منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   52 - قطار في الضباب - فيوليت وينسبير - روايات عبير القديمة ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t158538.html)

نيو فراولة 23-03-11 09:07 PM

52 - قطار في الضباب - فيوليت وينسبير - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
52-قطار في الضباب - فيوليت وينسبير - روايات عبير القديمة
الملخص

الفعل التلقائي لايفهم على حقيقته أبداً, فهو ينبع من رغبة طبيعيةللاحتفاظ بالذات , أو من رغبة طبيعيةمماثله للتضحيه بالنفس , وليسمنالضروري أن يكون الحب هو الدافع.......
.....كان أسمه لومارش وكان مخرجاً في هوليود,وسيماً
منتديات ليلاسومشهوراًفاتنبلا هوادة , لكنه تزوج فاي العادية المظهر والمتواضعه الأصل,لم يكن أمامها في النهاية سوى الرحيل عنهبعدما خسرت جنينهابسببه لكن الرحلة في القطار معاً, كصديقين , والحادث الرهيبالذيوقع له عندما حاول أنقاذ فاي من الموت المحتم , جعلهما يكتشفان أنالفعل التلقائي,مهما كان , لا يحصل بدون دافع حقيقي عميق.... وأنالحب وحده يدفع بالانسان ألى التضحيةبنفسه , لكن هل يكفي هذاكي يعود الواحد منهما للآخر بعد طول غياب؟

نيو فراولة 23-03-11 09:09 PM

1- فارس هوليوود

جلست فاي تنظر ألى خاتم االزواج الجديد الذي يزين أصبعها , وهو خاتم رائع مصنوع من البلاتين تحيط به أحجار صغيرة من الماس البرّاق , وكانت شمس الخريف تعكس أشعتها على أحجاره الكرينة , فتزيده بريقا وجمالا , ولكن بدلا من ان تشعر بالسعادة , ملأ قلبها الخوف , ثم ألقت نظرة على زوجها الجالس بجانبها , يقود السيارة على الطريق الرئيسي في كاليفورنيا , وراحت تفكر وتحدّث نفسها قائلة : لماذا نلزم الصمت مع أن مراسم الزواج تمت ,على الأقل كان يجب أن يبدو على وجهينا الأبتسام , وسألت زوجها قائلة :
" متى نصل ألى الكوخ يا لو؟".
ذلك أن لو أقترح تمضية شهر العسل في كوخ يمتلكه على تلال سيرينا , ووافقته فاي على ذلك , ولكن فاي شعرت وهي تسأله أن لسانها أصبح كالخشب , وكأنها لم تنطق بكلمة منذأسابيع ومع أنها قالت : نعم أقبله زوجا , منذ فترة وجيزة.تملّكها الخوف من جديد ..... وشعرت ببرودة شلّت حركتها , وتساءلت : لماذا تزوجت لو !
منتديات ليلاس
أنها بلا شك غلطة جسيمة , ولن يعرفا معا طعم السعادة أبدا . فبالنظر أليه , وجدته ساكتا منطويا على نفسه , وتملكها اليأس وشعرت بتعاسة لدرجة أن الدموع كادت تطفر من عينيها , لماذا أذن تزوجها وهو كما يبدو , لا يشعر بالسعادة أو الفرح أو أي شيء من ذلك؟
ثم ألتفت نحوها وراح ينظر أليها ويقول :
" سوف نصل ألى الكوخ في حوالي الساعة الثامنة , أؤكد لك أنك لن تجدي هناك عناكب أو رطوبة".
وأبتسم أبتسامة ساخرة رفعت ركنا من فمه الواسع وقوست حاجبه الأيسر في أستهزاء واضح , ثم أضاف:
" الواقع أن الكوخ مريح , وقيه حمام , ولكن المياه لا بد أن تسخن على الموقد".
ردت فاي قائلة :
" هذا جميل".
" من يسمعك يقول أن هذا الكوخ لا يرضيك , ماذا بك؟".
" لا شيء ".
" لا بد أن في الأمر شيئا لا يرضيك , فأنت تبدين كالشبح .... فهل نالك السأم من الزواج بهذه السرعة؟".
" لا طبعا".
قالت ذلك وراحت تدير خاتم الزواج الثمين حول أصبعها , شعرت أنه أصبح ثقيلا وغريبا مع أن الماس يتلألأ ويتراقص أمام عينيها , فودت لو تخلّصت من هذا الشعور الذي يسيطر عليها.
ثم قال لو :
" أراهن أنني أعرف ماذا بك , أنك تشعرين بالجوع , فلا بد أن كل ما تناولته من الطعام هو فنجان قهوة".
" لم أكن أشعر بالجوع حينئذ ".
" كنت متأكدا من ذلك , وسوف نتوقف عند أول مطعم مناسب لتناول الطعام , وتشعرين بالتحسن عندما تأكلين شيئا يا حبيبتي".
وأبتسم لها ثم أستدار وأعطى كل أهتمامه ألى القيادة.
غاصت فاي في مقعدها وراحت تدفع فكرة البكاء بعيدا عنها , فلا فائدة الآن من التفكير في الماضي , وأستسلمت لقدرها , فهي متزوجة الآن من لو مارش.
لو مارش أسم ساحر في عالم الأخراج السينمائي , صحيح أنه يبلغ الرابعة والثلاثين من عمره فقط لكنه حقق الكثير من النجاح , وأرتقى بسرعة سلم الشهرة الشاق في هوليوود , وأختا فاي كي ترافقه كزوجة .... لكن هذا الأختيار لم يكن بسبب الحب .
فعندما طلب يدها صارحها أنه يريد الزواج لأنه سئم الوحد , والعيش بمفرده , ولذلك سألته :
" وهل يقدّر لهذا الزواج شيء من النجاح في حين أنك لا تشعر نحوي بالحب؟".
فضحك ساخرا وقال لها :
" الحب! هل أفسر لك الحب يا صغيرتي ؟ أنه كلمة جميلة يضعونها على بطاقات الأعياد والتهنئة , هو عنصر يذيبونه في كلمات الأغاني الشائعة..... يا صغيرتي , لا تطلبي مني أن أسمعك كلمات جميلة , فأنني لست كذلك , بل تقبلي مني ما أقدر على أعطائك أياه ...... وهو أعجابي بك وأعزازي أياك , أليستا عاطفتين قويتين تكفيانك؟".
وأعتبرت فاي أن مجرد رغبته فيها هي معجزة تقبلتها بأمتنان ولهفة , كالطير الذي يتقبل بشوق الفتات الذي يصادفه , ولم تصدّق أنه معجب بها كما قال , فهي فتاة عادية لا يحيطها البريق , أما أعزازه أياها فهو في نظره يعني أنه يعجب بتواضعها ونكرانها لذاتها , فيمكنه أن ينساها كلما أراد , وأن يتأكد أنها لن تلومه , ويمكنها هي أن تذهب بعيدا عنه وتشغل وقتها بما يسليها لحين يتذكرها ويشير أليها بأصبعه , فتهرع أليه ثانية.

نيو فراولة 23-03-11 09:10 PM

أما فاي فكانت غارقة في حبه , أحبته من أول أبتسامة خصّها بها , وقد تقابلا في منزل جدته حيث كانت فاي تقوم بمهمة تمريض السيدة مارش صاحبة الملايين التي تميل ألى الغضب بسرعة .
كانت فاي من أصل أنكليزي , هاجرت ألى الولايات المتحدة منذ سنتين عندما توفيت والدتها األأرملة ,وكان حضورها ألى أميركا نتيجة برنامج خاص بالممرضات , ولكنها بقيت لتعمل ممرضة في المنازل مرخصا لها من قبل الدولة , ووجدت فاي أن عملها هذا يفوق عملها في المستشفيات تسلية وأثارة , أذ مكّنها من دخول بعض المنازل ومنذ أول يوم عمل في لوريل باي لدى السيدة مارش أسرتها بهيبتها وأدهشتها بغضبها , كما أعجبت فاي بجمال ديللا الكئيب وهي حفيدة السيدة مارس .
وشعرت أن هذه الأسرة تختلف عن غيرها , وبرغم أن فاي لم تكن متعالية , لكنها تفخر بأن السيدة مارش كانت أغنى سيدة في كازا روش وأن شقيق ديللا كان مخرجا سينمائيا معروفا .
وبعد ظهر يوم ما حضر لو لزيارة جدته , فشعرت السيدة مارش بالفخر لأنها أعتقدت أنه حضر من هوليوود خصيصا ليسأل عن قرحة معدتها , لكنه أخبرها أنه حضر ألى كازا روش لبعض الأعمال السينمائية , ولم يكن يعلم أنها مريضة بالقرحة , طريقته وهو يخبر جدته بذلك أمام فاي أكدت لها أنه لا يكن لجدته أي عاطفة برغم أنها ربته وربت شقيقته ديللا , أذ توفي والدها , وكانت ديللا في الثانية من عمرها وهو في الثانية عشرة , أما والدتهما ,وكانت رائعة الجمال وموطنها الأصلي صقلية , فقد تزوجت ثانية بعد وفاة زوجها مباشرة , ورفض زوجها الثاني تحمل مسؤولية طفليها فتركتهما بكل قسوة مع حماتها , وأختفت نهائيا من حياتهما.
منتديات ليلاس
علمت فاي بكل هذه التفاصيل الدقيقة من ديللا بعد أن توطدت الصداقة بينهما سريعا , وربط بينهما شعورهما بالوحدة وبأن كلا منهما فقدت شخصا عزيزا عليها , فقد فقدت فاي والدتها أما ديللا فقد توفي زوجها الشاب في حادث سيارة بعد زواجهما بثلاثة أشهر فقط.
وكانت من عادة فاي وديللا التحدث طويلا خلال أيام أغسطس ( آب ) الحارة , ومع أن السيدة مارش تنتابها أحيوانا نوبات غضب , كانت تعد مريضة مريحة نسبيا تنام كثيرا , وبذلك نمت تلك الصداقة بين فاي وديللا وتوطدت , ونتيجة لمشورة فاي ونصيحتها قبلت ديللا أخيرا أن تتزوج ويل برونسون المحامي الشاب الذي يجاورهم في السكن , وكان ويل كثير التردد على لوريل باي وبذلك فهمت فاي أنه يعشق ديللا الحزينة .
وذات يوم قالت ديللا لفاي وهما جالستان في حديقة الورود في لوريل باي .
" هذا الرجل مختل العقل وأود لو تركني وشأني".
فردت عليها فاي قائلة بجرأة لم تتعودها من قبل :
" كي تعودي ألى أفكارك الكئيبة؟".
ولم تكن من عادة فاي التدخل في شؤون الآخرين, لكنها تحب كلا من ديللا وويل وتظن – وتشاركها السيدة مارش هذا الرأي – أنه أذا لم تسرع ديللا وتجد ما يحبب لها الحياة فأنها سوف تتحول ألى رتابة كئيبة لا تجد فيها ألا صحبة نفسها فقط , وبعض ذكريات أليمة لزوجها الشاب الذي كان مستهترا وهي غارقة في حبه تماما .
" ولكنني لن أتمكن من حب ويل كما أحببت فيليب.... سأكون خادعة له ".
فردت عليها فاي قائلة :
" أذا كان هذا هو تفكيرك أذا فأنت تهتمين به ؟!".
فأبتسمت ديللا وقالت :
" كيف تبدين النصيحة والحكمة وأنت صغيرة السن أذ يبدو عليك أنك لا تتجاوزين السادسة عشرة ؟".
وكانت السيدة مارش تتماثل للشفاء سريعا ولذلك نظمت الأسرة حفلا صغيرا للشاي وكانت أشعة الشمس ساطعة وملأ الجو صوت تحرك الطيور وحفيف أوراق الأشجار , وكانت السيدة مارش تتصدر المائدة في ثوبها الأسود , وتجلس لتصب الشاي لضيوفها , وهي تشعر بالسعادة لأمكانها أحتساء الشاي ثانية بعد شفائها , وأرتدى لو سروالا رماديا وقميصا أزرق غامقا , وبدا خطرا كالقرصان , وكانت فاي ما زالت تشعر بالخجل الشديد نحوه برغم أنه أمضى معهم عشرة أيام , فأذا تحدث أليها ردت عليه بأقتضاب , وأذا أبتسم لها وهو قابض بأسنانه على سيجارة ظنت أنه يهزأ بها بأبتسامة فيصعد الدم ألى وجهها الشاحب وألى عنقها , وكانت تعاني من الأرق لمجرد التفكير في ذلك , كانت دنيا الرجال في نظرها تتركز على تلك الزمرة من الأطباء الذين يعملون كالآلة ويضعون السماعات حول أعناقهم , ولم تظن فاي أبدا أن هناك رجلا مثل هذا الرجل , فهو وسيم للغاية وجسور كالقرصان المستهتر , وشكت فاي أنه على قدر كبير من الصلابة وتحجر العاطفة , كان لو يخيفها , لكنه يخلبها أيضا , فأحيانا كانت تود التقرب أليه ولكنها سرعان ما تشعر بالرغبة في الفرار منه , وأكتشفت أثناء حفل الشاي أنها وقعت في الحب لأول مرة.

نيو فراولة 23-03-11 09:12 PM

أثناء هذا الحفل الصغير أعلن كل من ديللا وويل عزمهما على الزواج, وكانت ديللا ترتدي ثوبا من الحير يكسو وجهها الخجل وهي تعلن هذا النبأ , أما ويل فبدا كالطفل الذي يمتلك كل لعب العالم , وأبدت السيدة مارش رضاها بهزات متتابعة من رأسها.
وراحت فاي تراقب لو خلسة فوجدت عينيه يبرقان بمكر خفي , وهو ينهض بقامته الطويلة , ويمسك فنجان الشاي عاليا محييا ديللا وويل , قائلا:
" كان يجب أن نشرب نخبكما لكن هذا يكفي .... أنا أبارك هذا العقد ولا تنسيا أن تسمّيا أول ولد لكما بأسمي!".
ثم أحتسى نخبهما وسرته نظرة جدته القاسية , وقالت السيدة مارش:
" تجاوزت الحدود يا لو مارش , لماذا لا تذهب ألى هوليوود حيث تقيم؟".
فرد عليها قائلا:
" سوف أعود أليها يا جدتي العزيزة بعد أن أمضي شهر العسل".
" ماذا تقول؟".
" شهر العسل – الشيء الذي يفعله كل الذين يتزوجون".
ثم وضع فنجانه بعناية على المائدة وأستدار وجذب فاي من مقعدها قائلا:
"تعالي نتمشى معا".
جذبها معه قبل أن تتمكن من الأحتجاج , ثم قادها تحت شجر الحديقة والخوف والتخبط جعلا قلبها يسرع بدقاته حتى أنها لم تتمكن من صدّه , وعندما كف عن المشي فجأة وجذبها أليه وأحاطها بذراعيه القويتين , وشعرت بعناقه , فأرتجفت بين يديه وودت لو دفعته عنها , لكنها لم تكن راغبة في ذلك , وكل ما أمكنها قوله هو :
" يجب ألا تفعل هذا.....".
منتديات ليلاس
فرد عليها :
" ولكنني سوف أستمر في ذلك يا صغيرتي , هل تودين أن أكف؟".
فقالت له:
" نعم ".
" أيتها الكاذبة الصغيرة !".
عانقها مرة أخرى , ولم تشعر فاي بعد ذلك بشيء , وأرتجفت كالفراشة أمام شعلة عواطفه , حتى سمعته يقول :
" تزوجيني وعيشي معي في هوليوود , فقد سئمت الوحدة والعيش بمفردي".
ثم راح يلمس شعرها الذهبي ويتحسس وجنتها ويتمهل بأصابعه على فمها الجميل الحالم , لم تكن فاي جميلة ... فوجهها هادىء للغاية ولكن تبدو عليها جاذبية كامنة , وكانت عظام جسمها دقيقة وصوتها خافتا وعيناها زرقاوين , ويميّزها مظهر من الوحدة الأخاذة .
ردت عليه قائلة :
" ولكنك لا تحبني يا لو ".
فضحك عاليا وقال :
"الحب !".
وصلا ألى الكوخ في تمام الثامنة , غابت الشمس فأكتست السماء باللون البنفسجي , وتحرك نسيم الخريف بين الأشجار ,وغنت الطيور لأقتراب الليل.
فتح لو باب الكوخ , ونقلا كيسين كبيرين مملوءين بالطعام أشترياهما من بلدة مرا بها , ووقفت فاي قرب الباب ... وحيدة مع زوجها.
وشعرت أنها تحلم , وأنها سوف تستيقظ بعد برهة وتجد أن كل ما يحيط بها , بما في ذلك لو نفسه وزواجها منه , وهذا الكزخ المطوق بالأشجار جزء من ذلك الحلم , ورأت لو يخطو نحو الكوخ المظلم ويضع الكيس على أحد المقاعد ويفتح النافذتين على أتساعهما , فغمر الضوء المكان وكادت فاي تصرخ من فرط أعجابها ودهشتها , ووجدت فاي أريكتين كبيرتين ومدفأة وبين الأريكتين منضدة طويلة لامعة , وكست أرضية الصالة السوداء اللامعة قطع من السجاد المنسجمة مع الجدران , تزينها معلقات وأعلام من فن الهنود الحمر , وعلى جانب أحد الجدران مكتب قديم لامع أسود تواجهه خزانة مليئة بالكتب , كانت الغرفة جميلة ذات سقف عال , فبرقت عينا فاي أعجابا وهي تتلفت وتعجب بكل شيء , فسألها لو قائلا:
" هل تروق لك هذه الغرفة؟".
" أعشقها".
" ليست هناك عناكب أو آثار للرطوبة , تعالي , سوف أريك المطبخ".
ذهبت معه حاملة كيس الطعام , ولما وصلا ألى المطبخ الأنيق الصغير أخذ لو الكيس من يدها ووضعه على المائدة ,ثم أبتسم عندما لاحظ أعجابها المتسم بالدهشة , وسألت :
"كيف تحافظ على الكوخ نظيفا مرتبا؟".
فرد قائلا :
" هناك أمرأة تسكن في الوادي , تأتي لتنظيف الكوخ , فأحيانا أحضر ألى هنا أثناء شهور الصيف".
ونظرت فاي ألى الخزائن فأبتسم لو وفتح لها أحداها , فرأت كمية ضخمة من المعلبات يحتوي بعضها على الفاكهة , وقال :
" هل رأيت أننا لن نجوع هنا أبدا".
ثم فتح الخزانة الثانية مضيفا :
" أما هذه الخزانة فتحتوي على وقود للمصابيح والموقد , وهنا نحتفظ بأغطية الأسرة وأدوات المائدة وأواني المطبخ , والآن تعالي لتري غرفة النوم والحمام".
قالت فاي:
" كلمة كوخ لا تصف هذا المكان يا لو ".
" نعم , أنا متأكد أن تخيّلك هذا الكوه يعني أنه كوخ مهدم , فيه سريران ضيقان , ومضخة ماء يا صغيرتي , لكنك لم تتزوجي شخصا مفلسا".

نيو فراولة 23-03-11 09:14 PM

ثم ضغط لو على يد فاي فشعرت بخاتم الزواج في أصبعها , وفكرت أن هذا الخاتم البلاتيني الجميل المرصّع بالماس كلّف كثيرا من المال , فكست الحمرة وجنتيها فسألها:
" لماذا يكسو الخجل وجهك؟ وماذا يدور في رأسك الصغير ؟".
" كان يجب ألا تدفع كل هذا المال في خاتم الزواج ... ما كان يجب أن تشتريني يا لو".
فقال مندهشا والأبتسامة تموت على شفتيه:
" أشتريك؟ هذا قول فظيع".
وأخذ يدها وراح يرنو الى الخاتم ويقول:
" ظننت أن الخاتم سوف يروق لك".
ولاحظ خجلها , فضحك فجأة وقال بأستهزاء:
" تظنين أنني أشتريك ؟ أن شرائي أياك لن يتوقف عند خاتم فقط , أؤكد لك يا عزيزتي أن زوجة لو مارش سوف ترتدي الحرير , لا الثياب المصنوعة من القطن".
وخرج من الكوخ ليأتي بحقائبها من السيارة , وأذ مضيا في تناول العشاء , أخذ ذلك التوتر يبارح لو وكانت فاي فخورة بالعشاء الذي قامت به , وقد أرضاها أن لو أخذ يلتهم الطعام بشهية , ثم قال لها وهو يطريها:
" أنت ماهرة في طهو اللحم يا فاي , من علّمك الأصول؟".
" علمتني والدتي.........".
" وهل كنت تحبين والدتك كثيرا يا فاي؟".
ثم سكب لنفسه قليلا من الشراب وهو ينظر اليها قائلا:
" أما والدتي فكانت أمرأة لعوبا جميلة , متحجرة العواطف , تتصف بالأنانية , وقد يدهشك أن جدتي تقول دائما أنني أشارك والدتي هذه الصفات......".
فعضّت على شفتيها وقالت:
" أرجو ألا تقول هذا يا لو , أنك تصف نفسك دائما بالفظاعة ولذلك سمعتك سيئة".
فقال لها ساخرا:
" والآن يا حبيبتي... هل تظنين حقيقة أن الناس يفهمونني؟".
منتديات ليلاس
" أنا لا أظن أنك بالفظاعة التي تدّعيها".
ثم نهضت وأخذت الصحون الى المطبخ وعادت بالحلوى , فنظر لو أليها بأعجاب وقال :
" أنك تملكين كل المواهب يا صغيرتي فأنت طاهية ماهرة , ولك أبتسامة سارة , وطبع متفائل".
فسألته قائلة وهي تبتسم:
" ولماذا تصفني بأن لي طبعا متفائلا؟".
فرد قائلا:
" لأنك قلت لي أنني لست بالفظاعة التي أدعيها".
" نعم قلت ذلك عن أقتناع".
" يا صغيرتي هذا هو التفاؤل".
وبعد تناول القهوة غسلا الصحون ثم رجعا الى غرفة الجلوس , وكان أحد المصابيح الخافتة مضاء مما جعل الغرفة تبدو مريحة هادئة , أشعل لو المدفأة فليالي الصيف باردة على هذا الأرتفاع وقطع الخشب في المدفأة تتوهج وتنشر أريجا عاطرا من الصنوبر , فهتفت فاي تقول وهي تجلس على الأريكة وتلف يديها حول ركبتيها :
" أنني أحب هذه الغرفة فهي من النوع الذي يحلم به المرء ويتمناه دائما".
سألها لو قائلا وهو يجلس على الأريكة الأخرى:
" ومن هو الزوج الذي يلائم هذه الغرفة؟ هل أنا الزوج الذي كنت تحلمين به؟".
أبتسمت فاي قليلا ... فبالنسبة الى الشكل أنه يتفق مع كل المواصفات التي تحلم بها , ولكنها ردت تقول وهي تعترف له:
" لم أكن أفكر كثيرا في الزواج ولم أظن أنني سوف أتزوج أبدا".
فسألها بتراخ:
" يا حبيبتي.... ألم تنظري جيدا الى نفسك في المرآة؟".
فأحمر وجهها وراحت تراقبه وهو يشعل سيكارة وعاد يقول لها :
" لا تقولي لي أنني أول رجل قال عنك أنك جميلة جدا".
قال لها:
" هذا شيء لا يصدق ولكن بعد أن تهتم بك أوليف هادلي ستبدين أكثر جمالا".
فسألته قائلة:
" ومن هي أوليف هادلي؟".
" أوليف تدير مؤسسة فخمة بهوليوود حيث تحوّل النجوم الى سيدات أنيقات".
" وهل تراني نجمة صاعدة؟".
" فيك أمكانيات كامنة يا صغيرتي , وأنا متشوق أن أراها تطفو على السطح , فبوسع أوليف أن تخلق لك نموذجا مناسبا لتصفيف شعرك , وتنصحك عند أنتقاء ملابسك وأختيار ألوان الزينة لأنك تفتقرين الى الأرشاد في تلك الناحية , أحمر الشفاه الذي تستعملينه مثلا غامق نوعا ولا يلائم بشرتك".
فلمست فاي شفتيها وقالت:
" هل هو غامق حقا؟ أنه غالي الثمن والفتاة التي باعته لي قالت أنه يلائم بشرتي".
" أذن فهي مصابة بعمى الألوان ... أن لك فما جميلا يا فاي , ولا أحب أن أراه مصبوغا بلون كوّن خصيصا للسمراوات , أنه يجعل فمك يبدو قاسيا وينتقص من جمال عينيك".
فنظرت اليه فاي بدهشة بالغة , لكنه ضحك وقال:
" من السهل أن أرى أنك لم تتعودي الأطراء , فكفّي عن الدهشة , لك فعلا فم مدهش وعينان جميلتان , ولم لا أقول لك ذلك؟".

نيو فراولة 23-03-11 10:35 PM

أبتسمت , ثم ألقت برأسها على الأريكة وشعرت بالسعادة تتغلغل في جسمها , جميل أن يقول أنها تملك فما جميلا وعينين مدهشتين , وخصوصا أذا كان قائل ذلك لو وتنبهت اليه يضيف:
" حدثيني عن نفسك يا فاي , أين عشت في طفولتك؟".
" عشت في مكان كئيب في لندن يسمّى هولوواي وكانت شقتنا تتكون من غرفتين , وتملأها رائحة طعام الجيران ويزعجنا ضجيجهم , وكانت والدتي تعمل في أحد المصانع , أرادتني أن أدرس التمريض لأنه كان يقلقها أن أعمل في مصنع مثلها , وحين ماتت وأكملت دراستي ألتحقت بسلك التمريض , كنت تواقة لأن أرى بلادا أخرى وأن أتعرف على العالم حولي".
فقال وهو لطيف للغاية مما أدهش فاي:
" وذلك عن طريق غرف المرضى؟".
فقالت فاي:
" هذا القول قد يبدو سخيفا , ولكن التمريض الخاص لا بأس به وخصوصا أذا كان على الممرضة أن تكسب عيشها".
" وهل يروق لك عملك الجديد؟".
قال ذلك وهو يبتسم وينظر الى جسمها الساكن والى قدميها , ولما طالبها بالرد أخفت وجهها في وسادة الأريكة لتتلافى النظر الى عينيه , فقد أخجلتها نظرته اليها وراحت تتمتم:
" أحببت عملي الجديد , ولكنني أعترف أن الرئيس يخفني قليلا , فهو ينظر الى قدميّ بأستمرار".
منتديات ليلاس
وسمعته يضحك ويقول:
" يا صغيرتي , يجب أن تخافيه عندما يكف عن النظر الى قدميك".
منتديات ليلاس
كانت الغرفة هادئة ساكنة , تفوح بأريج أخشاب الصنوبر تحترق في المدفأة , وتفوح كذلك برائحة سيكار لو , وساعة الحائط مسموعة كذلك أصوات الصراصير ... أغلقت فاي عينيها , وشعرت بدفء النار تسري في جسمها وأتكأت على الأريكة وغاصت فيها , ثم راحت بأسترخاء كالطفل- في سبات عميق , وأستيقظت بعد ساعة فجلست , وهي خجلة من نفسها ومن مواجهة لو لأنها نامت فجأة , فأخذت تفرك عينيها ونظرت الى الأريكة المقابلة فلم تجده , قامت وأتجهت الى المطبخ ظنا منها أنه هناك , لكنها لم تجده , دخلت غرفة النوم فوجدتها خالية , ولما نقرت على باب الحمام لم يرد عليها أحد , ففتحت عينيها رعبا أذ أنتابها الهلع , أين ذهب؟ ولماذا تركها؟ وأتجهت بلهفة الى الباب وفتحته فقابلتها رياح الليل الباردة وطالعتها الظلمة , وكل ما سمعته هناك , كان صوت الصراصير أولا , ثم نعيق البوم وحفيف أوراق الشجر , وتملكها الخوف وسرى في أوصالها كالأصابع الباردة , فرجعت ثانية الى الكوخ وأغلقت الباب وقلبها يخفق بشدة , أين لو؟ ولماذا تركها وحدها هنا على التلال مع الظلمة والأشجار...
سارت عبر الغرفة الى المدفأة بخطوات بطيئة حثيثة , يحيط بها السكون التام حتى أن حفيف ثوبها كان له وقع الصمت وراحت تحدّق في النار التي بدأت تتهاوى , وتضغط بيدها على قلبها المضطرب .
تراجع خوفها وأنجلى بالتدريج وحلت محله سكينة جعلتها ترى الأشياء بوضوح على حقيقتها , فلا بد أن لو عائد من جولته الليلية عندما يحين الوقت , ولن يهتم أذا كان قد أقلقها غيابه , أو أخافها أستيقاظها لتجد السكون والوحدة وهو ليس بجانبها , أبتسمت بمرارة , فحبها له لم يعمها عن سيئاته , أنها تعرفه جيدا , فهو كالقرصان المتعالي الذي يملي أرادته دائما , ويمد يده ليأخذ كل ما يروق له , ويهمل بدونتردد كل ما لا يروق له , وهو متحرر من الخوف والتردد , كما نه ليس بالرجل الرقيق , وأذا حدث أن أثارت غضبه فلن تجد أمامها سوى الجحيم .
سمعت فجأة خارج الكوخ صوت أقدام ترتقي الدرج , فأستقامت واقفة وأخذت يدها اتي تمسك بقلبها تحس دقاته السريعة , أستدارت نحو الباب وسمعت المفتاح يدور فيه ثم رأته ينفرج ويدخل منه لو , وكان شعر فاي الباهت متناثرا على جبهتها , وقد أنحسر ثوبها الحريري الليموني عن عنقها الرقيق , وبدا فمها جميلا يوحي بالحب , وفي الوقت نفسه يذكر لو أن يفهم خوفها ويقدره.

نيو فراولة 23-03-11 10:38 PM

أغلق الباب وأتى اليها , فبدا طويل القامة في هذه الغرفة المعتمة , وبقيت فاي بدون حراك وكأنها حبست في فخ صنعته عيناه المصوبتان نحوها , ومد اليها يديه السمراوين وجذبها اليه وضمها الى صدره , وصدرت عنها أنة صغيرة تنم عن رضاها وسعادتها , فدفنت رأسها في صدره وهي تقول هامسة :
" أين ذهبت؟ وأين كنت؟ كل شيء كان ساكنا .... ساكتا".
أمسك ذقنها بيده ورفع وجهها اليه , وأخذ ينظر الى ملامها وهو يقول والأبتسامة تداعب فمه:
" تمشيت الى سفح التل وزرت السيدة باسكو , وهي المرأة التي تقوم على تنظيف الكوخ , أنها تملك مع زوجها مزرعة تبعد نحو نصف ميل , أخبريني يا فاي هل كنت خائفة؟ تمنيت أن تظلي نائمة حتى عودتي".
أمسكت فاي بكتفيه وقال:
" لم أتمكن من التفكير ولم أعرف أين ذهبت".
فأتسعت أبتسامته وقال:
"وهل ظننت أنني أهجرك؟ وهل أهجر عروسي ليلة زفافها؟".
ثم ضمها وكانت عيناه داكنتين تبرق في عمقهما أشعة جعلت فاي تنظر اليهما مشدوهة ... ثم أحنى رأسه نحوها ولمست وجنته وجهها وهو يقول:
"هل أنت خجلة مني يا فاي؟".
" نعم- قليلا......".
" لا تخجلي مني , أنك خفيفة كالريشة ... يمكنني أن أزيّن بك عروة سترتي".
" كأزهار القرنفل لدى ديللا؟".
سألته فاي ذلك وهي تبتسم.
وكانت ديللا لا تحب أن يعلّق لو أحدى أزهار القرنفل التي تعتز بها في سترته , وخصوصا الأزهار ذات اللون الأصفر الفاتح , التي تنال الجوائز دائما , ولكنه أتلف بعضها في أكثر من مناسبة , وكان يسخر من ديللا عندما ينتابها الغضب وهي ترى أزهارها تزيّن عروة سترته.
فضحك لو وقال :
" لا تلوميني في ليلة زواجي يا صغيرتي".
ومكثا في الكوخ أسبوعين يتجولان في التلال المحيطة بهما , ويصيدان السمك , ويركبان الزورق ويسبحان ويتناولان الشاي مع السيدة ياسكو وزوجها , حتى نسيت فاي أن تخاف المستقبل لفرط سعادتها بالحاضر ... كانت تلال سيرينا توحي بالهدوء والسلام , ووديانها ومرتفعاتها تكسوها ألوان الخريف الرائعة , وتأكدت فاي أنها سوف تتذكر تلال سيرينا طوال حياتها.
وقال لها لو في نهاية الأسبوعين :
" سوف نستعد للعودة باكرا يا صغيرتي , فلا بد أن أرجع الى عملي".
نظرت فاي الى التلال المتشابكة من خلال النافذة , تودعها وتودع السلام والشعور بالراحة وبالرضا الذي تمتعت به في ذلك المكان.
وبدا لها الغد مخيفا عندما تذكرت هوليوود ... هوليوود بسمائها الصافية وشواطئها الذهبية المنبسطة وشهرتها وقلوب البعض تتحطم فيها... والبريق والأطراء والنجاح الذي يصادفه البعض الآخر.
وعليها أن تتقدم الى هذه الدوامة اللامعة وتتقبل بهدوء , أذا أمكنها ذلك , كل النظرات والتعليقات المطلة من العيون , ولكنها رفعت رأسها تحديا وأبتسمت لزوجها وهو يعلن رغبته في العودة الى هوليوود , ثم سألها:
" هل أستمتعت بهذه الفترة يا حبيبتي؟".
" عشقت هذا المكان وأستمتعت بكل دقيقة فيه , وبكل ساعة منه".
وبعد ذلك بثلاثة أيام وقفت سيارة لو في المدخل المستدير الأنيق لعمارة كريستال كورت في هوليوود , حيث يستأجر لو شقة , وتطلعت فاي الى العمارة البيضاء الجميلة بشيء من الخوف الممزوج بالتوتر , ولم يفارقها ذلك الشعور وهي تجتاز المدخل معه وتدخل المصعد الذي نقلهما الى الطابق الأخير.
تطلعت فاي من أحدى النافذتين فأدهشها المنظر: رأت طريقا عريضا نظيفا على جانبيه أشجار النخيل ذات الجذوع السميكة أصطفت كالحراس.... ومنازل جميلة وسط حدائق خاصة تظللها شجيرات الكاميليا وأشجار الليمون , وعندما خاطبها أجفلت وأستدارت عن النافذة , وأمسكت بيد مدها اليها , وسطعت أشعة الشمس على شعرها فأحالته الى لون الذهب , ثم أخذت تداعب ثوبها المصنوع من التيل الأزرق , وشعرت بدفء أصابع لو تقبض على أصابعها الباردة ويجذبها الى الشقة التي باتت بيتها منذ اليوم.
كانت الشقة كبيرة وحديثة جدا ويفرش غرفة الجلوس بساط أزرق زاه يصل حتى الجدار الرمادي , وضع نبات الصبّار في أوان حمراء وفي الغرفة أريكة ضخمة بيضاء تتناثر على الوسائد الحمراء , وفجأة قال لو:
" تعالي أريني بعض حماستك للشقة ".
ولكنها حوّلت عينيها وقالت:
" أنه مكان رائع يا لو".
وراح لو يراقبها فوجد يديها تفيضان بشدة على الحقيبة البيضاء , فغضب لأنه وجد أن الخوف يكاد يكسو وجهها , خطا عبر الغرفة اليها , وأمسكها من كتفيها وسألها قائلا:
" ماذا يخيفك؟".
" ولكنني لست خائفة".
" بل أنك خائفة... أنك تتخيلين هذه الغرفة وقد أمتلأت بأصدقائي فترتجفين , ماذا تظنين أنهم فاعلون بك؟ هل سيلتهمونك؟".
وهنا كفّت عن المكابرة , وهزت رأسها معترفة له قائلة:
" سوف يظنونني أمرأة تافهة".
" نعم , أذا أشعرتهم بذلك , وأذا تصرفت كغريبة في بيتك فلا بد أنهم يضحكون أستهزاء ويتكلمون عنك".
ولم تتمكن من مصارحته ولم تتمكن من القول :" أنني خائفة يا لو , كل شيء هنا غريب يختلف عما رأيته وعرفته من قبل , فأعطنيالوقت الكافي كي أتعوّد حياتي الجديدة , وتقبّل خوفي بهدوء فسرعان ما يخبو ذلك الخوف ويموت".

نيو فراولة 23-03-11 10:45 PM

لم تقو على قول ذلك فلن يفهمها , لأنه كان بعيدا تماما عن كل خوف أو تحفظ لدرجة أنه لا صبر لديه نحو من ينتابهم الخوف , أبتسمت وهي تقول:
"سوف أتعوّد سريعا على كل شيء في حياتي الجديدة".
ولكن أبتسامتها كانت ضعيفة وقلبها خائف , ووجدت أنها فقدت ثقة النفس التي كانت تتمتع بها أثناء أقامتها في سيرينا , أما لو فرد عليها قائلا:
" أرجو ذلك".
وهكذا كانت حياة فاي الزوجية في هوليوود مزيجا من الرهبة والأثارة تختلف تماما عن حياتها الأولى , فهي خاوية فارغة لا يملأها شيء , ولا تلائم الفتاة التي عملت كممرضة منذ الثامنة عشرة , فهنا لا يكاد يطلب منها شيء , نظافة البيت تقوم بها أدارى كريستال كورت , ولا تعد من وجبات الطعام سوى وجبة الأفطار كل صباح قبل ذهابه الى الأستديو , أما العشاء فيتناولانه دائما خارج المنزل كل مساء , وكان هذا النظام يضايق فاي مع مرور الأيام , وظنت أنه من السخف أن يتناولا العشاء كل مساء في المطاعم الصاخبة المزدحمة بالناس بينما هي طاهية ماهرة ومطبخها يحتوي كل المعدات الحديثة , ولا تستعمله سوى مرة واحدة صباح كل يوم.
لذلك قررت أن تغيّر من ذلك النظام , وذات مساء رجع لو من عمله فوجدها تعد المائدة في غرفة الجلوس بعناية فائقة , فتنسق الأزهار وتضع المفارش وتعد الشمع الأحمر الطويل في حاملات الشمع الجميلة التي أشترتها في اليوم نفسه , وفوجىء عندما دخل الى غرفة الجلوس فبادرها بقوله:
"ما كل هذا؟ هل نحن في أنتظار ضيوف؟".
فأستدارت فاي تبتسم له , وكانت أبتسامتها يشوبها بعض التوتر ثم قالت:
" فكرت أنه من المستحسن أن نتناول العشاء في المنزل ولو مرة واحدة".
ثم تقدمت نحوه وهي تتحسس الكشكشة التي تحيط بمريلتها وسألته قائلة:
" ألا توافق على ذلك يا لو؟".
منتديات ليلاس
ولكنه لم يجبها فورا بل مكث برهة يفكر , وراحت عيناه تتفحصانها وتتركزان على مريلتها ثم قال:
" تبدين وكأنك من الخدم , أخلعي هذه الأسمال سريعا ولا تمثلي دور عروس ريفية , فسنخرج لتناول العشاء".
دهشت فاي لتلك النبرة القاسية في صوته , وراحت تتفحص وجهه الذي بدا الغضب على كل قسماته ثم سألته:
" هل صادفك يوم صعب يا لو؟".
" نعم".
ثم أبتعد عنها وراح ليسكب كأسا وأردف يقول:
" صادفتني ثلاث مشكلات اليوم يا صغيرتي , وأشعر كالشيطان عندما يغضب".
وأحتسى الشراب دفعة واحدة وأضاف:
" رجال قسم الدعاية الأغبياء يثيرون الزوابع لأنني طلبت كوني كار لتمثيل فيلم الذرة في المدينة , ولكنهم تحولوا فجأة الى رجال دين لأن هذه الممثلة الصغيرة والصبية الجميلة كانت قد تورطت في فضيحة منذ ثلاثة أشهر ! وماذا يهم , أن هذه الطفلة يمكنها التمثيل...لا فرق ما تفعله بعد ساعات العمل؟ أنني لا أهتم لذلك أبدا".
فسألته فاي قائلة:
" وماذا حصل يا لو؟ هل أمكنك أقناع رجال الدعاية بالسماح لها أن تعمل؟".
وتألقت أبتسامة صغيرة فجأة على فمها عندما تخيلت الضجة الغاضبة التي سادت مكاتب الدعاية في هذا اليوم , وكان عليها أن تتعلم أن الجام كان شيئا يأباه لو ويقاومه بقوة , مثل قوة الحصان الجامح الذي لا يقهر , ومثل ذلك الحصان الجامح ترى أنه يثير الدمار والخطورة كلما أنتابته هذه الحالة.
ولما رأى أبتسامتها شاركها بضحكة ثم قال:
" نعم حصلت على كوني!".
وأقترب لو من فاي وأمسك ذقنها ورفع اليه وجهها وقال:
" يؤسفني أن أفسد عليك ترتيب العشاء , ولكنني أريد اليلة موسيقى وصخبا".
" ولكن لدينا دجاجة في الفرن الآن".
" هذه مشكلتك يا حبيبتي , وليست مشكلتي".
ثم أستدار وقصد غرف النوم وهو يفك رباط عنقه , ولكن فاي جرت وراءه وأمسكت بيده وقالت له:
" أنك لست عادلا يا لو".
ونظرت اليه برجاء وأستطردت قائلة:
" وهل هذا شيء كبير أن أطلب منك أن تبقى في المنزل ليلة واحدة ونأكل عشاءنا بمنزلنا؟".
فقال لها وقسمات وجهه يبدو عليها التعالي:
" أسمعي... أنا أعمل عملا شاقا طوال اليوم وأتطلع الى البهجة في المساء, ويؤسفني ألا يصادف ذلك رضاك يا سيدة مارش , ولكن عليك أن تتعودي تحمل نزواتي البوهمية فيما أحب أو أكره , وألا فسنظل نتعرّض لمثل هذه الحرب مساء كل يوم , فأنا لم أخلق كي أكون حيوانا منزليا يا صغيرتي , أتركي المحاولة فالنمر لا يرقد على عتبة المطبخ ".
ثم أبعد يدها عنه , وقصد الحمام وهو يلقي بسترته ورباط عنقه على السرير , وترددت فاي....ماذا تفعل؟ لو بالغ الغضب , ومن السخف أن تستمر في المجادلة , وفي الوقت نفسه تعبت في أعداد العشاء , فالدجاجة نضجت الآن وصارت ذهبية اللون , والثلاجة تحتوي على الخوخ المغمس بالجلي , بجانب المثلجات , لكنها هتفت تكلم نفسها:
" للأسف سوف يذهب هذا العشاء الفاخر هباء".
وألتفت لو اليها وهو داخل الى الحمام وقال:
" سوف نأكل الدجاجة باردة في وجبة الأفطار؟".
" وهل نأكل البطاطا كذلك باردة ورؤوس الكشك الماسي؟".
" وهل سلمت سلاحك؟".
قال هذا وهو يلتفت اليها ويبتسم ثم أكمل يقول:
" ألا يخيفك أن أتعشى وأراقص أحدى الشقراوات الصغيرات أذا لم تخرجي معي؟ أنك تعلمين أن في أمكاني أن أفعل هذا يا صغيرتي".

نيو فراولة 24-03-11 02:01 PM

وبرغم أن قوله هذا ألقاه بعدم أكتراث , فهو ينطوي على معان كثيرة , أيقظت التحدي في فاي وجعلت روحها الهادئة تهب في غضب جامح , أذ شعرت أنه واثق من طاعتها .... وتاثق أنها لن تخالفه في شيء , وأنها تعتير زواجهما شيئا رقيقا هشا كآنية زجاجية تخاف عليها وتعتني بألا تكسرها فيفشل زواجهما.
وبكل هيبة ووقار جابهته لتقول له:
" أذهب وراء مسرّاتك يا لو ... تعش وراقص مئات الشقراوات أذا شئت ولكنني سأبقى في المنزل وأتناول عشائي الرائع , ثم أدخلسريري ومعي كتابي , ولن أعاتبك حين تعود أبدا".
ثم أستدارت وتركته عائدة الى المطبخ , وهي تشعر بسعادة غامرة ولكن هذه السعادة تلاشت في الواحدة والنصف صباحا , عندما فتحت المصباح الجانبي للسرير للمرة الرابعة , وراحت تنظر الى الساعة الصغيرة بجانب السرير , وأخذت أصابعها تتخلّل شعرها وهي تحاول البحث عن النوم فلا تجده , ثم تغوص في السرير الكبير وتسحب الغطاء الحريري عليها حتى ذقنها.
وكان أعتداد لو بنفسه لا ينال منه شيء .... كان كالبريق الذي يكسو سطح الأشياء , ومن الصلابة بحيث لا يلينه الحب , وعكس فاي التي تلين لأقل عاطفة أما الآن فهي مشوشة العاطفة بعد الشجار بينهما وأخذت تلوم نفسها لأنها كانت السبب في هذه البلبلة , وكان من الأفضل أن تخضع له , فهو لم يطلب منها شيئا سوى أن تكون عونا له من تناسي تعبه بعد يوم عمل طويل قاس , كانت غلطتها أن تمثل دور ربة البيت , فهي لم تكن في الواقع كذلك بل هي تحفة أخرى من التحف الذي تزيّن منزله , والتي قد يعجب بها أذا أراد وقد يدعها في مكانها ثم نساها وأنكمشت في فراشها أذ شعرت بوقع أقدامه في غرفة الجلوس وسمعته يصفر أحد الألحان التي يحبها , فلم تتحرك من فراشها فربما ظن أنها نائمة , وفتح باب غرفة النوم ثم أوصده , وأقترب صوت صفيره من الفراش ثم فتح المصباح فسبحت فاي في نوره الوردي , وكانت تعرف أن لو يراقبها وينتظر أن تستدير له وتخاطبه , ولكنها لم تفعل فهو الذي يجب أن يتنازل أولا , وكم رغبت في ذلك.
وهمس لو يقول:
" فاي , هل أنت نائمة؟".
منتديات ليلاس
لم تتحرك ولكنه عرف بغريزته أنها ما زالت مستيقظة قلقة عليه ,وبضحكة خفيفة جلس على حافة الفراش ومد يده وجذبها من تحت الغطاء , وأخذها بين ذراعيه وتقلصت شفتاه وهو ينظر الى وجها الذي كساه التمرد , ومد أصبعه يداعب خدها ويقول:
" ألا تسألينني أين ذهبت وماذا فعلت؟".
فقابلت نظراته بتحد وقالت:
" لست أدري أن كنت قادرة على ذلك".
فسألها :
" هل أنت خائفة من الكذب أم من الحقيقة؟".
وكان من الواضح أنه يضحك منها فردت عليه:
" يبدو أنني خائفة من الأثنين معا".
قالت ذلك معترفة , وهي ترتجف قليلا من تأثير لمساته لها , وأحتقرت نفسها سرا لضعفها وخضوعها له.
ثم ضحك لو وقال لها:
" ألا تريدين التفتيش في سترتي على شعرة شقراء؟".
فهزت رأسها نافية , وهي تتراجع عن السخرية التي بدت في عينيه , عيناه كانتا تقولان أنه لا يهم أن تكتشف شعرات شقراء على سترته أو لا تكتشف , وشعرت بسهم الألم يخترق قلبها , فوجدت نفسها ترتمي في صدره , وتدفن وجهها في عنقه الدافىء , وراح ينفخ في شعرها المتناثر على جبهتها كشعر الأطفال , وأنتابه حب الأستطلاع وهو ينظر اليها وينقل نظره بين كتفيها الدقيقتين وبين تقوس قدميها الصغيرتين الظاهرتين من ذيل رداء نومها الأزرق , أنها تبدو طيبة فهل هي طيبة حقا؟ هذه المخلوقة ذات الفم الدافىء والقلب الذي يخفق بجنون تحت كفه , هل هي طيبة أم هي مثل غيرها من النساء... أمرأة مخادعة سطحية برغم مظهرها الذي ينم عن حلاوة ونعومة؟ وعندما تغطي أهدابها الطويلة عينيها , مثلما تغطيها الآن , أي سر تنطوي عليه هاتان العينان ولا ترضى أن تبوح به؟ ثم قال لها بلهجة آمرة:
" أنظري أليّ يا فاي".
لكن وجهها غاص أكثر في عنقه , وشعر لو أنها ترتجف قليلا وهمست تقول:
" لا أريد أن نتشاحن , يجب أن نكف عن ذلك يا لو , أرجوك".
فرد يقول:
" أنه شيء مؤلم... أليس كذلك؟".
ثم أخذ ذقنها بيده وأجبرها على أن تنظر اليه , فبدت صغيرة لا حول لها ولا قوة بين ذراعيه , وتناثر شعرها الذهبي على سترته السوداء, وأطهر قميص نومها الأزرق لون ذراعيها الرقيقتين وتخيّل لو , وهو يبتسم أنها كالفراشة الحبيسة فقال:
" أستمعي اليّ جيدا يا صغيرتي ... عندما يبذل المرء كثيرا من الجهد كي يروض مجموعة من الممثلين طوال اليوم عليه ألا ينقل هذا الجو المتوتر الى منزله , ولذا يجب أن نتجنب الأنفعالات التي لن أقبلها".
وجلست في الفراش, فأنحسر الغطاء الحريري عن كتفيها فبدتا رقيقتين بلونهما الأبيض , وأنعكس عليهما ضوء المصباح ذي اللون الوردي , ورآها لو في المرآة وبرغم أن عينيه أتسعتا دهشة وأن رقتها وشبابها ما زالا جديدين عليه وعلى فراشه وعلى منزله .... وأنها قادرة على أثارته برغم ذلك ألتفت اليها بوجه عابس وقال:
" أذا كنت مصممة على الرد فأقول لك أنك تشبهين فتاة كنت أعرفها , والآن دعينا نغير هذا الموضوع".
" فتاة كنت تعرفها؟".
وأتسعت عيناها وبان فيهما الألم.
وفجأة أطاحت بتحفظها وتحررت من كل ما يقف ضد صفحها عن لو , وفتحت له ذراعيها , ولم تهتم في تلك اللحظة أنه لم يقل لها , وربما لم تكن عنده النية أن يقول لها , أين وبصحبة من أمضى تلك الساعات التي تعذّبت فيها , ثم سألته وهي تتكلف الضحك قليلا :
" بعض من ماضيك يا لو؟".
فوقف بقامته الطويلة يراقب ضوء المصباح الوردي وتأثيره على ذراعيها الممدوتين , ثم أتى اليها وهو يضحك فأحتوته بين ذراعيها وشعر بها وهي تضمه فأجاب:
" نعم , بعض من الماضي!".

نيو فراولة 24-03-11 02:04 PM

2- وحوش!

" نعم , بعض من الماضي....".
بقيت هذه الكلمات عالقة بذهن فاي مدة طويلة , كانت تعلم أنها تعني أمرأة أخرى , وأن هذه المرأة صنعت من لو ذلك الرجل القاسي المستهتر.
ولذلك دأبت فاي عندما كانت ترتاد الحفلات أو المطاعم على البحث عن وجه ربما تجد فيه شيئا من وجهها , وكانت تلك الحفلات تقام في هوليوود بكل جنونها وصخبها , وكأنها دوّامات ذات صوت هادر , حيث يجتمع كل من لهم صلة بالسينما في مجموعات صاخبة , ويتكلمون كثيرا عن كل شيء يتصل بالأفلام , وكانت فاي تظن أن هذه الحفلات تعتبر أكسير الحياة لأي شخص له علاقة بصناعة الأفلام , ولكنها هي كانت تجدها مقلقة وتشعر فيها بالوحدة والحيرة... وذلك لأنها كانت خارج تلك الدائرة الساحرة , وحتى لو كان ينسى فايعندما يأخذه أحد زملاء العمل الى ركن بعيد في الغرفة , حيث يبقى الى آخر الحفل غافلا عن وجودها تماما.
ومن العجب أن تلتقي فاي بكليو نيكسون في واحدة من تلك الحفلات , وكانت كليو أول صديقة حقيقية صادقت فاي في هوليوود.
أنها زوجة أحد المصورين السينمائيين اللامعين الشبان , كان يصوّرفي الأستديو حيث يعمل لو , وقد أحبّت الفتاتان كل واحدة منهما الأخرى , وأصبحت كل منهما تنادي الأخرى بأسمها مجردا من اللقب , وتسخط على هذه الحفلات الصاخبة في أنسجام تام في الرأي , وهتفت كلير تقول:
" هذه الحفلات كالجحيم".
منتديات ليلاس
أجابت فاي:
" أحضرها لأن زوجي زوجي يحب مواكبة الأحداث , فأذا كان المرء طموحا يجب ألا يقبع في منزله وينتظر الفرص حتى تأتي لتقرع بابه , هذه الحفلات هي المكان الذي يتقابل فيه المرء مع الشخصيات البارزة".
وأشارت كليو الى شخص قصير القامة ممتلىء الجسم , ويلبس نظارة ويغرق في محادثة مع شخص آخر , وقالت:
" هذا هو تد ... في أمكانه أن يتكلم حتى الصباح عندما يعن له ذلك".
ثم أستطردت تقول وهي تلقي نظرة كلها حب وأعجاب الى الشاب البدين:
" أنظري اليه , أنه يملأ المكان هناك بالكلام".
ونظرت الى فاي ضاحكة ثم قالت:
" أننا زوجان نحب الكلام ومن العجب أن أبننا دائم الصمت".
ثم نظرت الى فاي وقالت:
" أنك تبدين بعيدة عن كل ما يحيط بك , وأرجو ألا يغضبك هذا القول , فهل أنت جديدة على هوليوود؟".
ردت تقول:
" أنا من أنكلترا".
فبانت الدهشة في عينيّ كليو وقالت:
" هل هذا صحيح؟ وهل تحبين هوليوود؟".
" لا أجرؤ على قول الحقيقة".
وتراقصت على فمها الرقيق أبتسامة , وسألت نفسها هل تصارح هذه الفتاة بما لم تقو على قوله لزوجها؟ وهو أن هوليوود تخيفها وتكاد تنزع روحها ؟ وأن معظم الناس الذين قابلتهم في مثل الحفلات يشلونها ويجعلونها تشعر بالبرودة لجرأتهم وطموحهم!
والآن بعد أن عرفت كليو أحست أنها تود مصارحتها بكل شيء ولكن ولاءها للو جعلها تتراجع , فكل ما أمكنها قوله هو :
" جوّها رائع وأنا لم آكل فاكهة بهذه الكثرة من قبل".
فردت عليها كليو تقول:
" أذن هذا هو سبب بشرتك الرائعة".
ثم أبتسمت عندما رأت الدم يكسو وجه فاي , ثم أنتقلت عيناها الى خاتم الزواج الذي كان يلمع في أصبع فاي وقالت:
" يبدو أنه لم يمر على زواجك وقت طويل".
وأبتسمت وهي تستطرد قائلة:
" مكتوب على ظهرك أنك عروس جديدة... فمن هو الرجل السعيد؟".
وتلفتت فاي تبحث عن لو بقامته الطويلة , فرأته بجانب أحدى النوافذ , وكانت سمرته جذابة والسيكار يتدلى من فمه وهو يتحدث مع أمرأة مهيبة الشكل لا يمكن تحديد سنها بالضبط وعرفتها فاي لتوها فهي كلير ريمي وأدهشها أن يحادث زوجها تلك النجمة الذائعة الصيت , بدون كلفة , ثم قالت فاي وعيناها تبرقان:
" ها هو!".
ففغرت كليو فمها من المفاجأة , وأطلقت صفيرا يعبر عن الدهشة وقالت:
" أنت متزوجة من لو مارش! من الذي يصدق ذلك!".
ثم حدّقت في وجه فاي وقالت بأسلوب مبهم:
" أسمحي لي أن أقدم لك تعزيتي.........".
فضحكت فاي ولم تغضب لأنها أحبت هذه الفتاة كثيرا , ثم قالت ببساطة:
"أن السيكار وحده هو الذي يجعله يبدو كرجل أعمال مهم".
قالت ذلك وهي تنظر عبر الغرفة الى لو.
كانت هناك قصص كثيرة عن ذلك الرجل , وكانت كليو دائما تتخيله بطلا لكل هذه القصص , فبدا لها أنه من القسوة أن تكون هذه الفتاة الحلوة ذات الثوب الخوخي الذي يجعلها تبدو في السادسة عشرة من عمرها , مرتبطة به , فهو قاس متعال بعكس تدي الوديع الهادىء .
" أتخيله يلتهمك بأسنانه البيضاء المفترسة!".
أبتسمت فاي وأخذت تلك الغمازات في خديها تظهر وتختفي تبعا لأبتسامتها وهي تقول لكليو عاتبة:
" أنك لا تبدين الأحترام لواحد من أكثر مديري الأخراج في هوليوود أهمية ".
فردت عليها كليو قائلة , وهي تنظر اليها من فوق حافة الكأس وتبتسم:
"وهل هو يدير شؤونك؟".
ثم أردفت تقول بسرعة :
" لا تردي على هذا السؤال يا حبيبتي , فأنت لست مجبرة على ذلك".
" حقا".

الجبل الاخضر 24-03-11 03:19 PM

حمااااااااااااا:7_5_129:اااااااااااااا:dancingmonkeyff8:اااا اااااا:mo2:ااااااااااس ننتظر التكملة:party0033:

نيو فراولة 24-03-11 04:06 PM

وراحت فاي تلمس الأحجار البراقة التي تحيط بخاتم الزواج , وصوبت نظرها نحو لو فرأت زوجها وكلير ريمي وقد لحق بهما رجل طويل أشقر يرتدي سترة واسعة من القطيفة الأرجوانية الداكنة فأبتسمت فاي أذا كانت تحب بيل سيمانز بعينيه الزرقاوين وأدبه الجم الذي يبديه لكل النساء , وكان بيل كاتبا مرموقا وبرغم أن لو وبيل ليس بينهما عامل مشترك ألا أنهما من أعز الأصدقاء.
وسألت فاي كليو:
" هل تعرفين بيل سيمانز؟".
فردت كليو تقول:
" ومن لا يعرفه؟ أنه قديس وأراهن أنه أذا أجرى أستفتاء عن أحب شخصية في هوليوود فلا بد أن يظهر أسم بيل على رأس القائمة , فهو مهما كان مشغولا أو مريضا لا يتردد عن مساعدة شخص واقع في مأزق , ويوزع المكاسب من كتبه على الفقراء".
همست فاي تقول:
" وعلى نهج القديسين سوف يموت بيل في شبابه".
فحدّقت كليو في فاي بنظرة تعبر عن الدهشة وهي تقول:
" ماذا تعنين؟".
فردّت فاي تقول:
" أنه رجل مريض وقد أخبرني لو بذلك".
" لا تقولي هذا".
" لديه حالة من الندم لا شفاء منها ولا دواء لها".
" بيل سيمانز من بين كل رجال العالم!".
وضغطت بيدها على الكأس وقالت:
"أذن ليس عجبا أن ترى في عينيه تلك النظرة البعيدة , وكأنه يشاهد الجنة".
ثم أنتفضت وكأنها ترمي بالهموم عن عاتقها وقالت:
" دعينا نتكلم الآن عن ولدي الصغير حتى تبعد عنا بالكآبة ".
فقالت فاي لتوها:
" يسعدني أن نتحدث عنه , هل يشبهك؟".
" لا أبدا...".
منتديات ليلاس
ثم بدأت فاي ترى كليو كثيرا بعد ذلك الحفل , وكانت شقتها خالية دائما أثناء النهار , فلو يتغيّب عنها لساعات عديدة ولذلك رحبت فاي بصحبة كليو المسلية وكانت فاي مزودة بمصروف سخي منحها أياه لو , فتمتعت بشعور جميل لتمكنها من دخول أي محل.
وعندما كانت فاي ترفض زيارة المحلات التجارية , كانت كليو تصحبها الى زيارة معالم المدينة , فتريها منازل كبار النجوم المختفية وراء أسوار الحدائق , وكان أحد هذه المنازل تملكه نجمة الشاشة المعروفة أسترا جيمس , لكنه الآن يقف خاويا مهملا وسط حديقة تغطيها الحشائش , وقد أجتذب أهتمام فاي به لدرجة أنها دخلت مع كليو من فتحة في السور الحديدي الذي يحيط بحديقة المنزل , وتسللتا بحذر بين الحشائش الطويلة لتنظرا داخل نوافذ الطابق الأرضي.
فبدت غرفة الأستقبال مستطيلة الشكل عالية السقف يتراكم الغبار على محتوياتها , ولم يبقى من فخامة المكان سوى المدفأة برخامها , والسقف بنقوشه الرائعة التي تمثل جنيات الغابة نصف العاريات , وهن يهربن هلعا أمام هجوم المخلوقات الخرافية التي نصفها على هيئة رجل ونصفها الآخر على هيئة حصان.
ثم همست كليو تقول:
" ألا تتخيلين أسترا جيمس وهي واقفة أمام هذه المدفأة ترتدي ثوبا من قماش اللاميه الذهبي , وعيناها مصبوغتان وتمسك بيدها كأس الشراب؟".
فهزت فاي رأسها وقالت:
" ماذا حدث لها؟ كانت ذرائعة الصيت في وقت ما".
فردت كليو تقول:
" أظن أنها أفلست , في أي حال تركت هوليوود منذ سنوات , وكانت تمتلك أكثر من اللازم من كل شيء , جمالا رائعا ومعجبين , مما كان له أثر سيء عليها في النهاية , ومن يدري ربما تزوجت رجلا طيبا وأستقرت معه في أحد الأحياء البعيدة الهادئة".
فبدا على فاي الشك وقالت:
" بعد كل هذه الشهرة؟ هل يمكنها ذلك؟".
فهزت كليو كتفيها وقالت:
" الدنيا كلها متناقضات يا عززتي".
ثم أردفت تقول:
" ولا أحد يعلم كيف يتصرف أذا وقع في مأزق , فبعضهم ينتحب وبعضهم يموت , وقد يبقى البعض كي يناضل ولكنه قد يفر هاربا بعد ذلك".
وكان من عادة فاي وكليو تمضية معظم الوقت على الشاطىء يصاحبهما أبن كليو الصغير أيريك الذي كان يجري ويلعب بنشاط تحت أشعة الشمس.

نيو فراولة 24-03-11 04:17 PM

وكان أيريك يختلف تماما عن والدته , فقد كان طفلا جادا أشقر , ولذلك ظن رواد الشاطىء خطأ أنه أبن فاي , وعلقت كليو على ذلك بقولها:
" أنك تمثلين الأمومة يا فاي , فالكل يحسبونك خطأ أم أيريك , ولذلك يجب أن كون لك طفل".
خجلت فاي وأصطبغ وجهها بالدم- أنها تحب الأطفال , والأطفال يحبونها , لكنها لا تظن أنهم مدرجون في تخطيط حياة لو , ولم تفهم كليو سبب جل فاي فقالت لها:
" هل معنى ذلك أنك تنتظرين طفلا بالفعل؟".
فهزت فاي رأسها بالنفي , أما كليو فأخذت تتطلع الى فاي وهي تحتضن أيريك بحيث يتجاوز رأساهما الأشقران وتقول:
" لو يختلف تماما عن تيد الذي يمكنك التصرف مع أمثاله من الرجال العاديين , أما لو مارش فهو وسيم للغاية , ألا يخيفك ذلك يا فاي؟ ألا تشعرين بالقلق دائما؟ لو كنت مكانك لفعلت , ولذلك أحمد الله على أن نصيبي تيد وأنني متأكدة أنه لن يسبب لي أي قلق مثل قلق باقي النساء".
فردت فاي تقول بعناية وهي تمرح مع أيريك وتدغدغه , وتخفي وجهها عن عيون كليو المليئة بالفضول:
" أنني لا أفكر فيما يأتي به الغد".
" لماذا تزوجت ذلك الرجل؟ أنا متأكدة أنه وسيم للغاية ولكنني أرى أنه أنسان لا يطاق , بينما أنت طفلة رقيقة طيبة القلب".
ثم أردفت بصراحة:
" أنك أطيب من أن تكوني زوجته !".
فنظرت فاي اليها وهي تبتسم وتسألها:
" هل فاجأت الجميع بشخصيتي؟".
منتديات ليلاس
" الكل يقولون أما أنه مجنون أو أنه مجنون بك , فأي الرأيين صحيح؟".
" ما هو رأيك أنت؟".
فراحت كليو تتفحصها وتتأمل وجهها وقامتها , ودقة عظامها , وعينيها الواسعتين الصريحتين , برغم ما يبدو فيهما من خجل , وفمها البريء الرقيق , ربما راقت فاي للوحش الكامن داخل لو مارش , فهي أنسانة رقيقة يمكنه أن يؤثر عليها بسحره ثم يحطمها , فهو على ما يبدو , تعب من تحطيم ذلك الصنف المجرّب من النساء , ثم هتفت كليو بأهتمام:
" يا فاي لا تحبي هذا الرجل كثيرا".
سألتها فاي قائلة:
" لماذا تقولين ذلك؟".
هزت كليو كتفيها قائلة:
" أنا متأكدة أنه قاس وأنني أشفق عليك فهو قادر أن يؤلمك".
الرجال من نوعه يصاحبون النساء , لكنهم لا يكنون لهن عاطفة الحب بل الأحتقار".
" قد يكون ذلك صحيحا".
وأدارت فاي نظرها نحو البحر الأزرق أذ لمست شيئا في عيني كليو وفي صوتها جعل أصابع الخوف تعصر قلبها , ماذا تعرف كليو عن لو؟ وماذا أتى بذلك القدر من األأشمئزاز الشديد الى عينيها البنيتن ؟
وشعرت فاي برغبة شديدة في أستجواب كليو عن ذلك , ولكن هذه الرغبة بعثت فيها رهبة قوية جعلتها تقفز واقفة وهي تمسك بيد أيريك وتسابقه على الرمال وتنزل معه في البحر.
لم تكن فاي تريد أن تعرف ما تعرفه كليو فهربت الى البحر , كل الماضي الذي عاشه لو قبلها لا يهمها في شيء , ففيه أيلام لقلبها , وفي ذلك الماضي الفتاة التي أحبها ثم قتلت ذلك الحب.
سمعت فاي كليو تقول ذات يوم :
" أنني أحمد الله على زوجي تيد".
ولم تمض أيام على ذلك حتى فوجئت فاي بدخول كليو وهي تنخرط في البكاء الحار وتلقي بنفسها على الأريكة , فركعت فاي بجانبها وهي تقول:
" ماذا بك يا كليو؟ هل حدث شيء لأريك؟".
فردت كليو تقول بين عبراتها:
" تيد يطلب الطلاق مني , أنني لا أصدق ذلك , فلقد ظننت أنه يحبني".
وخيّل لفاي أن عبراتها تكاد تقطع قلبها , أذ أخذت يداها تتقلصان على الوسائد الحمراء , وراحت فاي تراقب كليو , كانت واثقة من حب تيد لها , فقالت لها:
" أنني آسفة , يا كليو , آسفة جدا".
" كنت خالية الذهن فلم يخطر ببالي أن تيد له علاقة بأمرأة أخرى , وكنت أظن عندما يتأخر في العودة الى المنزل ليلا أنه ينهي بعض أعماله كنت أصدقه عندما يقول لي ذلك , وظللنا متزوجين لدى سبع سنوات يا فاي ".
ثم جلست وأزاحت شعرها الأسود عن وجهها المبلل بالدموع وقالت لفاي:
"هل تظنين أنك تعرفين رجلك بعد سبع سنين ؟ لا أبدا , وهذا يدل على أنه من السهل على المرء أن يخدع , أنهم وحوش , كل الرجال وحوش , وألا ما كانوا يقدمون على هذا العمل".
ثم أرتفع صوتها وتهدج وقالت:
" كيف نقع في حبهم ؟ ومن يدفعنا الى ذلك؟".
" ربما خلقنا أغبياء".
ثم أحاطت كليو بذراعيها وقالت:
" لست أدري ما أقول لك . فالكلمات لا تساعد في شيء .... أسمعي أنني ذاهبة الى المطبخ لعمل القهوة".
هزت كليو رأسها رأسها موافقة وأخذت تكفكف دموعها بمنديل صغير مشغول بالدانتيل وقالت:
" نعم , جهزي القهوة فأنني بحاجة لها".

سومه كاتمة الاسرار 24-03-11 05:47 PM

واااااااااااااااااااااااااو روايه رائعه والبدايه كتير حلوووووووووووه :55::55::55::55::55:راح انتظر التكمله لا تتاخرى علينا
:8_4_134:

نيو فراولة 24-03-11 06:53 PM

ولكن عندما عادت فاي بالقهوة كانت الغرفة خالية – ذهبت كليو وتركت الوسائد الحمراء منثورة على الأريكة ومنديلها ملقى على الأرض,. وضعت فاي أدوات القهوة وأنحنت تلتقط المنديل .... مسكينة كليو ... كانت سعيدة بالأمس القريب تضحك بمرح في ذلك المطعم الصغير الأنيق وتقول لفاي أن تيد يفكر في شراء سيارة زرقاء جديدة.
ولكن في ذلك الوقت كان تيد يفكر في طلب الطلاق!
وبعد أيام قليلة وصلت فاي رسالة حزينة من كليو , فقد تركت هوليوود ورجعت مع أيريك الى منزل أهلها , كتبت تقول:
" مات حبي لتيد , مات الآن يا فاي , وبقي لي أيريك , وأنني أحمد الله لوجود أبني الصغير معي".
تقلصت يدا فاي على الرسالة , وراحت تفكر , وعرفت فاي أن كليو المرحة لن تضحك ثانية.
وكان معنى رحيل كليو عن هوليوود أن تبقى فاي وحيدة , ولاحظ لو أنها تشعر بالوحدة والأكتئاب ولذلك أصطحبها معه ذات يوم الى الأستدويو.
وهناك تسلمتها سكرتيرته بات ميري ويذر وهي سيدة شقراء يملأ وجهها النمش وقال لها لو:
" دعي صغيرتي تشاهد العمل هنا يا بات , فهي طفلة هادئة طيبة ولا أود أن تضل طريقها هنا".
وبسرعة قبّل فاي على وجهها وتركها.
فضحكت بات وشبكت ذراعها في ذراع فاي وقالت:
" أعتبري نفسك محظوظة جدا يا سيدتي , فمحظور على الضيوف زيارة الأستديو ومن الواضح أن لو أستخدم نفوذه مع ك. ك.
فسألت فاي:
" من هو ك. ك. ".
" أنه معروف بين الأشخاص المرموقين بأسم كارل كريستايل".
ثم ضحكت وقالت:
" هو يا حبيبتي مصدر رزقك".
فردت فاي تقول :
" هل هو رئيس لو؟".
" تماما".
منتديات ليلاس
طافت فاي لمدة ساعتين في الأستديو , تلك الدنيا الخيالية – مع بات ماري ويذر , وفي الحقيقة أنهت الأصوات الغريبة وامناظر المثيرة شعور الوحدة والأكتئاب الذي كانت تعاني منه.
رأت هناك شاين آردث ... البطل السينمائي الجديد الذي نال صيتا واسعا , وهو يمثل حقبة مؤثرة من الحرب الأهلية الأمريكية , وأستمتعت بسماع سيلفا كوبردين – المغنية السمراء الجميلة – الآتية من نيو أورلينز وهي تسجل لقطة من أستعراض موسيقي جديد , وكانت فاي تقفز لتوسع طريقا لعربات التروللي المحملة بلوحات المناظر الثقيلة , فأصطدمت بشدة بشاب شعره أسود مجعد , وعيناه لوزيتان ضاحكتان , وسرعان ما أسندها بيديه وضحك في وجهها وقال:
" يا ألهي! أنك جميلة جدا".
فضحكت بات لرؤية الهلع الذي بدا في عيني فاي وجعلهما تتسعان , ثم قالت للشاب:
" جيري ... أقدم لك زوجة رئيسي".
" لو مارش؟".
فراح يتصنع الخوف وقال :
" أن طول لو يبلغ سبعة أقدام فيحسن بي أن أبحث لنفسي عن قطعة أخرى من الحلوى !".
وضحكت عيناه اللوزيتان في وجه فاي وقال:
" أنك ندية كزهرة الأقحوان يا صغيرتي , قولي للرئيس الكبير أنني قلت ذلك وأسمي جيري كوفمان , وسوف ترينه يثور لذلك".
وذهب وهو يضع يديه في جيبي سترته , فهتفت فاي تقول:
" يا ألهي!".
وردت بات :
" أنه ماهر مثل النسناس , ولكن للأسف لا مبادىء , وربما رأيناه الآن في مشهد من فيلم ( ذرة في المدينة) الذي يقوم بتمثيله , والآن ما رأيك في أن نطفىء ظمأنا في المقصف , حيث نحتسي القهوة ونأكل الكعك؟".
فردت فاي لتوها:
"كم أود ذلك".
وكان المقصف ممتلئا , وتلفتت فاي تنظر بدهشة الى الممثلين والممثلات في ملابس التمثيل المختلفة والزينة الصارخة , وهم جالسون جماعات وأفرادا على الموائد المجاورة , ولم يبد عليهم مظهر براق , بل كانت هيئتهم غريبة , وكأنهم في حفل تنكري.
ثم قالت فاي لبات , وهما جالستان تحتسيان اقهوة وتأكلان الكعك:
" أن بعض ما أرى يزيل أوهامي".
ثم أشارت نحو شاغلي الموائد القريبة وقالت:
" فهؤلاء يبدون كالمهرجين".
" يا حبيبتي , هذا عبارة عن مصنع كمصنع الأثاث , فعندما ترين المسامير تدق في الخشب والصمغ يلصق عليه تدهشين كيف تبدو وقطع الأثاث جميلة في المعارض , وهذا ما يحدث في عالم السينما تماما".
ثم غمست قطعة الكعك في القهوة , وقضمت بأسنانها البيضاء قطعة الكعك المبتلة فأستمتعت بها كثيرا.
وألقت بات بنظرها وراء فاي فضاقت عيناها وبدت على وجهها علامات الضيق والألم , ثم قالت:
" هل هي ثاليا فان دين الشنيعة آتية الى هنا".
وعضت فاي شفتيها فقد كانت هذه المرأة محررة زاوية الفضائح والأشاعات في أحدى المجلات , وكانت فاي قد قابلتها مرة من قبل وشعرت نحوها للتو بكره شديد.
وأحست فاي بذلك الشعور الآن , فتقلصت أصابعها بشدة على فنجان القهوة ثم قالت لبات:
" ظننت أنك ذكرت أن الضيوف غير مصرح بدخولهم الأستديو , أليست ثاليا من الضيوف؟".
فردت بات تقول:
" أنها يا عزيزتي دجاجة الرئيس الصغيرة , فعندما يشعر بالسأم تحضر ثاليا كي تداعبه وترفع من روجه المعنوية".
" وهل هذا صحيح؟".
فأبتسمت بات وأمسكت بقلبها وقالت:
" نعم , أقسم بذلك!".

نيو فراولة 24-03-11 07:21 PM

ثم سمعتا صوت كعب حذاء ثاليا يطأ الأرض من خلفهما , وشمت فاي عبير غريب يداعب أنفها , ووصلت ثاليا الى المائدة , ترتدي ثوبا يتلاءم تماما مع لون عينيها الخضراوين , وأخذت تبتسم بوقاحة ثم قالت:
" هل هي عروس لو الصغيرة , يسعدني أن أراك ثانية".
ثم صوبت عينيها الخضراوين الى بات التي غمست الكعكة في القهوة بدون أكتراث وهي تقابل نظرتها الخبيثة , وقالت لهما ثاليا :
" ليس عجبا أن تزيدي وزنا يا بات كيف تأكلين هذه الأشياء المقززة الملئية بالمواد النشوية؟".
ثم جلست برشاقة على مقعد يواجه فاي , وأخرجت علبة سكائر , وقالت:
" لن أقدم لك أحدى سكائري فهي مصرية وقوية جدا ولها طعم خاص".
وأبتسمت وبرقت عيناها الخضراوان وهي تضع في فمها سيكارة رفيعة يميل لونها الى الأصفرار وتقول:
" كيف تجدين هوليوود ؟ هل تحبينها؟".
" نعم , وأشكرك".
قالت ذلك وهي تتفادى رائحة السيكارة ثم رجعت ثاليا تسأل فاي:
" وهل تحبين الحياة الزوجية؟".
" نعم .... وشكرا".
ثم رفعت فنجان القهوة وشربته بسرعة , فضحكت بات وقالت:
" أن أي فتاة تعد غبية أذا لم تحب الحياة الزوجية مع رجل مثل لو مارش".
فتقلصت شفتا ثاليا وقالت:
" أنك دائما جافة جدا يا بات , فهل أنت تحبين جلب الألم للناس أم هذه هي شيمتك؟".
فردت بات تقول:
" لست جافة بل أمينة مع الغير".
ثم جلست متكئة على مقعدها وراحت تنظر الى ثاليا بمرح بينما هزت ثاليا كتفيها ونثرت رماد سيكارتها وقالت لفاي:
" هل تعلمين أنك تشبهين الى حد كبير , صديقة لي كنت أعرفها وكان أسمها أيمزهولدن؟".
فبدت من بات حركة أستهجان وردت تقول:
" فاي لا تشبه أينز مطلقا".
فردت ثاليا :
" بل أن هناك شبها واضحا بينهما , وأن تكن فاي تبدو كالعذراء بجانب أينز".
فقالت بات بصراحة:
" كانت أينز جميلة جدا".
ثم ضحكت لفاي وقالت:
" بدون أحراج.... ولكن ثاليا تهذي".
فردت ثاليا تقول:
" نعم , كانت أينز جميلة جدا ولكن فاي لها لونها وأستدارة وجهها".
فسألته فاي قائلة:
" ومن هي أينز هولدن؟".
وكانت فاي متعجبة من الجدل بينهما ولم يهمها أبدا أن تكون أينز أجمل منها.
فهتفت ثاليا تقول وقد أتسعت عيناها دهشة:
" ألا تعرفينها؟ ألم يشر اليها لو أبدا؟".
فغضبت بات وقالت:
" لماذا تلزمين الصمت فيما يتعلق بأينز يا ثاليا؟".
فتجاهلت ثاليا بات وأخذت تراقب فاي وتنفث دخان سيكارتها , وكانت نظرة عينيها في تلك اللحظة جائعة قاسية كالنظرة في عيني قط قبل أن يهجم على فأر.
"لو كان خطيبا لأينز في وقت ما , ألم تعرفي ذلك؟ كانت مثلة , أعترف أنها لم تكن ممثلة قديرة , لكنها كانت جميلة جدا , هل تعرفين أنها توفيت؟".
فأنفجرت بات تقول:
" لا تنبشي الماضي يا ثاليا".
" ولكن يا عزيزتي يجب أن تعرف فاي كل شيء عن أينز , أنا أكره أن تعرف القصة من أناس يدّعون الصداقة".
فردت عليها بات تقول:
" ولكنك لست صديقة , بل أنت تبثين الشر".
أخذت فاي تراقبهما وقد بدأ الخوف يدخل قلبها , قالت لثاليا ووجهها يكتسي بحمرة خفيفة:
" لا أريد أن أسمع أي شيء يسيء الى لو".
" قد يكون شيئا سيئا أو لا يكون , لكنها الحقيقة".
ثم مالت على المائدة وحدقت في عيني فاي وقالت لها:
" ماتت هذه الفتاة وكان لو مسؤولا عن موتها , وكأنه أمسك بمسدس مليء بالرصاص وصوبه الى رأسها وأطلق...".
وحدقت فاي في ثاليا وبقيت ساكنة في مقعدها , وكأنها تحولت الى تمثال من حجر وقد ملأ قلبها الشجن والخوف فجأة , ثم قالت ثاليا:
" أينز كانت جميلة كزهرة ذهبية , وذات ليلة لقيت حتفها تحت عجلات سيارة نقل , وقد ألقت بنفسها تحتها لأن لو مارش , ذلك الوغد المتعالي ألقاها خارج حياته , وأدعى أنها أستغلته وأبتزت ماله , لكنني لا أصدق ذلك بل أعرف أنها أحبته , وكانت لا تتورع عن أن تجعله يدوسها بقدميه , وما كانت تستحق أن يؤلمها فهو الذي فسخ العقد المبرم بينها وبين كارل كريستايل وأشاع أنه لا يحتمل العمل معها".
ثم أردفت تقول:
" نعم يا عزيزتي , هذا ما فعله لو ولذلك خرجت أينز في ذات ليلة ولقت بنفسها تحت عربة النقل , وأعترف صراحة في التحقيق أنه طردها ومع ذلك خرج من قاعة المحكمة برشاقة وكأنه خارج من مطعم يبتسم للمصورين".
ثم جلست ثاليا تحدق في وجه فاي وتقول:
" لقد ماتت أينز ... تحطمت تحت عجلات عربة النقل , وبقي هو يبتسم ويبتسم".
فأرتجفت فاي , ثم شعرت بيد دافئة تلمسها فنظرت لترى بات وقد قامت وأتت اليها تقول:
" تعالي يا صغيرتي دعينا نخرج من هذا المكان".
فقامت فاي بدون أن تلقي نظرة أخرى على ثاليا , وشعرت أنها مخدرة , فلا يمكن أن يكون كل ما سمعته صحيحا عن لو , لا يمكن أن يكون لو بهذه القسوة.

نيو فراولة 24-03-11 08:49 PM

ونظرت فاي الى بات والى وجهها العابس المضطرب والى فمها الواسع الذي لم يعد يبتسم أبتسامته المرحة ثم سألتها:
" هل صحيح ما قالته ثاليا؟".
وكانت فاي تنتقي كلامها بعناية , ولم تكن تنتظر من بات أن تنفي هذه الحقائق التي تضمنتها قصة ثاليا , كانت نبراتها تنطق بالحقيقة كاملة , ثم أومأت بات برأسها بتعاسة قائلة:
" كانا مخطوبين , ثم فجأ فسخت الخطبة وفقدت أينز عملها ولم ينف لو أبدا أنه هو المسؤول عن ذلك".
وشعرت فاي أن قلبها برد في صدرها والألم يعتصرها والغثيان ينتابها.
وعندما وصلتا الى الصالة حيث يعمل لو نظرت فاي بين آلات التصوير الكبيرة ومصابيح الأضاءة لترى وجهه وقامته الطويلة , فقد وقف وسط المنظر الذي يمثل غرفة صغيرة للمراهنات , وكان يجادل مع شاب قصير القامة يقف شعره الأسود المجعد مشعثا وتقدح عيناه اللوزيتان شررا ولم تر فاي سوى لو وحده عملاقا , كله حيوية ونشاط , يشمّر عن ساعديه السمراوين ويلمع شعره الأسود تحت ضوء المصابيح القوية.
ثم قالت بات وهي تتصنع الأنشراح :
" سبق أن قلت لك أنك سوف تقابلين جيري ثانية ".
ثم ضحكت وأضافت :
" أنهما دائما يتجادلان جيري ممثل جيد ولكنه لا يحب أن يملي أحد عليه أرادته , وهما ما زالا يتناقشان في الموضوع نفسه والمنظر أياه منذ يومين , فلن تهدأ للو نفس ألا أذا مثّل جيري على طريقته , أما جيري فقد يثير لو ويدفعه الى القتل قبل أن يرضخ له".
فسألت فاي بفتور:
" وهل يرضخ جيري له؟".
" نعم سوف يرضخ أخيرا , لأن لو يكون دائما على صواب في كيفية آداء الدور , ولكن جيري يحب أن يعقد الأمور , وخصوصا مع لو".
فسألتها فاي بمرارة:
" وهل هو من جماعة المعجبين بلو؟".
فنظرت بات الى فاي بدهشة , ثم غضت من نظرتها عندما آلمها اليأس القاتل الذي كان يطل من عيني فاي.... مسكينة تلك الصبية , فألى جانب النشوة التي يثيرها لو في نفس الفتاة , هناك أيضا الألم الذي يعتصر قلبها.
ثم ألتفت لو ورأى فاي وبات تقفان على جانب من الصالة , فأسرع وصرف جيري كوفمان وذهب أليهما قائلا:
" هل تمضيان وقتا طيبا؟".
هزت فاي رأسها وأمكنها الأبتسام له , ودهشت كيف تتصرف بتلك السهولة وكل عصب من أعصابها متوتر ويصرخ من األألم , وينادي الدموع كي تغسل الغثيان الذي يسود كيانها , ثم قال وهو يشير الى الفوضى التي تسود المكان كله.
"أنه مكان صاخب , أليس كذلك؟ ولا تسأليني كيف نخرج الروائع بين هذه الفوضى".
منتديات ليلاس
ثم أبتسم لبات وقال لها:
"سوف تسيل الدماء كذلك أذا لم يكف كوفمان بسرعة عن ثوراه العصبية المتوترة".
ولكن بات نظرت اليه مشققة وقالت:
" أصبر يا لو , فسوف يطيعك ويستمع الى نصائحك".
" لا بد أن يفعل ذلك ".
ثم ألتفت الى فاي وقال:
" سأنهي عملي بعد نصف ساعة يا حبيبتي , وأصطحبك الى المنزل بعد أن تمر على أوليف هادلي فأنني أريد زيارتها لبعض العمل".
" حسنا".
ثم ألتفت الى بات يقول:
" وبالمناسبة , هل أتصلت تلفونيا بوكالة أيريل بخصوص تلك المغنية ؟".
" آسفة يا لو نسيت وسأذهب لأقوم بالأتصال الآن".
ثم أمسكت بيد فاي وقالت لها:
" تعالي معي يا حبيبتي حتى لا تداسي تحت الأقدام".
فرد لو وهو يودعهما قائلا:
" سوف أكون جاهزا بعد ساعة بالضبط ".
ثم رجع الى الصالة بينما ذهبت فاي مع بات قاصدة مكتبها .
وبعد نصف ساعة خرجت سيارة لو من بوابة الأستديو وقادها بسرعة في طريق سانسيت بوليفار , وكان يتكلم معظم الوقت فلم يلاحظ أن فاي ظلت صامتة ثم قفز برشاقة من السيارة عند وقوفها أمام مدخل هادلي هاوس الفخم , وقال لفاي وهو يمد اليها يده:
" تعالي معي".
" وهل تحتاج الى وجودي معك؟".
فأبتسم لها وقال وهو يجذبها خارج السيارة :
" ليس من الضروري ... ولكن الجو حار هنا في الشمس".
ولم يترك يدها بعد ذلك فظلّ يمسك بها وهما يدخلان الباب الدائري في هادلي هاوس , ولذلك شعرت فاي أنها طفلة صغيرة , وتقدمت نحوها أحدى الفتيات من قسم الأستقبال فهمست تقول:
" دع يدي يا لو".
ولكنه ضحك وقال لفتاة:
" الآنسة هادلي تنتظرنا".
ثم قاد فاي وترك الفتاة مندهشة ودخلا المصعد وهو يضحك في وجه فاي التي قالت له:
" دع يدي ... فلن أفر منك".
" ولكنني أحب أن أمسك يدك".
ولاحظت فاي أنه في حالة مرحة سعيدة , فبدا وجهه كوجه الأطفال , ثم قال:
" أنها يد صغيرة ناعمة وعظامها رقيقة حتى يمكنني تحطيمها بأصابعي".
ثم أخذ يدها وطبع قبلة على معصمها , وكانت شفتاه دافئتين , وبقيتا لمدة طويلة على معصمها الذي كان النبض فيه يسرع بجنون وأخذت فاي تنظر الى رأسه المنكس على يدها , نعم يروق له أن يقبل يدها فهو يعتبرها دمية يلهو بها , ولكنها سوف تذهب في الطريق الذي أنزلقت اليه الفتاة الأخرى التي يرن أسمها في أذنيها كلحن جنائزي ... كانت تود أن تهتف بذلك الأسم وترى تأثيره عليه , بل كانت تود أن تصرخ وتعرفه أنها وقفت على ذلك السر , لكنها لم تفعل بل راحت تتحمل قبلته بدون شعور , ووصل المصعد الى الطابق المقصود , وخرجا منه وما زالت يدها الصغيرة حبيسة , ثم سارا رأسا الى مكتب أوليف وهادلي الخاص , وكانت سرعة سيره قد أدهشت فاي فنظرت اليه متعجبة وقالت:
" لا بد أن عملك مع أوليف هادلي هام للغاية؟".
" نعم أن عملي مع أوليف هام جدا".

نيو فراولة 24-03-11 09:58 PM

3- طوارىء وأحداث

جلست أوليف هادلي وراء مكتبها الفخم تملي على سكرتيرتها عندما دخل فاي ولو , فصرفت الفتاة بسرعة وأستدارت عن مكتبها وتقدمت ترحب بهما , كانت أنيقة جدا في ثوب أسود من قطعتين يزين ياقته مشبك من الماس المتلألىء ولم تكن أوليف جميلة أو منسقة التقاطيع ولكنها كانت تمتاز بطريقة أرتدائها لثيابها الرائعة , وكانت تبدو لفاي ولغيرها من النساء في قمة الأناقة والثقة بالنفس التي يحسدها عليها الجميع .
ثم قالت لفاي:
" أهلا يا عزيزتي , دعيني أهنئك باليوم وأتمنى لك سنين طويلة مقبلة!".
وفوجئت فاي.... نعم , أنها تبلغ اليوم الرابعة والعشرين من عمرها وقد نسيت عيد ميلادها , ثم قالت:
" نعم – نعم – تماما".
فضحك لو وقال :
" أحضري المعطف يا أوليف , فأنني لا أصبر حتى أرى فاي ترتديه".
وفتحت أوليف الباب وسمعتها فاي تقول للفتاة الجالسة الى المكتب في الخارج:
" أنزلي يا بولا لأحضار معطف السيدة مارش !".
فألتفتت فاي الى لو الذي راحت عيناه تنظران اليها بسخرية وهو يراقب وجهها المتعجب ويقول:
" لا تنظري الي وكأنني أشتريت حبلا لأشنقك به".
ولكن عندما أتت بولا بالصندوق الكبير البنفسجي , الذي يحتوي على المعطف , وعندما فتحته أوليف وأخرجت المعطف منه بكل بريقه وفخامته , وساعدت فاي على أرتدائه , شعرت فاي فعلا بأن هناك قطعة من الحبل حول عنقها تكاد تخنقها.
وقفت فاي بدون حراك عندما وقف لو وراءها وراح ينظر الى صورته في المرة الطويلة , ثم شعرت بيدي لو على كتفيها تتحسسان الفراء الثمين , وهمس في أذنها يقول:
" عيد ميلاد سعيد يا عزيزتي".
وألتقت عيناهما في المرآة فشعرت بضعف شديد , وكانت ممتنة لأمكانها الأتكاء عليه لأن يديه تسندانها ولولاهما لسقطت على الأرض , فاليوم عرفت الى أي مدى تردّى لو في الحضيض , واليوم كذلك أتحفها لو بتلك الهدية وهذه المفارقة المرة جعلتها تود أن تذرف الدموع التي شعرت بها تتجمع في عينيها وهي في الأستديو .
ثم قالت وهي تنتقي الكلمات بعناية:
" أشكرك يا لو على هذا المعطف لأنه جميل جدا".
ولكنه قطّب جبينه لأنها شكرته بتلك الكلمات القليلة الرسمية الخالية من الحماسة , ألم تر ما صنع هذا المعطف بها ؟ فوجهها أستكان كالزهرة البيضاء في ياقة المعطف السخية الداكنة , أليس لديها أية عزة نفس؟ هذه الطفلة الغريبة التي أنقذها من الجو الخانق السائد في لوريل باي؟ وأنتشلها من غرف المرضى والعجائز؟
وهمس:
" أردت أن أدخل على نفسك البهجة".
ثم أستدارت اليه لأنها شعرت بأنها خيّبت آماله في طريقة تلقيها هديته , ولذلك أرادت أت تطمنه فقالت له:
" حقا أن المعطف يروق لي كثيرا يا لو".
ولمست بأصابعها ذراعه وقالت:
" أنا متوعكة قليلا , هذا كل ما في الأمر".
" يحق لها ذلك يا لو".
قالت ذلك أوليف هادلي ثم أردفت تقول:
" أن أية أمرأة يدير رأسها معطف مثل هذا المعطف يا لو ".
ثم راحت تراقبهما وتتأملهما بعاطفتها معتقدة أنهما زوجان مثاليان يكمل أحدهما الآخر , مع أن الكثيرين من الناس لا يتفقون معها في الرأي أذ كانوا يطلقون على فاي عبارة ( التافهة الصغيرة).
كان وجه الفتاة ينم عن الحنان والشجاعة , فأذا كان عند لو ذرة من العقل عليه أن يتمسك بها بقوة , وسوف تعطيه كل ما يحتاج اليه البيت المريح والحب الدائم والأطفال , فلم تكن فاي الفتاة العصرية التافهة التي تعتقد أن القيام بواجباتها المنزلية يولد لديها السأم , أو التي تفضل العناية بقوامها والأحتفاظ بوقتها لنفسها على رغبة الرجل الطبيعية في أنجاب الأطفال .... وعلى لو أن يعرف قيمتها جيدا , فأذا كان يريد مجرد اللهو بها فسوف يعيش نادما على ذلك.
ثم رأت أوليف فاي وهي ترفع يدها وتضغط على ذراع لو , ولكن هالتها تلك النظرة المذعورة التي بدت في عينيها , ومن غير شك لم يكن سببها أهداء لو ذلك المعطف الثمين , بعد ذلك أستدار لو الى أوليف قائلا وهو يبتسم:
" ألا تبدو فاي جميلة؟".
فهزت أوليف رأسها وقالت:
" أعترف أن رقة فاي تتلاءم تماما مع الفراء بينما الكثيرات يجعلن هذه المعاطف مجرد شيء ثمين".
أرتفع الدم الى وجه فاي خجلا لهذا الأطراء , وعندما أستدار لو ينظر اليها بأعجاب متجدد لملاحظات أوليف التي راقت له , أنكمشت لهذا الأعجاب البادي بوضوح في أغوار عينيه السوداوين والذي يدل على سروره لأمتلاكه أياها , ثم أنتابتها الحيرة الشديدة , فقد هوى لو من عليائه ولم يعد يتبوأ المكانة السامية في قلبها , واليوم يجاوره دائما شبح تلك الفتاة الطويلة الذهبية التي ماتت لأنها هي أيضا كانت من الجنون بحيث تدلهت بحبه مثلها .
ثم خلعت المعطف وجاءت أوليف ووضعته بعناية في صندوقه ثم قال لو وهو يلف فاي بذراعه ويضمها اليه:
" سوف نحتفي بهذه المناسبة السعيدة الليلة , أشتريت تذكرتين لأستعراض ( نفحة من السماء)".
فقالت أوليف وهي تبتسم بحماسة:
" أنه أستعراض رائع يا لو , لقد حضرت العرض الليلة الماضية , وكانت الموسيقى وكذلك مناظر الرقص رائعة".
قال لو وهو يرفع وجه فاي اليه:
"حسنا! سوف يكون هذا العرض خاتمة حسنة ليوم جميل , يا حبيبتي".

نيو فراولة 24-03-11 10:25 PM

حاولت فاي أن تنسى ما قالته لها ثاليا عن قصة موت أينز هولدن لكنها لم تنجح في ذلك , الآن كل شيء أصبح سقيما في نظرها , فمثلا عندما ترى لو يجلس مواجها لها على مائدة مطعم وتشاهد وجهه الأسمر يضحك أو يتحمس في محادثة هامة , لا " هذا الرجل الذي يلفت الأنظار هو زوجي أنا".
وعندما كان يقبلها كانت تفكر وتقول: " سبق أن قبّل أينز هولدن وضمها بين ذراعيه , ولكنه تركها بعد ذلك , ولا بد أن يتركني أنا أيضا .
وفي فترة حيرتها وتخبطها قابلت فاي جيري كوفمان ثانية.
حدث ذلك على الشاطىء أذ كان من عادتها أن تذهب كثيرا الى هناك ولو أنها كانت تتذكر بحزن تلك الأوقات السعيدة التي كانت تقضيها مع كليو وأيريك في ذلك المكان , فجلست تفكر في كليو وتلك المرات التي كانت تصاحب فيها أيريك الى الشاطىء بينما كانت كليو تزور خالة لها في باسادينا ثم يرجع معها الى شقتها وتطعمه البطيخ وفطائر الجيلي وتنام بجانبه على البساط حيث يشتركان معا في اللعب بلعبة الأجزاء المتداخلة.
وتنهدت فاي وهي تسترجع تلك الذكريات , وراحت تلعب بالرمال وتجعلها تنساب من بين أصابعها , وتنظر بكآبة الى البحر الذي يضم المستحمين... كانت تدرك أنها وحيدة غريبة بين رواد الشاطىء والمرح الصاخب بالحديث والضحك , وكانت تبدو رفيعة القد وحيدة ترتدي رداء بحر ليمونياللون يكشف عن صدر صغير وساقين رفيعتين بيضاوين وقدمين بعظام رقيقة.
ثم سمعت صوتا يقول:
" هل لي أن أجلس معك؟ فأنت تبدين في حاجة للصحبة".
منتديات ليلاس
ذعرت فاي وأدارت وجها مندهشا الى المتكلم فوجدته جيري كوفمان , وكانت خصلات شعره الأسود مبتلة لاصقة برأسه من تأثير مياه البحر , وكانت عيناه اللوزيتان المحاطتان بأهداب طويلة تبتسمان لها.
ثم ألقى بنفسه قربها على الرمال ومدّد جسمه القوي الذي لفحته أشعة الشمس , ثم هتف يقول:
" يا ألهي – ما هذا اليوم؟ أرجو أن تفتح السماء أفواهها وتهطل الأمطار الملطفة".
ثم أتكأ على يده وراح يسألها مبتسما:
" ماذا تفعلين وحدك هنا بعد ظهر يوم السبت؟".
ردت تقول وهي تبتسم بتحفظ:
" أنني دائما وحيدة بعد ظهر يوم السبت , فلو يلعب الغولف".
" سوف أتذكر هذا".
وطافت عيناه اللوزيتان بوجهها في حرارة وود وقال لها:
" هل يضايقك أقتحامي وحدتك؟".
" كلا , لا يضايقني ذلك أبدا".
وكان هذا صحيحا فلم يضايقها , أذ أنها تعجب به , وتعجب بالود الخالص الذي يظهر في عينيه ثم قال لها:
" أنك تبدين تعيسة , فلم أملك نفسي وأتيت اليك , فالوحدة على الشاطىء مؤلمة".
وأبتسم , وكانت أبتسامته ودّية كشفت عن أسنان صغيرة مربعة , ثم أردف يقول بعطف:
" أن هوليوود قد تكون مكانا تملأه الوحدة القاتلة بالنسبة الي الغرباء ".
فردت تقول:
" أنها تذكرني بالغابة".
وكانت تتكلم بصراحة تلقائية نتيجة للطريقة التي كان جيري ينظر بها اليها , فبرغم أنه غريب عنها ألا أنها لم تشعر بذلك , فقد كان تصرفه طبيعيا أراحها , ونظرته صريحة واثقة نالت ثقتها به.
ثم أكملت فاي تقول:
" أن الجو في هوليوود حار رطب , وهي مليئة بالأصوات الصاخبة وبالمخلوقات الجميلة الخطرة".
ثم أبتسمت وقالت:
" أنه من السخف أن أدعها تخيفني ولكنها تخيفني فعلا".
فسألها بقوله:
" أليست لديك الرغبة في أن تمثلي بالسينما؟".
فهزت رأسها وظهرت الغمازتان في وجنتيها مما أعطاها طابع الأستهتار الذي راق لجيري , ثم قالت:
" لو قد يقذفني من النافذة أذا أظهرت الميل لأن أكون نجمة سينمائية ".
" سوف يكون هذا شيئا قاسيا , لماذا يفعل ذلك؟".
وراح يراقبها ويعجب بوجهها , وفمها الذي يشبه الزهرة , وعنقها الذي يشبه أعناق الأطفال".
" قد يجعل التمثيل طبعي حادا متناسبا مع طموحي وفي كل حال لست على شاكلة نجوم الشاشة".
" هذا صحيح أنك تبدين لي منطوية على نفسك".
" وهل يعني ذلك أنني هادئة خاملة؟".
كانت هذه نظرتها الى نفسها طوال تلك الأسابيع التي قضتها في هوليوود , فكل واحد حولها يمتلك موهبة أو حيوية خارقة , متدفقة أو وسامة زائدة , فالناس ما زالوا ينظرون اليها بدهشة عندما يرونها مع لو ويعلمون أنها زوجته.
" في أعتقادي أنك ندية , تختلفين كثيرا عن أنسياب الحياة المادية وعن الثراء الذي يراه المرء هنا كلما تلفت حوله , فأنت تجعلين المرء يشعر بالراحة".
أنها تجعل المرء يشعر بالراحة كالشعور بهطول المطر بعد الجفاف, وجميلة مثل عود زهرة الميموزا ... وهي طفلة رقيقة خجول تثير فيه شعورا بالعطف والميل الى المحافظة عليها , وتثير فيه أيضا شعورا بالأشمئزاز عندما يتخيلها بين ذراعي لو القويتين وتحت رحمة شفتيه الجامدتين الوقحتين وحتى يدفع تلك الفكرة من مخيلته سألها:
" هل تسبحين؟".
" لا أسبح بمهارة".
وبالنظر اليه تأكدت فاي أنه سباح ماهر , فجسمه قوي متناسق ككل السباحين , وعندما قفز واقفا وجذبها معه تحرك برشاقة وسهولة ثم قال:
" تعالي نسبح , فأن هذه الرمال ساخنة كالجمر".
وأمسك بيدها وجرى معها على الشاطىء ونزلا الى البحر وهو يضحك كالطفل حين كانت خصلات شعره تتراقص على وجهه.

نيو فراولة 25-03-11 03:51 PM

في تلك الليلة , وهما يتناولان العشاء , أخبرت فاي لو أنها أمضت بعد ظهر ذلك اليوم تسبح مع جيري كوفمان , وكان يتملكها الفضول عن كيفية تقبله ذلك الخبر , لأنها كانت تستشف كراهية لو له , ولكنها لم تتوقع أن ترى الغضب الخاطف الذي بدا في عينيه , أذ هتف يقول:
"يا للشيطان ! أظن أن هذا الوغد جاهد كي يفوز بالتعرف أليك!".
" هذه ليست طريقة لطيفة تتكلم بها عنه , فأنا أعتقد أنه أنسان لطيف".
" كوفمان! عندي ما أقوله عن هذا الرجل , يجعل شعرك الذهبي الجميل يقف هلعا, والأجدر بك الأبتعاد عنه".
ثم نظر في عينيها وقال لها:
" لا أطلب منك ذلك فقط ولكنني آمرك به".
فعجبت للهجته ونظرت اليه وكانت تنتظر منه أن ينهي الأمر بأبتسامة ويظهر لها أنه يداعبها , ولكن عندما لم يفعل تملكها حب التحدي , وقالت بطريقة صبيانية:
" قد تأمرني أن أقفز من النافذة ولكن ليس معنى ذلك أنني مجبرة على طاعتك".
" أذا كان الأمر يتلق بكوفمان فالأحسن أن تقفزي من النافذة , فهي طريقة أسرع".
" طريقة أسرع؟".
منتديات ليلاس
" أعني يا صغيرتي أن كوفمان قاتل خطير".
وسكب بعض الشراب في كأسه وأبتسم وهو ينظر اليها ثم قال:
" ماذا يدور في تفكيرك : أنني لست ملاكا منزها عن الخطأ ؟ وهذا ما يحزنني , تعودت أن تكون لديك فكرة طيبة ومتفائلة عني فماذا جرى أخيرا؟".
فنظرت الى وجهه المتسائل , وكان يرتشف الشراب وعيناه تسخران منها , ثم قالت:
" لم يعد يهمني أذا كان في أمكانك أو عدم أمكانك أن تتحسن , فأنت باق على حالك , وأنني أقبلك على علاّتك".
فرفع حاجبيه متسائلا:
" هذا قول مبهم يا صغيرتي , هل يمكنك تفسيره قليلا ؟ النمور لا تغير جلدها".
" كنت أعتقد أن في أمكانها أن تغيره , والآن وقد كبرت كثيرا فقد غيرت ذلك الأعتقاد".
ثم أخذ يتمعن وجهها ويدرس قسماته وعينيها المتحديتين يقول بهدوء:
" ماذا جرى يا فاي؟ ماذا فعلت؟".
وكانت الطريقة التي سأل بها هذا السؤال ذات تأثير قوي على فاي , وجعلت قلبها يعتصر ألما.
فنتجت عنها أنّة صغيرة , وقبضت على حافة المائدة بشدة , ثم قالت هامسة:
" لا تلق بالا اليّ فأنني صغيرة وهذا كل شيء".
" آسف لأن أكتشافاتك عني قد آلمتك يا فاي".
ثم رفع كأسه وشرب ما بها مرة واحدة بينما عيناه لم تفارقا وجه فاي , وكانت هذه النظرة ما زالت كفيلة بأن تجعل ركبتيها ترتعدان وذراعيها تتمنيان أن تضماه اليها , ضحك لو وقام عن المائدة وأستدار نحوها وجذبها من مقعدها وقال:
" تعالي نرقص , فكل هذه الأسئلة سوف تنسينها عندما أضمك اليّ".
حاولت فاي أن تبتعد عن جيري كما نصحها لو , لكنها ألتقت به حيثما ذهبت على الشاطىء يلحق بها , وأذا قصدت الحديقة لتستمع الى الفرقة الموسيقية يجيء ويتكىء على ظهر مقعدها , وفي الحفلات عندما يختفي لو ليحادث رجال السينما , يظهر جيري الى جانبها ويأتيها بالمشروبات أو يدعوها الى رقصة وكان دائما ودودا وطبيعيا ومستعدا لتسليتها , ولذلك لم تفهم فاي السبب الذي دعا لو الى أن يهاجمه , فلم تصادف من أحترمها كما فعل جيري حتى أثناء الرقص لا يستغل جيري الموقف ويضمها اليه كما يفعل بعض من يرتاد مثل هذه الحفلات , كما أنه لم يرفع الكلفة بينهما أبدا.
وراحت فاي تظن أن لو , بخلافه الدائم مع جيري أثناء العمل , بنى حكما قاسيا غير عادل على جيري , وكانت تعتقد أن جيري أقل خطورة من لو نفسه , ولكن برغم أن هذا الأعتقاد جعلها تشعر بعدم الولاء نحو لو , ألا أنها تمسكت به وجعلته سببا كي تنسى أوامر لو بأن تتجنب جيري , وتدعه جانبا.
جيري يروق لها , لكنها لم تشجعه على مرافقتها أبدا , متأكدة أن السرور الذي ينتابها عندما يضحكان معا على نادرة يحولها جيري الى نكتة بارعة , أو عندما يخفقان معا في ركوب الأمواج على الألواح الخشبية , أو عندما يدخلان معا الى أحد محلات السجق ويحاول جيري أن يجعلها تأكل السجق الحريف كما يأكله.
وما لبثت فاي أن أدركت أن جيري ملأ مكان كليو الخالي في حياتها , وأصبح هو الصديق الذي تحتاج اليه كثيرا , فتقبلته كصديق واثقة أنه لم يكن بالنسبة اليها أكثر من ذلك ولن يكون , ولم تلاحظ أبدا أنه وسيم للغاية , ولم يؤثر فيها أنه واحد من أكثر النجوم شعبية في هوليوود , فهو بالنسبة اليها مجرد جيري.... كانت غارقة في صداقته حتى أنها لم تلاحظ نظرات الغمز التي كانت تقابلهما في الحفلات.

نيو فراولة 25-03-11 04:17 PM

وبعد ظهر السبت أصطحبها جيري الى مباراة للكرة , لم تكن فاي حضرت مثلها من قبل , وبرغم أنها لم تفهم المباراة جيدا ألا أنها راحت تهتف بحماسة مثل جيري , وفي أثناء حماسها طارت من يدها قطعة الحلوى التي أشتراها لها , وأستقرت على بعد صفين على ساقي مشجع الفريق الزائر.
ولما أدار الرجل رأسه ليكتشف المذنب , كانت فاي تحاول أن تطيع أوامر جيري بأن تبدو طبيعية بريئة من هذه التهمة.
أما الرجل المسكين الذي أصابته قطعة الحلوى اللزجة فقد واجه عيني فاي الكبيرتين الزرقاوين , وقد شاعت فيهما البراءة , فتجاوزت فاي عيناه وهما تبحثان في الصف الخلفي عن المتهم ... وكانت فاي تشعر بأهتزاز جسم جيري وهو يضحك بشدة وأن كان يحاول جاهدا أن يكف عن الضحك , فهمست تقول له:
" كف عن الضحك , فسوف يتهمنا الرجل أذا أحمر وجهك أكثر من ذلك".
فقال جيري وهو يلهث:
" كيف تنجحين في الظهور بريئة كالملاك".
وأستمتعت فاي بهذه المباراة كما لم تستمتع بمثلها من قبل , ولما خرجا مع الجمهور الضاحك الصاخب قال لها جيري:
" ما رأيك في الذهاب الى منزلي لنتناول القهوة أو الكوكاكولا أذا كان لديك بعض الوقت؟".
فأستجابت له فاي بحماسة ولم تكن فاي قد زارت شقة جيري من قبل , فهالتها الفوضى السائدة هناك وأدهشها جوّها البوهيمي, في غرفة الجلوس خليط من قطع الأثاث الغريبة الشكل وغير المتجانسة , وكانت نوافذها الكبيرة المطلة على البحر تشبه نوافذ مراسم( أستديوهات ) الرسامين , ووجدت حاملا للصور موضوعا بجانب أحدى النوافذ قرب الضوء.
قالت له وهي تنظر الى الحامل بفضول:
" هل ترسم يا جيري؟".
فهز كتفيه وأبتسم يقول:
" دعيني أقول أنها مجرد محاولة فقط , هل تحبين رؤية اللوحة؟".
ثم ذهب الى الحامل ونزع قماش الغطاء , فأتسعت عيناها دهشة لأنها وجدت صورتها!
وكانت اللوحة تمثلها جالسة على سور أبيض تحته مجموعة من أزهار الماجنتة الأرجوانية , وقد أراحت يدها اليمنى على الأزهار بينما تعرّت قدماها وهما تتدلّيان عن السور , وأسترخى رأسها الى الوراء وهي تضحك بمرح وعدم أكتراث , وسألها جيري بهدوء:
" ما رأيك؟".
منتديات ليلاس
" أنها ورتي ولكنها ليست شخصيتي أبدا".
" ربما كانت أنت كما أراك".
" أنها تشبه الغجر".
وألتفتت الى الصورة ثانية فرأت الألوان فاقعة ومستعملة بجرأة , فقد جعل جيري شعرها يأخذ لونا أغمق , وجعل فمها يبدو أكثر جرأة منه في الواقع , ووضع حول ساقها اليسرة سلسلة ذهبية رقيقة لكنه جرّد يدها اليسرى من خاتم الزواج , وسمعت جيري يقول وهو يحدّق في الصورة:
" العينان ليستا كما يجب , فقد لاحظت ذلك من قبل , والآن وأنت بجانب الصورة , أقدر أن أميز مكان الخطأ , أن عينيك تنكمشان عندما تضحكين , ولكنني رسمتهما واسعتين".
ثم ألتفت اليها بأهتمام وقال:
" أذا رشوتك بمشروب الكوكاكولا المثلجة , هل تجلسين أمامي لمدة خمس عشر دقيقة أو نحو ذلك كي أصلح هاتين العينين".
فضحكت فاي , وأحمر وجهها وقالت:
" أجعلها خمس عشرة دقيقة فقط يا جيري , فأن لو سوف يصطحبني لزيارة رئيسه هذا المساء , ولن أجرؤ على التأخر".
" رئيسه ك. ك...؟".
وصفّر جيري ثم أردف يقول:
" هل ستذهبان الى منزله؟".
فهزت رأسها وقالت:
" نحن مدعوان للعشاء , هل هو مخيف للغاية يا جيري؟".
فأبتسم جيري وقصد المطبخ ليحضر الكوكاكولا التي وعدها بها , ثم قال:
" ترى هل ستكون صديقتنا ثاليا ذات العينين الخضراوين موجودة؟".
" تحت سقف واحد مع زوجته؟".
فضحك جيري عند عودته من المطبخ حاملا كوبين من الكوكاكولا أعطاها أحدهما وهو يقول:
" ك. ك . رجل طاغية حتى أن زوجته , لا تظهر ضيقها من حضور صديقته الى العشاء , ولسوف تدهشك زوجته , أنها شقراء رائعة في نحو الخمسين من عمرها بدينة الجسم وتعشق زوجها المنحرف , وأنني أدهش كيف يعجب بحيوان مثل ثاليا في حين لديه زوجة مثل ماجدة؟".
فقالت فاي :
" أسمها ماجدة؟ هل هي أجنبية؟".
فهز جيري رأسه وقال:
" أعتقد أنها من البلقان , وأظنه هو كذلك من هناك , وأن كان كل شيء متعلق ب ك. ك. يبدو مبهما , وبعض ما يقول يحتاج الى مفتاح كي يفتح لك المعنى , أنه يتكلم كأنه يهذي , وأذا لم تعرفيه معرفة وثيقة ولمدة طويلة لن تفهمي ما يقول.
فبدا على فاي القلق وقالت:
" لا بد أنني سوف أخطىء وأرد عليه ردودا سخيفة".
وكانت الساعة تجاوزت السادسة والنصف عندما وصلت فاي الى المنزل , فسمعها لو وهو في الحمام فأطل برأسه منه وسألها عن المكان حيث كانت وقال لها:
" تأخرت كثيرا".
فخلعت معطفها وقالت له , وهي تدير رأسها وتخفي وجهها عنه حتى لا يرى أحمرار وجهها وهي تكذب عليه :
" ذهبت الى السينما".
" أذن كوني جاهزة يا صغيرتي , لأن موعدنا مع كريستابل هو السابعة والنصف".

ربي اسالك الجنة 25-03-11 08:47 PM

حراااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااام:52::52:: 52::52:
من جد روعه الله يعطيكي الف عافية ياقمر ولايحرمنا من كتابتك ولاتتاخري علينا في كتابتها:rdd12zp1:

نيو فراولة 25-03-11 08:55 PM

ثم أغلق باب الحمام عليه , وراحت فاي تنظر في المرآة وتفكر... أنها ليست المرة الأولى التي كذبت على لو , فكلما كثرت مقابلاتها لجيري أزذاد كذبها على لو , وتهيبت مما سوف يحدث عندما يكتشف زوجها علاقتها مع جيري , لكنها صممت على الأستمرار في صداقتها له , لماذا لا تتخذه صديقا ؟ أن صحبته تريحها لأتزانه وجاذبيته , فهو يبث فيها الهدوء ويوقظ فيها حب العودة الى الطفولة , ولكن الى طفولة سعيدة تختلف عن الواقع.
ولما خرج لو من الحمام قال لها , وهو يجفّف شعره المبتل بالمنشفة وينظر اليها نظرة قلقة:
" أسرعي الى الحمام يا حبيبتي , ففقد ملأت لك البانيو , أذ ليس لدينا وقت نضيعه , وقد وضعت لك ملء حفنتين من أملاح الحمام المعطرة بالبنفسج فهل هذا يكفي؟".
فأبتسمت له وقالت :
" أن حفنتين من حجم يدك كافيتان جدا".
وفي طريقها الى الحمام مدّت يدها ومرّت بها على ظهره , فعندما يبدو كالصبي نظيفا بعد أستحمامه , ويبرق جلده الأسمر وتموج عضلات ظهره وذراعيه بالصحة , لا يبدو في أمكانه أرتكاب أي شي حقير , وكان مثل رمز أسطوري أسمر طالع من نبع عميق نظيف كله سحر , وهو يلمع من فرط النظافة.... نظافة الروح والجسد.... وكانت تعتقد في مثل هذه اللحظات أن كل ما يقال عنه من سوء يكمن أساسه في نفوس قائليه وعقولهم , وكان من الممكن في هذه الحالة أن تعتقد أنه قد تسبب في القضاء على فتاة جميلة.
وأتم لو أرتداء ملابسه قبلها وراح يستعجلها وهي ترتدي ثوبها فقالت له:
" تعال وأقفل لي السحّاب".
منتديات ليلاس
وكان لو يريد أن ترتدي فاي ثوبا جميلا في أول زيارة لها الى آل كريستابل , فطلب من أوليف هادلي أن تفكر في ثوب خارق يصلح لفاي فقط ولكن فاي كانت تعتقد سرا , أنها آخر شخص في العالم يمكنه أرتداء مثل ذلك الثوب , وهو من الحرير الطبيعي , يضيق الى الردفين ولونه بنفسجي رقيق , وبعد الردفين يأخذ لونا بنفسجيا غامقا , بينما ينسدل في أتساع مثل أوراق الأزهار في طرفها خرز صغير براق , وكان الثوب , والحق يقال , جميلا , يجمع بين البراءة والغرابة , ولكن فاي لما نظرت الى نفسها في المرآة , شعرت بالنفور وهو الشعور نفسه الذي أجتاحها عندما كانت تجربه أوليف للمرة الأولى.
وشعرت بيد لو على ظهرها وهو يقفل السحاب , وعندما ضمها الثوب أستدارت من المرآة وطلعت منها صيحة خجل.
أمسك لو بذراعها وقال لها:
" ماذا هناك؟".
" أشعر أنني عارية".
فضحك لو عاليا , وراح ينظر الى تأثير الثوب عليها بسرور وقال بحماسة:
" تبدين كالصورة الجميلة , بل كالبراءة الناصعة وهي تعربد , أوليف أتحفتك بشيء ثمين – وسوف تديرين الرؤوس هذه الليلة يا صغيرتي".
ثم جذبها اليه وراحت يداه تتحسسان جسمها , لكنها بقيت جامدة وبان عليها الخجل , فلماذا يشعرها لو دائما أن ما يحببها اليه هو جسمها!
ثم قالت له:
" لا تقبلني حتى لا تتلف أحمر الشفاه".
فضحك وتركها , ثم ذهب الى غرفة الجلوس , فراحت فاي تنظر الى خيالها في المرآة بدون حماسة , وسألت نفسها : هل تلوّن عينيها حتى تلائم ذلك الثوب الذي يشبه أثواب الممثلات ؟ وهل تعمل ما في وسعها كي تؤثر على كريستابل وزوجته؟ فمن الطبيعي أن لو كان في نيته أن يجعل فاي تبهرهما.
وجلست فاي أمام المرآة وفتحت صندوق أدوات الزينة الكبير الذي أهداه اليها لو والذي نادرا ما كانت تستعمله , وأخرجت منه دهان الأهداب وعلبة الظلال البنفسجية اللون وراحت تلوّن عينيها بعناية , ثم تنظر الى البريق الذي ظهر فيهما نتيجة تلك الألوان في شيء من التعجب والسخرية.
ولما رجع لو الى الغرفة أستدارت اليه باسمة وأهدابها ترمش , وأنتظرت أن يبدي حكمه على شكلها فراح ينظر اليها ثم قالت له:
" لقد أضف شيئا جديدا على مظهر العربدة يا لو!".
" هذا واضح , فهل تشعرين الآن أنك أقل عريا من قبل؟".
فهزت رأسها , ثم قامت وجاء لو فأدارها حتى صار ظهرها أتجاهه , وألبسها عقدا من الماس , ألتصق بخدها الناصع البياض , وراح يلمع بضوء باهر , ثم أضاف على ذلك حلقا من الماس يضاهي العقد.
وبدت عيناها في زرقة قاتمة أهدابها المكسوة بالدهان , كما كانت الظلال تكسو جفنيها , وراحت تنظر الى عينيه السوداوين الضاحكتين , وتقول وقد أرتجف صوتها فجأة :
" لماذا تتحفني دائما بالهدايا؟ أنا لا أريد هدايا دائما".
" ربما كان هذا هو سبب تقديم الهدايا اليك".

نيو فراولة 25-03-11 08:58 PM

ذهب الى خزانة الملابس وأخرج منه معطف المنك , وساعدها على أرتدائه , ثم جذب الياقة وحول وجهها , وراح ينظر اليها بأمعان فقالت له:
" هل أبدو غالية الثمن كما تريد؟".
" غالية الثمن؟ أكثر من ذلك يا عزيزتي , ولكن الكلمة المعبرة عن ذلك تخونني".
ثم وقفت ساكنة بين يديه , وهداياه الماسية تلمع في عنقها وفي أذنيها , وأبتسامة حزينة تبدو في فمها الجميل وهي تقول:
" أنني أشبه الأوزة المعدة للأكل , والموضوعة على طبق ليقدم الى آل كريستابل".
فضحك لو عاليا وقال:
" وهو كذلك , تعالي يا صغيرتي , فأن ك. ك. لديه عقدة أسمها المحافظة على المواعيد".
ولكن قدّر لهما أن يتأخرا عن ذلك العشاء , ففي الطريق اليه فرغ الوقود من السيارة , فقصد لو أحدى المحطات كي يزوّد السيارة به .
ولم تكن هي المرة الأولى التي يقصدان فيها تلك المحطة , وبينما كان لو منهمكا في ملء السيارة , تلفتت فاي حولها تبحث عن الكلب الكبير الذي أعتادت أن تراه هناك وتداعبه دائما , وعندما رأته واقفا عند عتبة المنزل المجاور , وأخذت تصفر له كي يلتفت اليها , فظل واقفا عند عتبة المنزل وعرفها على الفور , ثم تقدم نحوها يحييها , وفي هذه اللحظة كانت سيارة كبيرة وردية اللون تدخل المحطة , وهنا أختلطت صيحة فاي الهالعة بصيحة الألم التي أطلقها الكلب عندما دهمته عجلات السيارة وألقته أمام مدخل المحطة.
وأسرعت فاي الى الكلب الذي كان يئن وركعت بجانبه وأخذت رأسه على ركبتيها ولم تأبه بالدم الذي تدفق من أنفه ولطخ ثوبها البنفسجي وجانبا من معطفها الثمين , وفي لحظة كان لو يمسك بكتفيها ويقول:
" أحترسي يا فاي , فأذا لمست مكان أصابة الكلب سوف يستدير اليك وينهشك".
فتجاهلت فاي ذلك وأنحنت على الكلب وأنسابت دموعها لصوت أنينه وأرتجافه ونزفه , ولكن لو جذبها بعيدا عن الكلب وهو يقول:
" أبقي هنا وألزمي الصمت , وأذا تدخلت مرة ثانية فسوف أصفعك".
منتديات ليلاس
وركع لو بجانب الكلب ورأته فاي يمر بيديه السمراوين القويتين على ظهر الحيوان برقة , وبرغم ذلك صاح الكلب متألما ودارت عيناه وبرزت أسنانه وهو يحاول أن ينهش اليد التي لمست موضع الألم.
ثم نظر لو الى الرجل والمرأة الواقفين بجانب فاي , فالمرأة خرجت من المنزل بسرعة وساعداها مشمرتان وهي تجفف يديها بالمريلة , كانت شاحبة اللون ملتاعة وهي تقول:
" هل هو في خطر؟ هل هو في خطر؟".
ويبدو أن الرجل كان زوجها , فأمسك بذراعها بينما هز لو رأسه ورد عليها يقول:
" أنه في ألم شديد , ويجب أن نقضي عليه".
صاحت المرأة محتجة , فألتفت الرجل اليها وقال لها هامسا:
" أنه على حق ألا ترين؟".
ثم ألتفت الى لو وقال :
" هل أحضر شيئا".
فهز لو رأسه بالرفض , وأنحنى على الكلب بينما أخذت فاي ترجف بشدة عندما سمعت صوتا كصوت الفرقعة من جهة الكلب ثم رأته يرفس بروح في سكون أبدي.
لكن فاي تقهقرت عنه ثم دخلت وسط زمرة المشاهدين الذين تجمعوا , وغامت عيناها بالدموع وهي تقول بدون وعي:
" أنني آسفة... أنني آسفة...".
وكل ما فكرت فيه أن صفرتها للكلب المحبوب قادته تحت عجلات السيارة , وأن لو أجهز عليه فأماته سريعا.
وفجأة تركت مجموعة الواقفين وهي تجري هاربة نحو الشارع.

نيو فراولة 25-03-11 11:10 PM

4- في السراء والضراء

عندما هربت فاي كانت تتعثر بحذائها الرقيق الرفيع الكعب , وتمسك بذيل ثوبها الملطخ بالدماء.... كانت تريد الهرب من منظر يدي لو وهما تتقوسان كي تقضيا على الكلب ولكنه لحق بها وأمسكها وقال لها:
" أين تذهبين أيتها المجنونة الصغيرة؟".
وأخذت تقاومه بشدة , وكرهته وكرهت غلطته وقتله الكلب بدون أن يظهر على وجهه أي شعور , وكرهت كذلك يديه ثم قال لها:
" أسمعي , ذلك الكلب المسكين كان يتألم , وفعلت ما كان سيفعله الطبيب البيطري , أذ لم يكن بوسعه أن يسعفه , لك أن تكفي عن التصرف كالأطفال , والآن أجمعي شتات نفسك فسوف نتأخر عن الوصول الى منزل كريستابل".
" ولكنني لست راغبة في الذهاب اليهم".
" أنت تثيرينني أحيانا لدرجة القتل , يا فاي, فألى الجحيم بمبادئك هذه ".
ثم أدارها وجذبها معه نحو السيارة فقالت:
" أنني ملطخة بالدماء , فقد نزف المسكين دماءه عليّ".
ولما وصلا الى السيارة وقفت بجانب أنوارها الكاشفة , وأرته ثوبها وقد كسته الدماء وأتلفته بقع الزيت الذي ركعت فوقه , في تلك اللحظة كست وجه لو مشاعر مختلفة منها نفاذ الصبر والمضايقة ,وسألها:
" لماذا أخذت في ضمّ هذا الحيوان؟ تجاوزت الحدود يا فاي, والآن يجب أن نرجع الى المنزل لتبدلي ثوبك هذا بثوب آخر , أدخلي السيارة".
ولما رجعا الى المنزل تبعته الى غرفة الجلوس وتعلقت بذراعه وهي تقول:
" لا تجبرني على الذهاب معك , أرجوك يا لو , فلم يهتم أحد أذا لم أذهب".
" ولكنه يهمني أنا , دعيني أساعدك على خلع الثوب".
ثم جذبها الى غرفة النوم وخلع معطفها وألقاه على أحد المقاعد بأهمال وقال:
" أخلعي هذا الثوب".
ثم ذهب الى الخزانة وأختار لها ثوبا جميلا فيروزي اللون وتقلصت شفتا لو وهو يقول لها:
" ك. ك. ليس بالرجل الذي يقدم دعوات العشاء الى ضيوفه كل يوم , ولن أذهب اليلة بدونك , فهو يريد التعرّف اليك , وماجدة كذلك , والآن أزيلي ذلك اللون من عينيك فهو يسيل , ولا تنظري أليّ وكأنني أرتكبت جريمة قتل".
وبدا منزل كريستابل كالمنازل التي تظهر في قصص الحرب الأهلية الأمريكية ... وزال شعورها بالقلق والتوتر لتأخرهما بمجرد أن قدمها لو لذلك الرجل القصير المتكوّر ذي الصلعة اللامعة والوجه اللامع والعينين السوداوين اللامعتين , لكن لم يبد عليه أنه صاحب القوى الخارقة في الأستديوهات حيث يعمل لو , أما ماجدة فكانت , كما وصفها جيري , شقرار رائعة , بدينة الجسم في أوائل الخمسين من عمرها , ترتدي ثوبا أسود رقيق الثنيات وتتلألأ الماسات في تموجات شعرها الذهبي وفي ذراعيها البدينتين , وبكل بساطة غفرت لهما تأخرهما وهي تضحك وتقول للو في صوت عال:
" الوصول المتأخر أرحم من عدم مجيئكما بالمرة".
ثم أدارت وجههها الى فاي وقالت وهي تقرص وجنتها بيدها البضة المزينة بالخواتم:
" كيف تسبب ذلك الفتى الرديء في حضوركما متأخرين؟ هل كان مشغولا بتقبيلك؟".
فأحمر وجه فاي خجلا , فغمزت ماجدة الى لو قائلة :
" الشباب لا يدوم طويلا".
منتديات ليلاس
ثم أدارت رأسها الى فاي وأشارت بيدها التي تتلألأ بالمجوهرات نحو نفسها وقالت:
" سوف تبدو مثلي في يوم من الأيام , فماذا تفعل حينئذ أيها الصبي الكبير؟".
فضحك لو ورفع حاجبيه متطلعا الى فاي بخصرها الرقيق ورسغيها وقدميها النحيلة وسألها:
" ما رأيك أنت؟".
فقابلت نظرته وقالت له:
"أظن أنه عندما يجيء ذلك الوقت تكون قد وجدت لنفسك دمية جديدة".
ثم أستدارت وتبعت ماجدة الى غرفة الأستقبال , حيث تجمع ثمانية أو تسعة أشخاص يحتسون الشراب وينتظرون العشاء , وتنفست فاي الصعداء عندما وجدت أن وليمة العشاء تتكوّن من جماعة قليلة وأنها تضم ثاليا فان دين.
وكان يجاور فاي في العشاء فتاة طويلة القامة , شعرها يميل الى الأحمرار ويبدو أنها بمفردها , وفي الناحية الأخرى جلس رجل يرتدي سترة من الصوف ويكثر الكلام عن قرحة المعدة التي يعاني منها ويقول لفاي أن هذا العشاء سوف يتسبب في قتله عندما يأتي الصباح.
فأبتسمت ولم تجد بدا من موافقته , وفجأة مالت عليها الفتاة التي تجاورها من الجهة اليسار وقالت لها:
" أننا ننتظر تسلية مثيرة بعد العشاء , فماجدة وكارل قد أتفقا مع أحدى العرافات الغجريات كي تطلعنا جميعا على مستقبلنا , وأتمنى أن تعدني بهدية , مثل ذلك الرجل الضخم الذي يحدث ماجدة".
وتابعت فاي نظرة الفتاة عبر المائدة , وأبتسمت وهي تأكل البط ثم أردفت الفتاة تقول:
" هذا الرجل يجعلني أشعر بقشعريرة".
فبرقت عينا فاي وقالت:
" هل هذا صحيح؟".
" لا تقولي لي أنه لا يؤثر فيك!".
" لا بد أن أقر بأنه وسيم للغاية".
" بل هو أكثر من ذلك , أنه مولود في غير هذا القرن , أكاد أراه يجوب سطح مركب القرصان ويمسك بيده سكينا تقطر دما".
دهشت فاي وتمتمت :
" أو يتسابق في عربات على طريقة أبيان الروماني".

نيو فراولة 26-03-11 08:55 PM

برقت عينا الفتاة وقالت لفاي:
" أذن أنت تفهمين ما أقول وترين فيه لمسة الطبقة العليا من الرومان , هذا الرجل قادر أن يؤلم بشدة ولكنني لن أهتم بذلك".
" وهل يرجع حكمك الى أنه رجل خارق فيبرر له ذلك الخروج عن ناموس التصرف الطبيعي؟".
وراحت الفتاة تتأمل هذا السؤال وتعجب من الجدية التي ظهرت في وجه فاي وقالت:
" أعتقد أن تسعة من عشرة من النساء يغفرن لهذا الرجل , أما العشر الأخير فيفتقر الى المشاعر القوية".
ثم أردفت الفتاة :
" هل تغفرين لهذا الرجل أخطاءه؟".
" أنني أغفرها طوال النهار ... أنه زوجي".
فأضطربت الشوكة من يد الفتاة وقالت وهي تضحك:
" لماذا تركتني أبوح لك بأسرار قلبي؟ ولكن لعلك أعتدت الآن الأستماع الى التنهدات الحاسدة التي تطلقها النساء الأخريات".
ثم أردفت:
" أنا أعتقد أنك تلك القطة التي يود ذلك القرصان الجسور أن يحملها الى كل مكان يذهب اليه , وأنني أحسدك كثيرا".
" هل هذا صحيح؟".
منتديات ليلاس
وكانت هذه الملاحظة تسعد فاي ذات يوم , لكنها اليوم تؤكد مدى أمتلاك لو لها , فهي قطته الصغيرة وهي دمية وهي قطعة من غنائمه.
وبعد العشاء تجمّع الضيوف في غرفة الأستقبال الفخمة , وهناك أعلن كريستابل مفاجأته وهي قارئة الطالع , فبدا على لو الأهتمام أذ أدار وجهه لفاي وهو جالس على ذراع مقعدها.
وكانت العرافة أمرأة مهيبة طويلة القامة في منتصف العمر , ذات عينين سوداوين براقتين وجلد أسمر , ولها وشم على خدها الأيسر , وكانت تعلّق في عنقها عقدا يتكوّن من عدد من العملات المتنوعة , وتربط رأسها بمنديل أحمر , وكانت يداها كبيرتين خشنتين جدا , جلست العرافة بجانب منضدة تقلب أوراق اللعب , وكان معظم الحاضرين قد تأثروا بهيبتها ألا لو , أذ راح يبتسم وينظر الى جسمها النحيل بعينين جريئتين.
وجلست تراقب أوراق اللعب تنساب بين أصابعها ثم رفعت رأسها فجأة فوقع نظرها على لو , وكانت سخريته الصريحة وعدم أهتمامه بها سببا في طعن كبريائها فنادته وجعلت منه فريستها الأولى , ومدّت له يدها فجأة وقالت وصوتها الأجش يرن في الغرفة كلها :
" أنك تشك في مقدرتي على قراءة الغيب , أليس كذلك أيها الشاب؟ وهل تظن أن الغيب يختفي وراء ستار كثيف لا تقوى عين الأنسان على أختراقه؟".
هز لو رأسه وقال ردا عليها:
" أنتم الدجالون لا تؤثرون عليّ أبدا".
" أذن أقترب من المنضدة وأختر ورقتين".
" أفعل ذلك لمجرد التسلية".
ثم أقترب من المنضدة وراحت المرأة تقلّب أوراق اللعب بينما النقود المعقودة حول عنقها تخشخش والنظرة التي تحدج بها لو نظرة خبيثة , وعندما أقترب منها مرت فوق وجهها تقلصات غريبة جعلت شفتها العليا تكشف عن أسنانها , وبانت في عينيها نظرة ثاقبة لمدة ثانية فقط ثم أسبلت أهدابها السوداء فغطت عينيها.
ولما وصل لو الى المنضدة أشارت اليه أن يقلب ورقتين من أوراق اللعب , ففعل بدون أكتراث وكانت الورقتان ملكا أسود وجوكر أحمر.
ثم قال لو ساخرا:
" والآن أخترقي الستار وأقرأي المستقبل أذا أمكنك ذلك".
راحت المرأة تضحك ضحكة خاوية جعلت النقود تخشخش ثانية , ثم أخذت تحرك الجوكر وتضعه بجانب الملك الأسود وتدفعه بأصبعها , وقالت وهي تغالب ضحكتها :
" في حالتك أيها الشاب , يحسن أن أدع الستار منسدلا".
ثم أشارت الى فاي وقالت لها:
" أنني أفعل ذلك لأجلك".
فقبض لو على كتفي المرأة حتى أن رأسها الداكن راح يدور وهو يصيح فيها قائلا:
" لا تحاولي أخافتها.
وساد الغرفة سكون رهيب متحفز مترقب , تركزت كل العيون على لو وعلى العرّافة , ولكن فاي كانت تشعر أن كل الأفكار تدور حولها , فأنكمشت في مقعدها وأبتهلت كي ينتهي سريعا المنظر الدائر حول المنضدة.
" ليس في قدرتي أن أخيف زوجتك , بل تكمن هذه القدرة فيك".
ثم جذبت كتفيها من قبضته , وجمعت أوراقها وراحت تقلبها ثانية ودارت بعينيها حول الغرفة قائلة:
" من منكم يأتي الى الآن ؟".
فرأت فاي الفتاة ذات الشعر الأحمر التي كانت تجلس بجانبها حول مائدة العشاء تقف وتقصد الى المنضدة.
لزمت فاي الصمت وهي عائدة بالسيارة الى المنزل , فقد كان ذلك المساء غريبا كالكابوس , والآن تشعر أن حيويتها نضبت وأن روحها خوت من كل شيء ما عدا الشعور بالتعب والخوف من المستقبل , وجلست في السيارة تنظر الى الجهة الأخرى بعيدا عن لو , وترى الشوارع تنساب بسرعة حولها فأرتجفت وراحت تمرّغ خدّها في جلد السيارة البارد لعلها تحس بالأمان , ... كانت على أهبة البكاء , فحياتها مع لو ترتكز على رمال متحركة , أذ قد يشعر بالسأم منها في أي يوم , وبرغم أنها تعرف تعاليه وغطرسته ألا أنها تخاف من مستقبل خاو بدونه , فهو يمتلك قلبها ويمتلك كذلك القدرة على تحطيمه!

نيو فراولة 26-03-11 09:08 PM

تشبثت فاي بصداقة جيري بشدة , وتمسكت به تمسكها بطوق النجاة الذي أذا لم تقبض عليه فستغرق وتضيع في هذه الدنيا الغريبة التي دخلتها من أجل حب رجل لا يحبها.
وكانت من السذاجة بحيث لم تفطن الى اللغو الدائر حولهما والذي وصل الى أذن لو فجأة أثناء أحدى حفلات أوليف هادلي.
وكان جيري قد رقص مع فاي في الشرفة ثم أخذا يطلان على أنوار المدينة ويعجبان بها وحينئذ قال جيري:
" ما رأيك في النزهة بالسيارة يا فاي؟".
" لا أجرؤ على ذلك".
ولكن الحفل كان صاخبا , ودخان السكائر يملأ الغرف , صفاء الجو يغري بالقبول , وأضاف جيري:
" لو لن يفتقدك , فهو منهمك في لعب الورق".
" كم يستغرق غيابنا؟".
" لن يتعدّى نصف الساعة , تحرري من حياتك الزوجية لمرة واحدة فالكل يشيد بأخلاصك للو".
أحمر وجهها وقالت:
" تقصد أن الكل يسخر مني لأن لو يتركني في ركن منعزل بينما يلعب الورق ".
" ممكن جدا".
وخرجت فاي مع جيري وغابا أكثر من نصف الساعة بكثير , وكانت سيارة جيري الكاديلاك تطوي الأميال بسهولة ويسر , وأستمتعا بهواء الليل العليل ونجومه اللامة ولم يتنبها الى مرور الوقت , وأتخذا طريق البحر , وأخذ الهواء يحمل لهما رائحة البحر المالحة بينما سبح القمر عاليا مضيئا فوق البحر االقاتم , وأخذ راديو السيارة يبث الموسيقى الحالمة , الدنيا بدت خيالية وجعلت فاي تتحرر من الهموم والمتاعب وقال لها جيري :
" أتركي شعرك منسابا يتطاير مع النسيم".
فشعرت فاي بالأرتياح لتطاير شعرها وقالت:
" هذا رائع.... كأنني في عربة تجوب أنحاء السماء".
" يا لك من فتاة مضحكة!".
قال جيري ذلك ثم أوقف السيارة على التلة وهو صامت , وألقى برأسه على جلد السيارة وشاركته فاي الصمت وأستكانت الى دفء صداقته.
ثم أخذ جيري يتكلم عن نفسه فقال :
" هل سمعت عن جي برونكس يا فاي؟".
" سمعت عنه من الكتب والأفلام".
منتديات ليلاس
" جي برونكس يجذب المؤلفين ومخرجي الأفلام , ولكنني عشت فيه ولم أشعر بجاذبيته , فقدت أبواي وأنا صغير , وعشت على هامش حياة أسرة أيطالية فقيرة تكاد لا تقوى على أطعامي , ولما بلغت الثالثة عشرة جئت الى كاليفورنيا وعملت في بستان فاكهة , ثم حصلت على وظيفة كنت فيها أنظف غرفة للمراهنات وأقدم الشراب لروادها , وهكذا كان , وأصبحت أمتلك هذه السيارة لكنني أحيانا أشعر كأنني لا أمتلك شيئا , أنني أبلغ الثانية والثلاثين من عمري ومن ذلك الصنف من الرجال الذي يحب الأستقرار في بيت مريح مع زوجة وأطفال".
" ألم تقع في الحب أبدا؟".
" نعم , أحببت زوجة رجل آخر ... الوحدة تخيّم على من يحب أمرأة متزوجة!".
وهكذا بقيا يتحدثان لمدة ساعتين مرتا كالبرق , ثم رجعا بعد أن أنصرف جميع المدعوين ما عدا لو.... فوجداه جالسا أمام البيانو وأصبعه ينقر عليه , أما أوليف فجلست أمام المدفأة وكان قلب فاي يدق هلعا وهي واقفة بالباب بجانب جيري , ووبرغم أن نزهة فاي مع جيري كانت بريئة تماما , ألا أن وضع لو بكتفيه العريضتين والطريقة التي كان يدخن بها سيكاره جعلا فاي تشعر بالذنب والخوف.
ثم قام لو بتراخ وسألها وهو ينظر الى شعرها المنساب:
" هل أنت مستعدة الآن للذهاب الى المنزل؟".
فتدخل جيري يقول:
" أسمع يا لو , لا تظن بنا الظنون , فقد قمنا بنزهة في السيارة".
" أية ظنون يا ترى؟".
ثم ألتفت الى أوليف.
" سوف نراك قريبا".
ثم قبض على ذراع فاي وقادها برفق من الغرفة.
ولم ينبس لو بكلمة وهما في السيارة , ولكن فاي كانت خئفة من تصرفه هذا , وتخيلت كيف واجه نظرات الشماتة عندما كفّ عن لعب الورق , وجاء يبحث عنها فلم يجدها في ركنها المنعزل , ولا بد أن أحدهم تبرع وأخبره بذهابها وهو يبتسم سعيدا بأن يقول للو المتعجرف المتعالي : يا عزيزي , تسلّلت فاي مع جيري منذ ساعات طويلة .... مع جيري الذي يمقته.
وأقلهما المصعد الى الطابق العلوي من كريتابل كورت فأرتجفت فاي, ورغم أنها كانت ليلة دافئة ألا أنها كانت تشعر ببرودة في الداخل والخارج , وفتح لو باب الشقة ولكن فاي لم تتحمل الصمت القائم بينهما فقالت:
" قل لي يا لو , ماذا تظن بي؟".
فلم يرد , وبدت فاي في هذه اللحظة جميلة رائعة ثم قالت:
" أذا كنت تريد مشاجرة لأنني ذهبت مع جيري في نزهة بريئة دعنا نتشاجر ثم نفض الخلاف".
فرد لو يقول:
" نزهة بريئة؟ وهل كانت حقيقة بريئة؟".
فبرقت عيناها وقالت:
"
أذا كنت تعني أنها غير ذلك , فأنت مخطىء وتقذفني بالأثم".
" كنت مع رجل مثل جيري كوفمان لمدة ساعتين... وأصدق أنها بريئة!".
" تجولنا في السيارة ولم نتكلم كثيرا".
" أصدق أنكما لم تتكلما كثيرا".
وفجأة أجتاح فاي الغضب , فبأي حق يتهمها لو أن جيري طارحها الغرام ألا يثق فيها؟ يعلم أنها لا تحتمل قبلات أي رجل آخر غيره ؟ أنها تتقبل عطف رجل آخر وليس ممارسة الحب معه.

نيو فراولة 27-03-11 10:14 PM

ولما أوقدت المصباح الجانبي رأت نفسها في المرآة شاحبة , وشاهدت لو يقف في الباب ويقول:
"كنت أصدقك أذا كان الشخص الذي معك غير كوفمان , ولكنني لا أصدق أنه لم يمسسك لمدة ساعتين كاملتين , أنه ليس بالرجل النبيل الذي يسيطر على تصرفاته".
" لا تصدق! ولا تقبل! أنني لا أقبل أن تتهمني بجرم لم أرتكبه!".
وتملّك الغضب فاي فأطاح بحبها له وبتحفظها وبكل شيء وقالت له:
" أنت لا يحق لك أتهامي أو أتهام جيري , فأنت ذلك الوغد الحقير الذي دفع بأينز هولدن الى حتفها".
وخطا لو نحوها بسرعة وأمسك كتفيها وسألها:
" من قال لك هذا؟".
" ثاليا فاندين منذ أسابيع".
" وهل صدقتها؟".
" هذه هي الحقيقة , أليس كذلك؟ أقرت بات بهذه الحقيقة أيضا , وأشارت ثاليا الى أنك أسأت معاملة تلك الفتاة وأنك صرحت أثناء التحقيق بأنك طردتها".
" أذن فحكمك عليّ الآن أنني وغد".
" نعم يا لو ! هذا هو حكمي عليك!".
كانت فاي تود أن تؤلمه ثم سمعته يقول:
" وماذا أذا أنكرت قصة ثاليا؟".
" ستضيّع وقتك , أذ لم أعد تلك الفتاة البلهاء التي أتيت بها الى هوليوود , فلن تخدعني مرة ثانية لأنني أعرفك جيدا".
أخذ ينظر اليها لبرهة ثم جمع ملابس نومه وقال :
" سأنام في الغرفة الأخرى هذه الليلة , لا بد أنك تفضلين ذلك".
شعرت فاي بالتعاسة , لأن لو لن يغفر لها جهرها له بالحقيقة أو معرفتها أياها , فقد بانت الدهشة في عينيه ثم الغضب عندما نطقت بأسم تلك الفتاة , ولكن كان لا بد له من أن يدرك أنها سوف تعرف القصة عاجلا أو آجلا , وخصوصا في هذه المدينة المملوءة بالشائعات , فأذا لم تسمعها من ثاليا فهناك غيرها ...
منتديات ليلاس
وأنتابها الندم لأنها لامت لو لمعاملته لأينز , وراحت تتساءل كيف يعاملها في الصباح ... هل يغفر لها؟ أم يأمرها أن تخرج من حياته؟
وكان نومها مضطربا فشعرت بالوحدة وأفتقدت ذراعي لو القويتين حولها , ولما أستيقظت كان الوقت مبكرا , ولكنها هبّت واقفة لأن نومها تتخلله الأحلام المزعجة , وقصدت المطبخ لتعد الأفطار .
وحملت الطعام الى غرفة الجلوس حيث جلس لو يقرأ الجرائد , فلم يرفع رأسه عندما وضعت فاي طبق البيض أمامه , لماذا يلزم الصمت؟ وراح يأكل طعامه ويشرب القهوة ثم أخذ يعاود قراءة الجريدة.
وشعرت فاي بالتعاسة , فأزاحت طعامها جانبا بدون أن تلمسه , وكانت في طريقها الى المطبخ عندما قال لها لو:
" لا تنسي أننا سوف نحضر الليلة أفتتاح فيلم بيل".
" هل تريدني أن أذهب معك؟".
ثم شعرت فجأة أنه وراءها وأنه يديرها حتى تواجهه ويقول:
" ليس لدي النية أن أسلب بيل سعادته لمجرد أننا تشاجرنا , فالرجل المسكين كان كريضا هذه الأسابيع الأخيرة , والليلة لها أهميتها لديه ".
" حسنا يا لو".
ثم خرج من الغرفة وصفق الباب , وبعد دقيقة سمعته يغادر الشقة.
كان مدخل السينما , حيث يعرض فيلم بيل سيمنز وعنوانه ( قمر الصيّاد) يموج بالحاضرين وتتلألأ فيه المجوهرات الثمينة تحت أنوار النيون , وأضواء عدسات التصوير , وتمتزج الطور برائحة السكائر.
ودهشت فاي وهي تدخل دار السينما مع لو وبيل سيمونز لهذا الحشد بضجيجه وبريقهم وعطورهم , وكانت فاي لا تحب هذه الأجتماعات وخصوصا هذا العرض الذي كان يصعب عليها أن تبقى حتى نهايته , وقفت متوترة بين لو وبيل تحس بالعيون الفضولية ترمق شعرها بأعجاب وقد صففته لدى أوليف هادلي على الطريقة الأغريقية , وتعجب كذلك بدثارها من القطيفة النبيذية , وكانت فاي تود أن تجري هاربة الى الظلمة في الخارج , فالكل هنا لا يتقبلها , كما لا يتقبلها لو نفسه , وفجأة قبضت يد بيل على يدها وهمس يقول:
" تخيلي نفسك في حديقة الحيوان وأن الحاضرين مجرد حيوانات تستعرض نفسها أمامك , أنظري هذه النمرة ذات الثوب الليموني وفراءالسمور الثمين , أنها تبدو كأنها لم تتناول عشاءها , وهذه الببغاء في ثوبها الأخضر الزمردي , وهذا السنجاب اللذيذ بأنفه المرفوع وعينيه المستديرتين !".
فضحكت فاي ونظرت الى بيل شاكرة , وكان يبدو على وجهه الأرهاق والتعب , فأعتصر الحزن قلبها وسألته قائلة:
" هل أنت بخير يا بيل؟".

سومه كاتمة الاسرار 28-03-11 02:09 AM

تسلمين ياقمر على هالاجزاء الرائعه منتظرين التكمله بشووووووووووق دومتى بود
:8_4_134:

نيو فراولة 28-03-11 02:32 PM

وكان الفيلم قصة نفسية مثيرة ذات أخراج بديع وتمثيل بارع , وبذا كانت قادرة على الأستيلاء على حواس فاي كلها , لولا أن عقلها كان مشتتا لحالة بيل أذ كانت عيناه تبرقان من تأثير الشراب , وعندما ألتفت اليها ليحدثها مرة مست يده ذراعها عفوا فشعرت بسخونتها وجفافها , وراحت تراقبه خلسة , فلما ترك مقعده في منتصف الفيلم ألتفتت الى لو , وقالت له هامسة:
" لا أظن أن بيل بخير , لقد خرج لتوه".
فتبعاه ووجداه جالسا على أحد المقاعد في المدخل وهو يجاهد كي يتنفس , فخرج لو مسرعا كي يحضر سيارة , فقابله الجمهور الذي جاء كي يشاهد نجوم الشاشة وهم يدخلون ذلك العرض , وراحت النظرات تلاحقه ولكنه لم يشعر بأحد أذ أستحوذ عليه منظر بيل وهو مستند على فاي في شبه غيبوبة , ولما ركبا السيارة قال بيل معتذرا:
" كان يجب ألا تتركا الفيلم".
فرد لو يقول:
" ليذهب الفيلم الى الجحيم!".
وراح يراقبه فوجد العرق يكسو وجهه , وفتحتي أنفه بيضاوين كالشمع متوترين من الألم , ولما وصلا الى شقة بيل أتصل لو بطبيبه ولكن بيل أحتج يقول:
" أنك تبالغ في الأمور , فأني أعاني من هذه الأزمات كثيرا , ولكنها تمر بسلام".
أخذت فاي تحل بعناية ربطة عنقه , فأبتسم أبتسامة واهية , ثم سألته:
" أين الدواء ؟".
" في خزانة الدواء على الرف العلوي في الحمام".
فهرعت الى الحمام , وبينما كانت تمد يدها الى الرف العلوي أنتابها حالة دوار مخيف , فأتكأت على الحائط وراحت تتنفس بعمق وببطء وتغالب ضعفها بكل ما بقي لديها من قوة , ومرت بضع دقائق قبل أن تفيق وتشعر ببرودة الحائط تحت يديها وبسرعة دقات قلبها , وقفت كتمثال من الجمر فقد أصبح الشك الذي كان يراودها منذ أسبوعين مضت حقيقة واضحة , أذ أنها تنتظر مولودا ,ولما رجعت بالدواء الى بيل كانت شاحبة لكنها متماسكة , فأخذت تعنى به وتزيح شعره الأشقر عن وجهه المبتل بالعرق وسألته:
" هل تشعر بتحسن؟".
فأجابها قائلا:
" نعم , أن لك يدين باردتين مريحتين , وفي المثل يقولون : اليد الباردة تصاحب القلب الدافىء , لو رجل محظوظ فهل هو مقدر لذلك؟".
منتديات ليلاس
أرتفع الدم الى وجهها , وكان لو مستريحا وقد سكب لنفسه كأسا من الشراب , وكانت وسامته والصحة البادية عليه ولونه الأسمر على النقيض من مظهر بيل , الذي أحالته الحمى الى شيء واهن , ثم أبتسم بيل وقال :
" أنك بادي الصحة يا لو حتى أشعر بجانبك كأنني أمرأة عجوز ضعيفة البنية".
" الله له أحكام لا نفهمها , يضع الألم والمرض في بدنك ويجعلني مليئا بالصحة , ليتني أقدر أن أهبك حياتي".
" هراء يا لو , أنني لا أشعر بالمرارة وأنت لا يجب أن تشعر بها".
" تقول مرارة ؟ أنني ألعن الحظ العاثر لما فعله بك , فالحياة تصبح سقيمة عندما تخلو من كل شيء طيب".
" هذه فلسفة قاسية يا لو , فبعضنا طيب والبعض سيء وبعضنا ضعيف والآخر قوي , واللله يختار من كل هذه الأنواع , وأنني لا أقبل مناقشة حكمته , بل أبارك قوتك يا لو وأشكر الله لكل هذه السعادة التي تدخل حياتك , فتتحمل التعاسة أذا صادفتك".
وعندما وصل الطبيب نصح لو فاي أن ترجع الى المنزل قائلا:
" يبدو عليك الأرهاق ,وسأبقى أنا هنا حتى يتحسن بيل قليلا , هل لديك نقود كافية للعودة؟".
" نعم يا لو".
مشت فاي الى الناصية لتجد سيارة , وفجأة رأت الكاديلاك تقف أمامها , ووجه جيري كوفمان الباسم الذي يشبه وجه الصبي يطالعها ويقول لها:
" هاللو يا صغيرتي , هل أوصلك الى المنزل؟".
فنظرت فاي اليه بعدم أرتياح فبالأمس القريب كان جيري أعز صديق لها , ولكن الآن وقد فسّر لو هذه الصداقة تفسيرا أحالها الى متهمة , لم تعد ترضى عن تلك الصداقة ثم سمعته يقول:
" لدينا ما نناقشه ".
" كيف عرفت أني هنا؟".
" حضرت حفل الأفتتاح, وأذ رأيتك تغادرين المكان مع لو وبيل تبعتكم وأنتظرت هنا كي أحظى برؤيتك".
" لا أجرؤ أن أركب معك يا جيري".
فغابت الأبتسامة من وجهه وقال:
" هل آلمك لو أيضا يا فاي؟".
" ماذا تعني؟".
" طردني من تمثيل فيلم ذرة في المدينة".
" لا تقل هذا يا جيري".
" والآن هل تريدين الركوب معي؟".
هزت له رأسها بالمواففقة فمد يده ثم جذبها الى السيارة بجانبه وقال :
" فكرت أن أتجنبك يا فاي ولكن عندما رأيتك اليوم في العرض الأول أنهارت كل قراراتي الطيبة , فأنا أحبك يا صغيرتي منذ أسابيع".

نيو فراولة 28-03-11 03:08 PM

راحت تنظر اليه بتعاسة , ولم تقوى على الرد فقال لها:
" لا تقلقي لذلك , ولكنني أقول لك أنني أحسن من لو مارش , ولعلك تأخذبن هذا في الأعتبار".
" آسفة لذلك الفيلم يا جيري .... وهل صرت بدون عمل؟".
" لا , ولكنني لم أسعد بطردي من الفيلم لأن دوري فيه كان رائعا".
ولما وصلا الى كريستابل كورت سألها جيري:
" هل أنت سعيدة حقا مع لو يا فاي ؟ لا بد أن أتأكد من ذلك".
وشعرت به يتحسس دثارها المخملي , وفكرت أنه طيّب ورقيق ولكنها لم تتأثر بأعلان حبه وردت تقول:
" أنا سعيدة مع لو... أعرف أنه قاس ولكنني أفهمه".
" أيتها المجنونة الصغيرة!".
وفجأة ضمها بين ذراعيه وحاول تقبيلها , ولكنها قاومته بكل قوتها , وهي تقول :
" أنك لا تجرؤ , أنا لا أريدك , كيف تظن أنني أريدك؟".
فأرتجفت يداه وبدا على وجهه الألم وقال :
" آسف".
وتركت فاي السيارة ودخلت باب المنزل , فتنهد جيري وجلس بالسيارة ينظر الى الباب الذي أحتوى قدها الرشيق.
بقي جيري في السيارة ساكنا لبضع دقائق ثم قفز منها وقصد الباب.
ولما رنّ جرس الشقة بأصرار توترت أعصابها , وفكرت في أنه ربما أرسل لو من يخبرها شيئا عن بيل , لكن لو لا يضيع وقتا بل يتصل بها تلفونيا.
وفتحت الباب وأخذت تنظر الى جيري في دهشة وغضب وقالت :
" ماذا تريد يا جيري ؟ ألا تكف عن ملاحقتك أياي أبدا؟".
" ولكننا لم نفرغ من كل الحديث بعد , ولا يمكننا الأبتعاد بعضنا عن بعض ونصبح غريبين , فلن أسمح بذلك أبدا , أرجو أن تسمحي لي بالدخول حتى أكلمك".
وضغط بشدة على الباب ودخل الشقة , ثم أغلق الباب , وأستند بظهره عليه قائلا:
" ماذا جرى لنا ؟ لقد كنا صديقين ... ماذا قال لك لو عني حتى أصبحت ضدي؟ من حقي أن أعرف يا فاي".
منتديات ليلاس
" أنه لا يحبذ أهتمامك بي فهو زوجي".
" أنك صورة للعروس السعيدة , فوجهك شاحب وعيناك فقدتا القدرة على الأبتسام ".
ونظر اليها فوجدها ترتدي ثوبا من الصوف الخفيف رمادي اللون مطرزا برسوم لونها نبيذي على الوسط والرقبة , وبرقت فصوص الياقوت في أذنيها , كان مظهرها أنيقا يوحي بالثراء.
وأردف يقول:
" أنني أذكرك يوم ألتقينا على الشاطىء , وكنت ترتدين ثوبا للبحر .... ليموني اللون وكان شعرك معقوصا الى الخلف بشريط ليموني , فبدوت كطفلة صغيرة , وودت ساعتها أن أحملك وأهرب بك وليتني فعلت".
وأستعرضت فاي معه تلك الذكريات فأبتسمت وقالت:
" ربما كنت هربت معك حينئذ".
" وهل فاتت الفرصة الآن؟".
" لقد تزوجت لو وأنا أعرف أنه يريد دمية يلهو بها , وأنني ألوم نفسي كلما عاملني بهذه الطريقة , ولكن الوعد حق , فسأبقى معه طالما هو يريدني".
" لكن هذا ليس كافيا".
وخطا نحوها وقبض على يدها ثم قال:
"أنك خلقت كي يتباهى بك أي رجل ويمنحك صداقته , لا بد أن يجلسك في شقة فاخرة , تعالي معي يا حبيبتي سوف أعطيك البسمة والمرح , فأنني أعرف كيف أرجع الى طفولتي لنمرح سويا – تعالي معي الآن قبل فوات الأوان , وقبل أن يقتل ذلك الرجل كل ذرة من شبابك المرح".
" ولكنني أحبه".
وسحبت يديها منه وواجهته بثبات غريب أدهشه , فقال بمرارة:
" أنك أسيرة ذلك الرجل , وسوف تفيقين بعد فوات الأوان تماما مثل أينز , لقد حطمها وسوف يحطمك مثلها".
" لا أقبل كلامك هذا , فليس لك الحق أن تحط من قدر لو , فهل أنت أفضل منه؟".
" ماذا تعنين؟ وماذا قال لك لو عني؟".
" أذا كنت تصر , فقد لمح لو أن سمعتك في مستوى سمعته بالذات".
" وما هو رأيك ؟ هل تظنين أنني على شاكلته؟".
فهزت رأسها وقالت:
" لن نصل الى شيء بكلامنا هذا سوى أن يؤلم أحدنا الآخر , فأنا آسفة لعدم أمكاني حبك يا جيري , فلو يحتل قلبي في السراء والضراء , ولن أنزعه منه".
" لا يا صغيرتي , ليس من السهولة يمكان أن ننزع شخصا من قلوبنا , لا أنزعك من قلبي بسهولة , أذ تسللت فيه بوجهك الصغير وعينيك الكبيرتين , لقد ظننت أنك أحببتني يا فاي , كنت ترقصين بين يدي وكأنهما مرفأ الأمان الذي تقصدين اليه وسط العاصفة".
وخفق قلبها ومد يديه وأحتواها بينهما فأسندت رأسها على كتفه وقال لها:
" كان لا بد لنا أن نلتقي منذ زمن بعيد , يا حبيبتي فاي لا تدعي لو مارش يلحق بك ضررا , فسوف أكون قلقا عليك دائما ".
" أنه ليس بالوحش الكاسر , والآن يحسن بك أن تنصرف , فالوقت متأخر".
" ولكن ماذا نفعل؟ هل أكتفي بلمحات منك في أفتتاح الأفلام والحفلات والمطاعم؟".
" آسفة يا جيري".
وقف ينظر اليها وهو في طريقه الى الباب ثم قال لها:
" هل أنت واثقة أنك لم تطردي الرجل الجدير بك يا فاي؟".
فهزت له رأسها , ثم خرج بهدوء من الشقة.

نيو فراولة 28-03-11 04:01 PM

5- لعبة الهر والفأر

رجع لو متأخرا وكانت فاي ما زالت مستيقظة تنتظره , فنظر اليها وهي راقدة بين الوسائد الحمراء على الأريكة , ثم سألها:
" لماذا لم ترقدي الى فراشك؟".
" لم أشعر بالرغبة في النوم , كيف حال بيل؟ وماذا قال الطبيب ؟".
" نصح بنقله الى المستشفى , ولا أظنه سيخرج منها أبدا , بل سيموت هناك , وهو في الثالثة والثلاثين من عمره , ولم يبدأ حياته بعد , ولم ينجز أعماله وهو رجل طيب ,, فلماذا يحل به المرض؟".
" لا أدري يا لو , عندما كنت أشتغل في التمريض كانت تصادفني مثل هذه الحالات , وكنت أحزن لها , لذلك أعرف شعور الحزن واليأس الذي تعانيه , لأنك عاجز عن عمل شيء له , هذا شعور كئيب".
ثم سألته قائلة:
" هل ترغب في شرب القهوة؟".
" نعم – أرجوك".
ولما عادت بالقهوة والشطائر وجدت لو يقف قرب النافذة يحدق في ظلام الليل بقامته الطويلة وظهره العريض , فعجبت فاي من شخصيته المتناقضة , أذ عرفت اليوم أنه طرد جيري من دوره لمجرد الحقد , ولكنه الآن يقف وكله أسى , تملئه المرارة لأنه عاجز عن درء أجنحة الموت وأخيرا قالت:
" تعال كي تشرب القهوة قبل أن تبرد".
جلس لو على الأريكة بجانب فاي وقال لها:
" سوف أذهب الى أنكلترا بعد أسابيع قليلة وذلك بعد الأنتهاء من التصوير , فكريستابل يود أخراج قصة لشكسبير , ولا أخفي عليك أنني متحمس لذلك , وسوف أذهب الى سترانفورد كي أقنع واحدا من الممثلين من عزلته , ويمثل معنا".
" وماذا عن الرقابة؟".
فأبتسم يقول وهو يأكل الشطائر:
" هذه هي العقبة , ولكن كارل يمكنه تحمل الخسائر أذا أخفق الفيلم , أما أنا فسوف أشعر بالرضى لأخراجي فيلما فنيا يتكلف كثيرا ولا يدر أيرادا , ومن العجب أن قصص شكسبير بكل أثارتها لا تنجح في جذب الجمهور وتحقيق أيراد كبير , فهل تعرفين السبب؟ ذلك لأن الناس يشمئزون من الرغبة ويغلفون الجنس بكلمات أخرى مثل كلمة الحب".
" هذا لأن من طبع المرء أن يجذبه الغلاف الجميل يا لو , مثل الفتاة التي ترتدي الحرير والهدية الموضوعة في صندوق مزخرف , فالحياة تصبح لا طعم لها أذا لم تجمل".
حدّق لو في فاي وراح يضحك وفجأة سألته فاي:
" لماذا سحبت الدور من جيري كوفمان؟".
" هل علمت بذلك؟".
" قابلت جيري اليلة".
" حقا؟ وما وجهة نظره ؟ هل قال أنني طردته من الفيلم لأنه يتعقبك؟".
" أظن أنك فعلت ذلك حقدا عليه".
" ما أحسن الصورة التي لديك عني يا فاي! فكيف تطيقين البقاء معي في غرفة واحدة ؟ الواقع أنني أنا وكوفمان لم نوفق في العمل معا وهذا يضر الفيلم ,ولكنني لا أسمح للحقد أن يؤثر عليّ يا فاي , ولك أن تصدقي أو لا تصدقي ما أقول , ولن أحزن أذا أخترت ألا تصدقيني ".
منتديات ليلاس
تنهدت فاي فسمعت لو يقول:
" قوليها , يا فاي... قولي أنك أصبحت لا تحبينني".
فنظرت اليه بعينيها الزرقاوين وقالت هامسة:
" أذا أردت أن تقص جناحي وتحد من حريتي فأفعل يا لو".
" أهو الشعور بالذنب أم روح الأستشهاد تدفعك لأن تعرضي هذا العرض؟".
فحدقت فيه وقالت هامسة:
" أنني أعجب من نفسي , لماذا أحبك؟ فأنت قاس كالحديد".
وضع لو فنجان القهوة جانبا , ومد يده وقبض على رسغها وجذبها نحوه بشدة فسقطت على صدره وقال لها:
" آسف لأنني لست ذلك الفارس ذا الدرع البراق الذي كنت تتمنينه , ولكنني أحرص على أن أعاملك بالحسنى بأقصى ما بوسعي وكما لا أعامل غيرك".
وشعرت بدقات قلبه القوية , وفي هذه اللحظة بالذات تنبهت الى أنها تحمل طفله في أحشائها , وتساءلت ماذا يقول أذا أطلعته على الحقيقة الآن ؟ وكيف يتصرف يا ترى؟ هل يمنحها حنانه؟ أم يروح يتخبط لأن زواجهما المؤقت سوف ينجب طفلا؟
" فيم تفكرين؟".
فحاولت التخلص من من قبضته وقالت:
" لا شيء , أشعر بالتعب يا لو ... دعني أذهب الى الفراش".
" من برهة مضت أدعيت أنك لا تشعرين بالنعاس , ماذا بك يا حبيبتي ؟ هل أنت خائفة من أن أضغط عليك برغباتي العاطفية؟ وهل أصبحت لا تستسيغين لمساتي بعد أن ذقت لمسات كوفمان؟".
وراحت تتخلص من قبضته والألم يطل من عينيها وهي تقول :
" أنك حقير ... دعني وشأني ... دعني يا لو".
" لا بد أن أقول لك أولا وطالما أنك تعيشين تحت سقفي , لا بد أن تبتعدي عن كوفمان , أنت زوجتي ويجب أن تفعلي ما آمرك به , أتهمتني مرة أنني أشتريتك , نعم يا فاي , أشتريتك وأبتعت عواطفك , وعندما أريد أن أتمتع بتلك العواطف فسوف أفعل , علي أن أكون الوحيد الذي له الحق في ذلك".
وفجأة دفعها على الوسائد فرقدت فاي ساكنة تعيسة , ثم قال لها بسخرية:
" هل هذا أستسلام أم عدم أكتراث؟".

نيو فراولة 28-03-11 04:46 PM

وفي اليوم التالي ذهبت فاي لأستشارة الطبيب الذي أكد حقيقة الحمل , وكان الطبيب شابا ضخما أخذ ينظر اليها بود ثم سألها :
" ماذا يقلقك يا سيدة مارش؟ الأطفال مبعث سرور للناس وعندي منهم ثلاثة".
نظرت اليه متعجبة , فهو يبدو صغير السن لا يوحي بأنه متزوج .
ثم قال لها:
" عندما أكدت لك لأول مرة حقيقة حملك برقت عيناك فرحا , والآن ماذا يحزنك؟ هل تظنين أن زوجك لا يريد هذا الطفل , أنني أعرف كثيرا من الأزواج عندهم هذا الشعور الخاطىء , فهم يتوهمون أن مجيء الأطفال قد يؤدي الى أهمال زوجاتهم أياهم , أذ يحولن أهتمامهن وعطفهن الى الأطفال , هل هذا ما يقلقك يا سيدة مارش؟".
ليت الأمر بهذه البساطة , ومع ذلك ردت تقول:
" أظن أن هذه هي مشكلتي".
" أذن عودي الى المنزلي وحوّلي أهتمامك كله الى زوجك , فسوف يرغب بعد ذلك في الأطفال دائما".
ثم راح الطبيب يحدثها بأهتمام ويقول:
" يجب أن أقول لك يا سيدة مارش أن هناك نساء خلقن كي يحملن أطفالهن بسهولة ويسر , والآخريات لا يشاركنهن هذا الحظ السعيد".
" وهل أنتمي الى الزمرة الأخيرة؟".
" نعم للأسف , ويجب أن تهتمي بنفسك , فتتريضي , ولكن بدون أن ترهقي نفسك , والقليل من الرقص لا يضر , ولكن تجنبي السهر والحفلات الصاخبة والسفر المرهق , الكثيرات من النساء يمكنهن ممارسة كل هذه الأشياء بدون ضرر , ولكن أنت لن تحملينها".
فصاحت فاي تقول:
" لا تقل لي أنني سوف أصبح طريحة الفراش".
" لا أبدا , بل خذي الحياة بهدوء وسكينة , خصوصا في الأشهر الأولى من الحمل , ولا تنسي أن تحضري لزيارتي بأنتظام".
خرجت فاي مذهولة , وتذكرت بسرور أن لو لم يدعها الى الذهاب معه الى أنكلترا , فلعل الأقدار تتحالف لتبعدها عنه , فأذا طلب منها لو الآن أن تذهب معه فسوف ترفض.
منتديات ليلاس
بعد ثلاثة أسابيع مات بيل سيمانز , وبرغم أن فاي ولو كانا يتوقعان ذلك , لكن الخبر صدمهما , وحضرا الجنازة مع المئات غيرهم , كان بيل محبوبا من الجميع , وهال فاي أن ترى أناسا لا يبدو عليهم الحزن ينهارون ويبكون عندما وارى التراب نعش بيل.
أما لو فبقي متماسكا طوال مراسم الجنازة , ولكنه أنهار بعد رجوعه مع فاي الى المنزل , فدخل الغرفة وأخذ معه زجاجة الشراب وأخذ يشرب الى أن غاب عن وعيه , ولم تدهش فاي لتصرف لو , فهي تعرف أنه لن يتقبل موت بيل بسهولة , فتركته وشأنه الى أن بلغت الساعة التاسعة , ثم جهزت له القهوة ودخلت عليه فوجدته مستلقيا بعرض الفراش .... شعره مشعث... وربطة عنقه سائبة , وسترته ملقاة قرب السرير.
وضعت فاي القهوة على المنضدة قرب السرير , وجلست على حافته وأخذت رأس لو بين يديها ... ولما تشبث بها وضعت خدها على شعره وأخذت تهدهده وتقول هامسة:
" أعرف يا حبيبي شعورك , فالأألم يعتصرك لفقد شخص تحبه , أنني أعرف يا لو ذلك الشعور بالمرارة والأسى".
وبقي ساكنا بين ذراعيها لعدة دقائق ثم تنهد وأبتعد عنها وأخذ ينظر اليها بعينين محمرتين من أثر الشراب وقال لها:
" سوف أسر عندما نغادر هذا المكان , وأنني أتعجل سفرنا يا فاي".
فسألته قائلة:
" وهل تريدني معك؟".
" بكل تأكيد , وهل ظننت أنني أتركك في هذا المكان الملعون؟ أنني لست بهذه السفالة".
ثم قامت تصب القهوة , لقد قال لها الدكتور فورستر ألا تجهد نفسها بالسفر , ولكن لو محتاج اليها بشدة ولن ترفض له هذا الطلب , وخصوصا أنه الأول من نوعه في علاقاهما معا , فلقد رأت في عينيه نظرة أستجداء وهو يرفع شعره عن وجهه ويبدو وقد ذابت الصلابة عن فمه , ولكن أذا أخبرته الآن عن الطفل فسيصر على السفر وحده الى أنكلترا , فلم تقو على أخباره لأن الوحدة كانت تطل من عينيه , وهو يريدها معه فلن تقوى على مخالفته.
ذهبت فاي الى الطبيب قبل سفرها بأيام معدودة , وشرحت له ملابسات الرحلة , وبالغت في عدم تقبل لو موت صديقه بيل وقالت:
" لن أتخيله يسافر وحده".
" ولكنك تعرضين طفلك للخطر يا سيدة مارش".
" ولكننا سوف نسافر بالطائرة , وهي ليست بالرحلة الطويلة".
فقال لها بجدية:
" تقبلي نصيحتي وأبقي هنا".
هزت رأسها قائلة:
" أن لو يأتي في المرتبة الأولى!".

نيو فراولة 28-03-11 10:18 PM

وقفت فاي تتطلع الى النافورة التي تتدفق فوق بيحيرة آفون وعلى يسارها شمخ مسرح شكسبير التذكاري الحديث , تنعكس صورته بكل بساطته المعمارية على المياه الصافية , ولكن فاي كانت تشعر فقط بالهواء البارد يلفحها وبأوراق الخريق تتساقط على قدميها.
فأرتجفت وأخذت تضم ياقة معطفها على عنقها ووجهها , طال غياب لو , فقد أقترح عليها أن تتجول في البلدة بدلا من حضور المؤتمر الممل معه في الفندق الصغير القائم في الناحية , ولكن المؤتمر الذي كان يضم رجال السينما المهتمين بقصة شكسبير الجريئة , ومعهم الممثل الذي جاء لو خصيصا كي يضمه الى الفيلم , فأشعلت لنفسها سيكارة ,ولكنها شعرت برجفة في يدنها ونتركزت على ساقيها اللتين كادتا تنثنيان تحتها , فأخذت تجذب أنفاسا عميقة من السيكارة جعلتها تسعل قليلا.
كان هذا شهر مارس آذار في أنكلترا بسحبه لبيضاء , وقد أشعر فاي بلسعة برد بعد تعودها جو هوليوود الدافىء.
وراح الهواء يطيّر شعرها وينثره على جبهتها , فلم تشعر بوقع خطوات خلفها , الى أن سمعت صوتا مألوفا يقول لها :
" أعرف مشربا للشاي حيث نجد الفطائر مصنوعة كتحف من الفن , والشاي مثل الرحيق .... هيا معي نجربهما".
فألتفتت مندهشة تحلّق في أعماق عيني جيري كوفمان.
ثم شعرت بالدفء يكتنفها ويعيد اليها الحيوية , ويجعل عينيها تبرقان بلونهما الأزرق , وهتفت تقول:
" هل هذا أنت يا جيري؟ ماذا تفعل هنا؟".
" أتمتع بمفاتن سترنورد وأشم عبير هوائها".
وأخذ يطون بنظره على وجهها بود ومحبة وأعتزاز وقال:
" لقاؤك يسعدني".
" كنت أشعر بالوحدة عندما ظهرت لي".
" تعالي معي نأكل الفطائر وسأقص عليك كل شيء".
" ولكنني أنتظر لو".
" وأين هو؟".
" أنه يعقد صفقة عمل , وعندما يناقش أعمالا سينمائية أجيء أنا في الأخير حتى أعتقد أنه نسي حضوري معه.....".
" وأنك تشعرين بالسأم والجوع".
ثم أمسك بذراعها وقال:
" تعالي معي أذن لأطعمك اللحم البقري والحلوى , فأنت تحتاجين الى اللحم البقري الأحمر والصلصة يا صغيرتي".
ومشى معها على الحشائش الى المطعم وهناك تناولا وجبة كاملة , وأثناء شرب القهوة أخبرها بالغرض من مجيئه الى أنكلترا وقال:
" أبرمت عقدا جيدا مع شركة صوفيا للأفلام , وهي شركة أوروبيى , وكنت معجبا بالأفلام التي تنتجها , والظاهر أنهم أعجبوا بي أيضا , كنت قد أصبت بالعمل في هوليوود من تمثيلي اللون نفسه من الأدوار , وسأعرف كيف أنطلق وأفرد جناحي مع شركة صوفيا".
ثم نظر اليها وأبتسم :
" أنك اليوم أجمل منك في أي يوم مضى".
ولكنها تجاهلت هذا الأطراء وقالت:
" وماذا تفعل هنا في سترانفورد؟".
" أنني هنا كي أخطف زوجة لو مارش".
" وهل جننت ؟ حسبت أنك قد تركت هذا الهراء جانبا".
" هذا ليس هراء بالنسبة لي , فأنا أحبك يا فاي وسوف أفوز بك".
" ولكن الذي أتفقنا عليه في هوليوود ما زال ساريا , أتظنينني تغيرت؟".
" سوف تتغيرين يوما ما ويبطل السحر الذي لفك به لو وأنا أود أن أكون بقربك حينذاك, ولذلك أظهر لك دائما كالمارد المسحور".
ولما رجعا الى المسرح التذكاري رأيا لو يتمشى بجانب البحيرة , فحملق لو فيها عندما أكتشف جيري وهو يمسك بيدها ويساعدها على أجتياز الطريق , وقال لها:
" أين كنت بحق الشيطان؟".
فأبتسمت له وقالت:
" شعرت بالجوع والبرد وفجأة ظهر لي جيري فأصطحبني للغداء".
" كان في أمكانك الرجوع الى الفندق أذا كنت بهذا الجوع , فمن يسمعك يقول أني أهملتك عن عمد".
ثم وجه نظرة الى جيري وقال ساخرا:
" ماذا تفعل في سترانفورد؟ هل تثقف نفسك؟".
" جئت في جولة سياحية , وقد ذهبت أمس لزيارة قلعة وورويك وهي مكان رائع يجب ألا تفوتكما زيارته".
" أشك أننا سنجد الوقت لذلك , فسوف نرجع الى لندن هذا المساء".
فسألته فاي متعجبة:
" هل نحن ذاهبان حقا؟ ظننت أننا سوف نبقى هنا لبضعة أيام أخرى".
" الأجدر بك أن تودعي صاحبك فسأسرع الى الفندق لأجري بعض الأتصالات".
ونظرت فاي الى جيري تقول:
" الوداع يا جيري , أرجو أن توفق في العمل مع شركة صوفيا".
" سوف أوفق يا صغيرتي".
ثم ذهب.

نيو فراولة 29-03-11 10:12 AM

وشعرت فاي أن الجو برد ثانية بعد ذهاب جيري بصداقته الدافئة فألتفتت الى لو قائلة:
" لماذا لا تعامل جيري بتهذيب؟".
" ولماذا يغضبك أن أعامله بهذا الأسلوب؟".
" لأنه صديقي ولا حق لك أن تسخر منه , وأذا كنت تكره جيري فلست مجبرة أنا على ذلك".
وأخذ ذراعها وأجتاز الطريق وهو يقول لها:
"أنك تشعرين بالزهو لأن جيري يتبعك الى كل مكان".
وكان في ذلك القول شيء من الحقيقة ولكنها أنكرت قائلة:
" بل حضر الى هنا كي يمثل بعض الأفلام".
" بل هو يتبعك أينما ذهبت , فقد فزت بأعجابه , ولكن عليه أن ينتظر طويلا , فأنا لست مستعدا أن أسلمك اليه الآن".
جذبت ذراعها منه وقد أحمر وجهها وقالت:
" لا داعي لأن تكون جافا معي لأن أتصالاتك لم يقدر لها النجاح".
وكانت قد شعرت بذلك عندما رأته يتمشى بجانب البحيرة وهي راجعة مع جيري , فأعتذر لها قائلا:
" آسف يا فاي , وأعتقد أنني حاقد على بروستر , فهذا الممثل لن يمثل الدور ,, فقد صرّح أن التمثيل يثير فيه الملل والآن وقد عثر على عمله الحقيقي وهو الزراعة , أتصدقين أنه يفضل أنتاج الكرنب على التمثيل؟".
وراحا ينهبان الطريق الى لندن ليلا في السيارة التي أستأجرها لو كي يذهبا الى سترانفورد , ولم يكن لو معتادا على وجود عجلة القيادة الى الجهة اليمنى كما هو الحال في السيارات الأنكليزية , فكانت السيارة تهتز فجأة في يده وتجعل فاي تشعر بالغثيان الخفيف.
وكان هذا الشعور يقلقها لأن حدوثه كان قبلا قاصرا على الصباح فقط ثم يختفي بعد ساعة , لكنه حينئذ بقي طوال اليوم يصاحبه ذلك الضعف في ساقيها.
ومالت الى الوراء وحاولت الأسترخاء حتى لا تلتفت الى قيادة لو السيارة بأستهتار , ثم قالت:
" أنك تتكلم يا لو وكأن رالف بروستر لن يمثل الدور الأول فالممثل معروف في أميركا ويمتلك الحماسة والحيوية التي قد لا توجد في غيره من الممثلين الأنكليز من مستواه".
وفجأة قال لو لفاي:
" لن أعلن خيبتي فلدي الوقت الكافي لأرجع الى سترانفورد مرة أخرى".
منتديات ليلاس
" الليلة؟".
وكانت فاي تشعر بالتعب والقلق والمرض , ولذلك تذكرت تحذير الدكتور فورستر لها بأن ذهابها الى أنكلترا سوف يعرض طفلها للخطر , ثم مدت يدها وقبضت على ذراع لو وقالت:
" ألا يمكننا المبيت في أي مكان ونرجع الى سترنفورد في الصباح؟".
" هل تشعرين بالتعب؟".
فهزت فاي رأسها بالأيجاب.
فقال لو:
" نحن قريبان من تايم فيمكنني أن أتركك في أحد فنادقها ثم أذهب بمفردي".
" أنتظر حتى الصباح يا لو!".
" أحب أن أنهي أموري متى صممت على ذلك , ولن أقبل كلمة لا من ذلك الرجل , سأذهب اليه الليلة , ولك الخيار في أن تبقي هنا أو تذهبي معي , وأختارت فاي أن تبقى لأنها شعرت بالتعب من أهتزاز السيارة , وقال لها بعد أن أطمأن عليها وهمّ بالذهاب:
" أنتظري رجوعي باكرا وقت الغداء , ولن أنسى أنني تركتك هنا".
" حسنا ألا تقبلني؟".
" وهل تريدين ذلك؟".
ولما نظرت في عينيه تأكدت أنه برغم أن مسألة بروستر كانت تشغل باله , ألا أنه لم ينس ظهور جيري فجأة في سترانفورد , ولم يزل يشك في ملابساته.
" طبعا أريدك أن تقبلني".
فضحك وجذبها اليه وأخذها بين ذراعيه , فتعلقت بعنقه , ثم قال لها :
" أنك تقبليني وكأنني ذاهب الى الحرب".
وكان لو يمزح لكنه شعر بالتأثير نفسه.
" نعم وأنني أتساءل عن السبب".
وكانت تود أن تقول له:
" لا تذهب يا لو... أرجوك ألا تتركني ". لكنها تمالكت نفسها ولم تقلها , وفجأة قال لها:
" هل أنت بخير يا طفلتي؟".
وذلك لأنه لاحظ شحوبها وضعفها وأستغرب لذلك , فقد أمضيا ثلاثة أسابيع هادئة في أنكلترا , وعاود سؤاله:
" هل أنت على ما يرام؟".
" أشعر بالتعب فقط".
" أذن أذهبي الى الفراش في وقت مبكر يا حببتي".
ثم داعب ذقنها ومضى.

نيو فراولة 29-03-11 10:14 AM

أغتسلت فاي ورتبت هندامها ثم نزلت الى العشاء الذي تناولته بمفردها , وشعر صاحب الفندق بالحرج لأنها تتناول العشاء وحيدة في المطعم فقال:
" هذا الوقت من السنة ما زال مبكرا لحضور الزائرين".
فأبتسمت فاي وقالت له:
" لا تقلق لذلك , فأنا سعيدة بوحدتي".
" أن الشاب الأميركي أسمه مستر كوفمان".
وقبل أن يجيبها الرجل بالأيجاب عرفت أن نزيل الفندق هو جيري كوفمان نفسه , من الغريب أن يختار جيري الفندق نفسه الذي تنزل فيه فاي!
" هل تعرفين الشاب يا سيدتي؟".
" نعم , فنحن صديقان من زمن بعيد".
وبعد أن تناولت فاي العشاء جلست تقرأ المجلات على أريكة من الجلد بجانب المدفأة الكبيرة , وكانت منهمكة في قراءة مقال القلاع الأنكليزية القديمة عندما فتح الباب فجأة , ودخل منه رجل يصفر بمرح , ولكن صفيره توقف فجأة للدهشة البالغة التي ظهرت على وجهه , نظرت فاي اليه باسمة وهي تتمعن في وجهه البالغ الدهشة وقالت:
" نعم يا جيري... أنني هنا".
ثم سألها وهو يعبر الغرفة ويتجه اليها ويتلفت باحثا عن لو , وكأنه يبحث عنه وراء المقاعد الكبيرة , أو الستائر المنقوشة بالأزهار الزاهية:
" أين لو؟".
" لو أوصلني الى هنا ورجع ثانية الى سترانفورد".
" وماذا يشغله في سترانفورد؟".
" يريد التعاقد مع رالف بروستر , وهو يبدي التمنع ويتمسك بالعناد , وأنت تعرف لو جيدا , فلن يهدأ باله ألا أذا نال غرضه".
" هذا صحيح , والآن ما رأيك في عصير البندورة؟".
" هذا يروق لي كثيرا".
" هذا يروق لي كثيرا".
فأحضر لها جيري العصير , أما هو فراح يتناول الشراب , وجلس بجوارها على الأريكة , ثم أخذ ينظر اليها معجبا , فقالت له وقد بدا عليها الخجل:
" ماذا أتى بك الى هنا يا جيري؟".
" توقفت سيارتي فلعنت حظي العاثر لذلك , ولكنني الآن أحمد الله لذلك العطل , ولو أنني متأكد أن لو يشاركني الرأي في ذلك".
" أذا كنت ستذكر لو بالسوء فلن أبقى هنا لأتحدث معك".
" الأحسن أن نتحدث عنك بدلا عنه , لماذا تغيّرت ولم تعودي تلك الفتاة النحيلة التي كنت أعرفها؟".
وفاجأها هذا السؤال فأحمر وجهها , فلو لم يلاحظ أي تغيير ولكن جيري , أذ لم يرها لأسابيع مضت , لاحظه , ولم يتورع عن أن يسألها هذا السؤال الصريح.
وبالتدريج أخذ يفهم معنى أحمرار وجهها وبان في عينيه أنه عرف سرها , وقال:
" فهمت".
ثم أردف يقول:
" لو رجل محظوظ فهل هو سعيد بأبوته المرتقبة؟".
وقال ذلك بسخرية فردت عليه فاي تقول:
" أنه لا يعلم بعد".
" وهل تحتفظين به بالخبر الى يوم عيد ميلاده؟".
أشاحت بوجهها قليلا , فأخذ ذقنها بيده وأمال وجهها اليه وسألها:
" ماذا هناك يا صغيرتي ؟ ألا تسير الأمور بينكما على ما يرام؟".
" هل كنت تعرف أينز هولدن يا جيري؟".
فهز رأسه بالأيجاب وترك ذقنها وقال :
" نعم كنت أعرف أينز هولدن , ولكن لماذا هذا السؤال؟".
فأدارت كأس الشراب بيدها وهي متوترة وقالت:
" كثيرا ما أتساءل أذا كان لو ما زال يفكر فيها".
ظهرت الحدة على وجه جيري وقال :
" أتقصدين أنها ما زالت تقلق ضميره؟ لا بد أنه يعاني من ذلك؟".
فأمسكت فاي بذراع جيري وقالت له:
" قص عليّ كل شيء يا جيري , لا بد أن أعرف ماذا فعل لو بها حتى أقدمت على تلك الفعلة الشنيعة".
" هل تقصدين أنتحارها؟".
فهزت رأسها وأتسعت عيناها وركزتهما على وجه جيري.
ترك جيري شرابه جانبا ,وقام فجأة وأخذ يروح ويجيء أمام المدفأة ويقول:
" لا يهمني لو مارش ولكنني أهتم بك يا فاي فأقول لك ما أحجمت عن قوله منذ ثلاث سنوات عندما صدر الحكم بأن أينز هولدن أنتحرت , ولكن أينز في الحقيقة لم تنتحر".
فسألته فاي وهي تنظر اليه بدهشة:
" وكيف علمت ذلك؟".
" كنت معها ذلك اليوم".
ثم أخرج علبة سكائر من جيبه وقدم واحدة الى فاي , لكنها رفضتها وراحت تراقبه وهو يشعل سيكارته , فرأت يديه ترتجفان ثم أخذ يدخن سيكارته ويقول:
" كنت صديقا لأينز قبل أن تتعرف بلو , لم أكن أحبها كنت معجبا بها , ثم تعرفت أينز على لو في حفل وسرعان ما خطبها , وكان يتعجل الزواج بها ولكنها كانت تريد أولا أن تبني لنفسها أسما في عالم السينما".

نيو فراولة 29-03-11 10:37 AM

ثم هز جيري كتفيه ونفث سيكارته وعاد يقول:
" لكن العقبة كانت أنها لا تجيد التمثيل برغم جمالها الصارخ , وكان لو مفتونا بها , فأوعز الى ك. ك. أن يبرم معها عقدا يتيح لها تمثيل دور في فيلم كان يخرجه وقتئذ , ولكن عندما وضعت أينز قدميها في الفيلم أختل كل شيء , فالممثلة الأولى جاني ستريتر أصيبت بوباء وكان لا بد من تغييرها , ثم شبّ حريق في بعض الأفلام الخام وفي أحدى غرف العرض , كذلك في بعض المناظر المكلفة وتدخل لو لحماية أينز عندما صمم ك. ك. المتطير أن يطردها من الفيلم وتلا ذلك أن أضرب كاسي أندرسون , الممثل الأول عن العمل , وأخبر لو أنه سوف يستمر في الأمتناع عن التمثيل أذا لم يمتثل لأوامر طردها , ولكن كايسي لم يكن يريد تنحية أينز لرداءة تمثيلها , بل لأنها كانت تكرهه وتكره محاولاته مغازلتها , وقد واجهته بذلك أمم جميع ممثلي الفيلم وممثلاته , لكن لو كان يعلم مقدار أهمية كاسي للفيلم من جهة نجاح الشباك والأيراد".
ولذلك أتهم لو أينز أنها لا تعدو أن تكون مجرد دمية , وأنه يأمرها بأن تترك العمل حتى يبقى كاسي وكان لو غليظا معها لأنه لا يقر بأنصاف الحلول , وأعتقد أنه كان قد ملّ من أينز وهي تتلف منظرا تلو منظر من الفيلم بتمثيلها الرديء فأخبرها أنه ما كان ليتحملها حتى ذاك الوقت لولا أنها تلبس خاتم خطوبتهما في أصبعها فما كان منها ألا أن ألقت باخاتم في وجهه , فداسه لو بقدمه وفتّته".
ثم أشعل جيري سيكارة أخرى وأكمل يقول:
"سمعت عن ذلك النزاع من أينز نفسها عندما تقابلنا مساء اليوم نفسه في أحد المقاهي , وكانت أينز تشرب بشراهة فلم أحاول منعها فقد كانت بحاجة الى الشراب , وعندما خرجنا كانت في حالة عدم مبالاة وذهبنا بعد ذلك الى الرقص , وقد خيّل أليّ أنني أنني وقعت في حبها , فلما أقترحت عليّ أن أذهب معها الى شقتها فعلت".
منتديات ليلاس
وأبتسم جيري لفاي وقال:
" كانت جميلة جدا وكانت فتاة لو الذي أكرهه , ربما لأن كل شيء يأتيه بسهولة وير ولم يجاهد كما جاهدت في سبيل الوصول الى القمة , وربما كرهته لأنه لا يراعي شعور الغير , وأستمر الحال كذلك لأكثر من أسبوع أعتقدت أنها رجعت الى صوابها , وعند خروجنا من السينما ذات مساء قالت لي أينز أنها ستذهب الى لو وتطلب منه أعادة علاقتهما , فالحياة كالجحيم بدونه , فأوصلتها الى منزله وأنتظرتها في السيارة , وكنت أعلم أنها منساقة الى طريق مسدود , وأن كرامة لو المتعالي لن تغفر لها أنزلاقها , وكنت على حق , أينز خرجت باكية من كريستابل كورت , وهي تعدو خارج منزل لو , كنت أنتظرها على الجانب الآخر من الطريق في سيارتي , فرأيت ما حدث بالضبط , نزلت من الرصيف في طريقها اليّ لتلقى حتفها تحت سيارة النقل , وفي التحقيق أعترف لو بأنه طردها من شقته , وقال السائق أنها ألقت بنفسها تحت سيارته , ولم أكن في حال تمكنني أن أنقض تلك الأقوال فأيّدتها".
قالت فاي بهدوء:
" وأذيع أنه حادث أنتحار! ولكن لماذا فعلت ذلك بلو يا جيري؟".
فهز جيري رأسه وقال:
" لأنها قصدته بحبها وبكرامتها الجريحة , ولكنه ألقاهما في وجهها الجميل".
فأرتجفت فاي وتثلّجت يداها وقالت:
" أن للو كرامته".
" بل أنه قاس دائما , ماذا يجعلك تحبينه يا فاي؟ ماذا ترين فيه وهو رجل مجرد من العاطفة والتفاهم؟".
" لا أدري- لا أدري".
ثم قال لها بهدوء يكاد يكون خضوعا:
" أنا أمتلك الصفتين , وها أنا أرحب بك أذا أتيت أليّ الآن".
" ولكنني أحمل طفله يا جيري – وأرجوك أن تتركني وحدي".
فألقى ببقية سيكارته في نار المدفأة الخابية وقال :
" حسنا يا صغيرتي – سأذهب الآن , ولكننا سوف نلتقي لأنه مقدر لنا اللقاء".
ونظرت الى وجهه وقالت:
" هل هذا حقيقي يا جيري؟".
وراحت تتطلع الى وجهه وكأنها تدخر كل قسماته في ذاكرتها , عيناه اللوزيتان وفمه الساخر , وشعره الأسود المجعد الذي يغطي جبهته , ثم قالت:
" شكرا لك يا جيري".
" أنا أ‘طيك الدنيا كلها , أذا طلبت مني ذلك... وها أنا سأرحل في الصباح الباكر , فالوداع يا فاي".
" الوداع يا جيري".
ثم قامت الى فراشها , لكن قدميها تعثرت بشيء , لم يكن سوى علبة سكائر جيري الذهبية , فحملتها معها وهي لا تذكر أنه سيغادر الفندق باكرا في الصباح.

نيو فراولة 29-03-11 02:49 PM

6- في القطار المشؤوم

أستيقظت فاي صباح اليوم التالي على صوت فنجان الشاي يهتز بيد زوجة صاحب الفندق البدينة , وحاولت أن تبتسم للمرأة التي راحت تبادلها الأبتسامة , ولكن فاي شعرت بتوعك شديد وسمعت المرأة تقول:
" ماذا تطلبين لأفطارك؟ سمكا وبيضا؟ أم لحما ومعه بيض؟".
وراحت فاي ترتجف لسماعها كلمة سمك , وأمكنها أن تقول بصعوبة أنها تطلب خبزا مقددا , توست .... فقط لأفطارها.
وهال المرأة ذلك فقالت :
" خبزا مقددا؟ ولكنه غير مشبع يا عزيزتي , هل أنت متأكدة من ذلك؟".
فهزت فاي رأسها :
" وهل ترغبين في بعض المربى معه؟".
" لا , خبز مقدد فقط".
وخرجت المرأة فتنهدت فاي أرتياحا , ووضعتت فنجان الشاي على المنضدة قرب الفراش , وأتكأت على الوسائد وراحت تحدق في السقف وتقاوم الغثيان الذي أنتابها , وكادت تبكي من شدة المرض ومن بعد لو , أذ كانت تحن الى ذراعيه تضمانها , ومرت الدقائق وهي تجاهد لتجد القزة والشجاعة وفجأة أزاحت الغطاء وتركت الفراش لكنها شعرت بدوار وكادت ساقاها أن تنثنيا , وشعرت بخوف أسال العرق البارد في ظهرها وصدرها.
وذهبت الى المنضدة حيث وضعت المرأة الماء الساخن فأغتسلت وأرتدت ملابسها ومشّطت شعرها ووضعت البودرة على وجهها وقليلا من الأحمر على شفتيها بيد ترتجف , وعندما فتحت باب الغرفة وخرجت منه شمت رائحة الشراب من الطابق الأول , فأصابها الغثيان وأمسكت بالباب تحاول التغلب على ضعفها حتى يمكنها النزول , وفي تلك اللحظة صعدت زوجة صاحب الفندق التي صاحت تقول:
" أنك لست بخير يا عزيزتي".
وأخذت بيدها وأعانتها على الرجوع الى الفراش وقالت لها:
" هل أطلب زوجك تلفونيا؟".
منتديات ليلاس
" أظنه في طريقه اليّ , وسأكون بخير بعد برهة".
ووقفت المرأة على سر فاي فقالت لها:
" هذا الشعور يأتي دائما في الصباح , فأستريحي وسوف أحضر اليك الأفطار".
" أنك طيبة القلب".
ثم أكلت قطعة صغيرة من الخبز المقدد وخلعت حذاءها وتدثرت بالغطاء , وراحت في نعاس قلق:
ولما أستيقظت وجدت أمامها لو بوجهه الأسمر فأبتسمت له وقالت:
"هل هذا هو موعد الغداء أم أنك أتيت مبكرا؟".
" لقد أتيت مبكرا , قابلت صاحبة الفندق في البار وأخبرتني أنك لست بخير , ثم لمّحت لي بأبتسامة وغمزة عين , فهل عليّ أن أخمن الباقي؟".
" ماذا يغضبك يا لو؟".
" لنفرض أن الطفل أبني , فهل سأسمع ذلك الخبر من أمرأة غريبة؟".
" تقول , لنفرض أن الطفل طفلك؟".
وأخذت تحدق فيه ثم رأته ينحني ويلتقط عن المنضدة علبة سكائر جيري وعليها الأحرف الأولى من أسمه فقالت له:
" أنها علبة سكائر جيري".
" وهل تحمل لك ذكريات عذبة أثناء نومك؟".
قال ذلك وعيناه تبرقان ولكنها لم تفهم غرضه , وقالت:
" أنا لا أفهم ما تقول يا لو , ماذا بك؟".
ووضعت يدها على ذراعه ولكنه تخلص منها وقال:
" أسألك عن وجود علبة سكائر كوفمان هنا".
" سقطت منه ليلة أمس".
" ماذا؟".
" تعطلت سيرته فأضطر أن يمضي الليلة هنا".
" هذا لحسن حظك , وهل نعمتما بهذا الحظ؟".
فأنهمرت الدموع من عينيها.... تلك الدموع التي نتجت عن ضعفها وأيضا عن فرحتها برجوع لو اليها , ثم أستبدال تلك الفرحة بالحيرة والعذاب , وهمست تقول:
" هل تدري معنى ما تقول؟".
وكان رده بأن ألقى علبة السكائر على الفراش بجانبها وهو يقول :
" هذه هي علبتك المسحورة , ربما كفكفت دموعك".
أرتجفت بشدة لقسوة لو , فهل هي تحبه حقا وعواطفه بعيدة عنها وكرامته تجرح أذا تخيّل رجلا آخر أدعى الحق بأن ينظر الى دميته الرقيقة؟ أنه لا يحبها بل يستعرض غيرته العمياء.
وفجأة شعرت بالتعب من لو ومن كل شيء فقالت:
" ظن بي كما شئت يا لو".
وحاولت مغادرة الفراش فسقطت في هوة سحيقة من الظلام ,وشعرت أن يدين قويتين حملتاها ولكن كل شيء أختفى ومات في السكون ,وبعد ظهر اليوم نفسه فقدن فاي جنينها في مستشفى ريفي خارج تايم , وبقي لو في غرفة الأنتظار يعاني عذابا لم يشعر به من قبل , ويلعن نفسه ويلعن طبعه الحاد الذي جعله يؤلم فاي ويرمي في وجها التهم , وسقط على أحد المقاعد متسائلا : لماذا لا يخرج الطبيب ويطمئنه بأن فاي بخير وأنتابه الخوف وهو يتذكر فاي عندما سقطت بين ذراعيه وظنها ماتت لأن الدم هرب من وجهها وأطرافها تثلجت وراحت في غيبوبة.
وخيّل اليه أن ساعات أنقضت قبل أن يدخل عليه الطبيب ويخبره أن فاي فقدت جنينها وأنها نائمة , وعليه أن يذهب ويعود في الصباح.
" وهل هي بخير؟ يمكنني المبيت هنا أذا كان هناك أي خطر يحيق بها".
" كلا , الأجهاض ليس سهلا ولكنه ليس مميتا , وسوف تجد زوجتك بخير في الصباح , ونصيحتي لك أن تأكل جيدا وتنام جيدا وتدع القلق جانبا".

نيو فراولة 29-03-11 03:17 PM

ولكن لو لم يدع القلق جانبا , وكان ما زال قلقا عندما زارها في اليوم التالي , وقادته الممرضة الشابة الى غرفتها وقالت له:
" الزيارة لا تتعدى خمس عشرة دقيقة".
تقدم لو الى السرير فوجد فاي ترقد بهدوء فقال:
" يؤسفني فقد الطفل يا عزيزتي".
فراحت تراقبه بسمرته وقامته الطويلة , وعجبت لسكون قلبها على غير عادته , أذ كانت تتلاحق دقاته عندما تراه وترقص الفرحة في عينيها , وعجبت لشعورها الميت وكأن عواطفها , أنسحبت منها , وماتت مع جنينها ثم ردت تقول:
" ولماذا الأسف, أنه طفلي والله وحده يعلم كيف أتى , ولكنه قطعا لم يأت بالطريقة التي لمحت اليها أمس".
" أنا أحتقر نفسي أكثر من أحتقارك أياي , وألوم نفسي على كل ما قلته لك أمس".
" ليتني كنت قادرة على أحتقارك يا لو فذلك كان أهون من عدم شعوري بأي شيء أتجاهك".
" ماذا تعنين بقولك هذا".
" أنني أنظر اليك ولكنني لا أشعر بشيء".
ثم أتى أليها وجلس بجوارها , وأخذ يدها بين يديه وقال:
" لا ألومك لكل هذه المرارة يا فاي , من طبعي الغيرة العمياء , وأنا واثق أن رصاصة في القلب ما كانت لتؤلمني أكثر مما آلمني قولك أنك لم تعودي تحبينني ".
" ولكن ما هو الحب يا لو ؟ أنه هبة ريح يولد في لحظة ثم يختفي , كنت على حق عندما قلت ذلك , ولقد أحببتك لحظة رأيتك ولكنني توقفت عن حبك في يوم واحد".
" فاي.... أنني لا أريد أن أفقدك يا صغيرتي".
وتعجبت أنها لم تتأثر بكلامه , كانت قبلا تصلي وتتمنى أن تسمع مثل هذه الكلمات منه , والآن , وقد قالها , فلم تشعر بشيء من الفرحة أو السعادة , وسمعته يقول:
" لن أدع كوفمان يتسبب في القطيعة بيننا".
" أنه شيء بعيد عن جيري , برغم أنه قال يوما أنك سحرتني ,والآن وقد بطل ذلك السحر أصبحت حرة وأريد أن أبقى حرة".
وطفرت الدموع من عينيها وأضافت:
" دعني أذهب يا لو".
منتديات ليلاس
" الى أين يا صغيرتي ؟ هل تقصدين أن تتركيني وتذهبين يا حبيبتي؟".
" نعم أريد ذلك وكان يجب ألا أقوم بهذه الرحلة , فقد حذرني الطبيب منها وكنت سأحتفظ بطفلي لو سمعت كلامه".
وأنخرطت في البكاء مما آلم لو الذي قال:
" لا أدري لماذا أخفيت عني الخبر , كان لا بد من أخباري".
" لأنني كنت متأكدة أنك لا تريد الطفل".
وآلم هذا الرد لو فقال لها:
" أشكرك لأن حكمك علي ما زال سيئا يا فاي".
وكانت كلماته بلغة المداعبة ليخفف عنها , وكانت كفيلة بأن تندم على كلامها لو أنها سمعتها بالأمس ولكنها اليوم لا تحبه.
وجاءت الممرضة الشابة لترى دموع فاي فقالت للو:
" يحسن بك أن تذهب الآن يا سيد مارش , فما زالت زوجتك ضعيفة ولا بد أن تستريح".
وكانت الحقائق التي ذكرتها فاي قد آلمته أكثر , وفهم المرارة التي تشعر بها ولكنه لا يقبل عدم أهتمامها به , ثم مال عليها ولثم خدها وقال:
" سنتحدث في كل شيء غدا عندما تشعرين بالتحسن".
ولكن عينيها نظرتا اليه من خلال دموعها... نظرات خاوية كعيني طفل ضال.
وفي اليوم التالي وجدها هادئة , بل أنها أبتسمت له أبتسامة خفيفة فقال:
" أستمعي أليّ جيدا , قبل بروستر أن يمثل معنا وسوف نبدأ بأنتاج الفيلم وسنصوّر المناظر الخارجية في أسبانيا , فهل ترغبين في الذهاب معنا؟".
وهزت رأسها بالرفض فأنفجر يقول:
" أنا لا أفهمك , أسبانيا بلد جميل فيه أثارة وخيال وسوف تستمتعين بوجودك هناك ولا أرى سببا لبقائك وحدك في أنكلترا".
" ولكنني راجعة الى هملي كممرضة".
" وهل هذا الأستعراض الصبياني لأنني قلت لك كلاما في لحظة غضب , لقد أعتذرت عن ذلك , فهل تحبين أن أجثو لك قبل أن تقبلي أعتذاري؟".
وكانت فاي قد تحسنت وأختفت معالم الأرهاق التي بدت عليها , وبان لون الدم في وجهها , وبدت هادئة واثقة مما تقول:
" لا يا لو , أنا لا ألجأ الى طرق صبيانية بل أستعدت كرامتي ولن أكون دميتك المدللة بعد الآن , ولن آتيك راكعة عندما تشير ألي بأصبعك ولن أذهب معك الى أسبانيا".
" وهل تنوين حقا الرجوع الى حياتك الماضية؟".
وهزت رأسها وهي تقول:
" كنت أشعر أنني راجعة اليها يوما ما".
ثم خلعت خاتمه من أصبعها وأمسكت بيده ووضعت الخاتم في كفه وأطبقت أصابعه على البريق الثمين الذي أصبح لا معنى له.

زهرة منسية 29-03-11 03:33 PM

حبيبتى مشكوره كتير على الروايه باين انها حلوه بس انا هستنى لغايه ما تكمليها وبعدين اقرها لانى لما بتحمس لروايه مش بقدر ارتاح الا لما اعرف النهايه وده عيب فيا خطير يعطيكى 100000000000000000000 عافيه ولكى حبى

نيو فراولة 29-03-11 03:41 PM

وحرصت ألا تطل نشوة الأنتصار من عينيها , ولكنها كانت تسري في دمائها بعد أن أزاحت لو من قلبها وأغلقت دونه أبوابه , وأستعادت كرامتها وثقتها بنفسها , وتحررت من عبوديتها فقال لها:
" ألا تخشين أن أرغمك على الذهاب معي الى أسبانيا؟ فأنت ما زلت زوجتي".
" أنني زوجتك , ولكنني لست كلبة عندك , ولن تجرؤ أن تجذبني من شعري".
" أذن لي طريقة أخرى".
ثم مال عليها .... ولكنها لم تتأثر بل شعرت بأنه شخص غريب , ورأت في عينيه هزة سببها عدم تقبلها فقال:
"يبدو أنني لست محظوظا في أنتقاء النساء".
" يبدو كذلك يا لو ,ويبدو أن أينز هولدن لم تمت منتحرة , هل عرفت ذلك؟".
" نعم , عرفت , كانت من الأنانية بحيث تضن على جمالها أن تحطمه عربة نقل".
ووقف وألقى الخاتم في جيبه وقال :
" حسنا يا فاي أذا أردت أن أختفي من حياتك فسأفعل".
وذهب لو الى أسبانيا بمفرده...
ورأته فاي يذهب بدون أن تتأثر , لم تعد تبكي حتى لفقد طفلها الذي ضحت به من أجل لو , وتحررت من الماضي ومن كل مؤثراته حيث أمتزج الألم بالنشوة , وتلاقى الكره بالحب.
وأستأجر لو لها مسكنا في لندن لتقضي فترة النقاهة , فقضت أيامها يشغلها القليل من رياضة المشي والقليل من القراءة وكتابة الرسائل , كتبت الى الدكتور فورستر تبلغه أنها فقدت جنينها , وكان فورستر ودودا متفهما , كتبت اليه لأنها أرادت أن تتحدث الى صديق , كما أخبرته أنها عزمت على الرجوع الى مهنة التمريض , فردّ يقترح عليها العمل في مستشفى أنيتا هيل , وهو المستشفى الذي مات فيه بيل , ويشجعها على أن تتغلب على مشكلتها الشخصية , وألا تحجم عن الذهاب الى هوليوود للعمل هناك , ونصحها أن تبحث داخل قلبها لتتأكد أنها لا تضحي بشيء تحتاج اليه فيما بعد.
أنتابها الأرق تلك اليلة , وأخذت تتسائل أذا كان ماكس فورستر على حق , وتفكر في المستشفى بأبنيته البيضاء وأشجار البرتقال التي تملأ حدائقه المعتنى بها , ومنزل الممرضات الذي بني على أحدث طراز ولا يبعد عن المستشفى سوى عشر دقائق سيرا على الأقدام.
منتديات ليلاس
وعادت فاي الى هوليوود وتدخل ماكس بنفوذه ليجد لها مكانا في مستشفة أنيتا هيل , كانت فاي على كفاءة عالية في التمريض ,وسرعان ما أندمجت في عملها , ومرت الأيام بسرعة تليها الأسابيع , وكانت تنوي أن تكتب الى لو لكنها لم تفعل , فما أهمية ذلك؟
ولم تندمج فاي في الحياة الأجتماعية في المستشفى ولم تلب دعوات الأطباء الشبان الذين حاولوا التقرب منها , وذلك لوضعها كأمرأة متزوجة تعيش بعيدة عن زوجها , وعاشت وحيدة تمارس رياضة المشي الطويل وتزور أحيانا ميمي فورستر زوجة الدكتور فورستر.
ومر شهرا أيار( مايو) وحزيران ( يونيو) وبحلول تموز ( يوليو) أرتفعى الرطوبة في الجو , وأشتد الحر , وهطلت الأمطار كأمطار البلاد الأستوائية , وأجتاحت المدينة موجة من وباء الأنفلونزا ملأت المستشفى بالمرضى , فلم يدع لها العمل المتواصل الوقت الكافي كي تفكر في الماضي , أو تحاسب قلبها الذي كاد لو أن يحطمه , وذات يوم نظرت الى الى مفكرة الحائط فدهشت لحلول شهر آب ( أغسطس) , وسمعت زميلة لها تقول:
" هذا العام مر سريعا , كنت مع صديقي في مثل هذا الوقت من العام الماضي نقضي أجازة في هونولولو , أستمتعنا كثيرا بها , فهل تتذكرين أجازتك أيضا؟".
" لم أكن في أجازة , بل كنت أمرض سيدة عجزا في كازا روش أسمها السيدة لورا مارش , وكانت سيدة مهيبة سريعة الغضب".
" هل تقولين السيدة مارش من كازا روش؟ هذا عجيب".
ثم أخذت صحيفة عن المنضدة وقلبت صفحاتها وأعطتها لفاي لتقرأ.
وقرأت فاي خبر وفاة السيدة مارش بنوبة قلبية , والأشارة أن من أكتشف موتها هي ديللا , تلك الفتاة التي كانت تعتمد على جدتها , وبسرعة قصدت فاي غرفة رئيستها التي قالت لها:
" تطلبين أجازة ونحن مثقلون بالعمل؟".
" أطلب ثلاثة أو أربعة أيام فقط لأمر هام".
وبعد تفكير صرحت لها الرئيسة بأجازة مدتها أربعة أيام.
صرفت التاكسي الذي أوصلها الى لوريل باي , وأرتقت الدرج وهمّت أن تقرع الجرس عندما فتح الباب فجأة ,ورأت أمامها ويل برونسون زوج ديللا , الذي قال لها:
" رأيتك من النافذة , وأنه لكرم منك أن تحضري , لو هنا فقد أتى هذا الصباح".
" لو! لم أتوقع أن يكون قد عاد الى أميركا من أسبانيا".

نيو فراولة 29-03-11 07:35 PM

أنا متلك يا منى , أنا وعم بكتب بصير بقرا الفصول قبل ما أوصل لها .

نيو فراولة 29-03-11 07:44 PM

وقبل دخولها غرفة الأستقبال قال لها ويل:
" أسمعي يا فاي , أذا كنتما على خلاف فلا تخبري ديللا بذلك , فلو لم يشر لها بشيء , ولما سألته عنك قال أنك تعانين من نزلة برد منعتك من الحضور , أما ديللا فهي ليست على ما يرام لأنها تنتظر موللودا , بالأضافة الى صدمة وفاة جدتها".
" مولود! أنه شيء عظيم".
" ديللا تريد صبيا , أما أنا فأتقبل ما يرزق به الله".
" وهل ديللا سعيدة بالمولود المنتظر؟".
" كانت سعيدة حقا الى أن حدثت وفاة السيدة مارش , فقد كانتا متعلقتين بعضهما ببعض".
وفتح باب الغرفة وتقدمته فاي فرأت كل شيء على حاله لم يتغير وشعرت بلو وهو يراقبها ويقف ويقول:
" فاي!".
ثم ركعت فاي بجانب ديللا وأحتضنتها , فقالت ديللا وهي تبكي على كتف فاي:
" أنا سعيدة بحضورك يا فاي , وجدتها ميتة على كرسيها , وظننت لأول وهلة أنها نائمة... كنت أحبها كثيرا".
وظل لو واقفا ومد يده الى جيبه وأخرج سيكارا أشعله وراح ينفث الدخان الأزرق وينظر من خلاله الى فاي.
وتمت مراسم الجنازة في اليوم التالي وكانت ديللا هادئة لكنها فقدت هدوءها عندما قرأت الوصية بعد ذلك , وفيها أعلنت السيدة مارش أنها تركت كل ما تملك الى ديللا , بما فيها هذا المنزل , أما لو فلم تشر اليه في الوصية أبدا , وصاحت ديللا تقول للمحامي ووجهها محتقن:
" هذا ليس عدلا لا بد أن أتقاسم الميراث مع لو , فلست راغبة في كل التركة".
فقام لو وأحتضن ديللا وهو يقول للمحامي:
" أنا موافق على الوصية , راض بها , فلم أتوقع أن تشملني أبدا , وهي عادلة , فلقد كنت يا ديللا الشمس التي تضيء حياة جدتنا , بينما كنت أنا الصبي الشقي , ولذلك تركت لك كل متاعها الدنيوي فأطيعي رغبتها وأملأي لوريل باي بنصف دستة من الأطفال".
منتديات ليلاس
ولم تنس ديللا موضوع الوصية , فتحدثت عنها مع فاي وهما تتمشيان في طرقات الحديقة وتقول:
" أن لو لا يهتم بالجانب المادي ولكن جدتي آلمته بأخراجه من الوصية , فهي لم تحبه أبدا ".
وكانت ديللا تمسك بيد فاي , وفجأة قالت لها:
" أين خاتم زواجك؟".
أضطربت فاي في الأجابة فأستطردت ديللا تقول:
" لا داعي للأجابة ولا داعي للتفسير".
" كان يجب ألا أتزوج لو , ولكنني كنت مختالة لطلبه الزواج مني".
" والآن , بماذا تشعرين؟".
" لا أشعر بشيء , فالسحر قد زال ولذا صرت أفكر في لو بأتزان بعد أن كان الشمس المشرقة على حياتي , والسحر الخارق الذي يشدني اليه , والآن أصبحت أحدق في لا شيء".
فقالت ديللا:
" أنه لشيء ممحزن".
فقالت فاي:
" لا تقلقي علينا يا ديللا , فالأحسن بنا أن نفترق".
" ولكن ما السبب؟".
" لأن الزواج يا عزيزتي , مثل البيت , لا يمكنه أن يقوم على حائط واحد , ولقد حاولت لمدة سبعة أشهر أن أقوم هذا الزواج ولكن الأنهيار المحتوم وقع في النهاية , وليست لدي النية لأعادة البناء على الأنقاض".
" وهل طلب لو منك أعادة البناء؟".
" لا أريده أن يطلب مني ذلك , والآن هل أنت سعيدة مع ويل ؟".
" نعم أنه طيّب معي وصبور".
" سوف يكون نعم الأب".
" ومثله لو .... أقصد أن الرجال الذين لم يكونوا سعداء في طفولتهم يجاهدون كي يكون أطفالهم سعداء".
" ألم يكن لو سعيدا في صباه".
ورأته فاي في خيالها صبيا يافعا طويل القامة متعاليا , ينغمس في الشر وهو يضحك تماما كوالدته الجميلة , ولذلك لم تشعر جدته بأي حنان نحوه , ثم قالت ديللا:
" كان لو لا يحكمه شيء , ولم تفهمه جدتي , وأحبتني لأنني كنت صغيرة أطيعها وأتبع أرشاداتها , ومن الغريب أن لو كان يعبد والدتنا".
ففتحت فاي عينيها دهشة وقال:
" لم أكن أعلم ذلك , وكنت أظن أنه يكرهها".
" لقد كرهها بعد أن تزوجت وتركتنا , وكان في الثانية عشرة من عمره , وكصبي في سنه تألم من هذا التصرف الذي قتل فيه كل ثقة بالنساء , وأنا متأكدة أنه تسبب في ألمك , وألا ما رغبت في الخلاص منه , ولكن لا تكرهيه يا فاي".
" ولكنني لا أكرهه".
وأثناء العشاء في تلك الليلة قال لو لفاي:
" أخبرتني ديللا أنك ستعودين الى المستشفى يوم الخميس المقبل , وبما أن لدي بعض المهام في هوليوود فلماذا لا نسافر معا؟".
وقبل أن ترد عليه صاحت ديللا تقول:
" ودّعي مستشفاك يا فاي وأبقي هنا دائما".
وضحكت فاي ولم تجد أي مانع من السفر معه , ولكنها شعرت بالحرج لأن وجودهما في القطار سوف يترتب عليه محادثات شخصية , ولكنها كانت قادرة على مواجهة هذا الموقف , فلم يعد لو يخيفها , بل وجدته تغيّر قليلا , فقد تقبّل الوضع بأنها لم تعد ملكه , ولذا لم يعد ينظر اليها من عليائه.

نيو فراولة 29-03-11 08:58 PM

وقبل دخولها غرفة الأستقبال قال لها ويل:
" أسمعي يا فاي , أذا كنتما على خلاف فلا تخبري ديللا بذلك , فلو لم يشر لها بشيء , ولما سألته عنك قال أنك تعانين من نزلة برد منعتك من الحضور , أما ديللا فهي ليست على ما يرام لأنها تنتظر موللودا , بالأضافة الى صدمة وفاة جدتها".
" مولود! أنه شيء عظيم".
" ديللا تريد صبيا , أما أنا فأتقبل ما يرزق به الله".
" وهل ديللا سعيدة بالمولود المنتظر؟".
" كانت سعيدة حقا الى أن حدثت وفاة السيدة مارش , فقد كانتا متعلقتين بعضهما ببعض".
وفتح باب الغرفة وتقدمته فاي فرأت كل شيء على حاله لم يتغير وشعرت بلو وهو يراقبها ويقف ويقول:
" فاي!".
ثم ركعت فاي بجانب ديللا وأحتضنتها , فقالت ديللا وهي تبكي على كتف فاي:
" أنا سعيدة بحضورك يا فاي , وجدتها ميتة على كرسيها , وظننت لأول وهلة أنها نائمة... كنت أحبها كثيرا".
وظل لو واقفا ومد يده الى جيبه وأخرج سيكارا أشعله وراح ينفث الدخان الأزرق وينظر من خلاله الى فاي.
وتمت مراسم الجنازة في اليوم التالي وكانت ديللا هادئة لكنها فقدت هدوءها عندما قرأت الوصية بعد ذلك , وفيها أعلنت السيدة مارش أنها تركت كل ما تملك الى ديللا , بما فيها هذا المنزل , أما لو فلم تشر اليه في الوصية أبدا , وصاحت ديللا تقول للمحامي ووجهها محتقن:
" هذا ليس عدلا لا بد أن أتقاسم الميراث مع لو , فلست راغبة في كل التركة".
فقام لو وأحتضن ديللا وهو يقول للمحامي:
" أنا موافق على الوصية , راض بها , فلم أتوقع أن تشملني أبدا , وهي عادلة , فلقد كنت يا ديللا الشمس التي تضيء حياة جدتنا , بينما كنت أنا الصبي الشقي , ولذلك تركت لك كل متاعها الدنيوي فأطيعي رغبتها وأملأي لوريل باي بنصف دستة من الأطفال".
منتديات ليلاس
ولم تنس ديللا موضوع الوصية , فتحدثت عنها مع فاي وهما تتمشيان في طرقات الحديقة وتقول:
" أن لو لا يهتم بالجانب المادي ولكن جدتي آلمته بأخراجه من الوصية , فهي لم تحبه أبدا ".
وكانت ديللا تمسك بيد فاي , وفجأة قالت لها:
" أين خاتم زواجك؟".
أضطربت فاي في الأجابة فأستطردت ديللا تقول:
" لا داعي للأجابة ولا داعي للتفسير".
" كان يجب ألا أتزوج لو , ولكنني كنت مختالة لطلبه الزواج مني".
" والآن , بماذا تشعرين؟".
" لا أشعر بشيء , فالسحر قد زال ولذا صرت أفكر في لو بأتزان بعد أن كان الشمس المشرقة على حياتي , والسحر الخارق الذي يشدني اليه , والآن أصبحت أحدق في لا شيء".
فقالت ديللا:
" أنه لشيء ممحزن".
فقالت فاي:
" لا تقلقي علينا يا ديللا , فالأحسن بنا أن نفترق".
" ولكن ما السبب؟".
" لأن الزواج يا عزيزتي , مثل البيت , لا يمكنه أن يقوم على حائط واحد , ولقد حاولت لمدة سبعة أشهر أن أقوم هذا الزواج ولكن الأنهيار المحتوم وقع في النهاية , وليست لدي النية لأعادة البناء على الأنقاض".
" وهل طلب لو منك أعادة البناء؟".
" لا أريده أن يطلب مني ذلك , والآن هل أنت سعيدة مع ويل ؟".
" نعم أنه طيّب معي وصبور".
" سوف يكون نعم الأب".
" ومثله لو .... أقصد أن الرجال الذين لم يكونوا سعداء في طفولتهم يجاهدون كي يكون أطفالهم سعداء".
" ألم يكن لو سعيدا في صباه".
ورأته فاي في خيالها صبيا يافعا طويل القامة متعاليا , ينغمس في الشر وهو يضحك تماما كوالدته الجميلة , ولذلك لم تشعر جدته بأي حنان نحوه , ثم قالت ديللا:
" كان لو لا يحكمه شيء , ولم تفهمه جدتي , وأحبتني لأنني كنت صغيرة أطيعها وأتبع أرشاداتها , ومن الغريب أن لو كان يعبد والدتنا".
ففتحت فاي عينيها دهشة وقال:
" لم أكن أعلم ذلك , وكنت أظن أنه يكرهها".
" لقد كرهها بعد أن تزوجت وتركتنا , وكان في الثانية عشرة من عمره , وكصبي في سنه تألم من هذا التصرف الذي قتل فيه كل ثقة بالنساء , وأنا متأكدة أنه تسبب في ألمك , وألا ما رغبت في الخلاص منه , ولكن لا تكرهيه يا فاي".
" ولكنني لا أكرهه".

نيو فراولة 29-03-11 09:06 PM

وأثناء العشاء في تلك الليلة قال لو لفاي:
" أخبرتني ديللا أنك ستعودين الى المستشفى يوم الخميس المقبل , وبما أن لدي بعض المهام في هوليوود فلماذا لا نسافر معا؟".
وقبل أن ترد عليه صاحت ديللا تقول:
" ودّعي مستشفاك يا فاي وأبقي هنا دائما".
وضحكت فاي ولم تجد أي مانع من السفر معه , ولكنها شعرت بالحرج لأن وجودهما في القطار سوف يترتب عليه محادثات شخصية , ولكنها كانت قادرة على مواجهة هذا الموقف , فلم يعد لو يخيفها , بل وجدته تغيّر قليلا , فقد تقبّل الوضع بأنها لم تعد ملكه , ولذا لم يعد ينظر اليها من عليائه.
قالت فاي:
" أنني أحب العمل في مستشفى أنيتا هيل".
ثم وجهت الكلام الى لو وقالت:
"هل أنت متأكد أنك ستسافر يوم الخميس وأنني لا أستعجلك بالسفر؟".
" يا ألهي.... كلا... ديللا سيسعدها سفري".
ردت ديللا:
" هذا ليس من الحقيقة في شيء , وأود أن تبقى دائما هنا لولا أنك ستكون ذا تأثير سيء على ويل".
وكان ويل يقدم اليها البندق البرازيلي ويقول:
" كلي البندق ولا توجهي أليّ الأتهام , كانت لي مغامراتي قبل أن أتزوجك".
فردت ديللا تقول:
" لست أدري ماذا أفعل , أذا أنجبت طفلا ذا شعر أحمر , وأذا حدث فسوف أعطيه لك يا فاي , لأنك مولعة بكل الأطفال".
ردت فاي:
" هذا صحيح ولكن قد يولد طفلك أصلع ككرة البلياردو!".
عندما تركت فاي منزل الأسرة مع لو كان الضباب يخيّم على المنزل , ثم أزداد كثافة عند وصولهما الى المحطة فنظر لو في ساعته وقال:
" أن هذا الضباب يؤخر وصول القطار".
" هل أنت مرتبط بمواعيد في هوليوود؟".
" أنها مواعيد غير عاجلة لأستشارات أولية لعرض فيلم لوكريس في أوروبا".
" لوكريس؟".
" كارل لاحظ أن عنوان الفيلم لا يليق ولذلك أختصره الى لوكريس".
" هل هو فيلم جيد يا لو؟".
" أظن ذلك , لأن المناظر الخارجية رائعة , كان سيروق لك رؤيتها في طليطلة , حيث صوّرنا أجزاء من الفيلم أنه مكان غريب يحرك الدماء بأسراره الخفية التي تنتمي الى الماضي , وبمنازله المعلقة النوافذ التي صنعت من الصخر وهو مكان لم يتغير من قرون مضت".
منتديات ليلاس
ثم سمعا صوت القطار يهز الأرض , ثم يتوقف بضجة واضحة , وتفتح أبوابه لنزول الركاب وصعودهم.
ودخل لو وفاي المقصورة , وجلست فاي على مقعد في الركن وفجأة سألته:
" ماذا فعلت بعلبة السكائر الخاصة بجيري؟ كانت غالية ويؤلمني ضياعها".
وكان لو يرتب الحقائب على الرف , فألتفت اليها بدهشة وقال:
" وهل تقابلتما بعد ذلك؟".
" لا لم أر جيري بل رأيت فيلما له منذ مدة".
وجلس لو وقال لها:
" تركت علبة السكائر مع صاحبة الفندق".
" كان عراكا مؤسفا ذلك الذي حدث بيننا بسبب هذه العلبة".
وتذكرت فاي ذلك الخلاف الذي حدث بينهما ونتائجه , ثم نظرت من النافذة لترى الضباب وتسمع أبواب القطار تقفل.
ونظرت فاي الى وجهه الذي كسته السمرة من شمس أسبانيا , ورأت في عينيه عاطفة قوية لم تقو على فهمها , ثم قال لها:
" كنت وحشا ولك المعذرة لتكرهيني , فلم أنس أنني آلمتك بكلماتي وقتلت طفلك بلساني".
" لقد أنتهى كل شيء فلا تذكر الطفل".
" نعم فأنت على حق , والآن كيف حالك في مهنة التمريض؟ وهل أنت سعيدة في مستشفى أنيتا هيل؟".
" سعيدة جدا".
" حسنا , أنا أريد أن تكوني سعيدة".
وطافت عيناه بوجهها ورآها قصت شعرها فأصبح قصيرا جدا ,وبدت كصبي , لكنها أحتفظت بجمالها الأخاذ , ثم سمعته يقول:
" لم أصدق عيني عند دخولك الى لوريل باي يا عزيزتي , ظننت أنك ما زلت في أنكلترا".
" كنت أود أن أكتب اليك لأخبرك برجوعي الى هوليوود ولكننا كنا منهمكين في العمل , فقال لو ساخرا:
" أفهم ذلك , فلم تكن كتابة الرسائل أليّ شيئا هاما لتجدي له الوقت الكافي".
" لم يكن هناك ما يقال , , قلنا ما فيه الكفاية".
ثم مال نحوها وسألها بجدية :
" هل تطلبين الطلاق؟".
" لا , وهل تطلبه أنت؟".
" أنا أطلب ما تطلبين , فهل نستمر على هذه الحال ؟ كالأغراب؟".
" أليس هذا أفضل؟".
" هل أنت سعيدة حقا؟ ألا تشعرين بالوحدة؟".
" لا فلدي صديقان حميمان هما الدكتور فورستر وزوجته ميمي , فلا تقلق علي".
" أنا لا ألومك , فأنت عاقلة كي تنظفي بيتك من الشوائب".
فردت تقول:
" لا تقل هذا الكلام , أود أن تعرف أنني لا أكرهك أبدا... لا أكرهك... الحب جعلني مخلوقة بغير غطاء يحميني , ولذلك كنت أجرح سريعا والحب سلبني كل شيء كالأعتماد على النفس وحماية نفسي , ولكن عندما تحررت من الحب رجع أليّ ذلك الغطاء فلم أعد أتألم , أنا الآن أشعر بالأمان والسعادة , أنني آمنة وسعيدة وحرة!".

نيو فراولة 29-03-11 09:28 PM

وخيّل الى لو أن صوت عجلات القطار يردد تلك الكلمات فأراد أن يهرب من سماعها , وعجب من أن فاي ترفض الحب وهي التي خلقت له , فهب واقفا وقال لها بخشونة:
" سأخرج الى الممر لأدخن , أتسمحين؟".
راح لو يدخن وهو يفكر , وينظر الى الظلام خارج نافذة الممر فلا يرى ألا الظلام الذي يغلف تفكيره.
وبعد نصف ساعة , عندما رجع اليها , وجدها ما زالت جالسة في ركنها تنظر من النافذة , ولم تشعر بدخوله عليها فوقف يراقبها وهو يهتز مع حركة القطار.
وفجأة تغيّرت دقات عجلات القطار وعبرته رجفة أحس بها لو تحت العجلات وفوق السقف , ولكنها مرّت كالبرق , وفي تلك اللحظة نظرت فاي الى لو الذي أحس بالخطر بغريزته , فوثب اليها مادا ذراعيه وغطاها بجسمه ليحميها لحظة خرج القطار عن القضبان وغمر المكان صراخ ممزوج بصوت تمزق المعادن وتكسر الأخشاب وتفتت الزجاج , وساد اظلام يتخلله عويل الألم والخوف.
ومرت لحظة الصدمة الأولى , ثم شعرت فاي أنها تجاهد كي تتنفس وتزيح عن صدرها ذلك الثقل الذي يضغط على رئتيها , ولم تتمكن من رؤية شيء ولكنها شعرت بألم في جسدها , وكان يدور في رأسها صوت مذعور يردد:
" وقع حادث.... لا بد أن أتحرر من هذا الثقل , لا بد , لا بد".
وأخذت تدفع ذلك الثقل الجاثم عليها وهو يكاد يزهق روحها , وكان هذا الثقل دافئا وتحسسته فشعرت بقماش سترة لو ... وتذكرته عندما دخل ووثب نحوها عندما تنبه الى أن القطار كان على وشك الوقوع في كارثة , وظهر في عينيه تصميمه على أن يبلغها قبل حلول الرعب والهول , وقرأت شيئا في عينيه لم تتمكن من فهمه الآن وهي تكاد لا تقوى على التنفس.... ربما ذلك الذي رأته حلما لكنها لن تفكر فيه .
منتديات ليلاس
وجاهدت بعناء كي تخلص نفسها من ثقل جسم لو , ثم أمكنها أن تخرج يديها فرفعت لو وخرجت من تحته لتجد نفسها بين أطلال الخشب والزجاج , وراحت تلهث , وشعرت بجفاف حلقها من أثر التراب والدخان , وعندما أستعادت أنفاسها تحسست لو ثانية فأمكنها سماع صوت تنفسه.
وودّت فاي لو تبدد الظلام قليلا لترى مدى أصابة لو وفجأة أندلعت نار في الخارج لتنير حطام العربة بضوء أحمر متوهج .
وركعت فاي بجانب لو وأزاحت الحطام المتراكم على ظهره , وعندما مست جانبه الأيسر شعرت أن يدها مبتلة , ورأته على ضوء الحريق يستلقي بشكل غريب , وعندما تحسست جانبه الأيسر ثانية زادت المساحة المبتلة التي تنذر بالخطر , ووجدت أن ذراعه ممدودة وكأنها تدرأ الخطر الداهم , ولكنها لاحظت أنها مضغوطة بين فكي قطعة من المعدن الصلب فوق الكوع.
حلّت فاي رباط عنق لو بأصابع متدربة , وأخرجت من جيبه قلمه الفضي ومطواته , ثم قطعت كم سترته وقميصه ونزعتهما لتعري ذراعه حتى يمكنها الضغط على مكان النزيف , فسال الدم على يديها من الشرايين المقطوعة وراحت تعمل بيد ثابتة واثقة رغم هلعها.
ثم قطعت جزءا من قميصها حتى تجعل منه ضاغطا لشريان الذراع الرئيسي ولفت الذراع برباط العنق مارا بالقطعة الضاغطة , ثم لفت الرباط في نصف عقدة في الجهة الأخرى من الذراع , وأدخلت فيها القلم وأكملت االعقدة , ثم راحت تلف القلم حتى يضغط الرباط بشدة على القطعة الضاغطة ليوقف النزيف.
وكان الناس يهرولون ويروحون ويجيئون وهم في حالة هستيريا.... يصيحون وينتحبون ويطغى على هذه الأصوات صوت عربات الأسعاف وسيارات الشرطة وأجراس عربات المطافىء , أما فاي فشعرت أنها وحيدة خارج هذه الفوضى على جزيرة نائية من الأسى مع لو , وكان همها أن تأتي بالنجدة له وهي تحمد الله على أن شرايين لو قد كفت عن نزف دمه , ثم عقدت الرباط جيدا بيد ثابتة برغم خفقان قلبها وأرتجاف جسمها... والآن يجب أن تأتي بالطبيب.
وتركت لو وخرجت من النافذة التي تفتت زجاجها , ولم تأبه بالبقايا التي تعلقت بأطار النافذة ومزقت ساقيها ويديها.
كانت النيران تندلع والضباب يملأ المكان وفاي تعدو بين الضباب كشبح صغير , تتحاشى النظر الى القتلى , ثم لمحت الطبيب بمعطفه الأبيض ينحني على النقالة الموضوعة عبر القضبان فقصدته لاهثة , وكان الطبيب قد فرغ لتوه من أسعاف مصاب , ورأت رجال الأسعاف يحملون النقالة ويمضون بها فأمسكت بذراع الطبيب وقالت له:
" هناك شخص مصاب, أرجو أن تأتي معي".

ربي اسالك الجنة 30-03-11 07:45 AM

:asd::asd::asd:
حرااااااااااااااااااااااااااااام :Please::Please::Please: كمليها بسرعه :nbnbc:
ومشكورة على الرواية حبيبتي ودمتي :shokrn:

نيو فراولة 30-03-11 10:49 AM

وكان وجهها الذي رفعته اليه يدل على القلق والأنزعاج , فلم ينبس بكلمة وتبعها , وعندما وصلا الى حيث رقد لو , كانت المصابيح قد عادت تنير القطار بدلا من النيران التي أخمدت , فزحفت فاي من النافذة وتبعها الطبيب وركعا بين أكوام التراب والحطام قرب لو الفاقد وعيه , وراح الطبيب وفحص الرباط الضاغط الذي ربطته فاي وقال لها:
" الرباط لا بأس به , وأنه لمحظوظ لدرايتك في أستعمال الأربطة".
" أنا ممرضة".
ثم راحت تنظر الى لو فوجدت كدمات سوداء , وسمعت صوت تنفسه يشهق بصعوبة , وأخذت تراقب الطبيب الباحث عن علامة للحياة في ذراع لو المحتبسة في عمق بين قطع معدنية , ثم قال لها:
" تهشمت الذراع كلها".
وكان يتكلم وكأن الأمر لا يعنيه برغم أنه لاحظ أن هذا الرجل يساوي الدنيا كلها بالنسبة اليها , لما كان يبدو على وجهها وفي عينيها من قلق , وأكمل يقول:
"لا بد من البتر , فمن العبث أن نخلص ذراعا مهشمة من تحت الأنقاض , فهل تساعدينني؟".
وعندما كانت فاي تفكر بعد ذلك فيما حدث كانت تعتبر الهدوء الذي أعتراها هبة من الله , فقد كانت هادئة وكأنها تساعد أحد الجراحين في غرفة العمليات , فالألم الذي شعرت به لم يظهر عليها وأمكنها أن تحبس عذاب القلب والروح بداخلها ,ولم تنطق بكلمة وهي ترى ذراع لو تبتر ويصبح لو من ذوي العاهات , وهو الذي كان كامل الجسد وسيم الشكل!
وقام الطبيب بأتمام العملية بمهارة وسرعة , وذهب ليحضر رجال الأسعاف , ورقد لو ساكنا يتنفس بسهولة وعمق بعدما حقنه الطبيب بالمورفين.
وراحت فاي تحتضنه وتتحسس شعره وترفعه عن جبينه المندى بالعرق البارد , وبرغم أن ساقيها توترتا وتمزقتا من الركوع فوق شظايا الخشب والزجاج , وثوبها تلطخ بالدماء ورأسها أخذ يدق من الضجيج , كانت تود أن تحتضنه الى الأبد .
عرّض نفسه لهذا العذاب من أجلها , فوثب عبر العربة كي يحميها , ورأت في عينيه أنه كان يريد حمايتها أو الموت معها.
ثم جاء رجال الأسعاف ورفعوا لو بعناية ووضعوه على نقالة , ثم أركبوه سيارة الأسعاف حيث أجرى الطبيب الشاب أختبارا لمعرفة فصيلة دمه , وبسرعة بدأت عملية نقل الدم له ثم أبتسم الطبيب لفاي ليطمئنها وقفز من السيارة التي أنطلقت الى أحدى المستشفيات قرب فارمز كورنز.

نيو فراولة 30-03-11 11:33 AM

7- ولادة الحقيقة


وقفت سيارة الأسعاف باباب الخلفي للمستشفى وأتى الرجال ونقلوا لو بعناية وتبعتهم فاي , ذاهلة , ثم رأت رئيسة الممرضات ترتدي ملابس زرقاء , وتتقدم وتكلم رجال الأسعاف.
ولكن رد فعل الحادث يظهر الآن.... فوقفت فاي تتمايل من الضعف والتأثر في غرفة الأستقبال , وتشم رائحة الأدوية النفاذة وتسمع همس أصوات خافتة تصل الى أذنيها في أمواج متلاحقة , حاولت أن تتغلب على ضعفها وتجمع البقية الباقية من قوتها وعزيمتها لتسير الى الممرضة التي أنحنت على لو تتفحصه .... ها هو لو... الذي كان يتفجر صحة وحيوية , ويلمع مثل البرق الخاطف يرقد هامدا ساكنا , وراحت فاي تجاهد لتجعل ساقيها تحملانها كي تمر بين المصابين بالصدمات العصبية والذين تمزقت ملابسهم وسالت الدماء على وجوههم , والذين ينتظرون مثلها حكم الأطباء على أشخاص يحبونهم .
ثم وقفت فاي بجانب العربة التي تحمل لو , تستمع الى تقرير عاجل من أحد رجال الأسعاف للممرضة عن عملية بتر الذراع وعرفت منه أن الطبيب أسمه رانسوم .... ذلك الطبيب الهادىء الذي ركع معها في القطار المنكوب وراح يبتر ذراع لو بسرعة وكفاءة , ثم أبتسم لها أبتسامة خفيفة ليطمئنا عند أنتهاء العملية.
وقصدت الممرضة مكتبها وألتقطت سماعة التلفون لتتصل بقسم الجراحة وتقول , وهي تنظر الى فاي بأشفاق بعينيها الرماديتين :
" أرسل اليكم حالة بتر بالذراع الأيسر توا".
ولم يضع أي وقت في وضع التروللي في غرفة ضيقة وأستدعاء الطبيب كي يفحصه , بل أخرج التروللي من غرفة الأستقبال فورا , بينما راحت فاي تملي على الممرضة المعلومة المطلوبة كأسم لو وسنه وعنوانه , وهي تعجب للقوة التي تشعر بها , والتي جعلتها تقف على قدميها .
منتديات ليلاس
" هل أنت بخير؟ هل أصبت بأية أصابة في الحادث؟".
فهزت لها فاي رأسها بالنفي وقالت:
" أنني مضطربة قليلا وسوف أسترد حالتي الطبيعية فورا".
" أبحثي عن مقعد لك وسأخبرك عن حاله تباعا كلما عرفت أخبارا عنه".
" شكرا لك".
وتركت فاي مكتب الممرضة وعبرت الغرفة حيث وجدت مجموعة شاغرة من المقاعد , جلست على أحدها وهي تضغط على يديها لتمنعهما من الأرتجاف , وراحت تصلي وتقول:
" يا رب أحفظ لو ةلا تدعه تموت , لقد تحمل الليلة كثيرا , وأحفظ له قوته".
ثم سمعت صوتا يقول لها:
"مرحبا".
فألتفتت لترى وجها نحيلا جادا , ونظرت في عيني الدكتور رانسوم الذي وصل لتوه مع أحدى سيارات الأسعاف فحاولت الأبتسام له عندما قال:
" لا تقلقي , فهذا الشاب قوي جدا وسوف يجتاز الأزمة".
وكانت فاي ترتعد أذ تذكرت أنها أخبرت لو في القطار قبل الحادث بنصف ساعة أن سعادتها تتحقق بالبعد عنه , ثم عادت تردد:
" أنه زوجي!".
وفجأة أتخذ الطبيب له مقعدا بجانبها وقال وعيناه جادتان:
" أين تمضين ليلتك هذه؟ هل تمضين الليلة عند شقيقتي؟ أنها تسكن قريبا من هنا وهي ترحب بذهابك اليها".
" ولكنني أرغب في البقاء هنا بجانب لو , فربما مات".
" ولكنه لن يموت".
وأمسك بيديها الباردتين المرتعشتين وضغط عليهما , وسألها قائلا:
" أين ذهبت شجاعتك الرائعة؟ أرجو ألا تنهاري الآن , جاهدت بجانب زوجك بعد الحادث , وعلينا الباقي الآن , ولن ندعه يموت".
فردت تقول:
" لا بد أن أبقى الى أن أطمئن , ولن أذهب قبل ذلك".
" حسنا , وفي أي حال ها هو عنوان شقيقتي".
ثم أخرج ورقة وقلما من جيبه وكتب لها عنوان شقيقته , وقال :
" أتمنى أن تتمكني من قراءة خطي , وأعرفي أن شقيقتي معتادة أستقبال غرباء أرسلهم أليها أحيانا , وهي طيبة جدا".
فأمسكت فاي بالورقة التي راحت تهتز لأرتعاش يدها وقالت له:
" وأنت أيضا طيب جدا".
ثم أخرج محفظة وأعطاها عشرة دولارات وقال لها:
"ستحتاجين نقودا للتاكسي ولن يضيرك أذا أخذت نقودا من صديق , وستشعرين بالراحة عند شقيقتي بدلا من بقائك هنا طوال الليل".
وشعرت فاي أنه على حق , ستذهب الى شقيقته عندما تطمئن على حالة لو , ثم قالت له:
" هل يمكنني المساعدة في المستشفى؟ سوف أجن أذا بقيت أفكر بدون عمل".
" ولكنك لست في حالة تمكنك من ذلك".
" أرجوك , لا بد أن هناك عملا يمكنني القيام به".
" حسنا ربما كان من الأفضل لك أن تشغلي نفسك بعمل ما".
ثم أخذ ذراعها وقادها الى مكتب رئيسة الممرضات حيث تجمع الكل يسأل ويطلب الأطمئنان على المصابين , فقالت الرئيسة:
" أرجو أن تكونوا أكثر هدوءا حتى يمكننا العمل في جو هادىء".
ثم لمحت الدكتور رانسوم وهو يقترب من المكتب فغطت بيدها فوهة التلفون ونظرت اليه متسائلة ثم سمعته يقول لها:
" وجدت لك أحدى المتطوعات , فهذه الشابة ستساعد في تضميد الجروح".
" وهل يمكنها ذلك؟".
" أنها أحسن من يعقد الأربطة".

نيو فراولة 30-03-11 11:55 AM

ثم أصطحب فاي الى عنبر الطوارىء وبعد ساعتين وصلت فاي الى منزل كيت رانسوم في التاكسي , ودقت الجرس وهي تشعر أنها دخيلة عليها برغم أن الدكتور رانسوم أكد لها أن أخته يسرها أستقبالها.
ولكن كيت أستقبلتها بترحاب شعرت فاي بعده بالراحة والأطمئنان , وكانت كيت تشبه أخاها الى حد كبير , فلها وجهه الصارم نفسه الذي تبدو عليه الكآبة ولكنه يتغير ويبدو مشرقا عندما يبدأ في الأبتسام.
دخلت فاي الى البهو الصغير وهزت السيدة رأسها بهدوء عندما همست فاي تقول أن الدكتور رانسوم أرسلها , فهي معتادة على أستقبال أصدقائه الغرباء , ولما رأت ملابس فاي الممزقة الملطخة بالدماء قالت لها:
" هل كنت ضمن المصابين في حادث القطار المنكوب , أنك في حاجة الى حمام , هل لك قريب في المستشفى؟".
" كم أود أن أستحم فأنا في حالة لا توصف".
ثم أستطردت تقول:
" أنه زوجي , حالته خطرة ولكنه سوف يعيش".
وفجأة أمتلأت عيناها بالدموع وأستندت على حاجز السلم وأنهارت فأنهمرت الدموع التي حبستها وهي بجانب لو في غرفته بالمستشفى.
ولكنها بكت الآن في منزل كيت رانسوم وأنهمرت الدموع على وجهها الذي عصف به الألم , وكان قلبها يتساءل أذا كان مقدرا لها أن تفترق عن لو فلماذا لم يمتها الله في الحادث؟ ثم أخذت تفصح عما بها قائلة:
" يجب ألا أبكي أبدا فلو سوف يشفى , أذن لن أبكي".
فردت عليها كيت رانسوم تقول:
" الله خلق الدموع كي تبكي في مثل هذه الأحوال".
وبعد مضي بضعة أسابيع جلس لو في شرفة المستشفى يستمتع بالشمس مبتسما لأن جويس الممرضة السمراء النحيلة , وجدت حجة أخرى لتأتي اليه , فأحضرت هذه المرة عصير البرتقال المثلج.
وقالت له وهي تصلح من غطاء ساقيه:
" هل أنت متأكد أنك لست معرضا لقدر كبير من حرارة الشمس؟".
وكانت تنظر اليه برعاية الأمومة وعاطفتها الجياشة , حتى أنه كتم ضحكة كادت أن تفلت منه , فهي صبية لطيفة وممرضة بارعة مثل باقي الممرضات , فسألها:
" هل يمكنك أحضار فرشاة للشعر لأنني أريد أن أجمل نفسي قبل حضور زوجتي".
منتديات ليلاس
فأحضرت له الفرشاة ووقفت تنظر اليه وهو يمشط شعره الأسود فقد كانت معجبة به الى حد كبير وتشعر بغيرة من زوجته حتى أنها كانت تحييها عادة بدون أكتراث , فلما دخلت عليهما فاي قالت جويس بتحفظ:
" طاب يومك يا سيدة مارش".
ثم تركت الشرفة ومضت بينما أبتسمت فاي وقالت للو:
" أنني أرثى لحال هذه المسكينة فهي معجبة بك".
ثم أردفت تقول:
" أنك تبدأ في التحسن".
وكان هذا صحيحا برغم أن بعض آثار الحادث ما زالت بادية عليه , ولكن الشحوب الذي كان يكسو وجهه زال , وبدأ يخطو نحو الشفاء سريعا , أذ تحمل صدمة فقد ذراعه بشجاعة لم تتوقعها فاي , ولكنها لن تنسى اليوم التالي للحادث عندما جلست بجانب فراشه في ثوب من أثواب كيث رانسوم تنتظر أستيقاظ لو من غيبوبته.
وكانت أول كلماته لها عندما أفاق:
" أشعر وكأنني نائم على لوح يطفو على الماء , هل أنت بخير؟".
فهزت رأسها ولم تتمكن من الرد , وكانت تود أن تركع بجانب السرير وتبكي كالأطفال.
وعاد يسأل وهو ينظر حوله في حيرة ويبذل مجهودا ليتذكر برغم تأثير المخدر الذي أسدل ستارا كثيفا على حواسه:
" ماذا أفعل هنا؟".
ثم أستدار جهة اليسار حيث الألم المتركز في ذراعه , ووهنا أنقشع الستار وأخذ يتذكر وقال :
" لقد بترت ذراعي الملعونة".
وأخذ يتفحص وجه فاي بينما كانت تنظر ما يقوله:
" هذا أفضل من بتر رأسي؟".
وأغلق عينيه وراح في سبات من الأجهاد.
وأمتثل لفقد ذراعه بالهدوء نفسه الذي جعله يشب في العربة ليحميها ويفقده , وبعد أسبوع أخذت صحته في التحسن بسرعة وعادت اليه روجه المرحة وأسترد حبه للفكاهة حتى في حديثه عن ذراعه , وأحبته الممرضات جميعهن لوسامته وأستخفافه بعاهته , فكن يدخلن عليه مرات عديدة يتحدثن معه ويتبادلن معه النكات وأطلقن عليه اسم القرصان , وكانت فاي تزوره يوميا , فقد صممن كيث على أن تبقى عندها فحمدت ربها لأن منزل أفضل بكثير من وجودها في أحد الفنادق.
وتسربت الى الجرائد أخبار حادث لو بسرعة فأنهالت المكالمات التلفونية والبرقيات من هوليوود تعلن الأسف والتمنيات بالشفاء , وجاءتهما مكالمة تلفونية من ثاليا فان دين تطلب بعض كلمات من لو لتنشرها في زاويتها في الجريدة , فألتفتت فاي اليه تسأله رأيه فرد يقول:
" قولي لها أن تذهب الى الجحيم".
لكن فاي أجابتها:
" لو يشكرك على سؤاله عنه وهو يتحسن بسرعة ويقول أن هذا أحسن من بتر رأسه طبعا يمكنك أن تنقلي كلامي الى الجريدة , ولست أدري متى يمكنه مغادرة المستشفى , نعم كنت محظوظة لنجاتي , أما سبب الحادث فيقال أنه الضباب الذي أنتشر تلك اليلة , نعم كانت تجربة مريرة , ونحمد الله أن القطار لم يكن مزدحما , ومع ذلك كان هناك عدد من القتلى والجرحى".

نيو فراولة 30-03-11 12:29 PM

وأظهر لو الى فاي أمتنانه لبقائها في هذه البلدة الصغيرة المسماة فارمرز كورنز , تزوره في المستشفى يوميا , تكتب له الرسائل وترد على المكالمات وتأتي بالهدايا , ولكن عينيه لم تبديا سوى الأمتنان لها . أما فاي فكانت تخشى المستقبل وتتساءل عن وضعها وهل يبقى كما كان قبل الحادث؟ وهل تواجه الأنفصال التام عنه ؟ ثم تذكرت النظرة العاطفية التي ومضت في عينيه وقت وثوبه اليها وألنتزاعها من مقعدها وضمها اليه , ثم نزولهما معا الى الدوامة القاتلة , وقالت فاي:
" أظن أن صبرك نفذ لأنتظارك يوم السبت , كم كان سروري أذ أخبرني الدكتور رانسوم أنك ستغادر المستشفى حينذاك ! ألست سعيدا لذلك؟".
" نعم , أنني سعيد جدا لذلك".
وفجأة نظر الى الجهة الأخرى وهو عابس , فضحكت فاي وقالت :
" سوف تأسف لفراقك الممرضات!".
فهز كتفيه ولكنها دنت منه وسألته:
" ماذا بك يا لو؟".
" لا شيء.... منزعج قليلا لأن الجميع في هوليوود سوف يبالغون في الأمر ويعطون لذراعي أهمية كبرى".
" أنهم يضمرون لك الخير".
" أعرف ذلك , ولكنهم يبالغون في كل شيء , وقد حدث لي ذلك الحادث وتقبلته , ولكن أذا حدث أن جاءني من يقول هذا شيء فظيع يا ولدي سأناوله ضربة قوية , فساعديني يا فاي".
" هذا ما تظنه الآن ولكن عندما تعود الى بيتك , سوف يتغير تفكيرك".
منتديات ليلاس
" ربما غيرت فكري كلية وسافرت الى الخارج , لدي الدنيا كلها أختار منها بلد أذهب اليه".
نظرت اليه فاي بقلق وقالت:
" أتترك عملك ؟ أفتتاح فيلم لوكريس في هوليوود بات وشيكا , ألم يخبرك ك. ك. تلغرافيا بذلك ؟ أنك لن تخذله يا لو".
" ألا تعرفين يا صغيرتي أنه بمجرد وضع الفيلم في علبته يصبح مخرجه عديم الأهمية , فيلم لوكريس سيعتمد على مزاياه فقط , وربما رجعت ثانية الى طلبطلة فهي بلدة ساحرة , وربما أستأجرت منزلا صغيرا هناك وبقيت حتى عيد الميلاد ثم أرجع لأرى طفل ديللا".
" بمناسبة ذكر طفل ديللا , وصلتني رسالة منها اليوم".
ثم أخرجت رسالة من حقيبة يدها وأخذت تقرأت فقرأت منها:
" أن الطفل بخير قولي للو أن سميّه ورث عنه ميواه نحو الجنس الآخر , فهو يبتسم للنساء فقط , وهو بلونه الأسمر وعينيه البنيتن الواسعتين ينتمي الى أسرة مارش , ذلك مع أنني كنت أظنه سيرث لون شعر أبيه الأحمر , وأنني أتطلع الى اليوم الذي تأتين فيه لرؤيته , وهل أخبرك ويل عند زيارته للو أننا أعددنا له ركنا للعبه ووضعنا فيه أرجوحة ورسمنا على جدرانه رسومات من والت ديزني وأنني متأكدة أنك ستعشقين طفلي الصغير فهو يتكلم بعينيه , أحضري لو عندما يتحسن وعندما يراه....".
ثم كفت فاي عن القراءة وكسا وجهها الأضطراب.
وفي الحال تذكر لو الغرفة الصغيرة في فندق ثيم حيث فقدت فاي طفلها , فراح يجاهد حتى يتغلب على تلك الذكرى , ثم قال لفاي:
" ديللا تألمت لأن زواجنا لم يقدر له النجاح كما نجح زواجها".
فتألمت فاي وأرادت أن تقولله:
" كلانا أخطأ , فأنت لم تأخذ كل ما عندي , وأنا كنت أنتظر أن تعطيني أكثر مما عندك".
لكنها آثرت أن تقول:
" يا لو , ماذا تريدني أن أفعل بخصوص يوم السبت ؟ أقصد أذا كنت لا تنوي الرجوع الى البيت؟".
" لا تقلقي عليّ يا فاي".
" ولكنني قلقة , كيف يمكنك التصرف بمفردك , هل ستذهب الى فندق؟".
" طبعا , سوف أطلب من الخادم أن يساعدني على أرتداء ملابسي , ومن النادل أن ينظف ملابسي عندما أسكب الحساء عليها".
ولكن أبتسامته تلاشت عندما رأى وجه فاي وقد شحب وقال لها:
" أنني أداعبك فقط أبقيتك بجانب سريري لأسابيع عديدة وأريدك أن تطيري نحو الشمس".
" أطير نحو الشمس".
" نعم , أفردي جناحيك وطيري نحو الشمس وأنسي وجودي".
" لا تتكلم بهذا الأسلوب يا لو".
" هذه هي الحقيقة فمن الآن لن آخذ المزيد من وقتك أو من شفقتك وسأبقى بمفردي".
" هذا خطأ وأنت تعرف ذلك".
وفجأة أعترى فاي الغضب أذ لا يمكنه البقاء وحده بذراع واحدة.
ثم قالت:
" أكلمك عن يوم السبت , يجب أن ترجع الى بيتك وسأذهب معك لأن قلبي لا يطاوعني على تركك تعثر وأنت تخدم نفسك , سوف أكون ذراعك التي فقدتها".
" ولكني أريد الذهاب الى طلبطلة".
" لا تكن مجنونا , تمهل قليلا حتى تسترد صحتك كاملة ثم أذهب حيث تشاء , ولكنك الآن تحتاج الى الغير".
" أنك كثل الممرضة جويس وأتمنى أن تعامليني برقة مثلها".
" هل تذهب الى البيت يوم السبت؟".
" نعم أيتها الممرضة".
وحان وقت أنصراف الزوار فقالت فاي:
" يجب أن أنصرف حتى لا تطردني ممرضتك جويس الحسناء , وسوف آتي غدا , تركت لك بعض الحلوى في الخزانة مع الكتاب الذي طلبته".
" أشكرك يا فاي".

الجبل الاخضر 30-03-11 01:10 PM

حممممممممممممممممممممممممممممممممماس نتتظر التكمله :dancingmonkeyff8:

نيو فراولة 30-03-11 05:30 PM

وكان لو ما زال ينظر الى الباب الذي خرجت مه فاي عندما دخل الدكتور رانسوم الذي قال:
" زوجتك , بجانب شجاعتها النادرة أنسانة طيبة جدا".
" شجاعة؟ لأنها تزوجتني؟".
" لا , بل أقصد أنها أنقذت حياتك ليلة الحادث , ألم تعرف؟ أنك كنت معرضا لفقد حياتك من النزيف لولا يقظتها , فقد أعدت ارباط المناسب مما وجدته حولها من أدوات , وهو الذي ساعد على أيقاف النزيف ,ثم ساعدتني في أجراء عملية بتر ذراعك بكل كفاءة , وكأننا في غرفة العمليات , وكان الدم يلطخ وجهها وشعرها وهي تجاهد لأنقاذ حياتك تلك الليلة , وتبذل مجهود عشرة رجال.........".
وبرقت عينا لو بدهشة بالغة فأمسك الدكتور رانسوم بكتفيه وقال:
" ماذا بك أيها الرجل؟".
وتمتم لو بصوت أجش:
"لماذا فعلت ذلك؟".
" أنها تفعل ذلك لأي أنسان , هذه طبيعتها".
" بكل تأكيد".
وأغمض لو عينيه وراح يفكر .... " وكان الدم يلطخ وجهها وشعرها ". أنه يراها تجاهد لأجله , لدرء الموت عنه , هل لأنها أحبته يوما ما؟ أم أنها تفعل ذلك لأي أنسان لطبيعة عملها كممرضة؟
وعندما عبر فاي ولو مدخل كريستال كورت الهادىء مساء السبت الى بيتهما قال لو:
" أين نتناول عشاءنا الليلة ؟ هل عندك أي أقتراح؟".
فنظرت اليه فاي وقالت:
" في الحقيقة يا لو وعدت ميمي وماكس أن أزورهما حال رجوعي الى هوليوود , وربما تناولت العشاء عندهما".
منتديات ليلاس
" أهو ماكس فورستر طبيبك؟".
" هو وميمي لطيفان للغاية , أتخذتهما صديقين لي أثناء عملي في مستشفى أنيتا هيل , ولهما ثلاثة صبيان أصغرهم وهو رولو له شعر ذهبي جميل".
" يبدو أنه سيكون لقاء لطيفا".
ووقف بجانبها في المصعد وود أن يلمس شعرها الذهبي القصير , الذي كانت ترتدي فوقه قبعة صغيرة لونها أحمر غامق , ولكنه تراجع بصعوبة فهي لم تعد له حتى يلمسها , وأن كانت معه في المصعد الذي يقلهما الى بيتهما حيث عاشا معا , وأمضيا أوقاتا سعيدة.
ولكنها كانت معه لأنه يحتاج الى ممرضة تساعده في أرتداء ملابسه , فتصلح من رباط عنقه وتربط له حذاءه وتعينه على تناول طعامه , وبعد وقت قصير سوف يتعلم أن يخدم نفسه وعندئذ تتركه وتمضي... نعم عندما يمكنه الحياة بذراع واحدة سوف تودعه.
وخرجا من المصعد, وبينما كان لو يفتح باب شقته كانت فاي كعادتها , تطل من نافذة الممر وتتطلع نحو الشوارع وقد أقبل الليل , وأضاءت الأنوار المنازل العالية , فوقف لو يراقبها برهة , ثم قال لها:
"تعالي أيتها الحالمة.... سيفوت الموعد مع أصدقائك".
أستدارت اليه لترى بعض الكآبة في عينيه , فقالت له:
" هل تفضل أن أذهب معك للعشاء؟".
" لن أفسد عليك ليلتك , تحملت الكثير بسببي في الأسابيع الماضية , فأخرجي وأستمتعي بوقتك".
وبعد أن أدخلا الحقائب الى الشقة رأى فاي تدخل حقيبتها الى الغرفة , فقال لها:
" لا أحب أن أراك تحملين حقيبتك".
" لست ضعيفة كالأرنب , برغم أني أبدو مثله".
" هل لك أن تأتي معي الى بيت الدكتور فورستر؟".
وكانت تتوقع أن يهزأ بأقتراحها , لكن فكرة تركه يتناول عشاءه في أحد الأندية وحده , حيث يتعرض لنظرات الرثاء تقلقها وتمس شفقتا ولذلك تشجعت وأبدت أقتراحها.
فلم يرد عليها لو لتوه , بل راح ينظر اليها بصمت حيّرها , وهمت أن تتراجع ولكنها قالت:
" أنهما لطيفان , وظننت أنك قد تود الذهاب معي".
" أود فعلا الذهاب معك , وجميل منك أن تطلبي مني ذلك يا فاي".
" حسنا.... أنهما يرحبان بالضيوف, وقد ظننت أنك لن تتمتع بعشائك وحدك بالخارج".
وبدا على وجهه تعبير ساخر , وقال لها:
" لا بد من الأعتراف أنني لم أكن متحمسا لأدع الخادم يقطع اللحم لي".
فقالت فاي مازحة , وأن كان الألم يعتصر قلبها:
" يمكنك أن تأخذ قطعة اللحم في يدك وتقضمها كأنسان الكهوف".
ثم حملت حقيبتها وقالت له:
" هل أنام الليلة في غرفة الضيوف؟".
" هذا طبيعي , وجميل منك أن ترغبي في مساعدتي , يا فاي , ولكنني قلق على عملك أذ كنت تواقة لأن ترجعي اليه".
" يمكنني أن أجد مكانا آخر أعمل فيه , فالممرضات دائما مطلوبات".
" حتى للعاجزين من الأزواج مثلي!".
فأبتسمت وقالت:
"سأستعد قبل الذهاب الى ميمي فورستر , فالرحلة كانت طويلة بالقطار".
ثم لما وصلت أن تناديني أذا أحتجت أليّ , فأنا هنا لخدمتك".
فأبتسم لو ووعدها بذلك , ولكن بعد أن أغلقت الباب عليها أختفت أبتسامته وتملكه اليأس , فملأ لنفسه كأسا من الشراب وأحتساها دفعة واحدة فألهب الشراب حلقه.

نيو فراولة 30-03-11 05:52 PM

لماذا وافق على أن يذهب الى بيت الطبيب فورستر , لم يكن السبب خوفه من أخفاقه في تناول الطعام في محل عام , بل لأنه يود أن يكون بجانب فاي , فهو متدله في حبها , وهذه هي الحقيقة التي يعرفها جيدا... أنه يشعر بقلبه يخفق وهو واقف بجانب غرفتها , ولم يتصوّر أن يتملكه حبها بهذا القدر الذي يجعله يريد أن يذهب اليها ويطلب صفحها لأنه لم يحبها من قبل.
دقت فاي جرس باب بيت الدكتور فورستر , وأبتسمت للو وقالت له:
" لا داعي لأن تبدو كأنك تزور طبيب الأسنان!".
" فعلا أشعر بمثل هذا الشعور".
وفتح ماكس الباب وبدت على وجهه نظرة أستغراب وهو يتفحص لو الذي مد يده اليه وقال:
" أنا لو مارش , أرجو ألا أكون متطفلا".
ونظر ماكس الى كم لو الخاوي الذي ظهر من تحت معطفه الخفيف , وهو يمد يده لمصافحته , والى أبتسامته الودية , وكان ماكس مستعدا أن يكره لو لأنه آلم فاي , ولكن الآن , وهو ينظر الى تلك الذراع المبتورة , وهو يتذكر الحادث الذي أدلت فاي بتفاصيله في رسالة الى ميمي , تلاشى ذلك الشعور بالعداوة نحوه , هذا الشيطان الوسيم لا يمكن أن يكون حقيرا , فحب فاي الذي أبدته له في الماضي يثبت ذلك , ووثوبه التلقائي اليها في القطار ليحميها من الموت كان عملا شجاعا خاليا من الأنسانية , راق ماكس كثيرا , قال ماكس:
" تعال أعرفك بميمي".
وكانت ميمي قد سمعت صوت رجل غريب , ثم رأته داخلا غرفة الجلوس , فبدا على وجهها التساؤل , فأبتسمت فاي وقالت لها وهي تقبلها:
" أصكحبت لو معي , وأرجو ألا يضايقك ذلك".
وكانت ميمي قد أخذت بذلك الرجل الأسمر الباسم فسألته:
" أنا في قمة صحتي".
منتديات ليلاس
وراح ينظر الى جمال ميمي بتقدير واضح , فأحمر وجه ميمي وأدركت الآن لماذا قالت فاي مرة أنها لم تتمكن من مقاومة سحر لو , كالقطة الصغيرة التي لا تقاوم كرة الصوف المعقودة , وسمعت ماكس يقول:
" دعني آخذ معطفك".
فخلعه وأعطاه الى ماكس شاكرا , ثم وقع نظر لو على دمية لطيفة من دمى الأطفال , وهي عبارة عن دب ملقى بجانب التلفزيون , أحدى أذنية برتقالية اللون ملتوية بشكل مضحك , ويرتدي رداء من الورق الوردي , فأبتسم وقال لميمي:
" أخبرتني فاي أن عندك ثلاثة من الصبية".
" نعم ثلاثة شياطين .... أنهم نائمون الآن في الطابق العلوي , أرجو أن تجلس , ماذا تشرب؟".
فصاحت فاي عبر الغرفة قائلة وهي تسلم معطفها الى ماكس :
" عصير البندورة".
وراح لو ينظر الى فاي وهي تخلع معطفها , فبدا من تحته ثوبها المرجاني اللون الذي أظهر قوامها النحيل , ثم قال لميمي:
" لا تأبهي لها فهي من الناس الذين يدوخهم عصير البرتقال , وأنني أرثى لها ".
فضحكت ميمي وقالت وهي تمزج المشروبات :
" سأقدم لك خليطا أخترعه ماكس , وأرجو أن تدعوني بميمي".
" حسنا".
ثم جاءت فاي , وجلست على ذراع مقعد لو , وأخذت تصلح من رباط عنقه وتقول:
" أنا لا أحسن رباط عنقك كما كنت تربطه من قبل فأنا لست بالخادم الماهر".
" ولكن لا بأس بما تفعلين".
قال ذلك وهو ينظر الى رأسها المنكس.
وجاءت ميمي بالمشروبات وقد راعها منظر فاي وهي منحنية تصلح رباط الرقبة للو , الشخص الوسيم المهيب , أما لو فأخذ يرشف المشروب ويهز رأسه رأسه أعجابا به , ثم سأل ميمي:
" هل ستقدمين المشروب نفسه الى فاي , أنه مشروب قوي".
فردت فاي تقول:
" لا , لن تقدم ميمي لي هذا المشروب".
قالت ذلك وهي تتقبل من ميمي عصير البرتقال العتيد.
وكان العشاء لذيذا جدا , وبعده دار حديث شائق عذب , وشعور بأسترخاء وأستمتاع , وعجب لو من فرط سعادته , فقد راقت له الغرفة الهادئة بمقاعدها المريحة , وبدمى الأطفال الموضوعة قرب التلفزيون , وبالطريقة المرحة التي كانت تأكل بها فاي وميمي الشوكولاتة كالأطفال في رحلة.
وتجسمت فاي أمامه في ذلك البيت المريح , فأذا نظر اليها رآها على سجيتها , وقد تخلصت من خجلها ومن مخاوفها , وأذ سمعت ميمي أحد الأطفال يبكي , فطلبت فاي من ميمي أن تصعد هي أليه , وقالت :
" أنه رولو , دعيني أصعد اليه يا ميمي , فسأعرف كيف أعيده الى النوم ثانية".
فضحكت فاي وقالت:
" بالتأكيد فأن رولو هو حبيبك".
ولما غادرت فاي الغرفة , سأل ماكس لو وهو يشعل له سيكارة:
" هل تعاني من ذراعك؟".
" أشعر أحيانا أنني ما زلت أحتفظ بيدي وأنني قادر على تحريك أصابعي".
" سوف نتخلص من ذلك الأحساس بالتدريج , وهل ستستخدم ذراعا صناعية بعد ذلك؟".
" لا بل أرفض الأطراف الصناعية , وسأعرف كيف أتصرف بدونها".
" أني أقرك على ذلك".

نيو فراولة 30-03-11 06:18 PM

ولما رجعت فاي قالت وهي تبتسم:
" لا عجب أن رولو لم يتمكن من النوم , وجدت في فراشه عربة لأطفاء الحريق , وقد جاهدت حتى أستبدلها بكلب مصنوع من الصوف .
فسألها ماكس:
" ماذا فعلت حتى أقتنع؟".
تقدمت فاي وجلست على حافة مسند مقعد لو وقالت:
" قصصت عليه قصة خيالية عن الكلاب , ولكنه لم يصدق كلمة واحدة منها , فأنتم تعرفون رولو".
فرد ماكس:
" أنه مثل والدته , فليس لديه ذرة من الخيال العاطفي".
ردت ميمي تقول:
" هذا ليس صحيحا , فقد بكيت أثناء عرض الفيلم الذي شاهدناه الأسبوع الفائت".
فسأل لو بأهتمام:
" ما هو أسم الفيلم؟".
" أنه فيلم عنوانه أيوين أبوت".
فألتفتت فاي الى لو تقول:
" أنه فيلم من أخراجك , سمعتك تذكر ذلك , وقد رأيته عندما كنت في كازا روش لتمريض جدتك , ولما ذكرت أمامك أنني أعجبت به أخبرتني أنك مخرجه".
فقال لو لفاي:
" نعم أنني أخرجته يا حبيبتي".
ثم ألتفت لو الى ميمي وقال:
" ما زلت أفرح كلما سمعت من يمدح ذلك الفيلم , فأنه واحد من أنجح أعمالي".
منتديات ليلاس
فقالت له ميمي:
" أعجبت بالخاتمة , وكيف نزلت الأمطار بغزارة بينما كانت أيرين تهرب من ذلك المنزل المعون , ثم لحظة وقعت عن حافة الهاوية , ولكن لماذا جعلتها تموت بدلا من أن يدركها زوجها في الوقت المناسب؟".
فرد لو يقول:
" وأفسد أحسن لقطة في الفيلم؟ لم أستطع مقاومة جعل أيرين تقفز عن الصخرة أثناء نزول المطر".
فردت فاي تقول معترضة:
" لا , أنك قاسي القلب يا لو".
" لقد كنت أميل الى أن أدع الزوج يتبعها الى حتفها".
ولكن فاي أعترضت تقول :
" ولكنه لم يحبها بذلك القدر , ولذلك كان الفيلم سيبدو بعيدا عن الواقع , من حسن الحظ أنك لم تتبع ميلك هذا".
فأمنت ميمي على كلامها:
" نعم , أنه يحبها لدرجة أن يموت معها ,وبذلك كان الفيلم سيفسد".
ثم قال ماكس:
" هل يمكن للرجل الواقف على حافة الموت أن يقول ( هذا هو الحب , يجب أن أتبعها) ... هل يعد هذا تصرفا طبيعيا؟ من الممكن أن يمسك بها لينقذها ولكن أذا أخفق في ذلك , هل يتبعها الى الهاوية؟".
فقال لو بهدوء:
"الفعل التلقائي لا يفهم على حقيقته أبدا , فهو يبنع من رغبة طبيعية للأحتفاظ بالذات , أو من رغبة طبيعية مماثلة للتضحية بالنفس , وليس من الضروري أن يكون الحب هو الدافع , فقد يكون الرجل متدلّها في حب أمرأته ولكنه يحجم عن أن يموت معها , بل يجد نفسه يحتفظ بذاته وهو فعل طبيعي , وفي الوقت نفسه قد يخاطر رجل بنفسه بدون تفكير كي ينقذ شخصا غريبا عنه".
فقال ماكس :
" هذا ممكن , ولكنه يتوقف على مدى أهتمام ذلك الشخص بسواه من الناس حتى يكرس نفسه لأنقاذ أحدهم أو يموت في سبيل أحدهم , فليس كل أنسان عنده هذه المقدرة بأن يحب الأنسانية جمعا حتى يهب تلقائيا , كي ينقذ حياة شخص غريب".
أخذ لو يراقب ماكس وقد أمتلأت عيناه بالحيرة , فشعر لو أن ماكس يحاول أن يضعه في مأزق ويجعله يصرح بشيء يفصح به عن الدافع الذي جعله يثب في القطار كي يحمي فاي وينقذها أو يموت معها.
لم يكن حبا بالأنسانية جمعا , ولكنه الرغبة الطبيعية لأن يكون معها في لحظة الهول , ينزل معها الى قاع الجحيم أو يرتفع معها الى أبواب السماء , ولا يهمه أن يختار طالما كانا معا , طالما كان معه ذلك الجسم الصغير في أيامه ولياليه الأبدية , وكان لو يعرف ذلك جيدا عندما وثب لأنقاذها , وأخيرا قال لو لماكس:
" أذا درسنا كل أفعالنا والدوافع التي تكمن وراءها لأمضينا نصف حياتنا لدى الأطباء النفسيين , أنا أترك فرويد لك ولكنني آخذ فلسفة لورانس التي أفهمها جيدا , ولما خرج لو مع فاي الى بيتهما , سألت ميمي ماكس وهي تجمع أكواب الشراب الفارغة:
" ماذا تظن يا ماكس؟ هل تظن أنهما سيظلان معا؟".
منتديات ليلاس
فرد يقول وهو يهز كتفيه ويرتكز عل المدفأة:
" فاي طيبة القلب , قد لا تتركه , هل قالت أنها ستفعل؟".
ردت ميمي تقول:
" بل قالت أنها ستبقى معه الى أن يتمكن من خدمة نفسه".
ثم جاءت ميمي الى ماكس ودفنت وجهها في صدره وقالت:
" هل أعجبك لو يا ماكس؟".
فلمس ماكس شعرها الناعم وقال:
" نعم يا حبيبتي , وأظنه قد مرّ , كما تعرفين , بتجربة مرة عبر الجحيم .... تجربة هذبت من قسوته كثيرا".
فتنهدت ميمي وقالت:
" أظن ذلك , وأتمنى أن يظلا معا , فهو يحبها , وقد فقد ذراعه من أجلها".
ثم تذكرت نظرة الحب التي فوجئت بها في عيني لو عندما كانت فاي تصلح من رباط عنقه , فقالت لماكس:
" أعتقد أن هذا الرجل المعقد مجنون بحب فاي".
فضحك ماكس وعادت هي تقول:
" أنا متأكدة من ذلك يا ماكس".
فرد يقول:
" وهل عارضتك في ذلك , يا حبيبتي؟".

نيو فراولة 30-03-11 07:41 PM

وفي التاكسي سألت فاي لو وهي تراقب وجهه على ضوء مصابيح الشارع:
" هل أعجبك ماكس وميمي فورستر يا لو؟ أنك كنت مندهشا , فماذا كنت تتوقع ؟ أنهما لا يعرفان التعالي ولا التظاهر الكاذب , أنهما طبيعيان جدا وهما أحسن من عرفت".
فقال لو:
" هما على شاكلتك , لا بريق ولا سخرية لاذعة ولا أطماع دنيئة".
" نعم".
ثم ضحكت فاي وألقت برأسها الى الوراء على مقعد التاكسي وقالت:
" هما طبيعيان ولطيفان ومستقيمان".
ثم تثاءبت وغطت فمها بيدها وقالت:
" يبدو أنني تعبت قليلا , فهل تشعر بالتعب يا لو ؟ هذا أول يوم لك خارج المستشفى , ويعتبر أن هذا يوم طويل بالنسبة اليك".
فرد لو يقول:
" أمضيت ساعات عديدة في الفراش خلال الأسابيع الفائتة , ولذلك أحمد الله على أنني أقف على ساقي ثانية".
كان لو يراقبها وهو يتكلم , فأندهش لجاذبيتها وأهتمامها به , لم تكن لها أساليب أو محاولات أغراء , بل كانت صبية حلوة نقية تبدو منقوعة في الندى كأزهار الصباح , وشعر أنه غير واثق من نفسه وراح يتساءل كيف يتحاشاها وهو يريدها بكل قوته , بل يشتاق الآن لأن يتحسس خدها الجميل وخصلات شعرها الذهبي القصير , ويشك في قدرته على أن يخمد ذلك الشوق , ولن يرتاح طالما هي في بيته يراها تقوم بدور الممرضة الغريبة عنه , أو الصديقة الصغيرة المؤدبة , فلن يكون ذلك هينا عليه , ثم همست فاي تقول:
" أنني معجبة بالدكتور رانسوم , فهو أنسان متكامل".
" وهل يدهشك أنني معجب به أيضا ؟ أنا أشعر أنني أود أن أدق عنقه كلما رأيته ينظر اليك , بعكس ما كنت أشعر أتجاه جيري كوفمان".
" تدق عنق الدكتور رانسوم؟ لماذا نفعل ذلك , وأنا لا أعني شيئا بالنسبة اليك!".
منتديات ليلاس
" بل أنت الدنيا لي وأكثر".
ثم تنبه لما صرّح لها به , فأعتدل في جلسته , وقال:
" لا تلقي بالا لما قلته يا فاي, فهو مثل سطر رخيص داخل أحد الأفلام".
" أنه ليس رخيصا , بل يساوي الكثير أذا كنت تعنيه".
وساد سكون متوتر بينهما , ثم مد لو يده اليها وعندما لمسها تبخّركل تحفظه كي يداري حبه لها وأشتياقه اليها , وهمس يقول:
" لا أقبل منك شفقة , ولكن أن كان عندك شيء آخر فسأقبله وأنا أجثو على ركبتي".
فأحتوت فاي وجهه بين يديها وقالت له:
" لو , يا حبيبي , لا داعي لأن تجثو".
ثم لفت ذراعها حول عنقه وقالت له:
" يا قرصاني الصغير , أنني أكره أن أراك ساجدا , أنه شيء لا يناسبك ".
" أنك تدعينني بالقرصان العزيز وتنسي كم آلمتك؟".
" أسكت".
ثم أخذت فاي تتحسس برفق شعره الأسود , بينما راحت نبضات قلبها تقفز فرحة لقربه منها , وقد مضى ذلك الغريب الذي ودعته في أنكلترا , أما لو الحالي فكان مختلفا لأنه يبوح لها بحبه .... ثم همست تقول:
" كل ما مر بنا قبل هذه اللحظة لا يهم , أما هذا الحب الذي وجدناه سويا فهو كل شيء".
" ولكنك صرّحت لي أن سعادتك هي في البعد عني , وأنا أريد سعادتك ولن أتسبب في تكبدك المزيد من الألم".
ثم ألصق وجهه بوجهها وشمّ رائحة العطر الخفيف العالق بثوبها وشعر بدقات قلبها المتلاحقة فقال:
" أنك جميلة وحلوة ولن أدعك تذهبين".
" ولكنني لا أريد الذهاب , كنت مجنونة عندما قلت لك أن سعادتي هي في البعد عنك , أنا لا أحيا أو أحس أذا بعدت عنك , قل لي أنك لا تريدني لمجرد خدمتك يا قرصاني الحبيب".
" أنني أريدك لذلك يا ملاكي!".
وشعر بالرضى والسعادة وهو يدخل ثانية فردوس حبها الدافىء ثم قال لها وهي لاصقة به , وقد ندت عنها أنة تعبر عن رضاها وسعادتها:
" هل تعرفين ما أنوي شراءه لك؟".
فضحكت وقالت :
" ولكنني لا أريد أية هدايا".
" سوف تريدين هذه الهدية.... سأشتري لك منزلا كمنزل ميمي فورستر مع حديقة واسعة , فما قولك؟".
لم ترد عليه لتأثرها وتأكدها من حبه لها , ثم تأكدت كذلك أن السحب القاتمة لن تضلل ذلك البيت أبدا , بل ستظل الشمس تسطع فوقه دائما , وأجابت بحنان:
" سوف نسكن معا ذلك البيت يا حبيبي!".



تمت

katia.q 31-03-11 06:43 AM

تسلم الأيادي قصة جميلة جدا


http://www.mooode.com/data/media/275/5thanks_25.gif

hoob 01-04-11 12:56 AM

روعه جميله جدا

اماريج 01-04-11 07:24 PM

تشكر حبيبتي على الرواية الروعة

دوما ياغالية ننتظر جديدك

http://up.liilas.com/uploads/liilas_13016786161.gif


ربي اسالك الجنة 02-04-11 12:43 AM

:98yyyy:
تسلمين حبيبتي على الرواية من جد روعة :331:
ودمتي في قلوبنا احلى نيو فراولة0 :shokrn::000::000::000:

فجر الكون 02-04-11 07:59 PM

روعة الروايه

Rehana 05-04-11 08:11 PM

تسلمى يالغلا على مجهودك المميز
وبانتظار جديدك دائما

http://www.zestcards.co.uk/cards/tha...%20flower2.jpg

زهرة منسية 21-06-11 10:49 PM

يسلموا ايديكى لتانى مره استمتعت بيها كتير

ندى ندى 03-07-11 03:06 AM

جميله جدا جدا

Moubel 14-07-20 03:25 PM

قصة جميلة، شكرا


الساعة الآن 05:25 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية