منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   ملف المستقبل (https://www.liilas.com/vb3/f155/)
-   -   حصري الشمس الباردة - الفصل الأخير ( الختام ) - كاملة مع وصلة الكتاب (https://www.liilas.com/vb3/t169146.html)

عهد Amsdsei 20-10-11 02:50 PM

الشمس الباردة - الفصل الأخير ( الختام ) - كاملة مع وصلة الكتاب
 
السلام عليكم

بفرحة غامرة أبشركم بصدور عدد جديد

لسلسلة ملف المستقبل

و هذا العدد بعنوان الشمس الباردة

الرواية كاملة بهيئة كتااااب

http://www.4shared.com/office/lv0N3b6n/__online.html

كلمة السر هـــي

www.liilas.com


الفصل الأول

الفصل الثاني

الفصل الثالث

الفصل الرابع

الفصل الخامس

الفصل السادس

الفصل السابع

الفصل الثامن


الفصل التاسع

الفصل العاشر -- الأخير

http://www.liilas.com/up/uploads/liilas_13191149651.jpg


عهد Amsdsei 03-12-11 07:05 AM

السلام عليكم

أخيـــــــــــــرا الرواية بدأت

و كما كل مرة الفصوووول كل سبت

و ربما يتغير راح أقول لكم

الفصل الأولـــــــــ
الفصل الأول .... التجربة

على الرغم من السكون والهدوء، اللذان يخيًَّمان على تلك المنطقة، فى صحراء (مصر)، والتى تتوسط منطقة حظر واسعة، أقيم حولها سور كهربى خاص، فى دائرة نصف قطرها ثلاثة كيلو مترات، وأحيطت بحراسة كثيفة مشدًَّدة، إلا أن المشهد داخل ذلك المبنى الكبير، المكًَّون من ثلاثة طوابق، فى مركز دائرة الحظر بالضبط، كان يختلف تمام الاختلاف ...
كانت هناك حالة من نشاط غير مسبوق، حتى بالنسبة للمكان، الذى كان عبارة عن مركز أبحاث عسكرى خاص، يعمل على تطوير الأسلحة الدفاعية، والسعى لتأمين سماء (مصر)، من أية محاولة للاعتداء ....
وفى قاعة كبيرة، أقيمت لاختبار الأسلحة الجديدة، وقف ضابط يحمل رتبة لواء، خلف حاجز سميك، من زجاج مضاد للانفجار، يراقب مجموعة من العلماء، انهمكوا فى إعداد ومراجعة بيانات جسم بيضاوى ضخم، توًَّسط القاعة، واتصل بعدد كبير من شاشات الكمبيوترات الهولوجرامية المتطوًَّرة، التى يجلس أمامها فريق ضخم من الفنيين ....
وفى حماس واضح، قال كبير علماء المركز، موجهاً حديثه إلى اللواء :
- فور تشغيل هذه الطاقة الجديدة، ستدرك جيداً، يا سيادة اللواء، أن سماء (مصر) ستصبح منيعة، إلى حد يستحيل اختراقه.
غمغم اللواء، فى قلق لم يحاول أن يخفيه :
- سنرى .
أومأ كبير العلماء برأسه، قائلاً بنفس الحماس :
- نعم ... سنرى.
كان من الواضح أن فريق العلماء قد انتهى من عمليات المراجعة والفحص الأخيرة، واتجه كل منهم إلى موقعه، خلف زجاج مماثل، يصنع حلقة واسعة، حول ذلك الجسم البيضاوى، وعلى شاشة رقمية كبيرة، بدأ عد تنازلى، يشير إلى أن التجربة ستبدأ، بعد أقل من خمس دقائق....
وبينما يتوالى العد التنازلى، قال اللواء، فى شئ من الصرامة :
- هل أجريتم عملية تمثيل افتراضية للنتائج ؟!
أجابه كبير العلماء، وهو يومئ برأسه إيجاباً :
- بالتأكيد، ففور عمل الجهاز، ستنطلق منه دفقة هائلة من الطاقة، فى شكل قمعى، بحيث تنتشر فى مساحة هائلة، من السماء فوقه، تغطى مائة ضعف مساحة قاعدته.
تمتم اللواء، على الرغم من معرفته الجواب مسبقاً:
- ثم ؟!
تابع كبير العلماء، وكأنه لم يسمع تمتمته:
- تلك الطاقة ليست طاقة حرارية، أو حتى كهرومغنطيسية، بل هى طاقة سلبية جديدة، توًَّصلت إليها قريحة أفضل علمائنا، وهى لا تطلق الحرارة، بل تمتص كل أنواع الطاقة، الحرارية والحركية، وحتى الكهرومغنطيسية.
ألقى اللواء نظرة أخرى على ذلك الجسم البيضاوى، ثم نقل بصره إلى الشاشة الرقمية، التى أشارت إلى أربع دقائق وبضع ثوان، قبل بدء التجربة، وقال فى خفوت صارم :
- وفقاً للتقارير، فهذا سيجمًَّد أى جسم، يحاول عبور المنطقة، داخل الشكل القمعى السلبى .
أشار كبير العلماء بسبًَّابته، قائلاً بحماسة البالغ :
- بالضبط ... الطاقة السلبية ستفقد المجال حرارته تماماً، ولو حاول أى جسم عبورها، سيفقد طاقته أولاً، ثم يتجمًَّد بعدها تماماً، كما لو أنه قد سقط بغتة، فى مركز القطب .
تمتم اللواء، وعيناه تتابعان شاشة العد التنازلى:
- ويسقط .
هزًَّ كبير العلماء رأسه، مجيباً :
- هذا أمر طبيعى، مع توقّف أجهزته، وتثاقل وزنه.
التقط اللواء نفساً عميقاً، فى محاولة لتهدئة ثائرته، قبل أن يكرًَّر بنفس ذلك التوتر :
- سنرى.
كان العد التنازلى يقترب من دقيقتين، عندما بدأ ذلك الجسم البيضاوى ينفرج من قمته فى بطء؛ ليتحوًَّل إلى ما يشبه طبق استقبال هوائى ضخم، وشهد مركزه فوراناً عجيباً من الأضواء، أشبه بعاصفة ضوئية صغيرة، جعلت اللواء يكرًَّر مرة أخرى، فى توتر أكثر :
- نعم ... سنرى .
فى نفس اللحظة، التى نطق فيها عبارته، كان طاقم حراسة منطقة العزل يستوقف ثلاث سيارات صاروخية عسكرية كبيرة، ممتلئة بالجنود، عند حافة الأسوار الكهربية، وأشار قائد طاقم الحراسة للسيارات بيده، وهو يقول فى صرامة :
- هذه المنطقة محظورة أيها السادة .
هبط إليه قائد فريق السيارات، وهو يبرز تصريحاً رقمياً خاصاً، قائلاً :
- نحن هنا بناءً على أوامر عليا؛ كفريق تأمين إضافى؛ نظراً لحساسية التجربة .
راجع قائد طاقم الحراسة ذلك التصريح الرقمى، بوساطة جهاز خاص فى يده، قبل أن يقول بنفس الصرامة :
- ولكننا لم نتلق أية تعليمات بقدومكم .
أجابه قائد فريق السيارات فى حزم :
- لست أدرى لماذا لم تصلكم التعليمات، ولكن يمكنك الرجوع إلى سيادة اللواء؛ لتأكيد موقفنا .
لم يضع قائد الحراسة لحظة واحدة، وأجرى اتصاله مباشرة باللواء، الذى أجابه فى صرامة متوترة، دون أن يرفع عينيه عن شاشة العد التنازلى، التى أشارت إلى دقيقة وعشرين ثانية، قبل بدء الاختبار، فى نفس الوقت، الذى راح فيه سقف القاعة ينفتح فى هدوء :
- هذا صحيح ... إنهم هنا كتأمين إضافى للمبنى ... اسمح لهم بالدخول .
وبناءً على تعليماته، أوقف قائد طاقم الحراسة عمل السور الكهربى الأمنى، فى تلك المنطقة، وأشار إلى السيارات الثلاث بالدخول، وقال وهو يعيد تشغيل السور الأمنى خلفهم :
- وفقاً لسيادة اللواء، فمهمتكم تقتصر على تأمين المبنى فحسب، و ....
قبل ان يتم عبارته، اخترقت رأسه من الخلف بغتة، دفعة من أشعة الليزر القاتلة الصامتة، أطلقها قائد فريق السيارات، وهو يقول، فى شئ من السخرية :
- مهمتنا تفوق هذا بكثير يا رجل .
قبل حتى أن يسقط قائد طاقم الحراسة أرضاً، كان جنود السيارات الثلاث، يرفعون حواجزها، ويطلقون بنادق الأشعة القاتلة على الجنود، اللذين باغتتهم المفاجأة، فانطلقت من بنادقهم طلقة أو أثنتين، قبل أن ينتهى أمرهم تماماً ...
وفى هدوء، وكأنه لم يرتكب مذبحة بشعة قبل لحظات، سأل قائد فريق السيارات رجاله :
- هل من إصابات ؟!
أشار أحدهم إلى أقرب زميل له، وهو يجيب :
- إصابة واحدة فى ذراعه .
ألقى القائد نظرة على إصابة ذراع الجندى، وهو يسأله :
بم تشعر ؟
غمغم المصاب بلغة غريبة :
- وكأن جسدى يشتعل .
مطًَّ القائد شفتيه، وكأنما الأمر لا يعنيه، واستدار عائداً إلى سيارة المقدًَّمة، وهو يشير إلى الآخرين، قائلاً :
- هيا .
انطلقت السيارات الثلاث، وأحد الجنود يحاول وضع كيس كبير من الثلج، على ذراع زميله، الذى لم يكن مبالغاً، عندما قال : إن جسده يشتعل ...
فمع الدخان الخفيف، الذى تصاعد من موضع جرحه، والآلام الشديدة، التى ارتسمت على ملامحه، كان جسده يشتعل ....
بالفعل ...
أما هناك، فى تلك القاعة داخل المبنى، فقد كانت شاشة التوقيت تشير إلى أقل من دقيقة واحدة، قبل بدء التجربة ...
وفى تململ واضح، غمغم اللواء :
- لو سار كل شئ على ما يرام، سيغيًَّر هذا الكثير من الأمور .
أجابه كبير العلماء فى انفعال :
- بالتأكيد ... ستصبح (مصر) أكثر أمناً .
رمقه اللواء بنظرة جانبية، وهو يقول :
- ليس (مصر) وحدها .
أراد كبير العلماء أن يسأله، عما يعنيه هذا، إلا أن الصوت الرقمى للعد التنازلى ارتفع، معلناً عشر ثوان، على بدء التجربة، فى حين أشارت شاشات المتابعة إلى تأجج الطاقة السلبية، وإن بدا هذا ملحوظاً، مع عنف تلك العاصفة الضوئية، فى مركز ذلك الجسم، الذى صار عبارة عن قرص مستدير، يدور حول مركزه فى سرعة متزايدة، وعجلة تصاعدية كبيرة ...
ثم، وعند بلوغ الصفر، انطلق من مركزه قمع الأشعة السلبية، بلون أزرق باهت، عبر سقف القاعة المفتوح عن آخره ...
وكان المشهد مبهراً بحق ...
لقد بدا وكأن قمعاً من الضوء قد اندفع إلى السماء، ليغطى مساحة هائلة منها، بلونه الأزرق الباهت، محيلاً ظلام الليل إلى نهار عجيب، وكأنه نهار كوكب آخر ...
كان هناك أزيز متصل فى المكان، جعل كبير العلماء يرفع صوته، وهو يهتف بكل انفعاله :
- الآن ستنطلق الطائرات التجريبية ...
كان هناك ثلاث طائرات بلا قائد، تنطلق بالفعل نحو القمع الضوئى السلبى، وكل فريق العلماء تقريباً يتابعها فى توتر، عبر شاشات هولوجرامية كبيرة فى القاعة ...
وخلال ثوان، دخلت الطائرات الثلاث منطقة الطاقة السلبية ...
وفور دخولها، سجًَّلت الأجهزة كلها انسحاب طاقتها بسرعة مدهشة، ثم تجمًَّد كل أجهزتها تماماً، حتى أنها أحيطت بغلاف سميك من الثلج، ساعد على سقوطها بسرعة خرافية، حيث انفجرت كلها، على مسافة كيلو متر واحد من المبنى ...
وفى القاعة، دوًَّت صرخة فرح عارمة من الجميع؛ لنجاح التجربة، وصاح كبير العلماء، فى انفعال فاق انفعاله السابق، وهو يلتفت إلى اللواء :
- أرأيت ؟!... أنها تجربة ناجحة بكل المقاييس .
بدا اللواء شديد البرود، وهو يقول :
- سيغيًَّر هذا عالمكم بالتأكيد .
تراجع كبير العلماء فى دهشة بالغة، وهو يغمغم :
- عالمنا ؟!
اتسعت عيناه بكل رعب الدنيا، عندما أخرج اللواء من حزامه سلاحاً عجيب الشكل، صوًَّبه إليه، وهو يقول شيئاً ما ...
شئ كان يستحيل أن يفهمه كبير العلماء ...
أو أى مخلوق أرضى ...
وقبل أن ينطق كبير العلماء حرفاً واحداً، ضغط اللواء سلاحه، فانطلقت منه فقاعة صغيرة، لم تكد ترتطم بجسد الرجل، حتى انفجرت بقوة، ودفعته أمامها ليرتطم بالزجاج المضاد للانفجار فى عنف، ثم يسقط جثة هامدة ...
وفى اللحظة نفسها تقريباً، اقتحم جنود السيارات الثلاث القاعة، وانطلقت من أسلحتهم فقاعات مماثلة، راحت تنفجر فى كل مكان، وتطيح بالجميع بلا رحمة، وتعالت الصرخات، مع محاولة الكل الفرار ...
ولكن هذا استغرق دقيقة واحدة ...
دقيقة ساد الصمت بعدها تماماً، إلا من ذلك الأزيز، الذى راح يخفت تدريجياً، والجهاز ينضم مرة أخرى، مستعيداً شكله البيضاوى...
وفى حركة عجيبة، ذات طابع عسكرى، وقف قائد فريق السيارات أمام اللواء، ووضع قبضته على صدره، وهو يقول، بتلك اللغة العجيبة :
- تمت المهمة بنجاح.
رمقه اللواء بنظرة صامتة صارمة، وغادر موقعه، وهو يلقى نظرة أخيرة على ذلك الجسم البيضاوى، الذى التف حوله رجاله، واتجه فى هدوء واثق إلى خارج القاعة، وهو يقول بنفس الصرامة، ونفس اللغة :
ماذا عن الإصابات ؟!
تبعه قائد فريق السيارات، مجيباً :
- إصابة واحدة .
كانا قد وصلا إلى حيث تقف السيارات الثلاث، فألقى اللواء نظرة على الجندى المصاب، والذى احترق جسده بالكامل، وبدت هيئته عجيبة مخيفة، وقال :
- لقد فقد غلاف التبريد الواقى إذن .
أومأ قائد فريق السيارات برأسه، مجيباً بتلك اللغة :
- نعم ... مع إصابة ذراعه.
لم يبد عليه الاهتمام الشديد بالمشهد، وكأنما خلت نفسه من المشاعر، وتجاوزه متجهاً إلى السيارة الأخيرة، وهو يقول :
- هل (الفروزا) جاهزة ؟!
أجابه قائد فريق السيارات من خلفه :
- بالتأكيد .
دلف اللواء إلى السيارة الأخيرة، حيث استقر فى منتصفها حوض عجيب الشكل، يشع منه ضوء باهت، ويغطيه غلاف سميك من مادة أشبه بالزجاج، وقال :
- بعد كل هذا، أحتاج إلى بعض الاسترخاء .
قالها، ورقد بثيابه داخل ذلك الحوض، وأغلق الغطاء شبه الزجاجى خلفه ...
وفى بطء، راح الضوء داخل الجهاز يزداد، مع تراكم الثلج على غلافه الداخلى، ثم على الجزء السفلى من غلافه شبه الزجاجى، وسجًَّل المؤشر خارجه انخفاضاً كبيراً فى درجات الحرارة، إلى ما دون الصفر بكثير، ولكن اللواء بدا شديد الاسترخاء، وهو يسبل جفنيه فى استمتاع، مغمغماً بلغته العجيبة :
- مع هذا السلاح الجديد، سرعان مايصبح هذا العالم مناسباً لشعبنا .
وابتسم قائد فريق السيارات، وهو يراقب الحوض العجيب، الذى كسته الثلوج تماماً ...
وكانت ابتسامة غير آدمية ...
على الإطلاق .
* * *





عهد Amsdsei 03-12-11 07:20 AM

السلام عليكم

الفصل الأول بصراحة يبشر برواية هائلة

تجربة ناجحة لجهاز الحماية

و أعداء جدد من عالم آخر يسيطرون على الجهاز ويقتلون الجميع بلا رحمة

هناك شيء جديد بالأعداء هؤلاء

الحماس بصراحة يسيطر علي

فصل رائع يا دكتور

و منتظرة الفصول الباقية بفارغ الصبر

و متشوقة لظهور فريقنا ..... فريق نور الدين محمود

alaa7 05-12-11 07:16 PM

الروايه حماسيه من اول فصل ان شاء الله ناطرين باقي الفصول :rdd12zp1::0041:

عهد Amsdsei 06-12-11 04:07 PM

الاء تصدقي ما راح تكوني بنصف حماستي

لأني متحمسة موووووووووووووووووووووووووت

مشتاااااقة لملف المستقبل جداااااااااااا

عهد Amsdsei 10-12-11 11:31 PM

السلام عليكم
الفصل الثانى ... الجولة الثانية

انحنى (أكرم) فى سرعة كبيرة، متفادياً ذلك القرص الطائر، الذى اتجه نحو رأسه مباشرة، ثم ألقى جسده أرضاً، متفادياً جسماً مماثلاً، انقض من الجانب الآخر، ثم تدحرج فى سرعة؛ ليطلق مسدس الليزر الذى يحمله، على قرص ثالث ....
وانطلقت الأشعة من مسدسه بالفعل ...
ولكنها أخطأت هدفها ...
وفى عنف، ارتطم ذلك القرص بكتفه، ولمحت عيناه قرصاً رابعاً، يندفع نحو رأسه، فوثب واقفاً على قدميه، وأطلق نحوه أشعة الليزر، فنسفه نسفاً، ولكن قرصاً خامساً ارتطم بجانب وجهه، فأسقطه أرضاً ...
وبكل غضبه، هتف (أكرم) :
- يا للسخافة !
كانت هناك أربعة أقراص أخرى، تندفع نحوه فى سرعة، فألقى ذلك المسدس الليزرى بعيداً، وهو يقول فى غضب :
- لن أعتاد هذا أبداً .
وفى سرعة، سحب مسدسه التقليدى ...
وأطلق رصاصاته ...
ومع ذلك الدوى، الذى لم تعتده الساحة قط، تحطًَّمت الأقراص الأربعة برصاصات مسدس (أكرم)، فى سرعة مدهشة، واعتدل هذا الأخير فى زهو، وهو بنفخ الدخان المتصاعد من فوهة مسدسه، قائلاً فى اعتزاز:
- هكذا يكون القتال.
ارتفع صوت (نور)، عبر مكبًَّر صوتى داخلى، وهو يقول، فى لهجة جمعت بين المرح والمودًَّة:
- يبدو أنه لا فائدة.
انزاح جدار جانبى، فى ساحة التدريب، وبرز من خلفه (نور)، وهو يتجه نحو (أكرم)، مكملاً بابتسامة:
من الواضح أنك لن تعتاد هذه الأسلحة الحديثة أبداً، يا عزيزى (أكرم).
أعاد (أكرم) مسدسه إلى حزامه، وهو يقلًَّد أسلوب (نور)، قائلاً :
- ولن أعتادها أبداً، يا عزيزى (نور).
انحنى (نور) يلتقط ذلك المسدس الليزرى، واعتدل وهو يحمله، ويقول فى جدية :
- ولكن الزمن لم يعد يناسب هذا يا صديقى؛ فتلك الأسلحة التقليدية لها خزانة رصاصات محدودة، ويمكن أن تنفد رصاصاتها، وسط حلبة القتال، ثم أن تأثيرها لا يرقى إلى تأثير أسلحة الليزر.
هزًَّ (أكرم) رأسه فى إصرار، وهو يقول :
- خطأ يا صديقى العزيز، فالليزر مجًَّرد خيط من الأشعة، يمكن أن ينعكس على أى سطح لامع.
ثم عاد يسحب مسدسه مرة ثانية من حزامه، ويلوًَّح به فى اعتزاز، مكملاً:
- أما هذا، فهو قادر على اختراق أقوى الدروع.
ظهر (رمزى) فى هذه اللحظة، وهو يقول :
- لا تحاول يا (نور).
التفت إليه الإثنان، فى آن واحد، فواصل وهو يتجه نحو هما:
- طبيعة (أكرم) برية، لا تميل إلى أنماط التكنولوجيا الحديثة.
لوًَّح (أكرم) بمسدسه، قائلاً فى حماس :
- أرأيت .
ابتسم (نور)، وربًَّت على كتفه، قائلاً :
- لا بأس يا صديقى ، ولكن من العجيب أن تكون عضواً فعالاً، فى المخابرات العلمية، وأنت تبغض التكنولوجيا إلى هذا الحد.
هتف (أكرم):
- أنت قلتها .
ثم مال نحوه، متابعاً بابسامة عريضة:
- أنا عضو فعًَّال .
ربًَّت (نور) على كتفه، وهو يهم بقول شئ ما، لولا أن تألقًَّت ساعته على نحو مباغت، فالتقى حاجباه فى شدة، وذهبت ابتسامته، وهو يقول فى جدية وحزم:
- أظن أنه ينبغى أن تستعدوا يا رفاق؛ فهذا استدعاء عاجل ... عاجل جداً .
وانعقد حاجبا (أكرم) فى شدة، وهو يعيد مسدسه مرة ثانية إلى حزامه، متابعاً ببصره (نور)، الذى غادر القاعة مسرعاً، فى حين غمغم (رمزى):
- (نور) على حق... لابد وأن نستعد.
ثم التفت إلى (أكرم)، يسأله فى اهتمام :
- قل لى: ألا تشعر أن الطقس بارد هذه الأيام، على عكس ما ينبغى أن يكون عليه، فى هذه الفترة من العام؟!
ولم يجبه (أكرم) مباشرة، وإن كان يدرك أنه على حق ...
الطقس بارد هذه الأيام بالفعل ...
على نحو غير طبيعى ...
أبداً ...
* * *
" الضربة الأولى أتت ثمارها يا جنرال.."..
نطق قائد فريق السيارات العبارة، داخل قاعة واسعة، انخفضت فيها درجات الحرارة إلى حد كبير، فالتفت إليه ذلك الذى كان ينتحل شخصية اللواء، والذى بدا مظهره شديد الاختلاف، مع تلك البشرة المائلة إلى الزرقة، والرأس الأصلع، والعينين الباهتتين، الشبيهتين بكرتين من الثلج، وهو يغمغم:
- هذا لا يكفى يا (أيسول).
شدّ (أيسول) هذا قامته، على نحو شبه عسكرى، وهو يقول:
- إنها الضربة الأولى يا جنرال.
لوًَّح الجنرال بكفه فى حدة، قائلاً:
- مازالت لا تكفى .
وصمت لحظة، تطلًَّع خلالها إلى خريطة كبيرة للمجموعة الشمسية، قبل أن يتابع فى حزم:
- جهازهم، على الرغم من قوته، والتطويرات التى أدخلناها عليه، لم ينجح بكل مخزونه، إلا فى تخفيض الحرارة بمقدار خمس درجات مئوية فحسب، ومازال هذا لا يناسب شعبنا.
ثم التفت إليه، مستطرداً بمزيد من الصرامة:
- مهمتنا هنا ليست سهلة يا هذا.... لقد بذلنا جهداً كبيراً، حتى عثرنا على هذا الكوكب، وهو يناسب قومنا؛ بوجود غلافه الجوى، ونسب الهواء المناسبة المتوازنة، التى تصلح لحياتنا .
وأشار إلى موقع الشمس على الخريطة، قبل أن يكمل فى حزم:
- فيما عدا هذا النجم .
غمغم (أيسول):
مطًَّ الجنرال شفتيه، وكأنما لا يروق له الأمر، ولاذ بالصمت بضع لحظات، قبل أن يقول، بلغته غير الأرضية:
– المشكلة أننا لا نفوقهم كثيراً، من الناحية التكنولوجية، ولهذا كان من المحتم أن نفوز باختراعهم الجديد هذا... والتطويرات التى أحدثناها به، جعلته يحصر طاقته كلها فى حزمة واحدة مركًَّزة، بدلاً من أن يطلقها فى شكل قمعى ...
قال (أيسول) فى حماس:
- ولقد أفلح هذا بالتأكيد يا جنرال، ومع أوًَّل طلقة أطلقناها نحو نجمهم، نجحنا فى خفض الحرارة على كوكبهم .
كررًَّ الجنرال فى سخط :
- مازال هذا لا يكفى .
صمت لحظة أخرى، ثم أضاف فى ضيق :
- ولقد أخطأنا؛ عندما قضينا على طاقم العلماء كله... كان من الضرورى أن نأسر بعضهم؛ حتى نجبرهم على التعاون معنا، فى تطوير الجهاز.
بدا (أيسول) متوتراً، وهو يقول فى حذر:
- وهل من الممكن أن يتعاونوا معنا، فى خفض درجات الحرارة على كوكبهم؟!
أجابه الجنرال، فى صرامة قاسية:
- هناك وسائل شتى للإقناع.
ثم التفت إليه، مضيفاً فى صرامة أكثر:
- ولا تنس أننا نتحدًَّث عن مستقبل شعبنا .
بدت الحيرة على (أيسول)، ولم يدر بما يجيب، فاستدار إليه الجنرال، قائلاً:
- لقد طلبت البحث عن مصمًَّم هذا الجهاز، ومبتكر طاقته السلبية.
شدًَّ (أيسول) قامته مرة أخرى، وهو يجيب :
- إنهما عالمان، اشتركا معاً فى ابتكار وسيلة توليد تلك الطاقة السلبية، ووضع تصميمات الجهاز .
سأله الجنرال فى اهتمام:
- هل حصلت على كل المعلومات الخاصة بهما ؟!
أومأ (أيسول) برأسه إيجاباً، فى حركة قوية، فقال الجنرال بمنتهى الصرامة والحدة:
- ماذا تنتظر إذن ؟!
بدا (أيسول) شديد القوة والحسم، وهو يجيب :
- سننطلق على الفور يا جنرال.
بدت انطلاقته الفورية، مع فريق من خمسة من أقرانه، أشبه ببداية جولة جديدة ...
جولة فى حرب مخيفة ...
حرب حياة أو موت ...
حياة شعب جاء من عالم آخر...
وموت الأرض ...
كلها ...
* * *
حملت ملامح المقدًَّم (نور) دهشة بالغة، وهو يحدًَّق مبهوتاً فى وجه القائد الأعلى للمخابرات العلمية المصرية، قبل أن تندفع انفعالاته كلها عبر صوته، وهو يهتف :
- ولكن كيف؟!...صحيح أن شمسنا تعد نجماً متوسط الحجم، بمقاييس الكون، ولكنها كتلة من الغازات الملتهبة، كتلتها تبلغ سبعمائة ضعف كتلة المجموعة الشمسية مجتمعة، وحرارة السطح فيها تصل إلى ستة آلاف درجة مئوية، فى حين تبلغ حرارة مركزها حوالى عشرة ملايين درجة مئوية، فكيف يمكن لاختراع بشرى، مهما بلغت قوته، أن يخفض حرارتها ؟!*
أشار القائد الأعلى بيده، وهو يتنهًَّد فى مرارة، قائلاً:
- ما يصلنا من حرارة الشمس، هو ما ينبعث من سطحها، ويبرد عبر المسافة فى الفضاء، ويقوم الغلاف الجوى بتمرير الحراراة المناسبة؛ لتبعث الدفء فى القشرة الأرضية، وطاقة ذلك الجهاز، الذى أطلقنا عليه اسم (آتوترون)، تم تطويرها بوسيلة ما، بحيث نجحت فى تبريد السطح مؤقتاً .
غمغم (نور) فى توتر :
أهذا سر برودة الطقس غير الطبيعية، فى هذه الأيام ؟!
أشار إليه القائد الأعلى، مجيباً :
- بالضبط .
ثم استطرد فى قلق شديد :
- الحسابات التى اجراها الدكتور (فريد) وفريقه، فى مركز الأبحاث التابع لنا، أكًَّدت أن طلقة سلبية، تم إطلاقها على نحو مكًَّثف مركًَّز، أمكنها فعل هذا، وأنه لو تلًَّقت الشمس عشر طلقات مماثلة، فى القوة والكثافة، خلال ثلاثة أيام، فسيؤدى هذا إلى انخفاض حرارة سطح الشمس، إلى النصف، مما ينعكس بالطبع على ما يصل من تلك الحرارة إلى الأرض، و...
لم يتم عبارته، فغمغم (نور) مكملاً إياها فى توتر:
- وعندئذ، يبدأ عصر جليدى جديد .
كررًَّ القائد الأعلى، دون أن يشير بسبًَّابته :
- بالضبط .
صمت (نور) لحظة؛ ليهضم تلك المعلومة المخيفة، ثم قال فى اهتمام حازم :
- وما المعلومات الأخرى، التى توصل إليها فريق الدكتور (فريد) يا سيًَّدى ؟!
أجابه القائد الأعلى، فى شئ من الاحباط :
- لو أنك تشير إلى الموقع، الذى انطلقت منه طلقة الأشعة السلبية، فهو مازال غامضاً، إذ أن الأجهزة لم ترصد إنطلاقها، وإنما رصدت المراصد الفلكية ارتطامها بسطح الشمس، وسجًَّلت الانخفاض السريع فى درجات حرارة السطح .
عاد (نور) يسأله :
- وماذا عن أولئك، الذين اقتحموا منطقة الأبحاث السرية، وسرقوا الجهاز ؟!
لوًَّح القائد الأعلى بيده، قائلاً:
- لقد حطموا كل شئ، حتى آلات الرصد والمراقبة، ولم يعد لدينا دليل واحد على ما حدث .
صمت (نور) هذه المرة، وعقله يعمل فى سرعة، ولكن القائد الأعلى مال نحوه، وهو يقول فى حزم، لم يخل من التوتر :
- المهمة تكاد تكون مستحيلة هذه المرة يا (نور)، ولكن مصير الأرض كلها صار بين أيديكم .
اعتدل (نور) فى وقفة عسكرية غريزية، وهو يقول :
- سنقاتل بكل ما نملك يا سيدًَّى ...
وصمت لحظة أخرى، قبل أن يضيف بكل الحزم :
من أجل عالمنا ... من أجل الأرض ...
ولم يكن هناك ما يمكن أن يقال بعدها ...
على الإطلاق ...
* * *
" الأمر بالغ الخطورة بالفعل ..."...
نطقها الدكتور (كمال)، مكتشف الطاقة السلبية الجبًَّارة، وهو يراجع حساباته، على الشاشة الهولوجرامية الخاصة به، قبل أن يلتفت إلى زميله الدكتور (ريمون)، مصمصم جهاز الإطلاق، مستطرداً :
- وفقاً لهذه الحسابات، فكوكبنا كله مقدم على كارثة بيئية رهيبة... استمرار إطلاق الطاقة السلبية، سيؤدى خلال أقل من ثلاثة أيام، إلى انخفاض الحرارة على الأرض، بمقدار خمسة عشر درجة، عند خط الاستواء، تتزايد إلى ثلاثين درجة عند القطبين .
أجابه الدكتور (ريمون)، وهو يجرى حساباته بدوره :
- البشر يمكنهم التكيف مع هذا ... عبر التكنولوجيا الحديثة على الأقل .
هزًَّ الدكتور (كمال) رأسه فى قوة، وهو يقول :
- ربما فى فصل الصيف... وربما لو حدث هذا تدريجياً، ولكن انخفاض بهذه السرعة، سيتسبًَّب فى موت الملايين، وخاصة فى المناطق الشمالية من العالم .
غمغم الدكتور (ريمون) فى توتر :
ربما لو حاولنا ...
قاطعه الدكتور (كمال) وانفعاله يتزايد :
– وماذا عن الطيور والحيوانات؟!...وماذا عن المزروعات، التى تنمو فى ظل طقس معتدل ؟!... ماذا عندما تكسوها الثلوج، وعلى نحو مباغت؟!...هل تعتقد أنها يمكنها أن تتكًَّيف بهذه السرعة ؟!
صمت الدكتور (ريمون)، وهو يعض شفته السفلى فى عصبية، ثم رفع ذراعيه كلهما فى الهواء، وهو يهتف فى حنق :
ولكن كيف فعلوها ؟!...ولماذا؟!... الجهاز معد بحيث يطلق الأشعة فى شكل قمعى فحسب .
أجابه الدكتور (كمال) فى حدة:
- المفترض أن تجيب أنت هذا السؤال .
بدا الدكتور (ريمون) مرتبكاً، لا يجد جواباً، وقبل أن يحاول قول أى شئ، ارتفع صوت ضابط الأمن فى المكان، وهو يقول، عبر جهاز اتصال داخلى :
- ضابط من المخابرات العلمية يطلب مقابلتكما .
التفت الإثنان إلى الشاشة الملحقة بجهاز الاتصال، ورأيا عليها صورة شخص فى ملابس مدنية، يقف إلى جوار ضابط الأمن، وبصحبته خمسة رجال، يحيط بهم طاقم الأمن فى ترقًَّب، فقال الدكتور(كمال)، فى حزم متوتر :
- الضابط وحده .
غمغم ضابط الأمن، وهو يفسح الطريق لذلك المدنى :
- فليكن .
دلف المدنى إلى المعمل الكبير، ودار ببصره فى أجهزته وشاشاته لحظة، قبل أن يعود به إلى الرجلين، قائلاً فى هدوء :
- الدكتور (كمال على) والدكتور (ريمون صبحى)... أليس كذلك ؟!
أجابه الدكتور (ريمون) فى توتر:
- بلى .
بدا المدنى صارماً حازماً، وهو يقول :
- أظنكما تعرفان سبب زيارتى .
أجابه الدكتور (كمال) فى حذر :
- إلى حد ما .
بدا شبح ابتسامة باهتة، على شفتى المدنى، سرعان ما تلاشت، وهو يقول بنفس الصرامة السابقة:
- أنا هنا بسبب ما حدث للشمس .
أجابه الدكتور (ريمون) فى سرعة، حملت كل توتره :
- إننا ندرس الأمر بالفعل، وربما ...
قاطعه المدنى فى خشونة:
- لا مجال هنا لـ (ربما) .
امتقع وجه الدكتور (ريمون)، دون أن يعًَّلق بحرف واحد، فى حين قال الدكتور (كمال) فى عصبية :
- ليس من حقك، أياً كانت رتبتك، أن تتحدًَّث إلينا، باعتبارنا متهمين بما حدث يا هذا ... نحن ابتكرنا السلاح الدفاعى، وكانت حمايته مهمتكم أنتم .
صمت المدنى لحظات، وهو يرمقهما بنظرة صارمة، قبل أن يسأل :
- أنتما إذن الشخصان المناسبان لتطويره .
حمل وجهاهما دهشة كبيرة، قبل أن يهتف الدكتور (ريمون) :
- تطويره؟!... ماذا يعنى الحديث عن تطويره يا رجل، فى ظل هذه الظروف الـ....
بتر عبارته بغتة، وهو يحدًَّق فى شاشة الاتصال، من خلف ظهر ذلك المدنى ....
فعلى الشاشة، بدا رجاله الخمسة، وهم يهاجمون ضابط الامن وفريقه، بأسلحة عجيبة، سحقتهم سحقاً ...
واتسعت عينا الدكتور (كمال) فى رعب، وهو يصرخ :
- ما الذى يعنيه هذا ؟!
رفع (أيسول)، الذى ينتحل الهيئة الأرضية المدنية، سلاحه العجيب فى وجهيهما، وهو يقول شيئاً ما ...
شئ بلغته ...
غير الأرضية ...
ومن السلاح، انطلقت فقّاعة عجيبة، أحاطت بالرجلين فى سرعة مذهلة، ثم راحت تنكمش، وهما يقاومانها فى استماتة، ويصرخان ...
ولكن صراخاتهما لم تتجاوز تلك الفقاعة، التى راحت تنكمش ...
وتنكمش ...
وتنكمش ...
ومع التصاقهما تماماً بها، شعرا بنقص شديد فى الهواء، جعل عيناهما تجحظان على نحو مخيف ...
ثم فقدا الوعى تماماً ...
ومع فقدانهما الوعى، تلاشت الفقاعة فجأة ...
وسقطا أرضاً ...
وفى هدوء، راقبهما (أيسول)، حتى سقطا، فى نفس الوقت الذى اقتحم فيه رجاله المعمل، وبدأوا يوصلون أجهزة عجيبة صغيرة بأجهزة المعمل، و(أيسول) يواصل المراقبة بنفس الهدوء ...
ومن عينيه انبعث بريق عجيب ...
بريق يقول: إنهم قد ربحوا جولتهم الثانية، فى حربهم مع الأرض ...
حرب الفناء ...
العاجل .
* * *


عهد Amsdsei 17-12-11 02:17 AM

السلام عليكم

لفصل الثالث ... الفريق

انعقد حاجبا (أكرم) فى شدة، وهو يدير عينيه فى توتر، فى قاعة الأبحاث الكبيرة، فى ذلك المختبر العسكرى السرى، والذى بدا أثر الدمار فيها مخيفاً، وتحسًَّس مسدسه فى حركة غريزية، فى نفس الوقت الذى غمغمت فيه (نشوى):
- يا إلهى!... لقد دمًَّروا المكان تماماً .
أجابها (نور)، وهو يدير عينيه فى المكان بدوره:
- من الواضح أنهم أرادوا إخفاء كل أثر لما حدث .
بدا صوت (سلوى) مفعماً بالانفعال، وهى تتمتم :
- آثار الدماء مازالت تملأ المكان!!...أى وحوش يمكن أن يفعلوا هذا !!..
لم يحاول (نور) التعليق على عبارتها، وهو يقول:
- لقد دمروا أجهزة المراقبة؛ لمحو أى أثر لهم؛ حتى نحار فى تحديد هويتهم.
قال (رمزى)، محاولاً تمالك أعصابه، أمام المشهد الرهيب:
- من الواضح أنهم محترفون .
أجابه (أكرم)، فى شئ من الخشونة والعصبية:
- ونحن كذلك.
أشارت (نشوى) بسبًَّابتها، قائلة:
- ولكن فى هذه المرحلة، تلعب التكنولوجيا التى تبغضها دورها.
سألها (نور) فى اهتمام:
- أهناك ما يمكن فعله؟!
أجابته فى حزم:
- بالتأكيد.
ثم التفتت إليهم جميعاً، متابعة فى شئ من الحماس :
- الكل يتصوًَّر أن تحطيم أى قرص صلب، أو اسطوانة مدمجة، يؤدى إلى فقدان كل ما عليها من معلومات، ولكن ذلك الجهاز الذى ابتكرته، يستطيع نقل أجزاء المعلومات، من الأجزاء المحطمة، ويدرس ترتيبها، والتوقيت الدقيق لتسجيلها، ثم يعيد ترتيبها، على نحو جيد إلى حد ما .
هتفت (سلوى) مبهورة:
- حقاً ؟!
أجابها (نور) فى خفوت:
- تعلمين ابنتنا عبقرية يا (سلوى).
ثم عاد يسأل ابنته فى اهتمام:
- وهل تعتقدين أن جهازك يمكنه أن يسترجع صور ما حدث هنا؟!
تردًَّدت (نشوى) لحظات، قبل أن تقول:
- إنه مازال فى مرحلة التجريب، والصورة لن تكون واضحة تماماً، و ...
قاطعها (نور) فى حزم :
- سنكتفى بما يظهر.
هزًَّت كتفيها، قائلة فى حذر :
- فليكن.
ثم استعادت حماسها فجأة، وهى تستطرد:
- ولكن لابد من جمع كل قطع أجهزة الرصد المحطمة .
أجابها (أكرم) هذه المرة، فى حزم شديد :
- سنفعل هذا .
بدأ يجمع القطع المحًَّطمة بالفعل، فى حين عاد (نور) يسألها:
- وكم سيستغرق جهازك، بعد تغذيته بكل القطع الممكنة؛ لكى يبث أفضل صورة لديه؟
صمتت لحظة، قبل أن تجيب:
- ثمان عشرة دقيقة على الأكثر.
اعتدل فى وقفة عسكرية، قائلاً بلهجة قائد حازم:
- فلنبدأ إذن.
وبدأ الجميع عملية جمع الحطام ...
الجميع بلا استثناء...
* * *
لم يشعر الدكتور (ريمون) فى حياته كلها، بمثل هذا البرد القارص، الذى شعر به، عندما استعاد وعيه، حتى أن جسده كله كان يرتجف فى قوة، وأطرافه تؤلمه من شدة البرد، فغمغم قبل أن يفتح عينيه:
- أين نحن ؟!
آتاه صوت زميله الدكتور (كمال) مرتجفاً فى شدة، وهو يجيب فى خفوت:
- فى الجحيم .
بدت له العبارة متناقضة بشدة، مع ما يشعر به من برد مؤلم، ففتح عينيه فى حركة واحدة، ولم يكد يفعل، حتى تحوًَّلت ارتجافاته إلى انتفاضة قوية، واتسعت عيناه فى رعب ما بعده رعب، وهو يصرخ :
- يا إلهى !...
كان يرقد فى مكان أشبه بكهوف القطب الشمالى، تكسو الثلوج جدرانه، وتتدلًَّى عناقيد جليدية من سقفه ...
ولكن هذا لم يكن ما أثار رعبه ...
إنها تلك الوجوه المحيطة به، والتى أدرك، منذ اللحظة الاولى، أنها غير آدمية على الإطلاق ...
وجوه زرقاء، ورءوس صلعاء، وعيون أشبه بقطع من الثلج البارد، وثياب لا مثيل لها ... فى عالمه على الأقل ...*
وبكل رعبه، راح يصرخ :
- أين نحن؟!... أين نحن؟!
كان الدكتور (كمال) يرتجف مثله، وهو يحدًَّق فى الوجوه نفسها، دون أن ينبس ببنت شفة، فى حين بدا الجنرال شديد الصرامة، وهو يقول :
- أنتما مازلتما على كوكبكما.
غمغم الدكتور (كمال)، فى ذروة توتره:
- وماذا عنكم ؟!
لم يتلق جواباً على سؤاله، وإنما تابع الجنرال، بنفس الصرامة القاسية :
- هل ترغبان فى المعاناة من هذا الصقيع طويلاً؟!
هتف الدكتور (ريمون):
- كًَّلا بالطبع ... ستتجمًَّد الدماء فى عروقنا؛ لو بقينا هنا لساعة أخرى .
غمغم الدكتور (كمال) فى عصبية :
- دماء البشر لا تتجمًَّد أبداً يا هذا
هتف به الدكتور (ريمون) فى عصبية :
- لماذا أشعر وكأنها كذلك إذن يا رجل ؟!
صاح فيهما (أيسول)، فى قسوة شديدة :
- اصمتا .
التفت إليه الرجلان فى توتر، وأطاعا أمره بالصمت على الفور، فشًَّد قامته، وهو يشير إلى الجنرال، مضيفاً :
- استمعا إلى الجنرال فقط .
لم يبد الرضا على الجنرال، من موقف (أيسول)، ولكنه عاد إلى حديثه الصارم، قائلاً:
- نعلم جيداً أن أجساد البشر أضعف من أن تحتمل هذه البرودة طويلاً، فسرعان ما يفقد جسديكما الكثير من حرارتهما وطاقتهما، ويقل سريان الدم فى الأطراف، فتموت خلاياها، ولا يعود هناك مفر من بترها*
غمغم الدكتور (كمال) :
- ولكن من الواضح أن أجسادكم ليست كذلك ؟!
أجابه الجنرال فى هدوء:
- شعبنا نشأ فى كوكب بعيد عن نجمه، ونما فى درجات حرارة تقل عن الصفر بمقاييسكم، والبرودة التى تقتلكم تنعشنا .
استعاد الدكتور (ريمون) شيئاً من سيطرته على انفعالاته، وإن لم تتلاشى عصبيته، وهو يقول :
- تلك الحجرة هناك ذات تدفئة خاصة، وستشعران فيها بالانتعاش والدفء .
سأله الدكتور (كمال) :
- مقابل ماذا ؟!
بدا صوت الجنرال شديد الصرامة والقسوة، وهو يجيب :
- تعاونكما .
اندفع الدكتور (ريمون) يسأله، فى شئ من الحدة :
- على ماذا ؟!
أشار الجنرال إلى الركن الآخر، حيث استقر ذلك الجهاز البيضاوى الشكل، وأجاب بنفس الصرامة القاسية :
- على تطوير هذا .
تعلًَّق بصر الإثنان بالجهاز لحظات، قبل أن يقول الدكتور (كمال) فى توتر :
- أأنتم من فعلها ؟!
تجاهل الجنرال سؤاله تماماً، وهو يقول :
- هذا الجهاز يحتاج إلى شحنة قوية، من تلك الطاقة السلبية الجبًَّارة؛ فقد استنفد طاقته كلها مع الضربة الأولى .
اتسعت عينا الدكتور (ريمون)، وهو يقول :
- أنتم إذن من حاولتم خفض حرارة شمسنا ؟!
مرة أخرى، تجاهل الجنرال السؤال، وهو يقول، وقد تزايدت صرامته وقسوته :
- وليس أمامكما سوى خيارين، لا ثالث لهما ... أما أن يعمل الجهاز، بكامل الطاقة التى نبتغيها، أو ...
بدا أشبه بوحش بارد مفترس، وهو يضيف :
- أو تموتا برداً هنا .
واتسعت عيون الرجلين، وتبادلا نظرة بائسة يائسة، وجسديهما يرتجفان ...
ويرتجفان ...
ويرتجفان ...
* * *
" إنه يعمل ..."...
نطقتها (نشوى) فى حماس، وهى تتعامل مع جهازها الجديد فى سرعة، فهتفت بها (سلوى) :
- عظيم ...أنت عبقرية بالفعل .
بدأت صورة هولوجرامية تتكًَّون فى الهواء، على ارتفاع سنتيمترات من جهاز (نشوى) الجديد، فتعًَّلقت بها ابصار الجميع فى لهفة ...
كانت مشاهد متتالية، مع تقطعًَّات واضحة، ولكنها لا تخل بترتيب الأحداث ...
مشاهد تنقل ما حدث هناك ...
فى قاعة الأبحاث السرية ...
وتابع الجميع تلك المشاهد، فى توتر لم يمكنهم السيطرة عليه، فى حين التفتت (نشوى) إلى أمها، قائلة :
- مازال الصوت خافتاً .
أسرعت (سلوى)، كخبيرة صوتيات، تعمل على الجهاز فى سرعة، فى نفس الوقت الذى انتقلت فيه المشاهد إلى مرحلة هجوم فريق السيارات، وحالة الهرج التى سادت بعدها ...
ثم فجأة، انبعث الصوت من الجهاز ...
وفى لحظة مؤلمة ...
فمع انبعاث الصوت، تردًَّدت من جهاز (نشوى) أصوات الصراخ، والرعب، ودوى تحطيم المعدات، فى مشهد شديد البشاعة ...
وعلى الرغم مما يشعر به (نور) من ألم، فقد بذل قصارى جهده؛ للسيطرة على أعصابه وانفعالاته، وهو يتابع ما يحدث ...
كان يتابع كل حركة ...
وكل خطوة ...
وكل همسة ...
وبسرعة، تكوًَّنت الصورة فى ذهنه ...
الأسلحة المستخدمة، والتى تطلق تلك الفقاعات المدمًَّرة، لا وجود لها على كوكب الارض ...
وهذا يمنحه دلالة خطيرة ...
خطيرة للغاية ..
دلالة انتقلت إلى لسان (رمزى)، وهو يغمغم مبهوتاً :
- إنهم ليسوا من عالمنا .
مطًَّ (أكرم) شفتيه، وتحسًَّس مسدسه، وكأنه ينشد منه الامان، وهو يتمتم فى عصبية :
- هل صار كوكبنا محطة لكل مجرمى الكون أم ماذا ؟!
لم يسمع (نور) عبارته؛ لأن عقله تركًَّز كله على ذلك الحوار، بين (أيسول) وذلك الجنرال، الذى انتحل شخصية اللواء ...
فالحوار حسم الأمر تماماً ...
إنهم ليسوا أرضيين ...
حتماً ...
وهذا يعنى انتقال الصراع إلى مرحلة جديدة ...
مرحلة تنقله إلى حالة مختلفة تماماُ ...
حالة بالغة الخطورة ...
والرعب ...
إلى أقصى حد ....
* * *
الآلام أصبحت رهيبة ...
إلى حد لا يمكن احتماله ...
الأطراف عانت من عذاب شديد، قبل أن يفقد الرجلان إحساسهما بهما تقريباً ...
والجسدان لم يعد باستطاعتهما حتى الارتجاف ...
الشفاة صارت زرقاء داكنة ...
والبشرة متجمًَّدة، تخشى أن تمسها باناملك، فتتكسًَّر مع لمستك ...
والعقل نفسه، صار أبطأ مما ينبغى ...
وعلى مسافة قريبة، غمغم (أيسول)، بلغته غير الأرضية ...
- لن يمكنهما الاحتمال طويلاً .
تجاهل الجنرال عبارته، وهو يراقب الرجلين ببصره، وعلى الرغم من هذا، فقد تابع (أيسول)، فى شئ من الجذل :
- أراهن أن ذلك العصبى سينهار أولاً .
غمغم الجنرال فى خفوت صارم:
- تجربتى مع البشر، تقول: إنهم عنيدون، أكثر مما تتصوًَّر .
قال (أيسول):
- ولكن لا يمكنهما احتمال طقس كوكبنا .
صمت الجنرال لحظة، ثم قال :
- بالتأكيد .
مع نهاية كلمته، التى نطقها بلغته غير الأرضية، غمغم الدكتور (كمال) فى صعوبة :
- فليكن .
التفت إليه الدكتور (ريمون) مستنكراً، وهو يغمغم، وأسنانه تصطك ببعضها البعض :
- ماذا تعنى ؟!
أجابه فى ألم :
- لو أنك ترغب فى الموت برداً، فهذا شأنك .
قال الدكتور (ريمون) فى عصبية :
- لا تقل لى :إنك ستتعاون معهم .
أجابه، فى أقصى شئ من الحدة، سمحت به حالته :
- أتجد أمامنا سبيلاً آخر ؟!
قال الدكتور (ريمون)، وهو يرتجف فى شدة :
- إننى أفضل الموت .
أجابه، وهو يرفع يده فى صعوبة، مشيراً إلى الجنرال :
- وسيأتيك على متن جواد قوى يا رجل .
رأى الجنرال إشارته، فقال فى صرامة، وهو يتجه نحوهما :
- أخطأ تقديرك يا (أيسول).... الآخر استسلم أوًَّلاً .
شعر الدكتور (ريمون) بالغضب، مع اقتراب الجنرال، وقال بما تبقى له من جهد :
- موتنا وحدنا، قد يكون فيه حياة الأرض كلها يا رجل .
تطلًَّع الدكتور (كمال) إلى الجنرال، الذى يتجه نحوهما بخطوات قوية، وغمغم:
- كلانا سيموت فى سبيل الأرض يا هذا .
ثم التفت إليه فى بطء، مضيفاً :
- ولكن بإيجابية .
انعقد حاجبا الدكتور (ريمون) فى شدة، فى نفس اللحظة التى توًَّقف فيها الجنرال أمامهما، قائلاً بقسوته الصارمة :
- هل قررًَّتما التعاون ؟!
وهنا، رفع الدكتور (ريمون) أيضاً ذراعه مستسلماً ...
وبدأت جولة جديدة ...
* * *
على الرغم منه، ارتجف جسد الدكتور (فريد)، وهو يقف فى مكتب القائد الأعلى للمخابرات العلمية، مستمعاً إلى (نور)، فى حين بدت علامات الانفعال على وجه القائد الأعلى، وهو يقول، بعد أن انتهى (نور) مما لديه :
- هذا يضعنا أمام عدو نجهل إمكانية وقدراته يا (نور)... ونجهل حتى هدفه مما فعل... الصور التى استعادتها ابنتك، تظهرهم فى هيئة أرضية تماماً، حتى أنه يصعب تمييزهم عنا، كما أن ذلك الذى انتحل هيئة اللواء، استطاع المرور عبر كل وسائل واختبارات الأمن، دون أن ينكشف أمره... من أدرانا إذن أنه لا يوجد المزيد منهم حولنا هنا ؟!
أجابه (نور) :
- فريقى يعيد دراسة تلك المشاهد، بكل الوسائل المتاحة يا سيًَّدى، وربما نجد فيها إشارة، إلى كيفية تحديد هويتهم بيننا .
قال القائد الأعلى فى حدة :
- ربما ؟!... إنك تعنى بعبارتك هذه أنه (ربما) لا تجد هذا .
قال (نور)، محاولاً السيطرة على انفعالاته :
- فريقى يبذل قصارى جهده يا سيًَّدى، وهذا كل ما نملكه، فى الوقت الحالى .
اندفع الدكتور (فريد) يقول، فى انفعال شديد :
- ولكنهم اختطفوا العالمين، اللذين صنعا سلاحنا الدفاعى الجبًَّار، ولست أجد تفسيراً لهذا، سوى أنهم يسعون لمنعنا من صنع آخر.
انعقد حاجبا (نور)، وهو يقول :
- أو ربما أنهم يحاولون إجبارهم على تطويره .
اتسعت عينا الدكتور (فريد)، وتراجع مع صدمته، مغمغماً:
- يا إلهى!... هذا أكثر خطورة يا (نور).
أشار القائد الأعلى بسبًَّابته فى عصبية، قائلاً:
- السؤال الآن هو: هل كانت ضربتهم الأولى للشمس تحذيرية؛ كإعلان لما يمكنهم فعله، أم أن لهم هدفاً آخر؟!
انفرجت شفتا (نور)؛ ليجيب بشى ما، إلا أن ساعة يده تألقت ببريق متقطع، فألقى نظرة على شاشتها، مغمغماً فى اهتمام :
- إنها (نشوى).
ضغط زر الاتصال، على نحو يسمح للجميع بسماع ما يقال، فانبعث صوت (نشوى) مفعماً بالانفعال، وهى تقول :
- أبى ... إعادة الفحص جعلتنا نتوًَّصل إلى معلومة خطيرة... خطيرة للغاية .
وتفجًَّرت عبارتها فى المكان ...
كألف ألف قنبلة .
* * *



عهد Amsdsei 17-12-11 03:16 AM

السلام عليكم

فصل جميــــل ... يا ريت نعرف ايش اللي لاقته نشوى

و كيف ممكن يواجه فريقنا هؤلاء الناس

دكتور نبيل رائع كالعادة تسلم استاذي

عهد Amsdsei 24-12-11 10:31 AM

السلام عليكم

الفصل الرابع ... الثلج

" أجسادهم لا تبث أية حرارة على الإطلاق ..."...
قالتها (نشوى)، وهى تشير إلى شاشة جهازها، فانعقد حاجبا (نور) فى شدة، وهو يتابع تلك الظلال الزرقاء على الشاشة الخاصة، التى تقيس الانبعاث الحرارى للأجسام، فى حين أضافت (سلوى) فى خفوت :
- إنهم على العكس، يبدون باردين كالثلج .
غمغم (أكرم) فى توتر :
- ربما كانوا مجرًَّد أشخاص آليين .
أجابته (نشوى) فى اهتمام :
- حتى الآلات، تبث محركاتها شيئاً من الحرارة، التى تعمل على تحريك أجسامها .
تساءل (رمزى) فى حيرة، تمتزج بالقلق :
- ماذا هم إذن ؟!
أجابه (نور)، وعقله يعمل فى سرعة :
- كائنات من عالم آخر ... عالم بارد، يناسب أجسادهم .
سألته (سلوى) مندهشة :
- وهل يمكن أن تنشأ الحياة، فى عالم بارد ؟!
أشار (نور) بيده، قائلاً :
- الحياة تنشأ فى كل مكان يا عزيزتى، وفى نهايات القرن العشرين، عثر العلماء على أنواع من البكتيريا والفطريات، تنمو فى الصقيع 1
هتف (أكرم) فى حدة :
- وماذا يريدون من عالمنا، ماداموا قد اعتادوا الصقيع كما تقول ؟!
صمت (نور) بضع لحظات مع السؤال، قبل أن يجيب فى بطء :
- تحويل عالمنا إلى ما يناسبهم .
اتسعت عيون (رمزى) و(سلوى) و(نشوى) فى ذعر، فى حين هتف (أكرم) فى حدة أكثر :
- أى قول هذا يا (نور) ؟!
التفت إليه (نور)، قائلاً فى حزم :
- ما تشير إليه كل الدلائل يا صديقى...لقد سرقوا جهازاً يبث طاقة سلبية جباًَّرة، وقاموا بتطويره؛ لتوجيه ضربة سلبية إلى شمسنا، فى محاولة لتخفيض درجة حرارة سطحها، ثم اختطفوا العالمين، اللذين توصلا إلى تلك الطاقة الجبًَّارة، ووسيلة إطلاقها، وهذا يعنى، مع كشفنا لطبيعتهم الباردة، أنهم يسعون إلى مزيد من الطاقة السلبية، فى محاولة مجنونة؛ لخفض حرارة شمسنا، وإسقاط عالمنا فى عصر جليدى جديد .
بدت (نشوى) شديدة التوتر، وانعقد حاجبا زوجها (رمزى) فى شدة، فى حين أشاح (أكرم) بوجهه فى عصبية، وتساءلت (سلوى) فى صوت مرتجف :
- أهذا ممكن يا (نور) ؟!
صمت (نور) طويلاً، وهو يتطًَّلع إليها، قبل أن يجيب فى بطء:
- من يدرى يا رفاق! ... من يدرى !
ثم استعاد حزمه دفعة واحدة، وهو يضيف :
- ولكن دعونا نطرح هذا السؤال جانباً الآن، وننتقل إلى الجانب العملى من مهمتنا... لقد عرفنا طبيعة خصمنا، وربما هدفه الأساسى أيضاً، وهذا يعنى أننا نواجه خطراً يهدًَّد كوكبنا كله، وحياة كل من عليه من مخلوقات حية، والسؤال الذى ينبغى أن نطرحه على أنفسنا الآن هو : فى ظل هذه المعلومات، أين يمكن أن نعثر على عدونا ؟!
أجابته (نشوى) فى سرعة :
- فى مكان شديد البرودة .
هتف مشيراً إليها :
- بالضبط .
قال (أكرم)، وهو يتحسًَّس مسدسه، كعادته كلما توترت أعصابه :
- فى أحد القطبين مثلاً .
أجابته (سلوى)، وهى تراجع خريطة الطقس على شاشة جهازها .
- ليسوا فى القطب الشمالى حتماً .
سألها فى عصبية :
- ولم لا ؟!
أجابته مشيرة إلى الخريطة :
القطب الشمالى له طبيعة خاصة، فمع دوران الأرض حول محورها، وحول الشمس أيضاً، يواجه القطب الشمالى الشمس لستة أشهر كاملة، ثم يغرق فى ليل يستغرق ستة أشهر أخرى، وهو الآن فى منتصف ليله الطويل، ولو بقوا هناك، لن يمكنهم مواجهة الشمس، ليطلقوا عليها تلك الطاقة السلبية .2
قال (نور) فى حزم :
- هذا صحيح ... ثم أن تحركاتهم السريعة، لا توحى بانتقالهم لتلك المسافات الطويلة، ما بين توجيه ضربة و أخرى؛ خاصة وأن أجهزتنا المتحفّزة، لم ترصد أية أجسام غريبة فى سمائنا .
قال (رمزى) فى اهتمام:
- إنهم فى مكان قريب إذن .
أجابه (نور)، فى حزم أكبر :
- وربما هنا ... فى (مصر).
هزًَّ (أكرم) رأسه فى قوة، قائلاً :
- وأين يجدون مكاناً شديد البرودة هنا، فى هذا الوقت من العام؟!
رفع (نور) سبًَّابته، وهو يقول :
- هذا هو السؤال...أين يمكن أن يكونوا ؟!
نعم ... هذا هو السؤال الحقيقى ...
أين يمكن أن يختبئ خصم، اعتاد العيش فى الصقيع ؟!
أين ؟!...
* * *
هزًَّ الدكتور (ريمون) رأسه فى قوة، وهو يجلس داخل تلك الحجرة الزجاجية الدافئة، فى ركن كهف الثلوج، الذى تعيش فيه المخلوقات الباردة، هامساً :
- لست أصدق ما تفعله .
غمغم الدكتور (كمال)، وهو يراجع حساباته، على جهاز كمبيوتر أرضى، فى ركن الحجرة الزجاجية:
- حاول أن تقنع نفسك بالأمر .
هزًَّ الدكتور (ريمون) رأسه مرة أخرى، هامساً :
- كيف ؟!...إننا نتعاون مع غزاة من عالم آخر، يسعون إلى وضع عالمنا فى عصر جليدى جديد، سيقضى على كل مخلوق حى فيه ... حتى نحن مع مرور الوقت .
صمت الدكتور (كمال) لحظات، ثم قال فى شئ من الحزم :
- راجع الحسابات، التى أرسلتها إلى جهاز الكمبيوتر الخاص بك .
سأله الدكتور (ريمون) فى عصبية :
- هل تحاول التهرًَّب من المناقشة ؟!
أجابه الدكتور (كمال) فى حزم :
- راجع الحسابات .
مرًَّر الدكتور (ريمون) سبًَّابته فى تبًَّرم، على شاشة الكمبيوتر الخاص به؛ لينقل إليه تلك الحسابات، التى أشار إليها زميله، وهو يغمغم :
- مهما كانت حساباتك؛ فأنا لا أتفق معها .
لم يعلق الدكتور (كمال) على عبارته، أو يلتفت حتى إليه، فى حين راح هو يراجع الحسابات فى سرعة، قبل أن تتألق عيناه ببريق خافت، سرعان ما اختفى، وهو يتمتم فى انفعال :
- هذا يعنى مصرع الجميع بلا استثناء .
تمتم الدكتور (كمال)، وهو يبعد نظره إلى الجانب الآخر :
- بالضبط .
صمت كلاهما لحظات، ثم عاود الدكتور (ريمون) العمل ...
وبكل حماس ...
* * *
نطقت (نشوى) الكلمة فى حماس شديد، فالتفت إليها الجميع فى لهفة، ورأوها تشير إلى بقعة بعينها، على خريطة لمنطقة (المقطم) القديمة، متابعة :
- لقد راجعت خرائط وصور الأقمار الصناعية، وبخاصة أقمار الطقس، وهذا ما وجدته .
حدًَّق الجميع فى الخريطة الهولوجرافية، المعلًَّقة فوق جهازها، وغمغم (اكرم) فى توتر:
- لست أرى شيئاً .
أجابته (سلوى) فى انفعال :
- ولكن جهاز (نشوى) يرى .
مال نحو الصورة أكثر، محاولاً أن يستشف ما يراه الآخرون، فى حين تساءل (نور) فى اهتمام :
- أتعنين تلك البقعة، التى تختلف لونياً عما حولها ؟!
أجابته فى حماس :
- بالضبط .
غمغم (أكرم) فى عصبية :
- إنه اختلاف ضئيل، كدت لا أتبينه .
فى حين تساءل (رمزى) :
- ما الذى يعنيه هذا يا (نشوى) ؟!
أجابته بنفس الحماس :
- إنه اختلاف درجات الحرارة، الذى سجًَّله أحد أقمار الطقس، وهو يعنى أن حرارة تلك البقعة، تنخفض بمقدار درجتين ونصف الدرجة فى المائة، عما حولها .
بدا (نور) شديد الاهتمام، وهو يغمغم :
- حقاً ؟!
أما (أكرم)، فاعتدل فى توتر، وهو يقول :
- أيعنى هذا الكثير؟!
أجابته (سلوى) :
- المفترض أن هذه المنطقة صخرية جبلية، وكًَّلما توًَّغلت فى عمقها، ينبغى أن تتزايد الحرارة، لا أن تنخفض .
هتف (أكرم):
- إذن، فانخفاضها يعنى ...
أكمل (نور) العبارة فى حزم :
- أن هذا قد حدث بوسيلة صناعية .
ران على الجميع صمت عجيب، بعد أن نطق (نور) عبارته، وتبادلوا نظرة مفعمة بالانفعال، قبل أن يغمغم ( رمزى):
- ولكننا نقول: إن خصومنا اعتادوا العيش فى الصقيع، وانخفاض بمقدار درجتين ونصف فقط، لا يتناسب وهذا !!..
أجابته (سلوى) فى سرعة :
- هذا ما سجلته حرارة السطح فحسب، بعد أن مرًَّت على مقدار كاف من الصخور، الأعلى فى درجة الحرارة .
أضافت (نشوى) :
- وهذا يعنى أن مصدر التبريد، يقع على مسافة كبيرة من السطح .
مال (نور) نحوها، يسألها:
- وكم تبلغ تلك المسافة فى رأيك ؟!
أجابت فى سرعة :
- يمكن حساب هذا .
ثم تراجعت، مستدركة :
- لو عرفنا كم تبلغ درجات البرودة الرئيسية.
عاد الصمت يلفًَّهم لحظة اخرى، قبل أن يقول (رمزى) :
- أظن أنه علينا إيلاغ الجيش؛ ليقوم باقتحام ذلك المكان .
اعتدل (نور) فى سرعة، قائلاً :
- خطأ يا صديقى ... خطأ .
هتف (أكرم) :
- ولماذا ؟!
أجابه (نور) فى حزم :
- أوًَّلاً؛ لأننا لا نعلم بعد، أية وسائل يستخدمونها؛ لحماية مكمنهم هذا، ولا أية أسلحة يمكن أن تواجهها قوات تسعى لاقتحامه ...وثانياً لأن مواجهة عسكرية ستثير ذعر المنطقة كلها، وقد يلجأ أولئك الغزاة إلى تدمير المنطقة، إذا ما شعروا بأنهم سيخسرون المعركة .
انعقد حاجبا (أكرم) فى شدة، وتحسًَّس مسدسه كعادته، فى حين غمغم (رمزى):
- لو أن علوم الطب النفسى تتشابه، بيننا وبينهم، فلست أستبعد هذا الإجراء، بعدما شاهدته منهم من قسوة وحشية، فى التعامل مع الأمور .
غمغمت (سلوى) بدورها :
- هذا صحيح .
شدًَّ (اكرم) قامته، وقال فى قوة، وهو يتحسًَّس مسدسه مرة أخرى :
- أنا أعرف البديل .
أومأ (نور) برأسه إيجاباً، وهو يقول بمنتهى الحزم :
- بالضبط يا صديقى ... إنها مهمة جديدة .
وادار عينيه فى وجوه الجميع، قبل أن يضيف :
- للفريق .
وفى هذه المرة، طال الصمت ...
كثيراً ...
* * *
راجع الجنرال تلك الحسابات، التى قدًَّمها له العالمان المصريان، ثم أشار إلى (أيسول)، وهو يقول بلغتهما غير الأرضية :
- دع خبراءنا يدرسون هذا .
لم يفهم العالمان حرفاً واحداً مما قيل، ولكنهما استنتجاه، عندما حمل (أيسول) حساباتهما، واتجه بها إلى فريق من الغزاة، راح يراجعها فى اهتمام، على جهاز كبير، شبيه بكرة ثلج ضخمة ...
وفى صرامة، واجه الجنرال العالمين، قائلاً بلغة ارضية :
- فلتأملا أن تكون حساباتكما صحيحة ...وإلا ...
لم يكمل عبارته، ولم يحاول أحدهما سؤاله عن ما تبقى منها، وإنما ظلا صامتين، يراقبان فريق الخبراء، وتلك الكرة الثلجية الضخمة، التى قامت بترجمة حساباتهما إلى رموز عجيبة، لا تشبه أية رموز معروفة أرضياً ...
ولم يمض وقت طويل، حتى عاد (أيسول) بالحسابات إلى الجنرال، وتحدًَّث معه بلغتهما حديثاً، يحمل سمات الغضب، فتمتم الدكتور (ريمون) فى عصبية :
- لقد كشفوا الأمر.
لم يحاول الدكتور (كمال) التعليق، فى حين بدا الجنرال شديد الغضب، وهو يقول فى وحشية :
- كان هذا اكبر خطأ ارتكبتماه .
امتقع وجه الدكتور (ريمون)، فى حين حاول الدكتور (كمال) أن يتماسك، وهو يقول فى خفوت :
لقد بذلنا قصارى جهدنا، و ...
قاطعه الجنرال فى عنف غاضب :
- هل تصوًَّرتما أننا لا نملك الوسيلة؛ لكشف صحة ما تقدمانه، وأننا سنستخدمه مباشرة، دون التيًَّقن منه .
حاول الدكتور (ريمون) أن يتمتم بشئ ما، ولكن الجنرال قاطعه، وهو يصرخ فى وجهيهما :
- خبراؤنا كشفوا أننا، لو طبقنا حساباتكما، فالطاقة السلبية الوليدة ستنطلق عكسياً، وتنسف الجهاز والمكان كله .
لم ينبس أحدهما بحرف واحد، فى حين قال (أيسول) مستنكراً، فى غضب مماثل :
- ألم تنتبها إلى أن هذا كفيل بقتلكما أيضاً ؟!
بذل الدكتور (كمال) قصارى جهده؛ ليبث الحزم فى صوته ولهجته، وهو يقول :
ولكن الأرض ستحيا .
لم يكن من الممكن أن يستوعب (أيسول) أو جنراله هذه الفكرة أبداً ...
فالتضحية بالنفس من أجل الآخرين، لم تكن سمة معروفة، فى العالم الذى جاءا منه ...
المبدأ الوحيد، الذى عرفاه هناك، هو التضحية بالآخرين ...
من اجل النفس ...
وفى شراسة وحشية مخيفة، قال الجنرال :
- لقد أخطأتما....وستدفعان ثمن هذا غالياً .
غمغم الدكتور (ريمون) فى عصبية :
- هل ستقتلنا برداً؟!
هزًَّ الجنرال رأسه نفياً، وقال فى قسوة :
- سأجعلكما تتمنيان هذا .
لم يدرك أحدهما ما يعنيه، إلا أنه أشار بيده فى الهواء، فانفتحت كوة صغيرة، فى سقف حجرتهما الزجاجية، وانساب منها شئ ما ...
شئ لم يريا فى حياتهما كله، ما هو أكثر منه بشاعة ...
ولا حتى فى احلك كوابيسهما ...
وعلى الرغم منهما، انطلقت من حلقيهما صرخة رعب ...
وانقض ذلك الشئ البشع ...
بلا رحمة ...
* * *
انتهت (سلوى) من تثبيت جهازها، على قمة السطح الصخرى، الذى يعلو تلك البقعة من (المقطم)، التى انخفضت حرارتها عما حولها، فى نفس الوقت الذى تطلعت فيه (نشوى) إلى جهازها، قائلة فى قلق :
- إنهم يحتلون مساحة كبيرة بالفعل، تكفى حياً سكنياً كاملاً .
تمتم (نور) :
- الله سبحانه وتعالى وحده، يعلم ماذا أعًَّدوا هناك .
أشارت (سلوى) إلى جهازها، قائلة :
- جهازى يمكن أن يكشف هذا .
ثم بدأت تعمل على الجهاز، مضيفة :
- إنه سيطلق موجات فوق صوتية، تمر عبر الصخور، حتى تبلغ أى فراغ فى طريقها، وعندئذ سترتد، حاملة معها كل البيانات والمعلومات، عما يحويه ذلك الفراغ .
سأله (نور) فى اهتمام، وهو يتابع عملها :
- وهل سيمكننا فى هذه الحالة، تحديد العمق، الذى صنعوا فيه مكمنهم ؟!
أجابته، وهى تعمل فى سرعة :
- بالتأكيد... وبشئ من الدقة، سيمكننا سماع كل ما يدور بينهم أيضاً .
غمغم، محاولاً إخفاء انفعاله:
- عظيم .
سالته (نشوى)، وهى مازالت تتابع جهازها :
- وماذا عن (رمزى) و(أكرم) ؟!
أجابها (نور) فى حسم :
- يقومان بالجزء الخاص بهما .
ولم يزد حرفاً واحداً ...
" ما الذى تتوًَّقع أن نجده ؟!.."..
ألقى (رمزى) السؤال على (أكرم) فى اهتمام، فأجاب هذا الأخير، وهو يمسك مقبض مسدسه فى تحفًَّز :
- أرضيين أو غير أرضيين، لابد لهم من مدخل، يقودهم إلى مكمنهم، على نحو أو آخر .
سأله فى دهشة :
- وهل يتًَّوقع (نور) أن نجده بهذه البساطة ؟!
غمغم (أكرم) :
- من يدرى ؟!
كان سيكتفى بهذا التعليق، إلا أنه شعر بضرورة توضيح وجهة نظره، فأضاف على الفور :
- لو أنهم لا يتوقعون كشف أمر مكمنهم هذا، فسيجعلون مدخل مكمنهم يبدو عادياً، لا يلفت الانتباه، ولكنه، وكما اقترح (نور)، سيكون متسعاً بما يكفى؛ لتمرير جهاز بحجم ذلك الذى استولوا عليه .
غمغم (رمزى) :
- مدخل بهذا الاتساع، سيثير انتباه الجميع .
لم يجد (اكرم) جواباً للعبارة، التى بدت له منطقية تماماً، فاكتفى بأن كرًَّر :
- من يدرى؟!
ثم توقف بغتة، على نحو جعل (رمزى) يسأله فى توتر:
- ماذا هناك؟!
رفع (أكرم) قدمه قليلاً، ثم عاد يضغط بها الصخور، التى يسير عليها، وهو يقول فى توتر :
- لست أفقه الكثير عن علم (الجيولوجيا)3 ، بخلاف ما درسته فى المرحلة الثانوية، ولكننى لست اظن أنه هناك صخور، لها مثل هذا الملمس العجيب !
انعقد حاجبا (رمزى) فى توتر، ودفع قدمه إلى الامام، يضغط تلك الصخرة ، التى أشار إليها (اكرم)، ثم تراجع فى حركة حادة، هاتفاً :
- رباه!... إنها تبدو كأية صخور عادية، ولكنها لدنة على نحو غير طبيعى .
تحًَّفز (أكرم) بمسدسه، وهو يقول بكل انفعاله :
- صدًَّق أو لا تصدًَّق يا صديقى، ولكن يبدو أننا قد عثرنا على ذلك المدخل بهذه السرعة .
لم يكد ينطقها، حتى تحًَّركت تلك الصخور اللدنة تحت قدمه، على نحو جعله يتراجع فى سرعة، ويشهر مسدسه، هاتفاً :
- ما هذا بالضبط ؟!
مع عبارته، ارتفعت تلك الصخور اللدنة فجأة ...
وتراجع الرجلان فى حركة عنيفة ...
ورفع (أكرم) مسدسه فى سرعة ...
ولكنه لم يطلقه، مع اتساع عيونهما فى مزيج من الذهول والفزع ...
فقد كان ما برز امامهما رهيباً ...
وإلى أقصى حد.
* * *


عهد Amsdsei 24-12-11 10:34 AM

فصل جميل جداا .. ^^

فصل واحد بالاسبوع قليل جدااا

الفريق بادئ شغله تمام جداا

وان كنت متسائلة على نقطة كيف يكون اكرم مهندس جيولوجي و ليست لديه خبره بالصخور

يمكن بس تكون هذي النقطة بس الرواية جميلة جداا

منتظرة الفصول القدمة بشوووووووووووووووق

تسلم يا دكتور

alaa7 29-12-11 01:23 AM

يسعد مساكي احلى عهد وتسلم ايديكي ناطرين البقيه على نار وشكر خاص للدكتور فاروق الله يعطيه العافيه :rdd12zp1::rdd12zp1::rdd12zp1:

عهد Amsdsei 29-12-11 12:54 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة alaa7 (المشاركة 2962401)
يسعد مساكي احلى عهد وتسلم ايديكي ناطرين البقيه على نار وشكر خاص للدكتور فاروق الله يعطيه العافيه :rdd12zp1::rdd12zp1::rdd12zp1:

السلام عليكم

تسلمي الاء ... وانتظرينا السبت فجرا عشان الفصل او صباحا ^^

عهد Amsdsei 30-12-11 11:12 PM

السلام عليكم



الفصل الخامس ... الوحش

كان الجنرال على حق تماماً ...
لقد تمنى الدكتور (كمال) والدكتور (ريمون) الموت حقاً ...
ألف مرة ...
ذلك الشئ البشع، الأشبه بأذرع أخطبوط عملاق، يغطيها فراء كثيف، التف حول جسديهما، والتصقت ممصاته القوية بكل جزء منهما، وبدت كما لو أنها تدفع فيهما خيوطاً من لهب، تسرى فى كيانهما كله ...
وكان العذاب رهيباً ...
إلى أقصى حد يمكن تصوًَّره ...
لم يكن ذلك الشئ، شديد البشاعة، يشبه أى شئ رأياه ...
ولا حتى فى أبشع كوابيسهما ...
كان أشبه بأذرع بلا رأس ...
وكانت له رائحة نًَّفاذة، تخترق دماغيهما، وتلهب خلايا مخهيما ...
وفى قسوة بالغة، قال الجنرال:
- من سوء حظكما أن (فروبود) بطئ الأداء، إلى حد مدهش؛ فهو يستمتع بتعذيب ضحيته، ثم يبدأ فى إذابة خلاياها، فى بطء شديد، مع حرصه على أن تبقى حية، حتى آخر نفس ...
لم يستطع الرجلان، مع شدة عذابهما، مجًَّرد النظر إليه، فى حين غمغم (أيسول) بلغتهما فى عصبية :
- لو لقيا مصرعهما، لن يمكننا إتمام مهمتنا يا جنرال .
أجابه الجنرال فى خشونة:
- إنها مهمتى أنا .
ثم التفت إليه، مستطرداً فى صرامة وحشية :
- وأنت مجًَّرد جندى تحت إمرتى .
تراجع (أيسول)، مغمغماً :
- كان مجًَّرد رأى يا جنرال .
أجابه بنفس اللهجة :
- احتفظ به لنفسك.
لم يكد يتم عبارته، حتى انطلق أزيز إنذار مكتوم، جعل الجنرال و(أيسول) يلتفتان معاً، إلى تلك الشاشة الشبيهة بكرة الثلج، والتى تألًَّقت لحظة، ثم ظهرت عليها موجة عجيبة، أشبه بتلك التى تحدث لسطح بركة من الماء، عندما تلقى فيها حجراً ...
ثم بدأت صورة هلامية تتكًَّون عليها ...
وفى سرعة، خفًَّت التموجات ...
وأتضحت الصورة ...
صورة (أكرم) و(رمزى)، وهما يواجهان ذلك الشئ على السطح ...
ذلك الشئ، الذى لا مثيل له أيضاً، على وجه الأرض ...
" مستحيل!"....
هتف (رمزى) بالكلمة، وهو يتراجع فى رعب ذاهل، أمام ذلك الشئ، الذى ارتفع أمامهما عالياً، كما لو كان ثعباناً هائلاً ...
ثعبان من الصخر ...
كان يشبه تماماً تلك الصخور المحيطة بهما، فى جبل المقطم ...
ولكنه كان حياً ...
ومخيفاً ...
للغاية ...
وفى حركة غريزية، رفع (أكرم) مسدسه ...
وأطلقه ...
أطلقه مرة ...
وثانية ...
وثالثة ...
وفى كل مرة، اصابت رصاصاته هدفها كالمعتاد ...
ثم ارتدًَّت فى قوة ...
كان من الواضح أن جسم ذلك الشئ شبيهاً بالصخور الارضية، ولكنه صلب منيع، مثل جدار سميك من الفولاذ ...
ولقد تراجع ذلك الشئ، فى حركة شبيهة بحركة ثعبان أرقط، قبل أن ينقض فجأة، ويضرب جسد (أكرم) فى قوة ...
وطار جسد (أكرم) فى الهواء، مع عنف الضربة، وارتطم بصخرة كبيرة، مع سقوطه أرضاً ...
وكانت آلام الارتطام عنيفة ..
وعلى الرغم من هذا، فقد اعتدل (أكرم) على قدميه، وعاد يطلق رصاصاته ...
ومرة أخرى، ارتدًَّت الرصاصات، عن ذلك الشئ ...
وفى حركة هجومية سريعة، التفت ذلك الشئ نحو (رمزى)، الذى تراجع أكثر، وعيناه تتسعان بشدة ...
وتراجع ذلك الشئ، ذلك التراجع الذى يمهًَّد للهجوم، و ...
وفجأة، انطلقت خيوط أشعة الليزر، من خلف (أكرم) و(رمزى)؛ لتصيب جسم ذلك الشئ ...
وفى هذه المرة، تراجع الشئ ...
وتراجع ...
مع كل طلقة ليزر تصيبه، كان يتراجع أكثر ...
وعبر صخرة كبيرة، وثب (نور) إلى ساحة المعركة، وهو يهتف :
- أعد تلقيم مسدسك يا صديقى .
هتف بها، وهو يواصل إطلاق أشعة مسدسه، نحو ذلك الشئ، الذى واصل تراجعه، حتى بلغ منطقة تحوى صخوراً سوداء اللون ...
وعندها، بدأ جسمه يتخذ هيئة جديدة ...
هيئة شبيهة تماماً، بتلك الصخور السوداء، المحيطة به ...
وبينما يواصل إطلاق مسدسه، هتف (نور) بزميله (أكرم) :
- هل تحمل معك واحدة، من تلك القنابل القديمة ؟!
التقط (أكرم) الرسالة، فانتزع من حزامه قنبلة يدوية، جذب صمام امانها بأسنانه، وهو يهتف :
بكل تأكيد .
ثم انطلق يعدو نحو ذلك الشئ، واعتمد على كتف (نور)، ليرتفع عالياً، ثم يقذف القنبلة نحوه، وبكل قوته ...
وفى منتصف جسم ذلك الشئ تقريباً، انفجرت القنبلة ...
وأمام عيون ثلاثتهم، تناثر جسده، وكأنه كومة من الاحجار والشظايا، ناجمة عن الانفجار ...
ثم حدث أمر عجيب للغاية ...
تلك الأجزاء التى تناثرت، فقدت فور تناثرها، هيئة ما يحيط بها من صخور، وتحوًَّلت إلى أجزاء أشبه بمطاط أزرق داكن، تراقص فوق الصخور التى سقط عليها لحظة، ثم بدا وكأن كل قطعة تزحف نحو الاخرى ...
وفى ذهول، غمغم (رمزى) :
- مستحيل!!... هذا يتناقض مع قواعد الحياة نفسها .
أجابه (نور)، وهو يراقب فى توتر، تلك الأجزاء الممزًَّقة، التى بدت وكأنها تنجذب إلى بعضها البعض، على نحو عجيب :
- الأرض وحدها، بها عدد لا يحصى من صور الحياة يا رجل، فما بالك بكوكب آخر !!
كانت الاجزاء تقترب من بعضها البعض فى سرعة ...
وتتلاصق ...
وتلتحم ...
وكانت، فى هذه المرة، تكًَّون شيئاً أشبه بثعبان هائل أزرق اللون ...
أو بدودة عملاقة ...
دودة لا يمكنك أن تمًَّيز رأسها من ذيلها ...
مجًَّرد شكل أسطوانى حيوى، شديد الزرقة، راح يتكوًَّن ...
ويتكوًَّن ...
ويتكوًَّن ...
ثم اكتمل، امام عيونهم الذاهلة ...
وفور اكتماله، عاد إلى هيئته، الشبيهة بالصخور من حوله ...
كان من الواضح أنه كائن من عالم آخر، له سمات (الحرباء) فى عالمنا، ولكنها أكثر قوة ووضوحاً...
واكثر شراسة ...
ومرة أخرى، انتصب أمامهم، وتراجع بمقدًَّمته المرتفعة؛ استعداداً لهجوم جديد ...
وفى توتر بالغ، تساءل (نور) :
- هل تحمل قنبلة أخرى يا (أكرم) ؟!
أجابه بكل عصبية :
- كًَّلا للأسف .
ثم أضاف، وهو يتراجع، ويصوًَّب مسدسه مرة ثانية، بعد إعادة تلقيمه، إلى ذلك الكائن المخيف، على الرغم من علمه بعدم جدوى رصاصاته :
- ثم بم ستفيد؟!...
كان ذلك الشئ الرهيب يستعد للانقضاض بالفعل، بعد أن استعاد كل اجزائه، فتراجع الثلاثة فى سرعة، وتعثر (رمزى) مع تراجعه بصخرة صغيرة، فسقط على ظهره، والتفت إليه ذلك الشئ، وقد بدا من الواضح أنه هدف هجومه التالى ...
وعلى الرغم من ياسهما، رفع (نور) و(أكرم) مسدسيهما؛ للدفاع عن صديقهما، و...
وفجأة، تراجع ذلك الشئ ....
تراجع، وانتصب مستقيماً، على نحو مفاجئ عجيب ...
ثم راح جسده يهتز فى قوة ...
ويهتز ...
ويهتز ...
ومع كل اهتزازة، كانت سرعته تتزايد، على نحو جعل (نور) يعقد حاجبيه فى شدة، و(رمزى) يحدًَّق فيه فى ذهول، فى حين غمغم (أكرم) :
- ماذا يحدث ؟!...
مع قوله، كانت اهتزازات ذلك الكائن قد بلغت مبلغها ...
ثم، ولدهشتهم جميعاً، راحت تشققات عجيبة تظهر على جسمه ...
وتتزايد فى سرعة ...
وفجأة، انفجر ذلك الكائن، أمام عيون ثلاثتهم ...
انفجر، وتناثر على مساحة واسعة، حتى ان بعض أجزائه قد ارتطمت بهم، وأوقعتهم أرضاً ...
وفى هذه المرة، لم تنجذب تلك الاجزاء إلى بعضها البعض ...
بل بدأت تذوب ...
وتذوب ...
وتذوب ...
وفى بطء، راحت صخور (المقطم) تبتلع تلك المادة الذائبة فيما بين فراغاتها، فغمغم (رمزى) :
- ولكن كيف ؟!
أتاهم صوت (سلوى) من خلفهم، وهى تلهث، قائلة :
- موجات فوق صوتية فائقة .
التفت إليها الجميع دفعة واحدة، ورأوها تقف لاهثة، وخلفها (نشوى)، التى أكملت فى انفعال :
- كانت محاولة أخيرة من أمى، عندما رأينا ذلك الشئ البشع، وعدم تراجعه أمام أسلحتكم .
انعقد حاجبا (أكرم) فى شدة، وهو يغمغم :
- أى سلاح استخدمتماه ؟!..
أجابته (سلوى)، دون أن يتوًَّقف لهاثها، أو تهدأ انفعالاتها :
- أخبرتك أنها موجات فوق صوتية فائقة ...نموذج مضخًَّم، من تلك الذبذبات فوق الصوتية، التى كانوا يستخدمونها قديماً؛ لطرد الفئران والحشرات من المنازل .... لم يكن لدى سواها، ولقد تساءلت:أيمكن ان تؤثر فى شئ مثله، لو انطلقت بقوة مضاعفة ألف مرة ؟!..
غمغم (نور) فى ارتياح :
- ولقد فعلت .
هتف (اكرم) بتوتره:
- ولكننى لم أسمع شيئاً .
أجابته، وهى تحاول السيطرة على لهاثها وانفعالاتها:
- الأذن البشرية لا تستطيع سماع تلك الموجات فوق الصوتية؛ ولهذا اطلقوا عليها اسم (فوق صوتية)، ولكن العديد من الحيوانات والحشرات والزواحف تشعر بها، وهى تؤذى أجسامها بشدة.*
نظر (اكرم) إلى مسدسه فى ضيق، وهو يغمغم :
- إذن فقد تغلبت على ذلك الشئ الرهيب، بالصوت وحده .
غمغمت (نشوى) :
- موجات فوق صوتية يا (اكرم) ...هناك فارق .
دس مسدسه فى حزامه، وهو يقول فى عصبية :
- المهم أنه صوت فحسب .
التفت إليه (نور)، قائلاً :
- بل المهم أن وجود ذلك الشئ، يعنى انه هنا؛ لحماية المدخل، الذى كنا نبحث عنه .
هتفت (سلوى):
- وجهازى أشار إلى وجود فراغ بارد كالثلج، على عمق عشرة أمتار .
اعتدل (نور)، وهو يقول :
يبدو أننا قد اقتربنا من هدفنا يا رفاق ...
قالها، دون ان يدرك أن كل مادار، على صخور (المقطم)، قد تم رصده وتسجيله ...
وأن موجة الهجوم التالية، قد انطلقت بالفعل ...
وبهدف واحد ...
تدمير الفريق ...
بأكمله...
* * *
" كان ينبغى أن أقود هذا الهجوم يا جنرال ..."...
قالها (أيسول) فى غضب واضح، تجاهله الجنرال فى صرامة، وهو يقول :
- مازلت تصرًَّ على نسيان أننى القائد هنا يا (أيسول) .
غمغم (أيسول) فى ضيق :
- والمفترض أننى رئيس الطاقم الأمنى .
اجابه فى صرامة خشنة :
- ولهذا احتفظ بك، لأمور أكثر أهمية .
لم يتمالك (أيسول) نفسه، وهو يقول :
- وماذا أكثر أهمية، من تهديد مهمتنا كلها بالخطر ؟!..
التفت إليه الجنرال بحركة حادة، وهو يصرخ فيه :
- اصمت .
تراجع (أيسول) فى دهشة، ثم بدت عليه علامات الغضب، ولكنه وقف بعيداً عن الجنرال، فى نفس الوقت، الذى غمغم فيه الدكتور (ريمون) فى صعوبة :
- إننى استسلم .
بذل الدكتور (كمال) جهداً خرافياً؛ ليقاوم آلامه الرهيبة، وهو يتمتم بدوره :
- وأنا أيضاً .
مطًَّ الجنرال شفتيه الزرقاويين الرفيعتين، وكأنما يؤسفه أن يستسلم الرجلان بهذه السرعة، ولكنه أشار إلى (أيسول)، قائلاً :
- اصرف (الفروبود) .
انتزع (أيسول) من حزامه شيئاً أشبه بالقلم، أطلق منه فقًَّاعة دقيقة، لم تكد ترتطم بذلك الكائن، ذى الأزرع الفرائية، حتى تراجع على نحو عنيف، منتزعاً ممصاته من جسدى الرجلين، اللذين أطلقا صرختى ألم رهيبتين، مع الآلام المضاعفة، التى أحدثها نتزاع الممصات ...
وأطلق (ايسول) فقًَّاعة أخرى، أجبرت الكائن البشع على مزيد من التراجع، وجعلته يسرع ليختفى، عبر نفس الفتحة، التى هبط منها ...
وفور اختفائه، التئمت الفتحة على نحو عجيب ...
وسقط العالمان أرضاً، فى تهالك شديد ...
وبمنتهى القسوة، قال الجنرال :
- سامنحكما ساعة واحدة، تستعيدان فيها عافيتكما، وبعدها، إما ان تتعاونا تعاوناً كاملاً، أو أترككم وشانكم، مع (الفروبود).
لهث الدكتور (كمال) فى شدة، وهو يرفع يده، قائلاً فى تهالك :
- سنتعاون .
رمقهما بنظرة أشبه بالزدراء، لا أحد يدرى ما إذا كانت تمًَّثل الشعور نفسه فى كوكبه، ثم انصرف ببصره عنهما، يتابع ما يحدث على الشاشة ...
فعبر ممرات نفق صخرى طويل، كان ذلك الفريق المكوًَّن من ثلاثة افراد، والذى أرسله للقضاء على (نور) وفريقه، يتقدًَّم نحوهم فى سرعة ...
ويتقدًَّم ...
ويتقدًَّم ....
* * *
" ها هو ذا المدخل ..."...
قالها (نور) فى اهتمام شديد، مشوب بتوتر ملحوظ، وهو يشير إلى مدخل كبير نسبياً، تخفيه صخرتان ضخمتان، من الواضح أنهما لم يكونا على وضعهما هذا، قبل وجوده ...
وفى توتر لا يقل عن توتره، غمغم (رمزى) :
- مازلت أصرًَّ على ضرورة استدعاء الجيش .
اجابه (نور) فى حزم :
- ومازلت أصرًَّ على أن هذا، يمكن أن يعرًَّض أبرياء المنطقة كلها للخطر .
تساءل (اكرم)، وهو يمسك مسدسه فى قوة :
- ألا تخشى ان يكونوا فى انتظارنا يا (نور) ؟!
أجابه (نور) فى سرعة، توحى بأن الاحتمال كان وارداً فى ذهنه :
- لا يمكن ألا يكونوا كذلك .
غمغمت (سلوى) فى عصبية :
- وعلى الرغم من هذا، فأنت تريدنا أن نغامر بالدخول !!
لم يحاول (نور) أجابة تساؤلها، او حتى التعليق عليه، وهو يلتفت إلى ابنته (نشوى)، قائلاً :
- هل يملك جهازك القدرة، على كشف احتياطات الأمن ؟!
قبل أن تنفرج شفتاها لتجيب، انبرت (سلوى) قائلة :
- جهازى يمكنه هذا .
مرًَّرت أصابعها على شاشة جهازها، وهى تضيف فى ثقة :
- وبالوسيلة نفسها ... سيطلق موجات صوتية فائقة، ترسم لنا صورة أشبه بصور (السونوجراف)، الذى كانوا يستخدمونه لكشف نوع الجنين فى الماضى .
أضافت (نشوى) :
- وجهازى سيرصد أية ذبذبات؛ لأية أجهزة داخل النفق .
غمغم (رمزى) :
- هذا لو ان ذبذبات أجهزتهم، تشبه ذبذبات أجهزتنا .
قالت (نشوى) فى حسم :
- أية ذبذبات .
بدأت كلاهما عملها على جهازها، فى حين مال (أكرم) نحو مدخل النفق، وهو يقول، فى عصبيته المعتادة :
- المكان يبدو لى مظلماً للغاية ، و ...
قبل ان يتم عبارته، دوى انفجار مباغت، على مسافة قدم واحدة منه، وأطاح بجسده إلى الخلف فى عنف ...
وفى نفس اللحظة، برز الغزاة الثلاثة، وهم يصوبون اسلحتهم العجيبة إلى أفراد الفريق ...
لقد بدأ الهجوم الثانى ...
وبمنتهى العنف .
* * *



alaa7 30-12-11 11:43 PM

احلى عهد يسعد مساكي الجزء قصير ومشوق ناطرة التكمله وعندي طلب بتمنى تردي عليي انا قرات نيران الكون وعمتابع باقي الاجزاء لكن الانفجار مش عمتفتح معي الاجزاء لكونان دويل بس بتمنى تساعديني :rdd12zp1::rdd12zp1:

عهد Amsdsei 30-12-11 11:51 PM

السلام عليكم

فصل جميــــــــــل جداااا و أخيرا بدأت الأحداث بالتشابك

و تدخل الفريق بشكل مباشر

بس متوترة كثير على آخر مشهد و منتظرة الفصل الجاااي

تسلم يداتك دكتوور

عهد Amsdsei 30-12-11 11:52 PM

هلا ألاء ولا يهمك اروح أشوف الصفحات من عيوووني

عهد Amsdsei 06-01-12 07:07 PM

السلام عليكم

الفصل السادس ... الهجوم

الفصل السادس ... الهجوم

التقى حاجبا القائد الأعلى للمخابرات العلمية فى شدة، وهو يطالع شاشات المراقبة، للأقمار الصناعية، التى تركًَّزت على المنطقة، التى اتجه إليها فريق (نور)، فى جبل المقطًَّم، وقال للدكتور (فريد)، وهو يشير إلى الشاشات فى عصبية :
- من الواضح أن قتالاً يدور هناك.
بدا صوت الدكتور (فريد) شديد التوتر، وهو يغمغم :
- إنه مخبأ خصومنا ولا شك .
ثم أضاف فى انفعال :
- ينبغى أن تصدر الاوامر بهجوم شامل يا سيًَّدى ... وفوراً .
صمت القائد الاعلى لحظات مفكًَّراً، قبل أن يتراجع فى مقعده، قائلاً:
- ولكن لماذا لم يطلب (نور) شن هذا الهجوم ؟!
أجابه الدكتور (فريد) فى عصبية:
- ربما فقد وسيلة الاتصال ... أو لم يجد الوقت لهذا .
أشار القائد الأعلى بسبًَّابته، قائلاً فى حزم :
- أو وجد أنه من الخطورة أن نفعل هذا .
هتف الدكتور (فريد) :
- إنه مجًَّرد احتمال .
قال القائد الأعلى بنفس الحزم :
كل شئ مجًَّرد احتمال .
قال الدكتور (فريد) فى انفعال :
- معذرة يا سيادة القائد الأعلى، ولكن المنطق العلمى يقول: إننا نواجه خطراً داهماً، على كوكبنا كله، وعلى مستقبل بقاء الجنس البشرى عليه، ولو أنه هناك احتمال، حتى لدمار المنطقة كلها، وفناء فريق المقدًَّم (نور)، فهذا لا يساوى شيئاً، مقارنة بفناء حضارة كاملة .
انعقد حاجبا القائد الأعلى فى صرامة، وهو يقول:
- وما أدراك أن أى هجوم شامل، لن يؤدى إلا إلى الإسراع بهذا الفناء؟!
امتقع وجه الدكتور (فريد) دون ان يجيب، فى حين أضاف القائد الاعلى، فى مزيج من الحزم والصرامة:
- أليس هذا أيضاً من المنطق العلمى؟!
صمت الدكتور (فريد) بضع لحظات، قبل أن يغمغم :
- علينا ان نستعد على الأقل.
تراجع القائد الأعلى فى مقعده، وهو يقول :
- فى هذا أنت على حق ...
ثم ضغط أحد الأزرار العديدة امامه، وهو يضيف:
- سأعقد اجتماعاً فورياً، مع كافة القادة؛ لوضع كل القوات على أهبة الاستعداد، للتدخل الفورى .
وصمت لحظة، ثم أضاف بمنتهى الحزم :
- فى حالة فشل فريق (نور) .
قاله، والشاشات تنقل إليه ما يوحى بأن فشل الفريق صار قاب قوسين ...
أو أدنى ...
كثيراً ...
* * *
كان الهجوم عنيفاً ومباغتاً بحق...
ووفقاً لخطة مدروسة ...
فالمقاتلون الثلاثة، الذين أرسلهم الجنرال، بدأوا القتال، فور خروجهم من ذلك النفق ...
وتوجهوا نحو أهداف بعينها ...
فعقب ذلك الانفجار، الذى أطاح بجسد (أكرم) بعيداً، وأسقطه فوق كومة من الصخور، التى ارتطم بها فى عنف، أفقده الوعى، انقض الثلاثة نحو أهدافهم، التى من الواضح أنهم قد حددًَّوها بدقة ...
لقد اطلق أحدهم فقًَّاعة اخرى، نسفت جهاز (سلوى)، الذى يطلق تلك الموجات الصوتية الفائقة، ونسف الثانى جهاز (نشوى)، فى حين أطلق الثالث فقًَّاعة أكثر قوة، انفجرت عند قدمى (نور) تماماً، وألقت به بعيداً ...
وعلى الرغم من آلامه، والدوار الذى شعر به، تحامل (نور) على جسده لينهض، وهو يسحب مسدسه الليزرى، و ...
ولكنه لم يطلق منه طلقة واحدة ...
فعندما استعاد توازنه، كان المقاتلون الغزاة الثلاثة، يصوًَّبون أسلحتهم نحو زوجته وابنته وزميله (رمزى) الذى غمغم فى مرارة، وهو يرفع يديه مستسلماً:
- لقد باغتونا يا (نور) .
نقل (نور) بصره بين الجميع، قبل ان يقول فى هدوء عجيب، لا يتناسب مع الموقف :
- ولكنهم لم يقتلونا .
لم يفهم ثلاثتهم سر هدوئه، أاو المغزى من عبارته، إلا أنه خفض مسدسه، وهو يقول بنفس الهدوء:
- حسناً... إننا نستسلم .
غمغمت (نشوى) فى دهشة :
- بهذه البساطة يا أبى ؟!
هزًَّ كتفيه، قائلاً :
- وماذا بيدينا لنفعله ؟!
كان من الواضح أن المهاجمون الثلاثة لم يفهموا حرفاً واحداً مما قال؛ إذ أن كل ما فعلوه هو أن أشار احدهم إلى النفق فى صرامة، وكأنه يامرهم بدخوله، فغمغم (نور)، وعلى شفتيه ابتسامة غامضة:
- هذا ما توقعته .
وفى هدوء، اتجه إلى مدخل النفق، مفلتاً مسدسه الليزرى، الذى سقط ارضاً، واستقر بين الصخور، فتمتمت (سلوى)، وهى تتبعه:
- ماذا يدور فى ذهنك يا (نور)؟!
أجابها بنفس الهدوء العجيب:
- الكثير .
ثم أضاف، وهو يسير مع رفاقه عبر النفق، وخلفهم الغزاة الثلاثة، يصوبون إليهن أسلحتهم:
- إنهم لم يحاولوا قتلنا .
انعقد حاجبا (رمزى)، وهو يدرس موقف (نور)، فى حين حمل رأس (نشوى) تساؤلاً واحداً ...
كيف ترك هؤلاء الغزاة خلفهم أقوى أسلحة الفريق ؟!...
(أكرم) ...
كيف تركوه؟!...
كيف؟!...
* * *
" أغبياء ..."
نطقها الجنرال فى صرامة شديدة، وهو يواجه العالمين المصريين بوجه شرس، قبل ان يضيف فى قسوة:
- كان يمكنكما تفادى كل هذا العذاب؛ لو انكما تعاونتما بصدق من البداية .
غمغم الدكتور (كمال) فى تهالك:
- إنه مصير كوكبنا كله .
أجابه بنفس القسوة:
- مراقبتنا لكم أيها البشر، أنبأتنا ان اجسادكم يمكنها التكيف مع كل أحوال الطقس ...هناك بعضكم يحيا فى مناطق شديدة الحرارة، وآخرون فى قلب الصقيع .
قال الدكتور (ريمون)، وهو يحاول استعادة تماسكه :
- كل هذا فى ظل توازن شمسى، تحاولون أنتم الإخلال به .
اجابه فى صرامة:
- إننا نحاول انقاذ شعبنا .
قال الدكتور (كمال)، فى شئ من الحدة :
- عبر إفناء شعب آخر .
مطًَّ الجنرال شفتيه الرفيعتين فى ازدراء، دون ان يجيب، فقال الدكتور (ريمون) فى عصبية:
- ولماذا لا نجد وسيلة للتعايش؟!...مادمتم اعتدتم على العيش فى هذا الصقيع، يمكنكم استيطان المناطق شديدة البرودة على كوكبنا.
قال الجنرال، فى خشونة:
- ثم ماذا؟!
أجابه الدكتور (كمال):
- ثم يحيا كل منا فى سلام، بدلاً من أن يفنى احدنا الآخر .
اندفع (أيسول) يقول فى حدة:
- هراء.
التفت إليه العالمان فى دهشة، فاستطرد بنفس الحدة:
- لقد راقبناكم طويلاً؛ لندرك أنكم تشبهوننا كثيراً، من هذه الناحية ... أنتم لا تقبلون أبداً بفكرة تعايش الشعوب، مع بعضها البعض ... أنتم تؤمنون مثلنا، بأحقية الأقوياء فقط فى البقاء .
غمغم الدكتور (ريمون)، فى دهشة مستنكرة:
أى قول هذا؟!
أجابه الدكتور (كمال) فى أسى:
- إنهم على حق فى هذا يا رجل ...راجع تاريخنا، وستجد أنهم على حق ... سياسة البشر، منذ بدء الخليقة، هى السيطرة ... وكل حروب الارض كانت من أجل هذا ... كل كيان يشعر بالقوة، أو يمتلك ما يفوق غيره، يسعى لاحتلال أراضى الغير بالقوة ... راجع ما فعله (المغول) و(التتار)، وما فعلته (إسرائيل) فى (فلسطين)، و(أمريكا) فى (أفغانستان) و(العراق)، وحتى مع السكان الأمريكيين الأصليين .
ثم خفض رأسه فى خزى، مستطرداً فى مرارة :
- إنهم على حق .
لم يحر الدكتور (ريمون) جواباً، فى حين قال (أيسول) بنفس الحدة:
- لو أننا انخدعنا بقولكم، وقبلنا بفكرة التعايش السخيفة هذه، لن يلبث البشر أن يشعروا بأننا غرباء، يحتلون مساحة من كوكبهم، وأن عاجلاً أو أجلاً، ستنشب الحروب بيننا، ونصل إلى النتيجة الحتمية نفسها .
وقست كلماته بشدة، وهو يضيف :
- أن نفنيكم عن آخركم؛ ليحيا شعبنا فى أمان.
" نسيت أمراً هاماً يا هذا ..."..
انبعث الصوت من نهاية كهف الجليد فجأة، على نحو جعل الجميع يلتفتون إلى مصدره فى حركة واحدة، بدا بعدها الغضب على وجهى الجنرال و(أيسول)، وهما يتطلًَّان إلى (نور) و(رمزى) و(سلوى) و(نشوى)، الذين اقتادهم الغزاة الثلاثة إلى داخل الكهف شديد البرودة، و(نور) يضيف بنفس الهدوء، وهو يتأمًَّل الثلوج، التى تغطى جدران الكهف وتتدلًَّى كالعناقيد من سقفه:
- نسيتم أنه كوكبنا نحن، ولنا وحدنا حق الحياة عليه، واختيار من يشاركنا هذه الحياة .
قال الجنرال فى غضب شديد، ولهجة عنيفة شرسة:
- من سمح لك بالكلام أيها الأسير؟!
كان المكان شديد البرودة، حتى أن أسنان (نور) ورفاقه كانت تصطك ببعضها البعض، إلا أن (نور) بدا صارماً، وهو يقول:
- أليس من الوقاحة ان تأتى إلى عالمى، وتحاول فرض إرادتك عليه بالقوة؟!
تملًَّك العالمان المصريان شعور بالدهشة والاحباط، مع رؤية (نور) وفريقه، فى حين شعرت (سلوى) و(نشوى) بالخوف، مع مرآى تلك المخلوقات، ذات البشرة الزرقاء والروءس الصلعاء، والتى تنتشر فى المكان، الذى توسًَّطه جهاز (أتوترون)، وتراصت حوله أجهزة عجيبة، لا تنتمى إلى عالمهما، وبدا (رمزى) شديد الاهتمام، بمتابعة كل هذا، على عكس (نور)، الذى بدا وكأنه لم يندهش مما حوله، أو حتى من هيئة تلك المخلوقات، وهو يقف فى صلابة، على الرغم من البرد القارص، فى مواجهة الجنرال، الذى بدا شديد الشراسة، وهو يقول :
- بعد أيام من زمنكم الأرضى، لن يصبح هذا عالمكم، بل عالمنا نحن.
أشار (نور) بيده، قائلاً فى حزم:
- ولكنه، وحتى هذه اللحظة، مازال عالمنا.
مطًَّ (أيسول) شفتيه، وهو يسحب سلاحه بحركة حادة، قائلاً:
- هراء ... إنها مسألة ...
قاطعه الجنرال فجأة، قبل أن يتم عبارته:
- مهلاً ... ينقصهم شخص آخر .
ثم التفت إلى الغزاة الثلاثة، الذين شنوا الهجوم، مستطرداً بلغته العجيبة:
- ما رأيته على الشاشة، كان ثلاثة رجال وامرأتين من البشر، ولست أرى هنا سوى رجلين وامرأتين... أين الرجل الثالث؟!
تلفًَّت الرجال حولهم فى انزعاج، وقد انتبهوا فى تلك اللحظة فقط، إلى أنهم لم يحضروا (أكرم)...
كان الانفجار الأوًَّلى قد أطاح به بعيداً، بحيث غاب عن بصرهم، عندما بدأوا هجومهم...
ولهذا لم ينتبهوا إليه ...
وفى غضب هادر، صرخ فيهم الجنرال، بلغتهم غير الأرضية:
- اذهبوا واحضروا الرجل الثالث...فوراً .
اندفع الغزاة الثلاثة عائدين إلى الخارج، فى حين صوًَّب (أيسول) سلاحه إلى (نور) ورفاقه الثلاثة، قائلاً فى عصبية:
- لو أردت رأيى يا جنرال، فمن الخطر وجود كل هذا العدد من البشر هنا ... الأفضل أن نتخلًَّص منهم على الفور.
أجابه الجنرال فى صرامة، بلغتهم غير الأرضية:
- لست أريد رأيك.
لم يفهم نور حديثهم بالطبع، ولكن (رمزى) غمغم:
- لو أن تحليلهم النفسى يتوافق معنا، فذلك الذى يصوًَّب سلاحه إلينا يرغب فى التخلص منا، وقائده يرفض هذا.
غمغم (نور) بنفس الهدوء، الذى لا يفهم رفاقه سببه:
- لو أرادوا قتلنا، لفعلوها فى الخارج يا صديقى.
سألته (سلوى) بصوت خافت مرتجف:
- ماذا يريدون منا إذن يا (نور)؟!
أجابها فى هدوء مستفز:
- تعذيبنا.
واتسعت عيون الرفاق الثلاثة فى دهشة مذعورة.
فقد كان جواب (نور) مخيفاً...
إلى أقصى حد ...
* * *
ساد توتر ملحوظ، حجرة الاجتماعات البلوًَّرية، فى مبنى المخابرات العلمية، عندما شرح القائد الأعلى الموقف للقادة العسكريين، الذين التفوا حول مائدة زجاجية كبيرة، بعد ان شاهدوا كل الافلام والصور، التى تروى ما حدث، وقال قائد الطيران فى انفعال:
- لو أردتم رأيى، فلابد من شن هجوم جوى فوراً، على تلك المنطقة، بعد إخلاء السكان منها؛ مهما كانت النتائج.
أشار القائد الأعلى بيده، قائلاً:
- لا تنس أنهم مازالوا يمتلكون جهاز (أتوترون)، وطاقته السلبية، القادرة على سحب طاقة من كل مقاتلاتنا، وإسقاطها بلا قتال.
تراجع قائد الطيران، وهو يعقد حاجبيه بشدة، فى حين اندفع قائد المشاة يقول فى حزم وتوتر:
- وماذا عن هجوم برى شامل... وأيضاً بعد إخلاء المنطقة؟!
أجابه الدكتور (فريد)، والذى بدا أكثر الجميع توتراً:
- طلقة واحدة من (أتوتورن)، كفيلة بإفناء كل قوات الهجوم، فى لحظة واحدة.
نهض قائد المدرًَّعات الفائقة، يقول فى حدة:
- لماذا دعوتمونا إلى هذا الاجتماع إذن، مادمتم ترون أنه ما من جدوى من الهجوم، أياً كانت نوعيته وكثافته.
قال القائد الأعلى، محاولاً الحفاظ على تماسكه:
- إننا لم نقل هذا، ولكن علينا تحذيركم من كافة الاحتمالات.
ثم أشار إلى الدكتور (فريد) مضيفاً:
- ثم أن رئيس فريق العلماء لديه نظرية مختلفة.
استدارت العيون كلها إلى الدكتور (فريد)، الذى تنحنح فى توتر، قبل أن يقول:
- أولئك الغزاة اختطفوا العالمين، اللذين وضعا فكرة الطاقة السلبية وتصميم الـ(أتوترون)، وهذا يعنى أنهم إما عجزوا عن تطوير الجهاز، أو عن توليد المزيد من الطاقة، وهذه مجًَّرد نظرية، لو صحت، فستكون لدينا فرصة للتخطيط لهجوم شامل سريع.
بدا أركان حرب القوات المسلحة عصبياً، وهو يقول:
- لست أفهم هذا !!... هل سنشن الهجوم أم لا؟!
اعتدل القائد الأعلى، وهو يقول:
- بل سنشن الهجوم، ولكن ليس بالسرعة التى تتصوًَّرونها، على الرغم من نظرية الدكتور (فريد).
أطل التساؤل من عيون الجميع فى حيرة، فتابع فى حزم:
- الواقع أن الاحداث قد بدأت بالفعل، وفقاً للخطة.
وفى حسم، بدأ يشرح لهم خطة المخابرات العلمية...
وتحوًَّل التساؤل فى العيون، إلى دهشة عارمة...
دهشة بلا حدود...
على الإطلاق...
* * *
" مهلاً ..."
قالها الجنرال فجأة، وعلامات الغضب والتفكير العميق تملأ ملامحه، قبل أن يرفع عينيه المخيفتين إلى (نور)، مستطرداً فى صرامة:
- لماذا أنت هادئ إلى هذا الحد؟!
اندفع (رمزى) يجيب:
- هذه طبيعة (نور) ... إنه...
صرخ الجنرال فى وجهه فى شراسة:
- اصمت .
تراجع (رمزى) فى توتر شديد، وشعرت (سلوى) و(نشوى) بالقلق والخوف، فى حين ظلًَّ (نور) هادئاً، وهو يقول:
- ولماذا لا أكون كذلك؟!
اتجه الجنرال نحوه، ومال عليه بشدة، حتى ان أنفاسه الباردة كالثلج، قد ارتطمت بوجه (نور) فزادت من شعوره بالبرد القارص، والجنرال يقول فى قسوة:
لأن هذا يخالف طبيعتكم، التى درسناها لسنوات أيها البشر...
لم يتراجع (نور) امام نظرات الجنرال الوحشية القاسية، ولا أنفاسه قارصة البرودة، وإنما ظل هادئاً متماسكاً، على نحو أدهش رفاقه أنفسهم، فى حين واصل الجنرال، فى قسوة منفعلة:
فكما تبدو لنا هيئتكم قبيحة، تبدو لكم هيئتنا مخيفة، وعلى الرغم من هذا، فرؤيتنا أزعجت رفاقك، دون أن تؤثر بك على الإطلاق!
غمغمت (نشوى) فى غضب مستنكر:
- نحن هيئتنا قبيحة ؟!
وقال (نور)، وهو يواجهه فى ثبات:
فى عقيدتنا، لا توجد مخلوقات لله عزًَّ وجلًَّ، ذات هيئة قبيحة؛ فكل مخلوقاته سبحانه وتعالى جميلة، ولكن كل منها يناسب البيئة التى خلق لها، وخلقت له.
ثم أدار عينيه فى الغزاة، الذين يملأون المكان، متابعاً:
- حياتكم فى بيئة قارصة البرودة، جعلتكم أشبه بالمخلوقات ذات الدم البارد فى عالمنا، مثل الزواحف وبعض الحشرات *، ومنحت بشرتكم ذلك اللون الأزرق، كنتيجة لقلة الاكسجين، الذى تحتاجه أجسادكم، وذلك الرأس الأصلع، مع عجز الشعر عن النموعليه، فى الطقس شديد البرودة.
غمغم الجنرال، وهو يتفحص ملامح (نور) وانفعالاته بمنتهى الدقة:
- أخطأت فيما يتعلق بدمائنا أيها الأرضى.
هزًَّ (نور) رأسه نفياً فى هدوء، وقال:
- كنت اتحًَّدث عن الهيئة الخارجية فحسب، ولكن من المحتم أن تكونوا مثلنا، من ذوى الدم الحار؛ وإلا لتجمًَّدت الدماء فى عروقكم... هذا لو أن اجسادكم تحوى دماء، كالتى تسرى فى عروقنا نحن.
بدا الاهتمام أكثر على وجه الجنرال، والغضب على وجه (أيسول)، فى حين تبادل الدكتور (كمال) والدكتور (ريمون) نظرة صامتة، وكأنهما يتساءلان عن سر حديث (نور) وهدوئه، فى حين غمغمت (نشوى) فى صوت هامس متوتر:
- ما الذى يعنيه هذا بالضبط؟!
ضغط (رمزى) يدها فى رفق، يحثها على الصمت، و(سلوى) تتابع حديث (نور) فى اهتمام قلق، وهو يواصل:
- ومن الواضح انكم لا تختلفون عنا كثيراً، ولستم متقدمين عنا كثيراً أيضاً؛ فما آراه حولنا، من أجهزة، تشبه أجهزتنا الأرضية، بخلاف هيئتها، الشبيهة بكرات ثلج كبيرة.
سرى توتر شديد فى ملامح الجنرال، وخفض عينيه من وجه (نور) إلى ثيابه وجسده، وراح يتفحصهما بعينيه الشبيهتين بكرتين من الثلج الشفاف، فى حين تابع (نور) بنفس الهدوء:
- وكذلك وسائل تأمين مخبأكم، التى مررنا بها، لم تكن تختلف كثيراً عن مثلها على كوكبنا ... مصعد من الثلج، ونظم رصد حرارية، و....
قاطعه الجنرال فجأة فى صرامة عنيفة:
- كفى .
ثم عاد يميل نحوه بشدة، قائلاً فى شراسة شديدة:
- إنك تبلغهم بالتفاصيل .... أليس كذلك؟!
بدا شبح ابتسامة، على ركن شفتى (نور)، وهو يقول بنفس الهدوء:
- أبلغ من ؟!
أدرك (رمزى) الموقف على الفور، مع أسلوب (نور) فى الإجابة، فضغط كف (نشوى) مرة أخرى فى انفعال، فى حين ارتفع حاجبا (سلوى)، وهى تغمغم:
- آه يا (نور) .
أما الجنرال، فقد اعتدل بحركة أكثر حدة، وهتف فى صرامة:
- (أيسول) .
أسرع إليه (أيسول) فى انفعال، فأشار إلى (نور)، هاتفاً بلغتهم:
- فتش عما يحمله.
اندفع (أيسول) يفتش ثياب (نور)، فى عصبية واضحة، فى حين شد الجنرال جسده فى قوة، وهو يقول فى غضب:
- كان ينبغى أن ادرك هذا منذ البداية.
مع قوله، تموًَّجت تلك الشاشة الثلجية الكبيرة، وظهرت عليها صورة الغزاة الثلاثة، الذين عادوا إلى السطح، وهم يطلقون فقاعاتهم المتفجرة فى كثافة، والغبار وشظايا الصخور المتفجرة يكاد يحجب صورتهم، فالتفت الجنرال إلى الشاشة لحظة، ثم عاد ببصره إلى (نور) ورفاقه، و(أيسول) يواصل تفتيش هذا الأخير فى غلظة، وقال فى ظفر :
- أرأيتم !... إنهم يقتلون رفيقكم.
وهوى قلب (سلوى) بين قدميها...
بمنتهى العنف.
* * *





عهد Amsdsei 06-01-12 09:49 PM

السلام عليكم

واااااااااااااااااااااااو فصل جميل جدااااااااااااااا

بس حراام اشفقت على اكرم دائما كبش الفداااء يعني

ياترا ايه هي الخطة اللي عملتها المخابراات بالضبط و كمان انا احترت بنوور .. و طريقة تصرفه

متى راح يأتي الفصل القادم متشوقة للجمعة كثيـــــــــــــــــــــر

alaa7 07-01-12 02:15 AM

يسعد مساكي عهد وكمان مساك يا دكتور فاروق الفصل مشوق انا بعكس عهد ما بشفق على اكرم الله يكون بعون اللي راحو يدوروا عليه عرف نور شو عمل واكيد ناطرين الاجزاء الباقيه :110:

عهد Amsdsei 07-01-12 07:47 AM

الاء حبيت كلمتك كثيـــــــــــــــــر

اقتباس:

بعكس عهد ما بشفق على اكرم الله يكون بعون اللي راحو يدوروا علي
الله عليكي جبتيها ^^

فاتن صحراوي 08-01-12 04:02 PM

يا حرااااااااااااااااااااااااااااام صارلي أسبوع و أنا ناطرة هالفصل و مستنيتو على نااااااااار بس ما رضي يفتح معي لانو على شكل ملف rar و أنا هالنوع ما بيفتح معي ممكن تقولي شو لازم أعمل pleeeeeeeeeeeeeeeaaase أنا كثير متشوقة لأقر هالفصل

عهد Amsdsei 08-01-12 04:16 PM

السلام عليـــــــــــــــكم

يا هلا بك أخـــتي

أبشري أرجعل لك أياه كلمات عادية لعيونك انتظري شوية بس

فاتن صحراوي 09-01-12 04:45 PM

مشكورة و الله يوفقك يا رب يعطيك ألف عافية

عهد Amsdsei 10-01-12 07:45 AM

الدكتور نبيل راح يعرض فصلين من الرواية بدل فصل كل اسبوع

فبيكون معانا السبت و الثلاثاااء

انتظروناا اليوم ^_*

عهد Amsdsei 11-01-12 06:57 AM

الفصل السابع ... الجيش

" مستحيل !..."
غمغم أركان حرب القوات المسلحة بالكلمة، فى تأثر شديد، وهو يحدًَّق فى وجه القائد الأعلى للمخابرات العلمية، الذى أومأ برأسه، قائلاً:
- فى عالمنا لا وجود للمستحيل ... هناك فقط (مصر) ... وأمن ومستقبل (مصر)... ولقد كان (نور) وفريقه يعلمون أنهم خرجوا فى مهمة بلا عودة، ولكنهم لم يتردًَّدوا لحظة فى القيام بها، مجازفين بأرواحهم، عن طيب خاطر، من أجل وطنهم وعالمهم ...
تبادل القادة نظرة تقدير وانبهار، قبل أن يضيف الدكتور (فريد) فى انفعال:
- لقد وضع المقدًَّم (نور) خطته، مستنداً إلى ان الغزاة لن يقدموا على قتلهم فوراً، عندما يرصدون التجارب التى يقومون بها؛ لكشف مكمنهم، وإنما سيحاولون أسرهم، وإجبارهم على البوح بكل ما لديهم من أسرار ومعلومات .
قال القائد الاعلى، مكملاً حديث الدكتور (فريد) :
- ولهذا زوًَّدنا المقدًَّم (نور) بأحدث أجهزة التتبًَّع، التى ابتكرتها معامل أبحاثنا الخاصة، وهو جهاز بالغ الدقة، يطلق موجات خاصة جداً، يمكنها استغلال ما يحيط بها من صخور، لنقل ذبذبات الصوت، والعمل على تضخيمها ما يقرب من مليون مرة، بحيث يمكنها أن تصل إلى السطح، مهما بلغ العمق الذى تنطلق عنده، فى باطن الأرض.
أشار الدكتور (فريد) بسبًَّابته، مضيفاً :
- حيث يستقبلها جهاز آخر، تم إخفاؤه فى وحدة الطاقة الخاصة، فى مسدس المقدًَّم (نور) الليزرى، ثم يعيد بثها إلى أحد أقمارنا الصناعية، والذى يبثه إلينا مباشرة، مع كافة المعلومات المطلوبة، عن العمق الذى انبعث منه الصوت، ودرجة الحرارة فيه.
عاد القائد الاعلى يلتفت إلى الشاشات، التى تراصت عليها مجموعة من البيانات، وهو يقول:
- وكما ترون امامكم ... لقد نقل (نور) بحديثه لنا، كل التفاصيل، التى أمكنه رصدها، عن هيئة الغزاة، وسبل تأمينهم لوكرهم، فى أعماق جبل (المقطًَّم)، بالإضافة إلى ما نقله جهازه، عن العمق الذى يوجد به الوكر، ودرجات البرودة شديدة الانخفاض فيه .
تطلًَّع قائد القوًَّات إلى الشاشات مرة أخرى، ثم قال فى حزم:
- وبناءً على ما اراه، لن يكون من العسير أن نشن ذلك الهجوم الشامل، خاصة وأنه من الواضح أن أولئك الغزاة قد كشفوا خطتكم .
مال القائد الأعلى إلى الامام، وهو يقول بمنتهى الحزم:
- وهذا يعنى أن نبدأ ذلك الهجوم الشامل بالفعل .
وانعقد حاجباه بمنتهى الشدة، وهو يضيف:
- الآن.
وكان هذا يعنى بدء المعركة ...
الفاصلة ..
* * *
لم يكد الغزاة الثلاثة، الذين عادوا إلى السطح، يلمحون سترة (أكرم)، بين كومة الصخور، التى أطاح به الانفجار إليها، حتى أطلقوا فقاعاتهم المتفجًَّرة على الفور ...
ودوت الانفجارات ...
وتناثرت شظايا الصخور فى كل الاتجاهات ...
وأصابت الفقاعات المتفجًَّرة هدفها ، و...
وفجأة، اختلط بدوى الانفجارات، صوت رصاصة ...
رصاصة تقليدية، انطلقت من بين كومة صخور أخرى، أعلى النفق، ومزًَّقت جزءاً من سترة أحد الغزاة الثلاثة ...
وفى اللحظة التالية، وثب (أكرم) من أعلى النفق ...
وثب وهو يواصل إطلاق رصاصاته ...
وفى نفس اللحظة التى سقط فيها الغازى الأوًَّل أرضاً، وهو يصرخ ألماً، مع احتراق جسده بأشعة الشمس، إثر تمزًَّق سترته، كانت رصاصات (اكرم) تطيح بالغازى الثانى، قبل أن يهبط (أكرم) على قدميه، ويتدحرج بين صخور (المقطًَّم)، متفادياً فقاًَّعة متفجرة من الثانى ...
وتراجع الغازى الاخير نحو مدخل النفق، وهو يطلق فقًَّاعاته المتفجرة، فى غزارة كبيرة، مدفوعاً بخوفه وتوتره...
وحاول (أكرم) أن يحتمى بكومة إضافية من الصخور؛ ليعيد تلقيم مسدسه، إلا أن تلك الفقاعات المتفجًَّرة نسفتها نسفاً، فهتف فى سخط :
- ألا يمكنك الانتظار أيها الوغد ؟!...
ثم وثب من مكانه، واطلق رصاصاته نحو الغازى الثالث، قبل حتى أن تعود قدماه إلى الأرض ...
كانت تلك الفقاعات المتفجرة تنطلق نحوه، فى غزارة كبيرة، ولكن ذهنه استعاد ذلك المشهد، فى قاعة تدريبات المخابرات العلمية، فانحنى، ودار حول نفسه، وتدحرج جانباً، وصوًَّب مسدسه ...
وأطلقه ...
وفى هذه المرة، أصابت رصاصته سلاح الغازى الاخير مباشرة، فانفجر بين يديه، وأطاح به إلى الخلف فى عنف ...
وفى سرعة، حاول الغازى الأخير استعادة توازنه، إلا أنه فوجئ بـ (أكرم) ينقض عليه، عند مدخل النفق، وهو يهتف:
- ترى هل تبلغ مهاراتك القتالية براعتك فى إطلاق النار؟!
ارتطم به؛ ليعيده إلى أرضية النفق، ثم هوى على فكه بلكمة، أودعها كل قوته ...
وكان من الواضح أنها لا تكفى ...
لقد شعر، وهو يلكمه، وكأنه يلكم جداراً من الصلب، فاستعاد قبضته، وحاول أن يلكمه بها مرة أخرى، هاتفاً:
- مم صنعتم يا هذا؟!..
ولكن الغازى استقبل اللكمة الثانية فى راحته، التى بدت بمثل صلابة جسده ...
ثم نهض فجأة بقوة مدهشة، دفعت جسد (أكرم) عنه ...
وبنفس السرعة المدهشة، قبض على عنق (أكرم)، بأصابع كالفولاذ، لها ملمس الثلج ...
وعلى الرغم من محاولته إعادة تصويب مسدسه، رفعه الغازى من عنقه عن الأرض، وأمسك بقبضته الثانية معصمه؛ ليمنعه من إطلاق رصاصة إضافية ...
وشعر (أكرم) بآلام الاختناق، وذلك الغازى يرفعه عن الأرض، ويعتصر عنقه، وعيناه تلتمعان ببريق عجيب، كما لو كانتا قطعتين من الكريستال، توهًَّجتا تحت ضوء مصباح قوى ...
وجحظت عينا (أكرم) مع الألم ونقص الأكسجين، فغمغم متحشرجاً، وهو يميل فوهة مسدسه بقدر استطاعته:
- (أكرم) لم يعتد الاستسلام بهذه السهولة يا هذا.
وبصعوبة بالغة، ضغط زناد مسدسه ...
وانطلقت الرصاصة ...
انطلقت لتخترق ساق الغازى، وتنفذ منه فى قوة ...
واتسعت عينا الغازى عن آخرهما ...
وتلاشى بريقهما دفعة واحدة ...
وعلى الرغم من أن تلك الإصابة غير قاتلة فى عالمنا، وليس من الوارد أن توقف مقاتلاً بهذه القوة، فقد تراخت قبضة الغازى على عنق (أكرم)، وارتسم الذعر الشديد على ملامحه، وترك جسد هذا الاخير يسقط أرضاً، وهو يحاول سد الفتحة، التى أحدثتها الرصاصة فى حلته الواقية ...
وأمام عينيه الذاهلتين، رأى (اكرم) أدخنة كثيفة، تخرج من موضع الرصاصة، وذلك الغازى يتلوًَّى ألماً، ثم يندفع عبر النفق، محاولاً الوصول إلى شئ ما ...
ودون إضاعة لحظة واحدة، اندفع (أكرم) خلفه، ورآه يتوًَّقف عند جزء من جدار النفق الصخرى، ويضغطه بأصابعه الباردة، فانزاح ذلك الجزء، كاشفاً ما يشبه مصعداً من الثلج، هم الغازى بالقفز داخله، ولكن (أكرم) وثب نحوه، وجذبه بعيداً عن مصعد الثلج، وهو يهتف:
- ليس بهذه البساطة يا صاح .
قاومه الغازى فى استماتة، والأبخرة تتزايد كثافة، وتتصاعد من فتحة ساقه ...
وتتصاعد ...
وتتصاعد ...
ولكن (أكرم) تشبث به فى قوة، وشعر بقوته تتخاذل أمامه، وهو يحاول الزحف نحو مصعد الثلج...
ثم فجأة، تزايدت كثافة الأبخرة، على نحو شديد، وتخاذلت معها مقاومة الغازى أكثر ...
وأكثر ...
وأكثر ...
وبينما نصفه العلوى داخل مصعد الثلج، تهاوى الغازى اخيراً ...
وانتشرت فى النفق رائحة عجيبة، أشبه برائحة شواء لحم فاسد ...
وبينما يلهث فى شدة، تراجع (أكرم)، يلقى نظرة دهشة على ذلك الغازى ...
وكان من الواضح أن جسده يشتعل من الداخل ..
ويذوب ...
وعلى الرغم من ذلك المشهد البشع، نهض (أكرم) واقفاً على قدميه، مواصلاً لهاثه، وهو يغمغم :
- أمور عجيبة شاهدتها، منذ عملت معك يا (نور) .
توقًَّف لحظات، تطلًَّع خلالها إلى مصعد الثلج، ثم جذب جسم الغازى المشتعل خارجه، وخطا داخله، مستطرداً:
- ولا ريب فى أنه هناك أمور أعجب فى انتظارى .
أغلق باب المصعد، الشبيه بالصخور من الخارج، فور أن استقر (أكرم) داخله، وأضئ جزء من جدرانه بلون أحمر، فضغط ذلك الجزء دون تردًَّد، وهو يشعر بالبرد الشديد داخل المصعد، الذى بدأ الهبوط، حاملاً إياه إلى المجهول ...
أو إلى حتفه ...
مباشرة ...
من يدرى ؟!...
* * *
" هذا ما توًَّقعته ..."
بدا الجنرال شديد الغضب، وهو يفحص ساعة (نور)، التى تحوى آلة البث المتطوًَّرة الدقيقة، والتى ناولها لأحد أفراد فريقه، وهو يضيف فى شراسة:
- أنت تستحق الموت من أجل هذا .
شهقت (نشوى)، وارتجف قلب (سلوى)، وانعقد حاجبا (رمزى)، إلا أن (نور) بدا أكثر صلابة، وهو يقول:
- الموت لا يساوى شيئاً، عندما يكون فى سبيل ما تؤمن به ...ولقد أديت واجبى، تجاه وطنى وعالمى، وهم يعلمون الآن الكثير عنكم، وعن موقعكم وقدراتكم، وهذا يكفينى؛ لأموت مستريح البال والضمير .
بدت الدهشة على وجه الجنرال، فى حين غمغم (أيسول)، وهو يصوًَّب سلاحه فى توتر، نحو (نور) ورفاقه الثلاثة:
- لن يمكننى فهم هؤلاء البشر أبداً.
تجاهل الجنرال عبارته، وهو يميل نحو (نور)، متسائلاً:
- أأنت مستعد للموت، فى سبيل عالمك؟!
شدًَّ (رمزى) قامته، وهو يقول فى حزم:
- كلنا هذا الرجل.
وأضافت (سلوى):
- ودون أدنى تردًَّد.
وغمغمت (نشوى):
- الموت، فى سبيل ما تؤمن به، شرف يتمناه كل مخلوق.
نقل الجنرال بصره بين أربعتهم، فى حيرة متوترة، ثم التفت إلى أحد أفراد فريقه، وقال بلغتهم غير الأرضية شيئاً، لم يفهمه أحدهم، فأسرع ذلك الفرد نحو الجهاز الكبير، الشبيه بكرة الثلج، وراح يمرًَّر أصابعه الزرقاء على لوحة ثلجية أسفله، فظهرت عليه صورة كبيرة لـ(نور)، مع رموز كثيرة غير أرضية ...
وعبر فتحة أفقية دقيقة، فى اللوح الثلجى، سحب ذلك الفرد شيئاً أشبه بورقة ثلجية دقيقة، عاد بها إلى الجنرال، الذى مرًَّر أصابعه فوقها لحظات، بدا عليه خلالها الاهتمام الشديد، قبل أن يرفع عينيه مرة أخرى إلى (نور) قائلاً فى صرامة:
- إذن فأنت (نور الدين محمود)... قائد فريق مخابرات علمى، له مكانة خاصة على كوكبك...
غمغم (نور) فى هدوء:
- ربما ...
تابع الجنرال، دون أن يتوًَّقف عند تعليقه:
- ومن الواضح أنك تحوز شهرة كبيرة فى عالمك، باعتبارك بطل التحرير، الذى حررًَّتهم من غزو سابق1
قالت (سلوى) فى حزم:
- كما سيحررًَّهم من الغزو الحالى .
رمقها الجنرال بنظرة خاوية، قبل أن يقول:
- وأنت زوجته (سلوى)، خبيرة الصوتيات، والتى شاهدنا على شاشتنا تجربة علمية لمهارتها؛ عندما قضيت على (الميوتان)، الذى وضعناه لحماية مكمننا.
غمغم الدكتور (ريمون) فى توتر:
- (فروبود) و(ميوتان) ... تلك المسميات تشبه ما يمكن أن نطلقه فى عالمنا، على تلك الأشياء البشعة ...قل لى يا جنرال: أهناك صلة جينية، بيننا وبينكم؟!
التفت إليه الجنرال فى بطء، ورمقه بنظرة طويلة، قبل أن يقوا:
- هناك أمور عديدة، لن يمكنكم فهمهما، مهما بلغ تطوًَّر علومكم.
جذبت العبارة انتباه (نور) فى شدة، فاندفع يقول فجأة:
- من أين أتيتم بالضبط ؟!
استدار إليه الجنرال، وتطلًَّع إليه لحظة فى صمت، ثم عاد يشير إلى العالمين المصريين، وهو يلقى أمراً ما إلى فريقه....
وهنا، اندفع بعضهم نحو العالمين، فى شراسة واضحة، جعلتهما يتراجعان فى ذعر، والدكتور (كمال) يهتف:
- ماذا ستفعلون بنا؟!
شهقت (نشوى) مرة أخرى، عندما رأت الغزاة يجذبون فى قوة وقسوة، نحو جهاز كبير، تغطيه ثلوج كثيفة، فى حين هتفت (سلوى):
- أخبرنا ماذا ستفعل بهما؟!
بدا شديد الوحشية، وهو يقول:
- سأحصل منهما على ما أريد.
رأى (نور) ورفاقه الغزاة، وهم يقيدون العالمين إلى مقعدين ثلجيين، فى قلب ذلك الجهاز العجيب، ويضعان على رأس كل منهما خوذة كبيرة، تتصل بكابل ضخم، والعالمان يقاومان فى شدة، والدكتور (ريمون) يصرخ:
- لن تحصلوا منا على شئ، مهما فعلتم بنا... لن نعاونكم على إفناء الأرض.... لن نعاونكم أبداً .
غمغم (أيسول) بعبارة ساخرة، بلغتة غير الأرضية، والتى لم يفهمها سوى الجنرال، الذى قال بشراسته المعتادة:
- كنا نتصوًَّر أننا نملك الكثير من الوقت؛ لذا فقد كنا نتعامل معهما بالأسلوب الهيًَّن ... أما الآن ...
سأله (نور) فى توتر، حاول أن يضفى عليه شيئاً من الصرامة:
- إنك لم تجب تساؤلنا ... ماذا ستفعل بهما؟!
رمقه الجنرال بنظرة وحشية، وهو يجيب:
- نفس ما سأفعله بكم بعدها.
ثم أشار إلى الجهاز الثلجى الكبير، مستطرداً:
- ذلك الجهاز سيمتص عقليهما تماماً.... بكل ذاكرتهما، وعلومهما، ومعلوماتهما، وحتى رغباتهما ونزواتهما .
غمغمت (نشوى) مبهوتة، وهى تراقب تلك الشاشة الثلجية الكبيرة، المعلقًَّة فوق الجهاز:
- رباه !... ايعنى هذا ...
قاطعها الجنرال بوحشيته القاسية :
- نعم أيتها البشرية ...سننتزع منهما كل ما نريد من معلومات، تكفى لإطلاق جهازكم للطاقة السلبية، بأقصى قوة ممكنة، ولكن مخ كل منهما سيذوب بعدها داخل جمجمته ...
امتقعت وجوه (رمزى) و(سلوى) و( نشوى)، فى حين هتف (نور) فى غضب:
- إنك بهذا تقتلهما بمنتهى الوحشية .
تألًَّقت عينا الجنرال، الشبيهتين بكرتين من الثلج، وهو يقول :
- أنا مثلك أيها البشرى ... أفعل كل ما يمكننى، فى سبيل عالمى .
هتف به (نور) فى غضب:
- ولكن عالمك ليس على حق فيما يفعله ... إنه يسعى لإفناء عالم آخر، من أجل بقائه .
بدا شبح ابتسامة، على شفتى الجنرال، وهو يقول:
- يبدو أنك لم تتعلًَّم شيئاً، من تاريخ عالمك أيها البشرى .
ثم مال نحوه، مضيفاً وعيناه تزدادان تألقاً:
- ليس المهم من منا على حق ... المهم من منا يمكنه أن يربح معركته، ويفوز بما يريد.
تبادل معه (نور) نظرة متحدية، وهو يقول:
- ربما تبيًَّن لك الأحداث، ان هذا ليس دوماً ما يحدث.
مع قوله، تألًَّقت الشاشة الثلجية الكبيرة مرة أخرى، وتموًَّجت بشدة، ثم ظهرت عليها صورة جديدة...
صورة قوات الجيش، وهى تنتشر فى المنطقة ...
وتحاصرها ...
وتسيطر عليها تماماً ...
وبكل انفعالها، هتفت (سلوى):
وها قد بدأت المعركة؛ لتثبت لك خطا ما تصوًَّرته .
نظر إليها (ايسول) فى استهتار، فى حين قال الجنرال، فى لهجة أقرب إلى السخرية:
- وهل تصوًَّرت أننا لم نستعد لهذا؟!
نطقها فى هدوء وثقة، يوحيان بأنه مازالت هناك معلومات لم يتوًَّصل إليها (نور) بعد ...
معلومات توحى بأن تلك المواجهة، لن تحسم لصالح الأرض ...
أبداً ...
* * *
انتشرت قوات الجيش فى منطقة المقطم كلها، على نحو لم يحدث، حتى فى زمن الحروب الكبيرة...
طائرات هليوكوبتر عملاقة، راحت تنقل السكان خارج المنطقة؛ بحجة وجود خطر يهدًَّد بتشقق بعض مناطقها ...
قوات المشاة انتشرت حول المكان كله، مسلحة بأحدث الأسلحة الهجومية ...
وبأعداد هائلة ...
المدرًَّعات الفائقة حاصرت المنطقة، التى حددًَّتها الأقمار الصناعية بدقة ...
أسراب من المقاتلات الجوية، المزوًَّدة بمدافع الليزر، راحت تحوم فى سماء منطقة المقطم كلها ..
حفًَّارات عملاقة، بدأت تشق طريقها نحو المكمن ...
كان هجوماً شاملاً بمعنى الكلمة ...
وفى مقر قيادة المخابرات العلمية، تابع القائد الاعلى وقادة الجيش ما يحدث، على الشاشات الكبيرة، وقال الأوًَّل، فى اهتمام وقلق:
- ما فرصة فريق (نور) فى النجاة من هذا الهجوم الشامل، بفرض إتمامه بالسرعة الكافية؟!
تبادل القادة نظرة صامتة، قبل ان يجيب أركان حرب القوات المسلحة فى تردًَّد وخفوت :
- نحن نتحًَّدث عن مصير كوكبنا كله، و...
قاطعه القائد الأعلى فى توتر:
- سألت عن فرصة الفريق .
عاد القادة يتبادلون تلك النظرة الصامتة المتوترة، قبل أن يعتدل أركان الحرب، ويجيب فى حزم:
- صفر .
امتقع وجه القائد الاعلى والدكتور (فريد)، فى حين تابع أركان الحرب، وهو يضغط زراً أمامه:
- لا فرصة لهم فى النجاة ... على الإطلاق .
ومع ضغطة سبًَّابته، على ذلك الزر، بدأ الهجوم الشامل ...
وانخفضت فرصة نجاة الفريق إلى ما دون الصفر ...
بكثير.
* * *

عهد Amsdsei 14-01-12 08:30 AM

السلام عليكم

الفصل الثامن .. الضربة

لم يشعر (نور) ورفاقه بذرة من الارتياح، مع تلك الابتسامة الواثقة، التى علت شفتى الجنرال الرفيعتين، وهو يراقب ذلك الهجوم الشامل على مكمنه ...
الحفاًَّرات العملاقة بدأت فى حفر صخور (المقطم)، بوساطة اسطوانات حفر دوًَّارة قوية، تسعى للوصول إلى عمق المكان ...
قوات المشاة انقضت على مدخل النفق ...
المدرعات الحديثة، اتخذت مواقعها؛ لصد أى هجوم محتمل ...
أسراب المقاتلات اتخذت تشكيلات قتالية؛ للتدخل فوراً، إذا ما استلزم الامر ...
والجنرال يراقب كل هذا فى هدوء عجيب، وكأنه واثق من عدم جدواه ...
وبكل توتره، غمغم (رمزى) :
- لديهم خطة ما يا (نور) .
غمغم (نور)، وهو يراقب الشاشة الثلجية فى قلق:
- بكل تأكيد .
تمتمت (سلوى)، مضطربة:
كيف يمكنهم صد هجوم كهذا، والمكان هنا لا يحوى ما يوحى بأنه أسلحة هجومية أو دفاعية .
أجابتها (نشوى)، فى صوت هامس منفعل :
- أسلحتهم فى الخارج حتماً، وليست هنا .
هتفت (سلوى):
أين ؟!... لقد فحصنا المنطقة كلها تقريباً !!
غمغم (نور)، وهو ينقل بصره إلى العالمين المصريين، اللذين حمل وجهاهما علامات عذاب شديد، والكابلان الممتدان من خوذيتهما، يتألقان على نحو عجيب، وآلاف الرموز العجيبة ترتسم، على تلك الشاشة الكبيرة فوق الجهاز، الذى قيدوهما داخله :
- من يدرى؟!
ثم شدًَّ قامته، وهو يضيف فى حزم :
- ولكننا لا نستطيع ان نقف ساكنين .
قالها، ثم تحرًَّك فجأة، على نحو باغت الجميع، وانقض على (أيسول)، هاتفاً:
- أياً كان الثمن .
كانت انقضاضته مباغتة، بكل ما فى الكلمة من معان، حتى انها ادهشت كل من داخل ذلك الكهف الثلجى المخيف، وأفقدت (أيسول) توازنه، فسقط مع (نور) أرضاً، وهو يطلق صيحة غاضبة، بلغته غير الأرضية ...
وتحًَّرك (رمزى) بنفس السرعة، محاولاً الانقضاض على أقرب الغزاة إليه ...
أما (سلوى) و(نشوى)، فقد تراجعتا فى توتر شديد، عندما صوًَّب آخرون أسلحتهم إليهما فى تحفًَّز...
ومع كل ما يملك من قوة، حاول (نور) أن ينتزع سلاح (أيسول)، وهو يهتف :
- لن تستسلم الأرض بهذه البساطة يا هذا .
ولكن قبضة (أيسول) بدت أشبه بكًَّلابة فولاذية، وهى تتشبث بسلاحه، وهو نفسه يواصل إطلاق صيحاته الغاضبة، فى نفس الوقت الذى تلقى فيه (رمزى) لكمة قوية من خصمه، ألقته أرضاً فى عنف، وعندما حاول النهوض، كانت فوهات أسلحة الغزاة مصوًَّبة إلى رأسه، وعيونهم الشبيهة بكرات الثلج، تحمل شراسة كبيرة، توحى بأنهم لن يتردًَّدوا لحظة فى سحقة سحقاً؛ لو حاول معاودة الهجوم ...
أما الجنرال، فقد التفت إلى قتال (نور) مع (ايسول) فى لا مبالاة واضحة، وكانما يراقب موقفاً اعتيادياً، يعلم كيف سينتهى ...
ويبدو انه كان محقاً فى هذا ...
ففى قوة مدهشة، دفع (أيسول) ركبته فى معدة (نور)، الذى شعر بآلام رهيبة، قبل أن يرفع (أيسول) قدمه كلها، ويلقى به خلفه فى عنف ...
وبكل إرادته، حاول (نور) ان ينهض، ولكنه تلقى ضربة أكثر عنفاً، أعادته أرضاً، قبل أن ينتزع (أيسول) سلاحه منه، ويقفز واقفاً على قدميه، ويصوًَّب السلاح إلى رأسه، والغضب يتفجًَّر من كل ملامحه ...
ومع ضغطة سبًَّابة (أيسول) على سلاحه، أدرك (نور) أن محاولته قد باءت بالفشل ...
وأنه فى هذه اللحظة، يشهد لحظاته الاخيرة ...
دون أدنى شك ...
* * *
" أمر عجيب للغاية !!..."..
نطقها قائد القوات فى توتر، وهو يراقب شاشات الرصد الكبيرة، فى حجرة اجتماعات المخابرات العلمية، قبل ان يشير إلى باقى القادة، قائلاً :
- كنت أتوقع، ولو قدراً ضئيلاً من المقاومة .
غمغم القائد الأعلى، وهو يشعر بالحيرة نفسها:
- ربما يحاولون تحاشى المواجهة المباشرة .
شد أركان الحرب قامته، وهو يقول :
- أو ربما لديهم خطة ما .
أشار إليه قائد القوات، قائلاً:
- هذا هو الأرجح .
عادوا يراقبون عمل الحًَّفارت العملاقة، ومحاولات قوات المشاة والقوات الخاصة، العثور على مدخل واضح، فى قلب الممر، قبل أن يعاود قائد القوات حديثه، قائلاً:
- على الرجال استخدام أجهزتهم الحديثة؛ للبحث عن أى فراغ خلف جدران ذلك النفق، ونسف موقعه؛ فمن الموكًَّد أنه سيكون المدخل السرى لمكمن الغزاة .
قال القائد الاعلى، وهو يشير إلى إحدى الشاشات :
- ليس الآن ... الحفارات العملاقة ستصنع عدة فجوات فى السطح أولاً، ثم تضع فيها آلاتنا، التى تبث حرارة هائلة، ستجبر أولئك الغزاة على الصعود إلى السطح، وفقاً لطبيعتهم، التى اعتادت البرودة القارصة .
تساءل أركان الحرب:
- هل سنستخدم قاذفات اللهب المتطوًَّرة ؟!
هزًَّ القائد الأعلى رأسه نفياً، وقال:
- بل سنستخدم أجهزة أكثر تطوًَّراً، ابتكرتها عقول مراكز ابحاثنا الخاصة، وهى ترفع درجة حرارة الصخور إلى درجة الانصهار، كما لو أنها فى قلب بركان هائل، مما سيحوًَّل الصخور، التى تعلو ذلك المكمن، إلى حمم ملتهبة، تتعادل معها درجات البرودة داخل المكمن، إلى درجة يعجز الغزاة عن احتمالها .
سأله قائد القوات :
- وهل تتوًَّقع منهم الاستسلام عندئذ؟!
صمت القائد الأعلى لحظات، ثم لوًَّح بيده، مجيباً:
- لا أحد يمكنه أن يتوًَّقع شيئاً، مع غزاة من عالم آخر، نجهل الكثير عن طبيعتهم، وكيفية تفكيرهم .
ساد الصمت لحظة فى حجرة الاجتماعات، قبل ان يتساءل أحد القادة فى خفوت:
- وماذا عن فريقكم ؟!
بدا الأسى على وجه القائد الأعلى، وتبادل نظرة مريرة مع الدكتور (فريد)، قبل أن يتمتم هذا الاخير، فى صوت أقرب إلى البكاء:
- فليتغمدهم الله سبحانه وتعالى برعايته ورحمته.
أطلقت العبارة موجة من الحزن والأسى فى المكان، قبل أن يقطع أحد القادة صمت الحالة، وهو يشير إلى الشاشات، هاتفاً فى انزعاج:
- يا إلهى!... انظروا ماذا يحدث!!
التفت الجميع إلى الشاشات بحركة سريعة...
ثم اتسعت العيون كلها عن أخرها ...
فما تراه عيونهم كان رهيباً...
للغاية!!...
* * *
جزء من الثانية، كان يكفى ليضغط (أيسول) زناد سلاحه، ويطلق واحدة من فقًَّاعاته المتفجرة، على رأس (نور) مباشرة ...
جزء من الثانية، جعل (سلوى) تطلق صرخة رعب، ودفع (نشوى) إلى أن تتراجع، وتلتصق بالجدار الثلجى فى ذعر، وعيناها تتسعان عن آخرهما، وشفتاها تغمغمان باسم والدها، فى حين هتف (رمزى):
- لا ... ليس (نور) .
ولكن الجنرال نطق كلمة ما ...
نطقها فى صرامة مخيفة، وهو يعقد كفيه خلف ظهره، وعيناه تحملان نظرة قاسيةعجيبة ...
وإثر كلمته، تراجع (أيسول)، وأبعد سبًَّابته عن زناد سلاحه، وتمتم بكلمات غاضبة، بتلك اللغة التى لا يفهمها سوى الغزاة ...
وفى هدوء، تقدًَّم الجنرال من (نور)، الذى مازال (أيسول) يصوًَّب إليه سلاحه، وقال فى صرامة :
- خطأ أيها المقدًَّم ... كان ينبغى أن تدرك أن قتالاً يدوياً لن يجدى معنا .
ثم وضع يده على كتف (أيسول)، مضيفاً:
- الحياة فى عالم كعالمنا، تستلزم صلابة كبيرة، لا تتمتًَّع بها أجسادكم أيها البشر .
نهض (نور) فى بطء، وهو يقول:
- والحياة فى عالم كعالمنا تستلزم إرادة قوية، لا تتمتعون بها أيها الغزاة .
بدا شبح ابتسامة، على وجه الجنرال، وهو يقول :
- من أدراك ؟!
اعتدل (نور) فى وقفتة، على الرغم من الآلام الرهيبة، التى يشعر بها فى معدته، والتى يؤذى بها البرد القارص جسده وعضلاته، وقال فى حزم :
- الذى أدرانى هو أولئك الغزاة، الذين انتحلوا شخصية بعض العاملين، فى أماكن شديدة الحساسية فى الدولة، والذين تم كشفهم، بوساطة الفحص الحرارى، عقب علمنا بطبيعة أجسامكم، وبذلك الرداء البشرى الزائف، المزوًَّد بأجهزة تبريد دقيقة قوية، تجعل باستطاعتكم العيش فى طقسنا لبعض الوقت .
بدا الغضب على وجه الجنرال، وهو يقول:
- هل تحاول خداعى؛ لكسب بعض الوقت ؟!
أشار (نور) بيده، قائلاً:
- ولماذا الخداع؟!... حاول أن تجرى اتصالك بأى من جواسيسك، وستدرك أنهم قد سقطوا جميعاً فى قبضتنا.
التفت الجنرال إلى لوحة ثلجية كبيرة، بها عدد من النقاط المضيئة، وقال متحدياً:
- تلك الإشارات تشير إلى أن كل منهم مازال يحتفظ بموقعه .
ابتسم (نور) ساخراً، وهو يقول:
- الإشارات تبثها أرديتهم الواقية فحسب، وكلها فى مواضعها بالفعل، أما الجواسيس أنفسهم، فنحن نحتفظ بهم فى برًَّاد كبير، تمهيداً لاستجوابهم، و...
قاطعه الجنرال فى صرامة شرسة:
- كاذب .
ثم استعاد سيطرته على أعصابه، وهو يضيف:
- الزى الواقى لا يبث إشاراته، إلا لو كان صاحبه يرتديه فعلياً، ولو أنك نزعته عنه، سيتوًَّقف بث الإشارة على الفور.
صمت (نور) لحظات، غمغم (رمزى) خلالها:
- الخدعة لم تنطل عليه.
تمتمت (نشوى):
- ولكن أبى حصل على معلومة جديدة.
التفتت إليها (سلوى)، مغمغمة فى مرارة:
- وهل تعتقدين أننا سنجد الوقت الكافى؛ للإفادة منها؟!
لم تحر (نشوى) جواباً، وهى تخفض عينيها فى ياس، فى حين بدا (نور) صلباً، وهو يقول:
- إنها مسألة وقت فى كل الاحوال، فما لم تدركوه عن البشر، هو أنهم يستحيل أن يستسلموا فى سهولة، عندما يتعرًَّض كوكبهم كله إلى خطر الفناء.
بدا الجنرال صارماً ساخراً، وهو يقول:
- لست أدرى أينا أكثر معرفة بعالمك أيها البشرى، ولكن مراقبتنا لكم، جعلتنا ندرك أن المصالح الشخصية تفوق المصالح العامة، فى منظور الغالبية العظمى منكم ... وعندما نطلق ضرباتنا القادمة، نحو سطح شمسكم، ستنخفض الحرارة فى عالمكم بمقدار كبير، لن تحتمله تلك الغالبية العظمى منكم.
اندفعت (نشوى) تقول فى توتر:
- ذلك الانخفاض سيكون مؤقتاً، مهما فعلتم، وسرعان ما سيعيد قلب الشمس الحرارة الطبيعية إلى سطحها، ويستعيد الطقس طبيعته، و ...
قاطعها الجنرال فى تحد :
- هذا لو أننا أطلقنا سلاحكم نحو سطحها مرة واحدة .
تراجعت فى توتر، فاضاف، وهو يعيد بصره إلى (نور):
- ولكن ماذا لو اطلقنا الطاقة السلبية نحو سطح شمسكم، على نحو منتظم، يضمن انخفاض الحرارة الدائم؟!
لم يجب (نور) عبارته، فتابع فى شئ من الزهو:
- الضعفاء منكم سيلقون حتفهم، مع الضربة القادمة، وعلماؤنا يقدرون عددهم بأكثر من ستين فى المائة من سكان الأرض ... اما الباقون، فسينشدون الدفء بأى ثمن .
ثم مال نحو (نور) بشدة، وعادت أنفاسه الثلجية تضرب وجه هذا الاخير، مع إضافته:
- وأكرًَّر ... بأى ثمن.
سأله (نور) فى اهتمام، حاول أن يضفى عليه شيئاً من الصرامة:
- وما هو الثمن ؟!
اعتدل الجنرال بحركة واحدة، مجيباً فى صرامة:
- العبودية.
صدمت الكلمة مشاعر (نور) ورفاقه الثلاثة، فى حين تابع الجنرال، فى شئ من الزهو والثقة:
- كثيرون سيقبلون بالعبودية لنا، والتفانى فى خدمة شعبنا، مقابل معسكرات دافئة، يمكنهم العيش فيها، والبقاء على قيد الحياة فى ربوعها .
قال (نور) فى بطء:
- ستكون هناك مقاومة شرسة.
أشار الجنرال بيده، قائلاً:
- من قلة محدودة، عليها أن تحيا وتقاتل، فى مناخ قارص البرودة، بمقاييس عالمكم .
وتألقت عيناه، وهو يضيف:
- وبعد جيل أو جيلين، ستنهار تلك المقاومة، بفعل الانتخاب الطبيعى .
غمغم (نور) :
- يالها من خطة استعمارية قميئة !
تألقت عينا الجنرال مرة أخرى، وهو يرفع سبًَّابته، قائلاً:
- وناجحة .
هتفت (سلوى) فى غضب:
- يبدو أنك قد نسيت أن المقاومة قد بدأت بالفعل، وأن قواتنا تشن هجوماً شاملاً على مكمنكم .
اتسعت ابتسامة الجنرال الواثقة، وهو يقول:
- آه ... بالنسبة لذلك الهجوم الشامل .
ثم التفت إلى الشاشة الثلجية الكبيرة، ليتم عبارته:
- فلقد كنا ننتظره بالفعل.
استدارت عيونهم إلى تلك الشاشة الثلجية الكبيرة، و ...
واتسعت كل العيون ...
كلها ....
بلا استثناء ...
* * *
كانت الحفارت العملاقة تواصل عملها، وقوات المشاة مع القوات الخاصة، تبدأ فى تشغيل أجهزة فحص جدران النفق، و ...
وفجأة، بدأ الهجوم المضاد ...
الصخور المحيطة بالمنطقة كلها تألقت فجأة بضوء أزرق، كما لو أنها مصابيح هائلة ...
ثم انطلقت منها فقاقيع كبيرة هائلة، من اللون نفسه ...
فقاقيع زرقاء، فى حجم كرات قدم كبيرة، انطلقت فجأة، لتضرب الحفارات العملاقة ...
والمدرعات الحديثة ...
وحتى الأفراد، الذين يحاصرون المكان ...
ثم انفجرت كلها، فى آن واحد تقريباً ...
ومع انفجارها، حدثت ظاهرة عجيبة، أصابت جميع القادة، الذين يتابعون ما يحدث، بموجة من الذهول والذعر ...
فمع انفجار تلك الفقاعات الكبيرة، انتشر جليد عجيب، فى المنطقة كلها ...
وعلى نحو مباغت، شديد السرعة ...
ومع انتشاره، تجمًَّد كل شئ ...
البشر ...
والحفارات العملاقة ...
والمدرعات الحديثة ...
كل شئ، فيما عدا اسراب المقاتلات فى السماء ...
وداخل النفق، الذى يقود إلى المكمن، حدثت الظاهرة نفسها ...
جدران النفق كلها تألقت بذلك الضوء الأزرق ...
ثم انطلقت منها الفقاعات الزرقاء، تجمًَّد كل من داخل النفق ...
وما داخل النفق ...
قوات المشاة ...
والقوات الخاصة ...
والاجهزة ...
كل شئ ...
وفى حجرة اجتماعات المخابرات العلمية، سادت حالة من الهرج والمرج، وصاح أركان الحرب، فى انزعاج كامل :
- رباه !... لقد قضوا على قوة الهجوم بالكامل، بضربة واحدة، لم نتوًَّقعها قط .
هتف قائد الطيران :
- فلنشن هجوماً جوياً فوراً .
صاح الدكتور (فريد) فى ذعر:
- حذار ... أى عنف الآن، سيؤدى إلى ...
بتر عبارته بغتة، واتسعت عيناه عن آخرهما، وهو يحدًَّق فيما يحدث على الشاشة ...
فعقب تجمًَّد كل شئ، تألقت الصخور مرة أخرى ...
وفى هذه المرة، بضوء أحمر قوى ...
ثم انطلقت منها فقاعات صغيرة، شبيهة بتلك التى تنطلق من أسلحة الغزاة ...
وراحت تنفجر فى كل مكان ...
ومع انفجار كل فقاعة، كانت الاجسام من حولها تتفجًَّر، كما لو أنها مصنوعة من زجاج هش ...
وامام العيون الذاهلة، والقلوب المرتجفة، تحطًَّم كل شئ فى لحظات ...
البشر ...
والأسلحة ...
والمعدًَّات ...
والاجهزة ...
كل شئ ...
وفى ذهول، هتف أركان الحرب :
- مستحيل !... كل شئ تحطًَّم، كما لو انه ...
قاطعه الدكتور (فريد)، وهو يكمل فى صزت أقرب إلى البكاء:
مصنوع من زجاج .
التفتت العيون إليه، فأكمل فى مرارة بلا حدود:
- إنها البرودة الشديدة، التى تفقد كل شئ صلابته وتماسكه ...1 فقاعاتهم الكبيرة الأولى، أطلقت ما يشبه النيتروجين السائل، الذى جمد كل شئ، وجعله قابلاً للكسر، مع أى انفجار، أو حتى ضربة قوية .
ملئت المرارة صوت وملامح قائد القوات، وهو يقول:
- ولكن هذا لم يحدث، فى تاريخ الحروب كله ... لقد خسرنا مائة فى المائة، من قوة الهجوم الاولى، مع أوًَّل ضربة مضادة .
قال قائد الطيران، بنفس المرارة :
- بقيت لدينا المقاتلات .
هتف القائد الأعلى فى حزم:
- وعليك أن تأمر بسحبها من الساحة فوراً .
قال قائد الطيران فى غضب :
- مقاتلاتنا لم تعتد الانسحاب من ساحة المعركة.
قال القائد الأعلى:
- ولكنها ستفعل هذه المرة؛ لأننا نواجه خصماً، من الواضح أننا نجهل الكثير عن قدراته واستعداداته .
هتف أحد القادة الآخرين مستنكراً:
- هل تعنى أن ننسحب، ونتخلًَّى عن الدفاع عن عالمنا كله ؟!
أجابه القائد الأعلى بمنتهى الحزم:
- ليس انسحاباً تاماً .
ثم انخفض صوته، وهويضيف:
- مازال لدينا (نور) وفريقه .
بدا صوت الدكتور (فريد) مرتجفاً، مفعماً بالمرارة واليأس، وهو يقول:
- لقد صاروا الآن أمل الأرض ...
وفى أسى بلا حدود، أضاف :
الأخير ...
ولم ينبس أحد الحاضرين ببنت شفة ...
على الإطلاق ...
* * *
" إنها مذبحة بشعة ..."..
هتفت (نشوى) بالعبارة، وهى تبكى فى مرارة، لما شهدته على الشاشة الثلجية الكبيرة، فى حين انسالت دموع (سلوى) فى صمت، وغمغم (رمزى) فى مقت:
- لم أتخيًَّل حتى وجود وحشية كهذه، فى أى مكان فى الكون .
قال الجنرال فى برود، يفوق برودة المكان:
- أنتم بدأتم الهجوم .
قال (نور) فى غضب:
- وماذا كنت تنتظر؟!...أن نسلمك مفاتيح كوكبنا مستسلمين؟!
أجابه بنفس البرود:
- كان هذا سيحقن الكثير من الدماء .
قالها، وهو يتطلعًَّ إلى ذلك الجهاز، الذى يمتص معلومات العالمين المصريين، اللذين تلاشت مقاومتهما تماماً، وبديا وكأنهما قد تحوًَّلا إلى تمثالين من الشمع، وقد جمدت نظراتهما، فى حين تواصلت تلك الرموز العجيبة، على الشاشة الثلجية الكبيرة، التى تعلو الجهاز، فغمغمت (نشوى)، وهى تواصل بكاءها :
- ياللبشاعة .
مع قولها، تألقت الشاشة الثلجية فوق الجهاز، بضوء يميل إلى الزرقة، وتوًَّقف تواصل الرموز العجيبة عليها، فظهرت علامات الظفر على وجه (أيسول)، وهتف بعبارة ما، حملت الكثير من الحماس، وجعلت عينا الجنرال تتألقان ، وهو يقول:
- يمكنكم أن تقولوا إننا قد انتصرنا على عالمكما بالفعل .
ثم أشار إلى فريقه، فبدأ عدد منهم يعمل على أجهزتهم فى حماس، فى حين غمغم (نور) بمنتهى المقت :
- لم تنتصروا بعد .
كانت عينا (نشوى) تتفحصان المكان، على الرغم من دموعها، فى محاولة فهم واستيعاب الكثير عنه، عندما توًَّفقت عند جهاز صغير الحجم نسبياً، ملصق بسقفه، وغمغمت فى خفوت شديد:
- أيمكن أن ...
لم تكتمل غمغمتها، وهى تدير عينيها فى المكان مرة أخرى، فى حين ابتسم الجنرال ابتسامة ساخرة، وهو يجيب تعليق (نور):
- المعلومات التى تم انتزاعها من عقلى عالميكما، ستتم تنقيتها تلقائياً، بوساطة أجهزتنا، والتى ستستخلص منها كل ما يخص جهازكم هذا، وسيقوم فريقنا بنقلها إلى الجهاز مباشرة، حتى يتم تطويره، وتزويده بالطاقة السلبية الكافية، لإطلاق ضربتنا الكبرى ...
ثم عاد يميل نحو (نور)، مضيفاً :
- وعندئذ سيكون أمامكم الخيار ... إما الموت فى عالم من الجليد، او ...
صمت لحظة، ثم استطرد فى صرامة:
- أو العبودية لنا .
أجابه (نور) بلا تردًَّد:
- أظننا سنختار الموت .
هتفت (سلوى) فى حزم:
- وهذا خيارنا جميعاً .
رفع (أيسول) سلاحه، فور عبارتها، ليصوًَّبه إلى رأس (نور) فى تحًَّفز، فى حين اعتدل الجنرال، وقال فى مزيج من السخرية والصرامة:
- أخبرنى إذن عن سبب واحد، يمنعنى من قتلكم الآن .
ارتفع فجأة صوت صارم، من ركن الكهف، يهتف:
- لدى سبب قوى .
التفت الجميع إلى (أكرم)، الذى برز مصوباً مسدسه إلى الجنرال، وهو يكمل بنفس الصرامة:
- أنا.
وبسرعة مدهشة، التفت إليه (أيسول) ...
وأطلق فقاعاته المتفجًَّرة ...
واشتعل الموقف ...
بشدة.
* * *

alaa7 16-01-12 12:00 AM

مرحبا عهد هلق بدا الاكشن دايما بيدخل اكرم بشكل عشوائي الجزء كتير مشوق ناطرين البقيه

عهد Amsdsei 16-01-12 12:39 PM

السلام عليكم

ايوة الاء كثير مشوق

مساكين القوات تم دحرهم بالكامل

و دخول درامي لأكرم بس يا ترا كيف ممكن ينقدهم بمسدسه بس

بكرة الفصل القادم و انا متشوقة كثير

عهد Amsdsei 17-01-12 03:40 PM

الفصل التاسع ... دمار شامل

كانت مفاجأة حقيقية، لجميع القادة العسكريين، وحتى للقائد الأعلى للمخابرات العلمية نفسه، أن يصل رئيس الجمهورية شخصياً إلى مقر الاجتماع، على صورة مباغتة، ودون إعلان مسبق...
وعلى الرغم من كونه أعلى سلطة بالبلاد، فقد تم إخضاعه لكافة الوسائل والنظم الامنية، وبخاصة نظم الكشف الحرارية، التى تم استحداثها، بعد تحديد طبيعة الغزاة، قبل أن يلتقى بالقادة، فى حجرة الاجتماعات البلوًَّرية ...
وفى دهشة، لم يستطع إخفاءها، واجه القائد الأعلى رئيس الجمهورية، قائلاً:
- سيًَّدى الرئيس ... كانت مفاجأة حقيقية ان نتشرف بحضورك هنا، ولكننا سنستعرض مع فخامتك تطورات الموقف ، و...
قاطعه رئيس الجمهورية، فى توتر ملحوظ :
- نحن فى ظروف استثنائية أيها القائد الاعلى، وقد يدهشكم أننى على علم بتطوًَّرات الموقف .
بدت دهشة حقيقية على وجوههم، خاصة وأنهم كانوا يستعدون، قبيل وصوله مباشرة؛ لإبلاغه رسمياً بتلك التطوًَّرات، ولكنه تابع بنفس التوتر:
- لقد أخبرنى بها مندوباً (الصين) والولايات المتحدة، منذ أقل من ربع الساعة بالضبط .
تضاعفت دهشتهم، وإن لم يعًَّلق أحدهم على العبارة، فى انتظار المزيد من المعلومات، فتابع الرئيس :
- لقد رصدوا كل ما يحدث، عبر أقمارهم الصناعية، وكان علماؤهم يدرسون بالفعل سر انخفاض حرارة الشمس، وأمكنهم استيعاب الموقف كله .
سأله قائد القوات فى اهتمام :
- وهل يعرضون التعاون يا فخامة الرئيس ؟!
نقل الرئيس بصره بين وجوههم جميعاً، قبل ان يجيب، وتوتره يتصاعد:
- بل أبلغانى أن دولتيهما قد اتخذتا قراراً بالتدخًَّل الفورى .
بدا الغضب على وجوه الجميع، ونقله أركان الحرب إلى لسانه، وهو يقول مستنكراً:
- دون موافقتنا ؟!
أومأ الرئيس رأسه إيجاباُ، قبل أن يقول:
- لقد تحدًَّثوا عن الخطر الداهم، الذى يواجه الكوكب كله، وعن أنه ليس من حق (مصر) وحدها، فى مثل هذه الظروف، أن تتخذ القرار، وأن تتصدًَّى للغزو، دون الرجوع إلى الآخرين .
غمغم القائد الأعلى:
- هذا صحيح إلى حد ما .
اعتدل الرئيس، قائلاً:
- ولهذا كان قرار التدخًَّل .
وصمت لحظة، قبل أن يضيف:
- الفورى .
تبادل الكل نظرة متوترة، قبل ان يتساءل قائد القوات:
- وباية صورة يا فخامة الرئيس ؟!
التقط الرئيس نفساً عميقاً، فى محاولة لتهدئة أعصابه الثائرة، قبل أن يجيب فى صوت، حمل كل انفعالاته:
- بقنبلة .
شدًَّت الكلمة أعصاب الجميع، ودفعت القائد الاعلى، إلى أن يتساءل فى عصبية:
- أى نوع من القنابل ؟!
أجابه الرئيس، فى انفعال متزايد :
- قنبلة نووية محدودة .
فجًَّرت إجابته موجة من التوتر فى المكان، وجعلت قائد الطيران يقول فى عصبية:
- صحيح أنهم يعملون، ومنذ نهايات القرن العشرين، على تطوير القنابل النووية، بحيث تكون ذات تاثير محدود، وبقدر أقل من النشاط الإشعاعى اللاحق 1، إلا أن هذا سيعنى سحق منطقة (المقطم) بالكامل، وانتشار مقدار كاف من الأشعة النووية؛ لتدمير البيئة المحيطة بها، وتلًَّوثها لسنوات قادمة .
زفر الرئيس فى توتر، وهو يقول:
- أعلم هذا جيداً، ولقد واجهتهما به، ولكنهما أجابا بأن هذا لا يقارن بمصير كوكب كامل، يواجه خطر الفناء.
تمتم القائد الأعلى فى مرارة:
- وهما على حق .
أضاف الدكتور (فريد)، فى خفوت شديد :
- للأسف .
تبادل القادة نظرة أخرى متوترة، قبل أن يقول أركان الحرب:
- على الرغم من ألمنا لما سيحدث، إلا أنه يبدو وكأنه الحل الوحيد؛ لإنقاذ كوكب الأرض، وليس أمامنا سوى ان نتقبًَّله، بكل الحزن والأسف .
اعتدل قائد القوات، وهو يضيف:
- ولكن علينا العمل على إخلاء المناطق المحيطة فوراً، بعد أن قمنا بإخلاء منطقة (المقطم) من قبل.
أجابه الرئيس، وقد استعاد توتره:
- لقد أصدرت أوامرى بهذا بالفعل، وأنا فى الطريق لحضور اجتماعكم هذا .
سأله القائد الأعلى فى قلق:
- هل سيبدأ هجومهم قريباً ؟!
تنحنح رئيس الجمهورية، وهو يعتدل فى توتر شديد، مجيباً:
- طائراتهم فى طريقها إلى هنا بالفعل .
وتبادل الجميع نظرة أخرى، أشد توتراً...
فقد كان هذا يعنى أن الأمور قد تصاعدت، إلى الحد الأقصى ...
وأنها نهاية منطقة (المقطًَّم) ...
ونهاية فريق (نور) ...
تماماً ...
* * *
من أهم ما يتميًَّز به (أكرم)، عن باقى أعضاء فريق (نور)، وحتى عن (نور) نفسه، هو أنه مقاتل بالفطرة ...
مقاتل اعتاد المواجهة ...
وصنوف القتال ...
وخبر وسائل البقاء ...
وفى ظل أحلك الظروف ...
ولهذا، فقد بدأ قتاله، فور وصوله إلى المكان ...
ودون إضاعة لحظة واحدة ...
ولقد كان رد فعل (أيسول) سريعاً أيضاً ...
وفى لحظة واحدة تقريباً، انطلقت رصاصة (أكرم) نحو الجنرال، وانطلقت فقاعات (أيسول) المتفجًَّرة نحو (أكرم) ...
ووثب الجنرال إلى الخلف فى سرعة، محاولاً تفادى رصاصة (أكرم)، إلا أنه تلقًَّاها فى كتفه، قبل أن يختل توازنه، ويسقط أرضاً، وهو يصرخ فى رجاله بلغته غير الأرضية ...
أما فقاعات (أيسول)، فقد أصابت الجدار الثلجى، على قيد خطوة واحدة من (اكرم)، وانفجرت لتلقى هذا الأخير أرضاً...
إلا أنه أطلق المزيد من رصاصته، حتى وهو يسقط ...
وبكل قوته، وثب (نور) نحو (أيسول)، وهو يهتف:
- وصلت فى الوقت المناسب يا صديقى ...
أدًَّت انقضاضة (نور) إلى أن تنطلق فقاعة (أيسول) الثانية نحو الجدار الثلجى، بعيداً عن (أكرم)، الذى قفز أرضاً، وتدحرج مبتعداً، باحثاً عن هدف جديد، فى نفس اللحظة التى جذب فيها (أيسول) (نور) من خلف ظهره، فى قوة هائلة، وألقاه امامه فى عنف، صارخاً بلغة أرضية:
- ألم تتعلًَّم بعد، أن القتال اليدوى معنا بلا جدوى.
كان باقى الرجال يندفعون بأسلحتهم نحو (أكرم)، الذى أدرك أنهم يحاصرونه من كل جانب، ورأى أسلحتهم ترتفع نحوه، مما يوحى بحتمية خسارته لمعركته، إلا ان هذا لم يوقفه ...
وعلى الرغم من إدراكه أنها قد تكون معركته الاخيرة، أطلق (اكرم) رصاصاته نحو الغزاة، الذين اطلقوا فقاعاتهم المتفجًَّرة نحوه بدورهم، فدوت الانفجارات عنيفة فى المكان، ورأت (سلوى) جسد (اكرم) يندفع إلى الخلف، ويرتطم بالجدار الجليدى فى قوة، قبل أن يسقط ارضاً، فى نفس الوقت الذى ركل فيه (ايسول) (نور) فى وجهه، وهو يصرخ فى غضب هادر :
- كنت اعلم أنه ينبغى التخلًَّص منكم فوراً .
لم يعترض الجنرال هذه المرة، عندما صوًَّب (ايسول) سلاحه نحو (نور)، وإنما حاول إيقاف تلك الدماء الزرقاء، التى اندفعت من موضع إصابته، وتجمًَّدت فوراً على زيه العسكرى، وهو يصرخ فى رجاله بكلمات ما ...
ومع ذلك الموقف البائس، أشارت (نشوى) إلى ذلك الجهاز المعلًَّق بسقف الكهف الثلجى، صارخة:
- ذلك الجهاز يا (أكرم)..
التقط (اكرم) صرختها، وأدرك على الرغم من دقة موقفه، ان ذلك الجهاز، الذى أشارت إليه، يحمل حتماً أهمية كبرى، فألقى نفسه على ظهره، وتجاهل كل الانفجارات من حوله، وصوًَّب مسدسه فى دقة...
وأطلق النار ...
لم تكن قد تبقًَّت فى خزانة مسدسه سوى ثلاث رصاصات، أطلقها كلها نحو ذلك الجهاز بلا تردًَّد ...
ومع رصاصته الثالثة، دوت فى المكان فرقعة مدوًَّية ...
ثم انبعث من ذلك الجهاز شرارات عنيفة ...
ومن قلبه، تصاعدت أبخرة زرقاء كثيفة ...
ومع تصاعدها، توًَّقف القتال دفعة واحدة ...
ومن عيون الغزاة، اطلًَّت نظرة ذعر ...
كل الغزاة ...
حتى (أيسول) ...
والجنرال ...
وفى ارتياح، غمغمت (نشوى) :
- كنت على حق .
سألتها (سلوى) فى انفعال:
- أهذا ما كان يجعل المكان بارداً هكذا؟!
أجابها (رمزى) :
- بكل تاكيد .
أما (أكرم)، فقد نهض فى بطء، ممسكاً مسدسه فى قوة، وهو يغمغم :
- رباه! ... ماذا فعلت رصاصاتك يا (أكرم)؟!
أجابه (نور) فى ارتياح :
- ربما تكون قد أنقذت الأرض يا صديقى.
بدا الجنرال شديد الغضب، وهو يلقى أوامره لرجاله، الذين أسرعوا يرتدون أزياءهم الواقية، وإن ظل بعضهم يصوًَّب أسلحة إلى (نور) وأفراد فريقه، وبخاصة (أكرم)، فقال (نور) فى حزم :
- أظنكم قد خسرتم معركتكم.
أجابه الجنرال فى غضب:
- هراء .... ربما ترتفع درجات الحرارة هنا، مع مرور الوقت، ولكن كل معلومات عالميكما، انتقلت إلينا بالفعل، ومفاعل توليد الطاقة السلبية بدأ عمله كما ترى .
قالها، وهو يشير إلى شاشة رفيعة، فى الركن القريب من جهاز (آتوترون)، يتحًَّرك فوقها شريط من ضوء أحمر، فى سرعة واضحة، ثم تابع فى حدة:
- عندما يصل ذلك الضوء إلى نهاية الشاشة، سيعنى هذا أن جهازكم، الذى تطوًَّر كثيراً عما كان عليه، قد تم شحنه بطاقة سلبية جبًَّارة، تفوق بالف ضعف تلك الطاقة، التى خفضت درجة حرارة سطح شمسكم، وفور اكتمال الشحن، سيطلق الجهاز تلك الطاقة السلبية الجبًَّارة، نحو الشمس، التى ستبدو كما لو انها قد صارت شمساً باردة، لا تلقى عليكم ذلك الدفء، الذى اعتدتموه منها .
والتهبت عيناه، وهو يضيف بمنتهى المقت:
- وسيعنى هذا الفناء العاجل، لعالمكم كله .
ثم رفع رأسه فى اعتداد، مضيفاً :
- وبداية الحياة لعالمنا .
نطق عبارته الاخيرة، وشريط الضوء الأحمر يقترب من نهاية الشاشة ...
ونهاية الارض ..
بمنتهى السرعة ...
* * *
" الطائرات الصينية تقترب من مجالنا الجوى"...
قالها قائد الطيران فى توتر، وهو يراقب شاشات الرصد، قبل أن يضيف، فى شئ من الحدة، لم يستطع كتمانها، على الرغم من وجود الرئيس :
- لم اكن أتصوًَّر أن يأتى يوم، أسمح لطائرات مقاتلة أجنبية، بعبور مجالنا الجوى، وهى تحمل أسلحة دمار شاملة .
قال رئيس الجمهورية، وهو يكتم توتره:
- لقد اتفقنا على أننا نمر بظروف استثنائية ... ثم أن القنبلة التى تحملها تلك الطائرات، ليست قنبلة تقليدية، وليست ذات تأثير مدمًَّر شامل، كتلك التى ضربت (اليابان)، فى نهاية الحرب العالمية الثانية، وتركت تأثيرات إشعاعية، دامت لما يقرب من ربع قرن، فى المنطقة المحيطة بها .
غمغم القائد الأعلى فى قلق:
- أخشى أن معرفتنا بهذا لا تتجاوز ما أعلنه الصينيون أنفسهم، عن التطويرات التى أحدثوها، فى القنبلة النووية الحديثة، ولا هم أو الأمريكيون، أطلعونا على نتائج اختباراتهم، فى هذا الشأن ...
أضاف قائد القوات، فى قلق مماثل:
- ثم ماذا لو أنهم يحاولون اختبار قنبلتهم النووية الجديدة على أرضنا، كما فعل الامريكيون فى الحرب العالمية الثانية؛ فلقد أطلقوا قنبلتهم الانشطارية، التى اطلقوا عليها اسم (الولد الصغير)، على مدينة (هيروشيما) اليابانية، فى السادس من أغسطس 1945 م، وكانت تكفى لإنهاء الحرب العالمية الثانية، وعلى الرغم من هذا، فقد ألقوا قنبلتهم النووية الثانية، والتى أطلقوا عليها اسم (الرجل البدين)، على مدينة (ناجازاكى)، بعد ثلاثة أيام فحسب .
إنبرى قائد القوات الجوية يضيف فى توتر:
- هذا لأن القنبلة الثانية كانت قنبلة اندماجية، وليس انشطارية، مثل الأولى، ولقد أزهقوا آلاف الأرواح، فقط لأنهم أرادوا المقارنة بين تأثير القنبلتين، الانشطارية والاندماجية، ولهذا اختاروا مدينتين، لهما نفس المساحة وبهما نفس عدد السكان تقربياً .2
أدار الرئيس عينيه فى وجوه الجميع، فى توتر بالغ، قبل ان يتساءل:
- ألديكم حل آخر ؟!
أجابه القائد الاعلى فى سرعة:
- الحل الوحيد لا يكمن هنا .
استدار إليه الرئيس فى تساؤل، فأكمل فى حزم:
- إنه يكمن هناك، فى قلب وكر الغزاة .
تزايد التساؤل، المطلًَّ من عينى الرئيس، مما جعل القائد الاعلى يميل نحوه، متابعاً:
- يكمن فى الفريق ... فريق (نور)...
قالها، دون أن يدرى أن فريق (نور) كان فى تلك اللحظة بالذات، يبحث عن الحل ...
الحل الأخير ...
والأمل الأخير ...
لعالمنا كله ...
* * *
" ألق سلاحك يا هذا ..."..
قالها (أيسول) فى صرامة شديدة، وهو يصوًَّب سلاحه إلى رأس (اكرم)، فى نفس الوقت الذى انتهى فيه فريق الغزاة، من ارتداء الأزياء الواقية، واستبدل بعضهم موقعه، مع الذين كانوا يصوًَّبون أسلحتهم إلى الفريق، فرفع (اكرم) مسدسه، وهو يقول فى عصبيته المعتادة:
- لقد نفدت رصاصاته .
كرًَّر (ايسول) فى حدة:
- ألقه .
رفع (أكرم) مسدسه إلى رأسه، وضغط زناده، فصدرت عنه تكة معدنية، تشف عن خلو خزانته من الرصاصات، وهو يقول، فى عصبية متزايدة:
- ألا يمكنك فهم لغتنا يا هذا ...إنه فارغ .
صرخ (أيسول) فى تحفز:
- قلت : ألقه .
التفت (نور) إلى (أكرم)، قائلاً:
- ألقه يا صديقى، فهذا الوغد سيسعد بقتلك، بحجة أنك لم تفعل .
مطًَّ (أكرم) شفتيه فى امتعاض، وهو يغمغم:
- ليس من السهل أن يتخلى المرء عن سلاحه .
التقت نظراته بنظرات (نور)، وهو يفلت سلاحه، ويتركه يسقط أرضاً ...
وفى عينى (نور) قرأ (أكرم) شيئاً ...
قرأ فكرة ...
وخطة ...
وفى زهو ظافر، قال الجنرال، وهو يعقد كفيه خلف ظهره، وينتفخ كالطاووس:
- بعد أقل من دقيقة واحدة، سيبلغ هذا المؤشر نهايته، وسيكون جهاز (آتوترون)، الذى صنعتموه لحمايتكم، هو السلاح الذى سيقضى على كوكبكم.
تبادل (نور) ورفاقه نظرة صامتة، قبل أن يقول:
- هل سمعت يا (أكرم) .... أقل من دقيقة.
اتجه (أكرم) نحوه، وهو يقول فى توتر:
- دعنى أصافحك خلالها إذن يا (نور)، فقد كان شرفاً لى، أن أعمل معك، وأن أنضم إلى هذا الفريق الرائع .
تحرًَّك سلاح (أيسول) معه فى تحفًَّز، حتى بلغ (نور)، ومد يده ليصافحه، وهو ينظر إلى عينيه مباشرة، قائلاً:
- قل لى يا صديقى: فى أقل من دقيقة، ما الذى يمكن أن تفعله؟!
أجابه (نور) فى حزم:
- الكثير .
ما حدث بعد كلمة (نور)، كان مفاجأة للجميع بلا استثناء ...
ففى سرعة مدهشة، اعتمد (أكرم) على كتفى (نور)، ووثب بقدميه، ليركل بهما معاً وجه (أيسول)، بكل ما يملك من قوة ...
ومع المفاجأة، سقط (أيسول) أرضاً، وانطلقت من سلاحه فقًَّاعة متفجًَّرة، انفجرت فى سقف الكهف، فتساقطت العناقيد الثلجية منه، لترتطم بأجهزة الغزاة فى قوة ....
وتراجع الجنرال فى دهشة غاضبة، فى نفس الوقت الذى أفلت فيه (أكرم) كتفى (نور)، وترك هذا الأخير ينقض على (أيسول)، فى حين ترك هو جسده يسقط أرضاً، وهو ينتزع من جيبه خزانة رصاصات إضافية ...
وفى سرعة مدهشة، اكتسبها من التدريبات المستمرة، فى قاعة المخابرات العلمية، التقط مسدسه التقليدى من الأرض، وضغط زر إفلات خزانته، ثم دفع الخزانة الجديدة داخله، و(نشوى) تندفع نحوه، صارخة:
- الجهاز ... الجهاز يا (أكرم).
كان (نور) يعلم أن قتاله مع (أيسول) خاسر حتماً، مع القوة الهائلة، التى يتمتع بها هذا الأخير، وعلى الرغم من هذا، فقد تشبًَّث به بكل قوته؛ ليفسح المجال لزميله (أكرم)، الذى أدار فوهة مسدسه فى سرعة نحو الجهاز، وأطلق رصاصاته...
كل رصاصاته ...
وأمام عيون الجميع، تحطمت شاشة الجهاز، وتحطًَّم مؤشرة، الذى كاد يبلغ نهايته، وأطلق الجنرال صرخة غضب هائلة، فى نفس اللحظة التى رفع فيها (أيسول) (نور) عنه، وهو يصرخ:
- كان ينبغى أن تموتوا منذ اللحظة الأولى.
وعلى الرغم من أن باقى الغزاة كانوا يندفعون نحوه، وثب (أكرم) نحو (أيسول) بدوره، وهو يهتف:
- لكم نقطة ضعف حتماً، مثل كل مخلوق حى .
وبكل ما يملك من قوة، دفع سبًَّابته ووسطاه فى عينى (أيسول)، الشبيهتين بكرتين من الثلج، و...
ولأوًَّل مرة، صرخ (أيسول) ...
صرخ عندما تفجًَّرت عيناه، ككرتين من الثلج بالفعل، وسال منهما سائل شفاف، له برودة الماء المثلًَّّج ...
وأفلت سلاحه من يده ...
وفى سرعة مدهشة، التقط (نور) سلاح (أيسول)، قبل أن يبلغ الأرض، واستدار فى الهواء، يطلق فقاعاته المتفجّرة، نحو كل ما رآه امامه ...
نحو الغزاة ...
والجنرال ...
و(آتوترون) ...
ومع سقوط (أيسول) أرضاً، وهو يتلًَّوى ألماً، دفع (أكرم) فى مسدسه خزانة الرصاصات الاخيرة، فى نفس الوقت الذى صرخ فيه الجنرال فى رجاله ...
ولكن (أكرم) أطلق رصاصاته، كما لو أن تلك الأطباق فى مركز التدريب، هى التى تنقض عليه الآن ...
وصرخ الجنرال مرة أخرى، وهو يرى مقاتليه يتساقطون ...
صرخ ...
وصرخ ...
وصرخ ...
وامتزج صراخه بدوى رصاصات (أكرم)، وانفجارات تلك الفقاقيع العجيبة ...
وانفجرت فقاعة إلى جوار (سلوى) و(نشوى)، وألقتهما أرضاً، ولكن (رمزى) قفز نحو سلاح أحد المقاتلين، الذين أسقطهم (أكرم)، والتقطه؛ لينضم إلى القتال ...
وشعر (نور) بشظايا الثلج تخترق جسده، فى حين بدا صدر (أكرم) مغرقاً بالدماء، واندفع (رمزى) إلى الخلف، إثر فقاعة متفجّرة، كادت تودى به ...
ثم فجأة، توًَّقف القتال ...
هذا لأنه لم يتبقى مقاتل واحد من الغزاة ...
كلهم سقطوا، مع تلك المبادرة المباغتة ...
وكل من تبقى هو الجنرال، مع الفريق العلمى، الذى يشرف على إطلاق (آتوترون) ...
وفى دهشة، غمغم (نور):
- هل انتصرنا حقاً؟!..
نهض (أكرم) فى دهشة مماثلة، وهو يصوًَّب سلاحه إلى الجنرال، مغمغماً فى عصبية:
- يبدو هذا يا صديقى ... لقد أطلقت رصاصاتى على كل من كان يحمل سلاحاً .
حاول (رمزى) النهوض بدوره، وهو يقول فى توتر:
- لم يكن هناك العديد منهم .
بدا الجنرال شديد الغضب، وهو يقول:
- هل تصوًَّرتم أنكم بهذا قد ربحتم المعركة؟!
أجابه (نور) فى حزم:
- ألك رأى آخر أيها الغازى؟!
أشار الجنرال إلى جهاز (أتوترون)، وهو يقول :
- بل جهازكم هذا له ذلك الرأى الآخر أيها البشرى .
تساءلت (سلوى) فى قلق:
- مالذى يعنيه هذا ؟!...
غمغمت (نشوى) فى توتر:
– أظننى أعلم ما الذى يعنيه يا أمى.
تابع الجنرال بنفس الغضب، وكأنه لم يسمعهما:
لقد صنعتم هذا الجهاز منيعاً أيها البشر ... حتى أسلحتنا لم تكن لتوقفه ... وذلك المؤشر، الذى أصبتموه، ليس سوى واجهة خارجية فحسب، تماماً مثل الشاشة، التى حطمتها رصاصاتكم البدائية.
واشتعلت عيناه الثلجيتين على نحو عجيب، وهو يضيف:
- ولكن الجهاز يواصل عمله فعلياً.
مع قوله، ظهرت دائرة شفًَّافة فى سقف الكهف، فوق جهاز (آتوترون) تماماً، وراحت تتسع فى سرعة، قبل أن تختفى، وتصنع ممراً واسعاً، يصعد إلى السطح، حتى لقد بدت السماء فى نهايته واضحة ...
وبصوت أشبه بضحكة عصبية، أكمل الجنرال فى شراسة:
- بعد ثمانين ثانية فحسب، سيطلق (آتوترون) أشعته السلبية الجبّارة، عبر ذلك النفق مباشرة، نحو شمسكم مباشرة.
وتألقت عيناه فى شدة، وهو يضيف:
- وبرنامجه غير قابل للإلغاء ...
بدا توتر شديد على وجوه الجميع، والجنرال يهتف، فى ظفر وحشى :
- الآن يمكنكم أن تقولوا وداعاً لعالمكم، فأنتم تشهدون لحظاته الأخيرة.
قالها، وراح يضحك على نحو هستيرى ...
وردًَّدت جدران الكهف الثلجى ضحكاته، التى بدت أشبه بضحكات ألف شيطان ...
ألف شيطان من ثلج ...
وحشى.
* * *

الفصل القادم هو الفصل الأخير

عهد Amsdsei 21-01-12 08:11 AM

الفصل الأخيــــــــــــــــــــــــــر

الفصل الأخير .. الختام

" دقيقة واحدة، ويلقون القنبلة ..."..
بدا قائد الطيران شديد التوتر، وهو يتابع على الشاشة مسار الطائرات الأمريكية والصينية، التى تتجه، عبر سماء (مصر)، نحو منطقة (المقطم)، ثم أضاف، وهو ينقل بصره إلى الرئيس :
- سيلقى الصينيون قنبلتهم أوًَّلاً، فإن لم تحقًَّق هدفها، سيلقى الأمريكيون قنبلتهم .
غمغم قائد القوات فى حنق:
- على أرضنا .
زفر الرئيس، وهو يقول:
- إنه قدرنا .
هتف أحد القادة فجأة، وهو يشير إلى إحدى الشاشات:
- رباه !!...انظروا إلى هذا .
استدارت العيون إلى حيث يشير، وهتف القائد الأعلى:
- من أين أتت تلك الفجوة الواسعة، فى سطح جبل (المقطم)؟!
أجابه الدكتور (فريد) فى توتر:
- إنها فى مركز ذلك الوكر مباشرة ... رباه!... إنهم يستعدون لإطلاق الطاقة السلبية.
وراجع حساباته فى سرعة، قبل أن يضيف فى عصبية:
- ووفقاً لحساباتى، ستكون الشمس فى موضع الإصابة مباشرة، لو أطلقوا الأشعة، خلال الدقيقة التالية.
هتف أركان الحرب:
- ولكن الشمس مازالت بعيدة عن المنطقة.
لوًَّح الدكتور (فريد) بيده، هاتفاً:
- الأشعة ستستغرق عدة دقائق، قبل أن تقطع المسافة بيننا وبين الشمس، ولقد وضعوا حساباتهم كلها، اعتماداً على هذا.
امتقع وجه الرئيس، وهو يقول:
- ولكن لو أطلقوا أشعتهم، قبل وصول الطائرات، التى تحمل القنابل النووية المحدودة، لن يكون لإلقائها أية فائدة.
بدا قائد الطيران شديد العصبية، وهو يقول:
- إذن فقد أصبح الأمر سباق ثوان قليلة.
تراجع الرئيس فى مقعده، وهو يغمغم:
- بعد ملايين السنين، صارت نهاية الأرض ترتبط بثانية أو ثانيتين.
وران على الجميع صمت رهيب...
وتعلًَّقت العيون بكل الشاشات ...
وفى كل العقول، انفجر تساؤل واحد ...
ترى، هل يشهدون نهاية الحضارة البشرية على الأرض؟!...
هل ؟!...
* * *
ثانية واحدة مضت، عقب ضحكة الجنرال الشيطانية، ثم هتف (نور):
- لن نستسلم الآن.
اندفعت (سلوى) نحو أحد أجهزة الغزاة، وهى تقول فى حزم:
- بالطبع ... لقد حان دورنا، (نشوى) وأنا.
وأسرعت (نشوى) تعدو نحو الـ( آتوترون)، وهى تقول:
- كنت أتصوًَّر أننا سنبقى سلبيتين، حتى لحظة النهاية.
بدا الجنرال شديد العصبية، وهو يقول فى حدة:
- لا يمكنكما منع إطلاق الطاقة السلبية ... رموزنا تختلف تماماً عن رموزكم، التى تتعاملون بها رقمياً على كوكبكم.
أجابته (نشوى) فى انفعال، وهى تلصق ساعة يدها بجانب (أتوترون):
- الجهاز مازال يحمل برنامجه الأرضى خلف جهاز الترجمة، الذى أضفتموه إليه.
كانت أصابعها الصغيرة تعمل على الأزرار الدقيقة فى ساعتها، فى سرعة مدهشة للغاية، فغمغم (رمزى):
- هل سيمكنك فعل أى شئ، فى هذه الثوانى القليلة؟!
أشار إليه (نور)، قائلاً فى حزم، وهو يراقب عمل زوجته وابنته:
- اتركهما تعملان.
كانت الثوانى تمضى فى سرعة، وجهاز (آتوترون) ينفتح، وتتسع دائرته، ليبدو أشبه بطبق إرسال كبير، يستقر على قاعدة بيضاوية الشكل، وأصابع (نشوى) تعمل بتلك السرعة الكبيرة، فى حين غمغمت (سلوى)، وهى تواصل عملها على الجهاز الآخر:
- إنه يسير وفقاً لنفس المبادئ الفيزيائية فى عالمنا، ولكنها مشكلة الرموز فحسب.
هتف الجنرال، وعصبيته تتزايد:
- لن يمكنكم إنجاز هذا، فى الوقت المناسب.
أجابته (نشوى)، وأصابعها تواصل العمل فى سرعة:
- لقد تجاوزت برنامجكم بالفعل، وسأحاول الآن إيقاف عملية الإطلاق.
كان (أكرم) يشعر بدوار شديد، إثر إصاباته المتعدًَّدة، و(نور) يتابع عمل (سلوى) و(نشوى) فى اهتمام، فى حين تركًَّز بصر (رمزى) على وجه الجنرال، الذى بدا وكأنه سينفجر غضباً ..
ثم فجأة، اتخذت ملامحه انفعالاً مختلفاً ...
انفعال أدركه الخبير النفسى ...
وبكل قوته، هتف، قبل حتى أن يتحًَّرك الجنرال:
- احترس يا (نور).
وفى منتصف عبارته تقريباً، وثب الجنرال ...
وثب كنمر شرس خارق، ليقطع ثلاثة أمتار دفعة واحدة، منقضاً على (نشوى)؛ فى محاولة لمنعها من إتمام عملها...
وفى نفس اللحظة تقريباً، وثب (نور) ...
وقبل أن يبلغ الجنرال (نشوى)، بأقل من خطوة واحدة، انقض عليه (نور)، ودفعه بعيداً عنها، وهو يهتف:
- ليس فى هذه المرحلة.
أمسك الجنرال وسط (نور)، ورفعه عالياً، وهو يطلق صرخة هادرة، ثم ألقى به بكل قوته، نحو الجدار، الذى بدأ الجليد الملتصق به يذوب بالفعل ...
كان من الواضح أن قوته تفوق قوة (أيسول) نفسه ...
وأنه مصرًَّ على منع إيقاف الإطلاق ...
وبأى ثمن ...
فقد دفع (نور) بعيداً، ثم عاد ينتقض على (نشوى) ...
وفى هذه المرة، اعترض (رمزى) سبيله ...
كان يعلم أنه لن ينجح أبداً فى صد قوته، إلا أنه لم يتردًَّد فى مواجهته؛ ليمنح (نشوى) ثوان إضافية...
وبصرخة وحشية، دفعه الجنرال بعيداً، حتى أن دفعته ألقته ثلاثة أمتار إلى الخلف ...
وعاد ينقض على (نشوى) ...
وفى نفس اللحظة، التى استعاد فيها (نور) توازنه، وهم بمعاودة الانقضاض على الجنرال، كان (أكرم) يثب ليتعلًَّق بعنق هذا الأخير، على الرغم من إصاباته المؤلمة، وهو يهتف:
- الأرض للأرضيين أيها الوغد .
كان الجنرال يبدو كوحش كاسر، وهو ينتزع (أكرم) من عنقه بقوة خرافية، ثم يلقيه؛ ليرتطم بـ(رمزى)، ويسقطان معاً أرضاً ...
وفى بطء، بدأ (آتوترون) يدور ...
ويدور ...
ويدور ...
ومع كل ثانية تمضى، كانت سرعة دورانه تتزايد ...
وتتزايد ...
وتتزايد ...
وفى محاولة أخيرة، لمنعه من إيقاف (نشوى)، انزلق (نور) أرضاً، وضرب ساقى الجنرال بقدميه فى قوة ...
ولكن الجنرال تجاوزه بوثبة رشيقة، وانقض على (نشوى) ...
وفى هذه المرة، كانت انقضاضته ناجحة ...
وكانت سرعة دوران الجهاز قد بلغت ذروتها، عندما انتزع الجنرال (نشوى) من مكانها، وألقاها بعيداً عن الجهاز، وهو يصرخ:
- خسرتم أيها البشر .
وخفقت قلوب الجميع فى قوة، عندما بدأ الجهاز يتألق، ليطلق طاقته السلبية الجبًَّارة نحو الشمس...
شمسنا ...
* * *
" عشرون ثانية، ونبلغ الهدف"...
نطق طيًَّار المقاتلة الصينية العبارة فى هدوء وآلية، لا توحيان أبداً بأنه يستعد لإلقاء قنبلة نووية محدودة، على منطقة سكنية كاملة، فأجابه قائد الطيران المصرى فى صرامة:
- لا تلق القنبلة، قبل أن تتلقى الأوامر بهذا .
أجابه الطيًَّار بنفس الهدوء والآلية:
- سلبى ... لست أتلقى الأوامر سوى من قيادتى .
صاح به قائد الطيران فى غضب:
- إنك تحًَّلق فى سمائنا.
كرًَّر الطيًَّار بنفس الآلية:
- سلبى .
قالها، وانهى الاتصال دفعة واحدة، مما جعل الجميع يشعرون بالغضب، فالتفت الرئيس إلى قائد الدفاع الجوى، وساله:
- أأنت مستعد ؟!
أجابه الرجل فى حزم:
- فى انتظار اوامرك يا سيادة الرئيس .
" عشر ثوان، قبل بلوغ الهدف ..."..
قالها الطيًَّار الصينى، وهو يضغط زراً أمامه، فانفتحت كوة فى باطن طائرته، وانخفضت منها القنبلة النووية المحدودة، وهو يقترب من الهدف بسرعة كبيرة ...
وفى حجرة الاجتماعات، بلغ توتر الحاضرين مبلغه، وغمغم القائد الأعلى فى أسى:
- (نور) وفريقه كانوا أبطالاً ...
أجابه الرئيس فى حزم:
- الوقت لم يحن لفعل (كانوا) هذا .
أشار قائد الطيران إلى الساعة الرقمية الكبيرة أمامه، وهو يقول:
- إنها خمس ثوان فحسب يا سيًَّدى .
لم يكد يتم عبارته، حتى ارتسمت فجأة عبارة قصيرة، رقمية كبيرة، على كل شاشات الرصد فى آن واحد ...
وقفزت دهشة الجميع إلى ذروتها ..
أو ربما أكثر ...
بكثير .
* * *
بلغ (آتوترون) سرعته القصوى بالفعل...
وبدأ تألقه ...
واستعد لإطلاق طاقته السلبية الجبًَّارة نحو شمسنا ...
وأطلق الجنرال ضحكته الشيطانية الظافرة مرة أخرى ...
وأخيرة ..
ففجأة، وبعد أن بدا للجميع أن الطاقة ستنطلق، انخفضت سرعة (آتوترون)، وخبا تألقه ..
وبينما خفقت قلوب الجميع فى عنف، اتسعت عينا الجنرال فى دهشة غاضبة، وهو يهتف:
- ولكن كيف؟!
أشارت (نشوى) إلى ساعتها، وهى تقول:
- تأخرت ثانية واحدة يا هذا .
ثم ابتسمت فى ارتياح، مضيفة:
- لقد عكست عمله، قبل أن تنتزعنى من مكانى بثانية واحدة .
أطلقت (سلوى) صرخة فرح، وتنًَّهد (رمزى) فى ارتياح، وهو يغمغم:
- حمداً لله ... حمداً لله .
وانعقد حاجبا (أكرم) فى شدة، فى حين اغمض (نور) عينيه، وهو يتمتم بكلمات لم يسمعها سواه...
أما الجنرال، فقد أدار عينيه فى وجوه الجميع، فى غضب مستنكر، وهو يغمغم بلغتة غير الأرضية، فى حين تراجع فريقه العلمى، فى خوف واضح ...
وفى حماس، هتفت (سلوى)، وهى تضغط زراً ، فى أحد الأجهزة الخاصة بالغزاة:
- لقد نجحت أيضاً فى التعامل مع هذا الجهاز، وهو يرسل الآن رسالة بلغتنا إلى القيادة، يخبرها أن المهمة قد انجزت ..
ثم رفعت ساعة يدها أمام الجنرال، وهى تضيف:
- كان ينبغى أن تجردنا من ساعاتنا الأليكترونية يا هذا؛ فسيدهشك مقدار ما يمكنها فعله.
نقل الجنرال بصره بينهم مرة أخرى، ثم وثب فجأة، يضرب صدر (نور) فى قوة، قبل أن يختطف السلاح من يده، ويتراجع صائحاً بكل غضبه:
- ربما نجت الأرض هذه المرة أيها البشر، ولكن هذا لن ينطبق عليكم .
فى نفس اللحظة، التى نطق فيها عبارته، كان الطيًَّار الصينى قد بلغ الهدف تماماً، وامتدت سبًَّابته لتضغط زر إلقاء القنبلة النووية المحدودة...
ولم يكن هناك شئ يمكن أن يمنعه عن هذا ..
أى شئ ...
على الإطلاق ...
* * *
بكل الحزم، ضغط الطيًَّار الصينى زر إلقاء القنبلة ...
وعلى الرغم من أنه قد اختبر ذلك الزر خمس مرات، قبل أن يبدأ مهمته، إلا أن شيئاً لم يحدث ...
والقنبلة النووية المحدودة، لم تسقط ...
وبكل التوتر، ضغط الطيًَّار الزر مرة ثانية ...
وثالثة ...
ورابعة ...
وأيضاً لم يحدث شيئاً ...
وفجأة، انتبه إلى أن مسار طائرته يتغيًَّر ...
حاول أن يستعيد سيطرته عليها، وهو يعيد الاتصال بالقيادة المصرية، قائلاً فى غضب:
- ماذا فعلتم بمقاتلتى ؟!
أتاه صوت الرئيس، وهو يقول فى صرامة:
- كل الطائرات تحت سيطرتنا الآن ...سنقودكم إلى الهبوط فى أحد مطاراتنا الحربية، حتى تتم إجراءات إعادتكم لبلادكم.
صاح فى حدة، وهو يحاول عبثاً استعادة السيطرة على طائرته:
- هذا ليس قانونياً ... اعيدوا السيطرة إلى طائرتى .
أتاه هذه المرة صوت قائد الطيران، وهو يقول:
- يبدو أنك نسيت أنك تحًَّلق فى سمائنا يا هذا، ونحن لا نتلقى الأوامر إلا من قيادتنا .
قالها قائد الطيران، ثم التفت إلى قائد الدفاع الجوى، قائلاً :
- أحسنت يا هذا .
سأله الرئيس فى اهتمام :
- أهو سلاح جديد؟!
اجابه قائد الدفاع الجوى فى ارتياح:
- بل هى تجربة لسلاح جديد يا فخامة الرئيس ... لقد وجدنا أن كل الطائرات الحديثة، يتم توجيهها عبر الأقمار الصناعية لدولها، وكل ما فعله سلاحنا الجديد، هو انه فصل الاتصال، بين الطائرات وأقمار التوجيه الصناعية، ونقل إلينا شفرة التوجيه، التى جعلتنا نمتلك السيطرة الكاملة على الطائرات، كما لو أنها جزء من لعبة هولوجرامية متطوًَّرة .
اعتدل الرئيس فى مقعده، وهو يقول بابتسامة كبيرة:
- عظيم ... لدينا احتفال مزدوج إذن، بنجاة كوكبنا، ونجاح تجربة السلاح الجديد.
تساءل قائد القوًَّات فى اهتمام:
- ولكن ماذا عن فريق (نور)؟!
ولم يحر أحد الحاضرين جواباً، وإن أطلًَّ التساؤل ذاته من عيونهم جميعاً ...
نعم ... ماذا عن فريق (نور)؟!..
ماذا؟!..
* * *
سلاح الفقاعات المتفجًَّرة، كان مصوًَّباً نحو أفراد الفريق ...
والجنرال كان فى ذروة غضبه وشعوره بالفشل ...
ولم يكن هناك سبيل واحد لنجاتهم ...
أى سبيل ...
ولقد تألقت عينا الجنرال بنظرة وحشية مخيفة، وهو يضغط زناد سلاحه، و....
وفجأة، حدث أمر عجيب للغاية ...
أمر أشبه بالمعجزة ..
لقد بلغت الشمس تلك الفجوة فى السطح ...
وهبط ضؤها وحرارتها إلى قاع الكهف، حيث استقر (آتوترون) ...
وعلى نحو طبيعى، عكس سطح (أتوترون) الضوء والحرارة ...
نحو جسد الجنرال مباشرة ...
ومع ذلك الدفق المفاجئ من الحرارة، اتسعت عينا الجنرال عن آخرهما ...
وسقط سلاحه من يده ...
وأطلق صرخة ...
صرخة تردًَّدت فى الكهف، حاملة آلاماً رهيبة ....
آلام جعلته يسقط على ركبتيه، وسط دائرة الضوء والحرارة، وهو يصرخ بكلمات، جعلت أفراد فريقه العلمى يصابون بالفزع، ويتراجعون حتى التصقوا بجدار الكهف، الذى ذابت كل ثلوجه تقريباً...
وأمام عيون الجميع، تصاعدت من جسده أبخرة عجيبة، لها لون أزرق داكن ...
وفى ضعف ملحوظ، حاول أن يزحف خارج دائرة الضوء والحرارة ...
ولكن الأبخرة تزايدت ...
وتزايدت ...
وفى مشهد بشع، راح قناع زيه الواقى يذوب ...
ومن تحته، بدا وجهه أكثر بشاعة، وهو يذوب على نحو عجيب ...
وفى تلقائية، اندفع (نور) يحاول معاونته، ولكن (أكرم) أمسك ذراعه فى قوة، وهو يقول :
- اتركه .
ثم أضاف فى حزم، لم يخل من عصبيته المعتادة:
- إنها شمسنا، تنتقم لنفسها .
وتوًَّقف (نور) بالفعل ...
ليس استجابة لحديث (أكرم)، ولكن لأنه أدرك عدم جدوى هذا ...
فقد همدت حركة الجنرال تماماًًًًًًًًًًًًًًًًً، وتكاثفت الأبخرة الزرقاء، المتصاعدة من جسده، إلى حد مخيف ...
لقد فعلتها شمسنا بالفعل ...
وانتقمت ...
* * *
" هل تشعر بالراحة ؟!.."..
نطقتها (سلوى) فى حنان، وهى تعدًَّل وضع وسادة هوائية صغيرة، خلف ظهر (أكرم)، الذى استرخى على مقعد وثير، تحت أشعة الشمس الدافئة، فى حديقة منزل (نور)، فأومأ برأسه، مجيباً فى استرخاء واضح:
- لا يمكننى أن أكون أكثر راحة من هذا .
وأشار بيده إلى أعلى، مستطرداً:
- يكفى أن أشعر بهذا الدفء الجميل.
أومأت (نشوى) برأسها موافقة، وهى تصب قدحاً من الشاى لزوجها (رمزى)، قائلة :
- هذا صحيح ...إننا نشعر به دوماً، إلا أنه يبدو أن الإنسان لا يدرك ما يتمتع به من نعم الخالق عزًَّ وجلًَّ، إلا عندما يوشك على فقده .
تمتم (رمزى):
- هذا صحيح .
وصل (نور) فى هذه اللحظة، وعبر باب الحديقة، وهو يقول:
- معذرة لتأخرى يا رفاق... كان علىًَّ أن أعد التقرير النهائى، ولم أدرك أنه سيستغرق كل هذا الوقت .
سألته (سلوى) فى اهتمام:
- ماذا فعلوا بفريق الغزاة، الذى بقى على قيد الحياة؟!
اجابها، وهو يجلس على مقعد مجاور لمقعد (أكرم):
- وضعوهم فى بيئة مناسبة، والدكتور (فريد) وفريقه يحاولون الآن الحصول على كل ما لديهم من معلومات .
سأله (رمزى):
- وماذا عن الدكتور (كمال) والدكتور (ريمون)؟!
أشار (نور) بيده، قائلاً:
- إنهما تحت الرعاية الطبية والعلمية الفائقة، والدكتور (فريد) يأمل أن يتعاون الغزاة، فى إخراجهما مما أصابهما .
اعتدل (أكرم) فى حركة حادة، وهو يقول:
- (نور) ... هل دعوتنا لتناول طعام الغذاء، أم لمناقشة أمور العمل؟!
ابتسم (نور)، وهو يقول:
- أنت على حق ... دعونا لا نتحدًَّث عن العمل اليوم .
عاد (أكرم) يسترخى فى مقعده، وهو يقول فى استمتاع :
- نعم ... دعونا فقط نستمتع بدفء شمسنا .
وكان على حق تماماً ...
فليستمتعوا جميعاً بدفء شمسنا، التى لن تصبح ابداً، فى حياتنا على الأقل، شمساً باردة...
أبداً .




* * *

تمت بحمد الله قراءة ممتعة

عهد Amsdsei 21-01-12 08:55 AM

الرواية كاملة على هيئة كتاب متوفرة بأول صفحة

و هذه هي الوصلة

http://www.4shared.com/office/lv0N3b6n/__online.html

وكلمة السر هي

www.liilas.com

زهره النيل 20-03-12 11:04 PM

يا الله انتى كنز بارك الله فيك لا اعرف كيف اصف شعورى فانا اقيم بعيد عن بلدى مصر واقيم فى بلدى الثانى الرائع الكويت وللاسف لا اعرف من اين اجيب الروايات لكن انتى قدمتى لى كل ما احلم به شكراااااااا شكراااااا والله لو كنت امامى لقبلتك

عهد Amsdsei 21-03-12 12:48 AM

العفوووووووووووووووووووو أختي و كلامك على راسي من فووووووووق

وعشان الكلمة الحلوة دي

اطلبي اي قصة تلاقيها ان شاء الله

و هاتي راسك أبوها هااااا مووووووووووووووووة

aiv 01-01-13 12:32 PM

رد: الشمس الباردة - الفصل الأخير ( الختام ) - كاملة مع وصلة الكتاب
 
وااااااااااااااااااااو ابداع

الحب البرئ 14-01-14 01:18 AM

رد: الشمس الباردة - الفصل الأخير ( الختام ) - كاملة مع وصلة الكتاب
 
بجد الروايه روعه ومن اكتر السلاسل اللى بستمتع بيها ميرسىىىىىىىىىىىىىىىىىىى

روزي 2011 17-12-17 07:57 PM

رد: الشمس الباردة - الفصل الأخير ( الختام ) - كاملة مع وصلة الكتاب
 
من رواياتي المفضله شكراااااااااااااا


الساعة الآن 12:45 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية