انت عدوك ..



وزادت ضحكاته تحت ارتفاع حاجب شبيب وابتسامة ساخرة ارتسمت على فيه .. فخاله هو خاله .. لن يتبدل ابدا .. اعاد انظاره لحارب : يعني بنرد قبل لا تسافر ..



وقف يدس هاتفه في جيب ثوبه .. ولا تزال ابتسامته معانقة له : لا .. سفرتك بطول .. وترى كل شيء ع حسابي .. بس اللهم مصاريفكم الخاصة ..




" الا شو التخصص اللي ادرسه ؟ " .. كان سؤال اوقف خطواته عن متابعة المسير للخارج .. ودون ان يلتفت : اذا وجد الماء بطل التيمم ..




وخرج بعد تلك الجملة التي انعقد لها اربع حواجب .. واعين حملقت ببعضها .. وفيه يتساءل : شو يقصد ؟




رفع كتفيه ردا على سؤال خاله .. وسحب تلك الصغيرة معه .. المستميتة في امساك كفه .. وغادر المكان .. يشعر بالوجع يخبو خلف استار صنعوها له .. مدوا ايديهم ليطالوا السواد ويدثروه ببياض افعالهم ..





,,

اما هي فـ إلى الان لم تجد ثقب نور يجبرها على النهوض من حبسها لنفسها .. تناست كُل شيء لتظل واهية في فراشها .. تقوم منه لدورة المياه ( اكرمكم الله ) وتعود اليه .. حتى صلاتها لم تعد تقوم بها .. وكأنها تعتزل الحياة خلف اسوار لحاف يحيط بجسدها المرتعش حين تطارده الذكريات .. شدت بالغطاء على رأسها حين فُتح الباب .. الهروب من الوجوه هو ما تتقنه في ايامها الماضية .. يزورونها ولا تكرمهم بفتح عينيها .. فيقبلونها بانحناء .. يمسحون على رأسها بشفقة تستشفها من احاديثهم .. ويلوذون بعدها بالصمت ومن ثم الخروج .. لتنطلق دموعها حارقة لشحوب وجهها .. لا احد الا هو .. تستيقظ في حضوره نصف ميتة .. تجبر نفسها على الاكل حتى لا تُرد كفه خائبة .. تسكنها الراحة اذا ما قبعت كفه على رأسها وتمتم بأيآت الله .. وتتساقط دموعها دون غصة حينها ..




اقترب لتداعب انفها رائحة عطره .. قريبا من وجهها .. يجلس بنصف جسمه امامها وظهره لتاج سريرها .. وذراعه قد امتدت عليه .. ينظر لها .. للظاهر من وجهها ويبتسم .. فتترك ذراعه مكانه لتبعد انامله خصلات شعرها المعتدية على جبينها : كنون .. ادريبج مب راقدة .. انا مب ليلى ولا عمج ولا باقي اهلج بيصدقون انج راقدة ولا حاسه فيهم ..




انظاره تتشتت في الغرفة الباردة .. وهدوء يسيطر عليها يحيلها الى بؤرة كآبة .. عقد حاجبيه لبرهة ومن ثم نظر اليها مبتسما : اليوم صليت الظهر فالمسيد القريب من بيت فارس ..




عيناها تخذلانها .. وجفونها تمردت .. وهو ركز انظاره على وجهها .. شدها بما قاله .. ليتابع : كان ودي اعرف كيف هو .. وشو اخباره من اخوه .. بس ما لقيته .. والحلو فهالمشوار اني لقيت فارس يصلي جماعة ..




لا تعلم لما ذاك الاحساس بالضياع سيطر عليها .. ولما مشاعرها ترغمها على الصمت .. لم تعد تشعر بقوة ذاك الألم الذي اجتاحها .. ولكنها لا تزال تتألم بصورة مختلفة .. تستمع له يحكي احاديث تفوه بها أخيها .. كم ان تلك الصفة تشعرها بلهيب غريب يتبختر في انحاءها ويستقر في بلعومها .. ويجبر عينيها لتصرخ نازفة دموعها .. ويجبرها لبلع غصاتها مرارا دون فائدة لاخماد الحريق ..




يخبرها بانه يحاول ان يتأقلم على الوضع الجديد .. ويخبرها ايضا ان لا شيء على لسانه الا الحمد لله .. ويصف لها شحوبه ونحول جسده .. وينهي الحديث بان ذاك يسأل عنها وجدا .. لترتجف شفتيها معلنة عن شهقات آلمته .. ويندس جانب وجهها في وسادتها الغارقة بمطر عيونها ..


,,

يــتــبــع |~




تفاحة فواحة 02-09-13 01:21 AM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 


التفت على دخول شبيب وتلك الصغيرة المعتقلة لحريته .. ومن ثم اختفاءهما .. يسمع حديث شبيب الخافت لها خلف الجدار .. لربما يحاول اقناعها من جديد .. هُناك جلس القرفصاء امامها : شفتي .. خالوه كنه تعبانه ولازم اروح وياها .



تتقوس شفتيها من جديد على حديث الاقناع الذي كلت اذنيها من سماعه .. ليبتسم هو : حبيبتي فهميني .. ما اقدر اخلي كنه بروحها .. وانتي بتبقين هني وييا شامة ..



تنسل كفها من كفه وتنظر اليه لثواني .. دون صوت ابتعدت عن المكان .. يتبعها بعينيه حتى توارت في غرفة شامة .. ربما اقتنعت اخيرا .. سحب انفاسه ليعود ادراجه الى غرفة كنه .. يرى جابر يحاول معها ان تهدأ : كنه ما يصير اللي تسوينه بعمرج .. انتي مب يالسه تعذبين نفسج وبس .. انتي تعذبين اخوج وامج واهلج كلهم ..



امتعض من حديث جابر ليقبع هو الاخر على السرير كما ذاك ومقابل له .. لينحني يضع كفه على رأسها : فديتج لا تصيحين .. والله قلبي يتقطع عليج وانا مب قادر اسوي شيء ..



" ما اقدر " .. نطقتها بصوت كتمه الغطاء .. وكتمته انفاسها المتقطعة .. ليأتيها صوت جابر : تقدرين .. واحنا كلنا وياج .. والا شو خانتنا .. اخوان بالاسم ؟



-
الموت ارحم .. والله الموت ارحم ..



اجبرته بتلك الكلمات ان يتقدم يبعد جابر عن السرير .. ويحاول رفعها من كتفيها .. يثبتها امامه جالسة .. ينظر الى عينيها صارخا : ما اريد اسمع هالكلام مرة ثانية .. تدرين شو يعني موت ..


هزها ناطقا : تكلمي ..


لتقع كف جابر على كتفه : شبيب اهدى شو بلاك ؟ .. مب جذي تتفاهم وياها ..



تركها بعنف لتندفع للوراء قليلا .. ولكنها ظلت جالسة ووجها طأطأته .. تسمعه يصرخ بها : هذي مب اختي .. مب كنه .. كنه القوية وينها .. انا خلاص تعبت .. وهي ولا همها الا تزيدني تعب فوق تعبي ..



ليترك المكان بخطى واسعة للخارج .. وبنبرة خافتة ترتفع رويدا : مب قصدي .. مب قصدي .. والله مب قصدي .. والله ..



ليقع جابر جالسا يشدها اليه .. لتدفعه عنها .. مترجله عن سريرها .. يكاد جسدها يخر للارض ضعفا .. تتحامل على روحها فتشد خطاها تلحق بذاك .. وقفت في الصالة .. لاول مرة ترى تلك الوجوه بعد ما حدث .. وجه شامة ووجه والدتها وجدتها ايضا .. حتى كلثم الصغيرة وقفت بخوف تنظر اليها .. كانت تبكي : وينه ؟



ارتجفت على احتضان جابر لكتفيها بكفيه : كنه تعالي وياي ..


صرخت مبتعدة عن جابر خطوات للامام : وينه ؟


" شبيب راح حجرته " .. نطقتها جدتها واردفت : روحيله .. تراه تعبان من تعبج وانا امج ..



ما ان غابت حتى وقفت شمسة سائلة : شو استوى ؟


سحب انفاسه : عصب عليها ..



قال جملته تلك واعتذر مغادرا .. ربما هو سبب انفعال شبيب على شقيقته .. او لعلها الضغوطات المتراكمة عليه .. اما هي فدخلت الى قسمه .. لتراه مدبرا واقفا امام النافذة .. اقتربت منه لتقف من وراءه : مب قصدي ..



هل يبتسم ؟ ام يبكي لانه ابكاها ؟ .. اغمض عينيه يحاول ان يعطيها فرصة للحديث .. يكفيه انه يسمع صوتها من بعد ايام مُرة .. شهقت واردفت : والله ما اقصد .. بس تعبانه .. قلبي يعورني .. وجسمي احس مثل اليمر فيه ما يهدا .. كل ما غمضت عيوني تحرقني .. وراسي يعورني .. كل شيء فيّ يعورني ..



اتعبها الوقوف لتخر جالسة على ركبتيها .. شعر بها ليلتفت .. رفعت وجهها اليه : مب سهله .. والله العظيم مب سهله .. الريال اللي حبيته وعشت وياه يطلع ....



انتحبت دون ان تكمل .. ليجلس هو امامها .. يشد على ذراعيها ويلثم جبينها بعمق : ما تنلامين .. بس حاولي تقوين نفسج ..



فجأة بعد صمت .. تحركت بجسدها لتضع رأسها على فخذه .. تبحث عن شيء تشتاقه .. لم تهتم للارضية الصلبة .. ولا للباب المشرع .. كطفلة صغيرة عادت .. تنام في حضن والدها بعد بكاء طويل .. او بعد اشتياق لغياب طال .. اسدلت جفونها على وقع كفه على رأسها .. وحركة انامله لشعرها .. هكذا كان ذاك يفعل حين تكون بين يديه .. سالت دموعها رُغما عنها ..



تسمع صوت كلثم الصغيرة بعد دقائق من فعلها .. تسأل شبيب عنها .. وتسأله .. هل ستموت كما والدها ؟ .. وتسمعه ناطقا : بعيد الشر ..



تتوقف انامله عن عبثها .. فقط تسمرت في مكانها .. لربما السبب دنو تلك الصغيرة منه .. يحيطها بذراعه .. تقف تنظر للجسد المرمي على الارض .. ناطقة ببراءة : بتاخذها بعيد ؟




عن اي بُعد تتحدثين يا صغيرة ؟ أنا الآن منفية من عالم الحياة .. نفيتُ نفسي بعد ان قلدتها القضاء والمحاماة .. وسلسلتها بجريمة شنعاء .. فكنتُ ثلاثة في واحد .. احكم عليها بالجلاء عن اعيُن البشر .. ولا زلت ارفض حكم الاستئناف ..




,
,

الاحكام الغير عادلة تطأنا دون ادراك منا .. ودون حيلة نحتالها لمنع ذاك الحكم .. كتلك الجالسة بمعية والدتها في صالة منزلهم .. لا ترغب بما تجبرها عليه .. ولا تقوى على الرفض .. نطقت : اميه شو هالكلام ؟ .. يعني بتاخذوني بسوايا غيري .. شو دخلني باللي صار بين سلوى وفارس ؟



" دخلج لانج اختها " .. قالتها تلك وهي تنهي الحديث من طرفها مولية ظهرها لابنتها .. ترفع صوت التلفاز ..تركت مكانها لتسحب الجهاز من كف والدتها وتجلس امامها : اتصلتي علي تخبريني انج تعبانه وتبيني يمج .. وتصدميني بهالكلام .. عبالي انتهت السالفة من يوم ما اتصلتي علي .. حتى اني كلمت عمر .. حرام تهدمون حياتي بهالشكل ..


-
ومن قال بنهدمها .. فارس طلق اختج وهو مصدوم من اللي عرفه .. ولو ضغطنا عليه بيردها ..




ذاك ما تفوهت به سلوى في ذاك اليوم .. حين دفعها خالها الى المنزل .. مسقطا " عقاله " على ساقها لتتلوى قافزة من الالم .. وتختبيء خلف والدتها .. تتقي غضبه الهادر : شو اللي ماسكنة عليج فارس عشان يطلقج ؟



لترتجف وهي تتفاداه بوالدتها : هو مصدوم .. اصلا طلق وهو مب فعقله .. كله منها .. يموت فيها ..



بانفاس ثائرة وايدي غاضبة يرتب ما في يده ليردفه على رأسه : والله يا سلوى ان دريت ان وراج بلوة ما تلومين الا نفسج ..



يدها تتحرك على ساقها المزرقة .. وحديث خالها ذاك لا يفارقها .. والآن تأتي والدتها بتلك الخطة لتجبره على ارجاعها .. ماذا لو نطق ؟ ماذا لو افتضح امرها ؟ .. ابتلعت ريقها واقفة . ستحاول مع شقيقتها لردع والدتها عن تلك الفكرة الجنونية .. نزلت السلالم .. وهي تسمع اصوات اشقاءها في الخارج .. صغار .. ولكن ذاك المغترب ليس بصغير .. ولا خالها .. قد تقتل على يديهما .. سحبت انفاسها وهي ترى محاولات سمية العقيمة .. تسمعها تتحدث : امايه ما اريد اتطلق ...



لتصرخ تلك بها : ومن قال انج بتطلقين .. عمر بيكلم اخوه .. واخوه اكيد ما بيرضا يشوف حياة اخوه الصغير تنهدم ..


-
امايه انا ما اريد ارد لفارس ..


-
شو ؟


قالتها وهي تقف ملتفتة لابنتها : بتردين له .. ما عندنا بنات يتطلقون ..



بصوت ساخط نطقت سمية : والله حرام عليكم .. تتحكمون في مثل ما تبون .. بالاول لحيتوا علي الين وافقت .. ويوم تمسكت فيه وصارت حياتي وياه اوكي اتون تدمرونها .. باي حق وباي قانون هالشيء ..



لتبتعد من المكان تنزوي في غرفتها القديمة .. لا تزال الكتب الدراسية متكدسة في مكانها .. هنا كانت تدرس .. وهنا بنت حياتها القادمة مع عمر على تخيلات مراهقة .. وهنا تقبع على سريرها تتصل به ..



صلى المغرب في المسجد ومشى متوجها الى منزله .. ليهتز هاتفه في جيب ثوبه .. يبتسم ويردفه على اذنه : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .. ها اخبار امج الحين .. ان شاء الله احسن ؟



علمها ان لا تكذب مهما كان الامر .. علمها ان تبني حياتها معه على الصراحة وتبعد المجاملة المتسربلة بالنفاق .. علمها ان الاهل اولا .. والام اولا .. لتنزل دموعها ناطقة : امي ما فيها الا العافية .. بس تقول اذا رجعت لك لا انا بنتها ولا تعرفني ..



تسمر في مكانه يستمع لحديثها المتوشح بالظلم .. هو لا يستطيع الاستغناء عنها .. فليُسمون حالته كما يشتهون .. حب او تملك .. او لعله اعجاب .. ولكن هو لا يستطيع العيش كما عهده دون وجودها .. انهى الاتصال ليحث خطاه الى منزله .. يدخل الصالة لترتفع الانظار له : وين فارس ؟


ليأتيه صوته من خلفه : خير تريدني فشيء ؟


" رجع حرمتك " .. نطقها ليقابلها فارس ببرود .. ويسأل : ما سمعت ؟ عيد شو قلت ؟



-
لا سمعتني .. ماسكين سمية يقولون مالها رجعه هني بدون اختها ..


وقفت والدته وبحدة : شو هالرمسة المخبقة .. شو دخل سمية بسلوى .. ولو اني مب عارفه شو اللي خلاك تطلقها ..



بهدوء يحاول به ان يكتم غضبا تأجج لذكرها .. تلك الخائنة له : سلوى ما لها رده لبيتي .. وحرمتك خلها عند امها ..


صرخ باخيه : لا ما بخليها عند امها .. وانت بترد حرمتك ..


امسكته من ذراعه تلفه اليها : عمر كلم اخوك العود بأدب ..


-
اخوي العود اللي فراسه يسويه بدون ما يعبر حد ولا يشاور حد ماله احترام عندي ..



التصقت هند في نورا .. تنظران لما يحدث .. يحيطهما الخوف من صراخ عمر .. ومن هدوء فارس الغريب .. ربما سيثور الان .. ضاربا شقيقة .. او صارخا به حد وجع الكلمات .. ولكنه لم يفعل .. نظر لشقيقه الثائر : قلت لك خل حرمتك عند امها .. وبتردلك .. والا انكم تجبروني ع شيء ما اريده فلا .. فارس اللي كان يداري الخواطر مات ..



شهقت والدته : فال الله ولا فالك .. لا تخاف محد جابرنك ع شيء ما تباه .. بس ساعد اخوك ..


-
اللي عندي قلته .



كانت تلك آخر جملة القاها على مسامعهم .. ليختفي من المكان .. ويثور الاخر متوعدا .. ويصرخ بان الطلاق سيلحق بالاخرى ان لم يكفوا عن جنونهم .. ويختفي هو الاخر .. لتضرب والدتهما يسراها بيمناها : لا حول ولا قوة الا بالله .. لا حول ولا قوة الا بالله .


,,

يـتـبـع |~





تفاحة فواحة 02-09-13 01:23 AM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 



وهناك دعاء من نوع آخر .. ينطق به فيها داعيا على شقيق ضيع عقله بين اكف رفقة السوء وتلك القاضية على حواسه .. صرخت به : حسبي الله عليك من اخو .. مدخل ربعك لداخل البيت .. والبيت فيه اختك .. انت ما تخاف ربك .. والله ان ما طلعت وطلعتهم وياك ما تلوم الا نفسك ..



دفعها الى داخل غرفتها مغلقا الباب من خلفه : اص ولا كلمة يا قليلة الادب ..


-
اذا انا قليلة ادب انت شو ..


تكومت على الارض بسبب كفه الاطم لوجهها .. ينحني عليها يشد شعرها : انا اشرف منج ..



ليدفعها .. ويسحب من جيبه ورقة قد طويت .. يجلس القرفصاء بجانبها .. يضع الورقة امامها على الارض .. ويسحب قلما من جيب قميصه .. يشدها من شعرها يمد لها القلم : وقعي ..



ليترك شعرها واضعا القلم من يده على الورقة .. الكلمات تائهة خلف ستار دمعها .. تحاول ان تلتقط الاسطر دون جدوى : شو هذا ؟


تنهد : وكالة لبيع البيت ..


شهقت مرتاعة .. مبتعدة للخلف زحفا : بتبيع بيت ابونا ؟ . ما سدك اللي خذته .. وانا وين اروح ؟


صرخ بها وهو يقرب الورقة من وجهها : وقعي احسنلج ..


لتضرب ذراعه واقفة : مب موقعه يا وليد .. تسمع .. مب موقعة .. وبيت ابونا بيبقى غصب عنك ..



ثارت انفاسه ليشد بقبضته بجانبه .. شقيقته عنيدة ولن يقوى على اجبارها .. كتم غيضه ليخرج بخطوات مهرولة .. ينزل السلالم ليتلقفه صحبه بالسؤال : ها شو سويت ؟ سبع والا ضبع ؟



لم ينبس ببنت شفه .. سيضحكون عليه ان اخطأ .. سيحرموه من متعته ان لم يجلب لهم المال .. ابتعد ليلج غرفة والده .. يقلبها رأسا على عقب .. يذكر ان لوالده سلاحا .. سيجبرها بالتهديد .. لن تجعله صغيرا في عيون اولئك المتسمرين في الصالة الناظرين للاعلى .. هناك صيدة تنتظر صائدها .. لتناظر العيون بعضها في خبث .. وتلتفت على خروج ذاك الهادر : غصب عنها بتوقع ..



ليقطع طريقه اكبرهم .. لا يبدو صغيرا ابدا .. ربما في الثلاثينات من العمر : شو بتسوي يالمينون ؟



" بخليها توقع بالغصب " .. وابتعد يطوي الدرجات اثنتين اثنتين .. حاول فتح الباب ولم يقوى .. تغلقه بكفها وتدفعه بجسدها .. فذاك الاخ رمى بمفتاحها بعيدا عنها .. شد على المقبض دافعا الباب بقوة .. لتتعثر ساقطة .. هو في جنونه لا تقوى عليه .. يعود يشد على شعرها يرفعها عنوة .. لتجلس على ركبتيها .. لينحني يضع الورقة من جديد امامها .. واذا بشيء بارد يلامس صدعها .. لتلتفت بخوف .. وبارتجافة من شفتيها نطقت : بتقتل اختك يا وليد ؟



تراه يبتعد بخطوات للخلف وفوهة المسدس موجهة لها .. ليبعثر ادراج مكتبها .. ويعود اخيرا وبين انامله قلم .. يضعه امامها على الورقة : وقعي ..


تساقطت دموعها : وان ما وقعت .. ؟


" بقتلج " .. ضحكت من بين دموعها .. لترد عليه : احسن .. ع الاقل موتي بيسوي خير فيك .. بيعالجونك من السم اللي تتعاطاه .. وبيحكمون عليك بالموت ..



غرق في ضحكة اخافتها .. لينطق بمكر : قضية شرف .. واثباتها مب صعب يا ريووه .. والدليل عند الشرطة واضح .. واعمامي بيشهدون وياي ..



" حسبي الله ونعم الوكيل " .. قالتها ليصرخ بها يدفع رأسها بالسلاح : وقعي .. والا تبين الناس بدال ما يدعولج يدعون عليج ..



سحبت انفاسها لتمد يدها المرتجفة .. تمسك ذاك الرشيق وتخط توقيعها .. ليسقط بعدها على صوت ذاك الثلاثيني على الباب : ما كنت ادري ان اختك حلوة ..



رجفة اصابتها .. لتقف تستتر بظهر شقيقها .. تخفي نفسها وشعرها .. ابعد ما حدث تحتمي به .. لتسمعه يصرخ : اطلع ..



ليرفع ذاك كفيه : بطلع .. بس بعد هالمسدس .. اليهال ما يلعبون بهالاشياء ..



كانت لكنتة خبيثة .. متشربة فساد اسود .. لينسل القماش من بين كفيها حين تحرك شقيقها .. ينحني يلتقط الورقة ويبتعد راجفا الباب من خلفه .. تشعر بان ساقيها لا تقويا على حملها .. لتسقط راكعة .. باكية على حالٍ وصلت اليه .. والخوف من ان تأتي ليلة ينتهك فيها شرفها دون رحمة ..

,
,




قبل ساعات كانت تتدثر بغطاءها .. لتسمع فتح الباب .. ومن ثم حديث جدتها لهاشل : حطه هني ..



كان يسحب مرتبتها الارضية ( الدوشق ) ليضعه لها على الارض ناطقا : انزين هي باكر بتسافر ليش بترقدين وياها .. وبعدين انتي ما تحبين البرد والمكيف ..


-
ما عليك مني .. روح ييب البطانية والمخدة ..



تسللت الى شفتيها ابتسامة لخوف جدتها عليها .. ربما اخافهم شبيب حين حملها على ذراعيه من غرفته الى غرفتها .. وربما هي من اخافتها حين خرجت من غرفتها باحثة عنه .. تمر الدقائق بين اغفاءة قصيرة .. وحلم مزعج يجبرها على فتح عينيها .. نامت على يسارها ليلوحها جسد جدتها المتغطي .. وتعود تلك الابتسامة تداعب الشفاه .. لا تعلم كم مر من الوقت وهي تتأملها .. والنور الخافت يرسم ظلال ضخمة على الجدار .. فترى تحركها بوضوح اكبر .. انقلبت لتنام على ظهرها .. تنظر لسقف غرفتها .. غدا ستسافر .. ستبتعد عن هنا الى الاراضي الطاهرة .. هناك ستغسل جسدها من تراهات محرمة وقعت فيها .. من ضعف نفسها .. ومن الكثير الكثير ..



جلست لتترجل بعد ثواني .. وبعدها تختفي خلف دورة المياه ( اكرمكم الله ) .. لا تعلم كم صلاة فوتتها .. فالزمان توقف عند الخبر الجلل .. بعد حين افترشت سجادتها .. وصلت .. الكثير من الركعات .. لعلها تحاول ان تكفر عن الخذلان .. او انها تحاول ان تصل الى الراحة .. لتجلس بعدها ترفع كفيها .. ولكن لا دعاء يسعفها .. رددت الحمد لله كثيرا .. وكأنها تحاول ان تجد كلمات تسعفها مع ذاك التكرار .. ولكن لا شيء ..



لتنزل كفيها ويتصنم جسدها .. ليأتيها صوت جدتها : بسم الله الرحمن الرحيم .. اذن الفير ؟



ابتسمت بخفوت ناظرة الى تلك العجوز : لا .. بس ما ياني رقاد ..



بين منتصف ليل ومنتصف نهار اختلف البكاء .. بكاء امرأة تبحث عن الحياة من جديد .. وبكاء طفلة ترى من يمثل لها الامان يرفع حقيبته ليغادر من امامها : لا تروح .. شبشب بروح وياك ..



انزل الحقيبة ليجلس امامها كعادته .. شدها اليه : ما بتاخر فديتج .. برد هني ..



انسحبت الحقيبة على يد منذر : لا تيلس تلهي عمرك .. حارب برع .. ويقولك ما باقي شيء ع طيارتكم ..



وابتعد عن المكان .. ليتنهد ذاك ويقف .. بعد ان مسح دموع طفلته الصغيرة .. شد خطاه ليلج غرفة كنة رآها جالسة على طرف سريرها بجانبها شامة .. تداعبها : عاد لا تنسين الهدايا .. اهم شيء هذيك الكيمرا .. تذكرينها ..


نظرت للباب لتنطق : بعدهم يبيعون منهن ؟



اقترب حتى غطاها بطوله .. لترفع هي نظرها اليه وتقف تلك .. تقبل وجنته : تروحون وتردون بالسلامة .. ولا تنسوني من دعاءكم ..



لتنحني تقبل كنه وتضمها وجدا الى صدرها ومن ثم تترك المكان .. لا ترغب بان تبكي .. فمنذ ما حدث وهي تقوي نفسها وتنهرها ان سولت لها البكاء .. وقفت بجانب النافذة ناظرة للخارج .. الجميع هناك .. وهو هنا دوما .. ابتسمت وهي تنظر اليه .. لم يتغير .. ولكن هناك اشياء كثيرة تغيرت في داخلها .. لم يعد يثير شيء في داخلها .. لا خوف .. ولا مشاعر متأرجحة .. كُل ما يثيرها الآن هو اختفاء طبيبتها ..



لتترك النافذة وتجلس على السرير تشد اليها هاتفها .. ستحاول الاتصال .. على مدى الايام الماضية وهي تتصل في اليوم الواحد عشرات المرات .. ولكن جميعها تبوء بفشل ذريع خلف الاغلاق .. تنهدت واذا بها تقف على صراخ كلثم .. لتتسمر من جديد امام النافذة .. يمسك بها منذر والسيارة تتحرك للوراء يقودها حارب .. تصرخ بعنف : لا تروح ..


واذا بها تعض الذراع المطوقة لها .. والمكبلة لحركتها .. ليصرخ عاتقا الجسد الصغير : خيبة تخيب عدوج ..



لتجري ويجري من خلفها جابر يعيد تطويقها من جديد تحت صرخات شمسة والجدة بان يمسكوها .. يثبت رأسها على صدره وبذراعه اليمنى يطوق ذراعيها مع جسدها .. لتحرك ساقيها بعنف : اريد اروح .. اريد اروح ..



يحملها عائدا بها .. لتهرول هي بجسدها ناحيته .. تلتقفها وتحتضنها : بس فديتج .. كلثوم حبيبتي اهدي .. شبيب بيرجع ..


تنهد جابر : ديري بالج عليها يا شامة ..



كانت شهقاتها دلالة على ازمة ربو قادمة .. زائرة ثقيلة ابتعدت عنها فترة طويلة .. لتعود اليها الان .. تُسكن جسدها المرهق من البكاء .. لا ترغب بالخسارة من جديد .. هو اضحى كُل عائلتها والآن تركها ..



تضعها في سريرها من بعد ان بخت من ذاك الدواء في فيها مرتان .. تحمد الله ان الازمة ليست قوية .. لتلتفت على صوت هاتفها .. وتبتسم : هلا .. ما وحالك ولهت علينا ..



لتضحك بعدها .. ومن ثم تنحني تقبل كلثم وتقف خارجة .. تغلق الباب من خلفها : لا تحاتي هي بخير .. الاحسن ما تكلمها الحين .. هيه ياها ضيق ..



اراح برأسه على الكرسي : ديري بالج عليها .. واول ما نوصل بتصل عليكم ..


ليغلق الهاتف على صوت حارب : شو ؟


" تعبت شوي " .. قالها وصمت .. كصمت تلك المتوشحة بالسواد خلفه .. هادئة جدا .. وكأنها في عالم آخر .. عالم ترسمه عيناها بعيدا عن تلك السيارات المارة بجانبها .. وذاك الشارع الملتهب من حرارة الشمس .. لا تعلم لما تلك الابتسامة تتطفل على شفتيها دون ارادة منها .. اسقطت جانب رأسها على الكرسي امامها .. ترغب بالنوم والاستيقاظ في مكان آخر ..




,
,

أمنيآت تحملها لعالم جميل .. كالامنيات التي تحمل تلك الاخرى .. الواقفة بخوف مرتدية السواد .. تطوي الصالة الصغيرة ذهابا واياب .. وابنتها تشاهد التلفاز .. وبين الفينة واختها تنظر لوالدتها .. وتعود النظر للشاشة .. امها متوترة .. صرخت عليها حين سألتها " لما كُل هذا الخوف الذي يجتاحها ؟ " ..



تسمرت اقدامها على صوت الصفارات في ساعة قريبة من منتصف الليل .. واقتحام اجساد للمكان .. تحركت لتقف عند عتبة الباب .. ومريم تقف بجانبها : شو في ؟



بحركة لا ارادية شدتها اليها .. حين سمعت الاصوات المتعالية .. اقتحمت الاقدام المتلاحقة وكر الفساد .. لتُسلط فوهات الاسلحة عليه وعلى صحبه .. وصرخة من المسؤول : لا تتحركوا ..



ليسقط كأس المُسكر من يده .. واسنانه قد رصها حتى كادت تتهشم .. وبعنف انسحب ذراعيه للوراء لتعانقها الاصفاد .. ويجر ومن خلفه شرطيان .. لتتسمر اقدامه في الساحة .. ويدفعوه من خلفه : تحرك ..


ليصرخ : بشوف اهلي انزين ..


اندفع البعض عبر الباب الفاصل بحثا عن ادلة أُخرى .. ليجلجل بالصوت عاليا .. يريدها ان تسمعه : بدريه ..



صرخ باسمها ليتزلزل جسدها في مكانه .. ويلحق صرخته : والله ان دريت ان انتي ورى هالشيء ما يردني عنج الا الموت ..



" اختي ممكن نمر ؟ " .. كان صوت احدهم مطالبا بالدخول لتفتيش المكان .. لتتحرك خارجة ومن تحت ذراعها ابنتها .. يحتميان بالجدار من خلفهما .. يرقبان تحرك رجال الشرطة في المكان .. ومن ثم السكون .. والصمت المطبق الا من صوت حشرات الليل الساهرة .. خرت جالسة : الحمد لله ..



تنظر اليها مريم : امي .. يعني خلاص عمي عوض ما بنشوفه ؟



كلماته كانت كسكين اخترقتها .. فتحركت فيها حافرة جسدها .. تشعر بالخوف من التهديد .. برغم ابتعاده الا ان جسدها يرتجف .. وقفت متحاملة على رجفتها .. ومشت بعباءتها المغبرة من أثر السقوط على التراب .. تحكم غلق الابواب .. وتعود لابنتها .. تشدها تحت جناحها ..



لم تنم تلك الليلة .. جفونها أبت ان تنغلق .. تتأمل صغيرتها النائمة بجانبها .. وتذكر الاخرى .. كيف هي الآن ؟ هل ستعود اليها بعد ما حدث منها ؟ ام ستتركها كما تركتها هي في باديء الامر ؟ .. تنهدت .. لتقف خارجة .. سيؤذن الفجر .. ستستمع له في صمت الصالة .. بعيدا عن صوت التكيف .. جلست هناك وخيال كلثم لا يفارقها .. ستعود حياتها كما كانت .. دون عيد .. ودون عوض .. فقط هي وابنتيها .. مريم وكلثم .. صدحت مكبرات الصوت باذان الفجر .. لتردد من خلفه .. وتدعو الله ان يوفقها في مسعاها ..

,
,



تلك الليلة ايضا كانت قاسية على أمرأة أُخرى .. أمرأة تشعر بان فقدانها لبعلها بات وشيكا .. فذاك الخبر اقض مضجعها .. حبيبته القديمة حُرة الآن .. قد يعود مطالبا بها .. وهي ؟ .. هل ستركن على رفوف الانتظار .. تنتظر مخرجا .. تنتظر حُلما قديما .. وتنتظر انصافا كما تسميه هي ..



هل حين نوقن بان دون الفقد لا مفر .. نتشبث حتى بما لم نحب يوما ؟ .. صامتة هي .. تراه صامتا من بعد ذاك اليوم .. سألته حتى بُح صوتها .. أين كانا هو ووالدته ؟ وماذا حدث ليجعل منهما جثتان لا ترغبان الا بالانزواء ؟ .. واليوم اضحى الجواب كنور الشمس .. تنهدت وهي ترضع صغيرها .. سيعود مبكرا كعادته في الايام الماضية .. لا يكمل ساعات عمله جميعها .. يخبرهم بانه مُتعب ويستأذن ..



دخل قسمه ليراها جالسة وفي حضنها محمد .. صغيرهما البالغ من العمر السنة ونيف .. لم تنظر اليه .. ولج الى الغرفة .. ليغسل تعب يومه .. وما ان خرج حتى رآها واقفة تنتظره .. وقف ببلوزته القطنية وإزاره الابيض المقلم .. تحرك ليتعداها .. يسحب له ثوب نوم .. لتنطق : بتاخذها ؟



تحرك ليجلس على طرف السرير : مالج دخل .



وبعدها يرفع جسده ويسقط رأسه على وسادته .. وذراعه نامت على عينيه والاخرى تهادت على بطنه .. سحبت انفاسها وتنهدت : اذا بتاخذها طلقني .. هذي مب عيشه وياك ..


دون ان يتحرك اجابها : شو بلاها العيشة وياي ؟


-
مب كأني حرمتك .



اعتدل جالسا وقد اكفهر وجهه : مب انتي اللي طلبتي هالعيشة .. تذكرين يوم يبتي محمد شو قلتي .. تذكرين والا اذكرج ..


وقف ليقترب منها شادا على ذراعها : تذكرين ؟


هزت رأسها بنعم .. ونطقت : قلت لك .. تراني مالي نيه فيك ..



قرب وجهه من وجهها الذي اشاحته .. لتلفحها انفاسه : واللي ما يبينا ..ما نبيه يا بنت الناس .. ولا اتيين تقولين اني السبب .. وهيه لو الله كاتبلي ان كنه تكون حرمتي بتكون .. رضيتي والا نرضيتي ..



ليعتقها على صوت الجرس الصادح بالمكان .. الساعة لا تزال الحادية عشر صباحا .. استغفر ربه وهو يسير نحو البوابة .. ليفتح الباب .. ويتسمر في مكانه .. يردد التحية بذهول تام ..

ويأتيه الصوت : اسمحلي ع الزيارة فهالوقت .. بس شفت سيارتك هني وقلت دامني فاضي ازوركم .



هل يحلم .. ام ان الشخص الذي امامه هو اخر شخص توقع ان يقابله على عتبة داره .. ابتسم ناطقا : حياك يا فارس ادخل ..


,,

هُنا أقف وموعدنا باذن الله سيكون يوم الخميس مع الزفرة 33

قليله بوح 05-09-13 11:58 PM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
اخبار أهل ليلاس الجميل
عندي تنبيه صغير
انتي قلتي الزفره يوم الخميس
وصار اليوم الجامعه وانتي مانزلتي البارت

تفاحة فواحة 06-09-13 12:06 AM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قليله بوح (المشاركة 3367743)
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
اخبار أهل ليلاس الجميل
عندي تنبيه صغير
انتي قلتي الزفره يوم الخميس
وصار اليوم الجامعه وانتي مانزلتي البارت

وعليكم السلام والرحمة انا هنا انقل رواية الكاتبه
الكاتبه قالت الخميس ولا الان مانزل
بس ينزل الجزء ان شاء الله تشوفونه عندكم
والغايب عذره معاه

تفاحة فواحة 06-09-13 04:11 AM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Anaat Al R7eel (المشاركة 23824971)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سمحولي .. بس انتبهت لشيء ما اخذته فالحسبان وانا اكتب روايتي ..
في اخطاء محتاجه اني اصلحها .. وخاصة موضوع الدراسة اللي تطرقت له في الزفرة 33 ..
محتاجة اعيد افكاري ..
الموضوع تواريخ واحداث تاريخية صارت بربطها باحداث روايتي ..
ومصيبة اذا كانت الاحداث في الرواية ما توافق الحدث الحقيقي اللي الكل يعرفه ><

اعطوني فرصة هاليوم وان شاء الله بالليل بتكون الزفرة جاهزة ..
تحياتي |~

هذا كلام الكاتبه اذا قدرت الليله وشفته نازل بنزله واذا لا ان شاء الله السبت انزل البارت اذا نزل الليله
والعذر والسموحه منكم

تفاحة فواحة 07-09-13 11:46 AM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 

الغضب شيطان يتلبسُنا .. يُخسِرُنا .. ويحيلنا الى فوهة ندم لاحقا .. استشعر الغضب لانه اُخذ بجريرة غيره .. هو الانسان العصبي في امور لا عدل فيها انتابته نوبة قوية جعلته ينفجر في شقيقه الاكبر .. وبعد أن هدأ اخذته قدماه اليه .. يقف عند باب دورة المياه ( اكرمكم الله ) المفتوح على مصراعيه .. وذاك يقف يهذب من شعر لحيته المتمرد طولا .. تأخر في الاعتذار يعلم .. حدث ذاك الامر قبل امس .. ومن يومها وهو يحادث زوجته عبر الهاتف يحاول ان يعلم ما جديدها في تلك المناقشات مع والدتها .. عنيدة تلك المرأة .. لم يقوى على البقاء في مواجهتها امسا .. فقط لانه كاد ان ينفجر معلنا طلاق سمية .. فصمت مبتعدا .. ينطق بالدعاء لها عسى ان يشفيها من وصب اصاب عقلها لتردي احدى بناتها الى الفراق المحتم دون وعي منها ..



ابتسم وهو يسند جانبه بجانب الباب : ما تفكر تطولها .. ترى اللي تسويه غلط ..


يقوم بتهذيب اطراف لحيته بعد ان طالت في الايام الماضية .. يحدث شقيقه وقد رفع ذقنه ممسكا بشفرة الحلاقة يرتب الشعر المتعدي على اطراف رقبته : إنه جميل يُحب الجمال ..


يعرف شقيقه جيدا .. يبدأ حديثا وديا يرغب من خلاله بالاعتذار الغير مباشر .. ابتسم وهو يحني جذعه يغدق على وجهه بقبضات من الماء .. وذاك يتحدث : ورسولنا قال " أحفوا الشوارب واعفوا اللحى "


" صدق رسولنا الكريم " .. قالها وهو يجفف وجهه .. يُردف المنشفة مكانها .. ويبتعد مارا من جانب عُمر .. مستطردا : الحكم بهالشيء متفاوت .. بس الحلق التام حرام .. نتشبه بغير المسلمين .. نكون مثل المخنثين والعياذ بالله .. وبعدين شو خانة الريال بدون لحيه ؟ .. قالوها " جمال الريال فلحيته " ..



كان يُخرج له ثوبا ويرميه على سريره .. ومن ثم يبحث عن إزار من بين كومة الملابس .. قطب حاجبيه .. فلا يوجد الا " بلوزاته " هنا .. يشعر بان حياته متلخبطة .. ليتركها بعد ان سحب واحدة متوجها الى جانب آخر من دولابه الكبير .. ليجدها في غير موضعها المعتاد عليه .. ويتمتم بخفوت : منو مرتب الكبت ؟ استغفر الله العظيم ..



في حين كان الاخر يجيبه وهو مستندا بمؤخرته على حافة " التسريحة " .. مكتفا ذراعيه على صدره : بس الرسول والصحابة ما كانوا ياخذون من لحاهم شيء .. فليش ما نكون مثلهم ؟ .. نقتدي فيهم ..



وقف امامه وبيده ملابسه : لكل زمان مقال .. والا ليش كان في الاجماع والقياس من بعد القرآن والسنة .. ورسولك قال " يسروا ولا تعسروا " .. ولا كل من طول لحية فاهم بالدين يا عمر .. والحين صاروا وايدين يظهرون مالا يبطنون ..



راحته تقع على صدر شقيقه : إن ربك ما يشوف صور عباده بقدر ما يشوف اللي فوسط صدورهم ..



تركه ليختفي خلف دورة المياه ( اكرمكم الله ) .. ليبقى هو صامتا .. فارس وهدوءه .. وعقله الذي يحكمه كان دائما المنتصر عليه .. على عصبيته .. وهيجانه السريع .. تحرك ليقبع على طرف السرير .. ينظر للباب الموصد .. سيخرج وسيلقي عليه بما يخفيه صدره .. ربما سيرحم حاله .. ربما سيعود في قراره .. ذاك القرار المشوب بالغموض بالنسبة له ولوالدته ..



انظاره ترتفع لذاك المنهمك في تجفيف شعره بالمنشفة الصغيرة .. ليبتسم على مضض ناطقا : سمية حامل ..


قابله الاخر ببتسامة .. يدنو منه .. ينحني يربت على كتفه : بتردلك .. الصبر زين .. ومبرووك .




بعد ذاك الحديث وذاك اللقاء وذاك الامر الذي اشعره بفرحة قديمة اوجعته لاحقا .. وقف امام باب منزلهم .. يبحث عن امل قد يكون ضاع في خضم الحزن .. يعود يبتسم ظاهرا .. يحادث ذاك المبهوت امامه .. ومن ثم وقبل الولوج : امك مويودة ؟



اتبتغي رجاء بعد اختناق .. ام انه الشوق يجرك دون وعي ؟ .. يقبع هناك يحفه التوتر .. وخشية استوطنته .. ان كان لا شيء مما كان .. فكيف سيكونان ؟ .. وان لا فماذا عن قلبه المتشبع بها ؟ ارتفع بصره متنهدا ..تأخرت .. ربما لا رغبة لها بمقابلته .. ابتسم ناظرا الى الساعة في معصمه .. الوقت يمضي .. والظهر يمشي حثيثا ..



تركه مستأذنا لاخبارها .. طرق على بابها وولج .. رآها تطوي سجادتها منهية ركعتي الضحى .. تأخرت اليوم في آدائها .. ولا يعلم الاسباب .. ابتسم يدنو منها مقبلا رأسها .. فتراه بأعين اكتساها الندم : فارس فالميلس يريد يشوفج ؟



هي مجرمة لم تجد الغفران لنفسها .. فكيف بمن اجرمت في حقهم .. تمنعت .. فلا رغبة لها برؤيته .. وكيف عساها تنظر الى وجهه .. ان كانت حتى الساعة لا تستطيع النظر في عيني ابنها مطولا وهو البعيد عما حدث .. فكيف هم المكتوون بنار سرها القديم ..


وأخيرا تنهدت تخطو مع ابنها الى حيث فارس .. القت عليه بالتحية .. واتبعتها بالسؤال عن الحال .. فعن أي حال تسألين يا ام سالم ؟ ..



حفهم الصمت .. وكأن الالسُن خُرست .. سحب انفاسه ناطقا : خالتي .. بغيت اعرف عن السالفة اللي صارت .. من يومين كانت امي تتحدث وييا وحده من ياراتها ع التيلفون .. سمعتها تقول ان كنه كانت ترضع من المرضعه عاادي .. وكل الحريم فذاك الوقت يأكدن هالشيء .. وتقول انها ما تعرف ليش رضعتها ام عبدالله .. واريد اعرف منج .. هي كانت عندج صح ؟



اندست كفها من تحت " برقعها " تطبق على فيها .. يؤلمها ما حدث .. لم تحسب الامور بهذا الشكل .. كانت تحلم ان يكتنف منزلها كنة زوجة لسالم .. ولكن ما كُل ما يتمناه المرء يدركه .. قالت وكأنها تختصر الاحداث الماضية : هيه كانت ترضع من المرضعة ..



ومن ثم صمتت .. تدرك ان الامور لا تُصدق .. وحتى هي كانت تتمنى ان يكون هناك خطأ ما .. حين تحمل كنة في احشاءها طفلا كان يتوشحُها الامل .. لربما لم تكن اختا لفارس .. لربما هناك لغط ما .. وما ان ينتهي الحمل بالفناء حتى تعود الشكوك تتربص بها وجدا .. قاطع وجومها : خالتي قوليلي اللي تعرفينه ..



ينظر اليه .. يتفرس ملامحه .. فارس اخذ الكثير عنه .. اخذ النظر اليها .. احتضانها .. الحديث معها .. اخذها هي .. ساكنة الصدر والفؤاد .. والآن يأتي آملا في الخطأ ..




لا تحلم بعودتها الى احضانك يا فارس .. فلن تعود .. صدقني لن تعود .. حتى وان كان ثمة خطأ فلن اسمح لك باخذها من جديد .. ستجبر على تركها .. سأجبرك على تركها .. آآه .. ليتني اقوى على ذلك .. ليتني احتويها يوما .. اغدق عليها حبي لها .. المترسب سنوات طوال في نفسي ..




التفت الى والدته حين نطقت : ما شاء الله عليها .. كانت هادية .. شمسة ما تحاتيها لانها مب دوم ترضع من صدرها .. تساعدها بالنيدو .. يومها بيتكم كان متروس من الحريم .. وشمسة وانا كنا نساعد امك فالاكل .. ومخليه بنتها عند الحريم فالميلس .. وموصيه عليها ام جابر الله يرحمها .. تغيب عنها بالساعات وهن عيالهن ما يفكوهن ساعة وحدة ..


رفعت نظرها له مستطردة : والعين حق .. مب بعيده يومها صابنها بعين .. يوم خذتها عندي .. كل ما اقرب منها المرضعة تنفرها .. ما قدرت عليها تسكت .. وبو سالم ما يداني الحشرة .. يومها خذتها لام عبدالله تساعدني .. قلت لها البنت ما ادري شو بلاها مب مقبلة ع المرضعة .. ويزاها الله خير .. دخنتها بشبه ورضعتها من صدرها ..



مسحت دمعة غافلتها.. لتكمل : كنا صغار .. ما بعدنا وصلنا العشرين .. كان خوفنا من الطلاق مثل خوفنا من الموت .. ما نحسب حساب للي نسويه .. دسينا اللي صار بينا .. كان بو سالم يسألني وين البنت .. وكنت اكذب واقوله راقدة .. وام عبدالله ما خبرت حد .. قلت لها لا تخبر حد والا شمسة بتروح فيها .. بقت عند ام عبدالله اليومين اللي تِرَقَد فيهن شبيب فالدختر ..



بعد حين ارتفع واقفا .. مودعا المكان .. هنا انتهى الامل الذي كان .. ابتسم ساحبا انفاسه .. متمتما بالحمد لربه .. يخالجه هدوء غريب .. هل هو الرضا بما قدمه الله ؟ .. لا ينكر انه كان ساخطا .. تحثه نفسه لانهاءها .. ولكن عاد لصواب .. يدرك ان رب العباد اعلم بمصلحة عباده .. وهو يثق بان ربه لن يتركه يوما ما دام متمسك به .



,,


ارتفعت من انحناءها على حوض " المغسلة " .. ووجهها غارق بقطرات الماء .. بالامس فقط ادت مناسك العمرة مع شبيب .. كانت متعبة في يومها الاول .. مرهقة وخائفة بعض الشيء .. وهناك فرح استوطنها ليلا في اول يوم لهما في مكة .. ابتسمت وهي ترى وجهها في المرآة .. تذكر حين ارادت تقبيل الحجر الاسود .. عنيدة بفعلها لتجبر شبيب بان يكون لها كدرع حامي من الزحام الذي كان .. تذكر انعقاد حاجبيه كلما دفعه احدهم مزاحما .. مع ان الامر غير واجب وخاصة في وقت تزاحمت به الاجساد .. ولكنها ارادت ونالت ما ارادت ..



خرجت من دورة المياه ( اكرمكم الله ) .. ستقرأ القرآن حتى موعد صلاة العصر .. وبعدها ستخرج مع شبيب للصلاة في الحرم ..



لا تزال صورة وجهها المكتسي بفرحة رؤية الكعبة مطبوعة في عينيه .. حينها شقت الابتسامة وجهه .. رآها مختلفة عن الايام الراحلة في العذاب .. واليوم هو يعلم بان ما في قلبها لن يزول اثره بين ليلة وضحاها .. خرج هو الاخر من دورة المياه ( اكرمكم الله ) وقد نفض عنه كسل قيلولة ما بعد الظهر .. هو ايضا يرى نفسه مختلفا .. اجبر عقله ان لا يفكر في احداث عالقة هناك حيثُ أهله .. هو هُنا لنفسه ولكنة فقط .. ولعبادة تشرح صدريهما .



تحرك نحو هاتفه المعلن عن وصول مكالمة .. يشده من جانب السرير ويردفه على اذنه : وعليكم السلام .. هلا والله بشيوم ؟ اخبارج واخبار اميه العودة واميه .. وهاشل وخالي .. عساكم بخير ؟



ليغرق في ضحكة قصيرة وهو يسمع صوت تلك الصغيرة بجانب شامة : شو بلاها كلثوم ؟


تنهدت وهي تزجر كلثم لتجلس بهدوء : ترا عشانها الاتصال ... والا حد يتصل بحد هالحزة .. وقت رقاد ..


" خبريه " .. قالتها كلثم وهي تترك مكانه على السرير وتقف امام شامة .. لتشد الاخرى شفتيها : شبيب الحين كلثم بالمدرسة والا بالروضة ؟ .. امس خالي خذ هاشل يتشرى للمدرسة ومن شافته كلثوم وهي تقول انا بعد اروح المدرسة .


قطب جبينه دافعا بجذعه للامام قليلا : والله ما عندي خبر ..

سحبت الهاتف من شامة لتجري وتقف بجانب الباب : كلثوم يبي الفون ..

لتنطق الصغيرة بسرعة : شبشب .. والله اروح المدرسة وييا مريوم .. صف اول ..

- كلثوم فديتج .. يمكن روضة مب صف اول .

" لا " .. نطقتها وهي تنظر لشامة المتكتفة امامها : الروضة ما علمونا آي بي سي دي ..



اخذت تهز برأسها وهناك ابتسامة لا تفارقها .. وشامة تنظر اليها .. مؤكد يخبرها بأمور كثيرة كعادته .. عن عودته وعن هدايا سيجلبها لها .. مدت الهاتف : شبشب يباج .


وبعدها خرجت من الغرفة .. لتقف تلك مستندة بظهرها على جدار غرفتها بجانب الباب : هلا شبيب ..


-
سالفة كلثم بخلي جابر يتأكد من المدارس القريبة من بيت خالها .. الظاهر احنا مخبصين بعمرها .. ولا اظن انها بتكذب بس عشان تشترون لها مثل هاشل ..


لفها السكون لبرهة ليردد هو اسمها سائلا اياها ان كانت تسمعه : بياخذونها ؟


سحب انفاسه وهو يرى كنة تدخل عليه غرفته وتجلس بمقربة منه على الكنب الطويل .. ابتسم مجيبا الاخرى : احسن دامني بعيد .. المهم بخبر جابر وهو بيعرف كيف يتأكد .. واذا هي صف اول فمحتاية ملابس ...


على مضض رسمت ابتسامة : ولا يهمك بنتكفل بالموضوع .. وبعدين كنون ليش مب ماخذه فونها وياها .. ولا تريد ترد علينا من فونك ؟ شكلها الا تكبرت ..


تبتعد عن موضوع كلثم .. هاربة خلف موضوع آخر .. تثرثر بسخط ليقهقه هو على عصبيتها الزائفة .. ومن ثم تنتهي المحادثة .. لينظر لكنة الناطقة : بيبدا الفصل الثاني ؟



" هيه " .. قالها واردف : عتبانين عليج .. صح ان اخبارج توصلهم مني بس سماع صوتج غير ..

ولتنهي الحديث : ما بقى شيء ع صلاة العصر ..

وقف : صلي هني .. انا عندي مشوار عقب الصلاة ..

- بترياك فالحرم .. بصلي وبيلس اقرا قرآن .. في واايد حريم اشوفهن ايلسن هناك بالساعات .. عاادي بيلس وياهن .. بس لا تخليني هني بروحي .. والله يضيق صدري ..


ارتفع حاجبه .. وانامله تداعب انفها : تراج صايرة دلوعة ..

ابتسمت : شفيها ؟.. اتدلع ع اخوي مب ع حد غريب ..

لتدبر مردفة : بروح البس عباتي ..



تنهد يحرك ساقيه .. ويلتقط هاتفه الاخر .. سيتركه معها في حال احتاجت له .. فلا يستطيع ان يأمن المكان حتى وإن كان في بيت الله ..
يمشي معها و بين الفينة والاخرى يختلس النظر لوجهها .. سبحان الله .. وكأن دعاءها في إناء الليل أُستجيب .. لتتوشحها ملامح الهدوء والسكينة وجدا .. وبوادر فرح وابتسام وضحكات قصيرة تراودها كُل حين ..


,,





يــتــبــع |~




تفاحة فواحة 07-09-13 11:48 AM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
ربي أمسح على حبي له في قلبي .. وأبدلني حبا آخر له .. وأغدق علي بسكينة من عندك .. وصبرا لا خُذلان فيه .. وامدد لي في الخير يدا .. واجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها ..




دعاء لم يكل لسانها من قوله .. تبحدث عن حياة أخرى بعيدا عن ماضي جميل أتاه اعصارا فاباده .. ولم يبقى منه الا آثار حُطام تكدست .. فما قويت على ابعادها الا باللجوء لرب العزة .. تجلس وبيدها مصحفها الصغير .. وبجانبها حقيبتها .. تدسها قريبا منها وجدا .. فلقد اخافها شبيب حين أخبرها ان هناك من تسول لهم ايديهم السرقة ..





تتحرك سريعا تحت انظار والديها .. تشد اليها عباءتها .. لتقف اخيرا بجوار كنة .. ويرتفع بصر الاخرى لصاحبة الحذاء الاحمر المسترق النظر من خلف اطراف السواد .. وتتمتم برد التحية .. وسرعان ما قبع الجسد المتدثر بجانبها .. لتقبض هي على حقيبتها بخوف ..

تلفتت الغريبة في المكان .. وانسلت كفها لتبعد الخمار اعلى رأسها : أووف غصب لازم البسه .. والله حر ..



التفتت لكنة تمد يدها : اسمي بُشرى ..



صافحتها سريعا .. وعادت تقرأ من مصحفها .. لينعقد حاجبيها على صوت تلك المقاطعة لخلوتها : دايم اشوفج هني .. امس وقبله وقبله .. وقبله ..



وبعدها غرقت في ضحكة خافتة .. وتنكمش ملامحها حين قالت كنة : بس انا اول مرة ايلس هني ..




" اووف .. شكلها النظارة يبالها تغيير " .. قالتها وهي تنتزع نظارتها الطبية ذات الاطار الاسود .. وتستطرد : شكلهم غشوني فيها .. بس انا اراويهم .. خليني ارجع وببرد حرتي فيهم ..



وعادت لتضحك ومن ثم تلتفت على كنة : شو اسمج ؟




" كنة " .. قالتها لتشد بُشرى شفتيها ناطقة بعدها : اسمج غريب .. شكلج من ابوظبي .. والله ما ادري من وين تيبون هالاسامي .. الصراحة احمد ربي ان اسمي حلو ..




واردفت بثرثرة لا تتوقف : تدرين ليش سموني بشرى ؟ .. هذا الله يسلمج يوم امي حملت فيّ ابوي توفق فشغله .. ويدي طلق حرمته الشريرة .. وخدامتنا اكتشفوا انها تسوي سحر .. وولد جيرانا مشى عقب ما اكتشفوها .. الحرامية .. كانت عاشقتنه ..




لا تعلم لم انفلتت ضحكة قصيرة من فيها .. لتتحرك تلك مقتربة وجدا .. وكأن تلك الضحكة اعطتها الضوء الاخضر للمتابعة : شفتي عاد كيف ان ويهي ويه خير ..




ارتفعت انظار كنة لوجهها .. طويل يميل الى السمار .. ليس بها جمال يذكر الا ابتسامتها الكاشفة عن صف اسنان بيضاء مرتبة : وين اهلج ؟




-
الله يسلمج اخوي الصغير متغير من كم شهر .. قالولنا نيبه هني يقرون عليه المشايخ .. وامي وابوي شلوه لواحد قريب من هني .. والصراحة تعبت من الروحة وياهم .. ويوم شفتج قلت لهم بروح ايلس وييا ربيعتي الين اتون .. وصدقوني ..





أهي بلهاء ؟ فثرثرتها مُهلكة لهدوء رأسي .. وكأنها تعلن للصداع إن تعال .. لا اعرفها .. ولكن راحة تسربلت الى صدري من عفويتها .. حتى وان كنتُ ناقمة لمقاطعتها لي .. ولكنها اضحكتني ..





ابتسمت وهي تدعي انشغالها بقراءة ما في يدها .. لتتلفت تلك من جديد : كنه ما تخافين ؟



تحوقلت في نفسها .. وتبسمت في وجه بُشرى ناطقة : من شو ؟



انطلقت من فيها شهقة .. تُقسم الاخرى ان قلبها قرع لها طبول الخوف .. لتجيب : يقولون في ناس تاكل لحوم البشر هني ..



" من صدقج ؟ " .. قالتها كنة لتهز تلك رأسها بنعم .. وتنفرج شفتيها عن حديث جحظت معه عينيها : تدرين .. مرة اختفت حرمة هني .. صاروا يدورون عليها يومين .. وعيالها يصيحون وريلها شوي ويتخبل .. يقولهم مخلينها هني .. ويحلف لهم ان حرمته ما تخلي عيالها وتروح ..




شدها الكلام .. لتغلق المصحف وتتسمر انظارها على الوجه الاسمر .. لتستطرد بُشرى : عقب هاليومين الله يكرمج لقوها فواحد من الحمامات القريبة من هني .. ميتة ..




" لا حول ولا قوة الا بالله " .. قالتها واردفت : الله يكون بعون ريلها وولادها ..



كان حديثها دليل طيبتها .. لتنطق الاخرى بخفوت : المشكلة كيف لقوها ..




اكملت وقد بدأ الخوف يتسلل الى قلب كنة : لقو راسها مقطوع ومكسور .. وماكول مخها .. وايديها ماكوله ما باقي الا العظم ..




استرسلت في الوصف المرعب والمقزز في بعض اماكنه .. حتى ما اتضح الخوف على وجه كنة انفجرت ضاحكة وهي تردد : امزح امزح ..




شدت على شفتيها بغضب .. لترفع كفها تضرب تلك على كتفها : هذا مب مزح .. هذا اعدام بطيء ..



لتغرق تلك في ضحكاتها .. وتنطق بنبرة لا يخلو منها المرح : ارتحتلج قلت اسليج الين ايون اهلي واتسلى وياج ..




لتقف تلك حين رن الهاتف رنة واحدة .. لتدرك بانه شبيب .. تفتح حقيبتها لتدس فيها المصحف .. وتردف طرف " شيلتها " على وجهها .. وتقف الاخرى بمعيتها : زعلتي ؟ .. فديتج والله مب قصدي بس حبيت اضحك وياج ..



-
ما زعلت بس اخوي يترياني .. مع السلامة ..




وقبل ان تدبر اوقفتها بامساكها من ذراعها .. ناظرة للرجل الواقف على مسافة من المكان : هذاك اخوج .. يا ويل حالي .. جنتل مان ..



ضربتها بخفة على يدها : قولي ما شاء الله .. اخاف يصيبه شيء .. ومالوم اخوج اذا تغير وعنده اخت خبلة مثلج ..




ضحكت بُشرى .. تدنو من كنة تقبل وجنتها من خلف الغطاء : وربي حبيتج .. بنلتقي باكر هني اوكي .. لان عقب باكر يمكن نرد دبي ..




لم يأتها أي رد من كنة .. التي مشت مقتربة من شبيب الحامل بعض الاكياس في يده .. القت بالتحية على مسامعه ومن ثم قالت وهي تسير بجانبه : صدعت براسي .. حشا ما تسكت ..



استغرب حديثها : عن منو تتكلمين ..



" وحدة يلست يمي " .. ومن ثم نطقت : انعجبت فيك ..




لتضحك ضحكة قصيرة .. وكأن حالة تلك تلبستها .. ليمتعض هو من الحديث .. ويأخذه الى حديث قديم .. كيف نسى الامر .. وبماذا عساه يبرر الغياب وعدم السؤال .. كانت تتحدث وهو في عالم آخر .. حتى ما دخلا الشقة الفندقية .. ترك الاكياس في الصالة مبتعدا خلف جدران غرفته ..





,,


بين مد وجزر تستمر حياتهما .. عصبية هي في هذه الايام .. لربما ذاك القادم بعد اشهر للحياة يحيل مزاجها الى عكر الاجواء .. فتتفوه بسخط حين نقاش ما .. او حديث بينها وبين جابر .. بعد العشاء مع شقيقه وانسحابها هي متعذرة بان لا رغبة لها في الطعام .. حث خُطاه الى الغرفة .. ليجدها تناظر جسدها في المرآة .. تشد ثوبها للوراء تتبين انتفاخ بطنها .. لتراه واقفا .. فتقطب جبينها : احسه ما يكبر ..



دنا منها ليقف خلفها وكفه تقع على بطنها : بعدج فاول الحمل .. صبري .. وبعدين كيف بتلاحظين وانتي كل يوم مسنترة عند هالمنظرة ..




تحركت مبتعدة لتجلس على " الكنب " تسحب جهاز التلفاز لتفتحه : بطي بعده فالصالة ؟




" تعالي يلسي ويانا " .. قالها واردف وهو يقترب من الباب : ما فيها شيء .. ولد عمج واخو ريلج .. وبحسبة اخوج ..




اختفى مغلقا الباب من خلفه .. اما ذاك فلا يزال جالسا يتابع نشرة الاخبار .. لا جديد في العالم .. ولكنه يعشق هذه المحطات .. ليرفع نظره لـ جابر الذي اسقط جسده في الجهة البعيدة من الصالة : شبيب اتصل عليك ؟



سحب انفاسه وزفرهن : هيه .. ويسلم عليك ..



تربع في جلسته : الله يسلمك ويسلمه من كل شر ..



واردف : الا جابر اريد رايك فشيء ..



اعتدل بعد ان كان ظهره مرتاحا على النمرقة : خير يا بطي .. محتاي شيء .. ناقصك شيء ..



-
اريد اعرس ..



قالها واطبق الصمت بالمكان .. ليبعثره ناطقا : الحمد لله شغل ولقيت وبعد كم يوم بداوم .. واريد اكمل نص ديني .. بس المشكلة ما اعرف حد .. ولا لنا قريبة اعتمد عليها تدورلي .. وبعد – صمت لبرهة – البيت ..




ابتسم جابر : بيتنا عود والحمد لله .. بنخليلك الطابق الفوقي .. وبنسوي دري من برع وبنفتح باب لك .. عشان تاخذ راحتك .. واذا لا .. المساحة برع عودة .. بنقدم على تصريح وبنبني ..



-
يعني يقالك حليتها الحين .. وهذا ما يباله فلوس .. والصراحة اريد اخذ بنصيحة ربيّع .. ما بحط ع ظهري ديون من اولها ..



قهقه : اذا ما تبي مني مساعدة اعتبرها سلف ومتى ما قدرت رده .. واذا ع الحرمة عندك بنات خالتك ..



بعزم قاطع جابر : لا .. دخيل ربك الا بنات خالتي .. رافعات خشمهن وكأن محد خلص جامعة الا هن ..




" السلام عليكم " .. نطقتها ليلى على حياء .. ليرداها وتدنو من بعلها تجلس بجانبه .. وترد على سؤال بطي عن حالها .. ومن ثم تستمع لجابر : ليلى ما عندج حرمة لبطي .. يقول يريد يعرس ..




" صدج ؟ " .. واكملت : مبرووك .. واذا ع الحرمة خالتك عندها بنات ..



تحوقل بغضب : مابي من بنات خالتي .. اذا عندج حد من ربعج حلوة ومأدبه وبنت اصل ..



بتفكير منها هدأ المكان من الاصوات .. لتشرخه قائلة : انزين خذ بنت عمك .. هي محتايه حد يوقف وياها عقب اللي صار .. وما بتلقى احسن عنك ..



" من تقصدين ؟ " .. سؤال طرحه جابر وقد اعتلته ملامح غيض .. لتجيب : كنه – نظرت لبطي – انت ما بتعرس الحين .. يعني احجزها .. وما شاء الله الكل يمدح فاخلاقها .. ولا اللوم الحريم اذا بدن يتكلمن عليها يبنها لعيالهن ..




التفت جابر لشقيقه .. يحاول ان يقرأ تعابير وجهه التي سكنت من بعد حديث ليلى .. هل تُراه يفكر بالامر ؟ .. ليبتسم : والله ما بقول لا ..




ليصرخ جابر : بطي .. تريد تعرس خلك بعيد عن كنه .. البنت اللي ياها مب بالشيء السهل .. ولا اريد حساسيات بيني وبين شبيب عشان هالموضوع ..




-
شفيك شبيت .. واذا ع انها مطلقة فما يهمني هالشيء .. وعمرها من عمري ما بينا الا سنتين .. وبنت عمي وبصونها ..



بحزم : قلت لك كنه لا ..



لتقاطعهم تلك : انزين اذا مب كنة .. عندك شامة ..





ليتني لم ادعوك للجلوس معنا .. اتساومين على اختيّ امام شقيقي ؟ .. تبا لابعاد لم تحسبيها يا ليلى .. ماذا لو دب الخلاف بسبب طلب الزواج .. اولم يختلف مع حارب لاجل شقيقته ؟ .. اذا فسيختلف معي لاجلها ..




نظر لبطي وكأن به يتفرسه .. يستشعر رضاه بما القته على مسامعه .. لينطق وهو يقف : بطي .. ما بتعرس الا عقب ما تقولي سالفتك .. وسالفة الاوراق اللي للحين وياك .. وخواتي خلك بعيد عنهن .. لا انت تناسبهن ولا هن يناسبنك ..




ابتسم واقفا : مستقلني يا جابر ؟ .. واذا ع العرس مابي اعرس .. اذا اخوي هذا رايه في .. فشو بيكون راي الغريب ؟





,,


غريبة هي .. هذا ما تشعر به في مساء هذا اليوم .. لا أب .. ولا أخ .. ولا عم ولا خال .. أي حياة هذه .. تنهدت تخط الكحل على جفنها السفلي .. لتغلق عينيها بعده مرارا .. اليوم سيأتي مع والدته وزوجته .. وهي عليها ان تراه .. كما عليه ان يراها .. عادت لتتنهد وهي تجهز نفسها للحدث الغريب .. الذي يغزوها بمشاعر متضاربة .. تتزوج من جديد ! .. أمر لم تحسب له بهذا الشكل .. وتلك والدتها لا تنفك تخبرها بانها لن تبقى لها ..




التفتت على دخول والدتها .. تقف عند الباب : ياللا الناس يتريونا .




عبت الهواء في رئتيها وزفرته .. هي كانت مجنونة بشخص اسمه جابر .. واليوم هي لا تراه الا نزوة عابرة .. كدمية في يد طفلة .. ما ان ملت منها رمتها لتمسك بغيرها .. نظرت الى نفسها للمرة الاخيرة .. ترتب " شيلتها " .. تزم شفتيها حتى يتدفق بهما الدم .. ومن ثم تخطو خارجة ..




هناك في المجلس .. يجلس هو في الزاوية البعيدة وبمسافة قصيرة منه جلست زوجته .. وبجانبها والدته العجوز .. وعلى طرف المكان كانت والدة نوال قد جلست بعد ان طلبت من نوال ان تأتي .. رحبت فيهم من جديد .. يبدون طيبين .. لترتفع الانظار للجسد الطويل المقتحم المكان بسلام خافت .. مقتربة من والدته تنحني بعد ان اقسمت عليها ان لا تقف .. تقبل رأسها وتسأل عن حالها .. ليطرب مسامعها المدح يقطر من لسانها .. وأخيرا قُبل منها ومن زوجته يتبادلنها .. لتترك الوقوف الى الجلوس بجانب والدتها ..




" شخبارج نوال ؟ " .. سؤال القاه بصوته الاجش .. لتنظر الى وجه زوجته الناظرة للاسفل .. تغار عليه حتي من رد من كلمة واحدة القته عليه .. فكيف ستكون الحياة اذا شاركتها فيه ؟




حدقت به .. تتفرس وجهه .. كعادتها لا يلفها الحياء .. ولكن اليوم تشعر بمنابته فيها .. شديد السمار .. صغير العينين .. كبير الشفتين .. ذو انف صغير .. ولحيته كثة .. اشاحت بنظرها على صوت والدته : ترا يمعه شاريكم .. وحتى بدور تمدح فيكم .. والله لولا انها ما تييب عيال كان ما دورنا له حرمة .. بس هذا النصيب ..





هه .. أتمدحين ومن ثم تقطعين ؟ .. اذا فانا وعاء للولادة لا غير .. وهي الزوجة والحبيبة .. وزوجة الابن الغالية .. وأمي تُصر على الارتباط به .. أي حياة تتمنيها لابنتك يا أماه ؟ ..




استقامت واقفة : سمحولي ..




واختفت تطوي المسافة الى المطبخ .. تحل وثاق " شيلتها " بعنف .. وتسكب لها كوب ماء وهي تثرثر بحنق .. لتشربه دفعة واحدة : لولا ما تيب عيال كان ما دورناله حرمة ..




تقلد صوت تلك العجوز بسخرية حال .. لتترك مكانها .. تجلس في الصالة تتجول بين قنوات التلفاز .. ليأتيها بعد حين صوت والدتها : ها شو رايج ؟



التفت بغضب : الحين ما سمعتي كلامها اللي يغث .. وبعد تسألين عن رايي ..



جلست : ما عليج من امه .. هو ساكن بروحه وبيقسم البيت بينج وبين حرمته .. وامه عايشة عند ولدها العود ..



تأففت : انزين ليش مستعيلة وتبيني اعرس .. شفتي حرمته كيف اطالعه واطالعني .. هذي وبعده ما صار شيء الغيرة بتاكلها .. عيل لو خذته شو بتسوي .. مب بعيده تذبحني ..




تحركت والدتها مدبرة : تراج مطولة السالفة وهي قصيرة ..




لتقف تتبعها الى المطبخ .. تقف على عتباته : يعني من بعد جابر يمعه .. لا والاسم من زمن يدي ..




تغلق الثلاجة بعد ان اخذت لها علبة عصير : يعني الحين كل السالفة فاسم .. وبعدين يا نوال فكري زين .. ترا والله الدنيا ما ترحم .. الريال والنعم فيه .. وكل ما سألت عنه ما يوصلني الا المدح .. وجابر خليه عنج .. الريال معرس وحرمته حامل .. وانا مب دايمتلج طول العمر .. واللي فحالتج نصيبهن قليل .. ولا فات الفوت ما ينفع الصوت ..




لتتركها تنهشها الحيرة .. وتتآكلها الافكار .. وتتأرجح بين الرفض والقبول .. ومقارنة عقيمة بين جابر النزوة العابرة .. وجُمعة الحقيقة القائمة ..


,,

هُنا أقف وموعدنا مع الجزء الثاني يوم الاحد او الاثنين باذن الله


اسطورة ! 09-09-13 09:38 AM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كيفكم يا حلوات آسفه على غيابي الطويل

يعطيكِ العافية حنو وتفاحة فواحه

ممكن يا عسسل بعد إذنك ارجع واكمل باقي بارتات الروايات اللي انا ناقلتها

ومشكورة ما قصرتِ


تحيتي




اسطورة !

تفاحة فواحة 09-09-13 09:57 AM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
اي حياك الله اسطوره تفضلي كملي البارتات وبس يصير ظرف وماتقدرين كلميني وانا اكمل عنك
الله يعطيك الف عافيه

اسطورة ! 10-09-13 07:07 AM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
يحيكِ ربي تفاحه يا عسسل

ابشري من عيوني

تسلمي على تنزيل الزفرات في غيابي


اسطورة ! 15-09-13 06:21 PM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
السلام عليكم

كيفكم يا حلوات

الكاتبة تعتذر ما تقدر تنزل الزفره الليلة

بكره ان شاء الله بتنزلها وبحاول اذا كنت صاحيه اطرحها لكم بإذن الله

اسطورة ! 17-09-13 07:33 AM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
كأس من الشاي الاحمر قابعا على حافة الطاولة .. تعب المكوث حتى خارت انفاسه الملتهبة .. وبردت روحه بعكس روح القابع على الكرسي .. صامت وقد تشابك كفيه تحت ذقنه .. ونظره تسمر على هاتفه القريب من الكأس البارد .. هذا حاله منذُ الامس .. تأخذه الافكار بعيدا عن المكان .. تهيج به بين تنهيدة وتحوقل .. رن هاتفه ليسحبه بسرعة .. تاركا مكانه ليقف : هلا جابر .. ها بشر ؟ عرفت شيء ؟


ملامح وجهه تتغير بين استرخاء وانقطاب .. ليحرك ساقيه يقف مقابلا للنافذة : يعني شو ما يعرف .. انت سألته ؟


توقفت عجلات سيارته امام مقر عمله .. ليجيب الاخر : هيه .. امس كنت عندهم .. هو ما يعرف وين بيتهم .. المشكلة انك انت مب حافظ الاسم .. باللا حد ينسى اسم ..


قاطعه : المشكلة اني بطلع فعيونهم خسيس وقليل اصل ..


صمت يستمع لجابر .. صمت طويل جدا .. يخبره عن الكثير .. وسؤال طرحه عليه ليجيبه : ما ادري وين حطيته .. انت تدري بحالتي كيف كانت يومها .. حتى صرت ما اشوف قدامي .


تنهد جابر ولا يزال جالسا خلف مقود سيارته : شبيب هالايام مشغول بقضية مشربكة .. شو رايك ندخل طرف ثالث فالموضوع ..

- من تقصد ؟

- سعد .. ع الاقل عارفين الاسم الاول والثاني والقبيلة .. هالشيء بيسهل بحثنا .. بس والله مب متفرغ .. انفتحت قضية خلفان من يديد .. ويدت امور مب بالحسبان ..


" شو ؟ " .. قالها صارخا وهو يعود ادراجه يقبع في مكانه الذي كان .. ويردف : خبرني كل شيء يا جابر ..


ترجل الاخر من سيارته ولا يزال الهاتف على اذنه : يتنا شكوى عليه .. في واحد اسمه عوض انمسك من كم يوم .. وياب طاري خلفان بالتحقيق .. الظاهر انه الشخص اللي كنت ادوره .. الموضوع متشربك .. وبعدني للحين مب فاهم شيء .. اول ما تتوضح الامور بخبرك بكل شيء .. انت لا تشغل بالك .. والسالفة بوكل فيها سعد .. دامك ما تريدها تطلع .



اغلق الهاتف وهي واقفة تنظر اليه .. تراه مختلفا .. شاردا عنها .. ليس ذاك المهتم بها في اول الايام هُنا .. تتزاحم التساؤلات في عقلها .. لتتقدم خطوات حيث كان جالسا : شبيب


رفع رأسه مبتسما .. وهز رأسه قليلا وكأنه يسألها ان تُكمل .. ظلت على وقفتها : في شيء صاير ؟ من امس والتلفون ما خوزته عن اذنك .. اهلي فيهم شيء .. امي فيها شيء ..


تهدج صوتها : ترى ما بسامح عمري اذا صارلها شيء .. انا طلعت من البيت وما تسامحت منها ..


" ما فيهم الا العافية " .. نطقها ليراها تجثو على ركبتيها امامه تمسك بكفه الايسر : الله يخليك لا تغبي علي .. فيهم شيء ؟


- لا حول ولا قوة الا بالله .. قلتلج ما فيهم شيء ..


تركت يده لتقف تنظر اليه من اعلى : لا تكذب علي شبيب ..


قطب جبينه لقولها .. لينحني بجذعه يسحب الهاتف عن الطاولة ويمسك بكفها يضعه فيها .. ليقف ناطقا : اتصلي فيهم وتأكدي ..



وبعدها انصرف لغرفته .. ليس في حال يسمح له بمجاراتها في الحديث .. ما ان وصل باب غرفته سمع صوتها تحادث خاله .. تهيل عليه اسئلة كثيرة .. اختفى صوتها عن مسامعه بعد ان اغلق الباب .. ليسقط جسده على السرير .. يكتف ذراعيه تحت رأسه ..



ماذا دهاك يا شبيب ؟ .. منذُ متى وأمور مهمة تمسحها من عقلك .. ولا تذكرها ؟ .. لا تعلم عنهم شيئاً .. سوى اسم عائلة .. حتى منزلهم لا تعلم من امره الا انه في مدينتك .. فكم بيتاً عليك ان تطرق بابه ! ..



تحركت مقلتيه على الجسد الداخل والمتوقف بجانب السرير موازيا لرأسه .. ليرى ابتسامتها .. ومن ثم ينحني جذعها لتلامس شفتيها جبينه وخصلات شعرها الهاربة اجبرت جفونه على الانسدال .. ترتفع عنه : سامحني .. ما كان قصدي اكذبك ..


وبنبرة تبحث عن اعذار : بس انت وحالتك السبب .. يعني لا تلومني ..


تتحرك لتجلس اعلى رأسه بما انه مستلقي في نصف السرير .. واناملها تمتد لتعبث بشعره القصير : شو مستوي وياك ؟ مشاكل فالشغل ؟


رفع رأسه قليلا ليراها .. قاطبة الجبين .. اراح رأسه من جديد : تقريبا ..


سحبت انفاسها .. وشيء في داخلها يخبرها ان لا تنطق .. ان تصمت ولا تنبس ببنت شفة .. ولكنها أبت الا ان تقول ما في جعبتها : خلنا نرد ..


كفيها تشابكا في حجرها .. هي خائفة من العودة .. من المواجهة .. ولكن الى متى ستبتعد ؟ .. لاذ الصمت في المكان .. ليبعثره : من كل عقلج ؟


عادت تسحب انفاسها : تعرف .. طوال الايام اللي راحت وانا افكر كيف بيكون حالي .. كنت معرسه .. كل همي بيتي و ....



لا تعلم لماذا عند اسمه تتقافز الحروف بعيدا .. الفاء والالف .. والراء والسين .. لا يجتمعن معاً .. لتفضل قطع الحديث .. وتستطرد : وكل شيء بين يوم وليله راح .. كل ما اتخيل اني عشت وييا اخوي تصيبني رعشه .. شعر جسمي كله يوقف .. واحس بنغزات فقلبي .. مثل الابر .. واحس جسمي يقرصني .. مثل اللي عليه جيوش من النمل تعضعض فيه ..



ارتفعت يمينها لتمحو دمعاً انسكب : انا ما اقول اني ما ارتحت .. والله العظيم ان فهالكم يوم ارتحت واايد .. صرت اشوف اللي صار من كذا مكان .. ربنا اذا احب عبد ابتلاه .. ايلس افكر .. شو اللي سويته فحياتي عشان ربي يحبني ويبتليني .. اكثر من مرة ايلس اعدد اللي سويته من كان عمري عشر سنين ..


ابتسمت وبنبرة ضاحكة : يمكن لاني كنت اخذ من اكلي واعطي قطاوة شعبيتنا ..



ضحكت وبكت .. لتتساقط دموعها اكثر .. تتقافز من عينيها الى كفيها النائمان في حضنها .. والصمت عاد يطوق الساحة .. وهو لا يرغب بمقاطعتها .. فلتحكي .. ولـ تبكي .. لعل ما في صدرها يعتقها .. مسحت دموعها لتطبق راحتيها وتشد بسبابتيها على فيها .. وسرعان ما ربعت ذراعيها على صدرها .. وكفها اليمنى تمسح على عضدها الايسر مرارا : شبيب ..


- هممم


بلعت ريقها .. تشعر بصعوبة الحديث .. وبتردد نطقت : شخباره ؟


سحب انفاسه وارتفع بجذعه جالسا : بخير .. قادر يتخطى اللي صار .. هو انسان قوي بايمانه .. يمكن هالشيء اللي عطاه الحق انه يغلب سالم قدام ابوي الله يرحمه ..


تمردت ابتسامة على شفتيها .. تحمد الله انه بخير .. تمتمت بذلك ليبتسم هو لفعلها .. واردفت : خلنا نرد ..


لتقف وينظر هو لها .. ترسم ابتسامة ناطقة بمرح : شامة مب اقوى مني ..


ليقف مقابلا لها .. يحتضن وجهها بكفيه : بحجز ع يوم السبت .. بنصلي اليمعة هني ..


" ان شاء الله " .. نبست بها وتحررت من كفيه .. ستحاول ان تشحن نفسها بالقوة .. ان تكون مختلفة .. تنفض عنها غبار الضعف الذي غطاها حتى دفنها .. وسيبقى ايمانها كبيراً بمن خلقها .. وهو قادر ان يغير الحال الى حال آخر ..

,,


أتلعب بنا الحياة .. فتُأرجحنا بين فرح وحزن ؟!.. هو يقسم ان الحياة معه تلعب لعبة الكر والفر .. وهو بين يديها دمية تتبعثر من اطرافها خيوط خفية .. استيقظ من نومة هانئة .. منذُ ايام وهو يستلذ النوم حد الادمان عليه .. فيقبع في سريره يغلق عينيه يناديه أن تعال وخذني الى عالم الاحلام .. احيانا يأتيه على غفلة .. واحيانا اخرى يضحك عليه فيجافيه حتى الفجر ..



تمغط .. يشد ذراعيه لاعلى .. يمد جسده بالنشاط .. اليوم سيعود الى منزله .. سيبقى فيه يومان قبل السفر .. قفز بفرح من السرير .. يتوجه الى دورة المياه ( اكرمكم الله ) .. سيأخذ حماماً باردا يزيده نشاطاً على النشاط الذي يشعر به ..


وما هي الا ثلث من الساعة حتى خرج يحمل حقيبته في يده .. قاصدا سيارته مودعا الفندق .. يستمع للاغنيات .. يغني معهم احيانا ويعزف باصابعه على المقود احيانا اخرى .. السرور يتراقص بأوصاله .. ليأتيه اتصال ويبتسم يخفض على الصوت الماجن : هلا والله بشبيب .. اخبارك ؟ .. اشوف طابت لك اليلسه ..


وقهقه بعدها مطولا .. ليعقد حاجبيه على حديث صاحبه : شو تردون .. انا حاجزلكم اسبوعين فمكة .. واذا تطلب فلوسي كلها ما تغلى عليك ..


صمت يستمع لرد صاحبه .. يحكي له اسباب العودة .. وان تلك ترغب بان تختبر قوتها ويكفيها هروبا .. تنهد : المهم انكم بخير .. خلاص بكيفكم ..



استمرا بالحديث طويلا .. وكأن بهما يعوضان ايام البُعد .. لتتوقف العجلات امام بوابة منزله .. ومعها انتهى الحديث بابتسامة وقفزة مرحة من السيارة .. يعلم بان في المنزل ذاك الذي وكله شبيب بالعناية باشجار الحديقة .. رن الجرس وانتظر .. يدس كفيه في جيبي بنطاله .. يحرك بعض الحجارة الصغيرة المتمردة على الاسفلت بقدمه .. ليرتفع نظره للباب حين طل ذاك الرجل .. يبدو على مشارف الخمسين من العمر .. القى التحية ليردها الاخر بحبور ..


تقدم ليلج واذا بالاخر يمنعه : ممنوع يا بيه .. الاستاز شبيب منبه عليّ مادخلش حد غريب للبيت ..


ابتسم : بس انا مب غريب .. انا صاحب البيت ..


باستهزاء نطق : وصاحب البيت معندهوش مفتاح لبيتو ؟


تنهد : المفتاح عند شبيب .. قبل ما اسافر حطيت مفاتيح البيت عنده .. خلني ادخل مب حلوة وقفتي هني ..


- مقدرش .. اوامر الاستاز شبيب ..


" اووهووو " .. قاطعه بها ليردف : والحل يعني .. ما بدخلني .. تراك عكرت مزاجي .. بشو اثبتلك اني صاحب البيت ..


تحرك مبتعدا تحت انظار عبد الغفور .. يدس نصف جسده في سيارته .. ويعود بعدها يمد له ببطاقته : اقرا ..


" مبعرفش اقرا يا بيه " .. واستطرد : ومقدرش اسيبك تدخل .. دي امانة ..


تمتم : الله ما طولج يا روح ..


لينصرف يقبع في سيارته يسحب هاتفه .. هل يطرد من بيته بهذا الشكل المُهين ؟ .. زفر انفاسه بعنف .. تبعثر الفرح خلف عناد ذاك الرجل .. ليتبادر اليه سؤال .. من اين اتى به شبيب ؟ حرك اصابعه على هاتفه ليتوقف عند اسم منذر .. ليس امامه الا هو ليعينه في هذه الحالة ..



ولج ذاك الـ منذر الى الصالة مُلقياً بالتحية عليهن .. شامة ووالدتها وجدتها .. ومن ثم مد يده في جيبه يخرج رزمة نقود .. يمد ببعض الالاف لتلك العجوز .. وبأُخر لأخته : هذا معاش الشؤون ..


تمتمت هداية : ما تقصر .. ربي يعطيك العافية ..


نطقت ناظرة لشامة الجالسة تشاهد التلفاز : شامة .. اندوج .. حطيهن فالمندوس .


نطقت شمسة بعد ان غادرت شامة المكان : الحين ما نقدر نرد شامة ..


سحب انفاسه وزفر : شامة الحين مطلقة .. يعني اذا تبا معاش من الشؤون بيفتحولها حساب بروحها مب وياج مثل هاشل .. وبعدين انتن ما ناقصنكن شيء .. انا مويود وشبيب بعد .. رواتبنا تكفي وتزيد ما ادري ليش متمسكة بكم الف اللي توصلج من الحكومة ..


- خل فلوسك لك .. ما بتبقون طول عمركم بدون حريم ..


رفع حاجبه رافعا كتفيه .. ناطقا : شبيب يمكن .. بس انا غاسل ايدي من هالموضوع ..


صرخت به شمسة : انت شو بلاك .. اللي كبرك عندهم عيال بطولهم .. شو ناقصنك ؟


تكلمت العجوز : خليه براحته .. الا العرس ما ينغصب عليه .. متى ما يريد بيقول ..


يشرخ السكون الذي استحل الصالة رنين هاتفه .. يبتسم ويجيب ذاك المتذمر : خير . متصل عليّ ..


بغضب : تعال شوف المصيبة اللي محطينها شبيب .. واقف قدام بيتي وكني غريب .. هالصعيدي مب طايع يدخلني .. يقول اوامر شبيب ..


انفجر منذر ضاحكا تحت انظار الجالستان .. ليجلس ويتكيء على احدى النمارق : زين يسوي فيك .. خلك متنقع فالشمس ..


قهقهاته اضرمت النار في صدر حارب : انت شعليك .. مكيف .. اقول نويذر تعال تفاهم وياه .. محترس ع الباب .. لا وبعد يتطنز علي .. يقولي راعي البيت وما عنده مفتاح ..


غرق الاخر في الضحك وغرق حارب اكثر في الغضب .. لينطق من بين ضحكاته : الحين الساعة حدعش (11 ) ونص .. يعني ما باقي شيء ع الاذان والغدا .. يوم اتغدى واستريح شوي بييك ..


لينفجر ذاك فيه : ما باقي شيء ؟ .. منذر خل عنك اللعب بالاعصاب .. اقول تعال تفاهم وياه ..


وقف منذر ولا زالت القهقهات ترافقه .. يستمع لذاك الساخط .. ويحث الخطى خارجا .. لا بأس بالاستمتاع قليلا مع ذاك الحارب .. ليزيد من بروده : انزين شو فيها اذا صبرت ساعتين .. تراني هلكان .. توني واصل من برع .. اقول رد الفندق وخل بيتك للصعيدي ..


لتتعالى ضحكاته حين زمجر حارب : والله مب راد وهذي يلسه قدام الباب .. اتي تحلها حياك .. ما بتي بكيفك ..


اغلق الخط .. وانفجر ذاك من جديد .. وبعدها يركب سيارته ذاهبا الى ذاك المتقد بالغيظ .. يتخيل وجهه وهو غاضب فيعاود الكركرة .. حتى ما وصل اوقف سيارته بجوار السيارة المتوقفة .. ليترجل .. ويترجل حارب ايضا .. عاقد الحاجبين .. متبرما : كان ما ييت ..


لا يعلم لماذا لا يكف عن الضحك : باقي شوي وبشوف دخانة طالعة ..


استغفر حارب ومن ثم : تعال تفاهم وياه .. غربلني الله يغربل بليسه ..


مشى يتمطى وذاك نظر اليه بحاجبين مرتفعين : يعني مسوي فيها بطل ..


لم يعره انتباهاً .. شده الترحيب الجم من عبد الغفور لذاك المنذر .. ليشتكي : يا بيه الاستاز اللي واقف هناك – يأشر على حارب بيده – عاوز يدخل بالعافية ..


تقدم حارب على حديث منذر : زين ما سويت فيه .. ترى الحرامية واايد .. خل بالك يا عبد الغفور ..


" الحين انا حرامي يا منذر " .. ليعقبها : الشرهة مب عليك .. على اللي يطلب العون والفزعة منك ..


غرق في الضحك وهو يسرع ليمسك معصم حارب الذي ادبر حانقا .. لينفض يده : هدني .. ما من وراك فايدة ..


- امزح وياك يا ريال ..


عاد يمسكه من معصمه يجبره على الوقوف بجانبه : عم عبد الغفور هذا حارب راعي البيت .. رد من السفر ..


لم يكن من عبد الغفور الا انه التقف كف حارب محاولا تقبيلها .. ليسحبها ذاك مستغفرا .. ويكرر عبد الغفور : سامحني يا بيه .. والله ما كُنت اعرف .. سامحني ..


- حصل خير ..


واردف : والحين ما بندخل ..


ليبتعد عبد الغفور عن الباب : تفضل .. اتفضلوا ...



تحرك حارب وهو يسمع حديث عتب من عبد الغفور لمنذر .. ليبتسم بخفوت .. ينظر الى حديقة منزله .. ليشد الانفاس بعمق .. ويزفرهن بهدوء .. يحاول ان ياخذ اكبر قدر من ذرات الهواء ..



تمردت ابتسامة على شفتيه .. ليردد في نفسه : هُنا يا خليلة الروح اقبلتُ على خيانتك .. فتلذذت فيها حد الثمل .. هُنا حللت الخيانة لنفسي .. ابحتها عليكِ .. فايقنت ان خيانتي لكِ لم تكن الا معكِ .. هل تعلمين مقدار شوقي لملمس طيف حُلمك .. هل تدركين انك لا تزورين الا ورأسي على وسادتي .. المغرقة بعطرا قديم شممته فحفظته .. أعشقكِ رغم الفراق الموجع .. ورغم احكام الحياة الظالمة .. وسأبقى على الوعد ..



,,

يُـتـبـع |~

اسطورة ! 17-09-13 07:34 AM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 


الخوف شبح يطاردك كظلك نهارا .. وكأنفاسك المضطربة ليلا .. يكبلك حتى ذاك المسمى بِـ السلطان لا يقوى على دحره .. فيهاجمه وينتصر بصرخة او بانتفاضة جسد متعرق ..



تقف دون قدمين .. او هكذا خُيل لها .. يغوص اسفلها في الظلام لا ترى الا نهاية وسطها بحدود مظلمة .. وكفيها اذا ابتعدا اختفيا .. تلفتت يمنة ويسرى .. لترى وجه ليس بغريب عليها .. يبتسم .. ومن ثم يبتعد .. هل كانت شقيقتها .. ولما الابتسامة الحزينة ؟! تلفتت من جديد تبحث عن ذاك الوجه .. لترى وجه وليد .. غاضب .. بل انه ناقم .. وكفاه يقطران دما .. تزاحمت انفاسها .. وهي تراه يغطي وجهه بكفيه ليتلطخ .. تحاول النطق باسمه ان لا يفعل .. ولكن حنجرتها جافة .. وفجأة شعرت باختناق .. وايدي ضخمة طوقت رقبتها .. تحاول جاهدة بنزعها عنها ولا تقوى .. وحتى الصراخ لا يخرج ..





تلهث وكأنها قطعت مسافات في صحراء دون ماء .. ووجهها يتصبب عرقا .. تمتمت بالعياذ بالله من الشيطان .. ونفثت على شمالها ثلاثا .. المكان مختلف .. ليست غرفتها .. ولا السرير سريرها .. وحتى الهواء ليس بالهواء الذي تعرفه .. سحبت انفاسها بعنف .. وهناك وجع استحل بلعومها .. لا تقوى معه على بلع ريقها ..




يدها تمتد لتنير " الابجورة " بجانبها .. وتعود لتعانق رقبتها .. وكأنها تتحسس مكان الايدي الضخمة .. في هذه الساعة تتمنى لو انها على طهارة .. لتقف بين يدي الله .. تناجيه وتطلبه العون .. تشعر بالاختناق وكأن الاكسجين يسحب من حولها .. وهي في قنينة داكنة .. ضيقة ذات عنق رفيع .. ترفع عينيها لعلها تقتبس نورا .. ولكن لا شيء سوى ذاك الثقب .. هل لا تزال في عالم الكوابيس التي تلاحقها ؟





فتحت عينيها ببطئ .. ومن ثم ترجلت عن السرير .. تشعر بحرارة في جسدها .. لتخطو نحو دورة المياه ( اكرمكم الله ) .. تغسل وجهها مرارا .. وبعدها تشق طريقها الى الخارج .. الى المطبخ الصغير والثلاجة القابعة في زاوية منه .. لتنتشل لها قنينة ماء بارد .. تطفيء بها لهيب بلعومها .. ليشدها صوت لطالما عشقته .. وتمشي كالمنومة مغناطيسيا .. لتتسمر امام النافذة .. تنظر الى تراشق قطرات المطر على وجه تلك الساكنة .. واناملها تتتبع انحناءات مسار القطرات .. وهناك ابتسامة ارتسمت على الشفاه .. تذكر هذا المكان .. تذكر ذاك الشارع الخالي من البشر في هذه الساعة من الليل .. الا من البعض الهاربين من الجدران .. ولا تزال تذكر رائحة الخبز الطازج المتهادية من المخبز القابع في الشارع الاخر .. كم شدتها تلك الرائحة لتنتظر عند الفجر امام بابه .. فقط لتحظى بقطعة خبز ساخنة ..





ارتاحت راحة كفها الايسر على الزجاج .. ليرتاح على ظهرها جبينها .. وصوت قديم يرجف مسامعها .. رائحة القهوة .. وعيونها الساكنة على كوبها .. وصوته الهادئ : ريا .. وقفت قدام الكل عشانج .. قدام اخواني واهلي .. وقلت لهم بنتي ما تنزل راس ابوها .. وبعدني عند قولي .. ضربتج لانج كسرتي ثقتي فيج .. واريد هالثقة ترد ..




وقف يدس كفيه في جيبي بنطاله .. والدها الوسيم كما كانت تراه .. ينظر للبعيد من هذه الشرفة التي تقبع هي الان خلف زجاجها : بخليج تكملين دراستج .. باقي سنة .. وفهالسنة ثبتيلي ان تربيتي مب غلط ..





يومها لم ترفع عينيها له .. لم تنبس شفتيها بحرف .. يومها كان يتآكلها الندم حد النخاع .. ولاجله فقط عادت هُنا لتكمل سنين دراسة علق عليها آمالا كُثر .. وتبخرت الامال بفعل ارعن منها .. في ساعة صحوة شيطانها .. واليوم هي في نفس المكان من جديد .. بدونه .. وبدون شقيقتها التي عُقِبت بالطلاق قبل الزواج والسبب هي .. سالت دموعها مع سيل القطرات .. ليأتيها صوت من خلفها : هل انتِ نادمة ؟





منذُ يومان اتخذت القرار بالفرار .. بعد ان حولت راتب والدها التقاعدي على حسابها الخاص .. وقبل الانطلاق لارض المطار كانت اقدامها تتوجه الى مركز الشرطة للبلاغ عن شاب تعدى عليها .. وسيطرت عليه المخدرات .. وسولت له نفسه السرقة .. واليوم هي في ارض النور كما يسمونها .. باريس ارض " الموضة " .. مع تلك الفلبينية التي شحنتها بالقوة لتقدم على ما فعلته .. فَـ لو كانت هناك الآن لربما فقدت الكثير ..





ابتسمت دون ان تتحرك : لا .. ولكنني اشعر بالخوف .. تلك الكوابيس لا تفارقني .. يدي عمي تخنقني .. واختي واخي ..




" اسفة " .. قالتها نيرما وهي تتقدم خطوات لتقف بجانب ريّا .. استطردت : إن بقيتِ هناك قد تتضررين .. ما فعلته هو الصواب .. وخوفك هذا لا مبرر له .. الم تقولي بان هذه الشقة لا يعلم بها احد .. اذا لن يتمكنوا من العثور عليكِ .





وهل سأظل هاربة مدى العمر ؟! .. كيف تفكرين يا هذه .. لا اقوى على البعد .. لن اقوى على البقاء وحدي .. وانتِ ستغادرين يوما ما .. كَـ الجميع .. وانا هُنا غريبة اتوشح الستر في ارض لا ستر فيها الا ما ندر ..





ارتفع رأسها عن ظهر كفها لتنظر للسماء .. الفجر قادم .. لا تعلم كم من الوقت ظلت على وقفتها تلك : نيرما . هل استطيع ان اطلب منكِ شيئاً ؟




" بالتأكيد " .. لتنطق تلك بعدها : ارغب بخبز من المخبز في الشارع الاخر .. سنفطر عليه ما رأيكِ ؟





توقف المطر .. وتوقف الضجيج في روحها .. ستمضي في حياتها ولن تجعل اسوار الخوف تطوقها ..ابتعدت عن المكان بعد ان غادرت الاخرى لتنفذ طلبها ..





,,



طُلب منه ان يكون العضو الفعال في الموضوع .. ان يبعدها عن المنزل الذي تمكث فيه منذُ اشهر .. انعقد حاجبيه وهو يقف امام المرآة يغلق ازرار ثوبة .. لم يحبذ الفكرة ابدا .. ولكن هي عنيدة وتبكي كثيرا اذا ما قيل لها بانها ستغادر منزل شبيب الى منزلهم ..





هل عليّ ان اكون بيدقاً على رقعة المؤامرة .. واكون في وجه الهجوم .. انكسر امامها وهي التي تراني محبوبا ولطيفاً .. ؟ .. أخدعها .. ومن ثم اتركها في مكان لا تستهويه ..





اغمض عينيه وهو يردف قبعته البيضاء على رأسه .. يحركها بكفيه ليثبتها .. وينتشل هاتفه .. سيتصل بشبيب ويخبره بما سيفعلون .. .. الهاتف يرن .. وهو يخطو نحو سيارته .. او بالاحرى سيارة " خالد " .. صمت عن الرنين .. ليأخذ مكانه خلف المقود .. ويعاود الاتصال وهو يشغل محرك السيارة .. ابتسم حين جاءه صوت ابن عمه .. ليبدأ بالسلام يتلوه بالسؤال عن الحال .. ومن ثم : شبيب اليوم بنييب كلثم .. يبوني اخذها من البيت وييا مبارك ع اساس اتشرالهم للمدرسة .. وعقبها ايبهم بيتنا .. شبيب والله مالي ويه .. احس اني يالس اخدعها ..




اتضحت له تنهيدة اخرجها صدر شبيب .. ليبتسم : اسمع يا مطر .. انتوا حاولتوا وهي ما تريد تروح .. ادري عن هالشيء من شامة .. البنت متعلقة فيها .. وبعد ما نقدر نخليها ع كيفها دام امك وابوك يبونها عندهم .. شوي شوي وبتتعود عليكم .. بس ما اوصيكم فيها .. ديروا بالكم عليها ..





" ان شاء الله " .. نطقها بامتعاض .. واكمل الحديث مع ابن عمه في امور كثيرة .. لينطلق بسيارته متوجها الى منزل شبيب .. هُناك كانت تجلس والدته مع شمسة ووالدتها .. اما مبارك فلقد جره هاشل معه الى غرفته للعب " البلايستيشن " وتقبع معهما كلثم .. تتابع ما يقومان به ..




سحبت انفاسها وزفرتهن .. لتنطق وهي ترشف من فنجان قهوتها : ديري بالج عليها يا حفصة .. البنية محتاية مداراه ..




- لا توصين .. بنت خالد فعيوني ..




يتحول نظرها لشمسة الصامتة وتنطق متهكمة : شبلاج ؟ .. خلاص بترتاحين منها ومن خبالها فالبيت .. مب هذا اللي تبينه ؟





تلك العجوز كالبقية احبت وجود كلثم الصغيرة .. ومشاكستها الدائمة مع هاشل .. ان غابت سيهدأ المكان .. لا صراخ .. ولا انفعالات من قبل شمسة .. الصامتة في حضرة الحديث .. الناطقة من بعد التهكم : انا ما اكرهها .. بس حياتها ويانا غلط .. وبيت ابوها مفتوحلها ..





هُناك في غرفة شامة اجتمعن .. ليلى اوصلها جابر وغادر .. غاضبا هو من افكارها التي اجادت بهن في حضرة شقيقه .. ليصرخ بها : الظاهر الحمل مب مأثر ع اعصابج وبس .. شكله اثر ع عقلج ..




جدال جديد تقحم نفسها فيه بتسرعها .. لتنطق وهي ترتدي عباءتها : انزين ما قلت شيء غلط .. وبعدين اخوك الكل ماخذ عنه فكرة شينه .. منو اللي بيزوجه خبرني ؟




ارتفع حاجبيه ساخرا : وانتي بافكارج لقيتي الحل .. ما شاء الله عليج .. يبالج هدية ..




" تتمسخر ؟ " قالتها وهي تسحب حقيبتها وتستطرد وقد مرت بجانبه : خلنا نروح قبل يصير شيء وتهون ..




تحوقل : تعرفين ان الهنتين ظاهرات من تجارب محد يحسدهن عليهن .. ولو رفضن بطي بتصير علوم بينا .. ما فكرتي بهالشيء ..





تسمرت في مكانها وهي تراه يسبقها خارجا .. هي بالفعل لم تفكر بعواقب الامر .. شامة الخارجة من تجربة مع حارب .. وكنة الخارجة من تجربة مُرة منذ ايام فقط ..عادت من ذكرياتها لتتنهد وتنظر الى شامة الجالسة قبالتها تحادث مها .. تغتصب الابتسام .. تعلم بان فكرها ليس مع مها المسترسلة بالحديث عن الدراسة : انزين كملي .. كل اللي وقفتيه فصل .. واذا تبين باسألج فكليتج اذا بيقبلونج من يديد فالفصل الثاني .. شو رايج ؟




هزت رأسها : لا .. ما اريد اكمل .. وبعدين مسجلة فمعهد وعندي دورات ففن التصوير ..




التفتت لـ ليلى : ليلى .. شبلاج ساكتة ؟ .. لتكوني تعبانة ؟




ابتسمت : لا .




لتقف : بقوم ايلس ويياهن .. تولهت ع يدوتي ..




لتلمزها مها بالحديث : الا قولي صرتي كبيرة وما تبين تيالسين الصغار ..




امتدت يدها لتضرب مها على رأسها وهي مارة من جانبها : جب ويا راسج ..




" آخ " صرخت بها مها وهي تضع يدها على رأسها .. لتضحك شامة وسرعان ما قطعت ضحكاتها على دخول كلثم : شامة .. ربطيه ..




ولتها ظهرها .. لتربط الشريط على خصرها .. وتابعت حديثها : بروح اشتري للمدرسة وييا مطر .. قال بيشتريلي شنطة ودفاتر .. والوان مثل اللي عند مريوم ..




وسرعان ما انسلت من بين يديها مهرولة .. وهي واجمة وتعود ذراعيها ليقبعا بجانبها بهدوء .. سيحرموها منها .. سيبعدوها دون ان يضعوا لها حسابا .. نزلت دموعها .. لتترك مها مكانها وتجلس بجانبها .. تحيطها بذراعها : شامة لا تسوين بعمرج جذي .. البنت مصيرها تخليج ..




مسحت دموعها : بس هي ماتبا تروح .. كم مرة خالتج حاولت وياها وما طاعت .. ليش يخدعونها ..




ربتت على كتفها : قومي غسلي ويهج .. انا بطلع ايلس وياهن أكيد خالتي بتقول ياللا نروح ..




فعلت ما قالته مها .. لتخرج وتقف تزيح الستار على اصوات بالخارج .. تسمع هاشل يعنفها وهي تمسك بكف عمها مطر : بياخونج عندهم يالخبلة .. خلج وخالي منذر بيوديج تشترين مثلي ..




ذاك الصغير .. مؤكد انه استرق السمع لاحاديث الكبار من جديد .. نطق مطر : هاشل .. تراك اخرتنا والعصر بسرعة يخطف .. اذا تريد تروح ويانا ياللا ..




رفعت رأسها تنظر اليه .. يتحدث وهو قاطب الجبين : بنتشرا وبرد هني صح ؟




ابتسم ولم يجبها .. لا يرغب بالكذب عليها .. شد على يدها : خبريني شو تبين تشترين ؟




مشت معه وهي تنطق ببراءة .. تعدد ما تتمنى .. دفاتر .. اقلام .. والوان وغيرها .. اما هاشل فتسمر في مكانه .. يراهم يغادرون .. حاقدٌ هو على مطر وعلى مبارك .. وعلى الجميع .. ليترك المكان بعد حين .. ويدخل صارخا بهن : ليش تاخذونها ؟




لتصرخ به والدته : هاشل احترم حرمة عمك ..




بغضب ترك الصالة . ليمر بجانب شامة الخارجة من غرفتها .. لتبتسم بهدوء .. حتى هاشل لا يرغب بابتعادها .. لا احد يرغب بابتعادها .. فلماذا يبعدونها ؟


,,

يُـتـبـع |~



اسطورة ! 17-09-13 07:35 AM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 


لماذا ؟ اسم استفهام تردد على ذهنه كثيرا وهو يخرج من مكتب رئيس قسم اللغة العربية بالجامعة .. كان يأمل بوجود دكاترة واساتذة يعرفهم ..درس على ايديهم .. ولكن الاغلبية لم يعودوا هُنا ..




انكمشت ملامح وجهه غيظاً .. فهو لا يطيق ذاك المدير .. حتى الرئيس السابق تم استبداله بأمقت دكتور صادفه في دراسته الجامعية .. " نصر الله " .. اسم على غير مسمى .. كان موعده معه صباح يوم الثلاثاء .. واليوم هو الاربعاء عصرا .. حتى مواعيده لا يهتم بها ذاك الدكتور المتعجرف .. هذا ما كان يجول في نفسه وهو يجر خطاه في ممرات كلية العلوم الانسانية ..






غادر الكلية .. ومن ثم مبنى الجامعة .. كيف يطلب منه ان يُدرس مساقات ليس له علاقة بها ؟ .. وعذره بان القسم يفتقر للعدد المطلوب من الدكاترة لهذا الفصل .. وعليهم ان يتعاونوا .. هو مساق واحد للغة العربية .. وثلاثة أخرى ثقافات عامة .. تنهد وهو خلف مقوده .. حتى ذاك المساق سهل للغاية .. لن يتطلب منه بذل اي جهد يُذكر ..





شعر بوخزات الم في ذراعه اليسرى .. ليحرك انامله ببطيء .. يغلق قبضته ويعيد فتحها .. وحاجبيه قد انعقدا .. ربما الم الاعصاب بسبب حالته النفسية .. كلما زادت عصبيته عاوده الوجع .. ركن سيارته في ساحة المنزل وترجل .. بيده هاتفه .. وعلى كتفه نامت " غترته " .. ولج الى قسمه الصغير .. لينزع " قحفيته " البيضاء عن رأسه راميا بها على السرير ..





ليأتيه صوت من خلفه ملقيا بالتحية .. ليردها دون ان يلتفت .. يبتعد يفتح دولابه ليأخذ له ثوب نوم يرتديه بعد ان رمى بثوبه الذي كان عليه ..ابتسم جابر وهو مستند على جانب الباب مربعا ذراعيه على صدره : زعلان ؟





لا رد من بطي .. سوى حركة قدميه .. ليمر من امامه .. ويجلس في الصالة الصغيرة يفتح التلفاز .. تنهد جابر وظل على وقفته : من ذاك اليوم وانت ما ترمس وياي .. وحتى ما تسلم علي ..




نظره على الشاشة .. وفي يده جهاز التحكم يتجول بين القنوات : يعني شايفها حلوة انك تقلل من قيمتي قدام حرمتك ..




- تسرعت بالكلام .. بس احسن عشان ما تعيد هالسالفة الماسخة مرة ثانية ..




- من اي ناحية ماسخة .. من ناحيتي والا من ناحية خواتك ..




التفت بعد ان اغلق التلفاز .. ينظر في عيني جابر : شايفني ما استاهل وحدة من خواتك .. لهالدرجة طايح من عينك .. واذا ع سالفة الاوراق .. تراها اوراق قديمة .. من قبل ما اسافر وهن فالحجرة .. والغلط منك يوم انك ما حلالك تفتش الا عقب ما رديت من السفر ..





ظل الاخر صامتاً .. وتابع بطي حديثه : مقالات سياسية من ايام الطيش وبدايات الجامعة .. والشلة اللي كنت وياها .. وياي الحين تحاسبني عليها .. يا حضرة النقيب ..





اخيرا تحرك من مكانه ليقترب من شقيقه .. ينحني .. واذا بذاك يبتعد للخلف : ما اريد محبة راس .. تراك مب اول واحد يشوفني من منظار الايام اللي راحت .. بس ليش ما تباني اخذ وحدة من خواتك ؟




جلس على مقربة منه : شكله موعد الشغل ما كان مثل ما تريد ..




- ما عليك من شغلي .. الحمد لله كل شيء تمام .. خبرني ليش مستكثر علي وحدة منهن ؟




سحب انفاسه وزفرهن : شوف يا بطي .. الثنتين ما اظن يفكرن فالعرس الحين .. وانت تريد تعرس بسرعة .. لو تقدمت لوحدة منهن الحين .. يمكن تكون الصداقة اللي بيني وبين شبيب ع المحك .. يمكن يستحن يرفضنك .. بس بعدين شو بيصير .. هذي حياة مب يوم وليله والسلام .. فكر فيها زين .. وفوق هذا انت للحين مب مستقر ..




وقف ليرفع بطي بصره اليه : وتراني بكيفي خليتك تاخذني على قد عقلي ..




نظر الى عينيه واردف : اللي صار وانت مسافر ..




انعقد حاجبي بطي .. وانخفض نظره .. ليكمل جابر : اللي صار بيي يوم واعرفه .. منك او من غيرك ..




وبعدها ابتعد .. خرج من المكان .. ليسحب الاخر انفاسه ويزفرهن صارخا : الله يلعن الشيطان ..





,,



" ما اريد " .. كانت جملة رددتها شفتيها الصغيرتين كثيرا .. لاي طلب تكون تلك الجملة المرتجفة خارجة من ثغرها .. تقف في زاوية الصالة دموعها تتساقط .. وهناك في الزاوية الاخرى اكياس وضعهن مطر وخرج .. كانت فرحة جداً .. تتقافز كفراشة من زهرة الى أخرى .. تشتري جميع ما يعجبها .. لتتفاجأ اخيرا بوقوف السيارة عند منزل ليس بالمنزل الذي تعرفه .. وتحت كلمات كاذبة من حفصة نزلت من السيارة .. اخبرتها بانهم سينظرون الى ما اشترته اولا .. وهاهي الان تقف في تلك الزاوية .. بعد نحيب اتعبها .. وصراخ اعياها .. كُل ما كانت تطلبه هو العودة الى شامة .. ولكن لا من مجيب ..





تجلس مها على ركبتيها قريبا منها : حبيبتي شو رايج ناخذ اللي شريتيه فوق .. ونرتبه فالشنطة الحلوة اللي خذيتيها ..




هزت رأسها : ما اريد ..




تتوالى شهقاتها المتقطعة .. ووجهها غرق بدموعها .. لتتنهد مها بتعب .. منذ فترة وهي تحاول معها دون فائدة .. وخالتها تقف على مقربة منها .. لتنطق : كلثوم .. شو رايج تروحين تلعبي وييا مبارك ..





" ما اريد " .. قالتها واردفت : اريد اروح بيتنا .. ما اريد هني ..




نظرت مها لخالتها : خالتي والله حالتها تقطع القلب ..




" خليها .. شوي شوي بتهدى وبتتعود " .. نطقت بتلك الجملة وخرجت .. كيف ستعتاد .. الجميع حاول معها .. جدها وعميها .. والآن مها .. ولكن دون جدوى .. حتى العشاء لم ترغب بتناوله .. تعبت من الوقوف فجلست القرفصاء .. تربع ذراعيها على ركبتيها .. ان اقترب احدهم منها صرخت باكية .. فليتركوها .. هي لا تعرفهم ..





عند العاشرة تسمرت اقدام على مقربة منها .. لترفع نظرها .. وتلتصق بالجدار : ما احبك .. قلت بتردني بيتنا ..




جلس القرفصاء امامها .. هو من البداية لم يحبذ هذا الفعل : كلثوم .. ترانا نحبج .. ونباج تبقين ويانا .. شرايج اشتريلج عشى من الكفتيريا ؟




وقفت لتدفعه بكفيه .. ليسقط جسده على الارض .. باغتته ناطقة : ما احبك .. ما احبكم ..




وهرولت مبتعدة عن المكان .. لتختبيء اسفل الدرجات .. اما مطر فتنهد وتحوقل .. ومن ثم جر خطاه الى غرفة والديه .. يطرق الباب ويدخل بعد أن أذن له والده .. ليقف : الين متى بتخلوها برع فالصالة ..




" ما قدرنا عليها " .. قالتها والدته واردفت : كل ما قربنا منها صرخت فويوهنا واذا مسكناها عضتنا ..




وقف حمد : خلوها بتهدى .. بتتعب وبترقد وبنشلها فوق عند مها .. ع الاقل تحاول وياها يمكن تحبها مثل ما تحب شامة ..




" بكيفكم " .. قالها مطر وابتعد خارجا .. سيذهب لغرفته وينام .. وليفعلوا هم ما يفعلوه .. وليذوقوا وبال ما اقترفته ايديهم .. لن يضع نفسه في هذه المواقف مجددا .. ووصية شبيب لا يعلم كيف ينفذها وهي تصده بعنف .. فهو في نظرها الخائن .. كثير الكلام قليل الفعل ..





انفاس متعبة .. وكأنها تلج من سم خياط .. وصوت صفير تبكي له القلوب .. وارتفاع صدرها ونزوله بعنف .. جميعها مؤشرات لنوبة قاسية .. وجسدها النحيل المتكور على الارضية الملساء .. يطالب بالنجدة دون صوت ..





نزلت بخطوات هادئة من اعلى .. فلم تستطع النوم وتلك الصغيرة وحدها في الصالة .. وقفت على اعتاب الصالة .. تبعثر انظارها في المكان .. لا يوجد احد .. ربما اخذتها خالتها معها بعد ان تعبت ونامت .. عادت ادراجها .. لتتسمر اقدامها عند اول الدرجات على صوت أنين خافت .. وسرعان ما ظهر امامها الجسد الصغير المتعب .. جلست على ركبتيها .. ترفع رأس كلثم عن الارض .. وتربت على وجنتها المحتقنة بالاحمرار : كلثم .. كلثم ردي علي ..





لتحملها بعدها بجزع .. تضعها في الصالة وتهرول الى غرفتها .. شامة اخبرتها عن ازمات الربو .. وعن بخاخ الدواء .. بعثرت حقيبتها لتخرجه .. وتعود مسرعة للاسف .. تبخ منه مرتان في فمها الصغير .. وانتظرت لبرهة .. ستتحسن .. كانت تكرر تلك الكلمة في خلدها وهي ترقبها .. مرت الدقائق ولا يوجد اي بوادر لتحسنها .. بل ان انفاسها باتت اشد صعوبة .. لتتركها وتجري مهرولة .. تطرق الباب على خالتها وبعلها : خالتي .. خالتي فتحي الباب .. كلثم ما ادري شو بلاها ..




بوجه مفجوع اطلت : شو مستوي ..




وبصوت مرتعب : كلثم .. لقيتها طايحة .. شكلها ازمة ربو ..




تحركت الى الصالة : ما عطيتيها دواها ..




" عطيتها " .. واردفت وهي ترى خالتها تجثو عن جسد الصغيرة : بس ما فادها ..




تشدها الى حضنها .. وتمسح على وجهها : كلثوم حبيبتي ردي علي .. كلثوم فتحي عيونج ..




لتنطق بعدها : يا ويلي البنت ما ترد ..




ليأتيها صوت حمد من الخلف : شو مستوي ..




لتنطق حفصة بخوف : الحق يا حمد .. البنت بتروح منا ..






,,

هُنا أقف . وموعد الزفرة القادمة سأحدده لاحقا باذن الله

ترانيم الصبا 14-11-13 10:25 AM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
اسطوره زمان عن الزفرات واشتقنا لأبطالنا عسى المانع خير

عصفورالجنة 04-12-13 08:04 PM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
شكرررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررا

اسطورة ! 09-12-13 09:32 PM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
تفضلوا الزفره الجديده الكاتبة كانت عندها ظروف والليلة تم تنزيل الزفره الجديده


http://up.graaam.com/forums/616798/01386613047.gif






,,


الهواء مُثقل حتى وكأن ذراته تحمل اوزان على اوزانها .. لا نسمات هواء .. فقط السكون المطبق على كل شيء .. الا الشارع الضاج بحركة السيارات واصوات ابواق الانزعاج .. لم يبقى الا بضع ايام وسيغادر هذا المكان .. ويلفه هواء بلد آخر .. خطى ماراً ببوابة المحل .. وبيده كيس يحوي على بعض ما اقتناه آنفاً .. لفحته حرارة الجو بخلاف التكييف الذي كان فيه لساعة مضت .. وما هي الا دقائق حتى عاد الهواء البارد يلفه وهو قابعا خلف مقود سيارته ..


مبتسماً .. وروحه فرحة .. لم يكن يدرك بان الابتسامة ستذروها رياح المصادفة .. والفرحة ستقتلها كلمات لاحقة .. عجلات سيارته تغير مسارها الى احد المقاهي المفتوحة القريبة من سكنه .. يرغب بفنجان من شاي " الكرك " .. هذا ما جال في فكره في هذه الساعة من الليل ..





وهناك كانت آذآن تسترق السمع على حديث دائر بين مجموعة شباب تحولقوا على احدى الطاولات .. موليهم ظهره .. ووجهه لصاحبه الجالس قبالته .. لا يعي مما يتفوه به شيئا .. فحواسه قد صُبت في الخلف .. وكلمات تداولت الحديث عن محبوبة الروح .. وبعض الضحكات .. ومن ثم صوت احدهم : والله الوالده ما عندها سالفة .. يعني ما حلت فعينها الا وحدة كانت ماخذه اخوها .. اعوذ بالله .. ما اتخيل عمري اخذ وحدة معاشرنها اخـ.....




سقوط الكرسي واندفاع الرجل الصامت على غيظ ليمسك بتلابيب ذاك المتحدث قطع مواصلة الحديث .. وبصوته الخانق ينفذ حرارة انفاسه في وجهه : ياللي ما تستحي اللي تتكلم عنها اشرف منك ومن طوايفك ..



هرج ومرج .. وايدي تمسك سالم تشده للخلف واخرى تمسك الاخر تبعده عن البركان المتفجر .. وصراخ من احدهم بان يهدأوا .. كل ذاك كان في لحظة دخول حارب .. الذي اندفع ليكف الايدي عن المشاجرة .. ومن ثم ينحني يلتقط " غترة " سالم الساقطة على الارض .. ويعانق بكفه ذراعه : امشي ..




هو لا يعرفه الا معرفة سطحية .. يذكره حين بداية الشباب وانتهاء الصبا .. جار شبيب بعد عدة جيران قرباء .. سحبه معه للخارج متناسيا ما ادخله هذا المكان .. ليقف معه بالقرب من سيارته .. هو من امامه والسيارة من خلفه .. يصرخ بغيض وهو ينتزع " غترته " من يد حارب الممدودة : كان خليتني اكسر راسه اللي ما يستحي .. ايبون سيرتها وسيرة فارس وكنهم داريين انهم اخوان قبل لا ياخذون بعض .. تفوو




بصق غيظه جانبا مستطردا : صايرين مثل الحريم برمستهم .. وهي اشرف منهم ومن اهلهم ..




صمت يستمع للكلمات المحتقنة .. يستشف منها امورا جمة .. هل سالم عاشق لها ؟ ام انها نخوة فقط ؟ .. انتهى الحديث الساخط ليبتعد ذاك ولا يزال في جوفه شيء من غضب .. وبقي الاخر واقفا وفي نفسه شيء من عجب .. لترتسم ابتسامة خافتة على شفتيه .. وبعدها يغادر .. يسوده السكون والوجوم .. يتخذ طريقا غير طريق منزله .. تتوقف العجلات عند منزل صاحبه .. وبصره يخطف النظر الى الساعة الرقمية في لوح سيارته .. الساعة تقارب العاشرة .. اية زيارة قام بها في هذا الوقت المتأخر ؟! .. انكب على ذراعيه المتربعان على المقود .. يشعر بان هناك غصة داهمته ولم يحسب لها حساب .




أين أنت عن صاحبك يا حارب ؟ . كان دوما يقف بجانبك .. وانت لم تذكره الا في ساعة جدال عنه .. وهناك في صدري نارا متأججة .. اشعر بقلبي يحترق حد الانصهار دماً .. ويلاه هل القرب منها كَـ جحيم لا يذر اخضرا ولا يابساً .. عندها كانت جميع مشاعري تتراقص .. والآن اشعر بأن ساعة الوقت تحجرت .. ومشاعري تجمدت .. اشعر وكأني في كبسولة محكمة الاغلاق .. تسبح في الفضاء .. لا تطال الارض وليس لها في القمر هُدى ..





تنهد وهو يرفع جبينه على صوت نقر خفيف على زجاج سيارته .. لينزل الزجاج ويظهر له من كان يؤنب الروح لاجله .. يترجل ويصافحه ويحيه بالتحية الاماراتية .. وسؤال عن الحال يتلوه ذاك بصخب الكلام : بلاك يالس فسيارتك .. حياك داخل .. بعدنا ما رقدنا ..




ينطق وهناك ضحكات تتراقص في عينيه .. هل هو فارس الذي اسودت الحياة امامه منذ اسابيع خلت .. حتى خُيل له ان لا مفر الا الموت ؟ .. يبدو مختلفاً .. هل يمثل السعادة ليوهم الاخرين بان لا شيء يدعو للجزع .. لم يشعر بنفسه الا وهو يمشي من خلفه وكفه التحمت بأصابع فارس .. يشده وهو يثرثر بعتب .. يذكر الغياب .. فاين حارب من فارس في الايام الماضية .. ابتسم وهو يجلس مسنداً ظهره بالنمرقة .. رافعا وجهه لفارس .. ناطقا قبل مغادرته : انت بخير ؟




أي سؤال احمق تسأله يا حارب .. الا ترى بِأني أحاول التأقلم مع الحياة الجديدة .. أني بخير وإني أرى الحياة مختلفة عن ذي قبل ..




-
بخير والحمد لله .. ما نشكي باس ..



اجاب وابتعد ليعود بعد دقائق يحمل صينية في جعبتها عشاء .. يضعه امامه ناطقاً : ياللا سم ..تعشى وياي ..




تمتد الايدي تقتطع من الخبز .. وتلوك الافواه لُقيمات دون ان يزعزعها صوت .. هدوء غريب طرح باسداله عليهما .. يتناولان الطعام وكأنهما مجبران .. لينفض بعد حين حارب كفيه مكتفيا : الحمد لله ..




ليتبسم الاخر مُنهياً لِما في يده .. ليحمل الصينية بعدها ويترك المكان .. لا شيء سوى التحركات ذهابا وعودة .. ليسحب حارب انفاسه ويقذفهن دون رحمه .. يعاود الكرة بعد حين ليسقط فعله في آذان فارس العائد بصينية اصغر عن سابقتها تحوي " دلة " الشاي والكؤوس .. يحرر كفيه منها .. ويسكب لذاك العاقد حاجبيه ويمد له ما في يده : شو بلاك ؟ مستوي شيء .. مب عوايدك .. من اول ما شفتك قدام الباب وانا حاس ان وراك سالفة ..




ينظر اليه يرتشف من كأسه بصمت .. ليردف : عندك اخبار مب زينة عن شبيب وكنة ؟ ..



ارتفعت انظاره لوجه فارس القلِق .. ليستطرد بهدوء حَذِر : كنه فيها شيء ؟




ما بال اسمكِ يتردد عليّ وجداً ؟ .. يخنقني ما آل اليه مصيركِ .. هل تستحقين ان تَلوك الافواه سيرتك دون حدود ؟ ويتضاحك الشباب على احاديث امهاتهم .. يرشحنكِ لتكوني زوجة لهم .. وذاك الاخر يحتقن غضبا .. هل لكِ عشاق لا اعلمهم .. عشاق غير هذا القابع امامي ؟




اعاده من شروده صوت فارس : حارب اكلمك .. شبلاك مسهي .. خبرني مستوي شيء ؟ .. انت فيك شيء ؟




من جديد عب الهواء في رئتيه .. تاركا الكأس الصغير على الصينية : من شوي صارت ضرابة .. سالم متضارب وييا واحد من الشباب ..




" وليش ؟ " سؤال تردد حارب في الاجابة عليه .. لينطق أخيرا : يايبين سيرة كنة .. ولا عيبه وقام يتضارب وياهم ..




تعانق حاجبيه .. لينطق بسخط : وبأي حق يدخل عمره فهالسالفة .. لو هو ريال ما بدال ما يكحلها يعميها .. الحين بدال ما تكون السيرة بين كم واحد بتصير ع كل لسان ..




نطق حين رأى نظرات حارب إليه : لا اطالعني جذي .. هيه بعدني احبها واحب لها كل خير .. انا ريال ما بينقص مني كلام الناس شيء .. بس هي بنت وكلام الناس له دور واايد فحياتها .. ومالهم اي حق ايبون طاريها بالشين ..




ترتسم ملامح حنين مُحرم على وجه فارس الساخط .. حنين بخلاف الحنين الذي يسوق حارب منذ سنوات طوال .. الصمت في هذه الليلة يستحل الدقائق بنهم .. لا يختفي حتى يعود من جديد .. جاعلا للانفاس صوت كصوت نواقيس الخوف .. كصوت ارتعاد الروح .. ابتسم رافعاً كفه لِسقطها على كتف فارس .. ليرفع الاخر وجهه .. تنحل العقدة بين حاجبيه رويدا .. ويبتسم .. اتسعت ابتسامة حارب لينطق : ربي يعوضكم خير .




" آمين " .. نطقها مقتضبة .. ووقف لوقوف حارب .. اسرار مختبأة خلف صدريهما .. يمشيان باحاديث بسيطة عن موعد السفر القريب .. والابتعاد من جديد خلف عُذر الدراسة .. هل هو مجرد عذر يا حارب ؟ كان سؤال يتردد كثيرا على عقل فارس .. رفع كفه ملقيا التحية على ذاك الذي انطلق بسيارته حتى توارى عن الانظار ..


شد على شفته السفلى .. وانفاسه لخروجها ودخولها صوت واضح .. اغلق عينيه متحوقلا .. لا بد للحياة ان تمضي .. ولا بد لجراح القدر ان تندمل .. خطواته تنم عن عقل شارد خلف حديث ماض .. ليتخطى العتبة القصيرة مولجا جسده الى منزله الكئيب .. او هكذا يراه .. تلوح له والدته المستلقية على الارض وقد اسندت رأسها بإحدى النمارق .. وعلى اليمين منها شقيقتيه ظاهر عليهما الاندماج وكأن مُقلِهما ستخرج من محاجرها لتلتصق بشاشة التلفاز ..



" هند " ناداها وهو لا يزال في مكانه واقفا .. لتلتفت اليه لبرهة وتعود انظارها سريعا مشدوهة للتلفاز .. استطرد : قومي رقدي بسج سهر .. بييج دوام ولازم تتعودي ترقدي من وقت وتقومي من وقت .



-
بس شوي .


جواب قصير وصمت.. ليتنهد وينطق : ما بتفيدج هالافلام فشيء .. قومي .





عناد من قِبلها ومحاولة لا تفتر من قبله .. لتزفر انفاسها بغيض بعد ان قامت والدتها صارخة بها : سمعي كلام اخوج ولا تراددين .. قومي رقدي .





" اووووف " قالتها واقفة لتتبعها بثرثرة حانقة .. وخطوات قاسية غاضبة .. اما الاخرى فكانت تسمع ولا تسمع .. وانظارها لم تترك الشاشة .. يصل اليها صوت والدتها السائلة عن عُمر : اخوك بعده مايا ؟





" لا " قالها وقبل ان يدبر اذا بصوت والدته يناديه .. يقترب منها يساعدها على الوقوف : تعال ابا ارمسك فسالفة .





تنسحب ذرات الهواء رافعة صدره .. وكأن به أدرك الامر المطلوب فيه في هذه الساعة .. مشى من خلفها حتى ما رآها تستقر على طرف سريرها أغلق الباب من خلفه وظل في مكانه .. تداعب شفتيه ابتسامة خفيفة لا تكادُ تَبين .. تنهدت : الين متى هالحال يا فارس .. اخوك راح يشوف سعيد خال حرمته عشان يردها البيت .. وانت متى بتتحرك وترد حرمتك .. ترى العدة الا كم شهر ما بتبقالك دووم ..





راوده سؤال غريب " هل الجُبن والشجاعة يجتمعان؟ " .. فكيف لجبانة مثل سلوى أن تتمرد بتلك الطريقة .. لا تراعي حلال ولا حرام .. والآن تصمت مدعية إن ما فعله اجحاف في حقها تحت وطأة الصدمة التي هشمته ولم يكن يعلم حينها ان باستطاعته ان يجمع الشظايا ويعيد الصاق ذاته من جديد .. يستمع للحديث على لسان والدته : مستحية من امها .. كل يوم والثاني متصلة تسأل عنك ومتى بترد بنتها .. يا ولدي الظليمة مب زينه .. وانت يوم طلقتها ما كنت فعقلك ..





اتعبته تلك الكلمات المعادة .. تلوكها الالسن احيانا .. وتقذفها الاعين احيانا اخر .. ليس بظالم ، ولم يكن بمجنون حين اعتق رقبته من تلك المرأة التي لم يستطع ان يقحمها الى صدره .. وان حاول كانت هي تدفع به للوراء ليعود اميال .. يراها صغيرة .. كنقطة في زاوية ورقة .. لن تكبر . ولم ترد ان تكبر في عينيه .. فلما هو يكبرها لعيون الغير ؟..





تثرثر على مسامعه حتى اتضح الامتعاظ على ملامح وجهه .. لتنطق : ما عايبنك كلامي ؟ .. اخوك تحرك ولا خلاهم ع ما يبون .. وانت بعد من باكر تروح ترد حرمتك وتسكت امها ... والله اللي صار ما مخليني ارفع راسي قدام حد .





اسقط تنهيدة صغيرة .. ليغلق اجفانه بعدها يرغب بالهدوء قبل الرد على والدته .. فتح عينيه ليتنهد من جديد : رفعي راسج ياميه .. ولدج ما اذنب .. ولا ارتكب حرام .. ولا مشى فطريق الشين عشان تستحين ترفعين راسج .. يوم انه قتل وانحبس رفعتي راسج وقلتي ولدي ما غلط والغلط من الغير .. وارد الحين اقول كلامج لج .. ولدج ما غلط يا ام فارس .. ما غلط .. وسلوى مالها عندي مكان .. وعُمر رايد حرمته وسعالها وربي يوفقه .. وفارس لا تغصبونه .. دخيل ربكم لا تجبروني ع شيء ما اريده ..






,,


تحركت بخطوات خفيفة .. تقترب من الاصوات المنبعثة من الصالة .. حتى ما بدا لها الحديث واضحا جلست على ثالث درجة من أعلى .. اجبرت نفسها على التنصت فقط لتعلم الى أين سيؤول مصيرها .. يصلها صوت والدتها الغاضب : اللي سويته عشان بناتي يا سعيد .. ما اريد يقولون عن سلوى مطلقة وهي فالعمر .. ولا بتنازل عن رايي .. يريد حرمته يخلي اخوه ياخذ حرمته بعد .





اشاحت بوجهها عن وجه شقيقها المتحوقل .. مسح على لحيته الطويلة مطالبا بالصبرفي حضرة إمرأة فقدت عقلها ولم تعد ترى الصواب من الخطأ .. زفر بقوة وبشيء من الحدة تكلم : يا ام سيف اللي تسوينه غلط .. بدال ما بتصير عندج وحدة مطلقة بيصيرن ثنتين .





اسقطت كفها على فيها تمنع شهقة كادت ان تفضحها .. لتتغورق عيناها بالدموع .. هي لا ترغب الانفصال .. لا ترغب بما ترغب به شقيقتها .. نزل دمعها بهوادة .. ولا زالت تحاول ترهف السمع للحديث .. حنق والدتها لحديث خالها .. ومن ثم اضحى الحديث خافت لا يُسمع .. مسحت وجهها وانحنت بجذعها لعلها تلتقط شيء .. لكن لا شيء سوى تمتمات بعيدة .. فقررت انهاء التجسس .. لتقف على ساقين لا تعلم لما تسلل اليهما التعب حتى باتتا لا تقويان على رفعها .. تحاملت على نفسها مستندة بـ " الدرابزين " لتخطو بثقل .. تلج الى غرفتها بوهن غريب وتترك جسدها يسقط في احضان سريرها ..





تسمع رنين هاتفها .. وتعلم أن المتصل ما هو الا بعلها .. لا ترغب بالرد .. ولا ترغب بأي شيء في هذه اللحظة .. غيرت اتجاه جسدها حتى صار ظهرها لباب غرفتها .. وما هي الا دقائق حتى احست بجسد يجلس على طرف سريرها .. سكوت وسكون أحال ضربات قلبها الى وجع يفتك بصدرها .. اغمضت عينيها بقسوة لعلها والدتها ستخبرها بان لا رجعة الى حياة عُمر ..





" تحبينه ؟ " سؤال اسقطته سلوى على مسامعها .. وابعدت به هواجس روحها الخانقة .. لتفتح عينيها .. وتدس كفيها اسفل رأسها .. وتشد بساقيها إليها ...




اجابت وهي على حالها من الاستلقاء : السالفة مب سالفة حب .. بس ما اريد اكون مطلقة .. كل بنت تحلم تكون اسرة وعمرها ما حلمت تهدم وتكسر بيتها ..




-
انزين انتي ليش متضايقة ؟


-
امي بتنهي حياتي عشانج .. لانج ما عرفتي تحافظين ع بيتج .. لان الفرصة يتج وانتي رفستيها ..



قامت من مرقدها صارخة : تظنين الخمة اللي تعرفينه بيسعدج ..





فجأة تسمرت الانظار على الباب الذي فُتح .. يدها لا تزال ممسكة بمقبض الباب .. وانظارها ابتعدت عن سمية لوجه سلوى .. هل سمعت الجملة الاخيرة ؟ .. لما وجهها واجما بهذا الشكل ؟ اسئلة كثيرة جابت عقلي الفتاتين .. والصمت القاتل يُؤجج الهلع فيهما .. لتقف سلوى بهدوء : امايه ...




قبل ان تكُمل : سلوى .. خليني وييا اختج بروحنا .




تقدمت لتجلس حيث كانت تجلس ابنتها .. وقبل ان تنطق امسكت سمية بكفي والدتها تقبلهما : امايه الله يخليج لا تضيعين حياتي عشان سلووه .. لا تربطينا فبعض بهالشكل الله يخليج .




زمت شفتيها لتطلق بعدها سؤال اسكت سمية لما يقارب الدقيقة : كيف حياتج وياه ؟





في سرها حمدت الله كثيرا إن والدتها لم تلتقط حديثها مع شقيقتها آنفا .. مسحت عينيها بظاهر كفها واتبعت فعلها بأن أنحنت جانبا تلتقط من علبة المناديل منديلين ورقيين تمسح بهما أنفها وباقي دموعها .. حين طال صمتها قالت تلك : ما رديتي علي ؟





ازدردت ريقها واخفضت بصرها الى حجرها : الحمد لله .. تمام .. ما فيوم كدرني او ضايقني .. حتى امه وخواته طيوبات ..





وقفت بعد ذاك الجواب لترتفع انظار سمية لها .. وتزداد ابتسامتها مع تقاذف الكلمات من فيه أُمها : باكر بيي ياخذج .. يهزي عمرج .


,,

يُــتــبــع |~


اسطورة ! 09-12-13 09:33 PM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
أتضحك الحياة في وجوه البعض بمقابل العبوس في وجوه أخرين .. وتبهت بين الابتسامة والسخط في نفوس أخرى .. تهيم ضائعة بين حاضرها ومستقبلها .. متناسية الماضي القارع ابواب روحها بين الحين والحين .. روحها الموجوعة بسبب الغياب الا مبرر .. بسبب القول الغير مكتمل .. قالت ستتواصل معها بعد رمضان .. وذهب رمضان يلملم الغفران .. وتبعه العيد .. وعيد آخر يلوح في الطريق .. ولا خبر منها ولا أمر أكيد .. تمشي بمعية خالها .. بهويدة تنزل الدرجات القليلة في مدخل تلك البناية المكتنفة لعيادة تلك المختفية .. أرادت الاطمئنان وجاءها الجواب .. الباب مغلق منذ أجل ليس بقريب ..



ركبا ليأتيها صوته وهو يحرك سيارته للابتعاد عن المكان : انزين المفروض تحولج لدكتورة ثانية .. مب جذي تروح لا حس ولا خبر .


" أنا ما بغيت " .. وبعدها صمتت .. وصمت هو للحظات .. واذا به ينطق كاسرا السكون : بوصلج المستشفى وبروح .. عندي شغل .. من اخلص بخطف عليج .



بعد دقائق كانت تتخطى بوابة المستشفى داخلة .. ويدها قد اندست في حقيبتها لتخرج هاتفها .. وسرعان ما استقامت وهي تضع الهاتف على أذنها : هلا مهوي .. هيه وصلت .. عند الاستقبال ... اوك اترياج .


لاحت لها من بعيد كعادتها سافرة الوجه .. تقترب منها ترحب بها وتمسك بكفها تمشي معها : اخبارها الحين ؟


سؤال طرحته شامة وهي تسير بمعية مها .. لتجيبها الاخيرة : راقدة .. والاكسجين مب طايعين ياخذونه عنها .. يقولون الازمة كانت قوية .. غير هذا عند الفير صابتها حمى ..


ولجتا الى الغرفة .. ليظهر لها الجسد الصغير على السرير الابيض ذو الجوانب المعدنية .. انحنت تقبل جبينها وتمسح على رأسها .. ليأتيها صوت مها : الله يسامحهم .. قلت لهم ردوها .. قالوا بتتعود .


ابتسمت شامة : قدر الله وما شاء فعل ..


" تعالي " .. قالتها مها وهي تمسك بيد شامة تجرها معها الى الكنب الجلدي المتواجد في تلك الغرفة .. لتجلسا وتبادرها سائلة : متى بترد كنة ؟


-
اليوم .. قالوا بيصلون اليمعة فالحرم وبيردون .. افكر فيها وايد .. حياتها انعفست بين يوم وليله .


كانت تستمع لحديث شامة بشيء من الشرود حتى ما سألتها قائلة : عمي وحرمة عمي وين ؟


لتنفجر ضاحكة وسرعان ما كتمت ضحكاتها بكفها خوفا من استيقاظ كلثم : الدختور عطاهم محاضرة طويلة عريضة اليوم عشان حالة كلثم .. خالتي يت هني معصبة وقالت – تقلد خالتها – هذا اللي ناقص بعد يعلمونا شو الصح وشو الغلط .. عيال بعدهم ما طلعوا من البيضة خذوا الشهادة وشافوا اعمارهم الفاهمين وبس ..



ضحكتا سوية وبين الفينة والاخرى تنسرق انظار شامة ناحية كلثم الغارقة في سبات عميق .. لا صوت من تلك الزاوية الا صوت ذاك الجهاز النافث بانفاسه في انفاسها .. تنوعت الاحاديث بينهما .. وهدوء داعب الاجواء بعد حين ربما لم يعد هناك شيء يُحكى .. وربما هناك الكثير تحاول الالسن ان تلقيه ولا تقوى .. وقفت مها : بروح اييبلي عصير .. ايبلج وياي ؟


هزت رأسها بلا .. وعادت لتغرق في شرودها .. لم تدرك الوقت .. ومتى عادت مها لتمد لها بعلبة عصير : اندوج ؟



اخذته متبسمة وشاكرة .. لتلتفت الى مها الرامية بجسدها بجانبها مع تنهيدة عقيمة .. لتنظر اليها ترتشف من علبتها .. ومن ثم تستقر بين كفيها قريبا من ركبتيها .. وضعت العصير جانبا : مها انتي بخير ؟


لربما الحديث الوحيد الذي لما تطرقان له هو حالهما .. وذاك السؤال لطالما كان جوابه كاذبا .. ولكن اليوم لا ترغب بالكذب .. لا ترغب بالهرب مما يجول في نفسها ويؤرق روحها .. كللت وجهها ابتسامة صغيرة .. وتمركز نظرها على كفيها المحتويان لتلك العلبة الباردة : ما اعرف شو اقولج شيوم .. ما صرت اثق بحد من عقب اللي صار من سوسن .



سحبت الاخرى انفاسها : من يوم ما شفتها وياج فالجامعة وانا مستغربة .. ما حسيت فيوم انج ترابعين بنت مثلها .. مب قصدي انها مب مواطنة .. قصدي انها غير .. جريئة .. ما تستحي .. ولا عندها خوف من ربها ..



نظرت لشامة بابتسامة ساخرة قائلة : ما كانت تهمني المظاهر .. هي تقربت مني وانا فتحت لها الباب .. والحين حتى نفسي مب قادرة اقولها شو في .. مب قادرة اثق حتى فعمري .. اخاف ان صارحت نفسي يخوني لساني واقول للغير واندم . صايرة سطحية .. من يومين حسيت اني مها القديمة .. قدرت ارد شخصيتي واثبت نفسي .. حسيت بنشوة النصر على سلطان ..


قطبت شامة حاجبيها : ما فهمت ؟


قذفت بتنهيدة قوية .. تركت معها العلبة جانبا وتربعت جالسة على الكنب .. ووجهها لشامة : كان يريد العرس بهالاسبوعين .. اصريت انه يكون عقب العيد .. مادري شو صار له وتخلى عن عناده ووافق .. وغير رايه عشان الملكة .. وخلاها بعد اسبوع عقب ما كان مصر انها تكون فيوم العرس ..



" حلو " .. قالتها شامة بفرح واردفت : الملكة بتقربكم من بعض اكثر .. وبتعرفينه اكثر مهوي .. الله يسعدج .


توشحتها ابتسامة باردة وكأن الفرح لا يرغب بدخول زواياها : خايفة .. احس عمري ضايعة .. مرة اريد هالشيء ومره ما اريده .. ما اعرف سلطان كيف يفكر .


التفتت لشامة : نظراته لي تخوفني .. يمكن هذي نظرته .. بس مرات احسها بس لي هالنظره ..



" كيف يعني ؟ " .. سؤال طُرح دون ان تقابله أي أجابة .. كـ أسئلة كثيرة تمر باحثة عن جواب يروي جفافها فلا تجد .. ليستا بذاك القرب الموصل الى حدود بعيدة في البوح .. ليست شامة كـ ليلى بالنسبة لمها مؤخرا .. وليست مها كشخص تستطيع ان تبوح له شامة دون قيد ..


طرقات خفيفة على الباب اجبرت شامة على اسدال طرف " شيلتها " على وجهها .. اما مها فاكتفت بترتيب " شيلتها" على رأسها .. أختلاف كبير في الالتزام بين الاثنتين .. دخل بطوله الفارع تتسابق من خلفه خطوات الممرضة القصيرة وجدا بالنسبة له .. القى التحية بخفوت دون النظر الى القابعتين متسربلتان بالسواد ... حتى ما اتخذ من جانب السرير موقفا أنحنى .. يدس سماعته من تحت قميصها لتلامس برودتها صدرها العاري .. يبتسم ويقطب جبينه تارة .. وينفث انفاسه بحنق تارة أخرى .. ليأمر تلك الممرضة بعدها بأن تنزع الكمامة عنها .. وتضع مصلا آخر تدس به دواء يعيد اليها عافيتها .


وقف ناظرا اليهما ومن ثم سائلا : من المسؤول عن البنت الحين ؟


سؤال غريب جعل منهما ينظران الى بعضهما بشيء من عدم الاستيعاب .. لتقف مها وتقف من بعدها شامة .. وتنطق متسائلة : ما فهمت قصدك ؟


ابتعدت انظاره الى كلثم : اللي اعرفه انها فبيت شبيب من عقب وفاة ابوها .. وتفاجأت ببو خالد يقول انهم خذوها عندهم .. وعقب كلامي وياه .. واللي ما عيبه قال نشوف اللي فمصلحة البنت .


" انا المسؤولة " .. قالتها شامة بشيء من ثقة .. لتنظر لها مها وبهمس : انتي شو تقولين ؟


-
أنتي أخت شبيب صح ؟


لم ينسها .. ولم تنبس هي ببنت شفة .. واكتفى هو بتلك الجملة المستفسرة .. وخرج بعدها ..




,,


الغياب عن ارض اشبعتنا .. واحتوتنا .. وافرحتنا واحزنتنا كالصيام الطويل ينتظر موعد افطار يُروى به العطش .. وهما يتوقان لوضع اقدامهما على تراب الارض .. تراب الوطن بعد غياب اسبوع .. تضرب عقليهما افكار مختلفة .. افكارها يكتنفها الخوف والتوتر .. وكيف هي الايام القادمة .. وافكاره يرتادها الندم .. ولوم يساوره لنفسه ..



وقف ينتظر مرور حقيبتيهما .. وهي مشت مبتعدة حيث مقاعد الانتظار .. تنظر اليه يرفع هاتفه من بعد اتصال .. ومن ثم يدسه في جيبه وينحني يرفع حقيبتها ومن ثم حقيبته .. ويجر احداهما خلفه والاخرى يحملها بيده .. حتى ما وصل عندها قبع ناطقا : منذر مقبوض فالشغل ما يقدر يطلع .. وجابر مغلق فونه .. بنرد فتكسي ..


وقبل ان ينتصب واقفا رن هاتفه من جديد .. ليبتسم لصاحب الاتصال : هلا والله .. وعليكم السلام .. ربي يسلمك ... من ربع ساعة ... ما بكلف عليك فهالوقت المتأخر التكاسي موجودات ..



يسند هاتفه بكتفه ويجر حذائه من تحت سريره منحنيا يرتديه : لا تقول هالرمسه تراني ازعل منك .. ياللا مسافة الطريق واكون عندكم ..



دس هاتفه في جيب بنطاله .. لتطاله هالة من الوجع .. وصوت يأن في داخله بخلاف الضحكات المتخلل حديثه مع شبيب آنفا .. مشى بخطواته يختطف مفتاح سيارته من على الـ " كوميدينة " وينطلق خارجا .. ينادي بصوته على عبد الغفور .. ليأتيه مهرولا وطرف جلبابه الواسع في قبضة يده : خير يا بيه ؟


-
انا طالع .. لا تسكر الباب يوم ارد بسكره .. وارقد وسكر عليك حجرتك .



ليبتعد بعدها بسيارته .. تلوح له الساعة الرقمية فيها على اعتاب الحادية عشر .. ربما تلك الساعة خاطئة .. لينظر الى ساعة معصمة ويجدها متقدمة الاخرى ببضع دقائق .. يشعر بعظامه تتأوه .. منذ لقاءه بفارس وهو لم يطعم النوم الا سويعات تأرقهما كوابيس خانقة ..



آآه من وجع استحلني بين يوم وليلة .. ويزيد غرس انيابه في جسدي البالي بالعشق .. أأنا مجنون هوى حتى بتُ اراها في الوجوه .. حتى أُضحي اسمع اسمها مع الاحاديث الخافتة .. كيف لي أن أعيش وهي الهواء لي .. وهي الداء وهي الدواء .. اتتلذين بقتلي دون ان تعلمي إني لكِ مغرم .. بل ان شغاف قلبي تناديكِ .. أنتِ فقط ..



يعاتب نفسه على حب استحلها في اول الشباب .. واخمده سنوات .. وكلما اخمده زاد عصياناً وتمردا .. حتى ايقن بانه اضعف من ذبابة في هواها .. اوقف السيارة ساحبا انفاسه ليرتدي ثوب الفرح .. ملتقطا هاتفه من جانبه .. يتصل بـ شبيب يخبره بانه في الانتظار ..



الرياح في هذه الليلة عاتية .. قاسية تضرب المارة دون هوادة .. ينظر لتلك الاجنبية الممسكة قبعتها بيد .. وبالاخرى تحاول ردع فستانها عن الطيران حتى لا تنكشف .. تبسم وهو يرى طفل صغير التصق بوالده ينتظران سيارة أجرة .. وتجول انظاره بين القادمين الباحثين عن وسائل نقل ترحمهم من غضب الريح .



تسمرت انظاره هُناك .. على وجهها المنكشف في غفلة منها .. ليداهمها الهواء مبعدا طرف " شيلتها " حاسرا وجهها .. لم تتغير .. بل انها صارت اشهى عن ذي قبل .. انعم وأرق واجمل .. خالجه فرح ممتزج بحزن قاتم .. هل ستكون له ؟



عاد من احلامه على صوت شبيب الذي فتح الباب لشقيقته قبل ان يفتح الباب لنفسه .. ناطقا بالتحية قبل الصعود .. ومن ثم : انزين انزل ساعدني .. ما فتحت الدبه وخلاص ..



قهقه على عتب شبيب واجابه وهو يصافحه ومن ثم يحيه بالتحية الاماراتية : المهب برع مخبله فالناس .. وما حبيت انزل وتخبلبي ..


واردف وهو ينظر لشبيب ينزع " غترته " عن رأسه : الحمد لله ع السلامة .. نورت لبلاد بردتكم .


-
شو دراك إنا فالمطار ؟


تحرك بسيارته : خالك ما يقصر .. وعاني من رقادي يقولي قوم شبيب فالمطار ومحد فاضيله غيرك .. الغبي حاقد علي ما اعرف ليش ؟



ارتفع حاجب شبيب لكلام حارب .. الذي اكمل حديثه : وليش ما اتصلت عليّ وخبرتني .. مب انا ربيعك .. والا ما تعتبرني من اهلك .


بين العتب والتبرير صدح سُعال عقيم من كنة القابعة في الخلف ينطقان سوية : حلال .


زادت نوبة السعال حتى ظنت بانها ستختنق .. لتحرر وجهها من الغطاء منحنية للامام .. تلصق جبينها بالكرسي الامامي .. واذا به ينتشل قنينة الماء من جانبه يمدها لها : شربي ..


ليأتيه صوت شبيب : شارب منها ؟


-
هيه .. لا تخاف ما في شيء .. لا مريض ولا شيء .


ترددت بالشرب منها .. حتى ما شعرت بان ذاك السعال لن يعتقها .. سمت بالله وتجرعت الماء منها .. مع انها لا تحب الشرب من بعد احد .. الا من كان بعلا لها .. تهادى السكون اليهم .. ليتنهد شبيب مرخيا راسه على الكرسي .. يسترق النظر للجالس بجواره .. شاردا بعيدا ..



مجنون انت يا حارب .. وجنونك حكم عليك بالضياع بين ماضي وحاضر .. ارى وجع في عينيك الشاردة .. وارى مشنقة علقتها للفرح في داخلك .. كُلما اراد النهوض هددته بها .. أولست قاسيا يا حارب .. لتضع قلبك اسفل قدمك وتدوس عليه دون رحمة .


قطع حديث نفسه محادثا شقيقته : كنة انتي بخير ؟


لتجيب بخفوت : بخير ..


أوصلهما واعتذر عن الدخول .. ناظرا إليها تشق طريقها فتتلقفها والدتها تضمها الى صدرها .. تخفيها عنه خلف اسوار المنزل .. تدارك نفسه ليتحرك بعد ان وضع الحقيبة على الارض : الحمد لله ع السلامة مرة ثانية .



مودعا شبيب .. مستقلا سيارته .. وعينا صاحبه تراقبه حتى اختفى .. ليشد بكفه على جبينه ماسحا بها وجهه .. وضاربا بقبضتها على المقود صارخا : غبي .




اعترافاتي تؤرقني يا شبيب .. تلك الاعترافات الخرقاء في ساعة استسلام ..هل ستأخذها على محمل الجد .. ام ستطمسها في عمق اللامبالاة . حارب يتجنب النظر إليك بسببها .. إني احترق بسبب ورقة بلهاء ارسلتها لك .. وهل كنتُ لاعلم الغيب آنذآك .. أعذرني يا صديقي على وقاحتي .. على حبي لها .. وعلى عدم اعترافي الا متأخراً .



,,

" تعالوا .. تعالوا " .. رددتها تلك العجوز وهي تفتح ذراعيها لهما .. لتنسل كنة من بين ذراعي والدتها وترمي بنفسها في احضان جدتها : تو ما نور البيت ..



ترددت ضحكاته وهو يقبل رأسها المخضب بالحناء : وافديت هالريحة ياميه .



" الحمد لله ع السلامة " نطقتها شامة وهي تلج الى الصالة لتقبل شقيقها ومن ثم شقيقتها .. فرح تسور المنزل في هذه الليلة لتنسكب الدموع من المُقل .. تلفت : عيل هاشل وين ؟


" راقد " .. قالتها والدته واردفت وهي تجلس بجواره : وراه مدرسة .. بالمحايل الين رقد ..


تدس نفسها في صدر جدتها .. حتى استغربوا فعلها .. لتنطق والدتها بوجل : كنة شو بلاج ؟


ما إن وصل السؤال اسماعها .. حتى صدرت منها شهقة تدل على غرقها في البكاء .. ترتفع يده لتمسح على رأسها : بسم الله عليج .. شو صارلج فجأة .



" خلوها " .. قالتها العجوز وهي تبعد يده عن رأس حفيدتها .. لتردف : كنة بترقد وياي الليلة .. قومي فديتج .


التصقت بجسد جدتها حتى ثقُل على تلك العجوز السير .. وما إن أغلقت الباب من خلفهما حتى انتحبت الاخرى متشبثة من جديد بجسد العجوز : شبلاج .. بسم الله عليج ..


لترد باختناق : ما اعرف شو بلاني اول ما دخلت البيت حسيت بخنقة .. كانه حد يخنقني ..


ارتفعت ليبان لـ هداية وجه حفيدتها المحمر والغارق في الدمع .. لتمسح وجنتيها بيدها الحرة تباعا : تعوذي من الشيطان .. وقومي توضي وصليلج ركعتين ..



الاختناق استحل بذاك الهارب حتى أحاله الى مجنون فعلي .. يقف في حديقة منزله .. كفزاعة لا يتحرك فيها الا القماش .. تعصف به الريح لتتخبط خصل شعره على وجهه مرارا .. به بركان من غضب .. ليتحرك اخيرا .. يخطو نحو لوح من خشب مرميا باهمال .. يلتقطه بيده .. ليجرم بالجرار الخمس المزينة لمدخل منزله .. يحطمها دون هوادة .. يضربها يمنة ويسرى .. ويقع عليها مهشما .. يصرخ من بين ضرباته .. يهين نفسه .. ينعت روحه بالغباء ..


ليأتيه صوت ذاك الخائف من وراءه : يا بيه استهدي بالله ..



ليرمي ما في يده بعيدا .. يقترب من عبد الغفور المرتعب من حاله الغريبة ..يضع كفيه على كتفي ذاك الرجل .. ويحدق في وجهه .. صامتا .. ليتسآءل عبد الغفور : في ايه ؟ ..



تشدق مبتسما .. ليبتعد بعدها .. ناطقا وقد دس كفيه في جيب بنطاله : انا مسافر باكر يا عبد الغفور .. ودير بالك ع البيت .




,,

يُــتــبــع |~

اسطورة ! 09-12-13 09:35 PM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
يقف امام المرآة يرتب هندامه .. يوم جديد في حياته .. يوم مختلف .. سيبدأ عمله في الجامعة .. مشى مبتعدا يختطف حقيبة يده السوداء .. حتى ما خرج من الملحق الصغير لاح له جابر بلباسه العسكري .. مناوبة مسائية وهذه عودته .. القى عليه التحية : شو هباتك ( عزيمتك )



تبسم : الحمد لله .. عال العال .. والله يعيني .



رافقه بعينيه حتى توارى عن انظاره ليشد هو خطاه الى المنزل .. يفتح الباب ليتفاجأ بها تقف على اطراف اصابعها تقبل وجنته وتردد : الحمد لله ع السلامة ..




تبسم مجيبا اياها .. عادت ليلاه لسابق عهدها .. الا من ترهات تصيب عقلها في بعض الاحيان تصيب حياتهم الهانئة بشيء من الألم .. تبعته الى الغرفة : تحب تتريق والا بترقد وبتقوم للغدا بعدين .




حل وثاق وسطه ساحبا قميصه من تحت بنطاله .. لينتزعه عن جسده لاحقا : برقد .. حاس ما اشوف قدامي .



اقتربت منه على حياء تناوله المنشفة وملابس داخلية : جبور .




" خير " .. نطقها باقتضاب .. متناولا ما في يدها ليوليها ظهره .. ويقف عند اعتاب دورة المياه ( اكرمكم الله ) .. يلتفت إليها : شو عندج ؟



-
شرايك نروح نتعشى عند اهلي الليلة ؟



ابتسم : الين وقتها يصير خير .. وبعدين يمكن اروح اسلم ع شبيب .



نفخت الهواء من رئتيها متمتمة : ما عندك الا شبيب ..





الآخر وصل الى مبنى الجامعة في حدود الثامنة والربع من الوقت .. ليمشي على استحياء من كم الفتيات المتجولات هنا وهناك .. ممتعظا من كون اول محاضرة له ستكون في قسم البنات لا البنين .. خطواته واثقة .. يطوي مسافة الممرات في الكلية ليصل الى مكتبة الذي يشاركه فيه ثلاثة من الدكاترة .. ولج مُلقيا السلام .. يعتلي كرسيه .. ويضع كوب القهوة البلاستيكي الذي ابتاعه آنفا من يده على الطاولة .. يشعر بأنهم ينظرون إليه .. صغير بينهم .




إلهي فلينقضي الوقت سريعاً .. أشعر بالاغتراب هاهنا .. وكأن بي مهرجا تتقاذف الانظار نحوه .. وتتهامس الافواه عنه ..




نظر يمينه ليبتسم له القابع على المكتب .. وبعدها يقف سائلا عن موعد محاضرته .. ليجيبه بطي : ثمان ونص .




عاد يبتسم وبعدها خرج .. ليقف هو الاخر يحمل حقيبته ويخرج .. يمشي ونظره يتفحص ارقام القاعات التي يمر عليها .. وسرعان ما وجد القاعة المنشودة .. بابها مفتوح على مصرعه .. وحديث الفتيات يصل اليه جليا .. يتسائلن عن استاذ المادة .. كيف هو ؟ ..




يتذكر أيام دراسته والبحث عن دكتور له سمعة طيبة ليسجل عنده المساق المطلوب .. وكم ساء اختياره بسبب الكلام المتداول .. اصدر حمحمة وهو يلج من الباب ملقيا السلام .. نظره للارض .. يضع حقيبته على الطاولة .. يسوءه الصمت الذي استحل الارجاء .. يُخرج الكتاب المقرر للمساق ورزمة اوراق دونت عليها الخطة الدراسية .. رفع بصره لبرهة .. ومشى يوزع الاوراق ويتحدث : اسمي بطي الـ .... . بتلقنه مكتوب فالخطة .. ما احب النقاش في اي موعد مكتوب فيها .. الا اذا كان نقاش مفيد .




انتهى ليجلس على الكرسي .. وترتفع يد من منتصف القاعة الصغيرة : تفضلي .



تمضغ علكة .. وشعرها قد تمرد على جبينها .. حتى اجبره المنظر لغض بصره متنهدا .. نطقت : يعني كيف نقاش مفيد ؟




اراح ساعده الايمن على الطاولة : يعني ماا اريد حد يقولي غير الموعد بسبب انه مب جاهز .. او ان عنده امتحان لدكتور الفلاني .. لاني اشوف ان اللي يريد يدرس بيستعد بدون ما يكون عنده امتحان او غيره .




صمت لبرهة واردف : ياليت يكون الاحترام موجود بينا .. ومن هالاحترام التقيد بالادب .. ومن الادب ما اريد اشوف حد يتعلك فمحاضرتي او ياكل شيء .. ما اريد اشوف اي نوع من الاكل هني .. الماي لا باس فيه .




أزدردت ريقها .. لتهمس في إذن صديقتها : اذا هذا اولها ينعاف تاليها .




اكمل هو حديثه .. رافعا الكتاب بيده : هذا الكتاب المقرر .. بس مب شرط نتقيد بكل اللي فيه .. يمكن اقول شيء مب موجود فيه .. فاتمنى الانتباه فالمحاضرة لان اي شيء بقوله بيدخل فاي امتحان بسويه .




هكذا بدأ محاضرته الاولى .. ارهب طالباته حتى ما خرجن تأففن من اسلوبه .. يقرر البعض منهن الانسحاب دون عودة .. والبعض الاخر يفضل المواصلة للنهاية ..





,,

" لو عند الغرب ما بقت عندكم دقيقة وحدة " .. تتردد تلك الجملة في ذهنة عشرات المرات .. قالها له ذاك الطبيب حين اجتماعه به .. يخبره عن حالة كلثم المتردية .. ويعاتبه على قلة مسؤوليته .. رآها متعبة .. شاحبة الوجه .. هل اجرم في حقها دون أن يدرك . يتأمل تقاسيمها النحيلة .. يتذكر تعليقات منذر على وجهها قبل سفره .. وسرعان ما يعود له حديث الطبيب : المرة هذي الازمة قوية .. كلمت بو خالد وام خالد .. قلت لهم البنت صغيرة ما تفهم اللي يالسين تسونه فيها .. ما تفهم انها لازم تعيش فبيت غير بيتها .. كلثم متعلقه فيك من عقب ابوها وانت خذلتها فاول فرصة .. ظنيتك مثل ولد عمك .. مثل ابوها .. ياخذ المسؤولية ع اكتافه .. ولا يتخاذل .



ينظر اليه عمه الواقف في الجهة الاخرى من السرير : عبالنا بتتعود علينا شوي شوي .. ياولدي اذا هذا اللي بيصيبها الاحسن تبقى عندك ومتى ما ربك راد بناخذها عندنا .




انتهت زيارته تلك .. ولا تزال الكلمات تعصف به وجدا .. ليعود الى منزله تعلو وجهه ملامح الحزن .. يستقبله كلٌ من خاله وجدته في تلك الصالة .. ينظر الى جدته الممسكة بالمسبحة تحرك حباتها مع تمتماتها بالتسبيح لله .. وعلى الطرف الاخر يجلس خاله يحتسي القهوة : شخبارها ؟



باغته منذر بذاك السؤال ليتنهد : مب بخير ..



وقف تحت انظار العجوز .. مقتربا من شبيب : وشو بلاك قالب ويهك بهالشكل ..



واردف بتهمكم : يوم انك مب قد حمل الامانة لا تحملها .




وقعت الجملة في مسامع شمسة القادمة من المطبخ .. تعيد ترتيب اكمام ثوبها : شبلاك عليه .. وشو هالرمسة ؟




اشاح بوجهه : ولدج يباله حد يعرفه انه غلط .. غلط يوم طاوع ولد عمه .. وغلط يوم انه ضرب الصدر وقال بنته امانه عندي .. وغلط يوم انه سكت وخلى عمه ياخذها .. والحين وينها؟ راقدة فالدختر من امس .. تقوم وترد ترقد من تعبها .. وياي الحين شايل الهموم .




بغضب ردت عليه : ولدي ما غلط يا منذر .. ولو في غلط الغلط عند غيره .. الغلط عند اللي عايش فزمان راحة ايامه ..



احتدم الحديث بينهما .. ليتحوقل شبيب وتلتزم العجوز بالصمت .. ينطق منذر ردا عليها : انتي من ذيك السالفة وانتي ما يعيبج اي شيء اقوله .. ولو الود ودج ما شفتيني هني ..



ابتعد بخطواته تاركا المكان .. سيهرب كصاحبه .. يشعر بصداع سيفتك برأسه .. وهما سيتجادلان وينسيان الجدل بعد ساعات ..


تحلقت الانظار عليهما .. تحاول شامة مع كنة ان تعرفا سبب الخلاف دون جدوى .. لتقترب كنة تمسك ذراع خالها : منذر استهدي بالله .. هذي اختك العودة وفمقام امك .


-
خليه .. طلع اللي فقلبك يا منذر .. طلعه ..



-
من يومج وانتي صافه ويا الكل ضدي .. والا في اخت تدعي ع اخوها عشان ريلها .. وهي متأكدة مليون بالمية ان اخوها مب راعي سوالف مخبقة ..




-
والدوخة بالدس مب سوالف مخبقة .. مرابعة الهايتين مب سوالف مخبقة .. السهر الين آخر الليل شو تسميه .. طلعاتك من البيت وهياتك فالسيوح ( جمع سيح وهو البر ) ويوم ندورك ما نحصلك شو تسميه .




رسم ابتسامة ساخرة على فيه .. ليرفع عينيه لعينيها : انا طالع من هالبيت ..




ليتحرك بسخط نحو غرفته .. تحت استغراب الجميع .. تقف كنة تنظر لشامة السائلة جدتها : يدوه سوي شي ..




وما كان من تلك الجدة الا أن تحوقلت واستغفرت ونطقت الشهادتين .. لتخاطب شمسة بعدها : من الغلطان يا شميس ؟



صامتة .. واقفة مكانها .. تستمع لوالدتها المتهكمة : على منو الحق ؟ .. كل ما قال كلمة قمتيله .. تسكتينه الين صار يسمع ويسكت .. ويشوف ويسكت .. ويوم تكلم بالحق قطعتي لسانه بسالفة انتي تدرين اكثر مني انه ماله يد فيها .





يخرج ملابسه بغضب .. ويرميهن في الحقيبة الكبيرة .. يثرثر بينه وبين نفسه : واقفتلي ع الوحدة .. كل ما قلت شيء عايرتني ..




ليصرخ وكأنه يريد ان يسمعها : ياليته كان عار يا ام شبيب .




يصمت ويولي ظهره للداخلة عليه .. تقف تنظر الى ما يفعله .. يحزم حقيبته المكتنزة .. لتجلس بجانبه .. تمسك كفه فيبعدها : كنة خليني.



تعود لتمسك كفيه : منذر انت معصب الحين .. وامي بعد كانت معصبة .. لا تطلع .. انا بتكلم وياها بس لا تطلع ..



ابعد كفيها من جديد .. ليقف يشد اليه حقيبته : مالي يلسه هني .. خليها تشبع بعيالها .. اللي راكبنهم الغلط وهي مب شايفة .


وقفت انفاسها تتسارع الى جوفها .. كانت في غرفتها تقرأ آيات الله .. وفجأة تسمع الاصوات تتعالى .. لينتهي الامر بسخط خالها .. وسكون والدتها .. وعتب قاسي من جدتها .. ودموع تلألأت في محاجر عينيها تأبى السقوط .



,,

هُنا أقف وموعدنا بأذن الواحد الاحد يوم الاحد

sanooona 24-12-13 02:11 AM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
السلام عليكم
كيف حالك يا انات اني نستنا فيك امتى بتنزلي البارت الجاي وبجد تالمت هلبة علي كلثم ووجعني اللي صار في منذر ونمتى تعرف ام شبيب الحقيقة باش ترجع علاقتهم كويسة مع بعض
واخيرا عرفنا حارب من يحب وااااه يا كنة ربي يكون في عونك انتي وفارس وفعلا حارب في موقف صعب
وان شآء الله تكوني فهمتيني حبيت نتكلم معاك باللهجة الليبية وتحبوها زي ما اني نحب في لهجتكم اللرائعة ونفهم فيها وسلام يا مبدعة وننتظرك

اسطورة ! 24-12-13 02:41 AM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
http://up.graaam.com/forums/616798/01387828236.gif



,،




شاردة بذهنها .. واناملها تداعب سلسال الفضة المتدلي منه حرف الراء تتبعه "يا " ممدودة تعانقه .. تُعيد شريط حياتها تتمنى لو تقوى على قطع ما لا يحلو لها .. لتصفو لها الحياة .. دموع والدتها وهي تقف تودعها تحتضنها تارة .. وتارة أخرى تسألها " ما نسيتي شي ؟ " .. واشقاءها الصغار المتقافزين حول جسدها المشارف على اعتاب الثامنة عشر .. وشقيقتها الكُبرى لا تفارقها ابتسامتها .. ووالدها وابتسامته الفخورة بها .. فتاته كبرت ورفعت رأسه وهاهي تخطو نحو مستقبلها مغتربة .. ولن يتركها حتى يطمئن عليها .. وأعين بعيده ادركت بعد فوات الآوان عشقها لها .. عشق تحول الى حقد وكراهية تطويها وتحيلها الى آهآت لا تنقطع ..


سحبت انفاسها لتحرك راحتها على صدرها وكأنها تحاول اطفاء نار متأججة فيه .. لتقف تاركة الطاولة دائرية الوجه المكتظة ببعض الكتب ودفتر صغير به بعض الاسطر المشطوبة .. وجملة صغيرة " الوحدة ذبحتني يا عزوتي " ..


خطواتها تقف عند الحقيبة الكبيرة المركونة بجانب دولاب الملابس المتوسط .. تعلم بانها خالية من الملابس ولكن بها شيء تحاول ان تبعده .. ولكن شيء ما في داخلها يجرها اليه .. لتقع جالسة على ركبتيها تُسقطها وتنحني تفتحها .. تقذف بالغطاء بعيدا .. وتنظر الى " السحاب" بجانبها .. هُناك يختبيء هاتفها المغلق من بعد وفاة والدها ..

قلبها كقلب فتاة تدخل قاعة امتحان نهائي يحدد مصيرها .. كقلب عروس تُزف فتتلقفها يد رجل غريب .. انتشلته من مرقده لتنظر اليه في كفها مطولاً .. وعُقلة سبابتها تقع على رأسه مترددة .. اتضغط لتنعشه وتعيده للحياة من جديد .. وتواجه اصواتا ربما تتحين فرصة ضعفها ، لتنهال عليها بسياط لاذع الكلام .. ام تتنحى وتعيد دفنه حيث هو .. وتبقى خلف الجدران مختبئة ؟ ..


حسمت امرها لتعيد اليه انفاسه وتدرك انه ميت وسبابتها لن تحيه .. لتزحف على كفيها وركبتيها باتجاه قابس الكهرباء .. وتجلس تسند ظهرها بالجدار وعيناها تنتظران تسرب الحياة إليه .. ثواني مُتعبة مرت وهي تنظر اليه يضيء من بعد عتمة .. وصوت رسالة يقرع اسماعها لتهم تفتحها .. والخوف يؤرجحها .. لتبتسم وهي تقرأ " وينج ؟ ياليت ادقيلي واطمنيني " .. رسالة قصيرة انستها توارد رسالات أُخرى .. لتسحب انفاسها وهاتفها يعانق اذنها .. تنتظر الصوت ان يلج اليها .. يعيدها لحياة افتقدتها .. وإذا بها تبتسم ...



على بعد مسافات طوال كانت الاخرى تتنهد بحنق بعد أن كلت من الاتصال بذاك الساخط .. لتنظر إلى شقيقتها الجالسة على طرف سريرها .. ناطقة : ما يرد ..

لتبتسم كنة متكأة على اكفها مبتعدة بجذعها للوراء : قلتلج ما بيرد .. منذر اذا حط شي فراس ما بيخليه ..

" والحل ؟ " قالتها وهي تجلس بجوار كنة .. وتردف وقد انحنت للامام قليلا : الله يهديها اميه دايم وياه ناقر ونقير .. وهو يطوف ويسكت .. وشكله خلاص تعب من الحنة ..



ما بالكم ؟ .. مختلفون .. حتى احاديثكم أراها مغايرة عما كُنت اعرف .. هل لأني عُدت هُنا ساكنة بعد أن كنتُ ظيفة تُقابل بحفاوة عند كُل حضور .. هل سأخوض كما تخوضون في أيامكم .. شامة تغيرتي كثيراً .. او لعلي أنا من تغير حتى انعكس ما بي على غيري ..


تُحادث نفسها وهي ترقب شامة الغارقة في ارسال رسالة قصيرة لخالها .. وهناك على وجهها ابتسامة خافتة .. لتنطق : لا اتعبين نفسج .. هو متى ما بيهدى بيرد عليج ..


اطلقت انفاسها زافرة : الغريبة ان شبيب ما قال اي شيء .. ولا حتى اهتم .. خلاهم وراح .. متغير واايد ..

وباهتمام اكملت سائلة : صار وياكم شيء فالسفر ؟ .

" لا " .. وقبل ان تتابع جوابها اذا بهاتف شامة يرن .. وترى لهفة ترتسم على محياها .. لتجيب بسرعة : وينج ؟ حرام عليج .. قلتي عقب العيد والعيد راح .. ولا حس ولا خبر منج ..


" سامحيني " .. كلمة القتها لتصمت تلك عن الحديث والاسئلة المعاتبة التي هالتها على ريّا .. وترفع بصرها تنظر للمنسحبة من الغرفة بهدوء .. لتنطق : وينج ؟


سحبت انفاسها وهي تسند رأسها على الجدار : سافرت .. ظروفي اجبرتني اسافر .. شامة اذا محتاية اتابعين العلاج برشحلج دكتورة شاطرة اعرفها .. صح ان اسلوبها غير عـ ....


بشدة قاطعتها : قلت لج قبل ما اريد .. انا مب من الناس اللي تتعود بكل سهولة ع اي حد .. انا بخير والحمد لله احس اني بديت اشوف مكانتي غير وسط اهلي .. حتى علاقتي وييا خالي صارت مختلفة .. فهمته وحطيت نفسي مكانه .. ولو كنت فمكانه صدج كنت سويت اكثر من اللي سواه ..


تحكي .. تضحك .. وتعاتب .. وابتسامة ريّا تزداد مع سكب دموع فرح .. لشخص استطاعت ان تغيره للافضل في ايام قليلة .. ناشدتها ان تبقى مع الله ليبقى معها دوما .. وان تضع الماضي السيء على منصة الاعدام وتقتله .. وتتمسك بالامل دائما .. راحة احتاجتها في الايام الماضية داهمتها بحديث تجاوز النصف ساعة .. وانتهى بالبقاء على اتصال بين حين وحين ..


وضعت الهاتف جانبها وانكبت على ركبتيها .. تُخفي وجهها .. دموع انسكبت لتريحها .. وتمتمات مكتومة بالحمد لخالقها .. تشتاق لممارسة مهنتها .. للاخذ بايدي المريضات وارشادهن لطريق الصواب .. انسدلت اجفانها دون شعور منها .. لتأخذها غفوة قصيرة بعيدا عن حياتها القاسية .. لتعود بسرعة كمغادرتها بسرعة على صوت رنين هاتفها .. رفعت رأسها لتطل به على هاتفها القريب منها .. الرقم غريب فعادت تخفي وجهها تبحث عن حياتها في حلم يقظة تنسجه بإرادتها .. تنهدت على صوت الرنين .. نفس الرقم من جديد .. تجاهلته كاتمة انفاسه .. واقفة تشد جذعها وقد عانق كفيها وسطها .. لتسحب ذرات الاكسجين الى رئتيها .. وسرعان ما عقدت حاجبيها على صوت هاتفها .. انتشلته وانتصبت .. تُمعن النظر في الرقم .. من موطنها ..



اصابعها ارتعشت تردداً .. وفي داخلها قرع طبول لا يهدأ .. لعلها احدى مريضاتها .. أمر فكرت به ليزيل عنها شيء من خوفها .. هدأ الرنين .. وعاد من جديد .. بعد رسالة قصيرة لم تقوى على الوصول اليها بسبب عودة الاتصال .. وما كان منها الا ان تُجيب .. وقبل ان تتفوه باي كلمة .. انهال عليها لسان المتصل صارخاً : يالخايسه .. ياللي ما تستحين .. نزلتي راس عايلة محمد الـ ... لتراب وشردتي .. وينج .. وانا اييج اعلمج ان الله حق يالحقيرة .. ردي .. ليش ساكتة يا بنت عيسى ..


كانت انفاسه تنفث في مسامعها .. لتقسم بانها شعرت بحرارتها كبركان يحرق وجهها .. وداخلها زلزال يتصاعد يهشم عظامها .. يعتصر قلبها .. تستمع للكلمات الجارحة .. ولصوته الاجش الهادر .. يطعنها مئآت المرات مع كل حرف يُسقطه لسانه .. يهينها ويهيل عليها بسخط قديم وسخط جديد : سودتي ويوهنا وقلنا ابوج بيعقلج بياخذ حق سمعة عايلتنا منج .. وطلع هو وانتي واحد .. والحين تشردين عقب ما صارت سمعتنا ع كل لسان والشرطة كل يوم والثاني طابين علينا .. يالخسيسة ردي ..


شلال دمعها لا يأبى التوقف .. وزلزلة روحها لا تخمد .. ولكن هناك قسوة نبتت من مكان الضعف لتصرخ به : مالكم حق تتكلمون .. مالكم اي حق اتون وتحاسبوني .. وينكم يوم طاح ابوي .. وينكم يوم ماتوا امي واخواني .. وينكم يوم رقد فالمستشفى سبع شهور .. لا تحاسبوني .. انتوا اللي لازم تتحاسبون ..


" جب " .. صرخ بها لتعيد الصراخ في اذنه : انت جب .. انت واهلك .. اهلك اللي ما شفتهم فعزى ولدهم .. الناس تسألني وين اهله .. وما اعرف شو ارد عليهم .. لا تقولون لكم حق .. ولا تسألون ليش .. لانكم انتوا اللي لازم تجاوبوني .. انتوا اللي صدقتوا واحد خسيس وكلب .. ولا عطيتوني اي فرصة ادافع عن عمري .. ياي الحين تقول بتسوي وبتسوي ..


صمتت تتدارك انفاسها المنقطعة .. لتهز رأسها بنفي : مالكم حق .. وينكم عن وليد وانتوا تدرون بحالته .. وينكم عنه وهو يدخل ربعه البيت ولا مسوي اي حساب لاخته .. لو يهمكم الشرف واسم العايلة ما غبتوا وانكرتوا ابوي وانكرتونا ..

زلزل مسامعها بصوته الغاضب : انتي اخر وحده تتكلم عن الشرف سامعه .. خبريني وينج .. وينج يا بـ......


اقفلت في وجهه .. لا ترغب بسماع المزيد .. لا ترغب بان تسكب المعاناة على جروح لم تُشفى بعد .. ضغطت على هاتفها بقبضتها .. وكأنها تحاول ان تخرس رناته المتوالية بين اتصال ورسالة .. سقط من يدها على الارض .. وكأن بها ترتحل خلف وجوه احبتها وارتحلت عنها .. تشعر برجفة تهز وجدانها دون رحمة .. ولا تعلم كم بقيت واقفة .. ليأتيها صوت نيرما من عند الباب : ما الذي حدث ؟


اقتربت بحذر منها .. مطأطأة الرأس تنظر للفراغ .. ووجهها قد تبلل حتى تعدى بطوفانه رقبتها مُغرقاً قميصها الحريري .. هالها منظرها .. بل انه اخافها لتعيد السؤال بشكل مختلف : فتحتي هاتفك ؟ من كان المتصل ؟


ارخت اجفانها لتسكب باقي الدمع من مقلتيها ..وتنشق سيلان انفها .. لتنظر الى نيرما وبصوت قد بُح : لستُ ضعيفة .. ولستُ خائفة .. يحملوني الذنوب والاخطاء ويطهرون انفسهم .. وهم ..

ارتجف فكها مكبل لسانها عن النطق : ما فقلبهم رحمه ..

لم تعي تلك الاجنبية تتمة الحديث .. ونظرها يرقب ريّا المبتعدة بخطواتها الى دروة المياه ( اكرمكم الله ) .. كُل ما تعيه أنها لا تعلم من أين تستمد تلك القوة .. كيف تقع وفجأة تقف وكأن الوقعة لم تكن .. متأكدة هي بان تلك المختفيه عن انظارها ستخرج بعد حين ضاحكة .. متناسية ما حدث ..



,،


نعمة النسيان تثير الحسد في نفوس من لم يجدوها .. ليتقاذفهم الوجع مع وجع آخر .. يرسم ملامح باهتة على وجوههم .. وضحكات ناقصة .. مبتورة .. منافقة .. كضحكاته هو .. تلك الضحكات التي قُتلت ودُفنت على يد أخته .. يقود سيارته دون هُدى .. غادر المنزل بالامس .. ورحمته مناوبته الليلة حينها .. والآن يجوب الشوارع من غير هُدى .. والشمس تزحف لتعانق كبد السماء .. ليزفر مرار تعب التفكير .. لتداهمه ابتسامة .. ويتخذ الرجوع طريقا لعجلات سيارته .. لا إلى منزل شبيب .. بل إلى منزل قريب ..


يصدح بوق سيارته في الارجاء .. وسرعان ما يدخل الى فناء المنزل .. يترجل ويصافح عبد الغفور متسائلا عن الجرار أين هي ؟ .. ليشرح له ذاك الرجل ما حدث بحماسة زائدة .. يحرك كفيه مع الكلمات الناطق بها .. وبعدها يترك منذر واقفا يستوعب ما قيل .. أحارب اجتاحته نوبة غضب .. فهاج وحطم ثم قرر ؟ .. ثم تراجع بعد أن هدأ ؟ وهو الهادئ .. قليل الكلام ؟ ..


ابتسم وهو يُنزل حقيبته .. سيحل ضيفا على ذاك الذي انقلب من حال الى حال .. جرها خلفه .. حتى ما وقف امام الباب رن الجرس بازعاج .. ومع فعله كانت تتقافز في داخلة ضحكات وكأنه يتخيل وجه حارب .. لم يفتأ ولم يفتر عما يفعل ..


تقلب الاخر في سريره .. ينكب على بطنه .. يدس رأسه اسفل وسادته .. يسد اذنيه .. ولكن لا فائدة .. ليقف على ركبتيه صارخا : شو هالازعاج ع الصبح ؟


حرك يده في شعره بغضب .. ونزل يهرول خوفا من خبر سيء .. ليفتح الباب .. ويتفاجأ بقهقة تخرج من فيه منذر .. ضاحكا على وجه ذاك وشعره المنفوش .. ونظرة عينيه التي تُنذر باحتراق ستلوح رائحته ..


ليتنحى جانبا حين ابعده منذر بذراعه .. مارا من امامه ومن خلفه حقيبته : ياي بيلس عندك كم يوم ..


وكأنه يبرر المجيء إليه هو دون سواه .. اردف : ربعي اللي معرس واللي وييا اهله واللي مسافر .. وما خطر فبالي الا انت ... وعاد انت تدري البيت القديم مسكون .


رمى بنفسه على الكنب المتوسط الصالة .. ناظرا لذاك المربع ذراعيه على صدره .. ورافعا حاجبيه .. صامتاً .. لينطق وهو يعتدل في جلسته : شو بلاك ؟

ليقع نظره على حقيبة مهملة في الزاوية : بتسافر ؟

" وانت شدخلك ؟ " قالها واردف وقد ولى منذر ظهره : تعرف البيت .. اختار وحده من الحجر اللي تحت .. وخلني ارقد .

وقف الاخر ينظر الى حارب .. ليسأله ويستوقفه عن المُضي : والحجرة اللي فوق شو بلاها ؟

التفت : والله اذا بتعيبك الرقدة وييا الكراكيب حياك ..

تنهد منذر وخرج لعله ينقي رئتيه بهواء الحديقة .. اما الاخر فحاول العودة للنوم ولم يقوى .. ليجلس منحني الظهر على طرف سريره .. مر عليه الوقت ساكناً .. وكأن به يخوض معارك مع افكاره .. حرك انامل يساره على صدعه .. واذا به يسحب احد اوراقه الساقطة على الارض .. تفترش ارضية الغرفة .. تعيده الى حالته ليلا .. ليصب جام غضبه على الورق ناثراً اياها .. ليتركها ويحتضن وسادته .. وهاهو يستيقظ .. وها هي لا تزل تنتظره .. وكأنها تخبره انها لن تتركه وإن تركها ..


سحب أخرى وأخرى .. حتى سحبته البقية ليقع على ركبتيه ينتشلها الواحدة تلو الاخرى .. ويجلس مربع ساقيه ينحني على احداهن كاتباً :
إني زمن
لم يخلق إلا فيكِ
وفيكِ تسامرني أزماني
تكتبني دهراً
يملأ كف الصبحِ
كالأنشودةِ
كالغيمِ
المولود في
شبقِ الأمطارِ .....




وسكن الحرف .. ليضع القلم ويقف .. يضعها على سريره راميا القلم في احضانها .. ويبتعد .. لعل الماء سيطفيء لهيب استعر في جوفه منذ ايام .. ومر الوقت .. الدقائق تجر خلفها اخواتها .. حتى ما اتم العشرون منها خرج .. ليصدمه ذاك المتوسط غرفته .. وفي يده اوراقه .. ناطقاً : بعدك تكتب هالخرابيط ..

يقلب الاوراق وذاك تحرك ينتشل له ملابس من دولابه الغير مرتب .. يرمي بمنشفته الصغيرة على الارض حتى انه لم يجفف شعره جيداً .. واذا به من خلف جدران دورة المياه ( اكرمكم الله ) يستمع لصوت ذاك ناطقاً :
أصبتني بهستيرية ضياع ..

فلم اعد اعرف من أنا .

وأين أنا ؟

تستحلين اركان جسدي الضعيف .

تعثين بقلبي فسادا .

وبعقلي خرابا .

وبمشاعري مجزرة دامية .

فاسقط صريعاً الفا تلو الف .

واقف الفا بعد الف .

وتظهرين وتغيبين الف والف .



بقلمي ~






ليقهقه بعدها ناطقا : حشا .. كم الف والف كتبت ..


لم يشعر الا بيد ذاك الغاضب تختطف الورقة .. يسحب باقي الاوراق ويدسها بعيداً .. لا يحكي .. ولا يرغب بحديث يوصله لاحاديث لا يرتضيها .. حاله ذاك اثار الريبة في قلب منذر .. شيء ما استحل حارب بين ليلة واختها .. ليس حارب الذي يتقبل المزاح بصرخة غاضبة وبعدها يصمت مبتسما .. ليس هذا حارب الذي يعرفه .. قال : ليش ما سافرت ؟ دامك مجهز الشنطة ..


ظهره له ووجهه للنافذة المفتوحة .. ونسمات هواء تداعب خصلاته المبتلة .. تُسقِط قطرات الماء الباقية : ما لقيت حجز ... منذر ياليت تخليني بروحي .. واعتبر البيت بيتك فوجودي وعدمه .



,،
,،


قلبها ليس اقل من قلبه احتراقا .. بدأت تشعر بوحدة غريبة تكتنفها .. تجلس معهم تستمع لهم .. تضحك على حديث جدتها مع والدتها .. وعلى غضب والدتها من كلمات تلقيها جدتها .. وتشعر بالم لبُعد شبيب عنهم .. ليس بجسده بل بعقله .. وعودته للعمل سريعا وكأنه يهرب من شيء ما .. لم ترغب باقحام نفسها الا اذا استمر الوضع فلا بد منها ان تتحرك .. ان تسأل وأن تعرف ..



تحركت بخطواتها خارجة من المطبخ .. تُلهي نفسها بالطبخ احيانا والتلفاز احيانا اخرى .. وبكتاب الله كثيرا .. التفتت لترى جدتها تستظل بشجرة الزيتون .. وقد افترشت حصير من النايلون .. لتقترب تقبل رأسها وتجلس بجوارها .. وتمتد اكفها تدلك ساق جدتها المتعب : يدوه بعدج زعلانه ع امايه ؟




-
خليها تستاهل .. والا حد لها غير اخوها فهالزمن .. هكوه صارله كمن يوم لا حس ولا خبر .. وهي حتى ما تريد تتصل فيه وترمسه .




بشيء من التردد قالت : انزين كلميه انتي ... هو يسمع منج يدوه .. والله البيت من دونه مب حلو ..




وفجأة اذا بجسد هاشل يسقط بجانبها لتهلع : بسم الله الرحمن الرحيم ..




يلهث ووجهه يتصبب عرقا .. لتصرخ به العجوز : ها بسك هياته ولعب؟ .. قوم شوف دفاترك وواجباتك وخلك من هالكورة ..




سقط مستلقيا على ظهره .. وصدره لا يزال في هبوط وارتفاع .. لتلكزه كنه بيدها بجانب كتفه : اسمع كلام يدتك .. وقوم قابل دروسك .




-
ما عندي واجبات .. اصلا ما عندنا مدرس ..




وقف وجرى مسرعا وهو يقول : بروح اشل ماي حقهم ..




يقصد من يلعب معهم .. ليُسمع بعد صوته صوت والدته : هشوول .. تراك ما خليت ماي فالثلاجة .. بسك لعب الشمس بتغرب وانت بعدك هايت ..




لتتابع سيرها وتجلس معهما دون ان تنطق .. لتتحوقل الجدة وتردف : ما بطيحين اللي فراسج؟ .. ويوم يصيبه شيء تعالي صيحي عندي – ترفع عصاها الغليظة في وجهها – ما بتشوفين الا هذي .




كتمت كنه ضحكتها وهي تسمع والدتها : ياميه حالته مب حاله .. وانا ما ارضى ع عيالي .. يغلطون وبيصلحون غلطهم شو له ييلس يعايرهم ..




" السلام عليكم " .. ارتفعت انظارهن للملقي السلام .. ليقع على رأس جدته مقبلا ومن ثم على رأس والدته .. بردائه العسكري يقف سائلا : شخبارج كنون ؟



-
الحمد لله فديتك .




لينصرف بعدها .. يخبرهن بانه سيذهب ليغسل عنه تعب يومه ويستعد لصلاة المغرب في المسجد ..لتقف كنة مستأذنة لاحقة به .. وتنظر شمسة لوالدتها متسائلة : ما كلمج ؟ ما قالج شو فيه ؟ من يوم ما رد من السفر وهذا حاله .. وزاده الزود اللي صار حق كلثوم ..


اكفه تقع على وجهه وتنسل ماسحة على شعره القصير وجدا .. ليسحب انفاسه ويزفرهن .. وما حدث معه اليوم يعود اليه ... حديث عوض وهو يُجيب على الاسئلة المطروحة عليه .. ابتسامته الخبيثة .. وخالد .. يعود اليه مع كل كلمة يلقيها ذاك المجرم ..



ساكنا على الكرسي .. يجيب باختصار على الاستجواب الذي مل منه .. متأففاً حينا .. وحين آخر يبتسم مُجيب بكل صراحة ناطقاً : عاادي ما بخسر شيء .




يبتسم جابر ليطرح عليه سؤال آخر : يعني معترف بكل شيء ..




تنهد : اللي لقيتوه ما بقدر انكره .. البيت لي .. والخمر كان فبيتي .. والقوارب قالوا لي .. بس وين الدليل ؟




يمكر بخبث .. يماطل بين اجابة وأخرى .. لينطق جابر وشبيب صامت وشرطي يجلس يدون ما يُقال : اعوانك اعترفوا .. والمكالمات اللي بينك وبين ربعك مسجلة .. يعني لا تنكر .. وان نكرت ما بتستفيد شيء .




-
دامكم عارفين كل شيء ليش يايبيني هني .. كان خليتوني فمركزنا .



-
لان قضيتك وقضية خلفان واللي وياه وحده ..




نظر جابر لشبيب ومن ثم اعتدل على كرسيه : تعترف بالابتزاز .



" هااا " .. بدهشة نطقها واردف : انا ما ابتزيت حد .. ولاني محتاي ابتز حد .



" وعيد ؟ " ... صمت وتبعه صمت .. ومن ثم ضحكة مجلجلة من عوض .. ليسقط في اسماعهم ما الجمهم : عيد هو اللي ابتزني .. وزوجني اخته بالقوة .. وفوق هذا هو اللي خبرني عنكم يوم بغيتوا تخدعونا .




لم يقل شيء آخر .. رغبوا بالمزيد ولكن لم يبح بشيء .. ليعتليهم شك .. كيف تسربت معلومات سرية بهذا الشكل .. حتى دفع خالد حياته ثمنا لها ..





عاد من الماضي القريب ليمسح وجهه بكفيه من جديد مستشهدا .. الكثير من الاشياء تجوب سماءه .. يبحث عن تفسير واجابات لها ولا يجد .. ارتفع نظره لطرق على الباب .. لتلج بهدوء .. تراه يبتسم يحتضنه طرف سريره .. تدنو منه : شو بلاك ؟ في شيء مستوي فالشغل ؟ كلثم فيها شيء ؟




هز رأسه : ما فيها الا العافية .. بيرخصونها باكر او عقبه .. وشامة دايره بالها عليها .




تجرأت لتبعد ترددها الذي بدأ يرافقها منذ ايام .. وجلست بجانبه الايسر .. تضع يمينها على كتفه : عيل شو بلاك ؟ من قبل ما نرد وانت مختبص .. وردينا وصرت اردى عن قبل .. اذا ساكتين عنك ولا يسألون مب معناته انهم مب شايفين انك متغير .. بس يدرون انك ما بتقول .. يمكن تقول لامايه العودة ويمكن بعد ما تقولها .




تنهد لتدرك ان ما به شيء اكبر .. اعظم من ان تأتي به عقولهم ظنا .. وفضل الصمت طويلاً .. ليقف بعدها ينهي الاجتماع : بتسبح وعقبها بطلع اصلي ..



امسكت بكفه ولا تزال جالسة .. تنظر اليه : بعده وقت .. شبيب لا تكتم ..



التف بجسده ليحتضن وجهها بكفيه ويقبل جبينها : لا تحاتين ..انا بخير .. وان شاء الله غيمة وبتزول .



تمتمت وهي تراه يتركها : ان شاء الله .




لتترك هي المكان .. تلمح دخول جدتها لغرفتها .. لتسير في طريقها .. وتحويها بعد حين جدران غرفتها .. ترغب هي الاخرى بان تغسل جسدها .. لعل افكارها القلقة تعتقها .. لتخرج بعد حين ترخي شعرها الذي رفعته لتجنبه الماء .. وتخطو نحو هاتفها المعلن عن رسالة قصيرة .. لتتلقفه ولا تزال واقفة .. تلجمها الاحرف امام عينيها .. لتقع اناملها على فيها .. ويقع جسدها تقعده الكلمات بجانب السرير .. ماذا عساه تفعل .. اتجيب ام لا تعر تلك الرسالة اهتماما ..




عادت تقرأها ودموعها تتسابق .. كُتب هُناك : السلام عليكم .شحالج ؟ والحمد لله ع السلامة وعمره مقبوله ان شاء الله .حبيت اتطمن عليج .




هل يقف الزمن هُنا .. حتى لم تعد اجفانها ترف .. ولا تقوى اناملها على الهروب .. كُل شيء توقف .. حتى ذاكرتها استوقفتها ملامحه .. ابتسامته .. روحه التي عشقتها ايام وايام حتى تشبع قلبها بالحب .. واضحى متناقضا ولا يرتوي .. اخيراً دقت اجراس الوقت لتعلن ان الوقت يمضي .. وان الحياة تسير .. وان العمر لا يقف .. اعلنت تلك الاجراس القارعة في زوايا روحها ان المواجهة نصر .. وان الهروب فشل وخسارة وسقوط لا يتبعه وقوف ..




تنهدت .. ومسحت بلل وجهها بكفيها .. وتمسح كفيها بجانبي ثوبها .. وعادت تلتقف الهاتف الذي اندس في حجرها .. تزدرد ريقها .. تقاوم خوف اناملها .. لتسكب الحرف كاتبة : وعليكم السلام .. بخير وانت ؟ ربي يسلمك واللهم آمين .




أجوبة بقدر الاسئلة المطروحة .. لن تزيد كلمة ولا حرفاً .. تركته على السرير وسحبت هواء لتطرد اخر من رئتيها .. أيقنت ان تعب قلبها لن يختفي بسهولة .. لن يحمل اشواقه وايامه الماضية ويردفها على كتفه ويمضي .. بل سيبقى يرتبها امامها رويدا رويدا حتى موعد الرحيل .. اليوم .. غداً .. بعد غد .. لا يهم .. ولكن ذاك اليوم سيأتي لا محالة ..




جلست طويلا على سجادتها .. رافعة كفيها .. مُغرقة وجهها بدموع الرجاء .. تطلبه هو من لا يرد لسان دعاه .. تخبره بأن القلب أتلفه الألم .. وأن الروح اعدمها الحال .. وأن بين الاثنين آهات لا تنضب .. فليغدق عليها براحة من حيثُ لا تحتسب .. وليمسح برحمته على فؤادها ليستفق ..




مسحت وجهها مستشهدة .. تطوي سجادتها .. وتخرج تحتاج للحديث .. تحتاج للفظ ما بها .. وقادتها قدميها الى غرفة جدتها .. تُدخل رأسها بهدوء بعد طرقات خفيفة على الباب .. لتراها تنحت عن سجادة الصلاة قليلا وبيدها مسبحتها .. ولسانها يلهج بالذكر .. رفعت نظرها : تعالي ..



واردفت حين جلست تلك قريباً منها : عرفتي شو بلاه اخوج ؟




لتهز رأسها بلا .. وهي من ظنت ان الاسرار قد رماها في جعبة جدتها .. قالت : يدوه .. امي تزعل منا يوم انييج ؟




تنهدت تلك العجوز : الواحد لِتعبته الهموم ما يباله حد يزيده فوق اللي فيه زود .. وامج اذا شافت النار بتزيدها حطب .. يوم انها صغيرة كانت فالعناد مثل ابوها .. ويوم انه قال بعرس شلت الارض شلل .. وكل ما نقول لها شيء قالت شيء .. يومين ولقيتها يالسه وياه الله يرحمه تقوله كيف شكل حرمتك اليديدة ..




ضحكت وما لبثت تلك الضحكات حتى تحولت دموع تحرقها .. لتنكب على فخذ جدتها .. تُسمي عليها .. تحاول ان تدرك وجهها فتبعد " شيلتها " دون قصد ارادته : لا حول ولا قوة الا بالله .




بصوت مكتوم .. تحتله الشهقات : يدوه مب قادرة انسى .. مب قادرة اشوف حياتي ..




ثرثرة لجدتها الكثير .. حتى تلك الرسالة تطرقت اليها بغضب .. بحنق من تصرف منه اوجعها .. هدأت من نوبة بكاءها ليستحلها صمت ودموع صماء تنسكب جارحة وجهها .. لتمتد انامل جدتها تجمع خصل شعرها .. وتحيك منهن ظفيرة وهي تترنم قائلة : يقول المتوصف




سباني حب بو عقص تثنا


حسين اللون وضاح الجبينا


وصدر يشبه ابروق المزنا


زهى بالنهد كنه شوب تينا


خصوره من ردوف يتعبنا


يلي منه مشى عوده يلينا؟

أبيات من التراث الشعري






ضحكت كنة : شو الطاري يدوه .. اقولج مب قادرة انسى .. شو دخل هالقصيدة الحين ؟




كانت سترفع رأسها الا انها زجرتها : صبري خليني اعقصج مثل اول ..لول الواحد يحب والكل يدري من قصيده .. وان كان له نصيب خذاله المحبوبة .. واليوم يحبون بالدس والعيب يسونه ولا يستحون .. ولول يوم انه الواحد طاح من الهم شلوه ربعه واهله وما تلقينه الا مثل الخيل السبوق .. والحين الواحد يدور على الصاحب اللي يشله ولا يحصله .




" من تقصدين يدوه ؟ " سؤال طرحته كنة وهي لا تعلم بمن احتل باب الغرفة واقفا بصمت .. ليرن هاتفه يُعلن عن وجوده .. وتبتسم حين رفعت رأسها لتراه وقد شقت الابتسامة محياه ..




آه يأ أخي لو أعلم مُصاب روحك .. لعل مصابي حينها يخبو ويتلاشى .. هل لي أن أحمل بعضا منه كما حملت جُل ما اصابني .. أما آن لدين أن يُرد .. أم انك دائن لا يضع موعدا لسداد .. أيحق لك أن تحمل الكثير دون مُعين ؟




سارحة بذهنها .. ليأتيها صوت جدتها : ما تخافين عليه .. ريال لو ما شدت عليه الحياة ما عاش .





,،


الحياة .. هل نستطيع أن نُلقي عليها باللوم .. وبالذنب لايام سوداء اجتاحتنا .. أيحق لنا أن نعيب زماننا .. ونشتمه ونصلبه ونرشقه بالظروف ؟ .. أوليس قول الشاعر " نعيب زماننا والعيب فينا .. وما لزماننا عيباً سوانا " صادقاً .. لو نطق الزمان ماذا كان عساه سيقول ؟ سيهاجمنا .. وسيصفنا بالضعفاء .. بالتعساء المتخاذلون .. بالساكتون عن الحق بداعي اسباب واهية ..


هي كانت من أولئك الاشخاص .. ضعيفة مستندة على أخ استحل بيعها بداعي الزواج ليُسكت طمعه الذي لا يسكته شيء .. وهي اليوم تشعر بنشوة النصر .. ولا تخفي وجود بعض من جُرعات الخوف المنسكبة على قلبها .. الخوف من القادم .. من حياة تحياها الآن .. أو لعله خوف مختلف لا تعلم له ملامح بعد ..




صوت ماكينة الحياكة يضج في ارجاء الغرفة .. اشترتها بالامس .. وهاهي تزاول عليها أول اعمالها بعد انقطاع .. ثوب لابنتها مريم ستلحقه بثوب آخر لطفلتها البعيدة .. وهناك تعلو ابتسامة كُلما خُيل لها طيف أبنتها .. كلثم الصغيرة التي تشبه والدها كثيراً .. وفي وسط انهماكها كان قلبها يدعو الله أن يضع الخير في طريقها وأن يُجنبها وابنتيها كُل مكروه .




وفجأة داهمها أنقباض في صدرها .. وكأن بها ترى عيد أمامها .. لعله سيعلم بما حدث وان عوض سيواريه السجن اعوام واعوام .. وسيعود يمسك بها ويجبرها على الطلاق ومن ثم يُعيد في حياتها جحيم الخوف والترقب .. هل سيبقى مصيرها هكذا .. تتنقل بين زوج وآخر .. أغمضت عينيها بتعب .. لتتمتم : يا رب مالي غيرك .. يا رب لا تكلني الى احد سواك وابعد عني عيد ومصايبه ..





جسدها المكتنز يتحرك بثقل وهي تجر حقيبتها المدرسية خلفها .. والشمس حقنت الدماء في وجهها الممتليء ليخضبه الاحمرار .. لتتخطى العتبة ترفع حقيبتها بتعب .. وتجرها من جديد الى حيثُ ذاك الصوت المزعج .. لتزفر وهي تقف تاركة حقيبتها جانباً : أمايه قولي للباص يوقف عند الباب .. ليش يوقف عند الشارع .. بعيد .. وحر .




كان صوتها متهدجاً وكأن نوبة بكاء تعلن قدومها .. لتنظر اليها وتقف تمسح بيدها على وجنتيها : فديتج الباص ما يقدر يدخل بين البيوت .




" أأوووف " .. زفرت بها وهي تضرب بقدمها الارض تاركة والدتها تطوح برأسها .. وما هي الا ثواني حتى عادت لتقف عند الباب ناطقة : عمو عوض خلاص ما بيرد صح ؟



تبسمت لها : هيه .



وفي سرها تتبعها بـ " إن شاء الله ما يرد " .. لتتقدم مريم تقف امامها : يعني كلثوم بترد تعيش ويانا صح ؟




اقتربت منها تعانق كتفيها كفيها .. لترفع هي نظرها تلمح نظرة غريبة في عيني والدتها التي قالت : ان شاء الله من تخلص المدرسة بنروح نيبها .. وبنعيش وييا بعض مثل قبل ..



وبنبرة صوت حادة : بس ما نريد نعيش فبيت خالي عيد .. خلينا نعيش بروحنا مثل يوم كان عمي خالد ويانا .. كان ايينا شوي ويروح ..




قبل ان تنطق اخرسها صوت جرس الباب .. لتشد اليها " شيلتها " الكبيرة وتتوشح بها ولسانها يردد : يا رب خير .




أهو الخوف يقودها في هذه اللحظة ؟ أم أنه الرجاء ؟ لا تعلم الا ان جسدها خارجه صلابة وداخله حطام تهزة خشية لا تعيها .. وقفت ترجو ان يكون من خلف الباب شخص لا تعرفه : منو ؟




" السلام عليج أختي " . كان صوت رجل لاول مرة يقع في مسامعها .. لترد السلام مُردفة : خير اخوي بغيت شيء .



-
ياينج أمر عشان تحضرين لمركز الشرطة فاقرب وقت .. وياليت توقعين ع الاستلام .




تمد يدها بعد ان واربت الباب لتختطف ورقة تُعلمها إن الغد قد يكون اسوء .. وقد يكون أفضل .. وقد وقد .. ويبقى علمه عند علام الغيوب ..






,،

بخلاف نظرتها للمستقبل كانت نظراته هو تنظر للوراء لايام كالحة عاشها .. وازدادت سوادا وظلمة بعد الافتراء الذي لاقاه .. يجلس على احد الكراسي الخشبية في حديقة منزل حارب .. فكره يبتعد .. يعود حيثُ تُحسب الغلطات الصغيرة وكأنها ذنب لا يكافأه الا الاعدام .. اعدام روحه .. وذاك الـ ناصر كان يتصيد الاخطاء الاحقه للفعل المُفترى حتى يكيل عليه صرخات التجريح ..




يقف امامه وهو شاب لا يبعده عن الثامنة عشر الا اشهر قِلال .. يوبخه وكأنه أبن التاسعة .. والذنب سقوط مدللته الصغيرة عن الارجوحة حين كان معها .. هي من ارادت التأرجح بقوة فحاولت دفع نفسها فسقطت .. وهو ظل صامتاً يعلم إن كلمة ستؤدي به إلى خارج اسوار منزل ذاك الكاره لوجوده .. أعلى الكرامة أن تُمسح عند الحاجة ؟




مطأطئ الرأس تسترق عينيه النظر الى الباب الموارب و الصغيرة الاخرى تطل بخوف ناظرة إلى خالها .. كنة الرقيقة منذ الصغر .. القريبة منه دائما .. ليريها ابتسامته فقط لتطمئن انه بخير ..





تنهد وهو يسمع صوت ناصر من جديد .. صوته في نبرة إبنه شبيب .. وشتان بين الصراخ القديم والصراخ الجديد الذي لا يعي منه الا بضع كلمات لا تُسمن من جوع ..




" يا بيه " .. نطقها عبد الغفور من خلفه .. لينفث دُخان ما كان يتجرعه .. مكملاً ذاك حديثه : قوم شوفهم .. خايف ع الدكتور دا الاستاز شبيب ما شاء الله .




ليغرق منذر في ضحكته وهو يدوس على تلك القاتلة : متخفش ..




وعاد يضحك والاخر يتحوقل يضرب يمناه بيسراه .. لينطق منذر من جديد : ما يقولون اللي داخل بين البيضة وقشرتها ...



بحنق رد الاخر : بيضة إييه .. بيقولو البصلة ..



" هي .. هي " .. اجابة مع ضحكات ووقوف من قبل منذر .. ليقف عبد الغفور امامه : يا بيه دا الدكتور ما يجيش حاجه قدام الاستاز شبيب .



كفه تقع على كتف عبد الغفور رابتاً : لا تخاف ..



وادبر مردفاً : المصارين فالبطن بتتخانق يا عم عبد الغفور ..





هناك في الاعلى حيثُ النافذة الخائنة، المسربة للاحاديث الساخطة والاعترافات المدفونة .. بعد اتصال من منذر يبث فيه حال ذاك العاشق الذي لا يخرج من غرفته ولا ينبس الا بكلمات قليلة حين السؤال .. وكأن به ميت يمشي على الارض .. لم يجد شبيب نفسه الا واقفا على ارض غرفة صاحبه .. ساخطاً .. بل انه غاضباً وناقماً .. ليفجر جُل ما يعتريه على مسامع الواقف ومسنداً ظهره بالجدار .. كتلميذ يؤنبه استاذه ..




يعقد حاجبيه يحرك ذراعيه مع كلامه الغاضب : شو هذا اللي يالس تسويه بعمرك .. كل ما تشابكت خيوطك هديتها ورحت .. بدال ما تحلها قبل لا تتعقد .. وين حارب اللي كان كل ما صابه شيء يوقف ع ريوله حتى لو ضعف .. يرد اقوى عن قبل ..




اشاح بوجهه زافرا انفاسه مرارا .. ليغمض عينيه وبهدوء يحاول ان يرجعه الى روحه : قلت اخلي كل واحد ع كيفه .. ما بتدخل .. كل واحد عنده عقل يقدر يفكر فيه ..




التفت له .. لا يزال منكساً عنقه .. ناظراً امام قدميه .. وذراعيه تكاتفا خلفه .. وبنفس النبرة اكمل : خالي طلع من البيت قلت يومين .. ثلاثه .. اسبوع .. وبيرد من كيفه .. ريال عود وحر .. وانت ...




صمت لبرهة .. تحثه خطواته ليقف امام ذاك الهارب بانظاره .. ليمسكه من ذراعيه يهزه .. يحاول ان يرى وجهه : انت وينك يا حارب .. ليش صاير بهالضعف ..




لينفض الاخر جسده مبتعداً رافعا وجهه متحاشياً النظر في عيني شبيب .. وبنبرة عالية متوجعة : لان يومها كان شبيب وياي يسندني اذا طحت .. يومها كانت اذا ضاقت علي اعرف طريقي .. اعرف ان لي صاحب اذا قلتله محتايك فزعلي ..




وبهدوء : بس اليوم مب قادر احط عيني فعينه .. لو كنت ادري اني مب قد قراراي بالهجرة كان ما كتبت لك .. كان ما اعترفتلك ..



ليصرخ الاخر : ليش ما تكلمت يومها .. ليش ما قلت ما اريد شامة لابوي .. ليش سكتت ؟




وبنفس حدة الصراخ : لان يومها ما كنت ادري ان فارس ياكم وطلب ايدها .. يومها يوم اني قلت لابوك اريد القرب منكم .. وقالي تم ما ظنيت انه يقصد شامة .. يومها يوم انه قال اليوم ما في مثله بناتي الثنتين انخطبن .. كنة لفارس وشامة لحارب حسيت سكين انغرزت فقلبي .. وشفت الفرحة فعيونك .. فعيون الانسان اللي لو عشت فوق عمري اعمار ما بوفيه حق وقفته وياي .. وتباني اقول لا .. وهو ربيعي وهي ..




-
ياليتك قلت لا .. ياليتك تكلمت .. بس من يفوت الفوت ما ينفع الصوت يا حارب .. ما ينفع .. واختي ما بعطيها لانسان ضعيف ..





آخر الكلمات ضربة في صميم ذاته .. ليدبر الاخر موليا .. ويبقى هو واقفاً متوجعاً .. يشعر بان البوح استهلك قوته .. ليترنح ساقطاً على سريره .. وبهمس وكأن به يُحدِث شبيب : لو قلت لا ما بنولها يا شبيب .. ما بنولها ..


,،
,
،

تلملم الايام ذاتها .. ترتحل مخلفة وراءها ذكرى في عقول من عاشوها .. وربما تُنسى كأيام كثيرة فانية .. وهي ستخلد هذا اليوم في الذاكرة .. وربما تذكر بعضه وتنسى ما تريد ان تنسى .. لم ترغب بحفلة صاخبة .. او هذا ما رغب فيه هو احتراما لمشاعر زوجة عاش معها سنوات طوال .. ولعله أمر من والدته التي لم تعجبها يوما .. منذُ ذاك اليوم وفي قلبها لها ذرة من كُره ..


يتقدمها ليفتح الباب مسمياً .. لتبعد عن وجهها غطاءه .. وتدخل بيمينها على طلب منه .. مطلقة ضحكة قصيرة .. لتقف تنظر الى بهو المنزل الكبير يتوسطه درجات حلزونية متراقصة .. بهُرت به .. حتى باتت مقلتيها تدوران هُنا وهناك .. تعلم ان لديه مال ولكن لم تتصور جمال منزله هذا .




جاءها صوته : مبروك .. ان شاء الله عيبج البيت ..



مُدعية اللامبالاة ناطقة بخجل لعلها تتصنعه : الله يبارك فيك ولك .. البيت حلو ما فيه شيء .



كفه السمراء تمسك بكفها لتجفل قليلا .. يمشي لتمشي بمعيته : محد فالبيت ؟




سؤال طرحته وهي تصعد من خلفه الدرجات .. رافعة عباءتها لتطلق لخطواتها الحرية .. التفت لها وابتسامة تعلوه : لا محد .. بدور عند اهلها قالت بتخلينا ع راحتنا ..




مؤكد انها تحترق الآن .. بل أقسم ان دموعها لم تجف منذ ايام .. ولربما والدتك الكريهة تساندها .. ولكن لن يطول الامر حتى ادع تلك العجوز في صفي واقفة .. وانت تبقى لي .. حتى وان كُنت لك مشروع انجاب لا غير .. فلن اكون نوال ان لم اغيرك واغير افكارك .





تحادث نفسها بابتسامة ساخرة .. حتى ما وجلت الغرفة : هذي حجرتنا .. ان شاء الله يعيبج ذوقي ..




تلفتت .. تناظر الاثاث لتنزع عباءتها بعد ان انتزعت " شيلتها " .. لتسير الى دولاب الملابس دون ان تجيب على سؤاله .. تلتفت لتراه جالسا على طرف السرير .. ينتزع ما على رأسه ليبان اضمحلال الشعر في مقدمته واعلاه .. وتسمعه يتنهد .. لتتمتم لنفسها : اكيد مب قادر ع غيابها ..




وبصوت يسمعه : انزين قلت البيت بينقسم صح ؟




يقف يخلع ثوبه ليبقى بملابسه الداخلية .. ومجيباً عليها: هيه .. الطابق هذا لج .. واللي تحت لبدور ..




كفها تعانق وسطها .. ناطقة بتبرم : يا سلام .. وليش ان شاء الله ليها اللي تحت ..




نظر اليها بنظرة جعلتها تتلعثم .. تُسقط كفها الى جانبها .. وبصوت صارم : لج ثلاث حجر وصالة عودة .. وهي مالها الا حجرتين وصالة ما اتيي نص الصالة اللي فوق ..



زمت شفتيها : هيه بس هي عندها المطبخ .. وانا الصراحة ما اريد حد يتحكم فيّ يا يمعه ..



-
محد بيتحكم فيج .. المطبخ لكن بثنتيكن .. وصدعة راس ما اريد يا نوال .. وخلي ليلتنا تعدي ع خير ..




ادبر يسير نحو دورة المياه ( اكرمكم الله ) .. مردفا قبل ان تنطق : بتسبح ويهزي عمرج .. ملابسج كلها مرتبة فالكبت .




متشدقة .. مُعيدة بعض حديثه : يهزي عمرج ..




اردفت وهي تجلس ع طرف السرير : اووف .. شو اللي بلاني بهالبلوة .. الله يسامحج ياميه .. كل شوي ما بدوملج وما بدوملج ..




بعد صمت لا يقضه الا صوت الماء من خلف الباب الخشبي .. قامت مبتسمة .. تبحث بين ملابسها .. تحدث نفسها : لا يا نوال خلج عاقلة .. وكسبيه دام القديمة بعيد .. نسيه اياها .. ولعبيها صح دامج دخلتي اللعبة ..




ازدادت ابتسامتها وهي تُخرج لها ثوب نوم به من الاغراء الكثير .. ستمارس عليه طغيان الانثى .. فالخجل ان كانت تعرفه قليلا فاليوم ستقتله لاجل مبتغاها ..





,،

هل كُل ما نتمناه ندركه ؟ .. وما لا ندركه هل نرميه خلف ظهورنا ونمضي ؟.. تمر ساعاتنا مهرولة حين وحين آخر تتوكأ على عصا .. وتبقى ندبات الجروح القاسية علامة فارقة في صفحة القلب .. نمسح عليها لنخفيها عن أعين من نحب .. فحياتنا ليست ملك لنا وحدنا .. فهناك من يقاسمنا السعادة .. ويقاسمنا الالم والمعاناة .. فهل يستحقون الوجع لاننا نتوجع ؟ ام يجب علينا ان ندوس على جرحنا لتبقى البسمة مرتسمة على وجوه من نُحب ..




هذه هي تناست الكثير .. كنة المعروفة بين اهلها بطيبة قلبها .. تصرخ عليها والدتها كثيرا في الاونة الاخيرة .. والسبب رفضها لاربعة شباب تقدموا لها .. وتهيل بعض من الغضب على شبيب الممسك بكفها يؤيد قرارات شقيقته .. تنهدت وهي تُنهي عمل الشاي .. الوقت ما بعد الظهر وقبيل العصر .. الجميع يجتمع في تلك الصالة .. حتى ذاك المنذر عاد بعد سخط اسابيع يمر فيهن دقائق يُلقي التحية على تلك العجوز ويسأل عن حالها .. ويضحك مع حبيبته كنة لبعض الوقت .





ولجت على صوته الناطق وقد استند بجزء من جسده على النمرقة القاسية وبيده جهاز تحكم لتلك اللعبة .. ويجلس على يمينه هاشل .. يصرخ حين يغلبه ذاك بركلة في مرماه : هيه تراني ما رديت الا لعيون ناس .. والا انتي يا شموس كلامج يسم البدن .. بس ما ينشره عليج .. خرفتي ..



لتصرخ به : انا خرفت يالهيس ..




جالسا صارخاً بذاك المتقافز فرحاً لهدف احرزه : يالكلب يا هشول .. منو قالك تلعب وتتحرفن وانا اسولف ..



ليمد له لسانه : غلبتك .. غلبتك ..

لتضحك تلك الصغيرة التي نسيت الكثير كأي طفل تُنسية البكاء هدية صغيرة .. ليصرخ بها ايضا : جب انتي بعد ..

تطلق لسانها مقلدة هاشل : انت جب .

وتجري بعدها تندس بجانب تلك العجوز .. وبيدها دميتها الصغيرة : يدووه سويلها مثل اللي تسوينه فشعري ..

لتجيبها : بعدين .

لتقف كلثم مبتعدة .. ستلوذ في غرفة شامة لاعبة .. تداعب الدمى وتحدثها ..




اما ذام فبعد الصراخ والغضب جلس باعتدال : الحين بتشوف اللعب .. وانتن لا ترمسني ..



" الحمد لله والشكر " .. قالتها شمسة واردفت وهي تأخذ كأس الشاي من ابنتها : الريال من رد وهو مستخف ..




لتتمت تلك العجوز المتمنعة عن شرب الشاي : والله اللي يعيش وياج بيستخف ..




لتكتم كنه ضحكتها وهي تقف تقترب من خالها تمد له بكأس شاي : منذر ..




لتزجرها والدتها على دخول شامة بعد ان غادرتهم دقائق : كنوه الين متى بتمين تزقرينه منذر .. هذا خالج .. شبيب اللي هو اكبر منج يقوله خالي .. وانتي ع راسج ريشه .




" هاتي فديتج " .. قالها هو وهمس لها : طوفي طوفي ..




لتنطلق منها ضحكة مكتومة .. وتسمع والدتها تتحوقل .. وبغيض ترتشف الشاي .. لتلكزها والدتها سائلة : انتي شو بلاج ع البنية ؟




لتنحني وكأن بها لا تريد لاحد ان يسمع حديثها .. تهمس : كم واحد ياها وردته .. تراها مب بنت والفرصة يوم تروح ما بترد .




" لا حول ولا قوة الا بالله " .. قالتها الجدة لتردف : توها طالعة من عدتها .. شبلاهن الحريم ما شايفات خير .. البنت بعدها ما تداوت من اللي صابها .. وانتي تكبين الملح فوق اليرح .





في حين كان الحديث الخافت يتشعب بين الام وابنتها .. كان حديث آخر يدور بين كنة وشامة .. حين اقبلت على شقيقتها الممسكة بـ آنية الشاي تسكب لها .. لتجلس بجوارها : عيل وين شبيب .. هو اللي طلب الشاهي .



لترد الاخرى وهي تزحف بجسدها للوراء لتتكيء بظهرها : برع يتكلم فون .



" وانتي وين كنتي ؟ " .. سؤال طرحته كنة لتجيبها : اتكلم فون .



لترفع حاجبها : ما شاء الله فوناتكم ما يسكتن .



لتنطلق من شامة ضحكة لفتت اليها الانظار .. لتبتلع ريقها وتبتسم وتحادث شقيقتها بهمس لا يُسمع : كنت اكلم الدكتورة .. تصدقين وجودها فحياتي حلو .. بس حسيت فيها شي .. حديثها متغير وكنها تريد تقولي شي ومستحية ..



-
كيف يعني ؟



-
مادري .. بقولج شيء بس لا تضحكين علي ..



لتردف بعد ان طمأنتها بانها لن تضحك : مرات احس انها هي اللي محتاية تسولف وياي مب انا .. يعني احس انها تتصل عشان تتكلم .. ومع هذا ما تقول شيء .. وصايرة تسألني واايد عنكم ..






في الخارج يخطو بخطوات قصيرة ما تلبث حتى تتوقف .. وسرعان ما تعود ساقيه للتحرك يتحادث مع ابن عمه جابر .. يتهلل وجهه فرحا كلما نطق الاخر .. شيء اراده منذ مدة وها هو يحصل عليه .. ينطق من بين فرحه : شو اللي تقوله يا جابر ؟




الاخر يسترق النظر الى زوجته الداخلة عليه .. تقطع خلوة حديثه .. تتوجه لدولاب ملابسها للمرة الالف خلال اسبوع واحد .. لتقيس فستانها .. وتنظر بعدها لنفسها في المرآة تتحسس بطنها البارزة .. وتعقد حاجبيها متأففة .. مستاءة من وضع جسدها الممتليء .. متذمرة في وجهه .. تنطق بانها لن تذهب الى حفل الزفاف .. حفظ تلك الاسطوانة منها .. يزجرها احيانا واحيانا أُخر يضحك حتى يفر الدمع من عينيه ..




ما إن دخلت وقف تاركاً المكان لها .. الحديث لا يجب ان يسمعه الا شبيب .. مبتعداً عن المنزل الى حديقته .. وذاك ينتظر على احر من الجمر .. ليأتيه صوته : من كم يوم عمي تذكر ان لهم مزرعة قريبة من مزرعتنا القديمة .. وتذكر ان ابوك الله يرحمه تعرف ع هالريال فذاك المكان .. بس عمي حمد ما كان ذاك الزود وياه .. كان دايم وييا ابوي الله يرحمه .. بعكس ابوك اللي صار وياه مثل الاخوان واكثر .. يوم سألت عمي ليش ما كان عمي ناصر يخبرنا عن هالريال .. قالي يمكن انشغل .. وخاصة ان فاخر السنين ابتعدوا عن بعض .. وما قاموا يشوفون بعض مثل أول .




نطق الاخر بلهفة وكأنه يستعجل مراده : أنزين دليتوا بيتهم ؟



ليقهقه جابر : هيه .. خذت العنوان من سعد ورحت وتأكدت بنفسي أمس .. ما شاء الله باين ان عندهم خير .. والصراحة سعد ما قصر ويانا عليه بياض الويه ..



-
راعي اوله .. ما بظهر من يميله ..




لينتهي الحديث بفرح يتقافز من نظرات عينيه .. يعود الى الصالة الضاجة بصراخ خاله مع هاشل .. وكأن به طفل لا رجل على مشارف الثلاثين .. متبسما يجلس بالقرب من والدته .. طالبا من شامة ان تسكب له كأس شاي .. لتبتسم والدته ناطقة : باكر فالعرس بدورلكم حريم ..



التفت اليها : حق منو ؟



-
حقك وحق خالك .. بعد حق منو ..




وكأن بأذنيه لا تلتقطان الا ما لا يحبه .. ليرفع حاجبيه ونظره على شاشة التلفاز : شموس خلج بعيد عني .. بدورين حرمة دوري لولدج .. انا مب قاتل عمري ع الهم .




يرتشف من كأسه بهدوء .. وتربت هي على فخذه : خلك من خالك .. ما منه رجا .. ان شاء الله بالقالك بنت الحسب والنسب والجمال ..




" شميس خلي الولد ع راحته متى ما يبي العرس بيقول " .. جملة نطقت بها والدتها لتنادي بعدها على كنة لتدلك لها ساقها المتعبة .. ويشدهم الحديث الدائر .. ولا يزال ذاك مبتسما .. وما إن انهي كأسه نطق : أميه العروس مويوده .. ومب محتاي الا روحتج لاهلها وشوفتها ..




القى بحديثه ذاك .. ووقف مستأذناً .. تنشد اليه الانظار .. ليترك منذر ما في يده ويقف .. يخطو خلف ابن أخته .. وكأن به يحاول أن يتبين ما قيل .. ويتأكد بأن ما سمعه ليس محض اسكات لالحاح شمسة ..

,،




تُلح عليها دموعها لتغرق وجهها .. تردعها وتردعها .. هناك في داخلها فجوة تؤلمها .. تُصيبها برعب يفتت عظامها وخلاياها .. حتى أمست ترجف بخلاف تماسكها الظاهر .. لم تعد تقوى على اسكات دمعها اكثر .. لتنهمر دموعها وتقف تلك عن عملها مبعدة فرشاة " البلاشر " : لشو بتبكي هلأ .. ضاع كل اللي عملتو ..



انفجرت باكية على دخول ليلى المرافقة لها في هذا المكان .. والتي انهت تزيين وجهها بمساحيق التجميل .. ولم يبقى الا تسريحة لشعرها الطويل .. دنت منها بهلع وهي تسمع تأفف المزينة اللبنانية : ما في وأت يا روحي .. صارلنا ساعة بنمكيجك وخرب كل شي .




لتقف ليلى بجانبها تشدها من كتفيها الى صدرها : فديتج مهوي شو بلاج ؟




لتطلب من تلك ان تتركهما لوحدهما بعض الوقت .. تعيد عليها السؤال من جديد .. لتجيب الاخرى وهي تمسح دموعها ليتشوه وجهها : خايفة ليول .. ما اعرفه .. كنت اظن اني بعرفه فالشهور اللي راحت .. بس ولا مرة يلس وياي بروحنا .. ولا مرة حسسني اني حرمته ..




تشد ملابسها من ناحية صدرها بقبضتها : حاسه بغصة هني .. كل ما قرب هاليوم وانا اقنع نفسي بوايد اسباب .. بس خلاص مب قادرة امثل الفرح .. مب قادرة اضحك .. وربي حاسه انكم بتزفوني لموتي ..



" بسم الله الرحمن الرحيم " .. قالتها ليلى بخوف .. لتردف : هذي رهبة العرس بس .. وبعدين هو ما كان ييلس وياج يمكن لانه يستحي من اهلي واخواني .. وادري بمطر واقفله ع الوحدة .. وبعدين ما كان يرمسج فون؟ .. ما كنتي دايم تقطعين كلامنا وتقوليلي سلطون ع الخط؟ .




هزت رأسها بنعم .. لتحاول ان تهدئ من روعها .. وتستسلم بعد دقائق لايدي تلك المتلاعبة بالالوان على وجهها .. تخبرها بانها تريده خفيفاً .. فوجهها جميل ولا داعي لان يكتنز بالالوان حتى تختفي ملامحه .. تنفست بعمق .. لا يفصلها عن حياتها الجديدة الا ساعات .. ساعات تهرول وكأن بها تحاول ان تنتشلها من اوهامها بالحقيقة .





آه يا ليلى .. لو تعلمين إن اتصالته لم تكن الا كلمات متسائلة .. هل ينقصني شيئا ما أم لا .. ليتكِ تعلمين إن الحديث معه لا يتعدى الدقائق .. وكأن به يهرب مني .. ومن سماع صوت .. ومن رؤية وجهي .. حتى عينيه ونظرتهما التي كانت تخيفني صارت تحمل في طياتها ضياع لا اعلم ماهيته .. لو تعلمين إن صمتي عن تتمة الحديث معكِ ما هو الا خوفاً من أن يصل الحديث لآذآن خالتي .. اللهم إني استودعك نفسي .. اللهم إني استودعك نفسي .





يقف بجوار ابن عمه ينظر بغضب الى ذاك المتأنق .. يردف على ذراعه بشتاً اسود .. يتبسم للحضور .. فرحاً .. لينطق شبيب الواقف يرى ردات فعله الغاضبة : مطر شبلاك .. كل شوي أوف وأوف .. مب فرحان لبنت خالتك ؟


-
تبي الصدج .. لا .. سلطان منافق .. لا وبعد يالس يتبوسم .



ضحك عليه وعلى امتعاضه : بس والله ابوه مافي مثله .. ريال سمح ..




نظر اليه شزراً : ابوه مب هو ..



وبعدها نطق وهو يرى وجه والده من بعيد .. مبتسماً .. فرحاً وكأن به يزوج ابنته لا إبنة شقيقة زوجته : شبيب .. شو صار ع علي ؟



-
خذ يزاه .. بيتأدب وبيطلع .. وأنت بعد هالنسبة اللي ترفع الراس وين العزم .



-
الجوية .




جواب استغربه شبيب الذي يعلم جيدا رفض حفصة لهذا القرار .. وفضل الصمت وهو يرى جابر مقبلا عليهما .. متأخر ولكنه حضر أخيراً .. يبتسمان له .. ويتبادلون الحديث معاً ..






صوت غناء لا يهدأ .. وضجيج احاديث نسوة كطنين النحل لا يفتر .. هُنا وهُناك .. وصغيرات يتقافزن مع اشقاءهن على منصة العرسان .. وطاولة اجتمع عليها حديثا التقطته اسماع ليلى .. لتقف تاركة مكانها حيثُ أمها وزوجة عمها وبعض القريبات .. لتصل الى طاولة تجلس عليها كنة مع شقيقتها .. تبدو فارغة ومنعزلة .. لتضرب كنة على كتفها .. ليصيبها جزع وينطلق لسانها باسم الله .. وتضحك ليلى وهي تشد الكرسي لتجلس : ليش يالسات هني بروحكن ..




واردفت دون ان تنتظر الجواب : في ناس يتشاورون عليكن .. شكلهن من اهل المعرس ..



وضحكت بعدها لترد كنة : عن نفسي معيفة من العرس .. كان يبون شامة تراها مويودة .




ردت الاخرى : لا والله .. ومن قالج اريد العرس .. الحرية زينة ..





بعيداً عن العيون تُمسك بكوب ماء ترتشف منه قطرات تبل به ريقها الجاف .. وتقف معها احدى صديقاتها في الجامعة .. تشعر بأن الوقت ثقيل .. وإن بجسدها رجفة لا تهدأ .. نظرت اليها لتمسك بكفها : فاتن ما اريد .. قولي لهم ما اريد اتصور ..




تلح بتلك الرغبة مطولا .. حتى اضطرت فاتن ان تتركها لتخبر ليلى عن امرها .. وما هي الا دقائق حتى ولجت هي وكنة تلك الغرفة المنزوية في ركن القاعة الكبيرة .. تجلس على الكرسي بفستانها الابيض المرصغ بالاحجار الامعة .. وبيدها باقة ورد تكسر الابيضاض .. ترفع نظرها للجالسة بجوارها .. لاول مرة لا تضع عدسات تلون عينيها في مناسبة .. تنطق ليلى وهي تمسك بكف مها الباردة : مهوي شو الرمسة اللي قالتها فاتن .. يعني خليناج شوي ورديتي لعنادج ..



-
انزين ما اريد اتصور .



تبتسم كنة لها وهي لا تزال واقفة : حبيبتي تراه كل هالخوف الحين باكر ما بيبقى منه شيء ..



نطقت ليلى : هيه والله وكنون الصادقة .. وبعدين الا دقايق وبتعدي .. بتاخذون كم صورة وبس ..




تتسمر الانظار على صوت المرأة الداخلة .. بدينة وفي وجهها بشاشة يخفي معظمها برقعها الامع .. تدنو من مها تقبلها وتبارك لها .. ومن ثم تحثها على الاستعداد لدخول سلطان .. وتبقى هي بمعية والدته تختفي ليلى بمعية ابنة عمها .. وتبدأ طبول تقرع انغاما مختلفة في صدرها ..




تبتسم وهي تراه يدخل بمعية والده .. تشعر بالوحدة فمن سيمسك بيدها يزفها ؟ لا والد ولا شقيق .. استحلتها غيرة من رؤية والديّ سلطان يتحدثان معه ويضحكان .. ويقبلانه قبل خروجهما وبعد التقاط عدة صور معه ومعها .. لربما في هذه اللحظة ترغب بالبكاء وجداً .. ولكن تشعر بان دموعها تعصيها ..




ترتجف من لمساته .. تهتز يدها حين تُجبرها تلك المصورة بأن تلامس كفيه او وجهه .. او حتى كتفه .. تغتصب ابتساماتها بخلافه هو .. تشعر بانه مرتاح .. يطوقها بهدوء .. كهدوء انفاسه على كتفها العاري .. لتنتهي تلك اللحظات بعد ان اضرمت فيها ناراً تصببت كفيها لها عرقاً .. وتُفاجأ بعدها بدقائق معدودة بدخول عمها .. يدنو منها لتقف بعد ان جلست لاعياء اصاب ساقيها .. يقبل رأسها : مبروك يا مها .. وتراج بنت المرحوم الغالي .. ويا بختي يوم ازف بنته عروس لولدي .. وتراني اقولج اذا ابوج مات عمج مويود .. وان ضامج سلطان باخذلج حقج منه ..




أتبكي ؟ .. أتفرح ؟ .. أم ماذا عساها تفعل ؟ .. فضلت ان تقبل رأسه وباناملها المرتجفه تعانق ذراعه .. تمشي معه على انغام اختارتها لها ليلى بعد مجادلات كثيرة .. تصعد الدرجات ومن خلفها شقيقة زوجها الكبرى ترفع ذيل فستانها كلما اعاقها .. لاول مرة في هذا اليوم تشعر براحة تتسلل اليها .. لربما بسبب الرجل الوقور على يسارها وبسبب كلماته التي احست بانها نابعة من قلبه .





,،


بكعبها العالي تقف عند مدخل القاعة .. متأنقة وعباءتها الشفافة تُظهر فستانها المزركش .. وفي كفها حقيبة صغيرة .. تقدمت تجول بانظارها على الحضور .. وتبتسم .. ترى نظرات فاتن وبعض الزميلات لها .. لما هي هُنا ؟ .. لم تكترث لهن .. واستمرت بالسير تصعد الدرجات .. تحجب النساء عن ابصارها تلك العروس المزدانة .. حتى ما وصلت وبطرف كفها ربتت على كتف احداهن لتتنحى .. وتفتح لها الطريق .. ترى نظرة مها المندهشة لها .. تنحني تقبل وجنتيها وترتفع ناطقة : مبروك .. بس زعلانه منج .. دعيتي ربايعنا ونسيتيني .. بعدج زعلانه مني ؟




ابتسمت تلك : الله يبارك فيج .. قلتلج الله يسامحج .. وبعدين ظنيت انج سافرتي .. سمعت ان اقامة ابوج التغت .. وانج بتسافرين عقب التخرج ..




تبسمت سوسن .. لترفع كفها اليسار .. تُري مها ظاهره الذي يزين خنصره خاتم الماسي : تملكت .. ع واحد مواطن .. قدر ايدد الاقامة لابوي .. وعرسنا قريب وان شاء الله بدعيج .. ما بسوي شراتج .





ساعات مرت كأنها دهر في بعضها .. وكأنها لمحة بصر في بعضها الاخر .. يلملم الضجيج ذاته .. تخلو الكراسي والطاولات من الاحاديث .. والزوايا شواهد على بقايا صخب .. بقايا حفل مزدحم ... بقايا ضحكات وأمنيات .. وأحاديث مؤجلة .. وهو معها هاديء .. حتى ضحكاته اختفت .. وكأن به ولج الى غرفة يملؤها التوتر .. لا صوت منه يطبطب على قلبها المتوجسس .. ولا نظرة لها تبعد شحنات القلق عنها ..



وأخيراً تتخطى بقدميها عتبة باب غرفتهما .. تقف في منتصفها وظهرها له .. تنزع عنها عباءتها الساترة لعُري فستانها الابيض .. لتلتفت تكلل وجهها ابتسامة يملؤها شيء من خجل .. وشيء من خوف .. وشيء من أمل ..




ليزيد خجلها حين ارتسمت على محياه ابتسامته .. ودنى منها .. يقف قريباً منها لا تفصل بينهما الا خطوة او اقل .. فيزداد تراقص قلبها .. وتزداد تدفق انفاسها .. لينطق : رفعي راسج ..




صوته الاجش الهاديء أرغمها على رفع وجهها .. ويا ليتها لم ترفعه .. تلقاه بصفعة على خدها الايسر .. لتتسمر ناظرة على جانبها اليمين تسمع صوت غير الصوت الذي كان .. وكأنه فحيح وحش ما : سلطان يا مها ما يسكت عن حقه .. ولا ينهان ويقول عادي ..



ليصرخ بها بعدها : طلعي برع الحجرة ..



وبصوت اقل حدة اكمل : اريد ارقد ولا اريدج فيها ..




حين لم يجد منها رداً .. شدها من ذراعها .. ليرمي بها خارجاً .. مغلقاً الباب من خلفها .

,،

هُنا اقف واتمنى ان تكون الاحداث بقدر انتظاركم لها ..
نلتقي في الاسبوع القادم إن شاء الله ..
لن احدد يوماً فاعذروني |~




ام اميرر 12-01-14 07:07 PM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
البارت رووعه بس الاحداث مؤلمه خاصه الي صار لمها المسكينه اتوقع الي ملك على سوسن هو نفسه سلطان الله يقطعه بس
وكنه هذي قصه ثانيه كيف انقلبت حياتها اتمنى تكون من نصيب حارب

نستنى البارت لاتطولين علينا به

اسطورة ! 13-01-14 04:54 PM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
هلا وغلا بأم امير

يعطيكِ العافيه يا قمر
بإذن الله تنزل الكاتبة الزفره الجديده بنقلها لكم بإذن الله

نورتِ

اسطورة ! 05-03-14 03:42 AM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
أستيقظت مبكرة كعادتها في هذه الاشهر .. لتستقبلها دورة المياه ( اكرمكم الله ) تُفرغ فيها ما في احشاءها .. او تحاول دون جدوى .. متعبة من تلك الاعراض التي تجتاحها .. خرجت وقد بللت وجهها بالماء .. تحمل بيدها منشفة صغيرة .. تجفف وجنتيها وجبينها .. ليحتضنها الكنب الطويل وقد انهكت ..




كرهت ذهابها مع ام بعلها الى حفل الزواج .. لانها لم تكن تجلس دقيقة حتى هرولت الى دورة المياه ( اكرمكم الله ) من رائحة اشعلت في جوفها حرب .. لتنتحي لها مكانا على طاولة وحيدة وبعيدة .. ترفض الطعام المطاف به ..




تنهدت بعد ان عادت اليها بعض من قواها .. لتقف تشد الخُطى الى دولابها .. ستغير ملابس نومها وتخرج لتستنشق هواء طبيعيا .. او قد تجلس مع ام زوجها اذا كانت مستيقظة .. ما ان انتهت من ارتداء ملابسها حتى رن هاتفها .. تحركت لتلتقفه من على وجه " الكوميدينة " .. ابتسمت وهي تُجيب : صباح النور .. شحالج ؟


هُناك في صوتها نبرة مختلفة عما عهدته سمية من شقيقتها .. شيء ما مختلف تشعر به وهي تحادثها سائلة عن حالها وحال جنينها .. حتى ذاك الفارس سألت عنه بتردد جم .. وبعدها : امممم .. سمية اريد منج خدمة .



تجلس على طرف السرير واناملها تتلاعب بطرف الغطاء : اذا اقدر ان شاء الله بسويها لج ..




ازدردت الاخرى ريقها وهي تمشي بهوادة في غرفتها .. لتقف أخيرا تنظر الى انعكاسها في مرآة " التسريحة " : امممم ....



بعد صمت طال من الطرفين .. اردفت : خلاص ما اريد شي ..



لتمتعض سمية منها : سلوى شو بلاج ؟ .. اذا تبين شي لا يردج الا السانج .. شو بغيتي ..




" بعدين .. بعدين " .. قالتها بعجل منهية المحادثة .. لتستغفر سمية تاركة هاتفها .. تبتعد من المكان .. تثرثر بصوت خافت لنفسها .. يسوءها حال شقيقتها .. ليست سلوى القوية التي كانت .. هل تشتاق لطليقها ؟ .. سؤال تردد في ذهنها وحاولت ابعاده .. تلوح لها ام فارس في الصالة .. لتبتسم متقدمة وملقية السلام .. ومن ثم تقع على رأسها مقبلة : شحالج عمتي ؟



مجيبة اياها وهي تأكل من طبق احتوى على " الهريس " تغطس اللقمة في السمن القابع في حُفرة صغيرة أعدت في وسط الطبق : الحمد لله فديتج .. تعالي تريقي وياي .. يارتنا مسويه هريس عشان طلوع ولد ولدها من الاربعين .. عقبال ما اطلع ولد ولدي بذبيحة ..



تبسمت : إن شاء الله .



اكتفت بكأس من الشاي بالحليب .. وانتحت بجوار ام فارس مقعداً .. طيبة معها وجداً ... تعاملها افضل من معاملتها لابنتيها .. يشد انتباهها حديث ام فارس لها : شفتي بنات مريوم ..



ما إن رأت علامات الاستفسار على وجه سمية أردفت : اللي كانت يالسه يم ام خالد الله يرحمه .. بناتها الاربع كانن وياها ..



نطقت بعد ان عرفت المقصودة : هيه عرفتها .. شو بلاهن بناتها .




تصب المديح عليهن .. بل انها تغرقهن بالمجاملة .. فهن ذوات جمال مقبول كما رأته سمية .. شعرت بشيء من حنق من ذاك الحديث .. تبحث لزوجة لابنها فارس .. وشقيقتها ؟ .. سينتهي امرها نهائيا .. ام ماذا ؟ .. هل تتحدث مع ام بعلها تخبرها بان تحاول لم الشمل من جديد ؟ .. أم تصمت ولا تحشر نفسها في أمور قد تنقلب ضدها ..




يقتحم باب الصالة بجسده الممتليء مُلقياً السلام .. مشمر عن ساعده الايمن : ريحتي سمج ( سمك ) ما بقرب منكن .. حطيته فالمطبخ وياليت تسولنا منه غدا .



بصوتها الهادي نطقت : بس تدري اني ما اطيق ريحته .



بعصبية اجتاحته من وضع يحاول ان يتعايش معه ولا يقوى : سميوه تراها ما صارت .. كل شيء ما تحبينه .. عيفتيني حياتي وياج .. ما صار حمل .



لتنهره والدته : شبلاك ع البنية .. اذا ع الغدا بسويه انا والا بتسويه نوره ..



زفر انفاسه .. يحاول لملمة الهدوء في روحه : السالفة مب سالفة غدا .. ياميه ما تطيق شي .. حتى الريحة ما قمت احطها ع ثيابي .. الرقاد انا فصوب وهي فصوب .. كرهتني حياتي فهالشهور .



-
اذا مب متحملنها ومتحمل وحامها وصلها امها الين يروح عنها ؟



" لا " ... صرخ بها مُردفا باصرار : عند امها ما بتبات ليلة .. تزورهم ريلي ع ريلها ..




كانت تعتصر طرف ثوبها بأناملها .. تقاوم حشرجة البكاء من حديثه .. وما إن نطق آخر جُمله حتى شقت ابتسامة خافتة طريقها الى فيها .. لتبلع ريقها تداري دمع تمرد بطرف سبابتها .. ترفع رأسها على يد ام فارس الرابتة على كتفها : ما عليه يا بنيتي تحمليه .. هو دومه عصبي بس تراه طيب .




هزت رأسها موافقة لها .. ووقفت مستأذنة .. تمشي بخطى بطيئة .. تحاول ان تنسى ما تفوه به آنفاً .. ستنسى امتعاضه منها .. وغضبه الذي قذفه في وجهها وعلى مسمع من والدته .. إخترق سمعها صوت الماء فور فتحها للباب .. تحركت في الغرفة ذهابا وإيابا تغزوها أفكار كثيرة .. تتسائل هل تطرحها على بعلها ام تدفنها في عمق عقلها الذي تشتت بعد تلك المكالمة وذاك الحديث من عمتها .. تنهدت لتتوقف ساقاها عن الحركة .. مبتسمة له خارجا من دورة المياه ( أكرمكم الله ) يحرك المنشفة على رأسه .. لمت كفيها إلى صدرها .. تدعك اصابعها باصابعها .. لينظر إليها بنظرة خاطفة ويتحرك يوليها ظهره جالسا على طرف السرير ..




" ما كان له داعي تعصب علي قدام أمك " .. جملة مرتجفة النبرة خرجت من فيها مزدردة من بعدها جفاف جوفها .. تنتظر منه ان ينبس ببنت شفة .. لكنه فضل الصمت لربما لان بركانه لا زال ثائرا بعض الشيء .. استطردت وهي تحث خطى بطيئة نحوه لتقف مجانبة له : انت دايم تقولي خلي اللي يصير فهالحجرة بيني وبينج حتى عمرج لا تكلميها فيه .. صح والا انا غلطانه ؟




" خزاك الله يا بليس " قالها مُسقطا المنشفة على يمينه بشيء من عنف .. ماسحا وجهه بعدها : لا اله الا الله محمد رسول الله .



ليربت على يساره وهو ينظر لها : يلسي



حين رأى ترددها تنهد غاضا بصره ليرفعه ناطقا : توني متسبح مب متعطر ولا شيء .



ابتسمت بخجل : مب قصدي بس



ليقاطعها : يعني بتبقين واقفة جذي .. يلسي وبنتكلم .



لتجلس وهي تدس كفيها في حجرها .. تطأطيء رأسها توترا ممزوجا ببعض خجل .. متسائلة وهي اعلم بالجواب : تخاف اذا رحت عند امي ما تخليني اردلك ؟



-
أنتي حرمتي ومكانج يمي مب يم أمج .. دامج طلعتي من بيت ابوج لبيتي فانتي ما صرتي لهم الا بالوصل والبر .


-
أنزين قول انك ما تباني اخليك .. عادي ما فيها شيء .



استرقت النظر لوجهه بعد حديثها لترى ابتسامته وتبتسم هي ايضا .. مديرة جذعها .. مقابلة لجانبه الايسر تشد بكفيها على كفه : انزين انا ما اقدر على بعدك .. ولا بروح لامي وبحاول اسيطر ع الوحام اللي انا فيه .. بخبر الدختورة تعطيني دوا .. لاني تعبت من هالحالة مثل ما انت تعبان .. وطولت بعد .. دخلت الرابع وبعده ما فكني .



سحبت كفيها الى حجرها من جديد ..وتَرَدُد حديث بان له على وجهها ..لتمتعض ملامح وجهه : عندج كلام تقولينه ؟



عبت صدرها بالهواء.. واخرجته بهدوء ..تبلع ريقها .. فكيف لها ان تبدأ حديث كحديثها .. رفع حاجبه حين طال صمتها : سمية بتتكلمين والا اقوم اتزهب للصلاة ؟



" سلوى " .. نطقت الاسم بسرعة مردفة : مب عايبني حالها .. وعمتي تدور عروس لاخوك ..



تحوقل : شو بلاها امي كل يوم رايحتله وتباه يعرس ... فارس ما يفكر فالعرس .. وهالشيء الواحد ما ينغصب عليه .



عاد ليتحوقل .. لتنطق هي : ليش ما يرد سلوى ..



نظر إليها وكأن به يستحثها للاكمال .. لتكمل بتلعثم : سلوى وايد تسأل عنه .. و ..



قاطعها : سمية لشو تبين توصلين .. لا تنسين ان عدتها خلصت .. ولو كان يريد يردها كان ردها قبل ما تخلص بس هو ما يبي .. ولا اريد هالسيرة تنفتح فاهمه .



وقف ليرتفع نظرها الى وجهه المكتسي بشيء من غضب : فارس ريال ويعرف اللي يبيه واللي ما يبيه .. ولا اباج تدخلين فاي شيء يخصه زين .




هزت رأسها موافقة .. فلقد وضع نقطة على السطر قبل أن تتمه .. وتركها مع افكارها .. ومع هلوسات روحها عن حال شقيقتها .. فماذا لو ما تشعر به كان حقيقة ؟ .. تنهدت لتنهي حديث نفسها المُتعِب .




,,

أربعة أشهر كدهر من وجع مرت على قلبه .. وكأنه وجع مخاض طالت به الولادة .. وزاد الوجع في يوم أسود ليعود إلى منزله كميت حي .. يختلي بنفسه غرفته أياما .. ويتسربل الخوف عليه من والدته وأشقاءه .. أيام غريبة باتها في وحدة تفكير .. يبحث عن أسباب ألم ذاته .. وألم من تألموا لألمه .. هل يأتي الوجع جماعات ؟ يضرب هذا ويضرب ذاك ..


بعد ذاك الاختلاء خرج من غرفته كمولود جديد .. صرخت عينيه بميلاده .. وهللت إبتسامته لقدومه .. ميلاد على أعتاب الثلاثين .. أيولد الناس شبابا ؟ .. هو ولد شابا .. بعد أن شاب حُزنا .. لا ينكر بأن ندبات الجرح لا تزال بارزة .. كلما لمسها صرخت بآه بعيدة خافتة ..




يوم جُمعة يقف فيه أمام مرآته يرتب هندامه .. إبتسامته تداعب شفتيه المستغفرتان وجدا .. لا يكل من الاستغفار وكأن به يحاول طمس الذنوب ليأتي إليه الفرج راكضا .. ختم أناقته بساعته البيضاء حتى هذه تصرخ بآه قديمة .. ولا يقوى إلا أن يأخذه الفكر ثواني فيردعه .. لا يرغب بسجن الماضي .. يكفي ما مر به من قسوة الحياة ..


خرج من قسمه من ذاك الباب في الجهة الاخرى من المنزل .. أحتراما لشقيقه وزوجته أقفل الباب الداخلي ورمى مفتاحه بعيدا في أحد الادراج .. يمشي وهو يدس هاتفه في جيب ثوبه واذا به يسمعها صارخة : وينج يا كنه تشوفين نورا من عقبج شو صاير فيها ..


وتتوالى ثرثرتها الحانقة على طلب والدتها لها بأن تنظف السمك وتجهزه للغداء .. وهو يقف عند عتبة الباب من الخارج : صبحج الله بالخير يالنور .



النور... لقب تقسم بانها نست سماعه .. تركت ما بيدها ناظرة اليه .. فاغرة فيها .. هل ما سمعته وهما .. ولكن ابتسامته ووجهه الضحوك يؤكد لها أن لا .. تناست كفيها المتشبعان برائحة السمك فتمسحهما بثوبها وهي تُقبل عليه : يا صباح الخيرات .. فارس وياي والا حد غريب ؟




أنفجر ضاحكا على دعابتها التي نادرا ما تصاحبها .. لتردف بدعاء المحبة لشقيقها : يا رب دوم هالويه المنور وهالضحكة ..



واستطردت وهي ترفع كفيها ونظرها لسماء : يا رب ترزقني بريال مثل فارس عاجلا وليس اجلا .



لتلجم ضحكة فارس صوت عمر الغاضب : نورووه شو هالرمسة ؟ عيب ع البنت تقول مثل هالكلام .



خُرست لبرهة وبتلعثم تبعثر مع حديثها : بس كلام .. شو فيها يعني .. وبعدين يمدحون التمسخر ..



ناطقا ردا عليها : بس مب بذي السوالف ..



وكأنها تناست من يقف أمامها .. او لعله السخط من حياة تحياها في الايام الماضية .. وكأن بها لم تعد تطيق الصمت .. صوتها به ارتجافة : يا اخي شو بلاك علينا .. واقفلنا ع الوحدة .. اكبر منا ع عينا وراسنا .. هذوه فارس اكبر منك ومني ومع هذا ما اخاف اضحك وياه .. ما اخاف اطالع ويهه وانا اتكلم .. وانت ما نقدر حتى نقول كلمة والا نرفع راسنا قدامك .. كله تصارخ وكله حرام وما ايوز .. ترا ربك امر باليسر .. واحنا فبيت مب فمعتقل ..



" نورووه ؟ " صرخ باسمها حين ولته ظهرها عائدة لانهاء عملها بعيون ترقرق الدمع فيها .. ما إن هم ليخطو خلفها ردعه فارس ممسكا بكتفه : معاها حق يا عمر ..



حتى لا يخوض في هذا الامر قال : وين أمي ؟



نظر فارس حيث تقف شقيقته على بعد خطوات من حيث وقوفهما بجانب الباب : نوره وين امي ؟



-
عند جيرانا .. عندهم عزومه اليوم وشلت الشغالة تساعدهم وتفهمها شو تسوي وبترد



" شو بلاكم صوتكم واصل لعند الباب " .. نطقت بها ليلتفتا لها وتُكمل : شو يالسين تسون هني .. تتعطرون من ريحة السمج ( السمك ) .. مب وراكم صلاة اليمعة .



طردتهما من المكان .. ليترافقا الى المسجد مشيا على الاقدام .. والصمت يحفهما .. كُل يخوض في افكاره .. يلقيان التحية على الرجال الذين التقوا بهم .. حتى ما خلعوا نعلهم وولجوا الى بيت الله .. اتخذا لهما مكانا في الصف الاول .. هما هكذا دائما سباقين لصلاة الجماعة عامة وصلاة الجمعة خاصة .. يمضي بهما الوقت مع الجمع الذاكرين لله .. لترتفع الابصار حين بدأ الإمام خطبته يقف بين أيديهم .. حامدا ربه مثنيا عليه .. شاكرا له نعمه ومصليا على نبيه .. ليبتديء خطبته بقول الله تعالى :
{ وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا . وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا . رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِن تَكُونُواْ صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُورًا } {الإسراء/23-25}





وهو صامت تغزوه ابتسامة .. يرتجف قلبه خوفا أن لا يكون بارا بوالدته مطيعا لها .. وأن لا يكون مكرما لوالده بالدعاء والصدقة .. حديث الامام يشحن نفسه بالكثير .. يسمع همهمة بكاء من خلفه ربما رجل أخطأ في حق احد ابويه .. او لعله يتيم تذكرهما .. تنهد في خفوت .. ليقف مع المصلين بعد حين لاداء الصلاة .. وينفض المسجد من الجمع .. ليبقى في مكانه يخبر شقيقه ان لا ينتظره فهو بحاجة للاختلاء قليلا ..




تمر الساعات عليه جالسا وحيدا وبين كفيه مصحف .. يقرأ من قول ربه .. تخونه العبرة أحيانا فيسارع يمسحها .. لم يشعر بالوقت ولا لزوال الشمس عن كبد السماء .. هو وربه وكتابه لا رابع لهم .. تحفه الراحة كلما استشعر الهدوء اكثر ..




على مسافة منه جلس جسدا دون ان يشعر به .. ينظر اليه .. يتمعن في هدوءه .. في حركة كفيه .. ويحفه السكون حتى لا يزعج ذاك في خلوته .. لم يتحرك حتى ما رآه يغلق الكتاب .. ماسحا بكفيه وجهه وقف يمشي حتى ما وصل جانبه جلس رابتاً على كتفه الايسر .. متبسما حين تبسم فارس : الله يتقبل منك .


-
آمين منا ومنك يا رب .


-
من صلاة اليمعة وانت هني .. ما باقي شي ع صلاة العصر ياولدي .. فيك شي مخلينك تخلي بيتك واهلك فهاليوم ؟



إمام مسجدهم رجل في أواخر الخمسينات من العمر .. عاش معهم وبجوارهم سنين طوال .. صوته بالاذان دخل بيوتهم .. أيقظهم لصلاتهم .. واليوم كمثل أياما كثيرة يجلس سائلا اياه عما به .. يشعر بالراحة فقط حين النظر الى وجهه البشوش .. فيبتسم مرغما .. بقدر السعادة التي كانت تجتاحه صباحا أجتاحه خليط مشاعر متضارب .. تنهد : ما في الا العافية .. بس الخوف من ان ربي ما يوفقني لاني ما اطيع امي فاللي تبيه مني ..



التفت اليه ناظرا في مقلتيه الغائرتان في التجاعيد : بس ربي يشهد علي إني مب قادر اسوي هالشيء .. قلت لها الزواج مب بالغصب .. والكل يدري باللي مريت فيه ..



-
الكل يتمناك ياولدي .. ريال مصلي وتخاف ربك .. وامك مثل كل ام تريد تشوف ولدها مستانس وعايش حياته .. فهمها بالطيب وان شاء الله ربك بيكون راضي عليك دامك ما عصيته ولا اغضبتها .



اجتاح الاركان هدوء لثوان .. ثم نطق وهو مطأطيء رأسه : ودي اعرس واكون بيت واييب عيال واربيهم ع طاعة الله ورسوله .. بس خوفي يمنعني .. خوفي من اني مالقى البنت اللي تقدر تعيني ع هالشيء واعينها .. الخوف من قلبي اللي ما اظن انه يتقبل اي بنت ..




ذاك الحديث المتمرد على السكوت والخارج من بين اضلعه ، جعل ذاك الشيخ إن يسأله : شرايك بالامانه يا فارس ؟



سؤال أثار في نفسه خوف .. ربما هلع وربما شيء آخر لا وصف له .. ليجيب : كبيرة ما قدرت اليبال ( الجبال ) تحملها .



تبسم الاخر حتى بانت نواجذه : وانت قد حمل الامانه يا ولدي .. ريال ينشد الظهر فيك .. ولا بلقى حد مثلك يصون بنتي ويكرمها وأتمنه عليها .



اندثرت الحروف منه .. ولت دون رجعة .. فقط ابتسامة لاماهية لها ارتسمت على وجهه .. وانقطاب بسيط لحاجبيه .. حتى ما ربت العجوز على فخذه واقفا .. منبها له وأن اذان العصر لا بد ان يرفع .. اختفت الابتسامة وزاد الانقطاب وترددت الكلمات مرارا على عقله .. أيخطبه لابنته ؟



,,
,,


قبل ساعات طوال وفي مكان امتزج بالحزن والذكريات .. وبألم قابع خلف الاضلاع .. مستتر تأجج فجأة معلنا الظهور وكأن به مل الركود .. وقفت في ذاك الممر القصير بعد أن رماها خارج أسوار غرفته .. كخطيئة ما يرغب في نفضها دون ان يدرك انها التصقت به .. ظلت على وقفتها تلك دقائق لا شيء يتحرك منها الا ارتجاف خفيف لرأسها وشفتيها الغارقتان بماء عينيها .. لتعتصر بعد حين جانبي فستانها بكفيها المتراقص عليهما الحناء ..



تحركت بهدوء مبتعدة وحذاءها يعلن للاخر الرحيل من المكان .. لتجلس على اول كنبة تصادفها .. كصنم هي في هذه اللحظة .. دموعها السوداء تنزل لتشوه البياض ببقع رمادية باهتة .. كليلتها التي تمنتها شيء ووجدتها شيء آخر .. لم يعد عقلها يستوعبه .. هل هو سلطان ؟ .. ذو كلمات الحب ؟ .. والابتسامة الرائعة منذُ ساعات ؟ ..



هل هو أبن عمها .. الذي ظنت بأنه سيكون عون لها على زمن لم يبقى لها فيه سند ؟ .. مرت الكثير من الامور في رأسها .. تبحث عن سبب ما .. أله حقوق أخرى سيطالب بأن تدفعها له ؟ .. أم هو حق واحد فقط ؟ أخذه وسيرميها بعد ليلة واحدة معه .. هل سيرضى الهوان لابنة عمه ؟



هُناك خلف الباب بعد ان رماها خارجا .. تسمر امام الخشبي مطأطئ الرأس .. تثور انفاسه كمدا .. ربما حقدا .. وربما غضبا من خسارة ما .. ما لبث حتى استدار يسند ظهره به .. ويجلس بعدها يمد ساق ويثني الاخرى .. يشدها بذراعيه الى صدره .. وتمر في رأسه ذكريات ماضية ..



براءة طفلة .. صغيرة بيضاء الوجه عميقة العينين .. وشعرها الحريري القصير لطالما أثار في نفسه وهو ابن الرابعة عشر الشيء الكثير .. بياضها لم يكن له شبيه في عائلتهم الا شقيقها سلطان .. المسمى كأسمه .. فلقد اتخذا من اسم جدهما اسما لهما .. يذكرها حين تبكي بعد صراخه عليها .. فقط لانها لعبت مع الاولاد .. مع ابناء عمومتها وتاركة البنات متعذرة بانها تُحب لعب الكرة وهن لا ..



كثيرا ما كان يعنفها .. هل كانت غيرة من نظرات اترابه لها .. حتى حضته لان يوغر في صدر شقيقها الكثير من الامور ليكون له داعما في ردعها عن طيشها الطفولي .. كانت كملاك طاهر لا يتمنى لاحد ان يلمسه او ان ينظر اليه .. وتركه ذاك الملاك مرتحلا بعد ان رحل الجميع وبقيت وحدها .. ففضلت خالتها عليه .. عليه هو .. هذا ما كان يشعر به حين فقدانها .. هجرته ملاكه الصغير .. فهجر المرح من بعدها.. طامسا جُل وقته في دراسته ليغادر البلاد لعله يعود ويعود ما كان ..



سمع تحركها من صوت حذاءها العالي ..فتحرك يلصق اذنه على الباب .. لا شيء يصل اليه .. سحب انفاسه وزفرهن .. وقام ليرمي بجسده على السرير ويغط في نوم يتمنى ان يصحو منه وما كان لم يكن .



هي لم تتحرك بعدها .. جامدة تحاول ان تجد حلول لتلك المسألة الصعبة التي واجهتها .. تسمع صوت اذان الفجر يصل خفيفا وجدا .. الهدوء الذي هي فيه يحمل لها حتى صوت نبضات قلبها الثائر .. وعيونها هدأت متسمرة على نقطة امامها بعد ان سحت الكثير من ماءها .. وجهها المشوه كوجه ميت شاحب ..



أخيرا تحرك رأسها تنظر في المكان .. لم تشعر انه مضاء الا الآن .. سحبت نفس عميقا وزفرته .. إن كان هو غامضا بالنسبة لها فهي ستكون غامضة بالنسبة له .. هذا ما كان يجول في خاطرها ..



انحنت تنزع حذاءها الذي اتعب قدميها .. وقامت بعدها واقفة تبحث عن دورة مياه ( اكرمكم الله ) ستصلي الفجر ببياض فستانها الذي دنسه بفعله .. ستطلب من الله العون .. وبعدها ستتوشح بالهدوء ..

وقفت لتفتح الباب في آخر الممر لربما هو ما تنشده .. فالباب الاخر المقابل لباب غرفته هو لغرفة اخرى صغيرة .. فتحت الباب لتجد مطلبها .. تشعر بالتعب من الثقل الذي ترتديه .. وما إن خرجت حتى بحثت عن شيء تستر به عري رأسها وذراعيها .. لم تجد في تلك الغرفة الا بعض " شراشف" سرير بيضاء وأخرى ملونة .. سحبت احدها وتدثرت به .. وتوجهت لربها مصلية .



الساعة تشير الى العاشرة صباحا .. ترك الهاتف من يده بعد ان سحبه ليتفقد الوقت .. وفجأة نفض لحافه جالسا .. تذكر ان بالامس كان زواجه .. تشدق ساخرا .. وقام وهو يحك فروة رأسه بأنامله بقسوة .. لتعترضه حقائبها الكثيرة .. يبعد أحدها بقدمه متابعا سيره نحو دولاب ملابسه ..



كيف أنتِ الآن يا مها ؟ هل تبكين ؟ أنهرتي ساقطة من قسوتي .. ليتك تعلمين أن قسوتي لم تكن شيء أمام قسوتك .. أتزالين هُنا .. أم سولت لك نفسك الخروج نصف عارية وفي منتصف الليل ؟ ..



تشدق مجددا ساخرا وهو ينهي الاستحمام لافا على عورته بمنشفة بيضاء .. تعج في عقله الافكار بشأنها .. وكيف عساها تكون .. ليخرج بعد أن ارتدى ملابسه متوجسا .. لربما فعلت شيء ما بنفسها .. او لعلها منهارة على الارض ..



جال بنظره في الصالة .. لم يلحظ العيون الناظرة له .. والابتسامة المرتسمة على شفتيها .. ليأتيه صوتها من المطبخ المفتوح على تلك الصالة : لا تخاف ما مت .



جالسة وامامها على الطاولة كوب قهوة .. كيف لم يشتم تلك الرائحة حين ولوجه للصالة ؟ .. مشى بخطوات واثقة نحوها .. ليقف مستندا بكفيه على الطاولة : ما شاء الله لهالدرجة عايبنج فستانج ..


تبسمت : هيه .. من فرحتي فيه ما هان علي اعقه ..


قطب حاجبيه .. وبانفعال : تطنزين حضرتج ..


لتقف محدثة صوت بالكرسي .. ناطقة بحدة : مادري عنك ..


وخطت مارة من جانبه لتتلقف ذراعها كفه الغليظة .. يوقفها عن السير .. ناطقا من بين اسنانه في اذنها : لا تعانديني يا مهوي .. وخبري اهلج انّا ما سافرنا لاني ما لقيت حجز ..


نفضت ذراعها .. ناظرة اليه بتحدي غريب هي نفسها لا تعلم من اين اتى : ما بكذب يا سلطان .. واذا انت تبي تكذب اكذب .. ترا الكذب والنفاق مب غريب عنك ..


رفع كفه وقبضها ليطرحها بجانبه .. لتبلع هي ريقها بخوف .. ليرفعها من جديد يشد على ذقنها حتى تأوهت .. يقرب وجهه من وجهها .. ويلفحها بانفاسه : لا تعاندين .. ترى ديونج وايد .. وما اريد ادفعج اياها مرة وحدة .



بهدوء ظاهري خلاف ما يجتاح صميم ذاتها غادرت المكان .. لتسمع غضبه في احدى الكراسي .. وتبتسم لعلها ابتسامة نصر لم تتوقعه ..



أُقسم أني سأخرج ما في صدرك رويدا رويدا .. او دفعة واحدة .. لن اكون الضعيفة التي تُداس وتصمت .. ولكنني سأصمت بإرادتي .. وسأنتظر إلى أين سيقودُني عقلك المريض يا أبن عمي .




,,

هاتفها يقبع امامها على الطاولة قصيرة الارجل .. وهي قد سحبت ساقيها اسفلها وتدثرت بشال صوفي غطى نصف جسدها .. تراه يعلن عن رسالة واتصال .. ولكنها فقط تبتسم .. وتتابع التلفاز .. برنامج ديني يستهويها الانصات له .. لذاك الداعية البشوش .. تُعيد معه السيرة النبوية وقصص تحاول جاهدة ان لا تنسى اصحابها .. وكم هو جميل ذاك الزمان .. برغم الالم .. وبرغم الاضطهاد .. الا ان فيه قلوب لا يسكنها الا الله ونبيه .. وكفى بذلك قوة لا تعادلها قوة ..



خطوات تلك الاجنبية قصيرة الشعر .. ممشوقة القوام تقترب منها .. وقد توشحتها ابتسامة .. وفي كفيها قدحا قهوة .. لتمد ما في يمينها لريا .. وتتخذ لها مقعدا في جوف الكرسي الصوفي المنفرد ..تشد عليه ساقيها .. وتحتضن ما في يدها وجدا .. برودة المكان تحاول ان تعدمها بحرارة كأس لا يتجاوز من سعته الا كفيها ونيف ..



ترتشف وعينيها تقعان على الاخرى المرتشفة قهوتها بهدوء .. يثيرها صوت الهاتف فتحاول ان تبصره بمد جذعها .. ذاك الرقم تقسم انها ستحفظه عما قريب لكثرة تكراره على تلك الشاشة .. نطقت بخفوت : لما لا تُجيبي ؟ الا يساورك الفضول لمعرفة ما يريد ؟.



التفتت قليلا لها .. ثم انتشلت هاتفها . تمر على تلك الرسائل تحذفها دون ان تفتحها .. ومن ثم ترميه جانبها : اعلم ما كتب .. واعلم بان حديثه لن يجلب لي سوى الغضب والدموع .. فلما ادع ذلك يحدث ؟ فقط لارضي فضولي ؟



عادت ابصارها على شاشة التلفاز .. وتلك بقيت ترتشف في صمت .. لا تعي الحديث العربي جيدا .. عادت تخاطبها بهدوء سائلة : الا تشتاقي للعودة ؟


هزت رأسها متبسمة .. ودون ان تغير انظارها : ليس لي احد هُناك .. أجل اشتاق .. ولكن – التفت لها مستطردة – يعتريني الخوف من التفكير بما سيحدث .. فما بالك ان نفذت الامر ..



يعود الصمت لدقائق .. لتتحول دفة الاسئلة لِـ ريّا : وانتِ ؟ لما لا تعودي ؟ أشعر بالذنب حين افكر ان بقاءكِ بعيدة عن اهلك بسببي أنا ؟



انطلقت منها ضحكة ساخرة .. وبنبرة يشوبها شيء من وجع : لمن أعود ؟ لأمي ال***** .. التي لا تستغني عن الرجال .. أم لابي الذي لا اعلم من يكون ..



اسقطت ساقيها لتلامس قدميها ارضية المكان لتدسهما سريعا في حذاءها المنزلي الدافيء : هكذا مرتاحة ..


صمت ونظرات حدقت في الشاشة .. ومن ثم حديث مرتجف : أجل مرتاحة .. أنا حقا مرتاحة .


سحبت جهاز التحكم لتطفيء التلفاز فنهرتها تلك : دعيه .. لا اريد ان اكون احد مرضاكِ واحكي .. لا اريد ان اكون في خانة المرضى الذين توليهم جُل اهتمامك كتلك ..



كانت تقصد شامة .. ثم اردفت : لستُ بخير .. هناك شيء ما في داخلي لا اعرف ما هو ..



رفعت نظرها أخيرا لريا الصامتة والناظرة اليها بدورها : أخبريني أمرا .. تلك القصة في ذاك البرنامج المترجم بالانجليزية الذي تتابعينه كُل خميس ..


باستفهام وهي ترى تلك تحاول ان تغالب بعض من دمعها : أية قصة يا نيرما ؟


تحملق في قهوتها وتجيب : المرأة التي ارتكبت الخطيئة .. وذهبت الى الرسول تخبره بما فعلت .. ثم اعادها لانها حامل ..


رفعت نظرها من جديد : لماذا كانت تعود ؟ .. لماذا لم تصمت وتنجب طفلها وتربيه ؟ .. لماذا ارادت الموت بتلك الطريقة الوحشية ؟



سحبت ريا انفاسها وزفرتهن : لانها لا ترغب بان تقابل ربها وهي نجسة .. أرادت ان تُطهر من ذنبها وان تقف بين يدي خالقها وهي نظيفة .. كان جُل تفكيرها هو ارضاء ربها والتوبة له .. حتى وان كان الثمن حياتها .



" ولماذا الآن المرأة تفعل الخطأ ولا تُعاقب ؟ " .. سؤال طرحته ليبقى السكوت مسيطرا لدقائق .. وتقطعه هي متسائلة من جديد : لماذا نولد دون أب ؟ .. لماذا لا يوجد عقاب كالعقاب في الاسلام .. ؟ .. لماذا لا يوجد خوف من الموت ؟ وما بعد الموت ؟



" نيرما " .. نطقت باسمها وهي تغلق التلفاز : ماذا بكِ ؟ .. لما هذه الاسئلة فجأة ؟


-
إنها في عقلي منذ مدة طويلة .. منذ ان رأيتك تفعلين اشياء كثيرة .. اهتمامك بوالدك .. صلاتك .. معاملتك لي ولغيري .. ابتسامتك الدائمة .. وامور أخرى كثيرة ..


باهتمام طرحت سؤال آخر : كيف الحياة بعد الموت ؟


ابتسمت وهي تنزل ساقيها .. وتنحني تضع ما في يدها على الطاولة : بعد الموت إما جنة ونعيم .. او نار وجحيم .. بعد الموت وحشة قبر قد يكون روضة وراحة وقد يكون ضيقا وعذاب .. وكُل ذلك مرهون بيد الانسان .. مسلم او كافر .


قامت تلك واقفة : لقد بردت قهوتي .. هل ترغبين بكوب آخر ..



هزت رأسها نافية .. تنظر الى نيرما مدبرة .. يبدو انها تضايقت من الحديث .. ولكنها هي من ارادت المعرفة .. وقفت هي الاخرى .. عليها أن تحادث شامة .. عليها أن تحكي لها الكثير .. هي بحاجة ان تضع لحياتها مسار آخر ..


,,

تجري الايام تخبيء خلفها امور كثيرة .. بعضها يُعلم به والاخر يظل خلف استار الظلام .. اليوم الاثنين قرروا الاجتماع في منزل شبيب كعادتهم القديمة .. سيتناولون الغداء ومن ثم يتحادثون .. فقط ينقصهم حارب .. حتى فارس قرر ان يأتي بعد أن دعاه شبيب حين التقى به صدفة بالامس ..



فالمنزل في الاونة الاخيرة اضحى مقر زيارات للنسوة الباحثات عن زوجة .. بالامس كانت في ضيافة شمسة إمرأة مع بناتها وشقيقة زوجها .. جاءت لرؤية شامة وطلبها لابنها البكر .. موظف في جهة حكومية .. لا يعيبه شيء .. شامة التي لا يخفى على كنة حالها المتغير منذُ يومين .. من بعد الاتصال الذي جاءها من طبيبتها ..

تقف تحرك ما في القدر .. وشامة تقف على مقربة منها تقطع الخضار .. لتجرح اصبعها وبغضب صرخت : اوووف .. يعني وقته الحين ..



وتسرع تدسه تحت الماء .. وتنتشل لها بعض المحارم لتسكت نزفه .. لتنطق كنة : خلاص خليه انا بكمل ..


لتنتبه لشامة الباكية .. تحاول ان تبعد وجهها عن انظار كنة التي وقفت بجانبها تأخذ السكين من يدها : شامة شو بلاج ؟ شو اللي يصيحج الحين .. اذا ما تريدين العرس محد بيجبرج ..



مسحت دموعها بطرف سبابتها وانتحت بجسدها جانبا .. متكأة على دولاب المطبخ : تعبت يا كنه .. أمي كل شوي اتيني تلح علي .. واذا اصريت تسمعني كم كلمة .. شوفيها الحين حالفة ما تيب شغاله عقب ما شردت شغالتنا .. بس عشان تريد تكرهنا بالعيشه هني ..


تقطع الخضار نيابة عن شقيقتها : ما عليج من امي .. وبعدين هذي حياتج .. من حقج ترفضين ..



كان حديثها قد وصل لاسماع والدتها الداخلة عليهما لترى الى أين وصلتا بالغداء : ما شاء الله عليج يا كنه .. هذا بدال ما تعقلينها .. وانا اقول من وين يايبه العناد .. اثاريه منج ومن اخوج ..




" ياميه السالفة مب جذي .. أنتي ... " .. وقبل ان تكمل قاطعتها بعصبية : انا شو يا كنه .. انا خايفة عليج وعلى اختج .. كم واحد ياكن ورديتنه .. خبرني .. والريال اللي متقدملها الكل سأل عنه .. ريال والنعم فيه .. والا هي شايفة نفسها عليهم ..



صرخت شامة : خلاص .. بس خلاص .. انا مب لعبة تحركوني على كيفكم .. انا انسانه ولي راي .. ما اريد العرس .. يعني ما اريده .. ليش مصره تعاملينا بهالشكل .. ع كل شيء تنازعينا وتصارخين علينا .. ما اريد العرس ولو تبين انظف البيت كله بنظفه .. لو تبيني اشتغل خدامه هني بشتغل .. بس خليني ع كيفي ..


لم تجد ردا من والدتها الا صفعة على خدها الايمن .. تحت انظار من تجمهروا على الصوت العالي .. شبيب وجابر ومنذر .. وشخص آخر كان بعيدا ولكن اسماعه كانت تلتقط كُل ما يقال ..


صرخ شبيب فيهن : شو بلاكن .. فشلتنا .. شو مستوي .. الميلس متروس رياييل وانتن صوتكن واصل لشارع ..



هزت شامة رأسها : ما اريد اعرس .. ما اريد تجبروني ع شيء .. مب مستعدة .. والله مب مستعدة .. خبروا امي بهالشيء لانها مب طايعة تفهمني .. وكل اللي يتقدمون يبون العرس عقب كم شهر .. وانا ما اريد .. ما اريد ..



لتمر من بينهم تسمع تحوقل كنة ومن ثم تحوقل جابر .. لينطق منذر : شموس تراج والله زودتيها عليها .. العرس مب غصب ..



-
انت مالك حق تتكلم يا منذر .. ولا اريد بناتي يبقن بدون عرس مثلك .



رفع حاجبه : خلاص ما بتكلم .. شبيب قول شيء .. تراك انت بس اللي لك حق تتكلم فحضرة امك .


بعصبية ردت عليه : تتمصخر علي يا منذر .


-
حاشاج يا بنت ابوي .. بس تبين الصدق وايد عليهن متحملاتنج .



وبعدها غادر .. ليجلس مع بطي وفارس وسعد في المجلس ويعتذر منهم .. اما جابر فبقي قليلا ومن ثم لحق بمنذر .. ليبقى شبيب هناك : الحين ياميه ليش مستعيله ع عرسهن .. متى ما بييهن النصيب محد بيقدر يرده .. خليهن براحتهن ..


- محد مكبر روسهن الا انت


قالتها وابتعدت .. ساخطة من كُل شيء .. ليلتفت لكنة المتصنمة في مكانها : شامة شو بلاها .. مب شامة اللي اعرفها .. صايرة عصبية ولا تكلمني ولا حتى تيلس وياي .. قالتلج شيء .. انا سويت فيها شيء وانا ما ادري .


هزت رأسها نافية .. ومن ثم : ما عليه الحين بروح اشوفها .. عقب ما احط الغدا لكم .. لا تحاتي روح لضيوفك ..



انشحنت اجواء المنزل بالغضب والبكاء والتساؤلات والخجل .. لتنهي كنة عملها في المطبخ بعد ان اعدت كُل شيء .. وتحث الخطى لغرفة شامة .. تدخل دون استأذان وتجدها واقفة عند النافذة تنظر لساحة المنزل : ما كان قصدي .. بس اعصابي تلفانه .. فشلتهم ..



اغلقت الباب وخطت نحوها لتقف بجانبها تديرها لها : انتي شو مستوي وياج .. من يوم ما كلمتي الدختورة وانتي منقلبة علينا .. شبيب يسألني اذا سوى شيء خلاج تعاملينه بهالشكل .. وهو مب داري انج ع الكل متغيرة .. شو بلاج ؟


عضت على شفتيها وبعثرت نظراتها حتى استقرت على وجه كنة : ليش الناس تخون وتكذب .. ليش يوم اثق فحد يطعني .. شو ذنبي .. بس لاني اصدقهم واحبهم واثق فيهم .. ليش يكافأوني بهالشكل ..


امسكتها من كتفيها : شو مستوي ؟

طوحت برأسها وابتعدت تتخذ لها من سريرها ملاذا : خليني بروحي .. الله يخليج ..


وسرعان ما استلقت متدثرة بغطاءها ..




,,

هُناك بعد أن هدأ المكان ومُلئت البطون مما لذ وطاب .. واتخذت الاحاديث مجرى الضحكات بينهم .. ناطقا منذر : وتلوموني ليش ما عرست .. اقول تلاحق ع عمرك يا سعد وافسخ الخطبة ..


نطق سعد وقد اتكأ على احد الكراسي وبجانبه يجلس جابر : افااا .. وتبا الناس تقول عني مب ريال .. خلاص تم كل شيء وان شاء الله العرس قريب .. وعقبال اللي مب معرسين ..


ليرد عليه منذر : فال الله ولا فالك .. شبيب بيلحقك وفارس شكله بينوي قريب وبطي ما يندرى عنه ..


ليقهقه فارس : والله متى ما بيي النصيب محد يقول لا ..

ليعتدل شبيب في جلسته : ناوي يعني ؟


-
لا مب ناوي ولا شيء .. بس اقول يعني ..



فجأة تسمرت الانظار على بطي الناطق : شبيب طلبتك قول تم .


انقطب حاجبي جابر وكأن بملامحه يستفهم من بطي الذي زادت ابتسامته حين رد عليه شبيب : اذا اقدر تم .



عب الهواء في رئتيه ونظر للوجوه تباعا .. على يمينه فارس وعلى يمين فارس جابر يتبعه سعد ومن ثم شبيب ومنذر كان بعيدا على الجانب الايسر له .. ليستقر على وجه شبيب : طالب أيد اختك شامة .




,,

هُنا اقف وموعدنا الجمعة بإذن الله تعالى



ثرثرة أنثى 15-03-14 09:07 PM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
اهلًا. غاليتي

بارت رائع جداً وفقك الله حبيبتي

بنتظار البارت القادم بشوق

ثرثرة أنثى 17-03-14 08:34 PM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
غاليتي


متى ينزل البارت

اسطورة ! 16-04-14 01:57 AM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
http://up.graaam.com/forums/616798/01394833053.gif

,،


" انخبلت أنت .. مينون .. صاير لعقلك شيء " .. كانت كلمات متقاذفة من ثُغر جابر الحانق وجدا على فعل بطي الغير مدروس من وجهة نظره .. غادر منزل شبيب بعد أن غادر بطي بدقائق .. قاد سيارته بعصبية مفرطة .. جابر الهاديء حين يغضب فانه يغضب بقسوة .. اندفع الى القسم المتطرف في ساحة المنزل .. القسم الذي استقر فيه شقيقه.. الذي لم يعد يعرفه من بعد العودة .. صارخا بتلك الكلمات واقفا خلف بطي الموليه ظهره يُخرج من دولابه ثوبا له .. هاديء لا يرغب بالرد في ثورة الغضب التي تجتاح شقيقه الاكبر ..

ليتحرك يقف امام المرآة يعدل " غترته " .. ليتابع ذاك بحنق جم : مسوي فيها ولد العم الشهم .. اللي سمع كلام بنت عمه وضرب الصدر ..

تنهد أخيرا ناظرا لوجه جابر المنعكس أمامه : اظن سمعتني شو قلت لشبيب ..

-
وهذا كلام بالله .. تقوله انا مب مستعيل ومتى ما هي تريد انا جاهز .. واذا ما قررت وخطفت السنة وراها سنه .. بتترياها .. خبرني بتترياها والا بتطعنها وبتخليها ..

-
لكل حادث حديث ..

يدس قدميه في نعليه ليفاجأ بيد جابر تمسكه من عضده تديره اليه : يوم اكلمك طالع في وكلمني .. وشو يعني لكل حادث حديث .. خبرني ..


تحوقل لتبان ملامح الضجر من الحديث على وجهه : جابر انت الحين معصب .. وبعدين ليش تستبق الامور .. يمكن ما توافق .. يعني خلاص خليتها وافقت وحطيت كل الحق علي ..


زفر الاخر انفاسه عاتقا عضد شقيقه الايمن : صرت ما اعرفك يا بطي .. ولا ادري باللي يدور فراسك ..


يربت على كتفه : بطي هو بطي .. بس الحياة عينته ( عجنته ) شوي ..واللي مخلينك تحس انك ما تعرفني هو خوفك .. لا تحاتي .. وشامة ان وافقت ما بيصير الا اللي هي تباه .. وان ما وافقت خلاص كل حي فطريق ونبقى عيال عم .


رآه يغادر المكان وظل صامتا من بعد الكلمات .. هل بات لا يعرف شقيقه حقا .. أم هي المعرفة ما تصيبه بالخوف ؟ .. سحب انفاسه وزفرهن ليغادر هو الاخر المكان .. يدس كفه في جيب ثوبه حين تخطى العتبات والجا الى منزله .. ليأتيه صوتها وهو يصعد الدرجات : متى بتردين البيت ؟


تجلس بمعية والدتها بعد أن صلتا العصر .. لتقف مستأذنة حين جاءها الاتصال .. خارجة الى ساحة المنزل : هلا بجبوري ؟


لتقطب حاجبيها حين طرح سؤاله : شو بلاك معصب ؟

يتحرك في الغرفة يحاول ان ينفس من غضب روحه : ما في شيء .. متى بتردين ؟


-
أنت الليلة بداوم وما بتنزل الا الفير .. يعني خلني ابات عند اهلي وباكر الصبح برد البيت .

ببرود انهى المكالمة .. لتتحرك عائدة الى الداخل .. ويقابلها مطر وقد ارتدى ملابس رياضية : على وين العزم ؟


تبسم في وجهها : سجلت فالنادي .. الرياضة زينه وبتساعدني .


وبهمس وهي تقترب منه .. وكأنها لا ترغب لوالدتها بان تسمع : بعدك مصر ع الجوية ؟

يتحرك من جانبها ليكون هو في الخارج وهي في مكان وقوفه السابق : امي بترضى شوي شوي .. وبعدين هذا حلمي ..

تحرك مبتعدا وسرعان ما عاد ادراجه مناديا شقيقته : ما شيء اخبار عن مها ؟

ابتسمت : يمكن باكر اتي هني عقب الظهر .. يمكن .. هي ما اكدت الييه .

-
وسلطان ؟ كيف وياها ؟

رفعت كتفيها مقوسة شفتيها وناطقة : ما قالت شيء .. وبعدين مالك خص تدخل فهالسوالف .. اذا مب مرتاحة كان بان ع صوتها يوم كلمتها .. بس هي كانت عادية ..

تنهد وبنبرة تشوبها الجدية : مها مثلج يا ليلى .. أختي .. رابيه ويانا .. من وعيت ع هالدنيا وانا اشوفها اختي العودة .. وكنت اظنها اختنا .. بس من يوم سمعتها تنادي ابوي بعمها .. وأمي بخالتها بديت اعرف ..


سكت عن الحديث ينظر الى وجه شقيقته الناظرة اليه بدورها .. ليستطرد : اذا احنا ما سألنا عنها وعن حالها منو اللي بيسأل .. والصراحة سلطان ما يطمنله ..


قطبت حاجبيها .. تتلقف ذراعه تشده ليبتعدان خطوات عن باب المنزل خوفا من أن تصل الكلمات لمسامع والدتهما .. اعتقت ذراعه ولا تزال قاطبة الحاجبين : شو هالرمسة يا مطر .. كيف يعني ؟

زفر انفاسه : سلطان طلعلنا فجأة .. غايب صارله فوق السبع سنين عن البلاد .. وجذي بدون ما نحس نلقاه خابص امور مها .. كانت بتكون لشبيب ريال كلمة والنعم فيه قليلة فحقه ..


يستحل الصمت المكان لثواني .. ليتبعثر بصوت مطر الخافت : اسلوبه وكلامه اللي من تحت لتحت وما ندري شو يقصدبه .. كل هذا شفته منه وخوفني ..

وضعت اناملها على شفتيها : اششش ..

لتبتسم وهي تنظر خلفه .. والدتها تخرج من الباب .. ويلتفت هو على صوتها : شو عندكم واقفين هناك ..

دون ان تقترب وقبل ان يأتيها الجواب : اخوكم وينه .. طالع من عقب الظهر


" مبارك؟ " .. نطقها مطر باستفسار جم بان على وجهه .. وبتهكم اجابته والدته : ليش عندك اخو غيره .. لاهي وييا عمرك وناسينه ..


يدنو منها بخطوات واسعة .. يحني رأسها مقبلا : فديتج ليش معصبة .. اكيد يلعب فالملعب اللي صوب المسيد العود .. الحين بطلع وبخطف عليه وبخليه يرد البيت قبل تغرب الشمس ..

-
يا مطر خايفة عليكم لا تلوموني .. الخسارة شينه .

غالبتها دمعة فسقطت .. اشاحت بوجهها : روح عن تتأخر .. الله يحفظك .

من جديد يقع على رأسها مقبلا : ويحفظج لنا .


تركت مكانها تحت انظار ابنتها .. ربما الوجع يكمد .. ينام في سبات عميق .. ويصحو فجأة يصاحبه ألم الذكرى .. كلمات و تصرفات قد تعيد الينا وجه شخص فارق الدنيا .. كما هي .. تلقي بالكلمات دون ان تحسب لتبعاتها حساب .. تدخل المجلس ليأتيها صوت حمد والهاتف على أذنه .. يجلس باهتمام .. ويتحدث باقتضاب .. لو رآها لقالت بانه يخفي شيء عنها .. ولكنه لم يلمح دخولها ..
ما إن داعبت أنفه رائحة العود ودهنه حتى رفع بصره مبتسما : خلاص يابو ناصر .. يوم الخميس على بركة الله ..


لينهي الحديث .. ويأتيه صوتها : منو بو ناصر .. وشو عندكم يوم الخميس ..

-
يلسي وقهويني وتقهوي ويياي وبخبرج .

لتتناول آنية القهوة وتمد له بفنجان : ياللا خبرني .. منو بو ناصر .. ما حيد عندك حد من ربعك مسمي ناصر .

ليقهقه بعد حديثها .. ويعطيها فنجانه .. معتدلا في جلسته : بو ناصر الله يسلمج .. شبيب بن ناصر .. ويوم الخميس بنروح لعرب معروف عنهم السمعه الطيبة وبنخطب بنتهم .. وعقبال ما تخطبين لعيالج ..

باهتمام وهي تاخذ من يده الفنجان بعد ان هزه مكتفيا : غريبة شمسة ما قالتلي اروح وياها اشوف البنت .. يا كثر ما تكلمت .. وقالت ..

-
لا تظلميها .. هي لا شافت البنت ولا شافت اهلها .. بنروح احنا بالاول وبنخطبها من اهلها .. البنت ما تنعاب دامها من هالاصل الزين ..

-
بس يا حمد كيف تخطبون بهالشكل .. واذا طلعت شينه والا فيها شيء .. ترا كلمة الرياييل ما تنرد ..


تنهد ليلوذ بصمت عميق .. صمت سيبقى في طيات الصدور .. واحاديث ماضية .. اجبار دون قصد .. فقط لان كلمة الرجال لا تُرد .. كم ان تلك الكلمات ثقيلة بثقل الرواسي .. وهي لاذت معه في معمعة الافكار .. لعلها في عالم آخر غير ما هو فيه .. لتكسر السكون بالحديث عن مطر .. تحاول من جديد لعل حمد يردعه عن قراره الذي يجلب لها الخوف .. وكالمرات السابقة جاءها الجواب المعتاد : مطر ريال ويعرف شو يريد .. والعمر واحد ما بيرده بني آدم .


,
،


" أنت يايب الشقى لعمرك " .. قالها له وهما في طريقهما لقطع تذاكر لاحد الافلام .. ويبتعدان عن المكان بعدها حتى موعد الفلم المرتقب .. ليتخذا لهما في احد المقاهي طاولة .. ويتابع حديثه : يعني بدال ما تصلح اللي فعقولهم عنك تبلي نفسك بالعرس .. وين عقلك يا بطي ..

زفر بقسوة : ربيّع تراني مب ناقصنك .. اذا انا ما تحركت محد بيتحركلي ..

" بس مب بهالشكل " .. قالها وقام واقفا .. سائلا الجالس : شو تشرب ؟

بامتعاض أجابه أن لا رغبة له في شيء .. ليعود ذاك للجلوس وبهدوء : بطي .. ليش ما تيلس وييا اخوك وولد عمك وعمك وتخبرهم اللي صار وياك .. انت ما غلطت .. انت انضحك عليك ..


" واطلع قدامهم غبي " .. قالها بغضب .. ليمسح وجهه بكفه الايمن مستغفرا : ربيّع اللي صار غباء مني .. اتحمل اللي ياني واكثر ..

طوح برأسه : وهم .. دبسوك وخلوك .. بس بعدني اقول لازم تخبرهم باللي صار وياك ..


يمضي الوقت ليدخلا القاعة .. وما هي الا ربع من الساعة حتى قام واقفا .. ينظر اليه ربيّع : ع وين ؟

-
مالي خلق افلام .

ليغادر المكان .. شيء ما في داخله يردعه عن البوح ليس الخوف من نظرة الاخرين له .. انما شيء آخر لا يعلمه .. ينطلق بسيارته .. تجول عبارات صاحبه في ذهنه .. ليخبرهم وينتهي من نظرات الشك القاتلة .. من اعدامهم لذاته ببطيء لا يدركوه .. يتهادى الى مسامعه أذان العشاء .. ليس كـ جابر مواضب على الصلاة .. ولكنه يشعر بانه بحاجة الى ربه .. بحاجة ان يطلبه العون .. ليجد نفسه يتوقف عند المسجد القريب من منزل ابن عمه بعد دقائق .. مؤكد سيلتقيه .. وهو يتمنى ان يلتقيه ..


يؤدون الصلاة زمرة من الرجال مع بعض الصغار من بينهم هاشل الذي اصر عليه شقيقه ان يرافقه .. وهو ايضا كان بينهم .. لتنفض الجموع .. ويخرج متأخرا .. لعله التردد من لقاء ابن عمه هو الذي ابقاه حتى آخر فرد خرج .. ليفاجأ حين خروجه بـ شبيب .. يقف مبتسما .. ليبتسم هو بدوره .


هل قرأت ما يجول في خلدي يا شبيب .. هل ارتبت من حضوري إلى هنا .. وأنا الذي التقيتك ظُهرا في منزلك .. أوجهي يكشفني .. أم أن افكاري ستفضحني رغما عني .



تصافح معه .. ومشى بمعيته في هدوء أستغربه هو من أبن عمه .. ألن يسأله سبب المجيء ؟ .. وقف بجانب سيارته ناطقا : شبيب أقدر اتكلم وياك .


ومن بعدها ترافقا الى منزل شبيب .. يجمعهما المجلس الواسع .. منذُ ساعات خلت كان يضج بالضحكات والاحاديث والصدمات .. يجلس يربكه الصمت .. تربكه تلك الابتسامة وتلك النظرات .. ليرفع نظره : اللي صار وياي يوم كنت مسافر ..

هربت الكلمات .. تبعثرت لتسكنه الزفرات الخفيفة .. يطول السكون .. فيبعثره شبيب : بطي .. اذا تظن اني بخلي غيابك عنا بكل هالسنين سبب عشان ما اوافق ع طلبك فانت غلطان .. بس عطني وقت اكلمها واشوف رايها ..

ليقف بعدها : بقولهم يحطون العشا .. بنتعشى وبنتكلم ..


هي الفرصة سانحة للهرب .. لاهرب وابتعد – نفض رأسه من افكاره – لماذا الجبن يعتريك .. أولست من تحمل حتى فاق تحمله توقعاته .. إلهي كُن معي .. فقط كُن معي .



تلك الدقائق كانت ثقيلة .. تضغط على صدره .. حتى العشاء كان لا يستصيغ طعمه .. فقط يبتلع اللقمات في شرود .. وذاك تأخذه الافكار حيثُ لا يعلم .. تموج به بين بطي وبين يومه الموعود ..

-
شو بلاك ؟

سؤال طُرح من فيه شبيب .. ليرد الاخر وهو يترك كسرة الخبز من يده .. متمتما بالحمد : السالفة يا شبيب اني تعبت .. عمي وجابر وكلكم اطالعوني بشكل ما ادري كيف اقولك .. اللي صار وياي كان غباء مني .. صدقتهم .. انغريت بمدحهم لي ..


وبتهكم يردد احاديثهم له : أنت ما شاء الله عبقري في الكتابة .. انت لو تكتب أي شيء اي حد بيقراه بيصدقه ..


تنهد مستطردا .. متنحي عن صينية الطعام : صدقتهم .. وصرت اكتب لهم مقال ورى الثاني .. يخبروني باللي اكتبه .. واكتب .. ظنيت اني اسوي الصح .. يمكن لان كان بينهم مواطنين وثقت فيهم .. كنا نتكلم عن وحدة من الجماعات .. كنت اكتب وهم يطبعون وينشرون فالجامعة .. الين لقيت عمري بروحي .. محد وياي .. يسحبوني من الشقة مثل العنز اللي بيودونها المقصب ..


بلع حسرة تكبدتها نفسه ايام وايام .. لينطق بخفوت : علقوني من ايدي .. يوم واثنين وثلاثه .. كنت كل ما ارقد من التعب اقوم ع الماي البارد فويهي .. كانوا يقولون بنعلمك كيف تكتب عنا ..


توقف عن الكلام لبرهة .. وبشيء من وجع ناظرا الى وجه شبيب : أنا اعسر يا شبيب .. أعسر .. والحين ما اقدر اكتب سطرين بيدي اللي احس بويع الله لا يوريك .. عقوني عقب ما ادري كم اسبوع .. قدام واحد من المستشفيات .. انكسرت ريلي من الطيحة من السيارة .. كسر مركب .. يلست شهور فالمستشفى .. كل ما ارقد اقوم ع الويع .. والا اقوم ع كوابيس .. حولوني بعدين ع طبيب نفسي .. كنت اشوف الكل خاين .. اي حد يمكن يغدر في .. أنا ما سويت شي غلط .. كل ذنبي اني كنت غبي .. دخلت عمري فمشاكل سياسية انا مالي دخل فيها ..


بهدوء قام يحمل صينية العشاء .. وبطي ينظر إليه .. ليعود بعدها يجلس بجواره .. يربت على فخذه : الشدايد للرياييل يا بطي .. ليش ما خبرت جابر .. أخوك كان خايف عليك .. ما خلى حد من ربعك اللي سافرت وياهم ما سأله عنك .. وآخر شيء يقولوله أنك انت ما تريد تكلمه ..


-
كنت خايف .. وللحين خايف من ردة فعله .. ما بيصدقني .. أحس لو اتكلم وياه عن كل شيء صار ما بيصدق ..



,
،
,
،


هناك على بعد امتار عن منزلهم كانت اعاصير الغضب تضرب أرجاء المكان .. فقط لانه اثار موضوع يصيبها بالسخط .. وبالقهر .. يشعرها بالنقص .. يخبرها منذ ايام بانه قرر ان يتقدم لخطبة كنة .. معشوقة القلب .. فتثور في وجهه مهددة بالابتعاد .. وهذا ما تتمناه هي بالفعل .. ترغب بحدوث شرارة من قبلة .. لتندلع حرب تكسب في صفها اخوتها وعائلتها .. ليقفوا معها وتتحرر منه ..



تحمم طفلتها بغضب .. تضربها على كتفها العاري بقسوة لتقف بانتصاب .. وتخبرها الصغيرة بالبكاء : عيوني تعورني .



وتجيبها بغضب عارم : عساهن العمى .. قلتلج سكريهن بس ما تسمعين الرمسه ..




تديرها نحوها بعنف لتغسل وجهها بالماء مراراً .. ومن ثم تدثرها بالمنشفة تأمرها بان تخرج .. وتقف هي بتعب .. تعانق وسطها بكفيها .. وتخرج بعدها ترى كنة الصغيرة تجاهد في ارتداء لباس نومها .. لتتقدم منها تسحب القميص بعنف : بدخلين السادسة وبعدج ما تعرفين تتلبسين .. هو احصلها منج والا من ابوج ..




يتقوس فمها .. تغالب البكاء .. فهي تعلم بأنها إن بكت ستنهال عليها بالضرب والصراخ .. تنشق انفاسها بين حين وحين .. وتلك تقطب جبينها .. تُلبسها " بجامتها " الوردية المزينة بالرسومات .. ومن ثم تصرخ بها بأن تذهب للنوم .. وأن لا تسمع لها صوتا ..




كُل ذنبها أنها تحمل اسما تكرهه والدتها .. أسما يردده سالم في منامه كثيرا في الآونة الاخيرة .. تُخرج جُل كرهها على جسد طفلتها ذات الخمس سنوات وبضع أشهر .. خرجت من الغرفة بعد أن تأكدت من نوم طفلها بهدوء في مهده .. تدنو من الصالة حيثُ يجلس هو بمعية والدته .. وحديثه الدائم معها ..




قريبا منها وجدا يضغط على فخذها مدلكا له : أمي شو بلاج .. يعني صارلي كم يوم اقولج ابغيها .. واريدج تروحين تطلبينها لي من امها فالبداية .. تشوفين رايهن ..




زفرت بغضب : أنت اللي شو بلاك ؟.. يعني ما تفتهم والا شو .. كيف تباني اروح لبيتهم من عقب اللي صار .. لا وبعد اخطبلك بنتهم .. اللي دمرت حياتها بخوفي عليك ..




شخص ببصره للاعلى متحوقلا .. كافا يديه عنها : ياميه ابغيها .. مب قادر اعيش وانا اسمع كل يوم حد يتقدملها .. اخاف تروح من ايدي .. عقب ما صارت قريب مني ..




وبجدية اردف : امي بعطيج اسبوع .. اذا ما رحتي تخطبيها بروح بروحي .. وبخطبها من شبيب ..




حينها دخلت صارخة به : يوم بتسويها يا سالم بيكون آخر يوم لي هني ..




وقف بغيض : الدرب ادلينه .. تراني مب مدمغ .. انتي تبينها من الله .. وهذيه يتج ع البارد المستريح .. روحي ركضي ورى اللي باعج ..



-
سمعتي ولدج شو يقول .. سمعتيه


لتعود تنظر اليه : هيه بعدني احبه واريده .. والا هو حلال عليك الحب وحرام علي ..




لم تجد منه الا وجها يكاد يموج غيضا .. يرص على شفتيه غضبا : والله ابركها من ساعه يوم تفارقيني ..




ليخرج وتبقي هي تهيل الكلمات على مسامع والدته .. وجسد صغير التف على نفسه .. يتلقف الصراخ بدموع صامتة .. تشد على جسدها بكفيها الصغيرين .. وتجري بعدها مسرعة خوفا من اكف كانت تتمنى ان تكون لها حانية .. وتندس في فراشها .. لتغرق في عالم آخر .. تتمنى ان تصحو منه ولا تسمع صراخا .. ولا تتألم ضربا ..





,،


" ذاك الحقير العربي المسلم " .. قالها استراليا في " كافتيريا " المستشفى .. وهو يضع صحن طعامه على الطاولة .. ويردف بغيض : كم أكرهه ..



لتبتسم زميلته في مهنة الطب : معك حق .. وأنا أيضا لا أطيقه .. جميع الاطباء المشرفون على تدريبنا يشيدون به ويشجعونه .. ونحن لا شيء في نظرهم .



تلتفت انظارهما له .. يقف يضع في صحنه بعض من السلطة وشيء من الارز مع الصلصة النباتية .. يتجنب اللحوم .. يرونه غريبا .. قليل الكلام وكثير العمل في المستشفى .. يبتسم لهما فيبتسمان له نفاقا .. وهو يعلم ما تكنه صدورهم من احاديث سابقة التقطها صدفة ..




يجلس وحيدا على طاولة في الزاوية .. يلتقم الطعام في هدوء .. وسرعان ما اخرج جهازه المحمول من الحقيبة التي كان يردفها على كتفه .. يبدأ بتشغيله .. ويتناول طعامه وهو ينتظر الشاشة لتأذن له بأن يعمل عليها ..




ينهي طعامه وينحي الصحن جانبا .. مقربا جهازه .. يبحث في بريده الالكتروني .. ليجد رسالة .. ويبتسم .. لعلها متأخرة وجدا .. ولكنها وصلت .. هل كان في انتظارها ؟



يفتحها ويتابع الكلمات بعينيه.. وبعد السلام :




" حارب شحالك ؟ .. ليش هالتصرف منك ؟ قافل فونك .. ما تبانا نطمن عليك يعني .. شارد منا .. ليش ؟ .. شو سوينا فيك .. تروح بهالشكل .. واقولك تواصل وياي وتقولي ان شاء الله .. واثاريك تلعب علي .. شهور مرت وانا كل كم يوم اتصل عليك .. ونفس الجواب يوصلني .. الرقم مب مستخدم .. شارد من شيء ؟ .. والا خايف من شيء ؟ .. "




تنتهي الرسالة المفعمة بالعتاب من فارس .. ويضل هو شابك كفيه .. مسندا عليها ذقنه .. ومتأملا فيها .. يصيبه حزن من الاحرف المسكوبة .. ووجع من قلبه الخائن كما اضحى ينعته ..




لماذا اشعر بأن خلف اسطرك أمورا تعلمها عني .. وحين السفر كانت عيناك تحكي شيء لم استطع معرفته .. هل اضحيت اتوهم .. ام انك تعلم بخيانتي لك يا فارس .. وأن كنت تعلم لم السؤال عني ؟ .. أوآه كم أني مشتت .. مزعزع التفكير ..





يلملم اشياءه ويغادر .. يشعر بوحدة قاتلة تقوده للجنون .. يغادر المشفى مشيا على قدميه .. فسكنه لا يبعد كثيرا .. يجري مسرعا حين بدأت السماء تسح زخات مطر باردة .. ليصعد درجات البناية مهرولا .. ويلج الى شقته .. يرمي بالمفتاح على الطاولة .. ويضع حقيبته على الكرسي .. ويخطو نحو غرفته .. هُناك سيل من المشاعر يموج في صدره .. ليجلس على سريره .. يطوي ساق أسفله وأخرى تدلت الى الارضية .. يسحب أوراقه من درج الـ" كوميدينة " .. ويخط




عواصف تهيج بي ..

وأنتِ لا تعلمين ..

تضربني ببروقها ورعودها .

تفتتني .. ويحيني الحنين ..

وانتِ لا تدركين .






فجأة ترك الاوراق من يده .. وخرج .. عاد ليقرأ رسالة فارس .. يكتب ردا ويمحوه .. ويعود يكتب ويعود يمحو .. ليغلقه أخيرا دون رد .. لا يرغب بأن يعلم شيء .. سيموت أضعاف مضاعفة إن كان ذاك يعلم بأن صاحبه خائن .. ومنافق بارع .. ومجرم محترف .


,،




غُربة أخرى تلتحف بها ريا .. تختبئ بين جنباتها خوفا من اشخاص كانت تتمنى لو كانوا بجانبها .. تلتحف غطاءها الثقيل من برد تشعر به .. متنعمة بنوم هاديء .. لم يعكر صفو نومها في هذا الصباح الا صوت نيرما .. وهي تهزها لتستيقظ : ريا .. ريا .. هيا استيقظي ..


" اممممم " همهمت بها وهي تغير وجهتها .. لتسحب تلك الغطاء : لقد رأيتُ شيئا غريبا ..



فتحت عينيها بثقل .. وسحبت جسدها بثقل اكبر .. تتدثر بالغطاء : ماذا بكِ ؟ وماذا رأيتِ ؟




بتوتر فرح ممزوجا بخوف .. تقاذفت الجُمل من فيها بعشوائية : رأيتُ شيء أبيض .. رائع حقا .. شعرتُ بالدفيء .. لا ليس دفئا كما نشعر به .. شيء غريب ..




استقيظت أخيرا لتمسك بكتفي نيرما : أهدأي .. وأخبريني ما الذي يجعلك بهذا التوتر .. وهذه السعادة ..




" أنظري .. أنظري " .. كانت تُريها أرتعاش كفيها : لا أعلم لماذا ترتعشان إلى الآن .. كنتُ نائمة .. بالامس كنتُ أقرأ في كتاب اعطاني أياه شاب مُسلم ألتقيته في المكتبة .. لقد سألته عن بعض الكُتب .. وحين غفوت منذُ ساعة فقط .. رأيت نورا غريبا .. وبياضا .. أكف بيضاء تمسك بيدي .. شعرت بالدفئ .. شعرت بفرح يغمرني .. لم أخف .. مع أنه كان غريبا جدا .. وبعدها ارتفع لسقف غرفتي .. أقسم إني رأيته يرتفع ويخترقها للسماء ..




ترتسم أبتسامة على شفتي ريا .. وهي تستمع لـ نيرما تُكمل : كنت أقرأ عن الاسلام دون أن أخبرك .. كنتُ أغيب بالساعات في المكتبة القريبة من المسجد الذي يرتاده المسلمون .. كنتُ أستغرب دقتهم في الولوج إليه حين كنتُ أرقبهم ..




وبعدها بثواني : أرغب بأن أدخل دينك يا ريا . هل استطيع ذلك ؟




لم تجد من ريا الا الدموع .. ومن ثم احتضنتها بقوة وهي تتمتم بالحمد .. تشدها الى صدرها بعنف .. لتردد الاخرى السؤال : هل استطيع ؟




وتبعدها عن صدرها .. تهز رأسها : أجل .. بالتأكيد تستطيعين .. متى أردتِ ذلك .




" الآن " .. وتابعت : سنذهب الى المسجد ... اليس هناك أدخل دين الاسلام ؟



-
أجل .. ولكن لن استطيع الدخول معكِ .. لستُ طاهرة .. وعليكِ أن تكوني طاهرة حين تدخلين .


-
كيف ؟


-
عليك ان تكوني على وضوء .. سأعلمكِ .



قلبها يرقص فرحا .. تكاد تُقسم أنها لم تشعر به يوما .. تعلمها وهي تبتسم .. تدمع عيناها فتسألها لما تبكي .. فتتلاشى جميع الجمل حينها .. فلا تجد كلمة تعبر بها سوى أن تقول بأنها فرحة .. تختار لها ملابس ساترة وتعيرها حجابا .. تلفه على رأسها .. وبعدها تغادران .. تخاف أن تغير تلك قرارها .. فتسألها وهما في الطريق : هل أنتِ واثقة من قرارك؟




فتجيبها بسعادة : أجل .. أشعر بسعادة لم أشعر بها من قبل ..



وعلى مسافة ليست بالقليلة عن المكان المقصود .. توقفت ريا عن المسيير : سأنتظركِ هنا ؟



تلفتت نيرما وهي قاطبة جبينها : ولكن لازلنا بعيدتين .. رافقيني حتى نصل المسجد .. ابقي فالخارج حتى أنتهي .



ابتسمت الاخرى : لا استطيع .. أعذريني ..



-
خائفة أن يراك أحد العرب ويعرفك؟


-
أسفة .. كنتُ أتمنى أن اكون معكِ .. لكنني سأبقى هُنا وادعو لكِ .


تركتها وابتسامة تداعب شفتيها .. ولسانها يردد : لن أتأخر .. سأعود وستعلمينني الصلاة حسنا .




تمر الدقائق وهي ترى نفسها غريبة أمام تلك المحلات المتراصة .. ينظرون إلى لباسها المحتشم .. شعور بالغربة والخوف .. لم يكن يراودها حين كانت حاسرة الرأس بارزة جسمها بملابسها الضيقة .. تنهدت وهي تعود بخطواتها حيثُ ودعتها تلك .. ترقب طريق العودة .. تسترق النظر إلى ساعة معصمها الجلدية .. مضى الكثير من الوقت .. تنهدت وعادت بخطواتها تنظر عبر الزجاج الى بعض الفساتين المعروضة في أحد المحلات .. هل كانت بهذا الشكل منذ سنوات .. داهمتها عبرة فمسحتها .. لتلتفت على صوت بوق سيارة يصدح في المكان وصراخ بشر ..




تسمرت في مكانها لثواني ترى الجسد الواقع على مسافة من تلك السيارة البيضاء .. وخطوات تتسابق إلى المكان .. تخفي المنظر الدامي عنها .. فتتحرك قدميها ببطء .. ودقات قلبها بقدر ما كانت تتراقص فرحا اضحت تضرب طبول خوف .. تشق الاجساد المتزاحمة .. وتراها على الارض .. ورأسها يسكب الدم .. لتقع على ركبتيها ..



تبتسم .. فيسيل الدم عبر شفتيها الى فيها ... تنطق بخفوت وهي تنظر لـ ريا : قُلتُ ..



تمد كفيها لترفع رأسها عن الاسفلت فينهرها احدهم .. لا يجب ان تحرك حتى تأتي سيارة الاسعاف .. لتكف كفيها .. تقبضهما على فخذيها .. ووجهها يسبح بدموعها .. وتسمع تلك تُكمل الحديث بصعوبة : أسهد أن .... لا اله .. الا .. الله ..




ليعج المكان برجال الاسعاف .. تُحمل وتقف هي بصعوبة تصعد معها .. تشد على يدها .. والصمت والدموع يرافقانها .. ليحتضنها كُرسي الانتظار بعد دقائق .. تجلس في شرود .. أتبكي حُزنا أم فرحا .. وأقدام تقترب منها وتقف .. لترفع بصرها .. وتختفي ملامح وجهها .. ويأتيها صوته سائلا : ريا عيسى صح ؟




ويُكمل بتهكم : أووو تطورنا .. وصرنا نتستر .. تصدقين مب لايق عليج .. حلاتج وانتي مفسخة .. ومن ايد ريال لثاني ..




تنزل عينيها .. لا ترغب بتذكر الماضي .. لما الآن يعود هذا الوجه .. يتهكم بها .. تستمع إليه وتتمنى أن لا تكون .. يُعدل من الـ " بالطو " الابيض : هييه الريال اللي ضحكتي عليه وضحّكتي عليه الناس صار طبيب .. ويدرس جراحة عظام الحين .. ما قالوله ويهك يلوع بالجبد وطردوه ..




قهقه بعدها : الحين من صدقج أنتي متسترة .. ما اصدق ..



ليخرس عن الحديث حين اقترب طبيب آخر من المكان ناطقا بالفرنسية : هل أنتِ قريبتها ؟



لتقف بخوف : شو ؟



لتتدارك نفسها : ماذا قلت؟



ليبدأ حديثه معها بالانجليزية : هل أنتِ قريبتها ؟



-
أجل .. هل هي بخير ..


لحظة صمت كانت كدهر لها : للأسف لم نستطع انقاذها .. رأسها تضرر بقوة .. وفارقت الحياة تحت العملية .


تقع بأنكسار على الكرسي .. هاله منظرها .. دموعها التي أغرقت ثيابها .. ولم يجد سوى الابتعاد عنها .. يختفي صوت قدميه .. وتحل مكانه اصواتا أخرى .. حديث نيرما الاخير .. أبتسامتها .. سعادتها التي لم ترها يوما .. فتضحك هي ومن ثم تنخرط في بكاء خلف كفيها .




,،




اسطورة ! 16-04-14 01:59 AM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
,‘،

وفي ذات اليوم عادت المغتربة في ديارها الى دارها .. تدخل هي وابنتها مريم .. الخائفة من وجود خالها وبناته المشاكسات في المنزل .. تسأل والدتها للمرة المائة : امي يعني خالي مب موجود ؟

ابتسمت لها وهي تدير المفتاح وتفتح الباب .. ليأتيها صوت صريره .. وكأنه يخبرهما بأن المنزل قد هُجر .. تفوح من المكان رائحة الغبار .. المنزل لا يزال يعج بالاثاث .. لتمشي الى الداخل تضيء المكان بفتح الستائر .. لتشكل ذرات الغبار مع ضوء الشمس طريقا الى السجاد المتشرب بالاتربة ..

نطقت : يباله شغل ؟

وقفت صغيرتها عند عتبة الباب : امي انتي قلتي اليوم بنروح نييب كلثم .. وكلثم ما تحب التراب بتتعب .. وهذا منو بينظفه ..

- احنا بنظفه ..

قالتها وهي تشمر عن ساعديها .. وتبدأ حرب تنظيف في المكان .. وتشعر بأن الحياة بدأت تعود إليها .. ترى أبنتها تتصبب عرقا .. وتجلس متربعة في وسط الصالة : خلاص تعبت .. مب لازم ننظفه كله .. عود واايد ..

تشد على رقبتها وتنتصب .. تسند المكنسة اليدوية على الجدار : وانا بعد تعبت .. بنرتاح شوي .. وعقب بنكمل .. عشان كلثوم يوم اتيي ما تتعب ..

يمر بهما الوقت تتنقلان من مكان الى آخر .. تعمل بمفردها في اغلب الاحيان .. تسحب السجاد للخارج .. وتحاول أن تنفظه من الغبار بقدر ما تستطيع .. تضربه مرارا بمكنسة القش .. حتي ينتابها سعال يكاد يخنقها .. ومع هذا هناك اصرار كبير في داخلها .. ترغب بان تجتمع من جديد مع ابنتيها .. وعيد ما هو الا جبان لن يعود ..

تعود الى الداخل لتجد مريم مستلقية تغط في نوم عميق .. على السجادة الصغيرة المتوسطة الصالة .. جلست بهدوء ترقبها : الله يحفظج لي .. ويحفظلي اختج ..

تأخذها افكارها لذاك اليوم .. حين استدعيت لمركز الشرطة .. ويسألونها عن خالد .. وعن مهمة خالد .. وكيف لعيد أن يعلم بها .. لترتجف بخوف وتنطق بصدق وهي تدعك كفيها ببعضهما : سمعت خالد الله يرحمة اكثر من مرة يتكلم عن مهمة .. وعن البر وعن منطقة نسيت اسمها ..

ليذكرها لها الضابط .. وتصدق عليه : هيه .. هي .. ويوم سألني عيد عن خالد ووينه صارله كم يوم .. قلتله طالع فمهمة .. ما ظنيت ان عيد بيجبرني اقول كل شيء .. يومها هددني ببنتي مريوم .. وقلتله عن كل شيء .. وقالي لا تخافين ما بيستوي شيء .. بس ما اريدج تخبين علي شيء ..


نزلت دموعها .. هي كانت السبب في موته .. ضعفها اجبرها على التضحية به .. مسحت دموعها وقامت واقفة .. اليوم ستبدأ حياة أخرى .. اليوم ستكون لبوة لا قطة ضعيفة ..
,‘،

كان يوم خميس .. يوم يحمل معه الكثير .. موقن بانها ستكون له بالمرصاد .. ستسمعه كلمات لاذعه لإعراضه عن الذهاب مع ابنها .. يدخل ساحة المنزل فيسمع حديثها مع شبيب .. غاضبة لتصرفه .. فكيف له أن يتقدم لفتاة دون أن تراها هي .. تقف وهو يقف بمعيتها وكنة تطيبه بالبخور .. يفرد " غترته " لتتشرب الرائحة ويعود يردفها للخلف ..

تنطق بغيض : عمرها ما صارت .. الرياييل يخطبون قبل ما الحريم يشوفن البنت .. والا شكلك شايفنها ومخلص .. واذا جذي السالفة ما نباها ..

تنهد وكنة تبتسم .. وتهمس : الله يوفقك ..

يبتعد عنها ليصل الى والدته الواقفة .. يقبل رأسها : يالغالية اذا هي نصيبي باخذه .. شفتيها والا ما شفتيها .. وتراني ما شفتها ولا اعرفها الا ان ابوها ربيع ابوي الله يرحمه .. واهلها ناس ينضرب فيهم المثل .. شو تبين بعد اكثر من هالشيء ..

لتنطق جدته الجالسة على مسافة منهم : ما عليك منها .. روح الله يوفقك ويسهل امرك ..

لتردف بسخط : وانتي ياشميس تمنيله الخير ولا تعترضين طريقه .. تراه مب زين منج ..

ينفض المكان ليدخل هو بعد أن التقى شبيب خارجا وتمنى له التوفيق .. لتداهمه : وبعد هالمرة ما رحت وياه .. الاوله وتعذرت بالكورة .. والحين شو عذرك ؟ لا عندك شغل ولا شيء ؟

لم يجبها فقامت بغيض .. تختفي في غرفتها دقائق وتخرج وعباءتها على ذراعها .. تنظر إليها والدتها : على وين هالحزة ؟

لتقترب منها : بروح عند عويش الحريم كلهن متيمعات عندها .. بونس عمري شوي ..

لتمشي وتدفعه بذراعها : خوز ..

يرقبها تغادر .. ليأتيه صوت كنة الخارجة من قسم شبيب : شو بلاك مسهم ؟

وتضحك بعدها .. وهي تجلس بجوار جدتها .. تسحب صينية الفاكهة : يدوه اقطعلج تفاح ؟

- قطعي حق خالج اذا يريد .. انا مب مشتهيه

- ولا انا مب مشتهي .. مصدع وشموس ما قصرت زادتني ..

وقفت تقترب منه : ايبلك بندول ؟

هز رأسه وغادر .. يشعر برغبة بالبقاء وحدة .. يسمع جرس الباب .. ويظل مستلقي .. سيتكفل هاشل بالخروج له .. يغطي عينيه بذراعه والاخرى تحت رأسه ..


ما بالك يا منذر .. هل تشعر بالوحدة لان شبيب سيتزوج ؟ كان معك في العزوف عن الزواج لسنوات .. وفجأة تتغير الاحوال .. آه ليتني أستطيع أن انسى الماضى وادفنه .

يسمع صوت أمرأة .. واطفال صغار .. فينقلب على جانبه .. لعلها إحدى جارات شقيقته .. لم يستطع النوم .. فقام من الفراش يغتسل ... وبعدها يسأل كنه هاتفيا أن كان يستطيع الخروج الى المجلس دون أن يلتقي بزائرتهن ..

منذُ دقائق كانت تمشي بهدوء ممسكة يد ابنتها بيمينها .. وأبنها ذو السبع سنوات يتبعها .. تشعر بارتجاف في ساقيها .. فهنا يسكن الماضي .. ولولا الحاح بعلها لتتعرف على كنة واصراره لما عتبت قدميها هذا المنزل .. رحبت بها وجدا .. وعرفتها بنفسها .. زوجة أخيها .. أخ ظهر مع العديد من الاخوة بالرضاع .. لا تعلم أسماءهم إلا اسم عبدالله بعل هذه الجالسة أمامها .. وفيصل .. الاول رضع مع فارس .. والثاني هي رضعت معه .. أي سياط قدر تجلدها ؟

يرن هاتفها فتخرجه من جيبها وهي تبتسم : تقدر تطلع .. أحنا فميلس الحريم ..

تبسمت الاخرى : عيل وين امج واختج ..

لتجيبها بهدوء وهي تلتقف الفنجان من يد جدتها الهادئة على غير عادتها : امي عند يارتها .. وشامة فحجرتها راقدة .

" هالحزة حد يرقد " .. واردفت : ما باقي شيء وبيأذن المغرب ..

ترى طفلتها الصغيرة تسحب عباءتها راغبة بشيء من الفاكهة .. لتبتسم لها كنة : شو تبين حبيبتي ؟ .. خذي اللي تبينه ..

اندست خجلا تحت جناح والدتها .. ليغادرها رويدا رويدا حين تقربت منها كنة بقطع من الشوكلاتة .. جلبتها لها من غرفتها .. لتقف والدتها : حد شباب فالبيت .. ؟

لتهز كنة رأسها نافية : لا محد .. وخالي من شوي طلع ..

" بروح اشوف سيف .. خلي بالج منها " .. لتجيبها كنة : اكيد يلعب وييا كلثوم وهاشل ورى البيت .. يلسي انا بروح اشوفه ..

باصرار غريب على الخروج خرجت .. تنادي على أبنها .. ترغب باستنشاق الهواء .. تسحب انفاسها مرارا .. وتعود تناديه ليأتيها مسرعا ومن خلفه كلثم .. لتنطق تلك الصغيرة : كان يلعب ويانا تحت النخلة .. طاح وتوصخت كندورته ..

- ما عليه حبيبتي .. بنرد البيت وبيغيرها .. صح سواف ؟

- هيه .

تمسك بيده مدبرة لتعود ادراجها .. لتقف عن المتابعة حين لاح لها واقفا ينظر اليها لبرهة ثم يبتسم ناظرا لابنها : ما شاء الله هذا ولدج ؟

بلعت ريقها .. ارتجفت اوصالها .. ونطقت اسمه : منذر ..
,‘،
هُنا أقف وموعدنا يتجدد بعد ايام لن أحددها إن شاء الله ..
سأخبركم بموعد الزفرة قريبا

اسطورة ! 16-04-14 02:01 AM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 

تقودُنا الاقدار .. ونرسم ماضينا بخطوة تلو الخطوة للامام .. قرر أخيرا أن يتحرك نحو قدره المجهول معها .. تلك الفتاة التي لا يعلم عنها الا اسم والد يُضرب به المثل في الاخلاق .. أحد أصدقاء والده القليلون ..


على مسافة ما يقارب المائة من الكيلومترات كان يقبع منزل عائلتها .. يكفي سوره الشاهق ليدل على بذخ تلك العائلة .. وجوه متباينة في الملامح كانت في استقبالهم .. وصوت عصا تطرق الرخام لرجل مُسن أشتعل رأسه شيبا .. وغارت عيناه خلف تهدل جفنيه وحاجبيه كثيفين الشعر .. هو وثلاثة رجال ناهزت اعمارهم الاربعين او ربما الخمسين .. وشابان وبعض صبية صغار ..



ليكتنفهم بعد حين مجلس كَـ ملعب الكرة في اتساعه .. وذاك العجوز الهرِم يتوسط الحضور بهيبته .. جالت الانظار لعدد الرجال والشباب المتواجد .. فذاك العجوز له من الذكور أحد عشر يحضر منهم تسعة واثنان قد واراهما الثرى .. وله من الاناث خمس .. ازواجهن وأبناءهن الذكور هنا اليوم .. وكذلك أحفاده وأزواج بعض حفيداته .. ليقارب العدد الاربعين او أكثر .. وكان الظن أن يكون الحضور لا يتعدى من لهم صلة مباشرة بالفتاة فقط .


تطوف عليهم آنية القهوى مع الحلوى الفاخرة .. وهناك توتر يكتنف حمد وربما جابر .. إلا أن الهدوء كان يرتسم على شبيب وفارس الذي جاء بمعيتهم بطلب من شبيب .. أراد أن يكون معه قدر كاف من الرجال ولم يتوقع ان الرجال من الطرف الاخر يفوقون عددهم بعشرات الاضعاف ..


لا يخفى الكرم .. إلا أن بعض الوجوه كانت قاطبة مسودة .. وكأن لا رغبة لهم بما يحدث .. أكبر أبناء العجوز تحدث بعد الضيافة .. منيبا عن والده الجالس على يساره : حياكم من ممشاكم لملفاكم ..


لتبدأ الراحة تصب في جنبات حمد .. حين رأى أبتسامة المتحدث .. ليبادله الحديث بالثناء على حُسن استقبالهم .. وبعدها : الخبر من ييتنا اليوم عندكم .. وطلبنا النسب والقرابة ..


بعد صمت أنحنى الابن يستمع لوالده .. وارتفع ناطقا بصوته الجهوري : سمحولنا الوالد حلقه تعبان شوي .. ع العموم هلا بكم .. بس ما عرفنا من فيكم المعرس ؟


كان نظره يرقب الثلاثة على يسار حمد .. ليربت حمد على فخذ شبيب الجالس بجانبه : ولد أخوي .. شبيب ناصر الـ......


-
والنعم .


ما ان اتمها حتى ردوا عليه معا : الله ينعم بحالك ..


ويعود الى حركة الانحناء .. ويظهر على وجهه انقطابة جبين .. لربما الكلمات كانت مختلفة هذه المرة .. ليُرى جدل خافت بين الابن والاب .. طال الامر .. وكأن هناك نقاش يحاول الابن من خلاله اقناع والده بالعدول عن أمر ما .. ليقطع الجدال صوت شبيب الذي رفع نبرته ليصل الى الآذآن البعيدة : عسى ما شر ؟


ليستحل الصمت المكان .. وتمتد يد العجوز لاحد الشباب المتطرف .. اتضح شيء من القسوة على ملامحه .. ليقف يدنو من العجوز وينحني .. ويبتسم بخلاف عمه الذي لا يزال قاطبا جبينه .. وينتصب ناظرا بشيء من الخيلاء : يدي يقولك .. قد طلبك قدام هالويوه الغانمة ؟


ليبتسم شبيب وقد انحنى جابر يهمس في أذنه : شبيب مب مطمن .. وراهم سالفة .


ويلتفت فارس منحنيا قليلا يحاول ان يرى ملامح شبيب .. وناطقا : جاوب الريال يا شبيب .


وكأن به يخبرهم بان الذي يجلس أمامهم رجلا لا تثنيه كلمة .. لينطق أخيرا : قدها .. وكلمة الريال مثل حد السيف .. وانا شاري ولا لي نيه ابيع ..


ليتشدق الشاب وينحنى يتلقف ذراع جده الذي توكأ على عصاه واقفا .. ويعطي أذنه لصوت جده .. لينظر لشبيب : يدي يبيك فكلمة .. بينه وبينك .. حياك .


تحملقت الانظار نحو الجد الذي لم يفعل هذا الفعل سابقا .. ليضج المكان باصوات متداخلة خافتة .. ولا يزال الابن قاطبا الجبين مطأطيء الرأس .. ليقف فجأة متقدما بخطواته من شبيب الذي قام واقفا لتلبية طلب العجوز .. يستوقفه وكفه قد شدت على كتف شبيب الايسر : الله يرحم ابوك .. سامحني يا ولدي ..


قال جملته وابتعد لتعث في رأس شبيب التساؤلات .. الامر يدعو لريبة .. يمشي خلف الرجل المسن وحفيده .. ليدخلوا الى صالة لا تقل اتساعا عن سابقتها .. ويجلس العجوز مناديا بصوته الخافت : تعال .


يتقدم ويجلس على الطرف الاخر من الزاوية .. ويرفع بصره ناظرا لشاب الذ ي يبدو عليه أنه في مثل سنه .. يرى في عينيه غضب وشيء من سخرية .. ويعود ببصره على وجه العجوز حين اتاه صوته : هذا فهد ولد المرحوم راشد .. هو والرياييل اللي شفتهم فالميلس يدرون عن كل شيء ..


تبسم ناطقا : اسمحلي .. بس مب فاهم عليك .


لينظر العجوز للواقف بجواره .. و ينطق : يدي يقولك .. أنك عطيت كلمة قدامهم .. وأنت تتحمل كلمتك وتوابعها .. يدي يوم يزوج بنات العايلة يختبر الرياييل .. والظاهر أنك اجتزت الاختبار وبقوة بعد ..


-
لا تطولها يا فهد .


ليكتم غيظا كاد أن يستفحل به : إن شاء الله .. يدي يقصد أن أعمامي ورياييل عماتي وكم واحد من الشباب يدرون باللي صار لبنت عمي الله يرحمه .. ويعرفون انها وحدة ما ...


ليقاطعه جده بشيء من حزم : فهد بتيزيني الكلام والا تطلع أحسن ؟


ليشد على شفتيه غضبا : والله أنها صعبه .. يعني ما لقى غير بنت عمي اللي ...


هذه المرة قاطعه صوت العصا القارعة للارضية بعنف .. ليصمت .. وينطق شبيب : شو السالفة .. وليش جذي متكهربين واعصابكم مشدودة .. يوم اني اتصلت فيك وخبرتك عن نيتي وأني أريد اناسبكم فبنت عيسى الله يرحمه .. سكتت .. وخليت واحد من عيالك يرد علي .. واظن انه عمي محمد .. يعرف ابوي واحيد اني شفته مرة عندنا فالبيت .. يومها حسيت ان السالفة وراها سالفة .. وتأكدت اليوم .. فهد باين على ويهه مب عايبنه اللي يصير .. اذا لك نية فبنت عمك تكلم .


ليصرخ بغضب : تخسي الا هي تكون حرمة لي ..


ليصرخ العجوز بأسمه .. ويتبع الصرخة بسعال لم يهدأ حتى شرب القليل من الماء .. ويتناول فهد الكأس من يد جده .. يضعه على الطاولة البعيدة ويبتعد خارجا بطلبا من ذاك العجوز .. ويطول بعدها الحديث بينه وبين شبيب .. حتى ما انتهيا .. خرجا .. يسنده شبيب حتى الباب ليتلقف ذراعه فهد الذي لا يزال واقفا في الخارج .. ليرن هاتفه فجأة ويدس يده في جيبه .. حتى ما رأى الاتصال قال : وصل يدي للمجلس ..



لم يعجب اسلوبه الجد .. وايضا شبيب .. كيف له أن يأمر بهذه الطريقة الخالية من الادب .. ليتوارى بعيدا .. ويدخلان هما للمجلس .. بوجوه مختلفة .. العجوز بوجه لا تعرف ملامحه .. وشبيب بوجه متجهم .. وكأن هناك خبر جلل قد اصابه .. ليتخذ مكانه بقرب عمه .. وينطق حمد بشيء من خوف : شو بلاك يا ولدي ؟

ليبلع ريقه متحوقلا بعدها بخفوت : سلامتك عمي ..


وكأن الدنيا تبدلت بين خروج ودخول في عينيه .. ليجلس في شرود لم يخفى على ابن عمه جابر ولا على صاحبه فارس .. حتى عمه أحس بأن الامر تعدى الخطوط .. وصل الى مكان لا رجعة فيه .. نظر الى وجه ابن أخيه ليراه ينظر امامه .. وقد تبلدت الملامح على وجهه .. يتمنى لو يقف ويتراجع عن الطلب ويعودون ادراجهم .. ويبحثون عن فتاة أخرى تسعد لها روح من يراه كأبنه المرحوم خالد .. تنهد وهو يسمع المباركات من بعض الافواه .. ويرى انسحاب البعض من المكان بعد الشهادة على شهامة ذاك الجامد الا من ابتسامة خاوية ورد تهنئة ببرود ..



يرى أبنه خالد .. وكأن به بدأ يعذر فعله في زواجه من ام كلثم .. أتورث النخوة ؟ .. وتسقى عبر الحبال السرية وحليب الصدور .. أم ان الحياة هي من تربي فيختلف الاخ عن أخيه ؟


تنهد جابر وكأن الاجواء قد اثقلت صدره .. وظل الصمت يواكب فارس .. لربما لو كان منذر بينهم لكان اختلف الامر ؟ هذا ما دار في خلد فارس لوهلة .. قد يلطف الاجواء بسخرية بسيطة لابن أخته .. ارتفعت الانظار لدخول فهد .. وتتبعته حتى انحنى هامسا في أذن جده : لقيناها ..


لتبان أبتسامة حفيفة على محيا العجوز .. وينطق بصوته الذي حاول أن يرفعه بقدر المستطاع : سمعوا .. ترا العرس عقب شهر .. وما نبي منكم الا المهر .. والباقي عليّ..


هنا لم يسكت حمد : شو هالرمسة يا بو محمد .. الموضوع يباله اخذ وعطا .. والبنت لو مب شارينها ما ييناكم .. ولانها يتيمة الوالدين واجب علينا نكرمها ..


-
عليك بياض الويه يا بو خالد .. بس هذي سنتنا .. العرس عقب شهر من الموافقة .. ما غير بعض الرياييل يخالفون السنة فبناتهم ..


قال جملته الاخيرة وهو يرمق محمد بنظرته .. وتتابعت نظرات الاخوة الثمانية الى أخيهم .. ومن بعدها أنفض المجلس .. متمنعيين عن دعوة العشاء التي اصر عليها ذاك العجوز الذي بدا كحاكم في رعية .. حتى لم يُسمع صوتا الا لمن أراد هو له أن يتكلم .. يمشي العجوز بمعية أبنه محمد ليوصل حمد ومن معه الى الخارج .. أصر على مرافقتهم .. ليمسك فجأة بمعصم يد شبيب اليسرى .. ويتوقف عن المسير وقد ابتعدت خطوات حمد وجابر .. لينطق بشيء من خفوت : استر مثل ما ستر ابوك قبلك .


ابتسم رابتا على الكف المجعدة .. ويبعدها بهدوء عن معصمة .. لم ينطق .. ولم ينتبهوا لمن كان قريبا من المكان ومشى مبتعدا بعد أن التقطت مسامعه تلك الجملة .. ليلحق به شبيب .. يستقبله عند سيارته وعمه قد استقل سيارة جابر وقد اكتسى وجهه شحوب غريب .. ليدنو منهما جابر يخرس فيه فارس عن النطق .. يمسك بكتف شبيب : شو اللي صار وياك وقلب حالك بهالشكل ..


فقط ابتسم وسحب يد جابر عن كتفه .. وفضل الصمت من جديد لينطق الاخر بشيء من غضب حين ادبر شبيب نحو سيارته : أكتم يا شبيب الين تنفجر ..


ويوجه حديثه لفارس الذي لحق بابن عمه : سوق عنه يا فارس ..


ليرفع له يده مودعا .. يحث الخطى خلف شبيب يستوقفه عن الصعود ويأخذ من يده المفتاح : خل السواقه علي ..


لم يمانع .. ونظر لسيارة جابر المنطلقة .. هناك كان الصمت ايضا يطبق على الاجواء .. ليبدده حمد بحزن : شو اللي سويته فولد المرحوم يا جابر ؟ ..


سؤال قد لا يجد عليه حتى أنصاف إجابات .. كسؤال فارس العقيم لذاك الواجم .. يقود السيارة وبين الفينة واختها ينظر الى وجه القابع بجانبه .. يرغب منه بكلمة تبدد ما يعتلج في صدره .. وتفسر تبدل حاله من حال الى حال .. سأله : شو صار بينك وبين الشيبه ؟ .. وشو يقصد بكلامه .. أستر مثل ما ستر ابوك ؟


قذفت تنهيدته بانفاسه .. ليعب الهواء من جديد الى صدره ويعود يزفره .. يشيح بوجهه تلقاء النافذة : انت قلتها أستر .. وتباني اتكلم ..



تعود ذاكرته للوراء .. لسنوات ست مضت .. و خالد يقف معه في الصالة الصغيرة بجانب غرفة بدرية .. وبين كفيه طفلته التي لم تتجاوز ساعات من العمر .. يقبلها .. وينظر اليها ضاحكا وهو يقربها منه : شوف كيف تشبهني .. بس لو سمره كان بتطلع نسخة مصغرة مني ..

وانفجر ضاحكا و شبيب يزجره : لا تقول جذي مب زين ..

ويستطرد : مستانس انك صرت ابو وانت توك داخل العشرين ..


كانت ضحكته تسبقه وهو يجيبه : احساس غييييييييير .. والله انه احساس ما اعرف كيف اقوله لك .. يعني هالنتفه بنتي ..


" وأهلك ؟ " .. سؤال بتر قهقهته .. لينظر الى أبن عمه الذي تابع حديثه : الين متى بتكذب عليهم ..


-
أنا ما كذبت .. هم بس ما يدرون .. وبعدين ربك يحلها .. شوف ترا الحياة سهالات .. واذا ضاقت عليك وصارت ثقيلة ربك من فوق مقدر لك شيء انت ما تدري عنه .. لو ناصح النية صدقني الخير بييك ولو عقب حين .



يعود يسترق النظرات .. وتلوح له ابتسامة شبيب فيبتسم .. ويشرخ السكون حديث شبيب له : كل شي له ثمن فهالزمن يا فارس ..


لم يعقب .. وتركه يغدق الكلمات على مسامعه : حتى الرجولة هالايام لها ثمن ... ثلاث وصايا وزادت اليوم وحدة .. الاولى من ابوي والثانية من خالد والثالثة من ريال ما اذكره الا انه من ربع الوالد الله يرحمه .. والرابعة هدت الحيل .. دايم اقول الشدايد لرجال .. بس كثر الشدايد تطيح الظهر ..


تنهد دون ان يغير من وضعيته .. ناظرا للبعيد عبر الزجاج : دايم كنت بعيد عنا .. وحارب كان القريب مني ومنك .. بس كل ما اشوف ويهك احس براحه .. وما اللوم ...



ليبتر حديثه .. كيف له أن يذكر حب شقيقته وقد بات هباءا بعد مُر الحقيقة .. واستطرد يعدل الجملة : ما اللوم نفسي لو باحت لك ولو بشي بسيط ..


وكأن به يبتعد عن ما حدث بسؤاله : تتواصل وييا حارب ؟


دون أن يلتفت : ما يرد .. باين انه يريد يعزل نفسه عن الكل .. عنك وعني وعن كل من يعرفه ..


" غبي " .. قالها شبيب .. لينفجر فارس ضاحكا .. ويكمل : هيه والله انه غبي .. يعني هو متزاعل وياي شو دخلك انت فالسالفة .. خابص المواضيع فبعضها .. نفسي فيوم اشوف حارب اللي أول .. حارب اللي يواجه ما يشرد ..


" سمعتكم " .. نطقها فارس ويده اليمين تمسك المقود وذراعه اليسرى تستند على بابه .. ليسقط شبيب رأسه للخلف .. ويعود الصمت ويعود ذاك اليوم الذي خرج فيه شبيب غاضبا من حارب .. فيتلقاه عبد الغفور : يا بيه في عربية كانت هنا .. بس مالحقتش عليها .. من شوي مشيت .. هو مين اللي كان معاكم ؟



كُنت أنت يا فارس .. وصلك الاعتراف المدفون بين أضلع ذاك الهارب منذ سنوات .. حتى تعب قلبه وأعلن العصيان .. وأعلن هو العقاب على نفسه .. كُنت أنت .. من جاء وعاد دون أن ندرك .. ودون أن يُدرك هو .. أم أنه علم .. وما كان الانقطاع الا خجلا منك قبل أن يكون خجلا مني ؟




,،




,،


على بعد العديد من الكيلومترات وفي ساعة قبل الآن كانت تقف يلفها توتر وخوف وشيء من ذنب .. ناطقة باسمه .. ناظرة الى وجهه والى عينيه الناظرتان الى ابنها الصغير سيف .. ذو السبع سنوات ..

هل توقفت حياته الى هذا الحد ؟ .. كيف لم يشعر بهذا التوقف الا في هذه اللحظة .. تلك الفتاة الكاذبة .. المدعية العفة .. المكبلة له بلعنة الخوف من جنس حواء .. تقف أمامه ولديها أبن وهي التي تصغره بسنتين .. وهو على ابواب الثلاثين ولم يقرب بنات جنسها خوفا من خيانة تجرعها وهو ابن السابعة عشر ..




صدرها يعلو ويهبط في جزع .. وحين تبسم أدركت بأن طعنتها لا تزال تسكب منه دماء روحه .. ليدبر فتناديه .. فيرفع كفه دون النظر خلفه .. يخبرها أن كفى وجعا بعد الوجع .. أن أتركيني وارحلي .. أن لا شيء سيعوض أهانته بعد كل هذه السنوات ..




سقط دمع عينيها .. وأصابها ألم لم تشعره ألا في هذه اللحظة .. كألم أنقباض قلب .. تعتصره حادثة عتيقة .. شدت بقبضتها على يد سيف .. لتجره خلفها .. تمسح الدمع وهي تدخل .. لترى تلك العجوز وحفيدتها وابنتها الصغيرة التي اتسخت أكفها بقطع الشوكلاته .. ناطقة بشيء من أمر : كنة فديتج اريد يدتج شوي .. خذي سيف وميره وياج ..




نظرت لجدتها وأعادت النظر لوجه الواقفة امامها .. لتقف تتلقف الصغيرة تحملها على وسطها : نروح نتغسل ونلعب شوي .. ياللا حبيبي تعال وياي ..




لتمسكه بيده وتاخذه معها .. وما أن بقيت مع العجوز وحدها حتى سقطت بين يديها .. تشد على كفيها المجعدان : الله يخليج يا خالتي .. خبريه يسامحني .. الله يخليج خليه ايي واقوله يسامحني ..




تحوقلت العجوز : كسرتيه يوم انج رميتيه بالظليمة .. خفتي من ابوج .. والا خفتي من ولد الحرام اللي كنتي معاشقتنه وانتي بعدج ما طلعتي من البيضة ..




انتحبت تقبل يديها : كنت صغيرة .. خفت .. الله يخليج .. ما كنت بيي والله ما كنت بيي صوبكم .. بس صرنا ييران وعبدالله من اسبوع يطلب مني اتعرف ع أخته .. قوليله ايي .. الله يخليج .. ما بقدر ارتاح عقب شوفتي له اليوم ..




" العيال فالصالة وييا هاشل وكلثم يلعبون " .. اسكتها صوت كنة الواقفة عند عتبة الباب .. والتي استغربت المنظر الذي رأته .. لتجيبها ووجهها للجدة وظهرها لها : ما تقصرين ..



تكلمت الجدة : كنة .. روحي شوفي خالج .. وخليه ايي اريده فسالفة .. وما اريد حد يقاطعنا ..



- إ
ن شاء الله .



هناك تجمد احساسه عند نقطة قديمة .. وكأن به يتلقى سياط الجلد مرة أخرى .. فتتشنج له ملامح وجهه .. وبيده قد أعدم عقب سيجارته الثالثة .. ليتلقف الرابعة .. وكأن به يرغب بأخماد حريق الماضي بحريق نفسه .. لم يسمع قرع الباب .. ولا نداء كنة له .. لتدخل ويهولها الدخان .. وتلك الرائحة التي ثار لها صدرها فباغتها سعال .. لتلوح بيدها وكأنها تبعده عن انفاسها .. تتقدم نحو النافذة لتطلق لدخان سبيل الهرب .. صارخة بعنف : حرام عليك يا منذر .. شو يالس تسوي ؟



مقتربة منه ساحبة ما في يده .. تعدمها بجانب اخواتها : شو بلاك .. بتقتل عمرك .. من متى تشرب هالسم ..




نظر اليها بعيون دامية : ليتج تطفين اللي فصدري مثل ما طفيتي اللي فايدي ..



-
لا تتفلسف ع راسي الحين .. شو مستوي ؟ .. شفتها صح .. شفتها وكلمتها .. والا ما انقلب حالها بهالشكل .. وانعفست أنت ..


أستغفرت وهي شاخصة للاعلى .. لتزفر بعنف : يدوه تباك ..




" ليش ؟ " .. وكأن تأخر حفيدتها أجبرها على أن تناديه بنفسها .. ليقع سؤاله في أسماعها وهي تلج وتقف عند الباب : قوم تريد تتسامح منك ..




أنفجر ضاحكا .. وقهقه بشدة .. ليقطع الضحكات وهو يقف .. صارخا : ليش ؟ .. إذا قلت لها مسموحة بتنمسح العلامات من ظهري .. والا بيختفي صوت ابوها من أذني .. والا الناس بتشوف منذر بدون المصيبة اللي سواها من اربعطعشر ( 14 ) سنة ... ليش ؟




صمت لبرهة .. وعاد يستطرد كلمات الوجع الدفين : يعني اذا سامحتها .. بيختفي كل شيء .. وبشوف الحريم اطهر خلق الله .. وبعيش حياتي .. بنسى ضحكهم ومهامسهم كل ما شافوني .. اذا كل هذا بيروح فهي مسموحة ..




ترص على فيها بيدها .. لاول مرة ترى وجع خالها بهذا الشكل .. لتسقط دموعها .. تنظر الى جدتها .. لتلمح ظل يختفي .. وكأن تلك سمعت الحديث فهرولت مبتعدة .. تجر ابناءها معها .. ليسحب هو الاخر " غترته " ... التي اسقطها منذ ساعات مضت على سريره .. ويتحرك .. يقف لثواني أمام تلك العجوز .. ضاربا بقبضته على صدره : هنا طعون ما تمحيها كلمة .. ولا بتمحيها الايام ..




ويخرج مبتعدا .. وتقف مكانه بعد دقائق شامة .. تنظر بهلع لاختها وجدتها الواقفة متكأة على عصاها : شو استوى ؟ شو بلاه خالي صوته عالي .. وأنتي ليش تصيحين ؟ ..



لتمر كنة بجانبها ناطقة : ما صار شيء .. اعصابه تعبانه وعق كم كلمة وصحت ..




تسمع تحوقل جدتها .. فتساعدها لذهاب الى غرفتها .. وتحاول أن تجد جوابا على ما سألت .. ولكن لا شيء سوى الصمت وشيء من الاستغفار يأتيها من تلك العجوز .. لتشد خطاها الى غرفة شقيقتها .. تراها تفترش سجادتها لتصلي المغرب .. فتقف ومن ثم تجلس على طرف السرير تنتظرها لتنتهي .. تفرقع اصابع كفيها وهي تنتظر .. شقيقتها صارت تطيل صلاتها .. فتختمها بالاذكار والصلاة على الرسول كثيرا .. تنهدت .. تلتفت لتراها تقف تطوي سجادتها وتضعها على طرف سريرها .. ولسانها يلهج بالاستغفار .. لتقطعه : ما عليج صلاة .. والا صليتي ؟



-
ما علي ..


وتابعت : حاسه البيت صاير عفيسة ..



" هيه وانتي عافستنا من كم يوم " .. قالت جملتها وخرجت لتتبعها شامة .. تخطو خلفها نحو المطبخ : لا تلوميني .. كنت اظن ان الدختورة صادقة وياي .. واكتشفت ان ما عندها أهل .. واول ما عرفتها كانت تقولي انها ما تحب تزين قدام اهلها واخوانها .. وكل ما اسألها عنهم تقولي طيبين .. وفجأة تقرر تصارحني .. ليش ؟



تجلس الاخرى امام الثلاجة القرفصاء .. تضع في صحن تناولته مسبقا بعض الخضار : بس هذي السالفة وقلبتي الدنيا .. ما نقدر نقول كلمة الا شبيتي فينا .. وحليله شبيب عباله غلط عليج وهو ما يدري ..



تتبعها بنظراتها وهي تستند على الجدار : تدريبي اخبص الدنيا ... شو بتسوين ؟



ليخرس اجابتها صوت الجرس .. وتتساءل الاخرى من جديد : منو ياينا الحين ؟



رفعت كتفيها وعادت تنهي غسل الخضار .. لتخرج شامة وتعود بعد دقائق مسرعة : لحقي ام كلثم هني ..





وكأن بهذا اليوم يحمل معه غبار التغيير .. يقتلع جذور ويغرس جذور أخرى .. لا يبعد منزل عيد عن منزلهم الكثير .. اقل من ربع ساعة بالسيارة .. لتصل أخيرا مع ابنتها مريم .. تحمد ربها مرات ومرات أن لا أحد في المنزل الا النساء .. لتستقبلها شمسة التي هدأت بعض الشيء من بعد زيارتها لجارتها .. لا ترى من بدرية الا عينيها الواسعتين .. فتدخلها وأبنتها من خلفها تهمس : أمي وين كلثوم ؟




لا رد من بدرية .. تشعر بأن تلك الطفلة قد تكون نستها .. وربما غرق قلبها بالكره .. تجلس في الصالة الصغيرة التي كانت تكتنف أمرأة أخرى منذ ساعة خلت .. لترفع خمارها أعلى رأسها .. وتبتسم لشمسة التي تقرب لها التمر وتسكب لها من القهوة .. لا يوجد حديث متبادل .. لتدخل شامة تلقي التحية .. وتنطق شمسة : هذي بدرية أم كلثم .. روحي شوفي كلثم وين وخليها اتيي تسلم ع أمها ..




لتعود تلك أدراجها الى المطبخ .. لم تعطي لكلام والدتها أذن صاغية .. فهي لا تتصور أن يخلو المنزل من تلك الطفلة الصغيرة من جديد .. وما إن خرجت حتى احتضن الباب جسدها الضئيل . تنظر الى المرأة الجالسة بعباءتها .. والى مريم .. لم تتحرك وكأن بتلك الشهور أنستها الوجوه قليلا .. لتقف بدرية .. تقترب منها وتجثو على ركبتيها أمامها .. تمسك بكتفيها النحيلين .. تتسابق دموعها .. فتحتضن وجهها وتقبله وجدا .. على الجبين والوجنتين .. وتحتضنها بقوة تشم رائحتها : فديت هالريحة ..



لا كلمات قد تعبر بها عن شوقها .. فظلت تغدقها بالقبلات .. وتمسح وجهها : شو صحتج ؟ مرتاحه هني .. تذكريني ..



-
قلتيلي بتيين وما ييتي ..


لترتجف شفتيها : ييت فديتج .. ييت .. تأخرت عليج .. بس ييت ..


تلتفت لشمسة : أقدر أخذها يا ام شبيب ؟



ليأتيها صوت العجوز وهي تقف خلف الصغيرة : الشور مب عند شمسة يا أم كلثم ..



وتلقي السلام بعدها .. تدخل وتجلس بجوار ابنتها .. وتحدث تلك صغيرتها : كلثوم خذي مريوم وروحن لعبن ..



لتضحك بفرح .. تمسك يد أختها .. تشدها معها : تعالي مريوم .. برويج العابي .. شبشب يابلي العاب واااااااااااااااااايد ..




كانت السعادة تصل اليهن مع صوتها الذي ابتعد .. لتقف بدرية تعود لداخل : بس هذي بنتي .. ومن حقي اربيها ..





حمحم لتسدل الخمار على وجهها .. يلقي التحية فتردها بخفوت لا يُسمع من صوت شمسة ووالدتها اللتان أجابتا معها .. ليأتيها صوته : أخبارج يا أم مريم ؟



-
بخير ربي يسلمك .


لتنطق شمسة وهي تنظر لوجه ابنها : ام كلثم يايه تاخذ بنتها يا شبيب .. ام ومن حقها تربي بنتها ..




تبسم : لا مب من حقها .. دامها على ذمة ريال مب من حقها .. ومب أنا اللي بخلي بنت خالد الله يرحمه تتربى ع يد انسانه ضعيفة مثلج يا ام مريم .. ما اريدها تعيش فالدنيا ذليلة .. من ايد لايد .. ودام يدها مويود ويباها مالج حق تطالبين فيها .. تبين تشوفينها بيتنا تدلينه .. وبيت يدها ( جدها ) بعد تدلينه .. حياج فأي وقت .. سمحلي .




وأبتعد عن المكان .. لا يرغب بأن تتملكه الطيبة بعد اليوم فيخسر وصية من الوصايا .. سيكون قاسيا أن تطلب الامر أن يحمي تلك الصغيرة .. فماذا سيرتجي من تربية أم باعت زوجها لأخيها النذل .. الطامع بوسخ الدنيا .. ليبيع دينه قبل وطنه وشباب وطنه ..




,،

فارس أستقل سيارته المركونة بجوار منزل شبيب بعد أن اوقف سيارة شبيب وودعه متمنيا له التوفيق .. لم يكن من بعد كشفه لما يعرف الا الصمت .. ويكفي الاسئلة اجابات به .. صلى المغرب بمعية شبيب في أحد المساجد القريبة .. وهناك دعا ربه أن يكون معه .. ليتذكر طلب ذاك الامام له منذ ايام مضت .. من هي أبنته التي يهبها له بهذا الشكل ؟ .. لا زالت الافكار تعصف به فيتجنب الحديث مع ذاك الشيخ .. حتى ظن الاخير بانه تسرع في طلبه وليته كف لسانه عن النطق بما نطق .. أوقف سيارته والمنزل يتوشحه ظلام دامس .. فمن فيه غادروه للعشاء في منزل أحد أقاربهم .. دخل مسميا وملقيا بالتحية : السلام عليكم وعلى من اتبع الهدى ..




لينير المنزل فور دخوله .. يقلب ما حدث اليوم في عقله مرارا .. ولا يجد تفسيرا الا بأن يظن السوء .. فيستعيذ من الشيطان و وسوساته ..




خرج من دورة المياه ( اكرمكم الله ) بعد أن غشل تعب جسده بالماء .. ليأتيه صوت جرس الباب .. ويرتدي ملابسه على عجالة .. يخرج رافعا صوته : ياي ياي ..




ليقف تلجمه الصدمة عن الحديث .. يرد التحية بخفوت وقد قطب حاجبيه استنكارا : سلوى .. شو يايه تسوين فهالوقت .. أختج محد فالبيت ..




بلعت ريقها وهي تتلفت وكأن بها خوفا من أن يراها أحدهم : أدري خبرتني انهم طالعين .. يلست اترياك ترد نص ساعة .. فارس الله يخليك أستر علي .. أنا طايحة فمصيبة ..




تنهد : يا بنت الحلال يوم اني بغيت لج الستر رفستيه بريولج .. يايه الحين تطلبيه .. اسمحيلي الفرصة يتج وما عندي فرصة غيرها .. ردي بيتكم قبل لا يشوفج حد ويلحقج كلام ..




منهيا الزيارة بجملته ومغلقا الباب من خلفه .. لتطرق بكفها على الباب وصوتها الخافت يرتجي أن يصل إلى مسمعه : فارس اسمعني .. الله يخليك بس اسمعني ... والله محتايتنك توقف وياي ..




تستمر بالنشيج بين عبارات الرجاء .. وحين انقطع منه الرجاء توقفت .. لتمسح دموعها .. وتهرول بسرعه تعود الى السيارة المتوقفة على مسافة من المكان .. تركبها ناطقة : ردني البيت بسرعة ..




تحاول كتم بكاءها عن ذاك السائق الهندي .. تعود تملي عليه بأن لا يخبر والدتها بأنها خرجت من المنزل وأتت الى منزل طليقها .. تمد له ببضع عشرات من الدراهم لتخرسه عن الثرثرة .. حتى ما اوصلها نزلت واسرعت إلى الداخل حيثُ أخوتها الصغار يشاهدون التلفاز : أمي بعدها ما يت ؟



يلتفت لها أحدهم : لا .. أنتي وين رحتي ؟



-
ما رحت مكان .. خلكم هني لا تطلعون .



اسرعت للاعلى وفي يدها عباءتها فخوفها بات يطاردها كشبح .. خافت من أعين اخوتها الصغار .. رمت بها على السرير .. وجلست تبكي : يا رب شو اسوي الحين ..




ليمر بها الوقت دون ان تشعر الا بدخول والدتها عليها صارخة بها : شو رايحة تسوين فبيته .. والبيت ما فيه الا هو ؟



تغلق الباب من خلفها بقسوة : تكلمي يا سلووه .. والا والله لاخلي خالج يربيج اذا رديتي ع سوالفج ..



بلعت ريقها وهي واقفة مفزوعة من صراخ والدتها .. لتنطق بتلعثم : رحت أخبره أني حامل .




,،

هنا أقف ..

،

لعوزني المنتدى http://forums.graaam.com/images/smil...aam%20(28).gif
يابلي الضغط ساعتين أحاول فيه .. حتى نزلت المتصفح من يديد بس ما في فايدة نفس الحالة http://forums.graaam.com/images/smil...am%20(167).gif

سمحولي باقي الزفرة بينزل عقب يومين إن شاء الله ><













اسطورة ! 16-04-14 02:02 AM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
~





زفرات ملتهبة 37 الجزء 2





,،


نبحث غالبا عن أبواب الفرج خلف الاكاذيب .. ننافق لنهرب من الحقيقة .. يكبلنا الخوف حتى تسول لنا أرواحنا أن الخداع لمرة لا يضر .. وتتوالى المرات حتى تتمكن منا .. قالتها بثقة لوالدتها .. ناسية أن لوالدتها خبرة في الحمل وآثاره .. لتقترب منها .. تنقض بكفها على بطنها قابضة عليه : كم لج ؟ .. مب معقولة ثلاث شهور والا حتى اربعة .. أنتي من قبل العيد الصغير وانتي عندنا ؟

تفلتت من والدتها مبتعدة خطوتان للوراء .. ترتب ثوبها الواسع .. متلعثمة بخوف : اربعة يمكن .. للحين مب واضح ؟

لتباغتها من جديد تشد على ذراعها .. ترص على اسنانها غضبا .. بل قهرا استوطنها : أربعه ؟ .. عيل وين بطنج .. لو انج حامل من فارس كانج الحين فالخامس ..

لتنتشل ذراعها بقوة مبتعدة مرة أخرى عن والدتها صارخة بغضب : منه .. عيل من منو ؟

ارتجفت نبرتها .. وتصاعدت أنفاسها .. ليتقطع حديثها وهي ترى نظرات والدتها الغاضبة .. تخترقها بصمت .. تنطق بتلعثم : أمي .. شبلاج اطالعيني جذي ؟ ..

لتزم شفتيها .. تتدحرج دموعها كمدا .. وتجر بعدها صرخة خافتة ضاربة معها رأسها بأكفها .. تغمض عينيها لينسكب ماءها أكثر : آآآآآخ .. ليتني مت ولا شفت هاليوم ..

لتدنو منها تمسك برسغيها .. لتنزل أكفها عن رأسها : أمي لا تقولين هـ.....

دفعتها للخلف بعنف صارخة : فضحتينا .. يايبتلنا نغل ( ولد حرام ) وتقولين ولد فارس .. حسبيها يا بنت بطني حسبيها .. من رمضان لليوم كم شهر .. يا بنت المدارس حسبيها ..

تقع على الارض جالسة وكأنها غيبت عقلها .. لتتكلم وكأنها تحادث نفسها : ما حسبتي حساب لابوج المريض .. من يوم ما طاح وانتي دايره ع كيفج .. تطلعين من البيت كل ما خلا منا .. ويوم اسألج تقولين عند ربعي .. عند فلانه .. عند علانه ..
تنهمر دموعها : وانتي تسوين الشينه .. ما خفتي ربج ..

جلست الاخرى على الارض .. لتحبو نحو والدتها .. تقع على كفيها مقبلة : أمايه سامحيني .. الله يخليج ساعديني ..

وتلك تتابع حديثها مختلط برجاء أبنتها : ما سترتي عمرج .. ياليتني يلست عليج يوم يبتج ولا شفت هاليوم ..

تمد الآه مرارا .. تسحب كفها لتضرب بقبضته على صدرها .. وتلك يزداد ألمها لحال والدتها : يااااااا رب أستر علينا .. ياااا رب استر ع سميه ..

وفجأة دفعتها عنها .. واقفة تنظر إليها : ما اريد حد يعرف عن أي شيء .. سامعه ..
وصرخت بعدها : وين تلفونج ؟
وتلك تنظر إليها بخوف .. تتلعثم في كلماتها .. مستندة على يديها : فالشنطة ..

ترى والدتها تغيرت من حال إلى حال .. تعث بحقيبتها حتى قلبتها رأسا على عقب .. يتناثر ما فيها على الارض .. وتختطف الهاتف من بين الاشياء .. تنظر إليها من جديد بغيض .. وأنفاسها تختلط بحديثها : حجرتج ما اطلعين منها .. لازم اكلم فارس .. لازم يستر عليج .. ويا ويلج اذا طلعتي .. انا اللي بقتلج بايدي ..

لتخرج تغلق الباب من خلفها بعنف .. وتلك تلهث بخوف في مكانها .. ماذا لو وصل الخبر لخالها ؟ .. ستموت مؤكد .. سيقتلها بدم بارد .. ووالدها ؟
تحلق عليها الخوف .. لتشعر ببرودة تسري إليها .. تجبرها أن تلتم على نفسها .. تقف بعدها لتندس في سريرها .. تتدثر بغطاءها الثقيل .. لا تشعر إلا بصقيع يرجفها حتى وكأنها في فصل شتاء عارية .. كانت مستترة عن العيون في فعل الحرام .. متناسية ربها .. تعتقد بأن سرها سيبقى دفينا وخاصة بعد أن أكتشف فارس عدم عذريتها وصمت ..



,،


البيوت اسرار .. وخلف جدرانها يتسخ بياض العلن .. وقد يطيب .. يوم جُمعة مكبل باجتماع سريع قبل أداء الصلاة .. بين ذاك العجوز وإبنيه ..محمد..وغانم .. وبالطبع مجلسه لا يخلو من ابن ابنه المرحوم راشد .. فهد المتشرب خصال الجد في شبابه .. يلفه عنفوان غريب يصل الى الخيلاء والتكبر .. وحديثه الاذع كحد سيف قاطع ..
يتشاورون من سيقطع المسافات لجلب تلك ال***** المتمردة عليهم في تصوير عقولهم لها .. يجلس العجوز وقد تكاتفا كفيه على بعضهما في قمة عصاه يستمع لصوت محمد يجادل غانم الذي لا يقل شراسة وقسوة من فهد : غانم أنا اخوك العود ولازم انا اللي اروح ايبها وييا فهد .. حتى فهد ما له لزمه يروح .

صارخا فهد من مكانه بجانب جده : ليش يا عمي ؟ .. خايف عليها منا .. تراها تستاهل الذبح .. ولولاك ولولا عمي عيسى كان الحين هي تحت التراب وروسنا فوق ومحد كان يقدر يقولنا شيء ..

أجاب غانم مساندا لابن أخيه : والله انك صادق .. يوم عرفنا عنها كان المفروض شاربين من دمها .. والا مب بنت مثلها تشتت عايلتنا وتحرمنا من اخونا وعياله .. حتى موته ودفنه ما حضرناه .

وقف بغيض ووقار البياض زاد وجهه هيبة : محد منعك من اخوك الا عقلك .. ولولا انشغالي بمرض بنتي وسفري وياها كان ما تركته وتركت عياله .. واحد ما يندرى وين اراضيه والثانية شاردة من جوركم .

ضرب بعصاه الارض .. فذاك الحديث من أكبر أبناءه لا يحبذه .. سيجر من بعده أحاديث قد تصل الى خصام لا يُراد .. لم يجلس وظل واقفا ناظرا لوالده الذي تحملقت الانظار على وجهه : الريال بياخذها عقب شهر من الحين .. وانتوا سمعتوا الكلام اللي انقال امس .. وهي اريدها هني.. ما اتيي اليمعة الياية الا وهي عندي .. وبتطلع من هالبيت بعرس مثلها مثل اي بنت من بناتكم .. ما بينقص شيء ولا بيزيد شيء .. وكلام الناس اللي صار من سنين بندفنه بفعايلنا وياها الحين .. والريال عند كلمته ويتحملها عاد .

أنتفض وجه فهد غضبا .. حتى وأن كان كارها لها ففي قرارة نفسه لا يتمنى ان تكون لرجل آخر .. قال بحزم : بتكون عندك ان شاء الله قبل اليمعة .. والليلة بحجز لسفر .. وياليت عمي غانم هو اللي يكون وياي ع الاقل خوفها منه بيخليها اتي ويانا بدون فضايح ..

تنهد محمد ناطقا : ابويه اسمحلي اروح وييا فهد .. البنت مب محتاية حد يقسى عليها كثر ما هي محتايه حد يداريها ويجبر خاطرها ..

قهقه فهد حتى صرخ به محمد : أحترم اللي اكبر منك وانت يالس بينهم يا فهد .. مب لان يدك مخلينك وياه واقرب من عياله له .. تتمادى وتنسى الادب .

بغرور : حقك علي يا عمي – نهض يقبل رأسه – وهذي محبة راس .


ريا كانت بطلة الاحاديث بين الفتيات ونساء المنزل الكبير منذ الامس .. بل منذ أيام خلت .. يتهكمن كثيرا .. لا تخلو جلساتهن من ذكر سيئاتها .. يجلسن يحفهن الاستماع لحديث أحداهن : عقب كل اللي سوته والفضيحة اللي وصلتنا للشرطة بيسويلها عرس لا صار ولا استوى .. وبنتي يأجل عرسها عشان بنت وطت راسه للارض ..

وتعقب إحداهن : والله غانم من أمس وهو مب طايق هالسيرة .. ومب عايبنه اللي يسويه ابوه .. ومحد غير محمد طالع فيها وكنها أم الصون والعفاف .. لو ما وقف فويه ابوه عشان اخوه عيسى وبنته ذاك اليوم كان الحين مرتاحين منها وبناتنا محد طراهن بالشينه ..

متشدقة لامزة بحديثها زوجة محمد الصامتة .. لتبعثر الصمت من قبلها وهي تنظر لعيني تلك : والله لو ما وقف فويه ابوه عشان اخوه .. كانج الحين تحسبين الايام عشان تترملين .. وغيرج كان ما شاف عياله معرسين ..

لتقف بعد ان اخرست الافواه .. مبتعدة منادية معها أبنتيها .. وتبقى هناك نسوة سواد قلوبهن من سواد قلوب ازواجهن .. وفتيات يتنهدن بغيض .. لماذا بنت العم الساقطة تحضى بما لم يحضين ؟



,،


أستيقظ مبكرا كعادته في هذا اليوم .. يحفه أمل بالخالق ورجاء أن لا يضيع له أجرا .. يلقي التحية على والدته وجدته المتوسطتان الصالة الصغيرة .. يحتسيان القهوة ويتبادلان بعض الاحاديث المتفرقة .. ينحني مقبلا رأس جدته ومن ثم رأس والدته .. ويجلس متناولا آنية الشاي .. ومبعدا الغطاء عن الصحن المحتوي على الخبز الغارق بالسمن والعسل .. تحدثه جدته : ما خبرتنا شو صار وياكم البارحة .. عسى كل شيء زين ؟

- العرس عقب شهر وانا ما علي الا المهر .
-
ما إن اتم جملته حتى قالت بإمتعاض : شو ؟
لتردف : ليش ان شاء الله .. واحنا ما لنا حق نشوف البنت .. خلاص انت واهلها قررتوا .. وانت شو ناقصنك عن تقوم بالعرس ..

تحوقلت الجدة واستطردت : عليهم بياض الويه يا شمسة .. وهم ناس معروفين ونعرف ان هذا عرس بناتهم .. يعني بتي ع ولدج .

- بس ياميه ولدي ما قاصرنه شيء .. يقدر يسوي احسن عرس ..

ابعدت نظرها عن والدتها لتنظر إليه : أنزين بنسكت عن هالشيء .. وشوفة البنت .. مب من حقنا نشوفها وانت مب من حقك تشوفها ؟ والا هم يبون يلصقونها فيك والسلام .. خوفاتي يكون وراها شيء .

تنهد بخفوت لتعود الجدة تتحوقل : شميس .. شو بلاج ؟ .. اذا تبين تشوفينها محد بيمنعج .. خلي شبيب يتصل فيهم ويخبرهم .. ما اظن بيقولون لا .. ولا تكبرين السالفة .. اذا ربج رايدله هالبنت بياخذها .. شفتيها والا ما شفتيها .

أبتسم على حديث جدته لوالدته .. وقام واقفا : ياميه لا تحاتين .. بتصل عليهم وبقولهم انكن بتروحن تشوفنها وتتعرفن عليها وعلى اهلها .. ولا يصير الا اللي يرضيج .. سمحلي ..

متوجها الى قسمه ليلتقي بخاله وقد ارتدى أفضل ملابسه .. مبتسما في وجه شبيب : هاا نقول مبروك يالمعرس ؟
انفجر ضاحكا : قولها .. وعقبالك ؟
" فال الله ولا فالك " .. قالها واردف : وعسى ان شاء الله يتمملك ع خير ..
مر من جانبه ليبادره بسؤال : ع وين ؟ بعده وقت ع صلاة اليمعة .
التفتت : معزوم وييا الشباب عند واحد من الربع .. والطريق طويلة .. بنصلي اليمعة عندهم وبنتغدى .

تتبعه بنظراته حتى أبتعد .. لم يخفى عليه أحمرار عينيه .. ربما لم يطعم النوم .. او لعله سهر مع معشوقته القاتلة طويلا .. كم يتمنى لو يترك تلك العادة السيئة .. ولكن هو لا يرغب بالنصح .. يشعر بانه هو حر نفسه .. كطائر مملكته السماء لا يحكمه الا جناحيه .. أكمل طريقه ليفتح باب قسمه وتنفذ الى أنفه رائحة العود .. وتلمح عينيه شقيقته المتحركة في أرجاء الصالة وبيدها مبخرة ذهبية .. تنفث عبق الرائحة في الهواء .. فتعانق الاثاث باستماتة ..
التفتت لتراه وتبتسم مقبلة نحوه : عقبال ما ادخنك فيوم عرسك ..
وبشيء من الاستفسار المازح : أخبار المحاضرة ؟ تراني سمعت اصواتكم وحولت هني .. ما في اسمعلي كم كلمة ..
داعب وجنتها بابهامه وسبابته : هبله .
قطبت حاجبيها وهي تستدير تنظر اليه بعد ان تركها والجا الى غرفته :ترا قرصتك تعور..
لتسمع ضحكاته .. وتشد الخطى تقف مستندة بجانبها على الباب .. تنظر اليه يخرج له ثوب و " غترة " و " عقال " .. وملابس داخلية : الحين تسمين هذي قرصة .. عيل كلثوم شو بتقول عنها .. لدغة ؟
وفجأة التفت وبشيء من جدية قبل أن تترك كنة المكان : كنة .. وين شامة ؟
عادت لتقف مكانها : فحجرتها .. صرت ما افهمها .. أمس العصر كانت زينة .. واليوم شكلها ردت ع حالتها .. وكل ما اسألها تقول متضايقة – رفعت كتفيها – مادري شو اسوي وياها ..
تحرك نحوها ليتخطاها : بروح اشوفها ..


صباحاتها لم تعد تلك الصباحات المتفائلة .. تشعر بأن أيامها اضحت باهتة .. تشتاق للحديث مع تلك التي صُدمت منها منذُ أسبوع مضى .. ينتابها أحساس بأن لا أحد صادق .. هُناك أكاذيب تُكتشف بعد حين .. تدمي الثقة حتى تضعفها .. أخبرتها كنة مرارا أن لا تحكم على أحد إلا بعد أن تعرف أسبابه لما فعل .. لربما تكن هي الظالمة لا هو ..
تنهدت وهي تضع المشط من يدها .. تلف شعرها وتثبته بمشبك من الشيفون تاركة أطرافه تتمرد للاسفل .. لتثبت بعدها مقلتيها على وجهها .. يبدو شاحبا بعض الشيء .. وعينيها تشكيان من فراغ قاتل .. ما أن وصل إلى اسماعها الطرق على الباب حتى نطقت ببرود : دخلي .. مب لازم تدقين الباب .

تحسبها شقيقتها .. فهي الوحيدة التي تقرع بابها في الآونة الاخيرة .. لتقف بتوتر حين لاح لها انعكاسه في المرآة .. تستدير لتستند بمؤخرتها على حافة " التسريحة " : شبيب .
لا يزال ممسكا بمقبض الباب : أقدر أدخل ؟

لم يصله الا السكوت .. ليغلق الباب ويدخل .. يجلس على السرير ينظر إليها وقد أسقطت نظرها إلى الارض .. لا رغبة لها بالحديث معه .. حتى انها اضحت تتجنب والدتها خوفا من مشاجرة أخرى معها .. سحب أنفاسه وزفرهن .. يباعد بين ساقيه لتدلى ذراعيه بعناق بينهما : شو بلاج متغيره علينا ؟ ادري ما قمت اسأل عنج وايلس وياج صارلي فترة .. بس انتي تشوفين شغلي من صوب ومشاغل تطلعلي كل يوم من صوب ثاني .. خبريني اذا غلطت وياج فشيء .. يمكن ما انتبهت .. نبهيني ..


ماذا عساي أحكي .. حكايات متداخلة تتراقص أمامي لا أعلم أياها اصطاد لتكون ضحية لبداية الحديث معك .. هل أقص عليك تعبي النفسي من حديث والدتي المتكرر عن الزواج ؟ .. أم أحكي لك عن ريا وما أخبرتني به ؟ .. أشعر بغباء يستوطنني .. يستبد بي حتى أحالني إلى بركان متحرك تثيره زوبعة حديث خاطف .. فيحرق ما أمامه دون تفكير ..


ربت بجانبه : تعالي يلسي يمي وكلميني .. عندنا ساعتين مستعد اسمعج فيهن .. وياليت تخليلي شوي منهن لاني اريد اسولف وياج عن شيء .

لم تتحرك من مكانها .. متسائلة : تتكلم وياي ؟ عمرك ما سويتها .. دايم تسولف وييا أمايه العودة وكنة .


ألهذه الدرجة أبعدتكِ عني .. حتى أصبحتِ تستغربين أبسط الامور التي يجب أن تكون بيننا .. أهذه أمانة والدك يا شبيب .. شقيقاتك .. كيف لم أدرك إن بعدكِ عنا ما هو الا سبب لبعدنا نحنُ عنكِ .



,،


وكم هي حياة شامة أفضل آلآف المرات عن مها .. تتمنى شقيق بجانبها يستمع إليها يساعدها .. كُلما ضاقت عليها اتسع لها صدره .. حتى تلك الـ ليلى لا ترغب بإقحامها في حياتها المتوترة مع سلطان .. تحيط بهما جدران وبينها وبينه جدران تحاول ان تحطمها ولا تقوى .. كُلما صعدت لتصل الى أعلاه يظهر لها آخر .. غموضه يسجنها في دائرة التفكير المر .. لا يحادثها الا اذا كان ساخرا من فعل قامت به أو كلمات قالتها ..

تجلس مع خالتها وليلى في الصالة .. وهناك في غرفة حمد كان جابر و شبيب .. وصلهم الخبر عصرا إن عمهما يرقد في الفراش مريضا .. متعب هو من حمل أثقل به كاهل إبن أخيه .. يستلقي على فراشه وظهره مستندا ببعض الوسائد .. وجابر عن يمينه وشبيب عن يساره .. ناطقا جابر : بطي يسلم عليك .. وقال فالليل بيي يشوفك ويطمن عليك .

- ما تقصرون ..
ليستطرد وهو يلتفت لشبيب .. يشد على كفه بكفه : سامحني يا ولدي ؟

- شو هالرمسة بعد .. ترا اللي صار أمس ما منه شيء اليوم .. شوفني أضحك ومستانس .. يا عمي الواحد منا فراسه مليون شيء وشيء .. لا تحط اللوم عليك .. تراك عزيز وغالي ولو تطلب مني عيوني قدمتها لك ..

ينظر إليه جابر وهو يسترسل في الحديث مع عمه .. يرى تعابير وجهه الضاحك .. ويعلم انه مجرد قناع يخفي خلفه شيء ما .. ولا يرغب بنزعه .. أستأذن خارجا ينادي زوجته ويرحل .. لتقف تلك من بعد رحيل ليلى تستأذن من خالتها .. تعلم بأن هناك ينتظرها حديث لاذع بسبب تأخرها ..

أستقلت سيارتها .. وزاد من توترها زحمة الطريق .. واتصالات سلطان المتكررة سائلا عن مكانها .. تنهدت مرات ومرات .. تذكر سؤال خالتها عن حياتها معه .. ولا تعلم كيف عادة فجأة لتلبس الاقنعة .. لتوهمها بانها في أفضل حال .. وإن ذاك السلطان يدللها ويغدقها بالكثير .. الكثير من الامور المعاكسة لقولها ..


وصلت أخيرا .. لتصعد السلالم وهي تبحث عن مفتاح الشقة في حقيبتها .. تتوقف قدميها عند الباب ولا تزال تبحث عن مفتاحها .. لم تشعر الا بالباب بفتح ويده تنتشلها من الخارج الى الداخل في طرفة عين .. كادت أن تتكعبل بحذائها المرتفع .. لتصرخ به : شو فيك ؟
صارخا بها : وين كنتي للحين ؟ رايحة من الصبح وقلتي بتتغدين وبتردين .. والحين بنصير المغرب ..

تنحني تخلع حذائها وتجيبه وهي ترتفع تحمله بأناملها : يعني وين بكون ؟ فبيت خالتي .. خذتنا السوالف .. وبعدين انت قلت بتطلع وييا ربعك .. واشوفك للحين هني .. وبنفس ملابسك اللي كانت عليك قبل ما اطلع ..


تنظر إليه يرتدي بنطال جينز وبلوزة بيضاء تعبث بها رسومات متداخلة .. ووجهه محتقنا بالدماء بخلاف وجهها البارد من أي ملامح غضب .. ليبعثر الكلمات مع انفاسه الثائرة : أكيد بتتأخرين دام حبيب القلب شبيب هناك ..

ابتسمت .. ورمت حذائها بطول ذراعها بعيدا .. لتربع ذراعيها : تراقبني ؟

وبتهكم منها استطردت : شو اسمي هالشيء .. غيرة .. خوف .. حب .. والا شو بالضبط ..

زمت شفتيها تغالب حرقة مقلتيها .. تشتت نظراتها : اسبوع .. سبع ايام وأنا كل يوم أقول مب مشكله اليوم اللي عقبه احسن .. يمكن ايي ويخبرني شو مسويه وياه .. يمكن يقولي ديوني اللي علي .. اللي كل شوي يهددني فيهن ..

نظرت إليه وبعنف مسحت دمعة أعلنت الخيانة ساقطة .. لتصرخ به : أنا بشر يا سلطان .. مب آله ما تحس .. تعال خذ حقك .. خذ كل حقوقك ..
تقترب منه تمسك بمعصميه : اضربني ..

ليسحبهما منها .. موليها ظهره .. لربما لا يرغب لها أن ترى الضعف الذي كساه .. يستمع لنبرتها المرتجفة من خلفه : مستعدة اتحمل ديوني اللي لك .. مستعدة تضربني من الحين الين باكر .. بس خبرني شو سويت ..

لا يعلم كيف أخرس لسانه .. ليتركها تصرخ بغيض وراءه .. يدخل غرفته ضاربا بالباب .. يصرخ بعنف كمجنون ابكم .. لا يستطيع أخراج الحروف وإن حاول ..

تحركت مارة بحذائها الذي رمته .. تنحني تلتقطه من جديد .. وتسمع ضجيج ثورته فتتمتم : يا ليتني اعرف شو بلاك ؟



تدخل الغرفة الصغيرة التي كانت ملاذها في الايام الماضية .. ترمي بعباءتها بعد ان سلت " شيلتها " عن عنقها بعنف .. حتى شعرت بحرارة احتكاكها على جلدها .. لتحدث نفسها بخفوت : اهدي يا مها .. اهدي .. شو صارلج عصبتي اليوم .. دومج هادية تاخذين كلامه وتسكتين ..

سحبت انفاسها بعمق .. تبحث عن الراحة .. لتمر الدقائق عليها في غفوة تفكير في حالها .. لم يوقظها منها الا صوت باب غرفته الذي أُغلق بعنف وكأنه هو المذنب ولا بد أن يعاقب .. وما هي الا ثوان حتى سمعت باب الشقة يلحق بأخيه .. تحوقلت .. وفجأة نضحت الدموع من عينيها .. فقط أرادت أن تبكي .. تبكي تُعس حال وصلت إليه ..



,،


حبيبتي كالقمر .. جميلة جدا .. بل أنها رائعة .. إن نظرت إليها لن تمل منها .. ولتمنيت أن لا ترف عينيك حتى لا تخسر ثانية من الوقت في تأملها .. حبيبتي مختلفة .. تسكن قلبي وتستبد فيه .. أنانية تحب أن تكون هي الحاكمة فقط ..


كانت تلك العبارات تنطلق من فيه حارب ردا على أحد زملائه حين سأله قائلا : أتحب هانا ؟
زميلة لهما في ذاك المستشفى .. فقهقه ناطقا : لدي حبيبة ..

واتبعها بتلك الجمل الشاعرية .. حتى قال الاخر : ولكن يبدو أن هانا تعشقك .. جميعا نلاحظ نظراتها إليك ..

يمشيان عبر الممر الطويل في ذاك المستشفى .. خارجان من البوابة الزجاجية الكبيرة .. منهيان بذلك عملهما لهذا اليوم .. ويبتعدان يودع أحدهما الآخر ..


يتحرك بخطواته مبتعدا عن مكان سكنه .. لا يرغب بالوحدة في هذا اليوم .. سيختنق شوقا .. بل سيختنق حنينا وعشقا صار يستنزف حيويته .. مشى متخطيا الشارع متوجها نحو البحر وطيور النورس .. لعل صراخها يحمل صراخ روحه ويبتعد.. لعله يحمل شيء من عشقه مع امواج اليم المتلاطمة ..

أتخذ له من أحد الكراسي المطلة على البحر مقعدا .. يربع ذراعيه على صدره وينظر للبعيد .. لا يدرك كيف أخرج هاتفه وكيف طبع أصبعه رقم صاحبه .. لعله كان في الاوعي حينها .. أو لعل روحه تعبت من عقله الذي استعمرها و سيطر عليها .. يأتيه صوته : الو .. الو ..

صوته المليء بالنوم جعله ينظر الى ساعته ليراها تقارب التاسعة صباحا .. أي انها في حدود الثانية فجرا في موطنه .. كم هو قاسي ليخرجه من نومه بهذا الشكل .. لينفجر ضاحكا .. مقهقها بنشوة .. ليعقد فارس حاجبيه معتدلا على سريره : حارب ؟

وقف يخطو نحو زرقة المياه : أشتقت لكم .. والله الحياة بدونكم مب شيء .. بس حاس أن مكاني بينكم خلاص ما بيرد مثل قبل ..

- أنت غبي يا حارب .. مثل ما قال شبيب .. غبي وتعقد المواضيع ..

يسمعه يعاتبه .. يهيل عليه الكثير من اللوم .. دون أن يبين له بأنه يعلم ما يكنه صدره .. ولا يعلم بأن صدر الاخر قد ضاق مع كُل حرف يتلقاه مسمعه .. يشعر بأنه خائن يستحق الشنق .. أن يعدم مرارا .. وأن يهدر دمه على يدي صحبه ..

ينهي المحادثة بسرعة .. وكانه عاد من الاوعي الذي كان فيه .. أيخبره أن يعود أدراجه .. أن ينسى الغضب .. أن يرمي بكُل شيء خلف ظهره ويعود .. وقلبه ؟


زفر فارس أنفاسه .. تخالجه راحة لانه أطمأن على ذاك المبتعد .. لم يعد إليه النوم .. طار عن مرسى جفنيه .. ليجبره على النهوض .. يتوضأ ويصلي ركعتين .. سيستخير ربه في طلب ذاك الامام .. فأن كان خير سعى في الامر .. وإن كان لا فسيقدر الله له أمر آخر ..



,،



لا يعلم بأنه ليس الوحيد الذي بات الامر يؤرقه .. فذاك الرجل الستيني يعتكف على سجادته .. مُطيلا المناجاة .. ترقبه زوجته من على السرير .. يسوءها حال بعلها .. سألته ما به .. فأعترف لها بما فعل .. فاكتفت بالملام الخفيف .. والعتب الرقيق .. فهو أب يخشى على صغيرته البقاء من بعده .. والعمر لا يظمنه أحد .. تحوقلت بخفوت .. وهي تسمعه يدعو ربه أن يفرج همه ..

تترجل عن السرير بتثاقل .. تبتعد بهدوء وتخرج من الغرفة .. تجر الخطوات نحو غرفة أبنتها .. تفتح الباب بهدوء شديد حتى لا توقظها .. تنظر إليها وقد ولتها ظهرها .. تدس كفيها أسفل رأسها .. نائمة على يمينها .. ليأتيها صوتها : هذي أنتي أميه ؟ ..

أبتسمت تلج للداخل .. تجلس من خلفها تمسح على شعرها .. لم تنبس ببنت شفه .. ليأتيها صوت عائشة الهاديء : أبويه مب راقد صح ؟

وكأن بها تعرف ما يختبيء في صدريهما .. لتبادرها بالسؤال : عواش ليش كل هالاسئلة ؟ وليش أنتي مب راقده للحين ؟

سحبت أنفاسها وصمتت .. ومن ثم قالت : الحين برقد .. خبري أبويه مايحاتي ..




,،



نلتقي فالزفرة 38 إن شاء الله











اسطورة ! 16-04-14 02:04 AM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
ـــــــــــــــــ



http://up.graaam.com/forums/616798/01397334356.gif


,,

ـــــــــــــــــــــ


بعض المصائب أو لربما أغلبها تقربنا من خالقنا وجدا .. حتى نبات ندعو ونُصبح وقد أستجاب الدعاء .. ونرسم الحياة في عيوننا جنة نحياها .. إن أصابنا خير شكرناه .. وحمدناه جل في عُلاه .. وإن أصابنا شر أحتسبناه وصبرنا ننتظر الفرج من بعد الضيق ..




بعد مُصابه العظيم تقرب من ربه وجدا .. حتى اصبح الحزن لا يُرى .. شهور مرت على حادثة الاعدام التي تلقاها .. ليحيا من بعدها كجثة تحركها الانفاس .. ونبضات قلب قد أختُرق وأنتزع منه ما أحب سنين طوال .. واليوم هو فارس مختلف .. يشوبه الماضي ولكن ليس كما قبل .. يتنفس الحاضر بفرح يغزوه كُلما أستيقظ بهمة ..




الساعة تجر اكفها لتعانق السابعة صباحا .. يرتب هندامه وهناك ابتسامة تُصر إلا أن ترتسم على شفتيه .. وعقله كطاحونة هواء لا تفتر النسمات من مداعبتها .. هو لا يعلم من أمر الزوجة المُرشحة له شيئا .. جُل ما يعلمه أن والدها صالح .. لا يفكر في دنياه بقدر ما يفكر في آخرته .. إذا فهي كمثله .. نبتت في أرض خصبة بالايمان ..




تنهد ينهي ترتيب " العقال " و" الشماغ " .. يحاول أن يتذكر بعض الاحاديث القديمة بينه وبين كنة عن بنات ذاك الرجل .. ولكن كان يُنهي الحديث دائما بأن لا دخل له في أمور الغير .. ليبقى الصمت من قبل كنة رفيقا في هذه المواضيع ..




سحب مفتاح سيارته ومحفظة نقودة وهاتفه مع سماعته .. وحث الخطى خارجا من غرفته إلى غرفة والدته .. يحول بينه وبينها الباب .. يسحب أنفاسه ويطلقهن براحة .. سيبث إليها بقراره في الزواج للمرة الثالثة .. تبسم وقد مر في عقله إنه طلق مرتين في سنة واحدة وهاهو يسعى للزواج للمرة الثانية في هذه السنة .. نفض رأسه وكأنه يحادث نفسه بِأن لا يستعجل .. سيدع الامور تسير ببطئ ..




بعد طرقتان بمفصل وسطى يمينه ولج .. يراها ترفع جذعها عن الفراش بعيون ناعسة .. لتزداد ابتسامته وهو ينحني يقبل رأسها : وعيتج ؟


لتجيبه بصوت اثقله النوم : لا .. بس منسدحه .. بعدك ما داومت ؟


- الحين رايح .. توها سبع ..


جلس يثني ساقه اسفله .. يمسك كفها ليرفعها مقبلا .. ومن ثم بشيء من تردد : حبيت اخبرج .. اني قررت اعرس .



رمشت مرارا وكأنها تحاول ان تستوعب ما سمعته .. لتبتسم وبفرح أطار ما تبقى من نوم فيها : اليوم بروح ادورلك بنت الحلال ..


ليقاطعها : امي .. البنت مويودة .. ويوم ارد من الدوام بيلس وياج وبخبرج ..



قال ما قاله وارتفع ليدبر .. وتبقى هي مع السكون .. تحاول ان تعرف من تكون الفتاة التي يقصدها .. لتنهض من السرير مسرعة .. ترتدي " شيلتها" الكبيرة .. وتبتعد الى غرفة أبنها الاخر .. تطرق الباب بإزعاج جعل سمية تمتعض وهي تترجل من على السرير .. تفتح الباب رويدا واذا بتلك ناطقة بتبسم : عمر وينه ..


- يتسبح .. خير عموتي صاير شيء ؟


- بترياه فالصالة خبريه .. اريده فسالفة ..



تسربل الى قلبه الخوف حين أخبرته سمية بطلب والدته .. فارتدى ملابسه سريعا .. يكفي أنه تأخر على عمله هذا اليوم .. أسرع بخطواته الوجلة الى الصالة ليراها جالسة فيُلقي عليها السلام مع قبلة بارة على رأسها .. لتمسكه من رسغه تجلسه بجانبها .. فيعود يردف " غترته " البيضاء للخلف : خير يا اميه .. في شيء .. شيء يعورج ؟


قطب حاجبيه وهو يسمعها : فارس خبرني انه موافق ع العرس .. وقالي البنت مويودة .. قولي يا عمر منو هالبنت .. انت دوم وياه واكيد خبرك عنها .. شو اسمها وبنت منو .. اعرفها .. والا من بعيد .. بنت حد يعرفه والا اخت حد من ربعه ....


تابعت طرح الاسئلة عليه حتى اسكتها بقوله : ما ادري عن شيء .. ودامه قرر يعرس شيء حلو .. والبنت بنعرفها الحين والا بعدين ..



ليقف : ان تاخرت ع الدوام .. ولا تحاتين فارس بيخبرج عنها .. والله يتممله ع خير ..




مضت ساعات اليوم وهي تعدها عدا .. تشعر بأن اليوم طال حتى اضحى كأيام لا يوم واحد .. أعدت الغداء مع نورا وهي في شرود .. حتى انها لم تبالي بمزاح أبنتها حين دعت لنفسها بزوجا يخلصها من تعبها الذي تعيشه .. كانت تسترق النظر لوالدتها حين سألتها عن الساعة .. لتجيبها وهي تطفيء النار عن القدر : وحدة ونص ..


واردفت مستفسرة : اميه شو بلاج اليوم .. حتى عند ياراتج ما رحتي .. وكل شوي تسأليني عن الساعة .. حد بيينا ع الغدا والا شو السالفة ..



" ما في شي " .. نطقتها وخرجت من المطبخ .. تلتقي بأبنتها هند : أمايه صارلي اسبوع اقولكم اريد اروح السوق اتشرى .. ولحد طايع يشلني ..


- أوووه مب وقتج الحين .


بغضب وهي ترقب والدتها المبتعدة : أووووهوو كله مب وقته مب وقته .. عيل متى وقته ..



لتشد هي الاخرى خطواتها بغضب الى المطبخ : نورووه قولي حق عمر يشلنا السوق .. فارس قلتله وقال ما عنده وقت .. والله ناقصني اشياء واايد ..


رفعت تلك حاجبيها مقتربة من شقيقتها الواقفة عن الباب : عنبوج يا هنييد .. انا يوم فعمرج ما اطب السوق الا مرتين قبل العيد الصغير وقبل العيد العود .. وانتي كل شهر تبين تروحين .. وطايحتلي فهالمكياج .. تشترين وتعقين .. والله ما عندج سالفة .



هي الاخرى ابتعدت .. وكأن شحنات التوتر والغضب مرض مُعدي أطاح بهم واحد تلو الاخر .. حتى تلك الـ سمية أصابها التوتر من حديث والدتها لها عبر الهاتف .. لتغلقه وقد عقدت حاجبيها متمتمة والهاتف لا يزال في يدها : شو بلاها أمي تسأل عن فارس بهالشكل ..


لتقف تاركة الهاتف بعنف على السرير .. ناطقة بغضب : وانا شو دراني اذا يبي يعرس او لا ..


خرجت ليستقبلها صوت التلفاز العالي بعض الشيء .. وتلوح لها نورا جالسة .. وبكفها بعض حبات تباع الشمس .. تنظر باهتمام لاحد الافلام .. دنت منها : نورا وين عمتي ؟


دون ان تحرك ساكنا : فحجرتها .. سوت الغدا ودخلت وللحين ما طلعت ..


لتنسحب من المكان حين سمعت صوت فارس .. مع هند في الخارج .. وسرعان ما القى التحية على نورا .. ويغادر لغرفة والدته .. لتقف تلك بتعالي تنظر الى شقيقتها : ما منج فايده .. قلت حق فارس وبيوصلني ..



" متى ؟ " سؤال منها وهي لا تزال مسمرة انظارها على الشاشة .. ليأتيها صوت هند : اليوم فالليل ..



هناك في تلك الغرفة المملوءة بالكثير من الفضول .. تشتت التوتر حين البوح بأسم العروس .. ليسودها الغضب .. تصرخ به : ما لقيت الا عويش .. قلن الحريم يا فارس .. لا وبعد ما تريد حد يتكلم وياك .. وتباني ارضى غصب عني ..



تنهد مقتربا منها زحفا على ركبتيه لتبعده حين اراد تقبيل رأسها : خوز عني .. يالسه ادورلك البنات الزينات الكاملات وانت يايني تقولي عن عويش ..


بشيء من الحدة : لا حول ولا قوة الا بالله .. ياميه شو بلاج شبيتي علي .. شو بلاها البنت .. يكفي انها متربية ع الصلاح والدين ..


وقفت ناظرة اليه أسفل منها : ما تيوزلك يا فارس .. ما تيوزلك ..



تتركه يزفر انفاسه بقوة .. يقطب حاجبيه .. لم يعلم من امر تلك العروس شيء .. لهذا أسماها ذاك الشيخ أمانة .. عليه أن يصونها ويحميها .. بل عليه أن يكون لها أكثر من زوج .. طوح رأسه ونهض ضاربا بأكفه على فخذيه .. سيعود ليفكر في موضوع الزواج مجددا .. لعل الله يهديه إلى خير السبيل ..




,
,

تشابكت أمورها .. وامتزجت افكارها حتى باتت تأن تحت وطأت حالها .. لا شيء كما كان .. الوحدة تشدها إلى غياهب الجنون .. وتلك القاسية لم تعد ترغب بمحادثتها .. فاغلقت الهاتف من جديد .. وحشة قاتلة من بعد " نيرما " .. وقدميها تخشيان تخطي عتبة الباب للخارج .. يخيفها ما آل إليه مصيرها .. تشعر أن ذاك المتعجرف في حديثه سيوصلها لا محالة إلى كنف عائلة تبرأت منها .. تبرأت من عائلتها ..




تجلس في ظلمة المكان إلا من نور الشارع المتسربل عنوة من الزجاج .. هدوء أقتحمها بقوة .. تغلغل فيها حتى باتت تسمع نبضات قلبها واضحة .. تشكي لها الرهبة أحيانا كثيرة .. لآليء عينيها يكشفها الضوء .. وانفاسها المتضاربة يكشفها السكون ..




تبكي صاحبة صحبتها بالحسنى حتى أوصلتها إلى السلام .. تبكي مر المصاب من بعد المصاب .. وتنتظر قرع الباب واندفاع الرجال .. فذاك المتبجح باختصاصه منذ ايام أمامها سيوصل أمرها الى أبن العم القاسي لا محالة .. سيثور كما ثار منذ سنوات .. ارتجفت تشد بكفيها على ذراعية احتضانا .. يومها كان والدها سندا لها .. واليوم لا سند .. سيقتلوها ..




طأطأت رأسها على ركبتيها .. لتأخذها غفوة للبعيد .. ساعات الفجر الأولى تلوح لها بطمأنينة ترتجيها .. لتجفل فجأة وكأن بأوصالها تطالبها بمناجآة خالقها .. مسحت على وجهها متشهدة .. تترجل عن حضن الكرسي الوثير .. وتسعى لتناشد ربها .. تطلبه الرحمة والغفران وشيء من صبر تحتاجه بشدة ..




لتنام من بعد صلاتها على سريرها ملتحفة .. تمضي ساعات الوقت .. هي هكذا تهرب من الوحدة بالنوم أو مع الافكار الهامسة لها بما قد يحدث في مستقبلها ..




هل جربت الاستيقاظ على صوت طرقات باب مرعبة .. وصوت جرس لا يفتر ؟ .. هكذا نهضت من فراشها .. وطبول قلبها تضرب عظام صدرها وكأنها تبحث عن الفرار .. سحبت غطاء الصلاة الذي القته آنفا على جانب السرير .. وهرولت بخوف .. لتهدأ خطواتها حين لاح لها الباب على بعد متريين .. فتمشي الهوينة .. تسترق النظر عبر العين السحرية .. و ترتفع كفها تسد فيها .. وتتنفس بخفوت باحثة عن هدوء نفس .. لتفتح الباب مبتعدة بخطوتان للخلف .. ناظرة لوجهه البشوش .. عيني والدها .. ملامح الوقار كذاك الفاني .. وحنان دفين في عالم تسوده قسوة الرجل .. القى التحية مُردفا : شحالج يابنتي ؟




صوته أعادها الى واقعها لتتقدم نحوه تحني رأسه بكفها مقبلة له : بخير .. حياك ؟



تنحت تشير بيدها إلى الداخل .. لتفاجأ من بعد عمها بذاك يدخل .. ويقف ينظر إليها بشموخ كبرياء .. وغل قرأته من أنفاسه وصمته .. سارعت إلى ترتيب غطاء رأسها .. وكأن بها تشعر بالعري في حضرته .. ليتعداها يلحق بعمه والصمت يرافقه .. أمر لم تعهده على فهد ..




وقفت بعيدا ترقب عمها الجالس وجانبه الايسر لها .. وذاك يوليها ظهره على الكنب الطويل : شو تشربون ؟



هكذا خرجت من بين شفتيها .. بإرتجاف طفيف .. وكأن بسؤالها تحاول كسر حاجز التوتر .. لتختلي بنفسها بعيدا في مطبخها الصغير .. ولكن هيهات أن تنال مطلبها في إستقدام الراحة .. يأتيها صوته : مانبي شيء .. يهزي شنطتج .. ثلاث ساعات وبنرد الامارات .




كان يعتصر كفه دون أن تراه .. يرص على أسنانه يخفي غضبه .. ثورة بركانه .. لو بيده لاطلق لاذع الكلم في وجهها .. لدفنها في مكانها .. لسولت له روحه بضربها حد الموت .. ولكن أقسم لجده أن لا يمسها وأن لا يرفع صوته في وجهها .. وأن يأتي بها بالحسنى ..



" بس أنا ما أريد أرد " .. كان صوتها قد اتضح فيه الخوف .. ليقطع هو صوت عمه بصوته الهادر : بتروحين غصبا عنج .. وياللا روحي يهزي شنطتج ..



تنظر لعمها الهاديء .. ترآه يوميء برأسه أن إذهبي ..لتتحرك بهدوء خلاف الضجيج الذي يعبث بكيانها .. كُل ما كان يتبادر إلى ذهنها هو الموت خنقا على يد أحد أعمامها .. أو على يدي ذاك الكاتم غيضه في الخارج .. سحبت حقيبتها برعشة في أكفها .. ترمي بملابسها فيها .. لا تقوى على الترتيب .. فعقلها أضحى يضرب أخماسا في أسداس .. حتى ما أنتهت .. مشت خارجة .. تسمع عمها يحاول أن يذكر ذاك بقسمه لجدها .. تصل إليها كلمات فهد : لو بيدي يا عمي ما رديتها الا جثة ..



" عمي " .. نطقتها وهي تقف بخوف بعيدا .. تستتر بجدار الممر القصير .. ليأتيها صوت محمد الهاديء : خير يا بنتي ؟


بلعت ريقها وهي ترى جانب وجه فهد المتحرك بغيض يختلجه .. أجابت عمها : ابيك شوي ؟


ليقف ذاك ناطقا : يا الله ..



لتتحرك تسبقه إلى غرفتها .. وما أن دخل حتى أغلقت الباب لتقع على يديه مقبلة : عمي ما اريد أموت .. الله يخليك ..


ليحاول سحب يده .. ويرفعها من كتفها بيمينه : استهدي بالله .. ما بيصيبج شيء ..


بكفها تمسح دوعها : عطني الامان يا عمي .. أنا مب قد اعمامي ويدي .. و و .. وفهد .. بيذبحني فهد ..



" أستغفر الله العظيم " .. قالها ليمسك بكتفيها يجلسها على طرف سريرها ويجلس بجوارها .. يسوءه ضعفها وقلة حيلتها .. ليشد على كتفها بحنو : ريا محد بيضرج .. يدج موصينا كلنا ما نقربلج بشيء .. لا تخافين ..



طأطأت رأسها : كلام فهد يخوف .. سكوته يخوف .. كله يخوفني ..


تستدير نصف استدارة .. تشد على كفي عمها .. تنظر إلى عينيه برجاء : تعبت بروحي .. الله يخليك عمي خذني عندك .. لا تخليني عندهم .. لا تخليني عند يدي وفهد .. الله يخليك ..



ألا تعلمين بأني أقطن حيثُ هم .. يجمعنا البيت الكبير .. وأن غضبهم مني قد تلاشى ولم يعد شيئا .. أين انتِ منا .. بل أين نحنُ منكِ .. كيف للارحام أن تقطع حتى أصبحنا لا نعرف بعضنا ..



مسحت بقايا دمعها .. تقرأ في عينيه حديثا مبتورا .. بل أنه مكبل بأصفاد لا يقواها .. عادت تمسك بكفه : عمي .. عندك كلام مب قادر تقوله ..


ومن بعد صمته .. نطقت بخوف : وليد فيه شيء ؟


ليربت على كفها الممسكة بكفه : ما ندري عنه .. ووين أراضيه .. السالفة تخصج .. يوم نوصل لبلاد بتعرفينها ..



لم ينفعها الالحاح المستميت في معرفة الامر .. لترافقهما على خوف إلى مصيرها المجهول .. ترقب ذاك الذي عاد للسكون .. لا ينبس ببنت شفه .. يقبع على أحد كراسي المنتصف في طائرة العودة .. وهي وعمها خلفه في الكراسي الجانبية .. تنظر تارة من النافذة .. وتارة أخرى إليه .. وتعود تنظر لعمها المسترسل في قراءة بعض آيات القرآن من مصحفه الصغير .




تنهدت وروحها تنتحب رهبة .. تزلزل أركانها .. يُخيل إليها وصولها .. وأعمامها يستقبلونها بالنظرات القاتلة .. بالاكف الضاربة .. هل تمشي إلى المنية ؟ أم إلى عذاب الجحيم ؟ .




" الاميرة ديانا تبي حد يفتحلها الباب " .. كان صوته الساخر منها .. من سكونها على كرسيها خلف عمها الذي ترجل قبلهما .. هي لم تدرك الوصول .. ولا كيف مضت ساعات السفر .. وساعات الطريق من المطار الى ساحة المنزل الكبير .. كانت في عالم مخيف تحياه .. يضيق معه تنفسها .. وتتحجر الدموع حتى آلمت عينيها .. فتحت الباب تحت نظراته المزدريئة لها .. تلتصق بعمها هامسة : عمي خذني بيتك ..



-
هذا بيتي .. لي قسم هني وحق يدج وولد عمج قسم .. وحق عمج علي قسم ..



- أنزين خذني قسمك .


جاءهما صوته : حياكم ما تبا عزومه يا عمي .. والا الليدي عندها راي ثاني .


رمقته بسخط من تحت غشاء وجهها .. تحمد الله أنه لا يستطيع رؤية نظراتها له .. تحاذي عمها بالمسير حتى ما دخلوا .. نطق بعجرفته المعهودة : مبروك يا بنت العم .. عرسج عقب كم اسبوع ..



هُنا تجهم وجهها .. بل إن شياطين الارض تقافزت امامها .. لتصرخ متسائلة : شو ؟ عرس شو ؟


- أووه .. سوري سوري .. نسيت انه ما عندج خبر ..


- بس يا فهد ..


قالها محمد يخرسه .. ليثور أكثر : ليش بس .. خلها تدري أن في واحد رضا يستر عليها .. يايه ومسويه فيها شريفة مكة .. مب كنّ رياييل العايلة شايفينها مثل أي مومس من شوارع الكفر ..




" بس " .. صرخت به .. مردفة بغضب : ما يصير أعرس .. لاني معرسة ..




قهقه بمليء فمه .. وعمه يحاول أن يسكته دون جدوى : هذي يديدة يا بنت عيسى .. تبين ادارين ع سواتج بالجذب ( الكذب ) .. واذا معرسة ع قولتج وينه عريس الغفلة .. مخلينج دايرة ع حل شعرج فبلاد برع ..



صمت لبرهة واستطرد : لعبي غيرها يا .... بنت عمي .


ببكاء : كله منه .. لعب بعقولكم وصدقتوه .. ما تدرون انه يالس ينتقم مني ..


اسكتها بضحكاته العالية : ينتقم منج ؟



عاود الضحك .. وأكمل بسخرية لاذعة : ليش ان شاء الله .. بغاج وما عطيتيه ..


" جب " .. صرخت بها في وجهه .. ورددتها بهدوء : جب .. جب .. بسكم حرام عليكم ..



" وينها بنت ****** " .. صرخة من غانم وهو يلج الى المنزل .. أوقفتها بخوف .. تختبيء خلف عمها .. تشد ثوبه بكفيها .. مشهد تكرر واختلف فيه الشخص الماثل أمامها يحميها .. تسمع محمد يمنعه منها .. يذكره بكلام جدها .. ومن ثم يصرخ مناديا زوجته .. تلك المرأة الطيبة التي لطالما احبتها من بين زوجات أعمامها .. لتخرج ملبية له من بعيد .. ويأمرها أن تتركه وتذهب مع زوجته ..

تبتعد بمعيتها وتسمع اصواتهم .. وصوت عمها يسكتهم مرارا .. حتى ما ولجت إلى أحدى الغرف : خالتي اللي بيسونه ما ايوز (يجوز) .. خبريهم ان اللي بيسونه حرام ..


لتدنو منها وهي لا تزال تقف عند عتبة الباب وتجيبها : ما اقدر اتدخل .. تدرين أن يدج مانعنا حنا الحريم ندخل بسوالفهم ..


- أريد أشوف يدي .. أنا بكلمه وبفهمه .


- ما يبا يشوفج .. سامحيني .


غادرت مغلقة الباب .. ليأيها صوت إدارة المفتاح ليُقفل عليها .. ستسجن هنا حتى تزف إلى الحرام .. أنسكبت دموعها تجرح خديها .. متسمرة دون حراك .. حقيبتها في الخارج .. وهاتفها أيضا .. تحركت بأنكسار .. تجلس على الارض وتستند بظهرها على السرير الصغير ..


,
,







,,


طرقات خفيفة تتسربل إلى أسماعها وهي متكئة على ظهر سريرها .. تأخذها الافكار بعيدا .. وبيدها هاتفها .. لتتركه جانبا مُجيبة لطارق .. لتطل عليها كنة بإبتسامة تداعب شفتيها .. وتبتسم هي لها : تعالي ..



تحركت لتعتدل في جلستها .. تنظر إلى شقيقتها التي يغزوها ألف أستفهام بسبب انقلاب حالها .. تجلس قبالتها على السرير .. مبعدة تلك ساقيها : من يوم اليمعة .. يعني من عقب ما يلس وياج شبيب بالساعات وانتي متغيرة .. في شيء بينكم .. لا هو حاب يقوله ولا انتي تبين تتكلمين .. حتى هو تغير .. احسه فرحان ومب فرحان ..


كانت تلك تحرك مقلتيها للاعلى مرارا .. وتزم شفتيها تداري ضحكة تداعبها .. لتستطرد كنة : ما بتخبريني ؟



" أممممم " .. مدتها قليلا .. ومن ثم بسرعة خاطفة وبشيء من الخجل : أنخطبت .



أندهاش أرتسم على ملامح وجه الاخرى : شو .. لحظة لحظة .. خليني استوعب .. كيف يعني أنخطبتي .. ومنو المعرس .. وغريبة انج فرحانه .. وين اللي تشل البيت شلل يوم تسمع طاري العرس والخطاطيب ..



- شو بلاج كليتيني .. خلاص ما بخبرج شيء دامج بتطنزين .


تضرب بأناملها على فيها .. وبعدها تنزل كفها : بسكت .. ياللا خبريني .. شو استوى بينج وبين شبيب ومنو المعرس .


دست ساقيها أسفلها : ما بخبرج كل شيء .. لان في شيء يخص شبيب وقالي ما اخبر .. اما منو المعرس ..


بتردد صمتت .. وتلك بنظراتها تستحثها لتقول .. لتكسر الخجل : بطي ولد عمي .



- بطي ما غيره .. أخو أخونا يبور .. لا ما اصدق .. كيف ؟


بجدية يشوبها شيء من قلق : لا تخبرين امي كنون .. قلت لشبيب اريد وقت افكر اكثر .. خبرني انه مب مستعيل ومستعد يترياني الين احس عمري مستعدة للعرس .. للحين ما قلت رايي .. والحلو حتى لو رفضت ما بيصير شيء .. هو اكد ع شبيب ان كل شيء بايدي .. وبنبقى عيال عم لو شو اللي بيصير ..



ربتت على يدها : فكري زين شيوم .. انتي تعرفين منو بطي .. وتعرفين الكلام اللي كان ينقال يوم كان مسافر ..


ابتسمت بفتور : أنتي يا كنون تقولين هالكلام .. وانا منو ؟ انسانه كانت مريضة بمخاوف ما تدري من وين يتها .. مطلقة قبل لا تنزف ..



بشيء من السخط : لا تقولين هالرمسة عن عمرج .. لا تقللين من نفسج لو شو ما صار وياج .. خلج دوم رافعة راسج وواثقة من عمرج .. اللي صار ما كان بايدج .. وانتي الحين تغيرتي .. خذي كل وقتج فالتفكير ..



وقفت : بروح ارقد تعبت اليوم فتنظيف البيت وانتي ولا حتى فكرتي تساعديني .


امسكت بيدها : رقدي وياي .. الحجرة بدون كلثوم مب حلوة .. شكلها اليلسة فبيت يدودها طابتلها هالمرة ..


- لا حبيبتي خليني اروح حجرتي .. ما اعرف ارقد وياج


- تعالي بس .


قالتها وهي تسحب كنة لتقع بجوارها .. وتضحك معها .. تتخذ من جانب السرير مكانا .. ترفع الغطاء لشقيقتها : ياللا اندسي ..


لتقهقه كنة : اوكي .. ويا ويلج اذا تحركتي والا سحبتي الحاف عني .. بتييج عضة بتخلي صوتج يوصل لاخر بيت فالشعبية .


- الله يستر .. ياللا ما عليه انا اللي يبته لعمري .


ولتها ظهرها تدس احدى الوسائد اسفل رأسها : ياللا قومي سكري الليت وخليني ارقد بتوصل الساعة وحدة .



" طرار ويتشرط " .. لتترجل مستطردة وهي تسير نحو قابس النور : صدق المثل اللي قال .. يا من شراره من حلاله عله ..


لتأتيها الوسادة في وجهها ردا على كلامها : تراني اخليج ؟



تهددها والنعاس بدأ يداعب أجفانها .. لتكتم شامة ضحكتها .. وتخطو نحو سريرها تندس مع شقيقتها تحت الغطاء .. تشعر بها وهي ترتحل عن الواقع الى عالم النوم .. وظلت هي ساعة أخرى تهيم بها الافكار حتى أوصلتها إلى عالم شقيقتها .



,‘,

المواجهة حتى وإن كانت قاسية أحيانا إلا إنها تجر من خلفها راحة تتغلغل في الانفس طاردة التذبذب منها .. قرارات قد توصلنا إلى أبواب مقفلة فنفتحها .. وهو قرر أن يضع النقاط على حروف الاجوبة على التساؤلات العقيمة .. ليدحض نظرات الشك به .. يبدأ بصفاء حياة من جديد .. سيصنع ميلاده بنفسه ..




يحفهما الصمت وهما يتناولان الغداء معا في مجلس الرجال .. بطي يخوض في معمعة أفكاره .. يدرك أن ذاك الجالس قبالته يأكل في سكون تراوده العديد من الافكار بشأنه هو .. نفض يده من حبات الارز .. ليأتيه صوت جابر دون أن يرفع رأسه له : رد عليك شبيب ؟



هل ما حدث منه ابعد جابر عن أخيه وصاحبه .. حتى صار لا يعلم من أمره شيء .. هذا ما دار في خلده قبل أن يجيب بـ : لا .. للحين ما رد علي ..



يقف حامدا ربه .. يخطو بضع خطوات ويقف ناظرا لشقيقه : جابر يوم تخلص غدا تعال اريدك فسالفة .




هناك في الصالة الملاصقة لغرفته كان يمشي ذهابا وأيابا .. لا يعرف من أين يبدأ الحديث ليذيب الجليد المترسب بينه وبين شقيقه بسبب أقدامه على خطبة شامة بتلك الطريقة المفاجئة .. وجليد آخر رسبته سنون الاغتراب .. توقف ناظرا لمقتحم المكان دون حديث .. ليجلس مستندا على النمرقة .. يحدق في بطي الواقف : شو بغيت ؟


- أنت من شو خايف ؟


- الحين طالبني عشان تسألني هالسؤال ؟



تنهد و لا يزال على وقفته .. وذاك ينظر إليه : خايف ع اللي بينك وبين شبيب يروح .. والا خايف ع شامة مني .. والا يمكن خايف علي .. مع اني استبعد الاخيرة ..


اردف بسؤالا اخر : أنت وشبيب مب مثل قبل صح ؟



بهدوء ممتزجا ببعض سخرية : عاادي .. لان اللي انت سويته عادي .. ما خلاني اتينب شبيب .. ولا خلاني مب قادر أكلمه مثل قبل .. والا اجتمع وياه فبيته مثل ما كنا ..



ابتسم مبعدا وجهه ونظره عن جابر .. ليعود ينظر إليه : جابر .. ترى بطي اللي قدامك الحين مب بطي اللي لقيته يدوخ زقاير وهو ولد اربعطعش .. و لا بطي اللي ياما اشتكوا منه اليران لانه يفشش تواير سياراتهم .. مب بطي اللي توه فالاعدادية .. اللي قدامك الحين واحد جرب الحياة .. عاش الغربة ومر الغربة ..



زفر أنفاسه بعد صمت دقيقة : تبي تعرف شو صار وياي .. اللي صار هو اللي انت خايف منه .



قطب حاجبيه .. يرمق بطي بنظرة قسوة .. وظل صامتا .. يستمع لبطي يسرد تفاصيل عذاب مر به .. تفاصيل كفاح عاشها مع يد كانت كُل شيء واضحت لا شيء .. غدر اصدقاء .. وتعاون اعداء .. وخوف لم يتوقعه يوما .. خوف منه هو .. من شقيقه الاكبر ..



تنهد : هذي قصتي اللي تبون تعرفونها .. والا الاحسن أقول اللي كتبتوها ع كيفكم .. وصدقتوها .. وصدقتوا كلام الناس عني .. مب مهم شو تشوفوني .. المهم أني عارف نفسي .. واذا ما مصدقني اسأل ربيّع .. هو اللي بقالي من شلة الربع .. غريبة الدنيا صح .. تظن ان كلهم ربعك ويوم الشدة ما تلقى الا من رحم ربي .



صمت يرى السكون على تعابير وجه جابر .. هدوء يعم المكان .. ومن ثم تحرك واقفا دون أن ينبس بحرف .. يبتعد تحت أنظار الاخر .. صدمه ذاك الحديث .. لأول مرة يشعر بأن احساسه قد خانه .. وفي من ؟ .. في أقرب الناس له .. ولج إلى غرفته في وقت خروج ليلى من دورة المياه ( اكرمكم الله ) .. تراه واجما .. تقترب منه حين جلس على " الاريكة " الصوفية تتقدمها بطنها البارزة : اكيد بطي قالك شيء .. مب معقوله تنقلب بهالشكل .. قبل الغدا ما كان فيك شيء .


لم يأتيها أي رد .. لتجلس بجانبه بجزع تلبسها .. تعانق كفها كتفه : جبور حبيبي شو بلاك ؟ مستوي شيء .. اهلي فيهم شيء ؟


هز رأسه .. وصمت .. ليأتيه صوتها من جديد : عيل شو بلاك؟ أنت من زمان وانت متغير .. صاير ما تطلع من البيت الا للشغل .. حتى بيت عمي ما صرت تروحله .. متزاعل وييا شبيب ؟



نظر إليها ناطقا : مب صاير شيء .. وبسج أسئله .. حشا بالعه رادو ..


عانقت وسطها بكفيها واقفة .. لا يعلم لماذا انتابته رغبة بالضحك على شكل جسدها : انا بالعة رادو يا جابر ؟


لتلمح كتمانه لضحكته : اضحك اضحك .. الحق علي احاتيك ..


حشرجة بكاء اتضحت في نبرتها .. ليقف يحتضن رأسها مقبلا لجبينها : كله ولا زعل ام خلود ..


أشاحت بوجهها : عيل شو فيك ؟


طوح برأسه .. لترمقه بطرف عينيها وهو يقول : حريم .. لازم يعرفن الديايه منو يابها والبيضة منو باضها ..



ليتركها ويغادر المكان .. يعود أدراجه حيث كان آنفا .. ينادي شقيقه ولا من مجيب .. ليزفر أنفاسه .. لاول مرة لا يعلم ما عليه فعله .. ولاول مرة يشعر بانه ظالم وقاسي .

,
,








يتناثر الفرح في مكان آخر .. تزفه ضحات صغيرة .. وهرولات سريعة .. تترجل من سيارة جدها تُسرع إلى الداخل يتبعها مبارك ومن خلفهم مطر وحمد .. تدخل على حفصة في الصالة .. بلهفة تنطق وهي تقع جالسة على ركبتيها أمام جدتها التي كانت تشاهد التلفاز : شربت حليب من العنز ..






كانت جدتها تستمع لها بأنصات .. لترفع كفيها معبرة عن كبر ما تتحدث عنه : ركبت الناقة .. كبييييييييييره .. بس ابويه العود ما خلاها تمشي .. ونزلني بسرعه ..






تأتيها اصواتهم متفرقة بالسلام .. لترده .. وبغضب : حمد شقايل تركبها ع الناقة .. واذا تعورت ؟






ضحك مطر : مثل القردة ما صارلها شيء .. لا وبعد تقوله خلها تمشي ..






لتجيبه ناهرة له : قول ما شاء الله .. وبعدين خليتها تروح وياكم بروحها عبالي بديرون بالكم عليها ..






تنظر إليها : وليش كلها رمل .. ناسين ان صدرها يضيق عليها .






تحوقل حمد .. لتنطق الصغيرة بنفس السعادة التي دخلت بها : امايه ما صار شيء .. وابويه العود قال بيخليني اركب الناقة مرة ثانية و بيخليها تمشي – تلتفت له حيث جلس – صح ؟







انسحب مطر ومبارك من المكان وتبعتهم كلثم .. تقترب حفصة من حمد : من صدقك بتركبها الناقة مرة ثانية .. حمد خاف الله فيها .. إن سويتها شبر ما بخليها تزر ( تذهب ) وياك .







ليضحك : شو بلاج معصبة ؟ .. شوفيها كيف مستانسة .. ولو شفتيها شو سوت بالدياي .. ما خلت ديايه فحالها .. كل ما تشوفهن ركضت وراهن ..






ليعود يضحك وتضرب هي كفيها ببعضهما واقفة : بروح اسبحها ابركلي .






وفجأة تعود أدراجها تجلس حيثُ كانت : حمد قول حق شبيب يخليها عندنا .. يومين ما يسدني منها .. والله تارسه علي البيت ..






تنهد : قولي الحمد لله انها بدت تتعود علينا .. وشوي شوي بناخذها عندنا وبتربينها وبتكبرينها وبتزوجينها بعد ..






- إن شاء الله .







هناك بعد أن غسلت عنها أتربة " العزبة " .. جلست تمشط شعرها : استانستي فالعزبة .







- واااايد .. شبشب ما عنده مثلكم .. عنده مزرعه كبييييره بس ما فيها ناقة ولا فيها عنز ..






لتسألها : تبين تعيشين ويانا .






" لا " .. قالتها بسرعة لينقبض قلب حفصة معها .. وتردف تلك الصغيرة الجالسة أمام جدتها وهي تصنع لها جديلة : بعدين شبشب يزعل .. هناك أمي ومريوم أيون .. والعب وييا مريوم .. أمي قالتلي ايلس عند شبشب عشان هي اتيني دوم .. وبعد احب العب وييا هاشل بالسيارات مبارك ما يعرف يلعب زين .






ضيق تملك من صدرها وهي تستمع لثرثرة كلثم .. لتحاول أقناعها بالبقاء معهم : أنزين شرايج تيلسين ويانا .. ويوم اتي أمج عند شبيب يوديج مطر وتيلسين عندهم ..







" لا " .. من جديد قالتها وهي تحرك رأسها .. وتبتعد عن جدتها لتنسل الجديلة من بين كفي حفصة .. تنظر إلى جدتها : هني محد يدرسني .. هناك شامة وخالوه كنه .. وانا احبهم ما اريد ابقى عندكم .







ترقب وجهها .. تفاصيله الصغيرة .. وتتذكره هو .. عينيه وانقطاب جبينه عند الغضب .. حتى شعرها الذي لم تكمل جديلته .. لتبتسم : خلاص .. تعالي اكمل شعرج .







لتبتسم الصغيرة وتعود لتجلس امام جدتها .. تقص عليها مغامرة اليوم مع الدجاج والماعز والجِمال ..وتخرج من تلك المغامرة بالحديث عن شبيب وعن مدى حبها له وحبه لها .. تثرثر كثيرا وتلك تستمع بصمت .. تغالبها الدموع فتمسحها .. كم تشتاق لذاك الذي واراه التراب ..

,,






صاحبه يجلس خلف مكتبه .. يتذكر حديثه مع شامة .. وصفها لريا .. لتعاملها وخصالها .. ذاك الحديث الذي فجر حرب بين ما قيل له وما قالته له شقيقته .. ليبقى معلقا لا يطال السعادة ولا يطال الحزن .. أيصدق كلمات المديح أم يصدق بعثرات الذم .. تنهد وصوت طرق الباب يخرجه من معمعة أفكاره .. يدخل شرطي برتبة نقيب ضاربا له التحية ..






ليسأله بأستفسار : شو صار وياك ؟






- الصالون اللي باسم عيد واسم حرمته انباع بالوكالة ..






- شو .. منو الريال اللي تكفل بالبيع ؟






- والله يا سيدي ما اعرف .. باكر ان شاء الله بيبلك اسمه بالكامل .. ولو تبيه هني بعد حاضرين .







يبحث عن ذاك المختفي .. فبيده دلائل تدين عوض وقد تدينه هو ايضا .. لا يزال يبحث عن كل من له صلة بموت خالد .. لن يهدأ حتى يراهم خلف القضبان .. اسقط رأسه على الكرسي .. يرفع معصمه ناظرا إلى ساعته لا تزال هناك نصف ساعة لينتهي من عمله هذا المساء .. سيعود إلى منزله وقد قرر أن يكون عشاءه عند ذاك الـ جابر .. الذي بدأ يضع الحواجز بينهما .. لسبب لم يعره هو ذاك الاهتمام .. فسيبقى جابر الاخ والصاحب .







لم يكن يعلم أن خططه سيقابلها أمرا يمنعها .. فهناك في منزله يجلس فارس بمعية منذر .. يتحدثان قليلا .. ويصمتان كثيرا .. لتتجمد أوصال منذر في لحظة .. حين باغته فارس قائلا : منذر اريد اشوف كنة ..







وكأن البلاهة قد حلت عليه .. ينظر إلى فارس بوجوم .. ويسأله : شو قلت ؟






ليبتسم : اقولك اريد اشوف كنه .. اريدها فسالفة .. ومحتاي رايها ..






ليردف بعد أن استشعر صعوبة طلبه : خبرها .. والله محتاي اسولف وياها فموضوع .. اريد شورها .. هي تعرفني زين وبتساعدني .






تنهد منذر .. ووقف بعدها : بشوفها .. بس ما بجبرها ..






وافقه على ما قال .. وتتبعه ببصره حتى خرج .. لا يعلم كيف يخبرها بالامر .. يناديها حين ولج الى المنزل .. لتأتيه مسرعة : لبيه ..






ليتلفت وتتلفت معه : شو فيك ؟ لا تخوفني .. قول محد هني .






" فارس يبا يشوفج " .. جمود أجتاحها إلا من ارتفاع صدرها وحركة اجفانها .. لتنطق : شو ؟






تنهد : فارس فالميلس يباج فسالفة .. يقول انه محتاينج .. اذا ما تقدرين بقوله ما تبا تشوفك ..






لا جواب من قبلها .. ليزم شفتيه ناطقا : اوكي ..






ويدبر .. ويستوقفه صوتها عن المضي : بشوفه .







بعد دقائق تسمرت قريبا من باب المجلس .. تشعر بالدماء تغلي في عروقها حتى أشعلت حرارة جسدها .. وألم أجتاح صدرها حتى أمست انفاسها كسكين غير مسنونه تقطع ريئتيها .. كان ذاك يرقبها من بعيد .. يرى الدقائق تمضي وهي في مكانها .. ليست مستعدة لهذا الامر هو يعلم ذلك .. ولكن لابد منه ..







أخيرا تحركت ليبتسم هو على مضض .. تلج ملقية السلام بخفوت .. ترتب " شيلتها " بارتعاشة اناملها .. ويقف هو يتأملها .. ليسرع بالسؤال عن حالها .. وتجيبه تغتصب ابتسامة على الشفاة : بخير ..





وتردف وهي لا تزال على وقفتها : اخبار عمتي ونورا وهند ..






" بخير " .. ومن ثم : حياج كنه .. اريدج فسالفة ..







لا تجزعي .. فأني أسمع دقات قلبك .. وأشعر باختناق انفاسك .. لا تجزعي فلستُ هنا الا كأخ لكِ .. أعلم بصعوبة طلبي .. أعلم بأنكِ لا تزالين تحت وطأة الآه .. ولكن علينا أن نقفز سياج الماضي .. نمضي دون النظر إليه .. ندونه في الذاكرة على ورقة سوداء بحبر اسود ..







جلست بعيدا عنه .. ليجلس هو .. يسود الهدوء بينهما هُنيهة .. ليبعثره : السالفة أني أنخطبت ..







حملقت في وجهه .. تعتريها ضحكة مما قال : شو ؟





لتضحك ضحكة صغيرة وتردف : شو يعني انخطبت ؟







كان يبتسم لضحكتها القصيرة .. يعرف كيف يخرجها من توترها .. فهي عشرة سنوات .. تبسم : واحد خطبني لبنته .. وامي مقومه الدنيا علي .. صارلي ايام احاول اقنعها ما في فايده .. ما قدرت ..






تستمع له .. تراقب تفاصيل وجهه .. يسكنه الفرح .. وشيء من أمل .. يخبرها عن لقاءه مع الشيخ .. وعن الامانة .. وعن ردة فعل والدته .. ومن ثم يسألها : شو أسوي ؟ دعيت ربي واستخرت مب مرة ولا ثلاث ولا عشر .. من عقب ما عرفت عنها .. وحاس ان ربي مقدر لي هالبنت .. خبريني شو اسوي ؟







ابتسمت : تعرف كم عمرها ؟ البنت صغيرة .. بينك وبينها يمكن عشر سنين .. ومحتاية رعاية .. والا ما كان ابوها خطبك لها ..






لتضحك من جديد .. تردع ضحكتها باناملها : اسفه .. بس سالفة الخطبة تضحك ..






- ولا يهمج .. انتي شو رايج فيها ..






- عايشة بنت طيبة .. قلبها ابيض . لو تيلس وياها بتحب رمستها .. ينخاف عليها فبيتكم .. السموحه بس ..






تنهد : ادري .. امي صعبة شوي .. بس اريد حل .






ابتسمت له : قول لامك انك بتشترط ع اهلها انك متى ما تبا تعرس عليها بتعرس ولا لهم حق يعترضون .






اخترقها بنظراته .. يحاول ان يدرك معنى ما قالت .. لتردف : اذا بتاخذها شفقه الاحسن تنسى الموضوع .






- من متى فارس يعرس بهالشكل .. انتي تقولين هالشي عني؟ ..






تلمست الغضب في نبرته .. لتدحره بابتسامة رقيقة : لاني اعرفك عطيتك هالحل .. وادري انك مستحيل تكسرها وهي أمانة فرقبتك .. عيل كيف وهي بهالحال .. خبر امك بهالشرط وصدقني بتوافق ..







لتقف : الله يوفقك .. عواش تستاهل واحد مثلك .. وانت تستاهل وحدة بطيبة قلبها ..







ابتعدت متعذرة بان لديها أعمال تقوم بها .. هناك شيء في داخلها بدأ يؤلمها .. لم تستطع المكابرة فهربت .. لتلتقي بشبيب عند عتبة باب المنزل .. تقف ويقف ينظر إليها .. الى دمعة تمردت على خدها : شو بلاج فديتج ؟






كان لا يزال بلباسه العسكري .. عانق كفيه كتفيها .. لتنطق : فارس فالميلس .. بيعرس .






- وانتي ليش زعلانه ؟






هزت رأسها : مب زعلانه .. فرحانه .. الحمد لله تعدى اللي صار ..






يمسح دموعها بأنامله : لا تصيحين .. وخليني اروح ابدل وايلس وياه ..






دقائق مرت ليصدح صوته بالسلام في المجلس .. ويتبعها بكلمات التهنئة .. ويضحك فارس : الله يبارك فحياتك .. بعده ما صار شيء ..






يصافحه ويجلس بجانبه : قول أن شاء الله ..






- أن شاء الله .







ما إن أتمها إذا بـ منذر ومعه سالم يقتحمان المكان .. يتبادلوا السلام والسؤال عن الاحوال .. لف الاستغراب الثلاثة من مجيئه .. فليس بالعادة أن يزورهم .. ينزل الفنجان بعد ان هزه مكتفيا .. ويضع شبيب " الدلة" من يده : حيالله بو غنيم .. زين شفناك عندنا ..






- تحيا وادوم يا ابو ناصر .. والله ما ييت اليوم الا وانا عندي طلب .






نظر فارس لشبيب ومن ثم نظر لسالم .. وبعدها لمنذر .. ليأتيهم طلب سالم : طالب القرب منكم فاختك كنة .





تسربل السكون في المكان .. والانظار تتبعثر لتحط على الوجوه تباعا .. فهو رجل متزوج وله ابناء .. وكنة لا تزال في معركة المُضي قُدما .. ليبتسم فارس .. يحسم الامر قائلا : السموحة .. بس طلبك مب عندنا .



,,

نلتقي باذن الله مع الزفرة 39

تحياتي |~



























اسطورة ! 21-04-14 04:05 AM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
زادت التصدعات في أسوار حياتها .. حتى باتت تصفر من فراغات .. لكل أمر حد .. وهي سعت لحدود النهاية وتحينت الفرصة لتقبض بالمطرقة تهشم الصمود .. مطرقة رماها هو لها بفعله الذي باح به في حضرتها .. لترمي بحقيبتها الكبيرة السوداء على الارض في غضب .. تفتحها بقسوة .. تثرثر بحنق .. وتلك الصغيرة تنظر إليها تكبت رغبة بكاء .. ليأتيها صوتها صارخا .. وهي تُنزل ملابسها من مكانها : روحي ييبي ملابسج وملابس حمود .. لا تخلين شيء فالدروج ..



هرولت الصغيرة بخوف .. تفتح ادراج دولابهما الصغير .. وتجمع ما تستطيع ذراعيها حمله .. لتمشي ويسقط منها قميصا لشقيقها ويتدلى أحد أثوابها ليكون قاب قوسين من السقوط .. وتقف تنظر لوالدتها التي أنهمكت في أخلاء دولابها من ملابسها .. لتصرخ بها من جديد : حطيهن فالشنطة وييبي الباقي ..




رمتهن وبخوف تكلمت وهي تنظر لامها الغاضبة .. تضع عباءاتها على ذراعها .. تنتشلهن تباعا : وين بنروح ؟




" بيتنا " ... واردفت بسخرية غضب : بعد وين بنروح ..




بخفوت خوفا من ضربة مفاجأة او دفعة لجسدها النحيل من كف والدتها : بس هذا بيتنا .




التفتت تلك ترمي ما على ذراعها في الحقيبة المتكدسة ببطنها القطع : هذا بيت ابوج .. مب بيتنا – صارخة من جديد – روحي ييبي الباقي ..




ستبيع المكان بثمن بخس .. ستبعد الطفلين عن والدهما .. وستطالب بقطع الحلال بينها وبينه .. وجدتها فرصة للخلاص .. وللبحث عن الحب الضائع في دهاليز القدم .. ذاك العاشقة له بات حرا .. وهي ستكون حره .. وستسعى لتكون له .. لن يرضى به احد هي موقنة من ذلك .. فتلك فتاته التي فضلها عليها بفعل والدته الشريرة كما تقول دائما شاعت في الارجاء الكلام السيء عنه .. حتى ما ان يُسمع باسمه قيل : " فلان ما غيره اللي طلق فلانه" .. وكأن أسمه قد اقترن بها وبمساوئ الصقتها به من قبل الطلاق والفراق ..




ستجمع الذنوب .. والاخطاء .. والسيئات.. وسترميها على كاهله .. ستُسقط دموع الظلم الكاذبة أمام عائلتها .. بل ستخر منهارة على ركبتيها ومولولة المصاب .. ستحتضن طفليها بقوة البوة .. وستزمجر بقوة الاسد .. لتتمسك بهما وتحرمه منها .. أجل منها .. ستذيقه الحرمان مرتين .. فهي على يقين بانه سيُرد .. وسيعود بِـ خُفي حنين ..





تتحرك رافعة الحقيبة الثقيلة .. تسحب اليد للاعلى وتجرها خلفها .. لتقف بجانب سرير ابنها تراه نائما .. فتتابع الجر للخارج .. تثير جلبة ساخطة بكعب حذاءها العالي .. حتى تسمعها والدته .. وبالفعل سمعتها من حيث مقعدها في الصالة .. لتقف متكئة على كفيها .. تلحق بتلك المارة من امام الباب متوجهة للخارج .. تقف على اعتاب باب الصالة وتلك تعود ادراجها بعد ان ركنت الحقيبة بجوار الباب الخارجي ..




-
يا هدى استهدي بالله .. عيالج بيتلتهون ( يضيعون ) ..



مشمرة بأنفها نحو السماء .. تمر وكأنها لم تسمعها .. لتصفق اليمنى على اليسرى : لا حول ولا قوة الا بالله .. وينك يا سالم تشوف حرمتك ..




صوت رجل أجش في الخارج ينادي بأسمها .. شقيقها الفظ .. جاف التعامل .. يعاود النداء وقد توسط ساحة المنزل الصغيرة .. لتخرج له ام سالم .. ليقطع تحيتها قائلا : وين هدى ؟



ليأتيه صوتها .. تدفع ابنتها أمامها لتمشي .. وعلى ذراعها صغيرها .. وبيدها تحمل حقيبة يدها الكبيرة .. تدفع الصغيرة : امشي ..



وتجيبه بعدها : الحين يايه ..



لتلتفت تلك الى الداخل حيث الاخرى تهم خارجة .. وتمر بجانبها : يا بنتي حرام عليج اللي تسوينه ..



تلتفت لها : ومب حرام عليه اييب وحده ع راسي .. انا شو سويتله .. صابره عليه سنين ..




" استغفر الله العظيم " .. قالت ام سالم .. وتتوجه بالحديث لشقيق تلك المتمردة : يا ولدي عقلها ..



نطق بعنف وهو يحمل الحقيبة الكبيرة : اختي مب لعبة عنده .. خليه يتهنى وييا اليديدة – يوجه كلامه لهدى – أمشي ..




تمسك الصغيرة بكفها تجرها معها بعد ان اردفت حقيبتها على كتفها .. ونظراتها إلى جدتها .. لتفلت يدها مهرولة .. تختبيء خلف العجوز .. تتشبث بثوبها .. لتعود تلك ادراجها وقد تجهم وجهها .. تجرها عنوة .. والاخرى تحاول معها ان تتركها او ان تعود هي وتترك ما تنوي القيام به .. لكن كفتها ربحت .. ليعلو صراخ كنة الصغيرة .. ويتلقفها الخال بذراعيه المفتولتان .. ويختفي الصوت رويدا رويدا ..





في حين كان ذاك الاب الباحث عن عشق أزلي تغلغل فيه حتى أرداه صريع الهوى .. يحترق غيظا دون أن يظهره إلا بانقطابة جبين .. ورد قريب من الهدوء : ما فهمت ؟



ليبتسم فارس ويُعيد جملته : اقولك اسمحلنا طلبك مب عندنا ..



تشدق : وانت منو عشان ترد علي .. أنا ياي لاخوها .. وهو وخالها لهم حق يردون ..



بفخر نطقها : وانا بعد اخوها .. ولي الحق مثلي مثل شبيب .



انفجر بغضب واقفا : ناوي تتحكم فيها وانت تعيش حياتك .



لتقع كف شبيب على رسغ فارس الجالس على يساره .. يسكته عن الرد.. ويقف يضع كفه على كتف سالم :ايلس .. وخلنا نتفاهم .



ليردف بعد ان جلسا : سالم انت ريال والنعم فيك .. بس معرس وعندك عيال .. واختي ما اظن بتوافق تهدم بيتك ..



تنهد : بس لها الحق تشاورونها ..



" ما فيها مشاورة يا سالم " .. لتتجه الانظار له .. هاديء وجدا .. ويستطرد تحت نظرات سالم القاذفة بالحقد : لا انت تيوزلها ولا هي تيوزلك ..



ليقف من جديد صارخا في وجه فارس : تراك زودتها ..



ينظر الى شبيب : شاور البنت وردلي خبر .. هذا الحق اللي لازم تسونه ..



ليقف فارس ويقف منذر ملتزما الصمت .. يسمع رد فارس : قلتلك طلبك مب عندنا .. وكنه محد بياخذها الا عقب ما انا اوافق عليه ..




" فارس " .. نطقها شبيب يحذو حذوهم في الوقوف .. مكملا : شو هالرمسة اللي اسمعها ..



نظر إليه : اسمحلي شبيب .. بس محد خابر كنه مثلي .. لا انت ولا منذر ولا اي حد ثاني يعرفها مثل ما انا اعرفها .. وسالم ما ييوزلها .. وان لك كلام ثاني يا شبيب بيتك ما بطبه ..




أنفض المجلس ليظل شبيب واقفا يشد على ذقنه بانامل يسراه .. مردفا سبابته أعلى شفتيه .. معانقا بذراعه اليمنى جسده ..


موقف لا يحسد عليه .. ومنذر خرج مع سالم يوصله للباب .. ليعود ويرى ابن أخته على وقفته : شو بلاهم ؟ وفارس باي حق يتحكم بهالشكل .. كنه لها الحق بالقبول او الرفض ..



لينزل كفه متنهدا .. ويأخذ مقعده ناطقا : فارس اخبر بالرياييل واخبر فكنه منا ع قولته .. يمكن شايف شيء ع سالم خلاه يرفض بهالشكل .. ويمكن ..



ليقاطع اكمال حديثه دخول والدته من خلفها هاشل وشامة .. متقدمة منه : شو مستوي .. سالم شو ياي يسوي؟ وليش صوته واصل الين عندنا ؟



تبسم منذر : استلم ..



لتقترب شامة من خالها هامسة : شو السالفة ؟



" حتى انتي يا شامووه " .. واردف وهو يجلس قريبا من شبيب : الحب يطلع ع بذره ..




لتدفعه شمسة بذارعها جالسة بالقرب من أبنها .. تسمع تحوقل منذر من خلفها : خبرني شو مستوي .. سالم شو ياي يبا ؟



" يخطب كنة " .. قالها وصمت ليجري هاشل تاركا المكان .. ذاك الصغير مؤكد سينقل ما سمع لكنة .. او لجدته المستلقية في غرفتها بتعب .. قهقه منذر لفعله : والله انك عرفت تلعبها يا شبشب ..



ليضحك من جديد .. ويكتم شبيب ضحكته .. لتزمجر شمسة بينهما : شو بلاكم وع شو تضحكون ..



لتنظر لشامة الواقفة قبالتهم : فاهمة شيء ؟



لتهز رأسها وتفضل الانسحاب من المكان تسمع شمسة تتحدث بحنق : ما ناقص الا ولد رفيعه ياخذ بنتي .. لو تنطبق السما ع الارض ما عطيته اياها .. ما سده رد ابوها له .. شو يايبنه .. والا عشانها مطلقة بترضا فيه .. حامض على بوزه ولد رفوع ..



لتضرب بكفها كتف منذر .. صارخة به : بسك ضحك ..



لترتفع الانظار لتلك التي توسطت الباب سائلة : شو اللي يقوله هاشل ؟




ليبعد عن شبيب الاحراج .. ويخرجه من دائرة التهديد الذي القاه فارس آنفا تحدث : سالم كان هني .. خطبج منا .. ويتريا ردج ..




سكون اجتاحهم .. هم في أنتظار أن تنطق وهي تنتظر تتمة الحديث ..لتكسره بصوتها متسائلة : والضرابة اللي يقول عنها هاشل .. شو سالفتها ؟



يأتيها صوت شبيب : تعالي ..



قالها رابتا على جانبه الايمن .. يرى في وجهها جمود غريب .. لعله خوف يلتف على اضلاعها .. تنظر إلى والدتها وهي تمشي وكأنها تنتظر صرخة منها إن هي رفضت العرض المُقال .. جلست حيث أراد .. مبتعدة قليلة عنه مستديرة ناحيته بنصف استدارة : عشان شو تضاربتوا ؟




مثرثرا عليها بما حدث .. غضب سالم وتدخل ذاك الفارس .. انشدت الاسماع إليه .. يحاول أن يبعدها عن ما قاله فارس فهي لها الحق بأن تختار وأن كان ذاك الاختيار يكرهه الكثيرون .. تبسم : ما اعرف ليش فارس معترض عليه .. ومصر ان له حق مثله مثلي فهالسالفة ..




بغضب نطقت والدته : شو له حق وما له حق .. هو حيالله اخوها من الرضاعه .. والا بيتحكم فيها على هواه ..




لا تدري لماذا تبسمت ومن ثم ضحكت .. انفجرت بالضحك طويلا تحت انظارهم .. شقيقها ووالدتها وخالها .. قهقهت حتى فر الدمع من عينيها .. لتمسحه بأناملها الطويلة تحاول أيقاف ضحكتها .. لتصرخ بها والدتها : شبلاج ؟ تخبلتي .. والا لج كلام ثاني .. صح مغتاضة من فارس بس سالم ما بتاخذينه ..




لا تزال تكتم قهقهتها .. مطأطأة رأسها .. لتقع كف شبيب على كتفها يحاول أن ينظر إلى وجهها المستتر .. إلى عينيها الغارقتان في دغدغة روحها الامفهومة : كنة بسج ضحك .. وبعدين شو اللي ضحكج؟ ما قلنا شيء يضحك ..




بكلمات متباعدة رصفت جملتها : ما ادري .. بس يتني الضحكة ..



لتأخذ نفسا عميقا ماسحة باطراف أناملها عينيها .. متنهدة ناطقة : مب موافقة .. وفارس يعرف الرياييل اكثر مني .. ودامه قال ما ايوزلي فاكيد ما ايوزلي .. وتراه له الحق مثلك يا شبيب .. انت اخوي وهو بعد .




وقفت ترغب بترك المكان بعد البوح بما أرادوا سماعه .. ليأتيها صوت والدتها ولا تزل جالسة في مكانها : هذا اللي تبينه .. يطفش الرياييل بحكم انه اخوج .. وتراه ما يسويها الا لانه ما يباج لحد من بعده ..




ليقطب منذر حاجبيه كما فعل شبيب .. نطق : شمسة شو هالرمسة .. استغفري ربج .. إن بعض الظن اثم .. وفارس ما اظن من هالنوع ..




-
تظن والا ما تظن هذا اللي صاير .. وهي تتمناها من السما كيف ولقتها ع الارض ..



تنهدت بخفوت تلتفت تقابل وجه والدتها الغاضبة : ياميه سالم ما ايوزلي .. معرس وعنده عيال تبيني اهدم حياة هدى .. والله مب حلوة ..




" واللي قبله " .. قالتها ولا تزال نبرة الغضب مكبلة الحروف .. تستطرد : ما يعيبهم شيء .. اللي مدرس واللي فالشرطة واللي واللي .. خبريني شو بلاهم ؟ أشوف طلعي فيهم عيوب ..



-
أمييه استهدي بالله .. محد ينجبر ع العرس .


-
مب سالفة نجبرها يا شبيب السالفة ان محد بيبقالهن .. انت بتعرس وبتلتهي فبيتك .. والسنين تركض .. بعدين منو اللي بيهن خبرني – تنظر الى كنة – خبريني .. اذا مب حاسبة هالحساب بذكرج فيه ..



" لا اله الا الله محمد رسول الله " .. نطقها منذر بخفوت .. ثم ارتفع نظره لكنة .. تبعثر الكلمات بشيء من أختناق : ما فيهم شيء .. ولا يعيبهم شيء .. العيب فيّ .. أنا عشت فوق الاربع سنين وييا فارس وكأني ملكة .. حتى لو كانت امه قاسية وخواته ما يطيقني .. بس وربي يشهد علي ان كلمه منه تنسيني الهم ..




نزلت دموعه جارحة وجنتيها : هو اول ريال عرفته .. خلصت الثانوية وانا ما عارفه فهالدنيا الا ابوي ومنذر وشبيب .. هو علمني شو يعني حب .. شو يعني احترام .. اول كلمة حلوة دخلت قلبي كانت منه ..



بلعت غصتها .. ليقف شبيب يحتضن كتفيها : كنة خلاص ..



لتبتعد عنه تواجه والدتها من جديد : لا مب خلاص .. أمييه انا ما الومج .. خايفه علي وخايفه ع شامة .. بس مب جذي .. ما اريد اظلم الريال اللي بخذه .. انظلمت ولا اريد اكون ظالمة .. شو ذنبه اقارنه بفارس .. شو ذنبه اخونه بافكاري وعقلي .. خبريني شو ذنبه .. شو ذنبه اكون وياه ومب وياه .. تبيني احسبها .. والله العظيم اني حسبتها وحسبتها .. وبعدني احسبها ..



-
بتنسينه يوم تعرسين .



-
لا ياميه .. ليش مب قادرة تفهمينا .. ليش صايرة تبين بس تفرضين رايج واحنا باللعنة تلعنا .. ليش صايرة ابوي الثاني مع منذر ثاني ..



ما إن نطقت بتلك الجملة .. حتى طأطأ منذر رأسه .. يستمع لها .. لحشرجة صوتها الرقيق .. لاحترامها لوالدتها برغم حديثها المؤلم .. لم ترفعه وظلت على وتيرة نبرتها الاقرب للخفوت .. تشد على الكلمات حينا وترخيها حينا آخر ..




تتابع : ادري انج تقولين مطلقات .. والبنات هالايام مب لاقيات نصيبهن .. بس الطلاق ما كان بايدي .. ولا كان في عذاريب(عيوب) وتطلقت .. قدر ربي .. ياميه كم شهر ما تسدني عشان انسى .. والله العظيم ما تسد ..




تقدمت بخطواتها حتى دنت من شمسة .. تقع على رأسها مقبلة : سامحيني ..


لتبتعد بعدها تاركة المكان تستمع لشبيب : لا تلومينها .. من حر ما فيها قالت اللي قالته ..




,,


على الجهة الاخرى عاد غاضبا عند الساعة العاشرة ..يردف " شماغه " على كتفه .. مشمر عن ساعديه وكأنه قد خرج من معركة ما .. لتستقبله والدته بهلع .. تقترب منه بعد ان نادته .. ترى وجهه المحمر : سالم وين كنت .. حرمتك شلت العيال وراحت ..



صارخا : باللي ما يحفظها .. يعل العين ما تشوفها ..



-
يا سالم .. ارحموا هالعيال اللي بينكم ..


-
تريد تاخذهم .. تاخذهم .. وورقتها بتوصلها .. مطرشتلي اخوها يتصل علي ويهددني بمحكمة وشرطة .. يخسي هو وياها .. يتحسبوني ميت عليها ..



تحوقلت .. مردفة وهي تمشي خلفه متوجها الى قسمه : يا ولدي خزى بليس .. وروح تفاهم وياها ..




زفر انفاسه الحارة .. متوقف قبل ان يفتح الباب .. ليستدير لوالدته : خليهم ينقلعون .. هي واهلها وياها .. وعيالي مردهم لي ..





,,


يوم خميس .. أجازة أُخرى يسيطر عليها البرود والملل والكثير من السكون .. وفي جعبتها حديث تدرك جيدا إنه سيؤول إلى أرصفة الرفض منه .. كـ رفضه لطلبها بزيارة خالتها منذُ يومين .. ورفضه ذهابها إلى " صالون " التجميل لقص وطلاء شعرها .. تنهدت بخفوت وصل لاسماعه .. ليرفع بصره لها .. جالسة قبالته على طاولة الطعام الصغيرة .. بيدها كوبها الابيض المزين بحرفها .. وبخاره اضحى هزيلا لا يقوى على الارتفاع .. وعاود النظر في صحن إفطاره .. بيض وتوست مع جبن وقليلا من مربى البرتقال .. يرتشف من كوب الشاي ويقتطع من التوست يغمسه في المربى مرة .. ومرة أخرى في الجبن .. مستبعدا البيض المقلي ..




يتأنى في طعامه وكأنه يدرك إن شفتيها ستفرجان عن حديث ما .. وصدق أحساسه .. الايام الماضية علمته الكثير عنها .. برودها معه .. تقبلها لرفضه بزم شفتيها ومن ثم الموافقة .. وثورتها الغريبة في بعض الاحيان .. هو أنسان عصبي .. وثرثار بطبعه .. والآن يكتم في صدره أحاديث كثيرة كان يتمنى أن يقولها يوما لِـ شريكة حياته .. وانقلب حاله كثيرا .. حتى أحلامه الصغيرة تبعثرت ..




قبل الافراج عن الكلمات من قبلها .. كان يتأملها .. يُدرك أنها سابحة في أفكارها ولا ترى نظراته .. مطأطأة رأسها ونظرها الى ما بين أناملها .. تحتضن ذاك الكوب .. يلحظ مسار دماءها على أكفها البيضاء .. وبروز مفاصل اناملها الطويلة .. وخاتمها الذهبي يُقسم أنه يرى الفراغ بينه وبين أصبعها .. هل فقدت الكثير من الوزن في أسبوعين ؟




" سلطان " .. قالتها وهي تحرك سبابتها على حواف الكوب .. لتتم الحديث بهدوء بعد أن أسترقت النظر لوجهه لبرهة .. كان عاقد حاجبيه .. ملامحه تنبئ عن ثورة منه : اتصلوا علي من يومين البلدية .. تدربت عندهم اربع شهور وزيادة .. اممممم ..




مدتها وصمتت .. لترفع كفها ترتشف قهوتها الباردة .. وتتابع حرق اعصابه : عيبهم شغلي .. وعيبتهم الاقتراحات اللي قدمتها لهم .. وقرروا يطلبوني اتوظف عندهم .. فقسم العلاقات العامة ..




" ما شي شغل " .. قالها وهو يتناول " الدلة " الصغيرة يسكب له فنجان آخر من الشاي بالحليب والمشبع بالهيل والزعفران .. صمتت هي ثواني .. متبسمة قالت : ترا في كلام صار بيني وبين عمي يوم عرسنا ..




عادت ترتشف من قهوتها .. وتنظر إليه .. يُخيل إليها ما يعتلج في عقله .. لتردف بهدوء وهي تضع الكوب من يدها : قالي لو في يوم ضامج ريلج أنا مويود وبحسبة ابوج ..





ما إن اتمتها حتى ضرب بكفيه على الطاولة واقفا .. ساقطا الكرسي من خلفه .. متقافزة الاواني على الطاولة مرتعبة : تهدديني يا مها ..




ابتعدت بجزعها للخلف .. تنظر إليه بشيء من الهلع الداخلي .. تختلق ابتسامة كاذبة .. تسمعه يُكمل : سوي اللي تبينه ..




ويغادر يضرب بقدميه الارضية بعنف .. وهي تحركت مقلتيها في الارجاء تحاول ان تستوعب ما حدث .. لتنفجر ضاحكة وتخرس الضحكات عنوة .. وقفت تجمع ما على الطاولة .. تنظفها مما انسكب عليها .. ترتب المطبخ الصغير بهدوء .. تستلذ العمل في المكان .. تعتبره منفذا لتنفيس افكارها .. تتذكره بالامس كيف قلب غرفتها الصغيرة رأس على عقب ..





كانت في دورة المياه ( اكرمكم الله ) تغتسل .. لتخرج ويهولها منظره الباحث في كل زاوية .. حقيبة يدها مرمية وقد بعثر ما فيها على السرير .. ودولاب ملابسها قد افرغه .. كانت ستصرخ فيه .. تعنفه .. بل ربما ترميه خارجا .. ولكنها اخذت تعد في سرها حتى العشرة .. وتبتسم : عن شو ادور ؟ .. قولي عشان اساعدك ..




اعتدل من انحناءه في دولابها الصغير .. ينظر إليها من خلف دفة بابه .. ليسرع الخطى إليها حتى ألتصقت بالحائط خوفا منه : وين تلفونج ؟




-
برع فالشاحن ..



هرول خارجا .. لترمش بجفنيها مرارا .. مرددة بخفوت : شبلاه . تخبل ؟ الله يستر منك يا سلطان ..




لتتبعه تراه يبحث في هاتفها بعد ان اقتلعه من مكانه .. يدقق النظر فيه .. ليلتفت لها وتستكين واقفة .. بشدة سألها : منو كنتي تكلمين من ساعة .. الرقم مب مسجل ..




" خالتي " .. قالتها ليأتيها صوته : وليش مب مسجلة رقمها .. ومنو هذا اللي تقولين له حبيبي .. تحسبين ما سمعتج .. حبيبي وفديتك ومادري وشو ..




لتتقدم منه بهدوء تسيطر على قهقهاتها حتى لا تخرج فيثور أكثر : تغار علي ؟




ليشد على ذراعها : مهوي بتتكلمين والا شو .. تضحكين علي وتقولين خالتي .. هين ..




ليسارع بالضغط على الاتصال .. ويقربه منها بعد ان جعل الصوت خارجيا .. ليأتيه الصوت : مهوي بلاج رديتي تتصلين .. صاير شيء .. فيج شيء ؟



لترتخي كفه عن ذراعها .. يبعد بصره عن وجهها .. ويسمعها تجيب : لا خالتي .. بس سلطان متصل يبي يسلم عليج .. ويسأل عن عمي ..




يكتم الصوت ليضعه على أذنه .. يتحدث بجمود مع خالتها .. ويسأل عن الاحوال .. ويضحك مجاملة كاذبا في اسباب عدم زيارته لهم .. طال حديثه معها لدقيقتين او لعلها ثلاث .. ليغلقه راميا به على اقرب " كنبة " ويعود لاستجوابها بسخط : عيل حق منو قايلة حبيبي وفديتك مب معقوله لخالتج ..




تربع ذراعيها على صدرها تميل قليلا في وقفتها .. تنظر إليه بنظرات لا هوية لها .. هل هي غضب .. ام حقد .. ام خوف .. ام ماذا عساها تكون ؟ .. لتنطق بهدوء : مبارك ..



ليزم شفتيه : مب من الاحترام ترمسينه بهالشكل ..



لتصرخ به : ياهل .. ياهل ومثل اخوي الصغير .. مربيتنه وييا خالتي ..




لتطوح رأسها .. تشد على شفتيها : انت شو علتك بالضبط .. شايف علي شيء .. سامع شيء .. ؟ ..




ليتركها في مكانها دون ان يصمت اسئلتها بالاجوبة ..




تنهدت وتلك الذكرى وغيرها تؤرقها .. تغسل كوب الشاي بهدوء .. لتلتفت له حين سألها عن مفتاحها لشقتهما الصغيرة .. لتشير له برأسها إلى الطاولة الصغيرة بجانب " الكنب " الطويل في الصالة .. يتحرك يسحبه ويدسه في جيبه .. لترفع صوتها له حين ادبر باتجاه الباب : تأكد من قفله مرتين .. واذا تريد بعد ييب قفل وقفله من برع ..




لتزم شفتيها غضبا .. ترمي بالاسفنجة الغارقة بالصابون في حوض الماء .. وتتكئ بكفيها على حافته .. تزفر انفاسها .. متمتمة : يا رب صبرني ..





,,

الصبر على الاغتراب .. وعلى الحنين .. وعلى الوجع المكلل بالأنين .. كان يرجوه حارب .. ثقُلت أيامه بزحام ترهات عقله .. كان يشغل جُل وقته بالعمل .. بين المرضى ومن طبيب مشرف على تخصصه الى آخر .. وبعد خفض ساعات عمله بات يأن تحت وطأة الافكار .. واحلام الرجوع .. واحلام أخرى يتمناها وتكبحه ذاته .. يكبحه الاحترام وتكبحه صداقات سنين طوال ...




خرج من دورة المياة ( اكرمكم الله ) يستر عورته بمنشفة كبيرة بيضاء .. وشعره الاسود الكثيف أُغرق بالماء دون أن يرأف به .. رفع كفه يدس أنامله بين خصلاته المتمردة على جبينه .. يرفعه للخلف .. ليدرك بأنه نسى أن يجففه .. يشعر بالضياع يتآكله وهناك فكرة باتت تراودة في كتابة رسالة .. رسالة مضرجة بدماء عشقه المجهول .. أرتدى بلوزة قطنية وبنطالا واسعا .. ليأخذ تلك المنشفة ينشف بها شعره .. به كسل يمنعه من أحضار منشفة أخرى ..




بعد دقائق كان ينحني عند طاولته يخرج من أحد أدراجها أوراق صماء .. وقلم حبر .. ليبتعد جارا معه كرسيه الخشبي .. و دفتر كبير .. ليقبع امام النافذة المطلة على الغروب .. يركن اوراقه البيضاء على ظهر دفتره .. ويسند الاخير على ركبته ..




يرقب البعيد وكأنه يستمد منه أحرف تليق بها .. ليكتب في أعلى أولى الصفحات : إلى عشقي الذي أماتني حيا .. وأحياني بعد موتي .. إلى ساكنة الروح مستعمرة عروق جسدي .. مستحلة دمائي .. لكِ أكتب ..




أتعلمين ماذا فعل بي شعركِ الطويل حين رأيته ؟ وضحكتكِ الرقيقة تلك حين داعبك الهواء متطفلا على سترك.. حينها كُنتِ صغيرة تتقنين الحشمة .. وحينها كنتُ على أعتاب السنة الاولى من الجامعة .. هل كنتُ أكبركِ بخمس ؟ .. هل مرت بذاك الحدث الذي وصم قلبي بأسمك ثمان سنوات ؟ .. آه كم هي سريعة تلك السنون ..




بلائي الجميل .. اسمحي لي أن ادعوكِ بالبلاء .. وبالسم اللذيذ .. أبتليتُ بكِ .. حتى بتُ أنام على جمر الهوى ليلا .. حالما بكِ .. أحتضن خيالك .. واغدقكِ بوافر من كلمات العشق .. أختطفتِ مني دون رحمة بفؤادي .. ناح عليكِ ليال طوال .. حتى ظننت ان لا مفر من الوداع .. أودع الدُنيا .. أوجعني القلب الذي تربعتِ فيه زمنا .. حتى ظننت بأن اللحد قريب .. وبأن أنينه نداء لملك الموت .. يأتي حين غفلة ينتزع روحي .. وأدركت أن روحي انتِ .. وقد أنتزعت بملك موت مختلف ..




قاتلتي البريئة .. كيف لكِ النجاة من حكم الاعدام بعد القتل .. وكيف للبراءة ان ترافقكِ بهذا الشكل .. كنتُ اتخيلكِ بين سطور كتب دراستي .. وفي المجسم العظمي .. وفي الرأس القابع أمامنا نحنُ طلاب الطب .. كنتُ اتلفت لارى العيون تنظر حيث تخيلتكِ .. فتحرقني النظرات وأن كانت محض أوهام في رأسي ..






انتزعه من بين تلك السطور رنين هاتفه .. ليقف يحمل اوراقه ودفتره وقلمه .. يضعهم على السرير وينتشل الهاتف من احضانه .. متبسما يُجيب .. وقد جلس بجانب رسالته المبتورة : هلا والله ..




هناك على الطرف الاخر كان فارس .. خارجا من مقر عمله في دائرة الاقتصاد .. يصعد سيارته وقد عانقت سماعة هاتفه اذنه .. يبعثر كلمات السلام والسؤال عن الحال .. وعتب قليل .. لتأتيه ضحكات ذاك المغرم .. ومن ثم وكأنه يختبر صاحبه : كنه كثروا خطاطيبها ..




ليصمت .. تتسارع انفاسه .. تخبر صاحبه ان الخبر قاسي .. وان الكلمات طعنات في قلبه المكلوم .. ليبتسم وكأن ذاك يراه : ما شاء الله ..




صوته المتغير لم يخفى على فارس .. ليزيد له الكيل : واخرهم سالم .. البارحة خطبها وانا كنت مويود ..





تصله تنهيدة حارب ومن ثم الصمت .. فقط الصمت .. وصوت غصة ابتلعها .. هل جف حلقه حتى اصدر صوت يفضحه .. ليكمل الاخر قاصد أن يوجع صاحبه : والله كنون تستاهل كل خير ..




كف يا فارس .. لم يعد في الفؤاد موضع رأس ابره لتطعنه .. كف فكلامك دبابيس سامه توجع وتستكين وتعاود الوجع كرة أخرى .. كف فوالله ادركت انك لا تعلم من امري شيئا .. فان كنت تعلم لما قسوت .. باللهِ عليك توقف ..





لينهي المكالمة بعد أن اخبره بأنه قرر الزواج .. وبأن صديق عمره سيتزوج بعد اسابيع .. تنهد وقد اوقف سيارته امام منزله .. لعل تلك القسوة تُرجعه .. ترجل واذا به يسمع شقيقه يحادث والدته .. يحاول معها أن تدعه يفعل ما يشتهي .. فهو ليس بالصغير .. وكفاه مصائب زادته سنا على سنه ..




ولج مُلقي السلام .. منحنيا يقبل رأس والدته .. ويجلس بجانبها : اميه ترا البنت اللي فيها ما يعيبها .. وبعدين بشترط عليهم اني متى ما نويت اعرس عليها بعرس ومالهم اي حق يعترضون ..




نظرت إليه شزرا .. تعرف أبنها جيدا .. لا يكسر قلبا .. يقولون " كثر الطرق يفك اللحام " .. ويبدو أن كثر الحديث معها في هذا الموضوع جعلها ترضخ .. لتنطق : عندي شرط ..




نظرا إليها .. ليبتسم فارس : أنتي تامرين .. قولي شرطج .




-
أنا مب ملزومه منها .. ولا لها عيشه وياي .. بتاخذها تبقى فقسمك لا اشوفها ولا تشوفني ..


أنحنى يقبل كفها .. ستلين لعروسه مع الوقت .. ستحبها أن رأته سعيدا .. وهو ينشد الراحة مع عائشة .. عاد يقبل رأسها : على أمرج .. بقوم اتسبح .. خلي نورا تحطلي غدا ..




,,







أستحم وتناول غداءه وفرحة تتقافز بين اضلعه .. حتى ما دخل وقت صلاة العصر شد الخطى الى المسجد يسبق شقيقه .. سيزف الخبر لذاك الشيخ .. سيمهد له طريق الشروط وشرطه هو الذي يقسم بأن والدته ستطرحه على أم عائشة عند الزيارة .. صلوا العصر .. وبقي كعادته آخر المغادريين .. وما أن انهى الامام قراءة ورده من القرآن .. قام واذا بفارس يستوقفه : عقب يومين بنيكم اذا ما عندك مانع ..

حزن لاح له في عينيه .. لينطق : مب مجبور ياولدي .. وترى من خوفي ع بنتي ومن ثقتي فيك قلت اللي قلته .




" وانا شاريها يا عمي " .. ليتابع معه الحديث عن ما قد سيكون من قبل والدته .. وعن ما قيل حتى تقبل وتبارك الزواج .. ليخرج من المسجد بعدها .. ويهتز هاتفه في جيب ثوبه .. تنهد وهو يرى ذاك الرقم .. ليست المرة الاولى .. فلثلاثة ايام وتلك لا تكف عن الاتصال وهو يتمنع عن الرد .. أجاب : سلوى يعني ما فهمتي اني ما اريد ارد عليج ..




ليأتيه صوت آخر : وياك ام سلوى يا فارس .. شخبارك ؟




ابتسم على مضض : هلا عمتي .. بخير ربي يسلمج .. انتوا شحالكم .. وعمي شخباره .. سمحولي ما زرته فالبيت عقب ما طلع من المستشفى .. ان شاء الله صحته احسن الحين ..




تجلس في الصالة الصغيرة في طرف منزلهم الكبير .. بابها يطل على الممر المؤدي الى الباب الرئيسي .. تنظر الى الباب .. وتطرق السمع حتى إن مر احدهم صمتت عن الحديث .. وإن سمعت حركة ما اغلقت المحادثة .. قالت وعيناها تسمرتا بعيدا : الحمد لله بخير امس يوم يابه سعيد من الدختر تعب شوي .. بس اليوم احسن ..




تسمعه يحمد الله ويشكره .. فتنطق : فارس تقدر اتينا .. اريدك فسالفة .. ضروري يا ولدي .. الحين .





يمر الوقت تحاول فيه ان تلملم توترها .. تصرف ابناءها الصغار بعيدا في غرفة الالعاب .. وتخبرهم ان لا يخرجوا .. وتهرول الى بعلها لتراه نائما من بعد ان صلى العصر على سريره .. تنهدت بخفوت لتغلق الباب من خلفها .. وتقف عند عتبة الباب تنتظر منقذها من الفضيحة .. من سواد طمستهم فيه سلوى .. تلك الزانية القابعة في غرفتها يتلحفها الخوف ..





تلوح لها سيارته المقتحمة ساحة الفلة لتقف .. ويترجل هو .. يتقدم نحوها بخطوات وجله .. يلقي عليها التحية : عمي فيه شيء .. حد من العيال فيه شيء .. خوفتيني ..




-
ما فيهم الا العافية .. حياك تقهوى وبنسولف .


لتساوره الظنون .. لربما الامر متعلق بتلك التي ابتعد عنها .. وصدق ظنه حين بدأت والدتها الحديث : سلوى حامل يا فارس .. وطالبه منك الستر ..



انكسار صوتها .. انهمار دمعها .. رجفة كفيها .. كُل ذاك اخرسه عن الحديث .. لتتابع : املك عليها من يديد .. وخذها عندك .. سو فيها اللي تباه بس استر علينا .. دخيل ربك يا فارس تستر عليها وعلينا .. ابوها بيروح فيها لو درى ..




تنهد : سامحيني .. يوم اني خذتها سترت عليها .. ويوم اني طلقتها ما ظلمتها .. ما احترمتني ولا حترمت شهر رمضان .. تطلع يوم يخلالها البيت .. وترد .. وتكلمه وهي على ذمتي .. فاضت النفس من صبرها ع بنتج .. والمصيبة من بعد ما عرفت انها مب بنت .. صارت توهمني انها تغار علي .. تغار من كنة .. حسستني انها تغيرت ..



طوح برأسه : سامحيني .. بس ما بربي ولد حرام ع انه ولدي .. دقوا ع ابوه وتفاهموا وياه .. والله يخليكم بعدوني عن سلوى ومشاكل سلوى ..



ليقف : الله يكون فعونكم ..




غادر بخطوات واسعة .. وفي نفسه شيء من غضب .. لم ينتبه لسيارة المتوقفة في الساحة والتي لم تكن آنفا .. وابتعد يرتل الدعوات ليستر تلك الام وذاك الاب العليل ..




تلك السيارة توقفت من بعد توقف سيارة فارس بربع من الساعة .. وترجل منها سعيد .. سعى داخلا ليطمئن على زوج شقيقته .. لتتوقف قدميه قريبا من باب تلك الصالة وجملة شقيقته تلج الى مسامعه وتسمره في مكانه : طالبه منك الستر ..




يستمع لباقي الحديث بأيدي مقبوضة .. وانفاس ثائرة .. وصدر يرتفع ويهبط قهرا .. تلك الفتاة جلبت العار لعائلتهم .. ليبتعد عائد ادراجه للخارج .. يختبيء عن ذاك الذي خرج مغادرا .. وما ان انطلق بسيارته حتى هرول مزمجرا .. لتسمعه شقيقته وتراه يمر كالبرق صاعدا الى الاعلى .. وتكفكف دمعها على عُجالة .. وتهرول من خلفه .. تنادي باسمه ..



هناك كانت مستلقية على سريرها .. غفت متمنية ان ينتهي كُل شيء حين تستيقظ .. لتقوم بجزع على صوت الباب الذي فتح على مصراعية .. وصوت خالها .. يقذف بالشتائم .. ويقفز على سريرها ينهال عليها ضربا .. وجسدها بين ركبتيه الغائرتان في اللحاف الثقيل .. تحاول صد ضرباته عن وجهها بذراعيها .. تبكي خوفا .. وتصرخ هلعا .. وهو لا ينفك يضربها .. ويحاول ان يكبل عنقها بكفيه الغليظان .. لتدفعه بقسوة .. ويترنح مبتعدا للوراء : والله ما بخليج .. موتج ع ايدي يالردية ..




دفعته فوقعت من على السرير بعد ان حاولت الهرب ولن تقوى .. ليبتعد مترجلا .. يشد عقاله الذي وقع من على رأسه حين اقتحامه لغرفتها .. ويدور حول ذاك السرير .. ينهال عليها ضربا به .. وهي لا حول لها الا بالانين والبكاء ..



لتأتي والدتها وقد انهكها صعود السلالم .. تدفعه عنها : بتذبحها يا سعيد ..


لينهال على ساق شقيقته اليسرى بـ " العقال " .. لتصرخ قافزة .. وتعود تثب بينه وبين ابنتها .. فينهال عليها من جديد ضاربا : كله من تربيتج ..



لتصرخ تلك من خلفها : لا تضرب امي ..



صارخا هو : بس ..



دافعا بشقيقته بذراعه القاسية .. لتقع متكومة على الارض .. وينهال رفسا لساقيها وبطنها : يالزانية .. يا عديمة الترباية .. ياللي ما احترمتي شيبة ابوج .. وبعد تبن تحطن ولد الحرام فرقبة الريال ..



يصرخ بتلك الجمل مع كل رفسة منه .. وتسعل هي .. تلتف على نفسها وجعا .. ليقف يلتقط انفاسه .. وسرعان ما يرمى ما في يده .. يركع امامها .. ويشد على عنقها يخنقها .. تجحظ عيناها امامه .. تخدش ظاهر كفيه باظافرها دون فائدة .. يصرخ فيها وقد اعماه الغضب : موتي يالخايسه ..



ليقع فجأة جانبا .. بعد ان دفعته والدتها عنها : بسك بتقتلها ..


يغيب عنها صوته المزمجر .. تبرد اطرافها وأنين مؤلم يخرج من صدرها .. لتغرق في ظلام الآه .. لا تسمع شيء ولا تشعر بشيء .. وتلك تصرخ بها إن أنهضي .. افتحي عينيك وتكلمي ..



,,


يرتب " شماغه " المضرج بلون الدم على رأسه يقف على اعتاب الصالة .. اليوم موعد رؤيتها بالنسبة لوالدته .. حُدد الوقت بعد صلاة العصر .. وهم الآن قبل العصر بساعة .. الوقت يمضي وتلك النسوة بطيئات .. ليرفع صوته : ياللا خلصن ما عندنا وقت .. بروح اييب حرمة عمي ومبارك ..







لتطل شامة من غرفتها تتبعها كلثم .. تدنو منه .. تقبله بالتحية الاماراتية : مبروك يا ابو ناصر ..




وتعيد تلك الصغيرة الجملة من خلفها .. ليجلس القرفصاء امامها : الله يبارك فيكن ..







ويطبع قبلة على وجنتها ومن ثم على جبينها .. ويشدها اليه بذراعه : بتعرس ؟ بتسوي حفلة عووده مثل حفلة مها ؟







- ان شاء الله ..







ليرفع نظره لشامة .. لا تزال بملابس البيت .. ليعقد حاجبيه : ما بتروحين ؟







هزت رأسها : مالي عين اقابلها .. فالعرس ان شاء الله .. بس يا رب تعيب امي ..







وتردف : بروح استعيلهن .. انت روح بيت عمي ترا الوقت يطير والطريق طويل ..







ولج الى الصالة بعد ان هرولت كلثم مبتعدة مع شقيقته .. لتلوح له جدته وبين كفيها الراديو المكسي بالجلد .. يقع على رأسها مقبلا : كنت اتمنى تروحين تشوفينها وتقوليلي رايج ..







- الله يباركلك يا ولدي .. وعساها تكون الحرمة اللي بتسعدك .. لا تاخذ ع كلام الناس .. ترا الكلام ما يخلص .. اتبع قلبك وعقلك وانت الربحان ..







يعود يقبل رأسها .. ويغادر .. لترفع تلك العجوز كفيها داعية له .. وتصرخ بعدها : وينكن .. عنبوه لو رايحات عرس كان خلصتن ..







ليأتيها صوت شمسة وعباءتها قد اردفتها على ذراعها : هذوني خلصت .. حشا كلتونا ..








,,







هناك في سجنها الصغير .. جالسة بخوف .. اخبروها ان اليوم ستأتي والدته ونساء من عائلته لرؤيتها .. تجلس على جانب السرير .. وبجوارها قد طُرح لباسها الذي خُصِص لهذا اليوم .. ثوب أماراتيا " مخور " مع ثوب من الشيفون .. تتلألأ به الخيوط الذهبية .. و " شيلة " خفيفة تناسب ذاك الثوب ..







وأناملها تداعب أناملها .. وفكرها أخذها للامس .. حديثها مع زوجة عمها محمد .. هي الوحيدة التي تزورها في حبسها والمكلفة بإيصال الرسائل من فهد ومن غيره .. تقف بعد ان دخلت مخبرة لها عن هذه الزيارة : خالتي أنزين ليش تقفلون علي .. والله العظيم ما بشرد ..







لتزفر تلك المرأة : أوامرهم وانا ما اقدر اسوي شيء ..







تمسك بكفيها : صارلي من ييت هني .. تقريبا اسبوعين .. أنزين عطوني تلفوني .. خبريهم يعطوني تلفوني ..







" كسره فهد " .. قالتها تلك لتزم هي شفتيها بكمد .. ترفع وجهها للاعلى .. تغالب دموعها : انزين كيف تبوني اعرس وانا معرسة .. وفوق هذا حالفين ما تبون تعرفون اسمه .. عيل كيف بتتأكدون من كلامي .. تبون تذبحوني اذبحوني .. والله اهون علي من انكم تزفوني لريال وانا ع ذمة ريال ثاني ..







ليأتيه صوته الغليظ حيث الباب كان مواربا .. لتندفع بجسدها تستتر بدفته : اذا تبين الستر تسمعين الرمسة .. والا والله ما بيصيرلج طيب .. والريال اللي يالسه تقولين عنه ريلج بنعرف كيف نذله .. بس انتي قولي اسمه .. ان ما قررناه الين يعترف بكل اكاذيبج ..







ثم : خالتي .. خبريها أي كلمة منها لاهل المعرس ما بيصير خير .. تيلس وياهم بسكات .. ترد ع قد سؤالهم اذا سألوها .. وانتي كوني مثل ظلها ..










نزلت دموعها تذكر صوته .. وتهديده المخيف .. هو قادر ان يفعل الكثير .. لتسارع بمسح دموعها حين سمعت ادارة المفتاح .. لتطل عليها : ريا بعدج ما لبستي .. الناس شوي وبيوصلون .. قومي لبسي وحطيلج كحال وعدلي ويهج شوي .. ياللا فديتج .. ترا ما في ع صريخهم ..







نظرت إليها : اريد اشوف يدي ؟







" استغفر الله العظيم " .. قالتها وولجت لتجلس بجانبها : ريا فديتج كم مرة خبرتج عمي ما يبا يشوفج ..







تربت على كتفها : ياللا فديتج قومي تلبسي وتزيني .. ترا حريم اعمامج وبناتهن هني .. اريدج تكونين احلى وحدة فيهن ياللا ..







ابتسمت على مضض : ان شاء الله .







وفي عقلها احاديث تمرد .. لعلها تحل وثاقها بالحديث مع احداهن وتعلن العصيان على ذاك الـ فهد .. مر الوقت لترتدي ذاك الثوب .. وتطلق لغرتها العنان على جبينها .. تنهدت وهي تنظر لعينيها المستديرتان الذي غير الكحل الاسود من شكلهما قليلا .. ليسحبهما للخلف .. وتزدهر شفتيها بالتوت .. أغمضت عينيها تتمتم في داخلها بآيات من القرآن .. وأدعية ليحفظها الرب .. وليقويها على فعل ستقوم به ..










فتحت عينيها لتسحب انفاسها .. وترسم ابتسامة هادئة .. وبعدها ترفع ثوبها قليلا لتستطيع المشي بحرية .. تقف تستمع لاحاديث تلك الفتيات المتجمهرات خلف تلك النافذة في الطابق الثاني .. تصرخ احدهما : يا ويل حالي هذا اللي بياخذ ريوه .. والله ما يستاهلها .. شوف الهيبة وييا النظارة ..




وتنطق أخرى : دب ..




وتضربها احداهن على كتفها : مالت عليج .. هذي عضلات .. شدراج انتي ..







وبصوت ممزوج بالغرور قالت أخرى : والله ما يسوى ظفر من ظفور فهود ..







ليطلقن بصوت واحد : وووووع ..







- ما لقيتي غير فهيد .. اقول انطبي بس







كتمت ضحكتها .. وتابعت سيرها محمحمة .. ليلتفتن إليها بازدراء .. ويبتعدن عن المكان تباعا .. وكأن بها داء مُعدي خشين ان يصبن به .. ليأتيها صوت زوجة عمها : ياللا تعالي .. بنزل وياج .. محد الا امه واخته وحرمة عمه ..







تنهدت وهناك طبول تُقرع بين اضلعها ..لتنزل الدرجات ويدها تعانقها يد خالتها .. حتى ما وصلتا للمكان .. اذا باحدى زوجات اعمامها تنطق : عاد ما لقيتوا غير ريا بنت عيسى ..







بذهول نطقت شمسة وهي تلتقف كأس العصير من أحداهن : ليش شو بلاها البنت ؟


,,










هُنا أقف وموعدنا الاسبوع القادم في نفس الموعد باذن الله


تحياتي http://forums.graaam.com/images/smil...am%20(135).gif


اسطورة ! 28-04-14 07:39 AM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 

,,


يعزف التوتر لحن مزعجا على اضلاع قفصها الصدري .. فيرتبك فؤادها بوخزات غريبة .. جميلة بقدر مقبول هي .. ليست ملكة جمال .. بل بها من بشاشة الملامح الكثير .. عينيها المستديرتان لهما من الاتساع الشيء البسيط .. وانفها المعتدل مرتفع الارنبة ، و وجهها بين الطول والاستدارة اتخذ موقعه .. كُل ذاك استتر خلف عيون الحقد الغاضبة والناظرة إليها.. وتلك البشاشة دثرها التوتر حتى باتت النظرات تائهة .. والانفاس خانقة .. والقلب لا يستكين فيهدأ ..





هل لنا أن نمسك ممحاة كبيرة .. نقضي بها على سواد ماضينا .. فنعدمه حتى لا يراه احد . ولا يحكي فيه احد .. هل ستلاحقها تلك السنة الكئيبة الى الممات .. وتتبعها تحت التراب .. وتتناهش الالسنة لحمها في الحضور والغياب ؟ .. أجبرها حديث زوجة عمها على ابتلاع ريقها .. وأن تشدد بكفها على كف خالتها زوجة عمها محمد .. حتى في حضرة الغرباء لن يرحموها ..





ترغب بأن تقتل الاحترام في هذه اللحظة .. وتدوسه تحت قدميها .. وتثور في وجوه تلك النسوة المسترسلات بالنخر فيها .. وكأنهن سوس ينهش في صمت .. حتى ما قضى أمره أوجع .. شعرت بكف خالتها يشدد بكفها حين لحنا للنساء .. وسؤال شمسة قد طُرح وجواب الاخرى كان قاب قوسين وادنى من لسانها .. لتسارع ناطقة : البنت يتيمة .. وحمل اليتيم عود .. ويكفي ان الرسول موصي عليه .. فالله يعينكم ع هالحمل يا ام شبيب ..




كانت في شرود غريب .. لم تسمع ما قيل الا انها شعرت بان كُل شيء بخير .. حين قامت خالتها بتقديمها لهن .. وتقديمهن لها .. لتبتسم بهدوء تقع على رأس شمسة مقبلة اياها احتراما .. وتحي حفصة .. ومن ثم تقف تتبادل القبل مع كنة .. التي رحبت بها أياما ترحيب .. لتجلس بهدوء بجانبها .. قبالتها زوجات اعمامها الحاقدات .. وعلى يسارهن كانت شمسة تنظر إليها .. تتفحص تفاصيل وجهها .. وهي ترفع نظرها لبرهة وتعود تخفضه .. الاضطراب يجعلها فقط تبتسم بفتور .. حتى الاسئلة الملقاه عليها كانت تجيب على بعضها والبعض يتوه مع صوت افكارها ..




دقات قلبها تُقسم إن لصوتها صدى غطى على الاصوات المختلطة .. لتلتفت على ضحكات بنات اعمامها الجالسات في زاوية المكان .. يتهامسن .. ويتصرفن بعيدا عن أحترام من هن اكبر منهن سنا .. وكأنهن لا يبالين بالضيوف .. عادت تطأطيء رأسها .. تعبث أناملها بثوبها .. ليأتيها صوت كنة : يعني انتي دكتورة ؟




لترفع رأسها .. لم تسمع ما دار من حديث عنها بين شمسة وزوجات اعمامها .. وكان السؤال المُلقى من ثغر كنة ما هو الا تعقيبا بعد الجواب عن سؤال ما هي شهادتها .. ابتسمت : يعني ..




وتحاول ان تركز مع الاحاديث ..المدح الجزل من قبل حفصة عنها .. يبدو أنها وقعت موقع حسن عندها .. يتحدثن النسوة بشيء من التعالي ويسألن شمسة عن عدد أولادها .. ومن ثم يطرحن سؤالا عن كنة .. يحمل معه نظرات اعجاب من احداهن : ما شاء الله .. وبنتج هذي معرسة ؟




لا تعلم لماذا وقع نظرها على وجه كنة حينها .. ليخيل إليها وجه شامة .. وترمش بعينيها تحاول ابعاد ذاك الخيال .. لترى أبتسامة جوفاء قد ارتسمت على شفتي كنة وهي تنحني تضع كأس العصير من يدها .. وتسمع والدتها تجيب بـ أن لا .. وتنطق لتهرب من تلك النظرات المتفحصة لها قائلة : مطلقة يا خالتي ..




نظرت إليها والدتها شزرا .. توبخها لقولها .. وتلك داهمتها ابتسامة .. وشيء ما يخبرها بأن تلك الفتاة ستساعدها لا محالة .. بها شيء من القوة والثقة .. أمسكت بكفها حين غفلة من كنة : نقدر نيلس بروحنا ؟




تحملقت الاعين عليهما .. لتنطق زوجة عمها محمد : وين بتروحن تيلسن .. البيت ما فيه مكان .. خلكن هني ..




أي هُراء ذاك .. المنزل باتساعه لا يوجد به مكان .. وكأنها بذاك الحديث وتلك النظرات الخائفة تسألها .. ماذا عن فهد ؟ .. هل نسيتي تهديده الصريح ؟ .. أم انك تبحثين عن ذكاء يُرديكِ في جحيم ؟ .. التفتت على صوت تلك : حبيبتي تبين تقولين شيء ..؟




وصلتها نبرة حنان غريبة .. لتبتسم : لا .. بس تشوفيهن سوالفهن مالنا دخل فيها ..



تعود تلك الابتسامة تكلل محياها : ولا يهمج .. اصلا مب مطولين .. عقب شوي بنروح ..




" عقب شوي " .. ترددت تلك الجملة مرارا في ذهنها .. الفرج سيمضي إن لم تتشبث فيه قبل رحيله .. الخوف ناقوس صوته كئيب يجرها للتخاذل .. عليها أن تنقذ نفسها من براثم الحرام الذي سيرمونها فيه .. وقفت بهدوء ليأتيها صوت زوجة عمها غانم .. تلك المرأة قاسية بقسوة بعلها : على وين ؟



-
بطلع شوي وبرد ..


-
بروح وياج ..



قالتها زوجة محمد وهي تقف .. فذاك الفهد وذاك الجد لا يؤتمن جانبهما إن حاولت هي أمر ما .. تبسمت : ماله داعي خالتي .. الله يكرمكن بروح الحمام وبرد .




قالتها بسرعة واختفت بسرعة أكبر .. ليرمي الاستغراب بستائره على الحاضرات .. الامر يدعو لريبة .. القصص المبتورة .. والالغاز المبطنة الغير مفهومة .. وشيء من ضجيج توتر يلوح على الوجوه رويدا ..





خطواتها تُسرع بها .. وثوبها يحاول ان يعيقها مرارا .. لترفعه وجدا .. وتلج الى غرفتها في لهاث جم .. تدع الباب مواربا خوفا من أن يُغلق وينتهي جميع ما ترتجيه .. سحبت كرسي التسريحة .. تضعه بجانب دولابها .. قصرها لا يساعدها ان تطال حقيبتها .. لتسحبها وتقع بسبب رعشة أناملها .. محدثة ضجة في المكان .. وتتلفت هي في خوف .. تترجل تنحني عليها .. تذكر أن بها دفترها وقلمها الازرق هدية من والدتها .. وجدت الثاني والاول لا أثر له ..




" وينه " .. بعثرتها باختناق .. و لم تترك مكانا الا وبحثت فيه .. لا شيء سوى اوراق قديمة بها الكثير من السطور .. تنهدت لتقتطع اسفل احداهن الاصم .. وتقف تضع تلك القطعة من الورقة على طاولة التسريحة .. وتخط : أنا معرسة خبري اخوج بهالشيء ..




وختمتها باسم بعلها .. حتى يتصرف ذاك الشبيب ليعلم الحقيقة قبل أن يقع هو ايضا في الحرام .. قفزت برعب من انحناءها حين ضربت دفة الباب فالجدار .. فُتح على مصرعه في حين غفلة منها .. ليزداد هلعها اضعافا مضاعفة .. متناسية شعرها المكشوف .. ونحرها الظاهر .. لتتسمر في مكانها .. تشد تلك الوريقة في كفها .. تدسها وتخنقها بقبضتها ..





,,

قبل دقائق حين خطت مهرولة للاعلى .. كانت خطوات صغيرة تهرول خارجة من المنزل لتقف على عتبة باب مجلس الرجال .. طفل لما يتجاوز التاسعة .. أوكلت إليه مهمة المراقبة من قبل فهد أبن عم والد ذاك الصغير .. والمكافأة مائة درهم .. رآه واقفا حيث الباب قبالته .. فالتفت للحضور مستأذنا : سمحولي ..




يمسكه من كتفه ويمشي معه بعيدا بعض الشيء .. لينظر إليه سائلا : شو ؟




" عطني الميه وبقولك " .. لم يسمى ذاك الصغير بـ فهد هباءً .. فهو نسخة مصغرة من فهد الواقف قبالته .. ليتشدق : والله مب هين .. عرف ع منو يسميك ابوك ..




ليقهقه بعدها وهو يدس يده في جيب ثوبه .. يخرج محفظته بُنية اللون .. ومن ثم ورقة المائة .. يلوح بها عاليا حتى لا تصلها يد فهد : قول وبعطيك ..




ليزم الصغير شفتيه نافخا الهواء من رئتيه بعنف .. ويربع ذراعيه على صدره بسخط : ريا طلعت فوق بروحها .. كانت تركض .. ياللا هات ..




مد يده وهو ينظر لوجه فهد الذي تغيرت ملامحه .. ليضع النقود في كفه بعنف ويهرول مسرعا .. يسمع احاديث النسوة في تلك الصالة البعيدة عن الرواق بعض الشيء .. توقفت قدميه هناك لبرهة .. وانفاسه غاضبة .. وانظاره تسمرت في اعلى الدرجات .. ليسرع يطويهن اثنتين اثنتين .. ليضرب الباب بعنف .. حتى ارتد إليه بعد ان صدم الجدار .. يمنعه بيده ويلج : شو تسوين ؟




تدحرج القلم عن الحافة ساقطا .. ليلحظ انكماش يدها بجانبها .. مندفعا نحوها وممسكا برسغها بعنف .. لتصرخ به : مينون هد ايدي .. مالك حق تمسكني ..




تغالب قبضة يده ويده الاخرى التي تحاول فك أناملها .. تدفعه من جانبه عنها دون أي فائدة : هدني .. آآآخ




انتزع ما بيدها يوليها ظهره .. ويقرأ .. ليرتفع حاجبيه .. متشدقا ومستمعا لحديثها الخائف من وراءه : اطلع مالك اي حق تدخل علي بهالشكل .. وعطني الورقة ..




التفت وقد اكتسى وجهه الغضب .. يحدق في وجهها .. لتشد بذراعيها على نحرها .. تحاول ان تستر ما ظهر منها .. ورجفة قد استوطنتها : اطلع ..




ضحك ساخرا : ينقالج مستحيه يعني .. أووه نسيت انج شريفة مكه ..




اقترب بخطواته وابتعدت هي حتى التصق ظهرها بالجدار .. تطأطيء رأسها وتنكمش على ذاتها اكثر .. يتأملها كثيرا وبصمت يثير في نفسها الرعب .. ليهز تلك الورقة في الهواء : هذا اسم ريلج ؟




لم تتحرك من مكانها.. ولم ترفع رأسها .. ليستطرد : ناوية تعطينها اخته ؟ ..




سكوت لثواني وكأنها دهر بالنسبة لها .. انحنى قليلا ليضع وجهه قبالة وجهها .. يحاول ان يُبصر عينيها : اسمه وصار عندي .. يومين وبيصير هو عندنا .. وبنعرف الصدق من الكذب ..




ليرفع من انحناءه .. وترفع هي نظرها إليه : إن كنتي صادقة .. وطلع ريلج حادث سيارة وبتصيرين ارملة ولا من شاف ولا من درى .. واذا طلعتي كذابه عرسج على اللي اختاره لج يدي عقب اسبوع ..




ليوليها ظهره مبتعدا .. لم يشعر الا بيدها تسحب ذراعه ليلتفت لها : انا كذابه .. مب معرسه .. اصلا الاسم من راسي .. الله يخليك فهد .. لا تسوي اي شيء .. خلاص موافقه ع كل اللي تبونه .. بس ماله ذنب ..




توترها .. نبرة صوتها المهتزة .. وكفها الحارة التي لا تزال تعانق بها ذراعه .. كُل ذاك ارجف شيء في داخله .. يسمعها بصمت غريب .. ينظر إلى دمع عينيها .. ارتعاش شفتيها .. وتجرع ريقها .. شعرت بما ارتكبت اخيرا .. لتطرح يدها عن ذراعه .. تعود تشد ذراعيها عليها .. وتبتعد بخطوات للوراء .. وتسمعه يبعثر الصمت : غبيه .. اذا خفتي ما تعرفين تفكرين .. خايفه عليه .. تحبينه ؟ ..




وبحده اردف : مشتاقتله ؟ - عاد لهدوئه – ما تبيني آذيه ...




" فهد شو اللي تسويه هني ؟ " كان صوت تلك المرأة التي وضعت مسؤولية مراقبتها في يدها .. لتلج وتكمل وهي تقف بينه وبينها : اطلع .. عيب عليك داخل ع بنت عمك وهي مب ساترة ..




لم يستمع لها .. هناك في داخله بركان يتأجج .. وحممه قد وصلت إلى ريّا وتعدتها .. لتديره تلك .. تدفعه ليخرج بالقودة : اطلع يا فهد .. اطلع ..




" بيوصلج الخبر يا بنت عمي " .. قالها وابتعد .. لتخر هي على ركبتيها .. تغطي فيها بكلتا كفيها .. وتجلس الاخرى بجوارها : شو اللي صار بينكم .. شو مستوي .. وعن أي خبر يتكلم ؟




تهزها من كتفيها وتكرر تلك الاسئلة .. تستنطقها ولا تنطق الا بدموع اغرقت أناملها ففاضت .. لتمسح وجهها فجأة .. وتنظر الى وجه القابعة امامها : لازم اكلم يدي .. فهد مينون بيسوي اللي قاله .. بيقتله ..




استغفرت تلك ربها باستغراب جم .. مردفة وهي لا تزال تقبض على كتفيها : ريا اتعوذي من بليس .. شو صارلج .. ؟




لتقف وتقف تلك معها .. تحرك يدها اليمنى على رسغها بوجع .. فقبضته كادت ان تهشمه : بروح اكلم يدي .. لازم يسمعني ..



تحركت واذا بتلك تمنعها من الباب .. تقف حائل بينها وبين الخروج : يدج عنده رياييل .. وين بتروحيله .. والا ناوية ع موتج ؟



بكت برجاء : خالتي فهميني لازم اقول ليدي .. لازم يفهم .. لازم كلهم يفهمون ..



هزت تلك رأسها : ما شي طلع .. اذا صارلج شيء ع ايدينهم محد بيدافع عنج .. عمج محمد مب مويود ..




متشبثة بالباب .. ومستميتة في منعها .. تنفست الصعداء .. تعلم بأن تلك عنيدة وخائفة .. لن تنال ما ترغبة بهذه الطريقة .. تحركت متوجهة حيث سقطت " شيلتها " الخفيفة حين كانت تُنزل حقيبتها من علو .. وانحنت تلتقطها .. تردفها على بعضها .. حتى تزيد من غلظها .. وتستر بها شعرها ..




تمسح بقايا دمعها ناظرة إلى المرآة .. وتلك تحادثها : لا تفضحينا .. خل الناس يروحون وبعدين طلبي من عمج يخلي يدج يشوفج ..




رتبت وجهها بعد ان اغرقه الكحل .. والتفتت : اوكي .. خلينا نروح عندهن .. مب حلوة منا .. وبعدين حريم اعمامي ما يتطمنلهن ..




" ياللا " .. قالتها لها لتبتسم .. وتمشي بمعيتها للخارج .. وفي داخلها حديث عقل .. يخبرها بأن لا وقت الا هذا الوقت .. والفرص لا تأتي دوما .. إن كان الجميع هُناك .. فعلى الجميع أن يعلم .. حتى هو .. عليه أن يدرك ما هو مقدم عليه ..




نظرت لخالتها حين تخطتا اخر الدرجات .. لتفلت يدها بعنف وتجري .. وتلك كبلت فيها عن النداء بأسمها .. تراها تبتعد تغادر المنزل ..ثار في داخلها الهلع .. فتلك مقتولة هذه الليلة لا محالة ..

عادت إلى الصالة وحدها .. لم تجد شمسة ومن اتى معها .. لعلهن استأذن لصلاة المغرب .. تخطو نحو الفتيات المتسمرات في مكانهن .. يتهامسن فيما بينهن .. لتقطب حاجبيها : ما عليكن صلاة .. ؟



ليتناقلن النظرات فيما بينهن .. وتجيب احداهن : الحين بنقوم ..



" اتصلي ع ابوج .. تلفوني ما ادل وين حطيته " .. كانت توجه حديثها لابنتها .. لتجيبها وهي تقف : أميه وين اتصل عليه .. تعرفين انه راح اييب ساره من المستشفى .. شو تبينه ؟



-
بتتصلين عليه والا شو ؟


-
انزين .. حشا ما تتفاهمون .. كله صريخ ..


تضغط على زر الاتصال .. وتمد بالهاتف لوالدتها التي ابتعدت عن المكان .. وتقترب من الباب ترقب انفجار أولئك الرجال .. يكفي وجود غانم وفهد وذاك العجوز لتشب نار لا يمكن اطفاءها .. ردت حين لم يأتها أي جواب : رد يا محمد رد ..





,,

هناك قبل دقائق بعد هروبها من خالتها .. شدت بـ " شيلتها " على رأسها جيدا .. تدس خصلات شعرها أسفلها .. وهمس خافت لذاتها : يا رب يا رب ..




تكررها خوفا .. لتدخل ملقية التحية .. خارجها شجاعة وداخلها حطام وانقاض روح دمرها الهلع .. ارتفعت الرؤوس والعيون إليها .. وهي بنظراتها تبحث عن الرجل العجوز بينهم .. لتراه على يسارها .. متوسط ذاك الجانب : يدي لازم تسمعني ..




ما إن رآها حتى احتقن بالغضب .. وكأن شياطين الجن تقافزت أمامه .. لا يرغب برؤيتها أو حتى سماع صوتها .. وهي تقتحم الرجال بهذا الشكل المخزي في نظره .. وقف غانم وقبضتيه قد احمرتا وجدا .. ينتظر أمرا من والده .. لن يتصرف أي تصرف قد يغضب ذاك العجوز ..





كان جالسا يستمع لحديث جدها .. يخبره بأن الاتفاق كما كان بينهما .. بصوت هامس حتى من على يمينه لا يسمعه .. كان يقرب رأسه من شبيب وقد اتكأ على عصاه الغليظة : خلك ع وعدك ياولدي .. احنا مب حمل فضايح اكثر .. تاخذها ولا نشوفها من عقبها .. ان شاء الله تحبسها بكيفك .. انت ريلها وانت حر فيها .. بس هالبنت ما نبيها بينا .




يقطب حاجبيه للكلمات المباح بها .. منبوذة هي من أقرب الناس لها .. كقطعة قماش بالية .. تلاقفتها الايدي فاتسخت فرميت على قارعة الحياة .. شتان بين حديثهم وحديث شامة عنها .. كيف لفتاة تستحي فتستتر بذاك الشكل الذي وصفته شقيقته أن تفعل ما يقولون؟ .. عقله بدأ يضرب اخماس في اسداس .. هل يكون معهم ضدها .. أو يبقى على الحياد حتى تتضح الحقيقة ..




ليرتفع بصره مع الابصار المرتفعة على صوتها .. تقف وقد دثرت يمينها بجزء من " شيلتها " وغطت بها نصف وجهها الاسفل حتى ما اتضح منها الا جزء من جبينها وعينيها .. تنطق بنبرة ارتعاش .. التفت ليرى الغضب قد اكتسى وجه ذاك الجد .. هي أمامه وهم كوحوش ينظرون إليها .. أعمامها الموجودين وجدها .. ويكفي بعمها غانم رعبا في وقفته تلك .. نطقت : لازم كلكم تسمعوني ..




ليصرخ باسم غانم .. حتى ظنوا ان المكان تزلزل .. ووقفوا على تلك الصرخة .. ليتحرك غانم بخطوات واسعة .. يشدها من عضدها .. يرص على اسنانه : امشي لا بارك الله فيج ..



تقاومه صارخة : ليش حابسيني ولا تبون تسمعون ..



لا يعلموا من اين جاءتها القوة حتى عمها لم يستطع كبح جسدها الدافع له .. يسقط غطاء رأسها وتتناثر خصل شعرها مع مقاومتها : حرام عليكم ..



لتصرخ بعمها : خلني .. لازم يعرف ..




ليكمم ثغرها بيده .. ويشد بذراعه اليمنى على وسطها .. ويخرجها من المكان .. شده ما حدث فهب واقفا .. ويد العجوز منعته ليقبع في مكانه وعلى وقوفه .. يراها تبتعد مع جسد عمها المخفي لكثير من جسدها الضئيل بالنسبة له .. سحب يده من اليد المجعدة .. ناظرا إليه : ليش تعاملوها بهالشكل ؟ هذي بشر .. وان غلطت لها رب يحاسبها مب انتوا .. حتى لو كنتوا اهلها ..




لينطق بصوته العميق : لا تتكلم الا يوم تصير فبيتك .. دامها هني فمالك دخل .. ان شاء الله نقتلها ..




ليصلهم صوت غض من آخر المجلس : كلامه صح .. شو هالدكتاتورية اللي معيشينا فيها .. هي حرة .. هذي تسمى حرية شخصية .. الين متى بتبقون عايشين فزمن يدودكم ..




" أص " .. صرخ بها العجوز .. يقف متكأ على عصاه .. ناطقا بأمر لاحد ابناءه : سكت ولدك يا عبيد .. ما ناقص غير اليهال يتكلمون .




ليُسمع حسيس غضب من فيه عبيد .. يجر ابنه بذراعه خارجا به .. شاب يخطو على بداية العشرينات من العمر .. لاحقتهما الانظار .. ليسحب شبيب انفاسه ويزفرهن بقوة .. معلنا : خلوا العرس عقب اسبوع .. والا بنتكم لكم .




هكذا سيجبرهم على الموافقة .. يعلم إن قال جملته دون ان يذيلها بذاك التهديد لقوبل بالرفض .. انشحن المكان بالانفاس الثائرة .. وانفاسه هو خمدت .. حتى ايقن ان لا خلاص له ولها الا هذا القرار .. يخلص نفسه من وساوس عبثت به حتى اردته على مشارف الهذيان .. ويخلصها هي من اقرباء بطش ايديهم يسبق عقلهم إن كان هناك عقل ..




ابتسامة ارتسمت على فيه فهد .. ينظر الى وجه شبيب الصارم .. ويعود من جديد ينظر لوجه جده .. هو لم يحرك ساكنا حين اقتحمت هي مجلسهم .. فلا يرغب بخوض حرب أخرى معها ولا يحق له ان يلمسها في حضرة الرجال كما فعل آنفا في ثورة غضب .. تزول ابتسامته حين نطق جده : اليوم الخميس .. ويوم الخميس الياي العرس ..




لينفض المجلس بعدها بدقائق .. وقبل ذاك القرار بدقائق ايضا .. كان غانم يكتم صوتها ويرفع جسدها عن الارض بذراعه .. يدخل المنزل بها .. وهي تتشبث بذراعه التي تكاد تخنقها .. تحاول باناملها ابعاد انامله عن فيها دون جدوى .. حتى ما وصل باب غرفتها دفعه بقدمه حتى فُتح وارتد .. ليدفعها بعنف حتى ما اصطدم كتفها الايسر بجانب السرير صرخت متأوه .. تجر ساقيها جالسة وقد انحنى ظهرها .. ويمينها تعانق الم كتفها : حرام عليكـ....



لم تكملها حتى صرخت : آآآخ ..




انحنى عمها ليشد شعرها بقبضة يده .. ويرتفع وجهها يقابل وجهه : فضحتينا يا بنت عيسى .. فضحتينا وابوج حي وفضحتينا عقب موته .. والله لولا ايدي ميودة ( ممسوكة بمعنى لا يقوى على شيء ) كان ما رضاني الا دمج ..




ليترك شعرها دافعا برأسها للامام .. لتنتحب في صمت .. تسمعه يغلق الباب وصوته يصلها : شو صار ؟




سؤال طرحه على فهد الواقف مستندا على الجدار .. مربع ذراعيه على صدره : عرسها الخميس .. ولد ناصر طلع مب سهل ..


ليصرخ : يزول وياها .. اخر همي .. يعله يربيها الين تحب التراب ..

,,


على الطريق .. كان الحديث القائم بين شمسة وحفصة وتشاركهن فيه كنة الجالسة خلفه يعصف برأسه .. يتحدثن عن الكثير .. أعجاب وعدم أعجاب .. وشك مريب تبعثره شمسة : ما ارتحتلهم .. في شيء وراهم .. والبنت مادري شو فيها نكلمها مرة ترد ومرة ما ترد علينا ..



كنة : مستحية ياميه .. لا تلومينها .. وبعدين ما شاء الله فيها جمال ..



حفصة : هيه والله البنت حلوة وما تنعاب .. وذربة .. عسى ربي يهنيكم .




بالتفاتة منها لشبيب : انت مقتنع فيهم .. ترا حتى لو حلوة باين ان وراها شيء ..




تحوقلت كنة مردفة : وراهم والا ما وراهم .. دام شبيب يريد منهم ما يهمنا .. المهم سعادة اخوي ..




قالتها وهي تربت على كتفه ليبتسم .. ويفجر قراره على اسماعهن : ترا العرس يوم الخميس ..





" شو ؟ " .. تبعثرت من افواههن .. بدهشة مكبلة اللسنتهن عن الحديث لدقائق .. لتنطق والدته : شو هالرمسة يا شبيب ؟




وتتبعها كنة : ع شو مستعيل .. انت للحين ما عدلت قسمك ولا صبغته ولا اشتريت اثاث يديد .. وفوق هذا احنا بعدنا ما تيهزنا ..




واكملت حفصة : شبيب فالعيلة الندامة .. انت من شهر خطبت بس .. حتى ما كملت الشهر .. والبنت ما تبي تشوفها .. امك تقول انك ما شفتها للحين ..




سحب انفاسه بهدوء : كل اللي قلتنه ما ياخذ ثلاث ايام .. باكر ببدا فتعديل قسمي ان شاء الله .. والعرس وتجهيزاته يدها متكفل فيه .. واذا ع مشترياتكن فيوم بتخلصن كل شيء ..




ليردف موجها الكلام لحفصة : عمتي مالها داعي الشوفة .. هي راضية وانا راضي .. واللي ربج كاتبه بيصير ..




ليلتقط هاتفه من جانبه .. وكأنه لا يرغب منهن حديث بعد ما قال .. ليأتيه صوت جابر عبر الاثير .. وينطق هو : انت مداوم اليوم للفير .... اوكي .. ابيك اطلعلي كل القضايا اللي مسكهن ابوي الله يرحمه قبل ما يموت بثلاث سنوات الين آخر قضية مسكها .... اذا ما تقدر بكلم غيرك ... قبل الفير بكون فالمكتب .. واريد كل الملفات مويودة .. واذا تقدر تفرزلي اسماء اصحابها فكثر الله خيرك ..




القى بتلك القنبلة وابتعد عن احاديثهن .. عن صخب الجدل الدائر من والدته .. ان كانت تظن بها سوء واحد بالمائة باتت متأكدة إن ما تظنه صحيح .. تثرر على رأس والدتها بعد أن ترك المنزل ليوصل مبارك ووالدته الى منزل عمه .. وهي لم تهدأ حتى أنها رمت بعباءتها في الصالة .. واتخذت لها مقعدا بجانب والدتها التي تجلس بمعية شامة .. الاخيرة تشاهد التلفاز .. واذنها للحديث الدائر : فيهم بلا ياميه .. حرمة عمها كانت بتقول شيء وسكتتها حرمة عمها الثاني .. وراهم مصيبة .. وكل كلامهن من تحت لتحت ..



لتنطق شامة : المهم البنت عيبتكم والا لا ؟



-
ما فيها شيء .. زوينه .. بس وراهم شيء .. ولدي عاق نفسه فمصيبة ولا داري .. قالوله عقب اسبوعين يروح يقدمه ويخليه يوم الخميس .. عز الله الولد مسوايله ..



تتحرك المسبحة في يدها .. تستغفر بصوت عالي : شمسة شو هالرمسة بعد .. مسوايله وما مسوايله .. ولدج يريد البنت وخلاص .. لا تيلسين توسوسين وطلعين رمسات من راسج ..




بصوت حاد قليلا : مب من راسي ياميه .. وراهم بلا اقولج .. والولد مب بخير من يوم ما عرفهم .. دايم مهموم واليوم مادري شو قالبنه .. يتبوسم بس والله ادري انه مب من قلبه .. علو قلبه عسى ربي يعل قلوبهم ..




لتلكزها بعكازها : اعوذ بالله منج يا شميس .. لا تدعين وليلة يمعه .. ولدج ما فيه الا العافية .. رفعي كفوفج وادعيله ربج يهنيه مب يالسه تدعين ع الاوادم وانتي للحين ما عرفتي خيرهم من شرهم .. قومي – عادت لتلكزها بالعصا – اذا ما عندج رمسة لا ترمسيني ..




لتقف تشد عباءتها وتثرثر بصوت مسموع بغضب .. تلتقي بكنة الخارجة من غرفتها قاصدة الصالة .. تحدثها : شو بلاج ؟



وتتابع سيرها مجيبة : ما بلاني شيء .. ويوم اطيح الفاس فالراس قولوا شمسة قالت .






,,

الساعة تقارب الثانية عشر .. يجلس وحيدا في منزل اصابته الوحدة ايضا .. ذاك الحارب عنيد بعناد الصخر الجبلي في ساحة منزله ..يشتاق لوجوده معه .. وهو يهرب ويعاند الرجوع .. يرقب تلك الحجارة وقد جلس على درجات الباب الداخلي .. اخبر عبد الغفور ان لا يأبه له .. وأن يدعه وحده .. يزوره خيالها .. عينيها وشعرها المتناثر .. صوتها المبحوح قليلا .. ورجفة نبرتها .. حتى ما تذكر قسوة عمها قطب حاجبيه وجدا .. هو لم يقسو يوما على إمرأة فكيف تسول ايديهم ذاك الفعل وأمامه ..




تنهد وقام واقفا .. لا يرغب بالعودة الى المنزل ويتلقفه الحديث المعتاد في الساعات الماضية من والدته .. فقرر الذهاب إلى مركز عمله بثوبه .. يقود سيارته ولا تزال كلماتها تتكرر في ذهنه .. ماذا عليه ان يعرف ؟ هل ما قيل عنها وراءه أمر آخر لا يعلمه أحد .. ويعود حديث جدها له .. حين اللقاء الاول : ابوك درى عن سواياها وستر .. عرفناه ريال شهم وما طاع لنا بالفضيحة فنص الليل وييا الشرطة ..




هذا الحديث اوصله للبحث في القضايا الفائتة .. لعله يجد خيط يوصله لراحة .. وصل أخيرا .. يحيوه من يمر بهم بالتحية العسكرية .. ليدخل المكتب واذا بذاك يجلس ومن امامه ملفات قد تكدست .. يلقي عليه التحية .. فيجيب : وعليكم السلام .. قلت قبل الفير – يرفع بصره ينظر لساعة الحائط أمامه – والحين بعدها ما وصلت ثنتين .




" قوم " .. قالها وهو يقف بجانب جابر .. حتى ما قام ابن عمه جلس مكانه .. وظل الاخر ينظر إليه وهو يفتح اول الملفات : هذي كل الملفات ..؟



-
كلها .. ميه وثلاث وسبعين قضية .. ما شاء الله ع عمي شكله كان ماكل السوق ..



وقهقهه بخفوت .. واستدار بعدها يجلس قبال ذاك .. الذي بدأ بفتح ملف آخر : ما خبرتني شو السالفة .. وليش طرا ع بالك ادور فالقضايا اللي مسكها ابوك .. ليكون ..



رفع نظره : لا .. ماله اي علاقة باي قضية ماسكينها .. بس شيء فراسي واريد اعرفه ..



-
الا صدق .. مبرووك العرس .. قالولي صار يوم الخميس .



عاد يرفع نظره : لا حول ولا قوة الا بالله .. مسرع ما وصلك الخبر .. حشا محد يقول شيء لحرمة الا ولقاه واصل اخر الدنيا .. وكالة رويترز ..




ضحك جابر وبعدها : الا ع طاري العرس .. شو صار وييا طلب بطي .



-
ولا شيء .. شامة قالت عطوني وقت افكر .. ولا تريد حد يدري الين ما تقول رايها .


واردف : عندك شيء باكر .



" لا " .. ما إن نطقها حتى قال شبيب : عيل قوم روح .. ومن الصبح اريدك تييب عمال وتروح بيتنا .. تخليهم يصبغون القسم .. ويطلعون كل الاثاث .. ويعدلون الحمام والمطبخ .. يغيرون البلاط .. ويخلصون شغلهم فيومين ..



وقف : لا والله .. انت بتعرس وتوهق عمرك وانا اللي اكلها ..



نظر اليه وابتسامة قد داعبت شفتيه : عيل اسمك ولد عم واخو ع الفاضي .. ترا اللي يصيبني يصيبك وياي .. ياللا روح .. وبطلبلك اجازة يومين تجهز كل شيء فيهن .. وخل شامة وكنة يساعدنك فالاختيار ..




" شو ؟ " .. قالها بسخط .. واكمل : اختيار شو .. ان شاء الله تباني أأثثلك قسمك ..




-
وتختار الصبغ .. والا اقولك اصبغوا نفس الصبغة .. يعني سوالها تجديد ..



" تجديد ها " .. قالها وهو يعود للجلوس .. يحني جذعه قليلا نحو شبيب : انت تدري صبغة قسمك من متى فيه .. اظن من يوم ما انولدت .. من وين نيبها هذي ..



وقف وهو يضرب بيده على الطاولة : بسوي كل شيء .. بس لا اتيني وتقول هذا ما عيبني وذاك ما عيبني .. وما بسوي هالشيء الا لانك معرس .. بعتبرها هدية عرسك .. يعني لا تتريا مني اي هدية ..



ليصرخ به : انقلع من ويهي جويبر .. وسو اللي قلتلك عليه ..




" مردوده يا ولد العم .. مردوده .. " .. قالها جابر وهو يختطف قبعته العسكرية عن ظهر الطاولة .. ليولي شبيب ظهره .. ويسمع قهقهته من خلفه ليبتسم هو ايضا .. ويعود بعد ان اختفى .. يطل برأسه من الباب : الله يوفقك ..




,,

تسوق له الاقدار حياة جديد .. غريبة ربما .. يشعر معها بشيء من خوف بسيط .. رائحة العطر تضج في هواء غرفته .. وهو بأبهى حلة .. يبتسم لنفسه يخفف عليها من وطأة الحال .. اليوم ستوضع النقاط على الحروف مع والد عائشة .. سيكون معه اعمامه وشقيقه .. اليوم سيتحدد الارتباط الثالث في حياته .. اغمض عينيه .. وردد : اللهم يسر أمري ..




ابتعد خارجا من غرفته ومن ثم من قسمه .. ليستأذن الدخول مارا بالصالة التي تحوي جسدي شقيقتيه .. وقف : ما شيء مبروك ؟




لتنطق هند بشيء من سخط : يعني ما لقيت غير عويش ؟ .. باللا هذي كيف بنتفاهم وياها .. كيف بنعيش وياها .. احس ما بقدر اشوفها ..



ابتسم ناظرا للاخرى : وانتي .. بعد نفس راي اختج ؟




وقفت واقتربت منه .. تقبله بفتور : مبروك .. ربي يهنيك ..




" الله يبارك فيج " .. ليأتيه صوت والدته من خلفه : اخوك طلع وعقب نص ساعة بيي .. سمية راحت تشوف اختها منومة فالمستشفى من يومين ..




قطب جبينه .. يومين! .. اي ان ما بها حدث في ذاك اليوم الذي كان فيه مع والدتها .. تراكمت الاسئلة في نفسه عنها .. ليجلس بصمت .. يحتسي القهوة ببرود أستغربته والدته التي جلست بجانبه : فارس شو بلاك ؟ ان شاء الله غيرت رايك ..




نظر إليه متبسما .. يضع الفنجان من يده : لا .. بس افكر فسالفة صارت من كم يوم ..





,,

هناك وفي صالتهم الصغيرة تجلس بخجل بمعية والديها .. يخبرانها عن فارس ..وعن شروط قد اتفقوا عليها .. وعن عدم رغبته في أن يراها .. هي صغيرة سن .. ولكنها كبيرة عقل .. رمشت مرارا .. وبللت شفتيها بلسانها .. تداعب اناملها بأناملها في حياء جميل .. لتنطق بصوتها مليء بنبرة حانية : ما يريد يشوفني ؟



طوقت والدتها كتفيها بذراعها تشدها إليها : عايشه فديتج .. لا توقفين ع الاشياء اللي مالها داعي ..



-
بس من حقه يشوفني . . والا هو مجبور يا ابويه ؟


أوجعه قلبه لسؤال أبنته الصغيرة .. وقبل أن ينطق أكملت : ما قلت لكم أريد اعرس .. ولا اشتكيت .. عشان ترخصوني بهالشكل .. دايم كنتوا تقولون اللي الله كاتبه للعبد بيصير .. عيل ليش تدخلتوا فمصيري ؟ .. ليش خطبتولي وما خليتوني انخطب مثل اي بنت ..



ابتسمت بوجع : لاني مب مثل اي بنت صح ؟



نشيج خفيف من والدتها وصمت موجع لقلبها من والدها : أميه لا تصيحين .. أنا ما الومكم .. خايفين علي .. وداريه ان ابويه ما بيختارلي الا اللي بيقدرني .. بس حسستوني بالنقص .. وانتوا اللي كنتوا تقولون لي مثلج مثل اي بنت .. واللي فيج نعمة من ربج .. خذ منج وعطاج .. مثل ما عطى غيرج عيون وخذ منهم اشياء ثانية ..




نزلت دمعتها .. لتشعر برجفة كف والدها الاجعد تمسحها .. فتتلقفها مقبلة : سامحني يالغالي ..




ليمسح على رأسها : ربي يعلم كثر غلاتج فقلبي وقلب أمج .. وفارس ما قال ما يريد يشوفج الا لنه محطينج فباله .. ريال بيحطج فعيونه يا عايشه .. واذا ع شرط امه ما عليج من هالشيء .. كل اللي عليج تسعدينه وتهنيه ..




اكمل وقد وضعت رأسها على كتفه : ربج قال : " فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا" صدق الله العظيم .. لا تقولين ما اريد هالشيء .. انتي استخرتي وربج من فوق بيسر الامور اذا هذا نصيبج .. حتى لو انا اللي تدخلت .. تراني سبب ..




رفعت رأسها .. تتحسس جانبها لتمسك بكف والدتها : لا تصيحين .. تراني بصيح .. خلاص انا موافقة دام هذا اللي تبونه .. بس بشرط .. يشوفني واشوفه .




نظر والدها بدهشة لوالدتها .. وهي فعلت بمثل فعله .. لينظران إلى عائشة .. لتضحك بخفوت .. ابتسامتها الجميلة بتلك الاسنان الصغيرة المرصوفة : شو بلاكم ؟ ادري ما اشوف .. بس بسمعه .. من حقي اسمعه صح ؟




طرحت سؤالها لتختفي ابتسامتها .. ومن ثم تقف : ما اريد اعرس .. خبروه اني ما اريده ..



,,

هُنا أقف .. وموعدنا بمشيئة الرحمن يوم الاربعاء مع الجزء الثاني ~



اسطورة ! 03-05-14 03:37 PM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته..



كيفكم يا حلوين؟.. إن شاء الله الكل مبسوط و مرتاح..
أنون طلبت مني أبلغكم أنه هالفترة ما عندها نت.. و إن شاء الله أول ما يرجع بترجع
هي للزفرات و تطمنكم عليها.. إصبروا عليها شوي و إعذروها.. و إن شاء الله بترجع لنا قريب..





دمتم بخير
http://forums.graaam.com/images/smilies/msn%20(2).gif
رساله من انآت وحده من العضوات نقلتها

اسطورة ! 06-05-14 05:18 AM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
حين تحيى بين جدران تألفها كأنفاسك ونبضات قلبك .. وتشعر بها دوما كما لو إنها تخبرك بوجودها .. لن تقوى يوما على مغادرتها .. أن تخونها وتبتعد .. هذا كان شعورها بعد أن غاصت في موضوع زواجها أكثر .. هُنا تعلم خطواتها .. ومسار قدميها .. هُنا لا تعثر ولا خوف من المشي .. كيف لها أن تترك ما تعرفه لشيء لا تعرفه .



أرجفها الخوف وهي بين والديها .. والدها عن يسارها ووالدتها عن يمينها .. لتقف فجأة .. وبنبرة رعب من القادم نطقت كلماتها .. تطرح الرفض بعد الموافقة .. ولم تسمح لهما بالحديث أكثر .. مشت خطوتان للامام وبعدها اتخذت الطريق على يمينها .. تبتعد حتى ما دنت من الباب مدت كفها تتلمسه وتختفي بعدها ..




تحوقل والدها .. و بشيء من الخوف نطقت زوجته : خايفة عليها .. هني كل حياتها .. انا وانت كل حياتها .. يبناها لهالدنيا متاخر .. وعابوني الناس وكن الحمال كان بايدي .. ولاموني لانها طاحت ما تشوف زين .. والحين يانا اللوم منها .. البنت خايفة يابو عايشه ..




مسح بكفه على وجهه .. حتى قبض لحيته الطويلة .. وتنهد بعدها : خوفها بيروح يوم تعاشره .. يا "رويه" اخوانها ما بيفيدوها .. همهم حريمهم .. وخواتها لهن رياييلهن .. مالها حد من عقبنا .. وفارس ريال والنعم فيه .. ومب ندمان اني طلبته ياخذ بنتي .. روحيلها وعقليها .. هوني عليها ..




" يا الله " .. نطقتها وهي ترتفع واقفة .. حتى ما طرقت الباب على عائشة ولجت .. تراها جالسة على الارض .. مستندة على السرير .. وتشد بذراعيها على ساقيها .. وحركة خفيفة لجسدها تطوحه للخلف و للامام .. تنطق : اميه خلاص ما اريد اسمع شيء .. خلوني بروحي .. ليش مستعيلين وكنكم بتموتون باكر .. الله يعطيكم طولة العمر ..




لم تلبي لها طلبها .. فاتخذت من طرف السرير لها مقعدا .. حتى ما جلست وضعت كفها على رأس أبنتها .. تشده قليلا لتضعه على جانب فخذها : ليش مكبره السالفة .. سمعيني .. ما بقى شيء من العمر .. وما اظن قصرنا وياج فشيء .. دراسة وتربية ومداراه .. خليناج بنت نقدر نفتخر فيها ونرفع راسنا فوق اذا يابوا طاريها قدامنا .. وابوج لو مب عارف هالريال زين كان ما طلبه ياخذج .. ولا تكدر يوم انه تاخر فالرد عليه .. ابوج يشتري ريال اذا ربج خذ امانته فيوم ما بيكون خايف عليج .. لا من اخو ولا من اخت .. تشوفينهم.. فالشهر ياللا ياللا مرة نشوفهم .. لاهيين وييا حريمهم .. وخواتج وييا ريايلهن وعيالهن ..




أحتظنت ساقي والدتها وهي تستمع .. وكأنه الفراق .. تشد وجدا وبصمت لسان واحاديث عقل لا منتظمة .. وتلك تتابع باسلوبها الحنون : ادري انج خايفة .. خايفه تخلين هالمكان اللي حافظتنه .. تفكرين بحياتج كيف بتكون .. بس سمعيني فديتج .. كل شيء فالبداية صعب .. بس ربج بيهون عليج .. وصعب واحنا عايشين احسن عن صعب يوصلج من عقب ما نموت ..




شدت ذراعيها بقوة : الله يعطيكم طولة العمر .. بس يمكن هو ما يفهمني .. والاشياء اللي تعودت اسويها يمكن ما تعيبه .. بيضحك علي ..





ابتسمت والدتها لتفكيرها : انزين ما سألتي نفسج .. الشيء اللي تسوينه صح او غلط ؟ لو انه غلط لا تسوينه .. وقلتلج فارس ابوج عارفنه زين ما زين .. لا تفكرين بهالسوالف بس عشان تخوفين عمرج منه . وين عواش العاقلة .. اللي تعرف الصح من الغلط .. واللي تحط عقلها قبل قلبها .. فارس من يوم ما سكنا هني واحنا ما سمعنا عنه الا كل خير ..




قاطعهما صوت الجرس .. لتنتفض عائشة في مكانها .. وتقف والدتها بخوف من السقوط .. فتلك لا تعتق ساقيها .. تعود لتجلس وتقبل رأسها : فديتج العرب شكلهم وصلوا .. خليني اقوم .. ام فارس بتي تشوفج وتيلس وياي ..




ارخت ذراعيها : لازم اطلع وايلس وياكم ؟



-
هيه




وقفت من جديد لتنحني تمسك عائشة من ذراعها لتوقفها معها : تيهزي .. ولا تطلعين شعرج .




لتقبل جبينها وتبتعد .. تحث الخطى للخارج واذا بصوت ام فارس : يا ام عبد الرحمن وينج ؟



لاحت لها من الباب : يا هلا والله .. حيالله ام فارس – تحييها – قربي قربي (تفضلي ) .




السؤال عن الحال اخذ جُل الحديث .. وتلك تضيفها القهوة والتمر وما جادت به الاطباق الموضوعة .. بين الحين والحين تتبعثر من ثغرها كلمات الترحيب .. ليأتيها صوت أم فارس : عيل وين بنتج ؟ والا ما تبانا نشوفها ؟



ابتسمت لها : الحين بتيي .. بروح اشوفها .. سمحيلي .



وقبل أن تقف جاءهما صوتها الرقيق : السلام عليكم .



تلقفت والدتها كفها لتوصلها لام فارس التي لم تنبس الا برد التحية وصمت .. لتمد لها عائشة يدها .. تمر الثواني مثقلة بوجع لا يعلمه الا هي .. تشعر بالنبذ منذ الان .. امسكت بكفها اخيرا فابتسمت لها .. تتحرك قليلا الى الامام بحذر .. وكفها الاخرى تقترب من رأس ام فارس رويدا .. حتى ما لامسته ارتفعت على اصابع قدميها تطبع قبلة على أعلى جبينها ..وتبعد كفها تبحث من جديد عن كف والدتها .. لتجلسها بجانبها .. وتجلس تلك ولا تزال تحدق في وجه عائشة .. حتى أربكت والدتها بتلك النظرات .. أما هي فشعرت بالاختناق بسبب الصمت .. لتبتسم بهدوء حين سمعت والدتها تسأل : عيل وين البنات ما يبتيهن وياج ؟



لتضع ام فارس فنجانها .. وتسألها تلك : اصبلج ؟



-
لا .. بسني الحمد لله .. والبنات ان شاء الله بيين بس غير يوم ..



لتوجه الحديث بعدها لِـ عائشة : كم عمرج ؟




وجهها الطفولي وعينيها اللتان اغدقتا بجمال لا يضاهى .. ورموشها الكثيفة وكأنها قد اكتحلت دون كحل .. كُل ذاك جعل من ام فارس لا تبعد النظر إليها .. وكأنها لاول مرة تراها .. او لعلها لم تكن تكترث لنظر والتدقيق من قبل .. يأتيها صوتها الناعم مجيبة على ذاك السؤال : سبعطعش (17 ) .. بعدني ما كملتهن باقي اربع شهور وشوي ..



زمت شفتيها : صغيرة .. كيف عيل مخلصة ثانوية هالسنة .. والا بعدج تدرسين ؟




ضاقت ذرعا بتلك الاسئلة التي تشتم فيها رائحة عدم الاعجاب .. تبتسم : ابوي الله يطول بعمره دخلني المدرسة صغيرة .. كان عمري خمس سنين ويمكن اقل .. شاف اني اقدر اتعلم بسرعه .. والحمد لله ما خاب ضنه .



" هيييه " .. مدتها واردفت : مدرسة عميان ؟




الحديث مؤذي.. وبقدر إذائه لها كان يمدها بقوة غريبة .. والابتسامة لا تفارق شفتيها : هيه .. مدرسة العميان والصمان والبكمان ..



لتردف وكأنها ترغب باخبار تلك ما تجهله : بس هذيلا عندهم عقل يعرفون الصح والغلط .. ويعرفون كيف يعيشون حياتهم .. ويقدرون الغير .. وآخر همهم الناس شو يقولون عنهم .. فيهم رضا وفيهم اشياء واايد عمر الصاحي واللي الله معافيه ما بيحس فيهن ..



بعدم مبالاة لتلك الكلمات : وناوية تكملين ؟



لعله السؤال الوحيد الذي اشعرها بشيء من الراحة .. لتبتسم ابتسامة مختلفة .. يشوبها فرح بسيط : إن شاء الله .. بس قلت ارتاح سنة وبعدين اقدم اوراقي فالجامعة .



-
بس فارس ما اظن يخلييج تكملين .. قبلج كنه طلعت من الجامعة ويلست فالبيت .



-
اذا عنده سبب مقنع .. يقنعني فيه ..



تشدقت : أنزين ما تشوفين انه كبير عليج .. وانتي وايد صغيرة .. عمرج من عمر هند بنتي ؟



صمتت وكأنها ترغب من والدتها الحديث .. أو لعلها كانت تبحث عن إجابة ما .. تعلم أن صمت والدتها بداعي الثقة فيها .. وتدرك إن تلك الثقة غالية .. لتجيب بكلمات تعلمتها من والديها .. تشربتها من أكفهما : الكبير كبير عقل يا خالتي .. والريال العود هيبة وحنان وعطف ودروس .. والبنت الصغيرة دلع وفرح واحترام .



لتقف بعدها : سمحيلي خالتي .. صلاة المغرب ما باقي عليها شيء .. وهالوقت لربي .




وابتعدت .. وتلك كبلها السكوت .. والاخرى كانت تهمس في ذاتها بدعوات خافتة .. ترتلها لحفظ صغيرتها .. أما الرجال فقد أجتمعوا لوقت قصير .. واتفقوا فيما بينهم .. وانتشروا عند دخول وقت صلاة المغرب .. انفض المنزل من زواره في الساعة الماضية ..





ما الأمر ؟ لما أشعر بغربة تلتهمني .. وبضجيج لا ينفك عن العبث في أرجائي .. هل باتت بصيرتي عمياء كما عينيّ ؟ أم إن قلبي به داء لا اعرف له دواء .. هل لي بطوق نجاة من أعصار مفاجيء أطاح بيّ .. فأحال الغد كشبح مخيف سيلتهمني ويطويني بكفيه الكبيرين ..





تنهدت وهي جالسة على طرف سجادة الصلاة .. تحرك اصابعها مسبحة .. وشفتيها تتحركان بخفوت .. وهناك شرود يعتريها .. تُعيد ما تفوهت به آنفا على مسامع أم فارس .. هل أخطأت ؟ .. هل حديثها ذاك يوحي برغبتها في الارتباط بالنسبة لهم ؟ .. هي لم تقصد شيء .. سوى الرد على تفاهات استترت خلف اسئلة متلاعبة .. لا ترغب بها .. هذا ما كان يجول في فكرها بصورة أكبر ..




,,


في الخارج .. ولج بمعية فارس الى ساحة المنزل .. أخبره بخوف صغيرته من تغير الحياة .. وأخبره بشرطها الذي طرحته .. أخبره بكُل ذلك من بعد صلاة المغرب .. وعادا ارتجالا إلى منزل الامام .. باتت الشروط تُطرح كَـ لعبة فر وكر .. وكأنها معركة ترتجي هدنة ..




دعاه لمجلس الرجال وحث الخطى لداخل منزله .. لتتلقفه زوجته بهلع : يا ابو عايشة خلاص قول لهم ما نبي العرس .. خبرهم البنت صغيرة ..



نظر إليها بغضب : نلعب أحنا .. والرياييل اللي تعنوا يطلبون بنتج .. وفارس اللي ربطته فيها فوقت ضعف مني وخوف عليها .. ارد فكلمتي الحين ..




" أمه قويه " .. قالتها وهي تتبعه متوجها لغرفة عائشة .. ليتوقف ملتفتا لها حين اردفت : والله لو سمعت اسئلتها لها .. كانها تقول لها ما نبييج .. رفضي ولدنا ..




" وعايشه شو ردت عليها ؟ " .. سؤال طرحه لتتنهد زوجته بعنف : ردت عليها وكنها خلاص صارت له .. ادري ببنتي ما قصدها هالمعنى .. وردها عادي بس هي بتظن انها خلاص موافقة .. خايفه ع بنتي ..



ربت على كتفها بحنو : بنتج بخير دامها بتكون فيدين فارس ..




ثقة عمياء اعطاها لذاك الشاب .. ولم تنبع إلا من مخافة فارس من رب العباد .. ومن خاف الله يؤتمن .. طرق الباب الموارب ودخل .. متبسما .. ناظرا لها لا تزال على سجادتها .. اليوم لم يعطها من ساعات العصر شيء ليجلس معها يسمع منها آيات القرآن .. نطقت : هلا ابويه .. حياك يالغالي ؟



هل يعقل أن طفلته الصغيرة التي جاءت إلى الدنيا متأخرة ستفارقه .. سيحتضنها رجل آخر ؟ .. حين الصمت وقفت تتقدم بخطواتها حتى وصلته .. تحرك أناملها على وجهه .. لتقابلها دمعة أدمت روحها البريئة : أفا .. دمعتك غاليه يا ابو عبد..



ليضع أنامله على شفتيها وتبتسم .. تعلم أن أحب إليه أن ينادى باسمها هي لا اسم اخيها الاكبر : أمي خوفتك من خوفها .. سمعتها تكلمك ..



" فارس فالميلس يبي يشوفج مثل ما طلبتي " .. تحجر لسانها .. بل أنها تكاد تجزم إن قلبها توقف عن النبض .. وأنفاسها سد مجرى الهواء فيها .. ليردف هو : خبرته بكل شيء .. مثل ما هو وامه حطوا شروط انتي بعد من حقج تحطين شروطج ..



قطبت جبينها .. تستغرب الحديث .. هي لا تعلم باي شرط وضع من قبل : شروط شو ؟ وليش ما خبرتوني عنها ..



ليأتيها صوت والدتها التي اتخذت مكانها بجانب بعلها : امه شارطه عليه ما تكونين وياها فالبيت .. وشارطين علينا انه اذا بيعرس عليج مالنا حق نعترض ..




لأول مرة تشعر بأن فقدان البصر مكروه .. وأن الاعمى مذلول .. أيحق لهم ذلك ؟ أن يدوسوا عليها بمثل هذه الشروط .. سقطت دموعها لا شعوريا .. وابتسمت بوجع .. لتفاجأ بوالدها يسحبها إليه يدسها بين جناحيه : فارس ما بيضيمج وانا ابوج .. وبنتي واثق فيها .. اللي يعرفها بيحبها ولا عمره بيخليها .




ابتعدت عن حضنه .. تمسح دموعها .. وتتتلقف رأسه تقبله : وعواش واثقه فابوها .. وفاختيار ابوها ..



يمسك بكفها : ياللا الريال من صبح يتريا ..




هناك كان يجلس وحيدا .. يتذكر حديث اكبر اعمامه حين طلب له عائشة . ويتذكر ابتسامة ذاك الرجل العجوز .. وتهلل وجهه بعد أن كان مسودا كظيم .. وهناك بين اضلعه يشعر بقفزات فرح .. وضحكات صغيرة .. ونبضات قلبه كَـ وقع اقدام صغار على مياه المطر .. راحة تتسلل إليه دون إرادة منه .. منذ أيام وهي تقتحم اسوار روحه .. فتنشر بهجة توصله إلى قمة النشوة .. سمع صوت والدها وهو يقترب من الباب : يا الله ..



ليقف مسرعا بالكلام : خلك عندك يا عمي .



أهتزت اوصالها لصوته .. وانقبض صدرها ..وتتشبث بذراع والدها بكلتا قبضتيها .. لتسمع والدها يحادثه من خلف دفة الباب المغلقة : خير يا ولدي .. قلت تبي تشوف البنت .. والبنت وياي ..



شعر بشيء من خشية في نبرة صوته .. فابتسم : ما قلت بشوفها يا عمي .. بسمعها وبتسمعني .. ما بخذ حق فوق حقها ..



لتنطق برجفة وبنبرة خافتة : من حقك تشوف اللي بترتبط فيها .



ليأتيها صوته : السموحة .. علي صوتج ما سمعتج ..



لتزيد من قبضتها وكأنها ترغب العون من والدها .. ليأتيها صوته وهو يربت على كفها بيمينه : تكلمي لا تستحين ..




زاد صمتها وزاد تعب ساقيه : تعبت من الوقفة وانا عمك .. ندخل وتشوفها .. تقولك هذا حق من حقوقك .. الشرع عطاك هالحق .



سحب انفاسه واخرج ضحكة قصيرة خافتة .. وتنهد مرة اخرى .. هو لا يرغب بان يشعرها بالنقص .. وافق على دخولهما وتحركت اقدامه ليوليهما ظهره .. حتى ما دخلا .. قطب والدها حاجبيه من تصرفه .. وفضل الصمت والمضي بها حتى النمارق .. ليجلسها ويجلس بجانبها ..



حين ولجت داعبت رائحة عطره أنفها .. شعرت بِـ دفئها .. هادئة تثير فالنفس الهدوء .. لعل بها شيء من مسك .. اكتستها حمرة خجل جميل .. فبحثت عن كف والدها من جديد لتعانقها وجدا .. وياتيها صوته : شحالج يا عايشة ؟



ابتسمت : بخير ..



واردفت بخفوت : ليش واقف .. وصوتك بعيد ؟



" ما شاء الله عليج " .. قالها لتغرق في حياء عظيم .. واردف : بسمعج مثل ما تسمعيني .. وما بشوفج الا يوم تكونين ع ذمتي .. وصوتي بعيد لاني معطيج ظهري .. واذا كان الحق اللي تطالبين فيه لي متعبنج .. فاقولج ان هالحق خذته من وصفهم لج ..



-
الوصف ما يسد عن الشوف.



-
هذا اللي عندي .. والوصف سدني وزود .. وانا لو طلبت بطلب الاخلاق قبل كل شيء ..




كان صامتا .. يسمع حديثهما القصير .. فاذا بها تنشج ببكاء خافت .. تشد على يد والدها اكثر .. حتى انحنى هامسا في أذنها : ليش تصيحين ؟




لم تكن الكلمات بذاك الخفوت حتى لا تصل الى اذنيه .. عقد حاجبيه حين ادرك بكاءها .. وظل على صمته يستمع لها تجيب والدها : مستنقصني ؟



-
شو هالرمسه ..



لينطق بحزم : مب فارس اللي يستنقص الناس .. واذا الشوفه اللي بتخليج تقولين كلام من راسج .. الحين بلتفت وبشوفج .



" لا " .. ردت عليه بسرعة .. واردفت : السموحه بس تعبانه شوي ..



ليبتسم على مضض : اسمحلي عمي لازم اروح .



ليشد خطاه خارجا .. ويتبعه والدها ليجده قد وقف عند الباب الخارجي ينتظره .. حتى ما دنى منه قال : يا عمي البنت صغيرة واايد .. هذا اللي سمعته .. ما اعرف اذا هي حمل زوج وبيت وعيال ان الله راد هالشيء .. وانت تريد العرس يتم بسرعه .. ونملك فالبيت .. يا عمي انت فيك شيء .. حاس بشي .. مريض لا سمح الله .




مسح بيمينه وجهه .. وسحب انفاسه وزفرهن : العمر ما ينظمن .. وخوفي ان الله ياخذ امانته ولا امنت لها حياتها .. وعايشه مربينها وعارف انها قد الحمل يا ولدي .. ما عليك من اللي صار من شوي .. هي متخوفه وتعق الرمسة بدون ما تثمنها ... اذا ربك رادكم لبعض محد راد هالشيء .




-
والنعم بالله .



,,


لا شيء سوى الحنين .. لا شيء سوى فراغ مميت .. ينهش افكاره .. عُلقت مهامه في ذاك المستشفى منذ ساعات .. أحيل إلى التحقيق وكأنهم ينتظرون هفوة منه .. اتهام بالاخفاق في ممارسة مهنته .. والسبب جرعة زائدة من الدواء لمريض في قلبه .. أقسم بان لا دخل له فيما حدث .. وليس بذاك الغباء ليزيد جرعة دواء وهو يعلم مضارها على مريضه .. هو المشرف عليه منذُ دخوله إلى المستشفى في أزمة قلبية تعرض لها ..



تنهد وقد أنتهى من جمع حاجاته .. سيغادر المكان .. لم يعد له مكان هُنا .. دراسته عُلقت .. ومُنع من مزاولة عمله في ذاك المشفى .. ربض على سريره .. وحادثة وليدة أيام عادت تقرع ابواب ذاكرته .. كان قد أنهى مناوبته وحث الخطى خارجا .. ليسمع صوتها مناديا له من بعيد .. يلتفت واذا بها تهرول حتى وصلت إليه لاهثة ..



-
هل تستطيع مرافقتي إلى منزلي .. هناك بعض الشباب انتقلوا لشارعنا وكلما مررت ضايقوني بحديثهم .


-
لا بأس .. هيا بنا .



زمت شفتيها بنصر .. ومشت بجواره .. تثرثر عليه ببعض الاحاديث : ألا تشتاق لبلدك ؟



ابتسم دون أن يلتفت لها : بالطبع اشتاق ..



جُمل مختصرة كان يبعثرها على اسماعها .. حتى ما وصلا المبنى المقيمة فيه .. تلفت في المكان : أين هم الشباب ؟



بمكر أنثوي أدعت الدوار .. لتقع عليه وبلكنة مُتعبة : لا اشعر بخير ..




كطبيب اسرع يجس نبضها .. يمسك رسغها .. يقطب جبينه بخوف : استندي علي ..سأوصلكِ إلى شقتك .. يبدو أنكِ أرهقتي نفسكِ بالعمل هذا اليوم .




تقع عليه بثقلها .. يسندها ويصعد الدرجات معها .. حتى ما وصلا للباب .. طلبها المفتاح .. وبتعب مصطنع : في حقيبتي .




يشد بذراعه على وسطها .. ويحاول فتح الحقيبة بيده الاخرى وقد أمسكها عند خاصرتها .. حتى ما أخرجه وفتح الباب وولجا .. اذا بها تفيق من اعياءها فجأة مما جعله يتسمر في مكانه .. تغلق الباب بظهرها .. وتنظر إليه .. تتبسم : أحبك .




قالتها دون حياء .. وأردفت : لن تخرج من هنا هذه الليلة ..



تراوده عن نفسه .. وهو فقط ينظر إليها في صمت .. تثرثر بالحب والعشق والهيام .. توهمه بالخجل .. وتكمل الحديث وهي تمد يدها : اعطني المفتاح .. سأغلق الباب وسنأوي الى الفراش معا .. أني احبك .




ابتسم بهدوء وهو يربع ذراعيه على صدره .. متنهدا : ما الذي تفعلينه هانا ؟ أتسمين ما انتِ فيه حب ..




بغضب وهي تشد ربطة شعرها المطاطية .. لتتناثر خصلها الصهباء على كتفيها : اذا ماذا تسميه .. الجميع لاحظ اني احبك .. لاحظ نظراتي لك .. وانت .. لما لم تلاحظ ؟..



وبعد صمت ثوان : لان لديك حبيبة .. لا تريد ان ترى سواها ؟ .. حسنا لن تعلم هي بالامر .. نبقى انا وانت حبيبان هنا .



-
ماذا بكِ ؟ .. هل فقدتِ عقلكِ .. أخبرتك من قبل لن احب احدا غير حبيبتي .. ولن المس أمرأة غيرها ..


-
لن يعلم أحد .


زفر أنفاسه موقعا ذراعيه بجانبه : لا استطيع .



" وما الذي يمنعك ؟ " صرخت بتلك الجملة .. ليبتسم وبنبرة جازمة : ديني يمنعني .



لم تشعر إلا بيده تلتقف رسغها ويسحبها عن الباب .. ليخرج تاركا خلفه إمرأة اصابها الاعجاب بالجنون ..




أسقط ظهره على فراشه .. ناظرا للاعلى .. يُغمض عينيه بهدوء .. هي من فعل ذاك انتقاما لا محالة .. ولكن لا دليل عنده ليقدمه .. تشوهت سمعته بين الاطباء .. وقد يصل الامر لرفع قضية عليه من قبل اهل المريض .. نام على يساره وقد اردف ساقه اليمنى على الاخرى .. وتنهد من جديد .. الهروب ليس حلا في هذه الحالة ..




نهض على صوت جرس الباب .. ليخرج وقد عانقت أنامله شعره .. يسحبه للخلف .. حتى ما فتح الباب لاحت له بوجهها الماكر .. سد مدخل الباب بذراعه .. ممسكا اياه بيساره : ما الذي جاء بكِ ؟


تنهدت وهي تشد على شفتيها .. تشتت انظارها لتستقر على وجهه أخيرا : لو اطعتني .. لما حدث ما حدث ..


-
لو اطعتكِ ربي سيعاقبني .. ما فعلته لا ينم عن حب .. الحب تضحية لا مكر ودهاء .. واخذ القلوب بالقوة .. لن ابقى هُنا .. ساعود ..



" ماذا ؟" .. نطقتها بخوف .. ثم اردفت وهي تحاول ان تقترب منه فيصدها بابعاد جسده قليلا : ستسافر ؟ لكن لماذا ؟ نستطيع حل الموضوع بسهوله .. ساخبرهم اني من اعطيته الدواء تلك الليلة .. ولم انتبه للكمية المحددة .. سيتغاضون عن الامر بسرعة لانهم يعرفون والدي .. لن يتخذوا معي اي اجراء قاسي .. لكن انت لا تذهب ..




لتطوق عنقه بذراعيها : احبك يا حارب ..



امسك رسغيها وانزل ذراعيها .. وبحقد : أتأمرك أمانتك ان تؤذي الناس في سبيل تحقيق ما تريدين ؟ .. ماذا لو حدثت مضاعفات له .. ماذا لو مات ؟ .. بتُ أمقتكِ بقدر ما كنتُ مُعجب بتفانيكِ في عملك ودراستكِ .. تظنين بوالدكِ تستطيعين فعل ما تريدين دون ان تحاسبي ؟ .. ساخبرك أمرا .. لا اريد منكِ شيئا .. وأن كان لي حق فسياخذه لي ربي .




أغلق الباب في وجهها بقوة .. وعاد يلملم أوراقه .. مشاعره المسكوبة .. وحقه المهدور في بلد الغربة .. نظر إلى شاشة هاتفه يتبين الوقت .. لم يبقى الا ساعة عن الاقلاع .. سيترك كُل شيء وسيعود .. وأن عاد حقه إليه سيعود لاتمام دراسته .. كانوا سيمنعوه من المغادرة .. وادرك الآن لماذا لم يفعلوا .. هي ووالدها خلف انهاء القضية بتعليق دراسته ووقفه عن العمل حتى اشعار آخر ..




أخيرا يشعر بأن المكان له .. والوقت له .. حتى أنفاسه اضحت تتسارع شوقا .. هل سيتفاجأون بعودته ؟ .. زواج صاحبه بعد ايام فقط .. أسند برأسه على مقعد الدرجة الاولى .. وتخالجه ابتسامة .. تتطفل فتضحك روحه معها .. يذكر رسالته لها .. حديثه عن الكثير .. عن ايامه ولياليه .. وعن عشقه وقلبه العليل .. نام دون أن يشعر .. وكم تمنى ان تزوره وتؤنس وحدته .. حتى وان كان في حلم دقائق ..




هل الوقت مُسرع الخطى ؟ .. أم ان الحنين يشده بقوة إلى وطنه .. لم يشعر إلا وطائرته تحط على ارض مطار دبي .. ويجد نفسه بعد مضي الدقائق يقف عند بوابة المطار .. بيده حقيبته وعلى كتفه أخرى .. وهواء ليل حار يعبث بخصلات شعره الاسود .. تحرك ليستوقف سيارة أجرة .. ومنها سيتوجه إلى ابوظبي .. وبعدها إلى منزله ..




ينظر إلى الطرقات .. والمباني واضواء الطريق .. وكأن به المرة الاولى التي يراها .. حتى ذاك السائق تعجب من فعله : واجد في تغير .. دبي في واجد بنيان جديد .




ابتسم على حديث ذاك الهندي .. وفضل أن يجاريه في الحديث : هيه .. وايد تغيرت عن قبل .



-
انت كم سنه برا ؟




كأنه عمر كامل تلك الاشهر التي قضيتها هناك .. شهر يتلوه آخر .. وكأن بها دهور متلاحقة .. حتى إني أرى بيّ عجوز أهلكه التمني .. حتى دُفنت أمنيته وهو ينتظر ميلادها .. كيف لي أن اخبرك بعدد الغياب .. وحتى روحي المبلولة من دمع الحزن لا تذكر إن جفت يوما ام لا .. وقلبي الممطور بزخات حبي لا يذكر أنه افاق وارتشف حلو المصاب لا مُره .





أنبلج الصبح وأزدحم الطريق بالسيارات .. يوم عمل .. ووجوه ناعسة متضجرة عند اشارة مرور .. وايدي تدعك العيون تجبر النعاس ان يطير .. وافواه تتثاءب .. وهو فقط يرقبهم من خلف الزجاج الملطخ بقليل من الاتربة .. لما الxxxxب لم تعد تمضي كما قبل ساعات ؟ هل تعبت الجري فقررت المكوث قليلا ؟ ..




لا يعلم لماذا الاجفان تستسلم للغفوات المتقطعة .. لينهض على صوت السائق يسأله أين طريق منزله .. ليدله ويدعك وجهه بكفيه .. يرغب بذاك الخمول الذي تملكه أن يعتقه .. حتى ما استقرت العجلات امام باب منزله ترجل .. وانحنى يعطي السائق أجرته بعد أن أنزل حقيبته من الخلف .. ليرقب أنطلاق سيارة الاجرة مبتعدة .


سحب انفاسه بنهم جم .. ورن الجرس .. ليضحك بخفوت على صوت عبد الغفور المنادي بالمجيء .. تخيله يقبض ثوبه الواسع بيده ويجري وقد اتضح بنطاله الابيض من اسفله .. ليفتح البوابة مع خيوط الصباح الاولى .. ويراه واقفا أمامه .. وبحب : الحمد لله ع السلامة يا دكتور ..



واغدقه بالترحاب وهو يحمل الحقيبة الكبيرة ويحث المسير أمامه .. وذاك لا يجد فرصة لينطق بكلمة .. ليتوقف في ساحة منزله .. وذاك لا يزال يثرثر .. حتى ما التفت ورأى ذاك يقف يتجول ببصره في المكان .. ترك الحقيبة وعاد إليه : كُل حاجه عال العال .. بس شجرة المانجا اللي ورى البيت اتكسرت .. من شهر كدا .. جتنا ريح قويه وكسرتها ..




" شخبارك عبد الغفور ؟ " قالها بهدوء .. وكأن الشخص الماثل ها هُنا ليس بحارب القديم .. ليحمد ذاك ربه شاكرا .. ويردف هو سائلا حين لاحظ اختفاء سيارته الجيب البيضاء من المكان : وين سيارتي يا عبد الغفور ..




ضرب جبهته بكفه : يوووه نسيت اقولك .. الاستاز فارس اخدها من يومين .. بيقول سيارته متعطله .. هو كان كُل اسبوع يجي ياخُدها يحركها ويرجعها .. بيقول لو بقيت مكانها حتخرب .




عصافير الصباح في قمم اشجار منزله أجبرته يرفع نظره .. يسحب ذرات الاكسجين الى رئتيه : أنزين انا بدخل ارتاح .. وما اريد حد يدري اني رديت .

,,



قبل ساعات وعلى بعد كيلومترات من المكان .. عاد من عمله .. يذكر وجه أخيه المتعب جراء البحث في تلك القضايا لمدة يومان متواليان .. يتذكر انزعاجه منذ ساعه وهو ينطق بتعب : ما لقيت شيء .. لا اسم ولا اي شيء ..


ليضرب بجبهته على طاولة مكتبه .. وجابر ينظر إليه مندهشا ومستغربا : بس لو تقولي عن شو ادور ..



ليقاطعهما دخول شرطي .. يضرب لهما التحية وينطق : وصلنا لريال اللي اخذ التوكيل من عيد وباع المحل .



دعك عينيه بتعب : زين .. اريدكم اطرشون وراه يكون حاضر هني عقب باكر ..



أنصرف وجابر لازال ينظر الى وجه شبيب المرهق : الحين عرسك باقي له كم يوم .. وانت ملاحقلي عيد ولالاته ( اعوانه )



ليضحك : والله هذا شغلنا .. عرسان مب عرسان ما بنخليه وبنروح نشوف اعمارنا ..



ليصمت فجأة .. ويعود ينادي الشرطي .. حتى ما امتثل أمامه : اسمع روح للملازم خليفه وخبره يدورلي عن اي قضية مرتبطة باسم عيسى سالم محمد الـ...... .. اريد اي اسم انطرح في اقسام الشرطة وله صلة بهالاسم .. كل اقسام الشرطة القريبة ..




" ادور ورى ابو حرمتك ؟ " ليضرب شبيب بكفيه على الطاولة واقفا .. ويردف جابر : شبيب تراك مصختها .. من متى تغبي عليّ .. ومخليني فالسالفة مثل الاطرش فالزفة ..




زفر الهواء بعنف .. والتقط قبعته العسكرية : جابر السالفة بيني و ....



صمت لبرهة واردف وهو يولي جابر ظهره : وبيني ..



ليقف الاخر يلحق به .. يبعثر الكلمات من خلفه : انت شفت شكلك كيف صاير .. من يومين وانت مغرق نفسك فهالقضايا .. وبعد رحت يبت قضايا اقدم من اللي عطيتك اياها .. شو اللي مستوي ؟ .. متناسي ان عرسك يباله تيهيز وانت بكبرك لازم تتيهز ..



بسخرية قال وقد وصل لسيارته ودس يده في جيب بنطاله يخرج مفتاحها : ليش يبالي فستان وحنا وصالون ..



وضحك مقهقا .. ليثور جابر ضاربا بكفه على مقدمة السيارة .. مستوقفا ذاك عن الصعود إليها .. ينظر إلى عيني شبيب المتعبتان .. وشبيب يبادله النظرات .. ثانية .. اثنتان .. ثلاث .. وانفجر جابر ضاحكا .. واتبعه شبيب بمثل فعله .. ومن بين ضحكاته : شعليك لاقيلك حد يهتم بكل شيء .. اراكضلك فبيتك إلين خلصته ..





أغمض عينيه يشد الاكسجين إلى صدره .. وتبتعد تلك الذكرى ..الساعة قبل الفجر بقليل .. اوقف سيارته في موقفها وترجل .. تنهد ليستقبل نظره القسم الذي يحوي شقيقه .. ذاك البطي يتحاشاه بشدة .. منذُ ما حدث وهو لم يره الا على عجالة .. يهرب منه .. ابتسم ومشى نحو المكان .. حتى ما مر قريبا من دورة المياه ( اكرمكم الله ) سمع لِـ بطي سُعال اصابه بقشعريرة .. اسرع الخطى إلى الباب ليطرقه بعنف .. مناديا اسمه : افتح الباب ..




ذاك ومن بعد السعال المرير نضح بالماء على وجهه .. ينظر إلى شحوب ألمّ بملامحه .. يحاول فتح عينيه .. يشعر ان بهما ثقل غريب .. ما ان سمع الطرقات وصوت الخوف من خلف الباب .. حتى تحرك بملابسه الداخلية .. ادار المفتاح وسحب الباب : هلا جابر ..مستوي شيء ؟



ينظر إلى وجه شقيقه المنهك : مريض ؟ .. سمعتك تكح .. والكحه قوية ..



ترك الباب وعاد ادراجه إلى غرفته .. لم يستطع الوقوف أكثر ..ليرمي بجسده على السرير .. يردف ذراعه على وجهه .. والاخر لحق به حتى ما وقف بجانبه انحنى يبعد ذراعه ويحتضن جبينه بكفه : محموم ؟




ابعدها واستلقى على جانبه موليا جابر ظهره : بصير بخير .. حمى خفيفة .. والكحه لاني شفت حلم وقمت مثل المخنوق .. لا تحاتي ..



عانق وسطه بكفيه متنهدا : ليش تشرد مني ؟



تمتم : انت اللي شردت مب انا ..



انحنى مديرا اياه ناحيته بشيء من عنف : انا يوم شردت شردت من نفسي مب منك .. يوم اني حسيت اني اخو فاشل وظنيت باخوي مثل اي واحد غريب ..



تشدق مبتسما : انزين .. روح صل الفير وادعيلي بالهداية ..



بغيض : انت سمعتني شو قلت ؟



ضحك وهو يعود ليستلقي على جانبه : سمعتك سمعتك .. بس اداري برستيجك عن يطيح ..




لتأتيه لكمة من جابر على كتفه : الشرهه علي .. اسمع لا تسكر الباب بخطف عليك الصبح اذا الحمى ما خازت بشلك العيادة ..



بصوت مكتوم : بصير بخير .. روح غير دريساتك ( لباسه العسكري ) وتيهز لصلاة .. ولا تنسى تقومني اصلي .




ظل ينظر إليه لدقيقة .. ضعيف هو .. ولم يعهده بهذا الضعف .. ابتسم وانحنى يسحب الغطاء عليه .. ليبتسم بهدوء وصوت حذاء جابر يصل إلى مسامعه .. ومن ثم اغلاق الباب .. جر ذاك خطاه الى المنزل .. ليقطب حاجبيه حين لاح له نور الغرفة من اسفل الباب الخشبي .. فتح الباب واذا بها جالسة على الكنب الطويل تشاهد احد الافلام المصرية القديمة ..



رفعت نظرها وبابتسامة متعبة : الحمد لله ع السلامة .



تقدم وقبع بجانبها .. ينظر إلى تعابير وجهها : شو موعينج ؟ تعبانه فيج شيء ؟ ليكون بتولدين فالسابع ..



ضحكت على خوفه : فال الله ولا فالك .. ما اريده يطيح ناقص .. بس ما قدرت ارقد .. رقدت شوي عقب ما طلعت لشغلك .. وصرت اهوجس ..



يبعد خصلات تمردت على جانب وجهها ماسحا بكفه على رأسها : شكله خلود متعبنج .. ياللا هانت شهرين وبتخطف وبيشرفنا ولي العهد .



يدها تقع على يده الرابضة على بطنها المنتفخة : قوم تسبح .. ملابسك ياهزة .. ما باقي شيء ويأذن الفير ..



وقف لتستوقفه عن المسير : جبور .




" عيونه " .. قالها لتبتسم بخجل : تسلملي عيونك .. ع الساعه تسع ان شاء الله بروح وييا خواتك السوق .. يمكن نتاخر كل النهار .. تدري ما عندنا وقت نيهز لعرس اخوك .. صربعونا ..



عاد بخطواته لينحني يقبل جبينها : اوكي .. انا بصلي الفير وبرقد .. بحطلج فلوس ع التسريحة ..



ابتعد واذا به يلتفت : منو بيشلكم ؟




-
مها .


,,



الاخر دخل منزله وبالكاد يستطيع الوقوف .. يشعر بان رأسه ثقيل .. وأن ساقيه لا تقويان على حمله .. منذُ ايام وهو منكب على ذاك البحث الذي اسفر بلا أي فائدة .. هو يذكر كلام ذاك العجوز جيدا .. اذا فهناك قضية حدثت ولم تدون .. ستر عليهم .. هذا ما توصل له اخيرا .. ولكن ما الذي حدث ليصل الامر لوالده ؟



يسحب قدميه نحو قسمه ليفتح الباب وتلفح انفاسه رائحة الاصباغ ورائحة الاثاث الجديد .. ضحك على ذاكرته في هذه الساعة المتأخرة .. ليغلق الباب ويتوجه لغرفة هاشل .. هُناك وضعت ملابسه وحاجياته .. والبعض منها استقر عند جدته ووالدته .. فتح الباب بهدوء .. ومشى بخفة حتى لا يوقظ النائم المتدثر بغطاءه .. الضوء خافت يثير الاحمرار في الغرفة .. انتزع له ملابسه .. وخرج كما دخل .. سيستحم في دورة المياه لمجلس الرجال .. وسيستلقي هناك بعد أن يؤدي صلاة الفجر .. اليوم لا يقوى على الذهاب الى المسجد ..




يوم ثلاثاء .. يفصله يوم عن زواجه وقدوم تلك المتسربلة بالغموض بين تهمة وبراءة .. ووالدته لا تزال في نفسها خيفة وجزع .. ورفض يقابله هو بحنان وابتسام .. ويحاول اقناعها بانه لن ياخذ عائلتها بل هي .. ولا تهمه تلك الاحاديث التي وصلت لوالدته عنها .. سألت فجاءها الجواب بان تلك لا تحسب حساب لاحد .. وانها سبب انفصال عائلتها منذ سنوات خلت ..




ثارت بالامس والدته على تلك الاحاديث التي جمعتها من بعد السؤال .. ليقع على رأسها مقبلا .. يمتص غضبها بكلماته ويرجو من جدته ان تقف معه كما عادتها .. فرضيت على مضض بعد زجر وتوبيخ من جدته .. هو لا يرغب سوى بان يتركوه يكمل ما بدأه .. لعل الله يحدث أمر مغايرا ..




استيقظ على صداع اطاح بجانب رأسه .. ليغتسل ويخرج بعد ان ارتدى ثوبه .. يسمع ضجة في المنزل .. اصوات متداخلة .. وصوت كنة : وين نشلها ويانا .. احنا بنلتهي من مكان لمكان ..



ويأتيه صوت صغيرته .. يبدو انها غاضبة : اريد اروح .. والله ما اسوي شيء .. ببقى وييا شامة .. دخيلج خالوووه .




ضحك على نبرتها المترجية .. ليطل برأسه عليهن في غرفة كنة .. تلوح له وهي ترتدي عباءتها .. وشامة تقف وقد ارتدت عباءتها هي الاخرى .. وكلثم متشبثة بكفها : صباح الخير ..



ليلتفتن : صباح النور ..



وتردف كنة : هلا بالمعرس اللي ما صرنا نشوفه .. اذا بعدك ما دخلت القفص وغايب عيل اذا دخلته بتختفي ..



ابتسم بتعب ونظر لتلك التي تجره من يده : شبشب قول لها تاخذني وياهم .. بشتري فستان مثلهن .



شد رأسها لجانبه .. يداعب جانب وجهها بانامله .. ينظر إلى شقيقتيه تباعا : بتروحن السوق ؟



لتنطق شامة : خبرنا خالي .. انت ما ترد ع فونك .. ولا قمنا نشوفك .. واذا شفناك لقيناك طايح ناقر ونقير وييا امي .



بحنانها المعهود اقتربت بوجل منه .. ترفع كفها تمسح به جانب رأسه : تعبان ؟



" مصدع " .. واردف : خذوها وياكم .. لا تكسرون بخاطرها .. شبشبها مب دوم بيعرس ..




لتضحكا ويضحك معهما .. وتنظر تلك رافعة وجهها لهم : بروح ؟



ليجلس القرفصاء أمامها .. يعانق كتفيها بكفيه : هيه .. بس تبقين ويياهن .. ما تروحين عنهن ..



" اوكي " .. قالتها وقبلته بسرعة .. وخرجت تسبقهن للصالة .. ليأتيه صوت كنة : اسويلك شيء ..



نهض : لا فديتج .. بتقهوي وبشرب شاهي وبصير احسن .. عندكن فلوس ..



وقبل أن تُجيبا صرخ مناديا كلثم .. لتأتي مسرعة : حبيبتي روحي الميلس بتحصلين بوكي هناك وييبيه .



" عندنا فلوس .. خالي عطانا وبعد امي ..ويدوتي بعد ما قصرت " .. نطقت شامة بتلك الجملة .. ليجيبها : يزيدن ولا ينقصن .. خذن كل اللي تحتاينه .. ما عندكن الا اليوم وباكر ..



واردف : من وياه بتروحن ؟



يأتيه الجواب من كنة .. واذا بتلك الصغيرة تقتحم المكان وبيدها محفظته .. ينظر إليها وهي تمد يدها وأنفاسها تتشاجر لتخرج.. خصلات شعرها الاجعد متطايرة .. طفلته أثارت فيه رغبة بالضحك .. يفتح المحفظة .. يقاوم ما يعتلج في داخله .. واذا بها تصرخ به وقد عانقت وسطها بكفيها .. تنظر إليه عاقدة الحاجبين : أنا بعد أبا فلوس .. كلكم تعطون شمووه وخالوه كنه ..



-
اصغر عيالج تقوليلي شموه .. خلاص ما شي سيره .. روحي عند هاشل والا عند يدوه تسحي (تمشط ) شعرج هذا .. تقول شعر ياعدة ..


تلتفت لِـ شامة ضاربة بقدمها الارض : ما يخصج .. شبشب قال تاخذوني وياكم يعني تاخذوني .. والا بقوله ما يخليكم تروحون .. ولا تشترون فستان ..



تلك كانت تضع النقود في حقيبتها بعد ان اخذتها من شبيب .. وتتبين ما فيها لعلها نست شيء ما .. لتغلقها وترمي بها على السرير : هيييه شو صارلكن ؟ اعوذ بالله .. صدق الفلوس تغير النفوس ..




بلغ السيل الزُبى كما يُقال .. ليصل الكتمان في نفسه إلى حدود الانفجار .. لتعلو ضحكته من بين حديثهن .. شكل الصغيرة .. وغضب شامة .. وقول كنة .. لينظرن إليه .. تلك الضحكة كانت مريضة في هذا المنزل .. واليوم عادت .. أحمر وجهه ودمعت عيناه .. ليمسح جانب عينيه بابهامه ووسطاه : استغفر الله العظيم ..



ويعاود قذف الضحكات القصيرة .. ويأتيه صوتها الغاضب : خلصت .. ياللا عطني فلوس ..



تمد يدها الصغيرة ناحيته .. كامشة ملامح وجهها الصغير .. وهو يكتم ثغره بكفه .. لا يعلم لما ذاك الوجه يضحكه .. لينزل كفه اخيرا يخرج لها ما ترغب .. ليأتيه صوت كنه وهي مارة بجانبه : لا تدلعها وايد .. بتركب ع راسك بعدين ..




صرخت : انتوا تقولون دامه بعده ما عرس ناخذ منه اللي نباه ..



لتكتم شامه ثغر كلثم بكفها تنظر إلى شبيب وقد شدت على شفتيها : ياهل .. ما عليك منها ..




تصرخ .. وتهز كفها في الهواء .. وتضرب كلثم على كتفها بعد ان غرزت اسنانها في باطن كفها .. تنظر إلى شبيب الواقف وقد ارتفع احد حاجبيه استنكارا .. يربع ذراعيه على صدره .. ينظر لِـ شامة المحرجة .. وتنطق وهي تبتعد مختبئة خلفه : والله هن يقولن .. ويقولون ان حرمتك بعدين بتاخذك منا .. ويقولن ..




" بس " .. صرخت بها شامة .. لتسحبها من يدها من خلفه : حشا بالعه رادوا .. روحي حجرتي عشان ايهزج .. اذا بتروحين ويانا ..



تدفعها امامها .. واذا بها تقف حين عانقت كف شبيب ذراعها .. تلتفت إليه : سوالف والله .. بس هالملعونة صايرة مثل هاشل نقالة كلام ..




يبث في نفسها الخوف بملامحه الجادة .. وحديثه المشرئب بالسخط : تظنن بالتهي بحرمتي وبخليكن ؟ بصير سكانها اللي تباه اسويه ؟ .. ظنكن باخوكن ضعيف تسيره حرمه ؟



دمعت عينيها .. وتهدج صوتها : مب قصدنا .. والله كانت سوالف وغشمره .. كنت اتغشمر وييا كنه ونضحك .. بس السوسة كلثوم ما...



انقطع صوتها حين شدها الى صدره ضاحكا : اتغشمر وياج ..



لينفجر مقهقها وتدفعه هي بكفيها .. صارخة به : خايس ..




وتتركه مهرولة .. ويعاود الكركرة .. يطوح برأسه متبسما .. وتقع يمينه خلف رقبته .. يشد عليها محركا رأسه .. ذاك الصداع لا يعتقه .. مشى مبتعدا عن المكان .. تحويه الصالة بعد دقيقة .. يسمع صوت كنة على الهاتف لعلها تحادث مها .. ليلمح الجسد الضئيل بملابس رياضية زرقاء .. وكرة تحت ذراعه يعبر الممر .. يصرخ به : هاشل ..




يعود ادراجه بخطوات للوراء يقف على عتبة الصالة .. يسمع سؤال شبيب : وين رايح هالحزة ؟



" العب " .. قالها وولاه ظهره ليخرج .. ويعود يقف على صوت شقيقه : تعال .



زفر أنفاسه مطلقا للكرة العنان لتقع وتتدحرج حتى الزاوية .. يمشي بلا مبالاة حتى وقف قريبا منه .. تفصل بينهم الصينية المحتوية على أواني القهوة والشاي والتمر .. يرمقه : انت ما تشبع من لعب الكورة .. صبح ومسى .. اركد فالبيت ..



تنهد : السوني خربانه وقلت لخالي يصلحها قال بعدين .. وانا ما بيلس فالبيت العب العاب بنات وييا شامة وكلثوم .. وانت ما تنشاف صاير حمارة القايلة الظهر وام الدويس فالليل ..




تغير وجهه ينبأ عن ضحكة جديدة .. ليكتمها : بعد حتى انت طلعلك اللسان .. كلها كم يوم انشغلت فيهن وطلعلكم لسان اطول منكم ... مب ناقص الا تحاسبوني وتضربوني بعد ..



ليقول بثقة : والله اذا تستاهل الضرب بتنضرب .. يدوتي ما بتقصر فيك ..



" بعد " .. مدها شبيب وهو يقطب حاجبيه .. ويتابع ذاك : وبعدين ليش تخافون علي .. تراني اخو شبيب ..



وبفخر قال : والنعم ..



مردفا : بس كثر اللعب برع البيت مب زين .. تخلي امك وخواتك بروحهن .. تشوفنا انا وخالك اشغالنا ما تخلص .. وانت فغيابنا ريال البيت ..



بتفكير صمت .. ونطق بعد برهة : اممممم انزين .. انت وخالي هني الحين .. يعني اروح العب كورة ..




وجرى يختطف كرته .. ليختفي عن انظار شبيب الذي طوح برأسه زافرا انفاسه ومتحوقل .. تأتيه ثرثرة خافتة بين والدته وجدته .. حتى ما ظهرتا عند الباب .. لكزت العجوز ابنتها لتصمتها عن الحديث .. تستند بكف ابنتها اليمين .. وبيمينها عصاها الغليظة .. تبسم واقفا .. يقع على رأسيهما مقابلا ويأخذ بيد جدته .. يمشي معها ويهمس :للحين مب راضية ..



اجلس جدته لتزفر أنفاسها .. وتجلس على مقربة منها شمسة .. تلحظ وجه شبيب المتعب ليأتيه صوتها قبل أن يتخذ مقعده بجوار والدتها : مريض ؟



قام قبل أن يقعد ليدنو منها وينحني يقبل رأسها من جديد : والله ما يهون علي تزعلين مني .. ولا يهون علي اشوفج راضية غصب عنج ..




" الوالد شاقي " .. قالتها ليلتقف يدها يقبلها وقد جثى امامها على ركبتيه .. تتابع : ودي لك بالبنت الزينة .. اللي تهنيك .. اللي اذا انذكر اسمها قالوا والنعم ..




يتهدج صوتها .. وهناك على بعد خطوات وقفتا متوشحتان بالسواد .. ينظرن لما يحدث ويسمعن الحديث .. لتهمس شامة : والله ريا ما في منها .. طيبة وحنونه .. بس امي مادري شو بلاها .



تلكزها بمرفقها لتصمت .. ويسمعن تحوقل جدتهم .. وصوته هو ولا تزال اكفه تحتضن يمينها : ياميه كلام الناس واايد .. وترا ما في اخير من اللي يختاره ربج ..



تهدج صوتها : بس اريد افرح فيك .. اشوفك متهني .. وانت من يوم ما خطبت وانت شايل هموم الدنيا ع راسك .. انت اول فرحتي .. ما تباني احاتيك .. ما تباني اتمنالك الزين ..



انسحبن من المكان مع كلثم الصغيرة التي اقتحمت الجلسة فجأة .. ليتركن الحديث لهما .. ربما لا بد من وضع النقاط على حروفها .. يتنهد .. يعود يحني رأسها يقبله : لو بأيدي يالغالية ما كسرتلج كلمة .. خلاص ما باقي شيء .. فرحيلي ياميه .. وادعيلي .. والله اني محتاي رضاج ودعاج ..




قاطعهما صوت رنين الجرس .. ليقف وينتظر لبرهة لربما تخبره بموافقتها من قلبها .. لكنها صمتت .. فقط الصمت وحركة كفها تحمل طرف " شيلتها " لتمسح دمعة سقطت .. ابتعد بخطواته ليرى الضيف القادم .. ما إن خرج حتى تكلمت تلك العجوز : لا تزيدينها عليه يا شميس .. الولد تعبان وانتي زودتيها .. اذا ع كلام الناس ما بيخلص .. بنموت والناس ما بيشبعون من كلامهم .. واذا ع البنت سمعتي كلام شامة عنها .. تعرفها زين ..



بغضب مكتوم : من وين تعرفها .. كلها كم شهر .. وياما ناس قدامك غير ومن وراك غير .. لا تقولولي تعرفها ومادري شو .. هذاك شغلها وقامت فيه .. وشامة ما عاشرتها وعرفت طبايعها ..



لتتحرك قليلا .. تمسك بكف والدتها راجية : ياميه شبيب معزته فقلبي غير .. اريدله الاحسن .. اريد اشوفه متهني واشوف عياله احسن العيال .. قوليله يخليها ..



لتنفض تلك يدها : شميس .. شو هالرمسة اللي طالعتبها اليوم .. خلاص الريال قال كلمته والا تبينه يصغر قدام الناس وفعيون اهل البنت .. قولي ان شاء الله .. وربج ما بيخيب دعاج .. خلي هالولد يرتاح ..



لتصرخ وهي تصد عن والدتها بجسدها : يعني انا اللي متعبتنه ..



" هيه انتي " .. واردفت : محد غيرج مقوم الدنيا .. البنت فيها وفيها .. كلنا موافقين وداعيله بالخير .. وانتي ما وراج الا تسمعين لفلانه وعلانه .. حره فصدورهن .. لانج بتناسبين ناس لهم سمعتهم ومعروفين .. وبعدين ما ينفع يرد فكلامه الحين .. خليه .. وربي ييسر اموره ..





,,

في الخارج .. يقف بجانب الباب وذاك الهندي النحيل يضع الصندوق الثالث على الارض بجوار البوابة من الداخل .. ليخرج من جديد يحضر صندوقا رابعا .. حين خرج شبيب وحث الخطى إليه .. يصافحه .. وبتعالي : اسمحلي لقيت الباب مفتوح وقلت للهندي ينزل الكراتين .. هذيلا خمس كراتين كل كرتون فيه ميتين بطاقة ..


ينظر ذاك الى الصناديق الموضوعة .. ويرفع نظره لفهد : ما تقصرون ..



-
شنسوي هذي أوامر ابويه العود .. من قدك قايميلك بكل شيء .


ناطقا وقد كللته ابتسامة : دقيتوا الصدر وحلفتوا وما قدرنا نقول لا ..



بمكر وهو ينزع عن عينيه تلك النظارة السوداء .. ويطويها في يده : والله انك طحت طيحة .. ومثل ما يقولون .. محد سمى عليك ..



ابتسامة جانبية منه : حياك ما بتدخل .. اول مرة تزورنا ..



بعثر بصره على المكان .. البيت " الشعبي " القديم .. الذي يبدو على جدرانه آثار السنين حتى وإن كان طلاءه جديد .. يردف نظارته على وجهه : لا ما في .. ورايي شغل .. لازم اوصل البطايق لمعارفنا ..



بلؤم : والله انك كاسر خاطري ..



تنفرج شفتيه عن صف اسنانه .. يشعر بان ذاك الفهد كأسد جريح .. لا يخفى عليه ما يدور في خلده .. وكيف لا وهو من قابل الكثيرين في حياته المهنية .. يستشف من خلف نبراتهم الكثير .. نطق : كلام الناس ما يخلص يا فهد .. والزين يبقى زين ..



تشدق : الباز لو نفسه نجيبه .. يشين لارابع الغربان .




طرح ذاك المثل قاصدا به ابنة عمه .. ليأتيه من شبيب مثلا آخر : يا فهد .. أتيك التهايم وانت نايم .. والبنت لو غلطت انتوا سندها .. وياها ع الغريب .. مب تمشون وييا الغريب عليها .. ولو انك مثل ما اشوف كنت ما خليتها .. لا اتيي الحين تعق رمستك علي .. تراني عارف شو اسوي .. ومب محتاي كم كلمة عشان اهد كل شيء سعيتله .. وما بكون ولد ناصر الـ ..... اذا رديت فكلمة عطيتها ..




" اللي ما يقيس قبل يغوص .. ما ينفعه الغوص عقب الغرق " .. قالها ليولي شبيب ظهره .. وينطق : بتقول فهد قال ..



-
قولها لنفسك يا فهد ..


يلتفت وكأن به تذكر شيء : نسيت اقولك باكر العصر بيي المليج عندنا ..



" بس " .. قالها شبيب ليقاطعه فهد : أوآمر ابو محمد .. مع السلامة .


,,

يُــتــبــع |~



....

تراني تعبت خخخ
وباقي وايد .. شويات اخذ استراحة واردلكم
استراحة محارب http://forums.graaam.com/images/smil...am%20(262).gif
لا تردون .. اوكي ^^



اسطورة ! 06-05-14 05:20 AM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 



,‘,
على بعد امتار توقفت سيارتها البيضاء .. ترقب السيارة السوداء الفارهة المتوقفة عند المنزل .. يأتيها صوت ليلى الجالسة بجوارها : اتصلي ع كنه يطلعن .. هذا شكله ما بيروح ..

نظرت إليها : وليش ما تتصلين انتي .. تراج صايرة وايد كسوله .. حتى الفون مب رايمه اطلعينه من الشنطة .. عيل شو بتسوين فالسوق .. عز الله ما تسوقنا ..

تضربها بغيض على كتفها : مهوي تراج زودتيها .. بتطلع فراسي وبنزل فبيت عمي ولا بروح وياكن ..

لتصد عنها .. وتضحك تلك : خلاص يالزعوله .. بسكت ..

تنظر امامها واذا بذاك يتحرك صاعدا لسيارته .. وينطلق .. لتنطلق هي تقف حيثُ كان متوقف .. وتزمر .. لتلتفت تلك : دخليها داخل .. ليش واقفه هني ؟

- بيطلعن الحين .. ما في ادخلها واطلعها .. يركبن وبنروح ..

لم تعلم بأن ما فعلته سيخرج شبيب من منزله .. يقترب من سيارتها .. ويأشر لها بأن تدخل .. لتدخل على مضض تحت اصرار ليلى .. وبأنها ستدخل تلقي التحية على شمسة ووالدتها .. أما هي فثارت في داخلها كلمات سلطان لها .. وشروطه بان لا تدخل منزل خطيبها القديم .. نزلت مع ليلى .. وخرجن بعد دقائق بصحبة كنة وشامة وكلثم .. ليبدأن التجول من سوق لآخر .. يمر بهن الوقت يتحركن معا في احد " المولات " .. لتشعر ليلى بالتعب .. وتقف ويقفن هن ناظرات إليها : تعبت .. حشا ياذوقكن .. يعني كل هالفساتين وما عيبنكن ..

بافتخار نطقت كنة : ليلوه هذا عرس شبيب ..

تمد اسم شقيقها .. وتردف : نبي نكشخ .. نبي نكون غير .. كم شبيب عندنا .. تراه الا واحد ..

تزفر : ما اروم امشي .. بيلس فالكوفي هذاك – تشير ببصرها إليه – روحن انتن .. الحمد لله فستاني وشريته ..

" بيلس وياها " .. قالتها شامة .. وهي تمسك بكف كلثم .. متابعة الحديث : ريولي عورني من الدوارة .. اذا لقيتن شيء حلو اتصلن علي ..

تصرخ الصغيرة : بروح وياكن ..

بحزم وبصوت خافت قليلا : خلج وييا شامة .. بروح وييا مها .. وعسى نحصل اللي نباه ..

أبتعدن .. وكنة لا تجيب على الاسئلة التي طرحتها مها عليها عن المحلات .. لتتفاجأ بكف كنة يمسك معصمها وتجرها معها إلى دورة المياه ( اكرمكم الله ) .. حتى ما دخلتا وجدن أمرأتين .. لتقفان بهدوء .. وتهمس مها : ليش ساكتة .. لهالدرجة يعني ..

وتكتم ضحكتها .. ليأتيها همس كنة : ريلج ليش يلاحقج ؟

بلعت ريقها .. تتصنع ابتسامة : سلطان ؟ .. اكيد مغلطة ..


تبا لك .. تقتلني بشكك .. تذبحني بما تفعل .. وليتك تنطق وتعتق عقلي من تساؤلاته .. بدأت اكرهك .. تشعرني بالنقص بنظراتك .. وبها تشعرني بانك متيم بيّ .. أهكذا يفعل الحب ؟

تشد على ذراعها .. والعيون تنظر إليهما .. وبنفس الهمس : لا مب غلطانة .. أنتي شفتي ويهج كيف صاير .. أنتي مب مها اللي اعرفها .. حشا شوي وبتختفين ..

" خليها ع ربج يا كنه " .. قالتها وهي تغالب حزن كاد ان يتشكل على دمع يفضحها .. تنهي الامر بانها ليست على استعداد للحديث .. لتخرج من المكان وتلك تتبعها : مها رقمي عندج .. متى ما احتيتيني بتلاقيني .. ترا الكتمان مب زين ..

التفتت لها ترسم ابتسامة فارغة : لا تحاتين كنون .. يمكن لاني للحين ما عرفته .. ويمكن صدفه وجوده هني ..

تداري اوجاعها .. وكم هي تعلم بأن حالها بات واضحا للعيان .. الاجوبة التي كانت تسدلها على ما تعانيه اضحت مهترئة لا تغطي شيء .. وهل تغطى الشمس بمنخل ؟ ..
تتناهشها الافكار كُل حين .. تتسربل الآهات على روحها حتى باتت تخنقها بالأنين .. عادت من بعد العشاء بساعة .. يوم طويل وجميل قضته معهن .. لم يعكره الا صوت هاتفها المتكرر .. يعلن عن اتصالات ..وتارة اخرى عن رسائل نصية تحمل نفس الجملة " أنتي وين ؟ " ..

بيدها مفتاح الباب .. وموقنه انه سيغادر اناملها ولن يعود .. تلج وتلك الاكياس اتعبتها .. حتى ما اغلقت الباب من خلفها مشت لترميهن على سريرها الصغيرة .. وتلحقهن بعباءتها و " شيلتها " .. تحرك ساقيها تنزع الحذاء من قدميها .. وتسرع الخطى لدورة المياه ( اكرمكم الله ) .. سيأتي بعد دقائق .. سيعنفها كطفلة صغيرة لم تتقيد بالتوصيات .. نضحت الماء على وجهها .. وخرجت .. ستستقبله في الصالة .. ستتحدث معه عن كُل شيء .. لا بد أن يخبرها بما فيه .. مرض كان .. او وساوس شيطان ..

أبتلعت ريقها حين وصل لاسماعها فتح الباب .. لتجفل على اغلاقه بعنف .. تشد انفاسها تتصنع القوة .. لتنهش انامله ذراعها يوقفها بعنف .. ويلفح وجهها بأنفاسه الحارة : مب قلتلج لا تدخلين بيته .. شو اللي دخلج ؟ والا لان حبيب القلب قالج تدخلين ..

تصد بوجهها عنه .. ليهزها : ردي .. والا طاح لسانج فالسوق ؟

يدفعها لتقبع جالسة مكانها .. يهددها بسبابته : والله ان كسرتي كلامي مرة ثانية الشارع ما بتشوفينه ..

يتحرك بغيض .. لتقف تسرع خلفه .. تمسكه من رسغه : سلطان تعال نتكلم ..

كهرباء لذيذة سرت في اوصاله من لمستها .. وسهام باردة ترسلها نظراتها فتتطعنه بحب غريب .. تسمر في مكانه .. وكأنه يحتاج لتلك اللمسة .. ولتلك النظرات .. وتلك الانفاس المتسارعة .. تحركت وهو من خلفها وكأنه غُيب عن الوعي .. تترك رسغه حين اوصلته للكرسي الجلدي المنفرد : ايلس .. خلنا نتكلم ..

زم شفتيه .. وجلس بعنف يرمي بقبعته على الطاولة الصغيرة بجانبه .. ليظهر شعره الاجعد .. ينظر إليها لا تزال واقفة .. فتتعثر وقفتها بتوتر .. وتتحرك تجلس على الكنب الطويل .. تضم كفيها وتحركهما عشوائيا .. وهو قد ربع ذراعيه على صدره .. واردف يسراه على يمناه .. ينظر إليها منتظرا الحديث .. بلعت جفاف ريقها : ما بحاسبك ع الاحراج اللي سببته لي اليوم .. ولا بحاسبك على شكك ..

تنهدت تحاول ان تجد بداية أخرى تبتدأها معه : أريد اعرف ليش تعاملني بهالشكل ؟ .. خبرني .. أوكي قلنا علي ديون لازم ادفعها .. بس شو هي هالديون ؟ .. بشو انا مديونه لك ؟ وانا آخر مرة يلست فيها وياك كان عمري ثمان سنين يمكن .. متى صارت هالديون ؟ ومتى صار ولد العم سكين مثلمة تنحر بنت عمه ولا تموت .. دايم يقولون ولد العم ستر وسند لبنت عمه .. وانا ما شفت هالشيء ..

يخيفها هدوءه .. نظرة عينيه لها تربكها .. تعريها من ذاتها .. أنفاسه الخافتة كحمم بركان تطويها فتبيدها .. شتتت نظرها على ما امامها .. لتستقر على علبة المناديل ذات الرداء المزخرف .. واكملت بنبرة موجعة : حلمت بحياة غير وياك .. مع كل الخوف اللي كنت احس فيه الا اني كل ليلة كنت احلم بحياتنا وييا بعض .. رسمت اول ليلة لنا .. وثاني يوم وثاني اسبوع .. واول شهر ..

يجتاحها سكون تلتقط معه ذكرى قديمة .. فتبتسم : يوم كنا صغار كنت اكرهك .. لانك قاسي وياي .. انت وسلطان اخوي الله يرحمه ..

نظرت إليه لتراه ينظر أمامه في شرود .. وساقه تركت ظهر اختها لتجلس بجوارها .. بتردد مدت كفها لتقع على كفه الشادة على عضد يمينه : خبرني .. شو السالفة ؟ .. تعبت .. والله العظيم تعبت وانا احاول احط مبررات .. وانا اعاندك .. وانا اداري هالعيشة اللي عايشينها ..

أرجفه صوتها المتهدج .. ليغمض عينيه .. وفجأة ينظر إليها .. فتبعد كفها خوفا .. تلتقط انفاسها بصعوبة .. قد يضربها الآن .. نطق : مب عايبتنج العيشة هني ؟ .. نروح بيتنا .. بيت اهلي ..

زمت شفتيها بقهر .. ولوحت برأسها .. لتقف : مب قصدي البيت .. قصدي حياتنا .. قصدي عايشين فكذبه اسمها زواج ..

ليقف هو يشدها من ذراعها يجرها خلفه .. يثرثر بغضب : تبين نكون زوجين .. تعالي ..

سحبت يدها صارخة : بس .. اكرهك ..

كفكفت دمعها بغضب .. ليأتيها صوته المليء بالحسرة : وانا اكره اكون مع وحده مستعمله ..

ما الذي تسمعه ؟ أي صاعقة هراء اصابتها الآن ؟ .. تجمدت الدماء في عروقها .. وعقلها ينبض بحديث قديم له عن السيارت .. وشراء سيارة .. ومال ينقصه .. أكان يعنيها ؟ ..اكرمتها عينيها بالدموع .. لم تدرك متى اختفى من امامها .. ومتى خرج من الشقة .. شفتيها ترتجفان ... وشهقات خافتة تزورها .. تحركت بهدوء كجثة ميتة .. لتلج الى غرفتها .. يحتضنها سريرها .. وتحتضن هي جسدها .. تعاتب روحها لما لم تنطق ؟ .. لما لم ترد ذاك الاتهام الظالم ؟ .. أيقنت بأن جملته تلك قتلتها .. هشمتها فلم تجد الحروف مخرج من بين الركام .
,‘,

الاربعاء يوم يحمل له الكثير .. حياة أخرى .. يسحب من خلفه يوم آخر ستعانق حياته فيه إمرأة .. يرتدي هندامة بلذة يتيمة .. قلبه يشكي شيء ما لا يستطيع ادراكه .. روائح العطور والبخور تجتاحه من كل صوب .. وكأن اليوم خميسه المنشود .. خرج من قسمه تتلقفه والدته بالبخور .. تبتسم في وجهه .. تحاول ان ترضى وتفرح بقدر ما تستطيع .. هو بكرها .. يقبلها ثلاثا على رأسها .. ويمشي بمعيتها إلى الخارج .. تلف به التهاني من كُل صوب .. ويبتعد عنهم يدخل على جدته .. يقبلها هي الاخرى وجدا .. وكأن به يستجدي الدعاء ..

" مبرووووك .. مبرووك " .. نطقها منذر المقتحم المكان .. ويتظاهر بعدها بالسعال : خنقتونا .. تراكم غلطانين باكر العرس مب اليوم ..

تضج الضحكات فالمكان ..ويخلو الا من جسده وجسد جدته ومنذر .. ليسأله بعد أن جلس : بتروح ؟

- لا وين .. ورايي دوام عقب ساعه .. سامحني ما كنت بخليك .. بس اضطريت ابدل عشان باكر اكون وياك فالعرس ..

- وشو كالفنك ع المطار والشفتات .. وراتب عشرين وانت تقدر تشتغل فمكان احسن وبراتب يوصل الاربعين ..

أتكأ بظهره على النمرقة : والله ابوك ما قصر فيّ .. يوم اني بغيت تقدم وضيع علي ..

- خل عنك ابوي الله يرحمه .. انت الحين تقدر تسوي اللي تباه .. لا تتحيي ببوي .. وباللي سواه ابوي ..

بدون مبالاة : ابوك كان حاسد وحاقد .. وبقولها قدامك ومب من وراك .. وهذي يدتك تدري .. من يوم ما مات ابوي ووصاها هي وبنتها علي ويابوني هني وهو كانه شايف عفريت فالبيت .. يتصيد علي الزلات ..

يرن هاتفه مقاطع الحديث الدائر .. يرد بجمل مبتورة : هلا فارس .. حياك فالميلس الحين بيي .. حد وياك .. البيت بيتكم .. ادخل وياه دقايق وبكون عندكم ..

ليقف : فارس وصل .. كأنه هو اخوي واهلي .. كل ما عزيته لبى ..

ليرمقه منذر بنظرته : روح روح .. الله اييسر عليك .. وقلتلك عندي شغل والا ما بخليك .. وسلملي ع العزوة ..

لينفجر ضاحكا .. وما ان ابتعد شبيب حتى نادى على شمسة .. لتنطق والدتها : كدرت خاطر ولدي بكلامك ..

تنهد وهو يعتدل : ما كان فبالي بس هو حدني .. وبعدين شبيب ما يزعل .. وهو داري بسوايا ابوه .. يوم انه اتصل على الشركة وتوسط انهم ما يقبلوني فيها .. شفتي لعانة اكثر من جذي ؟ .. بس الحمد لله راضي بشغلي وبالثانوية العامة اللي اشتغل فيها ..

لتنطق : يوم انك راضي .. ليش تغربت ودرست .. ويبت الشهادة العودة ..

تبسم على مضض : خالتي يوم النفس تعاف الشيء ما تردله ..

" شو بلاك تصارخ ؟ " قالتها شمسة وهي تتقدم منهما وتجلس .. ليتحدث هو : اريد ابلغكن بشيء .. بيت ابوي الله يرحمه ..

لتقاطعه شمسة : شو بلاه بيت ابوي ؟ .. يوه مستاجرين ؟

هز رأسه : لا .. تدرن انه انصان .. وتعدل .. وادري ان لكن نصيب فيه .. فحبيت اخبركن اني بسكنه .. واذا تبن علي اجار تامرن امر من عيوني الثنتين ..

نطقت العجوز بشيء من الاستغراب : وعيشتك هني ؟

ضحك ضحكة خفيفة : خالتي ما هقيتج تسألين هالسؤال .. انتن شايفات حجرتي فنص البيت .. وشبيب باكر عرسه .. والبنت محتايه تاخذ حريتها وياكم .. وفوق هذا انا من زمان ناوي اطلع واعيش حياتي ..

" ناوي تعرس ؟ " .. قالتها شمسة بفرح .. لتقطب حاجبيها على جوابه : لا .. بس اريد استقل ..

أي هراء تنطقه يا منذر ؟ .. أوليس ابتعادك بدواعي أخرى لا ترغب بالبوح بها .. آه كم أشعر بالنقص حين أمر بمنزلها .. واطفالها الصغار يعكرون صفو الشارع بصراخهم ولعبهم .. كم تمنيت لو أن طريق منزلنا لا يمر بمنزلهم ابدا .. أحكم علي العذاب مؤبد ؟ .. أم إن الراحة باتت بخيلة .. شحيحة لا ترتجي وصلي ؟ ..
,‘,



,,






في الخارج قبل دقائق من تلقي شبيب لذاك الاتصال .. يجلس بجانبه في سيارته .. لا يعلم لماذا يشعر بالخوف من المواجهة هذه المرة .. زفر أنفاسه : مستصعبنها ؟





ينظر إليه فارس : انت زعلان وشبيب زعلان .. خلها اتيي منك .. وزين والله اللي سوته فيك هانا ..







ليقهقه حتى ملأ المكان بالضحكات .. وذاك تلبسه السخط : الحق علي قايلك اللي صار وياي .. لو دريت انك نذل ما تكلمت ..







ليترجل ضاربا باب السيارة بعنف .. ويترجل الاخر صارخا : شوي شوي ع السيارة .. مب سيارتك ذي .. وبعدين شفيك صاير ملبق ( كبريت ) .. اعوذ بالله .. ترانا نمزح ..







ويكتم ضحكته على انفاس حارب الهائجة .. ليخرج هاتفه يطلب شبيب .. وبعدها يتحرك ليدخل .. يلتفت لذاك القابع في مكانه .. يقطب حاجبيه : ياللا ..






تحرك ليشده من يده ويدخل معه عنوة .. ويحتويهم مجلس الرجال .. ينظر اليه فارس : يالله بالستر .. شو بلاك مدوده ( متوتر )







لتحملق الاعين نحو الباب .. حين اتاهما صوته ملقيا بالسلام .. ويقف مكانه ينظر إلى ذاك النحيل بثوبه الرمادي .. و " شماغه " القطني بنفس لون ثوبه .. مرت الدقائق والسكون يطبق على الانفاس حتى كاد ان يخنقها .. يأتيهما صوت فارس الناظر إليهما تباعا : ما بتسلمون ع بعض ؟







بتهكم نطق : الحمد لله ع السلامة .. ما بغيت اتي .. ما بغينا نشوفك .. ليش ياي ؟ اصلا انت من متى واصل ؟ .. من امس واليوم تفكر اتيني ..






ليقاطع التهكم : اصلا ما قدرت ايي .. مب قادر...







ليخرسه بعتب : لانك ضعيف .. المرة الاولى شردت وقلت يحقله لاني ظلمته .. والمرة الثانية اكتشفت اني ما اعرفك ..







بعتب مفرط : لول يوم كان خالد بينا الله يرحمه كنا اذا اشتكينا .. اذا قلنا بس " أخ " .. نتيمع كلنا .. نكون وييا بعض ايد وحدة .. واليوم ادوركم ما احصلكم .. قلت الآآآخ الف مرة ولا لقيتك يمي .. شهور .. شهر ورى شهر ما رفعت السماعة تسأل علي حي والا ميت .. الحين ياي .. كثر الله خيرك يا حارب .. زين انك ياي تحضر عرسي ..







تحرك ليوليهم ظهره : مشينا يا فارس .. العرب يتريونا ..






ليخطو ذاك بسرعة .. يعترض طريقه .. ينظر إليه بعيون تقدح غضبا : سمعتك الين خلصت .. لازم تسمعني ..







" ما عندي وقت " .. قالها وهو يحاول التقدم وذاك يعترضه .. يدفعه بيده من صدره .. حتى توقف : لك الحق .. وما الومك اذا زعلت .. بس حط نفسك مكاني .. قدامك نار ووراك نار .. ان خطيت لورى احترقت وان خطيت لقدام بعد احترقت .. بتقولي العقل زينه .. بقولك العقل ضاع يوم ان الخسارة بتكون خسارة اخوان ..







يستمع لصوته الغاضب ويستشعر وجعه الراكد بين اضلعه .. يثور أمامه من مرقده .. يستصرخ إن اعتقوه .. فلم يعد قادر على التحمل .. يراه يحاول ان يقبل راس شبيب وذاك يتمنع يبعده عنه .. والاخر يقسم ان يفعل .. ليضحك على الجدل المحبب .. يسمع شبيب صارخا : ااوووف ... قلت لك ما اريد محبة راس .. ما تفهم ..







وذاك يعاود الاقتراب منه : لا ما افهم .. وحلفت اني احبك يعني بحبك ..






ليدفعه شبيب عنه : خوز يالثْوَل ..






ويحث الخطى مبتعدا صارخا بفارس ان يتبعه .. والاخر يتبعهما صارخا عليه : ما بخليك يا شبيب .. والمحبة بتوصلك رضيت والا ما رضيت ..







وفجأة تذكر إنه قد أتى مع فارس .. فكيف سيعود .. ترك مكانه بعد ان توقف ينظر إليهما يخرجان من البوابة .. ليهرول بسرعة .. يفتح الباب ويركب خلف فارس .. يلهث : يا توصلوني البيت يا اروح وياكم ..







" وصله البيت " .. قالها شبيب والتفت نحو النافذة .. وفجأة يشده ذاك من خلفه يقبل رأسه عنوة .. فيتعكر ترتيب " غترته " و " العقال " .. ويصرخ بغيض : غربلاتك يا حارب .. ضيعت الكشخة ..







ليقهقه من خلفه .. ويقهقه فارس بمعيته .. وينطق وهو يستند بظهره : محد قالك ما اطيعني .. وتاخذها بالرضا .. تستاهل يالمعرس ..







,,

بعد ساعات كانت تجلس بخوف في غرفتها ..اليوم يسوده الرعب ..بين دقائقه سياط جالدة .. وبين ثوانيه جمرات حارقة.. اليوم ستوقع عقد على عقد .. كفيها المخضبان بنقوش الحناء تشعر بأن بهما لهيب لا تطيقه .. لا تقوى على تحمله .. يجبرونها على الحنث بوعودها .. يصنعون منها عاصية تبيح المحرمات والعياذ بالله .. تنسكب دموعها دون هوادة .. تشعر بان ريّا التي تعرفها لم تعد تعرفها .. يقيدونها بقسوة .. يسلسلونها بآهات روحها المتعبة .. تنتظر طرق الباب وكأن مطرقة ستهشم رأسها .. ترتجف اوصالها دون رحمة .. أخبروها أنه هُنا .. وأنه سيوقع العقد قبلها وعليها ان تتبعه بتوقيعها .. ألا يحق لها ان تقول لا .. أن تصرخ .. ما تقومون به حرام لا يرضي الله ..






قرع الباب فارتجفت بخوف .. يُفتح بهدوء .. فتشد الغطاء على شعرها .. يلج أصغر اعمامها .. يكبرها ببضع سنوات .. هاديء هو .. لا يكترث بما يدور من حوله .. دائما على الحياد .. يدنو منها ويقف قبالتها .. وبيده الدفتر و قلم حبر .. تنظر إليه : ما بوقع .. اريد اكلم المليج .. لازم اكلمه ..






زفر أنفاسه : ريا اللي تسوينه ما بيضر حد الا انتي .. وقعي ..







بعثوه لها لكي تهدأ نفسها .. لا يعلمون بان روحها بركان ثائر لم يهدأ .. رفضت وتشبثت بطلبها .. ليتركها ويهاتف احد اخوته .. ويأتون إليها تباعا .. ثلاثة منهم جاءوا من بعد الاول .. وجميعهم عادوا بخفي حنين .. لينطق ذاك الشيخ متسائلا : في شيء ؟






ويأتيه صوت الجد : البنت تعبانه شوي .. الحين بتوقع ..






ليوميء برأسه لفهد الجالس قبالته .. يقف بهدوء ويخرج .. وانظار شبيب تلاحقه .. ليهمس لذاك العجوز : شو مستوي ؟ وليش تأخرت ؟ ليكون تعبانه وايد ؟







" دلع بنات " .. قالها وصمت .. ويعود يتبادل اطراف الحديث مع الحضور .. ابناءه وبعض من اقاربهم .. ذاك صعد للاعلى .. يفتح الباب بعنف .. لتهب واقفة .. يدنو منها وتبتعد هي للوراء .. بيده ذاك الدفتر اللعين .. قد اغلق وفي جوفه القلم .. رص على اسنانه : ع شو ناوية يا بنت عمي ؟ ..






تبتعد اكثر حتى لا مفر .. الجدار من خلفها وفهد من امامها .. تبلع ريقها .. وبانامل يمينها ترتب الغطاء حتى لا ينكشف شعرها .. وبنبرة مرتعشة : انا معرسة ليش ما تفهمون ..







ضرب بفبضة يده على الجدار يسار رأسها .. لتغمض عينيها بخوف .. وينطق هو بنشوة ارعبتها .. يذكر لها اسم بعلها .. واسم اخوته .. واحد تلو الاخر .. وعمله .. ومن ثم : دوامه من بعد العشا الين الفير .. يرد البيت الفير تعترضله شاحنة يموت والا يتشوه .. والا الاحسن يحترق فسيارته .. ويقولون انه غلطان ما كان منتبه .. نعسان .. هو اللي يصرف ع اهله .. خواته مالهم حد .. يمكن يصير عليهن شيء .. كم واحد يهجمون ع البيت ع اساس انه عدوهم ويبون ينتقمون .. و ...






ارتجفت صارخة .. بعد ان اغرقتها دموعها : خلاص .. خلاص ..






واردفت : وين اوقع ؟






يفتح الدفتر بنصر .. فتختطف هي القلم .. تضع توقيعها حيث اشار ويغلقه بعنف .. ساحبا الاخر من بين أناملها : شاطرة .. سمعي الكلام .. ترى كلامي بيتم الين ما توصلين بيته .. اذا سويتي شيء ما يرضينا بنسوي اللي فراسنا .. باكر تكونين فالعرس مثل اي عروس – وبعنف – فاهمة ..







لتهز رأسها .. وما ان ابتعد وقعت على الارض منتحبة .. روحها عليلة لا تجد دواء .. أخبرتها زوجة عمها محمد إن زوجها رجل رائع .. وإن عمها يمتدحه كثيرا .. تتمسك بذاك الحديث وجدا .. ربما إن اخبرته حين تكون معه في الغد سيعتقها .. ربما يكون هو خلاصها ..







تمر الساعات منهكة لها .. منذ الامس والنوم لا يزورها الا دقائق .. تهزها الكوابيس بعنف وتوقظها بقسوة .. الليل طويل وجدا .. صلت العشاء منذ أمد .. هذا ما تشعر به .. وهناك وجع في كتفها الايسر لم يعتقها منذ اسبوع .. تحتضن ساقيها على سريرها .. واذا بطرقات خفيفة على الباب .. لترتعب وتلتفت بهدوء .. تسمع حركة خفيفة اسفله .. لتدس ورقة مطوية من تحته .. تتبعها ثلاث صور مقلوبة .. ترجلت لتأخذ الورقة التي كانت على يمينها .. وتلك الصور امتدن على عرض الباب من بعدها .. جثت على ركبتيها لتفتحها .. وخط اسود بان لها : خلج عاقلة .. والا مع الكلام اللي صار اليوم بيصير شيء ثاني .. لا انتي ولا احنا ولا هو يريده ..







بخوف ادارت بصرها الى تلك الصور .. تقلب الاولى .. هي بفستان قصير لا يستر شيء من ساقيها .. وظهر عاري وصدر واضح .. وشعرها المموج يداعب رقبتها .. وبيدها كأس نبيذ .. وبجانبها رجال يتضاحكون معها .. ويد أحدهم تطوق خصرها النحيل ..







رمتها وكأنها نجاسة تدنسها .. لتلتقط الثانية .. نفس العري .. جالسة بعكس الاولى .. ورجل يطبع قبلة على خدها المتورد .. وضحكاتها واضحة .. لا اراديا مسحت خدها بيدها .. انتحبت بصمت .. دموعها اغرقتها .. لتتناول الثالثة .. عري من نوع آخر .. واحتضان رقصة .. وأيدي عانقت الافخاذ ..







اطلقت آه مكتومة .. تبعها نحيب مرير .. واذا بها تعمد إليهن تمزقهن إربا إربا .. قطع صغيرة وجدا .. تعود تمزق القطع الى قطع اخرى .. ونشيج بكاء جاف يصدر من جوفها : والله ريا ماتت .. والله اللي فالصورة ماتت ..







كانت تأن .. أنين يقطع نياط القلوب .. وتتابع ثرثرتها المتقطعة بشهقاتها : والله ماتت .. ليش ما ترحمون .. ليش ما ترحمون ..







وخارج البكاء يد كتمت الشفاه .. وجسد وقف يستمع للأنين .. وقلب يتعذب .. ينتحر ألف مرة .. ويحيا الآف المرات .. وروح تتمنى أن تأخذها معها .. تدسها بين جنباتها .. لكن هيهات لها ان تكون .. فروحه جُبلت على القسوة .. ليتشربها من قسوة جده .. رباه على خصاله .. على إن الرجل لا يتخلى عن كرامته ..








,,

منزله في هذا اليوم كان يضج بالحركة .. يضج بالاصوات .. يعبق بالروائح الاخاذة .. وهو بعيدا خلف كرسي مكتبه .. ينتظر الرجل أن يمتثل أمامه .. يمر الوقت ويزداد توتره .. اليوم حفلة زواجه .. لا يوجد امامه الا ساعات ليتجهز فيها .. نفث انفاسه المتعبة .. يُقسم إن التفكير أخذ منه كُل مأخذ في الايام الماضية .. ينام بتعب ويصحو على تعب أقوى منه .. يأتيه الخبر من الشرطي إن ذاك الرجل بالخارج ..





يدخل ملقي السلام .. مادا يده لشبيب يصافحه .. رجل في أواخر الثلاثينات على ما يبدو .. يثرثر : خير .. ييتوني للبيت طالبيني .. عسى ما شر ؟







" حياك .. ايلس " .. قالها شبيب ليجلس هو ايضا .. ليطرح اول اسئلته : تعرف عيد الـ....






بجزع اجاب : هيه .. شو بلاه ؟ ترا بلاويه ما تخلص ..






تلك الجملة استنكرها : كيف يعني بلاويه ما تخلص ..






تنهد : من كم شهر يوني ناس يسألون عنه .. يقولون انه مديون لهم .. والحين انتوا تسألون .. تراني ما اعرفه الا من بعيد ..






-
انت بعتله الصالون اللي كان باسمه واسم حرمته .. صح والا لا ؟





-
هيه .. اتصلبي وقالي اروحله المحكمة فالعين( اكبر مدن ابوظبي ) بيسويلي توكيل ..ورحت ووكلني وقالي ابيع الصالون واحط الفلوس فحسابه .. ومن يومها لا شفته ولا اتصل علي .. غير مره يصارخ علي ويقولي اني كلت فلوسه .. بس والله الصالون خسران ما ياب الا الفلوس اللي طرشتها له .






بعد ذاك اللقاء لم يشعر الا بمن اقتحم المكتب صارخا : خبل انت ؟ .. اليوم عرسك وياي الشغل .. ما كانا عاطينك اجازة من امس .. شو اللي يايبنك ؟






وقف يشد قبعته إليه .. ينظر ألى جابر الحاسر الرأس مرتديا ثوب ابيض : والله اظن انك سمعتني اول امس وانا اقول بقابل الريال اليوم .. وبعدين شبلاك تصارخ .. وهاد علي .. توها ما صارت عشر ..







نفث غضبه مع انفاسه : امش .. نروح الحلاق شوف لحيتك كيف صايرة .. تراني ما بخليك الين ازفك لبيتك .. وشغل ما شيء شغل .. عندك شهر كامل اجازة ..








يثرثر بغضب وذاك يضحك .. والاخر يزداد على غضبه غضب .. كَـ عمه حمد الذي ازعجه مطر بحديثه .. يجلس وهو بكامل اناقته ينتظر والده الذي لا يقل عنه في الاناقة .. يرتشف فنجان قهوة .. ليأتيه صوت مطر : ابويه شرايك اخطب من عندهم .. تراهم بيتكفلون بالعرس ..






-
بعدك صغير ع العرس .





يداري ضحكته ويتابع استفزاز والده : يعني تشوف ما شاء الله العرس وين مسواي .. فاكبر قاعة عندنا .. هذا وبعدنا ما شفنا شيء .. والله شبيب عرف من أين تؤكل الكتف ..







ليضحك .. ويزحف مقتربا من والده .. يهمس : قول لاميه تدورلي حرمة اليوم ..






ليتحوقل حمد .. رافعا الفنجان الفارغ : ان ما سكتت بهالفنيان ع راسك .. بعدك ما طلعت من البيضة وادور العرس ..







لينفجر ضاحكا .. مبتعدا عن والده : والله مادري شبلاكم متوترين .. من الساعة ثنتين تقولي تيهز .. وهكيه امي للحين ما يهزت .. ومبارك مل ورد يلعب سوني .. هذا وهو عرس شبيب .. عيل لو عرسي شو بتسون ..






ليجري مبتعدا من المكان .. يصادف والدته : مطر يوز عن ابوك ..






يبتسم لها : اميه شو رايج ادوريلي حرمة اليوم ؟






ليأتيه صوت والده : مطير بتيوز والا اعلمك السنع بهالعقال اللي ع راسي ..







" خلاص .. خلاص .. سكتت " .. وادبر يكمل حديثه : اترياكم فالسيارة لا تتأخرون ..





,,

يُتــبع |~


....
باقي آخر جزئية وفيها انكشاف المستور ..
بس سمحولي اطلع اصلي ركعتين قبل الفير .. واللي صاحي يقوم يصلي ركعتين ويدعي ربه ^^


,,

هي كانت في معركة شنعاء مع ذاتها الخائفة .. ذاتها الخائنة .. تُزيَن وهي في عالم آخر .. لا ملامح تستشف من وجهها .. سوى الجمود .. وكأن به الموت تربص بها .. ما حدث بالامس .. وما حدث ليلا هشمها .. حتى باتت موقنة بان نفخة هواء ستذروها بعيدا .. انتهت اخر اللمسات على شعرها المتدرج بخصلات ذهبية تجتاح لونه البُني القاتم .. مرفوعا ومتدلي بتموجات رائعة .. وخصلة كالموج تداعب وجنتها ..



تجلس بسكون على ذاك الكرسي .. اليوم ستنقض وعدها مع ربها .. اليوم سيلمسها رجل لا يحل لها .. وستكشف عليه .. سيقبلها .. انطلقت آه عميقه في روحها .. اغمضت معها اجفانها .. لتفتحهن على صوت خالتها : بعدج ما لبستي فستانج ؟ قومي اساعدج ..



ترفعه .. ثقيل هو .. وتساعدها في ارتدائه .. تخبرها ان تدخل ذراعها اليسرى .. فتتأوه بوجع .. وترتعب الاخرى ناطقة : شو بلاه كتفج ؟


بابتسامة جوفاء نطقت : البركة فعمي غانم ..



وبغضب : وليش ما تكلمتي .. من ذاك اليوم وانتي ساكته ع الويع ..




وماذا هو أمام وجعي الاخر يا خالة ؟ إني احترق اليوم دون نار .. ودون دُخان يُشم .. جسدي يحرقني .. كسيل لافا يجتاح عروقي .. خائنة أنا اليوم خيانة عُظمى .. وهل من بعد خيانة الرب من خيانة .





يمر الوقت باهزيج الفرح .. لا تسمعها هي .. لا تسمع الا صوت داخلها يستغفر .. ملايين المرات .. استغفار يتلوه آخر .. تجلس وحيدة في تلك الغرفة .. لا اخت .. لا ام .. ولا بنات اعمام .. ولا حتى صديقة تؤنسها وتبعد عنها توجس نفسها .. لم تشعر الا بقبلة على وجنتها .. فتلتفت : شامة ؟



" مبروك " .. نطقتها بفرح .. واردفت : تستاهلين كل خير .. وسامحيني ع الكلام اللي قلته ذاك اليوم ع الفون ..



تنظر للخلف حين جاءها صوت احداهن تناديها .. واذا بتلك تمسكها من ذراعها : شامة لـ....



لتقاطعها وهي تقف : بروح اكيد اليهالوه عفسوا الكوشة .. الايام يايه وبنيلس وييا بعض .. مبروك ..



وتنحني تقبلها .. وتلك في شرودها .. تتساءل عما يجري .. عن تعب ساقيها .. عن وجع قبلها .. عن عقلها الساكن والشارد إلى حيث لا تعلم .. لم يوقظها هذه المرة الا صوته يقتحم المكان مع تلك المصورة المصرية .. فتتعارك انفاسها .. تنطق : ما اريد اتصور .. لا تقرب ..



ويأتيها صوت تلك المصورة .. وهي تهم بمد يد العون لمساعدتها في تركيب الكاميرا : ليه يا عروسه .. دا الاستاز فهد موصيني عليكي ..



هالة استغراب احاطت به .. استشف خوفها .. توترها .. هلعها الشديد حين ذُكر أبن عمها .. ليدنو منها .. ينحني يقبل جبينها .. فتصعقه رجفتها الواضحة .. يبتسم : مبروك ..



تتذكر كلمات التهديد السامة .. فتصمت .. تحاول ان تكون عروس كما طُلب منها .. ولا تقوى .. تتحرك مع تعليمات تلك .. لمساته كنار تكويها .. وانفاسه تقتلها .. هي لا تقوى على الحرام .. هي طلقته منذُ أمد طويل .. وبصمت على عقود ومواثيق مع ربها أن لا عودة لطريق السيئات .. واليوم مجبرة لتخطو في ذاك السبيل .. خوفا يخنقها .. باتت تخاف البشر اكثر من خوفها من خالقها .. ارتجفت اكثر بين ذراعيه حين طوق خصرها .. مميلا رأسه لرأسها .. تعانق وجنته الشائكة وجنتها الناعمة المتجمدة ..



يهمس لها بخفوت : ليش كل هالتوتر .. وكني واحد غريب .. مب ريلج وحلالج ..



ابتسمت على مضض .. فتلك تجبرها .. تلك جاسوسة لذاك الفهد .. وهذا الذي معها لا يعلم من الامر شيء .. الوقت امسى بطيء .. وxxxxب الساعة كأنها في سبات .. أو كأنها تناست المسير خلف همهمات النساء .. واغاني الشيطان .. وضحكات الصغار .. وضوء تلك الآلة التي كرهتها وجدا .. لا تسمع شيء .. ولا ترى .. حتى احساسها تبلد .. ترقب ساعة الصفر .. ساعة الحرام الكبرى .. يزلزلها ما يعتلج في عقلها من افكار ..



هو كان يتصنع الابتسام .. يتصنع الفرح بجانبها .. يشعر بها .. يشعر برعشة كُل خلية من خلاياها .. ينظر إليها مرارا .. قابعة بجانبه على ذاك الكرسي .. تهز رأسها لهمساته ويقسم بأنها لا تعي مما يقول شيء .. وكأنها دمية تحركها خيوط لا يراها .. حتى حين امسك بكفها ليسير معها .. تزفهم الزغاريد وكلمات الغناء الممزوجة بالعشق والفرح .. احس بقشعريرة تعتريها .. اخافته .. كأنها شبح او جسد سيقع صريعا في لحظة شرود منه ..



ضمت صدرها بذراعيها حين قبعت على الكرسي بجواره .. اصر ان يقود هو سيارته بنفسه .. لا يرغب باي شخص معهما .. يحدثها : تعبانة ؟




لتصله اهتزازة من رأسها .. وشهقة خافتة .. أي رعب تحياه في هذه الساعات .. لم تشعر الا بتوقف العجلات .. ومباركات كثيرة تنهال عليهما .. من عائلته .. وهي مطأطأة الرأس .. تغطيها العباءة البيضاء .. تستر نصف وجهها مع انحناءة عنقها .. تصلها الضحكات .. صوته يثير في قلبها اعصار من الخوف .. تمشي معه .. لا يزال يمسك بكفها المتجمد .. يوصلها إلى الغرفة من بعد أن مرا بالصالة .. وهنا شعرت بخذلان ساقيها لها .. لتخر على السرير جالسة .. ويجلس هو القرفصاء امامها .. يمسك كفيها .. فتشدهما بعيدا عنه : لا تصكني .. مالك اي حق تلمسني ..




قطب حاجبيه لما يسمع .. ويعود يحاول كشف القبعة المغطية لرأسها واغلب وجهها .. لتدفع يده بعيدا .. تصرخ مع بكاء ونشيج خافت : قلتلك لا تلمسني .. يكفيني ذنوب .. والله العظيم تكفيني هالذنوب اللي حملتها الليلة .. والله لو في ادعي ربي يعطيني عمر فوق عمري بس عشان استغفر عن هالليلة ..



" تعوذي من بليس يا بنت الناس " .. نطقها وهو يعتدل في وقفته .. ينظر إلى جسها المتدثر من علو .. ويردف : انتي مب طبيعية .. ما اظن ان هذي رهبة العرس .. شو مستوي .. تكلمي .. مستعد اسمعج ..



بلعت ريقها .. وبخفوت : الله يخليك لا تقرب مني .. الله يخليك انا ما احل لك .. لو يصير بينا شيء بيكون زنا والعياذ بالله ..



اكفهر وجهه واضطربت انفاسه من حديثها .. استعاذ بالله من الشيطان .. واستغفر ربه .. فاي بلاء وقع فيه .. واي اتهام تنسجه عليه .. هي حلاله .. فكيف سيكون زاني ان عاشرها ..



سحب انفاسه وهو يسمع بكاءها وشهقاتها المتلاحقة .. ليزفر بقسوة .. يبتعد يسحب كرسي التسريحة ويقبع جالسا عليه أمامها : هاتي اللي عندج ..



تسللت اليها بعض من راحة .. لتبلع ريقها وتنطق : انا معرسة ..



لتراود شفتيه ابتسامة .. ينظر إليها بذهول .. يستحثها : انزين ..



صوتها المتقطع يحاول ان يربط الجمل ببعضها : ابوي زوجني قبل لا يموت .. قلت لهم حرام اللي يسونه بس ما سمعوا كلامي .. هددوني بيقتلونه اذا ما وافقت عليك .. هو ماله ذنب .. كل ذنبه ان ابوي يعرفه ..


" شو اسم ريلج ؟ " جاءها سؤاله هادئا .. ليبث فيها هدوء خفيف .. وتنطق برجفة : شبيب ناصر الـ......




,,

هُنا أقف وموعدنا يتجدد الاسبوع القادم باذن الله ..
http://forums.graaam.com/images/smil...aam%20(39).gif



اسطورة ! 09-05-14 09:34 PM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

حبايبي اللي ينتظرون البارت ان شاء الله ما بتأخر عليكم ..
خلال هاليومين بيكون موجود ^^

///////

بالنسبة لاعمار ابطال روايتي اللي طلبته سارونه ..
الصراحة ما احب احط الاعمار صريحة .. يعني من بين الاحداث تقدرون تعرفوهن ..
بس ولا يهمكم .. بحط لكم اعمار البعض منهم ..

شبيب و خالد وحارب و جابر .. في نفس العمر تقريبا ..
تطرقت لعمرهم في حديث لجابر مع ليلى .. لما قال لها ان الشيب طلع فراسه وهو بعده ما صار في الـ 27

منذر .. ذكرت انه اكبر من شبيب باربع سنوات وهذا كان في الجزء الاول من الرواية او يمكن فالمقدمة
والله مب متذكرة ^^

فارس ذكرت سنة الميلاد لما كانت ام عبدالله تعطي شبيب جوازات اولادها فيصل وعبدالله لما صار اللي صار وانكشفت الحقيقة .. بس ناسية السنة بالضبط .. ورجع وانذكر بشكل عارض مع حديثة عن عايشه لكنة ..
اللي قالت ان الفرق بينهم اكثر من 10 سنوات ..
يعني فينا نقول ان فارس في أواخر العشرينات ^^

كنه انذكر ع كلام حارب ان الفرق بينهم خمس سنوات تقريبا .. لما كان يكتب رسالته لها
يعني فيكم تقولون انها في بداية العشرينات ..

شامة ذكرت مرة لما صارت بينها وبين حارب المشكلة انها على اعتاب العشرين
مها تخرجت من كم شهر بس يعني فيكم تتوقعون عمرها .. و ليلى في نفس عمرها ..

الصغار اللي في الرواية ..
مبارك وهاشل ذكرت انهم في الـ 11 .. كلثم ذكرت كذا عمر لها .. اولا لما ظنوا انها صغيرة وعطوها 5
وبعدين اتضح انها تدرس فالمدرسة .. وذكرت انهم غلطوا فعمرها يعني فينا نقول 6 سنوات ..
اختها مريم .. قالت عمرها بدرية لعوض لما اخذها بيته .. وكان 10 سنوات ..
اما بدرية فهي اكبر من خالد .. بمعنى انها الحين في بداية الثلاثينات
^^

والباقي خمنوهم ههههههههههههه
لي عودة بالرد ع باقي الردود
احبكم |~

اسطورة ! 26-05-14 05:52 PM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 

ترتجف كورقة خريفية آيلة للسقوط .. عقلها متجمد حد التشقق .. أو لعله ثائر حد الانصهار .. أيام لم تذق النوم ملئ أجفانها .. تهب من مرقدها على وجه فهد مهددا .. أو على تمزق جسدها في الحرام المنتظر .. ينظر إليها أمامه .. لا يظهر منها الا كفيها وجزء من ذراعيها تتراقص عليهما نقوش الحناء المائلة للسواد .. تشد على البياض مرارا باناملها .. وتارة تتلاعب بهن دون تركيز .. وصلت إلى حدود الهذيان .. يحاول أن يستفسر منها سائلا بعد أن ألقت على مسامعه باسمه .. اسم بعلها المجهول بالنسبة لها : أنا منو ؟ .. شو اسمي ؟



تهز رأسها برجفة اتضحت له : ما اعرف .. ما اعرفك ..


ترفع يمينها وكأنها تريد ان تسكت تلك الاهتزازات في خلايا وجهها .. جسدها بالكامل ينتفض ..يقطب حاجبيه يحاول معها طرح الاستفسارات : ما خبروج اسمي ؟ الحريم اللي زارنكن ما قالن اسمي قدامج ؟



تهز رأسها .. يرى قطرات دمعها تسقط على أكفها : لا .. ما اذكر ..ما اعرف .. كنت بس اريد اوصلك .. اخبرك اني معرسة .. بس ما قدرت .. محد خبرني .. ما سألت .. اصلا .. اصلا ..



كان حديثها متقطعا .. وملامحه تكفهر أكثر مع احرفها الساقطة من ثغرها .. أي جنون عاشته ؟ وأي عذابات روح كابدتها .. يستمع لها وهي تردف : اصلا .. ما يهمني .. ما تهمني .. قالوا بيقتلوه ..




لاول مرة من بعد المغادرة من تلك القاعة ترفع رأسها .. يظهر له وجهها .. مشوها .. غارقا في المساحيق المبتلة .. أحمرار مقلتيها .. ارتجاف شفتيها .. وارنبة انفها باتت توازي لون العيون الدامعة دما : كلمت أخته .. بس ما صدقتني ..




كانت شهقاتها متعبة له .. يكره أن يرى بكاء إمرأة .. انكسارها بهذا الشكل اثار في نفسه السخط .. لربما هو ايضا مُلام .. تستطرد وهي تعود لخفض وجهها .. تتلاعب باصابعها .. وذاك الخاتم بدا ينزلق من تعرق كفيها او ربما هو نضح عينيها : قالت عني كذابة .. اخوها ما يعرس من وراهم .. بس كنت اريده ياخذني من الغربة .. من الخوف .. ان شاء الله اعيش عنده خدامة بس ما اكون بين ايدين اعمامي .. باعوني ..




شد على قبضتيه .. لا يستطيع ان يقترب منها .. وهي في حالة تخبط بين العقل والجنون .. لن تستمع له وإن شرح لها ما حدث .. ومن يكون هو .. هناك في عقلها أمر واحد فقط .. هو لا يحل لها .. وفي نفس الوقت هو زوج لها تجهله .. تنهد لتعود به الذكرى ليوم جمعة ماض .. يسمعها تثرثر وتعود الاحداث كشريط سينمائي ممنتج ...




يجلس على طرف سرير شامة .. وهي هناك تقف متكأة على حافة التسريحة .. متغيرة وجدا .. يشعر بانها تمقته .. ليطرح عليها طلبه بان تسمعه .. وتستهجن الامر متبرمة .. فيربت على جانبه بكفه يدعوها للجلوس .. وتدنو منه على مضض .. تبعثر الكلمات عليه دون اي مقدمات : كيف قدرت تتزوج من ورانا .. وماخذ منو ؟ الدكتورة اللي اتعالج عندها ..




غصة استوقفتها عن المضي في الكلام ... وبعد صمت : متصلة تقولي تبي رقمك .. تباك انت ضروري .. ويوم رفضت قالت انك ريلها ..




تلتفت له بغضب .. ماسحة دموعها باناملها المرتجفة .. لا تحب ان تواجهه والامر يوترها وجدا : ليش ؟.. امي شو ذنبها .. احنا شو ذنبنا تخدعنا .. وكل ما امي تييب سيرة العرس تتحجج .. وانت مسوينها ومخلص ..




هو كان الصمت يلفه .. يرغب منها ان تسكب جميع ما في جعبتها وبعدها سيخبرها بكُل شيء .. لتردف وهي تحاول ان تركز نظرها على وجهه ولو لدقيقة واحدة : من متى ؟؟



وتجيب عن سؤالها باتهام : اكيد من زمان .. عشان جذي قلتلي اروح اتعالج عندها .. وقصة ان حارب هو اللي رشحها كذب .. صح .. صح والا لا ؟




يهز رأسه نافيا .. لتتسربل الى شفتيها ابتسامة تمسح معها دموعها : يعني انت مب معرس .. يعني هي كذابه ..




ابعدت وجهها الى كفيها اللذان تعانقا في حجرها .. فقط الصمت اخذ يطوق المكان .. ليأتيها صوته : كل شيء صار فاخر رمضان .. فالعشر الاواخر .. ما كنت مخطط اعرس .. حتى اني ما كنت حاسب حساب اني ارتبط فهالعمر .. يمكن سنة او سنتين قدام .. لا شغلي كان مساعدني ولا اللي صار فبيتنا ساعدني ..




تنهد زافرا انفاسا ثقيلة .. محملة بالكثير .. وهي فضلت ان تاخذ دوره في السكون .. فقط تستمع .. يثرثر احداث ماضية : يوم انغدر مطر من ربيعه فالمدرسة .. عمي كان دوم عنده .. وهناك تلاقى وييا ابوها .. اللي عرفت بعدين انهم يعرفون بعض من سنين وتفرقوا .. يعرف ابوي الله يرحمه ..





,,

قديما على الارض الملساء كان يتحرك يحمل بيده كيس احتوى شيء من الطعام .. يقطع الممر الاول متوجها للمصعد .. يختفي وسرعان ما عاد نازلا .. متذكرا ان هاتفه يقبع في سيارته .. وتلك زوجته قد تموت خوفا ان اتصلت ولم يجبها .. ويعود ادراجه من جديد في نفس الطريق .. يخرج من المصعد في الطابق الثاني .. لينظر لرجل القابع على كرسي مدولب .. الوجه مألوف .. يقترب رويدا ملقيا السلام .. ليرفع رأسه بثقل تعانق شفتيه ابتسامة .. يرد السلام بغلظة وثقل حرف : وعليكم السلام ..




" عيسى ؟ " قالها وهو يقطب جبينه استنكارا .. فهذا الذي امامه لا حول له ولا قوة .. وعيسى القديم رجل قوي لطالما كان يقارن بينه وبين شقيقه ناصر في قوة الجسد .. ليجلس على الكراسي الحديدية القريبة وجدا من كرسيه .. يعانق يده اليمنى بشدة : وينك يا ريال .. اختفيت ولا قمت اشوفك .. اتلاقى وييا اخوك محمد مرات .. يا بسوق والا فوحدة من هالدواير .. شو اللي استوالك ؟




" الحمد لله " .. قالها برضى .. وبصعوبة بالغة في النطق ..ليأتيه صوت الاخر : بروحك هني ؟



ابتسم : بنتي .. راحت تييب ماي ..



وفجأة اذا به يشد على كف حمد .. ناطقا بضعف حال .. وبقسوة زمان : طالبك ..




هي كانت تقترب على حياء حين رأت رجل غريب بجوار والدها .. تحمل قنينتي ماء بيدها .. تدنو ببطء .. حتى ما اقتربت تسمع الحديث المسترسل من والدها بتعب : بنتي مالها حد .. من بعدي .. ودي استر عليها قبل اموت ..




تسقط من يدها وتلفت الانظار لها .. متوشحة السواد .. لا شيء يُرى الا عينيها اللتان غرقتا بالدمع .. تقترب تقع امام والدها تشد على كفيه : ابويه لا تقول هالرمسة .. بنتك قوية .. وانت الله يعطيك طولة العمر ..




بعد ثلاثة ايام فقط في تلك الغرفة البيضاء التي احتوت عيسى لاسبوع كامل قبل ان يودعها ليذهب الى منزله .. ومن بعدها الى بارئه .. تحولق الرجال عليه .. شبيب وجابر وعمهما ورجل سيكتب ان هي له وهو لها .. وشاهد آخر ايضا .. خمسة من الرجال حوله .. وهي تقف في الزاوية .. نظرها لوالدها المسجى على ذاك السرير .. طلب منها الموافقة .. ولانه اخر طلب سيطلبه كما قال لها وافقت ..

تتقاذفها الحياة بقسوة .. يُغطَى وجه والدها عنها بجسد عريض ينحني للامام .. كان جسد شبيب .. وذاك يتمتم عليه بخفوت بعد ان كُتب العقد وشهد الشهود .. بصوته المتعب : بنتي فرقبتك ..






,,

سحب انفاسه من جديد .. ينظر امامه .. وتلك لا تزال في قوقعة الاستماع له : ما كان قدام عمي غيري .. مطر صغير وجابر معرس .. ويوم طلبني قلت له تم .. وما قدرت اكسر كلمته وهو فمقام ابوي .. يومها ما حسيت بشيء .. تمنيت هذيك الساعة فذاك المستشفى تنتهي بسرعه ..




نظر إليها لتلتقي عينيه بعينيها : عرفتي كل شيء الحين .. وكان المفروض اتين تسألين .. مب طايحة تعصيب ع الكل .. وخلي كل كلمة قلتها لج بيني وبينج .. البنت ما اريدها تكون ناقصة عن اي بنت .. ولا اريد الناس تقول يابها بدون عرس وكنها مسويه غلط ..





الآن وفي هذه الساعة ينظر لتلك القابعة امامه .. يعود يسألها : ما تعرفين شكل ريلج ؟




كانت تشهق وكأنها تكابد ضيق صدرها .. ليعود مردفا على سؤاله : ريا طالعيني ..




حُرقة قاتلة تستشعرها في مقلتيها .. ترفع بصرها له لبرهة فقط .. ترمش فيها تباعا .. لتهز رأسها نافية .. تنفجر بعدها بالبكاء .. تقاوم حشرجة صدرها المتعب : كل شيء صار بسرعة .. تزوجت .. ومات ابوي .. وسافرت ..




تنخرط بالترهات في الحديث : مات وخلاني .. مات .. ابوي مات ..




رفع بصره للسقف زافرا .. متحوقلا .. يقف : ريا .. قومي غسلي ويهج .. وعقي هالفستان شكله مضايقنج .. وصلي ركعتين.. الفير ما باقي عنه شيء ..




هل تعي كلامه ؟ جُمله الملقاه على اسماعها ؟ .. كانت تساؤلات تتقاذف إليه بعد سكونها .. ويزفر من جديد يعانق وسطه بأكفه : ريا .. قومي .. تبيني اقول حق اختي تساعدج ..




هُنا هزت رأسها متمتمة : لا .. بروحي اقدر ..




ظل ينظر إليها .. قد تقع إن نهضت .. سيمد لها يد العون إن احتاجت حتى وإن صرخت بأن لا يمسها .. يراها تقف بهدوء .. تحاول المشي بذاك الفستان الثقيل .. جسدها وكأنه ضاع في داخله .. توليه ظهرها رافعة ما تقوى على رفعه من ذاك القماش .. تنهد زاما شفتيه .. ليخرج من المكان .. يجر الباب خلفه ليتوقف عن اغلاقه .. سيتركه مواربا ليستمع لما قد يحدث .. فهو يُقسم أنها ليست على ما يرام ..




الصوت يسري إليه حيث جلس بهدوء بجانب الباب المفتوح قليلا .. يسند ظهره بالجدار .. وقد اثنى ساق وارسل الاخرى .. ليقع عليها ساعده مستندا .. يقطب حاجبيه بتفكير .. يُرجع الاحداث الماضية في عقله .. إحتجاج جدها بالامس حين اصر أن يُكتب العقد من جديد بوجود اهلها واقاربها .. لا يثق بالعقد القديم لانه غير موثق .. الا يكفيه الشاهدان ليوثق؟ .. تزوجها مرتان .. رباه ماذا صنعت يداه دون ان يعلم ..




التفت يُرهف السمع .. لعله سمع آه خافتة .. كانت هُناك جالسة على الارض لا يظهر من ذاك الرداء المنفوش الا جزء من اعلى جسدها .. تحاول ان تسقطه عنها فتوجعت لألم في كتفها لا يرغب بان يعتقها .. لتجر الثوب الواسع الذي اخرجته من بين ملابسها المعلقة بترتيب في ذاك الدولاب العظيم .. ترتديه بصعوبة بالغة في تحريك ذراعها اليسرى للاعلى .. لتقف بعدها تشده للاسفل حتى عانق الجزء المطاطي منه صدرها .. يشد عليه ويتسع من الاسفل .. لم تلحظ انه ناقص الاكمام الا بعد ان ارتدته .. زفرت بتعب وإجهاد .. تتحرك تدوس على الابيض المستحل المكان .. وتشد لها " شيلة " كبيرة ستغطي بها رأسها وذراعيها ..




يصله صوت اغلاق باب دورة المياه ( اكرمكم الله ) فيقف متمتما بالحمد .. يمشي ويقبع على الكنب في تلك الصالة .. سينتظر خروجها ويطمئن عليها ويتوضأ ..مرت ربع من الساعة .. ليصدح صوت اذان الفجر مخترق الجدران الهادئة .. يتمتم يردف من بعد المؤذن .. ويقف يشد خُطاه للغرفة .. سحب انفاسه بهدوء .. ويفتح الباب بنفس الهدوء .. ليراها تقف وبيدها اليمنى سجادة الصلاة .. تنظر بارتباك ومشتتة انظارها في المكان .. لا تزال متدثرة بلباسها .. ابتسم ودخل يمر قريبا منها متوجها للدولاب يستل له ثوب وملابس داخلية ناويا الاستحمام قبل ان يصلي .. لياتيها صوته : القبلة ع يسارج ..




بلعت ريقها لتهز رأسها موافقة لجملته .. تشعر به يمر قريبا منها وجدا .. فتزيح جسدها بعيدا دون ان تحرك قدميها من مكانهما .. خوفا من ان يمسها .. عقلها يحثها على ما تفعل .. بات يتحكم بها واصبح يطبق عليها بقوة .. لتفرش السجادة وتقف ترفع كفيها لتكبيرة الاحرام .. انهارت قواها فجأة ليهتزا ساقيها .. فتقع على ركبتيها تغرقها دموعها .. لتكمل الصلاة جالسة ..




يا الله .. مدها في داخله .. يغدق الماء على وجهه .. يرغب بان يغتسل من تلك المفاجآت التي قرعت روحه فادمتها .. وخيالها المرتجف لا يفارقه .. شرودها .. دموعها .. حتى نبرة صوتها الخانقة .. هل هم بشر ؟ كان يردد السؤال على نفسه مرارا .. خرج من تحت الماء .. يجفف نفسه ويرتدي ملابسه .. لن يخرج نصف عاري امامها فيكفيها ما فيها .. شد انفاسه وفي داخله دُعاء بان تكون نامت .. ليخرج ويجدها ساجدة .. يقطب جبينه مستنكرا .. تُصلي بعكس القبلة ! ..أي ضياع يسكنك وتسكنينه يا ريّا ؟




طال سجودها فاضطر ان يمر من خلفها من تلك المسافة الضيقة بينها وبين الجدار .. يختطف السجادة الاخرى من مكانها .. ويعود ادراجه وبعدها يخرج ..






منذُ ساعات كان الخوف ينهشها على ابنتها ليلى .. لم تكن على سجيتها في الحفل .. بها شيء اشعر حفصة بالهلع .. لتبث بما يعتريها لبعلها .. ويطمئنها هو بان ما فيها ليس سوى وسوسة شيطان .. لتنام بجانبه على السرير في وجل .. تغفو وتعود تستيقظ متمتمة بالدعاء ليحفظ لها ابنتها وجنينها ..



ليقظ مضجعها المتوتر صوت هاتف بعلها عند تباشير الفجر .. تهزه من ظهره : حمد قوم رد ..



وبخوف يستيقظ .. يمد يده وهو يردد العياذ بالله من الشيطان الرجيم .. ويتأمل خير .. تتغير ملامحه فذاك لا يدع له فرصة ليتحدث .. وهي تسمرت انظارها عليه : شو صاير يا حمد ؟


يغلق الهاتف : لبسي عباتج .. ليلى محتايتنج فالدختر ..



قبل نصف ساعة من ذاك الاتصال .. و ساعة من بعد مغادرة الحفل وولوجهما الى منزلهما .. شعرت كطعنة في خاصرتها .. وانقباض قاسي اسفلها ..لتشد على شفتها السفلى حتى كادت ان تطعم دماءها .. تأن دون صوت .. تنظر إليه نائما على يمينها .. جالسة تقاوم أوجاعها .. لتُسقط ساقيها عن السرير وتستند عليه بكفيها لتقف ..

تختفي خلف دورة المياه ( اكرمكم الله ) لدقائق .. واذا بها تخرج بالكاد تستطيع الوقوف .. تستند على جانب الباب .. تنظر إلى ذاك المتعب .. تشعر بالحزن عليه فهو لم يذق النوم منذ ايام كما يجب .. شدت على شفتها .. مع أنين موجع .. ويدها عانقت اسفل بطنها ... تحاول المشي وهي تكابد الوجع في ساقيها .. تشعر بانه يرتفع رويدا رويدا حتى يطال جسمها بالكامل .. حتى ما وصلت إلى السرير استندت بالجدار ويدها اليمنى تهزه من كتفه : جابر ..



" امممم " .. قالها بنعاس اطبق عليه .. لتعاود مناداته مردفة : قوم .. تعبانة ..


يرمي الغطاء بخوف ملتفتا لها : شو بلاج ؟


-
تعبانة عندي نزيف ..



يزحف بمساعدة ساقيه لينزل من جانبها .. متذمرا ومعاتبا : لانج ما تحاسبين ع عمرج .. ولا على اللي فبطنج ..


وبخوف عاد ينظر إليها بعد ان تحرك بتوتر : شو اسوي ؟


لتجلس بتعب : ييب عباتي .. مب قادرة والله ..



يعج المكان بحركته وبصوته المؤنب لها .. يرمي بثوب النوم عن جسده ليرتدي ثوب آخر .. يتحرك يساعدها في ان ترتدي عباءتها بعد ان لاحظ عدم مقدرتها .. ليستحثها على الوقوف .. وما ان وقفت حتى صرخت به : مب قادرة ..



وتنتحب بالبكاء .. اهو الخوف من الفقد الذي اقعدها ؟ ام ان الملام حمل على اكتافها الذنب حتى أوهنها .. لم تشعر الا به يرفعها على ذراعيه .. تتشبث به وتدفن وجهها في رقبته .. تبكي وجعا .. وتبكي خوفا .. لتتمتم له حين اقعدها في سيارته : اريد امي .. جابر اريد امي ..



بعد نصف من الساعة كان هاتفه قد اردفه على أذنه وهي تدفعها احدى الممرضات على الكرسي المدولب .. تمسك بيده ويجاريها بالمشي .. يختلط صوتها الخائف مع صوته : عمي اسمحلي اوعيك فهالساعة .. بس والله مب عارف شو اسوي .. ليلى تعبت واحنا الحين فالمستشفى .. وطالبه امها تكون وياها .. الله يخليكم اتونا بسرعة ..


لتشده بسرعة صارخة : جابر لا تخليني ..


يسقط يده مع الهاتف يطمأنها عند باب غرفة الكشف : لا تخافين ما بروح مكان ..



تختفي هُناك .. ويشد هو بيده على وجهه ماسحا اياه .. ينظر على وقع الخطوات المتسارعة لدكتورة النساء المناوبة .. وتلج دون ان تكترث له تتبعها ممرضتان .. التحركات ارهقته .. ليتحرك يتمتم بالدعاء ان يحفظهما له ... يقف وتارة يمشي وتارة أخرى يجلس القرفصاء مستندا بظهره على جدار الغرفة .. هدوء في الممرات .. وفجأة صوت من بعيد يبعثره الخوف وترتيل الدعوات .. ليرفع بصره ويقف .. يتقدم نحوهما .. تمسكه من ذراعه على صوت بعلها السائل : طمنا يا ولدي ..


وتردف هي : وين بنتي .. شو قالولك ؟


يشير لها بمكان ابنتها فتهرول مبتعدة .. وتلج لتراها غارقة بدموعها واحدى الممرضات تطمأنها ان لا تخف .. وبطنها العارية اعترتها الكثير من المجسات لمعرفة حالة الجنين .. تقترب منها وتبتعد تلك .. لتشد بكفها على كف والدتها : اميه .. ما اريده يموت .. خبريهم اريد ولدي ..



تمر الدقائق ثقيلة .. تأن هي فيها بخفوت .. والاطمئنان يُبث إليها مع حديث الدكتورة ومن ثم الممرضات واخيرا من والدتها التي اخذت تمسح على رأسها متمتمة بايآت القرآن وشيء من دُعاء .. خلت الغرفة الا من جسدها المسجى على السرير وجسد والدتها القابع على الكرسي بجانبها ..




ترمي تلك الطبيبة ببعض القلق على جابر وعمه .. تخبره بانهم سيخرجون الطفل بعملية قيصرية بعد ساعتان او ثلاث ساعات من الآن .. فتلك الـ ليلى ضعيفة وجدا .. والنزيف الذي تعاني منه قد يسبب خطرا على الجنين إن بقي في أحشاءها .. تنهد متحوقل .. ليربت حمد على كتفه : ادعي ربك يقومها بالسلامة هي وولدها .. شده وبتزول وانا عمك ..



ليتركه واقفا في مكانه .. ويدخل هو يقترب من ابنته .. يقبل جبينها المتناثرة على جوانبه بعض قطرات من عرق .. ويوجه حديثه لزوجته : حفصة خلج عندها .. برد البيت الولاد بروحهم هناك .. من تطلع الشمس بتلقوني هني ان شاء الله ..



هزت برأسها توافقه .. وتبعته بنظراتها حتى اختفى .. الاخر ساقته قدماه الى المصلى في ذاك المشفى .. سيسجد لله يطلبه الرأفة بحالهم .. خالي هو في ساعة الفجر .. وكأن لا احد في ذاك المشفى بعرضه وطوله الا هو .. يستقبل القبلة بعد ان توضأ .. يُصلي ركعتي السنة ومن بعدها الفرض .. يُفرط في التسبيح والدعاء .. يقتحم خلوته بضع رجال .. ربما هم هُنا مع مريض لهم .. أنتهى وخرج .. حيثُ غرفة المعاينة في الطواريء .. اخبروه بانهم سينقلونها منها الى العمليات مباشرة .. وان تلك الابرة التي غُرزت في ظهرها ستساعدها على التغلب على آلاماها الى حين ..



يفتح الباب رويدا لتلوح له حفصة غافية وقد اسندت رأسها بكفها جالسة .. ليبتسم ويتقدم .. يقف ناظرا اليها .. هادئة .. بل انها نائمة ووجها متعب بحق .. ينحني يقبل جبينها .. لتستفيق الاخرى ترمش بعينيها مرارا .. وتراه يضع يده على بطنها وما لبث حتى انحنى يقبله .. لتنطق : ما عليهم الا العافية ان شاء الله ..


تقف من مكانها : خلك عندها يا جابر .. بقوم اصلي ..



يهز رأسه لها دون ان ينبس ببنت شفة .. يداعب شعرها بأنامله لتفتح عينيها بوهن .. تبلل شفتيها المتشققتان جفافا : لا تخليني ..


" اششش " نطقها وهو يهمس لها من انحناءه : ارتاحي .. وخلود بخير لا تحاتين .. بيي ان شاء الله وبتربينه وبتشوفينه معرس بعد ..



ضحكت بصعوبة .. متمتمة : ان شاء الله ..





,
,

هُناك حيثُ بات الاكسجين مثقلا بالهموم .. تصعب على الرئتين احتوائه .. انهى صلاته .. ربما كانت اطول صلاة فجر يؤديها .. جلس طويلا على تلك السجادة الزرقاء الموشومة بالكعبة الشريفة .. اخذته افكاره بعيدا .. الكثير منها يحوم عليه .. كيف سيتعامل معها .. وكيف يتعامل معهم ؟ .. طوى سجادته ليرميها على الكنب .. يجر خطاه ليفتح باب الغرفة .. يراها متكومة على سجادتها .. منطوية على ذاتها احتضانا .. تدس قدميها في ثوبها الواسع .. وكفها اليمنى اسفل رأسها.. اخرج زفرة خافتة .. كم هو ضئيل جسمها وهي على هذا الوضع .. تحرك .. من مكانه فاحست به .. لتنكمش على ذاتها اكثر ..


خطواته .. وفتح ادراج .. ورائحته .. حتى جسده احست به يقترب منها .. يطيل الوقوف .. وفجأة يبتعد .. لتفتح عينيها بضعف .. وقلبها يقرع طبول لا تخفت ابدا .. ارتفعت بجذعها عن الارض .. لترى ورقتان وبطاقة هوية .. ترمش بثقل تحاول ابعاد التعب عن عينيها .. لتعتدل جالسة وقد طوت ساقيها اسفلها .. تشد إليها بالبطاقة .. تقربها من نظرها .. وتدعك عينيها تحاول ان تبعد الضباب المغشي عليهما .. لترى صورته .. اسمه .. فتقطب جبينها .. وبسرعة تشد الورقتان .. الاولى عقد قرآن واسمها واسمه هناك .. وتاريخ الامس رُصد فيها .. والاخرى نفس الاولى الا من اختلاف في اسم الكاتب وتاريخ الحدث واسماء الشهود ..



داهمتها شهقة .. فدموع باذخة على وجنتيها .. وابتلاع لريقها الجاف .. ما الذي يحدث ؟ كيف ؟ لا تعلم كم ظلت قابعة يحتويها وجع قلبها .. انهاك جسدها .. أنين رئتيها .. لتقف تحمل بين اناملها الورقتان .. وفي اليسرى بطاقته الشخصية .. ببطء خطت .. تفتح الباب بوجوم استحل اوصالها وملامحها .. تبعثر انظارها لتراه على الكنب .. حاسر الرأس .. مردف ذراعه على وجهه .. مستلقي وقد ارتفعت ركبته اليمنى في زاوية حادة .. وساقه اليسرى سقطت عن الكنب تعانق الارض ..



شعر بفتح الباب .. فابتسم .. ظن بانها ستتأخر في الظهور .. يوتره صمتها .. تصنمها في مكانها .. لينطق ولا يزال على هيئته : بغيتي شيء ؟


بللت شفتيها بلسانها وزمتهما .. نطقت بخفوت : ليش ؟



ليتحرك جالسا .. ترى جانبه الايسر .. لحيته المشذبة بعناية .. رمش عينه الكثيف .. تتابع السؤال : باي حق تسون في جذي ؟



-
يعرفون .. يدج وفهد يعرفون .. وعبالي تعرفين .. يلست وياهم خبرتهم اني ريلج واني متقدملج عشان الناس ما يقولون شيء ولا يعقون رمسات مالها داعي .. وسمعوني كلام وايد عنج ..



سقطت الاوراق من بين اناملها .. هو يعرف اذا ؟ فهد وجدها ذبحاها دون ان تُذبح .. نفذا فيها الحد الذي رغباه دوما .. ارتفعت يدها تشد على فيها .. تمنع شهقات اصبحت تتعبها ..




لما يا عينيّ لا تكفين البكاء ؟ كفي فلقد اهلكتني .. دمرتني واضعفتني .. أوآه كم أن القلوب قاسية كحجر صوان .. كفي انهمارا .. كفى ارتجافا .. وكفى اختناقا .. ارغب بالصراخ .. حتى تتقطع حبال صوتي .. وتتجد دموع عيني .. ارغب بالسقوط وعدم النهوض .. اني مبعثرة ..





هو وقف بعد الصمت يراها متسمرة في مكانها .. فيقترب منها .. الآن يستطيع ان يلمسها دون ان تشعر بالعار والحرام .. يعانق رسغ يسارها يشدها معه : تعالي .. لازم ترتاحين ..



لتأتيه صرختها .. آه مكتومة .. وكفها تعانق كتفها المصاب .. ليتجهم وجهه تاركا رسغها ومقتربا منها .. يغطيها بطوله .. لم تشعر الا بيده تزيح غطاء رأسها .. يتناثر شعرها القصير على كتفيها .. فتنظر إليه .. ترا في عينيه نظرة قسوة .. لم تشعر به يزيح الثوب عن مصابها .. حتى نطق : شو هذا ؟


لتعود الى واقعها .. تدثر كتفها : ولا شيء ..


امسك بيمينها .. يدعوها الى الغرفة التي ستضمهما اياما وربما اشهر وسنوات .. يجلسها على السرير .. ومن ثم يبتعد يفتح احد ادراج الدولاب .. ويتحرك مبتعدا الى دورة المياه ( اكرمكم الله ) وبيده منشفة صغيرة .. ويعود مسرعا .. وقد طواها بترتيب .. ترى البخار يتصاعد منها .. ليضعها على الكومدينة بجانبها .. يمسكها من كتفيها : رقدي ..



-
ماله داعي .. بكون بخير ..


قالتها بخوف .. وهيهات ان يسمع لها .. وتستلقي مرغمة .. يعود يزيح ثوبها عن كتفها حتى اتضح له خيط لباسها الداخلي .. فقطب حاجبيه : زار( شاد او ضاغط ) عليج



خالجه ارتباك فاخذ المنشفة بتوتر .. يضعها على كتفها ويضغط عليها لبرهة : فكيه بعدين .. الضربة عودة .. ما رحتي المستشفى ؟



هزت رأسها بلا .. وأي حال هي فيه الان .. خجل وتوتر وارتباك .. وانفاسا حارة .. وقلب لا يهدأ .. تصد بوجهها على يمينها .. تتمنى ان ذاك الذي يداعب جفنيها يبتعد .. لما الآن يزورها ؟ .. حالتها لا تسمح لها بالنوم .. وذاك ما يلبث يختفي حتى يعود بنشفة حارة .. اشعرها بحنان فقدته .. فنزلت مياه عينيها مختلفة هذه المرة ..



ترتجف يده الضاغطة على المنشفة بخفة .. وقلبه هو الاخر لا يهدأ وكأنه يساند قلبها في ذاك العزف الغريب .. لم ينظر إليها .. يخشى على نفسه منها .. لتثيره انفاسها التي شدتها بعنف .. فيلتفت يرى وجهها .. عيونها المغمضة .. ودمعها المتعدي انفها الغارق في خصلات شعرها ..



يتركها تغط في نومها .. هو ايضا متعب ويحتاج لقسط من الراحة .. لنوم يريح فيه عقله من التفكير .. خرج ليعود حيث كان آنفا .. يستلقي هُناك تاركا الغرفة لها بعد ان اغلق الباب .. يمضي الوقت بهما .. والساعة بدأت تقارب العاشرة والنصف .. ليتحرك من مرقده بتعب .. وصداعه المعتاد عاد يزوره بقسوة .. فيشدد على مؤخرة رقبته وهو يعتدل جالسا .. اختفى من المكان بهدوء وعاد بهدوء وهي لا تزال في عالم آخر .. يضغط زر الاتصال .. وفي نفسه غضب متأجج .. يرن ولا من مُجيب .. ليعاود الكرة من جديد .. ويأتيه الصوت الناعس : الو ..


وبغضب نطق : صح النوم ..


ليفز فهد من سريره .. يستشف نبرة الغضب .. فيقهقه عاليا : انلسعت ..



وانفجر ضاحكا .. ليشتاط الاخر غضبا لم يعرفه يوما : انتوا من اي طينه مخلوقين .. ضاحكين عليها ومعذبينها .. والله ان العذاب الجسدي ارحم من اللي سويتوه فيها .. تبون توصلونها للينون هذا وانا مخبرنكم بكل شيء ..



بلع ريقه : اوف اوف .. شكلها ما خلت شيء ما قالته .. بس تستاهل .. وتستاهل الموت بعد .. ولو انت مكانا سويت اكثر من اللي سويناه يا شبيب ..


يشد بقوة على الهاتف حتى كاد ان يتحطم بين انامله : ما بكون ريال .. اذا ضربتها .. وحبستها .. ورويتها العين الحمرة .. واصبحها بطراق وامسيها بطراق ..



وصلها صراخه .. وصلتها آخر جُمله .. لتترجل تدنو من الباب .. تسمعه يطلقها بعنف .. فتنكمش تهتز اناملها برعشة على ثغرها .. ظنت به انه سيفعل ذاك بها حتى ما وصلها قوله : هذي مب من شيم الرياييل يا فهد ..



حتى شدت على شفتيها .. وابتعد بخطواتها للوراء .. ترغب بالعودة تحت الغطاء .. ترغب بالارتحال الى عالم النوم حتى حين لا تعلم متى سيكون ..



وذاك في الخارج وقف يتملكه السخط ..وبسخرية ممزوجة بالمكر جاءه صوت فهد : ها شو لقيتها..



لينفجر بفحيح : ما اسمحلك يا فهد .. وهالشيء ما يخصك .. دامها صارت حرمتي مالك حق تيب طاريها على لسانك ..


تشدق وهو ينزل ساقيه عن السرير : ما نبي طاريها .. ومن اليوم لا نعرفكم ولا تعرفونا يا ولد ناصر ..



ليغلق الهاتف في وجه شبيب .. تسود ملامحه .. يضغط على هاتفه واذا به يرميه حتى تشظى متبعثرا ..




,
,

منذُ الاعلان الرهيب الذي حطمها اشلاء وهي صامتة .. لا تحادثه .. لا تنظر إليه .. يزمجر على رأسها مرارا فتصمت .. يحاول ان يثير سخطها لترفع نظرها الى وجهه ولا يفلح .. يعلم بان حديثه كان قاسيا .. ولكنها تستحقه في نظره .. منعها من الذهاب لحفل الزفاف فصمتت .. هي ايضا لم تكن راغبة بالظهور بتلك الملامح الخالية من كُل شيء .. تجلس وحيدة في هذا اليوم في تلك الصالة .. ترتشف قهوتها من قدحها الذي تعشقه .. هدوء الا من صوت ينبعث من غرفته .. لعله يهم بالخروج ..



وبالفعل خرج .. ليقف ينظر إليها جالسة بصمت اضحى يخيفه .. تقدم منها حتى ما ظهر له جانب وجهها .. شاحبة هي شحوب الميتين . بلع ريقه وحرك مفاتيحه بين انامله وكأنه ينبأها بانه خلفها .. لم تكترث .. ليتحرك يقبع على ذاك الكرسي القريب منها : الين متى ؟ .. تبين تحسسيني اني غلطان .. انج بريئة وشريفة ؟ ..



فقط السكوت يقابله .. ليزم شفتيه ينحني لعله يوصل الحديث لها بشكل اوضح : يوم اني ما خليتج تاخذين شبيب مب حب فيج .. ولا كره له .. شبيب ريال والنعم فيه .. بس ما بغيت الناس تتكلم عقب ما يردج لبيت خالتج من عقب ما يلقاج مخربة .. الا الفضيحة يا مها ما بتحملها .. ما بتحمل يقولون بنت عمي ردها ريلها بيت اهلها وما كملت نص يوم ..



تنغرز في جسدها تلك الكلمات كمسامير صدِئة .. تنثر السم فيها رويدا .. ترغب بالصراخ في وجهه أن كفى هراء .. ولكن ليس اجمل من ان يكتوي هو بصمتها حد الاختناق .. يرتفع صارخا بها : ليش ما تتكلمين .. والا خلاص من بانت الحقيقة ما عندج كلام تقولينه ..



ارتفعت هي الاخرى توليه ظهرها .. تبتعد الى المطبخ الصغير .. متجلدة بالصمت .. بالهدوء الذي يثير فيه زوبعة الغضب .. لتسمعه يلعن الحال .. وبعدها يخرج ضاربا الباب بعنف .. لم تسمع صوت المفاتيح المعتاد .. فالتفتت .. هل نسي اقفاله ؟



تحركت بعد ان غسلت كوبها .. تمسح كفيها بجانبي ثوبها .. حتى ما وصلت الباب وضعت يدها على المقبض .. لتتنهد واذا به يُفتح .. بلعت ريقها .. تغلقه وتجري تنظر من النافذة .. تراه يبتعد بسيارته .. حتى سيارته لم يرحمها من غضبه .. تحركت بسرعة .. ستبتعد عن هذا السجن القاسي .. ترمي ملابسها في حقيبتها .. لن تاخذ كُل شيء .. بل ستكتفي بالقليل .. بسرعة سحبت مفتاح سيارتها وحقيبتها بعد ان ارتدت عباءتها و " شيلتها " .. ستنهي ألمها .. ستعلمه بان هي ليست وحيدة .. ليست ملك يمينه فيجرحها كيف يشاء ..



جرت حقيبتها وابتعدت عن المكان .. لن تعود الا وقد علمته درسا لن ينساه يوما .. لن ترضى بان يقذف شرفها وتصمت .. هي ليست مستعملة كما يعتقد .. وهو ليس الشخص الذي يجبرها على العيش دون كرامة ..


,
,

هُنا أقف .. وموعدنا مع الجزء الثاني قريب ان شاء الله





اسطورة ! 26-05-14 05:55 PM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
شمس جُمعة تزاحم السماء لتصل إلى وسطها بعد ساعات .. وهي من بعد ما آل إليه مصيرها أضحت كفقاعة زاد ضغطها فَانفقعت .. مشتتة ومتسائلة ماذا عليها أن تفعل ؟ .. هذا السؤال الذي لم تصل به إلى بر يُسعفها .. ترثي حالها .. ترثي مها القديمة .. وترثي عقل أبن عم كانت تتمناه أن يحتويها .. ابتسمت وهي ترى بوابة منزل خالتها مشرعة كما العادة .. وزادت ابتسامتها أكثر لان موقف سيارتها لا يزال يحتفظ باسمها .. فارغا لا يستقبل الا سيارتها ..



ترجلت ليلفها الهدوء .. المنزل ساكن وكأن لا روح فيه .. خطت بخطوات وجلة بعد ان انزلت حقيبتها .. تجرها من خلفها وتحاول ان تتصيد صوت ما .. صوت مبارك او صوت خالتها او صوت الخادمة .. لكن لا شيء .. قطبت حاجبيها وهي ترى باب المنزل مفتوحا بعض الشيء .. لتدفعه بيدها ويصلها صوت التلفاز الخافت .. فتركن حقيبتها وتمشي وقد تسلحت بابتسامة كاذبة .. لتطل برأسها من الباب وتختفي ابتسامتها .. لا احد سوى الخادمة الاثيوبية المحتلة المكان في غياب اصحابه .. تشد جبينها وفجأة ترخيه رافعة حاجبيها باندهاش .. مقوسة شفتيها باستنكار .. لِـ تحمحم وتفز الاخرى في هلع .. تتلعثم في كلماتها .. وتتوتر في خطواتها التي اتجهت نحو قابس الكهرباء بعد ان اطفأت التلفاز لتطفئه .. وتسألها تلك : وينهم ؟ وين خالتي ؟ وانتي شو يالسه تسوين هني ؟ ومكيفه بعد ..



وقفت تُجيب بلهجتها العربية المتكسرة : ما في شغل .. بابا وماما ما في موجود .. كلش يروه ..



" ما في شغل ؟ " بنبرة مستفهمة ومستنكرة قالتها .. لتتبعها : كيف ما شيء شغل واحنا بعدنا الصبح .. ما وراج تغسيل ملابس .. كواي .. تنظيف البيت .. والا اذا غاب القطو يلعب الفار ..


بتعالي نطقت الاخرى : انت ليش يكلم انا ؟ هزا بيت بابا وماما انت ما يتكلم ..



مرت من جانب مها وقد تملكها الغضب ولسانها يثرثر بكلمات كثيرة يظهر منها السخط والتبرم ..لتزفر مها انفاسها : هذا اللي ناقص بعد .. الله يعينج يا خالتي ع شغالتج ..



" أنت يجلس والا يروه " .. التفتت على صوت الخادمة من خلفها .. لتجيبها : لا ما بروح .. وبتحصلين شنطة عند الباب شليها وحطيها فحجرتي ..



لترفع حقيبة يدها تفتحها .. وتبحث عن هاتفها فيها .. وما ان التقفته حتى تحركت صاعدة الدرجات وهو على اذنها .. يرن ولا من مجيب .. زمت شفتيها وتوقفت عن المضي لتضغط رقم اخر .. وايضا لا من مجيب .. ابعدته : وينهم .. لا خالتي ترد ولا عمي ..



لتقف مرة أخرى عند باب غرفتها حين خروج الاخرى .. نظرت إليها وهي تبتعد .. يبدو انها كرهتها فلسانها لا يفتئ من الثرثرة الغاضبة .. تشدقت بابتسامة ساخرة .. تغلق الباب من خلفها .. رامية حقيبة يدها على السرير وتبعتها بـ" شيلتها " .. تجلس على طرفه لتعتق شعرها وتنفشه باناملها .. وشرود يطوقها .. وملامح حزن رسمتها على وجهها ..



تستلقي وتاخذها غفوة لم تدرك مدتها .. لتصحو على صوت الخادمة القارعة على الباب والمقتحمة خلوتها بعد ثواني .. تفز من استلقاءها : شو في ؟


-
واحد برا .. يقول يريد انت .. وايد عصبي ..


وقفت تسحب شيلتها وتلفها على رأسها .. علمت ماهية الزائر .. فتسلحت بالقوة .. تنزل الدرجات وقلبها ترجفها ضرباته.. حتى ما خرجت رأته : خير يا سلطان ..



موليها ظهره .. يتآكله الغضب .. حتى ما سمع صوتها التفت بعنف .. ينثر انفاسه بحنق .. ويتحرك بقسوة تجاهها .. يشدها من ذراعها : امشي نرد بيتنا ؟ لا تفضحينا ؟



باناملها اخذت تفك قبضته عن ذراعها .. ونظرها ركزته على عينيه .. حتى ما فكتها نفضتها : الفضيحة انت اللي بتسببها اذا ما تحركت من هني .. ولا تنسى ان فضيحتي انت داريتها .. شو اللي تباه الحين ..


يحاول ان يسيطر على غضبه : مها اخزي الشيطان وركبي سيارتج وردي وياي ..



ضحكت ساخرة : ما اريد اخزى الشيطان .. اريده يركبني زين .. انت سويت اللي عليك .. وكثر الله خيرك .. خفت علي انفضح ..



" تتمسخرين " .. قاطعها بكلمته واردف : مها خلينا نتفاهم .. وبدون ما نكبرها ..


شدت انفاسها .. وربعت ذراعيها على صدرها : بنتفاهم بس يوم انا اقرر ..


-
عندج يومين يا مها .. وتردين البيت احسنلج واحسنلي ..


-
عندي كل الوقت يا سلطان .. ولا لك دخل فيه .. والا كل شيء بيوصل عمي .. لا تحدني اسوي هالشيء ..



تبادلا النظرات .. هو يقذف بنار غضبه .. وهي تزيد ناره بهدوءها ونظرتها الباردة .. ليحرك فكه بقسوة حتى كاد ان يحطمه .. لينطق : سوي اللي تبينه ..



ويختفي هو .. وسيارته .. وحقده .. وغضبه الذي اسال دموعها حين ابتعد .. لن تعود هذا ما قررته .. وهو ليتحمل وبال افعاله معها ..



,
,

غريبة اقتحمت حياته دون استأذان .. تبلبل ساعات يومه ودقائقه .. تُشاركه فراشه .. دولاب ملابسه .. وتزاحم عطوره بعطورها .. حتى الاكسجين بدأت تشاركه فيه .. تنهد ناظرا إلى ساعة الحائط المرتفعة فوق التلفاز المسطح .. تقارب الحادية عشر والربع من الساعة .. تتعانق انامل كفيه اسفل ذقنه .. ويجلس في هدوء .. ثار بقوة على ذاك الفهد .. ليعتلج في صدره الكثير من الضيق بعد ذاك الحديث .. اذا هي ليست بعذراء ؟!..




مسح بيده النصف الاسفل من وجهه .. متمتما بالاستغفار .. وزافرا انفاسا حارة ... لم يبقى الكثير من الوقت وعليه ان يستعد لصلاة الجمعة .. ارتفع من مقعده وتحرك نحو الغرفة .. يشعر بانه بحاجة لماء بارد يطفيء نار صدره .. ولج لتتسمر أنظاره على السرير .. على تلك الملتحفة ونائمة لا يظهر منها الا قمة رأسها .. شعرها بصبغته التي لا تروقه .. تلك الخصل باللونين تثير في نفسه رغبة لا ماهية لها .. مبهمة وجدا .. هو لا يتقبل تلك الالوان الفاتحة في الشعر .. لوح برأسه يبعد تلك الافكار .. ليكمل المسير نحو دولابه ..



لم تكن نائمة .. دخوله ايقظها فاخذت انفاسها تتحارب خارجة من صدرها .. لقد اخافها وجدا صراخه .. غضبه ذاك ارجفها .. اصابها بوابل من خوف لا تستطيع ان تهدأ معه .. كان مختلفا مع كلمات شامة عنه حين تأتي سيرته بين طيات الاحاديث .. فتحت عينيها قليلا تنظر إليه .. إلى ظهره وإلى حركته وهو يبحث عن ملابسه ..


لتغلقهما بسرعه حين تحرك من المكان نحو دورة المياه ( اكرمكم الله ) .. بلعت ريقها .. والتعب اخذ من جسدها كُل مأخذ .. لتغفو قليلا .. وما لبثت حتى استيقظت من جديد على خروجه .. تتسلل اليها رائحة عطره فتبعد الغطاء قليلا علها تراه .. مختلف هو مع لباسه الاماراتي الكامل .. تسمرت انظارها عليه .. لا تلمح الا جزء بسيط من وجهه فتلك الـ"الغترة" البيضاء تخفيه ..



مطأطئ الرأس يحاول اغلاق ساعته على معصمه .. وحاجبيه مشدودان .. ليرفع نظره الى المرآة ليلمحها .. فيبتسم قليلا ويتحرك من المكان .. لم ينطق وهي لم تتحرك .. تشعر بالخجل فهو مؤكد يعلم ماضيها .. لتزم شفتيها متمتمة بخفوت : لا وياكم رحمة ولا بعيد عنكم ..


ابعدت الغطاء : اللهم صبرني ..




,
,

هُناك كانت تتحرك متوجهة لغرفة كنة .. تطرق الباب وتدخل .. لتجدها لا تزال نائمة .. زفرت تقترب منها تُزيح الغطاء عن جسدها : كنة قومي بتصير حدعش وشيء ولحد سوى غدا وانا ما في ع وقفة المطبخ


رفعت رأسها و بعيون ثقيلة وشعر منفوش نظرت لوالدتها : امايه والله تعبانه ما رقدت الا عقب الفير .. احس ريولي ما بيشلني .. وراسي تقول فيه حصاه هالكبر كبرها ..



اسقطت رأسها على المخدة متمتمة : قولي حق شامة تسوي الغدا .. والله مب قادرة ..



تأففت متحوقلة .. لتثرثر بحنق وهي تبتعد .. تلج الى غرفة شامة .. تنظر لكلثم النائمة على مرتبة ارضية بعيدا عن هواء التكييف .. ومن ثم يقع نظرها على الفستانين المرميان على الارض بجوارهما العباءة السوداء و " الشيلة " .. لتطوح رأسها مقتربة من السرير .. تربت على كتف شامة : شامة قومي بسج رقاد .. اخوج الحين بيطلع يصلي ومن ايي يبا غدا .. وانا ريولي تعورني ما اقدر ع وقفة المطبخ ..



تقلبت في سريرها لتنام على ظهرها ناظرة لوالدتها : وكنة ؟



" ما طاعت تقوم " .. واردفت وهي تسحب اللحاف : قومي ..


لتجلس تسحب انفاسها وتزفر بهدوء .. تلف شعرها وتنحني تلتقط مشبكها من على الكوميدينة .. وتترجل مبتسمة وهي ترى والدتها تقف عند عتبة الباب : بقوم ..



وما ان اغتسلت حتى خرجت مهرولة إلى غرفة شقيقتها .. تدخل بعنف وتقع على السرير جاثية على ركبتيها حتى اهتز وتأففت تلك من تحت غطاءها .. لتسحبه شامة : قومي يا كنون .. تراني مثلج ريولي تعورني وراسي .. وظهري .. وكل شيء .. قومي ساعديني فالمطبخ .. اخاف ادمر الغدا ..



بعثرت خصل شعرها المتناثر على وجهها وهي تقذف انفاسها .. لتبعده بعدها بكفها .. متذمرة ناظرة لسقف : ما تخلون حد يرقد .. انزين طلبوا من المطعم .. والله ما في حيل ادخل المطبخ ..



" مطعم ؟ " قالتها شامة ومن ثم ضربت كنة على كتفها .. لتقف وهي تردف : قومي يا ام مطعم .. ناسية ان اليوم اليمعة .. ما شيء مطاعم فهالوقت الكل مسكر .. قومي بس ..


تأففت وهي تجلس : انزين .. سبقيني ..


-
بترياج .. ياللا قومي تغسلي وبنروح وييا بعض ..





خرج من قسمه لتلوح له والدته فيبتسم بحب .. ويدنو نحوها تزداد ابتسامته على كلماتها : مبروك .. مبروك .. عساك تتهنى وهالفرحة ما تفارقك ..


" الله يبارك فيج " .. يقولها وهو ينحني يقبل رأسها قبلات متتالية .. ومن ثم ينظر في عينيها المغرورقتان بالدمع : افاا يا ام شبيب تصيحين ..



" من فرحتي فيك يا ولدي " .. وتردف بحب : عساك ارتحت وياها ؟ ووينها ؟ والا بعدها راقدة ؟



قبل ان ينبس بكلمة جاءه صخب شقيقتيه من بعيد .. وكلمات المباركة والضحكات .. ليضحك بخفوت وهو يسمع كنة التي تقترب منهما : مبروك يا ابو ناصر منك المال ومنها لعيال ..


لتحاول ان تطلق "زغروطة " ولا تفلح .. وتتبعها بضحكة ومن ثم قبلتين على وجنتي شقيقها .. وأخرى على جبينه .. هامسة : الثالثة عشان امي ما تعصب علي ..



ليضحك وهو يستقبل شامة المهنئة له .. وتسأله : العروس بعدها راقدة ؟


ليبعثر الحديث عنها بسؤاله عن هاشل : وين هاشل ؟


" راقد " .. قالتها والدته .. ليقطب حاجبيه : وعوه يتيهز لصلاة ..


-
حرام خلوه يرقد .


نظر لشامة حين نطقت بجملتها : لو تراخينا .. وكل مرة قلنا حرام وحرام .. ما بيفلح .. وهو مب صغير واذا ما صلى ينضرب .. وين امايه العودة ..


انسحبت كُل من كنة وشامة وعتاب خفيف من كنة لشقيقتها يصل إليهما .. لتجيبه والدته وهي تدبر : تصلي الضحى فحجرتها .



في صدره وجع لا يعلمه الا تلك العجوز .. تزول ابتسامته مع اختفاءهن .. يسحب انفاسه وكأنه يحاول ان يتسلح بالكثير من القوة .. بين ليلة وضحاها صار يشعر بثقل لم يشعر به يوما .. وشيء في داخله لا يعلمه .. وصل الى غرفة جدته ليطرق الباب ويلج .. يراها كما اعتاد دوما .. تقلب حبات المسبحة في يدها ولسانها لا يفتر من التسبيح .. يدنو وينحني يقبل رأسها ويجلس بجانبها .. يتسلح بابتسامة تعرف تلك العجوز انها زيف يخنقه : مبروك يا ولدي .. شو بلاه ويهك تعبان ؟


-
الله يبارك فيج يالغالية .. ما رقدت زين .. واحس راسي بينفير من الصداع ..


-
إن شاء الله ارتحت وياها ؟



سؤال لم يرغبه .. فتبسم وغض نظره .. لترفع بيدها المجعدة والمرتجفة رأسه من ذقنه .. فيلتقفها مقبلا : ما صار بينا شيء .



وبحدة نبرة : افا يا ولد ناصر .. لا تقولي انك ما تروم ع الحريم ..


اضحكته تلك الجملة حتى انار وجهه : لا ياميه .. راح فكرج لبعيد .. بس البنت تعبانة ..


لتنطق : هيييه .. لول البنت ما تنزف وهي ما تصلي .. تبقى فبيت اهلها الين تنظف ..


باستغراب نظر إليها : وتنفضح بين الخلق ؟


وبسخط اجابته : لا فضيحة ولا شيء .. بس لول الناس غير ..



صمتت وهي ترى شيء مختلف في وجهه .. تنهدت تربت على كفه المرتاحة على فخذه : هونها وهي تهون ياولدي .. وكلام اهلها عقه ورى ظهرك .. لو هم شيء ما تكلموا عليها قدامك .. ولا قالولك اللي قالوه .. صير لها انت الاهل .. وحتى لو غلطت قومها .. علمها الصح من الغلط .. امسك ايدها .. وعفى الله عما سلف وانا امك .. ايلس وياها وافهم منها .. مثل ما هم قالوا هي بعد لها حق تقول .. انت عارف وما تحتاي اللي يعرفك .



لثم كفها من جديد ..كلماتها تلك اعطته دفئ راحة .. ليحني رأسها ويقبله : الله يحفظج لنا ياميه .. ويعطيج طولة العمر .. – ارتفع واقفا - بروح المسيد .. ما باقي شيء ع الصلاة ..


" تريقت ؟ " .. سؤال طرحته ليقف ويلتفت لها : مابي ريوق .. بخذلي فنيان قهوة قبل اطلع ..



حتى هي ليست بافضل منه حالا .. شعور الغربة يداهمها ويسيطر عليها .. لاول مرة تشعر بانها فاشلة في التصرف .. وكأنها ليست هي .. لا تعلم كيف تبدأ معه حياتها .. حتى فرحتها سُلبت منها بقسوة .. تبا لذاك الفهد .. كان عقلها يحثها ان تدعو عليه حتى تهلكه .. ولكنها لم تفعل .. اغرقت جسدها بالماء تحاول ان تغسل ذرات الذل منها .. وسخ الماضي اللعين الذي يقض مضجع مستقبلها .. ماذا اخبروه ؟ هل اخبروه عن كُل شيء ؟ ام انهم انقصوا .. او لعلهم زادوا ؟



تنهدت وهي تُنزل مجفف الشعر من يدها .. تنظر للونه .. أي حماقة فعلت؟! .. كيف لم تختر هي لون الصبغات .. تبدو غريبة .. كجنية بهذا الشعر الباهت .. زمت شفتيها لتحاول رفعه واذا بها تسقط ذراعها .. تشد على كتفها بيمناها .. ويمر عليها ما حدث آنفا .. لطيفا كان .. لتبتسم بهدوء .. وفجأة تعكر صفو وجهها حين تذكرت صراخه .. غضبه المخيف ..




فُتح الباب لتبلع ريقها .. تنظر إلى انعكاسه .. لا يتكلم معها .. حتى تحية صباح لم ينطق .. يدنو منها حتى لامس بجسده جانبها الايمن .. يلتقط هاتفه من جانب العطور المصفوفة .. ناطقا : اتمنى تطلعين تسلمين ع امي ويدتي وخواتي ..




فقط هذا ما قاله وابتعد .. لتنفخ هواء صدرها .. وتقف .. ستصلي ركعتين وستقرأ سورة الكهف حتى دخول صلاة الظهر .. وبعدها ستفعل ما طلبه ..





يمر بها الوقت .. تشعر باختلاف في روحها من بعد ان قرأت آيات ربها .. وكأن الغمامة التي سيطرت على عقلها تبعثرت .. تبخرت وتلاشت .. وها هي ترفع كفيها لخالقها تدعوه أن يكن معها .. أن لا يتركها ابدا .. وأن يغفر لها زلاتها صغيرة كانت او كبيرة .. تمسح وجهها بكفيها وتطوي سجادتها بعد ان سمعت نغمات طرق على الباب .. لتخرج بهدوء الى الصالة ومن ثم الى بابها لتفتحه ..


تُستقبل بالقبل والتهاني من شامة ومن ثم من كنة : الله يبارك فيكن .. حياكن ..



قالتها بخجل .. حياء لفها لا تعلم لماذا .. لتحتضنهن كراسي الصالة القطنية بعد برهة .. الصمت يلفهن .. لا يجدن حديث قد يجمعهن .. لتقف بهدوء : ايبلكن شيء تشربنه ؟



تمسكها كنة وتجلسها : مانبي شيء .. طمنينا عليج ؟ .. امس فالعرس حسيتج خايفة ومتوترة .. حتى ما كنتي تردين علينا .. وسمعت امايه العودة تقول انج تعبانة .




تبسمت : انا بخير .. بس تدرين لازم الوحدة تخاف فمثل هاليوم ..




" بس مب بهالشكل " .. قالتها كنة والتفتت لشامة الصامتة : ليش ساكتة وكانج ما تعرفينها ؟



بخفوت نطقت وهي تنظر للارض : مادري .. بس مستحية منها ؟




" ما بينا شيوم " .. واردفت وهي تقف : بطلع وياكن اسلم ع امكن ويدتكن .. بغير ملابسي وبطلع ..



لتقف بعد ان خطت خطوتان .. تلتفت : اممم .. في رياييل فالبيت ؟



-
لا تخافين ما في حد .. خذي راحتج .


قالت جملتها وما ان ابتعدت ريّا عن المكان .. التفتت من جديد لشامة : مستحية ؟ .. شاموه انتي بعدج زعلانه منها ؟




زمت شفتيها ومن ثم نطقت : مب سالفة مستحى .. بس احس اني زودتها وياها يوم اتصلت علي اخر مرة .. ظلمتها .. فيج تقولين مالي عين اطالعها .. هي كانت وياي مثل اختي واقرب بعد من اخت ..




تنظر إلى كنة : تبين الصدق حاسة بغرابة ان الدكتورة اللي اتعالج عندها صارت حرمة اخوي .. تعرف كل شيء عني .. اصغر الاشياء فحياتي تعرفها .. هالشيء يخليني متوترة وانا وياها ..



يصلها الحديث قبل ان تخرج من غرفتها .. تقف تستمع وتبتسم بخفوت .. خطت للخارج : شامة .. اللي بينا يبقى بينا .. وهني انا حرمة اخوج مب طبيبتج .. حطي هالشيء دايم قدامج وانتي بترتاحين ..




حدقت بها .. مختلفة بالبس الاماراتي "المخور " .. تعودت ان تراها بالملابس الضيقة .. بالشعر البني القاتم .. بالمكياج العميق .. اليوم هي بطبيعتها أكثر .. الا من ذاك الشعر .. لتقول وهي تقف : ريا .. ترى صبغة شعرج مب شيء.




"شامة " قالتها كنة باستهجان واردفت وهي تنظر لريّا : ما عليج منها ..



-
هي دايم تقولي كوني صريحة .. وهذا الصدق .. ترا حتى شبيب ما تعيبه هالالوان فالشعر .. يعني الخصل وايد فاتحة .



رمقتها كنة بنظرات أن اسكتي .. كُفي عن وقاحتكِ .. ولم تشعر الا بتلك تضحك .. تمسك خصلة من شعرها : ترى حتى انا متفاجأة من اللون ..



بشيء من التردد قالت : اخوكن عصبي؟




" هااا " .. نطقت بها كنة .. لتتوتر من ملامح وجهيهما .. وتبلع ريقها وكأن بها اجرمت في حقه .. لتبتسم شامة : ليكون عصب عليج ؟ .. ترى اذا قلتي هيه ما بصدقج .. عاد شبيب يعصب ومني والطريج مستحيييل ..




تدنو منها كنة تمسك بمعصمها لتخطو معها نحو الباب : شبيب طيب وحنون .. مب لانه اخوي بقول عنه هالكلام .. لا .. وفنفس الوقت ما يرضى على الغلط .. يوم يعصب ما تعرفينه ابد .




تقف تترك يد ريّا لتفتح الباب .. وتلتفت لها : عامليه بالطيب وبيعاملج احسن منه .. انتوا بعدكم ما تعرفون بعض .. كل شي صار بسرعة حتى يلسه مثل اي اثنين بيعرسون ما صارت بينكم .. بس صدقيني اخوي ما بتحصلين مثله .. وانتي من كلام شامة عنج باين انج والنعم فيج ..




هزتها تلك الحروف المكونة لكلمات كثيرة تجهل وجودها .. تطرحها في قالب من الاسئلة وسؤال يتبعثر وجدا .. هل سيرضى عنها إن عرف ؟ .. مشت بمعية شقيقتيه وكأن بها مغيبة .. حتى ما ولجن للصالة وجاءها صوت كنة : أوه العريس هني .




حتى رمشت وابتسمت على مضض .. تخطو لتقترب من تلك العجوز المرحبة بها .. تقع على رأسها مقبلة .. ترد على تهانيها بفرح تصنعته .. ترتفع من انحناءها على صوت شمسة تطالب ابنتيها بوضع الغداء .. تتحرك بتوتر .. تقبلها وتسأل عن حالها .. ليأتيها صوتها : مبروك ..




استشعرت الجفاف في نبرتها .. مغايرة تماما لنبرة تلك العجوز التي عادت تناديها لتجلس بجانبها .. وهو أكتفى بالصمت تخونه عينيه فينظر ناحيتها .. تبدو خجلة .. وبريئة وجدا .. وابتسامتها وجلة .. حتى أناملها التي تشد عليها جدته بين كفيها كانت تشده .. يستمع لثرثرة العجوز لها .. توصيها به خيرا .. ليبتسم مطأطيء رأسه .. ويرفعه على دخول هاشل المفشي لسلام .. والمتقدم من ريّا يمد لها كفه : مبروك حرمة اخوي ..



تصافحه وتبتسم : الله يبارك فيك ..



يتركها ويجلس بجوار شبيب .. يهمس له : حرمتك غاوية ..




لينفجر ذاك ضاحكا .. تتحملق الانظار ناحيته .. وتسمرت نظراتها هي على وجهه .. ملامحه الضاحكة .. انحناءه على شقيقه يهمس له بشيء في اذنه .. والاخر ينظر إليها لتستشعر أن الحديث عنها .. فتغض نظرها .. يزداد تنفسها .. ودقات فؤادها باتت تخنقها .. ترغب بالنهوض والابتعاد خلف الجدران .. كُل شيء لم تألفه بعد .. لينطق هاشل محطم اسوار تماسكها : يقولج شبيب لا تستحين ترا محد غريب هني ..




لتنهرهما تلك العجوز : شو بلاكم ع البنيه .. شبيب هذا وانت العاقل طايح مساسر وييا اخوك .. استحوا ..



" يدوه ما قلنا شيء " .. واردف : شبيب هو قالي اقول .. يقول بعد ..




" بس " صرخت بها شمسة واردفت : لا تقول ولا يقول .. عندك كلام لحرمتك تكلم وياها بروحك ..




تحوقل شبيب .. واكمل : شو بلاكن شبيتنا علينا .. نباها تتعود علينا .. شوفنها ساكته ومندسه ..




رفعت وجهها ناظرة إليه .. وبخفوت : بعدني ما تعودت .. هذا اول يوم ..




تربت تلك العجوز على كفها : ما عليج منهم .. شوي شوي وبتتعودين ..




يقتحم المكان صوت شامة تدعوهم للغداء .. وضع في الصالة الاخرى .. ليقف الجميع .. وتتفاجأ هي بكفه تمسك كفها .. ارتعشت خلاياها لفعله .. وتزايدت نبضات قلبها لصوته الهامس في اذنها : السموحه اذا ضايقتج .. كان قصدي ادخلج ويانا فالسوالف ..




ملامحها جمُدت .. ولسانها تشعر به ثقل .. تمشي بجانبه حتى ما جلس جلست وكأنها التصقت به دون ان تشعر .. الجميع اختفى هي فقط موجودة .. هذا ما احست به .. لم تسمع صوت شبيب السائل عن كلثم .. ولا صوت شامة المجيبة له بانها لا تزال نائمة .. حتى الهدوء الذي طال المكان لم تشعر به .. تمد يدها وتأكل كأن هناك من يحركها .. تزاحم شبيب على مكانه في الصحن .. يدها تاخذ من امامه .. جعلت الانظار ترمقها كل حين .. وهو يكف يده حتى تبتعد يدها .. شعر بالخجل من فعلها .. لتنتبه على صوت شامة المنادية لها .. ترفع نظرها وتبتسم .. لتنطق الاخرى : ترى الصحن عود .. اخوي مب عارف ياكل .




لم تفهم الا حين نظرت للصحن ومكان اكلها .. تتمنى ان تختفي .. ان لا توجد بينهم .. شتت شامة نظراتها بعد ان رمقها شبيب بنظرته .. عاد الهدوء لبرهة .. واذا بهاشل ينطق : الحين اللي يعرسون ياكلون من مكان واحد ؟




رباه في اي موقف وضعت نفسها دون ان تشعر .. اختنقت بانفاسها .. واذا بها تقف : الحمد لله .




وانسحبت من المكان .. لتعاتب شمسة ابنتها وابنها : الحين ما حلالكم الكلام الا ع الغدا .. وانتي ما ترومين تسكتين الين تخلص اكلها .. اخوج راضي انتي شدخلج ..




" تغدوا ما صار شيء " .. قال جملته وتابع تناول الطعام .. اما الاخرى ما ان ابتعدت عن الانظار حتى هرولت تغالب خجلها .. تلج الى دورة المياه ( اكرمكم الله ) وتردد وهي مستنده على الباب بظهرها : غبية .. غبيه .. غبيه ..




لتتحرك تغسل كفيها . تنظر الى وجهها : اووف .. شو صارلي ؟




ياتيها صوت طرقات خفيفه على الباب ومن ثم صوته : ريا .. انتي بخير ؟ ادري انحرجتي بس شيء صار وخلاص ..




وقبل ان يكمل حديثه استوقفه صوت هاتفه .. يدس يده في جيبه واذا به يبتسم .. ويبتعد بخطواته عن الباب .. تسمع صوته به فرح .. وتهاني زاد في اغداقها على المتصل .. ومن ثم يختفي كُل شيء .. صوته وهو ..





هدأ المكان وهدأت روحها قليلا .. فلا يزال بها شيء من حرج .. لا تعلم كيف اوقعت نفسها في ذاك الموقف المحرج .. تنهدت وخرجت تبعثر انظارها في المكان .. لتخطو نحو " الكنب " الطويل والوحيد في الغرفة .. تجلس بهدوء ويعانق كفيها بعضهما .. أتاها صوته مناديا باسمها فجفلت .. لتنظر إليه : لبيه ..




خرجت من فيها بحياء .. ليبتسم : عقب العصر بنروح السوق .. بنت عمي يابت ولد ونريد ناخذلهم هدية .. لان عقب المغرب بنزورهم ان شاء الله ..



-
ليش ما تروح وييا وحده من خواتك ؟



صمت لبرهة يتفرس فيها .. لا يعرفها .. مرة خجلة .. ومرة أخرى تكن واثقة .. وتارة ضعيفة وتارة اخرى يستشف فيها القوة .. ابعدت نظرها عنه .. ليصلها جوابه : ما طاعن .. يقولن بيسون عشا حقهم .. وقاللي اخذج وياي .





اذا لم تكن انت المقترح الامر يا شبيب .. مجرد احتياط بالنسبة لك .. ما بالك يا ريا ؟ .. أتشعرين بالغضب لانه لم يفكر بك .. هل امسيتي ترغبينه لك ؟ .. آه كم امقت تعلقي السريع بالاشخاص .. وطيبة قلبي كرهتها ..





يخرجها من افكارها صوت تلك الصغيرة وهي تقتحم المكان مرددة اسمه مرارا : شبشب .. شبشب .. شبشب ..شبشب ..




ليلتفت لها : هلا بكلثوم حبيبة قلبي .. ينحني يحضن وجهها بكفيه .. ويقبل وجنتيها مرددا : ما شفتج اليوم .. اشتقتلج .. كل هذا رقاد ؟




لترد عليه وهي تمسك بيده تطوحها بطفولية : اصلا ما رقدت الا عقب ما طلعت الشمس .. وكل شوي شاموه تصارخ علي .. انزين الرقاد مب بالغصب ..




لتترك يده متقافزة امامه بفرح : صح عمو جابر صار عنده نونو ؟




وتزيد من قفزاتها : اريد اشوفه .. اريد اشوفه .. بتاخذني صح ؟



يمسك كفيها الصغيرين : باخذج بس بشرط .. تروحين تتغدين وتخلين شامة والا كنه ايهزنج .. واذا بغن منج شيء تسوينه .. اوكي ..




" اوكي " .. صرخت بها لتهم بالخروج جريا واذا به يستوقفها ممسكا بها من وسطها .. يديرها باتجاه ريا : ما سلمتي .




ويمشي يدنو من تلك .. حتى اوصل وجه كلثم لوجهها .. فتحتضن ريا وجهها الصغير تقبلها .. وسرعان ما ينزلها وتجري مهرولة للخارج .. وينطق هو : هذي كلثم بنت ولد عمي .. موصيني عليها قبل لا يموت ..




" الله يرحمه " .. تمتمت بها وقد استوقفتها لمحة حزن في عينيه .. كيف انقلب فجأة بين فرح مع تلك الصغيرة إلى حزن جعله يهرب منها الى صالتهما .. غامض هو بالنسبة لها .. هل ستسبر اغواره يوما ؟ ام سيبقى الكتمان رفيقهما ؟ ..







حين ينكسر في داخلك أمر كُنت تظنه لم ولن ينكسر يوما .. تشعر بالضياع .. كطائر خارج السرب لا يعلم طريق مجموعته .. الجميع لفظها كقطعة لحم مضغوها ولم يستطيعوا بلعها .. أزاحت صينية الغداء جانبا بعد ان التقمت منها القليل .. وجلست على سريرها .. تغطي ساقيها وتستند بظهرها على وسادتها .. ليُطرق الباب ويُفتح ..

تجلس قبالتها على طرف السرير .. بعد ان نظرت للطعام : ليش ما تغديتي ؟



" تغديت " .. قالتها وصمتت .. لتردف الاخرى : تسمين هذا اكل .. سلوى اللي صار وياج مب نهاية الدنيا .. ليش ما خبرتوني من قبل .. الحين بالصدفة اسمع امي تقول انج سقطتي .. من متى وانتي حامل ..



- ماله داعي الكلام الحين .. واصلا مالي خلق اتكلم .. سمية الله يخليج خليني بروحي .



نهضت : كنت يايه اسلم عليج .. لان عمر مستعيل ..



رفعت نظرها لها وابتسمت .. لتتسمر انظارها على بطنها المنتفخة : كم لج ؟



ابتسمت وهي تضع كفها على بطنها : عقب اسبوعين بدخل السادس ان شاء الله ..



" بنت والا ولد ؟ " .. سؤال باهت محمل بوجع .. لتنطق سمية بعد صمت هُنيهة : بنت ..



ترى تلك تعود لشرود .. هذا حالها من بعد ما حدث .. تبتعد بافكارها وعقلها بعيدا عن جدران تلك الغرفة المسجونة فيها .. لا احد يعلم بذاك السجن الا هي ووالدتها وخالها القاسي .. جردها من كل شيء .. حتى حُرية الحديث ..





الساعة تقارب الثالثة والنصف عصرا .. ينتظرها في سيارته منذ ربع ساعة .. يتأفف لتأخرها .. ليراها اخيرا تخرج .. تفتح الباب وتركب بهدوء .. مُلقية عليه السلام .. ليرد عليها بنبرة ساخطة .. تنظر إليه وتعاود النظر للامام .. حتى ما تحرك بسيارته نطق : اختج شو بلاها ؟ سمعت ابوها يطرى حمل ما حمل .. شو السالفة ؟



غاضبا هو .. وسيصب جام غضبه عليها هي .. صمتت لا تريد ان تتجادل معه .. ليتابع حديثه : ليش تقولون طايحة ومتعورة .. وليش ما خبرتيني .. يالس ما بين ابوج وخالج مثل الاطرش .. وعبالي طيحة عادية والسلام .



لم تتكلم .. فصمت الباقي من الطريق .. حتى ما وصلا المنزل ترجلت تحث خُطاها بغضب لداخل المنزل .. لم تنتبه لفارس الجالس مع والدته في الصالة .. وهو يتبعها بغضب اعماه .. يفتح الباب بعنف : ليش ما تردين علي ؟



تخلع عباءتها وشيلتها .. وتنظر اليه بعد ان رمتهما على السرير : شو اقولك ؟ مثلي مثلك اليوم بس دريت .. وبعد بالغلط تكلمت امي عن السالفة ..



- من متى ؟ وليش ما تكلموا قبل .. فارس عنده خبر والا لا ؟


- ما اعرف عن شيء ..



ثار نازعا " شماغه " راميا به : سمية لا اطلعيني من طوري .. كيف يعني ما تعرفين ؟



زفرت انفاسها .. لتجلس على طرف السرير بتعب : والله العظيم ما كنت ادري .. حلفتلك بربك ما عندي خبر .. انت ليش معصب ؟ ..
حتى لو درينا ما بنرد اللي الله كاتبه .. ماله نصيب يعيش .. طاحت وطاح .. كل شيء مقدر ..




يزفر هو الاخر انفاسه ويجلس بجانبها : ليش مخبين السالفة .. حتى خالها اسود ويهه يوم تكلم ابوج .. سمية ..


وبشيء من الشك اكمل وهو ينظر إلى عينيها : ليكون مب ولد فارس ..



لتصرخ به وهي تقف : شو ؟ عمر شو هالرمسة .. اختي اشرف من هالشيء .. مالك حق تقول عنها هالكلام .. استغفر ربك ..


ليرد عليها بغضب : عيل ليش متكتمين .. خبريني ليش ..


زمت شفتيها : ما اريد اتكلم .. عمر الله يخليك اطلع .. انت معصب ومب عارف شو يالس تقول .. يوم تهدى بنتفاهم ..




لتتركه وتختفي خلف جدران دروة المياه ( اكرمكم الله ) .. لينفخ غيضه بعنف .. ويرمي بنفسه على السرير مستلقيا .. عصبيته مدمرة .. ويكيلها على سمية وكأن بها تعلم كُل شيء وتخفيه عنه ..




في الخارج وقبل دقائق كان شقيقه يجلس بمعية والدتهما .. تسأله عن موعد زواجه واتفاقه مع والد عائشة .. يجيبها بسعادة : عقب العيد ان شاء الله ..



- وليش التأخير ؟ دامهم مستعيلين ويبون يلصقون بنتهم فيك .. يخلوه قبل رمضان ..



تبسم وهو يستشف نبرة عدم الرضا من والدته : ياميه والله اني مرتاح للبنت .. الحين انتي ما تتمنين راحتي ؟ مب دوم تدعيلي بالراحة والسعادة ؟ .. احلفلج بالله اني احس براحة عمري ما حسيت فيها ..


زفرت بخفوت : الله يوفقك ..



لترتفع انظارهما لمرور سمية ومن بعدها عمر .. وتنطق هي : شو بلاهم ؟ عسى خير ..



وقبل ان تقف .. يمنعها فارس : لا تروحيلهم .. بينهم شيء بيحلونه بروحهم ..



وما هي الا ثواني حتى وصلهما الصوت العالي .. تحاول هي ان تذهب ويمنعها هو من التدخل .. حتى ما هدأت الاصوات .. خرج عمر ينظر إلى شقيقه .. ويأتيه سؤال والدته : شو مستوي .. شو بلاك معصب ع حرمتك ؟ اهلها قالولك شيء ..



دون اي اكتراث لاسئلتها .. نطق مخاطبا شقيقه : انت تدري ان سلوى كانت حامل ؟



" شو ؟ " قالتها وهي تلتفت لفارس الصامت والناظر لشقيقه الواقف .. وتردف : كلام عمر صدق ؟ ..



ابتسم : وان كان صدق ياميه .. شو كان بيتغير ؟



" بتتغير اشياء وايد " .. قالها عمر بسخط .. واردف : كان رديتها وكان ما طاحت من ع الدري(السلم ) وتعورت وسقطت .. وكان ما سمعت رمسات من تحت لتحت فبيتهم ..



بهدوء نطق : لا يا عمر .. ما كان بيتغير شيء .. قدره يموت .. واللي صار ما يخليك تعلي صوتك ع حرمتك بهالشكل .. ولا يخليك ما تحترم امك اللي يالسه تكلمك وانت ما عاطينها بال .. ولازم تعرف ان حرمتك من طلعت من بيت اهلها صار علمها من علمك .. هي مب يالسه وياهم اربعه وعشرين ساعه وتدري باللي يصير ..



قام واقفا مقتربا من شقيقه .. رابتا على كتفه : حلوا مشاكلكم بهدوء .. ولا تنسوا تسكروا الباب ..



التفت لوالدته : اميه انا بطلع اصلي العصر وبخطف ع حارب بنروح نسلم ع جابر .. وبتاخر لاني معزوم ع العشا .. يعني لا تحاتيني اذا تاخرت ..



ابتعد .. ليتحرك عمر مقتربا من والدته .. ساقطا على راسها مقبلا : سامحيني ..



- الين متى وانت تمشيك عصبيتك .. داري ع حرمتك .. وع اللي فبطنها .. وهي شو دراها باختها دام اهلها ضامين السالفة .. لو يبونا ندري كان خبروا اخوك .. ولا ظنتي ان فارس يخلي ولده وما يتحرك ..



وبحزم : روح راضي حرمتك .. ترى الزعل ما يسوالها وهي حامل ..





,
,


يخالجه احساس جميل .. يداعب خلاياه فيشعره بسعادة لا توصف .. كيف لذاك الجسد الصغير ان يثير كُل تلك المشاعر المتضاربة .. ينظر إليه .. صغيرا جدا وبشرته الحمراء مع تجاعيدها تثير الضحكات في روحه .. زجاج يحيط به .. وزجاج اخر يفصله هو عنه .. منذ ساعات كان يحمله بخوف .. يؤذن في اذنيه سريعا قبل ان تنتشله تلك الممرضة مبتعدة به .. تخبره ان لا يجب ان يترك في الهواء الطلق كثيرا .. وها هو يسجن هناك . منكبا على بطنه .. وحفاظته تلك تفوقه حجما ..




تنهد بحبور .. ويده تندس في جيب ثوبه .. يخرج هاتفه ويهاتف ابن عمه .. سيبشره بانه اصبح اب .. ان خالد قد ولد .. وان سعادته لا توصف .. وإن من الآن وصاعدا يجب ان ينادى بِـ أبو خالد ..


ضحك على صوت شبيب وعلى سؤاله .. لينطق : عاد شو نسوي .. خلود مستعيل .. شكله اشتاق يعرفني من عقب ما سمع صوتي ..




" لا اله إلا الله " .. قالها شبيب وهو يبتعد من الغرفة .. مردفا : قول ما شاء الله .. وشخباره ان شاء الله بخير .. وامه شو صحتها ؟



يستند بظهره على الجدار : والله الحمد لله كلهم بخير .. طمنوني عليهم بس الظاهر بنطول شوي هني ..



لم يشعر الا ببطي يقف بجانبه ومن ثم يحيه بالتحية الاماراتية : مبروك ما ياك .. يتربى فعزك وعز امه ..



يجيبه ويغلق الهاتف بعدها .. ليتحرك يقترب من شقيقه الناظر عبر الزجاج : لقيت عمي وخبرني انك هني .. ويبتلكم غدا .. وين ولدك ؟


ليقف بجانبه يشير على أحدى الحاضنات : ذاك ..


يقطب الاخر حاجبيه : اي واحد .. كلهم شرى كلهم ..



ليدفعه قليلا من كتفه بكتفه :هذاك اللي راحت صوبه الممرضة ..



" يالله مصغرونه " .. قالها واردف : تقول ولد قطاوه ..



وقهقه بشدة .. ليغضب الاخر : شكبره تباه باللا؟ .. تراه ناقص .. وبعدين لا تضحك ع ولدي .. ما اسمحلك ..



فجأة شعر بوخز في ذراعه ليشد عليها بكفه ..ليتحوقل جابر : الين متى بتبقى ع ويعها ؟



" اعاقب نفسي " .. قالها وترك المكان ليتبعه جابر .. وما ان وصلا الى الغرفة التي تقطنها ليلى حتى لاح لهما جسد إمرأة تقترب من بعيد .. ليغضا البصر حين دنت منهما .. تُلقي عليهما التحية .. وتتابع : مبروك ما ياك يا جابر .. وتستحق سلامة ليلى ..


- الله يبارك فيج ويسلمج يا مها .. حياج دخلي.



تلج وابتسامة فرح تطغى على وجهها .. وبيدها باقة ورود منوعة .. وباليد الاخرى علبة صغيرة احتوت على شوكلاه فاخرة .. تدخل بصخب : الف الحمد لله ع السلامة .. تستحقين سلامتها يا خالتي ..



تضع ما في يدها وتقبل خالتها .. ومن ثم ليلى المتعبة .. وتلتفت لترى حمد قد افاق من غفوته على ذاك الكنب الجلدي : سامحني عمي وعيتك .. تستحق سلامة ليلى .. ومبروك ما ياكم ..



قام واقفا : اذن العصر والا بعده ..


ردت عليه : اذن من شوي .. وانا داخلة المستشفى كان يأذن ..


لتنظر لِـ ليلى .. وتمسك بكفها : خلود مستعيل شكله .. نفسي اشوفه ..



ابتسمت تلك بتعب : صغير واايد .. احس اني ما بعرف اشله ..

لتلتفت على صوت خالتها : يايه ويا سلطان ؟



بفتور اجابت : لا خالتي .. انا كنت فبيتكم .. اتصلت فيج وفعمي ومحد رد علي .. خبرتني كنة من ساعة عن ليلى ..



لتقطب حفصة حاجبيها .. تهمس لمها : شو السالفة يا مها ؟ وراج شيء صح ؟


ابتسمت : هيه .. بس مب وقته ..

,
,

للاحداث بقية .. مع الزفرة 42
باذن الله ...

تحياتي |~







اسطورة ! 04-06-14 07:12 AM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
,‘,





في داخله بذرة جديدة .. صغيرة غضة .. يشعر بها تُدغدغه بين الساعة واختها .. وفي وقت خلوته .. لم يتوقع إن الحياة ستبتسم له بعد عدة شهور من مصيبته .. ينسلخ من الحياة التي اسمها كنة .. كانت اكسجينه .. وإن فقده فقد معنى العيش .. واليوم هو إنسان آخر بقدرة ربه وإيمانه هو .. صلى العصر وتحدث مع والد زوجة المستقبل .. يطمئن عليه وإن كان هناك ما ينقصهم .. فلا يفصلهم عن الشهر الفضيل الا اربعة اشهر .. وزواجه سيكون بعد خمسة اشهر ..



تنهد براحة وهو يستقل سيارته .. سيتوجه لمنزل حارب .. ذاك الصديق الغارق في متاهات روحه .. غامض خوفا منه .. وهل يخاف الصاحب صاحبه ؟ .. هو يعلم خباياه .. ولكن نفسه تردعه عن البوح .. عن رؤية الانكسار في عيني حارب .. او رؤية الشفقة .. او اشياء أخرى لا يعلمها تجبره على عدم المصارحة ..



ترجل في ساحة المنزل .. ليصادف عبد الغفور ممسكا بانبوب الماء ويغدق الاشجار بالقطرات .. ابتسم واقترب منه ملقي تحية الاسلام .. ليسأله : حارب وين ؟


- جوه بيستناك من بدري ..



الوحدة خانقة .. استشعرها حين ولج الى المنزل .. كيف استطاع ان يحيى وحيدا امداً ؟!.. ارتفعت انظاره للممر القابع بعد بضع درجات .. ليتنهد بخفوت ويستدير يمينا حيث الصالة الواسعة .. كثيرا ما اجتمعا فيها .. ابتسم وهو يرى الاوراق المتبعثرة على الطاولة .. وعلبة بيبسي بجانبهن .. وقلم حبر يستريح على احداهن .. وقف وانحنى يلتقط مجموعة من الورق قد تراصت على بعضها .. يقطب جبينه فلغتها انجليزية وهو ضعيف فيها وجدا .. ابتسم وهو يرى اسم حارب.. استطاع ان يقرأه .. ويقرأ بعض الجمل التي عرَفتهُ بان ما بين يديه ما هو الا بحث طبي ..



وضعهن جانبا بعد ان جذبته الاوراق الاخرى المتبعثرة دون ترتيب .. وخط يد يداعب وجهها بخلاف الاولى المطبوعة بدقة وبتنسيق .. يقطب حاجبيه ويتمعن في السطور ..




" لا ادري كم هو رقم هذه الورقة في قائمة اوراقي لكِ .. لكنني أعلم بأنها العاشرة في ترتيب رسالتي .. صرتُ أتمناكِ جنية فاستحضرك واستخلصكِ ليّ وحدي .. أباتُ أخشى على قلبي منكِ .. وأصبح اهمهم باسمك .. ألا ترين كم إني اعاتبكِ .. بل إني اعاقبكِ بدمار روحي التي لا تعلميها .. أفنى بعيدا عنكِ يا مالكتي .. اغيب واعود شوقا لهواء تتنفسيه فاتنفسه فانتعش فاحلق بعيدا مع آهات صدري .. هل سأموت وحيدا كما قيس ؟ .. أوتعلمين بتُ أمقت الحب العذري القديم .. جميعهم لم يحضوا بمن رموا ابيات الشعر لهن ..




كيف لكِ احتلال حُجرات قلبي الاربع .. وان تتشبثي فيه كعلقة تتغذى منه وتغذيه ..وأنا لم المحك الا مرة ..غزوتني بعنف في تلك الدقائق .. غريب انا في الحب .. تمنيت قلبي الذي احبك ان يتمرد .. ولم يستطع .. تمنيته ان يلفظك منذُ سنين .. وتمنيت ان ادخل غيرك فيه فلم اقوى .. ادخلتها بقوة ولفظها هو بقوة اكبر وكأنه يخبرني لا مكان الا لكِ ..



سأخبركِ بسر قاتلتي .. أشتاق للقلم حتى على وسادتي .. وأشتاق للورق حتى تحت ماء استحمامي .. بهما احكي لكِ كشهرزاد تحكي قصص الليالي لشهريار .. أتخيلك تجلسين قبالتي .. تستمعين لي وتبتسمي .. كم اعشق ضحكاتك يا ملهمتي ... "




ارتفع بصره على صوت حارب المخترق المكان وصمت السطور : هلا والله ..




ليتوقف الاول ناظرا للاخر .. وكلى النظرات تحكي شيء مختلف .. حارب داهمه الخوف ان تكون بين الاسطر احرف اسمها فقرأها ذاك المبهوت .. وفارس اجتاحته مشاعر غريبة متناقضة لم يدرك معناها .. غيرة ام شفقة .. ام لعلها خليط من كم مشاعر .. نطق بخفوت .. متبسما وهو يهز الاوراق بين كفيه بخفة : من متى ؟



ضحكة قصيرة منه .. وخطوات مترددة وكف يمدها لتلتقف الاوراق .. ينظر فيها باحثا بين الكلمات عن اسمها .. لا يذكر ماذا كتب وماذا اسماها .. يتصفح الاسطر ويجيب : من زمان ..



ليضعهن جانبا .. يتمنى ان لا تفضحه انفاسه .. يتحرك سريعا وهو يسأل : متى تبانا نروح نسلم ع جابر ..



وفجأة ينادي من على الباب عبد الغفور .. مردفا : ياليت تسويلنا شاهي من ايدك يعدل مزاجنا ..



ويعود ينحني يرتب الاوراق على الاوراق : بلاك واقف .. ايلس ..



" منو هي ؟ " سؤال اوقف قلبه لهُنيهة وكأنه الموت .. ليبلع ريقه .. يتحاشى النظر في وجه صاحبه .. يحمل اوراقه يضعها على احد ارفف المكتبة الخالية .. ناطقا : وحدة ..



ليجلس فارس اخيرا : اكيد وحدة .. عيل واحد ؟ .. بس منو هي ؟ اعرفها ؟




أفصح عن مكنونات صدرك يا حارب .. لن اقوى على مساعدتك وانت تكتم عشقك لها .. لمن كانت زوجتي وصارت اختي .. هيا قُل إنك مغرم بها حد الوجع المسطر في مقلتيك .. وعلى اسطر صفحاتك البيضاء .. قُل لي اسم قاتلتك لاقل لك أمضي إليها ولا تخف ..



ضحك وهو يجلس مادا ذراعه على ظهر الكنب : شو لك بالخرابيط اللي قريتها .. تراها خرابيط ع قولة منذر .. لا تودي ولا تييب ..



" هه وصل الشاهي " .. قالها وهو يعتدل في جلسته ناهضا ياخذ الصينية من عبد الغفور .. شاكرا له صنيعه وعائدا ادراجه .. يركنها حيث كانت تلك الاوراق .. ويسكب فنجانا لفارس .. يغمر الملعقة بالسكر : كم ؟



" وحدة " .. قالها فارس وهو ينظر لحركة الملعقة في كأسه الصغير .. ويستمع للاخر : بنت الحلال راحت فطريقها يا فارس .. والله يستر عليها .. بس – يمد الكأس لفارس – اخوك مسوي فيها قيس بن الملوح .. ويالس يكتب لها وهي ما تدري عن هوى داره .



رنين هاتفه اجبره على وضع كأس الشاي من يده .. ليحرك جسده حتى يطاله من جيبه .. لينظر لرقم : رقم بيت ..



قطب جبينه .. يردف الهاتف على اذنه .. واذا به يقف ويتحرك مبتعدا وهو ينطق : هل عمتي .. شحالكم ؟ عساكم بخير ..




تعاتبه كثيرا .. بل انها اغدقته بالاتهامات القاسية .. ناطقة بحزن ام .. فَـ سمية اتصلت بها باكية متسائلة عن حال اختها .. وكيف لهم أن يوصلوا الحديث عن الامر لبعلها .. وهل ما يقال صدق حال ؟ ام هي ترهات عقل عمر لا غير .. سحب انفاسه مقاطعا لها : عمتي شو بلاج .. اول وتالي سترت عليها .. ما بيي الحين اقول فيها وفيها .. والكلام مثل ما يأذيكم يأذيني .. والرمسة طلعت منكم مب مني ..




تمسح دمع جرح خديها اللذان انهكتهما السنون : وين بنروح من كلام الناس .. من كلام الحريم اللي ما بيلقن سالفة الا سلوى يتكلمن فيها .. ما فكرتوا بهالشيء ..



استغفر ربه وهو يعانق وسطه بكفه الحرة .. مناجيا السماء بوجهه : اهدي .. السالفة ما بتنحل بالصايح .. البنت غلطت وحاولت وياها بس ما نفعت محاولتي .. وانتوا لا تقسون عليها .. ولو ع كلام الناس محد بيتكلم اذا بقيتوا السالفة بينكم .. انا مادري منو اللي تكلم قدام عمر بالموضوع .. ابوها والا خالها .. والا واحد من الصغارية سمعكم وقام يتكلم .. بس وربي يشهد علي ساتر عليها ليوم الدين .. وانا مب راعي رمسات يا عمتي ..



تنشج بخفوت .. تحاول ان تسيطر على ذاتها : محد يدري الا انا وخالها .. وبالغلط زل لساني قدام سمية اليوم .. وخالها مب من اللي يترمسون فهالسوالف .. اخوك من وين ياب هالرمسة اللي عقها ع سمية .. خبرني .. اذا احنا ما تكلمنا ..



" لا حول ولا قوة الا بالله " .. وصمت بعدها .. يسمع لتلك الام الخائفة من الاحاديث التي قد تُقال .. لينبس بخفوت : اذا الناس تكلموا تراها كانت معرسة .. وان شاء الله محد بيعيبها بكلمة .. واذا الناس سألوني ليش .. بعرف ارد عليهم ..


بغضب من فعل اجرمت به سلوى أحالها الى الخجل المميت : فضحتنا عساها المو... ..




ليقاطعها : لا تدعين عليها .. انتي امها وتقربي منها .. واظن انها عرفت غلطها .. وعرفت ان الحرام والكذب ما يدوم .. الشيطان لعب بعقلها فلا تكونون انتوا والشيطان عليها .. سلوى بتبقى مسلمة كل اللي تريده منكم الحين انكم توقفون وياها .. تمسكون بايدها .. اهدوها للصح .. خبروها ان الله يقبل توبة العبد دامه ما اشرك به ..





كانت في غرفتها .. هادئة وشاحبة .. حتى وكأن المكان لا روح فيه .. لترتفع فجأة من مقعدها .. ونفسها تأمرها أن تحادث ذاك الذي تخلى عنها .. ليرميها في فوهة الجحيم وحدها .. مشت بهدوء .. تحاول التقاط صوت ما فلا تفلح .. فتواصل المسير .. تنزل الدرجات بهدوء .. تتلفت بخوف .. حتى ما وصلت الصالة حثت الخطى نحو الهاتف .. تلتقفه وقبل ان تهم بضغط الازرار يصلها صوت والدتها .. دعاءها عليها .. وصوته هو الهاديء .. تتيقن منه الصدق ..

تصدر منها شهقة خافتة فتردعها بكفها .. ليصمت هو وتناديه والدتها مرارا .. ليجيبها : وياج عمتي .. ربنا يقول "إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب " .. ويقول بعد " قل يا عبادي الذين اسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا " .. صدق الله العظيم .. فهموها ان الله كريم وغفور وانها اذا سعت للخير بتحصله .. خليها تقرا القرآن عشان تعرف هي وين ووين لازم تكون .. وكيف ؟ ..



ازدردت ريقها .. لتضع السماعة بهدوء في مكانها .. تعلم بانه علم بوجودها فقال ما قاله .. اغرقت عينيها وجهها دموعا .. فحاولت مسحه بكفيها .. لتقف وتسرع الخطى للاعلى .. لعلها خسرت رجلا لن تجد مثله يوما .. ولكنها لن تخسر المغفرة اذا سعت لها ..



انتهى الحديث المحمل باعباء كثيرة ظن انه رماها .. لتظهر على سطح حياته دون استأذان .. هل سيظل في معمعة المشاكل دوما .. عاد بخطاه الى صاحبه .. وبوجه غير الذي كان .. جلس وذاك يحادثه وقد التقف الاوراق من جديد بين يديه وكأنه انتهز فرصة الغياب ليغوص في اسطره بحثا عن اسمها إن كان : منو المتصل ؟ ان شاء الله خير .. ترا الشاهي برد ..



حين لم يأتيه رد رفع نظره لفارس .. يضع الاوراق جانبا وقد ارتاحت نفسه ان حروفها الثلاثة لا وجود لها بين الكلمات .. نطق بتوجس : شو بلاك ؟ شيء مستوي ؟


سحب انفاسه ليقذفهن .. ويتبسم : مشاكل ..



" الله يعينك " .. قالها وصمت .. ثم اردف بحبور : متى عرسك ؟



ليأتيه الجواب من فارس الذي ارخى ظهره ورأسه على مقعده .. ويبتسم بهدوء : اممم يمكن ما اكون مويود ..


قطب حاجبيه دون ان يحرك ساكنا : ليش ؟


ليعتدل ناظر لحارب .. وبعتب نبرة : بترد تسافر ؟



- ما بخليهم ياخذون تعبي وفلوسي .. سنين وانا ادرس وفالاخر بدون وجه حق يوقفون دراستي ..


- كيف سنين ؟ .. انت ما غيرت التخصص ؟


ابتسم : غيرته ورديتله ..


استغفر ربه واردف : كانه سرك مقطوع فاستراليا .. كل شوي طاير لها ..



ليغرق ذاك في ضحكة عميقة .. ويطوح هو برأسه .. حارب لن يتغير .. يتقن الصمت .. ويتفنن في اللوعة .. ومحترفا عظيما في الهرب خلف اسوار هشة يدرك هشاشتها ولا يأبه ..




,‘,

ترمي بالعباءات الواحدة تلو الاخرى .. حتى تكدس السرير بهن .. المغلقة والمفتوحة .. المزركشة بعنف والقليلة التطريز .. تثرثر بينها وبين نفسها وهي تبحث بين ملابسها المعلقة بعد ان فرغت من السواد الذي فيه : يا ربيه .. ولا عباه زينه .. الله يسامحج يا خالتي .. يهزتيني وكني وحدة من بناتكم اللي ماشيات ع موضة الكتف .. والله انا مب منهن ..



تتنهد بعنف .. تنزل على ركبتيها تسحب الحقائب المتكومات في الزاوية.. تبحث فيهن عن مبتغاها .. وتعود تثرثر وهي تضرب كفيها على فخذيها : يا ربييه .. شو اسوي الحين ؟



تفز فجأة على صوته تقف وتستدير له : شو تسوين ؟ وليش للحين ما يهزتي ؟



بلعت ريقها : ما لقيت عباه ..



ارتفع حاجبه مستنكرا جوابها .. لينظر الى السرير المزدحم بالسواد : شو هاا ؟ كم عباه هني ؟



سحبت انفاسها وزمت شفتيها .. وبتوتر وهي بالكاد ترفع نظرها له من طأطأة رأسها للارض : عشر.. يمكن خمسطعش .. مادري ..



" ولا لقيتي عباه ؟! " سؤال يحمل في طياته التهكم .. لتجيب وهي ترفع وجهها لوجهه : ما بدخل السوق بعباة كتف .. وبدون نقاب بعد . مستحيل ..



واردفت وهي تكابد توترها : روح بروحك ..





إلاهي الهمني الصبر .. وكأنها تبحث عن سبب حتى لا تذهب معي .. أمجنونة هي ؟.. أم انها متدينة حد عدم التصديق بين ما قيل وما تقول .. متسربلة بالكثير من الغموض أنتِ .. ولا أقوى أن أجلسكِ كمجرمة وأهيل عليكِ أسئلتي حتى يتبعثر شتات روحي ..




تحرك بخطواته .. مبتعدا .. لتتنفس بعمق وتتمتم : شكله هون ..



لتسمعه فجأة ينادي كنة من على عتبة باب الصالة .. لتتحرك هي وتقف بِباب الغرفة .. وتسمعه ينادي من جديد حتى جاءت تلك تلهث واقفة امامه : خير ..


- ييبي عباة لريا ..


مدت جسدها ناظرة من جانبه لتلك الواقفة بعتبة الباب في الداخل : بس من يومين معلقة حوالي عشر عبايات فالكبت .. ما شاء الله اهلها ما مخلين شيء .. شنطة بروحها بس عبايا وشيل ..



تنحى عن الباب قليلا ليرمقها بنظراته : تقول ما بتروح السوق بعباة كتف .. يبيلها عباة راس ..


ابتسمت : ان شاء الله ..



لتتحرك وتتوقف فجأة حين ناداها من جديد : ونقاب ..



هزت رأسها وابتعدت لتلبي لهما الطلب .. ويعود هو ادراجه يقف قبالتها : مالج حجة الحين ..



ليبتعد عنها يرمي بجسده على الكنب في الصالة يلتقف جهاز التحكم ويشعل التلفاز .. وهي بغضب تحركت لتقف اعلى رأسه : بس انا ما اتحجج .. ما احب ادخل السوق وانا لابسه عباة كتف ..



ارتفع نظرها للقرع الخفيف على الباب .. ومن ثم دخول كنة وبيدها عباءة و نقاب .. تعطيها اياهن .. فتشكرها بخفوت .. وتنطق الاخرى مخاطبة شبيب : لا تنسون تيبون سلة حلويات .. وهدية البيبي ما نباها عودة .. يعني شيء بسيط ..


ابتعدت هي وابتعدت الاخرى خلف جدران غرفتها .. لتخرج بعد دقائق وبيدها حقيبتها وقد غطاها السواد ولم يظهر منها الا عينيها .. ليقف وينظر إليها لبرهة .. تداعب شفتيه ابتسامة رضا .. ليتحرك : خلينا نروح .. العصر بسرعة يخطف ..


,‘,


,‘,



تمر الساعات ليخلو المنزل الا منها ومن جدته .. ارتحلت الشمس عن السماء منذ ساعة .. وغابوا هم عن المنزل منذ جزء ليس بيسير من تلك الساعة .. وقفت تنظر إلى الاكياس على السرير .. لم تتوقع بانه سيأخذها لمحل العباءات دون ان تطلب .. وان يشتري لها عباءتين ونقابين .. وايضا أن يأخذها الى " السوبر ماركت " لتأخذ ما تحتاجه ... برغم هدوءه معها الا انه احيانا يستفزها بمعاملته .. وتضع له مليون عذر .. فيكفي ان صورتها تشوهت امامه بشكل لا يُحتمل ..




خرجت من المكان .. لا تعرف الا طريق الصالة التي كانوا فيها ظُهرا .. دلفت إليها ليلوح لها جسد العجوز تلهج بذكر الله .. واناملها تتسارع بتحريك حبات المسبحة العتيقة .. اقتربت منها لتقع على رأسها مقبلة : شحالج يدوه ؟



وبزجر : لا تقولين يدوه .. قولي أمايه .. مثل ما شبيب يقولي ..



" ان شاء الله " .. قالتها واردفت وهي على وقوفها : محتاية شيء ..


لتربت بجانبها : تعالي .. يلسي بسولف وياج .. بنقزر( نضيع ) وقت الين يردون .



تبُث ملامح تلك العجوز ونبرتها التي يغلب عليها التهكم في احيانا كثيرة في نفسها الكثير من الراحة .. جلست بجانبها حيثُ ربتت لها .. ليأتيها سؤال استنكرته : متى بتصلين ؟



عانقت شفتيها ابتسامة مستغربة : الحمد لله صليت المغرب .. والعشا بعده ما اذن ..



" الحمد لله " .. نطقتها العجوز وقد رافقت حركة رأسها البسيطة ابتسامة ابتسمت لها ريا .. لتقاطع الصمت بهدوء صوت : سمعيني يا ريا .. شبيب ولدي اللي ما يبته .. وما اعز من الولد الا ولد الولد ..



امسكت بكفها لتشد عليها على فخذها .. تنظر الى وجهها وريا فعلت بمثل فعلها .. تفرست الوجه المتكاثرة به تجاعيد العمر المخفي معظمه خلف البرقع القديم والعريض .. لتكمل تلك حديثها : ما ودي اذا غابت عيني عن الدنيا .. يدور البير اللي يحط فيه سره ولا يحصله .. ويدور الظهر اللي يشل عنه حمله ولا يلاقيه ..



لتنطق : الله يعطيج طولة العمر ..



تنهدت وهي تمسح بكفها الاخر على ظهر كف ريا : محد دايم .. شبيب ريال من قبل لا يخط الشنب ويهه .. بس الحمل كان غير .. حمله ثقيل من عقب ناصر الله يرحمه .. من ثلاث سنين لقى عمره مكان ابوه .. خذاه الموت بدون ما نحس .. ويانا الخبر كأنه برقه طاحت ع روسنا .. كلنا طحنا الا هو .. قام يدارينا .. من يوم وهو صغير قلبه طيب .. ووقت الشدة يكون نعم العون ..



صمتت طويلا .. وتلك داهمتها الافكار .. يبدو ان العجوز تعلم الكثير .. ما قالت ذاك الا انها تدرك اسرار حفيدها .. ازدردت ريقها .. تطأطيء رأسها .. حتى ما ربتت على يدها رفعت بصرها لوجهها .. رأتها تبتسم .. من عينيها اللتان زادت تجاعيدهما : ريا .. اذا ضاقت عليه الوسيعة خلي صدرج له سما .. واذا شفتيه عاطن ( راجع ) من دوامه لا تبيني له ضيقتج اذا بج ضيقة .. اضحكيله .. تراه يتعب .. وشغله مب هين .. لا تزيديها عليه .. وان شفتيه مرتاح اشكيله اللي فيج .. ولا تشكيله وهو فيه من الهم والضيق .. وكوني بيره وغطاه .. ولا توقفين فويه اهله قدامه .. خلج معه .. ودوري راحته وريحيه ..



خانتها عيناها لتذرف دمعا تمسحه وتبتسم .. ذاك الحديث وكأنه مسؤولية كبيرة لا تقواها .. هل ستكون عند حسن ظن جدته التي تخاف عليه وجدا .. أم انها لن تكون سوى عالة عليه هو لا راحة له ؟ ..




,‘,
هناك في تلك الغرفة تكدست الاجساد وتضاربت الاصوات .. وهي مستلقية في تعب .. ضحكات واحاديث كثيرة تحمل في طياتها السعادة .. ذاك الصغير وكأنه احدث معجزة ليجتمع الجميع بهذا الشكل .. تنظر الى كنة التي داهمتها قائلة : شفت صورته عند شبيب .. هالنتفة سوى فيج هالشكل ..


لتضحك بخفوت : شكله بيعذبني مثل ابوه ..


باستنكار وامتعاض : حرام عليج .. عاد يابر محد اهدى منه .. الا انتي معذبه عمرج ومعذبتنه وياج ..



تنظر الى تلك الصغيرة الممسكة بكف كنة فجأة .. ترفع رأسها ناظرة : خالوه متى بشوف النونو ..


ليأتيها صوت ليلى : حبيبتي كلثوم خلودي راقد الحين .. بتشوفينه بعدين ..


تركت كف كنة ناظرة لعمتها: بس اريد اشوفه .



الاخريات كُن يتبادلن الاحاديث في ركُن الغرفة .. تنظر حفصة للاواني : والله عبلتن ع عمركن ..



" لا عباله ولا شيء " قالتها شمسة وتوجه بعدها الحديث لمها : شخبارج وييا سلطان ؟



في عالم آخر بعيدا عن الاصوات وتلك الضحكات وهرج ومرج كلثم المصرة على رأيت الصغير .. وزجر شامة لها مرارا .. وتلك الاحاديث المبتعدة بعيدا تتداول ساكني المنازل ذوي الصلة والمعرفة بين شمسة وحفصة.. كانت تسبح في افكارها .. تُحاول إيجاد سبيل لحل ما هي فيه .. يأتيها السؤال من شمسة .. ينتشلها من تلك المعمعة العقيمة .. وعيون أخرى تنظر إليها حين السؤال .. لتبتسم : الحمد لله ..



ويبتعد نظرها لكنة .. أحست بأنها تنظر إليها .. لتقف من مكانها تدنو من تلك وتهمس في أذنها : كنة اريدج شوي .



تتحركان من المكان لتتوقفا عن السير على السؤال الملقى من حفصة : وين رايحات ؟ الحجرة الثانية فيها الرياييل ..


تغالب ما فيها بالتبسم : خالتي ما بنروح مكان .. بكلم كنة شوي وبنرد ..



" لا تروحن بعيد " .. قالتها شمسة .. وابتعدتا لتقفان خارجا في ذاك الممر .. وبصوت خافت : شو بلاج ؟ وليش امس ماييتي العرس .. لا تقوليلي انتي ما كنتي تبين تراها ما دخلت فراسي .



تستند بجانبها الايمن على الجدار ووجهها لكنة الواقفة امامها : صدج ما كان فبالي اروح ..



بتردد وكأنها تستصعب البوح : كنة .. تعبانه .. محتاية حد اقوله اللي في .. اشكيله .. احس اني بتخبل من كثر ما افكر .. اريد حد يدلني شو اسوي .. مب عارفه .. اخاف اسوي شيء واندم عليه ..



يمر في المكان زوار .. يشتتون الانتباه والاسترسال في الحديث ..
لتنطق : وقفتنا هني مب حلوة .. تروحين وياي البيت ؟..


زمت شفتيها :مستحيل .. وين اروح وياج بيتج ؟ انخبلتي وهي كله شقه متر فمتر .. والا ناوية اطردينه ؟



اردفت كفها على ثغرها تحاول كتم صوت ضحكتها .. وتلك تنظر إليها بامتعاض .. ليأتيها صوتها وقد انقلبت ملامحها للنقيض : انا فبيت خالتي ..



لتمسك بكف كنة برجاء : روحي وياي . والله حاسه بثقل فصدري .. وما عندي حد اقوله .. يوم عرفت منج ان ليلى ربت لقيتها فرصة اطلع من البيت .. اول مرة احس بالخوف بهالشكل ..



بابتسامة : تعالي ندخل .. بخبر شبيب اني بروح وياج .. اكيد ما بيمانع ..



يدلفن الى الداخل والبسمة تعانق شفتيهما .. لتخبر مها نيتها لحفصة وشمسة .. وتنطق الاخيرة محادثة ابنتها ان عليها ان تستأذن من شبيب اولا .. لتخبرها بان هذا ما ستفعلها .. تبحث عن هاتفها في حقيبتها ومن ثم تردفه على اذنها .. رن مطولا ولا من مجيب .. تعاود الكرة مرة ومرتين .. والحال هو هو .. لا احد يرد ..



" محد يرد " .. قالتها وزمت شفتيها .. ليأتيها صوت شامة الواقفة بالقرب من ليلى : انزين شوفيه من الحجرة .. محد هني الا هو وجابر ..



تضع حفصة صحن الفاكهة الذي تعبت في تقطيعه امام شمسة : دقي عليهم الباب ..



ومن ثم تنظر لمها التي جلست بجانبها تلتقط لها بضع حبات من العنب : لازم تروح وياج ؟



- لا خالتي مب لازم – ترفع نظرها لكنة – خلاص كنون ماله داعي ..



نبرة صوتها حتى نظرتها الغائصة في رجاء اضمحل فجأة .. جعل من تلك تتحرك من مكانها تغادر الغرفة لتقف بباب الغرفة الصغيرة المجاورة لها .. تطرق الباب برقة .. ليفتح ويأتيها صوته : كنة ؟! .. بغيتي شيء ؟



احتمت بالجدار حتى لا يراها من في الداخل .. نظرت اليه في خجل لا تعلم لما احتلها فجأة : فارس .. متى ييت ؟


- من شوي .. ياي وييا حارب .. اتصلنا ع جابر قال طلع شوي وييا شبيب وتلاقينا وييا عمج وقرببنا ما قصر .. وهذونا نترياه من ثلث ساعة تقريبا وللحين ما شرف ..


ضحكت بخفوت : سواها فيكم .. اذا ايتمع وييا شبيب ما بيخلصون سوالف عن الشغل .. واخوي صارله يومين ما يدري عن شيء .. فاكيد الحين ماسك جابر يبي يعرف كل شيء ..



" لنا الله " .. واتبعها بطرحه لسؤال مرة اخرى : بغيتي شيء ؟


- اتصل عليه ما يرد .. وخالتي ام خالد قالتلنا ان عمي بعد بيروح يشوف واحد من ربعه ..



" ما فهمت " .. يشعر بتوترها .. وكأن الجمل تتلاعب على لسانها فلا تخرج الا مبهمة .. تنفست بهدوء وحاولت من جديد ترتيب كلامها : بغيت اقوله اني بروح بيت عمي وييا مها .. بس ما يرد ع تيلفونه .. وعبالي هو هني ..




يجلس على الكرسي وهاتفه لو كان له صوت لصرخ به إن اعتقني من براثم كفك .. يسمع صوتها الناعم وحديثها الخجل .. وحتى ضحكتها وصلته .. الهذه الدرجة بات سمعه قويا .. ام انه قلبه المشتاق لها يوصل له الاحاديث بصفاء لم يعهده ..




تبا لك يا فارس .. تتمتع بالنظر اليها كيفما تشاء .. وتستمع لها دون حياء .. وانا هُنا تحرقني غيرة لا اعلم من اين اتت .. وكيف اتت .. لم اشعر بها قبلا وهي في كنفك وبين احضانك .. والان تهزني كزلزلة قاتلة ..هل احسدك لما انت فيه .. ام ارثي حالي الذي انا فيه .. هيا كف عن الحديث معها وابتعد .. هيا ابتعد ..




يسمعه يخبرها بان لا بأس في ذهابها .. وانه سيوصل الامر لشبيب إن عاد .. ما هي الا ثواني حتى اقتحم ذاك المذكور المكان بمعية جابر .. يغدقان بالترحيب لفارس .. وتتحملق الانظار على كنة الواقفة ملتصقة بالجدار .. ليأتيها صوت شقيقها : كنة ليش واقفه جي .. بغيتي شيء ؟



لتعيد عليه طلبها .. تعيد الكلمات هي هي .. ويأتيها جوابه أن لا بأس .. وأنه سيأخذ والدته والبقية الى المنزل بعد دقائق .. ليأتيه صوت جابر : شو تروحون .. ما وحالكم وصلتوا .. تعشوا ويانا وبعدين روحوا ..




انسحبت هي من المكان لتخبر مها وتغادرا الغرفة بعد دقائق .. يمران من ذاك الممر القصير وجدا ليصلهما اصوات الشباب المتداخلة في تلك الغرفة ..




يعتريه شحوب .. وسكون أجلسه في مكانه دون حديث .. دون حتى ان يسمع احاديث الاخرين .. بعد السلام وتبادل السؤال عن الحال ابتعد بافكاره .. ماذا يحدث له ؟ هذا فارس واجتاحته حرارة الهبت مشاعره المتأججة .. حتى كادت ان تخرج من عينيه حارقة صاحبه .. ماذا لو اختطفها رجل في غفلة منه ؟ .. هل ستفيده زوبعة التردد التي يحياها حينها ..



وجهه .. انفاسه .. حتى حركة كفيه في حجره .. جميعها لم تخفى عن فارس .. ولا عن شبيب .. حتى جابر تملكه الاستغراب من النظرات إليه .. إلى ذاك الجسد الصامت .. ليبعثر السكون الذي التحفه : حارب .. فيك شيء ؟



أرتفع بصره يُلقيه على الوجوه تباعا ويبتسم .. سيحسم الامر الآن .. سيمتلكها رغما عن ذاته المتزعزعة .. سيغرز برايته على ارضها لتكون له لا لغيره .. بصوت واثق به قوة : شبيب ..



" خير يا حارب " .. واردف : آمر ..



وقبل البوح يعترض الزمان ان لا .. يصرخ الوقت ان الاون لم يحن بعد .. ويرن هاتفه مقاطعا .. ويتجهم وجهه : رقم دولي ..



ليردفه على أذنه .. وتتهلل اساريره : مالذي تقوله توماس ؟



يخرج ذاك الزميل الذي رافقه سنوات في دراسته وفي ذاك التخصص المشترك من اروقة المشفى .. يقف خارجا ينظر للمارة ولسيارة اسعاف محملة بمريض .. يتهافت عليه الممرضون يتبعهم طبيبان .. وهو اكتفى بالتنحي فعمله انتهت ساعاته : لا اعلم ما الوقت في بلدك .. ولكن لن تغضب مني بما اني احمل لك هذا الخبر الجميل .. كما اخبرتك .. هانا اعترفت بانها هي وراء ما حدث .. ثم ان الدكتور هاريسون اعترض بشدة بعد ان علم بما حدث معك .. هو يعرف والدك .. ويعرفك انت جيدا .. الشكر لرب انه عاد من المؤتمر سريعا ..




انقلب حاله من ذاك الحال الى حال اخر .. ينظر للاستغراب المتسربل على وجوه صحبه : حسنا .. اذا متى استطيع العودة ؟



- الاسبوع القادم تستطيع ان تباشر دراستك وعملك في المشفى .. آه نسيت اخبارك أن هانا انتقلت الى مستشفى آخر .. على حد قولها أنها لا ترغب بالعمل في مستشفى به طبيب مسلم ..



وقهقه عاليا : ننتظرك .. وداعا ..



اغلق الهاتف وبفرح : الحمد لله .. بانت الحقيقة .. وبرد لدراستي من الاسبوع الياي ..


ضرب شبيب على فخذيه بكفيه واقفا : مبروك .. ومتى ان شاء الله ناوي تقر وتيلس فبلادك ؟



لم يدع مجالا له ليرد .. ليخاطب جابر : جابر خبرهن يطلعن .. اترياهن فالسيارة ..



انسحب وحل الصمت يكسوه مليون سؤال .. واعين تشتتت انظارها .. حتى ما نطق فارس : واحنا بعد بنروح .. ما باقي شيء ع اذان العشا .. ومنذر يتريانا .



هكذا فَضت اركان المكان .. سخط محمل بالعتب من شبيب .. ووجوم يكلله التفكير من حارب .. وصمت تسربل على فارس .. يقود سيارته في هدوء .. متسائلا ماذا كان يريد من شبيب في تلك الدقيقة التي اعتنقته فيها قوة لم يعهدها .. هل كان سيطلبها ؟ .. هل انقلاب كيانه بسببها حين اطلت بحديثها على مسامعه ؟ .. التفت على يمينه .. يراه شاردا ونظره يخترق زجاج السيارة .. مبتعدا خلف ابتسامة تحمل في طياتها الكثير ..



يستفيق من غفوة روحه على صوت فارس الذي اوقف السيارة على جانب الطريق : الحين وين بيته ؟ يمين والا يسار . والا سيدا ..



ليختطف حارب هاتفه من الصندوق الصغير .. وبصوت به شيء من مرح : الو .. اقول وين بيتك ؟ صارلنا ساعة نحوس فهالشعبية ..



" استغفر الله العظيم " بعثرها فارس من هول الكذبة .. مردفا : وين ساعة تونا داخلينها ..



ليضحك الاخر .. ينحني ينظر امامه الى لافتة بعيده .. ويخاطب فارس : تحرك شوي قدام ..


حتى ما تحرك نطق : الحين احنا عند الدكان .. اسمه ارجون ..



وقف تاركا المكان الضاج بالاجساد الشبابية .. والاصوات الكثيرة .. ليقف خارجا في ساحة منزله .. وضحك بشدة على ما قاله حارب : اسمه ارجوان .. شو ارجون هذي بعد ..شكله للحين ما عدل الاسم والحرف الطايح .




واردف : انزين روحوا سيدا بتحصلون مطعم .. خذوا اليسار اللي عقبه .. وبعدين اييكم تقاطع خذوا يمين .. وعقبه يمين .. البيت فالاخر.. بتشوفون عنده سيارات .. وحياكم ..

,‘,


,‘,




يستقبلهم بعد بضع دقائق بصخبه المعهود .. وسخريته التي لن ينساها .. والضحكات المتلاحقة .. وكأنه شخص آخر غير منذر .. به شيء مختلف .. روحه اكثر فرحا .. ووجهه اكثر بشاشة .. يدخل بمعيتهما لمنزله : ما ناقصنا الا شبيب واخوه ..


يأتيه صوت حارب : دريت انه ياه ولد ..


يقفوا قريبا من مجلس الرجال الذي اكتظت عتبة بابه بالاحذية الرجالية : هيه .. اختي ما تقصر .. خذت منها كل العلوم اليوم العصر .. وان شاء الله العزيمة الاسبوع الياي فبيته ..


يخلع نعيله متحدثا : وان ما سوى ؟



" بيسويها يا فارس .. غصبا عن عينه " .. ليقهقه ويردف : بنشبله الين يسويها .. صار ابو وبيبخل علينا .. افااا بس ..



ليجلجل الصوت بعد برهة من المجلس برد التحية من الافواه .. يتصافحون .. يعرفهم هو ببعضهم .. فالكثير هنا .. صحبه وبعض من زملاء عمله .. ليأتيهم صوت من آخر الجلسة : ما ناقصنك الا العروس .. البيت وياهز ..



يبدأون بتشجيعه باصوات متداخلة .. ليخرسهم : بدري ع العرس .. ما صدقت ارتاح بروحي اقوم ايبلي وحدة تبليني بطلباتها .. خليت العرس لكم ..



يتناول " الدلة " وفنجانيين .. ويتوجه للمكان الذي به حارب وفارس .. يضيفهما .. ومن ثم يتخذ مقعده .. ليرفع نظره لصوت العامل الذي استقدمه منذ ايام ليقوم باعمال المنزل .. يتوسط الباب بجسمه الضئيل .. مرتديا قميصا باهت اللون .. وإزار مقلم .. يخبره بان العشاء قد حضر .. ليقف مبتعدا من المكان .. مختفيا خلف الجدران .. ليهمس فارس : منذر متغير ؟ الظاهر مرتاح هني بروحه ..


يعتدل في جلسته : هو من اول بروحه ..


" دريت ان شامة خطبها ولد عمها بطي ؟ " .. سؤال رغب منه الكثير .. ولم يأتيه الا رد بارد من حارب : الله يهنيها ..



تتزايد الحركة في المكان بعد دقائق .. ليتحلقوا على صحون العشاء .. وحديث يبعثره احد زملاء منذر وهو يدس كفه في صحن الارز : الا صدج الكلام اللي سمعناه يا منذر ..



صوت تكسر ورقة الخس بين اسنانه يتوقف : شو اللي سمعته ؟


- سمعت انك بتخلي الشغل فالمطار ..



تسمرت نظرات زملاء عمله على وجهه .. ليداعبهم : مليت من ويوهكم .. بدور ويوه سنعه تييب الخير وياها ..



وانفجر ضاحكا على سخطهم .. ومناوشاتهم في الحديث .. ليقول احدهم : الحين مليت من ويوهن .. ما كانك ويانا من سنين ..


وبشيء من الجدية تابع : انزين الكلام صدج ؟



سحب انفاسه : هيه .. بس للحين ما ياني الرد .. بسني من الشغل بالثانوية العامة ..



" من عرفناك وانت ما معك الا ثانوي " .. بعثرها احدهم ليرد عليهم فارس : منذر مهندس بترول .. وزين انه بدا يفكر يستغل هالشهادة اللي عفنت عنده ..



,‘,
تستمر الاحاديث بينهم .. بين مزح ومداعبات .. بخلاف الحديث الدائر بين كنة ومها .. تحتويهما تلك الصالة .. لا يكسر الهدوء الا صوت مها بالجمل المتقطعة .. ونبرة تعتلجها غصة خانقة : ذبحني يا كنة .. كنت اظن ان السالفة عناد او اي شيء ثاني .. ما توصل لانه يطعن فشرفي بهالشكل ..



تخونها دموعها .. لتدنو تلك بجسدها منها .. تحاول ان تحتضنها من كتفها .. فتبتعد .. تتمنع عن الشفقة .. تمسح دموعها : والله يا كنة حاسه اني بتخبل .. حاسه ان في حد لاعب فراسه .. او يمكن ..



لتصمت تشد على شفتيها .. ويأتيها صوت كنة : يمكن شو يا مها ..



" مادري .. مادري " .. سحبت انفاسها بعنف واردفت : وماعرف شو اسوي ..



" خبري ابوه وهو يتفاهم وياه " .. ليأتيها صوتها وكأنها افاقت من غرقها في الضعف : لا .. اصلا علاقته وييا اهله احس انها ضعيفة .. ما اريد اكون السبب فقطاعتهم ..



بعد صمت هُنيهة : بخبر عمج .. لازم حد يوقفه عند حده .. انا مب وحده مالها سند .. عندي اهل .. وعندي اخوان .. ما ايي واحد مريض مثله ويقول اني مضيعة شرفي ..



شهقة صدرت من كنة وهي تضع كفها على صدرها .. حين لاح لها مطر عند الباب .. لتلتفت الاخرى بخوف : مطر ؟



وتسارع تضع " شيلتها " على رأسها .. والاخرى ترتبها على رأسها .. تدس خصلاتها .. ويأتيهما صوته الغاضب : شو هالرمسة اللي سمعتها يا مها ؟



وجهه لا يفسر من الغضب .. وقفتا بخوف .. لتتلعثم ناطقة : ما في شيء .. سوالف .. يالسه اسو...



ليقطع الحديث بصوته وهو يقتحم الصالة ليقف قبالتها : شو يعني مضيعة شرفج يا مها ..



تتحرك عضلات وجهه وهو ينطق تلك الكلمات ..لتنظر إلى كنة .. تزدرت ريقها .. ينسكب ماء عينيها من جديد .. لتنظر للارض ناطقة : سلطان يظن اني ...



لم تستطع نطقها .. ليثور .. حتى انفاسه بات لها صوت : الخسيس .. النذل .. والله لاوريه ..



يهم بالخروج واذا بيد تلتقف ذراعه تمنعه .. يلتفت بعنف ليرى وجه كنة قبالته .. تتحرك لتقف امامه تسد الباب بجسدها .. ليصرخ بها : كنه خوزي من الدرب ..



الاخرى انهارت جالسة حيث كانت قبلا .. خانتها روحها .. وخانها جسدها .. تسمع صوت كنة الهاديء : مطر اهدى .. الامور ما تنحل بالعصبية ..


- تدرين شو يعني انه يسب شرفها ..



وبصوت عالي اردف : يعني يسب ابوي .. يسب عمج .. يقول ان عمج ما عرف يربي ..



سحبت انفاسها : اسمعني .. السالفة ما نريدها تكبر .. ومها بتخبر ابوك بكل شيء وهو اللي بيتصرف وييا سلطان .. لا تتهور واضيع عمرك .. ولا تخلي الموضوع يوصل لبعيد .. ينحل هني وبين عمي وسلطان ومها احسن ..



" خوزي عن الباب " .. قالها لتمد ذراعيها على اتساعه .. وترد عليه : مب خايزه الين اطيح اللي فراسك .



زفر انفاسه مرارا .. يعانق كفيه وسطه .. يعود يزفر مرخيا اياهن : خلاص .. بس والله – يلتفت لمها – والله يا مها ان ما خبرتي ابوي بيكون لي تصرف ثاني وييا الكلب ولد عمج ..



تتنحى عن طريقه بعد ان اخذت منه وعد ان لا يتصرف باي شيء حتى يعلم والده بالامر .. وتعود تقبع بجوار تلك الباكية .. تشدها اليها .. لتستلم للبكاء والنحيب .. تثرثر بارتجاف نبرة : ما اريد اتطلق .. ما اريد يقولون طلقها ولد عمها .. وما اريد اردله وهو شاك في ..



" تكلمين سوسن ؟ " .. سؤال في غير محله .. طرحته كنة بهدوء .. لترفع تلك رأسها عن صدرها : سوسن ؟



لم تزد على سؤالها بكلمة واحدة .. ابتعدت لتلتقف هاتفها من حقيبتها .. تضغط ازراره .. يأتيها صوت مها المنهمكة في مسح دموعها : كنة شو تسوين ؟



" اشششش" .. قالتها وهي تضع صوت الهاتف خارجيا .. يرن .. ويرن .. ليأتيها الرد اخيرا : هلا والله .. غريبة تتصلين علي ..



- مب غريبة ولا شيء .. بس امس ما شفتج فعرس اخوي .. وانتي ما تسألين .. حشا ما كأني دارسة وياج سنتين وكنا مثل الخوات ..



يأتيها صوت ضحكتها : معاج حق .. انا قاطعة .. بس والله مشغولة اجهز حق عرسي .. ما باقي الا اسبوعين .. امممم



صمتت لثواني ثم : تراج معزومة انتي واهلج – وبتردد – شخبار مها ؟



- الحمد لله تمام .. عايشة ومرتاحه وييا ولد عمها ..


- اها .


وكأن ذاك الجواب لم يعجبها .. لتنطق : بيني وبينج كنون .. وادري انج ما تنقلين الكلام .. الصراحة ولد عمها ما يستاهلها .. اول مرة شفته كان كيوت .. شاب حليوه ..



قطبت حاجبيها .. لتترك مكانها وتجلس قريبا من كنة .. تستمع لها تحادثها : ليش وين شفتيه ..


قهقهت بشدة : عند الجامعة .. اكثر من مرة شفتة واقف .. عاد الصراحة قلت لازم اعرف شو سالفته .. وانصدمت لما عرفت اسمه .. وهو بعد انصدم يوم عرف اني ربيعتها .. خبرته يومها عن جدولها .. هذاك الوقت كان دوامها عقب الظهر .. سولفت وياه عن وايد اشياء ذاك اليوم اللي عرف فيه اني ربيعتها .. ما دريت انه يحبها .. قالي انه كان مسافر وييا يشوفها ويطمن عليها .. وكان باين انه مشتاق لها ..



ضحكت : المهم كنون .. سلميلي عليها .. وخليها اتيي عرسي .. الحين اخليج .. بطلع وييا خطيبي نتعشى .. باي ..





" شو يعني ؟ " قالتها مها بفتور .. تحاول ان تستوعب الحديث .. تُعيد احداث واحاديث ماضية : بس هي ما خبرتني انها شافته .. فرمضان يتني تستسمح مني .. فنفس اليوم اللي كان سلطان ياي فيه يشوفني ويتكلم وياي ..



نظرت لكنة : معقولة تكون ..



اطلقت ضحكة ساخرة : خبيثة ..



" مها شو بلاج ؟ " بعثرتها كنة بخوف .. لتصرخ تلك : الحقيرة .. كل هذا عشان قلتلها بنت السواق .. كل هذا عشان سالفة وزلة لسان ..


يعانق كفها جبينها وهي تقف .. وذراعها الاخرى استندت على وسطها .. تدور في مكانها بغيض .. وتعود تنظر لكنة : دمرتني ..شوهت سمعتي فالجامعة قلت ما عليه كلام وبيروح وبينسى .. بس توصل لسلطان وتسمم عقله المريض ..



تقف الاخرى تشد على كتفيها : مها لا تظلميها .. يمكن شكنا مب فمحله ..



" ليش يت فبالج ؟" .. واردفت : لانها وحدة وسخة .. وانا كنت عميه .. عميه .. بس ما بنولها اللي فبالها .. وسلطان بيرد لي غصب عنها .. ومتى ما انا اريد ..



رنين الهاتف اخرجهما من ذاك الجو .. لترد عليه كنة : هلا امايه .. لا تعشوا .. انا بتعشى وييا مها .. ما عليه .. خليه اييني عقب ساعة .. مع السلامة ..



اغلقته : بيني شبيب عقب ساعة .. شو بتسوين الحين ..


تنفست بعمق : بخبر عمي حمد .. وما برد الا بشروطي .. وفالوقت اللي انا اريده .. بخليه يعرف ان مها مب سهلة ..



ابتسمت : خلينا نروح نسويلنا شيء ناكله .. وما اريد حد يدري باي شيء .. حتى خالتي ما اريدها تدري ..



هزت تلك رأسها موافقة .. وترافقتا الى المطبخ .. ستحاول ان تغير حياتها للافضل .. ولتذهب تلك السوسن للجحيم ان ارادت .. فهي لن تضعف ..
,‘,



بعد ساعات وفي وقت قارب منتصف الليل .. ولج الى شقته أخيرا منذ ان تركها في الصباح وعاد بخفي حنين .. يشعر بالفراغ يحتويه .. استشعر وجودها على مدى شهر ونيف .. يراقبها بصمت احيانا .. حركاتها البسيطة حفظها .. حتى نظرة عينيها وهي تشاهد التلفاز تروقه .. حين تندمج وجدا .. تتفاعل ملامحها مع الشخصيات التي تتابعها .. قبع على الكرسي يتخيلها على الكنب الطويل .. وفي يدها جهاز التحكم .. وفقط الصمت منها ومنه .. يتأمل تفاصيلها .. يظن بانها لا تشعر به .. بمراقبته العميقة لها .. هادئة وجدا .. تبتسم حينا .. وتقطب جبينها حينا اخر ..



أغمض عينيه مرخيا رأسه إلى الوراء .. لتأخذه الافكار إلى حدود النوم .. حتى ما ولج فيه وتعمق .. رن هاتفه الذي رماه آنفا على الكنب حيث هي دائما تجلس .. أفاق بوجع في رقبته .. وتشنج مؤلم في أسفل ظهره .. شد عينيه مرارا يحاول ان يستيقظ من نعاسه .. يتمطى وجدا .. حتى ما صمت هاتفه زفر بعنف ..



وقف ليتركه وراءه .. لا طاقة له بالرد عليه .. وسرعان ما عاد يرن من جديد .. التفت في حنق ناظرا الى ساعة الحائط .. ليُصدم بالوقت .. التاسعة صباحا ؟! .. تحرك يلتقفه يرى اسمها يُنير الشاشة .. ليتبسم بحبور .. ويجيب بخيلاء : هاا .. عرفتي انج ع غلط ..



ليتجهم وجهه على الصوت الذي داهم مسمعه : سلطان نص ساعة وابيك تكون قدامي .. والا والله ما بيصير طيب ..



بلع ريقه الجاف .. ناظرا للشاشة بعد ان اغلق حمد الخط في وجهه .. لقد فضحته .. هذا ما دار في خلده ليثور حتى انفاسه ضاق بها صدره .. تحرك مسرعا نحو الغرفة .. اليوم سيربيها بالفعل .. سيعرفها من هو سلطان .. ومن تكون هي حتى تفضحه بهذا الشكل ..



هُناك عند الصباح الباكر قبل ساعة .. في حدود الثامنة استوقفته عند باب غرفته وقبل ان يلج .. ينظر اليها بتوجس .. لتبتسم : عمي اباك فسالفة بيني وبينك ..



ليترك مكانه وهي تتبعه نحو مجلس الرجال .. هُناك اغدقت على مسامع حمد بكُل ما حدث .. بجميع الترهات العالقة في عقل سلطان .. بحديثه القاسي ومعاملته الفجة لها .. وما هي الا لحظات حتى امرها بطلبه عبر الهاتف .. ويصرخ به ان يأتي بتهديد ..



ليحث الخطى الى المنزل ينادي مطر .. ويأتي اليه مهرولا على الدرجات .. وتخرج حفصة من غرفتها : شو بلاك يا حمد ..


بصوت حازم : مطر وصل امك المستشفى .. عندي شغل لازم اخلصه ..



" خلص شغلك وبعدين بنروح " .. قالتها حفصة بهدوء وهي ترى وجه بعلها المحتقن بالدماء .. ليجيبها : بنتج تترياج .. وانا شغلي بيتاخر ..



ليتركهما ينظران لبعضهما .. ادرك مطر الامر .. استعجل والدته كثيرا .. حتى ما غادرا المنزل بقرابة النصف من الساعة دلف سلطان بسيارته .. ويأتيه صوت حمد فور أن ترجل : حياك ..



يسبقه الى مجلس الرجال .. ويلج ليراها جالسة محتشمة في رداءها : سويتيها ؟



قالها بغيض .. ليزجره الاخر : كلامك وياي يا سلطان ..



هو غاضب وجدا .. وهي ترتعد خوفا عليه .. لم تراه غاضبا هكذا قبلا .. يخرسها عن البوح ان حاولت التكلم .. يأمره بالجلوس فيجلس على مضض : تعرف عيالي يا سلطان ؟



نفخ هواء رئتيه بشيء من ضجر : عمي .. الموضوع مب مستاهل .. بيني وبينها بينحل ..



هو للآن لا يعلم بما اخبرته .. ليأتيه صوته : تعرفهم والا لا ؟ كد سمعت عنهم كلمة شينة ؟ .. وصلك كلام عن بناتنا ؟ عشان تهين بنت عمك اللي ربيتها مثل بنت من بناتي ..



كلما حاول الحديث اخرسه بقوة : يوم انك ضايع وييا الحمر والشقر ثمان اسنين وازود .. لا اتي تقول بناتنا مثل بناتهم .. مضيعات شرفهن ولا سائلات .. مها اللي خذتها من بيتي مكرمة ما بتردلك الا وهي مكرمة وراسها مرفوع .. وان ما بغت لسانك مثل ما هانها يطلقها ..



اردفت اناملها على فيها بخوف .. ليصلها صوت سلطان .. أخيرا استطاع ان ينطق دون ان يقاطعه حمد : عمي ان شاء الله ما بتوصل لطلاق .. وترى مها فهمت الكلام غلط ..


لتثور هي في وجهه : شو اللي فهمته غلط .. تقولي مستعمله .. شو افهم منها خبرني .. مب قصدك وحدة بايعه شرفها .. وانت سترت عليها عشان ما تنفضح ؟



" سكتي يا مها " .. أمر من حمد احترمته .. ويتبع ذاك الامر بسؤال : شاريها يا سلطان ؟



" لو بكنوز الارض كلها ما ترجعله يا ابوي " .. كان صوت مطر المقتحم المكان .. اوصل والدته على عجالة وعاد .. ليزجره والده : مطر مالك كلمة فالموضوع ..



مستهجنا تلك الجملة : لا يا ابويه .. لي ونص .. مها مثل اختي .. ومكانتها من مكانة ليلى .. وقص اللسان اللي يقول عنها كلمة شينه ..



دون اكتراث لكلام ابنه نطق يعيد السؤال من جديد : شاريها يا سلطان ؟



نظراته تخترقها .. ونظراتها تخترقه .. يشعر بانه اهين بسببها .. هو يعشقها .. بل انه اضحى مغرما بها حتى النخاع .. بلع ريقه : شاريها .. واللي تامر فيه بيصير .. بس طلاق مب مطلق ..



مطر ترك المكان ساخطا .. كان يتمنى ان يلكم ذاك السلطان المتبجح على وجهه ويكسر له صف اسنانه .. اما حمد من بعد ما قاله سلطان نظر لمها وبهدوء : قولي شروطج يا مها ..



أخبرت حمد آنفا ان لا رغبة لها بالانفصال .. وانها ستروض ذاك الـ سلطان بطريقتها .. لتبتسم ناظرة إليه بتحدي : اول شيء اريده يشتريلي بيت ويسجله باسمي ..


لينطق بغضب : من وين اييب الفلوس ؟


بعجرفة رد اجابت : الفلوس اللي ما كنت ناوي تشتري فيهن سيارة مستعملة .. تقدر تشتري فيهن بيت وتكتبه باسمي .. رده لذيج الشقة مب راده ..


حرك شفتيه بغل : غيرو ؟ ..



زفرت هواء صدرها بقوة : من بداية الشهر الياي بداوم .. وان اعترضتلي مدة الغيبة بطول .. وان شفتك تلاحقني والا احرجتني ردة لك ما برد ..



لتصمت وتردف بعد لحظة : متى ما اقرر اني برد بيوصلك الخبر .. صوتك ما اريد اسمعه وويهك ما اريد اشوفه ..



نظر لحمد : عايبك كلامها ؟ .. هذي شروط باللا ؟



ليقف حمد وتقف هي : هذا اللي عندنا عيبك زين .. ما عيبك المحكمة ادلها ..



ترك المكان يتلبسه شيطان الغضب .. شعر بالاهانة وبالذل في حضرتهما .. من اين لها بتلك القوة التي استشعرها .. خُيل اليه بانها ليست مها التي رافقته لايام طوال .. عنيفة هي في العقاب .. هل ظلمتها ؟ كان سؤال يتراقص بين الحين والاخر في عقله .. ويعود يردعه بقسوة .. فهي تخلت عن شرفها .. وهو على يقين بان الحديث الواصل اليه لم يكن هباء منثورا .. بل حقيقة اخفتها هي خلف قناع الرقة في ليلتهما الاولى ..

,‘,

,‘,




ليالي ثلاث مرة عليها بصحبته .. تنام في اقصى السرير الايمن وينام هو في اقصاه الايسر .. وكأن بينهما حاجز من حديد لا يقويان على هدمه .. الليل فقط ما يجمعهما في ذاك المكان بالساعات .. اما النهار فهو يجلب لقاءات قليلة بينهما .. تنهدت وهي تغلق المصحف بعد ان قرأت فيه فور انتهاءها من صلاة الفجر ..



عاد أخيرا لتنظر إليه بابتسامة .. هي طبيبة تلج الى نفوس البشر فتحاول مداواتها .. فلما لا تلج إليه .. البعد بينهما سكين قاتلة .. تُشعرها بالضعف كلما انسلت وطعنت .. ستبدأ الحديث معه .. وقفت ناظرة اليه وهو يضع " غترته " عن رأسه على الكوميدينا الخالية الا من قنينة ماء شُرب نصف ما فيها : تقبل االله ..



قالتها بهدوء .. ليجيبها دون ان ينظر لها : منا ومنج ..



وقفت تُزيح ثوب الصلاة الذي يغطي كامل جسدها .. وبيدها تشد على المصحف لتخطو تضعه في احد رفوف الدولاب الخالية .. وتطوي ثوبها وتضعه على رف آخر .. وتعود تنحني تطوي سجادتها وتردفها على ظهر كرسي التسريحة .. لتعود تنظر إليه .. شارد الذهن : بترقد ؟



هز رأسه بلا .. و دعك فروة رأسه بأنامله .. ليقف يشد هاتفه من جانب وسادته ويخرج الى الصالة .. تنهدت زامة شفتيها .. وتبعته .. ترغب بان تستميله بالحديث اولا .. تحركت نحو المطبخ الصغير في زاوية تلك الصالة الواسعة : اسويلك وياي شاهي ؟



لا رد منه .. فهناك ما يشغله .. تمر الدقائق لتعود وبين كفيها كوبين من الشاي بالحليب .. وضعت احدهما امامه .. فنظر اليه وتبسمت : ان شاء الله يعيبك .. ما كثرت شكر ..



جلست على الكرسي المنفرد .. ترتشف من كوبها وتراه ياخذ كوبه ويرشف منه .. لتنطق : امس سويت شاهي احمر العصر بس ما عيبهم .. امايه قالت دكيته ( اغرقته ) شكر .. وعمتي ما قالت شيء .. بس حسيت انه ما عيبها ..



صمتت وعادت تفتح فيها : عيبك ؟


ابتسم يبعد ما في يده عن ثغره : حلو .. شوي شوي وبتعرفين اضبطينه ..



" يعني ما عيبك ؟ " ..وتابعت : ناقصنه شكر هالمرة ادري – تقف – بقوم ايبلك عشان تزيده ..



ابتعدت وهو التقف هاتفه يضغط على الازرار .. ومن ثم يبعثر السلام على المجيب .. عادت هي تضع وعاء السكر على الطاولة بجانب كوبه .. تسمعه وقد بانت الجدية على وجهه : هلا خليفة .. كنت اتريا توصل سبع عشان اتصل عليك .. مداوم صح ؟



صمت تتغير معه ملامح وجهه .. يأتيه صوت الملازم خليفة .. بعد ان سأله ماذا حدث على طلبه الذي مضى عليه ايام : لقيت اسمين مرتبطين بـ عيسى سالم محمد الـ .. هم وليد وريا .. البنت مشتكيه ع اخوها تقريبا من حوالي ست شهور .. فيك تقول من عقب عيد الفطر ..



" شو مفاد الشكوى ؟ " .. بلعت هي ريقها بخوف .. لاول مرة تسمعه يتحدث عن امور عمله امامها .. يجيبه الاخر : مشتكية على اخوها بالسرقة .. هذا غير بلاغها انه يتعاطى مخدرات واجبرها على التوقيع على بيع بيتهم ..



ليكمل بهدوء حين سأله شبيب الى أين وصلت تلك الشكوى : الصراحة الملف انغلق عقب اسبوعين .. الاسباب عدم وجود ادله وغياب المشتكية وغياب المشتكي عليه ..



" كيف ؟ " قالها شبيب وهو يقف يتحرك مبتعدا الى الغرفة وصوته يصل اليها بخفوت : اسباب واهية .. كيف انغلق الملف بهالسرعة ..



يخرج وبيده محفظته ومفتاح سيارته : اسمع اريد الملف يكون ع مكتبي .. السالفة وراها واسطة الظاهر ..




ليخرج من المكان وتتبعه هي بنظراتها .. لا بأس بمحاولتها الاولى معه .. استلقت حيث كان هو جالسا .. واشعلت التلفاز .. تبحث عن شيء يسليها في هذا الهدوء الذي يسكن المنزل في هذه الساعة الصباحية .. غفت دون ان تشعر .. لتفيق على صوت شمسة .. تهرول بخوف .. تردد البسملة مرارا .. لتفتح الباب وتخطو نحو الصالة الصادر منها الصوت .. كنة واقفة وعلى وجهها علامات الخوف .. وشامة جالسة تتمتم بـ يا رب مرارا .. وتلك العجوز تتحوقل .. وقبل ان تبعثر حروفها لتسأل عما يجري .. تدخل شمسة : سيارته مب هني .. يا ويلي على ولدي ..



تتحرك كنة نحوها .. وبخوف : امايه يمكن هي مغلطة .. شو قالتلج ؟


لتجيب : تقول ولدها شاف سيارة شبيب النيسان محترقة ... يا ويلي عليك يا شبيب ..


لتصرخ بابنتها : اتصلي عليه ..



وبجزع ودموع تغالبها تصرخ شامة وبيدها الهاتف : ما يرد ..



" من الصبح وقلبي مقبوض " .. قالتها شمسة وهي تجلس بجوار والدتها .. تعود تصرخ بكنة : اتصلي بجابر .. والا بمنذر .. شوفيلي اي حد يخبرني عن ولدي ..



هي كانت تستمع .. ترى .. وقلبها يرجف بخوف .. تسمرت في مكانها .. يقولون ان سيارة شبيب احترقت .. كيف ؟ كان معها في الصباح .. كانت تحادثه .. كان يخبرها بانها ستجيد صنع الشاي .. دمعت عينيها .. لينتشلها من صراعها صوت شمسة الغاضب : كله منها .. من عرفها ما عرف الخير .. والا في ريال توه معرس ما ييلس وييا حرمته الا وين ووين .. كله منج ..



ارتعشت اوصالها .. تسمع الجدة تزجر ابنتها : بس يا شميس .. ان شاء الله ما صابه شيء ..



ابتعدت هي تغالب رجفة ساقيها .. لتغلق الباب وتنهار مستندة عليه : يا رب .. يا رب ..






,‘,



هُنا أقف وموعدنا باذن الله يتجدد مع الزفرة 43
قراءة ممتعة

بنتي دنيتي 10-06-14 02:13 AM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
رووووعه جداااا

ام اميرر 21-06-14 10:05 AM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
ابداااع هال روايه تحمسني كل مره اعرف ووش الي بيصير واصلي ولا تطولين علينا متحمسه اعرف وش صار بشبيب وحارب

اسطورة ! 22-06-14 07:15 AM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
" شفت ايده .. شفتها مصغرها حتى صبعي ما قدر يمسكه " حديثها وهي على الكرسي المدولب عائد بها جابر إلى غرفتها بعد ان رأت صغيرها خالد .. يسمعها تحكي له لقاءها معه اليوم .. وكيف سمحوا لها ان تمسح على جسده الصغير .. تحكي وهو يستمع إلى نبرة السعادة التي تشوبها .. حركة كفيها .. نظرها لاصبعها مررا .. وكأنها تشعر بمسكته الرقيقة حتى الآن .. سألته : متى بيطلعونه ؟



يدفع الكرسي وابتسامته لا تفارقه : باكر بيشوفه الدختور مرة ثانية .. لازم يتأكدون ان اجهزته بخير ولا يشكي من شيء ..




صمتت وكأن احاديث روحها تحكي لها عن اللقاء الاخير .. تبتسم كبلهاء بينها وبين ذاتها .. فقط السكوت من الطرفين كان الرفيق الثالث للطريق الى تلك الغرفة .. حتى ما دخلا .. ساعدها لتنهض عن الكرسي وتستلقي على السرير .. لتتأوه بسبب الجرح .. يردد هو بخوف : يعورج ؟




تعتدل ولا تزال كفه بكفها التي تشد عليها هي بقوة حتى تسحب جسدها قليلا للخلف : بس وخزه خفيفه ..




يتركها ليسارع بجلب كوب ماء .. يساعدها في الشرب كطفلة صغيرة مدلَلَة .. وكم هي عاشقة لحنانه معها .. خوفه عليها .. وقلقه الذي يظهر في عينيه كُلما تأوهت او حتى شدت على شفتيها .. تخشى ان تدمن ما هي فيه .. فلا تجد باب خروج من دائرة الدلال ..




بابتسامة بدأت تصيبه بالعدوى فيبتسم لا اراديا .. نطقت : حبيبي .. الحين ليش شليت كل الملابس اللي يابوهن حق خلودي ؟ ما بقيت ولا شيء ..




تتبعه بنظرها وهو يبتعد عنها ليفترش الارض على السجادة الصغيرة التي تغطي تلك المساحة بجانب السرير .. يمد له بالقهوة ليرتشف فنجانا : انتي شفتيهن ؟ .. كبار ما ايوزله .. ومادري من وين بنيب شيء يناسبه .. وامج قالت تعرف وحدة تفصل ملابس وبتطلب منها كم قطعة ..




زمت شفتيها : الحين بيتم ايرد(عاري) .. وبقطنه بس ..



غرق في ضحكة اهتز معها الفنجان في يده ليتركه جانبا .. وتقطب هي حاجبيها : ما قلت شيء يضحك .. يعني مب معقوله يتم بقطنه .. حرام ..




غالب ضحكته ليعود يلتقف الفنجان يرتشف منه : ليش كل هالمحاتاه ؟ .. خلود دامني عايش ما بينقصه شيء ..




شعور الامان يلفها .. لتتمتم له بالدعاء ليغدق الله عليه بطول العمر .. ويحفظه لهما .. تنهدت ناطقة : غريبة امي ما صبحتنا اليوم .. بالعادة اتيي من وقت ..




يبحث في سلة الفواكه عن حبة مشمش احمر : عمي يقول بتييج العصر .. عندها حريم اليوم يايات يباركن لها ..



التقف واحدا ليغطسه في وعاء الماء .. ومن ثم قضمه في هدوء .. وفجأة قطب حاجبيه ليتحسس جيب ثوبه : فوني وين ؟



هزت رأسها حين نظر اليها : مادري ....



يستقيم واقفا تاركا ما بيده .. مبتعدا الى الغرفة الصغيرة الاخرى .. ليعود بعد دقائق : ما لقيته .. يمكن ناسينه فالسيارة ..




وقبل ان يخرج اذا بصوت نغمة هاتفه يُسمع بخفوت في المكان .. يتحرك نحو الصوت .. يفتح دورة المياه ( اكرمكم الله ) ليجده يهتز على حافة الحوض وبينه وبين السقوط قاب قوسين .. لينتشله ناظرا للاتصال الذي توقف .. ليظهر الكم الهائل من المكالمات الفائتة .. وجميعها من هاتفين .. كنة وشامة ..




خرج من دورة المياه ليبتسم في وجه ليلى : حارقينه من الاتصالات ..



ليردفه على اذنه بعد ان ضغط زر الاتصال على رقم كنة : السلام عليكم ..




يأتيه صوتها بنبرة خوف يشوبها بعض بكاء مُجيبة عليه برد التحية .. ليتجهم وجهه ويخفيه عن ليلى بالابتعاد من امامها : كنة شو بلاج؟





,,

انهيار .. بكاء .. دعوات .. وخوف من خبر مشؤوم .. كانت اجواء المنزل في تلك اللحظات قاتلة .. بل انها خانقة انتشلت الاكسجين من الاركان ..سحبته وقذفته بعيدا .. تحوقل واستغفار وهمهمات .. واصابع لا تفتأ من ضغط تلك الازرار .. وطنين عبر الاثير ينبأ بان لا مجيب وطنين آخر ينبأ بالاغلاق ..




تمر الدقائق كساعات .. وصوت العجوز لا يفتر من الدعاء .. وتلك تبكي وقد توسدت الارض بساقيها .. جاثية على ركبتيها المتأوهتان من ضرباتها المتكررة على فخذيها .. لتتحملق الانظار فجأة على صوت كنة الممسكة بالهاتف .. يعود الصمت بترقب .. بكلمات متقطعة تُجيب أخيها : يقولون سيارة شبيب محترقة .. شبيب طالع من الصبح ما ندري وينه ولا يرد ع التلفون ..




لتختطف منها شمسة الهاتف تجلس بجانبها : جابر .. الحق علينا .. شبيب وينه يا جابر ..



يتحرك مبتعدا عن باب الغرفة : استهدي بالله .. ان شاء الله ما فيه الا العافية ... وبعدين انتوا متاكدين ..



لتنفجر به : هيه .. سيارته محترقة ع الطريق .. مداعم وييا واحد ...




خطواته تسابق خطوات المارة من ذاك الممر : ما قالكم قبل يطلع وين بيروح ..



حين اخذت تضج سمعه بالبكاء والنحيب .. ذاق ذرعا ناطقا : عطيني كنة .. اميه عطيني كنه ..



تمد يدها المرتجفة لابنتها : يباج ..



لتلتقطه وعينيها على وجه والدتها الباكي .. وسمعها مع صوت كلماتها المنتحبة .. ليأتيها صوت جابر : كنة ردي علي ..




" هااا " .. بتوتر تبعثرت من فيها .. لتقف تبتعد من المكان .. تلتقي بكلثم المستيقظة تواً من النوم .. تمر بجانبها : لحظة بسأل ريا اكيد قالها ..




طرقت الباب بخفة ثم ولجت .. لا احد في تلك الصالة .. وذاك المطبخ الصغير هاديء ايضا .. تحركت بوجل نحو باب الغرفة المفتوح .. لتلوح لها على سجادة الصلاة رافعة كفيها ومغمضة عينيها .. ودموعها قد خُطت على وجهها .. بلعت ريقها الجاف لتنادي باسمها .. لكنها لم تستجب .. وتعود تناديها وهي تدنو منها : ريا ..




بخوف التفتتت تنظر الى كنة وتمسح دموعها : وصلكم شيء .. خبروكم بشيء ؟




عضت على شفتها السفلى حين هزت تلك رأسها نافية .. وتعود تزدرد ريقها : خبرج وين راح ؟



تغصب ابتسامة سرعان ما تختفي : راح الشغل ..




لتتحرك كنة تردف الهاتف على اذنها من جديد .. تبلغ جابر بما عرفت .. وتلك ترقبها حتى اختفت .. لتشد باطراف اناملها على صدعيها .. وجع رأسها سيفتك بها لا محالة .. زفرت بخفوت وقلبها لا يزال يقرع الخوف بابه .. ترغب بالخروج لمعرفة المستجدات .. ولكن لا تقوى على كلمات القسوة حتى وان لم تكن مقصودة ..




قامت لتتحرك بهدوء تحاول ان تلتقط باب المنزل الرئيسي من نافذة الصالة .. ولا يستطع نظرها الوصول الا لجزء بسيط من الساحة الامامية .. ابتعدت ليحتضنها احد الكراسي .. الافكار باتت تداهمها مخلفة في ذاتها رعب من القادم .. لتلتفت فجأة على دخول شامة المفاجيء .. والرعب قد استحل وجهها .. ناطقة بجزع : ريا تعالي شوفي يدوه ما ندري شو بلاها ..




لتقف تغالب رجفة ساقيها .. تتحرك مهرولة مع شامة لتلك الصالة .. تجد كنة تحاول ان تسقيها قطرات ماء .. وتمسح على وجهها بعد ان سكبت القليل مما في الكأس في كفها .. وشمسة تثير زوبعة نحيب تزيد من حدة التوتر .. تدنو تجلس على يمين كنة .. تلتقف رسغها : عندها الضغط والا السكر؟ ..



بدموع وهي تحاول ان تقوي من ذاتها : عندها السكر .. حاولت اقيسه لها ما رضا يشتغل ..



عيناها المطبقتان وانفاسها الضعيفة الخارجة بقسوة من رئتيها اثارت الخوف في القلوب .. تسحب ريا الجهاز المتبعثرة ادواته من ابرة وشريحة وقلم .. تحاول ان تقرأه : باين ان عندها هبوط عشان هالشيء ما قدر يقراه الجهاز ..تاخذ ابر ؟

تهز تلك رأسها بالنفي : لا ..



ارتفعت مبتعدة .. وصوت كنة يصل اليها : امايه فديتج فتحي عيونج ..



تسمر جسده النحيل على الباب ينظر تباعا .. امامه مباشرة في اقسى الصالة كلثم .. تقف بخوف يتضح على ملامحها ونظراتها توقفت على شمسة تارة وتتحول تارة اخرى على كنة .. وشامة تقف قريبا من الاجساد الثلاثة لوالدتها وجدتها وكنة الرابضة لا تكل من مسح الوجه المجعد بالماء البارد .. وبهدوء نطق : شو فيكم ؟



لتصرخ به شمسة : انت وين كنت .. من وين ياي ؟



تراجع للوراء خطوة .. ليفاجأ بكلثم الباكية تهرول نحوه وتلتصق بظهره : كنت العب ؟




يصلها صوت شمسة الزاجر له وهي عائدة ادراجها وبيدها كوب من عصير البرتقال .. يمنعها من الدخول جسد هاشل وجسد كلثم المتشبثة به .. لتبعدهما بكفها قليلا وتتابع المسير تسقط جالسة على ركبتيها .. تبعد كنة عن المكان .. ليأتيها صوتها : شو هذا ؟



-
عصير برتقال وشكر ..



ترفع جذع العجوز بيسارها .. تقرب حافة الكأس من فيها : امايه شربي شوي ..




ترغمها على الشرب .. رشفة تتبعها اخرى فاخرى .. وحاجبيها قد تعانقا لصوت شمسة المتهكم بها .. أوليست بشر ؟ .. لا حول لها ولا قوة ؟ .. أليست الاقدار من رب العباد ؟ .. ما شأنها هي ان هو تضرر .. نزلت دموعها وهي تسمع : فارضنج علينا وع عمره .. لحد يقولي غير هالشيء .. لانه كله مبين .. لو انج سنعة وبنت ناس زينين ما خلاج وراح .. اكيد قايلتله شيء خلاه ما يعرف يسوق ويدعم .. منج لله ..




" بس ياميه " .. قالتها كنة من بين دموعها .. مردفة : خلاص .. شو ذنبها .. ان شاء الله شبيب ما فيه شيء .. لا تتفاولون عليه .. الله يخليكم ..




لتضرب تلك على فيها باناملها بعنف .. مجيبة ابنتها بسخط : هه .. بنسكت ..




ارخت برأس العجوز على النمرقة القاسية وهي ترى تغير ملامح وجهها قليلا .. تقف : بروح ايبلها مخدة تريح راسها ..




تحركت لتتسمر على منظر الطفلين الخائف .. وتبتسم .. تتحرك تمسك هاشل من يده : تعال وياي ..




لتمشي معه وتلك لا تزال ملتصقة به .. ينطق بخوف ووجهه يحاول ان يلتقط منظر جدته الممدة : امايه العودة شو فيها .. وشبيب وينه ؟ امايه ليش تصارخ علي وعليج .. شو صاير ؟




أسئلة كثيرة لا يقابلها الا الصمت من ريا .. والبكاء الخافت مع الشهقات من كلثم .. حتى ما اوصلته الى الكنب الطويل .. عانقت بكفيها كتفيه منحنية قليلا .. تنظر الى وجهه العابس : ما فيهم شيء .. يدتك بخير .. شوي وبتصير احسن .. انت تدري ان عندها السكر وهالتعب شيء عادي ..




" وشبيب ؟ " قالها لتخرج تلك من خلفه : شبشب مات مثل بابا ؟




لم تجد نفسها الا ان سحبتها الى صدرها : لا حبيبتي .. شبيب بخير والحين بيي .. راح الشغل ..




غرق هي الاخرى وجهها بدموعها .. تبعدها بهدوء : شوفي تراج صيحتيني ..




وضحكت بخفوت وهي تمسح وجه كلثم المبتل ومن ثم تمسح دمعها هي : يلسوا هني .. بودي مخدة لاماية العودة وبرد .. وبيلس وياكم الين ايي شبيب .. اوكي ..




لا صوت سوى اهتزاز رأس هاشل بالموافقة .. وجلوس كلثم على الكرسي .. تحاول ان تكون قوية .. هي قبلا اعتنت بوالدها ايما عناية .. كانت متكفلة بكل شيء .. والآن هي ايضا تقوى على فعل الكثير وليست بحاجة لاحد ان يخبرها ما يجب ان تفعل .. اطلت بجسدها لتجد تلك الصالة قد خلت الا من كنة والجدة المستلقية .. لتدنو ترفع راس تلك الذي خذلها جسدها لتقع صريعة ذاك المرض اللعين .. تُريحه من جديد على تلك المخدة الناعمة .. لتفتح عينيها على صوتها السائل كنة : وينهن ؟




الاخرى تجلس اعلى رأس جدتها .. تشد على الهاتف في حجرها .. شاردة .. حتى حين اجابت كان عدم التركيز يحتوي نظراتها : امايه ما ادري وين راحت .. شامة راحت حجرتها ما تعرف تتصرف .. تلقينها تصيح والا رقدت ..




التفتت حين شدت تلك العجوز باناملها على كف ريا .. لتتبسم .. ويشوبها الحزن حين قالت : ولدي ييا ؟



ربتت على كفها الاجعد بكفها الاخر : الحين بيي .. خليني اقيسلج السكر ..



تقوم بذلك وهي تحادث كنة : شو قالج اللي كنتي تكلمينه ؟



" جابر ؟ " ... ليسودها الصمت لثواني بعدها : قال بيروحله الشغل .. وبيسأل عن الحادث ..




هناك في داخلها صوت يحثها على التفاؤل وصوت آخر يزجره أن لا تفعل .. تنسكب دموعها وهي في مكانها .. لا شيء يتحرك فيها سوى صدرها .. يصلها صوت ريا بين الحين والاخر متسائلة .. واسئلة تطرحها جدتها عن شبيب وتلك تطمأنها .. حتى ما نهضت .. رفعت بصرها إليها أخيرا : وين بتروحين ؟




لتبادلها النظرات : كنة ذكري ربج .. شو بلاج جذي منكسرة ..




هزت رأسها لتعود تطأطأه : خايفة .. احس اني مب قادرة اقوم ..




عادت تنظر إليها ومن ثم إلى جدتها : ما لازم ناخذها المستشفى ؟




" السكر بدا يرتفع " .. ابتعدت قليلا ثم وقفت لتنظر لكنة من جديد : خليها ترتاح وعقب شوي لازم تاكلها شيء ..





خلا المكان وتوشحه الصمت .. وهمهمة خافتة بين الفينة واختها تتبعثر من ثغر الجدة .. يمر الوقت ثقيلا .. وذاك الهاتف القابع بين كفيها لا يرن .. يُخيل إليها انه قد غاب عن الحضور .. فتفتحه مرارا تتيقن ان روحه لا تزال فيه .. جابر لم يعاود الاتصال .. والدتها لا صوت لها .. وشامة لم تعد .. وريا ايضا غادرت وعادت وبيدها طبق طعام .. اجبرت العجوز على الاكل منه .. وها هي تبتعد عنها .. وهناك في صدرها خوف من الفقد .. لا تطيق الفراق .. فارقها والدها حين غفلة .. ولا ترغب ان يتكرر الامر مع شقيقها ..



تغوص في الكثير من الآهات المتوالية .. يشتد اختناقها فلا تقوى على الصراخ .. جفلت حين وقع كف على كتفها .. واسمها يتردد .. لترفع نظرها : شبيب ..





منذ دقائق ليست بالكثيرة توقفت سيارته في ساحة المنزل .. ليتقافزا كُل من كلثم وهاشل من تلك الصالة .. يناديان باسمه .. وزوجته خفق قلبها وجدا .. هل يعقل ان صوت السيارة المتسربل اليهم في حضرة التلفاز ورسومه المتحركة هو لسيارة شبيب .. وقفت بصعوبة .. تشعر ان ساقيها ثقيلان وان جسدها اثقل منهما .. تحركت ببطيء .. حتى ما استقرت على آخر الممر تسمرت في مكانها .. يأتيها صوته البعيد .. غاضبا هو ومستاء ..




ترجل .. واذا بالخطوات المسرعة تصل اليه .. يحتضنانه باكفهما بعنف .. واسمه من بين شفتيهما كان له وقع الخوف .. تحملق نظره على جسد والدته الخارجة من الداخل .. والتي سقطت جالسة بوهن .. ليسارع اليها .. فتشده الى صدرها وجدا : شبيب .. انت شبيب ..



" لا حول ولا قوة الا بالله " .. قالها وهو يبعد جسده عن جسدها .. ينظر الى وجهها الباكي : ما صدقت يوم ياني جابر المكتب يقولي انكم شالين البيت شلل من الصايح ..


بنبرة متقطعة : قالولي سويت حادث وسيارتك احترقت ..



استغفر مرارا .. يعلو صوته اكثر واكثر مع كل استغفار : ما قالولكم وين مستوي الحادث .. ما سألتوا .. ع طريق دبي مستوي .. وين احنا ووين طريق دبي .. يعني خذوها بالعقل شو اللي يودين هناك .. من سمعتوا ان السيارة نيسان سودا ونفس موديل سيارتي قلتوا انا ..



يرتفع وينحني يساعدها على النهوض : قومي ندخل – يلتفت خلفه – دخلوا ..



جرى هاشل لداخل يصرخ بان شبيب قد عاد .. وتلحقه تلك الصغيرة .. ليقفا بفرح امام ريا : شبيب برع ..


قالتها كلثم واتبعها هاشل : كله كذب ... بروح اقول حق شامة ..



يلوح لها جسده بجانب جسد والدته .. يمشي بمعيتها .. يلجان لصالة وتسمعه يسأل عن جدته .. لتنسحب من مكانها بهدوء .. لم يرها ولا تتمنى ان يراها بهذا الحال .. ففضلت الانزواء ..



جلس بجانب جدته لينكب على رأسها مقبلا .. ويسوءه حال كنة حين ارتفع من فعله .. ليزحف على ركبتيه حتى ما صار قبالتها اردف كفه على كتفها .. مناديا اياها بخفوت : كنة ..


جفلت فنطق : بسم الله عليج ..



نطقت باسمه وحرارة قاسية تُلهب مقلتيها .. وارتعشت معها شفتيها .. لترتمي على صدره منتحبة .. تستصرخ وجعها ان ابتعد .. تحمد ربها مرارا على سلامته .. تنهد : بس .. كلها كم ساعة غبتهن صار فيكم كل هذا ..



بصوتها المكتوم في صدره : ليش ما ترد ع فونك ..



لترفع وجهها وتصرخ به : حرام عليك .. اتصلت مليون مرة ولا ترد .. كل ذا شغل .. ما نهمك .. صاير حتى اتصالاتنا ما تعنيك .. ليش ..



لتقف وهو يرتفع نظره لها : لا تلومنا – تمد له بهاتفها – شوف .. كم مرة اتصلت .. امايه العودة مرضت .. وانت ولا همك .. ما صرنا نهمك .. لا تقول ليش وليش .. فاهم ..



جميع الانظار كانت تخترقها .. لا تستوعب ما تفعله كنة في هذه اللحظة .. أكنة تثور في وجه شبيب ؟ .. تلك من المستحيلات في هذا المنزل .. ابتسم لها ليقف ويدس يده في جيبه .. يخرج لها هاتفه ويمده .. هي تمد بهاتفها وهو يفعل كفعلها : خربان .. صاير ما توصلني اي مكالمات عليه .. وانا عبالي محد يتصل علي لاني بعدني معرس ..



" شبيب " .. نبرة خافتة اسكتتهما عن البوح .. لينظران للاسفل حيث تلك المستلقية .. ليعود يجثو على ركبتيه بجانبها : يا عيون وقلب وروح شبيب .. افا اطيحين وانتي شيخة الحريم .. هذا وانتي بعدج شباب ..



لاحت له ابتسامة خافتة منها فابتسم أكثر .. لتزجره باعياء : عليت قلوبنا بسواتك يا ولد ناصر ..



ينحني يلثم جبينها بعمق : ما عاش اللي يعل قلوبكم .. بس انتوا الله يهداكم من وصلكم الخبر ارتبشتوا .. سألوا الحرمة ووين وكيف .. وسبحان الله ما صار اللي صار الا وفوني متعطل ..



نظرت إليه .. لتحاول النهوض فيساعدها لتجلس ويتحرك يضع النمرقة خلفها .. ليأتيه صوتها وهو منحني بجانبها : روح لحرمتك .. امك قست عليها بالكلام ..




تبعثر نظره .. تارة على كنة التي لا تزال على وقفتها .. وتارة أخرى على والدته الساكنة حيث اجلسها .. ليقف ويقع بصره على شامة الواقفة بالباب وبجانبها هاشل وكلثم .. تبسمت له فبادلها الابتسام .. ليحث خطاه تاركا الجميع خلفه ..



,,


إن كان خبر كاذب فعل بهم ما فعل .. فماذا إن فقدوه حقا ؟ .. عمله ليس بذاك السهل .. تساؤلات تناثرت فيه بعد ان خطى مبتعدا وصوت والدته تزجر كنة على فعلها يسمعه .. حتى ما فتح باب قسمه واغلقه رفع وجهه للاعلى متنهدا .. يتحرك ليقف خلف الكنب راميا بهاتفه على الطاولة .. يعاتبه ربما بنظراته التي طالت عليه .. يقطب جبينه .. تذكر اخيرا .. هي لا تملك هاتفا .. تبسم مرددا بخفوت : ولا تكلمت ..




تحرك يفتح باب الغرفة ويتسمر في مكانه .. مطيلا النظر إلى تلك التي اطالت السجود .. يرفع معصمه ليرى الوقت .. واذا به قريب الحادية عشر .. ارتفعت من السجود لترفع كفيها لربها تغدقه بالشكر بتمتمات خفيفة لا تُكاد تُفهم .. وهو ظل في مكانه .. حتى ما مسحت وجهها ناطقة بالشهادة ..بلعت ريقها وتحركت تطوي سجادتها وتقف .. ليأتيها صوته : تقبل الله ..


تجيبه بخفوت وهي تردف السجادة على السرير .. تلتفت أخيرا ناظرة إليه ليسألها : شكر والا ضحى ؟



داعبتها ابتسامة استشف هو من ورائها بعض من خجل .. تجيبه بهدوء : شكر ..



ينظر إلى ملامحها الهادئة .. لحياء عينيها .. لتحركها متوجه نحوه لتخرج من الباب .. لم يشعر الا بذراعه تمتد تقطع طريق خروجها .. ليتجهم وجهها .. ترفع بصرها لوجهه .. وتغزوها نبضات خوف تحاول سترها ..تهز رأسها قليلا بحركة بسيطة وكأنها تسأله ما الامر .. لتظهر الجدية على وجهه : شو قالتلج امي ؟


اتسعت ابتسامتها : شو قالولك اول ما شافوك ؟


" انا سألت " .. قالها لتزم شفتيها ناطقة : وانا جاوبت بسؤال .. جاوب ع سؤالي اجاوب ع سؤالك ..



رمقها بنظرة : لا تسوين قدامي الطبيبة النفسية وتتلاعبين بالكلام .. ترى ما ينفع وياي ..



بنبرة فيها شيء من ضحك : لا والله ما خطر ع بالي .. بس جاوبني شو قالولك ؟



ابعد ذراعه ليربعها مع الاخرى على صدره ويستند بظهره على حافة الباب : امي ما تكلمت .. بس كنة انفجرت فيّ .. اول مرة تعلي صوتها علي بهالشكل .. بس ما الومها ..



ابتسمت : وانا ما الوم امك ..



فرحة .. سعادة .. شيء ما يداعبه .. حبور وراحة تتسلل بين اضلعه .. يراها تمر عابرة عتبة الباب ومتوجهة لباب القسم : وين رايحة ؟



" بروح اسوي غدا .. اكيد محد له خلق عقب اللي صار " .. تبسم بشكل جعلها تقطب جبينها : ليش هالضحكة ..



لوح بيده تاركا مكانه ليلج الى داخل الغرفة : ولا شيء .



عادت ادراجها تقف حيثُ كان . تنظر إليه يبحث في دولاب ملابسه : لا تخاف .. اعرف اطبخ .. مب مثل الشاهي ..



غرق في الضحك .. مما جعلها تضحك بخفة .. يرمي بملابسه التي اخرجها على السرير .. يحدثها وهو يلتقف منشفته قاصدا دورة المياه ( اكرمكم الله ) : روحي .. بس تحملي الكلام اذا طباخج مب شيء ..



ظلت مكانها .. تغزوها ابتسامة .. تصنمت ونظرها على أخر طيف له ..



كم انت جميل حين تضحك .. وحين تبتسم .. حتى حين يتعكر صفو وجهك غاضبا .. هل تُراني ادمنت تصرفاتك ؟ واضحيت اعرفها .. بل احفظها كمقرر دراسي في يوم اختبار .. آه من قلبي النابض بشكل لم اعهده .. يلوح لي بين منامي اني لك حبيبة .. تداعبها وتسامرها وتغدقها بالغزل .. هل من يوم انال فيه ما احلم ؟ ام ان الايام ستغدر بيّ ؟ .



افاقت من حلم اليقظة الذي عاشته ثواني لتبتسم تطوح رأسها وكأن ما كان يجول في فكرها ما هو الا ترهات فتاة تبحث عن الحب .. رتبت " شيلتها " على رأسها وتنهدت بخفوت تاركة المكان .. في خلدها دعاء بان لا تلتقي شمسة .. تعبر الممر بهدوء وتحمد الله انهما تجلسان في مكان لن تريا منه مرورها .. تسمع شمسة مع والدتها وكأن الحياة عادت من جديد كما كانت ..



,,


هُناك في المطبخ .. تقف تُجرم في الخضار بعنف .. حتى السلام من ريا لم تسمعه .. لم تشعر الا بها تقف بجانبها : شامة بلاج معصبة ؟ حرام عليج هرستي الطماط ..


ضحكت لا اراديا .. لتتابع الاخرى : الحمد لله رد وما صار له شيء ..



يتجهم وجهها .. وتتابع التقطيع بهدوء بخلاف ما كانت تفعل : توترنا .. يالسه افكر لو صار...



تمسك على كفها .. تقاطع حديثها وتستحل مكان وقوفها : لا تقولين لو .. تراها تفتح عمل الشيطان .. قولي الحمد لله .. وما بيصيب العبد الا اللي كتبه له ربه .. لا انتي ولا اي حد يقدر ساعتها يقول لو .. واصلا ما يحق لنا نقولها .. بنكون نعترض ع حكمة ربنا .. ع قضاءه وقدره .. خلي اللسانج دوم يقول الحمد لله ..



" انزين هاتي اكمل " قالتها وهي تحاول العودة لمكانها .. لتتمنع الاخرى : انا بكمل .. صالونة شو بتسوين ؟



" سمج " .. واردفت بهدوء : انزين عطيني اكمل .. انتي مب ناقصة كلام ..



عقدت حاجبيها .. وشفتيها قد زمتا .. ويدا ترفع السكين في وجه شامة واخرى استندت بها : حتى انتي ؟ .. تراكم تظلموني ..



تعود لعملها وتتابع : روحي سوي العيش .. والصالونة علي ..



اذعنت لها لتبدأ تتحرك في المكان في غرض تجهيز الارز المسلوق .. لتحادث ريا : كنة شكلها متلومة .. دخلت حجرتها ولا طلعت .. الصراحة ما تصورت فيوم اشوفها تصرخ بهالشكل فويه شبيب .. يعني انا عاادي متعودين على عصبيتي .. بس هي ..



تقف ريا تحرك البصل في القدر : تبين الصدق خفت عليها يوم شفتها يالسه ما تتحرك .. اتذكر كلامج عنها .. عن هدوءها واتزانها .. بس اللي صار خوف الكل .. والمشكله ولا وحدة فينا كانت بعقلها .. وصلنا الخبر وصدقناه ..



الاخرى وقفت مستندة بظهرها .. تنتظر الماء حتى يغلي بعد ان غسلت الارز وتركته جانبا : الخوف من ان شبيب يروح وما عاد نشوفه شيء صعب ..



طأطأت رأسها واردفت : يوم مات ابوي الله يرحمه .. ما صدقت .. كنت اقولهم كذب .. راح الشغل كيف تقولون مات .. قالوا سكتة .. كان واقف وطاح .. بصعوبة تقبلنا الموضوع .. الحين لو اللي انقال ..



زجرتها بعنف : قلتلج لا تقولين لو .. لو ... ولو .. ولو .. وبعدين ..



هدأت نبرتها .. تضع البهارات وتتحدث : ليش احسج متغيرة .. شامة لا تردين لورى .. يمكن ذاك اليوم لو عطيتيني فرصة كنت فهمتج .. كنا بقينا وييا بعض .. اخذ منج واسمعلج ..



زفرت وهي تغطي القدر .. تنظر لوجه شامة : لا تخلين تعلقج بالناس والتفكير ففراقهم اكبر همج .. هذا شيء مب بايدنا .. بس الشيء اللي بايدنا ان نخلي دايم فبالنا ان ربنا ابد ما بيتخلى عنا .. العلاقة الباقية الين نموت وعقب ما نموت هي علاقتنا بربنا .. هالعلاقة بايدنا نقويها وبايدنا نضعفها .. صح والا لا ؟



اتحمله الاقدار لتضعه على منصات المصادفة .. فيبهره الحديث .. وتعتلج في مخيلته التصرفات .. هل هي هكذا حقيقة .. ام زيف مصطنع ؟ .. وهل الزيف يبقى في حضرته وغيابه ؟ .. تنهد في وقوفه .. لم يلج .. ولم يدع لجسده ان يلوح لهما عبر الباب .. عاد ادراجه متناسيا ما كان يريد .. يبتسم وهو يرى جدته التي اخذت تربت بجانبها : تعال يمي ..



جلس حيث دعته .. ليأتيه صوت والدته : خبرتها ما تكثر ملح وفلفل .. اخاف تسويها للغدا مثل تسويها للشاهي ..




" لا حول ولا قوة الا بالله " .. بخفوت نطقتها والتفت لشمسه التي تدلك لها ساقها : انتي ما تيوزين .. البنت ما صارلها كم يوم عندنا وانتي طايحه فيها ..داريها .. اذا مب عشان ولدج عشان انها يتيمه .. مالها غيرنا ..




" لها اهلها .. اعمامها ما شاء الله تارسين لبلاد " .. زفرت دون ان تكترث لابنتها ملتفتة لشبيب : ما عليك من كلام امك .. شميس وهذا طبعها ..




صمتت لبرهة ومن ثم : شو بلاك ياولدي .. وشو اللي حادنك ع الطلعة وانت بعدك معرس ؟




بابتسامة وهو يطلب من والدته ان تترك تدليك ساقي جدته له .. لتتنحى الاخرى مستندة على النمرقة وتنطق : منها ؟ شيء اكيد ؟




-
لا والله مالها ذنب .. بس تدرون ما احب يلسة البيت .. مليت وقلت اطلع ..




يحرك كفيه على ساقيها : شو صحتج الحين ياميه ؟




زفرت بخفوت : الحمد لله .. بس قابضني هدام ( نعاس ) .. من اصلي الظهر واتغدى بحط راسي وبرقد .. وبعدين يا ولدي مب حلوة فحقك ولا حق بنت الناس تداوم وانت عندك اجازة .. وما صارلكم الا كم يوم معرسين .. استهدي بالله وان مليت البيت اطلع وخذها وياك .. شوفها البلاد .. ولو بعد تاخذها وتسافر كثر الله خيرك ..




ضحك حتى بانت نواجذه : وتقدرون ع فرقاي .. والله ما هقيتكم ..




تتقدم بجذعها لتربت على كتفه الايمن : بنقدر .. بس انت ريح عمرك ..




تقتحم المكان وبيدها هاتف نقال .. تتحرك حتى استقرت امام شبيب تحول بينهما ساقي العجوز .. نظر اليها .. واذا بها تلتفت يسارها حين سألتها شمسة : كنة وينها ؟




رفعت كتفيها .. زامة شفتيها : ما ادري ..



" وهاشل ؟ " .. اجابتها بهدوء : فحجرته يلعب سوني ..




تعود تنظر لشبيب وفي جعبتها احاديث لا تعرف كيف تحكيها .. لتجلس القرفصاء تنظر الى كفيه المنهمكان .. وينظر هو اليها باستغراب .. لتسأل : يدوه يعورج ؟




" لا فديتج " .. قالتها العجوز ومن ثم التفتت لابنتها المستقيمة واقفة : ع وين ؟ .. لا تروحيلهن المطبخ .. خليهن ..




تحوقلت وتابعت : شباها اروحلها المطبخ .. رايحه حجرتي ..




" انتي اللسانج ياكلج .. ولو ما لقيتي حد تتحاططين وياه بتتحاططين وييا عمرج " .. صمتت وهي تسمع ابنتها تثرثر بسخط وهي مدبرة حتى اختفت عن الانظار .. ليصلها صوت شبيب وهو يسأل كلثم : شو عندج ؟




تمد يدها : فون شامة .. كنت اكلم امي .. تلفون البيت خربان .. قلت لها اريد اكلم مريوم وامي واتصلت لي ..




هدوء غريب يتسربل في الارجاء .. وهي قد دست الهاتف في حجرها .. واحتظنت ركبتيها .. لتتحدث : الحين انا اروح بيت ابويه العود وامايه العودة .. ايلس عندهم شوي ..




" بس " .. قالتها الجدة وهي تسحب ساقيها : الله يعطيك العافية وييزاك الخير ..




أمن من بعد دعاءها ليمد يده ممسكا بكف كلثم .. يقف وتقف هي ليقع الهاتف منها .. وتنحني تنتشله .. ومن ثم يجلس بجوار جدته ويجلسها في حجره : كلثوم عندها كلام ومب عارفه تقوله صح ؟




هزت رأسها بنعم .. واناملها تلعب بالهاتف بين ركبتيها .. ينحني هو يضع ذقنه على كتفها .. ويحتظنها بذراعيه : ومن متى كلثم تستحي من شبيب ؟




كان المكان لا يضج الا بحديثهما الخافت .. فتلك العجوز ارتحلت في اغفاءة داهمتها حين اراحت ظهرها على النمرقة .. وهو يحادث الصغيرة بود وحنان لطالما اغدقها به : ياللا .. ما بتقوليلي ؟




ببراءة اخذت تحيك الكلمات : انت تخليني اروح بيت ابويه العود عادي .. امايه ما تقدر تيلس هني .. ومن زمان ما يت .. اريد اروح عندها ..




تتحرك ملتفتة له .. ترفع اصبعيها السبابة والوسطى : بس اثنين .. بيلس عندها طشونة .. ما عندنا مدرسة .. عادي صح ؟ ايلس وييا مريوم وييا امي شوي ..





كم انت قاسٍ يا شبيب ؟ انتزعتها من كنف والدتها بقسوة .. وابعدتها وكأن لك الحق فيما فعلت .. لا تعي شيء .. صغيرة وعقلها لا يعرف البحث عن المبررات .. وقلبها النقي كيف استحللت أن تألمه .. هل انت راضٍ عني يا خالد ؟ هل توافقني فيما فعلت ؟ .. ام انني اهملتُ ما أوصيتني به ..




كفها الصغير المعانق لوجنته حين لم يعد في واقعه سوى جسده .. اعاد عقله لها .. يسمع صوتها بعد ان اراحت يدها على جانب وجهه : شبشب .. انت زعلان ؟




ابتسم يلتقف كفها ويلثم راحتها : عقب ما اصلي العصر بوصلج عند امج .. تيلسين عندها كم يوم بس ..






,,


في البعيد القريب .. يتسلل الحزن والرهبة جنبات روحها كُلما مر يوم يتبعه اخر .. تناجي ربها دون كلل .. تشعر انها تنسل رويدا من مكانها .. كشعرة تُسحب من احضان العجين .. تبلبلت ايامها بين توتر حديث وخجل حضور .. هي ليست بضعيفة ولكن الضعف بات ينهش فيها كلما سمعت الاحاديث من والديها .. كثيرا ما تجلس بمعيتهما دون ان تشاركهما الكلام .. تشرد حيث المستقبل المرعب ..



وها هي تجلس امام والدتها تلف بذراعيها ركبتيها .. والاخرى تسرح لها شعرها في سكون .. لا حديث من الممكن ان يُقال .. لتبعثر الصمت بنبرتها الهادئة : امايه ؟




" هممم " .. همهمت بها والدتها تنبأها أن تكلمي .. إني هُنا اسمعك .. شدت انفاسها بنهم الى رئتيها : ابويه فيه شيء ؟




لم تُجبها .. فهي ايضا ترى بان بعلها متغير وجدا .. ليس بطبيعته .. يُكثر من القرب لربه حتى بات لا ينام من الليل الا سويعات .. ومن النهار لا يقضي معهما الا سويعات ايضا .. عاد السكوت يلفهما .. وعادت هي تبعده بصوتها : ابويه وايد متغير .. مب مريض ... بس فيه شيء مب قادرة اعرفه .. هو حلف انه ما فيه مرض وان اللي فيه مب لهالسبب .. وابويه يموت ولا يحلف كذب ..




انهت والدتها الجديلة .. لتمسح على رأسها في حنو : لا تحاتين .. الحمد لله انه ما تغير لشيء شين ..




" ابويه بيخلينا يا اميه " .. قالت جملتها لتشهق والدتها برعب .. ضاربة براحتها على صدرها : شو هالرمسة يا عايشه .. تتفاولين ع ابوج بالموت ؟!




لا تزال تُريح ذقنها على ركبتيها .. ولا يزال صوتها هادئا : قلبي يقولي هالشيء .. خوفه علينا .. علي انا اكثر .. استعياله بعرسي .. خطبته لفارس .. حتى يوم ييلس وياي يسمعلي القرآن أحسه يبكي .. احس قلبه يشتاق ومرات يخاف .. كل ما امر على آية فيها ذكر الجنة يقولي عيدي .. أسأله غلطت .. يقولي عيدي .. واسمعه يصيح ياميه .. حتى دموعه صرت احسها تنزل .. ابويه بخير بس فيه شيء يقوله عمره ..




" بس " .. صرخت بها والدتها قبل ان تكمل .. مردفة وهي تشد على كتفي ابنتها تديرها لها : انتي شو بلاج ؟ .. خرفتي ؟ والا انينيتي .. تعوذي من بليس .. ابوج ما فيه الا العافية ..





ابتسامة ضعيفة رسمتها بشفتيها .. تعلم بأن والدتها ايضا ينتابها هذا الاحساس كثيرا .. شرودها .. صمتها الدائم وحتى حين الحديث مع والدها لا تثقل عليه بالسؤال .. الا ما ندر من المرات ينتابها الغضب حين لا يولي كلماتها اي اهتمام .. ارتفعت عن الارض حين وصلها صوت والدها المُلقي التحية .. تردها مع والدتها .. تشعر به يدنو منها فتلتقف يده وباليد الاخرى تحني رأسه تقبله : مساك الله بالخير يالغالي ..





يجيبها في هدوء .. ويجلس لتبادر تلك بالسؤال : تاخرت وايد .. بالعادة ع الساعة تسع تكون هني .. والحين بنصير عشر ..




تنهد : يلست وييا فارس وخذنا الكلام ..




يشدها الحديث عنه فترهف السمع اكثر .. تلتقط الوجع في صوت والدها وتلتقط الكثير من الامور .. تسمع والدتها تسأل من جديد .. وتشعر بها تجلس لتجلس هي الاخرى : وشو هالسالفة اللي ما قدرت تأجلها لباكر ؟




السكون مخيف مع وجهه ذي الملامح الهادئة .. بلعت هي ريقها حين طال الصمت : ابويه ..




حين لم يأتها جوابه تابعت : تكلمتوا عني ؟





تحدث مُجيبا صغيرته .. فاهتاجت زوجته صارخة به .. طفح بها الكيل من تصرفاته المتسرعة .. ودون ان يستشيرهما في شيء : شو هالرمسة يابو عايشه ؟ قلنا العرس عقب العيد .. اشوله تقوله ياخذها عقب شهرين .. انت فيك بلى وما طايع تقول .. مسترخص بنتك وترميها ع الريال رمي .. كنا مب قادرين عليها ..




تهيل عليه الجُمل القاسية .. وابنتها خانها الدمع وجرى .. متعبة هي من التفكير لما بعد العيد .. والآن يأتيها والدها ببعد شهرين .. تسمعه يتكلم أخيرا : ترومي تسكتين شوي ..




يلتفت لابنته يدنو منها زحفا .. وكفيه المرتجفان تمسح دمعها .. لينحني هامسا في اذنها بشيء اضحكها من بين دموعها .. لم تشعر الا به يشدها الى صدره ولحيته الطويلة تجبر عينيها على الابتعاد خلف الجفون ..





,,


وهو اغلق جفونه واسند رأسه على ظهر الكنب .. يرتحل في تفكير عميق .. انزوى في الصالة الملحقة بغرفته .. لا يرغب برؤية احد .. حتى والدته لم يمر عليها بعد عودته .. لم يشعر الا بصوتها يطرق مسامعه .. منادية باسمه : فارس ؟



فتح جفنيه معتدلا في جلسته .. ما لبث حتى وقف يقبل رأسها ويدعوها للجلوس بجانبه .. متخوفة هي .. يكسوها الهلع من منظره : شو بلاك ؟ .. ومن متى انت هني ؟ وانا اترياك ترد من الصلاة ..




وكأن هواء الغرفة فر هاربا .. ليتنفس بثقل .. يزم شفتيه ماسحا وجهه بكفه .. كيف عساه يخبرها .. ازدرد ريقه : قررت اقدم العرس .. عقب شهرين بيكون ان شاء الله




" شو ؟ " .. اطلقتها بحنق .. متسائلة بسخط : من متى صاير مستعيل .. احيد محد مثلك فالركادة .. شو بلاك ؟ مسويلك سحر والا شو ..




" اعوذ بالله " .. نطق بها وهو يلتقف كفها فتسحبه من بين كفيه : امايه سمعيني ..




قامت واقفة : مابي اسمعك .. انت فيك شيء .. مب ولدي فارس .. كل شوي طالعلي بشيء .. ساحرتنك هذا وانت ما شفتها .. عيل يوم تشوفها شو بتسوي ..





ادبرت خارجة .. تتحوقل مرارا .. تضرب الكف بالاخر .. وهو جلس مشدوها يرقبها تبتعد .. وآخر جملها تتردد في ذهنه مرارا .. ليتنهد ويتحوقل .. ويقف يشد خطاه الى دورة المياه ( اكرمكم الله ) .. ليس له الا الله يستشريه .. هو الهادي القادر ان يبدل خوفه راحة بال ..






في الجوار ومنذ دقائق كان حديث غريب يُدار من قبل عُمر لسمية .. منذ ذاك اليوم وهما كالغريبين .. لا يتحادثان الا قليلا .. يكره سخطها القاسي .. هي قاسية حين تغضب .. وما ان يتحدث عن الامر حتى زاد غضبها .. دعاها للجلوس حين عاد من المسجد مصليا .. قبل عودة فارس بجزء ليس بهين من الساعة .. لكنها تمنعت .. وتعذرت بالكثير .. كتحضير مائدة العشاء .. وما ان انتهوا حتى دعاها من جديد .. شدها من يدها واجلسها عنوة بجانبه ..



تململت ناطقة : خير .. لو بتتكلم فنفس السالفة .. الاحسن تسكت يا عمر ... راسي صدع من كثر ما اعيد فالموضوع .. قلتلك طاحت وتعورت وسقطت .. ولا تنسى انها كانت ماخذه اخوك .. فلا تيلس تشككني فاختي وكلام امي .. ولا تحط كل الحق علي ..




هو لا يتحمل هذا الحديث الفج معه : الحين من الادب ترمسين وياي جي؟ .. وكني اصغر منج .. لا احترام ولا شيء .. ومادة البوز علي صارلج ايام .. وان تكلمت سكتيني .. تراني مخليج براحتي .. وساكت براحتي ..




تنهدت مستغفره : مب قصدي يا عمر .. بس والله كارهه نفسي بهالكرشه وانت مزودنها علي .. اصلا من اللي قالك هالرمسة .. لا تقولي خالي وابويه يابو السيرة .. اعرفهم ما يتكلمون فمواضيع الحريم فميالسهم ..




" لا مب هم " .. شد انتباهها ما قاله .. ليكسوها الوجوم تنتظر منه ان يكمل .. ليردف : السالفة انا اللي ثرتها ذاك اليوم .. يوم رحنا نزورها فالمستشفى .. مسكتني وحدة من المرضات وقامت تقولي .. انت مدين وتخاف ربك .. ليش ما خفتوا وانتوا تضربونها واطيحون ولدها ..




" مضروبة ؟! " نطقت بها وهزت رأسها نافية بعدها .. مكملة : كيف مضروبة .. محد ضربها هي طاحت والرضوض من الدري ( السلم ) من كثر ما تقلبت عليه .. شكلها هالممرضة مغلطة بين سلوى ووحدة ثانية ..




" يمكن " نطقها دون اقتناع .. هو يرغب بان ينتهي هذا الصراع الذي احال ايامه الى ساعات لا تطاق بقربها .. ويبدو من اندهاشها ان لا علم لها باي شيء .. ففضل ان يطوي تلك الصفحة على هذا الحديث .. وان كان هناك من امر فلا شأن له به ..




فزا من مكانهما على الطرقات المتتالية على الباب .. ليهرول يفتحه بعد ان ادار المفتاح .. ليرى والدته ووجهها المشرأب بالحزن والغضب : عمر رمس اخوك .. شكلهم ساحرينه .. ياي يقولي العرس عقب شهرين .. ولدي متغير ..




تحوقل : ان شاء الله الحين اشوفه ..




يغادر المكان بملابسه الداخلية .. الازار والبلوزة القطنية .. حتى ما وصل قسم شقيقه طرق الباب ودخل .. ليجده حيث تركته والدته آنافا .. القى السلام واجابه .. وجلس مجانبا له : شو الرمسة اللي تقولها امي .. انا قلت ان يلستك ويا ابوها الليلة وراها شيء .. ليش تخليهم يمشونك بهالشكل .. انت راضي ؟




زفر واستغفر .. ثم عاد وزفر : توني مصلي وطالب ربي .. وربي ما بيردلي الشين ..




" والنعم بالله " .. واردف : ما قلنا شيء يا فارس .. الرحمن ارحم بعباده .. ومب انا اللي بيي افهمك هالشيء .. بس الشيء بالعقل وانا اخوك .. شوي تقولنا العرس عقب العيد وشوي تقول عقب شهرين .. شو اللي مستوي وياهم .. واخوانها مالهم حس للحين .. وكانهم ماعندهم خبر بالموضوع .. اخاف تتوهق ان دروا ..




رفع كفيه ماسحا بهما شعره .. وتلك الزفرات لا تفارقه : ربك كريم يا عمر – ينحني يربت على فخذ شقيقه – قوم روح ارقد وراك دوام .. وانا بحط راسي وبرقد .. واللي الله كاتبه بيصير ..




" والا قتلوك ؟! " قالها منذر وهو في جلسة مع شقيقته وابناءها ما عدا كنة .. وتلك الجدة تجلس في الزاوية في ذاك المجلس .. تسمع قهقهته العالية من بعد جملته لشبيب الذي اخذ منه فنجان القهوة بعد ان ارتشف ما فيه .. ليغرقه في اناء الماء .. لتتهكم اخته : اضحك اضحك .. يوم ان دورناك قفلت تلفونك ..







ليتحدث هاشل بحماس : خالي والله لو شفتهن .. كل وحدة تصيح من صوب .. وكل شوي تنازعني امي .. انزين انا شدخلني ..







ليقفز من مكانه يجلس بجوار خاله : بروح وياك .. احسن من هالبيت ..


" قر مكانك " صرخت بها شمسة : هذا اللي ناقص بعد تخلي البيت وتلحقه ..



-
انزين شموس شبلاج شابه ضو .. شكلج مشتاقتلي بس مب عارفة تعبرين ..


ليعود يضحك .. وتشتاط هي غضبا منه .. ليسترسل بالحديث عما حدث : والله انك سويتها فيهن يا شبيب .. انزين شيك ع فونك شوف علته .. شكله العرس طير عقلك ..


تبسم يهز رأسه : ما تيوز انت عن سوالفك .. وبعدين مبروك .. قالولي قدمت فشركة ادنوك .. وبشهادتك الجامعية ..



اعتدل في جلسته : الله يبارك فيك .. هيه قدمت وسويت مقابلة بس للحين ما ياني رد .. وان شاء الله خير ..



وفجأة عاد من جديد يستمتع بالحديث عن تلك الحادثة : والله انكن حريم ..



ينظر للباب حين لاحت منه كنة وهي تحمل صينية بها كعك وفطائر .. لتضعهن امامه .. ويأتيها صوته : شو بلاج كل شوي قايمة ... مب مشتاقتلي والا شو ..



تبسمت فهي الى اليوم لم تحادث شبيب بعد ما فعلته .. تشعر بالحرج منه .. اخطأت في حقه ولا تقوى ان تعتذر منه وهو ابتعد عنها ليتركها على راحتها .. فمتى ارادت الحديث هو هُنا .. نطقت وهي تجلس بجانب هاشل : والله لك وحشة يا منذر ..



تزجرها والدتها : الين متى تقوليله منذر .. هذا خالج .. احترميه ..



" والله يا شمسة الاحترام مب بالالقاب .. والا شرايج يا خالتي ؟ "

ينظر الى العجوز التي تنهدت : صادق .. بس اختك من بيفهمها ..


ازدادت حنقا .. ليزداد هو ضحكا .. ويعود من جديد : عاد قلنا عقل خالتي واختي من زمن اول .. بس عقلج وعقل شامه وعقل حرمة اخوج وين ؟ .. بس الحرمة تبقى حرمة وان تغيرت الازمان تبقى النساءُ نساء ..



قهقه بشدة يسانده شبيب وشامة ايضا وحتى كنة ضحكت .. لتستغفر شمسة ناهضة : بقوم ابركلي .. من يوم ما وصلت وانت ما عندك الا هالسيرة .. وحريم وحريم .. الحريم هم اللي ربوك ..



قام واقفا مهرولا يستوقفها .. ويقبل رأسها : السموحه يا ام شبيب .. بس بعد بتبقن حريم ..



تركتهم مبتعدة والضحكات تلاحقها .. وما هي الا بضع من الساعة حتى فُض المجلس .. فذاك على موعد مع احد اصدقاءه من بعد المغرب .. لم يبقى في المجلس سوى شبيب يشاهد التلفاز بملل .. لتلج كنة وتقف عند الباب لبرهة ثم تتحرك .. ترفع الصينية من المكان .. ينظر اليها تدبر واذا به يغلق التلفاز ويناديها : كنة ..



توقفت والتفتت له .. لتجده واقفا قبالتها يتناول ما بين كفيها يضعه ارضا .. ويعود يستقيم في وقفته : الحين منو اللي لازم يزعل ..


لا تنظر إليه .. بل تشتت نظرها بعيدا عن وجهه : مب زعلانه ..


ليرفع وجهها بانامله من ذقنها .. وهي تتمنع النظر اليه : طالعيني .. يهون عليج ما تكلميني ولا تيلسين وياي ..



اغرورقت عيناها بالدمع : مب زعلانه والله ... بس مستحية منك .. ما اعرف شو صارلي ..



خفضت بصرها تداري وجهها عن عينيه .. لم تشعر الا بكفه تمسك مؤخرة رأسها وتدسه في صدره .. مقبلا اياه : ما يهون علي اشوفج بعيده ..




يفرقهما صوت جرس الباب لتُسرع الخطى خارجة تحمل بيدها تلك الصينية .. ويتبعها هو يستقبل الزائر في هذه الساعة من ما قبل المغرب .. يحث خطاه نحو البوابة المفتوحة على مصراعيها .. ليجد ذاك الطارق قد انتحى له مكانا بجوارها من الخارج .. مستترا بالجدار .. يرحب به ويدعوه لدخول ..



يحتويهم ذاك المكان الذي اكتظ بالضحكات والدموع آنفا .. يقوم معه بواجب الضيافة : حيالله بو غنيم ..



تبسم الاخر وهو يمد كفه يلتقف فنجان القهوة : تحيا وادوم يا بو ناصر ..



الترحاب من شبيب ادخل اليه شيء من امل .. هو لا يرضى بالهزيمة .. ولا يرضى ان ينتهي حلمه بذاك الشكل الذي انهاه فارس سابقا .. تحدثا مطولا .. ليزفر بخفوت .. ونظرات شبيب المستغربة لا تفارقه : اليوم ياي اريد اسمع ردكم فموضوعي ..



زم شفتيه : والله يا سالم الزواج قسمه ونصيب .. ونصيبك ما عندنا .. والسالفة اظن انتهت من ذاك اليوم ..



-
سألتوها ؟ ترى حكمكم علي لا يرضاه عقل ولا دين يا شبيب .. خلو البنت هي تقرر .. هذي حياتها ..



تنهد .. سينهي الامر اليوم لا محالة : البنت مالها نية فيك يا سالم ..


" مستعد اترياها " .. قالها واستحل الصمت هُنيهة .. ثم اردف : مب مستعيل .. وتراني شارينها ..


-
سالم .. البنت حتى لو بغت العرس ما تباك تكون نصيبها ..



استنفر واقفا .. صارخا : مب رمسة ريايل هالرمسة يا شبيب .. وان كنتوا بتاخذوني بسواة امي مثل ما سوى ابوك قبلك فهالشيء محد يرضاه ..



بهدوء نطق : احشم المكان اللي انت فيه يا سالم ..



-
انتوا خليتوا فيها حشيمة .. شو يعيبني .. معرس ؟ .. عندي عيال؟ .. ترا الحرمة ما صارت ع ذمتي من اسبوع .. ومالكم حجه تتحججون فيها .. والا فارس ماسكنك من ايدك اللي تعورك ..



-
احترم نفسك يا سالم .. بغيت الجواب منا ووصلك .. ماله داعي الكلام الزايد .. والعرس مب بالغصيبة .. قلنالك مالك نصيب فيها .. يعني مالك نصيب ..



,,

هناك على بعد بضع امتار منهما وقبل دخول سالم بمعية شبيب .. وصلت للمطبخ لتضع ما في يدها بجانب المغسلة وتحادث تلك المنهمكة في غسل الصحون : ريا خليهن عنج ..



" عادي " .. نطقتها وهي لا تزال تعمل بجد : صرت من اهل البيت واللي عليكن علي ..


بتردد : مستانسة ويانا ؟


ابتسمت تلك وهي تسحب الصحون من الصينية التي احضرتها كنة : الحمد لله – وبعد صمت ثواني – تصالحتي وييا اخوج والا بعدج ؟



-
تصالحت .. اصلا ما كنت زعلانه .. بس حسيت ان مالي ويه اكلمه عقب الزفة اللي زفيته اياها ذاك اليوم ..


ضحكت ريا : فاتتني ..


لتصمتا فجأة على الصوت العالي .. تتحركا لتقفا بالباب : يا ويلي هذا سالم ..


امسكتها من ذراعها تديرها اليها : شو بلاج مختبصة .. ومنو سالم ؟


لتحكي لها امره برجفة انتابتها .. ومن ثم نطقت : خايفة ع شبيب ..



" استهدي بالله " .. نطقتها وفجأة سحبتها عن الباب : طلعوا ..



هرولت كنة وتبعتها ريا .. لتتسمرا حين ظهر شبيب امامهما عائدا من الخارج مودعا لذاك السالم .. ونظرة الغضب ارتسمت في مقلتيه .. ليتركهما ويلج الى المنزل ومن ثم لقسمه .. تتحرك كنة تتبعه لتستوقفها ريا : لا تروحين .. اكيد داخل يتوضا وبيطلع يصلي .. فهمي منه عقب ما يرد من المسيد .. لا تكلمينه وهو معصب ..




ابتسمت لها كنة .. وهزت رأسها موافقة .. فتلك الـ ريّا صارت تعرف شقيقها حق المعرفة .. تدرسه بهدوء .. وكل يوم تكتشف فيه شيء جديد .. الا شيء واحد ابى احساسها ان يلم به .. هل تعجبه هي .. كما يعجبها ؟




اليوم التالي .. يوم آخر تمر ليلته عليهما كباقي الليالي .. يسكنها الهدوء والبعد .. ولج هو من بعد ان تناول الغداء ليأخذ غفوة .. وهي جلست تشاهد التلفاز .. ومن ثم اغلقته .. لتقف بثوبها الواسع الذي يخفي نحول جسدها .. تدنو من المكتبة الصغيرة بالزاوية .. تعج بالكتب .. ترتفع على اطراف اصابعها لتطال احد الُكتب من اعلى رف .. تسحبه وتتصفحه لبرهة ثم تُرجعه .. تتحرك مقلتيها على العناوين .. يتغضن رأسها تارة على اليسار وتارة على اليمين .. وهي لا تدرك العيون التي ترقبها من على عتبة باب الغرفة ..



لم يستطع النوم .. فخرج ليراها تقف قُبالة مكتبته المكتظة بالعديد من الكتب .. يراقب حركاتها .. ضمها لسبابتها بين شفتيها قاظمة ظفرها بتفكير .. حركة رأسها .. شعرها الداكن اللون .. لم يلحظه الا الآن .. متى غيرته من ذاك اللون الباهت ؟ .. حتى ابتسامتها وهي تقترب تسحب احد الكتب لاحت له .. نزولها وجلوسها القرفصاء لتتصفح آخر الرفوف .. ومن ثم استقامتها .. حتى ما عانقت ذراعها وسطها لاح له مقاس خصرها .. تذكر معانقة ذراعه له حين التقاط الصور .. ورجفتها التي ارعبته ..




رباه .. هل يعقل ان هذا الجسد استباحه الرجال .. وعاثوا فيه دلالا .. هل قُبلت تلك الشفاة في لحظات الفسق ؟ .. كيف استطعتِ اني تُسلميه ببخس ثمن يا ريا ؟ .. وشعرك كم من يد لعبت فيه .. وكم من انف استنشق عبيره ؟ .. يجرحني التفكير كثيرا في امرك يا من على ذمتي .. اقاوم نفسي واصارعها ان لا تدنو منكِ ليلا ..



لم ينتبه انها رأته .. وعادت تبحث بين كتبه ليسمعها تحادثه : ما شاء الله عندك من كل شيء .. تاريخ .. فلك .. ادب .. حتى علم النفس .. ودين ..



اقتربت تسحب احد الكتب العتيقة التي غلفت بغلاف لا يحمل عنوان .. لتسحبه فيفلت من بين اناملها ساقطا .. تتحرر من بين اوراقه صورة .. فيسارع هو بخطاه .. ينحني قبل ان تنحني .. يلتقط الصورة ومن ثم الكتاب .. يمد لها بها : تعرفينه ؟


على مضض تبسمت : العقيد ناصر الـ.....


دسها في مكانها .. واعاده الى مكانه .. ليمسك كفها يمشي بها الى الكنب يجلسها .. ويجلس هو على الكرسي المفرد : تبينا نعيش حياتنا مثل اي اثنين معرسين ؟..



سؤال مفاجئ اجتاحتها بسببه عواصف خوف .. ورعود نبضات تجلجل بين اضلعها .. تتصنع عدم الفهم : ما فهمت ..


تنفس بعمق زافرا بقسوة : نريد نتصارح .. والا بمعنى اصح تصارحيني .. انتي دارسة علم نفس ومتخصصة فيه .. وتعرفين ان المصارحة والصدق هي احسن طريقة لبدأ علاقات انبنت على وساوس ..



شدت باناملها على طرف الكنب .. وبصرها يبتعد عنه امامها : عندك وساوس .. من كلام يدي وفهد .. صح ؟



رفعت وجهها لوجهه .. لا ترغب بهذا الامر .. هي دائما كانت مستمعة .. فكيف لها ان تكون المتحدثة عن ماضٍ تخجل منه .. وتحكيه لمن ؟ له هو .. من امسى يخترق اضلعها رويدا رويدا .. حتى احلامها لا يعتقها .. بلعت ريقها وزمت شفتيها مرارا .. تنتظر منه جواب .. لكن لا شيء .. لتنطق وهي تنكس رأسها : هم شو خبروك ؟


-
سؤال غبي منج .. ما توقعته .. يعني تبيني اقولج اللي قالوه عشان تنفينه او تأكدينه .. واذا ناقص بتضمين اللي نقص عني ..



انحنى قليلا للامام : اباج تقوليلي كل شيء صار وياج .. من اول ما سافرتي ؟ وكيف عرفتي ابويه ..



يعود يُريح ظهره على الكرسي : يعني كل شيء .. بدون خوف .. وبدون مستحى ..



نزلت دموعها لتسارع تمسحها .. وبرجفة صوت : بتكرهني .. يمكن تمسكني وتعقني برع بيتك ..



شهقت تسحب الهواء لرئتيها المختنقتان .. الا دموع النساء لا يقواها .. وبصوت هاديء : ريا .. انتي امانه فرقبتي من ابوج .. لا تخافين .. شو ما كان ماضيج .. وكثر ما كان قاسي .. ما بيخليني اتجبر عليج .. بس الله يخليج اريد اعرفه .. عشان اللي فراسي يا يثبت يا ينتهي ..





,,


هُنا أقف .. وموعدنا يتجدد مع الزفرة 44 باذن الله

تحياتي |~





اسطورة ! 29-06-14 01:37 AM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 


http://up.graaam.com/forums/616798/01403951062.gif
,,





الشعور وكأنك تقف على سطح من زجاج .. مرتفع حد السماء ... وترى الحجارة ترشقه من اسفله ..هو شعور قاسي .. يبعدك عن الراحة .. كان هذا شعورها في تلك الدقائق .. تعبت من تجاهل الحجارة المرمية كُل حين .. وهاهي إحداها وصلت الى قدميها .. ليهتز السطح .. كهتزاز بركة ماء راكدة بنسمة هواء قاسية .. ابتسمت وكأن في داخلها صوت يخبرها ان لا بأس .. ما سيكون سترضى فيه ..


ارتفعت اناملها العشرة الى وجهها تمسح ما انسكب .. وتحرر الشعر وتعود تأسره .. وهواء غزير اغدقته في رئتيها .. وهو فقط ينتظر في صمت تلك الدقائق .. ليأتيه صوتها وقد شبكت ذراعيها على صدرها وكأنها تخبر ذاتها ان القوة ستكون .. والضعف يجب ان يقبع بعيدا .. فلا مكان له الان في حضرة كشف المستور : قبل ما اتكلم .. وقبل ما اقول شو صار .. اريدك تعرف شيء .. اللي بتكلم عنها انسانه ميته .. انا بنفسي قتلتها ..



تزدرد ريقها تنظر بعيدا عنه .. تبلل شفتها السفلى بلسانها وتزمها مع شفتها العليا .. وتتابع بهدوء مصطنع : وهي فحياتي ذكرى سوده .. كل ما تمر علي احس اني محتاية ابعد عنها اكثر واكثر ..



ارتفع بصرها على حركة جسده .. ليفعل كفعلها .. وبخلافها اسند ظهره اكثر : عندك وقت تسمع ؟ لاني بقول كل شيء .. اشياء محد عرفها حتى اهلي .. لانهم قفلوا الموضوع ع الشيء اللي وصلهم .. ما حبوا يسمعوا مبررات مالها داعي .. لان الادلة كانت كافيه انها ما تخلي مكان ليّ انا عشان اتكلم ..



" تكلمي " .. أمر منه ازعجها .. حتى ذاك الهدوء المخيف الذي يحيط به يضغط على انفاسها .. ليعود نظرها ينخفض وكأن بها تريد إيهام نفسها ان لا احد هُنا الا هي .. لتبدأ الحكاية : انا درست نص سنة هني فالبلاد عقب ما خلصت الثانوية .. بس ما كنت راضية .. كنت اريد شيء يميزني .. شيء مختلف .. خبرت ابويه وامي الله يرحمهم اني اريد اسافر .. اريد ادرس برع .. نسبتي عالية وفلوسنا وايده والحمد لله .. بس ما رضوا .. لان يدي يقول البنات ما يطلعن بروحهن .. الموضوع وصل لفهد .. وقفني مرة وانا رايحة الجامعة .. كان نفس البيت يجمعنا .. عادي نسولف وييا بعض متى ما نريد بس باحتشام .. نعيش فقوانين اولها الاحترام .. وان صوت الصغير ما يطلع فحضرة الكبير الا اذا انأذن له .. بس حياتي مع اهلي واخواني كانت غير .. صح نفس البيت .. بس فقسمنا كان شيء مختلف ..



تنهدت لتصمت ثوان .. تستعيد ماضي تشوه لاحقا .. لتحرك يمينها على جانب رقبتها بهدوء وتعيدها بعد هنيهة لمكانها : كل البنات كانن يشوفن فهد واحد اناني ومتعنطز .. وانا منهن .. بس ذاك اليوم وقف وقالي .. تبين تسافرين وتدرسين .. مستعد اقنع يدي .. واقنعه – تنهدت بقوة - بس كل شيء راح خلاص ما بقدر اقول واتمنى الحين انه يا ليته ما اقنعه .. لان مستحيل نرد لورى ..



لينطق وكأنه يستحث سكوتها ليغادر : وسافرتي .. مثل اي طالبة رايحة تدرس برع .. متحمسة وخايفة فنفس الوقت ..



ابتسامة تراقصت على شفتيها .. أهي سخرية مما كان .. أم هي ألم تحاول أن تكبته فظهر بابتسامة باردة : هيه .. اول سنة كنت فحالي .. ما احتك بحد الا اذا هم بغوا شيء او انا بغيت شيء .. وتعرفت ع بنت من هني .. بنت ناس لهم وزنهم فالبلاد .. صرنا دوم وييا بعض .. كانت وايد تتكلم عن مشاعر الاعجاب للشباب اللي يدرسون ويانا .. ولقيتها فيوم تقولي عن شاب التحق بجامعتنا تقول انها حبته .. اصله من السويد ..



خرجت منها ضحكة : الله يستر عليها .. ما كنت راضيه ع تحررها .. بس حبيتها و كانت تضحكني وهي تتكلم عنه .. وكنت وايد انصحها انها ما تختلط وياه .. ولقيتها صارت ما تحب تتكلم وياي عنه .. يمكن نفرتها مني ومن كثر ما احن عليها بالنصايح ..



هي اتقنت الصمت الطويل ولم تتقن البوح يوما .. وهو اتقن الصمت مع الاسئلة المستفزة كُل حين .. متناقضان بعض الشيء في لحظة الاستماع .. وكليهما لهما من السكوت مهنة .. والآن هو يكابد ان لا يستصرخها لتُكمل .. وهي تُكابد في استصراخ الماضي ان تعال واركع على شفا لساني لانبذك .. لارميك في مسامعه وارتاح منك ..



نبرتها بدأت تخفت .. يتسربل بها وجع دفين : كل شيء كان اوكي .. دراستي وصداقتي معها وحتى هذاك اللي كان يلاحقني وكنت اصده ..واقوله ان الحب مب فقاموسي .. صديته مرتين .. والثالثة ما كانت بالحسبان .. يومها كنت متضايقه منها هي .. يتني تقولي انه يحبها وان علاقتهم تطورت ..



رفعت نظرها إليه : تعرف يعني شو .. يوم اتيك وحدة تقولك عاادي اسوي اللي ابيه محد بيدري .. واذا بغوا يزوجوني بيي هني قبل اسبوع من العرس وبسوي ترقيع .. وهم يظنون اني بسلم ع ربيعاتي ..


عقد حاجبيه واكفهر وجهه : وانتي مشيتي ع كلامها ؟


هزت رأسها مرارا تنفي ما يقول .. تختنق الكلمات في جوفها .. تشعر بها تجرحها حين الخروج : عصبت عليها .. خسرتها .. ما تصورت انها توصل فيها المواصيل لزنا .. للحرام بهالشكل .. ذاك اليوم تضاربت وياها وخليتها ورحت لمحاضرتي .. كان كل تفكيري باللي سوته .. كيف قدرت ؟ كيف خانت ؟ .. كيف استسهلت الموضوع ؟ ..


تشدقت بابتسامه ناظرة الى عينيه : شبيب انت متصور شو كان احساسي ذاك اليوم .. اني اتخيلها ....


يعود نظرها ينخفض .. لتزدرد ريقها .. مستطردة : عقب المحاضرة فالكوفي ياني خبرني انه يحبني واني اعطيه فرصة يثبت هالحب .. وانه معجب باخلاقي .. توقيته غلط .. صرخت فيه .. اتمصخرت على شكله .. ويهه المشوه ولحيته اللي تبان كانها منتوفه .. قلتله .. ما ناقص الا واحد مثلك احبه .. ضحكت الكل عليه .. عرب وانجليز اللي وصلتهم الترجمة من اللي فهموا كلامي .. عمري ما توقعت في ناس تحقد مثل حقده بسبب هذيج اللحظة ..



" وكل شيء بعدها تغير " قالتها بخذلان .. وكأنها تخبره انها لا تقوى على المتابعة .. لا تقوى على الغوص أكثر في بحر اسود كبحرها الذي كان .. هي ليست بسباحة ماهرة في ذاك اليم الأليم .. فكلما لاح لها ابتعدت عنه مهرولة .. والآن هو يطمس رأسها عنوة تحت سطحه .. يجبرها على التقاط وساخاته .. انطلقت منها تنهيدة قاسية .. وهو بداخله فضول تراوده رهبة .. شيء بين اضلعه امسى يوجعه .. ينتظر منها تتمة الحديث باختناق السكون الا من انفاسه التي ظل يحاربها حتى لا تُرهبها فتهرب متوشحة بالصمت الدائم ..



-
صرت القوية .. وصاروا الشباب يحترموني والبنات يطلبن صداقتي .. سنة حسيت فيها اني مرغوبة من الكل .. معروفة .. ونسيت الاهانة .. وما دريت ان باله طويل .. وانه يطبخ طبخته ع نار هادية ..


-
منو هو ؟ .. وليش محطيه كل الحق عليه .. شو اللي صار وياج بالضبط ؟



اغمضت عينيها لبرهة .. لتطلق ذراعيها اللذان انهكهما احتضان صدرها ..شبكت اصابعها لتتلاعب بابهاميها بعنف .. تعود تتجرع ريقها الذي وكأن به جفاف سنين : لانه عرف كيف يدخلي .. كيف يعلمني شو معنى الاهانة .. رسم كل شيء بهدوء .. حتى البنات اللي قدرن يمشني ع هواهن عرف كيف يمشيهن لهالشيء .. صارن مثل الشياطين يوسوسن فراسي .. محد يشوف .. محد بيعرف .. تقدرين تسوين اللي تبينه .. واذا رديتي بلادج ردي مثل ما هم يبون .. عيشي حياتج ..



" وعشتها غلط " .. نطقتها لتنسكب دموعها .. تتقوس شفتيها بارتجاف .. وتتوالى شهقاتها الخفيفة المنهكة .. احمرار انفها وسيلانه .. ليتذكر هو حالتها في اول ليلة .. ورجفت جسدها .. ينظر إليها تحتظنه وكأنها تقول له كف عن الارتعاش .. كُن قويا حتى انتهي .. لا يعلم لماذا شعر بانقباض صدره .. لتنقبض كفه اليمنى ..وبغصة : شو صار ؟



راغبا هو بشدة في سبر اغوار ماضيها .. يقطب حاجبيه لاهتزاز رأسها متمنعة عن المتابعة .. ليترك مكانه ويربض بجانبها .. يحيط كتفيها بذراعه .. كم هي نحيلة الجسد .. ينحني يهمس بخفوت : قولي كل شيء ..



ظل مطوقا لكتفيها .. وهي تحكي احاديثها العتيقة بتعب .. حتى انفاسها كان يستشعرها لقربه منها .. يشعر بها تعتلج في صدرها مخلفة آه وتتبعها آه .. وفجأة مع آخر الاحاديث انسحب ذراعه .. شعرت به يتركها .. يتخلى عنها في تلك اللحظة .. واستمرت بالحديث .. لا ترغب بالتوقف بعد كل ما قالته .. لم تنظر إليه .. ولم تشعر لِـ إنحناء ظهره كرجل عجوز ارهقته السنين .. فانعكف كعرجون قديم .. لم تشهد قبضته التي كادت ان تخترق راحته باصابعه .. لم تشعر به الا وهو يقف .. يتحرك قليلا ويعود يقف .. لترفع رأسها تنظر إلى ظهره العريض .. تلمح كفيه الغاضبين .. انفاسه الحارقة بارتفاع كتفيه وهبوطهما .. سالت دموعها دون ان تتوقف .. وارتجفت شفتيها .. تطلب من الكلمات ان تخرج فتأبى .. ما بالها الآن لا تقوى على الحديث ..



حتى ركبتيها تجمدتا ولم ترغبا في ان تستقيم واقفة لتتبعه .. تستوقفه .. تطلبه العفو .. تخيلت نفسها تجري مهرولة تتشبث فيه .. تخبره ان لا يتركها .. لكنه اختفى .. وهي لا تزال قابعة مكانها تُغرقها مياه عينيها ..





,,

لاح جسده لوالدته لتناديه ولا يجيب .. فتقف من مقعدها امام التلفاز .. تتبعه للخارج .. فتراه وقد تسمر عند عتبة الباب الداخلي .. لتدنو منه : شبيب .. شو بلاك ما ترد علي .. وين رايح فهالساعة .. العصر باقي عنه وايد ..



آه يا أُمي .. لو تدركين عدد الخناجر التي اجتاحت صدري في تلك الساعة والنصف الماضية .. لما سألتي .. إن دمي يسيل .. الا ترين؟ .. أشعر وكأن جلمود صخر كبير يجثم على صدري .. لا والله انه لاكبر من ذلك بكثير ..



سحب انفاسه بقوة حتى اخافها .. لتترك خلفه وتجانبه .. تنظر لوجهه .. وبخوف : شو مستوي ؟



أسمحي ليّ يا أماه أن اكذب .. فأماناتي ثقيلة .. أسمحي ليّ واستغفري ليّ ذنبي .. لستُ قادر على البوح .. ولستُ قادر على الرجوع إليها .. أماه تلك اهلكتني .. رمتني برصاصات مسمومة وسُمها أخشى ان يطول ..



دنى منها فجأة قبل رأسها واطال اللثم .. ليدسه في صدره : عندي مهمة .. ادعيلي بالتوفيق .. بغيب عنكم ايام .. سامحيني مستعيل ..



ليبتعد عنها بخطواته .. ويعود ادراجه بسرعة حين تذكر انه لا يحمل مفاتيح سيارته .. وهي تجمدت في مكانها .. وبعد ثواني لحقت به .. دون استأذان ولجت من بعده .. فأي استأذان سيخطر على بالها في هذه اللحظة .. توقفت وهو تابع طريقه الى غرفته دون ان يلتفت .. نظرت الى تلك السابحة في دموعها .. لم تأبه لها .. واستوقفته قبل ان يخرج .. تسد الباب : شبيب لا تخوفني عليك .. انت فاجازه .. خل غيرك يروح مكانك .. اي مهمة الحين فذي الساعة .. ومن متى تخبرني عن مهماتك ..



ارتفع بصر تلك إليهما تلتقط الحديث .. تسمعه خافت وبه طنين مُريب .. وصوته وكأنه يخرج من بطن بئر : اميه خوزي عن الدرب .. وسلميلي عليهم .. وادعيلي ..



تنحت بفعل يده .. بعد ان قبلها .. وغادر .. بكل بساطة اختفى من المكان .. وقلبها كَـ قلب أي أم قرع طبول الخوف .. حتى لتكاد تقسم انه اوجع اضلعها .. تبادلتا النظرات في ضياع .. ومن ثم تركت والدته المكان .. وفي داخلها وجع لا تعرف كيف تتخلص منه .. يخيفها الغياب .. غاب ذات مرة وعاد بجثة ابن عم واصابة ساق .. وغاب قبلها كثيرا .. وكم ان خوف تلك الليالي لا يُطاق ..


لم تشعر الا بقدميها تدلفان غرفة والدتها المفترشة الارض .. تدس اسفل رأسها سجادتها بعد ان طوتها .. نائمة في سلام قبل صلاة العصر .. لتركع امامها .. تهمس بوجل : امي .. امي ..



" بسم الله الرحمن الرحيم " .. بفزع تبعثرت من ثغر الجدة وهي تحاول ان تجلس من مرقدها .. لترى وجه ابنتها المكتظ بالكثير : شبلاج ؟


-
ما بقوى ع فراقه ياميه .. شبيب راح .. ويهه خوفني .. يقول مهمة ومن متى هو يخبرنا عن مهماته .. خبريني ياميه .. من متى ؟


تحوقلت .. تسحب عصاها من جانبها : وينه ..


" راح " .. قالتها ولم تأبه لها والدتها .. لتقف مستندة على رفيقتها .. تسمع ابنتها : وين رايحه .. اقولج راح ..


هي الاخرى شعرت بالخوف .. لم تعر كلام ابنتها اهتماما .. تابعت المسير .. منذُ يومين عانوا ما لم يعانوه قبلا .. وهي لا ترغب بالمعاناة من جديد .. ولجت الى قسمه .. الباب مشرع .. وتلك لا تزال في مكانها .. وكأن بها صنم .. صدمة ما احلت بها .. كيف استطاع ان يسمع كُل ما تفوهت به .. جميع تلك القذارة .. وتلك النجاسة التي عاشتها اطلقتها على مسامعه ليعيشها .. وكيف به احتمل حتى آخر حرف .. سحبت انفاسها وكأنها تفيق على صوت نداء تلك الواقفة امامها .. يرتفع رأسها .. تخر دموعها اقوى عن ذي قبل .. لم تجد نفسها الا وهي تنسل من كنف الكرسي الى الارض على ركبتيها .. وتحتضن بقوة العجوز من وسطها .. تدس رأسها في فخذيها ..



تترنح في وقفتها ولا تجد بدا من الاستناد اكثر على تلك العصا .. وكفها الاخر يحاول ان يلتقف رأس ريا .. تسمع نحيبها ومن ثم صوتها المبحوح : بموت ياميه .. حاسه قلبي بيوقف .. مب قادرة اتنفس ..



لتسمي عليها باسم الخالق وجدا .. وتتمتم بايات ربها وبالدعاء .. تستحث الاخرى لتجيب تساؤلاتها : شو اللي مستوي .. بلاكم انعفستوا ؟ .. وشبيب وينه ؟



لم تشعر الا بصوت ابنتها من خلفها : شبيب مب رايح مهمة مثل ما قال .. واي مهمة رايحلها بكندورته .. اكيد اللي فيه من وراها ..


لتصرخ وهي تتحرك تقف بجانبها : تكلمي .. شو اللي استوى بينكم خلاه بهالشكل .. كله من تحت راسها .. سوسه خربت حياة ولدي .. الله ياخذج ..



لتلجمها والدتها صارخة بها : بسج .. وشبيب ما فيه الا العافية .. ولا تحطين كل شيء ع راس هاليتيمة ..



تشد اكثر على ساقي تلك العجوز .. تقاوم الاصوات .. والاتهامات الصائبة .. تدس وجهها الحار لتخفيه وياليتها تخفي اذنيها حتى لا يسمعان .. لم تجد نفسها الا تبتعد فجأة .. تحرر العجوز من قبضتها وتقف .. تسمع شمسة وهي تديرها من ذراعها لتقابلها وجها لوجه : تكلمي .. شبيب شو بلاه ..



تدوس على اختناقها وضعفها : مثل ما قال .. عنده مهمة ..



لتتركهما وتبتعد مهرولة .. تلج الى الغرفة وتغلق الباب .. تدير المفتاح مرتين .. تنظر اليه.. تسمع صوتيهما .. صراخ شمسة بالدعاء عليها .. هي تستحق المزيد .. انتحبت .. وابتعدت للوراء بخطوات خائفة .. ترغب بتلك الاصوات ان لا تصل .. تسد اذنيها
بكفيها وتتابع الابتعاد .. حتى توقفت الاصوات فتوقفت ..


http://up.graaam.com/forums/616798/01403951062.gif


,,


الخوف ذاته الذي تشبث بصدر شمسة تشبث ايضا بصدر حفصة .. ولكنه اقل حدة .. تحاول ان تعلم سر مكوث مها في منزلهم اياما .. ولكن لا يأتيها جوابا يشفي ما يلتهب في فكرها من ظنون .. تقف تنظر الى تلك الخادمة التي امرتها ان تنظف الغرفة لتستقبل فيها ليلى وطفلها .. واذا بها تتنهد حين وقعا كفي مها على كتفيها من الخلف .. تطل من اعلى كتف خالتها اليمين : مستانسة انها بتطلع اليوم ؟


تنهدت براحة لتربت على كف مها : واايد .. ويالسه اتريا الساعة توصل خمس مب طايعة توصل ..



ضحكت وهي تبتعد عن خالتها : بتوصل .. ولا بتحسين الا وهم طابين عليج ..



تركتها وادبرت .. واذا بها تستوقفها .. تقترب منها وتمسكها من كفها حتى ابعدتها عن الباب تفوهت : مها .. مستوي شيء بينج وبين سلطان ؟ انتي قلتيلي فيه شيء ذاك اليوم فالدختر .. والحين تقولين ما مستوي شيء .. وعمج يدري ومب طايع يخبرني ..



ارتسمت على وجهها ملامح حزن .. لا تعلم بماذا ستسكت خالتها : خالتي .. كل السالفة ما قدرت افهمه .. قلت ابعد عنه شوي وافكر ..



" وان ما قدرتي .. بتطلقين ؟ " .. أي سؤال صعب قُذف من فيه خالتها .. ليضطرها للوجوم .. ظلت واقفة مكانها ترقب انسحاب حفصة .. تسمع صوت مبارك المجلجل بفرح .. ليلى هنا .. ابتسمت .. سحبت انفاسها مرارا .. لا ترغب بالتفكير في الموضوع الآن .. اصواتهم الفرحة تخترق ابواب المنزل .. صوت حمد المرحب وجدا بذاك الصغير .. وصوت خالتها .. ومبارك الصارخ بهم يرغب في حمله ..



زادت ابتسامتها وهي ترى دخول خالتها تحمل بين ذراعيها خالد .. وتلك من خلفها تمشي الهوينة وبها ضعف يكاد يبين .. وشحوب ارتسم على وجهها .. لتتحرك تنحني تقبل الصغير بين ذراعي جدته .. وتسارع تمسك ليلى وتقبلها : الحمد لله ع السلامة .. نور البيت بالحامل والمحمول ..



بادعاء السخط نطقت : يا سلام يعني الحين كل هالترحيب لامي وخلودي .. وانا مالي نصيب ..



لتضحك وهي تشد على كتفي ليلى احتضانا .. وتقبل وجنتها : انتي النور كله يا ام خويلد .. عاد المشكله اني عرست والا كنت بحجزه لي ..



لتهز الاخرى رأسها تمشي الى الصالة حيث والدتها جالسة وفي حجرها صغيرها .. تلاعبه وكأنه يفهم ما تفعل .. تفر من عينيها دمعة على صوت ابنتها : ومن قالج بعطيج اياه .. هـ...


لتبتر حديثها على رؤية دمع والدتها .. تتخذ بجانبها مكانا : ياميه شو له الدموع الحين ؟



يلتفت مبارك لوجه والدته بعد ان كان منحنيا ينظر لخالد : ليش تصيحين ؟



تكفكف الدمع بطرف " شيلتها " .. وترفعه لتقبله : ذكرني بخاله ..



حتى افراحنا كثيراً ما تجلب لنا من ماضي الحزن حفنة .. تبعثرها فتدمع لها العيون .. وهو وإن غاب عن الوجود لا يزال في قلبها ساكنا .. ارتفع مبارك : بروح الميلس ..



ليحث الخطى للخارج وترقبه مها حتى اختفى .. لا تزال على وقفتها .. تنظر إلى حالهما كيف فجأة تغير ليكسو وجهيهما فرح ومداعبات .. وتقطب حاجبيها على صوت بكاءه .. وصوت خالتها الطالبة من ليلى ان تطعمه .. واذا بها تلتفت للوراء حين وصلها صوت حمد ينبأهم بأن جابر معه .. تعدل " شيلتها " متحجبة بها جيدا .. وتنحت بعيدا عن المدخل .. ليدخل ملقيا السلام وتجيبه بهدوء من ثم تنصرف ..



تصعد الدرجات وضحكاتهم تُجبر شفتيها على الامتداد .. حتى ما وصلت غرفتها وولجت .. وقفت لبرهة تنظر إلى هاتفها .. لا يكل من الاتصال .. ثلاثة ايام وهو يزعجها .. ابتلعت غصة داهمتها .. إيستخسر عليها ان تحيى حياة زوجة .. حياة أم ؟ حياة تمنتها قبل ان يصدمها واقعها ؟ ..



سحبت انفاسها مغلقة الباب من خلفها .. وتترك السرير يحتضنها .. لتمتد يدها تسحب ذاك القابع على الفراش الوثير .. تفتح سجلات الاتصال .. ومن ثم الرسائل .. لتبدأ بهن من آخر الوصول حتى البداية .. يبدو غاضبا .. يهددها في آخر رسالتين ان لم تجبه ليفعل ويفعل .. وفي أول ثلاث رسائل كان الرجاء واضحا .. تبسمت بهدوء .. تخط له : سلطان نسيت شرطي .. كل ما قربت انا ببعد اكثر .. والمدة بطول وبطول .. خلك ع قد الاتفاق وانت اللي بتربح .



ارسلتها لترميه .. وتقف تختار لها ملابس من دولابها .. ستستحم قبل دخول وقت صلاة المغرب .. وسترمي تلك الافكار التي تحوم حوله بعيدا .. رمت بما في يدها على السرير وتنهدت تنظر الى الهاتف .. صمته يخيفها .. ام هو الشوق الذي اربكها .. ليحركها وتسحبه تتأمله ليهتز في يدها مصيبا اياها برجفة خوف طفيفة .. تغزوها ابتسامة : وعليكم السلام .. هلا والله بكنون ..



على عتبات المطبخ جلست الاخرى .. ترقب تحرك قمم الاشجار بسبب الهواء المداعب لها : اخبارج مهاوي ؟



سؤالا ثرثرت تلك على غراره بالكثير .. تناست الوقت الذي بدأ يزحف مقتربا من ساعة الاذان .. تُحاكيها وكأن بها شوق لوجهه الممتعض .. ونظراته المستفزة .. حتى صوته بات يزورها وهي في منامها : ما اعرف لوين بنوصل يا كنه .. بخبرج بشيء ..


قطبت حاجبيها : شو ؟


-
حاسه اني مشتاقتله .. شكلي بدون ما احس تعلقت فيه .. انج تكونين اربعه وعشرين ساعه مع حد وفجأة تبعدين .. شيء صعب .. انا احسه صعب ..



" بترديله ؟ " .. تبعثرت تلك الحروف من بين شفتي كنة .. لتصمت مها مطولا .. وتستطرد الاخرى : شو ؟ .. ليش ساكته ؟ ..



تغتصب ابتسامة فاترة .. وتبلل ريقها في محاولة للبحث عن جواب .. انفاسها تتزاحم مودعة الاكسجين في رئتيها لجزء من الثانية .. لتعود تلفظه بعيدا : لا .. لازم اتيي منه مب مني .. لازم يعرف غلطه .. شكه .. كلامه عني .. عقله المريض لازم يتعالج .. من الاسبوع الياي بداوم ..



" شو ؟ " .. اطلقتها الاخرى بحنق .. لتقف : لحظة مهاوي .. خلج وياي بروح حجرتي وبكلمج ..



تخطو مبتعدة نحو المنزل .. تلج واذا بصوت والدتها مع جدتها يصل اليها .. لم تكف والدتها عن الكلام منذُ خروج شبيب .. وكأن هناك خطب ما قد وقع .. وليس عملا مستعجلا اضطره للخروج .. طوحت برأسها وتابعت السير .. لتدلف الى غرفتها أخيرا .. تغلق الباب وتتربع بعد ذلك على سريرها : مهاوي بعدج ع الخط ؟

ليأتيها جواب مها .. وتتابع : شو اللي يالسه تسوينه ؟ .. يعني انتي مدبره لكل شيء قبل ما تخلينه .. صح والا لا ؟


-
باقي توقيع العقد وببدا الشغل .. انا مخبرتنه قبل انهم طالبيني فالبلدية .. وانا ما درست عشان ابقى محبوسه فالبيت .. كل اللي ما كان يعرفه اني مطرشة اوراقي لهم ومنتهيه من كل شيء .. خليه يتفاجأ .. ينصدم .. يسوي اللي يسويه .. هذا شرط من شروطي وهو راضي فيهن كلهن ..



-
خايفة تخربين حياتج بعنادج .. من شوي تقوليلي انج تعلقتي فيه .. بتقدرين ع الفرقى يا مها ؟ .. الفرقى مب سهله .. والنسيان صعب ..



قامت لتحث الخطى نحو النافذة تفتحها قليلا لعل صوت المؤذن للمغرب يتسرب إلى مسامعها .. وتستند بظهرها على الجدار .. متحدثة بهدوء : اذا حياتي بتنخرب فمنه هو .. واللي ربي كاتبه لي برضى فيه يا كنة .. صعب مب صعب كله باجره .. ببني حياتي وياه والا بدونه .. مب ضعيفة عشان استظل بريال دووم .. وان غاب ما اعرف اتصرف .. واثقة فقدرتي وهالشيء مسهل وايد اشياء علي ..



تسارع بالحديث لتنهي تلك المحادثة : كنون ياليت اللي يكون بينا محد يدري عنه .. ترا خالتي للحين ما عندها خبر باللي صار بين عمي وسلطان .. اخليج الحين .. أذن المغرب ..



,,

في البعيد تملكه غضب كاد ان يجهز به على اثاث شقته .. انفاسه ثائرة حتى وكأنها ستخنقه من كثرتها .. أتخبره بأن يلتزم ؟ .. وأن اقترابه يزيد الابتعاد من جهتها ؟ .. كيف لها ان تكون بهذه القوة التي لم يلحظها منذُ أن ظلهما سقف واحد .. مسح بيده على وجهه مرارا .. وقد استند بعدها على " التسريحة " التي خلت مما عليها الا من قنينة عطر تمسكت بها فلم تقع للارض ويتبعثر شذاها كرفيقاتها .. مغمضا عينيه .. يحارب تأجج أنفاسه .. ليفتحمها ناظرا الى انعكاس صورته .. شعره الاجعد المتبعثر على جبينه المتعرق .. واحمرار عينيه .. ارنبة انفه المتحركة سخطا ..



عاد بنظره الى كفه القابضة على هاتفه حتى كادت ان تهشمه .. ليبتعد بعدها راميا به على السرير وتاركا المكان للصالة .. وما هي الا لحظات حتى عاد على صوت رنينه مهرولا .. وكأن به متأملا اتصالا منها .. ليرفعه ناظرا الى الشاشة ويكتنفه تجهم .. لينبعث صوته بخمول : الو .. وعليكم السلام .. هلا ابويه .. شحالك وشحال امي واخواني ؟



غاضبا والده اشد غضب .. ويحاول ان لا يفجره في وجه سلطان : كلنا بخير ولله الحمد .. انت وينك ؟ من عرست لا شفناك ولا ييتنا ؟ عنبوك ولا كأن لك اهل .. ام تبي تشوفك واخوان يسألون عنك .. وبنت عمك ليش ما تيبها تزورنا .. مستكثر يومين في الاسبوع اتيي فيهم .. حتى اتصال ما تتصل الا اذا احنا اتصلنا ..



تشد انامله على شعره للوراء : مشغول .. ما احصل وقت .. والطريق مب هين ..



" لا تيلس تتعذر .. وكلام ما منه فايده " .. قالها بنبرة ساخطة .. يتلوها : عقب اسبوعين عندنا عزيمة هني .. وانت وبنت عمك تكونون اول الحاضرين سامعني ..


وبعد صمت : عطني اكلمها ؟


ليبلع ريقه .. مغمضا عينيه : مب هني .. راحت تزور خالتها ..


" يعني تعرف حق الزيارات اشوفها " .. ليأتيه صوت سلطان بعد ان ضاق ذرعا بحرب والده عليه : ابويه مها زعلانه علي .. ومخليه البيت من اسبوع .. كيف تباني ايبها لكم .. خبرني .. ترا والله مب عارف لبنت اخوك .. ما هقيتها بهالعناد .. لا وبعد تحط شروطها علي .. علي انا .. و....



ليقاطعه : انت شو مسوي ؟ .. ولدي واعرفك .. مأذينها ؟ مسوي فيها شيء .. يا ويلك يا سلطان اذا ضايمها ..



" أووهووو " .. قالها بعصبية .. مُردفا : الحين انا يالس اقولك اللي صار مب عشان اتهب في .. شوفلك صرفه وييا بنت اخوك .. مب انت اللي قايلها بتوقف وياها .. شوفها وين وصلت فيها بسبب كلامك لها .. شاده الظهر فيك ..



استغفر ربه .. ومن ثم تحوقل : اسمع يا سلطان .. الاسبوع الياي ان شاء الله انا عندك .. ومها ما تخلي بيتها الا اذا وراها شيء ..



ليغلق الهاتف .. ويرمي سلطان هاتفه من جديد على السرير .. مسقطا ظهره للوراء .. نافثا انفاسه : الله ياخذ الساعة اللي شفتج فيها .. الله ياخذج ..



يسد فيه بانامله التي ابيضت من قوة الضغط .. في داخله بركان ثائر .. لا يعرف لاخراجه من سبيل .. ليغفو دون شعور منه ..



حين هدأت روحه بعض الشيء .. وبعد أن صلى العشاء جماعة في أحد المساجد .. رفع هاتفه الذي لم يفتئ من الرنين بصمت .. تمنى لو انه لم يصلحه .. لكانوا عذروا له عدم رده .. يأتيه صوت والدته الخائف تستجوبة .. تهيل عليه كم من الاسئلة المعاتبة .. لينطق يحاول ان يستجلب نبرته المعهودة لهم : يا اميه شو بلاج قلبتي الدنيا .. هيه نعم ما كنت اخبركم .. بس هذي مهمة عادية ما تبالها سرية ومادري شو .. ولا هي خطيرة .. بس هذي كل السالفة ..


جميع الحواس كانت مشدوهة لها .. وهي جالسة تحادثه : انزين كم بتاخذ ؟ .. يوم اثنين .. اسبوع .. خبرنا عشان ما نحاتيك ..


-
كمن يوم .. ما بطول .


يسمع صوت جدته تطلبها الهاتف ليبتسم .. ويأتيه صوتها الحنون : يا ولدي دير بالك ع نفسك .. وتوكل ع ربك ..



أغمض عينيه يستشعر دعاءها .. يرغب بكل كلمة تقولها .. يرغب بالتوفيق وسداد الخطى .. يرغب براحة البال .. وبالكثير الكثير .. انتهى حديثه معهما .. هو انهاه لان لا رغبة له بقول المزيد .. ولا يعلم إلى أين ستقوده الخطى في هذه الساعة .. قاد سيارته متخبطا في الطرقات .. وما إن وشك الوقود على النفاد حتى حول طريقه إلى أقرب محطة بترول .. ينتظر دوره مع زحمة المكان ..



يعود بفكره إلى ساعات ماضية .. إلى صوتها المرتجف .. وجسدها المنكمش .. يعود وكأن به هناك يسمعها من جديد .. تتوارد عليه كلماتها التي كانت ترمي عليه بسلاسل من حديد .. فتقيده عن كل شيء .. يشد على جسدها النحيل .. مستمعا لثرثرتها المهلكة لبقايا أمل يرتجيه : كل شيء كان غلطة .. غلطة ثقيله يا شبيب .. بديت اطلع شوي من شعري .. وشوي شوي طلعته بالكامل .. كل يوم اشوف نظرات الاستغراب من الكل .. حد يشجعني وحد بدا يبتعد عني .. بس ما اهتميت .. كان شيء فداخلي يقولي كملي .. ما فيها شيء .. عيشي مثل البقية .. بس لا تتمادين مثل غيرج .. وتماديت ..



تزدرد ريقها بصعوبة قاتلة : ماعرف وين كان عقلي .. وين كانت تربيتي .. وخوفي من ربي قبل كل شيء .. تماديت اكثر واكثر ... وصرت البس الضيق والقصير والفاضح .. حتى شخصيتي تغيرت .. انغريت .. اشوف اني واو وغيري ولا شيء .. نظرات الشباب لي كانت تعيبني .. تقولي اني مرغوبة .. اني حلوة وفي جمال ..



تتابع وكأن لا أحد بجانبها يتقطع غضبا من حروفها : صرت اميل للشباب .. ايلس وياهم اكثر من يلوسي وييا البنات .. تصير حفلات وكنت اروح وياهن .. فالبداية كنت اخاف من الحفلات المختلطة وكنت ما اروح الا لحفلات بنات بسيطة .. بس بعدين تجرأت ورحت .. وحسيت انهن شيء عادي مثل اختلاط الجامعة .. بس هني رقص وغنا ..



صمتت تشد على كفيها .. لتعقب : وشرب ..





القرع الخفيف على زجاج نافذة سيارته أعاده للواقع .. ليفتحها ومن ثم ينتشل محفظته من الصندوق الصغير بجانبه .. يُخرج مائة درهم .. ويناولها للعامل .. وما هي الا ثواني حتى اعاد له ما تبقى .. ليبتسم في وجهه شاكرا له .. ومن ثم انطلق .. ولا يزال لا يعلم هُدى لسبيله ..





,,


أما هي فلم تخرج من بعد ما حدث .. اغلقت باب الغرفة لتختلي بذاتها المتعبة .. جلست على سجادتها وجدا وهي تصلي العشاء .. شعرت بالخمول وبتنمل في اطرافها .. حتى ما اخذ منها الجلوس كُل مأخذ ، قامت لترتمي على سريرها .. تطبق بكفيها اسفل وجنتها اليمنى وتطلق العنان لدموعها .. يعود لها الماضي الذي القت به في مسامع ذاك المبتعد ..




منبوذة كانت .. الجميع ينظرون إليها نظرات الخزي .. نظرات بشعة لم تعد تقواها .. جالسة في نهاية ذاك الكنب الطويل .. متكومة على ذاتها .. فقط الصمت يلفها .. تشعر بدخول والدتها للمكان .. وجلوسها .. تنتظر منها ان تبعثر ما في صدرها من حديث .. كغضب الاخرين الذي لم يفتأوا برميه عليها ..



" عايبنج حالج وحالنا الحين " .. صوت والدتها اجبرها على أن تطأطيء رأسها أكثر .. لتستمع لباقي الحديث الجارح لها .. والطاعن لصدرها بقسوة : وين كان عقلج .. وين تربيتنا لج .. كل هذا نسيتيه .. ما هميناج .. اختج كل يوم متمشكله وييا ولد عمها بسبة اللي صار .. يقول بيطلقها ..



صمتت لتستغفر ربها .. وتتابع : تمنيت لو ابوج ما عطاج الا كف وسكت .. تمنيته ضربج بالعقال الين تحبين التراب .. بس شو نفع الضرب الحين .. طلعنا من البيت اللي عشنا فيه سنين .. ويينا هني .. اهل ابوج تخلوا عنه .. واختج ريلها بيخليها .. واخوانج الصغار .. هذيلا شو ذنبهم يربون لا يعرفون عيال عمهم ولا عيال عمهم يعرفونهم ..




" لا تزيدين عليها .. اللي سوته بيقى درس ما بتنساه طول عمرها " .. دخوله وصوته وجملته تلك جعل منها طفلة تخبيء وجهها بذراعيها وتبكي .. فقط تبكي .. لعل الدموع تغسل الذل وتطهرها .. لتفز على اصوات النداء في الخارج .. تعرف تلك الاصوات جيدا .. اعمامها هنا ..



تقف تمسح وجهها وترى ارتعاد والدتها .. وتحرك والدها لفتح الباب .. ليدفعوه اخوته الى الداخل : وينها ؟ .. وين بنتك اللي سودت ويوهنا .. وينها ؟



وصوت اخر يهدد بقتلها .. وهو يقف يمنع دخولهم اكثر .. لتدفعه اجسادهم حتى لاحت لهم في الصالة .. تقع عينيها في عيني غانم .. لتزلزلها رهبة تجبرها على الاقتراب من والدتها التي غطت وجهها بـ " شيلتها " .. يهجم عليها ويشدها من ذراعها تحت صرخاتها .. ليجد عيسى يمسكه ويسحبه عنها .. ويقف من جديد حائلا بينها وبينهم .. تتشبث بظهره بقوة .. تستشعر صراخ والدها في وجه اخوته الثلاثة : مالكم حق فيها .. البيت وخليناه لكم .. وبنتي وانا اللي بربيها ..


-
لا والله وعرفت تربي يا عيسى .. ونعم التربية ..



سُخرية حديث .. وافواه تتكالب لتنهش لحمها .. ووعيد بقتلها لشفاء الغل الذي استحل الصدور .. يدور معها حتى اضحت في خارج الصالة وهم في داخلها .. وعيسى يسد الباب بذراعيه : خذي السويج من مخباي ( جيب ثوبه ) ..


يصرخ به احدهم : عيسى ابعد وخلنا نتصرف ..



ليصرخ هو بدوره فيها .. حين لم يجد منها استجابة : شلي السويج وطلعي يا ريا ..



ارتجفت لتفك قبضتيها من ثوبه بخوف .. تدس يدها المرتجفة في جيبه .. لتخرج المفتاح .. واذا بيد احد اعمامها تلتقط كفها حين غفلة من والدها .. فيسقط المفتاح من بين اناملها حين دفعه عيسى بعيدا .. وتنفجر هي باكية .. تسمع صرخات من والدتها : طلعي يا ريا .. طلعي .. شردي عنهم ..



هرج ومرج بين والدها واخوته .. وهي استغلت الوضع لتلتقط المفتاح عن الارض . وتهرول مبتعدة .. تصعد سيارة والدها وتنطلق دون هُدى .. الصورة ضبابية امامها .. والطريق ازدحم بالسيارات .. تنتحب وتقود بهلع ..




" صدق ابوي فاللي قاله " .. جملة اطلقتها بعد سرد ذاك الحدث .. مُردفة : يومها مالقيت نفسي الا فمركز الشرطة .. اصرخ فيهم .. بيقتلوني .. كنت فحالة ما يعلم فيها الا ربي .. هناك لقيت ابوك الله يرحمه .. ساعه كاملة يلس يحاول يهديني .. يحاول يطمني .. وتفاجأت لما طلع يعرف ابوي الله يرحمه ..



ابتسمت بخفوت : جمعهم فذيك الليلة .. قالهم ان صار في شيء ما يرده عنهم الا الحبس ..



يقاطعها : وكل هالشيء صار بس عشان انج كشفتي شعرج وجسمج ؟





سحبت احدى الوسائد لتضمها إليها وجدا : ياليتني ما كملت .. ياليتني ما جاوبتك ..



انتحبت وهي تستصعب تذكر ثرثرتها .. كيف استطاعت ان تبوح بسواد افعالها .. انهكتها الدموع فنامت .. لتستيقظ على صوت اذان الفجر الذي اخترق هدوء الغرفة الحارة .. متعرق جسدها وجدا .. لم تشعر بحرارة المكان .. كُل ما كانت تتمناه ان تنام وتفيق وكُل ما حدث يذهب ادراج الرياح ..



بعد الغياب هُلعت قلوبهم .. وتزاحمت على العقول التساؤلات .. لماذا ؟ ومالسبب ؟ .. و على مسامعه تُثار كلمات الخوف من شمسة .. كأن به يعلم أين هو صاحبه .. يقف ثم يتحرك في ذات المكان في ساحة منزله.. يأتيه صوتها القلق .. تنبعث منه رائحة الخوف من لا شيء : الله يخليلك خالد تخبرني وينه ؟


زفر انفاسه للمرة الألف في تلك المحادثة .. فتلك لا تستوعب مبرراته .. وهو ذاته لا يعلم كيف يستطيع استيعاب ما حدث : يا ام شبيب .. والله المهمة ما تخوف .. كم يوم وبيرد لكم سالم غانم ..




يرتفع بصره لشقيقه الذي اقتحم الساحة قادما من الخارج .. ليقف يقطب جبينه محركا رأسه كأن به يسأله ما الامر .. ليقف يستمع لبقية الحديث من فيه : لا حول ولا قوة الا بالله .. يا اميه شو بلاج .. لا تكبرين السالفة .. شبيب بخير ولا فيه الا العافية ..




يتجهم وجه بطي اكثر وهو يستمع لصراع جابر في اقناع شمسة .. حتى ما انتهى مغلقا الهاتف : شو اللي صاير ؟ شبيب شبلاه؟



ترتفع يساره تدلك صدعيه بتعب : من امس ماله حس .. طلع قبل العصر من بيتهم ومخبرنهم ان عنده مهمه .. وطرشلي مسج قبل المغرب وانا فبيت عمي يقولي اييب كلثم من بيت امها واخبر اهله ان عنده مهمة .. سكر فونه عقبها ..



-
هو مب فاجازة ؟



-
هيه .. ما ادري عن اي مهمة يتكلم .. اصلا اذا في شيء اكيد بيكون عندي خبر ..




يرن هاتفه فجأة ليمتعض راميا به في كف بطي : رد عليه .. ذلوني بالاسئلة .. بقوم اتلبس اروح اييب كلثم ..



" تعال " نطق بها بطي حين ولاه الاخر ظهره .. ليتنهد مجيبا : وعليكم السلام .. حيالله منذر ... على حد علمي ما شيء اخبار عنه للحين ...




يقود سيارته بين الازدحام : كيف يعني ما شيء اخبار .. وين يابر .. هو يشتغل وياه واكيد يعرف وينه .. ترا البيت معفوس .. وشمسة مقومة الدنيا وما قعدتها .. مب فايد وياها كلامنا .. انا من صوب وامها من صوب .. حتى بناتها ما قصرن .. وراسها والف سيف الا صاير وياه شيء ..




" لحظة " .. قالها بطي وهو يشد الخطى للمنزل ليلتقي بجابر خارجا .. يمد له الهاتف : كلمه انا مب فاهم اي شيء ..




" هلا منذر " .. ويأتيه صوت ذاك : توني مكلم حارب وفارس .. يقولون ما شافوه .. باللا وين راح ذا .. عمره ما سواها .. الا يكون عندك خبر او عندي .. حرمته تدري عن شيء .. مسكره ع عمرها الباب من امس .. وشمسة تقول هي السبب .. والله يا جابر فرولي راسي .. والحين يالس ادور فهالشوارع كني ادور ياهل مب ريال طول بعرض ..




تحوقل .. وتنهد : مادري شو اقولك .. انا رايح اييب كلثم ..




" لا تروح " .. نطق بها واردف : بتردها البيت وهو معفوس .. خلها فبيت امها الين تهدى الامور .. انا بروح عند حارب اشوفه .. يمكن يدري عن شيء وما خبرني ..




يقف ساكنا بعد ان انهى المحادثة .. ليأتيه بطي : ليش جي صاير فيكم ؟ شبيب مب صغير تدورون عليه وتخافون عليه ..



لينظر إليه : بس شغله يخوف ..



ليتركه مبتعدا .. تتكرر الجملة في ذهنه مرارا .. هل يعقل ان احد المجرمين قد أذآه انتقاما منه ؟ .. تنهد وتحرك مهرولا خلف جابر .. ليصعد السيارة معه : بروح وياك ..




بعد اقل من ساعة تعج الصالة في منزل حارب باجسادهم .. متوترون وقلقون .. يبعثرون الاتصالات على من يعرفون .. ولكن لا شيء .. لا خبر يطمئن القلوب .. تنهد فارس وقد انحنى بجسده للامام قليلا .. ناظرا لجابر الذي اغلق هاتفه : ما شيء خبر ؟




ليهز رأسه : ما راح الشغل .. ما شافوه .. قلت يمكن يروح يقلب فهالقضايا المعلقة .. لو بس اعرف شو مستوي وياه بالضبط ..




يضرب بكفيه على فخذيه واقفا : انا بروح البيت .. وشمسه الظاهر مكبره السالفة .. اختي واعرفها .. واحنا مثل الميانين مصدقين ان شبيب فيه شيء ..




"وصلني فطريقك " .. بعثرها بطي .. تركا المكان .. ليبتسم حارب بخفوت : شبيب ما ينخاف عليه .. وصدقه منذر .. الظاهر احنا مكبرين السالفة عشان ولا شيء ..




زفر جابر انفاسه : المصيبة عمي دخل ع الخط بعد .. كل شوي يتصل علي يريد يتطمن .. الله يسامحك يا شبيب ع هالسواه ..




ليترك هو الاخر المكان بعد حين .. ويبقى الصمت رفيقا ثالثا لحارب وفارس .. هدوء مخيف يجمعهما .. ليبعثر فارس الصمت اخيرا : اقنعت ابوها نسوي ملكة الحين والعرس بعدين ..




" احسن لك " .. نطقها .. وسكت .. ومن ثم نطق : وين ممكن يكون ؟



ليلتفت له فارس : تقصد شبيب ؟




- هيه .. ما يختفي بهالشكل الا اذا في سالفة كبيرة .. وشيء عود صاير مب قادر يحمله .. المشكلة ان شبيب ما يتكلم .. ما يقول شو فيه .. مب مثلنا اذا ضاقت فينا الا نقول عشان نريح اعمارنا ..




" تاخر الوقت " .. قالها فارس .. ليقف : اشوفك ع خير ..

خلى المكان الا من جسده وافكاره .. يرتفع بصره ناظرا لساعة الحائط التي قاربت على منتصف الليل .. ها هو من جديد يعود لوحدته الخانقة .. لافكاره التي تدمره .. والليلة لا رغبة له بالبوح لمعشوقته .. تنهد ليقف .. واذا بصوت جرس الباب يضج في المكان .. يصيبه الوجل .. وشيء من خوف يضرب صدره .. ليهرول يفتح الباب .. ليلتقي بذاك مبتسما : تستضيفني ؟


أي سؤال أحمق يا شبيب تطرحه علي ؟ .. اتستأذن مني استضافتك ؟ .. رباه ما بال وجهك شاحبا .. وعيناك وكأن بهما وجع مميت ..



ابتسم : خوفتنا عليك .. البيت مقلوب عندكم .. وحـ.....



رفع كفه يسكته عن الحديث : تعبان يا حارب .. ما اريد اعرف اي شيء .. ولا اريد اقول اي شيء .. ولا اريد اي حد يعرف اني هني ..




تحتضنة الغرفة الخالية بعد دقائق .. يتركها ليلج الى دورة المياه ( اكرمكم الله ) .. منذُ الامس لم يطعم الراحة .. يرغب بها ولا يجدها .. تثور فيه احاديثها كلما طلب اغفاءة .. يغسل جسده بسيل من المياه .. وهي لا تزال تزوره مرارا .. صوتها يخنقه كلما مر على مسمعه .. ليته لم يسألها ذاك السؤال .. وليته أكتفى بما اخبرته وانتهى ..



يعود إليه صوتها المكسور .. انتفاضة الماضي في صدرها .. سؤاله عن السبب لما حدث .. و صمتها الطويل بعد السؤال .. وحركة كفيها لتمسح دموعها .. يحثها من جديد على المتابعة : ريا ؟ ..



اهتزت شفتيها .. مهتزة معهما نبرة صوتها : خايفة .. حاسه انك تسمعني غصب عنك .. اذا خبرتك بالباقي ...



عاد السكوت يسكنها ويسكنه ... يكابد الغضب .. حتى الآن لا يتخيلها حاسرة الرأس أمام الغُرب .. ملتفة بالضيق والفاضح .. وعيون الرجال تسطر جسدها بلهفة .. حتى الآن يشعر بأن ما قالته ما هو الا حلم لا يصدقه .. فكيف بالباقي الذي اصمتها عن المتابعة .. ارجف جسدها بقوة من تحت ذراعه .. سحب انفاسه بهدوء .. ليشد بكفه على ذراعها يقربها لصدره اكثر : قولي الباقي ..



تؤلمني يا شبيب .. أناملك قاسية .. نبرتك حارقة .. وبيّ تصدعات ترهقني .. ألا يحق لي براحة دقائق ؟ .. يتعبني البوح وجدا .. يسكنني الخوف .. وذراعك القاسية تزيد منه في نفسي .. لما الآن أنت بهذا القرب الصعب ؟ .. لا أرغب بقول الباقي .. فلتدعه في كنف النسيان يا شبيب .. لندعه ارجوك ..



" ريا " .. يناديها لعله يبعثر صمتها الذي يخنقه .. لتنطق مرتجفة الصوت : الحفلات .. ادمنتها .. بس كنت مجتهدة فدراستي .. كل اللي صار وياي كان يخليني دايم فخوف من الفشل فالدراسة ..



شدت بانفاسها شاهقة بعنف .. وكأن جسدها يطالب بالكثير من الاكسجين : مب قادرة .. والله مب قادرة اقول .. احس اني ..



تنتحب ببكاء زاده هلعا على هلع .. لينحني مع انحناءها على ركبتيها .. تصارع البكاء الذي اجتاحها .. يهمس في أذنها : الله يخليج يا ريا .. خبريني ورسيني ع بر .. اللي تسوينه يزيد من النار اللي فصدري .. تكلمي ..



بصوت عالي مكتوم : شربت الخمر يا شبيب .. شربته .. ما قدرت اقاومهم .. شياطين .. وربي شياطين .. صاروا يحتضنوني .. يحبوني (يقبلوني ) .. ايديهم .. انفاسهم كل شيء كان يلمسني وانا صرت مع الوقت عادي ... عادي ..



انتحبت بقسوة .. وهو زاد اعتلاج الانفاس بين اضلعه .. كحرب شنعاء تدوي اصواتها في رئتيه .. مهلكة لقلبه .. يسمعها تتابع بنبرة لا تزال مكتومة خلف اختباء وجهها بذراعيها : صورني وياهم .. لقطات صعب اوصفها لك ..



ارتفع وجهها .. تقاوم ثقل ذراعه على ظهرها لتنتصب في شبه استقامة : صرت ما ادري شو يصير وياي .. اقوم الصبح مرات فشقتي .. ومرات ...



" فقدتي اثمن شيء عندج ؟ " سؤال بنبرة مخيفة اسقطه في مسامعها .. لتطوح رأسها : مادري .. ما ادري عن اللي صار وياي عقب الشرب .. اقوم وانا مب متذكره شيء .. اكثر من مرة رحت العيادة بس خوفي يمنعني اكمل .. حلفت لاهلي اني بنت .. حلفت – يتقطع صوتها خلف بكاءها – وانا مادري عن شيء .. كنت خايفة .. لو صدق راح كل شيء شو بتكون حياتي .. للحين .. عايشة فخوف .. خوف صعب يخليني ..



ابتعد عنها .. يحاول ان يكذب الاحاديث .. الصور المتزاحمة على مخيلته .. جسدها العاري .. قربهم منها .. و نومهم معها .. شعر بان هواء الغرفة ارتحل من هول ما قيل ..


خرج من دورة المياه ( اكرمكم الله ) .. لا يستر عورته الا ملابسه الداخليه التي اعاد ارتدائها .. ليسحب ثوبه الذي رماه آنفا على السرير .. يرتديه ويستقبل القبلة بعدها .. سيطلب من ربه ان يهديه سواء السبيل .. أن يلهمه الصواب .. أن يبعث في روحه الراحة ..


في الخارج .. يستلقي على الكنب في هدوء .. وجهه لسقف الصالة المزين بالجبس والثريات الانيقة .. يرغب في اقتحام خلوة صاحبه ولا يقوى .. أخبره أن يتركه مع ذاته .. أغمض عينيه .. لم يرى صاحبه بهذا الحال يوما .. وليس باستطاعته ان يسأله .. سحب انفاسه وزفرهن .. لينزل ساقيه ويقف بعدها يحث خطاه الى تلك الغرفة .. يصل ويقف يراجع نفسه .. أيدخل .. أم يعود ادراجه ؟ ..

فتح الباب بهدوء ليلوح له جسد صاحبه المستلقي على السرير .. يخبيء وجهه بذراعه .. والاخرى ربضت على بطنه .. تسربلت على شفتيه ابتسامة هادئة .. ليسحب الباب وقبل أن يغلقه يأتيه صوته : حارب ..


ليعود يفتحه ولا تزال يده ممسكة بمقبضه .. لم ينطق وفضل الصمت ليستمع : شو يعني أنك تحب ؟


ترك الباب ليتقدم يربض على طرف السرير .. يشبك كفيه بين ركبتيه : يعني انك تمتلك انسان .. تكتب عقد بينك وبين قلبك انك تصونه .. تحميه .. تسعده .. حتى لو على حساب نفسك .. انك تخاف عليه من نسمة الهوا .. تغار عليه من نظرة عين .. من لمسة ايد ..


ضحك بخفوت .. ضحكة قصيرة : تحس ان يومك بدونه ولا شيء .. غصب عنك تفكر فيه ليل ونهار ..


" الغيرة " .. قالها وصمت .. ليلتفت له حارب وقد قطب جبينه: شو بلاها الغيرة؟ ..


-
مثل غيرتك ع خواتك .. ع محارمك ..


لا جواب .. وكأن السؤال صعب العثور له على تفسير .. وذاك لن يتخلى عن السكوت .. لن يبوح بما في صدره .. لن يثرثر ويملأ المكان بالصراخ والهيجان ليرمي ما يقبع على صدره ويكتم انفاسه .. وقف وتحرك نحوه .. ينظر إليه من علو : شبيب .. صعب علي اشوفك بهالشكل .. اذا اللي صار وياك مب قادر تتحمله حاول تهونه .. لا تفكر فيه وايد وحط له مبررات وحلول .. حتى لو حلول فاشله .. بس المهم خله يطلع من صدرك ..


ينحني يربت على كتفه هامسا : ارتاح .. تصبح ع خير ..


واحة غناء .. وينابيع تتدفق دون هواده .. وصوت ضحكاته في المكان .. يخبره انه بخير .. يمشي بجواره وشعاع نور خافت ينبعث من جسده .. وصوته وكأنه معه حقا : ربك ما يريدلك الا الخير ..


فتح عينيه مناديا باسمه : خالد ..


قبض كفه وكأن به لا يزال يشعر بكف ذاك الفاني ممسكا بها .. أهي رؤيا .. ام اضغاث افكار .. ابتسم بهدوء .. وراحة تمشي الهوينة مخترقة صدره .. لينهض ساحبا ساعته عن " الكوميدينو " .. الوقت فجرا .. ستصدح مكبرات الصوت بالاذان بعد دقائق .. قام ليستعد .. وما هي الا دقائق حتى خرج .. ليرى صاحبه مستلقيا في تلك الصالة القريبة من الغرفة .. هل هو خائف عليه لهذه الدرجة ؟ .. تبسم واقترب منه : حارب .. حروب ..


فز من مرقده يمسح بظهر كفه عينيه : شبيب .. فيك شيء؟


" ليش راقد هني ؟ " .. ابتسم وفقط .. لا داعي ان يخبره بان القلق جعله ينتظر هنا طوال ليلته .. وغافله النوم ليسحبه بعيدا دون شعور منه .. ابتسم الاخر له : بيأذن الفير .. بسبقك ع المسيد ..


هز برأسه وقام واقفا .. حتى هو داهمته الراحة لوجه شبيب الفرح .. لعله وجد الحلول التي قال عنها له آنفا ..


يمر الوقت ليجتمعا على مائدة الافطار الذي اعده عبد الغفور .. يرقب شبيب وهو يأكل .. به شرود يشعره بالخوف .. يرتشف من كوب الشاي ويتسائل بعدها : عادي نخبرهم ؟


ليرفع الاخر بصره لوجه حارب .. وفي يده قطعة خبز يغمسها في كوب الشاي .. ليلتقمها .. حتى ما ابتلعها : قالبين الدنيا صح ؟


تحرك يتربع في جلسته .. يستند على ذراعيه .. شاد جذعه للخلف : تقول مغيبين ياهل ..


انفجر بالضحك .. يتخيل اشكالهم .. لينطق : مب مشكلة .. بتصل عليهم عقب شوي ..


فجأة اقتحم عليهما المكان .. ساخطا .. وصارخا فيهما دون ان يلقي التحية .. يقف بعصبية زائدة لم يعهدوها منه يوما : يا سلام .. انت هني واحنا قالبين عليك البلاد من امس .. وانت – ينظر لحارب- مب قايليك تخبرنا .. من متى وانت هني ..


يعود يرمي شبيب بالغضب : امك طالعة نازله تحاتيك .. وانت ولا همك .. لا وياكم مرتاح ولا بعيد عنكم .. كل شوي متصله ما خلت دعوة ما دعتها علي .. تقول ياهل ما كانك ريال عود وادبر عمرك .. تسوي السواه وانا اللي اكلها ... خاله وخاله .. كأني مسؤول عنك .. شو شايفيني شيبه .. ابوكم ؟ .. ما كاني من عمركم ..ولولا سيارتك الواقفة برع ما عرفنا انك هني ..

ليصرخ بعد أن رأى الصمت منهما : قوم روح البيت .. والا اتصل عليهم ..

تأتيهم التحية فتختلط الاصوات بالجواب .. ليزفر انفاسه حين ربت فارس على كتفه من وراءه : وعليكم السلام ..


" هدي يا منذر " .. قالها ومن ثم نظر لشبيب الذي لا يزال جالسا : الحمد لله ع السلامة .. والله وعرفنا غلاتك فقلوبنا باللي سويته ..


" السموحه منكم " .. ومن ثم قام واقفا .. ليبعثر الكلمات : ما دريت عن نفسي .. كنت اريد اكون بروحي .. مستخسرين هالشيء علي ..


لينطق منذر بحدة : يوم ما تكون امك شمسة ساعتها ما بنستخسر هالشيء عليك ..


يقف حارب : منذر شبلاك شاب علينا .. الريال ياني نص الليل .. وبغى يرتاح .. وتوه قبل لا تدخل كان بيقوم يطمنكم .. عنبوه ما خليت كلمة ما قلتها ..


" ما ينلام " .. قالها فارس وهو يترك الوقوف ليجلس .. ويسكب له من الشاي .. ويقتطع له من الخبز .. مردفا : حياكم كملوا اكل ..



لتنتشر الضحكات الخفيفة في المكان .. وينحني منذر رابتا على كتف فارس : عليك بالعافية .. وراي دوام ..

وبحزم وهو يستقيم : وانت الحين تتصل على امك تطمنها .. واتصل ع عمك بعد .. الريال مب حمل يحاتيك .. وانت تدري هالشيء ..


يتحرك خارجا .. واذا به يلتفت : ولا تسويها مرة ثانية ..




تبعثر الحلم كفتات ورقة يابسة هشمتها الاقدام .. وذرتها الرياح في طريقها .. كُل شيء اضحى في مصاف المستحيل .. وحياته بذرة عارية من قشرها لن تقوى على النمو .. ولج الى منزله بعد ان غاب ساعات الصباح .. يلقي التحية على والدته .. يقبل رأسها ويجلس في سكون .. لتخاطبه : رجع حرمتك يا سالم .. عيالك محتايينك ..

طوح برأسه : ما بترد يا اميه .. وانا خلاص عفتها ..



" وعيالك ؟ " .. قالتها وتحركت تقبض على رسغه باناملها : يا ولدي دوس ع عمرك عشان هاليهال .. والله صورة كنة للحين ما تخوز عن بالي وهي تصيح ما تبي تروح ..



أماه لا تذكري اسمها .. فان به يُقلب حكايات احلامي من جديد .. ويرميني في يم خيبة لا اقواها .. اعدموا حلمي الوحيد يا امي .. اعدموه وقلبي لا يزال ينبض باسمها ..



التفت لها .. يساوره التردد فيما سيقوله .. ليتنهد بخفوت : اميه .. انا لقيت شغل فالشارقة.. ولقيت بيت بعد .. آخر هالاسبوع بننقل مني ..



" شو ؟ " .. صرخت بها .. مبعدة كفها عنه : وعيالك .. انت شو اللي صابك يا سالم .. كنه خبلتبك .. من اول مالك نصيب فيها .. يالس تركض وراها وهي مب لك .. والحين بتخلي كل شيء .. عيالك شو ذنبهم خبرني ..



استغفر ربه .. واردف : اميه فهميني .. كنت عايش ع امل انها فيوم بتكون لي .. والحين مب قادر اعيش هني وهي هناك ما بينا الا شارع .. وعيالي لي الحق ازورهم .. ومن يكبرون باخذهم عندي .. واصلا من تتزوج اللي ما تسمى ما بيكون لها حق فحضانتهم ..



بهدوء وهو يحاول مسك كفها فتتمنع : اميه البعد بيريحني .. الله يخليج ريحيني .. ما بقدر اروح واخليج هني .. خلينا نروح الشارقة .. نبدا من يديد بعيد عن هني .. تحمليني ياميه .. تمحليني .. والله هالاسبوع احس فيه كانه سنين .. راكضت فيه الين لقيتلي شغل غير شغلي .. ولقيتلي بيت .. ساعديني انسى الله يخليج ويطول فعمرج ..



نزلت دموعها .. لتمسحها بطرف " شيلتها " .. تختنق الكلمات ولا تقوى على لفظها .. ليتابع هو : عيالي ما بخليهم .. والحين الحق لها فتربيتهم .. بس صدقيني بيردولي .. غصب عنها بيردولي .. هدوي فراسها شيء وبتسويه .. راكضة ورى واحد ما بغاها ..



ابتسمت ساخرة من قوله .. فهو يرى عيب طليقته ولا يرى عيوبه .. تنهدت : الله يساعدك ..



لتقف مستندة على كفيها .. تتركه في مكانه .. مع تنهيداته المسموعه .. يجول بعيدا مع افكاره التي لا تفتئ في زيارتها له .. ليتحرك فجأة يدس يده في جيب ثوبه مُخرجا ذاك المزعج برنينه .. يقطب حاجبيه لرؤيته اسم المتصل : خير ؟



ليأتيه صوتها المضطرب : الحق على بنتك يا سالم .. طاحت وما تتحرك .. وخوالها محد هني .. تعال بسرعه ..



بعثر الدعوات عليها من فيه .. وهرول خارجا .. ليقتحم بعد حين منزل اهل طليقته .. ثائرا في وجهه والدتها : وينها ..



" داخل " ما ان نطقتها حتى اسرع الخطى ليلج ويرى صغيرته الفاقدة للوعي على ارضية المطبخ .. ورأسها ينزف في كف والدتها التي تحاول ايقاف النزيف بقطعة من الخرق ليصرخ بها وهو ينحني يرفعها عن الارض : لا بارك الله فيج .. شو سويتي فيها ..



يهرول مسرعا وقد تلطخ بدماءها .. وتلك من خلفه صارخة : اصبر بيي وياك ..



لتدبر واذا بصوت عجلات سيارته تصرخ في المكان .. لم يدع لها مجالا لتعود بعباءتها .. لتقع على ركبتيها في ساحة المنزل : كله منك يا سالم .. الله ياخذك .. كرهتني فيها .. الله ياخذك ..




يتخبط في ممرات الطواريء مناديا على طبيب .. لتتحلق حوله عدد من الممرضات يلتقطنها من بين كفيه .. ويختفين معها خلف الجدران .. ليسند ظهره بالجدار : يا رب تنجيها .. يا رب تنجيها ..



يمر به الوقت قاسيا .. يشبر المكان بخطواته ذهابا وايابا .. حتى ما ظهر له الطبيب المناوب .. هرول اليه : طمني .. عساها بخير ..


-
الحمد لله .. بتبقى عندنا اربع وعشرين ساعة نطمن عليها اكثر ونسوي لها اشعة .. ديروا بالكم ع عيالكم وهم يلعبون .



عاد هاتفه يرن من جديد .. ليسحبه مجيبا بعنف : نعم ؟


تبتلع ريقها : وين انتوا ؟



وبفحيح غضب : خذي مني باللي يرضيج يا هدى .. ان سمعت ان بنتي صابها شيء والله ما بتشوفيها ليوم الدين .. سامعه ..





,,

ساكنة في مكانها منذ ساعة .. تتذكر حديث هاشل لها عن شبيب . وبانه اتصل بوالدته وهو بخير .. لكنه لن يعود الآن .. وذنب بدأ يكبلها.. يعلق لها مشنقة ويخنقها .. لم تخرج من قسمها منذُ تلك الساعات المشؤومة .. المشتته لرمال دفنت الماضي تحتها .. فخرج على السطح مدمرا التواصل الذي سعت إليه جاهدة ..


إستقامت واقفة .. تتحرك نحو الثلاجة الصغيرة في مطبخها الصغير .. كانت مخزن طعامها الذي بدأ ينضب .. ولم يبقى بها الا بضع قناني ماء .. سحبت احداها .. لترتشف منها .. واذا بها تلتفت لصوت الطرقات على باب الصالة .. ومن ثم دخول كنة و شامة ..

تتحرك وتضع الصحن على الطاولة الصغيرة : مسوين فطاير ولازم تاكلين منهن .. صارلج كم يوم لا تتغدين ولا تتعشين .. وما ندري عنج تتريقين ولا لا ..


صوت شامة اجبرها على الابتسام بهدوء .. وتتحرك من مكانها .. لتجلس بمقابلهما على الكرسي المنفرد : مشكورات .. بس مالي نفس ..



" تراه شبيب بخير " .. قالتها كنة واردفت : امس اتصل على امي .. واليوم بعد اتصل يطمنها ..


وبتردد : شو اللي استوى بينكم ؟


زمت شفتيها : سوء تفاهم .. للحين هو ما يعرفني وانا ما اعرفه زين ..



" سمعتي ؟ " .. قالتها وهي ترمق شامة بنظراتها .. لتنظر تلك اليهما .. مستمعة لحديثهما : شبيب وريا غير .. وانا غير .. والمؤمن ما ينلدغ من جحر مرتين .. والا شو رايج يا ريا ؟


هزت رأسها : شو السالفة ؟


لتنطق كنه مجيبة لها : السالفة ولد عمها خاطبنها .. وللحين ما عطت رايها .. وامس تقولي اذا بوافق فبشرط ان تكون الملكة والعرس فنفس اليوم ..



" عادي ما فيها شي " قالتها ريا وهي تمد يدها لتأخذ قطعة الفطائر من يد شامة التي نطقت بدورها : سمعتي .. يعني السالفة عاديه ..


-
لا مب عادي .. لازم تفهمون بعض .. تيلسون وييا بعض .. تعرفينه ويعرفج .. مب جذي خبط لزق .. شوفي ريا وشبيب .. للحين مب باين عليهم انهم معرسين .. كل واحد فوادي ..



-
بس انا وشبيب غير يا كنة .. وهذا ولد عمها فاكيد تعرفه وتعرف اطباعه ..



تنهدت وهي تلتقف من الصحن قطعة .. وتقضمها .. وبصوت مليء بالمضغ : بطي محد يعرفه زين .. الاحسن لها اذا وافقت تخلي الملكة قبل العرس بكم شهر ..



" بس انا للحين ما وافقت " .. قالتها شامة وهي تقف .. تنظر لكنة : ومابي سوالفنا توصل لشبيب اوكي .. انا ما اريد اللي صار وييا حارب يتكرر وييا بطي ..



قطبت ريا حاجبيها .. تترك نصف الفطيرة في الصحن : بس مب الكل نفس بعض يا شامة .. لا تخلطين المواضيع فبعضها .. خذي وقتج وفكري زين .. واستخيري ان شاء الله تستخرين شهور .. دام عندج الوقت فكري ..



تركتهما .. لتطوح كنة برأسها : عنيدة .. ما كنت اريد اقول السالفة .. بس اشوفها ما تقولج شيء .. قلت احطج فالصورة يمكن تساعدينها .. الا صح .. امايه العودة تسأل عنج .. ما شافتج ع الغدا .. ولا ع العشا ..



" شفتها الصبح " .. نبرتها خافتة .. تعيدها للهرب بافكارها بعيدا .. لتبتسم كنة رابتة على فخذها : لا تحاتين .. كل شيء ان شاء الله بيتعدل .. واذا ع امي .. ترا هذي امي تحمليها ..




تعود لوحدتها بعد ان غادرت كنة .. نزلت دموعها فسارعت لمسحها .. تشعر بثقل فعلها يجثم على صدرها .. يصلها دوما حديث شمسة العالي .. وكأنها تتعمد الدعاء عليها كلما مرت بجانب قسمها .. حررت شعرها لتخلل فيه اصابعها وتنفشه مرارا .. وتعود تشده بالمشبك .. لتقف ويرتفع نظرها لساعة الحائط .. الساعة ستقارب العاشرة ليلا بعد جزء هين من الساعة .. تحركت بخطوات بها شيء من الخوف .. لتخرج وتشد المسير نحو غرفة تلك العجوز .. تطرق الباب ويأتيها صوتها الآذن لها بالدخول ..



تلج مغلقة الباب من خلفها .. تُسرع الخطى لتقبل رأس الجدة .. ومن ثم تمسك كفيها وبرجاء باكي : الله يخيلج ياميه .. خبريه يرد .. قوليله اللي يبيه بيصير بس يرد .. مب قادرة اتحمل انه غايب بسبايبي .. والله مب قصدي والله كل اللي قلته هو جبرني اقوله .. انا .. انا ما اريد اي شيء .. ما اريد اي شيء .. بس لا يحملني دعاوي امه علي ..



تحوقلت مرارا .. وتلك لا تدع لها فرصة لتنطق .. لتتكلم اخيرا حين كبلتها شهقتها عن المتابعة : يابنتي لا تسوين بعمرج جذي .. شبيب عاقل ما ياخذ بكلام الحريم ..


-
بس هذا مب كلام .. هذا شي صـ ..


تضع كفها على ثغرها : لا تقولين شيء .. اللي بينكم ما يطلع يابنتي ..



مسحت دموعها : انزين اتصلي عليه .انا ما عندي فون اتصل .. والله .. اللي يريده بسويه .. بس يرد البيت .. خواته وامه وانتي محتايينه .. دوم كان وياكم .. ما اريد اكون السبب اللي يخليه يخليكم .. ويخلي بيته ..



مسحت على رأسها : ان شاء الله ما يصير الا الخير .. قومي صلي لج ركعتين قبل ترقدين .. وادعي ربج ..



" بتخبريه ؟ " .. رجاء منها ابتسمت له تلك العجوز .. لتبتسم هي من بين دموعها .. تحني رأسها تقبله : تصبحين ع خير ..


-
تلاقين خير .



راقبتها بنظراتها حتى خرجت .. لتنطق : تعال يا شبيب ..




كان هناك في دورة المياه ( اكرمكم الله ) بعد ان تناول بضع تمرات من الوعاء القابع بجانب جدته .. ظل في هدوءه مستمعا لها .. وكان قبلا جالسا حيث كانت .. يبعثر الكلمات على مسامع العجوز .



دنى منها ليجلس .. يسمعها : البنت حتى لو غلطت باين انها اصيله ياولدي .. لا تخلي كلام اهلها يغيرك عليها .. ما اعرف شو صار بينكم .. ولا شو قالتلك .. بس من يوم يومك تحكم عقلك .. فلا تخليه بعيد الحين .. هذي حياتك وحياتها وياك ... ولا تنسى ان مالها حد من بعد ربك الا انت .. اكسب فيها أجر ..



قبل رأسها وغادر بعد ان تمنى لها ليلة سعيدة .. خطوة نحو الحياة تلك التي سيقوم بها هذه الليلة .. وتلك الجملة من فيه خالد منذُ ليلتين تزوره كثيرا .. تبث في نفسه طمأنينة غريبة .. ولج الى قسمه من بعد ان مر على والدته في الصالة مقبلا رأسها هي الاخرى ومتمنيا لها ولشقيقتيه صباح يحمل في طياته الخير .. وحث خطاه الى الغرفة ذات الباب الموارب .. سحب انفاسه ودخل لحظة خروجها من دورة المياه ( اكرمكم الله ) .. نظرت إليه تتأكد بأنه هو لا خياله الذي ينظر إليها .. شُلت عن الحركة .. تمنت لو خطت نحوه تتبين حقيقته .. لو انها احتظنته وبكت مترجية ان لا يتركها .. لو ان الحياة لا تُخسرها اكثر ..



في شرودها ذاك التقفت يده كفها البارد .. لتشهق بخفوت وكأنها تعود إلى واقعها .. تسمعه بنبرته الخافتة : متوضية ؟



لم تجد الكلمات سبيلا لتخرج من فيها .. لتهز رأسها بنعم .. لتجد نفسها بعد ثواني تقف معه في استقبال القبلة .. تصلي معه ركعتين .. تسمعه يتمتم بالدعاء :
اللهم بارك لي في أهلي وبارك لأهلي في، اللهم ارزقهم مني وارزقني منهم، اللهم اجمع بيننا ما جمعت في خير وفرق بيننا إذا فرقت في خير..




اصابتها رجفة باردة سرت في اوصالها .. ولسانها يأمن من خلفه في خفوت .. يغدق بالدعاء لربه .. فتسيل دموعها خوفا .. كانت كالمغيبة .. لم تشعر به وهو يستدير نحوها .. الا حين وضع يده على رأسها .. طأطأت بنظرها لركبتيها .. يتمتم من جديد :
اللهم إني أسألك من خيرها وخير ما جبلتها عليه، وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه ..



بكت .. لترتجف شفتيها .. وبنبرة مبحوحة : خايفة ..



تبسم .. يرفع وجهها المبتل .. ينظر إليها لبرهة : بنت او مب بنت .. مب مهم .. المهم انج تبتي لربج توبة نصوحه ..




تقوست شفتاها .. لا تعلم لما صارت معطاءة لدموع بهذا الشكل .. هل دموع الماضي التي لم تسقط استفزتها لحظات المصارحة فقامت من سباتها الطويل .. ام ان الوضع يستدعي ان تضعف بين ذراعيه .. وهو لا يعلم لماذا لثم جبينها مطولا .. لعله يبحث عن القوة لمسعاه .. او لعله يستمد الهدوء من ضعفها ..

,,



الفرحة تعتلي وجهها البريء .. تثير الغضب في جنبات والدتها من تصرفها .. تزجرها مرارا لكن دون فائدة .. لم تنم هذه الليلة باكراً كما اختها .. فقبعت بجوار والدتها تنتزع الملابس من الاكياس .. تقيس هذا وترمي ذاك .. وتثرثر : أماية سويلي نفس هذا ..

تركت يد الماكينة لتنظر لكلثم وقد زفرت انفاسها .. تحرك جسدها لتنزع القميص عن كلثم : حبيبتي هذي ملابس ناس .. بعدين تتوصخ ..



تضعه جانبا .. وتعود لعملها ليضج الصوت الصاخب في ارجاء الغرفة .. وتعود تلك الصغيرة تبعثر الاقمشة : ما بتتوسخ ..



ترفع فستانا وتقيسه على جسدها : شوفي أمايه .. ايوزلي .. البسه ؟



بعثرت انفاسها بقسوة .. لتشد الفستان من بين كفي صغيرتها : كلثوم تراج مصختيها .. قومي روحي رقدي وخليني اشوف شغلي ..

تقوست شفتاه قليلا .. لتجلس القرفصاء : ما بسوي شيء ..


وتعود الاخرى من جديد تحرك الماكينة وتثرثر : حبيبتي بعدين الناس بيزعلون امج اذا توصخت ملابسهم .. تبينهم يزعلوني ؟


هزت رأسها بلا .. ومن ثم نطقت : متى ارد البيت ؟



سكنت عن الحركة .. هدأ المكان .. لا شيء سوى صوت احد الاكياس تحركه كلثم باناملها الصغيرة : قلت حق شبشب يومين .. الحين كم صارن ؟



" ستة " .. قالتها بدرية بخمول طوقها .. لتتتابع الصغيرة : بيزعل مني ..


انسكبت دموعها : وانا عادي ازعل ؟


رفعت نظرها لوالدتها .. لتقف وتدنو منها تحتضن وجهها بكفيها الصغيرين .. تديره باتجاهها : ليش تصيحين ؟



شدتها الى صدرها بعنف .. وكأنها تدمجها بجسدها المنهك شوقا : اريدج وياي .. مشتاقتلج تكونين عندي مثل قبل .. ما اباج تروحين .. لا تقولين ان بيت شبيب بيتج .. هذا بيتج .. هني امج واختج .. هني مريوم اللي تلعب وياج دوم ..



بصوت يشوبه الفرح وبراءة طفلة : هناك بعد هاشل يلعب وياي دوم ..



ابعدتها عن صدرها .. ناظرة الى وجهها : بس انا اباج هني .. ما اباج تروحين عندهم .. خبريهم انج ما تبين تردين .. خبريهم انج تبين تيلسين هني ع طول ..



صمتت الصغيرة تنظر لوجه والدتها .. لتصرخ بها فجأة : خلاص روحي .. اصلا غسلوا مخج .. صرتي ما تشوفين الا هم .. نسيتيني ونسيتي مريوم ..


دفعتها من صدرها عنها : روحي ..


وتعود تنهمك في عملها .. متجاهلة صوت صغيرتها : امايه لا تزعلين .. خلاص مابروح .. لا تزعلين ..



يسكنها صوت الطرق على باب المنزل .. وصوت الجرس الذي صرخ يثير الرعب في قلبها .. تسمي بالله وجدا .. وتقف تشد غطاءها .. وتبتعد عن المكان ومن خلفها تمشي صغيرتها الباكية التي توقفت عند باب الغرفة تنتظر عودة امها .. حتى ما وصلت تلك لباب المنزل .. وبخوف : منو ؟



" فتحي يا بدرية " ..
شهقت بخوف .. وتمتمت : عيد ؟



ليصرخ بها من جديد ان تفتح .. لتستجيب له .. وما ان ولج حتى شدها من ذراعها معه الى الداخل بعد ان اغلق الباب .. يدفعها الى الصالة : عايبنج الحين ؟ منو قالج تخبرين عن عوض ؟



لتصرخ به : يستاهل .. يزاه واقل من يزاه ..



تثور انفاسه بغضب .. وتتحرك شفتاه بقسوة .. لينفث كلماته : عطيني فلوس ؟ محتاي فلوس ؟



" ما عندي " .. قالتها بحزم .. ليلطمها على وجهها وتصرخ به : الله ياخذك ..



يشد على ذراعها يهزها بعنف .. يلفح وجهها بانفاسه : والله يا بدرية ما بتشوفين خير .. اقولج عطيني فلوس ..



لم يشعر الا بصوت كلثم الصارخة وهي تدفعه بكفيها بعيدا عن والدتها : خوز عنها .. خوز ..



لم يكترث لها . فقوتها كذبابة لا تحرك منه شيء .. شد باصابعه على فكها : اللي سويتيه ما بيعدي بالساهل يا بدريوه .. عوض ما بيسكت عن حقه .. بيدمرج وبيدمرني وياج ..



صرخ باقسى ما يستطيع حين غرزت كلثم اسنانها في ذراعه .. ليحرك ذراعه بكامل قوته .. ويدفعها بعيدا لتصطدم بالجدار وتسقط على الارض متكومة .. تضج صرخة من بدرية باسمها في الارجاء .. وتدفعه مهرولة نحوها تلتقفها ,, وتشدها الى صدرها : قتلتها .. الله لا يبارك فيك .. الله ينتقم منك ..

ليصيبه الهلع بسبب صراخ بدرية ودعواتها عليه .. يهرول مبتعدا من المكان .. لا ينقصه مصيبة اخرى توضع مع مصائبه ..




,,

الفجر بهدوءه يبعث الراحة في الانفس .. أفاقت من مرقدها .. تشتت نظرها على السرير .. هو ليس هنا .. تذكرت ما حدث بينهما .. فسحبت انفاسها لتستقيم جالسة .. خوف اعتراها فجأة .. تمتمت بهدوء : يا رب ..


لتترجل وتقف لتضيء الغرفة تتأكد من الوقت .. الفجر مر عليه ربع من الساعة وشيء من دقائق اخرى .. اختفت خلف دورة المياه ( اكرمكم الله ) لتغتسل .. ومن ثم تفرش سجادتها وتصلي .. مرت الدقائق قاتلة لها .. وهو لا اثر له .. هل عاد ليختفي بعد ما اكتشفه ؟ هل عذريتها مفقودة منذُ سنين ؟ ..



تحركت خارجة من الغرفة .. تحاول ان تشغل نفسها باي شيء حتى لا تفكر بالامر .. تنتشل لها كتابا في علم النفس وتجلس لتقرأه .. لم تشعر الا بعقلها يثير آلآف التساؤلات .. غيابه لا مبرر له الا انها ليست بعذراء .. مؤكد انه غاضب وجدا .. لا يوجد رجلا يقبل ما مرت به هي .. تدحرجت دموعها لتخبيء وجهها بكفيها .. متناسية الكتاب الذي سقط ارضا .. وسرعان ما تشد على فيها باناملها .. اهانة تستشعرها .. هي زانية اذا .. ظلت في شكوكها سنوات طوال .. تمني النفس بالعذرية ..



لم تستغفر يوما عن جريمة زنا .. لم تطلب العفو لغلطة شنعاء مثل هذه .. وقفت لتحث خطاها لداخل .. تفترش سجادتها بخوف يرجف اطرافها وكأنها عارية في اجواء صقيعية .. سجدت واطالت السجود منتحبة .. تردد : اللهم اعفو عني ..




مرارا وتكرارا .. اجهشت بالبكاء تختنق بالكلمات .. تتخبط في الدعاء .. كم ان الشعور بالذل قاسي .. استحلت ما حرم الله حتى وصلت لامر تقشعر له الابدان .. غرقت في النحيب الذي اتعبها وجدا ..





هاله منظرها وهي ساجدة مستميتة في البكاء .. ليتحرك نحوها راميا الكيس الصغير الذي كان في يده على السرير .. ليقبع بجوارها ينحني يمسكها من كتفيها ينتشلها من سجودها : ريا شو بلاج ؟



ارتجفت بين كفيه .. لا تقوى على النطق .. تنظر الى وجهه الذي لا تكاد ترى معالمه . ليعود ينطق : بسم الله عليج .. شو مستوي ..



تحاول ان تنطق ولا تقوى .. لتتحرر اخيرا الحروف بتقطع يثير في داخله الهلع : مب .. مـ..



يتركها مكانها ويبتعد ينتشل قنينة ماء من على " الكوميدينة " ويعود اليها يسقيها منها .. ويعاود سؤالها : شو فيج ؟ يا بنت الناس طيحتي قلبي ..



انتحبت من جديد : ما كنت اظن اني ..



تحوقل .. ليضع ما في يده جانبا .. يعود يمسكها من كتفيها يهزها : ريا .. انتي بنت ..



تهز رأسها بعنف تضحك من بين دموعها وتعود تبكي : لا تكذب علي .. لا تكذب .. ليش رحت وخليتني اذا بنت .. قول انك – تبتلع ريقها بصعوبة وتتابع – انصدمت ..



يحتضن وجهها بقوة بين كفيه حتى انضغطت شفتيها .. يبتسم في وجهها : محد لمسج قبلي .. والله محد لمسج قبلي ..




توالت شهقاتها .. ولم تشعر الا وهو يدسها في صدره .. يحلف لها أيامين مغلظة بانه صادق في كلامه .. لتختلط دموعها بالضحكات ..



,,


هُنا أقف .. متمنية لكم شهر تكونون فيه من العتقاء من النار ..


وموعدنا باذن الواحد الاحد في شوال ..


كل عام وانتم بخير http://forums.graaam.com/images/smil...am%20(103).gif














الغيثية 13-02-15 02:20 AM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
السلام عليكم وين الغيبة عسى ماشر الرواية متوقفة من شهر رمضان عسى المانع خير ان شاء الله

امواج الخريف 11-08-15 06:07 PM

رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مشكورين على هالروياية الرائعة قراتها من البداية
وهي فعلا رواية تشد النتباه فسلمت اياديكم
بس ليه ما كملت الرواية ليه توقفت ارجو ان تكمل الرواية
لعل المانع خير .... تقبلو اشكري وتقديري


الساعة الآن 01:10 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية