منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات أونلاين و مقالات الكتاب (https://www.liilas.com/vb3/f743/)
-   -   (رواية) ذاكرة الغد للد. نبيل فاروق (كاملة) (https://www.liilas.com/vb3/t148541.html)

عهد Amsdsei 16-09-10 12:02 PM

ذاكرة الغد للد. نبيل فاروق (كاملة)
 
السلام عليكم
هذه قصة بعنوان ذاكرة الغد للدكتور نبيل فاروق وهي عبارة عن فصلين لحد الآن و سوف يتم زيادة أي فصل قادم إن شاء الله
كنت أتمنى عرضها على المنتدى و لكن و اجهتني
بعض المشاكل مع الصور
ولكني أقدمها لكم هنا وعند الإستطاعة سوف أقدمها أمام الجميع
بدون كلام كثير إليك القصة
ذاكرة الغد(1) ... رؤيا
ذاكرة الغد(2) ... صدمة
أتمنى أن تستمتعوا

و الآن القصة كــــــــــــــــــــــاملة مجمعة
20 فصل مع بعض


شكرا
:7_5_129: عهد :7_5_129:

مس تومي 16-09-10 12:50 PM

شاكرة حقا مجهودك
فأنا من محبى د/نبيل فاروق

عهد Amsdsei 16-09-10 02:56 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ranmagdy (المشاركة 2445539)
شاكرة حقا مجهودك
فأنا من محبى د/نبيل فاروق

السلام عليكم

العفو يا ranmagdy ده من واجبنا

شكرا على مرورك و ردّك الجميل
" لقد عجبني توقيعك جدا "
طبعا الدكتور نبيل فاروق حبيب الكل وكلنا نعشق قصصه
تابعينا في بقية الأجزاء
شكرا لك
:7_5_129: عهد :7_5_129:



awad200 17-09-10 11:57 AM

الف شكر على مجهودك ياعهد

متابع معاكى إن شاء الله

عهد Amsdsei 17-09-10 03:23 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة awad200 (المشاركة 2446331)
الف شكر على مجهودك ياعهد

متابع معاكى إن شاء الله

السلام عليكم
شكرا لك يا عوض
إن شاء الله الفصول القادمة سوف تعرض بعد نزولها مباشرة
شكرا لك على مرورك
:7_5_129:عهد:7_5_129:

عهد Amsdsei 19-09-10 09:39 AM

السلام عليكم

هذا هو الفصل الأول من القصة أنا آسف إذا كانت الصور لم تظهر
**********************************************
ذاكرة الغد (1).. رؤيا


د. نبيل فاروق اّكشن

كل شيء كان يسير كالمعتاد..

السيارات تنطلق بسرعة صاروخية، عبر طرقات واسعة طويلة..

المارة كلهم يسيرون داخل تلك الأنابيب الكبيرة الشفافة، مكيّفة الهواء.. الأطفال يلعبون في حدائق واسعة مغطّاة بقُبّة زجاجية كبيرة، تقيهم تلوَّث الهواء، ولا تمنع عنهم أشعة الشمس الدافئة، التي يخفَّف مِن شدّتها لون الزجاج نصف الداكن، وتلك المادة في تركيبه، والتي تمتصّ الأشعة فوق البنفسجية، وتمنع مرورها، وتعكس في الوقت ذاته الأشعة دون الحمراء..







البيوت متراصة على نحو جمالي متناسق، ولا يزيد ارتفاع كل منها على خمس طوابق على الأكثر..

وفي هدوء، وقف هو يتطلَّع إلى كل هذا، وهو يرتدي رباطي عنقه، اللذيْن يتميّزان بلونيهما المعكوسين، كومضة زمنه، و..

وفجأة، ظهرت تلك السيارة الصاروخية من بعيد..

كانت تتجاوز كل ما أمامها من سيارات في سرعة جنونية، غير مألوفة في هذا الزمن، وصفارات التحذير والإنذار تنطلق من كل خط مروري تعبره، دون أية استجابة من ناحيتها..

لم يكن هذا مألوفاً في عصره؛ ولكن ذلك الشعور الذي راوده، لم يكن يرتبط بأية عصور..

لقد تفجَّر في أعماقه لمرآها شعور عجيب..
شعور بالخوف..
والفزع..
والانزعاج..

شعور جعله يريد أن يركض..
ويركض..
ويركض..

ولكن ساقيْه لم تسمحا له بهذا..
كانتا ثقيلتين..
جامدتين..

باردتين..

ولقد غيرَّت تلك السيارة مسارها ؛ لتنطلق نحوه مباشرة..

واتسعت عيناه عن آخرهما..
وبلغ فزعه مبلغه..
وأراد أن يصرخ..
ويصرخ..
ويصرخ..

ولكن تلك السيارة زادت من سرعتها، وانقضّت عليه مباشرة، و..

انتفض (حاتم) انتفاضة قوية، وهبَّ جالساً على طرف فراشه، وهو يلهث في شدّة، وشلّال من العرق البارد يسيل على وجهه، وتثاءبت زوجته (لميس)، وهي تنهض بدورها، متسائلة، في لهجة من اعتادت الأمر:

- أهو ذلك الكابوس مرة أخرى؟!..

أومأ برأسه إيجاباً، وهو يلتقط كوب ماء من جواره، في محاولة لتهدئة لهاثه العنيف، واعتدلت هي تمسح وجهها في إرهاق، وهي تقول في صوت، لم يفارقه نُعاسه بعد:

- وأيضاً في ذلك العالم العجيب.

هزَّ رأسه، وهو ينهض من الفراش، قائلاً:

- ليس عالماً عجيباً.. إنه المستقبل.

التفتت إليه في بطء، وهي تسأله في مزيج مدهش، من الصرامة والاستنكار:

- أي مستقبل؟!..

أجاب في بساطة، وكأنه يُقرّ حقيقة واقعة:

- مستقبلنا.

هزَّت رأسها في استنكار ساخر، وهي تُكرّر إجابته:

- مستقبلنا!!

ثم حمل صوتها صرامة شبه غاضبة، وهي تضيف مستنكرة:

- هل تتصور أن (مصر)، وحتى بعد ألف عام، يمكن أن تُصبح على تلك الصورة، التي تراها في كابوسك.. جميلة.. نظيفة.. منظمة؟!

سألها، وهو يجلس على مقعد مجاور للنافذة:

- ولم لا؟!..






كررت إجابته مرة أخرى، ولكن في لهجة شديدة الاستنكار، وبصوت مرتفع غاضب:

- لم لا؟!.. ألا ترى ما يدور حولك، أم أنك تقيم في عالم آخر؟!.. ألا تمرّ بأناس مكتئبين، وتعاني من فوضى مرورية، ومن الفساد الذي صار سمة من سمات البلد، والمحسوبية التي صارت السبيل الوحيد للحصول على ما يُفترض أنه حق لكل مواطن؟!..

رفع كفه يدعوها للكف عن حديثها، وقال، وقد تملّك نفسه إلى حد ما:
- لا داعي لتكرار هذه الأسطوانة يومياً.

قالت في حدة:

- لو أنك مللت سماعها؛ فقد مللتُ أنا ترديدها أكثر.

زفر في توتر، واتجه نحو دولابه، وأخرج ملابسه، وهي تتابعه بعينيها في عصبية، قبل أن تقول، في لهجة لم تفارقها حدتها بعد:
- الساعة لا تزال الخامسة والنصف صباحاً.
أجابها، محاولاً السيطرة على أعصابه:

- سأقوم بالتمشية قليلاً، قبل الذهاب إلى العمل.

قالت في سخرية محتدة:

- التمشية؟!.. أين؟!.. في الشوارع التي أغرقتها مياه أمطار الأمس، أم على الأرصفة، التي يندر أن تجد بها نصف متر خالياً، أو سليماً؟!..

التفت إليها بنظرة صامتة، وراح يرتدي ثيابه، متحاشياً الدخول معها في منازلة كلامية؛ إلا أنها لم تصمت، وإنما قالت في توتر:

- مازلت أنصحك باستشارة خبير نفسي.
قالت، وقد عاودتها حِدّتها:

- هذا لو أنها كوابيس؛ ولكنه مجرد كابوس واحد، يتكرر طوال الوقت، وربما يعبّر عن شيء ما في أعماقك.

راح يرتدي ثيابه في سرعة، مغمغماً:

- سأفكّر في الأمر.
واصلت، وكأنها لم تسمعه:

- شقيقتي (ماهيتاب) أعطتني رقم تليفون عيادة طبيب نفسي معروف.. حاول الاتصال به.. ربما.

أومأ برأسه في آلية، ومد يده يلتقط الورقة من يدها، ويدسهّا في جيبه، وهو يقول:

- ولكنه كابوس يبدو شديد الوضوح، وكأنني عشته من قبل بالفعل.

أطلقت ضحكة عصبية قصيرة، وقالت:
- ألم تنتبه إلى ذلك التناقض في حديثك؟!.. تقول: إنك تسقط في كابوس مستقبلي، ثم تشير إلى أنك قد عشته من قبل !!!..

ثم نهضت من الفراش، مضيفة:

- لا أحد يعيش المستقبل؛ لأنه ببساطة، لم يحدث بعد.
قال في لهجة تشف عن حيرته الطبيعية:
- لماذا إذن يبدو كل شيء واضحاً، كما أنه ذكرى قديمة؟
هتفت مستنكرة:
- ذكرى؟!.. من الغد؟!.. ألم تر كيف يزداد تناقصك مع الوقت.. الذكريات تأتي مما عشناه، وليس مما نعايشه بعد.
انعقد حاجباه، وهو يقول في ضيق:
- كان مجرَّد مصطلح؛ لتوضيح ما أعنيه.
قالت، وهي تسير في خطوات عصبية نحو الحمام:
- مصطلح جانَبَه الصواب.
زفر مرة أخرى، وغمغم، وهو يتجه نحو الباب:

- أنت على حق.

غادر المنزل، هارباً من ذلك الجدل الصباحي، ووقف أمام الباب لحظات في حيرة..
أين يمكن أن يذهب، في هذه الساعة المبكَّرة؟!... ضوء النهار بالكاد يتسللَّ إلى الطرقات، وعمله يبدأ في التاسعة، وعقارب الساعة لم تعلن السادسة بعد!!..

وقف لحظات متوتراً، ثم ألقى على ساعة يده نظرة، وكأنما يتمنى أن تسرع عقاربها في سيرها، ثم غمغم:
- لا بأس من تمشية صباحية بالفعل.

هبط درجات السلم، وتوقَّف لالتقاط صحيفة اليوم، الذي اعتاد عم (محمد) تركها بعد صلاة الفجر، وألقى نظرة سريعة على عناوينها الرئيسية، وهو يواصل الهبوط درجات السلم، ومرَّ بنظرة عابرة على التاريخ في أعلى الصفحة الأولى..
تاريخ الثالث من ديسمبر..

قرأ رقم العامِ، ثم انعقد حاجباه في شدة..

لماذا يبدو له هذا التاريخ مألوفاً؟!..

لماذا؟!..

عاد يقرأ التاريخ كله، ثم طوى الصحيفة، ووضعها تحت إبطه، وهو يغادر المنزل إلى سيارته الصغيرة..
ما الذي يعنيه الثالث من ديسمبر؟!..

أو ما الذي يمكن أن يعنيه؟!..

أي شيء سيحدث اليوم؟!..


مضى في تساؤلاته لحظات، ثم لم يلبث أن هزَّ رأسه في قوة، وقال لنفسه في حدة:

- يبدو أنك تحتاج بالفعل إلى طبيب نفسي.

هزَّ رأسه مرة أخرى، واستقلّ سيارته؛ ليقودها إلى تلك الحديقة الكبيرة، المجاورة لمقرّ عمله، وأدار الراديو، وراح يستمع إلى بعض الموسيقى الهادئة، و..

وفجأة قطع المذيع الإرسال، ليذيع خبراً عاجلاً..

واتسعت عينا (حاتم) في ذهول، وهو يسمع الخبر..
لقد كان الثالث من ديسمبر يعني شيئاً بالفعل..

وليته ما عناه..

ليته..
يتبع
:7_5_129:عهد :7_5_129:




عهد Amsdsei 19-09-10 09:49 AM

السلام عليكم
هذا هو الفصل الثاني من ذاكرة الغد
********************************************

ذاكرة الغد (2).. الصدمة




" لماذا عُدت بهذه السرعة؟!..."




هتفت زوجة (حاتم) بالعبارة في دهشة، عندما فوجئت به يعود إلى المنزل، بعد أقل من نصف الساعة من خروجه، وأدهشتها أكثر علامات الانفعال الشديد على وجهه، وذلك اللهاث العنيف، الذي يكاد يلتهم أنفاسه، والارتجافة العجيبة، التي شملت جسده كله، فاستطردت في فزع، وهي تحدِّق في وجهه الممتقع:



- هل أصابك حادث ما؟!..



ألقى جسده على مقعد قريب، وراح يلوّح بذراعيه لحظات، قبل أن يجيب بأنفاس لاهثة مبهورة:


- لقد رأيته... رأيت ذلك الحادث من قبل.


ارتجف قلبها بين ضلوعها، وهي تضرب صدرها بكفها، هاتفة:


- الحادث؟!... أي حادث.


عاد يلوّح بذراعيه لحظات، قبل أن يهتف:


- حادث القطار..


لم تفهم الكلمة، فرددت في دهشة، تمتزج بالحيرة:



- أي قطار؟!... منزلنا بعيد للغاية عن محطة القطارات.


هتف بنفس الأنفاس اللاهثة:


- قطار الصعيد... لقد انفجرت قاطرته، فخرج عن القضبان، وانقلب، واحترق بالكامل.. الضحايا بالمئات.


ثم أخفى وجهه بين كفيه، وبدا وكأنه يبكي، وهو يضيف:


- مئات النساء والأطفال.


لطمت صدرها مرة أخرى، وامتقع وجهها، وهي تقول في لوعة مذعورة:


- يا إلهي !.. وكيف هذا؟!.


بدا لحظات وكأنه ينتحب، ثم رفع رأسه إليها فجأة، وهو يقول في انفعال:


- لقد رأيته.


تراجعتْ بحركة حادة، متسائلة:


- رأيت ماذا؟!..


عاد يلوّح بذراعيه في انفعال عجيب، وهو يجيب:


- ذلك القطار.. رأيت الحادث قبل أن يقع.. إنني أعرف حتى كيف وأين وقع..


حدقت فيه بدهشة متوترة، ورأت عينيه تتسعان، وهو يكمل، وعيناه تحدّقان في الفراغ، وصوته يكتسب رنة فزع:


- رأيت حتى ما لم تذكره وسائل الإعلام.


تراجعت مواصلة التحديق فيه، وهي تسأله في توتر شديد:


- (حاتم).. أأنت بخير..


لم يبدُ حتى أنه قد سمعها، وهو يتابع كالمأخوذ:


- أعرف عدد الضحايا.. والتعويضات التي سيحصل عليها ذووهم.. بل إنني أعرف.. أعرف..


ردد الكلمة الأخيرة عدة مرات، قبل أن تتسع عيناه عن آخرهما، على نحو عجيب، ويشملهما ذعر شديد، ثم يلتفت إليها، مكملاً في خفوت ملؤه الانفعال:


- أعرف سبب الحادث.


قالت في حذر قلق:


- قلت.. إن القاطرة قد انفجرت.


هتف فجأة، وهو يرفع سبابته أمام وجهه:


- ليس تلقائياً.


تراجعت في حدة مذعورة، واتسعت عيناها في ذعر، وهي تحدق فيه، قبل أن تسرع إلى الهاتف، قائلة بكل توتر الدنيا:


- سأستدعي طبيبك.


اندفع نحوها، وأمسك معصمها، قبل أن ترفع سماعة الهاتف، وقال في لهجة عجيبة، وكأنه قد أصيب بجنون فِعلي:


- ليس الطبيب.


حاولت أن تُفلت معصمها في ذعر، وهي تهتف به:



- حاتم.




مال نحوها، يقول في صرامة أخافتها:



- بل الشرطة.


انتفض جسدها في ذعر، وهي تردد:



- الشرطة.



بدت عيناه عجيبتين، وهو يقول، وقد عاد يحدّق في الفراغ.


- بالتأكيد.. فما حدث لقطار الصعيد ليس مجرد حادث قَدَري.


وانتفض جسدها مرة أخرى، وهو يضيف بصوت عجيب:


- إنها جريمة مدبّرة.. جريمة قتل.




عاد جسدها ينتفض..
وينتفض..
وينتفض..







* * *


انعقد حاجبا ضابط الشرطة في شيء من الغضب، وهو يميل بكيانه كله نحو (حاتم)، قائلاً في حدة:



- رأيت ماذا يا أستاذ؟!..



أجابه (حاتم) في انفعال:



- رأيت الحادث كله.. لقد زرعوا قنبلة أسفل المقطورة، عند مؤخرتها بالتحديد، وأخرى أسفل القضبان، على مسافة ستة كيلو مترات من مدينة (قنا)، وتمّ تفجير القنبلتين بواسطة جهاز تحكُّم عن بُعد، وكل هذا لأن..



قاطعه الضابط بصرخة غاضبة:



- هل فررت من مستشفى للمجاذيب أم ماذا؟!..


تراجع (حاتم) كالمصدوم، وهو يردّد في ذهول:


- مستشفى ماذا؟!..



التفت الضابط الغاضب إلى أمين الشرطة، وهتف به:



- احتجز هذا المختلّ، حتى نتحرى أمره.


تراجع (حاتم) في صدمة أعنف، وهو يهتف في غضب ذاهل:


- يحتجزني؟!.. وبأية تهمة؟!.. لقد أتيت لأبلغكم بما حدث!.. أهكذا تتعاملون مع المواطنين؟!..


صاح فيه الضابط في حدة:



- تُبلغنا بماذا أيها المختلّ؟!.. لقد صدر بيان رسمي بشأن الحادث، منذ عدة دقائق.. إنه خطأ السائق، الذي لقي نحبه في الحادث.. زاد من السرعة، و...



قاطعه (حاتم)، وجسده كله ينتفض انفعالاً:



- أنت كاذب.


توتر الموقف كله، فور نطقه العبارة، واتسعت العيون كلها، غير مصدقة أن مواطناً عادياً يجرؤ على الهتاف بها، في وجه ضابط شرطة، في بلد يسيطر فيه الفكر الأمني على حرية المواطن وحقوق الإنسان نفسها، وانعقد حاجبا الضابط المصدوم في غضب شرس، وتحرك المخبرون وأمناء الشرطة نحو (حاتم)، وعيونهم مع قبضاتهم المضمومة تحمل نية التنكيل به؛ فتراجع هو في عصبية، هاتفاً:


- ليس هذا ما حدث.


صرخ فيه الضابط الغاضب، وهو يندفع نحوه، ملوّحاً بقبضته:


- إنه بيان الحكومة الرسمي.. هل تجرؤ على تكذيب بيان رسمي، أيها الـ...


" كفى.."..



انطلق الأمر فجأة بمنتهى الصرامة، من ناحية السلم، فتوقّف الكل دفعة واحدة، وكأنما ارتطم الأمر برءوسهم مباشرة، وتراجع المخبرون وأمناء الشرطة، وبدا عليهم كلهم اضطراب واضح؛ في حين خفض الضابط قبضته، وبدا أشبه بتلميذ مشاغب، ضبطه مدير المدرسة متلبساً، وقال في اضطراب، لم تفارقه عصبية بعد:


- إنه يسخر من بيان الحكومة يا (رشدي) بك.


التفت (حاتم) في دهشة وتوتّر، إلى شخص وقور، قوي البنية والملامح والنظرات، خَطّ فوقه الشيب؛ على الرغم من أن ملامحه توحي بأنه بالكاد في منتصف الثلاثينات من عمره، يهبط الدرجات الأخيرة من سلم الطابق الثاني، وهو يقول في صرامة غاضبة:


- أهذه جريمة؟!..


اضطرب الضابط أكثر، وهو يقول مكرراً في خفوت:


- لقد سخر من بيان الحكومة.


وصمت لحظة، ثم اندفع قائلاً في غضب:


- ونعتني بالكذب.



شدّ الوقور قامته، وهو يقول في صرامة أكثر:



- هذه أيضاً ليست جريمة.



احتقن وجه الضابط في غضب، والتفت بنظرة حادة إلى (حاتم)، وكأنه يلومه على ما يحدث، ولكن (حاتم) لم ينتبه إلى هذا، وهو يسأل الوقور في دهشة مبهورة:


- من أنت؟!..


هتف الضابط في حدة:


- أرأيت يا (رشدي) بك!


التفت إليه (رشدي) هذا بنظرة قاسية، وهو يقول في بطء، في لهجة أشبه بلهجة من يلقّن غيره درساً:


- أنت إذن تفترض أننا آلهة، ينبغي للكل أن يعرفنا، ومن العار أن يسألنا أي مواطن عن هوياتنا ومن نكون!..


ارتبك الضابط، وهو يقول:


- ليس هذا يا (رشدي) بك، ولكن..



قاطعه (رشدي)، وهو يلتفت إلى (حاتم) ويمدّ يده إليه، قائلاً في هدوء، يحمل نبرة مودّة واضحة:



- المقدم (رشدي عبد الهادي)... أمن الدولة.



وعلى الرغم من أن العبارة تمثل لدى الغالبية العظمى من الشعب، كل الخوف والقهر؛ فقد شَعَر (حاتم) بارتياح لم يفهمه، وهو يمدّ يده إليه بدوره، قائلاً:



- (حاتم مبارك).. مهندس و..


امتقع وجه ضابط الشرطة، وتراجع المخبرون وأمناء الشرطة في ذعر؛ في حين هتف الضابط في صوت مختنق:


- (حاتم) من؟!..


أشار (حاتم) بيده، قائلاً:


- لست أمتّ إليه بأية صلة.. إنه تشابه أسماء فحسب.


تنفّس الجميع الصعداء على نحو ملحوظ، فرمقهم (رشدي) بنظرة استياء، ثم التفت إلى (حاتم) مبتسماً، وهو يقول:


- لو أنك تمتّ إليه، ولو حتى بصلة قديمة، لغسلوا قدميك بماء الورد، قبل أن يرسلوا موكباً لحراستك، حتى باب منزلك.



هزّ (حاتم) كتفيه، دون أن يجيب، وابتسم ابتسامة شاحبة؛ فمال المقدم (رشدي) نحوه، وقال في صوت خافت:



- كنت أعلم أنك ستأتي.



وانتفض جسد (حاتم) في عنف..


فقد كانت مفاجأة..


حقيقية


يتبع


:7_5_129:عهد :7_5_129:

awad200 19-09-10 11:35 AM

جزئين أجمل من بعض والفضول عندى عالى جدا الوقتى ياريت ماتتأخريش علينا بباقى الأجزاء ياعهد

شكرا على المجهود الرائع ده

عهد Amsdsei 19-09-10 12:49 PM

السلام عليكم
شكرا جدا جدا على ردّك ده يا عوض
أنا نفسي أعرض القصة كلها أنا متشوّقة جدا ليها
بس أنا مرتبطة بموعد إنزال الدكتور نبيل للفصل القادم
يعني هو بينزل كل فترة فصل زي الي حصل مع كائنات و أعداد النت الأخرى
بس أوعدك أول ما ينزل الفصل القادم إني أنزله فورا
و شكرا لك

amedo_dolaviga 21-09-10 03:49 PM

شكراً يا عهد على القصة الجديدة وبانتظار باقي الأجزاء بفارغ الصبر
وشكراً على مجهودك في نقل القصة

عهد Amsdsei 21-09-10 09:56 PM

السلام عليكم
شكرا جزيلا يا أميدو على كلامك وده من واجبنا
القصة جميلة بالفعل و بدايتها مشوقة أتمنى من الدكتور ينزّل
باقي الفصول بسرعة عشان أعرضها عليكم
شكرا لك مرة أخرى
:7_5_129:عهد:7_5_129:

عهد Amsdsei 23-09-10 09:30 AM

السلام عليكم
أقدم لكم الفصل الثالث من رواية الدكتور نبيل التي بإسم ذاكرة الغد
هذه هي وصلة تحميل الرواية
ذاكرة الغد(3) ... جنون
في المرة القادمة سوف أقوم بعرض الرواية
شكرا لكم

عهد Amsdsei 23-09-10 09:36 AM

السلام عليكم
إليكم الفصل الثالث من ذاكرة الغد......... جنون
معذرة على الصور معرفتش أعملها لو ممكن حد يقول لي بعد كده تمام
*****************************************************
ذاكرة الغد (3).. جنــون
لهثت زوجة (حاتم) على نحو ملحوظ، وبدت زائغة العينين، أشبه بمن عانى صدمة عنيفة، وهي تقول لأمها، التي تحدَّق فيها مذعورة:

- إنه مجنون.. أنا واثقة من هذا.حاولت أمها تهدئتها، وهي تربِت عليها بيد مرتجفة، قائلة:

- تمالكي أعصابك، واروي لي ما حدث.لوّحت الزوجة بيديها، في عصبية بالغة، وهي تُجيب:

- يزعم أنه يستطيع معرفة ما سيحدث.. وفي كل مرة يسمع فيها خبراً ما، يؤكّد أنه كان يعرفه من قبل.اتسعت عينا أمها، وهي تغمغم في صوت مبحوح:


- حقاً؟!..

هزّت الزوجة رأسها في قوة، قائلة
:

- كنت أحتمله في البداية، متصوّرة أنه توتر عصبي، من إجهاد العمل، فقد مروا في شركته بفترة عصيبة، إثر الأزمة الاقتصادية الماضية، ورأيت أنه من واجبي كزوجة أن أحتمله، حتى تمرّ الأزمة، وينصلح الأمر، إلا أنه تمادى، إلى حد أعجز عن احتماله
.

سألتها أمها في جزع
:

- هل أساء إليك؟
!..

هتفت في عصبية
:

- ليس بدنياً، ولكن
..

لم تتم عبارتها
..

بل ولم تحاول حتى هذا
..

لقد عادت تهزّ رأسها في قوة، وكأنها تحاول أن تنفض الأمر كله، ثم نهضت بحركة حادة، أفزعت أمها، وراحت تدور في المكان، في عصبية بالغة، قائلة
:

- مع حادث القطار هذا الصباح، تحوّلت حالته إلى جنون حقيقي.. إنه يصرّ على أنه ليس مجرّد حادث، بل جريمة قتل
.

شهقت أمها، هاتفة في ذعر
:

- قُتل.. يا ستّار
!

أكملت الزوجة، وكأنها لم تسمعها
:

- بل جريمة اغتيال سياسي
.

أطلقت الأم شهقة أكبر، ونهضت من مقعدها، تضرب صدرها براحتها، هاتفة
:

- الرحمة يا إلهي
!..

التفتت إليها الزوجة، وهي تُكمل في عصبية
:

- على الرغم من البيان الحكومي الرسمي، يؤكّد في هستيريا أنها جريمة اغتيال مدبّرة؛ لافتعال حادث قطار، يودي بحياة زعيم سياسي معارض، قُبَيل الانتخابات الرئاسية القادمة
.

ارتجف جسد الأم، من قمة رأسها، وحتى أخمص قدميها، وهي تقول
:

- لقد جُنّ.. من المؤكد أنه جُنّ
.

مالت الزوجة نحوها، وبدت عيناها زائغتين، وهي تقول
:

- ولم يكتف هذه المرة بهستيريته
.

بدا صوت أمها منفعلاً مبحوحاً، وهي تقول
:

- ماذا فعل أيضاً؟
!..

اتسعت عينا الزوجة، وهي تجيب، وكل حرف من كلماتها يرتجف على شفتيها
:

- ذهب لإبلاغ الشرطة
.

انتفض جسد الأم في عنف، من ذهول الصدمة، ونافست عيناها عيني ابنتها في اتساعهما، وكل منهما تحدّق في وجه الأخرى ذاهلة، قبل أن ينتفض جسد الأم مرة أخرى، هاتفة بكل الانفعال
:

- الطلاق.. ليس هناك من حل سوى الطلاق
.

تراجعت الزوجة في بطء، وبدا على ملامحها أن ذلك الحل لم يدُر بخلدها قط؛ على الرغم من كل ما حدث، ورددّت في بطء مذعور مستنكر
:

- الطلاق؟
!

هتفت أمها
:

- لا يوجد حل سوى هذا.. جنونه ليس من النوع الشخصي، الذي يمكن احتماله، أو حتى السعي لعلاجه.. إنه جنون شديد الخطورة، سيورّطه، وربما يورّطك معه، في مشاكل سياسية وأمنية، نحن في غنى عنها
.

على الرغم من تحديق ابنتها فيها، بعينين شديدتي الاتساع، بدا وكأنها لم تسمع حرفاً واحداً من عباراتها الأخيرة، وهي تردّد في خفوت
:

- الطلاق؟
!

سألتها أمها في عصبية
:

- ألديك حلّ آخر؟
!

مرة أخرى، حدّقت فيها الزوجة، بعينين زائغتين ذاهلتين، ولم تنطق بحرف واحد
..
أي حرف
..
على الإطلاق
..
* * *
" خبرتي علّمتني أن الصمت نوع من الاعتراف.."

حدّق (حاتم) في ضابط أمن الدولة أمامه في حيرة، وأدهشته ابتسامته الهادئة الواثقة، التي لا تتفق مع عبارته؛ فسأله في شيء من الحذر
:

- اعتراف بماذا؟
!..

مال الرجل نحوه، وقال، دون أن يتخلى عن ابتسامته
:

- كنت تعرف ما حدث.. أليس كذلك؟
!..

تطلّع إليه (حاتم) لحظات في دهشة، قبل أن يهّز رأسه، قائلاً
:

- (رشدي) بك
..

قاطعه الرجل، وقد اكتسب صوته لمحة من الصرامة
:

- كنت تعرف الحقيقة، وليس ما أعلنه البيان الرسمي
.

سَرَت قشعريرة باردة في جسد (حاتم)، وهو يحدّق فيه، مغمغماً في انفعال واضح
:

- الحقيقة!!.. تقول الحقيقة!.. إذن فلم يكن حادثاً
.

تراجع (رشدي) في بطء، دون أن يرفع عينيه عنه، ولاذ بالصمت بضع لحظات، فيما بدا وكأنه يتفحّصه في اهتمام، قبل أن يسأله
:

- إنه أمر يتعلّق بأمن الدولة؛ فكيف أمكنك معرفته؟
!..

لم يبدُ أن (حاتم) قد استوعب السؤال، أو حتى سمعه، وهو يسأله بدوره في انفعال
:

- كان اغتيالاً سياسياً.. أليس كذلك؟
!

صمت (رشدي) لحظات، وهو يتطلّع إليه، ثم لم يلبث أن هزّ كتفيه، وأجاب في بطء
:

- ربما هذا ما تُطلقونه عليه
.

ثم مال نحوه بحركة مباغتة، وبدا صارماً قاسياً، وهو يضيف
:

- أما نحن؛ فنطلق عليه اسم (العمل الإرهابي
).

تراجع (حاتم) بحركة حادة، واتسعت عيناه في دهشة مستنكرة، وهو يقول
:

- عمل إرهابي؟!.. نحن؟!.. أين ذهب تفكيرك بالضبط؟
!

بدا (رشدي) أكثر قساوة، وهو يقول
:

- بل أين ذهب تفكيركم أنتم، عندما خطّطتم لهذا؟
!

انتفض (حاتم)، وهو يهتف في عصبية
:

- ماذا تقصد بصيغة الجمع هذه؟
!

لم يُجبه الضابط، وهو يتطلّع إليه في صرامة؛ فسأله في حدة
:

- ولماذا قلت: إنك كنت تنتظرني؟
!

صمت الضابط لحظات أخرى، ثم اعتدل يجيب في صرامة
:

- لم أكن أنتظرك بالتحديد؛ ولكنني كنت أنتظر من سيأتي؛ ليعترف بما فعله الباقون
.

هتف (حاتم) في حدة
:

- أيّ باقين؟
!

صاح (رشدي) في وجهه، في غضب صارم
:

- لا تحاول إقناعي بأنك علمت فحسب.. مثل تلك الأمور لا يمكن أن نعلمها فحسب؛ إلا لو كنا جزءاً منها
.

هتف (حاتم)، وهو يلّوح بيده
:

- ولكن هذا بالفعل ما
..

قاطعه (رشدي) بحركة مباغتة، قبض بها على معصمه بأصابع من فولاذ، وهو يميل نحوه بشدة، قائلاً في غضب
:

- هل تفضّل الأسلوب الأصعب؟
!

حدّق فيه (حاتم)، في مزيج من الدهشة والذعر، وغمغم في صوت مبحوح
:

- تصوّرت في أسف أنك أكثر تحضراً
.

قال الضابط في صرامة
:

- إننا نتحّدث عن أمن الدولة، لا عن علاقة ودية
.

هزّ (حاتم) رأسه، قائلاً في عصبية
:

- ولكنكم ستدركون فيما بعد، أن هذا الأسلوب يستحيل أن يوصلكم، إلى الحقائق التي تنشدونها؛ لأنكم بالعنف ستحصلون على ما تريدون سماعه فحسب
.

صرخ (رشدي)، في غضب هادر
:

- لست هنا لتلقّنني محاضرة في فن الاستجواب، أنت هنا لتجيب أسئلتي فحسب
.

شعر (حاتم) بتوتر شديد يسري في كيانه، وبعصبية تسيطر على مشاعره، وهو ينكمش في مقعده
..

لقد كانت زوجته على حق
..
لا أحد سيستمع إليه
..
لا أحد
..

لقد كانت تخشى أن يظنوه مجنوناً
..
وليس أبداً إرهابياً
..
ويا ليته استمع إليها
!!..

إنه يجلس الآن في مواجهة الوزير، الذي
..

تجمّد ذهنه كله دفعة واحدة، وحدّق في وجه ذلك الضابط، واتسعت عيناه عن آخرهما
..
الوزير.. نعم.. لقد أدرك الآن فقط لماذا شعر بالمودّة، مع أوّل لقاء بينهما؟
!..

ولكنه لا يستطيع الإفصاح؛ فلو فعل، سيبدو للجميع أكثر جنوناً
..
ألف مرة
..

فما أدركه الآن أمر مذهل
..
وبكل المقاييس
.
يتبع
*****************************
شكرا على المتابعة أشوفكم في الفصل القادم..............إن شاء الله


عهد Amsdsei 02-10-10 11:44 AM

السلام عليكم
موعدنا اليوم مع الفصل الرابع من رواية ذاكرة الغد
للدكتور نبيل فاروق......هذا الفصل يدعى مؤامرة
في البداية إليكم ملف التحميل

شكرا لكم على المتابعة
:7_5_129:

عهد Amsdsei 02-10-10 11:52 AM

السلام عليكم
الآن مع الفصل الرابع من الرواية الجميلة للدكتور نبيل فاروق التي بإسم ذاكرة الغد
مازالت مشكلني مع الصور مستمرة
إذا في حد يتكرم علي و يقول لي كيف أرفع الصور أرجووووووووووووووووكم........
************************************************************ ************
ذاكرة الغد (4).. مؤامرة
انهمك ذلك المسئول السياسي في مراجعة عدة ملفات شديدة الأهمية، تتعلَّق بترشيحات فترة الانتخابات القادمة، وراح يؤشر بقلمه تأشيرات سريعة، على تلك الورقة، أو ذلك الملف، عندما دخل رئيس طاقم أمنه الخاص مكتبه، وهو يقول:

- سيّدي، هل تسمح لي بمقاطعتك قليلاً.
رفع المسئول عينيه إليه في عصبية، وهو يقول:

-
ألم أخبرك أنني منشغل للغاية..

بدا رئيس الأمن شديد التوتر، وهو يقول:

-
ولكن الأمر مهم للغاية.

تطلّع إليه المسئول في دهشة قلقة، قبل أن يسأله:

-
إلى أي درجة من الأهمية؟!

رفع رئيس طاقم الأمن يده، إلى أقصى ارتفاع يمكنها بلوغه، قبل أن يخفض صوته، مجيباً:

-
إنه أمر يتعلّق بحادث القطار.

تفجّر توتّر عنيف مباغت، في وجه المسئول، قبل أن يقول في عصبية:

-
لقد صدر بيان رسمي، في هذا الشأن.

قال رئيس الطاقم بنفس التوتر:

-
إنه مجرد بيان رسمي.

وضع المسئول قلمه على الأوراق في توتر، وهو يسأله:

-
هل من جديد؟!

تقدّم منه رئيس طاقم الأمن، وهو يحمل ورقة صغيرة، مجيباً:

-
تطوّر لم يكن في الحسبان.

وضع الورقة أمامه، وتراجع عدة خطوات؛ فجذبها المسئول إليه، وطالعها في سرعة متوترة، قبل أن يغمغم في صوت مختنق، من فرط التوتر والانفعال:

-
متى حدث هذا؟!

أجابه رجل الأمن، وهو ينافسه توتراً:

-
منذ ساعتين تقريباً، وهو يجلس مع (رشدي) الآن.

انعقد حاجبا المسئول، وهو يردّد متسائلاً في توتر:

- (
رشدي)؟!

أجابه رجل الأمن في سرعة:

- (
رشدي عبد الهادي).. المقدّم (رشدي)، ضابط أمن الدولة، في قسم شرطة الـ..

قاطعه المسئول في عصبية:

-
ولماذا انتظر (رشدي) هذا ساعتين كاملتين، قبل أن يخبرنا بالأمر؟!

أجابه رجل الأمن:

-
إنه لم يخبرنا حتى الآن..

تراجع المسئول في مقعده بحركة حادة، هاتفاً في غضب مستنكر:

-
لم يخبرنا؟!

أسرع رجل الأمن يفسّر الموقف، قائلاً:

-
ضابط القسم هو من أبلغ الأمر؛ فالرجل ذهب ليتقدّم ببلاغ رسمي، وبدا أشبه بالمجنون، ثم تدّخل (رشدي)، واصطحبه إلى مكتبه في الطابق الثاني، ولما طال بهما الوقت، أبلغ الضابط الأمر، ليخلي مسئوليته.

انعقد حاجبا المسئول في شدة، وراح يحّدق في الورقة أمامه في دهشة بالغة، قبل أن يرفع عينيه إلى رجل الأمن ثانية، قائلاً:

-
ومن أين أتى ذلك الرجل بما لديه؟!

هزّ رجل الأمن رأسه، قائلاً:

-
لم نعلم بعد.. لقد قال للضابط إنه يعلم فحسب.

عقد المسئول حاجبيه أكثر، وهو يقول في حدة:

-
هراء..

ثم التقط نفساً عميقاً، في محاولة فاشلة لتهدئة أعصابه، قبل أن يتابع في صرامة:

-
أجْرِ اتصالك بضابط أمن الدولة هذا، واطلب منه أن يغلق ذلك الملف لديه، ويحيل الأمر كله إلى..

لم يكمل عبارته، وبدا شديد الاستغراق في التفكير والحيرة؛ فتساءل رجل الأمن في حذر:

-
إلى مَن؟!

تطلّع إليه المسئول في شيء من الحيرة، وتراجع يحكّ ذقنه بأصابعه في عصبية شديدة، قبل أن يسأل:

-
مَن مِن أمن الدولة يتعاون معنا في هذا الأمر؟

تلفّت رجل الأمن حوله، وكأنه يخشى أن يسمعه أحد، قبل أن يميل نحو المسئول، مجيباً في صوت، أقرب إلى الهمس:

-
العقيد (هشام).

تساءل المسئول، في اهتمام متوتر:

- (
هشام حمزة)؟!

أومأ رجل الأمن برأسه إيجاباً، وغمغم:

-
بالضبط.

التقط المسئول نَفَساً آخر أشد عمقاً، ثم قال في حزم، أراد عبثاً أن يُخفي به توتره:

-
اتصل برقمه الخاص.. فوراً

وتحرك رجل الأمن في سرعة..
وتوتر..
وقلق..
الكثير من القلق..
* * *
فرك (رشدي عبد الهادي) عينيه في إرهاق واضح، وفرد ذراعيه إلى أقصاهما على جانبيه، قبل أن يعتدل مواجهاً (حاتم)، الذي بدا أكثر منه إرهاقاً، وهو يغمغم في توتر:

-
هل يمكنني العودة إلى منزلي؟!

هزّ (رشدي) كتفيه، وقال:

-
أخبرني ما أريد معرفته، وستعود إليه فوراً.

قال (حاتم) في عصبية:

-
ليس لديّ ما أخبرك به.

سأله (رشدي) في اهتمام:

-
وماذا عن واقعة الاغتيال؟!

أجابه (حاتم) في عصبية أكثر:

-
إنه مجرّد حادث قطار.

تراجع (رشدي) في دهشة، وهو يقول:

-
ولكنك قلت إن..

قاطعه (حاتم) في حدة:

-
هَوَس.. مجرّد هوس وهلوسة.. لقد أصدرت حكومتكم بياناً رسمياً؛ فمن أنا لأخالفهم؟

تطلّع إليه (رشدي) لحظات في صمت، ثم مال نحوه كثيراً، وهو يقول في بطء:

-
عجباً ّ.. ولكن (رمزي الجيار) كان ضمن ركاب القطار بالفعل.

ردّد (حاتم) وكأنه يسمع الاسم لأوّل مرة:

- (
رمزي الجيار)؟!

اعتدل (رشدي)، وهو يقول في حزم:

-
لقد سافر دون إعلان، على الرغم من أنه أكبر زعيم للمعارضة في (مصر)، والمنافس الأخطر للرئيس، في الانتخابات القادمة.

ردّد (حاتم) في شرود، وكأنه يستعيد ذاكرة ما:

- (
رمزي الجيار)؟!

ثم رفع عينيه إلى (رشدي)، مستطرداً في هلع:

-
لقد اغتالوه لهذا السبب.

عاد (رشدي) يميل نحوه في حركة حادة، قائلاً في صرامة:

-
قلت (اغتالوه).

هزّ (حاتم) رأسه في قوة، وهو يقول في انفعال:

-
لقد تذكّرت فجأة أن..

ثم بتر عبارته دفعة واحدة، واتسعت عيناه، وهو يحدّق في عيني (رشدي) اللتين حملتا التماعة ظافرة، جعلت (حاتم) يتراجع، ويطبق شفتيه بشدة؛ فابتسم (رشدي) وقال:

-
أخبرني بالضبط ما تذكّرته.

صمت (حاتم) بضع لحظات، وهو يلعن تسرّعه، الذي جعله ينطق العبارة، ثم لم يلبث أن هزّ رأسه، قائلاً في عصبية:

-
ليس أمراً تذكّرته بالفعل، ولكن..

انعقد حاجبا (رشدي)، وهو يقول في صرامة:

-
هل سنعاود ذلك الحديث السخيف عن الرؤى؟!

زفر (حاتم) في عصبية، وهو يقول:

-
ما الذي تريد سماعه بالضبط؟!

أجابه (رشدي) في صرامة:

-
الحقيقة.

قال (حاتم) في حدة:

-
إنها لا تروق لك.

أجابه (رشدي) في غضب:

-
لأنها ليست الحقيقة.

تراجع (حاتم)، وقلّب كفيه في استسلام، وهو يقول:

-
ليس لديّ سواها.

بدا الغضب واضحاً، على وجه (رشدي) وهو يقول:

-
اسمع يا أستاذ (حاتم)، على الرغم من أنك تبغض كل حرف أنطق به معك؛ فإنني أحد أهدأ رجال أمن الدولة، وأكثرهم صبراً واحتمالاً، ولو انتقلت هذه القضية إلى ضابط آخر؛ فلن يمكنني أن أضمن لك أي شيء.

ومال نحوه بشدة، عبر مكتبه، مضيفاً بكل الحزم والصرامة:

-
أي شيء على الإطلاق.

امتقع وجه (حاتم)، وهو يحدّق فيه في ارتياع، قبل أن يغمغم:

-
ولكنك ترفض أساليب القهر والضغط.

اعتدل (رشدي) في حركة حادة، وهو يقول:

-
ومن أدراك؟!

أجابه في سرعة:

-
أنا أعرف تاريخك كله، و..

قبل أن يتم عبارته، انعقد حاجبا (رشدي) في شدة، وسحب مسدسه في حركة حادة سريعة، وصوّبه إلى رأسه..

ومع المفاجأة، أطلق (حاتم) شهقة قوية..
للغاية.
يتبع
***************************************
:7_5_129:


عهد Amsdsei 05-10-10 09:55 PM

السلام عليكم
أهلا بكل قراء الكاتب الكبير نبيل فاروق
اليوم لدينا الفصل الخامس من الرواية الجميلة ذاكرة الغد
و التي بعنوان أمن دولة
كما تعودنا سوف نبدأ بتحميل الرواية بصيغة pdf
ذاكرة الغد(5).....أمن دولة
شكرا للمتابعة
:8_4_134:

عهد Amsdsei 05-10-10 10:01 PM

السلام عليكم
مرة أخرى مع الفصل الخامس من ذاكرة الغد ....أمن دولة استمتعوا
************************************************************ ***
ذاكرة الغد (5).. أمن دولة
ارتجفت كل ذرة من كيان (حاتم)، وهو يحدّق في فوّهة المسدس، المصوَّبة إليه، و..
وفجأة، انطلق شيء ما، من أعمق أعماق عقله..

فوهة أخرى كانت مصوَّبة إلى رأسه..
فوهة تختلف..
في زمن يختلف..


فوهة مغطاة بزجاج قرمزي داكن، وخلفها وجه قاس شبه آدمي..

- "
لا بد وأن تموت.."..

ثم انطلقت من تلك الفوهة حزمة من الأشعة..

حزمة لها نفس اللون الأرجواني، مع صوت أشبه بفحيح أفعى هائلة، وسطع الضوء في شدة، و..

- "
كيف عرفت تاريخي؟!"
انتفض جسده في عنف، وعاد عقله إلى زمنه، وهو يحدّق في فوهة مسدس (رشدي)، الذي أكمل في صرامة أكثر:

-
الجماعات المتطرّفة وحدها تجمع تاريخنا؛ سعياً وراء الانتقام منا يوماً.

انفرجت شفتا (حاتم) لحظة، موحية بأنه سيقول شيئاً ما؛ إلا أنه لم يلبث أن أطبقهما في قوة..

ربما لأنه وجد أنه ما من جدوى مما سيقول..
لا أحد سيصدقه..
لا أحد حتماً..

- "
أجب.."..

هتف بها (رشدي)؛ بكل ما لديه من صرامة، وهو يجذب إبرة مسدسه؛ فقال (حاتم) في عصبية:

-
لن تصدقني.

أجابه (رشدي) في حدة:

-
هات ما لديك، واترك لي مهمة تقييمه.

التقط (حاتم) نفساً عميقاً، وحاول في صعوبة أن يزدرد لعابه الجاف، قبل أن يقول في توتر:

-
يوماً ما، سيصبح تاريخك معروفاً للجميع.

زمجر (رشدي)، قائلاً:

-
أتحدّث عن الآن.

أكمل (حاتم)، وكأنه لم يسمعه:

-
لأنك ستصبح وزيراً.

على الرغم مما في القول من روح عبثية، تراجع (رشدي) بحركة حادة، وخفض فوهة مسدسه، وهو يغمغم في دهشة:

-
وزير؟!..

أومأ (حاتم) برأسه إيجاباً، وعاود عبثاً محاولة ازدراد لعابه، وهو يقول:

-
نعم.. وزيراً للأمن.

غمغم (رشدي)، في حذر متوتر:

-
تقصد وزيراً للداخلية؟!..

هزّ (حاتم) رأسه نفياً، وهو يجيب:

-
بل للأمن.. المسمى نفسه سيتغير، بعد عشرة أعوام من الآن.

حدّق فيه (رشدي) بضع لحظات، في دهشة مستنكرة، قبل أن يرفع فوهة مسدسه في وجهه مرة أخرى، قائلاً في غضب:

-
أهذه وسيلتك للإفلات؟!..

غمغم (حاتم) في دهشة:

-
الإفلات؟!..

أجابه في حدة:

-
نعم.. التظاهر بالجنون؛ حتى تُفلت من التهمة.

هتف (حاتم) في توتر شديد:

-
أية تهمة؟!.. لقد جئت إلى هنا لتحذيركم؛ فاعتبرتوني جميعاً متهماً، ولم يحاول أحد منكم التحقق مما قلته.

ثم هزّ رأسه في شدة، هاتفاً.

-
لهذا الأسلوب العقيم، سيتغير نظام الأمن كله.

انعقد حاجبا (رشدي) في شدة، وحدّق فيه لحظات، بوجه لا يحمل أية انفعالات واضحة، إلا أنه لم يلبث أن خفض فوهة مسدسه، وأعاده إلى غمده، وهو يقول:

-
هل تعلم؟!.. إنك على حق في بعض ما تقول.

تنفس (حاتم) الصعداء، وسأله في لهفة:

-
هل صدقتني أخيراً؟!

أجابه (رشدي) في صرامة:

-
ليس للأمر علاقة بتصديقك أو تكذيبك.. إنني أتحدّث عن التحقق مما تقول.

رفع سمّاعة الهاتف، وهو يسأله في اهتمام:

-
قلت إنهم صنعوا كل هذا لاغتيال (رمزي الجيار).. أليس كذلك؟!..

هزّ (حاتم) رأسه نفياً، وقال:

-
لم أذكر اسم الرجل، ولست حتى أعرفه.. كل ما قلته إنه لم يكن حادثاً عرضياً؛ وإنما كان نوعاً من الاغتيال السياسي.

انعقد حاجبا (رشدي)، وهو يقول:

-
لم تكن تقصد (رمزي الجيّار) بالتحديد إذن.

أجابه (حاتم) في حزم:

-
أكررًّ إنني أجهل اسم الشخص المقصود.

أدار (رشدي) رقم الهاتف، ثم اعتدل يقول لمحدّثه عبره:

-
صباح الخير يا (حازم).. أخبرني.. مَن مِن ساسة المعارضة كان يستقلّ ذلك القطار؟!..

استمع في اهتمام، وراح يدّون بضع كلمات على ورقة أمامه، قبل أن يعتدل في حركة حادة، هاتفاً:

)-
أمين ضياء)؟!.. أأنت واثق؟!

اصطدم الاسم بأذن (حاتم)، وترك صدى هائلاً..

صدى دوّى في مخه كله..

نعم.. إنه (أمين ضياء).. الرئيس السابق لحزب المستقبل المعارض..

لقد اغتالوه، حتى لا يكشف ما لديه من أدلة ومستندات، على تورّط عدد من كبار رجال الحزب والحكومة، في فضيحة فساد كبرى..

- "
إنه هو.."

هتف )حاتم) في انفعال جارف؛ فالتفت إليه (رشدي) بنظرة مندهشة متوترة، بدا توترها واضحاً في أصابعه، التي تمسك الهاتف، وهو يقول لمحدّثه:

-
لا يا (حازم).. شكراً.. هذا يكفي.

أنهى المحادثة، وازداد انعقاد حاجبيه، وهو يفكّر في عمق؛ في حين قال (حاتم) في انفعال:

-
كان يستكمل بعض المستندات؛ لإدانة شبكة فساد كبرى، عندما قررّوا التخلّص منه، و..

التفت إليه (رشدي) في حركة حادة، يقاطعه:

)-
أمين ضياء) لم يعلن أي شيء عن هذا.

نهض (حاتم) نصف نهضة، متشبثاً بإطار المكتب، ومال نحو (رشدي) قائلاً في انفعال:

-
كان يهمّ بإعلان هذا؛ ولكنهم..

قاطعه (رشدي) في حدة:

-
كفى.

ثم نهض من خلف مكتبه، مكملاً في غضب:

-
من أنت حتى تحضر إلى هنا، متظاهراً بأنك تعرف ما لا يعرفه الآخرون..

قال (حاتم)، وجسده وصوته يرتجفان في انفعال:

-
ليس ما لا يعرفونه، ولكن ما لم يعرفوه بعد.

صرخ فيه (رشدي) في غضب:

-
وكيف تعرفه أنت؟!..

امتقع وجه (حاتم)، وتراجع في مقعده، وبدا شديد الحيرة، وهو يغمغم في خفوت:

-
لست أعلم.. صدقني.. لست أعلم.

صرخ (رشدي)، وهو يلّوح بسبّابته في وجهه، في انفعال جارف:

-
وتريدني أن أصدّقك.

تضاعفت علامات الحيرة على وجه (حاتم)، وهو يغمغم..

قاطعه (رشدي) في انفعال حاد:

-
لا يوجد ربما.. إما أنك تعلم ما تعلمه؛ لأنك جزء من مؤامرة الاغتيال المزعومة، أو أنك مصاب بنوع من جنون الاضطهاد، أو انقسام الشخصية..

انفرجت شفتا (حاتم)، ليجيب بعبارة ما، لولا ارتفع فجأة صوت صارم، يقول:

-
أنا أرجّح الاحتمال الثاني.

أدار )رشدي) عينيه في حركة حادة، إلى مصدر الصوت، والتفت إليه (حاتم) في توتر، فوقع بصريهما على رجل أنيق المظهر، صارم الملامح، استطرد في لهجة صارمة:

-
أنا العقيد (هشام حمزة)، من أمن الدولة.

مد (رشدي) يده يصافحه في توتر، قائلاً:

-
أعرفك جيداً بالطبع يا سيادة العقيد.

نقل (حاتم) بصره بينهما في توتر؛ في حين رمقه (هشام) بنظرة صارمة، وقال:

-
معذرة يا سيادة المقدّم.. لقد تمّت تنحيتك عن هذه القضية.

تفجّرت الدهشة في وجه ( حاتم)، في نفس اللحظة التي هتف فيها (رشدي) في استنكار:

-
تنحيتي؟!.. ولكنها ليست قضية بعد.. إنني أستمع فحسب إلى المهندس (حاتم)، و..

قاطعه (هشام) بمنتهى الصرامة:

-
لقد أصبحت قضية، منذ هذه اللحظة.. قضية أمن دولة عليا، وتحت إشرافي شخصياً.

وهنا.. هنا فقط، أدرك (رشدي) أنه أمام مؤامرة..
مؤامرة أمن دولة..
عليا.
يتبع

عهد Amsdsei 17-10-10 07:18 PM

الفصل السادس ..... ذاكرة الغد (6) هشام
 
السلام عليكم
أحب أعتذر للكل على التأخير غير المقصود مني في إنزال الفصول
و أحب أن أشكر أميدو على تنبيهي لهذا شكرا له
بدو إطالة
************************************************************ ******
ذاكرة الغد (6).. هشـام
"لا يا أمي.. لن أطلب الطلاق.."
هتفت زوجة (حاتم) بالعبارة في حدة، وهي تواجه أمها، التي تراجعت في دهشة مستنكرة، بدورها:

- لن تطلبيه.. ولكنه الحل الوحيد لما يحدث يا بنيتي.

هتفت الزوجة في عصبية:

- الحل الوحيد هو أن أتخلى عن زوجي في محنته؟! أيّ حل هذا؟! حلّ تقوم به زوجة جاحدة خائنة! ماذا تطلبين مني بالضبط يا أمي؟!

ثم ارتفع حاجباها في تأثر، وهي تواصل، وقد اختلفت لهجتها تماماً:

- (حاتم) كان دوماً رفيقاً حنوناً مهذباً منذ عرفته، ولقد عشت معه أياماً مفعمة بالسعادة، قبل أن..

صمتت لحظة، فهتفت أمها:

- قبل أن يُصاب بالجنون.

انتفضت الزوجة في غضب، هاتفة:

- قبل أن يمرّ بهذه الأزمة.

ثم هزّت رأسها، وكأنها تحاول إقناع نفسها بما تقوله، وهي تردف:

- إنه ضغط العمل.. بالتأكيد هي ضغوط العمل المتواصل.

انعقد حاجبا أمها، وهي تتطلع إليها بعدم رضى، قبل أن تقترب منها، قائلة، وكأنها تحاول استمالتها:

- ماذا تعرفين عن (حاتم) هذا؟

التفتت إلى أمها في دهشة واستنكار؛ ولكن الأم تابعت في إصرار:

- لقد التقيتِ به في (شرم الشيخ)، وبهرك أسلوبه وتهذيبه، وتطوّرت علاقتكما في سرعة، وعانَدْتِ الأسرة كلها حتى تتزوجيه.

ثم هتفت مكملة في عصبية:

- إننا حتى لم نلتقِ أسرته أبداً.

بدا صوت الزوجة متردداً متوتراً، وهي تغمغم:

- حاتم أخبرني أن أسرته كلها قد...

قاطعتها أمها في عصبية:

- لقيَت مصرعها في حادث.. أليس كذلك؟!

أومأت برأسها في صمت شاحب، فتابعت الأم بنفس العصبية:

- وماذا عن باقي الأسرة؟ ماذا عن أعمامه وأخواله، وحتى أقاربه من الدرجة الخامسة؟ أين هم؟ لماذا لم نلتقِ بواحد منهم، منذ عرفناه، ولو بالمصادفة؟

بدا صوت الزوجة شديد التردد والتوتر، وهي تقول:

- لقد أخبرني أن..

عادت أمها تقاطعها في حدة:

- أرأيت؟ لسنا نعلم عنه إلا ما أخبرنا به.. فقط ما أخبرنا هو به.. من أدرانا ما هو السبب الحقيقي الذي يُخفي من أجله أسرته.

امتقع وجه الزوجة في شدة، وهي تتساءل، في صوت أشد شحوباً من وجهها:

- هل تعنين أنهم ربما كانوا في السجن مثلاً؟!

مالت أمها نحوها بشدة، مجيبة:

- أو في مستشفى للأمراض العقلية..

وتراجعت الزوجة بعينين متّسعتين، وقد ازداد وجهها امتقاعاً وشحوباً..
وبشدة..
* * *
لم يصدّق (حاتم) أبداً ما يحدث له..

لم يصدّق كيف تطورّت الأمور على هذا النحو، بسبب زيارة بسيطة لقسم الشرطة..
ربما لم يصدقوه..

وربما تصوروا أنه مجنون..

ولكن لماذا يتحوّل كل هذا إلى قضية أمنية؟!
لماذا؟!
لماذا؟!

لو أنهم تصوروا أنه مجنون؛ لأصبحت هذه قضية طبية..
قضية فحص..
وتشخيص..
وحسم..

وربما نُقل إلى مستشفى الأمراض العقلية..

ولكن لماذا الأمن؟!

"لماذا؟!"

هتف بالكلمة الأخيرة في عصبية، وهو يجلس أمام مكتب (هشام حمزة)، في مبنى مباحث أمن الدولة الرئيسي؛ فرفع هذا الأخير عينيه إليه في برود قاس، وهو يقول:

- من أجل الحقيقة.

هتف (حاتم) في توتر وانفعال:

- أية حقيقة؟! لقد تصوّرت أنني أعلم شيئاً؛ فأخطأت وتصوّرت أن الأمن يهتمّ بمعرفة ما لديّ، وقمت بدوري كأي مواطن شريف، لينتهي الأمر بي إلى هذه المأساة!!! فأية حقيقة هي التي تتحدث عنها؟

مال (هشام) نحوه، وهو يقول في صرامة شديدة:

- الحقيقة التي تعرفها، وترفض الإفصاح عنها.

انتفض جسد (حاتم) من فرط الانفعال، وهو يقول:

- أية حقيقة بالضبط؟! ما أخبرتكم به في البداية لم تصدقوه، وما قلته بعدها رفضتموه؛ فعن أية حقيقة تبحثون، وعن..

قاطعه (هشام) بأن ضرب سطح مكتبه براحته في قوة، وقد انقلبت سحنته على نحو مخيف، وهو يصرخ في شراسة عجيبة:

- الحقيقة.

انكمش (حاتم) في مقعده، واتسعت عيناه في خوف، في حين نهض (هشام) من خلف مكتبه في حركة حادة، ودار حوله ليواجهه، وهو يردف في لهجة مخيفة:

- قصة الرؤيا المستقبلية هذه لن تخدع طفلاً صغيراً يا هذا.. هناك حقيقة أخرى، أوصلَتْك لما قلته.. أمور تعرفها، وتدور حولها؛ حتى لا تُفصح عنها.

ثم جلس على طرف مكتبه، ومال نحو (حاتم)، حتى كاد يلتصق به، وهو يقول:

- حقيقة سأعرفها، وسأنتزعها منك، شئت أم أبيت.

وانعقد حاجباه، حتى بدا أشبه بشيطان آدمي، وهو يضيف:

- وبأية وسيلة ممكنة.

حدّق (حاتم) في وجهه لحظات، و..

وفجأة، بدا له أن هذا الوجه مألوف..

لقد رآه من قبل..

رآه قبل أن يلتقي به هناك..

في مكتب (رشدي عبد الهادي)..

رآه في..

"سيحاكمونك بتهمة إساءة استخدام السلطة.."

تراجع (هشام) بحركة حادة، وقد أدهشه ذلك التحوّل المباغت، وانتزعه من ذلك الدور الشيطاني الذي يلعبه؛ في حين تلاشى كل أثر للخوف والتوتر والانفعال، من وجه (حاتم)، وبدا شديد الحماس، وهو يكمل:

- تجاوزاتك ستبلغ حداً تعافه النفوس، وستبلغ حد تعذيب وقتل من تستجوبه؛ ولكن نظام الأمن سيحمي فسادك لأعوام، تتمادى خلالها في غيّك، ثم..

بدا (هشام) شديد العصبية، وهو يسأله:

- ثم ماذا؟!

أجابه (حاتم) في سرعة، وبنفس الحماس:

- ثم ستكشف هذه القضية فسادك وتجاوزاتك.. وستكشف فساد الجهاز الأمني كله، وبسببها سيتمّ عزلك من منصبك، وستحاكم مع عدد من المسئولين الفاسدين محاكمة علنية، و..

صرخ فيه (هشام) فجأة:

- كفى.

ثم عاد يميل نحوه، قائلاً في شراسة وحشية:

- لا تطلق لأحلامك وتمنياتك العنان.

قال (حاتم)، دون أن يبدو عليه أثر للخوف:

- ليست أحلاماً.. إنه مستقبلك.

وصمت لحظة، قبل أن يضيف في حزم:

- هل تريدني أن أخبرك التوقيت بالتحديد؟

وعلى الرغم من موقفيهما، وما يوحيان به، من حيث ميزان القوى، عاد (هشام) يتراجع بوجه شاحب، لم يلبث أن استعاد احتقانه، وهو يقول في شراسة غاضبة:

- أي دور تحاول لعبه بالضبط يا هذا؟!

أجابه (حاتم)، في صرامة لا تتناسب مع موقفه:

- الحقيقة.

انقض عليه (هشام) فجأة، وقبض على مقدمة سترته، وجذبه منها في عنف وقسوة، وهو يصرخ، على بعد سنتيمترات من وجهه:

- الحقيقة سأنتزعها منك الآن، وسأجعلك تتوسّل لتخبرني بها.

استعاد (حاتم) خوفه وتوتره، وهو يغمغم:

- هذا بالضبط ما ستحاكم عليه.

ضمّ (هشام) قبضته في عنف، وحملت ملامحه كل القسوة والشراسة والوحشية، و..

"هذه البطاقة تثير حيرتنا يا سيادة العقيد.."

دخل أحد الضباط إلى الحجرة بهذه العبارة، قبل ثانية واحدة من اندفاع قبضة (هشام) نحو أنف (حاتم)؛ فتراجع وهو يسأل في عصبية:

- ولماذا تثير حيرتكم؟! إنها إما صحيحة أو مزيفة.

تطلّع (حاتم) في توتر إلى بطاقة الرقم القومي الخاصة به، والتي يمسكها ذلك الضابط في يده، وهو يجيب (هشام):

- المدهش أنها صحيحة تماماً، وحتى الخبراء لم يجدوا بها لمحة تختلف عن أية بطاقة عادية؛ ولكن..

سأله (هشام) في توتر، شاركه فيه (حاتم):

- ولكن ماذا؟!

أجابه الضابط في ارتباك شديد:

- لا وجود لبياناتها عبر نظام الكمبيوتر كله.. لا شهادة ميلاد، أو شهادات تخرج أو غيرها.. باختصار، هذه بطاقة رجل لا وجود له.. إطلاقاً..

وكان من الطبيعي والحال هكذا، أن تتسع عيون (هشام) و(حاتم)..

معاً.
يتبع

عهد Amsdsei 17-10-10 07:25 PM

الفصل السابع.........ذاكرة الغد(7) مخابرات
 
السلام عليكم
الفصل السابع من ذاكرة الغد
*********************************************************

ذاكرة الغد (7).. مخابرات



امتقع وجه ذلك المسئول الكبير في شدة، وهو يطالع تلك الرسالة العاجلة، التي أرسلها إليه العقيد "هشام"، ورفع وجهه إلى رئيس أمنه، متسائلاً في هلع، لا يتناسب مع منصبه الرفيع:


- ما الذي يعنيه هذا؟!



هزّ رئيس أمنه كتفيه في حيرة مضطربة، وهو يقول:


- نُظم صنع بطاقات الرقم القومي عسيرة وشديدة التعقيد، بالإضافة إلى أن أجهزتها رفيعة المستوى التكنولوجي، ومن المستحيل أن يستطيع مزوّر عادي مجرّد الحصول عليها.



سأله المسئول في توتر:



- ألا يمكن تزويرها؟!



تردد رئيس أمنه لحظات؛ فصاح به في حدة:



- أهذا ممكن أم غير ممكن؟!



واصل رئيس أمنه تردده لحظات أخرى، قبل أن يقول في توتر:



- غير ممكن على المستوى الشعبي.



انعقد حاجبا المسئول في غضب، مع ذلك الجواب الهلامي؛ فتابع رئيس أمنه في تردد واضح:



- وليس على المستوى الدولي.



تراجع المسئول بحركة حادة، متسائلاً في انزعاج:



- ماذا تعني؟!



أجابه في سرعة:



- أعني أنه أمر مستحيل، لمزوّر عادي؛ لأنه لا يحتاج إلى براعة فائقة فحسب؛ ولكن إلى مهارة تكنولوجية غير عادية، وإلى أموال طائلة، يستحيل أن يحصل عليها، ولا تساوي النتائج هذا في النهاية؛ ولكن بالنسبة لدولة أخرى.



قاطعه المسئول، وهو يشهق في ذعر:



- دولة أخرى.



تابع رئيس أمنه، دون أن توقفه الشهقة:



- الدول تمتلك تلك التكنولوجيا بطبيعة الحال، وهذا يجعلها قادرة على تزييف كل الهويات الرسمية، و..



عاد المسئول يقاطعه في هلع:



- هل تعني أن ذلك الرجل، يعمل لحساب دولة أخرى.



تزايد تردد رئيس أمنه هذه المرة، قبل أن يقول في خفوت:



- ليس من الضروري أن تكون أخرى.



اتسعت عينا المسئول في ارتياع، وسأله بصوت شاحب:



- ماذا تعني؟!



هزّ الرجل كتفيه، وقال:



- ربما يعمل لحساب مخابراتنا.



امتقع وجه المسئول بشدة، وهو يتراجع منكمشاً في مقعده الفخم الكبير هذه المرة..
يعمل لحساب المخابرات؟!
هذا يعني أنهم قد كشفوا أمره، على نحو أو آخر..



وهذه كارثة..
لو كشفوا أمره، و أمر ما فعله؛ فسيعني هذا نهايته، وفتح كل ملفاته القديمة، و..



"لا.. مستحيل!!"



هتف بها في قوة، وكأنه يحاول إقناع نفسه بها؛ فتطلّع إليه رئيس أمنه في دهشة، وهو يردد متوتراً:



- مستحيل؟!



صاح فيه المسئول في عصبية:



- نعم.. مستحيل! المخابرات لا شأن لها بالشئون الداخلية.. إنها ليست مسئوليتها.



أجابه رئيس أمنه في حذر:



- المخابرات جهاز سيادي، يتبع رئيس الجمهورية مباشرة، وسينفّذ أوامر فخامته، في أي شأن كان.



عاد وجه المسئول يمتقع، وهو يغمغم:



- ولكن.. لو أنها مخابراتنا؛ فلماذا..



أسرع رئيس طاقمه يهتف منزعجاً:



- أنا لم أجزم بهذا يا سيدي.. كان مجرّد احتمال فحسب.



هتف المسئول:



- ولكنه تفسير مثالي لتلك البطاقة التي يحملها.



انعقد حاجبا رئيس أمنه لحظات، قبل أن يغمغم:



- ربما كان هذا صحيحاً.



وصمت لحظة أخرى، قبل أن يشدّ قامته، مضيفاً في حزم:



- ولكننا لا نعلم هذا.



سأله المسئول في اضطراب:



- ماذا تريد أن تقول؟!



مال رئيس أمنه، مستنداً براحتيه على سطح مكتبه، وهو يقول:



- من الناحية الرسمية، نحن نستجوب مشتبهاً فيه، في واقعة إرهاب، ووفقاً لقانون الطوارئ، حتى مع تعديلاته الأخيرة، نحن نسير على منهج قانوني تماماً.



قال المسئول في عصبية:



- لست أفهم.



اعتدل رئيس أمنه، وهو يقول:



- "هشام حمزة" سيفهم.



نطقها في غموض..
كل الغموض..





* * *
"ماذا تريد أن تقول بالضبط يا "رشدي"؟!"


ألقى الطبيب الشرعي الشاب السؤال، في فضول واهتمام شديدين، على المقدّم "رشدي"، الذي انعقد حاجباه، وتراجع في مقعده، وهو يغمغم في توتر:



- لست أقول شيئاً.. فقط أريد أن أعرف.



ابتسم الطبيب الشاب، متسائلاً:



- تعرف ماذا؟!



أجابه في جدية متوترة:



- سبب وفاة "أمين ضياء".



ارتفع حاجبا الطبيب الشاب في دهشة، وهو يحدّق في وجه "رشدي"، قبل أن يطلق ضحكة قصيرة، ويقول:



- يمكنك أن تسأل أي رجل شارع في "مصر"، وسيُخبرك أن سبب الوفاة هو حادث القطار.



انعقد حاجبا "رشدي"، وهو يقول في عصبية:



- حادث القطار هو الوسيلة؛ ولكنني أسأل عن أسباب الوفاة.



ارتفع حاجبا الطبيب الشاب، وابتسم، وهو يقول:



- مدهش.. ثقافة لا تتناسب مع ضابط أمن دولة.



سأله "رشدي" في ضيق:



- وكيف يُفترض أن تكون ثقافة ضباط أمن الدولة.



ضحك الطبيب الشاب، قائلاً:



- ثقافة اعتقال.



لم ترُق الدعابة له، فقال في شيء من الصرامة:



- ضابط أمن الدولة، بحكم سعة تعاملاته وتنوّعها، يفترض فيه أن يمتلك ثقافة واسعة.



حاول الطبيب الشاب أن يقول شيئاً؛ ولكن "رشدي" واصل في صرامة:



- وهذا لا يجيب سؤالي.



تراجع الطبيب الشاب، وتطلّع إليه لحظة، قبل أن يقول:



- أنت على حق، فحادث القطار وسيلة، يمكن أن يحدث الموت معها بسبب اصطدام الرأس بجسم صلب، أو السقوط عليه، أو على جسم حاد، أو من سقوط الركاب بعضهم على بعض، أو حتى بأزمة قلبية، من جراء الصدمة.



سأله "رشدي" في اهتمام:



- وأيها ينطبق على "أمين ضياء".



صمت الطبيب الشاب لحظة في تردد، قبل أن يجيب في خفوت:



- لست أدري.



انعقد حاجبا "رشدي" في دهشة، وهو يقول:



- ليس هذا الجواب الذي توقّعته.



اعتدل الطبيب الشاب، وقال في سرعة، وكأنه يدافع عن نفسه:



- هل تدرك عدد ضحايا حادث القطار هذا؟! هل تدرك عدد القتلى والمصابين؟! إننا في مثل هذه الكوارث لا نفحص كل قتيل على حدة، ولا نحدد أسباب وفاة كل منهم منفرداً.. إننا نكتب الحادث في خانة سبب الوفاة فحسب، وإلى جوارها عبارة تقول: إن سبب الوفاة إصابة، نتج عنها هبوط حاد في الدورة الدموية.



مال "رشدي" نحوه، يقول في صرامة:



- وماذا لو أن سبب الوفاة يخالف هذا؟!



قلب الطبيب الشاب كفيه، وقال في توتر:



- ولماذا؟! كلهم أصيبوا، ولقوا حتفهم نتيجة للإصابة.



صمت "رشدي" لحظات، وهو يرمقه بنظرة غامضة، قبل أن يقول:



- وماذا لو طلبتُ منك إعادة فحص جثة "أمين ضياء" على نحو منفرد، وتحديد أسباب وفاته بدقة؟!



بدت الدهشة على وجه الطبيب الشاب، قبل أن يتساءل في حذر:



- بصفة قانونية؟!



هزّ "رشدي" رأسه نفياً في بطء، وهو يجيب في حزم:



- بل بصفة شخصية.



ظلً كلاهما يتطلّع إلى عيني الآخر لحظات في صمت، قبل أن يغمغم الطبيب الشاب في خفوت:



- هذا قد يكلفني وظيفتي.



غمغم "رشدي" بدوره:



- قانون العمل في "مصر" لا يسمح بفصل أحد.



مضت لحظات أخرى من الصمت، قبل أن ينهض الطبيب الشاب من مقعده ويقول في حزم:



- ينبغي أن نسرع إذن؛ فسيتمّ تسليم الجثث كلها لذويها صباح الغد.



وتنهّد "رشدي" في ارتياح عجيب، تشوبه لمحة من التوتر، في مزيج مدهش عجيب..
وفي أعماقه تفجّر سؤال كبير..
ترى هل سيسفر هذا عن جديد؟!
هل؟!





يتبع



عهد Amsdsei 17-10-10 07:31 PM

الفصل الثامن......ذاكرة الغد(8) إرهاب
 
السلام عليكم
الفصل الثامن من ذاكرة الغد ................إرهاب
*************************************************

ذاكرة الغد (8).. إرهاب



لم يشعر "حاتم" في حياته كلها، بذلك المزيج من الإرهاق والتوتر، مثلما شعر بهما في تلك اللحظة، وهو يغلق عينيه، في ركن مكتب "هشام حمزة"، وذلك الضخم يقف إلى جواره، ويمسك كتفه في قوة، وكأنه يحاول منعه من الفرار؛ على الرغم من وجوده داخل المبنى الرئيسي لأمن الدولة، في "مدينة نصر"..

كان "هشام" منهمكاً في حديث تليفوني هامس، وكل ملامحه تشفّ عن خطورة هذا الحوار السري؛ فحاول هو، على الرغم من سخافة الموقف كله أن يسترخي، وأن يحظى ولو بدقيقة أو دقيقتين من النوم..

- "وجودك هنا لم يعد آمناً.."..

نطقها حارسه الخاص في حزم، وهما يقفان على قمة ذلك النصب التذكاري الكبير، الذي أقيم في نهاية النصف الأول من القرن الحادي والعشرين، فرفع عينيه إليه في توتر، وقال بلهجة تشوبها نبرة عصبية:

- لن أتخلى عن مسئولياتي بهذه السهولة.

قال الحارس الخاص، في حزم أكثر:

- ولكن ابتعادك صار ضرورة حتمية.

تزايدت عصبيته، وهو يجيب:

- هذا بالضبط ما ينشدونه بمحاولاتهم هذه.. أن أشعر بالخطر، وبالخوف على حياتي، وأن أبادر بالفرار..

قال الحارس في صرامة:

- وهذا ما ينبغي أن تفعله بالفعل.

لوَّح بذراعيه في حدة، هاتفاً:

- وأتخلى عن كل هذا؟! هل نسيت لماذا أقيم هذا النصب الخاص، الذي نقف فوقه؟! لقد أقيم لتمجيد ثورة الحرية.. تلك الثورة التي استعاد بها هذا الشعب كرامته وحريته، بعد ما يقرب من قرن من الزمان، رزح خلاله تحت نير الظلم والجبروت.. إنه رمز الحرية يا رجل.. الحرية التي يحاولون سلبها من هذا الشعب ثانية، وهذا ما لا يمكن، بل ويستحيل أن أقبل به أبداً.

أمسك حارسه الخاص ذراعه، هاتفاً:

- وجودك هو الدعامة الأساسية لهذه الحرية، ولهذا يجب أن تبقى.

جذب يده في حدة، هاتفاً:

- خطأ.. وجود الشعب وإرادته هو الدعامة الأساسية والرئيسية والوحيدة للحرية.. الأفراد زائلون؛ ولكن الشعب والوطن باقيان.. فكرة ارتباط الحرية بفرد واحد هي قمّة الديكتاتورية..

هتف الحارس الخاص، وقد تحوَّلت صرامته إلى عصبية واضحة:

- ولكنك لم تكمل برنامجك بعد، ووجودك مازال ضرورياً، وإلا فلماذا يحاولون اغتيالك الآن؟! لماذا؟!

- "هذا ليس فندقاً.."

انتزعته صرخة "هشام" الصارمة من عالمه الخاص، وأخرجته من نومه، لتلقي به بعنف في عالم الواقع؛ فانتفض جسده، وهو يفتح عينيه في سرعة؛ فوجد "هشام" يقف أمامه مباشرة، وهو يكمل في شراسة:

- من سمح لك بالنوم؟!

تنحنح في توتر، واعتدل في مجلسه، مجيباً في صوت أشبه بالغمغمة:

- جسدي المنهك.

صرخ فيه، في شراسة أكبر:

- لم يحن وقت النوم بعد.

قالها، ورمقه بنظرة وحشية، قبل أن يعود إلى ما خلف مكتبه، ويضيف في قساوة:

- ستنام عندما تخبرني بكل ما لديك.

قال "حاتم" في توتر:

- لقد أخبرتك به بالفعل.

ابتسم "هشام" ابتسامة شديدة العصبية، وهو يقول:

- أنت لم تستوعب ما يمكننا أن نفعله بك.. أليس كذلك؟!

زفر "حاتم" في إرهاق، وسأله في عصبية:

- ما الذي تريد معرفته بالضبط؟!

أشاح "هشام" بوجهه عنه، وهو يقول في صرامة:

- ما علاقتك بذلك التنظيم الإرهابي بالضبط؟! ومن يموّلكم ويعاونكم من خارج البلاد؟!

حدّق فيه "حاتم" في دهشة مستنكرة، وهو يقول:

- تنظيم إرهابي، وخارج البلاد؟! من أين أتيت بهذا؟!

أجابه "هشام" في صرامة شديدة:

- من اعترافاتك.

كاد يهبّ من مقعده، وهو يهتف مستنكراً:

- اعترافاتي؟!

دفعه الضخم من كتفه في قوة وغلظة؛ في حين تابع "هشام" بنفس تلك الصرامة الوحشية:

- الاعترافات التي ستوقّعها بنفسك هنا.



* * *





- "هل جننت؟!"

صرخ بالعبارة في غضب مستنكر؛ فهوى ذلك الضخم على فكّه بلكمة قوية، قبل حتى أن تنتهي صرخته، و..

ولدهشته هو شخصياً، ارتفعت يده في سرعة خرافية، لتمسك قبضة الضخم، قبل أن تلمس فكه..

وعلى الرغم من ضخامة ذلك الضخم وقوته الظاهرة، ارتطمت يده براحة "حاتم" التي لم تتحرك من مكانها، كما لو أنها حائط من الصلب، وشهق الضخم في ألم، واتسعت عيناه في شيء من الذعر، وهو يتراجع في حركة غريزية حادة، فصرخ فيه "هشام" في غضب:

- ماذا أصابك؟!

بدا صوت الضخم مهتزاً مضطرباً، وهو يقول:

- ألم تر سيادتك ما حدث؟!..

صاح به "هشام":

- لقد لكمته في رعونة.

هتف الضخم، في صوت أكثر اضطراباً:

- بل أقسم أنني لكمته بكل قوتي.

انعقد حاجبا "هشام" في شدة، وحدّق في الضخم لحظة، ثم لم يلبث أن نقل تحديقه إلى "حاتم"، الذي بدا أكثر منه دهشة، وهو يقلّب راحته؛ ليحدّق فيها ذاهلاً، خاصة وأنه لم يشعر بقوة اللكمة بالفعل..

وفي غضب غلب دهشته، غادر "هشام" مكتبه، واتّجه في خطوات عصبية نحو "حاتم"، وهو يقول للضخم:

- لو أنك نسيت كيف تلكم.

ثم هوى بقبضته على فك "حاتم"، مردفاً في انفعال عنيف:

- فدعني أذكّرك.

وللمرة الثانية، ارتفعت قبضة "حاتم" في سرعة خرافية، وصدّ لكمة "هشام" في راحته..

وفي هذه المرة، كان هناك صوت..

صوت ارتطام قبضة ضابط أمن الدولة براحة المتهم..
بمنتهى العنف..

وبعد ذلك الصوت مباشرة، وثب "هشام" إلى الخلف..

وثب في حركة غريزية حادة، وقد اتسعت عيناه عن آخرهما، وبدا أشبه بالمذعور، وهو يمسك قبضته براحته الأخرى في ألم..

ومع تراجعه، وتلك الملامح التي ارتسمت على وجهه، تراجع الضخم أكثر..
وأكثر..

وفي كل خلجة من خلجاته، ارتسم رعب..
وفزع..
وذهول..

إنه لم يواجه، في حياته كلها، أمراً كهذا..
لقد اعتاد دوماً أنه الأقوى..
فهو ضخم الجثة، قويّ البنية، مفتول العضلات..

ثم إنه يحمل رتبة رقيب، وفي أمن الدولة..
وهذا دوماً يجعله أقوى من كل من يتمّ احتجازه هناك..
أقوى بحكم بنيته..
وبحكم سلطته..
وبحكم حماية الكبار له..

ولكنها أول مرة يشعر فيها بالخوف..
أول مرة يكون فيها المتهم أكثر قوة..
أول مرة، على الإطلاق..

أما "هشام" الذي لم تختلف مشاعره كثيراً؛ فقد غمغم في ذهول:

- كيف تفعل هذا؟!

حدّق "حاتم" لحظة في راحته، قبل أن يرفع عينيه إليه في حيرة حقيقية، قائلاً:

- لست أدري!!

رددًّ "هشام" ذاهلاً ومستنكراً:

- لست تدري؟! كيف؟!

عاد "حاتم" يحدّق في راحته، مغمغماً في حيرة أكبر:

- حقيقة لست أدري!!

حدّق فيه "هشام" عدة لحظات، في دهشة أكبر، ثم لم يلبث أن تراجع نحو مكتبه في حذر، وهو يقول:

- هل فقدت الذاكرة؟!

هزّ "حاتم" رأسه نفياً في بطء، وهو يجيب في صوت، لم تفارقه تلك الحيرة بعد:

- على العكس.. إنني أحمل ذكريات لم أعشها بالفعل.

عاد "هشام" يحدّق فيه، غير مستوعب لإجابته، ثم مد يده في حذر، يضغط زراً خفياً، في إطار مكتبه، وهو يغمغم:

- في هذه الحالة..

فور نطقه للعبارة، اقتحم ثلاثة جنود، مدججين بالأسلحة المكان، وكل منهم صوّب مدفعه الآلي نحو "حاتم"، فصرخ فيهم "هشام"، بكل عصبية الدنيا وانفعالها:

- اقضوا عليه.

واتسعت عينا "حاتم "..
بمنتهى الشدة.



يتبع

عهد Amsdsei 17-10-10 07:34 PM

الفصل التاسع......ذاكرة الغد(9) تقرير
 
السلام عليكم
الفصل التاسع من ذاكرة الغد
***************************************
ذاكرة الغد (9).. تقـــرير
" لقد كنت على حق.."
نطقها الطبيب الشرعي الشاب بصوت ووجه ممتقعين، وهو يخلع قفازيه الجراحيين، وجسده كله يرتجف من فرط الانفعال؛ حتى إنه احتاج إلى بعض الوقت، قبل أن يتابع:

- العظم اللامي مكسور.

مال "رشدي" برأسه قليلاً، في حيرة متسائلة، فلوَّح الطبيب الشاب بيده، مستطرداً في صوت مبحوح، من فرط الانفعال:

- هذا يعني أنه قد تمّ خنق "أمين ضياء"، قبل حادث القطار.

تراجع "رشدي" في حركة حادة، هاتفاً في ذهول:

- خنقه؟!

انعقد حاجبا الطبيب الشاب، وهو يغمغم في عصبية:

- تصوّرت أنك كنت تتوّقع هذا.

هــزّ "رشدي" رأسه بضع لحظات، قبل أن يستطيع النطق، ليقول في انفعال لم يستطع كتمانه:

- كنت أتوّقع مفاجأة، ولكن ليس على هذا النحو.

تراجع الطبيب الشرعي الشاب، يحدّق فيه قليلاً، قبل أن يقول في خفوت:

- الواقع أنني لم أكن اتوّقع هذا مطلقاً.. لقد كنت أجاريك فحسب، وتصوّرت أنكم تحاولون تأكيد مصرعه في الحادث، ثم..

لم يُتمّ عبارته؛ فمال "رشدي" يسأله في انفعال:

- ألا يُحتمل أن يكون هذا قد حدث من جراء الحادث؟! صدمة في العنق مثلاً؟

هــزّ الطبيب الشاب رأسه نفياً، وقال:

- كانت ستظهر علامات لذلك.

اعتدل "رشدي" وهو يقول، مستعيداً حزمه:

- هي جريمة قتل صريحة إذن.

أومأ الطبيب الشاب برأسه إيجاباً، وهو يقول:

- وكان يمكن أن تتوارى في الحادث، لولا..

مرة أخرى لم يُتمّ عبارته، أو لم يبدُ له أنها بحاجة إلى إتمامها، ومن الواضح أن "رشدي" قد استوعبها؛ فقد انعقد حاجباه في شدة، وهو يقول في بطء:

- نعم.. لولا الحادث.

وفجأة، اتسعت عيناه، وهو يضيف، مستعيداً انفعاله:

- رباه.. هل تعلم ما يمكن أن يعنيه هذا؟!

هــزّ الطبيب الشاب رأسه نفياً في حيرة متوترة؛ فأمسك "رشدي" كتفيه فجأة، على نحو جعله يرتجف في عنف، وهذا الأخير يقول، في انفعال جارف:

- يعني أن "حاتم" كان على حق.. على حق تماماً.

وعلى الرغم من مواصلة جسده للارتجاف، اتسعت عينا الطبيب الشاب عن آخرهما، وهو يغمغم:

- "حاتم" من؟!

ترك "رشدي" كتفيه، وإن ظلّ على انفعاله، وهو يقول:

- لا عليك.. أخبرني أوّلاً: هل يمكنك أن تعطيني تقريراً رسمياً بما كشفته؟!

اتسعت عينا الطبيب الشاب أكثر، وبدا صوته مفعماً بالفزع، وهو يهتف منتفضاً:

- مستحيل!!

وكانت مفاجأة..
جديدة..
* * *
الأمر الذي أطلقه "هشام"، بكل انفعال الدنيا، كان يعني -حرفياً- إطلاق النار على "حاتم" مباشرة..

ولقد انتفض جسد هذا الأخير في عنف؛ عندما بدا له هذا، وتراجع في مقعده بحركة حادة، وكل فوهات المدافع الآلية مصوّبة نحوه..

ولكن أحداً لم يطلق النار..

فقط التف الرجال حوله، و"هشام" يواصل صرخاته:

- إنه شديد الخطورة.. اقضوا عليه.

دخل رجل مهيب الحجرة، عند هذه النقطة، وقال في صرامة شديدة، امتزجت بالكثير من الغضب:

- ماذا يحدث هنا؟!

صاح "هشام" في انفعال، وهو يلّوح بسبابته في وجه "حاتم" المذعور:

- هذا ليس شخصاً عادياً.. إنه جاسوس.. جاسوس من طراز متطوّر.

رددّ "حاتم" ذاهلاً ومستنكراً:

- جاسوس؟!

نقل ذلك المهيب نظره، بنفس الصرامة، إلى "حاتم"، وبدا وكأنه قد تفحّصه ودرسه بنظرة واحدة خبيرة، وهو يقول في غضب:

- وهل نطلق النار على الجواسيس هنا؟!

هتف "هشام" متراجعاً:

- إنه ليس جاسوساً عادياً.

قال المهيب، في صرامة شديدة للغاية:

- هذا أدعى للحفاظ على حياته.

ونقل بصره إلى "هشام" ثانية، مستطرداً:

- على الأقل لمعرفة لحساب من يعمل.

ارتبك "هشام"، وهو يقول:

- ولكنه..

قاطعه المهيب، في صرامة قاسية:

- هذا ما تعلمتموه.. أليس كذلك؟!

أومأ "هشام" برأسه إيجاباً، وبدا منكسراً لحظات، ثم لم يلبث أن انتفض فجأة، هاتفاً في حدة:

- وجوده هنا شديد الخطورة.

شدّ المهيب قامته، وهو يسأله:

- أليس كل من تستجوبه كذلك؟!

هتف "هشام"، وهو يلوّح بسبابته في وجه "حاتم"، في انفعال شديد:

- لا.. ليسوا كذلك.. هذا خارق

ارتفع حاجبا المهيب في دهشة بالغة، وهو يردَّد مستنكراً:

- خارق؟!

ثم عاد حاجباه ينعقدان، وهو يردف في صرامة:

- هل أصابك خلل ما أيها العقيد؟!

هــزّ "هشام" رأسه نفياً في حدة، وهو يجيب:

- سَلْ الحاضرين يا سيادة اللواء.. لقد صدّ لكمة "فرج" في سهولة مخيفة، وعندما حاولت أنا أن ألكمه، اصطدمت قبضتي براحته، فشعرت وكأنني أضرب جداراً من الصلب، حتى أن قبضتي مازالت تؤلمني، حتى هذه اللحظة.

نقل المهيب بصره بين وجوه الجميع لحظات، فأومأ الضخم برأسه إيجاباً، وكأنه يؤيد أقوال "هشام"، في حين بدت الحيرة على وجوه الباقين، لأنهم لم يشاهدوا ما يرويه هذا الأخير..

أما "حاتم" فقد بدا منكمشاً مذعوراً، على نحو لا يتناسب أبداً مع ما يرويه "هشام" ويؤيده الضخم؛ فتفرسه المهيب لحظات في صمت، ثم قال في لهجة آمرة صارمة:

- فليغادر الجميع الحجرة، ولتبقَ هنا يا سيادة العقيد؛ حتى نتسجوب هذا الرجل معاً.

أطاعه الباقون على الفور، وعلى نحو يوحي بمدى سلطاته في المكان، وكان الضخم أوّل من هرع خارجاً، في حين هتف "هشام" مستنكراً:

- هل سنبقى معه وحدنا؟!

أجابه المهيب في صرامة، وهو يجلس على مقعد قريب من "حاتم":

- نعم..

تحسّس "هشام" مسدسه في توتر شديد، وهو يراقب الموقف في حذر عصبي؛ في حين التفت المهيب إلى "حاتم"، وقال في هدوء عجيب بعد كل هذا القدر من الانفعالات:

- تقبّل اعتذارنا، لو أن بعضنا أساء إليك هنا.

غمغم "حاتم" في حذر:

- أنا لم أفعل شيئاً.

ابتسم المهيب، وقال:

- وإن أحداً لم يوجه إليك أية اتهامات.

اعتدل "حاتم"، وهو يقول مستنكراً:

- حقاً؟! لقد اتهمتموني بالإرهاب، والجنون، والكذب، والتجسس، في غضون ساعات قليلة؛ فماذا تبقّى؟!

ضحك المهيب، مجيباً:

- الكثير..

ثم مد يده إليه، قائلاً:

- اللواء "سامي رفعت".

صافحه "حاتم" في حذر، وهو يغمغم:

- وأنا "حاتم الـ.."

قاطعه اللواء بابتسامة عريضة:

- الاسم الأوّل يكفيني.

لم يرُق ما يحدث للعقيد "هشام حمزة"؛ فاندفع يقول في حدة:

- سيادة اللواء.. هذا الرجل يحمل بطاقة رقم قومي مزوّرة بإتقان مذهل، يحتاج إلى تكنولوجيا عالية، وتقنية يستحيل أن يمتلكها رجل واحد.

بدا الاهتمام على وجه اللواء، وهو يسأل:

- حقاً؟!

واستدار مع تساؤله إلى "حاتم"، الذي هــزّ رأسه في خوف، قائلاً:

- أقسم أنني أجهل كيف حدث هذا.

صاح فيه "هشام":

- كما تجهل كيف اكتسب جسدك هذه القوة.

أجابه "حاتم" في سرعة، وحيرته تتقاطر مع كلماته:

- بالضبط.

نقل اللواء "سامي" بصره بينهما في صمت وشك، ثم اعتدل في مجلسه، واستعاد مهابته الشديدة، وهو يقول:

- أريد أن أسمع القصة، من بدايتها..

وقبل أن ينطق أحدهما بحرف واحد، ارتفع رنين هاتف اللواء؛ فالتقطه في حركة سريعة، وهو يقول في صرامة:

- ماذا هناك؟!

لم يكد نطُقها يكتمل؛ حتى ارتفع حاجباه عن آخرهما، ووثب -أو كاد- من مقعده، وهو يهتف:

- مستحيل!!

وكان من الواضح أنه لم يتلقَّ خبراً، وإنما صدمة..
صدمة قوية..
للغاية..
يتبع

عهد Amsdsei 17-10-10 08:16 PM

السلام عليكم
الآن سوف أقدم لكم الفصول بصيغة pdf للأربع الفصول الأخيرة
ذاكرة الغد(6)....هشام
ذاكرة الغد(7)....مخابرات
ذاكرة الغد(8)....إرهاب
ذاكرة الغد(9)... تقرير

شكرا لكم
:8_4_134:

مس تومي 17-10-10 09:05 PM

مشكوووووووووووورة
على المجهودالرائع
بانتظار الجزء القادم

عهد Amsdsei 18-10-10 12:59 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ranmagdy (المشاركة 2487374)
مشكوووووووووووورة
على المجهودالرائع
بانتظار الجزء القادم

السلام عليكم
العفو يا ران ده اسم الدلع بتاعك دلوقتي
و إن شاء الله أصحى أكثر دلوقتي و ماخليش أي فصل يروح علي
مع السلامة
شكرا على مرورك
:8_4_134:

بربيس 18-10-10 09:02 PM

قصه مشوقه شكرا

مس تومي 18-10-10 10:07 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عهد amsdsei (المشاركة 2488172)

السلام عليكم
العفو يا ران ده اسم الدلع بتاعك دلوقتي
و إن شاء الله أصحى أكثر دلوقتي و ماخليش أي فصل يروح علي
مع السلامة
شكرا على مرورك
:8_4_134:

طبعا يا عهد
دا لو مش اسم الدلع بتاعى اخليه علشان خاطرك
كفاية الامتاع اللى بشوفه فى الاجزاء لدرجة انى بكون مش قادره استنى
على الجزء اللى بعده
بجد شكرا ليكى
من غيرك مش كنت هاقرأ الرواية الممتعة دى

عهد Amsdsei 19-10-10 07:25 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بربيس (المشاركة 2488897)
قصه مشوقه شكرا

السلام عليكم
أهلا وسهلا بيكي يا بربيس في المنتدى
القصة بالفعل مشوقة
الدكتور نبيل متخصص في القصص المشوقة
أتمنى لك قراءة ممتعة
شكرا على مرورك

:55:


عهد Amsdsei 19-10-10 07:32 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ranmagdy (المشاركة 2488979)
طبعا يا عهد
دا لو مش اسم الدلع بتاعى اخليه علشان خاطرك
كفاية الامتاع اللى بشوفه فى الاجزاء لدرجة انى بكون مش قادره استنى
على الجزء اللى بعده
بجد شكرا ليكى
من غيرك مش كنت هاقرأ الرواية الممتعة دى

السلام عليكم
الكلام ده ليّ أنا مستحيييييييييييييييييل!!!!!!!!!!!!
ده الكلام بيسعدني و الله
و الإمتاع ده سببه الدكتور نبيل الي دائما بيخلينا نستمتع معاه
على العموم شكرا لك على الكلام الجميييييل ده و أتمنى أن أكون أستحقه

إنت بتعرفي sunny4doq؟؟؟؟
هي تبقى أختي و بتسلم عليك
سلام كبيييييييييييير جدا

شكرا على مرورك و أتمنى تستمتعي ببقية الأجزاء القادمة

:8_4_134:



عهد Amsdsei 21-10-10 12:06 PM

ذاكرة الغد(10)....كيف؟
 
السلام عليكم
الفصل العاشر من الرواية المشوقة ذاكرة الغد......كيف؟
*****************************************
ذاكرة الغد (10).. كيف؟!
تراجع ذلك الطبيب الشرعي الشاب في توتر بالغ، مع الانفعال الغاضب، الذي كسا وجه "رشدي"، وهو يسأله في حدة:

- لماذا مستحيل؟!

لوَّح الطبيب الشاب بيده، قائلاً في عصبية:

- لأن هذا ليس من حقي.

هبَّ "رشدي" من مقعده، وهو يقول في حدة:

- أنت تعلم أنها جريمة اغتيال سياسي.

هتف الطبيب الشاب:

- وهذا يجعل موقفي أكثر صعوبة.

بدا "رشدي" وكأنه سيهاجمه، وهو يصيح فيه، في غضب مستنكر:

- أكثر صعوبة؟!

تراجع الطبيب الشاب في خوف، وهو يقول، ملوّحاً بذراعيه:

- اهدأ يا سيد "رشدي".. أرجوك.. دعني أوضّح لك.

بدا وجه "رشدي" المحتقن، وبدت قبضته المضمومة، وكأنهما تحملان تهديداً عنيفاً؛ إلا أنه لم يلبث أن سيطر على أعصابه، وعاود الجلوس، وهو يقول في عصبية:

- كلي آذان مصغية.

ازدرد الطبيب الشاب لعابه، قبل أن يقول، والتوتر يتقاطر من كل حرف من كلماته:

- أوَّلاً: تقرير وفاة "أمين ضياء" صدر بالفعل، وبتوقيع كبير خبراء الطب الشرعي.

قال "رشدي"، محاولاً تمالك أعصابه:

- ولكنك كشفت أمراً جديداً.

هتف الطبيب الشاب، في لهجة أقرب إلى البكاء:

- بأية صفة؟!

لم يفهم "رشدي" ما يعنيه، ولقد بدا هذا واضحاً، في نظرة التساؤل العصبية المُطِلّة من عينيه الحائرتين، فتابع الطبيب الشاب مفسراً:

- كل ما فعلناه هنا تمّ على نحو ودي تماماً، دون أية مكاتبات رسمية، أو تكليف من النائب العام، وهذا لا يمنح ما فعلناه أية صفة رسمية؛ فكيف -والحال هكذا- يمكنني أن أُصدر تقريراً رسمياً.

بدا كلامه شديد الإقناع، حتى إن "رشدي" تراجع في مقعده، وبدا حائراً بعض الوقت، قبل أن يقول في حماس مفاجئ:

- وماذا لو أنك أبديت بعض الشكوك؟!

اتّسعت عينا الطبيب الشاب في هلع، وهو يهتف مستنكراً:

- شكوك في ماذا وفي من؟! هل تريد تدمير مستقبلي؟!

انعقد حاجبا "رشدي" في صرامة، وهو يقول:

- بل أريد أن أصنع مستقبلك.

ثم مال نحوه، مستطرداً في حزم:

- ستكون الطبيب الشرعي، الذي كشف أكبر مؤامرة سياسية في "مصر".

اتسعت عينا الطبيب الشاب، وهو يحدَّق فيه بدهشة، قبل أن يقول في تردد:

- هل تظن هذا؟!

عاد "رشدي" يعتدل، وهو يقول بنفس الحزم:

- بل أنا واثق منه.

بدت علامات تفكير متوتر، على وجه الطبيب الشاب لبضع لحظات، قبل أن يهزّ رأسه في قوة، قائلاً:

- لا.. لست أظنني أستطيع هذا.

بدا الغضب على وجه "رشدي"، فاستدرك الطبيب الشاب في سرعة:

- ولكن هناك وسيلة أخرى.

سأله "رشدي" في سرعة ولهفة:

- وما هي؟!

مال الطبيب الشاب نحوه، وهو يقول في خفوت، وكأنه يخشى أن يسمعه أحد:

- بلاغ.

اندهش "رشدي" للفكرة، وتساءل في أعماقه، كيف لم يخطر هذا بباله، في حين تابع الطبيب الشاب في حماس هامساً:

- بلاغ من مجهول، إلى النائب العام، يشير إلى أن "أمين ضياء" تمّ اغتياله، قبل حادث القطار.. هذا سيدفعهم إلى طلب إعادة فحص الجثة على الأقل، و...

قاطعه "رشدي"، وهو يهبّ من مقعده، صائحاً في حماس:

- بالضبط!

وتألقت عيناه في شدة..
فقد كان هذا يعني أنه قد التقط بالفعل طرف الخيط..
الخيط الذي سيقوده إلى كشف الحقيقة..
حتماً..
* * *
"ماذا حدث بالضبط؟!"

ألقى "هشام حمزة" السؤال نفسه، الذي لم يجرؤ "حاتم" على نطقه، وهو يحدَّق في اللواء "سامى" في توتر؛ فانعقد حاجبا هذا الأخير، وهو يقول عبر الهاتف، في صرامة تتناقض مع دهشته الأولى:

- وكيف علمت سيادتكم بهذا الأمر؟!

ازداد انعقاد حاجبيه، وهو يستمع إلى محدّثه في غضب واضح، قبل أن يقول، وقد تضاعفت صرامته:

- معذرة يا سيدَّي، مع احترامي لرفيع منصبكم؛ إلا أنه ليس من المفترض أن أتلقى أوامري منكم.

ارتفع صوت محدثه الغاضب، دون أن يتبيَّن "حاتم" أو "هشام" ما يقال، وإن بدت ملامح "هشام" أكثر فضولاً منها قلقاً؛ ولكن اللواء "سامي" بدا فقط غاضباً صارماً، وهو يقول:

- إنني أتلقى أوامري فقط من وزير الداخلية، وأعلم جيداً مدى علاقتكم به؛ فلو أمرني، سأتنحى عن الموقف كله، وربما أتقدَّم باستقالتي أيضاً، وحتى هذا الحين، سيسير كل شيء كما يسير.

قالها، وأنهى المحادثة في عنف واضح، قبل أن يلتفت إلى "هشام"، قائلاً في صرامة شديدة الغضب:

- كيف علم؟!

بدا صوت "هشام" شديد التوتر، وهو يتساءل في خفوت:

- علم بماذا؟!

صاح فيه اللواء "سامي" في حدة:

- كيف علم المسئول بما يدور هنا؟!

امتقع وجه "هشام"، وارتبك على نحو ملحوظ، وهو يقول:

- رباه! هل..

اندفع اللواء فجأة نحو "هشام"، وجذبه من سترته في عنف، وهو يصرخ في وجهه، مكرراً:

- كيف علم؟!

هتف "هشام" محاولاً التملَّص منه:

- وكيف لي أن أعلم؟

انكمش "حاتم" في مقعده، وهو يتابع ما يحدث في توتر؛ في حين واصل اللواء صراخه، قائلاً:

- لقد دخلت مكتبك هذا، دون أي ترتيب مسبق.. فقط مع صرخاتك وأنت تطالب طاقم الأمن بالقضاء على هذا الرجل، ولم يمضِ على دخولي هنا دقائق؛ ولكن ذلك المسئول يتصل بهاتفي مباشرة، ويطالبني بعدم التدخّل في هذه القضية، مع أنه -مع كامل الاحترام لمنصبه- ليست له أية صلاحيات أمنية، على أي مستوى؛ فكيف علم، ولماذا يُقدِم على هذه الحماقة، التي تشفّ عن توتر شديد؟

انفرجت شفتا "هشام" ليقول شيئاً ما، لولا أن اندفع "حاتم" قائلاً في توتر:

- أنه قتل "أمين ضياء".

اتسعت عينا "هشام" في ارتياع؛ في حين انعقد حاجبا اللواء "سامي" في شدة، ومضت لحظات، قبل أن يلتفت إلى "حاتم" في بطء؛ متسائلاً فيما يشبه الصدمة:

- قتل من؟!

كان "حاتم" يدرك أن ما يفعله هو قمة الحماقة، وعلى الرغم من هذا، لم يمكنه كبح نفسه من أن يندفع، قائلاً:

- لقد أصدر أوامره باغتيال "أمين ضياء"، قبل أن يُعلن تلك المستندات، التي حصل عليها، والتي ستدمّر مستقبله السياسي تماماً، و..

تلك النظرة الذاهلة، المستنكرة، التي حدجه بها "سامي"، جعلته يبتر عبارته دفعة واحدة، ويعاود الانكماش في مقعده، قائلاً:

- ولست أعلم كيف عرفت كل هذا!!!

تنفّس "هشام" الصعداء، مع العبارة الأخيرة، ثم هتف في عصبية شديدة:

- هل رأيت يا سيادة اللواء؟! هذا الجنون يتكرر منذ وصوله إلى هنا!!

التفت إليه اللواء، وقال في صرامة قاسية:

- ولهذا أردت أن تقتله؟!

ارتبك "هشام"، واضطرب، وامتقع وجهه في شدة، وبدا كتلميذ خائب، ضبطه أستاذه في وضع مُخلّ..

ولم يفُت هذا عن عينيْ اللواء، الذي رمقه في بطء، ثم قال في صرامة:

- سأتولى هذه القضية، من هذه النقطة.

اتسعت عينا "هشام" في هلع، وهتف:

- ولكن..

قاطعه اللواء، في صرامة شديدة:

- ما لم أتلقَّ أوامر أخرى.

ثم التفت إلى "حاتم"، وقال في لهجة هادئة، لا تتفق مع صرامته السابقة:

- اصحبني يا سيد "حاتم".

ألقى "حاتم" نظرة متوترة على "هشام"، ثم لحق باللواء "سامي"، ولم يكد يغلق الباب خلفه، حتى اختطف "هشام" هاتفه اختطافاً، وطلب رقماً بأصابع مرتجفة، ولم يكد يسمع صوت محدثه، حتى هتف بكل انفعاله وشحوبه:

- سيدي.. الأمور تُفلت من أيدينا، وعلينا أن نتحرَّك في سرعة، وإلا خسرنا كل شيء.. ولديّ حل سريع.. خطير ومجازف؛ ولكنه سريع، وحاسم.. تماماً.

وعندما نطق عبارته الأخيرة، كان جسده كله ينتفض بالغضب..
كل الغضب.
يتبع

عهد Amsdsei 21-10-10 12:11 PM

السلام عليكم
للذين يحبون تحميل الرواية لقراءتها في وقت آخر
دعوني أقدم لكم الفصل العاشر من رواية ذاكرة الغد
ذاكرة الغد(10).... كيف؟
شكرا لكم
:8_4_134:

مس تومي 25-10-10 03:01 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عهد amsdsei (المشاركة 2489489)


السلام عليكم
الكلام ده ليّ أنا مستحيييييييييييييييييل!!!!!!!!!!!!
ده الكلام بيسعدني و الله
و الإمتاع ده سببه الدكتور نبيل الي دائما بيخلينا نستمتع معاه
على العموم شكرا لك على الكلام الجميييييل ده و أتمنى أن أكون أستحقه

إنت بتعرفي sunny4doq؟؟؟؟
هي تبقى أختي و بتسلم عليك
سلام كبيييييييييييير جدا

شكرا على مرورك و أتمنى تستمتعي ببقية الأجزاء القادمة

:8_4_134:



طبعا عهد الشكر ليك
انتى من قام بالمجهود فى الرفع والكتابة
ايوة انا صحبة Sunny سلميليى عليه كتير
شكرا بجد

عهد Amsdsei 25-10-10 07:01 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ranmagdy (المشاركة 2497172)
طبعا عهد الشكر ليك


اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ranmagdy (المشاركة 2497172)

انتى من قام بالمجهود فى الرفع والكتابة
ايوة انا صحبة Sunny سلميليى عليه كتير
شكرا بجد


السلام عليكم
أولا شكرا لك يا ران على كلامك الجميل
ثانيا الله يسلمك
ثالثا تابعينا بالفصل الحادي عشر من قصة الدكتور نبيل
الي جت بوقتها لأننا كلنا اشتقنا لكتاباته جدا جدا
شكرا لك على مرورك الجميل و (كلامك الي يخجلني جدا)
:8_4_134:

عهد Amsdsei 25-10-10 07:03 PM

ذاكرة الغد(11).....اختفاء
 
السلام عليكم
لمحبي القراءة في كل مكان مع جديد الدكتور نبيل فاروق
ذاكرة الغد الفصل الحادي عشر ................... اختفاء
**********************************************
ذاكرة الغد (11).. اختفاء
الدكتور نبيل فاروق
بدت زوجة "حاتم" شديدة العصبية، وهي تقف في مواجهة ضابط شرطة القسم، قائلة:

- زوجي لم يعُد إلى منزله، منذ أتى إلى هنا؛ للإبلاغ عن.. عن..

ترددَّت طويلاً، حائرة فيمَ تُسمي سبب البلاغ، حتى سألها الضابط في ضجر:

- ما اسم زوجك هذا.

أجابته في سرعة وعصبية:

- المهندس "حاتم الـ.."

قاطعها هاتفاً:

- المجنون؟!

تراجعت كالمصعوقة، ورددَّت خلفه، في ذهول مستنكر:

- مجنون؟!

بدا شديد الانفعال، وهو يقول:

- لقد أتى إلى هنا بالفعل، ليبلغ عن حادث جنوني تماماً، ولقد صعد به "رشدي" باشا إلى مكتبه، و..

حان دورها لتقاطعه هي، مستفسرة في توتر:

- "رشدي" باشا؟!

أشار بسبَّابته إلى أعلى، قائلاً:

- المقدَّم "رشدي عبد الهادي".. ضابط أمن الدولة.. لقد صعد به إلى مكتبه، حتى جاء العقيد "هشام حمزة"، وتسلّمه منه.

هوى قلبها بين قدميها، وهي تغمغم، في صوت شديد الارتجاف:

- أمن دولة؟!.. لماذا؟!.. ماذا فعل "حاتم" بالضبط؟!

مال الضابط نحوها، وانعقد حاجباه في صرامة شديدة، وهو يجيب:

- زوجك يا سيدّتي متهم بتهمة بالغة الخطورة.

كاد قلبها يتوقف، وهي تسأله بصوت مبحوح، في صعوبة شديدة:

- أية تهمة.

مال نحوها أكثر، وحمل صوته صرامة قاسية، وهو يجيب، بلهجة من يوجّه إليها الاتهام شخصياً:

- الإرهاب.

انطلقت من حلقها، على الرغم منها، شهقة قوية، وهي تتراجع في حركة حادة عنيفة، هاتفة في ذعر مستنكر:

- إرهاب؟!.. "حاتم"؟!

اعتدل الضابط في صرامة أكثر قسوة، وهو يقول:

- أظنهم الآن يجبرونه على الاعتراف هناك.. في أمن الدولة.

امتقع وجهها في شدة، وتراجعت أكثر، وبدت لحظات وكأنها ستفقد الوعي، من شدة الذعر؛ إلا أنها لم تلبث أن اعتدلت، واستعادت حزمها في سرعة، وتنحنحت؛ لتطرد عنها بعض توترها، وهي تقول:

- وأين مبنى أمن الدولة هذا؟!

حدَّق فيها الضابط لحظة في دهشة، وتبخَّرت صرامته كلها دفعة واحدة، وهو يغمغم:

- هل ستذهبين..

قاطعته في حزم، يشفّ عن قوة شخصيتها:

- أين هو؟!

بدا صوته أكثر خضوعاً، وهو يجيبها:

- في مدينة "نصر".

ثم عاد يسألها، في قلق ليس له ما يبرره:

- هل ستذهبين إليه؟!

شدَّت قامتها في اعتداد، وهي تجيب في حزم:

- بالطبع.

قالتها، واستدارت لتنصرف؛ ولكنها توقفَّت لحظة، التفتت خلالها إلى الضابط؛ لتُكمل:

- إنه زوجي.

نطقتها بكل الحزم..
كل كل الحزم..

* * *

دقائق طويلة مضت، واللواء "سامي" متراجع في مقعده، يتطلّع إلى "حاتم" في صمت؛ حتى إن هذا الأخير شعر بالتوتّر يكاد يلتهمه؛ فهتف في عصبية:

- وماذا بعد؟!

واصل اللواء "سامي" صمته بضع لحظات، قبل أن يعتدل في حركة مفاجئة، ويقول في اهتمام مباغت:

- حالتك كلها عجيبة أيها المهندس.

زفر "حاتم" في عصبية، وتراجع بدوره في مقعده، وهو يغمغم:

- أعلم هذا.

واصل اللواء، وكأنه لم يسمعه:

- لقد بدأت ببلاغ عجيب، تؤكّد فيه، وبمنتهي الثقة، أن ما أعلنَتْه الدولة في بيان رسمي، عن حادث القطار، ليس صحيحاً، وأن هناك جريمة اغتيال سياسي خلف هذا، وبعدها راحت المفاجأت تتوالى.

غمغم "حاتم" في عصبية:

- لم يكن هذا بإرادتي.

مرة أخرى، تابع اللواء، متجاهلاً تعليقه:

- بطاقة رقم قومي مزوّرة بإتقان مذهل، يتجاوز حدود قدرات أي مزوّر منفرد، مهما بلغت براعته، وبيانات لا وجود لها عبر شبكة المعلومات كلها.. بصمات غير مسجّلة، وجه غير معروف.. وهذا ليس كل شيء.

صمت "حاتم" هذه المرة، وكأنما أدرك عدم جدوى الحديث؛ في حين استطرد اللواء، في مزيج من الاهتمام والحيرة:

- أضف إلى هذا تلك التطوّرات غير الطبيعية، في التعامل مع حالتك بالذات.. من القسم، إلى المقدّم "رشدي عبد الهادي"، وهو أحد أكفأ وأنزه ضباط أمن الدولة، ثم التدخّل المفاجئ للعقيد "هشام حمزة"، وهو ضابط ليس فوق مستوى الشبهات، وعنفه الشديد مع عصبيته البالغة، يشيران إلى وقوع ضغط شديد عليه، من جهة أعلى.

صمت عند هذه اللحظة، ومال نحو "حاتم"، قائلاً في لهجة مختلّة:

- وهي ذلك المسئول على الأرجح.

تطلّع إليه "حاتم" لحظة في توتر، و..
وفجأة، تقمّص تلك الحالة العجيبة..
فجأة، شعر أنه في مكان آخر..
وزمن آخر..

كان يجلس أمام "هولوفيزيون" كبير، في صالة منزله، يتابع تلك الأخبار ثلاثية الأبعاد، التي تروي تفاصيل المؤامرة، عبر برنامج "ذاكرة التاريخ" الأسبوعي، و..

" لماذا لم يَرِد اسمك في القضية؟!.."..

ألقى السؤال فجأة على اللواء "سامي"؛ فتراجع هذا الأخير في دهشة بالغة، وهو يتساءل:

- أية قضية؟!..

اعتدل "حاتم"، وشمله حماس مباغت، وهو يجيب:

- قضية حادث القطار.. لقد صار "رشدي عبد الهادي" بعدها شخصية شهيرة، وبعد سنوات قليلة، تولّى منصب وزير الأمن؛ وذلك المسئول حوكم وأُدين، مع عدد كبير من صغار المسئولين والمعاونين ورجال الأمن؛ فيما عرف بأنه أكبر مؤامرة سياسية جنائية، في تاريخ "مصر" كلها، حتى إن نُظُم الأمن ومفاهيمه، وحتى القوانين التي تحكمه، تغيّرت كلها بعدها.

صمت لحظة، بدا خلالها شديد الحيرة، وكأنه لم يفهم حرفاً واحداً مما قاله، ثم غمغم:

- ولكن اسمك لم يرد.

كان اللواء "سامي" يحدّق فيه بدهشة لا محدودة، وقد ارتفع حاجباه عن آخرهما، على نحو منح وجهه سحنة عجيبة، أصابت "حاتم" بشيء من التوتر، جعله يضيف، وهو ينكمش في مقعده:

- ماذا قلت؟!

أجابه اللواء، في بطء شديد:

- كنت سأُلقي عليك السؤال نفسه.

امتزجت حيرة "حاتم" بحالة من الذعر والاضطراب، وهو يتمتم:

- ولكنني لست أدري؟.. هذا يقفز إلى ذهني بغتة.. كأنني.. كأنني..

اتسعت عيناه في ذعر عجيب، وهو يضيف، في صوت بالغ الخفوت:

- كأنني على اتصال بروح، من زمن آخر.

حدّق فيه اللواء لحظات، في دهشة بلا حدود، ثم لم يلبث أن هزّ رأسه في قوة، وكأنما ينفض عنه دهشته، واعتدل يقول في حزم:

- أية روح، من أي زمن، لم يكن بإمكانها أن تمنحك هذه البطاقة المزوّرة.

قالها، ونهض من خلف مكتبه في حركة حادة، أصابت "حاتم" برجفة محدودة، واتجه نحو نافذة حجرته، وأزاح ستائرها، وتطلّع إلى المباني عبر الشارع، وإلى ألوان الشفق خلفها، وبدا من الواضح أن الفجر ينبلج؛ فراقبه في صمت استغرق ما يقرب من دقيقة، قبل أن يقول:

- اسمع أيها المهندس.. هذا لو أنك بالفعل مهندس.. أنا رجل واقعي، لا يؤمن بالخرافات والخزعبلات، والاتصال بالأرواح ليس جزءاً من اهتمامي أو قناعاتي.

صمت لحظة أخرى، ثم التفت إليه في حدة، مستطرداً في صرامة، هي أقرب إلى الغضب:

- هناك حتماً تفسير منطقي لكل هذا.

في الظروف الطبيعية، كان المتهم سيرتعد، أو يفزع، أو يضطرب، أو حتى يعترف..

ولكن "حاتم" لم يمرّ بأي من هذا...

لقد سأل، بكل الاهتمام والتوتر واللهفة:

- مثل ماذا؟!

وفي نفس اللحظة، التي حدّق فيها اللواء فيه، في دهشة مستنكرة متسائلة، كان هناك أمر شديد الخطورة، يحدث مع نسمات الفجر الأولى..
هناك..
في المشرحة..

يتبع

عهد Amsdsei 25-10-10 07:10 PM

السلام عليكم
الآن مع الفصل 11 الجاهزة للتحميل
ذاكرة الغد(11)...اختفاء
شكرا لكم

عهد Amsdsei 31-10-10 07:29 PM

السلام عليكم
الآن مع الفصل الثاني عشر من رواية ذاكرة الغد
ذاكرة الغد(12)...بلا أثر
****************************************
ذاكرة الغد (12).. بلا أثر
الدكتور نبيل فاروق رمضان
لم يفارق التوتر الشديد ذلك الطبيب الشرعي الشاب لحظة واحدة، منذ غادر "رشدي عبد الهادي" المشرحة، مع فكرة تقديم بلاغ إلى النائب العام..

كان يدرك أن الأمر لن يكون بسيطاً..
وأن ما يحدث هو أمر كبير..
كبير جداً..
جداً..

كبير؛ حتى إنه يتجاوزه بألف مرة..
على الأقل..

إنه اغتيال سياسي يحدث عبر كارثة رهيبة، وعلى نحو لم تشهده "مصر" من قبل، في تاريخها الحديث على الأقل..
أو ربما حدث؛ ولكن أحداً لم يعلم به..

تماماً مثلما حدث هذه المرة؛ ولكن أحداً أيامها لم يشكّ، أو يبحث، أو يُعد التحقيق في الأمر..

وفي كل الأحوال؛ فهي سابقة غاية في الخطورة، تورَّط فيها حتماً مسئولون كبار، وربما قيادات أمنية كبيرة، تتجاوز "رشدي" نفسه بكثير..

لهذا كان رجل أمن الدولة متوتراً..
ولهذا كان يبحث عن حل..

لا ريب في أن هناك قيادات له، متورّطة في الأمر، وكلها لن تسمح بكشفه أبداً..
مهما كانت الأسباب..
ومهما كان الثمن..
وهو مجرّد طبيب شاب، لم يواجه مثل هذه الأمور من قبل قط..
بل، ولم يتخيّل حتى أن يواجهها..

لقد تربّى مثل كل شباب "مصر"، وسط شعب يحمل خوفاً غريزياً من رجال الأمن والمسئولين، أياً كانت مناصبهم أو مواقعهم..

إنه مازال -على الرغم من عمله- يخشى رؤية شرطي عادي؛ فماذا عن مواجهته لقيادات أمنية..

لقد أخطأ كثيراً، عندما وافق "رشدي" على ما طلبه، وأعاد فحص جثة "أمين ضياء"..
لم يكن له أن يفعل هذا بصفة شخصية أبداً..

من المحتمل إذن أن يتورّط في الأمر، عندما يتمّ إبلاغ النائب العام..
يا إلهي!! ليس من المحتمل.. بل من المؤكد..

أصابه هلع شديد، عندما بلغ بتفكيره هذه النقطة، وهبّ من مقعده في ارتياع، وقد اتّسعت عيناه عن آخرهما، وهو يحوّل أفكاره إلى صوت مسموع، قائلاً لنفسه، في اضطراب شديد:

- لن تكون هناك وسيلة للإبلاغ، ما لم يتمّ فحص جثة "أمين ضياء" مرة أخرى؛ لتحديد سبب الوفاة.. وحتى لو لم يُبلغهم "رشدي" بأننا قد فعلناها؛ فالطبيب الذي سيُعيد فحص الجثة سيكشف الأمر حتماً.. يا إلهي! يا إلهي!

بدأ رعبه يرسم له سيناريو مخيفاً للأحداث القادمة..

طبيب شرعي جديد يفحص الجثة، ويؤكد أنه قد تمّ فحص هذه المنطقة من قبل، ثم يعودون إلى السجلات، ويعثرون على اسمه، كطبيب نوبتجي، في نفس الفترة التي تمّ فيها الفحص السابق، و..
وينتقمون منه..
و..

تجمدّت أفكاره وكلماته عند هذه النقطة، ورسم الهلع ملامحه على كل خلجة من خلجاته، وراح جسده ينتفض انتفاضات متوالية، وهو يهتف بالتومرجي المناوب:

- "سيد".. "سيد"..

لم يكن يدري لماذا يناديه؛ ولكنه كان يرغب بشدة في الشعور بأنه ليس وحده، في تلك اللحظات الأولى في الفجر، والتي تبعث في المعتاد نسمات النوم، في أية جفون مجهدة؛ فاندفع خارجاً، وهو يواصل النداء، في عصبية شديدة للغاية:

- أين أنت يا "سيد"..أيها الـ..

تجمدّت قدماه، واتسعت عيناه على نحو فاق الطبيعي، وهو يحدّق في جسد التومرجي الساقط أرضاً، والتقطت أنفه تلك الرائحة النفّاذة، وهو يصرخ:

- ماذا يحدث هنا؟!

تنامى إلى مسامعه وقْع أقدام تتحرّك نحوه في خفة؛ فالتفت نحوها، وهو يطلق شهقة رعب، ووقع بصره على رجل متّشح بالسواد، يندفع نحوه، وهو يُخفي وجهه بمنديل كبير، يمسكه بيسراه، في حين تحمل يمناه علبة من الصفيح، ضغط فوهتها؛ فاندفع منها رذاذ، حمل تلك الرائحة النفاّذة في قوة..

وعلى الرغم منه، ومع أثر المفاجأة، استنشق الكثير من ذلك الرذاذ القوي..
الكثير جداً..

ولقد حاول أن يطلق صرخة ما..
حاول..
وحاول..
وحاول..

ثم انهارت محاولته دفعة واحدة..
وأظلم كل شيء من حوله..
تماماً..
* * *
"هناك حتماً تفسير منطقي لكل هذا.."

نطقها اللواء "سامي" للمرة العاشرة، وهو يتطلّع إلى السماء، التي أضاءتها أشعة الشمس منذ لحظات؛ فتمتم "حاتم"، وهو يفرك عينيه في إرهاق شديد، ويقاوم رغبة مسعورة في النوم:

- إنني أحاول البحث عنه، منذ راودتني تلك الذكريات العجيبة.

التفت إليه "سامي"، وهو يقول في توتر ملحوظ:

- الأمر لا يقتصر على مجرّد ذكريات.

فرك عينيه بدوره في إرهاق مماثل، قبل أن يُتابع في توتر أكثر:

- هناك بطاقة رقم قومي، مزوّرة بإتقان مذهل، وبصمات ليس لها مرجع.

صمت لحظة، قبل أن يضيف في حدة:

- وليس هناك أقارب، يمكن الرجوع إليهم؛ لتأكيد هويتك حتى..

ارتفع حاجبا "حاتم"، والعبارة تخترق رأسه..

ليس هناك أقارب!!
كيف هذا؟!

لا أشقاء..
أو أعمام..
أو أخوال..

أو حتى أصدقاء قدامى..
لا أحد على الإطلاق!!

إنه لا يذكر شخصاً واحداً، يمكن أن يذكره لهم!!

شخص واحد، يمكن الرجوع إليه؛ لتأكيد هويته..

" زوجتي.."

هتف بالكلمة في لهفة، فانعقد حاجبا اللواء، وهو يعود للجلوس خلف مكتبه، مرددّاً:

- زوجتك؟!

أجابه "حاتم" في لهفة:

- نعم.. زوجتي وعائلتها، يمكنهم تأكيد هويتي..

تراجع اللواء في مقعده، وغمغم وهو يفكّر:

- زوجتك وعائلتها؟!

ثم اعتدل في حركة حادة، مكملاً:

- وهل يمكنهم تحديد أي قريب أو صديق لك؟! هل حضر بعضهم حفل زفافك، ويمكن الرجوع إليه؟!

اتسعت عينا "حاتم"، وهو يتراجع في مقعده، قائلاً:

- كلا.

هتف به اللواء، في دهشة مستنكرة:

- كلا؟! هل تعني أنهم قد قبلوا زواجك بابنتهم، دون أن يعلموا شيئاً عن عائلتك أو أصدقائك.. ودون أن يحضر حفل زفافك شخص واحد من طرفك؟! أي زواج هذا؟!

غمغم "حاتم"، وهو ينكمش أكثر في مقعده، وصوته يزداد خفوتاً:

- لقد حضر أصدقاء وزملاء العمل.

انعقد حاجبا اللواء، وهو يقول:

- العمل، الذي التحقت به، ببطاقة رقم قومي زائفة؟!

ارتبك "حاتم"، وغمغم، وكأنه يحدّث نفسه:

- ولكنني أجيده بشهادة الجميع.. إنه مهنتي الأصلية، تحت أي مقياس.

تراجع اللواء في مقعده، وقال في صرامة:

- هذا سيحتاج إلى شهادة زملاء عملك.

رفع "حاتم" عينيه إليه، قائلاً في لهفة:

- كلهم سيؤكدون هذا.

تنهّد اللواء "سامي"، وهو يقول:

- ولكن أحداً منهم لن يمكنه إرشادنا إلى قريب أو صديق قديم، يخبرنا عن ماضيك..

الماضي؟!
كيف لم يخطر بباله هذا قط؟!

إنه لا يذكر بالفعل شيئاً عن ماضيه..
أي شيء..

وهذا أمر غير طبيعي..
على الإطلاق..

انتزعه من أفكاره رنين مفاجئ لهاتف اللواء، الذي التقطه في سرعة، وهو يقول في توتر:

- ماذا هناك، في هذه الساعة المبكّرة؟!

انعقد حاجباه في شدة، وهو يستمع إلى محدّثه، ثم قال في صرامة شديدة التوتر:

- أرسل عربة المعمل الجنائي فوراً، وسآتي خلال لحظات.

أنهى المحادثة في حدة، والتقت عيناه بعيني "حاتم" القلقتين المتسائلتين؛ فقال وهو ينهض في توتر:

- جثة "أمين ضياء" اختفت من مشرحة "زينهم".. ودون أدنى أثر.

وكانت مفاجأة جديدة..
وعنيفة..
للغاية..
يتبع

عهد Amsdsei 31-10-10 07:34 PM

السلام عليكم
الفصل الثالث عشر من الرواية
ذاكرة الغد(13)...المؤامرة
***********************************
ذاكرة الغد(13).. المؤامرة
الدكتور نبيل فاروق رمضان
لم يكن جسد الطبيب الشرعي الشاب، قد توقّف بعد عن الارتجاف، عندما وصل "رشدي عبد الهادي" مندفعاً إلى المشرحة، وهو يهتف به:
- كيف حدث هذا؟!
رفع الطبيب عينيه إليه في بؤس عجيب، وهو يجيب:
- لست أدري!! لقد هاجمني شخص مقنّع، وأفقدني الوعي، و..
قاطعه "رشدي" في عصبية:
- هل بلغوا هذا الحد؟!
بدا صوت الطبيب الشاب أقرب إلى البكاء، وهو يقول:
- لقد حذّرتك.
انعقد حاجبا "رشدي" في ضيق، وهو يقول:
- هل سرقوا جثة "أمين ضياء" وحدها؟!
أومأ الطبيب برأسه إيجاباً في يأس؛ فقال "رشدي" في غضب:
- من الواضح أنهم كانوا من العجلة، بحيث لم يهتمّوا حتى بإخفاء أو تمويه هدفهم الحقيقي.
" ماذا تفعل هنا؟!"
اخترق ذلك الصوت الصارم الموقف فجأة؛ فاتسعت عينا الطبيب الشاب في ذعر، في حين التفت "رشدي" إلى مصدره في حركة حادة، ليقع بصره على "هشام حمزة"، الذي تألقت عيناه في ظفر شامتاً، وهو يضيف:
- هذا التحقيق يخصني وحدي.
ثم عقد ساعديه أمام صدره في تحدٍّ، مكملاً:
- القيادة السياسية كلفتني إياه.
رمقه "رشدي" بنظرة مقت، لم يحاول تجميلها وهو يقول:
- تسلسل طبيعي للمؤامرة.
هــّز "هشام" كتفيه، في استهتار واثق، قائلاً:
- هذا ما يصوّره لك خيالك المريض، ولكن حتى هذا، لا يمنحك حق التواجد هنا.
اقترب "رشدي" منه، وبادله نظرة التحدي، قائلاً:
- كلانا يعلم أن جثة "أمين ضياء" تمّت سرقتها، لإخفاء اغتياله المتعمّد.
عاد "هشام" يهزّ كتفيه، قائلاً:
- التحقيقات لم تسفر عن شيء بعد.
قال "رشدي" في حدة:
- أية تحقيقات؟! التي تجريها أنت؟!
انعقد حاجبا "هشام" في غضب واضح، وقال في حدّة مماثلة:
- قلت لك.. إنه لا يحقّ لك التواجد هنا، خلال هذا التحقيق، الذي يهمّ أعلى مستويات القيادة السياسية، وإن لم ترحل فوراً، فسأضطر إلى اتخاذ إجراء، يتنافي وكرامة رجال الشرطة.
ساد الصمت لحظات، وكل منهما ينظر إلى عيني الآخر، في تحدٍّ سافر، قبل أن يقول "رشدي" في بطء:
- سأبلغ النائب العام بما لديّ.
ابتسم "هشام" في سخرية، وهو يقول:
- بدون جثة؟! أشك أن يستمع إليك أحد.
مضت لحظة أخرى من الصمت، ثم قال "رشدي" في صرامة:
- سنرى.
قالها، والتفت يُلقي نظرة أخيرة، على ذلك الطبيب الشرعي الشاب، قبل أن يندفع مغادراً المكان..
وبعينين متألقتين، تَبِعه "هشام" ببصره، ثم التفت إلى الطبيب الشاب، وقال في صرامة قاسية مخيفة:
- والآن استعدّ، فستقصّ عليّ قصة حياتك، منذ أن عملت في هذا المضمار، وحتى هذه اللحظة، دون أن تهمل تفصيلاً واحداً، وإلا..
وانكمش الطبيب الشاب في مقعده في خوف..
خوف شديد..
للغاية..
* * *
كل شيء كان يسير على ما يرام..
السيارات الصاروخية تقطع الطرقات في انتظام..
الدوريات الطائرة تحفظ النظام والأمن، وتراقب انسياب الحركة المرورية..
وفجأة، انحرفت تلك السيارة، دون سابق إنذار..
انحرافها المباغت أربك الحركة المرورية كلها، مما تسبّب في أوّل حادثة مرورية داخل المدينة، منذ عقد كامل على الأقل..
ولكن تلك السيارة لم تبالِ بما حدث..
لقد انحرفت؛ لتندفع نحو سيارته مباشرة..
ولقد رآها تقترب..
وتقترب..
وتقترب..
ثم اندفعت تلك السيارة القوية، بين سيارته وتلك المهاجمة..
و..
"أين ذهبْتَ؟!"
ألقى اللواء "سامي" سؤاله في عصبية، وهو يهزّ "حاتم" في قوة، فانتفض هذا الأخير، واندهش لاستغراقه في أحلامه، في مثل هذه الظروف، وهتف في صوت عصبي:
- ماذا حدث؟!
صاح فيه اللواء "سامي" في حدة:
- ماذا حدث؟! يا له من سؤال! أُخبرك أن جثة "أمين ضياء" قد سُرقت من المشرحة، فتستغرق في النوم!!
هــّز "حاتم" رأسه في قوة، وهو يقول:
- لم يكن نوماً.
سأله في غضب:
- ماذا كان إذن؟!
أطلّت حيرة واضحة، من عيني "حاتم" وملامحه، وهو يجيب:
- لست أدري.
انعقد حاجبا اللواء "سامي" في غضب، فاستطرد "حاتم" في توتر:
- أقسم أنني لست أدري؟!
وعاودته تلك الحيرة الشاردة، وهو يكمل:
- إنها تبدو أشبه برؤيا، تهاجم عقلي فجأة، أو كذاكرة من زمن آخر، أرسلها أحدهم إلى عقلي بوسيلة ما.
قال اللواء "سامي" في حدة:
- أخبرتك أنني لا أؤمن بهذا.
قلب "حاتم" كفيه في حيرة، قائلاً:
- ومن أخبرَكَ أنني أؤمن به؟! إنني أصف لك ما يحدث لي فحسب، ولست أحاول إقناعك به.
انعقد حاجبا اللواء "سامي" أكثر، وهو يتأمله في دهشة..
أمجنون هو؟!
أم واهم؟!
أم هيستيري؟!
أم..
ترددّ كثيراً، عند تلك النقطة، قبل أن يهتف بها عقله..
أم أنه صادق؟! وأنه هناك رؤيا تأتيه لسبب ما؟!
احتمال ليس عملياً أو منطقياً.. ولكنه وارد..
لقد كشف حقيقة غامضة، تؤيدها كل الأحداث التي تلتها، وظهوره على الساحة قد يعني أن..
ولكن لا..
ماذا عن بطاقة الرقم القومي، المزيّفة بإتقان؟!
ماذا عن تاريخه الغامض؟!
وماذا عن..
قبل أن يُتمّ تساؤله الأخير، دوى ذلك الانفجار فجأة..
انفجار نسف جزءاً من جدار مكتب اللواء، ودفعه إلى الأمام، ليرتطم بـ"حاتم" ويسقط كلاهما أرضاً..
وفي اللحظة التالية، وقبل حتى أن يطرح أحدهما تساؤلاً واحداً، حدث أمر مذهل..
إلى أقصى الحدود..
* * *
"أريد رؤية زوجي"
نطقتها زوجة "حاتم" في صرامة عصبية، وهي تقف أمام ضابط أمن الدولة، في ذلك المبنى الرئيسي في "مدينة نصر"؛ فنظر إليها الضابط في دهشة، قبل أن يسألها، في صرامة اعتادها:
- ومن أخبرك أن زوجك هنا؟!
أجابته في حزم شديد العصبية:
- إنه هنا.
تراجع الضابط في دهشة، وتطلّع إليها بضع لحظات قبل أن يسألها:
- سيّدتي.. هل تعلمين أين أنت بالضبط؟!
أجابته في حدة، لم تخلُ من التوتر الشديد:
- في مبنى أمن الدولة، الذي يخشاه كل فرد في "مصر"؛ لأن ما يحدث فيه ليس قانونياً، ولأنه صورة حديثة من البوليس السياسي القديم، الذي لم يكن يعترف بحقّ، أو حرية، أو قانون، أو دستور.. أعلم جيداً أين أنا، وعلى الرغم من أنني أتمتع بكامل قواي العقلية؛ فإنني لا أخشاكم.
ارتفع حاجبا الضابط في دهشة عارمة، وتراجع كالمصدوم؛ في حين انخفض صوتها، وهي تتابع في مرارة شديدة:
- ولكن خوفي على مصير زوجي، يفوق خوفي منكم ألف مرة.
لم تكد تنتهي من حديثها، حتى بدأ جسدها ينتفض في عنف؛ فمال الضابط نحوها في إشفاق، قائلاً:
- ما اسم زوجك يا سيّدتي؟!
أجابته في لهفة:
- "حاتم الـ.."
قبل أن تُتمّ عبارتها، دوى ذلك الانفجار..
ومع دويّه، حدثت تلك الظاهرة الخارقة..
وعلى نحو مباغت..
يتبع

عهد Amsdsei 31-10-10 08:26 PM

السلام عليكم
الآن مع تحميل هذين الفصلين
ذاكرة الغد(12)...بلا أثر
ذاكرة الغد(13)...مؤامرة
شكرا لكم
:liilas:

عهد Amsdsei 05-11-10 05:19 PM

السلام عليكم
كيف حالكم جميعا ... جمعة مباركة:liilas:
***********************************
ذاكرة الغد (14).. الظاهرة
الدكتور نبيل فاروق رمضان
غصة كبيرة، تلك التي ضاق بها حلق "رشدي"، وهو يقود سيارته، من مشرحة "زينهم"، إلى مكتب النائب العام..

إنها مؤامرة محكمة بحق..

مؤامرة، أحكموا آخر خيوطها، عندما سرقوا جثة "أمين ضياء" من المشرحة، بهذه الخطة الانتحارية..

لقد كان "هشام" على حق..

في غياب الجثة، لا يوجد دليل واحد..

تقرير التشريح الرسمي، يقول: إن سبب الوفاة هو حادث القطار..
ولا توجد جثة لنفي هذا..

والشاهد الوحيد هو الطبيب الشاب، الذي قام بإعادة تشريح الجثة، على نحو غير قانوني..

والحادث أتلف أية أدلة مادية، قد تتواجد في القطار..

وشهادة "حاتم"، حتماً لن يأخذ بها مخلوق واحد؛ بل وسيتمّ بناء عليها، التشكيك في قواه العقلية أيضاً..

لم تَعُد هناك وسيلة لكشف الحقيقة إذن..
أية وسيلة..

وهذا يعني أن المتآمرين قد نجحوا، وتخلّصوا من خصمهم، قبل أن يكشف تلك الوثائق، التي تُدينهم..

وهذا يُشعره بالاختناق..
اختناق شديد..

لقد تخلّصوا من كل ما يُدينهم، في شخص واحد..

"أمين ضياء"..

أوقف سيارته، إلى جانب الطريق، ودفن وجهه بين كفيه، وهو يغمغم في مرارة بلا حدود:

- كيف يمكنني تجاوز هذا؟! كيف؟

لم يدرِ كيف يمكن أن يقاوم تآمرهم، ويكشف أمرهم!!
كيف؟!
كيف؟!
كيف؟!

أدار الأمر على كل الوجوه، وتوقّف طويلاً عند واقعة سرقة جثة "أمين ضياء"..

لقد انتهت معه أدلة الإثبات..
كل الأدلة..
ولكن لا..

توّقف عند نقطة بعينها، وانعقد حاجباه في شدة، وهو يغمغم:

- ما زالت هناك الوثائق.. لقد تخلّصوا من "أمين"؛ ولكن.. هل تخلّصوا من الوثائق التي جمعها أيضاً؟!

تراجع في مقعده، وعاد يدرس الموقف مرة أخرى..

"أمين ضياء" توّصل إلى شيء ما يدينهم، ولهذا تخلّصوا منه..
فما هو هذا الشيء؟!!
وما الوثائق التي جمعها؟!

نعم.. هذه هي الأسئلة الصحيحة..
وهذا هو السبيل الأصح..

البداية..
أن يبدأ بحثه من البداية..

سيسعى خلف نفس ما سعى إليه "أمين ضياء".. ويكشف ما كشفه.. ويعرف ما الذي توصّل إليه..
هذا هو السبيل الوحيد..

اعتدل في حماس، عندما بلغ هذه النقطة، وأدار محرّك سيّارته، وهو يقول في نبرة جديدة:

- فليفعلوا كل ما بوسعهم.. يمكرون ويمكر الله.. والله سبحانه وتعالى خير الماكرين.

كان قد بدأ الانطلاق بسيّارته، عندما تنامى إلى مسامعه من بعيد، دوي ذلك الانفجار..

ثم أعقبته تلك الظاهرة العجيبة، التي جعلته يضغط فرامل سيارته في قوة، وهو يوقفها مرة أخرى إلى جانب الطريق، وقد اتسعت عيناه..

عن آخرهما..
* * *
أأنت واثق من هذا؟!

ألقى ذلك المسئول سؤاله، على رئيس طاقم أمنه، في توتّر ملحوظ؛ فشّد هذا الأخير قامته، وقال في حسم:

- تمام الثقة يا سيّدي.. لقد دمّرت حقيبة الوثائق بنفسي، بعد أن وصلتني..

تراجع المسئول في مقعده، وهو يقول في عصبية:

- كان ينبغي أن تطلعني عليها أوّلاً..

ثم اعتدل في حركة حادة، مستطرداً:

- وأن يتمّ تدميرها أمامي شخصياً.

بدت الدهشة على وجه رئيس أمنه، وهو يقول مرتبكاً:

- ولماذا يا سيّدي؟!

ضرب المسئول سطح مكتبه بقبضته في قوة، وهو يهتف:

- حتى أطمئن إلى تدميرها بالفعل.

احتقن وجه رئيس الأمن، وهو يقول:

- سيّدي.. هل تراودك الشكوك بشأني؟!

لوّح المسئول بذراعه كلها، وهو يهتف:

- الشكوك تراودني، بشأن كل مخلوق.

اتسعت عينا رئيس الأمن، وهو يقول مصدوماً:

- ولكنني مشارك في كل ما حدث يا سيّدي، وأطيع أوامرك في كل ما تأمر به، و..

قاطعه المسئول بإشارة من يده، ثم أعاد تلك اليد؛ ليخفي بها وجهه لحظات، قبل أن يرفعها، ويرفع عينيه معها إلى رئيس الأمن، قائلاً:

- معذرة يا رجل؛ ولكن الموقف كله يصيبني بتوتر لا حدود له.

خفض رئيس الأمن عينيه وصوته، وهو يغمغم:

- أعلم هذا يا سيّدي.. أعلم هذا.

نهض المسئول من خلف مكتبه، ودار حوله؛ ليضع يده على كتف رئيس الأمن، قائلاً في توتر، بذل جهداً عبثياً لإخفائه:

- أنت تعلم أن تلك الوثائق تعني نهايتي سياسياً، ومعظمها يعني نهايتك أيضاً، وما فعلناه لمنع نشرها، يعني نهايتنا جنائياً أيضاً، وهذا أمر بالغ الخطورة.

لم يُجب رئيس الأمن، وإن ظلّ يتطلّع إليه في حذر؛ فتابع المسئول:

- كثيرون متورّطون معنا في هذا الأمر، وكل منهم مستعد لدفع الملايين للخروج منه..

وتوّقف دفعة واحدة؛ ليضيف في شراسة:

- ومنهم من سيدفع ملايين أخرى، بلا تردّد؛ لشراء تلك الوثائق، والاحتفاظ بها.

امتقع وجه رئيس الأمن، وهو يقول:

- ما الذي يعنيه قولك هذا يا سيّدي؟!

التقط المسئول نفساً عميقاً، وربت على كتفه، قائلاً:

- يعني أنه كان من الضروري أن أرى تلك الوثائق بنفسي، قبل أن يتمّ تدميرها..

ثم أولاه ظهره، وهو يعود إلى مكتبه، مكملاً في صوت حمل كل شك الدنيا:

- كان من الضروري.. جداً.

ازداد وجه رئيس أمنه امتقاعاً، وهو يغمغم:

- أقسم أنني قد دمرتها.

ابتسم المسئول ابتسامة أشبه بالذئاب، وهو يقول:

- بالتأكيد.

شعر رئيس الأمن باضطراب شديد، وهو يتطلّع إلى ابتسامة ذلك المسئول، الذي صمت بضع لحظات، ثم قال في هدوء عجيب:

- ولكن عليك أن تنتبه إلى هذا، في المرات القادمة.

انخفض صوت رئيس الأمن، وهو يتمتم:

- سافعل يا سيّدي.. سأفعل..

أشار إليه المسئول، قائلاً في صرامة:

- والآن.. اتركني وحدي قليلاً.

تراجع رئيس الأمن، وهو يقول:

- كما تأمر يا سيّدي.. كما تأمر.

وما إن غادر رئيس الأمن المكتب، حتى انعقد حاجبا المسئول في شدة، وغمغم بمنتهى المقت:

- ومن أدراني أنك قد فعلت؟!

ثم التقط هاتفه الخاص، وطلب رقماً، وما إن استمع إلى محدّثه، حتى قال في صرامة عصبية:

- "هشام".. لدينا مشكلة جديدة.. بوق يرغب في أن ينطلق لحسابه.. وعلينا أن نخرسه.. وإلى الأبد..

وأنهى المحادثة، وعيناه تحملان المقت..
كل المقت..
* * *
ظاهرة عجيبة، تلك التي حدثت عند مقرّ أمن الدولة، في ذلك الصباح المبكّر..

كان كل شيء عادياً، والسماء صافية صحوة، و..

وفجأة، تكوّنت تلك الفقاعة في السماء..

فقاعة نصف شفافة، تكّونت على مسافة متر واحد، من نافذة حجرة مكتب اللواء "سامي"، ثم اندفعت منها حزمة من الأشعة فجأة؛ لتضرب الجدار في قوة مباغتة..

ومع دوي الانفجار، اختفت تلك الفقاعة..
تماماً..

وقد طار جسد اللواء "سامي" مع الانفجار، وارتطم بجسد "حاتم"، وسقط كلاهما أرضاً، قبل أن يهتف اللواء:

- ماذا..

لم يكتمل هتافه، مع تألق عجيب داخل ما تبقى من حجرته؛ فالتفت إليه مع "حاتم"..
واتسعت عيونهما معاً..
في شدة وذهول..
عنيفين...
يتبع

عهد Amsdsei 05-11-10 05:28 PM

السلام عليكم
كيف حالكم جميعا ........ جمعة مباركة
الآن مع تحميل الفصل الجديد لرواية الدكتور نبيل فاروق
ذاكرة الغد(14).... الظاهرة
أرجوا أن تستمتعوا
:liilas:

مس تومي 07-11-10 08:10 PM

السلام عليكم
يا عهد بالله عليكى
انا فعلا مش قادرة استنى
حاولى تحملى اجزاء كتير مع بعض
الاعداد مشوقة اوى
انا بدخل كل يوم هنا علشان اشوف يمكن فى عدد جديد
خلاص حاولى بسرعة

عهد Amsdsei 08-11-10 04:05 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ranmagdy (المشاركة 2515639)
السلام عليكم
يا عهد بالله عليكى
انا فعلا مش قادرة استنى
حاولى تحملى اجزاء كتير مع بعض
الاعداد مشوقة اوى
انا بدخل كل يوم هنا علشان اشوف يمكن فى عدد جديد
خلاص حاولى بسرعة

السلام عليكم
كيف حالك يا ران أنا سعيدة إني شفت ردّك
إذا كان بمقدوري أني أنزل أكثر كنت نزّلت
بس أصلا الدكتور نبيل فاروق بينزل فصلين كل اسبوع
تقريبا بس عشانك دلوقت حقدم لك الفصل الخامس عشر
(مبسوطة يا ستي)
إلى اللقاء
:liilas:

عهد Amsdsei 08-11-10 04:12 PM

السلام عليكم
أترككم مع الفصل الخامس عشر من رواية الدكتور نبيل فاروق ذاكرة الغد
**************************************************
ذاكرة الغد (15).. الذاكرة
الدكتور نبيل فاروق رمضان
فوجئ وزير الداخلية في مكتبه، بحالة من اضطراب غير طبيعي، جعله يسأل مدير المكتب في حدة، عبر وحدة الاتصال الداخلي:

- ماذا يحدث بالضبط؟!

اندفع إليه مدير مكتبه، وهو مضطرب بشدة، وهتف:

- هجوم يا سيادة الوزير، هجوم إرهابي، على مقرّ أمن الدولة، في مدينة نصر.

ارتفع حاجبا الوزير في دهشة، وقال في لهجة آمرة، صارمة:

- أرسل قوات مكافحة الإرهاب إلى هناك فوراً.

تردّد مدير مكتبه لحظة، جعلته يصرخ فيه:

- ماذا هناك؟!! تحرّك..

أجابه الرجل في سرعة واضطراب:

- إنه ليس هجوماً تقليدياً يا سيادة الوزير، وإلا لكان أمن المبنى هناك كفيلاً بصدّه.

نهض الوزير في توتر شديد، متسائلاً:

- أهجوم بالدبابات هو؟!

هزّ مدير مكتبه رأسه في قوة، وهو يهتف:

- بل هجوم بقوة مجهولة.. قوة لا يُدرك أحد حتى ماهيتها.. قوة اخترقت الجدران المصفّحة، وكأنها قالب من الزبد..

وتراجع الوزير كالمصدوم، واتسعت عيناه عن آخرهما..
وبشدة..

لم تكن عيناه وحدهما ما اتسعتا على هذا النحو، وإنما عينا اللواء "سامي" أيضاً، وهو يحدّق ذاهلاً فيما أمامه..

لقد انفجر جدار مكتبه، ودفعه الانفجار نحو "حاتم"، وسقط كلاهما أرضاً، ثم حدث ما حدث..

فقّاعة كبيرة، تكوّنت داخل الحجرة، ثم تلاشت فجأة، وبرز من وسطها رجل شرس الملامح، يرتدي حُلّة خضراء اللون، لامعة، من قطعة واحدة، ويحمل في يده شيئاً أشبه بالمسدس، ولكن تكوينه يختلف تماماً..

كان رجال أمن المبنى يعدون نحو حجرة اللواء "سامي"، عندما هتف هذا الأخير بكل ذهول:

- ما هذا بالضبط؟!

وفي حركة باردة، رفع الرجل سلاحه نحوه، دون أي تبدٌّل في ملامحه، و..
وأطلق النار..

كرات عجيبة من الطاقة، انطلقت من سلاحه، وأصابت اللواء "سامي"، فانتفض جسده في عنف رهيب، وكأنما أصابته ألف ألف صاعقة، وانطلقت من حلقه شهقة، هي مزيج من الدهشة والألم، قبل أن يتألق جسده كله، ثم ينهار، وقد احترقت معظم أجزائه..

وبنفس البرود، أدار ذلك الرجل سلاحه نحو "حاتم"..

وتراجع "حاتم"، وهو يطلق شهقة محدودة مختنقة..
ومن أعمق أعماق ذاكرته، وثب شيء ما..
شيء جعله يدرك أنه يعرف ذلك الرجل..
يعرفه جيداً..
و..

فجأة، اقتحم رجال الأمن الحجرة..
وفوراً، أطلقوا النار على ذلك الرجل..
أطلقوا عشرات الرصاصات..
وأصابت كلها هدفها..

ولكن الهدف لم يتحّرك قيد أنملة..
بل لم يبد عليه حتى، أنه قد تأثّر بالرصاصات..
لقد تلاشت كلها، قبل سنتيمتر واحد من وصولها إليه، بصوت أشبه بأعواد ثقاب متتالية تشتعل.

وفي برود، التفت هو إلى رجال الأمن، وصوّب إليهم سلاحه..

وبكل قوته، صرخ "حاتم":

- ابتعدوا.

صرخ بها، وهو يزيح جثة اللواء "سامي" المحترقة من فوقه، ويهبّ من مكانه، في مرونة مدهشة، لم يتصوّر هو نفسه أنه يمتلكها..

وفي نفس اللحظة، التي انطلقت فيها كرات الطاقة، نحو رجال الأمن، كان "حاتم" ينقضّ على ذلك القادم بكل قوته..

ولقد كانت انقضاضة بالغة العنف بحق..

انقضاضة جعلت لارتطام جسديهما دوياً عنيفاً، أشبه بِدَويّ ارتطام جسمين معدنيين قويين..

ومع سقوط رجال الأمن، كان القتال يبدأ..
انقضاضة "حاتم"، على الرغم من عنفها، حرّكت ذلك الرجل خطوتين فحسب إلى الخلف..

ثم بدأ هو ينقضّ..

بضربة واحدة، ألقى "حاتم" عبر الحجرة، ليرتطم بالجدار المقابل في عنف، ثم يسقط أرضاً..

وبنفس البرود العجيب، رفع ذلك سلاحه نحوه..
وأطلق كرات الطاقة..

كان من الطبيعي، مع هذه السرعة، أن تصيب تلك الكرات "حاتم" في مقتل؛ إلا أن ما فعله جسده كان عجيباً بحق..

لقد وثب من مكانه، وضرب الجدار بقدمه، ثم طار منه عبر الحجرة، إلى الجدار المجاور، وكأنه يمشي على الجدران، ثم هبط أرضاً، وانزلق إلى الجدار المقابل، قبل أن يدور حول نفسه، في مرونة يحسده عليها أمهر رجال أشهر سيرك في العالم، وتعلّق برقبة الرجل من الخلف، وأدار ذراعيه حولها في قوة..

كان إيقاعه مدهشاً، حتى إن من رأوه من رجال الأمن الآخرين، الذين يعدون نحو المكان، من نهاية الممر، بدا أشبه لهم بخداع بصري، أو بضرب من ضروب السحر؛ ولكن ذلك الرجل، ذا الثوب الأخضر، أدار يده خلف ظهره بحركة سريعة، وانتزع "حاتم" من مكانه، في قوة خارقة، وألقى به عبر الحجرة، فعبر جسده الباب المفتوح، وطار لأربعة أمتار في الممر الطويل، قبل أن يسقط في عنف، أمام رجال الأمن، الذين توقّفوا مبهوتين، وتراجعوا على نحو غريزي، وهم يصوّبون له أسلحتهم..

وبنفس الهدوء المخيف، غادر ذلك الرجل الحجرة إلى الممر، وصوّب سلاحه العجيب..

كان كل رجال الأمن أمامه، ولكنه صوّب سلاحه نحو هدف واحد لا غير..

- "حاتم"..

ولكن فجأة، تكررت الظاهرة..
وبعنف أكثر..

فرقعة عنيفة دوّت في المكان، وارتجّ لها المبنى كله، والتفت معها ذلك الأخضر في حدة، قبل أن يبرز من وسط فقاعة أكبر حجماً، رجل مفتول العضلات، يرتدي زياً مشابهاً للأوّل؛ ولكنه أزرق اللون، شديد اللمعان..

وكان أيضاً يحمل سلاحاً عجيباً..

وبكل شراسة الدنيا، استدار إليه الأخضر، وأطلق زمجرة وحشية، لعلها كل ما أطلقه من صوت، ثم أطلق كرات الطاقة من سلاحه..

وبدون أن يبتعد أو يتأثر، أو يحاول حتى تفادي تلك الكرات، رفع مفتول العضلات سلاحه، وأطلق منه كرات طاقة أخرى..

كرات أكبر حجماً، وأكثر قوة..
بكثير..

وتراجع رجال الأمن مذعورين، أمام ذلك الصراع الرهيب، وانطلقوا يعدون مبتعدين، وهم يطلبون الدعم والعون..

وعبر الممر، اصطدمت كرات الطاقة في عنف، ودوت في المكان انفجارات شديدة القوة، وارتجّ المبنى كما لم يرتجّ من قبل، وتألّق الممرّ كله بضوء رهيب..

والعجيب أن "حاتم"؛ على الرغم من عنف الموقف، نهض في هدوء، يتابع ما يحدث، وكأنه أمر اعتاد رؤيته منذ زمن..
أو في زمن مغاير للزمن..

ومن عينيه، كانت تطلّ لمحة ثقة..
ثقة كبيرة..
وعجيبة..

وفي مكتب رئيس جهاز أمن الدولة، كان الكل شديد الاضطراب، وكان يهتف، في عصبية شديدة:

- ماذا يحدث هنا بالضبط؟!

أجابه أحد قياداته، في توتر واضح:

- شيء ما يهاجمنا.. ليس شيئاً تقليدياً بالتأكيد؛ فما وصفه رجال الأمن يبدو أشبه بفيلم "حرب الكواكب".

صاح فيه رئيس الجهاز في غضب:

- هراء! رجالنا لم يفهموا سلاحاً جديداً ابتكره الإرهابيون؛ ولكن علينا مواجهتهم، مهما كان ما يستخدمونه من سلاح.

قال القيادي بنفس توتره:

- إنهم ليسوا حتماً إرهابيين يا سيّدي.

صاح به في غضب:

- لقد هاجموا المبنى، وقتلوا رجالنا، فكيف تجزم بأنهم ليسوا كذلك، بهذه السرعة؟!

أجابه الرجل، وصوته يرتجف من فرط الانفعال:

- لأن من الواضح أن رجالنا اعترضوا طريق هدفهم الأصلي فحسب.

سأله رئيسه، وقد حلّ قلقه وفضوله محلّ غضبه:

- وكيف يمكنك الجزم؟!

هزّ القيادي رأسه، قائلاً:

- لأنهم الآن يتقاتلون فيما بينهم.

تراجع رئيس الجهاز في دهشة؛ في حين أكمل القيادي، بكل توتر الدنيا:

- إننا لسنا الهدف.. بل ساحة المعركة فحسب.

في اللحظة نفسها التي نطق فيها عبارته؛ كان الضوء المبهر في الممر ينقشع، ليكشف ذلك الأخضر الشرس، الذي سقط أرضاً جثة هامدة، دون أن تفقد ملامحه برودها، في حين تقدّم الأزرق مفتول العضلات من "حاتم"، وهو يسأله، في مزيج من القلق والاحترام والتوقير:

- أأنت بخير؟..

وهنا.. وفي لحظة واحدة، استعاد "حاتم" ذاكرته..
كل ذاكرته..
يتبع

عهد Amsdsei 08-11-10 04:15 PM

السلام عليكم
الآن مع تحميل
ذاكرة الغد (15)...الذاكرة
إلى اللقااااااااااء مع الفصول القادمة
:liilas:

عهد Amsdsei 13-11-10 08:25 AM

السلام عليكم
كل عام وأنتم بخيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــر
*************************************************
ذاكرة الغد (16).. الغد
الدكتور نبيل فاروق
كل شيء كان يسير على خير ما يرام..

السيارات الصاروخية تنطلق، عبر الشوارع الواسعة، والجسور الهوائية المعلّقة، وفي نظام وانسيابية واضحين، و.....
وفجأة، انحرفت تلك السيارة..


كانت هذه أوّل مرة تتجاوز فيها إحدى السيارات خطوط السير، منذ عدة عقود..
وانطلقت نحوه مباشرة..

ومن داخلها، بدا وجه قائدها في وضوح..
وجه وحشي..
بارد..
قاسٍ..
جامد..

وجه يحمل انطباعا واحدا..
الموت..

وأدرك هو الأمر على الفور..
أدرك أن قائد تلك السيارة يستهدفه..
مباشرة..

وفي حركة سريعة، وثب جانبا، متفاديا اندفاعة السيارة القوية، وألقى نفسه أرضا، وهو يستلّ مسدس الطاقة من حزامه..

وبلا تردّد.. أطلقه..

أصابت كرات طاقته تلك السيارة مباشرة، ودوى انفجار عنيف، لم يعرف ذلك الزمن مثله، منذ فترة طويلة..
ولكن سيارة ثانية انحرفت نحوه..
وثالثة..
ورابعة..

كان من الواضح أنها مؤامرة لاغتياله..

مؤامرة لإيقاف برنامجه الثوري الإصلاحي..

وعلى الرغم من مهاراته وخبراته، وتلك التدريبات الطويلة التي تلقّاها، لم يكن باستطاعته أبدا، مواجهة ثلاث سيارات، في آن واحد..

كان هناك وجه مماثل، يقود كلا منها..
وجه له نفس السمات..

الوحشية.. والبرود.. والقسوة.. والجمود..
وكلهم كانت لهم الملامح نفسها..
وبمنتهى الدقة..

لم يكن هناك مكان، يمكنه أن يذهب إليه، وتلك السيارات الصاروخية الثلاث تنقضّ عليه، من ثلاث زوايا مختلفة، في حصار محكم، و....

وفجأة، دوى انفجار..
وثان..

انفجرت سيارتان، بكرتي طاقة، أتتا من قريب..

وبقيت سيارة واحدة، واصلت انطلاقها نحوه في قوة..

وبوثبة مدهشة، أطلق هو مسدسه..
ودوى الانفجار الرابع والأخير..

ودوت معه صفارات الإنذار القوية..

"أأنت بخير؟!"

هتف بها حارسه الخاص في لهفة، وهو يندفع مع رجاله نحوه، لاهثا في انفعال، فنهض هو، وتطلّع في توتر إلى السيارات الأربع المحترقة، وشاهد حوامات الإطفاء والإسعاف، وهي تنطلق في سماء المكان، وتهبط حول النيران، وحارسه الخاص يضيف بنفس الانفعال:

- أخبرتك أن خروجك منفردا أمر في غاية الخطورة.

نظر إليه لحظة في خواء، قبل أن يعيد مسدسه إلى غمده، قائلا:

- كيف يمكنني إجراء الإصلاحات المنشودة دون أن أرصد أحوال مصر عن قرب.

هزّ حارسه الخاص رأسه في عصبية، وهو يقول:

- يمكننا أن ننقل لك الصورة كاملة، وثلاثية الأبعاد، بحيث تشعر وكأنك تسير وسط طرقات المدينة بالفعل.

انعقد حاجباه، وهو يجيب في صرامة:

- خطأ.. لقد فشلت النظم السابقة، وانتشر فيها الفساد؛ لأن حكامها اكتفوا بالتقارير المكتوبة والمصوّرة، وعزلوا أنفسهم عن هذا الشعب تماما.

قال حارسه، وهو يقوده إلى سيارة الرياسة، حاملا مسدسه لحمايته، من أي هجوم إضافي محتمل:

- ولكنهم عاشوا طويلا.

أجابه في صرامة، وهو يدسّ جسده داخل السيارة.

- لو أنك تسمي هذه حياة.

ركب حارسه الخاص إلى جواره، وهو يقول في حزم:

- ما زال خروجك منفردا بالغ الخطورة، على الرغم من كل نظم التنكّر التكنولوجية؛ فمن الواضح أن للمستنسخين جاسوسا نشطا، في مقر الرياسة.

قال في حزم:

- هذا مؤكّد.

وصمت لحظات مفكرا، قبل أن يعتدل، مضيفا في حزم:

- ولكن لديّ خطة مدهشة؛ لكشف ذلك الجاسوس.

التفت إليه حارسه الخاص، متسائلا في لهفة:

- وما هي؟!

ظل السؤال يدوّي في رأسه، وهو يزيح الأنقاض عن جسده في سهولة، وينهض في زمننا الحاضر، ويستعيد لهجته القيادية الحازمة، قائلا:

- هل كشفتم أمره؟!

أجابه بابتسامة باهتة:

- هو كشف نفسه، عندما أجرى اتصاله بالمستنسخين؛ ليخبرهم أين أخفيناك.

ثم مال نحوه، مضيفا في حزم متوتر:

- ولكن ينبغي أن نعود إلى زمننا فورا.. لن نفسد هذا الزمن، عندما يدركون ماهيتنا.

كان وقع أقدام رجال أمن الدولة يتصاعد، وهم يعدون نحو المكان بأعداد غفيرة، فشدّ هو قامته، وقال:

- نعم.. دعنا نعود.

أمسك حارسه الخاص بيده، وضغط زرا كبيرا في حزامه..

ودوّت في مبنى أمن الدولة فرقعة قوية..
وارتجّ المبنى كله مرة أخرى..

وعندما وصل فريق أمن الدولة بأسلحته، إلى حجرة اللواء "سامي" المدمّرة، كانت جثة هذا الأخير شبه المحترقة ترقد هناك..
وحدها..

فلم يكن هناك أثر لـ"حاتم" أو حارسه الخاص..
لم يكن هناك أدنى أثر..
على الإطلاق..
* * *
ارتجف صوت زوجة "حاتم" مع جسدها في قوة، وارتبكت الكلمات على لسانها، وهي تقول في ارتياع:

- ما حدث لم يكن طبيعيا.. لم يكن كذلك قط.

احتضنتها أمها، في محاولة لتهدئة روعها، وهي تقول ملتاعة:

- اهدئي يا بنيتي.. اهدئي.. أخبريني بكل ما حدث.

راحت زوجة "حاتم" تلّوح بذراعيها، هاتفة:

- شيء لا يمكنني أن أصفه.. فقاعات عجيبة، تتكّون في الهواء، وانفجارات، واضطراب عنيف في مقر أمن الدولة.. هناك شيء غير طبيعي حدث هناك يا أمي.. شيء لا يمكنني وصفه؛ لأنني لم أر مثله من قبل قط.

تسرّب الخوف إلى أمها، وهي تغمغم:

- أهو سلاح جديد؟!

"هذا لا يهم"..

ألقى "هشام حمزة" العبارة، في اللحظة نفسها، وهو يتحدّث إلى ذلك المسئول عبر هاتفه المحمول، قبل أن يتابع في حزم:

- أيا كانت ماهية ما حدث، فهو في صالحنا تماما.

سأله المسئول في توتر:

- وكيف هذا؟! ألم تتولّ الأمور هناك.. في المشرحة؟!

أجابه "هشام" في ثقة:

- اطمئنّ يا سيّدي.. كل شيء يسير وفقا للخطة.. جثة "أمين ضياء" احترقت بالكامل، وتم دفنها وسط الجير الحي، ولن يتبقى منها سنتيمتر واحد صالح للفحص، أما ذلك الطبيب الشرعي الشاب هناك، فلست أظنه سيجرؤ على البوح بحرف واحد مما لديه، ولكن الأهم هو أن ما حدث في مقر مدينة نصر، سيصرف الأنظار عن قضية "أمين ضياء" كلها.

صمت المسئول لحظة، ثم قال في توتر:

- لا يمكنك الاعتماد على هذا.. عندما تهدأ الأمور سيعاودون بحث الأمر، و"رشدي" هذا لن يتوّقف عن نبشه.. ملفه يؤكّد أنه عنيد ومثابر إلى أقصى حد.

أجابه "هشام" في استهتار:

- وماذا سيكون بيده أن يفعل؟!

قال المسئول في حدة:

- يمكنه أن يلجأ إلى الصحافة، وأنت تعلم مثلي أن هذا سيثير قضية صحفية طويلة، وخاصة بين صحف المعارضة، وهذا قد يغرس الشك في قلوب بعض المسئولين القياديين.

انعقد حاجبا "هشام"، وهو يدرس هذا الاحتمال، الذي بدا له منطقيا وممكنا، فقال في حزم:

- لكي تكتمل الخطة إذن، لا بد من اتخاذ خطوة، تحسم كل الأمور، وتغلق ملف "أمين ضياء" نهائيا.

سأله المسئول في لهفة:

- وما هي؟!

ازداد انعقاد حاجبي "هشام"، واكتسب صوته الصارم رنّة قاسية، وهو يجيب:

- القضاء على "رشدي عبد الهادي".. فورا.

وارتجف المسئول..
بقوة.
يتبع

عهد Amsdsei 13-11-10 02:15 PM

السلام عليكم
كل عام وأنتم بألف خير
شكلنا قرّبنا على النهاية في القصة دي
"محدش لاحظ إن دي ثاني مرة بأعرض الصور فيها
غريبة ده أنا أتوقعت غير كده ههههههههها"
الآن مع التحميل
ذاكرة الغد (16).... الغد
الى اللقـــــــــــــــــــــاء
:liilas:

عهد Amsdsei 15-11-10 01:15 PM

السلام عليكم
كل عام و أنتم بألف خير و عافية
*******************************
ذاكرة الغد (17).. النفق
الدكتور نبيل فاروق رمضان
" لماذا كل هذا؟!"..

نطقها الحارس الخاص لـ"حاتم" في توتر، وهو يتطلّع في قلق إلى هذا الأخير، الذي جلس على مقعد هوائي بسيط، وقد ارتكن بوجهه على كفيه في أسى، ولقد رفع رأسه إلى حارسه الخاص، استجابة للسؤال، وهو يكررّه في استنكار حزين:

- لماذا كل هذا؟! تسألني لماذا كل هذا؟! بل أخبرني أنت لمَ كان كل هذا؟! لماذا انتزعتموني من زمني، وعدتم بي نصف قرن إلى الوراء، متخلّياً عن مهامي، وعن خطتي الإصلاحية الجديدة، التي مات الآلاف في سبيلها؟! لماذا؟!



أجابه حارسه الخاص في توتر:

- لأنها كانت الوسيلة الوحيدة لإنقاذك يا سيّدي.. الحرس القديم، المعارض للإصلاح، يحاول اغتيالك بشتى الطرق، منذ تولّيت منصبك هذا، وكدنا نكشف أمرهم، ونُحبط مخططاتهم طوال الوقت، حتى توصّلوا إلى استنساخ جيش صغير من بشر، تمّ إمدادهم بهندسة وراثية؛ بحيث يفقدون المشاعر والعواطف تماماً، ويطيعون الأوامر طاعة عمياء، ويمتلكون في الوقت ذاته قدرات خرافية.. ولقد كادوا بواسطة جيشهم هذا، ينجحون في اغتيالك مرتين، ولما كنا نحتاج إلى تركيزنا بالكامل، حتى نكشف أمرهم، ونقضي على خطتهم؛ فقد رأينا أن حمايتك تفسد هذا التركيز، وأن أفضل وسيلة، لـتأمين الحماية لك، هي إبعادك عن هنا.

قال في غضب:

- إلى زمن ماضٍ.

هزّ الحارس الخاص رأسه، وقال:

- لم تكن هذه هي الخطة في البداية؛ ولكن أستاذك ومستشارك رأى أنك، بعنادك وإصرارك، لن تتوقّف عن ممارسة مهامك الرئاسية أبداً، حتى ولو أيقنت أنك تواجه خطة لاغتيالك، مما سيكشف أمرك، ويحبط كل خطتنا، ولهذا كان اقتراحه باستخدام تقنية نفق الزمن، في نقلك إلى زمن ماضٍ، لا يمكنهم الوصول إليك فيه، حتى نتمّ عملنا.

سأله في حيرة:

- ولكنني لم أكن أذكر شيئاً عن زمني الفعلي.

أجابه حارسه الخاص في اهتمام، وقد لاحظ تغيّر انفعاله:

- محو ذاكرتك مؤقتاً، كان وسيلة حتمية لحمايتك؛ فمنذ أن استقرّت تكنولوجيا السفر عبر الزمن، وهم يراقبون التاريخ مثلنا، ولو أنك، في الزمن الماضي، قد قمت بتصرّف ما، يشفّ عن هويّتك، وسجّل التاريخ هذا، ولو في صفحة حوادث، ولو نُشرت صورتك مرة واحدة، كانوا سيكشفون الأمر، ويرسلون من يسعى للقضاء عليك.

بدا من الواضح أن "حاتم" يدرس الأمر في ذهنه، وأنه يشرحه لنفسه، وهو يغمغم:

- لهذا تمّ تزوير بطاقة الرقم القومي، بتكنولوجيا عصرنا، ولهذا كنت أرى أعمالهم الهندسية بالغة البساطة؛ لأنني درستها بالفعل في المرحلة الأولية.

ابتسم حارسه الخاص، وهو يقول:

- ولهذا بدوت لهم دوماً عبقرياً.

بدت علامات تفكير شارد بضع لحظات، على وجه "حاتم"، قبل أن يلتفت إليه، متسائلاً:

- كم بقيت هناك؟!


أشار إليه حارسه الخاص، مجيباً:

- عشرة أيام، بمقياس زمننا.

سأله في اهتمام صارم:

-وبمقياس زمانهم؟!

صمت حارسه الخاص لحظات، ثم أجاب في خفوت، وكأنما يخشى ردّ الفعل:

- بقيت عامين تقريباً.


انعقد حاجبا "حاتم" في شدة، والأفكار تتداعى في ذهنه بسرعة البرق..
عامان..
زوجته..
اللواء "سامي"..
"هشام حمزة"..
"رشدي عبد الهادي"..
وقضية اغتيال "أمين ضياء"..
و..

" أريد أن أعود.."..

نطقها في حسم صارم، وبلهجة آمرة قوية، وهو ينهض من مقعده؛ فارتجف حارسه الخاص، على الرغم منه، وهو يقول:

- تعود؟! إلى أين؟!

أجابه في صرامة:

- إلى الزمن الذي وضعتموني فيه.

تراجع حارسه الخاص، في دهشة كبيرة، وهو يقول:

- ولماذا؟!

أجابه بمنتهى الحزم:

- هناك أمور، تحتاج إلى تعديل.

بدا حارسه الخاص مذعوراً، وهو يقول:

- لا يا سيّدي... لا.. تعديل الزمن محظور تماماً، وبالغ الخطورة أيضاً.. ألم تدرس في طفولتك ما يسمى بتأثير الفراشة؟! إننا لو عدّلنا لمحة واحدة من الماضي، لاختلف حاضرنا كله، وربما انهار أيضاً.

قال "حاتم" في صرامة:

- ولكننا قمنا بهذا التعديل بالفعل، عندما أعدتموني لأحيا في الماضي.

لوّح بذراعه كلها، هاتفاً:

- هذا لم يكن جزءاً من التاريخ؛ ولكنك لا تستطيع منع اغتيال "أمين ضياء" مثلاً؛ لأن اغتياله كان شرارة التغيير، الذي أوصلك إلى خطتك الإصلاحية الشاملة.


انعقد حاجبا "حاتم"، وهو يفكّر في عمق، قبل أن يغمغم:

- ولكنني أظن أننا قد تدخّلنا في التاريخ بالفعل.


سأله حارسه الخاص في دهشة:

- وكيف؟!

ابتسم، قائلاً:

- "رشدي عبد الهادي" كشف المؤامرة؛ ولكنه لم يعلن أبداً، من أين أتى بأدلة الإدانة الدامغة.


سأله حارسه الخاص، في حذر متوتر:

- ماذا تعني يا سيّدي؟!

تجاهل "حاتم" سؤاله تماماً، وهو يشدّ قامته، مكرراً بلهجة قوية آمرة:

- أريد أن أعود..

وفي هذه المرة، لم يعترض حارسه الخاص..
أبداً..
* * *

تطلّع النائب العام إلى وجه "رشدي عبد الهادي"، في تشكّك واضح، قبل أن يعتدل، ويسأله:

- أنت ضابط أمن دولة، أليس كذلك؟!


أجابه "رشدي" في توتر واضح:

- بلى يا سيّدي.

سأله النائب العام، وهو يحاول أن يستشفّ انفعالاته جيداً:

- لماذا لم تُبلغ رؤساءك بشكوكك إذن؟!

صمت "رشدي" لحظات، زفر خلالها في توتر ملحوظ، قبل أن يجيب:

- أشكّ في تورّط بعضهم في الأمر.

ارتفع حاجبا النائب العام، في دهشة مستنكرة، ثم تراجع في مقعده، وقضى ما يقرب من دقيقة كاملة، في التحديق في وجه "رشدي"، قبل أن يقول في صرامة:

- ما تقوله بالغ الخطورة للغاية أيها المقدّم.. أنت تتحّدث عن مؤامرة كبرى بكل المقاييس.. مؤامرة تورّط فيها عدد من كبار مسئولي الدولة، ولست تملك حتى الأدلة المادية، التي تؤيد روايتك.


قال "رشدي"، وتوتّره يتصاعد:

- لقد قمنا بإعادة تشريح جثة "أمين ضياء"، و..

قاطعه النائب العام في صرامة:

- على نحو رسمي؟!.


تراجع "رشدي" في عصبية، وهو يجيب:

- بل ودّي.

قال النائب العام، في صرامة أكثر:

- ألم تدرس قانون الإجراءات أيها المقدّم؟!


صمت "رشدي" لحظات، ثم اندفع قائلاً في انفعال:

- سيّدي.. أنا أعمل في أمن الدولة منذ سنوات، وتقاريري كلها تؤكّد أنني ضابط كفء، ولقد تعلمت أن المؤامرات الكبيرة يصعب فيها الحصول على الأدلة.. لقد نفّذوا جريمتهم بلا رحمة، وحطموا قطاراً كاملاً، بكل من فيه؛ فقط لإخفائها، ثم لم يتوّرعوا عن سرقة جثة "أمين ضياء"؛ عندما أوشكت مؤامرتهم أن تنكشف.

قال النائب العام:

- وأنا تعلمت، في نصف قرن، أن قضية بلا أدلة، هي قضية فاشلة.

ثم مال نحوه، مضيفاً:

- احصل على الأدلة، وسنفتح التحقيق فوراً.

وعاد يتراجع في مقعده، مكملاً بكل صرامة:

- وأمامك أربع وعشرون ساعة.. أربع وعشرون ساعة فقط لا غير.

وأُسقط في يد "رشدي"..
وفي عقله..
في أعمق أعماق عقله..
يتبع

عهد Amsdsei 15-11-10 01:22 PM

السلام عليكم
كل عام و أنتم بخير
الآن ملف التحميل أقدمه إليكم
ذاكرة الغد (17) ... النفق
شكرا لكم جميعا
:liilas:

مس تومي 15-11-10 09:38 PM

السلام عليكم
مش قادرة يا عهد استنى
نفسى اشوف السلسلة هتنتهى ازاى
ومش عايزاها تنتهى من التشويق اللى فيها
اعمل ايه بقى

عهد Amsdsei 16-11-10 10:06 AM

السلام عليكم
كيف حالك يا ران
يعني اعمل انا ايه؟؟؟؟؟؟؟
ده أنا أول ما أعرف إن القصة نزلت بانزلها على المنتدى .....
معلش يا عسل استني شوية و اصبري
شكل القصة قربت من النهاية
الى اللقـــــــــــــــــــــاء
:liilas:

مس تومي 16-11-10 04:31 PM

السلام عليكم
انا حاسه يا عهد أنها هتنتهى على 20
والله أعلم

عهد Amsdsei 17-11-10 02:41 PM

السلام عليكم
كيفك يا ران و كيف العيد عندكم؟؟؟؟
مع الدكتور نبيل مش ممكن تتوقعي أي حاجة
يعني ممكن يخلصها في فصل واحد أو فصلين أو عشرة
هو و دماغه بقى
الى اللقـــــــــــــــــــــــــاء
:8_4_134:

مس تومي 18-11-10 09:56 PM

السلام عليكم
عندك حق عهد
دكتور نبيل فاروق شخص من الصعب ان حد يتوقع ليه اى حاجة
وبالنسبة للعيد عندنا
فظيع ... كله فى البيت ومفيش خروج
يارب يكون عندكم احسن

عهد Amsdsei 19-11-10 07:44 AM

السلام عليكم
ههههههههههها عندنا نسخة طبق الأصل زي الي عندكم
يعني العيد عندنا هو أول يوم بس, و امبارح برضه خرجنا
بس خروجة على السريع
على العموم شكل النهاية (نهاية القصة مش العيد) مش بالفصل القادم
سلام يا ران
:8_4_134:

عهد Amsdsei 19-11-10 07:52 AM

السلام عليكم
الفصل الثامن عشر من القصـــــــــة الجديدة ذاكرة الغد للدكتور نبيــــــل و كل عام وأنتم بخيــــــر
************************************************************ ****
ذاكرة الغد (18).. المستحيل
الدكتور نبيل فاروق
لم يدرِ "رشدي" ماذا يفعل بالضبط..


كان يقود سيارته بلا هدى، طوال الساعة الماضية، منذ غادر مكتب النائب العام، وذهنه كله مشغول بأمر واحد..

كيف يمكنه أن يحصل على الأدلة؟!
كيف؟!
كيف؟!
كيف؟!

بكل المقاييس، كان هذا مستحيلاً تماماً..

الكبار الذين خططوا لتلك العملية القذرة، أخفوا كل دليل يمكن أن يُدينهم..

حتى جثة "أمين ضياء" سرقوها، وما من أدنى شك في أنهم قد تخلّصوا منها تماماً، وعلى نحو يؤمّنهم مائة في المائة.

وذلك الطبيب الشرعي الشاب، لن ينبس حتماً ببنت شفة..

لن يجرؤ أبداً، على الاعتراف بأنه قد أجرى عملية تشريح غير رسمية..
وحتى لو اعترف؛ فمن سيصدقه، دون دليل؟!
من؟!

شعر بغصة مؤلمة في حلقه، مع وصوله إلى طريق مسدود؛ فمن المستحيل أن يحصل، ولو على دليل واحد، خلال تلك المهلة..
ولا حتى خلال عمره كله..

لقد ارتكبوا جريمتهم، واغتالوا "أمين ضياء"، وسيُفلتون من العدالة..
ويا لها من مأساة!

ركاب قطار كامل، راحوا ضحية عملية الاغتيال، دونما ذنب جنوه..

رجال، وشباب، ونساء، وشيوخ، وأطفال، كلهم لقوا حتفهم، فقط لإخفاء جريمة اغتيال شخص واحد..

ومرتكبو الجريمة سيُفلتون..
هذا هو المستحيل بعينه..

فرك وجهه بكفه في عصبية يائسة، وهتف بلا وعي..

- لماذا أخبرتني يا "حاتم"؟! لماذا؟!

وعلى الرغم منه، انحدرت من عينيه دمعة، وهو يتمتم:

- كنت سأواصل حياتي في هدوء، لو لم أعلم، أما الآن؛ فكيف سيغمض لي جفن، وصرخات مئات الضحايا، تطالبني كل يوم بالثأر لأرواحها المهدرة، كيف؟!

واصل طريقه بلا هدى، غير منتبه إلى تلك السيارة رباعية الدفع، التي ظلّت تتبعه لربع ساعة كاملة، حتى بلغ تلك المنطقة شبه المقفرة، فالتقط قائدها هاتفه المحمول، وقال في حزم:

- الصيد بلغ نقطة مثالية.

أجابه صوت "هشام حمزة" في صرامة قاسية آمرة:

- نفّذ العملية.. فوراً.

أضاء سائق السيارة الرباعية مصباح سيارته ثلاث مرات متتالية؛ فظهرت من خلفه سيارة ضخمة، زادت من سرعتها لتتجاوزه، ثم انطلقت مباشرة نحو سيارة "رشدي"..

كان هو قد انتبه إلى إضاءة مصابيح السيارة، وشاهد تلك الضخمة في مرآة سيارته، وأدرك ما يحدث، وحاول الانحراف بسيارته بعيداً؛ ولكن تلك السيارة الضخمة كانت تندفع على نحو جنوني، لم يمهله لحظة من الوقت لتفاديها، وهي تنطلق بكل قوتها وسرعتها..

نحو سيارته..
مباشرة..
* * *

استمع وزير الداخلية في ذهول، إلى ما يقوله ضباط أمن الدولة، عما حدث في المبنى الرئيسي، في مدينة "نصر"، وأدار عينيه في وجوههم جميعاً، قبل أن يسألهم:

- هل تمّ تسجيل هذا؟!

أومأ أكبرهم برأسه إيجاباً، وهو يقول:

- كاميرات المراقبة، المحيطة بالمبنى، صوَّرت كل شيء بمنتهى الدقة، يا سيادة الوزير.

طلب الوزير عرض ما التقطته كاميرات المراقبة والحراسة، وراح يطالعه في دهشة أكبر، ثم لم يلبث أن هزَّ رأسه، قائلاً:

- كيف يمكنني أن أنقل هذا للقيادة السياسية؟!

لم ينبس أحد ببنت شفة؛ على الرغم من أن الوزير قد انتظر إجابتهم طويلاً، ولما أدرك أنهم لا يملكون أية إجابة، التقط نفساً عميقاً، وقال في حزم:

- فليكن.. سنمحو أشرطة المراقبة.

نظر إليه الجميع في دهشة؛ فتابع في صرامة:

- السجلات الرسمية لن تذكر شيئاً مما حدث، والأضرار سيتمّ إصلاحها من المصروفات السرية، والبيان الرسمي سيتحدث عن هجوم إرهابي تمّ إحباطه.

تساءل أحد القيادات في تردَّد حذر:

- وماذا عن منفذي الهجوم.

تعلَّقت كل العيون بالوزير، الذي انعقد حاجباه في صرامة صامتة بضع لحظات، قبل أن يقول في خشونة:

- سيتمّ تقديمهم للعدالة بالطبع.

وتبادل الجميع نظرة صامتة متوترة..
ولم ينطق أحدهم بحرف واحد..
قط..
* * *
النجاة من هذا الموقف العصيب، كان ضرباً من المستحيل..
الطريق ضيق..

والسيارة الضخمة تنطلق بكل قوتها وسرعتها..
ولا يوجد سبيل للفرار..
أي سبيل..

ولوهلة، تصوَّر "رشدي" أنه هالك لا محالة..
وكردّ فعل غريزي، أغلق عينيه..

وسمع صوت الارتطام القوي، بدويّه العنيف..
وانتفض جسده كله..

انتفض بمنتهى الدهشة؛ لأنه لم يشعر بذلك الارتطام أبداً..
ولهذا بالتحديد، فتح عينيه..

في البداية، فتحهما في حذر؛ إلا أنهما باغتاه باتساع مندهش، وهو يحدَّق فيما نقلته إليه مرآة سيارته الجانبية، قبل أن يلتفت لينظر إليه مباشرة، وقد استحالت دهشته ذهولاً..

كانت تلك السيارة الضخمة منسحقة تماماً، كما لو أن صخرة المقطم قد سقطت فوقها مباشرة، ثم ارتدّت إلى موضعها..

وكانت النيران تشتعل في بقاياها المسحوقة..

لم تكن نيران قوية؛ وإنما بقع منتشرة من النيران، وسط البقايا المسحوقة..

وعند نهاية الطريق، كانت السيارة رباعية الدفع تتراجع في سرعة، محاولة الفرار من خطر ما..

وكان هناك شخص ما، يسير في الطريق في هدوء، مرتدياً زياً لامعاً، من قطعة واحدة، ويحمل سلاحاً عجيباً، يصوَّبه نحو السيارة، التي يحاول قائدها الفرار في ارتياع..

وبنفس الهدوء، صوَّب ذلك الشخص سلاحه إلى السيارة، التي انطلقت مبتعدة بأقصى سرعتها..
وضغط زناداً ما..

واتسعت عينا "رشدي"، وقد بلغ ذهوله مبلغه..

فمِن ذلك السلاح، خرجت كرة من الطاقة، شقَّت طريقها نحو السيارة رباعية الدفع، في سرعة خرافية؛ حتى لحقت بها..

ودوّى صوت ارتطام عنيف آخر..

وأمام عيني "رشدي" الذاهلتين، طارت السيارة رباعية الدفع في الهواء، وارتفعت عن الأرض قرابة الأمتار الثلاثة، ثم هوت منسحقة براكبها..

وعلى الرغم من عنف الموقف، توقَّف صاحب الزي اللامع في هدوء، يراقب ألسنة النيران المحدودة، التي اندلعت من حطام السيارة المسحوقة، ثم التفَت إلى حيث سيارة "رشدي"..

وبحركة غريزية، وبمنتهى التوتر، انتزع "رشدي" نفسه من ذهوله، واستلّ مسدسه، وصوَّبه نحو صاحب الزي اللامع، وهو يهتف:

- لن يكون دمي رخيصاً كدمائهما.

كان ذلك الشخص يسير نحوه في هدوء، وقد خفض ذراعه بامتداد جسده، على نحو يوحي بأنه لا ينوي استخدام سلاحه على الإطلاق..

وكانت النيران كلها تأتي من خلفه، وتحجب معظم ملامحه..
وعلى الرغم من هذا؛ فقد بدا مألوفاً..

وبكل توتر الموقف، صوَّب "رشدي" مسدسه نحو القادم، وهو يهتف في عصبية، حاول عبثاً أن يجعلها صارمة:

- أفصح عن هويتك يا هذا.

واصل ذلك الشخص سيره، دون أن يجيب؛ فانتفض جسد "رشدي" من فرط الانفعال، وهو يصرخ:

- قلت: أفصح عن هويتك.

أتاه صوت مألوف للغاية، يقول:

- عجباً!! ألم تتعرفني بعد؟!

شعر "رشدي" وكأن لطمة قوية قد أصابته في صدره، فانتفض في عنف، وعادت عيناه تتسعان، وهو يقول في انفعال:

- مستحيل!

دخل ذلك الشخص منطقة الضوء، وابتسم، قائلاً:

- لا يوجد مستحيل أيها المقدَّم.

حدَّق "رشدي" في وجهه بذهول، مغمغماً:

- "حاتم"؟! كيف فعلت هذا؟!

رفع "حاتم" إليه يده، بعلبة من البلاستيك، تحوي عدداً من الأسطوانات المدمجة التقليدية، وهو يقول بنفس الابتسامة:

- يمكنك أن تقول: إنني قد عُدت خصيصاً؛ لأعطيك هذا.

تراجع "رشدي" خشية أن يمسّ تلك العلبة، وهو يغمغم في عصبية:

- وما هذا؟!

أجابه "حاتم"، في هدوء حاسم:

- الدليل..

وعاد جسد "رشدي" ينتفض..
وبمنتهى القوة.
يتبع

عهد Amsdsei 19-11-10 08:04 AM

السلام عليكم
كما في كل مرة نأتي الآن للتحميل
ذاكرة الغد (18) ........... المستحيـــــــــل
الى اللقـــــــــاء
:8_4_134:

عهد Amsdsei 22-11-10 01:31 PM

السلام عليكم
مازال التشويق مستمر و مازال الدكتور نبيل يقدم لنا المزيد مع الفصل التاسع عشر
************************************************************ **
ذاكرة الغد (19).. دليل
الدكتور نبيل فاروق
دقيقة كاملة تقريباً، جلس "رشدي" يحدّق في وجه "حاتم"، الذي ابتسم في هدوء، وهو يقول:

- ما الذي لم تفهمه بالضبط؟!



هزّ "رشدي" رأسه، وتطلّع إلى ما حوله في توتر، قبل أن يقول، في عصبية عجز عن كتمانها:

- كل شيء تقريباً.

عقد الحارس الخاص لـ"حاتم" حاجبيه دون تعليق، في حين ابتسم هذا الأخير، وهو يقول:

- فلنبدأ بأكبر شيء.

لم يكد "رشدي" يسمع السؤال، حتى اندفع يقول في عصبية:

- أين نحن بالضبط؟!

أجابه "حاتم" في هدوء:

- داخل فقاعة زمكانية.. شيء ما، يفوق تكنولوجيا عصرك بنصف قرن، وهو منطقة بين الزمان والمكان، يستحيل رصدها، أو معرفتها.

فَغَر "رشدي" فاه، وهو يقول:

- تفوق عصري بنصف قرن؟!

أومأ "حاتم" برأسه إيجاباً، وقال:

- هذا أمر يطول شرحه يا صديقي؛ ولكن أعدك بأن يستوعبه أحفادك في يُسر.. المهم الآن أنك تمتلك كل ما يكفيك، لتفجير أكبر قنبلة في هذا الزمن.. تسجيلات حية بالصوت والصورة، لاتفاقيات المسئول الكبير، الذي دبّر حادث القطار؛ لاغتيال "أمين ضياء"، وكل ما يثبت تورّط عدد من القيادات الأمنية في هذا، وعلى رأسهم "هشام حمزة".. باختصار يا صديقي، ما لديك يكفي، لكي يفتح النائب العام ملف أضخم قضية فساد سياسي في القرن..

نظر "رشدي" في دهشة، إلى الأسطوانات التي يحملها في يده، فغمغم الحارس الخاص، في صوت أشبه بالزمجرة:

- لا يمكنك أن تدرك كم عانينا، كي نحصل على أسطوانات بدائية كهذه، ونظام لتشغيلها.

رفع "رشدي" عينيه إليه بنظرة حادة، ثم قال في عصبية:

- كلها تسجيلات غير قانونية.. لم تحصل على موافقة النيابة، وهذا يُسقطها كدليل.

ابتسم "حاتم"، وهو يقول:

- لن يمكنهم إثبات هذا أبداً..

حدّق "رشدي" في وجهه، غير مستوعب لما قاله؛ فتابع "حاتم" في هدوء:

- نصف القرن، الذي يفصلنا عن زمنكم، منحنا تكنولوجيا، يصعب على عقولكم حتى استيعاب نظرياتها؛ ولكن ثق أنك ستجد، في المستندات الرسمية، ما يُثبت حصولك على موافقة النيابة العامة، على إجراء هذه التسجيلات، وستجد من رجالها من تحوي ذاكرته، بوسيلة ما، أنك قد التقيت به من قبل، وحصلت منه على الموافقة..

بدا "رشدي" مبهوراً، وهو يقول:

- ولكن كيف؟!

زمجر الحارس الخاص مرة أخرى، وتمتم في خشونة:

- أخبرك أنه سيصعب عليك استيعاب هذا.

نقل "رشدي" بصره بينهما في دهشة بالغة، قبل أن يغمغم:

- لست واثقاً.

نهض "حاتم" وهو يقاطعه في حزم:

- بل كن واثقاً.

ثم وضع يده على كتفه، وابتسم، وهو يكمل:

- واستعدّ لنيْل شرف الانتصار.. يا سيادة الوزير.

وحتى في تلك اللحظة، لم يستوعب "رشدي"..
أبداً..
* * *
ارتجف جسد "هشام حمزة" ارتجافة واضحة، وهو يقف أمام ذلك المسئول الكبير، مغمغماً:

- لست أدري كيف حدث هذا يا سيّدي.. لقد انسحقت السيارتان، اللتان كان من المفترض أن تسحقا "رشدي عبد الهادي"، وكل خبراء الوزارة لم يستوعبوا حتى كيف حدث هذا؟!

هتف به المسئول الكبير في حدة:

- هل جننت؟!

انتفض جسد "هشام" أكثر، وهو يقول:

- أقسم لك أن هذا ما حدث، ولقد..

قاطعه المسئول الكبير، في حدة أكثر:

- هل جننت، حتى تأتي إلى مكتبي مباشرة؟! ألم يكن من المفترض ألا يعلم مخلوق واحد، بالعلاقة التي تربطني بك؟!

حدّق "هشام" في وجهه بكل الدهشة، وهو يقول مستنكراً:

- أهذا كل ما يُقلقك؟!

صرخ فيه المسئول الكبير:

- غادر مكتبي فوراً.. عد إلى مكتبك، قبل أن..

قاطعه هذه المرة رئيس طاقم أمنه، وهو يدخل مكتبه، في توتر بالغ، قائلاً بصوت مرتجف:

- سيّدي.. النائب العام شخصياً هنا.

التفت إليه "هشام" بكل الذعر، بينما حان دور المسئول الكبير، لينتفض جسده في عنف، وتتسع عيناه عن آخرهما، قائلاً:

- شخصياً؟!

أومأ رئيس طاقم الحراسة برأسه إيجاباً، فسأله المسئول الكبير، وهو يسقط جالساً على مقعده، وقد شحب صوته بشدة:

- وماذا يريد؟!

أجابه رئيس طاقم أمنه، في صوت مبحوح:

- مقابلتك فوراً يا سيّدي.

أشار "هشام" بيده، قائلاً:

- سأعود إلى مكتبي، و..

قاطعه المسئول الكبير في حدة:

- ابقَ هنا.

ثم التقط نفساً عميقاً، في محاولة لتهدئة أعصابه الثائرة، قبل أن يشير إلى رئيس طاقم حراسته، قائلاً في توتر:

- لا يجوز أن ينتظر النائب العام في الخارج.. دعه يدخل فوراً أيها الأحمق.

تراجع رئيس طاقم حراسته في سرعة، ولم تمضِ دقيقة واحدة، أو ربما أقل، حتى دخل النائب العام شخصياً، وبصحبته "رشدي عبد الهادي"، الذي ما إن لمح "هشام" حتى قال مبتسماً:

- "هشام حمزة" أيضاً.. هذا سيوفر الكثير من الوقت.

امتقع وجه "هشام"، وحملته ساقاه في صعوبة، في حين بذل المسئول الكبير أقصى طاقته، ليغمغم في توتر بالغ:

- لا يمكنني في الواقع فهم سبب الزيارة الكريمة.

أشار إليه النائب العام، قائلاً:

- الواقع أنها زيارة غير مألوفة، ولهذا قمت بها بنفسي، بعد استئذان السيد رئيس الجمهورية بالطبع.

امتقع وجه المسئول الكبير، وشحب صوته بشدة، وهو يسأل:

- ولماذا كل هذا؟!

شدّ النائب العام قامته، وقال في حزم صارم:

- بكل الأسف، أنت متهم بتدبير حادث القطار الأخير، كجزء من مؤامرة اغتيال زعيم المعارضة "أمين ضياء".

صرخ المسئول الكبير:

- كذب.

أكمل النائب العام، بنفس الصرامة الحازمة، وكأنه لم يسمعه:

- ولدينا كل التسجيلات، بالصوت والصورة، التي تُثبت المؤامرة، وأنها تمّت بناءً على أوامرك الشخصية.

ردّد المسئول الكبير، في صوت، خفف انهياره من ارتفاعه:

- كذب.

تابع النائب العام بنفس اللهجة:

- وكلها تسجيلات قانونية، تمت بعلم ومعرفة النيابة العامة.

بدا المسئول الكبير منهاراً بضع لحظات، قبل أن يهتف فجأة:

- ولكن لا يمكنك اعتقالي بهذا الأسلوب، هناك إجراءات خاصة؛ لاعتقال من في منصبي هذا.

أجابه "رشدي" هذه المرة، في هدوء صارم:

- سيادة رئيس الجمهورية أصدر قراراً بإقالتك، قبل أن نأتي إلى هنا.

ثم التفت إلى "هشام"، وأضاف:

- وهذا ينطبق عليك أيضاً.

انهار المسئول الكبير على مقعده، ودفن وجهه بين كفيه، وانفجر باكياً في ألم، في حين تراجع "هشام حمزة" بضع خطوات، ثم قال في حدة مفاجئة:

- ليس بهذه السهولة.

ثم استلّ مسدسه في سرعة، و..
أطلق النار..
مباشرة..
يتبع

عهد Amsdsei 22-11-10 01:41 PM

السلام عليكم
كما تعودنا دائما الآن حان وقت التحميل
ذاكرة الغد (19) ........دليـــــــل
الى اللقـــــــــــاء
:8_4_134:

عهد Amsdsei 25-11-10 02:12 PM

السلام عليكم
يبدو أن ران كلمت نبيل فاروق من ورانا و قال لها إن القصة حتخلص في الفصل
العشرين و إذا كان مقلهاش إذن عزيزتي ران انتي نجحت بتخمينك
على الرغم من حزني بانتهاء القصة الجديدة للدكتور نبيل فاروق و التي أعرضها اليوم
إلا أنني سعيدة أن أعلن النهاية التي أردنا معرفتها.
بدون كلام كثيـــــــــــــــــــــــر
************************************************************ **

ذاكرة الغد (20).. ختام


الدكتور نبيل فاروق


بدموع من الدم، بكت زوجة "حاتم"، كما لم تبكِ من قبل، وانهمرت دموعها تُغرق وجهها كله، مع صدر أمها، التي ربتت عليها في حنان مشفق، قائلة:


- من المستحيل أن يكونوا قد اعتقلوه.. البلد لا يزال به قانون، ولا يمكن أن..
قاطعتها زوجته، وهي تعتدل بحركة حادة..












- أيّ قانون؟! هذا البلد لا قانون له.. الكبار يتحدثون فيه عن القانون، ولكن القانون الفعلي الوحيد، الذي يسود الساحة، هو قانون القوة.. أي شخص يمكن أن يختفي، إذا ما أرادوا هذا.. وهناك عشرات الوسائل.. أضفاها قانون الطوارئ المطاطي، الذي يمنحهم الحق في اعتقال من يشاءون، وقتما يشاءون.. أمي.. لا قانون لهذا البلد.


نظرَت إليها أمها في فزع، وتلّفتت حولها في اضطراب؛ وكأنها تخشى أن يسمعها أحد، ثم غمغمت في توتر:



- سيعود.. صدقيني يا بُنَيّتي.. سيعود.



عادت تدفن وجهها في صدر أمها، وهي تبكي قائلة:



- ليته يفعل.. إنني أحبه حقاً.. أحبه؛ حتى أنني أقسم ألا أضايقه بحرف واحد، لو عاد إليّ.



عقب كلمتها، سمعت فرقعة قصيرة، أعقبها صوت باسم، يقول:



- أهذا وعد؟!



التفتت مع أمها في ذعر إلى مصدر الصوت، وشهقت أمها في قوة؛ في حين حدّقت هي في زوجها، الذي بدا عجيباً، في زيه اللامع، وابتسامته المشرقة؛ إلا أن لهفتها جعلتها تطرح كل الدهشة خلف ظهرها، وتندفع لتُلقي نفسها بين ذراعيه، هاتفة:



- "حاتم".. حمداً لله.. حمداً لله.



قبّلها في حنان، وتحسّس شعرها في رفق، هامساً بابتسامة كبيرة:



- أوحشتِني.



دفنت وجهها في صدره، وهي تقول في لهفة:



- كدْت أموت خوفاً عليك.



غمغم في أذنها، دون أن تفارقه ابتسامته:



- لا توجد في هذا الزمن، شهادة وفاة باسمك.



رفعَت رأسها عن صدره، وهي تسأله في دهشة:



- ما الذي يعنيه هذا؟!



ابتسم وضمّها إليه مرة أخرى، وهو يهمس في أذنها:



- إنها قصة طويلة، تحتاج منك إلى الاستيعاب، ومنحي كل الثقة.



هتفت بكل حبها:



- لا حدود لثقتي بك.



وهتفت أمها، في نفس الوقت تقريباً:



- كيف دخلت؟! أي هنا.



وابتسم هو..
ولم يجب..
إطلاقاً..




* * *



أوّل من تحرّك، كان "رشدي عبد الهادي"..


لقد استلّ مسدسه، ودفع النائب العام جانباً، ثم وثب هو إلى الجانب الآخر.. وأطلق النار..
وانطلقت من حلق "هشام" صرخة ألم، عندما أصابت رصاصة "رشدي" يده، وأطاحت بمسدسه، ووثب "رشدي" نحوه، ليكتم صرخته بلكمة، أودعها كل قوته، وهو يهتف:



- وهذه جريمة جديدة.



كانت اللكمة من القوة، حتى إنها أطاحت بـ "هشام"، ليسقط فوق مكتب المسئول الكبير، ويزحف به وبأوراقه، حتى يسقط على هذا الأخير، فينقلب مقعده، ويسقطان معاً أرضاً..



وفي ثبات، التفت النائب العام إلى رئيس طاقم حراسة المسئول الكبير، فشّد هذا الأخير قامته، وسحب مسدسه، وناوله للنائب العام، وهو يقول في استسلام بائس:



- رهنُ إشارتك يا سيّدي..



اندفع رجال حراسة النائب العام، داخل حجرة المسئول الكبير، إثر سماع صوت الرصاصة؛ فأشار النائب العام إلى المسئول و"هشام"، وقال بكل الحزم والصرامة:



- بأمر فخامة رئيس الجمهورية، ألقوا القبض عليهما.



وهنا، وفي مشهد عجيب مؤسف، انفجر المسئول الكبير باكياً..
في مرارة..
وأسف..
وندم..
بلا حدود..




* * *



http://www.liilas.com/up/uploads/liilas_12906871002.jpg







طالع رئيس الجمهورية ملف القضية كله، قبل أن يغلقه في غضب واضح، وهو يرفع عينيه إلى وزير الداخلية، قائلاً:


- أيحدث كل هذا خلف ظهورنا.



شدّ وزير الداخلية قامته، وهو يقول:



- كل من تورّط في الأمر سيلقى جزاءه يا سيادة الرئيس.



هزّ الرئيس رأسه في قوة، قائلاً في غضب:



- هذا لا يكفي.. تلك المؤامرة تُثبت وجود خلل كبير في المنظومة الأمنية في "مصر"، وخلل أكبر في علاقتها بمؤسسة الرئاسة، وكل هذا يحتاج إلى تعديل كبير في النظام بأكمله.



غمغم وزير الداخلية في توتر:



- يمكننا أن..



قاطعه الرئيس في صرامة:



- كلاّ.. هذه ليست مهمة وزارة الداخلية.



شدّ الوزير قامته مرة أخرى، في توتر ملحوظ، وأطبق شفتيه تماماً، في حين قال الرئيس، مكملاً حديثه:



- هذا أمر يخصّ الأمن القومي لـ"مصر"، ويحتاج إلى لجنة كبيرة؛ لدراسة هذه الأوضاع المتردّية، ووضع خطة إصلاحية شاملة لها.



غمغم الوزير:



- أنا رهن إشارتك يا فخامة الرئيس.



أشار إليه رئيس الجمهورية، قائلاً:



- أريد هذا المقدّم.. "رشدي عبد الهادي".



قال وزير الداخلية، وتوتره يتزايد:



- فوراً يا فخامة الرئيس.



أشار إليه الرئيس مرة أخرى، وقال في صرامة شديدة:



- وفي طريق خروجك من هنا، لا تنسَ ترك استقالتك لدى مدير مكتبي.



امتقع وجه الوزير في شدة، وغمغم:



- فوراً يا فخامة الرئيس.. فوراً.



والتقى حاجبا الرئيس، وهو يتابع مغادرته لمكتبه..
ولقد أدرك، عقب هذه الواقعة، أن الأمور تحتاج إلى تغيير..
وإلى إصلاح..
إصلاح كبير..
للغاية..




* * *



بدت زوجة "حاتم" مبهورة، وهي تلتصق بزوجها في شدة وحب، مغمغمة في سعادة:


- لم أكن أتصوّر أن مستقبل "مصر" مشرق إلى هذا الحد.



غمغم، وهو يضمّها إليه في حب:



- إنها ليست جنة بعد.



قالت في خفوت حالم:



- ولكنها أجمل كثيراً، مما كانت عليه في زمني.



ابتسم، وضمها إليه في حنان أكثر، وطبع قبلة على جبينها، وهو يقول في حب:



- ألا تشعرين بالندم، على أنك قد غادرت زمنك من أجلي؟!



غمغمت في حب:



- زمني حيث يوجد من أُحب.



ابتسم، وقال مداعباً:



- تاريخ مولدك يعود إلى أكثر من نصف قرن مضى.



ضحكت، قائلة:



- وهل رأيت امرأة في مثل عمري، لا تزال تتمتع بالحيوية والشباب؟!



غمغم:



- العلم يصنع المعجزات.



التصقت به أكثر، وقبلّت صدره، قائلة:



- والحب يصنع أكثر.



ثم هزّت كتفيها، مضيفة:



- والأعجب أن تاريخ مولد ابنتنا، سيأتي بعد نصف قرن، من تاريخ زواجنا.



التفت إليها في لهفة وسعادة؛ فأكملت، وهي تدفن وجهها في صدره حياءً:



- ماذا تحب تسميتها؟!



ضمّها إليه، وهو ينظر من نافذة مقرّ الرياسة، إلى شروق شمس المستقبل، وأجاب في خفوت:



- أمل.



وغرقت في صدره أكثر، مع مشرق الشمس..


شمس الغد..
****************************************
الختــــــــــــــــــــــــــــام

:55::55::55::55::55::55::55::55::55::55:
:55::55::55::55::55::55::55::55::55::55::55::55::55::55::55: :55::55::55::55::55::55::55::55::55::55:

:55::55::55:
:55:

عهد Amsdsei 25-11-10 02:24 PM

السلام عليكم
نصل الآن إلى التحميل
ذاكرة الغد (20) ........... ختام
حقا انا حزينة لنهاية القصة
أتمنى أن تكونوا استمتعتم بها مثلما أنا فعلت
شكرا لك يا دكتور نبيل فاروق و أقول إلى اللقــاء في قصة جديدة
و أتمنى أن تكون القصة القادمة لملف المستقبل أو رجل المستحيل
الى اللقـــــــــــــاء
:55::55::55::55::55::55::55:
:55::55::55::55::55::55::55:
:55::55::55::55::55::55::55:

مس تومي 25-11-10 06:51 PM

السلام عليكم
شوفتى عهد توقعاتى فى محلها
بس السؤال دلوقتى
هتنشريلنا حاجة جديدة
بجد كانت متعة انى اتابع معاكى رواية
يارب تتكرر كتير
يسلموا

عهد Amsdsei 26-11-10 08:53 AM

السلام عليكم
أهلا بك يا ران وحشتيني و الله
أنا مش عارفة إذا كان الدكتور نبيل سوف ينزل
قصة جديدة و لا لأ بس إذا فعل أنا حعرضها على طول
إلي عجبني في القصة هي النهاية المنطقية
يعني مفيش لعب بالأحداث كده و لا كده
أتمنى تكون الرواية القادمة لملف المستقبل أو رجل المستحيل
شكرا لك يا ران
الى اللقــــاء
:8_4_134:

مس تومي 27-11-10 06:14 PM

السلام عليكم
مش مصدقة عهد ان السلسة خلصت
بدخل على الصفحة كل يوم يمكن الاقى جديد
هههههههههههههههه
شوفى حاجة تانية بسرعة ماشى
قبل ما اتجنن

عهد Amsdsei 28-11-10 07:43 PM

السلام عليكم
و الله يا ران بقيت أخاف عليك
لازم محدش يسيبك لوحدك لوقت طويل
معلش معلش هذا تأثير غياب القصص!!!!!!!!!!
أنا لو معايا تلفون الدكتور نبيل كنت اتصلت بيه عشان ينزل قصة عشانك بس
هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه

معلش معلش...... برضه أنا بعاني من أعراض نقص القصص

أنا سوف أدور هنا ولا هنا على قصة جديدة
على العموم لو في قصة انتي عايزاها اطلبيها
و أنا لو معايا حعرضها لك
إزاي الدراسة معاك ؟؟؟؟
الى اللقــــاء
:8_4_134:

مين هناك 29-11-10 11:51 PM

الف شكر على سلسلة القصة الممتعة ومنتظرين السلسلة القادمة من د/نبيل فاروق

عهد Amsdsei 30-11-10 04:27 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مين هناك (المشاركة 2544572)
الف شكر على سلسلة القصة الممتعة ومنتظرين السلسلة القادمة من د/نبيل فاروق


السلام عليكم
أهلا و سهلا بك يا مين هناك كيف الحال؟؟؟؟؟
و أنا برضه منتظره و أتمنى إنها تكون أكثر تشويق
و إثارة بس ياريت الدكتور نبيل يسرّع بالقصة القادمة
ونشوفها قريب إن شاء الله
الى اللقـــــــــــــــــــــاء
:liilas:

عهد Amsdsei 20-01-11 04:19 PM

السلام عليكم

الآن مع تحميل للقصة كــــــــــــــــــــــــــــاملة

مع كل أجزاءها

طبعا عفوا على التأخيــــــــــر


كما أن هذه الوصلة موجودة في أول صفحة

في أول مشاركة

الى اللقـــــــــــــــــــــاء


الساعة الآن 08:24 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية