منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   141 - كفى خداعا - دافني كلير - روايات عبير القديمة ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t171768.html)

نيو فراولة 26-01-12 08:18 PM

141 - كفى خداعا - دافني كلير - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
141- كفى خداعا - دافني كلير - روايات عبير القديمة

الملخص


حين يفقد الإنسان نعمة البصر .... هل تضيع منه بقية النعم؟
كايد حرم من نعمة البصر وأعطي نعمة الحب حين التقى كاريسا .... لكنها كانت صغيرة نسبة إلى لعبة الكبار , فإعتبرها خدعته لأنها كذبت عليه ..... غضب وثار وطردها من جنته وأغلق فى وجهها باب السعادة إلى الأبد.
ومرت السنوات ..... حتى التقته فجأة في منزل رئيسها ينظر إليها ..... ترى هل يعرفها بعد عودة بصره ,أم أن الزمن محا الذكريات؟
خافت من قلبها الذى ظنته سكن .... ومن بقايا جمر ينتظر نسمة......

أنس إسلام 26-01-12 10:54 PM

سلمت اناملك يا غالية الرواية سبق وقراتها من فترة وهي من الروايات الجميلة جدا
شكرا لك علي حسن اختيارك
موفقة ان شاء الله
:103gi::103gi::103gi:

زهرة منسية 26-01-12 11:35 PM

أنا مبسوطة كتير لأنى أول الضاغطين على أيفونة الشكر لأن من أول ما أعلنتى على الرواية وأنا فى أنتظارها

جمره لم تحترق 26-01-12 11:47 PM

الملخص مو طبيعـــــي خياااااااااااااااال روعة
أكثر مرة أتحمس لملخص لهالدرجة
يعطيك ألف ألف ألف عافـــــية
على مجهوداتك الرائعـــة . . موفقة يا رائعــــة

ودي وعبق وردي
http://www.nsaayat.com/up/uploads/nsaayat9a2bc6e237.gif

هدووش 27-01-12 03:49 PM

تسلمي
منتظرينك وهذا المتوقع منك لانو كل الي بتكتبيه رائع

نيو فراولة 27-01-12 07:43 PM

1-لقاء العمر


لم يدر كايد كيف إختلط الأمر على موظفة الحجز في شركة الطيران ، حتى وجد نفسه يجلس بعيدا عن مدير أعماله الذي إستقرّ في مقعد في مؤخرة الطائرة.
وعندما عرضت عليه المضيفة ان تطلب من السيدة التي حجزت المقعد المجاور له ، ان تستبدل تذكرة سفرها بأخرى ، وأن تغيّر مكانها ، رفض بتهذيب قائلا :
" لا تهتمي للأمر يا آنستي ، ليس من الضروري ان أجلس قرب مدير اعمالي " كان يكره أن يعامله أحد بصورة مميّزة ، فقط لأنه أعمى ، صحيح أنه كان يطالب ، بل يتمتع ، بالمعاملة الخاصة التي يشتريها بغناه وشهرته ، إلا أنه كان ينفر منها بشدة عندما يشك بنوايا الشخص الذي يقدمها له ، فلو ظن أنه يعامل بإحترام ، شفقة بعاهته ، يثور إنتصارا لكرامته ، وتكون ردّة فعله أحيانا في غاية العنف.
وأحس كايد بيد جاك ، مدير اعماله ، تدفعه برقة وترشده بلباقة الى مقعده ، إستقرّ في مكانه وهو يحاول جاهدا السيطرة على أعصابه ، عصبيته الزائدة تضر بالصورة التي يحاول أن يعطيها عن نفسه .
وأحس فجأة بالمرأة الجالسة قربه ، وعندما هدأت الثرثرة في الطائرة ، سمع موسيقى تنفسها الهادىء ، ورنّة حزام الأمان وهي تحكمه حولها ، وصوت قفل حقيبتها ، وهي تفتحها ، ولامست ذراعها كم سترته وهي تبحث عن شيء ما .
منتديات ليلاس
تضع عطرا خفيفا يعبق باريج الزهور ، فتصله نسمة خفيفة منه كلما تحركت من مقعدها ، كانت قد همست له بتحية مهذبة عندما جلست قربه ، فأجابها ببرودة وبهزة رأس سريعة ، ولسبب ما احس فجاة بالثورة عليها للخطأ الذي حصل في حجز المقاعد ، كم سيزعجه عدم وجود جاك قربه عندما يحين موعد الطعام ، لن يناديه ، لا يريد ان يلفت اليه أنظار الركاب فيشفقون على عاهته ، كم يتمنى أن لا تكون المرأة الجالسة قربه وقد سمعت بإسمه من قبل ، لمست المضيفة كتفه وهي تقول برقة :
" هل تسمع بوضع حزام الأمان يا سيد فرناند ،هل تحتاج الى مساعدة ؟".
" لا ، شكرا ".
وبحث بيديه عن طرفي الحزام ليجمعهما بعنف ، وسألته المرأة الجالسة قربه :
" عفوا ، انت كاديز فرناند أليس كذلك ؟".
كاد ينكر ذلك ، لكن نبرة صوتها فاجاته ، كانت مريحة ، دافئة ، فيها بحة محببة أضفت على صوتها جاذبية مميزة بدون أن تفسد وضوحه ، ليست أميركية ، لكنها ليست إنكليزية أيضا ...استرالية ؟ ربما ، هز راسه بالإيجاب وإلتفت ليواجهها ، كم هو وسيم هذا الوجه اللاتيني التقاطيع ، بانفه الحاد الذي يوحي برجولة مميزة ، عجبت حتى بنظارتيه السوداوين اللتين تخفيان عينين لا تعرفان النور .
" انا معجبة جدا بموسيقاك ".
ضايقه تعليقها وإنتظر الكلمات التي لا بد ان تاتي لتكمل الجملة التقليدية ، عندي كل أسطواناتك ، او اعتقد ان الجميع يقولون لك هذا ... لكنها لم تكمل حديثها.
إنتظر لحظات قبل ان يشكرها على مديحها ، وأحس انه بدأ فعلا يميل اليها قليلا ، لم يكن ذنبها أن حدث سوء التفاهم هذا في الحجز .
بعد دقائق إستسلم للنوم ، إنه مرهق ، أمس قدّم عرضا فنيا رائعا في هونولولو ، وهو في طريقه الان الى سيدني حيث سيقدم حفلة اخرى مساء الغد ، الرحلة طويلة الى سيدني ، وهو متعب ، لم يستطع ان ينام طويلا ، افاق وهو يشعر بجفاف في حلقه ، وبتشنج عضلات جسمه ، كانت المرأة تقلّب صفحات مجلة ما ، وتساءل بعصبية إن لم يكن صوت الورق هو الذي أيقظه من نومه ، وتضاعف توتره وهو يسمع الإيقاع الرتيب ، نادى جاك ، فكان بجانبه بلمح البصر .
" جاك ، هل تمانع بأن نتمشى قليلا ؟".
" طبعا لا يا كايد ، هيا بنا ، من هنا ".
احب كايد جاك بنتون من اول لقاء جمع بينهما ، تعلّم الرجل بسرعة كيف يعامل إنسانا فاقد البصر ، فجاك لم يتصرف ابدا وكان كايد ايضا اطرش أو مشلول أو متخلف عقليا .
وعندما عاد كايد الى مقعده ، كان أكثر راحة وإنطلاقا ، طلب كوبا من المرطبات ، وعرض على المرأة مشاركته فرفضت برقة ، سألته بنعومة ان تقرأ له لائحة الطعام ، فوافق وهو يتلذّذ بشرابه البارد ، وصوتها الدافىء الجذاب ، جاءت المضيفة بالطعام ، وعرضت على كايد ان تساعده في تناوله فرفض بإصرار ، جاك ايضا فهم رغبته فلم يقترب منه كعادته ، فتح كايد بثقة المغلف البلاستيكي الذي يحتوي على الملعقة والسكين ، ورفع الغطاء الشفاف عن الصحون ، تمكّن من تناول المقبلات والوجبة الرئيسية دون صعوبة تذكر ، لكن عندما جاء دور الحلوى لم يستطع العثور على الملعقة الصغيرة الخاصة بها ن فأخذ يبحث عنها بعصبية ، وفجأة أحس بيد تمسك بيده وتضعها على الملعقة ، شكرها بحدة ، فأجابته بسرعة :
" الملعقة علقت في زاوية الطاولة ".
فهم انها لم تكن لتساعده لو شعرت انه يستطيع ان يجد الملعقة بسهولة ، احس بالأسف لحدّته ، وتابعت حديثها وكأنها تحاول أن تشرح له موقفها :
" شقيقي اعمى ".
" حقا ! ".
لا بد انه درّبها على حسن التصرف في مواقف مشابهة ، وعندما حان موعد القهوة كان على اتم الإستعداد لسماع صوتها الجذاب لأطول فترة ممكنة ، إلتفت اليها مبتسما إبتسامته الشهيرة التي تجعل ملايين القلوب تخفق يوميا .

نيو فراولة 27-01-12 07:45 PM

" انت الان في موقع قوة ".
" أنا ؟".
" نعم ، تعرفين إسمي وأنا لا اعرف عنك شيئا ".
" آه ".
ضحكتها الخافتة كان لها أيضا وقع شديد الجاذبية.
" إسمي كاريسا مارتن ، لكن معظم الأصدقاء ينادونني كريسي ".
" أفضّل إسم كاريسا ، له رنة غير مالوفة ".
" إختارته والدتي من كتاب كانت تقراه ".
" أمك تتمتع بذوق ممتاز ".
وسألها عن شقيقها الأعمى فأجابت :
" كليف يدرس الهندسة الألكترونية ".
" مجال صعب جدا ".
" نعم ... حتى على المبصرين ، ولهذا السبب بالتحديد إختار كليف تخصّصه هذا ، إنه إنسان عنيد جدا ، وأظن أنه يشعر بان عليه ان يثبت شيئا ما ".
" نعم ، أظن ذلك ، أليس لدينا كلنا شيء ما نريد أن نثبته " وأحس كايد أنه قريب جدا من كليف مارتن هذا ، رغم أنه لا يعرفه .
" انت استرالية ؟".
" لا ، نيوزيلاندية ، الأميركيون مثلك ، يرون كل اللهجات الأنكليزية الأخرى متشابهة ".
" لهجتك تميل اكثر الى طريقة اللفظ البريطانية ، سكان استراليا يتكلمون ببطء ويركزّون على مخارج الألفاظ ، هل انت في طريقك الى نيوزيلاندا ... الى عائلتك ؟".
" نعم ، عشت سنة في الولايات المتحدة ، وأنتظر بلهفة لحظة وصولي الى الوطن ".
تارجحت الطائرة قليلا وسقطت في فجوة هوائية ، فشدت كاريسا قبضتها بقوة على ذراع المقعد ، أحس كايد بخوفها :
" خائفة ؟".
" لا ، فاجأني تارجح الطائرة ، هذا كل شيء ، الحقيقة أنني لم أسافر كثيرا في حياتي ، لا بد انك معتاد على ذلك ؟".
لم تتوقف الطائرة عن الإهتزاز ، واحس كايد ان رفيقته تحاول جاهدة السيطرة على خوفها ، كانت تتكلم بسرعة حتى كادت تلهث ، امسك بيدها الصغيرة فإرتعشت أصابعها ، شدّ قبضته عليها ، ليطمئنها أولا ، ولأنه أحب ملامسة بشرتها الحريرية ثانيا .
"نعم سافرت كثيرا ، وغالبا في الطائرة، يقال أنها الوسيلة الأكثر أمانا للسفر ، هل تعرفين ذلك ؟".
" نعم ، قيل لي ذلك ".
بدا القلق بوضوح في نبرة صوتها ، فتابع حديثه وهو يحاول ان يعبّر بصوته الدافىء عن كل الحنان الذي يشعر به نحوها الآن ، كم أحبت هذا الصوت وهي تسمعه يغني ، وها هو الان يخبرها عن بعض الرحلات التي قام بها ، والأماكن الغريبة التي شاهدها .
خرجت الطائرة من الدوامة الهوائية ، وعادت تدريجيا الى ثباتها ، فسحبت كاريسا يدها برقة وهي تقول :
" شكرا ، أعتقد أنني سأغفو قليلا الآن :,
" لماذا ؟ هل كان حديثي مملا الى هذه الدرجة ؟".
" آه ، لا ، أرجوك لا تظن ذلك ، سررت جدا بحديثك يا سيد فرناند ، كان لطفا منك ان تحاول التخفيف عني ، لا بد أنك تعبت من مسايرتي ".
فاجأنه بقولها ، فرد بسرعة :
" ما الذي جعلك تظنين هذا ؟".
" حسنا ، كان من الواضح ، فور صعودك الى الطائرة ، إنك لا تريد ان تتحدث الى أحد ، لا بد ان حفلة المس أتعبتك جدا ".
" هل حضرتها؟".
" لا كنت في لوس انجلوس ، ولن أستطيع كذلك مشاهدة الحفلة التي ستقيمها غدا في سيدني ".
" ولماذا ؟ هل ستسافرين مباشرة الى نيوزيلاندا ؟".
" لا ، سأبقى يومين في سيدني ، عمتي تنتظرني ، حتى لو اردت حضور حفلتك لن استطيع ، من الصعب الحصول على بطاقة دخول ، فالأماكن تنفد قبل عدّة ايام من العرض ".
" ساطلب من جاك أن يترك لك بطاقتين على شباك التذاكر ، أنا أحتفظ دائما ببعض المقاعد لأصدقائي ".
سرورها الطفولي ، الذي لوّن صوتها بظلال دافئة عندما شكرته ، اقنعه أنها لم تكن تحاول أن تكون مهذبة فقط عندما قالت أنها تحب موسيقاه.
ثم ، ولأستغرابه الشديد ، أنزلت ظهر مقعدها وغفت.
توقفت الطائرة في ناندي ، فنزلت منها كاريسا لتشتري بعض الهدايا من المنطقة الحرة ، لم يتحرك كايد من مقعده ، فجلس جاك قربه يسليه حتى عودتها .
وعندما إقتربت منهما أخيرا نهض جاك من مكانه ليعود الى مقعده ، لكنها اوقفته بإشارة من يدها وهي تقول :
" لا ، لا تترك المقعد من فضلك ، سأجلس مكانك ".
لم يتوقع كايد ان يزعجه ذهابها بهذه القوة ، من ساعات قليلة كان سيرحب بالتغيير ، لكنه وجد نفسه الآن يرغب بالصوت الناعم قربه ، وببرود غير متوقع تجاهل جاك الذي كان يتحدث بحماس عن الجولة الفنية التي سيقومان بها في ارجاء أستراليا ، كان يرسم صورة ذهنية لما يمكن أن تكون عليه كاريسا مارتن
وهندما هبطت الطائرة في مطار سيدني ، سأل كايد مدير اعماله عن أوصافها :
" جميلة.... جميلة جدا ، شقراء ترفع شعرها الرائع الطويل في شكل عقدة، شابة أنيقة ، تستطيع ان تقول أنها سيدة بكل معنى الكلمة ، نعم ... جميلة جدا ، كم أتمن لو كنت أصغر بعشرين عاما ".
ولم يتوقف كايد عند الملاحظة الأخيرة بل سأل :
" ماذا عن عينيها ؟".
" لونهما داكن ، ليستا بنيتين ، رماديتين ! ربما ، أم عسليتين ! لا أدري ... هل يهمك امرها ؟".
وعرف كايد فورا ما يعنيه مدير أعماله ، فأجابه ضاحكا :
" لا ، لا أريدها كما تقصد ".
وربت على كتف صديقه ليخفي إشمئزازه من معنى كلمات جاك ، رغم أنه نادرا ما كان يشعر برفض مثل هذا الإقتراح.
لكن... ماذا لو جاءت الى الإستعراض.....؟
" جاك ، وعدتها بأن اترك لها بعض التذاكر على شباك الحجز، لن تنسى ، أليس كذلك ؟".
" طبعا لن أنسى ".
سيتذكر جاك .... وكذلك كايد.

نيو فراولة 27-01-12 07:47 PM

كان الإستعراض رائعا ، خرج الجمهور الأسترالي عن بروده العادي ليصفّق بحماس وإنفعال ، عرف كايد كيف يحرك مشاعرهم بصوته الدافىء وقيثارته المحمومة ، جعلهم يتماوجون مع الأوتار فحلّقوا معه في سماء الأنغام ، بدأ بأغنية بدائية متوحشة ، فأسرعت أقدامهم تضرب الأرض بإيقاع همجي فيه كل سحر الغابات ، غنى لهم أغنية حزينة من جنوب اميركا ، فصمتوا كانهم يبكون معه على حب ضائع وطفولة منسية ، أنشد لحن حب لأمرأة جميلة ، فشعرت كل سيدة في القاعة ان اكلمات موجهة لها وحدها ، الشحنات العاطفية التي حرّرها بصوته ، إخترقت جلده ، فإسترخى سعيدا تحت بقعة الضوء التي لم يكن يراها ، هنا ، في هذا المكان بالذات ، ينسى أنه أعمى ، كلهم غارقون في الظلام ، وهو وحده جالس في الضوء ، صحيح إنه لا يراهم لكنه يشعر بهم ، ويستطيع ان يجعلهم يشعرون به ، كم يحس بقوته الآن.
وعندما إنتهى من الغناء نادوه مرات ومرا ، صفروا ، صفقوا ، صرخوا ، فحياهم وإنسحب ، كان جاك ينتظره وراء الكواليس ، وعندما رىه همس في اذنه :
" إنها هنا ".
" من ؟".
جمهوره يناديه مجددا.. كما ينادون عاشقا ، وكعاشق عاد اليهم وكأنه لا يريد أن ينزل بعد من القمة التي رفعوه اليها ، ووصله صوت جاك مجددا :
" كاريسا مارتن هنا ".
" حسنا يا جاك ، خذها الى غرفتي الخاصة".
وعاد بثقله الى المسرح وهو يمد يديه بحب وكانه يريد أن يحتوي هذا الجمهور الذي وقف لتحيته.
شعر كايد بوجود اناس كثيرين في غرفته الخاصة ، عرفوه باسماء كثيرة ، وتقبل التهاني وكلمات الإعجاب بلا مبالاة ظاهرة ، بعض النساء قبلنه على وجنتيه ، كلهن يتحدثن بصوت حاد ومزعج ، وتذكر صوت كاريسا الدافىء ، وتساءل أين هي ؟
في تلك اللحظة أمسك جاك بذراعه قائلا :
" كايد ، لا بد أنك تذكر الآنسة مارتن".
وأحس كايد باليد المنعشة تتسلّل برقة الى يده ، وسمع صوتها الهامس يقول:
" شكرا لك على البطاقة ، كنت رائعا".
وتذكّر كايد فجأة انها لا بد جاءت برفقة عمتها ، ولأنه لا يريدها ان تذهب ، ولأنه أحس بان اليد التي يريد أن يستبقيها في يده بدأت تنسحب بخفر ، سارع الى القول:
" وعمتك ، هل اعجبها العرض أيضا ؟".
" لم تتمكن من المجيء ، إضطرت الى ملازمة الفراشلوعكة صحية أصابتها ، لم استعمل إلا بطاقة واحدة ...".
" ألا تعرفين أحدا في سيدني؟".
" لا أعرف أحدا في استراليا كلها بإستثناء عمتي .. وانت ".
وإنسحبت اليد الصغيرة بعناء من أصابعه ، رغم محاولته التمسك بها مدة اطول.
" لا تذهبي... جاك !".
إلتفت عندما أحس بيد صديقه تلامس كتفه برفق ، إنه يعلم أن جاك لن يدعها تغادر المكان قبل ان يتفرّق كل الحشد ، وفعلا كان مدير أعماله عند حسن ظنه به ، حتى انه إستأجر لهما سيارة خاصة ، وحجز لهما في مطعم فخم يقدّم العشاء للساهرين حتى ساعة متأخرة من الليل ، جاك يعرف دائما كيف يعثر على أفضل المطاعم والاندية بعد ساعات قليلة من وصوله الى أي مدينة في العالم.
كاريسا مارتن ، إمراة مميزة فعلا ، كانت ترشده وسط الطاولات بلباقة ، وهي تمسك ذراعه ببساطة وعفوية كما تفعل أية سيدة جميلة عندما تخرج مع رجل ، جلسا ، كما اراد ، جنبا الى جنب حتى يتمكن من الإحساس بأدق تحركاتها ، قرأت له لائحة الطعام ، وتركته يختار الأصناف التي يحب ، لم تتكلم كثيرا ، سألت النادل عن شيء أو شيئين في القائمة وسكتت ، لاحظ كايد رنة الإعجاب في صوت الرجل وهو يجيبها ، إلتقطت أذناه بسرعة وسهولة ذلك التغيير الخفيف في نبرته ، الذي يفصح عادة ردة فعل أي رجل امام الجمال الانثوي.
إبتسم كايد برضى ، حسد الرجال كان خير تعويض له عن عماه ، ولذا كان يحيط نفسه دائما بالنساء الجميلات ليفخر بهن في أماكن كهذه ، وفي المناسبات الإجتماعية ، وكأنه يسجل إنتصارا على الرجال المبصرين .
لم يكن كايد يشاهد أبدا برفقة إمرأة عادية ، وعندما إنتهيا من تناول الطعام ، ألقى يده برفق على كتفها ، وباليد الثانية اخذ يلهو بالساعة على معصمها ،وسألها:
" ساعتك ذهبية اللون أليس كذلك ؟".
" نعم ".
" والأحجار الكريمة التي تزينها ليست من الماس ؟".
" لا ، من الزمرد ، احجار صغيرة الحجم ".
" لتليق بلون عينيك ؟".
ضحكت بخجل قبل أن تجيب بدلال ورقة :
" لونهما يتبدّل وفق مزاجي ، عندما اغضب يميل الى الاخضر ، وعندما أكون في حالة رومنطيقية حالمة يصبح رماديا ، لكن معظم الناس يقولون أنني عسلية العينين " وسمع كايد صوت النادل ينظّف الطاولة قربه فناداه ، إنحنى الرجل امامه بأدب :
" نعم سيدي ".
إلتفت كايد الى كاريسا وهو يوجه حديثه الى النادل :
" إنظر الى عيني السيدة الجالسة قربي ، وأخبرني ما هو لونهما؟".
" رمادي ... رمادي داكن".
" شكرا ، هذا كل شيء".
إبتسم كايد بثقة وهو يتمنى لو يستطيع أن يرى الإنطباع الذي إرتسم على وجهها ، وعلّقت كاريسا بإحتجاج :
" لم يكن ما فعلته عدلا ".
وظلّ ممسكا بمعصمها رغم محاولتها الإفلات منه ، وضغط عليه بعنف ليتغلّب على مقاومتها ، قبل أن يجيبها :
" ربما ، لكنك أنت ايضا كنت غير عادلة ".

نيو فراولة 27-01-12 07:49 PM

وأحس بيدها ترتعش في قبضته فتابع قائلا :
" لو كنت مبصرا لما حاولت خداعي ، ضحكت علي لأنك أحسست انني لن أعرف الحقيقة".
جمدت في مكانها ، وللحظات طويلة لم تنطق بكلمة واحدة ،واخيرا جاءه صوتها خافتا :
" آسفة ، لم أقصد ذلك ".
ورفع يدها الى فمه قبل أن يحررها قائلا :
" هل نذهب الان ؟".
قبل ان تجيب ، نادى النادل مجددا ووضع في يده ورقة نقدية :
" هل تطلب لنا سيارة أجرة لو سمحت ! ".
" حالا يا سيدي".
وعندما إبتعد الرجل إلتفت كايد الى كاريسا :
"تعالي ننتظر السيارة في الخارج ".
لحقت به بإستسلام وأمام الباب الخارجي سألها :
" هل ترين أحدا في الجوار؟".
" لا ، الوقت متأخر جدا ، والشوارع خالية ".
إرتعشت عندما وضع ذراعه حول خصرها وهو يهمس :
" والظلام دامس ؟".
" نعم".
"حسنا ".
وبسرعة خاطفة عانقها، وللحظة أحس بها تتصلّب ... وكأن ما فعل فاجأها ن إبتسم بسخرية وهو يقول في نفسه : طبعا ستفاجأ ! إنها تمثل دور الفتاة البريئة !
" هل اطلب من السائق أن يأخذنا الى فندقي مباشرة ؟".
إبتعدت عنه بسرعة وكنه لدغها :
"هل تقصد .... انت تريد ... لا ... لا استطيع....آسفة ".
تساءل كايد عن السبب الذي يجعلها تمثّل هذا الدور السخيف ، قالت له قبل قليل إنها لا تعرف أحدا في سيدني ، لماذا المماطلة؟ سيجعلها تغيّر رايها ، لكن لا بد ان يفعل ذلك بسرعة ، يومان وسيذهب كل واحد منهما في طريقه .
وضع يده على شعرها وأخذ يربت على رأسها بحنان .
" أمامنا يوم واحد فقط ، ألا تحبين رفقتي ؟".
ترددت قليلا قبل أن تهز رأسها بالإيجاب .
" لماذا لا تمضين إذن نهار الغد كله معي؟".
" لا أعرف ، لا أستطيع ان أعدك بشيء ".
" لكنك أكّدت قبل لحظة انك ترغبين برفقتي ".
وسمعت صوت السيارة تقترب من المنعطف ، فإبتعدت عنه وهي تقول بإرتياح :
" سيارة الأجرة ".
منتديات ليلاس
عندما إستقرّا داخل السيارة ، حاول مجددا ان يلفها بذراعه فإبتعدت عنه لتلتصق بالزاوية ، ما بها ؟ هل صحيح إنها محافظة الى هذه الدرجة ؟ ماذا تفعل معه إذن ؟ هو يعرف جيدا انها تشعر بميل نحوه ، فلماذا تتصرف هكذا ؟ سيترك المدينة بعد يومين ، فلماذا المماطلة ؟
امسك بيدها اليسرى ، لم تكن تضع خاتم زواج ، ليس هذا السبب إذن ، وأحس كايد بإرتياح كبير ، ظل ممسكا بيدها ، وسالها مرة اخرى :
" لم تجيبي على سؤالي بعد ! ".
" أن أمضي نهار الغد معك ؟".
"والليل أيضا ! ".
" لن أجيب على الجزء الثاني من السؤال".
وكاد كايد يفقد السيطرة على أعصابه ، ما بها هذه المرأة ؟ هل تريد التلاعب بعواطفه ، عرف من صوتها انها أشاحت بوجهها عنه لتنظر من النافذة .
فقال بحدة :
" لن تجيبي على الجزء الثاني من السؤال؟".
" لا ".
كانت ما تزال مشيحة بوجهها عنه ، ضايقه تصرفها فسالها بسخرية :
" هل يعجبك المنظر الى هذا الحد ؟".
إرتعشت أصابعها ، واحسب ها تلتفت اليه بسرعة :
" آسفة ، كيف عرفت ؟".
يبدو أن شقيقها لم يعلّمها كل شيء ، لكن ربما لم يكن من عادتها أن تحدّق في جهة أخرى عندما تخاطب شقيقها ، ولاحظ فجأة انها المرة الثالثة التي تعتذر منه في تلك الليلة ، كان الأمر سيزعجه في مناسبة أخرى ، او من إمرأة اخرى ، أما هي فاحب طريقتها في الإعتذار ، وعاد يسال برقة هذه المرة:
" فلنعد إذن الى الجزء الأول من السؤال !".
" كنت أعتقد انك تريد لا سماع رأيي بالجزء الأول ما لم اعطك اولا جوابي على الجزء الثاني".
" كاريسا يا عزيزتي ، تعالي معي غدا لنتعرف معا على المدينة أعدك بانني لن اضايقك بعد الان ".
واحسب ها تستريح في مقعدها وهي تقول بصوت طفولي:
" يسرني ان أقبل دعوتك ".
رغم كل إعتراضات جاك الذي كان يصرخ بأن هناك اشياء أهم يجب الإهتمام بها ، اصرّ كايد على تمضية اليوم كله مع كاريسا .
" انت مدير اعمالي يا جاك ، تصرف كما يحلو لك ، أعطيت نفسي إجازة هذا اليوم ".
" كاريسا مارتن ، أليس كذلك؟ هل تعرف يا كايد ماذا تفعل ؟".
" أعرف جيدا ، وكما قلت لك لا اريد رؤيتك هذه الليلة ".
" لكن كايد ...".
" ساراك غدا يا جاك ".
وإستقل السيارة التي كانت تنتظره في الخارج ليذهب وكاريسا الى الجبال المجاورة ، أخذت تصف له بدقة وشاعرية معالم الطريق ، وكان يستمع اليها بحنان ، وهو يحاول أن يرى من خلال عينيها روعة المناظر الطبيعية الممتدة أمامهما ، رأى الشمس تتوسط السماء وتلقي بخيوطها الذهبية على البحيرات النائمة ، وراى أشجار الصمغ تقف بإعتداد لتستقبل الضوء والهواء ، والعصافير الملونة تملأ الدنيا بمهرجان رائع من الأخضر والأحمر والأصفر ، وأخذ السائق يحدثهما عن الأساطير المرتبطة بهذه الأرض الرائعة ، فأضفى على الجو رهبة وغموضا ، وفي بقعة خلابة ترجلا أخيرا في احضان الطبيعة ، كانت تقوده برفق وسط الدروب الوعرة وهي تصف له جمال الزهور البرية الطبيعية ، والنباتات المتنوعة ، وحين وصلا الى أعلى التلة جلسا على صخرة صغيرة يتحدثان بإنطلاق وحرية ، كانت تحاول أن تجعله يشاركها روعة المشهد الممتد أمامهما ، وكأنها ترسم لوحة كلامية .

نيو فراولة 27-01-12 07:50 PM

وتشعّب الحديث فسالها:
" السائق رجل في اواخر الخمسينات ، طويل القامة ، ويميل الى البدانة... اليس كذلك يا كاريسا؟".
" نعم ، هل أنت دائما بهذه الدقة في معرفة شكل الشخص الجالس أمامك ؟".
إبتسم بخبث وهو يجيب :
" وأنت شقراء الشعر ، معتدلة القامة ، ونحيفة البنية ...".
وتابع وصفه متجاهلا شهقة التعجب التي صدرت عنها .
" اما عمرك فيتراوح بين الواحدة والعشرين والثالثة والعشرين .... اليس كذلك ؟".
توقف قليلا ومن ثم ضحك لصمتها المتواصل :
" لن تخبريني عن عمرك ؟ الم أقترب من الحقيقة ؟".
" بلى ، لكن ألا تعرف أنه من غير اللائق سؤال المرأة عن عمرها الحقيقي؟".
" ما زلت صغيرة على القلق .... عليك الا تفكري بقضية العمر قبل أن تصلي الى عمري على الأقل ".
" انت لا تتجاوز الثلاثين ، ومن ناحية ثانية العمر ليس مهما بالنسبة الى الرجل ، أليس كذلك ؟".
" تعرفين عمري ! ".
" طبعا ، انا من المعجبات بك ، وأقرأ كل ما يكتب عنك ".
" حسنا ، وماذا تعرفين ايضا ؟".
"ولدت في مكسيكو ، والدتك من اسرة أسبانية عريقة عارضت زواجها من والدك ، فهربا معا الى الولايات المتحدة ، توفي والدك وأنت لا تتجاوز الرابعة من العمر ، وكان كل ما تركه لك قيثارة متواضعة ، عندما بلغت السادسة عشرة أخذت تعزف في المقاهي لتعيل والدتك وشقيقتك الوحيدة التي تصغرك سنا ، إكتشفك ...".
أوقفها بحركة سريعة من يده :
" حسنا ، أنت من المعجبات بي ، اصدقك الآن ".
" الم تصدقني عندما قلت لك ذلك في الطائرة ، أو عندما جئت الى الحفل ؟ ألم أقل لك بانني أحب موسيقاك ؟".
" وكنت أنتظر ان تقولي ايضا انك تحتفظين بكل أسطواناتي ".
وإبتسم لها ، لا إبتسامته الساخرة الشهيرة ، بل اخرى فيها الكثير من المرح والحنان .
" لماذا تضحكين ؟".
وإزدادت ضحكتها إتساعا :
" لأنني أحتفظ فعلا بكل اسطواناتك ، اقسم بذلك ".
نهض فجأة ورفعها من مكانها ليقربها منه ، شعر بأنفاسها الرقيقة تمر على وجهه كنسمة منعشة ، اراح كفيه على كفيها وسالها :
" تركت شعرك منسدلا اليوم ؟".
" نعم ".
ومرّر أصابعه بين الخصلات الناعمة ، وود لو لا يتركها أبدا .
" هكذا تبدين اصغر سنا ".
" ماذا ؟ كيف عرفت ؟".
وضحكت لتخفي حيرتها.
" أعرف ... من الطريقة التي يتفاعل بها الرجال معك ".
حاول ان يعانقها فقاومته بإصرار .
" أرجوك دعني ".
رنّة الخوف في صوتها فاجأه فحاول السيطرة على غضبه ، وكطفلة صغيرة عادت ترجوه بصوت خافت :
" ارجوك كايد ، دعني ".
فتركها على مضض وعادا معا الى السيارة .
توقف السائق امام فندق كاريسا ، صعدت الى غرفتها لتستبدل ثيابها ، وإنتظرها كايد في الردهة ، ثم ذهبا معا الى فندقه ، وجلست كاريسا في غرفة الإستقبال التابعة لشقة كايد تنتظره حتى يغيّر هو ايضا ثيابه ليتناولا العشاء في مطعم الفندق.
وعندما خرج أخيرا من غرفة النوم سألها :
" ما رأيك بربطة العنق هذه يا كاريسا ؟".
" جميلة ".
جاءه صوتها من الكنبة العريضة فتوجه اليها وهو يقول في نفسه أنه ربما يستطيع الآن أن يطلب العشاء الى الشقة ، لكن حين نفرت من لمسة يده عرف انه لن ينتصر هذه المرة أيضا ، همس بصوته الدافىء :
" الا تبيقين معي يا حبيبتي ؟".
لم تجب فعاد يهمس برقة :
" حبيبتي ! ".
لم يصدّق صوتها الهامس وهي تقول بأنها ستبقى معه ، حاول كايد جاهدا ألا يدع فرحة الإنتصار تبدو بوضوح على وجهه.
" حسنا ، فلننزل الى المطعم إذن ".
تناولا العشاء على ضوء الشموع ورقصا معا وهو يهمس لها بأرق الكلمات ، وعندما عادا الى الشقة أحس كايد أن كاريسا عادت تتصلّب مرة أخرى ، لن تغيّر رأيها الآن ؟ ما بها تتلاعب بعواطفه هكذا ؟ لن يدعها تفلت منه هذه المرة !
" لماذا لم تخبريني ؟".
لم تجبه ، ظلت صامة، أحس انها تحاول بجهد المحافظة على هدو اعصابها ، لم تكن تبكي على الأقل .
" لماذا لم تخبريني أنك لم تعرفي رجلا من قبل ؟".
وتوقف فجأة عند فكرة إخترقت ذهنه بسرعة وجعلت قلبه ينبض ، أمسكها بكتفيها وهو يشعر برغبة مجنونة بهزّها بعنف ، سالها بقسوة :
" كم عمرك؟".
" عشرون عاما ".
بدت خائفة ، لن تخدعه هذه المرة ، عاد يهزها بعنف وهو يكرر سؤاله حتى إنهارت باكية وهي تعترف بالحقيقة.
" سبعة عشرة عاما ".
صرخ عاليا :
" يا ألهي ... يا الهي".
كم كره نفسه في هذه اللحظة ، شدّ اصابعه على كتفيها وكانه يريد ان يحطمها ،حاول جاهدا ان يسيطر على أعصابه كي لا يضربها ، يكفيه ماحدث ، وسمعها تقول :
" أرجوك يا كايد ، أنت تؤلمني ".
إبتعد عنها وهو يزمجر :
" يا لك من فتاة بلهاء ... يا لك من مجنونة ! ".
تركها وذهب الى الحمام ووقف تحت المياه الباردة ، وعندما عاد الى غرفة النوم وجدها تغط في نوم عميق ، لا بد أنها بكت كثيرا ، لن يشفق عليها ، إنها لا تستحق الشفقة ، فتاة مخادعة ، هي السبب في كل ما حدث ، جلس في غرفة الإستقبال يدخن بعصبية وعندما نفض رماد سيكارته لمس العلبة الصغيرة التي أعطاها له جاك بالأمس ، كان قد طلب منه أن يشتري قطعة من المجوهرات مطعّمة بالزمرد ، فتح العلبة وبدا يلهو بالأسوارة الذهبية الرائعة المزينة باحجار الزمرد ، جاك يعرف ذوقه تماما ، صحيح أنه لا يستطيع ان يراها لكنه يشعر يصياغتها الدقيقة ، بعد دقائق سمع كايد تململ كاريسا ، ووصله صوتها المتردد يناديه بخوف :
" كايد... كايد... اين أنت ؟".
نهض من مكانه وذهب اليها .
" كايد ، الغرفة مظلمة جدا وأنا لا ارى شيئا ".

نيو فراولة 27-01-12 07:52 PM

وبعصبية أدار مفتاح النور وناداها آمرا :
" تعالي هنا ، أعطني يدك ".
إقتربت منه بخطى مترددة ، أمسك يدها بعنف ، وضع الإسوارة حول معصمها وإبتعد.
إرتجف صوتها وهي تسال :
" هذه الإسوارة... هل إخترتها لي خصيصا ؟".
" نعم ، الا تعجبك ؟".
" بلى تعجبني ... طبعا أعجبتني ، إنها جميلة جدا ، شكرا ... لكني لن اقبلها ".
سمعها تنتزعها من معصمها لتضعها على المكتب المجاور ، لامس شعرها خده وهي تمر به ، فعبق انفه برائحتها الذكية ، لم يعد يستطيع لجم غضبه فسخر منها بقسوة :
" طبعا ، آسف ، نسيت ان الصغيرات هنّ أغلى ثمنا من غيرهن ، أعذريني لم أكن أعرف عندما إخترت هذه الهدية أنك من تلك الفئة من النساء ".
" كايد ! ".
لفظت إسمه بالألم وكانها لا تصدق ما سمعت ، هل يقصد فعلا ما يقول ؟ وأحست بسكين يمزقها بدون رحمة ، أما هو فشعر بالرضى للألم الذي سببه ، وجاءه صوتها خافتا متشنجا :
" أنت لم تشتريني ".
" بلى إشتريتك ، أنا دائما اشتري نسائي بطريقة أو بأخرى ، هذه هي الوسيلة الوحيدة التي استطيع بها التأكد بأنهن لا يخرجن معي بدافع الشفقة فقط ".
" انا لم اشفق عليك ، أنت تعرف ذلك جيدا ، ومن جهة أخرى أنا لا أستطيع أن أقبل هدية ثمينة كهذه ".
"ولماذا ؟ فزت بها عن جدارة ! ".
" كفى يا كايد ، ارجوك ".
ستبكي الآن ، لا بد وان تنهمر دموعها ، لكن صوتها الذي خدعه بنضجه إرتفع هادئا ينم عن إعتداد غريب بالنفس ".
" وكيف أشرح لهلي سبب حصولي على هدية كهذه ".
تعليقها ذكّره كم هي صغيرة ، فعاد الغضب يتاجج في صدره ، كيف سيتصرف مع هذه الطفلة الغبية التي تحاول أن تلعب لعبة الكبار .
" ستختلقين لهم عذرا ، أنت ماهرة جدا في الكذب والخداع ".
" انا لم أكذب عليك ".
وتابعت بهدوء مفاجىء :
" أعلم أنك ظننت بانني أكبر سنا ،لكنني لم أخدعك أنا بحقيقة عمري ".
" قلت أنني لم اخطىء كثيرا حين اشرت الى ان عمرك قريب من الثانية والعشرين أو الثالثة والعشرين ...".
" او الواحدة والعشرين ! ".
ذكّرته برقة وعندما ظلّ صامتا اضافت :
" حسنا ربما إعتبرتها كذبا ، ألهذا أنت غاضب مني الى هذا الحد ؟ كم اجل كذبة بيضاء صغيرة ؟".
صرخ بغضب :
" نعم ، كذبة لم يكن ليصدقها أي رجل مبصر ، لم يكن بإستطاعتك الكذب على رجل سليم".
"كايد ، آه ، كايد ".
إحتجت بمرارة وهي تحاول أن تدافع عن نفسها .
" أي رجل كان سيصدق ، اقولها بصدق ، معظم الناس يظنون بأنني في العشرين ، أبدو أكبر من عمري الحقيقي ".
" اشك بما تقولين أيتها المخادعة الصغيرة ".
" لم أقصد خداعك ".
" بل قصدت ذلك ".
وأحس برغبة مجنونة في إيذائها أكثر .
" اردت إمرأة وليس طفلة ".
أصابها السهم بقوة فاجابت بألم :
" لست طفلة ، بل انا معجبة بك منذ زمن بعيد ،وعندما عرفتك شخصيا ... أحببتك ".
أجابها بوحشية :
" في يومين فقط ، احببتني ، لا تكوني بلهاء ولا تكذبي عليّ بقصص الحب هذه ".
" لا تكن قاسيا ، انا أعرف عنك الكثير ".
" ما قرأته في الصحف ؟ معظمه اكاذيب وقصص يختلقها جاك وغيره ، حتى إسمي ليس حقيقيا ... مجرد اكذوبة ، انت لا تعرفين شيئا عني ".
" بل أعرف الكثير ، لا يهمني إن كانت معظم القصص التي تروى عنك مختلقة ، أو أن كان إسمك مزيفا ... ما يهمني ، وأعرفه جيدا ، انك عملت بإصرار حتى تصل الى حيث أنت الآن ، ولتتغلب على كل الحواجز التي تعترض طريق أي فنان ، وأعرف ايضا انك تستطيع ان تكون طيبا ولطيفا ... وقاسيا ".
" وصفك لشخصيتي يتجاهل نقطة مهمة ، وهي ان الرجال يصبحون لطفاء عندما يريدون الحصول على شيء ما ، ويظهرون على حقيقتهم فور حصولهم عليه، الم تكوني تعرفين ذلك ؟".
" وكيف أعرف ؟".
" صحيح ، نسيت أنها المرة الأولى التي تتعرفين فيها على رجل ".
تكلم بسخرية لاذعة جعلتها تشعر وكأنها طفلة صغيرة يؤنبها الكبار على غلطة كبيرة إرتكبتها.
فقالت بإستسلام :
" آسفة ".
" ماذا كنت تفعلين وحدك في الولايات المتحدة أي نوع من الأهل لديك ؟".
وإحتجت بسرعة على هذا التعريض بوالديها :
" إنهما رائعان ، لا بد وأن يصابا بخيبة أمل كبرة عندما يعرفان بأنني ....".
" لا أظن ذلك وإلا لما تركا إبنتهما تجول العالم بمفردها ".
" ذهبت الى الولايات المتحدة في بعثة دراسية وعشت هناك سنة واحدة فقط ، كانا يظنان ان عمتي ستنتظرني في المطار ، قلت لك هذا من قبل ".
عمتها المريضة إذن موجودة فعلا.
" آسفة ".
ردّدت مجددا فغضب كايد لأعتذارها المتكرر .
" كفي عن الإعتذار ارجوك ".
إبتعد عنها وهو يلوح بيديه غاضبا ، ومرّر أصابعه في شعره محاولا أن يسيطر على إنفعاله .
" كان عليك أن تخبريني أنها كانت المرة الأولى ".
" لماذا ؟ ما الفرق ؟".
" لو عرفت ما كنت إقتربت منك ".
وتسمرت كاريسا في مكانها ، حتى لم يعد كايد يسمع صوت أنفاسها ،وبعد دقائق لم يعد يشعر حتى بوجودها ، اين هي ؟ هل غادرت الغرفة ؟ هل تركت الشقة ؟ وبغضب أخذ يدور حول نفسه في الغرفة بدون ان يحسب خطواته كعادته ، وعندما توقف اخيرا لم يستطع أن يحدد مكانه ، لا شيء قربه يدلّه على الموقع الذي يقف فيه ، ماذا لو إقترب خطوة اخرى وجد نفسه يصطدم بالحائط ، او بأحد المقاعد ، وفجأة تملكه الخوف فصرخ بحيرة :
" كاريسا اين انت ؟".
وأحس بها ترتمي على صدره فضمّها اليه بعفوية وهو يسمعها تهمس برقة :
" كايد انا هنا ، لا تخشى شيئا ، أنا هنا ".
وضع رأسه على شعرها ، وشدّها اليه بقوة وهو يمسح دموعها باصابعه، وأحس كايد بمرارة شديدة عندما عرف ان الفجر بزغ في تلك اللحظة.

عطر@المحبة 29-01-12 03:14 AM

باين عليها كثير حلوه سلمت الانامل
بانتظارك

تحياتي:55:

نيو فراولة 29-01-12 06:19 PM

2- هل مرّ زمن !

قفزت كاريسا من الباص حتى قبل ان يتوقف تماما في المحطة، وتوجهت مسرعة الى مقر عملها ، ردهة البناية الكبيرة كانت شبه خالية ، ولم يكن هناك أحد غيرها في المصعد الذي صعد بهدوء الى الطابق الخامس .
مشت في الرواق الطويل المفروش بسجاد انيق ، وتوقفت امام لافتة سوداء مزينة بحروف ذهبية، كتب عليها ، موريس كاري ويات ، متعهد الحفلات الفنية في نيوزيلاندا ، فتحت الباب ودخلت الى المكتب الذي عملت فيه طيلة السنوات الخمس الماضية .
منتديات ليلاس
ألقت تحية الصباح على الفتاة الجالسة وراء مكتب الإستقبال ، هنا بدأت حياتها المهنية ، لم تكن تتجاوز العشرين من العمر عندما إلتحقت بخدمة موريس وبات ، متعهد الحفلات المعروف ، الذي يشهد له الناس بانه هو الذي وضع جزر نيوزيلندا على لائحة أشهر المغنين العالميين .
اليوم هي تشغل منصب المساعدة الشخصية لموريس وتعمل في مكتب خاص بها ، وتتقاضى راتبا يليق بمركزها الجديد ... هي اكثر من سكرتيرة من الدرجة الأولى ، انها تنوب عن موريس في الإشراف على كل الترتيبات النهائية المتعلّقة بالحفلات التي يتعهدها ، وتتخذ كل القرارات الحاسمة عندما يضطر موريس للسفر في مهمة ما ، كما هو الحال الآن ، مديرها الآن في استراليا وهي تتولى إدارة شؤون المكتب .
واوقفها صوت موظفة الإستقبال وهي تهم بالدخول الى مكتبها .
" السيد ويات ينتظرك يا نسة مارتن ! ".
" هل عاد من سفره ؟".
كانت تعلم ان طائرته وصلت في الصباح الباكر لكنها لم تتوقّع أن يكون في مكتبه قبل الظهر ، عاد يذهب الى شقته ليستريح قليلا ، قبل العودة الى العمل ، كانت رحلاته كثيرة ومتعبة ، لكن كاريسا لم تسمعه يشكو مرة واحدة من الإرهاق ، كم هي معجبة بهذا الرجل .
" قال انه يريد رؤيتك فور وصولك ".
" شكرا يا ساندرا ، ساذهب اليه حالا ".
وتوجّهت كاريسا الى مكتب موريس وهي تتساءل عمّا يمكن ان يستدعي كل هذه العجلة .
في الرواق المؤدي الى غرفة مديرها ، القت نظرة خاطفة على مجموعة صور لأشهر الفنانين العالميين ممهورة بتوقيعهم الشخصي، كلهم زاروا نيوزيلندا بناء على إلحاح موريس الذي كان يبذل كل ما في وسعه ليقنعهم بأن بلاده جديرة بإهتمامهم .
لم تكن كاريسا تعلم سبب زيارته الأخيرة الى أستراليا ، لا بد أن الرحلة كانت في غاية الأهمية ، قرات في الصحف انه من المتوقع أن يزور سيدني قريبا أحد اشهر المغنين العالميين ، لا بد أن موريس ذهب شخصيا ليقنعه بوضع نيوزيلندا على لائحة جولاته الفنية ، وهو يريدها الآن ، ليطلعها على كل ما تم بهذا الشان ، ومن المؤكد انه سيطلب منها الإشراف على الترتيبات النهائية لأستقبال الضيف المعروف.
كان موريس يقف قرب النافذة عندما دخلت كاريسا المكتب ، لاحظت فورا انه يضغط على ذقنه بحركة عصبية ، مما يعني أن أمرا هاما يقلقه.
" لم أتوقع عودتك بهذه السرعة يا موريس ، بلّغتني ساندرا أنك تريد رؤيتي ، لا بد ان الأمر في غاية الأهمية ".
أشار بيده الى مقعد قريب فجلست كاريسا تنتظر أن يبادرها الحديث.
موريس رجل ضخم الجثة ، كثيف الشارب ، شعره الأسود يغطي ياقة قميصه ، وفي عينيه الزرقاوين بريق حاد ينم عن ذكاء مميّز وقدرة على إلتقاط أدق التفاصيل .
وفجاة إرتفع صوته قائلا :
" كاريسا ، اريدك ان تساعديني في أمر مهم جدا ".
وأخذ يسير في الغرفة ذهابا وايابا وهو واضح العصبية ، إبتسمت كاريسا وهي تجيب :
" هذا ما اتقاضى راتبي من أجله ، ما الأمر هذه المرة ؟ هل تعاقدت مع فنان مزاجي الطباع ؟ شخص يحتاج الى الكثير من الصبر والإهتمام ؟".
كانت تحب المهمات الغريبة ، وتهوى التحدي ، ومن إيجابيات عملها انها كانت تتعرض دائما لمفاجآت مثيرة تكسر حدة الروتين وتدخل التجديد على حياتها.
كان من الواضح ان موريس يتردد في طرح الموضوع عليها ، لا بد أنه يعتقد أنها لن تحب هذه المهمة الجديدة، سألته بفضول فيه شيء من القلق.
" ما الأمر يا موريس؟".
" أريد ان احذرك اولا أن الأمر في غاية السرية والخطورة ، إنها قضية حياة أوموت ، لو نطقت بكلمة واحدة...".
وغمزت كاريسا بعينيها وهي تقاطعه :
" لن انطق باي كلمة ".
" وتستطيعين ايضا رفض المهمة ، لأنها ... لا تدخل ضمن نطاق المهام التي تتقاضين راتبك من اجلها ، لكنني اتمنى قبولك القيام بها ، لأنني أثق بك جدا يا كاريسا ، أنت إنسانة ذكية يمكن الإعتماد عليها ، هذه المهمة تحتاج الى شخص مثلك تماما ، واعرف أيضا أنك قادرة على التعامل مع هذا الفنان ".
إبتسمت كاريسا وهي تجيب :
" لماذا كل هذه السرية يا موريس ؟ من هو هذا الفنان ؟".
" إنه من المطربين المعروفين ، لا اريد ذكر أي أسماء الآن ".
وتلفت حوله وكان الغرفة مجهزة بآلات تنصّت خفية ، إبتسمت كاريسا رغما عنها .
رغم كل السرية التي يضفيها موريس على الموضوع ، كان من الواضح انه يستمتع بكل لحظة من هذه المغامرة الجديدة .
" ما اريده منك هو الإهتمام به بضعة أيام ، أو ربما بضعة اسابيع ، أعرف انك قمت بمثل هذه المهام من قبل ، لكن الأمر يختلف هذه المرة ، المهمة خطرة وقد تتعرضين لسوء ما ".
" لماذا ؟ انا لا أعرف أي مطرب مشهور له هذه الميول الإنتحارية ! ".
" لا ، ليس إنتحاري الميول ، لكنه مهدد ! ".
" مهدد ؟ هل تقصد أن شخصا ما يحاول قتله ؟".
" شخص ما حاول قتله مؤخرا : لا احد يعرف انه موجود هنا الان ... على القل آمل ذلك ، المهم أن يختفي عن الأنظار لفترة معينة ، هو بحاجة الآن الى من يهتم باموره .... انت يا كاري ... ارجوك ".

نيو فراولة 29-01-12 06:21 PM

ولم تستطع كاريسا ان تستوعب كل هذه التفاصيل الغريبة دفعة واحدة فسالت :
" وهل احمل مسدسا ؟".
" كفي عن المزاح رجوك ، القضية في غاية الجدية والخطورة ".
" آسفة ، لكن قل لي بصراحة يا موريس ، هل تعتقد فعلا ان شخصا ما حاول قتله ، اليس الأمر مجرد خدعة إعلامية للفت أنظار الجمهور الى جولته الفنية الأخيرة ؟".
" لا يا كاريسا ، ليست لعبة ، أعرف مدير اعماله جيدا وهو الذي اخبرني بما حدث ، تستطيعين رفض المهمة إن كنت خائفة ، لكنني بامس الحاجة الى إنسان اثق به كنفسي ".
" شكرا على الإطراء ".
" تعرفين جيدا ان ما اقوله ليس إطراء الكلمات المعسولة والتي لم تمكن أي رجل من كسب قلبك ، ولذا إخترتك أنت بالتحديد لهذه المهمة ".
وقبل ان تجد الإجابة المناسبة أضاف قائلا :
" فكري جيدا بالأمر ، وإذا كان الجواب إيجابيا سنتابع الحديث في سيارتي ".
وبعد دقائق معدودة أجابت :
" الجواب...نعم ! لكن لماذا نتابع الحديث في سيارتك وليس هنا ؟".
إرتاحت ملامحه وهو يجيب :
" ساشرح لك كل شيء ونحن في طريقنا ... اليه ".
ولم تكد تمر دقائق حتى كانا في سيارته في طريقهما الى شقته ، وعندما لم ينطق موريس بكلمة واحدة سالته :
" قلت أنك ستشرح القضية بتفاصيلها قبل وصولنا الى البيت ".
"حسنا ، حدثت كل التطورات خلال رحلتي الأخيرة الى استراليا .... لا أريد ذكر أي اسماء".
ولاحظت كاريسا ان موريس يستمتع فعلا بكل هذه الأسرار ، وكل هذا الغموض .
" الشخص المعني بالأمر مطرب معروف جدا في الولايات المتحدة ، ويبدو أنه تلقى في الأشهر القليلة الماضية العديد من رسائل التهديد ، والمكالمات الهاتفية المزعجة ، ولذا نظم له مدير اعماله الجولة الفنية التي قام بها مؤخرا في أستراليا ، على أمل ان يتمكن رجال الشرطة من العثور على مصدر التهديد خلال غيابه ، وظن الجميع ان هذا المطرب سيكون بأمان طالما هو خارج البلاد ، لكن أحدا ما هاجمه في ملبورن وكاد يقتله ، لحسن الحظ لم يصب إلا بجروح طفيفة ... وهرب المعتدي ،وعندما فشل رجال الشرطة في القبض على المجرم ، رأى مدير اعماله ان يستعين بخدمات مؤسسة خاصة للتحري ، عرضت عليه وضع خطة معينة ...".
وتردّد موريس لحظات قبل ان يتابع :
" وعرضت عليهم مساعدتي ، منذ زمن طويل أحاول إقناع هذا المغني بزيارة نيوزيلندا ، لو ساعدته الآن ، لا بد وأن يبادلني خدمتي بخدمة اخرى ، اليس كذلك؟".
" نعم ، ما هي الخطة ".
" الفرقة الموسيقية المرافقة له عادت الى الولايات المتحدة في الوقت المحدد ، أي فور إنتهاء الحفلات في أستراليا ،وكذلك فعل مدير أعماله ، اما هو فجاء معي سرا".
" جاء معك ، هو في شقتك إذن؟".
" نعم ، ولذا كنت أريد العودة الى هناك باسرع وقت ممكن ، لا اعتقد أن أحدا يعرف بوجوده هنا ، لكنني اعترف لك أنني في غاية القلق".
" الى متى تنوي إخفاءه في شقتك ؟".
" الليلة فقط ، غدا ستذهبان معا الى المنزل الريفي".
" المنزل الريفي...".
وسرحت كاريسا بافكارها بعيدا ، إنه المكان الذي يستعمله موريس لأستضافة المشاهير للإستراحة في احضان الطبيعة ، المنزل يقع قرب بحيرة رائعة ، وهومحاط بغابات خضراء توحي بالسلام والطمانينة ، المكان آمن فعلا ، والمنطقة شبه منعزلة ، وغير آهلة إلا بعدد قليل من الصيادين يعيشون في أكواخ بسيطة تتناثر حول البحيرة... لكن ماذا لو تمكن المجرم من العثور عليهما هناك ! لن يستطيعا النجاة من براثنه.
وإحتجت كاريسا عاليا :
" أنا لم أحمل سلاحا في حياني ، كيف أحميه؟".
" لا تقلقي ، لن تكونا بمفردكما ، سيرافقكما حارسان إختارتهما وكالة التحري للسهر على سلامتكما ، مهمتك هي الإهتمام براحته ، وإعداد طعامه وغسل ملابسه...".
" أي مجرد خادمة متواضعة !".
" متواضعة ! بمرتبك ! ".
" انا استحق كل قرش اتقاضاه يا موريس ، وانت تعرف ذلك جيدا ".
واسرع موريس يؤكد لها :
" اعرف.... أعرف ، صدقيني لو وجدت خادمة اثقب ها تماما ،كما اثق بك ، لما طلبت منك القيام بذلك ".
" اكره إعداد الطعام ! ".
" لكنك ستفعلين ذلك من اجلي ... اليس كذلك ؟ لا تحدثيني الآن عن حقوق المرأة وتحررها ، انا بحاجة ماسة اليك يا كاري".
وإستسلمت كاريسا اخيرا :
" حسنا ، أوافق شرط أن لا تطلب مني إعداد الطعام للحارسين أيضا ، يكفيني الإهتمام بفنانك الذي يكاد يموت خوفا".
" لا ليس من النوع الذي يخاف شيئا ! إنه رجل مجنون وحاد الطباع ، لو ترك له المجال لذهب بنفسه للبحث عن المعتدي ، لم يكن ليأتي معي لو لم يرغمه رجال الشرطة على ذلك".
" ارى أنها ستكون إجازة ممتعة جدا".
" في كل حال أريد أن أطمئنك الى أنك لن تعدّي الطعام للحارسين ، سيتظاهران بانهما من صيادي الأسماك وسيعيشان في كوخ قريب لمراقبة كل التحركات المشبوهة ، وأنت و .... لا أريد ذكر إسمه... ستبقيان بمفردكما في المنزل الريفي ، إبعادا للشبهات ".
" ماذا تعني ؟".
" ستكونان عروس وعريس يقضيان شهر العسل في مكان حالم ، وهذا سيبرر عدم خروجكما كثيرا خارج المنزل ".
" آه ، فهمت الان ".
وصمتت كاريسا وهي تحاول ان تزن القضية من مختلف جوانبها ، لو كان والدها على قيد الحياة ، لما وافق على قيامها بهذا العمل ، لكنه توفي ووالدتها قبل أربع سنوات في حادث سيارة، أما شقيقها كليف فيعيش في مقاطعة أخرى ، لن يمانع حتى لو عرف بالأمر ، علاقتهما جيدة لكنهما لا يتدخلان بأمور بعضهما الشخصية.


نيو فراولة 29-01-12 06:22 PM

وعندما أوقف موريس سيارته في كاراج المبنى سالته كاريسا :
"كم من المفروض ان نبقى في المنزل؟".
" حتى يتمكن رجال الشرطة من القبض على المجرم ، سأبقى على إتصال بك لأطلعك على آخر التطورات".
" بكلمات أخرى قد تطول إقامتي هناك فترة لا باس بها ، شهور ربما؟ آمل ان يبقى (زبونك) هادئا طوال هذه المدة".
" اعتمد عليك يا كاري في هذه الناحية ، مهمتك هي الإهتمام به والسهر على راحته ، لا تنسي أنني اريد منه القيام بجولة فنية لصالحي فور إنتهاء هذه القصة".
" موريس... ارجو أن تكون شرحت له طبيعة عملي ، حتى لا تراوده أي أفكار سيئة ، ربما تعرضني الى متاعب أنا في غنى عنها ".
ونظر اليها موريس معاتبا :
" طبعا يا كاري ، كيف يمكن أن يراودك الشك في ذلك ؟ أخبرته أن مساعدتي الشخصية ستهتم به ".
" هل يعلم ان الخطة تتطلّب ان نظهر كعروسين يقضيان شهر العسل ؟".
" نعم ".
" إذن ارجوك ان تفهمه بكلمات صارمة أن لا يتوقع مني أكثر من الطبخ وترتيب المنزل ".
" سأترك لك هذا الأمر يا كاريسا ، كلي ثقة بانك ستوضحين له ذلك شخصيا وبصراحة ".
ونزل من السيارة قبل أن يترك لها فرصة الإجابة ، وساد الصمت بينهما وهما في طريقهما الى الشقة ".
غرفة الإستقبال كانت خالية ، لكن كاريسا لاحظت بسرعة ان شخصا ما يستلقي بتكاسل في الشرفة مستمتعا باشعة الشمس.
شدّت كاريسا قبضتها عل كتف موريس وهمست :
" الن تخبرني من هو ؟".
" لا أسماء .... ستعرفينه فور رؤية وجهه".
وتبعته الى الشرفة بإستسلام.
كان الرجل الجالس هناك طويل القامة، أسود الشعر ، يمكن تبيّن ملامحه تماما تحت النظارتين السوداوين اللتين تخفيان عينيه تماما ، وتلقيان ظلالا داكنة على سائر وجهه ، لكن كاريسا كانت ستعرف هذا الوجه لو صادفته في أي مكان في العالم ، لقد سيطر على احلامها لسنوات عدة ، هل يمكن ان تكون هذه اللحظة جزء من الكابوس ؟ هل يكون هذا الرجل الجالس امامها حقا .... هو ؟
وأحست كاريسا بيد موريس تدفعها الى الأمام.
" هذه كاريسا مارتن... مساعدتي الخاصة ، كاري ... هذا كايك فرانكلين".
نظراته المشبعة بالمعاني الخفية ، والنبرة التي تسللّت الى صوته وهو يلفظ الإسم ، والتعابير الماكرة التي أرتسمت على وجهه.... هذه كلها أوحت أنه يستخدم إسما مستعارا ، لكن كاريسا عرفت الرجل فورا ، لم تكن تعلم أنه في أستراليا .
لسنوات طويلة حاولت ترويض نفسها على عدم قراءة أي شيء يتعلق به ، بل تمنت مع الأيام من أن تغلق ذهنها عن الحوار الدائر حولها عندما يذكر إسمه امامها ، طبعا لم تكن تستطيع أن تتجنّب رؤية صوره بين حين وآخر ، أو ان تسمع مقاطعا من اغانيه ، لكنها أبعدته تماما عن حياتها الخاصة حتى اصبح بالنسبة لها مجرد فنان معروف كغيره من الفنانين.
ولم تشعر كاريسا بيد كايد تمتد اليها إلا عندما احست باصابعه تضغط بقوة على يدها ، وبصوته الهادىء يقول:
" أهلا بالآنسة مارتن ، سمعت الكثير عنك من موريس ، قال انك أجمل وأكفأ مساعدة يمكن العثور عليها".
" شكرا للإطراء سيد فرانكلين ".
ولم تنطق بكلمة أخرى ، بل ألقت نفسها بثقل على أقرب مقعد.
لا ، لم يكن ما تراه حلما ، هو كايد ، لم يتغيّر ، فقط بضع شعيرات بيضاء لوّنت شعره الأسود ، وخطوط رفيعة تسللت حول فمه.
كان عليها أن تحدثه .... أن تسليه ..... لكنها عاجزة عن القيام بذلك ، في أي حال لا يبدو وكانه بحاجة الى من يخفّف عنه ، ها هو يستلقي بتكاسل في مقعده المريح ، واضح الهدوء والإسترخاء.
وعندما عاد موريس بأكواب الشراب رفع كايد النظارتين السوداوين عن عينيه ، ومد يده لتناول كوبه ، ثم نظر اليها متفحا وجهها بإهتمام قبل ان يهز رأسه إعجابا وهو يقول:
" نسي موريس أن يخبرني كم أنت جميلة !".
حدّقت به غير مصدقة ، وشهقت بدهشة وهي تقول :
" لا اصدق ، أنت ترى إذن ؟".
" الم تعلمي أنني إستعدت بصري؟".
هزّت راسها بالنفي وهي غير قادرة على النطق بكلمة واحدة ، لم تكن تتوقع هذه المفاجأة .
" أجريت لي عملية جراحية ناجحة منذ سنتين ، وإستعدت نظري كما ترين ".
ونظر اليها بإستغراب وفضول ، فتأكدت انه لم يعرفها ، لا بد أنه إلتقى بالعديد من النساء بعدها ، طبعا لم يتذكرها ، وجهها لم يره من قبل ، ومن الواضح ان إسمها لا يعني له شيئا ، لا بد أنه إستغرب كيف لم تسمع انه إستعاد بصره رغم انها تعمل في المجال الفني ، آه لو يعلم كم عانت كي تتمكن من إبعاد شبحه عن حياتها !
وقطع صوت موريس حبل افكارها :
" هل نهتم بالترتيبات النهائية ؟ كاري ، ارجوك ان تصلي بوكالة تأجير السيارات وإطلبي منهم تسليم هذه الليلة ، قومي بذلك هاتفيا كي لا نخاطر بأن يلحق بك أحد ، وبمجرد حلول الظلام ستتحركان بإتجاه المنزل الريفي ، انت التي ستجلسين وراء المقود يا كاري ، لا تسرعي ، الطريق خطرة ".
" اعرف ذلك ".
أجابت كاريسا هامسة ، هي تخشى القيادة ليلا في تلك المنعطفات الصحية ، واحس موريس بقلقها فقال :
" حاولي القيادة ببطء شديد ، لا تخشي شيئا ، الحارسان سيرافقانك حتى المنزل الريفي".
وإطمانت كاريسا قليلا :
" واين هما الآن ؟ في الخارج ؟".
" نعم ، رايت أحدهما في الرواق الخارجي ونحن ندخل الشقة ".
" حسنا ، لكن عليّ ان أحضر بعض الثياب قبل الذهاب ".
"كم تحتاجين من الوقت لحزم حقائبك؟".
" نصف ساعة فقط ، لست بحاجة الى الكثير من الثياب ، لكن علي ان أعود أولا الى المكتب لأعطاء التعليمات اللازمة لسير العمل في فترة غيابي".
" فكرة جيدة ، هكذا ستبدو الأمور طبيعية في حال وجود شخص ما يراقب تحركاتنا".
" هل تظن ان الشخص المعني تمكّن من اللحاق بكما من أستراليا ؟".
" لا ، لكن من الأفضل عدم المجازفة ، والإستعداد لكل المفاجآت".
لم يشارك كايد في الحديث ، فلم تتمكّن كاريسا من معرفة رايه بالموضوع ، كان يبدو وكأن القضية كلها تصيبه بالضجر.

نيو فراولة 29-01-12 06:24 PM

وغادرت كارسا الشقة لتعود الى مكتبها ، ورغم تراكم العمل عليها ، إلا انها أحست بسعادة كبيرة لأبتعادها ، ولو لساعات قليلة عن كايد ، وفي الموعد المحدد للإنصراف ، تركت كاريسا المكتب بعد ان سلمت الفتاة التي ستنوب عنها في فترة غيابها كل ما يمكن أن تحاجه من أوراق وملفات ومعلومات ، حزمت حقائبها بسرعة وعادت الى شقة موريس.
وفي تمام الساعة التاسعة والنصف إنطلقت السيارة بإتجاه المنزل الريفي ، وإطمأنت الشابة وهي ترى في مرآتها الأمامية أضواء سيارة المرسيدس الخضراء التي سترافقها طول الطريق.
وركزت كاريسا ذهنها على القيادة وهي تحاول بصعوبة ان تتجاهل الرجل الجالس قربها ، حافظت على حدود السرعة القصوى المسموح بها ،وكانت تسترق النظر بين الحين والآخر لتتأكد من وجود الحارسين وراءها.
أحست بكايد يلتفت الى الوراء ، وأحرقتها النظرة الفاحصة التي رماها بها قبل ان يعيد بصره الى الطريق.
حاولت كاريسا أن تسيطر على توترها، وهي تذكّر نفسها انه يعتقد انه لم يرها من قبل ، طبعا لن تذكّره بلقائهما القديم ، لا تريد ذلك ، ما تشعر به الان ليس حبا ، بل مجرد تاثر لذكرى محزنة تركت آثارا سلبية على حياتها كلها ، لكن لماذا ترتعش عندما يلامس كتفها كتفه؟ حبها له إنتهى منذ سنوات طويلة ! وجوده قربها يزعجها ، لا بد أن تسيطر على هدوء اعصابها.
وإسترقت كاريسا نظرة خاطفة الى الرجل الجالس بجوارها ، إنه لا يشعر بوجودها إلا كما يحس أي رجل امام إمراة جميلة ، هل حذّره موريس ، يا ترى ، من ان واجباتها نحوه لا تتعدى المطبخ والإهتمام بشؤون المنزل ؟هي غير متاكدة من ذلك ، فمن عادة موريس ان يتملّص من أي مواجهة مباشرة قد تحرجه أو تزعجه.
وجاءها صوت كايد :
" أنت سائقة ماهرة".
صوته الهادىء جعلها تضغط بقوة على المقود وكانها تحتمي به من نفسها .
" هل تمانعين بان اتحدث اليك وانت تقودين ؟".
" لا ، طبعا لا ".
كان هدوؤها المصطنع يفضح مشاعرها الحقيقية ، من عادتها ان تفرح لوجود رفيق يؤنس وحدتها في الرحلات الطويلة لكنها خائفة هذه المرة من أن تصدر عنها أي كلمة تذكره بها ، عليها ان تتغلّب على إضطرابها ، من واجبها ان تروّح عنه، فلتدعه يتكلم عن كان يريد ذلك .
"كم يبعد المنزل الريفي من هنا ؟".
" بضع مئات من الأميال ،وخمس ساعات من القيادة ، أي سنكون هناك حوالي الساعة الثانية صباحا".
" أعتقد بانني استطيع ان احسب بمفردي ".
سخريته اللاذعة جعلتها تعتذر بعفوية :
" آسفة ".
إقترب منها بسرعة وأخذ يحدّق في ملامحها ، توترت أعصابها وتساءلت عن السبب الذي يجعله يتصرف هكذا؟
حاولت ان تبدأ حديثا سطحيا عابرا تداري فيه إضطرابها .
" هل تستطيع القيادة ؟".
صمت لحظات قبل ان يجيب :
" نعم ، كانت القيادة من أولى الأشياء التي تعلمتها بعد إستعادة بصري ، هل تريدين ان أنوب عنك قليلا ؟ إنني لا أعرف الطريق لكن..".
" لا ، شكرا ، موريس طلب مني ان أقوم أنا بهذه المهمة ".
" هل تنفّذين دائما كل ما يطلبه منك موريس؟".
" في معظم الأحيان ، هل نسيت أنه رئيسي في العمل ؟".
كان لا يزال ينظر اليها لكنها أبقت نظرها مسمّرا على الشريط الممتد أمامها ، لن يستطيع في أي حال أن يتبين ملامحها في هذا الظلام الدامس وسالها :
" منذ متى تعملين لدى موريس؟".
" منذ خمس سنوات ".
" كمساعدته الخاصة؟".
" بدأت كموظفة إستقبال ".
" وصعدت السلم تدريجيا ؟ فتاة ذكية ".
لم تعجبها الطريقة التي تكلم بها ، لكنها لم تجد في الكلمات شيئا يجعلها تعترض ، فسكتت ، وكذلك صمت كايد ، لكنها احست بتوتره رغم تظاهره بالهدوء.
وعادت كاريسا تنظر في المرآة الأمامية لتتأكد من وجود السيارة الخضراء وراءها ، ولا بد ان كايد كان يفكر بالأمر ذاته إذ علّق قائلا :
" لا تخشي شيئا ، هما خلفنا ، أعتقد ان موريس أطلعك على تفاصيل القصة؟".
" قال ان حياتك في خطر وأن عليك أن تختبىء في مكان أمين حتى يقبض رجال الشرطة على المجرم"
رفع كايد يده بعصبية ففهمت أنه تضايق من كلمة تختبىء ، وتابع حديثه قائلا :
" يعرفون من هو وراء التهديدات ، لكنهم بحاجة الى أدلة دامغة تثبت الذنب على المذنب".
" آه ، فهمت ".
" أنت هادئة جدا".
" ليست حياتي المعرضة للخطر ! ".
وضحك برقة فتذكرت كاريسا اياما ماضية مرّت كشريط سينمائي في عتمة السيارة ، واحست بألم حاد وهي تحاول ان تبعد شبح الذكريات.
" حياتك ستكون معرضة ايضا يا كاريسا ، لا تنسي انك ستبقين معي حتى تنتهي هذه القصة".
" موريس أكّد لي ان أحدا لم يلحق بكما من سيدني ، لا داعي للقلق المجرم لا يعرف بالتأكيد اين انت الآن ، الحارسان هما لمزيد من الحرص لا أكثر ، ستمضي أياما قليلة في المنزل الريفي ، وعندما يحصل رجال الشرطة على الأدلة التي يريدون سيصبح بإمكانك....".
" الخروج من المخبا ".

نيو فراولة 29-01-12 06:25 PM

قاطعها ساخرا قبل أن يضيف:
" هل تحاولين التخفيف عني؟".
وارادت كاريسا ان تبادله سخريته فقالت :
" هذا جزء من عملي يا سيد فرانكلين ".
" اخبريني عن الأجزاء الأخرى أيضا".
" حسنا ، سأعرفك أولا على المكان ، يقع المنزل الريفي في بقعة ساحرة ، ويطل على بحيرة رائعة ، تستطيع ان تقوم يوميا بنزهات طويلة في الغابات ، وإن كنت تحب رياضة التجديف ستجد مركبا صغيرا بإنتظارك ، أما أنا فساهتم بطعامك ، وبترتيب المنزل ، وبالسهر على راحتك".
" راحتي؟ يبدو انني ساتمتع فعلا بالإقامة هنا".
حاولت كاريسا أن تتجاهل قصده لكنه تابع قائلا :
" الم تفعلي شيئا في هذا البرنامج الحافل؟".
" ماذا تعني؟".
" فهمت أن برنامج موريس يتضمّن أيضا مسرحية ميلودرامية ، أليس من المفروض أن تكوني عروسي الجديدة؟".
وبإقتضاب اجابت كاريسا :
" نعم ، لكنني لا أظن أننا بحاجة فعلا الى تأدية الدور ، المنزل الريفي بعيد عن المدينة ، والجيران الذين يحيطون بنا قلائل جدا ، لا أعتقد أننا سنلفت إنتباه أي كان ".
" الآن تبدين حقا كما وصفك موريس ؟".
" حقا؟".
إنتظر قليلا ، ولما لم تعلّق اضاف قائلا:
" لن تساليني ما قصدت اليس كذلك ؟ سأخبرك في أي حال ، قال موريس أنك فتاة ذكية وجديرة بالثقة ، وأنك تحافظين على هدوء أعصابك في أي موقف ، وقال أيضا انك شخصية مميزة... ولذا فوجئت عندما رايتك".
"حقا؟ لم أعرف ذلك".
" حقا ؟ واعتقد انك فوجئت ايضا برؤيتي ، أليس كذلك ؟".
وإعترفت رغما عنها :
" نعم ".
لكنها عادت تستطرد بسرعة :
" لم أكن أعلم أنك إستعدت بصرك".
" انت لا تتابعين أخباري إذن ؟قصة العملية الجراحية نشرت على الصفحات الأولى في معظم الصحف العالمية ... وبعضها يصدر هنا ".
" كنت دائما معجبة بفنك ".
أجابها ساخرا :
" أنت دبلوماسية ماهرة ، لا استغرب الآن أن يعتمد عليك موريس الى هذه الدرجة ، أنت مساعدة ماهرة في كل شيء إلا ...".
وفجأة أمسك بيدها اليسرى ومرر أصابعه عليها برقة وهو يقول :
" كان عليك أن تضعي حول اصبعك خاتم زواج ".
إرتعشت للمسته وسحبت يدها بسرعة :
" لم يكن من المفروض بك ان تمسك يدي وانا أقود ! ".
" لماذا ؟ لا أعتقد ان الطريق بهذه الخطورة".
وحاولت ان تبرر إنفعالها فقالت :
" فاجأتني".
" آسف ، المرة المقبلة سأحذرك قبل ان ألمس يدك ".
لا بد انه يسخر منها ، هل عرف السبب الحقيقي وراء ردة فعلها الساذجة؟ كان عليها أن تهز كتفيها بلا مبالاة ، وان تضحك قبل ان تسحب يدها من قبضته ، وتابعت حديثها :
لا أعتقد ان أحدا سيلاحظ خاتم الزواج ، لن نبتعد كثيرا عن المنزل في أي حال ، سنتجنب الناس".
" انت تفكرين في كل شيء يا كاريسا ، تبدين في غاية الهدوء والثقة وكأنك تقومين بهذا النوع من المهمات كل يوم ".
" لا ، ليس بالتحديد هذا النوع من المهمات ! ".
وسألها هامسا :
" وهل تقولين الحقيقة دائما يا كاريسا ؟".
إرتعشت عندما ذكر إسمها الكامل ، صحيح أنها لم تكن تحب الأسم المختصر الذي أطلقه عليها موريس لكنها أجابت :
"موريس يناديني بإسم كاري يا سيد فرانكلين ".
" افضل إسم كاريسا ، ومن جهة اخرى ، ألا تعتقدين يا عروسي العزيزة أنه من غير اللائق أن تنادي زوجك بالسيد فرانكلين ؟ ما رايك بإسم كايد".
" آه طبعا".
وإنتظر قليلا كي تلفظ إسمه ، لكنها لم تفعل ذلك ، بل سالته :
" هل تحب الإستماع الى الراديو ؟".
بلا مبالاة اجاب:
" إفعلي كما يحلو لك ".
وإرتفعت الموسيقى في السيارة فإنقطع الحديث تدريجيا .
وبعد دقائق إنحرفت كاريسا عن الطريق الرئيسية .
إنتظرت قليلا عند المنعطف لتتأكد من وجود السيارة الخضراء وراءها ، وإنطلقت مجددا ، ولاحظت كاريسا بعد فترة بسيطة ان أضواء السيارة خلفها تضيء وتطفىء بسرعة فتوقفت الى جانب الطريق.
" ما الأمر ؟".
سالها كايد ، كانت تظن نه نائم لكنها كانت مخطئة .
" اعتقد انهما يشيران لنا بالتوقف".
وحاولت أن تسكت المحرك لكن كايد منعها من ذلك :
" دعي المحرك ".
إقترب منهما أحد الحارسين قائلا :
" أطفئي الأضواء الأمامية يا نسة مارتن ، إنتظري إشارتنا قبل الإنطلاق مجددا ، نريد التأكد ان أحدا لم يلحق بنا ".
فعلت كما طلب منها وإختفى الرجل في الظلام ، وخرج كايد عن صمته ليقول :
" أطفئي المحرك الآن ".
وعندما سكت ضجيج المحرك سمعت كاريسا نبضات قلبها تصرخ عاليا ، قالت لنفسها ان ما تشعر به هو الخوف من الظلام الدامس ، وإمكانية وجود رجل مجهول يتربص بهما ليقتلهما ، لكنها كانت تعرف جيدا ان ما تحاول أن تقنع نفسها به ليس الحقيقة ، سبب إضطرابها هو وجود كايد بجانبها ، وفجأة شعرت برغبة في الإحتماء به....

نيو فراولة 30-01-12 07:04 PM

3- لمسة الذكرى

جلسا في الظلام الدامس يلفهما الصمت ، وبعد ربع ساعة تقريبا اشار لهما الحارسان بالتحرك ، فعادت كاريسا تركز إهتمامها على القيادة ، كم تشعر بالإرهاق ، هي تعبة ، وتريد ان تغلق عينيها في نوم عميق ، عليها ان لا تستسلم لهذا النعاس.
كان كايد قد أسكت المذياع عندما طلب منها إطفاء المحرك فسالته :
" هل تمانع الإستماع الى المذياع مجددا ".
" طبعا ، كما تريدين ".
وعادت الموسيقى الهادئة تملأ الجو .
" ما بك يا كاريسا ؟ هل أنت بخير ؟".
" نعم لا تقلق ، اشعر بإرهاق بسيط ، القيادة متعبة في الظلام والطريق طويل ، أحسس بملل".
" هل هذا تعليق على رفقتي؟ هل تفضلين أن أتحدث اليك ؟".
" طبعا لا ".
" طبعا لا ... ماذا؟".
" اقصد أنني لم أعلق على رفقتك ، مللت الطريق ... لا رفقتك ، تكلم إن كنت ترغب بذلك ، لكن لا تعتبر نفسك ملزما بتسليتي ".
وهمست كاريسا لنفسها : بل على العكس تماما ، من المفروض أن أكون أنا الملزمة بالترويح عنك على الأقل هذا ما طلبه موريس منها ، لو عرفت مسبقا شخصية الرجل الذي وضعه مديرها في عهدتها ، لما وافقت على القيام بهذه المهمة ، لكنها لا تستطيع أن تتراجع الآن بدون إثارة شكوك موريس ، في أي حال ، لن تترك وجود هذا الرجل يؤثر عليها ، عليها أن لا تنسى أنها لم تعد مراهقة في السابعة عشرة من عمرها بل إمرأة ناضجة في الخامسة والعشرين ، لن تكرر مرة أخر اكبر خطأ إرتكبته في حياتها.
تبادلا بضعة أحاديث سطحية تخللها الكثير من فترات الصمت ، وعندما توقفت السيارة أخيرا أمام بوابة المنزل الريفي تنفست كاريسا الصعداء.
توقفت سيارة المرسيدس وراءهما ، فترجل الحارس ذاته وإقترب منهما ، اشارت له بيدها الى الدرب المؤدي الى كوخ الصيادين ، فاشار بدوره الى صديقه بالتوجه الى هناك ، ولم يتحرك هو من مكانه.
" إن كنت لا تمانعين يا آنستي ، سأذهب برفقتكما الى المنزل الريفي".
ناولته مفاتيح البوابة الحديدية ، وعندما فتحها على مصراعيها إنتظرا مرور كاريسا ليعود ويغلقها جيدا ، ثم صعد في المقعد الخلفي، لم يتكلم حتى أوقفت الفتاة السيارة في المرآب.
" ارجوكما البقاء هنا ، سأتفقد المنزل اولا ، أعطني المفاتيح من فضلك ، لا تغادرا مكانكما قبل عودتي".
وإختفى في الظلام ، احست كاريسا بتوتر كايد الذي فتح باب السيارة بعصبية ، فذكّرته برقة :
" طلب منا البقاء هنا ! ".
" إنه يعمل عندي ، انا الذي أصدر الأوامر ".
" إنه يؤدي عمله ، دعه يفعل ذلك ".
تمتم بكلمات غير مفهومة فعرفت أنه يريد اللحاق بالرجل ، بدل الجلوس كأي جبان رعديد ، وتذكرت ان عليها الإهتمام بسلامته ، فكذبت قائلة :
" من جهة ثانية ... لا أحب البقاء بمفردي في هذا الظلام الدامس ".
نظر اليها بحدة وأغلق الباب بقوة :
" لم أكن أظن أنك إمرأة ضعيفة ".
" لست كذلك ! ".
وأحست فجأة بأصابعه الباردة تلف معصمها ، وسمعت نبرة ساخرة في صوته وهو يعلق ببطء :
" اعتقد ان نبضك سريع بعض الشيء ".
لم تستغرب كاريسا ذلك ، دقات قلبها كانت تتسارع وهو لا يشعر بالذكريات التي تدفقت في وجدانها حين لمسها ، فجاة أحست بكره شديد نحوه.
كيف يجرؤ على التصرف بهذه الحرية واللامبالاة ، لقد غيّر مجرى حياتها وجعلها عاجزة عن التجاوب مع أي رجل آخر ... حطم حياتها ، وها هو يجلس قربها الآن ، لا يتذكر أي شيء عن اللحظات الحميمة التي جمعتهما... وكرهته أكثر لأنه لا يتذكر.
هذه المرة لم تسحب يدها من قبضته ، بل شعرت برغبة بدائية لرفعها وصفعه بكل المها وغضبها ، تمالكت أعصابها ، وسحبت يدها بهدوء.
وبعد دقائق عاد الحارس ومعه رفيقه فإستغربت كاريسا الأمر.
" كيف تمكن رفيقك من فتح البوابة ؟ ظننت انك اغلقتها بالمفتاح بعد دخولنا".
" السيد ويات أعطانا مفتاحا إضافيا ، إستعدادا لكل الإحتمالات ، تستطيعان دخول المنزل الان ، تركنا رقم هاتفنا على طاولة الإستقبال ، تصبحان على خير ".
خرج كايد اخيرا عن صمته ليقول:
" شكرا لك يا ستان ، تصبح على خير يا بات ".
وعندما إبتعد الحارسان سألت كاريسا بدهشة :
" ستان ؟ بات؟ متى إلتقيت بهما؟".
" أثناء وجودك في المكتب ، لا يستطيعان بالطبع اداء مهمتهما بدون التعرف أولا على المعني بالقضية".
" آسفة ، لست معتادة على هذا النوع من المغامرات البوليسية ".
" ولا انا ".
غادرا السيارة وحملا حقائبهما الى المنزل ، دخلت كاريسا المطبخ الصغير وألقت حقيبتها ارضا.
" ساضع ابريق القهوة بالماء " ووضعته على نار هادئة ، وصعدا معا الى الطابق الأعلى ، فتحت كاريسا باب غرفة النوم الأولى وسالته :
" اتعجبك هذه ؟ إنها مجهزة بحمام خاص".
" حسنا ، سأبقى هنا ".
القى غيتاره على السرير بينما ذهبت كاريسا لإحضار الاغطية والوسائد والمناشف ، وعندما عادت كان كايد قد خلع سترته وربطة عنقه ، كم يبدو وسيما وجذابا ، لا ، لن تستسلم لسحره.
" القهوة ستكون جاهزة بعد خمس دقائق ".
ولحق بها الى المطبخ ، رأى حقيبتها مرمية أرضا فحملها سائلا :
" أين تريدين ان أضعها؟".
" دعها الآن ، سأحملها الى غرفتي لاحقا ".
لم يتحرك من مكانه ، ولم ينزل الحقيبة من يده.
" أين تريدين أن أضعها؟".
ترددت كاريسا لحظة فسبقها الى القول :
" ما رايك بالغرفة المجاورة لغرفتي؟".
" لا بأس ، شكرا".

نيو فراولة 30-01-12 07:06 PM

لماذا تشعر بكل هذا الخوف ؟ يا لها من بلهاء ! ما الفرق إن نامت في الغرفة المجاورة أو في الجهة الثانية من المنزل ؟ هما بمفردهما في أي حال فما الفرق ؟ وعندما عاد كايد كانت القهوة بإنتظاره على المائدة.
" كيف تفضل قهوتك ؟ مع حليب ؟".
" لا بدونه ، شكرا ".
كانت تعرف جيدا كيف يفضل قهوته ، وإن إدّعت عكس ذلك .
شربا القهوة بصمت ، وعندما رفعت كاريسا الفناجين لتغسلها تعثرت بالكرسي وكادت تسقط ارضا لو لم يسارع كايد لأسنادها.
" أنت مرهقة ، دعي الفناجين ، ساغسلها بنفسي ، إذهبي الى فراشك ".
لم تعارضه ، كانت متعبة فعلا.
عندما فتحت عينيها صباح اليوم التالي رأت كايد واقفا قرب النافذة.
" جئتك بطعام الفطور ، ستتناولينه اليوم في الفراش".
إبتسمت وتناولت طعامها بشهية ، وعندما إنتهت حمل الصحون الفارغة وخرج من الغرفة.
إرتدت كاريسا ملابسها ونزلت الى المطبخ ، إبتسمت مجددا وهي ترى الأطباق نظيفة مرتبة ، بحثت عنه فلم تجده في المنزل ، خرجت الى الشرفة تفتش عنه بعينيها حتى رأته واقفا قرب البحيرة القريبة ، فلحقت به.منتديات ليلاس
توقفت على بعد خطوات منه تراقبه بإهتمام ، ظنت أنه لم يشعر بوجودها ، ونسيت انه يستطيع بحاسته المرهفة التي إكتسبها وهو اعمى ، ان يحس بوجود الأشخاص حتى بدون ان يسمعهم أو يراهم.
" ألا تعتقدين أن العروس العاشقة تقترب عادة من عريسها لتمسك بذراعه ؟ هناك شهود".
ورات كاريسا بضعة قوارب على البحيرة ، صيادو اسماك يجربون حظهم.
" أعتقد أن إهتمامهم كله منصب على الأسماك ".
ورغم ذلك إقتربت منه ووضعت يدها تحت ذراعه.
" هل أنت مسرور الآن ؟".
" لا ، كنت أفضل عناقا اكثر حرارة".
وضحك عاليا عندما رأى حمرة الخجل تلون وجنتيها ، لكنه توقف عن الضحك وهو يرى لمحة الكره في عينيها ، حاولت أن تسحب يدها فمنعها بقسوة.
" لا تقاومي ، لن تستطيعي التغلب علي".
" القوة الجسدية ليست كل شيء".
" تملكين أسلحة خاصة بك ؟ اسلحتك يا عزيزتي تكون أكثر فعالية لو لم تظهري نفورك مني بهذا الوضوح".
وتذكرت كاريسا انها هنا لتأدية عمل .
" أنا لا أنفر منك ".
لكن غضبها عاد لينتصر على إحساسها بالواجب.
" لا تلمني إن غضبت ، انت تتعمد إهانتي".
" لماذا؟ لأنني ارغب بعناقك ".
" افضل أن لا تلمسني على الأطلاق".
" هذا أمر صعب ! لا تنسي انه من المفروض بنا ان نمثل دور العاشقين ".
" فلنعد الى المنزل.
وبعد الغداء ذهبت كاريسا الى القرية المجاورة لشراء بعض الخبز والبيض الطازج ، كانت حجة للهروب من صحبة كايد ولولساعات قليلة.
دخلت كاريسا المحل التجاري الصغير الذي قصدته مرارا في زياراتها السابقة وحيّت السيدة الواقفة وراء الطاولة الكبيرة ، لم تعرف إسمها ، لكنها تذكرت وجهها.
" اهلا ، الست انت السيدة التي تعيش في البيت الريفي الكبير ؟".
هزت كاريسا رأسها بالإيجاب وهي تخرج لائحة بكل الأشياء التي تريدها.
" أين تضعين البيض الطازج الآن ؟".
" عل الرف المقابل يا عزيزتي ، لم نرك منذ فترة طويلة، ألديك الكثير من الزائرين هذه المرة؟".
ترددت كاريسا قبل أن تجيب:
" لا ، أنا.... وزوجي فقط ".
أغلق ستان الباب وراءه بشدة وهو يدخل المكان ، حياهما بهزة رأس لا مبالية ، طبعا لم يكن من المفروض ب هان يعرفها.
وتجاهلت البائعة وجود ستان لتسأل بفضول :
" لم أكن أعلم انك متزوجة ".
" لم أكن متزوجة".
وإبتعدت كاريسا بسرعة وهي ترتعش قلقا ، هل صدّقتها البائعة يا ترى؟
جمعت الأشياء التي تريد وعادت لتدفع الحساب ، ولاحظت أن السيدة تنظر الى يدها بإهتمام قبل ان تعلق قائلة :
" آه.... فهمت الان ".
وغادرت كاريسا المكان وهي لا تعرف ما الذي فهمته البائعة ، لحق بها ستان وهمس بسرعة وهو يمر قربها:
" أريد أن أراكما الليلة ".
وأكمل سيره وكأنه مجرد عابر سبيل ، وعندما أخبرت كاريسا كايد برغبة الحارس قال لها:
" سنذهب في نزهة قصيرة الى جانب البحيرة".
وهناك وجدا ستان منهمكا في إلقاء صنارته الى المياه ، بينما بات جالسا في قارب صغير وسط البحيرة.
رفع الصياد يده محييا ، فاحاط كايد كاريسا بذراعه وإقتربا منه :
" كيف الصيد اليوم؟".
" لم يعلق شيء بصنارتي ، لكنني لن أيأس ، لن تفلت السمكة من يدي ، أنا بإنتظارها".
وخفض صوته ليضيف:
" لا تذهبا في نزهات طويلة قبل إخبارنا أولا بوجهتكما ، الغابة غير آمنة ، وهناك شيء آخر ، السيدة نسيت أن تضع خاتم زواجها اليوم ، لاحظت البائعة ذلك ".
" لكنني لا أملك خاتم زواج ".
" إشتري واحدا وبسرعة ، من الأفضل ان لا نتكلم طويلا ، قد يكون هناك من يراقبنا بنظارات مقربة ، الى اللقاء".
وعندما إبتعدوا عنه ، إستغل كايد دخولهما في طريق فرعي ليهجم على كاريسا محاولا عناقها ، فدافعت عن نفسها بضراوة إضطرته الى التراجع عن موقفه.
وعادا الى المنزل ، شغلت كاريسا نفسها بإعداد طعام العشاء وجلس كايد في غرفة الجلوس يعزف على الغيتار أحيانا وعلى البيانو أحيانا أخرى ، فعرفت أنه يؤلف أغنية جديدة.
رفضت كاريسا أن يساعدها كايد في غسل الصحون بعد أن إنتهيا من تناول الطعام فعاد الى غرفة الجلوس ليحمل غيتاره .... ويحملق في الفضاء ، لحقت به كاريسا بعد قليل ، تناولت كتابا بوليسيا وإدّعت الإستغراق في القراءة ، سرحت مع أفكارها، فلم تسمع كايد يقترب منها:
" جرّبي هذا".
رفعت عينيها اليه فراته يحمل خاتما ذهبيا".
" جرّبي هذا الخاتم ، كان عليّ ان أفكر بذلك قبل الآن".
الخاتم يبدو مالوفا ، وتذكرت انها راته في يد كايد ، ترددت قليلا ، لا تريد أن تضع خاتمه حول اصبعها ، امسك يدها اليسرى بعصبية وأدخل الخاتم في أصبعها.
لم يترك يدها ، أخذ يحدق في الخاتم ، ثم ضحك بمرارة وقال :
" هذا خاتم زواج والدتي".
ضحكته اخافتها ، سحبت يدها بسرعة لتنزع الخاتم عن اصبعها ، فمنعها قائلا:
" لماذا تريدين نزعه؟".
" أتسأل لماذا ؟ أنا لست زوجتك ، ان أضع خاتم والدتك مهزلة لن أقدم عليها ، ومن جهة ثانية الخاتم كبير على أصبعي ، ماذا لو فقدته؟".
" لا يهم ، أنا لا ارى فيه أي قيمة عاطفية ، لا يعني لي شيئا".

زهرة منسية 30-01-12 10:48 PM

مشكوررررررررة كتير فراولايا وموفقة فى الكتابة وتكملة الرواية

نيو فراولة 02-02-12 05:26 PM

4- لم استطع نسيانك

وضعت كاريسا الخاتم حول أصبعها ونظرت اليه بإمتعاض ، ماذا لو سقط سهوا ؟ لا بد ان تربط حوله خيطا رفيعا كي تطمئن تماما .
صباح اليوم التالي نهضت باكرا لتعد طعام الفطور قبل نزول كايد ، في الأيام الثلاثة الماضية وضعا معا نوعا من الروتين لحياتهما اليومية ، كانا يخرجان صباح كل يوم للتنزه في أحضان الطبيعة ، بين الأشجار أو قرب البحيرة، أما بعد الظهر فكانا يسبحان في البحيرة ومن ثم يستلقيان بتكاسل تحت أشعة الشمس فوق الرمال الدافئة ، بعض الحيان كان كايد يضع ذراعه حول كتفيها أو خصرها ، ولم يكن بإمكانها مقاومته حفاظا على دورها كعروس جديدة ، وخشية وجودمن يراقبهما من بعيد.
كانت احاديثهما مهذبة وشبه رسمية ، ورغم أنه كان يلفظ اسمها بصوت دافىء وعاطفي ، التوتر السائد بينهما لم يكن ناتجا عن الخطر الذي يهددهما ، بل بسبب كونهما معا في مكان منعزل وحالم ، حاولت كاريسا أن تنسى ما حدث قرب البحيرة ، ولم يجرب كايد أن يذكّرها به ، لكن اثر ما جرى ما يزال عالقا بينهما كمتفجرة تحتاج الى لمسة بسيطة لتحدث كارثة ما ، كان عليها ان تكون شاكرة له لأنه لم يحاول لمسها مرة ثانية.
منتديات ليلاس
ولازما المنزل حتى قام بات وستان بإستكشاف كل ارجاء المنطقة المجاورة للكوخ ، ودل تقريرهما على عدم وجود أي إشارة تدعو الى القلق ، فالتحريات اكدت ان أحدا ما لم يهتم أو يسال عن سكان المنزل الريفي ، وإنه لم يكن بإمكان أحد التسلل الى المكان لأن كل الطرق المؤدية اليه تمر قرب الكوخ الذي يشغله الحارسان.
وعبّر كايد عن رغبته في التنزه في الغابة القريبة ، فأكّد له بات انه بإستطاعته ان يفعل ذلك بدون خوف ، وهو في أي حال ، لن يدعه يغيب عن ناظريه .
وأنطلق كايد وكاريسا الى التلال القريبة من البحيرة.
" أريد ان اصل الى قمة اعلى تلة يا كاريسا ، ما هو الوقت الذي تستغرق الرحلة؟".
" ثلاث ساعات".
" هل تستطيعين تحمل مشاق السير؟".
"نعم ، لا تقلق ، قمت بهذه النزهة مرات عدة".
" حسنا ، سنخبر بات وستان بإتجاهنا ، ونكمل المسير".
وبعد نصف ساعة من السير إلتقى كايد وكاريسا ببات وستان يخرجان من أحد الدروب الصغيرة ، كانا يرتديان ثياب الصيادين ، تقدمهما ستان ،وظل بات في المؤخرة.
لم يقل كايد شيئا لكن كاريسا احست بإنزعاجه الشديد من وجودهما ، كان يكره ان يشعر بانه تحت المراقبة.
سمعت تغريد عصفور فتوقفت قليلا ، ورفعت عينيها الى الأشجار بتحدد مصدر الصوت إقترب منها كايد ، فهمست :
هل رأيت عصفور ( التوي ) من قبل ( طير يعيش في نيوزيلندا )".
وأشارت بيدها الى طائر اسود اللون ، حول عنقه هالة من الريش الأبيض ، وإستمعا اليه يغني بسعادة لكنه ما لبث أن هرب عندما شعر بوجودهما ، فتابعا طريقهما ، وبعد دقائق كادت كاريسا تتعثر بغصن شجرة ، فتلقاها كايد بين ذراعيه.
" آسفة".
قالت بسرعة وهي تحاول الإبتعاد عنه ، لم يدعها تذهب ،وعانقها برقة ، وبعفوية بادلته شعوره ، فتوقفت فجأة وتركها تلملم أنفاسها ، والعالم ما يزال يدور في راسها حتى كادت تشعر أنه سيغمى عليها .
قطب كايد حاجبيه وسار أمامها مسرعا وهو يتمتم بكلمات غير مفهومة ، وبعد لحظات ظهر ستان من وراء احد المنعطفات ، وعندما وصل ثلاثتهم الى اعلى التلة وجدوا بات في إنتظارهم ، جلسوا جميعا لتناول الطعام الخفيف الذي اعدّته كاريسا ، وإستغرقوا بعد ذلك في تأمل المناظر الطبيعية الرائعة ، وتركهما الرجلان بعد قليل، للعودة الى مراقبة الطريق.
أسند كايد ظهره الى جذع شجرة يابسة ، وشغلت كاريسا نفسها بإعادة ترتيب أواني الطعام في الحقيبة الصغيرة ، ثم جلست بعيدا عنه لتستمتع بجمال الطبيعة ، تسللت نسمة هواء شقية الى شعرها فنثرته خصلات فوضوية تطايرت سعيدة بحريتها.
وإستعادت العصافير حيويتها فأخذت تثرثر بمرح ، غير عابئة بهمس الأغصان التي كانت تتمايل على إيقاع موسيقى خفية ، ولمعت البحيرة عن بعد كبقعة فضية صغيرة ، تنتظر المركب كي تحيا من جديد.
إستسلمت كاريسا للسكينة المحيطة بها ، وأذابت حرارة الشمس كل الصقيع الذي كان يجمد داخلها في اليام القليلة الماضية، ما أروع الهدوء ! إنه خير علاج للاعصاب المرهفة.
واعادها صوت كايد الى الواقع ، همس بمودة وحنان:
" تعالي هنا".
لا ، لن تذهب ، لن تلبي النداء.
" كاريسا ، تعالي".
لا سترغم نفسها على عدم التجاوب مع ندائه ، ماذا يريد منها ؟ لماذا لا يدعها وشأنها ، يكفيها كل ما حدث حتى الآن ، هل يظن أنها رهن إشارته ، وأنها لا تستطيع مقاومته ؟ تصرفت بجنون عندما بادلته عناقه ، لكنها لم تستطع أن تقنع نفسها بأن عليها ان تندم على ما فعلت.... لكنها ستكون بلهاء فعلا لو رضيت بتكرار التجربة ، كايد يريد ان يلهو قليلا ليمضي بعض الوقت ، بعد ايام سيخرج من حياتها مجددا ، وسينساها ، تماما كما فعل من قبل .
" كاريسا ! ".
ناداها برجاء ، أن تتجاهله مرة أخرى يعني تحديا لرجولته ، تنهدت وهي تنهض من مكانها قائلة :
" آن وقت الرحيل ، سيقلق علينا بات وستان ".
رفع يده اليها وجذبها بقوة نحوه، فسقطت على صدره.
" لا ، أرجوك ، لا ".
ونظر اليها بإستغراب ، ومن ثم ذكّرها قائلا :
" لكنك لم تمانعي من قبل ".
" هذا كان من قبل ".
" غيرت رأيك إذن ".
" نعم غيرت رايي ".
" سأجعلك تغيرينه مرة ثانية ! ".
واشاحت بوجهها عنه ، لكن بدون جدوى .
" توقف ، ارجوك كايد توقف".
"ولماذا؟".
" أرجوك ! ".
لم تتمكن من الإجابة ، كل ما تعرفه انها لا تريده أن ينتصر على إرادتها مرة اخرى .

نيو فراولة 02-02-12 05:27 PM

أخذ يهمس لها كلمات رقيقة بالأسبانية ، هذه الكلمات أعادت ذكريات تريد ان تمحوها من ذهنها .
لم تكن تعرف معنى الكلمات ، كل ما تعرفه أنها كلمات حب ، وأنها سمعتها قبل الآن ، لم يكن يعنيها وقتها وهو لا يعنيها الآن ، وبكل ما تبقى لها من قوة دفعته عنها ، ووقفت تتحداه.
" قلت لك إبتعد عني ، أنا لا اريدك ".
وقف هو الاخر وإقترب منها.
" انت تكذبين يا كاريسا ، أنا اعرف النساء جيدا ، انت تحبينني، حتى الرجل الأعمى يستطيع ان يرى ذلك ... هذا إذا كان يعرف شيئا عن النساء " .
"وأنت تعرف الكثير ؟ لقد أقمت علاقات عابرة مع الكثيرات ، أليس كذلك؟".
" ماذا تعنين ؟".
سكتت كاريسا وإبتعدت عنه وهي تتمنى لو لم تقل تلك الكلمات ، لحق بها وأرغمها على النظر اليه.
" هل تغارين لأنني عرفت نساء أخريات في حياتي؟".
وحاولت جاهدة أن تخفي حقيقة شعورها :
" لا تكن سخيفا ، الأمر لا يهمني من قريب أومن بعيد ، أنت حر في حياتك ، وحر في عدد النساء اللواتي تعرف ، كل ما أريده هو ان تفهم بانني لن أكون واحدة منهن".
"منذ عشر دقائق لم تمانعي.
وإعترفت ببساطة :
" انت رجل جذاب ، وأعترف انني ضعفت امامك لحظة ، لم أكن اقصد ذلك ".
" هل هوموريس؟".
" ماذا؟".
أنزل يديه عن كتفيها وقال :
" أنت فتاة موريس أليس كذلك؟ كان عليه ان يصارحني بالحقيقة بدل اللف والدوران ".
"وهل لف ودار في حديثه معك ".
"نعم ، أخبرني بطريقة ما ان أبتعد عنك ولكنه لم يشرح لي السبب ، الان افهم قصده ، بل لنقل أنني فهمت ونحن في السيارة في طريقنا الى المنزل الريفي".
وردت كاريسا بهدوء:
" آه ، فهمت ".
لم تفهم شيئا ، إنما من الأفضل أن تدّعي ذلك ، لم تذكر أنها قالت أي شيء يمكن أن يدل أنها على علاقة بموريس ، او انهما أكثر من رب عمل وموظفة ، لكن إن ظن كايد انهما على علاقة ، فمن الفضل ان تدعه يصدق ذلك ، ربما كانت هذه افضل طريقة للتخلص منه ، لكنها لم تكن سعيدة في اعماقها لهذه الفكرة.
لم يشاهدا الحارسين إلا عند اسفل التلة ، في آخر الدرب المؤدي الى البحيرة ، إقترب منهما ستان قائلا :
" كل شيء على ما يرام ، لا شيء مقلق حتى الآن ".
شكره كايد وتوجهّا الى المنزل ، صعدت كاريسا فورا الى غرفتها لتأخذ حماما دافئا وتغير ثيابها .
ارتدت ثوبا قطنيا ناعما تزينه تطاريز رقيقة عند الياقة والكمين ، حرّرت خصلات شعرها من قيد المشابك ، وسرحتها جيدا بالفرشاة حتى اخذت تلمع ، ومن ثم نزلت الى المطبخ ، لتعد طعام العشاء ، ولم تكد تنتهي من مهمتها حتى لحق بها كايد ، شعره الرطب دل على أنه أيضا اخذ حماما دافئا ، كان يرتدي سروالا داكنا وقميصا فاتحا يناسب سمرته الجذابة.
وجلسا لتناول الطعام ، دهشت كاريسا لأقبالها على الأكل رغم كل ما مر بها ، وكان من الواضح ان كايد يستمتع بطعامه ، وفور إنتهائهما ونهوضهما عن المائدة عرض كايد ان يساعدها في غسل الصحون لأنها تبدو متعبة من النزهة الطويلة ، وعاد بعد فترة يدعوها الى نزهة قريبة قرب البحيرة.
كانت الشمس تميل نحو الغروب ، ترددت كاريسا قليلا ، لكن الحرارة الخانقة في المنزل شجعتها على الخروج للإستمتاع بالهواء النقي.
" حسنا ، الفكرة جيدة ، فلنذهب".
كانت الرمال باردة في المساء ، ولم تكن هناك نسمة واحدة تعكّر هدوء هذه الأمسية ، سطح البحيرة كان ساكنا تلونه أشعة المغيب ، امسك كايد يدها بقوة ، وبعد محاولة اولى لسحبها ، إستسلمت كاريسا لقبضته ، وإرتاح هو لأنها لم تكرر المحاولة.
" إستمتعت كثيرا بالنزهة ، أنا لم أقم بمثلها منذ زمن طويل ".
" لم تكن تستطيع ذلك قبل....".
" قبل ان استعيد بصري ، صحيح لم اكن أجد متعة في التعلق بذراع شخص ىخر طيلة الوقت ، ولم يكن بإستطاعتي رؤية ما يبصر ".
" لا بد ان العملية الجراحية غيّرت حياتك كلها ".
" طبعا".
" آسفة كانت ملاحظة مزعجة.....".
"كفي عن الإعتذار ".
وتوقف ليمسك كتفيها بشدة :
" ولم تكن الملاحظة مزعجة بل كانت حقيقة..".
وإرتعشت كاريسا للمسة يده فسألها :
" هل تشعرين بالبرد ؟".
" لا ".
إبتعدت عنه قليلا ، فانزل يديه عنها ، وتابعا المسير ، سألته:
" هل وجدت العالم مختلفا بعد الجراحة؟".
" بعض الأشياء ، نعم ، هل تعرفين أنني لا اقدم حفلات حية هذه الايام ؟هل تعرفين ذلك ؟ او لنقل نادرا ما أظهر على المسرح".
" لماذا ؟".
" لأن الأمور إختلفت ، الآن استطيع ان أرى جمهوري ، من قبل كنت أشعر به فقط ، أفضل الإحساس بالحالة الأولى ".
" لماذا ؟ هل تشعر بإضطراب لدى مواجهته؟".
" لا ، هذا إحساس لا أستطيع وصفه ، كل السحر ذهب ".
ورفع عينيه الى السماء ليحدّق في الأضواء الصغيرة التي بدأت تتراقص في القبة العالية ، وتابع حديثه:
" انا اركّ زحاليا على التأليف وتسجيل الأسطوانات ، ولذا أستطيع ان أبقى هنا فترة معينة ".
" لا بد انك سعيد بإستعادة بصرك ، خاصة في هذه الظروف ... أعني المجرم الذي يلاحقك ، لا بد أنك كنت ستكره ضعفك امام عدو لا تستطيع رؤيته ، أليس كذلك؟".

نيو فراولة 02-02-12 05:28 PM

ونظر اليها كايد بدون أن يقول شيئا ، لكنها لاحظت إبتسامة خفيفة تتراقص على زاويتي شفتيه فقالت:
" انت تفضل ان تذهب للبحث بنفسك للبحث عنه ، عوضا عن الجلوس هنا في امان ، أليس كذلك ؟".
" نعم ، هل يبدو ذلك على وجهي ؟".
" بوضوح ، ماذا حدث في ملبورن ؟ موريس قال انك هوجمت ".
" ولم يصيبوا الهدف ، ارسلوا رجلا ليهاجمني بسكين ... فإنتهى في المستشفى".
" هم ؟".
"عصابة صغيرة".
الصدمة جمدتها في مكانها للحظات ... وأخيرا قالت :
" تقصد ... مثل المافيا ؟".
"نعم لكن على نطاق اصغر" .
" لكن لماذا ؟ ماذا فعلت لهم ؟".
" لا شيء ، هناك رجل يعتقد أنه يحقد عليّ لسبب ما ، والعصابة تريد إكتسابه الى صفوفها ، والثمن الذي طلبه.... هو القضاء علي".
" شيء لا يصدق".
" ما قلته مجرد تخمين ، لكنني أعتقد ان هذا ما حدث فعلا ".
" هل كان لك حراس في ملبورن؟".
" لا ، لم أعتقد أنه سيلحق بي الى هناك".
وأضاف :
" رجال الشرطة في بلادي كانوا يملكون معلومات دفينة عنه ، ولذا إعتقدت أنهم سيلقون القبض عليه قبل إنتهاء جولتي الفنية".
" كيف إنتهى الرجل الذي يحمل سكينا في المستشفى؟".
حتى في الظلام الدامس تستطيع أن ترى السعادة في إبتسامته .
" عندما كنت في الخامسة عشرة من عمري ، كنت اركض في شوارع نيويورك مسلحا بسكين ، كنت عضوا في عصابة صغيرة ، والعادات القديمة لا تموت بسرعة ، كان يعتقد أنني هدف سهل ، ومغالاته في ثقته بنفسه أساءت اليه ، كسرت فكه و ...".
وقاطعته كاريسا وهي تشعر بالإشمئزاز :
" يبدو انك إستمتعت بذلك ! ".
ألتفت اليها غاضبا :
" لا ، لم استمتع بذلك ، لكنني سعيد جدا لأنني ما زلت على قيد الحياة ، ولأنه لن يستطيع إيذاء أحد لفترة طويلة، ربما لن يمسك سكينا في يده مرة اخرى ، هل تعتبرين هذا إحساسا غير طبيعي ؟ هل يجعلني هذا وحشا في نظرك؟".
" لا ، لم أقصد..... أنا ......".
همست بخوف وهي تحاول ان ترى وجهه وعينيه ، ولم تستطع أن تكمل إعتذارها لأنه أسكتها وهو يقول:
" فليذهب موريس الى الجحيم ".
حاولت ان تقاومه ....دون جدوى ، وانقذها ضوء مفاجىء جعل كايد ينتفض ، وإقترب منهما ستان :
" آسف يا سيد فرانكلين ، كنت أتفقد الجوار".
" يا ألهي ! ".
هتف كايد غاضبا فأجاب ستان بسرعة :
" رايناك تخرج من المنزل ، وعندما هبط الظلام ولم تعد ، فكرنا انه من الأفضل أن نتأكد من ... اعتقد انك على ما يرام ، آسف ، ليلة سعيدة ".
وإختفى ظله في الظلام ، وساد صمت عميق ، حاولت كاريسا ان تبدو طبيعية وهي تقول :
" من الأفضل أن نعود ".
ومشيا بصمت ، وفور دخولهما الى المنزل قالت :
" أنا ذاهبة الى الفراش ".
ناداها قائلا :
" لو كان موريس يريد ان يتزوجك لوضع خاتما حول أصبعك ، أنت تضعين خاتمي حول أصبعك ! ".
وبعد لحظة صمت أجابت كاريسا :
" هذه مجرد تمثيلية ".
" لماذا لا تبقين معي".
" لأنني لست من النوع الذي يحب الوعود العابرة ".
ورفع حاجبيه وهو يبتسم بسخرية:
" لم ألتق حتى الآن بإمراة تعترف بأنها كذلك ، الرجال اصدق.......".
" مع أنفسهم ربما ، لا مع النساء".
" وماذا يعني هذا؟".
" أن الرجال يدّعون الحب للوصول الى ما يريدون ، يمنحون الوعود هكذا".
"وهل وعدنك انا بشيء ؟ هل قلت لك أنني أحبك ".
" لا".
" انا اريدك ، ألا يكفي هذا ؟".
" لا يكفيني انا ! ".
" هل تفضلين ان كذب عليك ؟".
" طبعا لا ، لكنني لا أريد رجلا بدون حب ".
" انا لا أعرف كيف احب ، لم أتعلم في حياتي معنى الحب ".
وإرتعشت كاريسا وهي تسأل :
" أي نوع من الحياة عشت ؟".
" حياتي علّمتني ان العالم غابة يعيش فيها الأقوى ، وأنا عشت... رغم فقداني بصري عشت ".
" بدون حب".
" الحب ليس ضروريا ".
" لا أحد يستطيع أن يقول هذا ! ".
" أنا أقول".
كان يتحداها ، يا له من رجل أناني ، لن تحركها كلماته ، أجابته بلا مبالاة :
" إذن بالتأكيد انت لست بحاجة الي".
" قلت أنني اريدك ، ولم اقل انني بحاجة اليك ، ولا بانني احبك ". وفجأة إحتضنها بين ذراعيه وهو يهمس :
" تريدين الحب ، علميني كيف أحب يا كاريسا ، علميني كل شيء عن الحب".
احست به يسخر منها ، فراحت تقاومه بشراسة ، مما جعله يرفعها بعنف بين ذراعيه ليصعد بها السلم الى غرفتها ، وأخذت تركله بقوة فإكتفى بالقول :
" كفي عن هذا سنقع معا وربما كسرنا عنقينا ، لن أدعك تفلتين مني هذه المرة".
وإستكانت بين ذراعيه حتى وصلا الى قمة الدرج ، وعندما دفع باب غرفتها بقدمه غرزت أظافرها في وجهه ، أحست بالرضى عندما راته يحاول أن يداري ألمه ، وألقاها بعنف على سريرها ، فأخذت تصرخ:
" لا تقترب مني ، أنا أكرهك ".
" لا بد انك نسيت وعودك لي في سيدني ".
وفجأة صمتت ، المفاجأة اخذتها على حين غرة ، فقالت بصوت خافت :
" سيدني؟".
" نعم ، منذ ثماني سنوات ، لم تنسي يا كاريسا، ما من إمرأة في الدنيا تنسى حبيبها األول".
كادت تبكي ، كانت متأكدة تماما أنه لم يتذكرها عندما قدمها اليه موريس.
" ما بك إختفى صوتك ؟ أصبحت في غاية الهدوء فجأة ".
همست بضعف :
" كنت أظن أنك نسيت إسمي ، وأنك لم تعرفني".
قال بقسوة:
" أنا لا انسى أشياء كهذه ، حاولت دون جدوى ، هل ظننت بأنني نسيت إسمك ؟ عندما تكلم موريس عنك كان يدعوك كاري ، لكن عندما قدمك بإسم كاريسا مارتن عرفتك فورا ، إسمك ليس عاديا ، أنت الفتاة الوحيدة التي عرفتها بإسم كاريسا ، ولحظة سمعت صوتك تأكدت من شخصيتك ، أنت فتاة أذكرها جيدا".
ولم تسمعه كاريسا يغادر الغرفة ، لكن عندما أنزلت يديها عن عينيها كان قد ذهب.
لم تتمكن من البكاء ،وجرجرت نفسها خارج السرير لتغير ثيابها ، ظل حلقها يؤلمها حتى إستسلمت اخيرا للنوم في أولى ساعات الصباح.

نيو فراولة 02-02-12 09:12 PM

5- لا أريد شفقتك


كان من الأفضل لو بكت تلك الليلة ، فربما خففت الدموع شيئا من التوتر الذي يمزقها ، بدات تتجنب كايد بعد تلك الحادثة ، وعرفت أنه يتضايق من تصرفاتها ، لم تفتها تلك النظرة الساخرة.
كلما تناولت كتابا في الأمسيات ، لتجلس بعيدا عنه وتدّعي انها مستغرقة في القراءة.
ها قد مرّ اسبوع على وجودهما هنا ، ولم يتلقيا بعد أي كلمة أو إشارة من موريس ، اما الحارسان فلم يلاحظا أي تحركات مشبوهة في المنطقة.
مساء الأحد جلست كاريسا كعادتها تقرأ ، اما كايد فكان يحدّق في النافذة وكأنه يرى شيئا مهما ، فجأة قال لها:
" تعالي معي لنذهب في نزهى قصيرة".
قلبت الصفحة بهدوء وأجابت :
" لا شكرا ، إذهب بمفردك ".
" أريد رفقتك ".
رفعت عينيها اليه بإصرار :
" آسفة لا ارغب بذلك ".
ظلّت للحظة أنه لن يكرر الطلب، لكنه قال :
" فهمت من موريس أنك هنا للترويح عني وتلبية كل رغباتي ... طبعا بإستثناء رغبة واحدة ".
وإنتظرت عدة ثوان ، قبل أن تضع كتابها جانبا وتنهض من مكانها :
" آسفة يا سيدي ، اين ترغب بالذهاب؟".
أحست بغضبه وظنت انه لا بد سيغيّر رايه هذه المرة ، لكنه أجاب:
" الليلة بارد ، انت بحاجة الى سترة صوفية ".
صعدت الى غرفتها ونزلت بشال صوفي لفته حول كتفيها ، اتى كايد بضوء صغير وخرجا تلفهما الظلمة.
لم ياخذ طريق البحيرة بل سبقها الى الدرب المؤدي الى التلة القريبة ، وجلس كايد على جذع شجرة يابسة يتامل الحياة الليلية والحيوانات الصغيرة التي لا تخرج من أوكارها إلا عند حلول الظلام ، وهمس كايد حالما :
" يا لها من منطقة جميلة ، إنها مثالية للأطفال ، اليس كذلك؟ ".
" اعتقد ذلك ؟".
" هناك اماكن رائعة للأطفال في الولايات المتحدة ايضا ، لكنني لم أعرفها إلا بعد فوات الأوان ".
" فوات الأوان على ماذا ؟".
توقف قليلا قبل ان يتابع حديثه:
" عليّ انا ، نشات في طرقات نيويورك ... بل لنقل في الزواريب الخلفية منها ، لا اريد هذه الحياة لأولادي ".
" وهل تنوي الإنجاب؟".
ظنت أنه لن يجيب على هذا السؤال ، لكنه علّق قائلا :
" تعتقدين أنني اضع العربة أمام الحصان ، اليس كذلك ؟ الحب والزواج أولا ثم الأطفال ثانيا ".
وضحك بمرارة قبل ان يتابع حديثه:
" أنت عاطفية وحالمة أليس كذلك؟ رفضت إرتداء خاتم والدتي ، لأن الزواج مقدس بالنسبة لك ، لا تقلقي الخاتم إشتراه جاك من سوق للأشياء المستعملة ".
الغضب والألم جعلاها لا تنطق بكلمة واحدة ، ولم يحاول هو قطع الصمت ، وبعد دقائق :
" ما رأيك بالنزول الى البحيرة ؟ وما رأيك بالسباحة في ضوء القمر".
" المياه باردة في هذه الساعة".
" أنت خائفة من البرد أم مني؟".
" طبعا أنا لست خائفة منك ".
" إذن ربما كان عليك أن تخافي؟".
" هل تريد ذلك ؟".
" ان أخيفك ؟ لا ، انت تعرفين جيدا ماذا اريد ".
" لن تستطيع الحصول عليه ! ".
" لن استطيع؟".
" لن اكون رقما على لائحتك ، أنت تعرف ذلك جيدا ".
نهض من مكانه وعادا بصمت الى المنزل ، وما ان فتحت الباب حتى قال لها :
" اريد ان اسبح ، تعالي معي ".
" ارجوك، لا ارغب بذلك ".
"حسنا ، تعالي معي فقط ، إجلسي على الرمال ، إنني بحاجة لرفقتك " إستسلمت لرغبته ، وخرجا معا الى البحيرة.
منتديات ليلاس
جلست على الرمال تتامله وهو يسبح في المياه الفضية ، كم هو وسيم !
تلاعبت نسمات الليل في شعرها ، ورفعت طرف شالها ، فاغمضت عينيها وأسندت رأسها الى ركبتيها ، حاولت ان تغلق قلبها عن رنة الندم لأنها لم تلحق به ، لا ، عليها الا تقع تحت الإغراء ، ستندم ، إنها لعبة خطرة.
ولم تشعر بخروجه من المياه ، إلا عندما أحست بنقطتين باردتين تسقطان على عنقها ، رفعت وجهها اليه ، ونهضت بسرعة :
" هيا يا كايد ، الليلة باردة ، انا تعبة أريد أن أتناول شيئا ساخنا وأذهب الى الفراش".
" حسنا هيا بنا".
وعلى بعد بضعة امتار من البيت امسك بها كايد فجأة ، وأرغمها على التوقف ، نظرت اليه بتساؤل ، ومن ثم إلتفت الى مصدر إنتباهه فرات ظلا قرب باب المنزل ، وأحست به يدفعها بقوة فسقطت ارضا ، وبعد لحظات سمعت صوت رجل يصرخ عاليا :
" أنا بات يا سيد فرانكلين ، لا تخشى شيئا".
" يا لك من أحمق ! لو كنت احمل مسدسا لكنت قتلتك ، ماذا كنت تفعل هناك ؟".
" إعتقدت أنني سمعت صوتا مريبا قرب السياج فجئت لأتحقق من الأمر ، لم ار احدا ، لكنني وجدت انه من الأفضل أن أتحقق من المنزل ، انت لم تغلق الباب بالمفتاح ".
" المرة المقبلة سأفعل ذلك ، أنت تؤدي عملك جيدا ... لكن اتمنى أن تعلمني عن وجودك مرة أخرى ".
" لم أقصد إخافتك يا سيدي ، آسف ".
" حسنا ، يمكنك ان تعود الى منزلك الآن ؟".
" أفضل أن أبقى حول المنزل فترة... لمزيد من التأكد لا تهتما بي ...".
وإختفى في الظلام ، نهضت كاريسا ، واخذت تسوي ثيابها وهي تشعر بالم في جانبها ، جرحت ذراعها عندما دفعها كايد أرضا ، كان شالها ما يزال مرميا على الأرض ، فإنحنى كايد ليتلتقطه ، ثم وضعه حول كتفيها .
" هل أنت بخير ؟".
"نعم ".

نيو فراولة 02-02-12 09:13 PM

أمسكك كايد بذراعها فإبتعدت عنه بسرعة ، غضب ، امسك معصمها بقوة وشدّها الى داخل المنزل ، اضاء الأنوار وأقفل الباب جيدا وراءه .
" آسف ، دفعتك أرضا لأحميك من أي خطر مفاجىء ".
تكلم بنبرة توحي بأنه يحاول جاهدا التعبير بهدوء.
" أعرف".
" لماذا إبتعدت عني عندما لمست ذراعك؟".
لم تجب ، فنظر اليها بتساؤل ، قبل ان يرفع الشال عن كتفيها ، ويرى خطا رفيعا من الدم على ذراعها ، سارعت الى القول :
" لا شيء ، مجرد جرح بسيط ، هذا كل شيء ".
" دعيني أراه".
ولم ينتظر موافقتها ليقترب منها ويتفحص ذراعها ، وعندما راته يقطب حاجبيه قالت :
" لا تخشى شيئا ، عندما أنظف الجرح لن يبدو بهذا السوء".
" انت شاحبة ، هل تشعرين بالم في أي مكان آخر ؟".
" لا ، مجرد رضوض بسيطة ، ستختفي بسرعة ".
" إصعدي الى الحمام ، وعندما تنتهي سأهتم بتضميد الجرح ".
ودفع بها الى غرفتها ، وعندما إنتهت من حمام المياه الساخنة ، دخل الغرفة وهو يحمل صندوقا من الإسعافات الأولية ".
" إجلسي هنا".
جلست على حافة السرير كطفلة مطيعة ، وفتح كايد زجاجة فيها سائل مطهر ، اصفر اللون وقوي الرائحة ، وضع كمية منه على قطعة من القطن الأبيض أخذ يمررها فوق ذراعها وهو يقول :
" آسف ، لم أكن اقصد ، حين أشعر بالخطر أتصرف بصورة عفوية ".
وضحك قبل أن يقول :
" حتى لو كان الخطر خياليا ".
" أسامحك ، كان من الممكن أن يكون الخطر حقيقيا ، أين تعلمت أن تتفاعل مع الخطر بهذه الطريقة ؟ في عصابة الشوارع التي أخبرتني عنها ؟".
" وقبل ذلك ايضا ، أمضيت معظم طفولتي في إصلاحية ، اعرف .... ليس هذا ما كنت تقرأينه في الصحف ".
كان يتكلم بمرارة فاجأتها :
" كل هذا الكلام الذي قيل عن إعالتي لأمي المقعدة المسكينة ، وشقيقتي الطفلة ، كان من إختراع جاك ، هل تذكرين جاك ؟".
هزت راسها إيجابا وهي تحاول أن تبدو في غاية الهدوء واللامبالاة .
" هل ما يزال معك ؟".
" لا استطيع التصرف بدونه ، هو الذي صنع مني كاديز فرناند ".
وبنبرة ساخرة أضاف :
" لا أدري أين كنت سأصبح بدونه ، ولا من أكون ، أحيانا أتساءل انا نفسي اين هي الحقيقة ، وأين هي إختراعات جاك ".
وقاطعته برقة :
" لا ، أنت تعرف جيدا من انت ... كنت دائما تعرف ".
" وهل تعرفين انت من أنا ؟".
وإعترفت بالم :
" ظننت مرة بأنني أعرفك ، كنت صغيرة وقتها ... وفي غاية السذاجة ، قلت لي ذلك ، وكنت محقا ".
" كنت أيضا في غاية الرقة ".
وضع كايد قطعة القطن جانبا ، وأمسك ضمادة بلاستيكية ألصقها بنعومة على ذراعها :
" سأجيئك الآن بالشراب الساخن الذي كنت تريدين ".
وغادر الغرفة بسرعة قبل ان تشكره على إهتمامه وعاد بعد قليل بكوب من الكاكاو الساخن.
" كاكاو ، هل تحبينه؟".
نعم ، شكرا لك يا كايد ".
وأمسكت بالفنجان ترشف محتوياته ببطء ، وكي تقطع الصمت الذي خيّم عليهما سألته :
" أما زالت والدتك على قيد الحياة ؟".
اجاب ببرود لا اثر فيه لأي إنفعال:
" لا أعتقد ، لو كانت على قيد الحياة لجاءت تبحث عني عندما عرفت من الصحف انني بدأت أكسب الكثير من المال ".
ورفعت نظرها اليه فأضاف:
" صدمتك اليس كذلك ؟ لم ارها ... أعني امي .... بل لنقل أنها لم ترني منذ فقدت نظري في معركة عصابات في الشارع ".
" معركة ؟ قرات ...".
" إحدى قصص جاك لا ريب ، تلك القصة التي تقول انني فقدت بصري وانا انقذ صديقي من تحت عجلات شاحنة ؟ لم أكن أبدا رقيق الإحساس ".
" ولا حتى مع عائلتك ؟".
" أي عائلة ؟ انا لم اعرف والدي ، ولا أعرف إن كانت امي تعرف من هو ، كان هناك الكثير من ( الأعمام ) في طفولتي ، والقليل من الحب ، كانت امي إمرأة انانية.... اما شقيقتي فهربت من المنزل وهي في الثالثة عشرةمن عمرها ، لا أعرف اين هي الآن ، غادرت امي المدينة عندما كنت في المستشفى ونسيت أن تترك عنوانها ، كل ممتلكاتي في الدنيا كانت غيتارا وتصميما على الخروج من النفق الذي ولدت فيه ، سمعني جاك أعزف الغيتار ، فاعجبته وقرّر مساعدتي لسبب ما ".
واحست كاريسا أن كايد يشك حتى في دوافع جاك ، ليس غريبا إذن أنه لم يتعلم في حياته كيف يحب.
ومرر كايد يده في خصلات شعرها ، وللمرة الأولى أحست أنه يلمسها بحنان وليس برغبة ، وفجأة إبتعد عنها بسرعة وهو يقول :
" لا ، لن اقبل شفقتك ".
" ماذا تعني ؟ أي شفقة؟".
" لم تحاولي هذه المرة الإبتعاد عني ، تشفقين على هذا اليتيم المسكين الذي قست عليه الحياة ، أنا رجل قوي الآن ولا احتاج لشفقتك ، ولا الى عاطفة الأمومة لديك ".
وغادر الغرفة غاضبا .

نيو فراولة 02-02-12 09:14 PM

مساء اليوم التالي إتصل بهما موريس ، رفعت كاريسا السماعة فسالها :
" كيف شهر العسل ، هل كل شيء على ما يرام ؟".
صوته المألوف جعلها تسأله بأمل :
" لماذا لا تأتي لقضاء بعض الوقت هنا ؟".
وجوده سيخفف من حدة التوتر المسيطر على الأجواء.
" آسف لا أستطيع ، علي ان أنجز الكثير من العمال ، مساعدتي تركتني لقضاء شهر العسل مع عريس وسيم "..
ولم تستطع كاريسا أن تشاركه ضحكه فقاطعته بحدة :
" هل هناك أي اخبار جديدة ؟".
" لهذا إتصلت بك، قولي لزوجك أن أحد الطيور سيدخل القفص قريبا ، لكن الطير الصغير تمكن من الهروب ".
وإبتسمت لطريقته الدرامية في شرح الأمور ، كان من غير المحتمل ان يكون الهاتف مراقبا ، وأحست أن موريس يستمتع فعلا بكل الغموض والإثارة في هذه الدراما السرية .
" سأخبره بالأمر ".
قالت وهي ترى كايد يقترب منها .
" راقبي الطيور حولك ، قد تكتشفين فئات نادرة منها في الجوار ".
" حسنا ، سنفعل ذلك ".
وإتسعت إبتسامتها رغم أنها كانت تعرف جيدا خطورة ما يعنيه موريس ، وفجأة لاحظت نبرة أمريكية في صوت موريس ذكّرتها باحد الممثلين التلفزيونيين في حلقة بوليسية يدمن مديرها على مشاهدتها.
وإقترب كايد من الهاتف ليسمع صوت موريس.... وكان هذا الأخير قد عاد الى لهجته الطبيعية ليقول :
" آمل ألا تستمر هذه القضية طويلا ، إنني افتقدك ".
وإبتسمت وهي تتخيّله يدير أعماله بدون مساعدتها ، ولاحظت كاريسا تغيرا ملموسا على وجه كايد فعرفت أنه يستطيع سماع كلمات موريس ، فأضافت :
" وانا أيضا أفتقدك يا موريس ، هل تريد التحدث الى كايد ، إنه بجانبي"
" لا أخبريه بما حدث ، تصبحين على خير يا كاري ".
" تصبح على خير ".
وإنتظرت أن يقفل موريس الخط لتضيف :
" يا حبيبي ".
إلتفتت الى كايد بعد أن أعادت السماعة الى مكانها وقالت :
" كان هذا موريس ".
" أعرف ، يبدوهذا واضحا على وجهك ".
" طلب مني أن أخبرك بأن أحد الطيور سيدخل القفص قريبا ، وبأن الطير الصغير تمكن من الهرب ، هل يعني لك هذا شيئا ؟".
لم يجبها فورا فإلتفتت اليه لتراه مقطب الحاجبين .
" نعم ... يعني الكثير ، يبدو ان رجال الشرطة يتوقعون القبض على رئيس العصابة قريبا ، لكن غوميز تمكن من الإفلات".
" غوميز؟ من هو ؟".
" الرجل الذي يريد قتلي ! ".
" فهمت من موريس أن الرجل قد يكون في الجوار ".
" أي شيء آخر ؟".
" لا ، لا شيء لك ، ما تبقى يخصني وحدي ".
علاقتها الوهمية بموريس كانت وسيلتها الوحيدة للدفاع عن نفسها .
إقترب منها كايد وأخذ يهزها بعنف :
" لو كان موريس يحبك لما أرسلك الى هنا للترويح عني ، لا يهمه أمرك ، وهو يحرص فقط على مصالحه المادية ، يريد إسعادي لأنه يأمل بجني الآلآف من الجولة الفنية التي سأقوم بها لصالحه ، في أي حال لا أعتقد أنها المرة الأولى التي يرسلك فيها للترويح عن ضيوفه .... بمختلف الوسائل ".
" ماذا تقصد ؟".
" اقصد انك تفعلين أي شيء لأرضاء موريس وخدمة مصالحه ".
وفهمت أخيرا ، للحظة تسمرت في مكانها ثم هجمت عليه بضراوة ، وأخذت تضربه على صدره بيديها الصغيرتين :
" كيف تجرؤ .... كيف تجرؤ...".
حاول أن يبعدها عنه فقاومته بشراسة وكأنها تريد أن تضربه بكل قطعة من جسمها ، أمسك بها بشدة حتى تعبت أخيرا من الصراع ، هدأت فجأة ، وإنهمرت الدموع من عينيها :
" أرى أنني أخطأت ، آسف يا كاريسا ".
هربت كاريسا الى غرفتها ، إستلقت على فراشها وأخذت تشهق عاليا ، إنه لا يستحق دموعها ... فلتكف عن البكاء ... إنه لا يستحق دموعها .... لا لن يتغلب عليها ، لم تعد تلك المراهقة التي إستغل براءتها .... الدموع لا تجدي .... إنه لا يستحق دموعها ....

نيو فراولة 02-02-12 09:15 PM

6-هل تريدين موتي؟

صباح اليوم التالي ذهبت كاريسا الى القرية المجاورة للتسوق ، نفد مخزون الخبز والبيض من الثلاجة ، لكن ليس هذا السبب الحقيقي وراء إبتعادها عن المنزل ، إنها بحاجة الى إستجماع قوتها وعواطفها بعيدا عن كايد .
توقفت قليلا عند بائع الصحف وإختارت مجموعة من المجلات الخفيفة التي لا تحتاج الى تركيز وجهد ، ولفت نظرها في واجهة أحد المحلات مجموعة من الأشغال اليدوية فدخلت لتختار لوحة جميلة تطرزها في السهرات الطويلة ، العمل اليدوي سيبعد تفكيرها عن كايد وعن التوتر السائد بينهما ، إنها تشعر بحاجة ماسة لأن تشغل نفسها فلا تغرق في دوامة القلق التي تشل عقلها.
حملت مشترياتها وهمّت بالخروج من المكان ، لاحظت فجاة الرجل الواقف على الباب الخارجي والذي كان يحدق فيها بإهتمام بالغ ، حاولت ان تتجاهله لكنه لم يتحرك من مكانه عندما وصلت الى باب الخروج ، تسمرت أمامه لحظات وهي لا تدري ماذا ستفعل ! كان يقف في طريقها ، ماذا يريد منها ؟
إعتذر منها مبتسما وأفسح لها الطريق لتخرج من الدكان : للحظة أحست بالقلق ، ما بها ؟ ليست هذه المرة الأولى التي يعترض طريقها رجل ، إنها معتادة على نظرات الإعجاب ، لا بد ان الظروف الصعبة التي تمر بها ،تجعلها ترى الخطر في كل شيء.
منتديات ليلاس
ورغم ذلك ظلت تحدق في المرآة الخلفية وهي تقود سيارتها الى المنزل لتتأكد تماما ان أحدا لم يلحق بها .
مساء اليوم ذاته جلست كاريسا في غرفة الجلوس وبدأت العمل على اللوحة ، اخذ كايد يلاحق حركات يديها بسخرية لاذعة ، ولم يتمالك نفسه من التعليق قائلا :
" كم تبدين أليفة وهادئة ، ما هذا الذي تعملين ؟هدية لي ؟".
" لا ".
وبعد لحظات عاد لينظر الى اللوحة من فوق كتفها :
" جميلة جدا ، هل ستهدينها الى موريس ؟ سيعلقها في غرفة نومه قرب تحفه الأخرى ".
" ربما ".
ومرت الأمسية هكذا ، كايد يطلق تعليقات ساخرة تحمل بين سطورها معان خفية ،وكاريسا تجيب بكلمات مقتضبة ، نادرا ما كانت تنظر اليه لكنها كانت تشعر تماما بتوتره الزائد ، وبالخطوط العميقة حول فمه ، والحدة في صوته ، والخسرية في عينيه.
تابعت عملها بصمت ، لكن وجود كايد قربها شل سرعة اصابعها ، وفجأة إبتعد عنها ليجلس الى البيانو في الزاوية المقابلة .
بدأ يعرف قطعة صاخبة لم تكن قد سمعتها من قبل ، لا بد أنه يحاول التخفيف من عصبيته وغضبه ، لكن الموسيقى لم تكن كافية لذلك ، ضرب بيديه على مفاتيح البيانو ووقف بحدة ليقول :
" سأخرج قليلا ".
سالته ببرود :
" هل تريد أن أرافقك ؟".
" إفعلي كما يحلو لك ".
" إن كنت لا تمانع ، أفضل البقاء هنا ".
" حسنا ، كما تريدين ".
حدّته جعلتها تبتسم ، لكنها تمالكت نفسها وهي تقول :
" لا تنسى ان تعلم الحارسين بوجهتك .".
توقف لحظة ، قبل ان يقول بوحشية :
" لن اخبر أحدا ، اريد ان أكون بمفردي ، هذه حياتي وانا حر فيها" وأغلق الباب وراءه بشدة.
إنتظرت كاريسا بضع دقائق حتى تتأكد من ذهابه ، وأمسكت الهاتف ،وعندما رفع بات السماعة قالت له بسرعة :
" السيد فرانكلين خرج منذ دقائق ، قال انه لا يرغب برفقة أحد ".
" سأراقبه بدون أن يشعر بوجودي ".
وحذّرته كاريسا قائلة :
" إنه عصبي المزاج ! ".
ضحك بات عاليا :
" شكرا للتحذير ، لا تقلقي ، لن يشعر بوجودي ".
شكرته واقفلت الخط ، سيغضب كايد عندما سيعرف أنها إتصلت بالحارسين ، فليغضب إذن ، مهمتها هنا أن تتأكد من سلامته ، وأحست بالقلق وهي تتخيله يسير وحيدا في الظلام.
وعندما عاد كايد الى المنزل كانت كاريسا قد آوت الى فراشها ، سمعت مفتاحه في الباب ، ووقع قدميه على الدرج فاطفأت النور ونامت .
صباح اليوم التالي كان كايد في متهى العصبية، أصر على الذهاب الى الينابيع الدافئة القريبة للإستحمام ، وفشل الحارسان وكاريسا في إقناعه بعدم الإبتعاد عن المنزل ، اخذ يصرخ قائلا أنه لا يطلب منهم السماح له بممارسة هواياته ، بل يخبرهم فقط بوجهته ، سيذهب حيث يريد ولن يقف أحد في طريقه ، فإضطرت كاريسا الى مرافقته ،ومعهما الحارسين.
مياه الينابيع ، كانت عذبة ودافئة ، تركت كاريسا نفسها على سجيتها وأخذت تسبح بتكاسل وبطء ثم إستلقت على ظهرها وإستسلمت للمياه ، فطغى جسمها على السطح ورفعت وجهها الى السماء لزرقاء ، ولم يدعها كايد تستمتع طويلا بحريتها ، إقترب منها ليحيط خصرها بذراعه ويشدها الى حافة الينبوع ، حيث أرغمها على الوقوف في المياه التي كانت تصل الى خصرها فقط ، سجنها بين ذراعيه مبتسما ، تألقت عيناه ببريق جذاب ، تذكرت كاريسا فجأة النظارتين السوداوين ، والعينين اللتين لم تعرفا الحياة ، ولا النور الذي يضيئهما الآن ، وإنتابها حنان غامر.
وشعر كايد بالتحول الذي طرأ على تعابيرها ، فنظر اليها مستفسرا ، اشاحت بوجهها لتهرب من السؤال ، لكنه أرغمها بلطف على النظر اليه مجددا.
" ما بك ؟".
" لا شيء ... أنا سعيدة لأنك إستعدت بصرك ".
حدّق فيها بإستغراب قبل أن ينظر اليها بحنان قائلا :
" أنا أيضا".
مر بات قربهما وهو يسبح بسرعة ، فإبتسمت له كاريسا ، إلتفت كايد لحظة فإستغلت الفرصة لتهرب بعيدا عنه ... رغم أنها لم تكن تريد أن تبتعد عنه أبدا ، تمنت لو يسجنها معه الى الأبد ، فلا يدعها تغيب عنه لحظة واحدة ، تمنت ... كل ما يمكن ان تتمناه إمرأة عاشقة.
( لا ، لست مجنونة الى هذا الحد ، هل أحبه حقا؟).

نيو فراولة 02-02-12 09:17 PM

خرجت من المياه ، وهي تلعن أحاسيسها فكادت تصطدم بشخص ما وقف امامها ، رفعت بصرها اليه فرأت الرجل الذي إلتقت به في الدكان يوم الأمس.
حيّاها بلكنة أميركية مميزة :
" أهلا ... ها نحن نلتقي مجددا ".
إبتسمت وأكملت طريقها وهي مشغولة باحاسيسها عن الإهتمام باي تفاصيل اخرى .
وعندما إنتهت كاريسا من إرتداء ملابسها وتمشيط شعرها كان كايد بإنتظارها ، فعادا معا الى المنزل .
ومرت الأيام بطيئة قاتلة ، مزاج كايد لم يتحسن بل إزداد سوءا ، كان يمضي معظم اوقاته في الشرفة يحدق بعيدا ، لم يعد يحاول الإقتراب منها ، ولم يكن يوجه لها أية كلمة إلا عند الضرورة ، الملل تمكن منه ، وضاق بأسره.
وظنت كاريسا أنها سترتاح لأن كايد صرف النظر عنها ولم يعد يضايقها بسخريته اللاذعة ، لكنها أحست بإنقباض للجوالمشحون المتوتر ، ولم تعد تطيق الجلوس في المنزل فخرجت لتسبح في البحيرة القريبة ، علها تستعيد هدوءها.
إحتوتها المياه الباردة ، وأخذت تسبح وكأنها تصارع شخصا وهميا ،وعندما تعبت من الحركة المتواصلة قررت القيام بنزهة قصيرة قبل العودة الى المنزل ، رأت سربا من الببغاوات على أغصان قربة ، فأفرحها المشهد ، سارت بهدوء لتقترب من الطيور الملونة اللاهية عنها بحديث مرح.
وكادت تتعثر بالقارب الصغير حتى قبل ان تراه ، الظاهر أن صاحبه يخشى عليه من السرقة ، وإلا لماذا اخباه تحت الأشجار ووضع فوقه كل هذه الأغصان الخضراء؟
تسمرت في مكانها تحملق في المركب ، واخذ قلبها يخفق بسرعة ، لا بد من وجود سر ما وراء هذا الأمر ! سرية المكان الذي وجدت فيه المركب والطريقة التي اخفي بها عن الأنظار تدلان على سوء نية ، إرتعشت رغما عنها ، وعندما رأت الرجل يظهر من بين الأشجار قفزت فزعا.
" آسف ، هل أخفتك؟".
إنه الرجل الذي إلتقت به في المحل ، وقرب الينابيع الدافئة ، سيطرت على رغبتها بالهروب منه وسألته بشيء من الخوف :
" ماذا تفعل هنا ، نعم أخفتني ".
اشار الى النظارة المقربة التي تدلت على صدره وقال :
" اراقب الطيور ، وانت تفعلين الشيء ذاته ، اليس كذلك ؟".
لم تجبه فإبتسم وتابع حديثه:
" من الممتع حقا مراقبة الطيور ، خاصة هذه الببغاوات الملونة ، أليس كذلك ؟".
" نعم ، هل هذا مركبك؟".
" نعم ، لماذا تسألين؟".
" إستغربت حرصك الشديد على إخفائه بهذه الطريقة".
" لم أرد إخافة الطيور ، لو نظرت مليا لوجدت أنني بنيت ملجأ مؤقتا أستطيع الإستلقاء تحته بدون أن تشعر الطيور بوجودي ".
نظرت كاريسا الى المركب مجددا ، فلاحظت فعلا أن الاغصان وضعت على شكل خيمة ، من السهل ان يزحف المرء تحتها ليراقب الحياة البرية بدون أن تشعر الطيور بوجوده ، ولم تتمالك كاريسا نفسها من القول :
" آسفة ، هذه املاك خاصة ، لا يحق لك البقاء هنا ".
" آسف ، لم أكن أعلم ، أنت وزوجك ... تملكان الأرض ".
" لا بل هي لصديق لنا ، لا نستطيع أن نسمح لأي كان بالتنزه هنا ، آسفة ".
" لا تعتذري ، افهم موقفك ، علي بالذهاب الان ".
وتساءلت كاريسا كيف تمكن الرجل من البقاء هنا ، بدون ان يشعر الحارسان بوجوده ، فسالته :
" منذ متى انت هنا ؟".
" جئت في الساعات الأولى من الصباح ، إنه التوقيت الأمثل لمراقبة الطيور ".
كان الظلام مخيما على المنطقة فتصبت خيمتي وإنتظرت ".
" يبدو أنك إنسان صبور ".
" نعم جدا ، سأذهب الان ".
وإنحنت كاريسا لتساعده على نزع الأغصان ، فرأت على أرض المركب كيسا طويلا أحكم صاحبه إغلاقه .
قالت بحدة :
" ما هذا ؟".
" قاعدة ثلاثية لآلة التصوير ".
" آه ، آسفة ".
ولفت إنتباهها حقيبة مربعة كالتي يستعملها هواة التصوير فإطمأن قلبها ، وعندما تاكدت من ذهاب الرجل أسرعت كاريسا الخطى في إتجاه المنزل ، فإلتقت بستان الذي أشار لها بالتوقف ".
" من هو صديقك ؟".
" ليس صديقي ، بل رجل افلت منكما ليلة أمس ، لا تخف ، إنه من هواة مراقبة الطيور ".
" هل أنت متأكدة من ذلك ".
" لا أدري ، اعتقد ذلك ، شخصيته توحي بالإطمئنان ، جاء في الساعات الأولى من الفجر ".
" لكننا نقوم بدوريات منتظمة معظم ساعات الليل ".
" لا بد انه تسلل بين دوريتين ".
" ربما لست مرتاحا للأمر ، أتمنى لو لم يكن السيد فرانكلين بمثل هذه الإستقلالية ".
إبتسمت كاريسا ، شعرت انه كان يريد أن يستعمل تعبيرا اقسى ، لكنه إمتنع عن ذلك في اللحظة الأخيرة ، وحاولت أن تبرر تصرف كايد قائلة :
" لا يستطيع أن يتحمل السجن ".
وتركته لتتابع طريقها الى المنزل ، رأت كايد ينتظرها في الحديقة وهو يحمل نظارة مقرّبة ، سالها بحدة :
" أين كنت؟".
" في البحيرة... اسبح ".
" خرجت من المياه منذ عشرين دقيقة ، اين كنت ؟".
" كنت أراقب بعض الطيور و ....".
وتوقفت عندما رأت نظرة الشك في عينيه ، وقررت أن لا تكمل حديثها .
" هل عليّ ان اقدم لك تقريرا بكل حركة اقوم بها ؟".
ودخلت المنزل غاضبة ، توقعت أن يلحق بها لكنه لم يفعل ، ستان سيخبره عن الأميركي ، لن تنطق باي كلمة .

نيو فراولة 02-02-12 09:18 PM

صباح اليوم التالي رفضت كاريسا مرافقة كايد لممارسة رياضة التجذيف ، وجلست في الشرفة تراقب كايد يخرج القارب الصغير من المخزن الخاص به ، وراته يبتعد الى وسط البحيرة، وإسترخت في مقعدها عندما شاهدت قارب الحارسين يلحق به ، ويقف على بعد امتار منه.
كان هناك العديد من المراكب فوق سطح المياه ، وتابعت كاريسا بإهتمام حركات الرجل الذي كان يتزلج بمهارة وراء مركب سريع ، كم يشعر كايد بالعجز الان ، تعلم جيدا أنه كان يتمنى لو يستطيع الإنطلاق بهذه السرعة ليتمتع بلذة التحدي.
ويبدو أن ظنون كاريسا كانت في محلها ، لم يستطع كايد البقاء تفرجا وسط البحيرة فأدار مركبه بإتجاه الشاطىء ليعود ببطء ، وعندما رأت كاريسا خيط المياه الذي إرتفع امام القارب الصغير ، ظنت أولا ان سمكة ما قفزت فوق السطح تاركة وراءها هذا العقد الفضي البرّاق،ومن ثم سجّل سمعها صوت الرصاصة... ما راته كان طلقة بندقية ، قفزت بسرعة وأخذت تركض بجنون بإتجاه الشاطىء ، سمعت طلقة ثانية ، ورات كايد يسقط في المياه ، صرخت :
" لا .... لا ..... كايد .... كايد ...... لا ".
وظلت تركض حتى غاصت قدماها في مياه البحيرة ، تسمّرت مكانها وهي تبكي خوفا وقلقا ،وتحاول ان ترى ماذا يحدث هناك..وسط البحيرة.
إنطلق مركب الحارسين وراء زورق أخضر سريع ظهر فجأة من وراء ستار الأشجار، وتنفست كاريسا الصعداء وهي ترى كايد يسبح بإتجاه مركبه ، كانت ما تزال على الشاطىء عندما عاد الحارسان برفقة كايد ، جففت دموعها وحاولت أن تسيطر على إنفعالاتها وهي تسمع بات يقول :
" لم نستطع اللحاق به ، لا أحد يعرف من اين اتى الزورق السريع ، رجال الشرطة يهتمون بالأمر الان ، هناك العديد من الشهود ، لكنني لا أعتقد خصيا أن الشرطة ستتمكن من القبض ، سيغادر البلاد فورا".
أجابت بخوف :
" لكنه يعرف مكان كايد الآن ".
قاطعها ستان قائلا :
" سنمضي الليل معكما في المنزل ، دقائق عشر وسنكون معكما ، لا يمكن أن يعود في هذه الفترة القصيرة".
وذهب الحارسان لحزم حقائبهما ، وللمرة الأولى إسترقت النظر الى وجه كايد ، فرأت إبتسامة ساخرة تتراقص على شفتيه وبريق مرح يلمع في عينيه ، فكرت بالألم الذي كان يمزقها وهي تركض مولولة بإتجاه الشاطىء ، والخوف الرهيب من ان يكون أصيب ، والانتظار الطويل لعودته... كل هذه الأحاسيس ،وهو واضح الإستمتاع بما يحدث ، أخذت نفسا طويلا وصرخت :
" اللعنة عليك يا كايد ".
وهربت منه الى المنزل .
عندما عاد الحارسان الى المنزل كان المكان اشبه بقلعة محاصرة ، زمجر بات قائلا :
" أنت رجل عنيد يا سيد فرانكلين ، قلت لك من البداية انه من الأفضل ان نعيش معكما في المنزل ، أنا سعيد لأنك غيّرت رايك اخيرا "
" لم أعد ارى جدوى من الإدعاء بأننا نمضي شهر العسل هنا ".
وتجنب كايد النظر الى كاريسا التي تغلي غضبا لم تكن فكرة موريس إذن ، ولا حتى فكرة الحارسين ، هو الذي اصر على هذه التمثيلية السخيفة".
وصل الفوج الأول من رجال الشرطة بسرعة غير متوقعة ، إستخدموا الطائرات المروحية في سباق مع الوقت ، ولاحظت كاريسا أن المفتش ، الذي بدأ فورا في طرح الأسئلة، يعرف الكثير عن خلفيات القضية ، وبدأ تحقيقه قائلا :
" هل لاحظتم وجود مشبوه في الأيام القليلة الماضية ".
إلتفت بات الى كاريسا :
" هل تذكرين مراقب الطيور؟".
تدخل كايد برقة :
" أي مراقب طيور؟".
" ألم تخبرك كاريسا بما حدث؟".
احست كاريسا بتصلّب كايد ، وبنظرته الحارقة عل وجهها ، وعاد يكرر بقسوة:
" أي مراقب طيور؟".
خافت كاريسا من حدته ، أشاحت بوجهها عنه وراحت تروي للمفتش تفاصيل لقائها بالأميركي الذي إدعى انه يهوى مراقبة الطيور ، وتعثرت في كلامها مرة أو مرتين وهي تشعر بقسوة وبرود عيني كايد وهو يحدق بها .
وبعد ذهاب المفتش اعدت كاريسا العشاء وهي سعيدة لوجود بات وستان ، لأنها كنت قلقة من الطريقة التي يراقبها بها كايد.
بعد منتصف الليل بقليل إستأذنت من الجميع ، وهمّت بالصعود الى غرفتها ، لحق بها كايد فتجاهلت وجوده وراءها.
" غرفتك ام غرفتي؟".
" ماذا؟".
" سمعت جيدا ما قلت ".
" لم أفهم ".
" بل فهمت جيدا ".
" ماذا تريد؟".
" أن تمسكي بيدي كي لا أخاف في عتمة الليل ".
" لا تسخر مني ، أنت تستمتع بكل لحظة مما يحدث ".
" وأنت ايضا ، أليس كذلك؟".
" لا ! ".
" لماذا ، ألم تسر الأمور كما كنت ترغبين؟".
" كلا".
" لا تقلقي ، قد يكون حظك أفضل في المرة المقبلة ، لكن لا تظني يا عزيزتي المخادعة ، أنني سأسلمك راسي على طبق من فضة ، لن تبتعدي عن نظري قبل أن يصبح غوميز وراء القضبان".
وللحظة تسمرت في مكانها ، وعندما بدأت تفهم مغزى كلماته صرخت بإحتجاج :
" يا ألهي... كايد .... ماذا تقصد؟".
" تعجبني نظرة البراءة في عينيك ، أنت ممثلة رائعة ، لكن فات الأوان ، أخطأت بعد ظهر اليوم عندما عجزت عن إخفاء ألمك فور معرفتك بان صديقك اخطا الهدف".

نيو فراولة 02-02-12 09:19 PM

الصدمة كانت أكبر من طاقتها على التحمل ، شعرت بالجدران تنطبق عليها ، فاغلقت عينيها وكادت تقع أرضا ، أدخلها كايد الى غرفته واغلق الباب وراءها.
" كايد ارجوك ، هذا جنون مطبق ، انت مخطىء".
" حقا ! أمامك الليلة كلها لقناعي بذلك ، سأبقيك هنا امامي ، لن أخاطر مرة ثانية ".
" لكن كايد... كيف كان بإستطاعتي الإتصال بغوميز ، كنت معك معظم الوقت ".
" لا ادري ، لكنني أعرف انك تحدثت معه قبل أيام قرب الينابيع الدافئة ... وأعرف أنك كنت تاملين بانني لن أكتشف اللقاء الذي تم بينكما بالأمس ، اين دبرتما ما حدث ... قرب الينابيع؟".
" لم أدبر شيئا ، هل كان غوميز ؟ الم تتعرف عليه عندما رأيته قرب الينابيع ؟ لماذا لم تقل شيئا ؟".
" لم اكن أعرف وقتها من هو ، لم أكن متأكدا حتى رأيته في الزورق اليوم ، لم تكن مصادفة انك رفضت مرافقتي اليوم ".
" قل لي قصدك بالتحديد ".
" بطريقة ما إتصلت بغوميز ... او إتصل هو بك ، ودبرتما كل شيء ، خلال إحدى جولاتك الى القرية بحجة التسوق ".
وتذكرت كاريسا الرجل الذي كان يحدق فيها في المحل التجاري ، حتى كاد ينسى أنه يقف في طريقها ، ورغما عنها إحمرت وجنتاها خجلا ، ضحك كايد بقسوة وهو يعلق قائلا :
" كنت مخطئا ، لا ، لست ممثلة بارعة ، نسيت يا عزيزتي أنها المرة الأولى التي نجحت فيها بخداعي .... كنت أعمى".
دفاعها جاء يائسا :
" لا ، أنت مخطىء تماما ، في أي حال ما هو برأيك السبب الذي يجعلني اساعده ؟ هل تعتقد أنني أرغب برؤيتك قتيلا ؟".
" لماذا لم تخبريني إذن عن لقائك القصير بمراقب الطيور ؟ لماذا صرخت ، اللعنة عليك ، عندما رايتني أصل سليما معافى الى الشاطىء ؟ لماذا لم تخبري المفتش أنك إلتقيت الرجل الذي أطلق علي الرصاص اكثر من مرة ".
" لم أكن أعتقد ان كل هذه التفاصيل بهذه الأهمية ".
وأضافت بإستسلام :
" كايد لا يمكنك أن تصدق كل هذا ! أي سبب معقول يدفعني لتدبير موتك ؟".
" هذا ما انوي معرفته".
إقترب منها فإبتعدت عنه لا شعوريا ، تراجعت حتى أسندت ظهرها الى الحائط ، إقترب منها أكثر وقف يحدق في وجهها ، لم يلمسها ، لكن الغضب البارد في عينيه جعلها ترتجف خوفا .
" هل كان المال هو السبب ؟ ام انك تريدين الإنتقام مني ؟ هل تكرهينني ، يا كاريسا ، لدرجة تتمنين معها موتي؟".
" لا ، انا لا أكرهك ".
" حقا ! هل تريدين إثبات ذلك ؟".
وإنقضّ عليها بقسوة فقاومته بعنف :
" لا ، ارجوك كايد ، لا ، ارجوك دعني ".
إبتعد عنها ساخرا :
" طبعا لا تستطيعين تحمل ذلك؟ أقصد أن يعانقك الرجل الذي كنت كنت تقصدين قتله ".
" لم أكن أدبر شيئا ، الحقيقة أنني لا استطيع أن أتحمل عناق رجل يعتقد أنني كنت اريد القضاء عليه".
لم يجبها ، وظنت للحظة انه ربما بدأ يؤمن ببراءتها ، لكنه إبتعد عنها وجلس على المقعد المجاور للنافذة .
" سأترك السرير لك ، أما أنا فسأجلس هنا ".
منتديات ليلاس
ترددت قليلا ، وإستلقت على السرير ، لدقائق اخذت تحملق في السقف، ثم قالت :
" إن كنت تعتقد فعلا بانني دبرت عملية قتلك ، لماذا لم تخبر رجال الشرطة؟".
" لي اسبابي الخاصة ، في أي حال أنا لا أملك الأدلة الكافية بعد ".
اجابت بمرارة :
" اصدرت حكمك علي بدون براهين كافية ! ".
" لم أصدر حكمي عليك بعد ، إتخذت فقط الإحتياطات اللازمة إستنادا على شكوكي ".
" إنها قضية آراء ".
" بل قضية حياة أوموت ... حياتي نا ،وموتي انا ".
" لماذا يريد غوميز قتلك ؟".
وعندما لم يجب قالت غاضبة :
" الأمر يتعلق بإمرآة اليس كذلك ؟ يريد قتلك بسبب إمراة ".
" طبعا ، الم يخبرك بذلك ؟".
" يخبرني بماذا ؟".
" غررت بزوجته... قبل أن أقتلها".

نيو فراولة 03-02-12 07:52 PM

7- دموع تفتح الجراح

احست بقشعريرة تجمّد اطرافها وهي تحدّق في عينيه علّها تقرا الحقيقة الخافية وراء المرارة الأليمة التي يتقلّص تحتها وجهه ، وأخيرا همست بتردد :
" هل تعترف إذن بما فعلت ؟".
" يا ألهي ، طبعا لا ، علّمتني الحياة ان لا أعترف بأي شيء ".
" لا أصدقك ! لم أصدق كلمة واحدة مما قلت ! ".
وللحظة إعتقدت انها رات لمحة إستغراب في عينيه ، لكنه قال ساخرا :
" هذا لطف منك ، وفي المقابل تريدين أن أؤكد لك أنني أصدق أنك لا تعرفين غوميز أليس كذلك؟ آسف يا عزيزتي ، ما زلت لا اصدقك ".
إنتفضت من مكانها ، ووقفت تتحداه بعنف :
" انت لا تستطيع ان تثق باي كان اليس كذلك ؟ نفسيتك المعقدة المريضة تجعلك لا تؤمن بأي نوع من الصدق والإخلاص ، كم أشعر بالأسى من اجلك يا كايد ! لديك الموهبة والمال والنجاح لكنك تفتقد أهم ما في الحياة ، أي الصداقة والحب والثقة ، هذه الأشياء المهمة لن تحصل عليها أبدا ، لأنك غير قادر على ذلك ، انت تلوّث كل المشاعر الصادقة ، لن تعرف في حياتك معنى العلاقة الحقيقية بين رجل وإمرأة ، لأنك عاجز عن إعطاء أي امرأة ما تريده فعلا ! ".
وعرفت كاريسا أنها بالغت في هجومها حتى قبل ان يقترب منها ليهزّها بعنف.
" ارجوك كايد دعني ، أنت تؤلمني ".
إبتعد عنها فجأة ،وعاد ليقف قرب النافذة ، وأحست أنه يحاول جاهدا السيطرة على أعصابه ، فلم تنبس بكلمة واحدة ، وظلّت مكانها تنتظر بقلق رد فعله التالي ،وبعد دقائق ، مرّت وكأنها ساعات ، سالها ببرود :
" تبكين ؟".
" لا".
لم تكن تستطيع حتى البكاء.
" حسنا لا بد أنك متعبة حاولي النوم ".
ولدهشتها الشديدة تمكنت فعلا من الإستسلام للنوم.
صباح اليوم التالي أفاقها كايد من سباتها العميق ، وبعد ساعة كانا على طريق العودة الى أوكلاند في سيارة يقودها شرطي ، جلست كاريسا قرب السائق ، بينما إستقر كايد في المقعد الخلفي بين رجلي امن.
منتديات ليلاس
أخذت الفتاة تحدّق في الطريق الممتد امامها وهي تتذكّر بمرارة الرحلة التي قامت بها منذ أقل من ثلاثة أسابيع ، وكل ما حدث في تلك الليلة القصيرة ، صحيح انها كانت قلقة وعصبية في ذلك اليوم الأول لكنها كانت واثقة بقدرتها على التحكم بعواطفها ، وبأنها ستتابع حياتها المليئة بعد إنتهاء هذا اللقاء المزعج ، وستنسى الرجل الذي غيّر حياتها منذ بضع سنوات ، اما اليوم ، فهي تعلم جيدا ان عواطفها نحوه لم تتغيّر ، بل صارت اقوى رغم كل شيء لن تستطيع بعد الآن أن تتخلص من حب الرجل الذي إعترف لها بأنه لا يعرف معنى الحب ولا قمة العلاقات الثابتة ، إنه لا يرغب في ربط نفسه بها ولا باي إمرأة أخرى.
لا ، لن تستسلم لهذه الأفكار ، لن تدعه يسيطر عليها مرة اخرى.
وإلتفتت الى السائق الشاب تشجعه على الكلام ، علّها تنشغل به عن الرجل الجالس في المقعد الخلفي، أخبرها عن طفولته في مزرعة الألبان ، وحلمه الإلتحاق بسلك الشرطة ، وكفاحه لتحقيق هذا الحلم ، وضحكت طويلا وهي تسمع الطرائف التي رواها لها عن مهنته ، والناس الذين يقابلهم ، كانت ماهرة في جعل الناس يتكلمون عن نفسهم ، ونمّت هذه الموهبة في تعاملها اليومي مع نماذج مختلفة من الشخصيات الغريبة.وعندما وقفت السيارة أخيرا امام شقة موريس ظلت كاريسا تتحدث مع السائق الشاب ، بينما دخل كايد المبنى بين حارسيه ، وعندما لحقت بهم بعد دقائق لاحظت النظرة القاسية التي رماها بها كايد قبل ان يلتفت الى موريس والرجل الذي برفقته ، والذي تبيّن لاحقا أنه مفتش في الشرطة.
وجلس الرجال الثلاثة يدرسون تفاصيل خطتهم الجديدة ،وعرفت كاريسا أخيرا لماذا أصرّ رجال الشرطة على إصطحاب كايد الى أوكلاند بهذا الأسلوب العلني ، ضاربين عرض الحائط بكل السرية التي إتبعوها حتى الآن ، كانوا يريدون ان يعرف القاتل مكان وجود كايد ، لم يعثروا عليه قرب البحيرة ، لكنهم تمكنوا من إيجاد السيارة المسروقة التي إصطدمت باحد الحواجز التي اقامها رجال الشرطة ، والتي تمكن صاحبها من الفرار في إحدى السيارات المارة في المنطقة ، وعندما تم إستجواب سائقي السيارات مرت على تلك الطريق ، في تلك الساعة ، تبيّن ان أحدهم إلتقط راكبا له أوصاف غوميز .
وإستنتجت كاريسا من هذا كله انهم يريدون الآن إرغام غوميز على الخروج من مخبئه ، كيف ؟ وسألت بقلق وإستهجان :
" تريدون إستخدام كايد كطعم ، أليس كذلك ؟".
نظر اليها كايد بقسوة ، وأجابها المفتش بهدوء:
" لا تخشي شيئا يا آنسة مارتن ، لن يصيبه سوء ، سنحيط به من كل جانب ، لكننا سنتظاهر بعكس ذلك على امل ان يطمئن القاتل فنقبض عليه بالجرم المشهود ".
" أي وهو يقتل السيد فرناندد ؟".
" لا ... ليس تماما ، اقصد اننا سنقبض عليه بتهمة محاولة القتل ، وهذا كاف لأدخاله السجن لسنوات طويلة ".
وألتفت المفتش الى كايد قائلا :
" سيسرك ان تعلم أننا قبضنا على الرأس الكبير ومعظم افراد العصابة ،وحسب معلوماتنا ان الرئيس غسل يديه من الرجل منذ فترة طويلة ، وإنه يعمل حاليا لحسابه ، وهذا يعني انهم لن يرسلوا رجلا آخر لقتلك عندما تلقي القبض على غوميز ".
وتنهّد كايد بإرتياح وإسترخى في مقعده :
" هذا خبر سار فعلا ، لكن لماذا تخلّى الرأس الكبير عن غوميز ؟ ".
" عندما فشل الرجل الذي ارسلته العصابة لقتلك في ملبورن ، قرّر غوميز أن يقوم بالمهمة بنفسه رغم أوامر الرئيس الذي كان يريد ان يحتفظ به لمهمة أكثر اهمية للعصابة ".

نيو فراولة 03-02-12 07:54 PM

وتوقف المفتش قليلا قبل ان يكمل قائلا :
" زملائي في أميركا ياملون أن نتمكن من إقناع غوميز بإعطاء أدلّة تدير أفراد العصابة ، في حوزته معلومات مهمة تفيد رجال الشرطة ".
" وهذا سبب آخر لرغبتك في إصدار اقصى عقوبة ممكنة في حقه ، تريد ان تخيفه ليفضح اسرار العصابة".
عضّ المفتش على شفتيه ، ومن ثم ضحك قائلا :
"نحن نحب المساعدة عندما نستطيع ذلك ".
وقف كايد فجأة وتوجه الى النافذة ، وبعد لحظات قال :
" اتعلم أن غوميز عاش حياة شريفة في السنوات العشر الماضية ، قبل أن تتصل به العصابة ، هل تعلم ذلك ؟".
تردد المفتش قبل أن يجيب :
" وكيف تعلم أنت ذلك ؟ إن لم يدخل السجن ، ولم يحاكم في السنوات العشر الأخيرة فهذا لا يعني بالضرورة....".
" كان يعيش حياة شريفة ....زوجته اخبرتني بذلك ، كانت العصابة تضغط عليه بتهديده بإيذاء زوجته وطفلته".
" يا لها من أساليب شريرة ! ".
" هل كنت تعلم ذلك ؟".
"لا ، كل ما أعرفه أن زوجته ماتت ، أليس هذا هو السبب الذي جعله يريد قتلك ؟ ماتت في سيارتك ... أليس كذلك ؟".
"صحيح ، وإلتحق غوميز بالعصابة لينتقم مني ، وفاة زوجته أفقده توازنه".
وإعترف المفتش قائلا :
" حقا إنها ظروف مؤسفة ... لكن الرجل ... قاتل".
" في بعض الدول يعتبرون هذا نوعا من الجرائم العاطفية ، فتصدر المحكمة حكما مخففا ، وإن تمكن القاتل من تنفيذ جريمته ".
وإبتسم المفتش قائلا :
" هل تقصد بكلامك هذا ان نكف عن ملاحقته ؟".
وبادله كايد إبتسامته :
" لا رغبة عندي بإنهاء حياتي ، لكنني لا ارغب كذلك في الإنتقام من رجل عانى الكثير في حياته ، حاولت مرارا الإتصال بغوميز للتحدّث اليه قبل مغادرتي للولايات المتحدة الأميركية ، كان يتصل بي هاتفيا ليهددني ، لكنه كان يرفض الإستماع الي ، خطتك لا تعجبني يا حضرة المفتش ، ولذا أطلب منك إبعاد رجالك عني".
وساد صمت مفاجىء ، ولم يكد المفتش يتمالك دهشته حتى قال :
"آسف ، لا أستطيع تلبية الطلب ، الرجل مطلوب من رجال الأمن هنا وفي الولايات المتحدة الأميركية ".
" حسنا ، هذا شأنك ، لكنني أطالب برفع حماية رجال الشرطة عني".
ورغم إعتراض المفتش موريس اصرّ كايد على موقفه مصرا أن رجال الشرطة لا يستطيعون ان يفرضوا عليه حماية لا يريدها .
وتدخل موريس قائلا :
" لكنك لا تستطيع ان تمنعهم من مراقبة المنزل من الخارج ؟".
" أعرف ، لكنهم لن يتمكنوا من القبض عليه متلبسا طالما لم يدخل المنزل ، ولو سمحوا له بإختراق حواجزهم والوصول الي ، ستكون فرصتي الوحيدة لأجعله يعرف الحقيقة ، وفي الحالتين لن أكون الطعم الذي يريدون ".
" ولماذا تصر على مقابلته الى هذه الدرجة ؟".
" من اجل زوجته ! ".
وهنا تدخلت كاريسا بعد صمت طويل :
" تريد أن تريح ضميرك يا كايد ؟".
" ربما ".
وعاد يلتفت الى موريس :
" موريس ، سأذهب الى الفندق إن كنت ترغب بذلك".
" لا ، لا ، ستبقى هنا .... وسأبقى معك ، أما كاري فستعود الى شقتها".
" لا ، كاريسا ستبقى هنا ايضا ! ".
إنتفض موريس ونظر الى كاريسا فوجد وجهها جامدا لا يعبر عن أي إنفعال ، وأضاف كايد :
" لا تخافا شيئا ، غوميز ليس مجرما محترفا ، لن يؤذيكما ، يريدني انا فقط ".
وتوقف قليلا قبل ان يتابع :
" تستطيع وكاريسا أن تتصرّفا بحرية ، يمكنكما ان تتقاسما غرفة واحدة بدون أي إحراج... كالعادة ".
إضطرب موريس ، وعندما نظر الى كاريسا اساء فهم نظرة الرجاء في عينيها فقال :
" لم أتقاسم في حياتي غرفة واحدة مع كاريسا ، أنت مخطىء تماما في ظنك ، كاريسا مساعدتي وأنا أحترمها جدا ".
رفع كايد حاجبيه بتعجب وقال :
" آسف ، كنت أظن أنكما على علاقة غرامية ".
" ابدا ، أنت مخطىء تماما ".
ونهض موريس قائلا :
" سأذهب لعداد بعض الشاي والقهوة ".
وعندما خرج من الغرفة إلتفت كايد الى كاريسا ساخرا :
" يا لك من مخادعة ! ".
" انا لم اكذب ، أنت إستنتجت ما يحلو لك ".
" لكنك ساهمت في تأكيد إستنتاجي ، لماذا ؟".
" لأبعدك عني ، ماذا كان إسمها ؟".
" إسم من ؟".
" زوجة غوميز ، ام انك لا تذكر ؟".
" بلى أذكرها جيدا ، إسمها كارلوتا ، ولماذا كل هذا الإهتمام بإسمها ؟".
" هذا جزء من عملي ، سأذهب الآن لمساعدة موريس".
أرادت ان تهرب منه ، ومن السؤال الذي يحرق حلقها : هل كنت تحب كارلوتا ؟ لكنها لم تعرف الجواب جيدا ، كايد لا يحب أحدا ! لماذا إذن يخاطر بحياته لمساعدة زوج كارلوتا ؟يعاني من أزمة ضمير ؟
واخذت تتصوّر كارلوتا ، يا له من إسم جذاب ومثير ، هل صاحبته جميلة يا ترى ؟ يا له من سؤال سخيف ! طبعا هي جميلة ، كل نساء كايد جميلات....
المفتش قال أن كارلوتا ماتت في سيارة كايد ، حادث إذن ؟ كايد كان يقود السيارة ، ومن الطبيعي إذن ان يحمّله زوجها مسؤولية وفاتها ، وكايد هل يعتبر نفسه مسؤولا عن موتها ؟ ألهذا يريد مقابلة غوميز ؟ ليبرر وفاة كارلوتا ؟
وعادت كاريسا الى غرفة الجلوس بفناجين القهوة ، ووراءها موريس يحمل طبقا من الأجبان والخبز ، وجلسوا يتناولون طعامهم وشرابهم وكان شيئا لم يحدث في الأيام الماضية .
حملت كاريسا الأطباق والفناجين الفارغة وعادت بها الى المطبخ لغسلها ، وفجأة أحست بكايد يقف وراءها.
" ما بك ؟ هل خشيت أن افر من الباب الخلفي ؟ أو ان أحمل منشفة بيضاء ألوح بها لشريكي في المؤامرة ؟".
إبتسم بمرح وأجاب بكلمة واحدة :
" ربما ".
وامسك بمنشفة نظيفة وراح يساعدها في تجفيف الأطباق ، وخطر ببالها سؤال آخر لم تتمالك من طرحه:
" ماذا حدث لإبنة كارلوتا ؟".
" هي مع جدتها ، كانت كارلوتا تتركها بعهدة والدتها عندما كانت تاتي لزيارتي ".
" طبعا ، لم تكن المراة لتصطحب إبنتها الصغيرة في زيارتها لصديقها".
وتمنت كاريسا لو لم تفتح هذا الموضوع لأنه أجابها ساخرا :
"وهذا السؤال أيضا جزء من عملك ، ماذا تريدين أن تعرفي بعد؟".
" كنت مهتمة بالطفلة ، انا احب الأطفال وأعتقد انه من واجب الكبار الإهتمام بهم وتحسين العالم الذي يعيشون فيه".
ولم يجب ،وعلى غير عادته اشاح نظره عنها وإنهمك في تجفيف الأطباق ، وبعد دقائق من الصمت الثقيل سألها :
" أجيبيني بصراحة يا كاريسا ...".
قاطعته بمرارة:
" وهل تعتقد أنه بإمكاني ان أكون صادقة وصريحة ".
تجاهل تعليقها وسالها بسرعة:
"كيف كنت تفكرين بي في السنوات الماضية ؟ بكره ؟ أعرف أنني كنت في غاية القسوة معك ، لكنها كانت تجربة جديدة بالنسبة الي أيضا ".
" وهل أزعجك هذا الأمر؟".
" تعرفين جيدا أنه ضايقني جدا ، ولذا كنت قاسيا معك ، شعرت بالذنب .... ألا تفهمين ذلك؟".
لم تجب فسارع الى القول :
" لم تجيبي على سؤالي بعد ! ".
" حاولت أن لا افكر بك على الإطلاق ، لم يكن هناك ما أريد أن أتذكره ".
" لا شيء ؟ لا شيء على الإطلاق ".
" وماذا تريدني أن تذكر ؟ العار ، الذل ، الألم ؟ ولماذا أتذكر كل هذا ؟ اريد ان أنسى ما حدث ".
تسمّر كايد في مكانه ، وبعد لحظات قال بصوت فيه مزيح من الحزن والتوتر :
" آسف ، لو كنت أكبر سنا لكان بالإمكان معالجة كل هذه الجراح ".
وتردّد قليلا قبل أن يضيف :
" آمل ان يكون الرجل الذي عرفته بعدي قد تمكن من تصحيح الخطأ الذي إرتكبته ".
" أي رجل ؟ لم أعرف رجالا بعدك ".
" ماذا ؟".
" لم اعرف أي رجل بعدك ، نفرت من كل الرجال ".
" هل آلمتك لهذه الدرجة ، يا الهي ، لا أستغرب الآن أن تكرهيني الى هذا الحد ، يا الهي ".
وإنصرف عنها ، فإتكأت على الطاولة ، وإنهمرت الدموع من عينيها لتفتح جرحا لم يطوها النسيان.

نيو فراولة 03-02-12 07:55 PM

8- وداعا ايتها الرقيقة

لا بدّ أنه صوتا ما أيقظها، حدّقت بخوف بإتجاه النافذة فرات الرجل الواقف هناك ، كشبح مخيف في الضوء الخافت المتسرب من قناديل الطريق ، والمتسلل برقة عبر الستائر.
وفجأة إختفى الضوء لتغرق الغرفة بسواد دامس ، ما عدا بريق فضي يتراقص من تحت الباب المغلق ، همست للظل القريب ::
" كايد ".
وتحرّك الرجل فجاة وبعصبية ظاهرة ، فعرفت أنه ليس كايد أوموريس .
القت الغطاء عنها وهرعت صارخة الى الباب :
" كايد ! ".
لكن الرجل تمكن من اللحاق بها والقبض عليها ، حاولت ان تقاومه بدون جدوى ،وهمس بصوت بدت نبراته مألوفة :
" معي سكين هنا ، إسكتي ، ولا تأتي بحركة واحدة ! ".
وعندما دخل كايد الغرفة وأضاء النور ، وراءه موريس مذهولا ، كان غوميز ممسكا بها أمامه ونصل السكين يلمع قرب عنقها .
تسمّر كايد في مكانه ، اما موريس فحاول التراجع بسرعة وهو يتمتم :
" سأتصل..".
فحذّره غوميز :
" إذا إتصلت باي كان ، فستموت الفتاة !".
شحب موريس وتسمّر مكانه لا يعرف ماذا يفعل ، اما كايد فإحمر لونه غضبا :
" دعها يا غوميز ! لا علاقة لها بالموضوع ، انت تريدني ".
وحاول الإقتراب منهما ، فتشنّجت يد غوميز على السكين ، واحسّت كاريسا بالنصل البارد يلامس عنقها مهددا.
توقف كايد في مكانه ، وقد شحب وجهه ، وتألقت عيناه ببريق خطر.
" لو أصبتها بسوء ، بأي طريقة ، يا غوميز ، لن أسلمك الى رجال الشرطة ، سأقتلك بيدي بدون رحمة ".
" إنها فتاتك ، أليس كذلك؟".
سال الرجل وهو يحمل كلماته معان خفية ، جعلت كايد يضطرب قلقا :
" هي مجرد فتاة ، إتركها يا غوميز ، قلت لك لا علاقة لها بما هو عالق بيني وبينك ، هذا كل شيء ".
وأحست كاريسا بحرارة انفاس غوميز تلسع خدها وهو يقول :
" اعتقد أنها فتاتك ".
وتدخّلت كاريسا لتقول :
" لا يا سيد غوميز ، كان يعتقد انني اساعدك ".
منتديات ليلاس
وأحست للحظة أنه ارخى قبضته عنها ، لكنها لم تستطع إستغلال الفرصة لأنه عاد الى الإمساك بها بقوة .
وتساءلت عما إذا كان المفتش قد تعمّد السماح له بدخول الشقة ، ام أنه تمكّن من التسلل بينهم ، إن كانوا يعرفون انه هنا ، لا بد وأنهم سياتون بعد قليل .
وسال الرجل كايد بسخرية :
" ولماذا تقدم على مساعدتي ؟".
" لأنها أيضا تكرهني ".
اضاف كايد بهدوء ، قبل ان يتابع :
" دعها تذهب ".
" لا بد أنك تعتقد بانني ساذج ، رايتك معها عند البحيرة ".
وهنا تدخّل موريس للمرة الأولى :
" إنها تعمل معي ، لم تكن فكرتها ان ترافق كايد ... ولا فكرته ".
وعندما لم يجب غوميز ، قال كايد :
" جئت كي تصفّي حسابك معي ، كف إذن عن الإختباء وراء إمرأة ".
" انا لا اختبىء".
" إذن تحاول إستغلالها كما فعلت مع كارلوتا ".
وتصلّبت الذراع التي تلف عنق كاريسا ، وأحست الفتاة بالرجل يلهث غاضبا.
وتابع كايد حديثه بهدوء :
" إنت إستعملت زوجتك اليس كذلك يا غوميز ؟ أنت الذي أرسلتها الي ... ارسلتها لتبيع جسمها الجميل .... لأنك...".
وصرخ الرجل كحيوان يمزقه الغضب واللم ، ثم دفع كاريسا جانبا وهجم على كايد.
ركض موريس قبل ان يصل الرجل الى كايد ، وضرب برجله اليد التي كانت تحمل السكين ، فصرخ كايد محذرا :
" لا تتدخّل يا موريس ، الرجل يريدني أنا".
تمكن كايد بإنحناءة سريعة من تجنب النصل الذي إقترب منه بسرعة مخيفة ، ثم امسك بيدي غوميز وبحركة واحدة طرحه ارضا ، وتحرّك كايد مجددا ، بخفة مفاجئة ، ليسحب السكين من غوميز الذي إستفاق من ذهوله ليحدق بكره في عيني كايد
وأخيرا قال كايد بهدوء:
" والان إنهض يا غوميز ببطء... انت وأنا سنتحدث".
كان أحد ما يطرق بعنف على الباب الخارجي ، اراد موريس أن يفتح الباب فقال له كايد :
" قل للمفتش أن كل شيء على ما يرام ، ولا تفتح الباب لأحد ".
ثم نظر الى غوميز الذي حاول الوقوف وهو ما يزال يحدق بالسكين في يد كايد:
" هيا الى الغرفة الثانية.
وكانت مشادّة عنيفة تجري في الخارج بين المفتش موريس ، لكن كايد أكّد مرة اخرى :
" قل له ، أنه لا يحق لأحد منهم بالدخول بدون مذكرة تفتيش ".
وأضاف بلهجة آمرة:
" ولو خطر لهم خلع الباب ، سألاحقهم قانونيا بتهمة الضرر وإقتحام املاك شخصية ، وهذا سيكلف المفتش عمله ".
واشار كايد الى غوميز بالجلوس ، وجلس هو على المقعد المقابل ووضعت كاريسا رداء سميكا فوق ثوب النوم ، ووقفت على باب الغرفة تشد اصابعها لا شعوريا على القماش.
وبدون ان يرفع عينيه عن غوميز سالها كايد :
" هل أنت بخير يا كاريسا؟".
" نعم ".
كانت تأمل بان لا يطلب منها الإبتعاد عن الغرفة ، غوميز كان يبدو هادئا في تلك اللحظة ، لكن النظرات الحادّة التي كان يرميها بين حين وآخر على السكين في يد كايد ، جعلتها تتأكد من أنه ينتظر اللحظة المناسبة للإنقضاض على خصمه وإنهاء ما اتى من أجله ، وقال موريس :
" يقولون أن بحوزتهم مذكرة تفتيش ، وإذا لم تفتح الباب سيلاحقوننا لأننا نخبىء مجرما ! ".
وتدخلت كاريسا لتقول راجية :
" كايد ، ارجوك دعهم ياخذونه".
" لا ، إطلب منهم يا موريس أن يتركوا لي نصف ساعة".

نيو فراولة 03-02-12 07:56 PM

وإشتد القرع على الباب فوعدهم موريس بفتحه بعد نصف ساعة ، وقال كايد :
" موريس ، إن كنت ترغب بمغادرة الغرفة، إفعل ذلك ، الأمر يعود لك ".
وهز موريس راسه بالنفي ، فإلتفت كايد الى كاريسا :
" كاريسا ؟".
" سابقى هنا ! ".
وعاد كايد يركز إهتمامه على غوميز :
" هل ترغب بسيكارة ؟".
وهز غوميز رأسه بالنفي فتابع كايد حديثه قائلا :
" آسف لما قلته عن زوجتك ، كانت الطريقة الوحيدة لأجعلك تترك الفتاة وتهاجمني ، زوجتك جاءت برغبتها ل ...".
وقاطعه سيل من الشتائم إنهال عليه من غوميز ، ظل كايد ساكنا لا ينم وجهه عن أي شيء ، إنتظر ان ينتهي الرجل من شتائمه حتى يتابع حديثه :
" والآن إسكت وإسمعني ".
قالها بحدة فاجأت غوميز :
" إسمع يا غوميز ، أنت تسيء الى ذكرى زوجتك ، لم ألمسها ابدا وعليك ان تخجل من نفسك لمجرد التفكير بهذا الأمر الشائن ، هي لم تخن كابدا ، كانت تحبك ، ولذا جاءتني لتطلب مبلغا من المال..".
وقاطعه غوميز غاضبا :
" وكنت أنت ستعطيها المال بدون مقابل اليس كذلك ؟ رأيت الشيك الذي كانت تحمله في حقيبتها عند وفاتها ، آلاف الدولارات ! دفعت لها ثمن خيانتها ، اليس كذلك ؟".
وإنحنى كايد الى الأمام :
" لا ، انا اعرف كارلوتا منذ كانت طفلة ، كانت صديقة لشقيقتي ، وإنقطع لاحقا الإتصال بها .... وبشقيقتي ، لكن إسمي كان دائما على صفحات الجرائد ، ولذا عرفت اين تجدني ، جاءت لتخبرني أنها بحاجة ماسة الى المال ، الكثير منه ، لتترك البلد وتبدأ حياتها مجددا في مدينة أخرى ، معك ومع إبنتكما ، كانت خائفة عليك يا غوميز ، وتخشى ان ترغمك العصابة على العمل معها مجددا ، فيصبح والد إبنتها مجرما ، فيلقي رجال الشرطة القبض عليك وتنتهي أيامك في السجن ، وكنت انا المصدر الوحيد الذي فكرت به للحصول على كمية المال التي كانت بحاجة اليها.
" وأنت اعطيتها المال هكذا ، بدون مقابل ؟ هل تتوقّع مني أن أصدق ذلك ؟ ومن ثم ماذا كانت تفعل في سيارتك عندما حدث الإصطدام الذي أودى بحياتها؟".
" كانت حادثة مروعة ، السائق الآخر كان مترنحا وهو يقود سيارته بسرعة ولم يستطع ان يسيطر على المقود عند المنعطف فإصطدم بي ، لا بد ان البوليس أخبرك ...".
" البوليس ! إنهم يحمون الرجال الأغنياء ؟ هل قتلتها عن عمد ؟ هل كتبت الشيك وقتلتها حتى لا تعيش لصرفه ؟".
" لا تكن مجنونا ، كدت أقتل انا ومدير اعمالي في الحادث ، كانت كارلوتا تجلس في المقعد الأمامي ولذا اصيبت بجراح بالغة ، أنا آسف جدا ،لكنني لا استطيع أن أعيدها الى الحياة ، لا أحد يستطيع ".
وأمسكت كاريسا انفاسها وهي ترى حجم العذاب الذي إرتسم على وجه غوميز وهو يرفع نظره الى كايد ، وتابع كايد حديثه بلطف :
" أوصلتها الى البيت .... اليك ، كنت في طريقي الى تسجيل إحد الحفلات ، فرأيت أنه من الأفضل ان أوصلها بنفسي ، كانت تنوي أن تاخذ إبنتك ، لتذهب اليك فورا وتخبرك بالأخبار الجيدة... حياة جديدة لكم جميعا ، أنا آسف....".
وظل الرجل صامتا وكأنه يجد صعوبة في تصديق ما يسمع ، وأضاف كايد مؤكدا:
" صدقني ، اقسم بأن ما أقوله صحيحا كارلوتا جاءت تطلب مني المساعدة بإسم الصداقة القديمة، وأنا لم أردها خائبة، لم تعطني مقابل ذلك إلا إمتنانها".
وتمتم غوميز :
" لماذا ؟ لماذا قدّمت لها كل هذه المساعدة؟".
وتردّد كايد قليلا قبل أن يقول:
" لأنها كانت مرة صديقة شقيقتي ، لم أعد أعرف شيئا عن شقيقتي منذ هربت من المنزل وهي لا تتجاوز الثالثة عشرة من العمر ، ربما مات ، لا اعرف ، كافحت طويلا لأبني لنفسي إسما ومركزا من أجل شقيقتي الصغيرة ، وانا أعرف يا غوميز أنها ... لو كانت حية ، كانت ستصر على أن أساعد كارلوتا ،هذا هو السبب الوحيد".
كان غوميز يهز راسه يمينا ويسارا ، لكن النظرة في عينيه بدت اكثر لينا ، وأقل رفضا رغم قوله:
" لا ، لا استطيع أن أصدق".
" هل تفضل أن تفكر بأن زوجتك كانت تبيع نفسها لمن يدفع أكثر ".
وقفز الرجل من مكانه ليهجم على كايد ، لكن هذا الأخير كان مستعدا ايضا ، فتجنبه بسرعة وهو ما يزال ممسكا بالسكين في يده ، وبعفوية إقتربت كاريسا من كايد وكأنها تريد حمايته ، وعندما رات الرجلين يحدقان ببعضهما قالت بصوت مرتعش:
" أرجوك يا سيد غوميز ، الا ترى أنه يخبرك الحقيقة ؟ كنت تحب زوجتك ولا يمكنك ان تصدق أنها يمكن ان تخونك ، أنت تشعر بالألم والغضب لأنها ماتت ، لكن الغضب لن يفيدك شيئا ، لم تكن غلطة كايد ، ولم تكن غلطتك ، لا يمكننا ان نلوم أحدا يا سيد غوميز".
ونظر اليها كأنه يراها للمرة الأولى ، وأخفى وجهه بين يديه وسقط على المقعد ليبكي بحرقة وهو يشهق:
" أعرف..... أعرف......أعرف....".
ورمى كايد بالسكين على طاولة قريبة ، فلم ينظر اليها غوميز ولا حتى لحظة واحدة ، إقتربت منه كاريسا ، وركعت بجانب مقعده وهي تضع يديها على ركبتيه ، أمسك بهما وأخذ يضغط بقوة على أصابعها ، ناظرا اليها بالم وكانه يحاول أن يشرح لها شيئا مهما :
" كانت جميلة جدا زوجتي كارلوتا... هي أجمل من أن تكون جثة هامدة".
وهمست كاريسا :
" آسفة".

نيو فراولة 03-02-12 07:59 PM

وبلعت ريقها وهي تشعر بغصة كبيرة للعذاب المرتسم في عينيه :
" إبنتك الصغيرة هل... هل تشبهها؟".
وهزراسه بالإيجاب ، وللحظة إختفى اللم من عينيه وهو يقول:
" ريتا... نعم ، إنها تشبه والدتها ، لو تعرفين كم تفتقد أمها ؟".
" لا بد أنها تفتقدك ايضا ، أليس المفروض بك أن تعود اليها الآن ؟ كارلوتا لا بد تريدك ان تبقى قرب إبنتها لتعوّضها حنان أمها ، اليس كذلك ؟".
" نعم ، كم كنت مجنونا ، أظن أن الطفلة ستكون على ما يرام مع جدتها ... حتى أخرج من السجن".
وأخذ نفسا عميقا قبل ان يقول لكايد :
" اعتقد انه من الأفضل أن تفتح الباب الان ".
وإلتفت كايد الى موريس:
" إفتح الباب يا موريس ، وقل للمفتش أن السيد غوميز يرغب بالتحدث اليه".
وعندما دخل المفتش دهش للهدوء المخيم عليها ، وعندما سلم كايد مذكرة التفتيش سال الاخير :
" هل استطيع ان أسال على أي اساس تريد إلقاء القبض على صديقي غوميز ؟".
" صديقك؟".
صرخ المفتش بدهشة ، فقال كايد :
" كان عليّ ان أوضح لك يا سيدي المفتش أن غوميز جاء الى شقتي بناء على دعوتي".
قال كايد ببطء ، فلم يتمالك المفتش أعصابه:
" دعوتك ؟ وهل يتسلّل أصدقاؤك عادة من النافذة وهم يحملون سكينا؟".
" هل تقصد هذه؟".
ورفع كايد السكين بلا مبالاة ظاهرة ، وأخذ يلهو بها.
" هذه السكين ملكي يا سيادة المفتش ، هدية من صديق ، ستجد بصمات أصابعي عليها إن كنت تريد التأكد من ذلك ".
قاطعه المفتش بغضب:
" هل أفهم من ذلك أنك لا تريد رفع دعوى على السيد غوميز بمحاولة قتلك؟".
" محاولة قتل ؟ إنها تهمة كبيرة يا حضرة المفتش ، انا لن أجرؤ على إتهام أي شخص بهذا ، ما دمت لا أملك الأدلة الكافية على ذلك ".
" ولا انا يا سيد فرانكلين ، عندي شهود يؤكدون أنهم سمعوا طلقات الرصاص".
" أنا لم اصب باي رصاصة كما ترى ، والمركب أيضا ليس عليه أي اثر للنار ".
" ورأوا الرجل ايضا يحاول الفرار منك ومن مرافقيك ".
"كم واحد منهم رأى وجه الرجل ؟ للأسف يا حضرة المفتش لم نتمكن من اللحاق به ، تلاشى في الهواء ، لا بد انه احد صيادي البط الحمقى الذين لا يعرفون كيف يستخدمون بنادقهم".
" أستطيع أن أستدعيك قانونيا للشهادة يا سيد فرناند ، وصديقك أيضا؟".
" اعرف ، لكنك ستجدني شاهدا سلبيا ، لن تنفعك شهادته في شيء ، ومن جهة أخرى تجد السيد غوميز في غاية التعاون فيما يختص بمسالة في غاية الأهمية تعني زملاء لك في ولاية اخرى ، للسيد غوميز إبنة صغيرة يريد أن يبعد عنها أذى بعض الأشخاص الذين تلاحقهم العدالة ، آه ... تذكرت شيئا !".
وإلتفت الى غوميز الواقف بين شرطيين ليقول :
" لم تستخدم المال الذي أعرتك إياه سابقا ، ولذا ارجو ان تقبل مني هذا المبلغ لا ترفض ، أرجوك.... من اجل طفلتك الصغيرة، وحتى تتمكن من نقلها الى ولاية أخرى ، اكون سعيدا لو قبلت ... من اجل شقيقتي ايضا ".
" شكرا لك ".
وسال المفتش بشك :
" شقيقتك؟ اكانت زوجة غوميز شقيقتك ؟".
" لا إستنتاجك السريع خاطىء تماما".
وعاد يلتفت الى غوميز ليتابع :
" اتمنى لو كانت شقيقتي ، كنت سأكون شديد الفخر بها ".
وأحست كاريسا بذوبان آخر اثر للشك من عيني غوميز ، الذي خرج برفقة رجال الشرطة ".
وعندما خلت الغرفة تماما ، ألقى موريس جسمه على أقرب مقعد وتنهد إرتياحا.
أحست كاريسا انها هي أيضا عاجزة عن الوقوف فجلست تفكر بكل ما جرى ، وسادت لحظات صمت ثقيلة قطعها كايد قائلا :
" كاريسا ، هل أنت بخير ؟".
" نعم ، شكرا".
وأمسك كايد بالسكين ، فلمع نصلها في الضوء مما جعل كاريسا تعلق بصوت مرتعش :
" كف عن اللعب بهذا الشيء يا كايد ! ".
"آسف ".
وأعاد السكين الى مكانها قائلا :
" هل تعرفين أن غوميز لم يكن ليؤذيك ، هو ليس مجرما في اعماقه ".
" كنت في غاية التعاطف معه ، أليس كذلك ؟".
قالت ذلك وهي تتذكّر تأكيده لها بانه لم يكن في يوم من الأيام رقيق الشعور ".
نظر اليها بحدّة قبل أن يقول :
" لا اريد الخوض في هذا الحديث الآن ، انا بحاجة الى النوم".
تثاءب موريس :
" وأنا ايضا ! ".
وغادر الغرفة مسرعا ، أما كايد فظلّ جالسا في مكانه ، وهو يلهو بالسكين.
وسالته كاريسا بحدة:
" هل تريد الإحتفاظ بها كذكرى ".
" ربما ".
ونظر اليها وهي تنهض لتذهب الى غرفة نومها :
" آسف يا كاريسا لأنني لم أثق بك ، كنت اريد ذلك بشدة لكن..".
" أعرف انك لا تثق بأحد.... خاصة أنا ".
إستيقظت متأخرة صباح اليوم التالي وهي تشعر بإنقباض وتوتر ، صحيح ان القضية إنتهت على خير ، وأن عليها أن تشعر بالإرتياح لذلك ، إلا أنها لم تكن تستطيع منع نفسها من التفكير برحيل كايد الوشيك ، ايام قليلة وستنضم الى لائحة الفتيات اللواتي احبهن قليلا ثم تركهن.
وحاولت أن تستنجد بكرامتها لتقنع نفسها انها سعيدة لأنه لم يتمكن هذه المرة من الحصول على ما يريد ، وأنها خرجت منتصرة من المعركة التي واجهها بها لكن... إن كانت تعتبر ما حققته إنتصارا ، لماذا تشعر إذن بكل هذه الكآبة ، وكل هذا الفراغ.

نيو فراولة 03-02-12 08:00 PM

ما بها ؟ إنها تدرك جيدا انه يريدها لبضع ساعات ... دمية يلهو بها ويرميها ... هي ترفض هذا النوع من العلاقات ... لماذا تحس إذن بالألم والهزيمة ، معاناتها تفوق بمراحل الألم الذي سببته له برفضها له.
أرغمت نفسها على النهوض من السرير ، إرتدت ملابسها وخرجت الى غرفة الجلوس ، وهناك وجدت موريس جالسا بمفرده .
" كايد ذهب الى مخفر الشرطة ، إتصل بأفضل محام في البلد ،وذهبا معا لرؤية غوميز ، يبدو أنه يرغب فعلا في مساعدة الرجل ، هل أخبرك بظنوني؟".
"ماذا؟".
سالت كاريسا وهي ساهمة ، شعرت بمزيج من الراحة واللم عندما دخلت الغرفة ولم تجد كايد ، سمعت موريس يقول :
" اعتقد أنه كان على علاقة بكارلوتا هذه ، لماذا يهتم إذن لهذه الدرجة بمساعدة زوجها ؟ الرجل كان يحاول قتله".
" ربما يشعر بالذنب لأن كارلوتا قتلت في سيارته وهو وراء المقود ".
برّرت كاريسا بقوة ،وهي تحاول أن تخفي ألمها للفكرة التي طرحها موريس.
" لكنه لم يكن وراء المقود ، الم يخبرك بذلك ؟ جاك بنتون ، مدير اعماله ، كان يقود السيارة عندما حدث الإصطدام وليس كايد ".
لكنه جعل غوميز يعتقد أنه هو الذي كان وراء المقود ؟".
" نعم ، لاحظت ذلك ، كايد شخصية غريبة فعلا أليس كذلك؟".
"نعم ".
ظنت كاريسا مرة ، عندما كانت فتاة جاهلة ، أنها تعرف كاديز فرناند جيدا ، لكنها تدرك الآن أنها لم تبدأ بفهمه إلا مؤخرا ، وبعد فوات الأوان ، لن يتوفر لها الوقت أو الفرصة لتعرفه أكثر ، ولتكتشف خبايا شخصيته ، لقد وضع حواجز بينه وبين كل النساء منذ زمن بعيد... وهذه الحواجز لا ينوي أن يسقطها من اجلها ، ربما كان كايد ، كما قال موريس ، على علاقة بكارلوتا ، ربما إستطاعت هذه المرأة ان تعرفه اكثر منها ... عرفته منذ الطفولة ، وربما قبل أن ينهي كل هذه الحواجز ... ربما عرفت كيف تخترق هذه الحواجز لأنها تدرك ما وراءها ، الشيء الأكيد انه كان مهتما جدا بمساعدة زوجها .
وأعد موريس طعام الفطور ، وحاولت كاريسا أن تتجنب الحديث عما جرى الليلة الماضية ، احست أنها لا تريد التحدث عنها حتى لا تتذكر ان كايد سيرحل قريبا..
وعندما إنتهيا من تناول الطعام قال موريس :
" سأذهب الى المكتب الآن ".
" هل أستطيع مرافقتك؟".
كانت هذه الوسيلة الوحيدة لتهرب من كايد ، فلا ينفرد بها في الشقة الصغيرة.
" لا ، أريدك ان تبقي هنا للإهتمام بكايد فور عودته ، لا تدعيه يبتعد عن نظرك ، أريده ان يوقع عقدا معي قبل أن يغادر البلد ، وعدني بالقيام بجولة فنية".
" أنا واثقة أنه لن يعود عن كلامه".
" ربما ، لكنني لن أصدق حتى ارى العقد بعيني ، إنني أعتمد عليك يا كاري ، إتصلي بي فور عودته وسارجع بأقصى سرعة لأحصل على توقعه".
وبعد ذهاب موريس حاولت كاريسا أن تشغل نفسها بترتيب المنزل ولاحظت أن السكين إختفت من مكانها ، لا بد أن كايد وضعها في حقيبته.
وعندما دخلت أخيرا الى غرفة نومها نظرت الى وجهها في المرآة ، تبدو شاحبة وهناك بعض الظلال الداكنة تحت عينيها.
جلست أمام المرآة بغضب ، وأخذت تمسح بمساحيق التجميل آثار الإرهاق الذي ترك بصمات واضحة على تقاطيعها ، وضعت لمسة خفيفة من كريم الاساس تحت عينيها لتخفي الهالات السوداء ، ولونت شفتيها بحمرة وردية ، ثم أمسكت بالفرشاة وأخذت تسرّح شعرها بقوة حتى أصبح لامعا ، وعندما إنتهت تفحصت النتيجة بإهتمام ، الظل الأخضر على عينيها ، واللون الأسود على رموشها ، والبودة الخفيفة على وجنتيها ، أضفت كلها بريقا مميزا على وجهها ، وكي ترضى تماما عن مظهرها قررت إختيار فستان أنيق ، قرب البحيرة كانت في معظم الحيان ترتدي القمصان والسراويل المريحة ، لكنها ستضع اليوم فستانها الحريري الأخضر الذي يليق بلون عينيها ... ويرفع معنوياتها ، تريد ان تشعر بالثقة بجمالها حتى تستطيع مواجهة كايد عند عودته.
وعندما فتحت الباب أخيرا لكايد كانت تبدو في غاية الهدوء والتألق ، صحيح ان قلبها خفق بسرعة عندما رأته ، لكنها تمكنت بمهارة من إخفاء شعورها ، وسالته بتهذيب :
" كيف سارت الأمور؟".
" لا بأس ".
وتفحصها بعين خبيرة ، لاحظ المكياج المتقن والفستان الأنيق لكنه لم يعلق شيئا .
بل تابع حديثه عن غوميز :
" يبدو أن غوميز لن يحاكم إلا بمدة بسيطة جدا .... بما أنه سيتعاون مع رجال الشرطة الآن ".
" وبما انك لن تشهد ضده".
" وهذا ايضا ".
وصمت كايد لحظة بدون ان يرفع بصره عنها فأحست بالتوتر.
" هل تناولت طعام الفطور؟".
" نعم... وأيضا فنجانا من الشاي في مخفر الشرطة رغم أنني أظن المفتش كان يفضل أن يقدم لي خبزا وماء ".
" لا بد انك حرمته من الترقية التي كان يتوقعها ".
" ستكون أمامه فرص أخرى ".
وإقترب منها قائلا :
" هل تريدين شرابا باردا ؟".
" لا ، شكرا ، ليس الآن ! ".
وبهدوء إبتعدت عنه ، وإتجهت الى آلة الهاتف.
" وعدت موريس الإتصال به فور عودتك ".
ولحق بها كايد وهي ترفع السماعة .
" لا تتصلي به الان ، اريد أن اتحدث اليك ".
فاجابته بهدوء :
" وعدته بذلك ، يريد أن يراك ".
وبدات تطلب الرقم ، لكن كايد أخذ السماعة من يدها واعادها الى مكانها ،وحاولت أن تداري إضطرابها بالإحتجاج على أوامره لكنه قاطعها قائلا بوضوح وحدّة :
" قلت ليس الآن ، سأرى موريس لاحقا ، سيحصل على عقده ".
" عندما يناسبك ذلك ؟".
" صحيح ".

نيو فراولة 03-02-12 08:01 PM

أرادت أن تهرب منه ، لكنه أجبرها على البقاء في مكانها :
" أنت دائما تريد الأمور كما تشتهي ".
أجاب ساخرا :
" نعم ، أنت غاضبة اليس كذلك ؟ عيناك تحولتا الى لون أخضر داكن ، هل تذكرين النادل ... في سيدني ؟".
أبعدت وجهها عنه ، وهي تدّعي اللامبالاة :
" لا ".
ضحك ضحكة خافتة :
" بل تذكرين جيدا ".
" حسنا قل أنني لا اريد ان أذكر ، ولا اريد أن يذكرني أحد بذلك ... لا اريد ان أذكر شيئا".
" لا شيء... ولا حتى هذا".
وعانقها بسرعة ، حاولت ان تتمالك أعصابها وأن تسيطر على قلبها الذي بدا يغني عاليا، يريد فقط ان يتسلى بعواطفها مرة اخرى ، بل ربما يحاول أن يثبت لنفسه انها لن تستطيع مقاومته.
إبتعدت عنه مسرعة لتخرج الى الشرفة ، هي بحاجة الى هواء نظيف ينقي ذهنها ".
ولحق بها كايد :
" ماذا تريدين يا كاريسا ؟".
أجابته بحدّة :
" لا شيء تستطيع إعطائي إياه".
إكتشف مشاعرها إذن ، يعرف أنها تريد الحب الذي لا يستطيع منحها إياه ، كرامتها الجريحة جعلتها تلفت اليه غاضبة ، لتكذب عليه قائلة بيأس :
" لا اريد حبك ، لا أريدك باية طريقة ".
وعندما رأت نظرة الشك في عينيه اكدت :
" نعم لا أريدك ، أعترف انني إنسقت قليلا قرب البحيرة وراء ذكريات حب المراهقة لكنك حطمت أحلامي ، عندما قلت انني غير جديرة بالثقة ، كانت هذه بداية النهاية ، والان وقد عدنا الى الأجواء الطبيعية اجد أنني أنتظر بشوق اللحظة التي ستغادرنا فيها ، أنت إنسان اناني لا يحب إلا نفسه ،ولا أستطيع ان اتصور كيف ساعدت المسكين غوميز ، إلا إذا كنت تحب أن تبدو بصورة البطل المتسامح الذي يراف بالغير ".
احست أنها تظلمه ، عرفت ذلك لحظة تفوهت بالكلمات ، وكادت تعتذر عندما قاطعها ضاحكا :
" لا لم يكن هذا السبب ! هناك شيء أهم من هذه الأمور السخيفة".
وحدّقت به وهو يتابع:
" غريب أنك لم تتبيني الحقيقة ، فلنفترض انني شهدت ضده أو ارسلته الى السجن ، سيخرج بعد سنوات أكثر مرارة وحقدا وحقدا علي ، أكون قد أجّلت المشكلة بدون حلها ، بهذه الطريقة ابعدته عني وأصبح صديقي مدى الحياة ".
ونظر الى وجهها الشاحب قبل ان يتابع :
" علي أن أشكرك على مساعدتك لأقناعه بأقوالي ، أعتقد ان خطابك المقنع كان فعلا لصالحي ، كنت تبدين في غاية الصدق ".
واحست كاريسا بإشمئزاز وهي تجيبه :
" كنت صادقة فعلا ، الم تكن انت كذلك ؟ظننت أنك كنت تريد مساعدته ؟".
" كنت اريد مساعدته... لأنني مهتم بالمحافظة على حياتي".
" ما قلته عن كارلوتا.... ألم يكن صحيحا ؟".
توقف كايد قليلا ، وإرتدى وجهه قناعا جامدا :
" بلى كان صحيحا الى حد كبير ، لكنني اعترف انني اغفلت ذكر تفصيل او أكثر ، صحيح انها جاءت تطلب مني المال لتنقذه من افراد العصابة فيبدأ حياة جديدة في ولاية أخرى ، وصحيح أيضا أنها تحب زوجها وطفلتها... لكن ما تبقى من القصة..".
وإبتسم ساخرا قبل ان يتابع بلؤم :
" فلنقل ان السيدة لم تكن بالطهارة التي صورتها لزوجها وفي الواقع ...".
وقاطعته كاريسا بحدة :
" لا أريد ان أسمع المزيد ، اخبرتني مرة أنك تشتري النساء دائما ، لا بد انها كانت جميلة جدا حتى دفعت ثمنا غاليا لها".
وإبتعدت عنه متجاهلة بريق الغضب في عينيه ، إقتربت من الهاتف وأخذت تطلب رقم موريس بينما وقف كايد بعيدا عنها يراقبها بصمت.
وشغلت كاريسا نفسها بإعداد طعام الغداء وجلس كايد في الشرفة ، في المقعد الذي وجدته عليه عندما رأته عند موريس للمرة الأولى ، احست وكأن زمنا طويلا مضى على تلك اللحظة ، أشياء كثيرة حدثت بعد ذلك ... وعرفت أن الحياة لن تعود كما كانت .
من حسن الحظ أن موريس كان مشغولا بإعداد العقد والإشراف على آخر تفاصيله فلم يلاحظ أن كاريسا وكايد لم يتبادلا كلمة واحدة ، بل ان كاريسا كانت عاجزة حتى عن الكلام.
كانت تحس بأنها على وشك الصراخ ، كم تتمنى لو ينتهي هذا النهار ويذهب كايد ، ستصبح حياتها أسهل عندما يخرج منها ، ستستقيل من عملها في أقرب فرصة ممكنة ، وبدون ان تجعل موريس يشك في السبب ، ستغادر المدينة قبل ان يعود كايد ليقوم بجولته الفنية ، لا شيء سيجعلها تقبل المخاطرة برؤيته مرة ثانية ، ومعاناة كل هذا مر أخرى.
نظفت كاريسا المائدة ، ليضع موريس العقد عليها ، وأخذ كايد يقرأ البنود بإهتمام وهو يجري بعض التعديلات هنا وهناك ، ومرة نظر اليها موريس وكأنه يريد أن يستشيرها ، فاشاحت بوجهها ، لا تريد أن يشركها في أي شيء له علاقة بكايد.
وعندما وقع كايد العقد أخيرا ، بدا على موريس الإرتياح وهو يطويه ليضعه في المغلف وقال كايد :
" تستطيع أن تبحث التفاصيل المادية مع جاك ، سابقى في الفندق الليلة ، لأنني ساسافر في الصباح الباكر".
وإحتج موريس على ذهاب كايد الى الفندق ، لكن هذا الخير اصرّ كعادته على موقفه ، فحجزت له كاريسا شقة رائعة ، وعندما عرض عليه موريس أن تمر عليه كاريسا لترافقه الى المطار صباح اليوم التالي ، رفض قائلا :
" لا شكرا ، سئمت كاريسا من مرافقتي في هذه الرحلة".
ولم تستطع كاريسا أن تجيب حتى بكلمات مهذبة ، وعندما اكد موريس انها لن تتضايق ابدا ، بدا صمتها اكثر تأكيدا للعكس ، ونظر اليها موريس بقلق وتساؤل ، ثم عرض على كايد أن يوصله الى الفندق بنفسه فتنفست كاريسا الصعداء.
" هل تسمح لي بالذهاب الى البيت يا موريس ، أراك صباح الغد في المكتب".
" خذي إجازة يا كاريسا أنت مرهقة ".
وشكرها كايد بتهذيب بارد :
" كنت مساعدة ممتازة ، شكرا لك يا كاريسا ، أنت تستحقين إجازة طويلة ".
وقاطعه موريس ليقول لكاريسا :
" هيا بنا ، سنوصلك الى منزلك ".
وإضطرت كاريسا لتحمل مرارة الرحلة القصيرة ، جلست في المقعد الخلفي وإستقر الرجلان في المقعد الأمامي يتبادلان احاديث سطحية.
وعندما توقفت السيارة اخيرا أمام منزل كاريسا ، نزل كايد وفتح لها الباب ، حاول أن يساعدها في حمل حقيبتها لكنها رفضت بإصرار :
" ساتدبر امري شكرا ".
مدت له يدها وهي تقول ببرود :
" رافقتك السلامة يا كايد ، حظا طيبا".
تجاهل يدها الممدودة ،وطبع على خدها قبلة خفيفة :
" وداعا يا كاريسا الرقيقة ، شكرا لك على كل شيء".
ومنعت كاريسا نفسها من التحديق بالسيارة وهي تنطلق به بعيدا عنها.

نيو فراولة 04-02-12 06:04 PM

9- الداء.... والدواء

لم تستطع كاريسا البقاء في المنزل ، فضلت الذهاب الى المكتب ، قد يلهيها العمل عن التفكير بكايد.
لكن رغم إستغراقها في مهامها الروتينية ، لم تستطع إبعاد صورته عن ذهنها ، كان موريس قد حصل منه على صورة موقعه بإمضائه قبل ساعات قليلة من رحيله ، وها هي تراها أمامها في الرواق المؤدي الى مكتب رئيسها ، وكل مرة تمر بها ، تشعر ان الرجل الوسيم يحدّق بها بسخرية ، فترتجف اعماقها ، وتحاول تجنب النظر اليها.
منتديات ليلاس
كانت تجرجر نفسها صباح كل يوم بإرادة حديدية ، وظلت الإبتسامة على وجهها قناعا جامدا تجابه به العالم ، كانت تهنىء نفسها بأنها تمكنت من أن تخدع معظم الناس ، معظم الوقت ، لكن ليالي الأرق إنتصرت عليها في النهاية فأحست بالإرهاق التوتر.
وبعد مرور شهر على رحيل كايد لاحظ موريس أخيرا مدى شحوبها فقال :
" اعتقد أنك بحاجة الى إجازة طويلة يا كاريسا ، وجهك الشاحب يقلقني ، لا تهتمي بالعمل ، سيكون كل شيء على ما يرام ، استطيع الإهتمام بكل شيء خلال الأسبوعين المقبلين ، إذهبي الى الكوخ الصغير وخذي صديقتك معك ...".
عندما ذكر موريس الكوخ إضطربت كاريسا وشدّت أصابعها على الدفتر الذي كانت تحمله ، حاولت جاهدة أن تسيطر على توترها وهي تقول :
" أنا بخير يا موريس ، الأسابيع القليلة الماضية كانت حافلة بالعمل ، هذا كل شيء !".
" كان عليك أخذ إجازة لبضعة ايام بعد إنتهاء قضية فرناند ، بدل العودة الى العمل ، كان الأمر مرهقا بالنسبة لك ، وهناك شيء آخر ، علينا ان نهتم بالإستعدادات اللازمة لحفلة كايد ، والإنتهاء من كل شيء قبل نهاية الشهر المقبل ، إستريحي قليلا وسنهتم بهذا فور عودتك ".
" لا ".
ونظر اليها موريس مستغربا :
" ماذا؟".
" آسفة يا موريس ".
ارادت أن تعلمه بقرارها منذ زمن ، لكنها لم تجد الشجاعة الكافية لذل ، ستخبره الان :
" فكرت مليا خلال الأسابيع الماضية ، لست بحاجة الى إجازة ، أريد أن أغيّر عملي تماما ، تعبت من الضغوط المستمرة التي أعاني منها في هذه المهنة سأقدم إستقالتي لك يا موريس ".
لم يكن ليفاجأ أكثر لو ضربته:
" انت ... لكن كاري... لا تستطيعين....".
" لست مهمة الى هذه الدرجة ، ستجد شخصا ىخر ".
" لكنك لا تستطيعين ".
كرّرها بعصبية :
" وماذا عن عقد كاديز فرناند؟".
حاولت أن تمنع صوتها من الإرتجاف وهي تقول :
" ماذا عنه ؟ أي شخص يمكن أن يقوم بالترتيبات اللازمة".
" لا ، لا ، ألم تقرأي العقد؟".
وشعرت كاريسا برعشة مفاجئة تسري بسرعة في عروقها :
" لا ، لكن ما الفرق ؟ سواء قرأته ام لم اقراه ، قراري لن يتغيّر ".
" لا أعرف ماذا جرى بينكما في الكوخ لكن...".
" لم يحدث أي شيء يا موريس .... لا شيء".
" حسنا ، آسف ، أعرف أنك فتاة تحترم مبادئها يا كاري ، لكن كايد أصر على إدخال بند جديد عل العقد ... اعتقد انه حاول التعرض لك مرة أو مرتين فأوقفته عند حده ... اليس كذلك ؟".
أجابته ببرود:
" لا تعليق ، ما هو البند الذي أدخله كايد عل لعقد ؟".
" كتبه بحضورك ".
قال موريس بحزن قبل ان يتابع قائلا :
" ظننت انك كنت على علم مسبق به ، يريد أن ترافقيه في جولته كمساعدة خاصة له ، وفي حال لم تنفذ هذا البند سيلغي الرحلة".
وحدّقت به كاريسا وكأنها لا تصدق ما تسمع :
" لماذا ؟".
" وكيف لي أن أعرف ؟ كنت أظن انك تعرفين السبب ! ".
" قل لمساعدتك الجديدة ان تحل مكاني ، لا بد ان يرضيه هذا ".
" انت تعلمين جيدا يا كاري انه لن يرضى بذلك ، اصرّ عليك شخصيا ، انت الفتاة التي يريدها ! ".
انت الفتاة التي يريدها... ردّدت اعماقها الكلمات بمرارة، الى متى ؟ تساءلت ... ليلة واحدة ؟ الأيام التي ستستغرقها الجولة ؟كانت تعرف شيئا واحدا ، كل مشاعر كايد مؤقتة ... تعطي سعادة عابرة وتترك قلبا كسيرا ، لن ترضى بهذا .
" هل تدرك يا موريس ما الذي تطلبه مني؟".
تصلّب موريس وكأنه تألم للسؤال :
" انا لا اطلب منك أي شيء يتنافى مع المبادىء ، ربما يشعر هذا الرجل بإنجذاب نحوك وأنت لا تريدين ذلك ، لقد تعملت مع مثل هذه الحالات من قبل ، إستطعت ان تبعديه عنك طوال إقامتكما في الكوخ ، رغم انكما كنتما عل إنفراد ، لذا لن تجدي اية صعوبة في تجنبه وسط مدير أعماله والفرقة الموسيقية التي سترافقكما طوال الجولة ، انت تعرفين تماما أنه لا يستطيع أي كان الإنفراد بشخص آخر في جولة فنية إلا إذا رغب الإثنان في ذلك وعملا على الهروب من كل المحيطين بهما ".
" موريس ، لا استطيع ، أريد أن استقيل ".
" هل لديك غرض أفضل ".
" لا ".
" ارجوك إذن ، تحمليني بضعة أشهر ، خذي إجازة يا كاري ، وقومي بالجولة من اجلي ، وثم فكري مليا بامر إستقالتك ".
" موريس ، لا أظن انني استطيع أن ...".
" كاري لقد وظفت آلاف الدولارات في هذه الجولة ، وأنت تعرفين فرناند! يعجبني هذا الشخص ، لكن لا جدل في أنه زبون متطلّب ، تعرفين انه سيصر على تلبية رغباته وإلا فلن ينفذ الإتفاق ، هو يستطيع ان يتراجع يا كاري ، لكن انا لا استطيع".
وبعد إصرار كبير رضيت كاريسا بالبقاء ، وهي تشعر بالخوف والقلق والغضب على نفسها لأنها رغم معرفتها بما تعنيه لها عودة كايد ، وجدت قلبها يغني لأنه سيراه مجددا ، وسيقضي معه اسابيع عدّة على الطرقات.

نيو فراولة 04-02-12 06:06 PM

ذهبت الى الكوخ لأن موريس طلب منها ذلك ، وهناك حاصرتها الذكريات ، إستلقت على الرمال وهي تتخيّل كايد أمامها مستلقيا تحت أشعة الشمس ، ومن ثم وهو يشدها بيده الدافئة ليدفعها بين الأمواج ، في البيت سمعت صدى غيتاره وصوته يهمهم بأغنية جديدة ،في الليل كانت تحلم به ويتسارع نبضها ، وبعد اربعة ايام لم تعد تحتمل المزيد ، حزمت حقائبها وسافرت الى شقيقها لتمضي معه ما تبقى من إجازتها.
وعندما عادت اخيرا الى العمل تفحصها موريس جيدا لكنه لم يعلق بأي كلمة ، لم يعلق بأي كلمة ، مما جعلها تستنتج بمرارة أن شكلها لم يتحسن ، ودافعت عن نفسها قائلة :
" أمضيت معظم الإجازة مع كليف شقيقي ، إنه يعيش حياة إجتماعية نشطة ، وله الكثير من الأصدقاء ".
" كان من المفروض ان تستريحي ".
زمجر عاليا ، لكنها احست انه إرتاح لجوابها فقالت :
" يقولون ان التغيير مفيد ، والآن ماذا تريد أن افعل اليوم ؟".
واغرقها موريس بالعمل فلم تشعر بالأسابيع القليلة التي مرت بسرعة ، ومن الغريب أنها كانت تتعامل مع ( جولة فرناند ) وكانها امر عادي ، دربت نفسها على عدم التصرف بحساسية ،ومع الوقت إستطاعت أن تطلع على إسمه وصوره في الجرائد بدون أن ترتعد كورقة خريفية.
كان موريس ينفق الكثير في الإعلان عن الجولة ، مركزا على ندرة الحفلات الحيّة التي يقدمها كاديز فرناند.
وعندما حجزت كاريسا مكانا لكايد في الفندق لاحظت انه طلب لنفسه شقة بغرفتي نوم ، لا بد انه ما يزال يفضل ان يكون جاك قريبا منه رغم أنه إستعاد بصره ، وكان هناك شخص ثالث ايضا في غرفة مفردة.
وحاولت كاريسا جاهدة ان تجد عذرا لعدم الذهاب لإستقبال كايد ، وعندما جاء أخيرا يوم وصوله اصر موريس على حضورها ، كان بحاجة لها قربه لأتمام التدابير اللازمة لنقل كايد من الطائرة الى غرفة الشخصيات المهمة ، حيث سيجري مقابلة تلفزيونية يتوجه بعدها الى الفندق.
كان اللقاء اسهل مما توقعت ،كان موريس يشد بحرارة على يد كايد عندما إستراحت العينان السوداوان عليها بسرعة ، ولاحظت أنه يبدو مرتاحا وسعيدا.
إبتسمت لجاك بنتون وهي تتساءل إن كان عرفها ، أو ان كايد قد ذكّره بليلة ما قبل ثماني سنوات ، ورغما عنها إحمرت وجنتاها خجلا.
إلتفت كايد وإبتسم لشخص ما يقف وراءه ثم مدّ يده لها مشيرا لها بالتقدم ، فعرفت كاريسا ان السيدة الجميلة ، السوداء الشعر... ترافقه ، قيل لها أن تحجز شقة لشخصين ، وغرفة نوم مفردة ، لكنها ظنت أن الشخص الثالث قد يكون مساعدا لجاك أو ربما المشرف على المعدات الفنية ، الآن وهي ترى كايد يضع ذراعه حول الفتاة الغريبة ، ونوعية الإبتسامة التي خصته بها بنعومة وخجل ، بدأ قلبها يقفز بسرعة.
وإلتفت كايد الى كاريسا مبتسما وهو يقول :
" هذه ريتا ، وهي تخجل من مواجهة رجال الصحافة ، هل تهتمين بها عني؟".
وتساءلت كاريسا عما إذا كانت إبتسامتها بالبرودة التي تجمد احشاءها ، وعفويا ابعدت يدها فأحست بقبضة رفيعة ناعمة تلمس أصابعها ، وجاء احد موظفي المطار ليرافقهم الى غرفة الشخصيات المهمة ، كايد وموريس سارا في المقدمة ، وجاك والمراتين وراءهما ، وظنت كاريسا ان مهمتها هي إبعاد ريتا عن رجال الصحافة ، ولذا رافقتها بهدوء الى زاوية بعيدة من الغرفة حتى ينتهي كايد من المقابلة .
وكان من المفروض بكاريسا أن تحاول الترفيه عن ضيفتها بحديث سطحي ، لكنها ظلت لدقائق ، عاجزة عن النطق ، ويبدو أن ريتا لم تهتم للأمر ، كان نظرها مركزا على كايد وعيناها تشعان فخرا وحبا ، أرادت ان تقول لها كاريسا ( لا تحبيه الى هذه الدرجة ) لكنها عرفت ان اية محاولة من جانبها ستفشل ، من الصعب إقناع المحب بتغيير رأيه في الإنسان الذي يحب ، فكيف إذا كان هذا الإنسان هو كايد ! ونظرت اليه مستريحا في مقعده وهو يجيب على الأسئلة بمرح جعل محدثه يضحك بين حين وآخر.
وحتى لا يفضحها وجهها ، كما حدث مع ريتا ، ابعدت كاريسا عينيها عن كايد لتركزهما على الفتاة ، لم تكن ريتا بالشباب الذي إعتقدته كاريسا للوهلة الأولى ، كانت هناك خطوط رفيعة في زاويتي عينيها ، ولم تكن يداها بنعومة يدي الفتاة الشابة ، عندما تبتسم كانت تبدو في غاية الرقة ، لكن عندما حولت نظرها عن كايد لتبحث في حقيبتها عن سيكارة ، إرتدى فمها طابعا قاسيا ينم عن شخصية لم تعرف حياة سهلة ، ورغم شعرها المتناثر بشكل خصلات سوداء ، وثيابها الأنيقة ، ورشاقتها ، لم تكن ريتا فتاة شابة بل إمرأة ناضجة .... أكبر منها بكثير ، ولاحظت كاريسا فجأة ، الان وهي تضع سيكارتها بين شفتيها...وهي تنفث الدخان بشره المدمنين ، وعندما وضعت ساقا فوق ساق ، بدت متكلفة وشديدة الثقة بنفسها ، مع كايد فقط ، لاحظت كاريسا أن هذه المرأة تبدو ضعيفة.
كانت تضع في يدها خاتم زواج جعل كاريسا ترتجف عند رؤيته ، جمعت أصابعها بعصبية وهي تتذكر الخاتم الذي أعطاها إياه كايد قائلا أنه كان يخص والدته ، ولم تعرف غلا متأخرة سبب لا مبالاته الغاضبة بقيمته العاطفية ، لم يكن لوالدته ... إختاره جاك من احد المحلات الرخيصة ليماشي إحدى قصصه المختلقة عن كاديز فرناند ، تساءلت : هل شك جاك ولو قليلا كم أساء الى كايد بهذا ، وتساءلت كيف تعرف هي ذلك ، لكنها تعرف المرارة الساخرة التي ابداها إتجاه الخاتم اظهرت بوضوح عمق الجرح ، إنها طريقة كايد لإخفاء شعوره.

نيو فراولة 04-02-12 06:07 PM

هل اعطى خاتما الى ريتا ايضا ؟ أم ان الخاتم هو رمز حب من رجل آخر ؟ قال كايد ان ريتا تخشى الناس ، لكن لا يبدو عليها انها من النوع الذي يزعجه كلام الناس ، ها هي تسافر برفقة كايد .... إلا إذا كانت متزوجة من رجل آخر.
( زوجات الرجال الاخرين ) وللمرة الأولى خطر ببال كاريسا أن كايد ربما أتى بريتا ليضايقها هي شخصيا ، لماذا أصرّ إذن على ان ترافقه في جوله الموسيقية ، وثم قدمها بهدوء الى هذه المرأة التي هي بالتاكيد رفيقة الساعة ؟ هل تصرّف هكذا ليحرجها ؟ أم أنه ببساطة إلتقى بريتا وطلب منها أن ترفقه بدون أن يفكر في الفتاة التي تنتظره في نيوزيلندا .
وأحست كاريسا أن ريتا تراقبها عبر سحابة الدخان الأزرق المتصاعد على شكل حلقات ، وقالت ريتا أخيرا :
" أخبرني كايد انه أمضى معك بعض الوقت خلال إقامته".
اجابتها كاريسا بحذر :
" هل قال ذلك ؟".
وإبتسمت ريتا إبتسامة ساحرة :
"لم يخبرني كثيرا ، قال انك ذكية ، وماهرة في عملك ، وهادئة ، لا أدري لماذا تصورتك أكبر سنا ، وبصراحة سكرتيرة قاسية القلب ، كان عليّ ان أعرف ".
" ماذا كان عليك ن تعرفي ؟".
وبرقة أجابت ريتا :
" ربما لا يجد ربي التحدث هكذا ؟ آسفة ، لم أرافق كايد إلا من فترة بسيطة ، يهمني ان أعرف اكثر عنه ، ماذا كان يفعل ؟من هم الناس الذين كان يعاشرهم قبل ان ...".
وقاطعها جاك الذي إقترب منهما ليخبرهما بإنتهاء المقابلة ، وانه أمامهما نصف ساعة فقط للعودة الى الفندق والإستعداد للمؤتمر الصحفي الذي نظمه موريس وكاريسا هناك لأستقبال كايد ، وأضاف جاك موجها كلامه الى ريتا :
" كايد يريدك أن تذهبي معه ".
كانت هناك سياراتان بإنتظارهما .
إبتعدت كاريسا عن ريتا عندما فتح لها كايد باب السيارة الثانية ، وعندما إلتفت ليبحث عنها رآها تصعد في السيارة الأخرى مع موريس ، ورأته يبتسم لريتا ، وعندما إنطلقت السيارتان قال جاك :
" كايد قال أنه سيكتب لك شخصيا للإشراف على حجز غرفة ريتا ، فعلت ذلك أليس كذلك ؟".
لم تسمعه كاريسا ، لكن كوريس لفت إنتباهها برقة قائلا :
" كاري ،جاك يسألك عما إذا كنت حجزت غرفة لريتا".
أجابته بحزن:
" نعم جاك ، كل شيء كما طلب كايد ، شقة كبيرة ، وغرفة منفردة في كل فندق سننزل فيه".
" حسنا ، فاجاك كايد برسالته أليس كذلك ؟ أعترف ان الأمر كله فاجاني ايضا ، لا يمكنك أن تتصوري التغيير الذي حصل في شخصية كايد منذ إلتقى ريتا".
كم كانت كاريسا تتمنى لو يكف جاك عن الحديث ، أشاحت بوجهها عنه لتتابع الأشجار التي كانت تركض خارج السيارة في الإتجاه المعاكس ، لكن موريس كان اكثر فضولية :
" من أي ناحية غيّرته؟".
توقف جاك قليلا قبل أن يجيب قائلا :
" حسنا.... أعرف كايد منذ زمن طويل ، إنه شخص عظيم ، فنان رائع ، وصديق مخلص ، لكنه كاد حاد الطباع ، عندما يكون في مزاج معين عليك ان تزن تصرفاتك معه".
علّق موريس قائلا :
" إنه شخصية قاسية ".
وافقه جاك بهزة رأس :
" نعم ، نعم ، لا شك أنه إنسان طيب ، لكنه حاد بعض الأحيان ، مع ريتا ، الأمر يختلف تماما ، معها يصبح في غاية الطيبة والحنان ، اعتقد انه لم يجد قبل الآن إنسانا يهتم به فعلا ، إنه لا يدعها تغيب عن نظره ، حتى يكاد المرء يعتقد أنها مصنوعة من زجاج شفاف قابل للكسر عند أدنى لمسة ، وهذا وصف لا ينطبق عليها ، ريتا عرفت حياة حافلة ، في الواقع لم أكن متحمسا لفكرة وجودها معنا .... فتاة لها هذا الماضي ، لكنه أصر على ذلك ،وكما تعرفان لا يستطيع أحد معارضته ، ربما من جهة أخرى ، سيكون لوجودها دعاية طيبة ، وقد يركز الصحفيون عن الناحية الرومنطيقية في الموضوع ، كايد وجدها تعمل في مقهى متواضع ... لكن هناك زوجها السابق... لا تريده ان يعرف مكانها".
وتوقف جاك قليلا قبل أن يتابع :
" ارجوكما ان تحفظا هذا الموضوع سرا ، ريتا فتاة عظيمة لا أريد أن اؤذيها ، كايد قد يقتلني ، لن تستغلا هذه المعلومات أليس كذلك ؟".
واكد له موريس أنهما لن يفعلا ، العقد يعني له الكثير وهو لا يريد ان يخاطر بفقدانه ،عندما توقفت السيارة أخيرا امام الفندق قالت كاريسا :
" موريس ، هل تمانع بأن أذهب الان ؟ لن تحتاجني ثانية هذا النهار ، هناك الكثير من الترتيبات التي يجب أن أشرف عليها قبل بدء الجولة الفنية".
منتديات ليلاس
وبدون حماس وافق موريس أخيرا ، فعادت الى المكتب لتنهي بعض الأمور الثانوية ، لم يكن صحيحا أنه ما زال هناك الكثير من العمل ، لكنها إختلقت ما يشغلها لتبعد ذهنها عما حدث ، ومن ثم ذهبت الى البيت.
كايد سيقدم حفلة موسيقية في أوكلاند مساء اليوم التالي ، وحفلتين في نهاية الجولة ، وسيقوم غدا بإجراء التمارين النهائية مع الفرقة الموسيقية المؤلفة بمعظمها من فنانين محليين .
لم تكن إذن بحاجة الى رؤيته في اليوم التالي ، تناولت مسكنا للصداع وإستلقت على فراشها وهي تضع يديها على عينيها ، لا تستطيع الذهاب معه في الجولة ... لم تعد تستطيع ذلك .

نيو فراولة 04-02-12 06:09 PM

ومن المرجح أنه لم يعد يريدها ان تذهب كذلك ، لديه ريتا الان ، وكما تبينت من كلام جاك يبد أنها فتاة مميزة ، من الواضح ان أي فتاة اخرى ممن يعرفهن لم تؤثر عليه كما تفعل ريتا ، للمرة الأولى يهتم بأحد غير نفسه الى هذه الدرجة ، كان عليها ان تكون سعيدة من اجله ، لأنه وجد الحب أخيرا ، لكنها لم تشعر باي شيء .... سوى انها خاوية في اعماقها ، لماذا لم تكن هي الفتاة التي إختارها كايد؟
وفي اليوم التالي عملت كاريسا في المكتب طوال النهار ، كان عليها ان تذهب الى الحفلة في المساء لكنها إعتذرت عن ذلك ، قالت لموريس انها تعاني من صداع لذا عليها أن تذهب باكرا الى الفراش لتكون على إستعداد تام للجولة التي ستبدأ صباح اليوم التالي ، لكنها كانت تعرف جيدا أنها لن تكون على متن الطائرة التي ستقلهم جميعا الى مدينة ويلينغتون.
وصباح اليوم التالي إتصلت كاريسا بموريس قبل دقائق من الموعد الذي إتفقا عليه قائلة :
" موريس آسفة لا أستطيع المجيء ، حالتي الصحية ساءت كثيرا خلال الليل ، إطلب من ساندرا أن تحل مكاني ، عندما أتغلب على تعبي سأذهب الى المكتب للإشراف على كل الأمور".
وعندما إستوعب موريس اخيرا أنها تقول له بانها لن تستطيع مرافقته في الجولة قال :
" هل إستشرت الطبيب ؟ ماذا قال؟ انفلونزا؟".
أجابت بحذر :
" نعم ، آسفة موريس ، اعرف انني أضعك في مأزق لكن ...".
" مأزق ! كايد.....".
" سيكون مرتاحا ، عندما كتب كايد ذلك البند تغيرت الكثير من الأمور".
" ربما ، لكنني ما زلت اعتقد أنه سيغضب".
اجابت كاريسا بعصبية :
" فليغضب إذن ، لا يستطيع أن يفعل شيئا بهذا الصدد ، وهو لا يستطيع باي حال ان يلقي اللوم عليك ، سأعود الى المكتب في أقرب فرصة ممكنة ، لكنني لن أرافقكم في الجولة".
ولم ترتدي كاريسا ملابسها لأنها خشيت أن يمر بها موريس للإطمئنان على صحتها.
شغلت نفسها بتسريح شعرها بعد غسله ، جربت عدة تسريحات لكن أصابعها كانت ترتجف ، وفي النهاية تركته حرا ينسدل على كتفيها.
كانت عقارب الساعة تتحرك ببطء بإتجاه وقت الإقلاع ، احست باعصابها تتوتر لدرجة الإنفجار.
أخذت ترتب البيت ،ومن ثم جلست تقرأ مجلة إشترتها صديقتها في اليوم السابق.
ما زال هناك ساعة لوقت الإقلاع ، ذهبت لتصنع لنفسها فنجانا من الشاي ، وعندما أخرجت الحليب من الثلاجة لاحظت أنها تحتاج الى تنظيف ، لم تكن تريد فعلا أن تشرب الشاي ، لكن هذه العملية ستستغرق بضع دقائق أخرى .
شربت الشاي ببطء ثم نهضت لتنظف الثلاجة ، افرغتها من محتوياتها ، ووضعت أناء من المياه الساخنة داخلها ، ثم ركعت على ركبتيها لتبدأ بتنظيف الرفوف.
قرع جرس الباب ، ظلت في مكانها لحظات طويلة قبل ان تحدق في الساعة ، إنه وقت الإقلاع تماما ، تشعر بأمان الآن.
مشت ببطء الى الباب الخارجي وأغلقت وراءها باب المطبخ ، دخل كايد غرفة الجلوس ، شحبت للمفاجاة ، ولا بد أن لونها تغير لأن كايد نظر اليها متفحصا قبل أن يقول :
" ربما كنت مريضة فعلا ، لم أصدق موريس عندما اخبرني بذلك ".
" كان من المفروض أن تكون في الطائرة ، ماذا تفعل هنا ؟".
" جئت لأصطحبك معي ، كان من المفروض ان تكوني انت أيضا على الطائرة ذاتها".
" لكن موريس أخبرك ان.".
" نعم عندما وصلنا المطار ، هل طلبت منه أن لا يخبرني عن غيابك إلا بعد فوات الأوان؟".
" لا".
" يبدو انك إستعدت عافيتك بسرعة".
وإقترب منها بسرعة ليضع يده على جبينها :
" انفلونزا أليس كذلك ؟ حرارتك عادية ، وعينيك صافيتين ، وصوتك طبيعي ، لماذا لا تريدين مرافقتي؟".
" أنت لا تريدني فعلا أن أرافقك ...".
" دعيني اقرر شخصيا ما أريد".
" يا ليتك تعاملني بالمثل ".
قالتها بمرارة قبل ان تضيف :
" حسنا ، لست اعاني من الأنفلونزا ، لكنني اشعر بإرهاق ".
" هل تناولت طعام الفطور هذا الصباح ؟".
هزت رأسها بالنفي :
" لا ، تناولت فنجانا من الشاي فقط ".
ألتفت حوله ثم فتح باب المطبخ :
" هذا هو المطبخ ، أليس كذلك ؟".
ونظر اليها مبتسما :
" سأحضر لك شيئا تأكلينه".
ولاحظ النظرة المذنبة في عينيها ، فإلتفت مجددا الى المطبخ ليرى باب الثلاجة مفتوحا ومحتوياتها على مائدة الطعام ، فقال ساخرا :
" هل تقررين تنظيف المنزل كلما شعرت بالإرهاق؟".
اجابته بتعب :
" الثلاجة بحاجة... آه دعني لوحدي".
" سانظف كل هذا ، واعد لك شيئا من الطعام بينما تحزمين حقائبك ".
قالها بهدوء لكن بحزم :
" اسرعي الكل بإنتظارنا ".
وبعد لحظات إستسلمت للأمر ، لا تدري لماذا يصر الى هذه الدرجة على إصطحابها ، لكنها عاجزة لا تملك القدرة على مقاومته.
حزمت حقائبها بسرعة ، كانت معتادة على السفر ، تناولت الفطور الذي أعدّه لها بمهارة ، وبينما كانت تشرب الشاي قال لها :
" جاك أخبرني أنه كلّمك عن ريتا ، كنت أنوي ان أفعل ذلك بنفسي ".
إرتعشت وهي تدّعي اللامبالاة.
" لا يهمني ، لا علاقة لي بالأمر ، انا أقوم بالحجز فقط ".
عرفت أن كلماتها أغضبته وأحست بالتوتر في صوته وهو يقول :
" لا يهمك الأمر ؟.
" لا ".

نيو فراولة 04-02-12 06:10 PM

وضعت فنجانها على الطاولة ونهضت من مكانها.
" مشكلتك ، أنك معتاد على اخذ كل ما تريده ، خاصة من بين النساء المعجبات اللواتي يحطن بك ، كنت أظن أن هذا يكفيك ، لماذا تريد أن تجرني وراءك في هذه الجولة المخيفة؟".
عضّ على شفتيه وهو يقول:
" من اجل ريتا ، ستكون المرأة الوحيدة في الفرقة أن لم ترافقينا ، هي بحاجة الى رفقة أنثوية ".
ضحكت كاريسا ساخرة:
" يا الهي ، هل تريد أن تقول ان إمرأة بنوعية ريتا تحتاج الى رعاية؟".
ولم تكن كاريسا تتوقع ابدا الصفعة التي إنهالت على خدها بقسوة أفقدتها توازنها ، فكادت تسقط أرضا لو لم تستند الى الطاولة القريبة ، حدّقت به وهي تكاد لا تصدق ما حصل لها ، هل فعلا صفعها ؟
كان يبدوهو ايضا شاحبا ،وغاضبا عيناه تلمعان ببريق مخيف ، وأجابها :
" قولي ما تريدين عني ، لكن أبعدي سموم لسانك عن ريتا ، هل فهمت؟".
وشعرت أنها إرتكبت حقارة بقولها هذا ، بلعت ريقها وهي تحاول أن تفهمه انها لم تقصد ما قالت... أن تعتذر ، لكن الدموع التي كانت تتساقط من عينيها إحتبست في حلقها فلم تعد تقوى على الكلام ، ماذا تفعل؟
حاولت جاهدة السيطرة على دموعها ، وجاءها صوت كايد آمرا :
" احضري أشياءك".
وكالعمياء تحسست طريقها الى غرفة انوم ، حملت حقائبها ، وعادت وهي شبه مذهولة ، جلسا في سيارة الأجرة بصمت تام ، لم ينبسا بكلمة واحدة طوال الطريق الى المطار ، وقبل وصولهما بقليل ألقت كاريسا نظرة سريعة في مرآتها ، كان خدها ما يزال يؤلمها ، لكن الصفعة لم تترك أي أثر عليه ، كانت تبدو في غاية الشحوب ... والهدوء ، أحست بالرضى لأن مشاعرها لم تفضحها.
كان موريس في إنتظارها ، رات على وجهه نظرة تعجب تلاها تعبير قلق وإنزعاج ، قبلها على خدها محييا.
وألقى نظرة فضول على وجه كايد المتجهم ، سالها هامسا :
" هل أنت على ما يرام ؟ ماذا حصل بينكما؟".
حاولت أن تبتسم لكن فمها رفض ان يطاوعها ، أجابت :
" السيد فرناند يحرص دائما على الحصول على ما يريد ، أصر على إتمام العقد بكل بنوده حرفيا".
نظر اليها موريس بعطف :
" عن كنت مريضة فعلا يا كاري سأكلمه ، لا يستطيع الإصرار ...يبدو أنه يظن انك تخدعينه".
أجابته بتعب :
" لا تخشى شيئا يا موريس ، سيصر على إحضار الطبيب الذي لا بد وأن يقول أنني لا أشكو من شيء ، عندها سيلاحقك كايد قانونيا ، أو يتخلى عن الجولة ، لا تقلق .... سأعيش ، إهتم بالمكتب اثناء غيابي".
وتركته واقفا مكانه ، لتمر امام كايد بدون أن تلقي عليه نظرة واحدة وتصعد الى الطائرة ، لم يكن موريس وحده حائرا مستغربا ، لا بد ان ريتا تساءل ايضا...
كان جاك يجلس قرب النافذة ، القت بنفسها قربه ، وهي تراقب كايد يسرع الى جوار ريتا ليجلس بجانبها ، وإنقبض قلب كاريسا وهي تراقب ريتا تتكلم بسرعة وبهمس ، والإبتسامة الساخرة التي إرتسمت على وجه كايد وهو يجيبها بإقتضاب ، ولاحظت كاريسا إتساع عيني ريتا والألم الذي إرتسم فيهما قبل ان تشيح بوجهها عنه لتنظر من النافذة.
وتحركت الطائرة ، كايد إنسان اناني ... وحش قاس لا قلب له ، هكذا كانت كاريسا تفكر.
أغمضت عينيها وتظاهرت بالنوم حتى هبطوا في ويانغتون ، وعندما وصلوا الى الفندق اخيرا حجزت كاريسا غرفة صغيرة لنفسها ، كم تشعر بحاجة الى الإبتعاد عن الآخرين ، إقتربت من مجموعة الحقائب في الردهة لتأخذ حقيبتها ، وبينما هي تبحث عنها ، وبينما هي تبحث عنها توقفت عند إسم ريتا فرانكلين مكتوبا على ثلاث حقائب جلدية انيقة زرقاء اللون.
أخذت حقيبتها وشكرت المسؤول عن الأمتعة ، صعدت الى غرفتها ، وعندما أقفلت الباب وراءها إرتجفت أوصالها وهي تفكر بالإسم المكتوب عل الحقائب الزرقاء.
ريتا فرانكلين ... فرانكلين هو الإسم الذي يستخدمه كايد عندما يريد أن يخفي هويته الحقيقية عن الناس ... ومن المرجح انه إسمه الحقيقي ، حاولت كاريسا ان تبعد عن ذهنها التفسير المنطقي الوحيد الذي فرض نفسه على تفكيرها ، وتدريجيا أخذت تدرس كل الإحتمالات ، فرانكلين هو إسم الشهرة الحقيقي لكايد.
وريتا تسافر تحت الإسم ذاته ، من غير المنطقي ان تكون فعلت ذلك لإبعاد الشبهات عنها ، إمرأة كريتا لا تأبه لكلام الناس ،ومن جهة ثانية ، القانون يعاقب أي شخص يسافر بجوزا سفر مزور لا يحمل إسمه الحقيقي .... أليس كذلك؟
ريتا فرانكلين ... السيدة ريتا فرانكلين طبعا... إنها زوجته ... كايد تزوج.
وقفت قرب النافذة تحدق في المياه الرمادية وهي تحاول إرغام نفسها على عدم التفكير بأي شيء ، سمعت طرقة خفيفة على الباب ، مسحت دموعها قبل أن تفتح الباب .... لريتا ، وبدا الإهتمام على وجه المرأة وهي تقول :
" أرسلني كايد لأرى إن كنت تحتاجين شيئا ، ما بك ؟".
" لا شيء ، أنا بخير ".
وبعد دقائق صمت قالت ريتا :
" كايد يتصرف أحيانا بوحشية .... حتى معي ، إنه لا يستطيع ان يقرر إن كنت فعلا مريضة أم أنك تتظاهرين بذلك ، كان في غاية الغضب عندما ذهب ليجيء بك ، وكاد يؤذيني بلسانه الساخر عندما قلت له أنه عاملك بقسوة ، معظم الأحيان هو في غاية الطيبة معي ، وأستطيع أن أتحمل مزاجيته ، تحملت أكثر من هذا بكثير من زوجي السابق ، لكنك لست بالقوة التي.......".
" الأمر لا يتعلق بكايد ، كنت انظر من النافذة وتذكرت شيئا محزنا ".

نيو فراولة 04-02-12 06:11 PM

ولم تصدق ريتا وإن تظاهرت بعكس ذلك ، إقتربت منها قائلة :
" كايد يقيم حفلة كبيرة في شقته ، لماذا لا تذهبين وتمرحين قليلا ؟".
ترددت كاريسا فقالت ريتا :
" هيا يا عزيزتي ، إغسلي وجهك وضعي قليلا من مساحيق التجميل ، ستشعرين بتحسن بعد ذلك ".
وإمتثلت كاريسا لنصيحتها ، لن يفيدها البقاء وحيدة ، سجينة الجدران ، وسجينة وحدتها والمها ، الإختلاط بالناس سيبعد ذهنها عن معاناتها.
وذهبتا معا الى شقة كايد ، كانت غرفة الإستقبال تعج بشباب الفرقة ، جلس بعضهم ارضا ، وتفرق الآخرون على المقاعد المريحة ، كان كايد يقف في الزاوية المقابلة ، وعندما رآهما إبتسم بحنان وسعادة ، هكذا ينظر إذن الى ريتا ، همست كاريسا لنفسها بألم وهي تدخل المكان بتردد ، إقترب منهما كايد والإبتسامة الرقيقة ما تزال تتراقص على شفتيه ، نظر الى كاريسا قائلا:
" هل تشعرين بتحسن؟".
" نعم ، صحتي أفضل بكثير ، شكرا".
وحدّق فيها بإهتمام وكأنه يحاول ان يخترق الحاجز الذي وضعته بينهما ليدخل الى أعماقها ، ويعرف الأحاسيس التي تتفاعل داخلها ، وناداه شخص ما فإلتفت اليه.
إقترب منها احد أعضاء الفرقة ، شاب لم تكن تعرفه جيدا ، حيّاها بمودة وجلس على الأرض قرب قدميها يحدّثها بحرية ، بينما كانت ريتا تتبادل الكلام مع جاك بنتون ورجل آخر لا تعرفه.
وبدأ شاب ما بالعزف على الغيتار وإرتفعت بضعة أصوات باغنية مرحة ، أقنعها رفيقها بأن ترقص معه ، ودعى شخص آخر ريتا .
وتوقف الرقص عندما قرع جرس العشاء ، وقادها الشاب الى غرفة الطعام حيث ختار طاولة لا تتسع إلا الى شخصين فقط ، وأحست كاريسا بسعادة لأهتمامه بها ، من الواضح انه كان يحاول أن يجذبها اليه ...ولم تمانع هي محاولاته ، أي شيء يبعدها عن دائرة كايد ترحب به في الوقت الحالي.
وحاولت كاريسا تجنب النظر الى الطاولة التي كان يجلس اليها كايد وريتا ، ركزت كل إهتمامها على الشاب الجالس أمامها ، وفور إنتهاء العشاء إستاذنت بالذهاب الى فراشها.
ولم تكد تصل الى غرفتها حتى كان كايد وراءها ، حاولت أن تغلق الباب بسرعة لتمنع دخوله ، لكنه كان أسرع منها إذ دفع الباب بشدة ودخل الغرفة وهو يقول:
" تأخرت يا عزيزتي".
واغلق الباب وراءه بالمفتاح ، إحتجت كاريسا على تصرفه هذا.
" لا أذكر أنني دعوتك الى غرفتي ".
" اريد أن أكلمك ، يبدو أنك إسترجعت عافيتك بسرعة ".
إحمرت وجنتاها ببريق مشرق ، ولمعت عيناها ببريق ساخر .
" العلاج كان مفيدا ".
كانت تقصد الصفعة التي وجّهها لها صباح اليوم ، وإصراره على إصطحابها معه على الطائرة ، لكنه أساء فهم عبارتها.
" آه ، نعم ، لمسات الشاب الذي كان يرافقك ، وكلماته المعسولة كانت كافية لإسترجاع عافيتك ! ".
لم يلمسها الشاب ، صحيح أنه حاول الإمساك بيدها لكنها سحبتها بسرعة ، وكادت تنكر إتهامه بشدة ثم تراجعت عن ذلك في اللحظة الأخيرة، الطريقة المثلى لإقناع أي رجل بأنه لا يحوز على إهتمامك ، هي التظاهر بالإهتمام برجل آخر ، إبتسمت بغموض وتركته يظن ما يشاء .
ويبدو أن موقفها هذا لم يرق لكايد الذي لوى شفتيه بغضب ، وساد الصمت بينهما فقطعته كاريسا قائلة :
" ماذا تريد يا سيد فرناند ؟ أية خدمة؟".
كان عليها ان تشعر بالخطر عندما رأت البريق الحاد الذي يلمع في عينيه ، لكنها تجاهلته مرة اخرى ، أمسك بكتفيها وأخذ يهزها بقوة وعنف حتى كادت تصرخ من الألم ، وفجاة حاول عناقها ، فقاومته بضراوة .
" كايد ، أرجوك ، لا ".
" هذا سيعلمك ان لا تناديني بالسيد فرناند مرة اخرى ".
" لا ، لا ، ارجوك ، قلت بانك جئت لتكلمني ".
" لا ، لأن كل احاديثنا تنتهي بعراك".
وحاول مجددا ، فكررت بنعومة هذه المرة :
" اخبرني أولا ، ماذا كنت تريد أن تقول ؟".
" كنت أريد ان اتكلم عني وعنك ، وعن ريتا ".
" ريتا ، نعم علينا ان نتحدث عن ريتا ".
وفجأة احست بالخجل لوجوده معها في غرفتها.
وعاد كايد يحتضنها .
" لا ، ليس الان ، لا أريد أن أتحدث عن احد الآن ... ولا حتى عن ريتا ".
بهذه السهولة إذن هو مستعد لأن يخون ريتا ، وهي ! كيف سمحت له بأن يعانقها.
وصرخت في وجهه :
" إبتعد عني ، أنت رجل حقير ".
" ما بك ترفضينني ، لم تمانعي من قبل؟".
واحست بالدموع تكاد تخنقها ، فلاحظ إضطرابها :
" آسف ، لم أكن أنوي إزعاجك ، أخطات عندما فرضت عليك المجيء معي ، لكنني اردتك بقربي ، وعندما لم اجدك جننت ".
فأجابته بمرارة :
" دائما تغضب عندما لا تستطيع الحصول على كل ما تريد ".
لم يجبها ، لكنها احست بيديه تمسكانها بحنان ، ثم همس في أذنها :
" عندما تركتك آخر مرة ، كنت آمل ان استطيع نسيانك قبل عودتي ، وجودك معي كان الإمتحان الذي فرضته على نفسي لاختبر عواطفي و..".
وتردد كايد ، فسألته بفضول:
" و.... ماذا؟".
" قبل ان نفترق قلت لي بأنني لا اعني لك شيئا ، وأكّدت ذلك هذا الصباح ، لكنني أعرف انك ما زلت تحملين عاطفة ما لي ، لا تستطيعين إنكار ذلك ، وأنا ما زلت أريدك ".
" مؤقتا ".
وشد قبضته عليها وكانه يريد ان يهزها .
" إسمعي ، إنسي كل ما قلته لك سابقا ، معك بدات اعرف معنى الحب ، إكتشفت أحاسيسا لم أكن أعرفها ، وأحيانا يشعرني هذا بالألم ، وعندما اتالم أتعمد إيذاء الغير ، لكنني احاول الان ان أسيطر على طبيعتي هذه ، خاصة منذ وجدت ريتا ، أريد ان اجنبها كل الآلام التي عرفتها حتى الآن ".
" كيف تستطيع إذن أن....".
" لم أقل أنني رجل مثالي ، قلت لك انني احاول ، ريتا وأنا امضينا فترة طويلة بدون إنتماء الى أي شخص".
وهمست كاريسا بألم :
" إذا كان بإمكانها إسعادك ، فهذا يفرحني".
" طبعا تستطيع إسعادي ، لكنها لن تتمكن من إعطائي نوع الأحاسيس التي أريد ".
" لكنها تحبك ".
" الأمر يختلف تعرفين ذلك جيدا ، أخذت وقتا طويلا للتفكير قبل ان أقرر الزواج ، كاريسا ، حتى عندما تركتك لم أكن افكر بالأمر جديا رغم انني كنت أعرف جيدا ان امرا مهما حدث في حياتي ، لا أستطيع الهروب منه ، ريتا كان لها الفضل في إعادة تقييمي للأمور ، وساعدتني على ان افهم أن الحب ليس مجرد علاقة عابرة ، لقد اعطينا بعضنا الكثير خلال الأشهر الماضية ، لكن هذا ليس كافيا يا كاريسا ، لم أكن مستعدا لأن أقول هذا قبل اليوم ، لكن آن الأوان لأعترف بحقيقة شعوري ، انا احبك... احبك".
وإتسعت عيناها وهي تحدق به ، وأحست بالألم يمزقها ، وهي ترى الرائع في عينيه .
" لكن كايد ....جئت متأخرا".
ورأته يبلع ريقه بصعوبة وهو يعض على شفتيه ، فكررت :
" تأخرت يا كايد ، آسفة ، عليك ان تكتفي بما تستطيع ريتا منحك إياه".
لا تريد أن تؤذي ريتا ، كفاها ما فعل بها الدهر ، وكايد أيضا لا يحق له أن يؤذيها ، ولا يستطيع أيضا أن يحتفظ بهما معا ، هذا سيفسد حياتهم جميعا.
صحيح أنها لن تتوقف عن حبه ، لكنها لا تستطيع إلا أن تعترف بانه ما زال إنسانا أنانيا.
القى كايد يديه بتثاقل على جانبيه ، وإنطفأ البريق في عينيه .
ولم ينظر اليها وهو يغلق باب الغرفة وراءه.

نيو فراولة 05-02-12 10:44 PM

10-العمر يبدأ الان

لم يكن من الصعب ، صباح اليوم التالي ان تتجنب الإنفراد بكايد ، كان من الواضح تماما انه يحاول هو أيضا عدم توجيه أي كلمة لها ، كان يبدو قلقا وعصبي المزاج وكانه يحاول جاهدا السيطرة على اعصابه ، لكنها لم تسمعه يرفع صوته بحدة او يتحدث بلهجة ساخرة.
في فترة بعد الظهر ذهب الرجال للإشراف على الترتيبات النهائية قبل الحفلة ، وأعلنت كاريسا عزمها البقاء في المنزل لغسل شعرها ، فعرضت عليها ريتا ان تساعدها في تصفيفه ، ورغم رفض كاريسا العرض اصرت قائلة :
" ارجوك أنا بحاجة لن أفعل أي شيء يشغلني".
جلست كاريسا أمام طاولة الزينة في غرفة نومها وأسلمت رأسها الى ريتا التي أخذت تسرح لها شعرها برقة وإهتمام ، وهي تتنهد قائلة :
" في مراهقتي كنت احلم بأن أصبح في يوم من الأيام مصففة للشعر ، كان هذا قبل أن أهرب من البيت وأصبح ... شيئا آخر".
ورفعت حاجبيها بلا مبالاة وهي تسأل كاريسا :
" أعتقد أن كايد أخبرك كل شيء عني ! ".
" لا ، لم يخبرني شيئا ، كل ما قاله أنك جعلت منه إنسانا سعيدا ، جاك تكلم عنك قليلا... هل يزعجك ذلك؟".
" لا ، أتضايق أحيانا من اجل كايد فقط ، لست فخورة بما كنته سابقا ، لكن كما يقول كايد ، كنت صغيرة وجائعة ووحيدة ومرفوضة ، ماذا كان بإستطاعتي ان أفعل غير ذلك ؟كم كنت اتمنى لو تفهّم جوني وضعي !".
" جوني؟".
"زوجي السابق ، كان عليّ أن اخبره بماضي ... لكنني لم أفعل ، خفت من نتيجة ذلك ، لكن الله يشهد أنني لم أخدعه مرة واحدة بعد زواجي به ، حتى عندما بدأ يضربني بإستمرار ويسرق مني كل ما أملك من مال".
" آه يا ريتا ، لماذا ؟".
" لا أدري قال انه إلتقى بشخص ما اخبره عن سيرتي الماضية ، لكنني اعتقد أنه كان سيختلق حجة أخرى لضربي في أي حال ، هو من ذاك النوع من الرجال ، لو لم اكن يائسة من أن أجد لنفسي حياة كريمة بعد حياة الذل والبؤس التي عشتها سنوات عشر لما كنت اقدمت على الزواج منه ، ولكنت عرفت أنه ليس الرجل أو الزوج المناسب لي ، أعتقد انني إستخدمته بطريقة ما لأخرج من ماضيي القذر ، وبعد اربع سنوات من العذاب لم أعد أطيق الحياة معه ، خرجت من البيت بالثياب التي كنت ارتديها ولم أحمل معي شيئا ... تركت له كل ما أملك وهربت ، الحمد لله أنني لم أنجب منه اولادا ".
" وماذا فعلت بعد ذلك ؟".
وإلتقت عيناهما بسرعة في المرآة قبل أن تضع ريتا المشط جانبا وتمسك بمجفف الشعر وتتابع حديثها قائلة :
" عدت الى المهنة الوحيدة التي أعرف.... عدت الى سيرتي السابقة".
" هل... كنت تمارسين العمل ذاته عندما إلتقى بك كايد ؟".
" لا ، الحمد لله ، كنت قد وفرت قليلا من المال وإستأجرت مكانا محترما أعيش فيه ، لم يكن شيئا يذكر... غرفة بسيطة ، وبدأت العمل كمضيفة في مطعم متواضع ، صحيح أن الراتب كان ضئيلا ، لكني كنت سعيدة لأنني وجدت عملا لا يمتهن كرامتي ... او ما تبقى منها ، كنت امارس مهنة شريفة عندما عثر علي كايد".
وإبتسمت برقة وهي ترى حيرة كاريسا ،وبعد لحظات أضافت قائلة:
" عندما طلب مني كايد ان نبقى معا بعد ذلك صارحته بماضيي كله ، لم ارد ان يعرف الحقيقة من شخص آخر ، ومن جهة اخرى كان من العدل ان أترك له الفرصة لتغيير رأيه".
" لكن كايد لم يهتم بالأمر ! ".
ورفعت ريتا خصلة شعر رقيقة واخذت تصففها بمهارة لتعطيها الشكل الذي تريد ، ومن ثم تابعت حديثها قائلة:
" بلى أهتم كثيرا... إهتم بي ، لا بما سمعه عني ، هل تفهمين قصدي؟".
وتوقفت ريتا عن الكلام ، لا بد أنك سئمت من سماع قصة حياتي ! ".
" لا ، بل على العكس تماما".
لكن الحقيقة ان كاريسا لمتكن تريد فعلا أن تسمع كل هذه التفاصيل ، صحيح انها سعيدة من أجل ريتا التي عرفت اخيرا معنى السعادة بعد كل تلك الأيام المرة التي عرفتها ، لكنها كانت تشعر بالتعاسة أيضا لأن القدر وضع كايد في طريقها.
منتديات ليلاس
واحست فجأة بثورة عارمة على الرجل الذي تحب لأنه لم يكن وفيا لريتا التي تستحق منه معاملة أفضل.
ولم يكن هناك مفر من حضور الحفلة برفقة ريتا ،وعندما جلستا في المقعدين المخصصين لهما خفتت الأضواء تدريجيا ما عدا دائرة كبيرة من النور اخذت تلاحق كايد وهو يتقدم ببطء الى وسط المسرح ممسكا بغيتاره ، وإرتفع هتاف الجمهور فعادت كاريسا سنوات الى الوراء ، الى مناسبة مماثلة في سيدني.
غنى اغنية أو أغنيتين من الألحان التي سمعوها في تلك الفترة ، لكن معظم ما تبقى كان من أغانيه الجديدة ، وقبيل نهاية السهرة بحث عنها كايد بعينيه حتى وجد مكانها .
وعندها إقترب من الميكروفون ليقول بحنان:
" هذه أغنية جديدة.... لريتا".
كانت الأغنية بسيطة وسهلة الحفظ والترديد ، أما موضوعها فكان يدور حول جملتين فقط.
" مضى زمن طويل ، طويل ، كم أنا سعيد لأنني وجدتك الآن ".
وعندما تلاشت آخر نغمة وقف الجمهور ليحيي الفنان ، بحماس منقطع النظير.

نيو فراولة 05-02-12 10:45 PM

أخذت كاريسا تضغط على اصابعها بشدة وهي تحاول جاهدة السيطرة على إنفعالها وحزنها ، أما ريتا فكانت تمسح دموعها وهي تبتسم.
وإقترب كايد مرة اخرى من الميكروفون ليقول:
" وهذه الأغنية جديدة ايضا... جديدة جدا".
وتوقف قليلا قبل أن يقول:
" لكنها لفتاة اخرى".
وغرق الجمهور في الضحك ، لكن كايد لم يكلف نفسه حتى الإبتسام.
" عنوان الأغنية وداعا يا حبيبتي المخادعة".
منتديات ليلاس
وعرفت كاريسا أنه يغني لها ، كانت هذه وسيلته ليقول لها أن قصة حبهما إنتهت.
أحست بالألم يمزقها ، وحاولت أن تمسك دموعها وهي تشاهد أصابعه تداعب برقة اوتار غيتاره ، وتسمع صوته يغني للحب والوداع بكلمات رقيقة ، إذن أنت تهجرينني ، لكنني ما زلت احبك يا حبيبتي المخادعة.
بعد إنتهاء الحفل عادت ريتا وكاريسا الى غرفة كايد الخاصة ، إخترقت ريتا الجمهور المحيط بالمطرب الشاب لتضع ذراعها حول عنقه قائلة :
" شكرا للأغنية إنها رائعة".
لم تتحرك كاريسا من الزاوية التي إختارتها ملجأ لها وأخذت تراقب المشهد عن بعد.
أحست فجأة بشخص ما يقف قربها فإلتفتت بسرعة لتجد جاك بنتون ينظر اليها بحيرة ، إقترب أكثر وقال بهدوء:
" هل تخليت عن كايد؟".
وحاولت كاريسا ان تبتسم وهي تجيب :
" لا تكن سخيفا يا جاك ، إستغل إسمي ليبني حوله أغنية ، هل نسيت انه غنى لريتا أيضا؟".
" طبعا غنى لها ، لكن أغنيتها تختلف تماما عن تلك التي خصك بها".
" غنى لها أغنية حب! ".
" هكذا ظن الجمهور ، لكنك تعرفين تماما انها لم تكن كذلك ... لم تكن أغنية حب كالتي خصك بها".
" لا ارى الفرق بين الأغنيتن ... سوى أنه يقول في الأولى أهلا وفي الثانية وداعا ".
" سترين الإختلاف عندما تعرفين ان ريتا.... شقيقته، لا يمكن أن يغني لشقيقته كما يغني لحبيبته ، لماذا رفضت حب كايد ؟ اعرف انه ليس بالرجل المثالي ، لكنه تغير كثيرا منذ وجد ريتا ، قلت لك هذا سابقا ، سيكون زوجا رائعا ، ما بك ؟ كاريسا؟ هل أنت بخير ؟".
ولم تنبس كاريسا بكلمة واحدة منذ سمعت كلمة ( شقيقته) ، أحست فجأة وكأن جدران الغرفة تنطبق عليها ، وشعرت بدوار مزعج.
" لم أكن أعرف ، لم يخبرني أحد...".
وحدّق بها جاك وهو لا يفهم قصدها :
" يخبرك ماذا؟".
" أن ريتا هي شقيقة كايد".
" لكنك اخبرتني انه كتب لك ... وروى لك كل شيء عنها ".
" لا ، قلت أنه طلب أن أحجز لها غرفة في الفندق ، لم يقل لي حتى انه يريد غرفة لإمرأة ... فقط عدد الغرف ".
" لكنني اخبرتك شخصيا كل شيء عنها".
" ونسيت ان تقول لي من تكون بالنسبة الى كايد ، وأعتقد أن هذا الأخير ظن أنك أعلمتني بكل شيء في سيارة الأجرة التي كانت تقلنا من المطار ، سألني إن كنت قد فعلت هذا فأجبته بالإيجاب ".
" من كنت تعتقدينها إذن؟".
" زوجته... عندما عرفت إسمها....".
" قبل ذلك ظننت أنها...".
" آه جاك ، عاملت كايد بمنتهى القسوة ، قلت له اشياء فظيعة ".
" عليك إذن توضيح الأمور".
" كيف أبدأ ب...".
" هل تحبينه؟".
لم تجب كانت تحدق في الوجه الوسيم الذي كان منحنيا ليسمع شيئا ما تقوله ريتا.
لم تفارق عينا جاك وجهها ، تنحنح قليلا قبل ان يقول:
" منذ قليل أخبر كايد العالم كله انه يحبك ، دعي الأمور لي ، سأتصرف".
وبأعجوبة وجد لها مكانا للجلوس ، وبعد دقائق خلت الغرفة من الناس ، وإنسحبت الفرقة الموسيقية ، أما ريتا فذهبت برفقة جاك الذي ترك كاريسا وكايد يتقاسمان سيارة الأجرة.
كانت الليلة دافئة وجميلة ، ساد الصمت بينهما والسيارة تتنزه بهدوء حول المرفأ ، إسترقت كاريسا نظرة جانبية الى وجه كايد فوجدته جامدا لا يعبر عن شيء ، تساءلت كيف تبدأ الحديث ! جاك تمكن من إخلاء الجو لهما ، لكنه تركهما يتدبران أمورهما بعد ذلك ، لكن ماذا يفعل المرء ليخرج من الشرنقة التي نسجها خيطا خيطا حول نفسه ؟
طلب كايد من السائق أن يوقف السيارة قبل أمار قليلة من الفندق ، ترجل وفتح لها الباب فنزلت بدون أي كلمة إحتجاج.
توجها الى الشاطىء ، الحذاء الذي كانت تنتعله لم يكن مناسبا لهذا النوع من النزهات فتعثرت على رمال الشاطىء الفضية، أمسك بها في الوقت المناسب فلم تقع ، لكنه سحب يده من ذراعها فور تأكده من توازنها على قدميها.
وقطع كايد الصمت قائلا :
" أعتقد أنك موافقة على وجودك معي هنا ، جاك دبّر الأجواء المناسبة لذلك ، ولم يكن ليفعل ذلك لو لم يكن متأكدا من رضاك ".
" أردت أن أكلمك ؟".
" عن ماذا؟".
" أنت... وانا ... وريتا".
رددت الكلمات التي قالها هو قبل يوم واحد ، توقف عن السير وإلتفت اليها قائلا:
" أذكر جيدا أن موضوع ريتا كان السبب في خلافنا في الأمس ... وفي اليوم الذي سبقه".
" هذا قبل أن أعرف أن ريتا شقيقتك ، كنت أظنها زوجتك ".
تسمّر مكانه لحظات طويلة قبل أن يقول اخيرا ، وببطء:
" زوجتي؟ ما الذي جعلك تعتقدين هذا؟".

نيو فراولة 05-02-12 10:46 PM

شرحت له بهدوء كل الملابسات التي أدت الى سوء التفاهم هذا ، إستمع اليها في البدء وكانه لا يصدق ما يسمع ثم صرخ بقوة :
" يا له من سوء تفاهم سخيف ، لم ارد ان أشرح لك كل شيء في الرسالة ، ظننت أنك لا بد ستفرحين عندما تعلمين أنني وجدت ريتا ، كنت اريد أن أخبرك بنفسي كل التفاصيل ، وتضايقت جدا عندما سبقني جاك الى ذلك ، أعتقد انه ظن أنك على علم بكل شيء ، خاصة عندما قلت له أنك تلقيت رسالة مني".
" يبدو أن هذا ما حدث فعلا".
نظر اليها مطولا وبحنان فعرفت أنه يفكر بما حدث بالأمس ، وبكل الأشياء التي قالتها له ، سألته فجاة بخجل :
" كيف عثرت على ريتا؟".
" عبر غوميز ، عندما عرفت ان إبنته تدعى ريتا سالته إن كانت زوجته إختارت هذا الإسم تيمنا بالعلاقة القوية التي كانت تربطها بشقيقتي ،وفعلا إكتشفت أن الصديقتين ظلتا على تصال سنوات عدة ، وانهما كانتا تتبادلان الرسائل بإنتظام ، وكانت هذه الأدلة كافية لأستخدم تحريا خاصا أسلمه مهمة العثور على شقيقتي ، فوجدها بعد فترة قصيرة ، كنت قد اعلنت في الصحف والمجلات عن رغبتي في رؤيتها ، لكن ريتا لم تحاول الإتصال بي خوفا من أن أرفضها عندما أعرف حقيقة ماضيها.
وشعرت كاريسا أنه يبتلع ريقه بصعوبة فسألته برقة :
" لم يكن صحيحا إذن ما قلته من انك تساعد غوميز فقط لتنجو بجلدك ، كل ما فعلته كان من أجل ريتا أليس كذلك؟".
" لم أستطع أن أنسى أن لي شقيقة في مكان ما ، لم أكف يوما عن التساؤل عن مصيرها ، لا ادري لماذا شعرت وانا أساعد كارلوتا ، أن شخصا ما لا بد وأن يفعل الشيء ذاته لشقيقتي في يوم من الأيام ".
" لماذا قلت أن كارلوتا ليست بالطهارة التي وصفتها لزوجها ؟".
" لأنني كنت أحاول أن أجرحك ... أن أثيرك لأعرف إن كنت تكرهينني حقا كما كنت تحاولين إفهامي".
" إذن لم يكن ما قلته صحيحا ؟".
" كانت كارلوتا بحاجة ماسة الى المال ، عرضت نفسها مقابل ذلك ، لم تكن المرة الأولى التي تعرض فيها نفسها ، لكنني لم أر ضرورة لأخبار غوميز بذلك".
وأحست كاريسا بغثيان ، وقالت بإشمئزاز :
" آه فهمت".
أمسك بها فجأة واخذ يهزها بعنف وهو يصرخ قائلا :
" لا ، أنت لم تفهمي شيئا ، لم أقبل عرضها ، أعطيتها المال بدون مقابل ، تصرفي هذا يفاجئك اليس كذلك ؟ كنت تظنين أنني لا استطيع رؤية إمرأة جميلة بدون ان أحاول إستغلالها وجرها الى الفراش... لكنني لم أفعل ، كارلوتا كانت إمرأة جميلة في زمان غابر لكن الحرمان والقلق قضيا على جمالها ، لم أجد فيها شيئا من الجاذبية ولذا..".
" كايد أرجوك كف عن هذا الحديث....".
أنزل يديه عن كتفيها وإبتعد عنها ليحدق في المياه الداكنة.
نظرت اليه بحنان وإنتظرت بضع دقائق قبل أن تقترب منه مجددا لتضع يدها على ذراعه.
" ليس هذا رايي بك يا كايد ، يا ألهي كم تكون قاسيا حين تغضب ، قلت لي أنك تحاول جاهدا تغيير طبعك وأنك...".
أحست به يتصلّب وبعد لحظات إلتفت اليها ليقربها منه قائلا :
" نعم ، وكنت اقصد كل كلمة قلتها".
ولامس خدها برقة فتساءلت للحظة هل يتذكر يا ترى أنه صفعها مرة وتابع حديثه قائلا:
" وقلت لك أيضا أشياء كثيرة ، هل علي أن أكررها كلها الان ؟".
" أشياء كثيرة... مثل ماذا؟".
" مثل احبك وأريد الزواج منك".
ورفع راسه ليحدق بها مستغربا :
" كيف أمكنك التفكير ولو للحظة ان ريتا زوجتي عندما كنت أحدثك عن الزواج والحب ، وبأنني أريدك لي".
" لم تقل هذا ، قلت أنك بدأت تفكر بالحب عندما إلتقيت بي ، لكن ريتا هي التي جعلتك تفكر بالزواج".
" هل قلت هذا ؟ ربما ، حسنا .... لا تيسئي فهمي هذه المرة يا عزيزتي... أريدك زوجة لي ، هل تقبلين؟".
" نعم .... آه .... نعم يا كايد".
قبّلها على شعرها ، ووضع في قبلته كل ما يحس به من حب لها.
وأحس بها ترتعش فقال:
" تشعرين بالبرد يا عزيزتي ، حسنا فلنعد الى الفندق ، لا تقاوميني هذه المرة".
ظلت صامتة وهو يضع سترته على كتفيها ، بدون أن تفارق عيناه وجهها .
أحنت رأسها كي لا يتمكن من إلتقاط تعابيرها ، إبتسم لها بحنان وهو يرفع وجهها اليه:
" تريدين أن نتزوج أولا ، أليس كذلك؟".
ترددت قليلا قبل ان تجيب :
" نعم ، لا تظن أنني لا أثق بك لكنني أفضل الإنتظار ، عندما كنت في السابعة عشرة ظننت ان كل المبادىء التي علمني إياها والدي بالية تخطاها الزمن ، لكن الحقيقة أنني إرتكبت خطأ كبيرا ".
" لا ، أنا الذي أخطأت ".
" هل حقا كنت تريد علاقة عابرة فقط؟".
" ليس تماما ، كنت أريدك أنت بالتحديد ، لو كان أمامي وقت أطول لمعرفتك لما اقدمت... على ما قمت به ، كنت ابحث عن اسلوب ما أوقف به الزمن ، طريقة أجعلك فيها تتذكرينني دائما حتى أتصل بك مجددا ، كنت أريد ان أسألك عن عنوانك لأزورك في نيوزيلندا ، لكن عندما عرفت عمرك الحقيقي إنقلبت كل الأمور".
" كم غضبت علي في تلك اللحظة ! ".
" لا بد أنني أخفتك كثيرا ".
" لا ، كنت لطيفا لحظة الوداع".
" وبكيت...".
" ولم أتوقف بعدها عن البكاء.... حتى الآن ".
" لا استطيع أن اعدك بأنني لن أجعلك تبكين مرة أخرى ، تعرفين جيدا أنني إنسان عصبي ، سيء الطباع ، ومزاجي ، لكن عديني بأنك لن تدعيني أتصرف كما يحلو لي بدون سؤال ، عليك فقط أن تنظري الي بحزن وبتلك العينين الخضراوين كي أركع طالبا السماح".
ضحكت كاريسا قائلة :
" تعرف جيدا أن ما تقوله ليس صحيحا".
ضمّها بين ذراعيه ، وأخذ يعبث بخصلات شعرها.
" هل ستدعينني أنتظر طويلا ؟".
" لا ".
نظر اليها مطولا وقال ضاحكا :
" أيتها الماكرة الصغيرة ،تعرفين جيدا انني سانتظر ... لأنك أنت تريدين ذلك ، ما هي اقصى سرعة يستطيع بها المرء الزواج في هذه البلاد؟".
" لا أدري سأنتظر بفارغ الصبر ".
" وانا أيضا".
قالها وهو يدّعي الحزن والإستسلام فضحكت قائلة :
" آه ... كايد".
" حسنا ، ما حدث منذ ثماني سنوات ، جرى لشخصين مختلفين ، سنبدأ من هنا .... وسنبدأ بطريقة صحيحة ، سيكون كل شيء مثاليا ".
" نعم ، سيكون كل شيء مثاليا .... اعرف ذلك".


تمت

زهرة منسية 06-02-12 12:05 AM

شكرا كتيرررررررررررر

Rehana 11-02-12 01:52 PM

يعطيك العافية حبيبتي على مجهودك

http://www.zwjte.com/s/media/images/eefffa3daa.jpg

نجلاء عبد الوهاب 12-02-12 12:56 AM

:55::55::55::55::55::55::55::55::55::55:
:0041::0041::0041::0041:
:liilase::liilase::liilase::liilase:
:Thanx::Thanx::ostrich_liam::ostrich_liam:

ربي اسالك الجنة 12-02-12 09:58 AM

يسلمووووووووووووو الروايه خياااااااااااااااااااااال الله يعطيكي العافيه حبيبتي

nounoucat 14-02-12 02:21 PM

merci
tislam al ayadi riwaya raw3a

الجبل الاخضر 14-02-12 02:27 PM

:55:برافو :55:برافو :55:برافو :55:برافو :55:تسلم الانامل :hR604426:على المجهودك الرائع والاختيار الممتاز:55::peace: ونشكرك على تعبكي:lol: ياعسل :wookie:وننتظر جديدك:dancingmonkeyff8:

عصافير الجنة 15-02-12 02:50 PM

:55::55::55::55::55::55::55::55::55::55:

ندى ندى 24-02-12 01:46 AM

رووووووووووووووووووووووووعه

حلاتي في غلاتي 04-02-15 09:41 PM

رد: 141 - كفى خداعا - دافني كلير - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
رواية قمه في الروعه يسلمو الايادي وتسلمي على الاختيار الرائع:8680010521:

قماري طيبة 06-02-15 07:27 AM

رد: 141 - كفى خداعا - دافني كلير - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
Thaaaaaaanks

لبني سرالختم 27-04-15 12:32 AM

رد: 141 - كفى خداعا - دافني كلير - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
شكررررررررررررا

نورالايمان 02-05-15 10:11 PM

رااااائعه الروايه شكرًا لك

هتونا 04-01-22 06:38 PM

رد: 141 - كفى خداعا - دافني كلير - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
حلوة أحلا تحية وتقدير للجميع ودمتم في قلبي سكنة

Moubel 06-01-22 01:59 PM

رد: 141 - كفى خداعا - دافني كلير - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
رواية جميلة شكرا لك على المجهود

سماري كول 25-05-22 09:28 PM

رد: 141 - كفى خداعا - دافني كلير - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
يسلموا ع الروية

سعدودة 03-07-22 04:12 AM

رد: 141 - كفى خداعا - دافني كلير - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
رررروعة يسلموا


الساعة الآن 11:35 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية