منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   85 - عنيد - آن ميثر - روايات عبير القديمة ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t149826.html)

نيو فراولة 12-10-10 07:51 PM

85 - عنيد - آن ميثر - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
85- عنيد - آن ميثر - روايات عبير القديمة

الملخص


من منا يعرف ما كتب له القدر؟
ميراندا لورد غّير القدر مصيرها فجأة , حين علمت بموت شقيقتها و زوجها في حادث طائرة مفجع , نجت منه ابنتهما الصغيرة بأعجوبة .تركت ميراندا كل شيء في لندن و سافرت الى المكسيك بحثاً عن ابنته اختها .
منتديات ليلاس
عائلة كويراس ذات النفوذ الواسع احتضنت الطفلة لوسي , ورفض خوان التخلي عنها مهما كان الثمن . صراع ميراندا مع هذة العائلة الثرية كان رهيباً , واجهت وحدها الطغيان والأفتراء و الأكاذيب و محاولة تحطيمها بشتى الوسائل .لكن مقاومتها في اثبات حقها بأخذ لوسي لم تضعف , حتى عندما عرض عليها خوان الزواج و تبني الطفلة . لكن رافاييل الأخ الاكبر المعارض والرافض يقف في طريقها . ميراندا تحترق حائرة بين نداء الواجب و نداء قلبها , فالى أيهما تستسلم ؟

نيو فراولة 12-10-10 07:54 PM

1- الطفلة اليتيمة


كانت خيوط الفجر الفضية بدأت تحل بسرعة محل ظلام الليل الدامس , عندما خرج رافاييل من ذلك المنزل القديم وفتح ذراعيه ليملأ رئتيه بالنسيم العليل , ويمتّع نظره بجمال الوادي الأخضر .وفي الداخل , كانت مولودة جديدة تصرخ بأستمرار بالرغم من أحتجاجات والدها فرانكو ماكيراز , وسمع رافاييل الوالد السعيد يحمد ربه بأخلاص وأمتنان على نجاة أبنته السابعة وسلام زوجته.
شعر الشاب المكسيكي فجأة بالتعب الشديد يدب في جميع أوصاله , ففي اليوم السابق , قطع مسافة لا تقل عن مئتي كيلومتر على طرقات لم يكن معظمها معبدا , ليشارك في أحتفال أقيم في قري سوستانسيا , وبمجرد عودته قبل منتصف الليل بقليل , جاءه فرانكو مذعورا يطلب منه المساعدة لأن زوجته الحامل تتألم كثيرا وطبيب المنطقة موجود في قرية بعيدة.
ومع أن رافاييل لم يمارس مهنة الطب منذ بضعة أشهر , ألا أنه نجح في التخفيف من آلام السيدة ماكيراز بمهارة فائقة بحيث تمت الولادة بصورة طبيعية وسهل للغاية , ولما عاد رفاييل ليأخذ سترته من تلك الغرفة الوحيدة التي تستخدمها عائل ماكيراز للأكل والنوم والجلوس واللعب , بادره فرانكو قائلا:
" ما يمكنني أن أقولك لك يا سيدي أنني ممتن للغاي , لو لم تكن موجودا وسارعت ألى مساعدتنا .......".
وترقرقت الدموع في عينيه ثم أضاف بصدق وأمانة :
" أنا مدين لك طوال العمر ".
منتديات ليلاس

هز رفاييل رأسه وأجابه بهدوء وأخلاص مماثل :
" لا يا صديقي , أنت لست مدينا بشيء ! أنا لم أكن سوى أداة العلي القدير على ولادة طفلتك وسلامة زوجتك , أنا لم أكن سوى أداة في يده , عز وجل".
" أوه , طبعا , طبعا يا سيدي ! ولكن مساعدتك لنا يجب ألا تذهب هباء , فهل من شيء على الأطلاق , يمكنني القيام به لأفيك بعض حقك؟".
" أتصل بالطبيب رودريغز بمجرد عودته".
" طبعا , طبعا يا سيدي , وماا لا شك فيه ........ سيكون سعيدا للغاية لأنك خففت عنه بعض الأعباء".
ودّع رفاييل الوالدين الفقيرين متمنيا لهما وللفتيات السبع دوام الصحة والعافية , ثم خرج ألى سيارته وهو يشعر بحاجة ماسة ألى الأستحمام وأرتداء ثياب نظيفة , وأخذ قسط من النوم والراحة......ولو لمدة ساعتين فقط , ولكنه كان يعلم أن ذلك مستحيل في هذا الوقت بالذات , أذ أن عليه الأنضمام ألى كاهن القرية لمشاركته في أقامة القداس ثم التوجه ألى المزرعة لمقابلة شقيقه خوان , وتساءل بشيء من المرارة عما أذا كان قراره حكيما عندما تخلى مؤقتا عن متابعة دراسته وأبحاثه في مكسيكو سيتي كي يعود ألى غواداليما لحضور مأتم عمه , وخاص لأن الفترة التي كان حددها لنفسه بأسبوع واحد أو بعشرة أيام على أكبر تقدير أمتدت رغما عنه لبضعة أشهر , لقد حضر بملء أرادته للمشاركة في جنازة عمه الراحل , الذي أمضى معظم حياته كاهنا ورعا يخدم أبناء منطقته بمحبة وأخلاص , كما أنه كان يعلم مدى أشتياق والدته له , وهو أبنها البكر , ولكن الكاهن الجديد بدأ يعتمد على مساعدته كما أن أبناء المنطق أخذوا يحملون أليه مشاكلهم ويطلبون منه أعانتهم بطريقة أو بأخرى ,ألا أنه لا يرغب في البقاء طوال حياته في هذه القرية الخصبة التي تقع في أعالي الجبال , والتي تعيش فيها عائلته منذ أجيال عديدة.

نيو فراولة 12-10-10 07:56 PM

تأمل رافاييل تلك المساحة الشاسعة أمامه والمكتظة بأشجار الفاكهة وسنابل القمح , ورثها عن والده وأمضى فيها السنوات الثلاثين الأولى من عمره , ولكنه لم يرغب في الأحتفاظ بها , وبدأ شقيقه الأصغر خوان يهتم بها ويرعاها , لم يكن يريدها منذ حداثة سنه , فقد كان ميالا ألى تحصيل العلم والأنطلاق في مجالات الفكر والثقافة أكثر بكثير من السعي ألى تحقيق المكاسب المادي والأنزواء في قرية صغيرة بعيدة , أختلف ووالده كثيرا حول هذا الموضوع أذ أن تلك الأرض ملك لعائلة كويراس منذ أكثر من ثلاثمئة سنة , يتوارثها الأبناء عن الآباء , وتذكر رفاييل قصة جده الأكبر ألبرتو كويراس الذي أحب هذه المنطقة ألى درجة قرر فيها التخلي عن وطنه الأم أسبانيا وعن نفوذه الواسع فيه , للأقامة نهائيا في هذه الأرض الخصبة المنعزلة تقريبا عن بقية أنحاء المكسيك.
وتذكر أيضا كيف أن ذلك الجد الثري بنى بيتا وغرس العديد من الأشجار قبل أن يرسل بطلب زوجته وأولاده , وكيف أن تلك الممتلكات أخذت تكبر وتنمو بحيث أصبحت حاليا أحدى أضخم وأغنى المزارع في المنطقة , وكان الأبن الأكبر يرثها عن والده ويورثها لأبنه البكر وأنجح مما كانت عليه لدى أستلامه أياها.
ألا أن رفاييل تمرد وثار على التقاليد ,ولأن والده علّمه منذ صغره أن يأخذ ما يريد على أنه حق مكتسب له , فقد ظل يحذو حذو أبيه ويسير على خطاه لحين شعر بالأزدراء من تلك الأناني والعقلي الأستبدادي , كانت بداي الأشمئزاز عندما أكتشف أن لوالده عشيقات من بين الخادمات والعاملات في الحقول , ولكن الوالد الماجن أقنعه بأن ليس في الأمر أي خطأ أو عيب , مما جعله في وقت لاحق قادرا على كسب مودة أي أمرأة يعجب بها أو يريدها لنفسه , وساعدته في تحقيق تلك الأنتصارات وسامته وشخصيته القوية , بالأضافة ألى الأموال الطائلة الموضوعة بتصرفه.
منتديات ليلاس

وعندما أنتقل ألى الجامعة وأبتعد عن والده ونفوذه السيء بدأت نظرته الطيبة تقوى على الأفكار الشريرة والطباع البغيضة التي زرعها والده في رأسه , وبدأ يحوّل أهتمامه أكثر فأكثر ألى العلوم والثقافة , وأخذ رفاييل يشعر بالأنزعاج والأسى الشديدين عندما أصبح يحس أثناء أجازاته السنوية بمدى فقر العمال والفلاحين وظروف معيشتهم الصعب والسيئ وتفشّي الأمراض بين أفراد عائلاتهم , وأقتنع الشاب المثقف بأن ما من شيء على الأطلاق يربطه بهذه الأراضي الغنية والشاسعة التي ستصبح ملكا له , ولكنه كان يعلم علم اليقين بأن قراره التخلي عن مسؤولياته بالنسبة لأدارة هذه الممتلكات سيثير غضب والده وحنقه , ولكن الوالد مات بنوبة قلبي فيما رافاييل يتخرج من كلي الطب , وبما أن شقيقه الأصغر خوان لم يبد أبدا أي أهتمام في تحصيل العلم وكان موجودا في المزرعة عند وفاة أبيه , فمن الطبيعي والبديهي أن يتولى هو أدارة أعمال المزرعة لحين حضور الوريث الشرعي.
أرتاح رافاييل كثيرا في ممارس عمله كطبيب يخصص معظم وقته لمعالج المرضى الفقراء ومساعدتهم مواساتهم ,ولكن والدته أخذت تلاحقه بعناد وأصرار مطالب أياه بأيجاد شريكة لحياته تنجب له أبناء يحفظون أسم الائلة وتقاليدها ويرث كبيرهم مستقبلا هذه الأراضي والممتلكات , ولم يكن الطبيب الشاب راغبا في الزواج أو أنجاب الأطفال , ففتر العبث والمجون التي أمضاها منذ سنوات المراهق الأولى حتى بداي العشرينات من عمره خلّفت رد فعل قويا في الأعوام اللاحقة , لم يعد يشتهي الفتيات الجميلات اللواتي كن يتهافتن عليه , وشعر بأن ما من أمرأة ستجتذبه أو تثير أعجابه بعد الآن , وبالأضافة ألى ذلك , قرر رافاييل خدمة المجتمع وعدم الألتهاء بزوجة وعائلة , وبالرغم من دموع أمه وأثرارها.
أنتهى قداس الصباح حوالي الساعة السابعة , فتوجه رافاييل ألى المزرع لمقابل شقيقه , دخل القاعة الفسيحة وراح يتأمل حوله بأعجاب وأرتياح جمال ذلك المبنى القديم الذي لم يبق من بنيانه الأصلي سوى القاعة وثلاث غرف مجاور , بالأضافة ألى غرفة فسيح الأرجاء في الطابق الأعلى , وكان كل من الورثة الذين تعاقبوا على أمتلاك المبنى يعمل على تدعيمه وأضافة غرف وقاعات حسبما تدعو الحاج أو تشتهيه النفس , ألى أن أصبح قصرا كبيرا يغطي مساحة شاسعة .
" سيد رافاييل!".
كان صوت مدبرة المنزل جيزابيل حنونا وقويا , ويعبّر عن محبة وأخلاص حقيقيين لرافاييل , فهو لا يزال بالنسبة لها سيد القصر المطاع.
" صباح الخير , يا جيزابيل".
قالها رافاييل بحنان مماثل وهو ينظر ألى السيد الهندية المسنّ التي تخدم عائلته منذ أكثر من ثلاثين سنة بأخلاص لا يضاهى , والتي تدير شؤون المنزل بحزم وقوة.
" علمت أن خوان يريد مقابلتي , فهل تعرفين أين هو الآن؟".
تركت جيزابيل يد رافاييل التي كانت تمسك بها بيديها القويتين وقالت له بلهفة واضحة :
"أنك لا تعتني بنفسك على الأطلاق أثناء وجودك في ذلك الكوخ الصغير الذي تقيم فيه".
أحتج رافاييل بهدوء قائلا :
" أنه ليس كوخا , يا جيزابيل , ثم....... أين أخي الآن؟".
" أنه يتناول فطوره على الشرفة , يا سيدي , هل أكلت شيئا هذا الصباح؟".
هز رافاييل رأسه وأجابها بأبتسامة لطيفة:
" لا , لم تتح لي الفرصة بعد".

زهورحسين 12-10-10 08:32 PM

:flowers2:شكراااااااااااااا:flowers2:
:flowers2:

نيو فراولة 12-10-10 11:25 PM

نظرت أليه بقلق واضح وقالت معترضة على تصرفاته :
" ألا تلاحظ أنني على حق , لا تأكل , لا ترتاح بما فيه الكفاية , لا.........".
" كنت منشغلا جدا الليلة الماضية .....".
" أوه , صحيح ! تذكرت الآن , أنها تلك السيدة ماكيراز , أليس كذلك ؟ جاء زوجها في وقت متأخر جدا يسأل عنك , هل تمت الولادة بصورة طبيعية ؟".
هز رافاييل رأسه المتعب وأبلغها بأن السيدة وضعت طفلة جميلة , ثم أضاف قائلا :
" والآن ..... يجب أن أقابل خوان ".
" سأحضر لك فطورا خفيفا مع القهوة , يا سيدي ".
خرج رافاييل ألى الشرفة فأستقبله شقيقه بأبتسامة خفيفة قائلا له وهو يمضغ لقمة كبيرة :
" أسعدت صباحا يا رافاييل , أرى أنك أستلمت رسالتي ".
" وهل كنت تشك في ذلك؟".
ثم جلس في كرسي مجاور وأضاف بهدوء :
" أرجو أن تكون مختصرا , فلدي كثير من المهام هذا اليوم ".
صبّ خوان لنفسه فنجانا آخر من القهوة ثم قدم الأبريق ألى أخيه , هزّ رافاييل رأسه وقال :
"ستحضر لي جيزابيل بعض القهوة , أنها تصر على أنني لا أعتني كثيرا بنفسي ".
منتديات ليلاس

" صحيح , هذا أمر لا يمكنني أن أفهمه ...... أوه , الأفضل ألا أتابع هذا الحديث فقد تجادلنا فيه سابقا بما فيه الكفاية ! هيا , أشرب بعض العصير , ألا تعتقد أن سياسة الحرمان الذاتي الذي تنتهجها يجب ألا تشمل الطعام ؟".
" أنا آكل ما يكفيني , وهذا هو المهم , والسؤال الرئيسي هو حول سماح الأنسان لنفسه بالأكل حتى التخمة في حين أن نصف سكان العالم يموتون جوعا !".
نظر أليه خوان بأستهزاء وسأله متأففا :
" وهل تعتقد أنني سأساعد هؤلاء الجياع أن أنا حرمت نفسي من فنجان قهوة أو قطعة حلوى؟".
" لا فائدة من هذا النقاش , كما ذكرت أنت بنفسك قبل قليل ".
وفي تلك اللحظة وصلت جيزابيل ومعها الفطور المخصص لرافاييل , وبعد أن أعطت تعليمات مشددة للطبيب الشاب بأن عليه تناول طعامه كاملا , عادت ألى عملها مفسحة المجال أمام الشقيقين للتحدث بحرية.
" هل لي أن أطلب منك خدمة , يا رفاييل ؟".
" تفضل".
" هل تذكر طفلة الأرسالية؟".
قطب رافاييل حاجبيه وقال :
" الفتاة البريطانية ؟ طبعا , أتذكرها ".
" يبدو أن أسمها قد يكون لوسي كارمايكل ".
" قد يكون ؟".
" صحيح , فمن المستحيل القول بالتأكيد من تكون بما أنها هي على ما يبدو لم تعد تتذكر شيئا عن ماضيها , ألا أنه كانت على متن الطائرة التي تحطمت قبل بضعة أسابيع , عائلة تدعى كارمايكل , مؤلفة من أبوين وأبنة في حوالي الثامنة من العمر".
" وهل تعتقد أن هذه الفتاة هي التي وجدها بنيتو سانتوس؟".
" ربما , ربما!".
" ولكن , هل يعقل ذلك؟ أين تحطمت الطائرة؟".
" في الجبال ......على بعد خمسة وعشرين كيلومترا من هنا ".
شرب رافاييل جرعة من القهوة اللذيذة وقال لشقيقه مشككا :
" يبدو أن هذا الأحتمال واردا , ولسوء الحظ , أصرت السلطات المسؤولة على أن تحقق في كافة الأحتمالات ".
" لسوء الحظ؟".
" نعم , لسوء الحظ ,لأن الطفلة لا تميل أليّ كثيرا".
أستوى رافاييل في كرسيه ثم سأل خوان بأستغراب :
" وما هي بالتحديد نواياك أتجاه الفتاة الصغيرة؟".
تنهد خوان وأجاب شقيقه بتردد :
" لا أدري! لم أتخذ بعد قرارا نهائيا بشأنها , ولكنني أفكر جديا بموضوع التبني .....".
قاطعه رافاييل قائلا بدهشة واضحة :
" التبني ؟ ولكن ....... قد يكون لها أقرباء!".
هبّ خوان واقفا بعصبية وقال :
" أن لها أقرباء , ولهذا السبب أطلب مساعدتك".
" مساعدتي؟ لكنني لا أرى كيف يمكنني مساعدتك في هذا المجال".

نيو فراولة 12-10-10 11:45 PM

أشعل خوان غليونه وقال لأخيه بشيء من الحدة :
" تمهّل لحظة وسوف أشرح لك كافة التفاصيل , أكتشفت السلطات أن للفتاة قريبة راشدة هي شقيقة أمها , وكما هو متوقع , فأنها تعيش في بريطانيا ".
" وهل تم أبلاغ الخالة بأحتمال أن تكون أبنة شقيقتها قد لا تزال حية؟".
" نعم , نعم , ولهذا السبب بالذات طلبت مساعدتك ".
" كيف؟".
" سوف تأتي هذه السيدة قريبا جدا لمقابلة الطفلة , وللتأكد بنفسها مما أذا كانت حقا لوسي كارمايكل أم لا".
" لكنني لم أفهم بعد كيف يمكنني مساعدتك في هذا الصدد".
" أنتظر , أنتظر!".
ردّد خوان هذه الكلمة بعصبية واضحة , فيما بدا أنه يجد صعوبة في شرح المهمة التي يريد من شقيقه القيام بها , أشعل غليونه مرة أخرى ثم جلس قبالة أخيه وقال متلعثما :
" سوف ....... سوف أوضح لك كل شيء , خالة الطفلة شابة ..... غير متزوجة , أنها الأنسة لورد , وهي...... ستصل غدا , أريد..... أريدك أن تستقبلها ".
" أنا؟ ولماذا أنا؟ وألى أين ستصل؟".
" ألى مكسيكو سيتي , بالطبع".
" خوان! أنك تهذي! كيف يمكنني أن أقابها في العاصمة وهي لا تعرفني , كما أنني لا أكاد أعرف الطفلة ! أذا كنت تريد مقابلتها , فعليك الذهاب بنفسك لأستقبالها".
تنهد خوان بأسى ورفع ذراعيه قائلا بشيء من الحسرة :
" لا يمكنك أن تطلب مني ذلك ! وماذا سأقول لها؟ أنت تختلف عني كثيرا ....... تعرف الناس وكيف تتحدث أليهم , شخصيتك قوية و..... وتتحدث الأنكليزية بطلاقة".
" أهذا هو سبب الأستدعاء العاجل؟".
" نعم".
شرب رافاييل الجرعة الأخيرة من قهوته الباردة , ثم نظر ألى شقيقه وقال له بلهجة حادة :
" أنني لا أفهم لماذا لم تعمل السلطات المسؤولة على أحضار هذه الآنسة ألى غواداليما؟".
" لأن المسؤول عن الأرسالية , الأب أستيبان , قرر أن يترك القضية بيت يديّ".
" وهل من أنجاز تأمل في تحقيقه من جراء ذلك ؟".
أحمر وجه خوان قليلا وقال :
" أنجاز ؟ أنها كلمة توحي بأننا نعمل في الخفاء لتنفيذ مؤامرة ما!".
منتديات ليلاس

" لا , لم أقصد ذلك على الأطلاق , فما تنوي القيام به بالنسبة للطفلة أمر مثير للتقدير والأعجاب , ولكنني لا أتصور أن فالنتينا سترحب بفكرة أنها ستصبح فجأة أما لفتاة في الثامنة من عمرها ".
" أننا غير متزوجين بعد , يا رافاييل".
" أعلم ذلك يا عزيزي , ولكن الزواج متوقع , لا بل وأنه معد سلفا".
تأفف خوان وهو ينهض من كرسيه ثم قال بحدة :
" اللعنة ! ماذا يمكنني قوله لعانس في منتصف العمر ؟ كيف سيكون بأمكاني أن أشرح لها مشاعري أتجاه الطفلة ؟ وأذا كانت حقا لوسي كارمايكل , فكيف يمكنني أقناع الخالة بأن الفتاة ستسعد معنا هنا أكثر بكثير من وجودها في تلك البلاد الباردة المزعجة ؟".
" أعتقد أنك تتحدث بأنفعال وبغير موضوعية , فأنت لا تعرف شيئا عن بريطانيا , كما أن الفتاة قد تكون مسرورة جدا للعودة مع خالتها , فرابط الدم قوي , ومشاهدة خالتها مرة أخرى , قد يعيد أليها ذكرياتها ".
تنهد خوان بحرقة وقال بتأفف:
"أعرف , أعرف , هل تعتقد أنني لم أفكر بهذه النقطة بالذات ؟ ألا تعلم أن هذا هو السبب الأساسي لطلبي مساعدتك ؟ أريدك أن تتحدث مع هذه السيدة وأن تشرح لها أني لست رجلا شريرا , أريدك أن تخبرها الحقيقة وهي أن الفتاة نفسها تحبني وأنني بدوري معجب بها ألى درجة كبيرة , وجود الطفلة معي أفضل لها بكثير من وجودها مع خالتها".
" بكلام آخر , تريدني أن أثني على صفاتك وخصائصك الحميدة كي تنظر الآنسة لورد في أمكانية التخلي لك عن أبنة شقيقتها!".
" قل لي يا رافاييل ! ألا تعتقد معي أن الفتاة ستكون سعيدة جدا هنا , مع كل ما يمكنني تقديمه لها؟ وهل بأمكان تلك السيدة .... الخالة أن تمنحها من الحب والحنان والرعاية أكثر مما يمكنني أنا منحها أياه؟".
" كيف تعرف ذلك ؟".
أشعل خوان غليونه وأخذ منه نفسا عميقا وقال :
" الأمر واضح من الثياب الرثة تقريبا التي كانت ترتديها عندما تم العثور عليها , وكذلك من تلهفها ألى الكماليات التي وفرتها لها حتى الآن ".
" أسمع يا خوان! أذا كنت حقا تريد مساعدة الطفلة للعيش في بحبوحة , فما عليك ألا أن تعرض على خالتها معونة مالية ".
حدّق به خوان مذهولا وقال بصوت عال :
" لا! لا يمكنني أن أفعل ذلك".

نيو فراولة 13-10-10 08:02 PM

هز رافاييل كتفيه ورد بهدوء :
" مجرد أقتراح بسيط , لا أكثر ".
" أنني أناشدك بأن تقابل هذه الخالة تفعل ما طلبته منك , ربما.... ربما تمكنت من أقناعها بتغيير رأيها و......".
قاطعه رافاييل بشيء من العصبية قائلا :
"خوان! ألا تريد أن تعرض مساعدة مادية؟".
" وهل قلت أنني قد أفعل ذلك ؟".
عقد رافاييل جبينه وقال لأخيه وهو يهب واقفا من كرسيه:
" حسنا , سأقابل الآنسة لورد , والسبب في ذلك هو خوفي من أنك قد تفكر بطريقة أخرى للأحتفاظ بالطفلة".
" أنني متعلق بها جدا ويسعدني كثيرا أنها تعاملني كوالدها الذي فقدته قبل أسابيع , أنه لأمر مثير للغاية أن يجد أنسان مثلي نفسه محور الأهتمام الوحيد في عالم طفلة صغيرة".
غادر رافاييل الشرفة وتوجه ألى غرفة والدته في الطابق الأعلى , كانت تقرأ جريدة الصباح عندما دخل أبنها مبتسما , وضعت الجريدة جانبا ومدّت ذراعيها لأستقباله قائلة , فيما كان يمسك بيديها وينحني ليقبل رأسها :
" أذن ستذهب ألى مكسيكو سيتي لمقابلة تلك السيدة!".
" هل سمعت حديثنا ؟".
منتديات ليلاس

أبتسمت السيدة أيزابيلا وقالت :
" كيف لا , وصوت أخيك يعلو بين الحين والآخر , بالمناسبة , هل تعتقد أنه محق في سعيه لتبني هذه الطفلة؟".
" أنني أخشى ...... في أي حال , خوان راشد بما فيه الكفاية ليقرر بنفسه ما يريد ".
هزت السيدة الموقرة رأسها وقد علت وجهها مسحة من الحزن , ثم سألت أبنها البكر :
" هل هو حقا , يا رافاييل ؟".
ولما لم يعلق بشيء على تلك الملاحظة , سألته أمه بشيء من القلق :
" أذا ذهبت ألى العاصمة فسوف تعود , أليس كذلك ؟".
" طبعا يا أمي , وألا فكيف ستجد السيدة البريطانية طريقها ألى هنا! ثم أنني مضطر للعودة ألى مكسيكو سيتي في القريب العاجل ".
" ولكنك لم تمض وقتا طويلا هنا يا بني ! لم نرك ألا نادرا...".
" وقتي ضيق جدا يا أمي ".
" أعرف , الجميع يطلبون وقتك , ونصائحك , ومعلوماتك الطبية , فيما أنا...... أمك الحبيبة.... لا أحظى منك ألا بدقائق محدودة في ألأسبوع !".
أقترب رافاييل مرة أخرى من السرير وجلس قرب والدته الحزينة ثم قال لها وهو يمسك بيديها :
" أعدك بأنني سأحضر لزيارتك كلما سنحت لي الفرصة بذلك".
ومضى ألى القول , فيما كانت تحتضن رأسه وتقبله باكية :
" يجب أن أذهب الآن لأستحم , ولأبلاغ كاهن القرية بأنني متوجه غدا صباحا بأذن الله ألى العاصمة ".
" وهل ستنتقل بالطائرة المروحية ألى بوابلا؟".
" نعم , وأتصور أنني سأجد سيارة هناك يمكنني أستخدامها ".
" توجد سيارتان جديدتان أشتراهما شقيقك قبل فترة وجيزة , ولكن , أرجوك , لا تسرع! معظم الطرقات خطرة جدا".
ودّع رافاييل والدته وغادر القصر متوجها ألى سيارته , وفي الخارج , شاهد شقيقتيه التوأم , كارلا وكونستانسيا البالغتين من العمر ثمانية عشر عاما تمتطيان جواديهما وتقتربان منه , عانقهما معا , فيما كانتا تحتجان على مغادرته القصر بتلك السرعة , وقالت له كارلا :
" أعتقد أن خوان طلب منك مقابلة تلك السيدة ... خالة الطفلة الصغيرة , أليس كذلك ؟".
ولما رد عليها بالأيجاب , أعترضت كونستانسيا بالقول :
" دعه يذهب هو بنفسه !".
ووافقتها كارلا قائلة بحدة :
" لماذا يريدك أن تضيّع وقتك الثمين لمقابلة سيدة مسنّة تأتي من بلاد باردة تعيسة ؟".
" هذا يكفي , يا كارلا ! أنكما لا تعرفان شيئا عن الآنسة لورد , وأعتقد أنه لا يحق لكما أطلاق هذه الأوصاف على أنسانة قد تكون عكس ذلك تماما ".
" هل يمكنني مرافقتك ؟".
" لا أظن أن هذه فكرة جيدة ".
" لماذا؟ فعلى الأقل لن تصاب بالملل........".
ولما قاطعتها كونستانسيا طالبة أيضا مرافقة الشقيق الأكبر , قال لهما رافاييل بهدوء :
" لا يوجد لنا جميعا مكان كاف في الطائرة المروحية , سأراكما غدا بأذن الله , ألى اللقاء".

dalia cool 13-10-10 08:15 PM

يعطيكي الف عافية امل الرواية باين علية روووووووووووعة:flowers2::flowers2:

نيو فراولة 13-10-10 08:36 PM

2- التحدّي

كان الطقس حارا وخانقا بعد ظهر ذلك اليوم , فيما كان المطار الدولي في عاصمة المكسيك يعج بمئات المسافرين والقادمين والمستقبلين , ولم يكن رافاييل من الأشخاص الذين يحبون الحشود أو الضجيج , لا بل أنه يتفادى ذلك قدر أستطاعته , ومما زاد في أنزعاجه أنه أضطر للأقامة في فندق المطار يوما بكامله , لأن الطائرة التي تقل السيدة البريطانية تأخرت عن الوصول أربعا وعشرين ساعة بسبب عطل فني.
وما أن أعلن عن وصول الطائرة المنتظرة , حتى توجه رافاييل ألى القاعة المخصصة للمستقبلين , لم ينتبه ألى عيون الشابات التي كانت تلاحقه بنظرات الأعجاب والرغبة , لم يكن مهتما ألا بكيفية أستقبال تلك السيدة والعودة ألى الأعمال الكثيرة التي كانت تنتظره.
وقف رافايل في أحد جوانب القاعة وراح يتأمل بأهتمام بالغ جميع السيدلت المتوسطات الأعمار اللواتي كنّ يدخلن , من باحة المطار , ولحسن حظه , كانت كل من تلك السيدات تجد شخصا أو أشخاصا في أستقبالها , وفجأة دخلت سيدة على كرسي متحرك تدفعه شابة ممشوقة القامة تتفحص المستقبلين بهدوء وروية , وشعر رافاييل بالأنقباض , هل يمكن أن تكون تلك السيدة المقعدة هي الآنسة لورد , وتلك الشابة ممرضتها أو مساعدتها ؟ ألا أنه سرعان ما أكتشف أن تكهنه لم يكن في مكانه , أذ أقترب رجل وأمرأة من السيدة المتعبة وراحا يتحدثان أليها بعطف ومحبة كأنهما يواسيانها , أذن , أين هي الآنسة لورد ؟ من المؤكد أن عليها توقع حضور شخص لأستقبالها ! هل يعقل أن تغادر المطار وتحجز لنفسها غرفة في أحد الفنادق بدون الأتصال بمكتب الأستعلامات ؟
" عذرا , أيها السيد!".
نظر بسرعة ألى صاحبة الصوت الرقيق ليجد قربه تلك الشابة التي كانت ترافق السيدة المقعدة , أرتفعت معنوياته قليلا , أذ أن تلك السيدة الحزينة قد تكون بالفعل الآنسة لورد.
" نعم".
قالها بشيء من العصبية لأن الشابة الجميلة والجذابة فاجأته وهو شارد الذهن مبعثر الأفكار , وفيما كان يتأمل بسرعة وأعجاب قوامها الرشيق وجمالها الأخاذ , قالت له بصوت دافىء ولهجة بريطانية واضحة :
" عذرا ! هل أنت السيد كويراس ؟".
توترت أعصابة قليلا ولكنه أجابها بلطف وتهذيب :
"نعم , أنا رافاييل كويراس".
" هل قلت رافاييل ؟ آسفة , ولكنني كنت أتوقع وجود السيد خوان كويراس ! ".
أبتسم رافاييل بأدب عندما لاحظ خيبة أملها الواضحة وقال مطمئنا :
" خوان كويراس هو شقيقي , يا آنسة , هل تتحدثين بالنيابة عن الآنسة لورد ؟".
أبتسمت الشابة الجميلة وهي تجيبه قائلة :
" بالنيابة عن ..... أوه , لا يا سيد , أنا لا أتحدث بالنيابة عن أحد , أنا هي الآنسة لورد ميراندا لورد!".
أصيب رافاييل بدهشة عارمة وذهول بالغ , وكأن تلك الشابة أعلنت للتو عزمها على طعنه بخنجر حاد أو أطلاق النار عليه , لم يصدق! لا يمكن أن هذه الصبية الحلوة هي الخالة المتوسطة العمر التي ينتظر وصولها من بريطانيا! هذا مستحيل , كالخالات أو العمات في بلاده هنّ عادة متوسطات الأعمار أو حتى مسنات ! وسمعها ذاهلا تسأله بمرح ظاهر :
" هل من مشكلة ؟ هل كنت تتوقعني بشكل آخر ؟".
منتديات ليلاس

أزعجه جدا أن تعرف بالتحديد سبب ذهوله وأرتباكه , وتضايق من الطريقة التي كانت تنظر بها أليه , لم تعجبه نظراتها الساخرة , فتنحنح قليلا وأجابها بهدوء مصطنع :
" لا , أبدا يا آنسة! كنت أتوقع أن تكوني ....... أكبر سنا , لا أكثر!".
" التوضيح سهل للغاية , فأختي تكبرني بأثني عشر عاما ".
بدا عليها التأثر الواضح بمجرد التحدث عن شقيقتها الراحلة , ولكنها أبتسمت مرة أخرى وقالت له :
" آسفة لأنني خيبت آمالك , يا سيد كويراس ".
تطلّع رافاييل حوله متفاديا نظراتها الساخرة وأدرك أنه لم يعد بأمكانهما البقاء طويلا في تلك القاعة , لأن طائرة أخرى بدأت تحط على مدرج المطار.
" تفضلي معي , يا آنسة , هل لديك حقائب؟".
" واحدة فقط , أنها تلك الحقيبة الزرقاء الموجودة هناك , سأحضرها ".
" أنا سأحضرها لك يا آنسة".
ما أن أقترب رافاييل من الحقيبة , حتى لاحظ أن زواياها بالية بعض الشيء وأنها ليست من النوع الذي تبتاعه آنسة ثرية , أو حتى مرتاحة ماديا , وتذكر كلمات شقيقه بالنسبة ألى الطفلة اليتيمة , ربما كان محقا في تصوراته , فهذه الشابة ليست مؤهلة لأن تكون وصيا على فتاة في الثامنة من عمرها , عاد بالحقيبة وقال لصاحبتها بأدب :
" هيا بنا يا آنسة ".
" أرجوك أن تناديني بأسمي الأول , ميراندا , أنني معتادة على ذلك , وأفضله كثيرا على كلمة آنسة".

نيو فراولة 13-10-10 08:57 PM

لم يعلّق رافاييل بشيء على تلك الملاحظة , بل أشار برأسه نحو باب الخروج , وفي طريقهما ألى السيارة , قالت له ميراندا :
" أتصور أنك تنتظرني منذ يوم أمس , أنني آسفة جدا ,ولكن الطائرة تعرضت لعطل فني طارىء , صدقني , كانت رحلة مرهقة للغاية".
ثم نظرت حولها وقالت بأرتياح ظاهر :
" يا لهذه الأزهار الجميلة الرائعة ! أنني لا أكاد أصدق أنني هنا ....... في المكسيك , أنها بلاد ساحرة وأنا متشوقة جدا لمشاهدتها , وبخاصة لأنها أحدى المرات القليلة التي أسافر فيها ألى الخارج".
" كنت أتصور أن هدف حضورك ليس للتمتع بالمناظر الطبيعية , يا آنسة".
أحنت رأسها قليلا ثم نظرت أليه وقالت بهدوء:
"فقدت أختي وزوجها منذ أكثر من أربعة أشهر , وأضطررت لأقناع نفسي بتقبل الحقيقة المرة وهي أنهما لن يعودا أبدا ".
أدرك رافاييل أنه يترك أنطباعا سيئا عن نفسه عندما يتصرف على ذلك النحو مع شابة غريبة , ولكنه لم يقل شيئا.
" سيارتك؟".
قالتها برصانة وهي تحاول أخفاء أعجابها الشديد بتلك السيارة الجديدة والمشهورة بمزايا عدة , بما في ذلك السرعة التي يمكن أيصالها بسهولة ألى أكثر من مئتي كيلومتر في الساعة , هز رافايل رأسه نفيا وهو يقول :
" أنها لشقيقي , يا آنسة ".
ثم فتح الباب داعيا أياها للجلوس في المقعد الأمامي ,وبعد أن وضع الحقيبة في الصندوق , جلس وراء المقود وأطلق العنان لذلك المحرك القوي , أنها المرة الأولى منذ زمن بعيد تجلس فيها قربه شابة أو سيدة , بأستثناء شقيقة أو والدة أو قريبة , ومع أنه قرر تجاهل وجودها قربه , ألا أنه لم يتمكن من تجاهل رائحة عطرها الجميل وحرارة جسدها الدافىء , ولما أنتبه ألى أنها تنظر خارجا بأهتمام واضح , أرغم نفسه على التصرف بصورة طبيعية وراح يشرح لها بأيجاز عن الجبال المحيطة بالمدينة مع ألقاء بعض الضوء على النواحي التاريخية والثقافية للبلاد ككل , ولاحظ رافاييل أنها أصيبت بخيبة أمل عندما توجه جنوبا نحو بوابلا عوضا عن الذهاب عبر العاصمة , وقال لنفسه : أن بأمكانها مشاهدة معالم المدينة بمفردها عندما تنتهي من المهمة التي حضرت لتنفيذها , وسمعها تسأله فجأة :
" كم تبعد غواد اليما من هنا ؟".
" لا تزال أمامنا مسافة طويلة , يا آنسة ".
وصمت لحظة ثم مضى ألى القول :
" غاب عن بالي أن أسألك في المطار عما أذا كنت جائعة أم لا , ما رأيك في تناول وجبة خفيفة من الطعام في أحد المطاعم القريبة من هنا ؟".
" شكرا على أهتمامك بي , ولكنني تناولت طعام الغداء على الطائرة".
وبعد بضع لحظات , نظرت أليه مجددا وسألته بجدية :
" كنت أتوقع ملاقاة شقيقك في المطار , هل هو مريض؟".
أشتدت قبضته على مقود السيارة وهو يجيبها قائلا :
" لا! لا يا آنسة! أنه ليس مريضا".
منتديات ليلاس

" ألا أن هناك سببا آخر لعدم مجيئه ,أليس كذلك؟".
ولم تنتظر جوابه أذ سألته مرة أخرى بأصرار وتحد :
" أنك لم تكن راغبا في الحضور , أليس هذا صحيحا؟".
دهش رافاييل من هذا الأيحاء وسألها بهدوء مصطنع :
" لماذا تقولين ذلك , يا آنسة ؟".
" الأمر واضح للغاية , لديّ شعور بأنني أكثر من مجرد أزعاج بسيط لك".
" آسف".
" لا , لست آسفا على الأطلاق , ولكنني أتمنى معرفة السبب الحقيقي الذي دفعك ألى المجيء طالما أنك تشعر بهذه الطريقة".
تنهد رافاييل وقال متأدبا :
" أعذريني يا آنسة ! أنني...... أنني متعب قليلا".
هزت رأسها ثم قالت له :
" أخبرني عن لوسي".
تردد رافاييل لحظة وسألها بهدوء :
" وهل أنت متأكدة من أن الطفلة الموجودة في غواداليما هي حقا لوسي ؟".
" أرسل لي كاهن المنطقة , الأب ... أستيبان على ما أذكر , صورة فوتوغرافية عنها , أنها ليست أفضل صورة لها , ولكنها تظهر شكلها وملامحها بصورة لا تقبل الشك , ولا أتصور أن هناك في المكسيك آلاف الفتيات الصغيرات اللواتي تنطبق عليهن مواصفات لوسي ".
" أنت على حق".
" بالمناسبة , علمت أن شقيقك يعاملها معاملة طيبة للغاية ".

نيو فراولة 13-10-10 09:36 PM

شعر رافاييل بأن الفرصة سنحت كي يفاتحها برغبة أخيه , ولكنه تروّى قليلا لأن هذه الشابة تختلف أختلافا تاما عما يتصوره خوان , ثم قال :
" شقيقي متعلق كثيرا بالطفلة".
هزت برأسها كأنها تعرف ذلك مسبقا , وقالت :
" هذا ما فهمته أيضا من الكاهن , يجب أن أشكر أخاك على أهتمامه البالغ بها , هل لديه أولاد؟".
" أنه ليس متزوجا , يا آنسة".
أبتسمت ميراندا وقالت له بلهجة شعر معها أنها تستخف به مرة أخرى:
" أذن , فليس لديه أي أولاد , صحيح؟".
أطبق رافاييل شفتيه بحدة ,ثم قال :
" لديه خطيبة , وسيتزوج قريا ".
" أوه! وأنت , يا سيد , هل أنت متزوج ؟ هل لديك أطفال؟".
" كلا".
رفعت حاجبيها بأستغراب وقالت :
" يبدو من نبرتك أن هذا الموضوع غير وارد على الأطلاق".
ثم أبتسمت ومضت ألى القول :
" وأنا أيضا غير متزوجة , ألا أنني كنت أتصور أن الناس في الدول اللاتينية يتزوجون في سن مبكرة".
" لا يمكنك القول أن الجميع يتزوجون باكرا أو حتى أنهم يريدون الزواج على الأطلاق".
لاحظت أنفعاله فقالت له ببرودة أعصاب مزعجة :
" لديك كل الحق في ذلك , أنني أدرك تماما أن العادات والتقاليد لم تعد ترغم جميع الناس على الزواج ".
" لم أكن أعني ذلك أبدا , يا آنسة!".
" حقا؟".
تأملت عنقه وكتفيه العريضين بعض الوقت قبل أن تنظر ألى معصمه وتتفحص بدقة ساعته الذهبية الثمينة , ثم حوّلت نظراتها ألى يديها , تضايق رافاييل من ذلك , فما من أمرأة مكسيكية نظرت أليه بهذه الطريقة من قبل ! أين الأحترام واللياقة ؟ هل أصبحت الفتاة في بلادها تعتبر نفسها مساوية للرجل , بكل ما لتلك الكلمة من معنى ؟ لقد سمع أن هذا هو ما يجري هناك , ولكنه وجد صعوبة فائقة في تصديق ذلك , ووجد نفسه فجأة يتنهد بقوة ويسألها :
" هل لديك يا آنسة , أي نية للزواج في المستقبل القريب؟".
منتديات ليلاس

أتسعت عيناها دهشة وأستغرابا وقالت له :
" لا , ليس في المستقبل القريب , ثم ...... لماذا توجّه أليّ مثل هذا السؤال؟".
أرتبك رافاييل لأنه في الأساس لم يكن معتادا على أحاديث شخصية كهذه , ولكنه أستجمع قواه وقال لها :
" لمجرد .... لمجرد السؤال , لا أكثر ".
لماذا لا يفاتحها بالموضوع ويدخل ألى صلبه بدون لف أو دوران ؟ المسألة صعبة للغاية , ولكن لديه مهمة يجب تحقيقها مع كل ما يتطلب ذلك من جرأة وشجاعة وقرر أن يسألها :
" ماذا ستفعلين يا آنسة فيما...... فيما لو كانت الطفلة فعلا أبنة أختك؟".
قطبت ميراندا حاجبيها وسألته بأستغراب :
" ماذا سأفعل؟ لا أفهم ماذا تعني , يا سيد!".
" أنني أصوغ جملي بكلمات مبهمة , فأعذريني , , ما أعنيه بالتحديد هو.... هل ستعيدينها معك ألى بريطانيا ؟".
" طبعا! وهل هناك من مكان آخر يمكنني أن أخذها أليه؟ ليس لدينا , أنا وأختي الراحلة سوزان , أي شقيقات أو أشقاء , كما أن والدينا توفيا قبل حوالي ثماني سنوات , وعندما حظي بوب زوج أختي بوظيفة جيدة في البرازيل وأنتقلت العائلة ألى هناك , كنت لا أزال طالبة في الجامعة , لم أر أيا منهم منذ أكثر من ستة عشر شهرا ".
" أذن , فقد تجدين ....... صعوبة في رعاية الطفلة!".
أستدارت نحوه بسرعة وقالت بشيء من الحدة :
" وهل أنت حقا مهتم بمصلحتها ألى هذه الدرجة ؟".
" من الطبيعي والمؤكد أن يكون واجب كل أنسان الأهتمام بطفلة مثلها , أنها تحتاج ألى يد قوية تساعدها وتؤمن لها معيشة كريمة ولائقة ! تحتاج ألى طعام جيّد وثياب متوافرة ! أنها بحاجة ألى شخص يكون دائما قريبا , وعلى أستعداد لتقديم النصح والمعونة !".
" وهل تعتقد أنني غير قادرة على توفير ذلك لها؟ هل هذا مل ترمي أليه , يا سيد ؟".
" أنا لم أقل ذلك , يا آنسة , ولكنك شابة في مقتبل العمر , فأين سيكون مكان طفلة صغيرة يتيمة في حياتك؟".
نظرت أليه بعصبية ومرارة قائلة له ببرودة :
" لدي شعور بأنك تريد أبلاغي أمرا ما , يا سيد".

نيو فراولة 13-10-10 09:43 PM

شعر رافاييل بأن الفرصة سنحت كي يفاتحها برغبة أخيه , ولكنه تروّى قليلا لأن هذه الشابة تختلف أختلافا تاما عما يتصوره خوان , ثم قال :
" شقيقي متعلق كثيرا بالطفلة".
هزت برأسها كأنها تعرف ذلك مسبقا , وقالت :
" هذا ما فهمته أيضا من الكاهن , يجب أن أشكر أخاك على أهتمامه البالغ بها , هل لديه أولاد؟".
" أنه ليس متزوجا , يا آنسة".
أبتسمت ميراندا وقالت له بلهجة شعر معها أنها تستخف به مرة أخرى:
" أذن , فليس لديه أي أولاد , صحيح؟".
أطبق رافاييل شفتيه بحدة ,ثم قال :
" لديه خطيبة , وسيتزوج قريا ".
" أوه! وأنت , يا سيد , هل أنت متزوج ؟ هل لديك أطفال؟".
" كلا".
رفعت حاجبيها بأستغراب وقالت :
" يبدو من نبرتك أن هذا الموضوع غير وارد على الأطلاق".
ثم أبتسمت ومضت ألى القول :
" وأنا أيضا غير متزوجة , ألا أنني كنت أتصور أن الناس في الدول اللاتينية يتزوجون في سن مبكرة".
" لا يمكنك القول أن الجميع يتزوجون باكرا أو حتى أنهم يريدون الزواج على الأطلاق".
لاحظت أنفعاله فقالت له ببرودة أعصاب مزعجة :
" لديك كل الحق في ذلك , أنني أدرك تماما أن العادات والتقاليد لم تعد ترغم جميع الناس على الزواج ".
" لم أكن أعني ذلك أبدا , يا آنسة!".
" حقا؟".
منتديات ليلاس

تأملت عنقه وكتفيه العريضين بعض الوقت قبل أن تنظر ألى معصمه وتتفحص بدقة ساعته الذهبية الثمينة , ثم حوّلت نظراتها ألى يديها , تضايق رافاييل من ذلك , فما من أمرأة مكسيكية نظرت أليه بهذه الطريقة من قبل ! أين الأحترام واللياقة ؟ هل أصبحت الفتاة في بلادها تعتبر نفسها مساوية للرجل , بكل ما لتلك الكلمة من معنى ؟ لقد سمع أن هذا هو ما يجري هناك , ولكنه وجد صعوبة فائقة في تصديق ذلك , ووجد نفسه فجأة يتنهد بقوة ويسألها :
" هل لديك يا آنسة , أي نية للزواج في المستقبل القريب؟".
أتسعت عيناها دهشة وأستغرابا وقالت له :
" لا , ليس في المستقبل القريب , ثم ...... لماذا توجّه أليّ مثل هذا السؤال؟".
أرتبك رافاييل لأنه في الأساس لم يكن معتادا على أحاديث شخصية كهذه , ولكنه أستجمع قواه وقال لها :
" لمجرد .... لمجرد السؤال , لا أكثر ".
لماذا لا يفاتحها بالموضوع ويدخل ألى صلبه بدون لف أو دوران ؟ المسألة صعبة للغاية , ولكن لديه مهمة يجب تحقيقها مع كل ما يتطلب ذلك من جرأة وشجاعة وقرر أن يسألها :
" ماذا ستفعلين يا آنسة فيما...... فيما لو كانت الطفلة فعلا أبنة أختك؟".
قطبت ميراندا حاجبيها وسألته بأستغراب :
" ماذا سأفعل؟ لا أفهم ماذا تعني , يا سيد!".
" أنني أصوغ جملي بكلمات مبهمة , فأعذريني , , ما أعنيه بالتحديد هو.... هل ستعيدينها معك ألى بريطانيا ؟".
" طبعا! وهل هناك من مكان آخر يمكنني أن أخذها أليه؟ ليس لدينا , أنا وأختي الراحلة سوزان , أي شقيقات أو أشقاء , كما أن والدينا توفيا قبل حوالي ثماني سنوات , وعندما حظي بوب زوج أختي بوظيفة جيدة في البرازيل وأنتقلت العائلة ألى هناك , كنت لا أزال طالبة في الجامعة , لم أر أيا منهم منذ أكثر من ستة عشر شهرا ".
" أذن , فقد تجدين ....... صعوبة في رعاية الطفلة!".
أستدارت نحوه بسرعة وقالت بشيء من الحدة :
" وهل أنت حقا مهتم بمصلحتها ألى هذه الدرجة ؟".
" من الطبيعي والمؤكد أن يكون واجب كل أنسان الأهتمام بطفلة مثلها , أنها تحتاج ألى يد قوية تساعدها وتؤمن لها معيشة كريمة ولائقة ! تحتاج ألى طعام جيّد وثياب متوافرة ! أنها بحاجة ألى شخص يكون دائما قريبا , وعلى أستعداد لتقديم النصح والمعونة !".
" وهل تعتقد أنني غير قادرة على توفير ذلك لها؟ هل هذا مل ترمي أليه , يا سيد ؟".
" أنا لم أقل ذلك , يا آنسة , ولكنك شابة في مقتبل العمر , فأين سيكون مكان طفلة صغيرة يتيمة في حياتك؟".
نظرت أليه بعصبية ومرارة قائلة له ببرودة :
" لدي شعور بأنك تريد أبلاغي أمرا ما , يا سيد".

نيو فراولة 14-10-10 12:43 PM

تنهد رافاييل وهو يتمنى للمرة المئة لو أنه رفض القيام بهذه المهمة الصعبة , ولكنه قرر مفاتحة الشابة الأجنبية بصراحة تامة , فقال لها :
" أن شقيقي , يا آنسة , مهتم لدرجة كبيرة بحياة الطفلة ومستقبلها , وهذا أمر طبيعي للغاية , وبخاصة لأنها كانت خلال الأسابيع الماضية .... محور أهتمامه ورعايته".
" ولكنها لا تتذكر من تكون , أليس كذلك؟ كيف تظن أنها ستشعر عندما تعلم أن..... أن والديها قتلا قبل فترة قصيرة؟".
" من المستحيل الأجابة على ذلك أيضا".
" طبعا , ولكن ألا تعتقد أنه من الضروري بالنسبة ألى فتاة مثل لوسي أن تكون مع أنسان تعرفه حق المعرفة ويهتم بها ويرعاها , أكثر من كونها مع أنسان آخر؟".
" ربما كان ذلك صحيحا , يا آنسة ".
" ولكنك لست متأكدا , أليس كذلك؟ أظن بأنني بدأت أعرف السبب لعدم حضور أخيك لمقابلتي , أرادك أن تتحدث بأسمه......... أن تكون محاميه , أذا صح التعبير ولكن , لماذا؟ ماذا تعني لوسي بالنسبة أليه؟".
شاهد رافاييل أضواء مطار بوابلا بأرتياح , لأنه أصبح بأمكانه التحول ألى موضوع آخر , تطلع أليها وقال لها بلهجة تنم عن عدم الرغبة في متابعة مناقشة قضية الطفلة:
" سنتابع رحلتنا بطائرة مروحية , وعندما نصل , تلتقين أخي وتتعرفين على حقيقة نواياه ورغباته".
منتديات ليلاس

عندما أرتفعت بهما الطائرة في الجو , أنفرجت أساريره وأستعاد الكثير من سكسينته وراحة باله , فهو يحب الطيران منذ حداثة سنه وقد درّبه والده على قيادة الطائرات المروحية وتلك التي تطير بمحرك واحد حتى أصبح يضاهيه قدرة ومهارة وهو لم يزل في الرابعة عشرة من عمره , وبعد فترة من الوقت , أنتبه ألى أن الفتاة التي تجلس قربه لم تتفوه بكلمة واحدة منذ سماعها جملته القاسية والحازمة , ما ذنبها كي يعاملها ويتحدث أليها بمثل تلك الخشونة التي ليست من طبيعته أو صفاته! ستنتهي مهمته خلال نصف ساعة ولن يعود مسؤولا عنها , فلماذا لا يقول لها الآن ما يخفف عنها قليلا ويريح أعصابها المتوترة؟ أختار كلماته بدقة ثم أبتسم وقال لها :
" لا أحد يا آنسة ينوي أن يأخذ أبنة أختك منك...... هذا أذا كانت الطفلة فعلا هي أبنة أختك ".
أزاحت وجهها عنه وقالت :
" لا أحد يقدر على ذلك".
أزعجه أصرارها وشدّة عزيمتها , من الواضح أنها لا تدرك مدى قوة عائلة كويراس ونفوذها في هذه المنطقة , وألا لما كانت تحدثت أليه بمثل هذه اللهجة وهذا التحدي , علّق على جملتها قائلا بهدوء:
" لو كنت مكانك , يا آنسة , لما أتّخذت هذا الموقف , أنت لست في بريطانيا الآن ".
" هل تتهددني يا سيد؟".
صعد الدم بسرعة ألى رأسه , ولكنه حافظ على رباطة جأشه وقال لها :
" لا , يا آنسة ! أنا لا أهددك , بل أقدم أليك نصيحة أتصور أن عليك أخذها بعين الأعتبار".
" وأنت , يا سيد , ماذا تفعل ؟ هل تعمل لدى شقيقك في أدارة هذه الممتلكات الغنية التي ذكرها لي الأب أستيبان في رسائله المتعددة ؟ وهل مقابلتك لي هي أحدى المهام التي يطلبها منك أخوك؟".
لم يشعر رافاييل بمثل هذا الغضب العارم منذ فترة طويلة , ولكنه تمكن من أجابتها ولو بحدة قائلا :
" لا ! لا يا آنسة , أنا لا أعمل لدى شقيقي وليست لدي أي علاقة بهذه المتلكات والأراضي"
.

نيو فراولة 14-10-10 12:55 PM

أصابها ردّه بحيرة ودهشة شديدتين , ولكنه فضّل عدم الخوض في أي تفاصيل تتعلق بوضعه الحالي , من المؤكد أنها ستعرف ذلك قريبا , ولكن ليس منه هو في أي حال , وسمعها تقول له بدهشة , عندما حطّ بالطائرة في المكان المخصص لها الذي يطل على القصر :
" أوه , ولكن...... كنت أعتقد أن لوسي تقيم في مبنى الأرسالية مع الأب أستيبان !".
" هذا صحيح , يا آنسة , ولكن مبنى الأرسالية صغير لا يتسع لأكثر من المقيمين فيه حاليا , ولهذا أصر شقيقي على أستضافتك هنا , بالأضافة ألى ذلك , فليس من المستحسن أيقاظ الطفلة وأرباكها في مثل هذا الوقت المتأخر ".
مد يده عارضا عليها المساعدة للنزول من الطائرة وبعد لحظة من التردد , وضعت يدها النحيلة الباردة في يده القوية الدافئة , كانت تلك المرة الأولى التي يلمسها فيها , ولاحظ من الطريقة التي نظرت بها أليه أنها تشعر بوجوده ألى درجة كبيرة , سحب يده بسرعة وقد سرّه أقتراب الميكانيكي جيراردو سانشيز منهما مهرولا بعض الشيء وملوحا بكلتا يديه , وبعد أن تحادثا قليلا , دخل سانشيز الطائرة وأحضر الحقيبة الزرقاء فيما كان رافاييل يقول لضيفة أخيه :
"هيا بنا , فأفراد العائلة على أحر من الجمر , أخبرني جيراردو أن أخي لم يستلم رسالتي بشأن تأخير طائرتك , ومن المؤكد أنه وأمي أقنعا نفسيهما بأنني تعرضت لحادث سيارة أو طائرة".
أحست بالذنب والمرارة وكأنها هي المسؤولة عما حدث , ولكنها أرتاحت كثيرا عندما لاحظت أبتسامته , وقالت له بعفوية :
" أنك تبدو أفضل بكثير عندما تبتسم".
قطعا المسافة الفاصلة بين مربض الطائرة المروحية وباحة القصر مستخدمين سيارة رافاييل التي كانت بأنتظاره , وما أن شاهدته والدته ينزل من السيارة , حتى هرعت نحوه فاتحة ذراعيها , وهي تقول :
" رافاييل ! أوه , يا رافاييل ! الحمد لله يا ربي , الحمد لك!".
منتديات ليلاس

عانقها رافاييل بحنان وتأثر ثم أبعدها عنه بهدوء :
" أمي , أقدم أليك الآنسة لورد ....... الآنسة ميراندا لورد".
أتسعت عيناها دهشة وكأنها أصيبت بصدمة ,ثم سألته بالأنكليزية تأدبا ولياقة :
" الآنسة لورد ؟ خالة الطفلة , القادمة من بريطانيا؟".
" صحيح , يا أمي , آنسة لورد , أقدم أليك والدتي ...... السيدة أيزابيلا كويراس".
مدّت ميراندا يدها نحو السيدة المذهولة التي صافحتها بتهذيب , ولكن ببرودة وجفاف واضحين , وبعد لحظة تمكنت أن تقول لها بأدب لا يجوز الأستغناء عنه :
" هل كانت , رحلتك مريحة , يا آنسة؟".
" ألى حد ما , مع أن الطائرة تأخرت يوما كاملا في جمايكا , أنني آسفة لعدم أستلامك رسالة أبنك بهذا الخصوص , وللقلق الشديد الذي حصل نتيجة ذلك".
نظرت الأم ألى أبنها بسرعة وسألته بلهفة :
" هل هذا صحيح يا رافاييل ؟ هل بعثت لنا برسالة ؟".
" طبعا , وقد أبلغني جيراردو بأنه لم يتم أستلامها هنا , في أي حال , ها نحن وصلنا سالمين , والآن أعذراني , فعليّ الذهاب فورا لأن لدي أعمالا عاجلة يجب الأهتمام بها بدون أبطاء".
حدّقت به ميراندا وسألته غير مصدقة , وسألته :
" هل ستذهب في هذا الوقت المتأخر؟".
" أخشى ذلك , يا آنسة , فكما قلت لك , أنا لا أقيم هنا , سوف تتولى والدتي الأهتمام بك , ومن المؤكد أن أخي سيقابلك خلال فترة قصيرة ".
" ولكن......".
قفز ألى سيارته بسرعة متفاديا نظراتها ورجاء أمه بالبقاء مودعا :
" ألى اللقاء , سأراكما قريبا , أن شاء الله".

نيو فراولة 14-10-10 10:59 PM

3- ظهور مفاجىء
لم تنم ميرندا من قبل في سرير بمثل هذه الفخامة والضخامة , لا بل لم تكن تعلم بوجود رفاهية كهذه , فقد ولدت ونشأت في بيت عادي بسيط لحين مقتل والديها في حادث سيارة , وبما أنها كانت لا تزال طالبة في سن المراهقة , فقد أضطرت للعيش مع شقيقتها سوزان المتزوجة حديثا .
كانت ميراندا وسوزان مختلفتين تماما من حيث المزايا والصفات والطباع , وتسببت غيرة سوزان من شعبية أختها الصغرى في المدرسة والمجتمع بأحداث قدر كبير من التنافر بينهما , ومع ولادة لوسي , أخذت تخصص معظم وقتها وأنتباهها لأبنتها وتهمل بالتالي نفسها ...... وزوجها , وأدى ذلك مع مضي الوقت ألى تحول أهتمام بوب ألى شقيقة الزوجة , لم تشجعه ميراندا على هذا التحول , ألا أن طبيعتها المرحة وشخصيتها المحببة جعلتاه يتودد أليها وهي جاهلة تماما نواياه السيئة , وكان لحسن حظها أنها أكتشفت حقيقة أهدافه في الوقت الذي كانت تستعد فيه للأنتقال من المدرسة الأعدادية ألى الكلية ...... بعيدا عن شقيقتها وصهرها , وعلى رغم تلك المارسات غير الطبيعية وعلاقتها المتشنجة معهما , فقد أصيبت بصدمة قوية عندما علمت بأنهما فقدا وربما قتلا.
تثاءبت وحرّكت قدميها بتكاسل تحت الغطاء الحريري الثمين , فيما كانت تلك الأفكار والذكريات المزعجة تمنعها من النوم , وأبتسمت عندما تذكرت أحدى الخادمات وهي تنادي صاحب البيت دون خوان , أي السيد خوان , لم تتوق أبدا أن تلتقي شخصيا ب ( دون ) خوان حقيقي , مع أن الذي ألتقته قبل ساعات قليلة لا يشبه من قريب أو بعيد العاشق المغامر الفذ الذي تحدثت عنه الأساطير , وقالت لنفسها أن شقيقه رافاييل يجسد ألى درجة الكبيرة ذلك البطل الأسطوري.
منتديات ليلاس

ضربت ميراندا بعصبية على وسادتها وسألت نفسها بحدة وتململ عن سبب تحوّل أفكارها بأستمرار ألى ذلك الرجل! كان قاسيا وجافا معها , بل أنه حتى لم يستخدم معها أسلوب المجاملة المتعارف عليه ! تصرّف معها كأن مجيئها لأخذ أبنة شقيقتها الراحلة جريمة لا تغتفر ! ومع ذلك , فالشاب جذاب للغاية وكان أول رجل يعاملها بمثل تلك اللامبالاة , وعلى الرغم من أن خوان تصرف معها بطريقة مختلفة تماما , فأنها لم تشعر أتجاهه بجزء مما تحس به بالنسبة ألى رافاييل ,لا بل أنها لا تشعر نحوه بأي شيء على الأطلاق.
بعد ذهاب رافاييل , رافقتها السيدة أيزابيلا ألى الداخل , وبدا واضحا لميراندا أن سيدة القصر , كأبنها البكر , لا تحبّذ كثيرا قدوم الزائرة البريطانية ألى غواداليما , ألا أنها كانت بلا شك أكثر تهذيبا وتأدبا معها , كما أثبتت أنها مضيفة رائعة , فبمجرد دخولهما , قالت لها :
" أنك بالتأكيد متعبة جدا من رحلتك الطويلة المرهقة , وأنا أقترح تأجيل الأحاديث المتعلقة بالطفلة حتى الصبا , سوف أرشدك ألى غرفتك المعدة سلفا وأبعث لك بطعام العشاء ".
شكرتها ميراندا بتهذيب مماثل وبدون تردد لأنها فعلا كانت متعبة وبحاجة ألى الراحة , وتصورت أن السيدة أيزابيلا , مثل رافاييل , كانت تتوقع وصول سيدة أكبر سنا وأنها تحتاج لبعض الوقت كي تتأقلم مع الواقع الجديد , وفي تلك اللحظة , فتح باب عريض ألى يسارها ودخل منه رجل لا بد أنه خوان كويراس , لاحظت ميراندا على الفور الشبه بينه وبين أخيه , مع أنه أضخم جثة وأقصر قامة ,وسمعته يسأل أمه بأستغراب :
" ما هذا ؟ أين رافاييل؟".
ثم علت وجهه أبتسامة عريضة وعاد يسأل والدته ثانية , ولكن هذه المرة بالأنكليزية بدلا من الأسبانية :
" هل رافاييل هنا , يا أمي؟".
" أتى وذهب على الفور , تأخرت طائرة الآنسة ......... الآنسة لورد في جمايكا يوما كاملا , ولذا لم يتمكن من العودة أمس".
ثم عضت على شفتها السفلى وقالت لميراندا , مشيرة ألى الباب الواقف قربهما :
" أعرّفك بأبني , يا آنسة , السيد خوان كويراس ".
ردّت ميراندا على أبتسامة خوان بالمثل قائلة :
" أنني مسرورة بالتعرف أليك , وأود أن أعرب لك عن أمتناني لحسن ضيافتك ".
تأملها خوان بدقة متناهية ثم هز رأسه وسألها باسما :
" هل أنت خالة الطفلة؟ لا يمكن , فأنت نفسك لست أكثر من مجرد طفلة كبيرة!".
كانت كلماته مماثلة لتلك التي أستخدمها شقيقه , ولكن لهجته ونيته كانتا مختلفتين ألى حد كبير , وسرّها أن تجد شخصا واحدا على الأقل في هذه العائلة لا يعترض على وجودها في غواداليما , مع أنه هو الذي لا يريد التخلي عن الطفلة , وبدت الوالدة أقل حماسا لمتابعة الحديث , أذ قالت :
" كنت أقترح لتوي على الآنسة لورد أن تذهب ألى غرفتها لأنها متعبة جدا , وبالتالي فأن جميع الأحاديث المتعلقة بسبب وجودها هنا يمكن تأجيلها حتى الصباح ".

نجمة33 15-10-10 12:14 AM

الرواية كتيير حلوة نحن بالانتظار ياعسل

نيو فراولة 15-10-10 11:32 AM

نظر خوان ألى ميراندا وسألها بجدية :
" وهل هذه هي رغبتك أيضا , يا آنسة لورد؟".
أرتبكت ميراندا لأن الشاب وأمه وضعاها في موقف لا تحسد عليه , ولكنها حسمت ترددها بالقول :
" أنني........ أنني حقا متعبة , أذ لم أنم جيدا أثناء الأنتظار في جمايكا ".
بدا الأرتياح على وجه الوالدة التي سارعت ألى القول :
" حسنا سترافقك جيزابيل , مدبرة المنزل هنا , ألى غرفتك للسهر على راحتك وتقديم كل ما تحتاجين أليه ".
" أشكرك جدا على أهتمامك ورعايتك , يا سيدتي ".
وما أن ذهبت الأم لأعطاء التعليمات الضرورية , حتى بادرها الأبن بالسؤال :
" أخبريني , يا آنسة لورد , هل أبلغك شقيقي ... عن مدى....... مدى أهتمامي بالصغيرة ؟ لوسي , أليس كذلك؟".
بدا الأرتياح على وجه ميراندا وأجابته قائلة :
" طبعا , وأنا أشكرك على كل ما قمت به أتجاهها , ذكر لي الأب أستيبان في أكثر من رسالة أنك كنت تزورها بأستمرار , وتأتي بها لزيارتكم مرات عديدة ".
" أننا ......... أننا صديقان , أليس كذلك ؟".
" أنا متأكدة من أن أهتمامك بها خفف كثيرا من آلامها وهوّن عليها مصابها , ومما لا شك فيه أنها كانت تفرح جدا بوجودها في المنزل التاريخي الرائع ".
دخلت السيدة أيزابيلا وهي تقول لأمرأة هندية مسنّة كانت ترافقها :
" أرشدي الآنسة لورد ألى غرفتها وقدّمي لها أشهى ما لديك من المأكولات".
" على الفور يا سيدتي , تفضلي , يا آنسة".
شكرت ميراندا السيدة أيزابيلا وأبنها وتمنت لهما ليلة سعيدة , ثم تبعت جيزابيل ألى الغرفة فيما أحد الخدم يحمل لها حقيبتها الزرقاء القديمة.
تنهدت وتقلّبت في سريرها متأففة متبرمة , وهي تعلم أنها أن لم تنم قريبا فسوف يصعب عليها كثيرا الخروج من الفراش صباح اليوم التالي , ولكن كل شيء مختلف عما هي معتادة عليه , بما في ذلك الهدوء المخيّم بصورة تامة تقريبا بعكس الضجيج الذي أعتادت عليه في شقتها الصغيرة بحي تشلسي , وتذكرت بشدّة أعتراض مديرها على ذهابها ألى المكسيك وأقتراحه الطلب من السلطات المسؤولة أرسال الطفلة ألى بريطانيا للتعرف عليها , أنه أنسان بارد وقاسي القلب , ومما لا شك فيه أنه لم لم يغفر لها بعد رفضه الزواج منه على الرغم من جميع مزاياه , فهو شاب وسيم وذكي وذو طموح لا يضاهى وكانت جميع الفتيات في المكتب يحسدنها على كونها سكرتيرته الخاصة .
منتديات ليلاس

وفجأة تذكرت حديثها مع رافاييل في طريقهما ألى مطار بوابلا والأجوبة السلبية الحازمة التي رد بها على سؤالها المتعلق بالزواج , وتساءلت عن سبب ذلك الأصرار والعناد , هل خذلته أحدى النساء في الماضي , أم أنه مجرد أنسان يكره النساء ولا يطيق أقترابهن منه؟ السؤال الأول غير محتمل , وكذلك الثاني! فهو يبدو رجلا بكل ما في الكلمة من معنى , وبالتالي فليس من المحتمل أنه من الأشخاص الذين يكرهون الجنس الآخر , ومع ذلك فأنه لم يعرها أي أهتمام! وتململت في سريرها عندما تذكرت مدى البرودة في معاملته لها , وضعت وسادتها تحت رأسها وعزمت على النوم , غدا , وليس اليوم , ستفكر بأمور الغد.......
أستيقظت على صوت أنسان يفتح الستائر والنوافذ , غطّت نفسها بسرعة وفتحت عينيها بتأن لتجد أمامها صبية هندية جميلة تبتسم لها وتحييها بالأسبانية الممزوجة بأحدى اللهجات المحلية , ردّت ميراندا على التحية بالمثل وجلست في السرير , فيما كانت الخادمة تحضر لها طبقا عليه أبريق من القهوة الطازجة وفطور الصباح , نظرت ألى ساعة يدها فتبين لها أنها نامت لساعات عدة أذ كان العقربان يشيران ألى ما بعد التاسعة بقليل , شربت قهوتها وقامت من السرير لتفتح الباب المزدوج الذي يؤدي ألى شرفة تطل على الوادي الأخضر , نظرت بأرتياح ألى الأزهار الرائعة الجمال وتأملت النهر الذي يشق طريقه بين الصخور والحجارة في أسفل الوادي , تنشقت الهواء العليل الذي كان يهب بهدوء وسكينة , وراحت تتطلع بعيدا علها تشاهد مبنى الأرسالية حيث تقيم لوسي , هل أخبرها أحد يا ترى بوصول خالتها ؟ ولكن ........ أليس من المعقول أيضا ألا تكون هذه الفتاة أبنة شقيقتها ؟ لا , يجبأن تكون ! وأذا كانت لوسي حية ترزق , فثمة أحتمال بأن والديها لا يزالان على قيد الحياة!

نيو فراولة 15-10-10 11:57 AM

وهمّت بالخروج ألى الشرفة ألا أنها أمتنعت عن ذلك في اللحظة الأخيرة , وقالت لنفسها باسمة أن من المؤكد أن السيدة أيزابيلا لن يعجبها خروج ضيفتها نصف العارية ألى مكان يراها منه خدمها....وأبنها العازب! عادت ألى الغرفة ومنها ألى الحمام الداخلي حيث وقفت بضع دائق تحت شلال قوي وبارد من المياه المنعشة , وما أن أنتهت من أرتداء ثيابها حتى سمعت الباب يطرق بنعومة , أستدارت بدهشة واضحة وقالت :
"نعم!".
دخلت مدبرة المنزل المسنّة وقالت لها بتهذيب وأحترام :
" أسعدت صباحا يا آنستي , أبلغتني أيناز أنك بحاجة ألى شيء ما".
أبتسمت ميراندا وهي تجيبها قائلة :
" أنك بالتأكيد تعنين الفتاة التي أحضرت لي الفطور!لا , لا , لم أطلب منها شيئا , كل ما في الأمر أنني سألتها عما أذا كانت تتحدث الأسبانية , التي لا أفهمها".
" أنها فتاة أمية".
أرتبكت ميراندا وحاولت تغيير الموضوع قائلة :
" شكرا على الفطور الرائع".
" هذا من واجبنا , يا آنسة ".
" من المؤكد أن السيد خوان ينتظرني على مضض!".
" ينتظرك يا آنسة؟".
" نعم , كي يأخذني للقاء أبنة........للقاء الطفلة".
" أوه , أوه! لا يا أنسة , فالسيد خوان يتناول طعام الفطور في الحديقة".
شكرتها ميراندا وبدأت تجمع ثيابها التي تبعثرت على الأرض عندما فتحت حقيبتها في الليلة السابقة , تنحنحت جيزابيل وسألتها بأدب:
" هل تسمحين لي يا آنسة بترتيب حاجياتك؟".
منتديات ليلاس

نظرت أليها ميراندا بأستغراب قائلة :
" لا , لماذا؟ يمكنني أنا القيام بذلك".
" لا تزعجي نفسك , يا آنسة , أنا سأهتم بهذه الأمور ".
" هذا لطف منك يا جيزابيل , ولكن......".
" أنه من صلب مهامي وواجباتي يا آنسة".
قررت ميراندا عدم الأسترسال في المجادلة , وبخاصة لأنها متشوقة جدا لرؤية أبنة شقيقتها , وراحت تتخيل الأرتياح الذي سيبدو على وجه الطفلة عندما ستشاهد خالتها الحبيبة وتتذكر الأيام الحلوة التي أمضتها معها , تركت جيزابيل تهتم بالغرفة وتوجهت ألى القاعة الرئيسية , وفجأة , شاهدت أمامها صبية سمراء جذابة تحمل ملامح عائلة كويراس المميزة , وعندما لاحظت أن الفتاة المكسيكية لن تستهل الحديث , بادرت ميراندا ألى القول :
" صباح الخير , أنا ميراندا لورد , وأنت بالتأكيد قريبة السيد خوان , هل بأمكانك أرشادي ألى مكان وجوده الآن ".
ردّت الفتاة بشيء من الغطرسة قائلة :
" أنا كارلا كويراس وخوان شقيقي , ثم ....... أنني أعرف من أنت".
تضايقت ميراندا من الجملة الثانية , التي قيلت بشيء من الأحتقار , وشعرت بأن عليها توجيه كلمات بالقسوة ذاتها , ولكنها أكتفت بالقول :
" قيل لي أنه يتناول فطوره في الحديقة , وأنا أود ملاقاته".
دلتها كارلا بقلة أكتراث , فشكرتها ميراندا بكلمة واحدة وتوجهت نحو الحديقة وهي تشعر بشيء من العصبية والأنزعاج ,وسألت نفسها عما أذا كان للشقيقين اللذين ألتقتهما أمس أي شقيقات أو أشقاء غير هذه الفتاة المتغطرسة ! ولاحظت بأنقباض أن خوان هو الشخص الوحيد الذي تحدّث أليها بأرتياح وتودد منذ وصولها ألى المكسيك , وصلت ألى الباب المؤدي ألى الحديقة فرأت خوان يجلس ألى طاولة زجاجية كبيرة , يدخن غليونه ويشرب القهوة , وما أن أحس بوصولها , حتى هبّ واقفا وأستقبلها بحرارة صادقة قائلا:
" آنسة لورد! كنت أفكر بك لتوي , تفضلي بالجلوس , هل تريدين فنجانا من القهوة ؟".
" لا , شكرا لك يا سيد .... أعني , يا سيد خوان ! جئت لمقابلتك , كي... كي أستفسر منك عن كيفية الذهاب ألى الأرسالية ".
" ولكن يا آنستي , أنا سأوصلك بنفسي".
برقت عيناها أرتياحا وسألته بلهفة :
" حقا ؟ وهل هي بعيدة من هنا؟".
" بعيدة ؟ لا يا آنسة , أنها في الجزء الآخر من الوادي".
" أوه , عظيم!".
" هل نمت جيدا يا آنسة؟".
" بأرتياح تام , شكرا".
ثم نظرت حولها وقالت له بأعجاب:
" أنه مكان جميل للغاية ".
" هذه المنطقة هي ملك لعائلة كويراس منذ ....... منذ........".
أكمل جملته بالأسبانية وسألها بحياء كيف تترجم ذلك ألى الأنكليزية , أبتسمت وقالت بهدوء :
" منذ أجيال عديدة".
" نعم , منذ أجيال عديدة , آسف , لأن لغتي الأنكليزية ليست جيدة".
ضحكت ميراندا وقالت :
" أنها أفضل بمئة مرة من لغتي الأسبانية ".
أبتسم خوان بأرتياح وقال :
" ولكن رافاييل , أخي , يتحدث الأنكليزية بطلاقة ..... أليس كذلك؟".
أنتظر جوابها ولكنها أمتفت بهز رأسها علامة الموافقة بدون تعليق, لم تشأ التفكير برافاييل كويراس , فهو مسؤول عن أنقباضها وتململها في الليلى السابقة , وقررت خلال الصباح محو صورته من مخيلتها , ألا أن مجرد ذكر أسمه أعاد زرع صوته بقوة مزعجة , وسرّت كثيرا عندما حوّل تفكيرها بتوجيه سؤال كانت معظم كلماته بالأسبانية.

نيو فراولة 15-10-10 03:08 PM

" هل تعني أنني أحب تعلّم اللغة الأسبانية؟".
صفق لها بأعجاب وقال :
" عظيمّ !عظيم ! أنها ليست لغة صعبة أو معقدة وسوف يساعدك رافاييل كثيرا , أذا سمح له وقته بذلك".
" أوه , ولكن ذلك ليس ضروريا ,أعني.... أعني أنه لا يمكنني أزعاج شقيقك بمثل هذه الأمور البسيطة".
" ماذا تقولين ؟ أنه يمضي معظم وقته بعيدا عنا وهذه هي فرصة طيبة كي نجعله يمضي المزيد من الوقت معنا , سوف أتحدث أليه بهذا الصدد".
" أوه , لا , أرجوك......".
قاطعها خوان مبتسما وهو يوجه أليها سؤالا بالأسبانية , منتظرا منها أن تفهم معظمه أو على الأقل بعضه , ألا أن معلوماتها كانت ضعيفة جدا فظلّت تحدّق به وتنتظر منه أيضاحا أو تفسيرا , ألى أن سمعت صوتا ناعما يقول لها :
" يسألك شقيقي , يا آنسة , عما أذا كنت متشوقة لرؤية الطفلة".
أستدارت ميراندا بدهشة لتشاهد الصبية التي تحدثت معها قبل قليل , يبدو أنها أستبدلت ثيابها كما أنها تحدثت معها بلهجة تقل عنفا وقسوة عن السابق , يا لهذا التحول المفاجىء! أبتسمت لها ميراندا وشكرتها بأمتنان على مساعدتها , فيما كان خوان يقوم من كرسيه ويقول :
" آسف , يا آنسة , كنت شارد الذهن! ولو لم تنقذني شقيقتي المترجمة البارعة لكنت أوقعت نفسي بورطة لغوية ".
ثم نظر ألى أخته وقال لها :
" كونستانسيا , تعالي أعرفك على ضيفتنا الجميلة ".
كونستانسيا ؟ ماذا يقول خوان ؟ أليس أسمها كارلا؟
" كيف حالك , يا آنسة لورد ؟".
صافحت ميراندا اليد الممدودة أليها وهي تقول بدهشة وأستغراب:
" ولكن...... ولكن ألم نلتق قبل قليل ؟ في القاعة؟".
قطبت الفتاة حاجبيها وهزت برأسها نفيا ,ثم أنفرجت أساريرها وقالت :
" لا شك أنك ألتقيت شقيقتي كارلا , يبدو أنها أنتهت من ركوب الخيل لهذا الصباح".
منتديات ليلاس

أبتسمت ميراندا بحياء قائلة :
" آسفة لهذا الأشكال ! أنكما تشبهان بعضكما ألى درجة مذهلة!".
" أنني أكبرها بخمس عشرة دقيقة فقط".
قالت ميراندا لنفسها أنه كان عليها معرفة ذلك , فمع أن هذه الفتاة تشبه رافاييل كثيرا من حيث الجاذبية والوسامة , ألا أن شخصيتها ومظهرها الخارجي هما أكثر نعومة ورقة , هذا , في حين أن كارلا تشبهه أكثر من حيث التصرف ومعاملة الآخرين , وقطع عليها خوان حبل تفكيرها عندما سمعته يقول لشقيقته:
" أننا ذاهبان ألى الأرسالية , يا كونستانسيا , فلماذا لا تأتين معنا ؟ سيكون وجودك ........ مفيدا لنا".
ترددت كونستانسيا وقالت بتهذيب :
" سيسرني ذلك , أذا لم يكن للآنسة لورد أي أعتراض على هذا الأقتراح ".
" أرجوك أن ترافقينا , لوسي , أو بالأحرى الطفلة الموجودة هناك , تعرفك ,وحتى لو كانت أبنة شقيقتي , فأنها قد لا تعرفني بسبب فقدانها الذاكرة".
" حسنا , أمهلاني خمس دقائق".
توجهوا ألى الأرسالية بسيارة خوان الزرقاء المكشوفة التي كان يقودها بنفسه , مع أنه أقر لميراندا بأنه لا يحب كثيرا قيادة السيارات ويفضل عادة الجلوس قرب سائقه المتمرس , وفي الطريق ,كانت كونستانسيا تشرح لضيفة العائلة بصبر وأناة عن الأزهار البرية الجميلة التي كانت تثير أعجاب الزائرة البريطانية , وشاهدت ميراندا عددا كبيرا من الأكواخ التي يسكنها العمال , بالأضافة ألى مخزن ومرآب وعيادة طبيب , وظنت في وقت ما أنها شاهدت سيارة رافاييل أمام أحد المباني , ولكنها لم تتأكد من ذلك , ومع أنها لاحظت أفتقار تلك الأكواخ ألى الكهرباء وقساطل المياه , ألا أنها أمتنعت عن التعليق مخافة أغضاب خوان وخسارة صداقته , وما أن غابت الأكواخ عن ناظرها وبدأت السيارة تتجه صعودا , حتى أشارت كونستانسيا ألى دير صغير أبيض قائلة :
" هناك! ذاك هو المكان الذي تقيم فيه الصغيرة , أنه الدير الذي ينطلق منه الأسقفان استيبان ودومنيكو لمساعدة أبناء هذا الوادي".
" أسقفان فقط؟".
هزت كونستانسيا رأسها وردت على أستغراب ميراندا بالقول :
" من المؤسف جدا أن معظم الأساقفة الذين كانوا يعيشون هنا توفوا ولم يبق من الرعيل الأول سوى الأب أستيبان , تغيرت الأيام ولم تعد المنطقة كما كانت , أخذت الآلة تحل محل الأنسان و........".
قاطعها خوان وهو يكمل جملتها بشيء من الحدة قائلا :
" وأخذ رافاييل يرسل الشبان ألى المدينة !".
" يقول لهم أن الأوضاع المعيشية هناك أفضل من هنا , كما أن دخلهم في مصانع المدن أكثر بكثير مما تعطيهم أنت , يا خوان ".
" هراء ! فالوادي أرضهم وموطنهم".
" أنهم لا يشاركونك هذا التعلق بالأرض , يا عزيزي , لا تلمهم أن هم حاولوا السعي وراء حياة أرغد ووضع معيشي أفضل ".
" أنا لا ألومهم , يا حبيبتي , ولكن رافاييل هو الذي يجعلهم متذمرين وغير قانعين !".

نيو فراولة 15-10-10 03:36 PM

أبتسمت كونستانسيا وهي تنظر ألى ميراندا وتقول لها :
" كما ترين , فلكل من الشقيقين العزيزين وجهة نظر مختلفة بالنسبة ألى الناس , كل منهما محق بعض الشيء في رأيه , فخوان مثلا يصر على أن الأنسان لا يمكن أن يفتقد الأشياء التي لا يملكها أو لا يعرفها , في أن أن رافاييل يفكر ....... يفكر كطبيب , فهو لا يرى ألا المرض والحرمان , أنه لا يعبأ أبدا بأنجازات آبائنا وأجدادنا الذين زرعوا هذه البراري وأعتنوا بها حتى أصبحت على ما هي عليه الآن ..... واحة من الخصب والمدنية , أنه يعتبر أن هذه الأنجازات ما هي ألا أقطاعية بغيضة متوازنة منذ مئات السنين ومبنية على أستغلال السكان الأصلين من الهنود".
تدخّل خوان بحدة وعصبية قائلا :
" أنه أنسان لا يبالي بالتراث والتقاليد والأرض ".
" لا يا خوان! أنه أنسان ذو مثل عليا يعيش بموجبها ولا يتخلى عنها".
" هذا كلام منمق لا يعني شيئا ".
" لا , يا أخي! أنه يعني أن رافاييل يعتقد أعتقادا راسخا بأن الأنسان أهم من الأرض والممتلكات , وهو لا يعترف بنمط حياتنا الذي يعتمد المادة فوق كل شيء آخر ".
قال خوان جملة غاضبة بالأسبانية ثم سأل شقيقته بلغة الضيفة :
" وأنت , يا عزيزتي , هل تؤمنين بهذه المثل العليا؟".
خرجت كونستانسيا من السيارة الفخمة وهي تجيبه بهدوء قائلة :
" لم أقل أنني أوافقه الرأي , فأنا كسولة وأتمتع جدا بهذه البحبوحة المادية المتاحة لدي بدون أي جهد أو عناء , بحيث يصعب عليّ مشاطرته معتقداته ألى درجة الموافقة التامة , ومع ذلك , فأن أقتناعه بهذه المثل وقدرته على تطبيقها يثيران في نفسي الأحترام والتقدير .... والأعجاب".
منتديات ليلاس

كانت ميراندا تصغي بأنتباه لحديثهما بدون أن تحاول التدخل أو حتى التعليق بشيء , ماذا كانت الفتاة تعني عندما قالت أن رافاييل يفكر كطبيب ؟ هل هو حقا طبيب؟ أرادت أن تسأل , ولكن أقترابهم من الدير وأحتمال مشاهدة لوسي طردا جميع الأفكار الأخرى من رأسها كانت متشوقة جدا لرؤية لوسي ,ورفضت بالتالي الأعتراف بالخوف الذي أعتراها من أحتمال ألا تكون تلك الطفلة فعلا أبنة شقيقتها , وأحست ميراندا رغما عنها بجو من الحزن والكآبة يسيطر عليها , وما هي ألا لحظات , حتى خرج رجل وطفلة ووقفا أمامهم , أنها هي! أنها لوسي التي لم ترها منذ ثمانية عشر شهرا ! هذه هي حركاتها السريعة والعصبية ألى حد ما , التي ورثتها بالتأكيد عن والدتها! رباه , أنها أبنة أختي! ولكنه بدا أن لوسي لم تعرف ميراندا , أذ أنها حيّتها وكومستانسيا بأبتسامة مجاملة وهرعت نحو خوان فاتحة ذراعيها ورامية بنفسها عليه , وقالت له بحماس ظاهر , فيما كانت تعانقه بحرارة:
" عمي خوان , عمي خوان! أخبرني الأب استيبان أنك ستأتي , هل ستبقى ؟ هل ستأخذني معك ألى البيت؟ ستأخذني , أليس كذلك ؟".
" أهدأي يا صغيرتي!".
قالها بالأسبانية وبلهجة آمرة , ولكنه كان يبتسم بزهو وأنتصار , أليس هذا اللقاء المؤثر أستعراضا مجانيا للضيفة الكريمة كي تشاهد بنفسها مدى تعلّق الطفلة به؟ عادت الطفلة ألى السؤال , فرد عليها بهدوء وحنان :
" سوف نرى , يا عزيزتي , سوف نرى!".
" ولكنك وعدتني! قلت لي.......".
" لحظة واحدة يا حبيبتي ! أحضرت معي شخصا لمقابلتك ........".
" عمتي كونستانسيا ؟ أعرف....".
" لا يا عزيزتي , ليس فقط العمة كونستانسيا , أنظري ......هناك ! هل تعرفينها ؟ السيدة التي تقف قرب كونستانسيا ؟".
أحسّت ميراندا بأن الدماء جمدت في عروقها وبأن دقات قلبها تسمع في كافة أرجاء الدير والوادي , وبعد أن تأملتها لوسي لبعض الوقت, سألت خوان وقد نفذ صبرها :
" ربما , ربما".
تدخلت ميراندا على افور قائلة للطفلة وهي تقترب منها على مهل :
" طبعا يجب أن تعرفيني , يا لوسي! ألا تتذكرينني؟".
لم تترك الطفلة جانب خوان والأسوأ من ذلك أنها لم تظهر أي أهتمام أو أنفعال بكلام هذه السيدة .... الغريبة , بل سألتها بشيء من الحدة :
" لماذا تطلقين عليّ مثل هذا الأسم ؟ لوسي! هذا ليس أسمي! لا أحد يعرف أسمي!".
أصرت ميراندا بهدوء وروية على الأستمرار بمحاولتها شبه اليائسة , قائلة :
" أنا أعرف أسمك , يا لوسي , أنه لوسي كارمايكل".
نظرت الطفلة بهلع وذهول نحو الأنسان الذي يهتم بها ويرعاها وهي تردد :
" لا......لا , أنه ليس........".
وضع خوان يديه على كتفي الطفلة مطمئنا ومواسيا , فيما كان يقاطعها قائلا لميراندا :
" أعتقد أن عليك عدم أخافتها على هذا الشكل , يا آنسة لورد , ربما كان من الأفضل أن تتبعي أسلوبا آخر في...".
توقف خوان عن أتمام جملته عندما دخل رجل طويل اقامة ساحة الدير بصورة مفاجئة وسأل شقيقه بلهجة قاسية :
" ما بك , يا خوان , هل أنت خائف من أن تستعيد الطفلة ذاكرتها ؟".

نيو فراولة 16-10-10 03:51 PM

4- ضيفة القصر
عادت ميراندا ألى القصر مع رافاييل , لم تكن تريد ذلك , وكانت تعلم أن رافاييل لم يكن أيضا راغبا بذلك , ولكن خوان أصر على هذا الأمر , قائلا: أنه بحاجة لبعض الوقت كي يتحدث ألى الطفلة على أنفراد ويشرح لها حقيقة الوضع بهدوء وروية.
لم تقتنع ميراندا بكلام خوان , أنها وحدها المؤهلة للحدث مع لوسي في هذا الشأن , ولتحاول أن تشرح لها بعض الظروف التي أدّت ألى وجودها هنا , ولكن خوان أصر على موقفه بدون المجازفة بحصول خلاف حاد مع شقيقه , وكان واضحا أن لوسي تصدّق خوان ألى أبعد الحدود , ومتعلقة به كما يتعلق الغريق بأي شيء يجده طافيا على سطح الماء ومع أنه كان بأمكانها تفهم ذلك , ألا أنها لم تفهم مثابرة خوان على تقوية تلك الروابط , وكان واضحا هو الوحيد القادر على الحد من سيطرته على الطفلة , وأنه الوحيد الذي يتمكن من تسيير رغباتها بدون حصول ردّات فعل هستيرية وأليمة , وبدا لميراندا أن خوان لم يكن بأي حال من الأحوال على عجلة من أمره للتخلي عن تلك السيطرة!
أما الأب أستيبان فكان له موقف مختلف , فهدفه الوحيد هو سعادة الطفلة ورفاهيتها , أعرب لميراندا عن تفهمه لحقيقة مشاعرها ,ولكنه حثّها على أن تتحلّى بالصبر وعلى ألا تتوقع أنجاز الكثير في وقت قصير , لوسي طفلة في الثامنة من عمرها , ومن الطبيعي أنها كانت بحاجة لمن يساعدها ويرعاها بعد تلك المحنة الصعبة التي تعرضت لها , ألا أن الطبيعة سوف تأخذ مجراها في الوقت المناسب وستعود أليها ذاكرتها عاجلا أم آجلا , وأقترح الكاهن الجليل منح الطفلة بعض الوقت , خوفا من أن يؤدي التسرع ألى حدوث رد فعل سلبي يندم عليه الجميع.
ولكن..... كم ستطول فترة الأنتظار ؟ متى ستتذكر الطفلة هويتها الحقيقية , وأن والديها قتلا بحادث طائرة؟ مضت على الحادثة حتى الآن أربعة أشهر , فكم من شهر آخر سينقضي قبل أن تتذكر؟ وهل من المتوقع أن تظل هي في المكسيك طوال فترة الأنتظار المطلوبة ؟ لا ! لا يمكن ! فبالأضافة ألى أن مديرها منحها أجازة بدون راتب لمدة أسبوعين فقط , فهي غير قادرة على قبول ضيافة آل كويراس ألى ما لا نهاية! كما أن وضعها المادي لا يسمح لها بالبقاء في أحد الفنادق البسيطة لأكثر من عشرة أيام! وتنهدت رغما عنها , ولكن ذلك أسترعى أنتباه رفيقها الذي قال لها :
" ماذا في الأمر , يا آنسة ؟ أليس الوضع مستقيما كما كنت تتصورين ؟".
" أنت تعرف أنه ليس كذلك ! المشكلة أنني لا أعلم ما هو متوقع مني !".
" ماذا تعنين؟".
تنهدت ميراندا مرة أخرى وسألت رافاييل :
" ماذا سيحدث أذا ظلّت لوسي على هذا الحال ولم تتذكرني؟".
" أذن أنت متأكدة من أنها لوسي ؟".
" أوه , طبعا , أنها لوسي , ولكن....... ولكن شقيقك لا يسهل الأمور كثيرا".
" وهل كنت تتوقعين عكس ذلك؟".
" لا أعرف , لا أعرف ماذا كنت أتوقع , أعتقد أن أحتمال تعلّقه بالطفلة ألى هذه الدرجة لم يخطر ببالي , هذا ما كنت تحاول قوله لي في طريقنا ألى غواداليما , أليس كذلك؟".
" من بين أمور أخرى , ويجب أيضا أن تعلمي أن أخي سعيد جدا بأخلاص الطفلة له وتعلقها به , وهذا الأمر جديد بالنسبة أليه , ولكنها مرحلة سوف تمر".
" وماذا سأفعل أنا طوال هذه الفترة؟ من المؤكد أنه ليس بأمكاني البقاء هنا ألى أن تستعيد لوسي ذاكرتها!".
" لم لا؟".
منتديات ليلاس

دهشت ميراندا ألى حد بعيد وأجابته بأستغراب شديد :
" لم لا يا سيد , أنا أنسانة أعمل في أحدى الشركات وقد منحني المدير أجازة أسبوعين كي أنهي جميع المشاكل المتعلقة بأبنة أختي , وسوف أحتاج أل جزء من هذه الفترة لأعداد بعض الترتيبات الضرورية لدى عودتنا ألى لندن".
هزّ رافاييل رأسه قائلا:
"هذه ليست تقديرات ! أنها الحد الأقصى! جورج.... أعني السيد هولام مديري في العمل , شخص يتطلب الدقة المتناهية ".
نظر أليها رافاييل وقال بلهجة ساخرة :
" تتحدثين عنه بلهجة لا يستخدمها عادة العمال والموظفون".
" أنت مخطىء , يا سيد , فالناس في بلادي ليسوا......... ليسوا رسميين كما تتصور , في أي حال , فأن هذا الأمر لا يتعلق بموضوعنا ".
صمتت لحظة ثم عادت ألى متابعة حديثها قائلة :
" لا يمكنني البقاء هنا أكثر من عشرة أيام حتى لو أردت ذلك ".
" لم لا؟".
أزاحت وجهها بعيدا وقالت له بتأفف واضح:
" أذا كان لا بد لك أن تعلم , فالسبب الوحيد هو أن أمكانياتي المادية لا تسمح لي بذلك ".
عبس رافاييل وأجابها على الفور :
" ولكن أقامتك في مقر العائلة لا تكلّفك شيئا !".
" ربما لا , ولكنني غير قادرة على البقاء هناك ألى أجل غير مسمى!".
" أعذريني على تكرار السؤال , لم لا؟ من الواضح أنك تعقدين أمورا تبدو لي طبيعية وبسيطة للغاية".

نيو فراولة 16-10-10 03:54 PM

4- ضيفة القصر

عادت ميراندا ألى القصر مع رافاييل , لم تكن تريد ذلك , وكانت تعلم أن رافاييل لم يكن أيضا راغبا بذلك , ولكن خوان أصر على هذا الأمر , قائلا: أنه بحاجة لبعض الوقت كي يتحدث ألى الطفلة على أنفراد ويشرح لها حقيقة الوضع بهدوء وروية.
لم تقتنع ميراندا بكلام خوان , أنها وحدها المؤهلة للحدث مع لوسي في هذا الشأن , ولتحاول أن تشرح لها بعض الظروف التي أدّت ألى وجودها هنا , ولكن خوان أصر على موقفه بدون المجازفة بحصول خلاف حاد مع شقيقه , وكان واضحا أن لوسي تصدّق خوان ألى أبعد الحدود , ومتعلقة به كما يتعلق الغريق بأي شيء يجده طافيا على سطح الماء ومع أنه كان بأمكانها تفهم ذلك , ألا أنها لم تفهم مثابرة خوان على تقوية تلك الروابط , وكان واضحا هو الوحيد القادر على الحد من سيطرته على الطفلة , وأنه الوحيد الذي يتمكن من تسيير رغباتها بدون حصول ردّات فعل هستيرية وأليمة , وبدا لميراندا أن خوان لم يكن بأي حال من الأحوال على عجلة من أمره للتخلي عن تلك السيطرة!
أما الأب أستيبان فكان له موقف مختلف , فهدفه الوحيد هو سعادة الطفلة ورفاهيتها , أعرب لميراندا عن تفهمه لحقيقة مشاعرها ,ولكنه حثّها على أن تتحلّى بالصبر وعلى ألا تتوقع أنجاز الكثير في وقت قصير , لوسي طفلة في الثامنة من عمرها , ومن الطبيعي أنها كانت بحاجة لمن يساعدها ويرعاها بعد تلك المحنة الصعبة التي تعرضت لها , ألا أن الطبيعة سوف تأخذ مجراها في الوقت المناسب وستعود أليها ذاكرتها عاجلا أم آجلا , وأقترح الكاهن الجليل منح الطفلة بعض الوقت , خوفا من أن يؤدي التسرع ألى حدوث رد فعل سلبي يندم عليه الجميع.
ولكن..... كم ستطول فترة الأنتظار ؟ متى ستتذكر الطفلة هويتها الحقيقية , وأن والديها قتلا بحادث طائرة؟ مضت على الحادثة حتى الآن أربعة أشهر , فكم من شهر آخر سينقضي قبل أن تتذكر؟ وهل من المتوقع أن تظل هي في المكسيك طوال فترة الأنتظار المطلوبة ؟ لا ! لا يمكن ! فبالأضافة ألى أن مديرها منحها أجازة بدون راتب لمدة أسبوعين فقط , فهي غير قادرة على قبول ضيافة آل كويراس ألى ما لا نهاية! كما أن وضعها المادي لا يسمح لها بالبقاء في أحد الفنادق البسيطة لأكثر من عشرة أيام! وتنهدت رغما عنها , ولكن ذلك أسترعى أنتباه رفيقها الذي قال لها :
" ماذا في الأمر , يا آنسة ؟ أليس الوضع مستقيما كما كنت تتصورين ؟".
منتديات ليلاس

" أنت تعرف أنه ليس كذلك ! المشكلة أنني لا أعلم ما هو متوقع مني !".
" ماذا تعنين؟".
تنهدت ميراندا مرة أخرى وسألت رافاييل :
" ماذا سيحدث أذا ظلّت لوسي على هذا الحال ولم تتذكرني؟".
" أذن أنت متأكدة من أنها لوسي ؟".
" أوه , طبعا , أنها لوسي , ولكن....... ولكن شقيقك لا يسهل الأمور كثيرا".
" وهل كنت تتوقعين عكس ذلك؟".
" لا أعرف , لا أعرف ماذا كنت أتوقع , أعتقد أن أحتمال تعلّقه بالطفلة ألى هذه الدرجة لم يخطر ببالي , هذا ما كنت تحاول قوله لي في طريقنا ألى غواداليما , أليس كذلك؟".
" من بين أمور أخرى , ويجب أيضا أن تعلمي أن أخي سعيد جدا بأخلاص الطفلة له وتعلقها به , وهذا الأمر جديد بالنسبة أليه , ولكنها مرحلة سوف تمر".
" وماذا سأفعل أنا طوال هذه الفترة؟ من المؤكد أنه ليس بأمكاني البقاء هنا ألى أن تستعيد لوسي ذاكرتها!".
" لم لا؟".
دهشت ميراندا ألى حد بعيد وأجابته بأستغراب شديد :
" لم لا يا سيد , أنا أنسانة أعمل في أحدى الشركات وقد منحني المدير أجازة أسبوعين كي أنهي جميع المشاكل المتعلقة بأبنة أختي , وسوف أحتاج أل جزء من هذه الفترة لأعداد بعض الترتيبات الضرورية لدى عودتنا ألى لندن".
هزّ رافاييل رأسه قائلا:
"هذه ليست تقديرات ! أنها الحد الأقصى! جورج.... أعني السيد هولام مديري في العمل , شخص يتطلب الدقة المتناهية ".
نظر أليها رافاييل وقال بلهجة ساخرة :
" تتحدثين عنه بلهجة لا يستخدمها عادة العمال والموظفون".
" أنت مخطىء , يا سيد , فالناس في بلادي ليسوا......... ليسوا رسميين كما تتصور , في أي حال , فأن هذا الأمر لا يتعلق بموضوعنا ".
صمتت لحظة ثم عادت ألى متابعة حديثها قائلة :
" لا يمكنني البقاء هنا أكثر من عشرة أيام حتى لو أردت ذلك ".
" لم لا؟".
أزاحت وجهها بعيدا وقالت له بتأفف واضح:
" أذا كان لا بد لك أن تعلم , فالسبب الوحيد هو أن أمكانياتي المادية لا تسمح لي بذلك ".
عبس رافاييل وأجابها على الفور :
" ولكن أقامتك في مقر العائلة لا تكلّفك شيئا !".
" ربما لا , ولكنني غير قادرة على البقاء هناك ألى أجل غير مسمى!".
" أعذريني على تكرار السؤال , لم لا؟ من الواضح أنك تعقدين أمورا تبدو لي طبيعية وبسيطة للغاية".

نجمة33 16-10-10 05:20 PM

شكرا جزيلا لك

نيو فراولة 17-10-10 06:10 PM

شهقت ميراندا أستغرابا وقالت :
" يسهل عليك أنت التحدث هكذا , ولكن شقيقك قد لا ينظر ألى الأمور بهذا المنظار !".
" قد لا ينظر ألى اي أمور , بأي منظار؟".
" ألى أقامتي في القصر , ألم تخبرني أنت أن لا علاقة لك به وبالممتلكات حوله؟ أليس هو صاحب القصر وسيده؟".
" أوه ! أسميا , نعم".
" أسميا؟".
" أنها مسألة معقدة , يا آنسة , يكفي أن أقول لك أنني أذا رغبت أنا في أقامتك هناك , فأن أخي لن يعترض".
هزت ميراندا رأسها وقالت :
"يجب أن أعود".
" مع أبنة شقيقتك ..... أو حتى بدونها؟".
تأثرت من تلك الملاحظة وسألته بهدوء حزين :
" هل تعتقد أن شقيقك سيبقيها هنا؟".
" توحي لهجتك بأنه سيبقيها رغم أرادتها , ولكن الأمر قد لا يكون هكذا , فأذا لم تستعد .......لوسي.... ذاكرتها , فأنني أسمح لنفسي بالقول أنها قد لا تكون راغبة في مرافقتك ألى لندن , ليس في الوقت الحاضر , على الأقل".
ضغطت ميراندا بعصبية على شفتيها كي تمنعهما من الأرتجاف , وقالت بأسى :
" أوه , يا لهذه الورطة!".
" ورطة يا آنسة؟ على الأقل , لوسي سعيدة هنا , ألا يعني ذلك شيئا بالنسبة أليك؟".
" يسهل عليك جدا أن تطلق كلمات كهذه , ولكن , ماذا سأفعل أنا؟".
" أليس من المبكر جدا أن يساورك القلق عما سيحدث ؟ الطفلة لا تتذكرك , وعليك البدء بالتعرف أليها مرة أخرى".
" وكم تتوقع أن تطول فترة التعرف الجديدة ؟ كم ستحتاج لوسي من الوقت كي تتمكن من التخلي عن.....عن كل ما يحيط بها هنا من ثراء وأبهة ودلال؟".
" من يدري؟".
منتديات ليلاس

" يمكنني أخذها مهي , بغض النظر عن كل هذه الأمور".
" صحيح , ولكنني لا أتصور أنك سترغمين الطفلة على مرافقتك , ألن تكون بداية غريبة لحياتكما معا؟".
" أنك أنسان ....... أنسان عملي للغاية , أليس كذلك؟".
ثم حدّقت به بتمرد قائلة :
" ولكن ..... لا علاقة لك بالموضوع , يا للأسف , لأن لوسي ليست في عهدتك أنت!".
خفّف رافاييل من سرعة سيارته ثم أوقفها كلية , لأن قطيعا من الأغنام كان يعبر الطريق , حيّاه الراعي بلهجته المحلية , فأخرج رافاييل رأسه من النافذة وردّ عليه التحية بالمثل , وما أن أنطلق بالسيارة مجددا , بعد مرور جميع الأغنام , حتى ألتفت أليها وسألها :
" لماذا تتصورين , يا آنسة , أنني سأكون أكثر أستعدادا من أخي للتخلي عن الطفلة؟".
أرتبكت ميراندا ولم تعرف حقا كيف تجيب على مثل هذا السؤال المفاجىء , فالأنطباع الذي تعمّد رافاييل أن يعطيه الآن عن نفسه لم يكن محبّذا , ألا أنها , ولسبب تجهله , ظلت مؤمنة بأنه رجل شريف ... رجل لا يمكن أن يستخدم أساليب شيطانية وملتوية كي يكسب الطفلة.
وأخيرا قالت له :
" لا أعرف".
ثم نظرت أليه وسألته بهدوء :
" لماذا يفعل شقيقك ذلك؟ ما هو السبب ؟ ألا يعلم أنّ ذاكرة لوسي ستعود أليها عاجلا أم ىجلا؟".
" لا يمكنني الأجابة عن أخي , يا آنسة ,الأفضل أن تسأليه هو بالذات".
" لا أعرف .......لا أعرف كيف سأسأله ! أوه , رباه! كم أتمنى لو أنني أعرف ماذا يتحتم عليّ القيام به ! أتمنى ..... أتمنى لو أن شخصا ما.......".
وأنهمرت الدموع من عينيها ,ولكنها كانت تعلم أن الشفقة على النفس لن تحقق لها شيئا , ما بها! فلطالما أعتبرت نفسها قادرة على مواجهة أي طارىء , وأنها شابة متحررة على ذاتها! ومع ذلك , شعرت فجأة بأنها ضعيفة لا حول لها ولا قوة كطفل رضيع على ذراع أمه.

نيو فراولة 17-10-10 06:37 PM

أدار رافاييل مقود السيارة نحو طريق ترابي يمر عبر منطقة الأكواخ , حيث كان الأطفال والنساء يحبونه بحرارة , وشاهدت ميراندا عن كثب الأوضاع المتردية لهؤلاء الناس , وخاصة بالمقارنة مع الثراء والأزدهار اللذين ينعم بهما القصر وأسياده , أنها لجريمة أن يكون هناك مثل هذا الفارق الشاسع في مثل هذا المجتمع الصغير والضيق! ولكنها لم تقل شيئا لأن أفكارها تحولت ألى معرفة المكان الذي يقصده رافاييل , وما هي ألا لحظات , حتى وصلا ألى منطقة مرتفعة تشرف على النهر ويقع رافاييل السيارة وقال لها بلهجة جافة ألى حد ما , عندما لاحظ تشككها :
" تعالي ! سأقدم لك بعض القهوة , يا آنسة".
" هذا هو ... هو بيتك ؟".
جاء سؤالها على هذا النحو يعكس مدى دهشتها , ولكنها ندمت على أظهار أستغرابها عندما أجابها بشيء من الحدة قائلا :
" نعم , يا آنسة , هذا هو المكان الذي أعيش فيه أثناء وجودي هنا , أنه ليس على أي جانب من األأبهة والفخامة كالقصر , ولكنه نظيف ويناسبني تماما".
نزلت ميراندا من السيارة وهي تكاد تتعثر , وقالت له بتلعثم :
" أنا ... أنا لم أعن .......! ما أريد قوله هو أنه..... أنه بيت جميل!".
فتح الباب ودعاها ألى الدخول قبله , ثم أشار ألى مقعد مريح متواضع قائلا :
" تفضلي بالجلوس , لن أغيب سوى لحظات ".
ها كان عليها أن تقترح أعداد القهوة بنفسها ؟ ولكنها لا تعرف ما أذا كان يسكن وحده في هذا البيت! وتذكرت كلام أخته أنه يفكر كطبيب , هل هو طبب ؟ هل هذا هو بيته وعيادته في آن واحد ؟ وماذا كان يعني عندما قال أنه يسكن هذا البيت أثناء وجوده هنا ؟ أين يمضي بقية وقته؟ أقتربت من باب المطبخ الصغير وسألته بهدوء :
" هل يمكنني المساعدة بشيء؟".
" لا , لا داع لذلك , أنني أكاد أنتهي من أعدادها ".
شعرت ميراندا بأنها شخص غير مرغوب فيه , ومع أنها لم تعرف سببا لذلك , ألا أنها رفضت الوقوف أمامه كفأرة صغيرة محاصرة , وضعت يدها على الطاولة الي بدا أنها تخدم كمائدة طعام ومكتب للعمل في الوقت ذاته , وسألته :
" هل تعيش هنا بمفردك؟".
" ألى حد ما ".
" ماذا يغني ذلك؟".
" يعني أن طبيب المنطقة يترك لي أحد مرضاه كي أعتني به , وخاصة لأنني أملك غرفا يمكن أستخدامها لهذا الغرض".
" وهل أنت طبيب؟".
" يحق لي أن أضع هذا اللقب قبل أسمي , أذا كان هذا ما عنيته أيتها الآنسة".
لم تفهم ميراندا تلك الملاحظة الغامضة , ولكنها راحت تتأمله فيما كان يصب لها القهوة , ثم قال لها :
" تفضلي! لنذهب ألى غرفة الجلوس ".
" لا حاجة لذلك , فلا بأس بالجلوس هنا".
منتديات ليلاس

تأملته ميراندا فيما كان يرفع الفنجان ألى شفتيه , وأستغربت مدى حشريتها لمعرفة المزيد عن هذا الرجل , أنه بالتأكيد شاب وسيم وجذاب , ولكنها ألتقت في حياتها عددا كبيرا من الرجال أكثر وسامة وأشد جاذبية , أذن , ما هو هذا الشيء الذي يجذبها أليه ويشد عينيها بأستمرار ألى وجهه الأسمر العابس؟ وسألت نفسها عما سيكون عليه رد فعله فيما لو أظهرت له أنها تجده جذابا! قد يكون الأمر مسلبا , ذلك أنها لم تلتق طوال حياتها رجلا آخر لا يعير شخصيتها وجمالها أي أهتمام أو أنتباه مثل هذا الرجل , وعضت على شفتها بشدة ,وهي تذكر نفسها بالسبب لوجودها في هذه البلاد , ثم سألته بهدوء بالغ :
" هل تعتقد أن علي الأنتظار بضعة أيام قبل أتخاذ أي قرار فيما يتعلق بأبنة أختي؟".
" من الطبيعي , يا آنسة , أن الأمر عائد لك كي تقرري ما هو الأفضل".
" لماذا تصر على مناداتي هكذا ؟ آنسة! لماذا لا تناديني بأسمي , ميراندا ؟".
" وهل يناديك أخي بأسمك الأول , يا آنسة؟".
ردّت عليه بشيء من العصبية قائلة :
" لا , طبعا لا , أنني لا أكاد أعرفه".
" وهكذا بالنسبة أليّ , يا آنسة".
حاولت أن تقنع نفسها بأنه على حق , ألا أن علاقتها معه تختلف عما هي عليه مع شقيقه , وذلك لسبب أو لآخر , هل بدأت تعتمد على رافاييل ألى حد ما ؟ أحتجت على ملاحظته بهدوء وتردد , قائلة :
" أشعر .... أشعر كأنني أعرفك منذ زمن , لا أقدر ....لا أقدر أن أشرح لك بالضبط , ولكن....... ولكن الوضع معك مختلف بعض الشيء ".
أدهشها رد فعله القاسي الذي عكسته ملامح وجهه العابس وكلماته الجارحة , أذ قال ببرودة مزعجة :
" أنت مخطئة , يا آنسة , فعلاقتنا ليست مختلفة بأي حال من الأحوال! أخي , وليس أنا , هو الشخص الذي يجب عليك التحدث معه والأعراب له عن شكوكك ومخاوفك!".

نيو فراولة 18-10-10 06:40 PM

ثم وضع فنجانه بقوة على الطاولة وقال :
" وبما أنك أنتهيت....".
قاطعته بعزة وأنفة قائلة :
" لم أنته بعد! .... أنني لا أفهم سبب غضبك وأنزعاجك , مع أنني لم أتفوه ألا ببضع كلمات على سبيل المجاملة".
" أنا لست بحاجة ألى مجاملتك, يا آنسة".
أرتجفت يدها عندما أمسكت بفنجان القهوة , ولكنها قالت له بتحد :
"ما هو السبب أذن في أحضاري ألى هنا , أذا كنت تعتبر وجودي مثيرا للأشمئزاز ألى هذه الدرجة ؟".
" أذا كنت مصرّة على معرفة السبب , فهو لأنني شعرت بالأسف نحوك".
" أوه... أوه.... حسنا!".
شربت ما تبقى من القهوة بجرعة واحدة كادت أن تحرق معها فمها ولسانها , وقالت له بحدة واضحة :
" أنتهيت , ويسعدني جدا الآن أن أذهب!".
لم يفه أي منهما بكلمة واحدة طوال الطريق حتى القصر , ولما وصلا , نزلت من السيارة وقالت له بعفوية ظاهرة:
" في أي حال , شكرا على القهوة , لقد تمتعت بها , كما أن بيتك أعجبني".
تأملها رافاييل لحظة وقال لها , فيما كانت عيناه مركزتين على فمها الجميل :
" لا داعي للشكر , يا آنسة ".
وما أن أستعد للأنطلاق بسيارته , حتى أوقفه صوت أمه :
" رافاييل , رافاييل! لحظة , أرجوك!".
هرولت السيدة أيزابيلا نحو السيارة وبدأن تتكلم مع أبنها بأنفعال , لم تفهم ميراندا شيئا , ألا أنه كان واضحا أن أمرا ما يقلق السيدة المسنة , وما أن أتجهت نحو باب القصر , حتى سمعت السيدة أيزابيلا تنادي بلهفة:
" لا تذهبي , يا آنسة , أريد التحدث معك".
وقفت ميراندا في منتصف الطريق وبدأت تعود ألى حيث كانت , ولكن رافايل خرج من السيارة وقال لوالدته بلهجة آمرة :
" يجب ألا تتدخلي , يا أمي ".
منتديات ليلاس

وجّهت الأم ألى أبنها نظرة عتاب قائلة :
" لا, يا رافاييل فالأمر لم يعد يطاق , شقيقك مهووس بالطفلة وسوف يزيد تعلقه بها كلما طالت مدة ودودها هنا , يجب على الآنسة لورد أن تعود بها ألى بريطانيا , فورا!".
" هذا ما أريد القيام به , يا سيدة ....".
قاطعها رافاييل بسرعة قائلا لها:
" تعرف أمي حق المعرفة أن من القساوة والظلم بمكان أبعاد الطفلة عن الأمور الصغيرة التي أصبحت معتادة عليها , وزرعها فجأة في مجتمع لا تتذكر عنه أي شيء على الأطلاق".
سألته أمه بأستغراب :
" وماذا تقترح , يا رافاييل؟".
" أقترح أن تعطوا الآنسة لورد الوقت الكافي كي تتعرف على أبنة أختها وتكسب مودتها وثقتها , وتتمكن بالتالي من التحدث معها عن والديها ".
" وكم ستطول مثل هذه الفترة , يا بني ؟ وكيف ستتمكن الآنسة لورد من التعرف حقا على أبنة أختها , ما دام خوان يستأثر كليا بأهتمامها وأنتباهها ؟".
تنهد رافاييل وقال لوالدته :
" أنك تعقدين الأمور , يا أمي , ليس هناك من عجلة , على الأقل .... على الأقل من جانبنا نحن , أليس كذلك؟".
" أذن , فالآنسة لورد ستبقى هنا؟".
رفع رافاييل نظره نحو السماء وعاد يسأل أمه:
" وهل من مكان آخر يمكنها البقاء فيه؟".
" حسنا".
شعرت ميراندا بأنزعاج بالغ وقالت :
"أذا كان هناك مكان آخر....".
نظر أليها رافاييل بعينين باردتين أخرستاها , قائلا لها بلهجة جادة :
" ستبقين هنا , يا آنسة , أليس كذلك؟ يا أمي؟".
تطلّعت أليه والدته بأستغراب وسألته بهدوء:
" هل تصدر أوامر , يا رافاييل؟".
أستدار نحو سيارته وهو يقول :
" نعم , نعم , يجب أن أذهب الآن , وعدت الطبيب بالذهاب لمعاينة الطفل كاليرو".
" ماذا وعدتني أنا , يا بني؟".
" أنا.... أنا ماذا تريدين مني؟".
" أريد منك أن تأتي ألى هنا , يا رافاييل , وعدتني بأنك ستأتي مرارا , أليس لي الحق ببعض وقتك , يا بني؟".
" يستحيل عليّ ذلك هذا اليوم".
" أذن , غدا بأذن الله , تعال وتناول معنا العشاء , أنني متأكدة من أن الآنسة لورد ستسر برؤيتك ".
أدار رافاييل السيارة وهو يقول , قبل أن يذهب بدون وداع :
" حسنا , سأحضر غدا للعشاء".

نيو فراولة 18-10-10 10:14 PM

خيّم الصمت بضع لحظات بعد ذابه , قطعته ميراندا بالقول :
" لا أدري كيف أشكرك , يا سيدة أيزابيلا , على سماحك لي بالبقاء".
" لا تشكريني , يا آنسة , ليست لدي أي صلاحية هنا , أنني أعيش فيهذا القصر لأن أبني سمح لي بذلك".
" في أي حال , أنا ممتنة جدا , وكل ما أتوخاه وأتمناه أن تتعرّف عليّ لوسي".
" وهذا ما أتمناه أنا أيضا , يا آنسة".
وما أن وصلتا ألى الباب , حتى توقفت السيدة المسنة وسألت ميراندا :
" أخبريني , يا آنسة , ألى أين ذهبت مع أبني؟".
" ألى الدير, طبعا , لمقابلة لوسي!".
" أنا لا أعني خوان , يا آنسة ! ألى أين ذهبت مع رافاييل ؟".
" أوه! أوه! ذهبنا .... ذهبنا ألى بيته , يا سيدة أيزابيلا ".
" ذهبت ألى منزل أبني , يا آنسة ؟ هل ذهبت معه بمفردك ؟ لماذا ذهبت ألى بيته ؟".
أرغمت ميراندا نفسها على الأبتسام , وقالت :
" لنشرب القهوة , أنه....... أنه بيت جميل , أليس كذلك ؟ صغير , ولكنه بمنتهى الجاذبية , كما أنني أعتقد أنه ملائم جدا لمرضاه".
" أنا لم أشاهد ذلك البيت قط , يا آنسة , بالنسبة أليّ , القصر وحده كان وسيظل دائما منزل أبني".
" نعم , يحس الأهل دائما بشيء من الفراغ عندما يغادر أحد أفراد العائلة .....".
منتديات ليلاس

قاطعتها السيدة المسنة بعصبية نسيت معها المجاملة واللياقة , أذ قالت :
" أنت لا تعرفين عما تتحدثين , يا آنسة , هذه ليست بريطانيا , وقصر كويراس ليس أحد بيوتكم البريطانية المتواضعة! أنك لا تعرفين مدى الثروة والنفوذ اللذين يتخلى عنهما رافاييل .......".
" ولكن هناك خوان الذي يتولى ....".
" كما قلت لك , يا آنسة أنت لا تفهمين الوضع على حقيقته , أعذريني الآن , فلدي أمور عدّة يجب الأهتمام بها".
سألت ميراندا بذهول عن سبب تلك العصبية والحدة , وقبل أن تحاول تحليل الموضوع بهدوء وروية , سمعت صوت لوسي فسارت بدون تردد نحو مصدر الصوت , كانت أبنة أختها تلعب الكرة مع خوان وكونستانسيا , ولما شاهدها خوان ,لوّح لها بيده وقال لها بحماس ظاهر :
" مرحبا , يا آنسة ! تعالي , أنضمي ألينا !".
.......... وأنضمت أليهم , فهي هنا لسبب واحد لا غير , ألا وهو التعرف على أبنة شقيقتها وأعادتها معها في نهاية الأمر ألى بريطانيا.

نيو فراولة 18-10-10 10:54 PM

5- دعوة ألى البحيرة
أعترفت ميراندا لنفسها مساء اليوم التالي أنها لم تحقق أي تقدم مع لوسي , والسبب في ذلك هو تصرف خوان الأناني مع الطفلة , فعوضا عن أن يشجع الفتاة على التحدث مع خالتها , راح يلهيها ويبعدها عنها , وأعترفت أيضا أن لوسي لم تكن تعارض ذلك , لا بل أنها كانت تنعم بذلك الأهتمام المتواصل وتتمتع به لدرجة الأفساد .
ولكن , ماذا بأمكانها أن تفعل ؟ كلما تحدثت ألى لوسي , ردت عليها الطفلة بعداء واضح معتبرة خالتها كأنسان دخيل متطفل يحاول مضايقتها وأقتنعت ميراندا من أنه كلما طالت فترة وجودها هنا , كلما أزداد أرتفاع الحاجز النفسي الذي يفصل بينهما , هل يمكن أن تكون مشكلة فقدان الذاكرة التي تعاني منها الطفلة هي من صنع يدها ؟ هل من الممكن أن الطفلة أرادت أن تنسى؟ وأذا كان الأمر كذلك , أفليس محتملا أنها لن تستعيد ذاكرتها أبدا؟
وتذكرت موعد العشاء الذي كانت تتمنى التملص منه , ففي الليلة السابقة , أرسل العشاء الى غرفتها وكأن السيدة أيزابيلا أرادت بذلك أن تثبت لها أنها ليست ضيفة العائلة بل أنسانة فرض وجودها في القصر فرضا , ومن ناحية أخرى , فهناك رافاييل! كذلك ثمة سبب آخر جعلها تتضايق من الأنضمام ألى أفراد العائلة.... وهو وجود كارلا , فقد كان واضحا من اللقاء الأول صباح اليوم الفائت والمجابهة التي جرت أثناء تناول الغداء وبعده , أن كارلا لا تحبذ وجودها في القصر .
كانت ميراندا تفضل تناول وجبات الطعام في غرفتها , ألا أنها قبلت الدعوة ألى الغداء لمجرد وجود لوسي , وسرها جدا أن تجد أبنة أختها قربها مباشرة , وكان هذا بالتأكيد من تدبير السيدة أيزابيلا , وأثناء تناول الحلوى , أشارت ميراندا ألى القطعة التي تأكلها الطفلة وقالت لها بهدوء:
" أنها لذيذة جدا , ولا يفرقها عن الحلوى المماثلة في بلادنا سوى عصير الليمون والسكر , كنت دائما تحبينها , هل تذكرين؟".
" هل حقا كنت أحبها , لا أذكر , يا آنسة".
أخفت ميراندا أمتعاضها من أستخدام الطفلة أسلوب الرسميات معها , وأحتجت بلطف ونعومة قائلة :
" لا تناديني هكذا يا لوسي , يمكنك مناداتي بالخالة ميراندا .... أو يا خالتي... أو حتى ميراندا , أذا شئت , أننا قريبتان وسيكون من السخف أن تتصرفي معي كأنك لا تعرفينني أو لم تشاهديني من قبل".
تدخلت عندها كارلا قائلة بتحد:
" أليس محتملا أنها لم ترك من قبل؟ كيف نعرف أنك لست فعلا ميراندا لورد ؟ هل شاهدنا أي أثبات على حقيقة هويتك , يا آنسة؟".
نهرتها أمها قائلة :
" كارلا! الآنسة لورد ضيفتنا , أرجوك أن تتذكري ذلك".
وتدخلت لوسي لتعيد ميراندا ألى نقطة البداية , أذا سألت بأستغراب:
" صحيح , يا خالتي أيزابيلا , كيف نعرف أنها حقا خالتي؟".
" أنظروا!".
قالتها ميراندا بحزم وهي تنحني لأخذ حقيبتها الجلدية الموضوعة قربها على الأرض.
منتديات ليلاس

وقالت للطفلة الصغيرة:
" لديّ هنا بعض الصور الفوتوغرافية , هل تريدين مشاهدتها ؟ أنك تظهرين في معظمها .... ومعك أشخاص آخرون".
ألا أن خوان سارع ألى القول :
" لا أعتقد أنها فكرة جيدة , يا آنسة , فالصور هي... كيف تقولين ؟ شخصية؟ أتصور أن أستخدام أساليب الصدمة خطأ كبير , أليس كذلك؟".
أعادت ميراندا الحقيبة ألى مكانها وقد أدركت بأنها لن تحرز أي تقدم , طالما أن خوان أو أي فرد من عائلته كان حاضرا , لا , فمن المؤكد أن السيدة أيزابيلا ... ورافاييل لن يقفا في وجهها.
بعد الغداء , توجه كل من الموجودين ألى غرفته للقيلولة والراحة , وفي حوالي الخامسة , نزلت ميراندا ألى غرفة الجلوس وهي ترتدي فستانا قطنيا أخضر اللون عوضا عن القمصان والسراويل المعتادة ,وكان ذلك تنازلا بسيطا بالنسبة ألى السيدة أيزابيلا التي لم تخف أمتعاضها من السراويل , وهمست كارلا بأذنها ساخرة:
"ماذا تأملين في تحقيقه , يا آنسة؟".
" لا أفهم ماذا تعنين بذلك".
" نعم تعرفين وتفهمين , يا آنسة , أنك تفكرين بأن البقاء هنا أمر طيب للغاية , وتتمنين أن تقرر الطفلة عدم مغادرة هذا المكان , وتفكرين أيضا بأن أخي يتعاطف مع أصحاب القضايا الخاسرة , وبأنه لا يحتاج ألا ألى القليل من ...... الأقناع كي يعلن عن أستعداده لتولي رعايتك أنت أيضا".
شهقت ميراندا وقالت لها بحدة:
" هذه كلمات وتلميحات حقيرة ومثيرة للتقزز!".
" حقا؟ وهذا الفستان الذي ترتدينه , أليس مصمما كي يسترعي أنتباهه ويجذب أهتمامه؟ ومن يدري , فقد تنجحين لأن أخي خوان ليس صعب المنال !".
أرتاحت ميراندا كثيرا عندما ظهرت السيدة أيزابيلا وأثنت بسرعة وحرارة على التبدل الواضح في مظهرها , قائلة بدون مواربة :
" كم تبدين جذابة عندما ترتدين فستانا يا آنسة , لا بد لي من الأعتراف بأنني أفضل أن تبدو الأمرأة كأمرأة ".
وقال خوان الذي أنضم أليهن في تلك اللحظة:
" أوه , ولكن الآنسة لورد تبدو ذات أنوثة فائقة عندما ترتدي السراويل , ومع ذلك فأنني أوافقك الرأي , يا أمي , أنها تبدو الآن جميلة وجذابة ألى أبعد حد".
أحمرت وجنتا ميراندا نتيجة للأطراء المزدوج الذي سمعته , والأنتصار الذي حققته على كارلا في اللعبة ذاتها التي أختارتها تلك الفتاة لتحطيمها.

نجمة33 19-10-10 04:08 PM

مششششششكوووووورة

نيو فراولة 19-10-10 04:15 PM

أنتبهت ميراندا ألى أنه لم يبق على موعد العشاء سوى بضع دقائق , أرتدت فستانها الحريري الأسود وسرّحت شعرها الناعم , الذي قررت أن تتركه تلك الليلة متدليا على كتفيها , ثم نزلت ألى قاعة الطعام الرئيسية , وقفت مترددة في المدخل العريض وهي تنتظر أن يلاحظ وجودها أحد ويدعوها ألى الدخول , كانت السيدة أيزابيلا تتحدث مع رجل طويل القامة يرتدي ثوب الكهنة , فظنت ميراندا أنه الأب أستيبان , ولكنه عندما أستدار للتحدث مع كارلا , أكتشفت أنه أصغر بكثير من رئيس الدير الهرم , وفجأة شاهدها فأسرع نحوها وهو يقول بأعجاب واضح :
" آنسة لورد ! أنك ..... أنك تبدين بمنتهى الجمال!".
أبتسمت ميراندا وقالت مازحة :
" أرجوك , لا تبالغ ! قد أصاب بجنون العظمة !".
" لا , أنني أعني ما أقول , أنك فعلا... رائعة!".
أقتربت منها السيدة أيزابيلا لتعرفها على الكاهن الشاب , قائلة :
" آنسة لورد , أعرفك بالأب دومنكو الذي يعتني كثيرا بكنيسة الوادي , أنه يسكن الدير مع الأب أستيبان".
أبتسم الكاهن الوسيم بحرارة قائلا بمزيج من الأستغراب والمرح :
" أذن أنت خالة الطفلة الصغيرة , يا آنسة؟ مستحيل! ربما أنت شقيقتها!".
ردت ميراندا على كلمات الأطراء بأبتسامة جميلة , وهي تشعر بأستمرار بوجود ذلك الشاب الوسيم .... رافاييل وتتمنى سماع كلمة أطراء واحدة منه , لماذا لا يكون كشقيقه , أو حتى كأب دومنكو؟ لماذا لا يحييها بمثل تلك الطريقة المتوددة كبقية أفراد العائلة؟ ولكن ذلك ليس صحيحا بصورة تامة , فكارلا لا تزال واقفة قرب المدفأة تنظر أليها بشيء من الحقد والأشمئزاز .
دهشت ميراندا عندما جلس رافاييل , وليس خوان كما كانت تتوقع , في المكان المخصص لرأس العائلة , وجلست الشقيقتان التوأمان ألى جانبيه , فيما جلست هي قرب والدته والأب دومنكو في الجانب الآخر ........قبالة خوان.
أستغربت ميراندا ذلك الترتيب المتعلق بجلوس رافاييل وأحتارت في أمر تفسيره , في السابق , لم يكن الموضوع صعب التصديق , فالأبن الأكبر يرث القصر والأرض عن والده , وشقيقه الأصغر يكرس حياته لمساعدة المرضى والتعساء , ولكن , هل رافاييل هو الأبن الأصغر؟ أنه بالتأكيد يبدو أصغر سنا من خوان , ولكن ذلك قد يكون بسبب ضخامة جثة خوان وترهله بعض الشيء , أما أن لم يكن الشقيق الأصغر , فلماذا أذن يتولى خوان أدارة الممتلكات؟
منتديات ليلاس

وزعت القهوة على الجميع الذين راحوا يتبادلون شتى أنواع الحديث , فيما كانت الموسيقى الهادئة والناعمة تنساب من مكبرات صوت صغير الحجم موزعة بذكاء في أرجاء القاعة , وتولت كونستانسيا شرح بعض الأمور المتعلقة بالأشياء الأثرية والتاريخية التي كانت ميراندا تبدي أعجابها بها , وخلال حديث عام عن الأديان والطوائف المختلفة , أبدى الأب دومنكو أعجابه بكلام ميراندا المتزن قائلا:
" هذه نظرية مثيرة للأهتمام , يا آنسة لورد , وسيسعدني جدا أن أبحثها معك بالتفصيل في وقت لاحق , وأود أن أعترف لك صراحة بأنني لم أكن أتوقع من صبية بعمرك مثل هذا التفهم والأستيعاب لموضوعات جدية ومعقدة كهذه".
وعلّق رافاييل على هذا الكلام بقوله :
" الآنسة لورد شابة يحلو الحديث معها , يا حضرة الأسقف".
لم تنتبه ميراندا ألى أقترابه منها للمشاركة في الحديث , ولكنها أحتارت في أمر لهجته , هل قال جملته بصدق وأمانة أم بخبث وسخرية؟ وسمعت الكاهن يسأله:
" هل توافق على هذا الرأي , يا رافاييل ؟ أنها نظرية لا بأس بها على الأطلاق , أليس كذلك؟ أنها فكرة تثير أهتمام المجلس الكنسي بصورة مستمرة".
رد عليه رافاييل ببرودة قائلا :
" ولكنها نظرية لا يمكنك أن توافق عليها , يا حضرة الأسقف!".
" أليس ممكنا أن يتمتع الرياضي بالمشاركة والمنافسة , حتى لو لم يصل ألى المرتبة الأولى؟".
" أهذا ما تفعله أنت , يا سيدي؟".
أبتسم الأب دومنكو بمحبة وتحد , قائلا بدون أنفعال :
" أنت تعرفني جيدا , يا رافاييل , ولكنني أشعر من لهجتك أنت أيضا , يا بني , أن لديك أكثر من مجرد أهتمام عادي بهذا الموضوع ".

نيو فراولة 19-10-10 04:35 PM

أختارت السيدة أيزابيلا تلك اللحظة بالذات أن تدعو ولديها والأب دومنكو لشرب المزيد من القهوة , أعتذر الكاهن وخوان وتوجها ألى الجانب الآخر من القاعة , فيما ظل رافاييل واقفا قرب ميراندا , ومع أنها كانت تتمنى الأنفراد به أكثر من أي شيء آخر , فقد أرتبكت قليلا ووجدت نفسها تسأله بغباء:
" أليس من الضروري أن تنضم أنت أيضا ألى والدتك؟".
" أنا لست طالبا صغيرا , يا آنسة , أنني قادر تماما على أتخاذ قراراتي بنفسي".
أحمر وجهها خجلا , وقالت :
" أوه , حسنا , أنا آسفة لأنني سمحت لنفسي بتقديم أقتراح بسيط !".
تأملها مليا بعينين جميلتين فاحصتين وقال :
" يبدو لي , يا آنسة , أن لديك موهبة لأجتذاب شقيقي والأب دومنكو على حد سواء , ومن شأن ذلك أن يعوضك عن قلة أهتمامي بك".
عكست عيناها على الفور الأذية التي يتعمد ألحاقها بها , وسألته بأنقباض واضح :
" لماذا تقول مثل هذه الأشياء ؟ لماذا لا تذهب وتنضم ألى والدتك , بما أنني لا أجذبك على الأطلاق؟".
لم يرد رافاييل على الفور , ولكنه تنهد بعد لحظات وقال لها :
" حسنا , حسنا , أنا آسف".
وصمت برهة ثم سألها :
" أخبريني , كيف تسير الأمور مع لوسي؟".
" لم أحقق أي تقدم حتى الآن ".
" ماذا؟".
" أعتقد أنني لن أتمكن أبدا من أنجاز أي شيء معها , ليس هنا , على الأقل".
" ولكن لماذا؟".
هزت ميراندا كتفيها وقالت له بأسى :
" المشكلة هي أن شقيقك يرفض التعاون وتسهيل الأمور".
تنهد رافاييل بقوة وعصبية وقال :
" أعرف , أعرف , هل تحدثت مع الطفلة؟".
" على أنفراد؟".
منتديات ليلاس

رفع رافاييل ألى شعره الكث وبدا أنه يفكر بحل ما , ألا أن أنتباه ميراندا تحول ألى عضلات كتفيه وصدره , وشعرت برغبة قوية في وضع يدها تحت قميصه الحريري.
" ........بعيدا عن القصر".
أستفاقت ميراندا من أحلام اليقظة لتشاهد رافاييل ينظر أليها بأستغراب ويسألها بشيء من الحدة:
" هل سمعت ما قلته لك؟".
هزت رأسها أعتذارا فكرر جملته بهدوء:
" كنت أقول أنه سيكون من الأفضل أن تتمكني من التحدث مع لوسي عندما لا يكون أخي موجودا , ويجب ألا يتم ذلك هنا , بل بعيدا عن القصر".
هزت برأسها وسألته بلهجة جافة تعكس قلقها وأنزعاجها :
" وكيف تقترح أن يتم ذلك ؟ فشقيقك لن يسمح لي أبدا بأخذها ألى أي مكان.... ليس وحدنا في أي حال".
" صحيح , لا أظنه فاعلا ذلك ما لم .... ما لم آخذكما أنا ألى مكان ما".
شعرت ميراندا بأنه متردد في عرضه هذا , وبالتالي فأنها لن تقبل مساعدة شخص يعتبر وجودها أمرا مستهجنا وغير محبب , رفضت عرضه بحزم وتهذيب , قائلة:
" لا داع لذلك , سأفكر بطريقة أخرى".
" ما هي المشكلة الآن؟".
" حسنا , سأجيبك بصراحة! أنت لا تريد حقا أن تأخذني ألى أي مكان , أليس ذلك صحيحا؟".
" أنني على أتم الأستعداد للقيام بهذه المهمة".
ردت عليه بغضب واضح :
" يا للكرم! يا للشهامة! شكرا لك يا سيد , ولكنني لست بحاجة لمساعدتك!".
رافاييل!".
كان ذلك صوت السيدة أيزابيلا التي أقتربت منهما بدون أن يشعرا بها.

نيو فراولة 19-10-10 04:55 PM

" رافاييل , ماذا يجري هنا؟".
" آسف , يا أمي , هل كنت تريدين التحدث معي؟".
أصرت السيدة المسنة على سؤالها وهي تنظر ببرودة ألى ميراندا :
" سألتك عما يجري هنا , يبدو أنكما كنتما ...... تتجادلان !".
زرر سترته السوداء الرسمية ووضع يده وراء ظهره , ثم قال لوالدته :
" أنك مخطئة , يا أمي , أننا لم نكن نتجادل , العكس هو الصحيح , كنا نبحث أحتمال أخذي الآنسة لورد وأبنة أختها ألى البحيرة".
حبست ميراندا أنفاسها ولكن السيدة أيزابيلا لم تلاحظ دهشتها , أذ أنها هي نفسها أصيبت بشيء من الذهول , وسألت أبنها بتشكك :
" أنت , يا رافاييل؟".
" نعم , يا أمي , وأنا متأكد من أن خوان سيسر لتحملي بعض مسؤولياته بضع ساعات , ألا تعتقدين ذلك؟".
تدخلت ميراندا على الفور قائلة بأنفة:
" لا أعتقد أن.........".
قاطعها رافاييل بسرعة وكأنه يكمل جملتها عنها :
" لا تعتقد الآنسة لورد أن أخي سيعارض ذلك".
منتديات ليلاس

لم تتمكن ميراندا من معارضته أمام والدته , فصمتت , ألا أن مجرد أحتمال تمضيتها صباحا بكامله مع رافاييل قرب أحدى البحيرات الجبلية , كان مثيرا بحد ذاته وموازيا من حيث الأهمية لفكرة أنفرادها بأبنة أختها للمرة الأولى منذ وصولها , وعندما نقلت الأم فكرة رافاييل ألى خوان , سارع الشقيق ألى أقتراح ذهاب الجميع ألى البحيرة , وقال :
" سنقوم جميعا بنزهة طويلة ونتناول طعام الغداء هناك".
" كلا!".
قالها رافاييل بهدوء , ولكن بنبرة جادة لا تقبل الأعتراض.
" ولكن لماذا؟ أليست فكرتي جيدة؟".
" أليست هناك أمور عدة في المزرعة تستدعي وجودك وأهتمامك , يا أخي ؟ أنا لا أنكر عليك تعلقك بالطفلة , ولكن ألا تظن أنك تهمل شؤون الممتلكات؟".
أحمر وجه خوان ورد على أخيه بشيء من الأحتقار , قائلا :
" أنت لست في وضع يخولك حق التحدث في هذه الأمور , يا رافاييل".
" لن أجادلك , يا خوان , أنا والآنسة لورد سنأخذ الطفلة بمفردنا ".
" متى؟".
" لا أدري , ليس غدا في أي حال , ربما بعد غد , أن شاء الله".
على أثر ذلك , غادر رافاييل والأب دومنكو القصر معا وودعتهما ألى الباب الخارجي السيدة أيزابيلا وأبنتها كونستانسيا , وما أن همت ميراندا أيضا بمغادرة القاعة ألى غرفتها , حتى أقتربت منها كارى وقالت لها بخبث واضح:
" هكذا أذن , يا آنسة , يبدو أنك قررت تغيير أسلوبك , أليس كذلك؟".
" أفضل ألا أبحث معك هذا الموضوع , يا آنسة , عن أذنك!".
" أوه , ولكنني أصر على ذلك , أنني أجد الموضوع مسليا للغاية , ولكنك تضيعين وقتك مع رافاييل , فهو غير قادر على مساعدتك".
" أعتقد أنني سأذهب ألى الوم , يا آنسة ".
أمسكتها كارلا من ذراعها وقالت لها ببرودة أعصاب مذهلة :
" تمهلي , يا آنسة , وأستمعي أذا شئت ألى هذه النصيحة الثمينة , ركزي أهتمامك ومحاولاتك على خوان , ولكن دعي رافاييل وحده , سحرك القوي وجمالك الفتاة لا يجذبانه أبدا!".
ثم أبتسمت بلؤم وخسة وهي تنهي حديثها بالقول :
" ما من أمرأة في العالم , مهما كانت , تتمكن من جذبه أليها وأيقاعه في شباكها!".

نيو فراولة 19-10-10 06:10 PM

6- سوف أطلب الغفران

نامت ميراندا تلك الليلة , مع أنها لم تتوقع ذلك أطلاقا , ضايقتها جدا كلمات كارلا , ولكن النعاس كان أقوى من الأنقباض , ولم تستيقظ صباح اليوم التالي ألا على صوت لوسي وهي تقفز وتعدو في الحديقة تحت شرفة غرفتها , فتحت عينيها بكسل واضح لتشاهد فطورها على الطاولة الجانبية , من المؤكد أن الخادمة أيناز أحضرته لها قبل قليل , ولكنها لم تزعجها , على ما يبدو , بناء على تعليمات من السيدة أيزابيلا .
شربت القهوة على عجل وخرجت ألى الشرفة , بعد أن أرتدت عباءة حريرية بيضاء , كانت لزسي تلعب مع أحدى الشقيقتين , وترددت ميراندا لحظة قبل ألقاء التحية , ولكنها شعرت بالأرتياح عندما بان لها وجه كونستانسيا المحبب.
" ما بك , أيتها الكسولة ؟ ألا تعرفين أن الساعة تجاوزت العاشرة؟".
أبتسمت ميراندا لسماعها تلك الكلمات وقالت :
" أعلم أن الوقت متأخر , أمنحاني بضع لحظات كي أرتدي ثيابي وأنضم أليكما".
ثم حوّلت أنتباهها ألى الطفلة التي كانت تصغي أليهما بدون تعليق, وسألتها بمحبة :
" مرحبا , يا لوسي , كيف حالك هذا الصباح؟".
هزت لوسي كتفيها بدون أن تجيب , فقالت لها كونستانسيا :
" لوسي , حبيبتي! قولي صباح الخير للآنسة!".
أمتعتضت ميراندا بعض الشيء عندما رفعت لوسي نظرها أليها وقالت :
" صباح الخير يا آنسة".
أحست ميراندا بعقم محاولاتها لأقناع الطفلة بأستبدال تلك الكلمة الجافة بكلمة أرق وأعذب ........ خالتي , أو بالأسم الأول فقط , حتى كونستانسيا اللطيفة والطيبة .... تصر على أستخدام الرسميات!
عادت ألى الغرفة ثم أخذت حماما باردا وتناولت فطورها , وبعد ذلك , أرتدت ثيابها المعتادة وغادرت الغرفة , وما أن وصلت ألى أسفل الدرج , حتى ظهر أمامها خوان الذي قال لها على الفور :
" آه , آنسة لورد! هل تسمحين بدقيقة من وقتك؟".
هزت برأسها بالموافقة فدعاها لدخول مكتبه , تطلعت حولها بأهتمام لأنها لم تكن قد شاهدت تلك الغرفة الفسيحة من قبل , أشار بيده ألى أحد المقاعد الوثيرة وقال لها , فيما كان ينظر ألى مجموعة من الأوراق أمامه :
" أريد أن أطلب منك ...... خدمة , يا آنسة , أمامي الآن عدد كبير من الرسائل التي لم أتمكن بعد من الأجابة عليها , مع أنني تأخرت كثيرا في ذلك , وقد أبلغني الأب أستيبان أنك تعملين كسكرتيرة في لندن ,أليس كذلك؟".
أستغربت ميراندا سؤاله ولكنها أجابته بهدوء:
" نعم , يا سيد أنا أعمل كسكرتيرة لأحد رجال الأعمال الذين يتعاطون الشؤون المالية والمصرفية".
" عظيم! أذن , هل بأمكانك مساعدتي ؟".
" كيف؟".
منتديات ليلاس

" كما ترين , لدي مجموعة كبيرة من الأجابات التي ينبغي أعدادها".
" وهل تريدني أن أكتبها لك , يا سيد؟".
" أتمنى.... أتمنى أن تطبعيها لي يا آنسة , أرجوك! هل أطلب منك الكثير؟".
" لا , طبعا لا ".
لقد قبلت ضيافته وعليها رد الجميل , ولكنه يعلم أن حجرزها في مكتبه يحرمها من أي فرصة قد تجدها للتحدث مع لوسي أو الأنفراد بها.
" متى تريدني أن أبدأ ؟".
" أوه ..... حسنا .... الآن , يا آنسة !".
" بما أن النتيجة واحدة , يا سيد , فأنني أفضل العمل في المسا , ليس لديّ أي شيء أقوم به في المساء , ولذلك........".
توترت أعصابه قليلا وهو يقاطعها قائلا :
" أنا لا أوافقك على هذا الرأي يا آنسة".
" لم لا؟".
لاحظ خوان أنها مستعدة لمجابهته أذا أستدعى الأمر , فقرر أستخدام أسلوب مختلف , قال لها مبتسما :
" لأن ذلك ليس مناسبا , يا آنسة , هيا , هيا , فلسنا بحاجة ألى وقت طويل".
" هل الأجابات معدة سلفا؟".
" سنستخدم الأختزال , أليس ذلك أفضل؟".
أخفت ميراندا أمتعاضها , فالنهار , لا يزال في بدايته , ستنهي عملها اليوم كي تتفرغ غدا للقاء لوسي ....... ورافاييل!
ولكن اليوم التالي حمل منذ بدايته أمطارا موسمية غزيرة , وكان جو القصر متوترا , حضر فالديز مراقب العمال لأجراء مباحثات عاجلة مع خوان , ولكن أحدا لم يذكر أسم رافاييل , من الواضح أنه لن يأتي في هذا الجو الماطر والعاصف , ولكن , أين هو الآن يا ترى؟ هل يجلس آمنا مرتاحا في بيته الحجري الصغير؟ أم يساعد القرويين والعمال على أنقاذ أكواخهم وحاجياتهم؟

نيو فراولة 19-10-10 06:34 PM

أمضت ميراندا معظم ذلك الصباح في التأمل والتحليل , وبخاصة أنها لم تحرز حتى الآن أي تقدم مع لوسي مع أنه مضى على وجودها هنا أكثر من أسبوع , ولكن ماذا عساها أن تفعل؟ ماذا بأمكانها أن تفعل؟ هل تأخذ الطفلة بالقوة , أذا دعت الحاجة ألى ذلك؟ لا يمكنها التنكر لحقيقة جلية , وهي أن الطفلة سعيدة جدا من خوان , ولكن , كم ستدوم سعادتها أذا بدأ خوان يمل منها ؟ أذا تزوج ورزق أولادا؟
خفّ المطر بعد الظهر وتوقف تماما في المساء , ومع توقفه وزوال الخوف من مصائبه , نزلت ميراندا ألى قاعة الجلوس وهي تأمل في أن يكون اليوم التالي صاحيا كي تتمكن من لقاء أبنة أختها , وما هي ألا دقائق معدودة , حتى وصل رافاييل وقد بدا عليه التعب والأرهاق , أقترب منها وقال :
" لن أبقى طويلا , يا آنسة , لم أحضر ألا لمقابلتك , ولكي أسألك عما أذا كان الغد يناسبك ".
حبست ميراندا أنفاسها لحظة ثم سألته بلهفة :
" للذهاب .... ألى البحيرة ........مع لوسي؟".
" طبعا".
" عظيم , شكرا".
هز رافاييل رأسه وكان على وشك العودة عندما قالت له :
" أنك مبتل للغاية , ماذا كنت تفعل؟".
" جرفت السيول أحد عمال أخي ألى النهر وتمكنّا , لحسن الحظ , من رمي حبل له وأنقاذه , والمؤسف حقا أن أحد منقذيه لم يكن له حظ مماثل".
سألته ميراندا بلهجة حزينة :
" هل تعني أن أحدا غرق هذا اليوم؟".
منتديات ليلاس

" ألم يخبرك خوان ؟ لا , ربما لا , ألا أن هذه هي الطريقة التي تجري بها الأمور هنا , والآن ........ الآن يجب أن أذهب وأجفف نفسي ".
" أنت بحاجة ألى حمام ساخن , لماذا لا تستحم هنا ؟ من المؤكد أن لدى خوان بعض الملابس التي يمكنك....".
توقفت عن أتمام جملتها بعد أن تنبهت ألى السهولة القصوى التي وجدتها في أستخدام الأسم الأول لشقيقه , ورد فعله المحتمل على ذلك , ألا أنه كان يصعد ألى سيارته وهو يقول لها :
" يوجد لدي ماء ساخن في بيتي , يا آنسة".
عادت ميراندا ألى القاعة الكبيرة فألتقت كونستانسيا , التي سألتها بأستغراب :
" هل كان ذلك رافاييل , يا آنسة؟".
" نعم , لم يتوقف أكثر من دقائق معدودة , أتى.... لمجرد أبلاغي بأنه سيأخذني ولوسي غدا ألى البحيرة".
بدا التملل واضحا في صوت الشقيقة عندما سألت للمرة الثانية :
"هل كان ذلك كل شيء , يا آنسة؟".
لم تعرف ميراندا ما أذا كان عليها أبلاغ الفتاة الأخرى عن حادثة الغرق أم لا , هزت برأسها وقالت :
" نعم .... نعم , كان.... كان مبتلا للغاية وأعتقد أنه ذاهب ألى بيته ليجفف.......".
قاطعتها كونستانسيا قائلة :
" هذا هو بيت أخي , يا آنسة".
وأثناء العشاء أخبرت كونستانسيا بقية أفراد العائلة أن رافاييل حضر في المساء وقابل ميراندا ثم عاد على الفور , وبدا الأستغراب على وجوه الجميع ,وبخاصة الوالدة , لأنه لم يعلن عن حضوره , وشعرت ميراندا بأن أفراد العائلة يعتبرونها مسؤولة عن ذلك , وسرّها جدا أن ينتهي العشاء وتذهب ألى غرفتها , القصر جميل جدا ولكنها ......... ليست سعيدة فيه.
أستيقظت ميراندا باكرا صباح اليوم التالي , وكانت الشمس ساطعة والطقس رائعا , أرتدت ثيابها ونزلت ألى المطبخ كي تعد لنفسها فطورا مبكرا , كانت جيزابيل تعمل منذ بعض الوقت في أعداد ما يلزم أعداده وأعطاء التعليمات لبقية الخدم .
حدقت بها جيزابيل أستغرابا وسألتها عما يريد , فردت عليها ميراندا بأنها ترغب بقليل من القهوة , نظرت أليها السيدة القصيرة ذات الشخصية القوية بمزيد من الأستغراب وسألتها:
" وهل تريدين القهوة .... هنا , يا آنسة؟".
" هنا , أو في أي مكان آخر , أن لم يكن لديك مانع".
تطلعت جيزابيل ألى الصبي المذهول الذي كان يساعدها في المطبخ وأعطته أمرا , ثم أستدارت نحو ميراندا وقالت لها بتهذيب وهدوء:
" تفضلي! هل ستذهبين اليوم مع السيد رافاييل ألى البحيرة , يا آنسة ؟".
" نعم! ولكن...... كيف عرفت ذلك ؟ كان يفترض بنا أن نذهب أمس!".
أبتسمت جيزابيل كاشفة عما تبقى من أسنانها وقالت :
" سمعتك تتحدثين مع السيد رافاييل مساء أمس , يا آنسة , أنه يعجبك , أليس كذلك؟".
دهشت ميراندا لذلك السؤال المفاجىء ووضعت مرفقيها على الطاولة, ثم أخفت خديها بين يديها لأخفاء أحمرارهما وقالت :
ط السيد رافاييل طيب جدا , وعرض أن يأخذني و......".
" والصبية! نعم , نعم , أعرف ذلك يا آنسة , هل كل شيء على ما يرام؟".
قبلت ميراندا القهوة بأمتنان وقالت :
" نعم يا جيزابيل , شكرا لك".

نيو فراولة 19-10-10 09:50 PM

تلهت مدبرة المنزل بعملها لبضع دقائق , فشعرت ميراندا بشيء من الأرتياح , فهي , على الرغم من أعجابها بالسيدة , المسنة , لكنها لم تكن راغبة في الأسترسال معها بحديث يتناول أفراد العائلة المضيفة , وقبل أن تعود جيزابيل ألى الثرثرة , فتح الباب فجأة ليدخل منه رافاييل , رفع حاجبيه أستغرابا لرؤيته ميراندا في المطبخ وحيّاها بلهجة جدية:
" أسعدت صباحا يا آنسة ".
ثم أبتسم لجيزابيل وقال لها بالأسبانية :
" كيف حالك , أيتها العزيزة ؟".
تمنت ميراندا من صميم قلبها معرفة فحوى الأحاديث التي تبادلاها , وبخاصة لأنها لاحظت من حركات جيزابيل أنها هي موضوع الحديث , وأنتبهت أيضا ألى رافاييل كان يتجنب الرد على بعض الأسئلة وهو يهز رأسه باسما , وبعد دقائق معدودة , صب لنفسه فنجانا من القهوة وأعتذر لجيزابيل ثم أقترب من ميراندا وسألها :
" ماذا يقولون هنا , يا آنسة ؟ هل صحيح أنك لم تتمكني من النوم جيدا؟".
" أستيقظت باكرا , وكنت أظن أننا قد نذهب ألى البحيرة في وقت مبكر".
" أوه!".
لاحظت ميراندا أنه يسعل بقوة , فسألته بهدوء:
" كيف حالك هذا الصباح يا سيد؟".
شرب جرعة من القهوة ثم قطب حاجبيه بسبب السعال شبه المتواصل , وقال :
" يبدو أنني مصاب بالبرد والزكام , ولكن الأمر ليس خطيرا ".
" لا أستغرب ذلك على الأطلاق , فقد أبقيت عليك ثيابك المبللة فترة طويلة!".
تأمل رافاييل وجهها المتوتر بضع لحظات وقال :
" كان لا بد لأحد من أن يبلغ زوجة الغريق بما حدث , وبيتها ليس بعيدا من هنا , أوه , جيزابيل , هل قطع الخبز الفرنسي هذه جاهزة؟".
منتديات ليلاس

أعدت جيزابيل المائدة بسرعة وقالت له , فيما كانت تدفعه بقوة وأصرار ألى الكرسي :
" سوف تتناول الفطور أنت والآنسة , أليس كذلك؟".
" أنك قطعة حلوى كبيرة , يا جيزابيل ! شكرا! ".
لم تتمتع ميراندا بفطورها وبوجودها قربه , وذلك بسبب ما حدث سابقا ..... ولأن جيزابيل كانت تروح وتجيء , خلفهما كحارس أمين , وعندما أنتهيا من تناول طعامهما , شكر رافاييل السيدة العجوز ثم سأل ميراندا :
" هل أنت مستعدة , يا آنسة؟".
" طبعا!".
" حسنا , سنمر على الصغيرة في طريقنا ".
" ولكن..... ولكن يجب أن أترك خبرا".
" سوف تتولى جيزابيلا أبلاغ أمي بالأمر , تعالي! فهذه هي أفضل ساعات النهار".
ودّعتهما جيزابيل وكانت تبدو على وجهها ملامح الأرتياح , هل لذلك علاقة بما قالته كارلا من أن رافاييل غير مهتم بالنساء ؟ ولكن ذلك لا يمكن أن يكون صحيحا ! أنه ليس من ذلك النوع من الرجال , وهي مستعدة للمراهنة على ذلك بحياتها , أضافة لذلك , فقد شعرت أحيانا.... وأحيانا فقط بأنه يشعر بوجودها ........
وقررت فجأة طرد تلك الأفكار من رأسها , فهي ليست هنا لتحليل علاقتها الوهمية مع رافاييل , بل لتمضي ساعات عدة مع لوسي وتحاول بالتالي أختراق الأمطار , فسألت رافاييل بلهفة صادقة:
" هل تلفت محاصيل هذا العام؟".
" تلف البعض وسلم البعض الآخر , أنها....... كما يقولون...... أرادة الله عز وجل , هؤلاء الناس سعداء لأن حياتهم سلمت , ألا توافقين معي على أن ذلك هو الأمر المهم , يا آنسة؟".
نظرت أليه لبضع لحظات ثم أبعدت وجهها عنه وهي تقول :
" أعتقد...... أعتقد ذلك".
" أنت لا توافقين؟ طبعا لا , فأنت من مجتمع مادي يقاس فيه الأنسان بما يملك".
" هذا ليس صحيحا تماما.......".
"كلا؟ هذا ما يواجهه العالم بأسره اليوم , يا آنسة , أنا لا أدين مجتمعك أكثر من مجتمعي , وبالتأكيد فأن نقاطا أيجابية توجد في أي من مجتمعات العالم , أنا أؤمن بأن حياة الأنسان.... أو بالأحرى قيمتها... هي الشيء الهام , ولكن أولئك الأطفال الذين يولدون ثم يموتون......".
" بسبب الأوضاع المعيشية ....".
" أنها أسوأ بكثير في أماكن أخرى , يا آنسة , فبلادي على الأقل لا تمزقها حروب أهلية أو خارجية , كما يمكن للأنسان هنا أن يتأكد..... ألى حد ما على الأقل ...... من أنه سيعيش حتى منتصف عمره".
" أثارت كلماته أعجاب ميراندا , فسألته بهدوء:
" ألهذا أخترت أن تكون طبيبا ...... وليس أقطاعيا , أو على الأقل سيد قصر وصاحب ممتلكات؟".

نيو فراولة 19-10-10 10:16 PM

قست ملامحه فجأة وقال لها :
" لم نكن نتحدث عني , يا آنسة , ربما كان عليك أن تشغلي نفسك بكيفية معالجة أمر الطفلة , وهنا لا بد من تحذيرك من أن أخي ليس بالخصم الضعيف".
أحمرت وجنتاها وهي تقول له :
" أكتشفت ذلك بنفسي , يا سيد".
" ماذا تعنين؟".
" لا أهمية لذلك".
" أرجوك.... أريد أن أعرف".
كان رافاييل مقنعا للغاية وشعرت ميراندا بالدماء تتجمد في عروقها عندما يخيلته يطالبها بمعانقته...
" يا آنسة !".
" أوه! طلب مني أن أساعده....... أطبع له بعض الرسائل وأهتم بمراسلاته!".
" متى طلب منك ذلك؟".
" قبل يومين , ولكن... ليست هناك من مشكلة , أنني أرد له الجميل , ألم يسمح لي بالبقاء.........".
قاطعها رافاييل بعصبية بالغة , قائلا:
" لن تقومي بعد الآن , يا آنسة , بأي عمل من هذا القبيل لأخي , وأنا سأتأكد من ذلك بنفسي".
لم تعرف ميراندا بماذا تجيب , فأكتفت بكلمة شكرا قالتها وكأنها تمتمة , وفي اللحظة التالية , كانت السيارة تقف أمام الدير . خرجت لوسي بسرعة لتعرف من أتى , وما أن شاهدت ميراندا ورافاييل , حتى غابت أبتسامتها العريضة , وجمدت في مكانها , نزلت ميراندا من السيارة وأقتربت منها باسمة وهي تقول :
" مرحبا , يا لوسي , جئت والسيد....... والسيد رافاييل ..... كي نأخذك في نزهة نزهة جميلة ".
نظرت الطفلة بأمتعاض ألى السيارة التي تغطيها الوحول وقالت :
" لا أريد الذهاب بهذه السيارة القديمة المتسخة! سيأتي الخال خوان لأخذي بسيارته الجديدة النظيفة".
رد عليها رافاييل بهدوء متجاهى قحتها :
" لا , أنه لن يأتي يا لوسي , أين الأب أستيبان".
" هنا , يا عزيزي , تفضلا وشاركاني كوبا من اللبن الطازج".
" لبن ماعز؟ عظيم , سندخل لبضع دقائق ! فما رأيك يا آنسة؟".
تحدث الرجلان معظم الوقت بالأسبانية , ولكن الأب أستبان وعد ميراندا مازحا بأنه سيتمكن من محادثتها بلغتها لأن لديه معلمة صغيرة تساعده بأستمرار , وعندما حان وقت الرحيل , ألتصقت لوسي بقوة بالكاهن العجوز وقالت باكية :
" أريد البقاء معك , لا تطلب مني الذهاب معهما , بعد قليل , سيأتي الخال خوان".
منتديات ليلاس

" ليس اليوم , يا صغيرتي , ليس اليوم! تعالي , فخالتك هنا لمشاهدتك وتمضية بضع ساعات معك".
" أنها ليست خالتي! قال لي الخال خوان أنني الآن فتاة مكسيكية ......... وهي بريطانية!".
نظر رافاييل بسرعة ألى ميراندا فشعرت بأنه متعاطف معها , وفرحت عندما سمعته يقول للفتاة بهدوء:
" يجب على الخال خوان ألا يقول لك كلاما كهذا , يا لوسي , أنت بريطانية , وألا فكيف تتحدثين بهذه اللغة؟ ثم...... أنك تجرحين شعور خالتك ألى درجة كبيرة عندما تستخدمين معها مثل هذه الكلمات القاسية , يجب أن تتذكري أنها تعرفك منذ كنت طفلة صغيرة , كما تعرف والديك , أمك شقيقتها , يا لوسي , كيف تظنين أنها تشعر عندما تسمعك تتنكرين لأهلك ولعائلتك ؟ هل تعتقدين أن الخال خوان يتنكر لعائلته ؟ لا, قطعا لا! وأنا كذلك !".
" ولكن الخال خوان أبلغني بأنها ستعود بي ألى بريطانيا , وأن تلك البلاد باردة جدا ....... والشمس لا تشرق أبدا".
تململ رافاييل بعض الشيء وقال لها:
" لم يذهب الخال خوان مرة واحدة في حياته ألى بريطانيا , وبالتالي لا يعرف عنها أللا النذر القليل ".
" وأنت , هل ذهبت قبلا ألى بريطانيا؟".
" طبعا".
قالها رافاييل بهدوء وأقناع شديدين , متجاهلا أستغراب ميراندا ودهشتها , وعادت الطفلة تسأله مجددا:
" وهل تشرق الشمس هناك؟".
" طبعا يا حبيبتي , وهل يمكن للناس هناك أن يعيشوا بدون شمس؟".
" وما هي طبيعتها؟".
" أنها بلاد....... صغيرة,ولكنها خضراء , أنها تختلف عن هنا , ولكن شعبها ودود جدا وطيب جدا".
" ولكن , ماذا سيحدث أن لم تعجبني؟".
وضع يده برفق على كتفها وقال لها بحنان ظاهر:
" لم يتقرر شيء بعد , يا لوسيا , يجب أن نواجه الظروف والتطورات كل في حينه , تعالي معنا لتمضية ساعات الصباح معا , ومن يدري , فقد تجدين خالتك أنسانة طيبة جدا .... عكس ما تتصورين ".
نظرت لوسي بحذر نحو ميراندا ثم قالت لرافايييل :
" حسنا , حسنا , سأذهب معكما , ولكن..... أريد الجلوس في المقعد الأمامي .... معك".
" سنجلس جميعنا في المقعد الأمامي , يا صغيرتي".
وبعد أن ودّع رافاييل الأب أستيبان وسار نحو السيارة , سألته ميراندا بصوت منخفض :
" لم أكن أعرف أنك زرت بريطانيا من قبل , يا سيد!".
" لم أزرها قط, يا آنسة ".
" ولكن.........".
" كانت كذبة بيضاء ذات هدف نبيل , سوف أطلب الغفران من ربي , أعدك بذلك".
" وهل.......؟".
أنحنى رافاييل ليرفع لوسي ألى السيارة , ثم قال لميراندا بهدوء :
" أنها مسألة بيني وبين ضميري ,يا آنسة , هيا بنا".

نيو فراولة 20-10-10 11:48 AM

7- أنا آسف يا آنسة !

" ألى أين نحن ذاهبون ؟".
نظر رافاييل ألى الطفلة الجالسة قربه وقال لها بهدوء :
" أننا ذاهبون ألى بحيرة , يا لوسيا , أنت تعرفين ما هي البحيرة , أليس كذلك؟".
تطلّعت أليه لوسي وقالت بعنفوان :
" طبعا , ولكن , أين هي تلك البحيرة ؟ وكيف يمكن أن تكون هنالك بحيرات في الجبال؟".
تدخلت ميراندا كأحدى معلمات الجغرافيا الطبيعية , قائلة :
" كثيرا ما تتكون هناك بحيرات في المناطق الجبلية يا لوسي , وتتكون هذه البحيرات من جراء تجمع المياه , كتلك التي هبطت أمس , في أحواض طبيعية مرتفعة.
هز رافاييل رأسه وقال مصححا معلوماتها:
" البحيرة التي نقصدها ليست من هذا النوع , يا آنسة , ولكنكما ستعرفان ما أعنيه .......قريبا جدا".
وصلت السيارة القوية , المصممة خصيصا للطرقات الجبلية والصحراوية الوعرة , ألى مكان مرتفع جدا يشرف على المكان المرتقب , أوقف رافاييل محرك اللاندوفر , ونزل الثلاثة من السيارة لتأمل ذلك المنظر الطبيعي الخلاب.
" أنها أحدى معجزات الطبيعة , أليس كذلك ؟ أنظرا ألى ذلك البخار الذي يتصاعد من الماء! هناك ينبوع حار يغذّي البحيرة ويبقى مياهها دائما ساخنة".
شهقت ميراندا لشدة أعجابها وقالت :
" أنها..... أنها رائعة! ولكن...... هل سننزل أليها ؟".
" سنذهب مسافة قصيرة , هناك سهل صغير فوق البحيرة يمكننا أيقاف السيارة فيه , ثم نستخدم أقدامنا".
صرخت لوسي عندما بدأت السيارة تتجه نزولا :
" ولكن , كيف سنتمكن من الصعود ثانية ؟".
أبتسم رافاييل وقال لها مازحا ومشجعا :
" لا تكوني كفأرة صغيرة , يا لوسي , أنها مغامرة مثيرة ....... ولكنها ليست خطرة".
منتديات ليلاس

" أنا لا أحب هذا المكان على الأطلاق!".
كانت تنظر بهلع ألى الجبال العالية المحيطة بهم , وقد توترت أعصابها وبدا عليها الأنزعاج والأنقباض , هل كان ذلك ما يهدف أليه رافاييل عندما أقترح هذا الموقع بالذات , هل كان يتصور بأن لوسي ستخاف هنا .......ستصاب بصدمة تذكرها بجبل آخر , وواد آخر؟
" أريد العودة ألى الدير , أريد العودة الآن".
ضمّت ميراندا الطفلة أليها وقالت لها:
" لا تخافي , يا حبيبتي ..... رافا......السيد رافاييل يعرف تماما ماذا يفعل , ليس هناك أي خطر أو سبب للخوف".
ردت عليها الطفلة باكية :
" أنا لا أحب هذا المكان , أنه....... أنه موحش للغاية !".
قال لها رافاييل بأيجاز , فيما كان يركز أهتمامه على أيقاف السيارة في ذلك المنبسط الصغير :
" ولكنك لست وحدك , يا لوسيا".
ثم أوقف المحرك وتابع قائلا :
" ما رأيك الآن ؟ ها قد وصلنا سالمين وبدون مواجهة أي خطر! هل ستنزلين ؟".
نظرت أليه لوسي بقلق وهي تحبس دموعها بصعوبة , وسألته بتردد:
" ولكن الصخور....... مزعجة , والنزول صعب للغاية!".
أبتسم لها وهو يرفعها بين ذراعيه ثم قال مشجعا :
" تعالي! سأريك كيف ننزل! يجب ألا تخافي معي , يا صغيرتي !".
أنزلها رافاييل بسهولة فائقة دلت على خبرته وتمرسه , على الرغم من وعورة الأرض وأوحالها , ثم عاد يمد يده لمساعدة ميراندا , أمسكت بيده وبدأت تنزل ببطء وتأن , ولكن قدمها زلت , ففقدت توازنها وأنزلقت على المنحدر الموحل , ووجدت ميراندا نفسها مستلقية على ظهرها قرب قدميه فيما غطت الأوحال ثيابها ومعظم أنحاء جسمها , لم يضحك , مع أنه كان بالتأكيد على وشك ذلك , ولكنه نصحها بالتروي قليلا فيما يتعلق بالوحول المتراكمة عليها , وذلك كي تجف ويسهل نزعها.
أختار رافاييل صخرة جميلة جافة وأستلقى عليها , مفسحا المجال أمام ميراندا للأنفراد بأبنة شقيقتها ومحاولة أختراق السد المنيع الذي ترفعه بوجهها.

نيو فراولة 20-10-10 12:05 PM

زال خوف لوسي وقلقها وراحت تقفز هنا وتركض هناك فرحة جذلة , وما أن خلعت حذاءها ووضعت قدميها في مياه البحيرة , حتى صرخت بسرور:
" أنها ساخنة! أنها حقا ساخنة!".
أخفت ميراندا خيبة أملها التي أصيبت بها عندما أدركت أن لوسي لم تعد خائفة من الجبال , وبأن الأمل الواهي في أستعادتها ذاكرتها قد تضاءل وزال , وضعت يديها الموحلتين وراء ظهرها برهة ثم تأففت بصوت مرتفع , ضحكت الطفلة من جراء ذلك مما شجعها على أن تقول لها بهدوء :
" ألا تتذكرينني أبدا , يا لوسي؟".
نظرت لوسي بعيدا وهي تجيبها نفيا , تنهدت ميراندا وعادت تسألها :
" هل أنت متأكدة ".
" طبعا , أنا متأكدة , أوه...... أنظري ! أليست هذه فراشة جميلة! هل تعرفين ماذا تسمّى؟".
نظرت ميراندا بتملل ألى الفراشة وقالت :
" لا أعرف , ربما كانت تسمى الطائر الأزرق , ألا تريدين أن تتذكري يا لوسي ؟".
" أنها ليست الطائر الأزرق , لأن ذلك النوع أصغر بكثير ولديه بقع زرقاء وبيضاء على الجناحين".
" بحق السماء يا لوسي ! عندما أتينا ألى هنا شعرت بأنك تذكرت شيئا ما ... شيئا أفزعك وأخافك!".
ثم توقفت فجأة وقالت لها بلهفة:
" كيف تعرفين شكل الفراشة المسماة بالطائر الأزرق؟".
" لا أدري".
" أسمعي , يا لوسي! لا توجد في أميركا اللاتينية كلها فراشات من هذا النوع , أنها موجودة فقط في أوروبا , ألا يثبت لك ذلك أنني أقول الحقيقة؟ كيف تعرفين الفراشات الموجودة في بريطانيا , ما لم تكوني عشت في بريطانيا ؟ ما لم تكوني بريطاية ؟".
نظرت لوسي ألى جهة أخرى وقالت ببرودة وهي تهز كتفيها :
" ربما قرأت عنها في مكان ما ".
منتديات ليلاس

" أوه! لوسي!".
تطلعت بها الفتاة وقالت لها بأنزعاج قبل أن تركض بعيدا عنها :
" أنا لا أعرف من أكون , أنني حقا أجهل ذلك , ولكن حتى أن كنت فعلا أبنة أختك , فأنني لا أزال مصممة على البقاء مع الخال خوان!".
شعرت ميراندا باليأس والحزن , وتبيّن لها أنها غير قادرة على معالجة هذا الأمر بمفردها , ماذا عساها أن تفعل؟ أحست بغضب شديد يتملكها , فتركت الفتاة تلهو وتلعب وعادت بسرعة ألى حيث كان رافاييل مستلقيا , فتح عينيه فرآها تقف قربه وتنظر أليه شزرا , قفز من مكانه وسألها بلهفة :
" نعم يا آنسة ؟".
" أريد أن أسألك شيئا , يا سيد ! هل عرض أحدكم الطفلة على طبيب؟".
" طبعا , طبعا , فالطبيب رودريغز أجرى لها........".
قاطعته بمزيج من الأستغراب والأستياء , قائلة بحدة :
" أنا لا أعني مجرد أي طبيب للصحة العامة! أنني أتحدث عن أختصاصي , يا سيد ! أتحدث عن طبيب متخصص بفقدان الذاكرة والأضطرابات النفسية".
" أنا لا أعرف ما هو الأختصاصي , يا آنسة , والجواب , نعم , فقد أحضر شقيقي طبيبا أختصاصيا من مكسيكو سيتي قبل عدة أسابيع".
" وماذا كان تشخيصه وتحليله للمشكلة ؟".
" أتصور أنه كان من أصحاب الرأي القائل أنها مسألة وقت فقط قبل أن تستعي
د الطفلة ذاكرتها".
تضايقت ميراندا كثيرا من برودة أعصابه وصرخت بوجهه قائلة :
" تتصور؟ ولكنك قلت أنك طبيب! ألم تبحث الموضوع معه ؟".
" عذرا , يا آنسة , ولكنني لم أقل أبدا أنني أختصاصي".
" ولكن لا بد أن لك رأيا في هذا الصدد , أنا...... أنا لا أعلم ماذا أفعل".
أبتعدت عنه بسرعة وغضب , لأن آخر شيء كانت تريده في حياتها هو الأنهيار أمامه! يجب ألا تشعر بالهزيمة لمجرد سماعها كلمات لوسي ! أنها هي الوصية القانونية على الطفلة.... وليس خوان كويراس !
" كما قلت لك من قبل , يا آنسة , أنت لا تعطين هذا الموضوع الوقت الكافي ".
نظرت ألى الوراء وقالت له بصوت منخفض :
" ليس لدي وقت كاف!".

نيو فراولة 20-10-10 12:27 PM

أقترب منها , رافاييل قائلا , وقد بدا أن صبره بدأ ينفد:
" أذن , ربما كان عليك أعادة النظر في هذا الأمر , أتيت ألى هنا لأيجاد طفلة عاشت في وادينا أربعة أشهر.... عاشت مثلنا ..... وأعتادت على أساليبنا وطرق حياتنا , وتتوقعين أن يتغير كل هذا خلال أسبوع .... أو عشرة أيام؟ أنني ـقول لك , يا آنسة , أن هذا الوقت غير كاف على الأطلاق ! من غير المتوقع أن تتقبل الفتاة مثل هذا التغيير الجذري في حياتها بدون أعتراض أو أحتجاج , لو أنها تعرفت عليك.....".
" ولكنها لم تتعرّف عليّ".
وأنهمرت الدموع من عينيها وهي تمضي ألى القول :
" ماذا يجب عليّ أن أفعل؟ هل أمضي.... أربعة أشهر مماثلة كي أقنعها بأنها هي حقا أبنة أختي ؟ لا يمكن , لا يمكن! فلا وقتي يسمح بذلك ولا أمكانياتي المادية!".
" أنا موافق معك , فالوضع صعب".
" صعب؟ صعب؟ أنه وضع مستحيل ! ففي كل مرة أتحدث أليها , ترفع على ما يبدو سدا منيعا في وجهي! ماذا يمكنني أن أقول لها كي أكسب ثقتها ؟ ألا يمكنك مساعدتي ؟ أرجوك ! أرجوك!".
كررت كلمة الرجاء والمناشدة وهي تمسك بذراعه بقوة , كانت مفعمة بالأمل في حصولها على مساعدته , ولكن آمالها أنهارت فجأة عندما أبعد يدها عن ذراعه قائلا لها بصوت قاس :
" لا يمكنني القيام بشيء ".
كانت على وشك الأقتناع بأنه يكرهها , هزت رأسها حزنا وأسى , كانت تعرف أن وجودها قربه يضايقه ويزعجه , ولكنها لم تدرك مدى تلك المضايقة..... حتى تلك الساعة , نظرت أليه مليا وقالت :
" أنا..... أنا آسفة , يا سيد , كان يجب أن أعرف أنه يستحيل عليّ مناشدة أي فرد من أفراد ..... عائلة كويراس!".
ردّ عليها بألم ظاهر :
" لا تقولي ذلك! هذا ليس صحيحا لا, أنا كنت سأساعدك لو كان بأمكاني ذلك , ولكنني لست قادرا ".
" حقا؟ ولكن , لماذا؟ من الواضح أنك تحتقرني ولا أدري ما هو السبب , اللهم ألا أذا كنت أنت وشقيقك تريدان أبقاء لوسي هنا ...... وذلك لسبب أو لآخر ".
منتديات ليلاس

" لماذا لا تصدقين , يا آنسة , أنك ...... حسب رأيي ...... تستعجلين الأمور؟ أبقي هنا لبعض الوقت , لقد قلت لك أن والدتي ستؤمن لك كافة أسباب الراحة أثناء أقامتك في القصر".
" أنا لا أتمتع بأقامتي في القصر , وفي أي حال , فأنه يتحتم عليّ العودة ألى لندن , وأذا كان بأمكان والدتك وشقيقتيك البقاء طوال حياتهن بدون عمل , فهذا لا يعني أن الجميع يشاطرنهن الشعور ذاته ..... أو حتى أنهن يردن ذلك , أنا مثلا , أحب عملي وأتمتع به.... ولا أريد أن أفقده".
" أذن , فليس هناك أي شيء آخر يمكننا التحدث بشأنه ".
نظرت أليه ميراندا بسخط واضح وسألته بغضب:
" حقا؟ هل تعتقد فعلا أن شقيقك سيسمح لي بأخذ لوسي بدون أي ممانعة قوية؟ هكذا , بكل بساطة؟".
رد عليها رافاييل بلهجة جافة بعض الشيء:
" سوف يتأكد الأب أستيبان من أن أخي سيفعل ما هو الأفضل بالنسبة ألى الطفلة".
" أنها جملة مبهمة ! وماذا تظن أنه سيقرر؟ كيف يمكن لشقتي المتواضعة أن تنافس قصر كويراس الفخم؟ الأ يعتمد الأب أستيبان في تأمين عيشه على النوايا الطيبة لشقيقك ؟ أذن , فأنه لن يعارض رغبات أخيك!".
" لا تنظري ألى الأمور بمثل هذه المرارة , يا آنسة ,فالمشكلة ستحل نفسها , جميع المشاكل تحل هكذا".
تطلعت ميراندا بحزن ناحية لوسي , التي تلعب بمرح وسرور , وقالت له بأسى :
" أتمنى من صميم قلبي أن أصدق ذلك , رباه! أنني أتمنى ...... أتمنى.....".
توقفت عن أتمام جملتها بدون أن تعرف السبب , ماذا كانت تتمنى ؟ هل تمنت لو أنها لم تأت أبدا ألى هذه البلاد , أم أنها تمنت لو أن الحادث لم يقع في المقام الأول؟ هذا هو بالطبع ما كانت تتمناه ! وغلبت عليها الأنانية .....فلو لم يقع ذلك الحادث , على رغم فداحته , لما كانت قد أتت ألى وادي ليما وتعرفت ألى رافاييل! ولكن , لماذا؟ لماذا هذا التعلق الواهم . فوقته لا يسمح له بملاقاتها ألا نادرا ..... لا بل أنه يحتقرها! وماذا كانت تعني كارلا عندما وصفته بتلك الجملة الخشبية والقاسية بأنه غير مهتم بالنساء ؟ أنها كاذبة ! لا يمكن ألا أن تكون كاذبة !

نيو فراولة 20-10-10 03:21 PM

كانت غارقة في أفكارها وتأملاتها لدرجة أنها لم تنتبه على الفور ألى أن رافاييل تركها وذهب ألى حيث تلعب الطفلة الصغيرة , وتألمت ميراندا بحزن وصمت , وعادت توجه ألى نفسها تلك الأسئلة الصعبة ,لماذا يكرهها؟ أنه لطيف وساحر مع أمه وشقيقتيه , حنون وطيب مع لوسي , مهذّب ومخلص مع جميع أبناء الوادي.... ومع ذله فهو يعاملها هي بدون سواها وكأنها مصابة بالبرص! ألا يمكنه على الأقل أن يعاملها بشيء من التهذيب ؟ ماذا يقول للطفلة الآن ؟ هل يؤكد لها أنه لا يمكن لخالتها أبد أن تنتزعها من عائلة كويراس التي تبنتها؟
خجلت من نفسها ومن هذه الأفكار الشريرة التي راودتها للحظة , فمن غير الممكن أبدا أن يلعب رافاييل دورا مزدوجا , ربما كان يقول للطفلة أشيءا تشجعها على أن تثق به وخالتها كما تثق بخوان , تطلّعت مرة ثانية فرأتهما يبتعدان عن البحيرة ويتسلقان الصخور , قامت من مكانها وسارت حتى حافة البحيرة , ولما شاهدت جذع شجرة قديمة , نصفه في الماء والنصف الآخر على اليابسة , صعدت أليه وراحت توازن نفسها عليه محاولة منها لنسيان تلك الأفكار المزعجة , وفجأة , فقدت توازنها وهوت في الماء! وما هي ألا لحظات , حتى وجدته قربها يقول لها:
" لا تجزعي! سوف أساعدك".
منتديات ليلاس

" شكرا , ولكن ..... لا داع لذلك".
تجاهل أعتراضها وأمسك بكتفيها , ثم سبح تلك الأمتار القليلة ألى الشاطىء , وبمجرد أن تمكن من الوقوف , حملها بين ذراعيه وتوجه بها ألى صخرة مسطحة دافئة , تسارعت دقات قلبها نتيجة لهذا التحول المفاجىء , وشعرت برغبة قوية للتظاهر بالخوف والرعب ..... كي تتمكن من وضع ذراعيها حول عنقه , ولكن السعال عاوده بقوة , فأضطر لوضعها على الأرض , زلت قدمها وكادت أن تقع , لو لم يمد يده بسرعة ويمسك بذراعها , ألا أن قدمها أنزلقت ثانية ووقعا معا على الحصى , وأحست ميراندا بأن جسمه فوقها يحبس عليها أنفاسها , نظر ألى عينيها الخضراوين المذهولتين وقال لها متمتما , فيما كان يضع يديه قرب رأسها ليرفع نفسه عن صدرها :
" أوه, آسف ! آسف جدا , يا آنسة!".
أستعادت ميراندا أنفاسها وقالت له:
" أنا...... أنا بخير , لم ..... لم تلحق بي أي أذى".
حرك رأسه صعودا ونزولا ألا أن عينيه الجذابتين ظلّتا على وجهها , تأمل خديها وعينيها ...... وشفتيها , وبدا أنه يتمتع بوجوده على ذلك الشكل , خفق قلبها بقوة وشعرت بالدماء تغلي في عروقها , أثارها ألتصاق جسده الدافىء بها , وأحست هذه المرة بأنها ليست واهمة في شعورها أتجاهه , تأوهت بسرور قائلة :
" أوه , رافاييل!".
ولكن ملامحه تبدلت فجأة وأصبحت قاسية وغاضبة , هب واقفا وهو يقول بأنفعال واضح :
" رباه! ما هذا؟ أنهضي! أنهضي, يا آنسة! سنذهب! سنذهب على الفور!".
شاهدت لوسي ما جرى فركضت نحوهما , ولكنها شعرت بخيبة أمل مريرة عندما سمعت كلماته الأخيرة , وسألته بلهفة :
" هل سنذهب , يا خالي رافاييل ؟ ولكن , لماذا؟ لماذا؟".
ثم نظرت ألى ميراندا بغضب وأشمئزاز وعادت تسأله :
" لماذا لا تكتفي بأن تخلع هي ثيابها وتجففها هنا ؟ لماذا نضطر جميعا للعودة باكرا لمجرد أنها غبية وسخيفة".
وقفت ميراندا بعصبية وقالت للطفلة بحدّة ظاهرة :
" يبدو أنك لم تلاحظي يا لوسيأن خا...... أن السيد رافاييل أيضا هو مبتل الثياب!".
" أعرف , ولكن سبب ذلك هو مسارعته لأنقاذك!".
" لم يكن أحد مضطرا لأنقاذي , وكنت قادرة تماما على سباحة تلك الأمتار القليلة".
نظرت ألى رافاييل وشعرت بالغضب الشديد لأنه بدّد بلحظة واحدة , وببرودة أعصاب لا تصدق , أحلامها وآمالها , ولكنها تمكنت على الأقل من أثبات أمر بالغ الأهمية وهو أن رافاييل ليس بذلك الرجل الذي لا يبالي بالنساء.......

نيو فراولة 20-10-10 04:58 PM

" في أي حال , بأمكان الخال رافاييل أن يخلع قميصه , كما أن سرواله سيجف.......".
قاطعتها ميراندا بحدة قائلة :
" خالك رافاييل بحاجة لأرتداء ثياب جافة , وبخاصة لأنه مصاب بالزكام وتنتابه بين الحين والآخر موجات قاسية من السعال ".
" كان عليك ألا تلعبي على ذلك الجذع السخيف ! كان عليك كأنسانة راشدة ألا ترتكبي مثل هذه الحماقات و...".
" أخرسي يا لوسيا!".
قالها رافاييل بحدة , فيما كان يخلع قميصه ويمد يده نحو الطفلة الصغيرة لمساعدتها على تسلق الصخور التي تفصلهما عن اللاندروفر , ثم أضاف قائلا :
" سوف نذهب على الفور , وبأمكان الآنسة.....خالتك .... أن تخلع ثيابها المبللة وتلف نفسها بالسجادة الرقيقة والخفيفة التي أحتفظ بها في السيارة , أما أنا فبأمكاني الأنتظار حتى وصولنا ".
أرادت ميراندا أن تحتج على ذلك , لأنه هو بحاجة أكثر منها لتجفيف نفسه فورا , ولكنها أدركت أن أحتجاجها سيذهب هباء لأنهرجل عنيد لا يقبل الأعتراض ..... وبخاصة منها هي بالذات!
وفي طريق العودة , تألمت ميراندا كثيرا لأن سعاله أزداد حدّة ووجهه أزداد أصفرارا , أرادت أن تقول له شيئا , أي شيء , لتظهر له أنها مهتمة بأمره وبما حدث له.... بغض النظر عما يشعر هو به أتجاهها , ولكنها خافت من رد فعل عنيف , فظلت صامتة حتى وصولهم ألى باحة القصر , وما أن نزلت ميراندا ولوسي من السيارة , حتى قال كلمة وداع وحيدة وغادر على الفور , وتذكرت ميراندا أن ثيابها المبللة لا تزال في صندوق سيارته! توترت أعصابها وتمنت ألا تلتقي أحدا وهي في مثل تلك الحالة!
دخلت الفتاتان ألى القاعة صامتتين , وكان التمرد والحنق باديين بوضوح على وجه لوسي الصغير , ولم تحاول أن تحدثها بشيء , أذ أن تلك الرحلة الصباحية كانت أشبه بالكارثة من جميع جوانبها , ركضت لوسي نحو قاعة جانبية بدون أن تقول شيئا مع أن خالتها عرفت السبب ...... وما أن رأت خوان حتى أستدارت ميراندا بسرعة لتصعد ألى غرفتها قبل أن يراها أحد وهي تلف جسدها شبه العاري بسجادة رافاييل.
" آنسة لورد!".
سمرتها لهجة والدته المذهولة في مكانها , ثم أدارت وجهها رغما عنها نحو مضيفتها قائلة:
" أسعدت صباحا , يا سيدة أيزابيلا".
تجاهلت السيدة المسنةتحيتها الصباحية وراحت تمطرها بوابل من الأسئلة التي تعكس صدمتها ودهشتها :
" ما هذا ؟ , يا آنسة؟ كيف تفسرين وضعك هذا ؟ أين كنت؟ ماذا كنت تفعلين ؟ وأين الصغيرة؟".
تنهدت ميراندا وشدت تلك القطعة جيدا حول صدرها , ثم قالت :
" وقعت ..... وقعت في البحيرة".
" أنت...... وقعت.... في البحيرة؟ هل كنت ......مع رافاييل؟".
منتديات ليلاس

" نعم , ألم تعلمي بأننا ذهبنا ألى البحيرة ؟ ألم تخبرك حيزابيل ذلك؟".
" وأين أبني , يا آنسة؟".
" ذهب , يا سيدتي , فهو أيضا كان مبتلا".
أزداد توتر سيدة القصر وبدا أنها تريد معرفة كافة التفاصيل , أذ سألتها بحدة عن السبب , تنهدت ميراندا وقالت لها بهدوء:
" سأخبرك كل شيء , ولكن , هل تسمحين لي أولا بأن أجفف نفسي وأرتدي ثيابي؟ هذه السجادة الصوفية ليست مريحة أبدا كما تعلمين , يا سيدة أيزابيلا".
حدقت بها مضيفتها ببرودة , وبدا واضحا أنها غير مكترثة على الأطلاق براحة هذه الشابة الغريبة , ولكن شعور الضيافة والمجاملة أرغمها على أن تقول لها بعد فترة من الصمت المزعج :
" حسنا , ولكن يجب أن تعودي بسرعة لأبلاغي بما حدث , لدينا ضيوف هذا اليوم.... خطيبة أبني , الآنسة فارغاس ووالديها , ومن الطبيعي ألا نتحدث بهذه الأمور أمامهم ".
" طبعا , يا سيدة أيزابيلا ".
"والصغيرة ؟ هل أعيدت ألى الدير؟".
" لا , أعتقد أنها تبحث الآن عن خوا... أعني السيد خوان ".
" أوه , أنه لأمر مزعج للغاية! يجب أن أجدها على الفور , أذ لا يمكن السماح لها بألهاء أبني عن حديثه مع خطيبته ووالديها , سأذهب الآن لأيجادها , سوف تعيدها أيناز ألى الدير حالا".
" ولكن.... ولكن ألا يمكن أن أتناول وأياها الطعام معا.... في غرفتي؟ أعني..... أن من شأن ذلك أن يمنحنا بعض الوقت على أنفراد ......كي نتعرف أكثر ألى بعضنا ".
فكرت اسيدة أيزابيلا مليا ثم قالت لها :
"لما لا , فهذا التعرف قد يساعد على حل المشكلة , صحيح أن خوان يريد بالتأكيد بقاء الطفلة هنا , ولكن فالنتينا ..... الآنسة فارغاس ....قد ترى غير ذلك تماما , أضافة ألى ذلك , فأن والديها سيعارضان بشدة قيام وضع كهذا , سوف أرسل لكما طعام الغداء ألى غرفتك , يا آنسة".
" شكرا , يا سيدتي".
كانت موافقة ربة البيت تنازلا بسيطا من جانب عائلة كويراس , ومع ذلك , شعرت ميراندا للمرة الأولى منذ وصولها ألى المكسيك بأنها ترغب في الأستسلام للوضع القائم.... للأمر الواقع , وقالت لنفسها بأسى بالغ أنها تشك كثيرا في أن لوسي ستجدها بديلا مناسبا ..... للخال خوان!

نجمة33 20-10-10 05:13 PM

يعطيك الف عافية على الرواية الرائعة

زهورحسين 20-10-10 07:17 PM

والله المنتدى منور بيك وبرواياتك الروعة:dancingmonkeyff8:
ميرسي كثير وان شاء الله موفقة:dancingmonkeyff8::dancingmonkeyff8:

نيو فراولة 21-10-10 12:00 PM

8- قلق الحب
نزلت ميراندا ألى القاعة بعد حوال ربع ساعة لتجد أحدى الخادمات بأنتظارها :
" أرسلتني السيدة أيزابيلا لملاقاتك , يا آنسة , هلاّ تفضلت معي؟".
كانت سيدة القصر والفتاة الصغيرة في غرفة أنتظار جانبية , وعندما دخلت ميراندا , طلبت السيدة أيزابيلا من الخادمة الأنصراف وقالت للضيفة الشابة :
" أخبرتني لوسي , بما حدث , يا آنسة ".
تطلعت ميراندا نحو الطفلة بأستغراب قائلة:
" حقا؟".
: نعم , يا آنسة , ومن المؤسف أنها أخبرت الجميع , بما في ذلك ضيوف أبني".
هزت ميراندا كتفيها وقالت :
" أنا آسفة".
" يبدو أنك كنت مهملة جدا يا آنسة , لحسن الحظ أن أبني كان هناك لأنقاذك".
" لا أعرف ماذا قالت لك لوسي , يا سيدتي , ولكنني لم أكن بحاجة لمن ينقذني , فأنا سباحة ماهرة".
هزت السيدة رأسها وقالت لها بلهجة حازمة وصارمة :
" مع أن كلامك هذا لا يتوافق كثيرا مع المعلومات المتوفرة لدي , ألا أنني لن أجادلك , يكفي القول أن تصرفك سبب بعض الأحراج لأبني..... أو بالأحرى له ولأخيه , وعليه , فمن الأفضل أن تلزمي غرفتك بقية هذا اليوم".
أحست ميراندا بأن وجهها يكاد يحترق وبأن يديها ترتجفان كورقة في مهب الريح , شعرت وكأنها طفلة صغيرة تعاقب أمام رفيقاتها , وحز في نفسها كثيرا أن تتحدث معها السيدة أيزابيلا بتلك اللهجة أمام لوسي , ومما زاد في تأثرها أن لوسي ستجد الأمر مسليا وترفيهيا , أستجمعت شجاعتها وقالت بهدوء:
" حسنا , يا سيدة! هل هذا كل شيء؟".
" تحدثت ألى أبني بالنسبة ألى موضوع الغداء , وقد سمح للفتاة بتناول الطعام معك في غرفتك , وسوف يعيدها السائق بعد ذلك مباشرة ألى الدير".
حان دور لوسي ليبدو عليها الأنزعاج , أذ قالت :
" أوه , ولكن يا خالتي أيزابيلا..".
قاطعتها سيدة القصر بلهجة حازمة , قائلة:
"ستفعلين ما هو مقرر , يا لوسي , والآن , أعذراني , يجب أن أعود ألى أبني وضيوفه".
راحت لوسي تقطع الغرفة ذهابا وأيابا وهي بادية الأنزعاج , فيما كانت ميراندا تراقبها وتحاول أيجاد الكلمات المناسبة للتحدث معها , ثم سألتها :
" حسنا؟ ما رأيك بالذهاب الآن ألى غرفتي , بما أنه حظر علينا معا الجلوس ألى طاولة الطعام ؟".
" ألست غاضبة مني؟".
" ولماذا أغضب منك , يا لوسي؟".
أحمر وجه الطفلة وقالت بتردد:
" لا أدري.... لا أدري , تصورت أنني ربما أغضبتك".
" ما تعنيه بالضبط , يا صغيرتي , أنك تختلقين قصصا وتخافين من أن أقرر معاقبتك على ذلك , صحيح؟".
هزت لوسي كتفيها وقالت بعنفوان واضح:
" لا , فكل ما قلته هو أنك وقعت عن جذع شجرة قديمة وأن الخال رافاييل أنقذك".
أمسكت ميراندا بكتفي قريبتها الصغيرة , وسألتها بجدية ظاهرة:
" هل كان هذا كل شيء ؟ حقا كل شيء؟".
منتديات ليلاس

تململت الفتاة بأنزعاج وردت بالأيجاب , سألتها ميراندا أن كانت متأكدة من ذلك , فأجابت بتعلثم :
" نعم , على الأقل ....... أوه , قلت أنك ..... أنك.....".
| أنني ماذا؟".
" قلت أنك ..... أنك صرخت...... طلبا للمساعدة".
صعقت ميراندا وقالت لها بأنقباض بالغ:
"أوه, لوسي! ماذا فعلت؟ أنت تعرفين أن ذلك ليس صحيحا".
تنهدت الفتاة بتأفف وقالت :
" ألم يكن الأحتمال واردا ؟ نعم... ألم يحملك الخال رافاييل بين ذراعيه حتى الشاطىء؟".
" لا عجب في أن السيدة أيزابيلا كانت بادية الأنزعاج ألى ذلك الحد , من المؤكد أنها تعتقد بأنني رميت نفسي عمدا!".
" وما الذي يدفعها ألى هذا الأعتقاد؟".
" أوه , لا بأس , لماذا لا نذهب الآن لتناول طعام الغداء؟ في أي حال , يبدو أنه لا يوجد كثير من الأمور يمكننا التحدث بشأنها".

نيو فراولة 21-10-10 12:21 PM

تناولت الفتاتان طعام الغداء الذي أحضرته أيناز , ولم تتبادلا سوى بضع كلمات موجزة ومحددة , ولكن ميراندا أحست بأن لوسي تنظر أليها وتتأملها بأستمرار , وتمنت أن تعرف ماذا يجول برأس تلك الطفلة , وعندما أخذت أيناز الصحون الفارغة , أخذت لوسي تتأمل الغرفة بأهتمام واضح , ثم قالت :
" أنها غرفة جميلة جدا , أليس كذلك؟".
" أنني معتادة على غرف أقل فخامة بكثير".
" فخامة ؟ ماذا تعني هذه الكلمة؟".
" أوه..... ترفيه , أناقة , ثراء ! أنا معتادة على مساكن أكثر تواضعا ".
" في بريطانيا؟".
" طبعا".
" أنت تعيشين في لندن , أليس كذلك؟".
ردت عليها بالأيجاب , ولكن مع شيء من الحذر , أبتسمت لوسي وقالت لها أنها تعرف ذلك لأن الخال رافاييل أخبرها بالأمر , وعندما أعربت ميراندا عن شيء من الدهشة , قالت الطفلة أنه أبلغها ذلك أثناء جلوسهما القصير قرب البحيرة ومضت ألى القول:
" أخبرني أيضا أن أعدادا كبيرة من الناس تحضر من كافة أرجاء العالم لزيارة لندن , كما حدثني عن قصر الملكة أليزابيث, أتعتقدين أنني شاهدت الملكة أثناء وجودي في بريطانيا؟".
تلعثمت ميراندا وهي تقول لها كلمة نعم , فهزت الفتاة رأسها ومضت ألى القول :
" أعرف , وقد أخبرت الخال رافاييل أنني شاهدتها أكثر من مرة".
بدأ الأمل يعود تدريجا ألى ميراندا , ولكنها قررت متابعة الحديث بهدوء:
" هل تذكرين ذلك , يا لوسي؟".
" طبعا".
أخفت ميراندا دهشتها السارة بسرعة وسألتها بحنان :
" وهل تذكرين من كان معك آنذاك؟".
قطبت الفتاة حاجبيها وفكرت مليا ثم أجابتها نفيا وبدأت بالقفز في أرجاء الغرفة... أخفت ميراندا ألمها وخيبة أملها و.... وفجأة تذكرت الصور الفوتوغرافية الموجودة في حقيبتها , أخرجت الصور بأصابع مرتجفة , فيما كانت لوسي تقترب منها لتعرف ماذا تفعل".
" هذه..... هذه أنا, هذه صورتي !".
حاولت ميراندا أن تبدو هادئة وكأن كل شيء طبيعي للغاية , وقالت :
" صحيح".
تراجعت لوسي خطوة ألى الوراء وسألتها بأنفعال:
" لماذا تريدينني أن أشاهد هذه الصور؟".
" من قال أنني أريد ذلك؟ لم يطلب منك أحد التطلع ألى هذه الصور".
فكرت لوسي لحظة وهي بادية العصبية , ثم تغلبت حشريتها على ترددها وراحت تتأمل الصور الأولى بهدوء وروية , وسألت ميراندا نفسها عما أذا كانت تقوم بخطوة حكيمة أو رعناء! هل ستلحق بها الصدمة من مشاهدة صور والديها ضررا بدلا من أن تساعدها على أستعادة ذاكرتها؟ ليتها تعلم!
" من ....... من هي هذه السيدة؟".
" هذه..... هذه أختي , يا لوسي".
" أختك؟ هل تعنين أنها هي السيدة التي تقولين أنها....... أنها أمي؟".
أحنت ميراندا رأسها وردت عليها بالأيجاب , بدأت لوسي ترتجف , ثم قالت :
" ولكن ...... ولكنني لا أعرفها".
منتديات ليلاس

جمعت ميراندا الصور وأعادتها ألى الحقيبة وهي تقول :
" لا بأس , يا حبيبتي ".
" كيف تقولين ذلك ؟ يجب ......يجب أن أعرفها , أذا كانت حقا أمي!".
" تمالكي نفسك , يا لوسي , تعالي , سأريك ما أحضرته لك من لندن".
" هل أحضرت لي شيئا من لندن؟".
وقبل أن تتمكن ميراندا من الأجابة , سمعتها تقول بأصرار:
" أريد...... أريد أولا أن أشاهد بقية الصور".
تنهدت ميراندا ثانية وقالت :
" الأفضل تأجيل ذلك ألى وقت لاحق".
"لا!..... أريد مشاهدة جميع الصور ......الآن!".
أخرجت ميراندا الصور بتردد , فأنتزعتها لوسي من يدها أنتزاعا , وراحت الطفلة تنظر ألى الصور الواحدة تلو الأخرى , بدون ن تظهر على وجهها أي ملامح غير عادية , وبدأت ميراندا تشعر بالحزن , وخاصة لأن لوسي أخذت في التململ والتأفف , وفجأة صرخت الفتاة الصغيرة وبرقت عيناها , فيما كانت أصابع يديها ممسكة بقوة بأحدى تلك الصور , أعطتها لميراندا وهي تبكي بتأثر بالغ وتقول متلعثمة:
" أنظري! أنظي! أنه.... أنه فلافي , أليس كذلك؟".
نظرت ميراندا بسرعة ألى تلك الصورة لأبنة أختها وهي تحمل هرا صغيرا أبيض اللون , شعرت بفرح عارم , وسألت الطفلة همسا :
" هل تذكرين .....الهر الصغير ؟ هرك فلافي؟".
هزت الفتاة رأسها وهي تبكي بأنفعال وعصبية .
" هل تعرفين الآن أن هذه هي صورتك مع هرك فلافي ؟".
" نعم....... نعم ....عندما.....عندما كنت .... كنت طفلة.... طفلة صغيرة".

نيو فراولة 21-10-10 12:39 PM

تنهدت ميراندا بأرتياح وقالت :
" هذا صحيح , هل تتذكرين شيئا آخر؟".
فكرت الفتاة لحظة ثم هزت رأسها بعصبية وهي تقول :
" لا......لا".
" لا بأس , يا حبيبتي , جففي دموعك الآن ,أنها على الأقل بداية... وبداية طيبة طبعا , فعلى الأقل تتذكرين فلافي!".
تأملت لوسي الصورة مجددا وسألت بهدوء:
" أين..... أين هو فلافي الآن ؟".
" أنه...... أنه في لندن".
" مع... أمي و..... أبي؟".
" لا , يا حبيبتي , أنه يعيش حاليا مع السيدة كروس".
" ولكنه لي!".
شرحت لها ميراندا بهدوء مشكلة الحجز الصحي التي تواجهها الحيوانات المنزلية الأليفة كالقطط والكلاب عندما تنقل من بلاد ألى أخرى , وأذهلتها الطفلة عندما قالت لها فجأة :
" ولكنني سأجده هناك عندما أعود؟".
" أوه! أعتقد... أعتقد ذلك".
" عظيم , لأنني أحب هذه الحيوانات اللطيفة كثيرا".
وفي تلك الليلة قررت ميراندا أن تكتب ألى مديرها لتشرح له بأن الأمور تأخذ وقتا أطول مما كانت تتوقع .... وأنها بحاجة ألى أسبوع أضافي لأنهاء مهمتها , من المؤكد أنه سيسمح لها , يجب أن يسمح لها بذلك...... لأن قلبها لا يريدها أن تترك الوادي ........ ورافاييل.... بمثل هذه السرعة!
منتديات ليلاس

في صباح اليوم التالي , ألتقت ميراندا خطيبة خوان ....فالنتينا فارغاس , كانت تجلس معه على الشرفة الأمامية عندما نزلت ميراندا من غرفتها التي تناولت فيها فطورها كالمعتاد , وكانت تجلس معهما أيضا سيدة مسنة , لا بد أن تكون والدة الشابة وحارستها الأمينة , ترددت ميراندا بالأنضمام أليهم , ولكن خوان أصر على ذلك وعرّف الضيفات الثلاث على بعضهن , وعندما قدمت القهوة وعاد خوان ألى مقعده , نظرت أليها السيدة فارغاس وسألتها بهدوء:
" أنت خالة الطفلة التي ألتقيناها أمس , يا آنسة؟".
" نعم , أنا خالتها".
لم ترد الفتاة أو أمها على الأبتسامة بالمثل , وظل وجهاهما جامدين كالصخر , ثم عادت السيدة فارغاس ألى متابعة الحديث :
" ومتى ستعودين بالطفلة ألى بريطانيا , يا آنسة؟".
تطلعت ميراندا بشيء من الأنزعاج نحو خوان , ثم أجابت بتأن :
" في أسرع وقت ممكن , يا سيدة فارغاس , لقد تعقدت الأمور ألى حد ما لأن لوسي لا تتذكر شيئا".
" علمت هذا الأمر من السيدة أيزابيلا".
ثم عبست وهي تنظر ألى خوان قائلة:
" ما لا أفهمه سبب تمضية الطفلة مثل هذا الوقت الطويل هنا , كما أنني بصراحة لا أفهم سبب وجود الآنسة لورد هنا!".
أحمر وجه ميراندا حياء وأنقباضا , ولكن خوان سارع ألى الدفاع عنها قائلا:
" الآنسة لورد ضيفتنا , يا سيدة ماريا , ووجودها هنا هو بطلب منا".
هزت السيدة فارغاس رأسها وسألته بشيء من الحدة:
" ولكن المسألة بالتأكيد هي من أختصاص السلطات المسؤولة , أليس كذلك؟".
رد عليها خوان بحزم قائلا:
" لقد جعلت المسألة من أختصاصي أنا , يا سيدة ماريا , أنها طفلة..... رائعة , أليس كذلك؟".
تدخلت فالنتينا في الحديث لأول مرة منذ وصول ميراندا قبل قليل , وقالت لوالدتها:
" ما يعنيه خوان , يا أمي , أنه....... أنه يحب الطفلة".
أزداد عبوس السيدة وهي تسأل بأستغراب واضح :
" يحب الطفلة ؟ ماذا يعني ذلك , يا خوان؟".
" يعني أنني أحب الطفلة , وقد أبلغت فالنتينا بالأمر".
هزت السيدة فارغاس رأسها بتململ وقالت له:
" ربما حان الوقت , يا خوان , كي يكون لك أطفال من لحمك ودمك ..... لتحبهم!".
" لا ضرر على الأطلاق في رعاية الطفلة والأهتمام بها , يا سيدة ماريا , أنها في وضع حرج وبحاجة لكل مساعدة".
تدخلت ميراندا قائلة :
" ما يعنيه السيد خوان أنه لم يكن للطفلة أحد قبل وصولي ألى هنا , يا سيدة فارغاس , ويمكنني القول أنه كان طيبا معها للغاية , وأن لوسي متعلقة به ألى درجة كبيرة".
نظرت أليها السيدة المسنة بعينين باردتين , وقالت لها بخبث واضح:
" أعتقد أن بأمكان خطيب أبنتي شرح مواقفه بنفسه , شكرا , يا آنسة".

نيو فراولة 21-10-10 06:12 PM

شربت ميراندا جرعة من القهوة وذلك كيلا تضطر للأجابة بكلام قد تندم عليه,مسكين خوان لو أن فالنتينا أصبحت مثل أمها في السنوات اللاحقة ! حولت السيدة فارغاس أنتباهها ألى خوان ولكنه لم يفسح لها المجال لمتابعة هجومها أذ سأل ميراندا بتهذيب ولياقة:
" هل كنت ترغبين في التحدث معي , يا آنسة؟".
" نعم , كنت أود أستئذانك بأن يأخذني السائق ألى الدير هذا الصباح لمقابلة لوسي , وبخاصة ..... لأن لديك ضيوفا".
تحوّل الأنزعاج ألى خوان , الذي قال بحزم :
" سوف يحضر دياز الطفلة ألى هنا كالمعتاد , يا آنسة ".
توترت أعصاب فالنتينا وقالت بشيء من الحدة :
" لا! وعدتني بأن نقوم بجولة على ظهور الخيل , دع الآنسة تذهب ألى الدير , يا عزيزي , سيكون ذلك أفضل بكثير".
أحست ميراندا بتضارب المشاعر التي يتعرض لها خوان , هل يصر على رأيه ويجازف بأحتمال حدوث مشاجرة مع خطيبته , أم يوافق على طلبها .......مفسحا المجال بالتالي لميراندا كي تنفرد بالطفلة؟ القرار صعب , وأتخذاه أصعب! تدخلت السيدة فارغاس وقالت بأصرار :
" فالنتينا على حق , يا خوان , فأنتما لم تمضيا معا من الوقت ألا النذر القليل , وليس من الحق أن يسمح لهذه الطفلة ......بأن تعرقل مشاريعكما أو مخططاتكما , قل للآنسة لورد أن بأمكانها الذهاب ألى الدير , فكلما تم الأسراع بحل هذه المعضلة كلما كان ذلك أفضل".
فكر خوان طويلا ثم أمسك بيد خطيبته قائلا :
" حسنا , يا عزيزتي , بأمكان الآنسة لورد أن تذهب ألى الدير , ألا أنه يمكنها أيضا أحضار الصغيرة ألى الغداء , أتفقنا؟".
قبلت فالنتينا شرطه بدون أي تعليق , وأحست ميراندا بأن القبول جاء على مضض , وشعرت أن بقاء لوسي في الوادي الأخضر ليس فكرة معقولة أطلاقا , وبأن الظروف ستفرض على خوان قبول هذا الأمر عاجلا أم آجلا , أذا تزوج فالنتينا مستقبلا , فمن المؤكد أنه لن يكون هناك مكان في بيتهما لطفلة بريطانية يتيمة , وعزز هذا الشعور تصميمها على الأستمرار في محاولة كسب ثقة الطفلة ومودتها , ومما زاد من أصرارها على ذلك , التحول الهام الذي حدث بعد ظهر اليوم السابق , أذ أن لوسي بدت أكثر أستعدادا لأعتبار خالتها أنسانة تهتم بها من صميم قلبها.... وليست أنسانة تهدد حاضرها ومستقبلها في الوادي الجميل.
أمضت ميراندا وأبنة أختها فترة ما قبل الظهر بكاملها حول الدير , تركضان وتلعبان وتتحدثان , ولما لم يعد دياز عند الظهر لأعادتهما ألى القصر , أصر الأب أستيبان على أن تشاركه الفتاتان طعامه البسيط المتواضع , وفيما خرجت لوسي لمتابعة لعبها في باحة الدير , بحث الكاهن العجوز وميراندا موضوع الطفلة والتحول الهام الذي برز قبل أقل من عشرين ساعة.
عاد دياز حوالي الرابعة بعد الظهر ومعه رسالة تقضي بعدم ذهاب لوسي ذلك اليوم ألى المزرعة , عادت معه ميراندا بعد أن ودعت الطفلة الحزينة التي أصيبت بخيبة أمل مريرة نتيجة لذلك القرار , وفي مدخل القاعة الرئيسية للقصر , ألتقت ميراندا أحد ى الشقيقتين , رفعت يدها محيية , ظنا منها أنها كونستانسيا , رفعت كارلا حاجبيها أستغرابا لدى مشاهدتها ميراندا , وسألتها بسخرية:
" ماذا كنت تفعلين , يا آنسة ؟ تقفزين على أكوام القش؟ أنك في حالة يرثى لها ".
أخفت ميراندا حنقها وأمتعاضها , وقالت بهدوء:
" كنت ألعب مع لوسي , يا آنسة . ثم .... ثم أنني لست من النوع الذي يهتم كثيرا بالمظاهر الخارجية".
" حقا , يا آنسة ؟ ولماذا هذا التحول المفاجىء ؟ ألآن شقيقي خوان غارق الآن مع خطيبته الفائقة الجمال , في حين أن الشقيق الآخر غارق في.... في أمور أخرى؟".

نيو فراولة 21-10-10 06:27 PM

سارت ميراندا نحو الدرج لأنها لم تكن راغبة في مجادلة كارلا ,أو حتى في الرد عليها , ولكنها تمنت لو كان بأمكانها أن تسأل تلك الشابة اللعينة عما تعنيه بالأمور الأخرى , ثم سمعت كارلا تسألها:
" هل ألتقيت رافاييل اليوم؟".
تمهلت ميراندا لحظة قبل أن ترد بكلمة نفي واحدة.
عبست كارلا , ومضت ألى القول:
" هذا ما كنت أتصوره , أذ يبدو أن ما من أحد شاهد رفاييل منذ رحلتكما غير الموفقة ألى البحيرة , صحيح؟".
" هل تحاولين الأيحاء بأمر ما , يا آنسة؟".
هزت كارلا بكتفيها وقالت ببراءة مصطنعة :
" وماذا يمكنني الأيحاء به , يا آنسة ؟ لا , أبدا! ألا أنني قلقت بشأن أخي , وهذا كل شيء , ولكن , لا تدعيني أبقيك هنا طويلا , أنا متأكدة من أنك...... تريدين التبرج قليلا".
حبست ميراندا أنفاسها كيلا توجه كلمات نابية ألى تلك الشابة المزعجة , وتوجهت بسرعة ألى غرفتها , وأثناء أستحمامها , عادت ملاحظات كارلا تضج في رأسها وتزعجها , كانت تتوقع من كارلا أن تقول لها ساخرة أن رافاييل أعاد لها ثيابها , ولكنه يبدو أن ذلك لم يحدث ,لماذا , أذن , لم يشاهده أحد منذ صباح اليوم الفائت ؟ هل هو مريض؟ وأذا كان كذلك , أفلا يبلغ أمه أو أحدا آخر بالأمر , لا , طبعا لا , فهو على درجة كبيرة من الأستقلالية والأعتماد على الذات , وتذكرت كيف أضطرت والدته لمناشدته الحضور ألى العشاء , ولكن , ماذا سيحدث له أذا كان مريضا ووحيدا في ذلك البيت الحجري قرب النهر؟ من سيهتم به ويرعاه ؟ من سيعد له طعامه ويرتب له بيته وغرفته؟
منتديات ليلاس

آلمها جدا أن تكون هي , المتمتعة بصحة جيدة , موجودة في هذه الغرفة المريحة للغاية تهتم بها ثلاث خادمات على الأقل... في حين أنه هو , المريض المعذب , ينام وحيدا في بيت صغير متواضع لا يساعده أحد على الأطلاق , وقررت فجأة أن عليها زيارته صباح اليوم التالي للأطمئنان على صحته , وبما أن السيدة فارغاس سوف ترغم خوان على أرسالها هي ألى الدير , عوضا عن أحضار لوسي ألى القصر , فأنها ستطلب من دياز أن يمر بها أولا ....... على بيت رافاييل.

نيو فراولة 21-10-10 06:44 PM

9- هل تتحرك مشاعره

لم تذهب ميراندا صباح اليوم التالي ألى الدير , لأن خوان أرسل دياز باكرا قبل أن يتمكن أحد من الأعتراض على أوامره , وبعدما تناولت ميراندا فطورها في غرفتها كالمعتاد , نزلت ألى القاعة لتفاجأ بأبنة أختها جالسة على ركبتي خوان وهي تأكل قطعة من البطيخ من صحنه , لم تكن السيدة فارغاس أو أبنتها معهما , ألا أنه كان هناك رجل كهل تصورت ميراندا أنه والد فالنتينا, قدمهما خوان ألى بعضهما فقال لها الرجل بوجه بشوش :
" أنضمي ألينا , يا آنسة".
ترددت ميراندا لحظة ثم قالت :
" أوه , شكرا , شكرا".
ثم نظرت ألى لوسي وقالت لها:
" لم أتوقع وجودك هنا , يا لوسي".
هزت الطفلة كتفيها وقالت بلهجة الواثق من نفسه :
" كنت أعلم بأن الخال خوان يريد مشاهدتي اليوم , أعتقد أن دياز أرتكب خطأ ما أمس , أليس كذلك , يا خالي خوان؟".
" لنقل أنه حدث ..... نوع من سوء التفاهم , يا صغيرتي , المهم أنك الآن هنا".
أبتسمت لوسي بأرتياح , ولكن ميراندا تنهدت بأسى , بالأمس , قدم خوان تنازلا غير متوقع , واليوم ستضطر ميراندا للدخول معه في منافسة قوية .... معروفة النتائج سلفا , لن يترك خوان الطفلة طوال فترة وجودها في القصر.
جلست ميراندا شاكرة , وراحت تجيب بصدق وتهذيب على أسئلة السيد فارغاس عن الحياة في بريطانيا , أعترفت له بأنها وحيدة في العالم , لولا وجود لوسي , أخبرته بأنها تعمل كسكرتيرة لدى أحد رجال الأعمال والمال , وأنها تسكن شقة صغيرة في أحدى ضواحي لندن , ثم نظرت ألى خوان وقالت له أن لديها رسالة تريد أن تبعث بها ألى لندن.
بدا الذهول على وجهه وسألها بلهجة شبه مذعورة:
" أنت لست عائدة الآن , يا آنسة؟".
" كلا , في الواقع طلبت من مديري تجديد أجازتي لمدة أسبوع أضافي قال لي السيد رافاييل ..... أعني , هل تمانع ببقائي بضعة أيام أخرى , يا سيد؟".
" أنا , أبدا! أنت تعلمين أنك على الرحب والسعة , يا آنسة".
وما أن شكرته بأرتياح على ذلك , حتى سمعت السيد فارغاس يسأله:
" أفهم أن رافاييل لا يزال هنا , يا خوان , كنا نتوقع أن يكون قد عاد ألى مكسيكو سيتي".
منتديات ليلاس

هو خوان كتفيه وقال بهدوء:
" تصر والدتي على أبقائه هنا أطول مدة ممكنة , يا سيد كارلوس , فوجوده هنا يحملها على الأمل في أقناعه".
بدا الأنزعاج على وجه السيد فارغاس وسأل مضيفه بقلق:
" ولكن , هل تعتقد أن ذلك أمر محتمل".
ثم نظر ألى ميراندا وقال لها معتذرا بأدب :
" آسف جدا , يا آنسة , أعذريني على هذا التصرف غير اللائق , سوف أبحث الأمر مع خوان في وقت لاحق".
أبتسمت ميراندا أعجابا بلطافته الجمة , متمنية في نفسها لو أن زوجته كانت مثله , وقف الرجل وقال لهما:
" أعذراني الآن , يجب أن أذهب لمقابلة زوجتي , من المؤكد أنني سأراك ثانية يا آنسة".
خيم الصمت لحظات قطعه خوان بعد ذلك فجأة بسؤال مثير للدهشة والأستغراب:
" أنت لا تحسدينني أبدا , يا آنسة , أليس كذلك؟".
" ماذا.... ماذا تعني , يا سيد؟".
" أنت تعتقدين أن حياتي مع فالنتينا ستكون صعبة , صحيح؟".
أحمر وجه ميراندا وقالت:
" أنا متأكدة من أن هذا الموضوع لم يخطر أبدا ببالي , يا سيد".
" أبدا؟".
ثم تنهد وقال :
"في أي حال , أنا أخصص له جانبا كبيرا في تفكيري , هل تعتقدين أن فالنتينا تحب لوسي؟".
رفعت ميراندا ذراعيها قائلة:
"أرجوك , يا سيد! هذا الموضوع ليس من شأني على الأطلاق!".
" صحيح؟ ربما لا أوافقك على هذا الرأي , يا آنسة ".
" ماذا تعني؟".
نظر خوان ألى لوسي التي أنتهت لتوها من أكل البطيخ , والتي كانت تنظر أليهما بعينين واسعتين , وقال لها :
" أذهبي , يا حبيبتي , وألعبي في الحديقة , أريد التحدث مع خالتك على أنفراد".
أحتجت الفتاة بغنج قائلة :
" ألا يمكنني البقاء , يا خال خوان؟ لن أحاول أستراق السمع , أعدك بذلك".
أبتسم خوان وقال :
" لا , يا صغيرتي يجب أن تذهبي ......خمس دقائق فقط , خذي ساعتي وعدي الدقائق الخمس ,أتفقنا ؟".

نجمة33 21-10-10 07:59 PM

شكراا لكي فروله اتعبناكي

نيو فراولة 21-10-10 10:12 PM

جزعت ميراندا عندما أعطى ساعته الذهبية الثمينة ألى الطفلة الفرحة , ما هي بضع جنيهات بالنسبة لخوان كويراس ؟ لا شيء تقريبا!
" والآن يا آنسة , أصبحنا على أنفراد ويمكننا التحدث بحرية".

" ماذا في الأمر , يا سيد ؟".
أزاح صحنه جانبا ثم مد ذراعه فوق الطاولة وأمسك بيدها , أذهلتها هذه هذه الخطوة المفاجئة بحيث أنها لم تعرف ماذا تفعل , شجعه عدم أحتجاجها , فقال لها:
" يا آنسة , ما رأيك أن قلت لك أنني أجدك .....جذابة للغاية؟".
سحبت ميراندا يدها بسرعة ووضعتها على يدها الأخرى بعصبية , قائلة بأستغراب:
" لا أدري لماذا تقول لي هذا الكلام , مع أن خطيبتك قد تظهر هنا في أي لحظة!".
" وماذا لو قلت لك أنني غير مهتم أطلاقا بما قد تراه فالنتينا؟".
حبست ميراندا أنفاسها ثم قالت له بأنقباض:
" أنني لا أفهمك , يا سيد".
" ألا تفهمينني حقا , يا آنسة , أنا أعتقد عكس ذلك".
توقف لحظة ثم مضى ألى القول:
" ميراندا , أنه أسم جميل , ميراندا ...... كويراس! ألا تظنين أن ذلك أفضل؟".
هبت ميراندا واقفة وقالت له بصوت مرتعش:
" أعتقد..... أعتقد أنك تثير حفيظتي يا سيد أذا...... أذا كان ذلك كل ما تريد قوله , فأنني سأذهب للتحدث مع لوسي و.....".
" أوه , لوسي! لوسي الصغيرة الحبيبة! ألا تريدين حل مشاكلها ....... ومشاكلك أنت في وقت واحد؟".
" يا سيد , أنني أفكر فعلا.....".
" يا سيد , أنني أفكر فعلا...".
" نعم , تفكرين ! فكري في الأمر مليا , يا ميراندا , أعتقد أنك لا تأخذين كلامي على محمل الجد ".
ثم أمسك بيديها وجذبها نحوه برفق قائلا:
" أنني أعني ما أقول , يا عزيزتي , أعتقد أنني أحبك".
شهقت ميراندا دهشة وأستغرابا وسحبت يديها بصعوبة من بين أصابعه القوية , ثم قالت :
" أنني أجهل تماما الهدف الذي ترمي أليه من وراء لعبتك هذه , يا سيد!".
منتديات ليلاس

" لعبة؟ أنها ليست لعبة , يا ميراندا , أريد الزواج منك".
" أنك لست جادا!".
" بلى , بلى , ألا ترين أنني أصدقك القول؟".
" أنت تفعل ذلك من أجل لوسي , أنت لا تريدني أنا , بل تريد لوسي".
" أنني أعترف...... بأنني متعلق بالفتاة الصغيرة , ولكن الزواج هو أهم ..... أهم بكثير من مجرد أنجاب الأطفال".
أحمر وجهها بقوة وشعرت بعقدة في لسانها , ولكنها قالت بتلعثم :
" أنا ...... أنا.... أنا آسفة!".
وصلت كارلا في تلك اللحظة وقالت له بدون أبطاء:
" أتى فالديز لمقابلتك , يا خوان , وهو الآن في القاعة , أعتقد أن عليك ملاقاته فورا , أذ يبدو أن نمرا هرب من الجبال بسبب الأمطار الغزيرة وقتل عددا من الماشية".
" اللعنة ! حسنا , سأذهب لمقابلته , أنتظريني هنا , يا ميراندا".
نظرت أليها كارلا بعد ذهابه وقالت لها بخبث واضح:
" يبدو أنني كنت على حق , يا آنسة ".
" لا , يا آنسة , أنا لم أفعل شيئا , ولكن شقيقك يرتكب خطأ جسيما".
" لن يسمح له بذلك!".
" عظيم هذا يناسبني تماما".
" أذن... متى ستغادرين المكسيك , يا آنسة ؟".
" أغادر؟ لا أعرف , في أسرع وقت ممكن , على ما أعتقد , أوه , سأبحث عن لوسي".
قالت الجزء الأخير من جملتها بحزم , ثم توجهت بسرعة ألى الحديقة.

نيو فراولة 21-10-10 10:32 PM

ظل خوان منشغلا بأمور المزرعة طوال الصباح , وعند الظهر وافقت السيدة أيزابيلا بكل سرور على طلب ميراندا السماح لأبنة أختها بتناول الطعام معها.
وبعد الغداء , بعث خوان بطلب ألى ميراندا ولوسي للأنضمام أليه على الشرفة الكبيرة , فرحت لوسي كثيرا ولكن ميراندا قالت لها أنها مصابة بصداع , وطلبت منها أن تعتذر عن عدم حضورها , أستغربت الطفلة ذلك وقالت لها :
" لم يكن بك شيء قبل دقيقتين فقط!".
أضطرت ميراندا لمواصلة كذبها , فقالت :
" حدث الصداع بصورة مفاجئة جدا , سوف أشعر بالتحسن أذا أخذت الآن قسطا من الراحة".
تنهدت ميراندا بأرتياح بمجرد ذهاب الطفلة , لأنها كانت تريد الأنزواء في غرفتها والأختلاء بنفسها , ماذا ستقول لخوان المصمم على الأحتفاظ بالفتاة . من المؤكد أنه لا يحبها , وأنه لا يريد الزواج منها ألا للأحتفاظ بالفتاة! آه , لو كان رافاييل هو الذي طلب منها ذلك! رافاييل! ولكن أمرا كهذا لا يمكن أن يحدث معه , فهو غير مهتم بها أطلاقا ! أين هو الآن؟ لماذا لم يأت؟ لماذا لم يرجع أليها ثيابها؟ كيف يمكنها أن تذهب أليه بدون أن يشعر أحد بذلك ؟ لا يمكنها أن تطلب سيارة ,لأنهم سيسألونها عن الغاية من ذلك! لا يمكنها أن تذهب سيرا على الأقدام , لأن المسافة طويلة ولا تحب العودة وحيدة في الظلام!
منتديات ليلاس

الخيل! أنها تعرف ركوب الخيل ! لا أحد سيفتقدها أن هي ذهبت وعادت بصورة سرية وخلال ساعة من الزمن! توجهت فورا ألى الأسطبل , وعملت على ألا يراها أحد خلال خروجها من القصر , أخذت حصانا جميلا من السائس الهندي الشاب بعد أن أوهمته أن السيد خوان سمح لها بذلك.
كان الطقس حارا والرطوبة في مستوى عال , تمنت ميراندا أن تصل بسرعة ألى منزل رافاييل هربا من حرارة الشمس الحارقة , وما أن أقتربت من النهر وشاهدت البيت الحجري , حتى خفق قلبها بسرعة وأحمرت وجنتاها بشدة , ولكنه بدا أن الحصان على غير عجلة من أمره , فقد توقف فجأة قرب حافة النهر رافضا التقدم خطوة واحدة , حاولت جاهدة حمله على متابعة الرحلة القصيرة , ألا أنه ظل جامدا في مكانه لا يتحرك قيد أنملة.
خافت من الوقوع في النهر , وقررت غاضبة النزول عن ظهره ومتابعة الطريق سيرا على الأقدام , ألا أنها فقدت توازنها ووقعت على الأرض , أحست بألم شديد في رجلها وعامودها الفقري , ومما زاد في حنقها وأنزعاجها أنها لم تتمكن من الأمساك بالحصان.
وصلت ألى البيت بعد جهد فائق ودخلته حزينة , لأنها لم تعد بوضع يسمح لها بمساعدة أحد , بدا البيت لأول وهلة خاليا تماما ..... غرفة الجلوس , المكتب , المطبخ! راحت تفتح الأبواب القليلة , الواحد تلو الآخر! أين هو ؟ فتحت غرفة فيها سريران فارغان , ثم فتحت باب غرفة أخرى فيها ثلاث أسرة , وشاهدت رجلا مستلقيا في أحدها , أستمعت بألم وحسرة ألى تنفسه المتقطع وزكامه الحاد! مسكين!
" ماذا تفعلين هنا , يا آنسة؟".
قفزت على رجلها السليمة بسرعة قائلة بذهول :
" رافا..... رافاييل!".
لم تنتبه ألى أنها أستخدمت أسمه الأول في مناداته , نظرت أليه بدهشة فائقة وتطلعت ألى السرير قائلة بأستغراب:
" كنت...... كنت أظن أنك ....... أنك أنت هنا!".
أبعدها رافاييل عن الباب ثم أغلقه بأنفعال وقال لها ببرودة :
" سألتك عما تفعلينه هنا ,يا آنسة ".
" جئت ......جئت للأطمئنان عليك , تصورت أنك.....مريض, لم .......لم نعرف عنك شيئا ... منذ... منذ ".
سار رافاييل عبر القاعة وهو يتوقع منها مرافقته , وعندما لم تفعل ذلك عاد أليها وقال لها بتململ واضح:
" كنت منشغلا جدا , يا آنسة , فكما ترين , هناك رجل مريض في الغرفة , وأنا مضطر للأعتناء به لأن الطبيب هو الآخر مصاب بنوبات قوية من السعال والزكام".
هزت ميراندا رأسها بتأثر , كان عليها ألا تأتي , أنها تعاني الآن من آلام حادة في ظهرها ولا تعرف سبيلا للعودة ألى المزرعة , وكيف ستستعيد الحصان الشارد ؟ أحست بأوجاع تضرب رأسها وبحبيبات من العرق البارد تتجمع بقوة على جبينها , ولكنها أستجمعت قواها وقالت له :
" أذن , لا بأس .... أليس كذلك؟".

نيو فراولة 21-10-10 10:59 PM

لاحظ رافاييل أصفرار وجهها وشحوبه , وضع يده على جبينها فأحست بأن أصابعه باردة جدا.
" رباه! هل أنت مريضة ؟".
هزت رأسها بألم وقالت :
" أنا.... الحصان.... كنت أحاول النزول ....عن ظهره و.......و ......".
ولأول مرة في حياتها , أغمي عليها ووقعت على الأرض.......
عندما أستعادت وعيها , كانت مستلقية على سرير صغير يلفها غطاء قطني رقيق , تذكرت الغرفة ذات السريرين الفارغين , التي شاهدتها أثناء بحثها عن رافاييل , تحركت قليلا فلاحظت أن ألامها خفت ألى حد ما , وأن جسدها شبه العاري مرتاح بعض الشيء , رفعت نفسها قليلا لتنظر ألى الخارج , فدهشت لأن الشمس بدأت تغيب , ودخل رافاييل الغرفة بدون سابق أنذار!
رفعت الغطاء القطني بسرعة فوق صدرها وأحمر وجهها خجلا عندما تبادر ألى ذهنها فورا أنه هو الذي خلع عنها ثيابها , وقف قربها وسألها بأهتمام :
" هل تشعرين الآن بتحسن؟".
هزت ميراندا رأسها وقالت له , بعد أن أزاحت وجهها عنه بحياء :
" أشعر.... أشعر بتحسن كبير , شكرا. أنني...... أنني آسفة على هذا الأزعاج الشديد , سوف أذهب بمجرد أرتداء ثيابي".
لم يرفع نظره عنها , بل قال بنبرة جادة لا تقبل النقاش:
" لن تذهبي ألى أي مكان , يا آنسة , أنت بحاجة للبقاء في هذا السرير عدة أيام , كنت محظوظة جدا للخروج من هذه المشكلة بمثل هذه البساطة , كان من السهل جدا , لا سمح الله , أن تلحقي ضررا بالغا بعمودك الفقري".
نظرت أليه ميراندا وهي لا تصدق أذنيها , ثم قالت :
" ولكن , لا يمكنني البقاء ....... هنا!".
" لماذا؟".
منتديات ليلاس

تحركت بتململ في السرير الصغير وهي تدرك أن أي حركة خاطئة سوف تسبب لها أزعاجا بالغا , ثم قالت له:
" لا أحد يعلم مكان وجودي , لوسي الآن في المزرعة وهي تظن.... كالآخرين أنني مرتاحة في غرفتي ... نتيجة لصداع......".
" أنك مرتاحة الآن , يا آنسة , لا تزعجي نفسك , فقد أبلغت عائلتي عن مكان وجودك , كما أبلغتهم بأنك لست الآن في حالة تسمح بنقلك من مكان ألى آخر , أنه لأمر مؤسف ولكن لا يمكن تفاديه".
ثم تنهد قليلا ومضى ألى القول :
" حسبما أرى في الوقت الحاضر , ليس هناك أي مشكلة في الظهر لا يمكن معالجتها , ألا أن الأيام القليلة المقبلة سوف تثبت ما أذا كان تشخيصي للحادث صحيحا أم لا".
تنهدت ميراندا وسألته بتمرد واضح :
" هل أنت غاضب مني؟".
قطب رافاييل حاجبيه وسألها بأستغراب:
"غاضب , يا آنسة!".
" نعم...... غاضب! أنت تقف قربي وتخبرني هذه الحقائق حول الوضع الذي أنا فيه مع أنك بالتأكيد تشعر نحوي بالأشمئزاز والحنق لأنني فرضت نفسي عليك كأمر واقع وبدون دعوة!".
وضع رافاييل يديه وراء ظهره وقال لها بهدوء:
" لقد أصبت بحادث لم يكن بسيطا , يا آنسة , ومن الطبيعي أن أبذل ما في أستطاعتي لمساعدتك ..... شأنك في ذلك شأن أي أنسان آخر مصاب مثلك".
" أوه , شكرا لك".
قالت كلماتها بلهجة ساخرة بعض الشيء لأنها أرادت أثارته ومعاملته بالمثل , ثم مضت ألى القول بصوت مرتفع وحاد:
" وأعتقد أنك أعتبرتني كمجرد أنسنة مصابة عندما حملتني بين ذراعيك وأحضرتني ألى هذه الغرفة...... وعرّيتني من ثيابي , أليس كذلك؟".
" لا تفقدي أعصابك , يا آنسة , أنا لا أخجل مما فعلت , لأنني طبيب , لقد كشفت على عدد كبير من النساء , وساعدت كثيرا من الحوامل على الأنجاب , وأؤكد لك بأنك لم تكوني مختلفة عن أي أمرأة أخرى بحاجة لمساعدة طبية".
" أعرف ذلك , وهذا ما كنت أعنيه بالضبط".
" لا بد أن تكوني جائعة , يا آنسة , سوف أحضر لك بعض الطعام".
أمسكت معصمه بقوة وقالت له بشيء من الأسترحام :
" أنا ...... أنا آسفة , أعذرني لأنني تصرفت بأستهتار , أنا أعرف أنك بذلت أقصى جهدك لأجل مساعدتي , لا تغضب مني , أرجوك !".
نظر رافاييل ألى يدها الممسكة بمعصمه وقال لها برفق وحنان:
" أنا لست غاضبا منك , يا آنسة , أنني أدرك أن نواياك الطيبة هي التي دفعتك لزيارتي , وهذا أمر أقدره كثيرا وأشكرك عليه , ولكنك الآن كمريضة في عيادتي وسوف أبذل قصارى جهدي للأعتناء بك".
" أوه , رافاييل ! لماذا لا تتخلى أبدا عن تحفظك وحذرك البالغين ؟ ألا تشعر أبدا بأي عواطف أو أحاسيس تثيرك قليلا ".
أحمر وجهه بسرعة ولم تعلم ميراندا ما أذا كان ذلك نتيجة تحرك مشاعره أو غضبه , أفلت معصمه من قبضتها وقال لها ببرود مزعج:
" سوف أحضر لك الحساء , يا آنسة".
ثم غادر الغرفة بدون أن يلتفت أليها......

نيو فراولة 22-10-10 10:37 AM

10- عودة غير متوقعة

تعلمت ميراندا خلال الأيام التالية ألا تتألم خجلا وحياء كلما أجرى عليها رافاييل فحوصات طبية تتطلب خلع ملابسها , وكانت فتاة هندية شابة تدعى أيفا مايور حضرت صباح اليوم التالي وأبلغتها بأنها ستسهر على راحتها , كانت تعتني بسريرها , تزودها بالدواء ,وتقدم لها الطعام , أما رافاييل فلم تره سوى فترة قصيرة صباح كل يوم.
كان يحضر في الصباح كأي طبيب غريب ليكشف على جروحها ويعطي التعليمات الضرورية للفتاة المكسيكية الشابة , وكانت ميراندا تئن بصمت متمنية لو أن تلك الأصابع القوية تداعبها وتلمسها بعاطفة وعشق ومحبة , ألا أنه كان يتركها دائما بسرعة وينصرف ألى مهام أخرة مكتفيا بالقول :
" ألى اللقاء , يا آنسة".
لم يزرها طوال فترة أقامتها هناك سوى شخص واحد... كونستانسيا , حضرت بعد ظهر اليوم الثاني ولكنه سرعان ما بدا لميراندا أن كونستانسيا أتت رغما عنها , لم تعرف ميراندا سبب ذلك , ألا عندما قالت لها بشيء من الأنفعال :
" لا تريدك أمي أن تعودي ألى المزرعة عندما تستعيدين عافيتك , يا آنسة !".
" أوه!".
تنهدت كونستاسيا بحزن وقالت :
" أنا آسفة , يا آنسة".
هزت ميراندا كتفيها وهي تقول :
" أنه ليس خطأك , يا آنسة".
كانت ترتدي ثوبا قطنيا بشعا يبدو أنه يناسب رجلا ضعف حجمها , أستقرت في سريرها قليلا ثم أبتسمت وقالت :
" ربما كان بأمكانك أن تطلبي من أحدى الخادمات توضيب حاجياتي , لأنني بحاجة ماسة ألى بعضها على الأقل ".
أحمر وجه كونستانسيا وقالت :
" أحضرت كافة حاجياتك معي , وذلك نتيجة أصرار والدتي".
" حسنا , أنا آسفة لأنها تشعر بمثل هذه الطريقة , ولكنني لا أرى سببا لشعور الحسد هذا , وبخاصة........".
" الحسد , يا آنسة ؟ لا أفهم ماذا تعنين ".
" أعتقد بأنها تتصورني شابة مستهترة أو ما شابه ذلك لأنني موجودة بمفردي مع رافاييل ...... أعني , السيد رافاييل , ليس ثمة سبب يدفعها ألى.....".
" طبعا , طبعا! كلنا نعرف ذلك , أنها ليست قلقة بشأن رافاييل".
" أذن؟".
" خوان هو سبب قلقها , يا آنسة , أنا لم أوضح لك الأمر على حقيقته بعد , لقد فسخ خوان خطوبته مع فالنتينا".
صعقت ميراندا وقالت :
" ماذا؟ أنا لا أصدق ذلك".
" من المؤسف أن هذا ما يحدث فعلا , لأن أخي لم يعد يفكر ألا بالطفلة .... وبك أنت ,يا آنسة ".
" لم ...... لم أكن أعرف ذلك! لم..... لم أكن أتصور .......".
" أخبرت كارلا والدتنا أنها شاهدت خوان يغازلك ويداعبك على الشرفة".
" يبدو أن كارلا تحب أحداث المآسي وتدمير الآخرين ! صدقيني يا كونستانسيا , أنا لم أشجع شقيقك على شيء ! أنا غير مهتمة به أطلاقا!".
هزت كونستانسيا كتفيها وقالت بشيء من اللامبالاة :
" هذا لا يهم أبدا , غفخوان رفض أستمرار الخطوبة وغادرت فانتينا ووالدها المزرعة صباح اليوم".
تنهدت ميراندا بأنزعاج بالغ وأعربت عن صدمة حقيقية وصادقة , وقالت لها كونستانسيا على أثر ذلك:
" هذا ما حدث معنا , يا آنسة , ولذلك فأن أمي مصممة حقيقة أبعادك عن خوان".
" كنت أظن طوال الوقت ........يبدو أنني أصبحت مصدر أزعاج للجميع , أليس كذلك ؟".
" ليس بالنسبة ألى رافاييل , أنا متأكدة من ذلك".
" تقولينها بهدوء وكأنك واثقة جدا من كلامك , ولماذا رافاييل بالذات ؟ أليست أمك خائفة من أن أتمكن من... أغراء رافاييل أيضا؟".
" أنت تعرفين بالتأكيد أن رافاييل غير مهتم أبدا بالنساء , فعروسه هي الكنيسة , وسوف يعود قريبا ألى مكيسكو سيتي حيث يدرس اللاهوت".[/FONT]

نيو فراولة 22-10-10 10:41 AM

كان من حسن الحظ أن أيفا مايور أختارت تلك اللحظة بالذات كي تدخل الغرفة وتعلن أن وقت الزيارة قد أنتهى , وأن المريضة بحاجة ألى المزيد من العلاج , لم تقل ميراندا شيئا , أصيبت بصدمة وذهول , وشعرت بأعياء شديد , وللمرة الثانية خلال يومين , أنهارت في سريرها وأغمي عليها.
عندما أستعادت وعيها بعد قليل , كان رافاييل وأيفا في الغرفة , وسمعته يقول لها بهدوء حازم :
" لا يزال جسمك ضعيفا للغاية , يا آنسة , ويجب ألا يتعرض للأرهاق والصدمات , أنني مضطر لمنع الزيارات عنك حتى أشعر آخر".
كرست ميراندا جميع طاقاتها خلال اليومين التاليين لأستعادة قوتها ونشاطها , أكلت كل شيء أعطي لها , وتناولت الحبوب المهدئة للأعصاب بدون تردد أو أحتجاج , كما أنها حاولت جهدها ألا تفكر أبدا برافاييل ,ولكنها أتخذت قرارا هاما , فبمجرد أن تستعيد عافيتها , سوف تأخذ لوسي وترحل بها عن هذا الوادي ..... أن قبل الآخرون أو رفضوا!
في نهاية اليوم الخامس , تمكنت ميراندا من مغادرة سريرها والسير قليلا في أرجاء البيت , كانت تعرج بعض الشيء وظهرها لا يسمح لها بعد بحمل حقيبة أو السير مثلا نحو الطائرة بدون مساعدة .ولكنها كانت تحرز بعض التقدم , وفي تلك الليلة , أستعصى عليها النوم بسبب كثرة تفكيرها برافاييل , حاولت البحث عن الحبتين المهدئتين اللتين تركتهما لها أيفا , ألا أن يدها أرتطمت بكوب الماء فوقع أرضا.
" اللعنة ! اللعنة! اللعنة!".
قامت من سريرها وتوجهت ألى المطبخ لأحضار كوب آخر , ولما فتحت اباب , وجدت رافاييل جالسا على مقعد خشبي وهو يضع وجهه بين راحتيه , لم يشعر بدخولها ألا بعد لحظات طوال , وما أن رفع رأسه لينظر أليها حتى شهقت متألمة بسبب الأعياء الذي بدا على وجهه.
منتديات ليلاس

" رافاييل! هل أنت.......مريض؟ الوقت متأخر جدا , فلماذا لم تذهب ألى النوم ؟".
وقف بصعوبة وتمايل جسمه قليلا قبل أن يسألها :
" ماذا تريدين ؟ كنت على وشك الذهاب ألى سريري".
" أوقعت كوبي بسبب الظلام , هل تظن أن بأمكاني الحصول على كمية قليلة من الماء ؟".
" ماذا؟ أوه...... أوه... نعم, طبعا , سوف أغلي لك كمية تكفيك".
" لا بأس , يمكنني أن أفعل ذلك بنفسي".
وقفت تنظر ألى الأبريق النحاسي وهي تشعر بأنقباض شديد لوجودها معه في مثل هذا الوقت , وفجأة أحست بأنه أصبح وراءها مباشرة ,حبست أنفاسها بسرعة وبدأت تسمع ضربات قلبها , وأقنعت نفسها بأنها أذا ظلت واقفة بدون حراك فأنه لن يلمسها.
ولكنها كانت مخطئة ! طوقها بذراعيه وشدها أليه بقوة , حاولت التملص منه , لأنه سيكره نفسه في وقت لاحق بسبب خطيئته ...... وسيكرهها هي أيضا , ولكنه شل قدرتها على التحرك متمتما وهو يعانقها :
" لا تتحركي!".
حاولت الأبتعاد عنه وهي تقول أحتجاجا :
" لا , يا رافاييل ! لا!".
ضمها أليه بقوة أكثر وراح يداعبها بنهم , أغرتها نفسها بالأستسلام , ولكنها أحتفظت برباطة جأشها وقررت الأستماع ألى نداء العقل..... عوضا عن نداءات العاطفة , تململت بين ذراعيه بعصبية وقالت :
" أتركني , يا افاياييل , أتركني ! فكر بما تفعل!".
" وهل تظنين أنني لا أفكر ...... أو أشعر ..... أو أرغب؟ لا تحاربينني , يا ميراندا ! أنا مجرد أنسان! وبأمكان الرجل أن يتحمل ألى حد معين فقط! أنت تظنين أنني شخص بارد .... لا يعرف معنى المشاعر العاطفية والأحاسيس المتدفقة , ولكنك مخطئة! هل تظنين أنني لم أعرف الحب مع أمرأة أخرى , أو أنني لم أتمتع بذلك ؟ لا , لن أخيب أملك , لقد علمني أبي جيدا .... ألى درجة لا تصدق ! ولكن وفرة الطعام الشهي بأستمرار تتخم حتى أكبر المتذوقين للأكل!".

نيو فراولة 22-10-10 02:35 PM

أستمرت ميراندا في محاولاتها للمتلص منه , مستخدمة لذلك البقية الباقية من قوتها وهي تقول بحدة :
" لا أفهم ماذا تقول وماذا تعني ! أتركني ! يجب أن تتركني!".
جاء رده عليها سريعا وقسويا , أدارها نحوه وضمها بشدة , صارخا :
" آه , يا ميراندا آه.....الحب ........ نظفيني من هذا الشيطان الذي يكاد يدفعني ألى حافة الجنون!".
ضغطت ميراندا بكفيها على صدره وغرزت أظافرها في جلده , فيما أبقت رأسها منحنيا بقوة لأبعاد وجهها قدر الأمكان عن وجهه الناري , نفذ صبره , فأمسك بذقنها ورفع وجهها نحوه ثم عانقها بعنف , أحست بجسمه يرتجف , وشعرت بنشوة أنتصار لأنها تمكنت من أثارته ألى هذه الدرجة.
ولكن أنتصارها كان قصير الأمد , حملها بقوة بين ذراعيه وسار بها سريعا نحو غرفتها , لا, لن تقبل , فهي ليست معتادة على ذلك ,ومع أن رافاييل هو أول رجل في حياتها تريده , ألا أن الأخطار كثيرة والنتائج وخيمة العاقبة , أنه لا يريدها زوجة , بل يريد أمتلاكها! أنها تحبه كثيرا! ولكن ماذا لو حملت منه؟ أنها تتمنى ذلك من صميم قلبها... أن تحمل طفله ! ألا أن ذلك يجب أن يتم بالطريقة الوحيدة التب تعرفها وتقبل بها.... الزواج , قفزت من السرير وهي تقول له بحزم وقوة:
" لا , يا رافاييل ! لا , لن أدعك تمسني !".
منتديات ليلاس

وقف ساكنا بدون حراك , وخيم على الغرفة صمت مطبق لم تسمع خلاله ألا تنفسها المتقطع , ثم تأفف بغضب وأنفعال وحمل قميصه ..... وغادر الغرفة.
ظلت ميراندا واقفة في مكانها أكثر من خمس دقائق , وكأنها قطعة باردة من الحجر ,ثم أنتبهت ألى نفسها وأستلقت على السرير باكية !
لم تنم ميراندا قبل ساعات الصباح الأولى , وكانت مرهقة ألى درجة الأعياء والمرض , وكلما نامت بعض الوقت , تتعرض لأحلام مزعجة رهيبة توقظها خائفة مذعورة , وكانت لا تزال نائمة عندما أحضرت لها أيفا طعام الفطور , جلست في سريرها متعبة النفس والجسم , هل كان ذلك كابوسا مزعجا ؟ هل ضمها رافاييل ألى صدره , وحملها ألى السرير , أم أنها كانت تحلم ؟ ولكن كوب الماء موجود على الأرض.
دخل رافاييل كعادته وفحصها بدقة وعناية , بدون أن تظهر على ملامحه القاسية أي دلائل على أحداث الليلة الفائتة , ثم قال لها ببرودة:
" يبدو أنك تحسنت كثيرا , ربما نتمكن غدا من السماح لك بالعودة ألى المزرعة".
" أوه, لا... أعني.... أنه ليس بأمكاني العودة ألى هناك ".
" لما لا؟".
نظرت ميراندا نحو أيفا , فأومأ أليها رافاييل بالخروج, تنهدت ميراندا وأخبرته الحقيقة بدون لف أو دوران .
" لا تريدني والدتك أن أعود ألى القصر".
" لا تريدك أمي أن..... أوضحي نفسك , يا آنسة ".
" أوه , رافاييل , هل من الضروري أن نستمر في هذه التمثيلية السخيفة ؟ أنت تعرف جيدا أن أمك تتصور بأنني أسعى وراء شقيقك ! ... أرجوك أن تتوقف عن أستخدام كلمة آنسة معي , أسمي ميراندا وأنت تعرفه كما أعرفه أنا!".
رد عليها بصوت معذب قائلا:
" أنت تزيدين من صعوبة الأمور معي ,يا ميراندا , حسنا , أنا أفكر بك كميراندا , ولكن الذي لا أفهمه هو هذه العلاقة بينك وخوان , ألى أي حد أنت متورطة معه؟".
أزاحت وجهها عنه بغضب , قائلة بتململ واضح:
" لست متورطة معه بأي شكل من الأشكال , ولكن كونستانسيا أخبرتك بالتأكيد أنه فسخ خطوبته مع فالنتينا ".
" مستحيل ! لا, لم تخبرني أختي بذلك , أعترف لك بأنني لم أمنحها أي فرصة للتحدث معي , لقد أغمي عليك آنذاك , وكنت منهمكا بك".
" ولكن...... ألم تذهب ألى القصر أبدا منذ مجيئي ألى هنا؟".
نظر بعيدا وقال لها بصوت منخفض:
" لا , لم أذهب بعد ألى المزرعة".
منتديات ليلاس

" أوه , رافاييل! ولكنك قلت .... عندما أصبت بحادثتي....".
" قلت أنه تم أبلاغ عائلتي بالحادث , لم أذهب بنفسي بل أوفدت شخصا لنقل الخبر , ومنذ ذلك الحين , لم يسمح لي وقتي بالذهاب".
" في أي حال , لم يعد الأمر هاما , فكما قلت أنت بنفسك , تحسنت صحتي كثيرا , وعليه فأنني سأقوم ببعض الترتيبات الضرورية كي نغادر أنا ولوسي غواداليما في أسرع وقت .......".
قاطعها رافاييل بعناد وأصرار بالغين , قائلا:
" لا! لا يمكنك ذلك!".

نيو فراولة 22-10-10 02:58 PM

" لم لا؟ أنا.... أنا يجب أن أعود , وعلى لوسي أن تعود معي..... مهما كان رأي أخيك".
" وماذا قال لك , يا ميراندا ؟ لماذا فسخ خطوبته ؟".
أحمرت وجنتاها وقالت :
" لا أهمية لذلك!".
" أنا أعترض , أريد أن أعرف السبب , يا ميراندا , أخبريني! أنني أصر على ذلك!".
أزعجتها نظراته الملتهبة , فهزت برأسها تأففا وقالت له:
" أوه , أن الأمر سخيف .......سخيف للغاية ! قال أنه يحبني , تصور , يحبني أنا!".
وضحكت ثم أضافت بجدية:
" طبعا , أنا لم أصدقه".
كان رافاييل يتنفس بصعوبة وأنزعاج وكأن كلماتها القليلة تمنع عنه الهواء.
" ولكنك لم تخبريني بهذا الأمر ".
" كيف كان يمكنني ذلك؟ وهل كانت هذه المسألة ستثير أهتمامك ؟".
سيطر رافاييل على أعصابه المتوترة وقال لها :
" لم يكن الوضع طبيعيا منذ البداية , ولكنك بالتأكيد سوف تعودين ألى المزرعة , سوف أعد الترتيبات اللازمة بنفسي , وأذا أزعجك خوان بأي شكل من...".
" أوه , أرجوك , أرجوك! أنا لا أريد العودة ألى هناك , وكما قلت لك , سوف أعد نفسي لمغادرة الوادي و......".
" ليس الآن! أرجوك , يا ميراندا , لا تدفعيني بقوة!".
ألتقطت ميراندا أنفاسها وقالت له :
" لا أفهم ماذا تعني".
" أوه بلى , أنك تفهمن جيدا ماذا أعني".
كان الأصفرار يغطي وجهه ونظراته مشابهة لتلك التي شاهدتها الليلة الفائتة , وفجأة ,توجه , توجه نحو الباب وهو يقول لها بأسلوبه المعتاد :
" يجب أن أذهب , لدي أعمال كثيرة , ستحضر لك أيفا ملابسك , أرتديها وأخرجي قليلا ,ولكن لا تبتعدي كثيرا عن هذا البيت , مفهوم؟".
هزت برأسها دليل الموافقة , فخرج من الغرفة وأغلق الباب وراءه.
لم تكن ميراندا قوية كما كانت تتصور , شعرت بأعياء شديد نتيجة لنزهتها القصيرة نحو النهر ,وسرها كثيرا لدى عودتها أن تجد أيفا بأنتظارها , وقد أعدت لها أبريقا من الشاي الساخن , جلست الفتاتان بهدوء لا يعكر صفوهما سوى صعوبة التفاهم , فميراندا لا تعرف من لغة أيفا ألا بعض ما يتعلمه السائح , وأيفا لا تفهم شيئا من لغة ميراندا ألا ما يستخدم مع المرضى وفي المستشفيات , وبعد قليل قرع الباب , ففتحته أيفا وعادت بسرعة لتقول بالأسبانية :
" أنه الكاهن , يا آنسة".
دخل الأب دومنكو بعد لحظات وحيا الفتاتين بلغته قائلا :
" أوه أسعدتما صباحا , كيف حالكما؟".
ردت أيفا بالأسبانية بينما حيّته ميراندا بأبتسامة طيبة , وتذكرت أنها لم تره منذ ذلك العشاء في القصر , قدمت له أيفا الشاي فحمل فنجانه وجلس قبالة ميراندا , بعد أن تبادل بضع كلمات مع الشابة المكسيكية , أبتسم الكاهن الشاب لياقة وقال :
" أخبرتني أيفا أن رافاييل ليس موجودا هنا الآن , هذا لا يزعجني أبدا , لأنني أريد محادثتك على أنفراد ".
" معي أنا , يا سيدي ؟".
حيا الكاهن الشاب الفتاة المكسيكية التي أستأذنت بالخروج من الغرفة , وقال لميراندا :
" نعم يا آنسة , والآن يمكننا التحدث بحرية ".
" ولكنني لا أرى أن هناك أي موضوعات تتطلب حديثا على أنفراد , أذا كان الموضوع متعلقا بخوان ولوسي , فعلي أن أقول لك.......".
" مهلا , مهلا يا أبنتي ! لم آت ألى هنا لأحدثك عن الطفلة أو عن الرجل الذي يهتم بها منذ بضعة أشهر , أريد أن أحدثك عن رافاييل".
"رافاييل ؟ ولكن......".
أحمر وجهها فجأة ولم تتمكن من أخفاء دهشتها .

نيو فراولة 22-10-10 03:25 PM

" وماذا بشأن رافاييل ؟".
" أنني قلق لأجله , وتصورت أن بأمكانك مساعدتي .... كونك تنظرين ألى الأمور نظرة واقعية وموضوعية".
شربت ميراندا جرعة من الشاي الساخن وسألته عما يعنيه , تمهل الأب دومنكو بعض الشيء , ثم قال لها بهدوء بالغ :
" أنني أجد صعوبة في شرح هذا الموضوع الحساس , يا آنسة , ولكن الأمر له أهمية كبيرة بالنسبة ألى عائلته , أنت تعرفين , كما أظن , أنه يسعى لدخول معهد اللاهوت كي يصبح راهبا !".
" أخبرتني بذلك كونستانسيا ....... أعني الآنسة كويراس ".
" حسنا , ولكن الأمر الذي قد تجهلينه هو رفض والدته لهذا.......لهذا القرار".
" لماذا؟".
" رافاييل هو الأبن الأكبر لأبيه , وبالتالي فهو الوريث الشرعي للقصر والممتلكات , وتشعر السيدة أيزابيلا بأنزعاج كبير لأنه تخلى عن مسؤولياته وحقوقه لأخيه , وأختار طريقا آخر".
" ربما..... ربما أعتبر أن الطريق الآخر هو المسؤولية الحقيقية..... والهدف الأسمى".
" رافاييل رجل ذو معتقدات وأفكار تتسم بالمثالية , وهو يعتقد بأن قراره هذا سوف يؤثر على ........ على الأمر الواقع , نعم , الأمر الواقع , ولكن الوضع يحتاج ألى أكثر من قدرات رجل واحد , مهما كان قويا ونافذا ومؤمنا".
" ولكنه يحب الناس ويهتم بهم!".
" طبعا , فالسيد دائما يحب الناس العاملين معه ويهتم بهم , ليس هذا بالأمر الجديد , أننا دائما نسعى لتحسين ظروف معيشتهم ".
" ولكنه يريد مساعدتهم ........بطريقة فعلية.....".
" لا أنا لا أنكر ذلك , أنه يشبه والده كثيرا , والناس هنا يحبونه ألى درجة كبيرة , ولكن رافاييل لا يحب هذه المقارنة , لأنها تعيد ألى نفسه ذكريات مزعجة".
تحركت ميراندا في مكانها متململة وقالت له :
" أتصور أنه ليس من الضروري أبدا أن تبحث معي في الأمور الخاصة لرافا....للسيد رافاييل".
منتديات ليلاس

" ولكنك أصبحت في فترة قصيرة جدا نسبيا تعرفين جميع أفراد أفراد العائلة بشكل وثيق أليس كذلك , يا آنسة؟".
" ربما كان ذلك...... نتيجة للظروف .....غير الأعتيادية !".
" غير أعتيادية ؟ نعم , أوافقك على ذلك , ولكن عليك الأعتراف بأن وجودك هنا أثار زوبعة هوجاء".
تنهدت ميراندا وسألته بأنقباض :
" أذن سوف نتحدث عن خوان ولوسي؟".
" فقط بطريقة غير مباشرة , يا آنسة , أنا أشكك بأعجاب خوان بك ...بكما معا , ولكن السيدة أيزابيلا هي من المدرسة القديمة التي تؤمن .....بالزواج المتفق عليه سلفا بين العائلات , وتجد صعوبة بالغة في قبول هذا التصرف المستقل من خوان ورفضه الأنصياع لرغبات الوالدين , ومن الطبيعي أنها صعقت , ومن الطبيعي أيضا أنها لم تقبل ذلك في البداية ,ألا أنها بدأت تدريجيا .......".
توترت أعصاب ميراندا ألى درجة بعيدة وقاطعته بالقول :
" ماذا تحاول قوله , يا أب دومنكو؟".
" أنا لا أحاول شيئا , ولكنني أنقل أليك معلومات مفادها أن السيدة أيزابيلا لم تعد تعارض .....صداقتك .....مع خوان ".
شهقت ميراندا أستغرابا وقالت :
" خوان وأنا لسنا صديقين ,يا سيد , أننا نعرف بعضنا , لا أكثر ولا أقل . وكان تصرفه بالنسبة ألى الطفلة أدى ألى تدمير أي صداقة كانت ستقوم بيننا!".
" ولكنك لا تفهمين ماذا أعنيه , يا آنسة , ما أود قوله لك هو أنه بأمكانك البقاء في الوادي بمباركة من السيدة أيزابيلا , وكذلك الأمر بالنسبة ألى الطفلة , وخلاصة القول أن مشاكلكما حلت وأنتهت".

نيو فراولة 22-10-10 03:28 PM

قالت ميراندا لنفسها بأستهزاء أن المشاكل الحقيقية بدأت عوضا عن أن تنتهي , وقبل أن تفتح فمها لتشرح له حقيقة مشاعرها , عاد الكاهن للتحدث عن رافاييل , كرر لها , وبالتفصيل هذه المرة , ما قاله سابقا عن الأبن الأكبر , قال أن رافاييل يتورط أكثر فأكثر في شؤون الناس , مع أن عليه عدم الأختلاط بهم ألى هذه الدرجة , أنه يستخدم عاطفته ويدعها تتحكم بعقله وأرادته , لا يمكنه ذلك فهو أبن أبيه..... مهما تمرد على التقاليد والأعراف".
" ولكن... لماذا تحدثني بهذه الأمور التي لا علاقة لي بها؟".
" بدأت السيدة أيزابيلا تتفهم محنة كل من أبنيها , فمن غير المسموح به لخوان ..... كسيد القصر ... أن يتزوج شابة غريبة , أما أذا كان حقا يريد ذلك , وكان على أستعداد للتخلي عن......".
منتديات ليلاس

وفجأة , وبكل أشمئزاز , أدركت ميراندا أهداف الكاهن .... أو بالأحرى , السيدة أيزابيلا , أنها تريد عودة أبنها البكر ألى المزرعة لأستعادةة حقه المشروع , وأذا تزوج خوان من الفتاة البريطانية , وتخلى بالتالي عن أدارة ممتلكات والده , فسوف يضطر رافاييل للعودة ألى قواعده وأستلام المهام الموكولة أليه توارثا وتقليدا , وقفت ميراندا بعصبية وقالت للكاهن بحزم وقوة:
" أخشى أنك تضيع وقتك معي يا سيد , أنا لا يمكنني التحدث بالنيابة عن....خوان , أما بالنسبة ألي , فأي صداقة أو علاقة عاطفية بيننا ليست ألا من صنع الخيال , أنا لا أحب خوان ! أنه لا يعجبني كثيرا! كما أنني متأكدة من أنه لا يحبني!".
دخل رافاييل القاعة بصورة مفاجئة وكان وراءه رجل شعرت ميراندا بأنها تعرفه , ولكنها ظنت بأنها واهمة وترى أشياء , لا وجود لها , دخل الرجل الثاني قاعة البيت , فحبست ميراندا أنفاسها , أقترب رافاييل المرهق منها وقال لها , مشيرا ألى رفيقه:
" أعتقد أنك تعرفين هذا الرجل , يا آنسة ".
كان يرتدي ثيابا رثة ويبدو عليه التعب والضياع , كما أنه فقد الكثير من وزنه , ومع ذلك , فأنه كان بأمكان ميراندا , التعرف على زوج أختها في أي زمان ومكان , همست بأسمه غير مصدقة عينيها :
" يوب! ".
هز الرجل رأسه وحياها بأسمها:
" ميراندا ! , ميراندا".
ركضت نحوه كالمجنونة , فتعانقا طويلا , أنه حي يرزق!

سفيرة الاحزان 22-10-10 03:35 PM

we love uuuuuuuuuuuuuuuuuu

نيو فراولة 22-10-10 06:43 PM

11- الحزن يملأ الأيام

حاول بوب كارمايكل أطلاع شقيقة زوجته على كافة تفاصيل الحادث , ولكنه أضطر أولا لأبلاغها بمقتل أختا سوزان , مما بدد ألى الأبد الأمل الضعيف الذي كانت تتعلق به.... والذي أزداد لدى مشاهدتها بوب , وعزّت ميراندا نفسها بأن أحد والدي لوسي على الأقل لا يزال حيا.
كانت ميراندا تجلس بين بوب ورافاييل أثناء توجه الثلاثة ألى الدير , ومع أنها حاولت التركيز على ما يقوله زوج أختها الراحلة , ألا أنها كانت تشعر دائما بحرارة جسم رافاييل الملتصق بها , وعندما أرادت مرة التحرك قليلا , وضعت يدها خطأ على رجله , حاولت سحبها بسرعة , ولكن رافاييل أمسك بها وأبقاها في مكانها .
وسمعت بوب يروي القصة:
" هبّت عاصفة هوجاء لم أعرف لها مثيلا في حياتي , لم تكن الطائرة ممتلئة , وكنا نحن نجلس في المؤخرة , أعتقد أن جميع الذين كانوا في المقدمة لاقوا حتفهم على الفور , كانت الطائرة تهوي بسرعة فائقة ولا أدري حقا ماذا حدث , ربما أصطدم ذيلها بأحدى القمم , أرتطمت الطائرة بالصخور وأنشطرت ألى نصفين , هوى أحدهما ألى الوادي , أصبت وسوزان بجروح بالغة , أوه , نعم , كانت سوزان لا تزال حية بعد الحادث , ولكننا أعتقدنا أن لوسي ماتت , وأتصور أن هذا الأعتقاد هو الذي أفقد سوزان رغبتها في الحياة".
منتديات ليلاس

توقف بوب فجأة وبدا عليه التأثر والحزن , ثم مضى ألى القول :
" في أي حال , توقعنا أن يكون الأرتطام القوي دفع بالطفلة ألى مكان بعيد .... ربما ألى الوادي , ولكن , كان عليّ ألا أنهار , سوزان وأنا كنا الناجيين الوحيدين من ركاب المؤخرة".
سألته ميراندا بذهول :
" ألم تفقد وعيك؟".
" أوه , طبعا , في البداية , على الأقل , لا أتذكر الكثير عما حدث, ولكن أذكر أن الدماء كانت تتجمد في عروقي لشدة البرد , وأذكر أيضا أن الدماء كانت تتدفق من رأس سوزان.....".
توقف ثانية والغصة في قلبه وحلقه على حد سواء , ثم تابع حديثه قائلا:
" آسف , أسف جدا , لم أقصد أيلامك ".
طوقته بذراعيها ووضعت رأسها على كتفه , فتنهد وقال :
"أعتقد أن بعض الهنود الذين يسكنون قرية جبلية نائية وجدونا فيما كنا على وشك الموت , كانت اللغة عائقا كبيرا وما أن تمكنت من أفهامهم بالأشارات ما أريده منهم , حتى كانت سوزان لفظت أنفاسها الأخيرة , لا أعرف طوال المدة التي أمضيتها مستلقيا في ذلك الكوخ الصغير أصارع الموت , ثلاثة أشهر ... أو ربما أربعة , كانوا أشخاصا بسطاء وليس لديهم أي مواد طبية ..... أو حتى أي أتصال مع العالم الخارجي ".
ثم نظر ألى رافاييل وقال له :
" ربما تعرف هؤلاء الناس , أنهم مستقلون ألى درجة كبيرة وأنا واثق من أنهم أستخدموا جميع مهاراتهم , محاولين أنقاذي بشتى الطرق المتوفرة لديهم".
قال له رافاييل بهدوء:
" أنا لست هنديا , يا سيد , ولكنهم أناس طيبون جدا ويبذلون ما في أستطاعتهم لمساعدة الآخرين ".
" لم يبلّغ أحد منهم السلطات المسؤولة بأنني لا أزال حيا , ولم تتسرب من قريتهم معلومات حول وجود رجل أجنبي بينهم , ألا بعد أن تمكنت من الخروج بنفسي من ذلك الكوخ".
" أنني أشك كثيرا يا سيد , في أن يكون هؤلاء الأشخاص على علم بوجود .......سلطات مسؤولة , فكلمة سلطات تعني لهم شيئا آخر تماما".
" في أي حال , ذهبت ألى مكان يدعى سويسترا , كنت مصابا بشلل جزئي في رجلي اليمنى , كما لاحظتما , وكان السير متعبا ومرهقا , ألا أنني كنت حيا ومصمما على البقاء! كان ذلك منذ ستة أسابيع تقريبا , أمضيت طوال تلك الفترة لأثبت هويتي وأحصل على بعض المال للسفر ألى بريطانيا , ولم أعرف أن أبنتي أيضا لا تزال على قيد الحياة , ألا عندما أتصلت بمدير ميراندا في لندن ".
سحبت يدها بتردد من يد رافاييل , مع أنه كان يمسك بها بقوة وحنان , أرادت يائسة أن تنظر أليه وتشبع نظراتها من وسامته وجاذبيته , ولكنها شعرت بأنها واهمة وتتبع السراب , وأقنعت نفسها بأن بوب يحتاج أليها , في حين أن رافاييل ليس بحاجة لأحد .

نجمة33 22-10-10 06:56 PM

تسلم الايادي

نيو فراولة 22-10-10 07:23 PM

تطلعت نحو بوب وقالت :
" أنت تعرف أن.....أن لوسي لا.. لا تتذكر شيئا , أليس كذلك؟".
" أعرف , أخبرني السيد رافاييل ذلك , كنت وصلت لتوي ألى المزرعة وتحدثت مع ...... السيدة أيزابيلا , نعم , السيدة أيزابيلا , كانت تذكر لي أن أبنها الآخر , خوان , متعلق جدا بالطفلة , وفي تلك الأثناء وصل السيد رافاييل".
وفجأة , برز الدير أمامهم فسأل بوب بلهفة:
" هل هذا هو المكان الذي تقيم فيه أبنتي ؟".
ولما ردّت عليه أيجابا , طوقها بذراعيه هاتفا بصوت مرتفع :
" أوه , ميراندا ! هل تعرفين ماذا يعني لي هذا الأمر بعد تلك الأشهر الطويلة من الحزن واليأس ؟ أنني أشكر الله العلي القدير على أنني وجدتك أنت بعد فقداني سوزان , سوف تساعدينني في تربية لوسي , أليس كذلك ؟ ومن يدري .....فقد نتمكن من التوصل ألى أتفاق ما!".
ذهلت ميراندا وقالت بأستغراب:
" أوه , بوب , أرجوك , أنا..... أنا........".
وتطلعت نحو رافاييل , ولكنها فوجئت بعينين باردتين نظرتا أليها بقوة قبل أن يحوّل الرجل وجهه ألى مكان آخر.
ركضت لوسي نحو السيارة بلهفة وشوق , ظنا منها أن رافاييل سيأخذها في نزهة مثيرة أخرى , نزل رافاييل من السيارة ثم ساعد ميراندا بتأدبه المعتاد , وفرحت ميراندا كثيرا عندما حيتها الطفلة بأسمها .....وبحرارة .
" كيف حالك , يا حبيبتي , أنني مسرورة جدا لرؤيتك ثانية ".
" وأنا أيضا , ولكنني كنت أريد مقابلتك , فوعدني الخال خوان بأننا سنزورك معا ...... وربما اليوم!".
" أنا هنا الآن , يا لوسي و... وقد أحضرت معي شخصا آخر لمقابلتك".
تراجعت لوسي ألى الوراء وأستفسرت بقلق عمن يكون هذا الشخص .
" لا تهربي , يا حبيبتي ! أرجوك ! أذهبي .... أذهبي ألى السيارة , فثمة أنسان يتحرق شوقا لرؤياك .أنسان تحبينه ....جدا جدا".
تقدمت الفتاة بخطى مترددة نحو السيارة ثم نظرت بحذر ألى داخلها , أتسعت عيناها تعجبا وأنفجرت باكية وهي تصرخ :
" أنه ...... أنه..... أوه , لا , لا يمكن , لا يمكن! ".
أمسكها رافاييل بحنان وقوة وأعادها نحو السيارة , تأملها والدها , فيما كان يخرج من السيارة , وقال لها :
" مرحبا , يا لوسي , أنت تتذكرينني , أليس كذلك ؟ قولي أنك تتذكرينني ! أنا والدك الذي يأتي من مكان بعيد بحثا عنك !".
عاد رافاييل بعد ثلاثة أرباع الساعة ليجد ميراندا جالسة على صخرة صغيرة ,وهي غارقة في تفكيرها وأحلامها , كان بوب ولوسي ورافاييل دخلوا الدير مع الأب أستيبان , ولكنها فضلت البقاء خارجا في الهواء الطلق ...... وبعيدا عن الأحاديث المؤثرة التي ستجري في الداخل , وقف رافاييل أمامها وقال لها بلهجة رسمية :
" سوف آخذ صهرك وأبنة شقيقتك قريبا ألى المزرعة , يا آنسة , لأن السيد كارمايكل يريد توجيه الشكر لأمي وأخي على حسن ضيافتهما , هل أنت مستعدة ؟".
منتديات ليلاس

" متى.... متى يريد بوب مغادرة الوادي؟".
" بعد الظهر , حضر بسيارة ولكن الرحلة طويلة ومرهقة , عرضت عليه نقله بالطائرة المروحية ألى بوابلا , سيذهب سائقه بالسيارة هذا الصباح ويلاقيه هناك".
تنهدت ميراندا وقالت :
" حسنا , أغراضي موجودة في بيتك , سأنتظر هناك لحين ذهاب بوب ألى المزرعة وعودته ..... أن .......لم يكن لديك أي مانع ".
نظر أليها رافاييل بأستغراب وسألها بحدة:
" هل ستذهبين مع صهرك؟".
" طبعا , فهو........فهو سيحتاجني , أنه لا يعرف شيئا عن... الأمور المنزلية ".
سألها بغضب واضح :
" هل هذا يعني أنك سوف .....سوف تعيشين معه؟".
" طبعا , ولم لا؟".
هز رافاييل رأسه وقال :
" عندما تصبحين مستعدة يا آنسة ".
" ماذا كنت تتوقع مني أن أقول , يا رافاييل؟ أنا لن أشاركه سريره , أن كان هذا ما تعنيه أو تتصوره ".
كانت لندن باردة والرطوبة فيها مرتفعة ومزعجة , مع أن الوقت كان منتصف الصيف , لم يكن لبوب ولوسي بيت خاص بهما , لأن العائلة باعت منزلها قبل أنتقالها ألى أميركا الجنوبية , وعليه , أنتقلا ألى شقة ميراندا الصغيرة المتواضعة .

نيو فراولة 22-10-10 07:43 PM

رفض بوب العودة ألى أميركا الجنوبية , فمنحته شركته وظيفة مؤقتة في لندن كي يتمكن من الوقوف مرة أخرى على رجليه , ودخلت لوسي المدرسة في اليوم الثاني لعودة ميراندا ألى عملها , وبدأت المشاكل منذ ذلك الحين......
" كنت أفكر بهذا الموضوع طيلة الأسبوعين الماضيين , أننا بالتأكيد نحتاج ألى مدبرة منزل تهتم بالطفلة أثناء وجودنا في العمل , ولكن الشقة صغيرة ولا تستوعب شخصا أضافيا".
" بأمكانك الأنتقال ألى شقة أخرى يا بوب , بأمكانك أيضا أستخدام مربية أو مدبرة منزل , أنا متأكدة من أن دخلك المرتفع يسمح لك بذلك وبكل سهولة".
أقترب منها وقال لها بصوت منخفض:
" أنا لا أريد مربية يا ميراندا , أريد الزواج منك ......لا , لا , أنتظري !".
قال الكلمات الثلاث الأخيرة عندما رفعت يدها أعتراضا وأحتجاجا ,ثم مضى ألى القول بهدوء ملحوظ :
" أعلم أنه من المبكر جدا مفاتحتك بهذا الموضوع , لم تمض بعد سنة على وفاة سوزان , ولكن ألا ترين أن الزواج هو الحل الأفضل والأمثل؟".
قفزت ميراندا من مكانها وهي تقول بحزم :
" لا , يا بوب , لا , يستحيل ذلك , فالزواج ليس بالأمر السهل".
" لماذا؟ لماذا يستحيل ذلك؟ ليس هناك شخص آخر , على ما أعتقد , أنت قلت لي بنفسك أنك الن تتزوجي مديرك في العمل , فلماذا تعتبرين زواجنا أمر مستحيلا ؟".
" لأنني لا أحبك , يا بوب , أرجوك.... يجب أن تصدقني , لا يمكنني أن أوافق , لا يمكن".
نظر أليها بأنهزام , مما جعلها تشعر بالأسف نحوه , ولكن ذلك الشعور لم يكن كافيا كي يجعلها تقبل الزواج منه .
" أنت تدركين أنك أذا رفضت الزواج مني , فسوف أضطر للبحث عن شخص آخر , أنا لا أريد ذلك , يا ميراندا , ولكنني رجل لا يعرف العيش بمفرده , كانت سوزان تعرف ذلك وتتفهمه ".
منتديات ليلاس

" أرجوك! أفعل ما تريد! أبحث عن منزل أو شقة , أستخدم أحدا للأهتمام بلوسي , سوف أزوركما كلما سنحت لي الفرصة بذلك , ولكن لا يمكنني الزواج منك , يا بوب , وهذا أمر نهائي لا رجوع عنه".
كان يساعدها في معظم الأمور المنزلية .... حتى حدوث تلك المجابهة بينهما , أهمل كل شيء , بما في ذلك الأعتناء بشؤون أبنته , ثم أبلغها يوما أنهما سينتقلان ألى شقة خاصة بهما , أحست بالوحدة القاتلة بعد أنتقالهما , وكانت أسوأ الأوقات لديها عندما تعود بعد الظهر لتجد الفراغ المؤلم , كانت لوسي تملأ الشقة حياة وصخبا , وكانت تسلّيها وتلهيها عن أفكارها السوداء.
دعاها مديرها ذات يوم ألى العشاء , فلبت الدعوة بكل سرور , وعدها بأن يمر عليها في السابعة والنصف , أي بعد حوال ساعتين من وصولها ألى شقتها , فتحت الباب ودخلت القاعة الصغيرة , ألا أنها تسمرت في مكانها عندما شاهدت رجلا مستلقيا على الكنبة , ماذا يفعل بوب هنا ؟ هل حدث مكروه للفتاة ؟ قام الرجل من مكانه بهدوء وأستدار نحوهال شهقت وقالت بذهول :
" رافاييل! رباه , هل هذا أنت؟ أنا...... أنا أحلم , أليس كذلك؟".
أقترب منها وضمها بقوة بين ذراعيه , أبقاها على ذلك النحو فترة طويلة , ثم تراجع خطوة ألى الوراء وسألها بصوت أجش :
" حلم ......... أم كابوس؟".
" حلم.. أوه , نعم , حلم يا رافاييل ".
عانقها مرة أخرى , فيما كانت يداه تداعبان شعرها وكتفيها , وقال لها متمتما:
" لي , أنت لي , أليس كذلك ؟".

نيو فراولة 22-10-10 08:06 PM

لم تجبه وأكتفت بأن تكون بين ذراعيه , لم تحاول البحث في صحة أو خطأ شيء قد يتبخر بين لحظة وأخرى , ثم أحست بأنه يبعدها عنه قليلا ويقول لها بشغف واضخ :
" أنت ساحرة , يا ميراندا , سحرتني شخصيتك وقيّدني حبك وجمالك , لا تململي أو تخجلي , يا حبيبتي , لديك جسم جميل وأنوي أمتلاكك من الرأس حتى أخمص القدمين , هل تفهمين ما أقول ؟ هل تريدين معرفة سبب حضوري ألى هنا؟".
أبتعدت عنه ميراندا بسرعة وسألته لاهثة:
" لماذا؟ لماذا أتيت, يا رافاييل؟".
" لأنني أحبك , يا ميراندا , أظن أنني أحبك منذ فترة طويلة".
" ولكن...... ولكن..... مسؤولياتك .......هدفك .....".
" أي مسؤوليات وأي أهداف ؟ لديّ منها الكثير".
" قالت لي كونستانسيا أنك..... أنك على وشك الدخول في سلك الرهبنة".
" نعم , نعم , كنت سأفعل ذلك".
" أذن , كيف يمكنك التخلي عن هذه الرغبة بمثل هذه السهولة ؟".
" لم يكن قراري سهلا أبدا , ولكنني شعرت منذ التعرف أليك بأنني لست.....".
" ولكنك لم تقل شيئا ! لم تصدر عنك أبدا أية أشارة توحي لي.........".
منتديات ليلاس

توقفت لحظة وكأنها تذكرت أمرا هاما , ثم سألته :
" هل...... هل أقنعك الأب دومنكو بتغيير رأيك؟".
" الأب دومنكو ؟ ولماذا يحاول الأي دومنكو أقناعي بهذا الشيء أو بغيره ؟".
" كانت تلك مشيئة والدتك , أليس كذلك ؟ أعتقدت أنك سوف تضطر للعودة ألى المزرعة وتولي شؤونها , فيما لو تزوجني خوان وتخلّى عن هذه المسؤولية , ولكن بوب أتى.... وتبدلت الأوضاع , كنت آمل ..... كنت آمل.....".
ضمها ألى صدره بحنان ومحبة , فيما كانت هي تجهش بالبكاء كطفلة صغيرة .
" عما تحدثين, يا صغيرتي ؟ هل تعتقدين أن أمي تشجعني على الزواج من أجنبية لحملي على التخلي عن الكهنوت ؟ أوه , لا يا حبيبتي , فهي لم تردك أنت على الأطلاق".
لم تستوعب ميراندا كلامه كله , هل قال حقا أنه ينوي الزواج منها؟ همست:
" ولكنك لم تفسر.......".
" حسنا , حسنا , أذا كانت التفسيرات تسرك , فلدي الكثير , تعلقت بك منذ البداية , وأظن أنك كنت تدركين ذلك , ولكنني لم أكن أعرف شعورك نحوي , فأمتلأت أيامي حزنا وأسى".
" أوه , رافاييل!".
" كنت أغار من خوان , من أمي , من الشقيقتين , ومن كل شخص يقترب منك , ولكنني أبعدت نفسي عنك , لأنني لم أكن أضمن حسن تصرفي معك , أتذكرين المرة الأولى قرب البحيرة ؟ كنت تعلمين أنني أريدك , أليس كذلك ؟ وكانت الخطوة الأخيرة في بيتي عندما كدت أقدم على أمر لا رجوع عنه , لماذا منعتني ؟ ألم تلاحظي أنني لن أتركك أبدا بعد ذلك؟ أنا لست كالرجال الآخرين الذين تعرفينهم , ستكون هذه المرة طوال الغمر , يا حبيبتي".
أبتعدت عنه قليلا وقالت بتلعثم واضح :
" أنا..... أنا...... لا أفهم ما تعنيه يا رافاييل , هل تعتقد أن..... أن رفضي لك تلك اليلة كان .....كان بسبب الخوف ؟ الخوف من أنك قد تتركني ؟ ثم ...... ماذا تعني بقولك أنك لست كالرجال الآخرين الذين أعرفهم؟".
حاول عبثا ضمها ثانية ألى صدره قائلا :
" ماذا يهم بعد الآن ؟ أنا هنا..... أننا معا , أنا لم أكن دائما عنيفا , يا ميراندا , عندما كنت شابا يافعا , كان والدي لا يزال على قيد الحياة , تعرفت على كثير من النساء , تصورت أنني لن أقترب من أمرأة بعد ذلك ........ ثم ألتقيتك أنت".
أبتعدت عنه بعنفوان وفتحت الباب بغضب قائلة :
" أرجوك أن تخرج ! الآن!".
" ميراندا...".
" أنني أعني ما أقول , فأمك لن تقبل أبدا أن أكون أمرأتك ".
صحح لها تعبيرها بأستخدامه كلمة زوجة عوضا عن أمرأة , ثم أغلق الباب , وقال بهدوء :
" أمي متشوقة جدا لأستقبالك في المزرعة , شعرت بعد مغادرتك الوادي قبل ثلاثة أسابيع بأنني لم أعد قادرا على ضبط مشاعري , كنت أفكر بك طوال ساعات النهار والليل , شعرت بأن عليّ مقابلتك لمعرفة ما أذا كنت تبادلينني الشعور ذاته , أبلغتها عزمي على الزواج منك , أذا كنت ستوافقين , غضبت وثارت في بادىء الأمر , ثم هدأت وقالت أنها ستبارك زواجنا فيما لو قررت العودة ألى المزرعة , كنت سأتزوجم مهما كان رأيها , ألا أن موافقتها أفضل من معارضتها , ألا أن هذا لم يكن كل شيء أردته منها وحصلت عليه , لقد أخذت موافقتها على تقسيم الأراضي على الجميع , وعلى أن يعمل كل شخص لنفسه وليس لسيد القصر".
منتديات ليلاس

فتح الباب ثم خرج منه وهو يقول :
" أنني آسف جدا لأنك لا تشعرين نحوب كما أشعر أنا نحوك , تقبلي أعتذاري".

نيو فراولة 22-10-10 09:33 PM

أغلق الباب وراءه تاركا ميراندا واقفة بدهشة وذهول , هل كان يعني ما يقول ؟ هل أتى حقا ألى لندن بنية الزواج منها؟ خل كان هنا أم أنها تحلم ؟ فتحت الباب وأرادت أن تناديه .....لتقول له أنها متيّمة بحبه......ولكنه لم يكن هناك! عادت ألى الغرفة حزينة ويائسة , أتصلت بمديرها وأعتذرت عن الخروج معه تلك الأمسية , وتصورت أنها لن تتمكن أبدا بعد الآن من الخروج مع أي رجل.......
حل منتصف الليل وهي تتصل بالفندق الأخير على لائحتها الطويلة , لم يكن في أي من هذه الفنادق القريبة والبعيد , أنها غبية ألى أبعد الحدود ! لماذا تركته يذهب؟ الكبرياء؟ عزة النفس؟ وسمعت الباب يفتح بهدوء:
" رافاييل؟ هل هذا أنت , يا رافاييل؟".
أضاء النور في الغرفة وسألها باسما , فيما كان يرمي علبة على الكنبة :
"وهل كنت تتوقعين غيري , يا حبيبتي ؟".
ركضت نحوه وألقت بنفسها بين ذراعيه , وبعد أن هدأت قليلا , سألته متمتمة:
" ولكن لماذا... لماذا ذهبت؟ لماذا تركتني ؟ كنت خائفة وقلقةعليك!".
" أليس هذا ما كنت أشعر به أنا منذ اللحظة التي شاهدتك فيها ؟ أظن أنك تريدين عودتي , أليس كذلك؟".
" أوه , نعم , نعم! أوه , رافاييل , أنني أحبك ......... أحبك! ".
" وهل تقبلين الزواج مني ؟".
" في أي وقت تريد , لماذا ذهبت وتركتني ؟ لتعلمني درسا لا أنساه؟".
" ألى حد ما , ولكي أحضر لك أيضا هذه العلبة , أنها ثيابك الموجودة في سيارتي منذ رحلتنا المشهورة ألى البحيرة".
" ولكن , لماذا تأخرت؟ أين ستقيم؟".
" لدى أحد أقربائي هنا , دعاني للأقامة معه , وقبلت ذلك شاكرا , لم أتوقع الحصول على مثل هذه الموافقة السريعة , كنت أظن .... لا يهم!".
" ماذا كنت تظن؟".
" لا بد لي من الأعتراف بأنني توقعت وجود صهرك هنا , توقعت أنه لا بد من .... أقناعك بتركه !".
" رافاييل!".
هز كتفيه أعتذارا وقال :
" هذا لا يهم بعد الآن! كنت هنا ..... وكنت, كالعادة , جميلة , وجذابة , ذهبت ألى شقة قريبي ولكنني لم أكن مرتاحا , وعدت نفسي بالعودة غدا , ولكنني لم أتمكن من البقاء هناك حتى الصباح , يجب أن أعرف الليلة ".
" الآن؟ الآن؟".
" الأمر متروك لك , يمكنا العودة ألى المكسيك في أسرع وقت ممكن سوف نتزوج هناك في كنيسة الوادي الصغيرة .... وبمباركة الأب دومنكو نفسه , ومن المؤكد أن صهرك ولوسي مدعوان على الرحب والسعة لحضور حفلة الزفاف , وبالطبع , سوف أهتم بتذاكر السفر وكافة النفقات".
نظرت أليه بشغف وهيام قائلة:
" رافاييل , رافاييل! أنك لا تدري مدى السعادة التي منحتني أياها".
ضمها بقوة ألى صدره وسألها بحرارة :
" وأنت , يا حبيبتي؟ ألا تريدين أسعادي؟".
" هذا ما أريده وأطمح أليه".
ولكن رافاييل ظل ممسكا بها بعض الوقت ثم أبعدها عنه برفق قائلا:
" سوف ننتظر , أذهبي الآن ألى سريرك , يا حبيبتي! أذهبي قبل أن أغير رأيي لأسباب أنانية!".
بعد أربعة أسابيع , تزوج رافاييل وميراندا في تلك الكنيسة الصغيرة , حضر الأحتفال جميع القرويين , بالأضافة ألى أفراد عائلة كويراس وأقربائهم , كانت ميراندا ترتدي الفستان الأبيض ذاته الذي أرتدته السيدة أيزابيلا يوم عرسها.
وتولى بوب تقديم العروس ألى عريسها , فيما كانت لوسي أشبينة العروس ووصيفتها , حتى خوان بدا سعيدا للغاية بوظيفته الجديدة كمدير للممتلكات , وبالمنزل الجديد الذي يبنيه على بعد بضع مئات من الأمتار عن القصر , وتقرر أن تسكن معه أمه وشقيقتاه , ولاحظت ميراندا أن فالنتينا عادت ألى الواجهة , ومن المؤكد أن أمها سوف تقنعه قريبا بتجديد الخطوبة ......وبالزواج فور ذلك.
بالنسبة أليها , كان رافاييل كل ما تحتاجه وتريده , لم تكن مهتمة أين يسكنان , فالقصر افسيح والبيت الحجري الصغير لا يختلفان كثيرا..... طالما أنه معها.
توجها بعد ظهر ذلك اليوم ألى أكابولكو حيث أستأجر فيللا فخمة لتمضية شهر العسل .
أستيقظت صباح اليوم التالي لتجده مستلقيا قربها , يراقبها بمحبة وسعادة فيما علت وجهه أبتسامة لطيفة , تمددت أمامه بأرتياح ثم سألته بغنج ودلال :
" ما رأيك , أيها الحبيب ؟".
طوقها بذراعيه القويتين , ثم وضع رأسه على صدرها وتمتم بشغف :
" أوه , ميراندا, ميراندا! أنك رائعة! ولا بأس في أن يصفني البعض بأنني من الطراز القديم , فقد شعرت بسعادة فائقة عندما تبين لي..... أنني أول رجل في حياتك , أنني أحبك ألى الأبد".
" أنت الأول والأخير أيها الغالي".


تمت

شموع الظلام 23-10-10 12:12 AM

يعطيك الف عافيه على مجهووووودك ياقلبي ...
:friends::flowers2:

ألوان 23-10-10 06:05 AM

الف شكر على المجهود

dalia cool 23-10-10 10:31 AM

شكرا حبيبتي امل الرواية روووووعة يعطيكي الف عافية يا قمر

نجمة33 23-10-10 03:44 PM

الف شكر على المجهود

اماريج 23-10-10 06:55 PM

يعطيك العافية حبيبتي
الرواية هذه من احب الروايات الى قلبي
مشكورة كتيرررررر لانك شاركتينا فيها يالغلا
تسلم اناملك الحلوة
:flowers2:
لك ودي
http://www.liillas.com/up3//uploads/...ee1d3ac0af.gif

Rehana 23-10-10 07:16 PM

يعطيك العافية امولة على الاختيارات الحلوة وعلى جهدك المميز

http://rlv.zcache.com/thank_you_so_v...77qjcl_400.jpg

زهورحسين 23-10-10 11:35 PM

:55:يعطيك :55:الف:55:الف:55:عافية:55:

101 White Angel 24-10-10 03:24 AM

سلمت الايااااااااااااااااادي
الرواية رائعة:55:

أحاااسيس مجنووونة 25-10-10 03:07 AM

يعطيك الف عافية

الرواية كتير كتير حلوة


:flowers2::flowers2::flowers2:

lomboks 26-10-10 05:03 AM

مشكوووووووووووووووووووورة يا احلى فراولة:0041::0041::0041::0041:

الماس الشام 26-10-10 12:17 PM

الله يعطيك العافية على المجهود الرائع

اتمنى لك الابداع المتواصل


لك حبي واحترامي

الكبرياء الجريح 26-10-10 12:38 PM

رويه جميله جدا استمتعت بقرائتها كل الشكر لك عزيتزتي

(غموض) 27-10-10 11:05 AM

تسلم الأيادي على الرواية الجميلة

تمنياتي لك بالتوفيق

hoob 29-10-10 05:57 PM

شكرا الروايه كتير حلوة شكرا مرة تانيه فرولايه

ليلى3 29-12-10 08:19 PM

رواية رائعة وتستحق المتابعة
لك الفففففففففففف شكر

طيف السما 19-01-11 10:52 AM

شكراااااااااااااااااااااااااااا

Themon 22-01-11 08:43 PM

شكرا على المجهود

قماري طيبة 06-02-11 07:44 PM

رواية قمة في الروعة سلمت يداك عليها

هدىgb 11-02-11 03:52 AM

روعه الروايه تسلم ايدك

ويعطيك الف عافيه

زهرة منسية 11-02-11 02:03 PM

يسلموا ايديكى نيو فراوله الروايه حلوه كتييييييييييييييييييييييييييييييييير

شاهد 13-02-11 07:53 PM

يسلموووووووووووووووووووووووووووووووووووووووا رووووووووووووووووووووووعة

فجر الكون 24-02-11 06:12 PM

رووووووعـــــه
يسلمو على المجهود الرائع ,,,

نجلاء عبد الوهاب 25-02-11 07:02 PM

رواية جميلة :dancingmonkeyff8:

maida7 04-03-11 12:04 AM

الرواية حلوة مابها شي تسلم ايديكي

الجبل الاخضر 06-03-11 10:30 AM

:dancingmonkeyff8:واااااااا:party0033:ااااااوو:mo2:وواااا:lo l:ااوو:party0033:ووو :toot:حماسس:party0033:سسسس:dancingmonkeyff8:سسس:7_5_129:سس :flowers2::8_4_134:صراحه :friends:روعه

:7_5_129::55::55:برافو :55::55:برافو :55::55:برافو :55::55:ت:flowers2:سلمين :flowers2:وشكرا :Welcome Pills4:لمجهودك ونتظر جديدك:8_4_134:

سومه كاتمة الاسرار 17-07-11 02:57 AM

روووووووووووووووووعه لا تفيها حقها
:8_4_134:

نائلية 18-07-11 11:34 PM

سلمت ايدك ودمتي سالمة

nounoucat 16-09-11 01:25 PM

شكرا يعطيك الف عافية
الرواية روووووعة

ندى ندى 18-09-11 06:03 PM

روووووووووووووووووووووووووعه

roro75 19-09-11 10:23 PM

تسلم الايادي يعطيكي الف عافية

نجلاء تفاؤل 21-09-11 11:16 AM

روووووووووووووووووعة نيو فراولةشكر كثير كثير . سلمت يداك

فرحــــــــــة 11-07-16 06:16 AM

رد: 85 - عنيد - آن ميثر - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
غاليتى
نيو فراولة
قصة جميلة بنهاية راااااااائعة
سلمت يداكى على الاختيار الموفق
دمتى بكل الخير
فيض ودى

هتونا 19-06-22 03:22 AM

رد: 85 - عنيد - آن ميثر - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
حلوة اوي احلا تحية واحلا شكر

نجلاء عبد الوهاب 05-12-22 08:15 PM

رد: 85 - عنيد - آن ميثر - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
:ma1::ma1::ma1::ma1::ma1::ma1::ma1::ma1::ma1::ma1::ma1::cong rats::congrats::congrats::real_madrid3::real_madrid3::real_m adrid3::real_madrid3::real_madrid3::real_madrid3:

Moubel 01-01-23 04:27 PM

رد: 85 - عنيد - آن ميثر - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
واو رواية جميلة فعلا


الساعة الآن 07:34 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية