منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات أونلاين و مقالات الكتاب (https://www.liilas.com/vb3/f743/)
-   -   [قصه قصيره ] د. أحمد خالد توفيق يكتب.. رسائل المحبة - كاملة (https://www.liilas.com/vb3/t180966.html)

عهد Amsdsei 05-10-12 09:13 AM

د. أحمد خالد توفيق يكتب.. رسائل المحبة - كاملة
 
السلام عليكم

قصة جديدة للدكتور أحمد خالد توفيق

د. أحمد خالد توفيق يكتب.. رسائل المحبة (1)



http://www.boswtol.com/sites/default.../rasa2el-1.jpg


الأستاذ كمال يفرغ من المجموعة الثالثة..

من حسن حظه أنه يعطي الدروس الخصوصية في بيته، وليس في مركز متخصص كما يفعل الآخرون، وهذا يتيح له أن يهرع إلى المطبخ من حين لآخر وبين مجموعة وأخرى.. هناك تركت زوجته إناء فيه أرز وإناء فيه خضر.. يدسّ ملعقة في فمه من هذا الإناء وذاك.. يمضغ بسرعة ثم يهرع للصبية كي يعاود الحديث عن محمد الفاتح والأستانة... إلخ.

المشكلة هي أنه عندما يأتي وقت الطعام الحقيقي.. الطعام الذي يجلسون له إلى المائدة، يكون قد شبع تمامًا أو انتهى ما في الإناء.. كما أن هذه العادات الغذائية العجيبة جعلت لديه كرشًا لا بأس به، وقد صارت أكثر سراويله لا تنغلق عند الخصر.. غريب هذا! كان يعتقد أن عدم انتظام عادات الطعام يجعلك تفقد وزنًا ولم يتصوّر أن هذا يزيدك سمنة..

يهرع كمال إلى المطبخ ويعدّ لنفسه كوبًا سريعًا من الشاي، قبل قدوم أولى أفراد مجموعة البنات.. خجلى تتحسس أولى درجات عالم الأنوثة في حذر وتوتر.. ثم يسمع الضحكات ويعرف أن العدد يتزايد.. يكون قد أنهى الكوب ووضعه في الحوض..

زوجته في الخارج عند أمها مع لمياء ابنته.. سوف تعود عند منتصف الليل.. وقتها سيكون قد فرغ من التدريس، وجلس شارد الذهن يتابع التليفزيون..

يعود لقاعة الدرس ويلقي دعابة أو دعابتين.. البنات يضحكن أكثر من اللازم، والسبب طبعًا هو أنه كهل وسيم جذاب.. يعرف هذا جيدًا، لكنه لا يحاول استغلاله في شيء أكثر من الفوز ببعض الاحترام...

صار كتاب التاريخ عادة لديه من كثرة ما قام بتدريسه، وهو يعرف كل سطر وكل تاريخ وكل ورطة خبيثة صنعها ممتحنو الوزارة.. ومع الوقت صار يشعر بأن هذا كله قد مرّ به في حياة أخرى.. حتى دعابات التلاميذ وقلة أدبهم وملاحظاتهم.. لقد رأى هذا كله من قبل.. اليوم يحدث شيء جديد...

كان الخطاب هناك.. تحت باب غرفة النوم..

انحنى والتقطه.. كان مظروفًا أنيقًا سميكًا يوحي بالاحترام.. غريب هذا.. من أين جاء؟ لا أحد من الصبية يصل لهذا الجزء؛ لأن قاعة التدريس منعزلة تمامًا عن باقي الشقة.. باب واحد يطل على الدرج.. لا يوجد مخرج آخر لها سوى الباب الذي يجتازه هو كلما أراد الذهاب للمطبخ والحمام..

فتح المظروف في حذر ليجد ورقة لا تقلّ فخامة..
"الثلاثاء 18 إبريل..
استعدّ للموت في الثامنة مساء..
مع فائق الاحترام".

ما هذا السخف؟ ومن الذي كتب هذا الهراء؟

حمل الورقة والمظروف إلى غرفة الدرس، ولوّح بهما وهو يحدج الطلبة بعين نارية:
ـ "من السخيف ابن السخيف الذي جلب هذا الخطاب؟"

كانت النتيجة هي مجموعة من الأبقار تخور.. خطاب ماذا؟ عم تتكلم بالضبط؟ غباء في العيون لا شكّ فيه.. يمكن القول إن من فعل هذا ليس في هذه المجموعة بالذات، ولربما كان من مجموعة سابقة.. لكن كيف تسلل إلى الشقة؟

صاح في غيظ ناري:
ـ "سوف أعرف من هو وسوف أذيقه الويل.. سأسلخه سلخًا".

هنا تساءلت فتاة على قدر من الجرأة:
ـ "ماذا في الخطاب بالضبط؟"
ـ "هذا ليس من شأنك.. لكنه خطاب موجّه لي وفيه كلمات وقحة".

وقحة؟ التهديد بالموت قد يكون مخيفًا وقد يكون موجسًا أو مقبضًا، لكن لفظة (وقح) لا تنطبق عليه حتمًا..

سخف.. لكنه برغم هذا شعر بشيء يعتصر قلبه.. تشاؤم.. انقباض.. سمّه ما شئت. الغموض يضفي على الموقف رهبة لا شكّ فيها.. لو كانت هذه مزحة فهي مزحة سخيفة جدًا..
*****************************



http://www.boswtol.com/sites/default.../rasa2el-2.jpg



الدكتورة هند قامت بتركيب القسطرة، وتأكدت من أن المريضة أفرغت المثانة تمامًا.. ثم راحت تنتظر في صبر وتوتر اللحظة الدرامية الكبرى.. لحظة ظهور المشيمة الملفوفة حول نفسها كفطيرة بيتزا..

من مكان ما يعوي الوليد بينما الطبيب المساعد يشفط المخاط من منخريه، واللحظة النهائية الجميلة.. الشعور بالراحة والاستسلام الفخور للأم المبللة بالعرق التي التصق شعرها ببعضه.. هذه الفوضى وكل هذا الدم والإفرازات سوف تنتهي فورًا ويعود كل شيء نظيفًا..

فرغت من العمل فألقت بقفازيها على الأرض في إهمال.. تحب هذه اللحظة، خاصة عندما تتذكر قدح الكابوتشينو في غرفة الانتظار.. القدح الساخن الذي ينبعث منه البخار...

تخرج من غرفة الولادة وقد تخلصت كذلك من المريولة الواقية الثقيلة الغارقة في الدم، ومشت بالشبشب البلاستيكي والبيجامة الزرقاء التي تجعلها كالمجانين.. تتجه لغرفة الانتظار وهناك تلقي بنفسها على أريكة.

تنهض إلى خزانة الثياب وتفتحها بالمفتاح الصغير، ثم تبحث بين ثيابها عن علبة السجائر.. هنا تجد هذا المظروف الغامض.. مظروف أنيق جدًا كأنه قادم من فندق محترم عريق...

عبثت حتى أخرجت الورقة من داخل المظروف وقرأت المكتوب:
"الثلاثاء 18 ابريل..
استعدي لقتل رجل في الثامنة مساء..
مع فائق الاحترام".

ما هذه الدعابة السخيفة؟ معنى هذا مقلق جدًا، وهو أن هناك من يحتفظ بمفتاح لخزانة الثياب سواها؛ لأن هذا الخطاب لم يكن هنا قبل أن تبدأ عملية التوليد.. ولكن..
النقود... هل؟

غريب.. هناك مبلغ يقترب من ألفي جنيه، لكنه لم يُمسّ بتاتًا.. من فعل هذا متسلل وليس لصًا، وكان غرضه الوحيد توصيل الرسالة.. الرسالة التي لا معنى لها..

تلك الصيغة المهذبة المجاملة كأنها دعوة لمؤتمر علمي.. قتل رجل في الثامنة مساء.. دقة غير عادية.. ومن هو ذلك الرجل؟

يمكن أن يكون هذا تحذيرًا من خطأ طبي قادم، لكن يجب أن نتذكر أنها لا تتعامل إلا مع النساء منذ سنين.. كيف تقتل رجلاً إذن إن لم يكن دهمًا بسيارتها؟ طبعًا هذا احتمال قوي جدًا، لكن لا تنس أنها لا تجيد القيادة ولم تجلس خلف المقود قط!
إذن كيف؟ وما معنى هذا الكلام؟

بالطبع قامت بترضية ضميرها واستجوبت بعض العمال والممرضات.. بعض زميلاتها.. كما توقّعت لم تظفر سوى بالبله المغولي وخرس الأسماك.. كلهم أبرياء.. لم يفعل هذا أحد..
فتحت التقويم الذي تضعه على مكتبها:

الثلاثاء الثامنة مساء هو موعدها في جمعية نسائية طلبت استضافتها..
هل يجب أن تغيّر الموعد لتجعله موعدًا للقتل إذن؟

يُتبَع



عهد Amsdsei 05-10-12 09:18 AM

رد: د. أحمد خالد توفيق يكتب.. رسائل المحبة (1)
 
د. أحمد خالد توفيق يكتب.. "رسائل المحبة" (2)



http://www.boswtol.com/sites/default...asa2el-2-1.jpg
الفضول دفعه دفعا إلى أن يفتح الخطاب (رسوم: فواز)



فرغ مصطفى من تصوير آخر صفحة في المذكرة التي تركتها له طالبة كلية التجارة الحسناء.. هذه الفتاة الرشيقة التي لا يعرف لها اسمًا تأتي كل بضعة أيام لتصوّر بعض تلك المقررات الكئيبة، ولطالما تمنى أن يعرف اسمها.. قرأه ذات مرة على المذكرة "نجوى السيد".. وراح يتنهد مفكرًا في نجوى وحلم كثيرًا بنجوى، ثم فطن إلى أن هذا حمق.. بالتأكيد نجوى هو اسم صديقتها صاحبة المذكرة لا اسمها هي.. وبرغم هذا ارتاح للاسم، وبالنسبة له ظلت الفتاة نجوى..

كان يصوّر الورق برفق وحنان وعناية، حتى إنه تذكر باسمًا إسماعيل يس عندما كان يصف لهند رستم الفطيرة التي سيصنعها لها عندما كان اسمه (حسونة الفطاطري).. نجوى لا تنتظر وإنما تترك له المذكرة وتنصرف باسمة.. ثم تعود بعد ساعات لتأخذ الأصل والصور..

اليوم جلبت له تلك المذكرة التي تحمل اسم (إدارة أعمال) وابتسمت وانصرفت كالعادة.. نسخة واحدة.. تغليف بلاستيك..

فكّر في الأمر.. مستحيل أن يتمادى خطوة واحدة أو يفكر فيما هو أبعد.. هو "ورّاق".. ليس سوى هذا، ولا أمل في النمو أو التقدم.. لا يجسر على دخول بيت ليقول إنه "وراق".. ليس صاحب مكتبة ولا يملك آلة نسخ المستندات.. هو فقط يجيد التعامل معها وتنظيفها، وهذا معناه أن نجوى ليست له ولن تكون..

تنهّد وواصل التصوير.
من المذكرة سقط مظروف أنيق.
هل يجرؤ على الاعتقاد بأن....؟

بالطبع لا يجرؤ.. الأحلام لا تتحقق بهذه السهولة ولا هذه الروعة..

الخطاب يخصّها، لكن الفضول دفعه دفعا إلى أن يفتحه.. فيما بعد سوف يحاول أن يغفر لنفسه هذه الزلة الأخلاقية البسيطة.. ما معنى هذا؟

"الثلاثاء 18 ابريل..
استعدّ للموت في الثامنة مساء..
مع فائق الاحترام".

هذا كلام عجيب.. والأعجب أن الصيغة موجّهة لذكر.. أي أن الخطاب لا يخصّها بالذات، لكن لماذا تحمل فتاة خطابًا فيه هذه الصيغة الغريبة؟

ابتلع ريقه.. لن يسألها بالطبع.. لا يستطيع..
أعاد الخطاب لموضعه في المذكرة، لكن شعورًا مريرًا غمر مؤخرة حلقه.. كان يعتقد بأنها أرادت أن يرى الخطاب.. فتاة ذكية دقيقة مثلها لا تنسى خطابًا في مذكرة إلا لو أرادت أن يراه, ولسبب لا يفهمه قام بعمل نسخة من الخطاب ليدرسه فيما بعد..
كان هذا في الوقت المناسب؛ لأنه شمّ عطرها.

وعندما نظر للخلف رأى أنها تقف هناك، وعلى شفتيها ابتسامة راضية غريبة..

*****************************
أما عن عماد فقد فرغ من تمرينات الإحماء في الاستاد.

كان الطقس باردًا في الصباح، ولم تكن لياقته على ما يرام.. المدرب يرمقه في كراهية ومقت.. المدرب لا يرى في الكون سواه هذه الأيام، ولو حدث زلزال في شيلي لاتهمه بأنه السبب!

لم يكن راضيًا عن جسده.. جسده يخذله ويتخلى عنه، وقد بدأ الشحم يتجمع حول الخصر..

بعد الجري لعشر دقائق في المضمار بدأ يشعر بأن صدره يضيق، وأن عضلاته تؤلمه وسال عرق غزير على جبينه وبلل الفانلة..

ثم جاءت الطامة الكبرى عندما تقلّصت عضلة ساقه.. شعور بسكين حادة تنغرس في السمانة، وهكذا راح يتواثب كاللقلق..
في النهاية جلس على الأرض وراح يعوي..

نظر له المدرب في غلّ ثم أمره بأن ينصرف..
ـ "لا أريدك هنا اليوم.. عُدْ لأمك ونمْ"

شاعرًا بالإهانة عرّج عماد حتى بلغ غرفة استبدال الثياب بالنادي. هو وحيد هنا.. الخائب الوحيد الذي لم يكمل التدريب.. فتح خزانة الثياب.. هنا فوجئ بمظروف أنيق.. من أين جاء ومَن وضعه هنا؟
كانت في المظروف رسالة تقول:
"الثلاثاء 18 ابريل..
استعدّ لقتل رجل في الثامنة مساء..
مع فائق الاحترام".

ما معنى هذا؟ هل سيقتل أحدًا؟ من هو؟ كيف؟ من كتب هذا الكلام؟

مقلب.. لكنه لم يستطع أن يقبله ببساطة.. الأمر غير مريح ومقبض إلى حد ما.. لكن على الأقل لا توجد تفاصيل أخرى..
جفَّف عرقه وراح يرمق الخطاب في غباء..

أحدهم يمزح مزاحًا سخيفًا، ولسوف يدفع الثمن..
من يدري؟ لربما كان صاحب هذه الدعابة هو الشخص الذي سيقتله؛ لأنه سيفقد أعصابه بالتأكيد!

نعم.. كان عماد قصير الفتيل يتشاجر بسهولة جدًا.. وهذا يناسب صورته تمامًا: رياضي سيئ وخالٍ من الروح الرياضية..

*****************************
في الاجتماع العاشر للجمعية الروحانية المصرية..

كان الاجتماع ناجحًا، وقد تم استعراض عدد من الأبحاث المهمة، وتفنيد بعض الشائعات التي اجتاحت المجتمع في الفترة الأخيرة.. بدأت الجلسة الخامسة.. لم يكن مؤتمرًا كالمؤتمرات التي نعرفها، بل هو أقرب إلى جلسة أصدقاء استأجروا قاعة في نادٍ خاص..

الدكتور فكرون هو شيخ في الستين له لحية قصيرة مشذبة ونظارة سميكة، ويضع بابيون كاروهات عملاقًا.. قال وهو يقلب في أوراقه:
ـ "قد يبدو كلامي سخيفًا... قد يبدو غير متوقع.. لكني أطلب من السادة الجالسين أن يصغوا لي بعناية..".

مقدمة جعلت الجميع يصغون له بعناية فعلاً.. بينما أردف:
ـ "هناك مجموعة من الخطابات تتسرب بين الناس في مجتمعنا.. خطابات تدعوهم للفتك ببعضهم.. وأنا أعتقد أن هناك شيئًا ما في الخطابات ذاتها.. شيئًا يشلّ الإرادة.. والسؤال المنطقي هو: ما مصدر هذه الخطابات الغريبة؟".

تساءل أحد الجالسين في ذكاء:
ـ "فعلا.. ما مصدر هذه الخطابات الغريبة؟".
وتساءل آخر في حكمة:
ـ "حقًا.. ما مصدر هذه الخطابات الغريبة؟".

ابتسم د. فكرون في مكر، وقال:
ـ "نظريتي تقول إن من يرسل هذه الخطابات هو لوسيفر.. الشيطان ذاته!".

تبادل الجميع النظرات..
الحق إن هذا قد يكون مسليًا، لكنه السخف ذاته.. والسخف لا يتعارض مع التسلية على كل حال..

قال أحدهم:
ـ "سيدي.. إن لم تكن تمزح فأنت قد جننت!"

في عصبية شرب فكرون جرعة من الماء، وقال:
ـ "من حقكم اتهامي بالجنون.. لكني سوف أقدّم لكم الدليل حالاً".
يُتبَع

عهد Amsdsei 05-10-12 09:19 AM

رد: د. أحمد خالد توفيق يكتب.. رسائل المحبة (1)
 
د. أحمد خالد توفيق يكتب.. رسائل المحبة (3)



http://www.boswtol.com/sites/default...asa2el-3-3.jpg

هوى عماد ببلطة صغيرة على رأس رجل مسن (رسوم: فواز)




الثلاثاء 18 إبريل سوف يبقى طويلا في ذاكرة من رأوه..

كان هذا في النادي الرياضي الذي لن أذكر اسمه بالطبع.. ما حدث هو أن عددا زائدا من المتسللين ظهر فجأة.. أشخاصا ليسوا أعضاء بالنادي ظهروا، وبدا كل منهم كأن له هدفا واحدا محددا..

كان حراس البوابة أميَل إلى التراخي، خصوصا في هذه الساعة من مساء الثلاثاء، حيث بدت الحياة ناعسة سهلة، ولا يمكن أن تتوقع أن ينهار الكون لو أن بعض المتسللين دخلوا النادي.. وهكذا دخل النادي نحو عشرة أشخاص.. عشرين شخصا..

لو أنك رأيت الواحد منهم لشعرت برجفة قشعريرة تزحف على عمودك الفقري حتى يكسوه الثلج على طريقة أفلام توم وجيري، النظرة الجامدة والخطوات الثابتة.. ثم السلاح.. السلاح الذي كان مخفيا في كيس ورقي أو في الجيوب لحظة اجتياز البوابة، ثم ظهر للأعين.

ماذا تفعل عندما ترى هذا التمثال الآدمي يمشي في خطوات ثابتة نحو ملعب كرة القدم المترامي، وفي يده مسدس لا يوحي بالثقة، أو سكين شريرة أو سيف خبيث؟ سوف تخطر لك أفكار كثيرة، لكن لن يكون من بينها الضحك أو الاسترخاء..

هناك كان الملعب يسبح في ضوء الكشافات الليلية الباردة.. الطقس بارد لكنك تسمع بعض الحشرات الليلية التي صممت على أن موعد الربيع حان منذ شهر، فيما بعد قال الشهود إن القتل تم بترتيب غريب..

هناك ذلك الشاب الرياضي الذي قيل إنه لاعب كرة يدعى "عماد".. لقد هوى ببلطة صغيرة على رجل مسن.. سقط الرجل أرضا والبلطة في رأسه، هنا انقضت الطبيبة التي قيل إن اسمها هند على الشاب الرياضي لتغرس في مؤخرة عنقه مبضعا طويلا.. لم ينتظر أو يصرخ أو يبد أي انفعالات؛ سقط كجوال مثقوب.

هنا أطلق أحدهم الرصاص على رأس الطبيبة.. سقطت أرضا بدورها، وعرفوا فيما بعد أن القاتل مدرس يدعى "أستاذ كمال".. كان هذا عندما أفرغ الشاب المدعو "مصطفى" مسدسا آخر في رأس المدرس..

وقبل أن يفهم الناس ما يحدث هوى رجل ضخم الجثة عرفوا فيما بعد أنه ميكانيكي.. هوى بعصا ثقيلة على رأس الشاب.. سلسلة مريعة من القتل والطعن والتهشيم.. أعتقد أن الغربيين يُطلقون على هذا المشهد مصطلح Melee.. لقد كانت لحظات قاسية بحق..

وفي النهاية كانت هناك امرأة ظلت حية بعدما أطلقت آخر رصاصة على رأس رجل بدين.. وقفت للحظة تحت الكشافات كأنها تحلم أو تنتظر شيئا ما، ثم بلا تردد رفعت الفوهة نحو رأسها وأطلقت الرصاص..

فقط الذين امتلكوا أعصابا قوية ثابتة تمكّنوا من رؤية المشهد كاملا، لأن الغالبية هربوا أو رقدوا على العشب وأخفوا الرءوس.. هؤلاء الذين تحملوا رؤية عشرين جثة تتكدس خلال عشر دقائق، هم الذين استطاعوا أن يصفوا للشرطة ما حدث بالضبط، وقد وقف رجال المباحث غير مصدقين، يلتقطون عشرات الصور ويضربون كفا بكف.

واضح تماما أن القتلى من عينات متباينة من البشر.. رجال ونساء.. طبقات اجتماعية مختلفة.. لا توجد قصة واحدة تربط هؤلاء.. ليسوا طلبة مدرسة مثلا تشاجروا من أجل فتاة، وليسوا مهربين تشاجروا على البضاعة، وليسوا أبناء حي شعبي دخلوا في خناقة بسبب مياه قذرة ألقيت على غسيل إحداهن.. هذا تصرف غير مفهوم ويبدو مبرمجا.
هل ترون هذا الضابط الوسيم الذي يبدو كممثلي السينما؟ إنه الرائد "حمدي" الذي يتولى التحقيق في هذه القضية وسوف يلاقي الأمرّين بالطبع.. يدخّن بشراهة.. يدخّن بلا توقف.. ليس الوقت مناسبا لتوجيه النصح له على كل حال، لأن صحته هي آخر شيء يفكر فيه الآن.. إنه يركع جوار جثة ذلك الفتى الذي سيعرف بعد حين أنه "عماد"..

يتفحّص الجثة ولا يجرؤ على انتزاع المبضع المغروس في مؤخرة عنقه طبعا.. البصمات.. يمد يده ليعبث في جيبه.. يجد ورقة مطوية.. لف يده بمنديل ثم عاد يعبث في الجيب.. أخرج ورقة مطوية.. كتب عليها بخط أنيق:

"الثلاثاء 18 إبريل.. استعد لقتل رجل في الثامنة مساء.. مع فائق الاحترام".

نظر الضابط إلى ساعته.. هذا غريب.. الثامنة مساء هي فعلا الوقت الذي حدثت فيه هذه المجزرة.. هل هذا الرجل قاتل مأجور؟ لو كان كذلك فلماذا قُتل؟ لماذا لم يفعل فعلته ويفر؟ وهل سمع أحد عن اجتماع القتلة المأجورين في ملعب كرة قدم ليقتل بعضهم بعضا؟ هل هو مهرجان؟


عاد يعبث في جيب قتيل آخر.. نفس الورقة ونفس الرسالة واللهجة المهذبة.. اللهجة المهذبة المخيفة.. أحيانا يكون التهذيب مرعبا أو يسبب التوتر أكثر من قلة الأدب بمراحل.. في بريطانيا أيام الإعدام القديمة كانوا يرسلون إلى السجين رسالة تقول: "تقرر إعدامكم مع فائق الاحترام"، لا يا سيدي، اشتمني واتركني حيا؛ لا أريد تهذيبك هذا.. رفع حمدي رأسه وقال وهو يتنهد:

الأمر مُحيّر.. كل هؤلاء تلقوا دعوة للحضور هنا.. بعضهم تلقى دعوة للقتل والبعض تلقى دعوة للموت.. ومن الواضح أنهم جميعا قَتلوا وقُتلوا..

ثم قال لرجل المختبر الجنائي:

حافظوا على هذه الأوراق.. إنها الدليل الوحيد معنا.

*****************************

قال د. فكرون:
يا سادة.. أطالبكم بالانتباه والصمت من فضلكم.. أطفئ النور من فضلك.

ثم أشعل عود ثقاب وانتظر لحظة حتى يتوهج.. وأمسك بورقة من نوع فاخر..
لامس العود الورق.. وبدأ هذا الأخير يشتعل ويتوهج..

هنا أطلق الجالسون شهقات الرعب..
الظلام شديد على المنصة، لكني أعتقد أن هناك امرأة فقدت وعيها من الذعر.. هذا ما قيل لي على كل حال..
هل هذا الذي نراه حقيقي؟

يُتبع

عهد Amsdsei 05-10-12 09:24 AM

رد: د. أحمد خالد توفيق يكتب.. رسائل المحبة (1)
 
د. أحمد خالد توفيق يكتب.. رسائل المحبة (4)



http://www.boswtol.com/sites/default...lma7ba%201.jpg

احترقت الورقة ورأيت هذا الوهج الغريب (رسوم: فواز)




آه لو كنت معي في تلك اللحظات!
ثمّة مواقف في الحياة يغدو من السخف أن تحاول وضعها في كلمات، وإلا لكان من السهل أن تصف شعورك عندما همستْ هي بأنها تحبك، أو عندما رأيت أنا أبي يغمض عينيه لآخر مرة ويأبى أن يرد عليّ.. كل هذه أمور عاصية على الوصف، معجزة لقدرة اللغة على التعبير..

الأسهل أن ترى معي هذا المشهد الرهيب..
كان الخطاب يحترق في يد الدكتور فكرون، وعندها بدأ اللهب يتصاعد.. ثم الدخان..

أنت لا تحلم ولا تهذي.. أنت ترى ما نراه جميعا.. هذا وجه شيطاني له قرنان يضحك في سخرية، وقد صنعه اللهب والدخان كأنه رسم بألعاب نارية في كرنفال.. يرتفع إلى نحو ثلاثة أمتار فوق الرءوس..
صرخات.. في الظلام بدا المشهد رهيبا فعلا..

قال د. فكرون وهو ما زال يمسك طرف الورقة برباطة جأش:
- كما تلاحظون.. لا يوجد تفسير لهذه الظاهرة الشيطانية سوى أن هذا وجه الشيطان.. إنه توقيعه.. وهكذا يمكن أن نعرف من أرسل الخطابات.

صاح أحد الجالسين:
- أنت تعبث بنا.. رأيت حيلة مماثلة في أحد ملاهي كوبنهاجن.
قال د. فكرون دون أن يرفع عينه نحوه:
ـ هذا جميل.. أرجو أن تعتلي المنصة وترينا كيف تفعل ذلك وإلا فلتصمت.

كان الدخان يخبو والنار تفنى.. وبدأ الظلام يزحف من جديد على القاعة، وهنا أدركنا حقيقة مرعبة أخرى: رائحة الكبريت تخنقنا.. لم يُحضر أحد الكبريت إلى هنا وليس هناك مختبر قريب.
إنها رائحة الشيطان ذاته..
ـ أرجو أن تعيدوا الإضاءة.. كح كح.

عندما عاد النور إلى القاعة كنا نشعر شعورا غريبا..
هذه هي تقريبا اللحظة التي أدرك فيها الجميع أن هناك دائرة حمراء على جبيني..
دائرة حمراء متقنة الرسم فاقع لونها..
وكنت أسأل فكرون:
ـ من أوحى لك بأن تحرق الخطاب؟

قال باسما:
ـ ككل اختراع في التاريخ، لعبت الصدفة دورا.. كنت أدخن السيجار وأنا أفحص الخطاب.. هنا سقط الرماد المشتعل على الورقة واحترقت.. رأيت هذا الوهج الغريب.. كان لديّ خطابان آخران.. أحرقت الأول للتأكد وهذا هو الثاني...
- لماذا ينظر إليّ في فضول؟ لماذا؟

قال وهو يضع الرماد الباقي في إناء برونزي صغير:
ـ الآن تعرفون أنني على حق.. هذه هي أول خطوة بالنسبة إليك يا زميل، أرى أن الشيطان قد ألقى عليك بعلامة الموصومين، لذا أطلب منك أن تغادر القاعة لسلامة الجميع.

من؟
كان عليّ أن أضيّع خمس دقائق من البلاهة والغباء وعدم الفهم، قبل أن أعرف ما حدث لوجهي فعلا..

*****************************
أوقات صعبة مرت برجال المختبر الجنائي وهم يفحصون ما وجدوه من خطابات المحبة.
بالطبع لم يخطر لأي منهم أن يشعل النار في خطاب، فلا أحد يحرق الأدلة.. ولو فعلوا لأصابهم العجب..

الرائد حمدي كان موشكا على الجنون.. بالنسبة إليه هو يتوقع أن يمسك رجال المختبر الجنائي بخطاب ثم يصيحون: الفاعل هو فلان المقيم في شارع فلان.. نوعية الورق تدل على أنه تمت شراؤه من مصنع فلان، وهذا يقع جوار بيت فلان..


ما نفعهم إذن؟ وماذا يصنعون بكل أجهزة المجهر هذه؟ لا شيء.. كان رأيه طيلة حياته أن العلم لا نفع له ولا جدوى.. مجرد إضاعة وقت..


أشعل لفافة تبغ جديدة وراح يراقب ما يقومون به، مذبحة النادي كانت عملية مخيفة وقد تحدثت عنها الصحافة.. سوف تطير رءوس كثيرة لو لم يتم القبض على الفاعل أو تفسير ما حدث.


لكنه ليس قلقا على رأسه.. ما يشعر به هو نوع من الاستفزاز الصبياني لدى الشعور بالتحدي.. عندما كان يرى صبيين يلعبان لعبة صعبة كان يصر على أن يجرب نفسه فيها.. لا يهتم بأن يكسب مالا أو يتجنب عقابا.. لا يريد سوى التحدي فقط.


قال د. نعمان وهو يصب لنفسه بعض القهوة:

ـ لا ننكر أن هناك مادة كيميائية تشبّع بها الورق.
اتسعت عينا حمدي.. ما معنى هذا؟

قال د. نعمان:

ـ مادة كيميائية.. أعتقد أنها تسبب نوعا من التخدير، وربما تضعف الإرادة.
ـ ما اسمها؟
ـ تركيبها قريب جدا من مادة الهيوسين.. تستعملها أجهزة المخابرات في الخارج أحيانا.. لكننا بحاجة إلى تحليل أدق باستخدام جهاز HPLC.

من جديد توتر الرائد الشاب وأشعل لفافة أخرى:

ـ هل تعني أن من أرسل الخطابات شبّع الورق بمادة ترغم المتلقي على التنفيذ؟
ـ هذا احتمال وارد جدا.
مخابرات.. سموم خفية.. الأمر يتضخم.. شعر بشعر رأسه ينتصب.. القصة كبيرة إذن..
ـ متى نعرف الحقيقة؟
ـ لا أدري.. سوف نحاول طلب خبرات قسم الكيمياء بكلية العلوم، فإن لم نستطع فلربما أرسلنا العينة للخارج.
- للخارج؟ سوف يستغرق هذا دهرا كاملا.. سوف تموت شعوب وتولد شعوب وتنهار جبال وتحترق مجرات كاملة إلى أن يحدث هذا..
ـ إذن ابدأ الآن وحالا.

عقار يضعف إرادة الناس.. هذا يجعل الأمور مفهومة..

لكن ماذا عن المكان وأوامر القتل؟ الخطاب يُعدّك للموت فقط، لكن لا يخبرك بالطريقة، فكيف عرفوا مكان اللقاء؟ هل هناك خطاب آخر أو مكالمة هاتفية؟
لو ظل أحد هؤلاء الحمقى حيا لانتهت المشكلة..

غادر الرائد المختبر، فاتجه إلى سيارة الشرطة..

كان المجنّد السائق واقفا مستندا إلى السيارة يدخّن، فلما رآه أجفل، ألقى بلفافة التبغ ثم هرع يدخل العربة ويدير المحرك.. لم يعلّق حمدي.. كان مرهقا بالفعل، برغم أنه مولع بإهانة الآخرين وتعنيفهم، وخير وقت لذلك هو عندما يشعر أن الأمور غير مفهومة..

جلس حمدي في مقعده وأشعل لفافة تبغ..

هنا رأى ذلك المظروف الأنيق على التابلوه..
نظر إلى المجند في حيرة:
ـ من جاء بهذا؟
بدا الغباء على الرجل.. لا يعرف ولم ير من جلبه..

مدّ حمدي يده وفتح المظروف في ضيق وقلبه يدق عاليا.. وقرأ المكتوب:

"الخميس 27 إبريل..
استعد للموت في الرابعة عصرا..
مع فائق الاحترام".

هكذا إذن؟ لقد ظفروا بي..

لكن من هم؟

يُتبع

عهد Amsdsei 05-10-12 09:25 AM

رد: د. أحمد خالد توفيق يكتب.. رسائل المحبة (1)
 
د. أحمد خالد توفيق يكتب.. رسائل المحبة (5)



http://boswtol.com/sites/default/fil...asa2el-5-1.jpg

اجتمع الرائد حمدي مع رؤسائه لبحث الخطاب (رسوم: فواز)




عندما اجتمع الرائد حمدي مع رؤسائه كان الدخان ينعقد في سماء الغرفة، حتى لتشعر أن هطول المطر وشيك.. وكانت الوجوه مكفهرّة بما يكفي..
ـ "بصمات؟"
ـ "بصماتي أنا فقط يا سيدي"

ـ "المختبر الجنائي؟"
ـ "لا شيء.. لكنها تلك المادة التي يرتابون فيها.."

طريقة وضع الخطاب في تابلوه السيارة.. هذه قدرات غير عادية ما لم يكن السائق متواطئًا.. وهذا احتمال تم استبعاده.. الأمر أقرب لشبح طار ووضع هذا الخطاب..

فكّر اللواء جابر بعض الوقت، ورشف رشفة من القهوة التي أمامه ثم قال:
ـ "الخميس 27 إبريل.. هل لديك سبب يجعل هذا التاريخ ذا أهمية؟"
ـ "لا.. ولا الرابعة عصرًا"

تساءل عميد جالس وهو يشعل لفافة تبغ أخرى:
ـ "هل تعرف أين ستكون وقتها؟"
ابتسم حمدي وهز كتفيه.. نحن في مصر.. وفي مصر لا يوجد تخطيط محكم لهذا الحد.. لا يعرف أين سيكون في ذلك اليوم طبعًا..

ـ "هل تلقيت دعوة لمكان ما؟"
ـ "لا"

كانت المشكلة هي أن الخطابات تحدد الموعد لا المكان.. هناك أحد الأبعاد غير مذكور كما في كل مرة، ومعنى هذا أن هناك خطابًا آخر في الطريق أو مكالمة هاتفية تحدد هذا المكان.. مما سبق من أحداث يمكن القول إن هذه ليست دعابة، وإن الخطر داهم والإنذار حقيقي فعلاً.. رسائل المحبة تصل لرجال الشرطة أيضًا..

قال اللواء:
ـ "برغم خطورة الموقف فإنني مسرور.. واحد من رجالنا متورط في المستنقع، وسوف يحكي لنا كل شيء ونعرف منه التفاصيل أولاً بأول.. ألا ترى هذا معي؟"
ـ "بلى"

كان حمدي يجد نفسه فعلاً وسط رجال الشرطة وجوّ الداخلية.. هذا الجوّ الحاسم العملي، بينما كان يشعر مع العلم والعلماء بأنه ضائع وأنه لا يتجه لأي مكان من أي نوع.. جوّ الشرطة يناسب طبيعته الملول العصبية..

قال العميد:
ـ "إن لدينا وقتًا كافيًا كي نضع حولك رقابة محكمة.. وأنت تعرف أن عليك ألا تتهور أو تأتي بأعمال بطولية لا نعرفها.. كم بقي من الزمن؟ ثلاثة أيام؟ سوف نعرف كيف نحميك.."

حمدي كان يعرف أنه قادر على حماية نفسه.. هو ليس أحمق كالآخرين..
فقط عليه أن يعرف السر..

*****************************
لم تختفِ العلامة من جبيني.
هذا غريب.. لقد حدث هذا من قبل لدى احتراق خطاب، لكنها زالت بسرعة.. من الواضح هذه المرة أنها ستبقى..

أنا لا أعرف ما دهاني ولا ما حلّ بي.. فقط أعرف أنني ملعون وأحمل وصمة ما..

وقفت أمام المرآة أتأمل تلك الدائرة الحمراء.. لقد تفحصها كل شخص صادفته اليوم تقريبًا.. تثير الفضول بشدة والغريب أنها منتظمة كاملة الاستدارة كأنما رُسمت بالبرجل.

تناولت مرطبان (علبة) كريم الأساس الذي جلبته، وبدأت أضع طبقة على جبيني..

أنا أعرف جيدًا أن لي علاقة بهذه القصة.. لقد وجدت الخطابات قبل إرسالها في خزانة ثيابي.. لا أعرف من أين جاءت ولا ممن أخذتها، لكنها كانت هناك.. لا أعرف كيف قمت بتوزيعها لكن هذا حدث.. فجأة لم تعد عندي، ومن الواضح أنني لم ألمسها بيدي؛ لأنه لا توجد بصمات..

أنا لا أفهم التفاصيل.. لكني أعرف يقينًا أنني شيطان أو ممسوس، وعلي أن أتحرك على هذا الأساس..
بدأت أضع مسحوقًا بلون البشرة..
لا بأس.. أعتقد أنها لم تعد بادية للعيون..
لن يعرف أحد أنني موصوم.. على الأقل اليوم..

كنت أفكر في دكتور فكرون.. يجب أن أقابله وآخذ رأيه.. ولماذا د. فكرون؟ لأنه الوحيد الذي يبدو على علم ولو واهن بالقصة.. هو الوحيد الذي استنتج أن من يرسل هذه الخطابات هو الشيطان..
اتجهت للصالة.

هنا فوجئت بشيء غريب..
هناك مظروف تحت الباب.. مظروف أنيق من ورق فاخر.. لقد دفعه أحدهم منذ قليل..

هل جاء دوري إذن في دائرة خطابات المحبة المشئومة تلك؟
انحنيت وتناولت الخطاب.. ريقي جاف لذا حاولت أن أبلل شفتي بلساني.. كانت أناملي ترتجف.. طريقة القتل هنا تجعل القاتل يموت قتيلاً، وهكذا تموت كل الأسرار، ولربما يحدث هذا مع الخطابات أيضًا.. أنا أرسل الخطابات ولكن هناك لحظة سوف أتلقى فيها خطابي الخاص..

فتحت الخطاب وقرأت في رعب:
مهندس محمد شاكر ومهندس عادل الشاذلي..
يتشرفان بدعوتكم لحفل زفاف كريمة الأول إلى ابن الثاني، وذلك يوم....... إلخ..

الحمد لله.. لم يأتِ موعدي بعد!
هناك أناس رائقة البال يتزوّج أبناؤها.. هذا شيء منعش..

****************************

قلب د. فكرون صفحات الكتاب، ثم قال لتلميذه:
ـ "السؤال هو: لماذا اجتمع هؤلاء في نادٍ رياضي؟"

كان رامز نحيلاً عصبيًا تحت عينيه ظلال كثيفة، ويبدو أن قراءة علوم الغيبيات قد أورثته كآبة لا شك فيها.. ولم يكن يبدل اللون الأسود أبدًا، مما جعله يبدو كمصاص دماء في فيلم من أفلام هامر.

قال رامز:
ـ "هذا سهل.. النادي الرياضي يمنح مساحة لا بأس بها ليجتمع المتحاربون.. ساحة قتال تشبه الحلبة الرومانية.."

قال فكرون وهو يعتصر خده:
ـ "كلا.. أريد إجابة أقوى من هذه"
ـ "مثل؟"
ـ "لا أدري"

خطر لرامز أن أستاذه يتعمد الغموض للغموض.. نوع صبياني من إثارة الاهتمام.. يسأل ولا إجابة عنده.. هذا يثير الغيظ..

هنا دق جرس الباب فذهب ليفتحه.. وجد فتاة رقيقة تقف في تردد:
ـ "أستاذ فكرون؟"
ـ "هو هنا.. ومن أنت؟"
ـ "لمياء صالح.. صحفية"

سمع فكرون من وراء ظهره يأمره بأن يسمح لها بالدخول.. تحركت هالة من العطر الساحر قبلها وبعدها مع صوت الكعب الأنثوي الرقيق..

وفي النهاية كانت تجلس أمام فكرون..
ـ "أنا صحفية.. كنت أريد معلومات أكثر عما ذكرته عن تلك الخطابات. خطابات الشيطان".

ـ "تتكلمين عن الاجتماع العاشر للجمعية الروحانية المصرية.."
ـ "هو كذلك.. كنت هناك لكن لم أستطع جمع معلومات أكثر.."

ثم أخرجت جهاز كاسيت صغيرًا وعادت تسأل:
ـ "هل تعتقد أن للأمر علاقة بانتهاء العالم في 2012؟"
ـ "من قال إنه سينتهي في 2012؟"
ـ "أساطير المايا.."

قال ضاحكًا:
ـ "العالم انتهى ألف مرة من قبل.. شهود يهوه لا يكفون عن انتظار النهاية وفي كل مرة يحددون تاريخًا.. قدوم الشيطان كذلك قُتل بحثًا من قبل. علامة الوحش 666 وغير ذلك.. يدهشني أن هؤلاء القوم لا ينتحرون بسبب الشعور بالحرج.."
ـ "لكنك تحدثت عن خطابات يرسلها الشيطان، ويدعو الناس للموت أو القتل يوم 18 إبريل.."

ابتسم في غموض ثم قال:
ـ "أنت تعرفين تلك التمثيليات البوليسية القديمة.. أنا لم أخنق زوجتي يا سيدي المفتش.. ومن قال إنها ماتت مخنوقة يا سيدي؟ إذن أنت تعرف!"
ـ "لا أفهم"
ـ "أنا لم أذكر حرفًا عن 18 إبريل في محاضرتي.. فكيف عرفت التاريخ؟"

يُتبَع

عهد Amsdsei 05-10-12 09:26 AM

رد: د. أحمد خالد توفيق يكتب.. رسائل المحبة (1)
 
د. أحمد خالد توفيق يكتب.. رسائل المحبة (6)



http://boswtol.com/sites/default/fil...asa2el-5-2.jpg

قال للفتاة: لا تحاولي خداع د. فكرون ثانية (رسوم: فواز)




عندما دقّ جرس الباب من جديد قوطعت المحادثة للحظات، أدرك فكرون من العينين الزائغتين للفتاة أنها في مأزق.. مشكلة البحث عن رد سريع، يحب هو توجيه هذه الضربات الخاطفة..

عندما انفتح الباب كان هذا أنا..
كنت أقف هناك مترددا أجفف قطرات الماء.. النظارة السوداء، والشارب الذي حلقته والثياب غير المعتادة.. الحقيقة أنني لم أعرف نفسي في المرآة، من أهم أساليب التنكر أن ترتدي ثيابا لم يعتد الناس أن يروها عليك.. هذا يختصر 80% من الجهد..

ـ أستاذ فكرون؟
ـ هو هنا..
ـ نصر الخولي.. صحفي.

ابتسم رامز ونظر للخلف ثم سمح لي بالدخول..
هنا وجدت د. فكرون يقف في وسط الغرفة عاقدا ذراعيه على صدره، وجواره تلك الفتاة الرقيقة التي لم أرها من قبل..

قال لي بتلك البسمة الساخرة نوعًا، التي تبدو عليمة بكل شيء:
ـ المطر غزير بالخارج؟ لم تجد سيارة أجرة من الزمالك لهنا هه؟
تحسست شعري في ذعر.. بالفعل أنا مبتل تماما.. كل خصلات شعري متلاصقة..
ولكن هذا معناه...

هرعت أنظر إلى المرآة المعلقة على الجدار فرأيت جبهتي وقد ذاب كريم الأساس، وبدت تلك البقعة الحمراء واضحة تماما.. نظرت له نظرة ذنب فقال لي:
ـ اغسل وجهك وتخلص من هذا الكريم والمساحيق، ثم تعال نواصل الكلام.

هكذا دخلت إلى حمام صغير نظيف.. هناك قطعة صابون عطرة الرائحة وماء ساخن.. رحت بعناية أنظف وجهي وأنا أتأمله في المرآة، تبدو لي مهذبا وابن ناس يا صاحبي.. من الحرام أن تكون شيطانا أو خليفة شيطان... بالطبع مسحت وجهي في المنشفة فاتسخت بشدة.. لا يهم، لا أعتقد أن فكرون يلاحظ هذه الأمور..

لما عدت للغرفة كان الرجل جالسا وكانت رائحة القهوة الزكية تعبق الجو، هناك أقداح عدة منها واحد لي! واحد لي!

جلست ورشفت رشفة بينما قال د. فكرون:
ـ كما يبدو لي فسبب مجيئك هنا هو نفس سبب مجيء الآنسة لمياء.. طبعا لمياء ونصر هما في الحقيقة أي شخصين آخرين.. كل الأسماء مستعارة هنا.. والآن يا لمياء هل بوسعي أن أطلب منك أن تمسحي جبهتك؟

قالت الفتاة في عصبية:
ـ لا.. لا أريد أن يراها أحد.
هنا تساءلت أنا:
ـ من أين تأتي هذه الوصمة؟ أنت طردتني من المؤتمر؛ لأنك رأيتها على جبهتي، وكنت آمل أن أخدعك اليوم.. لماذا لا تطردنا الآن؟

رشف رشفة من القهوة وقال:
ـ لأن اللغز ما زال مبهما وأنتما بحاجة لي، أنتما خادمان للشيطان.. بالتأكيد هناك سواكما، ومن الواضح أنكما اشتركتما في الإعداد لمذبحة 18 إبريل.. من أين تأتي الخطابات ومن يكتبها وكيف يتم تسليمها؟

قالت لمياء وهي ترتجف:
ـ أنا كنت أسلم خطاباتي بنفسي.
ـ جميل.. من أين تصلك؟
ـ لا أدري.. أجدها تحت الوسادة..

نظر لي:
ـ وأنت؟
ـ نفس الشيء..

ثم فرك كفيه وقال:
ـ هل تريدان رأيي؟ ارحلا الآن وتبادلا الحديث.. تناولا العشاء معا.. اجلسا في مكان وثرثرا.. سوف تتداعى الذكريات.. سوف تتذكران شيئا منسيا ولسوف تتضح الحقيقة، إن العصف الدماغي قوة لا يستهان بها، وهذا هو أساس جلسات استحضار الأرواح كما تعرفان.. عندما تصلان لشيء يمكنكما طلب رأيي.

ثم هز إصبعه في وجه الفتاة:
ـ لا تحاولي خداع د. فكرون ثانية.. منذ اللحظة الأولى عرفت أنك لست صحفية.. ثم لاحظت أن المساحيق كثيفة جدا على جبهتك.. بعد هذا لاحظت عبارة "18 إبريل" التي انزلق بها لسانك.. أنت أردت أن تشتري ولا تبيعي.. تعرفي ما أعرفه ولا تخبريني بشيء.. طبعا واضح أن هذه صفقة فاشلة.

نظرت لها ونظرت لي..
مستقبل غريب فعلا..

*****************************
في الساعة الثانية مساء بدأ حمدي يتوتر..
كان هذا هو يوم 27 إبريل..

راح يجوب شقته في قلق.. وكان يعرف بالضبط إلى أين هو ذاهب وما سيقوم به..
اتجه إلى الهاتف ورفع السماعة.. سيطلب اللواء ويخبره بكل شيء.. لا يعرف كيف ولا متى وجد السلك مقطوعا يتدلى على الأرض.. لقد قطعه.. قطعه دون أن يشعر!

دسّ المسدس في جرابه المعلق تحت إبطه وارتدى السترة الأنيقة.. شعور غريب أن تدرك أنك لن تلبس السترة بعد اليوم.. لن تبيت في دارك أصلا... سوف تكون تحت الأرض في مكان مظلم رطب..

ما هذا الجنون؟ تتكلم كأن هذا تم فعلا.. يجب أن تتمالك أعصابك..
رفع الهاتف المحمول ليتكلم ثم أدرك أنه مكسور.. متى؟ لا بد أنه أخذه للمطبخ وهشمه بيد الهاون..

كان يعرف ما يحدث.. لقد مرّ على شقة جاره منذ نصف ساعة، حكى له قصة معقدة عن العصابة التي تقتفي أثره.. لا يريد منه سوى أن يلبس هذه البذلة الرمادية ويغادر البناية، سوف يمشي خلفه عدد من الأشخاص.. لن يؤذوه.. فقط سوف يتبعونه إلى أن يجد أي سيارة أجرة يركبها ويعود بها.. علّمه طريقة الخلاص من المتابعة وكيف يبدل سيارة الأجرة فجأة... إلخ. الجار شاب متحمس يعشق المخاطرة وقد وافق على الفور..

هكذا وقف حمدي يضحك في خبث وهو يختلس النظر من الشرفة ليرى المخبرين المكلفين بحمايته يقتفون أثر جاره؛ لأنه يلبس نفس البذلة وله نفس القامة..

لماذا فعل هذا؟ لا يعرف.. يجب أن يفعل هذا.. ربما لأنه يريد حل اللغز.. وربما لا؟

عندما غادر البناية بعد دقائق واتجه لمرآب السيارات لم يدرك أن هناك سيارتي شرطة تقفان للمراقبة، وإذ تحرك بسيارته انطلقت سيارة تقفو أثره..
تبا! لم يتخلص منهم بعد..

انطلق بسيارته بأقصى سرعة في الشارع المزدحم.. هو بارع في القيادة فعلاً ويعرف أنهم لن يلحقوا به.. فجأة انعطف يسارًا بلا إنذار ليدخل شارعًا ذا اتجاه واحد..
ـ أيها الحمار!
كانت هذه صيحات السيارات التي وجدته أمامها فجأة..

وعند قمة الشارع وجد شرطيا على دراجة بخارية يشير له كي يتوقف.. يا للحظ! كمين هنا؟ اخرج الكارنيه ولوح به تحت أنف الشرطي المذعور ثم انطلق بسيارته مسرعا.. لحسن الحظ نحن لسنا في دولة متقدمة وإلا لكانت هناك طائرة مروحية ترصد تحركاته من أعلى، ثم تهبط أمامه..

"الخميس 27 إبريل..
استعد للموت في الرابعة عصرا
مع فائق الاحترام"

هكذا قال الخطاب.. الجديد هنا أنه يعرف مكان اللقاء.. قرب الاستاد الرياضي.. فقط يجب أن يسرع وإلا فاته الموعد الرائع؛ موعد حفل الدماء الذي سيقام في الرابعة عصرا.

يُتبع

عهد Amsdsei 07-11-12 12:41 AM

رد: د. أحمد خالد توفيق يكتب.. رسائل المحبة (6)
 
د. أحمد خالد توفيق يكتب.. رسائل المحبة (7)

http://boswtol.com/sites/default/fil...action%201.jpg


كنت أرى الوصمة الحمراء على جبينها وجبيني


عند ذلك المحل الخالي الخاص بالاتصالات في شارع جانبي أوقف سيارته، واعترف لنفسه بأنه فقد الاتجاه تماما.. لا يعرف أين هو بتاتا.. كان المحرك يلهث من الإنهاك، وكذلك هو.. قلبه يتواثب بلا توقف.. الدخان يتصاعد من ماسورة العادم ومن رئتيه.

طلب الهاتف من البائع الذي ظل يرمقه في دهشة.. هناك أمر يتعلق بالحياة والموت.. ليس أقل.

طلب رقم اللواء جابر الذي يحفظه لحسن الحظ.. عندما جاء صوت الرجل المتقدم في السن، والذي يبدو أنه كان يوشك على النوم بعد الغداء، صاح حمدي في ذعر:
- سيدي.. أنا لا أستطيع السيطرة على نفسي.
احتاج إلى بعض الوقت حتى يشرح سبب اتصاله من هاتف آخر.

هتف اللواء عبر الهاتف:
- اهدأ يا حمدي.. أين أنت؟ ولماذا فررت من المراقبة؟
- لا أعرف السبب يا سيدي.. لهذا اتصلت.. أنا في ورطة.. كأن.. كأن هناك جزءا من ذاتي يدفعني دفعا إلى الموعد.
- أين أنت؟

استعلم عن العنوان من البائع المذهول، وأملاه على اللواء.. هنا قال رجل الأمن المسن عبر الهاتف:
- ليكن.. سوف تبقى حيث أنت ولا تتحرك.. سوف تلحق بك سيارات الشرطة حالا.. بالمناسبة هل عرفت إلى أين أنت ذاهب أصلا؟
- الاستاد الرياضي.. الرابعة عصرا.
- كيف عرفت ذلك؟
- لم يبلغني أحد.. عرفت وحسب.

الحقيقة أنه تلقى مكالمة هاتفية منذ فترة تخبره بالمكان.. والمكالمة تضمنت إنذاره من البوح بحرف.
- هذا العنوان الذي تصفه قريب من الاستاد فعلا.. معنى هذا أنك وصلت.
- لا أدري.. الحقيقة أنني فقدت الاتجاه تماما.

قال اللواء بلهجة من ينصح صبيا أحمق تجاوز الحد:
- اسمع.. سوف تظل حيث أنت.. سوف تجلس ولا تتحرك إلى أن نصل إليك.. أعتقد أنك تمر بشيء يشبه التنويم المغناطيسي.. أعطِ الهاتف لصاحب المحل.

فعل حمدي كما طلب اللواء، وراح يراقب في بلاهة المحاورة بين صاحب المحل المذعور والطرف الآخر.. نظرات البائع القلقة.. محاولة التصديق.. هل من يكلمه لواء شرطة حقا أم هو مقلب كبير؟

في النهاية أغلق الهاتف، وقال لحمدي:
- معذرة.. أعتقد أن عليّ أن أنفذ كلامه.. يقول إن هذا لمصلحتك.

قال حمدي في استسلام وهو يحك رأسه:
- سأبقى هنا.. سأحاول أن أبقى هنا، لكن لا أضمن النتائج.. قد أضربك أو أفتك بك في أي لحظة قبل أن يصل رجال الشرطة.

اتجه البائع إلى باب خلفي في المتجر الصغير:
- هذا مخزن صغير يتسع لشخص واحد.. أرجو أن تدخله.. هذا لمصلحتك.
- سوف تغلقه عليّ؟

وتحركت في روحه مخاوف الكلوستروفوبيا القديمة، لكن لا بأس.. لن يطول الأمر قبل أن تدوي صافرات الشرطة.

مد البائع يده المفتوحة وهمس:
- أرجو يا سيادة الرائد أن تناولني الطبنجة.. هذه أوامر اللواء.
- هل تمزح؟
- لا أمزح.. لكن طالما ظلت الطبنجة معك فبوسعك أن تقتلني وتفر في أي وقت.

في تردد أخرج حمدي المسدس ودسه في يد البائع.. ستكون هذه أول مرة.

هكذا دخل المخزن الضيق وانتظر حتى انغلق الباب.. لحسن الحظ أن الوقت عصر، والإضاءة ممتازة لأنها تتسرب من نافذة صغيرة على ارتفاع مترين عن الأرض.. إن هذا المخزن يطل على زقاق ضيق.. واستطاع أن يرى المطر عاد ينهمر من جديد.

سوف ينتظر.. لن يذهب إلى موعد الموت.

****************************
أنا وأنتِ ضحيتان لقوى لا نفهمها.
أنا وأنتِ منبوذان خطران يجلبان الموت.

كنا نمشي في شوارع المدينة وقد تعانقت أناملنا.. وحّد المصير بيننا فتعانق قلبانا.. كنا غريبين منذ ساعات، والآن يخيل إليّ أننا معا منذ ولدت المحيطات.

- اسمك ليس لمياء طبعا!
- واسمك ليس نصر طبعا..

لم يجسر أحد على السؤال عن الاسم الحقيقي، لشدة ما تدب الحياة في الأسماء بعد لحظات! كم أن هذا غريب.. لو أطلقت اسما على علبة ثقاب لصار منطبقا عليها.. بعد قليل سوف تشعر أن هذا هو الاسم الوحيد الصالح لها، هذه لمياء ولن أسمح لها بأن تحمل أي اسم آخر.

لكننا سوف نعرف اسمينا الحقيقيين عما قريب، كنا نعرف الحقيقة.. سوف نتزوج على الأرجح.. سوف نمزج ألمنا معا.. سوف نمزج حيرتنا معا.. سوف نصير شيئا واحدا.

قلت لها والمطر يهطل من جديد:
- نحن موصومان.. نحن شيطانيان.
- نعم.. بلا ذنب.

كان المطر ينهمر وتحوّل شعرها إلى شيء يشبه شباك الصيادين عند إخراجها من البحر.. وسال شعري على عيني كأنه سائل أسود، كنت أرى الوصمة الحمراء على جبينها وجبيني.. لو أن أي واحد رآنا لأدرك السر وولى ذعرا.

الشوارع خالية والبرد يجتاح عظامنا.
قالت لي:
- هل عرفت من أين تأتي خطاباتك؟

قلت لها في شرود:
- لا.. ثمة رؤى متداخلة مبهمة لا أعرف كنهها.. لا أقدر على الشرح.. فقط أجد الخطابات عندي تنتظر أن تُرسل.. ثم أكتشف أني أرسلها.. لا أعرف كيف ولا متى.

- هذا يحدث معي حرفيا.. خطر لي أنني مجنونة وأفعل كل هذا وأنا غائبة عن الوعي.. ربما هو نوع من السير أثناء النوم.. لكن لو كان هذا صحيحا فلماذا يطيعني الناس؟

قدمت لها اعترافا أسوأ:
- أنتِ وزعت خطابات تدعو إلى الموت اليوم.. يوم 27 إبريل.. أليس كذلك؟
- بلى.

كنت أعرف أنا أيضا أنني فعلت هذا.. هناك مذبحة ستحدث اليوم لا أعرف كيف ولا متى، لكني مسئول عنها.

كانت ترتجف بالدموع وصدرها يعلو ويهبط:
- أنا مجرمة.
- أنا قاتل.

توقفنا أسفل بناية شامخة، وكان ميزابها يتدفق بلا توقف.. يوشك أن يبلل ثيابنا.. سمعت صوت الرعد في السماء.. غريب أنني لم أرَ البرق.

قلت لها وأنا أمسك بيدها:
- سوف نتزوج.. أنت تعرفين هذا؟
قالت في غموض وهي ترمق السماء:
- بل سوف نموت.. أنت تعرف هذا.

قلت بغباء حقيقي:
- كيف نموت ونحن من نميت؟!
- سوف نقضي على نفسينا.. عندي خطاب من خطابات المحبة يدعو إلى الموت يوم 3 مايو..
أنا أعرف يقينا أن عندك خطاب مماثل.
- وماذا في ذلك؟!

- سوف تعطيني خطابك وأعطيك خطابي.. هكذا سوف نفتك بعضينا ببعض.
- وهل هذا حل؟
- هو حل ناجح جدا للبشرية.. نحن عقربان.. لا بد من الخلاص منهما.
- وماذا يضمن لك أننا سننفذ ذلك؟
- التجربة هي المحك.

كانت تتكلم بقسوة وثبات.. وخطر لي أنها مخبولة، ثم تذكرت الدماء التي سوف تسيل عن طريقنا برغم إرادتنا.. ربما كان هذا أفضل شيء نفعله، أن نفتك ببعضينا..

http://boswtol.com/sites/default/fil...action%202.jpg

عبث حمدي في المظروف حتى فتح الخطاب




*****************************
لقد تأخرت سيارات الشرطة.. ليته يستطيع أن يشعل لفافة تبغ، لكن المكان ضيق وهناك صحف وأوراق كثيرة على الأرض..

جلس حمدي على كومة من الصحف وراح يرمق حذاءه..

هنا وقعت عيناه على المظروف.. المظروف الأنيق الملقى وسط الأوراق في المخزن الخلفي الصغير..

عبث في المظروف حتى فتح الخطاب، وجد السطور التالية:
"الخميس 27 إبريل..
استعِد لقتل رجل في الرابعة عصرا..
مع فائق الاحترام..".

شعر بقشعريرة وانتصب شعر رأسه.. هذا الخطاب ليس له، بل وصل إلى صاحب محل الهاتف..

هذه دعوة لمذبحة جديدة.. ومن قال إن الموعد في الاستاد الرياضي؟ المكالمة قالت إن الموعد قرب الاستاد الرياضي.. وهذا هو ما يحدث الآن.. والساعة الرابعة عصرا فعلا..

إذن وجوده هنا لم يكن صدفة.. وقد أعطى البائع مسدسه بكل غباء، وجلس ينتظر في المخزن كأنه خروف ينتظر الجزار..

يُتبع

عهد Amsdsei 07-11-12 12:42 AM

رد: د. أحمد خالد توفيق يكتب.. رسائل المحبة (6)
 
د. أحمد خالد توفيق يكتب.. رسائل المحبة (الأخيرة)

http://boswtol.com/sites/default/fil...asa2el-8-1.jpg
بدأ يحاول أن يحشر جسده عبر النافذة (رسوم: فواز)


تشاك! كليك!
سمع حمدي الصوت، وهو بالطبع رجل أمن محترف أطلق الرصاص مئات المرات في التدريب وسواه، ويعرف معنى ما يسمعه..

جلب كومة الصحف.. ووضعها تحت النافذة، ثم تسلق عليها ليصل إلى النافذة الضيقة.. لحسن الحظ أنها غير ذات قضبان.. فقط عليه أن يهشّم الزجاج ويحشر جسده من خلالها. بالفعل لفّ المنديل حول قبضته بعناية، ولكم الزجاج بأعنف ما استطاع، وهو يغمض عينيه ويضغط على أسنانه.. شم رائحة المطر والبلل من الخارج.. وقدّر أنه سيفلت.. فقط لو تأخر هذا القاتل ثلاث دقائق أخرى..

بدأ يحاول أن يحشر جسده عبر النافذة..
تبا!! ضيقة جدا.. لكنه سوف يفعل ذلك..
هذا هو الزقاق.. هه.. هه... ضيق جدا...

أرنب يحاول الفرار عبر شق ضيق في عشة الدجاج عند جدته.. هل ينجح؟
لكن الوضع بالخارج كان مثيرا فعلا.. رسائل المحبة قد ذهبت في كل صوب.. إنه يرى بوضوح..

يرى تلك السيدة التي تقف في نهاية الزقاق، وقد ابتلت بمادة ما.. ربما الكيروسين.. تصرخ.. هناك شعلة تسقط فوقها من عل.. في اللحظة ذاتها هناك من يحمل (مخرطة) ملوخية يطوحها في كل صوب ليطير الرقاب.. رقاب من؟ هناك أربعة رجال التحموا في قتال عنيف..
وفي الآن ذاته تطلق سيدة طلقة نارية على رجل في طرف الزقاق الآخر.. كل شخص قد وجد سلاحا ما.. وكل شخص يستعمله..

رسائل المحبة! تبا! الكل تلقى رسائل المحبة.. إنه الجحيم.. أبوكاليبس.. سفر الرؤية يتحقق.. مارس إله الحرب قد صحا من نعاس عميق، وقرر أن يعمل قليلا، والأرنب لا يستطيع التملص..
هذا مأزق..

أين رجال الشرطة؟ لقد أرسلهم اللواء جابر منذ فترة، فهل هم لم يقدروا على اجتياز الزقاق؟ هل هم متورطون في تخليص المشاجرات أم إن يوم القيامة هذا امتدّ لهم؟ ربما يفتك رجال الشرطة ببعضهم الآن...

في هذه اللحظة شعر بيد قوية تطبق على ساقه..
هذا موقف لعين بحق.. أن تجد نفسك محشورا في نافذة ضيقة، ونصفك الخلفي تحت رحمة مجنون يحمل مسدسا.. هذا موقف غير محبب، والأسوأ أنها ميتة غير أنيقة؛ لأن الطلقة سوف تستقر في.....
طاخ!..

أدرك أنها استقرت هناك في أسفل ظهره.. سوف يقضي العمر مشلولا لو عاش، لكنه ابتسم، وسال ماء المطر على وجهه مدرارا.. لن يتوقف صاحب المحل عند هذا.. بالتأكيد سوف يطلق رصاصة فعالة أخرى تنهي كل شيء.. لن يدوم الشلل..
طاخ!!
هذه هي!

*****************************
عندما خرجنا من مكتب المأذون كانت أناملنا متعانقة..
شقتي كانت قريبة، وقد ابتعت بعض الشطائر من محل تيك أواي.. ثم صعدنا في الدرج.. لو رآنا أحد فلن يصدق أننا زوجان حديثان، وأن هذا حفل زفافنا..
لقد توقفت الأمطار.

الآن أعرف اسمها وهي تعرف اسمي.. ما كنا لنتزوج من دون بطاقتي هوية.. لن أخبرك بالاسمين.. يكفيك أن تعرف اسمي لمياء ونصر.
لم أسألها عن أسرتها ولم تسأل عن أسرتي.. لا قيمة للماضي ولا الحاضر.. المستقبل هو الشيء الوحيد أمامنا وهو مظلم عطن كالقبور..
لماذا تزوجنا؟

لأننا شعرنا بالوحدة.. كل واحد فينا موصوم وحيد.. يحمل لعنة القرون. كان لا بد أن نمزج خوفي وخوفها معا.. عندما نموت لن نموت ونحن نرتجف مذعورين وحيدين..

أنا وأنت ضحيتان لقوى لا نفهمها..
أنا وأنت منبوذان خطران يجلبان الموت..

كنا نلتهم الشطائر، ومن حين لآخر أخرج قطعة دجاج من شطيرتي لأدسها بين شفتيها.. تمد يدها في شطيرتها وتفعل الشيء ذاته، وتنظر لي في ثبات.. ما أجمل عينيك!!

أرى نفسي في عينيها.. أنا جميل.. برغم تلك الوصمة على جبيني.. هي رائعة الحسن..
أنا مرهق..

هل توقفت الأمطار بالخارج؟ لا بد أنها كذلك..

*****************************

وفي الصباح شربنا الشاي باللبن والتهمنا شطائر الفول والفلافل، ووقفتْ أمام المرآة تصلح من زينتها وتضع المساحيق على جبينها، كما وضعت المساحيق على جبيني..
مدت يدها تتناول الخطاب مني:
"الأربعاء 3 مايو..
استعدي لقتل رجل في الثامنة مساء...
مع فائق الاحترام".

نظرت له وابتسمت، ثم مدت يدها في حقيبتها وأخرجت خطابا آخر.. الخطاب الذي يدعوني للموت.. وأعطته لي..
تناولت الخطاب وابتسمت لها..

كنا نعرف الآن أننا سنقتل بعضنا.. أين؟ لا نعرف بعد.. لكن سيكون الأمر في ملعب رياضي أو نادٍ أو استاد كبير.. على الأرجح لأن هذا يجعل المشهد أقرب لمباريات الموت الرومانية في الـ Arena..

قالت وهي تحمل حقيبتها وتتجه للباب:
ـ "سلام.. لا تقتلني ببشاعة من فضلك.. لا داعي للذبح والحرق.. استعمل الرصاص".
كان من الواضح أن السم غير وارد في القائمة.. لا بد من أساليب عنيفة انفعالية.
قلت باسما:
- السلاح الناري أو المطرقة على الرأس أو الدهم بسيارة.. يجب أن نلتزم بهذه الأساليب.. أعرف أن النساء يقتلن بطرق أبشع من الرجال، لكن عليك أن تغيري طبعك من أجلي.

ما أغربها محادثة.. لكن منذ متى يمر المرء بأشياء مألوفة؟

*****************************
http://boswtol.com/sites/default/fil...asa2el-8-2.jpg
كانت هناك بقعة من الرماد يتصاعد منها دخان أحمر غريب (رسوم: فواز)


الأربعاء 3 مايو...
الثامنة مساء..
كنا نقف الآن أمام باب الدكتور فكرون..

بوضوح لمحت حقيبتها مفتوحة.. وأدركت أنني أرى مقبض الشاطور يطل منها، بينما كانت الطبنجة التي ابتعتها من ورشة في زقاق تثقل جيبي..
رأت ما رأيته وفهمت نظراتي، فقالت:
ـ هل سوف تقتلني الآن؟

ساد الصمت.. تحسست المسدس للحظات ثم نظرت للأرض..
ـ "لا تستطيع.. أليس كذلك؟
ـ بلى.. وأنت.. كل ما تحتاجين له هو أن تقبضي على الشاطور وتهوي على رأسي".

ـ مستحيل..
ـ أعتقد أن الحب ولد بيننا.. ثمة علاقة روحية جعلت التنفيذ صعبا.

قلت لها وأنا أطوّق كتفها بذراعي شاعرا أن هذه الفجوة موجودة هنالك منذ الأزل من أجلها.. نفس الحجم.
ـ لقد بحثت.. وعندي ألف سؤال.. الحقيقة هي أنني أشك في فكرون نفسه..
اتسعت عيناها في رعب فقلت:
ـ هذا الرجل مستجدّ على الساحة وعلى الجمعيات الروحانية من فترة قريبة جدا.. لا أحد يعرف من أين جاء، ولا أين كان قبل ذلك.. الحقيقة هي أنني أعتقد أن هذا الرجل مصدر الخطابات..

ـ وما مصلحته؟
ـ لا أعرف..

ـ "ما حدود قدراته؟ كيف تصل الخطابات لمستحقيها؟ وكيف تصل لنا؟ هل هو قادر على صنع تلك العلامة الحمراء؟".
قبل أن أرد سمعت الباب ينفتح.. يبدو أننا تكلمنا بصوت عالٍ نوعا.. الدرس الأول لدى التعامل مع الأمور الخارقة للطبيعة -هي ألا تفصح عن خواطرك أمام باب أحد الخبراء.. سوف يسمعك حتما..

كان هذا وجه فكرون وقد سقطت الظلال عليه، فبدا لا ينتمي لهذا العالم.. وجه طوطم قديم منسي حافل بالأسرار.. قال لنا وهو يفسح الطريق:
ـ "لم تستطيعا قتل بعضكما.. كان يجب أن أعرف هذا.. استنتاجاتك جيدة لكنها ناقصة جدا..".

عندما جلسنا بالداخل طلب من رامز أن يعد لنا بعض الشاي.. طبعا لم تكن عندي أي نية لشرب شيء في هذا البيت بعد الآن.. لكن فكرون أشعل سيجارا ووضع ساقا على ساق، وقال:
ـ "أنتما تعتبران هذه الخطابات شيئا مخيفا بغيضا.. الحقيقة عكس ذلك.. منذ أعوام جاء إلى الأرض كيان.. لن أشرح ما هو لكنه خير خالص، وكانت مهمته هي أن يعاقب المجرمين الذين أفلتوا من القانون.. كانت لديه قائمة ممتازة.. المدرس الذي يتحرّش بالمراهقات البريئات اللاتي يأتين لبيته لتلقي درس خصوصي.. طبيبة التوليد التي مارست الإجهاض وترقيع البكارة مرارا مقابل مال وفير.. لاعب كرة على علاقة بأخت زوجته.. ضابط مرتشٍ يخفي الأدلة أو يزيفها.. كل هؤلاء مجرمون.. وكلهم يخفون مخالبهم ويبدون للمجتمع ملائكة.. لقد حاكمهم وأصدر عليهم الحكم بالإعدام.. وطريقة الإعدام لديه هي أن يحتشدوا في ساحة واسعة ويذبحوا بعضهم.. حركات تطهير مستمرة".

تساءلت في حيرة وأنا أزيح الشاي جانبا:
ـ "وما دورنا نحن؟".
ـ "لم يكن هذا الكيان قادرا على تنفيذ المهمة وحده.. لا بد من موزّعين يحملون رسائله وينقلونها بقوى نفسية إلى المحكوم عليهم.. هؤلاء الموزعون يجب أن يكونوا شديدي النقاء والطهر.. هذه شهادة لكما بأنكما نقيان كالثلج.. أنتما تتلقيان الخطابات دون أن تعرفا ذلك، وتوزعانها من دون أن تشعرا.. ومع الوقت تظهر بقعة حمراء صغيرة على جبين كل واحد منكما".

هنا تساءلت لمياء، وقد قررت الوقوف بسبب توترها:
ـ "إذن أنت من يكتب الخطابات ويرسلها!".
قال باسما بطريقته السمجة:
ـ "أنتما لا تفهمان شيئا.. أنا أريد أن تتوقف هذه الخطابات بأي ثمن!".

رأى عدم الفهم على وجهينا، فقال:
ـ "كنت أريد أن أعرف من هم الموزعون الذين اختارهم الكيان.. لهذا قدّمت هذا العرض الساحر وتكلمت عن الشيطان الذي يرسل رسائل.. وجعلت الورقة تحترق بهذا الشكل الصبياني.. كنت أعرف أن الموزعين سوف يعرفون ويأتون.. لن يقاوموا فضولهم لفهم ما يدور وما يحدث لهم.. وكنت آمل أن أقنعهم بقتل بعضهم.. لكن من الواضح أنني فشلت في ذلك".

ونهض وسحب الدخان من السيجار، ثم أطلق سحابة كثيفة، وقال:
ـ "ربما هو الحب.. لا أعرف بالضبط..".

وفي اللحظة التالية توارى في غرفة داخلية..
كان رامز يقف هناك على باب الغرفة، وقد بدا ككلب (بيت بول) يحاول حماية سيده. صحت فيه:
ـ "أنت تعرف هذا من البداية ؟".

قال في عصبية:
ـ "لا.. ولا أفهم حرفا مما تتكلمون عنه.. لكني أعرف شيئا واحدا.. أنتما لن تضايقا د. فكرون!".

حاولت أن أبعده فوجّه لي لكمة أطارت الشرر من عيني.. جاوبته بلكمة مثلها، والتحمنا في صراع عنيف.. سقطنا على أريكة وضربت رأسه في الجدار مرارا.. أخيرا همدت حركته وبدا أنه فقد الوعي أو مات.. لا وقت لفهم هذا..

قالت لمياء وهي تلهث:
ـ "لكن من هو فكرون إذن؟".

قلت لها وأنا أسعل وألملم ثيابي، وأنهض من فوق ضحيتي:
ـ "شخص يهمه أن تنقطع خطابات المحبة.. شخص يهمه أن تتوقف عملية القصاص هذه.. شخص يقدر على أن يرسم علامات حمراء على جبيننا ويحرق ورقة فتتخذ شكل رأس الشيطان..".

وتراجعت للخلف، ثم وثبت لأضرب الباب بقوة بكتفي... لم أجرب إن كان موصدا أم لا.. والحقيقة أنه لم يكن كذلك.. لقد انفتح على الفور..
وليتني لم أرَ ما رأيته..

في وسط الغرفة لم يكن هناك د. فكرون.. كانت هناك بقعة من الرماد، يتصاعد منها دخان أحمر غريب الشكل.. ورحنا نسعل بسبب رائحة ثاني أكسيد الكبريت.. نسعل حتى بعدما فتحنا النوافذ؛ ليدخل الهواء النقي.

تمّت

احمد خميس 07-01-13 12:06 PM

رد: د. أحمد خالد توفيق يكتب.. رسائل المحبة - كاملة
 
مشكوووووووووووووووووووووووووره

therock1978 27-01-13 10:03 AM

رد: د. أحمد خالد توفيق يكتب.. رسائل المحبة - كاملة
 
روعة يا أخت عهد
يسلموا ايديكي يا قمر


الساعة الآن 07:20 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية