منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   المنتدى الاسلامي (https://www.liilas.com/vb3/f3/)
-   -   السمو .. عائض القرني (https://www.liilas.com/vb3/t109603.html)

حفيدة الألباني 20-04-09 06:52 PM

السمو .. عائض القرني
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

السمو كتاب للشيخ عايض القرني ..

http://www.liillas.com/up2//uploads/...c4d45be0a4.jpg

أعجبني كثيراً فأحببت أن أضع مواضيعه بين أيديكم لتستفيدوا

بسم الله نبدأ


المقدمة

الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله ومن والاه ، وبعد:
فإن علو الهمة وسمو الروح مطلب شرعي ومقصد إنساني، أجمع عليه العقلاء، واتفق عليه العارفون ، والمطالب العالية أمنيات الرواد، ولا يعشق النجوم إلا صفوة القوم ، أما الناكصون المتخاذلون فقد رضوا بالدون ، وألهتمهم الأماني حتى جاءهم المنون ، فليس لهم في سجل المكارم أسم ، ولا في لوح المعالي رسم. وقد أردت بكتابي هذا إلهاب الحماس، وبث روح العطاء ،وإنذار النائمين بفيالق الصباح، والصيحة في الغافلين ، وقد قلت لقلبي وأنا أرسله بكتابي: )اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إليهمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ) (النمل:28) .
فيا أحفاد الفاتحين ، ويا سلالة الأبرار ، ويا بقية الأباة، حانت الانطلاقة الكبري والوثبة العظمي، وقد عرضت سفينة النجاح ، ونادي منادي الفلاح: ( ارْكَبْ مَعَنَا وَلا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ)(هود: من الآية42).
فهل من سامع وهل من مجيب ؟‍‍ ‍‍‍‍‍‍‍‌

حفيدة الألباني 20-04-09 06:56 PM

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم لك الحمد لكن أجله وأعظمه ، ولك الشكر لكن أحسنه وأجمله، ولك الثناء لكن أكمله وأتمه، ولك المدح لكن أبلغه وأحلاه، والصلاة والسلام على الصفوة المصطفي، والأسوة المرتضي، والسيف المنتضي، وأديت حقوق ، وعلى آله وصحبه ، ومن سار على نهجه، واقتفي أثره إلى يوم الدين.

لماذا السمو؟

اخترت لكم هذا العنوان ليوافق سموكم، ويناسب قدركم، ويحيي جهادكم ، ويهتف بسجاياكم، ولأنكم من أهل ( السمو) أحببت أن أحدو لكم حداء الأبطال، وأن أتحفكم يا صفوة الرجال، لتسافر الآمال ، الى أفاق الجلال، ولأنكم أبناء الفاتحين، وأحفاد المجدين، وسلالة القادة، وبقية الأبرار، حرصت على إلهاب هممكم الماضية، والاشادة بهاماتكم العالية، وعزائمكم السامية :
فتالله لو أن السماء صحيفة
بها الشكر يروي والثناء يرتب
وأشجارنا الأقلام والبحر حبرنا
ونحن طوال الدهر نملي ونكتب
لما بلغوا في كنه شكرك درة
ولو دبجوا فيك المديح وأغربوا!
* * *

تحية السمو

هذ مقطوعة ، المسك من أريجها فواح، والبلبل من نغمتها صداح، نهديها الى أهل الصلاح والفلاح والنجاح:
كل شهم منكموا رمز فتوة
السما تروي الى الأرض سموه
همم لو أن للدهـــر بها
معهداً لم يملك الدهر عتوه
غيركم في لهوه قد جمحت
نفسه يهوي بها سبعين هواة
وأراكم صفوة صادقة
فيكم الحق وآثار النبوة
دعوة بل صحوة بل وثبة
في صفاء ووفاء وأخوة
ولأنكم أهل الصلاح والفلاح، وأحفاد أبي بكر وعمر وعثمان وعلى ، ومنكم خالد وعمرو وسعد والمقداد، ومنكم المجدون والمصلحون، قلنا لكم في بطاقة سلام:
حيث الشهامة مضروب سرداقها
بين النقضين من عفو ومن نقم
وللرسالة أنوار مقدسة
تجلو البغيضين من ظلم ومن ظلم
وللأخوة آيات تنص لنا
على الخفين من حكم ومن حكم
وللمكارم أعلام تعلمنا
مدح الجزيلين من بأس ومن كرم
وللعلا ألسن تثني محامدها
على الحميدين من فعل ومن شيم

حفيدة الألباني 20-04-09 07:01 PM

برقيات عاجلة

يا أصحاب سمو المعالي إلى العزيز العالي جل في علاه، بإيمانهم وجهادهم وصبرهم ودعوتهم:

* لما أنذر النمل وحذر ودعا بني جنسه سطرت في حقه سورة من سور القرآن ، فخذوا من النمل ثلاثاً: الدأب في العمل، ومحولة التجربة، وتصحيح الخطأ.

*لما أكمل النحل طيباً ووضع طيباً، أوحي الله إليه وجعل له سورة باسمه في الذكر الحكيم ، فخذوا من النحل ثلاثاً: أكل الطيب، وكف الأذي، ونفع الآخريت •

*لما تجلت همة الأسد وظهرت شجاعته سمته العرب مائة أسم، فخذوا من الأسد ثلاثاً: لا ترهب المواقف، ولا تاعاظم الخصوم، ولا ترض الحياة مع الذل.

*لما سقطت همة الذباب ذكر في الكتاب على وجع الذم ، فاحذروا ثلاثاً في الذباب: الدناءة، والخسة، وسقوط المنزلة.

*لمل هزت العنكبوت وأوهمت بيتها ضربها بيتها مثلاً للهشاشة، فاحذروا في العنكبوت ثلاثاً عدم الإتقان ، وضعف البنيان، وهشاشة الأركان.

*ولما تبلد الحمار ضرب مثلاً لمن ترك العمل ولم ينفعه ، فاحذروا ثلاثاً في الحمار: البلادة، وسقوط الهمة وقبول الضيم.

*ولما عاش الكلب دنيئاً لئيماً ضرب مثلاً للعالم الفاجر الغادر الكافر فاحذروا ثلاثة في الكلب:
كفر الجميل وخسة الطباع ، ونجاسة الآثار .

*وحمل الهدهد رسالة التوحيد فتكلم عند سليمان، ونال الأمان ، وذكره الرحمن، فخذوا من الهدهد ثلاثة : الأمانة في النقل، وسمو الهمة، وحمل هم الدعوة :
والهدهد احتمل الرسالة ناطقاً *** أهلاً بمن حمل اليقين وسلما

قال أبو معاذ الرازي: مسكين من كان الهدهد خيراً من !!.
وإذا أتى جعفر الطيار بجناحين، ودعى أبوبكر من أبواب الجنة الثمانية: وكلم عبد الله بن عمرو الأنصاري ربه بلا ترجمان ، وتوكأ عبد الله بن أنيس على عصاه في الجنة ، ودخل بلال قصره..
فبماذا تأتي أنت ؟ وماذا أعددت؟ وما بضاعتك؟!:
فيا ليت شعري ما نقول وما الذي..
نجيب به إذ ذاك والخطب أعظم؟!

* يتبع بإذن الله *

نونو 21-04-09 12:32 AM

بيعجبني اسلوب الشيخ عائض

اسلوب سلس بسيط منمق حفظ الله الشيخ وجزاه الله خير الجزاء

متابعين معك حفيده

وبارك الله فيك وسددك

حفيدة الألباني 21-04-09 10:52 AM

نعم أسلوب الشيخ من الأساليب الرائعة ويعجبني دائما ..

آآآآآميييييين الله يجزاه خير الجزاء ..

آآمين والله يبارك فيك نوني ..

مشكوووووره على مرورك ..

دمت في حفظ الله ورعايته ..

حفيدة الألباني 21-04-09 09:27 PM

نفوس سمت شوقاً إلى الله

تعال بنا نسافر مع أدب لكن صادق ، ومع شعر لكن مؤمن، ومع قافية لكن مسلمة:
وقف مجاهد مؤمن في عصر الصحابة على جبال الأفغان على مشارف كابل فقال:
أيا رب لا تجعل وفاتي إن أتت
على شرجع يعلو بحسن المطارف
ولكن شهيداً ثاوياً في عصابة
يصابون في فج من الأرض خائف
إذا فارقوا دنياهم فارقوا الأذى
وسروا إلى موعود في الصحائف

يقول: يا رب ، لا تعدني إلى غرفتي الضيقة ، إلى سريري المشرجع بالمطارف ، إلى زوجتي الجميلة، لكن قطعني في يبلك إرباً .. إرباً ‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍! وهذه الجمل النادرة تجدها في أبجديات الموحدين، وفي دواوين المخلصين فقط، يقولها أحدهم مستلهماً جلال الله وعظمته ، ثم تفيض دموعه، ثم يقول: اللهم خذ من دمي هذا اليوم حتى ترضى!!.
والبراء بن مالك سميت روحه إلى الواحد القيوم فاضطجع على ظهره ووضع رجله اليمنى على اليسرى، ورفع عقيرته بالنشيد، فقال له أنس: أتنشد وتغني أنت من أصحاب محمد عليه الصلاة والسلام؟ فقال له أسكت، فو الله الذي لا إله إلا هو ، لقد قالت من الكفار مائة مبارزة، ووالله الذي لا إله إلا هو لأموتن شهيداً!..
لماذا يقسم؟!..
لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال فيه وقد رآه بذ الهيئة، رث الثياب : (( رب أشعث أغبر ذي طمرين لو أقسم على الله لأبره منهم البراء بن مالك)).. فأقسم على الله يوم (تستر) أن يقتل شهيداً فقتل شهيداً!.
وعمر بن عبد العزيز سمت روحه يوم تولي الخلافة ، جلس على المنبر الدمشقي ليحكم ثنتين وعشرين دولة إسلامية ، ففاضت دموعه وبكي وأجهش الناس بالبكاء ، قال المحدث الرواية الثقة رجاء بن حيوه: والله لقد كنت أنظر إلى جدران المسجد هل تبكي معنا!.
وفي حلية الأولياء عن سفيان قال : قال عمر بن عبد العزيز : كانت لي نفس تواقة، فكنت لا أنال منها شيئاً إلا تاقت إلى ما هو أعظم ، فلما بلغت نفسي الغاية ، تاقت إلى الآخرة !. هذا هو السمو..!
ومن أبجديات السالكين قولهم على لسان عبد اله بن رواحه وقد تمني الصحابة عودته سالماً، قال:
لكنني أسال الرحمن مغفرة
وطعنة ذات فرغ تقذف الزبدا
أو طعنة بيدي حران مجهزة
بحرية تنفذ الأحشاء والكبدا
حتى يقال إذا مروا على جدثي
أرشده الله من غاز وقد رشدا
فقتل في مؤتة، وقبره هناك ، ولكن سريره دخل إلى جنات النعيم، ورآه رسول الهدي ـ عليه الصلاة والسلام ـ بعينه.
والعباد أيضاً يشاركون مع المجاهدين في سمو الهمة ، فأما أحدهم وهو عباد بن عبد الله بن الزبير ، فيقول : اللهم إني أسالك الميتة الحسنة، قالوا : ما هي؟ قال : أن يتوفاني ربي وأنا ساجد ، فقبض الله روحه وهو ساجد في آخر سجدة من صلاة المغرب , وقس على ذلك قوله صلي الله عليه وسلم في حديث حسن لعمر وقد رآه لبس ثوباً أبيض ، فقال له: (( ألبس جديداً وعش حميداً ، ومت شهيداً))، فرزقه الله سمواً في الدنيا : عدلاً في الرعية، رحمة بالأمة، زهداً في نفسه ، ثم توفاه شهيداً في المحراب، وعلى ذلك سار السلف، حتى إنه في ليلة من ليالي أهل السمو العلمي كان إسحاق بن منصور (تلميذ أحمد بن حنبل ) في خراسان، فرجع بعد ما روى الحديث سبع سنوات وكتبه في قراطيس ، فأمطرت السماء في الليل ، فوضع الكتب والدفاتر تحت بطنه واحتضنها والبرد يصب على ظهره ، والمطر البارد يغطي جسده، والريح تسف على وجهه، وهو يحتضن دفاتره لئلا تمسح بالماء بعد رحلة سبع سنوات ، عاش طويلاً ومات ، فرآه أحد الصالحين في الجنة ، قال : ما فعل الله بك ؟ قال: غفر لي بليلة المطر يوم انحنيت على الدفاتر وحضنت أوراقي ‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍.
وأنظر إلى بعض الصالحين يرسل نشيده إلى الواحد الأحد لكن ينظمه بحبات قلبه ، يبدأ بالنثر فيقول كلاماً معناه:
يا ربي ، إن أحب كثير عزة، وأحب غيلان مية، فاجعل حبي فيك يا ربي، وإن أحب عنترة عبلة، وأحب فلان ليلي، وأحب الآخر سلمى ، فاجعل حبي لك وحدك، ثم نظمها شعراً فقال:
إذا كان حب الهائمين من الورى
بليلى وسلمى يسلب اللب والعقلا
فماذا عسي أن يصنع الهائم الذي
سري قلبه شوقاً إلى العالم الأعلى ؟‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍
أف على الوتر‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍!.. أف على الغناء‍‍‍ !. أف على الضياع ‍‍‍‍! أف على حياة اللهو والغرام والهيام إن لم تكن المحبة للواحد العلام ، الذي بني دار السلام ، فلماذا انتهي من بنائها قال : ( تكلمي وعزتي وجلالي) قالت: (قدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ) (المؤمنون:1،2) قال : (( وعزتي وجلالي لا يجاورني فيك بخيل )) ‍‍‍‍‍!
هذه مسيرة الصالحين ، ولكن ينحرف بعض الناس إلى هواه، إلى العيون السود ، إلى الخدود ؛ يقول ابن زريق في بغداد وهو هائم بامرأة:
لا تعذليه فإن العذل يوجعه
قد قلت حقاً ولكن ليس يسمعه
ثم يقول: آه ، ثم يموت ‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍!!.. ولكن (مسلماً) صاحب الصحيح ، الذي قدم لنا ميراث محمد عليه الصلاة والسلام، العالم الرباني، بات ليلة كاملة يبحث عن حديث للرسول عليه الصلاة والسلام ، ولم ينم، فلما صلي الفجر: آه..آه..آه، ثم مات، فقيل : شهيد الحديث!، والنابلسي المحدث العالم الزاهد الذي أفتي بفتوى شجاعة في الفاطميين المنحرفين الكفرة ـ عند كثير من أهل العلم ـ قال: من عنده عشرة سهام فليرم الفاطميين بتسعة والنصارى بسهم، فطعنه يهودي بالخنجر ، قال الذهبي : كان دمه يتصبب في الأرض وهو يقول : الله .. الله .. الله..‍‍!.
سؤال نقدمه لأهل السمو ، وأهل العزائم والهمم:
قالوا : الهوى والحب هل تحنو له
أم أنت في أرض الهوى متجلد
قلت: المحبة للذي صنع الهدى
فحبيب قلبي في الحياة محمد
اللهم اجعله حبيبنا بعد حبنا لك ، يقول عمر بن عبد العزيز وروحه تسافر في مجمع من الناس وقد حدثته بالخلافة وهو زاهد عابد ، قال : قام فينا معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه في المدينة على المنبر ونحن جلوس أمامه ، وقد تولي الخلافة ، فقال: من أولى مني بالخلافة ، قال : فحللت حبوتي لأرد عليه وأقول : أولى منك المهاجرون والأنصار!، فتذكرت قوله سبحانه وتعالى: (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلا فَسَاداً ) (القصص: الآية83)، فجلست مكاني!!.

المجنون 22-04-09 02:15 PM

الشيخ عائض غني عن التعريف باسلوبه المميز

السهل الوصول للقلوب وبمعانيه الراقيه

يسلمك ربي
دمتي برعاية الله

حفيدة الألباني 23-04-09 12:10 AM

مشكووووووور أخي المجنون على مرورك

دمت في رعاية الباري

حفيدة الألباني 23-04-09 12:11 AM

التعالي عن الصغائر ، والترفع عن الرذائل

اسمع إلى الوحي يخاطبك بأن ترتفع (وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ)(آل عمران: الآية139) ، لا يصيبك إحباط ولا يأس ولا فشل ، وأنت تسجد لله ومعك القرآن ، وقد هديت إلى تكبيرة الإحرام ، ومعك أخوة صالحون، ومعك دعاة وعلماء ، إن الله يحب معالي الأمور.
واسمع إلى على بن عبد العزيز الجرجاني الفقيه المحدث والقاضي الواعظ ، وهو يخبرك بعصارة حياته، وقد ترك الناس ،وأغلق الباب على نفسه في البيت ، لا يخالط كبيراً ولا صغيراً ، ويقول :
أنست بوحدتي ولزمت بيتي
فدام لي الهنا ونما السرور
وأدبني الزمان فلا أبالي هجرت
فـــلا أزار ولا أزور
فلست بسائل ما عشت يوماً
أسار الجيش أم ركب الأمير
وهو الذي يقول:
يقولون لي فيك انقباض وإنما
رأوا رجلاً عن موقف الذل أحجما
وما زلت منحازاً بعرضي جانباً
من الذم أعتد الصيانة مغنماً
إذا قيل هذا مشرب قلت قد أرى
ولكن نفس الحر تحتمل الظما
ولم أقض حق العلم إن كان كلما
بدا مطمع صيرته لي سلما
ولم أبتذل في خدمة العلم مهجتي
لأخدم من لاقيت لكن لأخذ ما
أأشقى به غرساً وأجنبه ذلة
إذا فابتياع الجهل قد كان أحزما
ولو أن أهل العلم صانوه صانهم
ولو عظموه في النفوس لعظما
ولكن أهانوه فهان ودنسوا
محياه بالأطماع حتى تجهما
ومن سمو البخاري صاحب الصحيح رحمه الله يقول: رأيت في منامي الرسول صلي الله عليه وسلم وكأنه يرفع خطوة واضع رجلي أو قدمي مكان قدمه، فسألت أهل العلم وأنا شاب، قالوا: أنت تحفظ سنة الرسول عليه الصلاة والسلام! ويقول : ما اغتبت مسلماً منذ احتلمت!، فقل لي بالله يا من أكثر من الغيبة والوشاية والنميمة واستحلال الأعراض: كيف نقارن بينك وبين البخاري؟.
وقال الشافعي صاحب الهمة العالية : ما كذبت منذ علمت أن الكذب يضر أهله!.. لا كذب في هزل ولا جد ، ولا ليل ولا نهار، ويقول وهو يحاسب نفسه : ما حلفت بالله صادقاً ولا كاذباً !..،وكان يعيش على كسرة الخبز، وامتلأ بيته باللخاف والجريد والصحف حتى كاد هو وأمه يخرجان خارج البيت، وهو يطلب العلم ويقول ـ وقد عرضت له القناطير من الذهب من هارون الرشيد ـ:
أمطري لؤلؤاً سماء سرنديب
وفيضي آبار تكرور تبرا
أنا إن عشت لست أعدم خبزاً
وإذا مت لست أعدم قبرا
همتي همة الملوك ونفسي
نفس حر ترى المذلة كفرا!

عذاري 23-04-09 11:06 PM

جزاك الله الف خير
يسلمووووووووووو

حفيدة الألباني 24-04-09 12:30 AM

ويجزاك الله خيراً أختي

مشكووووووره على مرورك

دمت في رعاية الله

حفيدة الألباني 24-04-09 12:33 AM

فما المجد إذاً ؟

قال أهل العلم : المجد والسمو في ثلاثة : أن تمرغ وجهك ساجداً لله ، وأن تأكل الحلال، وأن تكون سليم الصدر ، ثم لا يضرك ما فاتك من الدنيا من دورها وقصورها وذهبها.
جلس محدث من المحدثين الكبار ـ ذكره الذهبي وغيره ـ، فرأي ألف عمامة أمامه، كلهم يكلبون الحديث ، مع كل عمامة قلم، مع كل قلم محبرة، مع كل محبرة كتاب، مع كل كتاب دفتر، فدمعت عيناه وقال: هذا والله الملك لا ملك المأمون والأمين ، ثم أنشد فرحاً:
إني إذا احتوشتني ألف محبرة
يروون حدثني طوراً وأخبرني
ناديت في الجمع والأقلام مشرعة
تلك المكارم لا قعبان من لبن
وهذا تضمين رائع جميل ضمنه كثير من أهل العلم قصادئهم ، وأذكر على سبيل سمو أهل الهمم صلاح الدين ، فقد ذكروا أنه لم يمزح ولم يبتسم، فسأله أصحابه : مالك؟ قال: لا أمزح ولا أبتسم حتى أفتح بيت المقدس!.. وفتح بيت المقدس وصف معه الأمراء والعلماء والوزراء، وقام الخطيب شمس الدين الحلبي على المنبر فافتتح خطبته وأشار ـ بعد الحمد لله والحوقلة ـ لصلاح الدين قائلاً:
تلك المكارم لا قعبان من لبن
وهكذا السيف لا سيف ابن ذي يزن
يقول: أنت السيف، أنت المنتصر ـ بإذن الله ـ، أنت فخر الإسلام لا سيف ابن ذي يزن الجاهلي المشرك.
وهنا يأتيك السمو من أهل الجاهلية، لكن يرشده الإسلام تحت مظلة التعالي على الصغائر والترفع عن الرذائل ، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم لإبنة حاتم الطائي: (( لو كان أبوك مسلماً لترحمنا عليه ))!، و(حاتم) قصة من البذل ، قصة من السمو ، قصة من الجود ، عندما تهب الرياح النجدية فتلعب بالبيوت، وينضوي البخيل كالكلب في بيته ، يخرج حاتم ويقول لغلامه: التمس لي ضيفاً فإن أتيت الليلة بضيف فأنت حر، ثم يقول له:
أوقد فإن الليل ليل قر
والبرد يا غلام برد صر
إذا أتي ضيف فأنت حر!
ويقول:
أما والذي لا يعلم الغيب غيره
ويحيي العظام البيض وهي رميم
لقد كنت أطوي البطن والزاد يشتهي
مخافة يوماً أن يقال لئيم
فهل طوينا بطوننا وآلاف الجائعين في أفغانستان وفلسطين وكشمير والبوسنة؟، هل اقتصدنا في نفقاتنا وهذا حاتم في الجاهلية يقول: والله إني أطوي بطني، والله إني أترك الخبز واللحم لئلا يقال بخيل؟!، وهو لا يرجو ثواباً ولا يخاف عقاباً، فكيف بمن صلى الخمس، وصام الشهر، وحج البيت؟!
وهذه قصة السمو من مدرسة حاتم:
وما أنا بالساعي لفضل لجامها
لتشرب ماء القوم قبل الركائب
يقول حاتم في أخلاقياته الشريفة التي ذكره بها صلى الله عليه وسلم : أنا من صفاتي أني ما أسابق ، حتى بغلتي أعلمها الإيثار، بغلتي لا أقدمها تشرب الماء من الحوض قبل أصحابي، بغلتي أو حماري أو جوادي أعلمه الأدب لئلا يشرب قبل حمار الناس وقبل جوادهم، فقل لي عن نفسي ونفسك ونحن في دائرة الإسلام ودائرة السنة، هل آثرنا جيراننا، هل آثرنا الفقراء والمساكين؟
ثم يقول في أدب آخر ، أنثره ثم أنظمه ، يقول :
إذا مشيت مع قوم وأنت على ناقة، ومعك زميل يمشي على الأرض ، فاركبه ،أو أنزل معه، لا تركب وهو يمشي!:
إذا كنت رباً للقلوص فلا تدع
رفيقك يمشي خلفها غير راكب
أنخها فأركبه فإن حملتكما
فذاك ، وإن كان العقاب فعاقب
وقد جاء بها محمد صلى الله عليه وسلم ناصعة مشرقة طاهرة زكية لوجه الله ، فقال في صحيح مسلم : (( من كان له فضل زاد فليعد به على من لا زاد له، ومن كان له فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له)).
حدثني أستاذ في مكة قال: وجدت أن الثراء الفاحش مع قلة الدين والفسق إنما هو طغيان على الأمة ، وروي لي قصة طالب في مكة من ( تشاد)، معه سيارة مهلهلة لا تساوي خمسة آلاف ، قال: من حسن أدبه وسلامة صدره يوصل إخوانه وزملاءه إلى حاراتهم بهذه السيارة!.. قلت: فأين أهل الشبح ، وأهل الغناء والثراء، الذين يعيشون فحشاً وظلماً وغشاً في الضمائر؟.. إنها القلة مع الجود، وليست الكثرة مع البخل ، والرسول عليه الصلاة والسلام يقول فيما يروي عنه : (( لا يؤمن من بات شبعان وجاره جائع)).
أما عروة بن الورد فيقول:
أوزع جسمي في جسوم كثيرة
واحسو قراح الماء والماء بارد
أتهزأ مني أن سمنت وأن ترى
بوجهي شحوب الحق والحق جاحد
يقول : أنا نحيف وأنت سمين ، ومع ذلك فانا يحضر طعامي سبعة وثمانية، أما أنت فإنك وحدك!.
صنعوا للربيع بن خيثم العالم الزاهد طعاماً خبيصاً ـ والخبيص من أجود الأكل ـ وكان الربيع جائعاً، فلما قدموا له الجفنة، إذا بمسكين يطرق الباب!، قال فصنع له أهله خبيصاً مرة ثانية، ولما قدموه ليأكل إذا بمسكين يطرق الباب قال: أدخلوه فأكل ، وكان المسكين الثاني اعمى، فقال له أهله: والله ما يعلم هل هو خبيص أو لا ...، قال : لكن الله سبحانه يعلم!. فقالوا له: كيف ذلك؟ قال: ( وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ)(الحشر: 9)، ثم قال ()لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ )(آل عمران: 92).
يقول أحد الخطباء في العصر العباسي : إذ أعجبتك وجبة شهية فقدمها للفقير، فإنك سوف تأكلها في الجنة، ولا تأكلها أنت فإنك سوف تلقيها في بيت الخلاء. وهذا من فقهيات سمو الهمم..

نونو 24-04-09 02:18 PM

رائع جدا

جزاك الله حفيده

متابعين ناهلين

حقا يستحق التقييم

حفيدة الألباني 24-04-09 02:40 PM

الأروع متابعتك نوني

آمين ويجزاك خير

تسلمييين لي والله

مشكوووره على مرورك

دمت في رعاية الله

حفيدة الألباني 26-04-09 06:21 PM

المصاعب والانتصار على الأزمات

قيد أبو وردي بسبب روايته الحديث ، وصدعه بكلمة الحق ، لكنه صبر واحتسب في ذات الله عز وجل، وعد ذلك مكسباً عظيماً فقال:
أنكر لي خصمي ولم يدر أنني
أعز ,احدث الزمان تهون
فبات يريني الخصم كيف اعتداؤه
وبت أريه الصبر كيف يكون!
تلوت هذين البيتين على فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله ، فصحح لي مساراً في البيتين ، حيث قال الشاعر في الأصل : (( تنكر لي دهري))، وصدق ابن عثيمن وأنا معه، وأنسخ من الآن البيتين وأرد كلمة (دهري) ، وأقول : تنكر لي خصمي، فرحم الله ابن عثيمين ، ورحم الله المظفر الأبي وردي الشاعر الكبير.
وابن رشيد الأندلسي وعظ النصارى في الأندلس فقيدوه ، ولطموه وجلدوه ، وحبسوه، فقال:
إن كان عندك يا زمان بقية
مما يهان بها الكرام فهاتها
يقول : بقي القتل، تعال بالقتل، حي الله القتل في سبيل الله!..
أم السؤال الذي يوجه لأصحاب السمو والمعالي من أهل الهمم العالية من العباد والزهاد وأهل الجهاد فهذا هو: قيل لابن عباس: كيف حصلت على هذا العلم؟ قال : بتوشد ردائي في القيلولة ، والريح تسف على وجهي من الرمل ومن وهج الصحراء ثلاثين سنة! وقالوا لعطاء : كيف حصلت على هذا العلم؟ قال: بتوسد فراشي في المسجد الحرام ثلاثين سنة !.. ثلاثون سنة لا يعرف بيته طلباً للعلم، أما طلبة العلم في هذا الزمان ـ إلا من رحم ربك ـ فإن أحدهم يدخل إلى الجامعة أربع سنوات فأكثر ، ثم يخرج وهو جاهل، ثم يري أنه إمام الدنيا وحافظ العصر ، وخاتمة المجددين النبي صلي الله عليه وسلم يقول أخدهم في دخول للكلية:
ودخلت فيها جاهلاً متواضعاً
وخرجت منها جاهلاً دكتورا!
يقول : كنت قبل دخول الكلية جاهلاً لكني متواضع ؛ اسلم على رأس أبي، وأقبل كف أمي، وأجلس مع زملائي، فلما درست وتعلمت لسنوات خرجت فلا تواضع ولا احترام ولا أدب !..، وهذه صورة قبيحة لطالب العلم.
وقيل للشعبي: بم حصلت على هذا العلم؟ قال: بسهر طير النوم من عيني، وبسهاد، وبتبكير كتبكير الغراب.
نعم إن العظمة جهاد وسهاد وجلاد، ودموع وأشلاء، قال المتنبي وهو على دنيا رخيصة ، ليس على تكبيرة إحرام ولا على عبادة:
أطاعن خيلاً من فوارسها الدهر
وحيداً وما قولي كذا ومعي الصبر!
وأشجع مني كل يوم سلامتي
وما ثبتت إلا وفي نفسها أمر
تمرست بالآفات حتى تركتها
تقول أمات الموت أم ذعر الذعر
وأقدمت إقدام الآتي كان لي
سوس مهجتي أو كان لي عندها وتر
إلى أن يقول:
وتركك في الدنيا دوياً كأنما
تداول سمع المرء أنملة العشر
لكن الموحدين لهم نظام في الأمنية غير نظام المتنبي وأبي مسلم الخرساني والحجاج، أمنيتهم أن يموتوا على لا إله إلا الله، ولو كانوا غرباء وحيدين معزولين، كما في دفتري الزبيري:
خذوا كل دنياكموا واتركوا
فوادي حراً طليقاً غريبا
فإنـي أعظمكـم ثـروة
وإن خلتموني وحيداً سليبا
ويقول المتنبي :
لا يدرك المجد إلا سيد فطن
لما يشق على السادات فعال
لولا المشقة ساد الناس كلهمو
الجود يفقر والأقدام قتـــال
إن طريق السمو(مشقة) ؛ فأول السمو عندنا يبدأ بصلاة الفجر ، ومن لا يحضر صلاة الفجر فليس من أهل السمو ولا المعالي ولا السعادة، ولو زفت له الدنيا، وصفقت له البنود، وهتفت له الجنود ، وارتفعت عليه العلام ، وسددت أمامه السهام ..
أبداً .. أبداً!!
لأن انطلاقتنا الكبرى من صلاة الفجر، من تكبيرة الإحرام النبي صلي الله عليه وسلم من حديث جندب بن عبد الله البجلي في مسلم: (( من صلي الفجر فهو في ذمة الله، فالله الله لا يطلبنكم من ذمته بشيء ، فإنه من طلبه أدركه كبة على وجهه في النار)).، ومن المحراب ننطلق إلي المعالي ، ومن لا يصلي الفجر والفروض الأخرى جماعة ـ بلا عذر شرعي ـ فلا تظنه من أهل السعادة والسمو..

حفيدة الألباني 27-04-09 02:54 PM

سمو في طلب العلم

سافر جابر بن عبد الله شهراً كاملاً على جمل إلى ( العريش) في مصر ، فلما وصل هناك طرق على عبد الله بن أنيس الباب، فخرج إليه عبد الله فسأله عن حديث الحوض فأخبره وطلب منه الدخول فأبي جابر وقال: رحلتي إلى الله ، والله لا أجلس أبداً، فمشي شهراً وعاد شهراً ، غدوة شهر ورواحة شهر!.. وللفت النظر فقط: فعبد الله بن أنيس هو الذي قتل خالد بن سفيان المشرك، فأعطاه صلي الله عليه وسلم عصاه وقال له : (( توكأ بها في الجنة))، والمتوكئون بالعصا في الجنة قليل ، فدخلت عصاه معه بره ، وسوف يبعث في العـرصــات وعصاه معه، وسوف يحضر الزحام عند الصحف والميزان والصراط وعصاه معه، وسيدخل الجنة وهو يتوكأ بها.
ونبي الله موسي عليه السلام ـ من قبل ـ ضرب أروع الأمثلة في طلب العلم ، وهو نبي معصوم يوحي إليه: ( لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً)(الكهف: 60).
والزمخشري يقول في قصيدة ماتعة:
سهري لتنقيح العلوم ألذ لي
من ضرب غانية وطيب عناق
والمعني: سهري مع الكتب والدفاتر أحسن عندي من أن أعانق امرأة جميلة ، أو أخلو بجارية فاته، هكذا سمت نفسه.
ولأهل السنة سمة في هذا الباب، فخلوتهم مع صحيح البخاري ومسلم أحسن من ملك الدنيا جميعاً، واليك بعض النماذج السامية: طلب( شريك) العلم أربعين سنة، قال: طلبت العلم والله ما كان زادي في اليوم إلا كسرة خبز!.. وحضر في مجلس فيه وزير عباسي قد غاص في الركايا وفي الطنافس، فحدث بحديث عن الرسول عليه الصلاة والسلام ، فقال الوزير : ( مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ)(المؤمنون: 24) ، فقال له شريك ـ وكان سريع البديهة ـ: من أين تسمع بهاذ وأنت تأكل الخبيص وتجلس على الطنافس ، وتغنيك الجواري؟!. وعرض به أحد خلفاء بني العباس حين قال له : أنت تحب عليا ، فأجابه : أحبه حتى الدماغ ، فقال له : أواه من يوم عليك أظنك زنديق !، فقال شريك : الزنديق له ثلاث علامات، قال : ما هي ؟ قال: يترك صلاة الجماعة، ويشرب النبيذ، ويسمع الجواري!، قال: كأنك تعرض بي وتلمح!، قال: ما ألمح لكن أقصدك!!.
وابن عبد البر مكث مع كتاب التمهيد ثلاثين سنة ليلاً ونهاراً ، ثلاثون سنة مع الكتاب يفليه، يكتبه، ينسخه ، يشرحه، ثم يقول :
سمير فؤادي من ثلاثين حجة
وصقيل ذهني والمفرج عن همي
وقد نظمت أربعة أبيات من باب التشبه بابن عبد البر فقط لا غير:
ثلاثون عاماً والدفاتر صحبتي
وقد صانني عن كل لهو وغفلتي
ثلاثون عاماً كلما قلت قد كفي
لأرتاح في داري وأحسوا معيشتي
أبت همتي إلا الصعود إلى العلا
إذا أنهد جسمي صارفي القلب قوتي

حفيدة الألباني 29-04-09 01:36 AM

صعود أبداً وتفوق دائماً

دريد بن الصمة جاهلي من أهل الطائف ، خرج مع أخيه عبد الله لمواجهة العدو، فلما حضرت المعركة اجتمع القوم على أخيه عبد الله فقتلوه ، فسمع أخاه وهو في النفس الأخير يناديه: يا دريد.. يا دريد.. يا دريد، فانبعث هذه الصرخات إلى دريد وهو في آخر المعسكر وبينه وبين أخيه سيوف ورماح، فأخذ دريد في يمينه سيفاً وفي يساره رمحاً فشق الصفوف ، ووصل غلي أخيه وطاعن عنه الخيل وضارب الأبطال حتى جرح، ثم حمل فإذا أخوه ميت وهو حي!، فقال فيه قصيدة وهو يبكي عند أمه، يخبرها وخبر أخيه ، وهي من أرق وأجمل القصائد ، وقد جعلها أو تمام في حماسته ، يقول :
دعاني أخي والخيل بيني وبينه
فلما دعاني لم يجدني بقعدد
فطاع عنه الخيل حتى تبددت
وحتى علاني حالك اللون أسود
طعان امرئ آسي أخاه بنفسه
ويعلم أن المرء غير مخلد
وطيب نفسي أنني لم أقل له
كذبت، ولم أبخل بما ملكت يدي
وهون وجدي أن ما هو فارط
أمامي وأني هامة اليوم أو غدا
وهذه من شيم أهل الجاهلية ، لكن الإسلام زكاها وسما بها إلى أفق آخر. وفي سير الصالحينـ رضوان الله عليهم ـ مثال : في تسعة أسياف تكسرت في يد خالد بن الوليد ، وفي تسعة أسياف يطعن بها محمد بن حميد الطوسي فيقول له أبو تمام:
تردي ثياب الموت حمراً فما أتي
لها الليل إلا وهي من سندس خضر
فتي كلما فاضت عيون قبيلة دماً
ضحكت عنه الأحاديث والذكر
وهذه قصة قصيرة في سمو الهمم، شخوصها ابن عمر رضي الله عنه ، وعمرو بن أبي ربيعة وابن أبي لهب.
قال ابن عبد البر: أمر معاوية ألا يدخل أحد مكة إلا بإذنه ، فمر ابن ربيعة فقال له الجنود والحراس:
من أنت : فقال لهم :
بينما يذكرنني أبصرنني
عند قيد الميل يسعي بالأعز
قال تعرفن الفتي؟ قلن نعم
قد عرفناه وهل يخفي القمر؟!
فأذنوا له بالدخول.
فأتي ابن ابي لهب ، فقالوا له : من أنت ؟ قال:
وأنا الأخضر من يعرفني
أخضر الجلدة من نسل العرب
من يساجني يساجن ماجداً
يمل الدلو إلى عقد الكرب
فأذنوا له.
فأتي ابن عمر وإذا الناس كنفتيه كالغمامتين، وإذا سائل يسأله : نحرت قبل أن أرمي؟!، قال: أفعل ولا حرج ، قال: حلقت قبل أن أنحر ؟! قال: افعل ولا حرج، فأخذ الناس يسألونه...، فقال معاوية:
هذا والله هو الملك لا ملكي!.. وأمر الحراس فأذنوا له.
لأن ابن عمر تخرج من مدرسة محمد صلي الله عليه وسلم الهادية ، الناضحة، أما مدرسة ابن أبي ربيعة وابن أبي لهب فمدرسة لاغيه، تعتمد على الهيام والغرام، ومثلها مدارس الأغنيات والآهات والزفرات في القنوات، وفي كل زمان ومكان تضيع فيه الآيات البينات، والأحاديث الثابتات.

تم بحمد الله وتوفيقه ..

نونو 01-05-09 07:37 PM

جميل جدا

ماشاء الله رائع الكتاب

تابعي

ربي يعطيك العافيه ويجزاك خير الجزاء

حفيدة الألباني 02-05-09 04:32 PM

الله يعافيك يااااارب

شاكره لك متابعتك نوني

دمت في رعاية الباري

حفيدة الألباني 02-05-09 04:34 PM

ختاماً

ربنا اسلك بنا طريق محمد، ربنا اهدنا سبل الخلفاء الراشدين، ربنا احشرنا مع الصادقين، ربنا اجعلنا مع الخالدين، ربنا ارحمنا، ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا..، أخطأنا أسأنا، تجاوزنا، لكنك رحيم، لكنك كريم، لكنك عفوّ، لكنك منّان، لكنك رحمن، لكنك ديّان، فعفوٌ منك يا الله، ورحماك يا رب، اللهم أكرمنا برحمةٍ منك، ومغفرةٍ منك، ونوال طيب منك، لكل وافد ضيافة، ولكل زائر رفادة، ضيافتنا منك ربنا، فيا رب غفران، ووفادتنا رضوان، وأنت رحمن: ((سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون َ * وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)).

فهارس 07-05-09 07:35 PM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

حفيدة الألباني 07-05-09 08:49 PM

شاكرة لك أختي على مرورك

دمت في رعاية الباري


الساعة الآن 09:43 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية